الكتاب: شرح اللمعة
المؤلف: الشهيد الثاني
الجزء: ٥
الوفاة: ٩٦٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: منشورات جامعة النجف الدينية
ردمك:
ملاحظات: منشورات مكتبة الداوري - قم / مطبعة أمير - قم / الطبعة الأولى ١٤١٠ (نسخة أفست)

منشورات
جامعة النجف الدينية
(13)
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: محمد بن جمال الدين مكي العاملي
(الشهيد الأول)
قدس سره
734 - 786
الجزء الخامس
1

نام كتاب: اللمعة الدمشقية 1 - 10
مؤلف: شهيد أول
ناشر: انتشارات داوري - قم
چاپ: چاپخانه أمير
نوبت چاپ: چاپ أول
تيراژ: 2000 دوره
تاريخ انتشار: 1410 هق
2

الروضة البهية
في شرح
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: زين الدين الجبعي العاملي
(الشهيد الثاني)
قدس سره
911 - 965
3

الإهداء
إن كان الناس يتقربون إلى الأكابر بتقديم مجهوداتهم فليس لنا
أن نتقرب إلى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة عصرنا
(الإمام المنتظر) عجل الله تعالى فرجه.
فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية، وإليك يا صاحب
الأمر وناموس الحقيقة أقدم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء كلمة
الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الأنجبين، دينا قيما
لا عوج فيه ولا أمتا
ورجائي القبول والشفاعة في يوم لا ترجى إلا شفاعتكم أهل
البيت.
عبدك الراجي
4

(عند الصباح يحمد القوم السري)
كان أملي وطيدا بالفوز فيما أقدمت عليه من مشروع في سبيل الهدف
الأقصى للدراسات الدينية (الفقه الإسلامي الشامل).
فأردت الخدمة بهذا الصدد لأزيل بعض مشاكل الدراسة والآن وقد حقق الله
عز وجل تلك الأمنية بإخراج الجزء الأول من هذا الكتاب الضخم إلى الأسواق.
فرأيت النجاح الباهر نصب عيني: انهالت الطلبة على اقتناءه بكل
ولع واشتياق.
فله الشكر على ما أنعم والحمد على ما وفق.
بيد أن الأوضاع الراهنة، وما اكتسبته الأيام من مشاكل إنجازات
العمل وفق المراد أحرجتني بعض الشئ. فإن الطبعة بتلك الصورة المنقحة
المزدانة بأشكال توضيحية، وفي أسلوب شيق كلفتني فوق ما كنت
أتصوره من حساب وأرقام مما جعلتني أئن تحت عبئه الثقيل، ولا
من مؤازر أو مساعد.
فرأيت نفسي بين أمرين: الترك حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا،
أو الإقدام المجهد مهما كلف الأمر من صعوبات.
فاخترت الطريق الثاني واحتملت صعوباته في سبيل الدين، والإشادة
بشريعة (سيد المرسلين)، وإحياء آثار (أئمة الهدى المعصومين)
صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
فاتبعت بعون الله عز وجل (الجزء الرابع) (بالجزء الخامس) بعزم
قوي، ونفس آمنة.
وكل اعتمادي على الله سبحانه وتعالى وتوسلي إلى صاحب الشريعة
الغراء وأهل بيته الأطهار عليهم صلوات الملك العلام.
ولا سيما ونحن في جوار سيدنا الكريم مولى الكونين (أمير المؤمنين)
عليه الصلاة والسلام.
فبك يا مولاي أستشفع إلى ربي ليسهل لنا العقبات ويؤمن علينا
التبعات إنه ولي ذلك والقادر عليه.
السيد محمد كلانتر
5

بسم الله الرحمن الرحيم
تقدير وشكر
لم يزل الإنسان ممتعا في حياته بالجوانب المعنوية أكثر من الجوانب
المادية. هكذا عرفنا الحياة وعرفوها لنا شيوخنا الكرام، رحم الله
الماضين منهم وحفظ الباقين.
ولقد كنت منذ أحضر دروس سيدي الأستاذ آية الله السيد البجنوردي
دام ظله، استشعر بوجد وشغف في نفسي تجذبني إليه جذبا، فمن أدب
رقيق إلى خلق كريم، ومن غزارة في العلم إلى أسلوب رائع في البيان،
فضلا عن جوانبه الأخر العظيمة.
والآن - وقد انهمكت في طبات مشاغل ومتاعب - وإذا بكتابه
الشريف أتاني مقرظا ومثبتا عزمي سيرا إلى الأمام، وقد جعلني أنجذب
إلى سيدي الأستاذ بعد فترة انجذابا ذكرني تلك الأيام الجميلة التي قد مضت
وذهبت وأخذت معها كل غال ورخيص. لكن ألطاف سيدي الأستاذ
لم تزل باقية شاملة. وبذلك أبدي شعوري الخاضع أمام سماحته متمنيا
دعائه الكريم عند مظانه. كما أسترخصه في نشر كتابه الكريم تشرفا به.
ولا يمكنني القول بأني قمت بواجبي تجاه فضله القديم، إن ذلك غير
مستطاع، لكنه تعالى من وراء القصد.
السيد محمد كلانتر
6

بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة العلامة الجليل الفضال السيد محمد كلانتر أطال الله بقاء
بعد السلام عليكم وإهداء وافر التحيات والدعاء لكم بالتوفيق
الدائم للخدمات الجليلة المشكورة لدى جميع حملة العلم لا سيما
العلماء الأعلام وفقهاء الإسلام الذين أكبروا فيك هذه الهمة
العالية التي ابتدأت بتشييد (جامعة النجف الدينية) العظيمة
القائم بإدارتها أحسن قيام وتنظيم شؤونها بأفضل نظام ونشر
الكتب الدينية الفقهية والأخلاقية والتعليق عليها بتعليقات جيدة
مفيدة عالية نفيسة ومن حملتها الكتاب الذي أهديته إلى الداعي
يا لها من هدية قيمة ثمينة. إلا وهي كتاب الروضة البهية في شرح
اللمعة الدمشقية (للعلمين الشهيدين العظيمين) رضوان الله تعالى
عليهما. ولما طالعت الكتاب ونظرت في صفحاته بالدقة وجدت
تعليقاتكم كافية وقد أحييتها بما علقت عليها مما يحل مشكلاتها
ويكشف مبهماتها والإشارة إلى مداركها لتعيين مواضع الروايات التي هي
مستندات لفروعها.
ولاغرو في ذلك فإني تفرست النبوغ فيك حينما كنت تحضر أبحاثي
سنين عديدة حضور تفهم وتحقيق وتعمق وتدقيق فلله درك وعليه
سبحانه أجرك جزاك الله عن العلم وأهله خير الجزاء والسلام عليك
ورحمة الله وبركاته - النجف الأشرف في يوم الخميس 6 / ذي الحجة الحرام 1387 ه‍
حسن الموسوي البجنوردي
7

كتاب الوصايا
9

(كتاب الوصايا) وفيه فصول (الأول الوصية) مأخوذة (1)
من وصي يصي (2)، أو أوصى يوصي (3)، أو وصي يوصي (4)،
وأصلها الوصل، وسمي هذا التصرف وصية لما فيه من وصلة (5) التصرف
في حال الحياة به بعد الوفاة، أو وصلة القربة في تلك الحال بها في الحالة
الأخرى. وشرعا: (تمليك عين، أو منفعة، أو تسليط على تصرف
بعد الوفاة) فالتمليك بمنزلة الجنس (6) يشمل سائر التصرفات المملكة
من البيع، والوقف، والهبة. وفي ذكر العين والمنفعة (7) تنبيه على متعلقي
الوصية (8)، ويندرج في العين: الموجود منها بالفعل كالشجرة، والقوة
11

كالثمرة المتجددة، وفي المنفعة (1) المؤبدة، والمؤقتة (2) والمطلقة، ويدخل
في التسليط على التصرف الوصاية إلى الغير بإنفاذ الوصية (3)، والولاية (4)
على من للموصي عليه ولاية (5)، ويخرج ببعدية الموت الهبة، وغيرها
من التصرفات المنجزة (6) في الحياة المتعلقة بأحديهما (7)، والوكالة (8)
لأنها تسليط على التصرف في الحياة.
وينتقض في عكسه (9) بالوصية بالعتق، فإنه فك ملك، والتدبير (10)
فإنه وصية به عند الأكثر والوصية (11) بإبراء المديون، وبوقف المسجد،
12

فإنه فك ملك أيضا، وبالوصية (1) بالمضاربة والمساقاة فإنهما وإن أفادا
ملك العامل الحصة من الربح والثمرة على تقدير ظهورهما، إلا أن حقيقتهما
ليست كذلك (2)، وقد لا يحصل ربح، ولا ثمرة فينتفي التمليك.
(وإيجابها: أوصيت) لفلان بكذا، (أو افعلوا كذا بعد وفاتي)
هذا القيد (3) يحتاج إليه في الصيغة الثانية (4) خاصة، لأنها أعم مما بعد
الوفاة. أما الأولى فمقتضاها كون ذلك بعد الوفاة، (أو لفلان بعد وفاتي
كذا) ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على المعنى المطلوب.
(والقبول والرضا) بما دل عليها الإيجاب، سواء وقع باللفظ أم بالفعل
الدال عليه كالأخذ، والتصرف، وإنما يفتقر إليه (5) في من يمكن في حقه
كالمحصور (6) لا غيره كالفقراء، والفقهاء، وبني هاشم، والمسجد،
والقنطرة كما سيأتي.
واستفيد من افتقارها إلى الإيجاب والقبول أنها من جملة العقود،
ومن جواز (7) رجوع الموصي ما دام حيا، والموصى له كذلك (8)
13

ما لم يقبل بعد الوفاة كما سيأتي (1) أنها من العقود الجائزة. وقد تلحق
باللازمة على بعض الوجوه كما يعلم ذلك من القيود (2).
ولما كان الغالب عليها حكم الجواز لم يشترط فيها القبول اللفظي، ولا
مقارنته للإيجاب، بل يجوز مطلقا سواء (تأخر) عن الإيجاب، (أو قارن).
ويمكن أن يريد بتأخره تأخره عن الحياة، ومقارنته للوفاة، والأول (3)
أوفق بمذهب المصنف: لأنه يرى جواز تقديم القبول على الوفاة، والثاني (4)
للمشهور.
ومبني القولين (5) على أن الإيجاب في الوصية إنما يتعلق بما بعد الوفاة
لأنها تمليك، أو ما في حكمه بعد الموت، فلو قبل (6) قبله لم يطابق
القبول الإيجاب، وأن المتعلق بالوفاة تمام الملك على تقدير القبول والقبض
لا إحداث سببه، فإن الإيجاب جزء السبب فجاز أن يكون القبول
كذلك (7) وبالموت يتم، أو يجعل الموت شرطا لحصول الملك بالعقد كالبيع
على بعض الوجوه.
14

وهذا أقوى، وتعلق الإيجاب بالتمليك بعد الموت لا ينافي قبوله قبله
لأنه قبوله (1) بعده أيضا، وإنما يصح القبول على التقديرين (2)
(ما لم يرد) الوصية قبله (3) (فإن رد) حينئذ (4) لم يؤثر القبول
لبطلان الإيجاب برده. نعم لو رده (في حياة الموصي جاز القبول
بعد وفاته) إذ لا اعتبار برده السابق، حيث أن الملك لا يمكن تحققه
حال الحياة، والمتأخر (5) لم يقع بعد.
وهذا بمذهب من يعتبر تأخر القبول عن الحياة أوفق. أما على تقدير
جواز تقديمه في حال الحياة فينبغي تأثير الرد حالتها أيضا، لفوات أحد
ركني العقد حال اعتباره، بل يمكن القول بعدم جواز القبول بعد الرد
مطلقا (6)، لإبطاله (7) الإيجاب السابق، ولم يحصل بعد ذلك ما يقتضيها
كما لو رد المتهب الهبة.
ولو فرق (8) بأن المانع هنا (9) انتفاء المقارنة بين القبول والإيجاب
قلنا: مثله في رد الوكيل الوكالة فإنه ليس له التصرف بعد ذلك بالإذن
السابق وإن جاز تراخي القبول، وفي الدروس نسب الحكم بجواز القبول
15

حينئذ بعد الوفاة إلى المشهور مؤذنا بتمريضه، ولعل المشهور مبني على الحكم
المشهور السابق (1) (وإن رد بعد الوفاة قبل القبول بطلت وإن قبض)
اتفاقا، إذ لا أثر للقبض من دون القبول (وإن رد بعد القبول لم تبطل
وإن لم يقبض) على أجود القولين، لحصول الملك بالقبول فلا يبطله
الرد كرد غيره من العقود المملكة بعد تحققه، فإن زوال الملك بعد
ثبوته يتوقف على وجود السبب الناقل ولم يتحقق والأصل عدمه.
وقيل يصح الرد (2) بناء على أن القبض شرط في صحة الملك (3)
كالهبة (4) فتبطل بالرد قبله (5).
ويضعف ببطلان القياس (6) وثبوت حكمها (7) بأمر خارج لا يقتضي
المشاركة بمجرده (8) وأصالة عدم الزوال بذلك (9)، واستصحاب (10)
حكم الملك ثابت.
16

(وينتقل حق القبول إلى الوارث) لو مات الموصى له قبله (1)،
سواء مات في حياة الموصي أم بعدها على المشهور، ومستنده رواية (2)
تدل بإطلاقها عليه (3).
وقيل تبطل الوصية بموته، لظاهر صحيحة (4) أبي بصير، ومحمد
ابن مسلم عن الصادق عليه السلام.
وفصل ثالث فأبطلها (5) بموته في حياته، لا بعدها.
والأقوى البطلان مع تعلق غرضه بالمورث، وإلا (6) فلا. وهو
مختار المصنف في الدروس، ويمكن الجمع به (7) بين الأخبار (8)
لو وجب (9).
17

ثم إن كان موته قبل موت الموصي لم تدخل العين في ملكه، وإن كان
بعده ففي دخولها وجهان مبنيان على أن القبول هل هو كاشف عن سبق
الملك من حين الموت، أم ناقل له من حينه (1)، أم الملك يحصل
للموصى له بالوفاة متزلزلا ويستقر بالقبول (2) أوجه تأتي.
وتظهر الفائدة فيما لو كان الموصى به ينعتق على الموصى له الميت
لو ملكه (3).
(وتصح) الوصية (مطلقة) غير مقيدة بزمان، أو وصف
(مثل ما تقدم) من قوله: أوصيت، أو افعلوا كذا بعد وفاتي،
أو لفلان بعد وفاتي، (ومقيدة مثل) افعلوا (بعد وفاتي في سنة كذا،
أو في سفر كذا فتخصص (4) بما خصصه من السنة والسفر، ونحوهما
فلو مات في غيرها (5)، أو غيره بطلت الوصية، لاختصاصها بمحل
القيد فلا وصية بدونه.
(وتكفي الإشارة) الدالة على المراد قطعا في إيجاب الوصية (مع تعذر
اللفظ) لخرس، أو اعتقال لسان بمرض، ونحوه، (وكذا) تكفي
18

(الكتابة) كذلك (1) (مع القرينة) الدالة قطعا على قصد الوصية
بها (2)، لا مطلقا، لأنها أعم (3)، ولا تكفيان (4) مع الاختيار وإن
شوهد كاتبا، أو علم خطه، أو علم (5) الورثة ببعضها، خلافا للشيخ
في الأخير (6)، أو قال: إنه بخطي وأنا عالم به، أو هذه وصيتي
فاشهدوا علي بها، ونحو ذلك، بل لا بد من تلفظه به (7)، أو قراءته
عليه واعترافه بعد ذلك، لأن الشهادة مشروطة بالعلم وهو منفي هنا،
خلافا لابن الجنيد حيث اكتفى به (8) مع حفظ الشاهد له (9) عنده.
والأقوى الاكتفاء بقرائة الشاهد له مع نفسه مع اعتراف الموصي
بمعرفته بما فيه وأنه موص به. وكذا القول في المقر (10).
(والوصية للجهة العامة مثل الفقراء)، والفقهاء، وبني هاشم،
19

(والمساجد، والمدارس لا تحتاج إلى القبول)، لتعذره إن أريد (1)،
من الجميع، واستلزامه الترجيح من غير مرجح إن أريد من البعض،
ولا يفتقر إلى قبول الحاكم، أو منصوبة وإن أمكن كالوقف.
وربما قيل فيه (2) بذلك، ولكن لا قائل به هنا (3). ولعل مجال
الوصية أوسع. ومن ثم (4) لم يشترط فيها التنجيز، ولا فورية القبول،
ولا صراحة الإيجاب، ولا وقوعه بالعربية مع القدرة.
(والظاهر أن القبول كاشف عن سبق الملك) للموصى له (بالموت)
لا ناقل له من حينه، إذ لولاه (5) لزم بقاء الملك بعد الموت بغير مالك
إذ الميت لا يملك، لخروجه به عن أهليته كالجمادات، وانتقال ماله
عنه، ولا الوارث لظاهر قوله تعالى: " من بعد وصية يوصي
بها أو دين (6) " فلو لم ينتقل إلى الموصى له لزم خلوه عن المالك،
إذ لا يصلح لغير من ذكر (7).
ووجه الثاني (8): أن القبول معتبر في حصول الملك، فهو إما جزء
20

السبب، أو شرط كقبول البيع فيمتنع تقدم الملك عليه، وكونها (1)
من جملة العقود يرشد إلى أن القبول جزء السبب الناقل للملك، والآخر
الإيجاب كما يستفاد من تعريفهم العقود بأنها الألفاظ الدالة على نقل الملك
على الوجه المناسب له وهو العين في البيع، والمنفعة في الإجارة، ونحو
ذلك فيكون الموت شرطا في انتقال الملك، كما أن الملك للعين، والعلم
بالعوضين شرط فيه (2).
فإن اجتمعت الشرائط قبل تمام العقد بأن كان مالكا للمبيع تحققت
ثمرته به (3)، وإن تخلف بعضها (4) فقد يحصل منه بطلانه (5) كالعلم
بالعوض، وقد تبقى موقوفة على ذلك الشرط، فإذا حصل تحقق تأثير
السبب الناقل وهو العقد، كإجازة المالك في عقد الفضولي، والموت
في الوصية، فالانتقال حصل بالعقد، لكنه موقوف على الشرط المذكور
فإذا تأخر قبول الوصية كان الملك موقوفا عليه، والشرط وهو الموت
حاصل قبله (6) فلا يتحقق الملك قبل القبول.
ويشكل (7) بأن هذا لو تم يقتضي أن قبول الوصية لو تقدم
على الموت حصل الملك به حصولا متوقفا على الشرط وهو الموت فيكون
الموت كاشفا عن حصوله بعد القبول كإجازة المالك بعد العقد، والقائل
21

بالنقل لا يقول بحصول الملك قبل الموت مطلقا (1). فتبين أن الموت
شرط في انتقال الملك، بل حقيقة الوصية التمليك بعده كما علم من تعريفها
فإن تقدم القبول توقف الملك على الموت، وإن تأخر عنه فمقتضى حكم
العقد عدم تحققه بدون القبول، فيكون تمام الملك موقوفا على الإيجاب
والقبول والموت، وبالجملة فالقول بالكشف متوجه لولا مخالفة ما علم
من حكم العقد.
(ويشترط في الموصي الكمال) بالبلوغ، والعقل، ورفع الحجر،
(وفي وصية من بلغ عشرا قول مشهور) بين الأصحاب، مستندا
إلى روايات (2) متظافرة، بعضها صحيح إلا أنها مخالفة لأصول المذهب،
وسبيل الاحتياط.
(أما المجنون والسكران ومن جرح نفسه بالمهلك فالوصية) من كل
منهم (باطلة) أما الأولان فظاهر، لانتفاء العقل، ورفع القلم، وأما
الأخير فمستنده صحيحة (3) أبي ولاد عن الصادق عليه السلام: " فإن كان
أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة، أو قتل لعله يموت
لم تجز وصيته " ولدلالة هذا الفعل على سفهه، ولأنه (4) في حكم الميت
فلا تجري عليه الأحكام الجارية على الحي، ومن ثم (5) لا تقع عليه (6)
الذكاة لو كان قابلا لها.
22

وقيل تصح وصيته مع ثبات عقله كغيره. وهو حسن، لولا معارضة
النص (1) المشهور، وأما دلالة الفعل على سفهه فغير واضح، وأضعف
منه (2) كونه في حكم الميت، فإنه غير مانع من التصرف مع تيقن رشده.
وموضع الخلاف ما إذا تعمد الجرح، فلو وقع منه سهوا، أو خطأ
لم تمتنع وصيته إجماعا.
(و) يشترط (في الموصى له الوجود) حالة الوصية، (وصحة
التملك، فلو أوصى للحمل اعتبر) وجوده حال الوصية (بوضعه لدون
ستة أشهر منذ حين الوصية) فيعلم بذلك (3) كونه موجودا حالتها،
(أو بأقصى) مدة (الحمل) فما دون (إذا لم يكن هناك زوج،
ولا مولى (4)،
23

فإن كان (1) أحدهما لم تصح، لعدم العلم بوجوده (2) عندها، وأصالة
عدمه (3)، لإمكان تجدده بعدها، وقيام (4) الاحتمال مع عدمهما بإمكان
الزنا، والشبهة مندفع بأن الأصل عدم إقدام المسلم على الزنا كغيره
من المحرمات، وندور الشبهة.
ويشكل الأول (5) لو كانت كافرة (6)،
24

حيث (1) تصح الوصية لحملها.
وربما قيل على تقدير وجود الفراش (2) باستحقاقه (3) بين الغايتين (4)
عملا بالعادة الغالبة من الوضع لأقصاهما، أو ما يقاربها (5). وعلى كل
تقدير فيشترط انفصاله حيا، فلو وضعته ميتا بطلت، ولو مات بعد انفصاله
حيا كانت (6) لوارثه.
وفي اعتبار قبوله (7) هنا وجه قوي، لإمكانه (8) منه، بخلاف
الحمل.
وقيل: يعتبر قبول وليه. ثم إن اتحد (9) فهي له، وإن تعدد
قسم الموصى به على العدد بالسوية، وإن اختلفوا بالذكورية، والأنوثية
(ولو أوصى للعبد لم يصح)، سواء كان قنا أو مدبرا أم أم ولد.
أجاز مولاه أم لا، لأن العبد لا يملك بتمليك سيده، فبتمليك غيره أولى
25

ولرواية (1) عبد الرحمان بن الحجاج عن أحدهما عليهما السلام قال:
" لا وصية لمملوك ". ولو كان مكاتبا مشروطا، أو مطلقا لم يؤد شيئا
ففي جواز الوصية له قولان. من (2) أنه في حكم المملوك حيث لم يتحرر
منه شئ، ولرواية (3) محمد بن قيس عن الباقر (ع) ومن (4)
انقطاع سلطنة المولى عنه. ومن ثم جاز اكتسابه، وقبول الوصية نوع
منها (5).
والصحة مطلقا أقوى. والرواية لا حجة فيها (6)، (إلا أن يكون)
العبد الموصى له (عبده) أي عبد الموصي (فتنصرف) الوصية (إلى عتقه)
فإن ساواه (7) أعتق أجمع، وإن نقص عتق بحسابه (وإن زاد المال
عن ثمنه فله (8) الزائد).
ولا فرق في ذلك (9) بين القن، وغيره، ولا بين المال المشاع،
والمعين على الأقوى. ويحتمل اختصاصه (10) بالأول (11)،
26

لشيوعه (1) في جميع المال وهو (2) من جملته فيكون كعتق جزء منه،
بخلاف المعين، ولا بين أن تبلغ قيمته ضعف الوصية، وعدمه.
وقيل: تبطل في الأول استنادا إلى رواية (3) ضعيفة.
(وتصح الوصية للمشقص) وهو الذي عتق منه شقص بكسر
الشين وهو الجزء (بالنسبة) أي بنسبة ما فيه من الحرية. والمراد به (4)
مملوك غير السيد، أما هو فتصح (5) في الجميع بطريق أولى، (ولأم
الولد) أي أم ولد الموصي، لأنها في حياته من جملة مماليكه، وإنما خصها
ليترتب عليها قوله: (فتعتق من نصيبه) أي نصيب ولدها، (وتأخذ
الوصية) لصحيحة (6) أبي عبيدة عن الصادق عليه السلام، ولأن التركة
تنتقل من حين الموت إلى الوارث فيستقر ملك ولدها على جزء منها فتعتق
27

عليه وتستحق الوصية، والوصية (1) للمملوك وإن لم تتوقف على القبول
فينتقل إلى ملك الموصى له بالموت، إلا (2) أن تنفيذها يتوقف على معرفة
القيمة، ووصول التركة إلى الوارث، بخلاف ملك الوارث (3).
وقيل: تعتق من الوصية، فإن ضاقت فالباقي من نصيب ولدها،
لتأخر الإرث عن الوصية والدين، بمقتضى الآية (4)، ولظاهر الرواية (5)
(والوصية لجماعة تقتضي التسوية) بينهم فيها، ذكورا كانوا أم
إناثا أم مختلفين، وسواء كانت الوصية لأعمامه وأخواله أم لغيرهم على الأقوى
(إلا مع التفصيل) فيتبع شرطه، سواء جعل المفضل الذكر أم الأنثى
(ولو قال: على كتاب الله فللذكر ضعف الأنثى)، لأن ذلك
حكم الكتاب في الإرث، والمتبادر منه هنا ذلك (6) (والقرابة: من عرف
بنسبه) عادة، لأن المرجع في الأحكام إلى العرف حيث لا نص وهو (7)
28

دال على ذلك. ولا يكفي مطلق العلم بالنسب كما يتفق ذلك في الهاشميين،
ونحوهم ممن يعرف نسبه مع بعده الآن مع انتفاء القرابة عرفا.
ولا فرق بين الوراث، وغيره (1)، ولا بين الغني، والفقير،
ولا بين الصغير، والكبير، ولا بين الذكر، والأنثى. وقيل: ينصرف
إلى أنسابه الراجعين إلى آخر أب وأم له في الإسلام، لا مطلق الأنساب
استنادا إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " قطع الإسلام أرحام
الجاهلية " فلا يرتقى إلى آباء الشرك وإن عرفوا بالنسب، وكذا
لا يعطى الكافر وإن انتسب إلى مسلم، لقوله تعالى عن ابن نوح:
" إنه ليس من أهلك (2) "، ودلالتهما (3) على ذلك ممنوعة
مع تسليم سند الأول.
(والجيران لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا) من كل جانب على المشهور
والمستند (4) ضعيف وقيل إلى أربعين دارا، استنادا إلى رواية عامية.
والأقوى الرجوع فيهم إلى العرف، ويستوي " فيه " مالك الدار،
29

ومستأجرها، ومستعيرها، وغاصبها على الظاهر (1)، ولو انتقل منها
إلى غيرها اعتبرت الثانية، ولو غاب لم يخرج عن الحكم ما لم تطل الغيبة
بحيث يخرج عرفا، ولو تعددت دور الموصي وتساوت في الاسم عرفا
استحق جيران كل واحدة (2)، ولو غلب أحدها أختص، ولو تعددت
دور الجار واختلفت في الحكم (3) اعتبر إطلاق اسم الجار عليه عرفا
كالمتحد (4).
ويحتمل اعتبار الأغلب سكنى فيها، وعلى اعتبار الأذرع ففي استحقاق
ما كان على رأس الغاية وجهان أجودهما الدخول، وعلى اعتبار الدور
قيل: يقسم على عددها، لا على عدد سكانها. ثم تقسم حصة كل دار
على عدد سكانها. ويحتمل القسمة على عدد السكان مطلقا (5)،
وعلى المختار (6) فالقسمة على الرؤوس مطلقا. (7)
(وللموالي) (8) أي موالي الموصي، واللام عوض عن المضاف
إليه (تحمل على العتيق) بمعنى المفعول (والمعتق) بالبناء للفاعل على تقدير
30

وجودهما، لتناول الاسم لهما كالأخوة (1)، ولأن المضاف يفيد العموم
فيما يصلح له، (إلا مع القرينة) الدالة على إرادة أحدهما خاصة
فيختص به بغير إشكال، كما أنه لو دلت على إرادتهما معا تناولتهما بغير
إشكال، وكذا لو لم يكن له موالي إلا من إحدى الجهتين (2).
(وقيل: تبطل) مع عدم قرينة تدل على إرادتهما، أو أحدهما،
لأنه لفظ مشترك، وحمله على معنييه مجاز، لأنه موضوع لكل منهما
على سبيل البدل، والجمع (3) تكرير الواحد فلا يتناول غير صنف واحد
والمعنى المجازي لا يصار إليه عند الإطلاق (4)، وبذلك (5) يحصل الفرق
بينه، وبين الأخوة، لأنه لفظ متواطئ (6)، لا مشترك، لأنه موضوع
لمعنى يقع على المتقرب بالأب، وبالأم، وبهما وهذا أقوى.
(و) الوصية (للفقراء تنصرف إلى فقراء ملة الموصي)، لا مطلق
الفقراء وإن كان جمعا معرفا مفيدا للعموم. والمخصص (7) شاهد الحال
31

الدال على عدم إرادة فقراء غير ملته، ونحلته، (ويدخل فيهم المساكين
إن جعلناهم مساوين) لهم في الحال بأن جعلنا اللفظين بمعنى واحد،
كما ذهب إليه بعضهم، (أو أسوأ) حالا كما هو الأقوى، (وإلا فلا)
يدخلون، لاختلاف المعنى، وعدم دلالة دخول الأضعف على دخول
الأعلى، بخلاف العكس.
وذكر جماعة من الأصحاب أن الخلاف في الأسوأ، والتساوي إنما
هو مع اجتماعهما كآية الزكاة، أما مع انفراد أحدهما خاصة فيشمل الآخر
إجماعا. وكأن المصنف لم تثبت عنده هذه الدعوى. (وكذا) القول
(في العكس) بأن أوصى للمساكين فإنه يتناول الفقراء على القول بالتساوي،
أو كون الفقراء أسوء حالا، وإلا (1) فلا: وعلى ما نقلناه عنهم يدخل
كل منهما في الآخر هنا مطلقا (2).
32

(الفصل الثاني في متعلق الوصية)
(وهو كل مقصود) للتملك عادة (يقبل النقل)
عن الملك من مالكه إلى غيره، فلا تصح الوصية بما ليس بمقصود
كذلك (1)، إما لحقارته كفضلة الإنسان، أو لقلته كحبة الحنطة، وقشر
الجوزة، أو لكون جنسه لا يقبل الملك كالخمر، والخنزير، ولا بما لا يقبل
النقل كالوقف، وأم الولد، (ولا يشترط كونه معلوما) للموصي، ولا للموصى له، ولا مطلقا، (ولا موجودا) بالفعل (حال الوصية)
بل يكفي صلاحيته للوجود عادة في المستقبل.
(فتصح الوصية بالقسط، والنصيب، وشبهه) كالحظ، والقليل،
والكثير، والجزيل، (ويتخير الوارث في تعيين ما شاء) إذا لم يعلم
من الموصي إرادة قدر معين، أو أزيد مما عينه الوارث.
(أما الجزء فالعشر) لحسنة (2) أبان بن تغلب عن الباقر عليه السلام
متمثلا بالجبال العشرة التي جعل على كل واحد منها جزء من الطيور الأربعة
(وقيل: السبع)، لصحيحة (3) البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام
متمثلا بقول تعالى: " لها سبعة أبواب لكل باب منها جزء
33

مقسوم (1) " ورجح الأول (2) بموافقته للأصل. ولو أضافه إلى جزء
آخر كالثلث فعشره لصحيحة (3) عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام
وتمثل أيضا بالجبال وهو مرجح آخر (والسهم الثمن) لحسنة (4) صفوان
عن الرضا عليه السلام، ومثله روي (5) السكوني عن الصادق عليه السلام
معللا بآية أصناف الزكاة الثمانية، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قسمها على ثمانية أسهم.
ولا يخفى أن هذه التعليلات لا تصلح للعلية، وإنما ذكروها
عليهم السلام على وجه التقريب، والتمثيل.
وقيل: السهم العشر استنادا إلى رواية (6) ضعيفة.
وقيل: السدس لما روي (7) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
إنه أعطاه لرجل أوصى له بسهم.
وقيل (8): إن في كلام العرب أن السهم سدس، ولم يثبت.
(والشئ السدس) ولا نعلم فيه خلافا.
وقيل: إنه إجماع، وبه نصوص (9) غير معللة.
34

(و) حيث لم يشترط في الموصى به كونه موجودا بالفعل (تصح
الوصية بما ستحمله الأمة، أو الشجرة) إما دائما، أو في وقت مخصوص
كالسنة المستقبلة، (وبالمنفعة) كسكنى الدار مدة معينة، أو دائما.
ومنفعة العبد كذلك (1)، وشبهه (2) وإن استوعبت قيمة العين.
(ولا تصح الوصية) بما لا يقبل النقل، كحق القصاص، وحد
القذف، والشفعة، فإن الغرض من الأول تشفي الوارث باستيفائه فلا يتم
الغرض بنقله إلى غيره ومثله (3) حد القذف، والتعزير للشتم، وأما الشفعة
فالغرض منها دفع الضرر عن الشريك بالشركة، ولاحظ للموصى له
في ذلك. نعم لو أوصي له بالشقص والخيار معا، لم تبعد الصحة،
لأن الوصية بالمال والخيار تابع، ونفعه ظاهر مقصود، وكذا غيرها (4)
من الخيار.
(وتصح) الوصية (بأحد الكلاب الأربعة)، والجر والقابل
للتعليم، لكونها (5) مالا مقصودا، (لا بالخنزير، وكلب الهراش)، لانتفاء المالية فيهما. ومثله طبل اللهو الذي لا يقبل التغيير عن الصفة المحرمة
مع بقاء المالية.
35

(ويشترط في الزائد عن الثلث إجازة الوارث)، وإلا بطل (1)،
(وتكفي) الإجازة (حال حياة الموصي) وإن لم يكن الوراث مالكا
الآن، لتعلق حقه (2) بالمال، وإلا (3) لم يمنع الموصي من التصرف فيه
ولصحيحة (4) منصور بن حازم، وحسنة (5) محمد بن مسلم عن الصادق
عليه السلام.
وقيل: لا تعتبر إلا بعد وفاته، لعدم استحقاق الوارث المال
حينئذ (6) وقد عرفت جوابه (7).
ولا فرق بين وصية الصحيح والمريض في ذلك (8)، لاشتراكهما
في الحجر بالنسبة إلى ما بعد الوفاة، ولو كان التصرف منجزا افترقا (9).
ويعتبر في المجيز جواز التصرف فلا عبرة بإجازة الصبي، والمجنون،
والسفيه، أما المفلس فإن كانت إجازته حال الحياة نفذت إذ لا ملك له
36

حينئذ، وإنما إجازته تنفيذ لتصرف الموصي، ولو كان بعد الموت
ففي صحتها وجهان، مبناهما على أن التركة هل تنتقل إلى الوارث بالموت
وبالإجازة تنتقل عنه إلى الموصى له، أم تكون الإجازة كاشفة عن سبق
ملكه من حين الموت، فعلى الأول (1) لا تنفذ (2)، لتعلق حق الغرماء
بالتركة قبل الإجازة، وعلى الثاني (3) يحتمل الأمرين (4). وإن كان
النفوذ (5) أوجه.
(والمعتبر بالتركة) بالنظر إلى مقدارها ليعتبر ثلثها (حين الوفاة)
لا حين الوصية، ولا ما بينهما، لأنه (6) وقت تعلق الوصية بالمال
(فلو قتل فأخذت ديته حسبت) الدية (من تركته) واعتبر ثلثها،
لثبوتها بالوفاة، وإن لم تكن عند الوصية.
وهذا (7) إنما يتم بغير إشكال لو كانت الوصية بمقدار معين كمأة
دينار مثلا، أو كانت بجزء من التركة مشاع كالثلث وكانت التركة حين
37

الوصية أزيد منها حين الوفاة، أما لو انعكس (1) أشكل اعتبارها
عند الوفاة مع عدم العلم بإرادة الموصي للزيادة المتجددة، لأصالة عدم
التعلق، وشهادة الحال بأن الموصي لا يريد ثلث المتجدد حيث لا يكون
تجدده متوقعا غالبا، خصوصا مع زيادته (2) كثيرا.
وينبغي على ما ذكر (3) اعتبارها (4) بعد الموت أيضا، إذ قد
يتجدد للميت مال بعد الموت كالدية إذا ثبتت صلحا، وقد يتجدد تلف
بعض التركة قبل قبض الوارث فلا يكون محسوبا عليه (5).
والأقوى اعتبار أقل الأمرين من حين الوفاة إلى حين القبض.
(ولو أوصى بما يقع اسمه على المحرم والمحلل، صرف إلى المحلل)
حملا لتصرف المسلم على الصحيح (كالعود) وله عود لهو، وعيدان
قسي (6)، وعيدان عصي، وعيدان السقف، والبنيان، (والطبل)
وله طبل لهو، وطبل حرب، ثم إن اتحد المحلل حمل عليه، وإن تعدد
تخير الوارث في تعيين ما شاء، وإن لم يكن له إلا المحرم بطلت الوصية
إن لم يمكن إزالة الوصف المحرم مع بقاء ماليته، وإلا صحت وحول
إلى المحلل.
38

(ويتخير الوارث في المتواطي) وهو المقول على معنى يشترك فيه
كثير (كالعبد، وفي المشترك) وهو المقول على معنيين فصاعدا بالوضع
الأول (1) من حيث هو كذلك (كالقوس)، لأن الوصية بالمتواطي
وصية بالماهية الصادقة بكل فرد من الأفراد كالعبد، لأن مدلول اللفظ
فيه هو الماهية الكلية. وخصوصيات الأفراد غير مقصودة إلا تبعا، فيتخير
الوارث في تعيين أي فرد شاء، لوجود متعلق الوصية في جميع الأفراد.
وكذا المشترك، لأن متعلق الوصية فيه هو الاسم، وهو صادق
على ما تحته من المعاني حقيقة فتحصل البراءة بكل واحد منها.
وربما أحتمل هنا (2) القرعة، لأنه (3) أمر مشكل، إذ الموصى به
ليس كل واحد (4)، لأن اللفظ لا يصلح له (5)، وإنما المراد واحد
غير معين فيتوصل إليه (6) بالقرعة.
ويضعف بأنها لبيان ما هو معين في نفس الأمر مشكل ظاهرا،
وليس هنا كذلك فإن الإبهام حاصل عند الموصي (7)، وعندنا، وفي نفس
الأمر فيتخير الوارث، وسيأتي في هذا الإشكال بحث.
39

(والجمع يحمل على الثلاثة) جمع (قلة كان كأعبد، أو كثرة
كالعبيد) لتطابق اللغة، والعرف العام على اشتراط مطلق الجمع في إطلاقه
على الثلاثة فصاعدا.
والفرق بحمل جمع الكثرة على ما فوق العشرة اصطلاح خاص
لا يستعمله أهل المحاورات العرفية، والاستعمالات العامية فلا يحمل إطلاقهم
عليه (1).
ولا فرق في ذلك (2) بين تعيين الموصي قدرا من المال يصلح لعتق
العبيد بما يوافق جمع الكثرة لو اقتصر على الخسيس من ذلك الجنس،
وعدمه (3) فيتخير بين شراء النفيس المطابق لأقل الجمع فصاعدا، وشراء
الخسيس الزائد المطابق لجمع الكثرة حيث يعتبر بها.
(ولو أوصى بمنافع العبد دائما، أو بثمرة البستان دائما قومت
المنفعة على الموصى له، والرقبة على الوارث إن فرض لها قيمة) كما يتفق
في العبد لصحة عتق الوارث له ولو عن الكفارة، وفي البستان (4)
بانكسار جذع ونحوه، فيستحقه الوارث حطبا، أو خشبا، لأنه ليس
بثمرة، ولو لم يكن للرقبة نفع البتة قومت العين أجمع على الموصى له.
وطريق خروجها (5)،
40

من الثلث حيث يعتبر منه (1) يستفاد من ذلك (2) فتقوم العين بمنافعها مطلقا (3)
ثم تقوم مسلوبة المنافع الموصى بها فالتفاوت هو الموصى به (4)، فإن لم يكن
تفاوت (5) فالمخرج من الثلث جميع القيمة. ومنه (6) يعلم حكم ما لو كانت
المنفعة مخصوصة بوقت.
(ولو أوصى بعتق مملوكه وعليه دين قدم الدين) من أصل المال
الذي من جملته المملوك، (وعتق من الفاضل) عن الدين من جميع التركة
(ثلثه (7) إن لم يزد (8) على المملوك (9)، فلو لم يملك سواه بطل
41

منه (1) فيما قابل الدين (2) وعتق ثلث الفاضل إن لم يجز الوارث.
ولا فرق بين كون قيمة العبد ضعف الدين أو أقل على أصح القولين
وقيل: تبطل الوصية مع نقصان قيمته عن ضعف الدين.
(ولو نجز عتقه) في مرضه (فإن كانت قيمته ضعف الدين صح
العتق) فيه أجمع (وسعى في قيمة (3) نصفه للديان، وفي ثلثه) الذي
هو ثلثا النصف الباقي عن الدين (للوارث)، لأن النصف الباقي هو
مجموع التركة بعد الدين، فيعتق ثلثه ويكون ثلثاه للورثة، وهو ثلث
42

مجموعه (1). وهذا مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف فيما لو نقصت
قيمته عن ضعف الدين، فقد ذهب الشيخ وجماعة إلى بطلان العتق حينئذ
استنادا إلى صحيحة (2) عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق عليه السلام.
ويفهم من المصنف هنا الميل إليه، حيث شرط في صحة العتق كون قيمته
ضعف الدين، إلا أنه لم يصرح بالشق الآخر.
والأقوى أنه كالأول (3)، فينعتق منه بمقدار ثلث ما يبقى من قيمته
فاضلا عن الدين، ويسعى للديان بمقدار دينه، وللورثة بضعف ما عتق
منه مطلقا (4) فإذا أداه عتق أجمع. والرواية المذكورة مع مخالفتها للأصول
معارضة بما يدل على المطلوب وهو حسنة (5) الحلبي عنه عليه السلام.
(ولو أوصى بعتق ثلث عبيده، أو عدد منهم مبهم) كثلاثة (6)
(استخرج) الثلث والعدد (بالقرعة) لصلاحية الحكم لكل واحد فالقرعة
طريق التعيين، لأنها لكل أمر مشكل، ولأن العتق حق للمعتق (7)،
ولا ترجيح لبعضهم، لانتفاء التعيين فوجب استخراجه (8) بالقرعة.
وقيل: يتخير الوارث في الثاني (9)، لأن متعلق الوصية متواطئ
43

فيتخير في تعيينه الوارث كما سبق (1)، ولأن المتبادر من اللفظ هو الاكتفاء
بعتق أي عدد كان من الجميع فيحمل عليه. وهو قوي، وفي الفرق
بينه (2)، وبين الثلث نظر (3).
(ولو أوصى بأمور) متعددة (فإن كان فيها واجب قدم) على غيره
وإن تأخرت الوصية به، سواء كان الواجب ماليا أم غيره، وبدئ بعده
بالأول فالأول. ثم إن كان الواجب ماليا كالدين والحج أخرج من أصل
المال، والباقي (4) من الثلث، وإن كان بدنيا كالصلاة، والصوم قدم
من الثلث وأكمل (5) من الباقي مرتبا للأول فالأول (6).
(وإلا) يكن فيها واجب (بدئ بالأول) منها (7) (فالأول
حتى يستوفي الثلث) ويبطل الباقي إن لم يجز الوارث، والمراد بالأول: الذي
قدمه الموصي في الذكر ولم يعقبه بما ينافيه، سواء عطف عليه التالي (8)
بثم أم بالفاء أم بالواو أم قطعه عنه بأن قال: أعطوا فلانا مائة، أعطوا
44

فلانا خمسين، ولو رتب ثم قال: ابدأوا بالأخير، أو بغيره (1) أتبع
لفظه الأخير (2)، (ولو لم يرتب) بأن ذكر الجميع دفعة فقال: أعطوا
فلانا، وفلانا، وفلانا مائة، أو رتب باللفظ، ثم نص على عدم التقديم
(بسط الثلث على الجميع) وبطل من كل وصية بحسابها، ولو علم
الترتيب واشتبه الأول أقرع، ولو اشتبه للترتيب وعدمه فظاهرهم إطلاق
التقديم (3) بالقرعة كالأول (4).
ويشكل باحتمال كون الواقع عدمه (5) وهي لإخراج المشكل
ولم يحصل (6) فينبغي (7) الإخراج على الترتيب (8)، وعدمه لاحتمال
45

أن يكون غير مرتب فتقديم كل واحد ظلم (1).
ولو جامع الوصايا منجز يخرج (2) من الثلث قدم (3) عليها
مطلقا (4) وأكمل الثلث منها (5) كما ذكر (6).
(ولو أجاز الورثة) ما زاد على الثلث (فادعوا) بعد الإجازة
(ظن القلة) أي قلة الموصى به وأنه ظهر أزيد مما ظنوه، (فإن كان
الإيصاء بعين لم يقبل منهم) لأن الإجازة وقعت على معلوم لهم فلا تسمع
دعواهم أنهم ظنوا زيادته عن الثلث بيسير مثلا فظهر أزيد، أو ظن
أن المال كثير لأصالة عدم الزيادة في المال فلا تعتبر دعواهم ظن خلافه (7)
(وإن كان) الإيصاء (بجزء شائع) في التركة (كالنصف قبل)
قولهم (مع اليمين)، لجواز بنائهم على أصالة عدم زيادة المال فظهر
خلافه (8) عكس الأول (9).
وقيل: يقبل قولهم في الموضعين، لأن الإجازة في الأول وإن وقعت
46

على معلوم إلا أن كونه بمقدار جزء مخصوص من المال كالنصف لا يعلم
إلا بعد العلم بمقدار التركة، ولأنه كما احتمل ظنهم قلة النصف في نفسه
يحتمل ظنهم قلة المعين بالإضافة إلى مجموع التركة ظنا منهم زيادتها.
وأصالة عدمها (1) لا دخل لها في قبول قولهم، وعدمه (2) لإمكان صدق
دعواهم، وتعذر إقامة البينة عليها، ولأن الأصل عدم العلم بمقدار التركة
على التقديرين (3). وهو (4) يقتضي جهالة قدر المعين من التركة كالمشاع
ولإمكان ظنهم أنه لا دين على الميت فظهر، مع أن الأصل عدمه (5).
وهذا القول متجه، وحيث يحلفون على مدعاهم يعطى الموصى له
من الوصية ثلث المجموع وما ادعوا ظنه من الزائد (6).
(ويدخل في الوصية بالسيف جفنه) بفتح أوله وهو غمده بكسره
وكذا تدخل حليته، لشمول اسمه لها عرفا وإن أختص (7) لغة بالنصل،
ورواية (8) أبي جميلة بدخولها شاهد مع العرف، (وبالصندوق (9)
أثوابه) الموضوعة فيه، وكذا (10) غيرها من الأموال المظروفة،
47

(وبالسفينة (1) متاعها) الموضوع فيها عند الأكثر. ومستنده (2)
رواية أبي جميلة عن الرضا عليه السلام، وغيرها مما لم يصح سنده،
والعرف قد يقضي بخلافه في كثير من الموارد، وحقيقة الموصى به (3)
مخالفة للمظروف، فعدم الدخول أقوى، إلا أن تدل قرينة حالية،
أو مقالية على دخول الجميع، أو بعضه فيثبت ما دلت عليه خاصة.
والمصنف اختار الدخول (4) (إلا مع القرينة (5)) فلم يعمل بمدلول
الرواية مطلقا (6).
48

فكان (1) تقييد الدخول بالقرينة أولى، ويمكن حمل الرواية عليه (2) و
(ولو عقب الوصية بمضادها) بأن أوصى بعين مخصوصة لزيد،
ثم أوصى بها لعمرو (عمل بالأخيرة)، لأنها ناقضة للأولى، والوصية
جائزة من قبله فتبطل الأولى.
(ولو أوصى بعتق رقبة مؤمنة) وجب تحصيل الوصف بحسب
الإمكان (فإن لم يجد أعتق من لا يعرف بنصب (3)) على المشهور،
ومستنده رواية (4) علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام. والمستند
ضعيف. والأقوى عدم الإجزاء، بل يتوقع المكنة وفاقا لابن إدريس،
(ولو ظنها مؤمنة) على وجه يجوز التعويل عليه بإخبارها (5)، أو بإخبار
من يعتد به فأعتقها (كفى وإن ظهر خلافه) لإتيانه بالمأمور به على الوجه
المأمور به (6) فيخرج عن العهدة، إذ لا يعتبر في ذلك اليقين، بل ما ذكر (7)
من وجوه الظن.
49

(ولو أوصى بعتق رقبة بثمن معين وجب) تحصيلها مع الإمكان
(ولو تعذر إلا بأقل اشتري وعتق ودفع إليه ما بقي) من المال المعين
على المشهور بين الأصحاب.
وربما قيل: إنه إجماع. ومستنده رواية (1) سماعة عن الصادق
عليه السلام. ولو لم يوجد إلا بأزيد توقع المكنة، فإن يئس من أحد
الأمرين (2) ففي وجوب شراء بعض رقبته، فإن تعذر صرف في وجوه
البر، أو بطلان الوصية ابتداء، أو مع تعذر بعض الرقبة أوجه أوجهها
الأول (3). ويقوى لو كان التعذر طارئا على زمن الوصية، أو على الموت (4)
لخروج القدر عن الملك الورثة فلا يعود إليه.
50

(الفصل الثالث في الأحكام)
(تصح الوصية للذمي وإن كان أجنبيا)، للأصل (1)، والآية (2)
والرواية (3)، (بخلاف الحربي وإن كان رحما)، لا لاستلزامها (4)،
الموادة المنهي عنها لهم، لمنع الاستلزام (5)،
51

بل (1) لأن صحة الوصية تقتضي ترتيب أثرها (2) الذي من جملته وجوب
52

الوفاء بها، وترتب العقاب على تبديلها، ومنعها، وصحتها تقتضي
كونها مالا للحربي، وماله (1) فئ للمسلم في الحقيقة ولا يجب دفعه إليه،
وهو (2) ينافي صحتها بذلك المعنى (3)، بخلاف الذمي (4).
وهذا المعنى (5) من الطرفين يشترك فيه الرحم وغيره (6). ويمكن
أن تمنع المنافاة (7)،
53

فإن منع الحربي منها من حيث إنها (1) ماله غير مناف للوفاء بالوصية
من حيث إنها وصية، بل منعه من تلك الحيثية (2) مترتب على صحة الوصية
وعدم (3) تبديلها (4)، وفي المسألة أقوال (5) أخر.
(وكذا المرتد) عطف على الحربي، فلا تصلح الوصية له، لأنه
بحكم الكافر المنهي عن موادته.
ويشكل بما مر (6). نعم يتم ذلك في الفطري، بناء على أنه لا يملك
54

الكسب المتجدد، وأما الملي، والمرأة مطلقا (1) فلا مانع من صحة
الوصية له، وهو خيرة المصنف في الدروس.
(ولو أوصى في سبيل الله فلكل قربة)، لأن السبيل هو الطريق
والمراد هنا ما كان طريقا إلى ثوابه فيتناول كل قربة جريا له على عمومه (2)
وقيل: يختص الغزاة (3) (ولو قال: أعطوا فلانا كذا، ولم يبين
ما يصنع به، دفع إليه يصنع به ما شاء) لأن الوصية بمنزلة (4) التمليك
فتقتضي تسلط الموصى له تسلط المالك، ولو عين له المصرف تعين.
(وتستحب الوصية لذوي القرابة، وارثا كان أم غيره) لقوله تعالى:
" كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا
الوصية للوالدين والأقربين (5) "، ولأن فيه صلة الرحم،
وأقل مراتبه الاستحباب، (ولو أوصى للأقرب) أي أقرب الناس إليه
نسبا (نزل على مراتب الإرث) لأن كل مرتبة أقرب إليه من التي
بعدها، لكن يتساوى المستحق هنا، لاستواء نسبتهم إلى سبب الاستحقاق
وهو الوصية، والأصل عدم التفاضل فللذكر مثل حظ الأنثى، وللمتقرب
بالأب مثل المتقرب بالأم، ولا يتقدم ابن العم من الأبوين على العم للأب
55

وإن قدم في الميراث (1) ويتساوى الأخ مع الأم والأخ مع الأبوين،
وفي تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب وجه قوي، لأن تقدمه
عليه في الميراث يقتضي كونه أقرب شرعا، والرجوع إلى مراتب الإرث
يرشد إليه (2) ولا يرد مثله في ابن العم للأبوين، لاعترافهم بأن العم أقرب
منه، ولهذا جعلوه مستثنى بالإجماع، ويحتمل تقديمه (3) هنا لكونه أولى
بالميراث.
(ولو أوصى بمثل نصيب ابنه فالنصف إن كان له ابن واحد،
والثلث إن كان له ابنان، وعلى هذا).
والضابط أنه يجعل كأحد الوراث ويزاد في عددهم، ولا فرق بين
أن يوصي له بمثل نصيب معين (4)، وغيره، ثم إن زاد نصيبه على الثلث
توقف الزائد عليه على الإجازة، فلو كان له ابن وبنت وأوصى لأجنبي
بمثل نصيب البنت فللموصى له ربع التركة (5)، وإن أوصى له بمثل
نصيب الابن فقد أوصى له بخمسي التركة (6) فيتوقف الزائد عن الثلث
56

- وهو ثلث خمس (1) - على إجازتهما فإن أجازا (2) فالمسألة من خمسة
لأن الموصى له بمنزلة ابن آخر، وسهام الابنين مع البنت خمسة (3)
وإن ردا (4) فمن تسعة (5)، لأن للموصى له ثلث التركة، وما يبقى،
لهما أثلاثا فتضرب ثلاثة في ثلاثة، وإن أجاز أحدهما ورد الآخر ضربت
57

مسألة الإجازة (1) في مسألة الرد (2) فمن أجاز ضربت نصيبه من مسألة
الإجازة (3) في مسألة الرد (4) ومن رد ضربت نصيبه من مسألة الرد (5)
في مسألة الإجازة (6) فلها مع إجازتها تسعة (7) من خمسة وأربعين، وله
عشرون (8)،
58

وللموصى له ستة عشر (1) هي ثلث الفريضة وثلث الباقي (2) من النصيب
على تقدير الإجازة، وله من إجازته (3) ثمانية عشر (4) ولها عشرة (5)
وللموصى له سبعة عشر (6)، وعلى هذا القياس.
(ولو قال: أعطوه مثل سهم أحد وراثي أعطي مثل سهم الأقل)
لصدق الاسم به، ولأصالة البراءة من الزائد، فلو ترك ابنا وبنتا فله الربع
59

ولو ترك ابنا وأربع زوجات فله سهم من ثلاثة وثلاثين (1)، (ولو أوصى
بضعف نصيب ولده فمثلاه) على المشهور بين الفقهاء، وأهل اللغة.
وقيل: مثله (2). وهو قول بعض أهل اللغة. والأصح الأول (3)
(وبضعفيه ثلاثة أمثاله)، لأن ضعف الشئ ضم مثله إليه، فإذا قال:
ضعفيه فكأنه ضم مثليه إليه.
وقيل: أربعة أمثاله، لأن الضعف مثلان كما سبق فإذا ثنى كان
أربعة. ومثله (4) القول في ضعف الضعف.
(ولو أوصى بثلثه للفقراء جاز صرف كل ثلث إلى فقراء بلد المال)
الذي هو فيه، وهو الأفضل ليسلم من خطر النقل، وفي حكمه (5)،
60

احتسابه على غائب مع قبض وكيله في البلد، (ولو صرف الجميع في فقراء
بلد الموصي)، أو غيره (جاز)، لحصول الغرض من الوصية وهو
صرفه إلى الفقراء.
واستشكل المصنف جواز ذلك (1) في بعض الصور بأنه إن نقل المال
من البلاد المتفرقة إلى بلد الإخراج (2) كان فيه تغرير في المال، وتأخير
للإخراج، وإن أخرج قدر الثلث من بعض الأموال ففيه خروج
عن الوصية (3)، إذ مقتضاها الإشاعة. والأوسط (4) منها متوجه،
فإن تأخير إخراج الوصية مع القدرة عليه (5) غير جائز، إلا أن يفرض
عدم وجوبه (6)، إما لعدم المستحق في ذلك الوقت الذي نقل فيه،
أو تعيين الموصي الإخراج في وقت مترقب بحيث يمكن نقله إلى غير البلد
قبل حضوره (7)، ونحو ذلك.
وينبغي جوازه (8) أيضا لغرض صحيح ككثرة الصلحاء، وشدة
61

الفقر، ووجود من يرجع إليه (1) في أحكام ذلك، كما يجوز نقل الزكاة
للغرض، وأما التغرير (2) فغير لازم في جميع أفراد النقل، وأما إخراج
الثلث من بعض الأموال فالظاهر أنه لا مانع منه، إذ ليس الغرض
الإخراج من جميع أعيان التركة، بل المراد إخراج ثلثها بالقيمة،
إلا أن يتعلق غرض الموصي بذلك، أو تتفاوت فيه مصلحة الفقراء،
والمعتبر صرفه إلى الموجودين في البلد، ولا يجب تتبع الغائب،
ويجب الدفع إلى ثلاثة فصاعدا، لا في كل بلد، بل المجموع (3).
(ولو أوصي له بأبيه فقبل وهو (4) مريض ثم مات) الموصى له
(عتق) أبوه (5) (من صلب ماله (6))، لأنه لم يتلف على الورثة
شيئا مما هو محسوب مالا وإنما يعتبر من الثلث ما يخرجه عن ملكه
كذلك (7)، وإنما ملكه هنا بالقبول وانعتق عليه قهرا تبعا لملكه (8).
ومثله (9) ما لو ملكه بالإرث، أو بالاتهاب على الأقوى، أما
62

لو ملكه بالشراء فإنه ينعتق من الثلث على الأقوى، لاستناد العتق
إلى حصول الملك الناشئ عن الشراء. وهو ملكه في مقابلة عوض فهو
بشرائه ما لا يبقى في ملكه مضيع للثمن على الوارث، كما لو اشترى
ما يقطع بتلفه. ويحتمل اعتباره (1) من الأصل، لأنه مال متقوم بثمن
مثله، إذ الفرض ذلك، والعتق أمر قهري طرأ بسبب القرابة. وضعفه
واضح، لأن بذل الثمن في مقابلة ما قطع بزوال ماليته محض التضييع
على الوارث.
(ولو قال: أعطوا زيدا والفقراء فلزيد النصف) لأن الوصية
لفريقين فلا ينظر إلى آحادهما كما لو أوصى لشخصين، أو قبيلتين.
(وقيل: الربع)، لأن أقل الفقراء ثلاثة من حيث الجمع وإن كان
جمع كثرة، لما تقدم من دلالة العرف واللغة على اتحاد الجمعين (2)،
فإذا شرك بين زيد، وبينهم بالعطف كان كأحدهم.
ويضعف بأن التشريك بين زيد والفقراء، لا بينه (3) وبين آحادهم
فيكون (4) زيد فريقا، وللفقراء فريقا آخر.
وفي المسألة وجه ثالث وهو أن يكون زيد كواحد منهم، لأنهم
وإن كانوا جمعا يصدق بالثلاثة، لكنه يقع على ما زاد ولا يتعين الدفع
إلى ثلاثة، بل يجوز إلى ما زاد، أو يتعين حيث يوجد في البلد ومقتضى
63

التشريك أن يكون كواحد منهم. وهو أمتن من السابق، وإن كان
الأصح الأول (1) (ولو جمع بين) عطية (منجزة) في المرض كهبة،
ووقف، وإبراء، (ومؤخرة) إلى بعد الموت (قدمت المنجزة) من الثلث
وإن تأخرت في اللفظ، فإن بقي (2) من الثلث شئ بدء بالأول فالأول
من المؤخرة (3) كما مر ولا فرق في المؤخرة بين أن يكون فيها واجب
يخرج من الثلث، وغيره. نعم لو كان مما يخرج من الأصل قدم
مطلقا (4).
واعلم أن المنجزة تشارك الوصية في الخروج من الثلث في أجود
القولين، وأن خروجها من الثلث يعتبر حال الموت، وأنه يقدم الأسبق
منها فالأسبق لو قصر الثلث عنها (5)، وتفارقها (6) في تقديمها عليها،
ولزومها (7) من قبل المعطي، وقبولها (8) كغيرها من العقود، وشروطها (9)
64

شروطه، وأنه لو برئ من مرضه لزمت (1) من الأصل، بخلاف الوصية.
(ويصح) للموصي (الرجوع في الوصية) ما دام حيا (قولا،
مثل رجعت، أو نقضت، أو أبطلت)، أو فسخت، أو هذا لوارثي
أو ميراثي، أو حرام على الموصى له، (أو لا تفعلوا كذا)، ونحو
ذلك من الألفاظ الدالة عليه، (أو فعلا، مثل بيع العين الموصى بها) وإن لم
يقبضها، (أو رهنها) مع الإقباض قطعا، وبدونه (2) على الأقوى.
ومثله (3) ما لو وهبها، أو أوصى بها لغير من أوصى بها له أولا.
والأقوى أن مجرد العرض على البيع والتوكيل فيه وإيجابه وإيجاب
العقود الجائزة المذكورة كاف في الفسخ، لدلالته عليه، لا تزويج العبد
والأمة، وإجارتهما، وختانهما، وتعليمهما، ووطء الأمة بدون الإحبال،
(أو) فعل ما يبطل الاسم ويدل على الرجوع مثل (طحن الطعام، أو عجن
الدقيق) أو غزل القطن أو نسج مغزوله (أو خلطه بالأجود) بحيث
لا يتميز، وإنما قيد بالأجود لإفادته الزيادة في الموصى به، بخلاف
المساوي والأردأ، وفي الدروس لم يفرق بين خلطه بالأجود وغيره
في كونه رجوعا، وفي التحرير لم يفرق كذلك في عدمه. والأنسب عدم
الفرق. وتوقف كونه رجوعا على القرائن الخارجة فإن لم يحكم بكونه
رجوعا يكون مع خلطه بالأجود شريكا بنسبة القيمتين.
65

(الفصل الرابع - في الوصاية)
بكسر الواو وفتحها وهي استنابة الموصي غيره بعد موته في التصرف
فيما كان له التصرف فيه، من إخراج حق، أو استيفائه، أو ولاية
على طفل، أو مجنون يملك الولاية عليه بالأصالة (1)، أو بالعرض (2)
(وإنما تصح الوصية على الأطفال بالولاية من الأب والجد له) وإن علا
(أو الوصي) لأحدهما (المأذون له من أحدهما) في الإيصاء لغيره،
فلو نهاه عنه لم تصح إجماعا، ولو أطلق (3) قيل: جاز (4) لظاهر
مكاتبة الصفار (5)، ولأن (6) الموصي أقامه مقام نفسه فيثبت له من الولاية
ما ثبت له، ولأن (7) الاستنابة من جملة التصرفات المملوكة له بالنص.
66

وفيه (1) منع دلالة الرواية (2)، وإقامته (3) مقام نفسه، في فعله
مباشرة كما هو الظاهر، ونمنع (4) كون الاستنابة من جملة التصرفات،
فإن رضاه (5) بنظره مباشرة لا يقتضي رضاه بفعل غيره، لاختلاف
الأنظار والأغراض في ذلك (6)،
67

والأقوى المنع (1).
(ويعتبر في الوصي الكمال) بالبلوغ، والعقل، فلا يصح إلى الصبي
بحيث يتصرف حال صباه مطلقا (2)، ولا إلى مجنون كذلك (3)
(والإسلام) فلا تصح الوصية إلى كافر وإن كان رحما، لأنه ليس
من أهل الولاية على المسلمين، ولا من أهل الأمانة، وللنهي عن الركون
إليه (4)، (إلا أن يوصي الكافر إلى مثله) إن لم نشترط العدالة في الوصي
لعدم المانع حينئذ، ولو اشترطناها فهل تكفي عدالته في دينه، أم تبطل
مطلقا (5) وجهان: من (6) أن الكفر أعظم من فسق المسلم (7)،
ومن (8) أن الغرض صيانة مال الطفل وأداء الأمانة، وهو يحصل بالعدل
منهم.
والأقوى المنع بالنظر إلى مذهبنا. ولو أريد صحتها (9)
68

عندهم وعدمه (1) فلا غرض لنا في ذلك، ولو ترافعوا إلينا فإن رددناهم
إلى مذهبهم (2) وإلا فاللازم الحكم ببطلانها (3) بناء على اشتراط العدالة،
إذ لا وثوق بعدالته في دينه، ولا ركون إلى أفعاله، لمخالفتها لكثير
من أحكام الإسلام.
(والعدالة (4) في قول قوي)، لأن الوصية استئمان، والفاسق
ليس أهلا له، لوجوب التثبت عند خبره، ولتضمنها (5) الركون إليه،
والفاسق ظالم منهي عن الركون إليه (6)، ولأنها (7) استنابة إلى الغير
فيشترط في النائب العدالة كوكيل الوكيل، بل أولى، لأن تقصير وكيل
الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكل وتفحصهما على مصلحتهما، بخلاف
نائب الميت ورضاه به غير (8) عدل لا يقدح في ذلك (9)، لأن
69

مقتضاها (1) إثبات الولاية بعد الموت (2) وحينئذ (3) فترتفع أهليته (4)
عن الإذن والولاية، ويصير التصرف متعلقا بحق غير المستنيب من طفل،
ومجنون، وفقير، وغيرهم فيكون أولى باعتبار العدالة من وكيل الوكيل،
ووكيل الحاكم، على مثل هذه المصالح. وبذلك (5) يظهر ضعف ما احتج به
نافي اشتراطها (6) من أنها في معنى الوكالة، ووكالة الفاسق جائزة إجماعا
وكذا استيداعه، لما (7) عرفت من الفرق بينها (8)، وبين الوكالة،
والاستيداع، فإنهما (9) متعلقان بحق الموكل والمودع، وهو (10) مسلط
على إتلاف ماله فضلا عن تسليط غير العدل عليه، والموصي إنما سلطه
على حق الغير، لخروجه عن ملكه بالموت مطلقا (11)، مع أنا نمنع
أن مطلق الوكيل والمستودع (12) لا يشترط فيهما العدالة.
70

وأعلم أن هذا الشرط (1) إنما اعتبر ليحصل الوثوق بفعل الوصي،
ويقبل خبره به (2)، كما يستفاد ذلك من دليله (3)، لا في صحة الفعل
في نفسه، فلو أوصى لمن ظاهره العدالة وهو فاسق في نفسه ففعل مقتضى
الوصية فالظاهر نفوذ فعله، وخروجه عن العهدة.
ويمكن كون ظاهر الفسق كذلك (4) لو أوصى إليه فيما بينه،
وبينه (5) وفعل مقتضاه، بل لو فعله (6) ظاهرا كذلك (7) لم تبعد
الصحة، وإن حكم ظاهرا بعدم وقوعه (8)، وضمانه (9) ما ادعى فعله.
71

وتظهر الفائدة (1) لو فعل مقتضى الوصية باطلاع عدلين، أو باطلاع
الحاكم، إلا أن ظاهر اشتراط العدالة ينافي ذلك (2) كله. ومثله (3)
يأتي في نيابة الفاسق عن غيره في الحج ونحوه (4).
وقد ذكر المصنف وغيره أن عدالة النائب شرط في صحة الاستنابة (5)
لا في صحة النيابة (6).
(وكذا) يشترط في الوصي (الحرية) فلا تصح وصاية المملوك (7)
لاستلزامها (8) التصرف في مال الغير بغير إذنه (9)، كما لا تصح وكالته
72

(إلا أن يأذن المولى) فتصح لزوال المانع، وحينئذ فليس للمولى الرجوع
في الإذن بعد موت الموصي، ويصح قبله، كما إذا قبل الحر (1).
(وتصح الوصية إلى الصبي منضما إلى كامل) لكن لا يتصرف
الصبي حتى يكمل فينفرد الكامل قبله ثم يشتركان فيها مجتمعين. نعم لو شرط
عدم تصرف الكامل إلى أن يبلغ الصبي اتبع شرطه، وحيث يجوز تصرف
الكامل قبل بلوغه لا يختص بالضروري، بل له كمال التصرف، وإنما
يقع الاشتراك في المتخلف، ولا اعتراض للصبي بعد بلوغه في نقض ما وقع
من فعل الكامل موافقا للمشروع (وإلى المرأة والخنثى) عندنا مع اجتماع
الشرائط (2) لانتفاء المانع، وقياس (3) الوصية على القضاء واضح
الفساد.
(ويصح تعدد الوصي فيجتمعان) لو كانا اثنين في التصرف بمعنى
صدوره عن رأيهما ونظرهما وإن باشره أحدهما (إلا أن يشترط لهما الانفراد)
فيجوز حينئذ لكل واحد منهما التصرف بمقتضى نظره، (فإن تعاسرا (4))
فأراد أحدهما نوعا من التصرف ومنعه الآخر (صح) تصرفهما (فيما لا بد
73

منه كمؤنة اليتيم)، والدابة، وإصلاح العقار، ووقف غيره (1)
على اتفاقهما، (وللحاكم) الشرعي (إجبارهما على الاجتماع) من غير
أن يستبدل بهما مع الإمكان، إذ لا ولاية له فيما فيه وصي، (فإن تعذر)
عليه جمعهما (استبدل بهما) تنزيلا لهما بالتعذر منزلة المعدوم، لاشتراكهما (2)
في الغاية. كذا أطلق الأصحاب، وهو يتم مع عدم اشتراط عدالة الوصي،
أما معه فلا، لأنهما بتعاسرهما يفسقان، لوجوب المبادرة إلى إخراج الوصية
مع الإمكان فيخرجان بالفسق عن الوصاية، ويستبدل بهما الحاكم فلا يتصور
إجبارهما (3) على هذا التقدير، وكذا (4) لو لم نشترطها وكانا عدلين،
لبطلانها (5) بالفسق حينئذ على المشهور.
نعم لو لم نشترطها ولا كانا عدلين أمكن إجبارهما مع التشاح،
(وليس لهما قسمة المال)، لأنه خلاف مقتضى الوصية من الاجتماع
في التصرف.
(ولو شرط لهما الانفراد ففي جواز الاجتماع نظر)، من (6) أنه
خلاف الشرط فلا يصح، ومن (7) أن الاتفاق على الاجتماع يقتضي
74

صدوره عن رأي كل واحد منهما، وشرط الانفراد اقتضى الرضا برأي
كل واحد وهو حاصل إن لم يكن هنا (1) آكد.
والظاهر أن شرط الانفراد رخصة لهما، لا تضييق. نعم لو حصل
لهما في حال الاجتماع نظر مخالف له حال الانفراد توجه المنع، لجواز كون
المصيب هو حالة الانفراد ولم يرض الموصي إلا به، (ولو نهاهما عن الاجتماع
اتبع) قطعا عملا بمقتضى الشرط الدال صريحا على النهي عن الاجتماع
فيتبع (2).
(ولو جوز لهما الأمرين) الاجتماع والانفراد (أمضي) ما جوزه
وتصرف كل منهما كيف شاء من الاجتماع، والانفراد (فلو اقتسما المال)
في هذه الحالة (جاز) بالتنصيف، والتفاوت حيث لا يحصل بالقسمة (3)
ضرر، لأن مرجع القسمة حينئذ (4) إلى تصرف كل منهما في البعض
وهو جائز بدونها، ثم بعد القسمة لكل منهما التصرف في قسمة الآخر
وإن كانت في يد صاحبه، لأنه وصي في المجموع فلا تزيل القسمة ولايته
فيه (5) (ولو ظهر من الوصي) المتحد، أو المتعدد على وجه يفيد
الاجتماع (عجز ضم الحاكم إليه معينا)، لأنه بعجزه خرج عن الاستقلال
المانع (6) من ولاية الحاكم، وبقدرته على المباشرة في الجملة لم يخرج
75

عن الوصاية بحيث يستقل الحاكم (1) فيجمع بينهما (2) بالضم.
ومثله (3) ما لو مات أحد الوصيين على الاجتماع (4)، أما المأذون
لهما في الانفراد فليس للحاكم الضم إلى أحدهما بعجز الآخر، لبقاء وصي كامل.
وبقي قسم آخر وهو ما لو شرط لأحدهما الاجتماع وسوغ للآخر
الانفراد فيجب اتباع شرطه فيتصرف المستقل بالاستقلال، والآخر
مع الاجتماع خاصة.
وقريب منه (5) ما لو شرط لهما الاجتماع موجودين، وانفراد الباقي
بعد موت الآخر، أو عجزه فيتبع شرطه، وكذا يصح شرط مشرف (6)
على أحدهما بحيث لا يكون للمشرف شئ من التصرفات وإنما تصدر
عن رأيه فليس للوصي التصرف بدون إذنه مع الإمكان، فإن تعذر
ولو بامتناعه ضم الحاكم إلى الوصي معينا كالمشروط له الاجتماع على الأقوى
لأنه (7) في معناه حيث لم يرض برأيه منفردا، وكذا يجوز اشتراط
76

تصرف أحدهما في نوع خاص، والآخر في الجميع منفردين، ومجتمعين
على ما اشتركا فيه.
(ولو خان) الوصي المتحد، أو أحد المجتمعين، أو فسق بغير
الخيانة (عزله الحاكم)، بل الأجود انعزاله بذلك من غير توقف على عزل
الحاكم، لخروجه عن شرط الوصاية (وأقام) الحاكم (مكانه) وصيا
مستقلا إن كان المعزول واحدا، أو منضما إلى الباقي إن كان أكثر،
(ويجوز للوصي استيفاء دينه مما في يده) من غير توقف على حكم الحاكم
بثبوته، ولا على حلفه على بقائه، لأن ذلك (1) للاستظهار ببقائه، لجواز
إبراء صاحب الدين، أو استيفائه، والمعلوم هنا خلافه، والمكلف
بالاستظهار هو الوصي، (و) كذا يجوز له (قضاء ديون الميت التي يعلم
بقاءها) إلى حين القضاء، ويتحقق العلم بسماعه إقرار الموصي بها قبل الموت
بزمان لا يمكنه بعده القضاء (2)، ويكون المستحق ممن لا يمكن في حقه
الإسقاط كالطفل والمجنون. وأما ما كان أربابها مكلفين يمكنهم إسقاطها فلا بد
من إحلافهم على بقائها وإن علم بها سابقا، ولا يكفي إحلافه إياهم إلا إذا
كان مستجمعا لشرائط الحكم، وليس للحاكم أن يأذن له (3) في التحليف
استنادا إلى علمه بالدين، بل لا بد من ثبوته عنده، لأنه تحكيم لا يجوز
لغير أهله.
نعم له بعد ثبوته عنده بالبينة توكيله في الإحلاف، وله (4) رد
ما يعلم كونه وديعة، أو عارية، أو غصبا، أو نحو ذلك من الأعيان
77

التي لا يحتمل انتقالها عن ملك مالكها إلى الموصي، أو وارثه في ذلك الوقت
(ولا يوصي) الوصي إلى غيره عمن أوصى إليه، (إلا بإذن منه)
له في الإيصاء على أصح القولين وقد تقدم (1)، وإنما أعادها لفائدة
التعميم، إذ السابقة مختصة بالوصي على الطفل ومن بحكمه من أبيه وجده
وهنا شاملة لسائر الأوصياء، وحيث يأذن له فيه يقتصر على مدلول الإذن
فإن خصه بشخص أو وصف أختص، وإن عمم أوصى إلى مستجمع
الشرائط، ويتعدى الحكم إلى وصي الوصي أبدا مع الإذن فيه، لا بدونه.
(و) حيث لا يصرح له بالإذن في الإيصاء (يكون النظر بعده)
في وصية الأول (إلى الحاكم)، لأنه وصي من لا وصي له، (وكذا)
حكم كل (من مات ولا وصي له (2)، ومع تعذر الحاكم) لفقده،
أو بعده بحيث يشق الوصول إليه عادة (يتولى) إنفاذ الوصية (بعض
عدول المؤمنين من باب الحسبة والمعاونة على البر والتقوى المأمور بها (3)
واشتراط (4) العدالة يدفع محذور إتلاف مال الطفل وشبهه والتصرف
فيه بدون إذن شرعي، فإن ما ذكرناه هو الإذن، وينبغي الاقتصار
على القدر الضروري الذي يضطر إلى تقديمه قبل مراجعة الحاكم، وتأخير
غيره إلى حين التمكن من إذنه، ولو لم يمكن لفقده لم يختص (5)،
78

وحيث يجوز ذلك (1) يجب، لأنه من فروض الكفاية.
وربما منع ذلك كله بعض الأصحاب، لعدم النص. وما ذكر
من العمومات (2) كاف في ذلك. وفي بعض الأخبار (3) ما يرشد إليه.
(والصفات المعتبرة في الوصي) من البلوغ والعقل والإسلام على وجه
والحرية، والعدالة (يشترط حصولها حال الإيصاء)، لأنه وقت إنشاء
العقد، فإذا لم تكن مجتمعة لم يقع صحيحا كغيره من العقود، ولأنه (4)
وقت الوصية ممنوع من التفويض إلى من ليس بالصفات (5).
وقيل: يكفي حصولها (حال الوفاة) حتى لو أوصى إلى من ليس
بأهل فاتفق حصول صفات الأهلية له قبل الموت صح، لأن المقصود
بالتصرف هو ما بعد الموت وهو محل الولاية ولا حاجة إليها (6) قبله.
ويضعف بما مر (7) (وقيل:) يعتبر (8) (من حين الإيصاء
إلى حين الوفاة) جمعا بين الدليلين.
79

والأقوى اعتبارها (1) من حين الإيصاء واستمراره (2) ما دام وصيا
(وللوصي أجرة المثل عن نظره في مال الموصى عليهم مع الحاجة)
وهي الفقر كما نبه عليه تعالى بقوله: " ومن كان فقيرا فليأكل
بالمعروف " ولا يجوز مع الغناء لقوله تعالى: " ومن كان غنيا
فليستعفف (3) ".
وقيل: يجوز أخذ الأجرة مطلقا (4)، لأنها عوض عمل محترم.
وقيل: يأخذ قدر الكفاية لظاهر قوله تعالى: " فليأكل بالمعروف "
فإن المعروف ما لا إسراف فيه، ولا تقتير من القوت.
وقيل: أقل الأمرين، لأن الأقل إن كان أجرة المثل فلا عوض
لعمله شرعا سواها، وإن كان الأقل الكفاية فلأنها هي القدر المأذون
فيه بظاهر الآية.
والأقوى جواز أخذ أقلهما مع فقره خاصة، لما ذكر (5)، ولأن
حصول قدر الكفاية يوجب الغنى فيجب الاستعفاف عن الزائد وإن كان (6)
من جملة أجرة المثل.
80

(ويصح) للوصي (الرد) للوصية (ما دام) الموصي (حيا)
مع بلوغه الرد (فلو رد ولما يبلغ) الموصي (الرد بطل الرد، ولو لم يعلم
بالوصية إلا بعد وفاة الموصي لزمه القيام بها) وإن لم يكن قد سبق قبول
(إلا مع العجز) عن القيام بها فيسقط وجوب القيام عن المعجوز عنه
قطعا، للحرج.
وظاهر العبارة أنه يسقط غيره أيضا، وليس بجيد. بل يجب القيام
بما أمكن منها، لعموم الأدلة (1)، ومستند هذا الحكم المخالف للأصل
من إثبات حق على الموصى إليه على وجه قهري، وتسليط الموصي على إثبات
وصيته على من شاء: أخبار (2) كثيرة تدل بظاهرها عليه.
وذهب جماعة منهم العلامة في المختلف والتحرير إلى أن له الرد ما لم يقبل،
لما ذكر (3)، ولاستلزامه الحرج العظيم، والضرر في أكثر مواردها،
وهما منفيان بالآية (4) والخبر (5)، والأخبار (6) ليست صريحة الدلالة
على المطلوب. ويمكن حملها على شدة الاستحباب، وأما حملها على سبق
قبول الوصية فهو مناف لظاهرها.
81

والمشهور بين الأصحاب هو الوجوب مطلقا (1).
وينبغي أن يستثنى من ذلك (2) ما يستلزم الضرر والحرج، دون
غيره، وأما استثناء المعجوز عنه فواضح.
82

كتاب النكاح
83

كتاب النكاح (1)
(وفيه فصول - الفصل الأول)
(في المقدمات: النكاح مستحب مؤكد) لمن يمكنه فعله، ولا يخاف
بتركه الوقوع في محرم، وإلا وجب. قال الله تعالى: (فانكحوا
ما طاب لكم من النساء (2). وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين
من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من
فضله والله واسع عليم (3) ". وأقل مراتب الأمر الاستحباب، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: " من رغب (4) عن سنتي فليس مني،
وإن من سنتي النكاح " (5).
(وفضله مشهور) بين المسلمين (محقق) في شرعهم (حتى
أن المتزوج يحرز نصف دينه) رواه في الكافي بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال: " من تزوج أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف
85

الآخر "، أو " الباقي " (1)، (وروي (2) ثلثا دينه، وهو من أعظم
الفوائد بعد الإسلام) فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله بطريق
أهل البيت عليهم السلام أنه قال: " ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام
أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه
إذا غاب عنها في نفسها وماله (3) "، وقال صلى الله عليه وآله: " قال
الله عز وجل: إذا أردت أن أجمع للمسلم خير الدنيا، وخير الآخرة
جعلت له قلبا خاشعا، ولسانا ذاكرا، وجسدا على البلاء صابرا، وزوجة
مؤمنة تسره إذا نظر إليها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله (4) "
(وليتخير البكر) قال (5) النبي صلى الله عليه وآله: تزوجوا
الأبكار فإنهن أطيب شئ أفواها، وأنشفه (6) أرحاما، وأدر شئ
أخلافا (7)، وأفتح شئ أرحاما (8) (العفيفة) عن الزنا (الولود)
86

أي ما من شأنها ذلك، بأن لا تكون يائسة، ولا صغيرة، ولا عقيما،
قال صلى الله عليه وآله وسلم: " تزوجوا بكرا ولودا، ولا تزوجوا
حسناء جميلة عاقرا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط،
يظل محبنطئا (1) على باب الجنة فيقول الله عز وجل: أدخل الجنة. فيقول: لا حتى يدخل أبواي قبلي: فيقول الله تبارك وتعالى لملك
من الملائكة: ائتني بأبويه فيأمر بهما إلى الجنة. فيقول: هذا بفضل رحمتي
لك (2) (الكريمة الأصل) بأن يكون أبواها صالحين مؤمنين. قال
صلى الله عليه وآله: انكحوا الأكفاء وأنكحوا فيهم واختاروا لنطفكم (3)
(ولا يقتصر على الجمال والثروة) من دون مراعاة الأصل،
والعفة. قال صلى الله عليه وآله وسلم (4): " إياكم وخضراء الدمن (5) "
87

قيل: يا رسول الله: وما خضراء الدمن؟ قال: " المرأة الحسناء في منبت
السوء " وعن أبي عبد الله عليه السلام " إذا تزوج الرجل المرأة لجمالها،
أو لمالها وكل (1) إلى ذلك، وإذا تزوجها لدينها رزقه الله المال
والجمال (2) ".
(ويستحب) لمن أراد التزويج قبل تعيين المرأة (صلاة - ركعتين
والاستخارة) وهو أن يطلب من الله تعالى الخيرة له في ذلك، (والدعاء
بعدهما بالخيرة) بقوله: " اللهم إني أريد أن أتزوج فقدر لي
من النساء أعفهن فرجا، وأحفظهن لي في نفسها ومالي،
وأوسعهن رزقا، وأعظمهن بركة، وقدر لي ولدا طيبا
تجعله خلفا صالحا في حياتي، وبعد موتي " (3)، أو غيره
من الدعاء، (وركعتي الحاجة) لأنها من مهام الحوائج، (والدعاء)
بعدهما بالمأثور، أو بما سنح، (والإشهاد) على العقد، (والإعلان)
إذا كان دائما، (والخطبة) بضم الخاء (أمام العقد) للتأسي، وأقلها
88

الحمد لله، (وإيقاعه ليلا) قال الرضا عليه السلام (1): " من السنة
التزويج بالليل، لأن الله جعل الليل سكنا، والنساء إنما هن سكن " (2).
(وليجتنب إيقاعه والقمر في) برج (العقرب (3)) لقول الصادق
89

.............
90

عليه السلام: " من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى (1) "، والتزويج
حقيقة في العقد، (فإذا أراد الدخول) بالزوجة (صلى ركعتين) قبله
(ودعا) بعدهما بعد أن يمجد الله سبحانه، ويصلي على النبي صلى الله
عليه وآله بقوله: " اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاها، وأرضني
بها، واجمع بيننا بأحسن اجتماع، وأنس وائتلاف، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام " أو غيره من الدعاء (وتفعل
المرأة كذلك) فتصلي ركعتين بعد الطهارة وتدعو الله تعالى بمعنى ما دعا
(وليكن) الدخول (ليلا) كالعقد، قال الصادق عليه السلام:
زفوا نساءكم ليلا، وأطعموا ضحى (2) (ويضع يده على ناصيتها) وهي
ما بين نزعتيها من مقدم رأسها عند دخولها عليه، وليقل: " اللهم
على كتابك تزوجتها، وفي أمانتك أخذتها، وبكلماتك
استحللت فرجها، فإن قضيت في رحمها شيئا فاجعله
مسلما سويا، ولا تجعله شرك شيطان " (3) (ويسمي) الله تعالى
(عند الجماع دائما) عند الدخول بها، وبعده، ليتباعد عنه الشيطان
ويسلم من شركه.
(ويسأل الله الولد الذكر السوي الصالح) قال عبد الرحمان بن كثير:
" كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فذكر شرك الشيطان فعظمه حتى
أفزعني، فقلت جعلت فداك فما المخرج من ذلك؟ فقال: إذا أردت
الجماع فقل. بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو بديع
92

السماوات والأرض، اللهم إن قضيت مني في هذه الليلة
خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ولا حظا،
واجعله مؤمنا مخلصا صفيا من الشيطان ورجزه جل ثناؤك " (1)
(وليولم) عند الزفاف (يوما، أو يومين) تأسيا بالنبي صلى الله عليه
وآله فقد أولم على جملة من نسائه، وقال صلى الله عليه وآله:
" إن من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج (2) " وقال صلى الله عليه وآله:
" الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف، وما زاد رياء وسمعة (3) ".
(ويدعو المؤمنين) إليها، وأفضلهم الفقراء، ويكره أن يكونوا
كلهم أغنياء ولا بأس بالشركة، (ويستحب) لهم (الإجابة) استحبابا
مؤكدا، ومن كان صائما ندبا فالأفضل له الإفطار، خصوصا إذا شق
بصاحب الدعوة صيامه.
(ويجوز أكل نثار العرس وأخذه بشاهد الحال) أي مع شهادة
الحال بالأذن في أخذه، لأن الحال يشهد بأخذه دائما.
وعلى تقدير أخذه به فهل يملك بالأخذ، أو هو مجرد إباحة، قولان
أجودهما الثاني.
وتظهر الفائدة في جواز الرجوع فيه ما دامت عينه باقية.
(ويكره الجماع) مطلقا (4) (عند الزوال) إلا يوم الخميس،
فقد روي (5) أن الشيطان لا يقرب الولد الذي يتولد حينئذ حتى يشيب
93

(وبعد الغروب حتى يذهب الشفق) الأحمر ومثله (1) ما بين طلوع الفجر
إلى طلوع الشمس، لوروده معه في الخبر (2)، (وعاريا) للنهي (3)
عنه، رواه الصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام، (وعقيب الاحتلام
قبل الغسل، أو الوضوء) قال صلى الله عليه وآله وسلم: " يكره
أن يغشي الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى،
فإن فعل ذلك وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه (4) "، ولا تكره
معاودة الجماع بغير غسل للأصل.
(والجماع عند ناظر إليه) بحيث لا يرى العورة، قال النبي صلى الله عليه وآله: " والذي نفسي بيده لو أن رجلا غشى امرأته وفي البيت
مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبدا، إن كان غلاما
كان زانيا، وإن كانت جارية كانت زانية (5) "، وعن الصادق عليه السلام
94

قال: لا يجامع الرجل امرأته، ولا جاريته وفي البيت صبي، فإن ذلك
مما يورث الزنا (1) ".
وهل يعتبر كونه مميزا وجه، يشعر به الخبر الأول (2)، وأما الثاني (3)
فمطلق.
(والنظر إلى الفرج حال الجماع) وغيره، وحال الجماع أشد كراهة، وإلى باطن الفرج أقوى شدة، وحرمه بعض الأصحاب، وقد روي (4)
أنه يورث العمى في الولد.
(والجماع مستقبل القبلة ومستدبرها) للنهي (5) عنه (والكلام)
95

من كل منهما (عند التقاء الختانين إلا بذكر الله تعالى) قال الصادق
عليه السلام: " اتقوا الكلام عند ملتقى الختانين فإنه يورث الخرس (1) "
ومن الرجل آكد " ففي وصية النبي صلى الله عليه وآله يا علي لا تتكلم
عند الجماع كثيرا، فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس (2)
(وليلة الخسوف، ويوم الكسوف (3)، وعند هبوب الريح الصفراء،
أو السوداء، أو الزلزلة) فعن الباقر عليه السلام أنه قال: " والذي
بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة، واختصه بالرسالة، واصطفاه
بالكرامة، لا يجامع أحد منكم في وقت من هذه الأوقات فيرزق ذرية
فيرى فيها قرة عين " (4) (وأول ليلة من كل شهر إلا شهر رمضان، ونصفه)
عطف على أول (5)، لا على المستثنى (6)، ففي الوصية " يا علي لا تجامع
امرأتك في أول الشهر، ووسطه، وآخره، فإن الجنون والجذام والخبل
يسرع إليها، وإلى ولدها " (7). وعن الصادق عليه السلام " يكره للرجل
أن يجامع في أول ليلة من الشهر وفي وسطه وفي آخره، فإنه من فعل
ذلك خرج الولد مجنونا، ألا ترى، أن المجنون أكثر ما يصرع في أول
96

الشهر، ووسطه، وآخره (1)، وروى الصدوق عن علي عليه السلام
أنه قال: يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقوله
عز وجل: " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (2) "
(وفي السفر مع عدم الماء) للنهي (3) عنه عن الكاظم عليه السلام
مستثنيا منه خوفه على نفسه.
(ويجوز النظر إلى وجه المرأة يريد نكاحها) وإن لم يستأذنها،
بل يستحب له النظر ليرتفع عنه الغرر، فإنه مستام (4) يأخذ بأغلى ثمن
كما ورد في الخبر (5) (ويختص الجواز بالوجه والكفين): ظاهرهما
وباطنهما إلى الزندين، (وينظرها قائمة وماشية)، وكذا يجوز للمرأة
نظره كذلك (6) (وروي (7) عبد الله بن الفضل مرسلا عن الصادق
عليه السلام: (جواز النظر إلى شعرها، ومحاسنها) وهي مواضع الزينة
97

إذا لم يكن متلذذا، وهي مردودة بالإرسال، وغيره (1).
ويشترط العلم بصلاحيتها للتزويج بخلوها من البعل، والعدة، والتحريم
وتجويز إجابتها، ومباشرة المريد بنفسه فلا يجوز الاستنابة فيه وإن كان
أعمى، وأن لا يكون (2) بريبة، ولا تلذذ، وشرط بعضهم أن يستفيد
بالنظر فائدة، فلو كان عالما بحالها قبله لم يصح (3). وهو حسن،
لكن النص (4) مطلق، وأن يكون الباعث على النظر إرادة التزويج،
دون العكس (5). وليس بجيد، لأن المعتبر قصد التزويج قبل النظر كيف
كان الباعث.
(ويجوز النظر إلى وجه الأمة) أي أمة الغير، (ويديها)، وكذا
(الذمية)، وغيرها من الكفار بطريق أولى، (لا لشهوة) قيد فيهما (6)
(و) يجوز (أن ينظر الرجل إلى مثله) ما عدا العورتين (وإن كان)
المنظور (شابا حسن الصورة، لا لريبة) وهو خوف الفتنة، (ولا تلذذ).
وكذا تنظر المرأة إلى مثلها كذلك (7)، (والنظر إلى جسد الزوجة
باطنا وظاهرا)، وكذا أمته غير المزوجة والمعتدة، وبالعكس (8)،
98

ويكره إلى العورة فيهما (1)، (وإلى المحارم (2)) وهو من يحرم نكاحهن
مؤبدا بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة (خلا العورة) وهي هنا
القبل والدبر.
وقيل: تختص الإباحة بالمحاسن جميعا بين قوله تعالى: " قل
للمؤمنين يغضوا من أبصارهم (3) "، وقوله تعالى: " ولا يبدين
زينتهن إلا لبعولتهن (4) " إلى آخره.
(ولا ينظر الرجل إلى) المرأة (الأجنبية) وهي غير المحرم،
والزوجة، والأمة (إلا مرة) واحدة (من غير معاودة) في الوقت
الواحد عرفا، (إلا لضرورة كالمعاملة، والشهادة) عليها إذا دعي إليها
أو لتحقيق الوطء في الزنا وإن لم يدع، (والعلاج) من الطبيب،
وشبهه، (وكذا يحرم على المرأة أن تنظر إلى الأجنبي، أو تسمع صوته
إلا لضرورة) كالمعاملة، والطب (وإن كان) الرجل (أعمى)، لتناول
النهي (5) له، ولقول النبي صلى الله عليه وآله لأم سلمة وميمونة
لما أمرهما بالاحتجاب من ابن أم مكتوم، وقولهما إنه أعمى: " أعمياوان
أنتما ألستما تبصرانه (6) ".
(وفي جواز نظر المرأة إلى الخصي المملوك لها، أو بالعكس (7)
99

خلاف) منشأه ظاهر (1) قوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانهن (2) "
المتناول بعمومه لموضع النزاع (3).
وما قيل (4) من اختصاصه (5) بالإماء جمعا بينه (6)، وبين
الأمر (7) بغض البصر، وحفظ الفرج مطلقا (8)، ولا يرد دخولهن (9)
في نسائهن، لاختصاصهن بالمسلمات، وعموم (10) ملك اليمين للكافرات.
100

ولا يخفى أن هذا (1) كله خلاف ظاهر الآية (2) من غير وجه
للتخصيص ظاهرا، (ويجوز استمتاع الزوج بما شاء من الزوجة، إلا القبل
في الحيض، والنفاس) وهو موضع وفاق إلا من شاذ من الأصحاب
حيث حرم النظر إلى الفرج والأخبار (3) ناطقة بالجواز، وكذا القول
في الأمة.
(والوطء في دبرها مكروه كراهة مغلظة) من غير تحريم على أشهر
القولين والروايتين (4)، وظاهر آية الحرث (5) (وفي رواية (6))
سدير عن الصادق عليه السلام (يحرم)، لأنه (7) روى عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: " محاش النساء على أمتي حرام (8) " وهو مع سلامة
سنده محمول على شدة الكراهة، جمعا بينه، وبين صحيحة (9) ابن أبي يعفور
الدالة على الجواز صريحا.
والمحاش جمع محشة وهو الدبر ويقال أيضا بالسين المهملة كنى بالمحاش
101

عن الأدبار، كما كني بالحشوش (1) عن مواضع الغائط، فإن أصلها
الحش بفتح الحاء المهملة وهو الكنيف وأصله (2) البستان، لأنهم كانوا
كثيرا ما يتغوطون في البساتين، كذا في نهاية ابن الأثير.
(ولا يجوز العزل عن الحرة بغير شرط) ذلك (3) حال العقد،
لمنافاته لحكمة النكاح وهي الاستيلاد فيكون منافيا لغرض الشارع.
والأشهر الكراهة، لصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام
أنه سأله عن العزل فقال: " أما الأمة فلا بأس، وأما الحرة فإني أكره
ذلك، إلا أن يشترط عليها حين يتزوجها (4) ". والكراهة ظاهرة
في المرجوح الذي لا يمنع من النقيض، بل حقيقة فيه (5) فلا تصلح (6)
حجة للمنع من حيث إطلاقها (7) على التحريم في بعض مواردها،
فإن ذلك (8) على وجه المجاز، وعلى تقدير الحقيقة فاشتراكها (9) يمنع
من دلالة التحريم فيرجع إلى أصل الإباحة.
102

وحيث يحكم بالتحريم (فيجب دية النطفة لها) أي للمرأة خاصة (1)
(عشرة دنانير)، ولو كرهناه فهي (2) على الاستحباب، واحترز
بالحرة عن الأمة فلا يحرم العزل عنها إجماعا وإن كانت زوجة.
ويشترط في الحرة الدوام فلا تحريم (3) في المتعة، وعدم الإذن (4)
فلو أذنت انتفى أيضا، وكذا يكره لها العزل بدون إذنه، وهل يحرم (5)
لو قلنا به فيه (6) مقتضى الدليل الأول (7) ذلك (8)، والأخبار (9)
خالية عنه.
103

ومثله (1) القول في دية النطفة له.
(ولا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر)، والمعتبر
في الوجوب مسماه، وهو الموجب للغسل، ولا يشترط الإنزال، ولا يكفي
الدبر، (و) كذا (لا يجوز) الدخول (قبل) إكمالها (2) (تسع)
سنين هلالية (فتحرم عليه مؤبدا لو أفضاها) بالوطء بأن صير مسلك
البول والحيض واحدا، أو مسلك الحيض والغائط. وهل تخرج بذلك
من حبالته؟ قولان أظهرهما العدم. وعلى القولين يجب الإنفاق عليها حتى
يموت أحدهما، وعلى ما اخترناه (3) يحرم عليه أختها والخامسة (4)،
وهل يحرم عليه وطؤها (5) في الدبر والاستمتاع بغير الوطء وجهان أجودهما
104

ذلك (1) ويجوز له طلاقها، ولا تسقط به (2) النفقة وإن كان بائنا.
ولو تزوجت بغيره (3) ففي سقوطها (4) وجهان، فإن طلقها الثاني (5)
بائنا عادت (6)، وكذا لو تعذر إنفاقه (7) عليها لغيبة، أو فقر
مع احتمال وجوبها على المفضي مطلقا (8) لإطلاق النص (9)، ولا فرق
في الحكم بين الدائم والمتمتع بها.
وهل يثبت الحكم (10) في الأجنبية قولان أقربهما ذلك (11) في التحريم
المؤبد دون النفقة.
وفي الأمة الوجهان (12)،
105

وأولى (1) بالتحريم، ويقوى الإشكال في الإنفاق لو أعتقها (2).
ولو أفضى الزوجة بعد التسع ففي تحريمها وجهان أجودهما العدم،
وأولى بالعدم إفضاء الأجنبي كذلك (3).
وفي تعدي الحكم إلى الإفضاء بغير الوطء (4) وجهان أجودهما العدم
وقوفا فيما خالف الأصل (5) على مورد النص، وإن وجبت الدية
في الجميع (6).
(ويكره للمسافر أن يطرق أهله) أي يدخل إليهم من سفره (ليلا)
وقيده بعضهم بعدم إعلامهم بالحال، وإلا لم يكره، والنص مطلق:
روى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام أنه قال: " يكره للرجل
إذا قدم من سفره أن يطرق أهله ليلا حتى يصبح " (7).
وفي تعلق الحكم بمجموع الليل، أو اختصاصه بما بعد المبيت وغلق
الأبواب نظر، منشأه (8)،
106

دلالة كلام أهل اللغة على الأمرين (1). ففي " الصحاح ": أتانا فلان
طروقا إذا جاء بليل. وهو شامل لجميعه. وفي نهاية ابن الأثير (2)
" قيل: أصل الطروق من الطرق وهو الدق وسمي الآتي بالليل طارقا
لاحتياجه إلى دق الباب " وهو مشعر بالثاني (3) ولعله أجود.
والظاهر عدم الفرق بين كون الأهل زوجة، وغيرها عملا بإطلاق
اللفظ (4)، وإن كان الحكم فيها (5) آكد، وهو (6) بباب النكاح
أنسب.
107

(الفصل الثاني - في العقد)
ويعتبر اشتماله على الإيجاب والقبول اللفظيين كغيره من العقود اللازمة
(فالإيجاب زوجتك وأنكحتك ومتعتك لا غير) أما الأولان فموضع وفاق
وقد ورد بهما القرآن في قوله تعالى: " زوجناكها " (1). " ولا تنكحوا
ما نكح آباؤكم من النساء (2) ".
وأما الأخير فاكتفى به المصنف وجماعة لأنه من ألفاظ النكاح، لكونه
حقيقة في المنقطع وإن توقف معه (3) على الأجل، كما لو عبر بأحدهما (4)
فيه وميزه به (5)، فأصل اللفظ صالح للنوعين (6)، فيكون حقيقة
في القدر المشترك (7) بينهما، ويتميزان (8) بذكر الأجل، وعدمه، ولحكم
108

الأصحاب تبعا للرواية (1) بأنه لو تزوج متعة ونسي ذكر الأجل انقلب
دائما، وذلك (2) فرع صلاحية الصيغة له (3)، وذهب الأكثر إلى المنع
منه (4)، لأنه حقيقة في المنقطع شرعا فيكون مجازا في الدائم، حذرا
من الاشتراك (5)، ولا يكفي ما يدل بالمجاز (6) حذرا من عدم الانحصار
والقول المحكي (7) ممنوع، والرواية (8) مردودة بما سيأتي وهذا (9) أولى.
(والقبول. قبلت التزويج والنكاح، أو تزوجت، أو قبلت، مقتصرا
عليه) من غير أن يذكر المفعول (كلاهما) أي الإيجاب والقبول (بلفظ
المضي) فلا يكفي قوله: أتزوجك بلفظ المستقبل منشئا على الأقوى،
109

وقوفا على موضع اليقين. وما روي (1) من جواز مثله (2) في المتعة
ليس صريحا فيه، مع مخالفته (3) للقواعد.
(ولا يشترط تقديم الإيجاب) على القبول، لأن العقد هو الإيجاب
والقبول. والترتيب (4) كيف اتفق غير مخل بالمقصود.
ويزيد النكاح على غيره من العقود. أن الإيجاب من المرأة وهي
تستحي غالبا من الابتداء به فاغتفر هنا (5)، وإن خولف في غيره،
ومن (6) ثم ادعى بعضهم الإجماع على جواز تقديم القبول هنا، مع احتمال،
عدم الصحة كغيره، لأن القبول إنما يكون للإيجاب فمتى وجد قبله لم يكن
قبولا. وحيث يتقدم (7) يعتبر كونه بغير لفظ قبلت، كتزوجت ونكحت
وهو حينئذ في معنى الإيجاب.
(و) كذا (لا) يشترط (القبول بلفظه) أي بلفظ الإيجاب،
بأن يقول: زوجتك. فيقول: قبلت التزويج، أو أنكحتك. فيقول:
قبلت النكاح، (فلو قال: زوجتك فقال: قبلت النكاح صح)،
110

لصراحة اللفظ، واشتراك الجميع في الدلالة على المعنى.
(ولا يجوز) العقد إيجابا وقبولا (بغير العربية مع القدرة) عليها،
لأن ذلك (1) هو المعهود من صاحب الشرع كغيره من العقود اللازمة،
بل أولى (2).
وقيل: إن ذلك مستحب لا واجب، لأن غير العربية من اللغات
من قبيل المترادف يصح أن يقوم مقامه، ولأن الغرض إيصال المعاني
المقصودة إلى فهم المتعاقدين فيتأدى بأي لفظ اتفق، وهما (3) ممنوعان.
واعتبر ثالث كونه بالعربية الصحيحة فلا ينعقد بالملحون، والمحرف
مع القدرة على الصحيح، نظرا إلى الواقع من صاحب الشرع ولا ريب
أنه أولى، ويسقط مع العجز عنه.
والمراد به (4) ما يشمل المشقة الكثيرة في التعلم، أو فوات بعض
الأغراض المقصودة، ولو عجز أحدهما (5) أختص بالرخصة، ونطق
القادر بالعربية بشرط أن يفهم كل منهما كلام الآخر ولو بمترجمين عدلين.
وفي الاكتفاء بالواحد (6) وجه، ولا يجب على العاجز التوكيل
111

وإن قدر عليه، للأصل.
(والأخرس) يعقد إيجابا وقبولا (بالإشارة) المفهمة للمراد،
(ويعتبر في العاقد الكمال، فالسكران باطل عقده ولو أجاز بعده)
واختصه بالذكر تنبيها على رد ما روي (1) من " أن السكري لو زوجت
نفسها ثم أفاقت فرضيت، أو دخل بها فأفاقت وأقرته كان ماضيا "
والرواية (2) صحيحة، إلا أنها مخالفة للأصول الشرعية (3) فأطرحها
الأصحاب، إلا الشيخ في النهاية (ويجوز تولي المرأة العقد عنها، وعن غيرها
إيجابا وقبولا) بغير خلاف عندنا، وإنما نبه على خلاف بعض (4)
العامة المانع منه.
(ولا يشترط الشاهدان) في النكاح الدائم مطلقا (5) (ولا الولي
في نكاح الرشيدة وإن كان أفضل) على الأشهر، خلافا لابن أبي عقيل
حيث اشترطهما (6) فيه استنادا إلى رواية (7) ضعيفة تصلح سندا
112

للاستحباب، لا للشرطية (1).
(ويشترط تعيين الزوجة والزوج) بالإشارة، أو بالاسم، أو الوصف
الرافعين للاشتراك، (فلو كان له بنات وزوجة واحدة ولم يسمها
فإن أبهم ولم يعين شيئا في نفسه بطل) العقد، لامتناع استحقاق الاستمتاع
بغير معين، (وإن عين) في نفسه من غير أن يسميها لفظا (فاختلفا
في المعقود عليها حلف الأب إذا كان الزوج رآهن، وإلا بطل العقد)
ومستند الحكم (2) رواية (3) أبي عبيدة الحذاء عن الباقر عليه السلام
وفيها (4) على تقدير قبول قول الأب أن عليه فيما بينه وبين الله تعالى
أن يدفع إلى الزوج الجارية التي نوى أن يزوجها إياه عند عقد النكاح.
ويشكل (5) بأنه إذا لم يسم للزوج واحدة منهن بالعقد باطل (6)
سواء رآهن أم لا، لما تقدم (7)، وأن رؤية الزوجة غير شرط في صحة
النكاح، فلا مدخل لها (8) في الصحة والبطلان. ونزلها (9) الفاضلان
113

على أن الزوج إذا كان قد رآهن فقد رضي بما يعقد على الأب منهن،
ووكل الأمر إليه (1) فكان كوكيله (2) وقد نوى الأب واحدة معينة
فصرف العقد إليها، وإن لم يكن رآهن بطل، لعدم رضاء الزوج
بما يسميه الأب.
ويشكل بأن رؤيته لهن أعم من تفويض التعيين إلى الأب، وعدمها
أعم من عدمه (3)، والرواية (4) مطلقة، والرؤية غير شرط في الصحة
فتخصيصها (5) بما ذكر (6) والحكم به (7) لا دليل عليه، فالعمل
114

بإطلاق الرواية كما صنع جماعة، أو ردها مطلقا (1)، نظرا إلى مخالفتها (2)
لأصول المذهب كما صنع ابن إدريس وهو (3) الأولى، أولى (4).
ولو فرض تفويضه إليه (5) التعيين ينبغي الحكم بالصحة، وقبول
قول الأب مطلقا (6)، نظرا إلى أن الاختلاف في فعله (7)، وأن نظر الزوجة ليس بشرط في صحة النكاح، وإن لم يفوض إليه التعيين بطل مطلقا (8).
115

(ولا ولاية في النكاح لغير الأب والجد له) وإن علا، (والمولى
والحاكم والوصي) لأحد الأولين (1) (فولاية القرابة) للأولين ثابتة
(على الصغيرة، والمجنونة، والبالغة سفيهة، وكذا الذكر) المتصف
بأحد الأوصاف الثلاثة (2) (لا على) البكر البالغة (الرشيدة في الأصح)
للآية (3) والأخبار (4) والأصل (5).
وما ورد من الأخبار (6) الدالة على أنها لا تتزوج إلا بإذن الولي
محمولة على كراهة الاستبداد جمعا (7)، إذ لو عمل بها (8) لزم اطراح
116

ما دل على انتفاء الولاية، ومنهم من جمع بينهما (1) بالتشريك بينهما (2)
في الولاية، ومنهم من جمع بحمل إحديهما (3) على المتعة، والأخرى (4)
على الدوام، وهو (5) تحكم.
(ولو عضلها) الولي، وهو أن لا يزوجها بالكفؤ مع وجوده
ورغبتها (فلا بحث في سقوط ولايته)، وجواز استقلالها به، ولا فرق
حينئذ بين كون النكاح بمهر المثل، وغيره، ولو منع من غير الكفؤ
لم يكن عضلا، (6) (وللمولى تزويج رقيقه ذكرا) كان أم (أنثى)
117

رشيدا كان أم غير رشيد ولا خيار له معه (1)، وله إجباره عليه (2)
مطلقا (3)، ولو تحرر بعضه لم يملك إجباره حينئذ، كما لا يصح نكاحه
إلا بإذنه.
(والحاكم والوصي يزوجان من بلغ فاسد العقل)، أو سفيها
(مع كون النكاح صلاحا له، وخلوه من الأب والجد له)، ولا ولاية
لهما على الصغير مطلقا (4) في المشهور، ولا على من بلغ رشيدا، ويزيد
الحاكم الولاية على من بلغ ورشد ثم تجدد له الجنون.
وفي ثبوت ولاية الوصي على الصغيرين مع المصلحة مطلقا (5)،
أو مع تصريحه له في الوصية بالنكاح أقوال، اختار المصنف هنا انتفاءها (6)
مطلقا، وفي شرح الإرشاد اختار الجواز مع التنصيص، أو مطلقا (7)،
وقبله (8) العلامة في المختلف وهو حسن، لأن تصرفات الوصي منوطة
118

بالغبطة وقد تتحقق (1) في نكاح الصغير، ولعموم فمن بد له (2)
ولرواية (3) أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: " الذي بيده عقدة
النكاح هو الأب، والأخ، والرجل يوصى إليه " وذكر (4) الأخ
غير مناف، لإمكان حمله على كونه وصيا أيضا، ولأن الحاجة قد تدعو
إلى ذلك (5)، لتعذر تحصيل الكفؤ حيث يراد، خصوصا مع التصريح
بالولاية فيه (6).
وهنا مسائل
(الأولى: يصح اشتراط الخيار في الصداق)، لأن ذكره في العقد
غير شرط في صحته، فيجوز إخلاؤه عنه، و اشتراط عدمه، فاشتراط
الخيار فيه غير مناف لمقتضى العقد، فيندرج في عموم " المؤمنون عند
شروطهم "، فإن فسخه ذو الخيار ثبت مهر المثل مع الدخول،
119

ولو اتفقا على غيره (1) قبله (2) صح، (ولا يجوز) اشتراطه (في العقد)
لأنه ملحق بضروب العبادات، لا المعاوضات (فيبطل) العقد باشتراط
الخيار فيه، لأن التراضي إنما وقع بالشرط الفاسد ولم يحصل (3).
وقيل: يبطل الشرط خاصة، لأن الواقع شيئان (4) فإذا بطل
أحدهما بقي الآخر.
ويضعف بأن الواقع شئ واحد وهو العقد على وجه الاشتراط
فلا يتبعض.
ويمكن إرادة القول الثاني (5) من العبارة.
(ويصح توكيل كل من الزوجين في النكاح)، لأنه مما يقبل النيابة
ولا يختص غر ض الشارع بإيقاعه من مباشر معين (فليقل الولي) ولي
المرأة لوكيل الزوج: (زوجت من موكلك فلان، ولا يقل: منك)
بخلاف البيع ونحوه من العقود (6).
والفرق أن الزوجين في النكاح ركنان بمثابة الثمن والمثمن في البيع
120

ولا بد من تسميتها في البيع (1)، فكذا الزوجان في النكاح، ولأن البيع
يرد على المال وهو يقبل النقل من شخص إلى آخر فلا يمتنع أن يخاطب به
الوكيل وإن لم يذكر الموكل، والنكاح يرد على البضع وهو لا يقبل النقل
أصلا، فلا يخاطب به الوكيل، إلا مع ذكر المنقول إليه ابتداء، ومن ثم
لو قبل النكاح وكالة عن غيره فأنكر الموكل الوكالة بطل ولم يقع للوكيل
بخلاف البيع فإنه يقع مع الإنكار للوكيل، ولأن الغرض في الأموال متعلق
بحصول الأعواض المالية ولا نظر غالبا إلى خصوص الأشخاص، بخلاف
النكاح فإنه متعلق بالأشخاص فيعتبر التصريح بالزوج، ولأن البيع يتعلق
بالمخاطب، دون من له العقد، والنكاح بالعكس (2)، ومن ثم لو قال:
زوجتها من زيد فقبل له وكيله صح، ولو حلف أن لا ينكح فقبل له
وكيله حنث، ولو حلف أن لا يشتري فاشترى له وكيله لم يحنث،
وفي بعض (3) هذه الوجوه نظر (4).
(وليقل) الوكيل: (قبلت لفلان) كما ذكر في الإيجاب،
ولو اقتصر على " قبلت " ناويا موكله فالأقوى الصحة، لأن القبول عبارة
عن الرضا بالإيجاب السابق فإذا وقع بعد إيجاب النكاح للموكل صريحا
121

كان القبول الواقع بعده رضا به (1)، فيكون للموكل.
ووجه عدم الاكتفاء به أن النكاح نسبة فلا يتحقق إلا بتخصيصه
بمعين كالإيجاب.
وضعفه يعلم مما سبق فإنه لما كان رضا بالإيجاب السابق اقتضى
التخصيص بمن وقع له، (ولا يزوجها الوكيل من نفسه إلا إذا أذنت
فيه عموما) كزوجني ممن شئت، أو ولو من نفسك، (أو خصوصا)
فيصح حينئذ على الأقوى.
أما الأول (2) فلأن المفهوم من إطلاق الإذن تزويجها من غيره،
لأن المتبادر أن الوكيل غير الزوجين.
وأما الثاني (3) فلأن العام ناص على جزئياته، بخلاف المطلق (4).
وفيه نظر (5).
122

وأما الثالث (1) فلانتفاء المانع مع النص. ومنع بعض الأصحاب
استنادا إلى رواية (2) عمار الدالة على المنع، وأنه يصير موجبا قابلا
مردود (3) بضعف الرواية (4)، وجواز تولي الطرفين اكتفاء بالمغايرة
الاعتبارية، وله تزويجها مع الإطلاق من والده وولده وإن كان مولى
عليه (5).
(الثانية: لو ادعى زوجية امرأة فصدقته حكم بالعقد ظاهرا)
لانحصار الحق فيهما، وعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز (وتوارثا)
بالزوجية، لأن ذلك من لوازم ثبوتها، ولا فرق بين كونهما غريبين،
أو بلديين، (ولو اعترف أحدهما) خاصة (قضي عليه (6)) به دون
صاحبه) سواء حلف المنكر أم لا، فيمنع من التزويج إن كان (7) امرأة
123

ومن أختها وأمها وبنت أخويها بدون إذنها (1)، ويثبت عليه ما أقر به
من المهر، وليس لها مطالبته به (2)، ويجب عليه التوصل إلى تخليص
ذمته إن كان صادقا، ولا نفقة عليه، لعدم التمكين (3)، ولو أقام المدعي
بينة، أو حلف اليمين المردودة مع نكول الآخر تثبت الزوجية ظاهرا
وعليهما فيما بينهما وبين الله تعالى العمل بمقتضى الواقع، ولو انتفت البينة
ثبت على المنكر اليمين.
وهل له (4) التزويج الممتنع (5) على تقدير (6) الاعتراف قبل الحلف
124

نظر: من (1) تعلق حق الزوجية في الجملة. وكون (2) تزويجها (3)
يمنع من نفوذ إقرارها (4) به (5) على تقدير رجوعها، لأنه (6) إقرار
في حق الزوج الثاني. ومن (7) عدم ثبوته.
125

وهو الأقوى. فيتوجه اليمين متى طلبه المدعي، كما يصح تصرف المنكر
في كل ما يدعيه عليه غيره قبل ثبوته (1) استصحابا للحكم السابق المحكوم به
ظاهرا ولاستلزام المنع منه الحرج في بعض الموارد كما إذا غاب المدعي،
أو أخر الإحلاف.
ثم إن استمرت الزوجة على الإنكار فواضح، وإن رجعت إلى الاعتراف
بعد تزويجها بغيره (2) لم يسمع (3) بالنسبة إلى حقوق الزوجية الثابتة
عليها، وفي سماعه بالنسبة إلى حقوقها قوة (4) إذ لا مانع منه (5)،
فيدخل في عموم جواز إقرار العقلاء على أنفسهم، وعلى هذا فإن ادعت
أنها كانت عالمة بالعقد حال دخول الثاني بها فلا مهر لها عليه ظاهرا،
126

لأنها بزعمها بغي (1)، وإن ادعت الذكر بعده (2) فلها مهر المثل
للشبهة (3)، ويرثها الزوج (4)، ولا ترثه هي (5).
وفي إرث الأول (6) مما يبقى من تركتها بعد نصيب الثاني نظر:
من (7) نفوذ الإقرار على نفسها وهو (8) غير مناف. ومن (9) عدم
ثبوتها (10) ظاهرا، مع أنه (11) إقرار في حق الوارث.
(الثالثة) (لو ادعى زوجية امرأة وادعت أختها عليه الزوجية
حلف) على نفي زوجية المدعية، لأنه منكر (12)، ودعواه زوجية الأخت
متعلق بها وهو أمر آخر.
127

ويشكل تقديم قوله مع دخوله بالمدعية، للنص (1) على أن الدخول
بها مرجح لها (2) فيما سيأتي (3).
ويمكن أن يقال هنا: تعارض الأصل (4) والظاهر (5) فيرجح
الأصل (6)، وخلافه (7) خرج بالنص (8). وهو (9) منفي هنا. هذا
128

إذا لم تقم (1) بينة (فإن أقامت بينة فالعقد لها، وإن أقام بينة)
ولم تقم هي (فالعقد) على الأخت (له).
ويشكل أيضا مع معارضة دخوله (2) بالمدعية لما سيأتي من أنه (3)
مرجح على البينة، ومع ذلك (4) فهو مكذب بفعله (5) لبينته،
إلا أن يقال - كما سبق - (6): إن ذلك (7) على خلاف الأصل (8) ويمنع
كونه (9) تكذيبا بل هو (10) أعم منه فيقتصر في ترجيح الظاهر على الأصل
على مورد النص (11)،
129

(فالأقرب توجه اليمين على الآخر (1)) وهو ذو البينة (في الموضعين)
وهما: إقامة البينة (2) فيحلف معها. وأقامتها (3) فتحلف معها.
ولا يخفى منافرة لفظ الآخر لذلك (4).
وفي بعض النسخ " الآخذ " بالذال المعجمة. والمراد به آخذ الحق
المدعي به وهو من حكم له ببينته، وهو قريب من الآخر في الغرابة (5).
وإنما حكم باليمين مع البينة، (لجواز صدق البينة) الشاهدة لها (6)
بالعقد (مع تقدم عقده (7) على من ادعاها) والبينة لم تطلع عليه (8)
130

فلا بد من تحليفها لينتفي الاحتمال، وليس حلفها على إثبات عقدها
تأكيدا (1) للبينة، لأن ذلك (2) لا يدفع الاحتمال، وإنما حلفها
على نفي عقد أختها. وهل تحلف على البت (3)، أو على نفي العلم به؟
مقتضى التعليل (4) الأول (5)، لأنه بدونه لا يزول الاحتمال.
ويشكل (6) بجواز وقوعه (7) مع عدم اطلاعها فلا يمكنها القطع
بعدمه (8)، وبأن (9) اليمين هنا ترجع إلى نفي فعل الغير فيكفي فيه حلفها
على نفي علمها بوقوع عقد أختها سابقا على عقدها، عملا بالقاعدة (10).
(و) وجه حلفه مع بينته على نفي عقده على المدعية: (جواز صدق
131

بينته) بالعقد على الأخت (مع تقدم عقده على من ادعته) والبينة لا تعلم
بالحال فيحلف على نفيه لرفع الاحتمال.
والحلف هنا على القطع، لأنه حلف على نفي فعله، واليمين في هذين
الموضعين (1) لم ينبه عليها أحد من الأصحاب، والنص (2) خال عنها (3)
فيحتمل عدم ثبوتها (4) لذلك (5)، ولئلا يلزم تأخير البيان عن وقت
الخطاب، أو الحاجة (6).
(ولو أقاما بينة) فإما أن تكونا مطلقتين (7)، أو مؤرختين (8)
أو إحديهما (9) مطلقة، والأخرى مؤرخة، وعلى تقدير كونهما مؤرختين
132

إما أن يتفق التاريخان، أو يتقدم تاريخ بينته، أو تاريخ بينتها،
وعلى التقادير الستة إما أن يكون قد دخل بالمدعية، أو لا، فالصور
اثنتا عشرة (1) مضافة إلى ستة سابقة (2)، وفي جميع هذا الصور
133

.............
134

الاثنتي عشرة (1) (فالحكم لبينته (2)، إلا أن يكون معها) أي مع الأخت
المدعية (مرجح) لبينتها (من دخول) بها، (أو تقدم تاريخ بينتها
على تاريخ بينته) حيث تكونان مؤرختين فيقدم قولها في سبع صور
من الاثنتي عشرة وهي الستة المجامعة للدخول (3)،
135

مطلقا (1)، وواحدة من الستة الخالية عنه (2)، وهي ما لو تقدم
تاريخها (3)، وقوله (4) في الخمسة الباقية.
وهل يفتقر من قدمت بينته بغير سبق التاريخ إلى اليمين وجهان:
منشأهما الحكم (5) بتساقط البينتين حيث تكونان متفقتين فيحتاج من قدم
قوله إلى اليمين (6) خصوصا المرأة، لأنها مدعية محضة، وخصوصا إذا
كان المرجح لها (7) الدخول، فإنه بمجرده (8) لا يدل على الزوجية،
136

بل الاحتمال (1) باق معه، ومن (2) إطلاق النص (3) بتقديم بينته
مع عدم الأمرين (4)، فلو توقف (5) على اليمين لزم تأخير البيان
عن وقت الحاجة.
والأقوى الأول (6)، وإطلاق النص (7) غير مناف، لثبوت اليمين
بدليل آخر خصوصا مع جريان الحكم على خلاف الأصل في موضعين.
أحدهما تقديم بينته مع أنه مدع (8)، والثاني ترجيحها (9) بالدخول وهو
غير مرجح، ومورد النص (10) الأختان كما ذكر.
وفي تعديه (11) إلى مثل الأم والبنت وجهان: من (12) عدم النص
137

وكونه (1) خلاف الأصل فيقتصر فيه (2) على مورده. ومن (3) اشتراك
المقتضي.
والأول (4) أقوى، فتقدم بينتها مع انفرادها (5)، أو إطلاقهما، أو سبق تاريخها، ومع عدمها (6) يحلف هو، لأنه منكر.
(الرابعة: لو اشترى العبد زوجته لسيده فالنكاح باق) فإن شراءها لسيده ليس مانعا منه (وإن اشتراها) العبد (لنفسه بإذنه،
أو ملكه إياها) بعد شرائها له (فإن قلنا بعدم ملكه فكالأول (7))،
لبطلان الشراء والتمليك، فبقيت كما كانت أولا على ملك البائع، أو السيد
(وإن حكمنا بملكه بطل العقد (8)) كما لو اشترى الحر زوجته الأمة
138

واستباح بضعها بالملك.
(أما المبعض فإنه) بشرائه لنفسه، أو بتملكه (يبطل العقد قطعا)
لأنه يجزئه الحر قابل للتملك ومتى ملك ولو بعضها بطل العقد.
(الخامسة: لا يزوج الولي، ولا الوكيل بدون مهر المثل،
ولا بالمجنون، ولا بالخصي)، ولا بغيره ممن به أحد العيوب المجوزة
للفسخ، (و) كذا (لا يزوج الولي الطفل بذات العيب فيتخير) كل
منهما (1) (بعد الكمال) لو زوج بمن لا يقتضيه الإذن الشرعي، لكن
في الأول (2) إن وقع العقد بدون المهر المثل على خلاف المصلحة تخيرت
في المهر على أصح القولين، وفي تخيرها في أصل العقد قولان: أحدهما
التخيير، لأن العقد الذي جرى عليه التراضي هو المشتمل على المسمى،
فمتى لم يكن ماضيا كان لها فسخه من أصله.
والثاني عدمه (3)، لعدم مدخلية المهر في صحة العقد وفساده.
وقيل: ليس لها الخيار مطلقا (4) لأن ما دون مهر المثل أولى
من العفو وهو جائز للذي بيده عقدة النكاح. وإذا لم يكن لها خيار
في المهر ففي العقد أولى.
وعلى القول بتخيرها في المهر يثبت لها مهر المثل وفي توقف ثبوته (5)
على الدخول، أم يثبت بمجرد العقد قولان.
139

وفي تخير الزوج لو فسخت المسمى وجهان: من (1) التزامه بحكم
العقد وهذا (2) من جملة أحكامه. ومن (3) دخوله على المهر القليل
فلا يلزم منه الرضا بالزائد جبرا (4).
ولو كان العقد عليها بدون مهر المثل على وجه المصلحة بأن كان
هذا الزوج بهذا القدر أصلح وأكمل من غيره بأضعافه، أو لاضطرارها
إلى الزوج ولم يوجد إلا هذا بهذا القدر، أو غير ذلك ففي تخيرها قولان
والمتجه هنا عدم الخيار، كما أن المتجه هناك (5) ثبوته.
وأما تزويجها بغير الكفؤ، أو المعيب فلا شبهة في ثبوت خيارها
في أصل العقد، وكذا القول في جانب الطفل، ولو اشتمل على الأمرين (6)
ثبت الخيار فيهما. وعبارة الكتاب في إثبات أصل التخيير فيهما (7) مجملة
تجري على جميع الأقوال.
(السادسة: عقد النكاح لو وقع فضولا) من أحد الجانبين،
أو منهما (يقف على الإجازة من المعقود عليه) إن كان كاملا، (أو وليه)
140

الذي له مباشرة العقد إن لم يكن (1)، (ولا يبطل) من أصله
(على الأقرب) لما روي (2) من أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله
عليه وآله فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله
عليه وآله، وروي (3) محمد بن مسلم أنه سأل الباقر عليه السلام عن رجل
زوجته أمه وهو غائب قال: " النكاح جائز، إن شاء الزوج قبل،
وإن شاء ترك ". وحمل القبول على تجديد العقد خلاف الظاهر: وروى (4)
أبو عبيدة الحذاء في الصحيح أنه سأل الباقر عليه السلام عن غلام وجارية
زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين. فقال: " النكاح جائز، وأيهما
أدرك كان له الخيار " وحمل الولي هنا على غير الأب والجد بقرينة
التخيير، وغيرها من الأخبار (5)، وهي دالة على صحة النكاح موقوفا،
وإن لم نقل به (6) في غيره من العقود، ويدل على جواز البيع أيضا
حديث (7) عروة البارقي في شراء الشاة، ولا قائل باختصاص الحكم
بهما (8)، فإذا ثبت فيهما ثبت في سائر العقود.
141

نعم قيل: باختصاصه (1) بالنكاح. وله وجه لو نوقش في حديث
عروة.
وقيل: ببطلان عقد الفضولي مطلقا (2) استنادا إلى أن العقد
سبب (3) للإباحة فلا يصح صدوره من غير معقود عنه، أو وليه، لئلا
يلزم من صحته عدم سببيته بنفسه، وأن رضا المعقود عنه (4)، أو وليه
شرط. والشرط متقدم، وما روي (5) من بطلان النكاح بدون إذن
الولي، وأن (6)،
142

العقود الشرعية تحتاج إلى الأدلة. وهي منفية والأول (1) عين المتنازع
فيه. والثاني (2) ممنوع. والرواية عامية (3). والدليل موجود (4).
(السابعة: لا يجوز نكاح الأمة إلا بإذن مالكها وإن كان) المالك
(امرأة في الدائم والمتعة)، لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه،
ولقوله تعالى: " فانكحوهن بإذن أهلهن " (ورواية (5)
سيف) بن عميرة عن علي بن المغيرة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل يتمتع بأمة المرأة من غير إذنها فقال: لا بأس (منافية للأصل)
143

وهو تحريم التصرف في مال الغير بغير إذنه عقلا وشرعا فلا يعمل بها
وإن كانت صحيحة، فلذلك (1) اطرحها الأصحاب غير الشيخ في النهاية
جريا على قاعدته (2)، وإذا أذن المولى لعبده في التزويج فإن عين له
مهرا تعين وليس له تخطيه، وإن أطلق انصرف إلى مهر المثل.
(ولو زاد العبد المأذون) في المعين في الأول (3)، (وعلى مهر
المثل) في الثاني (4) (صح)، للإذن في أصل النكاح وهو يقتضي
مهر المثل على المولى، أو ما عينه (وكان الزائد في ذمته يتبع به بعد
عتقه، ومهر المثل)، أو المعين (على المولى)، وكذا النفقة، وقيل:
يجب ذلك (5) في كسبه.
والأقوى الأول (6)، لأن الإذن في النكاح يقتضي الإذن في توابعه
والمهر والنفقة من جملتها، والعبد لا يملك شيئا فلا يجب عليه شئ، لامتناع
التكليف بما لا يطاق فيكون على المولى كسائر ديونه.
وأما الزوجة فإن أطلقها تخير ما يليق به، وإن عين تعينت،
فلو تخطاها كان فضوليا يقف على إجازة المولى، (ومن تحرر بعضه ليس
للمولى إجباره على النكاح) مراعاة لجانب الحرية، (ولا للمبعض
144

الاستقلال) مراعاة لجانب الرقية، بل يتوقف نكاحه على رضاه، وإذن
المولى جمعا بين الحقين (1).
(الثامنة: لو زوج الفضولي الصغيرين فبلغ أحدهما وأجاز العقد
لزم) من جهته، وبقي لزومه من جهة الآخر موقوفا على بلوغه وإجازته
(فلو أجاز) الأول (ثم مات) قبل بلوغ الآخر (عزل للصغير قسطه
من ميراثه) على تقدير إجازته، (وإذا بلغ الآخر) بعد ذلك وفسخ
فلا مهر ولا ميراث، لبطلان العقد بالرد، (و) إن (أجاز حلف
على عدم سببية الإرث في الإجازة) بمعنى أن الباعث على الإجازة ليس
هو الإرث، بل لو كان حيا لرضي بتزويجه، (وورث) حين يحلف
كذلك.
ومستند هذا التفصيل صحيحة (2) أبي عبيدة الحذاء عن الباقر
عليه السلام وموردها الصغيران كما ذكر (3).
ولو زوج أحد الصغيرين الولي، أو كان أحدهما بالغا رشيدا وزوج
الآخر الفضولي فمات الأول (4) عزل للثاني نصيبه، وأحلف بعد بلوغه
كذلك (5)، وإن مات (6) قبل ذلك بطل العقد. وهذا الحكم (7)
145

وإن لم يكن مورد النص، ألا أنه ثابت فيه بطريق أولى، للزوم العقد
هنا من الطرف الآخر، فهو أقرب إلى الثبوت مما هو جائز من الطرفين.
نعم لو كانا كبيرين وزوجهما الفضولي ففي تعدي الحكم إليهما نظر:
من (1) مساواته للمنصوص في كونه فضوليا من الجانبين، ولا مدخل
للصغر والكبر في ذلك، ومن (2) ثبوت الحكم في الصغيرين على خلاف
الأصل من حيث توقف الإرث على اليمين، وظهور التهمة في الإجازة
فيحكم فيما خرج عن المنصوص ببطلان العقد متى مات أحد المعقود عليهما
بعد إجازته، وقبل إجازة الآخر.
ويمكن إثبات الأولوية في البالغين بوجه آخر وهو أن عقد الفضولي
متى كان له مجيز في الحال فلا إشكال عند القائل بصحته في صحته (3)،
بخلاف ما إذا لم يكن له مجيز كذلك (4) فإن فيه خلافا عند من يجوز
عقد الفضولي فإذا ثبت الحكم في العقد الضعيف الذي لا مجيز له في الحال
146

وهو عقد الصغيرين فتعديه إلى الأقوى أولى.
ولو عرض للمجيز الثاني مانع عن اليمين كالجنون، والسفر الضروري
عزل نصيبه إلى أن يحلف، ولو نكل عن اليمين فالأقوى أنه لا يرث،
لأن ثبوته بالنص والفتوى موقوف على الإجازة واليمين معا، فينتفي بدون
أحدهما.
وهل يثبت عليه المهر لو كان (1) هو الزوج بمجرد الإجارة
من دون اليمين وجهان: من (2) أنه مترتب على ثبوت النكاح ولم يثبت
بدونهما (3)، ومن (4) أن إجازته كالإقرار في حق نفسه بالنسبة
إلى ما يتعلق به كالمهر، وإنما يتوقف الإرث على اليمين، لقيام التهمة،
وعود النفع إليه محضا فيثبت ما يعود عليه (5)، دون ماله (6)، ولا بعد
في تبعض الحكم (7) وإن تنافى الأصلان (8).
147

وله (1) نظائر كثيرة. وقد تقدم مثله (2) ما لو اختلفا في حصول
النكاح فإن مدعيه يحكم عليه بلوازم الزوجية (3) دون المنكر ولا يثبت
النكاح ظاهرا (4). وإطلاق النص (5) بتوقف الإرث على حلفه لا ينافي
ثبوت المهر عليه بدليل آخر (6) وهذا متجه.
واعلم أن التهمة بطمعه في الميراث لا تأتي في جميع الموارد،
إذ لو كان المتأخر هو الزوج والمهر بقدر الميراث أو أزيد (7) انتفت
التهمة، وينبغي هنا (8) عدم اليمين إن لم يتعلق غرض بإثبات أعيان التركة
بحيث يترجح على ما يثبت عليه من الدين، أو يخاف امتناعه من أدائه،
أو هربه، ونحو ذلك مما يوجب التهمة، ومع ذلك فالموجود في الرواية (9)
148

موت الزوج وإجازة الزوجة وأنها تحلف بالله: ما دعاها إلى أخذ الميراث
إلا الرضا بالتزويج فهي غير منافيه لما ذكرناه (1). ولكن فتوى الأصحاب
مطلقة في إثبات اليمين (2).
(التاسعة: لو زوجها الأبوان). الأب والجد (برجلين واقترنا)
في العقد بأن اتحد زمان القبول (قدم عقد الجد). لا نعلم فيه خلافا،
وتدل عليه من الأخبار رواية (3) عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل، ويريد جدها
أن يزوجها من رجل. فقال: " الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا
إن لم يكن الأب زوجها قبله "، وعلل مع ذلك (4) بأن ولاية الجد
أقوى، لثبوت ولايته على الأب على تقدير نقصه بجنون ونحوه، بخلاف
العكس.
وهذه العلة لو تمت لزم تعدي الحكم إلى غير النكاح ولا يقولون به (5)
والأجود قصره (6) على محل الوفاق، لأنه على خلاف الأصل حيث
149

إنهما مشتركان في الولاية. ومثل هذه القوة (1) لا تصلح مرجحا.
وفي تعدي الحكم إلى الجد مع جد الأب، وهكذا صاعدا وجه.
نظرا إلى العلة (2). والأقوى العدم، لخروجه (3) عن موضع النص،
واستوائهما (4) في إطلاق الجد حقيقة، والأب كذلك (5) أو مجازا،
(وإن سبق عقد أحدهما صح عقده) لما ذكر من الخبر (6) وغيره،
ولأنهما مشتركان في الولاية فإذا سبق أحدهما وقع صحيحا فامتنع الآخر.
150

(ولو زوجها الأخوان برجلين فالعقد للسابق) منهما (إن كانا)
أي الأخوان (وكيلين) لما ذكر في عقد الأبوين (1) (وإلا) يكونا
وكيلين (فلتتخير) المرأة (ما شاءت) منهما، كما لو عقد غيرهما فضولا.
(ويستحب) لها (إجازة عقد) الأخ (الأكبر) مع تساوي
مختارهما في الكمال، أو رجحان مختار الأكبر. ولو انعكس (2) فالأولى
ترجيح الأكمل (فإن اقترنا) في العقد قبولا (بطلا)، لاستحالة الترجيح
والجمع (3) (إن كان كل منهما وكيلا). والقول بتقديم عقد الأكبر
هنا (4) ضعيف، لضعف مستنده (5)، (وإلا) يكونا وكيلين (صح
عقد الوكيل منهما)، لبطلان عقد الفضولي بمعارضة العقد الصحيح،
(ولو كانا فضوليين و) الحال أن عقديهما (اقترنا تخيرت) في إجازة
ما شاءت منهما، وإبطال الآخر، أو إبطالهما.
(العاشرة: لا ولاية للأم) على الولد مطلقا (6) (فلو زوجته،
أو زوجتها اعتبر رضاهما) بعد الكمال كالفضولي (فلو ادعت الوكالة
عن الابن) الكامل (وأنكر بطل) العقد (وغرمت) للزوجة (نصف
151

المهر) لتفويتها عليها البضع، وغرورها (1) بدعوى الوكالة، مع أن الفرقة
قبل الدخول.
وقيل: يلزمها جميع المهر لما ذكر (2)، وإنما ينتصف (3) بالطلاق
ولم يقع، ولرواية (4) محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام.
ويشكل بأن البضع إنما يضمن بالاستيفاء على بعض الوجوه (5)،
لا مطلقا، والعقد لم يثبت فلم يثبت موجبه (6) والأقوى أنه شئ
على الوكيل مطلقا (7)، إلا مع الضمان فيلزمه ما ضمن. ويمكن حمل
الرواية (8) - لو سلم - سندها عليه (9). وعلى هذا (10) يتعدى الحكم
إلى غير الأم، وبالغ القائل بلزوم المهر فحكم به على الأم وإن لم تدع
الوكالة استنادا إلى ظاهر الرواية (11). وهو بعيد، وقريب منه (12) حملها
152

على دعواها الوكالة، فإن مجرد ذلك (1) لا يصلح لثبوت المهر في ذمة
الوكيل.
153

(الفصل الثالث في المحرمات)
بالنسب والرضاع وغيرهما من الأسباب (1) (وتوابعها. يحرم)
على الذكر (بالنسب) تسعة أصناف من الإناث: (الأم وإن علت) وهي
كل امرأة ولدته، أو انتهى نسبه إليها من العلو بالولادة لأب كانت،
أم لأم، (والبنت وبنتها) وإن نزلت (وبنت الابن فنازلا).
وضابطهما (2): من ينتهي إليه نسبه بالتولد ولو بوسائط، (والأخت
وبنتها فنازلا) وهي كل امرأة ولدها أبواه، أو أحدهما، أو انتهى
نسبها إليهما، أو إلى أحدهما بالتولد، (وبنت الأخ) وإن نزلت
(كذلك) لأب كانت أم لأم، أم لهما، (والعمة) وهي كل أنثى
هي أخت ذكر ولده بواسطة، أو غيرها من جهة الأب، أو الأم،
أو منهما، (والخالة فصاعدا) فيهما وهي كل أنثى هي أخت أنثى ولدته
بواسطة، أو بغير واسطة. وقد يكون من جهة الأب كأخت أم الأب.
والمراد بالصاعد فيهما (3): عمة الأب، والأم، وخالتهما، وعمة الجد
والجدة، وخالتهما، وهكذا، لا عمة العمة، وخالة الخالة فإنهما قد لا تكونان
محرمتين (4) ويحرم على المرأة ما يحرم على الرجل بالقياس.
154

وضابط المحرمات الجامع لها (1) أنه يحرم على الإنسان كل قريب
عدا أولاد العمومة، والخؤولة.
(ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب) فأمك من الرضاعة هي كل
امرأة أرضعتك، أو رجع نسب من أرضعتك أو صاحب اللبن إليها،
أو أرضعت من يرجع نسبك إليه من ذكر أو أنثى وإن علا كمرضعة
أحد أبويك، أو أجدادك، أو جداتك، وأختها خالتك من الرضاعة،
وأخوها خالك، وأبوها جدك، كما أن ابن مرضعتك أخ، وبنتها أخت
إلى آخر أحكام النسب.
والبنت من الرضاع: كل أنثى رضعت من لبنك، أو لبن من ولدته
أو أرضعتها امرأة ولدتها، وكذا بناتها من النسب والرضاع، والعمات.
والخالات أخوات الفحل، والمرضعة، وأخوات من ولدهما من النسب
والرضاع، وكذا كل امرأة أرضعتها واحدة من جداتك، أو رضعت
بلبن واحد من أجدادك من النسب والرضاع، وبنات الأخ، وبنات
الأخت، وبنات أولاد المرضعة، والفحل من الرضاع والنسب، وكذا
كل أنثى أرضعتها أختك، وبنت أختك، وبنات كل ذكر أرضعته أمك
أو ارتضع بلبن أبيك.
وإنما يحرم الرضاع (بشرط كونه عن نكاح) دواما ومتعة وملك يمين
وشبهة على أصح القولين مع ثبوتها (2)،
155

من الطرفين، وإلا ثبت الحكم (1) في حق من ثبت له النسب، ولا فرق
في اللبن الخالي عن النكاح بين كونه من صغيرة، وكبيرة، بكر وثيب،
ذات بعل وخلية.
ويعتبر مع صحة النكاح صدور اللبن عن ذات حمل أو ولد، بالنكاح
المذكور فلا عبرة بلبن الخالية منهما (2) وإن كانت منكوحة نكاحا صحيحا
حتى لو طلق الزوج وهي حامل منه أو مرضع، فأرضعت ولدا نشر
الحرمة كما لو كانت في حباله وإن تزوجت بغيره.
والأقوى اعتبار حياة المرضعة فلو ماتت في أثناء الرضاع فأكمل
النصاب ميتة لم ينشر وإن تناوله إطلاق العبارة، وصدق عليه اسم الرضاع
حملا على المعهود المتعارف وهو رضاع الحية، ودلالة الأدلة اللفظية
على الإرضاع بالاختيار كقوله تعالى: " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم (3) "
واستصحابا لبقاء الحل (وأن ينبت اللحم، أو يشتد العظم) والمرجع
فيهما (4) إلى قول أهل الخبرة.
ويشترط العدد والعدالة (5) ليثبت به حكم التحريم، بخلاف خبرهم
في مثل المرض المبيح للفطر، والتيمم، فإن المرجع في ذلك إلى الظن
وهو يحصل بالواحد. والموجود في النصوص والفتاوى اعتبار الوصفين (6)
156

معا، وهنا اكتفى بأحدهما. ولعله للتلازم (1) عادة. والأقوى اعتبار
تحققهما معا.
(أو يتم يوما وليلة) بحيث ترضع كلما تقاضاه، أو احتاج إليه
عادة وإن لم يتم العدد ولم يحصل الوصف السابق (2)، ولا فرق بين
اليوم الطويل وغيره، لانجباره بالليلة أبدا.
وهل يكفي الملفق منهما لو ابتدأ في أثناء أحدهما نظر، من (3) الشك
في صدق الشرط، وتحقق (4) المعنى.
(أو خمس عشرة رضعة) تامة متوالية، لرواية (5) زياد بن سوقة
قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام هل للرضاع حد يؤخذ به؟. فقال:
" لا يحرم الرضاع أقل من يوم وليلة، أو خمس عشرة متواليات من امرأة
واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينهما برضعة امرأة غيرها ".
وفي معناها أخبار (6) أخر.
(والأقرب النشر بالعشر) وعليه المعظم، لعموم قوله تعالى:
" وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) (7) "، ونظائره (8) من العمومات
157

المخصصة بما دون العشر قطعا فيبقى الباقي، ولصحيحة الفضيل بن يسار
عن الباقر عليه السلام قال: " لا يحرم من الرضاع إلا المجبور، قال:
قلت وما المجبور، قال: أم تربي، أو ظئر تستأجر، أو أمة تشترى (1)
158

ثم ترضع عشر رضعات يروى الصبي وينام " ولأن العشر تنبت اللحم
159

لصحيحة (1) عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام إلى أن قال: " قلت
وما الذي ينبت اللحم والدم؟ فقال: كان يقال: عشر رضعات "،
والأخبار (2) المصرحة بالخمس عشرة ضعيفة السند، أو قريبة منه.
وفيه نظر، لمنع صحة الخبر (3) الدال على العشرة فإن في طريقة محمد
ابن سنان وهو ضعيف على أصح القولين وأشهرهما، وأما صحيحة عبيد
فنسب العشر إلى غيره (4) مشعرا بعدم اختياره (5)، وفي آخره (6)
ما يدل على ذلك (7)، فإن السائل لما فهم منه (8) عدم إرادته قال له:
160

فهل تحرم عشر رضعات: فقال: " دع ذا، وقال (1): ما يحرم
من النسب فهو يحرم من الرضاع ". فلو كان حكم العشر حقا لما نسبه
عليه السلام إلى غيره، بل كان يحكم به من غير نسبة، وإعراضه عليه السلام
ثانيا عن الجواب إلى غيره (2) مشعر بالتقية، وعدم التحريم بالعشر فسقط
الاحتجاج من الجانبين (3)، وبقي صحيحة (4) عبد الله بن رئاب عن الصادق
عليه السلام قال: قلت له ما يحرم من الرضاع؟ قال: " ما أنبت اللحم،
وشد العظم " قلت: فتحرم عشر رضعات؟ قال: " لا، لأنها
لا تنبت اللحم، ولا تشد العظم عشر رضعات " فانتفت العشر بهذا الخبر
فلم يبق إلا القول بالخمس عشرة رضعة وإن لم يذكر (5)، إذ لا واسطة
161

بينهما (1) وبهذا (2) يخص عموم (3) الأدلة أيضا.
ويضعف قول ابن الجنيد بالاكتفاء بما وقع عليه اسم الرضعة،
نظرا (4) إلى العموم (5) حيث أطرح الأخبار من الجانبين (6).
وما أوردناه من الخبر الصحيح (7) حجة عليه (8)،
162

وتبقى الأخبار (1) المثبتة للخمس عشرة، والنافية للعشر من غيره (2)
شاهدة وعاضدة له (3) وهي (4) كثيرة.
(وأن يكون المرتضع في الحولين) فلا عبرة برضاعة بعدهما وإن كان
جائزا كالشهر والشهرين معهما (5) والحولان معتبران في المرتضع، دون
ولد المرضعة، فلو كمل حولا ولدها، ثم أرضعت بلبنه (6) غيره
نشر (7) في أصح القولين.
ولا فرق بين أن يفطم المرتضع قبل الرضاع في الحولين، وعدمه
والمعتبر في الحولين الهلالية، فلو انكسر الشهر الأول أكمل بعد الأخير
ثلاثين كغيره (8) من الآجال.
(وأن لا يفصل بين) الرضعات في الأحوال الثلاثة (9) (برضاع
أخرى) وإن لم يكن رضعة كاملة.
163

ولا عبرة بتخلل غير الرضاع من المأكول، والمشروب، وشرب
اللبن من غير الثدي، ونحوه وإنما يقطع اتصال الرضعات إرضاع غيرها (1)
من الثدي، وصرح العلامة في القواعد بالاكتفاء في الفصل بأقل من رضعة
كاملة من غير تردد، وفي التذكرة بأن الفصل لا يتحقق إلا برضعة كاملة
وأن الناقصة بحكم المأكول، وغيره، والرواية (2) مطلقة في اعتبار كونها
من امرأة واحدة قال الباقر عليه السلام: " لا يحرم الرضاع أقل من يوم
وليلة، أو خمس عشرة رضعة متوالية من امرأة واحدة من لبن فحل
واحد ". ولعل دلالتها على الاكتفاء بفصل مسمى الرضاع أكثر.
(وأن يكون اللبن لفحل واحد فلو أرضعت المرأة جماعة) ذكورا
وإناثا (بلبن فحلين) فصاعدا بحيث لم يجتمع ذكر وأنثى منهم على رضاع
لبن فحل واحد بأن أرضعت جماعة ذكورا بلبن واحد، ثم جماعة إناثا
بلبن فحل آخر، أو أرضعت صبيا بلبن فحل، ثم أنثى بلبن فحل آخر،
ثم ذكرا بلبن ثالث، ثم أنثى بلبن رابع وهكذا (لم يحرم بعضهم على بعض)
ولو اتحد فحل اثنين منهم تحقق التحريم فيهما، دون الباقين كما لو أرضعت
ذكرا وأنثى بلبن فحل، ثم ذكرا آخر وأنثى بلبن فحل آخر، وهكذا
فإنه يحرم كل أنثى رضعت مع ذكرها من لبن فحل واحد عليه ولا يحرم
على الذكر الآخر، والعبارة (3) لا تفي بذلك، ولكن المراد منها حاصل.
ولا فرق مع اتحاد الفحل بين أن تتحد المرضعة كما ذكر، أو تتعدد
بحيث يرتضع أحدهما من إحديهما كمال النصاب، والآخر من الأخرى
164

كذلك (1)، وإن تعددن فبلغن مائة كالمنكوحات بالمتعة، أو بملك اليمين.
وعلى اعتبار اتحاد الفحل معظم الأصحاب وجملة من الأخبار (2).
وقد تقدم بعضها (3).
(وقال) أبو علي (الطبرسي صاحب التفسير رحمه الله) فيه:
(لا يشترط اتحاد الفحل)، بل يكفي اتحد المرضعة، (لأنه يكون بينهم)
مع اتحادها (4) (أخوة الأم) وإن تعدد الفحل (وهي تحرم التناكح)
بالنسب، والرضاع يحرم منه ما يحرم بالنسب. وهو متجه لولا ورود
النصوص (5) عن أهل البيت عليهم السلام بخلافه، وهي (6) مخصصة
لما دل بعمومه على اتحاد الرضاع والنسب في حكم التحريم.
(ويستحب في) الاسترضاع (اختيار) المرضعة (العاقلة المسلمة
العفيفة الوضيئة) الحسنة (للرضاع)، لأن الرضاع مؤثر في الطباع،
والأخلاق، والصورة، قال النبي صلى الله عليه وآله: " أنا أفصح العرب
بيد (7) أني من قريش، ونشأت في بني سعد وارتضعت من بني زهرة (8) "
165

وكانت هذه القبائل أفصح العرب، فافتخر صلى الله عليه وآله بالرضاع
كما افتخر بالنسب، وقال (1) أمير المؤمنين عليه السلام: " انظروا
من يرضع أولادكم فإن الولد يشب (2) عليه "، وقال الباقر عليه السلام (3)
" عليكم بالوضاء من الظؤرة فإن اللبن يعدي (4) "، وقال عليه السلام
لمحمد بن مروان: " استرضع لولدك بلبن الحسان، وإياك والقباح
فإن اللبن قد يعدي (5) ".
(ويجوز استرضاع الذمية عند الضرورة) من غير كراهة، يكره
بدونها ويظهر من العبارة كعبارة كثير التحريم.
166

من دونها (1) والأخبار (2) دالة على الأول.
(ويمنعها) زمن الرضاعة (من أكل الخنزير، وشرب الخمر)
على وجه الاستحقاق إن كانت أمته، أو مستأجرته وشرط عليها ذلك،
وإلا (3) توصل إليه بالرفق، (ويكره تسليم الولد إليها لتحمله
إلى منزلها)، لأنها ليست مأمونة عليه (4) (والمجوسية أشد كراهة)
أن تسترضع، للنهي عنها في بعض الأخبار (5) المحمول على الكراهة
جمعا، قال عبد الله بن هلال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مظائرة
المجوس فقال: " لا، ولكن أهل الكتاب ".
(ويكره أن تسترضع (6) من ولادتها) التي يصدر عنها اللبن
(عن زنا) قال الباقر عليه السلام (7): " لبن اليهودية والنصرانية [والمجوسية]
أحب إلي من ولد الزنا ". والمراد به (8) ما ذكرناه، لأنه قال بعد
ذلك: وكان لا يرى بأسا بولد الزنا إذا جعل مولى الجارية الذي فجر
167

بالمرأة في حل، وكذا يكره استرضاع ذات البدعة في دينها والتشويه (1)
في خلقها والحمقاء. قال (2) النبي صلى الله عليه وآله: " لا تسترضعوا
الحمقاء فإن اللبن يشب عليه (3) "، وقال (4) أمير المؤمنين عليه الصلاة
والسلام " لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يغلب الطباع ".
(وإذا كملت الشرائط) المعتبرة في التحريم (صارت المرضعة أما)
للرضيع (والفحل) صاحب اللبن (أبا وأخوتهما أعماما وأخوالا،
وأولادهما أخوة،، وآبائهما أجدادا، فلا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب
اللبن ولادة ورضاعا)، لأنهم صاروا أخوة ولده، وأخوة الولد محرمون
على الأب، ولذلك عطف المصنف التحريم بالفاء ليكون تفريعا على ما ذكره
والأخبار (5) الصحيحة مصرحة بالتحريم هنا، وأنهم بمنزلة ولده
وقيل: لا يحرمن عليه (6) مطلقا، لأن أخت الابن من النسب
إذا لم تكن بنتا إنما حرمت لأنها الزوجة المدخول بها فتحريمها بسبب
الدخول بأمها. وهو (7) منتف هنا، ولأن النص (8) إنما ورد بأنه
168

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، لا ما يحرم من المصاهرة، وأخت
الولد إذا لم تكن ولدا إنما تحرم بالمصاهرة. وهو حسن لولا معارضة
النصوص (1) الصحيحة، فالقول بالتحريم أحسن.
(وكذا لا ينكح) أبو المرتضع (في أولاد المرضعة ولادة)
لصحيحة (2) عبد الله بن جعفر، قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام
أن امرأة أرضعت ولدا لرجل هل يحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة هذه
المرضعة أم لا؟ فوقع: " لا تحل له ". ومثلها صحيحة (3) أيوب بن نوح
وفيها (4) " لأن ولدها صارت بمنزلة ولدك "، ويترتب على ذلك (5)
تحريم زوجة أبي المرتضع عليه (6) لو أرضعته (7) جدته لأمه، سواء
كان (8) بلبن جده أم غيره، لأن الزوجة حينئذ (9) من جملة أولاد
صاحب اللبن إن كان جدا، ومن جملة أولاد المرضعة نسبا إن لم يكن
فلا يجوز لأبي المرتضع نكاحها لاحقا كما لا يجوز سابقا بمعنى أنه يمنعه
سابقا ويبطله لاحقا.
169

وكذا (1) لو أرضعت الولد بعض نساء جده (2) لأمه بلبنه (3)،
وإن لم تكن جدة للرضيع، لأن زوجة أب الرضيع حينئذ (4) من جملة
أولاد صاحب اللبن، (و) كذا (لا يجوز له (5)) نكاح أولادها (6)
(رضاعا على قول الطبرسي)، لأنهم بمنزلة أخوة أولاده من الأم،
وقد تقدم ضعفه (7)، لما عرفت من أن التحريم مشروط باتحاد الفحل.
وهو (8) منفي هنا.
170

(وينكح أخوة المرتضع نسبا في أخوته رضاعا) إذ لا أخوة بينهم
وإنما هم أخوة أخيهم وأخوة الأخ إذا لم يكونوا أخوة لا يحرمون
على أخوته كالأخ من الأب إذا كان له أخت من الأم فإنها لا تحرم
على أخيه (1)، لانتفاء القرابة بينهما.
(وقيل) والقائل الشيخ (بالمنع)، لدلالة تعليل التحريم على أب
المرتضع في المسألة السابقة بأنهن بمنزلة ولده عليه، ولأن أخت الأخ
من النسب محرمة فكذا من الرضاع.
171

ويضعف بمنع وجود العلة هنا (1)، لأن كونهن بمنزلة أولاد أب
المرتضع غير موجود هنا (2) وإن وجد ما يجري مجراها (3)، وقد عرفت
فساد الأخير (4).
(ولو لحق الرضاع العقد حرم (5) كالسابق (6)) فلو أرضعت
أمه، أو من يحرم النكاح بإرضاعه كأخته، وزوجة أبيه، وابنه، وأخيه
172

بلبنهم زوجته فسد النكاح (1)، ولو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما
حرمتا أبدا من الدخول بالكبيرة (2)، وإلا (3) الكبيرة. وينفسخ نكاح
الجميع مطلقا (4).
(ولا تقبل الشهادة به (5) إلا مفصلة) فلا تكفي الشهادة بحصول
173

الرضاع المحرم مطلقا (1) للاختلاف في شرائطه (2) كيفية وكمية (3)
فجاز أن يكون مذهب الشاهد مخالفا لمذهب الحاكم (4) فيشهد بتحريم
ما لا يحرمه (5). ولو علم موافقة رأي الشاهد لرأي الحاكم في جميع
الشرائط فالمتجه الاكتفاء بالإطلاق (6)، إلا أن الأصحاب أطلقوا القول
بعدم صحتها (7) إلا مفصلة فيشهد الشاهدان بأن فلانا ارتضع من فلانة
من الثدي من لبن الولادة خمس عشرة رضعة تامات في الحولين من غير
أن يفصل بينها برضاع امرأة أخرى.
وبالجملة فلا بد من التعرض لجميع الشرائط، ولا يشترط التعرض
لوصول اللبن إلى الجوف على الأقوى.
174

ويشترط في صحة شهادته به (1) أن يعرف (2) المرأة في تلك الحال
ذات لبن، وأن يشاهد الولد قد التقم الثدي، وأن يكون (3) مكشوفا
لئلا يلتقم غير الحلمة (4)، وأن يشاهد امتصاصه له، وتحريك شفتيه،
والتجرع، وحركة الحلق على وجه يحصل له القطع به (5)، ولا يكفي
حكاية القرائن وإن كانت هي السبب في علمه، كأن يقول: رأيته
قد التقم الثدي وحلقه يتحرك إلى آخره (6)، لأن حكاية ذلك لا تعد
شهادة وإن كان علمه مترتبا عليها (7)، بل لا بد من التلفظ بما يقتضيه
عند الحاكم (8)، ولو كانت الشهادة على الإقرار به (9) قبلت مطلقة،
لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، وإن أمكن استناد المقر إلى ما
لا يحصل به التحريم عند الحاكم (10)،
175

بخلاف الشهادة على عينه (1).
(وتحرم بالمصاهرة) وهي علاقة تحدث بين الزوجين، وأقرباء كل
منهما بسبب النكاح توجب الحرمة، ويلحق بالنكاح (2) الوطء، والنظر
واللمس على وجه مخصوص (3).
وهذا هو المعروف من معناها (4) لغة وعرفا، فلا يحتاج إلى إضافة
وطء الأمة، والشبهة، والزنا، ونحوه إليها (5) وإن أوجب (6) حرمة
على بعض الوجوه (7)، إذ ذاك (8) ليس من حيث المصاهرة
بل من جهة ذلك الوطء، وإن جرت العادة بإلحاقه بها في بابها (9)
(زوجة كل من الأب فصاعدا) كالجد وإن علا من الطرفين، (والابن
فنازلا) وإن كان للبنت وأطلق عليه الابن مجازا (على الآخر)
176

وإن لم يدخل بها الزوج، لعموم " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم (1) "
وقوله تعالى: " وحلائل أبنائكم (2) "، والنكاح حقيقة في العقد
على الأقوى والحليلة حقيقة في المعقود عليها للابن قطعا، (وأم الموطوءة)
حلالا، أو حراما، (وأم المعقود عليها) وإن لم يدخل بها (فصاعدا)
وهي جدتها من الطرفين وإن علت.
(وابنة الموطوءة مطلقا (3) فنازلا) أي ابنة ابنها، وابنتها
وإن لم يطلق عليها (4) ابنة حقيقة، (لا ابنة المعقود عليها) من غير
دخول، فلو فارقها قبل الدخول حل له تزويج ابنتها، وهو موضع
وفاق، والآية الكريمة صريحة في اشتراط الدخول في التحريم، وأما تحريم
الأم وإن لم يدخل بالبنت فعليه المعظم، بل كاد يكون إجماعا. وإطلاق
قوله تعالى: " وأمهات نسائكم " يدل عليه (5)، والوصف (6)
177

بعده بقوله تعالى: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " لا حجة
178

فيه، إما لو جوب عوده (1) إلى الجملة الأخيرة كالاستثناء (2)،
179

أو لتعذر حمله (1) عليهما من جهة أن " من " تكون مع الأولى (2)
بيانية، ومع الثانية (3) ابتدائية، والمشترك (4) لا يستعمل في معنييه (5)
معا. وبه (6) مع ذلك نصوص، إلا أنهما (7) معارضة بمثلها،
ومن ثم ذهب ابن أبي عقيل إلى اشتراط الدخول بالبنت في تحريمها
كالعكس (8). والمذهب هو الأول (9).
(أما الأخت) للزوجة (فتحرم جمعا) بينها وبينها (10)، فمتى
180

فارق الأولى بموت، أو فسخ، أو طلاق بائن، أو انقضت عدتها حلت
الأخرى، (لا عينا، والعمة والخالة) وإن علتا (يجمع بينها، وبين
ابنة أخيها، أو أختها) وإن نزلتا (برضاء العمة والخالة، لا بدونه)
بإجماع أصحابنا، وأخبارنا متظافرة به (1).
ثم إن تقدم عقد العمة والخالة توقف العقد الثاني (2) على إذنهما،
فإن بادر بدونه (3) ففي بطلانه، أو وقوفه على رضاهما فإن فسختاه (4)
بطل، أو تخييرهما فيه (5) وفي عقدهما أوجه. أوسطها (6) الأوسط،
وإن تقدم عقد بنت الأخ والأخت وعلمت العمة والخالة بالحال فرضاهما
بعقدهما رضا بالجمع، وإلا (7) ففي تخييرهما في فسخ عقد أنفسهما، أو فيه (8) وفي عقد السابقة، أو بطلان عقدهما أوجه أوجهها الأول (9)
181

وهل يلحق الجمع بينهما (1) بالوطء في ملك اليمين بذلك وجهان.
وكذا لو ملك إحديهما وعقد على الأخرى، ويمكن شمول العبارة (2)
لاتحاد الحكم في الجميع.
(وحكم) وطء (الشبهة، والزنا السابق على العقد حكم الصحيح
في المصاهرة) فتحرم الموطوءة بهما على أبيه وابنه، وعليه أمها وبنتها
إلى غير ذلك من حكام المصاهرة، ولو تأخر الوطء فيهما عن العقد،
أو الملك لم تحرم المعقود عليها، أو المملوكة. هذا هو الأصح فيهما (3)
وبه (4) يجمع بين الأخبار (5) الدالة على المنع مطلقا (6) وعلى عدمه (7)
كذلك (8).
(وتكره ملموسة الابن ومنظورته) على وجه لا تحل لغيره مالك
182

الوطء بعقد، أو ملك (على الأب، وبالعكس) وهو منظورة الأب
وملموسته (تحرم) على ابنه. أما الأول فلأن فيه جمعا بين الأخبار التي
دل بعضها على التحريم، كصحيحة (1) محمد بن بزيع وغيرها، وبعضها
على الإباحة كموثقة (2) علي بن يقطين عن الكاظم عليه السلام بنفي البأس
عن ذلك، بحمل (3) النهي على الكراهة.
وأما الثاني وهو تحريم منظورة الأب وملموسته على الابن فلصحيحة (4)
محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: " إذا جرد الرجل الجارية
ووضع يده عليها فلا تحل لابنه "، ومفهومها (5) الحل لأبيه، فإن عمل بالمفهوم، وإلا (6) فبدلالة الأصل (7)، ولما سبق (8).
183

وفيه (1) نظر، لأن صحيحة (2) ابن بزيع دلت على التحريم فيهما (3) ورواية
علي بن يقطين دلت على نفيه فيهما، فإن وجب الجمع بينهما بالكراهة
فالحكم في صحيحة (4) محمد بن مسلم كذلك (5) وهذا هو الذي اختاره
المصنف في شرح الإرشاد وجماعة، أو يعمل بالأولى (6) ترجيحا للصحيح
على الموثق (7) حيث يتعارضان، أو مطلقا (8) وتكون صحيحة (9)
محمد بن مسلم مؤيدة لأحد الطرفين. وهو الأظهر، فتحرم فيهما (10)،
فالتفصيل غير متوجه.
وقيدنا النظر واللمس بكونهما لا يحلان لغيره، للاحتراز عن نظر
184

مثل الوجه والكفين بغير شهوة فإنه لا يحرم اتفاقا، وأما اللمس فظاهر
الأصحاب وصرح به جماعة منهم تحريمه فيهما (1) مطلقا (2) فيتعلق به
الحكم مطلقا (3).
نعم يشترط كونهما (4) بشهوة كما ورد في الأخبار (5) وصرح به
الأصحاب، فلا عبرة بالنظر المتفق، ولمس الطبيب، ونحوهما وإن كانت
العبارة مطلقة (6). هذا حكم المنظورة والملموسة بالنسبة إليهما.
وهل يتعدى التحريم إلى أمهما وابنتهما في حق الفاعل قولان:
مأخذهما (7) أصالة الحل، واشتراط (8) تحريم البنت بالدخول بالأم
في الآية (9)،
185

ولا قائل بالفرق (1) وصحيحة (2) محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام)
الدالة على التحريم.
ويمكن الجمع (3) بحمل النهي على الكراهة. وهو (4) أولى.
واعلم أن الحكم (5) مختص بنظر المملوكة على ذلك الوجه (6).
وما ذكرناه من الروايات (7) دال عليها.
وأما الحرة فإن كانت زوجة حرمت على الأب والابن بمجرد العقد
وإن كانت أجنبية ففي تحريمها قولان، ويظهر من العبارة الجزم به (8)،
لأنه فرضها مطلقة، والأدلة لا تساعد عليه (9).
186

مسائل عشرون
(الأولى: لو تزوج الأم وابنتها في عقد واحد بطلا) للنهي (1)
عن العقد الجامع بينهما، واستحالة الترجيح (2)، لاتحاد نسبته إليهما، (ولو جمع بين الأختين فكذلك (3))، لاشتراكهما في ذلك (4).
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة منهم العلامة في المختلف: (يتخير)
واحدة منهما، لمرسلة جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السلام في رجل
تزوج أختين في عقد واحد، قال: " هو بالخيار أن يمسك أيتهما شاء،
ويخلي سبيل الأخرى (5) ". وهي مع إرسالها غير صريحة في ذلك (6)،
لإمكان إمساك إحديهما بعقد جديد.
ومثله (7) ما لو جمع بين خمس في عقد، أو بين اثنين وعنده
187

ثلاث، أو بالعكس (1)، ونحوه (2)، ويجوز الجمع بين الأختين
في الملك، وكذا بين الأم وابنتها فيه. وإنما يحرم الجمع بينهما في النكاح
وتوابعه من الاستمتاع.
(ولو وطء إحدى الأختين المملوكتين حرمت الأخرى حتى تخرج
الأولى عن ملكه) ببيع، أو هبة، أو غيرهما.
وهل يكفي (3) مطلق العقد الناقل للملك أم يشترط لزومه فلا يكفي
البيع بخيار، والهبة التي يجوز الرجوع فيها وجهان: من (4) إطلاق
النص اشتراط خروج الأولى عن ملكه وهو حاصل بمطلقة (5)،
ومن (6) أنها مع تسلطه (7) على فسخه بحكم المملوكة.
ويضعف بأن غاية التحريم إذا علقت على مطلق الخروج لم يشترط
معها (8) أمر آخر، لئلا يلزم جعل ما جعله الشارع غاية ليس بغاية،
188

وقدرته (1) على ردها إلى ملكه لا تصلح للمنع، لأنه (2) بعد الإخراج
اللازم متمكن منه دائما على بعض الوجوه بالشراء، والاتهاب، وغيرهما
من العقود، فالاكتفاء بمطلق الناقل (3) أجود.
وفي الاكتفاء بفعل ما يقتضي تحريمها عليه كالتزويج (4) والرهن
والكتابة وجهان: منشؤهما (5) حصول الغرض وهو تحريم الوطء.
وانتفاء (6) النقل الذي هو مورد النص (7) وهو الأقوى.
ولا فرق في تحريم الثانية بين وطي الأولى في القبل والدبر.
189

وفي مقدماته من اللمس والقبلة والنظر بشهوة نظر من (1) قيامها
مقام الوطء كما سلف، وعدم (2) صدق الوطء بها (فلو وطء الثانية
فعل حراما) مع علمه بالتحريم، (ولم تحرم الأولى)، لأن الحرام
لا يحرم الحلال، والتحريم إنما تعلق بوطء الثانية فيستصحب (3)،
ولأصالة (4) الإباحة.
وعلى هذا فمتى أخرج إحديهما عن ملكه حلت الأخرى، سواء
أخرجها للعود إليها أم لا، وإن لم يخرج إحديهما فالثانية محرمة دون الأولى
وقيل: متى وطء الثانية عالما بالتحريم حرمت عليه الأولى أيضا
إلى أن تموت الثانية، أو يخرجها عن ملكه، لا لغرض العود إلى الأولى
فإن اتفق إخراجها لا لذلك (5) حلت له الأولى، وإن أخرجها ليرجع
إلى الأولى فالتحريم باق، وإن وطء الثانية جاهلا بالتحريم لم تحرم عليه
الأولى.
ومستند هذا التفصيل روايات (6) بعضها صريح فيه (7) وخالية
190

عن المعارض، فالقول به متعين، وبه (1) ينتفي ما عللوه في الأول (2)
ولو ملك أما وبنتها ووطء إحديهما حرمت الأخرى مؤبدا، فإن وطء
المحرمة عالما حد ولم تحرم الأولى وإن كان جاهلا. قيل: حرمت الأولى
أيضا مؤبدا.
ويشكل بأنه حينئذ لا يخرج عن وطء الشبهة، أو الزنا وكلاهما
لا يحرم لاحقا كما مر (3)، وخروج الأخت عن الحكم (4) للنص،
191

وإلا كان اللازم منه عدم تحريم الأولى مطلقا (1) كما اختاره هنا.
(الثانية: لا يجوز أن يتزوج أمة على حرة إلا بأذنها) وهو موضع
وفاق، (فلو فعل) بدون إذنها (وقف العقد على إجازتها) ولا يقع
باطلا، لعموم الأمر بالوفاء بالعقد، وليس المانع هنا إلا عدم رضاها.
وهو مجبور (2) بإيقافه على إجازتها، كعقد الفضولي، ولرواية (3) سماعة
عن الصادق عليه السلام.
وقيل: يبطل لحسنة (4) الحلبي: من تزوج أمة على حرة فنكاحه
باطل. ونحوه روى حذيفة بن منصور عنه عليه السلام وزاد فيها " أنه
يعزر اثني عشر سوطا ونصفا ثمن حد الزاني وهو صاغر (5) ".
وتأويل البطلان (6) بأنه آيل إليه على تقدير اعتراض الحرة خلاف ظاهره
192

ورواية سماعة (1) قاصرة عن معارضته. وعلى البطلان (2) ينزل عقد
الأمة منزلة المعدوم.
وعلى إيقافه (3) قيل: للحرة فسخ عقدها (4) أيضا كالعمة والخالة
وهو ضعف في ضعف (5). وجواز تزويج الأمة بإذن الحرة المستفاد
من الاستثناء (6) مختص بالعبد، أو بمن يعجز عن وطء الحرة دون الأمة
ويخشى العنت، أو مبني على القول بجواز تزويج الأمة بدون الشرطين (7)
وإن كان الأقوى خلافه (8) كما نبه عليه بقوله:
(و) كذا (لا يجوز للحر أن يتزوج الأمة مع قدرته على تزويج
193

الحرة) بأن يجد الحرة ويقدر على مهرها، ونفقتها ويمكنه وطؤها، وهو
المعبر عنه بالطول (1)، (أو مع عجزه إذا لم يخش العنت) وهو (2)
لغة: المشقة الشديدة، وشرعا: الضرر الشديد بتركه بحيث يخاف الوقوع
في الزنا، لغلبة الشهوة، وضعف التقوى.
وينبغي أن يكون الضرر الشديد وحده كافيا وإن قويت التقوى، للحرج، أو الضرر المنفيين (3)، وأصالة عدم النقل (4). وعلى اعتبار الشرطين (5) ظاهر الآية (6).
194

وبمعناها رواية (1) محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام. ودلالتهما (2)
بمفهوم الشرط. وهو (3) حجة عند المحققين.
(وقيل يجوز) العقد على الأمة مع القدرة على الحرة (على كراهة)
للأصل (4)، وعمومات الكتاب مثل " إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم (5). " ولأمة مؤمنة خير من مشركة (6). وأحل
لكم ما وراء ذلكم (7) وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين
195

من عبادكم وإمائكم (1) " ولرواية (2) ابن بكير المرسلة عن الصادق
عليه السلام " لا ينبغي " وهو ظاهر في الكراهة.
ويضعف بأن الاشتراط المذكور (3) مخصص لما ذكر من العمومات (4)
والرواية (5) مع إرسالها ضعيفة، وضعف مطلق المفهوم ممنوع (6).
وتنزيل (7) الشرط على الأغلب خلاف الظاهر.
(وهو) أي القول بالجواز (مشهور) بين الأصحاب، إلا أن دليله
غير ناهض عليه فلذا نسبه إلى الشهرة (فعلى) القول (الأول (8) لا يباح)
196

نكاح الأمة (إلا بعدم الطول). وهو لغة الزيادة والفضل. والمراد به
هنا الزيادة في المال وسعته بحيث يتمكن معها من نكاح الحرة فيقوم
بما لا بد منه من مهرها، ونفقتها.
ويكفي للنفقة وجوده (1) بالقوة كغلة الملك، وكسب ذي الحرفة
(وخوف العنت) بالفتح. وأصله انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير
لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة المأثم. والصبر عنها (2)
مع الشرطين أفضل، لقوله تعالى: " وأن تصبروا خير لكم (3) "
(وتكفي الأمة الواحدة) لاندفاع العنت بها. وهو (4) أحد الشرطين
في الجواز.
(وعلى الثاني) وهو الجواز مطلقا (5) (يباح اثنتان) لا أزيد
كما سيأتي.
(الثالثة: من تزوج امرأة في عدتها بائنة كانت، أو رجعية)،
أو عدة وفاة، أو عدة شبهة، ولعله غلب عليهما (6) اسم البائنة (عالما
بالعدة والتحريم بطل العقد وحرمت) عليه (أبدا)، ولا فرق بين العقد
197

الدائم والمنقطع فيهما (1) لإطلاق النصوص (2) الشامل لجميع ما ذكر (3)
(وإن جهل أحدهما): العدة، أو التحريم (أو جهلهما حرمت إن دخل)
بها قبلا، أو دبرا، (وإلا فلا) ولو أختص العلم بأحدهما، دون الآخر
أختص به حكمه (4)، وإن حرم على الآخر التزويج به من حيث المساعدة
على الإثم، والعدوان (5).
ويمكن سلامته (6) من ذلك بجهله التحريم، أو بأن يخفى عليه عين
الشخص المحرم مع علم الآخر، ونحو ذلك.
وفي الحكم بصحة العقد على هذا التقدير (7) نظر (8)، ويتعدى
التحريم على تقدير الدخول إلى أبيه وابنه كالموطوءة بشبهة مع الجهل
والمزني بها مع العلم.
وفي إلحاق مدة الاستبراء بالعدة فتحرم بوطئها فيها وجهان، أجودهما
العدم، للأصل، وكذا الوجهان في العقد عليها مع الوفاة المجهولة ظاهرا
198

قبل العدة مع وقوعه (1) بعد الوفاة في نفس الأمر، أو الدخول مع الجهل
والأقوى عدم التحريم، لانتفاء المقتضي له، وهو كونها معتدة،
أو مزوجة (2) سواء كانت المدة المتخللة بين الوفاة والعدة بقدرها (3)،
أم أزيد أم أنقص، وسواء وقع العقد أو الدخول في المدة الزائدة عنها
أم لا، لأن العدة إنما تكون بعد العلم بالوفاة، أو ما في معناه وإن طال
الزمان.
وفي إلحاق ذات البعل بالمعتدة وجهان: من (4) أن علاقة الزوجية
فيها أقوى، وانتفاء (5) النص.
والأقوى أنه مع الجهل، وعدم الدخول لا تحرم، كما أنه لو دخل
بها (6) عالما حرمت، لأنه زان بذات البعل، والإشكال فيهما (7) واه،
وإنما يقع الاشتباه مع الجهل والدخول، أو العلم مع عدمه (8) ووجه
199

الإشكال مع عدم النص عليه (1) بخصوصه، وكون (2) الحكم بالتحريم
هنا أولى للعلاقة (3). ولعله أقوى.
وحيث لا يحكم بالتحريم (4) يجدد العقد بعد العدة إن شاء، ويلحق
الولد مع الدخول والجهل بالجاهل منهما إن ولد في وقت إمكانه منه (5)
ولها مهر المثل مع جهلها بالتحريم، وتعتد منه بعد إكمال الأولى.
(الرابعة: لا تحرم المزني بها على الزاني إلا أن تكون ذات بعل)
دواما ومتعة، والمعتدة رجعية بحكمها (6)، دون البائن. والحكم فيه (7)
موضع وفاق.
وفي إلحاق الموطوءة بالملك بذات البعل وجهان مأخذهما: مساواتها (8)
200

لها في كثير من الأحكام خصوصا المصاهرة (1). واشتراكهما (2) في المعنى
المقتضي للتحريم وهو صيانة الأنساب عن الاختلاط، وأن (3) ذلك كله
لا يوجب اللحاق مطلقا (4) وهو الأقوى.
(ولا تحرم الزانية) على الزاني، ولا على غيره، (ولكن يكره
تزويجها) مطلقا (5) (على الأصح) خلافا لجماعة حيث حرموه على الزاني
ما لم تظهر منها التوبة.
ووجه الجواز الأصل، وصحيحة (6) الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: " أيما رجل فجر بامرأة ثم بدا له أن يتزوجها حلالا قال: أوله
سفاح، وآخره نكاح، فمثله كمثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها حراما
ثم اشتراها فكانت له حلالا " ولكن تكره للنهي عن تزويجها مطلقا (7)
في عدة أخبار (8) المحمول على الكراهة جمعا (9).
واحتج المانع برواية (10) أبي بصير قال سألته عن رجل فجر بامرأة
ثم أراد بعد أن يتزوجها: فقال: " إذا تابت حل له نكاحها " قلت:
201

كيف يعرف توبتها. قال: " يدعوها إلى ما كانت عليه من الحرام
فإن امتنعت واستغفرت ربها عرف توبتها ". وقريب منه ما روى (1)
عمار عن الصادق عليه السلام: والسند فيهما (2) ضعيف. وفي الأولى (3)
قطع. ولو صحتا (4) لوجب حملهما على الكراهة جمعا (5).
(ولو زنت امرأته لم تحرم عليه (6) على الأصح، وإن أصرت)
على الزنا، للأصل (7) والنص (8)، خلافا للمفيد، وسلار حيث ذهبا
إلى تحريمها مع الإصرار، استنادا إلى فوات أعظم فوائد النكاح وهو
التناسل معه (9)، لاختلاط النسب حينئذ، والغرض من شرعية الحد
والرجم للزاني حفظه (10) عن ذلك.
ويضعف بأن الزاني لا نسب له، ولا حرمة.
202

(الخامسة: من أوقب غلاما، أو رجلا) بأن أدخل به بعض
الحشفة وإن لم يجب الغسل (حرمت على الموقب أم الموطوء) وإن علت
(وأخته)، دون بناتها (1)، (وبنته) وإن نزلت من ذكر وأنثى
من النسب اتفاقا، ومن الرضاع على الأقوى.
ولا فرق في المفعول بين الحي والميت على الأقوى، عملا بالإطلاق (2)
وإنما تحرم المذكورات مع سبقه (3) على العقد عليهن، (ولو سبق
العقد) على الفعل (لم يحرم) للأصل، ولقولهم (عليهم السلام): لا يحرم
الحرام الحلال (4).
والظاهر عدم الفرق (5) بين مفارقة من سبق عقدها بعد الفعل،
وعدمه (6)، فيجوز له تجديد نكاحها بعده مع احتمال عدمه (7)، لصدق
سبق الفعل بالنسبة إلى العقد الجديد.
ولا فرق فيهما (8) بين الصغير والكبير على الأقوى، للعموم (9).
203

فيتعلق التحريم قبل البلوغ بالولي (1) وبعده به (2)، ولا يحرم على المفعول
بسببه شئ عندنا للأصل.
وربما نقل عن بعض الأصحاب تعلق التحريم به كالفاعل، وفي كثير
من الأخبار (3) إطلاق التحريم بحيث يمكن تعلقه بكل منهما، ولكن
المذهب الأول.
(السادسة: لو عقد المحرم) بفرض، أو نفل، بحج، أو عمرة
بعد إفساده وقبله (4) على أنثى (عالما بالتحريم حرمت أبدا بالعقد)
وإن لم يدخل (وإن جهل) التحريم (لم تحرم وإن دخل بها)، لكن
204

يقع عقده فاسدا فله العود إليه (1) بعد الإخلال.
هذا هو المشهور، ومستنده رواية (2) زرارة عن أبي عبد الله
عليه السلام الدالة بمنطوقها على حكم العلم، وبمفهومها على غيره (3)،
وهو (4) معتضد بالأصل فلا يضر ضعف دلالته (5). ولا تحرم الزوجة
بوطئها في الإحرام مطلقا (6)
. (السابعة: لا يجوز للحر أن يجمع زيادة على أربع حرائر، أو حرتين
وأمتين، أو ثلاث حرائر وأمة) بناء على جواز نكاح الأمة بالعقد بدون
الشرطين (7)، وإلا (8) لم تجز الزيادة على الواحدة، لانتفاء العنت
معها (9)، وقد تقدم (10) من المصنف اختيار المنع. ويبعد فرض بقاء
الحاجة إلى الزائد على الواحدة.
205

ولا فرق في الأمة بين القنة، والمدبرة، والمكاتبة بقسميها (1)،
حيث لم تؤد شيئا، وأم الولد، (ولا للعبد أن يجمع أكثر من أربع إماء
أو حرتين، أو حرة وأمتين، ولا يباح له ثلاث إماء وحرة).
والحكم في الجميع إجماعي، والمعتق بعضه كالحر (2) في حق الإماء
وكالعبد (3) في حق الحرائر، والمعتق بعضها كالحرة (4) في حق العبد،
وكالأمة (5) في حق الحر (كل ذلك بالدوام، أما المتعة فلا حصر له
على الأصح) للأصل، وصحيحة (6) زرارة قال: قلت: ما يحل
من المتعة. قال: " كم شئت " وعن أبي بصير (7) قال سئل أبو عبد الله عليه السلام
عن المتعة أهي من الأربع فقال: " لا ولا من السبعين " وعن زرارة (8)
عن الصادق عليه السلام قال: ذكرت المتعة أهي من الأربع قال: " تزوج
منهن ألفا فإنهن مستأجرات ".
وفيه نظر: لأن الأصل قد عدل عنه بالدليل الآتي، والأخبار (9)
206

المذكورة، وغيرها في هذا الباب ضعيفة، أو مجهولة السند، أو مقطوعة،
فإثبات مثل هذا الحكم (1) المخالف للآية (2) الشريفة، وإجماع باقي علماء
الإسلام مشكل. لكنه (3) مشهور، حتى أن كثيرا من الأصحاب لم ينقل
فيه خلافا، فإن ثبت الإجماع كما ادعاه ابن إدريس، وإلا فالأمر كما ترى
ونبه بالأصح على خلاف ابن البراج (4) حيث منع في كتابيه
207

من الزيادة فيها (1) على الأربع، محتجا بعموم الآية (2)، وبصحيحة (3)
أحمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل
تكون عنده المرأة أيحل له أن يتزوج بأختها متعة قال: " لا " قلت:
حكي زرارة عن أبي جعفر عليه السلام إنما هي مثل الإماء يتزوج ما شاء
قال: " لا "، هن من الأربع " وقد روى (4) عمار عن أبي عبد الله
عليه السلام في المتعة قال: " هي إحدى الأربع ".
وأجيب بأنه محمول على الأفضل والأحوط جمعا بينهما (5) وبين
ما سبق (6)، ولصحيحة (7) أحمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام
قال: قال أبو جعفر عليه السلام " إجعلوهن من الأربع " فقال له
صفوان بن يحيى: على الاحتياط قال: " نعم ".
واعلم أن هذا الحمل (8) يحسن لو صح شئ من أخبار الجواز
208

لا مع عدمه (1)، والخبر الأخير (2) ليس بصريح في جواز مخالفة
الاحتياط (3).
وفي المختلف اقتصر من نقل الحكم على مجرد الشهرة ولم يصرح
بالفتوى. ولعله لما ذكرناه (4)، (وكذا) لا حصر للعدد (بملك اليمين
إجماعا) والأصل فيه قوله تعالى: " إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم (5) ".
وهذا في ملك العين أما ملك المنفعة كالتحليل (6) ففي إلحاقه (7) به
نظر. من (8) الشك في إطلاق اسم ملك اليمين عليه.
209

والشك (1) في كونه عقدا أو إباحة.
والأقوى إلحاقه به، وبه جزم في التحرير.
(الثامنة: إذا طلق ذو النصاب) الذي لا يجوز تجاوزه، واحدة،
أو أكثر طلاقا (رجعيا لم يجز له التزويج دائما حتى تخرج) المطلقة
(من العدة)، لأن المطلقة رجعيا بمنزلة الزوجة، فالنكاح الدائم زمن
العدة بمنزلة الجمع زائدا على النصاب، (وكذا) لا يجوز له تزويج
(الأخت) أي أخت المطلقة رجعيا (دائما ومتعة) وإن كانت المطلقة
واحدة، لأنه يكون جامعا بين الأختين.
(ولو كان) الطلاق (بائنا جاز) تزويج الزائدة على النصاب
والأخت، لانقطاع العصمة بالبائن، وصيرورتها كالأجنبية، لكن
على (كراهية شديدة)، لتحرمها بحرمة الزوجية، وللنهي عن تزويجها مطلقا
في صحيحة (2) زرارة عن الصادق عليه السلام قال: إذا جمع الرجل أربعا
فطلق إحديهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلقت،
وقال: لا يجمع ماءه في خمس. وحمل النهي على الكراهة جمعا (3).
(التاسعة: لا تحل الحرة على المطلق ثلاثا) يتخللها رجعتان أي
210

أنواع الطلاق كان (إلا بالمحلل، وإن كان المطلق عبدا)، لأن الاعتبار
في عدد الطلقات عندنا بالزوجة (1) (ولا تحل الأمة المطلقة اثنتين)
كذلك (2) (إلا بالمحلل، ولو كان المطلق حرا) للآية (3) والرواية (4)
(أما المطلقة تسعا للعدة) والمراد به (5) أن يطلقها على الشرائط (6)
ثم يراجع في العدة ويطأ ثم يطلق في طهر آخر ثم يراجع في العدة ويطأ
ثم يطلق الثالثة فينكحها بعد عدتها زوج آخر ثم يفارقها بعد أن يطأها
فيتزوجها الأول (7) بعد العدة ويفعل كما فعل أولا (8) إلى أن يكمل لها
تسعا كذلك (9)،
211

(ينكحها رجلان) بعد الثالثة (1) والسادسة (2) (فإنها تحرم أبدا)
وإطلاق (3) التسع للعدة مجاز، لأن الثالثة من كل ثلاث ليست للعدة
212

فإطلاقه عليها إما إطلاق لاسم الأكثر على الأقل أو باعتبار المجاورة.
وحيث كانت النصوص (1) والفتاوى مطلقة (2) في اعتبار التسع
للعدة في التحريم المؤبد كان (3) أعم من كونها (4) متوالية ومتفرقة
فلو اتفق (5)،
213

.............
214

.............
215

في كل ثلاث واحدة للعدة اعتبر فيه إكمال التسع كذلك (1).
لكن هل يغتفر منها الثالثة مع كل ثلاث لاغتفارها لو جامعت الاثنين
للعدة فيكفي " فيها " وقوع الست للعدة، أو يعتبر إكمال التسع للعدة
حقيقة يحتمل الأول (2)، لأنه المعتبر عند التوالي، ولأن الثالثة لم يتحقق
اعتبار كونها للعدة وإنما استفيد من النص (3) التحريم بالست الواقعة
لها (4) فيستصحب الحكم (5) مع عدم التوالي.
216

والثاني (1)، لأن اغتفار الثالثة ثبت مع التوالي على خلاف الأصل (2)
فإذا لم يحصل (3) اعتبرت الحقيقة، خصوصا مع كون طلقة العدة
هي الأولى (4) خاصة، فإن علاقتي (5) المجاز منتفيتان عن الثالثة (6)،
إذ لا مجاورة لها للعدية، ولا أكثرية (7) لها.
بخلاف ما لو كانت العدية هي الثانية فإن علاقة المجاورة موجودة (8)
والثاني (9) أقوى فإن كانت العدية هي الأولى تعلق التحريم بالخامسة
217

والعشرين (1)، وإن كانت الثانية فبالسادسة والعشرين (2). ويبقى
فيه (3) إشكال آخر،
218

وهو أن طلاق العدة (1) حينئذ (2) لا يتحقق إلا بالرجعة بعده والوطء
219

فإذا توقف التحريم على تحقق التسع كذلك (1) لزم تحريمها بعد الدخول (2)
في الأخيرة بغير طلاق. وهو بعيد. ولو توقف (3) على طلاق آخر
بعده (4) ولم يكن (5) ثالثا لزم جعل ما ليس بمحرم محرما. والحكم (6)
بالتحريم بدون طلاق موقوف على التحليل، وكلاهما (7) بعيد. وليس
في المسألة شئ يعتمد عليه، فللتوقف فيما خالف النص (8) مجال.
هذا كله حكم الحرة، أما الأمة فقد عرفت أنها تحرم بعد كل طلقتين
فلا يجتمع لها طلاق تسع للعدة مع نكاح رجلين. وهما (9) معتبران
في التحريم نصا وفتوى، فيحتمل تحريمها بست، لأنها قائمة مقام التسع
للحرة وينكحها بينها (10) رجلان.
220

ويحتمل اعتبار التسع (1) كالحرة استصحابا للحل (2) إلى أن يثبت
المحرم، ولا (3) يقدح نكاح أزيد من رجلين، لصدقهما مع الزائد
وعلى التقديرين (4) فيحتمل اعتبار العدد كله للعدة (5) اقتصارا في المجاز
على المتحقق (6)، والاكتفاء (7) في كل اثنتين بواحدة للعدة وهي
الأولى (8) لقيامها (9) مقام الاثنتين، ولصدق المجاز في إطلاق العدية
221

على الجميع (1) بعلاقة المجاورة. فعلى الأول (2) يعتبر اثنتا عشرة تطليقة
إذا وقعت الأولى من كل اثنتين للعدة (3) وعلى التسع (4) ثماني عشرة
ويبقى الكلام في الثانية عشرة (5) والثامنة (6) عشرة كما مر (7).
222

وعلى الثاني (1) يكتفي بالست، أو التسع.
ويحتمل في الأمة عدم تحريمها مؤبدا مطلقا (2)، لأن ظاهر النص (3)
أن مورده (4) الحرة بقرينة نكاح الرجلين مع التسع (5) فيتمسك (6)
في الأمة بأصالة بقاء الحل، ولعدم اجتماع الشرطين (7) فيها، وللتوقف
مجال.
(العاشرة: تحرم الملاعنة أبدا) وسيأتي الكلام في تحقيق حكمها
وشرائطها، (وكذا تحرم الصماء والخرساء إذا قذفها زوجها بما يوجب (8)
223

اللعان) لولا الآفة (1). بأن يرميها بالزنا مع دعوى المشاهدة، وعدم
البينة، فلو لم يدع حد (2) ولم تحرم، ولو أقام بينة بما قذفها (3) به
سقط الحد عنه والتحريم كما يسقط اللعان (4)، لأن ذلك (5) هو مقتضى
حكم القذف في إيجاب اللعان، وعدمه، ولا يسقط الحد (6) بتحريمها
224

عليه بل يجمع بينهما (1) إن ثبت القذف عند الحاكم، وإلا حرمت (2)
فيما بينه وبين الله تعالى وبقي الحد في ذمته على ما دلت عليه رواية (3)
أبي بصير التي هي الأصل في الحكم، وإن كان المستند الآن الإجماع عليه
كما ادعاه الشيخ رحمه الله، ودلت الرواية (4) أيضا على اعتبار الصمم
والخرس معا
فلو اتصفت بأحدهما خاصة فمقتضى الرواية (5)، ودليل الأصل (6)
عدم التحريم. ولكن أكثر الأصحاب عطفوا أحد الوصفين (7) على الآخر
بأو المقتضي للاكتفاء بأحدهما والمصنف عطف بالواو وهو يدل عليه (8)
أيضا، ولكن ورد الخرس وحده في روايتين (9) فالاكتفاء به وحده
حسن. أما الصمم وحده فلا نص عليه بخصوصه يعتد به.
وفي التحرير استشكل حكم الصماء خاصة بعد أن استقرب التحريم،
ولو نفى ولدها على وجه (10) يثبت اللعان به لو كانت غير مؤفة ففي ثبوت
225

اللعان، أو تحريمها به (1) كالقذف وجهان: من مساواته (2) للقذف
في التحريم المؤبد باللعان (3) فيساويه (4) بالمعلول الآخر.
ودعوى (5) الشيخ في الخلاف الإجماع على أنه لا لعان للصماء
والخرساء. ومن (6) عموم الآية المتناول لكل زوجة خرج منه (7) قذفهما
226

بالنص، أو الإجماع فيبقى الباقي داخلا في عموم الحكم باللعان، وتوقف (1)
التحريم عليه (2).
ولا يلزم (3) من مساواة النفي القذف في حكم مساواته في غيره،
لأن الأسباب متوقفة على النص (4)، والإجماع إنما نقل على عدم لعانهما
مع القذف (5) كما صرح به (6) الشيخ فلا يلحق به غيره.
والظاهر أنه لا فرق هنا مع القذف بين دخوله بهما، وعدمه عملا
بالإطلاق (7). أما نفي الولد فاشتراطه حسن، ومتى حرمت قبل الدخول
227

فالأجود ثبوت جميع المهر لثبوته بالعقد فيستصحب، وتنصيفه (1) في بعض
الموارد لا يوجب التعدي، وألحق الصدوق في الفقيه بذلك (2) قذف
المرأة زوجها الأصم فحكم بتحريمها عليه مؤبدا، حملا (3) على قذفه لها
وهو مع غرابته قياس (4) لا نقول به.
(الحادية عشر: تحرم الكافرة غير الكتابية) وهي اليهودية،
والنصرانية، والمجوسية (على المسلم إجماعا، وتحرم الكتابية عليه دواما
لا متعة وملك يمين (5)) على أشهر الأقوال. والقول الآخر الجواز
مطلقا (6). والثالث المنع مطلقا. وإنما جعلنا المجوسية من أقسام الكتابية
مع أنها مغايرة لها وإن ألحقت بها في الحكم (7) لدعواه الإجماع على تحريم
228

نكاح من عداها (1) مع وقوع الخلاف في المجوسية، فلولا تغليبه (2)
الاسم عليها لدخلت في المجمع على تحريمه.
ووجه إطلاقه (3) عليها أن لها شبهة كتاب صح بسببه التجوز (4)
والمشهور بين المتأخرين أن حكمها (5) حكمها فناسب الإطلاق. وإنما
يمنع من نكاح الكتابية ابتداء، لا استدامة لما سيأتي من أنه لو أسلم زوج
الكتابية فالنكاح بحاله.
(ولو ارتد أحد الزوجين) عن الإسلام (قبل الدخول بطل النكاح)
سواء كان الارتداد فطريا أم مليا، (ويجب) على الزوج (نصف المهر
إن كان الارتداد من الزوج)، لأن الفسخ جاء من جهته فأشبه الطلاق (6)
ثم إن كانت التسمية صحيحة (7) فنصف المسمى، وإلا فنصف مهر المثل
وقيل: يجب جميع المهر لوجوبه بالعقد ولم يثبت تشطيره (8)
إلا بالطلاق. وهو أقوى، (ولو كان) الارتداد (منها فلا مهر)
لها، لأن الفسخ جاء من قبلها قبل الدخول، (ولو كان) الارتداد
229

(بعده) أي بعد الدخول (وقف) انفساخ النكاح (على انقضاء العدة)
إن كان الارتداد من الزوجة مطلقا (1)، أو من الزوج عن غير فطرة
فإن رجع المرتد (2) قبل انقضائها ثبت النكاح، وإلا (3) انفسخ.
(ولا يسقط شئ من المهر)، لاستقراره بالدخول، (ولو كان)
ارتداده (عن فطرة بانت) الزوجة (في الحال (4)) إذ لا تقبل توبته
بل يقتل وتخرج عنه أمواله بنفس الارتداد وتبين منه زوجته وتعتد عدة
الوفاة.
(ولو أسلم زوج الكتابية) دونها (فالنكاح بحاله) قبل الدخول
وبعده، دائما ومنقطعا، كتابيا كان الزوج أم وثنيا، جوزنا نكاحها
للمسلم ابتداء أم لا، (ولو أسلمت دونه) بعد الدخول (وقف) الفسخ
(على) انقضاء (العدة) وهي عدة الطلاق من حين إسلامها فإن انقضت
ولم يسلم تبين أنها بانت من حين إسلامها، وإن أسلم قبل انقضائها تبين
بقاء النكاح.
هذا هو المشهور بين الأصحاب وعليه الفتوى.
وللشيخ رحمه الله قول بأن النكاح لا ينفسخ بانقضاء العدة إذا كان
الزوج ذميا، لكن لا يمكن من الدخول عليها ليلا، ولا من الخلوة بها
ولا من إخراجها إلى دار الحرب ما دام قائما بشرائط الذمة، استنادا
230

إلى رواية (1) ضعيفة مرسلة، أو معارضة بما هو أقوى (2) منها.
(وإن كان) الإسلام (قبل الدخول وأسلمت الزوجة بطل) العقد
ولا مهر لها، لأن الفرقة جاءت من قبلها، وإن أسلم الزوج بقي النكاح
كما مر (3)، ولو أسلما معا ثبت النكاح، لانتفاء المقتضي للفسخ.
(الثانية عشر: لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين) المنسوبين إلى عبادة
الوثن وهو الصنم، وكذا من بحكمهما من الكفار غير الفرق الثلاثة (4)
وكان الإسلام (قبل الدخول بطل) النكاح مطلقا (5)، لأن المسلم إن كان
هو الزوج استحال بقاءه على النكاح الكافرة غير الكتابية، لتحريمه (6)
ابتداء واستدامة، وإن كان هي الزوجة فأظهر، (ويجب النصف)
أي نصف المهر (بإسلام الزوج) وعلى ما تقدم (7) فالجميع ويسقط
بإسلامها لما ذكر (8)، (وبعده) أي بعد الدخول (يقف) الفسخ
(على) انقضاء (العدة) فإن انقضت ولم يسلم الآخر تبين انفساخه
231

من حين الإسلام، وإن أسلم فيها (1) استمر النكاح، وعلى الزوج نفقة
العدة مع الدخول إن كانت هي المسلمة، وكذا في السابق (2). ولو كان
المسلم هو فلا نفقة لها عن زمن الكفر مطلقا (3)، لأن المانع منها (4)
مع قدرتها على زواله.
(ولو أسلما معا فالنكاح بحالة)، لعدم المقتضي للفسخ. والمعتبر
في ترتب الإسلام ومعيته بآخر كلمة الإسلام (5)، لا بأولها، ولو كانا
صغيرين قد أنكحهما الولي فالمعتبر إسلام أحد الأبوين في إسلام ولده، ولا اعتبار بمجلس الإسلام (6) عندنا، (ولو أسلم الوثني) ومن في حكمه (7)
(أو الكتابي على أكثر من أربع) نسوة بالعقد الدائم (فأسلمن، أو كن
كتابيات) وإن لم يسلمن (تخير أربعا) منهن وفارق سائرهن إن كان
حرا وهن حرائر، وإلا (8) اختار ما عين له سابقا من حرتين وأمتين،
232

أو ثلاث حرائر وأمة، والعبد يختار حرتين، أو أربع إماء، أو حرة
وأمتين، ثم تتخير الحرة في فسخ عقد الأمة وإجازته كما مر (1).
ولو شرطنا في نكاح الأمة الشرطين توجه انفساخ نكاحها هنا إذا
جامعت حرة لقدرته عليها المنافية لنكاح الأمة، ولو تعددت الحرائر اعتبر
رضاهن جمع ما لم يزدن على أربع فيعتبر رضاء من يختارهن من النصاب.
ولا فرق في التخيير بين من ترتب عقدهن واقترن، ولا بين اختيار
الأوائل والأواخر، ولا بين من دخل بهن وغيرهن. ولو أسلم معه أربع
وبقي أربع كتابيات فالأقوى بقاء التخيير.
(الثالثة عشر: لا يحكم بفسخ نكاح العبد بإباقه وإن لم يعد في العدة
على الأقوى)، لأصالة بقاء الزوجية، (ورواية (2) عمار) الساباطي
عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل أذن لعبده في تزويج امرأة
فتزوجها، ثم إن العبد أبق فقال: " ليس لها على مولاه نفقة، وقد بانت
عصمتها منه، فإن إباق العبد طلاق امرأته، وهو بمنزلة المرتد عن الإسلام "
قلت: فإن رجع إلى مولاه ترجع امرأته إليه؟ قال: " إن كانت قد
انقضت عدتها ثم تزوجت غيره فلا سبيل له عليها، وإن لم تتزوج
ولم تنقض العدة فهي امرأة على النكاح الأول " (ضعيفة) السند فإن
عمارا وإن كان ثقة إلا أنه فطحي لا يعتمد على ما ينفرد به، ونبه
بالأقوى على خلاف الشيخ في النهاية حيث عمل بمضمونها وتبعه ابن حمزة،
إلا أنه خص الحكم بكون العبد زوجا لأمة غير سيده وقد تزوجها بإذن
السيدين.
233

والحق المنع مطلقا (1)، ووجوب النفقة على السيد، ولا تبين المرأة
إلا بالطلاق.
(الرابعة عشر: الكفاءة) بالفتح والمد، وهي تساوي الزوجين
في الإسلام والإيمان، إلا أن يكون المؤمن هو الزوج، والزوجة مسلمة من غير
الفرق المحكوم بكفرها (2) مطلقا (3)، أو كتابية في غير الدائم.
وقيل: يعتبر مع ذلك (4) يسار الزوج بالنفقة قوة، أو فعلا.
وقيل: يكتفى بالإسلام. والأشهر الأول (5)، وكيف فسرت (6)
فهي (7) (معتبرة في النكاح، فلا يجوز للمسلمة) مطلقا (8) (التزويج
بالكافر) وهو موضع وفاق.
(ولا يجوز للناصب التزويج بالمؤمنة)، لأن الناصبي شر من اليهودي
والنصراني على ما روي في أخبار (9) أهل البيت عليهم السلام، وكذا
234

العكس (1) سواء الدائم، أو المتعة، (ويجوز للمسلم التزويج متعة
واستدامة) للنكاح على تقدير إسلامه (2) (كما مر (3) بالكافرة) الكتابية
ومنها المجوسية، وكان عليه (4) أن يقيدها، ولعله (5) اكتفى بالتشبيه بما مر.
(وهل يجوز للمؤمنة التزويج بالمخالف) من أي فرق الإسلام كان
ولو من الشيعة غير الإمامية (قولان):
أحدهما - وعليه المعظم - المنع، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
" المؤمنون بعضهم أكفاء بعض (6) " دل بمفهومه (7) على أن غير
المؤمن لا يكون كفوا للمؤمنة، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا
جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض
235

وفساد كبير والمؤمن لا يرضى دين غيره (1) " وقول الصادق عليه الصلاة والسلام:
" إن العارفة لا توضع إلا عند عارف (2) "، وفي معناها أخبار (3)
كثيرة واضحة الدلالة على المنع لو صح سندها، وفي بعضها تعليل ذلك (4)
بأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه.
والثاني الجواز على كراهية اختاره المفيد والمحقق ابن سعيد، إما لأن
الإيمان هو الإسلام، أو لضعف الدليل على اشتراط الإيمان،
فإن الأخبار (5) بين مرسل، وضعيف، ومجهول. ولا شك أن الاحتياط
المطلوب في النكاح المترتب عليه مهام الدين مع تظافر الأخبار (6) بالنهي
وذهاب المعظم إليه حتى ادعى بعضهم الإجماع عليه - يرجح القول
الأول (7). واقتصار المصنف على حكاية القولين، (8)،
236

مشعر بما نبهنا عليه (1).
(أما العكس (2) فجائز) قطعا، (لأن المرأة تأخذ من دين بعلها)
فيقودها إلى الإيمان والإذن فيه من الأخبار (3) كثير.
(الخامسة عشر: ليس التمكن من النفقة) قوة، أو فعلا (شرطا
في صحة العقد) لقوله تعالى: " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين
من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
والله واسع عليم (4) "، والخبرين السابقين (5).
ثم إن كانت عالمة بفقره لزم العقد، وإلا ففي تسلطها على الفسخ
إذا علمت قولان مأخذهما: لزوم (6) التضرر ببقائها معه (7)،
237

كذلك (1) المنفي بالآية (2) والرواية (3). وأن (4) النكاح عقد لازم
والأصل البقاء ولقوله تعالى: " وإن كان ذو عسرة فنظرة
إلى ميسرة (5) " وهو (6) عام. وهو (7) الأجود. والوجهان (8)
آتيان فيما إذا تجدد عجزه.
وقيل: هو شرط في صحة النكاح كالإسلام، وأن الكفاءة مركبة
منهما (9)، أو منهما، ومن الإيمان.
والأقوى عدم شرطيته (10) مطلقا.
238

(نعم هو شرط في وجوب الإجابة) منها، أو من وليها، لأن
الصبر على الفقر ضرر عظيم في الجملة فينبغي جبره بعدم وجوب إجابته
وإن جازت (1) أو رجحت (2) مع تمام خلقه، وكمال دينه كما أمر به
النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إنكاح جويبر (3)، وغيره.
وملاحظة المال مع تمام الدين ليس محط نظر ذوي الهمم العوالي.
(السادسة عشر: يكره تزويج الفاسق خصوصا شارب الخمر) قال
الصادق عليه السلام: " من زوج كريمته من شارب خمر فقد قطع
رحمها (4) ". وذهب بعض العامة إلى عدم جواز تزويج الفاسق مطلقا (5)
إلا لمثله لقوله تعالى: " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا
لا يستوون (6) ".
(السابعة عشر: لا يجوز التعريض بالعقد لذات البعل اتفاقا)،
ولما فيه من الفساد، (ولا للمعتدة رجعية) لأنها في حكم المزوجة.
والمراد بالتعريض الإتيان بلفظ يحتمل الرغبة في النكاح وغيرها
مع ظهور إرادتها. مثل رب راغب فيك، وحريص عليك، أو إني
راغب فيك، أو أنت علي كريمة، أو عزيزة، أو إن الله لسائق إليك
239

خيرا ورزقا ونحو ذلك وإذا حرم التعريض لهما (1) فالتصريح أولى.
(ويجوز في المعتدة بائنا) كالمختلعة (التعريض من الزوج)
وإن لم تحل له في الحال (2)، (وغيره، والتصريح منه) وهو الإتيان
بلفظ لا يحتمل غير إرادة النكاح (إن حلت له في الحال) بأن تكون
على طلقة، أو طلقتين وإن توقف الحل على رجوعها في البذل، (ويحرم)
التصريح منه (3) (إن توقف) حلها له (على المحلل، وكذا يحرم
التصريح في العدة من غيره مطلقا)، سواء توقف حلها للزوج على محلل
أم لا، وكذا منه (4) بعد العدة.
(ويحرم التعريض للمطلقة تسعا للعدة من الزوج)، لامتناع
نكاحه لها ومثله الملاعنة ونحوها من المحرمات على التأبيد، (ويجوز)
التعريض لها (من غيره) كغيرها من المطلقات بائنا.
واعلم أن الإجابة تابعة للخطبة في الجواز والتحريم (5). ولو فعل
الممنوع تصريحا، أو تعريضا لم تحرم بذلك (6) فيجوز له بعد انقضاء
240

العدة تزويجها، كما لو نظر إليها في وقت تحريمه (1) ثم أراد نكاحها.
(الثامنة عشر: تحرم الخطبة بعد إجابة الغير) منها، أو من وكيلها
أو وليها لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا يخطب أحدكم على خطبة
أخيه (2) " فإن النهي ظاهر في التحريم، ولما فيه من إيذاء المؤمن،
وإثارة الشحناء المحرم فيحرم ما كان وسيلة إليه (3)، ولو رد لم تحرم (4)
إجماعا. ولو انتفى الأمران (5) فظاهر الحديث (6) التحريم أيضا، لكن
لم نقف على قائل به، (ولو خالف)، وخطب، (وعقد صح)
وإن فعل محرما، إذ لا منافاة بين تحريم الخطبة، وصحة العقد.
(وقيل: تكره الخطبة) بعد إجابة الغير من غير تحريم، لأصالة
الإباحة، وعدم صيرورتها بالإجابة زوجة، ولعدم ثبوت الحديث (7)
كحديث (8)،
241

النهي عن الدخول في سومه وهذا (1) أقوى وإن كان الاجتناب طريق
الاحتياط.
هذا كله في الخاطب المسلم، أما الذمي إذا خطب الذمية لم تحرم
خطبة المسلم لها قطعا، للأصل، وعدم دخوله في النهي، لقوله صلى الله
عليه وآله وسلم: " على خطبة أخيه (2) ".
(التاسعة عشر: يكره العقد على القابلة المربية) للنهي عنه في عدة
أخبار (3) المحمولة على الكراهة جمعا بينها، وبين ما دل صريحا على الحل
وقيل: تحرم عملا بظاهر النهي (4)، ولو قبلت (5) ولم ترب،
أو بالعكس (6) لم تحرم قطعا.
والمعتبر في التربية مسماها عملا بالإطلاق.
وكذا يكره العقد علي بنتها، لأنها بمنزلة أخته، كما أن القابلة بمنزلة
أمه لورودها معها في بعض الأخبار (7). وكان عليه أن يذكرها،
إلا أنه لا قائل هنا بالمنع، (و) كذا يكره (أن يزوج ابنه بنت زوجته
242

المولودة بعد مفارقته (1)) لأمها، وكذا ابنة أمته كذلك (2)، للنهي
عنه عن الباقر عليه السلام معللا بأن أباه (3) لها بمنزلة الأب (4).
وكذا يكره تزويج ابنته لابنها كذلك (5)، والرواية شاملة لهما لأنه
فرضها في تزويج ولده لولدها، فلو فرضها المصنف كذلك كان أشمل،
(أما) لو ولدتها (قبل تزويجه فلا كراهة)، لعدم النهي، وانتفاء العلة
(وإن (6) يتزوج بضرة الأم مع غير الأب لو فارقها الزوج)، لرواية
243

زرارة عن الباقر عليه السلام قال: " ما أحب للرجل المسلم أن يتزوج
ضرة كانت لأمه مع غير أبيه (1) " وهو شامل لما إذا كان تزوج ذلك
الغير قبل أبيه وبعده.
(العشرون نكاح الشغار) بالكسر. وقيل: بالفتح أيضا، (باطل)
إجماعا (وهو أن يزوج كل من الوليين الآخر على أن يكون بضع كل
واحدة مهرا للأخرى) وهو نكاح كان في الجاهلية. مأخوذ من الشغر وهو
رفع إحدى الرجلين. إما لأن النكاح يفضي إلى ذلك. ومنه قولهم:
" أشغرا وفخرا (2) "، أو لأنه يتضمن رفع المهر، أو من قبيل شغر
البلد: إذا خلا من القاضي والسلطان، لخلوه من المهر. والأصل في تحريمه
ما روي (3) من النهي عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولو خلا المهر من أحد الجانبين بطل خاصة، ولو شرط كل منهما
تزويج الأخرى بمهر معلوم صح العقدان وبطل المسمى، لأنه شرط معه
تزويج وهو غير لازم، والنكاح لا يقبل الخيار فيثبت مهر المثل، وكذا
لو زوجه بمهر وشرط أن يزوجه ولم يذكر مهرا.
244

(الفصل الرابع - في نكاح المتعة (1))
و هو النكاح المنقطع، (ولا خلاف) بين الإمامية (في شرعيته)
مستمرا إلى الآن، أو لا خلاف بين المسلمين قاطبة في أصل شرعيته،
245



* (1) أي المعظم من الأمة.
246



(1) لا يخفى التهافت بين دعوى الإجماع في هذا الكلام وكلام الفخر الرازي:
إن السواد ذهبوا إلى الجواز.
248



(1) هو الشيخ محمد عبده: المنار ج 5 ص 16.
(2) راجع الذهبي: ميزان الاعتدال ج 4 ص 135 رقم 8624.
254



(1) الذهبي: ميزان الاعتدال ج 3 ص 134 رقم 5870.
(2) الذهبي: ج 2 ص 425 رقم 4331.
(3) الذهبي: ج 2 ص 564 رقم 4868.
(4) الذهبي: ميزان الاعتدال ج 1 ص 17 5 رقم 706.
255



(1) أحكام القرآن ج 2 ص 179 ص 180.
256



(1) التفسير الكبير ج 10 ص 53.
257



(1) سورة الطلاق: 1.
(2) النساء: 12.
258



(1) بداية المجتهد ج 2 ص 57.
259



(1) مسلم ج 4 ص 130 - 135 طبعة مشكول.
(2) ج 5 ص 13.
(3) ج 10 ص 50.
260



(1) ج 2 ص 140.
(2) أي إلا القليل من الناس. من قولهم: غابت الشمس إلا شفا. أي
إلا قليلا من ضوئها عند غروبها.
(3) أحكام القرآن ج 2 ص 179.
(4) بداية المجتهد ج 2 ص 58.
(5) الدر المنثور ج 2 ص 141.
(6) اقتصر عليه البخاري لتقديره أصح سندا من غيره. فكيف بالبقية.
ج 9 ص 16 طبعة مشكول.
261



(1) ميزان الاعتدال ج 2 ص 170
(2) البخاري ج 9 ص 16 طبعة مشكول.
262



(1) مسلم ج 4 ص 130.
(2) هو عام الحج.
(3) مسلم ج 4 ص 131 طبعة مشكول.
(4) الذهبي: ميزان الاعتدال ج 4 ص 485.
(5) الذهبي: ميزان الاعتدال ج 2 ص 672.
263



(1) الذهبي: ميزان الاعتدال ج 2 ص 672 رقم 5287.
(2) الذهبي: ميزان الاعتدال ج 2 ص 672 رقم 5287.
(3) بداية المجتهد ج 2 ص 58.
264



(1) قال ابن قيم في زاد المعاد ج 1 ص 444 بصدد حديث سبرة: " ولم تر
هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد.. فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع
ابن سبرة.. وقد تكلم فيه ابن معين، ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه
مع شدة الحاجة إليه، وكونه أصلا من أصول الإسلام. ولو صح عنده لم يصبر
عن إخراجه والاحتجاج به.. ".
راجع الغدير ج 6 ص 239
(2) راجع: كتاب (الجمع بين رجال الصحيحين) ج 1 ص 135.
265



(1) سنن البيهقي ج 7 ص 206.
(2) أحكام القرآن ج 2 ص 179.
(3) بداية المجتهد ج 2 ص 58.
(4) مسلم ج 4 ص 131.
(5) ج 4 ص 436 راجع الغدير ج 6 ص 229.
266

* * *

(1) التفسير الكبير ج 5 ص 13.
(2) الدر المنثور ج 2 ص 141.
(3) عمدة القاري للعيني 8 ص 310 راجع الغدير ج 6 ص 208.
(4) التفسير الكبير للرازي ج 10 ص 53.
(5) التفسير الكبير للرازي ج 10 ص 53.
(6) في بعض نسخ البخاري للرازي كما نص عليه القسطلاني.
(7) الإرشاد ج 4 ص 169.
(8) فتح الباري ج 4 ص 339.
267



(1) ابن عبد البر: الإصابة ج 2 ص 61.
(2) فصلت: 42.
(3) النجم: 4
(4) الحشر: 7.
268



(1) شرح تجريد الاعتقاد. للقوشجي: آخر مبحث الإمامة،
(2) الترمذي - بنقل الفصول المهمة ص 64.
(3) ج 2 ص 95.
(4) ج 2 ص 365.
269



(1) يريد به الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. ولا يخفى ما في هذا
التعبير: من اختصاص هذا اللقب السامي بالإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
حيثما يذكر على الإطلاق.
(2) التفسير الكبير ج 10 ص 54.
270



(1) تفسير المنار ج 5 ص 15.
(2) تفسير الطبري ج 5 ص 13.
(3) الدر المنثور ج 2 ص 141.
(4) أحكام القرآن: الجصاص ج 2 ص 179.
(5) تفسير المنار ج 5 ص 15.
271



(1) كذا فسر النووي في شرح مسلم ج 9 ص 188.
(2) هذا التفسير من مسلم نفسه.
(3) مسلم ج 4 ص 133 طبعة مشكول.
(4) مسلم ج 4 ص 131 طبعة مشكول.
(5) النووي: شرح مسلم ج 9 ص 179.
(6) السيوطي عن تسعة من الأئمة والحفاظ (الدر المنثور ج 2 ص 307)
ورواه الجصاص أيضا في أحكام القرآن ج 2 ص 184.
ورواه البخاري ج 7 ص 5.
272



(1) تفسير الطبري ج 5 ص 13.
(2) راجع فتح الباري في شرح البخاري لابن حجر ج 11 ص 78.
(3) راجع فتح الباري في شرح البخاري لابن حجر ج 11 ص 78.
(4) تفسير الطبري ج 5 ص 13.
(5) محاضرات الراغب ج 2 ص 94.
(6) العقد الفريد ج 2 ص 139.
273



(1) تفسير الفخر الرازي ج 10 ص 53.
(2) مسند أحمد ج 2 ص 95.
(3) ابن حزم: المحلى بنقل إرشاد الساري ج 1 1 ص 78.
(4) ابن حزم: المحلى بنقل إرشاد الساري ج 11 ص 78.
(5) البيهقي ج 7 ص 205.
(6) كنز العمال ج 8 ص 293.
(7) الموطأ ج 2 ص 12.
(8) إرشاد الساري ج 11 ص 78.
(9) إرشاد الساري ج 11 ص 77.
(10) إرشاد الساري ج 11 ص 78.
274



(1) إرشاد الساري بشرح البخاري ج 11 ص 77.
(2) إرشاد الساري بشرح البخاري ج 11 ص 74.
(3) مسند أحمد ج 2 ص 95، وقد تقدم في ص 269.
275



(1) تفسير الفخر الرازي ج 10 ص 50 - 51.
277



(1) التي فيها آية " إلا على أزواجهم ما ملكت أيمانهم ".
(2) التي فيها آية " فما استمتعتم به منهن ".
279

وإن اختلفوا بعد ذلك (1) في نسخه.

* يعني إذا تزوج أحد بأمة غيره مع الاستيذان من مولاها، ثم باعها ذلك
المولى من شخص آخر، وهذا الثاني لم يجز هذا التزويج، فإن النكاح ينفسخ من غير
حاجة إلى طلاق.
280

(والقرآن) الكريم (مصرح به) في قوله تعالى: " فما استمتعتم
به منهن فآتوهن أجورهن (1) " اتفق جمهور المفسرين على أن المراد
به نكاح المتعة، وأجمع أهل البيت عليهم السلام على ذلك، وروي عن جماعة
من الصحابة منهم أبي بن كعب، وابن عباس، وابن مسعود أنهم قرأوا
" فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى (2) ".
(ودعوى نسخه) أي نسخ جوازه من الجمهور (لم تثبت)،
لتناقض رواياتهم بنسخه، فإنهم رووا عن علي عليه السلام أن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر (3)، ورووا
عن ربيع بن سبرة عن أبيه أنه قال: شكونا العزبة في حجة الوداع
فقال: " استمتعوا من هذه النساء " فتزوجت امرأة ثم غدوت على رسول الله
صلى الله عليه وآله وهو قائم بين الركن والباب وهو يقول: " إني كنت
قد أذنت لكم في الاستمتاع ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة (4) "
ومن المعلوم ضرورة من مذهب علي وأولاده عليهم الصلاة والسلام
حلها وإنكار تحريمها بالغاية فالرواية عن علي عليه السلام بخلافه باطلة.
ثم اللازم من الروايتين أن تكون قد نسخت (5) مرتين، لأن إباحتها
281

في حجة الوداع أولا ناسخة لتحريمها يوم خيبر ولا قائل به (1)
ومع ذلك يتوجه إلى خبر سبرة الطعن في سنده (2)، واختلاف ألفاظه (3)
ومعارضته لغيره (4). ورووا عن جماعة من الصحابة منهم جابر بن عبد الله
وعبد الله بن عباس وابن مسعود وسلمة بن الأكوع وعمران بن حصين
وأنس بن مالك أنها لم تنسخ (5). وفي صحيح مسلم بإسناده إلى عطاء
قال: " قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء
ثم ذكروا المتعة فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
وأبي بكر وعمر (6) " وهو صريح في بقاء شرعيتها بعد موت النبي صلى الله
عليه وآله من غير نسخ.
(وتحريم بعض الصحابة) وهو عمر (إياه تشريع) من عنده
(مردود عليه)، لأنه إن كان بطريق الاجتهاد فهو باطل في مقابلة
282

النص (1) إجماعا، وإن كان بطريق الرواية فكيف خفي ذلك على الصحابة
أجمع في بقية زمن النبي وجميع خلافة أبي بكر وبعض خلافة المحرم (2)،
ثم يدل على أن تحريمه من عنده لا بطريق الرواية، قوله، في الرواية
المشهورة عنه بين الفريقين: " متعتان كانتا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
حلالا أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما (3) " ولو كان النبي
صلى الله عليه وآله قد نهى عنهما في وقت من الأوقات لكان إسناده إليه
صلى الله عليه وآله أولى وأدخل في الزجر، وروى شعبة عن الحكم بن عتيبة
- وهو من أكابرهم - قال: سألته عن هذه الآية " فما استمتعتم به
منهن " أمنسوخة هي؟ قال: " لا " ثم قال الحكم: قال علي بن أبي طالب
عليه السلام: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي (4) "،
وفي صحيح الترمذي أن رجلا من أهل الشام سأل ابن عمر عن متعة النساء
فقال: هي حلال فقال: إن أباك قد نهى عنها، فقال ابن عمر:
أرأيت إن كان أبي قد نهى عنها وقد سنها [صنعها] رسول الله صلى الله
عليه وآله أتترك السنة وتتبع قول أبي (5).
وأما الأخبار بشرعيتها من طريق أهل البيت عليهم السلام فبالغة،
283

أو كادت أن تبلغ حد التواتر لكثرتها، حتى أنه مع كثرة اختلاف أخبارنا
الذي أكثره بسبب التقية، وكثرة مخالفينا فيه لم يوجد خبر واحد منها
يدل على منعه (1) وذلك عجيب.
(وإيجابه كالدائم) بأحد الألفاظ الثلاثة (2). ولا إشكال هنا
في متعتك، (وقبوله كذلك (3) ويزيد) هنا (ذكر الأجل) المضبوط
المحروس عن الزيادة والنقصان، (وذكر المهر) المضبوط كذلك (4)
بالكيل، أو الوزن أو العدد مع المشاهدة، أو الوصف الرافع للجهالة (5)
ولو أخل به (6) بطل العقد، بخلاف الدائم.
وحكمه كالدائم في جميع ما سلف) من الأحكام شرطا وولاية،
وتحريما بنوعيه (7) (إلا ما استثني) من أن (8) المتعة لا تنحصر
284

(في عدد ونصاب)، ومن أنها تصح بالكتابية ابتداء.
(ولا تقدير في المهر قلة وكثرة)، بل ما تراضيا عليه مما يتمول
ولو بكف من بر وقدره الصدوق بدرهم، (وكذا) لا تقدير
(في الأجل) قلة وكثرة، وشذ قول بعض الأصحاب بتقديره (1) قلة
بما بين طلوع الشمس والزوال، (ولو وهبها المدة قبل الدخول فعليه
نصف المسمى) كما لو طلق في الدوام قبله وفي إلحاق هبة بعض المدة
قبله (2) بالجميع نظر، والأصل يقتضي عدم السقوط ولو كانت الهبة
بعد الدخول للجميع، أو البعض لم يسقط منه شئ قطعا، لاستقراره
بالدخول.
والظاهر أن هذه الهبة إسقاط بمنزلة الإبراء فلا يفتقر إلى القبول.
(ولو أخلت بشئ من المدة) اختيارا قبل الدخول، أو بعده
(قاصها) من المهر بنسبة ما أخلت به من المدة بأن يبسط المهر على جميع
المدة ويسقط منه بحسابه حتى لو أخلت بها أجمع سقط عنه المهر.
ولو كان المنع لعذر كالحيض، والمرض، والخوف من ظالم
لم يسقط (3) باعتباره شئ.
ويحتمل ضعيفا السقوط بالنسبة (4): كالاختياري، نظرا إلى أنه
285

في مقابلة الاستمتاع بقرينة المنع الاختياري. وهو (1) مشترك بين الاختياري
والاضطراري.
وضعفه ظاهر، وفي رواية (2) عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام
ما يدل على الحكمين (3) وإطلاق المقاصة على ذلك الوجه مجاز، لأن
مجرد إخلالها بالمدة يوجب سقوط مقابلها من العوض الآخر (4). ومثل
هذا لا يعد مقاصة. ولو ماتت في أثناء المدة، أو قبل الدخول فأولى
بعدم سقوط شئ كالدائم.
(ولو أخل بالأجل) في متن العقد (انقلب دائما، أو بطل
على خلاف) في ذلك منشؤه: من (5) صلاحية أصل العقد لكل منهما،
وإنما يتمحض للمتعة بذكر الأجل، وللدوام بعدمه فإذا انتفى الأول (6)
ثبت الثاني، لأن الأصل في العقد الصحة، وموثقة (7) ابن بكير
عن الصادق عليه السلام قال: " إن سمي الأجل فهو متعة، وإن لم
يسم الأجل فهو نكاح باق " وعلى هذا عمل الشيخ والأكثر ومنهم
286

المصنف في شرح الإرشاد: ومن (1) أن المتعة شرطها الأجل إجماعا
والمشروط عدم عند عدم شرطه، ولصحيحة (2) زرارة عنه عليه السلام
" لا تكون متعة إلا بأمرين: بأجل مسمى، وأجر مسمى "، وأن الدوام
لم يقصد، والعقود تابعة للقصود (3)، وصلاحية الإيجاب لهما لا يوجب
حمل المشترك على أحد معنييه مع إرادة المعنى الآخر المباين له.
وهذا هو الأقوى، والرواية ليس فيها تصريح بأنهما أرادا المتعة
وأخلا الأجل، بل مضمونها أن النكاح مع الأجل متعة، وبدونه دائم
ولا نزاع فيه.
وأما القول بأن العقد إن وقع بلفظ التزويج والنكاح انقلب دائما،
أو بلفظ التمتع بطل، أو بأن ترك الأجل إن كان جهلا منهما،
أو من أحدهما، أو نسيانا كذلك بطل، وإن كان عمدا انقلب دائما فقد
ظهر ضعفه مما ذكرناه (4) فالقول بالبطلان مطلقا (5) مع قصد التمتع
الذي هو موضع النزاع أوجه.
(و لو تبين فساد العقد) إما بظهور زوج، أو عدة، أو كونها
محرمة عليه جمعا، أو عينا، أو غير ذلك من المفسدات (فمهر المثل
مع الدخول) وجهلها حالة الوطء، لأنه وطء محترم فلا بد له من عوض
وقد بطل المسمى فيثبت مهر مثلها في المتعة المخصوصة.
287

وقيل: تأخذ ما قبضته ولا يسلم الباقي استنادا إلى رواية (1)
حملها على كون المقبوض بقدر مهر المثل أولى من إطلاقها المخالف للأصل
وقبل الدخول لا شئ لها، لبطلان العقد المقتضي لبطلان المسمى، فإن كانت
قد قبضته استعاده، وإن تلف في يدها ضمنته مطلقا (2)، وكذا لو دخل
وهي عالمة بالفساد، لأنها بغي، ولا مهر لبغي.
(ويجوز العزل عنها وإن لم يشترط ذلك) في متن العقد وهو هنا (3)
موضع وفاق وهو منصوص (4) بخصوصه، ولأن الغرض الأصلي منه
الاستمتاع دون النسل، بخلاف الدوام (و) لكن (يلحق به الولد)
على تقدير ولادتها بعد وطئه بحيث يمكن كونه منه (وإن عزل)، لأنها
فراش، والولد للفراش، وهو مروي (5) أيضا، لكن لو نفاه انتفى
ظاهرا بغير لعان، بخلاف ولد الدوام (6).
(ويجوز اشتراط السائغ في العقد كاشتراط الإتيان ليلا، أو نهارا)
لأنه شرط لا ينافي مقتضى العقد، لجواز تعلق الغرض بالاستمتاع في وقت
دون آخر، إما (7) طلبا للاستبداد،
288

أو توفيرا (1) لما سواه على غيره من المطالب، (أو شرط إتيانها مرة،
أو مرارا) مضبوطة (في الزمان المعين) لما ذكر (2). ولو لم يعين
الوقت بل أطلق المرة والمرات بطل، للجهالة.
(ولا يقع بها طلاق)، بل تبين بانقضاء المدة، أو بهبته إياها.
وفي رواية (3) محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه السلام قلت: وتبين بغير
طلاق قال: " نعم "، (ولا إيلاء) على أصح القولين لقوله تعالى
في قصة الإيلاء: " وإن عزموا الطلاق (4) " وليس في المتعة
طلاق، ولأن من لوازم الإيلاء المطالبة بالوطء وهو منتف في المتعة،
وبانتفاء اللازم ينتفي الملزوم، وللمرتضى رحمه الله (5)،
289

.............
290



(1) الرضي و المرتضى.
(2) بمعنى الضوء. (3) بمعنى المستتر أي ليس ضوء السيدين بمستتر.
291



(1) حال للسيدين من الأنق بمعنى الوقوع في النعمة.
(2) بصيغة المعلوم من الرتع أي أن تأنق الرضي والمرتضى وإرتاعهما للنعم
ليس إلا أنهما كانا في رياض المجد والكرم.
(3) من ألق بمعنى الإضائة واللمعان.
(4) من السيادة.
(5) من العفة أي الرضي والمرتضى يضيئان بالسؤدد والعفاف.
(6) بمعنى القدرة والاقتدار.
(7) يكسر الهمزة بمعنى الإهلاك مصدر باب الأفعال من أردأ.
(8) بمعنى الاعطاء والنفع مصدر باب الأفعال من أجدأ.
(9) بمعنى الظلمة مصدر باب الأفعال من أسدف أي الرضي والمرتضى لهما
القدر في إهلاك أعدائهما كالقدر الذي لا محيد عنه وهما في الاعطاء كالمطر الذي
يحيي الأرض وهما كالقمرين المشرقين في الظلمات.
(10) أهل نجد يوصفون بالفصاحة كما أن أهل الرياف يوصفون بالعجمة أي
أن الرضي والمرتضى في الفصاحة والبلاغة كأهل نجد موصوفان بهما، وبقية الناس
كأهل رياف ليس لهم فصاحة وبلاغة.
(11) بالكسر جمع خطة.
(12) بمعنى التعاطي يقال تناصف القوم أي تقاسموا الحق بينهم فالمقصود
أن الرضي والمرتضى تقاسما الحق بينهما بالإنصاف.
292



(1) بمعنى التعاهد والتحالف والتعاقد.
(2) بمعنى الكرم أي الرضي والمرتضى تعاهدا وتعاقدا على الكرم، فهما حليفة
(3) كان أخا صغيرا للسيدين أي يا قوم أعجبوا لهؤلاء الأخوة الثلاثة الذين
هم حلفاء المجد والكرم والشرف.
(4) أي فيكم أطول الأنساب وإن كان نسبكم قصيرا. ومعنى قصر النسب
كون الرجل قريبا من أبيه الذي شهر في الناس، بخلاف ما إذا لم يكن قريبا
مشهورا فإنه يحتاج إلى ذكر أجداده إلا بعدين، واطراح من دونهم ممن ليس
بمشهور.
(5) أي إذا كان الإنسان شريفا في بيته اكتفى باسم أبيه كما يقال أنا ابن حاتم
أنا ابن كسرى من دون تعديد آبائه الأبعدين كما يقال ابنة العنب. فالمقصود أن
الرضي والمرتضى ذوو النسب القصير لا يحتاجان إلى تعديد آبائهم ففضلهم لقصر
نسبهم ظاهر على الناس.
(6) بمعنى الموت.
(7) بمعنى الحركة أي ما مات بيتكم الرفيع والشريف بموت سيدكم الوالد
وإنما موته مثل بيت شعر ذهب منه حركة أو ساكن فما نقص منه شئ.
293



(1) بمعنى الكسوف.
(2) بمعنى البرء أي هذا البيت كالشمس في الدوام والثبوت وإن لحقها
الكسوف، لكنه سريع الزوال فإذا مات السيد الوالد فأنتما مكانه كالشمس.
(3) أي (الإمام موسى بن جعفر) صلوات الله وسلامه عليهما جد السيدين
(4) الأعراف سور بين الجنة والنار. (وموسى) مع (صاحب سورة
الأعراف) تجنيس الإشارة، لأن المراد به موسى بن عمران النبي عليه السلام
294

قول بوقوعه (1) بها، لعموم لفظ النساء (2)، ودفع (3) بقوله تعالى:
295

" فإن عزموا الطلاق " فإن عود الضمير إلى بعض العام يخصصه.
(ولا لعان إلا في القذف بالزنا) على قول المرتضى والمفيد استنادا
إلى أنها زوجة فيقع بها اللعان، لعموم قوله تعالى: " والذين يرمون
أزواجهم (1) " فإن الجمع المضاف يعم، وأجيب بأنه (2) مخصوص
بالسنة، لصحيحة (3) ابن سنان عن الصادق عليه السلام " لا يلاعن الحر
الأمة، ولا الذمية، ولا التي يتمتع بها " ومثله رواية (4) علي بن جعفر
عليه السلام عن أخيه موسى عليه السلام. ولا قائل بالفرق بين الحر
والعبد، فالقول بعدم وقوعه (5) مطلقا قوي.
وأما لعانها لنفي الولد فمنفي إجماعا، ولانتفائه (6) بدونه.
(ولا توارث) بينهما (إلا مع شرطه) في العقد فيثبت على حسب
ما يشترطانه (7)، أما انتفاؤه (8) بدون الشرط فللأصل، ولأن الإرث
حكم شرعي فيتوقف ثبوته على توظيف الشارع ولم يثبت هنا، بل الثابت
296

خلافه كقول الصادق عليه السلام ففي صحيحة (1) محمد بن مسلم:
" من حدودها - يعني المتعة - (2): أن لا ترثك، ولا ترثها "، وأما ثبوته
معه (3) فلعموم " المؤمنون عند شروطهم " (4) وقول الصادق عليه الصلاة والسلام
في صحيحة (5) محمد بن مسلم " إن اشترطا الميراث فهما على شرطهما "،
وقول الرضا عليه الصلاة والسلام في حسنة (6) البزنطي " إن اشترط
الميراث كان، وإن لم يشترط لم يكن ".
وفي المسألة (7) أقوال أخر مأخذها أخبار (8)، أو إطلاقات (9)
297

لا تقاوم (1) هذه (2).
أحدهما: التوارث مطلقا (3).
وثانيها: عدمه مطلقا (4).
وثالثها: ثبوته (5) مع عدم شرط عدمه.
298

والأظهر مختار المصنف (1). ثم إن شرطاه لهما فعلى ما شرطاه،
أو لأحدهما خاصة احتمل كونه كذلك (2) عملا بالشرط، وبطلانه (3)
لمخالفته مقتضاه، لأن الزوجية إن اقتضت الإرث وانتفت موانعه ثبت
من الجانبين، وإلا انتفى منهما.
(ويقع بها الظهار) على أصح القولين، لعموم الآية (4) فإن المستمتع بها
زوجة ولم تخص (5)، بخلاف ما سبق (6)، وذهب جماعة إلى عدم
وقوعه بها، لقول الصادق عليه الصلاة والسلام: " الظهار مثل الطلاق (7) ".
299

والمتبادر (1) من المماثلة أن يكون في جميع الأحكام، ولأن المظاهر
يلزم بالفئة (2)، أو الطلاق. وهو (3) هنا متعذر، والإلزام بالفئة
وحدها بعيد، وبهبة المدة بدل الطلاق أبعد.
ويضعف (4) بضعف الرواية وإرسالها، والمماثلة لا تقتضي العموم (5)
والإلزام (6) بأحد الأمرين (7) جاز أن يختص بالدائم (8) ويكون أثر
الظهار هنا (9) وجوب اعتزالها كالمملوكة.
300

(وعدتها) مع الدخول إذا انقضت مدتها، أو وهبها (حيضتان)
إن كانت ممن تحيض، لرواية محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي (1)
عليه السلام قال: " طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان (2) " وروى
زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام " أن على المتمتعة ما على الأمة (3) "
وقيل: عدتها (4) قرءان وهما طهران، لحسنة (5) زرارة عن الباقر
عليه السلام " وإن كان حر تحته أمة فطلاقها تطليقتان وعدتها قرءان (6) "
301

مضافة (1) إلى صحيحة زرارة.
والأول (2) أحوط. وعليه (3) لو انقضت أيامها، أو وهبها
في أثناء الحيض لم يحسب ما بقي منه (4) لأن الحيضة لا تصدق
302

على بعضها (1)، وإن احتسب ما بقي من الطهر طهرا (2).
(ولو استرابت) بأن لم تحض وهي في سن من تحيض (فخمسة
وأربعون يوما) وهو موضع وفاق. ولا فرق فيهما (3) بين الحرة والأمة
(وتعتد (4) من الوفاة بشهرين وخمسة أيام إن كانت أمة، وبضعفها (5)
إن كانت حرة).
ومستند ذلك (6) الأخبار الكثيرة الدالة على أن عدة الأمة من وفاة
زوجها شهران وخمسة أيام (7) والحرة ضعفها (8) من غير فرق بين
303

الدوام والمتعة، وتزيد الأمة هنا (1) بخصوصها مرسلة علي بن أبي شعبة
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تزوج امرأة متعته ثم مات عنها
ما عدتها؟ قال: " خمسة وستون يوما (2) " بحملها (3) على الأمة
جمعا (4).
وقيل: إن عدتها (5) أربعة أشهر وعشر مطلقا (6)، لصحيحة
زرارة عن الباقر عليه الصلاة والسلام قال: سألته ما عدة المتمتعة إذا مات عنها
الذي تمتع بها قال: " أربعة أشهر وعشرا "، ثم قال: يا زرارة كل
النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرة كانت، أو أمة وعلى أي وجه
304

كان النكاح منه متعة، أو تزويجا، أو ملك يمين فالعدة أربعة أشهر
وعشرا (1) "، وصحيحة (2) عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق عليه السلام
قال: سألته عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ثم يتوفى عنها زوجها هل عليها
العدة فقال: " تعتد أربعة أشهر وعشرا ".
ويشكل (3) بأن هذه (4) مطلقة فيمكن حملها (5) على الحرة
جمعا (6)، وصحيحة (7)
305

زرارة تضمنت أن عدة الأمة (1) في الدوام كالحرة ولا قائل به (2)،
ومع ذلك (3) معارضة (4) بمطلق الأخبار الكثيرة الدالة على أن عدة الأمة
في الوفاة على نصف الحرة (5)، وبان كونها (6) على النصف في الدوام
يقتضي أولويته في المتعة، لأن عدتها (7) أضعف في كثير من أفرادها (8)
ونكاحها (9) أضعف فلا يناسبها (10)
306

أن تكون أقوى. وهذه (1) مخالفة أخرى في صحيحة زرارة للأصول،
وإن كان العمل بها (2) أحوط.
(ولو كانت (3) حاملا فبأبعد الأجلين) من أربعة أشهر وعشرة (4)
أو شهرين وخمسة (5)، ومن وضع الحمل (6) (فيهما) أي في الحرة
والأمة. أما إذا كانت الأشهر أبعد فظاهر (7)، للتحديد بها (8)
307

في الآية (1)، والرواية (2). وأما إذا كان الوضع أبعد فلامتناع الخروج
من العدة مع بقاء الحمل.
308

(الفصل الخامس في نكاح الإماء)
بكسرة الهمزة مع المد (1) جمع أمة بفتحها (لا يجوز للعبد، ولا للأمة
أن يعقدا لأنفسهما نكاحا إلا بإذن المولى لأنهما ملك له) فلا يتصرفان
في ملكه بغير إذنه لقبحه (2)، (أو إجازته) لعقدهما لو وقع بغير إذنه
على أشهر القولين، لحسنة (3) زرارة عن الباقر عليه السلام قال: سألته
عن مملوك تزوج بغير إذن سيده قال: " ذاك إلى السيد إن شاء أجاز،
وإن شاء فرق بينهما ".
وعلى هذا (4) فتكون الإجازة كاشفة عن صحته من حين إيقاعه
كغيره من العقود الفضولية.
وقيل: بل يكون العقد كالمستأنف.
وقيل يقع باطلا. إما بناء على بطلان العقد الفضولي مطلقا (5)،
أو بطلان نكاح الفضولي مطلقا (6)،
309

أو بطلان هذا (1) بخصوصه، نظرا (2) إلى أنه منهي عنه، لقبح
التصرف في ملك الغير فيكون فاسدا ولما روي (3) عن النبي صلى الله
عليه وآله " أيما مملوك تزوج بغير إذن مولاه فنكاحه باطل ". وكلية (4)
الكبرى والسند (5) ممنوعان.
وقيل: تختص الإجازة بعقد العبد، دون الأمة عملا بظاهر النص (6)
السابق، ورجوعا (7) في غيره إلى النهي المفيد للبطلان وكلاهما (8)
310

ممنوعان، فإن المملوك يصلح لهما، والنهي لا يقتضيه (1) هنا.
وحيث يأذن المولى، أو يجيز عقد العبد فالمهر ونفقة الزوجة عليه،
سواء في ذلك كسب العبد، وغيره (2) من سائر أمواله، على أصح
القولين، وله مهر أمته.
(وإذا كانا) أي الأبوان (رقا فالولد رق)، لأنه فرعهما
وتابع لهما ويملكه المولى إن اتحد (3)، وإن كان كل منهما لمالك (يملك الموليان إن أذنا لهما) في النكاح (أو لم يأذن أحدهما) أي كل واحد
منهما، لأنه نماء ملكهما فلا مزية لأحدهما على الآخر، والنسب لاحق
بهما (4)، بخلاف باقي الحيوانات فإن النسب غير معتبر، والنمو والتبعية
فيه (5) لا حق بالأم خاصة، والنص (6) دال عليه (7) أيضا،
والفرق به (8) أوضح. (ولو أذن أحدهما) خاصة (فالولد لمن لم يأذن) سواء كان (9)
311

مولى الأب أم مولى الأم، وعلل (1) مع النص بأن الآذن قد أقدم
على فوات الولد منه فإنه (2) قد يتزوج بمن ليس برق فينعقد الولد
حرا، بخلاف من لم يأذن فيكون الولد له خاصة.
ويشكل الفرق (3) فيما لو انحصر إذن الآذن في وطء المملوكة فإنه
لم يضيع الولد حينئذ
ويشكل الحكم (4) فيما لو اشترط أحدهما (5) بين اثنين فأذن مولى
المختص (6) وأحد (7) المشتركين، دون الآخر (8)، أو تعدد مولى
كل منهما فإنه (9) خارج عن موضع النص والفتوى فيحتمل كونه كذلك (10)
فيختص الولد بمن لم يأذن اتحد أم تعدد، واشتراكه (11) بين الجميع
312

على الأصل حيث لا نص.
(ولو شرط أحد الموليين انفراده (1) بالولد، أو بأكثره (2)
صح) الشرط، لعموم " المؤمنون عند شروطهم "، ولأنه شرط لا ينافي
النكاح، (ولو كان أحد الزوجين حرا فالولد حر) للأخبار (3) الكثيرة
الدالة عليه، سواء في ذلك (4) الأب والأم، ولأنه (5) نماء الحر
في الجملة وحق الحرية مقدم، لأنها أقوى، ولهذا بني العتق على التغليب
والسراية (6).
وقول (7) ابن الجنيد: بأنه لسيد المملوك منهما إلا مع اشتراط
حريته تغليبا لحق الآدمي على حق الله تعالى ضعيف.
(ولو شرط مولى الرق) منهما (رقيته جاز) وصار رقا (على قول
مشهور) بين الأصحاب (ضعيف المأخذ)، لأنه رواية (8) مقطوعة
دلت على أن ولد الحر من مملوكة مملوك، وحملوها على ما إذا شرط
313

المولى الرقية، ومثل هذه الرواية (1) لا تصلح مؤسسة لهذا الحكم (2)
المخالف للأصل (3) فإن الولد إذا كان مع الإطلاق ينعقد حرا فلا تأثير
في رقيته للشرط، لأنه ليس ملكا لأبيه حتى يؤثر شرطه، كما لا يصح
اشتراط رقية من ولد حرا سيما (4) مع ورود الأخبار (5) الكثيرة
بحرية من أحد أبويه حر، وفي بعضها (6) لا يملك ولد حر (7).
ثم على تقدير اشتراط رقيته في العقد، أو التحليل وقلنا بعدم
صحة الشرط، هل يحكم بفساد العقد، لعدم وقوع التراضي بدون الشرط
الفاسد كما في غيره من العقود المشتملة على شرط فاسد أم يصح ويبطل
314

الشرط خاصة.
يحتمل الأول، (1)، لأن العقد يتبع القصد ولم يحصل إلا بالشرط
والشرط لم يحصل.
والثاني (2) لأن عقد النكاح كثيرا ما يصح بدون الشرط الفاسد
وإن لم يصح غيره من العقود، وفي الأول (3) قوة. وصحته (4) في بعض
الموارد لدليل خارج لا يقتضي عمومه في جميع موارده وأولى بعدم الصحة
لو كان (5) تحليلا، لأنه (6) متردد بين العقد والإذن كما سيأتي.
ولا يلزم من ثبوت الحكم (7) في العقد ثبوته (8) في الإذن المجرد،
315

بل يبقى على الأصل (1).
وعلى هذا (2) لو دخل مع فساد الشرط وحكمنا بفساد العقد كان
زانيا مع علمه بالفساد وانعقد الولد رقا كنظائره (3).
نعم لو جهل الفساد كان حرا، للشبهة (4)، وإن قلنا بصحته (5)
لزم بالشرط ولم يسقط بالإسقاط بعد العقد، لأن ذلك (6) مقتضى الوفاء
به (7) مع احتماله (8)، تغليبا للحرية، كما لو أسقط حق التحجير،
ونحوه (9).
(ويستحب إذا زوج عبده من أمته أن يعطيها شيئا من ماله)
ليكون بصورة المهر جبرا لقلبها، ورفعا لمنزلة العبد عندها، ولصحيحة (10)
محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الرجل كيف
ينكح عبده أمته قال: " يجزيه أن يقول: قد أنكحتك فلانة ويعطيها
316

شيئا من قبله، أو من قبل مولاه ولو بمد من طعام، أو درهم أو نحو
ذلك ".
وقيل: بوجوب الاعطاء عملا بظاهر الأمر (1)، ولئلا يلزم خلو
النكاح عن المهر في العقد والدخول معا.
ويضعف (2) بأن المهر يستحقه المولى إذ هو عوض البضع المملوك له
ولا يعقل استحقاقه شيئا على نفسه وإن كان الدفع من العبد كما تضمنته
الرواية (3)، لأن ما بيده ملك للمولى، أما الاستحباب فلا حرج فيه،
لما ذكر (4) وإن لم يخرج (5) عن ملكه.
ويكفي فيه (6) كونه إباحة بعض ماله للأمة تنتفع به بإذنه.
والفرق بين النفقة اللازمة للمولى، والمهر (7): أنه في مقابلة شئ
317

هو ملك المولى، بخلافها (1) فإنها مجرد نفع، ودفع ضرر، لا معاوضة
واعلم أنه يكفي في إنكاح عبده لأمته مجرد اللفظ الدال على الإذن
فيه كما يظهر من الرواية (2)، ولا يشترط قبول العبد، ولا المولى لفظا
ولا يقدح تسميته (3) فيها نكاحا - وهو (4) متوقف على العقد -
318

وإيجابه (1) إعطاء شئ - وهو ينافي الإباحة - لأن (2) قوله عليه السلام:
" يجزيه " ظاهر في الاكتفاء بالإيجاب. والإعطاء (3) على وجه
الاستحباب ولأن (4) رفعه بيد المولى والنكاح الحقيقي ليس كذلك،
ولأن (5) العبد ليس له أهلية الملك فلا وجه لقبوله، والمولى بيده الإيجاب
والجهتان ملكه.
319

فلا ثمرة (1) لتعليقه ملكا بملك نعم يعتبر رضاه بالفعل وهو يحصل
بالإباحة الحاصلة بالإيجاب المدلول عليه بالرواية (2).
وقيل: يعتبر القبول من العبد إما لأنه عقد، أو لأن الإباحة
منحصرة في العقد، أو التمليك. وكلاهما يتوقف على القبول.
وربما قيل: يعتبر قبول المولى، لأنه الولي كما يعتبر منه الإيجاب (3)
(ويجوز تزويج الأمة بين الشريكين لأجنبي باتفاقهما (4)، لانحصار
الحق فيهما، واتحاد سبب الحل (5) ولو عقد أحدهما وحللها الآخر
لم يصح (6)، لتبعض (7) البضع مع احتمال الجواز لو جعلنا التحليل
عقدا (8).
ثم إن اتحد العقد منهما فلا إشكال في الصحة وإن أوقع كل منهما
عقدا على المجموع صح أيضا، وإن أوقعه على ملكه لم يصح (9)،
320

(ولا يجوز تزويجها لأحدهما (1))، لاستلزامه تبعض البضع من حيث
استباحته (2) بالملك والعقد، والبضع (3) لا يتبعض، ولأن الحل
منحصر في الأزواج وملك الإيمان (4)، والمستباح (5) بهما خارج
عن القسمة، لأن التفصيل (6) يقطع الاشتراك.
ودوران (7) الحكم بين منع الخلو، ومنع الجمع يوجب الشك
في الإباحة فيرجع إلى أصل المنع.
321

(ولو حلل أحدهما لصاحبة) حصته (فالوجه الجواز) لأن الإباحة
بمنزلة الملك، لأنها تمليك المنفعة فيكون حل جميعها بالملك، ولراوية (1)
محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في جارية بين رجلين دبراها جميعا
ثم أحل أحدهما فرجها لصاحبه قال: " هي له حلال ".
وقيل: بالمنع أيضا بناء على تبعض السبب حيث إن بعضها مستباح
بالملك، والبعض بالتحليل، وهو (2) مغاير لملك الرقبة في الجملة (3)،
أو لأنه عقد، أو إباحة. والكل مغاير لملكه كمغايرة الإباحة بالعقد (4)
لها (5)،
322

بالملك مع اشتراكهما (1) في أصل الإباحة، والرواية (2) ضعيفة السند.
وأما تعليل الجواز بأنها (3) قبل التحليل محرمة وإنما حلت به (4)
فالسبب واحد ففيه (5) أنه (6) حينئذ يكون تمام (7) السبب،
323

لا السبب (1) التام في الإباحة، ضرورة أن التحليل مختص بحصة الشريك،
لا بالجميع، وتحقق المسبب (2) عند تمام (3) السبب لا يوجب كون
الجزء الأخير (4) منه سببا تاما.
(ولو أعتقت المملوكة) التي قد زوجها مولاها قبل العتق (فلها
الفسخ)، لخبر (5) بريرة وغيره (6)، ولما فيه (7) من حدوث الكمال
وزوال الإجبار.
ولا فرق بين حدوث العتق قبل الدخول وبعده.
والفسخ (على الفور) اقتصارا في فسخ العقد اللازم على موضع
324

اليقين (1) والضرورة تندفع به (2)، وتعذر مع جهلها بالعتق،
وفورية (3) الخيار، وأصله (4) على الأقوى، (وإن كانت) الأمة (5)
(تحت حر)، لعموم صحيحة (6) الكناني عن الصادق عليه السلام
" أيما امرأة أعتقت فأمرها بيدها إن شاءت أقامت وإن شاءت فارقته "
وغيرها (7).
وقيل: يخصص الخيار بزوجة العبد، لما روي (8) من أن بريرة
كانت تحت عبد وهو مغيث، ولا دلالة فيه (9) على التخصيص لو تم (10)
325

(بخلاف العبد فإنه لا خيار له بالعتق)، للأصل، ولانجبار كماله بكون
الطلاق بيده، وكذا لا خيار لسيده، ولا لزوجته حرة كانت أم أمة
للأصل.
(ويجوز جعل عتق أمته صداقها) فيقول: تزوجتك وأعتقتك
وجعلت مهرك عتقك، (ويقدم) في اللفظ (ما شاء من العتق والتزويج)
لأن الصيغة أجمع جملة واحدة لا يتم إلا بآخرها، ولا فرق بين المتقدم
منها والمتأخر.
وقيل: يتعين تقديم العتق، لأن تزويج المولى أمته باطل
ويضعف بما مر (1)، وبأنه يستلزم عدم جواز جعل العتق مهرا،
لأنه لو حكم بوقوعه بأول الصيغة امتنع اعتباره (2) في التزويج المتعقب.
وقيل: بل يقدم التزويج لئلا تعتق فلا تصلح لجعل عتقها مهرا،
ولأنها تملك أمرها فلا يصح تزويجها بدون رضاها، ولرواية (3) علي بن
جعفر عليه السلام عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجل
قال لأمته: أعتقتك وجعلت مهرك عتقك. فقال: " عتقت وهي بالخيار
إن شأت تزوجته، وإن شاءت فلا، فإن تزوجته فليعطها شيئا "، ونحوه
روي (4) عن الرضا عليه السلام.
326

وفيه (1) نظر. لما ذكر (2)، ولأن المانع في الخبر (3) عدم
التصريح بلفظ التزويج، لا تقديم العتق، وهو غير المتنازع.
والحق أنهما (4) صيغة واحدة لا يترتب شئ من مقتضاها (5)
إلا بتمامها فيقع مدلولها (6) وهو العتق وكونه (7) مهرا وكونها زوجة.
(ويجب قبولها (8) على قول)، لاشتمال الصيغة على عقد النكاح
وهو مركب شرعا من الإيجاب والقبول، ولا يمنع منه (9) كونها حال
الصيغة رقيقة، لأنها بمنزلة الحرة حيث تصير حرة بتمامه (10)، فرقيتها
غير مستقرة، ولولا ذلك (11) امتنع تزويجها.
327

ووجه عدم الوجوب (1) أن مستند شرعية هذه الصيغة هو النقل
المستفيض عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم صلوات الله،
وليس في شئ منه (2) ما يدل على اعتبار القبول، ولو وقع النقل،
لأنه مما تعم به البلوى، وأن (3).
328

حل الوطء مملوك له فهو (1) بمنزلة التزويج، فإذا أعتقها على هذا
الوجه (2) كان (3) في معنى استثناء بقاء الحل من مقتضيات العتق،
ولأن القبول إنما يعتبر من الزوج، لا من المرأة وإنما وظيفتها الإيجاب
ولم يقع منها، وبذلك (4) يظهر أن عدم اعتبار قبولها أقوى، وإن كان
القول به (5) أحوط.
ويظهر (6) أيضا جواب ما قيل: إنه كيف يتزوج جاريته،
وكيف يتحقق الإيجاب والقبول وهي مملوكة.
وما (7) قيل: من أن المهر يجب أن يكون متحققا قبل العقد،
329

ومع تقديم التزويج لا يكون متحققا، وأنه يلوح منه (1) الدور، فإن العقد
لا يتحقق إلا بالمهر الذي هو العتق، والعتق لا يتحقق إلا بعد العقد (2)
- مندفع (3) بمنع اعتبار تقدمه (4)، بل يكفي مقارنته للعقد وهو هنا
كذلك (5)، وبمنع (6) توقف العقد على المهر وإن استلزمه (7)، وإذا
جاز العقد على الأمة - وهي صالحة لأن تكون مهر لغيرها (8) - جاز
جعلها، أو جعل فك ملكها مهرا لنفسها (9)، مع أن ذلك كله في مقابلة
النص (10) الصحيح المستفيض فلا يسمع.
(ولو بيع أحد الزوجين فللمشتري والبايع الخيار) في فسخ النكاح (11)
وإمضائه، سواء دخل أم لا، وسواء كان الآخر حرا أم لا، وسواء
كانا لمالك أم كل واحد لمالك.
330

وهذا الخيار على الفور كخيار العتق، ويعذر جاهله، وجاهل
الفورية على الظاهر، (وكذا يتخير كل من انتقل إليه الملك بأي سبب (1)
كان) من هبة، أو صلح، أو صداق وغيره، ولو اختلف الموليان
في الفسخ والالتزام قدم الفاسخ كغيره (2) من الخيار المشترك (ولو بيع
الزوجان معا على واحد تخير) لقيام المقتضي (3)، (ولو بيع كل منهما
على واحد تخيرا) لما ذكر (4)، وكذا لو باعهما المالك من اثنين
على جهة الاشتراك (5).
(وليس للعبد طلاق أمة (6) سيده) لو كان متزوجا بها بعقد
يلزمه (7) جواز الطلاق (إلا برضاه) كما أن تزويجه (8) بيده. وهو
موضع نص (9) وإجماع. (ويجوز) للعبد (طلاق غيرها) أي غير أمة سيده وإن كان
331

قد زوجه (1) بها مولاه (أمة كانت) الزوجة، (أو حرة، أذن المولى)
في طلاقها (أو لا على المشهور)، لعموم (2) قوله عليه السلام " الطلاق
بيد من أخذ بالساق "، وروى (3) ليث المرادي عن الصادق عليه السلام
وقد سأله عن جواز طلاق العبد فقال: " إن كانت أمتك فلا (4)،
إن الله تعالى يقول: " عبدا مملوكا لا يقدر على شئ (5) "
وإن كانت أمة قوم آخرين جاز طلاقه.
وقيل: ليس له الاستبداد (6) به كالأول (7)، استنادا إلى أخبار (8)
مطلقة حملها (9) على كون الزوجة أمة المولى طريق الجمع.
332

وفي ثالث (1) يجوز للسيد إجباره على الطلاق كما له إجباره على النكاح
والرواية (2) مطلقة يتعين حملها على أمته كما مر (3).
(وللسيد أن يفرق بين رقيقيه متى شاء بلفظ الطلاق، وبغيره)
من الفسخ والأمر بالاعتزال، ونحوهما.
هذا إذا زوجهما بعقد النكاح، أما إذا جعله (4) إباحة فلا طلاق،
333

إلا (1) أن يجعل دالا على التفريق من غير أن يلحقه أحكامه، ولو أوقع
لفظ الطلاق مع كون السابق عقدا فظاهر الأصحاب لحوق أحكامه (2)،
واشتراطه بشرائطه، عملا بالعموم (3)، مع احتمال العدم (4) بناء
على أنه (5) إباحة وإن وقع بعقد.
(وتباح الأمة) لغير مالكها (بالتحليل) من المالك لمن يجوز له
التزويج بها وقد تقدمت شرائطه التي من جملتها كونه مؤمنا في المؤمنة،
ومسلما في المسلمة، وكونها كتابية لو كانت كافرة، وغير ذلك من أحكام
النسب والمصاهرة، وغيرها، وحل الأمة بذلك (6) هو المشهور
بين الأصحاب، بل كاد يكون إجماعا، وأخبارهم (7) الصحيحة به مستفيضة
ولا بد له من صيغة دالة عليه (مثل أحللت لك وطأها، أو جعلتك
في حل من وطئها). وهاتان الصيغتان كافيتان فيه (8) اتفاقا.
334

(وفي صحته (1) بلفظ الإباحة قولان): أحدهما إلحاقها به (2)،
لمشاركتها له في المعنى فيكون كالمرادف الذي يجوز إقامته مقام رديفه.
والأكثر على منعه (3) وقوفا فيما خالف (4) الأصل على موضع اليقين،
وتمسكا بالأصل (5)، ومراعاة للاحتياط في الفروج المبنية عليه (6).
وهو الأقوى، وتمنع المرادفة (7) أولا، ثم الاكتفاء بالمرادف مطلقا (8)
فإن كثيرا من أحكام النكاح توقيفية، وفيه شائبة العبادة، والاحتياط فيه
مهم فإن جوزناه (9) بلفظ الإباحة كفى أذنت وسوغت وملكت ووهبت
ونحوه.
335

(والأشبه أنه (1) ملك يمين لا عقد نكاح)، لانحصار العقد
في الدائم والمتعة وكلاهما منتفيان عنه لتوقف رفع الأول (2) على الطلاق
في غير الفسخ بأمور محصورة ليس هذا منها، ولزوم المهر فيه بالدخول
وغير ذلك من لوازمه، وانتفاء اللازم (3) يدل على انتفاء الملزوم،
ولتوقف الثاني (4) على المهر والأجل وهما منتفيان هنا أيضا فينتفي (5)،
ولأن عقد النكاح لازم، ولا شئ من التحليل بلازم، وإذا انتفى كونه
عقدا ثبت الملك، لانحصار حل النكاح فيهما (6) بمقتضى الآية (7).
وعلى القولين (8) لا بد من القبول، لتوقف الملك عليه أيضا.
وقيل: إن الفائدة (9) تظهر فيما لو أباح أمته لعبده فإن قلنا:
336

إنه (1) عقد، أو تمليك وأن العبد يملك حلت، وإلا (2) فلا.
وفيه نظر، لأن الملك فيه (3) ليس على حد الملك المحض (4)
بحيث لا يكون العبد أهلا له. بل المراد به (5) الاستحقاق كما يقال:
يملك زيد إحضار (6) مجلس الحكم، ونحوه (7)، ومثل هذا يستوي فيه
الحر والعبد، فصحة التحليل في حقه على القول بعدم الملك متجهة.
(ويجب الاقتصار على ما تناوله اللفظ وما يشهد الحال بدخوله فيه)
فإن أحله (8) بعض مقدمات الوطء كالتقبيل والنظر لم يحل له الآخر
ولا الوطء، وكذا لو أحله بعضها (9) في عضو مخصوص أختص به،
وإن أحله الوطء حلت المقدمات (10) بشهادة الحال (11)، ولأنه (12)
337

لا ينفك عنها غالبا، ولا موقع له (1) بدونها، ولأن تحليل الأقوى (2)
يدل على الأضعف (3) بطريق أولى، بخلاف المساوي (4)، والعكس (5)
وهل يدخل اللمس بشهوة في تحليل القبلة نظر. من (6) الاستلزام
المذكور في الجملة فيدخل. ومن (7) أن اللازم دخول لمس ما استلزمته
القبلة (8)، لا مطلقا (9) فلا يدخل (10) إلا ما توقفت عليه خاصة.
وهو الأقوى.
(والولد) الحاصل من الأمة المحللة (حر) مع اشتراط حريته،
أو الإطلاق، ولو شرط رقيته ففيه ما مر (11)، ويظهر من العبارة (12)
338

عدم صحة الشرط، حيث أطلق الحرية وهو الوجه، ولا يخفى أن ذلك (1)
مبني على الغالب من حرية الأب، أو على القول باختصاصه (2) بالحر
فلو كان مملوكا وسوغناه (3) كما سلف (4) فهو رق، (و) حيث يحكم
بحريته (لا قيمة على الأب) مع اشتراط حريته إجماعا، ومع الإطلاق
على أصح القولين، وبه أخبار (5) كثيرة، ولأن الحرية مبنية على التغليب
ولهذا يسري العتق بأقل جزء يتصور، ولا شبهة في كون الولد متكونا
من نطفة الرجل والمرأة فيغلب جانب الحرية، والحر لا قيمة له.
وفي قول آخر إنه يكون رقا لمولى الجارية ويفكه أبوه إن كان له
مال، وإلا استسعى في ثمنه، والأول (6) أشهر، (ولا بأس بوطء
الأمة وفي البيت آخر مميز) أما غيره (7) فلا يكره مطلقا (وأن ينام (8)
339

بين أمتين ويكره ذلك (1)) المذكور في الموضعين (في الحرة، وكذا
يكره وطء الأمة الفاجرة كالحرة الفاجرة)، لما فيه من العار، وخوف
اختلاط المائين، (ووطء من ولدت من الزنا بالعقد (2))، ولا بأس به
بالملك، ولكن لا يتخذها (3) أم ولد، بل يعزل عنها حذرا من الحمل
روى (4) ذلك محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.
340

(الفصل السادس في المهر)
(المهر كل ما يصلح أن يملك) وإن قل بعد أن يكون متمولا
(عينا كان، أو منفعة) وإن كانت منفعة حر، ولو أنه (1) الزوج،
كتعليم صنعة، أو سورة، أو علم غير واجب (2)، أو شئ من الحكم
والآداب، أو شعر، أو غيرها من الأعمال المحللة المقصودة (3) (يصح
إمهاره)، ولا خلاف في ذلك كله سوى العقد على منفعة الزوج فقد
منع منه الشيخ في أحد قوليه استنادا إلى رواية (4) لا تنهض دليلا متنا
وسندا.
341

(ولو عقد الذميان على ما لا يملك في شرعنا) كالخمر والخنزير
(صح) لأنهما يملكانه (فإن أسلما)، أو أسلم أحدهما قبل التقابض
(انتقل إلى القيمة) عند مستحليه، لخروجه عن ملك المسلم، سواء كان
عينا، أو مضمونا (1) لأن المسمى لم يفسد، ولهذا لو كان قد أقبضها
إياه قبل الإسلام برئ، وإنما تعذر الحكم به فوجب المصير إلى قيمته
لأنها أقرب شئ إليه، كما لو جرى العقد على عين وتعذر تسليمها.
ومثله (2) ما لو جعلاه ثمنا لمبيع، أو عرضا لصلح، أو غيرهما (3)
342

وقيل: يجب مهر المثل (1) تنزيلا، لتعذر تسليم العين منزلة
الفساد (2)، ولأن وجوب القيمة فرع وجوب دفع العين مع الإمكان،
وهو هنا ممكن وإنما عرض عدم صلاحيته للتملك لهما.
ويضعف (3) بمنع الفساد كما تقدم (4)، والتعذر الشرعي (5)
منزل منزلة الحسي، أو أقوى، ومهر المثل قد يكون أزيد من المسمى،
فهي تعترف بعدم استحقاق الزائد، أو أنقص (6) فيعترف هو باستحقاق
الزائد حيث لم يقع المسمى فاسدا فكيف يرجع إلى غيره (7) بعد استقراره
ولو كان الإسلام (8) بعد قبض بعضه سقط بقدر المقبوض ووجب قيمة
الباقي، وعلى الآخر (9) يجب بنسبته من مهر المثل.
(ولا تقدير في المهر قلة) ما لم يقصر عن التقويم كحبة حنطة،
(ولا كثرة) على المشهور لقوله تعالى: " وآتيتم إحديهن قنطارا (10) "
343

وهو المال العظيم، وفي القاموس: القنطار بالكسر وزن أربعين أوقية
من ذهب، أو فضة، أو ألف دينار، أو ألف ومئتا أوقية من ذهب،
أو فضة، أو سبعون ألف دينار، أو ثمانون ألف درهم، أو مئة رطل
من ذهب، أو فضة، أو ملء مسك ثور ذهبا، أو فضة،
وفي صحيحة (1) الوشا عن الرضا عليه السلام: لو أن رجلا تزوج امرأة
وجعل مهرها عشرين ألفا، ولأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا، والذي
جعله لأبيها فاسدا.
(ويكره أن يتجاوز مهر السنة) وهو ما أصدقه النبي صلى الله عليه وآله
لأزواجه جمع (وهو خمسمأة (2) درهم) قيمتها خمسون
دينارا، ومنع المرتضى من الزيادة عليها، وحكم برد من زاد عنها
إليها (3) محتجا بالإجماع، وبه خبر (4) ضعيف لا يصلح حجة،
والإجماع ممنوع، وجميع التفسيرات السابقة للقنطار ترد عليه (5)، والخبر (6)
344

الصحيح حجة بينة، نعم يستحب الاقتصار عليه (1) لذلك.
(ويكفي فيه المشاهدة عن اعتباره) بالكيل، أو الوزن، أو العدد
كقطعة من ذهب مشاهدة لا يعلم وزنها، وقبة من طعام لا يعلم
كيلها، لارتفاع معظم الغرر بالمشاهدة، واغتفار الباقي (2) في النكاح،
لأنه (3) ليس معاوضة محضة بحيث ينافيه ما زاد منه (4).
ويشكل الحال (5) لو تلف قبل التسليم، أو بعده وقد طلقها
قبل الدخول. ولو لم يشاهد اعتبر التعيين قدرا، ووصفا (6) إن كان
مما يعتبر به (7)، أو وصفا خاصة (8) إن اكتفي به (9) كالعبد
345

(ولو تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فهو
خمسمأة درهم)، للنص (1)، والإجماع، وبهما (2) يندفع الإشكال
مع جهل الزوجين، أو أحدهما بما جرت به السنة منه، وبقبوله (3)
الغرر كما تقرر (4).
(ويجوز جعل تعليم القرآن مهرا)، لرواية (5) سهل الساعدي
المشهورة فيعتبر تقديره بسورة معينة، أو آيات خاصة، ويجب حينئذ (6)
أن يعلمها القراءة الجائزة شرعا، ولا يجب تعيين قراءة شخص بعينه
وإن تفاوتت في السهولة والصعوبة، ولو تشاحا في التعيين قدم مختاره،
لأن الواجب في ذمته منها أمر كلي فتعيينه إليه كالدين.
وحد التعليم أن تستقل (7) بالتلاوة، ولا يكفي تتبعها (8) نطقه،
والمرجع في قدر المستقل به إلى العرف فلا يكفي الاستقلال بنحو الكلمة
والكلمتين، ومتى صدق التعليم عرفا لا يقدح فيه نسيانها ما علمته
وإن لم تكن قد أكملت جميع ما شرط، لتحقق البراءة (9)، ولو تعذر
346

تعلمها لبلادتها، أو موتها، أو موت الزوج حيث يشترط التعليم منه،
أو تعلمت من غيره فعليه أجرة المثل، لأنها عوضه (1) حيث يتعذر،
ولو افتقرت إلى مشقة عظيمة زائدة على عادة أمثالها لم يبعد إلحاقه (2)
بالتعذر، وكذا القول في تعليم الصنعة.
(ويصح العقد الدائم من غير ذكر المهر) وهو المعبر عنه بتفويض
البضع بأن تقول: زوجتك نفسي فيقول: قبلت، سواء أهملا ذكره
أم نفياه صريحا، وحينئذ (3) فلا يجب المهر بمجرد العقد، (فإن دخل
بها فمهر المثل). والمراد به ما يرغب به في مثلها نسبا، وسنا، وعقلا
ويسارا، وبكارة، وأضدادها، وغيرها مما تختلف به الأغراض (4)،
(وإن طلق قبل الدخول) وقبل اتفاقهما على فرض مهر (فلها المتعة (5))
المدلول عليها بقوله تعالى: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء (6) "
(حرة كانت) الزوجة المفوضة (أم أمة).
والمعتبر في المتعة بحال الزوج في السعة والإقتار (فالغني) يمتع
(بالدابة) وهي الفرس لأنه الشائع في معناها عرفا.
والمعتبر منها (7) ما يقع عليها اسمها صغيرة كانت أو كبيرة،
347

برذونا كانت أم عتيقا، قاربت قيمته الثوب والعشرة الدنانير أم لا،
(أو الثوب المرتفع) قيمته عادة، ناسبت قيمته (1) قسيميه أم لا،
(أو عشرة دنانير) وهي المثاقيل الشرعية (2).
(والمتوسط) في الفقر والغناء يمتع (بخمسة دنانير، والفقير بدينار
أو خاتم) ذهب، أو فضة معتد به عادة (وشبهه) من الأموال المناسبة
لما ذكر (3) في كل مرتبة (4) والمرجع في الأحوال الثلاثة إلى العرف
بحسب زمانه ومكانه وشأنه.
(ولا متعة لغير هذه) الزوجة: وهي المفوضة (5) لبضعها المطلقة
قبل الدخول والفرض (6)، لكن يستحب لو فارقها بغير الطلاق
من لعان وفسخ بل قيل بوجوبه حينئذ (7)، لأنه في معنى الطلاق.
والأول (8) أقوى، لأنه مدلول الآية (9)، وأصالة البراءة
348

في غيره (1) تقتضي العدم (2). وألحق بهذه (3) من فرض لها مهر
فاسد (4)، فإنه (5) في قوة التفويض، ومن فسخت في المهر قبل الدخول
بوجه مجوز (6).
(ولو تراضيا بعد العقد بفرض المهر جاز وصار لازما)، لأن الحق
فيه لهما، زاد عن مهر المثل أم ساواه أم قصر. فإن اختلفا قيل: للحاكم
فرضه (7) بمهر المثل، كما أن له تعيين النفقة للزوجة على الغائب،
ومن جرى مجراه (8).
ويحتمل إبقاء الحال إلى أن يحصل أحد الأمور الموجبة للقدر (9)،
349

أو المسقطة للحق (1)، لأن ذلك (2) لازم التفويض الذي قد قدما عليه.
(ولو فوضا) في العقد (تقدير المهر إلى أحدهما صح) وهو
المعبر عنه بتفويض المهر، بأن تقول: زوجتك نفسي على أن تفرض
من المهر ما شئت أو ما شئت.
وفي جواز تفويضه (3) إلى غيرهما، أو إليهما (4) معا وجهان:
من (5) عدم النص، ومن (6) أنه كالنائب عنهما والوقوف (7) مع النص
طريق اليقين (ولزم ما حكم به الزوج مما يتمول) وإن قل (وما حكمت به
الزوجة إذا لم يتجاوز مهر السنة) وهو خمسماءة درهم، وكذا الأجنبي
350

لو قيل به، لرواية (1) زرارة عن الباقر عليه السلام، وعلله (2) بأنه
" إذا حكمها لم يكن لها أن تتجاوز ما سن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وتزوج عليه نساءه، وإذا حكمنه فعليها أن تقبل حكمه قليلا
كان، أو كثيرا ".
(ولو طلق قبل الدخول فنصف ما يحكم به الحاكم)، لأن ذلك
هو الفرض الذي ينتصف بالطلاق، وسواء وقع الحكم قبل الطلاق أم بعده
وكذا لو طلقها بعد الدخول لزم الحاكم الفرض (3) واستقر في ذمه الزوج.
(ولو مات الحاكم (4) قبل الدخول والحكم فالمروي (5)) في صحيحة
محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في رجل تزوج امرأة على حكمها،
أو حكمه فمات، أو ماتت قبل الدخول: (أن لها المتعة)، والميراث،
ولا مهر لها، ويؤيده أن مهر المثل لا يجب إلا مع الدخول ولم يحصل،
351

ولا مسمى (1) ولا يجوز إخلاء النكاح (2) عن مهر فتجب المتعة،
إذ لا رابع. (3)
وقيل (4): يثبت لها مهر المثل لأنه قيمة المعوض (5) حيث
لم يتعين غيره، ولأن المهر مذكور (6) غايته أنه مجهول فإذا تعذرت
معرفته وجب الرجوع إلى مهر المثل.
وهو (7) غير مسموع في مقابل النص (8) الصحيح.
ولا فرق مع موت الحاكم بين موت المحكوم عليه معه، وعدمه عملا
بإطلاق النص.
(ولو مات المحكوم عليه) وحده (فللحاكم الحكم)، إذ لا يشترط
حضور المحكوم عليه عنده، والتفويض إليه قد لزم بالعقد فلا يبطل بموت
352

المحكوم عليه، ولأصالة (1) بقائه والنص (2) لا يعارضه.
وربما قيل (3) بأنه مع موت الحاكم لا شئ.
وهو ضعيف (4) (ولو مات أحد الزوجين مع تفويض البضع
قبل الدخول فلا شئ) لرضاهما بغير مهر، ولصحيحة (5) الحلبي
عن الصادق عليه السلام في المتوفى عنها زوجها قبل الدخول: " إن كان
فرض لها مهرا فلها (6)، وإن لم يكن فرض مهرا لها فلا مهر لها ".
وهذا مما لا خلاف فيه ظاهرا.
وهنا (مسائل عشر)
(الأولى - الصداق يملك بأجمعه) للزوجة (بالعقد) ملكا متزلزلا
ويستقر بأحد أمور أربعة الدخول إجماعا، وردة الزوج عن فطرة، وموته
موتها في الأشهر، (ولها التصرف فيه قبل القبض) إذ لا مدخلية للقبض
هنا في الملك، سواء طلقها قبل الدخول أم لا وإن رجع إليه نصفه بالطلاق
(فلو نما) بعد العقد (كان) النماء (لها) خاصة، لرواية (7) عبيدة
353

ابن زرارة عن الصادق عليه السلام في زوج [رجل] ساق إلى زوجته
غنما ورقيقا فولدت له عندها وطلقها قبل أن يدخل فقال: " إن كن
حملن عنده فله نصفها ونصف ولدها، وإن كن حملن عندها فلا شئ له
من الأولاد " (فإن تعقبه طلاق قبل الدخول ملك الزوج النصف حينئذ)
ولا شئ له في النماء، ثم إن وجده باقيا على ملكها أجمع أخذ نصفه،
وإن وجده تالفا، أو منتقلا عن ملكها فنصف مثله، أو قيمته.
ثم إن اتفقت القيمة (1)، وإلا (2) فله الأقل من حين العقد
إلى حين التسليم، لأن الزيادة حدثت في ملكها، وإن وجده معيبا رجع
في نصف العين مع الأرش، ولو نقصت القيمة للسوق (3) فله نصف
العين خاصة، وكذا لو زادت (4) وهي باقية، ولو زاد (5) زيادة
متصلة كالسمن تخيرت بين دفع نصف العين الزائدة، ونصف القيمة
من دونها، وكذا لو تغيرت (6) في يدها بما أوجب زيادة القيمة كصياغة
الفضة وخياطة الثوب.
ويجبر (7) على العين لو بذلتها في الأول (8)،
354

دون الثاني (1)، لقبول الفضة لما يريده (2) منها، دون الثوب،
إلا أن يكون مفصلا على ذلك الوجه (3) قبل دفعه إليها.
(ويستحب (4) لها العفو عن الجميع) لقوله تعالى: " وإن تعفو
أقرب للتقوى (5).
والمراد بالعفو إسقاط المهر بالهبة إن كان عينا، والابراء وما في معناه
من العفو والإسقاط إن كان دينا.
وربما قيل بصحته (6) بلفظ العفو مطلقا (7) عملا بظاهر الآية (8)
ورده (9) إلى القوانين الشرعية أولى، والآية لا تدل على أزيد
منه (10).
(ولوليها الإجباري) الذي بيده عقدة النكاح أصالة وهو الأب
والجد له بالنسبة إلى الصغيرة (العفو عن البعض) أي بعض النصف
355

الذي تستحقه بالطلاق قبل الدخول (1)، لأن عفو الولي مشروط بكون
الطلاق قبل الدخول، (لا الجميع)، واحترز بالإجباري عن وكيل
الرشيدة فليس له العفو مع الإطلاق (2)، في أصح القولين.
نعم لو وكلته في العفو جاز قطعا، وكذا وكيل الزوج في النصف
الذي يستحقه بالطلاق.
(الثانية - لو دخل قبل دفع المهر كان دينا عليه وإن طالت المدة)
للأصل، والأخبار (3)، وما (4) روي (5) من أن الدخول يهدم
العاجل، أو أن طول المدة يسقطه شاذ لا يلتفت إليه، أو مأول
بقبول قول الزوج في براءته من المهر لو تنازعا.
(والدخول) الموجب للمهر تاما (هو الوطء) المتحقق بغيبوبة
الحشفة، أو قدرها من مقطوعها.
وضابطه ما أوجب الغسل (قبلا أو دبرا، لا مجرد الخلوة) بالمرأة
وإرخاء الستر على وجه ينتفي معه المانع من الوطء على أصح القولين،
356

والأخبار في ذلك (1) مختلفة، ففي بعضها (2) أن وجوبه أجمع متوقف
على الدخول، وفي أخرى (3) بالخلوة، والآية (4) ظاهرة في الأول (5)
ومعه (6) مع ذلك (7) الشهرة (8) بين الأصحاب،
357

وكثرة (1) الأخبار.
(الثالثة - لو أبرأته من الصداق ثم طلقها قبل الدخول رجع)
عليها (بنصفه (2))، لأنها حين الإبراء كانت مالكة لجميع المهر ملكا
تاما، وما يرجع (3) إليه بالطلاق ملك جديد، ولهذا كان نماؤه لها (4)
فإذا طلقها رجع عليها بنصفه (5).
358

كما لو صادفها (1) قد أتلفته، فإن تصرفها فيه (2) بالإبراء بمنزلة
الإتلاف فيرجع (3) بنصفه، وكذا لو كان (4) عينا ووهبته إياها (5)
ثم طلقها فإنه يرجع عليها (6) بنصف القيمة.
ويحتمل ضعيفا (7) عدم الرجوع في صورة الإبراء، لأنها لم تأخذ
منه مالا، ولا نقلت إليه الصداق (8) لأن الإبراء إسقاط، لا تمليك،
ولا أتلفته عليه كما لو رجع الشاهدان بدين في ذمة زيد لعمرو بعد (9)
359

حكم الحاكم عليه، وقبل (1) الاستيفاء وكان قد أبرأ المشهود (2) عليه
فإنه (3) لا يرجع على الشاهدين بشئ. ولو كان الإبراء إتلافا على من (4)
في ذمته لغرما له.
والفرق واضح (5) فإن حق المهر ثابت حال الإبراء في ذمة الزوج
ظاهرا وباطنا فإسقاط الحق بعد (6) ثبوته متحقق، بخلاف مسألة الشاهد
فإن الحق لم يكن ثابتا كذلك (7) فلم تصادف البراءة حقا يسقط
بالإبراء (8).
360

(وكذا) برجع عليها بنصفه (1) (لو خلعها به (2) أجمع قبل
الدخول)، لاستحقاقه له (3) ببذلها عوضا مع الطلاق فكان انتقاله (4)
عنها سابقا على استحقاقه النصف بالطلاق فينزل منزلة المنتقل عنها حين
استحقاقه النصف فيرجع عليها بنصفه دينا، أو عينا.
361

(الرابعة - يجوز اشتراط ما يوافق به الشرع في عقد النكاح)،
سواء كان من مقتضى عقد النكاح كأن تشترط عليه العدل في القسم (1)
والنفقة، أو يشترط عليها أن يتزوج عليها متى شاء، أو يتسرى (2)،
أو خارجا عنه (3) كشرط تأجيل المهر، أو بعضه إلى أجل معين (فلو شرط
ما يخالفه (4) لغى الشرط وصح) العقد والمهر (كاشتراط أن لا يتزوج
عليها، وأن لا يتسرى)، أو لا يطأ، أو يطلق كما في نكاح المحلل (5)
أما فساد الشرط حينئذ (6) فواضح، لمخالفته المشروع (7)، وأما
362

صحة العقد فالظاهر إطباق الأصحاب عليه، وإلا كان للنظر فيه مجال كما علم
من غيره من العقود المشتملة على الشرط الفاسد (1).
وربما قيل (2): بفساد المهر خاصة (3)، لأن الشرط كالعوض
المضاف إلى الصداق فهو في حكم (4) المال، والرجوع إلى قيمته (5)
متعذر، للجهالة (6) فيجهل الصداق فيرجع إلى مهر المثل.
(ولو شرط إبقاءها في بلدها لزم)، لأنه شرط لا يخالف
المشروع (7)، فإن خصوصيات الوطن أمر مطلوب للعقلاء بواسطة النشؤ
والأهل، والأنس، وغيرها فجاز شرطه توصلا إلى الغرض المباح (8)،
363

ولصحيحة (1) أبي العباس عن الصادق عليه السلام في الرجل يتزوج امرأة
ويشترط لها أن لا يخرجها من بلدها. قال عليه السلام: " يفي لها بذلك
أو قال: يلزمه ذلك "، ولعموم " المؤمنون عند شروطهم ".
(وكذا) لو شرط إبقاءها (في منزلها) وإن لم يكن منصوصا (2)
لاتحاد (3) الطريق.
وقيل: يبطل الشرط فيهما، لأن الاستمتاع بالزوجية في الأزمنة
والأمكنة حق الزوج بأصل الشرع، وكذا السلطنة عليها، فإذا شرط
ما يخالفه كان باطلا (4)، وحملوا الرواية (5) على الاستحباب.
ويشكل بأن ذلك وارد في سائر الشروط السائغة التي ليست بمقتضى
العقد كتأجيل المهر، فإن استحقاقها المطالبة به في كل زمان ومكان ثابت
بأصل الشرع أيضا فالتزام عدم ذلك في مدة الأجل يكون مخالفا (6)،
وكذا القول في كل تأجيل، ونحوه من الشروط السائغة،
والحق أن مثل ذلك (7) لا يمنع خصوصا مع ورود النص (8)
364

الصحيح بجوازه (1). وأما حمل الأمر (2) المستفاد من الخبر الذي بمعناه
على الاستحباب فلا ريب على أنه خلاف الحقيقة فلا يصار إليه مع إمكان
الحمل عليها (3) وهو (4) ممكن، فالقول بالجواز أوجه في مسألة
النص (5).
وأما المنزل فيمكن القول بالمنع (6) فيه، وقوفا فيما خالف الأصل
على موضع النص (7).
وفي التعدي إليه (8) قوة، لعموم الأدلة (9)، واتحاد طريق
المسألتين (10).
365

وحكم المحلة (1) والموضع (2) المخصوص حكم المنزل (3).
ومتى حكمنا بصحته (4) لم يصح إسقاطه (5) بوجه، لأنه (6)
حق يتجدد في كل آن فلا يعقل إسقاط ما لم يوجد حكمه (7) وإن وجد
سببه.
(الخامسة - لو أصدقها تعليم صناعة ثم طلقها قبل الدخول كان لها
نصف أجرة التعليم)، لعدم إمكان تعليمها نصف الصنعة وهو (8)
الواجب لها بالطلاق خاصة، (ولو كان قد علمها) الصنعة (رجع
366

بنصف الأجرة)، لعدم إمكان ارتجاع نفس الواجب فيرجع إلى عوضه
(ولو كان) الصداق (تعليم سورة) ونحوها (فكذلك)، لأنه وإن أمكن
تعليم نصفها عقلا إلا أنه ممتنع شرعا، لأنها صارت أجنبية.
(وقيل: يعلمها النصف من وراء حجاب) كما يعلمها الواجب.
(وهو قريب) لأن تحريم سماع صوتها مشروط بحالة الاختيار، والسماع
هنا من باب الضرورة.
(السادسة - لو اعتاضت (1) عن المهر بدونه (2)، أو أزيد منه)
أو بمغايره جنسا (3)، أو وصفا (4) (ثم طلقها رجع بنصف المسمى)
لأنه الواجب بالطلاق، (لا) بنصف (العوض)، لأنه معاوضة جديدة
لا تعلق له بها (5).
(السابعة - لو وهبته نصف مهرها مشاعا (6) قبل الدخول فله
الباقي)، لأنه بقدر حقه فينحصر فيه، ولأنه لا ينتقل مستحق العين
إلى بدلها إلا بالتراضي، أو تعذر الرجوع لمانع (7)، أو تلف، والكل
منتف (8).
367

ويحتمل الرجوع إلى نصف النصف الموجود وبدل نصف الموهوب،
لأن الهبة وردت على مطلق النصف (1) فيشيع فيكون حقه في الباقي (2)
والتالف فيرجع بنصفه (3) وببدل الذاهب، ويكون هذا (4) هو المانع
وهو (5) أحد الثلاثة المسوغة للانتقال إلى البدل.
ورد (6) بأنه يؤدي إلى الضرر (7) بتبعيض حقه فيلزم ثبوت احتمال
آخر وهو تخييره بين أخذ النصف الموجود (8) وبين التشطير المذكور (9)
(ولو كان) الموهوب (معينا فله نصف الباقي ونصف ما وهبته مثلا،
أو قيمته)، لأنه حقه مشاع في جميع العين وقد ذهب نصفها معينا فيرجع
إلى بدله، بخلاف الموهوب على الإشاعة. ونبه بقوله: وهبته على أن المهر
عين، فلو كان دينا وأبرأته من نصفه برئ من الكل وجها واحدا،
368

(وكذا لو تزوجها (1) بعبدين فمات أحدهما، أو باعته فللزوج نصف
الباقي ونصف قيمة التالف)، لأنه تلف على ملكها واستحقاقه لنصفه (2)
تجدد بالطلاق من غير اعتبار الموجود وغيره.
والتقريب ما تقدم (3).
(الثامنة - للزوجة الامتناع قبل الدخول حتى تقبض مهرها إن كان
المهر حالا) موسرا كان الزوج أم معسرا عينا كان المهر أم منفعة،
متعينا كان أم في الذمة، لأن النكاح في معنى المعاوضة وإن لم تكن
محضة (4). ومن حكمها (5) أن لكل من المتعاوضين الامتناع من التسليم
إلى أن يسلم إليه الآخر فيجبرهما الحاكم على التقابض معا، لعدم الأولوية،
بوضع (6) الصداق عند عدل إن لم يدفعه إليها (7)، ويأمرها بالتمكين.
369

وهذا الحكم لا يختلف على تلك التقديرات (1).
وربما قيل: إنه إذا كان معسرا ليس لها الامتناع، لمنع مطالبته،
ويضعف بأن منع المطالبة لا يقتضي وجوب التسليم قبل قبض
العوض، واحترز بالحال عما لو كان (2) مؤجلا فإن تمكينها لا يتوقف
على قبضه إذ لا يجب لها حينئذ شئ فيبقى وجوب حقه (3) عليها بغير
معارض، ولو أقدمت على فعل المحرم (4) وامتنعت إلى أن حل الأجل
ففي جواز امتناعها حينئذ إلى أن تقبضه تنزيلا له منزلة الحال ابتداء،
وعدمه (5) بناء على وجوب تمكينها قبل حلوله فيستصحب (6)، ولأنها
لما رضيت بالتأجيل بنت أمرها على أن لا حق لها في الامتناع فلا يثبت
بعد ذلك (7)، لانتفاء المقتضي وجهان أجودهما الثاني (8). ولو كان
بعضه حالا وبعضه مؤجلا كان لكل منهما حكم مماثله (9).
370

وإنما يجب تسليمه إذا كانت مهيأة للاستمتاع، فلو كانت ممنوعة
بعذر وإن كان شرعيا كالإحرام لم يلزم، لأن الواجب التسليم من الجانبين
فإذا تعذر من أحدهما لم يجب من الآخر.
نعم لو كانت صغيرة يحرم (1) وطؤها فالأقوى وجوب تسليم مهرها
إذا طلبه الولي، لأنه حق ثابت حال طلبه من له حق الطلب فيجب
دفعه كغيره من الحقوق، وعدم قبض العوض الآخر (2) جاء من قبل
الزوج حيث عقد عليها كذلك (3) موجبا على نفسه عوضا حالا، ورضي
بتأخير قبض المعوض إلى محله (4). وهذا بخلاف النفقة، لأن سبب
وجوبها التمكين التام، دون العقد، ووجه عدم الوجوب (5) قد علم
مما سلف (6) مع جوابه (7).
(وليس لها بعد الدخول الامتناع في أصح القولين) لاستقرار المهر
بالوطء وقد حصل تسليمها نفسها برضاها فانحصر حقها في المطالبة، دون
الامتناع، ولأن النكاح معاوضة ومتى سلم أحد المتعاوضين العوض الذي
من قبله باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه ليتسلم العوض الآخر،
371

ولأن منعها قبل الدخول ثابت بالإجماع ولا دليل عليه (1) بعده فينتفي (2)
بالأصل، فإن التسليم حق عليها، والمهر حق عليه والأصل عدم تعلق
أحدهما بالآخر فيتمسك به (3) إلى أن يثبت الناقل (4).
وقيل: لها الامتناع كقبل الدخول، لأن المقصود بعقد النكاح منافع
البضع فيكون المهر في مقابلها، ويكون تعلق الوطء الأول به كتعلق غيره
والأقوى الأول (5). هذا كله إذا سلمت نفسها اختيارا، فلو دخل
بها كرها فحق الامتناع بحاله، لأنه قبض فاسد فلا يترتب عليه أثر
الصحيح، ولأصالة البقاء إلى أن يثبت المزيل. مع احتمال عدمه (6)
لصدق القبض.
(التاسعة - إذا زوج الأب ولده الصغير) الذي لم يبلغ ويرشد (7)
(وللولد (8) مال يفي) بالمهر (ففي ماله (9) المهر، وإلا) يكن له
372

مال أصلا (ففي مال الأب (1))، ولو ملك (2) مقدار بعضه فهو (3)
في ماله، والباقي على الأب، هذا هو المشهور بين الأصحاب، ونسبه
في التذكرة إلى علمائنا وهو يشعر بالاتفاق عليه، ثم اختار أن ذلك (4)
مع عدم شرط كونه (5) على الولد مطلقا، أو كونه (6) عليه مطلقا،
وإلا (7) كان على الولد في الأول (8)، وعليه (9) في الثاني (10) مطلقا (11)
373

(ولو بلغ) الصبي (فطلق قبل الدخول كان النصف المستعاد
للولد) لا للأب، لأن دفع الأب له (1) كالهبة للابن، وملك الابن له
بالطلاق ملك جديد، لا إبطال (2) لملك المرأة السابق ليرجع إلى مالكه،
وكذا (3) لو طلق قبل أن يدفع الأب عنه، لأن المرأة ملكته بالعقد
وإن لم تقبضه، وقطع في القواعد هنا (4) بسقوط النصف عن الأب،
وأن الابن لا يستحق مطالبته بشئ.
والفرق غير واضح.
ولو دفع الأب عن الولد الكبير المهر تبرعا، أو عن أجنبي ثم طلق
قبل الدخول ففي عود النصف إلى الدافع، أو الزوج قولان من (5) ملك
المرأة له كالأول (6) فيرجع إلى الزوج،
374

ومن (1) أن الكبير لا يملك بغير اختياره (2)، وإنما أسقط عنه (3)
الحق فإذا سقط نصفه (4) رجع النصف إلى الدافع، واختلف كلام
العلامة هنا (5) ففي التذكرة قطع برجوعه إلى الزوج كالصغير (6)،
وفي التحرير قوى عدمه (7)، واستشكل في القواعد بعد حكمه بإلحاقه (8)
بالصغير.
والأقوى الأول (9).
(العاشرة - لو اختلفا في التسمية) فادعاها أحدهما وادعى الآخر
التفويض (حلف المنكر لها) لأصالة عدمها، فيثبت مقتضى عدمها (10)
من المتعة (11)، أو مهر المثل (12)، أو غيرهما (13) (ولو اختلفا في القدر
375

قدم قول الزوج)، لأصالة البراءة من الزائد على ما يعترف به.
واحتمل العلامة في القواعد تقديم قول من يدعي (1) مهر المثل عملا
بالظاهر من عدم العقد على ما دونه، وأنه (2) الأصل في عوض الوطء
المجرد عنه (3) كالشبهة.
وفيه (4) أن الأصل (5) مقدم على الظاهر عند التعارض (6) إلا فيما
ندر، وإنما يكون (7) عوضا عن وطء مجرد عن العقد، أو في مواضع
خاصة (8)، ولو كان النزاع قبل الدخول فلا اشتباه في تقديم قوله.
ولو قيل بقبول قولها في مهر المثل فما دون مع الدخول، لتطابق (9)
الأصل والظاهر عليه (10)، إذ الأصل عدم التسمية وهو (11) موجب له
376

حينئذ، والظاهر تسميته (1)، وعدم (2) قبوله قبله لأصالة البراءة،
وعدم (3) التسمية كان (4) حسنا.
نعم لو كان اختلافهما في القدر بعد اتفاقهما على التسمية، قدم قول
الزوج مطلقا (5).
ومثله (6) ما لو اختلفا في أصل المهر، أو ادعت الزوجة
مهرا ولم يمكن الجواب من قبل الزوج، أو وارثه، لصغر (7)،
أو غيبة (8)، ونحوهما (9).
377

(وكذا) لو اختلفا (في الصفة) كالجيد، والردي، والصحيح،
والمكسر فإن القول قول الزوج مع اليمين، سواء كان النزاع قبل الدخول
أم بعده، وسواء وافق أحدهما مهر المثل أم لا، لأنه الغارم فيقبل قوله
فيه كما يقبل في القدر.
(وفي التسليم (1) يقدم قولها) لأصالة عدمه، واستصحاب اشتغال
ذمته (2) هذا هو المشهور. وفي قول الشيخ أنه بعد تسليم نفسها يقدم
قوله استنادا إلى رواية (3). وهو شاذ.
(وفي المواقعة (4) لو أنكرها) ليندفع عنه نصف المهر بالطلاق
(يقدم قوله)، لأصالة عدمها.
(وقيل: قولها مع الخلوة التامة) التي لا مانع معها عن الوطء
شرعا، ولا عقلا، ولا عرفا. (وهو قريب) عملا بالظاهر من حال
الصحيح إذا خلا بالحليلة، وللأخبار (5) الدالة على وجوب المهر بالخلوة
التامة بحملها على كونه دخل بشهادة الظاهر.
والأشهر الأول (6) ترجيحا للأصل (7).
378

وحكم اختلاف ورثتيهما، أو أحدهما (1) مع الآخر حكمه (2).
379

(الفصل السابع - في العيوب)
(والتدليس (1) وهي) أي العيوب المجوزة لفسخ النكاح على الوجه
الذي يأتي (في الرجل)، بل الزوج مطلقا (2) (خمسة: الجنون والخصاء)
بكسر الخاء مع المد، وهو سل الأنثيين وإن أمكن الوطء (والجب)
وهو قطع مجموع الذكر، أو ما لا يبقى معه قدر الحشفة، (والعنن)
وهو مرض يعجز معه عن الإيلاج، لضعف الذكر عن الانتشار،
(والجذام) بضم الجيم وهو مرض يظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم
(على قول) القاضي (3) وابن الجنيد (4)، واستحسنه في المختلف وقواه
380

المحقق الشيخ علي (1)،
381

لعموم قولا الصادق عليه السلام في صحيحة (1) الحلبي: " إنما يرد
النكاح من البرص (2)، والجذام (3)، والجنون والعفل (4) " فإنه عام
382

في الرجل والمرأة، إلا ما أخرجه الدليل، ولأدائه (1) إلى الضرر المنفي (2)
فإنه من الأمراض المعدية باتفاق الأطباء وقد روي (3) أنه صلى الله
عليه وآله وسلم قال:
" فر من المجذوم فرارك من الأسد " فلا بد من طريق إلى التخلص
ولا طريق للمرأة إلا الخيار (4)، والنص (5) والفتوى الدالان على كونه (6)
عيبا في المرأة - مع وجود وسيلة الرجل إلى الفرقة بالطلاق - قد يقتضيه (7)
في الرجل بطريق أولى.
وذهب الأكثر إلى عدم ثبوت الخيار لها به تمسكا بالأصل،
ولرواية (8) غياث الضبي عن أبي عبد الله عليه السلام " الرجل لا يرد (9)
383

من عيب " فإنه يتناول محل النزاع (1).
ولا يخفى قوة القول الأول (2)، ورجحان روايته (3) لصحتها،
وشهرتها مع ما ضم إليها (4) وهي (5) ناقلة عن حكم الأصل.
واعلم أن القائل بكونه (6) عيبا في الرجل الحق به (7) البرص،
لوجوده (8) معه في النص الصحيح، ومشاركته له في الضرر والإضرار
والعدوي فكان ينبغي ذكره معه.
(ولا فرق بين الجنون المطبق) المستوعب لجميع أوقاته، (وغيره)
وهو الذي ينوب (9) أدوارا، (ولا بين) الحاصل (قبل العقد وبعده)
سواء (وطء أو لا)، لإطلاق النص (10) بكونه عيبا الصادق لجميع
384

ما ذكر (1)، لأن الجنون فنون، والجامع لها فساد العقل على أي
وجه كان.
وفي بعض الأخبار (2) تصريح بجواز فسخها بالحادث منه (3)
بعد العقد.
وقيل: يشترط فيه (4) كونه بحيث لا يعقل أوقات الصلاة.
وليس عليه دليل واضح.
(وفي معنى الخصاء الوجاء) بكسر أوله والمد، وهو رض
الخصيتين بحيث تبطل قوتهما، بل قيل: إنه من أفراد الخصاء فيتناوله
نصه (5)، أو يشاركه (6) في العلة المقتضية للحكم (7)، (وشرط الجب
أن لا يبقى قدر الحشفة) فلو بقي قدرها فلا خيار، لإمكان الوطء حينئذ
(وشرط العنة) بالضم (أن يعجز عن الوطء في القبل والدبر
منها ومن غيرها) فلو وطأها في ذلك النكاح ولو مرة، أو وطء غيرها
فليس بعنين.
وكذا لو عجز عن الوطء قبلا وقدر عليه دبرا عند من يجوزه (8)
385

لتحقق القدرة المنافية للعنة، ومع تحقق العجز عن ذلك أجمع فإنما تفسخ
(بعد رفع أمرها إلى الحاكم وإنظاره سنة) من حين المرافعة فإذا مضت
أجمع وهو عاجز عن الوطء في الفصول الأربعة جاز لها الفسخ حينئذ،
ولو لم ترفع أمرها إليه (1) وإن كان (2) حياء فلا خيار لها.
وإنما احتيج إلى مضي السنة هنا، دون غيره من العيوب، لجواز
كون تعذر الجماع لعارض حرارة فيزول في الشتاء، أو برودة فيزول
في الصيف، أو رطوبة فيزول في الخريف، أو يبوسة فيزول في الربيع.
(وشرط الجذام تحققه) بظهوره على البدن، أو بشهادة عدلين،
أو تصادقهما (3) عليه، لا مجرد ظهور أماراته من تعجر (4) الوجه،
واحمراره، أو اسوداده، واستدارة العين، وكمودتها (5) إلى حمرة،
وضيق النفس، وبحة (6) الصوت، ونتن (7) العرق، وتساقط الشعر
فإن ذلك قد يعرض من غيره (8).
نعم مجموع هذه العلامات قد يفيد أهل الخبرة به حصوله (9)
386

والعمدة على تحققه كيف كان.
(ولو تجددت) هذه العيوب غير الجنون (بعد العقد فلا فسخ)
تمسكا بأصالة لزوم العقد، واستصحابا لحكمه مع عدم دليل صالح على ثبوت
الفسخ.
وقيل: يفسخ بها مطلقا (1)، نظرا إلى إطلاق الأخبار (2) بكونها
عيوبا الشامل لموضع النزاع (3).
وما ورد منها (4) مما يدل على عدم الفسخ بعد العقد غير مقاوم
لها (5) سندا، ودلالة، ولمشاركته ما بعد العقد لما قبله في الضرر المنفي (6)
وفصل آخرون فحكموا بالفسخ قبل الدخول، لا بعده استنادا
إلى خبرين (7) لا ينهضان حجة، وتوقف في المختلف. وله وجه.
(وقيل) والقائل الشيخ: (لو بان) الزوج (خنثى فلها الفسخ)،
وكذا العكس (8).
(ويضعف بإنه إن كان مشكلا فالنكاح باطل) ولا يحتاج رفعه
إلى الفسخ، (وإن كان محكوما بذكوريته) بإحدى العلامات الموجبة لها
387

(فلا وجه للفسخ، لأنه كزيادة عضو في الرجل)، وكذا لو كان (1)
هو الزوجة وحكم بإنوثيتها، لأنه حينئذ كالزيادة في المرأة وهي غير
مجوزة للفسخ على التقديرين (2).
وربما قيل: إن موضع الخلاف (3) ما لو كان محكوما عليه بأحد
القسمين (4).
ووجه الخيار (5) حينئذ أن العلامة الدالة عليه (6) ظنية لا تدفع
النفرة والعار عن الآخر. وهما ضرران منفيان. وفيه (7) أن مجرد
ذلك (8). غير كاف في رفع ما حكم بصحته (9)
388

واستصحابه (1) من غير نص.
وربما منع من الأمرين (2) معا، لأن الزائد (3) هنا بمنزلة السلعة
والثقبة وهما لا يوجبان الخيار.
والظاهر أن الشيخ فرضه (4) على تقدير الاشتباه، لا الوضوح (5)
لأنه حكم (6) في الميراث بأن الخنثى المشكل لو كان زوجا، أو زوجة
أعطي نصف النصيبين، لكنه (7)
389

ضعيف جدا فالمبني عليه (1) أولى بالضعف.
عيوب المرأة
(وعيوب المرأة تسعة: الجنون، والجذام، والبرص، والعمى،
والاقعاد، والقرن) بسكون الراء وفتحها (عظما) كما هو أحد تفسيريه
كالسن يكون في الفرج يمنع الوطء، فلو كان لحما فهو العفل.
وقد يطلق عليه (2) القرن أيضا، وسيأتي حكمه، (والإفضاء)
وقد تقدم تفسيره (3)، (والعفل) بالتحريك وهو شئ يخرج من قبل
النساء شبيه الدرة (4) للرجل، (والرتق) بالتحريك وهو أن يكون
الفرج ملتحما ليس فيه مدخل للذكر (على خلاف فيهما) أي في العفل
والرتق.
ومنشأ الخلاف (5) من (6) عدم النص، ومساواتهما (7) للقرن
390

المنصوص في المعنى المقتضي لثبوت الخيار وهو المنع من الوطء.
وفيه قوة:
وفي بعض كلام أهل اللغة أن العفل هو القرن فيكون منصوصا،
وفي كلام آخرين أن الألفاظ الثلاثة (1) مترادفة في كونها لحما ينبت
في الفرج يمنع الوطء.
(ولا خيار) للزوج (لو تجددت) هذه العيوب (بعد العقد)
وإن كان قبل الوطء في المشهور تمسكا بأصالة اللزوم، واستصحابا لحكم
العقد، واستضعافا لدليل الخيار.
وقيل: يفسخ بالمتجدد مطلقا (2) عملا بإطلاق بعض النصوص (3)
وقيد ثالث بكونه (4) قبل الدخول.
والأشهر الأول (5)، (أو كان يمكن وطء الرتقاء أو القرناء)،
أو العفلاء، لانتفاء الضرر مع إمكانه، (أو) كان الوطء غير ممكن،
لكن كان يمكن (علاجه) بفتق الموضع، أقطع المانع، (إلا أن تمتنع
المرأة) من علاجه، ولا يجب عليها الإجابة، لما فيها (6) من تحمل
الضرر والمشقة، كما أنها لو أرادته (7) لم يكن له المنع، لأنه تداو
391

ولا تعلق له به (1).
(وخيار العيب على الفور) عندنا اقتصارا فيما خالف الأصل
على موضع الضرورة، فلو أخر من إليه الفسخ مختارا مع علمه بها بطل
خياره، سواء الرجل والمرأة، ولو جهل الخيار، أو الفورية فالأقوى
أنه عذر فيختار بعد العلم على الفور، وكذا لو نسيهما (2)، ولو منع
منه (3) بالقبض على فيه (4) أو التهديد على وجه يعد إكراها فالخيار
بحاله إلى أن يزول المانع، ثم تعتبر الفورية حينئذ.
(ولا يشترط فيه (5) الحاكم)، لأنه حق ثبت فلا يتوقف عليه
كسائر الحقوق، خلافا لابن الجنيد رحمه الله.
(وليس) الفسخ (بطلاق) فلا يعتبر فيه ما يعتبر في الطلاق (6)
ولا يعد في الثلاث (7)، ولا يطرد معه (8) تنصيف المهر،
392

وإن ثبت (1) في بعض موارده (ويشترط الحاكم في ضرب أجل العنة)
لا في فسخها (2) بعده، بل تستقبل به (3) حينئذ (4) (ويقدم قول منكر
العيب مع عدم البينة)، لأصالة عدمه (5) فيكون مدعيه هو المدعي
فعليه البينة وعلى منكره اليمين، ولا يخفى أن ذلك (6) فيما لا يمكن الوقوف
عليه كالجب والخصاء (7)، وإلا (8) توصل الحاكم إلى معرفته، ومع قيام
البينة به (9) إن كان ظاهرا كالعيبين (10) المذكورين كفى في الشاهدين
العدالة، وإن كان خفيا يتوقف العلم به على الخبرة كالجذام والبرص (11)
اشترط فيهما مع ذلك الخبرة بحيث يقطعان بوجوده، وإن كان لا يعلمه (12)
393

غالبا غير صاحبه، ولا يطلع عليه إلا من قبله كالعنة فطريق ثبوته
إقراره، أو البينة على إقراره، أو اليمين المردودة من المنكر (1)،
أو من الحاكم مع نكول المنكر عن اليمين، بناء على عدم القضاء بمجرده (2)
وأما اختبارها (3) بجلوسه في الماء البارد، فإن استرخى ذكره فهو
عنين، وإن تشنج (4) فليس به كما ذهب إليه بعض، فليس بمعتبر
في الأصح.
وفي العيوب الباطنة للنساء بإقرارها (5)، وشهادة أربع منهن
فلا تسمع في عيوب الرجال، وإن أمكن اطلاعهن كأربع زوجات طلقهن
بعنة.
(وحيث يثبت) العيب ويحصل الفسخ (لا مهر) للزوجة (إن كان
الفسخ قبل الدخول) في جميع العيوب، (إلا في العنة فنصفه) على أصح
القولين، وإنما خرجت العنة بالنص (6) الموافق (7) للحكمة من (8) إشرافه
394

عليها (1)، وعلى محارمها، فناسب أن لا يخلو من عوض، ولم يجب
الجميع لانتفاء الدخول.
وقيل: يحب جميع المهر وإن لو يولج (2).
(وإن كان) الفسخ (بعد الدخول فالمسمى)، لاستقراره به،
(ويرجع) الزوج به (على المدلس) إن كان، وإلا فلا رجوع،
ولو كانت هي المدلسة رجع عليها (3) إلا بأقل ما يمكن أن يكون مهرا
وهو أقل متمول على المشهور.
وفي الفرق بين تدليسها، وتدليس غيرها في ذلك (4) نظر.
395

ولو تولى ذلك جماعة وزع عليهم بالسوية ذكورا أم إناثا،
أم بالتفريق.
والمراد بالتدليس السكوت عن العيب الخارج عن الخلقة مع العلم به
أو دعوى صفة كمال مع عدمها.
(ولو تزوج امرأة على أنها حرة) أي شرط ذلك في متن العقد
(فظهرت أمة)، أو مبعضة (فله الفسخ) وإن دخل، لأن ذلك (1)
فائدة الشرط. هذا كله إذا كان الزوج ممن يجوز له نكاح الأمة (2)
ووقع (3) بإذن مولاها، أو مباشرته، وإلا (4) بطل في الأول (5)
ووقع موقوفا على إجازته في الثاني (6) على أصح القولين.
ولو لم يشترط الحرية في نفس العقد بل تزوجها على أنها حرة،
396

أو أخبرتها بها قبله (1)، أو أخبره مخبر ففي إلحاقه (2) بما لو شرط نظر
من (3) ظهور التدليس. وعدم (4) الاعتبار بما تقدم (5) من الشروط
على العقد.
وعبارة المصنف والأكثر محتملة للأمرين (6).
(وكذا) تفسخ (هي لو تزوجته على أنه حر فظهر عبدا) بتقرير
ما سبق (7) (ولا مهر) في الصورتين (8) (بالفسخ قبل الدخول)،
لأن الفاسخ إن كان هي فقد جاء من قبلها (9). وهو ضابط عدم وجوبه
لها قبل الدخول، وإن كان هو فبسببها (10)، (ويجب) جميع المهر
(بعده)، لاستقراره به.
397

(ولو شرط كونها بنت (1) مهيرة) بفتح الميم وكسرها فعيلة
بمعنى مفعولة، أي بنت حرة تنكح بمهر وإن كانت معتقة في أظهر
الوجهين (2)، خلاف الأمة فإنها قد توطأ بالملك (فظهرت (3) بنت
أمة فله الفسخ) قضية (4) للشرط، (فإن كان (5) قبل الدخول
فلا مهر) لما تقدم (6)، (وإن كان بعده وجب المهر، ويرجع به
على المدلس)، لغروره، ولو لم يشترط ذلك، بل ذكره قبل العقد
فلا حكم له، مع احتماله كما سلف (7) (فإن كانت هي) المدلسة
(رجع عليها) بالمسمى (إلا بأقل مهر) وهو ما يتمول، لأن الوطء
المحترم لا يخلو عن مهر، وحيث ورد النص (8) برجوعه على المدلس
فيقتصر فيما خالف الأصل على موضع اليقين وهو ما ذكر (9) وفي المسألة
398

وجهان آخران، أو قولان:
أحدهما: أن المستثنى (1) أقل مهر أمثالها، لأنه قد استوفى منفعة
البضع فوجب عوض مثله.
الثاني: عدم استثناء شئ عملا بظاهر النصوص (2).
والمشهور الأول (3).
وكذا يرجع بالمهر على المدلس لو ظهرت أمة.
ويمكن شمول هذه العبارة (4) له (5) بتكلف. وتختص الأمة (6)
بأنها لو كانت هي المدلسة فإنما يرجع عليها على تقدير عتقها. ولو كان
المدلس مولاها اعتبر عدم تلفظه (7) بما يقتضي العتق، وإلا (8) حكم
بحريتها ظاهرا وصح العقد.
(ولو شرطها بكرا فظهرت ثيبا فله الفسخ) بمقتضى الشرط (إذا
ثبت سبقه) أي سبق الثيوبة (على العقد)، وإلا فقد يمكن تجدده
399

بين العقد والدخول بنحو الخطوة (1). والحرقوص (2).
ثم إن فسخ قبل الدخول فلا مهر، وبعده فيجب لها المسمى
ويرجع به على المدلس وهو العاقد كذلك (3) العالم (4) بحالها، وإلا (5)
فعليها مع استثناء أقل ما يكون مهرا كما سبق.
(وقيل) والقائل ابن إدريس (6): لا فسخ، ولكن (ينقص
مهرها بنسبة ما بين مهر البكر والثيب) فإذا كان المهر المسمى مئة،
ومهر مثلها بكرا مئة، وثيبا خمسون نقص منه النصف (7)، ولو كان
400

مهرها بكرا مأتين، وثيبا مأة نقص من المسمى خمسون، لأنها (1) نسبة
ما بينهما، لا مجموع تفاوت ما بينهما، لئلا يسقط جميع المسمى كما قرر
في الأرش (2).
ووجه هذا القول (3) أن الرضا بالمهر المعين إنما حصل على تقدير
اتصافها بالبكارة ولم تحصل إلا خالية عن الوصف فيلزم التفاوت كأرش
ما بين كون المبيع صحيحا ومعيبا.
واعلم أن الموجود في الرواية (4) أن صداقها ينقص. فحكم الشيخ
بنقص شئ من غير تعيين لإطلاق الرواية (5)، فأغرب القطب الراوندي (6)
401

في أن الناقص هو السدس بناء على أن الشئ سدس كما ورد (1) في الوصية به
وهو (2) قياس على ما لا يطرد، مع أن الشئ من ح كلام الشيخ (3)
402

قصدا للابهام (1) تبعا للرواية (2) المتضمنة للنقص مطلقا (3).
وربما قيل: يرجع إلى نظر الحاكم، لعدم تفسيره (4) لغة،
ولا شرعا، ولا عرفا.
403

(الفصل الثامن - في القسم) (1)
وهو بفتح القاف مصدر قسمت الشئ، أما بالكسر فهو الحظ
والنصيب، (والنشوز) وهو ارتفاع أحد الزوجين عن طاعة الآخر،
(والشقاق) وهو خروج كل منهما عن طاعته. أما القسم فهو حق لكل
منهما، لاشتراك ثمرته وهو العشرة بالمعروف المأمور بها (2).
(ويجب للزوجة الواحدة ليلة من أربع) وله ثلاث ليال يبيتها
حيث شاء، وللزوجتين ليلتان من الأربع، وله ليلتان. (وعلى هذا
فإذا تمت الأربع (3) فلا فاضل له)، لاستغراقهن النصاب، ومقتضى
العبارة أن القسمة تجب ابتداء وإن لم يبتدء بها، وهو أشهر القولين،
لورود الأمر (4) بها مطلقا (5)، وللشيخ قول أنها لا تجب إلا إذا ابتدأ
بها، واختاره المحقق (6) في الشرائع، والعلامة (7) في التحرير. وهو
404

.............
405

.............
406

.............
407

.............
408

.............
409

.............
410

متجه، والأوامر (1) المدعاة لا تنافيه.
ثم إن كانت واحدة فلا قسمة، وكذا لو كن أكثر وأعرض عنهن
وإن بات عند واحدة منهن ليلة لزمه للباقيات مثلها.
وعلى المشهور يجب مطلقا (2)، وحينئذ (3) فإن تعددن ابتدأ
بالقرعة، ثم إن كانتا اثنتين (4)، وإلا (5) افتقر إلى قرعة أخرى للثانية
وهكذا لئلا يرجح بغير مرجح.
وقيل: يتخير (6). وعلى قول (7) الشيخ يتخير من غير قرعة،
ولا تجوز الزيادة في القسمة على ليلة بدون رضاهن، وهو أحد القولين،
لأنه الأصل، وللتأسي بالنبي صلى الله عليه وآله فقد كان يقسم كذلك
ولئلا يلحق بعضهن ضرر مع الزيادة بعروض ما يقطعه (8) عن القسم
للمتأخرة، والآخر جوازها مطلقا (9)، للأصل.
ولو قيل بتقييده (10) بالضرر كما لو كن في أماكن متباعدة يشق
411

عليه الكون كل ليلة مع واحدة كان حسنا، وحينئذ (1) فيتقيد بما يندفع به
الضرر، ويتوقف ما زاد، على رضاهن، وكذا لا يجوز أقل من ليلة،
للضرر (2).
(ولا فرق) في وجوب القسم (بين الحر، والعبد، والخصي،
والعنين، وغيرهم) لإطلاق الأمر، وكون الغرض منه الإيناس بالمضاجعة
لا المواقعة.
(وتسقط القسمة بالنشوز) إلى أن ترجع إلى الطاعة، (والسفر)
أي سفره مطلقا (3) مع استصحابه (4) لإحداهن، أو على القول
بوجوبه (5) مطلقا، فإنه لا يقضى للمتخلفات وإن لم يقرع للخارجة،
وقيل مع القرعة، وإلا (6) قضي، أما سفرها فإن كان لواجب
أو جائز بإذنه وجب القضاء، ولو كان لغرضها ففي القضاء قولان للعلامة
في القواعد والتحرير. والمتجه وجوبه (7)، وإن كان (8) في غير واجب
بغير إذنه ولا ضرورة إليه فهي ناشزة.
412

(ويختص الوجوب بالليل، وأما بالنهار فلمعاشه) إن كان له
معاش (1)، (إلا في نحو الحارس) ومن لا يتم عمله إلا بالليل (فتنعكس) قسمته فتجب نهارا دون الليل.
وقيل: تجب الإقامة صبيحة كل ليلة مع صاحبتها، لرواية (2)
إبراهيم الكرخي عن الصادق عليه السلام وهي محمولة مع تسليم سندها
على الاستحباب.
والظاهر أن المراد بالصبيحة أول النهار بحيث يسمى صبيحة عرفا،
لا مجموع اليوم.
هذا كله في المقيم، وأما المسافر الذي معه زوجاته فعماد القسمة
في حقه وقت النزول (3) ليلا كان أم نهارا، كثيرا كان أم قليلا.
(وللأمة) المعقود عليها دواما حيث يسوغ (4) (نصف القسم)
لصحيحة (5) محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: " إذا كان
تحته أمة مملوكة فتزوج عليها حرة قسم للحرة مثلي ما يقسم للمملوكة ".
وحيث لا تكون القسمة في أقل من ليلة فللأمة ليلة من ثمان، وللحرة
ليلتان، وله خمس.
413

ويجب تفريق ليلتي الحرة لتقع من كل أربع (1) واحدة إن لم ترض
بغيره (2)، وإنما تستحق الأمة القسمة إذا استحقت النفقة بأن كانت
مسلمة للزوج ليلا ونهارا كالحرة. (وكذا الكتابية الحرة) حيث يجوز
نكاحها دواما على المشهور، وعلل بنقصها بسبب الكفر فلا تساوي
المسلمة الحرة (3)، (وللكتابية الأمة ربع القسم) لئلا تساوي الأمة
المسلمة (فتصير القسمة من ست عشرة ليلة (4)) للأمة الكتابية منها
ليلة، وللحرة المسلمة أربع كما سلف (5)، وللأمة المسلمة ليلتان لو اتفقت (6)
414

وكذا الكتابية (1)
ومن هنا (2) يتفرع باقي صور اجتماع الزوجات المتفرقات في القسمة (3)
وهي أربعون (4) صورة
415



(1) هناك صورة خامسة عشرة وهي: أمة مسلمة، أمة مسلمة، أمة كتابية
وصورة سادسة عشرة وهي: أمة مسلمة، أمة كتابية، أمة كتابية. لكن حيث
لا يجوز للمسلم الحر أن يتزوج بأكثر من أمتين فهاتان الصورتان سقطتا من الصور
المذكورة.
416

تبلغ مع الصور المتفقة (1)
418

اثنتين وخمسين (1)
* * *
419

تعرف مع أحكامها بالتأمل (1).
وتستحق القسم مريضة، ورتقاء، وقرناء، وحائض، ونفساء، لأن المقصود منه الأنس، لا الوطء.
(ولا قسمة للصغيرة) التي لم تبلغ التسع، (ولا للمجنونة المطبقة
إذا خاف أذاها) مع مضاجعتها، لأن القسمة مشروطة بالتمكين. وهو
منتف فيهما، ولو لم يخف من المجنونة وجب، وكذا (2) غير المطبقة.
(ويقسم الولي بالمجنون) بأن يطوف به (3) على أزواجه بالعدل،
أو يستدعيهن إليه، أو بالتفريق (4)، ولو خص (5) به بعضهن فقد
جار، وعليه (6) القضاء، فإن أفاق المجنون قضى ما جار فيه الولي،
وفي وجوبه عليه (7) نظر، لعدم جوره.
(وتختص البكر عند الدخول بسبع) ليال ولاء (8)، ولو فرقه (9)
420

لم يحتسب واستأنف وقضى المفرق للأخريات.
ويحتمل الاحتساب مع الإثم، (والثيب (1) بثلاث) ولاء.
والظاهر أن ذلك (2) على وجه الوجوب.
ولا فرق بين كون الزوجة حرة وأمة مسلمة وكتابية إن جوزنا
تزويجها دواما عملا بالإطلاق (3) واستقرب في التحرير تخصيص الأمة
بنصف ما تختص به لو كانت حرة، وفي القواعد المساواة (4).
وعلى التنصيف (5) يجب عليه الخروج من عندها بعد انتصاف الليل
إلى مكان خارج عن الأزواج، كما يجب ذلك (6) لو بات عند واحدة
نصف ليلة ثم منع من الإكمال، فإنه يبيت عند الباقيات مثلها (7)
421

مع المساواة (1)، أو بحسابه (2).
(وليس للزوجة أن تهب ليلتها للضرة إلا برضاء الزوج)، لأن
القسم حق مشترك بينهما، أو مختص به (3) على القول بعدم وجوبه ابتداء
فإن رضي بالهبة ووهبت لمعينة منهن بات عندها ليلتهما، كل ليلة في وقتها
متصلتين كانتا أم منفصلتين.
وقيل: يجوز وصلهما (4)، تسهيلا عليه. والمقدار (5) لا يختلف.
ويضعف (6) بأن فيه تأخير حق من بين ليلتين، وبأن الواهبة
قد ترجع بينهما، والموالاة قد تفوت حق الرجوع، وإن وهبتها لهن
سوى بينهن فيجعل الواهبة كالمعدومة، ولو وهبتها له فله تخصيص نوبتها
بمن شاء، ويأتي في الاتصال والانفصال ما سبق (7).
(ولها الرجوع قبل تمام المبيت)، لأن ذلك بمنزلة البذل، لا هبة
422

حقيقية، ومن ثم لا يشترط رضا الموهوبة (لا بعده (1)) لذهاب
حقها من الليلة فلا يمكن الرجوع فيها، ولا يجب قضاؤها لها، (ولو
رجعت في أثناء الليلة تحول إليها)، لبطلان الهبة لما بقي من الزمان،
(ولو رجعت ولما يعلم (2) فلا شئ عليه)، لاستحالة تكليف الغافل
ولها أن ترجع في المستقبل (3)، دون الماضي، ويثبت حقها من حين
علمه به (4) ولو في بعض الليل.
(ولا يصح الاعتياض عن القسم بشئ) من المال، لأن المعوض
كون الرجل عندها وهو لا يقابل بالعوض، لأنه ليس بعين، ولا منفعة
كذا ذكره الشيخ وتبعه عليه الجماعة، وفي التحرير نسب القول إليه (5)
ساكتا عليه مشعرا بتوقفه فيه، أو تمريضه.
وله وجه، لأن المعاوضة غير منحصرة فيما ذكر (6) ولقد كان
ينبغي جواز الصلح عليه (7) كما يجوز الصلح على حق الشفعة، والتحجير
ونحوهما (8) من الحقوق.
423

وحيث لا تجوز المعاوضة (فيجب عليها رد العوض) إن كانت
قبضته، ويجب عليه القضاء لها إن كانت ليلتها قد فاتت، لأنه لم يسلم (1)
لها العوض.
هذا مع جهلهما بالفساد، أو علمهما، وبقاء العين (2)، وإلا (3)
أشكل الرجوع (4)، لتسليطه (5) على إتلافه بغير عوض، حيث يعلم (6)
أنه لا يسلم له.
وقد تقدم البحث فيه (7) في البيع الفاسد، وأن المصنف مال
إلى الرجوع مطلقا (8) كما هنا خلافا للأكثر (ولا يزور الزوج الضرة
في ليلة ضرتها)، لما فيه من تفويت حقها زمن الزيارة، وكذا لا يدخل
424

إليها فيها (1) لغير الزيارة، إلا لضرورة، فإن مكث عندها وجب
قضاء زمانه ما لم يقصر جدا بحيث لا يعد إقامة عرفا فيأثم خاصة (2).
وقيل: لا يجب القضاء إلا مع استيعاب الليلة والقولان للفاضل (3)
في القواعد والتحرير.
(ويجوز عيادتها في مرضها، لكن يقضي (4) لو استوعب الليلة
عند المزورة)، لعدم إيصالها حقها.
وقيل: لا (5) كما لو زار أجنبيا.
وهل تحسب الليلة على المزورة؟ الظاهر لا، لأنها ليست حقها، ولو لم يستوعب الليلة فلا قضاء هنا (6).
(والواجب) في المبيت (والمضاجعة) وهي أن ينام معها قريبا
منها عادة، معطيا لها وجهه دائما، أو أكثريا بحيث لا يعد هاجرا
وإن لم يتلاصق الجسمان، (لا المواقعة) فإنها لا تجب، إلا في كل أربعة
أشهر مرة كما سلف (7)، (ولو جار في القسمة قضى) واجبا لمن
أخل بليلتها، فلو قسم لكل واحدة من الأربع عشرا (8) فوفى.
425

من الزوجات ثلاثا (1)، ثم عاد عليهن (2)، دون الرابعة، بعشر (3) قضى لها (4)
ثلاث عشرة ليلة وثلثا ولو باتها (5) منفردا قضى لها (6) عشرا خاصة
ولو طلقها (7) قبل القضاء، أو بعد حضور ليلتها (8) قبل إيفائها
بقي حقها في ذمته، فإن تزوجها، أو راجعها وجب عليه التخلص منها (9)
426

وإلا (1) استقرت المظلمة في ذمته.
وكذا (2) لو فارق المظلوم بها وجدد غيرها، لأن قضاء الظلم
يستلزم الظلم للجديدة، ولو كان الظلم بعض (3) ليلة وجب عليه إيفاؤها
قدر حقها وإكمال باقي الليلة خارجا عن الزوجات، ولو شك في القدر
بنى على المتيقن.
(والنشوز) وأصله الارتفاع (وهو) هنا (4) (الخروج عن الطاعة):
أي خروج أحد الزوجين عما يجب عليه من حق الآخر وطاعته، لأنه
بالخروج يتعالى عما أوجب الله تعالى عليه من الطاعة (فإذا ظهرت أمارته
للزوج بتقطيبها (5) في وجهه، والتبرم (6)): أي الضجر والسأم
(بحوائجه) التي يجب عليها فعلها من مقدمات الاستمتاع بأن تمتنع،
427

أو تتثاقل إذا دعاها إليه (1)، لا مطلق حوائجه، إذ لا يجب عليها
قضاء حاجته التي لا تتعلق بالاستمتاع، (أو تغير عادتها في أدبها معه
قولا) كأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين، أو غير مقبلة بوجهها
بعد أن كانت تقبل، (أو فعلا) كأن يجد إعراضا، وعبوسا بعد
لطف وطلاقة، ونحو ذلك (وعظها (2)) إلا بلا هجر، ولا ضرب
فلعلها تبدي عذرا وتتوب عما جرى منها من غير عذر.
والوعظ كأن يقول: اتقي الله في الحق الواجب لي عليك، واحذري
العقوبة، ويبين لها ما يترتب على ذلك من عذاب الله تعالى في الآخرة
وسقوط النفقة، والقسم (3) في الدنيا.
(ثم حول ظهره إليها في المضجع (4)) بكسر الجيم إن لم ينجع
الوعظ، (ثم اعتزلها) ناحية في غير فراشها، (ولا يجوز ضربها)
إن رجا رجوعها بدونه (5) (فإذا امتنعت من طاعته فيما يجب له)
ولم ينجع ذلك كله (ضربها مقتصرا على ما يؤمل به رجوعها) فلا تجوز
الزيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلا (6) تدرج إلى الأقوى فالأقوى
(ما لم يكن مدميا، ولا مبرحا) أي شديدا كثيرا قال الله تعالى:
" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع
واضربوهن " (7).
428

والمراد فعظوهن إذا وجدتم إمارات النشوز، واهجروهن إن نشزن،
واضربوهن إن أصررن عليه. وأفهم قوله تعالى: في المضاجع، أنه
لا يهجرها في الكلام، وهذا فيما زاد عن ثلاثة أيام لقوله صلى الله عليه
وآله وسلم: " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه في الكلام فوق ثلاث (1) "
ويجوز (2) في الثلاثة إن رجا به رجوعها، ولو حصل بالضرب تلف،
أو إدماء ضمن.
(ولو نشز) الزوج (بمنع حقوقها) الواجبة لها عليه من قسم،
ونفقة (فلها المطالبة) بها، (وللحاكم إلزامه بها) فإن أساء خلقه
وآذاها بضرب وغيره بلا سبب صحيح نهاه عن ذلك، فإن عاد إليه
عزره بما يراه، وإن قال كل منهما: إن صاحبه متعد تعرف الحاكم
الحال بثقة في جوارهما يختبرهما ومنع الظالم منهما.
(ولو تركت) الزوجة (بعض حقوقها) الواجبة لها عليه من قسمة
ونفقة (استمالة له حل) له (قبوله)، وليس له منع بعض حقوقها
لتبذل له مالا ليخلعها، فإن فعل فبذلت أثم وصح قبوله ولم يكن إكراها
نعم لو قهرها على بخصوصه (3) لم يحل.
(والشقاق - هو أن يكون النشوز منهما) كأن كان كل واحد منهما
قد صار في شق غير الآخر (وتخشى الفرقة)، أو الاستمرار على ذلك
(فيبعث الحاكم الحكمين من أهل الزوجين): أي أحدهما من أهله،
429

والآخر من أهلها كما تضمنت الآية الشرفة (1) لينظرا في أمرهما بعد
اختلاء (2) حكمه به وحكمها بها ومعرفة ما عندهما في ذلك.
وهل بعثهما واجب، أو مستحب وجهان: أوجهها الوجوب عملا
بظاهر الأمر من الآية (3) (أو من غيرهما (4)) لحصول الغرض (5) به
ولأن القرابة غير معتبرة في الحكم، ولا في التوكيل، وكونهما من الأهل
في الآية للإرشاد إلى ما هو الأصلح.
وقيل: يتعين كونهما من أهلهما عملا بظاهر الآية، ولأن الأهل
أعرف بالمصلحة من الأجانب، ولو تعذر الأهل فلا كلام في جواز الأجانب
وبعثهما يكون (تحكيما)، لا توكيلا، لأن الله خاطب بالبعث
الحكام (6) وجعلهما (7) حكمين، ولو كان (8) توكيلا لخاطب به
430

الزوجين، ولأنهما (1) إن رأيا الإصلاح فعلاه من غير استئذان، وإن رأيا
التفريق توقف على الإذن، ولو كان (2) توكيلا لكان تابعا لما دل عليه
لفظهما.
وبذلك (3) يضعف قول القاضي بكونه (4) توكيلا استنادا (5)
إلى أن البضع حق للزوج، والمال حق للمرأة، وليس لأحد التصرف
فيهما إلا بإذنهما (6)، لعدم الحجر عليهما، لأن (7) إذن الشارع قد يجري
على غير المحجور كالمماطل (8).
431

وحيث كان تحكيما (فإن اتفقا على الإصلاح) بينهما (فعلاه)
من غير مراجعة، (وإن اتفقا على التفريق لم يصح إلا بإذن الزوج
في الطلاق، وإذن الزوجة في البذل) إن كان خلعا، لأن ذلك هو
مقتضى الحكم.
(وكلما شرطاه) أي الحكمان على الزوجين (يلزم إذا كان (1)
سائغا) شرعا وإن لم يرض به الزوجان، ولو لم يكن سائغا كاشتراط
ترك بعض النفقة، أو القسمة، أو أن لا يسافر (2) بها لم يلزم الوفاء به.
ويشترط في الحكمين: البلوغ. والعقل. والحرية. والعدالة.
والاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما، دون الاجتهاد.
(ويحلق بذلك نظران: الأول - في الأولاد - ويلحق الولد بالزوج
الدائم) نكاحه (بالدخول) بالزوجة، (ومضي ستة أشهر) هلالية
(من حين الوطء). والمراد به (3) - على ما يظهر من إطلاقهم،
وصرح به المصنف في قواعده - غيبوبة الحشفة قبلا، أو دبرا وإن لم ينزل
ولا يخلو ذلك (4) من إشكال إن لم يكن مجمعا عليه، للقطع بانتفاء التولد
عنه عادة في كثير من موارده، ولم أقف على شئ ينافي ما نقلناه
يعتمد عليه.
(وعدم تجاوز أقصى الحمل) وقد اختلف الأصحاب في تحديده
فقيل: تسعة أشهر. وقيل: عشرة، (وغاية ما قيل فيه عندنا سنة).
432

ومستند الكل مفهوم الروايات (1)، وعدل المصنف عن ترجيح قول،
لعدم دليل قوي على الترجيح.
ويمكن حمل الروايات (2) على اختلاف عادات النساء فإن بعضهن
تلد لتسعة، وبعضهن لعشرة، وقد يتفق نادرا بلوغ سنة، واتفق الأصحاب
على أنه لا يزيد عن سنة مع أنهم رووا أن النبي صلى الله عليه وآله
حملت به أمه أيام التشريق، واتفقوا على أنه ولد في شهر ربيع الأول
فأقل ما يكون لبثه في بطن أمه سنة وثلاثة أشهر (3)، وما نقل أحد
433

من العلماء أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم.
(هذا في) الولد التام (الذي ولجته الروح، وفي غيره) مما تسقطه
المرأة (يرجع) في إلحاقه بالزوج حيث يحتاج إلى الإلحاق ليجب عليه
تكفينه ومؤنة تجهيزه، ونحو ذلك من الأحكام التي لا تترتب على حياته
434

(إلى (1) المعتاد) لمثله (من الأيام والأشهر، وإن نقصت عن الستة
الأشهر) فإن أمكن عادة كونه منه لحقه الحكم، وإن علم عادة انتفائه
عنه لغيبته عنها مدة تزيد عن تخلقه عادة منه انتفى عنه.
(ولو فجر بها) أي بالزوجة الدائمة فاجر (فالولد للزوج)،

(*) في الأصل " بقيت " والظاهر أنه تصحيف. والصحيح " مضت " كما
أثبتناه.
435

وللعاهر الحجر (1)، (ولا يجوز له نفيه لذلك (2)) للحكم بلحوقه
بالفراش شرعا وإن أشبه الزاني خلقة (ولو نفاه لم ينتف عنه إلا باللعان)
لأمه، فإن لم يلاعن حد به (3).
(ولو اختلفا في الدخول) فادعته وأنكره هو، (أو في ولادته)
بأن أنكر كونها ولدته (حلف الزوج)، لأصالة عدمهما (4)، ولأن
النزاع في الأول (5) في فعله، ويمكنها إقامة البينة على الولادة في الثاني (6)
فلا يقبل قولها فيها (7) بغير بينة.
(ولو) اتفقا عليهما (8) (واختلفا في المدة) فادعى ولادته لدون
ستة أشهر، أو لأزيد من أقصى الحمل (حلفت) هي تغليبا للفراش،
ولأصالة عدم زيادة المدة في الثاني (9). أما الأول (10) فالأصل معه
436

فيحتمل قبول قوله فيه عملا بالأصل (1)، ولأن مآله (2) إلى النزاع
في الدخول، فإنه إذا قال: لم تنقض ستة أشهر من حين الوطء. فمعناه
أنه لم يطأ منذ مدة ستة أشهر، وإنما وقع الوطء فيما دونها (3).
وربما فسر بعضهم النزاع في المدة (4) بالمعنى الثاني خاصة،
ليوافق (5) الأصل.
وليس (6) ببعيد إن تحقق
437

في ذلك (1) خلاف، إلا أن كلام الأصحاب مطلق (2).
(وولد المملوكة إذا حصلت لها الشروط الثلاثة) وهي الدخول وولادته
لستة أشهر فصاعدا ولم يتجاوز الأقصى (يلحق به، وكذلك ولد المتعة)
ولا يجوز له نفيه لمكان الشبهة فيهما (3) (لكن لو نفاه انتفى) ظاهرا
(بغير لعان فيهما وإن فعل حراما) حيث نفى ما حكم الشارع ظاهرا
بلحوقه به، أما ولد الأمة فموضع وفاق، ولتعليق اللعان على رمي الزوجة
في الآية (4)، وأما ولد المتعة فانتفاؤه بذلك (5) هو المشهور ومستنده (6)
438

غلبة إطلاق الزوجة على الدائمة، ومن ثم (1) حملت عليها (2) في آية
الإرث، وغيره (3).
وذهب المرتضى وجماعة إلى إلحاقها بالدائمة هنا (4)، لأنها زوجة
حقيقة، وإلا (5) لحرمت بقوله تعالى: " فمن ابتغى وراء ذلك
فأولئك هم العادون (6) " (فلو عاد واعترف به صح ولحق به)
بخلاف ما لو اعترف به أولا ثم نفاه فإنه لا ينتفي عنه وألحق به.
(ولا يجوز نفي الولد) مطلقا (7) (لمكان (8) العزل) عن أمه،
لإطلاق النص (9)، والفتوى بلحوق الولد بفراش الواطئ، وهو
439

صادق مع العزل، ويمكن سبق الماء قبله (1).
وعلى ما ذكرناه سابقا (2) لا اعتبار بالإنزال في إلحاق الولد
مطلقا (3)، فمع العزل بالماء أولى.
وقيد العلامة هنا الوطء مع العزل بكونه قبلا، والمصنف صرح
في القواعد باستواء القبل والدبر في ذلك (4)، وفي باب العدد صرحوا
بعدم الفرق بينهما (5) في اعتبار العدة.
(وولد الشبهة يلحق بالواطئ بالشروط) الثلاثة (6)، (وعدم
الزوج الحاضر) الداخل بها بحيث يمكن إلحاقه به، والمولى في ذلك (7)
بحكم الزوج، لكن لو انتفى عن المولى ولحق بالواطئ أغرم قيمة الولد
يوم سقط حيا لمولاها.
(ويجب) كفاية (استبداد النساء) أي انفرادهن (بالمرأة عند
الولادة، أو الزوج، فإن تعذر فالرجال) المحارم، فإن تعذروا فغيرهم،
440

وقدم في القواعد الرجال الأقارب غير المحارم على الأجانب، وهنا أطلق
الرجال.
هذا جملة ما ذكروه فيه (1)، ولا يخلو (2) عن نظر، بل ذلك (3)
مقيد بما يستلزم اطلاعه على العورة، أما ما لا يستلزمه من مساعدتها
فتحريمه على الرجال غير واضح، وينبغي فيما يستلزم الاطلاع على العورة
تقديم الزوج مع إمكانه، ومع عدمه يجوز غيره للضرورة كنظر الطبيب،
وأما الفرق بين أقارب الرجال من غير المحارم، والأجانب فلا أصل له
في قواعد الشرع.
(ويستحب غسل المولود) حين يولد، (والأذان في أذنه اليمنى،
والإقامة في اليسرى)، وليكن ذلك قبل قطع سرته، فلا يصيبه لمم (4)
ولا تابعة (5)، ولا يفزع (6)، ولا تصيبه أم الصبيان (7) روي (8)
ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله " من ولد
له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة، وليقم في أذنه اليسرى فإنها
441

عصمة من الشيطان الرجيم "، (وتحنيكه (1) بتربة الحسين عليه الصلاة والسلام
وماء الفرات) وهو النهر المعروف، (أو ماء فرات) أي عذب
(ولو بخلطه بالتمر، أو بالعسل) ليعذب إن لم يكن عذبا.
وظاهر العبارة التخيير بين الثلاثة (2)، والأجود الترتيب بينها
فيقدم ماء الفرات مع إمكانه، ثم الماء الفرات بالأصالة، ثم بإصلاح
مالحه بالحلو.
وفي بعض الأخبار (3): حنكوا أولادكم بماء الفرات، وتربة الحسين
عليه السلام فإن لم يكن فماء السماء، والمراد بالتحنيك إدخال ذلك إلى حنكه
وهو أعلى داخل الفم.
وكذا يستحب تحنيكه بالتمر، بأن يمضغ التمرة ويجعلها في فيه
ويوصلها إلى حنكه بسبابته حتى يتحلل في حلقه، قال أمير المؤمنين عليه السلام
" حنكوا أولادكم بالتمر فكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وآله بالحسن
442

والحسين عليهما السلام " (1) قال الهروي يقال: " حنكه وحنكه بتخفيف
النون وتشديدها.
(وتسميته (2) محمدا) إن كان ذكرا (إلى اليوم السابع، فإن غير)
بعد ذلك (جاز) قال الصادق عليه السلام: " لا يولد لنا ولد
إلا سميناه محمدا فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيرنا، وإلا تركنا " (3).
(وأصدق الأسماء ما عبد الله) أي اشتمل على عبوديته تعالى
كعبد الله، وعبد الرحمان، والرحيم، وغيره من أسمائه تعالى، (وأفضلها)
أي الأسماء مطلقا (4)، (اسم محمد وعلي، وأسماء الأنبياء، والأئمة
(عليهم السلام)
قال الباقر عليه السلام " أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية
وأفضلها أسماء الأنبياء (5) " وعن الصادق عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله
قال: " من ولد له أربعة أولاد ولم يسم أحدهم باسمي فقد
جفاني (6) "، وعنه عليه السلام " ليس في الأرض دار فيها اسم محمد
إلا وهي تقدس كل يوم (7) " وعن الحسين عليه الصلاة والسلام في حديث
طويل " لو ولد لي مئة ولد لأحببت أن لا أسمي أحدا منهم إلا عليا " (8)
وقال الرضا عليه السلام: " لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد، أو أحمد،
443

أو علي، أو الحسن، أو الحسين، أو جعفر، أو طالب، أو عبد الله،
أو فاطمة من النساء " (1) (وتكنيته (2)) بأبي فلان (3) إن كان ذكرا
أو أم فلان (4) إن كان أنثى. قال الباقر (5) عليه السلام: " إنا لنكني
أولادنا في صغرهم مخافة النبز (6) أن يلحق بهم ".
(ويجوز اللقب) وهو ما أشعر من الأعلام بمدح، أو ذم والمراد
هنا الأول خاصة (ويكره الجميع بين كنيته) بضم الكاف (بأبي القاسم
وتسميته محمدا) قال (7) الصادق عليه السلام: " إن النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن أربع (8) كنى. عن أبي عيسى، وعن أبي الحكم،
وعن أبي مالك، وعن أبي القاسم إذا كان الاسم محمدا " (وأن يسمي
حكما، أو حكيما، أو خالدا، أو حارثا، أو ضرارا، أو مالكا)
قال (9) الباقر عليه السلام " أبغض الأسماء إلى الله تعالى حارث،
444

وخالد، ومالك "، وعن الصادق عليه السلام " أن رسول الله صلى الله
عليه وآله دعى بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهي عن أسماء يتسمى
بها فقبض ولم يسمها. منها الحكم، وحكيم، وخالد، ومالك (1).
وذكر أنها ستة، أو سبعة مما لا يجوز أن يتسمى بها ".
(وأحكام الأولاد أمور)
(منها العقيقة، والحلق والختان، وثقب الأذن اليمنى) في شحمتها،
واليسرى في أعلاها كل ذلك (في اليوم السابع) من يوم ولد،
ولو في آخر جزء من النهار. قال الصادق عليه السلام: " العقيقة واجبة
وكل مولود مرتهن بعقيقته (2) "، وعنه عليه السلام " عق عنه،
واحلق رأسه يوم السابع (3) " وعنه عليه السلام: " اختنوا أولادكم
لسبعة أيام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم، وأن الأرض لتكره بول
الأغلف (4) "، وعنه عليه السلام: " إن ثقب أذن الغلام من السنة،
445

وختانه لسبعة أيام من السنة (1) " وفي خبر آخر عن النبي صلى الله عليه
وآله: " تتنجس الأرض من بول الأغلف أربعين صباحا (2) "،
وفي آخر " إن الأرض تضج إلى الله تعالى من بول الأغلف (3) ".
(وليكن الحلق) لرأسه (قبل) ذبح (العقيقة، ويتصدق بوزن
شعره ذهبا، أو فضة) قال إسحاق بن عمار للصادق عليه السلام: بأي
ذلك نبدأ فقال عليه السلام: " يحلق رأسه، ويعتق عنه، ويتصدق
بوزن شعره فضة يكون ذلك في مكان واحد (4) "، وفي خبر آخر،
أو ذهبا (5).
(ويكره القنازع (6)) وهو أن يحلق من الرأس موضعا،
ويترك موضعا في أي جانب كان. روي (7) ذلك عن أمير المؤمنين
عليه السلام، وفي خبر آخر عن الصادق عليه السلام أنه كره القنزع
في رؤوس الصبيان (8)، وذكر أن القنزع أن يحلق الرأس إلا قليلا
وسط الرأس تسمى القنزعة، وعنه عليه السلام قال: أتي النبي صلى الله
446

عليه وآله بصبي يدعو له وله قنازع فأبى أن يدعو له، وأمر أن يحلق
رأسه (1).
(ويجب على الصبي الختان عند البلوغ) أي بعده بلا فصل لو ترك
وليه ختانه.
وهل يجب على الولي ذلك قبله (2) وجهان. من (3) عدم التكليف
حينئذ. واستلزم (4) تأخيره إلى البلوغ تأخير الواجب المضيق عن أول
وقته، وفي التحرير لا يجوز تأخيره إلى البلوغ وهو دال على الثاني (5).
ودليله غير واضح.
(ويستحب خفض النساء وإن بلغن) قال الصادق عليه السلام:
" خفض النساء مكرمة وأي شئ أفضل من المكرمة (6) ".
(والعقيقة شاة)، أو جزور (تجتمع فيها شرائط الأضحية)
وهي السلامة من العيوب، والسمن، والسن (7) على الأفضل، ويجزي
فيها مطلق الشاة. قال الصادق عليه السلام: " إنما هي شاة لحم ليست
447

بمنزلة الأضحية يجزي منها كل شئ (1) وخيرها أسمنها (2) ".
(ويستحب مساواتها للولد في الذكورة والأنوثة)، ولو خالفته (3)
أجزأت.
(والدعاء عند ذبحها بالمأثور) وهو " بسم الله وبالله اللهم
هذه عقيقة عن فلان لحمها بلحمه، ودمها بدمه،
وعظمها بعظمه، اللهم اجعله وقاء لآل محمد صلى الله
عليه وآله، رواه (4) الكرخي عن أبي عبد الله عليه السلام، وعن الباقر
عليه السلام قال: " إذا ذبحت فقل: بسم الله وبالله والحمد لله
والله أكبر إيمانا بالله، وثناء على رسول الله صلى الله عليه وآله
والعظمة لأمره، والشكر لرزقه، والمعرفة بفضله علينا
أهل البيت فإن كان ذكرا فقل: اللهم إنك وهبت لنا ذكرا
وأنت أعلم بما وهبت، ومنك ما أعطيت، وكل ما صنعنا
فتقبله منا على سنتك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله وأخسأ
عنا الشيطان الرجيم اللهم لك سفكت الدماء لا شريك
لك والحمد لله رب العالمين (5) "، وعن الصادق عليه السلام
مثله وزاد فيه " اللهم لحمها بلحمه، ودمها بدمه، وعظمها
بعظمه، وشعرها بشعره، وجلدها بجلده، اللهم اجعلها
448

وقاء لفلان بن فلان (1) " وعنه عليه السلام إذا أردت أن تذبح
العقيقة قلت: " يا قوم إني برئ مما تشركون، إني وجهت
وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا
من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين
اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر (2) ". وتسمي المولود
باسمه ثم تذبح "، وعنه عليه السلام يقال عند العقيقة " اللهم منك
ولك ما وهبت وأنت أعطيت اللهم فتقبله منا على سنة
نبيك صلى الله عليه وآله ونستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتسمي
وتذبح وتقول: " لك سفكت الدماء لا شريك لك والحمد لله
رب العالمين اللهم أخسأ عنا الشيطان الرجيم (3) " فهذه جملة
ما وقفت عليه من الدعاء المأثور.
(وسؤال الله تعالى أن يجعلها فدية، لحما بلحم، وعظما بعظم،
وجلدا بجلد) هذا داخل في المأثور فكان يستغنى عن تخصيصه. ولعله
لمزيد الاهتمام به، أو التنبيه عليه حيث لا يتفق الدعاء بالمأثور، (ولا تكفي
الصدقة بثمنها (4)) وإن تعذرت، بل ينتظر الوجدان بخلاف الأضحية (5)
قيل للصادق عليه السلام: إنا طلبنا العقيقة فلم نجدها فما ترى نتصدق
بثمنها فقال عليه السلام: " لا، إن الله تعالى يحب إطعام الطعام، وإراقة
449

الدماء (1) (ولتخص القابلة بالرجل والورك (2))، وفي بعض
الأخبار (3) أن لها ربع العقيقة، وفي بعضها (4) ثلثها، (ولو لم تكن
قابلة تصدقت به الأم) بمعنى أن حصة القابلة تكون لها، وإن كان الذابح
الأب، ثم هي تتصدق بها، لأنه يكره لها الأكل كما سيأتي. ولا تختص
الصدقة بالفقراء، بل تعطي من شاءت كما ورد في الخبر (5).
(ولو بلغ الولد ولما يعق عنه استحب له العقيقة عن نفسه، وإن
شك) الولد هل عق عنه أم لا (فليعق) هو (إذ الأصل عدم عقيقة
أبيه)، ولرواية (6) عبد الله بن سنان عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام إني والله ما أدري كان أبي عق عني أم لا؟ قال:
فأمرني أبو عبد الله عليه السلام فعققت عن نفسي وأنا شيخ كبير، وقال
عمر: سمعت أبا عبد الله يقول: " كل امرء مرتهن بعقيقته. والعقيقة
أوجب من الأضحية (7) ".
(ولو مات الصبي يوم السابع بعد الزوال لم تسقط، وقبله تسقط)
روى (8) ذلك إدريس بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام.
(ويكره للوالدين أن يأكلا منها شيئا، وكذا من في عيالهما) وإن
450

كانت القابلة منهم، لقول الصادق عليه السلام " لا يأكل هو ولا أحد
من عياله من العقيقة " (1). وقال (2): للقابلة ثلث العقيقة. فإن كانت
القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها منها شئ. وتتأكد الكراهة
في الأم، لقوله عليه السلام: (3) في هذا الحديث: " يأكل العقيقة كل
أحد إلا الأم " (وأن تكسر عظامها، بل تفصل أعضاء) لقوله
عليه السلام في هذا الخبر (4): " ويجعل أعضاء ثم يطبخها ".
(ويستحب أن يدعى لها المؤمنون، وأقلهم عشرة) قال الصادق
عليه السلام. " يطعم منه عشرة من المسلمين، فإن زاد فهو أفضل " (5)
وفي الخبر السابق (6) " لا يعطيها إلا لأهل الولاية " (وأن يطبخ طبخا)
دون أن تفرق لحما (7)، أو تشوي على النار (8)، لما تقدم من الأمر
بطبخها (9).
والمعتبر مسماه (10) وأقله أن يطبخ (بالماء والملح) ولو أضيف إليهما
451

غيرهما فلا بأس، لإطلاق الأمر الصادق به (1)، بل ربما كان أكمل،
وما ذكره المصنف، للتنبيه (2) على أقل ما يتأدى به الطبخ، لا الحصر
إذ لم يرد نص بكون الطبخ بالماء والملح خاصة، بل به (3) مطلقا.
" ومنها (4): الرضاع "
(فيجب على الأم إرضاع اللباء (5)) بكسر اللام، وهو أول اللبن
في النتاج، قاله الجوهري، وفي نهاية ابن الأثير: هو أول ما، يحلب
عند الولادة. ولم أقف على تحديد مقدار ما يجب منه (6) وربما قيده بعض
بثلاثة أيام. وظاهر ما نقلناه عن أهل اللغة أنه حلبة واحدة.
وإنما وجب عليها ذلك، لأن الولد لا يعيش بدونه، ومع ذلك (7)
لا يجب عليها التبرع به، بل (بأجرة على الأب إن لم يكن للولد مال)، وإلا ففي ماله، جمعا بين الحقين (8)، ولا منافاة بين وجوب الفعل،
452

واستحقاق عوضه كبذل المال في المخمصة (1) للمحتاج. وبذلك (2) يظهر
ضعف ما قيل (3) بعدم استحقاقها (4) الأجرة عليه، لوجوبه عليها (5)
لما (6)، علم من عدم جواز أخذ الأجرة على العمل الواجب. والفرق (7) أن الممنوع من أخذ أجرته هو نفس العمل، لا عين
المال الذي يجب بذله، واللباء من قبيل الثاني، لا الأول (8). نعم يجئ
على هذا (9): أنها لا تستحق أجرة على إيصاله إلى فمه، لأنه عمل واجب
وربما منع من كونه لا يعيش بدونه. فينقدح حينئذ عدم الوجوب (10)
453

والعلامة قطع في القواعد بكونه لا يعيش بدونه، وقيده بعضهم بالغالب (1)
وهو أولى (2).
454

(ويستحب للأم أن ترضعه طول المدة المعتبرة في الرضاع) وهي
455

" حولان كاملان لمن أراد أن يتم الرضاعة " (1) فإن أراد (2) الاقتصار
على أقل المجزي فأحد وعشرون شهرا، ولا يجوز نقصانه عنها، ويجوز
الزيادة على الحولين شهرا وشهرين خاصة، لكن لا تستحق المرضعة على الزائد أجرة.
وإنما كان إرضاع الأم مستحبا، لأن لبنها أوفق بمزاجه، لتغذيه به
في الرحم دما.
(والأجرة كما قلناه) من كونها في مال الولد إن كان له مال،
وإلا فعلى الأب وإن علا كما سيأتي مع يساره، وإلا فلا أجرة لها، بل
يجب عليها كما يجب عليها الإنفاق عليه (3) لو كان الأب معسرا.
(ولها إرضاعه) حيث يستأجرها الأب (بنفسها وبغيرها) إذا لم
456

يشرط عليها إرضاعه بنفسها، كما في كل أجير مطلق (1)
(وهي أولى) بإرضاعه ولو بالأجرة (إذا قنعت بما يقنع به الغير) أو أنقص، أو تبرعت
بطريق أولى فيهما (2) (ولو طلبت زيادة) عن غيرها (جاز للأب انتزاعه (3))
منها وتسليمه إلى الغير) الذي يأخذ أنقص، أو يتبرع. ويفهم من قوله:
انتزاعه وتسليمه: سقوط حضانتها أيضا، وهو أحد القولين. ووجهه (4)
لزوم الحرج بالجمع بين كونه في يدها، وتولي غيرها إرضاعه، ولظاهر
رواية داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام " إن وجد الأب من
يرضعه بأربعة دراهم وقالت الأم: لا أرضعه إلا بخمسة دراهم فإنه له
أن ينزعه منها (5) ".
والأقوى بقاء الحضانة لها، لعدم تلازمها (6) وحينئذ فتأتي المرضعة
وترضعه عندها مع الإمكان، فإن تعذر حمل الصبي إلى المرضعة وقت
الإرضاع خاصة، فإن تعذر جميع ذلك اتجه سقوط حقها من الحضانة،
للحرج، والضرر (7).
457

(وللمولى إجبار أمته على الإرضاع لولدها وغيره (1)) لأن منافعها
مملوكة له فله التصرف فيها كيف شاء، بخلاف الزوجة حرة كانت أم مملوكة
لغيره، معتادة لإرضاع أولادها أم غير معتادة، لأنه لا يستحق بالزوجية
منافعها وإنما استحق الاستمتاع.
" ومنها (2) الحضانة "
بالفتح وهي: ولاية على الطفل والمجنون لفائدة (3) تربيته وما يتعلق
بها (4) من مصلحته من حفظه، وجعله في سريره، ورفعه، وكحله، ودهنه،
وتنظيفه، وغسل خرقه، وثيابه، ونحوه، وهي بأنثى أليق منها بالرجل
(فالأم أحق بالولد مدة الرضاع وإن كان) الولد (ذكرا إذا كانت)
الأم (حرة مسلمة) عاقلة (أو كانا) أي الأبوان معا (رقيقين أو كافرين)
فإنه يسقط اعتبار الحرية في الأول (5) والإسلام في الثاني (6) لعدم الترجيح،
ولو كانت الأم خاصة حرة مسلمة فهي أحق بالولد مطلقا من الأب الرق
أو الكافر إلى أن يبلغ وإن تزوجت (7).
(فإن فصل) عن الرضاع (فالأم أحق بالأنثى إلى سبع سنين)
458

وقيل: إلى تسع. وقيل: ما لم تتزوج الأم. وقيل إلى سبع فيهما (1)
والأول (2) مع شهرته جامع بين الأخبار المطلقة (3) (والأب أحق بالذكر)
بعد فصاله (إلى البلوغ و) أحق (بالأنثى بعد السبع) والأقوى أن الخنثى
المشكل هنا كالأنثى استصحابا لولاية الأم الثابتة عليه ابتداء إلى أن يثبت
المزيل، ولا ثبوت له (4) قبل السبع لعدم العلم بالذكورية التي هي مناط
زوال ولايتها عنه بعد الحولين. وأصالة عدم استحقاقه الولاية قبلها. هذا
كله إذا كان الأبوان موجودين فإن مات أحدهما كان الآخر أحق بالولد
مطلقا (5) من جميع الأقارب إلى أن يبلغ (و) كذلك (الأم أحق من
الوصي) أي وصي الأب (بالابن) وكذا بالبنت بعد السبع كما هي أحق
من الأقارب وإن تزوجت.
(فإن فقد الأبوان فالحضانة لأب الأب) لأنه أب في الجملة فيكون
أولى من غيره من الأقارب ولأنه أولى بالمال فيكون أولى بالحضانة، وبهذا (6)
جزم في القواعد، فقدم الجد للأب على غيره من الأقارب. ويشكل بأن
ذلك (7) لو كان موجبا لتقديمه لاقتضى تقديم أم الأم عليه (8) لأنها بمنزلة
459

الأم وهي (1) مقدمة على الأب (2) على ما فصل، وولاية المال لا مدخل
لها في الحضانة، وإلا لكان الأب أولى من الأم وكذا الجد له (3) وليس
كذلك إجماعا، والنصوص خالية من غير الأبوين من الأقارب، وإنما استفيد
حكمهم من آية أولي الأرحام (4)، وهي لا تدل على تقديمه (5) على غيره
من درجته، وبهذا (6) جزم في المختلف وهو أجود.
(فإن فقد أبو الأب) أو لم نرجحه (فللأقارب: الأقرب منهم)
إلى الولد (فالأقرب) على المشهور لآية أولي الأرحام، فالجدة لأم كانت
أم لأب وإن علت أولى (7) من العمة والخالة (8)، كما أنهما أولى من بنات
العمومة و الخؤولة (9) وكذا الجدة الدنيا والعمة (10) والخالة أولى من العليا
منهن، وكذا ذكور كل مرتبة (11)، ثم إن اتحد الأقرب فالحضانة مختصة به
460

وإن تعدد أقرع بينهم لما في اشتراكها (1) من الإضرار بالولد.
ولو اجتمع ذكر وأنثى (2) ففي تقديم الأنثى قول، مأخذه (3): تقديم
الأم على الأب، وكون الأنثى أوفق لتربية الولد، وأقوم بمصالحه لا سيما
الصغير والأنثى، وإطلاق (4) الدليل المستفاد من الآية (5) يقتضي التسوية
بينهما كما يقتضي التسوية بين كثير النصب وقليله (6) ومن يمت (7)
بالأبوين وبالأم خاصة (8)، لاشتراك الجميع في الإرث (9).
461

وقيل (1): إن الأخت من الأبوين أولى من الأخت من الأم،
وكذا أم الأب أولى من أم الأم، والجدة أولى من الأخوات، والعمة
أولى من الخالة نظرا إلى زيادة القرب، أو كثرة النصيب.
وفيه (2) نظر بين، لأن المستند - وهو الآية - مشترك (3)، ومجرد
ما ذكر (4) لا يصلح دليلا (5).
وقيل (6): لا حضانة لغير الأبوين اقتصارا على موضع النص (7).
وعموم (8) الآية يدفعه.
462

(ولو تزوجت الأم) بغير الأب مع وجوده (1) كاملا (2) (سقطت
حضانتها) للنص (3) والإجماع (فإن طلقت (4) عادت) الحضانة على
المشهور لزوال المانع منها، وهو تزويجها واشتغالها بحقوق الزوج (5) التي
هي أقوى من حق الحضانة.
وقيل: لا تعود لخروجها عن الاستحقاق بالنكاح فيستصحب (6)
ويحتاج عوده إليها (7) إلى دليل آخر. وهو مفقود، وله (8) وجه وجيه
لكن الأشهر الأول، وإنما تعود بمجرد الطلاق إذا كان بائنا، وإلا فبعد
العدة إن بقي لها شئ من المدة (9)، ولو لم يكن الأب موجودا لم تسقط
حضانتها بالتزويج مطلقا (10) كما مر (11).
(وإذا بلغ الولد رشيدا سقطت الحضانة عنه)، لأنها ولاية، والبالغ
الرشيد لا ولاية عليه لأحد، سواء في ذلك الذكر والأنثى، البكر والثيب
463

لكن يستحب له (1) أن لا يفارق أمه خصوصا الأنثى إلى أن تتزوج.
واعلم أنه لا شبهة في كون الحضانة حقا لمن ذكر (2)، ولكن هل
تجب عليه (3) مع ذلك أم له إسقاط حقه منها؟ الأصل يقتضي ذلك (4)
وهو الذي صرح به المصنف في قواعده فقال: لو امتنعت الأم من الحضانة
صار الأب أولى به. قال ولو امتنعا معا فالظاهر إجبار الأب. ونقل
عن بعض الأصحاب وجوبها وهو حسن حيث يستلزم تركها تضييع الولد
إلى أن حضانته حينئذ تجب كفاية كغيره من المضطرين، وفي اختصاص
الوجوب (5) بذي الحق (6) نظر (7). وليس في الأخبار ما يدل
على غير ثبوت أصل الاستحقاق (8).
464

(النظر الثاني في النفقات)
(وأسبابها ثلاثة: الزوجية. والقرابة) البعضية (1) (والملك). (فالأول: تجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم) دون المنقطع سواء
في ذلك الحرة والأمة المسلمة والكافرة (2) (بشرط التمكين الكامل) وهو
أن تخلي بينه وبين نفسها قولا وفعلا (في كل زمان ومكان يسوغ فيه
الاستمتاع) فلو بذلت في زمان دون زمان، أو مكان كذلك (3)
يصلحان (4) للاستمتاع، فلا نفقة لها، وحيث كان (5) مشروطا بالتمكين.
(فلا نفقة للصغيرة) التي لم تبلغ سنا يجوز الاستمتاع بها بالجماع
- على أشهر (6) القولين - لفقد الشرط وهو التمكين من الاستمتاع. وقال
ابن إدريس: تجب النفقة على الصغيرة (7) لعموم وجوبها على الزوجة،
فتخصيصه بالكبيرة الممكنة يحتاج إلى دليل وسيأتي الكلام على هذا الشرط (8)
465

ولو انعكس بأن كانت كبيرة ممكنة والزوج صغيرا وجبت النفقة لوجود
المقتضي (1) وانتفاء المانع، لأن الصغر لا يصلح للمنع كما في نفقة الأقارب
فإنها تجب على الصغير والكبير، خلافا للشيخ (2) محتجا بأصالة البراءة،
وهي مندفعة بما دل على وجوب نفقة الزوجة الممكنة أو مطلقا، ولو قيل
إن الوجوب من باب خطاب الشرع (3) المختص بالمكلفين أمكن جوابه (4)
بكون التكليف (5) هنا متعلقا بالولي: أن يؤدي من مال الطفل، كما
يكلف بأداء أعواض متلفاته التي لا خلاف في ضمانه (6) أو قضاء ديونه
وغراماته (7).
(ولا للناشزة) الخارجة عن طاعة الزوج ولو بالخروج من بيته بلا
إذن ومنع لمس بلا عذر.
(ولا للساكتة (8) بعد العقد ما) أي مدة (لم تعرض التمكين عليه)
بأن تقول: سلمت نفسي إليك في أي مكان شئت، ونحوه وتعمل بمقتضى
قولها حيث يطلب،
466

ومقتضى ذلك (1) أن التمكين الفعلي خاصة غير كاف (2)، وأنه لا فرق
في ذلك (3) بين الجاهلة بالحال والعالمة، ولا بين من طلب منها التمكين (4)
وطالبته بالتسليم (5) وغيره.
وهذا (6) هو المشهور بين الأصحاب، واستدلوا عليه بأن الأصل (7)
براءة الذمة من وجوب النفقة خرج منه حال التمكين بالإجماع (8) فيبقى
الباقي على الأصل (9).
وفيه نظر (10)، لأن النصوص (11) عامة أو مطلقة (12) فهي قاطعة
467

للأصل (1) إلى أن يوجد المخصص والمقيد (2)، إلا أن الخلاف (3) غير
متحقق، فالقول بما عليه الأصحاب متعين.
وتظهر الفائدة فيما ذكر (4) وفيما إذا اختلفا في التمكين (5) وفي وجوب
قضاء النفقة الماضية (6)، فعلى المشهور (7) القول قوله في عدمهما (8)
عملا بالأصل فيهما (9)،
468

وعلى الاحتمال (1) قولها (2) لأن الأصل بقاء ما وجب (3) كما يقدم
قولها لو اختلفا في دفعها مع اتفاقهما على الوجوب (4).
(والواجب) على الزوج (القيام بما تحتاج إليه المرأة) التي تجب
نفقتها (5) (من طعام وإدام (6) وكسوة وإسكان وإخدام وآلة الدهن
والتنظيف) من المشط والدهن والصابون، دون الكحل والطيب والحمام
إلا مع الحاجة إليه لبرد ونحوه (تبعا لعادة أمثالها من بلدها) المقيمة بها (7)
لأن الله تعالى قال: " عاشروهن بالمعروف (8) " ومن العشرة به (9):
الإنفاق عليها بما يليق بها عادة (و) لا يتقدر الإطعام بمد ولا بمدين
ولا غيرهما، بل (المرجع في الإطعام إلى سد الخلة) بفتح الخاء وهي
الحاجة.
469

(ويجب الخادم إذا كانت من أهله (1)) في بيت أبيها، دون
أن ترتفع (2) بالانتقال إلى بيت زوجها (أو كانت مريضة) أو زمنة (3)
تحتاج إلى الخادم، ويتخير بين إخدامها بحرة أو أمة ولو بأجرة، ولو كان
معها خادم تخير بين إبقائها (4) وينفق عليها، وبين إبدالها، وإن كانت
مألوفة لها لأن حق التعيين له (5) لا لها، حتى لو أراد أن يخدمها بنفسه
أجزأ (6) ولو خدمت نفسها لم يكن لها المطالبة بنفقة الخادم.
(وجنس المأدوم والملبوس والمسكن يتبع عادة أمثالها) في بلد السكنى
لا في بيت أهلها، ولو تعدد القوت في البلد اعتبر الغالب، فإن اختلف
الغالب فيها (7) أو قوتها من غير غالب (8) وجب اللائق به (9).
(ولها المنع من مشاركة غير الزوج) في المسكن بأن تنفرد (10)
470

ببيت صالح لها ولو في دار، لا بدار (1) لما في مشاركة غيره (2)
من الضرر.
(ويزيد كسوتها في الشتاء المحشوة) بالقطن (لليقظة، واللحاف
للنوم) إن اعتيد ذلك في البلد (ولو كان في بلد يعتاد فيه الفرو للنساء
وجب) على الزوج بذله (ويرجع في جنسه) من حرير أو كتان أو قطن
أو في جنس الفرو من غنم وسنجاب وغيرهما (إلى عادة أمثالها) في البلد
ويعتبر في مراتب الجنس المعتاد حاله (3) في يساره وغيره، وقبل
لا تجب الزيادة على القطن لأن غيره رعونة (4)، وهو ضعيف لاقتضاء
المعاشرة بالمعروف ذلك (5) (وكذا لو احتيج إلى تعدد اللحاف) لشدة
البرد أو لاختلاف الفصول فيه (6) ولكن هنا (7) لا يجب إبقاء المستغنى
عنه في الوقت الآخر (8) عندها (9) (وتزاد المتجملة ثياب التجمل
بحسب العادة) لأمثالها في تلك البلدة.
471

(ولو دخل بها، واستمرت تأكل معه على العادة (1)، فليس لها
مطالبته بمدة مؤاكلته (2)) لحصول الغرض (3) وإطباق الناس عليه (4)
في سائر (5) الأعصار، ويحتمل جواز مطالبتها بالنفقة، لأنه لم يؤد
عين الواجب (6)، وتطوع بغيره.
واعلم أن المعتبر من المسكن الإمتاع (7) اتفاقا، ومن المؤونة التمليك في صبيحة كل يوم، لا أزيد، بشرط بقائها ممكنة إلى آخره (8)،
فلو نشزت في أثنائه استحقت بالنسبة (9)، وفي الكسوة قولان، أجودهما
أنها إمتاع فليس لها بيعها ولا التصرف فيها بغير اللبس من أنواع
التصرفات، ولا لبسها زيادة على المعتاد كيفية (10) وكمية (11)، فإن فعلت
472

فأبلتها (1) قبل المدة التي تبلى فيها عادة لم يجب عليه إبدالها، وكذا
أو أبقتها زيادة عن المدة، وله إبدالها بغيرها مطلقا (2) وتحصيلها (3)
بالإعارة والاستئجار وغيرهما، ولو طلقها أو ماتت أو مات أو نشزت
استحق ما يجده منها (4) مطلقا (5) وما تحتاج إليه من الفرش والآلات
في حكم الكسوة (6).
(الثاني -: القرابة) البعضية (7) دون مطلق النسبة (وتجب النفقة
على الأبوين فصاعدا) وهم: آباء الأب وأمهاته وإن علوا، وآباء الأم
وأمهاتها وإن علوا (والأولاد فنازلا) ذكورا كانوا أم إناثا لابن المنفق
أم لبنته (ويستحب) النفقة (على باقي الأقارب) من الأخوة والأخوات
وأولادهم والأعمام والأخوال ذكورا وإناثا وأولادهم (ويتأكد) الاستحباب
(في الوارث منهم) في أصح القولين.
وقيل: تجب النفقة على الوارث لقوله تعالى: " وعلى الوارث
مثل ذلك " (8) " بعد قوله تعالى: " وعلى المولود له رزقهن
وكسوتهن بالمعروف (9) " وإذا وجب على الوارث - والعلة هي
473

الإرث - ثبت من الطرفين لتساويهما فيه (1)، ولا فرق في المنفق
بين الذكر والأنثى ولا بين الصغير والكبير عملا بالعموم.
(وإنما يجب الإنفاق على الفقير العاجز عن التكسب) فلو كان
مالكا مؤنة سنة أو قادرا على تحصيلها بالكسب تدريجا لم يجب الإنفاق
عليه، ولا يشترط عدالته (2) ولا إسلامه بل يجب (وإن كان فاسقا
أو كافرا) للعموم (3) ويجب تقييد الكافر بكونه محقون الدم، فلو كان
حربيا لم يجب (4) لجواز إتلافه، فترك الإنفاق لا يزيد عنه (5)، أما
الحرية فهي شرط لأن المملوك نفقته على مولاه، نعم لو امتنع (6) منها
أو كان معسرا أمكن وجوبه على القريب عملا بالعموم (7). وقيل:
لا يجب مطلقا (8) بل يلزم (9) ببيعه، أو الإنفاق عليه كما سيأتي (10)
474

وهو حسن
(ويشترط في المنفق أن يفضل ماله عن قوته وقوت زوجته) ليومه
الحاضر وليلته ليصرف إلى من ذكر، فإن لم يفضل شئ فلا شئ عليه
لأنها (1) مواساة وهو ليس من أهلها (2) (والواجب) منها (قدر
الكفاية) للمنفق عليه (من الإطعام والكسوة والمسكن) بحسب زمانه (3)
ومكانه.
(ولا يجب إعفاف (4) واجب النفقة) أي تزويجه ليصير ذا عفة
وإن كان أبا (5)، ولا النفقة على زوجته (6) للأصل (7). نعم يستحب
تزويج الأب. وعليه (8) يحمل ما ورد من الأمر به (9)، وكذا
475

لا يجب إخدامه (1)، ولا النفقة على خادمه إلا مع الزمانة المحوجة
إليه (2).
(وتقضى (3) نفقة الزوجة (4)) لأنها حق مالي وجب في مقابلة
الاستمتاع فكانت كالعوض (5) اللازم في المعاوضة (لا نفقة الأقارب (6))
لأنها وجبت على طريق المساواة وسد الخلة (7) لا التمليك، فلا تستقر
في الذمة، وإنما يأثم بتركها (8) (ولو (9) قدرها الحاكم) لأن التقدير
لا يفيد الاستقرار (10) (نعم لو أذن) الحاكم للقريب (في الاستدانة)
لغيبته (11)، أو مدافعته بها (12) (أو أمره (13) الحاكم) بالإنفاق
476

(قضي) لأنها تصير دينا في الذمة بذلك (1).
(والأب مقدم) على الأم وغيرها (في الإنفاق) على الولد
مع وجوده ويساره (2) (ومع عدمه أو فقره فعلى أب الأب فصاعدا)
يقدم الأقرب منهم فالقرب (وإن عدمت الآباء) أو كانوا معسرين
(فعلى الأم) مع وجودها ويسارها (ثم على أبويها بالسوية) لا على جهة
الإرث (3)، وأم الأب بحكم أم الأم وأبيها (4)، وكذا أم الجد للأب (5)
مع أبوي الجد والجدة للأم. وهكذا (6).
(والأقرب) إلى المنفق عليه (في كل مرتبة) من المراتب (7) (مقدم
على الأبعد
وإنما ينتقل إلى الأبعد مع عدمه (8) أو فقره، فالولد مقدم
477

في الإنفاق على أبيه وأمه وإن علوا على ابنه (1) وهكذا (2)، ومتى تعدد
من يجب عليه الإنفاق (3) تساووا فيه وإن اختلفوا في الذكورية والأنوثية (4)
وكذا يتساوى الغني فعلا وقوة (5) على الأقوى فيهما (6).
(وأما ترتيب المنفق عليهم: فالأبوان والأولاد سواء) لأن نسبتهم
إلى المنفق واحدة بحسب الدرجة (7)، وإنما اختلفت بكونها في أحدهما
عليا (8) وفي الآخر دنيا (9)، فلو كان له أب وابن. أو أبوان وأولاد
478

معهما (1) أو مع أحدهما، وجب قسمة الميسور (2) على الجميع بالسوية
ذكورا كانوا أم إناثا أم ذكورا وإناثا. ثم إن كفاهم أو نفع كل واحد
نصيبه نفعا معتدا به اقتسموه، وإن لم ينتفع به أحدهم لقلته وكثرتهم،
فالأجود القرعة، لاستحالة الترجيح (3) بغير مرجح، والتشريك ينافي
الغرض (4)، ولو كان نصيب بعضهم يكفيه لصغره ونحوه (5) ونصيب
الباقين لا ينفعهم منقسما، اعتبرت القرعة في من عدا المنتفع.
(وهم) يعني الآباء والأولاد (أولى من آبائهم وأولادهم) لزيادة
القرب (و) هكذا (كل طبقة (6) أولى من التي بعدها) ويتساوى الأعلى
والأدنى مع تساوي الدرجة كالأجداد وأولاد الأولاد وهكذا، كل ذلك (7)
(مع القصور (8)) أما مع سعة ماله للإنفاق على الجميع فيجب التعميم
(ولو كان للعاجز أب وابن قادران فعليهما) نفقته (بالسوية) لتساويهما
479

في المرتبة بالنسبة إليه، والبنت كالابن أما الأم (1) ففي مساواتها للأب (2)
في مشاركة الولد، أو تقديمه عليها (3) وجهان، مأخذهما: اتحاد الرتبة (4)
وكون الولد (5) مقدما على الجد المقدم عليها، فيكون أولى بالتقديم (6)
فإن اجتمعوا (7) فعلى الأب والولدين خاصة (8) بالسوية لما تقدم
من أن الأب مقدم على الأم وأما الأولاد فعلى أصل الوجوب من غير
ترجيح (9) مع احتمال تقديم الذكور نظرا إلى الخطاب في الأمر بها (10)
بصيغة المذكر.
480

(ويجبر الحاكم الممتنع عن الإنفاق) مع وجوبه عليه (1) (وإن
كان له مال) يجب صرفه (2) في الدين (باعه الحاكم) إن شاء (3)
(وأنفق منه). وفي كيفية بيعه وجهان: أحدهما أن يبيع كل يوم جزء بقدر
الحاجة. والثاني: أن لا يفعل ذلك، لأنه يشق، ولكن يقترض عليه
إلى أن يجتمع ما يسهل بيع العقار له والأقوى: جواز الأمرين (4). ولو
تعذرا (5) فلم يوجد راغب في شراء الجزء اليسير ولا مقرض ولا بيت
مال يقترض منه جاز [له] (6) بيع أقل ما يمكن بيعه، وإن زاد عن
قدر نفقة اليوم، لتوقف الواجب عليه (7).
" الثالث الملك: وتجب النفقة على الرقيق) ذكرا وأنثى وإن كان
أعمى وزمنا (8) (والبهيمة) بالعلف والسقي، حيث تفتقر (9) إليهما،
481

والمكان من مراح (1) واصطبل (2) يليق بحالها وإن كانت (3) غير منتفع
بها أو مشرفة على التلف، ومنها (4) دود القز، فيأثم بالتقصير في إيصاله قدر
كفايته، ووضعه (5) في مكان يقصر عن صلاحيته له بحسب الزمان (6)
ومثله (7) ما تحتاج إليه البهيمة مطلقا (8) من الآلات حيث يستعملها (9)
أو الجل (10) لدفع البرد وغيره (11) حيث يحتاج إليه (12).
(ولو كان للرقيق كسب جاز للمولى أن يكله إليه (13)، فإن كفاه)
482

الكسب بجميع ما يحتاج إليه من النفقة (اقتصر عليه، وإلا يكفيه أتم (1)
له) قدر كفايته وجوبا (ويرجع في جنس ذلك إلى عادة مماليك أمثال
السيد من أهل بلده) بحسب شرفه وضعته، واعتباره، ويساره، ولا يكفي
ساتر العورة في اللباس ببلادنا (2) وإن اكتفي به (3) في بلاد الرقيق (4)،
ولا فرق بين كون نفقة السيد على نفسه دون الغالب (5) في نفقة الرقيق
عادة تقتيرا (6) أو بخلا أو رياضة. وفوقه (7)، فليس له الاقتصار (8) به
على نفسه في الأول (9)، ولا عبرة في الكمية (10) بالغالب بل تجب الكفاية
483

لو كان الغالب أقل منها (1)، كما لا يجب الزائد لو كان فوقها (2)
وإنما تعتبر فيه (3) الكيفية.
(ويجبر السيد على الإنفاق أو البيع (4)) مع إمكانها (5)، وإلا
أجبر على الممكن منهما (6) خاصة، وفي حكم البيع: الإجارة (7) مع
شرط النفقة على المستأجر (8). والعتق (9)، فإن لم يفعل (10) باعه
الحاكم أو آجره، وهل يبيعه شيئا فشيئا أو يستدين عليه (11) إلى أن يجتمع
شئ فيبيع ما يفي به؟ الوجهان (12).
484

(ولا فرق) في الرقيق (بين القن)، وأصله الذي ملك هو
وأبواه، والمراد هنا: المملوك الخالص غير المتشبث بالحرية بتدبير، ولا
كتابة، ولا استيلاد (والمدبر، وأم الولد) لاشتراك الجميع في المملوكية
وإن تشبث الأخيران (1) بالحرية، وأما المكاتب فنفقته في كسبه وإن كان
مشروطا أو لم يؤد شيئا. (2)
(وكذا يجبر على الإنفاق على البهيمة المملوكة إلا أن تجتزي (3)
بالرعي) وترد الماء بنفسها فيجتزى (4) به فيسقطان عنه (5) ما دام
ذلك (6) ممكنا (فإن امتنع (7) أجبر على الإنفاق) عليها (أو البيع أو
الذبح إن كانت) البهيمة (مقصودة بالذبح) وإلا (8) أجبر على البيع
أو الإنفاق صونا لها عن التلف، فإن لم يفعل ناب الحاكم عنه في ذلك (9)
على ما يراه وتقتضيه الحال، وإنما يتخير (10) مع إمكان الأفراد (11) وإلا
485

تعين الممكن منها (1) (وإن كان لها ولد وفر عليه من لبنها ما يكفيه)
وجوبا وحلب ما يفضل منه خاصة (إلا أن يقوم بكفايته) من غير لبن
حيث يكتفي به (2).
وبقي من المملوك: ما لا روح فيه كالزرع والشجر مما يتلف بترك
العمل، وقد اختلف في وجوب عمله. ففي التحرير: قرب الوجوب
من حيث إنه تضييع للمال فلا يقر عليه (3). وفي القواعد: قطع بعدمه (4)
لأنه تنمية للمال فلا تجب كما لا يجب تملكه (5)، ويشكل (6) بأن ترك
التملك لا يقتضي الإضاعة بخلاف التنمية التي يوجب تركها فواته (7)
رأسا، أما عمارة العقار فلا تجب، لكن يكره تركه (8) إذا أدى
إلى الخراب.
486