الكتاب: الدروس
المؤلف: الشهيد الأول
الجزء: ٢
الوفاة: ٧٨٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: صفر المظفر ١٤١٤
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

الدروس الشرعية
في
فقه الإمامية
تأليف
الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي سنة 786 ه‍
(الشهيد الأول)
الجزء الثاني
تحقيق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة
1

الدروس الشرعية
في
فقه الإمامية
(ج 2)
* المؤلف: شمس الدين شمس الدين الشيخ محمد بن مكي العاملي (الشهيد الأول) *
* الموضوع: فقه
* تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
* عدد الصفحات: 465
* المطبوع: 1000
* الطبعة: الأولى
* التاريخ: صفر المظفر 1414 ه‍
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

كتاب المزار
3

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المزار
يستحب للحاج وغيرهم زيارة النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة
استحبابا مؤكدا، ويجبر الإمام الناس على ذلك لو تركوه. لما فيه من الجفا المحرم،
كما يجبرون على الأذان، ومنع ابن إدريس (1) ضعيف. لقوله صلى الله عليه
وآله (2): من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومن أتاني
زائرا وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة.
وقال صلى الله عليه وآله (3) في الترغيب في زيارته: من زار قبري بعد موتي
كان كمن هاجر إلي في حياتي فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلي بالسلام فإنه
يبلغني. وقال للحسين عليه السلام (4): يا بني من زارني حيا أو ميتا أو زار أباك
أو زار أخاك أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة وأخلصه من ذنوبه.
ورسول الله صلى الله عليه وآله هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن
عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ولد بمكة في شعب أبي طالب يوم الجمعة

(1) السرائر: ج 1 ص 647.
(2) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب المزار ح 3 ج 10 ص 261.
(3) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 263.
(4) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب المزار ح 14 ج 10 ص 256.
5

بعد طلوع الفجر سابع عشر شهر ربيع الأول عام الفيل، وكان حمل أمه آمنة
بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب به أيام التشريق في منزل أبيه
عبد الله بمنى عند الجمرة الوسطى، وصدع بالرسالة في اليوم السابع والعشرين من
رجب لأربعين سنة، وقبض بالمدينة يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة
إحدى عشر من الهجرة، وقيل: لاثنتي عشر ليلة بقيت من شهر ربيع الأول،
عن ثلاث وستين سنة.
ويستحب زيارة فاطمة عليها السلام، ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله،
وزوجة (1) أمير المؤمنين عليه السلام، وأم الحسن والحسين عليهما السلام. قالت
عليها السلام (2): أخبرني أبي أنه من سلم عليه وعلي ثلاثة أيام أوجب الله له
الجنة، فقيل لها في حياتكما؟ قالت: نعم وبعد موتنا، وليزر بيتها والروضة
والبقيع. ولدت عليها السلام بعد المبعث بخمس سنين، وقبضت بعد أبيها صلى
الله عليه وآله بنحو مائة يوم.
ويستحب زيارة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، فالأول: أمير المؤمنين
أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وأبو طالب وعبد الله
أخوان للأبوين، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، وهو وإخوته أول هاشمي
ولد بين هاشميين.
ولد يوم الجمعة ثالث عشر رجب، وروي (3) سابع شعبان، بعد مولد
رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثين سنة، وقبض قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة
لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين سنة، ودفن

(1) في " ز " و " م ": وزوج.
(2) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 287.
(3) بحار الأنوار: باب 1 تاريخ ولادة أمير المؤمنين ذيل ح 7 ج 35 ص 7.
6

بالغري من نجف الكوفة بمشهده الآن.
قال الصادق عليه السلام (1): من زار أمير المؤمنين عليه السلام ماشيا كتب
الله له بكل خطوة حجة وعمرة، وإن رجع ماشيا كتب الله له بكل خطوة
حجتين وعمرتين، وقال الصادق عليه السلام (2): زيارة علي عليه السلام تعدل
حجتين وعمرتين، وزيارة الحسين عليه السلام تعدل حجة وعمرة، وقال
عليه السلام (3): من زار أمير المؤمنين عليه السلام عارفا بحقه كتب الله له بكل
خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة، والله ما تطعم النار قدما اغبرت في زيارة أمير
المؤمنين عليه السلام ماشيا كان أو راكبا.
ويستحب زيارة آدم ونوح صلى الله عليهما معه، قال الصادق
عليه السلام (4): إذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي
عليهم الصلاة والسلام، وقال الرضا عليه السلام (5) للبزنطي: أحضر يوم الغدير
عند أمير المؤمنين عليه السلام، فإن الله يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة
ذنوب ستين سنة، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة
القدر وليلة الفطر، والدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين فأفضل عليهم
في هذا اليوم.
الثاني: الإمام الزكي أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام سيد شباب
أهل الجنة، ولد بالمدينة يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان سنة اثنتين من
الهجرة، وقال المفيد (6): سنة ثلاث، وقبض بها مسموما يوم الخميس سابع صفر

(1) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 296.
(2) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 297.
(3) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب المزار ح 3 ج 10 ص 294.
(4) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 299.
(5) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 302.
(6) الإرشاد: ص 187.
7

سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين من الهجرة، عن سبع أو ثمان وأربعين سنة.
قال عليه السلام (1): يا رسول الله ما لمن زارنا؟ فقال: من زارني حيا أو ميتا،
أو زار أباك حيا أو ميتا، أو زار أخاك حيا أو ميتا، أو زار حيا أو ميتا، كان
حقا علي أن أستنقذه يوم القيامة.
وقيل للصادق عليه السلام (2): ما لمن زار واحدا منكم؟ فقال: كمن زار
رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال الرضا عليه السلام (3): إن لكل إمام عهدا
في عنق أوليائهم وشيعتهم، وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة
قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا لما رغبوا فيه كان أئمتهم
شفعاؤهم يوم القيامة.
وقال الصادق عليه السلام (4) في الحسين عليه السلام: من أتاه وزاره وصلى
عنده ركعتين كتب الله له حجة مبرورة، فإن صلى عنده أربع ركعات كتب
الله له حجة وعمرة، قال عليه السلام: وكذلك كل من زار إماما مفترضا (5)
طاعته.
الثالث: الإمام الشهيد أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهما السلام سيد شباب أهل الجنة، ولد بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة
ثلاث من الهجرة، وقيل: يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان، وقال المفيد (6):
لخمس خلون من شعبان سنة أربع، وقتل بكربلاء يوم السبت عاشورا سنة

(1) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب المزار ح 19 ج 10 ص 258.
(2) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب المزار ح 15 ج 10 ص 256.
(3) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب المزار ح 5 ج 10 ص 253.
(4) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب المزار ح 20 ج 10 ص 258.
(5) في " م " و " ق ": مفروضا.
(6) الإرشاد: ص 198.
8

إحدى وستين عن ثمان وخمسين سنة.
وثواب زيارته لا يحصى، حتى روي (1) أن زيارته فرض على كل مؤمن،
وأن تركها ترك حق لله ولرسوله (2)، وإن تركها عقوق رسول الله صلى الله عليه
وآله (3)، وانتقاص في الإيمان والدين (4)، وأنه حق على الغني زيارته في السنة
مرتين والفقير في السنة مرة (5)، وأن من أتى عليه حول ولم يأت قبره نقص من
عمره حول، وأنها تطيل العمر (6)، وأن أيام زيارته لا تعد من الأجل (7)، وتفرج
الغم (8)، وتمحص الذنوب (9)، ولكل خطوة حجة مبرورة (10)، وله بزيارته أجر
عتق ألف نسمة وحمل على ألف فرس في سبيل الله (11)، وله بكل درهم أنفقه
عشرة آلاف درهم (12)، وأن من أتى قبره عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه
وما تأخر (13).
وإن زيارته يوم عرفة بعشرين حجة وعشرين عمرة مبرورة وعشرين غزوة مع

(1) وسائل الشيعة: باب 44 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 345 و ح 8 ص 321.
(2) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 333.
(3) مستدرك الوسائل: باب 27 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 256.
(4) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب المزار ح 5، 10 ج 10 ص 335 - 336.
(5) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 340.
(6) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب المزار ح 4 ج 10 ص 334.
(7) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب المزار ح 9 ج 10 ص 322.
(8) مستدرك الوسائل: باب 26 من أبواب المزار ح 16 ج 10 ص 239.
(9) وسائل الشيعة: باب 45 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 347.
(10) التهذيب: باب 16 في فضل زيارته ح 16 ج 6 ص 46 وفيه بمناسكها.
(11) وسائل الشيعة: باب 46 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 355.
(12) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 333.
(13) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب المزار ح 6 ج 10 ص 320.
9

النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام (1) بل روي عليه السلام (2) أن مطلق
زيارته خير من عشرين حجة، وأن زيارته (3) يوم عرفة مع المعرفة بحقه بألف
ألف حجة وألف ألف عمرة متقبلات وألف غزوة مع النبي أو الإمام.
وزيارته أول رجب مغفرة الذنب (4) البتة، ونصف شعبان يصافحه مائتا
ألف نبي وعشرون ألف نبي (5)، وليلة القدر مغفرة الذنب (6)، وأن الجمع في
سنة واحدة بين زيارته ليلة عرفة والفطر وليلة النصف من شعبان بثواب ألف
حجة مبرورة وألف عمرة متقبلة وقضاء ألف حاجة للدنيا والآخرة (7).
وزيارته يوم عاشوراء مع معرفته (8) بحقه كمن زار الله فوق عرشه (9). وهو
كناية عن كثرة الثواب والاجلال، بمثابة من رفعه الله إلى سمائه وأدناه من (10)
عرشه وأراه من خاصة ملكه ما يكون به توكيد كرامته. وزيارته في العشرين من
صفر من علامات المؤمن (11)، وزيارته في كل شهر ثوابها ثواب مائة ألف شهيد
من شهداء بدر (12).

(1) ثواب الأعمال: ح 24 ص 115 لم أعثر على غير هذا.
(2) وسائل الشيعة: باب 45 من أبواب المزار ح 5 ج 10 ص 348.
(3) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 359 مع اختلاف، مستدرك الوسائل:
باب 36 من أبواب المزار ح 10 ج 10 ص 286 وفيه ألف.
(4) وسائل الشيعة: باب 50 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 363.
(5) وسائل الشيعة: باب 51 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 364.
(6) وسائل الشيعة: باب 53 من أبواب المزار ح 1، 6 ج 10 ص 368.
(7) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 371.
(8) في باقي النسخ: معرفة.
(9) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 371.
(10) في " ق ": إلى.
(11) وسائل الشيعة: باب 56 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 373.
(12) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب المزار ح 4 ج 10 ص 341.
10

ومن بعد عنه وصعد على سطحه، ثم رفع رأسه إلى السماء ثم توجه إلى قبره،
وقال: السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته، كتب الله
له زورة والزورة حجه وعمرة (1)، ولو فعل ذلك في (2) كل يوم خمس مرات
كتب الله له ذلك.
وإذا زاره فليزر ولده علي بن الحسين، وهو الأكبر على الأصح، وليزر
الشهداء وأخاه العباس والحر بن يزيد، وليتم الصلاة عنده ندبا، ويستشفي
بتربته من حريم قبره، وحده خمسة فراسخ من أربع جوانبه، وروي (3) فرسخ من
كل جانب، وروى إسحاق بن عمار (4) خمسا وعشرين ذراعا من ناحية الرأس
ومثلها من ناحية الرجلين، وروى عبد الله بن سنان (5) أن قبره عشرون ذراعا
مكسرا، وكله على الترتيب في الفضل.
وروى المفضل بن عمر (6) عن الصادق عليه السلام في الصلاة عنده كل
ركعة بألف حجة وألف عمره وعتق ألف رقبة وألف وقفة في سبيل الله مع
نبي مرسل، وروى ابن أبي عمر (7) مرسلا عن الباقر عليه السلام صلاة
الفريضة عنده تعدل حجة والنافلة تعدل عمرة.
وفي تربته الشفاء من كل داء وهي الدواء الأكبر، رواه سليمان
البصري (8) عن الصادق عليه السلام، وليؤخذ من قبره إلى سبعين ذراعا على

(1) التهذيب: باب 52 من كتاب المزار ح 21 ج 6 ص 116.
(2) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
(3) مستدرك الوسائل: باب 50 من أبواب المزار ح 2، 5 ج 10 ص 320.
(4) وسائل الشيعة: باب 67 من أبواب المزار ح 4 ج 10 ص 400.
(5) وسائل الشيعة: باب 67 من أبواب المزار ح 6 ج 10 ص 401.
(6) وسائل الشيعة: باب 69 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 406.
(7) وسائل الشيعة: باب 69 من أبواب المزار ح 3 ج 10 ص 406.
(8) وسائل الشيعة: باب 70 من أبواب المزار ح 7 ج 10 ص 410.
11

الأفضل، وحملها أيضا أمان من كل خوف، ويستحب حمل سبحة من طينه
ثلاثا وثلاثين حبة، فمن قلبها ذاكرا لله فله بكل حبة أربعون حسنة، وإن قلبها
ساهيا فعشرون حسنة، وما سبح الله بأفضل من سبحة طينه، ويستحب وضعها
مع الميت في قبره وخلطها بحنوطه، رواه الحميري (1) عن الفقيه.
ويستحب لزائره أن يأتيه محزونا أشعث أغبر جائعا عطشانا، ولا يتخذ في
طريقه السفر، ولا يتطيب ولا يدهن ولا يكتحل، ويأكل الخبز واللبن، ويزوره
بالمأثور.
الرابع: الإمام أبو محمد زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، ولد
بالمدينة يوم الأحد خامس شعبان سنة ثمان وثلاثين، وقبض بها يوم السبت
ثاني عشر المحرم سنة خمس وتسعين عن سبع وخمسين سنة، وأمه شاه زنان بنت
شيرويه بن كسرى أبرويز، وقيل: ابنة يزدجرد.
الخامس: الإمام أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام الباقر لعلم الدين،
ولد بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر سنة سبع وخمسين، وقبض بها يوم الاثنين
سابع ذي الحجة سنة أربع عشر ومائة، وروي (2) سنة ست عشرة، وأمه أم
عبد الله بنت الحسن بن علي عليهما السلام، فهو علوي بين علويين.
السادس: الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام العالم،
ولد بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين، وقبض
بها في شوال، وقيل: في منتصف رجب، يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة
عن خمس وستين سنة، وأمه أم فروة ابنة القاسم الفقيه بن محمد النجيب بن
أبي بكر، وقال الجعفي (3): اسمها فاطمة وكنيتها أم فروة.

(1) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب التكفين ح 1 ج 2 ص 742.
(2) مصباح الكفعمي: ص 522 في الجدول.
(3) لا يوجد كتابه لدينا.
12

وقبره وقبر أبيه وجده وعمه الحسن بالبقيع في مكان واحد، وفي بعض
الروايات (1) أن فاطمة بنت أسد جدتهم معهم في تربتهم. والروايات (2) في
زيارة الحسن عليه السلام تدل على فضيلة زيارتهم، وعن أبي محمد الحسن بن
علي العسكري (3) من زار جعفرا وأباه لم يشك عينه ولم يصبه سقم ولم يمت
مبتلى، وعن الصادق عليه السلام (4) من زارني غفرت له ذنوبه ولم يمت فقيرا.
السابع: الإمام الكاظم أبو الحسن وأبو إبراهيم وأبو علي موسى بن جعفر
الصادق عليهما السلام، وأمه حميدة البربرية، ولد بالأبواء سنة ثمان وعشرين
ومائة، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة، يوم الأحد سابع صفر، وقبض مسموما
ببغداد في حبس السندي بن شاهك، لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين
ومائة، وقيل: يوم الجمعة لخمس خلون من رجب إحدى وثمانين ومائة،
ودفن بمقابر قريش في مشهده الآن.
سأل الحسن بن علي الوشاء (5) الرضا عليه السلام عن زيارة أبيه أبي
الحسن، أهي مثل زيارة الحسين عليه السلام؟ قال: نعم، وقال عليه السلام (6):
من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول الله وقبر أمير المؤمنين عليهما الصلاة
والسلام، وقال عليه السلام (7): إن الله نجى بغداد لمكان قبره بها، وإن لمن زاره
الجنة (8).

(1) التهذيب: باب 25 من كتاب المزار ج 6 ص 78.
(2) وسائل الشيعة: باب 79 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 426.
(3) وسائل الشيعة: باب 79 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 426.
(4) التهذيب: باب 26 من كتاب المزار ح 1 ج 6 ص 78.
(5) وسائل الشيعة: باب 80 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 427.
(6) وسائل الشيعة: باب 80 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 427.
(7) وسائل الشيعة: باب 80 من أبواب المزار ح 5 ج 10 ص 428. وفيه الحسينيين.
(8) وسائل الشيعة: باب 80 من أبواب المزار ح 3 ج 10 ص 428.
13

الثامن: الإمام الرضا أبو الحسن علي بن موسى عليهما السلام ولي
المؤمنين، وأمه أم البنين أم ولد، ولد بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة وقيل: يوم
الخميس حادي عشر ذي القعدة، وقبض بطوس في صفر، وقبره بسناباد بمشهده
الآن، سنة ثلاث ومائتين.
عن الكاظم عليه السلام (1) من زار قبر ولدي علي كان عند الله كسبعين
حجة مبرورة، قال له يحيى المازني: سبعين حجة؟ قال: نعم وسبعين ألف
حجة. وقيل لأبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السلام: أزيارة الرضا أفضل
أم زيارة الحسين عليه السلام؟ قال: زيارة أبي أفضل لأنه لا يزور إلا الخواص
من الشيعة (2). وعنه عليه السلام (3) أنها أفضل من الحج وأفضلها رجب.
وروى البزنطي (4) قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلام بخطه
أبلغ شيعتي أن زيارتي تعدل عند الله ألف حجة وألف عمرة متقبلة كلها، قال:
قلت لأبي جعفر ألف حجة؟ قال: أي والله وألف ألف حجة لمن يزوره عارفا
بحقه، وقال الرضا عليه السلام (5): من زارني على بعد داري ومزاري أتيته يوم
القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا
وشمالا وعند الصراط والميزان.
التاسع: الإمام الجواد أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام، وأمه
الخيزران أم ولد، وكانت من أهل بيت مارية القبطية، ولد بالمدينة في شهر
رمضان سنة خمس وتسعين ومائة، وقبض ببغداد في آخر ذي القعدة، وقيل: يوم

(1) وسائل الشيعة: باب 87 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 443.
(2) وسائل الشيعة: باب 85 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 441.
(3) وسائل الشيعة: باب 87 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 444.
(4) وسائل الشيعة: باب 87 من أبواب المزار ذيل ح 3 ج 10 ص 444.
(5) وسائل الشيعة: باب 82 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 433.
14

الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة عشرين ومائتين، ودفن في ظهر جده
الكاظم عليه السلام بمقابر قريش.
عن الهادي عليه السلام (1) في فضل زيارتهما عن الحسين عليه السلام أبو
عبد الله المقدم، وهذا أجمع وأعظم أجرا.
العاشر: الإمام الهادي المنتجب أبو الحسن علي بن محمد الجواد، أمه
سمانة أم ولد، ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومأتين،
وقبض بسر من رأى في يوم الاثنين ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومأتين،
ودفن في داره بها.
الحادي عشر: الإمام التقي الهادي ولي المؤمنين أبو محمد الحسن بن علي
العسكري، أمه حديث أم ولد، ولد بالمدينة في شهر ربيع الآخر، قيل: يوم
الاثنين رابعه، سنة اثنين وثلاثين ومائتين، وقبض بسر من رأى يوم الأحد،
وقال المفيد (2): يوم الجمعة، ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين، ودفن
إلى جانب أبيه.
وثواب زيارتهما يعلم من الأخبار السابقة، وروى أبو هاشم الجعفري (3)
قال: قال لي أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام: قبري بسر من رأى أمان
لأهل الجانبين.
وقال المفيد (4): يزاران من ظاهر الشباك، ومنع من دخول الدار، قال
الشيخ أبو جعفر (5): وهو الأحوط، لأنها ملك الغير ولا يجوز التصرف فيها إلا

(1) وسائل الشيعة: باب 89 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 447.
(2) الإرشاد: ص 335.
(3) وسائل الشيعة: باب 90 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 448.
(4) المقنعة: ص 486.
(5) التهذيب: ج 6 ص 94.
15

بإذنه، قال: ولو أن أحدا دخلها لم يكن مأثوما وخاصة إذا تأول في ذلك
ما روي عنهم عليه السلام (1) أنهم جعلوا شيعتهم في حل من مالهم.
الثاني عشر: الإمام المهدي الحجة صاحب الزمان أبو القاسم محمد بن
الإمام أبي محمد بن الحسن العسكري عجل الله فرجه، ولد بسر من رأى يوم الجمعة
ليلا وقيل: ضحى خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، أمه صقيل،
وقيل: نرجس، وقيل: مريم بنت زيد العلوية، وهو المتيقن ظهوره وتملكه وأنه
يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
اللهم إنا نسألك بك وبحق حبيبك محمد وأهل بيته الطاهرين أن تصلي
على محمد وآل محمد، وأن تحشرنا في زمرتهم وتعتق رقابنا من النار بحبهم،
وتعجل فرجهم وفرجنا بهم، وتدرك بنا أيامهم يا أرحم الراحمين.
ويستحب زيارة المهدي عليه السلام في كل مكان وكل زمان، والدعاء
بتعجيل الفرج عند زيارته، وتتأكد زيارته في السرداب بسر من رأى.
ويستحب زيارة النبي والأئمة صلى الله عليهم في كل يوم جمعة ولو من
البعد، وإذا كان على مكان عال كان أفضل.
ويستحب زيارة منتجبي الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وخصوصا
جعفر بن أبي طالب بمؤتة، والعباس وأولاده، وسلمان بالمدائن، وعمار بصفين،
وحذيفة، وزيارة الأنبياء عليهم السلام حيث كانوا وخصوصا إبراهيم وإسحاق
ويعقوب بمشهدهم المعروف، وباقي الأنبياء بالأرض المقدسة، وزيارة المسجد
الأقصى وإتيان مقامات الأنبياء، وزيارة قبور الشهداء والصلحاء من المؤمنين.
قال الكاظم عليه السلام (2): من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي إخوانه

(1) وسائل الشيعة: انظر باب 4 من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ج 6 ص 378.
(2) وسائل الشيعة: باب 97 من أبواب المزار ح 10 ج 10 ص 458.
16

يكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر أن يصلنا فليصل صالحي إخوانه يكتب له
ثواب صلتنا.
وليقل ما قاله أبو جعفر عليه السلام (1) على قبر رجل من الشيعة: اللهم ارحم
غربته، وصل وحدته، وآنس وحشته، وآمن روعته، وأسكن إليه من رحمتك
رحمة، يستغني بها عن رحمة من سواك، وألحقه بمن كان يتولاه.
وليكن الزائر مستقبل القبلة، ويقرء كلا من التوحيد والقدر سبعا بعد
وضع يده عليه، قال ابن إدريس (2): ولا أرى التعفير على قبر أحد ولا التقبيل له
سوى قبور الأئمة عليهم السلام للإجماع عليه وإلا لامتنع. وروى محمد بن
بزيع (3) عن الرضا عليه السلام من أتى قبر أخيه المؤمن من أي ناحية فوضع يده
عليه، وقرأ إنا أنزلناه سبع مرات، أمن من الفزع الأكبر.
ويستحب إهداء ثواب الأعمال والقربات وخصوصا القرآن العزيز
للأموات من المؤمنين، وخصوصا العلماء وذوي الأرحام، وخصوصا الوالدين.
ويستحب لمن حضر مزارا أن يزور عن والديه وأحبائه وعن جميع المؤمنين،
فيقول: السلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان، أتيتك زائرا عنه، فاشفع له
عند ربك، ثم تدعوا (4) له، ولو قال: السلام عليك يا نبي الله من أبي وأمي
وزوجتي وولدي وحامتي وجميع إخواني من المؤمنين أجزأ، وجاز له أن يقول
لكل واحد: قد أقرأت رسول الله عنك السلام، وكذا باقي الأنبياء والأئمة
عليهم السلام.

(1) وسائل الشيعة: باب 101 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 462.
(2) السرائر: ج 1 ص 658.
(3) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب الدفن ح 1 ج 2 ص 881 وفيه محمد بن إسماعيل ابن إسماعيل
بن بزيع.
(4) في " م " و " ق ": ويدعو.
17

وروى حفص بن البختري (1) أنه من خرج من مكة أو المدينة أو مسجد
الكوفة أو الحائر قبل أن ينتظر الجمعة، نادته الملائكة أين تذهب لا ردك الله.
خاتمة:
يستحب زيارة الإخوان في الله تعالى استحبابا مؤكدا، فإذا زاره نزل على
حكمه، ولا يحتشمه ولا يكلفه، ويستحب للمزور استقبال الزائر ومصافحته
واعتناقه، وتقبيل موضع السجود من كل منهما، ولو قبل (يده) كان جائزا،
وخصوصا العلماء وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله، لقول الصادق
عليه السلام (2): لا تقبل يد أحد إلا من أريد به رسول الله صلى الله عليه وآله،
وروي (3) تقبيل الحاج حين يقدم على شفتيه، وليتحفه بما حضر من طعام
وشراب وفاكهة وطيب، وأدناه شرب الماء أو الوضوء وصلاة ركعتين عنده،
والتأنيس بالحديث، والتوديع إذا خرج.
وروى الكليني عن أبي حمزة (4) عن الصادق عليه السلام من زار أخاه لله
وكل الله به سبعين ألف ملك، ينادونه ألا طبت وطابت لك الجنة.
وقال الباقر عليه السلام (5) لخيثمة: أبلغ من ترى من موالينا السلام،
وأوصهم بتقوى الله، وأن يعود غنيهم فقيرهم وقويهم على ضعيفهم، وأن
يشهد حيهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن في تلاقيهم حياة لأمرنا،
رحم الله عبدا أحيى أمرنا.

(1) وسائل الشيعة: باب 78 من أبواب المزار ح 1 ج 10 ص 426.
(2) وسائل الشيعة: باب 133 من أبواب أحكام العشرة ح 3 ج 8 ص 565.
(3) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 7 ج 8 ص 328.
(4) الكافي: باب زيارة الإخوان من كتاب الإيمان والكفر ح 1 ج 2 ص 175.
(5) وسائل الشيعة: باب 98 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 459.
18

وقال الصادق عليه السلام (1) لصفوان الجمال: أيما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا
عند أخ لهم، يأمنون بوائقه، ولا يخافون غوائله، ويرجون ما عنده، إن دعو الله
أجابهم، وإن سألوه أعطاهم، وإن استزادوا زادهم، وإن سكتوا ابتدأهم.
وقال عليه السلام (2): من زار أخاه في الله عز وجل قال الله عز وجل: إياي
زرت وثوابك علي، لست أرضى لك ثوابا دون الجنة.
[127]
درس
إذا توجه الحاج إلى المدينة، وانتهى إلى مسجد غدير خم، دخله وصلى فيه،
وأكثر فيه من الدعاء، وهو موضع النص من رسول الله صلى الله عليه وآله على
أمير المؤمنين عليه السلام، والمسجد باق إلى الآن جدرانه.
وإذا أتى (3) إلى المعرس بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة، ويقال
بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الراء، وهو بذي الحليفة بإزاء مسجد الشجرة
إلى ما يلي القبلة، فلينزل به تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله، وليصل
فيه (4)، وليسترح به.
فإذا أتى المدينة فليغتسل لدخولها، ولدخول المسجد، ولزيارة النبي صلى
الله عليه وآله، وليدخل المسجد من باب جبرئيل عليه السلام، ويدعو عند
دخوله، فإذا دخل المسجد صلى التحية، ثم أتى سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وآله فزاره مستقبلا حجرته الشريفة مما يلي الرأس، ثم يأتي جانب الحجرة
القبلي ويستقبل وجهه صلى الله عليه وآله مستدبر القبلة ويسلم عليه، ويزوره

(1) وسائل الشيعة: باب 98 من أبواب المزار ح 3 ج 10 ص 460.
(2) وسائل الشيعة: باب 97 من أبواب المزار ح 7 ج 10 ص 457.
(3) في " ق ": بلغ إلى.
(4) في " ق ": عنده.
19

بالمأثور أو بما حضر، ثم يستقبل القبلة ويدعو بما أحب، ثم يصلي ركعتي الزيارة
بالمسجد ويدعو بعدها.
وليكثر من الصلاة بالمسجد وخصوصا الروضة، وهي ما بين القبر والمنبر،
وروى البزنطي (1) عن عبد الكريم عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام حد
الروضة من مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى طرف الظلال، قال
البزنطي: وقال بعضهم: ما بين القبر والمنبر إلى طرف الظلال، وقال أبو بصير:
حد مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الأساطين يمين المنبر إلى الطريق
مما يلي سوق الليل.
ويستحب للزائر أن يأتي بعد الزيارة منبر رسول الله صلى الله عليه وآله،
ويمسح رمانتيه وإن لم يكن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله باقيا.
ويستحب صيام ثلاثة أيام بالمدينة معتكفا بالمسجد، وأفضلهما الأربعاء
والخميس والجمعة، ويصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة، واسمه بشير
ابن عبد المنذر الأنصاري شهد بدرا، وهي أسطوانة التوبة، ويقيم عندها يوم
الأربعاء، ثم يصلي ليلة الخميس عند الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله
عليه وآله ومصلاه، ويصلي ليلة الجمعة عند مقام النبي صلى الله عليه وآله.
وكلما دخل المسجد سلم على النبي صلى الله عليه وآله.
ثم يأتي البقيع فيزور الأئمة الأربعة وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه
وآله، بعد أن يكون قد زارها بالروضة وبيتها، وقيل: يزورها مع الأئمة الأربعة
عليهم السلام، ثم يزور قبر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، وعبد الله

(1) لم نعثر في الكتب الأربعة وغيرها عليه بهذا الإسناد، وذكره في الوسائل بسند آخر عن أبي بصير مع
اختلاف يسير، ولكن لم يذكر قول البزنطي، راجع وسائل الشيعة: باب 58 من أبواب أحكام
المساجد ح 3 ج 3 ص 546.
20

ابن جعفر، وفاطمة بنت أسد، ومن بالبقيع من الصحابة والتابعين، ثم يأتي قبر
حمزة عليه السلام وشهداء أحد فيزورهم باديا بحمزة، ويهدي لهم ثواب ما تيسر
من القرآن.
ثم يأتي المساجد الشريفة بالمدينة كمسجد قبا، ومسجد الفتح وهو مسجد
الأحزاب، ومسجد الفضيخ وهو الذي ردت فيه الشمس لأمير المؤمنين
عليه السلام بالمدينة، ومشربة أم إبراهيم ولد رسول الله صلى الله عليه وآله.
ويستحب المجاورة بالمدينة إجماعا قال رسول الله صلى الله عليه وآله (1):
لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعا يوم القيامة أو
شهيدا، وقال صلى الله عليه وآله (2) في الذين يريدون الخروج من المدينة إلى
أحد الأمصار: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
وليكثر المجاور فيها من الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله،
وتلاوة الكتاب العزيز وتدبر معانيه، وتمثل أنه بحضرة رسول الله صلى الله عليه
وآله، ويزوره إن استطاع في كل يوم مرارا، وأقل الزيارة أن يقول إذا شاهد
حجرته: السلام عليك يا رسول الله، وكذا يزور الأئمة عليهم السلام ما استطاع،
وليحفظ نفسه فيها من المآثم والمظالم. وفي الصدقة فيها على المحاويج ثواب
جزيل، وخصوصا على ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله.
تنبيه:
للمدينة حرم وهو من ظل عائر إلى فئ (3) وعير بفتح الواو، ولا يعضد
شجره، ولا يصاد ما بين الحرتين منه، أعني حرة ليلى وحرة وأقم، وهو على

(1) مستدرك الوسائل: باب 12 من أبواب المزار ح 18 ج 10 ص 207.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي: ج 9 ص 153.
(2) هذه الكلمة غير موجودة في " م " و " ق ".
21

الكراهية وظاهر الشيخ (1) التحريم.
[128]
درس
قد بينا في كتاب الذكرى (2) استحباب بناء قبور الأئمة عليهم السلام
وتعاهدها، ولنذكر هنا نبذا من أحكام المشاهد المقدسة لم يذكرها الأصحاب:
قد جمع المشهد بين المسجدية والرباط فله حكمهما، فمن سبق إلى منزل منه فهو
أولى به (3) ما دام رحله باقيا، ولو استبق اثنان ولم يمكن الجمع أقرع، ولا فرق
بين من يعتاد منزلا منه وبين غيره.
والوقف على المشاهد يتبع شرطا الواقف، ولو فضل شئ من المصالح ادخر
له، إما عينا أو مشغولا في عقار يرجع نفعه عليه، ولو فضل عن ذلك كله
فالأقرب جواز صرفه في مشهد آخر أو مسجد، وأمر مصالحه العامة إلى الحاكم
الشرعي.
ويجوز انتفاع الزائر بالآلة (4) المعدة، فإذا انصرف سلمها إلى الناظر فيه، ولو
نقلت فرشه إلى مكان آخر للزائر جاز وإن خرج عن خطة المشهد، وفي جواز
صرف أوقافه ونذوره إلى مصالح الزائرين مع استغنائهم عنها نظر، أما مع
الحاجة فيجوز كالمنقطع به عن أهله.
وللزيارة آداب: أحدها: الغسل قبل دخول المشهد، والكون على طهارة،
فلو أحدث أعاد الغسل، قاله المفيد (5)، وإتيانه بخضوع وخشوع في ثياب طاهرة

(1) النهاية: ص 287.
(2) الذكرى: ص 69.
(3) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
(4) في " م ": بالآلات.
(5) المقنعة: ص 494.
22

نظيفة جدد (1).
وثانيها: الوقوف على بابه والدعاء والاستئذان بالمأثور، فإن وجد خشوعا
ورقة دخل، وإلا فالأفضل له تحري زمان الرقة، لأن الغرض الأهم حضور
القلب لتلقي الرحمة النازلة من الرب، فإذا دخل قدم رجله اليمنى، وإذا خرج
فباليسرى.
وثالثها: الوقوف على الضريح ملاصقا له أو غير ملاصق، وتوهم أن البعد
أدب وهم، فقد نص (2) على الاتكاء على الضريح وتقبيله.
ورابعها: استقبال وجه المزور واستدبار القبلة حال الزيارة، ثم يضع عليه
خده الأيمن عند الفراغ من الزيارة ويدعو متضرعا، ثم يضع عليه خده الأيسر ويدعو
سائلا من الله تعالى بحقه وبحق صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته، ويبالغ
في الدعاء والالحاح، ثم ينصرف إلى ما يلي الرأس، ثم يستقبل القبلة ويدعو.
وخامسها: الزيارة بالمأثور، ويكفي السلام والحضور.
وسادسها: صلاة ركعتي الزيارة عند الفراغ، فإن كان زائرا للنبي صلى
الله عليه وآله ففي الروضة، وإن كان لأحد الأئمة عليهم السلام فعند رأسه، ولو
صلاهما بمسجد المكان جاز، ورويت (3) رخصة في صلاتهما إلى القبر، ولو استدبر
القبر وصلى جاز، وإن كان غير مستحسن إلا مع البعد.
وسابعها: الدعاء بعد الركعتين بما نقل وإلا فبما سنح له في أمور دينه
ودنياه، وليعمم الدعاء فإنه أقرب إلى الإجابة.
وثامنها: تلاوة شئ من القرآن عند الضريح وإهداؤه إلى المزور، والمنتفع
بذلك الزائر، وفيه تعظيم للمزور.

(1) في " ق ": جديدة.
(2) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب المزار ح 2 ج 10 ص 267. بحار الأنوار 100 / 124.
(3) وسائل الشيعة: باب 26 من أبواب مكان المصلي ح 4 ج 3 ص 455.
23

وتاسعها: إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع، والتوبة من الذنب
والاستغفار والاقلاع.
وعاشرها: التصدق على السدنة والحفظة للمشهد وإكرامهم وإعظامهم،
فإن فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة والسلام. وينبغي لهؤلاء أن يكونوا
من أهل الخير والصلاح والدين والمروة والاحتمال والصبر وكظم الغيظ، خالين
من الغلظة على الزائرين، قائمين بحوائج المحتاجين، مرشدي ضالي الغرباء
والواردين. وليتعهد أحوالهم الناظر فيه، فإن وجد من أحد منهم تقصيرا نبهه
عليه، فإن أصر زجره، فإن كان من المحرم جاز ردعه بالضرب إن لم يجد
التعنيف، من باب النهي عن المنكر.
وحادي عشرها: أنه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحب له العود
إليها ما دام مقيما، فإذا حان الخروج ودع ودعا بالمأثور، وسأل الله تعالى العود
إليه.
وثاني عشرها: أن يكون الزائر بعد الزيارة خيرا منه قبلها، فإنها تحط
الأوزار إذا صادفت القبول.
وثالث عشرها: تعجيل الخروج عند قضاء الوتر من الزيارة، لتعظيم الحرمة
ويشتد الشوق، وروي (1) أن الخارج يمشي القهقرى حتى يتوارى.
ورابع عشرها: الصدقة على المحاويج بتلك البقعة، فإن الصدقة مضاعفة
هنالك، وخصوصا على الذرية الطاهرة كما تقدم بالمدينة.
ويستحب الزيارة في المواسم المشهورة قصدا، وقصد الإمام الرضا
عليه السلام في رجب، فإنه من أفضل الأعمال.
ولا كراهة في تقبيل الضرايح، بل هو سنة عندنا، ولو كان هناك تقية

(1) كامل الزيارات: ص 256.
24

فتركه أولى، وأما تقبيل الأعتاب فلم نقف فيه على نص نعتد به، ولكن عليه
الإمامية، ولو سجد الزائر ونوى بالسجدة الشكر لله تعالى على بلوغه تلك البقعة
كان أولى.
وإذا أدرك الجمعة فلا يخرج قبل الصلاة، ومن دخل المشهد والإمام
يصلي بدأ بالصلاة قبل الزيارة، وكذلك لو كان قد حضر وقتها، وإلا فالبدأة
بالزيارة أولى لأنها غاية مقصده، ولو أقيمت الصلاة استحب للزائرين قطع
الزيارة والاقبال على الصلاة، ويكره تركه، وعلى الناظر أمرهم بذلك.
وإذا زارت (1) النساء فليكن منفردات عن الرجال، ولو كان ليلا فهو
أولى، وليكن متنكرات مستخفيات مستترات، ولو زرن بين الرجال لجاز وإن
كره. وينبغي مع كثرة الزائرين أن يخفف السابقون إلى الضريح الزيارة
وينصرفوا ليحضر من بعدهم، فيفوزوا من القرب إلى الضريح بما فاز أولئك.
تنبيه:
يستحب إذا زار الحسين أن يزور عقيبه ولده عليا، وهو الأكبر
على الأصح، وأمه ليلى بنت أبي مسعود بن مرة بن مسعود الثقفي، وهو أول قتيل
من ولد علي عليه السلام في الطف، وله رواية عن جده علي عليه السلام، ثم
يزور الشهداء، ثم يأتي العباس بن علي عليه السلام فيزوره، وأمه أم البنين
بنت حزام بن خالد بن ربيعة أخي لبيد الشاعر.
خاتمة:
أجمع الأصحاب على الاستشفاء بالتربة الحسينية صلوات الله على مشرفها،

(1) في " م ": زار.
25

وعلى أفضلية التسبيح بها وبذلك أخبار (1) متواترة، ويجوز أخذها من حرمه
عليه السلام وإن بعد كما سبق، وكلما قرب من الضريح كان أفضل، ولو جئ
بتربة ثم وضعت على الضريح كان حسنا، وليقل عند قبضها واستعمالها ما هو
مشهور. ولا يتجاوز المستشفي قدر الحمصة، ويجوز لمن حازها بيعها كيلا ووزنا
ومشاهدة، سواء كانت تربة مجردة أو مشتملة على هيئات الانتفاع.
وينبغي للزائر أن يستصحب منها ما أمكن، لتعم البركة أهله وولده وبلده، فهي
شفاء من كل داء وأمان من كل مخوف، ولو طبخت التربة قصدا للحفظ عن
التهافت فلا بأس، وتركه أفضل، والسجود عليها من أفضل الأعمال إن شاء الله
تعالى.

(1) وسائل الشيعة: انظر باب 70 من أبواب المزار ج 10 ص 408.
26

كتاب الجهاد
27

كتاب الجهاد
وهو من أعظم أركان الإسلام، قال الله تعالى: " إن الله اشترى من المؤمنين
أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله " (1)، وعن النبي صلى الله
عليه وآله (2) فوق كل بر بر حتى يقتل الرجل في سبيل الله فليس فوقه بر، وفي
الفاخر (3) أن الملائكة تصلي على المتقلد بسيفه في سبيل الله حتى يضعه، ومن
صدع رأسه في سبيل الله غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب (4).
وهو فرض كفاية على البالغ، العاقل، الحر، الذكر، الصحيح من المرض،
السليم من العمى والاقعاد والشيخوخة المانعة من القيام والفقر، ويتعين بتعيين
الإمام أو قصور القائمين بدونه وبالنذر وشبهه. وللأبوين والمدين مع الحلول
واليسار المنع، وقال الحسن (5): يسقط طاعتهما وطاعة الغريم عند الاستنفار،
وحمل على التعيين.

(1) سورة التوبة: الآية 111.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب جهاد العدو ح 21 ج 11 ص 10.
(3) لا يوجد لدينا هذا الكتاب وعثرنا على مضمون الخبر في كنز العمال: كتاب الجهاد في المسابقة من
الإكمال ح 10787 و 10789 ج 4 ص 338.
(4) كنز العمال: كتاب الجهاد باب الترغيب في الجهاد ح 10490 ج 4 ص 280، مع اختلاف يسير.
(5) المختلف: ج 1 ص 324.
29

ومن عجز بنفسه وتمكن من إقامة غيره مقامه وجب عند الشيخ (1) وابن
إدريس (2)، ولو قدر فأقام غيره مقامه سقط عنه، إلا أن يعينه الإمام، ويجوز
الاستئجار للجهاد عندنا.
وإنما يجب بشرط دعاء الإمام العادل أو نائبه. ولا يجوز مع الجائر اختيارا،
إلا أن يخاف على بيضة الإسلام - وهي أصله ومجتمعه - من الاصطلام، أو
يخاف اصطلام قوم من المسلمين، فيجب على من يليهم الدفاع عنهم.
ولو احتيج إلى مدد من غيرهم وجب لكفهم لا لإدخالهم في الإسلام،
وكذا لو كان بين أهل الحرب ودهمهم عدو وخاف منه على نفسه جاز له أن
يجاهد دفاعا لا إعانة للكفار، وقيد في النهاية (3) العدو لأهل الحرب بالكفر،
وكذا كل من خشي على نفسه مطلقا. وظاهر الأصحاب عدم تسمية ذلك كله
جهادا بل دفاع، وتظهر الفائدة في حكم الشهادة والفرار وقسمة الغنيمة
وشبهها.
وأما الرباط ففضله كثير، سواء كان بنفسه أو غلامه أو دابته، في حضور
الإمام وغيبته.
ومن نذر المرابطة وجبت مطلقا، وكذا لو نذر صرف مال فيها، ولا يجوز
صرفه في البر حال الغيبة على الأصح. ولو آجر نفسه أو قبل الجعل عليها قام
بها، ولا يجب رد المال على الباذل أو وارثه حال الغيبة، وأوجبه الشيخ (4)، فإن
لم يجد الوارث قام بها، وهو مخصص لعموم الأدلة بغير ثبت.
وأقلها ثلاثة أيام، ونقله ابن الجنيد (5) ليلة، وأكثرها أربعون يوما، فإن زاد

(1) النهاية: ص 289.
(2) السرائر: ج 2 ص 3.
(3) النهاية: ص 291.
(4) المبسوط: ج 2 ص 9.
(5) المختلف: ج 1 ص 325.
30

فله ثواب المجاهدين، وأفضلها ما قرب من الثغر. وكل من وطن نفسه على
الإعلام والمحافظة من أهل الثغور فهو مرابط. ويكره نقل الأهل والذرية إليه.
والمجاهدون ثلاثة: أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، وبحكمهم من له
شبهة كتاب كالمجوس، وألحق بهم ابن الجنيد (1) الصابئة، ومن عداهم من
المشركين، والبغاة على الإمام العادل. والواجب قتال الكتابي حتى يسلم أو
يتذمم أو يقتل، وقتال المشرك حتى يسلم أو يقتل، وقتال الباغي حتى يفئ
أو يقتل.
ويبدأ بقتال من يليه، إلا أن يكون الأبعد أشد خطرا، ومن ثم أغار
رسول الله صلى الله عليه وآله (2) على الحارث بن أبي ضرار لما بلغه أنه يجمع
له، وكان بينه وبينه عدو أقرب، وكذا فعل بخالد بن سفيان الهذلي (3)، أو
يكون الأقرب مهادنا.
ولا يجوز القتال إلا بعد الدعاء إلى الإسلام، بإظهار الشهادتين والتزام
جميع أحكام الإسلام، والداعي هو الإمام أو نائبه، ولو قوتلوا مرة بعد الدعاء
كفى عما بعدها، ومن ثم غزا النبي صلى الله عليه وآله (4) بني المصطلق غارين
فاستأصلهم.
ولا يجوز في أشهر الحرم، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، إلا أن
يبدأ العدو بالقتال فيها، أو لا يرى حرمتها.
ويكف عن النساء وإن أعن إلا مع الضرورة، وكذا عن الصبيان والمجانين
وأسرى المسلمين، ولو لم يمكن الفتح إلا بقتلهم جاز، وعلى القاتل الكفارة في

(1) المختلف: ج 1 ص 333.
(2) سنن البيهقي: باب من يبدأ بجهاده من المشركين ج 9 ص 37.
(3) سنن البيهقي: باب من يبدأ بجهاده من المشركين ج 9 ص 38.
(4) نفس المصدر.
31

المسلم ولا يغرم ماله لو أتلفه بخطأ أو بحاجة.
ويستحب الدعاء عند التقاء الصفين بالمأثور، ومنه دعاء النبي صلى الله
عليه وآله (1): اللهم منزل الكتاب سريع الحساب مجري السحاب اهزم
الأحزاب، ومنه (2): يا صريخ المكروبين، يا مجيب المضطرين، يا كاشف الكرب
العظيم، اكشف كربي وغمي، فإنك تعلم حالي وحال أصحابي، فاكفني
بقوتك عدوي، وليوص الإمام أصحابه بوصية أمير المؤمنين عليه السلام (3)
استشعر والخشية إلى آخرها.
ويستحب أن يكون القتال عند الزوال بعد أن يصلي الظهرين، لأنه يفتح
عنده أبواب السماء وتنزل الرحمة والنصر، وهو أقرب إلى الليل وأقل للقتال.
ويجوز القتال بسائر أنواعه، وهدم المنازل والحصون، ورمي المناجيق،
والتحريق بالنار، وقطع الأشجار، وإرسال الماء ومنعه، وعن علي
عليه السلام (4) لا يحل منع الماء، ويحمل على حالة الاختيار، وإلا جاز إذا توقف
الفتح عليه، والحصار، ومنع السابلة دخولا وخروجا، فقد قطع رسول الله صلى
الله عليه وآله أشجار الطائف (5)، وحرق علي بني النضير وخرب ديارهم (6)، ولا
يجوز بإلقاء السم على الأصح.
ويكره تبييتهم ليلا والقتال قبل الزوال لغير حاجة، ولو اضطر فيهما جاز،
وأن يعرقب الدابة ولو وقفت به، ولو رأى صلاحا جاز، كما فعله جعفر

(1) الجعفريات: كتاب الدعاء باب دعاء النبي يوم الأحزاب ص 218، مع اختلاف يسير.
(2) بحار الأنوار: كتاب الدعاء والذكر باب 38 في أحراز النبي ح 6 و 7 ج 94 ص 212.
(3) نهج البلاغة: خطبة 66 ص 97.
(4) وقعة صفين: ص 193.
(5) سنن البيهقي: باب قطع الشجر وحرق المنازل ج 9 ص 83.
(6) نفس المصدر.
32

عليه السلام بمؤتة (1)، وذبحها أحسن حينئذ
ويكره المبارزة بين الصفين بغير إذن الإمام، ويحرم إن منع، ويجب إن
ألزم. ولو نكل المحارب (2) عن قرنه جازت إعانته إلا مع شرط عدمها، فإن
هرب المسلم فطلبه القرن أعين مطلقا، وأبطل ابن الجنيد (3) اشتراط عدم
المعاونة. ويكره قتل الأسير صبرا أي حبسا للقتل.
ويحرم الفرار إذا كان العدو على الضعف فأقل، إلا متحرفا لقتال أو
متحيزا إلى فئة، والتمثيل بالكفار، والغدر بهم، والغلول منهم، والقتال بعد
الأمان، ولو كان من آحاد المسلمين لآحاد الكفار، وإن كان المجير عبدا أو
أدون شرفا، ولو استذم الخصم فأجيب بعدم الذمام فتوهم الأمان حرم اغتياله
وأعيد إلى مأمنه.
ويحرم القتال أيضا بعد الهدنة، ولا يتولاها إلا الإمام أو نائبه لمصلحة.
ومن لم ينبت فهو صبي، فلو ادعى استعجاله بالدواء قبل منه بغير يمين.
[129]
درس
لا يجوز أخذ الجزية من الوثني وإن كان عجميا، ويجوز من الكتابي وإن
كان عربيا، ولو انتقل الكتابي إلى غير ملته أقر عند الشيخ (4) إذا كان الثاني يقر
عليه ناقلا فيه الإجماع.
وشرائط الذمة قبول الجزية بحسب ما يراه الإمام على الرؤوس، أو على (5)

(1) وسائل الشيعة: باب 52 من أبواب أحكام الدواب ح 2 ج 8 ص 396.
(2) في " م " و خ ل " ز " و خ ل المعتمدة: " المبارز.
(3) المختلف: ج 1 ص 326.
(4) الخلاف: ج 3 ص 241.
(5) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
33

الأرضين، أو عليهما على الأقوى، والتزام أحكام الإسلام، وأن لا يفعلوا ما ينافي
الأمان، كمعاونة الكفار وإيواء عينهم، وأن لا يتجاهروا بالمحرمات في شريعة
الإسلام، كأكل لحم الخنزير وشرب الخمر وأكل الربا ونكاح المحارم،
فيخرجون عن الذمة بترك هذه أو بعضها
ويجب أن يعطو الجزية صاغرين، فعند المفيد (1) هو أن يؤخذوا بما لا يطيقون
حتى يسلموا للرواية (2)، وفي المبسوط (3): التزام أحكامنا، وفي الخلاف (4) عدم
تقريرها مع التزام أحكامنا، وقال ابن الجنيد (5): التزام أحكامنا وأخذها منه
قائما، ولم يجوز النقص عن دينار.
ويجب على الفقير على الأصح، وينظر بها حتى يوسر، وفي العبد قولان،
والمروي (6) الوجوب على مولاه عنه، ولا جزية على النساء والأطفال والمجانين،
وفي الهم والمقعد والراهب وأهل الصوامع والمجنون
أدوارا قولان، وكذا في
قتلهم، ويجب على السفيه خلافا لابن حمزة (7). ويجوز أخذها من ثمن المحرم ولو
كان بالإحالة على المشتري، خلافا لابن الجنيد (8) في الإحالة.
ويمنعون من أن يحدثوا كنيسة أو بيعة، أو يضربوا ناقوسا، أو يطيلوا بناء على
جاره المسلم، أو يساووه بل ينخفضون عنه.
فرع:
لو كانت دار جاره سردابا لم يلزم بمثله، ولو كانت داره على نشر لا يمكن

(1) المقنعة: ص 273.
(2) وسائل الشيعة: باب 68 من أبواب جهاد العدو ح 1 ج 11 ص 113.
(3) المبسوط: ج 2 ص 43.
(4) الخلاف: ج 3 ص 238.
(5) المختلف: ج 1 ص 334.
(6) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب جهاد العدو ح 6 ج 11 ص 97.
(7) الوسيلة: ص 205.
(8) المختلف: ج 1 ص 335.
34

الانتفاع بها إلا بالعلو على المسلم فالأقرب جوازه، ويقتصر على أقل من بنيان
المسلم، ولو انعكس جاز له أن يقارب دار المسلم في العلو، وإن أدى إلى
الإفراط في الارتفاع.
تنبيه:
يجوز تقرير نصارى تغلب عند الشيخ (1) مع أنهم تنصروا في الإسلام، ومنعه
ابن الجنيد (2)، والمروي عن علي عليه السلام (3) أنه توعدهم بالقتل، وعلله
بتركهم ما شرطه النبي صلى الله عليه وآله من أنهم لا ينصرون أبناءهم، وفي
زمن الغيبة يجب إقرارهم على ما أقرهم عليه ذو الشوكة من المسلمين كغيرهم.
ويجب الهجرة عن بلاد الشرك لمن لا يتمكن من إظهار دينه، ولم تنقطع
الهجرة بفتح مكة عن غيرها، ولو عجز عنها كالمستضعف والمرأة سقط وتوقع
المكنة. ويجب مواراة المسلم دون الكافر، فإن اشتبها دفن كميش الذكر، ولا
يقرع خلافا لابن إدريس (4).
[130]
درس
تقسم الغنيمة المنقولة بعد الجعائل والمؤن ثم الخمس بين المقاتلة ومن حضر
قبل القسمة حتى المولود بالسوية، للراجل سهم، وللفارس سهمان، ولذي
الأفراس ثلاثة وإن كثرت، ولو اشتركوا في فرس اقتسموا سهمها.
ولا يسهم لغيرها من الدواب، ولا للعبيد والنساء والكفار، ولكن يرضخ

(1) المبسوط: ج 2 ص 50.
(2) المختلف: ج 1 ص 336.
(3) كنز العمال: باب المصالحة ح 11507 ج 4 ص 510.
(4) السرائر: ج 2 ص 20.
35

لهم بحسب ما يراه الإمام، وكان النبي صلى الله عليه وآله (1) يخرج النساء معه
للمداواة، ولا للأعراب وإن قاتلوا مع المهاجرين على الأصح ويرضخ لهم،
ويتشارك الجيش وسريته. ولا فرق بين غنيمة البحر والبر.
ومن أسلم قبل الظفر به عصم نفسه وولده الأصاغر وماله المنقول دون
غيره، وكل عبد أسلم قبل مولاه وخرج إلينا فهو حر وإلا فلا.
ولو وطئ الغانم جارية من المغنم فلا حد عليه عند الشيخ (2) ناقلا الإجماع،
ويلحق به الولد. ولو وجد في الغنيمة أموال للمسلمين فهي لأربابها، ولو عرفت
بعد القسمة على الأصح، وفي النهاية (3): يقوم العبيد والأموال في سهم المقاتلة
وتدفع القيمة إلى أربابها من بيت المال، أما الأحرار فلا سبيل عليهم إجماعا.
وما لا ينقل من الأرضين والعقارات فهو للمسلمين قاطبة، والنظر فيه إلى
الإمام.
وأما الأسرى (4) فالإناث والأطفال يملكون بالسبي مطلقا، والذكور البالغون
يقتلون حتما إن أخذوا ولما تضع الحرب أوزارها إلا أن يسلموا، وإن أخذوا
بعد الحرب تخير الإمام فيهم بين المن والفداء والاسترقاق، ومنع في المبسوط (5)
من استرقاق من لا يقر على دينه كالوثني، بل يمن عليه أو يفادى، وتبعه
الفاضل (6).
ولو عجز الأسير عن المشي احتمل، فإن أعوز لم يحل قتله، وأمر بإطلاقه في

(1) وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب جهاد العدو ح 6 ج 11 ص 86.
(2) المبسوط: ج 2 ص 31.
(3) النهاية: ص 295.
(4) في باقي النسخ: الأسارى.
(5) المبسوط: ج 2 ص 20.
(6) المختلف: ج 1 ص 331.
36

النهاية (1)، ويجب إطعام الأسير وسقيه وإن أريد قتله سريعا. ويتخير في القتل
بين ضرب العنق وقطع اليد والرجل بغير حسم لينزفوا.
ولو أسر المشركون مسلما لم يجز له التزوج فيهم، إلا أن يكونوا أهل كتاب،
فيجوز متعة أو دواما عند الضرورة الشديدة. وينفسخ نكاح المشركين بأسرهما،
وكذا بأسر الزوجة وحدها، وبأسر الزوج الصغير وحده، ولو أسر الزوج الكبير
وحده لم يحكم بالانفساح حتى يسترق، ولو كانا رقيقين تخير الغانم.
[131]
درس
في اللواحق
يجوز إخراج الشيوخ ما دام فيهم قتال، بارز عمار بصفين وهو ابن نيف
وتسعين سنة (2)، قال ابن الجنيد (3): لا أستحب أن ينقص سنه عن ثماني
عشرة.
ويجوز الذمام من الواحد للآحاد بغير إذن الإمام خلافا للحلبي (4)، مع قوله
بوجوب الكف عمن أذمه وإن أثم.
ويجوز التحكيم في الحرب، ويراعى في الحاكم الكمال، والإيمان، والعدالة،
والمعرفة بمصالح القتال، ورضى الإمام به، نعم يكره إذا كان أسيرا في أيدي
المشركين، ومنعه ابن الجنيد (5)، فينفذ حكمه ما لم يخالف المشروع.
وتتقدر الهدنة بما دون السنة، فيراعى الأصلح في القدر، ولو اشتد الضعف

(1) النهاية: ص 296.
(2) الإصابة: ج 2 ص 512.
(3) لم نعثر على من حكاه عنه.
(4) الكافي في الفقه: ص 257.
(5) المختلف: ج 1 ص 327.
37

جازت إلى عشر سنين لا أزيد. وإذا هاجرت امرأة منهم إلينا مسلمة وتحقق
إسلامها لم تعد، ويعاد على زوجها ما سلمه إليها من الصداق المباح من بيت
المال، وقال ابن الجنيد (1): من سهم الغارمين في (2) الزكاة، ولو كانت عينه
باقية رد بعينه، وهو بعيد.
وظاهر بعض الأصحاب أن الغانمين ليس لهم تصرف في الغنيمة بأكل ولا
علف ولا غيره قبل القسمة، وجوزه الشيخ في المبسوط (3) وابن الجنيد (4) مدعيا
للإجماع، وهو الحق. وللإمام الاصطفاء من الغنيمة، وجوز الحلبي (5) أن يبدأ
بسد ما ينوبه من خلل في الإسلام ومصالح أهله ولو استغرق الغنيمة، وهو نادر.
ولو خيف استرجاع الكفار الغنيمة ففي جواز إتلاف الحيوان نظر، وقطع
الشيخ (6) بالمنع.
ويجوز السلب والنقل بالشرط، وأوجب ابن الجنيد (7) السلب للقاتل بغير
شرط، وجعل (8) للفارس ثلاثة أسهم لرواية إسحاق بن عمار (9)، ويعارضها
رواية حفص بن غياث (10) وإن كانت ضعيفة لاعتضادها بعمل المعظم.
ولا يسهم للعبد المأذون له ولا المكاتب خلافا له (11).
والمروي (12) تحريم التفرقة بين الأم وولدها، وكره ابن الجنيد (13) التفريق بين

(1) نفس المصدر.
(2) في " ق ": من.
(3) المبسوط: ج 2 ص 29.
(4) المختلف: ج 1 ص 327.
(5) الكافي في الفقه: ص 258.
(6) المبسوط: ج 2 ص 31.
(7) المختلف: ج 1 ص 328.
(8) المختلف: ج 1 ص 328.
(9) وسائل الشيعة: باب 42 من أبواب جهاد العدو ح 2 ج 11 ص 88.
(10) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب جهاد العدو ح 1 ج 11 ص 78.
(11) المختلف: ج 1 ص 328.
(12) الفقيه: باب شراء الرقيق ح 3811 ج 3 ص 219.
(13) المختلف: ج 1 ص 331.
38

الصغير وبين من يقوم مقام الأبوين في النفقة كالأخوة والأجداد، وهو حسن،
ولا فرق في التفريق بين البيع وغيره.
ولو سبي الطفل منفردا تبع السابي في الإسلام عند الشيخ (1) والقاضي (2)
وابن الجنيد (3)، وهو المختار.
ولو أسلم الأسير بعد حكم الإمام فيه انفذ إلا القتل، ولو كان قبل الحكم
تخير بين المن والفداء والاسترقاق، ونقل الشيخ (4) سقوط الاسترقاق، لأن
عقيلا أسلم بعد الأسر، ففداه النبي صلى الله عليه وآله ولم يسترقه، وهي
حكاية حال فلا يعم.
ولا يجوز للذمي استيطان الحجاز ولا جزيرة العرب، وحدها من عدن إلى
ريف عبادان طولا، ومن تهامة وما والاها إلى أطراف الشام عرضا، ويجوز
الاجتياز والامتياز. وقال الجعفي (5): لا يصلح سكناهم دار الهجرة إلا أن
يدخلوها نهارا يتسوقون بها ويخرجون ليلا، وقال ابن الجنيد (6): يجوز إقامتهم فيما
صولحوا عليه كأيلة وتيما ووادي القرى.
وكل بلدة مصرها المسلمون لا يجوز إحداث كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار فيها
إجماعا، وكذا لو سكنوا الأرض المفتوحة عنوة لم يحدثوا فيها شيئا من ذلك. ومنع
ابن الجنيد (7) من سكناهم مصرا مصره المسلمون ومن دفنهم فيه. قال (8):
والتمصير إما بالإحداث كالكوفة والبصرة وبغداد وسر من رأى، أو بإسلام
أهلها عليها (9) طوعا، كالمدينة والطائف واليمن وبعض الديلم، أو بقسمة بلاد

(1) المبسوط: ج 2 ص 23.
(2) المهذب: ج 1 ص 318.
(3) المختلف: ج 1 ص 331.
(4) المبسوط: ج 2 ص 20.
(5) لم نعثر عليه.
(6) لم نعثر عليه.
(7) لم نعثر عليه.
(8) لم نعثر عليه.
(9) في باقي النسخ: بالإسلام عليها.
39

العنوة بين المسلمين.
ويجوز اشتراط ضيافة مارة المسلمين، كما شرط رسول الله صلى الله عليه
وآله على أهل أيلة أن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثا (1)، وشرط على أهل
نجران إقراء رسله عشرين ليلة فما دون، وعارية ثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا
وثلاثين درعا مضمونة (2).
ويكره بدأة الذمي بالسلام، وإذا سلم أجيب بعليكم، ويكره مصافحته،
فإن فعل فمن وراء الثياب. ويستحب أن يضطر إلى أضيق الطرق وأن يمنع من
الجادة، وأما العلامة والركوب عرضا والمنع من الخيل وحذف مقاديم الشعور
وترك الكنى الإسلامية وشبه ذلك فلم نقف عليه لأئمتنا عليهم السلام.
ولو أسلم الذمي بعد الحول قبل الأداء سقطت الجزية على الأصح. ولو
أسلم قوم على أرضهم طوعا ملكوها، وليس عليهم فيها سوى الزكاة مع اجتماع
الشرائط، ولو تركوا عمارتها فالمشهور في الرواية (3) أن الإمام يقبلها بما يراه
ويصرفه في مصالح المسلمين، وفي النهاية (4): يدفع من حاصلها طسقها لأربابها
والباقي للمسلمين، وابن إدريس (5) منع من التصرف بغير إذن أربابها، وهو
متروك.
ولو باع الذمي أرضه المجعول عليها الجزية على مسلم انتقل إلى الذمي لأنه
جزية، وقال الحلبي (6): هو على المشتري مع الزكاة، وهو مردود، لقوله صلى الله

(1) سنن البيهقي: باب كم الجزية ج 9 ص 195.
(2) نفس المصدر، وليس فيه عشرين ليلة.
(3) وسائل الشيعة: باب 72 من أبواب جهاد العدو 2001 ج 11 ص 119.
(4) النهاية: ص 194.
(5) السرائر: ج 1 ص 477.
(6) الكافي في الفقه: ص 260.
40

عليه وآله (1): لا جزية على مسلم، قال (2): ولو استأجرها من الذمي مسلم أو
ذمي فخراجها على المستأجر، وفيه بعد، إلا مع الشرط. ومصرف الجزية عسكر
المجاهدين.
ولا يجوز التصرف في المفتوحة عنوة إلا بإذن الإمام عليه السلام، سواء كان
بالوقف أو بالبيع أو غيرهما، نعم في حال الغيبة ينفذ ذلك، وأطلق في
المبسوط (3) أن التصرف فيها لا ينفذ، وقال ابن إدريس (4): إنما يباع ويوقف
تحجيرنا وبناؤنا وتصرفنا لا نفس الأرض.
ولا يجوز بيع المصحف للكافر، ولا يملكه لو اشتراه، وألحق الشيخ (5)
أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله، وكرهه الفاضلان (6).
[132]
درس
يجب قتال البغاة على الإمام العادل إذا استنفر عليهم، قال الله تعالى:
" فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله " (7)، وقال النبي صلى الله عليه
وآله (8): ما سمع داعينا (9) أهل البيت أحد فلم يجبه (10) إلا كبه الله على منخريه
في النار، وقال صلى الله عليه وآله (11): ما خفقت راية على رأس امرئ (12) في
سبيل الله فطعمته النار.

(1) مستدرك الوسائل: باب 61 من أبواب جهاد العدو ذيل ح 34 ج 11 ص 134.
(2) الكافي في الفقه: ص 261.
(3) المبسوط: ج 2 ص 34.
(4) السرائر: ج 1 ص 478.
(5) المبسوط: ج 2 ص 62.
(6) المنتهى: ج 2 ص 982، شرائع الإسلام: ج 1 ص 335.
(7) سورة الحجرات: الآية 9.
(8) لم نعثر عليه.
(9) في " ق " و " ز ": واعيتنا.
(10) في باقي النسخ: يجبها.
(11) لم نعثر عليه.
(12) في باقي النسخ: امرئ مؤمن.
41

وكيفية قتال البغاة مثل كيفية قتال المشركين، والفرار كالفرار، إلا أن
البغاة إذا كان لهم فئة أجهز على جريحهم وتبع مدبرهم وقتل أسيرهم، وإن لم
يكن لهم فئة اقتصر على تفريقهم. ونقل الحسن (1) أنهم يعرضون على السيف،
فمن تاب منهم ترك وإلا قتل.
ولا يجوز سبي نساء الفريقين، ونقل الحسن (2) أن للإمام ذلك إن شاء،
لمفهوم قول علي عليه السلام (3): إني مننت على أهل البصرة كما من رسول الله
صلى الله عليه وآله على أهل مكة، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وآله أن
يسبي فكذا للإمام، وهو شاذ.
ولا تقسم أموالهم التي لم يحوها العسكر إجماعا. وجوز المرتضى (4) قتالهم
بسلاحهم وعلى (5) دوابهم، لعموم " فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر
الله " (6)، وما حواه العسكر إذا رجعوا إلى طاعة الإمام حرام أيضا، وإن أصروا
فالأكثر على أن قسمته كقسمة الغنيمة، وأنكره المرتضى (7) وابن إدريس (8)،
وهو الأقرب عملا بسيرة علي عليه السلام في أهل البصرة، فإنه أمر (9) برد
أموالهم فأخذت حتى القدور.
وإذا استوسر منهم مقاتل حبس حتى تنقضي الحرب، ولو كان غير مقاتل
كالنساء والزمني والشيوخ والصبيان أطلقوا، ونقل الشيخ في الخلاف (10) أنهم

(1) لم نعثر عليه في مظانه.
(2) المختلف: ج 1 ص 337.
(3) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب جهاد العدو ح 4 ج 11 ص 58.
(4) المسائل الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): ص 261.
(5) في باقي النسخ: على.
(6) سورة الحجرات: الآية 9.
(7) المسائل الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): ص 261.
(8) السرائر: ج 2 ص 19.
(9) المغني لابني قدامة: ج 10 ص 65.
(10) الخلاف: ج 3 ص 166.
42

يحبسون، وهو ظاهر ابن الجنيد (1).
والبغي اسم ذم عندنا، وفي تكفيره قولان، يتفرع عليهما تغسيله والصلاة
عليه ودفنه لا حل ماله.
واسترط الشيخ (2) في قتال البغاة ثلاثة شروط: كونهم في منعة لا يمكن
تفريقهم إلا بالجيوش، وأن يخرجوا عن قبضة الإمام في بلد أو بادية، وأن يكونوا
على المباينة بتأويل يعتقدونه، وإلا فهم محاربون.
وتجوز الاستعانة بأهل الذمة في قتال البغاة مع الأمن، وفي قتال المشركين
أيضا، ولو استعان البغاة بنسائهم وأطفالهم فكما تقدم، ولو عاذوا بالمصاحف
والدعوة إلى حكم الكتاب لم يلتفت إليهم، إذا كانوا قد دعوا إليه فامتنعوا،
وقوتلوا حتى يصرحوا بالفئة، ولو قاتل الذمي معهم نقض عهده، فلو ادعوا
الجهل أو الإكراه فالأقرب القبول، ولو غزى المشركون البغاة فعلى الإمام الذب
عنهم.
وتضمن البغاة ما أتلفوه على أهل العدل نفسا ومالا حال الحرب وبعده
بخلاف العكس، وأما جناية أهل الحرب على المسلمين فمغتفرة إذا أسلموا نفسا
ومالا، وكذا جناية حربي على حربي هدر إذا أسلما، والعادل إذا قتل فهو
شهيد إجماعا.
وساب النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة (3) عليهم السلام يجب
قتله، ويحل دمه لكل سامع مع الأمن، ولو عرض عزر. ومانع الزكاة مستحلا
مرتد، وغيره يقاتل حتى يدفعها.

(1) المختلف: ج 1 ص 338.
(2) المبسوط: ج 7 ص 264 - 265.
(3) في " ق " و " ز ": الأئمة المعصومين.
43

كتاب الحسبة
45

كتاب الحسبة
يجب الأمر بالمعروف الواجب والنهي عن المنكر بشروط ستة: التكليف،
والعلم بجهة الفعل، وإمكان التأثير، وانتفاء المفسدة، وأن يكون المعروف مما
سيقع والمنكر مما سيترك، وعدم ظن قيام الغير مقامه على الأقوى، وبعض
هذه شروط الجواز.
ومدرك وجوبهما العقل والنقل، ولا يلزم وجوبهما على الله تعالى بمعنى يحصل
معه أثرهما، حذرا من الإلجاء.
ويستحب الأمر بالمندوب والنهي عن المكروه.
وطريق الأمر والنهي التدرج، فالاعراض، ثم الكلام اللين، ثم الخشن،
ثم الأخشن، ثم الضرب غير المبرح، ثم المبرح، أما الجرح والقتل فالأقرب
تفويضهما إلى الإمام، ويجب بالقلب وجوبا مطلقا.
ويكفي في سقوط إظهارهما ظن الضرر على المباشر أو على بعض المؤمنين
نفسا أو مالا، وحينئذ الأقرب التحريم، ولو لم يجوز التأثير وأمن الضرر جاز
الإنكار قطعا، ولو لاح من المتلبس أمارة الندم حرم قطعا.
والحدود والتعزيرات إلى الإمام ونائبه ولو عموما، فيجوز حال الغيبة للفقيه
الموصوف بما يأتي في القضاء إقامتها مع المكنة، ويجب على العامة تقويته ومنع
47

المتغلب عليه مع الإمكان، ويجب عليه الإفتاء مع الأمن، وعلى العامة المصير
إليه والترافع في الأحكام، فيعصي مؤثر المخالف ويفسق، ولا يكفي في الحكم
والافتاء التقليد.
ولا يجوز تولي القضاء من قبل الجائر إلا مع الإكراه أو التمكن من الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو أكره على الحكم أو الإفتاء بغير حق أجاب
إلا في القتل، وفي إجراء الجرح مجراه خلاف، قطع الشيخ (1) في الكلام بأنه
كالقتل في عدم جوازه بالإكراه.
ويجوز للمولى إقامة الحد على رفيقه إذا شاهد أو أقر الرق أو قامت عنده
بينة تثبت عند الحاكم على قول، وللأب الإقامة على ولده كذلك وإن نزل،
وللزوج على الزوجة حرين أو عبدين أو أحدهما، فيجتمع على الأمة ولاية الزوج
والسيد، ولا فرق بين الجلد والرجم، لما روي (2) أنه لو وجد رجلا يزني بامرأته
فله قتلهما، ومنع الفاضل (3) من الرجم والقطع بالسرقة، ولا يشترط في الزوجة
الدخول، وفي اشتراط الدوام نظر أقربه المنع، فيجوز إقامته في المؤجل.
وفي جواز إقامة المرأة الحد على رقيقها والمكاتب على رقه (4) والفاسق مطلقا
نظر.
ولا يملك إقامة الحد على المكاتب والمبعض، ولو اشترك الموليان اجتمعا في
الاستيفاء، ولا يجوز لأحدهما الاستقلال.
ولو ولي من قبل الجائر كرها قيل: جاز له إقامة الحد معتقدا لنيابته (5) عن
الإمام، وهو حسن إن كان مجتهدا وإلا فالمنع أحسن.

(1) لم أعثر عليه في كتب الشيخ وقد نسبه إليه من المسالك: ج 1 ص 162.
(2) وسائل الشيعة: باب 45 من أبواب حد الزنا ح 2 ج 18 ص 413.
(3) قواعد الأحكام: ج 2 ص 255.
(4) في " م " و " ز ": رقيقه.
(5) في " م " و " ز ": النيابة.
48

كتاب المرتد
49

كتاب المرتد
وهو من قطع الإسلام بالإقرار على نفسه بالخروج منه أو ببعض أنواع
الكفر، سواء كان مما يقر أهله عليه أو لا، أو بإنكار ما علم ثبوته من الدين
ضرورة، أو بإثبات ما علم نفيه كذلك، أو يفعل ذاك صريحا، كالسجود
للشمس والصنم، وإلقاء المصحف في المقذر قصدا، وإلقاء النجاسة على الكعبة
أو هدمها، أو إظهار الاستخفاف بها.
ولا حكم لردة الصبي بل يؤدب، وكذا المجنون، ولو ارتد عاقلا ثم جن لم
يقبل (1) في موضع الاستنابة، لأنا لا نعلم امتناعه.
والكافر الأصلي لا يسمى مرتدا، لعدم قطعه الإسلام.
ولو تلفظ السكران بكلمة الكفر لم يرتد عند الشيخ في الخلاف (2)، لعدم
القصد، وأولى منه عدم الحكم بإسلامه حال السكر إذا كان كافرا، ويمكن
حصول ردته لإلحاقه بالصاحي فيما عليه كقضاء العبادات، قال في المبسوط (3):
وهو قضية المذهب، وحكم أيضا بصحة إسلامه وفساد عقوده وإيقاعه كبيعه

(1) في " م " و " ز ": لم يقبل.
(2) الخلاف: ج 3 ص 226.
(3) المبسوط: ج 8 ص 74.
51

وطلاقه، وإن كان الاحتياط تجديد إسلامه بعد إفاقته.
ولا حكم لردة الغالط والغافل والساهي والنائم إجماعا، وتقبل دعوى ذلك
كله، وكذا الإكراه مع القرينة كالأسر.
ويثبت الردة بالإقرار بها ولو مرة وبشهادة عدلين، فلو كذبهما لم يسمع،
وإن ادعى الغلط سمع بلا يمين، وإن ادعى الإكراه فكذلك إن كان هناك
قرينة.
ولو خرج الأسير بعد وصفه الكفر مكرها لم يجب تجديد إسلامه، فلو أمر به
فامتنع كشف عن سبق ردته، وظاهر المبسوط (1) أنه لا بد من عرضه عليه، ولو
أمر المسلم بالشهادتين فامتنع لم يحكم بكفره.
وأما أحكام المرتد: فهي إما في النفس أو المال أو الولد أو الزوجية.
فالأول: وجوب القتل إن كان رجلا مولودا على فطرة الإسلام، لقول
رسول الله (2) صلى الله عليه وآله (3): من بدل دينه فاقتلوه، ولا تقبل منه التوبة
ظاهرا، وفي قبولها باطنا وجه قوي.
وإن أسلم عن كفر ثم ارتد لم يقتل، بل يستتاب بما يؤمل معه عوده، وقيل:
ثلاثة أيام للرواية (4)، فإن لم يتب قتل، واستتابته واجبة عندنا.
والمرأة لا تقتل مطلقا، بل تضرب أوقات الصلوات، ويدام عليها السجن
حتى تتوب أو تموت، ولو لحقت بدار الحرب قال في المبسوط (5): تسترق.
ولو كان المرتدون في منعة بدأ الإمام بقتالهم قبل قتال الكفار، فإذا ظفر

(1) المبسوط: ج 8 ص 72.
(2) في باقي النسخ: لقوله.
(3) صحيح الترمذي: باب 25 ما جاء في المرتد ح 1458 ج 4 ص 59.
(4) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب حد المرتد ح 5 ج 18 ص 548.
(5) المبسوط: ج 7 ص 282.
52

بهم أجرى عليهم الأحكام المذكورة.
والمرتد عن ملة لو تكررت منه الردة والاستتابة قتل في الرابعة أو الثالثة
على الخلاف.
وقاتل المرتد الإمام أو نائبه، ولو بادر غيره إلى قتله فلا ضمان، لأنه مباح
الدم، ولكنه يأثم ويعزر، قاله الشيخ (1)، لعدم إذن الإمام، وقال الفاضل (2):
يحل قتله لكل من سمعه، وهو بعيد.
فرع:
لو قتل المرتد مسلما أو مرتدا عمدا قتل به وقدم على قتل الردة، وإن كان
شبيه عمد فالدية في ماله، وكذا لو صولح على مال، ويشكل إذا كان عن فطرة،
لأنه لا مال له، وإن كان خطأ قال الشيخ (3): في ماله، لأنه لا يعقله قومه،
ويشكل بأن (4) ميراثه لهم.
وكلمة الإسلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وإن
تبرأ من كل دين غير الإسلام كان تأكيدا، ولو كان كفره بدفع عموم النبوة
صرح بالعموم، وكذا بجحد فريضة.
وتقبل توبة الزنديق على الأصح، لأن باب الهداية غير محسوم والبواطن
لا تتبع، لقول النبي صلى الله عليه وآله (5) لأسامة: هلا شققت عن قلبه،
وروي (6) عدمه، لأن التقية دينه فلا يتصور فيه الترك، لأن الترك هو التلبس

(1) المبسوط: ج 7 ص 284.
(2) التحرير: ج 2 ص 236.
(3) المبسوط: ج 7 ص 284.
(4) في " ق ": إذ.
(5) تفسير الطبري: ج 5 ص 142.
(6) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب حد المرتد ح 2، 4 ج 18 ص 551.
53

بالضد إذ الكافر لا يكون تاركا دينه إلا بما هو ضده، ولو أمر بحل شبهته احتمل
الإجابة، لأن أصل الدعوة الحجة، وعدمه إذا لحق لا لبس فيه والخيالات
لا حصر لها فربما تمادى كفره.
وتمنع الردة قبول الجزية وصحة النكاح لكافرة أو مسلمة وحل الذبيحة
والإرقاق، وتوجب الحكم بالنجاسة وعدم إجراء أحكام المسلمين عليه لو
مات، فلا يغسل ولا يكفن ولا يدفن بين المسلمين ولا بين الكفار، ولا تدرأ
غرامة المتلفات ولا عقوبة الجنايات.
وأما حكم ماله فالخروج عنه إلى الوارث إن كان عن فطرة، وتقضى منه
ديونه، وفي إنفاذ وصاياه قبل الردة عندي تردد، والأقرب أنه لا ينفق عليه منه
لو فات السلطان، ولو احتش أو احتطب ففي دخوله في ملكه تردد، فإن أدخلناه
صار إرثا، وعلى هذا لا ينقطع إرثه ما دام حيا، وهو بعيد.
وإن كان مليا حجر عليه ولم يزل ملكه ويدخل في ملكه المتجددات، وفي
الحجر عليه نفس الردة أو بحكم الحاكم وجهان، الأقرب الأول، وينفق عليه
ما دام حيا، وكذا من تجب نفقته عليه، وفي فساد تصرفاته في أمواله مطلقا أو
بشرط الموت على الردة وجهان، وإذا مات مرتدا أو قتل فماله لوارثه عندنا
لا لبيت المال.
وأما ولده السابق فمسلم، ولو علق بعد الردة من مسلمة فمسلم، وإن كان من
كافرة أو مرتدة فمرتد تبعا، ويحتمل كونه كافرا، لأنه لم يسبق له إسلام ولا
تبيعة إسلام، ويحتمل ضعيفا كونه مسلما، لبقاء علاقة الإسلام، وحديث
الولادة على الفطرة (1).
فعلى الأول لا يسترق، وهو قول المبسوط (2)، ويلزم عند البلوغ بالإسلام أو

(1) عوالي اللئالي: ج 1 ص 35 ح 18.
(2) المبسوط: ج 7 ص 285.
54

القتل، وفي الخلاف (1): إنما يسترق إذا ولد في دار الحرب. وعلى الثاني يجوز
استرقاقه، ويؤمر عند البلوغ بالإسلام أو الجزية إن كان من أهلها. وعلى
الثالث إن أعرب الكفر بعد بلوغه فهو مرتد حينئذ.
وأما زوجته فتبين في الحال إن كان فطريا وتعتد عدة الوفاة ولو لم يدخل
على الأصح، وإن كان مليا وقف نكاحه على انقضاء عدة الطلاق، فإن عاد
فيها وإلا بانت، ولو انتفى الدخول بانت في الحال، ولو ارتدت المرأة بعد الدخول
وانقضت العدة ولما تسلم بانت.
ولا يصح تزويج المرتد ولا المرتدة على الإطلاق، لأنه دون المسلمة وفوق
الكافرة، ولأنه لا يقر على دينه، والمرتدة فوقه لأنها لا تقتل. وليس له تزويج
ابنته لنقصه، ولا أمته للحجر عليه، وطلاقه مراعى، وذبيحته ميتة، فإن كانت
لغيره ولما يأذن ضمن.
والصلاة لا تكفي في إسلام وإن كانت في دار الحرب، لقيام الاحتمال.
ولو تاب فقتله معتقد ردته أقيد (2) عند الشيخ (3)، لأنه قتل مسلما عمدا،
ولأن الظاهر أنه إنما أطلق بعد إسلامه، قال الشيخ (4): وكذا لو قتل من ظنه
ذميا فبان مسلما أو عبدا فظهر حرا، ويحتمل الاقتصار على الدية في ماله
مغلظة، لعدم القصد إلى قتل المسلم.
وكل ما يتلفه المرتد من نفس أو مال يضمنه وإن كان مع جماعة في منعه،
والقياس على عدم ضمان الباغي ممنوع الأصل.

(1) الخلاف: ج 3 ص 174 والذي رأيناه في الخلاف خلاف ذلك نعم نقل ذلك عن أبي حنيفة.
(2) في " ق ": قتل.
(3) المبسوط: ج 8 ص 72.
(4) نفس المصدر السابق
55

كتاب المحارب
57

كتاب المحارب
وهو من جرد السلاح للإخافة في مصر أو غيره ليلا أو نهارا وإن كان
امرأة (1) بشرط الريبة ولو ظنا، لا الطليع والردء والمنتهب والمختلس والضعيف
الذي لا يخاف منه عادة، ولو خيف منه فمحارب، ولو تظاهر اللص فمحارب.
ويجب الدفاع عن النفس والحريم، ولا يجوز الاستسلام، ولو عجز وجب
الهرب إن أمكن، والمدافعة عن المال غير واجبة إلا مع اضطراره إليه وغلبة ظن
الظفر، ويتحرى الأسهل كالصياح، ثم الخصام، ثم الضرب، ثم الجرح، ثم
التعطيل، ثم التذفيف. ودم المدفوع هدر، وكذا ما يتلف من ماله إذا لم يمكن
دفعه إلا به، والدافع كالشهيد.
ولا يبدأ إلا مع العلم بقصده أو الظن، ولو كف كف عنه، فإن عاد عاد
عليه، فلو قطع يده مقبلا ثم رجله مدبرا ضمن الرجل، فإن سرتا ضمن النصف
قصاصا أو دية، ولو أقبل بعد ذلك فقطع عضوا ثالثا ضمن الثلاث، بخلاف
ما إذا قطع يديه مقبلا ثم رجله، فإنه يضمن النصف لتوالي الجرحين، قاله
الشيخ (2)، ويمكن المساواة، لأنه لا نظر إلى التعدد مع السراية.

(1) في " ق ": رجلا كان أو امرأة.
(2) المبسوط: ج 8 ص 75 - 76.
59

ولو عض يده فانتزعها فبدرت أسنانه فهدر، وله التخلص باللكم وشبهه ولو
بالقتل متدرجا.
ولو صال الفارسان تضامنا إذا كانا عاديين، وإلا ضمن العادي، ولو
تجارحا فتداعيا الدفاع تحالفا وضمنا.
ويجوز الدفاع عن بضع الزوجة والأمة والتقبيل وشبهه وكذا الولد ولو أدى
الدفع متدرجا إلى القتل، وزجر المطلع على القوم، فإن أصر فرمي فلا ضمان،
ولو كان رحما لصاحب المنزل اقتصر على الزجر إلا مع تجرد المرأة.
والدفاع يجري في العجماوات.
ولو تلف من أمره الإمام بالصعود إلى نخلته (1) أو بالنزول (2) في بئر لمصلحة
المسلمين فالضمان في بيت المال وإن لم يكرهه، لوجوب طاعة الإمام، ولو كان
نائبه ضمن بالإكراه في ماله إن (3) لم يكن لمصلحة عامة.
وتثبت المحاربة بالإقرار ولو مره، وبشهادة عدلين، لا بشهادة النساء مطلقا،
ولا عبرة بشهادة بعض الرفقاء لبعض إلا مع عدم التهمة، كتغاير اللص أو
سلامة الشاهد منه، ولا بشهادة اللص على مثله.
ويتخير الإمام بين القتل والصلب وقطع اليد اليمنى ثم الحسم ندبا ثم
الرجل اليسرى والنفي، ويكاتب البلدان التي يقصدها بالمنع من مواكلته
ومعاملته ومجالسته إلى أن يتوب، ولو قصد دار الكفر فمكنوه من الدخول قوتلوا،
وقيل: يقتل قصاصا إن قتل مكافيا، فإن عفى عنه قتل حدا.
ولو قتل واستهلك المال ارتجع وقطع مخالفا ثم قتل وصلب مقتولا، ولو انتزع
المال خاصة قطع مخالفا ونفي، وإن جرح ولا مال اقتص منه ونفي، وإن شهر

(1) في باقي النسخ: نخلة.
(2) في باقي النسخ: النزول.
(3) في " ق ": إذا.
60

السلاح خاصة نفي خاصة، ولا يشترط في قطعه النصاب ولا الحرز، ولو جرح
فسرى اقتص أو قتل حدا مع العفو، أو الصلح، ولو قتل أو جرح لا للمال فأمره
إلى الولي، ولو جرح للمال وعفى عنه لم يجز القصاص.
ولو تاب قبل القدرة عليه سقط حق الله تعالى خاصة، ولو تاب بعد القدرة
عليه (1) لم يسقط شئ.
ويجوز صلبه حيا على التخيير، ولا يترك حيا أو ميتا على الخشبة أزيد من
ثلاثة أيام ثم ينزل ويجهز، ولو كان قد قدم غسله وكفنه أجزأ.
ويعزر المختلس والمستلب والمزور خطأ أو كلاما والمبنج والمرقد ولو حينا
ضمن.
ولو قتله في منزله فادعى المحاربة كفى الشهادة بهجومه عليه وفي يده سلاح
مشهور.
ولو أدب زوجته أو ولده فماتا ضمن ماله لاشتراطه بالسلامة، وكذا معلم
الصبية، وقاطع السلعة والآكلة والخبيثة بإذن صاحبها الكامل لا ضمان عليه،
ولو لم يأذن البالغ اقتص من القاطع، وإن (2) قطع أجنبي سلعة صبي قوى
الشيخ (3) سقوط القود إلى الدية كما لو قطعها الولي.
أما الختان فيجوز من الحاكم مع امتناع البالغ منه ومن الآحاد بطريق
الحسبة مع امتناعه، والواجب كشف جميع البشرة، فلو زاد الفاعل ضمن
وإن (4) أذن له في الختان ولو فعل ذلك الحاكم في حر أو برد مفرطين قوى
الشيخ (5) الضمان في كتاب الأشربة وعدمه في كتاب الحدود من المبسوط (6).

(1) في باقي النسخ: غير موجود.
(2) في " ق ": ولو.
(3) المبسوط: ج 8 ص 67.
(4) في " ق ": ولو.
(5) المبسوط: ج 8 ص 67.
(6) المبسوط: ج 8 ص 5.
61

أما عذرة المرأة - وهي جلدة كعرف الديك بين الشفرين في أعلى الفرج
فوق مدخل الذكر وفوق مخرج البول، إذا قطعت بقي أصلها كالنواة تشاهد عند
الهزال ويستر عند السمن - فيستحب إزالتها، ولا يملك الحاكم إجبارها، فلو
أجبرها أو قطعها أجنبي حسبته ضمن السراية، وفي ضمان المقطوع عندي نظر لم
أقف فيه على كلام، فإن قلنا به ضمن الأرش في أقرب أزمنة الجرح من
الاندمال، وأما عذرة البكارة فمضمونة إلا على الزوج.
62

كتاب القضاء
63

كتاب القضاء
وهو ولاية شرعية على الحكم في المصالح العامة من قبل الإمام.
ويشترط في القاضي المنصوب البلوغ، والعقل، والذكورة - وإن كان
تحكيما - والإيمان، والعدالة، وطهارة المولد، وأن يغلب حفظه نسيانه،
والكتابة، والبصر على الأصح، والحرية، وانتفاء الخرس. أما الصم فلا يمنع
من القضاء مطلقا، والاستقلال بالإفتاء بأن يعلم المقدمات السبع، الكلام
والأصول والنحو واللغة والتصريف، وشرائط الحد والبرهان، واختصاصه بقوة
قدسية يأمن معها الغلط، ويعلم الأصول الأربعة: الكتاب والسنة والاجماع
ودلالة العقل.
فيعلم من الكتاب والسنة خمسا وعشرين: الأمر والنهي والعموم والخصوص
والاطلاق والتقييد والإجمال والبيان والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه
والظاهر والمأول وقضية الألفاظ وكيفية الدلالة
ومقاصد الألفاظ والمتواتر
والآحاد والمسند والمرسل والمقطوع وحال الرواة وتعارض الأدلة وقوة
الاستخراج.
ويكفي في الكتاب معرفة الآيات المتعلقة بالأحكام، وهي فوق خمس مائة
آية. ولا يشترط حفظها، بل فهم مقتضياتها واستحضارها متى شاء.
65

ويكفي في السنة الإخلاد إلى أصل مصحح (1) عنده، رواه عن عدل بسند
متصل عن العدول إلى الإمام.
والإحاطة بمسائل الإجماع، لئلا يفتي بما يخالفه، وإنما يصير إلى دلالة الأصل
عند تعذر دليل سمعي. ويتجزأ الاجتهاد على الأصح.
ولا يشترط علمه بالقياس، لعدم حجته عندنا، إلا منصوص العلة عند
بعضنا، وما كان المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به.
وليس معرفة التفريع الذي ذكره الفقهاء شرطا، لعدم تقييده به.
نعم ينبغي له الوقوف على مأخذها، لأنه أعوز له على التفريع.
ثم القضاء قسمان:
أحدهما: قضاء التعميم، وهو مشروط بإذن الإمام خصوصا أو عموما.
ويعبر عن التولية بقوله: وليتك الحكم، واستنبتك فيه، واستخلفتك،
وقلدتك، ورددت إليك الحكم، وفوضت إليك، وجعلت إليك. وبصيغة
الأمر، مثل أحكم بين الناس بما أراك الله.
ولو علق التولية على شرط بطلت.
ويجب على الإمام نصب قاض في كل صقع، وعلى الناس الترافع إليه. فلو
امتنعوا من تمكينه، أو من الترافع إليه عند الخصومة قوتلوا حتى يجيبوا.
وإذا عين واحدا تعين، وإلا فقبوله واجب على الكفاية.
ولو لم يعلم به الإمام، أعلم بنفسه، لأنه من أعظم أبواب الأمر بالمعروف.
ولو لم يوجد سوى واحد تعين. ولو وجد غيره ففي استحباب تعرضه للولاية
نظر، من حيث الخطر، وعظم الثواب إذا سلم، والأقرب ثبوته لمن يثق من
نفسه بالقيام به.

(1) في " ق " و " ز ": صحيح.
66

ولا يجوز بذل ماله ليليه، ولا يكاد يتحقق للعادل. نعم لو بذله لبيت المال،
ففي جوازه تردد. ولا ريب في جوازه للجائر للواثق بمراعاة الشرائط.
ولو خاف على نفسه الخيانة لم يسقط القيام، لتمكنه من تركها. نعم لو وجد
غيره فالتفويض إليه أولى.
ويجوز تعدد القضاة أما بالتشريك، أو بالتخصيص بمحلة أو نوع من
القضاء.
ولو شرط اتفاقهما في الأحكام ففيه نظر، من تضيق موارد الاجتهاد، ومن
أنه أوثق في الحكم، وخصوصا عندنا، لأن المصيب واحد، ومع التشريك يتخير
المتنازعون. ولو تنازع المدعي والمدعى عليه قدم المدعي، لأنه الطالب.
وفي غيبة الإمام ينفذ قضاء الفقيه الجامع للشرائط، ويجب الترافع إليه،
وحكمه حكم المنصوب من قبل الإمام خصوصا.
ولو تعدد فكتعدد القضاة. نعم يتعين الترافع إلى الأعلم، فإن تساويا
فالأورع. ولو كان أحدهما أعلم والآخر أورع، رجح الأعلم، لأن ما فيه من
الورع يحجزه عن التهجم على الحرام، ويبقى علمه لا معارض له.
وتثبت ولاية القاضي بسماع التولية من الإمام، أو بشهادة عدلين، أو
الاستفاضة، ويثبت بها أيضا الملك المطلق والموت والنسب والوقف والنكاح
والعتق. وهل يشترط فيها العلم، أو متاخمته، أو يكفي غلبة الظن؟ أوجه.
ولا يقبل قول القاضي بمجرده وإن شهد له القرائن.
وفي الاكتفاء بالخط مع أمن التزوير احتمال، لاعتماد الخلق على قول ولاة
رسول الله صلى الله عليه وآله بمجرد الكتاب، حتى تخرص واحد فصعق فصار
حممة، ولم يأمرهم بالإشهاد، ولأن الحجة لا تقام عند حاكم، وإلا دار،
فالاعتماد على ما يحصل معه الظن الغالب.
الثاني: قضاء التحكيم، وهو سائغ وإن كان في البلد قاض، ويلزم
67

الخصمين المتراضيين به حكمه، حتى في العقوبة. وهل يشترط رضاهما بعد
الحكم؟ الأقرب لا.
ولا ينقض حكمه فيما لا ينقض فيه حكم غيره.
ويشترط استجماع الشرائط.
ولو رجع أحدهما عن تحكيمه قبل حكمه، وإن كان في أثنائه لم ينفذ حكمه.
ولا يتعدى حكمه المتراضيين، فلا يضرب الدية على عاقلة المدعى عليه،
ولا يستثنى من التحكيم النكاح، والقصاص، واللعان، والقذف، لفقد
المخصص.
[133]
درس
ينعزل القاضي بطريان مانع من القضاء كالجنون، والفسق، والاغماء،
والنسيان الغالب، ولا يعود بزواله، وبموت الإمام، وبسقوط ولاية المنوب إذا
كان منصوبا عنه، وبعزل المولى إياه، لمصلحة لا اقتراحا، على قول ضعيف.
ويشترط عمله بالعزل، وينعزل بعزله نوابه في المصالح.
وفي جواز تعليق العزل وجه ضعيف.
ولا يقبل قوله بعد العزل في الحكم.
ولو شهد مع آخر بأن هذا حكم به قاض، قبل ظاهر. وإن علم إرادة نفسه
بطل.
ولو ادعي على المعزول رشوة أو جورا وكذب حلف على الرشوة، وعلى نفي
الجور. وإن قال المدعي حكم علي بشهادة فاسقين ولا بينة، ففي ترجيح قوله
وجهان، من باب تعارض الأصل والظاهر. وقطع في المبسوط (1) بأنه يكلف البينة

(1) المبسوط: ج 8 ص 104.
68

ولا ينفذ حكم من لا تجوز شهادته عليه - كالخصم على خصمه في هذه
الحكومة، أو في غيرها، والولد على والده، والعبد على سيده - في قضاء التحكيم.
ويرزق (1) القاضي من بيت المال مع الحاجة، أو عدم تعيينه عليه على
كراهية. وكذا الكاتب، والقاسم، والمترجم، ومعلم القرآن، والآداب،
والمدرس، وصاحب الديوان، والكيال والوزان، ووالي بيت المال، والعدل
المرصد للشهادة.
وليس له أخذ أجرة على القضاء، وإقامة الشهادة وإن لم يتعين عليه. نعم
لو احتاج إلى مؤنة في سفره لإقامتها جاز أخذها، إذ لا يجب عليه ذلك.
ولو أخذ القاضي الجعل من المتحاكمين مع الضرورة، وعدم التعيين ففيه
قولان، والمنع أشبه، فإن جوزناه ففي جواز تخصيص أحدهما به، أو جعله على
المدعي، أو التشريك بينهما نظر، من الشك في أنه تابع للعمل، أو للمنفعة
الحاصلة. ولو جعل على المحق منهما ظاهرا، أو المبطل فالإشكال أقوى.
فروع متفرقة:
الأول: لو قال المدعي على المعزول حكم بشهادة فاسقين، ولم يذكر أخذ
المال فالأقرب السماع، وحينئذ لو صدقه القاضي ففي غرمه وجهان: من
استقرار السبب، ومن عدم قرار الجناية. ولو صدق الغريم فلا غرم قطعا.
الثاني: لو حاسب الصارف الأمناء، ففضل في يد أحدهم فضلة، فادعى
أنها أجرة قررها المعزول، فلا أثر لتصديقه، ويرد الزائد على أجرة المثل. وفي
تصديق الأمين في استحقاق أجرة المثل نظر، من أنه مدع، ومن أن الظاهر أنه
لا يعمل مجانا. ولو لم يثبت عمله فلا استحقاق قطعا.

(1) في " م " و " ز ": ويرتزق.
69

الثالث: لو عادت ولاية القاضي بعد زوالها وسماع البينة، وجب
استعادتها وإن قصر الزمان، بخلاف ما لو سمعها ثم خرج عن محل ولايته ثم عاد.
الرابع: لو حضر الإمام في بقعة وتحوكم إليه فله رد الحكم إلى غيره إجماعا،
فإن النبي صلى الله عليه وآله كان يرد الحكم إلى علي عليه السلام في
مواضع (1). وكذا يجوز لمن أذن له في الاستحلاف ولو فحوى، كسعة المعاملة.
الخامس: هل يجوز تولية المفضول مع وجود الأفضل؟ جوزه قوم، بخلاف
الإمامة العظمى، لأن ما يفوت من مزيد الفضل فيها لا مستدرك له، والقاضي
يكتفي بمراقبة الإمام، والوجه المنع حسما لمادة التخطي، مع منع الآية (2) من
ذلك على الإطلاق.
السادس: لا ينعقد قضاء المرأة، لإطباق السلف على المنع منه. وتجويز
قضائها في مورد شهادتها لا أصل له.
السابع: لا حكم للوالي من قبل الظالم، وإن كان الظالم صاحب شوكة.
نعم يجوز الترافع إليه، للضرورة.
ويستبيح المحق ما حكم له به مع علمه بإصابة الحق، ولو جهل وكان
الحكم على من يعتقده فالأقرب حله، لقولهم عليهم السلام (3): امضوا في
أحكامهم، ومن دان بدين قوم لزمه حكمه.
[134]
درس
في آداب القضاء
وهي أما مستحبة، وهي عشرون:

(1) المبسوط: ج 8 ص 166.
(2) في مفتاح الكرامة: ج 10 ص 5 (لعله يريد قوله تعالى (أفمن يهدي إلى الحق).
(3) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب آداب القاضي ح 2 ج 18 ص 165.
70

الأول: قصد المسجد الجامع حين قدومه، وصلاة ركعتين فيه، كما يستحب
لكل قادم إلى بلد، ويسأل الله التوفيق والعصمة والإعانة.
الثاني: النزول في وسط البلد، ليتساوى ورود الخصوم إليه.
الثالث: أن يبدأ بأخذ ديوان الحكم من المصروف وما فيه من الوثائق
والمحاضر، وهي نسخ ما ثبت عند الحاكم، والسجلات، وهي نسخ ما يحكم به.
الرابع: أن يتعرف من أهل البلد ما يحتاج إلى معرفته من مراتب الناس في
العلم والصلاح وغيرها، ثم يشيع مقدمه، فيواعد الناس يوما بقراءة (1) عهدة،
ليتوفروا على سماعه.
الخامس: أن يبدأ كما تقدم بالمحبوسين، فمن حبس بظلم أو في تأديب ثم
أدبه أطلقه، ومن ذكر أنه محبوس بحق أقر، ومن أنكر الحق سئل عن خصمه،
فإن عينه أحضره، فإن اعترف بالظلم أطلقه، وإن زعم أن الأول حبسه،
لثبوت حقه عنده فعليه البينة إن لم يصدق الغريم، وإن لم يعين خصما، فإن
قال لي خصم لا أعرفه أقر، وإن قال لا خصم لي أشيع حاله بالنداء، فإن لم
يظهر أطلق.
وإن قال حبست (2) ظلما فالأقرب أنه لا يسمع منه، لأنه قدح في الأول.
بل يشاع حاله ثم يطلق بعد إحلافه على البراءة قاله الشيخ (3)، وهو حسن.
وهل يلزم بكفيل في الموضعين؟ احتمال.
ولو ذكر خصما غائبا وذكر أنه مظلوم، فالأقرب إخراجه، والمراقبة أو
التكفيل.
السادس: أن ينظر في أموال الأطفال والمجانين، فيعتمد ما يجب من تضمين

(1) في باقي النسخ: لقراءة.
(2) في " ق ": حبسني.
(3) المبسوط: ج 8 ص 94.
71

أو إسقاط ولاية، لكمال المولى عليه، أو خيانة (1) الوالي، أو إنفاذ وصية. وكذا
ينظر في الأوصياء على إخراج الحقوق، فمن خالف وصيته أبطل تصرفه.
ولو فسق استبدل به، ولو أنفذ شيئا في حال فسقه لم يمض، إلا ما كان من
الوصية لبالغ معين فأوصله إليه، أو إلى من يقوم مقامه، ولو كان غير معين
كالفقراء (2) ضمن، كما لو أوصله أجنبي. وكذا يضمن من تصرف في وقف
مسجد أو مشهد وليس أهلا وإن صرفه في مصلحته.
وينظر في أمناء الحكم، ويعتمد معهم ما يجب من إقرار، أو إمضاء، أو
إعانة لحافظي أموال الطفل والمحجور والغائب والوصايا العامة.
وينظر في اللقطة (3) والضوال، فيبيع ما هو عرضة للتلف وما يستوعب نفقته
قيمته، ويحفظ ما عداه أو يدفعه إلى الملتقط.
ولا يحكم في أثناء هذه الأمور، لأن الحبس عقوبة، وحاجات الأطفال
والغياب ناجزة. نعم لو خفت الحكومة فصلها في الأثناء، وإلا فوضها إلى
غيره، ويبدأ بالأهم فالأهم من ذلك.
السابع: أن يتروى في ترتيب الكتاب والمزكين والمترجمين، وليكن الكاتب
عدلا منزها عن الطمع. وفي حكم المترجم المسمع إن كان القاضي أصم، أو
بعض المتداعين.
وتشترط العدالة في الجميع.
ويشترط العدد في المزكى، ولا يشترط في الكاتب.
وفي اشتراط العدد في المترجم والمسمع وجهان: من حيث أنه شهادة، ومن

(1) في " م " و " ز ": جناية.
(2) في " ق ": والمساكين.
(3) في " م " و " ز ": اللقط.
72

أنه لو غير لاعترض عليه الخصمان، وحينئذ يمكن أن يشترط حيث لا يمكن فيهما
التغيير، إما لعدم معرفتهما بلغة الترجمة، أو لكونهما أصمين، والأقرب التعدد
مطلقا. الثامن: أن يجلس للقضاء في الفضاء، ليسهل الوصول إليه. ولو كان
المسجد (1) واسعا وجلس فيه ففي الكراهية أوجه، ثالثها الكراهة إن اتخذه دائما.
فإذا دخله صلى التحية ثم جلس مستدبرا، ليكون الخصوم مستقبلي القبلة.
وربما قيل: يستقبل، لقولهم عليهم السلام (2): أفضل المجالس ما استقبل به
القبلة.
التاسع: أن يخرج متجملا في أحسن هيئة، ثم يجلس وعليه السكينة
والوقار، من غير انبساط يجرى الخصوم، ولا انقباض يمنع من اللحن بالحجة،
خاليا من شواغل القلب، كالغضب والجوع والعطش وغلبة الفرح والغم
والوجع ومدافعة الأخبثين والنعاس، ولو قضى مع وجود هذه نفذ.
العاشر: أن يحاضر العلماء للتنبيه على المأخذ والخطاء، لا للتقليد وإن ضاق
الوقت.
الحادي عشر: أن يحضر في مجلسه عدول يشهدون على المقر، وعلى حكمه.
الثاني عشر: أن يرغب في الصلح، فإن أبيا أنجز الحكم. ولو اشتبه أرجى
حتى يتبين، وعليه الاجتهاد في تحصيله.
الثالث عشر: أن يفرق بين الشهود إذا ارتاب بهم، أو كان لا قوة عندهم
ويعظهم، ويكره ذلك في أهل الفضل.
الرابع عشر: أن يعرض للمقر بموجب الحمد لله بالكف والتأويل، كما فعل

(1) في " ق ": المحل.
(2) وسائل الشيعة: باب 76 من أبواب أحكام العشرة ح 3 ج 8 ص 475.
73

النبي صلى الله عليه وآله (1) لما عز (2).
الخامس عشر: أن يجلس الخصمان بين يديه، ويجوز قيامهما لا قيام أحدهما،
إلا مع كفره وإسلام الآخر.
السادس عشر: أن لا يتخذ حاجبا وقت القضاء، لنهي النبي صلى الله
عليه وآله (3). ولا يتولى البيع والشراء لنفسه، ولا يحضر وليمة الخصوم ولا يرتب
شهودا.
السابع عشر: إذا ورد عليه خصمان فسكتا استحب أن يقول لهما تكلما، أو
ليتكلم المدعي منكما، أو يأمر من يقول ذلك. ويكره تخصيص أحدهما
بالخطاب.
الثامن عشر: أن لا يشفع في إسقاط حق أو إبطال دعوى، ولا يضيف أحد
الخصمين. ويستحب (4) عيادة المرضى، وشهود الجنائز كغيره وأبلغ.
التاسع عشر: أن يجتهد على التسوية بين الخصمين في الميل القلبي إن
أمكن.
العشرون: أن يسأل عن التزكية سرا، لأنه أبعد من التهمة. وإذا مضت
مدة على المزكى يمكن تغيره فيها استحب تجديد السؤال، ولا يقدر لستة أشهر.
[135]
درس
وأما الواجبة فثلاثة عشر:
الأول: أعداء المستعدي على الحاضر، وإن لم يحرر دعواه ولم يعلم بينهما

(1) سنن البيهقي: ج 8 ص 226.
(2) في باقي النسخ: بماعز.
(3) سنن البيهقي: ج 10 ص 101.
(4) في " ق ": ويستحب له.
74

معاملة. نعم لو كان غائبا حرر الدعوى، ويجب على المطلوب الحضور أو
التوكيل. ولو كان في غير ولايته أثبت الحكم عليه وأشهد كما يأتي إن شاء الله.
ولو كانت امرأة غير برزة بعث إليها من ينوبه في الحكم إن لم توكل، فإن
ثبت عليها يمين بعث أمينه ومعه شاهدان لإحلافها.
ولو امتنع الخصم من الحضور جاز الحكم عليه، ولو رأى تعزيره جاز.
والمعزول كغيره، وإن كان الأولى تحرير الدعوى قبل طلبه.
الثاني: التسوية بين الخصمين المتساويين في الإسلام والكفر في النظر،
والانصات والاجلاس والاكرام والعدل في الحكم، ويجوز رفع المسلم على
الذمي في المجلس، كما فعل علي عليه السلام (1) في مجلس شريح.
الثالث: أن يقدم السابق من المتزاحمين في الورود، إلا مع ضرورة أحدهم
كالمستوفر والمسافر والمرأة. ولو تساووا في الورود أقرع، فيقدم السابق بخصومة
واحدة.
الرابع: أن يسمع ممن ابتدر الدعوى من الخصمين، فإن تساويا في البدار
سمع من صاحب اليمين، ونقل فيه الشيخ (2) الإجماع، ثم قوى القرعة، ونقل
عن العامة إحلافهما وصرفهما حتى يصطلحا، وتخير الحاكم في التقديم.
فرع:
لو تزاحم الطلبة عند مدرس، فإن كان ذلك العلم مما لا يجب تعليمه تخير،
وإلا قدم الأسبق، فإن تساووا أقرع. ولو جمعهم على درس واحد جاز مع
تقارب أفهامهم، وإلا فلكل صنف درس.

(1) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 444.
(2) الخلاف: ج 3 ص 319.
75

الخامس: أن يزجر من تعدى سنن الشرع في مجلسه برفق، فإن انتهى، وإلا
انتقل إلى الأخشن، ولو افتقر إلى التعزيز فعل. ولو كان الحق للحاكم استحب
له العفو ما لم يؤد إلى فساد.
السادس: أن لا يلقن أحد الخصمين ما فيه ضرر على خصمه، ولا يهديه
للحجة، ولا يثبط عزم المقر في حق الآدمي.
السابع: أن لا يرتشي فيجب إعادتها، ولو تلفت فبدلها. ويحرم أيضا على
الخصم، إلا أن يتوصل إلى الحق بها، ولا يمكن بدونه.
الثامن: أن لا يتعتع الشاهد ولا يتعقب كلامه ليستدرجه.
التاسع: أن يحكم أن إذا التمس المحكوم له ذلك، وكان قد ثبت موجبه، فيقول
حكمت أو قضيت أو أنفذت أو أمضيت أو ألزمت. وقيل: يكفي إدفع إليه ماله،
أو أخرج إليه من حقه، أو يأمره بأخذ العين أو بيعها ولا يكفي أن يقول ثبت
عندي أو أن دعواك ثابتة. فيجوز (1) نقضه عند عروض قادح، بخلاف الأول.
العاشر: أن ينقض الحكم إذا علم بطلانه، سواء كان هو الحاكم أو غيره،
وسواء أنفذه الجاهل به أم لا. ويحصل ذلك بمخالفة نص الكتاب، أو المتواتر
من السنة، أو الإجماع، أو خبر واحد صحيح غير شاذ، أو مفهوم الموافقة، أو
منصوص العلة عند بعض الأصحاب، بخلاف ما تعارض فيه الأخبار، وإن
كان بعضها أقوى بنوع من المرجحات، أو ما تعارض فيه عموم الكتاب أو
التواتر أو دلالة الأصل، إذا تمسك الأول بدليل مخرج عن الأصل فإنه
لا ينقض.
ولا يجب عليه تتبع الأحكام الماضية منه، ولا من غيره. نعم لو ادعى
خصم موجب الخطأ وجب النظر فيه.

(1) في " م " و " ز ": فيجوز.
76

وينبغي أن يجمع بحضرته قضايا اليوم، ثم الأسبوع، ثم الشهر، ثم السنة،
ويكتب عليها تاريخها، ثم يختم على كل قمطر بخاتم، ليأمن التغير.
الحادي عشر: أن يكتب على المقر حجة إذا التمس خصمه، وكان معروفا أو
معرفا أو محلى. وثمن القرطاس من بيت المال فعلى (1) الملتمس، وكذا يجب
كتابة حجة الحكم والمحضر.
الثاني عشر: أن يجبر المحكوم عليه على الخروج من الحق إن الط. ولو ادعى
الإعسار ولم يكن له أصل مال، ولا أصل الدعوى مالا حلف وأطلق، وإلا
حبس حتى يثبت إعساره بالبينة المطلعة على دخيلته، أو بتصديق الخصم. ولو
كان له مال ظاهر أمر ببيعه، فلو امتنع فللحاكم إجباره على بيعه وأن يبيع عنه.
الثالث عشر: أن يسأل عن البينة عند الإنكار، فإن ادعاها جاز له أمره
بإحضارها مقيدا بمشيته إن لم يعلم الخصم ذلك، وإلا تركه ورأيه، فإذا
أحضرها لم يسألها، إلا بالتماس المدعي.
وليقل من كان عنده شهادة ذكرها إن شاء، ولا يأمرها (2) فإن اتفقا
وطابق الدعوى، وكان يعلم عدالتهما حكم مع التماس المدعي. وقيل: يجوز من
غير طلبه، ولكن يجب أن يعرض على الخصم جرحهما إن كان يعلمه، فإن
استمهل أجل ثلاثا، ثم يحكم مع عدم حضور الجارح، وإن جهل الحاكم حال
البينة طلب التعديل من المدعي، وإن قال لا بينة لي عرفه أن له اليمين، فإن
طلب إحلافه أحلفه، وإلا فلا.
[136]
درس
يقضي الإمام بعلمه مطلقا، وغيره في حقوق الناس. وفي حقوق الله تعالى

(1) في باقي النسخ: فإن تعذر فعلى.
(2) في باقي النسخ: يأمرهما.
77

قولان، أقربهما القضاء. ولو علم فطلب البينة، فإن فقدها المدعي فعل حراما،
وإن وجدها ففي جواز إلزامه بها، ليدفع عنه التهمة نظر.
ولا فرق بين أن يكون (1) العلم حاصلا في زمان ولايته ومكانها، أو غيرهما.
ولا يحكم بوجود خطه إذا لم يذكر الواقعة، سواء وجد خطه بحكمه، أو
بشهادته ولو أمن التزوير.
أما الرواية فيجوز التعويل على ما كتبه إذا أمن. وكذا ما قرأه على الأهل
إذا علم صحة النسخة وإن لم يتذكر، لأن الرواية يكفي فيها الوثوق، والحكم
والشهادة تعبد، ومن ثم قبلت رواية المرأة والعبد في موضع لا يقبل فيه
شهادتهما.
ولو شهد عنده عدلان بقضائه ولما يتذكر فالأقوى جواز القضاء، كما لو
شهدا عند غيره، ووجه المنع إمكان رجوعه إلى العلم، لأنه فعله، بخلاف
شهادة اثنين على حكم غيره، فإنه يكفي الظن تنزيلا لكل باب على الممكن
فيه.
ومن ثم لم يجز إقامة الشهادة المنسية بشهادة عدلين بشهادته. وكذا لو نسي
الرواية وحفظها رواية، فإنه يروي عن نفسه بواسطة، فيقول حدثني عني، كما
نقل عن سهيل (2) بن أبي صالح، أنه قال: حدثني ربيعة عني أني حدثته عن
أبي حديث القضاء بالشاهد واليمين.
ولا تسمع الدعوى على القاضي بالحكم عند قاض آخر، سواء كان قد
عزل أو لا، فليس له إحلافه لو أنكر، كما لا يحلف الشاهد لو ادعى عليه
التحمل.

(1) في باقي النسخ: كون.
(2) في " ق ": سهل.
78

ولا يجوز للقاضي الحكم بظنه من غير بينة.
فائدة:
من منع من قضاء القاضي بعلمه استثنى صورا أربعا:
الأول: تزكية الشهود وجرحهم.
الثاني: الإقرار في مجلس القضاء، وإن لم يسمعه غيره.
الثالث: العلم بخطأ الشهود يقينا، أو كذبهم.
الرابع: تعزير من أساء أدبه في مجلسه وإن لم يعلمه غيره، لأنه من ضرورة
إقامة أبهة القضاء.
والحق بعضهم خامسا: وهو أن يعلم فيشهد مع آخر، فإنه لا يقصر عن
شاهد.
تنبيه:
الاستزكاء مع جهل القاضي بالشهود واجب، ولو سكت عنه الخصم، لأنه
حق لله، ولا يتوقف الاستزكاء على طعن الخصم. وفي سقوطه بإقراره بعدالة
الشهود وزعمهم أنهم زكوا وجهان، للمؤاخذة بقوله وإنه حق لله، والأول قوي.
ويشترط تعريف المزكي باسم الشاهد ونسبه والمتداعين، لجواز أن يكون
بينه وبين المدعي شركة، أو بينه وبين المنكر عداوة.
ولا يشترط تعريف قدر المال، إلا أن يقول بجواز شهادة ولد الزنية في
اليسير، وصفة المزكي كالشاهد، فلو جهل استزكي مسترسلا (1).
ثم إن نصب حاكما في الجرح والتعديل كفى وحده، وإلا فإثنان.

(1) في " م " و " ز ": مسترسلا.
79

ولا بد في التعديل من الخبرة الباطنة المتكررة. ويكفي في الجرح المرة.
ويجب التعيين فيه، لا في التعديل، لعدم انحصار سبب العدالة، واختلاف
الناس في الجرح.
وليقل المزكي هو عدل مقبول الشهادة أو على ولى، فرب عدل لا تقبل
شهادته كالتقي المغفل.
ولا يصير قاذفا بتعيين الزنا، للحاجة. ولا يكفي خط المزكي، وإن أشهد
عليه.
ولو تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح، لاستناده إلى اليقين. نعم لو
تكاذبا صريحا، فالأقرب التوقف. ولا يكفي في الجرح والعدالة التسامع، إلا مع
اليقين.
فرع:
لو ارتاب القاضي بعد التزكية فرق الشهود، وسألهم عن مشخصات
القضية، فإن اتفقوا ولم يجد مطعنا قضى وإن بقيت الريبة، لأنه منتهى
الإمكان. وليس له القضاء مع الريبة من غير بحث.
تتمة:
لا يتغير الشئ عما هو عليه بحكم الحاكم لمن علمه، فلو حكم بشاهدي
زور على عقد أو فسخ أو طلاق أو نكاح لم يستبيحا المحكوم به، ولا يحل للعالم
بكذبهما موافقة الحكم.
وعلى المرأة الامتناع لو علمت التزوير، فإن أكرهها أثم دونها، ولها التزويج
بغيره بعد العدة. وللرجل إتيانها إذا كان محكوما عليه بطلاقها، وإن تزوجت
بغيره بعد العدة.
80

كتاب الدعوى وتوابعها
81

كتاب الدعوى
وتوابعها
المدعي هو الذي يخلى وسكوته، أو يخالف الأصل، أو الظاهر. والمنكر
بإزائه.
والفائدة في مثل دعوى الزوج تقارن الإسلام قبل المسيس، والمرأة تعاقبه،
فعلى الظاهر الزوج مدع، وعلى التخلية هي، لأنها لو سكتت لم يعرض لها
الزوج واستمر النكاح، والزوج لا يخلى. وكذا على مخالفة الأصل، وفي دعوى
الزوج الانفاق مع اجتماعهما وإنكارها.
ودعوى الودعي الرد مقبولة، تحصيلا للرغبة في الإيداع وإن كان مدعيا
بكل وجه.
وكل دعوى ملزمة معلومة فهي مسموعة، فلا يسمع دعوى الهبة من دون
الإقباض. وكذا الرهن عند مشترطه فيهما، ولا البيع من دون قوله ويلزمك
تسليمه إلى، لجواز الفسخ بخيار المجلس وشبهه. وأولى بعدم السماع دعوى
العقود الفاسدة.
ولا يشترط ذكر الصحة، ولا التعرض لأركان البيع والنكاح، بأن يقول
تزوجتها بإيجاب وقبول صادرين من أهلهما، ولا لعدم المفسد. أما القود، فلا بد
من التفصيل، للخلاف في أسبابه، وعظم خطره.
83

ولا تسمع الدعوى المجهولة كشئ أو ثوب، بل يضبط المثلي بصفاته،
والقيمي بقيمته، والأثمان بجنسها ونوعها وقدرها، وإن كان البيع وشبهه
ينصرف إطلاقه إلى نقد البلد، لأنه إيجاب في الحال، وهو غير مختلف، والدعوى
إخبار عن الماضي، وهو مختلف. أما دعوى الوصية، فإنها تسمع مع الجهالة.
وفي صحة دعوى الإقرار وجهان، من نفعه لو صدقه، وعدم إيجابه حقا، فإن
قلنا به صح مع الجهالة.
ولا إشكال في سماع إقرار (1) المجهول حذرا من رجوعه لو ألزم بالتحرير،
بخلاف الدعوى.
ولا يحرم تلقين التحرير، لأن فيه تحقيق الدعوى، خلافا للمبسوط (2)، لأن
فيه كسر قلب خصمه.
وأما الجزم فالإطلاق محمول عليه، فلو صرح بالظن أو الوهم، فثالث
الأوجه السماع فيما يعسر الاطلاع عليه، كالقتل والسرقة دون المعاملات.
ولا يحلف المدعي هنا برد ولا نكول ولا مع شاهد.
ولو ادعى على مورثه دينا لم يسمع، حتى يدعي موته وعلمه بالحق، وأنه
ترك مالا في يد الوارث.
ولو أنكر المال في يده حلف على البت. ولو أنكر الموت أو الحق ولا بينة،
حلف على نفي العلم إن ادعاه عليه. ولو أثبت المدعي أنها (3) كان ببينته قضى
بها.
ولا بد من كمال المدعي، ودعواه لنفسه أو موكله أو موصيه، أو لمولى عليه
بقرابة أو وصاية أو حكم أو أمانة، ويدعي الحاكم للغائب.

(1) في باقي النسخ: الإقرار.
(2) المبسوط: ج 8 ص 156.
(3) كذا الصحيح والموجود في الأصل: أيها.
84

ولا تسمع دعوى المسلم خنزيرا ولا خمرا غير محترمة. ولا يمين مع البينة، إلا
بتقديم دعوى، كإبراء أو بيع أو حكم على ميت أو غائب أو مولى عليه.
ولو ادعى فسق الحاكم أو الشهود، وعلمه به فالأقرب عدم السماع وإن
نفع في الحق، للفساد، وأنه ليس حقا لازما. ولا يثبت بالنكول ولا يمين الرد.
وأولى منه بطلان الدعوى على الحاكم أو الشاهد، بالكذب أو الفسق. ولو
توجهت اليمين عليه فقال: أحلفني فليحلف على نفيه، فثالث الأوجه السماع مرة
واحدة، حذرا من التسلسل.
[137]
درس
يجوز لصاحب العين مع الغير انتزاعها قهرا ما لم يثر فتنة، وإن لم يأذن
الحاكم ولم يثبت عنده. أما الدين، فإن كان على منكر أو مقر غير باذل
فكالعين، وإن أمكن إثباته عند الحاكم على الأقوى. أما المقر الباذل فلا يجوز
الأخذ بدون تعينه، لتخيره في جهات القضاء.
فرع:
لو كان مثل الحق بحضرته فطالب الغريم فاستمهل حتى يأتي ببدله، فإن
أدى إلى المطل التحق بغير الباذل، وإن قصر الزمان ففي إلحاقه به تردد، من
الوجوب على الفور، ومن التسامح بمثل هذا.
وإذا جازت المقاصة أخذ من جنس ماله، فإن تعذر فمن غيره بالقيمة،
والأقرب تخيره بين تملكه بالقيمة وبين البيع، ولو تعذر الأخذ إلا بزيادة عن
الحق جاز، وكان الزائد أمانة عند الفاضل (1). ولو تلف قدر حقه قبل البيع، لم

(1) قواعد الأحكام: ج 2 ص 230 - 231
85

يضمن عند الشيخ (1)، واحتمل الفاضلان (2) الضمان، والمروي (3) عدم جواز
الأخذ من الوديعة، وحمل على الكراهية.
ومن ادعى ما لا يد لأحد عليه قضى له به، لرواية منصور بن حازم (4) عن
الصادق عليه السلام في الكيس بين جماعة فيدعيه أحدهم.
ولو انكسرت سفينة، ففي رواية الشعيري (5) عنه عليه السلام ما أخرجه
البحر فهو لأهله، وبالغوص لمخرجه، وحملها ابن إدريس (6) على يأسهم منه، فهو
كالبعير يترك من جهد، وبعضهم على الإعراض عنه.
ولا تسمع دعوى هذه بنت أمتي، ولو قال ولدتها في ملكي. وكذا لا تسمع
البينة بذلك حتى يقول هي ملكي، وكذا البينة، وكذا ثمرة نخلتي، بخلاف
هذا الدقيق من حنطتي، والغزل من قطني، والدجاجة
من بيضتي، والفرق
الاتصال هنا.
وتسمع دعوى الدين المؤجل، والضمان المؤجل، والتدبير، والاستيلاد، وإن
لم يثبت كمال أثرها في الحال.
ولو ادعى العبد حرية الأصل حلف، مع عدم اشتهار حاله بالرقية، كتكرر
بيعه في الأسواق. ولو ادعى العتق حلف السيد.
ويجوز شراء الرقيق وإن لم يعرف بالرقية، عملا بالظاهر.
ولو احتيج إلى الترديد في الدعوى، فالأقرب جوازه، كمن دفع إلى دلال

(1) المبسوط: ج 8 ص 311.
(2) قرب المحقق في الشرائع الضمان راجع الشرائع: ج 4 ص 109، العلامة في التحرير: ج 2 ص 188.
(3) وسائل الشيعة: باب 83 من أبواب ما يكتسب به ح 3 ج 12 ص 202.
(4) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب القضاء ح 1 ج 18 ص 200.
(5) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب اللقطة ح 2 ج 17 ص 362.
(6) السرائر: ج 2 ص 195.
86

ثوبا قيمته خمسة، لبيعه بعشرة فأنكر، فله أن يقول لي عنده عشرة إن باع أو
خمسة إن تلف أو ثوب إن كان باقيا.
ولو ادعى على العبد فالغريم المولى، وإن كانت الدعوى بمال.
ولو أقر العبد تبع به، ولو كان بجناية وأقر العبد فكذلك.
ولو أقر المولى خاصة لم يقتص من العبد، ويملك المجني عليه منه بقدرها،
ويلزم من هذا وجوب اليمين على العبد لو أنكر الملزوم، لسماع الدعوى عليه
منفردا.
[138]
درس
في جواب الدعوى
يطالب المدعي عليه بعد التحرير والتماس المدعي مطالبته بالجواب،
وصحح الشيخ (1) أنه لا يطالبه من دون التماسه، لأن الجواب حق المدعي، ثم
قوى جوازه مراعاة للعرف، فيقول ما تقول فيما يدعيه، فإن سكت لآفة توصل إلى
فهمه، وإن سكت عنادا أو قال لا أجيب ففي المبسوط (2) قضية المذهب أن يقال
له ثلاثا أما أجبت عن الدعوى وإلا جعلتك ناكلا وأحلفت المدعي، واختار
في النهاية (3) حبسه حتى يجيب، وقواه في المبسوط (4).
وإن أقر ألزمه بالحق، فإن التمس المدعي الحكم حكم عليه بعد الوثوق
بكمال المقر، فيقول ألزمتك ذلك أو قضيت عليك به أو أخرج له منه، فإن
التمس كتابة محضر عليه فعل، بعد المعرفة به أو شهادة معرفين أو قناعته بالحلية،

(1) المبسوط: ج 8 ص 157.
(2) المبسوط: ج 8 ص 160.
(3) النهاية: ص 342.
(4) المبسوط: ج 8 ص 160.
87

حذرا من تواطئ الغريمين على نسب لغيرهما. وقيل: يجوز الحكم وإن لم
يلتمس أما للعرف، وأما لأنه حق قد تعين للحاكم فوجب إظهاره. ولو ارتاب
الحاكم بالمقر توقف حتى يتبين.
وإن أنكر الغريم الحق قال الحاكم للمدعي ألك بينة، ولو كان عارفا بأنه
موضع المطالبة بالبينة فللحاكم السكوت، فإن قال لا بينة لي عرفه أن له يمينه
فيستحلفه بإذنه، فلو تبرع بها أو استحلفه الحاكم من دون التماس المدعي أو
بالعكس لغت، فإذا حلف سقطت الدعوى وحرمت المقاصة، وإن كان
المدعي محقا، إلا أن يكذب نفسه بعد.
ولا تسمع بينته فيما بعد على الأصح، وفي المبسوط (1) تسمع - ذكره في فصل
فيما على القاضي والشهود - وفي موضع آخر (2) لا تسمع، وفصل ثالثا (3) بسماعها
مع عدم علمه بها، أو نسيانه، واختاره الحلبي (4)، وابن إدريس (5)، وجنح إليه
في المعتبر (6)، وقال المفيد (7): تسمع إلا مع اشتراط سقوطها، وفي النهاية (8)
لا تسمع أصلا، واختاره الفاضلان (9)، لصحيحة ابن أبي يعفور (10) عن الصادق

(1) المبسوط: ج 8 ص 158.
(2) المبسوط: ج 8 ص 121.
(3) المبسوط: ج 8 ص 210.
(4) لم نعثر عليه في الكافي بل خلاف ما نسب إليه كما في مفتاح الكرامة: ج 10 ص 77 ونسبه إليه
العلامة في المختلف: ج 2 ص 699.
(5) لم نعثر عليه في السرائر بل خلاف ما نسب إليه كما في المفتاح: ج 10 ص 77 ونسبه إليه العلامة في
المختلف: ج 2 ص 699.
(6) المختلف: ج 2 ص 699.
(7) المقنعة: ص 733.
(8) النهاية: ص 340.
(9) القواعد: ج 2 ص 209، الشرائع: ج 4 ص 84.
(10) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب كيفية الحكم ح 1 ج 18 ص 178.
88

عليه السلام وإن أقام خمسين قسامة.
وللحالف كتابة محضر بيمينه بعد المعرفة أو الحلية، وإن امتنع من اليمين
قيل: يقضى بنكوله، والأقوى رد اليمين على خصمه.
ويستحب أن يقول له الحاكم ثلاثا إن حلفت وإلا جعلتك ناكلا،
ورددت اليمين والواجب مرة.
ولو قضى بنكوله من غير عرض فادعى الخصم الجهل بحكم النكول، ففي
نفوذ القضاء إشكال من ظهور عذره، وتفريطه. ولو سكت له بعد العرض عليه،
قضى عليه.
ولو رجع قبل حلف المدعي فالأقرب جوازه. ولو منعناه فرضي المدعي
بيمينه فله ذلك.
وهل للمدعي إلزام المنكر بإحضار المال قبل اليمين؟ قطع به الحلبي (1)،
وفي المختلف (2) لا نص فيه، وقوى تقديم اليمين. ولو امتنع المدعي عن اليمين سقطت
دعواه في هذا المجلس، وقيل: أبدا وهو قوي، إلا أن يأتي ببينة.
ولو استمهل أمهل، بخلاف المنكر فإنه لا يمهل.
وحلف المدعي كإقرار الخصم فلا ينفذ على غيره، وقيل: كالبينة، وهو
بعيد.
والفائدة في مثل إنكار الوكيل العيب ونكوله عن اليمين فيحلف المدعي،
فإن جعلناها كالبينة ملك رده على الموكل، وإن جعلناها كالإقرار فلا.
تنبيه:
قد لا يمكن رد اليمين على المدعي، كما إذا ادعى وصي يتيم مالا له على آخر

(1) الكافي في الفقه: ص 447.
(2) المختلف: ج 2 ص 700.
89

فأنكر، ونكل عن اليمين، وكما إذا ادعى الوصي على الوارث أن الميت أوصى
للفقراء أو بخمس أو زكاة أو حج فأنكر الوارث، ونكل، فحينئذ يحبس المنكر
حتى يحلف، أو يقر. وفي اليتيم يؤخر حتى يبلغ ويحلف.
ويمكن القضاء بالنكول هنا، ومثله لو قام شاهد بدين لميت ووارثه الإمام،
فإن حلف الإمام غير مشروع، بل يحبس الخصم أو يقضي عليه، وإن قال لي
بينة فللحاكم أمره بإحضارها إن كان لا يفهم أنه موضع الأمر، فإذا حضرت لم
يسألها الحاكم إلا بعد سؤال المدعي.
ثم لا يقول اشهدا، بل من كان عنده كلام ذكره إن شاء، فإن أجابا
بالفاسد اطرح، كقولهما بلغنا أن له عليه، وإن قطعا بالحق وطابق الدعوى،
بحث عن عدالتهما، فإن علمها طلب من الخصم الجرح، فإن استمهله انظر (1)
ثلاثا، وإن قال لا جرح عندي حكم بسؤال المدعي.
ويستحب له أن يقول للغريم أدعي عليك بكذا، وشهد به هذان،
وأنظرتك جرح الشهود فلم تفعل وها أنا أحكم عليك. فلو طلب يمينه مع البينة
لم يجب، إلا مع تقديم دعوى صحيحة كإيفاء أو إبراء.
ولو كانت الدعوى على غائب أو على (2) غير مكلف أو ميت استحلف، ولو
قال لي بينة غائبة ضرب له الحاكم أجلا لإحضارها وكفل بخصمه، فيخرج
عن الكفالة بمضي المدة، قاله الشيخان (3)، وليس له حبسه، وفي المبسوط (4)،
والخلاف (5) ليس له إلزامه بكفيل. ومنع ابن حمزة (6) من زيادة المدة على
ثلاثة.

(1) في باقي النسخ: أنظره.
(2) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
(3) المقنعة: ص 733، النهاية: ص 339.
(4) المبسوط: ج 8 ص 160.
(5) الخلاف: ج 3 ص 320.
(6) الوسيلة: ص 212.
90

[139]
درس
في القضاء على الغائب
يقضي عليه في الجملة سواء بعد أو قرب، ولو كان في المجلس لم يقض
عليه، إلا بعد علمه، وفي المبسوط (1) لا يقضي على الحاضر في البلد إذا لم يمتنع
عن الحضور، ثم هو على حجته إذا حضر، فلو ادعى فسق الشهود كلف البينة
على الفسق حال الشهادة، أو حال الحكم. ولو ادعى قضاء أو إبراء أقام به
البينة، وإلا أحلف المدعي.
ولا يشترط تعلق الحكم بحاضر كوكيل أو شريك عندنا، وإنما يقضي في
حقوق الناس، لا في حقوق الله تعالى، لأن القضاء على الغائب احتياط،
وحقوق الله تعالى مبنية على التخفيف، لغناه.
ولو اشتمل على الحقين كالسرقة قضى بالمال دون القطع.
ولا بد من اعتراف الغائب أنه المحكوم عليه أو قيام البينة بذلك، فلو أنكر
وكان الوصف منطبقا على غيره، أو يمكن فيه المشاركة غالبا حلف، وإلا ألزم.
وكذا لو كان المشارك له في الوصف ميتا، ودل تاريخ موته على براءته. ولو
اشتبه الحال وقف الحكم.
ولو كان المحكوم به غائبا ميز العقار بالحد، وفي مثل الحيوان والقماش نظر،
بين تميزه بالصفات التي يعسر اجتماعها في غيره كتحلية المحكوم عليه، وبين
ذكر القيمة خاصة، وبين سماع البينة خاصة، فلعل المتشبث يحمله إلى بلد
الشهود، ولو امتنع لم يجز، إلا أن يتعذر انتقال الشهود إليه، ويرى الحاكم
صلاحا في حمله أو بيعه على المدعي، فإن تلف قبل الوصول ضمن وإن لم

(1) المبسوط: ج 8 ص 162.
91

يشتر (1). وكذا لو تلف بين يدي الحاكم ولم يثبت دعواه، ويضمن أجرته أيضا،
وحينئذ للمتشبث الامتناع، إلا بكفيل على العين أو القيمة.
فرع: لو أنكر المدعى عليه وجود هذا المدعي به عنده فالقول قوله، إلا مع البينة
أو نكوله وحلف المدعي، فيحبس المدعى عليه حتى يحضره أو يدعي تلفه،
فيحلف ويغرم.
تتمة:
لا عبرة بكتاب قاض إلى قاض، وإن ختم، ولو أخبر أحدهما الآخر بالحكم
أنفذه، ولو اقتصر على قوله ثبت عندي لم ينفذ.
ولو أشهد شاهدين على حكمه حضرا الواقعة، أو صورها لهما فشهدا عند آخر
أنفذه.
ولا بد من كون الأول باقيا على العدالة، ولا يقدح موته ولا عزله. أما
المنفذ إليه فتعيينه لغو، بل يجب على كل حاكم الانفاذ، وإن كان الأول باقيا
على الشرائط.
فرع:
لو اقتصر القاضي على صفة مشتركة غالبة كأحمد بن محمد، فأقر واحد أنه
المعنى بحكمه ألزم، وقيل: لا لأنه قضاء مبهم فيبطل من أصله، وهو بعيد.

(1) في باقي النسخ: يشتره.
92

[140]
درس
في اليمين
وفيه بحثان:
الأول: محلها مجلس الحكم، إلا مع العذر كالمريض وغير البرز، فيأذن
الحاكم في إحلافه حيث يمكن.
وشرطها توجه دعوى صحيحة، ومطابقة الدعوى والانكار، والأقرب جواز
أن يأتي المنكر بالأعم، وإن أجاب بالأخص. ووقوعها بعد التماس الخصم
وعرض القاضي، وتوليه الإحلاف إلا مع العذر.
وشرط الحالف البلوغ، فلو ادعى الصبي الاحتلام صدق من غير يمين، وإلا
دار إلا أن يكتفي بإمكان البلوغ في اليمين. وكذا لو ادعى الأسير الإنبات
بعلاج فلا يمين. ولو أوقع منبت عقدا فادعى الاستنبات، ليفسده فالأقرب
عدم السماع، إلا ببينة، لمخالفة الظاهر. والفرق مراعاة الشبهة هناك، لمكان
القتل، والعقل، والاختيار، والقصد، وأن لا تكون الدعوى بما (1) توجب حدا.
وقال الشيخ (2): لو طلب القاذف يمين المقذوف على عدم الزنا أجيب،
فيثبت الحد إن حلف، وإلا فلا، وهو حسن، لتعلقه بحق الآدمي، ونفي اليمين
في الحد إذا لم يتعلق به حق آدمي. ومنكر السرقة يحلف، لمكان المال.
ويتوجه اليمين في إنكار النسب والنكاح والعتق والرجعة.
ولا يشترط في الحالف العدالة، بل ولا الإسلام، ولا الذكورة، وإنما يحلف
من لو أقر بالحق ألزم، فلو ادعى على الموصي دين أو على الموكل، والتمس حلف

(1) في " م " و " ز ": مما.
(2) المبسوط: ج 8 ص 216.
93

الوصي أو الوكيل لم يجز.
ولو أنكر الغريم وكالة مدعيها، وكان الحق عينا لم يحلف، ولو كان دينا
فوجهان، أقربهما عدم الحلف، لأنه لا يؤمر بتسليم لا ينتفع به، وكذا لو ادعى عليه
إحالة غريمه فأنكر، ويحتمل هنا اليمين، لوجوب التسليم لو أقر، لتعلقه بحق
المدعي، فلا يترك بتجويز ظلم المحيل.
والحلف أبدا على القطع، ففي فعل نفسه نفيا وإثباتا وفعل غيره إثباتا
لا يكفي نفي العلم. وكذا جناية ماشيته التي فرط في حفظها على قول، وفي نفي
فعل غيره وفي جناية عبده، يحلف على عدم العلم.
وضابط العلم ما لا ريب فيه، فلا يكفي وجود خطه، ولا خط مورثه وإن
ظن.
والنية للمحق منهما، فيوري من ألزمه المبطل باليمين، وتبطل لو استثنى فيها.
ولو اختلف رأي الحاكم والحالف، فالمعتبر الحاكم ظاهرا وباطنا، وإن
كان المحكوم عليه مجتهدا على الأقرب.
الثاني: الحالف أما منكر أو مدع، مع الرد أو النكول أو اللوث في الدم، أو
مع الشاهد الواحد أو مع الشاهدين في الميت وشبهه.
ولو أعرض المدعي عن بينته أو عن شاهده، وطلب إحلاف المنكر صح،
سواء كان قد سمعها الحاكم، أو لا، فلو رجع فالظاهر الجواز ما لم يحلف المنكر،
ومنعه الشيخ (1) كيمين الرد لو بذلها ثم استردها، وفي الأصل منع. ولو نكل
المنكر والحالة هذه، ردت اليمين على المدعي قطعا، إذ ليست ما بذله، بل هي
يمين الرد، فلا يلزم من سقوط تلك على قول الشيخ سقوط هذه.
وليس الإعراض طعنا في الشهود، ولو صرح بكذبهم فطعن، فالأقرب عدم

(1) المبسوط: ج 8 ص 190.
94

بطلان دعواه.
والفائدة في إقامة المنكر شاهدا على الطعن فأنكر، فعلى البطلان يحلف
معه، لا على الصحة، لأن الطعن لا يثبت بالشاهد واليمين، وإسقاط الدعوى
يثبت بهما.
ولا يمين على الوارث، إلا أن يدعي عليه العلم بالحق، أو بموت المورث وأن
في يده مالا له، وفي الأولين بحلف على نفي العلم، وفي الأخير على البت. ولا
يمين لإثبات مال الغير، وفيما له به تعلق نظر، كغريم الميت إذا أقام له شاهدا
بدين، والمرتهن إذا أقام شاهدا بملك الراهن، وامتنع من اليمين من النفع، ومن
ثبوت الملك، أو لا للغير.
وإذا حلف الورثة أو الموصى لهم قسم بينهم على الاستحقاق، لا على
الإيمان، ولو نكل بعضهم فلا نصيب له، ويؤخر نصيب غير الكامل حتى
يكمل، فلو (1) مات فلوارثه.
ولا يجوز الاقتصار على يمين واحدة من المنكر مع تعدد المدعي، فإن رضوا
بالواحدة ففي جوازه نظر، من حيث أنه لا يزيد عن إسقاط الحق، ومن اقتضاء
الدعوى اليمين، والأصل عدم التداخل، والقولان نقلهما ابن إدريس (2).
ولا يمين على منكر حولان الحول، أو بقاء النصاب، أو مدعي إخراج
الزكاة، أو نقص الخرص المعتاد، أو ادعى الإسلام قبل الحول، ليسلم. من
الجزية والتركة، بحكم مال الميت المديون عند الشيخ في المبسوط (3)
والخلاف (4)، لقوله تعالى: " من بعد وصية يوصي بها أو دين " (5)، وقيل:

(1) في باقي النسخ: فإن.
(2) السرائر: ج 2 ص 177.
(3) المبسوط: ج 8 ص 193.
(4) الخلاف: ج 3 ص 336 مسألة 28.
(5) النساء: 12.
95

يملكها الوارث، وإلا لبقيت بغير مالك.
ولم يشارك ابن الابن عمه لو مات أبوه بعد جده قبل إيفاء الدين.
والفائدة في بيعها قبل الإيفاء، وفي التعلق بالنماء بعد الموت والزكاة، لا في
المحاكمة.
والتخيير في جهة القضاء، فإنهما ثابتان على القولين. ولو لم يستوعبها الدين،
انتقل الفاضل عن الدين إليهم على القولين.
ولا يمين إلا بالله وهو كاف، إلا في المجوسي فيضيف إليه مثل خالق النور
والظلمة إماطة لتأويله. ويجوز الحلف بالأسماء الخاصة كالرحمن.
ولا يجوز الحلف بغير الله وأسمائه، كالكتب المنزلة، والأنبياء، والأئمة
عليهم السلام.
وفي تحريمه في غير الدعوى نظر، من الخبر والحمل على الكراهية. أما الحلف
بالطلاق والعتق والكفر والبراءة، فحرام قطعا.
ويستحب التغليظ في الحقوق مطلقا، إلا المال فيشترط بلوغه نصاب
القطع، فبالقول والله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الطالب، الغالب،
الضار، النافع، المدرك، المهلك، الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية،
وبالمكان كالكعبة والمقام، والأقصى تحت الصخرة، والمساجد في المحراب،
والزمان كالجمعة، والعيد، وبعد العصر. والكافر يغلظ عليه بمعتقده. ولو امتنع
الحالف من التغليظ لم يجبر.
ولو حلف على عدمه ففي انعقاد يمينه نظر، من اشتمالها على ترك
المستحب، ومن توهم اختصاص الاستحباب بالحاكم. وحلف الأخرس بالإشارة.
وفي رواية محمد بن مسلم (1) عن الصادق عليه السلام أن عليا عليه السلام

(1) وسائل الشيعة: باب 33 من أبواب كيفية الحكم ح 1 ج 18 ص 222.
96

كتب صورة اليمين على نحو ما سلف، من التغليظ في صحيفة، ثم غسله وأمره
بشر به فامتنع فألزمه الدين، وفيه دلالة على القضاء بالنكول.
[141]
درس
في الشاهد واليمين
وفيه بحثان: الأول: يثبت القضاء بالشاهد واليمين، عن النبي صلى الله عليه وآله (1)،
وعلي عليه السلام (2).
ومحله المال، أو ما غايته المال كالدين، وعقد المعاوضة، وجناية الخطأ،
وشبيه (3) العمد، وقتل الحر العبد، والمسلم الكافر، والأب ابنه، والمنقلة
والمأمومة والجائفة. وفي النكاح أوجه، ثالثها ثبوته بهما، إن كان المدعي المرأة.
والأقرب في الوقف الثبوت إذا كان على معين، لانتقاله إليه على الأقوى.
وفي العتق قولان، ويبني (4) عليه التدبير والكتابة والاستيلاد. نعم لا يقبل
في الطلاق، والخلع، والرجعة، والقذف، والقصاص، والولاء، والولادة،
وعيوب الرجل والمرأة.
ولو اشتمل الحق على الأمرين ثبت المال، كالسرقة. ولو ادعى أنه رمى
زيدا عمدا فقتله، ونفذ السهم إلى عمرو ثبت عمرو. وفي الهاشمة التابعة
للموضحة نظر، من الشك في مغايرة الفعلين.

(1) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب كيفية الحكم ح 1 ج 18 ص 192.
(2) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب كيفية الحكم ح 3 ج 18 ص 193.
(3) في " ق ": وشبه.
(4) في " ق ": وينسحب.
97

فروع أربعة:
الأول: لو قال الخارج هذا العبد كان ملكي فحررته، فشهد له عدل ففي
حلفه قولان، يلتفتان إلى ثبوت العتق بذلك، أو أن المدعي به في الحال مال.
الثاني: لو ادعى استيلاد أمته (1) في يد الغير وأقام عدلا حلف وملكها، وثبت
لها الاستيلاد بإقراره. ولا يثبت نسب الولد، فإن ملكه يوما ومات عتقت من
نصيبه.
الثالث: لو أقام شاهدا على خلعها حلف، لأن غايته المال، بخلاف ما لو
أقامت عليه شاهدا بالخلع.
الرابع: قال الفاضل (2): لو باع عينا فادعيت فصدق المتبائعان مدعيها،
وأقاما شاهدا ببيعها من البايع حلف البائع، فإن امتنع حلف المشتري هذا.
ويشترط تقدم الشهادة والتعديل على اليمين والقضاء بهما على الأقوى، فيغرم
الشاهد النصف لو رجع.
وفي اكتفاء ولد الناكل من الورثة بالشهادة السابقة وجهان. ولا إشكال
في اكتفاء الغائب بها، وكذا الصبي والمجنون.
وفي عدم اكتفاء الغائب من الموصى لهم بها، لانفصال ملكهما، بخلاف
الورثة فإن الملك يثبت أولا للمورث، وهو واحد.
ولو أحضر الوارث شاهدا آخر، قطع الفاضل (3)، بوجوب إعادة الشهادة،
لأنها دعوى جديدة، ويشكل بعدم اشتراط اجتماع الشهود هنا.

(1) في " م ": أمه وفي " ق " و " ز ": أمة.
(2) التحرير: ج 2 ص 194.
(3) التحرير: ج 2 ص 193.
98

ولو حلف الحاضر من الورثة أقر نصيب الغائب في يد المنكر، في وجه،
وانتزعه الحاكم في آخر.
ثم الغائب إذا حلف شارك الأول في العين دون الدين، ويشكل
الفتوى (1) أن الشريك في الدين يأخذ نصيبه من شريكه.
فرع:
لو أقام الحاضر أو الكامل شاهدين، أخذ نصيبه، ونصيب الباقي يأخذه
الحاكم عينا كان، أو دينا، لثبوت الحق، وكونه وليا للغائب وغير الكامل.
وربما توجه في الدين إبقاؤه في ذمة المدعى عليه، وفيه بعد.
البحث الثاني: في اللواحق.
لو أقام بعض الورثة شاهدا بالوقف عليهم، وعلى نسلهم حلفوا، فإن امتنعوا
حكم بنصيبهم وقفا بإقرارهم، إلا مع مصادفة الدين المستوعب، إلا أن يقضوه،
وكذا الوصية، ويحكم بنصيب الآخرين ميراثا. ولو حلف بعض، ثبت نصيب
الحالف وقفا، والباقي طلقا بالنسبة إلى الدين والوصية.
ثم البطن الثاني لا يمين عليهم إن كان مرتبا، وإن كان تشريكا حلفوا، إن
حصل لهم علم بالتسامع الذي لا يبلغ الحاكم وشبهه، وقيل: أن المرتب
كذلك، لأن الأخذ من الواقف.
ولو نكل البطن الأول، حلف الثاني في الموضعين، وربما قيل: ببطلان
حقهم في وقف الترتيب، بناء على أنهم يأخذون من البطن الأول، وقد بطل
حقهم بالنكول.
ولو أثبت إخوة ثلاثة وقف تشريك، فوجد لأحدهم ولد، فله الربع إن

(1) في باقي النسخ: بالفتوى.
99

كمل وحلف. وإن نكل عاد إلى الأخوة عند الشيخ (1)، لأنه بامتناعه
كالمعدوم.
ورد باعتراف الأخوة بأنهم لا يستحقونه، فيحتمل صرفه إلى الناكل. ومنع
بعضهم من رده إلى المدعى عليه، لأنه أخذ منه بحجة شرعية. ويشكل بأن
قاعدة اليمين مع الشاهد تنفيه.
ولو مات أحد الأخوة قبل كماله، عزل له فوق الربع نصف سدس منذ
موته، فإن حلف أخذ، وإلا ففيه الأوجه.
ويثبت بالشاهد الواحد في قتل العمد اللوث، فيحلف المدعي، إلا أن
الإيمان عدد القسامة.
ولا فرق بين شهادة العدل الواحد والمرأتين هنا، فيثبت بهما مع اليمين
ما يثبت به، وربما قيل: لا يثبت بالمرأتين واليمين، وهو متروك.
[142]
درس
في تقابل الدعوى في الأملاك
لو تداعيا عينا متشبثين ولا بينة حلفا واقتسماها، وكذا لو نكلا، وإلا فهي
للحالف، فإن كان قد حلف يمين النفي حلف بعد نكول الآخر، للإثبات،
وإلا حلف يمينا جامعة، يقدم فيها النفي أو الإثبات. ولو تشبث أحدهما حلف،
وإلا حلف الخارج وانتزعها.
ولو خرجا فذو اليد من صدقه الثالث، وعليه اليمين للآخر، فإن امتنع حلف
الآخر واغرم، ولو صدقهما فهي لهما بعد حلفهما أو نكولهما، ولهما إحلافه إن ادعيا
علمه، ولو أنكرهما حلف. ولو قال هي لأحدكما ولا أعرفه، احتمل القرعة واليمين.

(1) المبسوط: ج 8 ص 201.
100

ولو كان لأحدهما بينة فهي له في الصور كلها. وإن أقاما بينتين وخرجا
فهي للأعدل شهودا، فإن تساووا فالأكثر مع اليمين قاله ابن بابويه (1)، والشيخ
في النهاية (2)، ومع التساوي القرعة واليمين، فإن امتنع حلف الآخر وأخذ، فإن
امتنعا قسمت نصفين، وإن تشبثا فهي لهما.
وإن خرج أحدهما، قال أكثر القدماء: يرجح بالعدالة والكثرة، ومع
التساوي الخارج أخذا من رواية أبي بصير (3)، ومنصور (4) عن الصادق
عليه السلام وإن تشبث أحدهما، واختلف قولا الشيخ، ففي الخلاف (5) الخارج
أولى مطلقا، وفي التهذيب (6) إن شهدت بينة الداخل بالسبب فهي أولى ولو
شهدت بينة الخارج بالسبب، ورواية إسحاق بن عمار (7) أن عليا عليه السلام
قضى للداخل مع يمينه.
ولو قضينا ببينة الداخل، ففي وجوب اليمين قول للفاضل (8)، ولم يوجبها في
المبسوط (9)، بناء على أن البينتين لا يتساقطان.
واختلف في ترجيح قديم الملك على اليد، فأثبته في المبسوط (10)، ونفاه في
الخلاف (11)، محتجا بالإجماع على أن صاحب اليد أولى.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 66.
(2) النهاية: ص 344.
(3) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب كيفية الحكم ح 1 ج 18 ص 181.
(4) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب كيفية الحكم ح 14 ج 18 ص 186.
(5) الخلاف: ج 3 ص 353 مسألة 2.
(6) التهذيب: ج 6 ص 237.
(7) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب كيفية الحكم ح 2 ج 18 ص 182.
(8) المختلف: ج 2 ص 694.
(9) المبسوط: ج 8 ص 258.
(10) المبسوط: ج 8 ص 258.
(11) الخلاف: ج 3 ص 353.
101

ولو شهدت بينة الخارج بسبق يده ولم يتعرض للملك له، اختلف قول
الشيخ في الكتابين (1)، فتارة رجح ذا اليد الآن، وتارة رجح من سبقت له اليد،
والثاني خيرة المختلف (2).
ويتفرع عليه ما لو ادعى الخارج شراء العين من آخر ببينة، فإن شهدت
للبائع بالملك فهو كقديم الملك، وإن شهدت له بالتسليم فهو كقديم اليد، ولو لم
تتعرض للملك والتسليم لم تسمع قولا واحدا.
ولو أمكن التوفيق بين الشهود فلا تعارض، ويتحقق التعارض بين
الشاهدين والشاهد والمرأتين، لا الشاهد واليمين، وفي فصل الرجوع عن الشهادة
من المبسوط (3): لو تقابل الشاهدان، والشاهد واليمين، في الوصية بالثلث لاثنين
أقرع، وهو صريح في التعارض.
والحكم بالقسمة فيما يتصور فيه الشركة، بخلاف النكاح والنسب، فحينئذ
تكفي القرعة في تحقق الحكم.
ولو أوجبنا اليمين فامتنعا خرجا عن المدعى به.
وإذا انتزع الملك ببينة مطلقة، حكم بتقديم ملك صاحبها على الشهادة بأقل
زمان لا غير، فعلى هذا لا يرجع المشتري على البائع، ويكون الثمرة والحمل
للمدعى عليه.
فروع:
الأقرب سماع بينة الداخل للتسجيل، وإن لم يكن خصم. وكذا لدفع
اليمين عنه، كما في دعوى الودعي الرد فإنها مقبولة بيمينه، ومع ذلك تسمع

(1) الخلاف: ج 3 ص 353 والمبسوط: ج 8 ص 258.
(2) المختلف: ج 2 ص 694.
(3) المبسوط: ج 8 ص 254.
102

بينته، لدفع اليمين.
الثاني: لو شهدت بينة الخارج بالملك، وبينة الداخل بالشراء من الخارج،
فلا تعارض فتعمل ببينته. نعم تزال يده قبل إقامتها لو كانت غائبة، كما تزال
يد مدعي هبة العين، وكما يؤمر مدعي الإبراء بتسليم الدين، ثم يثبت الإبراء.
أما لو كانت البينة حاضرة سمعت قبل إزالة اليد وقبل التسليم.
الثالث: لو تشبثا فادعى أحدهما الكل والآخر النصف، حلف للأول
واقتسماها. ولو خرجا أقرع بينهما في النصف مع اليمين، ولو امتنعا فللموعب
ثلاثة الأرباع، وللآخر الربع. وقال ابن الجنيد (1): يقسم على ثلاثة إذا تشبثا،
سواء أقاما بينة أو لا، نظر إلى العول، وكذا في أمثالها من الفروض، وبه أفتى
الفاضل في المختلف (2)، لأن المنازعة وقعت في أجزاء غير متعينة (3) ولا مشار
إليها، فهي كضرب الديان مع قصور المال في المفلس والميت.
الرابع: لو تشبث مدعي الكل والنصف والثلث ولا بينة فهي أثلاث،
ويحلفان للموعب، ويحلف الموعب وذو الثلث لذي النصف، ولا يحلفان لذي
الثلث.
ولو تعارضت بيناتهم، فعلى الحكم للداخل، كما قلناه، وعلى الآخر لا بينة
لمدعي الثلث، وينزع من يده للموعب ثلاثة أرباعه، ويقارع ذا النصف في
ربعه، ويقسم مع النكول، والثلث الذي في يده للموعب، ولذي النصف ربع
ما في يد الموعب، وتصح من أربعة وعشرين، ثم تطوى إلى ثمانية.
الخامس: لو جامعهم مدعي الثلثين وأيديهم خارجة، وتعارضت بيناتهم،
فللموعب الثلث، ويقارع ذا الثلثين في السدس، ويتقارعان مع ذي النصف في
سدس آخر، ويقارع الجميع في الثلث. ومع الامتناع من اليمين يقسم، وتصح

(1) المختلف: ج 2 ص 701.
(2) المختلف: ج 2 ص 701.
(3) في باقي النسخ: متعينة.
103

من ستة وثلاثين، ولو فقدت البينات فكذلك. ولو أقام اثنان منهما البينة أو
ثلاثة، أزيلت دعوى الفاقد ما لم يبق شئ، وقسم ما يقع فيه التعارض بعد
القرعة والنكول.
السادس: الصورة بحالها وتشبثوا، فمع عدم البينة أو تقديم الداخل يقسم
أرباعا، ويحلف كل ثلاثة أيمان، ولو رضوا بيمين واحدة ففيه الخلاف، ولو
قدمنا الخارج جمع كل ثلاثة على ما في يد الرابع، والفاضل عن الدعاوي
للموعب، ويقارع في المدعي به ويحلف، فإن نكل حلف الآخر، فإن نكلوا
قسم، ويصح من اثنين وسبعين. ومنه يعلم لو كانوا أزيد كالخمسة فصاعدا.
السابع: لو تشبث ثلاثة فادعى أحدهم النصف، والآخر الثلث، والآخر
السدس، فإن صدق مدعي السدس مدعي النصف فلا نزاع فيسلم إليه
السدس.
وإن عزاه إلى غائب، فإن أقام مدعي النصف البينة بتملك النصف،
انتزع كمال السدس من يد مدعي السدس، إن صدق مدعي النصف مدعي
الثلث على تملك الثلث، وإن كذبه انتزع من كل منهما نصف السدس، لأنه
ادعى سدس مشاعا، فليس له تخصيص أحدهما به، وإن اعترف مدعي
النصف بالسدس للغائب، وقال إنما استولى على سدسي مدعي الثلث، أمكن
انتزاعه من مدعي الثلث إن فقد البينة، وإن كان له بينة وتحقق التعارض، بنى
على ترجيح الداخل والخارج.
[143]
درس
في العقود
وفيه مسائل:
الأولى: لو ادعيا الشراء من المتشبث وإقباض الثمن، وأقاما بينتين
104

متعارضتين، أما لاتحاد التاريخ، وإما لإطلاقه فيهما، أو في أحدهما مع تساويهما
عدالة وعددا، فلا عبرة بتصديق البائع هنا على الأقوى، ويقرع عند الشيخ (1)،
ويحتمل إعمالها فيقسم، والتساقط فيحلف المدعى عليه لهما لو أكذبهما، وعلى
القرعة يرجع من لم يخرجه بالثمن إذ لا تعارض فيه.
ولو نكل الخارج عن اليمين حلف الآخر، ولو نكلا قسمت، ويرجع كل
منهما بنصف الثمن، ولهما الفسخ عند الشيخ (2)، لعيب التبعيض، ولعله يرى أن
التنزه عن اليمين عذر. ولو فسخ أحدهما فللآخر الجميع، وفيه أوجه، ثالثها وهو
مختار الشيخ في المبسوط (3).
الفرق بين كون الأخذ الأول أو الثاني، لأن القضاء للأول بالنصف، إذا
لم يتعقبه فسخ يقرر ملكه عليه بحكم الحاكم، فليس له نقضه بأخذ الجميع،
ونعني بالأول الذي فاتحه القاضي بتسليم النصف فرضي، بخلاف ما إذا فسخ
المفاتح، فإن الثاني يأخذ الجميع قطعا، لإيجاب ببينة (4) الجميع ما لم تنازع،
والأقرب أن لكل منهما الأخذ، وفي وجوبه حينئذ احتمال، من قضاء الشرع
بالقسمة، ومن زوال النزاع وهو أولى.
الثانية: عكس الأولى، تداعى اثنان بيع الدار من آخر وغرضهما الثمن منه،
فإن صدقهما قضى عليه، وإلا فالقول قوله، فإن أقاما بينتين متحدتي التاريخ
أقرع، ومع النكول يقسم الثمن بينهما على الأصح، ويحتمل القسمة ابتداء
والتساقط، ولو اختلف التاريخ قضى عليه بالثمنين، ولو اطلقتا أو أحديهما، قيل:
بالتعارض، ويحتمل القضاء بالثمنين، لوجوب التوفيق بين البينتين مهما أمكن،

(1) المبسوط: ج 8 ص 262.
(2) المبسوط: ج 8 ص 283 - 284.
(3) المبسوط: ج 8 ص 282.
(4) في " ق " و " ز ": بينة.
105

ويمكن اختلاف التاريخ هنا، والقولان حكاهما الشيخ (1) ساكتا عليهما،
والأقرب الثاني.
لا يقال: يمكن في المسألة السابقة التوفيق مع اختلاف التاريخ، فيحكم
بصحة البيعين، ويملك البائع الثمنين، بأن يبيعهما ثم يشتريها ثم يبيعها على
الآخر.
لأنا نقول: صورة البيع ليست كافية، لجواز أن يبيع مال غيره، بخلاف
الشراء فإنه لا يمكن أن يشتري مال نفسه، فشراؤه من الثاني مبطل ملكه.
الثالثة: بائعان ومشتريان، بأن ادعى كل منهما أنه اشتراها من آخر وأقبضه
الثمن، وأقاما بينتين، فإن تشبثا قسمت بينهما، ورجع كل على بائعه بنصف
الثمن، وإن تشبث أحدهما بنى على ترجيح الداخل أو الخارج، فيرجع المرجوح
بالثمن، وإن خرجا وتكافأ البينتان أقرع على الأقوى، ومع النكول يقسم ويرجع
كل على بائعه بنصف الثمن، سواء كانت في يد أحد البائعين، أو يد أجنبي،
ولكل منهما الفسخ، وليس للآخر أخذ الجميع لو فسخ أحدهما، لعدم عوده إلى
بائعه.
الرابعة: لو إذا (2) ادعى عبد العتق، وادعى آخر شرائه من السيد، وتكافأت
بيناتهما، فإن كان في يد المشتري فهو داخل والعبد خارج، فيجري القولان،
وإن كان في يد السيد احتمل التنصيف، لأعمال البينتين وسقوطهما، فيحلف
البائع، وإن أعملنا إحداهما أقرع، ومع النكول يتحرر نصفه ويملك نصفه، فإن
فسخ عتق كله، وإن أمسك ففي التقويم نظر، من قيام البينة بالمباشرة، ومن
إعمال بينة الشراء في النصف، وهي تنفي أصل العتق، فلا يحكم بثبوت العتق
بالنسبة إلى هذا النصف، ولأنه عتق قهري فلا تقوم عليه.

(1) المبسوط: ج 8 ص 285 - 286.
(2) في باقي النسخ: لو.
106

لا يقال: تقدم بينة العبد، لأن له يد على نفسه إن قدمنا الداخل، وإلا
قدمت بينة الشراء.
لأنا نقول: إنما يصير له يدا بالعتق، وإلا فهو في يد السيد أو المشتري.
الخامسة: ادعى صاحب الدار إجارة بيت بعشرة، فقال المستأجر إنما
اكتريت جميع الدار بعشرة، ولا بينة احتمل تقديم المؤجر، للأصل والتحالف،
وهو فتوى الشيخ (1)، فإن كان بعد مضي المدة وتحالفا وجبت أجرة المثل على
المستأجر، وإن أقاما بينة عمل على الأسبق، فإن كان بينة الدار فلا بحث،
وإن كان بينة البيت صح العقدان، إلا أنه ينقص من العشرة نسبة ما بين
البيت والدار في القيمة، ويحتمل الحكم بصحة الإجارتين مع عدم التعارض،
لأن الاستئجار الثاني يبطل ملك المستأجر فيما سبق، فإن اتحد التاريخ أعملتا
أو سقطتا أو أقرع مع اليمين.
[144]
درس
في الاختلاف في الإرث وشبهه
وفيه مسائل:
الأولى: ماتت امرأة وولدها، فادعى الزوج سبق موتها، والأخ سبق موت
ولدها ولا بينة، فتركة الولد لأبيه، وتركة الزوجة بينهما بعد اليمينين، ولو أقاما
بينتين متكافئتين أقرع.
الثانية: مات مسلم عن ولدين، فادعى الكافر منهما أو الرق سبق إسلامه
أو عتقه على الموت ليشارك، وأنكره أخوه، حلف على نفي العلم إن ادعاه عليه
وحاز التركة.

(1) المبسوط: ج 8 ص 263 - 264.
107

ولو تعين وقت الإسلام واختلفا في تقدم موت الأب عليه، حلف مدعي
تأخر الموت. ولو أقاما بينتين متناقضتين فالقرعة، ويحتمل تقديم بينة المسلم
هنا، لاشتمالها على زيادة، لأن التاريخ الآخر تتفق البينتان فيه على الموت،
ويضعف بأن بينة التأخر تشهدت بالحياة في زمان بينة التقدم، فتحقق التناقض.
وأضعف من هذا الاحتمال، تقديم بينة التأخر، بناء على أنه قد يغمى عليه في
التاريخ المتقدم، فيظن الشاهدان موته، لأنه قدح في الشاهد. نعم لو اقتصر
على الإخبار بالموت من غير ذكر لواحقه القاضية بالعلم توجه الاحتمال.
ولا إشكال في تقديم بينة التأخر، لو شهدت بتلك القرائن بأسرها وزادت
أنه كان مغمى عليه، ثم ظهرت حياته بعد ذلك حتى مات. كما أنه لا
إشكال في تقديم بينة التقدم، لو شهدت بأنه نبش من قبره في تاريخ التأخر،
ثم جعل في منزله، وأعلم بموته إذا لم تشهد بينة التأخر بأنه كان حيا في الزمان
المتخلل بين التاريخين.
الثالثة: ادعى أجنبي شراء العين من المورث أو الزوجة إصداقها، فادعى
الوارث الإرث، وأقاما بينة بنى على تقديم الخارج، والوجه تقديمه هنا قطعا،
لشهادة بينته بما يخفى على الأخرى.
ولو كانت العين في يد أجنبي لا يدعيها فكذلك.
أما لو تناقضا قطعا بأن يدعي الشراء في وقت بعينه، فشهدت البينة بموته قبل
ذلك، فالقرعة قوية. وكذا لو شهدت بأنه كان غائبا عن موضع دعوى العقد،
بحيث لا يمكن حضوره في ذلك الوقت.
الرابعة: ادعى عينا في يد أجنبي له ولشريكه في الإرث، وأقام بينة ذات
خبره باطنة ومعرفة متقادمة، فشهدت بأنها لا تعلم وارثا غيرهما، سلمت إليهما،
ولو كان أحدهما غائبا سلم إلى المدعي نصيبه.
ولو لم تكمل البينة بأن شهدت بنفي علمها وارثا آخر، ولا خبرة لها، أو لها
108

خبره ولم تشهد بنفي وارث آخر، لم يسلم إلى المدعي شيئا، إلا بعد البحث
بحيث لو كان وارث لظهر، فيسلم مع الضامن بناء على جواز ضمان الأعيان،
والأقرب عدم الاكتفاء بالكفالة.
ولو كان الوارث محجوبا أعطى مع الكمال وأرجى لا معه، فإذا بحث دفع
إليه بضمين. ولو كان ذا فرض أعطل الأقل، إلا مع الكمال أو البحث
والضمان.
ولو صدق المتشبث المدعي على عدم وارث غيره، فلا عبرة به إن كان
المدعى به عينا على الأقوى، وإن كان دينا أمر بالتسليم. والفرق المنع من
التصرف في مال غيره، لا في مال نفسه.
الخامسة: علق عتق عبده بقتله، فأقام بينة به وادعى الوارث موته ببينة،
فإن تناقضتا جزما فالقرعة، وإلا قدمت بينة القتل، لأن كل قتيل ميت،
وليس كل ميت قتيلا، وقال الشيخ (1): يقرع، للتعارض وأطلق، وابن
إدريس (2) يقدم بينة العبد، للزيادة وأطلق، وفي المختلف (3) تقدم بينته، لأنه
خارج.
السادسة: خلف عبدين كل منهما ثلث ماله، فأقام كل بينة بالعتق، سواء
كان الشهود وارثا أو لا، فإن علم السابق صح خاصة، وإن جهل أو علم
الاقتران أقرع، وحلف الخارج إن ادعيا السبق، وإلا حلف الآخر، وإلا تحرر
نصف كل منهما.
واحتمال إعمال البينتين فيقسم كما في الأملاك باطل عندنا، للنص (4)

(1) المبسوط: ج 8 ص 173.
(2) السرائر: ج 2 ص 174.
(3) المختلف: ج 2 ص 695.
(4) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب كيفية الحكم ح 2، 10 ج 18 ص 187 - 189.
109

على القرعة في العبيد.
ولو شهدت البينتان بالسبق فالقرعة أيضا، لكن إن خرجت على من شهد
له الوارثان فلا بحث، وإن خرجت على الآخر احتمل عتق ثلثي الثاني.
السابعة: الصورة بحالها، إلا أن قيمة أحدهما سدس المال والآخر ثلثه، فإن
خرج بالقرعة الخسيس عتق كله، ومن الآخر نصفه، وإلا عتق النفيس
وحده. ولو كانت الشهادة بالوصية بالعتق فكذلك في القرعة، مع جهل الحال
أو علم الاقتران.
الثامنة: شهد أجنبيان بالوصية بعتق سالم الثلث، ووارثان برجوعه عنه إلى
غانم الثلث احتمل القبول، لخروج الثلث من يده، ولا نظر إلى أعيان الأموال
وعدمه، لأنه كالخصم للمرجوع عنه، فيحتمل على هذا عتق سالم وثلثي غانم.
وكذا لو شهد لزيد عدلان بالوصية بعين، فشهد وارثان أنه رجع عنها إلى
عمرو.
[145]
درس
في اللواحق
لا يلحق الولد بأبوين فصاعدا عندنا، ولا بالقائف، وخبر المدلجي (1)
مؤول. وإنما يلحق بالفراش المنفرد والدعوى المنفردة.
ولو اشترك الفراش أو الدعوى فالقرعة مع عدم البينة، أو وجودها من
الطرفين، ويقبل دعوى من عليه ولاء، وإن تضمن إزالة أرث المولى.
ولو تداعى الزوجان متاع البيت، ففي صحيحة رفاعة (2) عن الصادق

(1) سنن البيهقي: ج 10 ص 262.
(2) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ميراث الأزواج ح 4 ج 17 ص 525.
110

عليه السلام له ما للرجال ولها ما للنساء، ويقسم بينهما ما يصلح لهما، وعليها
الشيخ في الخلاف (1)، وفي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (2) عنه عليه السلام
هو للمرأة، وعليها الاستبصار (3).
ويمكن حملها على ما يصلح للنساء توفيقا، وفي المبسوط (4) يقسم بينهما على
الإطلاق، سواء كانت الدار لهما أو لا، وسواء كانت الزوجية باقية أو لا،
وسواء كان بينهما أو بين الوارث، والعمل على الأول.
ولو ادعى أبو الميتة إعارتها بعض متاعها فكغيره، وفي مكاتبة جعفر بن
عيسى (5) يجوز بغير بينة. وحمل على حذف حرف الاستفهام الإنكاري، والحمل
بعيد، والحكم أبعد.
واستحب الشيخ في المبسوط (6) أمر الخصمين بالصلح، والحلبي (7) يعرض
عليهما الصلح، فإن أجابا رفعهما إلى من يتوسط بينهما، ولا يتولاه بنفسه، لأنه
نصب لقطع الحكم لا للشفاعة، وقال المفيد (8): ليس للحاكم الشفاعة بالنظرة
ولا غيرها، بل يثبت الحكم، وقطع ابن إدريس (9) بجواز أن يشير عليهما بالصلح
ويأمرهما به، ونقل عن بعض المتفقهة منعه، ونسبه إلى الخطأ. وفي التحقيق
لا نزاع في المسألة.

(1) الخلاف: ج 3 ص 362 مسألة 27.
(2) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ميراث الأزواج ح 1 ج 17 ص 523.
(3) الاستبصار: ج 3 ص 47.
(4) المبسوط: ج 8 ص 310.
(5) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب كيفية الحكم ح 1 ج 18 ص 213.
(6) المبسوط: ج 8 ص 170.
(7) الكافي: ص 447.
(8) المقنعة: ص 724.
(9) السرائر: ج 2 ص 160.
111

ومنع الحلبي (1) التوصل بحكم المخالف إلى الحق إذا كان الغريمان من أهل
الحق، ولو كان أحدهما مخالفا جاز، وظاهره أن ذلك مع إمكان التوصل بغيره،
وحكم بوجوب إخراج المحبسين إلى الجمعة والعيدين، لرواية عبد الرحمن بن
سيابة (2) عن الصادق عليه السلام، وتوقف في وجوبه ابن إدريس (3)، لعدم
تواتر الخبر، وللشك في الإجماع عليه.
واعتبر الحلبي (4) في القاضي سعة الحلم، ليدفع به سفة السفيه والزهد،
وحرم مجالسة حكام الجور، لرواية محمد بن مسلم (5) عن الباقر عليه السلام، ولم
يجوز الحكم بالعلم لغير المعصوم في حقوق الله تعالى، وحرم الدعوى إلا مع
العلم، فلو صرح بالتهمة، أو لوح بذلك لم تسمع دعواه. وقال (6): ليجعل
القاضي للدرس والمذاكرة والمناظرة وقتا.
وقال الصدوقان (7) وجماعة: تجب التسوية بين الخصمين في النظر، وهو
حسن، مروي عن علي عليه السلام (8) واستحسبه سلار (9)، والفاضل في
المختلف (10).

(1) الكافي: ص 422.
(2) النهاية: ص 354 ورواه في التهذيب برواية عبد الله بن سيابة: ج 6 ص 319 وهو أخو عبد الرحمن على
ما ذكره الشيخ في رجاله رقم 695 ص 265 وعده من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
(3) السرائر: ج 2 ص 200.
(4) الكافي: ص 422.
(5) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب صفات القاضي ح 10 ج 18 ص 5.
(6) الكافي: ص 451.
(7) المختلف: ج 2 ص 700 الجوامع الفقهية، كتاب المقنع ص 33.
(8) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب آداب القاضي ح 1 ج 18 ص 155.
(9) المراسم: ص 230.
(10) المختلف: ج 2 ص 701.
112

وأوجب ابن الجنيد (1) في التزكية أن يقول عدل على ولي، وجعله في
المبسوط (2) أحوط. واعتبر ابن الجنيد (3) في تصرف الوصي على اليتيم والسفيه
مراجعة الحاكم، وربما حمل على الندب.
ولو التمس الخصم حبس خصمه بعد إقامة البينة بالحق للتعديل أجيب عند
الشيخ (4). وكذا لو أقام العبد بينة بالعتق وسأل التفريق حتى يعد لها، أجيب
عنده (5)، لأصالة العدالة، وقد صرح في الخلاف (6) بالاكتفاء بالإسلام، وعدم
معرفة الفسق، محتجا بالإجماع.
وبأن النبي صلى الله عليه وآله ما كان يبحث عن الاستزكاء، وكذا
الصحابة والتابعون، وإنما أحدثه شريك بن عبد الله القاضي، ومال إليه في
المبسوط (7) عملا بظاهر الأخبار، كمرسلة يونس (8) عن الصادق عليه السلام
إذا كان ظاهره مأمونا جازت شهادته، ولا يسأل عن باطنه، ورواية ابن أبي
يعفور (9) تعطي اشتراط علم العدالة، وعليه المعظم.
وأوجب ابن حمزة (10) العمل على المعسر إذا كان له حرفة، لرواية
السكوني (11) عن الصادق عليه السلام إن شئتم أجروه، وإن شئتم استعملوه،

(1) المختلف: ج 2 ص 703.
(2) المبسوط: ج 8 ص 110.
(3) المختلف: ج 2 ص 703.
(4) المبسوط: ج 8 ص 93.
(5) المبسوط: ج 8 ص 254.
(6) الخلاف: ج 3 ص 312 مسألة 10.
(7) المبسوط: ج 8 ص 217.
(8) وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب الشهادات ح 3 ج 18 ص 290.
(9) وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 288.
(10) الوسيلة: ص 212.
(11) وسائل الشيعة: باب 7 من كتاب الحجر ح 3 ج 13 ص 148.
113

ورواه في النهاية (1)، وظاهره في الخلاف (2) عدم وجوب التكسب على المعسر،
لقوله تعالى: " فنظرة إلى ميسرة " (3)، وقطع به ابن إدريس (4)، وفي المختلف (5)
اختيار الأول، لأن القادر على التكسب ليس بمعسر حتى ينظر، وهو حسن.
ولا يجب على الغريم دفع الوثيقة إلى المديون عينا كان الحق أو دينا، لأنها
حجة له لو ظهر استحقاق المقبوض. نعم يجب الإشهاد.
وقال ابن حمزة (6): يجب إن كان الحق دينا، وجعل تولي القضاء مستحبا
لمن ليس له كفاية في المعاش، أو له كفاية ولا شهرة له بالفضل، فإن كان له
كفاية وشهرة كره له، ويقضي الخص لصاحب المعاقد، عملا برواية
جابر (7) المشهورة في قضاء علي عليه السلام.
ولو التمس أحد الذميين حكم الإسلام
أجبر الآخر، لرواية هارون بن
حمزة (8) عن الصادق عليه السلام، وروى البرقي (9) عن علي عليه السلام أنه
قال: يجب على الإمام أن يحبس فساق العلماء، وجهال الأطباء، ومفاليس
الأكرياء.

(1) النهاية: ص 352.
(2) الخلاف: ج 2 ص 116 مسألة 15.
(3) البقرة: 280.
(4) السرائر: ج 2 ص 196.
(5) المختلف: ج 2 ص 711.
(6) الوسيلة: ص 214.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 100.
(8) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب كيفية الحكم ح 2 ج 18 ص 218.
(9) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب كيفية الحكم ح 3 ج 18 ص 221.
114

كتاب القسمة
115

كتاب القسمة
يستحب للقاضي نصب قاسم، كامل، مؤمن، عدل، عارف بالحساب،
وإن كان عبدا، ولا يراعى فيمن تراضى به الخصمان ذلك.
ولو اشتملت على تقويم لم يكلف الواحد، بل لا بد من العدلين، إلا مع
رضى الشريكين، وقسمة المنصوب تلزم بالقرعة، وغيره يعتبر بعدها تراضيهما في
قسمة الرد خاصة، وأجرته على المتقاسمين بالنسبة على الأقوى، إن لم يكن
بيت مال.
وكل متساوي الأجزاء يجبر الشركاء على قسمته عند طلب بعضهم، وتجوز
القسمة خرصا إذ ليست بيعا، قال الشيخ (1): والأحوط اعتبار خارصين،
ومختلف الأجزاء حيث لا يفحش نقص القيمة، ولا اشتمل على رد كذلك،
وإلا فهي قسمة تراض.
ولو طلب أحدهم قسمة الأعيان المتساوية الأجزاء بعضا في بعض، لم يجبر
الممتنع بل يقسم كل نوع على حدته، ولو أمكن تعديل الثياب والعبيد
بالقسمة (2) قسمت قسمة إجبار.

(1) المبسوط: ج 8 ص 134.
(2) في باقي النسخ: بالقيمة.
117

ولو تضرر أحد الشريكين دون الآخر بالقسمة، أجبر غير المتضرر بطلب
الآخر دون العكس، وفي المبسوط (1) لا يجبر أحدهما لتضرر الطالب، وهذا حسن
إن فسر التضرر بعدم الانتفاع، وإن فسر بنقص القيمة فالأول أحسن.
والعلو والسفل في الدار يقسم بعضا في بعض، مع إمكان التعديل إجبارا.
ولو طلب قسمة كل على حدته لم يجبر.
وتقسم الأرض، وإن كان فيها زرع ولما يقسم، ولو اقتسماه جاز إن ظهر،
وفي المبسوط (2) لا يجوز، لعدم إمكان تعديله وإن كان سنبلا، أما لو كان قصيلا
فإنه يجوز قسمته.
ولو طلبا قسمة الأرض والزرع بعضا في بعض فلا إجبار. وكذا القرحان
المتعددة، والدكاكين المتجاورة.
وقال القاضي (3): إذا استوت الدور والأقرحة في الرغبات، قمت بعضا في
بعض، قال (4): وكذا لو تضرر بعضهم بقسمة كل على حدته، جمع حقه في
ناحية، بخلاف البستان المختلف الأنواع فإنه يقسم بعضا في بعض.
وتجوز قسمة الوقف من الطلق لا الوقف، وإن تعدد الواقف والمصرف.
وإذا أريد قسمة الأرض مثلا صححت المسألة على سهامهم، ثم عدلت بالتقويم
لا بالمساحة، وجعل للسهام أول يعينه المتقاسمون، وإلا الحاكم.
وتكتب أسماؤهم لا أسماء السهام حذرا من التفريق، وتردد في المبسوط (5)
في كتابة الرقاع بعدد الرؤوس، أو بعدد السهام، نظرا إلى سرعة خروج

(1) المبسوط: ج 8 ص 136.
(2) المبسوط: ج 8 ص 141.
(3) المهذب: ج 2 ص 574.
(4) المهذب: ج 2 ص 574.
(5) المبسوط: ج 8 ص 138.
118

صاحب الأكثر، وحصول الغرض.
ولو ادعى الشريك الغلط في القسمة أو في التقويم، ولا بينة حلف الآخر،
وفي المبسوط (1) إذا ادعى الغلط في قسمة التراضي، كاختصاص أحدهما بالعلو
والآخر بالسفل، أو كان فيهما رد وكانا قد اقتسماه بأنفسهما، لم يلتفت إليه، لأنه
إن كان مبطلا فظاهر، وإن كان محقا فقد رضي بترك هذه الفضلة، ويشكل
بإمكان عدم علمه بها حال القسمة، فالوجه السماع حينئذ. قيل: ولا تقبل
شهادة القاسم إن كان بأجرة، وإلا قبلت، لعدم التهمة، ولا يحلف قاسم
القاضي، لأنه حاكم.
ولو ظهر في المقسوم استحقاق جزء مشاع نقضت، خلافا للمبسوط (2) فإنه
تردد، ولو كان الجزء معينا وإخراجه لا يخل بالتعديل لم تنقض، وإلا نقضت.
ومنه أن يلزم بسد طريقه أو مجرى مائه.
ولا يضمن أحد الشركاء درك ما يحدثه الآخر من غرس أو بناء.
لو ظهر الاستحقاق، فلو اقتسم الورثة ثم ظهر دين، وامتنعوا من أدائه
نقضت القسمة. ولو امتنع بعضهم بيع نصيبه والقسمة بحالها، والوصية بجزء من
المقسوم تبطل القسمة، بخلاف الوصية بالمال المطلق فإنها كالدين.
والمهاياة بالزمان أو المكان كسكنى أحدهما بيتا والآخر آخر جائزة وليست
لازمة، وإن استوفى أحدهما فيغرم الأجرة، ولا يجبر الممتنع عليها وإن كانت
القسمة ممتنعة. نعم ينتزعه الحاكم ويؤجره عليهما إن كان له أجرة.
وحق الاستطراق ومجرى الماء عند الإطلاق باق على ما كان عليه، وعند
الشرط بحسب الشرط، حتى لو شرط سد طريق أحدهما جاز، خلافا
للقاضي (3).

(1) المبسوط: ج 8 ص 142.
(2) المبسوط: ج 8 ص 142.
(3) المهذب: ج 2 ص 573.
119

ويجبر الولي على القسمة في مواضع الإجبار، وإن انتفت الغبطة للمولى
عليه. وللحاكم القسمة بين أصحاب اليد، وإن لم يثبت عنده الملك،
وللشيخ (1) قول بالمنع. نعم لا يسجل بالملك إلا مقيدا باليد، وقال ابن
الجنيد (2): لا يقسم حتى يشيع الحال بين الجيران، وينتظر مدة يمكن أن يحضر
مدع فيها.

(1) نسب القول بالمنع بعض ولم نجده في المبسوط كما عن العاملي في المفتاح: ج 10 ص 182 بل المحقق
منه التصريح بالجواز كما في عبارة المبسوط: ج 8 ص 148.
120

كتاب الشهادات
121

كتاب الشهادات
يجب تحمل الشهادة إذا دعي إليها على الكفاية عند معظم الأصحاب،
لقوله تعالى: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " (1)، فسره الصادق عليه السلام (2)
بالتحمل، وابن إدريس (3) يستحب الإجابة، وهو نادر. أما الأداء فواجب على
الكفاية إجماعا.
ولو خاف الشاهد ضررا غير مستحق سقطا، سواء كان به، أو بأحد من
المسلمين، وقيد في النهاية (4) وجوب التحمل بأن يكون أهلا لها، والأهلية
تحصل بأمور عشرة:
أحدها: البلوغ، فلا تقبل شهادة غير المنير إجماعا، وتقبل شهادة بالغ العشر
في الجراح، ما لم يبلغ النفس، بشرط الاجتماع على المباح، وعدم تفريقهم،
وروي (5) الأخذ بأول قولهم، وقيل: تقبل شهادة بالغ العشر مطلقا.
وثانيها: العقل، ولو دار جنونه قبلت شهادته مفيقا، بعد العلم باستكمال

(1) البقرة: 282.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 225.
(3) السرائر: ج 2 ص 126.
(4) النهاية: ص 328.
(5) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب الشهادات ح 1، 2، 4 ج 18 ص 252.
123

فطنته في التحمل والأداء.
وثالثها: التفطن لمزايا الأمور، فترد شهادة المغفل، والأبله، ومن يغلب عليه
النسيان، إلا في الأمر الشهير الذي لا يرتاب فيه.
ورابعها: الإسلام، فلا تقبل شهادة غير الذمي من الكفار، وتقبل شهادة
الذمي بالوصية لا بالولاية، عند عدم عدول المسلمين، وإن لم يكن في السفر،
خلافا للمبسوط (1) وابن الجنيد (2) والحلبي (3)، للآية (4)، وحسنة هشام بن
الحكم (5) عن الصادق عليه السلام.
ويشترط عدالتهم في دينهم، ويرجحون على فساق المسلمين هنا. وأوجب
الفاضل (6) إحلاف الذمي هنا بعد العصر، بصورة الآية.
وفي قبول شهادة أهل الذمة لملتهم (7)، وعليهم خلاف أثبته الشيخ في
النهاية (8)، لرواية سماعة (9)، وفي الخلاف (10) أيضا إذا ترافعوا إلينا، والأكثر
على المنع.
ولو اختلفت الملتان كاليهود والنصارى لم تقبل قطعا، إلا ما رواه الصدوق
عن عبيد الله الحلبي (11) عن الصادق عليه السلام من جواز شهادتهم على غير أهل ملتهم.

(1) المبسوط: ج 8 ص 187.
(2) المختلف: ج 2 ص 722.
(3) الكافي في الفقه: ص 436.
(4) المائدة: 106.
(5) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب الشهادات ح 3 ج 18 ص 287.
(6) التحرير: ج 2 ص 208.
(7) في " ق ": لمثلهم.
(8) النهاية: ص 334.
(9) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب الشهادات ح 2 ج 18 ص 284.
(10) الخلاف: ج 3 ص 333 مسألة 22.
(11) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 287.
124

وخامسها: الإيمان، فلا تقبل شهادة غير الإمامي مطلقا، ويحتمل عندي
انسحاب الخلاف هنا.
ويعلم الإسلام والإيمان بالإقرار. ولا فرق في المخالف بين المقلد والمركب.
والاختلاف في الفروع السمعية غير الإجماع لا يقدح في العدالة، كما لا يقدح
في الفروع العقلية، مثل الإثبات، والنفي، والمعاني، والأحوال، أو بقاء
الإعراض، وحدوث الإرادة.
وسادسها: العدالة، وهي هيئة نفسانية راسخة تبعث على ملازمة التقوى،
والمروة، بحيث لا يلم بالكبائر، ولا يصر على الصغائر.
والكبيرة، كل ذنب توعد عليه بخصوصه بالعقاب، وعدت سبعا وهي إلى
السبعين أقرب وقد حققناه في القواعد (1).
والصغيرة النادرة غير قادحة وإن أمكن تداركها بالاستغفار، خلافا لابن
إدريس (2)، ويظهر من كلام بعض الأصحاب أن الذنوب كلها كبائر، نظرا
إلى اشتراكها في مخالفة أمره ونهيه.
وإنما تسمى الصغائر بالإضافة إلى ما فوقها، فالقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة
إلى الزنا، وكبرة بالنسبة إلى النظر.
ولا يضر ترك السنن إلا أن يظهر منه التهاون بها.
وأما المروة، فهي تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثاله،
كالسخرية، وكشف العورة التي يتأكد استحباب سترها في الصلاة، والأكل
في الأسواق غالبا، ولبس الفقيه لباس الجندي بحيث يسخر منه وبالعكس.
ولا يقدح في المروة الصنائع الدنية، كالكنس والحجامة والحياكة وإن استغنى
عنها.

(1) القواعد والفوائد: ج 1 ص 224 قاعدة 68.
(2) السرائر: ج 2 ص 118.
125

ويفسق القاذف ما لم يلاعن، أو يقيم البينة، أو يصدقه المقذوف، ويزول
بأن يتوب بإكذاب نفسه، ويوري باطنا إن كان صادقا، وقيل فيه: يخطئ
نفسه في الملأ. ويضعف بأنه قذف تعريضي، وبأن الله تعالى سمى القاذف
الذي لا يأتي بالشهود كاذبا.
والاستمرار على التوبة إصلاح للعمل.
واللآهي بالعود والزمر والطبل والطنبور وشبهه، فاعلا ومستمعا. وكذا الدف
بصنج (1) وغيره، إلا في الأملاك، والختان، فيكره المجرد عن الصنج.
وشارب المسكر خمرا أو نقيعا أو نبيذا أو فضيخا أو بتعا أو مزرا أو جعة،
وفي حكمه العصير إذا غلا واشتد ولما يذهب ثلثاه، والفقاع وإن اعتقد حله.
والمغني بمد صوته المطرب المرجع وسامعه، وإن كان في قرآن أو اعتقد
إباحته. ويجوز الحداء للإبل وشبهها. وهاجي المؤمنين، والمتغزل بالمرأة المعروفة
المحرمة، لا غيره من الشعراء (2) وإن كره الإكثار منه، وإظهار الحسد للمؤمن
والبغضاء، ولبس الذهب والحرير للرجال في غير الحرب.
والقمار حتى بالجوز، والبيض، والخاتم والبقيرى، واستعمال النرد
والشطرنج، وإن لم يكن فيه رهان، واتخاذ الحمام للرهان، أما للأنس وإنفاذ
الكتب فجائز، والتفرج كذلك على الأقرب وإن كره، وإن سمي لعبا، وابن
إدريس (3) جعل اللعب بها قادحا، لقبحه، ورواية العلاء بن سيابة (4) عن
الصادق عليه السلام تدفع قبحه، وفيها نص على قبول شهادته.

(1) في الأصل: والصنج.
(2) في " ق " و " ز ": الشعر.
(3) السرائر: ج 2 ص 124.
(4) وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب الشهادات ح 6 ج 18 ص 291.
126

[146]
درس
وسابعها: طهارة المولد، فترد شهادة ولد الزنا، ولو في اليسير على الأصح،
لأنه شر الثلاثة، وعليه معظم الأصحاب، والأخبار الصحيحة (1)، وفي
المبسوط (2) إيهام قبول شهادته في الزنا، وفي النهاية (3) تقبل في الشئ الدون،
لرواية عيسى بن عبد الله (4) عن الصادق عليه السلام لا تجوز إلا في الشئ
اليسير إذا رأيت منه صلاحا، ويعارضها أكثر منها وأصح.
وليس رد شهادته لكفره، كما قاله المرتضى (5)، وابن إدريس (6)، وإنما ترد
شهادته مع تحقق حاله، فلا اعتبار بمن تناله الألسن وإن كثرت، ما لم يحصل
العلم.
وثامنها: انتفاء التهمة، وليس كل تهمة تدفع الشهادة بالإجماع، فإن شهادة
الصديق لصديقه والوارث لمورثه بدين مقبولة، وإن كان مشرفا على التلف، ما لم
يرثه قبل الحكم. وكذا تقبل شهادة رفقاء القافلة على اللصوص، إذا لم يكونوا
مأخوذين.
ولو أخذ الجميع فشهد بعض لبعض ولم يتعرضوا لذكر ما أخذ لهم في
شهادتهم، قيل: لا يقبل، والقبول قوي، وما هؤلاء إلا كشهادة بعض غرماء

(1) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الشهادات ص 275.
(2) المبسوط: ج 8 ص 228.
(3) النهاية: ص 326.
(4) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الشهادات ح 5 ج 18 ص 275.
(5) الإنتصار: ص 248 ولم يصرح السيد بكفره نعم يلوح منه ذلك في أجوبة المسائل الطرابلسيات راجع
رسائل الشريف المرتضى: المجموعة الأولى: ص 399.
(6) السرائر: ج 2 ص 122.
127

المديون لبعض. وكما لو شهد الاثنين بوصية مشتركة من تركة، وشهد المشهود لهما
للشاهدين بوصية منهما أيضا.
ولا ترد شهادة غرماء المديون له بما قبل الحجر، ولا شهادة السيد لمكاتبه
في أحد قولي الفاضل (1).
ولو شهد الوصي بمال لليتيم فالمشهور الرد، وقال ابن الجنيد (2): تقبل، ودفع
بأن الوصي متهم بالولاية على المال، وفي تأثير هذه التهمة نظر، وخصوصا في
مال لا أجرة له على حفظه أو إصلاحه. ولنذكر أسباب التهمة المعتبرة.
فمنها: ما يجر بشهادته نفعا كالشريك، فيما هو شريك فيه إذا اقتضت
الشهادة مشاركته، والوارث بجرح مورثه، لأن الدية تجب له عند الموت بسبب.
هذا الجرح، فيلزم أن يكون شاهدا لنفسه، والوصي في متعلق وصيته، وغرماء
المفلس والميت والسيد لعبده.
ومنها: أن يدفع ضرر، كشهادة العاقلة بجرح شهود جناية الخطأ، وشهادة
الوكيل والوصي بجرح الشهود على الموكل والموصي، وشهادة الزوج بزنا زوجته
التي قذفها على خلاف.
ولو شهد لاثنين بصيغة واحدة متهم في أحدهما ففي تبعيض الشهادة نظر،
من أنها واحدة، ومن تحقق المقتضي في أحد الطرفين والمانع في الآخر، وهو
أقرب، وكذا كل شهادة مبعضة.
ومنها: العداوة الدنيوية، وإن لم تتضمن فسقا، وتتحقق بأن يعلم من كل
منهما السرور بمساءة الآخر وبالعكس، أو بالتفاوت، ولو كانت العداوة من
أحد الجانبين اختص بالقبول الخالي منها دون الآخر، وإلا لملك كل غريم رد

(1) قواعد الأحكام: ج 2 ص 237.
(2) المختلف: ج 2 ص 727.
128

شهادة العدل عليه بأن يقذفه ويخاصمه. ولو شهد العدو لعدوه قبلت، إذا لم
تتضمن فسقا.
وأما العداوة الدينية فغير مانعة، لقبول شهادة المسلم على أهل الأديان.
ولا تقبل شهادة أهل البدع عندنا، لخروجهم عن الإيمان وإن اتصفوا
بالإسلام، أو لفسقهم.
ومنها: الحرص على الأداء قبل استنطاق الحاكم، فلو تبرع قبله ردت في
حق الآدمي، ولا فرق في التبرع قبل الدعوى أو بعدها، ولا يصير بالرد مجروحا.
ولا ترد في حقوق الله تعالى، ولو اشترك الحق فالظاهر الرد. وفي مثل
السرقة يثبت القطع دون الغرم على تردد. أما الطلاق، والعتاق، والرضاع،
والخلع، والعفو عن القصاص، فلله فيها حق غالب، ومن ثم لم يسقط
بالتراضي، فيحتمل قبول التبرع فيها.
والوقف العام الأقرب فيه القبول، بخلاف الخاص إن قلنا بالانتقال إلى
الموقوف عليه. وفي شراء الأب وجه، لأن الغرض عتقه. ويدفعه أنه إن ثبت
بغير عوض فهو إجحاف بالبائع، وإن ثبت بعوض توقف على الدعوى.
والفرق بينه وبين الخلع عسر، وغايته أن العوض في الخلع غير مقصود
بذاته، بخلاف الثمن في شراء الأب. ويحتمل ثبوت العوض في الخلع، والثمن في
العتق بشهادة التبرع، تبعا لحق الله تعالى، إذ قد ثبت تبعا ما لا يثبت أصلا.
وأما احتمال ثبوت الطلاق مجردا عن العوض في الخلع فهو أبعد.
ولو كان المدعي الابن فالقبول قوي، وكذا لو كان مدعي الخلع الزوجة.
وفي كون النسب من حقوق الله تعالى احتمال، لأن الشرع أثبت الأنساب
ومنع قطعها، فهي كالعتق.
ومنها التعيير برد الشهادة، فلو شهد المستتر بالفسق فردت، ثم تاب قبلت في
كل شئ، إلا فيما رد فيه، لأن الطبيعة تبعث على إثبات الصدق بعد التعيير
129

بالرد فيورث تهمة. وأبلغ منه لو تاب في المجلس لتقبل الشهادة. ولو قيل:
بالقبول مع تحقق عدالته وتوبته كان وجها.
أما الفاسق المعلن فيقبل - ولو ردت - شهادته إذا تاب، بل قال الشيخ (1):
يجوز أن يقال له تب أقبل شهادتك، وهذا يتم إذا علم منه التوبة لله تعالى
بقرائن الأحوال، وفي النهاية (2) أطلق القول بقبول شهادته إذا صار عدلا، ولم
يقيده بالإعلان وغيره، وقال ابن إدريس (3): يستثنى الطلاق، وهو بناء على أنه
لم يحضره شاهدا عدل، إذ لو حضراه وماتا أو غابا فشهد الفاسق به فردت، ثم
أعادها بعد العدالة سمعت. وكذا لو فسق الشاهدان بعد الطلاق، ثم شهدا ثم
عدلا فأعاداها.
ولو شهد الكافر والصبي والعدو، ثم زالت الموانع قبلت قطعا، لأن الرد
جرى بأسباب ظاهرة لا تهمة فيها.
فرع:
هل يملك الحاكم سماع شهادة هؤلاء؟ الأقرب لا مع علم المانع، لعدم
الفائدة. ويحتمل أن يصغي إلى شهادة الفاسق، ثم يردها زجرا له عن الفسق
إذا ظن أن ذلك يؤثر فيه.
تنبيه:
ليس من التهمة البعضية فتقبل شهادة جميع الأقرباء لأقربائهم حتى الابن
والأب.

(1) المبسوط: ج 8 ص 179.
(2) النهاية: ص 327.
(3) السرائر: ج 2 ص 123 - 124.
130

ولا تشترط الضميمة في شهادة الوالد لولده أو عليه، وكذا الأخ والزوجان،
وقيده في النهاية (1) بضميمة عدل في الجميع، وفيه بعد.
ولا من التهمة الاختباء للتحمل، لأنه ربما كان سببا في الأمر بالمعروف.
نعم يستحب له إعلام المشهود عليه في الحال لئلا يكذبه في الملأ، فيتعرض
للتعزير.
ولا شهادة البدوي على القروي وبالعكس، وخالف ابن الجنيد (2) في
المسألتين فقال: ليس للمختبئ أن يشهد، قال وكذا لو شرط المقر على الشاهد
أن لا يشهد امتنع من الشهادة، ومنع من قبول شهادة البدوي على القروي، إلا
فيما كان بالبادية ولم يحضره قروي، أو كان بالقتل بغير حضره قروي.
وفي شهادة الأجير لمستأجره خلاف، فقبلها ابن إدريس (3)، وقال
الصدوقان (4) والشاميان (5) والشيخ (6): لا تقبل له ما دام أجيرا، لرواية العلا (7)
وزرعة (8)، وفي رواية أبي بصير (9) يكره شهادته له. وقال الفاضل (10): يرد مع
التهمة كشهادة الخياط والقصار، لدافع الثوب إليه. وتقبل شهادة الضيف.
وأما السائل بكفه فالمشهور عدم قبولها. لصحيح علي بن جعفر (11) عن أخيه،

(1) النهاية: ص 330.
(2) المختلف: ج 2 ص 727.
(3) السرائر: ج 2 ص 121.
(4) الجوامع الفقهية: كتاب الهداية ص 61، المختلف: ج 2 ص 718.
(5) الكافي في الفقه: ص 436، المهذب: ج 2 ص 558.
(6) النهاية: ص 325.
(7) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب الشهادات ح 2 ج 18 ص 273.
(8) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الشهادات ح 3 ج 18 ص 277.
(9) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب الشهادات ح 3 ج 18 ص 273.
(10) المختلف: ج 2 ص 718.
(11) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 281.
131

ولموثقة محمد بن مسلم (1) عن الباقر عليه السلام، لأنه يرضى إذا أعطي،
ويسخط إذا منع. وفيه إيماء إلى تهمته، واستدرك ابن إدريس (2) من دعته
الضرورة إلى ذلك، وهو حسن. وفي حكم السائل بكفه الطفيلي.
وتاسعها: الحرية، واختلف فيها الأصحاب، فمنعها ابن أبي عقيل (3)
مطلقا، وابن الجنيد (4) إلا على العبد أو الكافر، والحلبي (5) منعها على سيده وله،
والمعظم على القبول مطلقا إلا على السيد، جمعا بين الروايات (6) وتوهم التهمة،
لمكان سلطنة السيد عليه ولو تحرر بعضه، قيل: تبعضت، والأقرب أنه كالقن.
وعاشرها: انتفاء توهم العقوق، فلو شهد الولد على والده ردت عند الأكثر،
ونقل الشيخ (7) فيه الإجماع والآية (8)، وخبر داود بن الحصين (9) وعلي بن سويد (10) تعطي القبول، واختاره المرتضى (11) رحمه الله وهو قوي، والاجماع حجة
على من عرفه. وفي حكمه الجد وإن علا على الأقرب.
[147]
درس
المعتبر باجتماع الشرائط حال الأداء إلى الحكم لا حال التحمل، فلو تحمل

(1) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب الشهادات ح 2 ج 18 ص 281.
(2) السرائر: ج 2 ص 122:
(3) المختلف: ج 2 ص 720.
(4) المختلف: ج 2 ص 720.
(5) الكافي في الفقه: ص 433.
(6) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب الشهادات ج 18 ص 253.
(7) الخلاف: ج 3 ص 342 مسألة 45.
(8) النساء: 135.
(9) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب الشهادات ح 3 ج 18 ص 249.
(10) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 229.
(11) الإنتصار: ص 245.
132

ناقصا، ثم كمل حين الأداء سمعت.
ولو طرأ الفسق أو الكفر أو العداوة بعد الأداء قبل الحكم لم يحكم به على
الأقوى، وقال الشيخ (1) وابن إدريس (2) يحكم، لصدق العدالة حال الشهادة،
وللفاضل (3) القولان وقيل: إن كان حقا الله لم يحكم وإلا حكم، ولو اشتمل
على الحقين، كالقصاص والقذف غلب حق الآدمي، وفي السرقة يحكم بالمال
خاصة.
ولو تجدد بعد الحكم وقبل الاستيفاء، استمر في غير حق الله، لبنائه على
التخفيف، ولو كان بعد الاستيفاء، فلا نقض مطلقا. ولو ثبت مانع سابق على
الحكم نقض مطلقا، فإن كان قتلا أو جرحا فالدية في بيت المال، ولو باشره
الولي. على الأصح إذا كان بحكم الحاكم، إلا أن يعترف ببطلان الدعوى، وإن
كان مالا استعيد، فإن تلف فبدله من المحكوم له، فإن أعسر ضمنه الحاكم عند
الشيخ (4)، ثم يرجع عليه. ولو مات الشهداء بعد الإقامة حكم وإن عدلوا بعد
الموت.
وتقبل شهادة الأعمى فيما لا يفتقر إلى الرؤية، ولو تحمل الشهادة مبصرا،
ثم كف جازت إقامتها إن كانت مما لا يفتقر إلى البصر، وإلا اشترط معرفته
بالمشهود عليه قطعا باسمه ونسبه، أو يعرفه عنده عدلان، أو يكون مقبوضا بيده.
وكذا في تحمله الشهادة على ما يحتاج إلى البصر يفتقر إلى أحد الثلاثة.
ويصح كونه مترجما عند الحاكم، والأصم مسموع في المبصرات.
وفي رواية جميل (5) عن الصادق عليه السلام لو شهد بالقتل أخذ بأول قوله،

(1) الخلاف: ج 3 ص 350 مسألة 73.
(2) السرائر: ج 2 ص 146.
(3) القول الأول في المختلف: ج 2 ص 728 والقول الثاني في القواعد: ج 2 ص 247.
(4) المبسوط: ج 8 ص 250.
(5) وسائل الشيعة: باب 42 من أبواب الشهادات ح 3 ج 18 ص 295.
133

لا بثانيه، وعليها الشيخ (1) وأتباعه، ولم يقيدوا بالقتل، والأكثر على إطلاق قبول
شهادته وهو الأصح، وفي طريق الرواية سهل بن زياد، وهو مجروح.
والأخرس إذا فهمت إشارته بمترجمين عدلين قبلت شهادته، وليس
المترجمان فرعين عليه. ولا تكفي الإشارة في شهادة الناطق، ومن شهد بمعرفين
فهو الأصل.
والضابط في تحمل الشهادة، العلم بالسماع، أو الرؤية، أو بهما معا، فيكفي
الاستفاضة في تسعة: النسب والملك المطلق والوقف والنكاح والموت والولاية
والولاء والعتق والرق، والمراد بها أخبار جماعة يتاخم قولهم العلم، وقيل:
يحصله، وقيل: يكفي الشاهدان بناء على اعتبار الظن.
ولو شهد بالملك المطلق وأسنده إلى سبب يثبت بالاستفاضة، كالإرث قبل، ولو
كان لا يثبت بها، كالبيع والغنيمة، قبل في أصل الملك لا في السبب.
وتظهر الفائدة في ترجيحه على مدع آخر، ومتى اجتمع في ملك استفاضة
ويد، وتصرف بلا منازع، فهو منتهى الإمكان فللشاهد القطع بالملك. وكذا
كل واحد من الثلاثة على الأقوى، واليد أقوى من الاستفاضة مع (2) المعارضة.
ولا تجوز الإقامة إلا مع الذكر، ولا عبرة بالخط وإن أمن التزوير عند
الحليين (3)، وقال الأكثر: إذا كان المدعي ثقة وشهد آخر ثقة أقامها، لرواية
عمر بن يزيد (4) عن الصادق عليه السلام.
ويجب إقامة الشهادة عند دعاء المدعي، وإن لم يكن استدعاه، وقال ابن
الجنيد (5)، والشيخ (6)، والحلبي (7)، لا تجب إلا مع الاستدعاء، إلا لمن يخاف

(1) النهاية: ص 327.
(2) في " ق ": عند.
(3) قواعد الأحكام: ج 2 ص 241، السرائر: ج 2 ص 131.
(4) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 234.
(5) المختلف: ج 2 ص 725.
(6) النهاية: 330.
(7) الكافي في الفقه: ص 436.
134

بطلان الحق.
ولو كان
صاحب الحق لا يعلم بشهادتهما، وجب عليهما تعريفه، إن خافا
بطلان الحق بدون شهادتهما وكانا عدلين، ولو كان أحدهما عدلا وجب عليه.
وفي وجوب التعريف على الفاسق تردد، أقربه الوجوب، لتوقع العدالة بالتوبة.
ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي رد شهادته عند الإقامة.
وليست الشهادة شرطا في النكاح، ولا في غيره من العقود. نعم يستحب،
وخصوصا في النكاح والرجعة والبيع، وهي شرط في وقوع الطلاق. قيل: وفي
التبري من ضمان الجريرة، وفي رجوع المالك بالأجرة، لو هرب عامل المساقاة،
واستأجر عليه، ونوى الرجوع ولم يثبتا.
ولا بد عند الإقامة من إتيان الشاهد بلفظ الشهادة، فيقول أشهد بكذا، أو
أنا شاهد الآن بكذا، أو شهدت عليه. ولو قال أعلم أو أتيقن أو أخبر عن علم
أو أحق لم تسمع، قاله بعض الأصحاب.
ويجوز أن يشهد على مبيع بصفات توافق عليها المتعاقدان، وإن لم يعرفه
الشاهد، فيشهد بما سمع منهما.
[148]
درس
لا بد من موافقة الشهادة للدعوى، وتوافق الشاهدين معنى لا لفظا، فلو قال
أحدهما غصب وقال الآخر انتزع قهرا أو ظلما قبل، بخلاف ما لو قال أحدهما
باع وقال الآخر أقر بالبيع.
وكذا لو كانت الشهادة على عقد، واختلفا في زمانه أو مكانه أو صفته
بطلت، وحيث لا تكاذب بين الشاهدين له الحلف مع أحدهما. قيل: وكذا لو
تكاذبا، لأن التعارض إنما يكون بين البينتين الكاملتين.
ولو شهد أحدهما أنه أقر بألف، والآخر بألفين، ثبت الألف بهما والآخر باليمين.
135

ولو شهد أحدهما أنه أقر بالعربية، والآخر بالعجمية، قبل مع اختلاف
الزمان، ومع اتحاده بحيث لا يمكن الاجتماع ترد الشهادة، للتكاذب.
قيل: ولو شهد على مقر بألف، فطلب المقر له أن يشهد له ببعضها جاز،
لاستلزام الكل جزءه.
ولو قال المدعي لا بينة لي ثم أحضرها سمعت، فلعله تذكر أو كان لا يعلم.
وأولى منه لو قال لا أعلم، ثم أحضرها.
وتنقسم الحقوق بالنسبة إلى الشهود أقساما:
أحدها: ما لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال، وهو اللواط والسحق.
وثانيها: ما لا يثبت إلا بأربعة أو ثلاثة وامرأتين، وهو الزنا الموجب للرجم،
فإن شهد رجلان وأربع نساء ثبت الجلد لا الرجم، فإن شهد رجل وست نساء،
أو انفردت النساء فلا ثبوت، وفي الخلاف (1) يثبت الجلد برجل وست نساء،
وظاهر ابن الجنيد (2) مساواة اللواط والسحق للزنا في شهادة النساء، ومنع
بعض الأصحاب من قبول رجلين وأربع نساء في الجلد، واختاره الفاضل (3)،
وظاهر رواية الحلبي (4) ثبوته.
وأما الإقرار بالزنا ففي اشتراط شهود أصله، أو الاكتفاء بشاهدين وجهان،
والفائدة لا في الحد بل في نشر الحرمة، وفي سقوط حد القذف عن القاذف لو
أقام شاهدين بإقرار المقذوف بالزنا، وقوى في المبسوط (5) الشاهدين.
وثالثها: ما لا يثبت إلا برجلين، وهو إتيان البهيمة والسرقة وشرب الخمر

(1) الخلاف: ج 3 ص 325 مسألة 2.
(2) المختلف: ج 2 ص 715.
(3) المختلف: ج 2 ص 715.
(4) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب حد الزنا ح 1 ج 18 ص 401.
(5) المبسوط: ج 8 ص 172.
136

والردة والقذف والطلاق والرجعة والعدة والخلع - على قول - (1) والوكالة
والوصاية والنسب والهلال والجناية الموجبة للقود - على قول - (2) والعتق والولاء
والتدبير والكتابة.
وقوى في المبسوط (3) ثبوت العتق بشاهد وامرأتين، وفي الخلاف (4) نفاه.
والنكاح عند المفيد (5) وسلار (6) وابن إدريس (7) واحد قولي الشيخ (8)، وأثبته
الصدوقان (9) وجماعة برجل وامرأتين، لرواية محمد بن الفضل (10) عن الرضا
عليه السلام وغيرها (11)، وبأزائها رواية السكوني (12) عن علي عليه السلام،
والثبوت قوي. والبلوغ، والجرح، والتعديل، والعفو عن القصاص. وضبط
الأصحاب ذلك فكل ما كان من حقوق الآدميين ليس مالا، ولا المقصود
به (13) المال.
ورابعها: ما يثبت برجلين، أو رجل وامرأتين، أو رجل ويمين، أو امرأتين
ويمين، وهو ما كان مالا أو الغرض منه المال، كقتل الخطأ وجرح العمد

(1) هذه الجملة غير موجودة في " م " و " ق ".
(2) هذه الجملة غير موجودة في الأصل و " ق ".
(3) المبسوط: ج 8 ص 172.
(4) الخلاف: ج 3 ص 326 مسألة 4.
(5) المقنعة: ص 727.
(6) المراسم: ص 233.
(7) السرائر: ج 2 ص 115.
(8) الخلاف: ج 3 ص 326 مسألة 4.
(9) المختلف: ج 2 ص 712، الجوامع الفقهية، كتاب المقنع: ص 33.
(10) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الشهادات ح 7 ج 18 ص 258.
(11) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الشهادات ح 4 ج 18 ص 258.
(12) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الشهادات ح 42 ج 18 ص 258.
(13) في " م " و " ز ".
137

المشتمل على التعزير، كالهاشمة والمنقلة، أو ما لا قود فيه، كقتل الوالد ولده،
والمسلم الكافر، والحر العبد.
ومشاركة العامد الخاطي على قول الشيخ في الخلاف (1) بانتفاء (2) القود
عنهما، بخلاف شريك الأب في قتل الولد، وعقود المعاوضات، كالبيع
والإجارة والفسوخ والديون والقراض والغصب وحقوق الأموال، كالخيار
والأجل والشفعة والوصية له، وقبض نجوم المكاتب، حتى الأخير على قول قوي
للشيخ (3) حيث أطلق، والوقف على الأقرب إذا كان خاصا. وفي النهاية (4)،
والمقنعة (5)، والرسالة (6)، لم يذكر سوى الدين في الثبوت بالشاهد واليمين، وابن
إدريس (7) منع من قبول امرأتين ويمين في ذلك.
ولو اشتمل الحق على حق الله تعالى كالسرقة ثبت بذلك المال دون القطع.
قيل: ولو شهد رجل وامرأتان بالنكاح ثبت المهر دون العقد وفيه بعد، للتنافي،
بخلاف السرقة.
وخامسها: ما يثبت بشهادة الرجال والنساء منفردات ومنضمات، وهو
ما يعسر اطلاع الرجال عليه غالبا، كالولادة والاستهلال، وعيوب النساء
الباطنة، والرضاع على الأقوى، ومنع ابن البراج (8) من قبول شهادة الرجال فيما
لا يجوز لهم النظر إليه، وهو ضعيف.

(1) الخلاف: ج 3 ص 104 مسألة 51.
(2) في " ق " و " ز ": بإسقاط.
(3) المبسوط: ج 8 ص 172.
(4) النهاية: ص 334.
(5) المقنعة: ص 727.
(6) لا توجد رسالته عندنا.
(7) السرائر: ج 2 ص 116.
(8) المهذب: ج 2 ص 559.
138

وسادسها: ما يثبت بشهادة رجل واحد، وهو هلال شهر رمضان عند
سلار (1)، وفي الإفطار عند تمام الثلاثين على هذا القول نظر، أقربه ذلك، لأنه
قد يثبت ضمنا ما لا يثبت صريحا، كالنسب والولادة.
وسابعها: ما يثبت بشهادة امرأة واحدة، وهو الوصية بالمال والاستهلال
فيثبت ربع الوصية وربع الميراث، وبالمرأتين النصف، وبثلث ثلاثة الأرباع
وبأربع الجميع، كل ذلك بغير يمين. ولو حلف مع المرأتين ثبت الجميع، وظاهر
ابن البراج (2) اشتراط تعذر الرجال، وتبعه ابن إدريس (3).
ولا يجوز للمرأة تضعيف المال، ليصير (4) ما أوصى به الربع، فلو فعلت قبل
ظاهرا. وفي استباحة المشهود له ذلك مع علمه بالحال نظرا، أقربه ذلك إن علم
بالوصية.
ولو شهد عدل واحد ففي إلحاقه بالمرأة، أو بالمرأتين، أو سقوط شهادته، أو
التفصيل بعلم الموصى له بالوصية فيحلف معه، وإن لم يعلم الحق بالمرأة أوجه،
وأشكل منه الخنثى.
وثامنها: ما قاله المفيد (5) رحمه الله: من قبول شهادة امرأتين مسلمتين
مستورتين فيما لا يطلع عليه الرجال، كعيوب النساء، والعذرة، والحيض،
والنفاس، والولادة، والاستهلال، والرضاع، ولو لم يوجد إلا امرأة مأمونة قبلت.
ونحوه قول سلار (6).

(1) المراسم: 233.
(2) المهذب: ج 2 ص 559.
(3) السرائر: ج 2 ص 138.
(4) في باقي النسخ: فيصير.
(5) المقنعة: ص 727.
(6) المراسم: ص 233.
139

تنبيهات:
ذهب الحسن (1)، وابن الجنيد (2) إلى قبول شهادة النساء مع الرجل في
الطلاق، وهو نادر، مع أن في المبسوط (3) ذلك، وفيه: قبول شهادتهن منضمات
في قتل يوجب القود.
وفي النهاية (4) يجب بشهادتهن الدية لا القود، واختاره جماعة والفاضل (5)،
جمعا بين الأخبار (6)، وبالغ الحلبي (7) فأثبت بشهادة المرأة الواحدة ربع دية
النفس، وبالمرأتين النصف، لئلا يطل الدم.
ومنع في الخلاف (8) وموضع من المبسوط (9) من قبول امرأتين ورجل في
الوديعة، وحمله الفاضل (10) على دعوى الودعي لا المالك. ويشكل بأن الودعي
ينفي عنه الضمان، وهو مال.
[149]
درس
في الشهادة على الشهادة
وإنما تجوز مرة فلا تسمع شهادة الفرع على شهادته، ومحلها حقوق الناس،

(1) المختلف: ج 2 ص 714.
(2) المختلف: ج 2 ص 714.
(3) المبسوط: ج 8 ص 172.
(4) النهاية: ص 333.
(5) المختلف: ج 2 ص 714.
(6) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الشهادات ح 1، 32، 42 ج 18 ص 258.
(7) الكافي في الفقه: ص 439.
(8) الخلاف: ج 3 ص 326 مسألة 4.
(9) المبسوط: ج 8 ص 236.
(10) المختلف: ج 2 ص 716.
140

حتى القصاص والعتق والطلاق، لا حقوق الله تعالى كالحدود. وفي حد السرقة
والقذف خلاف، من مراعاة الحقين.
ولو أقر بالزنا أو اللواط أو إتيان البهائم يثبت بشاهدين، على ما مر، وتسمع
الشهادة عليهما في نشر الحرمة، وتحريم البهيمة أو بيعها، لا في الحد والتعزير.
ويجب على كل شاهد شاهدان، ليثبت شهادته بهما.
وتكفي شهادة الاثنين على كل من الشاهدين، بل يجوز أن يكون الأصل
فرعا لآخر، بناء على أن شهادة الأصل تثبت بشهادة الفرع.
ولو قلنا يقومون مقام الأصل في إثبات الحق، اشترط مغايرة الشهود، وهذا
ضعفه الشيخ (1)، وفيما يقبل فيه شهادة النساء على كل امرأة أربع. وقيل: لا
يكون النساء فرعا، وهو ضعيف.
وإنما يقبل شهادة الفرع عند تعذر الأصل بموت أو غيبة أو خوف أو مرض
وشبهه. ويكفي في ذلك مشقة الحضور، ونقل في الخلاف (2) قبول شهادة الفرع
مع إمكان حضور الأصل، وجنح إليه، وفي رواية محمد بن مسلم (3) تلويح
ضعيف إليه. ولو حضر الأصل بعد الحكم فلا أثر، وإلا سقط الفرع وافق أو
خالف.
ولو قال الأصل لم أشهده، قال جماعة: يعمل بالأعدل، فإن استويا طرحت
شهادة الفرع، وابن الجنيد (4) قال: لو شهد عليه اثنان لم يلتفت إلى جحوده،
وفيه إشارة إلى أن تعذر الحضور غير معتبر، وقال المتأخرون: لا حكم للفرع هنا
وافق أو خالف، وبالأول صحيح عبد الرحمن (5) عن الصادق عليه السلام.

(1) المبسوط: ج 8 ص 236.
(2) الخلاف: ج 3 ص 347 مسألة 65.
(3) وسائل الشيعة: باب 44 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 297.
(4) المختلف: ج 2 ص 723.
(5) وسائل الشيعة: باب 46 من أبواب الشهادات ح 1 ج 18 ص 299.
141

ولا بد من العدالة في الأصل والفرع، فإن عدله الفرع، وإلا بحث عنه (1)
الحاكم، ولو طرأ فسق الأصل بعد الاسترعاء قبل الحكم اطرحت. وكذا لو
استرقه المشهود عليه، ولا يمنع طريان العمى.
ولا بد من تعيين شاهدي الأصل، فلا يكفي أشهدنا عدلان وليس عليه أن
يشهد على صدق شاهد الأصل.
ثم مراتب التحمل ثلاث:
الأول: الاسترعاء، وهو قوله أشهد على شهادتي أني أشهد لفلان على فلان
بكذا وهو أعلاها.
الثاني: أن يسمع شهادته عند الحاكم.
الثالث: أن يسمعه يقول، لا عند الحاكم، أشهد أن لفلان على فلان كذا
بسبب كذا.
ولا ريب في جواز الشهادة في المرتبتين الأولتين، غير أنه يقول في الأولى
أشهدني، وفي الثانية سمعته يشهد عند الحاكم، وفي الثالثة احتمال أقربه
الجواز، لأن العدل لا يتسامح إلى مثل هذه الغاية. أما لو لم يذكر السبب فلا شهادة،
لاعتياد التسامح بمثله.
ويلحق بالمرتبة الثانية، قوله عندي شهادة مبتوتة أو مجزومة، بأن على فلان
لفلان كذا. وكذا لو قال شهادة لا أرتاب فيها أو لا أشك.
ويلحق بالأول أن يسمعه يسترعي شاهدا آخر، إلا أنه لا يقول أشهدني،
بل أشهد فلانا بحضرتي.

(1) في باقي النسخ: عنه غير موجودة.
142

[150]
درس
في الرجوع
إذا رجع الشاهدان قبل الحكم لم يحكم، وإن رجعا بعد الحكم بالمال غرما
للمشهود عليه، وإن كانت العين قائمة أو لم يستوف المال على الأصح، وفي
النهاية (1) تستعاد العين القائمة، وفي الوسيلة (2) كذلك، وأنه لو كان قبل
استيفاء الحق نقض الحكم.
ولا ريب في أن الرجوع فيما يوجب الحد قبل استيفائه يبطل الحد، سواء
كان لله أو للإنسان، لقيام الشبهة الدارئة.
ولو اصطلح الغريمان بعد الحكم على قدر، ثم رجعا غرما أقل الأمرين، ولو
أبرأه فلا رجوع، ولو رجع أحدهما أغرم نصيبه.
ولو زادوا على اثنين، فالمغروم موزع على الجميع على الأصح.
ولو كان رجل وعشر نسوة فعليه السدس - وقيل: النصف - وعلى كل
واحدة نصف السدس.
ولو قال شهود القتل تعمدنا الكذب، اقتص منهم ومن بعضهم، ورد عليه
ما زاد عن جنايته. ولو (3) قالوا أخطأنا، فالدية. ولو تفرقوا في العمد والخطأ، فعلى
كل واحد لازم قوله.
ولو تأول المتعمد بظن أنه لا يقبل قوله، قيل: يقتص منه، كما يقتص ممن
قتل مريضا بضرب لا يقتل مثله، لظنه صحته.
ولو رجع أحد الأربعة في الزنا اختص بالحكم، وفي النهاية (4) إن قال

(1) النهاية: ص 336.
(2) الوسيلة: ص 234.
(3) في باقي النسخ: وإن.
(4) النهاية: ص 335.
143

تعمدت قتل ورد الباقون عليه، ثلاثة أرباع ديته، وإن قال أوهمت فعليه ربع
الدية، ويظهر ذلك من كلام ابن الجنيد (1)، وقصر الحليون (2) الحكم على المقر.
ولو رجعا عن الطلاق قبل الدخول، أغرما النصف الذي غرمه، لأنه كان
معرضا للسقوط بردتها، أو الفسخ لعيب، وبعد الدخول لا ضمان، إلا أن نقول
بضمان منفعة البضع فيضمنان مهر المثل، وأبطل في الخلاف (3) ضمان البضع،
وإلا يحجر على المريض في الطلاق، إلا أن يخرج البضع من ثلث ماله، وفي
النهاية (4) لو رجعا عن الطلاق بعد تزويجها ردت إلى الأول وضمنا المهر للثاني،
وحمل على تزويجها لا بحكم الحاكم.
ولو رجعا عن الشهادة للزوج بالنكاح وقد دخل، غرما لها الزائد عن
المسمى من مهر المثل إن كان، ولو طلق قبل الدخول فلا غرم.
ولو كان الشهادة للزوجة ورجعا غرما للزوج ما قبضته إن لم يدخل، وإلا
فالزائد عن مهر المثل من المسمى إن كان.
ولو رجعا عن الشهادة بالمكاتبة، فإن رد في الرق فلا شئ إن كان قد
استوفى منافعه، وإلا احتمل ضمان أجرتهما، وإن عتق بالمكاتبة ضمنا القيمة،
لأن ما قبضه كسبه، فلا يحسب عليه.
ولو أراد السيد تعجيل غرمهما لزمهما نقص قيمة المكاتب عن القن. وكذا لو
رجعا عن الشهادة بالاستيلاد. ولو رجعا عن الشهادة بالعتق غرما القيمة.

(1) المختلف: ج 2 ص 726.
(2) ابن إدريس في السرائر: ج 2 ص 144 والمحقق في الشرائع: ج 4 ص 143 والعلامة في المختلف: ج 2
ص 726 وفخر المحققين في الإيضاح: ج 4 ص 453 وابن سعيد في الجامع للشرائع: ص 545
والفاضل المقداد في التنقيح الرائع: ج 4 ص 324.
(3) الخلاف: ج 3 ص 351.
(4) النهاية: ص 336.
144

ولو كان عن التدبير، فالظاهر عدم الرجوع، لقدرته على نقصه، إلا أن
يكون منذورا وقلنا بعدم جواز الرجوع.
ولو رجعا بعد موته أغرما للورثة، ويحتمل التغريم للوارث.
وإن رجعا في حياة المورث إذ لا يجب عليه إنشاء الرجوع لنفع الوارث،
فنفوذ عتقه مسبب عن الشهادة. ولا فرق بين العمد والخطأ في ذلك كله سوى
الدم. نعم يعزر المعترف بالعمد دون المخطئ.
ولو ثبت التزوير نقض الحكم، وعزروا وشهروا وغرموا ما فات بشهادتهم.
وإنما يثبت التزوير بقاطع، كعلم الحاكم لا بشهادة غيرهما. لأنه تعارض، ولا
بإقرارهما، لأنه رجوع.
145

كتاب النذر والعهد
147

كتاب النذر والعهد
أما النذر: فهو التزام الكامل، المسلم، المختار، القاصد، غير المحجور عليه
بفعل أو ترك بقوله لله ناويا القربة.
ويستحب الوفاء بنذر الكافر إذا أسلم، وبما لم يقرن بقوله لله أو غيره من
الأسماء الخاصة، وقال ابن حمزة (1): إن قال علي كذا إن كان كذا وجب
الوفاء ولا كفارة، وإن قال علي كذا استحب الوفاء، ففرق بين المشروط
وغيره، وفيه بعد.
وللزوج حل نذر الزوجة فيما عدا فعل الواجب أو ترك المحرم، حتى في الجزاء
عليهما. وكذا السيد لعبده، والوالد لولده على الظاهر. ولو زال الحجر قبل الحل
لزم في الأقوى. وينقسم إلى معلق على شرط، ومتبرع به.
والشرط يعتبر كونه سائغا، فلو شرط الظفر بالمعصية أو الزجر عن الطاعة
لغا، وكذا لو كان شكرا اعتبر كونه صالحا، لتعلق الشكر كالعافية، وحفظ
القرآن، لا كالمعصية. والجزاء يعتبر كونه طاعة مطلقا.
وفي وقوع المتبرع به خلاف، فمنعه المرتضى (2)، والأكثر على الوقوع. وكذا في

(1) الوسيلة: ص 350.
(2) الإنتصار: ص 163.
149

اعتبار اللفظ فيه، فاعتبره ابن إدريس (1) خلافا للشيخين (2).
وهل يشترط نية القربة للصيغة، أو يكفي التقرب في الصيغة؟ الأقرب الثاني.
ولا بد من كون متعلقه مقدورا، فلو نذر الممتنع عقلا أو عادة، كالجمع بين
الضدين، والصعود إلى السماء فلغو. ولو تجدد العجز انفسخ، فإن عادت القدرة عاد.
قيل: ويكفر لو عجز بعد وقته والتمكن من فعله، وهو حق إن كان مضيقا،
أو غلب على ظنه العجز بعده، وإلا فلا كفارة.
ولو نذر الحج لعامه فصد أو أحصر سقط، ولا قضاء. ولو تركه فمات قبل
مضي الزمان فكذلك، وكذا لو مرض أو منعه عدو على إشكال، من توهم
ارتفاع العذر لو سافر، ومن امتناع وقوع خلاف معلوم الله تعالى، وفيه بحث كلامي.
وفي تعلق النذر بالمباح شرطا أو جزاء نظر، أقربه متابعة الأولى في الدين أو
الدنيا، ومع التساوي جانب النذر، لرواية الحسن بن علي (3) عن أبي الحسن
عليه السلام في جارية حلف منها بيمين فقال لله علي أن لا أبيعها فقال: أوف
لله بنذرك. وفيه دقيقة.
ولو نذر صلاة مشروعة وجبت، وإن كانت فريضة تأكدت وتعرض
للكفارة، وفي المبسوط (4) والسرائر (5) لا ينعقد نذر صيام أول رمضان، وإن نذر

(1) السرائر: ج 3 ص 64.
(2) النهاية: ص 562 المقنعة: ص 563.
(3) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب كتاب النذر والعهد ح 11 ج 16 ص 201.
(4) لم نعثر عليه في المبسوط ولكن حكاه العلامة في المختلف وولده في الإيضاح عن المبسوط، راجع
مختلف الشيعة: ج 2 ص 663 س 12 وإيضاح الفوائد: ج 4 ص 51.
ومن القريب جدا أنه قد كان جزء من كتاب النذر من المبسوط في أيدي العلامة وولده الشهيدين
ولكن لم يصل إلينا ولا يوجد في المبسوط المطبوع، والشاهد عليه ما سيمر عليك من التعليقات
الآتية.
(5) السرائر: ج 3 ص 68.
150

هيئة غير مشروعة، كركوعين في ركعة وسجدة واحدة بطل رأسا.
ولو نذر هيئة في غير وقتها، كالكسوف والعيد فوجهان. ولو أطلق عددا لزمه
التثنية، لأنه غالب النوافل. وقيل: يجوز محاذاة الفرائض فيصلي ثلاثا أو أربعا بتسليمة.
ولو نذر صلاة وأطلق، قيل: تجزي الركعة، للتعبد بها، والأقرب الركعتان،
للنهي (1) عن البتيراء، وفي إجزاء الثلاث أو الأربع الوجهان.
ولا يجزي الخمس فصاعدا بتسليمة، إلا أن يقيده في نذره على تردد. ولو
قيده بركعة واحدة فالأقرب الانعقاد، والنهي عن التنفل بها، وقد يلزم منه
إجزاء الواحدة عند إطلاق نذر الصلاة.
ولا تجزي الفريضة عند إطلاق الصلاة على الأقوى، لأن التأسيس أولى من التأكيد.
ولو نذر سجودا انعقد، بخلاف الركوع. ولو نذر الوضوء أو الغسل المندوب،
أو التيمم انعقد، لكن يراعى في التيمم الشرعية الغالبة.
ولو عين وقتا فاتفق كونه متطهرا لم يجب الحدث. ولو نذر الطهارة حمل على
الحقيقة، وهي المائية.
وفي وجوب التيمم عند تعذرها نظر، أقربه الوجوب. ولو قلنا الطهارة مقولة
بالتواطئ تخير في الثلاثة، وإن كانت بالتشكيك احتمل حملها على الأقل
والأعلى والتخيير.
ولو نذر العبادة في وقت بعينه تعين، ولو فعله في غيره لم يجز، وكفر إن
تشخص. ولو نذرها في مكان معين فكذلك، فلو فعله في الأفضل فالأقرب
الإجزاء، لما روي (2) أن أمير المؤمنين عليه السلام أمر من نذر إتيان بيت المقدس
بمسجد الكوفة.

(1) النهاية لابن الأثير: ج 1 ص 93 مادة بتر.
(2) وسائل الشيعة: باب 45 من أبواب أحكام المساجد ح 1 ج 4 ص 529.
151

ولو نذر إتيان مسجد معين لزم، ولا يلزمه فيه عبادة أخرى، وفي المبسوط (1)
يلزمه ركعتان فيه، لأن القصد بإتيانه الصلاة. ولو قال إلى بيت الله أو مسجد
الله فالأقرب العتيق، وفي الخلاف (2) لا يلزمه إلا أن ينويه.
ولا إشكال لو قيده بمكة أو بالحرام، ويجب النسك حيث لا يجوز الدخول
بغير إحرام، فإن قيد نذره بعدم النسك حينئذ بطل رأسا.
ولو نذر المشي إلى المسجد وجب. ولو نذر المشي واشتمل على رجحان ديني
أو دنيوي انعقد، وإن تساوى الأمران التحق بالمباح.
ولو نذر الهدي مطلقا فالنعم مكة، ولو نوى منى لزم، ويلزم تفرقه اللحم
بهما على الأقوى، وفي صحيح محمد (3) عن الباقر عليه السلام عند الإطلاق منى
وتفرقه بها.
ولو نوى غيرهما وقصد الصدقة أو الإهداء للمؤمنين صح، وإن قصد
الإهداء للبقعة بطل، وإن قصد مجرد الذبح فيها فهو من المباح، وأطلق في
المبسوط (4) بطلان النذر، وفي الخلاف (5) الصحة وأوجب التفرقة بها، وفي رواية
محمد السالفة إذا سمى مكانا فلينحر فيه، ويجب ما يسمى هديا، وفي
المبسوط (6) يجزي ولو بيضة، للخبر (7)، ثم تردد.

(1) لم نعثر في المبسوط، ولكن حكاه العلامة في المختلف وولده في الإيضاح عن المبسوط، راجع
مختلف الشيعة: ج 2 ص 661 س 34، وإيضاح الفوائد: ج 4 ص 54.
(2) الخلاف: ج 3 ص 304 مسألة 4.
(3) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب كتاب النذر والعهد ح 1 ج 16 ص 194.
(4) لم نعثر عليه في المبسوط ولكن حكاه العلامة في المختلف في المبسوط، راجع مختلف الشيعة: ج 2
ص 662 س 1.
(5) الخلاف: ج 3 ص 304 مسألة 7.
(6) لم نعثر عليه في المبسوط ولكن حكاه العلامة في المختلف وولده في الإيضاح عن المبسوط، راجع
مختلف الشيعة: ج 2 ص 662 س 30، وإيضاح الفوائد: ج 4 ص 73.
(7) صحيح مسلم: ج 2 ص 587.
152

ولو نذر أن يهدي عبدا أو أمة أو دابة إلى بيت الله، أو مشهد معين، بيع
وصرف في مصالحه ومعونة الحاج والزائرين، لظاهر صحيحة علي بن جعفر
عليه السلام (1)، والبدنة الأنثى من الإبل، ولا تجزي البقرة إلا مع العجز، ولو
عجز عن البقرة، فسبع شياه.
ولو نذر إهداء ظبي إلى بيت الله بطل. ولو نذر تبليغه الحرم انعقد.
ويصح نذر ستر الكعبة وتطيبها. وكذا المساجد والمشاهد. وفي قبور
الصالحين نظر، أقربه اللزوم، وكذا إسراجها.
[151]
درس
لو نذر زيارة النبي صلى الله عليه وآله انعقد، لأنها من أمهات الطاعات،
سواء قصد زيارة المسجد أو لا، وكذا زيارة أحد الأئمة عليهم السلام، أو قبور
أحد الصالحين.
ولو نذر زيارة الأئمة الاثني عشر، فالأقرب انصرافه إلى قصدهم في
أماكنهم، أما الحجة ففي كل مكان. ولو عين إماما لم يجزئ غيره ولو عجز عنه.
ولو قيده بوقت وجب مع الإمكان فإن أخل به عامدا قضى وكفر، وإلا
فالقضاء، وإن أطلق فهو موسع.
ويكفي في الزيارة الحضور في المقام (2)، والأقرب وجوب السلام، لأنه
المتعارف من الزيارة، ولا يجب الدعاء ولا الصلاة، وإن استحبا.
ولو نذر الصدقة تعين مقدارا وجنسا ومحلا ومكانا وزمانا، ولا تجزي القيمة
في المتعين. ولا يملك المنذور له الإبراء. وفي وجوب قبوله نظر، ينشأ من توهم

(1) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 352.
(2) في " ق ": المشهد.
153

أنه كالدين أو الهبة فحينئذ تصح الهبة ويتخير (1)، فإن قلنا بعدمه سقط عن
الناذر. ولو أطلق قدرا في الذمة صح، ولا يجزي غيره.
وفي إجزاء احتساب الدين هنا على المستحق نظر، أقربه الإجزاء، ولو أبرأه
المستحق هنا، أو وهبه المعين قبل قبضه، أو اعتاض عنه أمكن الصحة، إن
كان صيغة نذره أن لفلان علي كذا أو عندي أو له الدابة المعينة، وجوزناه.
وإن نذر الصدقة عليه أو الإهداء إليه أو الإيصال، لم يجز الإبراء والهبة ولا
الاعتياض، وعليه يتفرع وفاة المنذور له. نعم له مطالبته به على التقادير.
ولو اختلفا في الدفع حلف المنكر، ويجوز التوكيل في دفعه وقبضه.
ولو عين شاة فنمت، تفرع النماء على التمليك أو التصدق، فيملكه المنذور له
إن قلنا بالملك القهري. وإن قال إن أتصدق به، ففي ملكه هنا تردد، من إجراء
تأخذ (2) الأسباب مجرى وقوع المسبب أم لا.
ولو جعل المال صدقة بالنذر، ففي خروجه عن ملكه تردد، من إجرائه مجرى
الوقف العام أم لا، وقطع الفاضل (3) بالخروج.
ولو أطلق الصدقة أجزاه مسماها. ولا تجزي الكلمة الطيبة، ولا تعليم العلم
وتسميتهما صدقة مجاز. نعم يجزي إبراء الغريم.
وفي جوازها على الغني أو الهاشمي إشكال، ولا إشكال مع التعيين.
ولو نذر الصدقة بما يملك لزم، إلا مع الضرورة فيبطل في قدرها، فإن أمكن
التقويم والتصرف في المال ثم تدريج الصدقة وجب، والأقرب عدم وجوب
الصدقة بما لا يضر به هنا.
وسبيل الله وسبيل الخير وسبيل الثواب كل قربة، كصدقة أو معونة حاج أو

(1) جملة (فحينئذ تصح الهبة ويتخير) غير موجود في " م " و " ق ".
(2) في " ق ": تأخر.
(3) التحرير: ج 2 ص 108.
154

زائر أو غاز أو طالب علم أو عمارة مسجد أو مدرسة أو رباط.
ولو نذر صرف زكاة أو خمس على معين لزم، إذا لم يناف التعجيل المأمور
به، ولو نافى الأفضلية، كالبسط أو إعطاء الرحم أو الأفقه الأعدل، ففيه نظر،
أقربه مراعاة النذر. فلو خرج المعين عن الاستحقاق بطل، فلو عاد إلى
الاستحقاق فالأقرب عود النذر، ما لم يكن قد أخرجه.
ولو نذر الصدقة من ماله بشئ كثير فثمانون درهما، لرواية أبي بكر
الحضرمي (1) عن أبي الحسن عليه السلام. ولو قال بمال كثير، ففي قضية الهادي
عليه السلام (2) مع المتوكل ثمانون، وردها ابن إدريس (3) إلى المتعامل به درهما
أو دينارا، وقال الفاضل (4): المال المطلق ثمانون درهما، والمقيد بنوع ثمانون من
ذلك النوع.
ولو نذر قربة أجزأه مسماها من صلاة ركعتين أو صوم يوم أو الصدقة
برغيف، لرواية مسمع (5) عن الصادق عليه السلام.
ولو نذر صوم يوم قدومه بطل عند الشيخ (6)، سواء قدم ليلا بالإجماع أو
نهارا، لعدم الإمكان، وابن الجنيد (7) إن قدم نهارا ولم يتناول. صامه واحتاط
بقضائه، والأقرب مراعاة إمكان النية، ولا قضاء. ولو علم قدومه وبيت أجزأ
أيضا قاله في المبسوط (8).

(1) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب كتاب النذر والعهد ح 1 ج 16 ص 186 ورواه الحضرمي عن أبي
عبد الله عليه السلام.
(2) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب كتاب النذر والعهد ح 4 ج 16 ص 186.
(3) السرائر: ج 3 ص 61.
(4) المختلف: ج 2 ص 659.
(5) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب كتاب النذر والعهد ح 3 ج 16 ص 184.
(6) الخلاف: ج 3 ص 306 مسألة 13.
(7) المختلف: ج 2 ص 661.
(8) لم نعثر عليه في كتاب النذر وذكر في كتاب الصوم ما يلوح منه ذلك راجع المبسوط: ج 1 ص 281.
155

ولو نذره أبدا صام ما بعده إجماعا، فلو وجب عليه صوم متتابع، فالأقرب أنه
لا يخل بالتتابع، وفي المبسوط (1) يصومه فيما يحصل به المتابعة عن الكفارة، ثم
يقضيه، سواء تقدم على الكفارة في الوجوب، أم تأخر، وابن إدريس (2) ينتقل
فرضه إلى الإطعام، وفيه إشارة إلى أن الكفارة مرتبة، فالمخيرة يمكن خروجها،
لعدم الضرورة، ودخولها، لقيام المقتضي للتخيير وعدم صلاحية المانع، وهو
أصح.
ويجب قيد التتابع في النذر ولا يكفي مجاوزة النصف، إلا في الشهر
والشهرين، وطرده الشيخ (3) في السنة بأن يزيد على نصفها يوم، ونسب (4) إلى
التحكم وليس كذلك، لأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، أو من باب
الحقيقة الشرعية المطردة، كما طرد الكثير في الإقرار.
ولو نذر عتق رقبة أجزأت المعيبة، والصغيرة، والمؤمنة، والكافرة إن جوزنا
عتق الكافر مطلقا، كقول الشيخ في المبسوط (5) والخلاف (6).
ولو قيدها بقيد وجب، ولو قيد بالكفر، فإن كان لرجاء الإسلام أو صفة
مرجحة لزم، وإن اشتمل على معصية بطل، وفي النهاية (7) يصح عتق الكافر لو
نذر عتق معين، لتأويل رواية الحسن بن صالح (8) في إعتاق علي عليه السلام

(1) لم نعثر عليه في المبسوط.
(2) السرائر: ج 3 ص 68.
(3) نقله فخر المحققين والشهيد الثاني عن المبسوط ولكن لم نعثر عليه في المبسوط ولا في سائر كتب
الشيخ، راجع إيضاح الفوائد: ج 4 ص 56 ومسالك الأفهام: ج 2 ص 214 س 38.
(4) الناسب هو المحقق الحلي في شرائع الإسلام: ج 3 ص 730.
(5) لم نعثر عليه في المبسوط، لكن نقله العلامة في المختلف عن المبسوط، راجع مختلف الشيعة: ج 2
ص 663 س 19.
(6) الخلاف: ج 3 ص 18 مسألة 27.
(7) النهاية: ص 565.
(8) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب كتاب العتق ح 2 ج 16 ص 19.
156

من كان نصرانيا فأسلم حين عتقه.
وكل نذر وجب مقيدا بزمان يتعين فعله فيه، فإن أخل به عمدا كفر
وقضاه، وإن كان مطلقا فهو موسع، وقال بعض الأصحاب: يتضيق بوجود
شرطه وهو أحوط.
تتمة:
متعلق العهد كمتعلق النذر، وأحكامه واردة فيه، وصورته عاهدت الله أو
علي عهد الله إن أفعل كذا معلقا، أو مجردا.
ويشترط فيه ما يشترط في النذر، والخلاف في انعقاده بالضمير كالنذر.
157

كتاب اليمين
159

كتاب اليمين
وهي هنا الحلف بالله أو أسمائه (1) الخاصة، لتحقيق ما يحتمل المخالفة
والموافقة في الاستقبال، وإنما اختص الحلف بالله، لقوله صلى الله عليه وآله (2):
من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر.
ويحرم الحلف بالأصنام وشبهها، للنهي (2) عن الحلف بالطواغيت. ويكره
الحلف
بغير ذلك، وربما قيل: بالتحريم، ولا ينعقد به يمين.
وقال ابن الجنيد (4): لا بأس بالحلف بما عظم الله من الحقوق كقوله وحق
القرآن، وحق رسول الله، وفي رواية محمد بن مسلم (5) عن الباقر عليه السلام
ليس لخلقه أن يقسموا إلا به.
فالحلف بالله هو قوله والله، وبالله، وتالله، والله بالجر وأيمن الله وما اقتضت
منها.
وقيل: الحلف بالله هو كقوله والذي نفسي بيده، ومقلب القلوب

(1) في باقي النسخ: بأسمائه.
(2) عوالي اللئالي: ج 1 ص 445 ح 168.
(3) سنن ابن ماجة: ح 2095 ج 1 ص 678.
(4) المختلف: ج 2 ص 649.
(5) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب كتاب الأيمان ح 3 ج 16 ص 159.
161

والأبصار، والأول الذي ليس كمثله شئ، لأنه مدلول المعبود بالحق إله من
في السماوات والأرض، ولم تجعل أسماء لله تعالى.
وهو ضعيف، لأن مرجعه إلى أسماء تدل على صفات الأفعال كالخالق
والرازق، التي هي أبعد من الأسماء الدالة على صفات الذات كالرحمن الرحيم،
التي هي دون اسم الذات، وهو الله جل اسمه، بل هو الاسم الجامع.
وينعقد بالمشتركة إذا غلبت على الله، كالرب والخالق والباري والرازق،
بخلاف غير الغالب، كالموجود والقادر والسميع والبصير، وعقدها ابن الجنيد (1)
بهما.
وتنعقد بجلال الله وعظمته وكبريائه، وبقوله لعمر الله وحق الله على
الأقوى، إذا قصد به الله الحق أو المستحق للإلهية، ولو قصد به ما يجب لله على
عباده لم ينعقد.
ولو أطلق فالأقرب الانعقاد، لأن الاستعمال في الأولين أغلب، ولو قال
والحق فوجهان مرتبان، وأولى بالانعقاد، لأنه وإن اشترك إلا أنه في الله
أغلب كالرحيم والعليم والحنان.
ولو قال أقسمت أو حلفت أو أقسم أو أحلف لم يكن يمينا، حتى يذكر
المقسم به، ولو قال أردت الإخبار دين.
ولو قال أشهد بالله فهو يمين عند الشيخ (2)، لاستعماله في إيمان اللعان،
بخلاف أعزم بالله، لعدم ثبوته شرعا ولا عرفا.
ولا عبرة بالظهار والعتاق والطلاق أو إيمان البيعة أو قوله هو كافر أو يعبد
الصنم أو ياهناه أو لا أب لشانئك، وقول ابن الجنيد (3) في الطلاق والعتاق

(1) المختلف: ج 2 ص 649.
(2) المبسوط: ج 6 ص 197.
(3) لم نعثر على من حكاه عنه.
162

والصدقة متروك.
والحلف بالبراءة من الله أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم السلام حرام. وفي
وجوب الكفارة به أو بالحنث، خلاف وأوجب الشيخان (1) بالحنث به كفارة
ظهار، والحلبي (2) يجب بمجرد القول إذا لم يعلقه على شرط، وابن إدريس (3) لم
يوجب شيئا.
وفي توقيع العسكري عليه السلام (4) إلى محمد بن الحسن الصفار يطعم عشرة
مساكين لكل مسكين مد ويستغفر الله.
وقال الصدوق (5): لو قال إن كلمت ذا قرابة فعليه المشي إلى بيت الله
عز وجل، وكلما يملكه في سبيل الله، وهو برئ من دين محمد صلى الله عليه
وآله، فإنه يصوم ثلاثة أيام، ويتصدق على عشرة مساكين.
وقولنا: لتحقيق، احتراز من يمين اللغو، فإنه لم يقصد بها التحقيق، والقصد
شرط عندنا وإن نطق بالصريح، فلو حلف الغافل أو الساهي أو الغضبان بما
يرفع القصد لم ينعقد.
واحتراز من يمين المكره، ويمين المناشدة، مثل والله ليفعلن قاصدا، عقد
اليمين على صاحبه، فإن تحقيقه ممتنع بالنسبة إلى الحالف. والنص (6) على
استحباب إجابة المناشدة.
واعتبرنا إمكان المخالفة، والموافقة، ليخرج به الواجب مثل الكون في الحيز،

(1) المقنعة: ص 558، النهاية: ص 570.
(2) الكافي في الفقه: ص 229.
(3) السرائر: ج 3 ص 39 - 40.
(4) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب كتاب الأيمان ح 3 ج 16 ص 125.
(5) الجوامع الفقهية، كتاب المقنع: ص 34.
(6) وسائل الشيعة: باب 42 من أبواب كتاب الأيمان ح 4 ج 16 ص 174.
163

والممتنع عقلا كالجمع بين النقيضين، أو عادة كالصعود إلى السماء، أو شرعا
كترك الصلاة، فإن كل ذلك لا ينعقد.
ولو تجدد بالعجز فكالمقارن، إلا أن تعود القدرة في غير المقيد بوقت.
والتقييد بالاستقبال، ليخرج به الحلف على الماضي والحال إن تصور،
وهي الغموس في الإثم، المتوعد عليها بالنار في قوله تعالى: " إن الذين يشترون
بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " (1) الآية، إن كانت كاذبة وتعمد، وإلا فهي لغو.
ولا كفارة للغموس سوى الاستغفار، وإن تضمن ظلما فبعد رده، لقوله
صلى الله عليه وآله (2): خمس من الكبائر لا كفارة فيهن الإشراك بالله، وعقوق
الوالدين، ونهب المسلم، والفرار من الزحف، واليمين الغموس.
ولو أكره على يمين الغموس تأول في المفرد، أو الإسناد، فالمفرد كقصد أحد
معاني المشترك أو المجاز، مثل أن يريد بالمكاتبة تحصيل العتق، وبالحمار البليد.
والإسناد ما فعلته بمصر أو في السفر أو وقت العصر.
ولو كتب الواهب ابتياعا وأشهد، حلف على الشراء موريا، ولو لم يحسن
فلا شئ عليه، وليس للظالم التأويل، ولا يخرج به عن الغموس، فإن النية نية
المستحلف المحق.
ولو كرر اليمين من غير مغايرة في التعليق، فالظاهر أنها واحدة قاله جماعة،
سواء قصد التأكيد، أو التأسيس.
[152]
درس
قد تجب اليمين في مثل إنقاذ مؤمن من ظالم، وإن كان كاذبا ويتأول، وقد

(1) آل عمران: الآية 77.
(2) مسند أحمد بن حنبل: ج 2 ص 362 وفيه بدل عقوق الوالدين قتل النفس بغير حق.
164

يحرم إذا كانت كاذبة، لا لضرورة، وقد تستحب كدفع ظالم عن ماله المجحف
به، وقد تكره كما إذا كثرت، وكالحلف على القليل من المال، وما عداها
مباح.
ويجوز الاستثناء بمشية الله تعالى لفظا متصلا عادة، فلا يضر التنفس أو
التذكر.
ولا تكفي النية وإن اقترنت باليمين قاله في المبسوط (1)، وتبعه ابن
إدريس (2)، وفي النهاية (3) يكفي إن حلف سرا، وفي المختلف (4) يكفي مطلقا،
وهو قوي، وعليه حمل رواية عبد الله بن ميمون (5) بجواز استثناء الناسي إلى
أربعين يوما.
ولا يشترط أن ينويه إلا عند التلفظ به. ولا فرق بين متعلقات اليمين في
ذلك، وقول الفاضل (6) بقصره على ما لم يعلم مشية الله إياه، نادر.
ولو عقب الطلاق والعتق والنذر والاقرار بالمشيئة قاصدا التبرك لم يضر،
وإلا بطل، وللشيخ (7) قولان، وقطع ابن إدريس (8) بلغو الاستثناء فيما عدا اليمين
ولزوم الإيقاع، وهو قوي في الإقرار.
ويجوز تعليقها بشرط في عقدها وحلها، سواء كانت مشيئة غيره أو لا، كقوله
في العقد لأشربن إن شاء زيد، وفي الحل لأشربن إلا أن يشاء زيد، وكذا في

(1) المبسوط: ج 6 ص 200.
(2) السرائر: ج 3 ص 41.
(3) النهاية: ص 556.
(4) المختلف: ج 2 ص 655.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 362.
(6) قواعد الأحكام: ج 2 ص 130.
(7) القول الأول في المبسوط: ج 6 ص 200 والقول الثاني في الخلاف: ج 3 ص 282 مسألة 26.
(8) السرائر: ج 3 ص 41.
165

النفي لا شربت إن شاء زيد، ولا شربت إلا أن يشاء زيد. وينصرف الاستثناء
إلى رفع المستثنى منه، فعقيب الإثبات نفي وبالعكس، ولو قصد عكس ذلك
دين بنيته.
وكلما كان العقد موقوفا وجهل الشرط فلا عقد، وكلما كان الحل موقوفا
فهي منعقدة، إلا مع علم شرط الحل. ولا فرق بين تقديم الشرط وتأخيره.
ويشترط في الحالف شروط: الناذر، ورفع الحجر، ولا إشكال هنا في
التوقف على إذن الأب، وإن علا، ما لم يكن في فعل واجب، أو ترك محرم.
ولو جعل على الترك أو الفعل جزاء كصوم أو صدقة، فالأقرب توقفه على
إذن الوالي.
ويصح من الكافر وإن لم يصح نذره، لأن القربة مرادة هناك دون هذا،
ولو قلنا بانعقاد نذر المباح الصرف أشكل الفرق، ومنع في الخلاف (1) من يمين
الكافر، نظرا إلى أنه لا يعرف الله، ويمتنع منه التكفير حينئذ، ثم تردد، وقطع في
المبسوط (2) بالجواز، وقطع ابن إدريس (3) بالمنع، والفاضل (4) فرق بين الكافر
بجحد الرب وغيره.
والفائدة في بقاء اليمين، ولو أسلم والعقاب عليها، لو مات على كفره، لا في
تدارك الكفارة، لو سبق الحنث الإسلام، لأنها تسقط.
قاعدة:
متعلق اليمين كمتعلق النذر، ولا إشكال هنا في تعلقها بالمباح، ومراعاة

(1) الخلاف: ج 3 ص 276 مسألة 9.
(2) المبسوط: ج 6 ص 194.
(3) السرائر: ج 3 ص 48.
(4) المختلف: ج 2 ص 650.
166

الأولى في الدين أو الدنيا، وترجيح مقتضى اليمين مع التساوي، وهذه الأولوية متبوعة.
ولو طرأت بعد انعقاد اليمين، فلو كان البر أولى في الابتداء ثم صارت
المخالفة أولى اتبع، ولا كفارة عندنا، وإنما يجب بالحنث عمدا اختيارا، فلو
خالف ناسيا أو مكرها أو اشتبه المحلوف عليه بغيره، فلا كفارة.
قاعدة:
اليمين عند الإطلاق تنصرف إلى مدلول اللفظ حقيقة، فلو نوى الحالف
خلاف الظاهر، كنية العام بالخاص، أو المطلق بالمقيد، أو المجاز بالحقيقة، أو
بالعكس في الثلاثة، صح (1)، كمن حلف لا يأكل اللحم وقصد الإبل، أو لا
يأكل لحما وقصد الجنس، أو ليعتقن رقبة وقصد مؤمنة، أو ليعتقن رقبة مؤمنة
وقصده مطلق الرقبة، أو لا يشرب له ماء من عطش وقصد رفع المنة، أو لا يحتمل
له منة وأراد شرب الماء، إن جعلناه مجازا إسناديا، وجعلنا شرب الماء حقيقة له.
ولو نوى ما لا يحتمله اللفظ، كما لو نوى بالصوم الصلاة، لغت اليمين فيهما.
قاعدة:
لو تعارض عموم اللفظ وخصوص السبب، فإن نوى شيئا فذاك، وإلا
فالأقرب قصره على السبب. لأنه الباعث على اليمين، كما لو رأى منكرا في بلد
فكرهه لأجله، فحلف على عدم دخوله، ثم زال المنكر، فله الدخول. وكذا لو
حلف على رفع المنكر إلى وال بعينه فعزل، فلا رفع.
قاعدة:
الابتداء والاستدامة، سببان فيما ينسب إلى المدة، كالسكنى والاسكان

(1) في " م " و " ق ": كنية العام بالخاص أو بالعكس أو المطلق بالمقيد أو المطلق أو المجاز بالحقيقة صح.
167

والمساكنة، دون ما لا ينسب، كالدخول والبيع، وفي التطيب وجهان، فلو
حلف لا سكنت هذه الدار وهو ساكن بها وجب التحول في الحال، وإن بقي
رحله لا للسكنى، بخلاف ما لو قال لا دخلت هذه الدار وهو فيها، أو لا بعت وقد
باع بخيار فاستعمر عليه، أو لا تزوجت وله زوجة فلم يطلقها.
قاعدة:
كلما اتحد مدلول اللفظ حمل عليه، كالرجل والمرأة والإنسان والبعير
والشاة، وإن تعدد مشتركا ونوى فردا أو جميع الأفراد حمل على المنوي، ولو لم ينو
شيئا منها، بنى على استعمال المشترك في حقائقه وعدمه.
ولو اشترك بين اللغة والشرع أو العرف رجح الشرعي، ثم العرفي العام، ثم
العرفي الخاص. ولو تعارض الشرع والعرف، فالظاهر ترجيح الشرع، إلا مع
جهل الحالف، فينصرف إلى ما يعلمه من الثلاثة، فالرأس لغة عام، وعرفا
خاص بالأنعام، فلا يحنث برأس الطير والحوت وماء النهر لغة لجميعه، وفي
العرف في النفي لبعضه، وفي الإثبات تردد.
ولو كان له حقيقة ومجاز حمل على الحقيقة، إلا أن يغلب المجاز، لشهرته
فيحمل عليه، كالرواية للمزادة وقد كانت للبعير.
[153]
درس
قاعدة:
الإضافة تتخصص بالمضاف إليه، كدار زيد وسرج الدابة. والإشارة
تتخصص بالمشار إليه، فلو تبدلت الإضافة زالت اليمين، بخلاف ما أشار إليه.
ولو جمع بين الإضافة والإشارة، كدار زيد هذه ولم ينو إحديهما، فالأقرب
تغليب الإشارة فتبقى اليمين وإن زال ملكه، ويحتمل تغليب الإضافة، لربط
168

اليمين بهما فتزول بزوال أحدهما.
والإضافة إلى العبد تقتضي التمليك، إن قلنا يملك، وإن أحلنا ذلك أمكن
حمله على المنسوب إليه كالدابة، إعمالا للفظ في مجازه عند تعذر الحقيقة، وحمله
على ما سيملكه بعد عتقه أو كتابته، اقتصارا على الحقيقة الممكنة في الجملة،
بخلاف الدابة فإنه لا يتصور لها ملك.
قاعدة:
الصفة قيد في الموصوف، فلو زالت فلا يمين، ولو جامعت الإشارة
فالوجهان. ولو حلف لا يلبس قميصا ففتقه واتزر به لم يحنث، ولو ارتدى به أو
اتزر به قبل فتقه فالأقرب الزوال، لأنه ليس لبس مثله. ولو قال هذا القميص
ففتقه ثم لبس (1) فكما مر.
ولو قال هذا الثوب وهو قميص، فارتدى به مفتوقا أو غيره فوجهان أيضا،
من تغليب الإشارة، ومن أنه قميص في الواقع، فينصرف إلى لبس مثله. وكذا لو
قال لحم سخلة فتكبر أو عبد فيعتق أو حنطة فتخبز عند الشيخ (2)، وقال
القاضي (3) والفاضل (4): يحنث لو حلف على حنطة معينة فأكلها خبزا، وكذا
لو غير الدقيق فخبزه، إذ الحنطة لا تؤكل غالبا إلا خبزا.
أما لو كان التغير بالاستحالة كالبيضة تصير فرخا والحب زرعا فلا حنث.
ولو زالت الصفة ثم عادت، عادت اليمين كالسفينة ينقض ثم تعاد.

(1) في " ق " و " ز ": لبسه.
(2) المبسوط: ج 6 ص 240.
(3) المهذب: ج 2 ص 419.
(4) المختلف: ج 2 ص 657.
169

قاعدة:
الشرط في اليمين قيد فيها، فتزول بزواله، فالحلف على عدم الخروج بغير إذن
زيد مقيد به، فيحنث لو انتفى، ولو أذن فلم يسمع ثم خرج فوجهان، يلتفتان
إلى أن الإذن هل هو مجرد الأمر كما هو في اللغة، أو إنه مشروط عرفا بالإعلام؟
إذ الإذن يستدعي متهيئا لسماعه. ولو كان القيد في الإثبات توقف البر عليه،
كالصلاة في المسجد والبيع في السوق.
قاعدة:
التكليم لا يتناول الرمز، واستثناؤه في قضية زكريا عليه السلام من غير
الجنس، وكذا لا يتناول المكاتبة والمراسلة. نعم في حق الأخرس يحتمل نفوذ
الإشارة، بل والمكاتبة. وعليه يتفرع بطلان صلاة الأخرس برمزه والكلام
يتناول القرآن والأذكار على الأصح.
قاعدة:
التخصيص جار في القول كالتسليم والتكليم، بخلاف الفعل كالدخول،
فلو حلف أن لا يسلم عليه، فسلم على قوم هو فيهم ونوى خروجه، فلا حنث.
ولو حلف على عدم الدخول عليه فاستثناه داخلا، فالأقرب الحنث، والشيخ (1)
لم يفرق.
قاعدة:
الجمع بين شيئين أو أشياء بواو العطف، يصير كل واحد منهما مشروطا

(1) المبسوط: ج 6 ص 226 - 227.
170

بالآخر قضية للواو، فلو قال لا أكلت الخبز واللحم والفاكهة أو لآكلنها، فلا
حنث إلا بالثلاثة، ولا بر إلا بها، وقال الشيخ (1): يحنث بكل واحد، لأن واو
العطف بمثابة العامل.
قاعدة:
لو (2) أضاف الفعل إلى معين فشركه غيره، ففي زوال اليمين وجهان عند
الشيخ (3)، لعلة تعارض اللغة والعرف، كما لو حلف على طعام اشتراه زيد،
فاشتراه بشركة عمرو، أو على ثوب نسجه زيد فنسجه بمشاركة عمرو، أو ثوب
غزلته هند فشوركت فيه.
ولو اقتسم زيد وعمرو ما اشترياه لم يتغير الحكم.
ولو خلطا ما اشترياه بعقدين فتجاوز الحالف النصف حنث، وإلا فلا.
ويشكل بالقطع على الأكل من نصيب زيد، إلا أن يريد أكل جميع
ما اشتراه زيد، فلا تقع المخالفة إلا بأكل الجميع. هذا إذا كان الخلط موجبا
للإشاعة.
أما في نحو التمر والرمان، فيمكن أن يقال لا بد من تجاوز النصف، لإمكان
اختصاصه بما اشتراه عمرو، والحنث يكفي في دفعه الاحتمال
[154]
درس
لا يحنث في اللبن بالجبن، والأقط والسمن والزبد والكشك، وكذا بعضها
ببعض، ولا في الشاة المحلوف على لحمها بلحم نسلها، وكذا لبنها، وفي النهاية (4)

(1) المبسوط: ج 6 ص 231.
(2) في " م " و " ز ": إذا.
(3) المبسوط: ج 6 ص 223.
(4) النهاية: ص 561.
171

يسري إلى الولد، وهو قول ابن الجنيد (1)، لرواية عيسى بن عطية (2) عن الباقر
عليه السلام، والسند ضعيف.
والفاكهة اسم لما يتفكه به حتى الأترج والنبق واللوز، واشترط بعضهم
الرطوبة فلا يحنث باليابس، كالزبيب والرمان والرطب فاكهة، وحب
الصنوبر والبطيخ بقسميه، بخلاف الزيتون والبطم وحب الآس.
وأما الخيار والقثاء والقرع والباذنجان فمن الخضر. والآدم ما يضاف إلى
الخبز، مرقة أو دهنا أو جامدا، كالجبن والعدس والتمر والملح. والطعام القوت
والآدم والحلوا، مايعا أو جامدا، لا للماء على الأقرب، وقوله تعالى: " ومن لم
يطعمه فإنه مني " (3)، محمول على الذوق.
واللحم لا يتناول الشحم والمخ والدماغ والكبد والطحال والكرش
والمصران، والقلب على الأقوى، والألية. أما شحم الظهر أو الجنب أو ما في
تضاعيف اللحم، فيحتمل إلحاقه باللحم، وكذا الرأس والكراع.
والمال اسم للعين والدين والزكوي وغيره، والمدبر والمستولدة والمكاتب
المشروط، دون حق الشفعة والاستطراق.
أما المنافع كالسكنى وخدمة العبد ففيها وجهان. والمالية قوية، ولهذا
تصرف في الدين، أما منفعة نفسه فلا.
والضرب يصرف إلى الآلة المعتادة، وقيل يجزي الضغث، وهو حسن مع
التضرر. والعفو في الأمور الدنيوية أولى. والكفالة والضمان والحوالة متغايرة.
والعقد اسم للصحيح مع الإيجاب والقبول، والتسري وطئ الأمة، وإن
أكسل أو لم يحذرها على الأقرب.

(1) المختلف: ج 2 ص 650.
(2) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب كتاب الأيمان ح 1 ج 16 ص 171.
(3) البقرة: 249.
172

والهبة تتناول الهدية لا العمرى. على الأقرب والوصية والصدقة الواجبة. وفي
المندوبة وجهان. وكذا في الوقف، والأقرب المغايرة فيه.
وإطلاق الفعل ينصرف إلى المباشرة، إلا مع القرينة كبناء البيت،
وضرب السلطان وحلق الرأس.
والضرب اسم للمؤلم من الاعتماد، بالسوط والعصا واللكم واللطم،
بخلاف العض والخنق والقرص، خلافا لابن الجنيد (1) في الثلاثة.
والبشارة
اسم للأخبار بالسار أو لا، بخلاف الأخبار فإنه عام، ولو بشره
جماعة دفعة فلكل ما عينه، وكذا الإخبار دفعة أو لا. وأول داخل داره من ولجها
بعد اليمين وإن لم يدخل غيره. وآخر داخل هو من يتعقب دخوله موته. ولو عين
الدار
فالأخير من يتعقبه خروجها عن ملكه إن غلبنا الإضافة. ويحتمل إجراء
هذا في الدار المضافة إليه إذا باعها، ولم يتعقبه ملك غيرها.
ولو حلف أن لا يطأ جارية عمته أو غيرها أبدا، فملكها حلت له، إن كان
قصد الحرام أو أطلق، ولو قصد العموم لم تحل، إلا مع رجحان الوطئ.
والحين ستة أشهر في الصوم، والزمان خمسة أشهر فيه، والحقب ثمانون عاما
في الصوم وغيره، ولو نوى غير ذلك اتبع.
ولو حلف لا يأكل بيضا، وليأكلن ما في كم فلان، فكان بيضا جعله في
الناطف وأكله فيه، وبر ولا حنث، لأنه لم يقل من البيض الذي في كمه، بل
أبهم. وكذا لو علق الظهار عليهما.
والبيت اسم لبيت الحضري والبدوي فيحنثان بهما، إن عرفاهما عند
الشيخ (2). ويحتمل اختصاص كل بعادته، ولا يتناول الكعبة، والمسجد،

(1) المختلف: ج 2 ص 655.
(2) المبسوط: ج 6 ص 223.
173

والبيعة، والكنيسة، على قول، وقطع ابن إدريس (1) بالتناول، ولا الدهليز
والصفة عند الشيخ (2).
ولا يتناول اللحم السمك عنده في المبسوط (3)، وقطع في الخلاف (4)
بالتناول، للآية (5). وقال ابن الجنيد (6): الخمر يتناول المسكر والفقاع، والحلي
لا يتناول الجوهر مفردا، وقطع الشيخ (7) بتناوله، لقوله تعالى: " وتستخرجوا منه
حلية تلبسونها " (8).

(1) السرائر: ج 3 ص 48.
(2) المبسوط: ج 6 ص 249.
(3) المبسوط: ج 6 ص 239.
(4) الخلاف: ج 3 ص 295 مسألة 73.
(5) النحل: 14.
(6) المختلف: ج 2 ص 655.
(7) الخلاف: ج 3 ص 282 مسألة 25
(8) نفس الآية السابقة.
174

كتاب الكفارات
175

كتاب الكفارات
لا تجب الكفارة قبل الحنث في اليمين ولا تجزي، ولا في الحلف على الممتنع،
وهي في اليمين عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، لكل واحد مدا وكسوتهم،
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات. وفي الإيلاء كذلك.
وفي الظهار وقتل الخطأ، العتق، ثم الصيام شهرين متتابعين، ثم إطعام
ستين مسكينا، وقال سلار (1) كفارة القتل مخيرة، وهو ظاهر شيخه (2). وتدفعه
الآية (3)، وصحيحة عبد الله بن سنان (4) عن الصادق عليه السلام.
وفي كفارة خلف النذر والعهد خلاف، وكونها كبيرة مخيرة أولى، لصحيحة
عبد الملك (5) عنه عليه السلام في النذر، ورواية أبي بصير (6) في العهد، وقال
الصدوق (7): كفارة النذر كاليمين، لحسنة (8) الحلبي (9)، وحملت على العجز، وهو
حسن.

(1) المراسم: ص 187.
(2) المقنعة: ص 569.
(3) النساء: 92.
(4) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 559.
(5) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب الكفارات ح 7 ج 15 ص 574.
(6) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الكفارات ح 2 ج 15 ص 576.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 367.
(8) في " ق ": لرواية.
(9) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 574.
177

وكفارة جز المرأة شعرها في المصاب كبيرة عند الشيخ (1)، والرواية (2) به
ضعيفة. والأقرب عدم الفرق بين الكل والبعض، والجز والحلق والاحراق.
ويحتمل إلحاق الجز في غير المصاب به بطريق الأولى.
ولو نتفته في المصاب فكفارة يمين وإن كان بعضه. وكذا خدش وجهها في
المصاب، وشق الرجل ثوبه لموت ولده، أو زوجته خاصة، وإن كانت متعة،
أما الأمة فلا.
ولا كفارة في شق المرأة الثوب، وحرمة ابن إدريس (3) مطلقا على الرجل
والمرأة، واستحب الكفارة على الرجل، وجوز الشيخان (4) شق الثوب في موت
الأب والأخ.
وفي رواية حنان (5) لا بأس بشق الجيب على القريب، وشق المرأة على
زوجها.
ولو تزوج في العدة أو بذات البعل فارق، وكفر بخمسة أصيع دقيقا، وقال
المرتضى (6) في ذات البعل: يتصدق بخمسة دراهم، لرواية أبي بصير (7) عن
الصادق عليه السلام، وابن (8) إدريس (9) يستحب الكفارة.
وقال الشيخ (10): لو نام عن العشاء حتى ينتصف الليل قضاها، وأصبح

(1) النهاية: ص 573.
(2) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 582.
(3) السرائر: ج 3 ص 78.
(4) النهاية: ص 573، المقنعة: ص 573.
(5) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 582.
(6) الإنتصار: ص 166.
(7) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 585.
(8) في باقي النسخ: وقال ابن.
(9) السرائر: ج 3 ص 77.
(10) النهاية: ص 572.
178

صائما، لرواية (1) مقطوعة واستحبه ابن إدريس (2). وفي إلحاق العامد به أو
الناسي أو السكران تردد، وقوى الفاضل (3) عدمه. ولا يلحق بذلك ناسي غير
العشاء بالنوم قطعا.
ولو أفطر في ذلك اليوم أمكن وجوب الكفارة، لتعينه، وعدمه، لتوهم أنه
كفارة، ولا كفارة فيها.
ولو سافر فيه فالأقرب الإفطار والقضاء. وكذا لو مرض أو حاضت المرأة،
مع احتمال عدم الوجوب فيهما، وفي السفر الضروري، لعدم قبول المكلف
للصوم. وكذا لو وافق العيد أو التشريق. ولو وافق صوما معينا فالأقرب
التداخل، مع احتمال قضائه.
ومن ضرب مملوكه فوق الحد كفر بعتقه عند الشيخ (4) والقاضي (5)، وأنكره
ابن إدريس (6)، واستحبه (7) جماعة.
ولو قتله فكفارته كغيره، وقال الشيخ (8): هي مخيرة، لرواية أبي بصير (9).
وروي (10) عن الصادق عليه السلام أن كفارة عمل السلطان قضاء حوائج
الإخوان، وكفارة الاغتياب الاستغفار للمغتاب (11)، وكفارة المجلس قراءة

(1) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب المواقيت ح 8 ج 3 ص 155.
(2) السرائر: ج 3 ص 77.
(3) التحرير: ج 2 ص 110.
(4) النهاية: ص 573.
(5) المهذب: ج 2 ص 424.
(6) السرائر: ج 3 ص 78 - 79.
(7) في " م ": واستحسنه.
(8) النهاية: ص 573.
(9) التهذيب: ح 18 ج 8 ص 324.
(10) وسائل الشيعة: باب 33 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 584.
(11) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 583.
179

" سبحان ربك رب العزة عما يصفون " الآيتين عند القيام (1)، وكفارة الضحك
اللهم لا تمقتني (2).
وروي (3) في اللطم على الخد الاستغفار والتوبة، ويجزي الاستغفار عند
العجز عن خصال الكفارات جمع. وفي الظهار روايتان (4) أشبههما الاجتزاء به.
ويكفي مرة واحدة بالنية. ولو تجددت القدرة بعده فوجهان.
وفي رواية إسحاق بن عمار (5) في المظاهر يستغفر ويطأ، فإذا وجد الكفارة
كفر، ويحتمل انسحابه في غيره.
[155]
درس
خصال الكفارة أربع: عتق وصيام وإطعام وكسوة، ويتعين العتق على
القادر في المرتبة بملك الرقبة أو ثمنها، إذا أمكن الاعتياض.
ولو كان من أهل الخدمة لمرض أو رفعة، اشترط ملك رقبة أخرى، ولا تباع
داره ولا ثيابه، إلا مع الفضلة فيهما عن (6) قدر الحاجة، ولو أمكن بيع خادمه أو
داره أو ثيابه، والتبدل وشراء رقبة فالأولى عدم وجوب البيع.
ولا بد من أن يفضل له قوت يوم وليلة. وتباع ضيعته وتجارته وإن التحق
بالمساكين كالدين. ولو (7) بيع نسيئة وجب، إذا كان يتوقع مالا غائبا، وإلا

(1) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 585.
(2) وسائل الشيعة: باب 34 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 584.
(3) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 582.
(4) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب الكفارات ح 3، 4 ج 15 ص 554 وأما رواية عدم الاجتزاء فهما
1، 2 من نفس الباب.
(5) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب الكفارات ح 4 ج 15 ص 554.
(6) في " ق ": على.
(7) في " ق ": وإذا.
180

فلا. ولو طلب منه النقد صبر. وفي المظاهر وجهان، أقربهما الانتقال إلى الصوم.
والمديون المستوعب معسر، ولو تكلف العتق أجزأه، إلا مع مطالبة الديان.
والعبرة بالقدرة حال العتق، لا حال الوجوب. ولو عجز فشرع في الصوم
بلحظة ثم قدر استحب العود. وكذا لو شرع في الإطعام ثم قدر على الصيام أو
العتق، وقال ابن الجنيد (1): لو أيسر قبل صوم أكثر من شهر وجب العتق،
لصحيحة محمد بن مسلم (2) عن أحدهما عليهما السلام، ويعارضها صحيحته (3)
أيضا، فتحمل على الندب.
ولو بذل له رقبة فالظاهر عدم وجوب القبول، للمنة.
ويعتبر في الصحة أمور تسعة:
الأول: الإيمان، وهو الشهادتان في القتل إجماعا، وفي غيره على الأقوى،
وفي الخلاف (4) يجزي الكافر، ويجزي المتولد من مسلم إذا انفصل.
وفي حسنة معمر بن يحيى (5) عن الصادق عليه السلام كل العتق يجوز فيه
المولود، إلا في كفارة القتل فتحرير رقبة مؤمنة، يعني مقرة قد بلغت الحنث،
ومثله رواية الحسين بن سعيد (6) والحنث الطاعة والمعصية، وعليها ابن الجنيد (7)
وقال: لو أعتق صغيرا في غير كفارة القتل قام به حتى يستغني عنه، لصحيحة

(1) لم نعثر على من حكاه عن ابن جنيد في من تقدم على الشهيد الأول، وحكاه الشهيد الثاني والفاضل
الهندي عن ابن جنيد، راجع مسالك الأفهام: ج 2 ص 100 س 33، وكشف اللثام: ج 2 ص 246
س 33.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الكفارات ح 2 ج 15 ص 553.
(3) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 553.
(4) الخلاف: ج 3 ص 18 مسألة 27.
(5) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الكفارات ح 6 ج 15 ص 556.
(6) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الكفارات ح 6 ج 15 ص 557.
(7) المختلف: ج 2 ص 667.
181

ابن محبوب (1) في مكاتبة الرضا عليه السلام وفيها أن الشيخ وذا (2) الزمانة
كالصغير، وتحمل على الندب.
وإسلام الأخرس بالإشارة، والمسبي بانفراد المسلم به، وإسلام المراهق
معتبر في التفرقة بينه وبين أهله، لا في الإجزاء وغيره من أحكام الإسلام.
ويجزي ولد الزنا على الأقرب، ومنعه المرتضى (3) ناقلا للإجماع.
فرع:
يتحقق إسلام ولد الزنا بالمباشرة، بعد البلوغ. وتبعية السابي. وفي تحققه
بسبب الولادة من المسلم نظر، من انتفائه عنه شرعا، ومن تولده عنه حقيقة،
فلا يقصر عن السابي.
الثاني: سلامتها من عيب يوجب العتق، كالعمى والإقعاد والجذام
والتنكيل لا غير، وقال ابن الجنيد (4): لا يجزي الخصي والأصم والأخرس، وهو
نادر.
الثالث: سلامتها من تعلق حق آخر، ففي الجاني عمدا أو خطأ قولان،
أقربهما المراعاة بالخروج عن عهدة الجناية، وكذا في المدبر، لضعف التعلق
وتعجيل العتق، وفي النهاية (5) لا يجزي، لصحيحة الحلبي (6) عن الصادق
عليه السلام.

(1) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 17.
(2) في " م " و " ق ": وذو.
(3) الإنتصار: ص 166.
(4) المختلف: ج 2 ص 670.
(5) النهاية: ص 569.
(6) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الكفارات ح 2 ج 15 ص 558.
182

ولو نقض تدبيره أجزأ قطعا. وكذا في المكاتب المشروط، أو غير المؤدي
والمستولدة.
ويجزي المرهون مع إجازة المرتهن، فلا يكلف الراهن بدله قطعا، ولو لم يجز
أجزأ عند الشيخ (1)، إذا كان موسرا فيؤدي، أو يرهن غيره.
ولا يجزي المنذور عتقه، أو الصدقة به، وإن كان النذر معلقا بشرط لم
يحصل بعد على الأقوى.
الرابع: استيعابها، فلو أعتق بعض عبد لم يجز، إلا أن يسري، أو ينتقل
إليه بعد ذلك فيعتقه.
الخامس: كونها غير مستحقة العتق بالملك، فلو ملك أباه ونوى العتق عن
الكفارة حال الشراء، أو بعده لم يجز، على الأقوى من وجهي الشيخ (2) لأن
النية لم تصادف ملكا.
وكذا لا يجزي مشروط العتق عن البائع، ولا عن المشتري، قال الشيخ (3):
لأن العتق يقع مشتركا بين التكفير، وبين الوفاء بالشرط، وفي المختلف (4) يجزي
عن المشتري، لعدم وجوب العتق بالشرط، ولو وجب به فهو بسبب الكفارة.
السادس: التجريد عن العوض، فلا تجزي المكاتبة بنوعيها. وكذا لو شرط
عوضا على العتيق (5) عتق ولم يجز، لعدم تمحض القربة.
ولو قيل له أعتقه عن كفارتك بكذا لم يجز، والأقرب عدم العتق. ولو قيل
به وجب العوض.

(1) الخلاف: ج 3 ص 19 مسألة 32.
(2) المبسوط: ج 6 ص 213:
(3) المبسوط: ج 5 ص 160.
(4) المختلف: ج 2 ص 670.
(5) في " ق ": المعتق.
183

ولو
أمر المالك بالعتق عن الآمر بعوض أو غيره أجزأ، والنية هنا من
الوكيل.
وفي وقت الملك الضمني هنا تردد، هل هو بالشروع في الإعتاق، أو بتمام
الإعتاق بملكه آنا ثم يعتق، أو يتبين بالإعتاق أنه ملكه بالأمر:؟ ومثار هذا قول
النبي صلى الله عليه وآله (1): لا عتق إلا فيما يملك (2).
وطرد البحث في ملك الضيف الطعام بالأخذ فله إطعام غيره، أو بالوضع
في الفم، أو بالمضغ، أو الازدراد، ولا ضرورة هنا إلى الملك، إذ يكفي إباحة
التناول.
السابع: النية، ويعتبر فيها الوجه والقربة، وفي اعتبار التعيين خلاف، أقربه
اعتباره، سواء تعددت الكفارات أم لا، تغاير الجنس، أم لا.
ويجزي نية المتبرع عن الميت إن كان وارثا، وقد تقدم الخلاف في غيره وفي
الحي.
الثامن: إباحة سبب العتق، فلو نكل به ناويا التكفير عتق ولم يجز.
وشرط بعضهم الحرية، فلو كفر العبد بالعتق لم يجز، وإن أذن المولى، أما
لأنه كفر بما لم يجب عليه، وأما لعدم تقدير الملك فيه. وكذا لو كفر المولى عنه.
التاسع: يتخير العتق، فلا يجزي التدبير وإن نوى به التكفير. وأبعد منه
الاستيلاد، لبعد القصد إليه.
ويجزي الآبق والضال ما لم يعلم موته، لرواية أبي هاشم الجعفري (3)، وفي
الخلاف (4) لا يجزي، إلا أن يعلم حياته، وفي المختلف (5) إن ظن الحياة أجزأ،

(1) عوالي اللئالي: ج 2 باب العتق ح 4 ص 299 وفيه لا عتق إلا في ملك نقلا عن الكافي: ج 6 باب
لا عتق إلا بعد ملك ص 179 ولفظ الحديث لا عتق إلا بعد ملك.
(2) في " ق ": في ملك.
(3) وسائل الشيعة: باب 48 من أبواب العتق ح 1 ج 16 ص 52.
(4) الخلاف: ج 3 ص 20.
(5) المختلف: ج 2 ص 604.
184

وإن شك لم يجز. ويجزي المريض والمجروح مع استقرار الحياة.
[156]
درس
إذا انتقل فرض الكفر إلى الصوم، وجب على الحر شهران متتابعان في
الظهار والقتل، وعلى العبد شهر متتابع على ما سبق.
والسفر الضروري أو الواجب عذر إذا فجأه، ولو سبق علمه به لم يعذر.
وكذا خوف الحامل والمرضع على أنفسهما. ولو خافتا على الولد فالأقرب أنه
عذر، وللشيخ (1) فيه قولان، وكذا (2) فيمن ضرب حتى أفطر، وقطع (3) بأن من
وجر الماء في حلقه معذور، والوجه المساواة (4).
والمحبوس يتوخى، فلو اتفق في أثناء الأول صوم قاطع للتتابع (5) ولما يعلم
فهو معذور.
ويكفي الهلالي إذا شرع من أوله، وإلا فالعدد، وقيل: يتم بقدر الفائت.
وتجب نية الكفارة المعينة، ولا تجب نية المتابعة.
ولو وطئ المظاهر ليلا وجبت الأخرى (6)، ولم ينقطع تتابع الأولى على
الأقوى. ولو وطئ في أثناء الإطعام بنى وإن وجبت عليه أخرى، وقال
الشيخ (7): يستأنف الكفارتين إذا تعمد الوطئ ليلا أو نهارا، محتجا بالإجماع،

(1) فقد أفتى الشيخ في الخلاف بأنه لا يقطع التتابع، وفي المبسوط بأنه يقطع التتابع، راجع الخلاف:
ج 3 ص 24، والمبسوط ج 5 ص 172.
(2) فقد أفتى الشيخ في الخلاف بأن هذا الضرب ليس بمفطر ولا يقطع التتابع، وفي المبسوط بأنه مفطر
ويقطع التتابع، راجع الخلاف: ج 3 ص 24 والمبسوط: ج 5 ص 172.
(3) الخلاف: ج 3 ص 24 والمبسوط ج 5 ص 172.
(4) في باقي النسخ: المساواة في العذر.
(5) في " م " و " ق ": التتابع.
(6) في باقي النسخ: أخرى.
(7) الخلاف: ج 3 ص 17.
185

وتبعه في المختلف (1)، لوجوب الشهرين قبل المسيس.
ولا بد لكل يوم من نية، والأقرب جواز تجديدها إلى الزوال للناسي. ولو
استمر النسيان حتى زالت الشمس لم يجز تجديد ذلك اليوم. وفي قدحه في التتابع
احتمال ضعيف، للخبر (2).
ولو قدر المظاهر على الصوم، إلا أنه يتضرر بترك الجماع انتقل إلى
الإطعام. ولو طال زمان الإطعام وتضرر احتمل جواز الوطئ قبله بالاستغفار،
أو بدونه مع كفارة أخرى، أو بدونها. واحتمل جواز تعجيل الإطعام بأن يجمع
لواحد لا يوجد غيره دفعة أو لأزيد منه، وهو الأقوى.
وإذا انتقل إلى الإطعام وجب إطعام ستين مسكينا في كفارة شهر رمضان،
والخطأ، والظهار، والنذر، والعهد، وإطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين، مما
يسمى طعاما، كالحنطة والشعير ودقيقهما وخبزهما. وقيل: يجب في كفارة اليمين
أن يطعم من أوسط ما يطعم أهله، للآية (3)، وحمل على الأفضل. ويجزي التمر
والزبيب.
ويستحب الأدم مع الطعام، وأعلاه اللحم، وأوسطه الزيت والخل، وأدناه
الملح وظاهر المفيد (4) وسلار (5) وجوب الآدم.
والواجب مد لكل مسكين، لصحيحة عبد الله بن سنان (6)، وفي الخلاف (7)

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 603 س 14.
(2) المراد بالخبر هو حديث الرفع، راجع وسائل الشيعة: ب 56 من أبواب جهاد النفس وما يناسبه ج 6
ص 295.
(3) المائدة: 89.
(4) المقنعة: ص 568.
(5) المراسم: ص 186.
(6) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب الكفارات ح 1 ج 15 ص 559.
(7) الخلاف: ج 3 ص 26.
186

يجب مدان في جميع الكفارات، معولا على إجماعنا، وكذا في المبسوط (1)
والنهاية (2) واجتزاء بالمد مع العجز، وقال ابن الجنيد (3): يزيد على المد مؤنة
طحنه وخبزه وآدمه، والمفيد (4) وجماعة أما مد أو شبعه في يوم، وصرح ابن
الجنيد (5) بالغداء والعشاء.
وأطلق جماعة أن الواجب الإشباع مرة، لصحيحة أبي بصير (6) عن الباقر
عليه السلام، فعلى هذا يجزي الإشباع، وإن قصر عن المد، ولو كان فيهم صغير
فكالكبير، ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد. ولا يجزي المريض والهرم.
ويجب التسليم إلى ولي الطفل، وفي الإطعام يجزي من غير إذن الولي عند
الفاضل (7)، وظاهر الخلاف (8) أنه لا يشترط إذن الولي في التسليم أيضا.
ولو أعطى الواجب لما دون العدد لم يجز، وإن تعذر العدد فرق عليهم بحسب
الأيام، فلو لم يجد سوى واحد فرق عليه في ستين يوما.
ولو تعددت الكفارات جاز أن يعطي الواحد ليومه من كل واحدة مدا.
وعلى القول بإجزاء الإشباع، لو أطعم مسكينا مرتين (9) غداء وعشاء في يوم ففي
احتسابه بمسكينين احتمال، سواء وجد غيره أو لا.
ولا يجب اجتماعهم في الاعطاء أو الإطعام وإن كان أفضل. ولا تجزي
القيمة عند الشيخ (10)، وأتباعه.

(1) المبسوط: ج 6 ص 207.
(2) النهاية: ص 569.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 666.
(4) المقنعة: ص 568.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 666:.
(6) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الكفارات ح 5 ج 15 ص 566.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 668.
(8) الخلاف: ج 3 ص 28.
(9) في " م ": مدين.
(10) الخلاف: ج 3 ص 28.
187

ولو اشترى الطعام من المسكين ودفعه إلى غيره أجزأ، وإن كره، فعلى هذا
يمكن تأدي وظائف الكفارة بمد واحد.
والمستحق، هو الذي لا يملك مؤنة السنة من المؤمنين، وإن كانوا فساقا،
وجوز بعض الأصحاب إعطاء المخالف، لا الناصب ولا الكافر.
ولو تبين الدافع (1) غير مستحق، وتعذر الرد أجزاء إن اجتهد، إلا أن يكون
عبده.
وأما الكسوة، فالواجب مسماها ولو إزارا أو رداء (2) أو سراويل، ولا تجزي
المنطقة والنعل ولا الدرع. ويكفي ما يواري الصغير وإن كانوا منفردين.
ولو تعذرت العشرة كرر على الممكن في الأيام على احتمال. ويشكل بأنه
يؤدي إلى أن يكسي عشرة أثواب، وذلك بعيد. ولو أخذ الكبير ما يواري الصغير
فالأشبه عدم الإجزاء.
وأوجب جماعة ثوبين مع القدرة وثوبا مع العجز، واحتاط ابن الجنيد (3) بأن
يكسو المرأة ما يتم صلاتها فيه كالدرع والخمار، ويجزي الغسيل، إلا أن يصير
سحيقا (4) أو يتخرق.
وجنسه القطن والكتاب والصوف والحرير للنساء. وفي إجزائه للرجال
عندي احتمال، ويجزي الفرو والجلد المعتاد لبسه، وكذا القنب والشعر المعتاد
لبسه.
ويجب فيهم ما يجب في المطعمين. ولو (5) كانوا واجبي النفقة والمكفر فقير،

(1) هذه الكلمة غير موجودة في " م ".
(2) في " م ": ورداء.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 666.
(4) في الأصل و " ق ": سخيفا.
(5) في باقي النسخ: وإن كانوا.
188

قيل: يجزي، وفي الهاشمي مع التمكن من الخمس، وكون الدافع من غيرهم
نظر، أقربه المنع.
ولا يجزي ابن السبيل إذا أمكنه أخذ الزكاة أو الاستدانة، ولا الغارم
والغازي إذا ملكا مؤنة السنة، وفي المكاتب خلاف، فمنعه الشيخ (1)، لأنه قسيم
للمساكين، وجوزه الفاضل (2) كالزكاة.
ويجوز التفرقة بين المساكين في جنس الطعام والكسوة. ولا يجزي الطعام
المعيب، ولا الممزوج بزوان أو تراب غير معتاد.
ويجب إخراج الكفارة من تركة الميت، ففي المخيرة أدنى الخصال، إلا أن
يتطوع الوارث بالأرغب، وفي المرتبة أدنى المرتبة التي هي فرضه.
ولو أوصى بالأزيد، ورد الوارث فالزائد من الثلث، فلو لم يف بالعليا
أجزأت الدنيا، والزيادة ميراث.
وفرض العبد في جميع الكفارات الصوم، فلو أذن المولى في العتق أو
الإطعام، ففي الإجزاء خلاف سبق.
وإنما تلزم الكفارة إذا كان الحلف بإذن السيد، والحنث بإذنه، ولو حلف
بغير إذنه فلغو، وإن حنث بإذنه، وقال الشيخ (3): يكفر، لأن الحنث من
روادف اليمين. ولو حلف بإذنه وحنث من غير إذنه، فله منعه من الصوم المضر
به، ولو لم يضر ففي المنع وجهان.
ولو زال الرق ولما يبطله السيد فالأقرب الانعقاد، ويراعي فيه ما يراعي في
الحر حينئذ. وكذا لو كان الحلف بإذنه، ثم أعتق فيعتبر حال الأداء.

(1) الخلاف: ج 3 ص 26، والمبسوط: ج 6 ص 208.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 113.
(3) المبسوط: ج 6 ص 217، وفيه " لأن التكفير بالحنث والوجوب عقيب الحنث ".
189

كتاب العتق
191

كتاب العتق
وفضله مشهور، وإيجابه العتق من النار عضوا بعضو في الذكر، وبعضوين في
الأنثى مأثور (1).
ويختص الرق بالحربي وإن كان كتابيا، ثم يسري الرق في عقبه وإن
أسلموا حتى يعرض المحرر من ملك أو عتق أو تدبير أو كتابة أو استيلاد أو
جذام أو عمى أو برص - عند ابن حمزة - (2) أو إقعاد أو تنكيل - خلافا لابن
إدريس (3) فيه - أو للإرث أو إسلام العبد قبل مولاه في دار الحرب، وخروجه
قبله أو كون أحد الأبوين حرا، إلا أن يشترط عليه الرق فيصح عند الأكثر،
واعتمد الشيخ (4) على تأويل رواية أبي بصير (5) عن الصادق عليه السلام في
الرجل يتزوج المملوكة إن ولده مماليك، بالحمل على الشرط، لتظافر الرواية (6)
بأن ولد الحر حر.

(1) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب العتق ح 1 ج 16 ص 5.
(2) الوسيلة: ص 340.
(3) السرائر: ج 3 ص 8.
(4) التهذيب: ج 7 ص 336.
(5) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 10 ج 14 ص 530.
(6) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء ج 14 ص 528 - 560.
193

والمحقق في النكت (1) رد ذلك، بضعف طريق الخبر أولا، وباحتمال كون
الرجل عبدا ثانيا، وبالعدول عن الظاهر المنفق عليه إلى تأويل غير متعين ثالثا،
وباحتمال التقية رابعا.
قلت: الخلاف في أصل ولد الحر من المملوكة، وفيه روايتان:
إحداهما: أنه رق كما في هذه الرواية، ورواية العطار (2) وضريس (3) عنه
عليه السلام أن ولد المحللة رق، إلا أن يشترط الحرية، وبهما أفتى ابن الجنيد (4)،
ونقل المرتضى (5) الخلاف في ذلك بين الأصحاب.
والثانية: أنه حر، كرواية جميل بن دراج (6) ومرسلة ابن أبي عمير (7)
وإسحاق بن عمار (8) في التزويج، ورواية زرارة (9) وعبد الله بن محمد (10) في
التحليل، وعمل الشيخ (11) على الرواية في التحليل، لا في التزويج، إلا أن
يشترط الحرية، ومع هذه الروايات يسهل الإذعان بجواز (12) اشتراط الرقية. ولا

(1) نكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 637.
(2) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب نكاح الإماء والعبيد ح 2 ج 14 ص 540.
(3) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب نكاح الإماء والعبيد ح 1 ج 14 ص 540.
(4) ولم تعثر على قوله بأن ولد المحللة رق وعثرنا على قوله بأن ولد الحر من المملوكة المزوجة رق، راجع
المختلف: ج 2 ص 568.
(5) لم نعثر إلا على حكاية قوله في المختلف: ج 2 ص 570.
(6) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب نكاح الإماء والعبيد ح 8 ج 14 ص 530.
(7) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب نكاح الإماء والعبيد ح 5 ج 14 ص 529.
(8) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب نكاح الإماء والعبيد ح 9 ج 14 ص 530.
(9) من لا يحضره الفقيه: باب أحكام المماليك والإماء ح 4578 ج 3 ص 456، والفروع من الكافي:
كتاب النكاح باب 112 في الرجل يحل جاريته لأخيه ح 6 ج 5 ص 468، وأشار إليه في وسائل
الشيعة: باب 37 من أبواب نكاح الإماء والعبيد ج 14 ص 540 ذيل الحديث 4.
(10) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب نكاح الإماء والعبيد ح 6 ج 14 ص 541.
(11) النهاية: ص 495.
(12) لجواز.
194

فرق بين سبي المؤمن والمخالف والكافر.
ولو اشترى من الكافر قريبه جاز وإن كان ممن ينعتق عليه، ويكون
استنقاذ، إلا شراء من جانب المشتري، فلا يثبت فيه خيار المجلس والحيوان،
والأقرب أن له رده بالعيب وأخذ الأرش.
واللقيط في دار الحرب رق، إذا لم يكن فيها مسلم.
وكل من أقر بالرقية من البالغين العقلاء رق، ولو أنكر بعد ذلك لم يلتفت
إليه، ولو كان معلوم الحرية أو ادعاها من قبل لغا إقراره.
وإذا بيع العبد في الأسواق لم يقبل دعواه الحرية، إلا ببينة عملا بالظاهر،
أما مجرد اليد عليه فغير كاف فيقبل دعواه حرية الأصل، لا عروض الحرية، إلا
ببينة.
ويستقر ملك الرجل على كل أحد، سوى العمودين، وكل أنثى محرمة عليه
نسبا ورضاعة فإنهم ينعتقون في الحال، بعد فرض ملكهم آنا، وظاهر ابن
إدريس (1) وجماعة أنه لا يشترط هذا الآن، وعلل ابن إدريس (2) بأنه لا يملكهم.
ولا يعتق على المرأة سوى العمودين، وفي الخنثى نظر، من الشك في
الذكورية وإمكانها، والأقرب أنها كالمرأة فلا ينعتق عليها سوى العمودين. ولو
ملكها الرجل وهي من المحارم غير العمودين فالإشكال أقوى.
ولا ينعتق غيرهم من الأقارب كالأخ وابنه والعم والخال. نعم يستحب
إعتاقهم.
ولا فرق بين الملك القهري والاختياري، ولا بين الكل والبعض فيقوم
عليه إن ملكه مختارا على الأقوى. ولا حكم لقرابة الزنا فيملك ولده من الزنا
على قول قوي، لأن الحكم الشرعي يتبع الشرع (3).

(1) السرائر: ج 3 ص 7.
(2) السرائر: ج 3 ص 7.
(3) في " م ": الفرع.
195

أما العتق فعبارته الصريحة التحرير. وكذا الإعتاق على الأقوى، مثل أنت
حر أو عتيق أو معتق. ولا عبرة بالكناية، مثل فككت رقبتك أو رقك أو أنت
سائبة أو طالق أو لا سبيل لي عليك أو أنت مولاي أو ابني وإن كان أسن منه،
سواء قصد العتق، أو لا. وإشارة الأخرس كافية. وكذا كتابته مع القرينة.
[157]
درس
لا بد من صدور العتق من بالغ، عاقل، مختار، قاصد، جائز التصرف،
متقرب إلى الله تعالى، مالك، غير معلق على شرط أو صفة، معبر بما يصدق على
الجملة بصيغة الإنشاء.
فلا يقع من الصبي لدون العشر، وفي العشر قولان، ولا من المجنون،
والمكره، والناسي، والغافل، والسكران، ولا من السفيه، والمفلس بعد الحجر
عليه، ولا من المريض إذا اغترق دينه تركته أو زاد عن الثلث، إلا مع إجازة
الغرماء والورثة.
وفي الاكتفاء بإجازة الغرماء في الصورة الأولى وجهان، من أن المنع من
العتق لحقهم، ومن عود المال إلى الوارث، هذا إن تضمن الإجازة إبراء الميت
من قيمة المعتق التي تعلق بها الدين، وإلا لم يعتبر إجازتهم، لأن حط الميت في
أداء دينه أولى من تحصيل العتق، وفيه بحث.
ولو كان عتق مملوك السفيه أولى وأجازه الولي أمكن الصحة. ولا من غير
المتقرب إلى الله تعالى سواء قصد الثناء، أو دفع الضرر، أو لم يقصد شيئا.
وفي الكافر أوجه، ثالثها الصحة إن كان كفره بجحد نبي أو كتاب أو
فريضة، والبطلان إن كان كفره (1) بجحد الخالق، وهو قريب. ولا من غير

(1) هذه الكلمة غير موجودة في " م " و " ق ".
196

المالك، إلا في السراية.
ولو علق العتق بالملك فلغو، إلا أن يجعله نذرا أو عهدا أو يمينا، وحينئذ إن
قال لله علي إعتاقه إن ملكته، فلا بد من صيغة، وإن قال لله علي أنه حر إن
ملكته، ففي افتقاره إلى الصيغة نظر، من تصريح الرواية (1) بالعتق، وقطع
المحقق (2) بافتقاره إلى الصيغة لئلا يقع العتق في غير ملك. ويضعف بالاكتفاء
بالملك الضمني، كملك القريب آنا ثم يعتق.
ولو أجاز المالك عتق الفضولي فالمشهور البطلان، وقول ابن أبي ليلى (3) يقوم
على المعتق الموسر الأجنبي، مزيف.
ولو أعتق رقيق من له عليه ولاية لم يصح، إلا مع المصلحة أو التقويم بمعنى
البيع، ويحتمل الصحة ويكون ضامنا للقيمة، كعتق البائع ذي الخيار، وفي
النهاية (4) أطلق صحة عتق عبد الابن من أبيه، وبه رواية (5) رجالها زيدية عن
زيد يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وآله.
ولا مع التعليق، كقوله أنت حر إن فعلت أو إذا طلعت الشمس، إلا في
التدبير المعلق بالوفاة وما قلنا (6) من النذر، والعبارة عن الجملة أنت أو ذاتك أو
جملتك أو بدنك أو جسدك لا يدك ورأسك.
ولو أتى بصيغة النداء مثل يا حر فإن لم يقصد الإنشاء أو اشتبه فلا حرية،
وإن قصد الإنشاء ففيه إشكال، من بعده عن شبه الإنشاء، ومن صلاحية

(1) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ح 2 ج 15 ص 291.
(2) نكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 659.
(3) لم نعثر عليه.
(4) النهاية: ص 545.
(5) وسائل الشيعة: باب 67 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 66.
(6) في باقي النسخ: وما قلناه.
197

اللفظ مع القصد.
ولو قال للمسمى بحر أنت حر وقصد الإخبار أو الإنشاء فذانك، وإن
جهل قصده بموت أو جنون ففي الحكم بالحرية إشكال، من الشك في السبب،
ومن قضية الظاهر.
أما التعيين لفظا أو نية ففيه خلاف، فإن لم نشرطه وقال أحد عبيدي حر
عين من شاء. ولو مات أقرع، وقيل: بالقرعة وإن كان حيا. ويشكل بأنها
لاستخراج ما هو معين في نفسه، لا لتحصيل التعيين، فيحتمل تعيين الوارث مع
الموت.
ولو عدل المعتق عمن عينه لم يقبل ولم ينعتق الثاني، لأنه لم يبق محل
للعتق، بخلاف ما لو أعتق معينا واشتبه فعين، ثم عدل فإنهما ينعتقان.
ولو أعتق المريض
عبيده المستغرقة أو ثلثهم أو أوصى استخرج بالقرعة على
القولين، ولا يجوز الشيوع. ولو نص عليه فوجهان، من بناء العتق على السراية،
ووجوب العمل بقصده.
والمروي في القرعة عن النبي صلى الله عليه وآله (1)، وعن علي
عليه السلام (2)، والصادق عليه السلام (3) تجزئتهم ثلاثة أجزاء، فحينئذ يقرع
بكتابة أسماء العبيد، فإن أخرج على الحرية كفت الواحدة، وإلا أخرج
رقعتين. ويجوز كتابة الحرية في رقعة، والرقية في رقعتين، ويخرج على أسمائهم
فإن تساوت القيمة - وللعدد ثلث صحيح - فذاك، وكذا إن اختلفت وأمكن
التعديل بالعدد، مثل أن يكون العدد ستة، وكل اثنين يساويان ألفا، إلا أن
أحدهما يساوي أكثر من الآخر.

(1) سنن البيهقي: ج 10 ص 285
(2) وسائل الشيعة: باب 65 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 65.
(3) وسائل الشيعة: باب 65 من أبواب كتاب العتق ح 2 ج 16 ص 65.
198

ولو تنافى العدد والقيمة، مثل ستة قيمة واحد ألف واثنين ألف وثلاثة
ألف، اعتبرت القيمة عند الشيخ (1)، ولم لم يكن للعدد ثلث وأمكن التعديل
بالقيمة، كخمسة قيمة واحد ألف واثنين ألف واثنين أيضا ألف اعتبرت
القيمة، ولو لم يمكن التعديل بها، مثل أن يكون قيمة واحد ألفا واثنين ألفا
واثنين ثلاثة ألف أمكن تجزئتهم ثلاثة أجزاء، فيجعل الواحد جزء، ويضم إلى
الخسيسين أقل من النفيسين قيمة، فيجعلان جزء ويبقى الأرفع جزاء. ويمكن
كتابة خمس رقاع هنا وفي الذي قبله وهو قوي.
وفي تعدي التجربة إلى أربعة أجزاء في نحو الثمانية، أو خمسة أجزاء في
العشرة، أو الإفراد نظر، من قربة إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وآله، ومن
عدم الاكتفاء به، إذ لا بد من إعادة القرعة. وربما قيل: بالإفراد في جميع
الصور، لأن كل عبد يمكن تعلق العتق به وعدمه، فإذا جعل اثنان جزء أمكن
أن يكون قد ضمنا ما يتعلق به العتق إلى غيره، وقال المحقق (2): يعين الوارث،
والقرعة على الندب، والرواية (3) حكاية (4) حال.
[158]
درس
لو اشترى أمة بكرا نسيئة إلى سنة وأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها،
وأحبلها ومات ولا تركة، ففي صحيحة أبي بصير (5) ترد رقا وحملها كهيئتها،
وعليها كثير من الأصحاب، وحملها الفاضل (6) على وقوع العتق في مرض الموت،

(1) المبسوط: ج 6 ص 59.
(2) نكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 658.
(3) في باقي النسخ: والروايات.
(4) في " م ": حكايات.
(5) وسائل الشيعة: باب 71 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 1 ج 14 ص 582.
(6) التحرير: ج 2 ص 80.
199

ولا يتم في الولد، وحملت على فساد البيع، وينافيه قوله في الرواية: إن كان له
مال فعتقه جائز، وحملت على أنه فعل ذلك مضارة والعتق يشترط فيه القربة،
ولا يتم أيضا في الولد، وردها ابن إدريس (1) وحكم بصحة العتق، وحرية
الولد، قال المحقق في النكت (2): يجوز استثناء هذا الحكم من جميع الأصول
المنافية لعلة غير معقولة، ثم عدل إلى قول ابن إدريس، لأنه خبر واحد لم يعضده
دليل.
فروع على الرواية
الظاهر أن البكر والثيب سواء في الحكم، وأن الأجل لا يتقيد بالسنة، وأنه
لا فرق بين جعل عتقها مهرها، وبين إمهارها غيره، وأن العبد لو اشتراه نسية
ثم أعتقه كذلك، والأقرب تعدي الحكم إلى الشراء نقدا إذا لم يدفع المال.
وكذا لو كان بعضه نقدا، وأنه لا يكفي أن يخلف شيئا لا يحيط بثمنها، لظاهر
الرواية، وأنه لو فلس والحال هذه انتزعت على إشكال، من الرجوع في العين،
ومن تعليق البطلان عل ما إذا لم يخلف ما يقوم بثمنها، ولا يتصور ذلك في غير
الميت.
ولو تقدم الوضع على موته ففي الرقية نظر، من توهم أن الحكم هناك لتبعية
الحمل للحامل، وإلا يلزم استرقاق من حكم بحريته منفصلا وإن تطاولت المدة
هذا.
ومن أوصى بعتق من يخرج من الثلث وجب على الوصي أو الوارث
إعتاقه، فإن امتنعوا فالحاكم.

(1) السرائر: ج 3 ص 14.
(2) نكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 659.
200

ولا يحكم بحريته، إلا بالصيغة وإن طالت المدة. والكسب - عند الشيخ في
المبسوط - (1) للعتيق، لاستقرار سبب العتق بالوفاة فكأنه كاشف، قال: ولا
يملكه إلا بعد العتق وقبله يكون أحق به، ورده الفاضلان (2) بتبعية الكسب
للملك، وقبل العتق مملوك للوارث، وللشيخ أن يمنع ملك الوارث، للآية (3).
قاعدة:
الاعتبار بقيمة الموصى بعتقه عند الوفاة. وبالمنجز في المرض حين الإعتاق
عند الشيخ (4) وابن الجنيد (5)، والفاضل (6) تارة يقول بقولهما، وتارة يساوي بين
المنجز والمؤخر.
والاعتبار في التركة بأقل الأمرين من الوفاة وقبض الوارث، فلو زادت قيمة
المعتق عند الوفاة - فهي عند الفاضل (7) بمثابة الكسب، فإن خلف ضعف قيمته
الأولى - فصاعدا عتق كله، لأن الزيادة في الحرية غير محسوبة من التركة، وإن
نقص ماله أو لم يخلف سواه، حسب نصاب الرقية من التركة فيكثر فيقل
المعتق، فيكثر الرق، فتزيد التركة، فيكثر المعتق، وذلك دور.
ولو كانت قيمته عشرة وقت العتق فصارت عند الوفاة إلى عشرين ولم
يخلف سواه، قلنا عتق منه شئ وله من زيادة القيمة شئ، وللورثة شيئان

(1) المبسوط: ج 6 ص 63.
(2) المختلف: ج 2 ص 630، والشرائع: ج 3 ص 109 وص 110.
(3) النساء: 11 و 12.
(4) المبسوط: ج 6 ص 64.
(5) المختلف: ج 2 ص 629.
(6) القواعد: ج 2 ص 101، والتحرير: ج 2 ص 80.
(7) المختلف: ج 2 ص 629.
201

بإزاء المعتق، فهو في تقدير أربعة أشياء، فينعتق منه نصفه الذي هو الآن
يساوي عشرة وقد كان يساوي خمسة، وللورثة نصفه الذي يساوي عشرة وهو
ضعف ما عتق منه. ومنه يعلم ما لو زادت القيمة عن ذلك، أو خلف معه شيئا
آخر، وعندهما (1) لا عبرة بالزيادة أصلا.
ولو نقصت قيمته عند الوفاة كأن عادت إلى خمسة، فعنده (2) لا يتغير الحكم
لو لم يكن سواه، وإن كان له مال غيره اعتبر ضعف قيمته الآن، وعندهما يلزم
الدور، لأن التركة معتبرة بالوفاة فلا يحصل للوارث ضعف ما عتق، لأن المعتق
منه ثلاثة، وهو يساوي آن الإعتاق ثلاثة وثلثا، فيجب أن يكون لهم ضعفها
عند الوفاة، وهو متعذر فينقص العتق عن الثلث.
وكلما فرض عتق كان للوارث ضعفه، فيكثر نصيب الوارث بقلة المعتق،
ويكثر المعتق بقلة النصيب فيقل النصيب وهكذا، فنقول: عتق منه شئ
عاد إلى نصف شئ، فيبقى العبد في تقدير خمسة إلا نصف شئ يعدل ضعف
ما عتق، فتكون الخمسة إلا نصف شئ يعدل شيئين، أجبر وقابل تصير خمسة
كاملة تعدل شيئين ونصفا، فالشئ اثنان، وقد عاد إلى نصف شئ فيكون
واحدا، وذلك خمس العبد الآن، وقد كانت قيمته آن الإعتاق اثنين، وقد بقي
للورثة أربعة أخماسه، وذلك يساوي أربعة الآن، وهو ضعف قيمة الجزء المعتق
منه يوم الإعتاق.
[159]
درس
روى إسحاق بن عمار (3) عن الصادق عليه السلام فيمن أعتق عبده

(1) المختلف: ج 2 ص 629، والمبسوط: ج 6 ص 64.
(2) المختلف: ج 2 ص 631.
(3) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب كتاب العتق ح 2 ج 16 ص 15.
202

وزوجه ابنته، وشرط عليه إن أغارها رده في الرق، إن له شرطه، وعليها
الشيخ (1)، وطرد الحكم في الشروط، والقاضي (2) كذلك، وجوز اشتراط مال
معلوم عليه إن أخل بالشرط، وهو خيرة الصدوق (3)، لصحيحة محمد بن
مسلم (4) عن أحدهما عليهما السلام، وابن إدريس (5) والفاضل (6) أبطلا اشتراط
عوده رقا، وجعله الفاضل (7) مبطلا للعتق.
وروى يعقوب بن شعيب (8) عن الصادق عليه السلام فيمن اشترط في
عتق أمته عليها خدمته خمسين سنة، فأبقت فمات، ليس للورثة استخدامها،
وعليها الأكثر، لصحتها، وتأولها ابن إدريس (9) بوجوب الأجرة لفوات وقت
الخدمة، وليس في الرواية الفوات. نعم ذكره الشيخ (10)، وابن الجنيد (11)، وزاد
الشيخ (12) أنه لو مات المعتق فالخدمة للوارث، وزاد ابن الجنيد (13) أنه لو منع
العتيق من الشرط فكالفوات، وأوجب على السيد نفقته، وكسوته تلك المدة،
لقطعه عن التكسب.
فرع:
تفرد الفاضل (14) باشتراط قبول العتيق شرط الخدمة وغيرها، فلو يقبل

(1) النهاية: ص 542.
(2) المهذب: ج 2 ص 359.
(3) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 38.
(4) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب كتاب العتق ح 3 ج 16 ص 15
(5) السرائر: ج 3 ص 11.
(6) المختلف: ج 2 ص 625.
(7) المختلف: ج 2 ص 625.
(8) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 14.
(9) السرائر: ج 3 ص 11.
(10) النهاية: ص 542.
(11) النهاية: ص 542.
(12) المختلف: ج 2 ص 625.
(13) المختلف: ج 2 ص 625.
(14) المختلف ج 2 ص 625.
203

بطل العتق.
ولو شرط عليه مالا فأولى باشتراط القبول، لأن الخدمة استثناء والمال
منفرد عن الرقية هذا.
ولو نذر عتق أول ما يملك أو أول ما تلده أمته فملك جماعة، وولدت توأمين
دفعة عتق الجميع، والشيخ (1) لم يقيد في الولادة بالدفعة، كما في الرواية (2) من
قضاء أمير المؤمنين عليه السلام، ونزلها ابن إدريس (3) على إرادة الناذر أول
حمل.
ولو قال أول مملوك، فملك جماعة دفعة بإرث أو عقد مثلا عتق واحد
بالقرعة، لصحيح الحلبي (4) عن الصادق عليه السلام، وقال ابن الجنيد (5):
يتخير، لرواية الصيقل (6) عنه عليه السلام، وأبطل ابن إدريس (7) النذر رأسا،
لعدم الأولوية.
والفرق بين أول مملوك، وبين أول ما يملك، بناء على أن ما موصولة فتعم،
فيسري العموم إلى الأول، وأما مملوك فنكرة في الإثبات، وهي غير عامة، ولو
جعلت ما مصدرية ساوت الإضافة إلى مملوك في الحكم. ولو أريد بمملوك
الجنس ساوى ما في الحكم.
ولو نذر عتق آخر ما يملك أو آخر مملوك فكما سبق، إلا أنه يشترط تعقب

(1) النهاية: ص 544.
(2) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 35.
(3) السرائر: ج 3 ص 13.
(4) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 58.
(5) المختلف: ج 2 ص 625.
(6) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب كتاب العتق ح 3 ج 16 ص 59.
(7) السرائر: ج 3 ص 12.
204

موته له وكسبه قبل موت السيد موروث قطعا، إن شرطنا إيقاع الصيغة من
الوارث، وإن اجتزأنا بحصول شرط النذر في العتق فإشكال، من الشك في
كون موت السيد كاشفا عن حصول الشرط، أو أن له مدخلا في السببية. وكذا
لو وجد له ولد بين الملك والموت.
ولو علق العتق بالنذر وشبهه على فعل، كالوطئ لزم، فلو أخرجها عن ملكه
بطل، فلو عادت لم يعد النذر، والخبر (1) الصحيح عن أحدهما عليهما السلام
ليس فيه نذر، بل مجرد التعليق، وحمله الأصحاب على النذر موافقة للأصول،
وتوقف بعضهم في حلة بخروجها عن الملك، لنفوذ النذر في ملك الغير.
ويضعف بأن قرينة الحال تخصصه بملكه وقد زال، كما قال في الرواية: قد
خرجت من (2) ملكه.
نعم لو عمم الشرط، كقوله متى وطئتها فهي حرة لم ينحل النذر بخروجها،
فلو عادت ووطئ تحررت.
ولو نذر عتق كل عبد له قديم، حمل على ستة أشهر فصاعدا، ولو نقصوا عن
ذلك احتمل عتق أقدمهم إن كان فيهم أقدم، وعتق الجميع إن كانوا قد ملكوا
دفعة. وكذا كل أمة قديمة.
أما لو نذر الصدقة بماله القديم، أو أبرأ غريمة القديم، ففي الحمل على الحقيقة
الشرعية أو العرفية إشكال.
ولو مر بعاشر فقال: عبيدي أحرار أو كنت أعتقتهم فلا عبرة به إنشاء ولا
إخبارا، ما لم يقصد العتق، أو يكن قد أعتق منهم شيئا، فينصرف إليه وإن
كان واحدا باطنا، وفي الظاهر، قيل: يطالب بما يصدق عليه الجمع، كالثلاثة

(1) وسائل الشيعة: باب 59 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 60.
(2) في " م " و " ز ": عن.
205

فصاعدا، وهو حسن إن كان الأخبار، لا في محل الاضطرار، لا كصورة
الفرض، فإن القرينة تمنع من نفوذ الأخبار في مقتضاه.
وعتق الحمل لا يسري إلى الحامل، وبالعكس، لأن السراية في الأشقاص
لا في الأشخاص، وفي رواية السكوني (1) عنه عليه السلام عن أبيه يتحرر الحمل
بعتقها وإن استثناه، لأنه منها، وعليها القدماء.
ويؤيدها صحيحة الحسن بن علي الوشاء (2) عن الرضا عليه السلام في جارية
دبرت وهي حبلى إن علم به فهو مدبر، وإلا فهو رق.
وروى زرارة (3) في الصحيح عن الباقر عليه السلام ملك العتيق ماله إذا
علم به السيد، وإلا فله.
وفي صحيح حريز (4) عن أبي الحسن عليه السلام يقول لي مالك وأنت حر
برضا المملوك ولا يبدأ بالحرية، وبمضمونها أفتى القدماء، وقال الحليون (5): المال
للسيد مطلقا، بناء على أن العبد لا يملك، والأقرب المشهور، قال الشيخ (6): ولو
قال أنت حر ولي مالك، فالمال للعتيق، وصحيحة عمر بن يزيد (7) عن الصادق

(1) وسائل الشيعة: باب 69 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 67.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب كتاب التدبير ح 3 ج 16 ص 76.
(3) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب كتاب العتق ح 4 ج 16 ص 29.
(4) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب كتاب العتق ح 5 ج 16 ص 29، وفيه: " عن أبي جرير قال:
سألت أبا جعفر عليه السلام... " إلا أن في الكافي ج 6 ص 191 والتهذيب ج 8 ص 224 والاستبصار
ج 4 ص 11: " عن أبي جرير قال: سألت أبا الحسن عليه السلام... "، ولكن في من لا يحضره الفقيه
ج 3 ص 153: " عن حريز قال: سألت أبا الحسن عليه السلام... ".
(5) السرائر: ج 3 ص 6، والشرائع: ج 3 ص 109، والمختلف: ج 2 ص 624، والإيضاح: ج 3 ص 490،
والجامع للشرائع: ص 402، والتنقيح الرائع: ج 3 ص 446.
(6) النهاية: ص 543.
(7) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 34.
206

عليه السلام مصرحة بملكه، فاضل الضريبة، وجواز تصدقه به، وعتقه منه، غير
أنه لا ولاء له عليه، بل هو سائبة. ولو ضمن العبد جريرته لم يصح، وبذلك
أفتى في النهاية (1).
[160]
درس
فيه مسائل عشر
الأولى: لو أوصى بعتق عبيده المستغرقين أو نجز عتقهم، ثم ظهر دين
مستغرق بطلا، وإن فضل من العبيد أعتق ثلث الفاضل مع عدم الإجازة، فلو
كان العبيد ضعف الدين جعلوا قسمين، وكتب رفعة للتركة وأخرى للدين
فيعتق ثلث من خرج تركته، ويباع الخارج في الدين. ولو كان الدين ثلث
العبيد كتب رقعتان للتركة وأخرى للدين. ولا فرق بين العبد الواحد وبين
الأزيد.
والشيخ (2) يقول: لو أعتق عبده أو أوصى بعتقه وعليه دين، فإن كانت
قيمته ضعف الدين صح وعتق كله، وسعى في نصفه للديان وفي ثلثه للورثة،
وإن نقصت قيمته عن الضعف بطل عتقه، معولا على أخبار (3) صحاح، أعرض
عنها ابن إدريس (4)، إلا أن يكون منجزا، بناء على قاعدته فيه.
الثانية: لو أوصى بعتق عبده، وقيمته ضعف الثلث فما زاد عتق بقدر
الثلث، كما لو كانت قيمته دون ذلك، ونقل ابن إدريس (5) عن الشيخ: أنها

(1) النهاية: ص 543.
(2) النهاية: ص 545.
(3) وسائل الشيعة: باب 39 من أبواب أحكام الوصايا ج 13 ص 422.
(4) السرائر: ج 3 ص 14.
(5) السرائر: ج 3 ص 6.
207

إذا بلغت الضعف بطلت الوصية.
الثالثة: لو أعتق المريض ثلث أماء، فلم يخرجن من الثلث عتقت الخارجة
بالقرعة، فلو ظهر بها حمل متجدد فهو حر، وإن كان سابقا ففيه القولان.
الرابعة: لو أعتق ثلاثة أعبد تستغرق تركته فمات أحدهم قبله أقرع بين
الميت والحيين، فإن ظهرت الحرية على الميت تبينا موته حرا، فمؤنة التجهيز على
وارثه أو في بيت المال، وفيه دقيقة، وإن ظهرت على أحد الباقين تبينا موته رقا
ومؤنة التجهيز على الوارث، ثم لا يحتسب من التركة، فإن كان الخارج ثلث
الباقين عتق، وإن نقص عن الثلث كمل من الآخر، وإن زاد عتق منه بقدر
الثلث.
الخامسة: لو دبر ثلاثة أو أوصى بعتقهم، ثم مات أحدهم قبله لم يدخل في
القرعة، لعدم احتمال مسيس الحرية له. ولو مات بعد السيد أدخل، فإن خرج
عتق، وإلا عتق من يخرج من الحيين، ويحسب الميت على الورثة إن كان قد
قبض، وإلا فلا.
السادسة: لو جمع بين العتق وغيره في الوصية قدم السابق، وقدم الشيخ (1)
العتق والمكاتبة مطلقا، لبنائهما على التغليب.
السابعة: لو مات المعتق المستوعب في المرض قبل السيد، ففي حريته كله،
لعدم الفائدة للوارث في رده إلى الثلث، أو رقه كله، لعدم تملك الوارث
ضعفه، أو حرية ثلاثة كما لو بقي أوجه.
والفائدة في تجهيزه وفي مزاحمة الوصايا لو كان له سواه، فعلى الوجهين
الأولين لا يزاحمها.
الثامنة: لو استغرق الدين التركة، فأعتق الوارث عبدا منها بنى على انتقالها

(1) لم نعثر إلا على ما في المبسوط: ج 4 ص 48.
208

إليه، لامتناع ملك بغير مالك أو لا، للآية (1) وبه قال الشيخ (2): فعلى الثاني
يبطل، وعلى الأول يبني على تعلق الدين بها، هل يشبه تعلق الأرش بالجاني أو
الرهن؟ فعلى الأول يصح مراعى بالأداء.
التاسعة: لو نذر عتق عبده إن كان المقبل زيدا، ونذر آخر عتق عبده إن لم
يكن زيدا، ثم هلك وتعذر الاستعلام فالقرعة، ويحتمل عدم عتق أحدهما،
لعدم العلم بشرطه (3). نعم لو اجتمعا لواحد أقرع قطعا.
العاشرة: لو كان للمعتق مال غائب تنجز عتق ثلث الحاضر، ثم كلما
حضر شئ عتق ثلثه، وفي وجوب تحصيله على الوارث مع الإمكان نظر فإن
قلنا به ففي توقف العتق على قيض الوارث، أو الاكتفاء بتمكنه منه نظر، أقربه
الثاني.
[161]
درس
خواص العتق تسع: حصوله بالقرابة، والعمى، والجذام، والاقعاد،
والتنكيل، والقرعة إذ الأصل الشياع، ولكن يسوق (4) الشرع إلى الإكمال
وتقديمه على غيره عند الشيخ (5)، وقد سبق ذلك.
والسراية والولاء، للنقل (6) فيهما، فمن أعتق شقصا من عبده عتق جميعه،
لقوله صلى الله عليه وآله (7) ليس لله شريك، إلا أن يكون مرضيا، ولا يخرج
من الثلث.

(1) النساء: 11 و 12.
(2) لم نعثر إلا على ما في المبسوط: ج 4 ص 23.
(3) في " ق " و " ز ": بالشرط.
(4) في باقي النسخ: تشوق.
(5) المبسوط: ج 4 ص 48.
(6) في " م " و " ق ": فلنقل.
(7) سنن البيهقي: ج 10 ص 273 وص 274.
209

ولو أوصى بعتق شقص من عبده أو دبر شقصا منه، ثم مات ولا يسع
الثلث زيادة عن الشقص فلا سراية، ولو وسع ففي السراية وجهان، كما إذا
أوصى بعتق شقص من عبد له فيه شريك، ووسع الثلث نصيب الشريك،
وهنا روى أحمد بن زياد (1) عن أبي الحسن عليه السلام تقويمه، وعليه النهاية (2)،
خلافا للمبسوط (3) وابن إدريس (4)، لزوال ملكه بموته، والأول أثبت، لسبق
السبب على الموت.
ويظهر من فتوى السيد ابن طاوس في كتابيه (5) قصر العتق على محله وإن
كان حيا، لرواية حمزة بن حمران (6)، وضعف طريق رواية (7) السراية، والأصل،
والبعد عن العامة. ولكن معظم الأصحاب على خلافه، والأكثر على السراية في
نصيب الغير إن (8) كان المعتق حيا موسرا، بأن يملك حال العتق زيادة عن داره
وخادمه ودابته وثيابه المعتادة وقوت يومه له ولعياله، مما يسع نصيب الشريك (9)
أو بعضه على الأقوى.
ولو أيسر بعد العتق فلا تقويم، وفي النهاية (10) والخلاف (11) إن قصد القربة

(1) وسائل الشيعة: باب 74 من أبواب أحكام الوصايا ح 2 ج 13 ص 463.
(2) النهاية: ص 616.
(3) المبسوط: ج 6 ص 57.
(4) السرائر: ج 3 ص 214.
(5) مراده كتاب البشرى وكتاب الملاذ ولا يوجد لدينا.
(6) وسائل الشيعة: باب 64 من أبواب كتاب العتق ح 3 ج 16 ص 64.
(7) وسائل الشيعة: باب 64 من أبواب كتاب العتق ح 1 و 2 ج 16 ص 63.
(8) في باقي النسخ: إذا.
(9) في " ق ": شريكه.
(10) النهاية: ص 542.
(11) الخلاف: ج 3 ص 365.
210

فلا تقويم، بل يسعى العبد، فإن أبى لم يجبر، وإن قصد الإضرار فكه إن كان
موسرا، وبطل العتق إن كان معسرا، وبه ورد الخبر (1) الصحيح عن الصادق
عليه السلام، وإن كان الأشهر الفك مع الإيسار (2) مطلقا، وابن إدريس (3)
أبطل العتق مع الإضرار، لعدم التقرب، وظاهر الرواية بخلافه، والحلبي (4)
يسعى العبد، ولم يذكر التقويم، وابن الجنيد (5) إن أعتق لله غير مضار تخير
الشريك بين إلزامه قيمة نصيبه إن كان موسرا، وبين استسعاء العبد. وللسراية
شرطان آخران:
أحدهما: كون العتق اختياريا، ويكفي اختيار السبب، كالشراء
والإتهاب للقزيب. وفي التنكيل إشكال من تحريم السبب ومن تأثيره في
ملكه، فلو ورث شقصا من قريبه لم يسر عند الحليين (6)، وقال الشيخ (7):
يسري.
وثانيهما: أن لا يتعلق بالشقص حق لازم، كالوقف والكتابة والاستيلاد،
ترجيحا لأسبق الحقين. وقيل: بالسراية للعموم، والسراية إلى الرهن أقوى،
وأقوى منه التدبير، وأقوى منهما الوصية بعتق الشقص.
ولا بد من جعل نصيب المعتق موردا للعتق أو جميع العبد، فلو جعله نصيب
الشريك لم يصح، لامتناع كون التابع متبوعا. ولو أعتق الشريكان دفعة فلا

(1) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب كتاب العتق ح 12 ج 16 ص 23.
(2) في باقي النسخ: اليسار.
(3) السرائر: ج 3 ص 10.
(4) الكافي في الفقه: ص 317.
(5) المختلف: ج 2 ص 622.
(6) السرائر: ج 3 ص 20، والشرائع: ج 3 ص 112، والمختلف: ج 2 ص 628، والإيضاح: ج 3 ص 497
وليس فيه اختيار قول، والجامع للشرائع: ص 402، والتنقيح الرائع: ج 3 ص 451 وص 452.
(7) المبسوط: ج 6 ص 68.
211

تقويم، للتدافع.
وفي العتق باللفظ، أو بالأداء، أو بالمراعاة (1) أوجه، وصحيحة محمد بن
قيس (2) عن الصادق عليه السلام مصرحة بالشراء، وهو عبارة الأكثر، فعلى هذا
يقوي اعتبار الأداء. فلو أعتق الشريك حصته صح.
وتعتبر القيمة يوم الأداء، ولو مات العتيق قبله مات مبعضا، ولا شئ على
المباشر، ولو وجب عليه حد قبل الأداء فكالمبعض.
ولو أيسر المباشر بعد العتق أمكن التقويم على هذا القول، ولو اختلفا في
القيمة عرض على المقومين، فإن تعذر حلف الشريك، لأنه ينتزع منه. ولو قلنا:
عتق بالمباشرة حلف المباشر، لأنه غارم.
ولو أعتق اثنان دفعة قومت حصة من عداهما عليهما بالسوية، تساويا أو
اختلفا في الحصة.
ولو تداعى الشريكان العتق حلفا واستقر الرق بينهما، وعلى القول باللفظ
ينعتق عليهما مع يسارهما، وحيث يسعى العبد يكون النصيب رفا حتى يؤدي،
فيعتق كالمكاتب المطلق، وجميع السعي له، وظاهر الأصحاب عدم وجوب
السعي عليه، فيتهايان فيتناول المعتاد كالاحتطاب، والنادر كالالتقاط،
والنفقة والفطرة عليهما. ولو ملك يجزيه الحر مالا لم يشاركه المولى، كالإرث
والوصية وإن كان في نوبة المولى. ولو امتنعا من المهاياة لم يجبرا.
فروع خمسة:
الأول: لو أوصى بعتق نصيبه ونصيب شريكه، فعلى القول بالسراية

(1) في باقي النسخ: أو المرعات.
(2) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب كتاب العتق ح 3 ج 16 ص 21.
212

فالوصية تأكيده، ويجبر الشريك على أخذ القيمة، وعلى القول الآخر يحتمل
المساواة، إذ عتق البعض سبب في التقويم ما لم يمنع مانع، وهنا زال المانع أعني
حق الوارث من التركة بالإيصاء، ويحتمل المنع، كما لو أوصى بشراء عبد الغير
وعتقه، فإنه لا يجبر مالكه على البيع.
الثاني: لو أعتق بعض الحامل، وقلنا بتبعية الحمل، أو أدخله في العتق
وتأخر الأداء حتى وضعت بنى على ما مر، فعلى اعتبار الأداء يلزم بقيمة نصيب
الشريك من الحمل منفصلا يوم الأداء، لا حين سقوطه، وعلى الآخر تقوم
حبلى.
الثالث: لو ادعى الشريك صنعة تزيد بها القيمة، فإن تعذر استعلامها
حلف المعتق، وإن كان محسنا لها فعلى الأداء يقوم صانعا، وعلى الإعتاق
يحلف المعتق على عدم سبقها. ولو أدى القيمة، ثم طالبه الشريك بالصنعة،
فادعى تأخرها عن الأداء حلف إن أمكن التجدد.
الرابع: لو وكل شريكه في عتق نصيبه فبادر إلى عتق ملكه، قوم عليه
نصيب الموكل، إن لم نشرط الأداء، وإن شرطناه فللوكيل إعتاقه ولا تقويم، وإن
بادر بعتق ما وكل فيه قوم على الموكل، لأنه سبب. وربما احتمل عدم التقويم،
لأن المباشر أقوى.
ولو أعتقهما دفعة فلا تقويم، وإن أعتق نصفا شائعا منهما أمكن أن يقوم على
كل واحد منهما ربع العبد، وإن أعتق نصفا ولم ينو شيئا فالأقرب صرفه إليهما،
ويحتمل إلى نصيبه، لأن تصرفه في ماله هو الغالب، ويحتمل إلى نصيب
الشريك، لأنه المأذون فيه، والبطلان، لعدم التعيين.
الخامس: إذا كلف العبد السعي لإعسار المباشر، انقطع بإعتاق صاحب
النصيب. ولو قلنا بأنه يسعى سعي الأحرار بطل العتق، لأنه تحصيل الحاصل.
213

[162]
درس
إذا تبرع بالعتق ثبت الولاء للمنعم، وسرى من الجانبين فيرث به أقرباء
المنعم العتيق وذريته، ما لم يكن أحدهم حر الأصل فلا ولاء عليه، أو يكن ثم
نسب وإن بعد، أو تبرأ المعتق من ضمان الجريرة عند العتق، لا بعده على قول
قوي.
ولا يشترط الإشهاد في التبري. نعم هو شرط في ثبوته، وعليه تحمل
صحيحة ابن سنان (1) عن الصادق عليه السلام في الأمر بالإشهاد، وظاهر ابن
الجنيد (2) والصدوق (3) والشيخ (4) أنه شرط الصحة.
ولا يرث العتيق (5) المنعم، ونقل الشيخ (6) فيه الإجماع، وبه يضعف قول
الصدوق (7) وابن الجنيد (8) بالإرث. نعم لو دار الولاء توارثا، كما لو اشترى
العتيق أبا المنعم فأعتقه، وانجر ولاءه (9) من مولى أم المنعم إلى العتيق.
ولا يورث الولاء، لأنه لحمة كلحمة النسب، والنسب لا يورث. فلو خلف
المنعم ابنين ومات أحدهما عن ابن ثم العتيق فولاؤه للابن الباقي. ولو جعلناه
موروثا شاركه ابن أخيه.

(1) وسائل الشيعة: باب 43 من أبواب كتاب العتق ح 4 ج 16 ص 49.
(2) المختلف: ج 2 ص 634، ولا يخفى أن المختلف استفاد من ظاهر كلام ابن الجنيد المنع من الاشتراط.
(3) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 38.
(4) النهاية: ص 547.
(5) في " ق ": المعتق.
(6) الخلاف: ص 369.
(7) لم نعثر عليه في كتب الصدوق ولكن ذكره في المختلف: ج 2 ص 633.
(8) المختلف: ج 2 ص 633.
(9) في " ق ": الولاء.
214

ولا يحجب الزوج المنعم عن النصف، خلافا للحلبي (1)، ووافق في عدم
حجب الزوجة، واختلف الأصحاب في الوارث بالولاء، ففي الخلاف (2)
لا خلاف بيننا أنه العصبة دون الأولاد إذا كان المنعم امرأة، وكأنه لم يعتد،
بخلاف الحسن (3) حيث جعل الولاء لأولادها مطلقا، والمفيد (4) حيث خصه
بالذكور.
قال الشيخ (5): وإن كان رجلا فأولاده الذكور والإناث على الأظهر في
المذهب، لرواية عبد الرحمن بن الحجاج (6) عن الصادق عليه السلام أن
رسول الله صلى الله عليه وآله دفع ميراث مولى حمزة إلى ابنته، ولقوله صلى الله
عليه وآله (7) الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب، ولأنه أبعد من قول
العامة، وفي النهاية (8) لا يرث البنات الولاء، لصحيحتي محمد بن قيس (9)،
وبريد (10) عن الباقر والصادق عليهما السلام، ولأنهن لا يعقلن، وفي المبسوط (11)
لوارث المال حتى قرابة الأم، وقال الصدوق (12): يرثه أيضا الأولاد ذكورا

(1) الكافي في الفقه: ص 374.
(2) الخلاف: ج 2 ص 285.
(3) المختلف: ج 2 ص 632.
(4) المقنعة: ص 694.
(5) الاستبصار: ج 4 ص 173.
(6) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب ميراث ولاء العتق ح 10 ج 17 ص 540.
(7) وسائل الشيعة: باب 42 من أبواب كتاب العتق ح 2 ج 16 ص 47.
(8) النهاية: ص 547.
(9) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 44.
(10) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب كتاب العتق ح 2 ج 16 ص 45، وفيه وفي الكتب الأربعة:
" سألت أبا جعفر عليه السلام ".
(11) المبسوط: ج 4 ص 93.
(12) المختلف: ج 2 ص 632.
215

وإناثا، والأول المختار، والصحيحان تقية، كما أومي إليه الحسن (1).
أما باقي الإناث كالجدات والأخوات والأم وقرابتها فرواية ابن قيس (2) أن
الوارث العصبة، تدل على عدم إرثهم، واختاره جماعة، وخبر اللحمة يقتضي
التوريث، وقال ابن الجنيد (3): لا ترثه النساء، وفي المبسوط (4) لا ترث المرأة
بالولاء، إلا عتيقها أو عتيقه فنازلا، مع أنه قال: يتقاسم الأخوة للذكر ضعف
الأنثى، وفي الخلاف (5) لا يرثه قرابة الأم، وظاهره إرث النساء من قبل الأب.
فرع:
يشترك الأب والابن في الولاء، وقال ابن الجنيد (6): الابن أولى. وكذا
يشترك الجد للأب والأخ من قبله، وقال: الجد أولى، هذا.
ولا يصح بيع الولاء، ولا هبته، ولا اشتراطه في بيع أو غيره، ولا نقله عن
محله بوجه، ويثبت على المدبر إجماعا، والموصى بعتقه وفي أم الولد قولان، فأثبته
الشيخ (7)، ونفاه ابن إدريس (8). وكذا في عتق القريب، سواء ملكه بعوض أو
لا، لرواية سماعة (9).
واحتج ابن إدريس (10) بأن الولاء للمعتق، وبه احتج الشيخ (11) وأثبت
الولاء على المكاتب مع الشرط، وعلى المشتري نفسه مع الشرط، ولمن تبرع

(1) المختلف: ج 2 ص 631.
(2) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 44.
(3) المختلف: ج 2 ص 631.
(4) المبسوط: ج 4 ص 95.
(5) الخلاف: ج 2 ص 285.
(6) المختلف: ج 2 ص 633.
(7) المبسوط: ج 6 ص 71.
(8) السرائر: ج 3 ص 26.
(9) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 15.
(10) السرائر: ج 3 ص 25.
(11) المبسوط: ج 6 ص 71.
216

بالعتق عن الغير حيا أو ميتا، قال (1): ولا يقع العتق عن المعتق عنه، لأن العتق
عنه إحداث ولاء له بعد موته، فامتنع كما امتنع إلحاق نسب به، لمساواة الولاء
النسب، وتبعه ابن حمزة (2) وأثبته على المنذور عتقه.
ونفوا الولاء عن المعتق في الكفارة، صرح به الشيخ (3) في مواضع، وهو في
صحيح بريد بن معاوية (4) عن الصادق عليه السلام وفيها أن العتق الواجب لا
ولاء فيه، وأن الولاء للمتبرع بالعتق عن أبيه بعد موته، وفي فصل الكفارات
من المبسوط (5) ثبوت الولاء على المعتق في الكفارة، والظاهر أنه حكاية
لتصريحه (6) قبله بعدمه.
ويثبت الولاء للكافر ولو على مسلم وارثه مراعى بإسلامه، وإسلام من
ينتقل إليه، ولا يثبت بالالتقاط، وقول عمر (7) متروك.
وينجر إلى مولى الأب من مولى الأم إذا كان عبدا حين الولادة، ولو كان
أحدهما حر الأصل فلا ولاء ولا جر، ولو سبق عتق الجد جره وجر منه بعتق الأب.
فرع:
لو مات عتيق الكافر وهو حي والعتيق مسلم فولاءه للإمام. ولو كان
للكافر ولد مسلم أو قريب ففي إرثه هنا نظر، من أنه لحمة كلحمة النسب، ومن
فقد شرط الانتقال.

(1) المبسوط: ج 6 ص 210.
(2) الوسيلة: ص 343.
(3) المبسوط: ج 6 ص 71.
(4) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب كتاب العتق ح 2 ج 16 ص 45، وفيه وفي الكتب الأربعة:
" سألت أبا جعفر عليه السلام ".
(5) المبسوط: ج 6 ص 209.
(6) لم نعثر على هذا التصريح إلا في كتاب العتق من المبسوط: ج 6 ص 71.
(7) الخلاف: ج 3 ص 369.
217

كتاب أم الولد
219

كتاب أم الولد
وهي من حملت من مولاها بحر في ملكه، فلا يثبت في علوق الزوجة،
والموطوءة
بشبهة، وإن ملكها بعد، وفي الخلاف (1) وموضع من المبسوط (2) يثبت
إذا ملكها، سواء كان الولد حرا أو رقا إذا ملكه فعتق، وفي موضع آخر منه (3)
شرط كون الولد حرا، وروى ابن مارد (4) عدم الثبوت.
ولا بعلوقها من المكاتب المشروط إذا عجز، ولو أدى ثبت، ولا من العبد
إذا ملكناه.
ولا يمنع تحريم الوطئ بعارض (5)، كالصوم والحيض والرهن من نفوذ
الاستيلاد.
أما التحريم بتزويج الأمة أو بالرضاع إذا قلنا بعدم العتق عند ملكها فيه،
قال في المبسوط (6): بنفوذه. ويشكل إذا علم بالتحريم، لتوجه الحد عليه فلا

(1) الخلاف: ج 3 ص 388،
(2) المبسوط: ج 6 ص 187.
(3) المبسوط: ج 6 ص 186.
(4) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الاستيلاد ح 1 ج 16 ص 105.
(5) في باقي النسخ: لعارض.
(6) المبسوط: ج 6 ص 189.
221

يلحقه النسب.
ولا بد مع الاشتباه من شهادة أربع من النساء ذوات الخبرة بأن ذلك مبدأ
خلق آدمي، ولو مضغة، أما النطفة فلا، خلاف للشيخ (1).
والفائدة ليس في استتباع الحرية، لأنها تزول بموت الولد، فكيف بعدم
تمامه عندنا، بل في إبطال التصرفات السابقة على الوضع بالبيع وشبهه.
ويجوز استخدامها وتزويجها، ولا يشترط رضاها عندنا وإجارتها وعتقها،
وبيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى حيا أو ميتا على الأقرب. قيل: وفي
الجناية والرهن والإفلاس إذا علقت فيهما، وفي العجز عن النفقة وموت قريبها،
وعلى من ينعتق عليه. ويحتمل جوازه عند اشتراط العتق.
وفيما إذا مات مولاها والدين يستغرق تركته، إذ لا إرث فلا نصيب لولدها
الذي عتقها بعد الوفاة مستندا إليه. ولهذا لو كان ولدها غير وارث لكونه قاتلا
أو كافرا لم ينعتق.
وفي رواية عمر بن يزيد (2) عن الكاظم عليه السلام لا تباع في دين غير ثمن
رقبتها، ويحمل على حال الحياة أو على عدم استيعاب الدين التركة.
وروى أبو بصير (3) عن الصادق عليه السلام تقويمها على الولد إذا مات
المولى وعليه دين، وإن كان الولد صغيرا انتظر بلوغه، وحمل الشيخ (4) الدين على
ثمنها وقال: لو مات قبل البلوغ قضى منها الدين.

(1) المبسوط: ج 6 ص 186.
(2) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 51.
(3) الاستبصار: باب 8 من أبواب كتاب العتق ح 5 ج 4 ص 14 الرقم 41. ولم نعثر عليه في الوسائل
وعثرنا على مضمونه في روايتين مع تفاوت في السند، راجع وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب بيع
الحيوان ح 4 و 5 ج 13 ص 52.
(4) النهاية: ص 547.
222

وابن حمزة (1) ألحق غيره من الديون به عملا بإطلاق الرواية، وعن
المرتضى (2) المنع من بيعها مطلقا ما دام ولدها، والمروي (3) عن علي عليه السلام
بيعها في ثمنها.
ولو أسلمت عند ذمي بيعت عند الشيخ في موضع من المبسوط (4) وابن
إدريس (5)، وفي الخلاف (6) والموضع الآخر (7) يحال بينه وبينها عند مسلمة
ويمنع من وطئها واستخدامها. وتفرد في المختلف (8) باستسعائها فتعتق بأداء
القيمة، تفاديا من الضرار به أو بها. ولو بقي ولدها فثالث الأوجه إلحاقه
بحكم أبيه إذا كان وارثا.
ولا ينعتق من أصل التركة إجماعا، بل يجعل في نصيب الولد، ولو عجز
نصيبه عن قيمتها قومت عليه عند الشيخ في المبسوط (9) وابن الجنيد (10)، لقول
النبي صلى الله عليه وآله (11) من ملك ذا رحم فهو حر، ويظهر من رواية أبي
بصير (12) أيضا، واستسعيت عند المفيد (13) والحليين (14)، والمسألة مبنية على السراية

(1) الوسيلة: ص 343.
(2) الإنتصار: ص 175.
(3) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 51، وباب 2 من أبواب الاستيلاد
ح 1 ج 16 ص 104.
(4) المبسوط: ج 6 ص 188.
(5) السرائر: ج 3 ص 22.
(6) الخلاف: ج 3 ص 389.
(7) المبسوط: ج 6 ص 190.
(8) المختلف: ج 2 ص 647.
(9) المبسوط: ج 6 ص 185.
(10) المختلف: ج 2 ص 647.
(11) مستدرك الوسائل: باب 12 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 15 ص 456.
(12) الاستبصار: باب 8 من أبواب كتاب العتق ح 5 ج 4 ص 14 الرقم 41. وفي الوسائل ذكر مضمونه في
روايتين مع تفاوت في السند، راجع وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب بيع الحيوان ح 4 و 5 ج 13
ص 52.
(13) المقنعة: ص 601.
(14) السرائر: ج 3 ص 22، والشرائع: ج 3 ص 139، والمختلف: ج 2 ص 647، والإيضاح: ج 3 ص 635،
والجامع للشرائع: ص 407، والتنقيح الرائع: ج 3 ص 483.
223

في العتق القهري. ويجوز تدبيرها لا كتابتها على الأقوى.
ولو أوصى لها المولى بمال، قال الشيخ (1): تعتق من النصيب وتملك
الوصية، لمصادفة استحقاقها الوصية عتقها من النصيب، وهو في كتاب
العباس (2).
وفي رواية أبي عبيدة (3) تعتق من الثلث وتعطى الوصية، ويمكن تخريجها
على صرف المال في عتقها، فإن فضل فلها كالقن. وتقدم على عتقها من
النصيب، لتقديم الوصية على الإرث، وقيل: تعتق من الوصية، فإن فضل منها
شئ عتق من نصيب الولد، وهذا قضية الرواية على ما خرجناه.
وللمولى فكها بالأقل من القيمة والأرش لو جنت، وله تسليمها، وفي
الديات من المبسوط (4) أرش جنايتها على سيدها بلا خلاف، إلا أبا ثور فإنه
جعلها في ذمتها تتبع به بعد العتق، ثم جعلها الشيخ (5) كالقن في التعلق بالرقبة
إن لم يفدها السيد، وقال في الاستيلاد منه (6): يتعلق الأرش برقبتها بلا
خلاف، ويتخير بين البيع والفداء، وكذا قال في الخلاف (7)، وفي المختلف (8)
عقل مما في الديات، وفي المبسوط (9) عدم التعلق برقبتها وجنح إليه، لأن منع
من بيعها بإحباله، ولم يبلغ حاله يتعلق الأرش بذمتها، فصار كالمتلف لمحل
الأرش فلزمه الضمان، كما لو قتل عبده الجاني، بخلاف ما لو أعتق عبده ثم

(1) النهاية: ص 611.
(2) وسائل الشيعة: باب 82 من أبواب أحكام الوصايا ح 4 ج 13 ص 470.
(3) وسائل الشيعة: باب 82 من أبواب أحكام الوصايا ح 4 ج 13 ص 470.
(4) المبسوط: ج 7 ص 160.
(5) المبسوط: ج 7 ص 160.
(6) المبسوط: ج 6 ص 187.
(7) الخلاف: ج 3 ص 138.
(8) المختلف: ج 2 ص 822.
(9) المبسوط: ج 6 ص 187.
224

جنى لأنه بلغ حاله يتعلق الأرش بذمته، وهذا نقله الشيخ (1) عن بعض العامة.
وفي الصحيح عن مسمع (2) عن الصادق عليه السلام جنايتها في حقوق
الناس على سيدها وحق الله في بدنها، ويمكن حملها على أن له الفداء.
فرع:
لو جنت على جماعة ولما يضمن السيد فعليه أقل الأمرين من قيمتها
والأرش، وإن ضمن للأول، فظاهر المبسوط (3) أنه لا ضمان عليه بعد إذا كان
قد أدى قيمتها، بل يشاركه من بعده فيما أخذ.

(1) المبسوط: ج 6 ص 187.
(2) وسائل الشيعة: باب 43 من أبواب القصاص في الطرف ح 1 ج 19 ص 76.
(3) لعل المراد ما ذكر في المبسوط: ج 6 ص 188.
225

كتاب المدبر
227

كتاب المدبر
وهو المعلق عتقه بموت المولى، لأن الموت دبر الحياة، فالموصى بعتقه ليس
مدبرا، والتعليق بموت غير المولى إن جعل له الخدمة نافذ في صحيحة يعقوب بن
شعيب (1) عن الصادق عليه السلام، وحمل عليه الزوج، وطرده بعضهم في الموت
مطلقا، وقصره ابن إدريس (2) على موت المولى، ويظهر من ابن الجنيد (3) جواز
تعليقه على موت الغير مطلقا، وسماه نذرا، والقاضي (4) لو علق العتق بوقت
تحرر عنده، وله الرجوع فيه، وكذا لو علقه بقدوم زيد أو برئه.
والصيغة أنت حر أو معتق أو محرر أو عتيق بعد وفاتي، وكذا متى مت وغيره
من أدوات الشرط، وقال الشيخان (5): يقول معه أنت رق في حياتي، وابن
الجنيد (6) يشهد عليه عدلين وهما على الندب.
ولو علق التدبير بشرط، كمشيئة زيد بطل في المشهور، وجوزه ابن

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب التدبير ح 1 ج 16 ص 81.
(2) السرائر: ج 3 ص 33.
(3) نقله عنه فخر المحققين في إيضاح الفوائد: ج 3 ص 542.
(4) المهذب: ج 2 ص 368.
(5) النهاية: ص 552، والمقنعة: ص 550.
(6) المختلف: ج 2 ص 634.
229

الجنيد (1)، وظاهره طرد التعليق في العتق.
ولو قال أنت حر بعد وفاتي بسنة مثلا بطل، وقال: يكون وصية بعتقه. ولو
قيد الوفاة بمرض معين أو سفر أو ليل أو نهار اتبع، فلا يتحرر بدون القيد، وفي
المبسوط (2) أبطل المقيد، لأنه معلق.
ولو قال الشريكان إذا متنا فأنت حر وقصدا تبعية النصيب لموت صاحبه
وقع، وإن قصدا تبيعته لموتهما بطل، فلو قال أنت مدبر ففي الخلاف (3) لا يقع،
وأثبته في المبسوط (4) في ظاهر كلامه، وقطع به القاضي (5) والفاضل (6).
وفي اشتراط التعيين خلاف مبني على العتق، وفي المبسوط (7) لا يشترط.
ويشترط القصد، فلا يقع من الغافل، والساهي، والنائم، والمكره. وجوزه
قوم من الصبي إذا بلغ عشرا. وفي صحته من السفيه نظر، من الحجر عليه، ومن
انتفاء معنى الحجر بعد الموت، وهو قول المبسوط (8)، ويصح من الأخرس
بالإشارة وكذا رجوعه والأصح وقوعه من الكافر وللكافر.
وفي اشتراط نية التقرب نظر، من أنه عتق أو وصية، وقطع ابن إدريس (9)
باشتراطها، وبنى عليه المنع من تدبير الكافر، بناء على لغو تقربه.
ولو أسلم مدبر الكافر بيع عليه، لانتفاء السبيل، ولقوله صلى الله عليه

(1) المختلف: ج 2 ص 637.
(2) المبسوط: ج 6 ص 169.
(3) الخلاف: ج 3 ص 383.
(4) المبسوط: ج 6 ص 167.
(5) المهذب: ج 2 ص 366.
(6) المختلف: ج 2 ص 634.
(7) المبسوط: ج 6 ص 170.
(8) المبسوط: ج 6 ص 184.
(9) السرائر: ج 3 ص 30.
230

وآله (1) الإسلام يعلوا ولا يعلى عليه، وطاعة المولى علو منه، وقال القاضي (2) يخير
بين الرجوع في التدبير فيباع، وبين الحيلولة بينه وبينه وكسبه للمولى، وبين
استسعائه. نعم لو مات السيد قبل البيع عتق من ثلثه. ولو قصر ولم يجز الوارث
فالباقي ترق، فإن كان مسلما فله، وإلا بيع عليه.
ولا يصح من المرتد عن فطرة، لخروج ملكه. وفي غيره للشيخ (3) قولان،
لبقاء الملك والحجر عليه.
ولو طرأت الردة بعد التدبير عن غير فطرة فالتدبير باق، ولو كان عن فطرة
بطل. ويشكل تنزيلها منزلة الموت فيعتق بها.
ولو ارتد العبد لم يبطل تدبيره، إلا أن يلحق بدار الحرب، لأنه إباق، وقال
القاضي (4): لا يبطل إذا تاب من ردته.
ويصح من المفلس والمديون، إلا أن يفر به من الدين، فيبطل عند
الشيخ (5)، لصحيحة ابن يقطين (6)، وأبي بصير (7) وفيهما أنه لو دبر في صحة
وسلامة فلا سبيل للديان عليه، وحملتا على التدبير الواجب بالنذر وشبهه.
ويصح تدبير الحامل بدون الحمل، وبالعكس. ولو أطلق تدبيرها ولم يعلم
بالحمل فليس بمدبر، وإن علم فهو مدبر على المشهور، لصحيح الحسن بن علي
الوشاء (8) عن الرضا عليه السلام.

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب موانع الإرث ح 11 ج 17 ص 376.
(2) المهذب: ج 2 ص 371.
(3) المبسوط: ج 6 ص 173.
(4) المهذب: ج 2 ص 368.
(5) النهاية: ص 553.
(6) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التدبير ح 1 ج 16 ص 79.
(7) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التدبير ح 2 ج 16 ص 79.
(8) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب التدبير ح 3 ج 16 ص 76.
231

ولو حملت بعد التدبير بمملوك فهو مدبر قسرا، فلا يصح الرجوع في تدبيره
وإن رجع في تدبيرها، ونقل الشيخ (1) فيه الإجماع، وجوزه الحليون (2)، لأن
الفرع لا يزيد على أصله.
[163]
درس
التدبير ثلاثة أقسام:
واجب، ولا يصح الرجوع فيه إن قال: لله علي عتق عبدي بعد وفاتي، ولو
قال لله على إن أدبر عبدي فكذلك في ظاهر كلام الأصحاب، لأن الغرض
التزام الحرية بعد الوفاة، لا مجرد الصيغة، وعن ابن نما (3) جواز الرجوع، لوفائه
بنذره بإيقاع الصيغة، فيدخل في مطلق التدبير.
وندب، ويصح الرجوع فيه، وفي بعضه إذن العبد أولا.
وفي رواية ابن يقطين (4) إذا أذن العبد في البيع جاز، وهو يشعر باشتراط
إذنه، ولكنه متروك.
ومكروه، كتدبير الكافر والمخالف، ويصح الرجوع فيه بطريق الأولى.
وصريح الرجوع رجعت في تدبيره أو نقضت أو أبطلت وشبهه، دون إنكار
التدبير.
أما لو باعه أو وهبه ولما ينقض تدبيره، فأكثر القدماء على أنه لا ينقض

(1) الخلاف: ج 3 ص 385.
(2) السرائر: ج 3 ص 33، والشرائع: ج 3 ص 118، والمختلف: ج 2 ص 663، والإيضاح: ج 3
ص 548، والجامع للشرائع: ص 408 ولكن في الجامع للشرائع وفي الشرائع وسائر كتب المحقق
تصريح بعدم صحة الرجوع في تدبير الولد.
(3) لم نعثر عليه.
(4) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التدبير ح 1 ج 16 ص 79.
232

التدبير، فقال الحسن (1): ببيع خدمته أو يشترط عتقه على المشتري، فيكون
الولاء له، وقال الصدوق (2): لا يصح بيعه، إلا أن يشترط على المشتري إعتاقه
عند موته، وقال ابن الجنيد (3): تباع خدمته مدة حياة السيد، وقال المفيد (4):
إذا باعه ومات تحرر، ولا سبيل للمشتري عليه.
وقال الشيخ في النهاية (5): لا يجوز بيعه قبل نقض تدبيره، إلا أن يعلم
المشتري بأن البيع للخدمة، وتبعه جماعة والحليون (6)، إلا الشيخ يحيى (7) على
بطلان التدبير بمجرد البيع، وحمل ابن إدريس (8) بيع الخدمة على الصلح مدة
حياته، والفاضل (9) على الإجارة مدة فمدة حتى يموت، وقطع المحقق (10) ببطلان
بيع الخدمة، لأنها منفعة مجهولة.
والروايات (11) مصرحة بها وإن رسول الله صلى الله عليه وآله (12) باع
خدمة المدبر، ولم يبع رقبته.
وعورضت برواية محمد بن مسلم (13) هو مملوكة إن شاء باعه، وإن شاء أعتقه.

(1) المختلف: ج 2 ص 634.
(2) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 38.
(3) المختلف: ج 2 ص 634.
(4) المقنعة: ص 551.
(5) النهاية: ص 552.
(6) السرائر: ج 3 ص 31، والمختصر النافع: ص 230، والمختلف: ج 2 ص 635، والإيضاح: ج 3
ص 552.
(7) الجامع للشرائع: ص 408.
(8) السرائر: ج 3 ص 32.
(9) المختلف: ج 2 ص 635.
(10) نكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 660.
(11) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب التدبير ج 16 ص 75.
(12) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب التدبير ح 4 ج 16 ص 75.
(13) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب التدبير ح 1 ج 16 ص 71.
233

وأجيب بحمل البيع على الرجوع قبله توفيقا. والجهالة في الخدمة غير
قادحة، لجواز استثناء هذا على أن المقصود بالبيع في جميع الأعيان هو الانتفاع،
ولا تقدير لأمده، فالعمل على المشهور، وتخريجه على تناول البيع الرقبة، ويكون
كمشروط العتق باطل، بتصريح الخبر والفتوى يتناول بيع الخدمة دون الرقبة.
فرع:
لو عاد إليه بعد خروجه عن ملكه، فإن كان قد رجع في تدبيره لم يعد
التدبير، سواء قلنا هو عتق بصفة، أو وصية للحكم ببطلانه، وعدم سبب
جديد، وجزم الشيخ (1) بأنه وصية، وإن لم يرجع فالتدبير بحاله على المشهور،
وعلى القول الآخر لا يعود التدبير.
هذا ولا يمنع التدبير شيئا من التصرفات في العبد، وكسبه لمولاه. ولو ادعى بعد
موته تأخر الكسب، وأنكر الوارث حلف المدبر، لأصالة عدم التقدم، ولو أقام
أحدهما بينة عمل بها، ولو أقاما بينة بنى على تقديم الخارج أو الداخل.
ويجوز وطئ المدبرة، فلو حملت صارت أم ولد، ثم تعتق من الثلث، فإن
فضل منها عتق من نصيب الولد.
ولو حملت من مملوك للمدبر فهو مدبر، بخلاف ملك غير السيد. ولو حملت
من زنا قال الشيخ (2): يكون مدبرا. ويشكل مع علمها بالتحريم لعدم إلحاقه
بها شرعا.
وأولاد المدبر من أمته إن قلنا بملكه مدبرون على قول. ولو كان من أمة
مولاه بتزويج أو شبهه أو تحليل فهو مدبر.

(1) المبسوط: ج 6 ص 171.
(2) المبسوط: ج 6 ص 175.
234

وأرش جناية المدبر للمولى. وكذا قيمته لو قتل، ويقوم مدبرا. ولو جنى
فكالقن.
ولو عتق قبل الفك ففي رقبته أو ماله، لا على الورثة، وفي المبسوط (1) يؤخذ
الأرش من تركة المولى، كأنه يجريه مجرى إعتاق العبد الجاني.
ولو كاتبه جزم الشيخ (2) ببطلان التدبير، وابن الجنيد (3) وابن البراج (4)
ببقائه، وهو الأصح، لصحيحة أبي بصير (5). أما لو دبر المكاتب أو قاطع المدبر
على مال ليعجل له العتق لم يبطل التدبير قطعا.
ولو أوصى بالمدبر للغير كان رجوعا، وإن رد الموصى له الوصية قال
الشيخ (6). ولو أنكر التدبير لم يكن رجوعا، إن جعلناه عتقا، وإن جعلناه وصية
قوى الشيخ (7) أنه ليس برجوع.
ولا اعتبار برد العبد التدبير، سواء رده في حياة المولى، أو بعد وفاته.
فرع:
لو علقه بوفاة غيره ففي كونه رجوعا عن التعليق بوفاته عندي احتمال، إذ
بقاء تعليقه بوفاته مع هذا التعليق يستلزم التوقف على الشرط، ولغو الثاني بعيد
هذا.
ويعتق المدبر من ثلث المدبر وتزاحمه الوصايا إذا اقترن الجميع، ويقدم
السابق منها، ويقدم عليه الدين، سواء كان سابقا، أو لاحقا على الأصح.
ولو أبرأه المدين المستوعب، قال في المبسوط (8): عتق كله، وتوقف في

(1) المبسوط: ج 6 ص 172.
(2) الخلاف: ج 3 ص 385.
(3) المختلف: ج 2 ص 638.
(4) المهذب: ج 2 ص 370.
(5) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب التدبير ح 1 ج 16 ص 75.
(6) المبسوط: ج 6 ص 171.
(7) المبسوط: ج 6 ص 174.
(8) المبسوط: ج 6 ص 174.
235

المختلف (1)، لعدم حصول ضعفه للورثة ولو عجز الثلث وأجاز الوارث صح: ولو
كان التدبير واجبا أو معلقا بموت الغير، فمات في حياة المولى فهو من الأصل.
وإباق المدبر أو المدبرة يبطل تدبيره، إلا أن يأبق من عند مخدومه، المعلق
عتقه على موته فلا يبطل.

(1) المختلف: ج 2 ص 638.
236

كتاب المكاتب
237

كتاب المكاتب
واشتقاق الكتابة من الكتب، وهو الجمع لانضمام بعض النجوم إلى
بعض، ومنه كتبت البغلة والقربة (1) والحروف.
وهي مستحبة مع الأمانة والكسب، وتتأكد مع التماس العبد، وبهما فسر
الشيخ (2) الخير في آية الكتابة (3)، ولو عدما فهي مباحة عند الشيخ في
الخلاف (4)، وفي المبسوط (5) مكروهة.
وهي معاملة مستقلة، تفارق البيع باعتبار الأجل على قول، وسقوط خيار
المجلس والحيوان، ومنع الشيخ (6) من اشتراط الخيار للسيد فيها، وجوز التقايل
وبيع العبد من نفسه، وعند الحلبي (7) وابن إدريس (8) أن الكتابة بيع محض.

(1) في " م " و " ز ": القرية.
(2) الخلاف: ج 3 ص 372.
(3) النور: 33.
(4) الخلاف: ج 3 ص 373.
(5) المبسوط: ج 6 ص 73.
(6) المبسوط: ج 6 ص 73.
(7) الكافي في الفقه: ص 318.
(8) السرائر: ج 3 ص 26.
239

فروع:
إن جوزنا بيعه عليه، فإذا قال المولى بعتك رقبتك بكذا فقبل عتق كشراء القريب.
ولا ولاء عليه إلا مع الشرط عند الشيخ (1) كما مر. ويشكل ببعد ملك
الإنسان نفسه، ولو صح فكيف يكون الولاء للبائع، مع أنه لم يعتقه.
والاشتراط يخالف قوله صلى الله عليه وآله (2): الولاء لمن أعتق، إلا أن يجعل
الاشتراط كضمان الجريرة المستأنف.
الثاني: لو قال له أنت حر على ألف درهم، أو إن أعطيتني ألفا فأنت حر،
قيل: يبطل، لأن العبد لا يملك، والثاني تعليق، ويمكن إلحاقهما بالكتابة.
الثالث: الكتابة الفاسدة لا حكم لها عندنا، فلا ينعتق بالأداء، ومن
خواص الكتابة وقوعها بين المالك وعبده، وأن العوض والمعوض ملك للسيد،
وأن المكاتب على درجة بين الاستقلال وعدمه، وأنه يملك من بين العبيد،
ويثبت له أرش الجناية على سيده الجاني عليه، وعليه الأرش للسيد المجني عليه.
وصيغة العقد كاتبتك على أن تؤدي إلي كذا في وقت كذا فإذا أديت
فأنت حر، فيقبل العبد لفظا. وله شروط:
أحدها: بلوغ المولى وعقله، فلا يكفي العشر وإن اكتفينا بها في العتق، سواء
أذن الولي أو لا. ولا يصح من المجنون المطبق، ولا الدائر جنونه، إلا أن يكون
حال الإفاقة المعلومة.
ولو كاتب الولي عنهما فالأقرب الصحة مع الغبطة، كما يصح البيع والعتق
معها، وهو المروي عن معاوية بن وهب (3) عن الصادق عليه السلام، وخيرة

(1) المبسوط: ج 6 ص 71.
(2) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 38.
(3) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب المكاتبة ح 1 ج 16 ص 85.
240

الخلاف (1) خلافا للمبسوط (2).
ولو ادعى وقوعه حالة الصبي أو الجنون، وأنكر العبد، قيل: يقدم قول
السيد مع يمينه إذا عرف له حال جنون، لأنه أعرف. ولو انعكس احتمل ذلك
أيضا، بل أولى، لأنه يضم إلى ذلك الصحة التي هي أصل في العقد. ويحتمل
تقديم مدعي الجنون والصبي منهما، للشك في العقد، فلا ينفذ في مقتضاه، وكذا
سائر العقود.
وثانيها: القصد، فلا عبرة بعقد الساهي والنائم والغافل والهازل. ولو تنازعا
في القصد فالظاهر تقديم مدعي الصحة. ولا بعقد السكران، وإن أجرى عليه
أحكام الصاحي في العبادات بحيث يؤمر بقضائها، وكذا سائر عقوده باطلة
عندنا.
وثالثها: انتفاء الحجر، فلا يصح من السفيه إلا بأذن الولي، ولا من
المفلس إلا بإذن الغرماء.
ويصح من المريض إن خرج من الثلث، أو أجاز الوارث، لأنه معاملة على
ماله بماله، ولو برأ ألزم مطلقا.
ومن المكاتب مع الغبطة. أما القن فلا يصح كتابة رقيقه إذا قلنا بملكه،
إلا بإذن السيد.
ومن المرتد عن ملة بإذن الحاكم، لا بدونه في الأصح. ويحتمل المراعاة
بإسلامه.
ورابعها: الاختيار، فلا يقع من المكره، إلا أن يرضى بعد زوال الإكراه،
ولو ظهرت دلالة الاختيار وقع، كمخالفة المكره فيما عين.

(1) الخلاف: ج 3 ص 379.
(2) المبسوط: ج 6 ص 95.
241

وخامسها: تكليف العبد، فلا يقع على الصبي والمجنون. وتخيل قبول المولى
لهما، أو الحاكم، أو الأب والجد، بعيد.
وسادسها: إسلامه، لعدم الخير في الكافر إن فسرناه بالدين أو بالأمانة،
ولأن في عتقه تسليطا على المسلمين، ولأن المكاتب يؤتى من الزكاة ويتعذر هنا،
وهو اختيار المرتضى (1) والشيخ (2)، وقيل: يجوز كعتقه أو لتغليب المعاوضة.
أما المرتد، فإن كان عن فطرة لم تصح، وإن كان عن ملة جوزه الشيخ (3)،
لأن له أهلية المعاوضة، وهو مطالب بالفرق، بل البطلان هنا أولى، لعدم إقراره
على ردته، ولو كانا كافرين فالجواز أولى.
وسابعها: استيعاب الجميع، فلو كاتب نصف عبد لم يصح عند الشيخ في
المبسوط (4)، للزوم التناقض في السعي، سواء كان باقية له، أم لغيره.
ولا تسري الكتابة. نعم لو أدى انعتق كله عند الشيخ (5). ويغرم السيد
قيمة النصيب، ولا يرجع به على العبد، وفي الخلاف (6) جوز كتابة البعض وهو
الأقوى. وأولى منه لو كان بعضه حرا.
وثامنها: نية الحرية عند الأداء، وفي اعتبار التلفظ بالحرية للشيخ (7) قولان،
أقربهما المنع.
وتاسعها: اعتبار الأجل، ومن قال هي بيع لم يعتبره، وعليه ابن
إدريس (8)، والأول أقرب، لجهالة وقت الحصول، أو للعجز حال العقد، لعدم

(1) الإنتصار: ص 174.
(2) المبسوط: ج 6 ص 130.
(3) المبسوط: ج 6 ص 134.
(4) المبسوط: ج 6 ص 98.
(5) المبسوط: ج 6 ص 100.
(6) الخلاف: ج 3 ص 380.
(7) المبسوط: ج 6 ص 74.
(8) السرائر: ج 3 ص 26.
242

ملكه والحاصل عند العقد للمولى، ويكفي أجل واحد عندنا، لحصول الغرض،
والمنع لاتباع الأولين حيث لم يوقعوا بنجم واحد، ضعيف.
فروع:
لو كان نصفه حرا وبيده مال فكاتبه على قدره فما دون حالا فالأقرب
الصحة، لأنه كالسعاية.
الثاني: لو كان واقفا على مملحة فكاتبه على قدر من الملح مقدور في الحال،
فإن عللنا بجهالة وقت الحصول جاز، وإن عللنا بالعجز حال العقد امتنع.
الثالث: لو ضرب أجلا قصيرا لمال كثير يتعذر حصوله غالبا فيه بطل، إن
عللنا بالجهالة، وإن عللنا بالعجز صح، لأنه يصح تملكه بالعقد.
الرابع: يشترط تعيين الأجل، كأجل السلف والنسية مما لا يحتمل الزيادة
والنقصان.
وعاشرها: كون العوض دينا، فلو كاتب (1) على عين بطل، لأنها إن كانت
للسيد فلا معاوضة، وإن كانت لغيره فهي كجعل ثمن المبيع من مال غير
المشتري، ولو أذن الغير في الكتابة على عين يملكها فهي في قوة البيع، فإن
جوزناه صح.
وحادي عشرها: كونه معلوم القدر والجنس والوصف، فإن كان نقدا
وصف بما يوصف في النسيئة، وإن كان عرضا فكالسلم فتمتنع الكتابة على ما
لا يمكن ضبط أوصافه، كالجارية وولدها والدرة النفيسة.
وثاني عشرها: كون العوض مما يملكه المولى، فلو كاتب المسلم عبده المسلم
أو الذمي على خمر أو خنزير يبطل، ولو كانا ذميين صح، فإن أسلما بعد التقابض

(1) في باقي النسخ: فلو كاتبه.
243

وقع موقعه، وإن كان قبله أو قبل قبض جميعه فعلى المكاتب القيمة عند
مستحليه.
ويجوز جعل المنفعة عوضا وجزء من العوض، فلو قيدها بمدة وأطلق اقتضى
الاتصال بالعقد، فلو شرط تأخره عن العقد كشهر يخدمه (1) فيه بعد شهر مثلا
بطل عند الشيخ (2)، ولو مرض العبد فيه بطلت الكتابة، لتعذر العوض.
ولو جمع في العوض بين الدين والمنفعة صح، سواء اتحد الأجل فيهما أو لا.
ويجوز تساوي النجوم في الآجال والمقادير واختلافها (3).
ولا حد للعوض قلة وكثرة. نعم يكره أن يزيد على قيمته يوم المكاتبة.
ويجوز الجمع بين الكتابة وغيرها من المعاوضات بعقد واحد، فيقسط
العوض. وكذا لو كاتب عبدين فصاعدا بعوض واحد قسط.
ولو شرط كفالة كل لصاحبه صح. ولو شرط ضمان (4) ما عليه فضمنا
انعتقا.
ولو شرط السيد بقاء الرق مع هذا الضمان حتى يؤديا، أو تخيره في الرجوع
من شاء منهما، ففي كلام الشيخ (5) إشعار بجوازه، وذكر في الحائريات (6) جواز
ضمان اثنين مالا، واشتراط رجوعه على من شاء منهما.
[164]
درس
تنقسم الكتابة: إلى مطلقة وهي ما ذكر، ومشروطة وهي التي يزاد فيها الرد

(1) في " م ": بخدمة.
(2) المبسوط: ج 6 ص 75.
(3) في " م " و " ز ": واختلافها.
(4) كذا في أغلب النسخ، والظاهر إضافة " كل " كما في نسخة " ز ".
(5) لم نعثر عليه.
(6) المسائل الحائريات (ضمن الرسائل العشر): ص 304.
244

في الرق مع العجز فله شرطه، وقال المفيد (1): وكذا لو شرط رده إن ألط
بالأداء.
ويتحقق العجز بمخالفة شرطه، فلو شرط عليه التعجيز عند تأخر النجم عن
محله أو عند تأخيره إلى نجم آخر أو إلى نجمين فصاعدا صح، وإن أطلق قال
الصدوق (2): ينظر ثلاثة أنجم، فإن عجز استرق وقال المفيد (3): يعجز بالتأخير
عن الأجل، وهما مرويان (4)، وفي النهاية (5) بتأخير نجم إلى نجم أو يعلم من
حاله عدم القدرة على فك رقبته.
وفي رواية إسحاق بن عمار (6) ينتظر عاما أو عامين.
وفي صحيحة معاوية بن وهب (7) ليس لها - أي للمكاتبة - تأخير النجم بعد
حله شهرا، إلا بإذنهم.
وفي رواية جابر (8) لا يرده في الرق حتى يمضي له سنتان، وتحمل الثلاثة
على الندب.
وفصل ابن الجنيد (9) حسنا إن شرط رقه إن عجز عن شئ من المال
استرق متى عجز عن أداء نجم أو بعضه في وقته، وإن قال إن عجز عن نجم لم

(1) المقنعة: ص 551.
(2) المقنع (ضمن الجوامع الفقيهة): ص 38.
(3) المقنعة: ص 551.
(4) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب المكاتبة ح 10 ج 16 ص 87، وباب 5 من أبواب المكاتبة ح 1
ج 16 ص 88.
(5) النهاية، ص 549.
(6) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب المكاتبة ح 13 ج 16 ص 87.
(7) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب المكاتبة ح 2 ج 16 ص 89.
(8) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب المكاتبة ح 14 ج 16 ص 88، وفيه " حتى يمضي ثلاث سنين ".
(9) المختلف: ج 2 ص 639.
245

يتحقق بالعجز عن بعضه، وحكم المطلقة الحرية بإزاء ما أدى من مال الكتابة.
ولو نفد الأجل ولما يؤد شيئا فك من سهم الرقاب، فإن تعذر استرق، وإن
عجز بعد أداء شئ فك الباقي، وإن تعذر تهايا. وإن مات ولم (1) يؤد شيئا ولا
خلف مالا مات رقا وإن خلف مالا، فظاهر الأصحاب أنه كذلك، فماله
للمولى، ويحتمل أن يرث قريبه ما فضل عن ماله الكتابة، لأنه كالدين، وإن
كان قد أدى شيئا وترك مالا فالأشهر اقتسام مولاه ووارثه على نسبة الحرية
والرقية.
ثم إن كان الوارث حرا فلا شئ عليه، واحتمل بعضهم أن يؤخذ منه أقل
الأمرين، من الموروث وباقي مال الكتابة، وإن كان تابعا له في الكتابة،
كولده من أمته تحرر منه بنسبة أبيه، وأدى بقية مال الكتابة.
وفي صحيح ابن سنان (2)، وجميل بن دراج (3) يقضي مال الكتابة من
الأصل، ويرث وارثه ما بقي، واختاره ابن الجنيد (4).
ولو أوصى له أو وجب عليه حد أو زكاة كان مبعضا بحساب الحرية. ولو
وطئ المولى المكاتبة المطلقة تبعض الحد أيضا عليه وعليها.
وحكم المشروطة أنه رق ما بقي عليه شئ، فإن مات وقد تخلف شئ
فالأظهر أن ماله لمولاه، وقال المفيد (5): يؤدي مال الكتابة والباقي لوارثه، فإن لم
يكن فضل فالجميع للمولى.
وقضية كلامه أنه مع وفاء المال مات حرا ولا معه مات رقا، وحكم على

(1) في " م ": لما.
(2) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب المكاتبة ح 3 ج 16 ص 100.
(3) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب موانع الإرث ح 6 ج 17 ص 411.
(4) المختلف: ج 2 ص 640.
(5) المقنعة: ص 551.
246

أولاده بالسعي، إذا كانوا تابعين له في الكتابة وإن لم يخلف وفاء،
والصدوق (1) أطلق أداء الابن ما على أبيه وعتقه، ولم يفصل بالمطلقة والمشروطة.
واختلفوا في لزوم العقد وجوازه، فحكم الشيخ (2) وابن إدريس (3) بجواز
المشروط من جهة العبد، بمعنى أن له الامتناع من أداء ما عليه، فيتخير السيد
بين الفسخ والبقاء، ولازمة من طرف السيد، والمطلقة لازمة من الطرفين، وقال
ابن حمزة (4): المشروطة جائزة من الطرفين، والمطلقة لازمة من طرف السيد
خاصة، وهو غريب، وقال الفاضلان (5): بلزومها مطلقا من الطرفين.
واجبر المكاتب على السعي، وعليه يتفرع إجبار ولده بعد موته.
ويجب على السيد إيتاء المكاتب شيئا من سهم الرقاب إن وجبت عليه
الزكاة، وإن لم يجب عليه استحب الإيتاء، قاله في الخلاف (6)، وأطلق في
المبسوط (7) وجوب الإيتاء، وأطلق ابن البراج (8) الاستحباب، وقيد ابن
إدريس (9) وجوب الإيتاء بكونه مكاتبا مطلقا عاجزا، وكون المولى ممن وجبت
عليه الزكاة، وفي الخلاف (10) احتمل عود ضمير " وآتوهم " إلى من وجب عليه
الزكاة وإن كان غير سيده، وهو أحد أقوال المفسرين. ويكره أن يزيد في مال
الكتابة عند العقد ليؤتيه منه، ويبقى ما يوازي قيمته، قال الشيخ في المبسوط (11).

(1) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 38.
(2) الخلاف: ج 3 ص 377.
(3) السرائر: ج 3 ص 29.
(4) الوسيلة: ص 345.
(5) المختلف: ج 2 ص 641، والشرائع: ج 3 ص 125.
(6) الخلاف: ج 3 ص 378.
(7) المبسوط: ج 6 ص 93.
(8) المهذب: ج 2 ص 377.
(9) السرائر: ج 3 ص 29.
(10) الخلاف: ج 3 ص 378.
(11) المبسوط: ج 6 ص 94.
247

ووقت الإيتاء ما بين الكتابة والعتق.
ويكفي ما يطلق عليه الاسم، وأقله من الدنانير حبة ذهب، ومن الدراهم
يكفي أقل من درهم. ويكفي الحط من النجوم عنه.
ويجب على العبد القبول إن أتاه من عين مال الكتابة، أو من جنسه، لا من
غير جنسه.
ولو أعتق ومات السيد قبل الإيتاء أخذت من تركته كالدين.
ويجب على المولى قبض النجوم في أوقاتها أو الإبراء، فإن امتنع قبضه
الحاكم وعتق، فإن تعذر الحاكم فالأقرب الاكتفاء بتعيين العبد إياه وتمكينه
منه فيعتق، ولو دفع إليه غير العوض المعين لم يجب القبول، إلا أن يكون من
جنسه وهو أجود.
ولو ظهر استحقاقه رد رقا حتى يأتي بغيره. ولو ظهر معيبا فللمولى إرشه،
وله رده فيرد رقا. ولو تجدد عند السيد عيب فليس له الرد كالمبيع عند
الشيخ (1)، وقال الفاضلان (2): للسيد رده مع الأرش، ولو أبرأه السيد من مال
الكتابة برئ وعتق، ولو أبراه من البعض وكان مطلقا عتق بإزائه.
ويجوز بيع العوض بعد حلوله، ونقله بسائر وجوه النقل، فيجب على
المكاتب تسليمه إلى من صار إليه، ومنع في المبسوط (3) من بيعه، للنهي (4) عن
بيع ما لم يقبض.
ولو اختلفا في قدره حلف العبد، للأصل، ويحتمل السيد، لأصالة عدم
العتق، إلا بما يتفقان عليه. ولو اختلفا في الأداء حلف السيد قطعا. وكذا في

(1) المبسوط: ج 6 ص 97.
(2) القواعد: ج 2 ص 116.
(3) المبسوط: ج 6 ص 126.
(4) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب السلف ح 1 ج 13 ص 67.
248

قدر النجوم.
ويجوز تعجيله قبل الأجل إن اتفقا عليه. ولو صالحه قبل الأجل على أقل
من غير الجنس صح، وإن كان منه منعه الشيخ (1)، لأنه ربا.
ولو كان له على السيد مال جازت المقاصة، فإن اتحد الجنس والصفة
فالمقاصة قهرية، سواء كانا نقدين، أو عرضين مثليين، ولو اختلف الجنس أو
كانا قيميين اعتبر التراضي، ولا يفتقر معه إلى قبضهما، ولا إلى قبض أحدهما.
وكذا لو كان أحدهما نقدا والآخر عرضا، وحكم كل غريمين ذلك.
وقال الشيخ (2): إن كانا نقدين قبض أحدهما ودفعه عن الآخر، وإن كانا
عرضين فلا بد من قبضهما، وإن كان أحدهما نقدا فقبض العوض ثم دفعه عن
النقد جاز دون العكس، وكان الشيخ (3) يجعل المقاصة بيعا، فيلحقها أحكامه
من بيع الدين بالدين وشبهه.
[165]
درس
يثبت للمكاتب الملك والتصرف بما لا خطر فيه كالعتق والهبة والبيع
بالنسيئة أو العين، ولو أخذ الرهن في النسيئة فالأقرب الجواز، وكذا الضمين.
أما الشراء بعين أو نسيئة فجائز.
وليس له المضاربة بماله، وله أخذها من الغير. وكذا ليس له الإقراض، وله
أن يقترض.
وليس له أن يكاتب عبده، إلا مع الغبطة، ولا يتزوج، ولا يتسرى، ولا
يقبل وصية وهبة بمن ينعتق عليه مع الضرر. وكذا لا تتزوج المكاتبة، ولا يكفر

(1) المبسوط: ج 6 ص 121.
(2) المبسوط: ج 6 ص 124.
(3) المبسوط: ج 6 ص 124.
249

بغير الصوم.
ولو أذن المولى في جميع ذلك جاز، لأن الحق لهما.
فروع:
لو عقد حيث لا غبطة فأجازه المولى نفذ، ولو أبطله بطل، ولو سكت حتى
عتق احتمل نفوذه، لزوال المانع، وقطع بعض الأصحاب بعدم النفوذ.
ولو أعتق بإذنه كان الولاء له إن عتق، وإلا فللمولى، فلو مات في زمن
الكتابة وقف الميراث توقعا لعتق المكاتب. ويملك المكاتبة المهر حيث يصح
التزويج أو توطأ بشبهة هذا.
وله النفقة على رقيقه، وقريبه المرقوق له، وعلى حيوانه ونفسه وزوجته
بالمعروف، وله السفر إلا أن يوافق حلول النجم مسافرا، وله الحج كذلك إذا لم
يحتج إلى زيادة نفقة عن الحضر.
ولو شرط المولى عدم السفر في العقد فالأقرب الصحة، لأنه أحكام ماله.
وليس للمولى التصرف في ماله بما ينافي الاكتساب والاستيفاء.
ويصح أن يوصي برقبته مشروطا بتعجيزه وبمال الكتابة لاثنين ولواحد،
والمعجز الوارث وإن أنظره الموصى له.
وليس للمولى تزويج المكاتبة، إلا بإذنها، ولا وطؤها وإن أذنت، لا بالملك
ولا بالعقد. ولو شرط ذلك في العقد بطل.
ولو وطأها فعليه المهر وإن طاوعته. وفي تكرره بتكرره أوجه، ثالثها أن
تخلل الأداء بين الوطئين تكرر، وإلا فلا، وتصير أم ولد، فإن مات وعليها شئ
من مال الكتابة عتق باقيها من نصيب ولدها، فإن عجز النصيب بقي الباقي
مكاتبا.
ولو ولدت من مملوك أو من حر بشرط الرقية لم يكن الولد مكاتبا، لعدم
250

جريان العقد معه، بل ينعتق بعتقها.
ولو ولدت من زنا وهي جاهلة فكذلك، وإن كانت عالمة أطلق جماعة أنه
كذلك، ويشكل بعدم لحاقه بها شرعا.
ولو جني على ولدها في طرف فهو موقوف، فإن عتق ملكه، وإلا فللسيد.
فلو أشرفت الأم على العجز فلها الاستعانة به، وكذا كسبه.
ولو قتل فالقيمة للأم، لعدم تمكن السيد من التصرف فيه، ويحتمل للسيد
كما لو قتلت الأم. ونفقته من كسبه فإن قصر أتمه السيد، لأنه ملكه وإن كان
موقوفا.
وفي جواز إعتاق المولى إياه وجهان: من تحقق الملك، ومن تعلق حق الأم
بكسبه في الاستعانة وحكم ولد الولد من أمته حكم الولد.
فرع:
لو تنازع المولى والمكاتبة في تقديم الولد على الكتابة وتأخره حلف المولى. ولو
تنازع المكاتب والسيد حلف المكاتب.
والفرق أن يده ثابتة عليه وهو يدعي ملكه فيرجح باليد، والمكاتبة لا تدعي
الملك وإنما تدعي الوقف، ولم يثبت كون اليد مرجحة للوقف.
ويتصور النزاع في المكاتب، بأن يزوجه أمته ثم يشتريها المكاتب فالولد قبل
الشراء للسيد وبعده للمكاتب.
[166]
درس
تصح الوصية للمكاتب من مولاه مطلقا، ومن غيره بحساب ما تحرر منه،
والأقرب صحتها أيضا مطلقا، لأن قبول الوصية نوع اكتساب.
ويعتبر ما أوصى به المولى، فإن كان بقدر الأكثر من القيمة والنجوم عتق
251

والفاضل له، وإن كان بقدر أقلهما، فإن كان الأقل النجوم فكذلك، وإن كان
الأقل الرقية احتمل ذلك، لأنه لا يقصر عن القن، واحتمل اعتبار النجوم،
لأنها الواجبة، وهذا أقوى.
ولو أوصى بوضع نجم معين من نجومه صح. ولو قال ضعوا عنه أي نجم شاء
تخير.
ولو قال ضعوا أكثر ما عليه من النجوم بالمثلثة، وضع النصف وأدنى زيادة،
ولو كان بالموحدة وضع أكثرها قدرا، ولو تساوت وضع أكثرها أجلا، فإن
تساوت فالأحسن صرفه إلى الأول، ويحتمل في القسم الأول ذلك أيضا.
ولو قال ضعوا أكبر أو أكثر ما عليه، ومثله ضعف وبطل في الزائد إذا كان
بالمثلثة. ولو قال ضعوا عنه ما شاء من نجومه أو من نجومه ما شاء فلا بد أن يبقى
شيئا، لأن من للتبعيض.
ولو قال ما شاء وشاء الجميع فالأقرب الصحة، للعموم. ويحتمل الإبقاء،
لقرينة الحال، وهو مختار الشيخ (1).
ولو قال ضعوا عنه أوسط نجومه، وكان فيها أوسط عددا أو قدرا أو أجلا،
حمل عليه. ولو حصل في نجمين أوسطان أو الثلاثة تعين، ولو اختلفت تخير
الوارث أو أقرع على الأفضل، ولو كان العدد زوجا جمع بين نجمين.
ولو أعتقه في مرض موته أو أبرأه من مال الكتابة فمن الثلث، ويعتبر الأقل
من قيمته والنجوم.
ولو أوصى بعتقه ولا مال سواه عتق ثلثه معجلا، ثم إن أدى ثلثي مال
الكتابة عتق كله، وإن عجز بقي ثلثاه رقا.

(1) المبسوط: ج 6 ص 161.
252

مسائل:
لو جن المولى لم تبطل الكتابة ويتولى القبض الولي، فلو قبضه المجنون لم
يعتق.
ولو جن المكاتب وأدى المال مجنونا عتق، لأن للسيد الاستقلال بالأخذ،
والأولى إذن الحاكم إن أمكن، لأن له الولاية، إلا أن نقول بولاية السيد في
استيفاء المال.
الثانية: قال جماعة: إن المشروط يلزم فطرته المولى، لأنها تابعة للملك، وفي
المطلق بالحصص، ويحتمل أن لا فطرة لأنها تابعة للنفقة.
الثالثة: لا تثبت الكتابة إلا بعدلين، وقيل: يكفي شاهد ويمين. ولو صدقه
أحد الوراث كان نصيبه مكاتبا، فإن كان عدلا فهو شاهد، فإذا أدى نصيبه
عتق، ولا يقوم عليه.
والظاهر أنه يسعى في نصيب المكذب بعد يمينه على عدم علم المكاتبة إن
ادعى عليه العلم. والولاء للمصدق بأجمعه إن شرطه على المكاتب.
الرابعة: لو أحضر المكاتب المال فقال السيد هو لفلان افتقر إلى البينة، فإن
أقامها انتزعه الحاكم حتى يحضر المقر له، وإن انتفت حلف المكاتب، فإن
نكل حلف السيد لا ليثبت مال غيره، بل لينفي وجوب قبضه عليه. ولو قال هو
حرام فكذلك، إلا أنه في الأول يلزم بدفعه إلى المقر له في موضع وجوب قبضه.
الخامسة: لو حل النجم وعليه دين غيره وقصر ما في يده عنهما، فإن كان
مطلقا وزع، وإن كان مشروطا قدم الدين، لأن للمولى التعجيز والاسترقاق.
وكذا لو مات أخذ الدين من تركته، ولا يلزم المولى الإكمال لو قصر.
السادسة: لو أعتق المولى المكاتب وبيده مال أو عتقت المكاتبة من نصيب
الولد فما في أيديهما لهما على الأقرب، لأنه من كسبهما المحكوم لهما بملكه. وكذا لو
253

دبر المكاتب فعتق بالتدبير.
السابعة (1): في الجناية إذا قتل المكاتب فهو كموته، فإن كان مشروطا أو
مطلقا لم يؤد فقيمته لمولاه وما تركه له، فلو قتله السيد ملك التركة، وللمولى
القصاص في العمد من المكافئ، وإن جنى على طرفه فالأرش له وإن كان
الجاني السيد. ولو كانت الجناية عمدا فله القصاص من المكافئ، وإلا نقص
حرية، وإن (2) كان عبد مولاه ففي القصاص مع منع المولى قولان: من قطع
سلطنة المولى، ومن تحقق الرقية فيه، ولو عفى على مال صح، ولو عفى مطلقا،
قيل: يصح وإن كره المولى، لأن الواجب القود لا المال.
ولو كان قد تحرر منه شئ فجنى عليه من هو أزيد حرية فلا قصاص،
ويتعين المال.
وإن جنى المكاتب على مولاه عمدا اقتص منه نفسا أو طرفا. ولو عفى على
مال ثبت، وإن كان خطأ فالدية للسيد أو وارثه، فإن وفى ما بيده بالحقين، وإلا
عجزه إن شاء بعد أخذ الدية.
ولو جنى على أجنبي عمدا فله القصاص مع المكافأة، أو كون المجني عليه
أزيد حرية.
ولو عفى على مال جاز، وقدم على النجوم في المشروط، وإن كان خطأ تعلق
بماله وإن تبعض تعلق نصيب الحرية بعاقلته ونصيب الرقية بماله. ومع الحجر
عليه يوزع ماله مع القصور، ولو كان مشروطا قدم الأرش، ولو لم يحجر عليه قدم
من شاء.
ولو جنى عبد المكاتب وأراد فكه روعي كون الأرش لا يزيد عن القيمة،

(1) في باقي النسخ خ ل الأصل: درس.
(2) في باقي النسخ: ولو.
254

فإن زاد فبإذن المولى.
ولو جنى عبده عليه عمدا فله القصاص، إلا أن يكون أباه وإن كان خطأ
أو عفى على مال في العمد لم يثبت، لامتناع أن يثبت على المال مال، لا أن
يكون مكاتبا.
ولو جنى على عبده لم يكن له القصاص، إلا أن يكون أباه فله ذلك، بناء
على أن حكم الأب معه حكم الأحرار، من حيث أنه ليس له بيعه، ولا
إخراجه عن ملكه، ولما ثبت للابن حكم الحرية بعقد الكتابة ثبت للأب.
ولو جنى على المكاتب أبوه أو ولده لم يملك بيعه، لما قلنا من عدم ثبوت مال
على المال.
ولو جنى المكاتب على جماعة عمدا اقتص لهم، ولو كان غير عمد ثبت لهم
المال، فإن لم يكن بيده مال أو لم يف بيع في الجناية، وقسط ثمنه بالنسبة
تعاقبت الجناية أو لا.
ولو فداه السيد فالكتابة بحالها، والأصح أنه يفديه بأقل الأمرين من قيمته
والأرش. ولو تعاقبت الجناية عمدا على جماعة فالظاهر أنه مشترك بينهم ما لم
يحكم به لأولياء الأول، فيكون لمن بعده.
ولو أعتقه السيد بعد جناية عليه ولا مال معه سقط الأرش، لزوال متعلقه
بفعل السيد، ولو كان معه مال ففي أخذه منه لاستصحاب جواز الأخذ قبل
العتق
أو لا، لأن تعلق الأرش بالرقبة بالأصالة والمال يثبت تبعا وجهان.
ولو أعتقه بعد جنايته على أجنبي عمدا لم يصح، وإن كان خطأ فكعتق
القن مراعى بضمان الجناية، وعليه أقل الأمرين من قيمته والأرش، سواء كان
الأرش لواحد أو لجماعة.
ولو جنى ثم أدى مال الكتابة عتق وضمن أرش الجنايات أو الأقل على
الخلاف، لأنه أتلف الرقبة بفعله.
255

ولو جنى بعض عبيده على بعض خطأ فلا شئ، ولو كان عمدا فله
القصاص استصلاحا للمال، إلا أن يكون الجاني أباه فلا يقتص منه، كما
لا يقتص منه لنفسه.
ولو جنى أبوه على أجنبي فليس له فكه، لأنه يتعجل بإتلاف ماله التصرف
فيه بإزاء ما يمنع منه، وللمكاتب تعزير عبده وأمته، بل وله إقامة الحد عليهما عند
موجبه.
[167]
درس
في اللواحق
يجوز للسيد معاملة المكاتب بيعا وشراء كالأجنبي، وأن يأخذ منه بالشفعة،
وللمكاتب أيضا الأخذ منه بها.
ولو أدى أحد مكاتبيه واشتبه أرجئ ليتذكر، فإن زال الرجاء أقرع، وقال
في المبسوط (1): لا يقرع حتى يموت.
ولو كاتب اثنان عبدا فليس له أن يخص أحدهما بالأداء إلا بإذن شريكه،
فإن فعل فللشريك مطالبة القابض والمكاتب، وجوز القاضي (2) التخصيص،
وتمسك الشيخ (3) على المنع بأنه إذا عجز يرجع الشريك على القابض بنصيبه
بعد انتفاع القابض به بغير حق، وليس ببعيد إدراج هذه في حكم الشركاء في
دين إذا قبض أحدهما بعضه، قال الشيخ (4): إن سلم ملك القابض فقد انتفع
بماله، وتجدد استحقاق الشريك بعد الفسخ إنما حصل من حينه، وإن منع ملك

(1) المبسوط: ج 6 ص 96.
(2) المهذب: ج 2 ص 382.
(3) المبسوط: ج 6 ص 105.
(4) كذا في الأصل و " ز "، ولكن الصحيح أنه " فالشيخ " كما في " م " و " ق ".
256

الشريك أسند الحكم إليه لا إلى الانتفاع، وفي المختلف (1) إن اتحد العقد
والعوض لم يخص وإلا جاز.
ولو جعل عشر سنين ظرفا لأداء المال، ففي الخلاف (2) وهو قول ابن
الجنيد (3) يجوز لقضية الأصل وتفويض الأداء إلى المكاتب، ومنعه في
المبسوط (4) للجهالة كأجل البيع والسلم.
ولا زكاة في مال المشروط، ولا المطلق ما لم يؤد، وتردد في المبسوط (5) في
وجوبها على السيد. ورد بعدم إمكان تصرفه.
ولو كاتبه ثم احتبسه أو حبس مدة، قيل: يؤجله مثلها، وقيل: يلزمه
الأجرة في الاحتباس، والقولان للشيخ (6).
ولا يدخل الحمل في مكاتبة الأم عند قوم، وأدخله القاضي (7)، ومنع من
استثنائه في الكتابة. وتدخل الخنثى في الوصية بمكاتبة واحد من رقيقه خلافا
له (8).
ولو قال السيد للمكاتب في العقد وأنت حر بقدر ما تؤدي تبع شرطه
ويكون كالمطلقة، ولا ينعتق بأداء شئ على سبيل السراية، وقال ابن

(1) المختلف: ج 2 ص 646.
(2) الخلاف: ج 3 ص 373.
(3) المختلف: ج 2 ص 643.
(4) المبسوط: ج 6 ص 74.
(5) لعل هذا يستفاد مما ذكره في كتاب الزكاة من المبسوط: ج 1 ص 206، ولم نعثر على ما دل عليه في
كتاب المكاتبة من المبسوط ولكن نقل في المختلف عن المبسوط ما يدل عليه، فراجع المختلف: ج 2
ص 643.
(6) المبسوط: ج 6 ص 132.
(7) المهذب: ج 2 ص 386.
(8) المهذب: ج 2 ص 395.
257

الجنيد (1): ينعتق إلا أن يضيف إليه، وأنت عبد بقدر ما بقي عليك.
ولو ورثت المرأة زوجها المكاتب فالأقرب فسخ النكاح وإن كان مطلقا،
وقال ابن الجنيد (2): لا يورث المكاتب، وإنما ينفسخ إذا كان قد تحرر منه شئ
ثم مات المورث.
ولو أسلم مكاتب الذمي لم يبع عليه، لجريانه إلى العتق وضعف السبيل،
وقال ابن الجنيد (3): يباع مكاتبا ويؤدي إلى المشتري ثمنه، ولا يأخذ منه
زيادة، لأنه ربا.
ولو زعم المكاتب أن له بينة على أداء مال الكتابة إلى السيد أجل ثلاثا،
قال الشيخ (4): لأنها أول الكثرة وآخر القلة.
ولو كاتبه فاسدا، ثم أوصى برقبته صح، وإن لم يعلم بالفساد عند
الشيخ (5)، لمصادفة الملك كما لو باع ثانيا والأول فاسد، ويمكن منع الحكمين مع
الجهل.
ولو امتنع المشروط من الأداء مع قدرته عليه فللسيد الفسخ قاله الشيخ (6)،
لأنها عقد معاوضة فينفسخ، لتعذر العوض كالبيع.
ولو كان العبد غائبا عند حلول النجم فليس له الفسخ، إلا بعد إثبات
الكتابة عند الحاكم، وإثبات النجوم وتعذر الأداء واليمين على بقائها، وله
الفسخ في الحاضر من غير حاكم للإجماع على الفسخ.

(1) المختلف: ج 2 ص 645.
(2) المختلف: ج 2 ص 646.
(3) المختلف: ج 2 ص 646.
(4) المبسوط: ج 6 ص 158.
(5) المبسوط: ج 6 ص 161.
(6) المبسوط: ج 6 ص 91.
258

فرع: يصح عتق المكاتب بنوعيه وفي عتقه بالعوارض، كالعمى والجذام والاقعاد
والتنكيل عندي نظر، ينشأ من تشبثه بالحرية فلا يدخل تحت لفظ المملوك،
ومن بقاء حقيقة الرقية، ومن ثم لو أسلم في دار الحرب قبل مولاه عتق.
259

كتاب الوقف
261

كتاب الوقف
وهو الصدقة الجارية، وثمرته تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة، والصريح
وقفت. أما حبست وسبلت وحرمت وتصدقت فيفتقر إلى القرينة، كالتأبيد
ونفي البيع والهبة والإرث.
وظاهرهم أن تصدقت وحرمت صيغة واحدة، فلا تغني الثانية فيها عن
الأولى، وتغني الأولى مع القرينة، ولو قال جعلته وقفا أو صدقة مؤبدة محرمة
كفى. وله شروط:
أحدها: أهلية الواقف، فلا ينفذ وقف غير المميز، ولا المجنون المطبق، ولا
الدائر جنونه، إلا حال الإفاقة. ولو بلغ الصبي عشرا بصيرا ففي جواز وقفه
قولان، حملا له على الصدقة. ولا السفيه، والمفلس بعد الحجر، ولا المكره.
ووقف المريض ماض من الثلث إذا لم يجزه الوارث. وكذا وصيته بالوقف.
ولو قال إذا مت أو إن مت فهو وقف فالظاهر بطلانه، لتعليقه. ولو قال هو
وقف بعد مماتي احتمل ذلك أيضا، وأن تحمل على الوصية به.
ولو جمع بين تنجيز الوقف وغيره وقصر الثلث بدئ بالأول فالأول عند
الشيخ في المبسوط (1)، وفي المختلف (2) يوزع، لأنه قصد إعطاء الجميع، بخلاف الوصية.

(1) المبسوط: ج 3 ص 299.
(2) المختلف: ج 2 ص 497.
263

ولو اشتبه في الوصية الترتيب أقرع، وقال الشيخ (1): يقسم بين الجميع.
وثانيها: النية، فلا يقع من الغافل والنائم والسكران. ولو أخبر بعد الوقف
والاقباض بعدم النية لم يسمع منه.
وفي اشتراط نية التقرب وجه، فيترتب وقف الكافر، والأقرب صحته.
وثالثها: ملك الواقف، فلو وقف ملك غيره لم يصح، وإن أجيز على قول.
ولو وقفه في مدة خياره صح.
ولو كان للبائع خيار فالأقرب المراعاة، فإن استمر البيع نفذ.
ورابعها: القبول المقارن للإيجاب، إذا كان على من يمكن منه القبول،
ويقبل الولي عن المولى عليه مع الغبطة.
ولا يشترط القبول في الوقف على الفقراء، لعدم إمكان القبول، ولا على
الجهات العامة كالمساجد والمشاهد. ولا يشترط قبول الحاكم فيها، ويلوح من
التذكرة (2) اشتراطه.
فرع:
لو قال جعلت هذا للمسجد، قال الفاضل (3): هذا تمليك لا وقف،
فيشترط فيه قبول القيم ويصح، وكأنه أجراه مجرى الوصية للمسجد، إلا أنه
لا يشترط في الوصية هنا القبول.
وخامسها: التنجيز، فلو علق على شرط أو وصف بطل، إلا أن يكون واقعا،
والواقف عالم بوقوعه، كقوله وقفت إن كان اليوم الجمعة.
وسادسها: الدوام، فلو قرن بمدة كان حبسا فيبطل بانقضائها، ولو وقف

(1) المبسوط: ج 3 ص 299.
(2) التذكرة: ج 2 ص 427.
(3) التذكرة: ج 2 ص 427.
264

على من ينقرض غالبا جرى عليه، فلو (1) لم ينقرض استمر، وإن انقرض، قيل:
برجوعه إلى الواقف أو وارثه حين انقراض الموقوف عليه كالولاء، ويحتمل إلى
وارثه حين موته. ويسترسل فيه إلى أن يصادف الانقراض، وقيل: بل لورثة
الموقوف عليه، وقيل: يصرف في وجوه البر.
فروع:
لو قال وقفت على أولادي ونسلهم، فإن مات الأولاد ولا نسل فعلى
أخوتي، وإن انقرض النسل فعلى الفقراء، فالأقرب إجزاؤه على شرطه، لعموم
قول العسكري عليه السلام (2): الوقوف على حسب ما يقفها أهلها. وربما احتمل
بطلانه على تقدير انقراض النسل، لأنه لم يعلم تأبيده حال العقد، وهو بعيد،
لأن المصحح صرفه إلى جهة تؤبده وإن لم تكن معلومة الوقوع، ومن ثم لو بقي
النسل أبدا صح الوقف عليهم.
الثاني: لو انقطع في أوله كالوقف على معدوم، ثم على موجود أو على عبده،
ثم على المساكين فالبطلان قوي.
الثالث: لو انقطع في وسطه كالوقف على زيد ثم على عبده ثم على
المساكين احتمل الصحة في الطرفين، وصرف غلته في الوسط إلى الواقف أو
وارثه.
الرابع: لو انقطع في طرفيه فهو كمنقطع الأول في البطلان، لأن انقطاع
الأول كما يبطل الوقف، فكذا يبطل الحبيس.
الخامس: لو وقف على ابنيه ثم على الفقراء فمات أحدهما فالأقرب صرف

(1) في باقي النسخ: فإن.
(2) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب أحكام الوقوف والصدقات ح 1 ج 13 ص 295.
265

نصيبه إلى أخيه، لأن شرط الصرف إلى الفقراء انقراضهما ولم يحصل. ويمكن
جعله منقطع الوسط فيكون نصيب الميت لأقرباء الواقف، ويمكن جعله للفقراء
عملا بالتوزيع.
السادس: حبسه على ابنيه ثم مات أحدهما احتمل صرف نصيبه إلى
الحابس أو وارثه، ويحتمل صرفه إلى الآخر، لأنه مصرف الحبس في الجملة.
السابع: وقفه (1) على ولده سنة ثم على الفقراء، أو مدة حياة الواقف على
ولده ثم الفقراء صح، ونقل فيه الفاضل (2) الإجماع، لأنه وقف مؤبد في طرفيه
ووسطه.
الثامن: وقف على أولاده، وشرط أن يكون غلته العام الأول لزيد والثاني
لعمرو وهكذا وبعدهم على الفقراء، ففي العام الأول لعلمائهم وفي الثاني
لزهادهم وفي الثالث لشيوخهم أتبع شرطه.
التاسع: وقف على ولده، فإذا انقرضوا وانقرض أولادهم فعلى المساكين،
فالأقرب عدم دخول أولادهم في الوقف، والنماء لأقرباء الواقف حتى
ينقرضوا، وقال الشيخ (3): بدخولهم إما لشمول لفظ الولد للنافلة - كقول
المفيد (4) وجماعة - وإما لقرينة الحال، وهو قوي.
[168]
درس
وسابعها: الإقباض، فلو مات قبله بطل، وقبض الواقف على أطفاله
كاف، وكذا الجد والوصي. وألحق ابن الجنيد (5) البنت الأيم بالطفل، ويقبض

(1) في " ق " و " ز ": لو وقفه.
(2) التذكرة: ج 2 ص 432.
(3) المبسوط: ج 3 ص 296.
(4) المقنعة: ص 653.
(5) المختلف: ج 2 ص 496.
266

الحاكم في الجهات العامة.
ولا بد في الوقف على الفقراء ونحوهم من نصب قيم، والأقرب أنه لا يشترط
فيه إذن الحاكم، فلو نصبه الواقف جاز، ولو كان الواقف فقيرا فالأقرب
دخوله في الوقف، وحينئذ فهل (1) يجوز كونه قابضا أما بإذن الحاكم أو لا بإذنه
نظر؟
ولو كان للجهة ناظر شرعي قبض بغير إذن الحاكم، والقبض في المسجد
الصلاة، وفي المقبرة الدفن، والأقرب الاكتفاء بقبض الحاكم فيهما.
ولا يشترط في القبض الفورية.
ولا بد فيه من إذن الواقف، وقال الحلبي (2). إذا أشهد على نفسه ومات قبل
القبض وكان على مسجد أو مصلحة صح، وإن كان على من يصح قبضه أو
قبض وليه فهي وصية، وقال ابن حمزة (3): إذا جعل الواقف النظر لنفسه مدة
حياته لم يشترط القبض، ورواية عبيد بن زرارة (4) مصرحة بأن الموت قبل
القبض يبطله، وفي الخلاف (5) القبض شرط في لزومه.
وثامنها: إخراجه عن نفسه، فلو وقف على نفسه بطل، ولو عقبها بالفقراء
فهو منقطع الابتداء، ولو وقف على نفسه والفقراء احتمل صحة النصف،
وثلاثة الأرباع، والبطلان رأسا.
ولو شرط قضاء ديونه منه أو إدرار نفقته بطل. ولو شرط عوده إليه عند
حاجته فالمروي (6) اتباع شرطه، فيحتمل تفسيرها بقصور ماله عن سنة وعن

(1) في باقي النسخ: هل.
(2) الكافي في الفقه: ص 325.
(3) الوسيلة: ص 369.
(4) وسائل الشيعة: باب 4 من أحكام الوقوف والصدقات ح 5 ج 13 ص 299.
(5) الخلاف: ج 2 ص 226.
(6) وسائل الشيعة: باب 3 من أحكام الوقوف والصدقات ح 3 ج 13 ص 297.
267

يوم، وبسؤال غيره، فلو احتاج عاد، ولو مات قبله ورث عنه.
ولو شرط أن له الخيار في نقضه متى شاء أو في مدة معينة بطل الوقف ولو
وقف على قبيل هو منهم فالظاهر أنه يشارك. وأولى بالمشاركة ما إذا تجددت
الصفة فيه، كما لو وقف غني على الفقراء ثم افتقر.
ولو شرط أكل أهله منه صح الشرط، لأن النبي صلى الله عليه وآله (1)
شرط ذلك في وقفه، وشرطته فاطمة عليها السلام (2).
ولا يضر كونهم واجبي النفقة، فتسقط نفقتهم إن اكتفوا به. ولو شرط أكل
الزوجة ففيه نظر، من عود النفع إليه، ومن توهم بقاء نفقتها، كما لو وقف
عليها، وجوز ابن الجنيد (3) اشتراط الواقف أكله منه.
وتاسعها: تعلق الوقف بعين معينة، فلو وقف منفعة أو دينا أو مبهما كعبد
من عبيده بطل.
ويشترط فيها صحة الانتفاع المحلل باقية، فلو وقف ما لا نفع فيه أو كان
الانتفاع به محرما بطل. وكذا لو كان الانتفاع بها موقوفا على ذهاب العين
كالخبر والفاكهة.
وهل يشترط دوام المنفعة بدوام العين حتى لا يصح وقف الرياحين التي
لا تبقى نظر؟
نعم لا يشترط كون العين مما تبقى مؤبدا، فيصح وقف العبد والثوب.
ويشترط فيها صحة التملك بالنظر إلى الواقف، فيصح من الكافر وقف
الخنزير على مثله، ولا يصح وقف الحر ولو أذن أو كان هو الواقف لنفسه. ولو
وقف الآبق وتعذر تسليمه بطل.

(1) وسائل الشيعة: باب 10 من أحكام الوقوف والصدقات ح 2 و 3 ج 13 ص 311.
(2) وسائل الشيعة: باب 10 من أحكام الوقوف والصدقات ح 1 ج 13 ص 311.
(3) المختلف: ج 2 ص 494.
268

ولو وقف أم الولد فالأقرب البطلان، لتشبثها بالحرية، ووجه الصحة بقاء
الملك فيها. وتخيل أن الوقف لا ينتقل إلى ملك الموقوف عليه، وحينئذ لا يبطل
حقها من العتق بموت المولى، بل يجري على الوقف إلى حين موته. ولو مات
ولدها تأبد وقفها.
ويصح وقف الدراهم والدنانير إن كان بها منفعة حكمية مع بقاء عينها
كالتحلي بها، ونقل في المبسوط (1) الإجماع على المنع من وقفها إلا ممن شذ.
ووقف المشاع جائز، وقبضه بإذن الواقف والشريك.
وعاشرها: أن يكون هناك موقوف عليه، فلو قال هذا وقف أو صدقة
موقوفة أو محرمة ولم يعين مصرفها بطل قاله الشيخ (2)، وقال ابن الجنيد (3): إذا
قال صدقة لله ولم يسم صرف في مستحقي الزكاة.
ويشترط كون الموقوف عليه موجودا، فلو وقف على معدوم بطل. ولو شرك
بينه وبين الموجود أمكن صرف النصف إلى الموجود.
وكونه ممن يصح تملكه، فلو وقف على الجماد أو الدابة بطل. وكذا لو
وقف على الملك أو الجن أو العبد، ولو كان متشبثا بالحرية ما لم يتحرر منه شي
فيصح في قدره.
ولو وقف على المساجد والمشاهد صح، لأنه في الحقيقة وقف على المسلمين،
وإن تخصص ببعض مصالحهم.
ولو وقف على الحمل فالظاهر البطلان، لأنه لم يثبت تملكه ابتداء إلا في
الوصية، ولعدم القطع بحياته.
والفرق بين الوقف والوصية، إنه تسلط (4) في الحال، وهي جائزة في

(1) المبسوط: ج 3 ص 288.
(2) النهاية: ص 596.
(3) المختلف: ج 2 ص 496.
(4) في " ق " و " ز ": تسليط.
269

المستقبل، وهذا الشرط إنما هو في مصدر الوقف ابتداء لا في دوامه، فإن الوقف
على الموجود، وبعده على من سيوجد جائز، وكذلك القبض، والقبول شرط في
البطن الأول خاصة.
وكونه معينا، فلو وقف على رجل من بني آدم أو على أحد هذين أو أحد
المشهدين بطل.
ولا يشترط انحصاره، لجواز الوقف على الفقراء والمسلمين. ولو وقف على
قريش وتميم صح، ويصرف إلى من علم نسبه، ومنعه ابن حمزة (1)، ونقله الشيخ
في المبسوط (2).
وكونه ممن يصح الوقف عليه، فلو وقف على الزناة أو المحاربين بطل (3).
وكذا لو وقف على كتاب (4) التوراة والإنجيل أو على عمارة بيعة أو كنيسة أو
بيت نار.
ولو وقفه الذمي جاز، لإقراره على معتقده، وقال ابن الجنيد (5): يصرف
الوقف على بيت النار والصنم وقرابين الشمس والكواكب، مع ظفر المسلمين به
إلى مصرف سهم الله في الغنائم، وأبطل الفاضل (6) الوقف على بيت النار
مطلقا.
ولو وقف على قوم عصاة ولم يقصد معونتهم على المعصية صح.
[169]
درس
يجب اتباع شرط الواقف إذا كان سائغا، فلو شرط النظر لنفسه أو لغيره
صح.

(1) الوسيلة: ص 370.
(2) المبسوط: ج 3 ص 299.
(3) في باقي النسخ: والمحاربين.
(4) في " ق ": كتبه و " ز ": كتابة.
(5) المختلف: ج 2 ص 496.
(6) المختلف: ج 2 ص 496.
270

ولا يجب على الغير القبول، ولو قبل لم يجب عليه الاستمرار، لأنه في معنى التوكيل.
ولو أقر أن الولاية لغيره لم ينفذ إقراره، وتضمن انعزاله فإذا بطل نظره
فالحاكم. ويحتمل أن يصير كالوقف المطلق في أن نظره إلى الموقوف عليه، وفي
الجهات العامة الحاكم، واحتمل بعضهم أن يكون النظر للحاكم عند الإطلاق
في الوقوف كلها، لتعلق حق البطون المتعاقبة به. وأن يكون للواقف، لأن النظر
والملك كانا له، فإذا زال أحدهما بقي الآخر.
ويشترط في الناظر العدالة، فإن فسق عزل.
ولو شرط دخول ولده المتجدد مع الموقوف عليهم واتصافهم بصفة كالعلم،
أو تفاوتهم في النصيب جاز.
ولو شرط نقله عن الموقوف عليهم إلى من سيوجد فالأقرب جوازه. وليس له
إدخال غيرهم معهم وإن كانوا أطفاله على الأصح، ولا إخراج من يريد. ولو
شرطه في العقد بطل.
ولو شرط أن له كلما شرطه الواقفون في وقفهم أو سيشترطونه بطل،
للجهالة، وعن بعض العلماء جوازه، وكأنه يحمله على الشروط السائغة بأسرها،
ولو أنه صرح بذلك فالظاهر البطلان، لعدم انحصارها.
ولو شرط أن لا يوجر من متغلب أو مماطل، أو لا يوجر أزيد من عام مثلا أو
لا يوقع عليه عقد حتى تنقضي مدة الأول، أو لا يسلم حتى يقبض الأجرة ونحو
ذلك أتبع.
ولو شرط بيعه متى شاء أو هبته أو نقله بوجه من وجوه التمليك بطل.
والوقف على المسلمين يتناول من اعتقد الصلاة إلى القبلة وإن لم يصل
لا مستحلا، ويظهر من المفيد (1) اشتراط فعل الصلاة، وأخرج الحلبي (2) في

(1) المقنعة: ص 654.
(2) الكافي في الفقه: ص 325.
271

ظاهر كلامه غير المؤمن، وبه صرح ابن إدريس (1)، لقرينة الحال إذا كان
الواقف مؤمنا محقا.
أما الغلاة والخوارج والنواصب فيخرجون، إلا أن يكون الواقف منهم.
وقيل: يخرج المجبرة والمشبهة أيضا، والرجوع إلى اعتقاد الواقف قوي، وإن كان
خاليا عن الاعتقاد بنى على تحقق الإسلام والكفر وهو في علم الكلام.
ويدخل الطفل والمجنون اللذان بحكم المسلم، والذكور والإناث، والمؤمنون
والإمامية واحد، وهم القائلون بإمامة الاثني عشر وعصمتهم عليهم السلام
والمعتقدون لها.
وقيل: يشترط اجتناب الكبائر، وهو مبني على أن العمل ثلث الإيمان كما
هو مأثور عن السلف، ومروي في الأخبار (2).
والشيعة، من شايع عليا عليه السلام في الإمامة بغير فصل، وقد جعلهم ابن
نوبخت (3) هم المسلمين، وكمل منهم الفرق الثلاث والسبعين، وابن
إدريس (4) صرفه إلى قبيل الواقف، لقرينة الحال. والزيدية، من قال بإمامة
زيد عليه السلام، ولو عني به النسب فمن يمت به.
والشافعية وشبههم من دان بذلك الرأي، فلا يحل نماء الوقف على غيرهم.
والمنسوبون إلى أب كالهاشمية والعلوية يشترط فيهم وصلتهم بالأب،
فيسقط المتصل بالأم وحدها على الأقرب، ويدخل الذكور والإناث في ذلك

(1) السرائر: ج 3 ص 159.
(2) لعل مراده الأخبار الدالة على أن الإيمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالجوارح، راجع
بحار الأنوار: ح 19 إلى 24 ج 69 ص 67.
(3) فرق الشيعة للنوبختي: ص 1.
(4) السرائر: ج 3 ص 162.
272

كله.
والجيران من يلي دار الواقف إلى أربعين ذراعا، وقيل: أربعون دارا، وجمع
بينهما الراوندي (1) بصغر الدور. وفي دخول من هو على رأس الأربعين تردد،
مبني على دخول المغيا، وصرح القاضي (2) بدخوله، وهو قوي.
والعشيرة الذرية، والخاص من قومه، وقال ابن زهرة (3): الذرية لا غير.
والعترة الأخص من قرابته، وهم أخص من العشيرة وأعم من الذرية، وقال
الشيخان (4): الأقرب نسبا.
والقوم أهل لغة الواقف من الذكور خاصة عندهما، وسلار (5) لم يخص
الذكور، وابن إدريس (6) هم ذكور أهله وعشيرته.
وسبيل الله كل قربة، وقال ابن حمزة (7): هو الجهاد، وفي الخلاف (8)
يصرف في مطوعة الغزاة وفي الحج والعمرة، وفي المبسوط (9) سبيل الله الغزاة
والحج والعمرة، وسبيل الثواب الفقراء والمساكين، ويبدأ بأقاربه، وسبيل الخير
الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمون لمصلحتهم والمكاتبون - ثم قال -: ولو
قيل: بتداخلها لكان قويا، وهو الأصح، إلا مع معرفة قصد الواقف.

(1) لم نعثر عليه.
(2) المهذب: ج 2 ص 91.
(3) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 541.
(4) المقنعة: ص 655، والنهاية: ص 599.
(5) المراسم: ص 198.
(6) السرائر: ج 3 ص 163.
(7) الوسيلة: ص 371.
(8) الخلاف: ج 2 ص 229.
(9) المبسوط: ج 3 ص 294.
273

[170]
درس
لو جعل مال الوقف بعد أولاده أو غيرهم إلى الفقراء عم، وقال ابن
الجنيد (1): يخص به فقراء أقاربه، فإن فقدوا فغيرهم، ولعله أراد الأفضلية.
ولو وقف على مواليه وكان له أحد المعنيين صرف إليه، وإن اجتمعا
فالمشهور صرفه إليهما، وقيل: يبطل، بناء على منع أعمال المشترك في معنييه،
ولو كان بلفظ المفرد فوجهان مرتبان، وأولى بالبطلان.
ولو وقف على مستحقي الخمس فهم بنو هاشم، وفي النهاية (2) لولد أبي
طالب والعباس، ولم نقف على وجهه. ويدخل في أنساله أولاد البنين
والبنات، والذكر كالأنثى على الأظهر، وقال ابن الجنيد (3): كالميراث، وهو
حسن إن قال على كتاب الله، ولو قال على من انتسب إلي اشترط فيه
الاتصال بالذكور.
ولو وقف على الأقرب إليه نزل على الإرث. ولو وقف على أولاده، ثم
الأقرب إليه فاجتمع إخوة متفرقون بعد أولاده فالظاهر اشتراكهم، وقال
الشيخ (4): ينفرد به الأشقاء، ويحتمل خروج كلالة الأب خاصة كالميراث.
ولو وقف المسلم على الفقراء فهو لفقراء المسلمين، والكافر لفقراء نحلته.
ويفرق في فقراء بلد الوقف ومن حضره، ولا يجب تتبع الغائب، ولو تتبعه جاز،
ولا ضمان في الأقرب، بخلاف الزكاة. والفرق أن الفقراء فيها لبيان المصرف،
بخلاف الوقف. ولا يجزي أقل من ثلاثة مراعاة لأقل الجمع. ولا تجب

(1) المختلف: ج 2 ص 496.
(2) النهاية: ص 599.
(3) المختلف: ج 2 ص 493.
(4) المبسوط: ج 3 ص 297.
274

التسوية، بخلاف المنحصرين.
وفي وقف المسلم على الكافر أقوال، أقربها الجواز على الذمي رحما كان أو
لا، وخصه الشيخان (1) بالرحم، وربما خصه ابن إدريس (2) بالوالدين، لقوله
تعالى: " وصاحبهما في الدنيا معروفا " (3).
والفرق بين الوقف على الذمة وعلى بيعهم تمحض الوقف على المعصية في
البيعة، بخلاف أهل الذمة، حتى لو وقف عليهم لكونهم ذمة بطل.
ولو وقف على خادم البيعة لكونه خادما بطل وإلا صح.
ولا يصح على المرتد عن فطرة، لعدم ملكه، ولا على الحربي، لإباحة ماله،
ويجوز الوقف من الحربي لا من المرتد، إلا أن يكون عن غير فطرة ثم يسلم.
ولو شرط في الوقف ترتيبا أو تفصيلا أتبع.
ولفظة الواو تقتضي التشريك، ولفظة الفاء وثم للترتيب، وكذا الأعلى
فالأعلى، والأقارب لمن يعرف بنسبه من الذكور والإناث بالسوية، والأعمام
والأخوال سواء على الأصح.
ولو وقف على البر أو في البر فهو كل قربة.
ولو وقف على الفقهاء وقصد المجتهدين أو من حصل طرفا من الفقه فذاك.
وإن أطلق حمل على الثاني والمتفقهة (4) الطلبة في الابتداء أو التوسط أو الانتهاء
ما داموا مشتغلين بالتحصيل.
والصوفية المشتغلون بالعبادة المعرضون عن الدنيا. والأقرب اشتراط الفقر

(1) المقنعة: ص 654، والنهاية: ص 597.
(2) السرائر: ج 3 ص 156.
(3) لقمان: 15.
(4) في " ق " و " م ": والمتفقه.
275

والعدالة فيهم، ليتحقق المعنى المقتضي للفضيلة. وأولى منه اشتراط أن لا يخرجوا
عن الشريعة الحقة. وفي اشتراط ترك الخرقة تردد، ويحتمل استثناء التوريق
والخياطة، وما يمكن فعلها في الرباط.
ولا يشترط سكنى الرباط، ولا لبس الخرقة من شيخ، ولا زي مخصوص.
والوقف على الشبان والكهول والشيوخ يرجع إلى العرف.
ولو وقف على مصلحة فبطل رسمها صرف في وجوه البر. ولو وقف على
أمهات أولاده في حياته بطل. ولو جعله على وجه يصادف عتقهن صح.
ولو شرط عدم تزويجهن أتبع. ولو طلقت ففي عودها إلى الوقف تردد، من
خروجها عن الشرط، ومن صدق الوصف وزوال المانع. وقيل: لو قال عليهن
إلا من تزوج منهن فتزوجت سقط حقها بالكلية، لأن الاستثناء إخراج
والأصل عدم العود، وكذا لو شرط في بناته. وربما فرق بأن الغرض فيهن
الاكتفاء، وفي الإماء الوفاء، فإذا تزوجن لم يفين له.
وتدخل الخنثى في المنسوبين إلى أب، كالهاشمية أو بني هاشم، أو قال على
أولادي.
ولو وقف على البنين أو البنات فالأقرب القرعة هنا، لأنها في نفس الأمر
من أحد الصنفين.
ولو شرط المدرسة لطائفة معينة أو علم معين أتبع إذا كان مباحا. وكذا
يجوز التخصص في المقبرة.
وفي جواز التخصص في المسجد نظر، من خبر العسكري (1) عليه السلام،
ومن أنه كالتحرير فلا يتصور فيه التخصص، فإن أبطلنا التخصص ففي بطلان
الوقف نظر، من حصول صيغته ولغو الشرط، ومن عدم القصد إلى غير المخصص.

(1) وسائل الشيعة: باب 2 من أحكام الوقوف والصدقات ح 1 ج 13 ص 295.
276

ولو وقف في مستحقي الزكاة فرق في الثمانية وجوبا على قول، فيعطي الفقير
والمسكين مؤنة سنتهما، والغارم دينه، والمكاتب نجومه، وابن السبيل مبلغه أهله،
والغازي ما يتأهب به، وقيل: يعطي الفقير والمسكين غناهما، وقيل: يجوز
تخصص بعض الأصناف بالجميع، وأنه لا يجب على القابض صرفه في الجهة
التي يستحق بها.
ولو فضل الوقف على مسجد عنه صرف في مسجد آخر. وفي المشهد نظر،
من أنه في معنى المسجد، ومن توهم الاختصاص بأهله وزائريه.
[171]
درس
الوقف إذا تم لم يجز الرجوع فيه، سواء حكم به حاكم أو لا، وينتقل إلى
ملك الموقوف عليه على الأقرب، استدلالا بالمعلول على العلة، وظاهر الحلبي (1)
أنه يبقى على ملك الواقف، لقوله صلى الله عليه وآله (2) حبس الأصل وسبل
الثمرة، ونقل ابن إدريس (3) أنه ينتقل إلى الله تعالى.
أما الجهات العامة فالظاهر أن الملك لله تعالى، لامتناع إضافته إلى المسجد
والرباط، ولو قيل: بانتقاله إلى المسلمين أمكن، كأنه في الحقيقة وقف عليهم.
أما جعل البقعة مسجدا فهو فك ملك كالتحرير، لا يحتاج فيه إلى مالك، ويمكن
القول بانتقاله إلى المسلمين.
ولا خلاف في ملك الموقوف عليه المنافع، كالصوف واللبن وعوض البضع
وأجرة الدابة وشبهها، ويدخل الصوف والشعر وأغصان الشجر واللبن في الضرع
في الانتفاع، وإن كانت موجودة حال العقد كما يدخل في البيع، أما الثمرة على

(1) الكافي في الفقه: ص 324.
(2) مستدرك الوسائل: باب 2 من أبواب الوقوف والصدقات ح 1 ج 14 ص 47.
(3) السرائر: ج 3 ص 154.
277

الشجرة فلا، وإن كان نخلا لم يؤبر.
ولو أعتق الموقوف عليه الأمة بطل ولو قلنا بملكه، لما فيه من إبطال حق
الموقوف عليهم.
ولو أعتق الشريك حصته صح. وفي السراية إلى الوقف وجهان، مبنيان
على المالك، فإن قلنا هو الله تعالى أو الواقف فلا سراية، وإن جعلناه الموقوف
عليه فالأقرب عدم السراية، لأنه لا ينفذ فيه مباشرة، وهو أقوى من السراية،
وأفاد المحقق (1) لزوم السراية على هذا القول، لقوتها على المباشرة، لتوقفها على
حصر الملك في المعتق، بخلاف السراية فإنها افتكاك محض، فحينئذ يكون
بمثابة إتلاف الحصة فيغرم قيمتها للموقوف عليه.
وفي شراء حصته من عبد يكون وقفا أو اختصاص البطن الموجود بها
وجهان. وكذا لو قتل الموقوف ونفقة الموقوف على أرباب الوقف إن قلنا بالملك،
وإلا ففي كسبه، فإن تعذر فعليهم.
ولو عتق بعارض زال ملكه ووقفه ونفقته.
ولو جنى عليه في الطرف عمدا فلهم القصاص مع المكافأة والعفو على مال،
وإن كان خطأ فلهم المال، وفي مصرفه الوجهان.
ولو جنى (2) فاقتص منه بطل الوقف، وإن كان طرفا فباقيه وقف، ولو
كانت خطأ تعلقت بكسبه، لأن المولى لا يعقل عبدا، ولا يتوقع عتقه غالبا، ولا
تهدر الجناية، ولا سبيل إلى رقه، ولو لم يكن ذا كسب فالتعلق برقبته قوي، كما
لو استحق قتله.
ولو خرب المسجد لم تعد عرصته إلى الواقف طلقا، وكذا لو خربت القرية.
وقياسه على عود الكفن إلى الورثة عند اليأس من الميت باطل، لأن الكفن

(1) الشرائع: ج 2 ص 218.
(2) في " م ": عليه.
278

كان ملك الوارث وإن وجب صرفه في التكفين، والجامع باستغناء المسجد عن
المصلين كاستغناء الميت عن الكفن فاسد، لأن اليأس حاصل في الميت،
بخلاف المسجد، لرجاء عمارة القرية وصلاة المارة. وكذا لا تخرج الدار
بانهدامها عن الوقف، فتبقى عرصتها وآلاتها وقفا.
ولا يجوز بيع الوقف، إلا إذا خيف من خرابه أو خلف أربابه المؤدي إلى
فساد، وجوز المفيد (1) بيعه إذا كان أنفع من بقائه، والمرتضى (2) إذا دعتهم
حاجة شديدة، والصدوق (3) وابن البراج (4) جوزا بيع غير المؤبد، وسد ابن
إدريس (5) الباب، وهو نادر مع قوته، والمسألة مستوفاة من شرح الإرشاد (6).
ولا يجوز تغيير شرط الواقف ما أمكن، وقال المفيد (7): لو أحدث الموقوف
عليهم ما يمنع الشرع من معونتهم، أو يكون تغيير الشرط أرد على الموقوف عليهم
جاز تغييره.
ولو شرط الواقف بيعه عند حاجتهم أو وقوع الفتنة بينهم فأولى بالجواز. وفي
شراء بدله في هذه المواضع نظر، من أنه أقرب إلى التأبيد، وهو خيرة ابن
الجنيد (8)، ومن زوال المتعلق وهو قول الشيخ (9).
ولو انقلعت نخلة أو انكسرت وأمكن إجارتها وجب، وإلا بيعت. وكذا لو

(1) المقنعة: ص 653.
(2) الإنتصار: ص 226.
(3) حكاه عنه في المختلف: ج 2 ص 489.
(4) المهذب: ج 2 ص 87.
(5) السرائر: ج 3 ص 153.
(6) لم يوجد لدينا.
(7) المقنعة: ص 652.
(8) لم نعثر عليه، وفي المختلف نسب إليه القول بالمنع مطلقا، راجع المختلف: ج 2 ص 489.
(9) المبسوط: ج 3 ص 300.
279

خلق حصير المسجد أو انكسر جذعه وتعذر الانتفاع به فيه أو في غيره.
ويجوز للموقوف عليه تزويج الأمة الموقوفة بناء على ملكه، ولو قلنا الملك لله
قال الشيخ (1): تزوج نفسها، ويحتمل الحاكم، وولد الموقوفة المملوك وقف عند
الشيخ (2) وابن الجنيد (3) كولد الأضحية والمدبرة، وقيل: بل طلق للبطن الذي
وجد في زمانهم، لأنه كثمرة الشجرة.
ولو وطئت لشبهة فعلى الواطئ قيمة الولد، وفي مصرفها القولان، والواقف
كالأجنبي على الأصح. ولو وطئها الموقوف عليه فعل حراما، لعدم اختصاصه
بالملك، وعليه ما عدا نصيبه من العقر للشركاء، وكذا من قيمة الولد، ولو لم يكن
سواه فلا شئ عليه.
والظاهر أنه لا حد عليه وإن انتفت الشبهة، ولو قلنا بأن الملك لله تعالى أو
أنها باقية على ملك الواقف أمكن الحد.
أما التعزير مع العلم فلا ريب فيه. وفي نفوذ الاستيلاد هنا نظر، من عدم
تمامية الملك وأدائه إلى إبطال الوقف، ومن البناء على الملك.
وعلى القول به في لزوم القيمة في تركته نظر، من تعلق حق باقي البطون،
ومن البناء على أن بدل الوقف للبطن الأول فكيف يغرم لنفسه، إلا أن يقال
الغرم إنما تحقق بعد موته، ولا ملك له حينئذ، وهذا قوي.
ولو شرط رقية ولد الحر في العقد فكالولد المملوك. ولا يكون صدور الشرط
من هذا البطن مخصصا لهم بملكه، إلا على القول بأنه كالنماء.
ولو مات البطن الأول ومدة الإجارة باقية فالأقرب البطلان، لأنا بينا عدم
مصادفة ملك المؤجر، أما لو كان العقد صادرا من الناظر فالأقرب بقاؤه. ولا

(1) المبسوط: ج 3 ص 290.
(2) المبسوط: ج 3 ص 290.
(3) المختلف: ج 2 ص 495.
280

عبرة بموت الناظر أيضا.
ولو ظهر في الإجارة غبن فالأقرب الفسخ. ولو ظهر من يزيد بعد العقد فلا
فسخ.
تتمة:
في العمرى وتوابعها. واشتقاقها من العمر، ويعبر عنها بالرقبى من
الارتقاب، أو رقبة الملك، فإن قال أسكنتك ولم يعين عمرا ولا مدة فهي
سكنى، وإن عين مدة قيل: هي رقبى، ولو قال أعمرتكها مدة عمرك أو عمري
أتبع، فلو مات المعلق بعمره بطلت، وإن مات الآخر لم يبطل، فيسكن وارثه لو
علقت بموت المالك.
ويجب على الوارث إقراره لو علقت بموت الساكن، سواء خرجت العين من
الثلث، أو لا عند المتأخرين، وقال ابن الجنيد (1): يعتبر خروجها من الثلث،
لرواية خالد بن نافع (2) عن الصادق عليه السلام، وفي متنها اضطراب.
وفي تقويم العين إشكال، لعدم انتقالها إلى المعمر. ولو قال أعمرتك وأطلق
بطل، لجهالة صرفه إلى عمر أحدهما. وإن قال هي لك عمرك ولعقبك لم
يملكها المعمر، بل ترجع بعد موت العقب إلى المالك، وظاهر الشيخ (3) عدم
رجوعها، لخبر جابر (4) عن النبي صلى الله عليه وآله.
ولا بد من الإيجاب والقبول والقبض، فيلزم معها على الأقوى وإن لم يقصد
القربة. نعم لو لم يعين عمرا ولا مدة كان له إخراجه متى شاء.

(1) المختلف: ج 2 ص 498.
(2) وسائل الشيعة: باب 8 من أحكام السكنى والحبيس ح 1 ج 13 ص 331.
(3) المبسوط: ج 3 ص 316.
(4) مستدرك الوسائل: باب 2 من أبواب السكنى والحبيس ح 4 ج 14 ص 66.
281

ولو باع المالك العين كان فسخا للسكنى لا للرقبى والعمرى، ويتخير
المشتري في فسخ البيع وإجازته مع جهله، وقيل: يبطل بيع المعلقة بالعمر،
للجهالة، والأول مروي عن الحسين بن نعيم (1) عن الكاظم عليه السلام.
ويصح إعمار كل ما صح وقفه.
وللمسكن أن يسكن بنفسه وأهله وولده وضيفه، وليس له إسكان غيره،
إلا بإذن المالك. وكذا ليس له الإجارة، إلا بإذنه، وجوزهما ابن إدريس (2) مع
الإطلاق، بناء على ملك المنفعة، والشيخ (3) صرح بملكها مع قوله: بالمنع من
إسكان غيره.
ويجوز حبس الفرس والبعير في سبيل الله، والمملوك في خدمة بيوت
العبادة، ويخرج ذلك عن الملك بالعقد، بخلاف الحبس على الإنسان، فإنه
يعود إلى الحابس أو وارثه بعد انقضاء مدة الحبس.

(1) وسائل الشيعة: باب 24 من أحكام الإجارة ح 3 ج 13 ص 267.
(2) السرائر: ج 3 ص 169.
(3) النهاية: ص 601.
282

كتاب الهبة
283

كتاب الهبة
وهي عقد ثمرته تمليك العين منجبرا مجانا مجردا عن القربة، فتخرج
العارية والإجارة والوصية والبيع وشبهه والصدقة بأنواعها، ويعبر عنها بوهبت
وملكت وأهديت ونحلت وأعطيت، وتسمى نحلا (1) وهذا لك مع القصد في
ذلك كله.
ويشترط أهلية الواهب بما مر في الواقف، وأهلية الموهوب له كذلك.
والقبول منه أو من وليه.
ولا يصح تعليق العقد على شرط أو صفة.
والقبض شرط في اللزوم، لا في الصحة في ظاهر الشيخين (2) وجماعة، وقال
الحلبي (3): هو شرط الصحة، واختاره المتأخرون، إلا الفاضل في المختلف (4)،
ونقله ابن إدريس (5) عن المعظم مع اختياره الأول، والروايات (6) متعارضة، فلو

(1) في " م " و " ق ": نحلي.
(2) المقنعة: ص 658، والمبسوط: ج 3 ص 303.
(3) الكافي في الفقه: ص 322.
(4) المختلف: ج 2 ص 486.
(5) السرائر: ج 3 ص 173.
(6) وسائل الشيعة: باب 4 من أحكام الهبات ج 13 ص 334.
285

مات الواهب قبل الإقباض بطلت على الثاني، وتخير الوارث في الإقباض على
الأول، والنماء يتنزل كذلك.
وكذلك العبد الموهوب بالنسبة إلى الفطرة لو لم يقبضه المتهب قبل الهلال،
ولعل الأصحاب أرادوا باللزوم الصحة، فإن في كلامهم إشعارا به، فإن
الشيخ (1) قال: لا يحصل الملك إلا بالقبض، وليس كاشفا عن حصوله بالعقد،
مع أنه قائل بأن الواهب لو مات لم تبطل الهبة، فيرتفع الخلاف.
وهبة المشاع جائزة وإن أمكنت قسمته، لقول النبي صلى الله عليه وآله (2)
لمن باعه سراويل: زن وأرجح، وهو هبة للراجح المشاع.
ويستحب تسوية الولد في العطية وإن تفاوتوا في الذكورة والأنوثة.
ويكره التفضيل، فلو فعل استحب الفسخ مع إمكانه، ولا تبطل الهبة، ولا
يجب الاسترجاع.
وهبة الدين للمديون إبراء ولغيره تمليك، تلزم بالقبض عند الشيخ (3) وبن
إدريس (4)، وقيل: بالفساد، لعدم إمكان قبض الدين إذ المقبوض متعين، وعلى
الصحة يشترط القبول.
أما الإبراء فأفتى الشيخ (5). وابن إدريس (6) باشتراط القبول فيه حذرا من
المنة، وقوى الشيخ (7) عدم الاشتراط، لقوله تعالى: " وإن تصدقوا خير
لكم " (8).

(1) المبسوط: ج 3 ص 304.
(2) مستدرك الوسائل: باب 7 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 13 ص 254.
(3) المبسوط: ج 3 ص 304.
(4) السرائر: ج 3 ص 173.
(5) المبسوط: ج 3 ص 314.
(6) السرائر: ج 3 ص 176.
(7) المبسوط: ج 3 ص 314.
(8) البقرة: 280.
286

ويستحب قبول الهدية، لقوله صلى الله عليه وآله (1): لو أهدي إلي كراع،
لقبلت، كما يستحب فعلها، لقوله صلى الله عليه وآله (2) تهادوا تحابوا، وعن
علي عليه السلام (3) هي للإخوان أفضل من الصدقة.
ويجوز الرجوع في الهبة قبل القبض مطلقا، ولا يجوز بعده لولده الصغير
إجماعا، ولا باقي الأقارب على الأقوى، لصحيحة محمد بن مسلم (4) عن الباقر
عليه السلام، وبأزائها رواية المعلى بن خنيس (5) عن الصادق عليه السلام، وفي
طريقها ضعف.
أما الزوجان فكره الشيخ في المبسوط (6) منهما، والمروي (7) المنع.
وهبة الأجنبي مع الثواب لا رجوع فيها. وكذا مع التصرف المتلف، أو
المخرج عن الملك.
وفي التصرف بالوطئ والقصارة ونجارة الخشب خلاف، أقربه أنه مانع من
الرجوع. وأما التصرف بالركوب والسكنى واللبس، فظاهر الشيخ في النهاية (8)
وابن إدريس (9) أنه مانع أيضا، والروايات (10) في بعضها لا رجوع مع القبض،
وفي بعضها يرجع في غير القريب والمثيب.

(1) سنن البيهقي: ج 6 ص 169.
(2) عوالي اللئالي: ح 184 ج 1 ص 294.
(3) لم نعثر عليه.
(4) وسائل الشيعة: باب 6 من أحكام الهبات ح 2 ج 13 ص 338.
(5) وسائل الشيعة: باب 6 من أحكام الهبات ح 4 ج 13 ص 339.
(6) المبسوط: ج 3 ص 309.
(7) وسائل الشيعة: باب 7 من أحكام الهبات ح 1 ج 13 ص 339.
(8) النهاية: ص 603.
(9) السرائر: ج 3 ص 173.
(10) وسائل الشيعة: ج 13 في أحكام الهبات، باب 4 ح 6 و 8 ص 336، وباب 6 ح 1 ج 338.
287

وفي صحيح الحلبي (1) يرجع إذا كانت قائمة بعينها، وفي المبسوط (2) روى
الأصحاب أن المتهب متى تصرف في الهبة فلا رجوع فيها.
ولو حملت بغير تصرف فرجع الواهب فالحمل للمتهب. وكذا يتصرف إن
جوزنا الرجوع، وأطلق ابن حمزة (3) جواز الرجوع في الحمل، لأنه جزء من الأم.
والظاهر أن موت المتهب مانع من الرجوع، وفي المبسوط (4) الواهب أولى
من غرماء المفلس، واختاره الفاضل (5).
والهبة المطلقة لا تقتضي الثواب وإن كان المتهب أعلى، وأطلق في
المبسوط (6) اقتضاؤها الثواب، وفسر كلامه بإرادة اللزوم بالثواب، وقال
الحلبي (7) الهدية للأعلى تلزم العوض عنها بمثلها.
ولا يجوز التصرف فيها قبله، ولو رضي الواهب بدونه جاز.
ولو شرط الثواب وعينه تخير المتهب بينه وبين رد العين، وظاهر ابن
الجنيد (8) تعيين العوض كالبيع، وإن أطلق صرف إلى المعتاد عند الشيخ (9)،
كما يصرف إليه لو لم يشرط الثواب، وقال ابن الجنيد (10) عند إطلاق شرط

(1) وسائل الشيعة: باب 8 من أحكام الهبات ح 1 ج 13 ص 341.
(2) المبسوط: ج 3 ص 312.
(3) الوسيلة: ص 379.
(4) المبسوط: ج 3 ص 309.
(5) القواعد: ج 1 ص 275، هذا عين عبارته " وإفلاس المتهب لا يبطل حق الرجوع ومع الحجر
إشكال ".
(6) المبسوط: ج 3 ص 311.
(7) الكافي في الفقه: ص 328.
(8) المختلف: ج 2 ص 486.
(9) المبسوط: ج 3 ص 311.
(10) المختلف: ج 2 ص 486.
288

ثواب: الاختيار أن يعطيه حتى يرضى، كما فعل النبي صلى الله عليه
وآله (1) بمهدي اللقوح.
ولو امتنع المتهب من الإثابة رجع الواهب، ولو تلفت العين حينئذ أو
نقصت ضمنها المتهب.
ولو باع الواهب الهبة فسد البيع في كلما ليس له الرجوع فيه. وفي صحته فيما
له فيه الرجوع خلاف، فأفسده الشيخ (2)، لعدم مصادفة البيع الملك، وعلل
القائل بالصحة بتضمن البيع الرجوع.
نعم لو كانت الهبة فاسدة صح البيع إن علم بفسادها، وإن جهل فكذلك
عند الشيخ (3)، كما لو باع مال مورثه فصادف ملكه. وقد يفرق بينهما بالقصد
إلى صيغة صحيحة في مال المورث، بخلاف الموهوب.
[172]
درس
قبض الولي وقبوله بعد إيجابه للمولى عليه كاف وإن كان وصيا، خلافا
للشيخ (4) فيه. ولو وهب ابنته البالغ في حضانته لم يكف قبضه عنها، خلافا
لابن الجنيد (5). ولو وهبه ما في يده قوى الشيخ في المبسوط (6) أن الإذن في
القبض غير شرط، لأن إقرار يده عليه بعد العقد دليل على رضاه بالقبض. لكن
بشرط مضي زمان يمكن فيه القبض، وأنكر ذلك المحقق (7)، ولا فرق بين
الغاصب وغيره.

(1) المغني لابن قدامة: ج 6 ص 301، وفيه عبر بلفظ الناقة بدل لفظ اللقوح.
(2) المبسوط: ج 3 ص 304.
(3) المبسوط: ج 3 ص 304.
(4) المبسوط: ج 3 ص 305.
(5) المختلف: ج 2 ص 488.
(6) المبسوط: ج 3 ص ص 306.
(7) الشرائع: ج 2 ص 230.
289

وقبض المشاع يعتبر فيه إذن الشريك وإن كان غير منقول، فلو وكل المتهب
الشريك في القبض صح، وإن تعاسرا نصب الحاكم أمينا لقبض الجميع،
نصفه أمانة ونصفه للمتهب، وفي المبسوط (1) غير المنقول يكفي فيه التخلية عن
إذن الشريك، وفي المختلف (2) يكفي التخلية في المنقول أيضا، وهو مفارق
لقاعدته في القبض، واعتذاره بأن عدم القدرة شرعا ملحقه بغير المنقول، ممنوع،
لأنا نتكلم على تقدير التمكن من الحاكم، أما مع عدم التمكن منه فما قاله
حسن.
يشترط في القبض إذن الواهب، وإن كان في المجلس فقبضه بغير إذنه لم
يعتد به عندنا، ولو رجع في الإذن صح ما لم يكن قبض.
ولو اختلفا في التقدم والتأخر، فإن اتفقا على زمان أحدهما واختلفا في
الآخر قدم قول مدعي التأخر، وإن اختلفا في الزمانين احتمل تقديم الراجح،
لتكافؤ الدعويين والشك في الملك.
وهل يجعل دعوى الرجوع في الإذن حيث تبطل الدعوى رجوعا في الهبة
حيث يصح ذلك الرجوع؟ يحتمل ذلك، لتضمنه، وعدمه، لأن الفاسد يفسد
ما تضمنه. أما لو رجع في الإذن بعد القبض، فإنه لا يفيد الرجوع في الهبة، مع
احتماله.
ولو أقر الواهب بالهبة والاقباض حكم عليه وإن كان في يده ما لم يعلم
كذبه، فلو ادعى المواطاة أحلف المتهب على وقوع القبض، لا على عدم
المواطاة.
ولو قال وهبته وخرجت منه إليه، فليس بصريح في الإقباض، لإمكان

(1) المبسوط: ج 3 ص 306.
(2) المختلف: ج 2 ص 488.
290

حمله على الإذن في القبض.
ولو قال وهبته وملكته ثم قال لم أقبضه حلف، لجواز اعتقاده الملك بالعقد،
كما يظهر من كلام بعض أصحابنا (1)، وصرح الشيخ (2) هنا وهو منهم بالحوالة
على قول بعض العامة بالملك بالعقد، وهذا دليل على قبول كلام الشيخ أن
القبض شرط في اللزوم للتأويل، كما مر دفعا للتناقض بين كلاميه.
ولو رجع الواهب بعد نقص العين فلا أرش له، إلا في هبة الثواب، وإن
رجع بعد زيادتها زيادة متصلة كالسمن فللواهب، لأن هذا النماء يتبع الأصل،
وإن انفصلت كالثمرة فهي للمتهب.
ولو رجع بعد إجارة العين أو تزويجها أو إعارتها جاز. ولو كان بعد الكتابة
والرهن روعي العجز في المكاتب وافتكاك الرهن في صحة الرجوع قالهما في
المبسوط (3).
وحكم بأن كل موضع للواهب الرجوع، فللمتصدق تطوعا الرجوع، وقال
بعض الأصحاب: لا يرجع في الصدقة، لأن الغرض بها القربة وقد حصلت،
قال: ولو أهدى إليه شيئا فمات فللمهدي استرجاعه. وإن مات المهدي فلوارثه
الخيار، لأنه لا يملكها بالوصول إليه إنما يملكها بالعقد.
نعم يكون إباحة للتصرف حيث يكون متصورا، فلو كانت جارية لم يحل له
وطؤها، لأن الاستمتاع لا يحصل بالإباحة، فمن أراد تمليك المهدي إليه وكل
رسوله في الإيجاب والاقباض، ويحتمل عدم الحاجة إلى الإيجاب والقبول لفظا،
ويكفي الفعل الدال عليهما، لأن الهدايا كانت تحمل إلى النبي صلى الله عليه
وآله، ولم ينقل أنه راعى العقد، ويبعد حمله على الإباحة، لأنه كان يتصرف فيه

(1) في " م " و " ق ": الأصحاب.
(2) المبسوط: ج 3 ص 305.
(3) المبسوط: ج 3 ص 308.
291

تصرف الملاك، وعلى هذا الناس في سائر الأعصار والأمصار.
والأقرب صحة هبة الحمل، واللبن في الضرع، والصوف على ظهور
الأنعام، وقبضها بقبض حاملها. أما هبة شاة من قطيع أو بعض من ثوب لم (1)
يعينه الواهب فالأقرب المنع فيه.
نعم تصح هبة نصف الصبرة المجهولة وكلها، إلا أن يعلمه المتهب ويجهله
الواهب فالمنع أولى. وكذا لو وهبه ما فيه غرر، كملك لا يعلم أحدهما موضعه ولا
حدوده وحقوقه، لاختلاف الأغراض في ذلك.
والرقاع المنفذة إلى الغير يجوز له التصرف فيها كالهدية، إلا أن يعلم إرادة
المنفذ إعادتها.
ولو مات المنفذ إليه جاز لوارثه التصرف. وهل يقع موروثه فيه؟ نظر، من
إجرائه مجرى الهدية فيكون فيها الكلام السالف، ومن أنه يعد إباحة، وقد اقترن
باليد فهو كسائر المباحات. نعم ينبغي نية التمليك فيها.
وهبة المجهول مطلقا فاسدة. وفي هبة بيضة الدجاجة قبل انفصالها
احتمال، أقربه الجواز إذا جرت العادة بالانفصال بعد الهبة بغير تجدد شئ
آخر، والابراء من المجهول جائز عند الشيخ (2)، فلو ذكر قدرا فصادف الثبوت
صح، ولو علمه المبرأ خاصة لم يبرأ، إلا مما يعتقد المبرئ.

(1) في " م ": ثم.
(2) لم نعثر عليه.
292

كتاب الوصية
293

كتاب الوصية
وهي فعلية من وصى يصي إذا وصل الشئ بغيره، لأن الموصي يصل
تصرفه بعد الموت بما قبله، ويقال وصى للموصي وللموصى له.
وفي الشرع هي تمليك العين، أو المنفعة بعد الوفاة، أو جعلها في جهة
مباحة.
ولا بد فيها من الإيجاب مثل اعطوه داري أو سكناها أو أعتقوا فلانا أو
حجوا عني أو تصدقوا أو ابنوا مسجدا أو له كذا بعد وفاتي أو أوصيت له أو
جعلت له. ولو قال هو له من مالي بعد وفاتي فكذلك.
ولو قال هو له من مالي ولم يعلم منه إرادة ما بعد الوفاة فهو إقرار فاسد، إلا
أن يتبعه بقوله بسبب صحيح أو حق واجب وشبهه. ولو قال هو له واقتصر وعلم
إرادة ما بعد الوفاة كانت وصية، وإلا فهو إقرار لازم.
ولو قال عينت له كذا بعد وفاتي أو عزلت أو أرصدت له فهو كناية
تفتقر إلى القرينة، ومع عدمها لا شئ للموصى له.
وتقع الوصية بغير العربية، وإن قدر عليها كسائر العقود الجائزة.
ووصية الأخرس ومن عجز عن النطق بالإشارة المقطوع بها، أو الكتابة
كذلك. ولو كتب القادر على النطق أو أشار لم يجب العمل به ولو شوهد كاتبا
أو علم خطه.
295

وفي النهاية (1) إذا عمل الورثة ببعضها لزمهم العمل بجميعها، لمكاتبة
الهمداني (2) إلى أبي الحسن عليه السلام، وهي قاصدة الدلالة، وربما حمل على أن
العمل بالبعض دل على علمهم بالوصية فيجب الجميع.
ولو قال للشاهد إشهد على ما في هذا الكتاب فإني عالم به، لم يصر
متحملا حتى يقرأه عليه فيقر به، أو يتلفظ المشهد به، وقيل: إذا حفظه الشاهد
عنده تسلط على الشهادة في الحياة والممات، وهو بعيد، لأنه غرر وخطر.
ثم الوصية إن كانت في جهة عامة أو للفقراء مثلا أو بالعتق وشبهه لم يعتبر
فيها القبول، وإلا اعتبر من الموصى له أو وليه مع الغبطة.
ولا يشترط في القبول الاتصال بالإيجاب، بل لو قبل بعد الوفاة جاز وإن
تراخى القبول ما لم يرد، وقال ابن زهرة (3): لا قبول إلا بعد الوفاة، لأن التمليك
بعدها فكيف يقبل قبله، واختاره الفاضل في المختلف (4) وابن إدريس (5)،
والمحقق (6) جوز الأمرين.
ولو رده (7) في حياة الموصي فله القبول بعد وفاته على المشهور، وإن رد بعد
الوفاة وقبل القبول بطلت، وإن رد بعد القبول والقبض لغا الرد إجماعا، وإن رد
بعد القبول وقبل القبض فقولان، مبنيان على أن القبض شرط في اللزوم أو
الصحة كالوقف والهبة، أو لا كالبيع، وقوى الشيخ (8) الأول.

(1) النهاية ص 622.
(2) وسائل الشيعة: باب 48 من أبواب أحكام الوصايا ح 2 ج 13 ص 437.
(3) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 542.
(4) المختلف: ج 2 ص 499.
(5) السرائر: ج 3 ص 191.
(6) الشرائع: ج 2 ص 243.
(7) في باقي النسخ: ولو رد.
(8) المبسوط: ج 4 ص 33.
296

ويكفي في القبول الفعل الدال عليه صريحا، كالأخذ والتصرف فيه لنفسه.
ولو مات قبل القبول فلوارثه القبول، سواء كان موته قبل الموصي أو بعده،
وهو اختيار المعظم، وقيل: تبطل الوصية، واختاره في المختلف (1)، وهو حق إن
علم تعلق غرضه بالموروث لا غير، وبه يجمع بين صحيحة محمد بن مسلم (2)
الدالة على البطلان، ورواية محمد بن قيس (3) الدالة على الصحة، وقال
المحقق (4): إن مات الموصى له قبل الموصي بطلت، وإن مات بعده فلوارثه
وللورثة التصرف في القبول والرد، كما للموصى له قبول البعض.
ثم إن كان موته قبل موت الموصي لم يدخل العين في ملكه، وإن كان
بعده ففي دخولها وجهان، مبنيان على أن الملك يحصل للموصى له بوفاة الموصي
متزلزلا، فإن قبله قبله استقر عليه، وإن رده انتقل إلى الوارث، كما أن التركة تنتقل
بالوفاة إلى الورثة، أو بالوفاة والقبول، أو يكون القبول كاشفا فعلى الأول - وهو
ظاهر فتوى الشيخ (5) وابن الجنيد (6)، وتصريح التذكرة (7). تدخل في ملك
الميت، ويلزمه أحكامه من قضاء ديونه ووصاياه والعتق عليه لو كان ممن ينعتق
عليه، والإرث أيضا والشيخ (8) منع من الإرث، وإلا لاعتبر (9) قبوله فيدور.
وأجيب بأن المعتبر قبول الوارث في الحال، وكذا على الثالث، وعلى الثاني
لا يدخل.

(1) المختلف: ج 2 ص 499.
(2) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب أحكام الوصايا ح 4 ج 13 ص 410.
(3) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 409.
(4) نكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 670.
(5) الخلاف: ج 2 ص 313.
(6) المختلف: ج 2 ص 499.
(7) التذكرة: ج 2 ص 453.
(8) الخلاف: ج 2 ص 313، والمبسوط: ج 4 ص 34.
(9) في " م " و " ز ": اعتبر.
297

تنبيه:
قال المعظم: لو لم يخلف الموصى له وارثا رجعت الوصية إلى ورثة الموصي،
وقال ابن إدريس (1): للإمام، لأنه وارث عند عدم الوارث.
[173]
درس
تجب الوصية على كل من عليه حق يجب إخراجه بعد موته، سواء كان لله،
أو للآدمي. وتتضيق عند إمارة الموت.
ويستحب الوصية بالشهادتين، والاقرار بالنبي صلى الله عليه وآله
والأئمة عليهم السلام، وصدق النبي صلى الله عليه وآله في جميع ما جاء به،
وملازمة التقوى لله في طاعة أمره، واجتناب نهيه.
ومن كان وصي نفسه فهو أولى من إسنادها إلى غيره، كما قاله أمير المؤمنين
عليه السلام (2).
ويعتبر في الموصي شروط ثلاثة:
التمييز، فلا تنفذ وصية المجنون، والسكران، وفي المميز أقوال، أشهرها
صحة وصيته بالمعروف والبر إذا بلغ عشرا، للأخبار (3) الصحيحة، وقال
الحلبي (4): تمضي لدون العشر في البر، وقال ابن الجنيد (5): لثمان في الذكر،
وسبع في الأنثى، وتفرد ابن إدريس (6) برد وصية من لم يبلغ.

(1) السرائر: ج 3 ص 216.
(2) نهج البلاغة (لصبحي الصالح): الحكمة 254 ص 512.
(3) وسائل الشيعة: باب 44 من أحكام الوصايا ج 13 ص 428 إلى ص 430.
(4) الكافي في الفقه: ص 364.
(5) المختلف: ج 2 ص 510.
(6) السرائر: ج 3 ص 206.
298

وثانيها: الرشد، فلا ينفذ وصية السفيه، إلا في البر والمعروف عند المفيد (1)
وسلار (2) والحلبي (3)، وظاهر ابن حمزة (4) عدم نفوذ وصيته مطلقا، والفاضل (5)
أنفذها مطلقا تارة، ومنعها مطلقا أخرى.
وفي حكمه من جرح نفسه ليموت، لرواية أبي ولاد (6). أما لو أوصى ثم
جرح لم تبطل، وقال ابن إدريس (7): تصح مع ثبوت عقله.
وثالثها: الحرية، فلا ينفذ وصية العبد وإن قلنا بملكه، للحجر عليه، ولو
عتق ففي نفوذها قولان للفاضل (8)، وأولى بالنفوذ إذا علق الوصية على حريته.
ولا يشترط إسلامه، فينفذ وصية الكافر للمسلم، إلا بما لا يملكه المسلم
وينفذ للكافر مطلقا.
ولو أوصى بعمارة هيكل وكان في أرض يصح فيها ذلك جاز، وكذا يصح
برمه، وبعمارة قبور الأنبياء والصلحاء. كما يصح من المسلم ذلك. وبفك
أسراء الكفار من أيدي المسلمين.
ولو أوصى به المسلم احتمل الجواز، لجواز المفاداة، والمنع، لأنها وصية
لحربي، والأول مختار الفاضل (9)، وتصح وصية المفلس إذ لا ضرر فيه على
الغرماء.

(1) المقنعة: ص 667.
(2) المراسم: ص 203.
(3) الكافي في الفقه: ص 364.
(4) الوسيلة: ص 372.
(5) التحرير: ج 1 ص 293، والقواعد: ج 1 ص 292.
(6) وسائل الشيعة: باب 52 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 441.
(7) السرائر: ج 3 ص 197.
(8) التذكرة: ج 2 ص 460، والتحرير: ج 1 ص 293. هذا قول الفاضل بالمنع وأما قوله: بالنفوذ فلم
نعثر عليه في كتبه التي بأيدينا.
(9) التذكرة: ج 2 ص 460.
299

ويعتبر في الموصى به أمور ثلاثة:
أن يكون مما يملك بالنظر إلى الموصي والموصى له، فلا تصح الوصية بالحر
مطلقا، ولا بالفضلات والحشرات، ولا بالمحرم في شرعنا، إلا أن يكونا ذميين.
أما الكلب فالوصية بأحد الأربعة، أو بجرو قابل للتعليم صحيحة، وإلا فلا.
وأما السباع فالأقرب الجواز، تبعا للانتفاع بجلودها وريشها.
ولا تنفذ الوصية في الوقف، ولا في المستولدة، ولا بجلد الميتة وإن كان من
المستحل لمثله، ولا بالسرجين النجس.
وثانيها: موافقة مصرفة الشرع، فلو أوصى بمعونة الظالمين، وكتابة التوراة
والإنجيل، وكتب الضلال بطل. وكذا لو أوصى بعود لهو أو طلبه أو زمره.
ولو أوصى بعود من عيدانه أو بطبل من طبوله صرف إلى عود يملك، فلو لم
يكن له سوى عود اللهو بطل، إلا أن يقصد رضاضه، أو يقبل الإصلاح، وفي
المبسوط (1) يصرف الإطلاق إلى عود اللهو فيبطل، إلا أن يفرض له منفعة، مع
زوال الصفة المحرمة. وإن عين عود السقف أو العصا أو القناة فلا إشكال.
ولو جمع بين المحرم والمحلل صحت في المحلل لا غير.
ولو أوصى بإخراج وارث من الإرث لغت الوصية، وقيل: يخرج من الثلث
عملا بدلالة التضمن أو الالتزام.
ويضعف بأن الفاسد يفسد ما يستلزمه، وقال الصدوق (2): إن كان الولد
المخرج قد أصاب أم ولد أبيه صح إخراجه، لواقعة علي بن السري (3) وولده
جعفر.
ولو أوصى له بدف منعه الشيخ (4)، لتحريم استعماله. ويشكل بجوازه في

(1) المبسوط: ج 4 ص 20.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 219 وص 220.
(3) وسائل الشيعة: باب 90 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 476.
(4) المبسوط: ج 4 ص 20.
300

الأملاك والختان عنده.
وثالثها: خروجه من الثلث، أو إجازة الوارث، سواء كان عينا أو منفعة،
موجودا بالفعل كالدار والثمرة الموجودة في الحال، أو مظنون الوجود كالحمل، أو
مشكوكا فيه كالآبق والطير في الهواء والسمك في الماء، أو موجودا بالقوة كما
تحمله الأمة أو الدابة أو الشجرة، أو موجودا على التدريج كسكنى الدار فإن
الوصية بجميع ذلك نافذة.
والطريق إلى خروج المنافع من الثلث بتقويم العين بمنافعها الموصاة بها، أما
على التأبيد أو على التوقيت، ثم تقوم مسلوبة المنافع فالتفاوت هو الموصى به.
ولو قدر خروجها عن المنفعة كان المخرج من الثلث جميع القيمة.
ولو أوصى بأحد شيئين أو أشياء أو بلفظ مشترك كالقوس أو متواطئ
كالعبد والبعير والشاة تخير الوارث، واعتبر قيمة ما يتخيره من الثلث. ولا يكون
اختياره لما يزيد على الثلث إجازة، إلا مع علمه بذلك والقصد إليه.
وإجازة الوارث معتبرة بعد الوفاة إجماعا، وقبلها عند الأكثر، لصحيح
منصور بن حازم (1)، ودعوى الشيخ (2) الإجماع، ومنعه المفيد (3) وابن إدريس (4)،
لعدم استحقاقهم حينئذ.
قلنا مشارفة الاستحقاق كافية، فلو أجاز بعضهم مضى في نصيبه، فلو كان
له ابن وبنت فأوصى بنصف ماله فإن أجازا فمن ستة، وإن ردا فمن تسعة، وإن
أجاز أحدهما ضرب الوفق من إحداهما وهو الثلث في الأخرى تبلغ ثمانية
عشر، فإن شئت ضربت نصيب من أجاز في وفق مسألة الرد، ونصيب من رد في وفق

(1) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 371.
(2) الخلاف: ج 2 ص 312.
(3) المقنعة: ص 669.
(4) السرائر: ج 3 ص 194.
301

مسألة الإجازة، وإن شئت قسمت السدس عليهما فمن أجاز أخذ قسمة الموصى
له.
وهل الإجازة تنفيذ لما أوصى به أو ابتداء عطية؟ جماعة على الأول، فلا
يشترط فيها إيجاب وقبول وقبض، كما يشترط في العطية، ولا يكون للمجيز
بسببها ولاء في العتق.
ولو كان المجيز مريضا لم يعتبر من ثلث ماله، وجمع الفاضل (1) بين التنفيذ
واعتبار إجازة المريض من الثلث، وكأنهما متنافيان.
ولو أجاز بعض الزائد على الثلث نفذ، ولا يلزم منه رد ما زاد على المجاز، فلو
ألحق بإجازة الباقي صح إجازة، لا ابتداء هبة.
والمعتبر بالثلث حين الوفاة لا حين الوصية، ولا ما بينهما ولا ما بعد الوفاة،
ويحسب من ماله عوض أطرافه ونفسه لو جنى عليه.
ولو كان له مال غائب تنجز ثلث الحاضر للموصى له على الأصح، ثم إذا
حضر الغائب أخذ منه أقل الأمرين من ثلثه ومن تمام الوصية.
[174]
درس
منجزات المريض المشتملة على تفويت المال بغير عوض كالهبة والعتق
والوقف، أو على محاباة كالبيع بالثمن الناقص، أو الشراء بالزائد حكمها حكم
الوصية في أصح القولين. نعم لو برئ لزمت من الأصل.
ولو باع بثمن المثل فالأقرب الصحة. ولو باع الربوي بمثله ككر بكر،
ويساوي ما باعه ضعف ما أخذه، وليس له سواه بطلت في الثلث حذرا من
الربا، وكذا غير الربوي عند الفاضل (2)، لمقابلة أجزاء المبيع بأجزاء الثمن.

(1) لم نعثر عليه.
(2) المختلف: ج 2 ص 517.
302

وضابطه أن تسقط الثمن من قيمة المبيع وتنسب الثلث إلى الباقي فيصح
البيع بتلك النسبة.
ولو أعتق المريض أمته وهي ثلث ماله وأصدقها الثلث الآخر ودخل ومات
صح العتق والنكاح عند الشيخ (1)، وبطل المسمى، لزيادته عن الثلث، وقيل:
لها مهر المثل، لأنه كالجناية فيدور، فلو كان مهر مثلها بقدر المسمى صح العتق
في شئ ولها من مهر المثل شئ وللورثة شيئان بإزاء ما عتق، لا بإزاء مهر
المثل، لأنه من الأصل فالتركة أربعة أشياء فيعتق (2) ثلاثة أرباعها ولها ثلاثة
أرباع مهر المثل. ومنه يعلم لو زاد مهر المثل أو نقص، ويلزم منه فساد النكاح.
ولا فرق بين المرض المخوف وغيره، والأقرب منعه من التنجيز إذا اشتمل
على خطر كخوف إتلاف العين وتعذر بدلها، سواء كان المرض مخوفا أم لا. وما
لا يسمى مرضا كالطلق والمحاربة لا حجر فيه.
والاقرار مع التهمة كالوصية.
ولو رتب الوصية بثم أو بالفاء أو بالواو على الأصح، قدم الأول فالأول مع
قصور الثلث، ويدخل النقص على الأخير، ولو اشتبه الأول أقرع، ولو جمع بينهما
وزع الثلث على الجميع، وقد سبق قول الشيخ (3) بتقديم العتق والتدبير على
الوصايا مطلقا.
ولو أعطى منجزا في مرضه قدم على المعلق بالموت وإن تأخر في لفظه، إلا
أن ينص على التسوية أو تقديم المؤخرة.
وفي تقديم بعض المنجزات على بعض بحسب السبق تردد، وقطع الفاضل (4)

(1) المبسوط: ج 4 ص 38.
(2) في " م ": فينعتق.
(3) النهاية: ص 615.
(4) المختلف: ج 2 ص 505.
303

بعدم التقديم، لأنه قصد إلى الجميع، والشيخ (1) بالبدأة بالأول فالأول، لأنه
ممنوع من التصرف فيما زاد على الثلث، وقال ابن حمزة (2) مع العطف في الوصية
والقصور: تقدم الأول فالأول.
ولو أوصى لواحد بكرة ولآخر ضحوة تقدم الأخير، لأنه رجوع.
وقال الشيخ في الخلاف (3): لو أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى بثلثه لعمرو ولم
يجيزوا فالثانية ناسخة للأولى بإجماعنا، وتبعه ابن إدريس (4)، وزاد أنه لو لم يقل
بثلثي وأوصى لآخر فإنه يقدم الأول.
وفي الخلاف (5) والمبسوط (6) لو أوصى له بماله ولآخر بثلثه وأجازوا بطل
الأخير، ولو بدأ بالثلث وأجازوا أعطى الأول الثلث والآخر الثلثين.
وفي المبسوط (7) لو أوصى له بنصف ولآخر بثلث ولآخر بربع ولم يجيزوا قدم
الأول بالثلث، والجمع بين الأول وبين هذا مشكل، لأن تجاوز الثلث إن كان
علة في الرجوع ثبت في الموضعين، وإلا انتفى فيهما، إلا أن يجعل إضافة الثلث
إلى الموصى في الموضعين قرينة، لأن الثلث الثاني هو الأول.
ولا يطرد في الوصية بالكل وبالنصف، لأن ذلك ليس له، ويلزم من هذا
أنه لو قال سدسي لفلان ثم قال ثلثي أو ربعي لآخر أنه يكون رجوعا، وفي
المختلف (8) لا رجوع في جميع الصور، إلا أن يصرح به أو تدل قرينة عليه.

(1) المبسوط: ج 4 ص 9.
(2) الوسيلة: ص 376.
(3) الخلاف: ج 2 ص 317.
(4) السرائر: ج 3 ص 195.
(5) الخلاف: ج 2 ص 311.
(6) المبسوط: ج 4 ص 8.
(7) المبسوط: ج 4 ص 8.
(8) المختلف: ج 2 ص 504.
304

تنبيه:
يستحب إقلال الوصية، فالخمس أفضل من الربع، وهو أفضل من الثلث
نص علي عليه السلام (1)، وقال ابن حمزة (2): الثلث مع غنى الورثة أفضل،
والربع مع توسطهم، والخمس مع فقرهم، وهو تخصيص للعموم. وخروج عن
المشهور.
وقال علي بن بابويه (3): إذا أوصى بماله كله فهو أعلم، ويلزم الوصي
إنفاذه، لرواية عمار (4) إن أوصى به كله فهو جائز له، وحملها الشيخ (5) على من
لا وارث له فجوز الوصية بجميع المال ممن لا وارث له، وهو فتوى الصدوق (6)
وابن الجنيد (7)، لرواية السكوني (8)، ومنع الشيخ في الخلاف (9) من الزيادة على
الثلث مطلقا، وهو مختار ابن إدريس (10) والفاضل (11).
ولو أجاز الوارث النصف، ثم ادعوا جهالة التركة حلفوا على ما ظنوه، ولو
كانت الوصية بمعين لم تسمع منهم. والفرق بناؤهم على الأصل في الأول، وعلى
خلافه في الثاني، ولو قيل: بالسوية كان وجها.

(1) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 360.
(2) الوسيلة: ص 375.
(3) المختلف: ج 2 ص 510.
(4) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب أحكام الوصايا ح 19 ج 13 ص 370.
(5) التهذيب: باب 10 في الرجوع في الوصية ج 9 ص 187 ذيل الحديث 6.
(6) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 40.
(7) المختلف: ج 2 ص 507.
(8) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 370.
(9) الخلاف: ج 2 ص 323.
(10) السرائر: ج 3 ص 194.
(11) المختلف: ج 2 ص 507.
305

[175]
درس
يعتبر في الموصى له أمور ثلاثة:
وجوده، فلا تصح الوصية للمعدوم وإن علقه بالوجود، كقوله لما تحمل
المرأة أو لمن يوجد من أولاد زيد. والميت معدوم. ولو ظن وجوده فظهر ميتا
بطل، ولو قال ثلثي لفلان فإن مات قبلي أو كان ميتا فهو لفلان صح، وكذا لو
قال هو لزيد فإن قدم عمرو فله، فإن مات الموصي قبل قدومه ثم قدم بعد موته
ففي مستحقه وجهان، لحصول الصفة وسبق اختصاص الحاضر.
وثانيها: صحة تملكه، فلو أوصى للملك أو للحائط أو للدابة بطل، إلا أن
يقصد الصرف إلى علفها (1). ولو جمع بين من يملك ومن لا يملك أعطي المالك
النصف.
وتصح الوصية للحمل، بشرط انفصاله حيا لدون ستة أشهر، من حين
الوصية أو فوقها إلى سنة، مع خلو المرأة من زوج أو مولى. ولو كانت مشغولة لم
تأخذ، لاحتمال تجدده، وربما قيل: يستحق عملا بالعادة الغالبة من الوضع
لأقصى الحمل.
وقال ابن إدريس (2): يشترط قبول وليه بعد انفصاله حيا، وفي المختلف (3)
يمكن عدم اشتراطه، لوجوب ذلك على الولي مع المصلحة، فإذا امتنع سقطت،
وصارت ولايته إلى الشارع، وقد حصل بالإيجاب، وفي هذه المقدمات منع
ظاهر.

(1) في " ق " كذا: فرع: لو باع الدابة هل تبطل الوصية أو يعطى للبايع؟ يحتمل قويا ملكه، ويحتمل
رجوعه إلى الموصي، وكذا لو تلفت.
(2) السرائر: ج 3 ص 212.
(3) المختلف: ج 2 ص 508.
306

ولو تعدد الحمل قسم الموصى به على العدد بالسوية، وإن اختلفوا في
الذكورة والأنوثة، ولو قال إن كان في بطنها ذكر فله ديناران، وإن كان أنثى
فدينار فاجتمعا استحقا، بخلاف إن كان الذي في بطنها فإنه لو ظهر لم يكن
لهما شئ، لعدم قيد الاستحقاق.
ولو أوصى لحملها من فلان فنفاه باللعان فالأقرب عدم استحقاقه مع ظن
تعلق الغرض بنسبه. ولو أوصى للحمل من الزنا صح، إذ لا معصية فيه إلا أن
يقصد المعصية.
ولا تصح الوصية لعبد الغير وإن تشبث بالحرية، إلا المكاتب على
ما اخترناه، ولو تحرر منه شئ صح بحسابه.
ولو أوصى لعبده صح وعتق من الوصية وفاضلها له، وإن قصرت عن
قيمته سعى في الباقي، سواء كانت الوصية بجزء مشاع أو معين على الأقوى،
وقيل: إذا بلغت قيمته ضعف الوصية بطلت، ولم نجد به مقنعا.
ولو أوصى لعبد وارثه فالأقرب البطلان، وفي المبسوط (1) يصح.
وثالثها: كونه غير حربي، فتبطل الوصية للحربي وإن كان رحما، إلا أن
يكون الموصى من قبيله، ويظهر من المبسوط (2) والمقنعة (3) صحة الوصية له مع
كونه رحما.
وأما الذمي فكالوقف، ومنع القاضي (4) من الوصية للكافر مطلقا، وفي رواية محمد بن مسلم (5) أعطه وإن كان يهوديا أو نصرانيا، لقوله تعالى: " فمن

(1) المبسوط: ج 4 ص 61.
(2) المبسوط: ج 4 ص 51.
(3) المقنعة: ص 671.
(4) المهذب: ج 2 ص 116.
(5) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب أحكام الوصايا ح 5 ج 13 ص 417.
307

بدله بعد ما سمعه " (1) الآية. وتصح للمرتد عن غير فطرة لا عنها، إلا أن نقول
بملك الكسب المتجدد.
ولو أوصى للكافر بمصحف أو عبد مسلم بطل على الأقوى، تعظيما لشعائر
الله.
ولو أوصى المسلم لذوي قرابته لم يدخل الكافر، وكذا لأهل قريته. ولو
كان الموصي كافرا لم يدخل المسلمون عملا بالقرينة.
[176]
درس
لا يشترط تعيين الموصى له على الأقرب، لعموم الآية (2)، فلو أوصى لأحد
هذين أو أحد هؤلاء أو رجل أو امرأة صح، ويتخير الوصي أو الورثة، ويمكن قويا
القول بالقرعة مع الانحصار كأحد هذين، وضعيفا التشريك بينهما، أو الوقف
حتى يصطلحا.
ولو أوصى لمواليه، فكما مر في الوقف، وكذا القول في الجيران والعشيرة
ومستحق الزكاة والسبيل، ولو أوصى للفقراء بربع وللمساكين بخمس وجب
التمييز.
ولو أطلق أحد اللفظين ففي دخول الآخر خلاف سبق. والقراء حافظوا
القرآن استقلالا، فلا يكفي القراءة من المصحف على الأصح. نعم لا يخرج عن
ذلك بسهو أو غلط في بعض الأحيان.
والعلماء الفقهاء، والمفسرون والمحدثون إذا علموا الطريق. وفي دخول
الأدباء وجه، لتوقف علم الشريعة عليها.
والوصية للقبيلة المتبددة يتناول
الموجود.

(1) البقرة: 181.
(2) البقرة: 180.
308

ولا تجب التسوية ولا الاستغراق، والأرامل اللآئي فارقن أزواجهن لموت
وشبهه، والأيامي الخاليات من البعول، والعزاب من لا أزواج لهم، وفي المتسري
نظر، من آباء العرف، ومن الحث على إزالة العزوبة بالتزويج.
والأعقل والأعلم والأزهد والأورع والأتقى وغيره من صفات المبالغة
الظاهر حمله على الإمام، ولو علم عدم إرادته نزل على من يغلب على الظن
اتصافه بذلك. وإطلاق الوصية يقتضي التسوية، ولو فضل اتبع.
وفي الأعمام والأخوال صحيح زرارة (1) بالتفضيل كالإرث، وعليه
الشيخ (2) وابن الجنيد (3).
والقرابة المعروفون بنسبه وقصرهم ابن الجنيد (4) على الأب الرابع تأسيا
بالنبي صلى الله عليه وآله (5) في تفرقة الخمس، وقال الشيخان (6): يقصر على
من تقرب بأب وأم مسلمين وفي الخلاف (7) لم أجد دليلا (8).
وربما احتج بعضهم (9) عليه بقول النبي صلى الله عليه وآله (10) قطع الإسلام
أرحام الجاهلية.

(1) وسائل الشيعة: باب 62 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 454.
(2) النهاية: ص 614.
(3) المختلف: ج 2 ص 508.
(4) المختلف: ج 2 ص 503.
(5) روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب من أبناء
عبد مناف وترك بني نوفل وبني عبد شمس، فيستفاد منه عدم شمول القرابة لأبناء الأب الخامس،
حيث لم يقسمه النبي صلى الله عليه وآله في أولاد عبد الدار وهو أخو عبد مناف وهما ابنا قصي بن
كلاب. راجع المغني لابن قدامة: ج 7 ص 304.
(6) النهاية: ص 614، والمقنعة: ص 675.
(7) الخلاف: ج 2 ص 315.
(8) في باقي النسخ: عليه دليلا.
(9) في باقي النسخ: بعضهم عليه.
(10) لم نعثر عليه في مظانه.
309

ويتوجه عليه المطالبة بصحة السند أولا، وبوجه الدلالة ثانيا، وبمساواة باقي
أقسام الكفر لكفر الجاهلية ثالثا.
ولو أوصى لجارحه بعد الجرح صحت الوصية وإن كان الجرح قاتلا.
ولو أوصى لزيد ثم قتله زيد ففي بطلان الوصية نظر، من التنزيل على المنع
من الإرث وعدمه، وأطلق في الخلاف (1) الصحة، وأطلق ابن الجنيد (2) المنع
لقاتل العمد.
وتصح الوصية للوارث كالأجنبي، للآية (3)، والحديث (4) المنافي محمول على
نفي وجوب الوصية، الذي كان قبل نزول الفرائض، ولا حجر على الموصى له
فيما يدفع إليه، بل يصنع به ما شاء إلا أن يعين الموصي وجها.
ولو أوصى بعتق نسمة أجزأ الذكر والأنثى والخنثى، ولو قيدها بالإيمان
وجب، فإن ظنه فظهر الخلاف أجزأت، ولو تعذر أعتق من لا يعرف بنصب
رواه علي بن حمزة (5)، واستضعفه القاضي (6)، ورده ابن إدريس (7)، وقال
المحقق (8): إذا لم يوجد من يعلم إيمانه جاز عتق مجهول الحال، لأصالة الإيمان في
المسلمين، وعليه منع ظاهر ولو قيدها بثمن معين اتبع، فإن تعذر إلا بالأقل دفع
إليها الباقي، وإن تعذر كامله أجزأ الشقص.

(1) الخلاف: ج 2 ص 316.
(2) المختلف: ج 2 ص 507.
(3) البقرة: 180.
(4) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب أحكام الوصايا ح 12 و 13 و 14 و 15 ج 13 ص 375.
(5) وسائل الشيعة: باب 73 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 و 2 ج 13 ص 462.
(6) لم نعثر عليه في المهذب وفي شرح جمل العلم والعمل وجواهر الفقه، ولكن نسبه إلى القاضي في
المختلف: ج 2 ص 509.
(7) السرائر: ج 3 ص 213.
(8) نكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 670.
310

ولو قال أعتقوا رقابا أو عبيدا أو عبدا وجب ثلاثة فصاعدا.
فروع لابن الجنيد (1).
لو قال إذا حج عني عبدي بعدي فهو حر، وخرج من الثلث، فليس للورثة
منعه من الحج، وعتق إذا حج، وإن لم يكن سواه سعي في ثلثي قيمته، فإذا
أداها أمر بالحج، فإن حج عتق كله، وإلا رق. ويشكل بأنه تعليق للعتق
بشرط، وجوز في المختلف (2) للوارث منعه من الحج.
الثاني: لو قال أعتقوها على أنها لا تتزوج ففعلوا ثم تزوجت لم يبطل عتقها.
ولو قال أعتقوها إن تابت من الغناء ففعلوا ثم رجعت بطل عتقها، وسوى بينهما
في المختلف (3)، ولم يذكر الحكم.
ولو قال نصراني هي حرة إن أقامت على دينها فأقامت عتقت، فلو أسلمت
لم يبطل عتقها، وإن تهودت بطل. والفرق انتقالها إلى الأعلى في الأول والأدون
في الثاني.
الثالث: لو أوصى بثلثه لرجلين فقبل أحدهما خاصة أو كان أحدهما ميتا
فالثلث للقابل والحي، ويشكل بعدم قصد الموصي.
[177]
درس
لا تصح الوصية بملك الغير، ولو أجاز الغير احتمل النفوذ. ولو قال إن
ملكت مال فلان فقد أوصيت به للفقراء احتمل الصحة، لأنه أولى من الوصية
بالمعدوم وهي جائزة، واحتمل المنع، لأن مالكه يتمكن من الوصية به، فلو
تمكن غيره منه لكان الشئ الواحد محلا لتصرف مالكين وهو محال، ويجاب

(1) المختلف: ج 2 ص 513.
(2) المختلف: ج 2 ص 513.
(3) المختلف: ج 2 ص 514.
311

بأن المحال اجتماعهما على الجمع لا على البدل.
وتصح الوصية بالمجهول للأصل، ولقوله صلى الله عليه وآله (1): إن الله
تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم، زيادة في حسناتكم.
وقد لا يعلم المكلف ثلث ماله، فلو أوصى بالنصيب أو القسط أو بمال
قليل أو حقير أو كثير أو عظيم أو جليل أو خطير عين الوارث ما شاء، إذا لم يعلم
من الموصي إرادة قدر معين.
أما الجزء فالعشر، لرواية أبان بن تغلب (2) فإن أضيف إلى جزء آخر فعشره
كجزء من ثلثين، لصحيحة عبد الله بن سنان (3) وتمثل بالجبال العشرة، وروى
البزنطي (4) عن أبي الحسن عليه السلام السبع وروى (5) أنه سبع الثلث، وحملها
الشيخ (6) على الندب.
والسهم الثمن، لرواية صفوان (7)، وهو الأظهر، وروى طلحة بن زيد (8) أنه
العشر، وفي كتابي الفروع (9) أنه السدس، كما قاله علي بن بابويه (10): والشئ
السدس. والكثير محمول على النذر عند الشيخ (11)، وأنكره ابن إدريس (12)،

(1) سنن ابن ماجة: ح 2709 ج 2 ص 904، وفيه " زيادة لكم في أعمالكم ".
(2) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 442.
(3) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب أحكام الوصايا ح 2 ج 13 ص 442.
(4) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب أحكام الوصايا ح 12 ج 13 ص 447.
(5) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب أحكام الوصايا ح 14 ج 13 ص 447.
(6) التهذيب باب 16 من أبواب الوصايا ج 9 ص 209 ذيل الحديث 8.
(7) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب أحكام الوصايا ح 2 ج 13 ص 448.
(8) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب أحكام الوصايا ح 4 ج 13 ص 449.
(9) المراد من كتابي الفروع هو المبسوط والخلاف على ما يستفاد من بعض نسخ الدروس، المبسوط: ج 4
ص 8، والخلاف: ج 2 ص 310.
(10) المختلف: ج 2 ص 501.
(11) الخلاف: ج 2 ص 310.
(12) السرائر: ج 3 ص 188.
312

فيحمل على ما يفسره الوارث، وهو حسن.
ولو عين الموصي أبوابا فنسي الوصي بابا منها أو أبوابا صرفت في وجوه البر
على الأشهر، لمكاتبة الهادي عليه السلام (1)، وفي الحائرية (2)، واختاره ابن
إدريس (3) يعود ميراثا. ويدخل جفن السيف وحليته في الوصية به على
الأظهر، لرواية أبي جميلة (4). وفي الصدوق ما فيه من مال، لهذه الرواية (5).
وفي السفينة ما فيها من طعام، لرواية عقبة بن خالد (6) في رجل قال هذه
السفينة لفلان ولم يسم ما فيها، وفيها طعام أيعطاها الرجل وما فيها؟ قال: هي
للذي أوصى له بها، إلا أن يكون صاحبها متهما، وهي غير صريحة في المطلوب،
والعمل بالقرينة هنا متوجه.
وحمل المفيد (7) الجراب المشدود على الصندوق المقفل، وكذا حمل الوعاء
المختوم، وقال القاضي (8): لو أوصى له بسلة زعفران دخل، وكذا قال: يدخل
الشرب في الوصية بالضيعة وما شابهه إذا كان عدلا، فإن كان متهما لم تنفذ
الوصية في أكثر من ثلثه، وقيد في النهاية (9) بهذا القيد أيضا، وكأنهما يريانه
إقرارا.

(1) وسائل الشيعة: باب 61 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 453.
(2) المسائل الحائرية (ضمن الرسائل العشر): ص 297.
(3) السرائر: ج 3 ص 208.
(4) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 450.
(5) وسائل الشيعة: باب 58 من أبواب أحكام الوصايا ح 2 ج 13 ص 452.
(6) وسائل الشيعة: باب 59 من أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 452.
(7) المقنعة: ص 674.
(8) لم نعثر عليه في المهذب وجواهر الفقه وشرح جمل العلم والعمل ولكن في المختلف نسبه إلى القاضي،
المختلف: ج 2 ص 508.
(9) النهاية: ص 614.
313

ولو أوصى له بعبد ولآخر بتمام الثلث صح، فإن مات العبد قبل الموصي
بطلت الوصية به وأعطى الآخر التتمة، فلو كان قيمته مائة وباقي المال
خمسمائة أعطى الثاني مائة. ويشكل بأن الثلث الآن أنقص من الأول، وكذا
لو عاب أو رخص.
ولو ضم الواجب كالحج والدين إلى المتبرع به وحصرها في الثلث وقصر
قدم الواجب، ودخل النقص على الآخر، للنص (1)، وفتوى الجماعة، والقول
بأنه يكمل الواجب من الأصل ليس مذهبنا.
ولو أوصى بجزء مشاع كالثلث والربع نزل على الإشاعة في جميع التركة،
فله من كل عين أو منفعة ذلك الجزء.
ومؤنة القسمة هنا من التركة على تردد، لأنه صار شريكا، ومن وجوب
التسليم إلى الموصى له الموقوف على القسمة وما لا يقسم باق على الشركة.
[178]
درس
إذا أوصى له بعبد من عبيده تخير الوارث، ولا ينزل على الإشاعة بحيث
يكون للموصى له عشرهم لو كانوا عشرة مثلا، ولهم إعطاء الصحيح والمعيب.
ولو ماتوا إلا واحدا تعين للوصية، ولو ماتوا أجمع قبل موته أو بعده ولما
يفرط الوارث بطلت.
ولو قتلوا لم تبطل، ويطالب بقيمة ما عين له. ولو كان قتلهم قبل موته
فالظاهر البطلان، لتعلق الوصية بالعين لا بالقيمة، بخلاف ما بعد الموت، لأن
الموصى له يملك العين فيملك بدلها.
والشاة تقع على المعز والضأن والذكر والأنثى. ولو قال اعطوه عشرا من

(1) وسائل الشيعة: باب 65 من أبواب أحكام الوصايا ج 13 ص 455.
314

الشياه جاز إعطاء الذكور والإناث، وكذا عشره. ولو قال اعطوه عشرا من الإبل
فالإناث، وإن قال عشره فالذكور.
ولو أوصى له بمثل نصيب ابنه وليس له سواه فالنصف، واحتمل
الفاضل (1) الجميع. ويضعف بأنه خلاف الظاهر، إذ الظاهر توريث ابنه، فلو
رد فالثلث على الاحتمالين، ولو كان له ابنان فالثلث وهكذا.
ولو أوصى بمثل نصيب أحد وراثه حمل على أقلهم نصيبا ما لم يعين غيره.
ولو ترك ابنا وأربع زوجات فله سهم من ثلاثة وثلاثين. ولو قال مثل
نصيب الابن فله ثمانية وعشرون من ستين، يزاد على أصل المسألة اثنين
وثلاثين.
ولو ردوا فهي من ثمانية وأربعين. ولو أجاز بعضهم ضربت وفق مسألة
الإجازة في مسألة الرد والوفق بالجزء من اثني عشر، فتضرب أربعة في ستين أو
خمسة في ثمانية وأربعين تبلغ مأتين وأربعين، فمن أجاز أخذ نصيبه من مسألة
الإجازة مضروبا في وفق مسألة الرد، ومن رد أخذ نصيبه من مسألة الرد
مضروبا في وفق مسألة الإجازة، فبإجازة الابن خاصة للموصى له مائة
وثمانية، وللابن مائة واثنا عشر، وللزوجات عشرون، وبإجازة الزوجات خاصة
للموصى له أربعة وثمانون، ولهن ستة عشر، وللابن مائة وأربعون.
ولو أجاز بعضهن فله نصيبها من المجاز، وهو سهم واحد مزيد على ثلث
التركة وهو ثمانون، وإن شئت مع إجازة البعض أن تدفع الثلث إلى الموصى
له، وتقسم الباقي بين الوارث (2) فريضة على تقديري الإجازة وعدمها، فيأخذ
الموصى له التفاوت، فيدفع هنا إلى الموصى له ثمانين، ثم يقسم الباقي وهو مائة

(1) التذكرة: ج 2 ص 497، والتحرير: ج 1 ص 297.
(2) في " ق ": الوارث.
315

وستون فريضة للزوجات عشرون وللابن مائة وأربعون، هذا على تقدير الرد.
وفي تقدير الإجازة للابن مائة واثنا عشر، وللزوجات الأربع ستة عشر،
ويظهر ذلك بأن الزائد على (1) الثلث في مسألة الإجازة - وهي ستون - ثمانية
أسهم وقد صارت مضروبة في أربعة، فتكون اثنتين وثلاثين سهما فتقسمها
فريضة، فيكون للزوجات أربعة وللابن ثمانية وعشرون، فالتفاوت بين نصيبي
الابن ثمانية وعشرون، وبين نصيب كل واحدة من الزوجات سهم، فبالإجازة
من البعض يدفع ذلك التفاوت.
ولك طريق ثالث: وهو أن تنظر ما زاد على الثلث في مسألة الإجازة
فتقسمه بين الورثة فريضة، فإن انقسم صحت المسألتان من مسألة الإجازة،
وإن انكسر ضربت مسألة الإجازة في مخرج الكسر، وقد عرفت أن الزائد على
الثلث هنا ثمانية فتقسمها على الورثة، تنكسر في مخرج الربع فتضرب أربعة في
ستين فتبلغ مائتين وأربعين، وتبقى الزائد على الثلث اثنان وثلاثون فتقسم بين
الورثة كما مر، فلو أجاز الزوجات دون الابن صحت المسألة من ستين، لأن
الموصى له يأخذ نصيبهن من الزائد وهو سهم ويبقى للابن سبعة.
ولو أوصى له بضعف نصيب ولده أعطى مثليه، وبضعفيه ثلاثة أمثاله،
وفي المبسوط (2) أربعة أمثاله وبثلاثة أضعافه أربعة أمثاله، والأصل فيه أن
ضعف الشئ هو ومثله، وضعفاه هو ومثلاه وهكذا، وعلى قول المبسوط كل
ضعف مثلان.
ولو أوصى بنصيب وارث، فإن قصد عزله من الإرث فالأقرب البطلان،
وإلا حمل على المثل، وأطلق في الخلاف (3) البطلان، وأطلق بعض الأصحاب

(1) في باقي النسخ: عن الثلث.
(2) المبسوط: ج 4 ص 7.
(3) الخلاف: ج 2 ص 309.
316

الصحة والحمل على المثل.
ولو أوصى بنصيب من لا نصيب له، كالكافر والقاتل والعبد حمل على
مثله، ولو قال بمثل نصيبه، قال في المبسوط (1): يبطل إذ لا نصيب له، وفي
المختلف (2) يبطل إن علم كونه لا نصيب له، لكونه قاتلا وإلا صحت الوصية.
تتمة:
يجوز الرجوع في الوصية صريحا مثل قوله (3) رجعت أو لا تعطوه ما أوصيت
له به، أو كناية يفهم منها ذلك مثل قوله هو ميراث أو حرام على الموصى له، أو
فعلا يستلزم الرجوع كالبيع لمتعلق الوصية أو الوصية به لآخر أو الهبة وإن لم
يقبض، وكذا الرهن، وكذا لو طحن الحنطة أو عجن الدقيق أو نسج الغزل أو
خلط الزيت المعين بغيره.
ولو أوصى به بمائة ثم أوصى له بمائة فهي واحدة، ولو كانت الثانية بمائتين
تداخلتا وكان الجميع مائتين.
ولو أوصى له بدار فانهدمت قبل الموت، وخرجت عن الاسم، بطلت عند
الشيخ (4)، وقال الفاضل (5): يعطى العرصة.

(1) المبسوط: ج 4 ص 7.
(2) المختلف: ج 2 ص 501.
(3) في " م ": كقوله.
(4) المبسوط: ج 4 ص 38.
(5) المختلف: ج 2 ص 501.
317

كتاب الوصايا
319

كتاب الوصاية
بكسر الواو وفتحها، وهي الولاية على إخراج حق أو استيفائه، أو على
طفل أو مجنون يملك الموصي الولاية عليه بالأصالة كالأب والجد له، أو بالعرض
كالوصي عن أحدهما المأذون له في الإيصاء ولو نهى لم يوص، ومع الإطلاق
اختلف فيه الشيخان فجوز الإيصاء الشيخ (1)، ومنعه المفيد (2)، وفي مكاتبة
الصفار (3) للعسكري عليه السلام دلالة ما على الجواز. وللوصي شروط:
أحدها: العقل، فلا يصح الوصية إلى المجنون، ولو طرأ الجنون على الوصي
بطلت وصيته، وفي عودها بعدو العقل عندي تردد (4)، وجزم الفاضل (5) بأنها
لا تعود. ولو كان الجنون يعتوره أدوارا فالأقرب الصحة، وتحمل على أوقات
الإفاقة.
والفرق بينه وبين الأول انصراف الوصية من ابتدائها إلى أوقات إفاقته (6)،

(1) الخلاف: ج 2 ص 321.
(2) المقنعة: ص 675.
(3) وسائل الشيعة: باب 50 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 438.
(4) في " ق " وفي هامش " م " و " ز " كذا: ينشأ من الشك في كون الجنون مسقطا للولاية أو مانعا فعلى
الأول لا تعود وعلى الثاني تعود.
(5) التحرير: ج 1 ص 303.
(6) في باقي النسخ: أوقات الإفاقة.
321

وانصرافها هناك إلى دوام عقله الذي لم يدم، ولو قلنا بعود ولاية الأول فلا
إشكال.
وثانيها: البلوغ إن كان منفردا، فلا تصح الوصية إلى الصبي حتى ينضم
إلى كامل، وينفذ تصرف الكامل حتى يبلغ الصبي فيشتركان.
وثالثها: الإسلام، إذا كان الموصي مسلما أو كان كافرا، والوصية على
أطفال المسلمين (1). ولو أوصى إلى الكافر مثله على ما لا يتعلق بالمسلم صح.
ولو أوصى الكافر إلى المسلم صح، وتصرف فيما يجوز للمسلم التصرف فيه
من تركته، دون غيره كالخمر.
ورابعها: العدالة، والمشهور اعتبارها فتبطل الوصية إلى الفاسق، لأنه
لا يركن إليه، لظلمه. ولو كان عدلا ففسق بعد موت الموصي بطلت، خلافا
لابن إدريس (2)، ولا تعود بعوده.
وخامسها: إذن المولى، فلو أوصى إلى عبد الغير أو مكاتبه أو مدبره أو أم
ولده. ولو أوصى إلى عبد نفسه أو مدبره أو مكاتبه أو أم ولده لم يصح عند
الشيخ (3)، وجوز المفيد (4) وسلار (5) الوصية إلى المدبر والمكاتب مطلقا.
وسادسها: انتفاء من هو أولى من الوصي، كما لو أوصى بالولاية على
أطفاله وله أب فإنها لاغية، ويحتمل صحتها من ثلث ماله، لأنه يملك إخراجه
بالكلية، فملك الولاية عليه أولى.
ولو أوصى بإخراج حقوق أو استيفائها كان جائزا، ويشكل بأن الاستيفاء

(1) في باقي النسخ: مسلمين.
(2) السرائر: ج 3 ص 189.
(3) المبسوط: ج 4 ص 51.
(4) المقنعة: ص 668.
(5) المراسم: ص 202.
322

ولاية على مال الطفل فلا يملكها الأجنبي. نعم لو عين المستوفي لتلك الحقوق
جاز.
ولا ولاية للأم على الأطفال، فلو نصبت عليهم وصيا لغى، ولو أوصت لهم
بمال ونصبت عليه قيما لهم صح في المال خاصة، وقال ابن الجنيد (1): للأم
الرشيدة الولاية بعد الأب، وهو شاذ.
وسابعها: كفاية الوصي، فلو أوصى إلى هرم يعجز عن التصرف أو إلى
مريض مدنف أو إلى سفيه ففي بطلانها من رأس، أو صحتها، ويضم الحاكم
إليه مقوما نظر، ينشأ من وجوب العمل بقوله: ما أمكن، ومن عدم الفائدة
المقصودة بالوصية.
ولو عرض العجز في الأثناء ضم الحاكم إليه قطعا، ولا ينعزل. ولو سلبه (2)
السفه العدالة بطلت الوصية إليه على القول باشتراطها. ولو ضم إلى أحد هؤلاء
كافيا وشرط الاجتماع فالصحة قوية.
ثم هذه الشروط معتبرة منذ الوصية إلى حين الموت، فلو اختل أحدها في
حالة من ذلك بطلت، وقيل: يكفي حين الوصية، وقيل: حين الوفاة.
ولا تشترط الذكورة في الوصي ولا البصر. بل تصح الوصية إلى المرأة،
ونقل فيه الشيخ (3) إجماعنا، ورواية السكوني (4) عن علي عليه السلام بالمنع من
الوصية إليها، محمولة على التقية أو الكراهية، وتصح إلى المكفوف.
ولا اتحاد الوصي، فتجوز الوصية (5) إلى اثنين فصاعدا، وينصرف

(1) المختلف: ج 2 ص 514.
(2) في " ق ": ولو سلب.
(3) الخلاف: ج 2 ص 319.
(4) وسائل الشيعة: باب 53 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 442.
(5) هذه الكلمة غير موجودة في " ق ".
323

الإطلاق إلى الاجتماع، فليس لأحدهما (1) التفرد، ولو تشاحا أجبرهما الحاكم
على الاجتماع، فلو تصرف أحدهما مع التشاح نفذ فيما تمس الضرورة إليه،
كمؤونة اليتيم وعلف دوابه، ولو نهاهما عن الانفراد فكذلك. ويحتمل هنا أن
لا يمضي ذلك الضروري، بل يرفع الأمر إلى الحاكم.
ولو تعذر اجتماعهما جاز للحاكم عزلهما، ونصب غيرهما. ولو عزل أحدهما
والضم إليه، وليس له جعله منفردا، وقال الحلبي (2): له جعله منفردا إذا كان
أعلم وأقوى فيتبعه الباقون من الأوصياء.
ولا يملكان قسمة المال ولا قسمة الأطفال.
ولو عجز أحدهما أو فسق أو جن فالأقرب وجوب ضم آخر إلى الباقي. ولا
يشترط مع عزلهما تعدد منصوب الحاكم، بل لو نصب واحد أجاز إذا كان فيه
كفاية.
ولو سوغ لهما التصرف على الانفراد جاز اقتسام المال والأطفال، ولو تغير
أحدهما استقل الآخر. ويجوز أن يوزع ولايتهما على المال والأطفال، فلا يشارك
كل منهما صاحبه، وجوز الشيخ في النهاية (3) انفرادهما إذا لم يكن شرط عليهما
الاجتماع، وتبعه ابن البراج (4)، لرواية بريد (5) عن الصادق عليه السلام، وهي
غير صريحة.
ويجوز جعل وصيين على الترتيب مثل أوصيت إلى زيد فإن مات فإلى عمرو
أو إن بلغ ولدي رشيدا فإليه.

(1) في " م " و " ق ": لأحدهم.
(2) الكافي في الفقه: ص 366.
(3) النهاية: ص 606.
(4) المهذب: ج 2 ص 116.
(5) وسائل الشيعة: باب 51 من أبواب أحكام الوصايا ح 3 ج 13 ص 440.
324

فروع:
لو أوصى إلى زيد ثم أوصى إلى عمرو اشتركا ولا انفراد، ولا يعزل الأول
بالوصية إلى الثاني.
فلو قبل أحدهما دون الآخر، قيل: يتصرف وحده، بخلاف ما إذا أوصى
إليهما معا فإنه ينعزل القابل برد صاحبه، وفي الفرق نظر، لأن الضم قد حصل
في الموضعين، فإن كان شرط ثبت فيهما وإلا انتفى فيهما.
نعم لو أوصى إلى زيد، ثم قال ضممت إليه عمرا فقبل عمرو خاصة لم يكن
له الانفراد، لأنه جعله مضموما. وهل ينعزل أو يضم الحاكم إليه؟ فيه نظر،
وجزم الفاضل (1) بالثاني.
وليس للصغير المنضم نقض ما أنفذه البالغ بعد كماله، إذا كان موافقا
للشرع.
ولو مات الصبي أو بلغ غير أهل للوصية، ففي انفراد الآخر نظر، من ثبوت
ولايته وعدم حصول ما يزيلها، ومن دلالة لفظ الموصي على الضم في وقت
إمكانه عادة، وجزم جماعة بالأول.
[179]
درس
لا يجب على الوصي القبول، بل له الرد في حياة الموصي، وينعزل إن بلغه
الرد، وإن لم يبلغه أو لم يعلم بالوصية حتى مات فالمشهور التزامه إلا مع العجز،
لرواية منصور بن حازم (2) ومحمد بن مسلم عن (3) الصادق عليه السلام، وفي

(1) التحرير: ج 1 ص 303.
(2) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب أحكام الوصايا ح 3 ج 13 ص 398.
(3) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 398.
325

المختلف (1) يجوز الرد إذا لم يعلم بالوصية حتى مات للجرح والضرر، ولم نعلم له
موافقا عليه.
وقال الصدوق (2): إذا أوصى إلى ولده وجب (3) القبول، وكذا إلى أجنبي
إذا لم يجد غيره، وهما مرويان (4) قويان. ويجوز القبول متأخرا عن الإيجاب.
وصيغة الوصية أوصيت إليك أو فوضت أو جعلتك وصيا أو أقمتك مقامي
في أمر أولادي أو حفظ أموالي أو كذا.
ولو قال أنت وصيي واقتصر، فإن كان هناك قرينة حال حمل عليه، وإلا
أمكن البطلان، ويحتمل التصرف فيما لا بد منه، كحفظ المال ومؤونة اليتيم.
ولو قبل الوصي فعلا جاز، كما لو باع العين الموصى ببيعها. وعلى ما قلناه
من اللزوم بالموت وعدم الرد، فلا عبرة بقبول الوصي وعدمه، بل العبرة بعدم
الرد الذي يبلغ الموصي فإن حصل وإلا التزم.
والوصي أمين لا يضمن، إلا مع التعدي أو التفريط.
وله أن يوكل فيما جرت العادة بالتوكيل فيه، وفي غيره على الأقوى.
واستيفاء دينه مما في يده من غير مراجعة الحاكم، سواء أمكنه إثباته عند
الحاكم، أم لا على الأقوى، وفي النهاية (5) يجوز أن يأخذ من تحت يده إلا ما تقوم
له به البينة، وابن إدريس (6) ظاهره جواز ذلك مع فقد البينة، وكذا يقضي دين
غيره مع علمه بعد إحلافه، وقيل: لا بد من الثبوت عند الحاكم وحكمه، وهو قوي.

(1) المختلف: ج 2 ص 499.
(2) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 39.
(3) في باقي النسخ: وجب عليه.
(4) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 400، وباب 23 ح 2 ص 398.
(5) النهاية: ص 608.
(6) السرائر: ج 3 ص 192.
326

ومنع ابن إدريس (1) من شرائه لنفسه، لامتناع كونه موجبا قابلا، وجوزه
الشيخ (2)، للأصل، ومكاتبة الهمداني (3). وكذا له البيع على الطفل من ماله.
وهل له الولاية على تزويج الطفل أو الطفلة؟ المروي (4) الجواز، وحمله
بعضهم على الإذن له في التزويج، ومنع بعضهم منه على الإطلاق، وبه فحوى
رواية (5)، وله تزويج من بلغ فاسد العقل، مع المصلحة.
وروى محمد بن مسلم (6) جواز تفويض المضاربة إلى الوصي على نصف
الربح مع صغر الأولاد، وبها قال الجماعة، وقال ابن إدريس (7):. الوصية إنما
تنفذ في ثلث المال قبل موته، والربح تجدد بعد موته، فلا تنفذ فيه الوصية.
ويجوز أن يوصي إليه بجعل إذا لم يزد عن أجرة المثل، وإن زاد اشترط
الخروج من الثلث في الزائد أو إجازة الورثة، ولو لم يجعل له، أجرة المثل عن
علمه، وفي النهاية (8) والسرائر (9) له قدر كفايته، وفي التبيان (10) والمبسوط (11) له
أقل الأمرين، هذا مع الحاجة.

(1) السرائر: ج 3 ص 193.
(2) النهاية: ص 608.
(3) وسائل الشيعة: باب 89 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 475.
(4) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح 4 و 5 ج 14 ص 213.
(5) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح 1 ج 14 ص 212.
(6) وسائل الشيعة: باب 92 من أبواب أحكام الوصايا ح 1 ج 13 ص 478.
(7) السرائر: ج 3 ص 192.
(8) النهاية: ص 361.
(9) السرائر: ج 2 ص 211.
(10) التبيان: ج 3 ذيل آية 6 من سورة النساء ص 119، ولكن ليس فيها أقل الأمرين بل يقول: " والظاهر
في أخبارنا أن له أجرة المثل ".
(11) المبسوط: ج 2 ص 163.
327

ومع الغنى يستعف (1) وجوبا عند ابن إدريس (2)، للآية (3)، واستحبابا
عند الشيخ (4) وابن الجنيد (5) والفاضل (6)، لأن الاستعفاف يشعر (7) به.
ويقبل قوله في الانفاق على الطفل، وماله بالمعروف مع يمينه. ولو ادعى
تقدم موت الموصي، فأنكر الموصى عليه ولا بينة حلف المنكر. وكذا لو ادعى
دفع المال إليه وأنكر.
ويقتصر الوصي على ما عين له، فلو جعل له النظر في ماله الموجود لم ينظر
فيما يتجدد، ولو أطلق دخل المتجدد.
وروى الحلبي (8) في الصحيح عن الصادق عليه السلام في الوصي يعزل
الدين في بيته فيتلف يضمن للغرماء، وعليه الشيخ (9)، والقاضي (10) إذا تمكن
من الدفع، وفي المختلف (11) إن تلف جميع المال ضمن وإلا تخير الغرماء، فإن
أخذوا من الورثة رجعوا على الوصي المفرط.
ومن مات ولا ولي لأولاده فأمرهم إلى الحاكم، فينصب عليهم أمينا أما
دائما، أو في وقت معين، أو في (12) شغل معين.

(1) في " ق " و " ز ": يستعفف.
(2) السرائر: ج 2 ص 211.
(3) النساء: 6.
(4) النهاية: ص 362.
(5) المختلف: ج 1 ص 345.
(6) المختلف: ج 1 ص 345.
(7) في باقي النسخ: مشعر به.
(8) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب أحكام الوصايا ح 2 ج 13 ص 417.
(9) النهاية: ص 619.
(10) المهذب: ج 2 ص 119.
(11) المختلف: ج 2 ص 515.
(12) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
328

ويشترط فيه العدالة وباقي الشرائط. ويملك الحاكم عزله متى شاء.
ولو فقد الحاكم أو تعذر مراجعته جاز لآحاد المؤمنين العدول التصرف
بما (1) فيه صلاح، لأنه من باب التعاون على البر والتقوى ولشمول ولاية
الإيمان.
ويجوز للموصي الرجوع في الوصية ما دام حيا، ولا تثبت الوصاية والرجوع
إلا بشهادة ذكرين، عدلين، مسلمين.

(1) في " م ": فيما فيه
329

كتاب الميراث
331

كتاب الميراث
وهو ما يستحقه إنسان بموت آخر بنسب أو سبب بالأصالة.
فالنسب، الاتصال بالولاة بانتهاء أحدهما إلى الآخر، أو بانتهائهما إلى ثالث
على الوجه الشرعي.
والسبب، الاتصال بالزوجية، أو الولاء.
ومراتب النسب ثلاث: الآباء والأبناء وإن نزلوا، ثم الأخوة والأجداد
فصاعدا ذكورا وإناثا، وأولاد الأخوة فنازلا ذكورا وإناثا، ثم الأعمام والأخوال
فصاعدا، وأولادهم فنازلا ذكورا وإناثا.
وعمود النسب الآباء فصاعدا والأبناء فنازلا والباقي حاشية.
وأما السبب فيثبت بالزوجية من الجانبين إذا كان العقد دائما، أو مؤجلا
شرط فيه الإرث، وبولاء العتق، وضمان الجريرة وولاء الإمامة. والزوجية
تجامع جميع الوراث، والعتق لا يجامع النسب، وهو مقدم على ضمان الجريرة
المقدم على ولاء الإمامة.
قاعدة:
كل وارث أما أن يسمى له في كتاب الله بخصوصه ويسمى ذا فرض، أو
333

بعمومه ويسمى قرابة، فالوارث ثلاثة:
ذو فرض لا غير وهم الأم والأخ والأخت، أو المتعدد من قبلها، إلا على الرد
عليها أو عليهم، والزوج والزوجة إلا على الرد.
والثاني: ذو فرض تارة وقرابة أخرى، وهو الأب والبنت وإن تعددت،
والأخت للأب وإن تعددت.
والثالث: ذو قرابة لا غير وهم الباقون.
قاعدة:
كما خلف الميت ذا فرض أخذ فرضه، فإن تعدد في طبقته أخذ كل
فرضه، والفاضل يرد على ذوي الفرض إن فقد غيرهم في طبقتهم، وكانت
وصلتهم متساوية، لا مثل كلالة الأم من الأخوة، وكلالة الأب من الأخت أو
الأخوات، فإن كلالة الأب تنفرد بالرد. وفي الزوج والزوجة خلاف أقربه الرد
على الزوج دون الزوجة، سواء كان في غيبة الإمام أو حضوره، إذا لم يكن
وارث سواهما.
ولو قصرت التركة عن ذوي الفروض نقص البنت أو البنات والأخت
للأب أو الأخوات له، ولا تعصيب في الأول، كما لا عول في الثاني.
وكلما كان الوارث لا فرض له فالجميع له، واحدا كان أو أكثر.
ولو اختلفت وصلتهم إلى الميت فلكل نصيب من يتقرب به، كالأعمام لهم
نصيب الأب، والأخوال لهم نصيب الأم.
وكلما اجتمع ذو فرض وغيره في طبقة (1)، فالباقي بعد الفرض للآخر.

(1) في باقي النسخ: طبقته.
334

قاعدة:
لا ترث المرتبة اللاحقة مع السابقة، ولو اشتملت المرتبة على طبقات ورث
الأعلى فالأعلى، كالأجداد والحفدة من أبناء الميت وأبناء إخوته وأبناء أعمامه
وأخواله، وفي مثل أعمام الميت وأخواله وأعمام أبيه وأخوالهم فصاعدا يمنع
الأدنى الأعلى.
قاعدة: قد يجتمع للوارث نسبان فصاعدا أو سببان أو نسب وسبب فيرث
بالجميع، ما لم يكن هناك من هو أقرب منه فيهما أو في أحدهما، أو يكون
أحدهما مانعا لآخر.
ولا يمنع من هو في طبقته من ذي النسب الواحد، فهنا أمثلة:
الأول: نسبان يرث بهما كعم هو خال.
الثاني: أنساب متعددة يرث بها، مثل ابن ابن عم لأب هو ابن ابن خال
وهو ابن بنت عمة وهو ابن بنت خالة.
الثالث: نسبان يحجب أحدهما الآخر، كأخ هو ابن عم.
الرابع: نسبان يحجب غير صاحبهما أحدهما، كزوج هو ابن عم وللزوجة أخ
أو ولد.
الخامس: نسبان فصاعدا لواحد ونسب واحد لآخر، كابني عم أحدهما ابن
خال.
السادس: سببان في واحد ولا يحجب أحدهما الآخر، كزوج هو معتق أو
ضامن جريرة.
السابع: سببان ويحجب أحدهما الآخر، كالإمام إذا مات عتيقه فإنه
335

يرثه (1) بالعتق لا بالإمامة، وكمعتق هو ضامن جريرة، كما لو كان قد ضمن
جريرة كافر ثم استرق فاعتقه، وقلنا ببقاء ضمان الجريرة.
الثامن: سببان وهناك من يحجب أحدهما، كزوج معتقته ولها ولد أو أخ.
[180]
درس
قاعدة:
متى اجتمع قرابة الأبوين مع قرابة الأم تشاركوا مع اتحاد الرتبة، ويختص
الرد بقرابة الأبوين حيث يقع، وكذا قرابة الأب وحده مع قرابة الأم وحدها.
ومتى اجتمع قرابة الأب وحده مع قرابة الأبوين فلا شئ لقرابة الأب.
ومتى اجتمع قرابة الأب وحده مع قرابة الأم وحدها ينزل قرابة الأب منزلة
قرابة الأبوين مع عدمهم. وفي الرد على الأخوة خلاف، يأتي إن شاء الله.
قاعدة:
لا يمنع أبعد أقرب، إلا في مسألة إجماعية، وهي ابن عم للأبوين مع عم
لأب فابن العم يمنعه.
ولا يتغير الحكم بتعدد أحدهما أو تعددهما، ولا بالزوج والزوجة. ويتغير
بالذكورة والأنوثة على الأقرب، وفاقا لابن إدريس (2)، وقال الشيخ (3): العمة
للأب كالعم، وكذا بمجامعة الخال فيكون المال بين العم والخال - على ما يأتي
إن شاء الله - وبه قال عماد الدين بن حمزة (4) رحمه الله، وقال قطب الدين

(1) في " م " و " ق ": يرث.
(2) السرائر: ج 3 ص 262.
(3) النهاية: ص 652.
(4) الوسيلة: ص 392.
336

الراوندي (1) ومعين الدين المصري (2): المال للخال ولابن (3) العم، لأن الخال
لا يمنع العم، فلأن لا يمنع ابن العم الذي هو أقرب أولى، وقال سديد الدين
محمود الحمصي (4): المال للخال، لأن العم محجوب بابن العم، وابن العم
محجوب بالخال.
وقد روى سليمان بن محرز (5) عن الصادق عليه السلام في ابن عم وخال،
المال للخال وابن عم وخالة المال للخالة، وفيه دلالة على ما اخترناه. وفي
المسألة مباحث طويلة، وفوائد جليلة، جرت بين هؤلاء الفضلاء رضوان الله
عليهم. وهنا موضعان آخران - قد يتصور فيهما تقديم الأبعد على الأقرب -:
أحدهما: لو ترك إخوة لأم وجدا قريبا لأب وجدا بعيدا لأم، سواء كان
هناك إخوة لأب أم لا، أو ترك مع الأخوة للأب جدا بعيدا لأب ومع الأخوة
للأم جدا قريبا لأم، فإن الجد القريب في المسألة الأولى يأخذ ثلثي المال،
وللأخوة للأم الثلث.
ويمكن هنا مشاركة الجد البعيد لهم، لأن الأخ لا يمنع الجد البعيد، والجد
القريب لا يزاحمه البعيد، وفي المسألة الثانية لأقرباء الأم الثلث، وللأخوة
الباقي. ويمكن مشاركة الجد البعيد إياهم لما قلناه.
وثانيهما: لو ترك جد الأم وابن أخ لأم مع أخ لأب، فإن ابن الأخ لا يحجبه
الجد للأم، ولا يزاحم الأخ للأب فيرث مع الجد للأم.

(1) لم نعثر عليه في فقه القران، ولكن نسب هذا القول إلى الراوندي في المختلف: ج 2 ص 734.
(2) المختلف: ج 2 ص 734.
(3) في باقي النسخ: وابن العم.
(4) المختلف: ج 2 ص 734.
(5) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ح 4 ج 17 ص 509، ولكن رواه عن
سلمة بن محرز.
337

قاعدة:
الأولاد والأخوة من قبل الأب والأعمام من قبله والأجداد من قبله
يقتسمون للذكر مثل حظ الأنثيين. واقتسام كلالة الأم بالسوية من الأخوة
والأجداد والأعمام والأخوال.
واقتسام المعتق وضمناء الجريرة بنسبة العتق والضمان. واقتسام ورثة
المعتق كاقتسام ميراثه.
قاعدة:
الفروض المعينة في كتاب الله ستة:
النصف، وهو للزوج مع فقد الولد وإن نزل، وللبنت الواحدة والأخت
للأبوين أو للأب مع فقد أخت الأبوين، إذا لم يكن ذكر في الموضعين.
والربع، وهو للزوج مع وجود ولد (1)، وللزوجة أو الزوجات مع فقده.
والثمن، وهو للزوجة أو الزوجات مع وجود الولد وإن نزل.
والثلثان، وهو سهم البنتين فصاعدا، والأختين فصاعدا للأب والأم أو
للأب مع فقد كلالة الأبوين، إذا لم يكن ذكر في الموضعين.
والثلث، وهو سهم الأم مع عدم الحاجب من الولد والأخوة، وسهم
الاثنين فصاعدا من ولد الأم ذكورا كانوا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا.
والسدس، سهم كل من الأبوين مع الولد، وسهم الأم مع وجود الحاجب
من الأخوة للأبوين أو للأب، وسهم الواحد من ولد الأم.

(1) في باقي النسخ: ولد.
338

قاعدة:
يمكن اجتماع نصفين كزوج وأخت لأب، ونصف وربع كزوجة وأخت
لأب وكزوج وبنت، ونصف وثلثين كأن مع الزوج أختان فصاعدا،
ويدخل النقص عليهما، ونصف وثلث كزوج وأم وكلالة الأم [إذا تعدد] (1) مع
أختين فصاعدا لأب، ونصف وسدس كزوج وواحد من كلالة الأم وكبنت
مع أم وكأخت لأب مع واحد من كلالة الأم، ونصف وثمن كزوجة وبنت.
ويمكن اجتماع ربع وثلثين، كزوج وابنتين وكزوجة وأختين لأب، وربع
وثلث، كزوجة وأم وزوجة واثنين من كلالة الأم، وربع وسدس، كزوجة
وواحد من كلالة الأم وكزوج وابن واحد الأبوين.
ويمكن اجتماع ثمن مع ثلثين، كزوجة وبنتين، وثمن مع سدس، كزوجة
وابن واحد الأبوين.
ويمكن اجتماع ثلثين وثلث (2)، كإخوة لأم (3) مع أختين فصاعدا لأب.
ويمتنع اجتماع ربع وثمن وثلث وثمن وسدس فرضا، ويمكن قرابة
كزوج وأبوين.
[181]
درس
قاعدة:
مخرج سهم أقل عدد يخرج منه صحيحا، وهو اثنان للنصف والباقي من
سهميه، وسهمي الثلث والثلثين الثلاثة فالمخارج خمسة، ومع اجتماعها يراعى

(1) ما بين المعقوفتين غير موجود في " م " و " ق ".
(2) في " ق ": ثلث مع ثلثين.
(3) في " م " و " ق ": الأم.
339

فيها التساوي والتبائن والتداخل والتوافق. وكذا اجتماع الورثة قد يوجب
ذلك، وإن لم يكن لهم فرض.
فالمتساويان يجتزءا بأحدهما كالثلاثة، والثلاثة في إخوة ثلاثة لأم،
وأخوات ثلاث لأب وأم في باب الفرض، وكأعمام ثلاثة وأخوال ثلاثة في
باب القرابة.
والمتبائنان وهما اللذان لا يعدهما سوى الواحد، تضرب أحدهما في الآخر
كالخمسة والستة.
والمتداخلان ويسميان متناسبين ومتوافقين، وهما اللذان يعد أقلهما الأكثر،
ولا يتجاوز نصفه، كالثلاثة والستة والأربعة والاثنا عشر والخمسة والعشرين
يجتزئ بأكثرهما.
والمتوافقان، هما اللذان يعدهما عدد ثالث كالستة، والثمانية يعدهما
الاثنان، والتسعة والاثنا عشر يعدهما الثلاثة، والثمانية والاثنا عشر يعدهما
الأربعة، وكذلك يسميان بالمتشاركين، ويجتزئ بضرب أحدهما في الكسر
الذي ذلك المشترك سمي له، كالنصف في الستة والثمانية، والربع في الثمانية
والاثني عشر، والثلث في التسعة والاثني عشر، وتترامى إلى الجزء من أحد عشر
فصاعدا.
قاعدة:
قد تكون الفريضة بقدر السهام، وتنقسم من مخارج السهام، كالأبوين
والبنتين فالفريضة (1) سدسان وثلثان، وهي مال كامل والمخرج ستة، لدخول
الثلاثة في الستة.

(1) في باقي النسخ: كأبوين وابنتين الفريضة.
340

وقد لا تنقسم من المخارج فكسرها أما على فريق أو أكثر، فيراعي في سهام
المنكسر عليهم، وعددهم تناسب الأعداد بالموافقة وشبهها، ومع الموافقة يؤخذ
من العدد لا من النصيب، ويراعي مع تعدد أعداد المنكسر عليهم التناسب
المذكور في القاعدة السالفة ولنذكر هنا أربعة أمثلة:
أحدها: انكسرت على فريق واحد، ولا وفق بين عدده وسهامه، كأبوين
وخمس بنات فإن للبنات أربعة أسهم، وهي تنكسر على الخمسة وتبائنها،
فتضرب الخمسة في أصل المسألة وهي ستة تبلغ ثلاثين فتصح.
وثانيها: الصورة بحالها مع الوفق كأن كان البنات ستا فالتوافق والتشارك
بالنصف، فتضرب نصف عددهن في ستة تبلغ ثمانية عشر.
وثالثها: انكسرت على الجميع ولا وفق، كزوجتين وثلاثة إخوة للأم
وسبعة للأبوين فالمسألة من اثني عشر، لأنها مخرج الربع والثلث، فللزوجتين
الربع ثلاثة، وللأخوة للأم الثلث أربعة، وللأخوة للأب الباقي وهو خمسة،
وهذه الأعداد الثلاثة متبائنة، فتضرب أيها شئت في الآخر ثم المبلغ في الباقي
ثم المبلغ في أصل المسألة، كما تضرب اثنين هنا في ثلاثة تبلغ ستة، ثم تضربها في
سبعة يكون اثنين وأربعين، ثم اثنين وأربعين في اثني عشر تبلغ خمسمائة وأربعة،
فكل من كان له سهم من اثني عشر أخذه مضروبا في اثنين وأربعين.
ولا يعتبر هنا توافق مضروب المخارج مع أصل المسألة ولا عدمه، لأنه لا أثر
له هنا، فلا يقال الاثنان والأربعون في هذه الصورة يشارك الاثني عشر في
السدس، فتجزئ بسدس أحدهما في الآخر.
ورابعها. انكسرت على الجميع مع الوفق، كست زوجات في المريض
يطلق ويتزوج ويدخل ثم يموت قبل الحول، وثمانية من كلالة الأم، وعشرة من
كلالة الأب، فالمسألة اثنا عشر للزوجات ثلاثة وتوافق عددهن بالثلث،
ولكلالة الأم أربعة وتوافق عددهم بالربع، ولكلالة الأب خمسة وتوافق عددهم
341

بالخمس، فترد الزوجات إلى اثنين والأخوة للأم إلى اثنين والأخوة للأب إلى
اثنين، فتتماثل الأعداد فتجتزئ باثنين، فتضربهما في اثني عشر تبلغ أربعة
وعشرين للزوجات ثلاثة في اثنين ستة لكل واحدة سهم، وللأخوة للأم ثمانية
لكل واحد سهم، وللأخوة للأب عشرة لكل واحد سهم، ومنه يعلم ما إذا
انكسرت على بعضهم دون بعض، أو كان لبعض من انكسر وفق دون بعض.
قاعدة: وإذا زادت الفريضة على السهام فهي مردودة عليهم - على ما يأتي (1) إن شاء
الله تعالى وسبق - وتكون القسمة على تلك السهام، وإن نقصت الفريضة عن
السهام أخذ من لا ينقص سهامه وافية، وكان للآخر الباقي، ويراعى في القسمة
موافقة سهام كل لعدده وعدمها على ما مر.
[182]
درس
موانع الإرث في الجملة عشرون:
أحدها: الرق، وهو مانع من الإرث، فلا يرث الرقيق من قريبه، سواء
كان الموروث حرا أو رقيقا، وكذا لا يورث الرق، وماله لمولاه بحق الملك
لا بالإرث، سواء قلنا يملك أم لا.
ولو اجتمع الحر والرق ورث الحر وإن كان ضامن جريرة دون العبد، وإن
كان ولدا. ولو كان له ابن رق وله ولد حر ورث جده، ولا يمنع برق أبيه.
ولو تحرر بعضه ورث وورث منه بحساب الحرية، فلو كان له ولد نصفه حر
وأخ حر فالمال بينهما نصفان. ولو كان الأخ نصفه حرا فللابن النصف وللأخ

(1) في " ق ": على ما يأتي بيانه.
342

الربع، ولو كان هناك عدم حر أخذ الربع الباقي، ولو كان نصفه حرا أخذ
الثمن، وكان الثمن لغيره.
ولو أعتق العبد بعد موت قريبه وكان الوارث واحد لم يرث، وإن (1) كان
متعددا واقتسموا المال لم يرث أيضا، ولو لم يقتسموا وكان متساويا لهم في
الدرجة ورث معهم، وإن كان أولى ورث دونهم.
ولو فقد الوارث وهناك قريب رق اشتري من التركة واعتق وورث الباقي،
سواء كان أحد الأبوين أو ولدا أو غيرهما من الأقارب، وقال المفيد
رحمه الله (2): لا يفك سوى الأبوين والولد، والأول اختيار الشيخ (3)، لرواية
عبد الله بن طلحة (4) عن الصادق عليه السلام، وفي الرجعة رواية (5) صحيحة
عنه عليه السلام، ويلزم عليها فك الزوج بطريق الأولى، واختاره الشيخ (6)
أيضا.
ولو قصر المال عن قيمته لم يفك على الأظهر، ونقل الأصحاب قولا بالفك
ويسعى في الباقي، وقال الفضل بن شاذان (7): يفك إلى أن يقصر المال عن
جزء من ثلاثين جزء من قيمته، فلا يفك أخذا من عدة الشهر، وزعم أن الأمة
لو تجاوزت قيمتها دية الحرة ردت إليها، وحكاهما (8) عنه الكليني (9) ساكتا عليهما.

(1) في " م " و " ق ": فإن كان.
(2) المقنعة: ص 695.
(3) النهاية: ص 668.
(4) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب موانع الإرث ح 5 ج 17 ص 405.
(5) وسائل الشيعة: باب 53 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 56، وأشار إليه في: باب 20 من
أبواب موانع الإرث ج 17 ص 406 ذيل الحديث 7.
(6) النهاية: ص 668.
(7) الكافي: باب ميراث المماليك ج 7 ص 148 ذيل الحديث 8.
(8) في " م ": حكاهما.
(9) الكافي: باب ميراث المماليك ج 7 ص 148 ذيل الحديث 8.
343

ويقهر المالك على البيع لو امتنع.
والمدبر والمكاتب كالقن. ولو كان المدبر صالحا للإرث فحكمه ما مر، وكذا
أم الولد كالقن.
وثانيها: الكفر، فلا يرث الكافر المسلم وإن قرب، حتى أن ضامن الجريرة
المسلم والإمام يمنعانه.
ويرث المسلم الكافر ويمنع ورثته الكفار، وإن قربوا وبعد.
ولو لم يكن هناك ضامن جريرة مسلم ورثه الكفار. ولا فرق بين الحربي
والذمي والخارجي والناصبي والغالي.
أما المبتدعة من المسلمين فيقع التوارث بينهم وبين أهل الحق من الجانبين،
وعن المفيد (1) يرث المؤمن أهل البدع من المعتزلة والمرجئة والخوارج والحشوية،
ولا ترث هذه الفرق مؤمنا، وقال الحلبي (2): المجبرة والمشبهة (3) وجاحد الإمامة
لا يرثون المسلم، والمرتد يرثه المسلم، ولو فقد فالإمام، ولا يرثه الكافر على
الأقرب، وقال الصدوق (4): لو ارتد عن ملة فمات ورثه الكافر (5)، وفي النهاية (6)
روى ذلك، ورواه ابن الجنيد (7) عن ابن فضال، وابن يحيى عن الصادق
عليه السلام.
ولو ارتد أحد الورثة قبل القسمة فما له لوارثه إن قتل، أو كان عن فطرة.

(1) المقنعة: ص 701.
(2) الكافي في الفقه: ص 375.
(3) في " م " و " ق ": المجبر والمشبه.
(4) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 42.
(5) في " م ": الكفار.
(6) النهاية: ص 683.
(7) رواه عن إبراهيم بن عبد الحميد في وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب موانع الإرث ح 1 ج 17
ص 385. وأما رواية ابن الجنيد عن ابن فضال وابن يحيى فقد حكى في المختلف: ج 2 ص 751.
344

ومن أسلم على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا، وانفرد إن كان
أولى، سواء كان الموروث مسلما أو كافرا، والنماء كالأصل، ولو اقتسموا، أو
كان الوارث واحدا فلا شئ له.
وفي تنزل (1) الإمام منزلة الوارث الواحد، أو اعتبار نقل التركة إلى بيت
المال، أو توريث الوارث مطلقا أوجه.
ولو كان الوارث أحد الزوجين فالأقرب المشاركة مع الزوجة، لأن الأقرب
مشاركة الإمام إياها دون الزوج، لأن الأقرب انفراده بالتركة، وفي النهاية (2)
يشارك مع الزوجين.
ولو تنازعا في تقدم إسلامه على قسمة المال، قيل: يحلف الوارث، لأصالة
عدم الإرث إلا مع يقين السبب. وقيل: بأنهما إن اتفقا على زمان القسمة
واختلفا في تقدم الإسلام، أو اختلفا في زمان القسمة والإسلام يحلف الوارث.
وإن اتفقا على زمان الإسلام واختلفا في تقدم القسمة وتأخرها يحلف
المتجدد إسلامه، كان قويا.
ولو صدقه أحد الورثة مضى في نصيبه، وتقبل شهادته على الباقين. وفي
الاكتفاء هنا بالشاهد واليمين وجهان: من حيث أن الغرض المال، ومن أن
الإسلام ليس بمال، وكذا الشاهد والمرأتان.
والطفل يتبع المسلم من الأبوين، فيجري فيه الإرث والتوريث بحسب
الإسلام، ولا حكم لإسلامه منفردا وإن كان مراهقا.
وفي رواية مالك بن أعين (3) الصحيحة عن الباقر عليه السلام في نصراني

(1) في باقي النسخ: تنزل.
(2) النهاية: ص 670.
(3) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب موانع الإرث ح 1 ج 17 ص 379.
345

مات عن زوجة وولد نصراني وابن أخ مسلم وابن أخت مسلم، لابن أخيه
الثلثان ولابن أخته الثلث، وينفقان على أولاده بالنسبة، فإذا أدركوا قطعوا
النفقة عنهم، فإن أسلموا صغارا دفع المال إلى الإمام حتى يدركوا، فإن بقوا على
الإسلام دفع المال إليهم، وإن لم يبقوا فهو لابن الأخ وابن الأخت، وعليها
معظم الأصحاب.
وطرد بعضهم الحكم في ذي القرابة المسلم مع الأولاد، وردها الحليون (1)
وأقروا الإرث على المسلمين، إلا أن يسلم الأولاد قبل القسمة، وأنكروا وجوب
الانفاق، بناء على أن حكم الطفل حكم أبويه، وجهة الانفاق معلومة وليس
هذا منها، والوجه العمل بها اتباعا للمعظم، والخروج عن الأصول جائز إذا قام
عليه دليل.
ويمكن موافقة الأصل من حيث أن الولادة على الفطرة، فهم بحكم
المسلمين إلى (2) أن يبلغوا ويعربوا الكفر.
فرع:
لو ماتوا قبل البلوغ أمكن أن يورث عنهم المال، لعدم إعراب الكفر. ويمكن
أن يكون لابن الأخ والأخت، بناء على أن إعراب الإسلام شرط ولم يحصل
هذا.
ويتوارث الكفار وإن اختلفوا في الملل والمسلمون وإن اختلفوا في النحل
ما لم يؤد إلى الكفر، وقال الحلبي (3): يرث كفار ملتنا غيرهم من الكفار، ولا
يرثهم الكفار، ورده الفاضل (4) للتساوي في الكفر فيرث بعضهم بعضا.

(1) السرائر: ج 3 ص 269، ونكت النهاية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 675، والمختلف: ج 2
ص 740، وأما يحيى بن سعيد فقد أفتى بمضمون الرواية، راجع الجامع للشرائع: ص 502.
(2) في باقي النسخ: إلا أن.
(3) الكافي في الفقه: ص 375.
(4) التحرير،: ج 2 ص 171.
346

وثالثها: القتل، وهو يمنع القاتل من الإرث إذا كان عمدا ظلما. ولو
اشتركوا في القتل منعوا، وإن كان خطأ فالمشهور منعه من الدية خاصة، وقال
ابن أبي عقيل (1): لا يرث مطلقا، وقال المفيد (2) وسلار (3): يرث مطلقا، وإن
كان شبيه عمد فكالعمد عند ابن الجنيد (4)، وكالخطأ عند سلار (5).
وقال الفضل (6): لو ضرب ابنه تأديبا غير مسرف فمات ورثه، لأنه ضرب
سائغ، ولو أسرف لم يرث.
ولو بطئ جرحه أو جراحه فمات ورثه، لأنه استصلاح وكذا لو تلف بدابة
يسوقها أو يقودها. ولا يرثه لو ركب دابة فأوطأها إياه.
ولو أخرج كنيفا أو ظلة أو حفر بئرا في غير حقه فمات قريبه به ورثه.
ولو قتل الصبي أو المجنون (7) قريبه ورثه، وتبعه ابن أبي عقيل (8)، ونقله
الكليني (9) والصدوق (10) عن الفضل ساكتين عليه، وقال بعض الأصحاب:
القتل بالسبب مانع. وكذا قتل الصبي والمجنون والنائم، ولا يحجب المتقرب
بالقاتل.
ويرث الدية من يرث المال عدا الأخوة والأخوات من الأم، لروايات (11)

(1) المختلف: ج 2 ص 742.
(2) المقنعة: ص 703.
(3) المراسم: ص 218.
(4) المختلف: ج 2 ص 742.
(5) المراسم: ص 218.
(6) سيأتي مأخذه من كتابي الكافي والفقيه.
(7) في باقي النسخ: والمجنون.
(8) المختلف: ج 2 ص 742.
(9) الكافي: باب ميراث القاتل ج 7 ص 142 ذيل الحديث 10.
(10) من لا يحضره الفقيه: باب ميراث القاتل ج 4 ص 320 ذيل الحديث 5690.
(11) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب موانع الإرث ج 17 ص 393.
347

متظافرة، وطرد المفيد (1) وأبو الصلاح (2) المنع في قرابة الأم، ومنع الشيخ في
الخلاف (3) الأخوات من قبل الأب، وفي المبسوط (4) يرثها وارث المال،
واختاره ابن إدريس (5) والفاضل (6)، للآية (7)، والأقرب منع قرابة الأم
مطلقا، وروى أبو العباس (8) عن الصادق عليه السلام أنه ليس للنساء عفو
ولا قود.
أما الزوجان فيرثان من الدية في أشهر الروايات (9)، ورواية السكوني (10)
عن علي عليه السلام يمنع إرث الزوجين من الدية محمولة على التقية.
والدية كسائر أموال الميت، يقضي منها ديونه، وتنفذ وصاياه وإن (11)
أخذت صلحا.
ولو لم يكن وارث سوى القاتل ورثه الإمام، وله القصاص أو الدية، وليس
له العفو على الأقرب.
[183]
درس
ورابعها: اللعان، وهو يقطع إرث الزوجين، والولد المنفي من جانب الأب

(1) المقنعة: ص 703.
(2) الكافي في الفقه: ص 375.
(3) الخلاف: ج 3 ص 101.
(4) المبسوط: ج 7 ص 54.
(5) السرائر: ج 3 ص 328.
(6) المختلف: ج 2 ص 786.
(7) الأحزاب: 6.
(8) الاستبصار: باب 153 ح 1 ج 4 ص 262.
(9) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب موانع الإرث ح 1 و 2 و 3 ج 17 ص 395.
(10) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب موانع الإرث ح 4 ج 17 ص 396.
(11) في " م " و " ز ": ولو.
348

والابن، فيرث الابن أمه وترثه، وكذا يرثه ولده وقرابة الأم وزوجه وزوجته.
وروى أبو بصير (1) عن الصادق عليه السلام أنه لا يرث أخواله، مع أنهم
يرثونه، وحملها الشيخ (2) على عدم اعتراف الأب به بعد اللعان، فإن اعترف
وقعت الموارثة بينه وبين أخواله، وبه روايات (3)، والأقرب الموارثة مطلقا،
لرواية زيد الشحام (4) عن الصادق عليه السلام.
ولو أكذب الأب نفسه في لعانه واعترف به ورثة الولد، ولا يرث الأب
الوالد، وأما قرابة الأب مع اعتراف الأب به فأثبت إرث الولد منهم أبو
الصلاح (5)، ونفاه الباقون، وخرج الفاضل (6) التوارث بينهم إذا اعترفوا به،
وكذبوا الأب في نفيه، وهو نادر مع أن الشرع حكم بانقطاع النسب فكيف
يعود.
ولو انفردت أمه فلها الثلث تسمية والباقي ردا، لرواية أبي الصلاح (7) وزيد
الشحام (8) عن الصادق عليه السلام.
وروى أبو عبيدة (9) عن الباقر عليه السلام أن لها الثلث والباقي للإمام،

(1) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 4 ج 17 ص 562.
(2) الاستبصار: باب 104 ج 4 ذيل الحديث 8 ص 181.
(3) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 2 و 3 و 5 ج 17 ص 560.
(4) التهذيب: باب 33 في ميراث ابن الملاعنة ح 9 ج 9 ص 340، وأشار إليه في وسائل الشيعة: باب 4
من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 3 ج 17 ص 561.
(5) الكافي في الفقه: ص 375.
(6) القواعد: ج 2 ص 181.
(7) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 1 ج 17 ص 560.
(8) التهذيب: باب 33 من أبواب ميراث ابن الملاعنة ح 9 ج 9 ص 340، وأشار إليه في وسائل الشيعة: باب 4
من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 3 ج 17 ص 561.
(9) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 3 ج 17 ص 560.
349

لأنه عاقلته، ومثله روى زرارة (1) عنه عليه السلام أن عليا عليه السلام قضى
بذلك، وعليها الشيخ (2) بشرط عدم عصبة الأم، وهو خيرة ابن الجنيد (3)، وقال
الصدوق (4): بها حال حضور الإمام لا حال غيبته.
ولو فقد الوارث ورثه الإمام عليه السلام ولا عبرة بنسب الأب هنا، فلو
كان له إخوة للأبوين وإخوة للأم فالقسمة بالسوية.
ولو كانا توأمين توارثا بالأمومة على ما أفتى به الأصحاب.
وخامسها: الزنا، وهو يقطع النسب من الأبوين، فلا يرثان الولد، ولا
يرثهما، ولا من يتقرب بهما، وإنما يرثه ولده وزوجته، ثم المعتق، ثم الضامن،
ثم الإمام.
وروى إسحاق بن عمار (5) أنه ترثه أمه وإخوته منها أو عصبتها، وكذا في
رواية يونس (6)، وهو قول ابن الجنيد (7) والصدوق (8) والحلبي (9)، ونسب
الشيخ (10) الأولى إلى توهم الراوي أنه كولد الملاعنة، والثانية إلى الشذوذ، مع
أنها مقطوعة.
وروى حنان (11) عن الصادق عليه السلام إذا أقر به الأب ورثه، وهي مطرحة.

(1) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 4 ج 17 ص 560.
(2) الاستبصار: باب 104 ج 4 ذيل الحديث 10 ص 182.
(3) المختلف: ج 2 ص 743.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 323.
(5) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ولد الملاعنة وما أشبهه ح 9 ج 17 ص 569.
(6) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 9 ج 17 ص 568.
(7) المختلف: ج 2 ص 744.
(8) الهداية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 41.
(9) الكافي في الفقه: ص 377.
(10) الاستبصار: باب 105 ج 4 ذيل الحديث 5 و 6 ص 183 و 184.
(11) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 7 ج 17 ص 568.
350

وسادسها: التبري عند السلطان من جريرة الابن وميراثه، فإنه يمنع إرث
الأب منه، ويرثه أقرب الناس إليه في رواية أبي بصير (1)، وعليها الشيخ في
النهاية (2) والقاضي (3)، وأنكرها الأكثر والشيخ في الحائرية (4).
وسابعها: الشك في النسب، فيما إذا وطئ المولى، أو الزوج وأجنبي المرأة
في طهر واحد، فإن الولد لا يرث الأب. بل يستحب له أن يعزل له قسطا من
ميراثه ولو مات الولد لم يرثه الأب، وميراثه لولده، فإن فقدوا فللإمام عند
الشيخ (5) والقاضي (6)، وهو المروي (7) في الأمة بسند صحيح، وأنكر ابن
إدريس (8) ذلك، وألحق الولد بالزوج.
وثامنها: الغيبة المنقطعة، وهي مانعة من نفوذ الإرث ظاهرا حتى يعلم موته
ببينة، أو مضي مدة لا يعيش مثله إليها غالبا (9) فيحكم بتوريث من هو موجود
حال الحكم.
ولو مات له قريب عزل نصيبه منه وكان حكمه حكم (10) ماله.
وقال ابن الجنيد (11): يورث بعد أربع سنين من كان في عسكر شهدت

(1) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 3 ج 17 ص 566.
(2) النهاية: ص 682.
(3) المهذب: ج 2 ص 167.
(4) لا توجد في الحائريات التي بأيدينا في ضمن الرسائل العشر، ولكن نقله عنه ابن إدريس في
السرائر: ج 3 ص 286.
(5) النهاية: ص 682.
(6) المهذب: ج 2 ص 166.
(7) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 1 ج 14 ص 563.
(8) السرائر: ج 3 ص 285.
(9) في " م " و " ز ": عادة.
(10) في باقي النسخ: وكان كحكم ماله.
(11) المختلف: ج 2 ص 749.
351

هزيمته، وقتل أكثرهم، وبعد عشر سنين من انقطع خبره أو أسر، وقال
المرتضى (1): يحبس ماله أربع سنين، ويطلب فيها في كل الأرض، فإن لم يوجد
قسم ماله بين ورثته، ونحوه قال الصدوق (2) والحلبي (3)، وقال المفيد (4): ويباع
عقاره بعد عشر سنين إذا انقطع خبره.
ولو عزل ميراث الولد الغائب من أبيه، وطالت المدة جاز لوارث أبيه
اقتسامه مع الملاءة ويضمنون، والأول مختار الشيخ (5) وأتباعه وابن إدريس (6)،
وقول المرتضى قوي، وإليه جنح الفاضل (7).
وتاسعها: الدين المستغرق (8) للتركة، للآية (9)، وهو مذهب الشيخ (10)، فعلى
هذا يكون النماء مصروفا في الدين، لعدم ملك الوارث، وقيل: بل يملكه
الوارث، ويتعلق به الدين أما تعلق الأرش بالجاني أو تعلق الرهن.
ولو لم يغترق (11) انتقل إليهم ما زاد، ويكون ما زاد ويكون جميع التركة كالرهن حتى
يقضي الدين.
[184]
درس
وعاشرها: علم اقتران موت المتوارثين، أو اشتباه المتقدم والمتأخر في الموت،

(1) الإنتصار: ص 307.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 330.
(3) الكافي في الفقه: ص 378.
(4) المقنعة: ص 706.
(5) الخلاف: ج 2 ص 302.
(6) السرائر: ج 3 ص 298.
(7) المختلف: ج 2 ص 749.
(8) في " ق ": المستغرق.
(9) النساء: 12.
(10) لم نعثر عليه.
(11) في " ق ": لم يستغرق.
352

إذا كان حتف الأنف، أو لا بسبب الغرق والهدم فإنه لا يتوارث الموتى، بل
ميراث كل لورثته الأحياء، ويلوح من ابن الجنيد (1) والحلبي (2) اطراد حكم
الغرقى والهدمى في كل مشتبه، وصرح ابن حمزة (3) بذلك في الغرق والحرق
والهدم والقتل.
وإذا حكمنا بالتوريث مع الغرق والهدم اشترط فيه اشتباه الحال، فلو علم
اقتران الموت فلا توارث، ولو علم التقدم والتأخر ورث المتأخر المتقدم دون
العكس.
وأن تكون الموارثة دائرة بينهما، فلو غرق أخوان ولكل منهما ولد أو لأحدهما
فلا توارث بينهما.
ثم إن كان لأحدهم مال صار لمن لا مال له، ومنه إلى وارثه الحي.
ولا يرث أحدهما مما ورث منه الآخر، وإلا تسلسل، واستدعى المحال عادة
وهو فرض الحياة بعد الموت، لأن التوريث منه يقتضي فرض موته، فلو ورث ما
انتقل عنه لكان حيا بعد انتقال المال عنه، وهو ممتنع عادة، وقال المفيد (4)
وسلار (5): يرث مما ورث منه، لوجوب تقديم الأضعف، ولا فائدة إلا التوريث
مما ورث منه.
قلنا: نمنع الوجوب، ولو سلم كان تعبدا، فلو غرق الأب وولده قدم موت
الابن، فيرث الأب نصيبه منه، ثم يفرض موت الأب، فيرث الولد نصيبه
منه، فيصير (6) مال كل واحد منقولا إلى ورثة الآخر الأحياء إن لم يكن وارث

(1) المختلف: ج 2 ص 750.
(2) الكافي في الفقه: ص 376.
(3) الوسيلة: ص 400.
(4) المقنعة: ص 698.
(5) المراسم: ص 225.
(6) في باقي النسخ: ويصير.
353

غيرهما أولى منهما، وإن شاركهما مساو انتقل إلى وارثه الحي ما ورثه. ولو تساويا
في الاستحقاق فلا تقديم، ويصير مال كل منهما لورثة الآخر، كأخوين لأب
ولكل منهما خال، فلو (1) لم يكن لهما وارث صار مالهما للإمام.
وعلى قول المفيد رحمه الله، لو كان لكل من الآخرين جد لأم ولا مال
لأحدهما يقرع، فإن خرج توريث المعدم أولا انتقل مال الآخر إليه وإلى جده،
ثلثه لجده وثلثاه لأخيه، ثم يقدر موت المعدم فيرث الموسر منه ثلثي ما انتقل إليه
وثلثه لجد المعدم، وينتقل ما ورثه الموسر إلى جده، فيجتمع لجده ثلث أصل ماله
وثلثا ثلثيه، وذلك سبعة اتساع ماله ولجد المعدم تسعان.
ولو خرج توريث الموسر لم يرث من أخيه شيئا، ثم يقدر موت الموسر فيرث
ماله أخوه وجده أثلاثا، فيكون لجده الثلث ولأخيه الثلثان، ينتقل ما صار
لأخيه إلى جده، فيكون لجد الموسر ثلث ماله ولجد المعدم ثلثاه فوجبت القرعة،
لتغير الحكم بالتقدم والتأخر، وعلى الأصح يصير مال الموسر بين جده وجد أخيه
أثلاثا لجده الثلث ولجد أخيه الثلثان.
وكذا يقرع على قوله لو كان لهما مال تساويا في قدره أو اختلفا، فإن جد
المتقدم في الموت يفوز بأكثر مما يحصل له لو تأخر موته مورثه، وعلى الأصح يقسم
مال كل أخ بين جده وجد أخيه أثلاثا لجده ثلثه ولجد أخيه ثلثاه.
ولو تكثرت الغرقى لم يتغير الحكم، فيقدر موت كل واحد ويورث بحسب
الاستحقاق.
[185]
درس
وحادي عشرها: الحمل وارثه ممنوع إلا أن ينفصل حيا، فلو سقط ميتا لم

(1) في باقي النسخ: ولو لم يكن.
354

يرث، لقوله صلى الله عليه وآله (1) السقط لا يرث ولا يورث.
ولا يشترط حياته عند موت المورث، فلو كان نطفة ورث إذا انفصل حيا.
ولا يشترط استقرار الحياة، فلو سقط بجناية جان وتحرك حركة تدل على
الحياة ورث، وانتقل ماله إلى وارثه. ولا اعتبار بالتقلص الطبيعي.
ولو خرج بعضه ميتا لم يرث.
ولا يشترط الاستهلال، لأنه قد يكون أخرس، بل يكفي الحركة البينة،
ورواية عبد الله بن سنان (2) باشتراط سماع صوته محمولة على التقية.
وكما يحجب عن الإرث حتى ينفصل حيا يحجب غيره ممن هو دونه، كما لو
كان للميت امرأة حامل وإخوة فإنه يرجى ميراثه حتى يتبين.
ولو طلبت المرأة الإرث أعطيت الثمن إذا كانت زوجة. ولو طلب الأبوان
أعطيا السدسين والباقي موقوف. ولو طلب الأخوة فرض الحمل ذكرين، لنذور
الزائد، فإن انكشف الحال بخلافه استدرك، ويعلم وجوده حال موت المورث،
بأن يوضع لدون ستة أشهر منذ الموت، أو لأقصى الحمل إذا لم توطئ الأم
وطيا يصلح استناد الولد إليه.
وثاني عشرها: بعد الدرجة مع وجود أقرب، فلا يرث أبعد مع أقرب
- حسب ما فصل، ويأتي إن شاء الله تعالى -. وقد يكون وجوده مانعا عن بعض
الإرث، وذلك متحقق في موضعين:
الأول: الولد بالنسبة إلى الأبوين أو أحدهما وإلى كل من الزوجين، فإن
الولد على الإطلاق يحجب الزوجين عن النصيب الأعلى إلى الأدنى، ويحجب
الذكر الأبوين أو أحدهما عما زاد عن السدس، وتحجب البنت الأبوين أو

(1) لم نعثر عليه في مظانه.
(2) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 6 ج 17 ص 587.
355

أحدهما، والبنات أحد الأبوين عما زاد على النصيب الحاصل من الأصل
والرد، وقال ابن الجنيد (1): تحجب البنات أحد الأبوين عما زاد على السدس،
لرواية أبي بصير (2) عن الصادق عليه السلام، وهي متروكة.
الثاني: الأخوة فإنهم يمنعون الأم عما زاد عن السدس إذا كان الأب
موجودا، وقال الصدوق (3): لو خلفت زوجها وأمها وإخوة، فللأم السدس
والباقي رد عليها، فظاهره الحجب عما زاد على السدس فريضة، لمكان الأخوة،
وهو يشبه النزاع اللفظي.
وروى زرارة (4) عن الصادق عليه السلام في أم وأخوات لأب ولأم
وأخوات لأم أن للأم السدس ولكلالة الأب الثلثان ولكلالة الأم السدس،
وهي متروكة، للإجماع على أن الأخوة لا يرثون مع الأم، وحملها الشيخ (5) على
إلزامهم بمعتقدهم بمعنى (6) لو كانت الأم ترى ذلك حل للأخوات التناول،
لنص الباقر (7) والصادق (8) والكاظم (9) عليهم السلام على جواز ذلك وأمثاله.
ويشترط في الحجب مع وجود الأب خمسة شروط:

(1) المختلف: ج 2 ص 750، ولكن في عبارة المختلف وقع الاشتباه وعبر عن السدس بالسدسين والشاهد
على ذلك أن رواية أبي بصير نقلت في المختلف بلفظ السدس لا السدسين.
(2) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 7 ج 17 ص 465.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 271. ولا يخفى أن في العبارة سقط والصحيح أن يقال: " فللزوج
النصف وللأم السدس والباقي رد عليها ". ولمزيد البيان راجع المختلف: ج 2 ص 739.
(4) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب ميراث الأخوة والأجداد ح 12 ج 17 ص 478.
(5) الاستبصار: باب 91 ج 4 ذيل الحديث 7 ص 147.
(6) في باقي النسخ: يعني.
(7) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث المجوس ح 1 ج 17 ص 598.
(8) الاستبصار: باب 91 ح 8 ج 4 ص 147.
(9) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث المجوس ح 2 ج 17 ص 598.
356

الأول: التعدد، فلا بد من أخوين ذكرين، أو أخ وأختين، أو أربع
أخوات. والخنثى كالأنثى، ويحتمل قويا القرعة هنا.
الثاني: كونهم للأبوين أو للأب، فلا تحجب كلالة الأم.
الثالث: انتفاء موانع الإرث عنهم، من الكفر والقتل والرق واللعان، وقال
الصدوق (1) والحسن (2): يحجب القاتل، والأقرب أن الغائب يحجب ما لم يقض
بموته.
الرابع: انفصالهم، فالحمل لا يحجب على قول، ولو كان بعضهم ميتا أو
كلهم عند موت المورث لم يحجب، وكذا لو اقترن موتاهما.
ولو اشتبه التقدم والتأخر فالظاهر عدم الحجب وفي الغرقى نظر، كما لو
مات أخوان غرقا ومعهما أبوان، ولهما أخ آخر حي أو غريقا، فإن فرض موت
كل واحد منهما يستدعي كون الآخر حيا فيتحقق الحجب، ومن عدم القطع
بوجوده.
والإرث حكم شرعي، فلا يلزم منه إطراد الحكم بالحياة، مع احتمال عدم
تقدير السبق بينهما. ولم أجد في هذا كلاما لمن سبق.
فرع:
لو خلف بنتا وأبوين وحاجبا، فالمشهور أن للبنت النصف، وللأبوين
السدسان، والباقي يرد على الأب والبنت أرباعا، وقال الشيخ معين الدين سالم
المصري (3): يكون الرد أخماسا، فيأخذ الأب ما كان يرد على الأبوين مع عدم
الحاجب، وهو محتمل.

(1) لم نعثر عليه في كتبه، ولكن حكاه عنه في المختلف: ج 2 ص 743.
(2) المختلف: ج 2 ص 743.
(3) المختلف: ج 2 ص 753.
357

الخامس: المغايرة، فلو كانت الأم أختا للأب فلا حجب، كما يتفق في
المجوس، أو الشبهة بوطئ الرجل ابنته فولدها أخوها لأبيها.
[186]
درس
وثالث عشرها: منع يتعلق بالزوجين، وهو من وجوه:
الأول: تجرد عقد المريض على امرأة عن الدخول إذا مات في مرضه، فإن
ذلك يمنع من إرثها على المشهور. ولو عقدت المريضة على نفسها فالأقرب عدم
اشتراط الدخول، ولو برئ من مرضه زال المانع على الأقرب.
الثاني: لو كان العقد منقطعا منع الإرث في الزوجة والزوجة. ولو شرطا
التوريث فالمروي (1) الصحة، وعليه يتخرج اشتراط أحدهما دون صاحبه، وهو
أشكل من الأول.
الثالث: لو خلت الزوجة من ولد لم ترث من رقبة الأرض شيئا، وتعطى
قيمة الآلات والأبنية والشجر، وقال المرتضى (2): تمنع من عين الأرض، لا
من قيمتها، وقال المفيد (3) لا تمنع من البساتين والضياع، وتعطى قيمة الآت
الدور والمساكن، وفي صحيح زرارة (4) عن الباقر عليه السلام منعها من السلاح
والدواب.
ولو كان لها ولد من الميت فالشيخ (5) وأتباعه يورثونها من جميع ما ترك، وهو
فتوى الصدوق (6)، وصرح ابن إدريس (7) بأنه لا فرق بين أن يكون لها منه ولد

(1) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب المتعة ج 14 ص 485.
(2) الإنتصار: ص 301.
(3) المقنعة: ص 687.
(4) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 1 ج 17 ص 517.
(5) النهاية: ص 642.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 349.
(7) السرائر: ج 3 ص 259.
358

أو لا، وهو ظاهر المفيد (1) والمرتضى (2) والحلبي (3) والشيخ في الاستبصار (4)،
وأكثر الأخبار (5) لم يفرق، والفرق في رواية ابن أذينة (6).
فرع: لو كان لها ولد ولد، فإن كان وارثا فالأقرب أنه كالولد، وإن لم يكن
وارثا، كما لو كان هناك ولد للصلب ففيه نظر، من صدق الولد، ومن عدم إرثه
فتبقى علة المنع موجودة، وهي إدخال - المرأة عليهم - من يكرهونه.
الرابع: لو زوج الفضوليان الصغيرين، وبلغ أحدهما وأجاز ثم مات عزل
من تركته نصيب الآخر، فإن مات قبل البلوغ فلا إرث، وإن بلغ ورد فلا
إرث، وإن بلغ وأجاز رغبة في الإرث فلا إرث، ويعلم ذلك بقوله وإن أجاز
مخبرا عن عدم الرغبة في الإرث أحلف على ذلك، فإن امتنع فلا إرث.
فرع:
لو كان أحد الزوجين مباشرا للعقد، وباشر الفضولي عن الآخر، ومات من
باشر عنه الفضولي قبل إجازته فلا إرث، سواء كان قد بلغ، أم لا، وإن مات
المباشر عن نفسه ففي عزل نصيب الآخر وسريان الحكم نظر. وكذا لو كانا
صغيرين وباشر الولي عن أحدهما.

(1) المقنعة: ص 687.
(2) الإنتصار: ص 301.
(3) الكافي في الفقه: ص 374.
(4) الاستبصار: ج 4 ص 154.
(5) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب ميراث الأزواج ج 17 ص 517.
(6) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب ميراث الأزواج ح 2 ج 17 ص 523.
359

الخامس: لو طلق رجعيا ومات في العدة أو ماتت توارثا، ولو كان بائنا فلا
إرث وإن ماتا في العدة، إلا أن يكون الطلاق في المرض فترثه إلى سنة، ما لم
تتزوج أو يبرأ من مرضه، ولو كان بسؤالها ففيه وجهان، مبنيان على تعلق
الحكم بالطلاق في المرض، أو باعتبار التهمة. وكذا لو كانت أمة فأعتقت أو
كافرة فأسلمت.
ولو فسخ نكاحها بعيبها ففي إجراء الحكم وجه بعيد. أما لو فسخت نكاحه
بعيبه لم يتوارثا قطعا. وكذا لو فسخ النكاح بسبب الرضاع، سواء كانت هي
المرضعة، أو بعض قرابة الزوج.
فرع:
لو طلق الأسير مع أمارات إتلافه، أو المأخوذ للقود أو للرجم فالظاهر أنه
لا يطرد الحكم فيه، وطرده ابن الجنيد (1)، وحكم بالإرث إلى سنة، وجنح إليه
في المختلف (2) ثم قال: المشهور اختصاص الحكم بالمريض.
السادس: لو تزوجت زوجة المفقود ثم ماتت وحظر الأول فإن كان
التزويج الثاني فاسدا، لعدم استيفاء الشرائط ورثها الأول، وإن كان صحيحا
فالمشهور إرث الثاني، وقال ابن الجنيد (3): يرثها الأول ولو كان الثاني قد
حازه، وفيه بعد.
السابع: لو طلق بائنا واشتبه ثم مات فالأقرب القرعة. وكذا لو مات
المسلم عن كفر وله زوجات تبعنه في الإسلام ولما تخير، وقيل: بالتشريك أو
الوقف حتى يصطلحن.
الثامن: لو طلق معينة واشتبه ثم تزوج أخرى، ومات عن أربع غير المطلقة

(1) المختلف: ج 2 ص 752.
(2) المختلف: ج 2 ص 752.
(3) المختلف: ج 2 ص 752.
360

فالمروي (1) أن للمعينة ربع نصيب الزوجية، ويقسم الباقي بين الأربع بالسوية،
وقال ابن إدريس (2): يقرع. ولو اشتبهت بواحدة أو بإثنين ففي انسحاب الحكم
أو القرعة نظر، من الخروج عن النص، وتساويهما معنى.
التاسع: قال ابن الجنيد (3): لو زوج الأب ابنه بنتا في حجره فمات الابن
ورثته، ولو ماتت لم يرثها الابن، إلا أن يكون قد رضي بالعقد ورثتها. ويشكل
بأن العقد إن صح توارثا، وإلا فلا. ورضى الورثة لا عبرة به إذا لم يكن فيهم
ولي شرعي.
[187]
درس
ورابع عشرها: منع المستهل من الإرث إذا لم يكمل شهور الاستهلال، فلو
شهدت امرأة واحدة منع من ثلاثة أرباع النصيب، ولو شهدت اثنتان منع من
النصف، ولو شهدت ثلاثة منع من الربع، ونقل ابن الجنيد (4) قبول شهادة
الواحدة في الجميع، وهو قول الحسن (5) وهو ظاهر المفيد (6)، فعلى هذا لا يمنع،
إلا أنه متروك.
وخامس عشرها: اشتباه الحر الوارث بالعبد، فيما لو سقط بيت على قوم
فماتوا وبقي منهم صبيان أحدهما حر والآخر مملوك له واشتبه، فإنه روي عن
الصادق عليه السلام (7) أنه يقرع لتعيين الحر، فإذا تعين أعتق الآخر وصار الحر

(1) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب ميراث الأزواج ح 1 ج 17 ص 525.
(2) لم نعثر عليه في السرائر.
(3) المختلف: ج 2 ص 752.
(4) المختلف: ج 2 ص 716.
(5) المختلف: ج 2 ص 716.
(6) المقنعة: ص 727.
(7) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ح 2 ج 17 ص 592.
361

مولاه، فهذا منع من إرث الحر العبد إن أوجبنا عتق الآخر، وهو ظاهر الرواية،
وظاهر قول الحسن (1) والصدوق (2)، وقال الشيخ في النهاية (3): بل يرثه الحر بعد
القرعة، ولا عتق، وهو قوي، وتحمل الرواية على الاستحباب.
وسادس عشرها: قدر الحبوة، فإنه لا ينفذ فيه ميراث غير المحبو وهو الولد
الأكبر الذكر، وذلك في السيف والخاتم والمصحف وثياب بدن الميت.
وشرط ابن إدريس (4) أن لا يكون سفيها فاسدا الرأي، وأن يخلف الميت
غيرها، وشرط ابن حمزة (5) ثبات العقل، وسداد الرأي، وفقد آخر في سنة،
وحصول تركة غيرها، وقيامه بقضاء ما فاته من صيام وصلاة، وفي رواية
ربعي (6) أضاف الدرع والكتب والرحل والراحلة، وفي رواية الفضيل (7)
ومرسلة ابن أذينة (8) ذكر السلاح.
ولو كان الأكبر أنثى فللأكبر من الذكور، وصرح ابن إدريس (9) بوجوب
الحبوة، وهو ظاهر الأكثر، والأخبار.
وأنها لا تحسب عليه بالقيمة، وقال المرتضى (10) تحسب بالقيمة، وهو نادر.
وصرح ابن الجنيد (11) باستحباب الحبوة، وهو ظاهر الحلبي (12) حيث قال:

(1) المختلف: ج 2 ص 752.
(2) من لا يحضره الفقيه: باب ميراث الغرقى ح 5660 ج 4 ص 308.
(3) لم نعثر عليه في النهاية، ولكن نقله عنها في المختلف: ج 2 ص 752.
(4) السرائر: ج 3 ص 258.
(5) الوسيلة: ص 387.
(6) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1 ج 17 ص 439.
(7) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 6 ج 17 ص 440.
(8) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 4 ج 17 ص 440.
(9) السرائر: ج 3 ص 258.
(10) الإنتصار: ص 299.
(11) المختلف: ج 2 ص 732.
(12) الكافي في الفقه: ص 371.
362

ومن السنة أن يحبى، وذكر ثياب مصلاه.
فروع:
الأول (1): لو تعدد الأكبر فالظاهر القسمة قاله في المبسوط (2)، خلافا لابن
حمزة (3). وفي اشتراط بلوغه احتمال، وظاهر ابن إدريس (4) اشتراطه.
الثاني: لو تعددت هذه الأجناس قال ابن إدريس (5): يختص بالذي يعتاد
لبسه ويديمه، وهو حسن في ما جاء بلفظ الوحدة، أما الثياب فالأقرب العموم
حتى العمامة، وكلام أبي الصلاح يقتضي تخصيص ثياب الصلاة.
الثالث: لو خلف دينا مغترقا فلا حبوة إذ لا إرث. نعم لو قضى الورثة
الدين من غير التركة فالأقرب الحبوة.
ولو أراد الأكبر افتكاكها من ماله ليحبى بها فالأقرب إجابته.
الرابع: لو أوصى الميت بصرفها في جهة مباحة فالأقرب اعتبارها من
الثلث، ولو زادت فالأقرب توقفها على إجازة الأكبر لا غيره.
الخامس: لو قصر نصيب كل وارث عن قدر الحبوة فالظاهر أنه غير مانع،
ويحتمل المنع للإجحاف.
وسابع عشرها: الكفن ومؤنة التجهيز، وهو مانع من الإرث في قدره، فلو لم
يفضل شئ فلا إرث، إلا في الزوجة على ما سلف.
وثامن عشرها: الوصية فإنها مانعة ما لم تزد على الثلث، فإن زادت ولم يجز

(1) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
(2) المبسوط: ج 4 ص 126.
(3) الوسيلة: ص 387.
(4) السرائر: ج 3 ص 258.
(5) السرائر: ج 3 ص 258.
363

الوارث نفذ الإرث في الباقي، وإن أجاز فظاهر جماعة أن الإرث لا ينفذ فيها،
بناء على أن الإجازة تنفيذ لفعل الموصي لا ابتداء عطية، وهو عند ابني
بابويه (1) من لا وارث له ولا عصبة يصح إيصاؤه بجميع ماله في المسلمين
والمساكين وابن السبيل.
وتاسع عشرها: كون العين موقوفة، فإنه لا ينفذ فيها المواريث، وإن كانت
ملكا للموقوف عليه على الأصح. ثم إن كان هناك مرتبة أخرى انتقلت إليها
بحق الوقف، وإن كان منقطعا ففيه خلاف سبق في الوقف.
والعشرون: كون العبد جانيا عمدا فإنه إذا اختير استرقاقه أو قتله تبين
عدم نفوذ الإرث فيه، ويحتمل تملك الوارث ثم ينتزع منه.
ولو كان خطأ نفذ فيه الإرث، لأن التخيير إلى مولى الجاني، ومن ذلك أم
الولد فإن من عدا ولدها يكون حقه في القيمة، ويحتمل نفوذ الإرث فيها ثم
يقوم.
وروى محمد بن يحيى (2) عن وصي علي بن السري إنه أوصى بإخراج ولده
جعفر من الإرث، لما أصاب من أم ولده، فأقره الكاظم عليه السلام، قال
الشيخ (3): هذه قضية في واقعة فلا تتعدى إلى غيرها، وقال ابن الجنيد (4) في
حديث أهل البيت أن من فجر بزوجة أبيه لم يورث من ميراث أبيه شئ.

(1) مراده أن الموصي إن كان ممن لا وارث له ولا عصبة، فعند ابني بابويه يصح إيصاؤه بجميع ماله.
قال به الصدوق في من لا يحضره الفقيه: باب أن الإنسان أحق بماله ما دام في شئ من الروح ذيل
الحديث 5468 ج 4 ص 202 ولكن لم نعثر على من نقل هذا القول عن علي بن بابويه. ولمزيد بيان
في هذه المسألة راجع، مختلف الشيعة: ج 2 ص 507.
(2) وسائل الشيعة: باب 90 من أبواب أحكام الوصايا ح 2 ج 13 ص 476.
(3) التهذيب: باب 20 في الزيادات في الوصية ذيل الحديث 10 ج 9 ص 235.
(4) لم نعثر عليه.
364

[188]
درس
في ميراث الآباء والأولاد
للأب وحده المال، وللأم وحدها الثلث تسمية والباقي ردا.
ولو اجتمعا فلها الثلث لا مع الحاجب، والسدس معه، والباقي للأب.
ولو كان هنا زوج أو زوجة فلهما النصيب الأعلى، وللأم ثلث الأصل أو
سدسه والباقي للأب. ولو كان الزوج أو الزوجة مع الأم فلها الثلث، بعد
نصيب الزوجية تسمية والباقي ردا. ولو كان أحدهما مع الأب فالباقي بعد
نصيب الزوجية له.
ولو كان معهما ابن فلهما السدسان، والباقي له. ولو كان أحدهما مع الابن
فله السدس والباقي للابن، وكذا لو تعدد الابن.
ولو اجتمع معهما بنتان فصاعدا، فلهما الثلثان وللأبوين السدسان، وإن
كانت بنت واحدة فلها النصف ولهما السدسان، ويرد الباقي أخماسا على
الجميع، ومع الحاجب يرد أرباعا على البنت والأب. ولو كان معهما ذكور
وإناث أو مع أحدهما فلهما السدسان أو لأحدهما السدس، والباقي يقسم للذكر
مثل حظ الأنثيين.
وللابن المنفرد المال، وللإبنين فصاعدا المال بالسوية، وللبنت المنفردة
النصف تسمية والباقي ردا، وإن كانتا اثنتين فصاعدا فلهما الثلثان تسمية
والباقي ردا.
ولو اجتمع الذكور والإناث اقتسموا الجميع للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو
اجتمع البنت وأحد الأبوين فلها النصف وله السدس والباقي يرد أرباعا،
فيكون جميع المال أرباعا.
ولو كان هناك زوج أو زوجة فلهما النصيب الأدنى، وللبنت النصف،
365

ولأحد الأبوين السدس والباقي يرد أرباعا. ولأحد الأبوين مع البنتين
السدس، ولهما الثلثان والباقي يرد أخماسا، ومع الزوجة يأخذ الثمن والباقي يرد
أخماسا.
ولو اجتمع الأبوان والبنت والزوجة فلهما السدسان، وللبنت النصف،
وللزوجة الثمن والباقي يرد أخماسا مع عدم الحاجب، وإلا فعلى الأب والبنت
أرباعا، ومع الزوج يدخل النقص على البنتين. وكذا يدخل عليهما لو اجتمعا مع
الأبوين والزوج أو الزوجة. وكذا لو اجتمعت البنت والأبوان والزوج فالنقص
عليها.
وإذا عدم الأولاد قام بنوهم مقامهم، سواء كان الأبوان موجودين، أو
أحدهما، أو لا على الأصح، ولا نعلم فيه خلافا، إلا من الصدوق (1) فإنه شرط
في توريثهم عدم الأبوين تعويلا على رواية (2) قاصرة الدلالة.
ثم أولاد الأولاد ينزلون منزلة آبائهم، فلابن البنت نصيب أمه، ولبنت
الابن نصيب أبيها، فلو خلف بنت ابن وبني بنت فلبنت الابن الثلثان، ولبني
البنت الثلث وإن كثروا.
ثم يقتسم أولاد البنت وأولاد الابن النصيب (3) للذكر مثل حظ الأنثيين،
ونقل الشيخ (4) أن أولاد البنت يقتسمون بالسوية، واختاره تلميذه
القاضي (5)، وقال الحسن (6) والمرتضى (7) وابن إدريس (8): يعتبر أولاد الأولاد

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 269.
(2) من لا يحضره الفقيه: باب ميراث ولد الولد ح 5618 ج 4 ص 268، وأشار إليه في وسائل الشيعة:
باب 7 من من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3 ج 17 ص 449.
(3) هذه الكلمة غير موجودة في " ق ".
(4) النهاية: ص 634.
(5) المهذب: ج 2 ص 133.
(6) المختلف: ج 2 ص 732.
(7) المختلف: ج 2 ص 729.
(8) السرائر: ج 3 ص 257.
366

بأنفسهم فللذكر ضعف الأنثى، وإن كان يتقرب بأمه وتتقرب الأنثى بأبيها،
لأنهم أولاد حقيقة، والأول أشهر فتوى ورواية.
ويترتب أولاد الأولاد في الإرث، فالأقرب إلى الميت يمنع الأبعد ذكرا
كان أو أنثى، ولا يرث الجد والجدة مع الأبوين. بل يستحب للأبوين إطعام
آباءهما سدس الأصل إذا زاد نصيب المطعم بقدر السدس، ولو زاد نصيب
أحدهما خاصة أطعم أبويه، لا أبوي الآخر. ولا يستحب للأولاد طعمة
الأجداد. ولو كان أحد الجدين مفقودا فالطعمة للآخر، وإن وجدا فهي بينهما
بالسوية.
[189]
درس
في ميراث الأخوة والأجداد
إنما يرثون مع عدم الآباء والأبناء وأبنائهم، وقال الصدوق (1): يرث الجد
مع ولد الولد ويرث الجد للأب مع الأب والجد من قبل الأم مع الأم، لرواية
سعيد (2) عن الكاظم عليه السلام يرث الجد مع بنات البنت السدس، قال
الشيخ (3): ذكر ابن فضال إجماع العصابة على ترك العمل بهذا الخبر.
وقال الصدوق (4): لو خلفت زوجها وابن ابنها وجدا فللزوج الربع، وللجد
السدس، والباقي لابن الابن.
وقال ابن الجنيد (5): لو خلف بنتا وأبوين، فالفاضل عن انصبائهم

(1) الفقيه: ج 4 ص 287.
(2) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 10 ج 17 ص 451.
(3) الاستبصار: باب 96 ذيل الحديث 15 ج 4 ص 164.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 289.
(5) المختلف: ج 2 ص 751.
367

للجدين أو الجدتين، ولو خلف ولد ولد وجدا أو ولد وجدا فللجد السدس.
وقال الشيخ يونس بن عبد الرحمان (1): الجد أبو الأب أولى من ابن ابن
الابن، والأقوال الثلاثة شاذة.
فللأخ من الأبوين وجده المال، وللأخوين فصاعدا المال بالسوية.
ولو اجتمع الأخوة والأخوات للأبوين فالمال بينهم، للذكر مثل حظ
الأنثيين. وللأخت المنفردة للأبوين النصف تسمية والباقي ردا، وللأختين
فصاعدا الثلثان تسمية والباقي ردا بينهن بالسوية.
ولا يرث معهم الأخوة والأخوات من كلالة الأب. نعم يقومون مقامهم
عند عدمهم، وللواحد من كلالة الأم ذكرا أو أنثى إذا انفرد السدس تسمية،
والباقي ردا، وللاثنين فصاعدا الثلث تسمية، والباقي ردا بالسوية ذكورا كانوا
أو إناثا أو ذكورا وإناثا.
ولو اجتمعت الكلالات الثلاث سقط كلالة الأب، وكان لكلالة الأم
سدس الأصل إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي لكلالة
الأب والأم، وإن كان واحدا ذكرا كان (2) أو ذكرين فصاعدا أو ذكورا وإناثا
للذكر مثل حظ الأنثيين، وتسقط (3) كلالة الأب.
ولو اجتمع مع كلالة الأم أخت للأبوين فلها النصف، وللواحد من كلالة
الأم السدس، وللأكثر الثلث، والباقي للأخت من الأبوين. ولو كانتا أختين
للأبوين مع واحد من كلالة الأم كان السدس ردا عليهما خاصة، وتفرد
الحسن (4) والفضل (5) بأن الباقي يرد بالنسبة أرباعا أو أخماسا.

(1) لم نعثر عليه.
(2) هذه الكلمة غير موجودة في " م " و " ق ".
(3) في " م " و " ق ": سقط.
(4) المختلف: ج 2 ص 738.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 295، والمختلف: ج 2 ص 738.
368

ولو كانت الأخت للأب خاصة أو الأختان كذلك مع كلالة الأم
فالخلاف هنا مشهور، فعند ابن الجنيد (1) والحسن (2) وابن إدريس (3) والمحقق (4)
يرد على الجميع بالنسبة، وعند الشيخين (5) وأتباعهما يختص به كلالة الأب،
لرواية محمد بن مسلم (6) عن الباقر عليه السلام، وهو الأقرب.
وللزوج أو الزوجة النصيب الأعلى، ولكلالة الأم سدس الأصل أو ثلثه،
والباقي لكلالة الأب ذكورا كانوا أو إناثا ولا عول هنا، كما لا عول في اجتماع
الزوج أو الزوجة (7) مع البنات، ولا تعصيب عندنا بحال.
[190]
درس
للجد المنفرد المال لأب كان أو لأم، وكذا الجدة.
ولو اجتمعا من طرف واحد تقاسما المال للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانا
لأب، وبالسوية إن كانا لأم.
ولو كانا من طرفين فللجد للأم أو الجدة أو لهما الثلث بينهما بالسوية،
وللجد أو الجدة للأب أو لهما الثلثان بالتفاوت، وقال الحسن (8) والفضل (9): لو
ترك جدته أم أمه وجدته أم أبيه فلام الأم السدس، ولأم الأب النصف
والباقي يرد عليهما بالنسبة، كمن ترك أختا لأب وأم وأختا لأم، وقال

(1) المختلف: ج 2 ص 738.
(2) المختلف: ج 2 ص 738.
(3) السرائر: ج 3 ص 260.
(4) الشرائع: ج 4 ص 26.
(5) المقنعة: ص 689، والنهاية: ص 638، والاستبصار: باب 100 ذيل الحديث 1 ج 4 ص 168.
(6) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب ميراث الأخوة والأجداد ح 11 ج 17 ص 487.
(7) في " م " و " ق ": والزوجة.
(8) المختلف: ج 2 ص 733:.
(9) لم نعثر عليه.
369

الصدوق (1): للجد من الأم مع الجد للأب أو الأخ للأب السدس والباقي للجد
للأب أو الأخ، وقال الفضل (2): لو ترك جدته أم أمه وأخته للأبوين فللجدة
السدس، وقال الحلبيان (3) والكندري (4): للجد أو الجدة للأم السدس ولهما
الثلث بالسوية، والأول أظهر.
ولو جامعهم أحد الزوجين أخذ نصيبه الأعلى، وللجد أو الجدة أو هما من
الأم ثلث الأصل، والباقي للمتقرب بالأب.
ويمنع الأجداد الدنيا من علا من الأجداد، ويقومون مقامهم عند عدمهم
الأقرب إلى الميت فالأقرب. وكذا يمنعون من يتقرب بهم من الأعمام والأخوال
وإن بعد الأجداد.
وللميت في المرتبة الأولى أربعة أجداد، وفي الثانية ثمانية، وفي الثالثة ستة
عشر، وعلى هذا فلو خلف الأجداد الثمانية فلقرابة الأم الثلث بينهم بالسوية،
ولقرابة الأب الثلثان لأبوي أب الأب الثلثان بينهما أثلاثا، ولأبوي أم الأب
الثلث بينهما أثلاثا قاله الشيخ (5).
فسهام أقرباء الأم أربعة، وسهام أقرباء الأب تسعة، وأصلها ثلاثة تنكسر
على الفريقين، ولا وفق فتضرب أربعة في تسعة ثم في ثلاثة تبلغ مائة وثمانية.
وقال الشيخ معين الدين المصري (6): ثلث الثلث لأبوي أم الأم بالسوية،
وثلثاه لأبوي أب الأم بالسوية، وثلث الثلثين لأبوي أم الأب بالسوية، وثلثاهما

(1) لم نعثر عليه في كتبه وإن حكاه عن المقنع في المختلف: ج 2 ص 733.
(2) لم نعثر عليه.
(3) الكافي في الفقه: ص 372، والغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 545.
(4) المختلف: ج 2 ص 733.
(5) النهاية: ص 649.
(6) لم نعثر عليه.
370

لأبوي أبويه أثلاثا، فسهام قرابة الأم ستة، وسهام قرابة الأب ثمانية عشر،
فيجتزئ بها وتضرب في أصل المسألة تبلغ أربعة وخمسين ومنها تصح.
وقال الشيخ زين الدين محمد بن القاسم البرزهي (1): ثلث الثلث لأبوي
أم الأم بالسوية، وثلثا الثلث لأبوي أبي الأم أثلاثا، وصحتها أيضا من أربعة
وخمسين، والأول أشهر.
وقد يجتمع في الجد الواحد قرابة الأبوين فيكون له نصيب الجدين، ويرث
معه المنفرد بإحدى القرابتين إذا كان في درجته. ولا يمنع الجد للأب
خاصة (2)، إذ ليس كالأخوة في منع كلالة الأبوين كلالة الأب.
ولو اجتمع الأخوة والأجداد فالأخ للأم كالجد من قبلها، وكذا الأخت
كالجدة، والأخ للأب كالجد من قبله، وكذا الأخت للأب، فلقرابة الأم من
الأخوة والأجداد الثلث بينهم بالسوية، ولقرابة الأب الثلثان بينهم بالتفاوت.
ويقوم الأخوة للأب مقام الأخوة للأب والأم عند فقدهم.
ولو خلف جدا أو جدة أو أياهما لأم مع أخ أو إخوة لأب وأم فللجدودة
الثلث، والباقي للإخوة ولو كانت أختا واحدة للأبوين، ولو كانت للأب
فالأقرب أنها كذلك. ويمكن انسحاب الخلاف السابق فيها.
ولو خلف أخا أو أختا لأم وجدا أو جدة أو أياهما لأب فللواحد من كلالة
الأم السدس والباقي للجدودة، وتقاسم الأجداد وإن علو الأخوة.
ويمنع كل طبقة من فوقها، ولا يمنعهم الأخوة. ويقوم أولاد الأخوة مقام
آبائهم عند عدمهم، فيرث كل نصيب من يتقرب به فلولد الأخت نصيب أمه
اتحد أو تعدد ذكرا كان أو أنثى، ولولد الأخ نصيب أبيه كذلك.

(1) لم نعثر عليه.
(2) هذه الكلمة غير موجودة في " م ".
371

ويمنع أولاد كلالة الأب والأم أولاد كلالة الأب، ويقومون مقامهم عند
عدمهم، ويقاسمون الأجداد كآبائهم وإن علوا وسفل أولاد الأخوة.
ولا ميراث لابن الأخ من الأبوين مع الأخ للأم، ولا لابن ابن الأخ من
الأبوين مع ابن أخ لأم، خلافا للفضل (1) في المسألتين، لاجتماع السببين.
ويضعف بتفاوت الدرجتين.
والقسمة بين أولاد الأخوة للأبوين أو للأب للذكر مثل حظ الأنثيين،
والقسمة بين أولاد الأخوة للأم بالسوية.
[191]
درس
في الأعمام والأخوال
وهم أولو الأرحام، وإنما يرثون مع فقد الأخوة وبينهم والأجداد فصاعدا،
وعن الفضل (2) أنه لو خلف خالا وجدة لأم اقتسما المال نصفين، والذي في
كتابه (3) أنه لو ترك جدته وعمته وخالته فالمال للجدة، ونقل عن يونس (4)
مشاركة العمة والخالة وأنه جعل العمة تساوي الجد، وغلطه في ذلك.
وفي قوله: أنه لو خلف عما وابن أخ اقتسما المال نصفين، فللعم أو العمة أو
أكثر من قبل أب أو أم المال بالسوية إذا كانوا من قبل الأم، وبالتفاوت إذا
كانوا من قبل الأبوين أو الأب. ولا يرث قرابة الأب إلا مع عدم قرابة
الأبوين.
ولو اجتمع قرابة الأم مع قرابة الأب فلقرابة الأم السدس إن كان واحدا

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 275 وص 277.
(2) نقله عنه الصدوق في من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 293.
(3) الكافي: باب ابن أخ وجد ج 7 ص 118.
(4) الكافي: باب ابن أخ وجد ج 7 ص 118.
372

عما كان أو عمة، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية، ولقرابة الأبوين أو الأب
الثلثان عما كان أو عمة أو أكثر بالتفاوت.
ولو خلف كلالة الأم مع عمة لأب فلها الفاضل عن السدس أو الثلث،
ولا ينسحب الخلاف في الأخت للأب هنا و.
لو جامعهم أحد الزوجين أخذ نصيبه الأعلى، ولقرابة الأم ثلث الأصل أو
سدسه بحسب التعدد والوحدة، والباقي لقرابة الأبوين، ومع عدمهم فلقرابة
الأب، والقسمة بينهم مع التعدد بالتفاوت.
وللخال المنفرد المال، وكذا الخالة لأب كان أو لأم، وللمتعدد المال
بالسوية لأب كانوا أو لأم.
ولو اجتمع الكلالتان فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن
كان أكثر بالسوية وإن كانوا ذكورا وإناثا، وللمتقرب بالأبوين أو بالأب مع
عدمهم الباقي، واحدا كان أو أكثر بالسوية وإن كانوا ذكورا وإناثا وللمتقرب
بالأبوين أو بالأب مع عدمهم الباقي، واحدا كان أو أكثر بالسوية وإن كانوا
ذكورا وإناثا على الأصح، ونقل الشيخ في الخلاف (1) عن بعض الأصحاب
أنهم يقتسمونه للذكر ضعف الأنثى.
ولو كان هناك أحد الزوجين فله نصيبه الأعلى. ثم إن كان الأخوال من
جهة واحدة فالباقي لهم بالسوية كيف كانوا، وإن كانوا متفرقين سقط كلالة
الأب مع كلالة الأبوين، قال الفاضل (2): ويأخذ كلالة الأم سدس الثلث إن
كان واحدا، وثلثه إن كان أكثر، والباقي لكلالة الأبوين، فلو خلفت زوجها
وخالا من الأم وخالا من الأبوين فللزوج النصف، وللخال للأم سدس
الثلث، ونقل أنه يأخذ سدس الباقي.

(1) الخلاف: ج 2 ص 272.
(2) القواعد: ج 2 ص 171.
373

وقد يفهم من كلام الأصحاب أن للخال للأم بعد نصيب الزوجة (1)
سدس الأصل إن اتحد، وثلثه إن تعدد، كما لو لم يكن هناك زوج ولا زوجة.
ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث، وكذا لو كان واحدا،
وللأعمام الثلثان، وكذا لو كان واحدا. ولو كانوا متفرقين فللأخوال من جهة
الأم ثلث الثلث، وإن كان واحدا فله سدس الثلث، والباقي من الثلث
للأخوال من جهة الأب، وكذا إن كان واحدا، والثلثان للأعمام فللمتقرب
بالأم سدس الثلثين إن كان واحدا وثلثهما إن كان أكثر بالسوية وإن اختلفوا
في الذكورية والأنوثية، والباقي للأعمام المتقربين بالأبوين بالتفاوت، ولو عدموا
قام مقامهم قرابة الأب، وكذا في الأخوال.
وللزوج أو الزوجة مع الأعمام أو الأخوال النصيب الأعلى، وللأخوال ثلث
الأصل، وكذا لو كان واحدا وللأعمام الباقي.
ولو تفرقت الخؤولة والعمومة، فللمتقرب بالأم من الخؤولة سدس الثلث إن
كان واحدا، وثلثه إن كانوا أكثر والباقي للمتقرب بالأب، وللمتقرب بالأم
من العمومة سدس الثلثين إن كان واحد، وثلثه إن كانوا أكثر، والباقي
للمتقرب بالأبوين، ومع عدمهم للمتقرب بالأب.
ويقوم أولاد الأخوال والأعمام مقام آبائهم وأمهاتهم، ويقتسمون كما كان
يقتسم آباؤهم، ولكل نصيب من يتقرب به، والأقرب منهم يمنع الأبعد وإن لم
يكن من صنفه، فابن الخال أولى من ابن ابن العم، وابن العم أولى من ابن
ابن الخال، والخال أولى من بني العم، والعم أولى من بني الخال، كما أن العم
أولى من ابن العم، إلا في المسألة الإجماعية، والخال أولى من ابن الخال على
الإطلاق.

(1) في " م ": الزوجية.
374

وأعمام الميت وأخواله وأولادهم فنازلا أولى من عمومة أب الميت وعماته
وخؤولته وخالاته، ومن عمومة أم الميت وعماتها وخؤولتها وخالاتها.
ومع عدم أولاد العمومة والخؤولة يرث هؤلاء، والأدنى منهم إلى الميت
وأولاده وإن نزلوا أولى من الأعلى، فابن ابن عم الأب أولى من عم الجد
وهكذا.
ولو ترك عم الأب وعمته وخاله وخالته، وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها
فالثلث لقرابة الأم بالسوية على المشهور، والثلثان لقرابة الأب، ثلثهما للخال
والخالة بالسوية، وثلثاهما للعم والعمة أثلاثا. فسهام أقرباء الأم أربعة، وأقرباء
الأب ثمانية عشر، ويتوافقان بالنصف فتضرب نصف أحدهما في الآخر، ثم
الحاصل في ثلاثة تبلغ مائة وثمانية. وقيل: لخال الأم وخالتها ثلث الثلث
بالسوية، وثلثاه لعمها وعمتها بالسوية، وصحتها من أربعة وخمسين.
وربما قيل: للأخوال الأربعة الثلث بالسوية، وللأعمام الثلثان ثلثه لعم
الأم وعمتها بالسوية، وثلثاهما لعم الأب وعمته أثلاثا، وصحتها من مائة
وثمانية.
وقد يجتمع للوارث سببان فصاعدا فيرث بالجميع، كعم هو خال وابن عم
هو ابن خال، ولو منع أحدهما الآخر ورث بالمانع، كأخ هو ابن عم.
[192]
درس
في الأسباب
فالزوجان يرثان مع جميع الورثة إذا خلوا عن الموانع، النصيب الأعلى مع
فقد الولد وإن نزل ذكرا أو أنثى، والنصيب الأدنى مع وجوده، ولا يرد عليهما مع
وجود وارث ولو ضامن جريرة.
أما لو لم يكن سوى الزوج أو الزوجة فالمشهور الرد على الزوج، فيأخذ
375

النصف تسمية والباقي ردا، ونقل المفيد (1) والمرتضى (2) والشيخ (3) فيه الإجماع،
ويظهر من سلار (4) وجود الخلاف، فيه لموثقة جميل بن دراج (5) عن الصادق
عليه السلام لا يكون الرد على زوج ولا زوجة، ويعارضها أخبار (6) صحاح
مصرحة بالرد عليه.
أما الزوجة فثالث الأقوال للصدوق (7) والشيخ في النهاية (8) الرد عليها حال
الغيبة، لا حال حضور الإمام، جمعا بين الأخبار، والمشهور عدم الرد عليها
مطلقا، ولم يقل بالرد عليها مطلقا، إلا المفيد (9) في ظاهر كلامه.
ولو تعددت الزوجة فالحصة مشتركة ولو زدن على الأربع، كما في المريض
يطلق ويتزوج ثم يدخل ويموت في مرضه قبل مضي سنة، ولما تتزوج مطلقته.
وترث المطلقة رجعية إذا مات في العدة وتورث، بخلاف الثانية، إلا أن
يكون الطلاق في المرض فإنها ترث إلى سنة، ولا يرثها.
ولا يشترط في التوريث الدخول، إلا إذا كان التزويج في المرض على ما
سلف. وأما الولاء بالعتق فقد ذكر فيه.
وأما الولاء بضمان الجريرة، فهو أن يكون سائبة كالمعتق في نذر أو كفارة

(1) لم نعثر عليه في كتبه التي بأيدينا، ونقله في المختلف عن كتاب له سمي ب‍ " الإعلام ". راجع
المختلف: ج 2 ص 737.
(2) الإنتصار: ص 300.
(3) المبسوط: ج 4 ص 74.
(4) المراسم: ص 222.
(5) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث الأزواج ح 8 ج 17 ص 513.
(6) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ميراث الأزواج ج 17 ص 511.
(7) من لا يحضره الفقيه: باب ميراث الزوج والزوجة ذيل الحديث 5612 ج 4 ص 262.
(8) النهاية: ص 642.
(9) المقنعة: ص 691.
376

أو حر الأصل، ولا يعلم له قريب فيضمن واحد جريرته فيرثه، ولا يرث
المضمون الضامن، إلا أن يدور الضمان، وإنما يرث مع فقد جميع الأنساب،
ومع فقد المعتق وعصبته ومعتقه ومن يمت به.
وأما الإمام، فهو وارث عند عدم ضامن الجريرة، وعدم كل وارث إلا
الزوجة، فمع حضوره يصنع به ما شاء، وكان أمير المؤمنين عليه السلام (1) يتبرع به
على فقراء بلد الميت، وضعفاء جيرانه. وإن كان غائبا قال جماعة من
الأصحاب: يحفظ له بالوصاة أو الدفن إلى حين ظهوره، والأظهر جواز قسمته
في الفقراء والمساكين.
ولو أخذه المتغلب فلا ضمان على أحد. ولا يجوز دفعه إليه إلا مع الخوف.
وروى سليمان بن خالد (2) عن الصادق عليه السلام في المعتق سائبة ولم
يتول أحدا يجعل ميراثه في بيت مال المسلمين، ويعارضه رواية أبي
الأحوص (3) عن الباقر عليه السلام أن ميراثه للإمام.
وروى أبو بصير (4) عن الصادق عليه السلام أن السائبة يرثه أقرب الناس
إلى الذي أعتقه ويضمن جريرته، قال الشيخ (5): لا يعمل عليه بل ميراثه لبيت
المال، وهذا يشعر بأنه لبيت مال المسلمين كما في الرواية، ولم أر قائلا به من
الأصحاب.
ولو مات كافر ذمي أو حربي ولا وارث له فميراثه للإمام كغيره. وكذا
يختص بالإمام ما تركه المشركون خوفا من غير حرب، وما غنمته سرية بغير إذنه.

(1) لم نعثر عليه.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ح 3 ج 17 ص 546.
(3) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ح 6 ج 17 ص 549.
(4) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ح 10 ج 17 ص 550.
(5) الاستبصار: باب 116 ذيل الحديث 4 ج 4 ص 200.
377

وأما مال الصلح والجزية فللمجاهدين، ومع عدمهم لفقراء المسلمين.
[193]
درس
في ميراث الخنثى وشبهه
من له ما للرجل وما للنساء يورث بما يبول منه، فإن بال منهما فبالذي
يسبق منه البول، فإن سبق منهما معا ورث على الذي يتأخر انقطاعه، وقال
القاضي (1): يورث على الذي يسبق انقطاعه، وهو ضعيف، فإن تساويا سبقا
وقطعا فهو المشكل.
وقال المفيد (2) والمرتضى (3) وابن إدريس (4): تعد أضلاعه فإن كانت
ثماني عشرة فهو أنثى، وإن كان سبع عشرة، من الجانب الأيمن تسع ومن
الجانب الأيسر ثمان وضلع ناقص صغير فهو الذكر، لما روي (5) أن حواء،
خلقت من ضلع آدم الأيسر عليهما السلام، ونقل فيه المفيد (6) والمرتضى (7)
الإجماع، ورواه ميسرة بن شريح (8) من (9) قضاء أمير المؤمنين عليه السلام، وفي
الخلاف (10) يورث بالقرعة، وقال الحسن (11) إن كان هناك علامة من لحية أو

(1) المهذب: ج 2 ص 171.
(2) نقله ابن إدريس عن كتابة المسمى ب‍ " الإعلام "، راجع السرائر: ج 3 ص 279.
(3) الإنتصار: ص 306.
(4) السرائر: ج 2 ص 279 و 280.
(5) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 5 ج 17 ص 577.
(6) نقله ابن إدريس عن كتابه المسمى ب‍ " الإعلام "، راجع السرائر: ج 3 ص 279.
(7) الإنتصار: ص 306.
(8) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 3 ج 17 ص 575.
(9) في " م ": في قضاء.
(10) الخلاف: ج 2 ص 297.
(11) المختلف: ج 2 ص 745.
378

بول أو حيض أو احتلام أو جماع، وإلا ورث ميراث رجل، وهو متروك.
والمشهور أن له نصف النصيبين، وضعفه ابن إدريس (1) بانحصار أمره في
الذكورة أو الأنوثة، يعني أنه ليس بطبيعة ثالثة حتى يكون الأمر فيه كذلك
واحتج بقوله تعالى: " يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور " (2)، وتدفعه
الروايات (3)، ونمنع منافاة ذلك الحصر.
سلمنا لكن الآية لا تدل على الحصر، لأنها خرجت مخرج الأغلب.
وفي تقريره طرق أقربها أن تجعل التركة منقسمة على تقدير الذكورية مرة،
وعلى تقدير الأنوثية أخرى، ثم نضرب إحداهما في الأخرى أو في وفقها أو في
الأكثر مع التداخل، ثم تضرب الحاصل في اثنين، ثم تعطي كل وارث نصف
ما حصل له في المسألتين، فلو خلف ذكرا وأنثى وخنثى فهي من أربعين.
ولو جامعهم أحد الزوجين ضربت مخرج نصيبه فيها ثم أخذت نصيبه،
وقسمت الباقي على أربعين لكل سهم ثلاثة أسهم إن كان زوجا وسبعة إن
كان زوجة.
ولو اجتمع أبوان وخنثى ففريضة الذكورية ستة، وفريضة الأنوثية خمسة
بالفرض والرد، ومضروبهما ثلاثون، ثم تضرب في اثنين تبلغ ستين، فللأبوين
اثنان وعشرون، وللخنثى ثمانية وثلاثون. ولو كان أحد الأبوين مع الخنثى
فالفريضتان متوافقتان بالنصف، لأن إحديهما ستة والأخرى أربعة، فتضرب
نصف إحداهما في الآخر تبلغ اثني عشر، ثم في اثنين تبلغ أربعة وعشرين،
فلأحد الأبوين خمسة وللخنثى تسعة عشر.

(1) السرائر: ج 3 ص 280.
(2) الشورى: 49.
(3) لعل مراده الروايات التي تدل على أن للخنثى المشكل نصف النصيبين، راجع وسائل الشيعة: باب 2
من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 1 و 2 و 6 ج 17 ص 574.
379

ولو اجتمع خنثيان مع أحد الأبوين فكمسألة الخنثى مع الأبوين، ثم تصير
إلى مائة وعشرين. ولو كان مع الأنثى والخنثى أحد الأبوين، ضربت خمسة
مسألة الأنوثة في ثمانية عشر المسألة الأخرى يبلغ تسعين، ثم تضربها في اثنين
تبلغ مائة وثمانين لأحد الأبوين ثلاثة وثلاثون، لأن له ستة وثلاثين تارة
وثلاثين أخرى، فله نصفهما وللأنثى أحد وستون، وللخنثى ستة وثمانون، فقد
سقط من سهام الأب نصف الرد، إذ المردود على تقدير أنوثيتهما ستة، هي
الفاضلة على تقدير الذكورية.
ولو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع الخنثى أو الخناثى، وهناك ذكر لم يزد
نصيبهما على الفرض، وكذا خنثيان وأبوان.
ولو كانت الأخوة للأبوين أو للأب خناثى فكالأولاد. أما الأخوة للأم
فسواء، والأعمام كالأخوة للأب، والأخوال كالأخوة للأم. وأما كون الخنثى
أبا أو جدا أو أما أو جدة مع بقاء إشكاله فبعيد، إذ ذلك يكشف عن حاله
الأعلى ما روى ميسرة (1) في امرأة ولدت وأولدت. وأما كون الخنثى زوجا أو
زوجة فأبعد، لبطلان تزويجه ما دام مشكلا، سواء تزوج بذكر أو أنثى أو خنثى،
وقال الشيخ (2): له نصف نصيب الزوج، ونصف نصيب الزوجة. وربما تصور
إذا تزوج خنثى بخنثى وحكمنا بصحة العقد، وهو ضعيف.
ومن ليس له الفرجان أما بأن يفقدا، أو يفقد الدبر وله مخرج بين (3)
المخرجين يخرج منه الفضلة، أو بأن يكون هناك لحمة رابية يخرج منها، أو بأن
يتقيأ
ما يأكله، أو بأن يخرجا معا من الدبر - كما نقل ذلك كله - يورث بالقرعة،
فيكتب عبد الله على سهم وأمة الله على سهم ويجعل في سهام مبهمة.

(1) ليست رواية الميسرة المتقدمة آنفا في مورد امرأة ولدت وأولدت، بل يكون هذا مورد رواية محمد بن
قيس على ما في وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 5 ج 17 ص 576.
(2) المسوط: ج 4 ص 117.
(3) في " م " و " ق ": من المخرجين.
380

ويقول ما رواه الفضيل بن يسار (1) عن الصادق عليه السلام اللهم أنت الله
لا إله إلا أنت، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه
يختلفون، فبين لنا أمر هذا المولود وكيف يورث ما فرضت له في كتابك، ثم
تجيل السهام ويورث على ما يخرج، والظاهر أن الدعاء مستحب.
وفي رواية مرسلة في الكافي (2) عن أحدهما عليهما السلام: إذا لم يكن له إلا
ثقب يخرج منه البول، فنحى بوله عند خروجه فهو ذكر، وإن كان لا يتنحى
بوله فهو أنثى، وعليها ابن الجنيد (3)، ويظهر من الشيخ (4) جواز العمل بها، وإن
كانت القرعة أحوط.
ولو كان له رأسان وبدنان على حقو واحد، يوقظ أحدهما بعد نومهما، فإن
انتبها معا فهما واحد، وإن انتبه أحدهما فهما اثنان، كما قضى به علي
عليه السلام (5).
وقال أبو جميلة (6): رأيت بفارس امرأة لها رأسان وصدران على حقو واحد،
من وجه يتغايران.
[194]
درس
في ميراث المجوس
اختلف فيه، فقال يونس (7): إنهم يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين،

(1) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 2 ج 17 ص 580.
(2) الكافي: باب ميراث الخنثى ح 4 ج 7 ص 157، نقلا بالمضمون.
(3) المختلف: ج 2 ص 748.
(4) الاستبصار: باب 108 ذيل الحديث 2 ج 4 ص 187.
(5) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 2 ج 17 ص 582.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 330.
(7) نقله عنه الشيخ في التهذيب: ج 9 ص 364، ونقله عنه الكليني في الكافي: ج 7 ص 145.
381

دون الفاسدين، وهو قول الحلبي (1) وابن إدريس (2) وقال الشيخ (3) وجماعة:
يتوارثون بالصحيحين والفاسدين، وقال الفضل (4) وجماعة: يتوارثون بالنسب
الصحيح والفاسد، وبالسبب الصحيح خاصة.
ويشهد للشيخ خبر السكوني (5) عن علي عليه السلام أنه كان يورث
المجوسي إذا تزوج بأمه وأخته وابنته من جهة أنها أمه وأنها زوجته.
وقول الصادق عليه السلام (6) لمن سب مجوسيا وقال: إنه تزوج بأمه أما
علمت أن ذلك عندهم هو النكاح بعد أن زبر الساب.
وقوله عليه السلام (7): أن كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه، فلو تزوج بنته
فأولدها بنتا ثم مات فللزوجة نصيب البنت ونصيب الزوجية وللأخرى نصيب
البنت، ولو كانت أخته لأمه جدته لأبيه، أو أخته لأبيه جدته لأمه ورثت
بالأمرين.
ولو منع أحد النسبين الآخر فالإرث بالمانع، كبنت هي أخت لأم وعمه
هي أخت لأب وعمة هي بنت عمة وأخت هي أم.
ولا يرث المسلمون بالسبب الفاسد إجماعا، سواء كان التحريم مجمعا عليه
كالأم نسبا أو رضاعا، أو مختلفا فيه كأم المزني بها، أو البنت من الزنا.
ولا فرق بين اعتقاد الزوج التحريم أو الزوجة أو اعتقاد التحليل، بل المعتبر

(1) الكافي في الفقه: ص 376.
(2) السرائر: ج 3 ص 288.
(3) النهاية: ص 683.
(4) نقله عنه الشيخ في التهذيب: ج 9 ص 364.
(5) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب ميراث المجوس ح 1 ج 17 ص 596.
(6) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب ميراث المجوس ح 2 ج 17 ص 696.
(7) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب ميراث المجوس ح 3 ج 17 ص 597.
382

باعتقاد الحاكم.
أما النسب الفاسد للمسلم، كما يتفق بوطئ الشبهة فحكمه حكم المجوس
في التوريث.
وأما غير المجوس من الكفار فإنهم يورثون، كالمسلمين لو تحاكموا إلينا. وقد
ذكر الفضل رحمه الله (1) فروعا فلنذكر منها ثلاثة:
الأول: أولد من ابنته ابنتين يرثن ماله بالسوية، فلو ماتت إحداهما فقد
تركت أمها وأختها فالمال لأمها، فإن ماتت الأم ورثها ابنتاها، فإن ماتت
إحداهما فقد ورثتها الأخرى.
الثاني: أولد بنته بنتا، ثم أولد البنت الثانية بنتا، فالمال بينهن بالسوية،
فإن ماتت العليا ورثتها الوسطى دون السفلى، وإن ماتت الوسطى فللعليا
نصيب الأم وللسفلى نصيب البنت والباقي يرد أرباعا، وإن ماتت السفلى
ورثتها الوسطى، لأنه لا ميراث للجدة والأخت مع الأم.
الثالث: أولد بنته ابنتين، ثم تزوج إحداهما فولدت له بنتا، ثم مات ورثته
أرباعا، فلو ماتت البنت التي أولدها ثانيا فلبنتها النصف، ولأمها السدس،
والباقي يرد عليهما، ولا شئ لأختها التي هي جدة.
[195]
درس
في الإقرار بوارث أو دين
لو حمل قوم من بلد الشرك فتعارفوا بنسب ثبت ذلك وإن لم يقيموا بينة،

(1) ذكر الصدوق في الفقيه هذه الفروع الثلاثة مع فروع أخرى من دون أن يسندها إلى الفضل وذكر
الكليني في الكافي بعضها بعين لفظ الصدوق وأسندها إلى الفضل ومن هنا يمكن الاستيناس بأن
ما ذكر في الفقيه مستند إلى الفضل وإن لم يسندها الصدوق إليه. راجع من لا يحضره الفقيه: ج 4
ص 344 و 345، والكافي: ج 7 ص 145 و 146.
383

وكذا كل اثنين تعارفا ما لم يعرفا بنسب غيره.
وإذا أقر الوارث بمشارك في الميراث قاسمهم وثبت نسبه إن شهد به
عدلان، وإن أقر واحد دفع إليه ما فضل في يده.
وطريق ذلك أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار أو في وفقها، ثم
تضرب ما للمقر من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار، وتضرب ما للمنكر من
مسألة الإنكار في مسألة الإقرار، فما كان بينهما فهو الفضل، كما لو أقر الابن مع
البنات الثلاث بابن، وأنكر البنات، فمسألة الإقرار من سبعة، ومسألة الإنكار
من خمسة، ومضروبهما خمسة وثلاثون، فللمقر من مسألة الإقرار سهمان في مسألة
الإنكار عشرة، وللمنكر في مسألة الإنكار سهم في مسألة الإقرار سبعة
فالتفاوت أربعة، لأن للابن مثل البنتين فلهما أربعة عشر، فالأربعة للمقر له.
ولو أقرت البنت فلها من مسألة الإقرار سهم في مسألة الإنكار خمسة،
فالفاضل سهمان فهما للمقر له، وإن شئت قلت: تنظر ما للمقر على تقدير
الإقرار، وما له على تقدير الإنكار فالتفاوت يدفعه، كما في هذه الصورة فإن
للابن على تقدير إقراره عشرة، وله على تقدير إنكاره أربعة عشر، فالتفاوت
أربعة.
ولو قدر تساوي ماله في حالتي الإقرار والانكار لم يدفع شيئا، كما لو كان
هناك إخوة ثلاثة لأب وأخ لأم، فأقر الأخ من الأم بأخ منها، فمسألة الإقرار
ثمانية عشر ومسألة الإنكار كذلك، فيجتزئ بإحداهما فللمقر ثلاثة.
ولو قدر كونه منكرا كان له ثلاثة فلا فضل في يده، فلو أقر بأخوين لأم،
فمسألة الإقرار من تسعة ومسألة الإنكار من ثمانية عشر، فيجتزئ بالأكثر، فله
على تقدير إقراره سهمان وعلى تقدير إنكاره ثلاثة أسهم، فيفضل في يده سهم
فيدفعه إلى المقر لهما.
ولو كان المقر أحد الأخوة للأب بأخ من أم فالمسألة بحالها، فله على تقدير
384

إقراره أربعة من ثمانية عشر، وعلى تقدير إنكاره خمسة، فالفاضل سهم فيدفعه
إلى المقر له.
ولو أقر بأخ من أب، فمسألة الإقرار من أربعة وعشرين، ومسألة الإنكار من
ثمانية عشر، وهما متوافقان بالسدس، فتضرب سدس أحدهما في الآخر وأيا ما
كان بلغ اثنين وسبعين، فله بتقدير إقراره خمسة عشر، وبتقدير إنكاره عشرون،
فالفاضل خمسة فهي للمقر له.
ولو كان المقر بالأخ للأب الأخ للأم لم يغرم له شيئا، لعدم الفضل في يده.
ولو أقر بعض الورثة بدين لزمه ما يقتضيه التقسيط من التركة، فلو خلف
ابنين وبنتا وألفا وأقر أحدهما بألف على الميت فزائدا فعليه أربعمائة، فإن أقر
بخمسمائة فعليه مائتان ويفضل في يده مائتان.
ومن الوقائع ما رواه الحكم بن عتيبة (1) - من علماء العامة - قال: كنا بباب
أبي جعفر عليه السلام فجاءت امرأة فقالت: أيكم أبو جعفر لأسأله فقالوا لها
هذا فقيه أهل العراق فسأليه، فقالت: إن زوجي مات وترك ألف درهم ولي
عليه مهر خمسمائة درهم فأخذت مهري وأخذت ميراثي مما بقي، فادعى عليه
بألف درهم، فشهدت له على زوجي فقال الحكم: فبينا نحن نحسب إذ خرج أبو
جعفر عليه السلام فأخبرناه، فقال: أقرت بثلثي ما في يدها، ولا ميراث لها قال
الحكم: والله ما رأيت أحدا أفهم من أبي جعفر.
قال الكليني رحمه الله (2): قال الفضل: لأن ما على الزوج ألف وخمسمائة،
فلها ثلث التركة وإنما جاز إقرارها في حصتها فلها مما ترك الثلث، وللرجل

(1) وسائل الشيعة: باب 26 من أبواب أحكام الوصايا ح 8 ج 13 ص 403. وفي العبارة سقط والصحيح
أن يقال: " وأخذت ميراثي مما بقي، ثم جاء رجل فادعى عليه بألف درهم.. "، كما في الوسائل.
(2) الكافي: باب إقرار بعض الورثة بدين ذيل الحديث 1 ج 7 ص 167.
385

الثلثان ويرد الثلث على الرجل ولا إرث لها، لاستغراق الدين التركة.
قلت: هذا مبني على أن الإقرار يبنى على الإشاعة، وأن إقراره لا ينفذ في
حق الغير، والثاني لا نزاع فيه.
وأما الأول: فظاهر الأصحاب أن الإقرار إنما يمضي في قدر ما زاد عن حق
المقر بزعمه، كما لو أقر بمن هو مساو له، فإنه يعطيه ما فضل عن نصيبه ولا
يقاسمه، فحينئذ يكون قد أقرت بثلث ما في يدها أعني خمس المائة، لأن لها
بزعمها وزعمه ثلث الألف الذي هو ثلث خمس المائة، فيستقر ملكها عليه،
ويفضل معها ثلث خمس المائة. وإذا كانت أخذت شيئا بالإرث فهو بأسره
مردود على المقر له، لأنه بزعمها ملك له، والذي في التهذيب (1) نقلا عن
الفضل فقد أقرت بثلث ما في يدها، وإنه بخط مصنفه، وكذا في الاستبصار (2)،
وهذا موافق لما قلناه.
وذكره الشيخ (3) أيضا بسند آخر عن غير الفضل وغير الحكم، متصل
بالفضيل بن يسار عنه عليه السلام أقرت بذهاب ثلث مالها ولا ميراث لها،
تأخذ المرأة ثلثي خمسمائة وترد عليه ما بقي.
[196]
درس
فيه بحثان:
الأول: المناسخات، ويتحقق بأن يموت إنسان (4) ولا تقسم تركته ثم يموت

(1) التهذيب: باب الإقرار في المرض ح 17 ج 9 ص 164.
(2) الإستبصار: باب 69 ح 2 ج 4 ص 114.
(3) التهذيب: باب الإقرار في المرض ح 37 ج 9 ص 169، ووسائل الشيعة: باب 26 من أبواب أحكام
الوصايا ح 9 ج 13 ص 404.
(4) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
386

أحد وراثه، فإنه يجب قسمة الفريضتين من أصل واحد لو طلب ذلك، فإن
اتحد الوارث والاستحقاق كإخوة ستة وأخوات ست لميت فمات بعده أحد
الأخوة ثم إحدى الأخوات، وهكذا حتى بقي أخ وأخت، فمال الجميع بينهما
أثلاثا إن تقربوا بالأب، وبالسوية إن تقربوا بالأم.
وإن اختلف الوارث والاستحقاق أو أحدهما، فإن انقسم نصيب الميت
الثاني على ورثته صحت المسألتان من الأولى، كزوج وأربعة إخوة لأب ثم
يموت الزوج ويترك ابنا وبنتين، فتصح المسألتان من المسألة الأولى وهي
ثمانية.
وإن لم تنقسم تنظر النسبة بين نصيب الميت الثاني وسهام ورثته، فإن كان
فيها وفق ضربت وفق الفريضة الثانية لا وفق النصيب في الفريضة الأولى، مثل
أبوين وابن ثم يموت الابن ويترك ابنين وبنتين، فالفريضة الأولى ستة
ونصيب الابن أربعة وسهام ورثته ستة توافقها بالنصف، فتضرب ثلاثة في ستة
تبلغ ثمانية عشر.
وإن كان فيها تباين ضربت الثانية في الأولى، مثل كون ورثة الابن ابنين
وبنتا فسهامهم خمسة تباين نصيب مورثهم، فتضرب خمسة في ستة تبلغ ثلاثين.
ولو مات أحد وراث الميت الثاني قبل القسمة فالعمل واحد. وكذا لو
فرض كثرة التناسخ.
وثانيهما: قسمة التركات، وهو ثمرة الحساب في الفرائض، فإن المسألة قد
تصح من ألف والتركة درهم، فلا يتبين يصيب كل وارث إلا بعمل آخر.
فنقول: التركة إن كانت عقارا فهو مقسوم على ما صحت منه المسألة، وإن
كانت مكيلة أو موزونة أو مذروعة احتيج إلى عمل. وفي ذلك طرق:
منها: نسبة سهام كل وارث من الفريضة، فيؤخذ له من التركة بتلك
النسبة، وهذا يقرب إذا كانت النسبة واضحة، مثل زوجة وأبوين ولا
387

حاجب، فالفريضة من اثني عشر للزوجة ثلاثة هي ربع الفريضة فتعطى ربع
التركة، وللأم أربعة وهي ثلث الفريضة فتعطى ثلث التركة، وللأب خمسة هي
ربع وسدس فيعطى ربع التركة وسدسها.
ومع ذلك قد لا يسهل استخراج هذه النسبة إلا بضرب التركة، كأن
كانت التركة خمسة دنانير والفريضة بحالها، فإنه يحتاج إلى ضرب الخمسة في
عدد سهام الفريضة فيكون ستين، فتجعل الخمسة ستين جزء كل دينار من
ذلك اثنا عشر جزء، فللزوجة خمسة عشر جزء هي دينار وربع، وللأم عشرون
جزء هو دينار وثلثا دينار، وللأب خمسة وعشرون جزء هي ديناران ونصف
سدس دينار.
ومنها: أن تقسم التركة على الفريضة، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام
كل واحد فما بلغ فهو نصيبه. وهذا يقرب مع سهولة القسمة كالفريضة بحالها،
والتركة ستة دنانير، فإنها إذا قسمت على الفريضة فلكل سهم نصف دينار،
فتضرب نصف دينار في سهام الزوجة وهي ثلاثة تكون دينارا ونصفا،
وتضرب نصف دينار في سهام الأم وهي أربعة تكون دينارين، وتضرب نصف
دينار في سهام الأب وهي خمسة تكون دينارين ونصفا.
ومنها: وهو المستعمل بين الفريضتين، لشموله النسب المتقاربة والمتباعدة.
وله مثالان:
الأول: أن لا يكون في التركة كسر، كإثني عشر دينارا، فيؤخذ سهام كل
وارث من الفريضة ويضرب في التركة، فما بلغ قسم على أصل الفريضة،
فالخارج بالقسمة هو نصيب ذلك الوارث، مثل ثلاث زوجات وأبوين وابنين
وبنت، فالفريضة من أربعة وعشرين، ينكسر نصيب الأولاد على خمسة، ولا
وفق فتضربها في الأصل فتكون مائة وعشرين، فسهام كل زوجة خمسة، تضرب
388

في التركة وهي (1) اثني عشر تكون ستين دينارا، تقسمها على مائة وعشرين
يخرج نصف دينار وهو (2) نصيب كل زوجة، وسهام كل من الأبوين عشرون،
فتضربها في اثني عشر يكون مائتين وأربعين، تقسمها على مائة وعشرين يخرج
ديناران فهو نصيب كل واحد منهما، وسهام كل ابن ستة وعشرون، تضربها في
اثني عشر تكون ثلاثمائة واثني عشر دينارا، تقسمها على مائة وعشرين تخرج
ديناران وثلاثة أخماس دينار لكل ابن، وللبنت دينار وثلاثة أعشاره.
الثاني: أن يكون في التركة كسر، فتبسط من جنس الكسر وتزيد عليها
الكسر، وتعمل فيه ما عملت في الصحاح، كأن كانت في المثال المذكور اثني
عشر ونصفا، فتجعلها خمسة وعشرين، ولو كانت ثلاثا جعلتها سبعة وثلاثين
وهكذا.
ومتى أمكنت القسمة إلى القراريط والحبات والأرزات فعل، سواء كان
عددها منطبقا كذي الكسر المستقيم، أو أصم كغيره.
والدينار عشرون قيراطا، والقيراط ثلاث حبات، والحبة أربع أرزات،
وليس بعد الأرزة اسم خاص.
ومتى قسمت التركة جمعت ما حصل بالقسمة، فإن ساوى التركة علمت
صحة القسمة، وإلا فلا.

(1) هذه الكلمة غير موجودة في نسخة " م " و " ز ".
(2) في باقي النسخ: فهو
389

كتاب الصيد
391

كتاب الصيد
يحل الاصطياد بكل آلة فيحل مع التذكية، وإن مات بالآلة حل منه
قسمان:
أحدهما: ما يقتله الكلب المعلم دون غيره من جوارح السباع والطير، ونقل
المرتضى (1) فيه إجماع الأصحاب، وقال الحسن (2): يحل صيد ما أشبهه من
السباع كالفهد والنمر وغيرهما، لصحيحة أحمد بن محمد (3) عن أبي الحسن،
ورواية أبي بصير (4) عن الصادق عليه السلام، لكنها في الفهد، وهي معارضة
بأشهر (5) منها وأظهر في الفتوى، مع حملها على التقية أو الضرورة قاله الشيخ (6).
ويتحقق تعليمه بأن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر، وأن لا يعتاد أكل
ما أمسك مرارا ليصدق عليها التعليم عرفا، ولا عبرة بندور الأكل، ولا بعدم
انزجاره بعد إرساله على الصيد، ولا بشرب الدم، وقال الصدوقان (7)

(1) الإنتصار: ص 182.
(2) المختلف: ج 2 ص 689.
(3) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب الصيد ح 18 ج 16 ص 212.
(4) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الصيد ح 3 ج 16 ص 214.
(5) وسائل الشيعة: باب 9 أبواب الصيد ح 3 ج 16 ص 220.
(6) التهذيب: ج 4 ص 72.
(7) الهداية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 62، والمختلف: ج 2 ص 689.
393

والحسن (1): يوكل صيده وإن أكل، وربما حمل على الندرة. ثم يشترط فيه
تسعة: الأول (2): أن يموت الصيد بجرحه، فلو مات بإتعابه أو غمه حرم.
الثاني: أن يرسله، فلو استرسل من نفسه لم يحل مقتوله، إلا أن يزجره
فيقف ثم يرسله ولو زاده إغراء لم يحل.
الثالث: أن يكون الإرسال للصيد فلو أرسله لا للصيد فصادف صيدا فقتله
لم يحل.
الرابع: كون المرسل من أهل التذكية، وهو المسلم أو حكمه كالصبي المميز
ذكرا كان أو أنثى، فلو أرسله الكافر لم يحل وإن كان ذميا على الأصح، وقال
الحسن (3): لا بأس بصيد اليهود والنصارى وذبائحهم بخلاف المجوس، وجوز
الصدوق (4) أكل ذبيحة الثلاثة إذا سمعت تسميتهم وفقدت ذبيحة المسلم،
فمقتضى قوله جواز اصطيادهم، ولا تعويل على القولين.
وفي حل اصطياد المخالف غير الناصب الخلاف الذي يأتي في الذبيحة إن
شاء الله تعالى.
أما الناصب فلا يحل مصيده وإن سمى، ولا يحل مصيد المجنون، ولا
الطفل غير المميز. وأما المكفوف فإن تصور فيه قصد عين الصيد حل وإلا فلا.
ولو اشترك في قتله كلبان أحدهما من الأهل والآخر ممن ليس بأهل لم يحل.

(1) المختلف: ج 2 ص 689.
(2) في " م " غير موجودة هذه الكلمة.
(3) المختلف: ج 2 كتاب الصيد ص 679.
(4) المقنع في ضمن الجوامع الفقهية ص 35 والهداية في ضمن الجوامع الفقهية ص 62 والفقيه ج 3 كتاب
الصيد والذبائح ص 330 ولكن ليس في كلامه رحمه الله في الكتب الثلاثة قيد عدم وجود ذبيحة
المسلم.
394

الخامس: التسمية عند الإرسال من المرسل، فلو ترك التسمية عمدا حرم،
وإن كان ناسيا حل.
ولو نسيها فاستدرك عند الإصابة أجزأ، ولو تعمدها ثم سمى عندها
فالأقرب الإجزاء. ولو سمى غير المرسل لم يحل.
ولو اشترك في قتله كلبان سمى مرسل أحدهما دون الآخر لم يحل ما لم يعلم
أن القاتل ما سمى عليه.
والواجب هنا وفي الذبح والنحر ذكر الله مع التعظيم، مثل بسم الله والله
أكبر وسبحان الله.
ولا يجزي لو اقتصر على الجلالة على الأقرب. ولو قال اللهم ارحمني أو اللهم
صلى على محمد وآل محمد فالأقرب الإجزاء.
وفي إجزاء التسمية بغير العربية نظر، من صدق الذكر، ومن تصريح القرآن
باسم الله، وقطع الفاضل (1) بالإجزاء.
السادس: أن يموت بالجرح، فلو جرحه ثم عقره سبع أو تدهده من جبل لم
يحل، إلا أن يكون الجرح قاتلا ولم يبق فيه حياة مستقرة.
السابع: أن لا يغيب عنه وفيه حياة مستقرة، فلو غاب لم يحل، سواء كان
الكلب واقفا عليه أم لا.
الثامن: أن لا يدركه المرسل وفيه حياة مستقرة، فلو أدركه كذلك وجبت
التذكية إن اتسع الزمان لذبحه، ولو قصر الزمان عن ذلك ففي حله للشيخ
قولان، ففي المبسوط (2) يحل، ومنع (3) في الخلاف (4)، وهو قول ابن الجنيد (5).

(1) التحرير: ص 155.
(2) المبسوط: ج 6 ص 260.
(3) في " م " و " ز ": وضعه.
(4) الخلاف: ج 3 ص 246.
(5) المختلف: ج 2 ص 674 ولكن كلامه ليس صريحا بل يشمله بإطلاقه.
395

ونعني باستقرار الحياة إمكان حياته ولو نصف يوم، وقال ابن حمزة (1).
أدناه أن تطرف عينه أو تركض رجله أو يتحرك ذنبه، وهو مروي (2).
ولو فقد الآلة عند إدراكه ففي صحيحة جميل بن دراج (3) عن الصادق
عليه السلام يدع الكلب حتى يقتله فيأكل منه، وعليها القدماء، وأنكرها ابن
إدريس (4).
التاسع: كون الصيد ممتنعا، سواء كان وحشيا أو إنسيا، فلو قتل الكلب
غير الممتنع لم يحل. ولو صالت البهائم الإنسية أو توحشت فقتلها الكلب حلت
مع تعذر التذكية.
ولا يشترط إسلام المعلم، بل إسلام المرسل كاف وإن علمه المجوسي،
ونقل الشيخ (5) فيه إجماعنا، وقال في المبسوط (6): لا يحل ما علمه المجوسي،
ويشهد للحل صحيحة سليمان بن خالد (7)، وللحرمة رواية عبد الرحمان بن
سيابه (8)، والأصح الحل، وتحمل الرواية على الكراهية.
ويحل أكل ما صاده الكلب الأسود البهيم، ومنعه ابن الجنيد (9) لما روي (10)
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه لا يؤكل صيده وإن رسول الله صلى الله عليه

(1) الوسيلة: ص 356.
(2) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 264.
(3) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الصيد ح 1 ج 16 ص 218.
(4) السرائر: ج 3 ص 93.
(5) الخلاف: ج 3 ص 248.
(6) المبسوط: ج 6 ص 262.
(7) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الصيد ح 1 ج 16 ص 227.
(8) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الصيد ح 2 ج 16 ص 227.
(9) المختلف: ص 675.
(10) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الصيد ح 2 ج 16 ص 224.
396

وآله وسلم أمر بقتله، ويمكن حمله على الكراهة.
ويجب غسل موضع العضة جمعا بين نجاسة الكلب وإطلاق الأمر بالأكل،
وقال الشيخ (1): لا يجب لإطلاق الأمر (2) من غير أمر بالغسل.
[197]
درس
القسم الثاني كل آلة محددة قتل بها الممتنع فإنه تحل مع التسمية، كالسهم
والسيف والرمح والمعراض إذا خرق اللحم، وكذا السهم المحدد وإن لم يكن فيه
نصل.
ولو أصابا معترضين لم يحل، بخلاف ما فيه الحديد، وظاهر سلار (3) تحريم
الصيد (4) بهذه الآلات غير الكلب ما لم يذك، وهو نادر.
ولا يحل ما قتله المثقل كالحجر والبندق والخشبة غير المحدودة، وفي تحريم
الرمي بقوس البندق قول للمفيد رحمه الله (5)، وقطع الفاضل (6) بجوازه وإن حرم
ما قتله، وكذا قيل: يحرم أن يرمي (7) الصيد بما هو أكبر منه، والكراهية أقوى.
وشرائط الحل به تسعة:
الأول (8): كون الآلة محددة تخرق أو فيها حديد.
الثاني: القصد إلى الإصابة بها، فلو وقع السهم من يده فجرح الصيد فقتله

(1) الخلاف: ج 3 كتاب الصيد والذباحة ص 245.
(2) سورة المائدة: 3.
(3) لم نعثر عليه.
(4) في " م " و " ز ": المصيد.
(5) المقنعة: ص 578.
(6) المختلف: ج 2 ص 676 وص 208.
(7) في باقي النسخ: يحرم رمي.
(8) في " م " غير موجودة هذه الكلمة.
397

لم يحل، ولو وقع الانقطاع الوتر بعد القصد حل، ولو نصب منجلا في شبكة أو
سكينا في بئر فقتل لم يحل، لعدم تحقق القصد.
الثالث: قصد جنس الصيد، فلو قصد الرمي لا للصيد فقتل لم يحل. وكذا
لو قصد خنزيرا فأصاب ظبيا لم يحل، وكذا لو ظنه خنزيرا فبان ظبيا.
ولا يشترط قصد عين الصيد، فلو عين فأخطأ فقتل صيدا آخر حل، ولو
قصد محللا ومحرما حلل المحلل، ولو قصد أحد الرامين دون الآخر فاشتركا لم
يحل، إلا أن يكون القاتل سهم القاصد.
الرابع: التسمية حال الإرسال، فلو سمى بعده قبل الإصابة حل، ولو
تركها عمدا أو سهوا فكما مر. وصورتها ما سبق.
ويشترط كونها من المرسل، فلو سمى غيره لم يحل، ولو أرسلا فسمى
أحدهما واشتركا لم يحل.
الخامس: كون المرسل أهلا للتذكية كما سلف.
السادس: موته بالجرح، فلو مات بغيره أو به وبغيره لم يحل.
السابع: أن لا يغيب عنه وفيه حياة مستقرة كما مر. وكذا لو وقع من جبل
أو في ماء، وقال الصدوقان (1): يحل إن كان رأسه خارجا من الماء وصوبه
الفاضل (2)، لأنه أمارة على قتله بالسهم.
الثامن: أن لا يدركه وفيه حياة مستقرة، فلو أدركه كذلك وجبت التذكية.
ويجب الإسراع حال الإصابة بالسهم أو الكلب ليدرك ذكاته، فإن
أدركها فعل وإلا حل.
التاسع: امتناع المقتول وإن كان إنسيا، وكذا لو تردى في بئر فتعذر ذبحه أو

(1) الفقيه: ج 3 ص 320، والمقنع في ضمن الجوامع الفقهية ص 34، والمختلف: ج 2 ص 690.
(2) المختلف: ج 2 ص 690.
398

نحره كفى عقره بما يقتل. ولو رمى غير الممتنع لم يحل إلا مع التذكية، ولو رماهما
حل الممتنع خاصة.
ولا يشترط اتحاد الرامي، فلو رماه جماعة بالشرائط فقتلوه حل وكان بينهم.
ولا عدم مشاركة الريح أو الأرض، فلو أمالته الريح ولولاها لم يصب، أو
وقع على الأرض فوثب فأصاب بوثوبه حل.
ولا يضر قطعه بنصفين فيحلان وإن تحرك أحدهما أو تحركا، أو لم يتحركا
إذا لم يكن في المتحرك حياة مستقرة، فإن كان فيه حياة مستقرة ذكي وحرم
الباقي.
ولا فرق بين التساوي في الشقين وعدمه، وفي المبسوط (1) والخلاف (2) إن
تساويا حلا، وإن تفاوتا حل ما فيه الرأس خاصة إذا كان هو الأكبر، وفي
النهاية (3) يحل ما تحرك من النصفين ويحرم الآخر، وقال ابن حمزة (4): يحل إذا
كانا سواء وخرج الدم، ويحل الأكبر إذا كان معه الرأس، وإن تحرك أحدهما
حل المتحرك.
ولو تقاطعت الكلاب الصيد قبل إدراكه حل.
ولو توزع جماعة صيدا بضربهم جميعا حل، إلا أن يعلم أن أحدهم أزهق
نفسه بعد إثباته واستقرار حياته.
[198]
درس
يكره صيد الطير والوحش ليلا، وأخذ الفراخ من أعشاشها وصيد السمك

(1) المبسوط: ج 6 ص 261.
(2) الخلاف: ج 3 ص 247.
(3) النهاية: ص 581.
(4) الوسيلة: ص 357.
399

يوم الجمعة قبل الصلاة.
ويحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة، ولا يحرم المصيد. ويملكه الصائد وعليه
الأجرة، سواء كانت الآلة كلبا أو سلاحا.
ويملك المصيد بإثباته وإن لم يقبضه، ويقبضه بيده أو بالآلة (1) كالحبالة
والشبكة، فلو أفلت بعد إثباته أو بعد قبضه باليد أو الآلة فأخذه آخر لم يملكه.
ولو أطلقه من يده ونوى قطع ملكه عنه لم يخرج عن ملكه، وقيل: يخرج
كما لو رمى الحقير مهملا له. ولمانع أن يمنع خروج الحقير عن ملكه وإن كان
ذلك إباحة لتناول غيره، وفي الصيد كذلك إذا تحقق الإعراض.
ولا يملك الصيد بتوحله في أرضه أو تعشيشه في داره، ولا بوثوب السمكة
إلى سفينته ودخول الصيد إلى منزله. نعم يصير أولى به، فلو تخطى الغير إليه فعل
حراما، وإن أخذه قال الشيخ (2) وجماعة: يملكه الآخذ.
والمعتبر في الآلة بالعادة، فلو اتخذ موحلة أو قصد ببناء داره احتباس الصيد
أو تعشيشه، أو بالسفينة وثوب السمك ففي التملك وجهان، من انتفاء الاعتياد،
وكونه في معناه مع القصد، وهو قوي.
وكل صيد عليه أثر الملك كقص الجناح لا يملكه الصائد، ولو امتزج
المملوك بغيره حل الاصطياد مع عدم الحصر، لمشقة الاجتناب.
ولو ظهر للصيد مالك وجب دفعه إليه. ولو انتقلت الطيور من برج إلى
آخر لم تخرج عن الملك. وكذا لو توحشت هي أو الظباء وشبهها.
ولو اختلط الحمام المملوك وتعذر الامتياز وتداعوه قضى فيه بما سلف في
القضاء، ولو لم يتداعوه قضى بالصلح، ولو باعوه من (3) أجنبي واتفقوا على

(1) في " م " و " ق ": بآلته.
(2) المبسوط: ج 6 ص 270.
(3) في " م " و " ز ": من.
400

توزيع الثمن صح البيع، وإلا فلا.
وهنا مسائل أربع:
الأولى (1): لو رمى اثنان صيدا فعقراه ثم وجد ميتا فإن صادفا مذبحه حل،
وكذا إن رمياه معا، وإن تعاقبا ولم يصادفا مذبحه حرم، لجواز قتل الثاني له بعد
إثباته، إلا أن يعلم أن جرح الأول منهما صيره في حكم الميت، أو أن (2) جرح
الثاني منهما كان قبل الإثبات فيحل، ويكون ملكا للأول في الصورة الأولى
وللثاني في الثانية، ولا ضمان على الأول فيما أفسده.
الثانية: لو أثبتنا الصيد دفعة فهو لهما، وإن أثبته أحدهما اختص به. ولو
جهل المثبت منهما أقرع، ويحتمل الشركة.
ولو ترتب الجرحان وحصل الإثبات بهما، أو كسر أحدهما جناحه والآخر
رجله، وكان يمتنع بطيرانه وعدوه فهو للثاني، وقيل: بينهما.
الثالثة: إنما يتحقق الإثبات إذا صيره بحيث يسهل تناوله، فلو أصابه
فأمكنه التحامل طيرانا أو عدوا بحيث لا يقدر عليه إلا بالإسراع المفرط لم يملكه.
الرابعة: لو رمى صيدا فأثبته وصيره في حكم الميت ثم رماه الثاني فعليه
أرش ما أفسده، ولو أثبته الأول وبقيت حياته مستقرة فذكاه الثاني فهو للأول،
ويضمن الثاني إرشه إن فرض نقص، وإن وجاه لا بالذكاة حرم.
ويضمن (3) كمال قيمته حال رميه، إلا أن يكون لميتته قيمة فيضمن
الأرش، وإن جرحه ولم يوجه فأدركه الأول وتمكن من ذكاته حل وعلى الجاني
الأرش، وإن لم يتمكن من ذكاته فهو كما لو وجاه الثاني، ولو تمكن الأول من
ذكاته وتركه حتى مات بالجرحين فعلى الثاني نصف قيمته معيبا بالجرح الأول.

(1) في باقي النسخ غير موجودة هذه الكلمة.
(2) في " م " و " ق ": وأن.
(3) في باقي النسخ: وضمن.
401

[199]
درس
لو جنى على صيد مملوك لغيره يساوي عشرة دراهم أو على دابته فصارت
إلى تسعة، ثم جنى آخر فصارت إلى ثمانية ثم هلك بهما ففيه سبعة أوجه:
الأول: تساويهما في الضمان لتساويهما في الأرش والسراية، ويشكل بعدم
دخول الأرش في ضمان النفس. ويجاب بأن ذلك في الآدمي، لأنه لا ينقص
بدله بإتلاف بعضه.
الثاني: وجوب خمسة على الأول وأربعة ونصف على الثاني اعتبارا بنصف
القيمة يوم الجناية وبدخول الأرش في ضمان النفس، ويشكل بحصر إتلافه
فيهما مع عدم كمال قيمته.
الثالث: وجوب خمسة ونصف على الأول وأربعة ونصف على الثاني، بناء
على دخول أرش جناية الثاني في النفس لمشاركة غيره، بخلاف الأول، فحينئذ
أما أن يقال: بعدم دخول أرش الأول لانفراده بالجناية فعليه درهم، مضافا إلى
نصف قيمته يوم جناية الثاني، أو يقال: بدخول نصف إرشه تبعا لضمان
نصف القيمة، ويبقى عليه نصف الأرش، مضافا إلى ضمان نصف القيمة يوم
جنايته، ومال إليه المحقق (1).
ويشكل بانفراد الثاني بإتلاف ما يساوي درهما فلم يشاركا إلا في ثمانية،
فإن قلنا: لا يدخل أرش الأول فعليه خمسة، وإن قلنا: بدخول نصفه تبعا
لضمان النصف لزم في الثاني مثله.
الرابع: وجوب خمسة ونصف على الأول - لما ذكرناه - وخمسة على الثاني،
بناء على عدم دخول إرشه، ويشكل بزيادة القيمة.

(1) الشرائع: ج 3 ص 212.
402

الخامس: وجوب ما ذكرناه ويرجع الأول على الثاني بنصف، لأنه جنى
على ما دخل في ضمانه، وحينئذ يأخذ المالك من الثاني أربعة ونصفا، فإن (1)
أخذ من الثاني خمسة فليس له على الأول إلا خمسة، وهذا كالوجه الأول إلا في
التراجع.
السادس: وجوب ما ذكرناه ولا تراجع، بل يقسم العشرة على عشرة
ونصف، فتضرب ما على الأول وهو خمسة ونصف في عشرة يكون خمسة
وخمسين، فيأخذ من كل عشرة ونصف واحدا
فعليه خمسة وسبع وثلثا سبع،
وتضرب ما على الثاني وهو خمسة في عشرة يكون خمسين، فعليه (2) أربعة وخمسة
أسباع وثلث سبع وذلك قيمة الحيوان، وهذه الأوجه الثلاثة مبناها واحد،
لكن لما وجد في الوجه الأول منها زيادة، ولم يمكن القول بها وجب إسقاطها
إما بالتراجع أو بالبسط، ولم أر أحدا عدا الأول وجها بغير تراجع ولا بسط غير
المحقق (3)، ولعله أراد به أحد الأمرين، لظهور بطلانه بدونهما.
السابع: وجوب خمسة وخمسة أجزاء ونصف من تسعة عشر جزء من درهم
على الأول، ووجوب أربعة دراهم وأربعة أجزاء ونصف من تسعة عشر جزء من
درهم على الثاني، بناء على دخول الأرش فيهما، وعلى أنه يمتنع التضييع على
المالك، وهذا إصلاح الوجه الثاني لظهور فساده، كما أن ذينك الوجهين
إصلاح ما قبلهما، والفائت نصف درهم فوجب بسطه على قدر الواجب.
وطريقه أن يفرض كل منهما كأنه انفرد بقتله فيجب عليه كمال قيمته يوم
جنايته، فتضم إحدى القيمتين إلى الأخرى فتكون تسعة عشر، فعلى الأول عشرة
من التسعة عشر وعلى الثاني تسعة من التسعة عشر.

(1) في " م " و " ز ": وإن.
(2) في " ق ": فيكون عليه.
(3) الشرائع: ج 3 ص 212.
403

وإيضاحه بضرب العشرة في تسعة عشر يكون مائة وتسعين، فالمائة على فالمائة على
الأول والتسعون على الثاني، فتأخذ من كل تسعة عشر واحدا فيحصل
ما ذكرناه.
فرع: لو كانت إحدى الجنايتين من المالك وجب على الأجنبي ما ذكر، سواء
كان الأول أو الثاني. واحتمل المحقق (1) فيما إذا كان جناية الأول على مباح
فأثبته، ونقصه درهما من العشرة إن يلزم الثاني كمال قيمته معيبا، لأن
الضمان توجه عليه، بخلاف الأول لكونه جنى على مباح، وأجاب عنه بأنه مع
إهماله التذكية جرى مجرى المشارك بجنايته.
وهذا الاحتمال لو صح لم يشترط فيه كون الصيد مباحا، فإن جناية المالك
على ماله غير مضمونة أيضا، وقدرة المالك على التذكية قد لا يتحقق فلا ينتظم
هذا الوجه مستقلا، بل بقيد القدرة على التذكية على أنه يمكن مع القدرة،
والاهمال أن لا يجب على الثاني سوى أرش جنايته، لأن المالك متلف ماله بعدم
التذكية. وقد حررنا هذه المسألة في شرح الإرشاد (2).

(1) الشرائع: ج 3 ص 212.
(2) لا يوجد لدينا هذا الكتاب.
404

كتاب التذكية
405

كتاب التذكية
وهي تحصل بأمور ستة:
الأول والثاني: تذكية الكلب والسلاح وقد سبقا.
الثالث: ذكاة الجنين، وهي ذكاة أمه إذا تمت خلقته، سواء ولجته الروح
أم لا. ولو خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية.
ولو ضاق الزمان عنها فإن لم تكن فيه حياة مستقرة حل، وإلا ففي الحل
وجهان: من إطلاق الأصحاب وجوب التذكية إذا خرج حيا، ومن أنه مع
قصور الزمان في حكم غير مستقر الحياة.
ولو لم تتم خلقته فهو حرام. ومن تمام الخلقة الشعر والوبر، وقال الشيخ (1)
وجماعة: يشترط في حله مع تمام خلقته أن لا تلجه الروح، فإن ولجته وجب
تذكيته، والروايات (2) مطلقه، والفرض بعيد.
الرابع: ذكاة السمك وهي إخراجه من الماء حيا.
ولا يعتبر فيه التسمية، ولا إسلام المخرج. نعم يعتبر مشاهدة مسلم لإخراجه
حيا، فلو وجد في يد كافر لم يحل بدون ذلك وإن أخبر بإخراجه حيا، وقال

(1) النهاية: ص 584.
(2) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 269.
407

السيد ابن زهرة (1): الاحتياط تحريم ما أخرجه الكافر مطلقا، وهو ظاهر المفيد رحمه الله (2)، ونقل ابن إدريس (3) الإجماع على عدم اشتراط الإسلام، وقضية
كلام الشيخ في الاستبصار (4) الحل إذا أخذه منه المسلم حيا، وهو يشعر بما قاله
ابن زهرة.
ولو مات السمك في الماء لم يحل.
ولو ضربه بمحدد أو مثقل (5) ثم أخرجه، فإن كان مستقر الحياة حل، وإلا
فلا.
ولو مات (6) في الشبكة التي في الماء حرم.
ولو اشتبه الحي فيها بالميت حل الجميع عند الحسن (7) والشيخ (8)
والقاضي (9) والمحقق (10)، لصحيح الأخبار (11)، وحرم عند ابن حمزة (12) وابن
إدريس (13) والفاضل (14)، لوجوب اجتناب الميت الموقوف على اجتناب

(1) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 556.
(2) المقنعة: ص 577.
(3) السرائر: ج 3 ص 88.
(4) الاستبصار: ج 4 ص 64.
(5) في باقي النسخ: بمثقل.
(6) في " ق ": ولو تلف:
(7) المختلف: ص 674.
(8) النهاية: ص 578.
(9) المهذب: ج 2 ص 438.
(10) الشرائع: ص 265.
(11) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب الذبائح ج 16 ص 303.
(12) الوسيلة: ص 355.
(13) السرائر: ج 3 ص 90.
(14) المختلف: ج 2 ص 674.
408

الجميع، ولإطلاق قول الصادق (1) عليه السلام: ما مات في الماء فلا تأكله فإنه
مات فيما فيه حياته.
وفي الأخبار (2) الصحاح التعليل بأن الشبكة والحضيرة لما عملت
للاصطياد جرى مجرى المقبوض باليد، وقضيتها حله ولو تميز الميت وبه أفتى
الحسن (3)، والباقون حرموا ما تميز ميتا جمعا بين الروايات.
وإذا وجد في يد مسلم سمك ميت حل أكله وإن لم يخبر بحاله، عدلا كان
أو فاسقا.
ولو وثب السمك إلى الجدد أو نضب عنه الماء أو نبذه إلى الساحل فأخذه
بيده أو آلته حيا حل، وإن أدركه بنظره حيا ولم يقبضه فالأقرب التحريم. ولو
عاد السمك بعد إخراجه حيا إلى الماء فمات فيه حرم.
ولو قطع منه قطعة بعد خروجه فهي حلال وإن عاد الباقي إلى الماء، سواء
مات فيه أم لا.
ويباح أكله حيا لصدق الذكاة، وقيل: لا يباح أكله حتى يموت كباقي
ما يذكى.
الخامس: ذكاة الجراد وهي بأخذه حيا باليد أو بالآلة.
ولا يشترط فيه التسمية، ولا إسلام الآخذ إذا شاهده مسلم، وقول ابن
زهرة (4) هنا كقوله في السمك.
ولو أحرقه بالنار قبل أخذه لم يحل. وكذا لو مات في الصحراء أو في الماء
قبل أخذه وإن أدركه بنظره.

(1) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 303.
(2) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب الذبائح ج 16 ص 303.
(3) المختلف: ج 2 ص 674.
(4) الغنية: (ضمن الجوامع الفقهية): ص 556.
409

ويباح أكله حيا وبما فيه، وإنما يحل منه ما استقل بالطيران دون الدبا.
[200]
درس
السادس: التذكية بالذبح. ويشترط فيها أمور عشرة:
أحدها: كون الحيوان مما تقع عليه الذكاة، سواء أكل لحمه أم لا، بمعنى
أنه يكون بعد الذبح طاهرا، فيقع على المأكول اللحم فيفيد حل أكله، وطهارته
وطهارة جلده، وعلى السباع كالأسد والنمر والفهد والثعلب فيفيد طهارة لحمها
وجلدها. وفي الاحتياج إلى دبغه في استعماله قول مشهور.
وأما المسوخ فالأقوى وقوع الذكاة عليها، كالدب والقرد والفيل. ولا يقع
على الحشرات كالفأر (1) وابن عرس والضب على قول، ولا على الكلب
والخنزير إجماعا، ولا على الآدمي وإن كان كافرا إجماعا.
وثانيها: أهلية الذابح بالإسلام أو حكمه، فلا تحل ذبيحة الوثني سمعت
تسميته أو لا. وفي الذمي قولان أقربهما التحريم، وهو اختيار المعظم، وقد تقدم
خلاف الصدوق (2) والحسن (3)، وظاهر ابن الجنيد (4) الحل، وجعل التجنب
أحوط، وبالحل أخبار (5) صحاح معارضة بمثلها (6)، وتحمل على التقية أو
الضرورة.
وتحرم ذبيحة الناصب (7) والخارجي دون غيره على الأصح، لقول أمير

(1) في " م " و " ز ": كالفار.
(2) المقنع: (الجوامع الفقهية) ص 35.
(3) المختلف: ج 2 ص 679.
(4) نفس المصدر السابق.
(5) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب الذبائح ج 16 ص 282.
(6) المصدر السابق.
(7) في " م " و " ز ": الناصبي.
410

المؤمنين عليه السلام (1) من دان بكلمة الإسلام وصام وصلى فذبيحته لكم
حلال إذا ذكر اسم الله عليه، ويعلم منه تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه.
وهل يشترط مع الذكر اعتقاد الوجوب؟ الأقرب لا، وشرطه الفاضل (2)،
وقصر ابن إدريس (3) الحل على المؤمن والمستضعف الذي لا منا ولا من مخالفينا.
ومنع الحلبي (4) من ذبيحة جاحد النص.
ومنع ابن البراج (5) من ذبيحة غير أهل الحق، لقول أبي الحسن
عليه السلام (6) لزكريا بن آدم إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف
الذي أنت عليه وأصحابك، إلا في وقت الضرورة إليه، وتحمل على الكراهية.
ولا تحل ذبيحة المجنون حال المباشرة، ولا السكران، ولا الصبي غير المميز.
وتحل ذبيحة المميز والمرأة والخصي والخنثى والجنب والحائض والأغلف
والأخرس والأعمى إذا سدد، لما روي (7) عنهما عليه السلام، وولد الزنا على
الأقرب، وما يذبحه المسلم لكنائس أهل (8) الذمة وأعيادهم. ولو اشترك في
الذبح الأهل وغيره لم يحل.
وثالثها: فري الأعضاء بالحديد مع القدرة، فلو فري بغيره عند الضرورة
حل، كالليطة والمروة والزجاجة. ولو عدم ذلك جاز بالسن والظفر على الأقرب

(1) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 292.
(2) المختلف: ج 2 ص 679.
(3) السرائر: ج 3 ص 106.
(4) الكافي في الفقه: ص 277.
(5) المختلف: ج 2 ص 680.
(6) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب الذبائح ح 5 ج 16 ص 292.
(7) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الذبائح ح 3 ج 16 ص 278.
(8) في " م " و " ز " غير موجودة هذه الكلمة.
411

متصلين كانا أو منفصلين ومنع الشيخ منهما في المبسوط (1) والخلاف (2) وإن
كان منفصلين مستدلا بالإجماع، والظاهر أنه مع (3) الاختيار، لأنه جوز مثل
ذلك في التهذيب (4) عند الضرورة.
ورابعها: قطع الأعضاء الأربعة في المذبوحة، وهي المرئ مجرى الطعام
والشراب، والحلقوم مجرى النفس، والودجان وهما العرقان المحيطان بالحلقوم.
فلو قطع البعض لم يحل وإن بقي يسير، وكلام الشيخ في الخلاف (5) يظهر منه
الاجتزاء بقطع الحلقوم، ومال إليه الفاضل (6) بعض الميل، لصحيحة زيد
الشحام (7) عن الصادق عليه السلام إذا قطع الحلقوم وجرى الدم فلا بأس،
ولكنها في سياق الضرورة المجوزة للذبح بغير الحديد، وهي معارضة بحسنة
عبد الرحمان بن الحجاج (8) عن الكاظم عليه السلام إذا فري الأوداج فلا بأس،
ذكره أيضا عند عدم السكين.
وخامسها: نحر الإبل وذبح ما عداها، فلو ذبح الإبل أو نحر ما عداها مختارا حرم.
ومحل النحر وهدة اللبة، والذبح في الحلق تحت اللحيين. قيل: ولو
استدرك الذبح بعد النحر أو العكس حل، ويشكل بعدم استقرار الحياة.
وسادسها: استقبال القبلة بالذبح والنحر مع الإمكان، فلو تركه عمدا

(1) المبسوط: ج 6 ص 263.
(2) الخلاف: ج 3 ص 249.
(3) في " م " و " ز ": أنه أراد به مع.
(4) التهذيب: ج 9 ص 51 و 52.
(5) الخلاف: ج 3 ص 249.
(6) المختلف: ج 2 ص 673.
(7) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب الذبائح ح 3 ج 16 ص 254.
(8) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 253.
412

حرم، ولو كان ناسيا أو مضطرا أو لم يعلم الجهة حل. والمعتبر استقبال المذبوح
والمنحور لا الفاعل في ظاهر كلام الأصحاب.
وسابعها: التسمية عند النحر والذبح كما سلف، فلو تركها عمدا فهو ميتة
إذا كان معتقدا لوجوبها، وفي غير المعتقد نظر، وظاهر الأصحاب التحريم.
ولكنه يشكل بحكمهم بحل ذبيحة المخالف على الإطلاق ما لم يكن ناصبيا،
ولا ريب أن بعضهم لا يعتقد وجوبها وتحل الذبيحة وإن تركها عمدا. ولو سمى
غير المعتقد للوجوب فالظاهر الحل، ويحتمل عدمه، لأنه كغير القاصد للتسمية.
ومن ثم لم تحل ذبيحة المجنون والسكران وغير المميز، لعدم تحقق القصد إلى
التسمية أو إلى قطع الأعضاء.
ولو قال بسم الله ومحمد حرمت. وكذا لو قال ومحمد رسول الله بكسر
الدال، ولو رفعه حلت.
[201]
درس
وثامنها: متابعة الذبح حتى يقطع الأعضاء، فلو قطع البعض وأرسله ثم
تممه فإن كان في الحياة استقرار أو قصر الزمان حل، وإلا فالأقرب التحريم،
لأن الأول غير محلل والثاني يجري مجرى ذبح الميت، ووجه الحل استناد التوجيه
إلى التذكية.
وتاسعها: أن يستند موته إلى الذكاة، فلو شرع في الذبح فانتزع آخر حشوته
معا فميتة. وكذا كل فعل لا تستقر معه الحياة.
وعاشرها: الحركة بعد الذبح أو النحر أو خروج الدم المعتدل لا المتثاقل،
فلو انتفيا حرم، لصحيحة محمد الحلبي (1) عن الصادق عليه السلام إذا تحرك

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الذبائح ح 3 ج 16 ص 263.
413

الذنب أو الطرف أو الأذن فهو ذكي.
ورواية الحسين بن مسلم (1) عنه عليه السلام إذا خرج الدم معتدلا فكلوا
وإن خرج متثاقلا فلا، واعتبر جماعة من الأصحاب الحركة وخروج الدم،
واعتبر الصدوق (2) الحركة وحدها.
فرع: لو ذبح المشرف على الموت، كالنطيحة والموقوذة والمتردية وأكيل السبع وما
ذبح من قفاه اعتبر في حله استقرار الحياة، فلو علم موته قطعا في الحال حرم عند
جماعة، ولو علم بقاء الحياة فهو حلال.
ولو اشتبه اعتبر بالحركة أو خروج الدم، وظاهر الأخبار (3) والقدماء أن
خروج الدم والحركة أو أحدهما كاف ولو لم يكن فيه حياة مستقرة، وفي والآية
إيماء إليه وهي قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم - إلى قوله: - إلا
ما ذكيتم " (4).
ففي صحيحة زرارة (5) عن الباقر عليه السلام في تفسيرها إن أدركت شيئا
منها وعينه تطرف أو قائمة تركض أو ذنب يمصع فقد أدركت ذكاته فكله.
وروى أبان بن تغلب (6) عن الصادق عليه السلام إذا شككت في حياة
شاة ورأيتها تطرف عينها أو تحرك أذنيها أو تمصع بذنبها فاذبحها فإنها لك،

(1) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الذبائح ح 2 ج 16 ص 264.
(2) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 34.
(3) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الذبائح ج 16 ص 262.
(4) سورة المائدة: 3.
(5) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 262.
(6) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الذبائح ح 5 ج 16 ص 263.
414

وعن الشيخ يحيى (1) إن اعتبار استقرار الحياة ليس من المذهب، ونعم ما قال.
ويستحب في الغنم ربط يديه ورجل وإطلاق الأخرى، والإمساك على
صوفه أو شعره حتى يبرد، وفي البقر عقل يديه ورجليه وإطلاق ذنبه، وفي الإبل
إطلاق رجليه وربط إخفافه إلى إباطه، وفي الطير إرساله.
ويستحب الإسراع في الذبح وتحديد الآلة. ويجوز الاشتراك فيه معا، أو
على التعاقب ما لم يطل الفصل.
ويحرم إبانة الرأس عمدا. وقطع النخاع - مثلث النون - قبل موتها، وهو
الخيط الأبيض وسط الفقار - بالفتح - ممتدا من الرقبة إلى عجب الذنب - بفتح
العين وسكون الجيم - وهو أصله وكسر الرقبة، لتوخي الموت، ولا يحرم المذبوح
بذلك، خلافا للنهاية (2) وابن زهرة (3) في قطع الرأس والنخع.
ولو سبقت السكين فأبانت الرأس أو فعل ذلك ناسيا فلا تحريم. وكذا
يحرم سلخها قبل بردها، وحرمها به الشيخ (4) وأتباعه، وأنكره ابن إدريس (5)،
والرواية (6) به عن الرضا عليه السلام مقطوعة، وتحمل على الكراهية.
وفي حكم سلخها قطع شئ منها، وكرهها المحقق (7)، وقال والحلبي: (8) لو
قطع منها شئ قبل بردها فهو ميتة، وفيه بعد.

(1) لم نعثر على كلام صريح يدل على ذلك سوى ما في الجامع للشرائع كتاب المباحات ص 381 هذا عين
عبارته وأدنى ما يلحق به الذكاة أن يجده يطرف عينه أو يركض رجله.
(2) النهاية: ص 584.
(3) الغنية في ضمن الجوامع الفقهية: ص 556.
(4) النهاية: ص 584.
(5) السرائر: ج 3 ص 110.
(6) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 258.
(7) الشرائع: ص 264.
(8) الكافي في الفقه: ص 277.
415

وفي النهاية (1) لا يجوز قلب السكين فيذبح إلى فوق، لرواية حمران بن
أعين (2) عن الصادق عليه السلام لا تقلب السكين لتدخلها تحت الحلقوم
وتقطعه إلى فوق، وقال ابن إدريس: (3) لا يحرم، وكرهه المحقق (4).
وقال الشيخ: (5) لا يجوز ذبح شئ من الحيوان صبرا، وهو أن يذبحه
وحيوان آخر ينظر إليه، لرواية غياث (6) عنه عليه السلام أن عليا عليه السلام
كان لا يذبح الشاة عند الشاة، ولا الجزور عند الجزور، وتحمل على الكراهية.
وتكره الذباحة ليلا إلا لضرورة، ويوم الجمعة قبل الزوال.
ولو أفلت الحيوان قبل تمام التذكية وتعذر إمساكه كالطير جاز رميه
بالسلاح.
ويحل أكل ما يباع في سوق الإسلام من اللحم وإن جهلت حاله، ولا يجب
السؤال، بل ولا يستحب وإن كان البائع غير معتقد للحق، ولو علم منه
استحلال ذبائح الكتابين على الأصح.
ولو وجد ذبيحة مطروحة لم يحل تناولها، إلا مع العلم بأن مباشرها أهل أو
قرينة الحال.

(1) النهاية: ص 584.
(2) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الذبائح ح 2 ج 16 ص 255.
(3) السرائر: ص 109.
(4) الشرائع: ص 265.
(5) النهاية: ص 584.
(6) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 258.
416