الكتاب: الدر المنضود
المؤلف: ابن طي الفقعاني
الجزء:
الوفاة: ٨٥٥
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: تحقيق وتعليق : محمد بركت
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٨
المطبعة: أمير - قم
الناشر: مكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية - شيراز
ردمك:
ملاحظات:

الدر المنضود
في معرفة صيغ النيات والإيقاعات والعقود
تأليف
زين الدين علي بن علي بن محمد بن طي
الفقعاني (855 ه‍ ق)
تحقيق وتعليق
محمد بركت
منشورات
مكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية بشيراز
تعريف الكتاب 1

الكتاب: الدر المنضود في صيغ النيات والإيقاعات والعقود.
المؤلف: زين الدين أبو القاسم علي بن علي بن محمد بن طي العاملي الفقعاني.
تحقيق: محمد بركت.
التنضيد والإخراج: السيد علي الحسيني.
الناشر: مكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية - شيراز.
الطبعة: الأولى / 1418 ه‍. ق.
المطبعة: مطبعة أمير - قم
عدد النسخ: 2000 نسخة.
السعر:
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنطق ألسنتنا بحمده، وألهم قلوبنا شكر رفده، وأطلق
جوارحنا للقيام بورده، والصلاة على محمد نبيه وعبده وآله وعترته وجنده
صلاة دائمة بدوام مجده، والسلام على مولانا الحجة بن الحسن العسكري -
عجل الله تعالى فرجه - واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
أما بعد، فإن علم الفقه لا يخفى شرفه وسموه لعموم
حاجة المكلفين إليه، وإقبال الخلائق عليه، وقد صنف علماء الأصحاب - أعلى
الله مقامهم - فيه الكثير مستخرجا من معدنه المتصل بأصحاب آية التطهير،
قصدا لعظيم الثواب في الآجل وجسيم الثناء في العاجل، ولما كانت أدلة
الاستدلال الأحكام في علم الفقه متنوعة والموضوعات فيه مختلفة، كانت
التصانيف في هذا العلم بأساليب متعددة، فمنها: ما جاء بأسلوب أجوبة
المسائل، ومنها ما جمعت فيه القواعد الفقهية، وبعضها الآخر تضمن تفسير
آيات الأحكام،
وغير ذلك...
مقدمة المحقق 3

وقد تجد في بين تلك المصنفات كتب صنفت لمعرفة صيغ النيات
والإيقاعات والعقود، وهي كثيرة نذكر جملة منها:
1 - الفخرية في معرفة النية، لفخر المحققين محمد بن الحسن بن المطهر
الحلي (المتوفى سنة 771).
2 - اللمعة الجلية في معرفة النية، لجمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد
بن فهد الحلي (المتوفى سنة 841).
3 - رسالة في نيات الحج، لجمال الدين أحمد بن فهد الحلي.
4 - رسالة في نيات العبادات، لجمال الدين أحمد بن فهد الحلي.
5 - جواهر الكلمات، لمفلح بن حسن بن راشد الصيمري (القرن
التاسع).
6 - النبذة العقودية في صيغ النكاحية، لمفلح بن حسن بن راشد
الصميري.
7 - الإيقاظات في العقود والإيقاعات، لنصير الدين حسين بن مفلح بن
حسن بن راشد الصميري (المتوفى سنة 933).
8 - جواهر الكلمات، لعطاء الله بن مسيح الدين الرستمداري (القرن
العاشر).
9 - صيغ العقود والإيقاعات، لنور الدين علي بن حسين بن عبد العالي،
المحقق الكركي (المتوفى سنة 940)
10 - رسالة في النية، لإبراهيم بن سليمان القطيفي (القرن العاشر)
11 - صيغ العقود والإيقاعات، لعلي بن أحمد بن هلال بن المنشار
العاملي (القرن العاشر).
مقدمة المحقق 4

12 - رسالة في النية، لزين الدين بن علي بن أحمد العاملي، الشهيد
الثاني (الشهيد سنة 965).
13 - صيغ العقود، للشهيد الثاني.
14 - نيات الحج والعمرة، للشهيد الثاني.
15 - رسالة في النية، للسيد حسين بن حسن الحسيني الكركي (المتوفى
سنة 1001).
16 - رسالة النيات وصيغ العقود والإيقاعات، للسيد حسين بن حسن الحسيني الكركي.
17 - صيغ النكاح، لمحمد علي بن محمد باقر البهبهاني (المتوفى سنة 1216).
18 - صيغ العقود والإيقاعات، لمحمد جعفر بن سيف الدين
الشريعتمدار الأسترآبادي (المتوفى سنة 1263).
19 - صيغ النكاح، له أيضا.
20 - صيغ العقود والإيقاعات، للسيد عبد الفتاح بن علي الحسيني
المراغي.
21 - الدر المنضود، لعبد الله بن محمد حسن المامقاني (المتوفى سنة
1351).
22 - رسالة في صيغ العقود، لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي (المتوفى
سنة 1110).
وهذا الكتاب الذي بين يديك هو من هذا الصنف، حيث
تعرض مؤلفه لبيان صيغ النيات والعقود والإيقاعات. وسنتعرض بإيجاز إلى
ترجمة المؤلف وسبب التحقيق والنسخ المعتمدة في التحقيق.
مقدمة المحقق 5

المؤلف (1):
هو الشيخ زين الدين أبو القاسم علي بن علي بن جمال الدين محمد بن
طي العاملي الفقعاني (2)، من أجلاء فقهاء بلاده، والمعاصر لجمال الدين أبي
العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلي، يروي عن شمس الدين محمد بن عبد الله
العريضي، ويروي عنه شمس الدين محمد بن محمد بن داود المؤذن الجزيني،
ويروي عنه - أيضا - ولده محمد بن علي بن علي بن محمد بن طي.
قال صاحب الرياض:
" الفاضل العالم الفقيه المجتهد الشاعر، المعروف ب‍: ابن طي، ويعرف ب‍: أبي القاسم
ابن طي أيضا، وهو صاحب كتاب مسائل ابن طي، والمعاصر لابن فهد الحلي،
وصاحب الأقوال المعروفة في الفقه " (3).
وقال أيضا:
" ثم إني قد رأيت في مجموعة بأردبيل بخط الشيخ محمد بن علي بن الحسن
الجباعي العاملي - وكان تلك المجموعة بخطوط الأفاضل - إن هذا الشيخ أبا القاسم
كان فاضلا عالما متفننا صاحب أدب وبحث وحسن خلق، ومات رحمه الله سنة
خمس وخمسين وثمانمائة - انتهى.

1 - جاء ذكر المؤلف في: أمل الآمل: ج 2 ص 190 - أعيان الشيعة: ج 2 ص 268 و ج 8
ص 294 - تكملة أمل الآمل: ص 308 - رياض العلماء: ج 4 ص 158 - الضياء اللامع في القرن
التاسع: ص 93 - فوائد الرضوية: ج 1 ص 314 - مجالس المؤمنين: ج 1 ص 580 - معجم
المؤلفين: ج 7 ص 156 - مقدمة تحقيق " المهذب البارع ": ج 1 ص 21 - نامه دانشوران: ج 1
ص 372 - هدية العارفين: ج 1 ص 733.
2 - نسبة إلى فقعيه - بفاء مفتوحة، فقاف ساكنة، فعين مهملة مفتوحة، فمثناة تحتية ساكنه،
فهاء - قرية في ساحل صور من جبل عامل.
3 - رياض العلماء: ج 4 ص 158.
مقدمة المحقق 6

وفي موضع آخر منها بخطه أيضا هكذا:
الشيخ الإمام العالم الفاضل أبو القاسم علي بن علي بن محمد بن طي أدام الله
ظلال جلاله وحرس عين الكمال عن ساحة عين كماله بمحمد خير الخلق وآله،
يمدح كتاب المهذب للشيخ الإمام العالم العامل الفاضل الفاصل بين الحق والباطل
جمال الدين ابن فهد رحمه الله ويرثيه أيضا - انتهى.
ثم ذكر خمسة عشر بيتا من أشعاره في مدح ذلك الكتاب ومرثية ابن فهد، ثم
كتب فيها بخطه أو بخط غيره من الأفاضل أنه توفي ابن طي قائل هذه الأشعار
المذكورة يوم الثلاثاء سابع جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثمانمائة - انتهى.
وقد رأيت بعض الفوائد والمسائل المنقولة عن أبي القاسم بن طي المذكور وهو
يدل على فضله وتدربه في علم الفقه " (1).
وصاحب مجالس المؤمنين (2) عده من تلاميذ ابن فهد الحلي وذكر
قصيدة منه في رثاء ابن فهد، ويتشوق فيها إلى رؤية ابن فهد ومصاحبته،
وذلك قبل تلمذه عليه وقبل رؤيته، وتبعه نامه دانشوران (3) وأعيان
الشيعة (4)، ويمكن أن تكون هذه القصيدة هي التي رآها صاحب الرياض.
القصيدة:
معاقرة الأوطان ذل وباطل * ولا سيما إن قارنتها الغوايل
فلا تسكنن دار الهوان ولا تكن * إلى العجز ميالا فما ساد مائل
فما العز إلا حيث أنت موقر * وما الفضل إلا حيثما أنت فاضل
وما الأهل إلا من رأى لك مثل ما * تراه وإلا فالمودة عاطل
إذا كنت لا تنفي عن النفس ضيمها * فأنت لعمري القاصر المتطاول
إذا ما رضيت الذل في غير منزل * فأنت الذي عن ذروة العز نازل

1 - رياض العلماء: ج 4 ص 159.
2 - مجالس المؤمنين: ج 1 ص 580.
3 - نامه دانشوران ناصري: ج 1 ص 372.
4 - أعيان الشيعة: ج 3 ص 148 و ج 8 ص 295.
مقدمة المحقق 7

يعز على ذي الفضل أن يستفزه * إلى حيث مدفوا لدنية جاهل
يرد عليه القول والقول قوله * وينكر منه فضله المتكامل
أرى زمنا ما كان في الكون مثله * ولا حدثت عنه القرون الأوائل
ألا إن هذا الدهر لم يسم عنده * من الناس إلا جافل العقل ذاهل
أخي شد سرج العزم من فوق سابح * يفوق الصبا عدوا على الشد كامل
وخل بلادا من وراك لمن ترى * بسفك الدما في أشهر الصوم كافل
وعرج على أرض العراق ميمما * إلى بلد فيها الهدى والأفاضل
أنخ بنواحي بابل بعراصها * وحي بها من للأفاضل فاضل
فتى طال طول الطائلين بطوله * على الحلة الفيحاء منه تحايل
جمال الورى رب الفوائد كاشف * الغوامض مما لم تطقه الأوائل
تفهد حتى قصر الليث دونه * فما هو فرد في الفرائد كامل
همام إذا ما اهتز للبحث واقف * مآربه فيما يروم المسائل
ترى حوله الطلاب ما بين مورد * لطائف أبحاث وآخر سائل
وسله إذا ما جئته دعواته * لذي وله عزت عليه الرسايل (1)
وكتب المؤلف القواعد والفوائد للشهيد عن نسخة الأصل، ثم قرأه
على شيخه حسن بن يوسف بن أحمد، الشهير ب‍: ابن العشرة، فكتب شيخه
إنهاء له تاريخه 18 ذي الحجة سنة 840.
قال في الضياء اللامع:
" ويوجد في النجف بخط صاحب الترجمة نسخة " القواعد والفوائد " للشهيد،
كتبها عن نسخة الأصل المسودة بخط المؤلف وفرغ من كتابتها عند طلوع الفجر

1 - مقدمة تحقيق " المهذب البارع ": ص 23 و 24
مقدمة المحقق 8

يوم السبت 21 ج 2 - 835، ثم قابله مع نسخة خط جمال الدين أحمد ابن النجار
تغمده الله برحمته في مجالس آخرها عشية الأحد 19 شعبان 835، وذكر أنه
كتب على نسخته جميع ما كان في نسخة ابن النجار من الفوائد والتصحيحات
والفتاوى حتى أنه كتب صورة الإنهاء الذي كان في آخر نسخة ابن النجار بخط
شمس الدين محمد العريضي، وكتب في الهامش: أنه عرض أيضا نسخته ثانيا على
نسخة خط ولد المصنف رضي الدين أبي طالب محمد، ثم قرأه على شيخه فكتب
شيخه في ذيل اسم الكاتب: [أنهاه أيده الله
تعالى بعنايته ووفقه للخير وملازمته
ورقاه في درجات السعادة وبلغه منازل السيادة بحق محمد وآله السادة قراءة وبحثا
وتحقيقا وتدقيقا فأفاد أزيد مما استفاد، أكمل الله مطالبه وبلغه في الدارين مآربه
ونفع به المؤمنين وكثر أمثاله في العالمين وذلك في نوب متعددة آخرها نهار 18
ذي الحجة... سنة 840... وكتب أضعف عباد الله... حسن بن يوسف بن
أحمد حامدا مصليا مستغفرا] " (1).
واحتمل صاحب الرياض أن يكون صاحب الترجمة من أسباط محمد بن
علي بن محمد بن طي، الذي ينقل السيد ابن طاوس في كتاب زوائد الفوائد
عن خطه بعض الأخبار (2).
قال في أعيان الشيعة:
وفي زاد المعاد للمجلسي نقلا عن كتاب زوائد الفوائد للسيد علي بن طاووس في
أعمال ربيع الأول أنه أورد حديثا في اتخاذ يوم التاسع منه يوم عيد وساق الحديث
بطوله إلى أن قال في آخره: قال صاحب زوائد الفوائد: كتبت هذا الحديث من
خط علي بن محمد بن طي (رحمه الله). والظاهر أنه صاحب الترجمة نسب إلى
جده كما يقع كثيرا، وفي ذلك دلالة على أنه معروف وبالفضل موصوف " (3).

1 - الضياء اللامع: ص 94.
2 - رياض العلماء: ج 4 ص 159.
3 - أعيان الشيعة ج 8 ص 295.
مقدمة المحقق 9

ولده:
للمؤلف ولد عالم فاضل فقيه اسمه محمد.
قال قي الضياء اللامع ص 128:
محمد بن أبي القاسم علي بن علي بن محمد بن طي الفقعاني العاملي. تلمذ على
والده الشهير بابن الطي صاحب المسائل المعروفة ب‍ (مسائل ابن طي)، قرأ عليه
(النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر) للفاضل المقداد، بعد ما كتبه
صاحب الترجمة بخطه وفرغ من الكتابة عند غروب الشمس يوم الثلاثاء 9 صفر
854 فكتب عليه والده بخطه ما صورته: [أنهاه الولد العزيز محمد وفقه الله لكل
خير، قراءة وبحثا وشرحا في مجالس آخرها سلخ جمادى الآخرة سنة 854 أحسن
الله عاقبته. كتب العبد
الفقير إلى الله علي بن علي بن محمد بن طي غفر الله له
ولوالديه وللمؤمنين. آمين] وكتب صاحب الترجمة بعد ذكر تاريخ فراغه واسمه
ونسبه، رباعيا ولعله لنفسه وهو:
يا ناظرا في الكتاب بعدي * وجانيا من ثمار جهدي
لي افتقار إلى دعاء * تهديه لي في ظلام لحدي
والنسخة في مكتبة الخوانساري ".
ولهذا الولد تعليقات على الدر المنضود، موجودة بخطه على نسخة مكتبة
العلامة الطباطبائي، وكتب إنهاء لكاتب النسخة المذكورة، هذا نصه:
أنهاه - أيده الله تعالى وأبقاه ومن جميع المكاره وقاه ولصنوف الخير لقاه - قراءة
وبحثا وضبطا وشرحا واستشراحا، وسأل في أثناء قراءته عما أشكل عليه فأبنت له
ذلك بحسب الجهد والطاقة مع قصور باعي في الصناعة وقلة البضاعة، فأخذ ذلك
واعيا أعانه الله على العمل به، وذلك في عدة مجالس آخرها يوم الخميس ثاني شهر
شوال المبارك من شهور سنة ثلاث وستين وثمانمائة. وكتب العبد الفقير إلى الله
تعالى، محمد بن علي بن علي بن محمد بن طي، ولد مؤلفه، عامله الله بلطفه وجعل
يومه خيرا
له من أمسه، وبصره بعيوب نفسه، وغفر له ذنبه قبل حلول رمسه،
بمحمد وآله الطاهرين والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
مقدمة المحقق 10

مصنفاته:
1 - إعلام الوارد.
ذكره المصنف في الدر المنضود ص 22، ومن تعليقة ولده يظهر أن
الكتاب كان عنده.
2 - الحاشية على القواعد والفوائد (1).
قال صاحب الرياض:
" وأنا - أيضا - قد رأيت مجموعة بخطه [أي: ابن طي] الشريف، وكان من جملتها
القواعد الشهيدية وله عليها فوائد وتعليقات، وكان تاريخها سنة سبع وأربعين
وثمانمائة، فلاحظ " (2).
3 - الدر المنضود.
هو هذا الكتاب الذي بين يديك، ذكره كل أصحاب التراجم باسم
الصيغ والعقود، ويستنتج من ذلك أن أحدا من أهل التراجم لم ير هذا المؤلف،
لأن المصنف قد صرح باسم الكتاب في مقدمته، إذ لو كانوا قد وجدوه
لأشاروا إلى اسمه أو تعريفه.
قال صاحب الرياض:
" ومن مؤلفاته، رسالة في العقود والإيقاعات، وهي توجد عند المولى ذو الفقار،
ويوجد عنده خطه الشريف أيضا " (3).
4 - المسائل الفقهية = مسائل ابن طي.
هذا الكتاب هو من أشهر وأعرف مؤلفات المصنف.

1 - الذريعة: ج 6 ص 173 رقم 943.
2 - رياض العلماء: ج 4 ص 84.
3 - رياض العلماء: ج 4 ص 160.
مقدمة المحقق 11

قال صاحب الذريعة:
" هي مسائل فقهية على ترتيب كتب الفقه، صنفها سنة 824، جمع فيها
مسائل وفوائد من نفسه، ومسائل أخرى من فتاوى جماعة من العلماء، كالسيد
عميد الدين ابن أخت العلامة والشيخ فخر الدين ولد العلامة، ومن مسائل
الشهيد المعروف بمسائل ابن مكي ومن مسائل السيد بدر الدين الحسن بن أيوب
الشهير ب‍: ابن نجم الدين الأطراوي العاملي تلميذ السيد عميد الدين الأعرجي
ويعرف بمسائل ابن نجم، وينقل فتاوى ابن حسام مشافهة والظاهر أنه جعفر بن
حسام العيناثي، وغيرها من الفتاوى والمؤلفات، رأيته في خزانة سيدنا الحسن
صدر الدين من عصر المؤلف تاريخها ثلاثة وخمسين وثمانمائة، وقد سماه " المسائل
المفيدة بالألفاظ الحميدة لذي الألباب والبصائر السديدة " كما في آخره. أوله: [
الحمد لله المتفرد بالقدم والدوام المنزه عن مشابهة الأعراض والأجسام... فإني
مستمد من الله المعونة على جمع كتاب المسائل كل مسألة في كتابها المختص به
وأضيف إليها من غيرها مسائل آخر من مسائل الشيخين الإمامين المرحومين ابن
مكي وابن نجم الدين... مرتبة على كتب ومقاصد
ونبدأ بالأهم فالأهم، كتاب
الطهارة وفيه مسائل. مسألة لو مس السن أو الظفر المتصل بالميت لا غسل عليه].
ونسخة عند الشيخ مشكور بالنجف، وصرح بأكثر خصوصيات هذه المسائل في
(الرياض) ويظهر منه في ترجمة ابن نجم الأطراوي أنه يسمى أيضا ب‍ (المسائل
التعيين للصواب لذوي الفطنة والتمكين) وأنه رأى نسخة منه كتابتها 824
بخط أحمد بن حسين بن حمزة بن أحمد الطريحاني " (1).
قال في تكملة أمل الآمل:
" أقول: عندي كتاب (المسائل) وأظنه نسخة الأصل، قال في أوله: أما بعد
فإني أستمد من أهل المعونة وتيسير المؤنة على جمع مسائل كتاب المسائل كل
مسألة في كتابها المختص به، وأضيف إليها من غيرها مسائل أخرى هي مسائل
الشيخين الإمامين المرحومين ابن مكي وابن نجم الدين.
أقول: يريد بكتاب المسائل ما جمعه علي بن مظاهر من مسائل أستاده فخر الدين

1 - الذريعة: ج 20 ص 333 رقم 3259.
مقدمة المحقق 12

ويعرف ب‍ (المسائل المظاهرية) وعندي منه نسخة قديمة.
وقال ابن طي في آخر كتابه: تمت المسائل المفيدة والألفاظ الحميدة لذوي الألباب
والبصائر السديدة من مسائل السيد الأمجد والفريد الأوحد من جده المصطفى
محمد بن نجم الدين والشهيد المرحوم، فرحمة الله عليهما وعلى من دعا لهما
وللكاتب والمؤمنين والمؤمنات، وافق الفراغ من نساجتها ضحوة نهار الجمعة
سادس عشر ذي الحجة من شهور سنة أربع وعشرين وثمانمائة، والحمد لله رب
العالمين " (1).
سبب التحقيق:
لدى حضور المحقق الفقيد السيد عبد العزيز الطباطبائي - رحمه الله -
إلى شيراز في شهر ربيع الأول عام 1414 (ه‍. ق) للتحقيق والاستفادة من
المخطوطات الموجودة في هذه المدينة، وبالأخص مخطوطات مكتبة مدرسة إمام
العصر (عج) العلمية، ومكتبة العلامة الطباطبائي، وعند رؤيته لنسخة كتاب
الدر المنضود الخطية في مكتبة العلامة الطباطبائي، سره أن يقتني صورة من
تلك النسخة، فأمرني بتهيأتها له.
وبينما كنت منشغلا بإعداد دليل الكتب المخطوطة الموجودة في مكتبة
مدرسة إمام العصر (عج) العلمية، عثرت على نسخة أخرى من هذا الكتاب،
فعرضت النسخة الجديدة عليه في سفرته التالية عام 1415 (ه‍. ق) كما
طلبت منه - رحمه الله - أن يعرف لي كتابا أحققه بنفسي، فأجاب متفضلا:
إني عرضت كتاب الدر المنضود، على عدة من المحققين، ولم أحصل على
نتيجة إلى الآن، والظاهر أن توفيق تحقيقه سيكون من نصيبك.
وقد كان كما قال، وبدأت بتحقيق الكتاب.

1 - تكملة أمل الآمل: ص 310.
مقدمة المحقق 13

النسخ المعتمدة في التحقيق:
اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على أربعة نسخ خطية موجودة، هي:
1 - نسخة مكتبة العلامة الطباطبائي في مدينة شيراز، المرقمة 152،
كتبها محمد بن محمد بن حسن بن ربيعة في نهار الأحد 25 رمضان 862،
عليها إنهاء من ولد المصنف للكاتب، وأيضا عليها حواشي من ولد المصنف
بخطه، تقع هذه النسخة في 92 ورقة بأبعاد 17. 5 × 13. 5 سم، والورقة
ما قبل الآخرة مبتورة، رمزنا لها ب‍: (ع).
2 - نسخة مكتبة كلية الإلهيات بجامعة مشهد، المرقمة 192، كتبها
نور الله - الشهير ب‍: خواجة بيك - بن المحمود الساوجي في 4 ربيع الأول
975، تقع هذه النسخة في 107 ورقة. رمزنا لها ب‍: (ت).
3 - نسخة مكتبة الآستانة الرضوية المقدسة، المرقمة 6496، كتبها محمد
المطلق الإصفهاني ابن علي بن محمود في 15 ربيع الثاني 965، حيث تقع هذه
النسخة في 126 ورقة بأبعاد 17 × 13 سم، رمزنا لها ب‍: (ق).
4 - نسخة مكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية في مدينة شيراز، ضمن
المجموعة المرقمة 340، كتبها شكر الله بن حسين بن محمد بن علي
الأسترآبادي في 12 محرم 977، تقع هذه النسخة في 65 ورقة بأبعاد
5. 25 × 18. 5 سم، وهذه النسخة كتبت من نسخة مكتبة كلية الإلهيات،
ورمزنا لها ب‍: (م).
مقدمة المحقق 14

طريقتنا في التحقيق:
1 - جعلنا نسخة (ع) أصلا وأثبتنا موارد اختلاف النسخ عليها.
2 - أوردنا حواشي ولد المصنف ورمزنا لها ب‍: (ابن المؤلف).
3 - أثبتنا ما تيسر لنا من المصادر.
شكر وتقدير:
وفي الختام أقدم شكري الجزيل لحضرة الأستاذ العلامة سماحة آية الله
الشيخ مجد الدين المحلاتي لمساعدته في طبع هذا الكتاب، وكذلك شكري
الجزيل من أساتيذي السيد حسين الحسيني الزرباطي والشيخ محمد علي
الجعفري لمساعدتهم إياي في إنجاز هذا التحقيق، وأيضا نشكر الحاج أمير
الكريمي لمساهمته في طبع الكتاب.
محمد بركت
جمادي الأول 1418 (ه‍. ق)
مكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية
شيراز
مقدمة المحقق 15

صورة الصحفة الأولى من نسخة (ع)
16

صورة الصفحة الأخيرة من نسخة (ع)
17

صورة خط المحقق الفقيد السيد عبد العزيز الطباطبائي (ره)
في الدفتر التذكاري لمكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية - شيراز
18

سلسلة مخطوطات
مكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية
(1)
الدر المنضود
في
معرفة صيغ النيات والإيقاعات والعقود
تأليف
زين الدين أبو القاسم علي بن علي بن محمد بن طي
الفقعاني (855 ه‍. ق)
منشورات مكتبة مدرسة إمام العصر (عج) العلمية
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين (1)
الحمد لله الذي هدانا بلطفه إلى سبيل الصواب، وجعل النية والعمل
الصالح سبيلا إلى تحصيل الثواب، وألهمنا مصالح الدين والدنيا ليتم نظام النوع
في المبدأ والمآب، وصلى الله على محمد سيد رسله، المفضل على جميع أولي
الألباب، الناطق بالحكمة والصادع (2) بالصواب، وعلى آله المخصوصين
بالطهارة (3) في الذوات والأنساب، وأصحابه المقتفين أمره ونهيه، صلاة تتعاقب
عليهم تعاقب الآنات والأحقاب (4).

1 - في (ع): رب تمم بالسعادة.
2 - الصدع هو: الأمر بقوة. (ابن المؤلف)
3 - أي: بآية التطهير، وهي: إنما يريد الله.... (ابن المؤلف)
4 - جمع حقب وهو: ثمانون سنة. (ابن المؤلف)
1

وبعد (1): فإن دلالة العقل والنقل متطابقة (2) على شرف العلوم الشرعية،
وتحصيل مقاصدها وحقائقها متوقف على القصد والنية.
فأشار إلي من إشارته لازبة (3)، وطاعته علي واجبة، أن أجمع له رسالة
في علم الشريعة، متضمنة لأحكام النيات وصيغها (4)، وصيغ العقود
والإيقاعات، وكل عبادة (5) تحتاج إليها في الشرعيات.
فأجبت إشارته العالية، وامتثلت أوامره الماضية، وكتبت هذه الرسالة،
تقربا إلى الله الكريم، ورغبة في ثوابه الجسيم، وتوكلت في ذلك على الواحد
الديان، فبه المستعان، وعليه التكلان، وسميتها:
الدر المنضود في معرفة صيغ النيات، والإيقاعات، والعقود (6).
ورتبتها على عدة كتب:

1 - في (ت): أما بعد.
2 - في (ق): مطابقة.
3 - أي: لازمة، في (ت، ق، م): لازمة.
4 - في (ت، ق، م): صيغتها.
5 - في (ع): عبارة.
6 - إنما قدم لفظ الإيقاعات على العقود - وإن كانت العقود متقدمة في وضع الكتاب - ليتم سجع الكلام، فالواو ليس للترتيب. (ابن المؤلف)
2

كتاب الطهارة
وهي لغة: النزاهة والنظافة.
وشرعا: استعمال طهور مشروط بالنية (1)، وتصدق (2) على غير ذلك مجازا.
وأقسامها ثلاثة: وضوء، وغسل، وتيمم.
[القسم] الأول: الوضوء، وهو: واجب وندب.
وأسبابه: البول، والغائط، والريح من المعتاد، والنوم الغالب للحاستين،
ومزيل العقل، والاستحاضة القليلة.
فالواجب بحسب غايته، وهي: الصلاة، والطواف، ومس خط المصحف.
ولا يجب لنفسه قطعا، وقد يجب بنذر، أو عهد، أو يمين.
فلو خلا المكلف من أسباب الوجوب، نوى الندب.
وتجب الصلاة والطواف بالأصل، أو النذر وشبهه، أو التحمل.

1 - يشمل هذا التعريف جميع أنواع الطهارة، ويخرج باشتراط النية غسل اليدين والثوب من النجاسة. (ابن المؤلف)
2 - أي: الطهارة تصدق على غير ما ذكر مجازا، كإزالة النجاسة. (ابن المؤلف).
3

و [يجب] المس برؤية غلط في المصحف - إذا توقف الإصلاح على المس -
ولا يختص المس بباطن الكف، بل يحرم بجميع أجزاء البدن، فلو مس بظاهر
الكف أو الزند أو اللسان أو الوجه - غير متطهر -، أثم.
ويجب على الولي منع الصبي من مس الكتابة، على الأقوى، وقيل: لا،
لكونه غير مخاطب.
وأفعاله:
[1] - النية: المشتملة على جنس الفعل، وفصوله كالوجوب أو الندب،
وخواصه كالرفع والاستباحة والقربة، مستدامة الحكم إلى الفراغ (1).
[2] - وغسل الوجه من القصاص إلى المحادر طولا، وعرضا ما
اشتملت عليه الإبهام والوسطى.
[3] - وغسل اليدين من المرفقين إلى رؤوس الأصابع، بادئا بالمرفقين.
[4] - ومسح الرأس.
[5] - ومسح الرجلين من رؤوس الأصابع إلى أصل الساق.
[6] - والترتيب.
[7] - والموالاة.
ونيته: أتوضأ لاستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويجوز للمختار - وهو غير السلس، والمبطون، والمستحاضة - إبدال
الاستباحة بالرفع، وضمهما معا، وصفته: أتوضأ لرفع الحدث، لوجوبه،
قربة إلى الله، أو: أتوضأ لرفع الحدث واستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى
الله.

1 - المراد باستدامة الحكم: عدم الإتيان بالمنافي، وقيل: تجديد العزم كلما ذكر. (ابن المؤلف).
4

ويجوز أن ينوي استباحة كل مشروط بالطهارة - كمس خط المصحف
والطواف - إذا أراد فعل ذلك، ولو لم يرده احتمل الجواز، لأن الشارع جعله
غاية (1)، ويحتمل العدم، لأن نية فعل غير مقصود الفعل كالعابث به.
والأول اختيار فخر المحققين (2)، فإنه قال في فتاويه: " لو نوى استباحة
الطواف وهو ببغداد، جاز "، وهو جيد، وإن كان الثاني أحوط.
وكذا يجوز أن ينوي استباحة صلاة معينة، ما لم ينف غيرها، ولو نفى
غيرها، بطل على الأقوى، لتلاعبه حينئذ بالطهارة، إلا في موضع لا يستبيح
للمتوضئ (3) بالوضوء إلا صلاة واحدة - كالسلس، والمبطون، والمستحاضة -
فإن النية تجزئ، لأنه نوى الواقع في التكليف.
ونية الوضوء المنذور: أتوضأ لوجوبه بالنذر، قربة إلى الله.
وله ضم (4) الرفع أو الاستباحة أيضا، قاله ابن فهد (رحمه الله) (5).
وقال الشهيد (رحمه الله): " ينصرف النذر إلى الوضوء الرافع، فلا بد من
ضم الرفع أو الاستباحة " (6)، وهو أولى.
ويتفرع على القولين: ما لو عين الوضوء بوقت، فاتفق فيه متطهرا.

1 - في (ت، م): غايته.
2 - الفخرية في معرفة النية: ص 37.
3 - في (ع): للمتوضئ.
4 - وحينئذ، تستبيح به الدخول في مشروطه لا مع الإطلاق. (ابن المؤلف)
5 - الموجز الحاوي، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 26، ص 414
6 - في البيان ص 36: إن أطلق الطهارة، فالأقرب حملها على المائية الرافعة للحدث والمبيحة
للصلاة.
5

فعلى الأول: يجب التجديد لأنه طاعة في نفسه، إذ وضوء على وضوء
نور على نور (1).
وعلى الثاني: لا يجب لعدم إفادته، ولا يجب الحدث لعدم وجوب تحصيل
شرط الواجب المشروط، وحينئذ، يسقط الوضوء، لأن وجوبه مشروط
بالحدث.
والتجديد أحوط، لبراءة الذمة معه يقينا.
فائدتان:
[الأولى]: إذا عين النذر بوقت، تعين ووجب فعل الوضوء فيه، ولو
فاته بتفريط، فإن كان غير متكرر، كفر عن النذر وقضى، على الأقوى (2)،
وإن (3) أطلق، فوقته مدة العمر، وتتضيق بظن الوفاة، فحينئذ لو أخر، أثم.
ولا يتحقق وجوب الكفارة، والحال هذه ما دام حيا.
نعم، لو مات وجبت في ماله، ولو ظن عدم الوفاة فحصلت، أحتمل
الكفارة لظهور فساد ظنه، والعدم لجواز التأخير شرعا، وهو جيد.
الثانية: في وجه وجوب النية وفي بيان حقيقتها.
أما الأول - وهو وجه الوجوب -: فدليله العقل والنقل.
أما العقل: فلأن الأفعال الصادرة من الفاعل تحتمل وجوها كثيرة،
لا يختص أحدها إلا بالنية، كضربة اليتيم، فإنها إن صدرت على وجه التأديب
لمستحقه (4)، كانت حسنة، وإن وقعت على سبيل الظلم، كانت قبيحة.

1 - الوسائل: ج 1 ص 377 الحديث 8.
2 - ولو كان متكررا، لم يتحقق الفوات إلا بما يتحقق به في الموسع. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): فإن.
4 - في (ت، ق، م): بمستحقه.
6

أما النقل: فلقوله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين (1)،
والإخلاص إنما يتحقق بالنية.
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ
ما نوى (2).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) في الحديث القدسي (3): من عمل لي
عملا أشرك فيه غيري، تركته لشريكه (4).
وهي معتبرة في كل عبادة، إلا النظر
المعرف لوجوب معرفة الله تعالى، وإرادة الطاعة.
وأما الثاني - وهو بيان الحقيقة -: فاعلم، أن النية هي: إرادة إيجاد الفعل
على الوجه المأمور به شرعا، كذا ذكره الفاضل في القواعد (5)، وهو تعريف
لمطلق النية، فالإرادة جنس والباقي كالفصل، ويخرج بإيجاد الفعل الترك، فإنه
لا يحتاج إلى نية، وقوله: " على الوجه، إلى آخره "، يخرج به الإرادة اللغوية،
ويدخل فيه اشتراط التقرب، وهو فعل العبادة خالصة لله وحده.
فلو نوى الرياء بطلت قطعا، وكذا لو ضمه، على الأصح.
ولو ضم التبرد، أو التسخن، أو التنظيف، أو التحسين، فقولان،
والأقوى البطلان في الجميع لعدم الإخلاص، وكذا لو قصد تحصيل الثواب أو
دفع العقاب، وكذا لو فعله حياء (6).

1 - البينة: 5.
2 - الوسائل: 1 ج ص 48 حديث 7.
3 - الحديث القدسي: هو ما سمع من غير مخاطبة ملك. (ابن المؤلف)
4 - القواعد والفوائد: ج 1 ص 75.
5 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 2 ص 648.
6 - في (ق): حبا.
7

أما لو فعل العبادة حبا لله، ومهابة له (1)، أو موافقة لأمره، أجزأت.
نعم، لو جعل الثواب والعقاب، أو الحياء (2)، باعثا على فعل العبادة
لم يضر قطعا، لأن الكتاب والسنة قاطعان بذلك لمن تأملهما.
ولو ضم نية الوجوب والندب بطل، لتنافي الوجهين، على الأقوى.
واعلم أن في قول الفاضل (رحمه الله) " إرادة " إشارة إلى فائدة، هي: أن
الشارع لم يضع للنية لفظا معينا يجب اتباعه بخصوصه، بل ما اشتمل (3) على
المعنى المقصود - وهو جمع الهمة، وبعث النفس، وتوجهها وميلها إلى ما فيه
ثواب - تلفظ بذلك أم لا (4)، وكل ما يذكر في كتب العلماء، فإنما (5) هو على
سبيل التعليم.
واعلم أن ما قدمناه (6) من صفة النية، فإنما هي للمختار، كما عرفت.
أما السلس، والمبطون، والمستحاضة، فالمشهور في عبارة العلماء تعين نية
الاستباحة، ولا يجوز نية رفع الحدث، لاستمراره.
وفي رسالة الشهيد (رحمه الله): جوز ضم الرفع إلى الاستباحة، فكأنه
جعله ضميمة غير منافية (7).

1 - أي: إجلالا. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): الحب.
3 - في (ت، م): (مشتمل) مكان (ما اشتمل).
4 - بل لو فرض تلفظه بذلك وألهم غيره، كان اللفظ لغوا. (ابن المؤلف)
5 - في (ع): إنما.
6 - في (ت، ق، م): قدمنا.
7 - الألفية: ص 43.
8

وفي قواعده (1) جوز نية الرفع منفردة، لأن المراد من نية رفع الحدث
شرعا، رفع المانع - وهو متحقق في الجميع - وإلا لم يجز الدخول في الصلاة به
- مثلا - بل لا يصح رفع الواقع، لأنه محال، وهذا المذهب قوي في النظر، بل
على هذا يجوز نية رفع الحدث في التيمم، لحصول رفع المانع به (2)، وقد أشار
إليه الشهيد في شرح رسالته، فليتأمل ثمة.
والندب بحسب غايته أيضا، وهو كثير، والمهم منه: الوضوء لندب
الصلاة والطواف، وقراءة القرآن، ودخول المساجد (3)، وحمل المصحف،
وصلاة الجنازة، وتكفين الميت، وزيارة القبور، ونوم الجنب، وجماع المحتلم،
وجماع الحامل مطلقا (4)، والسعي في الحاجة، وذكر الحائض، والتجديد،
والكون على طهارة.
واعلم، أن استحباب الوضوء في الصلاة المندوبة لا يخرجه عن
الشرطية (5)، فلا يجوز فعلها بدونه، بل معناه: إن أراد الصلاة، تطهر ندبا،
وإلا تركها لعدم شرعية الصلاة بغير طهارة، مطلقا، بخلاف البواقي، فإن
الطهارة فيها للفضيلة خاصة، فيصح فعلها بدونها، نعم هي مع الطهارة
أفضل، بمعنى كثرة ثوابها على ثواب فاقدها.

1 - القواعد والفوائد: ج 1 ص 80.
2 - أثبتنا (به) من (ع).
3 - في (ت، م): المسجد.
4 - سواء كان محتلما أو لا. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، م): الشرط.
9

ثم الفعل إن كان يشترط (1) فيه رفع الحدث أو الاستباحة - كالصلاة
المندوبة - نوى ذلك.
وصفته: أتوضأ لاستباحة الصلاة، أو: لرفع الحدث، لندبه، قربة إلى
الله. ويجوز ضمهما (2).
وإن كان لا يشترط (3) فيه ذلك، كفى في نيته ذكر السبب.
وصفته: أتوضأ لدخول المسجد، لندبه، قربة إلى الله، أتوضأ لتلاوة
القرآن، لندبه، قربة إلى الله، وكذا البواقي.
ولا بد من تعينه كما ذكرنا، ولا يكفي الإطلاق - وهو أتوضأ لندبه،
قربة إلى الله - لعدم ذكر الخصوصية، وإذا عين فعلا، لم يكف عن غيره.
ولو نوى رفع الحدث، كفى عن الكل، وقيل: لا بد في المندوب من
الرفع حيث يمكن، ومع تعذره ينصرف إلى الصورة وتعيين سببه.
ومحل النية: عند غسل يديه المستحب للوضوء، ثم عند المضمضة (4)، ثم
عند الاستنشاق، ثم خلالهما، ثم عند أول جزء من أعلا الوجه مقارنة له،
وتتضيق حينئذ ويستديم حكمها إلى الفراغ.
وفي تقييد غسل يديه " بالمستحب للوضوء " فائدة، هي: أنه لو كان
الغسل واجبا، كإزالة النجاسة، أو حراما، كقصور الماء عنه، أو مكروها

1 - في (ت، ق، م): شرط.
2 - في (ت، م): ضمها.
3 - في (ت، ق، م): لا شرط.
4 - أراد بقوله " عند المضمضة ": ابتدائها، و " عند الاستنشاق ": ابتدائه، [و] بقوله " خلالهما "
أي: أثنائهما، كما لو نوى عند الثانية أو الثالثة. (ابن المؤلف).
10

كخوف عوزه، أو مباحا خاصة، كالغسل من غير الإناء، أو مستحبا لغير
الوضوء، كالأكل والاستنجاء، لم يجز تقديم النية حينئذ.
والنية عند هذه الأفعال، كالواجب المخير، فينوي الوجوب في أي محل
فعلها (1)، وكذا حكم نية الأغسال أجمع.
[القسم] الثاني: الغسل، وهو واجب وندب.
والواجب: إما بأصل الشرع وهو ستة:
غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، وغسل الميت، ومسه
بعد برده قبل غسله.
أو لا بأصل الشرع، فبالنذر، أو العهد، أو اليمين.
والقسم الأول - أعني الواجب بأصل الشرع -:
منه، ما يجب لنفسه قطعا، وهو غسل الميت، قاله فخر المحققين (2)، ولقائل
أن يقول: إنه (3) لغيره من الأفعال المشروطة به، وإن كانت واجبة على غير
محل الغسل.
ومنه، ما هو واجب لغيره قطعا، وهو الأغسال الباقية ما عدا غسل الجنابة.
ومنه، ما هو واجب لنفسه، على خلاف، وهو غسل الجنابة، فإن الفاضل حكم
في تحريره (4) بوجوبه لنفسه، والشهيد جزم في كتبه (5) بوجوبه لغيره،

1 - وكذا ينوي الندب في أي محل فعله، إذا كان الوضوء ندبا. (ابن المؤلف)
2 - الفخرية في معرفة النية: ص 40.
3 - أثبتنا (إنه) من (ع).
4 - تحرير الأحكام: ج 1 ص 12.
5 - ذكرى الشيعة: ص 23.
11

ولكل حجج ليس هذا موضع ذكرها، والمشهور الأظهر الثاني.
وتظهر الفائدة فيما لو فعله المكلف خاليا عن فعل مشروط بالطهارة،
فعلى الأول ينوي الوجوب، وعلى الثاني ينوي الندب.
وكلما هو واجب لغيره، لا يجب إلا بوجوب فعل مشروط به، وهو:
الصلاة (1)، والطواف، ومس خط المصحف، واللبث في المساجد، والاجتياز في
المسجدين، وقراءة العزيمة، والصوم في (2) غير مس الميت، لأن حدثه لا يمنع من
الصوم على الأصح، وإنما يمنع حدثه ما يمنع الحدث الأصغر، وهو: الصلاة،
والطواف، ومس خط المصحف.
وإذا خلت الذمة من هذه الأسباب، نوى بالغسل الندب، ويباح له
المشروط به عند حصوله إذا نوى الاستباحة أو الرفع.
ومحل النية - هنا - كما تقدم، إلا أنها لا تختص بالوجه، بل تجوز المقارنة
بجميع الرأس حتى الرقبة، على الأصح.
وواجبه:
[1] - النية - لما تقدم - (4. 3).
[2] - ثم غسل الرأس.
[3] - ثم ميامنه.
[4] - ثم مياسره، مرتبا، كما ذكر.

1 - في (ت، ق، م): (كالصلاة) مكان (وهو الصلاة).
2 - في (ت، ق، م): فمن.
3 - في (ت، م): كما.
4 - من الآيات والأخبار. (ابن المؤلف)
12

ولا يجب الترتيب بين أجزاء العضو نفسه، فيغسل الجانب - مثلا - كيف
شاء، ولا يشترط الموالاة في الغسل، إلا غسل المستحاضة (1)، والسلس،
والمبطون، إذا كان الحدث مستمرا، أو خشي فجأته في أثنائه.
ويسقط فرض الوضوء مع غسل الميت، ولا يسقط ندبه، ومع غسل
الجنابة مطلقا (2)، ويجب مع البواقي، ويتخير المغتسل بين تقديمه وتأخيره، وفي
جواز فعله في الأثناء قولان، قوى الشهيد العدم، لأنه لم يتعبد بمثله.
ولا يشترط الموالاة بينه وبين الغسل، إلا في الاستحاضة المستمرة، ولا
عدم تخلل الحدث إن أخره، أما لو قدمه ثم أحدث، أعاده.
ولو اجتمع على المكلف غسلان فصاعدا، أجزأ كل منهما عن الآخر،
إلا الاستحاضة المستمرة، فإن غيرها لا يجزي عنها، ولا تجزي هي عن غيرها
أيضا، لكن إذا نوى خصوصية تستتبع الوضوء - كالحيض - وجب الوضوء،
فلا تحصل الاستباحة بدونهما، ومتى أحدث في أثناء الغسل بطل مطلقا،
وقيل: يتم ويتوضأ مطلقا، وقيل: يعيد غسل الجنابة ويتم ما عداه ويتوضأ.
وصفة النية: أغتسل لرفع حدث الجنابة، أو: لرفع الحدث، أو: لاستباحة
الصلاة، أو: لرفع الحدث واستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
وإن كان غير مشغول الذمة بمشروط به، أبدل الوجوب بالندب.
وكذا القول في الحيض والنفاس، إلا أنه إن عين الحدث، نوى رفع
حدث الحيض أو النفاس.

1 - في (ت، ق، م): الاستحاضة.
2 - وجوبا وندبا. (ابن المؤلف)
13

وأما المستحاضة، فإن غسلها يجامع الحدث، فلتعتبر الدم، فإن غمس
القطنة وسال، وجب ثلاثة أغسال: غسل للصبح، وغسل للظهرين، وغسل
للعشائين، وتتوضأ لكل صلاة، وإن غمسها ولم يسل فغسل واحد للصبح
مع الوضوء لكل صلاة (1)، وإن لم تغمسها، فالوضوء لكل صلاة خاصة،
والاعتبار بقلة الدم وكثرته في أوقات الصلوات، فلو سبقت القلة، ثم طرأت
الكثرة، انتقل الحكم، فلو كانت الكثرة بعد صلاة الصبح، اغتسلت للظهرين.
وهل يتوقف صحة الصوم على هذا الغسل؟ الأقرب نعم، للحكم على
المستحاضة بوجوب الأغسال، وجعلها شرطا، ويحتمل العدم، لسبق انعقاد
الصوم، ولا فرق في الصوم بين كثرته قبل فعل الظهرين، أو بعد فعلهما، أما
بالنسبة إلى الظهرين، فلا يجب الغسل لهما وإن كثر بعدهما.
وتجب المبادرة بعد فعل الغسل والوضوء إلى الصلاة، إلا بما يتعلق بها،
فلو أخرت وحصل حدث إعادتهما (2)، فحينئذ، يزيد على النواقض تراخي
صلاة المستحاضة عن الغسل والوضوء.
ولا يصح الغسل، إلا بعد دخول وقت الصلاة، إلا أن تكون صائمة،
أو متنفلة، فتقدمه على الفجر وجوبا، ويجزي له (3) وللصلاة.
ومحل التقديم بعد نصف الليل لا قبله.
ولو تركت الغسل، بطلت الصلاة والصوم، فيجب القضاء دون
الكفارة، وكذا الحائض والنفساء، بخلاف الجنب، فإنه يقضي ويكفر.

1 - ويجب عليها مع ذلك، غسل الفرج وتغيير القطنة والخرقة مع إصابة الدم.
(ابن المؤلف)
2 - طهارة وصلاة. (ابن المؤلف)
3 - أي الصوم. (ابن المؤلف)
14

وحكم دائم الحدث - كالسلس - حكمها في عدم جواز تأخير الصلاة
عن الوضوء، إلا شروطها وسننها (1) كالأذان.
ولو كان لكل منهما وقت يظن
خلو الحدث فيه عن قدر الصلاة، وجب توخيه.
وصفة النية: أغتسل غسل الاستحاضة،
لاستباحة الصوم، أو: لاستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
ونية الوضوء كما تقدم.
وفي جواز نية الرفع أو ضمه إلى الاستباحة، كلام سبق.
تذنيب:
علم من صفة النية، أنه لا يشترط تعيين الحدث، فلو عينه، فإن كان
هو الواقع، فلا بحث، وإن كان الواقع غيره، فإن كان التعيين غلطا، صح، وإلا
فلا، ولو عينه ونفى غيره، بطل، لاشتراك الخصوصية.
وكيفية الغسل ما تقدم.
ويجوز الارتماس في جميع الأغسال، ومعناه: مقارنة آخر جزء من النية
بجميع البدن، وقيل: تكفي مقارنته بأي جزء اتفق، بشرط (2) اتباع الباقي،
والأول اختيار الشهيد (3) (رحمه الله) والثاني مفهوم كلام الفاضل في
القواعد (4)، وصرح به في بعض كتبه (5)، وهو اختيار ابن فهد في كتبه (6).

1 - في (ق): نيتها.
2 - في (ت، م): يشترط.
3 - الألفية: ص 45.
4 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 2 ص 653.
5 - المحرر، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 26 ص 401.
6 - تبصرة المتعلمين، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 26 ص 235.
15

ويجب تغسيل الميت المسلم أو من بحكمه، وهو الطفل لأربعة أشهر
فصاعدا.
والقطعة ذات العظم، والصدر، والقلب، والرأس، وبعض كل منها،
وجملة الميت خالية عنها كالميت في الأحكام، إلا الحنوط إذا فقد محله.
ويغسل المخالف - إلا الناصبي، والغالي، والمجسم بالحقيقة، والخارجي -
كمعتقده، ويجوز بمذهب أهل الحق على كراهية.
والغاسل المسلم، لا الصبي - وإن كان مميزا - على تفصيل (1) ليس هذا
موضع ذكره.
وصفة النية: أغسل هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله، أو: أغسل هذا
الميت، بماء السدر والكافور والقراح، لوجوبه، قربة إلى الله.
ومحلها: ابتداء غسل الرأس مقارنة، ولا يحتاج إلى ضم رفع، ولا استباحة،
ولو نواهما أو أحدهما، لم يضر.
وتجزي نية واحدة للغسلات الثلاث، ولو فرق لكل غسلة نية (2)، أو
جمع بين غسلتين (3) في نية، فالأقوى الإجزاء - أيضا - لتعدد الغسلات حسا (4)،
ويحتمل عدمه، لأنه غسل واحد - فلا يجزي تفريقه - كغسل الجنابة، وكذا
حكم تيممه.

1 - أراد بالتفصيل: مساواة الغاسل للميت في الذكورة والأنوثة، إلا في المواضع المستثناة، كالزوجين. (ابن المؤلف)
2 - في (ق): بنية.
3 - في (ع): غسلين.
4 - أي: ظاهرا. (ابن المؤلف)
16

وإذا كان الغاسل هو الصاب، نوى هو، ولو اشترك جماعة في غسلة،
نووا (1) أجمع، ولو كان الصاب غير الغاسل فنوى الصاب وحده، أجزأ، لأنه
الغاسل حقيقة، ولو نوى الآخر، فالأقرب الإجزاء أيضا، لأن الصاب كالآلة.
ويشترط فيه إباحة المكان، كغيره من الأغسال والوضوءات.
وكيفية الوضوء ما تقدم.
ونيته: أوضئ هذا الميت، لندبه، قربة إلى الله.
ويتخير في تقديمه وتأخيره كغيره.
ويجب مسمى السدر في الغسلة الأولى، والكافور في الثانية، والقراح
البحت (2) في الثالثة.
ثم يحنط بعد غسله، بوضع كافور على مساجده السبعة، أقله مسماه،
وأعلاه ثلاثة عشر درهما وثلث درهم (3)، ونيته عند ابتداء الشروع فيه.
وصفتها: أحنط هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله.
وتكفينه (4): بمئزر، وقميص، وإزار، ويزاد الرجل عمامة، وخامسة لشد
فخذيه، وحبرة أو لفافة بدلها إن فقدت، والمرأة لفافة لثدييها، ونمطا (5)، وتبدل
بالعمامة قناعا.
ونية التكفين: أكفن هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله.

1 - في (ت، م): نوى.
2 - البحت بالحاء المهملة، والتاء المنقوطة اثنتين من فوق، بعد الباء المنقوطة واحدة من تحت،
هو: الخالص الصرف، يقال: شراب بحت أي: غير ممزوج بشئ. (ابن المؤلف)
3 - أوسطه أربع دراهم، وأقل الفضل درهم. (ابن المؤلف)
4 - عطف على وجوب التغسيل، أي: ويجب تكفينه. (ابن المؤلف)
5 - أثبتنا (ونمطا) من (ع).
17

ومحلها: عند عقد الإزار، مستمرا عليها إلى عقد اللفافة.
ونية الصلاة عليه وحكمها يأتي في باب الصلاة (1)، إن شاء الله.
ونية دفنه (2): أدفن (3) هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله.
والنية في هذه الثلاثة (5. 4) شرط في حصول الثواب، لا في صحة الفعل.
ويكون الكفن مما تصح الصلاة فيه.
والحفيرة (6) حارسة من الهوام، وساترة للرائحة.
والواجب بالنذر وشبهه، كالواجب بالأصل في الأحكام.
ونيته: أغتسل غسل النذر، أو: العهد، أو: اليمين، لوجوبه، قربة
إلى الله.
وله ضم الرفع أو الاستباحة، كما تقدم في الوضوء.
وأما الندب من الأغسال، فمنه: غسل الجمعة، وأول ليلة من شهر
رمضان، ونصفه، وسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث
وعشرين، وليلة الفطر ويومه، ويوم الأضحى، وليلتي نصف رجب ونصف
شعبان، ويوم المبعث - وهو سابع عشري رجب - والغدير ثامن عشر ذي الحجة
والمباهلة رابع عشري ذي الحجة - في الأصح -، وعرفة تاسع ذي الحجة،
ونيروز الفرس - وهو يوم نزول الشمس برج الحمل، ويكون دائما في اثني عشر
من آذار إلى ثلاثة عشر منه، وفيه أقوال أخر، هذا أصح منها -

1 - في (ت، م): الصلوات.
2 - في (ت، م): الدفن.
3 - في (ت، ق، م): أدفن.
4 - أراد بالثلاثة: الحنوط والتكفين والدفن. (ابن المؤلف)
5 - في (ت): الثلاث.
6 - في (ق): الحفرة.
18

وهذه الأغسال للزمان.
وغسل الإحرام، والطواف، وزيارة النبي والأئمة (عليهم السلام)، وتارك
الكسوف عمدا مع استيعاب الاحتراق، والمولود حين ولادته، والسعي إلى رؤية
المصلوب شرعا بعد ثلاثة، والتوبة عن فسق أو كفر، ولصلاة الحاجة
والاستخارة، ودخول الحرم ومكة والمسجد الحرام والمدينة ومسجد النبي (عليه
السلام) وهذه للفعل، وربما أطلق على بعضها المكان، وهو باعتبار آخر، ولكل
اصطلاح.
ووقت غسل الجمعة أداء، من طلوع فجره إلى زوال شمسه، وقضاء، منه
إلى غروب السبت، وتقديما، نهار الخميس، وقيل: إن ليلة السبت ليست محلا
للقضاء.
ولو تعارض التعجيل والقضاء، فالأول أفضل.
ووقت الأغسال الزمانية الباقية، أوقاتها المعينة.
فليلة أول رمضان - مثلا - من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ويوم
العيد والغدير، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وربما قيل: إلى الزوال.
وغسل الفعل قبل الشروع فيه.
فيغتسل للإحرام ثم يحرم، ولدخول الحرم ثم يدخل، واستثنى من
التقديم غسل التوبة ورؤية المصلوب، فإنه بعدهما، وألحق بهما قتل الوزغ.
وفي تقديم هذه الأغسال لخائف الإعواز، وقضاؤها لمن فاتته مطلقا،
وجهان، والأقرب ذلك.
واستحبابها عام للرجال والنساء، وبعضها آكد من بعض، كالإحرام.
والجمعة مما قيل بوجوبه.
19

وما اشتهر على ما لم يشتهر - كغسل (1) فرادى رمضان - أجمع.
فلو ازدحم غسلان منها، قدم المؤكد.
والقضاء مشروع لمن فاتته بعذر، أو غيره (2).
ولو قدم ثم قدر في الوقت، أعاد.
وهيئتها كهيئة الأغسال الواجبة.
ولا يضر تخلل الحدث في أثناء الزمانية، أو بعدها، أما غسل الفعل،
فالأقرب إعادته بتخلل الحدث، لأن غايته الفعل ولم يحصل، كذا اختاره
الشهيد في الذكرى (3).
ولو فقد الماء في هذه الأغسال، فالأقوى مشروعية التيمم بدلا عنها،
سواء كان الغسل رافعا للحدث، أو لا، وجزم به فخر المحققين في رسالته (4).
ونية غسل الجمعة لمؤديه: أغتسل غسل الجمعة أداء، لندبه، قربة إلى الله.
ولمقدمه كذلك، إلا أنه ينوي التقديم.
ولقاضيه كذلك، إلا أنه ينوي القضاء.
ولا بد من تعيين السبب زمانا، أو مكانا، أو فعلا.
فللزمان: أغتسل لأول ليلة من رمضان - مثلا - أو: ليلة ثلاث
وعشرين منه، أو: ليوم عرفة، لندبه، قربة إلى الله.
وللمكان - كالحرم -: أغتسل لدخول الحرم - مثلا - لندبه،
قربة إلى الله.

1 - هذا تمثيل لما لم يشتهر. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): (لعذر لغيرها) مكان (بعذر أو غيره).
3 - ذكرى الشيعة: ص 24.
4 - الفخرية في معرفة النية: 41.
20

وللفعل - كصلاة الحاجة -: أغتسل لصلاة الحاجة - مثلا - أو: لرؤية
المصلوب، لندبه، قربة إلى الله.
وقد يجب أحد هذه الأغسال بنذر وشبهه، فينعقد إذا عينه بأحد أسبابه،
لا مطلقا، ونيته حينئذ: أغتسل غسل الجمعة - مثلا - لوجوبه بالنذر، قربة إلى
الله.
ولو نذر الغسل الواجب - كغسل الجنابة - عند حصول سببه، فهو من
قبيل نذر الواجب، والأصح انعقاده، وحينئذ هل يكفي نية مطلق الوجوب،
أو لا بد من قصد الوجوب الذاتي والمؤكد بالنذر، فيه قولان، اختار (1) فخر
المحققين في رسالته الأول (2)، وهو ظاهر الشهيد في قواعده (3)، وفي الدروس في
باب الصوم (4) اختار الثاني، وهو أولى.
فعلى الأول، صفة النية: أغتسل غسل الجنابة، لاستباحة الصلاة،
لوجوبه، قربة إلى الله.
وعلى الثاني، يزيد (5) في النية وتأكد (6) بالنذر.

1 - في (ت، ق، م): اختيار.
2 - الفخرية في معرفة النية: 40.
3 - القواعد والفوائد: ج 1 ص 82.
4 - الدروس الشرعية: ج 1 ص 293.
5 - في (ع): يريد.
6 - في (ع): تأكده.
21

[القسم] الثالث: التيمم.
وهو طهارة ترابية، كذا عرفه فخر المحققين في الإيضاح (1)، وزاد
بعضهم: يستباح بها الصلاة، وفيهما (2) احتراس، ذكرناه في " إعلام
الوارد " (3).
ومسوغه (4): العجز عن استعمال الماء، سواء كان بعدمه (5)، أو عدم
الوصلة إليه، أو حصول ضرر بالاستعمال.
وينقسم: إلى واجب، وندب.
فموجبه: موجب الطهارتين، وخروج الجنب من المسجدين، سواء
أجنب فيهما أو دخلهما جنبا عامدا، أو ناسيا، وحكم الدخول إليهما مع
الضرورة واللبث في غيرهما كذلك، وكذا حكم الحائض والنفساء.
وهل يبيح هذا التيمم الدخول في الصلاة، مع تعذر الطهارة المائية؟
الأقوى ذلك، إذا قصد الوجه الأكمل.
ولو قدر على الغسل وساوى زمانه (6) زمان التيمم، قدم الغسل.

1 - إيضاح الفوائد: ج 1 ص 66.
2 - في (ع): فيما.
3 - قال: يخرج بقوله " طهارة " ما لا يصدق عليه اسم الطهارة حقيقة، كالغسلة الأولى بالتراب في
الولوغ، ويخرج بقوله " ترابية " المائية، وبقوله " يستباح بها الصلاة " ما ندب للحائض بدلا من
وضوء الجلوس، والجنب للنوم، لأنه تيمم مجازا من باب المستعاد. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): تسوغه.
5 - في (ت، ق، م): لعدمه.
6 - في (ت، ق، م): (تساوى زمان) مكان (ساوى زمانه زمان).
22

ولو قصر زمان الخروج عن زمان التيمم، قيل: يسقط، والأقوى العدم،
نعم يجب الخروج بأقرب الطرق، وتوخي الحركات السريعة قطعا.
ولا يصح فعله قبل دخول وقت العبادة المشروطة به قطعا، وتصح مع
تضيقه قطعا، والأقرب الجواز مع السعة، إن كان العذر لا يرجى زواله في
الوقت، والعدم إن رجى الزوال.
ثم إن كان بدلا من الغسل، وجب فيه ضربتان: إحداهما (1) يمسح بها
جبهته، والأخرى ظهر كفيه (2)، من مفصل الزند، وإلا فضربة واحدة لهما.
وصفة النية إن كان بدلا من الوضوء: أتيمم بدلا من الوضوء
لاستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
وإن كان بدلا من الغسل، ذكر لفظه مكان الوضوء: أتيمم بدلا من
الغسل، إلى آخره.
وفي نية رفع الحدث، أو ضمها (3)، بحث تقدم.
ويقارن بالنية، الضرب على الأرض، لا مسح الجبهة، ولا يجزي ما يخرج
عنها كالنبات والمعدن، ولا النجس والمغصوب، ثم يمسح بهما وجهه.
من
قصاص شعره إلى طرف أنفه الأعلى، ثم ظهر اليمنى ببطن اليسرى، ثم ظهر
اليسرى ببطن اليمنى، مستوعبا للممسوح دون الماسح.
ولو اجتمع موجب الكبرى والصغرى، تيمم بدلا عنهما بنيتين منفردتين،
ويتخير في التقديم والتأخير.

1 - في (ع): أحدهما.
2 - في (ت، ق، م): كفه.
3 - في (ت، م): ضمهما.
23

وفي الميت ثلاث نيات، لكل غسلة نية، وتجزي الواحدة كما تقدم في
الغسل.
وصفته: أيمم هذا الميت، بدلا من غسله، لوجوبه، قربة إلى الله.
ثم يضرب ضربة لوجهه، وضربة ليديه، ويمسح منه ما يمسحه الحي.
وإذا أتى لكل غسلة بنية، فصفة ذلك: أيمم هذا الميت، بدلا من غسله
بماء السدر، لوجوبه، قربة إلى الله، ثم يأتي بنية أخرى للكافور، وأخرى
للقراح كذلك.
ولو جمع بين غسلتين في نية، جاز أيضا، ويضرب ست ضربات، لكل
غسلة ضربتان.
ويستباح به ما يستباح بالمائية، على الأقوى، وقيل: إنما يبيح الصلاة
والطواف.
وينقضه نواقض المائية، والتمكن من استعمال الماء، إن كان المبيح له
عدم الماء، ولا ينقضه خروج الوقت، لكن لا يؤدي به في أوله مع توقع زوال
العذر في آخره.
ويجوز أن يصلي به فرضا ونفلا، أداء وقضاء، إصالة وتحملا، والأقوى
توقف صحة الصوم عليه للجنب وذات الدم.
والندب: التيمم بدلا من الأغسال المندوبة المتقدمة.
وكيفيته كما تقدم.

1 - أثبتناه من (ت، م).
24

ونيته: أتيمم بدلا عن غسل الإحرام - مثلا - لندبه، قربة إلى الله،
وعليه يقاس الباقي.
ويستحب بدلا عن الوضوء المستحب الرافع، وعن غير الرافع، على
الأقوى، كنوم الجنب، وجماع المحتلم، وذكر الحائض.
ويستحب للنوم ولو مع وجود الماء، ولا يشترط التراب في هذا.
وفي اشتراط مشروعية التيمم في الجنازة بفقدان (1) الماء أو تعذر
استعماله (2)، وجه اختاره الشهيد (3) (رحمه الله) وأطلق الفاضل (4) والمحقق (5)
جوازه للجنازة. والله أعلم.

1 - في (ع): يفقدان.
2 - يشترط، إلا أن يخاف فوات الجماعة. (ابن المؤلف)
3 - الألفية: ص 99.
4 - تحرير الأحكام: ج 1 ص 22.
5 - المختصر النافع، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 2 ص 602.
25

كتاب الصلاة
وفيه فصلان:
[الفصل] الأول: في الواجبة.
وهي سبعة: اليومية، والجمعة، والعيد (1)، والآيات، والطواف، والجنازة،
والملتزم بنذر وشبهه.
ويدخل في شبهه: العهد، واليمين، والاحتياط، والتحمل عن الأب -
مثلا - والقضاء، لأنه ليس نفس المقضي.
فاليومية خمس، وهي سبعة عشر ركعة في الحضر، وأحد عشر في السفر.
للصبح (2) ركعتان، والمغرب ثلاث، مطلقا، وكل من الظهر والعصر
والعشاء: أربع في الحضر، واثنتان في السفر.
ومقدمتها (3) المفتقرة إلى النية: الطهارة الحقيقية، وقد تقدمت.
أما إزالة النجاسة عن الثوب والبدن، وتحصيل الوقت والقبلة، وباقي

1 - في (ت، م): العيدان.
2 - في (ع): الصبح.
3 - في (ت، ق، م): مقدماتها.
27

المقدمات، فلا يفتقر إلى نية في الصحة، نعم هي شرط في تحصيل الثواب،
وحينئذ، إن أراد ذلك، نوى.
وصفته: أزيل النجاسة عن ثوبي، أو: بدني، لاستباحة الصلاة،
لوجوبه، قربة إلى الله، وكذا البواقي.
ووقت الظهرين: من الزوال إلى الغروب، ويختص الظهر من أوله
بقدرها، والعصر من آخره كذلك.
ووقت العشائين: من الغروب إلى نصف الليل، ويختص المغرب من أوله
بقدرها، والعشاء من آخره بقدرها.
ووقت الصبح: من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.
والقبلة: الكعبة لمن شاهدها أو حكمه (1)، وجهتها لمن نأى.
وشرط الساتر: الملك أو حكمه (2)، والطهارة، وكونه غير جلد
وصوف وشعر ما لا يؤكل لحمه، إلا الخز والسنجاب، وغير ميتة، وغير
الحرير للرجل.
ويستر الرجل القبل والدبر والأنثيين، والمرأة والخنثى جميع البدن عدا
الوجه والكفين والقدمين (3)، وللأمة والصبية كشف الرأس أيضا.

1 - الأعمى، ولمن لا مشقة عليه في المشاهدة، فيجب على أهل مكة تحصيل ذلك ولو بصعود
السطح، أما من خرج عن حدود مكة، فهو داخل في النائي - يجب عليه استقبال الجهة وإن
كان في الحرم - كذا اختيار الشهيد (رحمه الله)، والفاضل وابن فهد جعلا حكم الحرمي حكم
أهل مكة. (ابن المؤلف)
2 - المستأجر، والمستعار، والمأذون فيه. (ابن المؤلف)
3 - ظاهرا وباطنا فيهما، أما العقب فيجب ستره. (ابن المؤلف)
28

وشرط المكان: كونه غير مغصوب، خاليا من نجاسة متعدية، إلا مسجد
الجبهة، فتشترط طهارته مطلقا، وكونه أرضا، أو نباتها غير مأكول (1) أو
ملبوس عادة.
ويستحب الأذان، وهو: ثمانية عشر فصلا، والإقامة، وهي: سبعة عشر
فصلا.
وكيفية الأذان: الله أكبر - أربع مرات - أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد
أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير
العمل، الله أكبر، لا إله إلا الله، مرتان مرتان، والإقامة كذلك، إلا أن التكبير
في أولها مرتان، والتهليل في آخرها مرة، ويزيد: قد قامت الصلاة، مرتين بعد
التعميل (2).
واستحبابهما (3) في الخمس مطلقا (4).
وشرطهما: الترتيب،
ويستحب الترتيل في الأذان، والحدر في الإقامة.
ويستحب فيهما النية.
وصورتها: أأذن و (5) أقيم، لندبه، قربة إلى الله.
وأما الصلاة وتوابعها، فتحتاج إلى النية.
وأفعال الصلاة الواجبة ثمانية:

1 - ولو أكل في بلد دون آخر، فالأقوى عموم التحريم. (ابن المؤلف)
2 - حي [على] خير العمل. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، م): استحبابها.
4 - جماعة وفرادا، أداء وقضاء، ذكرا أو أنثى. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، م): أو.
29

الأول: القيام، وهو: ركن، تبطل بتركه عمدا وسهوا، ويجب فيه:
الاستقرار، والاستقلال، والانتصاب، وتقارب (1) القدمين، فإن عجز،
اعتمد، ثم قعد، ثم اضطجع على الأيمن، ثم الأيسر، ثم استلقى على قفاه
باطن رجليه إلى القبلة، ثم على بطنه رأسه إلى تجاه القبلة.
الثاني: النية - وحقيقتها ما تقدم - وهي ركن.
ويجب فيها: القصد إلى الصلاة المعينة، والوجوب أو الندب، والأداء أو
القضاء، والقربة، ومقارنة تكبيرة الإحرام، والاستدامة حكما إلى الفراغ.
ولا يجب التعرض لنية (2) المستحب فيها بخصوصية، لأنه في حكم التابع
للواجب (3).
وشرطها: القيام، فلا تصح قاعدا، ولا في جزء منها، إلا في حالة العدول.
ولا يشترط التعرض للقصر والتمام (4)، وإن كان في أحد الأماكن
الأربع، وقيل (5): هنا يتعين أحدهما.
وصفتها إذا كانت أداء: أصلي فرض الظهر - مثلا - أداء، لوجوبه،
قربة إلى الله. وكذا البواقي، لكن يعين الفريضة المنوية.
ولو كان إماما، نوى الإمامة استحبابا في الجماعة المندوبة (6)، ووجوبا
في الواجبة، وكذا المأموم.

1 - في (ع): تقارن.
2 - في (ق): لنيته.
3 - والنية للمتبوع تغني عن النية للتابع. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، م): الإتمام.
5 - هذا اختيار الشهيد في الدروس، وهو أحوط. (ابن المؤلف)
6 - في (ق): المسنونة.
30

وصفته: أصلي فرض الظهر إماما، أو: مأموما، أداء، لوجوبه، قربة
إلى الله.
وفي الصلاة المعادة، قيل: " تتعين نية الوجوب، ويكون من باب
الواجب المخير ".
وقيل: " يتخير بين نية الوجوب والندب، ويختار الله أحبهما إليه "،
وهو مختار الشهيد في الدروس (1).
وصفتها: أصلي فرض الظهر إماما، أو: مأموما، أداء، لوجوبه، أو:
لندبه - على اختلاف الرأيين - قربة إلى الله.
وكذا يتخير الصبي المتعبد، بين نية الوجوب أو الندب.
وصفة القضاء: أصلي فرض الظهر - مثلا - قضاء، لوجوبه، قربة إلى
الله.
ولو كان متحملا عن الأب، أو عن الغير بالاستيجار، فصفة النية:
أصلي فرض الظهر - مثلا - نيابة عن أبي، أو: عن فلان، قضاء، لوجوبه
عليه بالأصالة وعلي بالاستيجار، أو: التحمل، قربة إلى الله.
وإن كان متبرعا، فنيته: أصلي فرض الظهر - مثلا - قضاء عن فلان،
لوجوبه عليه وندبه علي، قربة إلى الله، كذا ذكره فخر المحققين، وابن فهد -
(رحمهما الله) - بعبارة متفقة المعنى (2)، وقال الشهيد (رحمه الله) في قواعده:

1 - الدروس الشرعية: ج 1 ص 223.
2 - الفخرية في معرفة النية: ص 48.
31

" في كل هذه الصور، يكفي نية الوجوب، ولا يجب التعرض
للخصوصيات، لأن الغرض: إبراز (2. 1) الفعل على وجهه، وقد حصل،
فلا حاجة إلى أن ينوي النائب: لوجوبه علي وعليه - يعني المنوب - فإن
الوجوب عليه إنما هو الوجوب عن (3) المنوب، صار متحملا له " (4) وهو حسن.
وإذا عدل من صلاة إلى أخرى، وجب نية العدول، ويحرم التلفظ بها في
أثناء الصلاة، فلو فعله، بطلت.
وصفته، أن يتصور في نفسه: أعدل من العصر إلى الظهر - مثلا - قضاء،
أو: أداء، أو: أعدل من الظهر الحاضرة إلى الظهر الفائتة - مثلا - أو: أصلي
فرض الظهر - مثلا - أداء، أو: قضاء، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولا يصح الإتيان بتكبيرة الإحرام هنا (5)، لانعقاد الصلاة بها أولا.
الثالث: تكبيرة الافتتاح، وصورتها: الله أكبر، وهي ركن.
ويجب فيها: التلفظ بها عربيا مع القدرة، والترتيب، والموالاة، والمقارنة
للنية، وإسماع نفسه، وقطع الهمزة (6)، وعدم المد المفرط فيه.
ويستحب للإمام الجهر بها كغيرها من الأذكار، وللمأموم الإخفات،
إلا في المسبوق المنتظر من الإمام، والمنفرد قيل: كالإمام، وقيل: يتخير، وقيل:
تابع، والأول حسن (7).

1 - أي: الظهور. (ابن المؤلف).
2 - في (ت، م): (الفرض إيراد) مكان (الغرض إبراز).
3 - في (ت، ق، م): على.
4 - القواعد والفوائد: ج 1 ص 82.
5 - في (ت، ق، م): نعتا.
6 - في (ع): الهمز.
7 - في (ت، ق، م): حق.
32

الرابع: القراءة، وهي واجبة ليست ركنا.
ويجب قراءة الحمد وسورة - غير عزيمة، ولا يخرج بها الوقت - في
الواجبة الثنائية، وفي الأولتين من الثلاثية والرباعية.
وفي الثالثة والرابعة يتخير بين قراءة الحمد وحدها - وهي أفضل مطلقا (1) -
وبين تسبيحات أربع، [و] (2) صورتها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله
إلا الله، والله أكبر.
أو: اثنى عشر تسبيحة، فيكرر هذه الصور (3) ثلاثا.
أو: عشر تسبيحات، صورتها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله
- مرتان - ويأتي في الثالثة بالتكبير.
أو: تسع، صورتها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ثلاثا.
ويتعين الجهر في الصبح، وأولتي العشائين على الرجل، والإخفات في
البواقي، سواء سبح أو قرأ.
والمرأة تسر مطلقا، ولو جهرت فيما يجهر فيه الرجل، جاز إذا لم يسمعها
الأجنبي.
والخنثى إن تمكنت من مكان لا يطلع عليها الأجانب، فكالرجل، وإلا
فكالمرأة، والنائب تابع.
ولا بد من القصد إلى السورة، ومحله: من آخر التكبير، فلو قصد قبل
الحمد أو في أثنائها، أجزأ.

1 - إماما أو منفردا. (ابن المؤلف)
2 - أثبتناها من (ت، م).
3 - في (ت، ق، م): فيتكرر هذه الصورة.
33

ويجب الترتيب، والموالاة، والإعراب حتى التشديد، وإخراج الحروف
من مخارجها (1) مطلقا (2) - وذكر الضاد والظاء في بعض عبارات العلماء تمثيلا
لا تخصيصا - والقراءة عن ظهر القلب.
الخامس: الركوع، وهو ركن، في كل ركعة مرة، وفي الآيات في كل
ركعة خمس، كما يأتي.
وواجبه: الانحناء - قدرا تصل كفاه ركبتيه لا الوضع - والذكر، وهو:
سبحان ربي العظيم وبحمده، أو: سبحان الله ثلاثا مختارا، أو واحدة مضطرا،
وقيل: يجزي مطلق الذكر (3)، والطمأنينة بقدره، ورفع الرأس منه مطمئنا فيه،
قائلا: " سمع الله لمن حمده " استحبابا.
السادس: السجود، ويجب سجدتان في كل ركعة، هما ركن
لا إحداهما (4).
ويجب السجود على الأعضاء السبعة: جبهته، وكفيه، وركبتيه،
وإبهامي رجليه.
وحد الجبهة: من القصاص إلى الحاجب، ولو تعذرت الجبهة (5)، سجد (6)
على أحد الجبينين، وتقديم الأيمن أولى، فإن تعذرا (7)، فعلى ذقنه، ثم الإيماء.

1 - في (ت، م): مخرجها.
2 - ضادا أو ضاء أو غيرهما. (ابن المؤلف)
3 - منقول أيضا. (ابن المؤلف)
4 - في (ع): لا أحدهما.
5 - أثبتنا (من القصاص... الجبهة) من (ع).
6 - في (ت، ق، م): يسجد.
7 - في (ت، م): تعذر.
34

ويجزئ الكف والأصابع، ويتعين الباطن إلا مع الضرورة، والمعتبر عين
الركبتين، وفي الرجلين الإبهام، فلا يجزئ غيره على الأقوى، ولا يتعين طرفه
الأعلى، خلافا لأبي الصلاح (1)، نعم لا يجزئ موضع الشراك.
و [يجب] الذكر - وهو: سبحان ربي الأعلى وبحمده، أو: سبحان
الله ثلاثا للمختار، أو واحدة للمضطر - والطمأنينة بقدره، ورفع الرأس من
الأولى مطمئنا، ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه.
ولا يعلو أو يسفل بما يزيد عن لبنة (2).
ويجزئ مسمى الوضع.
ولا يتعين في الجبهة قدر الدرهم، على الأقوى.
ويشترط كون الذكر عربيا متواليا، وأن يسمع نفسه.
ولا يجب الطمأنينة عقيب الثانية، نعم يستحب.
السابع: التشهد، وليس ركنا، ويجب فيه الجلوس مطمئنا (3) بقدره،
وعربيته، وموالاته، وترتيبه، وله صور أربع:
أ - أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد.
ب - أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.
ج - أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا
رسول الله.

1 - الكافي في الفقه، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 3 ص 264.
2 - وكذا يعتبر في باقي المساجد أيضا. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): معينا.
35

د - أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
كل ذلك مجز، ولا يجزئ غير هذه، على الأقوى.
الثامن: التسليم، وليس ركنا.
ويجب فيه الجلوس مطمئنا بقدره، وترتيب كلماته، وعربيته، وموالاته،
وتأخره عن التشهد، ومراعاة المنقول، وهو أحد العبارتين:
إما: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أو: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
ولو جمع بينهما، فالمخرج المتقدمة منهما، والعبارة الأولى أولى.
وتجب في الجمعة ما تقدم (1)، وهي ركعتان:
وتختص بوجوب الخطبتين قبلها، وخروج وقتها - بصيرورة الظل مثله -
ووجوب الجماعة، فلا بد من خمسة أحدهم الإمام، أو منصوبه.
وعدم وجوبها على المرأة، والعبد، والمسافر، والأعمى، والهم، والمقعد،
ومن بعد بفرسخين، فزائدا.
ولو حضر أحدهم (2)، وجبت عدا العبد، إلا مع إذن السيد.
ولا يصح الإتيان بجمعتين في فرسخ.
ونيتها من الإمام: أصلي صلاة الجمعة إماما، لوجوبها (3)، قربة إلى
الله (4).

1 - من شروط اليومية وأفعالها. (ابن المؤلف)
2 - والمرأة إذا حضرت وجبت عليها وأجزتها عن الظهر، لكن لا تنعقد بها، بمعنى: أنه لا يتم
العدد بها، بل يجب الخمسة غيرها، أما الصبي، فلا يجب عليه ولا ينعقد به. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، م): لوجوبه.
4 - والأولى وجوب الأداء أيضا. (ابن المؤلف)
36

ومن المأموم: أصلي صلاة الجمعة مأموما، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولا تقضى (1) لو فاتت، نعم يصلي الظهر.
ويجب في العيد ما تقدم، وهي ركعتان.
وقتها: من طلوع الشمس إلى الزوال، ولو فاتت لم تقض.
وتجب على من تجب عليه الجمعة بشروطها، وتجب خطبتان بعدها،
وخمس تكبيرات في الركعة الأولى وأربع في الثانية، يفصل بينهما بالدعاء
المنقول وهو:
(اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو
والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، أسألك بحق هذا اليوم، الذي جعلته
للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا و [شرفا] (2) ومزيدا، أن
تصلي على محمد وآل محمد، وأن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا
وآل محمد، وأن (3) تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد،
صلواتك عليه وعليهم [أجمعين] (4)، اللهم إني أسألك خير ما سألك [به] (5)
عبادك الصالحون، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك الصالحون.
ونيتها من الإمام: أصلي صلاة العيد إماما، لوجوبها، قربة إلى
الله (6)، ومن المأموم: أصلي صلاة العيد مأموما، لوجوبه، قربة إلى الله.

1 - في (ق): لا يقض.
2 - أثبتناه من (ت، م).
3 - أثبتناها من (ع، ق).
4 - أثبتناه من (ت، م) وفي (ق): (السلام) مكان (أجمعين).
5 - أثبتناه من (ت، م).
6 - والأولى وجوب الأداء أيضا. (ابن المؤلف)
37

ولو فقدت الشرائط، صليت ندبا - ولو منفردا - وينوي حينئذ الندب.
ويتحمل الإمام القراءة دون التكبيرات والقنوت، ولا يقضيان لو فاتا.
وتجب صلاة الآيات، وهي: الكسوفان، والزلزلة، والأخاويف.
وهي ركعتان، في كل واحدة خمس ركوعات - كل واحد منها ركن -
وسجدتان، يقرأ الحمد وسورة ثم يركع، ولو بعض جاز، فيتم في الخامس، ثم
يسجد سجدتين، ثم يقوم إلى الثانية، فيفعل كالأولى، ثم يتشهد ويسلم (1).
ووقتها في الكسوف: من ابتداء الاحتراق إلى ابتداء الانجلاء.
وفي الأخاويف: مدة السبب، فإن قصر فلا وجوب.
وفي الزلزلة: مدة العمر.
ولو لم يعلم بها، لم يجب إلا في الكسوف المستوعب.
ويقضي الناسي والمفرط، مطلقا (2).
ونيتها: أصلي صلاة الآيات أداء، لوجوبها، قربة إلى الله، وهذه النية
تعم الجميع.
وتجوز نية الخصوصية في كل نوع منها، فصفته: أصلي صلاة كسوف
الشمس - مثلا - أداء، أو: قضاء، لوجوبه، قربة إلى الله.
وينوي الإمام الإمامة، والمأموم الائتمام، لتحصيل (3) الفضيلة.
ونية الزلزلة: أصلي صلاة الزلزلة أداء، لوجوبها، قربة إلى الله.

1 - ويجب الذكر في الركوع والسجود هنا - كما تقدم - وإنما أهمله لذكره ثمة.
(ابن المؤلف)
2 - سواء كسوفا أو غيره، استوعب أو لا. (ابن المؤلف)
3 - في (ع): لتحصل.
38

ولو مات قضاها الولي بنية القضاء، ولو كانت عن الغير، فصفة النية:
أصلي صلاة الكسوف، أو: الآيات - مثلا - قضاء، لوجوبه على فلان، قربة
إلى الله، وفيه ما تقدم (1).
وتجب صلاة الطواف، ويأتي حكمها ونيتها في كتاب الحج - إن شاء
الله - لأنها فعل من أفعاله، فذكرها ثمة (2) أليق.
وتجب صلاة الجنازة على كل مسلم - حقيقة أو حكما - إذا بلغ ست
سنين، ويستحب لو نقص، إذا ولد حيا.
ووجوبها على الكفاية.
ولو قام بها المميز، لم يكف.
وتصح من المسلم البالغ العاقل مطلقا (3)، ويختص بها الولي ومأذونه.
ويجب فيها خمس تكبيرات، الأولى تكبيرة الإحرام، ويتشهد الشهادتين
عقيب الأولى، ويصلي على النبي وآله عقيب الثانية، ويدعو للمؤمنين عقيب
الثالثة، وللميت عقيب الرابعة، وينصرف بالخامسة.
ونيتها: أصلي على هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله.
وإن كان إماما نوى الإمامة، والمأموم ينوي الائتمام، ولا يتحمل الإمام
هنا عن المأموم شيئا، وفائدة القدوة (4): فضيلة الجماعة.

1 - من أنه لا يحتاج إلى نية النيابة، بل يكتفي بنية القضاء والوجوب، كما تقدم في باب النية. (ابن المؤلف)
2 - في (ق): ثم.
3 - ذكرا أو أنثى، حرا أو عبدا. (ابن المؤلف)
4 - أي: الاقتداء. (ابن المؤلف)
39

وعدم اشتراط محاذاة الجنازة، ولا قضاء لها، نعم لو لم يصل على الميت،
صلي على قبره مطلقا (1).
وإذا كانت مستحبة (2)، نوى الندب.
ويصح - حينئذ - من مشغول الذمة بالفريضة.
ولو لم يكن للميت ولي، فالحاكم.
ويجب صلاة النذر والعهد واليمين.
ويجب فيها ما عين من زمان، أو مكان، أو هيئة مشروعة، أو عدد
مشروع (3).
ولو أطلق نذر الصلاة، وجب ركعة، وقيل: ركعتان، وهو أحوط.
ولو نذر خمسا، انعقد وصلى أحد الهيئات المشروعة (4).
ولو لم يعين مكانا ولا زمانا، تخير.
ويتضيق المطلق عند ظن الوفاة - فيعصي (5) لو أخر حينئذ، وتجب
الكفارة في ماله، ويقضي الولي - ولا مع الظن القضاء خاصة.
ويعتبر فيها - زيادة (6) عن المنذور - ما يعتبر في اليومية.

1 - بمعنى عدم التحديد. (ابن المؤلف)
2 - كالصلاة على الطفل. (ابن المؤلف)
3 - أثبتنا (أو عدد مشروع) من (ع).
4 - فيصلي: إن شاء خمسا، كل ركعة بتسليمة، وإن شاء اثنتين واثنتين وواحدة، وإن شاء ثلاثا
وواحدة وواحدة، وإن شاء ثلاثا واثنتين، وإن شاء اثنتين وواحدة ثلاثا، هكذا نقل عن المصنف
(رحمه الله). (ابن المؤلف)
5 - في (ت، ق، م): فيقضى.
6 - أي: زيادة عن شرائط النذر. (ابن المؤلف)
40

ونيتها، إذا كانت في الوقت: أصلي ركعتين - مثلا - أداء، لوجوبهما
بالنذر، قربة إلى الله.
ولو خرج الوقت، نوى القضاء.
ولو نذر صلاة مخصوصة - كصلاة علي [عليه السلام] - لزم، والنية (1) حينئذ: أصلي
ركعتين من صلاة علي (عليه السلام)، لوجوبهما بالنذر، قربة إلى الله.
ولو كان الملزم (2) العهد، نوى: لوجوبهما بالعهد، وباليمين كذلك.
ويجب الاحتياط، مع الشك في الرباعية فيما عدا الأولتين:
[1] - كمن شك بين الاثنتين والثلاث.
[2] - أو بين الاثنتين والثلاث والأربع.
[3] - أو بين الاثنتين والأربع، مع إكمال السجدتين.
[4] - أو بين الثلاث والأربع، مطلقا (3).
فيبني على الأكثر ويحتاط بركعة من قيام، أو ركعتين من جلوس، في الأول (4) والرابع (5).
وفي الثاني (6): بركعتين من قيام، ثم ركعتين من جلوس، أو ثلاثا من
قيام.

1 - في (ت، ق، م): نيته.
2 - في (ت، ق، م): الملزوم.
3 - سواء كمل السجدتين، أو لا. (ابن المؤلف)
4 - أي: الشك بين الاثنتين والثلاث. (ابن المؤلف)
5 - أي: الشك بين الثلاث والأربع. (ابن المؤلف)
6 - أي: الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع. (ابن المؤلف)
41

وفي الثالث (1): بركعتين من قيام.
وصفة النية: أصلي ركعة، أو: ركعتين احتياطا، قائما، أو: جالسا، في
فرض الظهر - مثلا - أداء، أو: قضاء، لوجوبه، قربة إلى الله.
ووقت الأداء: وقت المجبورة، فإن خرج، نوى القضاء.
ولو كانت المجبورة قضاء، نوى القضاء - وإن فعله في الحال - وإن كانت
المجبورة تحملا، نواه، فيزيد في النية: نيابة عن فلان، قضاء، لوجوبه، قربة إلى
الله.
ولو كان الاحتياط نفسه (2) تحملا عن غيره، فنيته: أصلي ركعة احتياطا
في فرض الظهر - مثلا - قضاء عن فلان، لوجوبه، قربة إلى الله، ثم يكبر
تكبيرة الإحرام.
ويعتبر فيه ما يعتبر في الصلاة، وتتعين الفاتحة إخفاتا.
ولو تعددت المجبورات، قدم السابق، ومع خروج الوقت، تترتب على
الفوائت.
ولا يبطله خروج الوقت، ولا تخلل الحدث بينه وبين المجبورة.
ولا يصح الاقتداء به ولا فيه، إلا في الشك المشترك بين الإمام والمأموم.
وتجب سجدتا السهو، لكل زيادة ونقيصة غير مبطلة، وإن كانت صفة،
كالجهر والإخفات.
ونيتهما: أسجد سجدتي السهو، في فرض الظهر - مثلا - أداء، أو:
قضاء، لوجوبهما، قربة إلى الله.

1 - بين الاثنتين والأربع. (ابن المؤلف)
2 - في (ق): بعينه.
42

وتجب فيهما ما يجب في سجود الصلاة.
وذكرهما: بسم الله وبالله، اللهم صل على محمد وآل محمد.
أو: بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
أو: بسم الله وبالله، وصل الله على محمد وآل محمد.
ويتعين أحد هذه الصيغ، وقيل: يجزي ذكر الصلاة، وقيل: لا ذكر
مطلقا (1).
ومحل النية: عند وضع الجبهة على الأرض، فيجوز أن يتصورها جالسا
ويقارن بها وضع الجبهة، أو يضع الجبهة ثم ينوي، وقيل: " يكفي مقارنة آخر
جزء من النية للانحناء ".
وليس من أجزاء (2) الصلاة ما يقضى، سوى السجدة، والتشهد،
والصلاة على النبي وآله.
ونية هذه الأجزاء المنسية: أسجد السجدة المنسية، أو: أتشهد التشهد
المنسي، أو: أصلي الصلاة المنسية، في فرض كذا، أداء، أو: قضاء، لوجوبه
قربة إلى الله.
وتصير قضاء بخروج وقت الفريضة، ثم يأتي بالمنسي.
ولا يجوز تأخيرها حتى يخرج الوقت، عمدا.
ولا تترتب الأجزاء على الفوائت، نعم تترتب بعضها على بعض، فيقضي
الفائت أولا قبل الثاني، وهكذا.

1 - يعني: لا ذكر سجود الصلاة، ولا غيره. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): (آخر) مكان (من أجزاء).
43

ويشترط في هذه الأجزاء، ما يشترط في الصلاة، ويقارن بالسجدة وضع
الجبهة على الأرض، كما تقدم في سجدتي السهو.
ولا يشترط عدم تخلل الحدث بينها وبين الصلاة، فيتطهر ويأتي بالمنسي.
وسجدة العزيمة واجبة - عند تلاوتها، أو استماعها، أو سماعها - وجوبا
فوريا، فلو تراخى، نوى القضاء.
ونيتها: أسجد سجدة التلاوة، أداء، أو: قضاء، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويجب فيها: الستر، والسجود على الأعضاء السبعة.
ولا يشترط الاستقبال، ولا خلو البدن والثوب من النجاسة، ولا الطهارة،
ولا السجود على ما يصح السجود عليه، وإن كان أحوط، وفي البيان (1) و
التحرير (2. 3) اشترطاهما (4. 5).
ولا يجب فيهما ذكر، وقيل: " يتعين ذكر سجود الصلاة ".
وموضع السجود: عند التلفظ بالسجدة، وفراغ الآية، فيسجد في ألم
عند تمام يستكبرون، وفي فصلت عند يعبدون، وفي النجم عند تمام واعبدوا،
وفي إقرأ عند واقترب، وليس هذا القدر مخلا بالفورية.
ويستحب مطلقا (6) - أيضا - في أحد عشر: الأعراف، والرعد، والنحل،
وبني إسرائيل، ومريم، والحج - في موضعين - والفرقان، والنمل (7)، و ص،
والانشقاق.

1 - البيان: ص 173.
2 - أثبتناها من (ع).
3 - تحرير الأحكام: ج 1 ص 42، ولكن لم يشترط فيه الطهارة.
4 - كلاهما منقول. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، م): اشترط، وفي (ق): اشترطه.
6 - أي: للقارئ، والمستمع، والسامع. (ابن المؤلف)
7 - محله: عند وخر راكعا وأناب. (ابن المؤلف)
44

ونيتها: أسجد سجدة التلاوة، لندبها، قربة إلى الله.
وأما أفعال الصلاة المندوبة، فتدخل في نية الصلاة ضمنا، والله الموفق.
الفصل الثاني: في المندوبات.
أما التعقيب: فكثير.
وأفضله تسبيح الزهراء (عليها السلام) وهي أربع وثلاثون تكبيرة، ثم
ثلاث وثلاثون تحميدة، ثم ثلاث وثلاثون تسبيحة.
ونيتها: أسبح تسبيح الزهراء (عليها السلام) لندبه، قربة إلى الله.
وتستحب سجدتا الشكر عقيب الصلاة، وعند تجدد نعمة، أو دفع
نقمة (1)، ويستحب التعفير بينهما، والأخبار في فضلهما (2) كثيرة، ويستحب
فيهما الذكر - وهو مذكور في مظانه - وأقله مائة مرة شكرا شكرا، أو عفوا
عفوا، وأقل منه عشرا أو ثلاث.
ويستحب جعلهما خاتمة (3) التعقيب، وإن كانتا لسبب، فعند حصول
السبب.
ويستحب افتراش بدنه بالأرض ولا يتخاوى، وتعفير الجبينين والخدين -
أي: وضعهما على التراب - ويكفي وضعهما على ما اتفق، ويبالغ في الدعاء
وطلب الحاجة فيهما، وإذا رفع رأسه، مسح موضع سجوده بيده، وأمرها على
وجهه، ودعا بالمنقول.

1 - أثبتنا (أو دفع نقمة) من (ع).
2 - في (ق): فضلها.
3 - في (ت، ق، م): خلفة.
45

وليس فيهما (1) تكبيرة الإحرام، ولا تكبيرة السجود، ولا رفع اليدين،
ولا تشهد، ولا تسليم.
ولا يشترط وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، نعم يشترط وضع
الأعضاء السبعة.
ويجوز فعلهما على الراحلة.
ويشترط فيهما إباحة المكان، والساتر.
وأما الصلوات (2) المندوبة، فكثيرة ليس هذا موضع ذكرها، ولنذكر
المهم منها.
فمن ذلك (3): النوافل اليومية وهي أربع وثلاثون في الحضر:
للظهر: ثمان بعد الزوال قبلها.
وللعصر: ثمان قبلها، بعد الظهر.
وللمغرب: أربع بعدها.
وللعشاء: ركعتان - من جلوس - بعدها، يعدان بواحدة.
ولليل (4): ثمان بعد نصفه.
وللشفع: ركعتان.
وركعة للوتر.
[وللصبح: ركعتان، بعد الفجر قبلها] (5).
وتسقط نافلة الظهرين والعشاء (6)، سفرا.

1 - في (ع، ق): فيها.
2 - في (ت، ق، م): تلك.
3 - في (ت، ق، م): الصلاة.
4 - في (ت، ق، م): الليل.
5 - لم يذكر المؤلف نافلة الصبح.
6 - في (ع): للعشاء.
46

وكل ركعتين بتشهد وتسليم، عدا الوتر، وتتعين الفاتحة فيها.
ونيتها: أصلي ركعتين من نوافل الظهر أداء، لندبهما، قربة إلى الله.
وكذا البواقي.
ولو خرج الوقت نوى القضاء.
ونية الشفع: أصلي ركعتي (1) الشفع أداء، لندبهما، قربة إلى الله.
ونية الوتر: أصلي ركعة الوتر أداء، لندبها، قربة إلى الله.
ويجوز تقديم نافلة الليل لخائف البرد، والجنابة، والمسافر، والشاب الذي
يمنعه رطوبة رأسه.
والنية حينئذ: أصلي ركعتين من صلاة الليل معجلة، لندبهما، قربة
إلى الله.
ومنه: نافلة شهر رمضان، وهي ألف ركعة:
كل ليلة عشرين: ثمان بين الفرضين، والباقي بعد العشاء.
وفي العشر الأخير بزيادة عشرة أخرى.
وفي كل من ليلة (2) تسع عشرة (3)، وإحدى وعشرين، وثلاث
وعشرين، زيادة مائة.
ولو فاته قيام ليلة، فعله في غدها، أو المستقبلة (4).
والنية: أصلي ركعتين من نافلة رمضان، لندبهما، قربة إلى الله.

1 - في (ت، م): ركعتين.
2 - في (ت، ق، م): (كل ليلة من) مكان (كل من ليلة).
3 - في (ت، ق، م): تسعة عشر.
4 - أي: ليلة آتي. (ابن المؤلف)
47

ومنه: صلاة الغدير - وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة - وهي:
ركعتان، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وكلا من التوحيد وآية الكرسي - إلى
خالدون - والقدر عشرا عشرا، ويسبح تسبيح الزهراء (عليها السلام) عقيبها،
ويدعو بالمأثور.
ونيتها: أصلي صلاة الغدير، لندبها، قربة إلى الله.
ووقتها: النهار من أوله إلى آخره، لكن قبل الزوال بنصف ساعة أفضل.
ولو كانت النافلة للمكان، لم يشترط التعرض له، بل يكفي - إذا كان في
الكعبة، مثلا -: أصلي ركعتين، لندبهما، قربة إلى الله.
وفي عمل الأسبوع: أصلي ركعتين من نافلة الجمعة - مثلا - لندبهما،
قربة إلى الله.
وفي ذات الفعل: أصلي صلاة الاستسقاء، أو: الحاجة، أو: الشكر، أو:
الاستخارة، لندبها (1)، قربة إلى الله.
ويتخير يوم الجمعة - في ستة عشر ركعة - بين نية الجمعة أو الظهرين.
فإن شاء نوى: أصلي ركعتين من نوافل الجمعة، لندبهما، قربة إلى
الله، حتى يأتي على العشرين.
وإن شاء [نوى] (2): أصلي ركعتين من نوافل الظهر، لندبهما، قربة
إلى الله، ويصلي ثمانية، ثم يصلي (3) نافلة العصر بنيتها: أصلي ركعتين من
نافلة العصر، لندبهما، قربة إلى الله، ويصلي الأربع الباقية بنية الجمعة.

1 - في (ت، م): لندبهما.
2 - أثبتناها من (ت، ق، م).
3 - أثبتنا (ثم يصلي) من (ع).
48

ولو فاتت، سقطت الأربع، وقضى نافلة الظهرين خاصة.
ولو صلى بعضا وفات الباقي، فإن كان قد نوى الواقع عن الظهرين،
سقط ما يخص اليوم، وإن نوى الجمعة، قضى ما يخص الظهرين (1).
وفي السفر يسقط ما يخص الظهرين، ويصلي الأربع الباقية، وكذا في
الخوف.
ونية (2) صلاة (3) الزيارة: أصلي ركعتي زيارة النبي (صلى الله عليه وآله)،
أو: أحد الأئمة (عليهم السلام)، لندبه، قربة إلى الله.
ويكفي: أصلي ركعتي الزيارة، لندبهما، قربة إلى الله.
ويقول بعدهما: اللهم إني صليت، وركعت، وسجدت لك، وحدك
لا شريك لك، لأن الصلاة والركوع والسجود لا يكون إلا لك، لأنك أنت
الله الذي لا إله إلا أنت، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأبلغهم عني
أفضل التحية والسلام، واردد علي منهم التحية والسلام، اللهم وهاتان
الركعتان هدية مني إلى مولاي وسيدي ونبيي، أو: إمامي فلان بن فلان،
صلوات الله [وسلامه] (4) عليه، اللهم صل على محمد وآل محمد، وتقبل
ذلك مني، وأجزني على ذلك بأفضل أملي ورجائي فيك وفي [رسولك،
أو: في] (5) وليك،
يا أرحم الراحمين.

1 - في (ت، ق، م): الظهر.
2 - في (ت، ق، م): منه.
3 - أثبتنا (صلاة) من (ع، ق).
4 - أثبتناه من (ت، ق، م).
5 - أثبتناه من (ت، م).
49

تنبيه:
النافلة قد تكون:
لفضيلة المكان، كالصلاة في الكعبة، أو في المسجد تحية.
وللفعل: فإما لمصلحة عامة كالاستسقاء، أو خاصة كالحاجة، أو لتقرير
مطلوب كالشكر، أو تكرمة له كالزيارة، أو لتكميله كالإحرام.
أو للزمان، كعمل الأسبوع والغدير.
أو لكونها صلاة شخص معظم، كصلاة علي (عليه السلام).
فما للمكان: فيه، ولا يتعبد به في غيره.
وما للفعل: قبله، عند ابتداء الشروع فيه، عدا الزيارة، فإنها بعدها.
وما للزمان: بعد دخوله، ولا يتعبد به في غيره، عدا النافلة اليومية،
فتقضى بعده وتقدم عليه، كما ذكرنا.
وما للمكان: لا يتعرض له - كما عرفت - وما عداه، لا بد من التعرض
لذكر مشخصه (1)، فينوي الإحرام في نافلته، مثلا.
وهذا ضابط كلي، والأمثلة ظاهرة لا نطول بذكرها.
تذنيب:
ينبغي أن ينوي في الأشياء المحتملة للوجوب الوجوب، كتلاوة القرآن وحفظه -
فإنه واجب على الكفاية وربما تعين على الحافظ حذرا من النسيان - وكطلب
العلم، وفروض الكفايات كلها، فتجب نية (2) الوجوب حيث يتعين عليه،
وقيل: مطلقا، وهو أقوى.

1 - في (ت، ق، م): شخصه.
2 - في (ت، ق، م): فيه.
50

وصفتها: أقرأ القرآن لوجوبه، أو: لندبه، قربة إلى الله، [و] (1) أطلب
العلم لوجوبه، أو: لندبه (2)، قربة إلى الله، وكذا البواقي.
وفي ترك الحرام ينوي الوجوب: أترك الزنا، لوجوبه، قربة إلى الله.
وفي فعل المستحب وترك المكروه ينوي الندب.
وإذا كانت الأعمال بالنيات، فقلما يخلو فعل من مرجح يستحق به
الثواب، فإن الأكل، مثلا:
قد يجب: إذا خاف التلف، أو التقصير عن العبادة بدونه.
وقد تستحب: في الولائم المشروعة.
وقد تحرم: إذا كان مؤديا إلى الضرر.
وقد تكره: إذا امتلأ ولم يؤد إلى الضرر.
وقد يباح: إذا خلا عن هذه الأسباب.
وكذا غيره من الأفعال، فليتأمل ذلك، والله الموفق.

1 - أثبتناها من (ت، ق، م).
2 - على اختلاف القولين. (ابن المؤلف)
51

كتاب الزكاة
وفيه مقصدان:
[المقصد] الأول: في زكاة المال، وفيه فصلان:
[الفصل] الأول: الواجبة.
وتجب في تسعة أشياء: الذهب والفضة، والإبل والبقر والغنم، والحنطة و
الشعير والتمر والزبيب.
بشرط: البلوغ، والعقل، والحرية، والملك التام، والنصاب.
ويشترط في الخمسة الأول: الحول.
وفي الأولين: كونهما منقوشين بسكة المعاملة، أو ما كان يتعامل بها.
والمراد بسكة المعاملة: ما هو في الحال، وما كان يتعامل بها، أي: في
الماضي.
وفي الأنعام: السوم، وكونها غير عوامل.
وفي الغلات: تملكها بالزراعة، والمراد به: أنه يكفي تملكها قبل بدو
الصلاح فينمو في الملك، لا أنه يكون هو الزارع.
53

[الفصل] الثاني: المستحبة.
وتستحب في مال التجارة - وهو ما ملك بعقد معاوضة للاكتساب عند
التملك، أو قصد به الاكتساب بعد التملك، على الأقوى - بشرط النصاب
طول الحول.
وفيما عدا الغلات الأربع، كالعدس والحمص، بل كل ما تنبته الأرض -
من مكيل أو موزون - عدا الخضراوات.
وفي الخيل الإناث السائمة - عتيقا كان أو برذونا - بشرط الحول.
وفي العقار المتخذ للنماء، [ويشترط كونها غير عاملة أيضا، وأن
يتفرد المالك بفرس، ولا زكاة في المشترك، على الأقوى] (1)، ولا تعتبر فيه
الحول ولا النصاب، في المشهور.
وفي السبائك، والضال، والمفقود أحوالا، فتزكى لحول.
فنية الواجبة: أخرج هذا القدر - مثلا - من زكاة مالي، أو: من الزكاة،
لوجوبه، قربة إلى الله.
ولا يجب تعيين الجنس، بل كونها زكاة مال أو فطرة، واجبة أو مندوبة.
ولو كان وكيلا، فصفة النية: أخرج هذا القدر - مثلا - من زكاة مال
فلان، أو: موكلي، لوجوبه، قربة إلى الله، وكذا الوصي.
ولو لم ينو المالك عند الدفع إلى الوكيل، ونوى الوكيل عند الدفع إلى
الفقير، أجزأ، بخلاف العكس.
ونية الإمام والساعي: أخرج هذا القدر - مثلا - من الزكاة، لوجوبه،

1 - أثبتناه من (ت، ق، م).
54

قربة إلى الله.
ولا يشترط ذكر أربابها.
والفقيه حكمه حكمهما إن كان مجتهدا، وإلا فكالوكيل.
ولو نوى المالك عند الدفع إلى الإمام أو الساعي، لم يفتقر إلى نية
أخرى عند الإخراج، لأنه ولي الفقراء، وللإمام والساعي الخلط.
ولو كان المال دينا على الفقير، فصفة النية: أحتسب بما لي في ذمة
فلان، أو: الفقراء (1)، من زكاة مالي، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويجوز القضاء عن المستحق حيا وميتا، ونيته: أخرج، أو: أدفع هذا
القدر - مثلا - عما في ذمة فلان، من زكاة مالي، أو: من الفطرة، أداء، أو:
قضاء، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولو كان وكيلا أو وصيا، فنيته: أخرج هذا المال، أو: القدر - مثلا -
من زكاة مال فلان عما في ذمة فلان، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولا يجوز تأخير الإخراج إلا مع الضرورة، فيستحب العزل، ونيته: أعزل
هذا القدر من الزكاة، لندبه، قربة إلى الله.
ونية المندوبة: أخرج هذا القدر من زكاة التجارة، لندبه (2)، قربة إلى
الله.
وفي الخيل: أخرج هذا الدينار، أو: الدينارين، عن زكاة البرذون، أو:
العتيق، لندبه، قربة إلى الله.
وفي الحبوب: أخرج هذا القدر من الزكاة، لندبه، قربة إلى الله.

1 - في (ت، م): الفقير.
2 - في (ع، ت، م): لندبها.
55

وفي العقار: أخرج هذا القدر من زكاة العقار، لندبه (1)، قربة إلى الله.
ولو أهمل التعيين، لم يضر، فتكون النية: أخرج هذا من زكاة مالي،
أو: الزكاة، لندبه، قربة إلى الله.
والوكيل ينوي كما تقدم، لكن ينوي الندب، فنيته: أخرج هذا المال
من زكاة التجارة - مثلا - نيابة عن فلان، لندبه، قربة إلى الله.
ولو أسقط قيد " النيابة " في الجميع، لم يضر.
ومستحقها (2): الفقراء، والمساكين، والعاملون، والمؤلفة، وفي الرقاب،
والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل.
المقصد الثاني: في زكاة الفطرة.
وتجب على الحر، البالغ، العاقل، الغني، وهو: من يملك ليلة العيد مؤونة
السنة المستقبلة له ولعياله، فعلا أو قوة، ويفضل صاع يخرجه.
ويخرج عنه وعن
من يعول فرضا - كالزوجة والعبد - أو ندبا، كالضيف.
ويجب بغروب شمس ليلة الفطر، ويمتد إلى الزوال، ولا يجوز تقديمها إلا
قرضا، ولو زالت الشمس قضاها، إن لم يكن عزلها (3).
والمخرج صاع من غالب القوت، كالحنطة.
ونية (4) الواجبة: أخرج هذا الصاع، أو: الأصواع من زكاة الفطرة،
أداء، أو: قضاء، لوجوبه، قربة إلى الله.

1 - في (ع، ت، م): لندبها.
2 - في (ت، ق، م): يستحقها.
3 - ولو كان قد عزلها لعذر، نوى الأداء، وإلا القضاء. (ابن المؤلف)
4 - في (ت): نيته.
56

ولو كان المدفوع القيمة، احتسبه قيمة، ونيته: أخرج هذا الدرهم -
مثلا - قيمة عن صاع من التمر - مثلا - من زكاة الفطرة الواجبة، أداء، أو:
قضاء، [لوجوبه] (1)، قربة إلى الله.
ولو كانت دينا على الفقير، فالنية: أحتسب بما لي في ذمة فلان، قيمة
عن صاع من التمر - مثلا - من زكاة الفطرة، أداء، أو: قضاء، لوجوبه،
قربة إلى الله.
ولو كان وكيلا، نوى النيابة.
ولو كانت مندوبة، نوى الندب، ونيتها: أخرج هذا القدر من زكاة
الفطرة، أداء، أو: قضاء، لندبه، قربة إلى الله.
وأقل المندوب أن يدير صاعا على عياله.
وكيفية الإدارة إن كانوا كبارا: أن ينوي عن نفسه، ويدفع إلى أحدهم،
ثم ينوي كل واحد عند الدفع إلى الآخر، ثم ينوي الأخير عند الدفع إلى الفقير
الأجنبي.
ولو كانوا صغارا: تولى الولي ذلك، فينوي الدفع إلى الصبي ويقبضها
عنه، ثم يخرجها إلى الآخر حتى ينتهي عليهم، ثم يخرجها إلى الفقير.
وإخراج المال عن الطفل هنا مشروع، بل مستحب، كإخراج الزكاة
المندوبة عن ماله.
ولو دفعها - حينئذ - بنية واحدة عند الابتداء، ثم أدارها على عياله
ونوى عند إيصالها إلى الفقير، كفى في الاستحباب.

1 - أثبتناها من (ت، م).
57

وصورة النية - حينئذ -: أدير هذا الصاع على عيالي من زكاة
الفطرة، لندبه، قربة إلى الله.
* * *
58

كتاب الخمس
ويجب:
في غنائم دار الحرب - قليلة كانت أو كثيرة، حواها العسكر أو لا، وسواء
كانت مما ينقل أو لا - إذا غنمت بإذن الإمام.
ولو غنمت بغير إذنه، فله، ولو سرق أو أخذ غيلة، فلآخذه، وفيه (1)
الخمس.
وفي المعادن، كالذهب والفضة وغيرهما.
وفي الكنز وما يخرج من البحر، كاللآلئ.
وفي أرباح التجارة، والزراعة، والصناعة، وأرض الذمي - إذا اشتراها من
مسلم - والحلال الممتزج بالحرام، ولم يعرف مالكه ولا قدره.
ونصابه:
قد يكون نصاب الزكاة، كالكنز والمعدن.
وقد يكون ما زاد عن مؤونة السنة، كالأرباح.
وقد يكون دينارا، كالغوص في غير الحيوان، أما الحيوان فإنه صيد

1 - في (ت، ق، م): فيها.
59

ملحق بالمكاسب.
وقد يكون ما حصل (1) من غير تقدير، كالممتزج.
ولا يعتبر التكليف والحول إلا في الأرباح، فيؤخر إلى تمامه احتياطا،
ويجوز التعجيل.
والحول هنا اثني عشر شهرا كاملة.
ويدخل في مؤونة السنة واجب النفقة ومستحبها - كالضيف - بحسب
الاقتصاد، فيحسب عليه لو أسرف، ولو قتر (2) حسب له.
ولا يعتبر الحول في كل تكسب، بل يبتدئ الحول من عند (3) الشروع في
التكسب بأنواعه، فإذا تم، [ثم] (4) خمس ما فضل.
ولو ملك ما يزيد على المؤونة - دفعة أو دفعات - قبل الحول، تخير في
التعجيل والتأخير.
ومؤونة الحاج لا خمس فيها، إلا أن تجتمع من فصلات (5)، أو لم تصادف
سير الرفقة الحول، فيجب.
والمؤونة تؤخذ من أصل المال، والكسب بالنسبة، وقيل: " من الكسب
خاصة ".
ويقسم نصفان، للإمام نصف وللهاشميين نصف، ويصرف نصفه حال
الغيبة إلى الأصناف مع قصور الكفاية على وجه التتمة.
ونيته: أخرج، أو: أدفع هذا القدر من الخمس، لوجوبه، قربة إلى الله.

1 - في (ع): حصد.
2 - في (ت، م): فقر.
3 - في (ت، ق، م): حين.
4 - أثبتناه من (ت، م).
5 - في (ع: فضلات.
60

وكذا حكم الممتزج، على الأقوى.
ولو نوى فيه: أخرج هذا القدر من الخمس لتحليل مالي، لوجوبه،
قربة إلى الله، جاز.
ولا يكفي عن الخمس الأصلي لو كان، على الأقوى.
ولو كان وكيلا، فنيته: أخرج هذا القدر من الخمس الواجب عن
فلان، أو: عن موكلي، لوجوبه، قربة إلى الله.
وتجوز مقاصة الهاشمي بما في ذمته، ونيته: أحتسب بما لي في ذمة فلان
من الخمس، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولو كان وكيلا، فنيته: أحتسب بما لفلان (1) في ذمة فلان، من (2)
الخمس الواجب عليه، قربة إلى الله.
ولو كان المخرج من حصة الإمام، فنيته: أخرج هذا القدر من
الخمس، من حصة الإمام، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويجوز الاقتصار على الخمس.
ولو كان نائبا، نوى النيابة.
[والله الموفق والمعين] (3).

1 - في (ت، ق، م): بمال فلان.
2 - أثبتنا (من) من (ع، ق).
3 - أثبتناه من (ت، م).
61

كتاب الصوم
وهو: توطين النفس على (1) الامتناع عن المفطرات، مع النية.
والواجب منه ستة: رمضان، والكفارات، وبدل الهدي، والنذر وشبهه،
والاعتكاف الواجب، وقضاء الواجب.
والمندوب منه كثير:
والمؤكد منه: أول خميس من الشهر، وآخر خميس، وأول أربعاء من
العشر الثاني، وأيام البيض من كل شهر - وهي الثالث عشر، والرابع عشر،
والخامس عشر - والغدير، والمولد، والمبعث، ودحو الأرض، وعرفة - إلا مع
الضعف عن الدعاء، أو شك الهلال - والمباهلة، ورجب، وشعبان، وكل
خميس، وكل جمعة، وأول ذي الحجة.
وأقل من ذلك، صوم أيام السنة عدا ما استثني.
وقد يعرض سبب يقتضي كراهته (2): كصوم الضيف بدون إذن
المضيف، وبالعكس، أو حرمته: كمن كان بمنى ناسكا.

1 - في (ت، م): عن.
2 - في (ت، ق، م): كراهيته.
63

وليس في الصوم مباح، بل ولا في غيره من العبادات، بل إما راجح أو
مرجوح، فليتأمل ذلك.
ووقت النية في الواجب المعين (1): من أول الليل إلى آخره، بشرط
الاستدامة عليها، والجزم، فلا يجزي المترددة.
ولو ردد ليلة الشك، فالأقرب الإجزاء.
ولو ردد ليلة العيد بين الصوم وعدمه، بطل على الأقوى.
ولا يفسدها الأكل ليلا، ولا الشرب، ولا الجنابة، على الأقوى.
ولو نسي، جدد إلى الزوال.
وفي غير المعين: يمتد (2) وقتها من أول الليل إلى الزوال، فلا يصح بعده،
والمشهور في النفل: إنه كذلك، وقيل: يمتد إلى الغروب، وهو قوي، وعلى هذا
لا بد أن يبقى من النهار - بعد النية - ما يصدق عليه اسم الصوم، فلو طابق
بآخر (3) النية ابتداء الغروب، لم يصح قطعا.
ولا بد في كل ليلة من نية، وقيل: يجزئ نية واحدة لجميع الشهر وكذا
قيل: يجوز تقديم نية (4) شهر رمضان عليه، والأصح العدم.
وعلى القول بجواز التقديم، فحده ثلاثة أيام فما دون، ولا يجوز بأزيد
من ذلك إجماعا.
وشرط وجوبه: البلوغ، والعقل، والطهارة من الحيض والنفاس،
والحضر، والصحة.
ويصح من الصبي المميز، ومن المسافر ندبا.

1 - في (ت، ق، م): المعتبر.
2 - في (ت، ق، م): عند.
3 - في (ت، ق، م): تأخر.
4 - في (ت، م): النية.
64

ونية رمضان: أصوم غدا من رمضان أداء، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويجوز ترك التعيين.
ونية قضائه: أصوم غدا قضاء عن رمضان، لوجوبه، قربة إلى الله.
ووقت هذه النية: من أول الليل إلى الزوال، فيجوز إيقاعها في أي جزء
كان من هذا الزمان، إذا لم يفعل المنافي نهارا، كذا جزم به في التحرير (1)،
والدروس (2)، وفي اللمعة الجلية: " يجدد إلى الزوال، إن لم يصبح بنية الفطر ".
ونية فدية الحامل، والمرضع القليلة اللبن، والشيخ والشيخة، وذي
العطاش: أتصدق بهذا المد، بدلا، أو: فدية، أو: عوضا، عن يوم من (3)
رمضان، أو: بهذه الأمداد، بدلا عن رمضان، لوجوبه، قربة إلى الله.
ونية كفارة تأخير قضاء رمضان: أخرج هذا المد، أو: الأمداد، كفارة
عن تأخير قضاء رمضان، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولو أفطر قضاء رمضان قبل الزوال، فلا شئ مع عدم تعيينه، ومعه مد
إن كان التعيين لضيق الوقت، وكفارة كبرى إن كان للنذر، ومتوسطة إن
كان لليمين.
وبعد الزوال، إطعام عشرة مساكين، فإن عجز، صام ثلاثة أيام.
وتجتمع الكفارات لو اجتمع أسبابها.
ونية الصدقة: أتصدق بهذا المد، كفارة عن إفطار قضاء رمضان،
لوجوبه، قربة إلى الله.

1 - تحرير الأحكام: ج 1 ص 76.
2 - الدروس الشرعية: ج 1 ص 266.
3 - أثبتنا (يوم من) من (ع، ق).
65

ونية الكفارة - إن كانت عتقا -: أنت حر، أو: هذا العبد حر، عن
كفارة رمضان، أو: الظهار - مثلا - لوجوبه، قربة إلى الله.
وإن كانت صياما، فالنية: أصوم غدا عن كفارة شهر رمضان - مثلا -
لوجوبه، قربة إلى الله.
ونية الإطعام: أطعم هؤلاء المساكين، أو: هذا المسكين، أو: أخرج هذا
القدر، عن كفارة رمضان، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويتخير بين إطعام العدد قدر شبعهم - ما كان قوتا غالبا - وبين تسليم
مد إلى كل واحد.
ولو أطعم الصغار منفردين، احتسب الاثنين بواحد.
ولا يدفع إلى الطفل، بل إلى وليه، فإن فقد، فإلى من يعتني بحاله (1)،
ولا تعتبر إذنه (2) في الإطعام.
وإذا دفع إلى ولي الطفل، نوى المدفوع إليه في نفسه، وصفته: أدفع
هذا القدر من الكفارة إلى فلان، لوجوبه، قربة إلى الله.
ونية كفارة اليمين: أخرج هذا الثوب عن كفارة اليمين، لوجوبه،
قربة إلى الله.
ونية الصوم: أصوم غدا من كفارة اليمين، لوجوبه، قربة إلى الله.
والعتق: كما تقدم، وينوي اليمين.
وكذا كفارة الاعتكاف، والنذر، والعهد، والقتل (3)، إلا أنه ينوي

1 - أي: يربيه. (ابن المؤلف)
2 - أي: ولي الطفل. (ابن المؤلف)
3 - أثبتناها من (ع).
66

السبب، وضابطه: أن يذكر التكفير، والوجوب، والقربة، وتعيين السبب.
وصفته: أخرج هذا القدر عن كفارة الظهار، أو: النذر، أو: القتل،
لوجوبه، قربة إلى الله.
ولا يشترط تعيين قتل زيد أو عمرو، ولا النذر الفلاني.
ونية صوم النذر: أصوم غدا من النذر، أو: من رجب، لوجوبه
بالنذر، قربة إلى الله.
ونية قضائه: أصوم غدا قضاء عن النذر، أو: عن يوم من رجب،
لوجوبه، قربة إلى الله.
والمعين منه كرمضان في الأحكام، إلا في النية، فيعينه.
والمطلق كقضائه، إلا في الإفطار بعد الزوال، والوقت فلا ينحصر في
زمان.
وإذا كان الصوم عن الغير، فالنية: أصوم غدا قضاء عن فلان، من
شهر رمضان، أو: من النذر، نيابة عنه، قربة إلى الله.
وصوم بدل الهدي ثلاثة في الحج متوالية، وسبعة إذا رجع إلى أهله،
ولا يشترط فيها التتابع.
ونيته: أصوم غدا عوضا عن هدي حج التمتع، حج الإسلام،
لوجوبه، قربة إلى الله.
ونية المندوب: أصوم غدا، لندبه، قربة إلى الله.
ولا فرق بين المعين - كيوم الغدير - وغيره، نعم لو كان الصوم لسبب،
نواه، كصوم الاستسقاء.
* * *
67

كتاب الاعتكاف
وهو: مستحب في أصل الشرع.
وإنما يجب بالنذر وشبهه، أو بمضي يومين، فيجب الثالث.
وشرطه: تمييز (1) المكلف، وإسلامه، ودوام اللبث ثلاثة أيام، وإذن الولي
- إن كان - ومسجد صلى فيه جمعة أو جماعة، والصوم.
ونية المندوب: أعتكف ثلاثة أيام - مثلا -، لندبه، قربة إلى الله.
ونية صومه (2): أصوم غدا في الاعتكاف، لندبه، قربة إلى الله.
وقال في اللمعة الجلية: " نيته: أصوم غدا معتكفا، أو أعتكف غدا
صائما، لوجوبه أو لندبه، قربة إلى الله ".
فيجزي فيه نية واحدة مع اتحادهما سببا، ومع اختلافه ينوي كلا على
حدته.
ويجب بالنذر وشبهه، فإن عين ثلاثة فصاعدا، لزم، وإن أطلق، وجب
ثلاثة أيام (3)، وإن قيد بأقل من ثلاثة، بطل.

1 - في (ق): تميز، وفي (ت، م): يمين.
2 - في (ت، م): الصوم.
3 - أثبتناها من (ع).
69

ولا يشترط فيه إصالة الصوم مطلقا (1)، فيجزي فيه: رمضان، وقضاؤه،
والكفارة، والنذر، وحينئذ ينوي كلا منهما على حدته.
وصفته (2): أعتكف غدا، لوجوبه بالنذر - مثلا - قربة إلى الله،
وينوي الصوم من رمضان، ونيته ما تقدم.
ونية قضاء الاعتكاف: أعتكف غدا قضاء، لوجوبه بالنذر، قربة إلى
الله.
ثم يأتي بنية الصوم، إلا أن يتحدا سببا (3)، فتكفي الواحدة.
وإن كان الاعتكاف عن الغير، فنيته: أعتكف غدا قضاء عن فلان،
لوجوبه عليه بالنذر - مثلا - قربة إلى الله.
ويظهر مما ذكرناه: نية ما أهملناه، عند التأمل، والله الموفق.

1 - سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): نيته.
3 - في (ت، ق، م): أسبابا.
70

كتاب الحج
وهو: واجب، وندب.
فيجب مرة على الكامل، الحر، المستطيع، المتمكن من المسير ونفقة
واجب النفقة ذاهبا وعائدا، وهي حجة الإسلام.
وقد يجب بالنذر وشبهه، وبالاستيجار، والإفساد.
ويتكرر بتكرر السبب.
والندب (1) ما عدا ذلك.
وهو ثلاثة أنواع: تمتع، وقران، وإفراد.
فالتمتع فرض من نأى عن مكة بثمانية وأربعين ميلا.
والقران والإفراد فرض من دنا (2) عن ذلك.
ويمتاز المتمتع عنهما بأمور:
ألف - إنهما يقدمان الحج على العمرة، بخلاف المتمتع، فإنه يقدمها.
ب - إن ميقات الإحرام لحج التمتع مكة، ولحجهما المواقيت الآتية.
ج - إن ميقات إحرام عمرتهما أدنى الحل، وميقات عمرة التمتع

1 - في (ق): المندوب.
2 - في (ت، ق، م): نأى.
71

المواقيت المذكورة آنفا (1).
د - إنه لا يشترط الإتيان فيهما بالحج والعمرة في عام واحد، بخلاف
التمتع.
ه‍ - إنه لا يشترط كون عمرتهما في أشهر الحج، بخلاف التمتع.
و - إنه لا يتعين في التحلل من عمرتهما التقصير، بل يتخير بينه وبين
الحلق، بخلاف المتمتع (2).
ز - إنهما يجوز لهما تقديم طواف الحج على الموقفين اختيارا، ويحل
لهما الطيب - حينئذ - بخلاف المتمتع، فإنه لا يجوز إلا لضرورة.
ح - إنه يجوز لهما تأخير طواف الحج وسعيه طول ذي الحجة - على
كراهية - بخلاف المتمتع.
ط - إنه لا يتعين عليهما وجوب الهدي، بل الوجوب تخييري بينه وبين
التلبية، بخلاف المتمتع.
ي - إنه (3) يجب في عمرتهما طواف النساء، بخلاف المتمتع، فإنه
لا يجب في عمرته، على الأصح.
والقارن يفارق المفرد بأمرين:
ألف - سياق الهدي.
ب - التخيير - في عقد إحرامه - بين التلبيات وبين التقليد أو الإشعار.
إذا عرفت هذا، فهنا فصلان:
[الفصل] الأول: في أفعال العمرة المتمتع بها.
وهي خمسة:

1 - أي: الساعة نذكرها. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): التمتع.
3 - أثبتناها من (ع).
72

الأول: الإحرام، وحقيقته توطين النفس على ترك محظورات الإحرام من:
[1] - النساء.
[2] - والصيد.
[3] - والطيب على العموم.
[4] - والاكتحال بالسواد، وبما فيه طيب.
[5] - وإخراج الدم.
[6] - وقص الأظفار.
[7] - وإزالة الشعر.
[8] - وقطع الشجر والحشيش النابتين في الحرم، إلا الأذخر وما نبت في
ملكه، وعودي المحالة، وشجر الفواكه.
[9] - والكذب.
[10] - والجدال.
[11] - وقتل هوام الجسد.
[12] - ولبس المخيط للرجل.
[13] - والخفين، وما يستر ظهر القدم.
[14] - والخاتم للزينة.
[15] - والتحلي للمرأة، إلا ما كانت تعتاده (1)، فيحرم إظهاره للزوج
حينئذ.
[16] - والحناء للزينة.
[17] - وتغطية الرأس للرجل.

1 - في (ت، ق، م): معتادة.
73

[18] - والوجه للمرأة.
[19] - والتظليل للرجل، سائرا اختيارا.
[20] - ولبس السلاح.
وتحريم هذه المحرمات من انتهاء التلبية، إلى أن يأتي بالمحلل.
ولا بد من كون الإحرام في أشهر الحج، وهي: شوال، وذو القعدة،
وذو الحجة.
وأن يكون من أحد المواقيت الستة مع الاختيار.
فلأهل العراق:
[1] - العقيق.
وأفضله المسلح، بالحاء المهملة وكسر الميم، أخذا من الشهرة،
وبالمعجمة، أخذا من التسلخ، الذي هو: نزع الثياب.
وأوسطه غمرة، وهي وسط الوادي، سميت بذلك لتزاحم الناس بها.
وآخره ذات عرق، سميت به لكثرة عرق النبات، أو الماء بها.
ويجوز الإحرام من جميع جزئيات الوادي.
ولأهل المدينة:
[2] - ذو الحليفة.
وهو: الوادي أجمع، وإن كان مسجد الشجرة أولى، ومع الضرورة:
[3] - الجحفة.
وهي: ميقات الشام اختيارا.
ولأهل اليمن:
[4] - يلملم.
74

بالياء المثناة من تحت، وقيل: بالتاء المثناة من فوق، كأنه مأخوذ من
اللم، وهو: الجمع، وهو: جبل من جبال تهامة، على ليلتين من مكة، ويقال له
الملمم أيضا.
ولأهل الطائف:
[5] - قرن المنازل.
بفتح القاف وإسكان (1) الراء، وقال في الصحاح (2): بفتحهما، جبل
مدور، أملس، مطل (3) على عرفات، وقيل: إنه مكان ينسب إليه أويس
القرني، والصحيح: أنه ينسب إلى قرن، قبيلة من العرب.
ولمن منزله دون الميقات:
[6] - منزله.
وللصبيان فخ في قول، وقيل: يحرم بهم من الميقات، والتجريد من فخ،
وهو أولى.
وهذه المواقيت لعمرة التمتع، وحج غيره.
أما إحرام الحج المتمتع به، فميقاته مكة.
وإحرام عمرة الإفراد، فميقاتها ميقات حجه، أو خارج الحرم.
ويجب نزع ثياب المخيط للرجل، وكشف رأسه وظهر قدميه، أما المرأة،
فوجه الوضوء خاصة.
ونيته: أنزع ثياب المخيط، وأكشف رأسي وظهر قدمي، لإحرام عمرة
الإسلام، عمرة التمتع، لوجوبه، قربة إلى الله.

1 - في (ت، م): كسر.
2 - في الصحاح ج 6 ص 2181: القرن موضع، وهو ميقات أهل نجد، ومنه أويس القرني.
3 - أي: مقابل. (ابن المؤلف)
75

وتنوي المرأة كشف وجهها خاصة.
ثم يلبس ثوبي الإحرام، ويشترط فيهما: كونهما من جنس ما (1) تصح
الصلاة فيه، وطهارتهما على الأقوى.
ولا يكفي الواحد، وتجوز الزيادة والإبدال.
والأقوى: أن نزع المخيط ولبس الثوبين، شرط في صحة (2) الإحرام،
فلو أحرم عاريا أو في المخيط، لم يصح.
ثم يحرم، ونيته: أحرم بالعمرة المتمتع بها إلى حج الإسلام، حج
التمتع، ولبى التلبيات الأربع، لعقد إحرام العمرة المتمتع بها إلى حج
الإسلام، حج التمتع، لوجوب الجميع، قربة إلى الله.
لبيك اللهم لبيك، لبيك، إن الحمد والنعمة والملك لك، لا شريك
لك لبيك.
وللتلبية صور أخرى جائزة تركناها اختصارا.
ولا يجزي لو بدل (3) لفظا من هذه بمرادفه.
وتستحب زيادة التلبية ليلا، وعند تغير الأحوال، وخصوصا:
لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك، لبيك غفار
الذنوب لبيك، لبيك أهل التلبية لبيك، لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك،
لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك، لبيك تستغني ويفتقر إليك لبيك، لبيك
مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك، لبيك إله الحق لبيك، لبيك ذا النعماء والفضل
الحسن الجميل لبيك، لبيك كشاف الكرب العظام لبيك، لبيك عبدك

1 - أثبتناها من (ع).
2 - أثبتناها من (ع).
3 - في (ت، ق، م): ترك.
76

وابن عبديك لبيك، لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد لبيك، لبيك
يا كريم لبيك، [لبيك] (1) بالعمرة المتمتع بها إلى الحج لبيك.
وتجب مقارنة التلبية للنية - كتكبيرة الإحرام لنية الصلاة - واستدامتها
حكما إلى التحلل، فلو أخل بالأول بطل، وبالثاني أثم.
تنبيه:
إحرام المرأة كإحرام الرجل، إلا في أشياء استثناها العلماء، فلنذكرها
مفصلة:
ألف - جواز المخيط للمرأة، بخلاف الرجل.
ب - جواز الحرير للمرأة - على الأقوى - بخلاف الرجل.
ج - جواز التظليل للمرأة سائرة، بخلاف الرجل.
د - جواز تغطية الرأس لها، بخلافه.
ه‍ - وجوب إسفار الوجه عليها، دونه.
و - تعيين التقصير عليها وتحريم الحلق، ويتخير (2) الرجل بينهما.
ز - جواز الإفاضة من المشعر قبل الفجر لها، دونه.
ح - اعتبار الختان في صحة الطواف له، دونها.
ط - عدم تحملها الكفارة عن الزوج لو أكرهته على الجماع، بخلاف
العكس، كذا اختاره ابن فهد (رحمه الله) وتنظر الشهيد في ذلك في
دروسه (3)، والأولى التحمل.

1 - أثبتناه من (ت، ق، م).
2 - فيما عدا عمرة التمتع، أما فيها فالحكم واحد. (ابن المؤلف)
3 - الدروس الشرعية: ج 1 ص 369.
77

ي - استحباب طواف القدوم للرجل، دونها.
يا - استحباب الهرولة في السعي له، دونها.
يب - اشتراط إذن الزوج في مندوب حجها، دونه.
يج - ثبوت ولاية الإحرام بالطفل للرجل إجماعا، وفيها على الأقوى.
يد - اعتبار وجود المحرم فيها على قول، ومع الخوف إجماعا، ولا يعتبر
فيه إجماعا.
يه - إذن الزوج في انعقاد نذر الحج بالنسبة إليها، دونه.
هذا ما سنح [لي] (1)، وقد يمكن استخراج شئ آخر عند التأمل.
والخنثى يجوز لها تغطية الوجه أو الرأس ولا كفارة، ولا تجمع بينهما،
فتكفر حينئذ، وتجتنب ما يحرم على الرجل والمرأة - إذا أمكن - احتياطا.
الثاني: الطواف، وشرطه:
[1] - الطهارة من الحدث والخبث، وإن كان معفوا عنه في الصلاة،
على الأقوى.
[2] - وستر (2) ما يجب ستره في الصلاة من الرجل والمرأة، حتى كعبها.
[3] - والختان للذكر، إلا مع الضرورة.
[4] - ومقارنة النية لابتدائه، محاذيا بأول جزء من مقاديم بدنه أول
الحجر، علما أو ظنا.
[5] - والحركة بنفسه، أو دابته، مثلا.
[6] - واستدامة النية إلى آخر الطواف.

1 - أثبتناه من (ق).
2 - في (ت، ق، م): يستر.
78

[7] - وجعل البيت على اليسار، والمقام على اليمين.
[8] - وإدخال الحجر.
[9] - ومراعاة النسبة بين البيت والمقام، فلا يزيد على ذلك.
[10] - وخروجه عن البيت بجميع بدنه.
[11] - وإكمال العدد سبعة، وحفظه، والموالاة بحيث لا يقطع قبل
أربع، والختم بموضع البداءة.
فلو زاد متعمدا، بطل، وسهوا يتخير بين القطع والإكمال أسبوعا آخر،
إن كان بلغ الحجر، وإلا قطع.
ويبطله الشك في النقيصة، وفي الزيادة (1) قبل بلوغ الركن.
ونيته: أطوف سبعة أشواط في العمرة المتمتع بها إلى حج الإسلام،
حج التمتع، لوجوبه، قربة إلى الله.
الثالث: ركعتا الطواف.
ووقتهما (2) بعد فراغه من الطواف.
ومحلهما (3) خلف المقام، أو أحد جانبيه، مع الزحام.
وهي كاليومية.
ويتخير فيهما (4) بين الجهر والإخفات، والجهر أفضل.
ومكان المستحبة المسجد أين شاء.

1 - إن كان شك بين السابع والثامن، ولو كان الشك في الزائد عن الثامن، لم يبطل. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): وقتها.
3 - في (ت، ق، م): محلها.
4 - في (ت، ق، م): فيها.
79

ونيتهما: أصلي ركعتي طواف العمرة المتمتع بها إلى حج الإسلام،
حج التمتع، أداء، لوجوبهما، قربة إلى الله.
الرابع: السعي ويجب فيه:
[1] - النية، ومقارنتها للصفا - بإلصاق عقبيه بها - والاستمرار عليها
حكما، والحركة بعدها فوريا، والذهاب بالطريق المعهود.
[2] - والختم بالمروة، بإلصاق رؤوس أصابعه بها.
[3] - وإتمامه سبعا، من الصفا إليه شوطان.
[4] - وموالاته كالطواف.
[5] - واستقبال المطلوب بوجهه (1).
[6] - وإيقاعه بعد الركعتين.
[7] - وحفظ العدد كالطواف.
[8] - وإيقاعه في يوم الطواف، ولا يبطل لو أخره.
ونيته: أسعي سبعة أشواط العمرة المتمتع بها إلى حج الإسلام، حج
التمتع، لوجوبه، قربة إلى الله.
الخامس: التقصير.
وهو: إبانة مسمى الشعر أو الظفر، قرضا، أو قصا، أو طليا، أو نتفا.
ولا يجوز حلق الرأس، فيجب شاة لو فعل.
وواجبه (2): النية، والمقارنة للإزالة، والاستدامة.
ومحله: مكة أجمع، وأفضلها المروة.

1 - في (ت، م): وجهته، في (ق): وجهه.
2 - في (ق، م): أوجبه.
80

ويحل به المتمتع (1) من كل شئ أحرم منه، حتى النساء.
ونيته: أقصر للإحلال من إحرام العمرة المتمتع بها، لوجوبه، قربة
إلى الله.
وهذه الأفعال - أيضا - هي أفعال العمرة المفردة، إلا أنه ينوي الإفراد.
وصفة النية: أحرم بعمرة الإسلام عمرة الإفراد، ولبى التلبيات
الأربع لعقد إحرام عمرة الإسلام عمرة الإفراد، لوجوبه، قربة إلى الله،
لبيك اللهم لبيك، إلى آخر التلبية.
وكذا باقي النيات، لكن يذكر بدل التمتع، الإفراد.
ويجب فيها طواف النساء بعد الحلق أو التقصير.
وكيفيته ما تقدم، إلا النية.
فصفتها: أطوف طواف النساء في عمرة الإسلام عمرة الإفراد،
لوجوبه، قربة إلى الله.
ويصلي ركعتيه - كما تقدم - إلا أنه ينوي ركعتي طواف النساء في
عمرة الإسلام عمرة الإفراد.
ووقت العمرة الواجبة بالأصل: بعد الحج وبعد انقضاء أيام التشريق.
ويستحب تأخيرها (2) إلى ابتداء المحرم.
وقد تجب بنذر وشبهه، فلا يختص وقتا، إلا أن يعينه الناذر، نعم
الرجبية (3) أفضل.
ويستحب في جميع أيام السنة.

1 - في (ت، م): التمتع.
2 - في (ت، ق، م): تأخرها.
3 - في (ت، م): الرجب.
81

الفصل الثاني: في أفعال الحج، وهي ستة:
الأول: الإحرام.
ومحظوره وحكمه ما تقدم، من غير فرق، سوى النية.
فصفتها: أحرم بحج الإسلام حج التمتع، ولبى التلبيات الأربع، لعقد
إحرام حج الإسلام حج التمتع، لوجوبه، قربة إلى الله، لبيك، إلى آخره.
وميقاته مكة - كما تقدم - وأفضلها المسجد، فالمقام، فتحت الميزاب،
ومع التعذر حيث يمكن.
الثاني: الوقوف بعرفة.
من زوال شمس (1) تاسع ذي الحجة إلى الغروب، ويجزي مسماه، وإن
أثم.
ولا يجزي الوقوف بغيرها، كعرنة وثوية.
ونيته: أقف بعرفة فيحج الإسلام حج التمتع، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولو فات عمدا، بطل حجه، وناسيا يجتزي بالليلي (2)، وواجبه مسماه.
الثالث: الوقوف بالمشعر.
وحده: من وادي محسر إلى المأزمين إلى الحياض.
وتبيت به - أيضا - ليلة النحر.
ووقت الاختياري: من طلوع الفجر يوم النحر إلى طلوع الشمس،
وهذا اختياري محض، وله اضطراريان.
أحدهما: من طلوع الشمس إلى الزوال، وهو اضطراري محض.

1 - في (ع): الشمس.
2 - في (ت، م): بالليل.
82

والآخر: ليلة النحر، ويكفي مسماه، وهذا فيه شائبة الاضطراري من
حيث اشتراطه باختياري عرفة أو اضطرارية في قول، وشائبة الاختياري من
حيث أنه لو أفاض قبل الفجر عامدا لم يبطل حجه، غايته الجبر بشاة.
ونية المبيت فيه: أبيت هذه الليلة بالمشعر في حج الإسلام حج التمتع،
لوجوبه، قربة إلى الله.
ونية الوقوف: أقف بالمشعر الحرام في حج الإسلام حج التمتع،
لوجوبه، قربة إلى الله.
ولو أفاض قبل طلوع الشمس بعد النية، أثم وتم حجه ولا فدية.
ولو ترك نية المبيت ليلا، لم يلزمه شئ، وفائدتها الثواب والاجتزاء، لو
أفاض ناسيا أو عامدا، بخلاف ما لو أهملها.
ويدرك الحج بإدراك (1) الاختياريين، وبإدراك أحدهما خاصة،
وباختياري أحدهما مع اضطراري الآخر، والاضطراريين، ولا يجزي (2)
اضطراري عرفة منفردا، وفي اضطراري المشعر قول قوي بالإجزاء.
ولا يجب تعيين الاختياري أو الاضطراري في النية.
الرابع: نزول منى.
مناسك منى (3) يوم النحر ثلاثة:
رمي جمرة العقبة بسبع (4) حصيات، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق، مرتبا.
ولو خالف، أثم وأجزأ.

1 - في (ت، م): بإدراكه.
2 - في (ت، ق، م): لا يجوز.
3 - في (ت، ق، م): منى من.
4 - في (ت، ق، م): سبع.
83

ويجب في الرمي: كونه بحصاة (1)، فلا يجزي غير (2) الحجر، وكونها من
الحرم غير المساجد مطلقا، وكونها أبكارا، أي: غير مرمي بها، وأن يصيب
بفعله مباشرة بيده.
ووقته: من طلوع الشمس إلى غروبها، وفضله في يوم النحر من
الطلوع إلى الزوال، وفي غير يوم النحر من الزوال إلى الغروب، هكذا ذكره
الشهيد في الدروس (3) ورسالة الحج، وأطلق غيره: أن بعد الزوال أفضل (4).
ويجوز الرمي ليلا لذي العذر، كالخائف والعبد والراعي.
ولو فات، قضاه من الغد، ويقدمه على الحاضر.
ويستحب كون القضاء قبل الزوال، ويفوت وقته بغروب الثالث عشر،
فيقضي في القابل على الأصح (5).
ويجب في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، رمي الجمار
الثلاث، كل جمرة بسبع حصيات، كما تقدم.
ويجب الترتيب حينئذ، فيرمي الأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة.
ويحصل الترتيب بأربع حصيات مع النسيان، لا العمد، فلو نكس، أعاد
على ما يحصل معه.
ولنورد هنا مسائل:

1 - في (ت، ق، م): بحصيات.
2 - في (ت، م): بغير.
3 - الدروس الشرعية: ج 1 ص 429.
4 - في (ت، م): أفضله، في (ق): أفضلهما.
5 - وقيل يسقط. (ابن المؤلف)
84

الأولى: لو رمى على كل جمرة ثلاثة، قيل: يتم الأولى ويستأنف
الأخيرتين، واختاره (1) في القواعد (2) والتحرير (3)، وقيل: يعيد على الجميع،
لعدم حصول الأربع، واختاره في المبسوط (4)، وهو أولى.
الثانية: لو رمى على كل جمرة أربعا، أتم على الجميع مرتبا وصح الرمي.
الثالثة: لو رمى على الأولى ثلاثا وعلى كل من الباقيتين أربعا، أعاد
على الجميع، أو كمل على الأولى وأعاد على الباقيتين، على ما تقدم من
الخلاف.
الرابعة: لو رمى على الأولى أربعا، والثانية ثلاثا، والثالثة أربعا، أتم
الأولى وأعاد الأخيرتين، على الأولى.
وعلى اختيار القواعد، يتم الأولى والثانية، ويعيد الثالثة.
وابن إدريس (5) اختار البناء على الثلاث في جميع المسائل.
ولو رمى كلا من الأولى والثانية أربعا، والثالثة ثلاثا، أتم الأولتين قطعا، وفي
الثالثة خلاف بين الاستيناف أو الإتمام، والأقوى الثاني.
تذنيب:
لو نسي أربع حصيات من جمرة وجهل عينها، أعاد على الثلاث،
ويحتمل الاكتفاء بإتمام الأولى واستيناف ما بعدها، على ما تقدم.

1 - في (ت، ق، م): اختار.
2 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 8 ص 761.
3 - تحرير الأحكام: ج 1 ص 110.
4 - المبسوط، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 30 ص 253.
5 - قال في السرائر، سلسلة الينابيع الفقهية ج 8 ص 561: فالاعتبار بحصول رمي أربع حصيات.
85

ولو نسي ثلاثا من جمرة واحدة وجهل عينها، رمى على كل واحدة
ثلاثا، ولا ترتيب.
ولو نسي أكثر من حصاة ولم يعلم أنها من جمرة أو أكثر، فإن كان
دون الأربع، رمى العدد على كل جمرة، ولا ترتيب، وإن كان أربعا فصاعدا،
احتمل (1) رمي العدد على الأولى واستيناف ما بعدها، ويحتمل استيناف الجميع
مرتبا، كما تقدم.
ونية الرمي: أرمي هذه الجمرة بسبع حصيات في حج الإسلام حج
التمتع، أداء، أو: قضاء، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويجب في الهدي: كونه من النعم الثلاث، الإبل والبقر والغنم.
فمن الإبل، الثني - وهو: ما دخل في السادسة - ومن البواقي ما دخل في
الثانية، نعم يجزئ من الضأن الجذع، وهو: لسبعة أشهر فصاعدا.
وتعتبر سلامته من العيوب التي تنقص خلقته، وأن يكون على كلييه (2)
شحم، ويكفي الظن، وإن أخطأ بعد الذبح لا قبله.
أما المعيب، فلا يجزي مطلقا (3).
ونية الذبح: أذبح هذا الهدي في حج الإسلام حج التمتع، لوجوبه،
قربة إلى الله.
وتجوز الاستنابة فيه، فينوي الذابح النيابة.
ويستحب وضع يد المالك مع النائب، فينوي كل منهما - حينئذ -
وجوبا.

1 - في (ت، م): اعتمد.
2 - في (ت، ق، م): كليتيه.
3 - سواء قبل الذبح، أو بعده. (ابن المؤلف)
86

ويجب صرفه في الصدقة، والإهداء، والأكل، ولا يجزي لو أهدى أو
تصدق بأقل من الثلث، نعم في الأكل يجزي.
ونيته: أهدي، أو: أتصدق، أو: أواكل من هدي حج الإسلام حج
التمتع، لوجوبه، قربة إلى الله.
ولا ترتيب بين هذه الثلاثة.
ويشترط في المتصدق عليه الإيمان والفقر، وفي المهدي إليه الإيمان خاصة.
ويجب في الحلق مسماه (1) - أو التقصير كذلك - من الرأس.
ويتعين في المرأة والخنثى التقصير.
وشرطه: النية - مقارنة مستدامة -: أحلق، أو: أقصر، للإحلال من
إحرام حج الإسلام حج التمتع، لوجوبه، قربة إلى الله.
وبفعل (2) هذه المناسك يتحلل من جميع محرمات الإحرام، إلا الطيب
والنساء والصيد.
ويحل الطيب بطواف الزيارة، وقال الشهيد (3): " لا بد من السعي "، وهو
أحوط.
ومن النساء، بطوافهن بعد طواف الزيارة، فلو قدمه على الموقفين
لضرورة، لم تحل النساء (4) به.

1 - ما اختاره هنا - من الاجتزاء بمسمى الحلق - هو اختيار الشهيد في الدروس
[ج 1 ص 453]
وقال في كنز العرفان: " لا يكتفي إلا بحلق جميع الرأس "، وهو أحوط. (ابن المؤلف)
2 - في (ق): بعمل.
3 - الدروس الشرعية: ج 1 ص 455.
4 - في (ت، م): النيابة.
87

واختلف في حل الصيد الإحرامي، فقيل: بمناسك منى يوم النحر، لعموم
قولهم: أحل من كل شئ، وليس الصيد من المستثنى، وقيل: حتى يطوف
للنساء، لعموم قوله تعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم (1) واختاره
الشهيد (2)، وهو أولى.
وقد قدمنا نية بدل الهدي وحكمه في كتاب الصوم.
الخامس: العود إلى مكة.
وهو واجب للطوافين والسعي، وكيفية الجميع كما تقدم.
والنية: أطوف سبعة أشواط طواف حج الإسلام حج التمتع، لوجوبه،
قربة إلى الله.
أصلي ركعتي طواف حج الإسلام حج التمتع، أداء، لوجوبهما،
قربة إلى الله.
أسعي سبعة أشواط سعي (3) حج الإسلام حج التمتع، لوجوبه، قربة
إلى الله.
أطوف طواف النساء في حج الإسلام حج التمتع، لوجوبه، قربة
إلى الله.
أصلي ركعتي طواف النساء في حج الإسلام حج التمتع، أداء،
لوجوبهما، قربة إلى الله.
السادس: العود إلى منى.

1 - المائدة: 95.
2 - الدروس الشرعية: ج 1 ص 456.
3 - في (ت، م): لسعي، في (ق): بسعي.
88

ويجب للمبيت بها: ليالي (1) التشريق لغير المتقي، وللمتقي ليلتين.
ويجزئ إلى نصف الليل، ولو بات بغيرها، وجب عن كل ليلة واجبة
شاة، إلا أن يبيت بمكة متشاغلا بالعبادة.
وتجب الثالثة (2) - أيضا - على من غربت الشمس ليلة الثالث وهو بمنى.
وحدها من العقبة إلى محسر.
ولا يجب فيه سوى الحضور.
ونية المبيت: أبيت هذه الليلة بمنى في حج الإسلام حج التمتع،
لوجوبه، قربة إلى الله.
ولا ينفر في الأول، إلا بعد الزوال، أما في الثاني، فبعد الرمي.
وحكم القارن والمفرد كذلك، إلا أنه ينوي أحدهما.
وصفته: أحرم بحج القران، أو: الإفراد، حج الإسلام، لوجوبه، قربة
إلى الله.
ويلبي إن كان مفردا، ويقرن بسياق الهدي إن كان قارنا، وكذا الكلام
في باقي نياته وأفعاله.
والقارن يذبح ما ساقه، أو ينحره، ولا يجب غيره.
ونيته: أذبح، أو: أنحر هذا الهدي، لوجوبه على (3) بالسياق في إحرام
حج القران حج الإسلام، لوجوبه، قربة إلى الله.

1 - في (ت، ق، م): (بالليالي) مكان (بها ليالي).
2 - في (ت، ق، م): الثلاثة.
3 - في (ت، ق، م): (قربة إلى الله) مكان (علي).
89

وإن كان السياق في العمرة المفردة، نواها، والنائب كغيره، إلا أنه ينوي
النيابة.
وصفة نيته: أحرم بالعمرة المتمتع بها إلى حج الإسلام حج التمتع،
نيابة عن فلان، لوجوبه، قربة إلى الله، ويلبي، وكذا باقي الأفعال.
وقد تجب عمرة التحلل بفوات الموقفين، فيعدل إليها، وأفعالها كعمرة
الإفراد.
ونيته: أعدل من الحج إلى عمرة الإفراد، أو: إلى العمرة المفردة،
للتحلل بها، لوجوبها، قربة إلى الله.
ونية طوافها: أطوف طواف العمرة المفردة عمرة التحلل، لوجوبه،
قربة إلى الله.
وكذا باقي الأفعال إلى طواف النساء وركعتيه.
ولو عدل من عمرة التمتع إلى حج الإفراد في موضع جوازه، فنيته: أعدل
من عمرة التمتع إلى حج الإسلام حج الإفراد، لوجوبه، قربة إلى الله.
وينوي بباقي الأفعال: حج الإفراد حج الإسلام.
ونية الحج المندوب كالواجب، والعمرة المندوبة كالواجبة، إلا أنه ينوي
الندب في الإحرام، وفي باقي الأفعال ينوي الوجوب، لأن الحج والعمرة يجبان
بالشروع.
ولو كان الوجوب بالنذر وشبهه، فالنية - أيضا - كما تقدم، إلا أنه
ينوي حج النذر، أو العهد، أو اليمين.
وصفته: أحرم بحج النذر حج التمتع، أو: القران، أو: الإفراد، والبي،
إلى آخره، وكذا باقي الأفعال.
90

ويستحب وداع البيت، ودخوله، وأن يصلي في زواياه ووسطه على
الرخامة الحمراء، والتطوع بثلاثمائة وستين طوافا، فإن تعسر جعل العدة
أشواطا، فيكون أحد وخمسين طوافا والأخير عشرة، وإن شاء زاد أربعة
أشواط، فتصير اثنين وخمسين طوافا، كل طواف سبعة أشواط.
ونيته: أطوف بالبيت سبعة أشواط، أو: عشرة، لندبه، قربة إلى الله.
ونية صلاته: أصلي ركعتي الطواف، لندبهما، قربة إلى الله.
ويجوز أن يأتي بصلاة كل طواف عقيبه، وأن يطوف الجميع ثم يصلي
لكل طواف ركعتين بعد الفراغ.
ويستحب أن يشتري تمرا بدرهم، ويتصدق به، للرواية.
ونيته: أتصدق بهذا التمر احتياطا، قربة إلى الله.
فإن ظهر - بعد ذلك - أنه فعل موجب الكفارة، فإن خالف لم يجز،
وإن وافق فقولان: أقربهما الإجزاء للمطابقة، ويحتمل العدم لعدم الجزم.
خاتمة:
يستحب زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السلام) والأئمة
(عليهم السلام) استحبابا مؤكدا، وثوابها عظيم، والأخبار في ذلك كثيرة،
تركناها اختصارا، من أرادها وقف عليها في مظانها (1).
ولو ترك الحجيج زيارة النبي (صلى الله عليه وآله)، أجبرهم الإمام أو
الحاكم على ذلك.

1 - الوسائل: ج 14 ص 319.
91

وإذا كانت أول زيارته، نوى بها الوجوب (1) وفيما بعدها ينوي الندب.
وصفة النية: أزور النبي (عليه السلام) (2) لوجوبه، أو: ندبه (3)، قربة
إلى الله.
ثم يصلي ركعتي الزيارة، كما تقدم.
ويكفي في الزيارة: السلام عليك يا رسول الله، ورحمة الله وبركاته.
وقيل: يكفي الحضور.
وزيارة سيدة النساء، فاطمة [الزهراء] (4) (عليها السلام) بالروضة،
وبيتها، والبقيع، وينوي في الأولى الوجوب، وفي الثانية الندب، وكذا جميع
الأئمة (عليهم السلام).
والنية: أزور فاطمة (عليها السلام) لوجوبه، أو: ندبه (5)، قربة إلى الله.
ويجزئ: السلام عليك يا بنت رسول الله، ورحمة الله وبركاته.
ثم يصلي ركعتين (6).
ويزور الأئمة (عليهم السلام) بالبقيع.

1 - المراد أنه إذا حضر إلى المدينة، أو إلى أحد المشاهد المشرفة، وحضر الحضرة الشريفة، ينوي
بزيارته أولا الوجوب، وفيما بعدها ينوي الندب. هذا ما دام مقيما، أما لو خرج من المدينة، أو
من أحد المشاهد المشرفة ثم عاد وحضر إلى الحضرة، كما قلناه أولا: نوى بالأولى الوجوب،
وهكذا دائما. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): صلى الله عليه وآله.
3 - أثبتنا (أو ندبه) من (ع).
4 - أثبتناه من (ق) وأثبتنا (فاطمة) من (ع، ق).
5 - في (ت، م): لندبه.
6 - في (ت، ق، م): (يصل الركعتين) مكان (يصلي ركعتين).
92

ونيتها: أزور الأئمة (عليهم السلام) لوجوبها، أو: لندبها، قربة إلى الله.
ويجزيه: السلام عليكم يا سادتي وموالي، ورحمة الله وبركاته.
ثم يصلي ثمان ركعات، لكل إمام ركعتين، وإن شاء زار كل إمام على
حدته، وينويه، وكذا القول في باقي الأئمة (عليهم السلام).
وينوي بالركعتين الاستحباب مطلقا (1).
ولو نذر زيارة النبي (عليه السلام)، أو أحد الأئمة (عليهم السلام)، لزم.
وينصرف إلى قصدهم في أماكنهم، والأقرب (2) وجوب السلام، لأنه
المتعارف.
ونيته حينئذ: أزور النبي (عليه السلام) لوجوبه بالنذر، قربة إلى الله،
وكذا البواقي.
وتستحب زيارة حمزة، عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والشهداء
بأحد، والشهداء مع مولانا الحسين (عليه السلام).
ونيته: أزور حمزة (عليه السلام) لندبه، قربة إلى الله.
أزور شهداء بدر، أو الطف - مثلا - لندبه، قربة إلى الله.
وتفصيل هذه الأحكام في كتب يختص بها.

1 - أي: سواء كان في المرة الأولى الواجبة، أو الباقية المندوبة. (ابن المؤلف)
2 - وقيل: " يكفي الحضور "، كما تقدم. (ابن المؤلف)
93

كتاب الجهاد
ويجب كفاية على المكلف الذكر، الحر، السليم من العمى والمرض
والزمن والفقر المانع من النفقة والسلاح ومنع الأبوين، مع (1) دعاء الإمام، أو
نائبه (2) عاما أو خاصا، لقتال أهل الحرب، والذمة - إذا أخلوا بها - والباغي،
والمدفوع عن النفس.
ويستحب - مع زيادة العدو - على الضعف، ومع قيام غيره مقامه، إذا لم
يعينه الإمام.
ويباح عن المال، إن قل، ويحرم إذا علم الهلاك، على قول.
ويكره بالسم، على خلاف.
وقد يجب بالنذر وشبهه.
ونيته: أجاهد في سبيل الله، لوجوبه، أو: ندبه، قربة إلى الله.
وينوي الوجوب بالنذر، إن كان هو سببه.
ولو نوى عند الخروج من المنزل، فاز بالفضل العظيم، فينوي الوجوب

1 - أي: يجب. (ابن المؤلف)
2 - في (ق): نيابه.
95

أيضا.
وصفته: أتوجه إلى الجهاد في سبيل الله، لوجوبه بالنذر [قربة إلى
الله] (1)، أو: لندبه، قربة إلى الله.
ويجب إعادتها عند الشروع فيه، كما تقدم.
فلو خرج ولم تحصل مواقفة (2) العدو، فلا قضاء مع تعيين الوقت،
وفوات المواقفة (3) بغير سببه - ولو لم يكن الوقت معينا وفاتت بهدنة أو صلح -
لم يخرج عن العهدة.
ولو عين النذر بوقت أو غزاة، ولم يخرج فيه مع ظن الفوات، وخرج
المجاهدون ثم رجعوا من غير مواقفة (4)، فلا كفارة.
وتستحب المرابطة، وقد تجب بالنذر وشبهه.
ولا يشترط فيها الإمام، وأقلها ثلاثة أيام، وأكثرها أربعون، فإن زاد فله
ثواب الجهاد.
ولو ربط فرسه أو عبده لإعانة المرابطين، حصل بالثواب، وأفضلها أشد
الثغور خطرا.
والنية: أرابط في سبيل الله، لندبه، أو: وجوبه (5) بالنذر - مثلا - قربة
إلى الله.
وإذا ربط فرسه أو غلامه - مثلا - فنيته: أربط هذا الفرس، أو: الغلام
في سبيل الله، لندبه، أو: وجوبه بالنذر - مثلا - (6) قربة إلى الله.

1 - أثبتناه من (ت، م).
2 - في (ت، ق، م): مواقعة.
3 - في (ت، ق، م): مواقعة.
4 - في (ت، ق، م): مواقعة.
5 - في (ت، م): لوجوبه.
6 - أثبتناها من (ع، ق).
96

ولو أنفق على المرابطين، فله ثواب عظيم، ونيته: أنفق، أو: أخرج هذا
المال على المرابطين، لندبه، قربة إلى الله.
ولو كان واجبا، نوى الوجوب بالنذر، ونيته: أنفق هذا القدر - مثلا -
على المرابطين أو المجاهدين في سبيل الله، لوجوبه بالنذر، قربة إلى الله.
وتجب البداءة بقتال الأقرب، إلا أن يكون غيره أشد خطرا.
ويجب الثبات إذا كان العدو على الضعف، فأقل لا أزيد.
وما ينقل من أموال أهل الحرب للمقاتلة (1) خاصة.
أما الأرض والعقار فللمسلمين، والسبايا والذراري من المنقولات.
ويبدأ الإمام بالجعائل والسلب والرضخ وما تحتاج الغنيمة إليه، ثم
الخمس.
ويقسم الباقي، للراجل سهم، وللفارس سهمين، ولذي الأفراس
ثلاثة (2)، ولا يسهم (3) لأزيد من اثنين.
وصورة الجعالة: من دلنا على عورة البلد، فله كذا.
ولا يحتاج إلى قبول لفظا، ولا فرق بين كون المجعول له معينا أو لا.
ويكون الجاعل الإمام، أو من يقوم مقامه.
وصورة جعل (4) السلب: من قتل فلانا، فسلبه له، أو: من (5) قتل
قتيلا، فسلبه (6) له.

1 - في (ت، م): للمقاتل.
2 - في (ت، م): الثلاثة.
3 - في (ت، ق، م): لا سهم.
4 - في (ت، م): جعلة.
5 - أثبتناها من (ع، ق).
6 - الذي عليه. (ابن المؤلف)
97

ولو قال الإمام: " من أخذ شيئا، فهو له "، جاز.
وإنما يستحق السلب القاتل.
[1] - إذا كان الجاعل الإمام أو من نصبه لولاية الحرب.
[2] - وأن يقتل حال الحرب، فلو قتله هاربا لم يستحق.
[3] - وأن يغرر بنفسه، فلو رماه بسهم أو كان المقتول مثخنا بالجراح،
فلا سلب.
[4] - وأن لا يكون القتل محرما، فلا يستحق بقتل المرأة إلا أن تكون
مقاتلة.
[5] - وأن يكون القاتل ممن يستحق السهم، فلو كان مخذلا لم
يستحقه.
وإن كان يستحق الرضخ لا السهم - لنقص فيه، كالصبي والمرأة والعبد
والكافر - استحق السلب، كذا اختاره في التحرير (1)، وظاهر القواعد (2) عدم
الاستحقاق.
ويدخل في السلب، الدرع والجوشن والبيضة والثياب التي على المقتول
والعمامة والقلنسوة وآلة السلاح، كالسيف والرمح والطبر والدرقة (3).
أما المنفصل عن المقتول - كالرحل والعبيد والدواب والسلاح الذي ليس
عليه - فغنيمة.

1 - تحرير الأحكام: ج 1 ص 145.
2 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 9 ص 254.
3 - أثبتنا (والطبر والدرقة) من (ع).
98

وما يده عليه وليس بمحتاج (1) إليه في القتال - كالمنطقة والخاتم والنفقة
التي (2) معه والهميان الذي للنفقة والتاج والسوار - ففيها خلاف، والأقوى أنها
تدخل في السلب (3) عدا النفقة.
والدابة التي يركبها من السلب، وإن كان نازلا - إذا كانت بيده - وكذا
ما عليها، كالسرج واللجام وآلاتها، والحلية على الآلات سلب.
ولو لم تكن الدابة معه، فليست بسلب.
والجنائب التي تساق معه ليس بسلب، إلا أن يكون ماسكا بعنانه.
والأقوى أن هذا السلب لا خمس فيه.
ويثبت القتل بقول الحاكم، لا بقول القاتل وحده، ولو شهد شاهدان،
قبل، والأقوى الاكتفاء بالواحد، كما اختاره الفاضل في التحرير (4).
والنفل يفتقر إلى جعل الإمام أيضا - وهو أعم من السلب، لأنه زيادة
على السهم مطلقا - كقوله: " من حمل الراية، فله كذا ".
ويجوز من مال الإمام أو الغنيمة.
ويشترط في الأمان:
[1] - العاقد، وهو الإمام أو من نصبه عاما أو خاصا.
ويصح من آحاد المسلمين لآحاد المشركين، ولا يتجاوز العشرة.
[2] - وكون العاقد بالغا، عاقلا، مختارا، لا الحرية والذكورة.

1 - في (ت، ق، م): يحتاج.
2 - في (ع): الذي.
3 - أثبتنا (في السلب) من (ع).
4 - تحرير الأحكام: ج 1 ص 145.
99

[3] - والمعقود له، وهو: من يجب جهاده من حربي أو ذمي خارق
لها (1).
وشرط العقد: انتفاء المفسدة، فلا يصح أمان الجاسوس.
ووقته (2): قبل الأسر لا بعده.
والقصد منه ترك القتال، إجابة لسؤال (3) الكفار بالإمهال، فيجوز مع
المصلحة لامع عدمها.
ولفظه الصريح: أجرتك، أو: أمنتك، أو: أنت في ذمة الإسلام، أو:
أذممتك.
وكذا كل كناية علم بها من قصد العاقد ذلك، سواء كان بالعربية (4)
أو بغيرها.
ولو أشار بما يدل على الأمان، كفى.
ولو قال: لا بأس عليك، أو: لا تخف، أو: لا تذهل، أو: لا تحزن، وما
شابه ذلك، فإن علم من قصده الأمان كان أمانا، وإلا فلا.
ولو قال: قف، أو: أقم، أو: ألق سلاحك، فليس بأمان.
وكل لفظ ليس ظاهره الأمان، يرجع فيه (5) إلى المتكلم، فإن أراد الأمان
فهو أمان، وإن لم يرده، فإن توهمه الكافر أمانا، أعيد إلى مأمنه، وإلا فلا.

1 - في (ت، ق، م): بها.
2 - أثبتنا (ووقته) من (ع).
3 - في (ت، م): السؤال.
4 - في (ت، م): بالقرينة.
5 - في (ت، م): منه.
100

ويقبل قول المسلم من غير يمين.
ويشترط في عقد الجزية:
[1] - المعقود له، وهو كل ذمي، بالغ، عاقل، حر، ذكر، متأهب (2. 1)
للقتال، ملتزم بشرائط (3) الذمة، فيخرج الحربي والصبي والمجنون والعبد والمرأة
والهم والراهب، على قول في الأخيرين، والأقوى أخذ الجزية منهما مع (4)
حسن رأيهما وتدبيرهما، وإلا فلا.
[2] - والعاقد، كما تقدم.
وصفة العقد (5): أن يقول العاقد: أقررتكم بشرط الجزية والتزام
أحكام المسلمين، أو ما يؤدي معناه.
فيقول الذمي: قبلت.
ولا تقدير للجزية على الأصح، بل بحسب رأي الإمام.
وحكم هذا العقد: الكف عن المعقود لهم نفسا ومالا، ولا يتعرض
لكنائسهم ولا لخمورهم ولا لخنازيرهم (6)، مع عدم التظاهر.
والمهادنة: المعاهدة على ترك الحرب إلى مدة بعوض وغيره، ويسمى
موادعة، وهي السكون.
وتجوز مع المصلحة، وقد تجب عند حاجة المسلمين إليها.

1 - أي: متهيا. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): مناصب.
3 - في (ت، ق، م): (فيلزم شرائط) مكان (ملتزم بشرائط).
4 - في (ت، ق، م): على.
5 - في (ت، ق، م): العهد.
6 - في (ت، م): لا بخمورهم ولا بخنازيرهم.
101

ولا يجوز أزيد من عشر سنين، مع ضعف المسلمين، ومع قوتهم لا يجوز
أن يزيد على السنة، وتجوز أربعة أشهر وما بينهما، على الأقوى.
ولا بد من تعيين المدة، إلا أن يشترط الإمام الخيار لنفسه.
ويجب الوفاء بالشرط، إذا كان صحيحا.
وصورة العقد من الإمام، أو نائبه: هادنتكم على ترك الحرب مدة
كذا، وشرطت عليكم كذا.
فيقول الخصم: قبلت.
وما جرى مجرى هذا، يسد مسده (1)، ولا يخفى ذلك لمن تأمل.
وإذا فعلوا ما يخالف المشروع، فللإمام النقض.
وصورته: نقضت العهد، أو: أبطلته، أو: أزلته، وما جرى مجرى ذلك،
وينبذ إليهم العهد، والله أعلم.

1 - في (ت، ق، م): (بالمدة) مكان (يسد مسده).
102

كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وهما واجبان عقلا وعينا، وقيل: " كفاية (1) وسمعا ".
ووجوبها تابع، فالأمر بالواجب واجب، وبالمندوب مندوب، والنهي
عن الحرام واجب، وعن المكروه مندوب.
ووجوبهما مشروط: بعلم الآمر والناهي بوجه الفعل، وإصرار المأمور
والمنهي، وانتفاء المفسدة (2) عن الآمر والناهي، وتجويز التأثير.
وهذا شرط فيما يكون باليد واللسان، دون القلب.
ولكل مرتبة من مراتبه - التي هي: القلب واللسان واليد - مراتب،
لا ينتقل إلى الأثقل مع إنجاع (3) الأخف.
فأدنى مرتبة القلب: اعتقاد الوجوب وسؤال التوفيق له، ثم
إظهار الكراهة والإعراض وقلة المعاشرة بل عدمها.

1 - في (ت، م): كتابة.
2 - في (ت، ق، م): المضرة.
3 - هو: التأثير. (ابن المؤلف)
103

ثم اللسان: بالقول اللين والوعظ الهين (1)، ثم الأمر المستعلي على جهة
الغلظة.
ثم اليد: كعرك الأذن واللطم باليد، فالضرب، فالجرح والقتل.
وقد يجب بالنذر وشبهه.
ونية الواجب: آمر بالمعروف، أو: أنهى عن المنكر، لوجوبه، قربة إلى
الله.
ونية المنذور: آمر بالمعروف، أو: أنهى عن المنكر، لوجوبه بالنذر، قربة
إلى الله.
ونية المندوب: آمر بالمعروف، أو: أنهى عن المكروه، لندبه، قربة إلى
الله.
ولو ترك النية في المنذور، لم تخرج عن العهدة، ولو تركها في غيره،
خلص من التكليف، لكن لا يستحق ثوابا.
تذنيب:
فيه يذكر أشياء متفرقة، لا تدخل في ضمن الكتب المتقدمة، فذكرناها
مفردة.
يستحب السلام على المسلم، لما فيه من الود والصلة. (2)
ونيته: أسلم على هذا المسلم - مثلا - لندبه، قربة إلى الله.
وورد في الحديث (3): " إن النظر إلى وجه العالم عبادة، والجلوس عنده
عبادة "، فتحتاج إلى نية في تحصيل الثواب.

1 - في (ت، ق، م): المتين.
2 - في (ت، ق، م): الوصلة.
3 - الوسائل: ج 12 ص 312 الحديث 1.
104

وصفتها: أنظر إلى وجه هذا العالم، أو: أجلس
في مجلس هذا العالم، أو: في مجلس العلم، لندبه، قربة إلى الله (1).
ويستحب قضاء حوائج المؤمنين، وقد ورد فيه آثار (2) كثيرة، منها: " من
قضى لأخيه حاجة، قضى الله له اثنين وسبعين حاجة، أدناها المغفرة " (3).
ونية ذلك: أقضي حاجة المؤمن، أو: أسعى في حاجة المؤمن، لندبه،
قربة إلى الله.
وسماع الأحاديث المروية عن النبي والأئمة (عليهم السلام) ينقسم إلى
الوجوب، إذا توقف الحفظ عليه، وإلى الندب، عند (4) حفظ غيره.
فينوي: أسمع الحديث، لوجوبه، أو: لندبه، قربة إلى الله.
وأمثال هذا مما عساه لم يحضر فكرنا حال كتابة هذه النبذة، فلا يخفى
عند تأمل ما أصلناه (5)، والله الموفق.

1 - في (ت، م): (قربة إلى قربة إلى الله) مكان (قربة إلى الله).
2 - أي: أخبار. (ابن المؤلف)
3 - في الوسائل: ج 16 ص 357 الحديث 1: ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له يوم
القيامة مائة ألف حاجة، من ذلك أولها الجنة، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة
بعد أن لا يكونوا نصابا.
4 - في (ت، ق، م): عن.
5 - في (ت، ق، م): أصلنا.
105

كتاب التجارة
وقد تجب إذا توقف الواجب عليها.
وتستحب للتوسعة.
وتحرم إذا اشتملت على قبيح.
وتكره إذا اشتملت على ما نهى الشارع عنه تنزيها.
وتباح إذا قصد الزيادة في المال وخلا عن الوجوه المذكورة.
وفيه فصول:
[الفصل] الأول: في حقيقة البيع.
وهو: انتقال عين مملوكة من شخص إلى آخر، بعوض مقدر، مع
التراضي.
ويفتقر إلى الصيغة الدالة على الرضا، وهي: الإيجاب والقبول المتطابقين.
وصورته: بعتك، أو: ملكتك، أو: شريتك هذا الكتاب - مثلا - بعشرة
دراهم، أو: بهذه العشرة.
فيقول المشتري: قبلت، أو: رضيت، أو: اشتريت، أو: تملكت.
107

ولا تكفي المعاطاة في الانتقال، نعم يكفي في جواز التصرف مطلقا (1)،
في المشهور.
ويجوز الرجوع لكل منهما ما دامت العينان باقيتين، فإن تلفت إحداهما،
لزم، وكذا لو تلف البعض، والخلط - الذي لا يتميز - كالتلف.
ولا يكفي لو قال: بعني، فقال: بعتك، إلا أن يقبل المشتري.
ولا بد من كونهما بصيغة الماضي، فلا تكفي صيغة الأمر، ولا المستقبل.
ولا يشترط تقديم الإيجاب.
وتقوم الإشارة مقام اللفظ، من العاجز لا من القادر.
وشرط العاقد: البلوغ والعقل والاختيار والقصد، لا الإسلام، إلا في
مشتري المسلم أو المصحف، وكونه مالكا أو في حكم المالك، فلو باع
الفضولي، وقف على الإجازة.
ويجوز تولي طرفي العقد من الأب والجد له قطعا، ومن غيرهما على
الأقوى.
فيشترط في الوكيل الإعلام - حينئذ - إن اشترى لنفسه، وصورة العقد
حينئذ: بعت هذا الثوب من نفسي لموكلي بعشرة دراهم، اشتريت (2)
لموكلي.
وإن كان وكيلا في البيع، انعكس، فيقول: بعت هذا الثوب من
موكلي لنفسي بعشرة دراهم، اشتريت لنفسي.
وكذا حكم الولي، لكن يذكر الولاية أو ما يقوم مقامها.

1 - سواء كان قليلا أو كثيرا. (ابن المؤلف)
2 - في (ع): أشتري.
108

وشرط الثمن والمثمن:
[1] - الطهارة فعلا، أو قوة، عدا ما استثني (1).
[2] - وكونهما صالحين للتملك، لا كحبة حنطة.
[3] - وكون المبيع مغايرا للمتعاقدين، فلا يصح بيع العبد من نفسه.
[4] - والانتفاع بهما منفعة محللة.
[5] - والقدرة على التسليم.
[6] - والعلم بهما.
[7] - وكون الملك تاما، فلا يصح بيع الرهن إلا مع إذن المرتهن،
والوقف إلا أن يخاف من بقائه أداؤه (2) إلى خرابه، وأم الولد إلا في ثمن رقبتها
مع إعسار سيدها، وإذا جنت على أجنبي، ومع عجز المولى عن نفقتها، وإذا
مات قريبها ولا وارث غيرها، وإذا حملت بعد الارتهان أو بعد الإفلاس، وإذا
مات مولاها ولم يخلف غيرها وعليه دين مستغرق، وإن لم يكن ثمنها، وتباع
على من تعتق (3) عليه، لأنه بمنزلة العتق، وبشرط (4) العتق في قول قوي.
وقد يمتنع بيع العين منفردة لا منضمة، كالآبق، فإنه يخالف غيره من
المبيعات في أربعة أشياء:
ألف - اشتراط الضميمة.
ب - أنه ليس له قسط من الثمن.

1 - الكلاب الأربع التي يجوز بيعها. (ابن المؤلف)
2 - أثبتناها من (ع).
3 - في (ت، م): ينعتق.
4 - في (ت، ق، م): شرط.
109

ج - أن تلفه (1) قبل القبض من المشتري.
د - أنه لا يتخير المشتري
مع فقده، وكل ما شرط في العقد يتخير المشتري مع فقده.
ولو بيع على من هو في يده، أو على من هو قادر على تحصيله، جاز
على الأقوى.
ولو تعدد الآبق، كفى ضميمة واحدة.
ولو جعل الآبق ثمنا لغيره مع الضميمة، فالأقوى الصحة أيضا، فعلى
هذا: يجوز جعل أحد الآبقين ثمنا والآخر مثمنا مع الضميمة إلى كل منهما.
ويشترط في الضميمة شرائط صحة البيع.
ولا خيار للمشتري مع العلم بالإباق، ويتخير مع الجهل.
هذا تلخيص ما قرره ابن فهد في المهذب (2) والمقداد في الرائع (4. 3).
[الفصل] الثاني: في أنواعه.
فمنها: الحيوان، ويشترط فيه ما تقدم.
وصورة العقد: بعتك هذه الدابة - مثلا - بعشرة دراهم.
فيقول المشتري: قبلت.
ولو كان الثمن مؤجلا، ذكر الأجل،
فيقول: بعشرة دراهم إلى شهر، مثلا.
ولو كان الحيوان حاملا، فالحمل للبايع، إلا أن يشترطه (5) المشتري.

1 - في (ت، م): نقله.
2 - المهذب البارع: ج 2 ص 362.
3 - في (ت، ق، م): الشرايع.
4 - التنقيح الرائع: ج 2 ص 37.
5 - في (ت، ق، م): يشترط.
110

ولا يجوز إفراد الحمل بالبيع.
وإذا شرطه وكان معلوم الوجود، فصورة العقد: بعتك هذه الدابة
بعشرة [دراهم] (1) - مثلا - بشرط دخول حملها، أو: شرطت لك تملك
حملها.
وإن كان غير معلوم الوجود - والمراد اشتراط وجوده وملكيته - فالعبارة
في العقد: بعتك هذه الدابة بعشرة، بشرط حملها ودخوله في البيع.
ولو كان مظنون الوجود وتعلق الغرض بإدخاله على تقدير وجوده، ولم
يكن متعلقا بوجوده، فعبارته: بعتك الدابة وشرطت لك تملك حملها إن
كان.
وحكم الأولى ظاهر، وفي الثانية (2): لو ظهرت حائلا، فللمشتري الفسخ
أو الأرش، على خلاف، وفي الثالثة: لا أرش ولا فسخ.
ولو قال بدلا عن هذه الصيغ: بعتك الدابة بحملها، أو: مع حملها، أو:
وحملها، ففي الصحة وجهان:
جوزه فخر الدين، ومنعه الشهيد، وهو أولى.
قال فخر الدين: " والضابط أنه: متى كان للحمل مدخل في الرغبة،
وقصداه وشرطاه، ثبت الخيار عند عدمه، ولا عبرة باختلاف العبارة.
ومتى كان غير مقصود، بل أراد المشتري إدخاله على تقدير وجوده
وأراد لزوم البيع على تقدير الوجود والعدم، فلا خيار.
ولا اعتبار أيضا باختلاف العبارة مع كونها دالة على مقصود المتبايعين.

1 - أثبتناه من (ت، ق، م).
2 - غير معلوم الوجود. (ابن المؤلف)
111

ولو ضم الحمل إلى غير الأم، بطل، على الأقوى.
وكل موضع يدخل الحمل في البيع، فهو مضمون على المشتري القابض
كأمه، وإلا فهو أمانة ".
ومنها: الثمار.
وشرط بيعها: ما تقدم والظهور، فيجوز - حينئذ - بيعها عاما وأكثر،
ولا يجوز قبله.
وكذا يجوز بيع الخضر بعد ظهوره وانعقاده، لا قبله.
وكذا يجوز بيع الزرع سواء انعقد سنبله أو لا، قائما وحصيدا.
ثم إن كانت الثمرة على الأصل، لم يشترط معرفتها بالكيل ولا الوزن،
بل تكفي المشاهدة الرافعة للجهالة، ولو برؤية معظمها (1).
وصورة العقد: بعتك ثمرة هذه النخلة، أو: النخلة الفلانية، بعشرة
دراهم، فيقول: قبلت.
ويذكر الأجل، لو كان مؤجلا.
وإن كانت قد اقتطفت (2)، اعتبر الكيل أو الوزن.
وصورته: بعتك عشرة أرطال من هذا التمر، أو: هذه العشرة
أرطال، بعشرة دراهم، فيقول: قبلت.
ويشترط رؤية لقطة القثاء - مثلا - رؤية ترفع معظم الغرر، ثم يقول:
بعتك هذه اللقطة - مثلا - بعشرة دراهم، فيقول: قبلت.
وكذا الخرطة من التوت، والجزة من البقل، وهو ظاهر.

1 - أي: أكثرها. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): اقتطعت.
112

ويجوز أن يقبل أحد الشريكين صاحبه حصته من الثمرة بشئ معين،
وهو نوع من الصلح قراره مشروط بالسلامة.
ويجوز لفظ الصلح، وعبارته: صالحتك على نصيبي من هذه الثمرة،
أو: قبلتك نصيبي من هذه الثمرة، بعشرة أرطال، مثلا، فيقول: قبلت.
ومنها: الصرف.
وهو: بيع الأثمان بالأثمان، وهي: الذهب بالذهب أو الفضة، والفضة
بالفضة أو الذهب.
وشرطه: تساوي الثمن والمثمن مع اتحاد الجنس، والتقابض في المجلس
مطلقا (1)، ولو قبض البعض، صح فيه وفي ما قابله وبطل في الباقي.
وصورة العقد: بعتك دينارا بدينار، أو: بعشرة دراهم، مثلا، فيقول:
قبلت.
وإن كانا معينين، قال: بعتك هذا الدينار بهذا الدينار، أو: بهذه
العشرة، فيقول المشتري: قبلت.
وإذا تماثل الثمن والمثمن في الجنس، وكانا مكيلين أو موزونين، وجب
التماثل بينهما ويحرم التفاضل نقدا ونسية.
وضابط الاتفاق جنسا: شمول اللفظ الخاص لهما، وكل جنس وفرعه
واحد.
ولا ربا في المختلف، وغير المكيل والموزون، ولا بين الوالد والولد - وإن
سفل - والزوج وزوجته دائما ومنقطعا، والعبد وسيده، والمسلم والحربي

1 - سواء اتحد الجنس أو لا. (ابن المؤلف)
113

بخلاف الذمي.
ويعم كل معاوضة.
وصورة العقد: بعتك هذا الكيل من الحنطة بهذا الكيل، فيقول: قبلت.
وإن كان غائبا، قال: بعتك كيلا من الحنطة صفته كذا بكيل صفته
كذا، فيقول: قبلت.
ومنها: السلف.
وشرطه: العقد، وهو الإيجاب والقبول.
ومعرفة الوصف، فيجب ذكر
كلما تختلف به القيمة اختلافا يتغابن بمثله، وتفصيل ذلك في المطولات - و
الكيل أو الوزن فيما يكال أو يوزن، ولا يكفي العدد وإن كان المبيع
معدودا (1).
وما لا يضبطه الكيل - لتجافيه - يشترط ذكر الوزن، كالرمان.
ويكفي في المذروع، الذرع وقبض الثمن قبل التفرق، ولو قبض البعض
صح فيه.
ولو جعل الثمن ما في ذمة البايع، بطل، نعم لو أطلق ثم حاسبه، جاز.
ولو تماثلا، تهاترا (2) قهرا، ولا يفتقر إلى المحاسبة.
ولا يصح السلم في الأعيان، نعم يكون بيعا مع قصده والأجل.
ويشترط: ضبطه بما لا يحتمل التفاوت، وإمكان وجود المسلم فيه عند
الحلول، لا عند العقد.

1 - يجوز مع قلة التفاوت. (ابن المؤلف)
2 - أي: تساقطا. (ابن المؤلف)
114

وفي اشتراط ذكر موضع التسليم خلاف، أجوده الاشتراط إن لم يعتادوا (1)
العود إلى مكان السلم، وإلا فلا.
وصورة العقد: أسلمت إليك هذه الدرهم، أو: درهما في كيل حنطة،
أبيض، نظيف، جاف الحب، من بقل (2) البلد الفلاني، يحل أول شهر كذا.
فيقول الآخر: قبلت، أو: استلمت، وشبهه.
ويجوز: أسلفت إليك.
ويجوز أن يكون الإيجاب من البايع، فيقول: بعتك، أو: ملكتك كيل
حنطة صفته كذا، إلى أجل كذا بكذا، أو: استلمت منك عشرة دراهم في
كيل حنطة، إلى آخره.
ويجوز الجمع بين سلف (3) وبيع، ويتحقق الإيجاب من البايع بصيغة
البيع، ك‍: بعتك داري وقفيزا من حنطة صفته كذا إلى كذا، بكذا.
ويتحقق الإيجاب من المسلم، فيقول: أسلمت إليك، أو: أسلفتك
درهما في دارك، وقفيزا من حنطة صفته كذا إلى أجل (4) كذا.
ومثله: اشتريت منك دارك، وقفيزا مؤجلا موصوفا.
ويتحقق الإيجاب من البايع المسلم بصيغتي البيع والسلم، كأن يقول:
بعتك داري وأسلمت منك قفيزا معلوما إلى أجل كذا، متعوضا عنهما
بكذا.

1 - في (ع): لم يعتاد.
2 - في (ع): مغل.
3 - في (ت، م): السلف.
4 - أثبتناها من (ع).
115

وبين إجارة وبيع، فيقول: بعتك عبدي وآجرتك داري شهرا بعشرة،
فيقول: قبلت.
ونكاح وبيع، فتقول المرأة: زوجتك نفسي وبعتك عبدي بعشرة،
فيقول الزوج: قبلت.
وكذا غير هذه من العقود، ولا تخفى صورها عند التأمل.
ومنها: المرابحة وأخواها.
فالمرابحة: البيع بالثمن وزيادة مع الإخبار بالثمن.
والمواضعة: البيع بنقيصة.
والتولية: بقدره.
وصورة بيع المرابحة: بعتك هذا الثوب بعشرة وربح درهم، أو: بما هو
علي وربح درهم، ويكونان عالمين بالثمن.
والتولية: بعتك هذا الثوب بعشرة، أو: وليتك الثوب بما هو علي، أو:
بعشرة.
والمواضعة: بعتك الثوب تبعة، أو: بعتك هو بما هو علي ووضيعته (1)
درهم، مثلا.
وبالجملة فهذه الأقسام بيع يتبعها أحكام البيع كلها.
[الفصل] الثالث: الخيار.
وأنواعه أربعة عشر:
ألف - خيار المجلس: وهو مختص بالبيع.

1 - في (ع): وضيعه.
116

ويثبت ما داما فيه، ولا يزول بالحائل ولا بمفارقة المجلس مصطحبين.
ويسقط باشتراط سقوطه في العقد، وبإسقاطه بعده، وبمفارقة أحدهما
صاحبه.
ولو التزم (1) أحدهما، سقط بالنسبة إليه خاصة، ولو فسخ أحدهما قدم
الفاسخ، وهذا الحكم ثابت في كل خيار مشترك.
ب - خيار الحيوان: ويثبت للمشتري خاصة، ثلاثة أيام من حين العقد
لا بعد التفرق.
ويسقط بالشرط، وبالإسقاط بعده، أو تصرفه (2).
ج - خيار الشرط: وهو بحسبه.
ويشترط ضبطه، ويجوز شرطه
لأحدهما ولهما ولأجنبي عنهما أو عن أحدهما ولأجنبي معهما أو مع أحدهما.
ويجوز أيضا أن تشترط المؤامرة، فإن فسخ المستأمر أو أجاز صح، وإن
سكت لزم في الأقوى.
ولا بد من كون مدة (3) المؤامرة مضبوطة كمدة الشرط.
د - خيار التأخير: فيمن باع ولا قبض ولا قبض ولم يشرط (4) التأخير،
فيلزم البيع ثلاثة أيام ويتخير بعدها.

1 - في (ت، ق، م): ألزم.
2 - سواء للاختبار أو لا، ونقل عن فخر المحققين: إن تصرف لاختبار لا يسقط الخيار. (ابن
المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): هذه.
4 - في (ت، ق، م): (لا قبض ولم يشترط) مكان (لا قبض ولا قبض ولم يشرط)
117

وقبض البعض كلا قبض.
ولو تلف، فمن البايع في الثلاثة وبعدها، لأنه مال تلف قبل قبضه.
ه‍ - خيار ما يفسد ليومه: ويثبت (1) بعد دخول الليل، ويثبت الحكم في
كل ما يسارع إليه الفساد، وإن كان قبل الليل، ويكفي في الفساد نقص
الوصف وقلة الرغبة وفوات السوق.
و - خيار الرؤية: ويثبت لمن يرى المبيع، فإن زاد فللبايع وإن نقص
فللمشتري، وإن زاد ونقص باعتبارين فلهما، ولو رأى البعض ووصف الباقي
تخير في الجميع إن لم يطابق الموصوف.
ز - خيار الغبن: ويثبت مع الجهالة وكون التفاوت مما لا يتغابن به غالبا.
وفي سقوطه بالتصرف تفصيل (2).
ح - خيار العيب: وهو كل ما زاد أو نقص عن الخلقة الأصلية،
فللمشتري الخيار - مع جهله - بين الرد والأرش.
ويسقط الرد بالتصرف دون الأرش.
ط - خيار التدليس: فمن شرط صفة كمال - كالبكارة مثلا - فظهر
الخلاف، تخير ولا أرش، لعدم فوات شئ من الخلقة الأصلية.

1 - في (ت، م): ثبت
2 - هو: إن المغبون إما البايع أو المشتري، وعلى التقديرين: إما أن يكون التصرف من المغبون
فيما غبن فيه، أو من الآخر في عوضه، فإن كان مع المغبون، فإما أن التصرف ناقلا أو لا،
والأول إما أن يكون لازما أو لا، والأول - وهو الناقل اللازم - يمنع من الرد، وإن كان غير ناقل
لكنه لازم كالاستيلاد، فكذلك، والناقل غير اللازم كالهبة الجائرة، فيفسخ الهبة ويرد العين إن
شاء. (ابن المؤلف)
118

ي - خيار الاشتراط: فمن شرط شيئا سائغا في العقد، جاز، فإن
لم يحصل، تخير صاحب الشرط بين الفسخ والإمضاء، ولا يجب على المشترط
عليه، بل الفائدة جعل البيع متزلزلا عند عدم سلامة الشرط، ولزومه عند
الإتيان به.
يا - خيار الشركة: كمن اشترى شيئا فظهر بعضه مستحقا، ولا فرق
بين تقدم الشركة - وهو ظاهر - أو (1) تأخرها إلى قبل القبض كما لو امتزج
بغيره بحيث لا يتميز، وربما أطلق على هذا النوع اسم العيب مجازا.
يب - خيار تعذر التسليم: فمن اشترى شيئا بظن إمكان تسليمه، ثم
عجز بعذر (2)، تخير المشتري.
يج - خيار تبعيض الصفقة: كما لو اشترى سلعتين فظهر استحقاق
أحدهما.
يد - خيار التفليس.
وقد يجتمع نوعان وأزيد من هذه في مبيع واحد، كالحيوان - مثلا -
يدخله خيار المجلس والحيوان والغبن والعيب والرؤية، والشرط هكذا.
وهذه الأنواع كلها تدخل في البيع، أما غيره:
فالرهن لا يدخله خيار الشرط للمرتهن، لأنه جائز من جهته، ويدخل
بالنسبة إلى الراهن، على الأقوى.
والصلح إن كان إبراء من الزائد فلا خيار فيه، وإن كان عقد معاوضة
لم يدخله (3) خيار المجلس والحيوان، ويدخله خيار الشرط والعيب (4) والغبن

1 - في (ع): (ظاهرا و) مكان (ظاهر أو).
2 - في (ت، ق، م): لعذر.
3 - في (ع): لم يدخل.
4 - أثبتناها من (ع).
119

- على الأقوى - والرؤية.
والهبة لا يدخلها الخيار إلا أن يكون بعوض و (1) لم يف به المتهب.
والحوالة والضمان والكفالة لا يدخلها خيار المجلس، ويدخلها (2) خيار
الشرط.
والشفعة لا يدخلها الخيار.
ويدخل في المساقاة خيار الشرط لا المجلس.
وكذا المزارعة والإجارة.
والوقف لا يدخله خيار الشرط، ويدخل في
السبق والرماية والكتابة.
والعقود الجائزة - كالشركة - لا يدخلها الخيار.
تذنيب:
لمح من هذا التقرير:
أن خيار المجلس مختص بالبيع.
وأن خيار الشرط يثبت فيما عدا النكاح (3) والوقف والإبراء والطلاق
والعتق.
وأن خيار الغبن يثبت في كل معاوضة كالبيع والإجارة والمزارعة
والمساقاة والصلح وغيرها من المعاوضات المالية عملا بالعلية، كذا قاله المقداد
في الرائع (5. 4):

1 - أثبتنا (و) من (ع، ق).
2 - في (ت، ق، م): يدخل.
3 - ويثبت في الصداق. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): الشرائع.
5 - التنقيح الرائع: ج 2 ص 47.
120

وصورة الفسخ: أن يقول من له الخيار: فسخت العقد، أو: أبطلته، أو:
أزلته، أو: أبطلت الصحة أو: اخترت فسخه، وما أشبه ذلك.
وقد يحصل الفسخ بالفعل، كما لو تصرف المشتري في الثمن المعين، أو
المدفوع إلى البايع في مدة الخيار.
والضابط: أن تصرف المشتري في الثمن فسخ وفي المثمن التزام، والبايع
بالعكس، فتصرفه في الثمن التزام وفي المثمن فسخ.
ولو فسخ أحدهما والتزم الآخر، قدم الفاسخ.
وصورة اشتراط الخيار إن كان للبايع: بعتك هذا الثوب بعشرة
دراهم، وشرطت لي الخيار في الفسخ عشرة أيام، مثلا.
وإن كان الخيار للمشتري، قال البايع: وشرطت لك الخيار، ويجزي ما
أشبه ذلك من اللفظ.
والضابط: أنه يشترط في لزوم الشرط ذكره في متن العقد ما بين
الإيجاب والقبول، فلو تقدم أو تأخر فلا أثر له، كذا ذكر (1) في الفتاوى
والرائع (3. 2).
[الفصل] الرابع: فيما يدخل في المبيع.
وضابطه: مراعاة مدلول اللفظ لغة أو عرفا أو شرعا.
فيدخل في الأرض: التراب والحجارة المخلوقة لا المدفونة، ويدخل المعدن
والبئر والعين وماؤهما، فإن جهلها البايع تخير.

1 - في (ع): ذكره.
2 - في (ت، ق، م): الشرائع.
3 - التنقيح الرائع: ج 2 ص 46.
121

ولا يدخل البناء ولا الشجر ولا الزرع، إلا أن يأتي بما يشملها، كقوله:
وما دار عليه حدودها، و (1) ما أغلق عليه بابها.
وفي القرية: دورها وطرقها وساحاتها، لا الأشجار والمزارع، إلا مع
الشرط أو القرينة.
وفي البستان: الشجر والأرض والجدران والبناء - إن جرت العادة بكونه
فيه - والمجاز والشرب والغرس المنبت (2)، لا غيره.
ويدخل في الدار: الأرض والبناء الأعلى والأسفل والمرافق والبئر
والحوض وماؤهما والحمام المعروف بها والطريق والأبواب المثبتة والحلق
المثبتة (3) والأوتاد كذلك والرف (4) والسلم كذلك، والدرج والمفاتيح
لا الشجر، إلا مع لفظ يشمله - كما تقدم - ولا يدخل الآلات المنقولة عادة.
ويدخل في السوق: الأرض، والدكاكين وطرقها ورفوفها المثبتة
وخزائنها وسقوفها وغرفها وأبوابها - وإن كانت مما ينقل، على الأقوى،
لاقتضاء العرف ذلك - وكذا الخان.
ويدخل في الشجر: الكبار والصغار والأغصان - وإن كانت يابسة -
و (5) ورق التوت، والعروق والمجاز والشرب، كذا قاله في الدروس (6).
ولا تدخل الأرض إلا بالشرط أو القرينة، لكن يستحق الإبقاء مغروسة.

1 - في (ت، ق، م): أو.
2 - في (ع): (العريش المثبت) مكان (الغرس المنبت).
3 - أثبتنا (والحلق المثبتة) من (ع).
4 - في (ت، ق، م): النرد.
5 - أثبتنا (يابسة و) من (ع).
6 - الدروس الشرعية: ج 3 ص 208.
122

ولا تدخل الفروخ إلا بالشرط.
ولا تدخل الثمرة (1) إلا طلع إناث النخل قبل التأبير.
ولا يدخل الورد (2).
ويدخل في العبد: ثيابه الساترة للعورة لا غيرها، إلا مع الشرط.
ويدخل في الكتاب: أجزاؤه وجلده وخيوطه وما به من الأصول
والحواشي والأوراق المثبتة فيه، لا كيسه، ولا الأوراق المفردة التي لا تتعلق به،
أما المتعلقة به، فتدخل على الأقوى.
ويدخل في بيع الحيوان: نعله ومساميرها، لا المقود والرحل وتوابعه، إلا
بالشرط.
ويدخل في الحمام: بيوته وموقده وخزانة (3) الماء وأحواضه ومسلخه
وبئر مائه وماؤه، ولو كان الماء من مباح دخلت الساقية فيه، والقدر المثبتة
لا الوقد والطل والأقداح والمآزر.
هذا ما يعم به البلوى، ويرجع في غيره إلى العرف.
وإنما ذكرنا هذا الفصل - وإن لم يكن له صيغة - لأنه من باب مدلول
الألفاظ.
[الفصل] الخامس: التسليم.
وهو في المنقول المكيل أو الموزون كيله أو وزنه (4)، وغيرهما النقل، وما
لا ينقل التخلية بعد رفع اليد، وقيل: يكفي التخلية مطلقا، قال الشهيد (5) (رحمه

1 - في (ت، م): الثمر.
2 - يشمل على كل زهر. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): خزانية.
4 - في (ت، م): كيلة أو زنة.
5 - الدروس الشرعية ج 3 ص 213.
123

الله): " ولا بأس به في نقل الضمان، لا في غيره من الأحكام ".
وصورة التخلية: أخليت بينك وبين هذا المبيع، أو: تسلمه، أو: خذه،
وما أشبه ذلك.
وتكفي الإشارة، قاله فخر المحققين في فتاويه، وحمله بعض على تعذر
النطق.
[الفصل] السادس: في الإقالة.
وهي: فسخ، لا بيع في حق المتعاقدين وغيرهما، كالشفيع.
ولا يصح بزيادة أو نقصان.
وإذا تقايلا، رجع كل عوض إلى صاحبه، فإن كان موجودا، وإلا فمثله
إن كان مثليا، أو قيمته إن كان قيميا.
وتصح في البعض والكل قبل القبض وبعده، عقارا كان المبيع أو غيره،
سلما أو غيره، خلافا لمالك.
ومحلها: العقود اللازمة، عدا الوقف والهبة والنكاح.
ولا يسقط بها أجرة الدلال والكيال والوزان والناقد.
ولا يثبت فيها خيار المجلس ولا غيره.
ولا يشترط فيها بقاء المتعاقدين، فيصح بين الوارثين.
ولو أقاله ظنا أن المبيع باقيا، فبان تالفا، فله الخيار بين إمضائها وأخذ
القيمة أو المثل، وبين إبطالها وأخذ الثمن.
ولو أقاله في الشاة وهي حامل، ثم أراد ذبحها، فليس له ذلك حتى تضع.
وكذا لو أقاله في الشجرة وعليها الثمرة، فليس له قطعها حتى يحل أخذ
الثمرة، وإن دفع الأرش.
124

وتجوز الإقالة في زمن الخيار، وطلبها إسقاط له مع العلم بالخيار، وتظهر
الفائدة فيما لو ظهر فسادها، فإنه يلزم البيع.
ولو حصلت الإقالة واختلفا، فادعى أحدهما الإقالة في البعض والآخر
في الجميع، قدم قول مدعي الجميع، قاله الشهيد (رحمه الله).
ولو تقايلا ثم اختلفا في قدر الثمن، قيل: يقدم قول المشتري، وقيل:
قول البايع، لإنكاره (1) ما يدعيه المشتري بعد الفسخ، وهو جيد.
ولو اختلفا في قيمة التالف، فالقول قول منكر الزيادة.
ولو أقال الفضولي، وقف على الإجازة.
وصورة الإقالة أن يقولا: تقايلنا، أو: تفاسخنا، أو يقول أحدهما:
أقلتك ويقبل الآخر.
ولا يكفي طلب الإقالة عن القبول، على الأقوى.
ولو باع المشتري من البايع بعد قبضه، واتفقا على إرادة الإقالة، لم تصر
إقالة لعدم استعماله فيه، وفي انعقاده بيعا نظر، أقربه العدم، لعدم القصد إليه،
ويحتمل جعله إقالة، إذ لا صيغة لها مخصوصة بل المراد ما دل على ذلك المعنى،
وهو حسن، وتظهر الفائدة في الشفعة والخيار.
ولو تقايلا ونويا البيع، فالإشكال أقوى، والأقوى عدم الصحة.

1 - في (ت، ق، م): إنكاره.
125

كتاب الدين
وهو مكروه، إلا مع الحاجة.
وسببه (1) قد يكون عقدا وقد يكون إتلافا.
والعقد قد (2) يكون قرضا وغيره.
والبحث هنا في القرض، ويحتاج إلى إيجاب وقبول.
فالإيجاب: أقرضتك هذا، أو: تصرف فيه، أو: انتفع به، أو: أسلفتك،
أو: ملكتك، أو: خذه مثلا وقيمة، وعليك رد عوضه، وهذا اللفظ شرط في
غير أقرضتك.
والقبول: كل لفظ دل على الرضا بالإيجاب، من غير حصر في عبارة،
ك‍: قبلت، ورضيت، واقترضت.
ويكفي الإيجاب الفعلي مع قرينة تدل عليه - كسبق الوعد - وكذا
القبول الفعلي، لأن المرجع إلى الإذن في التصرف.
ويشترط في المقرض والمقترض: البلوغ، والعقل، وجواز التصرف.

1 - في (ت، ق، م): شبهه.
2 - أثبتنا (قد) من (ع).
127

وفي المال: كونه مضبوطا قدرا ووصفا، فيقترض (1) المكيل كيلا،
والموزون وزنا، والمعدود عددا، والمذروع أذرعا.
ولو جرت العادة بإقراض الموزون عددا، جاز مع قلة التفاوت كالخبز.
ثم إن كان المقترض مثليا، ثبت في الذمة، وإلا فقيمته وقت القرض، ولو
تعذر المثل في المثلي (2)، فقيمته يوم الدفع.
ويجوز اشتراط السائغ في عقده.
وهو جائز من الطرفين.
ويملك بالإيجاب والقبول والقبض.

1 - في (ت، ق، م): فيقرض.
2 - في (ت، م): المثل.
128

كتاب الرهن
وهو وثيقة لدين المرتهن.
والإيجاب: رهنتك هذا الثوب - مثلا - على ما لك في ذمتي، أو:
وثقتك، أو: هذا رهن عندك، أو: وثيقة على مالك، وشبه ذلك.
فيقول المرتهن: قبلت، وشبهه.
ولو قال: خذه على مالك، أو: بمالك، أو: أمسكه حتى أعطيك
مالك، فهو رهن إن أراده.
ويجوز بغير العربية، وتكفي الإشارة من الأخرس.
ولو كان مؤجلا، اشترط ضبط الأجل.
ولا يشترط القبض، على الأقوى.
وشرط الرهن: كونه عينا مملوكة، يمكن قبضها ويصح بيعها.
ويقف رهن الفضولي على الإجازة.
وتصح الاستعارة له، ويلزم بعقد الرهن، وحينئذ يضمن الراهن لو تلف
أو بيع.
وشرط الراهن والمرتهن: البلوغ، والعقل، وجواز التصرف.
وشرط الحق: ثبوته في الذمة، وإمكان استيفاء الحق من الرهن.
129

ويدخل النماء المتجدد فيه.
وينتقل (1) حق الرهانة بالموت، لا الوكالة والوصية.
وهو أمانة، إلا مع التعدي أو التفريط.
ولو شرط كونه رهنا على الدين وعلى كل جزء منه، فصيغته: رهنتك
هذا الثوب - مثلا - على ما لك في ذمتي، أو: على الدين، وعلى كل جزء
منه، [فيقول: قبلت] (2) وحينئذ لا ينفك إلا بوفاء الجميع، وإلا (3) انفك
بالنسبة.
ولا يجب قبض البعض هنا، على الأقوى، لتعلق الغرض باستيفاء الدين (4)
من الرهن.

1 - إلى الوارث. (ابن المؤلف)
2 - أثبتناه من (ت، ق، م).
3 - أي: لو لم يشترط كونه رهنا على كل جزء. (ابن المؤلف)
4 - أثبتنا (بالنسبة. ولا يجب... باستيفاء الدين) من (ع).
130

كتاب الحجر
وأسبابه ستة:
الصغر، والجنون، والرق، والمرض، والسفه، والفلس.
فالثلاثة الأول محجور عليهم مطلقا (1)، نعم لو أذن المالك جاز للمملوك
التصرف.
والمريض محجور عليه فيما زاد على الثلث، إلا مع الإذن أو الإجازة.
والسفيه يمنع من التصرفات المالية خاصة، ويكفي ظهور السفه في ثبوت
الحجر، ولا يزول إلا بحكم الحاكم.
والمفلس يتوقف الحجر عليه على حكم الحاكم به، مع إذن الغرماء،
وكون ماله قاصرا عن ديونه الحالة، وحينئذ يمنع من كل تصرف مبتدأ في
المال، لا ما لا يصادفه كالطلاق، ولا يمنع من تحصيله كالاحتطاب.
ويستمر الحجر إلى أن يقضى الدين، ويحكم الحاكم برفعه (2)، وقيل:
يكفي الوفاء.

1 - أي: في جميع المال، سواء الثلث وغيره. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): بيسره.
131

وصيغة الحجر أن يقول الحاكم: حجرت على زيد، أو: منعته من
التصرف، أو: هو ممنوع، وشبه ذلك.
* * *
132

كتاب الضمان
وهو تعهد بالمال من البرئ.
وشرط الضامن: الكمال والحرية، إلا أن يأذن المولى، فيصح ويثبت في
ذمة العبد.
ولا يشترط العلم بالمال المضمون ولا الغريم، بل يكفي تميزهما (1).
وصورة الإيجاب: ضمنت لك ما في ذمة زيد، أو: تكفلت، أو:
تقبلت، وشبه ذلك.
فيقول المستحق: قبلت، وشبهه.
ويشترط التواصل بين الإيجاب والقبول، كما في غيره من العقود.
ولا يكفي في الإيجاب: ما لك عندي، أو علي، أو ما عليه علي، لأنه ليس
بصريح.
ولا يعتبر رضا الأصيل (2).
وشرط الحق: المالية والثبوت في الذمة إن كان متزلزلا.
ثم إن ضمن بإذن المضمون عنه، رجع، وإلا فلا.

1 - مال والغريم. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): الأصل.
133

كتاب الحوالة
ويشترط فيها: رضا الثلاثة، وكمالهم، وعلمهم بالقدر، ولزوم الدين أو
صيرورته إليه، وملاه المحال عليه، أو علم المحتال بإعساره، أو رضاه به
كالضمان.
ولا يشترط شغل ذمته بمثله، فتصح الحوالة على برئ الذمة، أو من في (1)
ذمته مخالف.
وصورة العقد: أحلتك بما لك في ذمتي على زيد.
فيقول المحتال (2): قبلت، وكذا المحال عليه فوريا، كغيره من العقود.

1 - أثبتناها من (ع).
2 - في (ت، م): المحال.
135

كتاب الكفالة
وهي: عقد شرعي للتعهد بالنفس.
وشرطها:
رضا الكفيل والمكفول له، لا المكفول (1).
وتعيين (2) المكفول.
والتنجيز، فلو علقها بطلت، وكذا الضمان والحوالة.
وتصح حالة ومؤجلة.
والمكفول: كل من يجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم، وإن كان صبيا
أو مجنونا.
ولا يشترط علم قدر المال.
ويبرأ بتسليم الغريم إلى المكفول له تاما.
وصورة العقد: كفلت لك فلانا، أو: إحضار بدنه، أو ما أشبه ذلك.
فيقول المكفول له: قبلت، على الفور.

1 - أثبتنا (لا المكفول) من (ع).
2 - في (ت، ق، م): لا يتعين.
137

وحينئذ إن لم يحضره، لزمه أداء ما عليه.
ولو قال: إن لم أحضره كان علي كذا، لزمه إحضاره حسب (1).
ولو قال: علي كذا إلى كذا، إن لم أحضره، لزمه ما شرط من المال
مطلقا (2)، ويرجع بأقل الأمرين.

1 - أثبتناها من (ع).
2 - سواء زاد عما في ذمة المكفول عنه أو لا، تغاير الجنس أو لا، تبعا للرواية. (ابن المؤلف)
138

كتاب الصلح
ويصح مع الإقرار والإنكار.
ويلزم بالإيجاب والقبول.
ويشترط: صدورهما من الكامل الجائز التصرف، وما يتصالحان به
وعليه.
وهو أصل في نفسه.
وليس طلبه إقرارا.
ويصح على كل من العين والمنفعة، بمثله وجنسه ومخالفه.
ولا يعتبر في الصلح على النقدين (1) التقابض في المجلس، نعم لا يصح
مؤجلا.
وصورته: صالحتك على ما تستحق في ذمتي بكذا، أو: على ما
تستحق في هذه الدار بكذا، أو: على هذه الدار بكذا.
فيقول الآخر: قبلت، وشبهه.
ولو كان الصلح على إجراء الماء على سطحه، مثلا، أو على إخراج

1 - في (ت، م): التقديرين.
139

روشن في ملكه، قال:
صالحتك على إجراء الماء في هذا المكان، مدة كذا بكذا.
فيقول: قبلت.
ويعلم مما ذكرنا غيره.
* * *
140

كتاب الوديعة
وهي: عقد فائدته الاستنابة في الحفظ، جائزة من الطرفين.
وتفتقر إلى الإيجاب والقبول، ولا بد من صدورهما من مكلف جائز التصرف.
ولا حصر في الألفاظ الدالة عليهما، مثل: أودعتك، أو: ضعه عندك،
أو: خذه، أو: هو وديعة، وكل ما أدى هذا المعنى.
ولا بد من اللفظ في الإيجاب مع القدرة، أو ما يقوم مقامه، كالإشارة
مع العجز.
أما القبول، فيكفي اللفظ نحو: قبلت، واستودعت وشبههما (1)،
والفعل كما لو أخذها بيده.
ويحفظها بما جرت العادة به.
ولا يضمن إلا مع التعدي، أو التفريط.
ويجب إعادتها مع الطلب، على الفور.
ولا يصح حينئذ الاشتغال بعبادة واجبة موسعة، وإن فعل كان ضامنا.

1 - في (ت، ق، م): شبهها.
141

ولو مات المودع، وجب الرد إلى الوارث، أو إعلامه.
ويقبل قول الودعي في الرد بيمينه. [تم] (1).

1 - أثبتناه من (ت، م).
142

كتاب العارية
وشرط المعير: أن يكون مالكا للمنفعة، جائز التصرف.
وشرط المستعير: كونه أهلا للتبرع عليه بعقد، وأن يكون معينا.
وشرط المستعار: كونه منتفعا به مع بقائه - كالثوب - وإباحة المنفعة،
فلا تصح استعارة آلات الملاهي، ولا الجارية للاستمتاع.
والعقد كل لفظ دل على تجويز الانتفاع بالعين مع بقائها.
وتصح مطلقة ومقيدة بمدة.
ولا يلزم.
وثمرته التبرع بالمنفعة.
فالإيجاب: أعرتك هذه العين، أو: انتفع بها، أو: خذها للانتفاع،
وأمثال ذلك.
والقبول: قبلت، واستعرت، وشبهها (1).
ويكفي الفعل (2) في القبول، ولا يكفي في الإيجاب، إلا مع القرينة.
وتصح إعارة الصبي بإذن وليه.

1 - في (ت، ق، م): شبههما.
2 - في (ت، ق، م): الفعلية.
143

ولا يضمن إلا بالتعدي والتفريط، أو اشتراط الضمان، أو بكونها ذهبا أو
فضة.
ولو شرط سقوط الضمان في الذهب والفضة، جاز قطعا.
ولو شرطه (1) مع التعدي أو التفريط، فالأقوى الصحة.

1 - في (ت، م): شرط، وفي (ق): شرط.
144

كتاب اللقطة
وفيه ثلاثة فصول:
[الفصل] الأول: اللقيط.
ويقال ملقوط ومنبوذ، وهو: كل صبي ضايع لا كافل له وقت اللقطة،
وإن كان مميزا.
ويجب أخذه كفاية، فإذا ظهر له كافل - كالأب والجد والوصي
والملتقط السابق - سلم إليه.
ولو كان مملوكا، وجب حفظه وإيصاله إلى المالك.
ولا يضمن إلا بالتفريط.
ويشترط: بلوغ الملتقط وعقله وحريته، إلا أن يأذن السيد، وإسلامه مع
الحكم بإسلام اللقيط، وعدالته في قول قوي.
ولا يشترط الحضر، فيلتقط البدوي ومريد السفر.
ولو تشاح ملتقطان، أقرع.
ونفقته من ماله إن كان، وإلا استعان الملتقط بالسلطان، فإن تعذر
فبالمسلمين، ويجب عليهم كفاية، فإن تعذر أنفق الملتقط، ورجع مع نية
الرجوع، وإلا فلا.
145

[الفصل] الثاني: الحيوان.
ويسمى ضالة، وأخذه جائز على كراهية.
ولو تحقق التلف زالت الكراهة، ويستحب الإشهاد.
ولا يؤخذ البعير إذا كان صحيحا، ووجد في كلاء وماء (1)، فلو أخذ
حينئذ ضمنه الآخذ، ولم يرجع بالنفقة، ولو ترك من جهد (2) لا في كلاء
وماء، أبيح.
والشاة تؤخذ في الفلاة وحينئذ له تملكها، ويضمن على الأقوى، أو
يبقيها أمانة، أو يدفعها إلى الحاكم.
ولو وجدها في العمران، لم يجز أخذها، فإن أخذها احتبسها ثلاثة أيام،
فإن جاء صاحبها، وإلا باعها وتصدق بثمنها وضمن، أو حفظه ولا ضمان.
وتجوز الصدقة بعينها، والأولى تأخيرها إلى بعد الحول.
ولا يشترط في الآخذ سوى الأخذ، ولا يضمن إلا بالتفريط أو نية
التملك.
[الفصل] الثالث: المال.
وتحرم لقطة الحرم على الأقوى، وقيل: كغيرها، فإن أخذها حفظها، فإن
تلفت بغير تفريط لم يضمن، وليس له التملك بعد الحول، بل يبقيها أمانة أو
يتصدق بها ويضمن على الأقوى.
ولو أخذ من الحرم بنية التعريف، لم يحرم.
ويحل في الحل ما كان دون الدرهم من غير تعريف، ولو ظهر مالكه
ضمن له.

1 - معا، ولا يكفي أحدهما. (ابن المؤلف)
2 - أي: تعب. (ابن المؤلف)
146

وما زاد يجب تعريفه حولا بنفسه أو وكيله، والأولى أن يكون عدلا.
ويرجع في التعريف إلى العادة، ويجب أن يكون عقيب الالتقاط بغير
فصل.
وزمانه النهار إن أمكن، لحصول الغفلة ليلا.
وينبغي إكثاره أولا، ثم يجزي إقلال ما بعده، وأقله في كل أسبوع مرة،
قال الفاضل في تحريره (1)، وقال الشهيد في دروسه (2): يعرف في الأسبوع
الأول كل يوم مرة أو مرتين، ثم في كل أسبوع مرة إلى تمام شهر، ثم في كل
شهر مرة إلى تمام السنة.
فعلى هذا يكون المجزي أحد وعشرين تعريفا.
وإذا مضى الحول وحصل التعريف، تخير الواجد:
[ألف] - بين الصدقة به عن مالكه، ونيته: أتصدق بهذا عن مالكه،
لوجوبه، قربة إلى الله.
فإن عرف المالك بعد ذلك ورضي فلا بحث، وإلا ضمن المتصدق وله
الرجوع على الآخذ إن كانت العين باقية أو علم بالحال، وإلا فلا.
[ب] - وبين التملك، ولا يتوقف على لفظ، بل يكفي مجرد نية التملك.
وكذا حكم المباحات كلها إذا قلنا يتوقف ملكها على النية، ولا يفتقر
إلى التصرف، ويملكها ملكا مراعى بوجود صاحبها، فإن وجد فهو أحق.
ولا يجب على الملتقط دفع العين بعد التملك، بل المثل أو القيمة وقت
التملك.

1 - تحرير الأحكام: ج 2 ص 127.
2 - الدروس الشرعية: ج 3 ص 88.
147

ويحصل ضمان المثل أو القيمة وقت التملك، وقيل: يتجدد بالمطالبة،
والأول أقوى.
وتظهر الفائدة في منع الخمس ووجوب الوصية به (1) وأمثالهما من
أحكام الدين.
[ج] - وبين إبقاء العين أمانة، ولا ضمان إلا مع التعدي أو التفريط.
وصورة التعريف، أن يقول: من ضاع له شئ.
ولو قال: من ضاع له ثوب أو ذهب أو فضة، جاز.
نعم يستحب الإيغال (3. 2) في التعريف.
ولا يجب الدفع إلا ببينة (4)، وإن وصفها وصفا تاما.
نعم يجوز له ذلك، إذا ظن صدقه.
ولا فرق في وجوب التعريف بين كون الملتقط الإمام أو نائبه، أو
غيرهما، وقيل: لا يجب على الإمام، لأن الضوال تطلب (5) عنده.
ولو كانت اللقطة مما لا يبقي، كالطعام، تخير بين أن يقومها على نفسه
وينتفع بها ويضمن، أو يدفعها إلى الحاكم ولا ضمان.
ولو مات الملتقط قبل التعريف، تعلق الحكم بوارثه، وبعد التعريف يتخير
بين الثلاثة المتقدمة، وبعد التملك ينتقل إليهم.
ولا يملك اللقيط بالتعريف وإن كان صغيرا.

1 - أثبتناها من (ع).
2 - أي: الإبهام. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، م): الإجمال.
4 - في (ت، م): بنيته.
5 - في (ت، م): بطلت.
148

كتاب الجعالة
وثمرتها: تحصيل العين أو المنفعة بعوض، مع عدم اشتراط العلم فيهما.
ويجوز على كل عمل محلل مقصود.
وشرط الجاعل: البلوغ، والعقل، وجواز التصرف.
والعامل: إمكان تحصيل العمل.
ولا يشترط تعيين العامل.
والجعل إن كان معينا، اشترط علمه بالكيل، أو الوزن، أو العدد، وإن
كان مجهولا، ثبت بالرد أجرة المثل، كقوله: من رد عبدي فله شئ.
ويجوز من الأجنبي، فيلزمه الجعل مع العمل المشروط.
وصورة الإيجاب: من رد عبدي، أو: ضالتي، أو: فعل كذا، فله كذا،
وكذا كل لفظ يدل على العمل.
ولا يفتقر إلى قبول ولا إلى مخاطبة شخص معين، فيكفي الإيجاب - مع
العمل - في استحقاق الجعل، وإن لم يقبل العامل لفظا.
ولا فرق بين كون المجعول له مسلما أو كافرا، وإن كان المجعول عليه
149

عبدا مسلما أو مصحفا لضعف السبيل هنا، نعم لو كان الجعل (1) عبدا مسلما
أو مصحفا لكافر، لم يصح.
ولو جعل الكافر لمثله خمرا، صح.
ولو ظهر المعين مستحقا، فأجرة المثل.
وهي جايزة من طرف العامل مطلقا (2)، ومن طرف المالك ما لم يتلبس
العامل، فإن تلبس فهي جائزة فيما بقي، ويلزمه فيما مضى بالنسبة إلى الجميع،
ولو لم يعلم بالرجوع، فله الجميع.
ونفقة العبد مدة الرد على المالك.
والعامل أمين، ولو تنازعا في قدر الجعل أو جنسه، تحالفا ويثبت (3) أقل
الأمرين من الأجرة والمدعى، إلا أن يزيد ما ادعاه المالك على أجرة المثل،
فتثبت (4) الزيادة.

1 - أي: الأجرة. (ابن المؤلف)
2 - سواء كان تلبس، أو لا. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): ثبت.
4 - في (ت، ق، م): فثبت.
150

كتاب الغصب
وهو: استقلال اليد على مال الغير عدوانا.
ولا يكفي رفع يد المالك بدون وضع يد الغاصب.
ويضمن القيمي بأعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف، ولا اعتبار
بزيادة القيمة أو نقصها بعد ذلك، والمثلي بمثله (1)، فإن أعوز، فأقصى (2) القيم
من وقت الغصب إلى وقت دفع القيمة، على الأقوى.
ومع رد العين سليمة، فلا عبرة بنقص القيمة بالنسبة إلى السوق ولو
زادت فالزيادة للمالك، ولو نقصت، رد العين مع الأرش.
ويعتبر (3) في الأرش أعلى درجاته.
ويلزمه أجرة العين مدة الغصب، إن كانت مما له أجرة.
ويجب رد العين ما دامت باقية، ولو احتيج إلى أجرة، فعلى الغاصب.
ولو تصرف الغاصب بأحد العقود، وقف على إجازة المالك، كما لو
باع أو آجر.

1 - في (ت، م): مثله.
2 - أي: أعلى. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): يعين.
151

ولو اختلفا في القيمة بعد التلف، فالقول قول الغاصب، على الأقوى،
لأنه منكر.
* * *
152

كتاب الشفعة
وهي: استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه، المنتقلة بالبيع.
وتثبت (1) في الأرض وفي كل عقار، ثابت، مشترك بين اثنين، قابل
للقسم، لا في المنقول ولا في البناء والغروس، إذا بيعا منفردين، نعم يثبت فيهما
تبعا للأرض إذا بيعا.
ولا يدخل الدولاب وآلاته في الشفعة.
ولا يثبت في الملتزم، ولا بالجوار، ولا فيما لا يقبل القسمة كالعضائد
الضيقة.
والآخذ: كل شريك متحد بحصة مشاعة قادر على الثمن.
وللأب الأخذ عن الصغير والمجنون مع المصلحة، وكذا الجد، فلو (2)
أهملا حينئذ فلهما الأخذ، لأن إهمالهما في حق غيرهما، فإن استمر الإهمال،
أخذ الصبي والمجنون بعد الكمال، وكذا القول في ولي السفيه.
والمأخوذ منه: كل من تجدد ملكه بالبيع، فلو اشتريا دفعة فلا شفعة.
ولا يثبت للكافر على المسلم.

1 - في (ت، ق، م): ثبت.
2 - في (ت، ق، م): ولو.
153

ويستحق بنفس العقد وإن كان فيه خيار.
ولا يمنع من التخاير، فإن اختار المشتري أو البايع الفسخ، بطلت، قاله
الشهيد (1) (رحمه الله).
وليس للشفيع أخذ البعض.
ويلزمه مثل الثمن إن كان مثليا، وإلا فقيمة يوم العقد.
ويجب الدفع أولا، ولو كان غائبا أنظر ثلاثة ما لم يتضرر المشتري.
ولو وقف المشتري أو وهب، فللشفيع إبطاله.
وشرط الآخذ: العلم بقدر الثمن وجنسه.
ولو انتقل (2) بغير البيع، فلا شفعة.
وحق الآخذ فوريا، فيسقط بما يعد تقصيرا أو توانيا مع العلم.
وصورة الأخذ أن يقول الشفيع: أخذت الشقص، أو: تملكته بالثمن،
وشبهه.
ولا يحتاج إلى عقد آخر بينه وبين المشتري.
ولا يكفي المطالبة ودفع الثمن مجردا عن قول، نعم يكفي الأخذ
الفعلي (3)، بأن يدفع الثمن وينتزع المبيع.
ولا يبطل بالإقالة، ولا بالرد بالعيب، ولا بالتصرف.
ولو اختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن، قدم قول المشتري مع يمينه،
فلو أقاما بينة، قدمت بينة الشفيع.

1 - الدروس الشرعية: ج 3 ص 362.
2 - في (ت، ق، م): انعقد.
3 - أثبتناها من (ع).
154

كتاب إحياء الموات
وهو: ما لا ينتفع به لعطلته، أو لاستيجامه، أو لعدم الماء عنه.
ويملكه المحيي إن كان الإمام غائبا، وإن كان حاضرا افتقر إلى إذنه.
ولا يصح إحياء العامر وتوابعه - كالطريق - وكل ما جرى عليه ملك
مسلم، فهو له ولوارثه بعده ولا ينتقل عنه بصيرورته مواتا.
ويشترط في الإحياء المملك (1) ستة: انتفاء يد الغير، وانتفاء ملك سابق،
وانتفاء كونه حريما لعامر (2)، وأن لا يكون مشعرا للعبادة، أو مقطعا، أو
محجرا.
والمرجع في تحقيق الإحياء إلى العرف.
والمشتركات:
المساجد، فمن سبق إلى مكان فهو أولى به، ولو استبق اثنان، أقرع إن
لم يمكن الجمع.
والمياه المباحة، فمن اغترف شيئا منها بنية التملك، ملكه، وإلا فهو
أولى.

1 - في (ت، ق، م): المتملك.
2 - في (ت، م): للعامر.
155

والمعادن، فالظاهرة لا تملك بالإحياء، ومن سبق إليها فله أخذ حاجته،
وإن توافيا قسمت إن أمكن، وإلا أقرع.
والباطنة تملك ببلوغ نيلها.
وهذه المباحات تحتاج إلى نية التملك، على الأقوى، ولا تحتاج إلى لفظ،
بل يكفي أخذها بقصد التملك، وهذا هو المعبر عنه بالنية هنا.
* * *
156

كتاب الإجارة
وهي: عقد ثمرته نقل المنافع بعوض معلوم، مع (1) بقاء الملك على أصله.
وشرطها: الإيجاب والقبول الصادران (2) من مالك المنفعة، الجائز
التصرف، فتصح من المستأجر لا من المسكن.
وكل ما صح الانتفاع به منفعة محللة، صحت إجارته، منفردا كان
أو مشاعا.
ولا تضمن العين إلا بالتعدي أو التفريط، ولا يصح (3) اشتراط الضمان،
على الأقوى، فيفسد العقد حينئذ.
ولا بد أن تكون المنفعة والأجرة معلومتين.
وتملك بالعقد.
ويجب تسليمها بتسليم العين، وإن كانت على عمل فبعده.
ولا بد أن تكون المنفعة مملوكة للمؤجر إما إصالة (4) أو تبعية (5).

1 - في (ت، ق، م): على.
2 - في (ع): الصادر.
3 - في (ت، م): فلا يصح.
4 - كمالك العين. (ابن المؤلف)
5 - كالموصوء به والمستأجر. (ابن المؤلف)
157

ولو آجر الفضولي، وقف على الإجازة.
وأن تكون معلومة إما بالزمان كسكنى شهر، أو بالمسافة كالركوب إلى
موضع كذا، أو بالعمل كخياطة هذا الثوب.
ولو جمع بين المدة والعمل، فإن قصد التطبيق (1) بطل، وإلا صح (2).
ولا بد من كونها مباحة، فلو استأجر لحمل مسكر، بطل.
وكونها مقدورا على تسليمها، فلا تصح إجارة الآبق منفردا، ويصح
منضما، على الأقوى.
والإيجاب: آجرتك، أو: أكريتك، أو: ملكتك منفعتها سنة.
فيقول المستأجر: قبلت، أو: استأجرت، أو: اكتريت.
ولا ينعقد بلفظ العارية.
ولو أتى بلفظ البيع مثل: بعتك سكنى هذه الدار سنة بعشر، لم يصح
على الأقوى.
ويجوز تقديم القبول على الإيجاب.

1 - أي: مطابقة العمل للزمان. (ابن المؤلف)
2 - وفي (ت، ق، م): (يبطل على الأصح) مكان (بطل، وإلا صح)
158

كتاب المزارعة
وهي: معاملة على الأرض بحصة من حاصلها إلى أجل معلوم.
وتفتقر إلى الإيجاب والقبول.
والإيجاب: زارعتك على هذه الأرض سنة بنصف حاصلها، ويذكر
العمل المراد، أو: عاملتك، أو: سلمتها إليك، وشبهه.
والقبول: قبلت، ورضيت، وشبههما.
ويكفي القبول الفعلي، على الأقوى.
ولو قال: ازرع هذه الأرض، ففي الصحة قولان.
وهي لازمة، لا تبطل إلا بالتقايل، لا بموت أحدهما.
ولا بد من صدورهما من مكلف، جائز التصرف.
وتعيين المدة بما لا يحتمل الزيادة والنقصان، كالسنة.
وكون المدة يدرك فيها الزرع قطعا أو ظنا.
وإمكان الانتفاع بالأرض في الزرع أو الحصة (1).
وكونها معلومة القدر والشياع، متفاضلة كانت أو متساوية.

1 - في (ت، ق، م): الحصيد.
159

وإذا أطلق المالك، زرع العامل ما شاء، ولو عين، لم يتجاوزه (1).
ويجوز كون العمل من أحدهما، ومن الآخر البذر والعوامل، وكذا كل
صورة من الصور الممكنة في هذه المسألة، فإنها جائزة.
والقول قول منكر زيادة المدة.
ولو اختلفا في الحصة، فالقول قول صاحب البذر.
والخراج على المالك، إلا مع الشرط.
ويجوز اشتراط شئ مع الحصة، من ذهب أو فضة.
ويلزم مع السلامة (2).

1 - في (ت، ق، م): لم يتجاوز.
2 - فلو تلفت الثمرة، سقط، ولو تلف البعض، سقط بالنسبة. (ابن المؤلف)
160

كتاب المساقاة
وهي: معاملة على الشجر بحصة من ثمرها.
وهي لازمة من الطرفين.
ولا بد من الإيجاب، وهو: ساقيتك على هذه الشجرة مدة كذا لتعمل
فيه (1)، بنصف حاصله، مثلا.
وكذا: عاملتك، أو: سلمت إليك، أو: صالحتك، أو: اعمل
في بستاني (2) هذا.
والقبول، وهو الرضا بذلك الإيجاب، نحو: قبلت، ورضيت.
ويكفي الفعلي (3)، كما تقدم.
ولا بد من كون الشجر ثابتا (4)، ينتفع بثمرته، مع بقاء عينه.
ويصح على ما له ورق، كالتوت.
ولا بد من تعيين المدة.

1 - أثبتنا (كذا لتعمل فيه) من (ع).
2 - في (ت، م): بستان.
3 - الخلاف هنا كما تقدم، والأقوى عدم الصحة، ونقل الصحة في موضعين. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، م): نابتا.
161

ويلزم العامل - مع الإطلاق - كل عمل متكرر (1).
وكون النماء مشتركا بالجزء المشاع المعلوم، كالنصف.
ويجوز اشتراط السائغ.
ويشترط: كون المتعاقدين كاملين، جائزي التصرف.
ولو اختلفا في قدر الحصة، فالقول قول المالك.

1 - في (ت، م): يتكرر.
162

كتاب الشركة
وهي: اجتماع حقي مالكين - فصاعدا - في شئ على سبيل الشياع.
وسببها: قد يكون إرثا، أو حيازة، أو عقدا، أو مزجا بحيث لا يتميز،
سواء حصل المزج برضى المالكين، أو قهرا عليهما.
والمشترك قد يكون عينا كالثوب، ومنفعة كسكنى الدار، وحقا
كاستيفاء القصاص والحد.
والمعتبر شركة العنان لا غيرها.
والشركة الحاصلة عن العقد شرطها: كون العاقدين كاملين، جائزي
التصرف.
والعقد إما بيع، أو صلح، أو هبة، أو وقف، ومثل ذلك.
والأولان تقدما، والباقي يأتي إن شاء الله.
وباقي أسباب الشركة لا يفتقر إلى شرط، بل قد يكون المزج بين
الصغيرين، أو المجنونين، فيحصل المزج القهري فيتم قسم الشركة، إلى أن
يقتسما بعد الكمال، أو يقسم الوليان.
وكذا الإرث.
163

والحيازة يحصل الاشتراك بها من الصبيين المميزين أو البالغين، لا من
المجنونين وغير المميزين (1) إن قلنا بتوقف (2) تملك المباحات على النية، وهو
الأقوى، وإلا حصل الاشتراك مطلقا.
وتكره مشاركة الذمي.
ولا يضمن الشريك إلا بتعد أو تفريط.
ولو قال: " لزيد في هذا المال شركة "، قبل تفسيره بأقل من (3) النصف،
ذكره الفاضل في القواعد (5. 4).

1 - في (ع): المميز.
2 - في (ت، ق، م): يتوقف.
3 - في (ت، ق، م): جزء.
4 - في آخر الفصل الثاني، في أقارير المجهولة، في رمز العاشر. (ابن المؤلف).
5 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 17 ص 48.
164

كتاب القراض
وهو: جائز من الطرفين، ولا بد من العقد.
فالإيجاب: قارضتك، أو: ضاربتك، أو: عاملتك على هذا المال، على
أن الربح بيننا نصفين، أو: متفاوتا.
والقبول: قبلت، ورضيت، وشبههما من الألفاظ الدالة على الرضا.
ويصح اشتراط الجائز، مثل أن لا يشتري إلا الثياب مثلا، ولو شرط ما
ينافيه (1) بطلا (2).
وشرط المتعاقدين: الكمال وجواز التصرف.
ولا يشترط تعيين المدة، نعم لو شرطت، أفاد عدم جواز التصرف
بعدها (3).
وشرط المال: كونه نقدا، فلا يصح بالعروض (4)، وكونه معينا ومعلوما،
ومسلما في يد العامل، ولا بد من العمل وهو عوض الربح.

1 - كأن يشترط عليه أن لا يبيع ولا يشتري. (ابن المؤلف)
2 - عقد والشرط. (ابن المؤلف)، في (ت، م): بطل.
3 - أي: مدة الذي تعين. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): بالقروض.
165

وشرطه: كونه تجارة لا كالخبز (1).
وشرط الربح: اختصاصه بالمتعاقدين، واشتراكهما فيه، وكونه معلوما
ومقدرا بالجزئية كالنصف.
والعامل كالوكيل، والقول قوله في عدم التفريط، وقدر رأس المال،
وقدر الربح.
وينفق كمال النفقة في السفر من أدام وكسوة وغيرهما.

1 - في (ت، ق، م): الخبن.
166

كتاب الوكالة
وهي: استنابة في التصرف.
وأركانها أربعة:
[1] - العقد:
فالإيجاب: كل لفظ يدل على الاستنابة في التصرف، مثل: وكلتك، أو:
استنبتك أو: فوضت إليك، أو: بع.
ولو قيل له: وكلتني، وكلتني فقال: نعم، أو أشار بما يدل على الرضا مع
عجزه، كفى في الإيجاب.
والقبول: قبلت، ورضيت، وتوكلت، وشبه ذلك.
ويكفي القبول الفعلي، كما لو قال: وكلتك في البيع، فباع.
ولا يشترط الفورية، فإن الغائب يوكل، نعم لورد وعلم الموكل، بطل (1).
ويشترط التنجيز، نعم لو علق التصرف فلا حرج.
وهي: جائزة من الطرفين.
[2] - والموكل:

1 - لو لم يعلم، لم يبطل. (ابن المؤلف)
167

وشرطه: البلوغ والعقل وعدم الحجر، فلا يصح توكيل الصبي
ولا المجنون، ولا يوكل العبد فيما يتوقف على إذن المالك، إلا به، ويوكل في غيره
كالطلاق، ولا الوكيل إلا مع الإذن صريحا أو فحوى.
[3] - والوكيل:
وشرطه: البلوغ والعقل - كما تقدم - لا العدالة إلا في صرف الزكاة،
وشبهها مع عدم تعيين المصرف، وأن لا يكون محرما في عقد نكاح (1)، أو
شراء صيد، أو معتكفا في بيع.
[4] - والموكل فيه:
وشرطه أن يكون مملوكا للموكل، وأن يكون قابلا للنيابة، وأن يكون
معلوما ولو بالوصف، أو إجمالا.
ولا ينعزل الوكيل إلا بالإعلام.
ويبطلها الموت والجنون والإغماء والحجر على الموكل فيما وكل فيه،
لا بالنوم وإن تطاول، ما لم يؤد إلى الإغماء.
وإطلاقها يقتضي البيع أو الشراء بنقد البلد، بثمن المثل، حالا.
وتثبت بشاهدين، لا بشاهد ويمين، ولا بشهادة (2) النساء، نعم لو ادعى
شخص وكالة آخر، جاز الشراء منه، ويباح التصرف، ويكون الغائب على
حجته، ذكره الشهيد في قواعده محتجا برواية عن الصادق (ع).
ولا يضمن العين الموكل فيها، إلا بتعد أو تفريط.

1 - في (ت، م): النكاح.
2 - في (ت، ق، م): شهادة.
168

كتاب
السبق والرماية
وإنما يصحان من الكاملين الخاليين من الحجر، على الخيل والبغال
والحمير والإبل والفيلة، والسيف والسهم والحراب.
ولا يصح بالأقدام والمصارعة والطيور والسفن والعدو.
وتفتقر المسابقة إلى:
[1] - الإيجاب والقبول، على الأقوى.
[2] - وتعيين العوض، ويصح بذله من بيت المال ومن أجنبي، ومن
المتسابقين.
[3] - وتقدير المسافة.
[4] - وتعيين ما يسابق عليه.
[5] - واحتمال السبق، فلو علم قصور أحدهما، بطل.
[6] - وجعل السبق للسابق منهما ومن المتحلل، لا الأجنبي.
[7] - وتساوي الدابتين جنسا، لا صنفا.
[8] - وإرسالهما دفعة.
169

[9] - وتعيين ما يسابق عليه بالمشاهدة.
وشرط الرمي: العقد، والعلم بعدد الرمي مطلقا (1) كعشرين، وعدد
الإصابة وصفتها، وقدر العوض وجعله للسابق، ومعرفة المسافة والعوض (2)،
والتساوي (3) في عدد الرمي والإصابة، وتعيين الرامي، وإمكان الإصابة
المشترطة، وتماثل جنس الآلة، لا المحاطة والمبادرة، فإن أطلقا، حمل على المحاطة.
ولا يشترط تعيين البادئ، فإن تشاحا، أقرع.
وصورة العقد - إن كان البذل من المتسابقين - أن يقول أحدهما: من
سبق منا إلى إصابة خمسة من عشرة - مثلا - فله عشرة، فيقول الآخر: قبلت،
أو: من سبق صاحبه بالهادي أو الصلوان - مثلا - فله عشرة، فيقبل الآخر.
وإن كان البذل من أجنبي، قال: من سبق منكما، فله عشرة، فيقولان:
قبلنا.
وإن شرطا المبادرة، قال الموجب: من بدر منا إلى إصابة خمسة من
عشرة، فله كذا، فيقول الآخر: قبلت.
وإن شرطا المحاطة - وهي: إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة - فيقول
الموجب: من سبق منا إلى إصابة خمسة من عشرة، فله كذا، وشرطت
إسقاط ما نتساوى (4) فيه من الإصابة، فيقول الآخر: قبلت.
وبهذه الأمثلة يظهر ما عدا ذلك، فليتأمل (5).

1 - أي: في المبادرة والمحاطة. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): الغرض.
3 - في (ت، ق، م): فالمساوي.
4 - في (ت، ق، م): يتساوى.
5 - أثبتناها من (ع).
170

كتاب الوقف
وشرطه: التنجيز، والدوام، والإقباض، وإخراجه عن نفسه.
وكون الموقوف عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها، ويمكن إقباضها.
ويصح وقف الفضولي مع الإجازة.
والمشاع كالمقسوم.
وشرط الواقف: الكمال، وعدم الحجر.
والموقوف عليه: وجوده، وصحة تملكه، وإباحة الوقف عليه.
وصيغته الصريحة: وقفت، وفي أوقفت قولان، أقربهما عدم الاكتفاء.
أما (1) ما عداهما ك‍: حبست، وسبلت، وحرمت، وتصدقت، فتفتقر إلى
القرينة.
ولا بد من القبض بإذن الواقف، ومن القبول إن كان الموقوف عليه ممن
يمكن فيه القبول وإلا كفى القبض كالمصالح العامة.

1 - في (ت، م): و.
171

ولا يشترط نية التقرب في صحة الوقف، على الأقوى، نعم هي شرط في
استحقاق الثواب.
ويدخل في وقف الحيوان، لبنه وصوفه الموجودان حال العقد.
* * *
172

كتاب السكنى
ولا بد فيه من: إيجاب، وقبول، وقبض، ونية التقرب.
فيقول: أسكنتك، أو: أعمرتك، أو: أرقبتك هذه الدار، أو: الأرض،
مدة كذا، أو: مدة عمرك، أو: عمري (1)، أو: عمر زيد.
فيقول الآخر: قبلت، فوريا.
وهي: تفيد التسلط على استيفاء المنفعة، ولا تملك الرقبة.
ويلزم بالقبض.
ولو قال: لك سكنى هذه الدار ما حييت، أو: ما بقيت، صح أيضا.
وكل ما صح وقفه صح إسكانه.
وإذا وقتت بمدة أو بعمر، لزمت، وإلا جاز الرجوع فيها، قيل: مطلقا،
وقيل: بعد حصول مسمى السكنى.
ويسكن بنفسه ومن جرت به العادة، وليس له الإيجار (2) ولا إسكان
غيره إلا بالإذن.

1 - أثبتنا (أو: عمري) من (ع).
2 - في (ت، م): الإيجاب.
173

وإذا حبس الجارية أو الفرس في سبيل الله أو على زيد، لزم ما دامت
العين باقية، وحكمه كالسكنى في اعتبار العقد والقبض والتقييد بمدة.
وكذا لو حبس العبد على خدمة الكعبة أو المسجد.
ولو حبس على رجل ولم يعين وقتا ومات الحابس، صار ميراثا.
* * *
174

كتاب الهبة
وتفتقر إلى: إيجاب، وقبول، وقبض بإذن الواهب، نعم لو وهبه ما في
يده، لم يفتقر إلى قبض جديد، ولا إلى مضي (1) زمان يمكن فيه.
والإيجاب: وهبتك، أو: ملكتك، أو: نحلتك، أو: أعطيتك، أو: أهديت
إليك هذه العين - مثلا - (2)، أو: هذا لك، أو: خذه لك، وما أشبه ذلك، مع
النية.
والقبول كل لفظ دل على الرضا، ك‍: قبلت، ورضيت، واتهبت،
وتملكت.
والقبض كالبيع، فتكفي التخلية في غير المنقول، وفيه النقل.
ويشترط صدورها من جائز التصرف.
ولو علق الهبة بشرط، أو وقتها، أو أخر القبول بما يعد فصلا، بطلت.
وكون الموهوب عينا مملوكة تصح نقلها.
ولا يصح الرجوع في هبة القريب، والمعوض، والمتصرف، والمتقرب (3).

1 - في (ت، م): (ولا معهما إلى) مكان (ولا إلى مضي).
2 - أثبتنا (هذه العين - مثلا) من (ع).
3 - الذي أتى بلفظ القربة. (ابن المؤلف)
175

ويجوز في غير ذلك، وإن كان أحد الزوجين، على كراهية شديدة.
وهبة ما في الذمة لمن عليه إبراء، لا يشترط فيها القبول ولا يصح لغيره،
ولا يشترط فيه نية التقرب، على الظاهر.
وصورته: أبرأت ما أستحق في ذمتك، أو: في (1) ذمة فلان.
ولو قال: أسقطت، جاز.
أما الهدية وأكل الضيافة، فلا يفتقر إلى القول، بل يكتفى بالفعل،
كتسليم الهدية إلى المهدى إليه، ووضع الطعام بين يدي الضيف، وكذا جوائز
الملوك مأكولا كان أو غيره.
والصدقة كالهبة، إلا أنه يكفي فيها القبول الفعلي، وقيل: لا يفتقر إلى
إيجاب وقبول لفظا، بل تكفي النية والقبض - كالزكاة - وهو قوي.
ويشترط فيها نية التقرب، ويملك بالقبض مطلقا (2).
وكل موضع يجوز الرجوع فيه، فالرجوع إما بالقول: ك‍: رجعت في
الهبة، أو: ارتجعت، أو: أبطلت، أو: فسخت، أو: أزلت ملك المتهب، وما
أشبه ذلك.
أو بالفعل: كالبيع، والعتق، والهبة، وجعل العين صداقا.
أما أخذ العين مجردا عن شئ مما تقدم، فليس بفسخ، وإن علم منه إرادة
الفسخ، على الأقوى.
ولو علق الرجوع على شرط، أو صفة، بطل.
ولو جن الواهب، فلوليه الرجوع مع المصلحة.

1 - أثبتناها من (ع، ق).
2 - لرحم أو غيره، عوض أو لا، تصرف أو لا. (ابن المؤلف)
176

ولا رجوع مع الموت، مطلقا (1).
ولو وطئ الواهب الجارية، فهو رجوع.

1 - سواء مات الواهب أو المتهب. (ابن المؤلف)
177

كتاب الإقرار
وفيه فصلان:
[الفصل] الأول: في الإقرار بالمال.
وصيغته: لك عندي كذا،
أو: لزيد عندي، أو: على، أو: في ذمتي، أو: هذا
لزيد، وما أدى إلى ذلك.
ولا فرق بين إقراره بالعربية أو بغيرها، إذا كان عالما بمقتضى الصيغة.
ويشترط فيه التنجيز، فلو علقه بطل، كقوله: لك علي ألف إن شاء
زيد، وفيه بحث، لأنه من باب تعقيب
الإقرار بالمنافي.
نعم، لو قال: إن شاء زيد، أو قدم، فلك ألف، بطل لابتداء
الإقرار بالتعليق.
ولو قال: لك ألف أن رضي زيد أو أن شهد - بفتح أن - صح (1)،
لأنها حينئذ عرضية.

1 - لأن " أن " إذا فتحت كانت سادة مسد المصدر، فيصير المعنى: لك ألف لشهادة فلان، أو
لرضاه، وهذا لا يفسد الإقرار، أما لو كسر إن، بطل، لأنه يصير شرطا. (ابن المؤلف)
179

وكذا، إن شهد فلان فهو صادق، أو حق، أو صحيح، أو صدق، إلا أن
يفسر باستحالة شهادته فيقبل.
ولو قال: لك ألف إذا جاء رأس الشهر - وقصد الأجل - صح، وقبل
في المال، وهل يقبل في الأجل، الأقوى ذلك، وإلا انسد باب الإقرار بالمؤجل،
وهو اختيار الشهيد (1).
ولو قال: كان له ألف، لزمه.
ولو قال: لي عليك ألف، فقال: نعم، فهو إقرار، وكذا أجل، أو بلى،
أو صدقت، أو بررت، أو قلت حقا، أو صدقا، أو أنا مقر به، أو بدعواك.
ولو قال: أليس لي عليك ألف؟ فقال: بلى، فهو إقرار، وكذا نعم، على
الأقوى، تغليبا للعرف.
وقد يستفاد الإقرار من الجواب، كمن قال: لي عليك ألف، فقال
المدعى عليه: رددتها، أو: قضيتكها، أو: أبرأتني منها، وما أشبه ذلك.
وكذا لو ادعى على ذي اليد دارا - مثلا - فقال: بعني، أو ملكني،
بخلاف صالحني.
ويشترط كون المقر: بالغا، عاقلا، مختارا، قاصدا، غير محجور عليه،
فلا يقبل إقرار الصبي والمجنون مطلقا (2)، ولا المكره فيما أكره على الإقرار به،
ولا الساهي (3) والغالط والسكران والنائم، ولا المفلس في حق الغرماء، ولا المبذر
بمال، ولا العبد في حق السيد، إلا أن يصدقه، نعم يتبع بما أقر به، ولو أذن له
في التصرف في شئ، قبل إقراره فيه، ولا يقبل إقرار المولى عليه.

1 - الدروس الشرعية: ج 3 ص 125.
2 - بمال وغيره. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): لا الناسي.
180

ويقبل إقرار المريض مع برئه مطلقا (1)، وإن مات في مرضه ولم يكن
متهما، فكذلك، وإن كان متهما فمن الثلث، ويبطل الزائد.
والمراد بالتهمة: العلم أو الظن المتاخم (2) له بقرينة حالية أو مقالية،
بإرادة تخصيص المقر له، وإن الإقرار ليس له حقيقة في نفس الأمر.
ولو اختلفا في التهمة، فالقول قول المقر له مع يمينه، إلا أن يقيم الوارث
بها بينة، ويحلف المقر له على نفي علم التهمة لا على عدمها في نفس الأمر،
ولو وقع الإقرار في الصحة ثم عرض المرض، فهو من الأصل مطلقا (3).
وليس المراد بالتهمة هنا عدم العدالة، لأنها ليست شرطا قطعا، فيقبل
إقرار الفاسق والكافر.
والأخرس يقر بالإشارة.
وشرط المقر له: كونه أهلا للتملك، فلا يصح للحائط، وعدم تكذيبه
الإقرار.
وشرط المقر به: أن يكون مالا، أو حقا.
ولا يشترط العلم، فيطالب المقر بالبيان، فيفسر بما يتمول.
[الفصل] الثاني: الإقرار بالنسب.
وشرط المقر: البلوغ والعقل.
وفي الإقرار بالولد - مع ذلك - عدم تكذيب الحس والشرع له، وعدم
المنازع، فلو نوزع، فالبينة أو القرعة.

1 - متهم أو لا، وسعه الثلث أو لا. (ابن المؤلف)
2 - أي: المقارب. (ابن المؤلف)
3 - متهم أو لا. (ابن المؤلف)
181

ولا يحتاج إلى التصديق في الصغير والمجنون والميت، بخلاف البالغ العاقل.
وغير الولد لا بد من التصديق أو البينة، وإن كان ولد ولد، وكذا دعوى
الأم.
وألفاظ الإقرار هنا غير محصورة في عبارة أيضا، بل كل ما يدل على
المراد، مثل: هذا ابني، أو: أخي، أو: أنت ابني، وما أشبه ذلك.
وليس الإقرار بالولد إقرارا بزوجية أمه (1).

1 - لإمكان الوطء بالشبهة، أو فراقها بوجه شرعي. (ابن المؤلف)
182

كتاب الوصية
وهي: تمليك عين أو منفعة، أو تسلط على تصرف بعد الوفاة.
وشرط الموصي: البلوغ والعقل والحرية، فلا تصح وصية الصبي والمجنون
والسكران.
ولو جرح نفسه ثم أوصى، صح مع علم رشده، وإلا فلا.
ولو أوصى ثم جرح، صحت مطلقا (1).
وتصح وصية المبذر والمفلس، وتكون موقوفة على قضاء الدين.
ولا تصح وصية العبد، وإن عتق وملك لم ينفذ، بخلاف ما لو أوصى
الفقير ثم استغنى (2)، فإنها تصح.
وشرط الموصى له: وجوده، وصحة تملكه، وكونه غير حربي، إلا مع
كون الموصي من قبيله، فلا تصح للمعدوم والميت والعبد مطلقا (3)، إلا من
سيده، فتصرف إلى عتقه، فإن زاد المال عن عتقه، فله.

1 - سواء كان رشيدا وقت الجرح أو لا. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): يستغني.
3 - سواء كاتبا أو مدبرا، أو أم ولد. (ابن المؤلف)
183

وتصح للمكاتب مطلقا (1).
ولا يشترط تعيين الموصى له، فيتخير الوارث.
وشرط الموصى به: كونه موجودا فعلا (2) أو قوة (3)، مختصا بالموصي
منتفعا به، غير زائد على الثلث، إلا أن يجيز الورثة، عينا كان أو منفعة.
ولا يشترط كونه معلوما ولا معينا، ولا مقدورا على تسليمه، فتصح
بالمجهول والمغصوب، والآبق من غير ضميمة.
ولو أوصى بمال غيره ولم يجز، لم يصح قطعا، وكذا مع الإجازة، على
الأقوى.
ولا بد من الإيجاب، وهو اللفظ الدال على القصد، نحو: أوصيت بكذا،
أو: افعلوا كذا، أو: أعطوا فلانا بعد وفاتي كذا، أو: لفلان (4) بعد وفاتي،
أو: جعلت لفلان كذا.
ولو قال: عينت له كذا، نفذ مع النية (5).
وكذا لو قال: وهبته، وقصد الوصية.
والقبول: وهو كل لفظ دل على الرضا بالوصية، نحو: قبلت، ورضيت.
ويكفي الفعل الدال عليه صريحا، كالأخذ والتصرف فيه لنفسه.

1 - من سيده وغيره، مشروطا أو مطلقا. (ابن المؤلف)
2 - كالعين المعين. (ابن المؤلف)
3 - كالمنفعة المتجددة. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، م): لفلاني.
5 - في (ت، ق، م): فتدفع إليه.
184

ولا يشترط اتصاله بالإيجاب.
وشرط تأثيره: كونه بعد الموت أو استمراره إلى بعد الموت، فلا يكفي
القبول بدون الموت وبالعكس.
ولو رد في حياة الموصي، جاز أن يقبل بعد الموت.
ولو رد بعد الموت قبل القبول، بطلت، لا بعده، وإن كان قبل القبض.
وتكفي الإشارة في الإيجاب والقبول مع تعذر النطق، وكذا الكتابة مع
القرينة.
ويكفي الإيجاب في الوصية للجهة العامة، كالفقراء والمساجد.
ولو مات الموصى له قبل القبول، قام وارثه مقامه فيه سواء كان موته
قبل موت الموصي أو بعده، إلا مع علم تعلق غرضه بالموروث لا غير، فيبطل.
ولو لم يخلف الموصى له وارثا، رجعت إلى ورثة الموصي، وقيل: تكون
للإمام.
وإذا زادت الوصية أو منجزات المريض على الثلث، وقف على إجازة
الوارث.
وصورة الإجازة: أجزت الوصية، أو: أنفذتها، أو: أمضيتها، وشبه
ذلك.
وهي: تنفيذ لفعل (1) الموصي، لا ابتداء عطية، فلا تفتقر إلى قبض
ولا قبول من الموصى له.
ولو كان المجيز مريضا، لم تعتبر من ثلث ماله.
ولا يشترط فيها الفورية.

1 - في (ع): بفعل.
185

وإذا وقعت الإجازة بعد موت الموصي، صحت ولزمت قطعا، وإن
وقعت قبل موته، فالأقوى الصحة واللزوم أيضا.
ولو أجاز بعض الورثة صح في نصيبه، وكذا لو أجاز الوارث بعض
الزائد.
ويعتبر (1) الثلث حال الوفاة لا الوصية، ولا ما بينهما ولا ما بعد الوفاة.
ويحسب (2) من ماله عوض الجناية عليه.
وللموصي الرجوع في الوصية ما دام حيا، وهو لفظ صريح كقوله:
رجعت في الوصية، أو: لا تعطوه ما أوصيت له به، وشبهه.
وكناية، مثل قوله: هو ميراث، أو: حرام على الموصى له.
وفعل ك‍: بيع متعلق الوصية، أو الوصية به لآخر، أو الهبة وإن لم
تقبض، والرهن، وكذا لو طحن الحنطة، أو عجن الدقيق، أو خبز العجين، أو
نسج الغزل، أو خلط المعين (3) بغيره.
والوصية بالتسلط على التصرف هي الوصية بالولاية، وإنما تصح على
الطفل أو المجنون - المتصل جنونه بما قبل البلوغ - من الأب والجد له، أو
الوصي المأذون له من أحدهما.
ويعتبر في الوصي: الكمال والإسلام، إلا أن يوصي الكافر إلى مثله،
والعدالة، والحرية، إلا أن يأذن المولى.

1 - في (ت، ق، م): يعين.
2 - في (ت، م): يجب.
3 - في (ت، ق، م): المعيب.
186

وتصح إلى المرأة، والخنثى، والصبي منضما إلى كامل لا منفردا، ويصح
تعدده، فيجتمعان إلا مع شرط الانفراد.
ولو لم يكن وصي، فالنظر إلى الحاكم، فإن لم يكن، فبعض عدول
المؤمنين.
ولا يجب على الوصي القبول، فله الرد ما دام الموصي حيا، فإن رد وبلغ
الموصي، بطلت، وإلا لزمته إلا مع العجز أو حصول ضرر.
ولو كان الوصي عاجزا عما فوض إليه، نصب الحاكم معه أمينا.
ولو أوصى إلى من يجن أدوارا، تناولت أوقات الإفاقة مع علم الموصي
بذلك، وإلا بطلت.
وهذه الشروط معتبرة من حين الوصية إلى حين الموت، ولو اختلت في
حالة من ذلك، بطلت، وقيل: يكفي حال الوصية أو حين الموت، كذا ذكره
العلماء، وفيه بحث.
وصيغة الوصية: أوصيت إليك، أو: إلى زيد، أو: فوضت، أو: جعلتك
وصيا، أو: أقمتك مقامي في أمر أولادي، أو: قضاء ديوني، وما أشبه ذلك.
ولو قال: " أنت وصيي " واقتصر، فإن حصل (1) قرينة حال، عمل
عليها، وإلا اقتصر على مجرد الحفظ.
والقبول: قبلت، وشبهه من الألفاظ.
ولو قبل فعلا، جاز، كبيع العين الموصى ببيعها، وإنما تتم فائدة القبول
على القول بأن الوصي له الرد مطلقا (2)، أما على ما قلناه من اللزوم بالموت
وعدم الرد، فلا عبرة بقبول الوصي وعدمه، بل المعتبر بعدم الرد الذي -

1 - في (ت، ق، م): اقتضى.
2 - قبل الموت وبعده. (ابن المؤلف)
187

يبلغ الموصي، فإن حصل، وإلا التزم.
والوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
وصيغة الرد: رددت وصية فلان إلي، وشبهه.
* * *
188

كتاب النكاح
وفيه فصول:
[الفصل] الأول: في الدائم.
ولا بد فيه: من إيجاب وقبول.
ولفظ الإيجاب: زوجتك، وأنكحتك، ومتعتك، على الأقوى،
لا غير.
والقبول: قبلت التزويج، أو: تزوجت، أو: قبلت.
ولو تغايرا لفظا صح، كما لو قال: أنكحتك، فقال: تزوجت.
وصورة العقد - إن كان من الزوجة - أن تقول: زوجتك نفسي بعشرة -
مثلا -، فيقول: قبلت.
ويصح تقديم القبول، فيقول الزوج: تزوجتك، أو: تزوجت بك بكذا،
فتقول: زوجتك.
ولا يكفي أن تقول: قبلت، لأنه يخلو العقد عن الإيجاب حينئذ.
ولو كان العاقد وكيلا للزوجة، قال للزوج: زوجتك موكلتي فلانة
بعشرة، فيقول: قبلت.
189

وإن كان وكيلا للزوج، قالت الزوجة: زوجت نفسي من موكلك،
أو: من فلان بكذا، فيقول: قبلت لموكلي.
ولا تقول هنا: زوجتك، ولا: زوجت نفسي منك.
ولا تصح بغير العربية مع القدرة، ويجوز مع العجز، وتكفي الإشارة مع
العجز عن النطق، لا الكتابة، إلا مع القرينة.
ويشترط:
[1] - تنجيزه.
[2] - ومقارنة الإيجاب للقبول (1)، فلو توسط بينهما ما يعد فصلا، بطل.
[3] - وكون الزوجة معينة، إما بشخصها، أو اسمها، أو وصفها الرافع
للشركة.
[4] - وكون المرأة ممن يباح العقد عليها، فلو كانت من المحرمات، بطل.
والعاقد: الزوج أو وليه أو وكيله، والزوجة أو وليها أو وكيلها.
وشرطه (2): البلوغ، والعقل، والحرية، إلا أن يأذن المولى.
والولي: الأب أو الجد له - وإن علا - على الصغير والمجنون، والمالك على
مملوكه مطلقا (3)، والحاكم على من بلغ فاسد العقل (4)، أو تجدد جنونه بعد
بلوغه مع المصلحة (5).

1 - في (ت، ق، م): القبول.
2 - أي: العاقد. (ابن المؤلف)
3 - سواء صغيرا أو لا، مجنونا أو لا، ذكرا أو لا. (ابن المؤلف)
4 - مع عدم الأب والجد له. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، م): المصالحة.
190

ويلزم عقد الولي - حينئذ - وإن زال عذر الزوج أو الزوجة، فلا خيار
لهما، ويزوج بمهر المثل لا بدونه، إلا مع المصلحة (1).
ويصح لوليهما أو وكيلهما تولي طرفي العقد، فيقول: زوجت فلانة
من فلان بكذا، قبلت له، وكذا باقي الصيغ.
ولو زوج الفضولي، وقف على الإجازة من المعقود عليه، أو وليه.
وصورتها: أجزت العقد، أو: أمضيته، أو: رضيت به.
ويكفي سكوت البكر عند العرض عليها، إذا كان السكوت خاليا عن
قرينة الكراهة، إلا أن يقتضي العرف خلافه، فيرجع إليه.
ولا يزوجها الوكيل من نفسه، إلا إذا أذنت، أما الحاكم والوصي،
فالظاهر الجواز لهما في موضع لهما الولاية.
وتحرم الأم وإن علت، والبنت وبنت الابن وإن نزلتا، والأخت [وبنتها] وإن
نزلت، وبنت الأخ كذلك، والعمة والخالة وإن علتا.
ويحرم من الرضاع كالنسب، بشرط كون اللبن عن نكاح، وكونه من
الثدي، وأن ينبت (2) اللحم ويشد (3) العظم، أو يستمر يوما وليلة بحيث كلما
طلب الرضاع أرضع، أو خمسة عشر رضعة كاملة، على الأقوى، وكونه في
الحولين من غير فصل برضاع أخرى، وكون اللبن لفحل واحد.
ولو لحق الرضاع العقد، حرم كالسابق (4).
وتحرم بالمصاهرة زوجة الأب وإن علا، والابن وإن نزل على الآخر،
وأم الموطوءة والمعقود عليها فصاعدا، وابنة الموطوءة فنازلا، لا ابنة المعقود -

1 - في (ت، م): المصالحة.
2 - في (ت، م): نبت.
3 - في (ت، م): شد.
4 - بخلاف الزنا. (ابن المؤلف)
191

عليها.
وتحرم الأخت جمعا، والأمة على الحرة إلا بإذنها أو إجازتها، والعمة
وبنت أخيها، والخالة وبنت أختها كذلك، إلا مع رضى العمة والخالة، ووطء
الشبهة والزنا السابق كالصحيح (1).
ومن تزوج امرأة في عدتها - بائنة كانت أو رجعية، عالما بالعدة
والتحريم - بطل، وحرمت أبدا.
وإن جهل أحدهما، أو جهلهما، حرمت إن دخل في العدة، وإلا فلا (2).
ولو زنى بذات بعل، حرمت.
ومن أوقب ذكرا، حرم على الموقب أم الموطوء وإن علت، وبنته وإن
نزلت، وأخته خاصة، حرين كانا أو عبدين، صغيرين أو كبيرين، حيا كان
المفعول أو ميتا.
ولا يتعلق الحكم (3) بالخنثى المشكل مطلقا (4)، ولا بالمفعول (5).
ولو سبق العقد فلا تحريم.
ويكفي في التحريم، إيقاب بعض الحشفة بخلاف الغسل (6).

1 - أي: في نشر الحرمة آنا في حصول المحرمية، فلا فيحرم عليه النظر إلى أم الموطوءة وبنتها، إذ
هما كالأجنبية في النظر. (ابن المؤلف)
2 - فلو دخل بعد العدة لم تحرم وإن عقد في العدة. (ابن المؤلف)
3 - أي: حكم التحريم. (ابن المؤلف)
4 - فاعلا أو مفعولا. (ابن المؤلف)
5 - أي: لا يتعلق حكم التحريم بالمفعول بخلاف الفاعل. (ابن المؤلف)
6 - أثبتنا (بخلاف الغسل) من (ع).
192

ولو عقد المحرم عالما بالتحريم، حرمت بالعقد أبدا، وإن جهل لم تحرم
إلا مع الدخول، فتحرم - حينئذ - على الأقوى.
وتحرم الزيادة على أربع حرائر، أو حرتين وأمتين، أو ثلاث حرائر وأمة،
للحر، وأربع إماء، أو حرتين، أو حرة وأمتين، للعبد، دواما.
أما المتعة: فجائز لهما بغير حصر، كذا ملك اليمين للحر.
وإذا طلق ذو الأربع رجعيا، حرم عليه التزويج دائما حتى تخرج المطلقة،
وكذا الأخت دائما ومتعة (1)، ويجوز في البائن.
وتحرم المطلقة ثلاثا إلا بالمحلل، وتسعا للعدة مؤبدا.
وتحرم الملاعنة، وكذا الصماء والخرساء، إذا قذفهما زوجهما (2) بموجب
اللعان.
وتحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم مطلقا (3)، والكتابية دواما لا متعة
وملك اليمين.
وإذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول، بطل، ولو كان بعده، وقف على
انقضاء العدة، إن كان عن غير فطرة أو كان المرتد الزوجة، وإلا فلا.
وتعتبر الكفاءة، وهي: التساوي في الإسلام والإيمان - على الأقوى -
بالنسبة إلى الزوجة، أما الزوج المؤمن، فيجوز له التزويج بالمسلمة المخالفة
دواما ومتعة، ما لم تكن من أحد الفرق الأربع (4).

1 - في الأخت حسب. (ابن المؤلف)
2 - في (ع): قذفها زوجها.
3 - دواما ومتعة وملك يمين. (ابن المؤلف)
4 - وهم الخوارج، والغلاة، والنواصب، والمجسمة بالحقيقة. (ابن المؤلف)
193

ولا يشترط القدرة، [أي: القدرة] (1) على النفقة [شرط في وجوب
إجابة الولي أو المرأة، لو خطب الزوج، كما أن العدالة شرط في وجوب
الإجابة، فإن المؤمن العاجز عن النفقة، لا يجب إجابته، وكذا الفاسق القادر
على النفقة] (2)، نعم هي شرط في وجوب الإجابة كالعدالة.
وإذا أسلم الحر على أكثر من أربع كتابيات دواما، اختار أربع حرائر، أو
حرتين وأمتين.
والعبد يختار حرتين، أو أربع إماء، أو حرة وأمتين، ويندفع نكاح
البواقي.
ويحصل الاختيار باللفظ والفعل.
فالأول صريحه: اخترتك، أو: أمسكتك، أو: ثبتك، أو: اخترت
نكاحك، أو: أمسكته، أو: ثبته، وشبه ذلك.
وشرطه: أن يكون منجزا، فلا يقع معلقا.
والطلاق (3) اختيار بخلاف الظهار والإيلاء.
ولا تنزل (4) كنايات الطلاق منزلته (5) في الاختيار.
والثاني (6): كالوطء، والتقبيل، واللمس بشهوة، ونكاح أخت إحداهن
مع علمه.

1 - أثبتناه من (ت، ق، م)
2 - أثبتناه من (ت، ق، م).
3 - فلو قال لها: أنت خلية، أو سائبة، إلى غير ذلك من الكنايات، لم يكن اختيارا. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): لا يتنزل.
5 - أي: الطلاق. (ابن المؤلف)
6 - أي: الفعل. (ابن المؤلف)
194

الفصل الثاني: في المنقطع.
وهو سائغ شرعا.
وشرط المتعاقدين: كونهما كاملين،
وإسلام الزوجة، أو كونها كتابية، وإسلام الزوج وإيمانه، إن كانت الزوجة كذلك.
وتحرم الوثنية، والناصبية، والمجسمة، والخارجية.
والأمة على الحرة إلا بإذنها وإجازتها.
وكذا بنت الأخ على العمة، أو بنت الأخت على الخالة.
ولا بد من ذكر المهر هنا، فيبطل العقد بدونه.
وشرطه: الملكية، والعلم بقدره بالكيل، أو الوزن، أو المشاهدة، أو
الوصف، ولا حد له قلة وكثرة.
ويجب بالعقد، واستقراره مشروط بمضي المدة ممكنة، فإن أخلت
ببعضها، سقط بالنسبة.
ولو وهبها المدة قبل الدخول، سقط النصف، كالطلاق في الدائم.
وذكر الأجل شرط فيه، بما لا يحتمل الزيادة ولا النقيصة.
ولو أخلا به سهوا، بطلت، وعمدا ينقلب دائما.
ويجوز تأخيره (1) عن العقد واتصاله، ولو أطلقا، اقتضى الاتصال.
ويجوز شرط السائغ، كالإتيان ليلا أو نهارا، مرة أو مرارا، و (2) الزمان
المعين.

1 - كما لو أوقع العقد في رجب على رمضان - مثلا - صح على الأقوى، فلا يصح له حينئذ
نكاح أختها فيما بينهما، ولا يجوز لها أيضا أن تنكح غيره في تلك المدة المتوسطة. (ابن المؤلف)
2 - في (ع): في.
195

ولا يقع بها طلاق، ولا إيلاء، ولا لعان - إلا في القذف بالزنا - ويقع
الظهار.
ولا توارث مطلقا (1)، على الأقوى.
ولا نفقة إلا مع الشرط، فيجب تعينها.
وعدتها حيضتان، أو خمسة وأربعون يوما، ومن الوفاة بشهرين (2)
وخمسة أيام للأمة وضعفها للحرة، والحامل (3) بأبعد الأجلين فيهما.
وشرط العقد: الإيجاب والقبول - كالدائم -: زوجتك، أو: أنكحتك،
أو: متعتك نفسي، أو: موكلتي، أو: أمتي - مثلا - شهرا بكذا، فيقول الزوج:
قبلت، أو: رضيت، وشبههما.
ولا بد من صيغة الماضي في الطرفين.
ولا ينعقد بغير هذه الثلاثة، كالدائم.
وولي العقد هنا كما تقدم.
[الفصل] الثالث: نكاح الإماء.
وينحصر: في العقد والملك والإباحة.
وإنما يحل العقد على مملوكة الغير بإذن سيدها، وإذن الزوجة الحرة لو
كانت، أو إجازتهما (4)، وشرطها ما تقدم.

1 - شرط أو لا، وشرطا نفي الإرث أو لا. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): شهرين.
3 - في (ع): للحامل.
4 - في (ع): إجازتها.
196

وتحل مطلقا، وقيل: بشرط (1) العنت، وهو: خوف الزنا، أو المشقة
الشديدة اللاحقة بترك الوطء.
والولد يتبع الأشرف إن كان، وإلا فرق.
ولو شرط المولى الرق على الزوج الحر، جاز.
وإذا أعتقت الأمة، فلها الفسخ مطلقا (2)، بخلاف العبد (3).
ويجوز أن يجعل عتق أمته مهرها، فيقدم ما شاء من العتق أو التزويج.
فيقول: تزوجتك، وأعتقتك، وجعلت عتقك مهرك، فتقول: قبلت.
وقيل: لا يشترط قبولها، والأول أولى، وعلى القول باشتراطه، يجب عليها
القبول.
ولو قدم العتق، قال: أعتقتك وتزوجتك، إلى آخره.
ولا يكفي قوله: " وجعلت عتقك مهرك " عن قوله: " أعتقتك "، على
الأقوى.
وإنما يصح هذا من المولى الحر لمملوكته (4)، فلو كان للحرة عبد (5)،
لم يتعد الحكم إليها.
ولو طلق السيد من جعل عتقها مهرها - قبل الدخول - رجع (6) بنصف
القيمة، وقيل بنصفها.

1 - في (ت، م): يشترط.
2 - سواء كان تحت حر أو عبد. (ابن المؤلف)
3 - فإنه ليس له الفسخ، لأن بيده الطلاق. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، م): لمملوكه.
5 - في (ع): عبدا.
6 - أي: السيد. (ابن المؤلف)
197

وهذه المسألة مخالفة للأصول في جواز تزويج السيد أمته، وفي توقف
عقد السيد على قبول المملوك، وفي وقوع العتق بقوله: أعتقتك، وفي الاكتفاء
بالقبول عن الإيجاب، لأن قول السيد: تزوجتك، قبول مقدم، وقولها: قبلت،
قبول آخر قائم مقام الإيجاب، لكنها إجماعية لفعل النبي (صلى الله عليه وآله) (1).
ويحل للمولى وطء أمته، ولا يحل للعبد وطء سيدته.
ولا حصر في الوطء بملك اليمين.
وتباح الأمة بالتحليل، بشرط كون المحلل مالكا للرقبة، جائز التصرف،
وكون الأمة مباحة بالنسبة إلى من حللت له (2).
والصيغة: أحللت لك وطئها، أو: جعلتك في حل من وطئها، أو: أنت
في حل من وطئها، أو: أبحتك وطئها.
ولا تكفي العارية، ولا الإجارة، ولا الهبة، فلو قال: أعرتك وطئها أو
وهبتك أو آجرتك وطئها، لم يصح.
وهو تمليك منفعة، فيصح تحليل أمته لعبده.
ولا يشترط ضبط المدة، وفي اشتراط قبول اللفظي أو الاكتفاء بالفعل
وجه، فإن شرطناه، لم يعتبر مقارنته للإيجاب بالمعهود في العقود.

1 - فإنه لما أسرت صفية بنت حي بن أخطب يوم خيبر، اصطفاها لنفسه من الغنيمة، ثم أعتقها
وتزوجها وجعل عتقها مهرها، فأجمع أصحابنا على مشروعية ذلك وقال كثير من الجمهور: إن
ذلك من خصائصه (عليه السلام)، وكانت صفية من ولد هارون بن عمران. (ابن المؤلف)
2 - ولو حلل له من تحرم عليه نسبا أو رضاعا أو بالمصاهرة، لم يحل. (ابن المؤلف)
198

وإذا أباح الوطء، حل ضروب الاستمتاع، ولو أباح غيره كالتقبيل،
اقتصر عليه، ولو أحل الشريك لشريكه (1) فقولان، أحوطهما عدم الحل.
تتمة:
عقد النكاح - مطلقا (2) - قابل للشروط السائغة، وتلزم إن ذكرها (3) في
متن العقد، فتقول الزوجة، مثلا: زوجتك نفسي بعشرة دراهم وشرطت
عليك كذا، فيقول: قبلت. وقد تقدم مثل ذلك في البيع.
[الفصل] الرابع: في التوابع.
لا يشترط ذكر المهر في عقد الدوام، فيصح التفويض بضعا ومهرا.
وصيغة الأول: أن تقول الزوجة: زوجتك نفسي، فيقول: قبلت.
فإن دخل، وجب مهر المثل، وإن طلق قبله (4) فالمتعة، فالغني بعشرة
دنانير أو ما ساواها، والمتوسطة بخمسة، والفقير بدينار، ولو فرضا مهرا بعد
العقد وطلق قبل الدخول، فنصفه، وبعده الجميع.
وصيغة الثاني: زوجتك نفسي بما تحكم أنت، أو: بما أحكم أنا، أو: بما
يحكم زيد، أو: زوجتك نفسي على أن تفرض ما شئت، أو: أفرض ما
شئت، فيقول: قبلت.
فيلزم ما حكم به الزوج متمولا، وما حكمت به الزوجة إن لم تزد عن
السنة.

1 - أثبتناها من (ع).
2 - دائم ومنقطع. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، م): يذكرها.
4 - أثبتناها من (ع).
199

فإن طلق قبل الدخول، فنصف ما يحكم به.
ولو مات الحاكم قبل الدخول، فلها المتعة، وقيل: مهر المثل بخلاف
مفوضة البضع، فإنه لا مهر لها حينئذ.
ويثبت الميراث فيهما (2. 1).
وشرط المهر: كونه مملوكا، يصح عينا كان أو منفعة، وإن كان منفعة
الزوج كإجارته مدة، أو تعليم ما لا يجب عليه (3) تعليمه من القرآن.
ويستحب تقليله.
وتملكه (4) الزوجة بالعقد، وينتصف بالطلاق قبل الدخول.
ولا يسقط بترك المطالبة طويلا، ولها الامتناع من الدخول بها حتى
تقبض.
ويثبت لكل من الزوجين الفسخ بعيب الآخر.
وعيوب الرجل أربعة: الجنون، والخصاء، والجب، والعنن، وفي الجذام
قول.
وعيوب المرأة سبعة: الجنون، والجذام، والبرص، والعمى، والإقعاد،
والإفضاء، والقرن، وبمعناه العفل والرتق.
ولا فرق بين الجنون المطبق وغيره مطلقا (5).

1 - أي: في مفضوضة البضع والمهر. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): عقيبها.
3 - أثبتناها من (ع).
4 - في (ت ق، م): تملك.
5 - سواء استغرق أوقات الصلوات أو لا، في الرجل والمرأة. (ابن المؤلف)
200

وبمعنى الخصاء الوجاء، وهو: رض الخصيتين.
وشرط الجب: عدم الذكر، بحيث لا يبقى بقدر الحشفة.
وشرط العنة: العجز عن الوطء قبلا ودبرا، منها ومن غيرها، فينظر (1)
سنة، ثم تفسخ.
وشرط الجذام: تحققه، ويعول (2) أهل المعرفة في ذلك.
ولو تجدد العيب في المرأة بعد العقد، فلا فسخ.
ولو تجدد في الرجل، فإن كان جنونا فسخت مطلقا (3).
وإن كان عنة، فبشرط (4) عدم الوطء لها ولغيرها.
وفي الباقيين (5) لا فسخ.
وخيار الفسخ على الفور.
ويسقط المهر بفسخ كل منهما قبل الدخول، إلا في العنة، فيسقط
النصف.
ويثبت الفسخ بالتدليس أيضا، كما لو شرط كونها حرة فظهرت أمة،
فإن كان قبل الدخول فلا شيء، وبعده المسمى.
ويرجع على المدلس، فإن كانت هي، ترك لها أقل ما يتمول.
وصيغة الفسخ: فسخت العقد، أو: أبطلته، أو: نقضته، وما أشبه ذلك.

1 - في (ت، ق، م): فينتظر.
2 - في (ت، ق، م): (على) مكان (ويعول).
3 - وطئ أو لا. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): فشرطه.
5 - في (ت، ق، م): الباقين.
201

ولا يحتاج إلى رضا الآخر، ولا إلى الحاكم، إلا في العنة لضرب الأجل.
ويجوز لكل من الزوجين العفو عن حقه أو بعضه من المهر.
والمراد بالعفو الهبة، إن كان المهر عينا، والإبراء إن كان دينا.
فإن كان المهر دينا في ذمة الزوج، صح بلفظ الهبة والإبراء والعفو (1)
والإسقاط، والأصح عدم اشتراط القبول حينئذ.
وإن كان عينا، صح بلفظ الهبة، لا بلفظ الإبراء، وهل يصح بلفظ العفو؟
قولان، أقربهما العدم، ولا بد هنا من القبول.
وكما يجوز للمرأة العفو، يجوز لوليها الإجباري - وهو: الأب والجد -
العفو مع صغرها، وطلاق الزوج عن البعض خاصة.
ويجب القسم ابتداء للزوجة المنكوحة بالعقد الدائم، فللواحدة ليلة إلى
الأربع، فإذا تمت الأربع عاد إلى الأولى.
ولا فرق بين كون الزوج حرا أو عبدا، خصيا أو عنينا، صبيا أو مجنونا،
فيتولاه الولي، بمعنى أنه يطوف به عليهن.
ولا بين كون الزوجة حرة أو أمة، معيبة أو سليمة (2)، مسلمة أو كافرة،
نعم للحرة المسلمة ضعف الأمة والكتابية.
وتختص البكر بسبع، والثيب بثلاث عند الدخول متوالية، مقدمة (3) على
غيرها، هذا في الحرة، أما الأمة والكتابية، فالأقرب أنهما كذلك، وقيل:
يختصان (4) بنصف ما تخص به الحرة، وقيل: إنما تجب القسمة إذا ابتدأ بها
الزوج، وهو قوي.

1 - أثبتناها من (ع، ق).
2 - في (ت، ق، م): (معينة) مكان (معيبة أو سليمة).
3 - في (ت، م): متقدمة.
4 - في (ت، ق، م): يختص.
202

وزمان القسمة الليل دون النهار، ولو كان معاشه ليلا كالحارس، قسم
نهارا.
والنشوز، هو: الخروج عن الطاعة مطلقا (1).
فإن كان من الزوجة، وعظها، ثم حول ظهره، ثم اعتزل فراشها.
ولا يحل ضربها، إلا أن تمنع عما يجب عليها، فيضربها مقتصرا على ما
يرجى (2) رجوعها، ما لم يبرح أو يدم.
وإن كان من الزوج بمنع حقها، طالبته، فإن امتنع (3)، رفعت أمرها إلى
الحاكم فيلزمه، وإن كان منهما بعث الحاكم حكمين مطلقا (4)، فيصلحان إن
اتفقا عليه، وإلا فرقا بإذن الزوجة في البذل والخروج في الطلاق إن كان
خلعا، وإلا فبإذن الزوج خاصة.
ويلحق الولد بالزوج الدائم، بشرط الدخول، ومضي ستة أشهر من
حين الوطء، وعدم تجاوز أقصى الحمل، هذا إن كان (5) تاما.
ويرجع في الناقص إلى المعتاد من الأيام والأشهر.
وإن نقص عن الستة الأشهر، فلو نفاه مع الشرائط، لم ينتف، إلا
باللعان.
ويلحق ولد الشبهة بالواطئ، بالشروط وعدم الزوج الحاضر.

1 - من الزوج أو الزوجة أو من أحدهما. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): يجزئ.
3 - ولها وعظه وليس لها ضربه. (ابن المؤلف)
4 - من أهلهما أو لا. (ابن المؤلف)
5 - أي: خلقه. (ابن المؤلف)
203

ولو وطئ المولى مملوكته، فجائت بولد على الشرائط، وجب عليه
الاعتراف به، وإن نفاه انتفى بغير لعان، ولا يلحق به إلا بإقراره، [و] (1) كذا
ذكره الفاضل في باب اللعان من القواعد (2)، والشهيد في اللمعة (3).
ويجب استبداد النساء بالمرأة عند الولادة، أو الزوج، ومع الضرورة
المحارم، فإن لم يكن، فالأجانب.
ويستحب غسله وثقب أذنه والعقيقة يوم السابع بمثله (5. 4).
ويجب على الأم إرضاع اللبأ (6)، ولها الأجرة، ثم لا تجبر بعد ذلك، إلا
أن تكون مملوكة، وهي أحق، إلا أن تطلب أزيد من الأجنبية.
ولها حق الحضانة، وهي: ولاية على تربية الطفل، وغسل ثيابه وتكحيله
إلى تمام مدة الرضاع في الذكر، وسبع سنين في الأنثى.
ولا يستحق أجرة على الحضانة، قاله ابن فهد (رحمه الله).
وتجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم، بشرط التمكين الكامل في كل زمان
ومكان صالحين للاستمتاع (7).
فلا نفقة لناشز ولا لصغيرة، ولا لساكتة بعد العقد، ما لم يعرض التمكين
عليه.

1 - أثبتناه من (ت، م).
2 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 20 ص 501.
3 - اللمعة الدمشقية، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 19 ص 688.
4 - في الذكورية والأنوثية. (ابن المؤلف)
5 - أثبتنا (بمثله) من (ع)،
6 - في (ت، ق، م): اللبان، اللبأ: أول اللبن في النتاج.
7 - في (ت، ق، م): لاستمتاع.
204

والضابط: القيام بما تحتاج إليه الزوجة من طعام وأدام وكسوة، وإسكان
وإخدام، وآلة دهن بحسب عادة أمثالها من بلده (1).
وتجب النفقة على الأبوين وإن علوا (2)، والابن وإن نزل، ولا يجب على
غيرهما، نعم يستحب ويتأكد في الوارث، وضابطه: ما تقدم (3).
ولا يجب نفقة زوجة الأب، ولا الابن (4)، ولا تزويجهما، وتقضي نفقة
الزوجة دون نفقة الأقارب، إلا أن يأذن الحاكم في الاستدانة.
ويشترط في المنفق: اليسار (5) فعلا أو قوة.
وفي المنفق عليه: العجز، فلو قدر فعلا أو قوة انتفى الوجوب.
وتجب النفقة على الرقيق من خاص مال السيد، أو من كسب العبد إن
كان، ولو لم يكفه (6)، أتم له، ويرجع في جنسه إلى عادة مماليك أمثال السيد
من بلده، ولو لم ينفق، أجبره الحاكم عليه أو على البيع.
ويجب الإنفاق على البهائم المملوكة، ولو اجتزأت (7) بالرعي، جاز أن
يكلها إليه.
ولو اضطر ولدها إلى اللبن، وجب أن يوفر عليه، ولو امتنع من الإنفاق،
أجبر عليه أو على البيع أو الذبح، إن كانت مقصودة به، وإلا فعلى أحد
الأولين.

1 - أثبتنا (من بلده) من (ع).
2 - في (ت، ق، م): علو.
3 - بما يحتاج إليه. (ابن المؤلف)
4 - أي: زوجة الابن. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، ق، م): الإيسار.
6 - في (ت، ق، م): لم يكن.
7 - في (ت، ق، م): اجتزت.
205

تذنيب:
فيه ضابط، هو: أن العقود اللازمة - كالنكاح والبيع - يشترط فيها
مقارنة القبول للإيجاب، إلا بما لا يعد فصلا.
أما الجائزة - كالوكالة والوصية والمضاربة والشركة والوديعة والعارية -
فيجوز تأخير القبول عن الإيجاب عمدا.
* * *
206

كتاب الطلاق
وفيه فصول:
[الفصل] الأول: في أركانه.
وهي: المطلق، والمطلقة، والإشهاد، والصيغة.
أما المطلق، فيشترط فيه:
[1] - البلوغ، ولا يطلق ولي الصبي إلا أن يبلغ فاسد العقل.
[2] - والعقل، فلا يصح طلاق المجنون والسكران والمغمى عليه، ولو كان
يفيق فطلق وقت الإفاقة، صح، ولو طلق عنه الولي أو السلطان مع فقده
لمصلحة، صح.
[3] - والاختيار، فلا يقع (1) طلاق المكره، وضابط الإكراه العرف،
ويختلف بحسب حال المكرهين في احتمال الإهانة وعدمها.
[4] - والقصد، فلا يقع طلاق الساهي وشبهه (2).
وأما المطلقة، فيشترط فيها:

1 - في (ت، ق، م): فلا يصح.
2 - الغافل والغالط. (ابن المؤلف)
207

[1] - أن تكون زوجة بالعقد الدائم، فلا يقع بالمملوكة، ولا بالمتمتع (1)
بها، ولا بالأجنبية.
[2] - وأن تكون معينة إما باسمها أو بالإشارة إليها.
[3] - وكونها طاهرا من الحيض والنفاس، إذا كانت مدخولا بها حائلا
حاضرا زوجها معها.
[4] - وأن تكون مستبرأة، ولو طلق في طهر المواقعة لم يصح، بل يجب
التأخير حتى تحيض وتطهر، إلا في اليائسة والصغيرة والحامل، والمسترابة التي
مضى لها (2) ثلاثة أشهر معتزلا لها، لم تر فيها دما.
وأما الإشهاد، فشرطه:
سماع شاهدين ذكرين عدلين الصيغة دفعة، ولا يصح بدونه، وإن أشهد
بعد بصيغة أخرى اعتبر الثاني.
ولا يشترط أمرهما بالشهادة.
ولو كانا فاسقين في نفس الأمر ظاهرهما العدالة، صح الطلاق ظاهرا
لا باطنا، فلا يصح للشاهد (3) نكاحها.
وأما الصيغة، فيشترط فيها:
الصريح والتنجيز، فلو علقها بشرط أو صفة بطل، وأن لا يأتي عقيبها
بمناف كقوله: أنت طالق للبدعة.
والصريح: أنت طالق، أو: زوجتي طالق، أو: هذه طالق، أو: فلانة طالق.

1 - في (ع): بالمستمتع.
2 - في (ق): (قد مضى) وفي (ت، م): (بشرط مضي) مكان (التي مضى لها).
3 - ولا للعالم بفسقهما. (ابن المؤلف)
208

ولو كن جماعة، فقال: كل امرأة لي (1) طالق، صح.
ولا يقع بغير هذه الألفاظ، كخلية وبرية.
وتشترط العربية مع القدرة.
ويطلق الأخرس بالإشارة.
ولا تكفي الكتابة وإن كان غائبا، نعم لو كان عاجزا عن النطق فكتب
ونوى، صح.
[الفصل] الثاني: في أقسامه.
وينقسم إلى ما عدا المباح من الخمسة.
فالواجب: كطلاق المولي والمظاهر.
والحرام: طلاق الحائض والنفساء وفي طهر جامعها فيه إلا مع
المصحح (3. 2)، والثلاث ولاء ومرسلة (4)، وكله باطل، إلا الأخيرين فيقع
واحدة في قول (5).
والمكروه: في حالة التئام الأخلاق (6).
والسنة: الطلاق مع الشقاق ولو لم يرج الاجتماع، والخوف من الوقوع
في المعصية.

1 - في (ت، ق، م): (امرآتي) مكان (امرأة لي)
2 - هو عدم الدخول أو الغيبة. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): الصحيح.
4 - الولاء أن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، والمرسلة: أن يقول: أنت طالق
ثلاثا. (ابن المؤلف)
5 - الأقوى البطلان. (ابن المؤلف)
6 - أي: اجتماعها واتفاقها. (ابن المؤلف)
209

ويطلق طلاق السنة على كل جائز شرعا.
وينقسم ثلاثة أقسام:
[1] - بائن: وهو طلاق اليائسة والصغيرة، والمختلعة والمباراة - إذا
لم يرجعا في البذل، والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان، وطلاق غير المدخول بها.
[2] - ورجعي: وهو ما عدا ذلك.
[3] - وطلاق عدة: وهو أن
يطلق على الشرائط، ثم يرجع في العدة ويطأ، ثم يطلق في طهر آخر، وتحرم هذه في التاسعة مؤبدا مطلقا (1).
وفي كل ثالثة إن كانت حرة، وثانية إن كانت أمة، إلا بالمحلل.
ولا فرق في هذا بين العدي والسني.
ويطلق السني على معنى آخر أخص (2)، وهو: أن يطلق على الشرائط
ويتركها حتى تخرج من العدة، ثم يتزوج ويطلق ثانيا.
ولحظ (3) من هذا: أن كون الطلاق للعدة أو للسنة إنما يعلم بخاصته (4)
فيما بعد، فإن طلاقهما واحد، وإنما يصير للسنة بترك الرجعة والمواقعة،
وللعدة بالرجعة فيها والمواقعة، وعند الطلاق لا يعلم لأيهما (5) هو.
وطلاق المريض مكروه.
ويتوارثان مع الدخول إلى تمام العدة.
وترثه هي في البائن والرجعي إلى سنة، ما لم يبرأ من مرضه أو تتزوج
بغيره.

1 - حرة أو أمة. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): أخصه.
3 - أي: عرف. (ابن المؤلف)
4 - في (م): بخاصة.
5 - في (ت، م): لأيتها، وفي (ق): لأيها.
210

ولو تزوجت به ولم يدخل ومات، ففي سقوط الإرث قولان، أقربهما
السقوط.
وكذا لو تزوجت مريضا غيره ومات قبل الدخول.
وتصح الرجعة قولا مثل: راجعتك، وراجعت، ورجعت،
وارتجعت، وإنكار الطلاق مع القرينة، وكذا: رددتها إلى النكاح، أو:
أمسكتها مع النية، وكذا: تزوجت، أو: أعد ت الحل، أو: رفعت التحريم.
وفعلا: كالوطء واللمس والتقبيل بشهوة.
ويرجع الأخرس والمريض والعاجز عن النطق، بالإشارة.
ويشترط تجريد اللفظ عن التعليق على شرط أو صفة، وكون الفعل
صادرا عن قصد، فلو وطي ساهيا، أو لشبهة (1) فليس برجعة.
ولا يشترط الإشهاد، نعم يستحب.
ولا يشترط علم الزوجة بالرجعة، ولا رضاها.
ويقبل قول الزوجة في انقضاء العدة في المحتمل.
وأقله ستة وعشرون يوما ولحظتان للحرة، وثلاثة عشر يوما ولحظتان
للأمة، الأخيرة دالة على الخروج لا جزء (2).
ولا يقبل منها دعوى غير المعتاد (3)، إلا بشهادة عدلين، أو أربع من
النساء المطلعات على باطن أمرها.

1 - في (ت، م): بشبهة.
2 - خلافا للشيخ في أحد قوليه، فإنه جعلها جزء، وتظهر الفائدة في: وجوب النفقة عليها، وفي
جواز الرجعة، وفي ما لو تزوجت في تلك اللحظة. (ابن المؤلف)
3 - كما لو ادعت الحمل من الزنا وأنها نفست لحظة. (ابن المؤلف)
211

[الفصل] الثالث: في المحلل.
وشرطه:
[1] - البلوغ، فلا اعتبار بوطء الصبي وإن راهق.
[2] - والوطء قبلا حتى تغيب الحشفة، أو قدرها من مقطوعها.
[3] - وكون الوطء بالعقد الدائم، لا بالملك والإباحة والمتعة.
[4] - وانتفاء الردة، فلو وطئ المحلل بعد ارتداده لم تحل، أما لو وطئ
حراما كالوطء في الحيض أو الإحرام منه أو منها، حلت.
ويقع التحليل بكل امرأة طلقت ثلاثا، إن كانت حرة، أو طلقتين إن
كانت أمة، ممن يحل على الزوج الرجوع إليها بعد التحليل، فلا تحل المطلقة
تسعا للعدة.
ولو ادعت التزويج والمفارقة والعدة، قبل مع الإمكان إن كانت ثقة.
والمراد بكونها ثقة: إيمانها أو عدالتها في دينها.
[الفصل] الرابع: في العدد (1).
تعتد (2) الحرة - التي تحيض - بثلاثة أطهار في الطلاق والفسخ، والأمة
بطهرين، حرا كان الزوج أو عبدا.
وإن كانت لا تحيض فبثلاثة (3) أشهر للحرة، وخمسة وأربعين يوما للأمة.
وتعتد الحامل بالوضع، وإن كان بعد الطلاق بغير فصل، وتكفي العلقة
فما فوقها.

1 - في (ت، ق، م): العدة.
2 - أثبتناها من (ع).
3 - في (ت، ق، م): فثلاثة.
212

وتعتد المتوفى عنها بأربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حائلا، وبأبعد
الأجلين منها ومن الوضع إن كانت حاملا.
ويجب عليها الحداد، وهو: ترك الزينة من الثياب والطيب والكحل
الأسود وغير ذلك مما (1) يعد زينة عرفا.
ولا حداد على الأمة.
ولا فرق في هذه العدة بين الصغيرة والكبيرة والمدخول بها واليائسة
وغيرهن (2)، بخلاف الطلاق.
والمفقود عنها زوجها إن علم خبره أو أنفق وليه وجب الصبر، وإلا فإن
رفعت أمرها إلى الحاكم، طلبه (3) أربع سنين في الجهات الأربع، ويكفي جمعها
في سنة بأربع رسل في قول، فإن ظهر وإلا طلقها الحاكم، واعتدت كعدة
الوفاة، وتزوجت إن شاءت.
ولو جاء في العدة فهو أملك بها، وإلا فلا سبيل له عليها.
ولو أعتقت الأمة في أثناء العدة، أكملت عدة الحرة إن كان الطلاق
رجعيا، أو عدة وفاة.
والذمية كالحرة في العدة طلاقا ووفاة.
وتعتد أم الولد من وفاة سيدها أو زوجها كالحرة، والظاهر أن الطلاق
كذلك.
ويجب الاستبراء بحدوث الملك وزواله بحيضة إن كانت ممن تحيض، أو

1 - في (ع): بما.
2 - في (ع): غيرهم.
3 - في (ت، ق، م): يبحث عنه.
213

بخمسة وأربعين يوما إذا كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض، وإن كانت
حاملا من صحيح أو شبهة فبوضعه، والأولى تحريم جميع ضروب الاستمتاع
في مدة الاستبراء، وقيل: إنما يحرم الوطء في القبل خاصة.
ويجب الإنفاق في العدة الرجعية كالنكاح.
ويحرم عليها الخروج من منزلها، وعلى الزوج الإخراج إلا أن تأتي
بفاحشة، وأدناها أذى أهله ولو بالكلام.
ويشترط في المنفق عليها: التمكين كما تقدم.
ولا نفقة لبائن (1).
ويجوز نقلها للحاجة، كانهدام المسكن أو انقضاء مدة الإجارة.
ومبدأ العدة لزوجة الحاضر: من حين السبب، وللغائب في الوفاة: من
حين بلوغ الخبر، وفي الطلاق (2): من حين وقوعه إن علم، وإلا ثبت على
اليقين.

1 - في (ت، ق، م): ليائس.
2 - الفرق وجوب الحداد في الأول دون الثاني. (ابن المؤلف)
214

كتاب
الخلع والمباراة
ويشترط في الخالع والمختلعة ما شرط في الطلاق.
ويترتب الخلع على كراهية الزوجة، والمباراة على كراهيتهما.
ولا بد من سماع شاهدين اللفظ كالطلاق، واتباع الصيغة بالطلاق، على
الأقوى.
ولو أتى بصيغة الطلاق مع العوض، كفى عن لفظ الخلع.
وما صح أن يكون مهرا صح أن يكون فدية، ولا تقدير لها، فيجوز بذل
أكثر مما وصل إليها.
ويصح البذل منها، ومن وكيلها، ووليها مع المصلحة، وممن يضمنه
بإذنها، لا من المتبرع.
ويصح من الأمة بإذن سيدها، فإن عين لها قدرا وإلا انصرف إلى مهر
المثل، ويلزم السيد، ولو لم يأذن تبعت به بعد العتق، والمكاتبة المشروطة لا يصح
بذلها بخلاف المطلقة.
ولا يصح بذل السفيهة.
215

ويجوز (1) لها الرجوع في البذل، وفي بعضه ما دامت في العدة، فيجوز
للزوج الرجوع حينئذ، إن شاء.
ولو رجعت ولم يعلم حتى خرجت العدة، أخذت الفدية ولا رجوع
له (2)، ولو اختلفا في قدر الفدية، فالقول قولها، وكذا في الجنس أو الإرادة.
والمباراة كالخلع إلا فيما تقدم.
ولا بد فيها من الاتباع بالطلاق وكون الفدية بقدر المهر أو أقل، فتحرم
الزيادة.
ولا بد من تنجيز الصيغة فيهما، فلو علقها بشرط أو صفة بطل.
وشرطهما أن تبذل (3) الزوجة أولا، وقيل: يكفي القبول بعد خلع
الزوج، وهو ظاهر عبارة القواعد (4).
وصيغته: بذلت لك عشرة لتخلعني، فيقول الزوج: خلعتك على
ما بذلت، فأنت طالق.
ولو كان البذل من وليها أو وكيلها قال: بذلت لك عشرة لتخلع
فلانة، أو: موكلتي، فيقول: زوجتي على ما بذل وكيلها مختلعة، هي طالق (5).
ولا يقع بلفظ فاديتك، أو آبنتك، أو فاسختك، مجردا عن الطلاق قطعا.

1 - رجع إلى أصل الباب. (ابن المؤلف)
2 - وقيل: " لا يصح رجوعها حتى يعلم الزوج، لأن هذا الإيقاع في معنى المعاوضة "، وهو
قوي. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): يتبذل.
4 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 20 ص 481.
5 - في (ت، م): وهي طالق.
216

وصيغة المباراة أن يقول الزوج، أو وكيله، بعد بذل الزوجة أو وكيلها:
بارئتك على كذا، فأنت طالق.
ويصح هنا الإتيان بفاسختك، وآبنتك وغيرهما من الكنايات بدل
بارئتك، لأن الاعتبار بصيغة الطلاق.
تذنيب:
ظهر مما قررناه: أن الخلع والمباراة يجتمعان في أمور ويفترقان في أمور.
فالموافقة: في حصول البينونة والعوض، وحصول المنافاة بين الزوجين
في الجملة.
والمفارقة: في ترتب (1) الخلع على كراهيتها (2) خاصة، والمباراة على
كراهيتهما، وتحريم أخذ الزيادة في المباراة، وافتقار البينونة في المباراة إلى لفظ
الطلاق إجماعا، وفي الخلع على الخلاف.

1 - في (ق): ترتيب.
2 - في (ع): كراهيتها.
217

كتاب الظهار
وهو حرام، إلا أن حكمه معتبر في تحريم الزوجة.
وشرطه: الصيغة، وهي: أنت علي كظهر أمي، أو: هذه، أو: زوجتي،
أو: فلانة، وشبه ذلك من الألفاظ التي تدل على تمييز (1) الزوجة عن غيرها.
ولا اعتبار باختلاف ألفاظ الصيغة (2) كأنت عندي، أو مني، أو معي،
بل لو حذفها وقال: أنت كظهر أمي، وقع.
ولو حذف لفظ الظهر وقال: أنت كأمي، أو مثل أمي، لم يقع وإن
نواه، وكذا أنت أمي، أو كأمي.
ولو قال: ذاتك أو بدنك علي كظهر أمي، وقع، وكذا شبه ذلك مما
يدل على الجملة.
ولو قال يدك أو فرجك كظهر أمي، لم يقع.
ولا يضر ضميمة ما لا ينافي، كقوله: أنت كظهر أمي حرام، أو أنت
حرام، أنت كظهر أمي، أو أنت طالق، أنت كظهر أمي للرجعية.
ولو قال أنت كظهر أمي طالق، وقع الظهار دون الطلاق، أو أنت

1 - في (ت، ق، م): تميز.
2 - في (ع): الصفة.
219

طالق كظهر أمي، وقع الطلاق دون الظهار، لعدم الصيغة فيهما.
ولا يقع بغير ما ذكر.
وشرط المظاهر: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد.
ويقع من العبد والكافر والخصي والمجبوب، لأنه يحرم جميع ضروب
الاستمتاع، على الأقوى.
ولا يقع من المرأة.
وشرط المظاهرة: كونها مملوكة الوطء، فلا تقع بأجنبية، ويقع بالزوجة
مطلقا (1) وبالأمة.
ولا يشترط كونها موطوءة، على الأقوى، وقيل: يشترط فيكفي الدبر.
ويشترط تعيين المظاهر منها وكونها طاهرا، وعدم قرب الزوج في طهر
الظهار، وحضور شاهدين كالطلاق.
ولو شبه بغير الأم ممن يحرم نكاحها نسبا أو رضاعا، وقع، بخلاف ما لو
شبهها بالمصاهرة، كزوجة الأب وأخت الزوجة.
ولو شبه بظهر أبيه، لم يقع.
ويقع معلقا على الشرط دون الصفة.
ولا يقع في إضرار ولا يمينا، ويصح مطلقا ومقيدا (2) بمدة، وإن قصرت
عن زمان التربص فيحرم الوطء في تلك المدة، حتى يكفر.
ويجب الكفارة بالعود، وهو (3) إرادة الوطء وجوبا غير مستقر، ولو

1 - دائما ومنقطعا. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): مبتدأ.
3 - معناه: أنه إذا عزم على الوطء وجبت الكفارة، ولا يستقر هذا الوجوب إلا بدوام العزم، فلو
مات أو ماتت الزوجة أو رجع عن عزمه أو طلق الزوجة فلا كفارة. (ابن المؤلف)
220

وطئ قبلها فكفارتان، ولو كرر (1) تكررت الواحدة.
وكفارة الظهار بحالها.
ومدة التربص ثلاثة أشهر من حين الترافع، فيجبره الحاكم بعدها على
التكفير والوطء أو الطلاق، لا على أحدهما بعينه، ولو صبرت فلا اعتراض.
ولو ظاهر من الأمة ثم اشتراها، سقط حكم الظهار (2)، وكذا لو طلق
بائنا أو رجعيا وانقضت العدة ثم تزوج بها.

1 - أثبتناها من (ع) وفي (ق): تكرر.
2 - وكذا لو أعتقها وتزوج بها بعد الشراء. (ابن المؤلف)
221

كتاب الإيلاء
وهو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة أبدا أو (1) مطلقا (2) أو زيادة
على أربعة أشهر، للإضرار.
وشرط المولي: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد.
ويقع من المملوك والذمي والخصي والمظاهر، لا من المجبوب.
وشرط المولى منها: كونها زوجة بالدائم، مدخولا بها، ذمية كانت أو
مسلمة.
وشرط المحلوف عليه: التصريح كتغييب الحشفة في الفرج والإيلاج
والنيك، أما الجماع والوطء والملامسة والمباشرة، فإنه يقع مع النية، ولو قال:
لا وطئتك في الحيض أو الدبر، فليس بمولي.
ولا ينعقد إلا بأسماء الله تعالى، التي يصح الحلف بها، وستأتي إن شاء
الله.
ولا بد من التلفظ والقصد، ولا تشترط العربية.
ولا بد من تجريده عن الشرط والصفة، ولا يقع يمينا ولا يقع إلا في إضرار.

1 - في (ت، م): و.
2 - أي: من غير قيد. (ابن المؤلف)
223

ولا بد من تعيين المولى منها (1)، وأن يحلف على الامتناع مطلقا، أو
مؤبدا، أو مدة تزيد على أربعة أشهر، أو مقرونا بفعل لا يحصل إلا بعد ذلك (2)
علما أو ظنا، فلو نقص كان يمينا لا إيلاء.
ومدة الإيلاء أربعة أشهر من حين الترافع، فإن وطئ، لزمه الكفارة
وخلص، وإلا خيره (3) الحاكم (4) بعدها - مع المرافعة - بين الطلاق
أو الوطء والكفارة، فإن امتنع حبس وضيق عليه إلى أن يتخير أحدهما، ولو
صبرت لم يتعرض ولو آلي مدة ودافع حتى انقضت، سقط الحكم.
وفئة القادر: الوطء، والعاجز: العزم عليه.
ويزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن، أو (5) خروج الرجعية من العدة ثم
يتزوجها، وشراء الأمة وإن لم يعتقها.
ولا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين مطلقا (6)، ولو وطئ ساهيا أو مجنونا أو
لشبهة، بطل حكم الإيلاء.
ولو اختلفا في انقضاء المدة، قدم قول مدعي البقاء.
وصيغة الإيلاء: والله لا وطئتك، أو: لا وطئت زوجتي، أو: لا نكتها، أو:
لا غيبت فرجي في فرجها، ومثل ذلك، مما يقع الإيلاء به من الصيغ
المتقدمة (7).

1 - في (ت، م): فيها.
2 - أي: بعد أربعة أشهر. (ابن المؤلف)
3 - في (ع): جبره.
4 - في (ت، م): (الحاكم الكفارة) مكان (الحاكم).
5 - في (ت، م): و.
6 - سواء قصد التأكيد أو التأسيس. (ابن المؤلف)
7 - كقوله: والله لا باشرتك، أو: لامستك مع النية. (ابن المؤلف)
224

كتاب اللعان
وسببه:
[1] - رمي الزوجة - العفيفة عن الزنا المدخول بها - بالزنا، قبلا أو دبرا
مع دعوى المشاهدة، وعدم البينة.
ولا يحل له القذف إلا مع المشاهدة كالميل في المكحلة.
ولو ادعى العلم باللمس قبل، على الأقوى.
[2] - أو إنكار مولود على فراشه بالشرائط المتقدمة، وإن سكت ما لم
يسبق الاعتراف به صريحا أو فحوى (1).
ولو أقام بينة بالزنا سقط الحد، ولو لم ينتف الولد إلا باللعان.
وشرط الملاعن: الكمال لا الإسلام، والحرية.
ويلاعن الأخرس بالإشارة.
ويجب النفي (2) عند اختلاف (3) شرائط الإلحاق، وتحرم بدونه.
وشرط الملاعنة: الكمال، وسلامتها من الخرس والصمم والدوام، إلا مع

1 - كقوله: آمين، في جواب: بارك الله لك في مولودك. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): السعي.
3 - في (ع، ق): اختلال.
225

كون اللعان لنفي الحد، والدخول إن كان اللعان لنفي الولد.
ويثبت (1) بين الحر والمملوكة (2) لنفي التعزير والولد.
ويجب كونه عند الحاكم أو منصوبه، ولو تراضيا بغيره، جاز إذا كان
عالما مجتهدا.
وصورته، أن يقول الرجل أولا: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما
قذفتها أو: رميتها به، أربع مرات.
ثم يقول: أن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين.
ثم تقول المرأة: أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به، أربع
مرات.
ثم تقول: أن غضب الله على إن كان من الصادقين.
ويوقعانه على الوجه المذكور مادة (3) وصورة عربيا مع القدرة، وإلا
فبغيره.
ويجب:
[1] - قيام كل منهما عند لفظه.
[2] - وتعيين الزوجة بما يرفع الاحتمال، كالإشارة إن كانت حاضرة،
أو التسمية الرافعة للاشتراك غالبا.

1 - في (ت، م): بنت.
2 - المراد بها: زوجة المملوكة، لا الموطوءة بالملك. (ابن المؤلف)
3 - المراد بالمادة هنا: مفردات الألفاظ، وبالصورة: الهيئة التي تركبت من اللفظ، فلو قال موضع
(أشهد) (أعلم) وموضع قوله (بالله) (بالرحمن) وشبه ذلك، فقد أخل بالمادة ولو قدم
لفظا على لفظ، فقد أخل بالصورة. (ابن المؤلف)
226

[3] - والموالاة بين كلماته.
[4] - وإذن الحاكم فيه كما في الحلف.
ويستحب:
[1] - وعظ الحاكم لكل منهما بعد إكمال الشهادات قبل اللعن أو
الغضب.
[2] - وجلوس الحاكم مستدبر القبلة.
[3] - وتغليظه (1) بالقول والزمان والمكان.
ولعان الرجل يسقط الحد عنه، ويوجبه على المرأة.
فإن تلاعنا سقط الحد (2) عنهما، وزال الفراش وانتفى الولد عنه دونها،
وحرمت عليه مؤبدا.
ولو قذفها برجل وجب حدان، ويسقط حدها باللعان دون حد الرجل.
ولو ماتت قبل اللعان توارثا، ويحده الوارث.
وله أن يلاعن لسقوطه (3)، ولا ينتفي الميراث.
والفرقة باللعان فسخ لا طلاق.
ولو أكذب الزوج نفسه بعد اللعان، قبل في حقه فيرثه الولد، دون
العكس، ولا يعود الفراش ويجب عليه الحد، على الأقوى.
وكذا لو أقرت هي بعد اللعان أربعا.

1 - في (ت، ق، م): يغلظه.
2 - أثبتناها من (ع).
3 - في (ت، م): بسقوطه.
227

كتاب العتق
وشرط المحل: كونه مملوكا، مسلما، غير متعلق به حق لازم.
فلا يصح عتق غير مملوكه وإن أجاز مالكه أو ملكه (1) بعد، نعم لو نذر
العتق عند الملك وجب عليه، وحينئذ إن كان صيغة نذره: لله علي أن أعتق
فلانا إن ملكته، فلا بد من إنشاء صيغة العتق.
وإن كان صيغة نذره: لله علي إن ملكت فلانا فهو حر، فإنه ينعتق
بمجرد ملكه، من غير مباشرة جديدة.
ولا يصح عتق الكافر مطلقا (2)، وقيل: يصح مع النذر، وقيل: بالصحة
مطلقا، والأول أقوى.
والمراد بنذر عتق الكافر: أنه لو نذر عتق أول ما يملك، فكان كافرا،
أو: عتق هذا العبد إذا ملكه فظهر كافرا، أو: قصد بالنذر استمالة العتق إياه
إلى الإسلام، أما لو كان الكفر باعثا على العتق ونذره، كان باطلا لأنه معصية.

1 - أثبتنا (أو ملكه) من (ع).
2 - بنذر وغيره. (ابن المؤلف)
229

ويصح عتق ولد الزنا إذا أسلم بعد بلوغه وعقله، لا قبل ذلك، وعتق
المخالف، إذا لم يكن من أحد الفرق الأربع، ولا عتق الجاني إلا مع رضا المجني
عليه، سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ.
والأقوى اشتراط تعيين العبد المعتق.
وشرط المعتق: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد، ونية التقرب،
وجواز التصرف، فلا يصح عتق الصبي ولا المجنون إلا أن يفيق، ولا المكره،
ولا الساهي وشبهه (1)، ولا عتق الكافر إن كان جاحدا للربوبية، والوحدانية،
وإلا صح لإمكان التقرب، ولا المرتد لأنه إن كان عن فطرة فهو غير مالك
وإن كان عن ملة فمحجور عليه، ولا المحجور عليه لسفه أو فلس، ويحتمل في
المفلس صحة عتقه موقوفا، فإن فضلت العين صح، وإلا بطل.
ولو كان الحجر للمرض صح، إن كانت قيمة المعتق بقدر الثلث، أو
أجاز الوارث، وإلا بطل الزائد، كما تقدم.
وشرط اللفظ: كونه صريحا، والعبارة الصريحة التحرير مثل: أنت حر،
أو: عبدي فلان حر، أو: هذا حر.
وكذا يقع بقوله: أنت عتيق، أو: معتق، على الأقوى.
ولا عبرة بغير هذه الثلاثة من الألفاظ وإن قصد بها التحرير، مثل: أنت
سائبة، أو يا حر، أو يا معتق، على الأقوى.
ولو كان اسمه حرا، فقال أنت حر وقصد الإنشاء، عتق، وإن قصد
الإخبار لم يعتق، ويقبل قوله في ذلك، ولو تعذر استعلامه بموت وشبهه بقي
على الرقية لأنها الأصل هنا، حتى يثبت المحرر.

1 - الغافل والغالط. (ابن المؤلف)
230

وتكفي الإشارة المفهمة مع العجز عن النطق لامع القدرة.
ولا يصح إلا منجزا، فلو علق بشرط أو وقت بطل وإن وجد الشرط،
نعم لو نذر العتق عند شرط انعقد.
ويشترط استناد العتق إلى الذات، أو أبعاضها المشاعة، فيذكر ما يميز
المعتق عن غيره، ك‍: أنت حر، أو: نصفك.
ولو أسنده إلى بعض مميز كيده أو رأسه، لم يقع.
ولو قال: بدنك حر، أو: جسدك (1)، وقع.
ولو جعله (2) يمينا ك‍: أنت حر إن فعلت (3) كذا، لم يقع.
ولو شرط في العتق شرط سائغ، صح، فإن كان (4) خدمة، لزم
مطلقا (5)، وإلا اشترط (6) رضى العبد.
ولو شرط عوده رقا مع المخالفة، أعيد إن خالف، على الأقوى، وقيل:
يبطل العتق.
ويستحب عتق المؤمن مطلقا (7)، ويتأكد بعد سبع سنين.
ويكره عتق العاجز إلا أن يعينه.

1 - أثبتنا (أو: جسدك) من (ع).
2 - في (ت، ق، م): جعل.
3 - في (ت، ق، م): فعل.
4 - في (ت، ق، م): كانت.
5 - سواء رضي العبد أو لا. (ابن المؤلف)
6 - في (ت، ق، م): (لا يشترط) مكان (إلا اشترط)
7 - سواء مضى عليه سبع سنين أو لا. (ابن المؤلف)
231

ويحصل العتق قهرا بالعمى، والجذام، والإقعاد، وتنكيل (1) المولى بعبده،
و (1) إسلام العبد في دار الحرب سابقا على مولاه مع خروجه إلينا ودفع قيمة
الوارث، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
ومن أعتق شقصا من عبد، سرى عليه باقيه، فإن كان له شريك
فكذلك، إذا كان المعتق موسرا وكان العتق اختياريا.
ولم يتعلق بالجزء حق لازم كالوقف.
ويحصل العتق باللفظ بشرط الأداء (3).
وإذا ملك الرجل أحد أصوله أو فروعه (4) أو أحد المحرمات عليه نسبا أو
رضاعا، عتق عليه.
ولا يعتق على المرأة سوى الأولين (5).
وكل من أعتق تبرعا، ثبت له الولاء على المعتق، إذا لم يتبرأ (6) من
ضمان الجريرة، سواء كان العتق قبل الموت أو بعده، كالتدبير والوصية.
ولو أعتق في واجب، فلا ولاء، كالنذر والكفارة.

1 - يحصل التنكيل بقطع الرجلين أو قلع العينين معا، لا بقلع الواحدة
ولا بقطع رجل الواحدة ولا بقطع اليدين ولا بقطعهما مع أحد الرجلين، ولا اعتبار بقطع اللسان فيصير أخرس ولا بقطع
الأذنين. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): أو.
3 - وقيل: يحصل بالأداء وقيل: يحصل باللفظ، وتظهر الفائدة في الكسب. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): فرعه.
5 - في (ت): الأولتين.
6 - في (ت، ق، م): لم يبرأ.
232

وشرط صحة التبري اقترانه بالصيغة عند العتق، فيقول: أنت حر وبرئت
من ضمان جريرتك، أو: أنا برئ من حدثك، وأمثال ذلك.
فلو تقدم لم يصح، وكذا لو تأخر بما يعد فصلا.
ولا يشترط في صحته الإشهاد، نعم هو شرط في ثبوته، وكذا العتق إذا
شرط معه شيئا، فيقول: أنت حر وشرطت عليك (1) كذا.

1 - في (ت، ق، م): على.
233

كتاب الكتابة
وهي: مستحبة مع الأمانة.
ولا تجب إلا بنذر وشبهه.
وليست بيعا للعبد من نفسه، ولا عتقا بصفة، بل هي معاملة مستقلة
بنفسها.
وهي: لازمة من الطرفين، إلا المشروطة مع عجز العبد، فإنها جائزة من
جهة السيد.
ويشترط في السيد: البلوغ والعقل والاختيار والقصد وجواز التصرف،
ولا يشترط الإسلام إذا (1) كان العبد كافرا، ولو كان مسلما لم تصح كتابته،
بل يجبر المولى على بيعه من مسلم، بخلاف ما لو أسلم بعد الكتابة فإنها
تستمر، نعم لو كانت مشروطة فعجز، بيع عليه.
ولو كاتب الحربي مثله، صح.
ولا تصح كتابة المرتد مطلقا (2)، ولولي الطفل كتابة مملوكه مع الغبطة
للطفل، وكذا المجنون.

1 - في (ت، م): لو، وفي (ق): إن.
2 - عن فطرة وغيره. (ابن المؤلف)
235

وتمضى كتابة المريض من الثلث (1).
ويشترط في العبد: التكليف، والإسلام إن كان المولى مسلما، ولو كان
كافرا صح، على الأقوى.
ويجوز مكاتبة الكل والبعض، ولا يسري.
وشرط (2) العوض:
[1] - كونه دينا معلوم القدر والوصف، فيذكر كل ما تثبت الجهالة
بتركه، فإن كان من الأثمان وصف كالنسيئة، ومن العروض كالسلم،
ولا يتقدر قلة ولا كثرة، إلا بالتراضي، نعم تكره مجاوزة قيمة العبد.
[2] - وأن يكون مما يصح تملكه لهما.
والأولى اشتراط الأجل، ولا يشترط تعدده، نعم يجوز اتحاده أو (3) تعدده.
وشرط العقد: القصد، وإيقاع اللفظ المعتبر، وهي:
[1] - إما مطلقة، وهي: التي يقتصر فيها على العقد، مثل: كاتبتك على
أن تؤدي إلي مائة درهم في وقت كذا، فيقول العبد: قبلت.
[2] - أو مشروطة، فيضيف إلى ذلك: فإن عجزت فأنت رد في الرق.
ولا يفتقر فيها إلى التلفظ ب‍: إن أديت فأنت حر، نعم لا بد من نية ذلك
إن لم يتلفظ به، فإن أدى عتق وإن لم يتلفظ بالضميمة.
وحد العجز أن يؤخر نجما عن محله.

1 - لأنها معاوضة على ماله بماله، فهي بمعنى الإتلاف. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): يشترط.
3 - في (ع): و.
236

ويجوز التقايل فيها بنوعيها (1).
ويستحب (2) للمولى إعانة المكاتب، ولا تقدير لها.
وإذا مات المشروط قبل إكمال الأداء، بطلت، وميراثه لسيده وعليه
مؤونة التجهيز.
ولو مات المطلق ولم يؤد شيئا فكالمشروط، وإن أدى تحرر منه بالنسبة،
ولو مات فميراثه بين سيده ووارثه بالنسبة.
ويؤدي وارثه التابع له في الكتابة (3) الباقي (4) من نصيبه.
ولو عجز المطلق، كان على الإمام أن يؤدي ما بقي عليه من سهم
الرقاب، فإن لم يكن أو كان (5) ما هو أهم، فللسيد منه بقدر ما بقي وله من
نفسه بقدر ما تحرر.
وليس للمولى التصرف في مال المكاتب إلا بالاستيفاء، ولا للمكاتب
التصرف بما ينافي الاكتساب.

1 - مشروطة أو مطلقة. (ابن المؤلف)
2 - وقيل: يجب. (ابن المؤلف)
3 - احترازا من وارث الحر. (ابن المؤلف)
4 - أي: الباقي على أبيه من مال المكاتبة، فإذا أدوا ما على أبيهم عتقوا الأولاد. (ابن المؤلف)
5، في (ت، ق، م): (ما كان) مكان (كان).
237

كتاب التدبير
وهو: تعليق (1) عتق المملوك بموت المولى، أو زوج المملوك (2) أو من
جعل له الخدمة، في المشهور (3)، سواء كانت الوفاة مطلقة كقوله: متى مت،
أو مقيدة كقوله: إن مت في سفري (4).
وشرط المباشر: كونه مالكا، كاملا (5)، جائز التصرف، قاصدا، مختارا.
ولا تعتبر نية التقرب، فيصح من الكافر لمثله (6) وإن كان حربيا.
ولا يصح تدبير المرتد عن فطرة، وإن كان عن ملة وقع مراعي، فإن تاب
نفذ، وإلا بطل.
وشرط المدبر: كونه مملوكا غير وقف.
ويصح تدبير الجاني وأم الولد والمكاتب.

1 - في (ت، م): تعلق.
2 - في (ت، ق، م): المملوكة.
3 - وقيل: يصح ولو بموت الأجنبي. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، م): شهري.
5 - أثبتنا (كاملا) من (ع).
6 - في (ت، ق، م): بمثله.
239

وشرط الصيغة: التنجيز، فلو علقه بشرط أو صفة بطل.
والصيغة: أنت حر بعد وفاتي، أو: إذا مت فأنت حر، أو: عتيق، أو:
معتق.
ولو قال: أنت مدبر، فإذا مت فأنت حر، صح قطعا (1).
ولو اقتصر على: أنت مدبر، فقولان أقربهما الصحة، وكذا: أدبرتك.
ولا عبرة باختلاف الأدوات (2) مثل: إذا مت، أو: إن مت، أو: متى، أو:
أي وقت، أو: أي حين.
وكذا اختلاف أدوات الإشارة إلى العبد كقوله: أنت، أو: هذا، أو:
فلان.
ولو علقه على موت من جعل له الخدمة، فصورته أن يقول: جعلت
لك خدمة هذا العبد مدة حياتك، فإذا مت فهو حر، فيقول المجعول له:
قبلت.
ويقبض بإذنه فيصير لازما كالعمرى، ثم يقول للعبد: أنت حر بعد
وفاة من جعلت خدمتك له.
وإذا علقه بموت زوج الأمة فصورته: أنت حرة
بعد موت زوجك، أو: بعد موت فلان، وكذا لو أتى بأحد الصيغ المتقدمة.
وولد المدبر تابع له، إذا كان ملحقا به شرعا، إلا أن يكون أحد أبويه
حرا.

1 - في (ت، ق، م): مطلقا.
2 - أي: حروف الشرط. (ابن المؤلف)
240

والتدبير كالوصية، يجوز الرجوع فيه قولا ك‍: رجعت، ونقضت،
وأبطلت، وفعلا: كأن يبيع المدبر.
وليس إنكار التدبير رجوعا، إلا مع القرينة.
ويبطل بالإباق لا بالارتداد.
وليس الرجوع في تدبير الحامل رجوعا في تدبير الحمل، ولا يدخل الحمل
الموجود في تدبير الأم، بل المتجدد، وكسب المدبر لمولاه في الحياة.
ويعتق من الثلث، فإن ضاق عتق بالنسبة، ولو زاحم الوصايا وزع
الثلث، ولو رتب [الثلث] (1)، بدأ بالأول فالأول.
ولو اكتسب بعد موت سيده، فإن خرج من الثلث، فله، وإلا فله بنسبة
ما عتق والباقي للوارث.
تذنيب:
قد يقوم السبب الفعلي مقام القول في العتق، كوطء الأمة فتحمل منه
فتصير أم ولد بشروط:
[1] - أن تحمل من السيد في ملكه، فلا يكفي الملك اللاحق.
ولا فرق بين كون الوطء مباحا أو محرما، كالوطء في الحيض.
[2] - وأن تحمل منه بحر، فلو ملك المولى عبده أمة وقلنا أنه يملك
فوطئها و (2) حملت منه لم تصر أم ولد.
[3] - وأن تضع ما يصدق عليه اسم الحمل كالعلقة فصاعدا، أما النطفة
فلا اعتداد بها.

1 - أثبتناه من (ت، م).
2 - في (ت، م): أو.
241

وهي: أمة لا تتحرر إلا بموت سيدها من نصيب ولدها، ولو قصر،
سعت، وكذا لو لم يكن سواها، عتق نصيبه وسعت في الباقي.
ولا يصح بيعها ما دام الولد حيا إلا فيما استثني (1)، ولو كان ولد ولدها
حيا فهو كالولد مطلقا (2)، على الأقوى، وقيل: لا مطلقا، وقيل بشرط (3)
كونه وارثا.

1 - في باب البيع. (ابن المؤلف)
2 - سواء كان وارثا أو لا كأن لا يكون للسيد ولد للصلب وتكون الفائدة على هذا منع السيد
من التصرفات الذي يمنع منها في أم الولد ما دام ولدها حيا، لكن لو مات السيد لم تعتق إلا أن
يكون ولد الولد وارثا. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): يشترط.
242

كتاب الأيمان
وشرط الحالف: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد، والنية.
ولا تلزم يمين ولد مع والده، ولا زوجة مع زوجها، ولا مملوك مع مالكه،
فيما عدا فعل الواجب وترك القبيح، إلا مع الإذن أو الإجازة، نعم تنعقد ولهم
الحل مع بقاء المقتضي، فلو زال وجب الوفاء مع بقاء الوقت، ومع الانعقاد
ليس لهم المنع [لهم] (1) من الأداء وإن كان الوقت موسعا.
وتنعقد يمين الكافر، فتجب الكفارة لو خالف، وتسقط لو أسلم.
وشرط متعلق اليمين أن يكون: واجبا، أو ندبا، أو مباحا راجحا، أو
متساويا (2)، إن كان الحلف على الفعل، أو حراما، أو مكروها، أو مباحا
مرجوحا، أو متساويا إن كان الحلف على الترك.
ويكره الحلف خصوصا مع الكثرة وعدم الحاجة.
وتنعقد بالله تعالى، وصيغة الحلف به أن يقول: ومقلب القلوب، أو:
و (3) الذي نفسي بيده، أو: الذي فلق (4) الحبة وبرأ النسمة.

1 - أثبتناه من (ت، ق، م).
2 - في (ع): متساويا.
3 - أثبتنا (و) من (ع).
4 - في (ت، م): خلق.
243

أو بأسمائه الخاصة كقوله: والله، والرحمن، والقديم، والأزلي، والأول
الذي ليس قبله شئ.
أو بأسمائه (1) التي يشاركه غيره فيها، لكنها تنصرف عند الإطلاق إليه
ك‍: الرب، والخالق، والرازق.
ولا تنعقد بما لا ينصرف عند الإطلاق إليه ك‍: الموجود والحي والبصير
والسميع - وإن قصد الحلف - لسقوط حرمتها بالمشاركة ولا أغلبية.
ولو حلف بالقدرة أو العلم، فإن قصد كونه قادرا عالما انعقدت، لأنه
قصد الذات، ولو قصد المعاني لم تنعقد.
ولو أقسم: بجلال الله، وعظمة الله، وكبرياء الله، انعقدت.
وكذا لو قال: لعمر الله (2)، أو: أقسم بالله، أو: أقسمت بالله، أو:
حلفت بالله، أو: أحلف بالله، أو: أشهد بالله.
بخلاف ما لو قال: أقسم، أو أحلف، أو حلفت، أو أقسمت، أو أشهد،
أو شهدت مجردا عن اسم الله تعالى.
ولو قال: وحق الله، فإن قصد الله الحق انعقدت، وكذا لو أطلق، ولو
قصد حقه على عباده لم تنعقد.
ولو قال: أعزم بالله لم تنعقد، وكذا لا تنعقد بغير أسماء الله من أسماء
الأنبياء أو الأئمة أو مكان شريف أو زمان شريف وإن أثم.
وكذا لا تنعقد بالأبوين ولا بالقرآن ولا بشئ من الأفلاك والكواكب،
ولا بالبراءة من الله أو (3) رسوله أو أحد الأئمة (عليهم السلام)، وإن حرم ذلك.

1 - في (ت، ق، م): بالأسماء.
2 - في (ع): لعمرو الله.
3 - في (ت، ق، م): و.
244

وقيل بانعقاد يمين البراءة ولزوم إطعام عشرة مساكين مع المخالفة، وهو
قوي، أما لو قال إنه يهودي أو نصراني أو كافر أو مشرك أو عبده حر، لم تنعقد.
والحروف المقسم بها: الباء والتاء والواو والهاء.
فالتاء المثناة من فوق: تختص بلفظة الله، والباء المفردة (1) والواو: عليها
وعلى غيرها من الألفاظ المذكورة، وكذا الهاء.
ولو قال: أيمن الله، أو: أيم الله أو: م الله، أو: من الله انعقدت.
وكل لفظ تقبل (2) الإخبار، يقبل قول الحالف في إرادته كقوله:
أقسمت بالله.
تذنيب:
إذا استثنى الحالف بمشية الله وقفت (3) اليمين - كقوله: والله لأفعلن
إن شاء الله - بشرط:
[1] - اتصال المشية باليمين بما جرت العادة به.
[2] - والنطق بها، فلا تكفي نية المشية بدون التلفظ بها.
[3] - وقصد الاستثناء حال إيقاعه، فلو سبق لسانه إلى الاستثناء
انعقدت اليمين ولغا (4).
ولا فرق بين تأخير الاستثناء كما ذكرنا أو (5) تقديمه كقوله: والله إن
شاء الله لأفعلن.

1 - أثبتناها من (ع).
2 - في (ت، ق، م): تفيد.
3 - في (ت، ق، م): وقعت.
4 - أثبتنا (ولغا) من (ع).
5 - في (ت، م): و.
245

وكذا يصح التعليق بمشية إنسان آخر، فتحبس على مشيته.
ولا تدخل المشية في غير اليمين.
ولا تنعقد على فعل الغير.
* * *
246

كتاب النذر والعهد
ويشترط في الناذر ما يشترط في الحالف، والإسلام لأن القربة مرادة هنا
بخلاف اليمين، وحكم المرأة والولد والعبد كما تقدم، ولا فرق (1) بين الأب
المسلم والكافر، وكذا الزوج والسيد.
وشرط الصيغة: التلفظ بها، ونية التقرب، وتكفي القربة (2) في الصيغة،
فلو قصد منع نفسه لا التقرب لم ينعقد.
ولا بد من كون المنذور راجحا.
فإن كان منذور الفعل، فضابطه أن يكون طاعة أو مباحا راجحا.
وإن كان منذور الترك، فضابطه أن يكون مرجوحا كالحرام، والمكروه
والمباح الراجح الترك.
ولا ينعقد على المباح المتساوي (3).

1 - في حل النذر واليمين. (ابن المؤلف)
2 - أي: تكفي نية التقرب في قوله: لله علي كذا، وقيل: يشترط نية التقرب للصيغة، فحينئذ
يحتاج أن ينوي: أنذر مندوبا قربة إلى الله، فهذه نية القربة للصيغة لم يقول: لله علي كذا
وإلا فهو الأول. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): المساوي.
247

ولا بد من كون الجزاء طاعة، والشرط سائغا، إن قصد الشكر، وكونه
معصية أو مباحا راجح المنع (1) إن قصد الزجر، و (2) ينعقد المعلق قطعا، وفي
الخالي عنه قولان، أقربهما الانعقاد.
وصيغة النذر المعلق: إن رزقني الله ولدا، أو: عافاني من مرضي،
أو (3) ما أشبه ذلك، فلله علي صوم كذا - مثلا - قربة إلى الله، وهذا يسمى
نذر شكر.
أو يقول: إن زنيت - مثلا - فلله علي أن أصوم شهرا - مثلا - قربة إلى
الله، وهذا يسمى زجرا.
وكذا القول في فعل الندب أو الواجب، وترك المكروه.
وصيغة الخالي عن التعليق: لله علي أن أصوم، أو: أصلي، أو: أترك
الزنا، أو كذا من الأشياء المكروهة.
إذا عين قدر المنذور تعين، وإن أطلق اكتفى في الصلاة بركعة، وفي
الصوم بيوم، وفي الصدقة بأقل ما يتمول.
وحكم العهد كالنذر، وصيغته أن تقول: عاهد ت الله كذا، أو: على
عهد الله أنه متى كان كذا فعلي كذا، أو: على عهد الله أن أفعل كذا،
أو: أترك كذا.
ويشترط صدوره ممن ينعقد نذره، ولا بد فيه من النية والتلفظ به.

1 - في (ت، ق، م): راجحا لمنع.
2 - أثبتنا (و) من (ع، ق).
3 - في (ت، ق، م): و.
248

كتاب الكفارات
وهي إما مرتبة، وهي: كفارة الظهار وقتل الخطأ، ويجب فيهما عتق
رقبة، فإن عجز فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكينا.
وكفارة المفطر في قضاء رمضان بعد الزوال: إطعام عشرة مساكين، فإن
عجز فصيام ثلاثة أيام متوالية.
وإما مخيرة، وهي: كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان مع وجوبه،
و (1) النذر المعين، وخلفه وخلف العهد على الأولى.
وهي: عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين.
وإما كفارة الجمع، وهي: كفارة قتل المؤمن عمدا ظلما، وكفارة المفطر
على محرم في صوم واجب معين، ويجب فيها الخصال الثلاثة المذكورة.
وإما مخيرة مرتبة، وهي: كفارة اليمين، ويجب فيها عتق رقبة أو إطعام
عشرة مساكين أو كسوتهم مخيرا في الثلاثة، فإن عجز عن كل واحد منها
صام ثلاثة أيام، وكفارة الإيلاء كاليمين.
ويشترط في الرقبة: الإيمان، وتمام الملك، والسلامة من العيوب الموجبة

1 - في (ت، ق، م): أو.
249

للعتق كالعمى، ولا فرق بين الصغير والكبير والذكر والأنثى.
ولا بد في العتق: من نية التقرب، والتجريد عن العوض، والتعيين (1) مع
تعدد الواجب - ولو نسي تعيين الكفارة مع علمه بوجوبها (2)، ردد بين
الأقسام المحتملة، ولو نوى ما في ذمته أجزأ - وكون سبب العتق غير محرم
كالتنكيل.
وشرط الصوم: التوالي، ويحصل بشهر ويوم، فيجوز تفريق الباقي.
ويجب في المساكين: الإيمان لا العدالة، ولا يجزي الفقراء (3)، وإعطاء العدد
المعتبر، فلا يجزي التكرار من الكفارة الواحدة إلا مع تعذر العدد.
ويجب السعي في تحصيل المساكين ولو إلى خارج البلد، إلا مع المشقة
الكثيرة.
ويطعم من غالب القوت، فتجزي الحنطة والخبز والدقيق والشعير والتمر
والدخن والذرة والأرز.
ولا تجزي القيمة، على الأقوى.
ويستحب الإدام. (4)
ويجب في الكسوة ما يسمى ثوبا، كالقميص واللباس والجبة والإزار
والرداء والقباء.
ويكفي العتيق ما لم يكن باليا أو مرقعا.

1 - في (ت، م): التعين.
2 - في (ت، م): لوجوبها.
3 - ولا ابن السبيل. (ابن المؤلف)
4 - في (ع): الأدم.
250

وتكفي كسوة الطفل وإن انفرد (1).
ولا تجزئ القلنسوة والخف وشبههما.
وجنسه القطن والكتان والصوف والحرير للنساء لا للرجال، إلا الممتزج.
ويجزئ الفرو والجلد المعتاد لبسه، والقنب والشعر المعتاد لبسه.
وشرط المكسو ما تقدم في المطعم، وأن لا يكونوا واجبي النفقة إلا مع
عجز المكفر عنها.
وتجوز التفرقة بين المساكين في نوع الكسوة والطعام.
وفرض العبد الصوم في الكفارات أجمع، ولو كفر بغيره بإذن المولى
صح.
وكل من وجب عليه صوم شهرين فعجز، صام ثمانية عشر يوما، وقيل:
ما أمكن، وهو أولى.
فإن عجز، تصدق عن كل يوم بمد.
فإن عجز، استغفر الله تعالى.
وقد تقدم صور صيغ الكفارات (2) ونياتها في كتاب الصوم فلا حاجة إلى
إعادتها.

1 - بخلاف الإطعام. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): (صور صيغ الكفارات) مكان (صورة صيغ الكفارة).
251

كتاب الصيد
ويجوز (1) بكل آلة.
ولا يحل غير المذكى، إلا مقتول الكلب المعلم، والسيف والرمح والسهم
وما فيه نصل، وغيره إذا خرق (2) وكان الصيد ممتنعا.
وشرط الصائد:
[1] - الإسلام أو (3) حكمه كالصبي المميز، ولا فرق بين الذكر والأنثى.
[2] - وأن يقصد الاصطياد، فلو اتفق لم يحل.
[3] - والتسمية عند إرسال الآلة، فلو تركها عمدا لم يحل، ويحل لو
نسي أو جهل (4) في قول.
ولا بد من استناد القتل إلى الآلة، فلو تلف بسبب غيرها، لم يحل، وكذا
لو قتله الكلب بإتعابه أو غمه.

1 - في (ت، ق، م): فيجوز.
2 - قال فخر الدين: إذا خرق الجلد كفى، وذكر اللحم للغالب. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): و.
4 - في (ت، ق): جهله.
253

ومتى أدرك الصيد وحياته مستقرة، ذكاه وإلا حرم إن اتسع الزمان
لتذكيته (1).
ويجب غسل موضع العضة من الكلب، على الأصح.

1 - في (ت، ق، م): التذكية.
254

كتاب الذبائح
وتحصل التذكية بالآلة كما تقدم في الصيد، وبذكاة الأم في الجنين إذا
تمت خلقته وولجته الروح أو لا.
ولو خرج حيا، ذكي إن اتسع الزمان وإلا حل.
وذكاة السمك بإخراجه (1) من الماء حيا، ولا تعتبر التسمية ولا الإسلام
مع مشاهدة مسلم إخراجه حيا.
وذكاة الجراد بأخذه حيا بيده أو آلته، ولا تعتبر التسمية ولا الإسلام كما
تقدم.
وذكاة ما تقع عليه الذكاة من حيوان البر، وهو ما عدا الحشرات
والآدمي والكلب والخنزير: بالذبح.
وشرطه:
[1] - أهلية الذابح كما تقدم، وكونه محلا، وتحرم ذبيحة الناصبي
والغالي والمجسم بالحقيقة والخارجي، وكذا مصيده.
[2] - وقطع الأعضاء الأربعة:

1 - في (ت، ق، م): إخراجه.
255

المري: وهو مجرى الطعام والشراب.
والحلقوم: وهو مجرى النفس.
والودجان: وهما العرقان المحيطان بالحلقوم.
[3] - بالحديد والبولاد، فلا يكفي غيرهما إلا لضرورة، فيصح حينئذ
بكل ما يفري.
[4] - ونحر الإبل وذبح ما عداها، فلو عكس حرم.
ولو تولد حيوان بين المنحور والمذبوح تبع (1) الاسم، فإن اشتبه تعين
الذبح (2).
[5] - واستقبال القبلة بالمذبوح أو المنحور مع الإمكان، فلو ترك عمدا
حرم، لا ناسيا أو مضطرا أو جاهل الجهة، ولا يعتبر استقبال الفاعل (3).
[6] - والتسمية، فلو تركها عمدا حرم مطلقا (4)، وناسيا يحل.
ولو سمى غير المعتقد للوجوب، حلت.
والمراد بالتسمية هنا وفي الصيد: ذكر الله تعالى مع التعظيم، مثل:
بسم الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله.
ولو قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، أو: اللهم ارحمني، فقولان:
اختار الشهيد (5) الإجزاء، وهو قوي وإن كان الترك أحوط.

1 - في (ت، ق، م): يتبع.
2 - لأن النحر لا يصح إلا في الإبل، وهذا ليس منها. (ابن المؤلف)
3 - أي: الذابح. (ابن المؤلف)
4 - سواء كان معتقدا للوجوب أم لا، ولا تحل ذبيحة غير المعتقد. (ابن المؤلف)
5 - الدروس الشرعية: ج 2 ص 359.
256

ولا يجزئ لو اقتصر على الجلالة.
ولو قال: بسم الله ومحمد بكسر الدال، حرمت.
ولو قال: بسم الله ومحمد رسول الله، فإن رفع (1) الدال من محمد
حلت، وإن كسره حرمت.
ولا يشترط في الذكر أن يكون بالعربية.
وتشترط متابعة الذبح، فلو فصل حلت مع استقرار الحياة، أو قصر
الزمان وإلا حرمت.
[7] - وأن يستند الموت إلى التذكية، فلو نزع آخر (2) حشوته معا
حرمت.
[8] - وحصول حركة دالة على الحياة بعد الذبح، كطرف العين أو
مصع (3) الذنب.
ولا يشترط استقرار الحياة.
وفائدة التذكية في مأكول اللحم حل الاستعمال مطلقا (4)، وفي غيره
جواز الاستعمال في غير الصلاة.
ويكره النخع وقلب السكين فيذبح إلى فوق.

1 - لأنه مع الرفع يكون إخبار بالرسالة ومع الجر يكون قد شارك بينهما في الاسمية، والمعتبر هنا
اسم الله وحده. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق): أحد.
3 - المصع: التحرك، يقال مصعت الشاة بذنبها، أي: حركت. (ابن المؤلف)
4 - في الصلاة وغيرها. (ابن المؤلف)
257

كتاب الأطعمة والأشربة
ويحل من حيوان البحر: السمك ذو الفلس وإن زال، لا غيره.
ويحرم جلاله حتى يستبرأ، بأن يطعم علفا طاهرا بالأصالة يوما وليلة.
والبيض تابع، فلو اشتبه أكل الخشن خاصة.
ويحل من حيوان البر: الأنعام الثلاثة (1) وبقر الوحش وحماره والغزلان
والكباش الجبلية واليحمور، والخيل والبغال والحمير، على كراهية في الثلاثة،
ويحرم ما عداها.
ويحل من الطير: الحمام كله والكروان والكركي والقطا والطيهوج
والدجاج والعصافير والصعو (2) والزرازير (3) والفاختة والقبرة والهدهد
والشقراق والصوام والصرد والخطاف والحباري والنعامة والحجل والدراج
والقبج والإوز والبط.

1 - أثبتنا (والبيض تابع... الأنعام الثلاثة) من (ع).
2 - في (ت، ق، م): العصفور.
3 - في (ع): الزازير.
259

ولا فرق بين طير الماء والبر.
ولو اشتبه الحلال بالحرام (1)، أكل ما له قانصة أو صيصية أو حوصلة، أو
كان دفيفه أكثر من صفيفه أو مساويا.
والبيض تابع، ولو اشتبه أكل ما اختلف طرفاه خاصة.
ويحرم كل ذي مخلاب، قويا كان أو ضعيفا، والغراب الأسود الكبير
والعقعق (2)، دون غيرهما من الغربان.
وقد يعرض للحلال التحريم:
[1] - بالجلل، وهو: الاغتذاء بعذرة الإنسان صرفا حتى تصير جزء منه،
ولا يحرم بأكل عذرة غير الإنسان وإن كان نجس العين، فيستبرأ بعلف طاهر
أصالة، فيحل.
فالناقة بأربعين، والبقرة بعشرين، والشاة بعشرة، والبطة ونحوها بخمسة،
والدجاجة وشبهها بثلاثة، وما عدا ذلك بما يغلب على الظن.
[2] - وبوطء الإنسان، فيحرم الموطوء ونسله (3) ذكرا كان أو أنثى،
قبلا أو دبرا، من ذوا ت الأربع (4) أو غيرها.
ويحرم بيضها ولبنها.

1 - في (ت، م): والحرام.
2 - في (ع): القعق.
3 - أثبتنا (ونسله) من (ع).
4 - قال في القواعد: الأقرب اختصاص هذا الحكم بذوات الأربع دون الطيور، وهو جيد،
وما ذكره المصنف من العموم أحوط. (ابن المؤلف)
260

ولو أحضنت (1) البيض، حرم الفرخ (2).
وينجس رجيعها.
وتحرم الصلاة في جلدها وصوفها وشعرها ووبرها، وكذا يحرم استعمالها
في غير الصلاة، لوجوب الإحراق.
ولو كانت حاملا تعدى التحريم إلى حملها.
ولا فرق بين كون الواطئ عاقلا أو مجنونا، أما الصبي فلا تلحق به هذه
الأحكام، وقيل: إنه كالبالغ.
[3] - ولو شرب لبن خنزيرة أو كلبة أو كافرة - في قول (3) - واشتد،
حرم ونسله، وإن لم يستذكره.
ولو شرب خمرا وذبح في الحال، لم يؤكل ما في بطنه من الأمعاء
والقصبة وغيرهما (4)، ويغسل باقيه، وبعد الاستحالة لا تحريم.
ولو شرب بولا، غسل ما في بطنه وأكل.
وتحرم الميتة وأجزاؤها، عدا ما استثني.
والأعيان النجسة، كالخمر والعذرات النجسة والطين كله - إلا طين قبر
الحسين (عليه السلام)، فيجوز قدر الحمصة للاستشفاء، ولو من (5) علة متوقعة،
وإن لم يكن به ألم في الحال، والأرمني (6) للضرورة - والسم كله.

1 - في (ت، ق، م): حضنت.
2 - في (ع): الفرج.
3 - الاختلاف في الكافرة حسب. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): غيرها.
5 - في (ت، م): في.
6 - تراب قبر ذو القرنين. (ابن المؤلف)
261

ولو قتل الكثير منه، حرم خاصة.
والدم كله، مسفوحا كان أو غيره - كدم القراد - عدا المتخلف في
اللحم.
واللبن تابع.
والبول كله، إلا بول الإبل والبقر (1) للاستشفاء.
ولو اضطر إلى المحرم، حل وإن كان خمرا أو ميتة، لغير العادي والباغي.
وتستحب التسمية عند ابتداء الأكل، والحمد عند انتهائه، والأكل
باليمنى (2).
ويكره الاتكاء، والتمكن (3) عن الطعام والشراب، وقد يحرم (4).
ويحرم الأكل على مائدة يشرب (5) عليها مسكر (6) أو يفعل عندها
محرم (7)، حتى الغيبة.

1 - الأصغر لا غير. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): باليمين.
3 - أي: التملي. (ابن المؤلف)
4 - إذا أدى إلى الضرر. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، ق، م): شرب.
6 - في (ت، ق، م): مسكرا.
7 - كالنميمة والقمار والاجتماع للفساد واللهو. (ابن المؤلف)
262

كتاب الميراث
وفيه فصول:
[الفصل] الأول: في سببه.
وهو: نسب، وسبب.
فالنسب ثلاث طبقات: الآباء والأولاد، ثم الإخوة والأجداد، ثم
الأعمام والأخوال.
والسبب قسمان: زوجية، وولاء.
والولاء ثلاثة أقسام: ولاء العتق، وضمان الجريرة، وولاء الإمام.
[الفصل] الثاني: في ميراث الآباء والأولاد.
ويرث الأب المنفرد (1) المال، وللأم المنفردة الثلث، والباقي ردا.
ولو اجتمعا، فللأم الثلث مع عدم الإخوة الحاجبين، والسدس معهم،
والباقي للأب.
وللابن المنفرد المال، وكذا الابنان - فصاعدا - بالسوية.

1 - في (ت، م): المفرد.
263

وللبنت منفردة النصف، وللاثنتين - فصاعدا - الثلثان، والباقي ردا عليها
أو عليهما أو عليهن.
ولو اجتمع الذكور والإناث، فللذكر (1) ضعف الأنثى.
ولو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع الذكر - فصاعدا - فلهما السدسان أو
السدس إن كان وأحدا، والباقي للولد.
ولو كان مع الأبوين أو أحدهما ذكور وإناث، فللأب نصيبه والباقي
للأولاد، للذكر ضعف الأنثى.
ولو كان الأولاد إناثا، فإن لم يكن فضل - كأبوين وبنتين فصاعدا -
فللأبوين السدسان وللبنتين الثلثان، وإن كان فضل - كأبوين وبنت - فالرد
أخماسا مع عدم الحاجب، وأرباعا معه.
ويقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم ويأخذ كل نصيب من يتقرب به.
[الفصل] الثالث: في ميراث الإخوة والأجداد.
للأخ من الأبوين أو الأب - منفردا - المال، وإن تعددوا، تشاركوا
بالسوية.
وللأخت للأب والأم أو الأب (2) - منفردة - النصف، والباقي بالرد، ولو
تعددن، فالثلثان، والباقي ردا بالسوية.
ولو اجتمع الذكور والإناث، فللذكر ضعف الأنثى.
ولا يرث من يتقرب بالأب خاصة مع المتقرب بالأبوين، ويقوم مقامه مع
عدمه.

1 - في (ت، ق، م): للذكر.
2 - في (ت، م): (للأم أو للأب) مكان (الأم والأب).
264

وللواحد من قبل الأم السدس، ذكرا كان أو أنثى، وللاثنين - فصاعدا -
الثلث كذلك، والباقي بالرد.
ويستوي الذكر والأنثى مع الاجتماع.
ولو اجتمع الجميع، فللمتقرب بالأم ما ذكر، والباقي للمتقرب بالأبوين
أو الأب، على التفصيل المذكور.
ويقوم أولاد الإخوة مقامهم عند عدمهم، ويرث كل نصيب من يتقرب
به.
وللجد - المنفرد - المال، وكذا الجدة لأب أو لأم.
ولو اجتمعا، تساويا، إن كانا لأم، وإلا فللجد الثلثان ولها الثلث.
ولجد الأم أو جدته (1) أو لهما الثلث، واحدا كان أو أكثر بالسوية،
والباقي لجد الأب أو جدته أو لهما.
ولو اجتمع الأجداد والإخوة، فالجد للأب أو الأبوين كالأخ من قبله أو
من قبلهما، والجدة كالأخت، والجد من الأم كالأخ من قبلها (2)، وكذا
الجدة.
[الفصل] الرابع: في ميراث الأعمام والأخوال.
وير ث العم - المنفرد - المال، وكذا العمان والأعمام بالسوية، إن تساووا
في المرتبة، وكذا العمة والعمتان والعمات.
ولو اجتمعوا، فللذكر ضعف الأنثى إن كانوا من قبل الأبوين أو الأب،
وإلا فبالسوية.

1 - في (ت، ق، م): لجدته.
2 - في (ت، م): قبلهما.
265

ويمنع المتقرب بالأبوين المتقرب بالأب، ويقوم مقامه عند عدمه.
ولو اجتمع الأعمام المتفرقون، سقط المتقرب بالأب وأخذ المتقرب بالأم
السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية مطلقا (1)، والباقي
للمتقرب بالأبوين، على ما فصل.
ويقوم أولادهم مقامهم عند عدمهم.
وللخال - المنفرد - المال، وكذا المتعدد يتساوون وإن اختلفوا في
الذكورة والأنوثة، وكذا الخالة والخالتان والخالات.
ويمنع المتقرب بالأبوين المتقرب بالأب، ولا يمنع المتقرب بالأم، فيأخذ
السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي للمتقرب
بالأبوين بالسوية مطلقا.
ويقوم المتقرب بالأب مقام المتقرب بالأبوين عند عدمه.
ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللخال الثلث، واحدا كان أو أكثر،
والباقي للأعمام وإن كان واحدا.
ويقوم أولاد الخؤولة مقام آبائهم.
ولو اجتمعوا مع أولاد العمومة، فلكل نصيب من يتقرب به.
[الفصل] الخامس: في ميراث الزوجين.
يرث الزوج الربع مع الولد وإن نزل، ذكرا كان أو أنثى، والنصف مع
عدمه.

1 - سواء كان ذكورا أو إناثا. (ابن المؤلف)
266

والزوجة الثمن مع الولد - كما تقدم - والربع مع عدمه، والباقي للوارث
على ما فصل، وإن كان الوارث ضامن جريرة، ولو لم يكن إلا الإمام، رد
الباقي على الزوج، دون الزوجة (1).
ويرث الزوج من كل ما تركته الزوجة.
أما الزوجة، فإن كانت ذات ولد، ورثت من جميع ما تركه الزوج
أيضا، وإن لم يكن لها ولد، لم ترث من رقبة الأرض ولا من قيمتها، وتعطى
حصتها من قيمة الآلات والأبنية والشجر، وتمنع من عينها.
أما الماء المملوك فيتبع المال، فترث من عينه، وقيل: يتبع الشجر، فترث
من قيمته، وقيل: يتبع الأرض، فلا ترث (2) منه عينا ولا قيمة.
فإن كان للميت ولد من غيرها، أعطيت ثمن القيمة، ثم تقوم خالية،
وتعطى حصتها من قيمة الغروس.
والرد عليها من جميع الورثة بالنسبة، إن لم يكن معها زوجة ذات ولد،
وإن كان معها زوجة كذلك، فقيل: الرد من الزوجة، لأنه لولاها لكان
مجموع النصيب لذات الولد، وقيل: من الجميع كما تقدم.
ولو لم يدفع الوارث القيمة، تسلط ت على الأخذ من العين مقاصة.
ولو أثمر الشجر بعد الموت، لم يكن لها في الثمر (3) شئ، لأن حقها في
القيمة.
ولو بذل لها الوارث العين، فلها الامتناع.

1 - وقيل: يرد عليها في حال الغيبة، وهو منقول. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): ولا يرث.
3 - في (ت، ق، م): الشجر.
267

ولو باع الوارث الأرض المشتملة على الشجر والبناء، صح، ويثبت في
ذمته نصيبها من القيمة خاصة.
ولو كان للزوجة ولد ولد، فحكمه حكم الولد إن كان وارثا، وإلا
فلا.
[الفصل] السادس: في الميراث بالولاء.
يرث المعتق عتيقه مع التبرع، وعدم التبري من ضمان جريرته، وعدم
مناسب العتيق (1).
ويرث أحد الزوجين نصيبه الأعلى، والباقي له.
فلو كان العتق في واجب - كالكفارة - لم يرث، وكذا مع التبري.
وشرط التبري من الضمان: أن يكون عند العتق لا بعده، فيقول: أنت
حر وأنا بري من حدثك، أو: (2) جنايتك، أو: من ضمان جريرتك.
ولا يشترط الإشهاد في صحة التبري، نعم هو شرط الثبوت.
ولو عدم المنعم، فالولاء لعصبته (3) دون الإناث، ثم مولى المولى، ثم
قرابته.
فإن فقدوا أجمع، فلضامن الجريرة إن كان.
وإنما يضمن من لا وارث له كالمعتق، في الكفارة أو حر الأصل،
ولا قريب له، فيضمن جريرته أحد، فيرثه (4).
ولا ينعكس الإرث إلا أن ينعكس الضمان.

1 - في (ت، م): العتق.
2 - في (ت، ق، م): و.
3 - في (ت، ق، م): للعصبة.
4 - في (ت، ق، م): ورثته.
268

والجريرة لغة: الجناية، يقال: جر (1) عليهم جريرة، أي: جنى عليهم
جناية.
وصورة العقد: أن يقول العاقد لصاحبه: دمك دمي، وثارك ثاري،
وحربك حربي، وسلمك سلمي، ترثني وأرثك، فيقول الآخر: قبلت.
وإن كان غير متعاكس، قال: ترثني خاصة، أو: أرثك خاصة، فيقول
الآخر: قبلت.
وهل هو جائز أو لازم؟ قال الشيخ في الخلاف (2) بالأول، فلكل منهما
الفسخ ونقل الولاء إلى غيره، وقال ابن إدريس (3) بالثاني، لعموم أوفوا
بالعقود (4)، ولقوله تعالى والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم (5)، كذا
ذكره المقداد في الرائع (6)، والثاني من القولين أقوى، نعم يجوز التقايل فيه.
ولو فقد ضامن الجريرة، ورثه الإمام مع فقد كل وارث، إلا الزوجة،
كما تقدم.
فمع حضوره يفعل به ما يشاء، ومع الغيبة يقسم في الفقراء والمساكين
من أهل بلد الميت ومن يحضره.
ولو أخذه الجائر قهرا، فلا ضمان على أحد، نعم لا يجوز دفعه إليه إلا مع
الخوف.

1 - في (ت، م): جبر.
2 - الخلاف، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 34 ص 71.
3 - السرائر، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 22 ص 339.
4 - المائدة: 1.
5 - النساء: 33.
6 - التنقيح الرائع: ج 4 ص 200.
269

[الفصل] السابع: في ميراث الخنثى.
وهو: من له فرج الذكر والأنثى، فيرث على ما يسبق منه البول، فإن
تساويا، فعلى المنقطع أو لا، فإن تساويا، فنصف نصيب ذكر ونصف نصيب
أنثى.
ونبات اللحية والحيض والحبل وتفلك الثدي، علامات.
ومن ليس له فرج الذكور ولا الإناث، يورث بالقرعة.
وصفتها أن يكتب على سهم عبد الله وعلى سهم أمة الله، ويجعلان (1)
في سهام مبهمة - على الأولى - وإن اكتفى بهما، جاز، وتقول: اللهم، أنت
الله [الذي] (2) لا إله إلا أنت، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك
فيما كانوا فيه يختلفون، فبين لنا أمر هذا المولود، وكيف يورث ما فرضت
له في كتابك، ثم تجيل السهام، وتورثه على ما يخرج.
والأحوط وجوب هذا الدعاء، وقيل: هو مستحب.
ومن له رأسان وبدنان على حقو، يوقظ عند نومه، فإن انتبها، فواحد،
وإلا فاثنان.
ويرث الحمل إن انفصل حيا، أو تحرك حركة الحي ثم مات.
[الفصل] الثامن: في ميراث ولد الملاعنة.
وترثه أمه ومن يتقرب بها وزوجته، ويرثهم.
ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به، نعم لو اعترف به الأب، ورثه الولد
خاصة.

1 - في (ت، ق، م): يجعلا.
2 - ليست في (ع).
270

ولو اعترفوا به أقارب الأب وكذبوه، ورثهم وورثونه.
وولد الزنا يرثه ولده وزوجته، دون أبويه ومن يتقرب بهما، ثم
الضامن، ثم الإمام.
[الفصل] التاسع: في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
ويتوارثون إذا كان لهم أو لأحدهم مال، وإذا كان بينهم نسب أو
سبب، مع اشتباه المتقدم والمتأخر وكان بينهم توارث.
ولا يرث الثاني مما ورث منه (1) الأول.
ولا يثبت هذا الحكم إذا كان الاشتباه بسبب غير الغرق والهدم.
[الفصل] العاشر: في ميراث المجوس.
ويتوارثون كالمسلمين بالنسب الصحيح والفاسد، وبالسبب (2) الصحيح
دون الفاسد.
[الفصل] الحادي عشر:
يرث الدية كل مناسب ومسابب عدا المتقرب بالأم، ولا فرق بين دية الجنين وغيرها.
تذنيب:
قد يمنع الإرث بأسباب:
[1] - منها الكفر: فلا يرث الكافر مسلما، وهو: كل ما خرج معتقده
عن دين الإسلام وإن كان بجحد (3) بعض ضرورياته، نعم لو أسلم على

1 - لأنه يستلزم الحياة بعد الموت، وهو محال. (ابن المؤلف)
2 - في (ع): بالنسب.
3 - في (ع): يجحد.
271

ميراث قبل قسمته، شارك إن كان مساويا، واختص إن كان أقرب.
[2] - ومنها القتل: فلا يرث القاتل مقتوله إذا كان عمدا ظلما، ولو
كان خطأ، منع من الدية خاصة.
[3] - ومنها الرق: ويمنع في الوارث والموروث (1).
ولو كان بعضه رقا، منع بنسبة الرق، ويرث ويورث بنسبة الجزء الحر.
ولا يمنع ولده الحر من الإرث، وكذا الكافر والقاتل (2).
ولو أعتق على ميراث قبل قسمته، فكما تقدم.
ولو لم يخلف وارثا سوى الرق، فكه الحاكم ولو قهرا، بدفع (3) قيمته
ويعتقه ليرث.
ولا فك لو قصرت التركة أو نصيبه عن قيمته.
ويفك كل وارث حتى الزوج والزوجة.
[4] - ومنها اللعان: فإنه ينفي التوارث بين الزوجين وبين الأب والولد
كما تقدم (4).
[5] - ومنها الدين المستوعب - على قول - والأصح عدم منعه الإرث،
لكن يمنع الوارث من التصرف في التركة أجمع إلى أن يقضي الدين، وكذا غير
المستوعب.
[6] - ومنها الغيبة المنقطعة: فإنها تمنع التوارث ظاهرا حتى يعلم موته،
إما بالبينة أو مضي مدة لا يمكن أن يعيش مثله غالبا إليها.

1 - في (ت، ق، م): الموروثون.
2 - أي: لا يمنع ولد الكافر أو القاتل بسبب أبيه. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): يدفع.
4 - في باب اللعان. (ابن المؤلف)
272

[7] - ومنها قدر الكفن ومؤونة التجهيز، والوصية إذا لم تزد عن
الثلث.
[8] - ومنها الحجب، وهو:
إما عن أصل الإرث كمنع القريب البعيد، إما في الدرجة كالولد وولد
الولد، أو في الطبقة كالآباء والأولاد، فإنهم يمنعون الأجداد والإخوة وهم
يمنعون الأعمام والأخوال.
وإما عن بعضه، كحجب الولد الذكر الأبوين عما زاد عن السدس،
وكحجب الإخوة الأم عما زاد عن السدس - أيضا - بشرط كونهما ذكرين،
أو ذكرا وأنثيين (1)، أو أربع إناث، والخنثى المشكل كالأنثى، وانتفاء موانع
الإرث، ووجود الأب معها، وكون الإخوة للأب أو الأبوين (2)، وكونهم
منفصلين لا حملا، وكونهم أحياء فلو كان بعضهم ميتا فلا حجب.
وكحجب الولد الأكبر الذكر لمن عداه من الوارث عن قدر الحبوة،
وهي: السيف والخاتم والمصحف وثياب البدن.
ويشترط: كونه غير سفيه، ولا فاسد الرأي، وأن يخلف الميت غيرها،
وأن لا يقصر (3) نصيب كل وارث عن قدرها.
ولو تعدد الأكبر قسمت.
ولو تعددت الأجناس، أعطي الثياب أجمع حتى العمامة، أما المصحف
والخاتم والسيف، فيعطى ما يختاره الوارث.

1 - في (ت، م): أنثين.
2 - في (ت، ق، م): للأبوين.
3 - في (ت، ق، م): لا يقتصر.
273

ولو كان دين مستغرق، فلا حبوة، وإن كان غير مستغرق، وزع على
الحبوة وباقي التركة بالنسبة.
ولو افتك الأكبر الحبوة ليختص بها، جاز.
ولو تبرع (1) متبرع بأداء الدين، فالحبوة باقية لبقاء الإرث.
تنبيه:
السهام المفروضة في الكتاب العزيز ستة:
النصف، ونصفه، ونصف نصفه، والثلثان، ونصفهما، ونصف
نصفهما.
[1] - والنصف: للزوج مع عدم الولد، وللبنت، والأخت للأب أو
الأبوين.
[2] - ونصفه: للزوج مع الولد، والزوجة مع عدمه.
[3] - ونصف نصفه: للزوجة مع الولد.
[4] - والثلثان: للبنتين فصاعدا، وللأختين فصاعدا من قبل الأبوين أو
الأب.
[5] - ونصفهما: للأم مع عدم الحاجب، وللأنثيين (2) فصاعدا من
قبلها.
[6] - ونصف نصفهما: للأب مع الولد، وللأم كذلك، وللواحد من
كلالة الأم.
ومن هذه الفروض ما يجتمع، ومنها ما يمتنع.

1 - في (ت، ق، م): شرع.
2 - في (ت، م): للاثنتين.
274

كتاب القضاء
وهو: ولاية شرعية يقتضي نفوذ الحكم على المتداعيين والتسلط على
المصالح العامة.
وهو وظيفة الإمام أو نائبه.
وفيه فصول:
[الفصل] الأول: تثبت التولية بإذن أحدهما لا بنصب أهل البلد، نعم
لو تراضى اثنان بحكم بعض الرعية وحكم، لزمهما حكمه إذا كان بشرائط
القاضي.
وينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرائط الفتوى حال الغيبة، ولو تعدد، تخير
المدعي مع التساوي، وإلا تعين الترافع إلى الأفضل.
أما حال حضور الإمام، فيجوز إلى المفضول، لأن خطأه ينجبر بنظر
الإمام. وكذا حكم التقليد في الفتاوى.
ويجب على الإمام تولية القضاة (1).
ويجب القبول مع عدم قيام غيره مقامه.

1 - في (ت، ق، م): القضاء.
275

ويشترط في القاضي: البلوغ، والعقل، والذكورة، والإيمان، والعدالة،
وطهارة المولد، والعلم، ولا يكتفي بفتوى العلماء، وعلمه بالكتابة، والبصر،
والحرية، والسلامة من الخرس لا الصمم (1).
ومن لا تقبل شهادته لا ينفذ حكمه، كالعدو على عدوه.
وتثبت التولية بسماعها من الإمام، وبالاستفاضة، أو شهادة شاهدين
على التولية.
والألفاظ التي ينعقد بها الولاية: وليتك الحكم، وقلدتك (2)،
واستنبتك، واستخلفتك، ورددت إليك الحكم، وفوضت إليك،
وجعلت إليك.
ولو قال الإمام: من نظر في الحكم الفلاني، فقد وليته، انعقد على
الأقوى.
وتثبت بصيغة الأمر، مثل أن يقول: أحكم بين الناس بما أراك الله.
ويشترط التنجيز في الصيغة، فلو علق التولية بشرط، بطلت.
وينعزل القاضي بأمرين:
[1] - تجدد ما يمنع وقوع القضاء ابتداء، كالفسق والجنون والعمى،
سواء نص الإمام على عزله أو لا، ولا يعود لو زال المانع.
[2] - وسقوط ولاية الأصيل، فلو تجدد فسقه أو عزله أو موته - مثلا -
انعزل النائب.
فينعزل القضاة أجمع بموت إمام الأصل.

1 - إلا أن يكون الصمم مانعا من التوصل إليه بالكلية، فلا يصح. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): قدرتك.
276

ويجوز عزل النائب (1) لمصلحة واقتراحا.
وينعزل عند علم العزل، فلا ينفذ حكمه بعده.
[الفصل] الثاني: في كيفية الحكم.
يستحب جلوس الحاكم مستدبرا، وكونه خاليا من الشواغل (2)،
والسؤال عن أحوال الأمناء والضوال واللقطات، وإحضار العلماء
ومباحثتهم (3)، وأن لا يتخذ حاجبا وقت القضاء، ولا يستعمل اللين المفرط
ولا ضده (4).
ويجب التسوية بين الخصمين مع تساويهما في الصفات، وإلا جاز
تمييز (5) الفاضل، وإذا ادعى أحدهما سمع منه، ولو سكتا قال لهما: تكلما، أو:
ليتكلم (6) المدعي، استحبابا، وإن أحس باحتشام أمر غيره بذلك.
ويكره تخصيص أحدهما بالخطاب.
وإذا تعدد المدعي، سمع من السابق، ويقرع مع التساوي، ويقدم
ذو الضرورة.
ولو بدر الخصمين بالدعوى دفعة، سمع من الذي عن يمين صاحبه أولا.
ولا يجوز تلقين أحدهما، ولا إعلامه بطريق الحجاج، بل يستحب
ترغيبهما في الصلح، فإن لم يقبلا، حكم بالشرع إن وضح، وإلا توقف.

1 - أثبتنا (فينعزل... عزل النائب) من (ع).
2 - كالجوع والعطش والغم وما شاكل ذلك. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): مباحثهم.
4 - الانقباض المفرط. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، ق، م): تميز.
6 - في (ع، ق): لتكلم.
277

والإمام يقضي بعلمه مطلقا، وكذا غيره، على الأقوى.
ولا يشترط الإشهاد في الحكم (1)، نعم يستحب، ولو لم يعلم، افتقر إلى
البينة، فيطلبها من المدعي تعريضا، فإن كانت مقبولة، حكم، وإلا طلب
التزكية.
وصورة الشهادة، أن يقول الشاهد بعد طلب المدعي والحاكم منه:
أشهد أن لفلان (2) على فلان كذا، وما أشبه ذلك.
وصورة التزكية: أن يقول المزكي (3) بعد الطلب عند الحاكم: أشهد أن
فلانا عدل مقبول الشهادة.
ولا يكتفي بقوله: عدل، إذ العدالة أعم من القبول، نعم يكفي قوله:
مقبول الشهادة، عن قوله: عدل.
ولا يشترط أن يقول: علي، ولي.
ولا يكفي قوله: لا أعلم منه إلا خيرا.
ولا تجوز الشهادة بالجرح والتعديل، إلا مع العلم، كغيرهما.
وتكفي في الشهادة بالعدالة الإطلاق، أما الجرح فلا بد من ذكر سببه،
ولا يكون قاذفا به.
ويقدم الجارح مع الاختلاف، فإن حصل التعارض وقف الحكم.
ولا يكفي الواحد فيهما.

1 - في (ت، م): الحكمة.
2 - في (ت، م): الفلاني
3 - في (ت، م): المتزكي.
278

ومتى خالف الحاكم (1) دليلا قطعيا، وجب عليه نقض الحكم، وكذا
على غيره إذا اطلع عليه، فيقول: نقضت، وأبطلت، وما أشبه ذلك.
والمدعي: هو الذي يترك لو ترك الخصومة (2)، والمنكر مقابله.
وشرط المدعي: البلوغ، والعقل، وأن يدعي لنفسه، أو لمن له عليه
ولاية، وأن يدعي ما يصح تملكه.
ويشترط في الدعوى: الصحة، واللزوم، والجزم.
وإذا تمت الدعوى:
فإن أقر المدعى عليه وكان إقراره مقبولا، حكم الحاكم عليه مع سؤال المدعي.
وإن أنكر، عرف الحاكم
المدعي: أن له إقامة البينة إن كانت، أو
تحليف (3) المنكر.
ولا يتبرع (4) الحاكم بإحلافه، ولو تبرع هو أو الحالف، لغت.
وإذا حلف شرعيا، سقط ت الدعوى مطلقا (5)، فلا تجوز المقاصة وإن
اعتقد الغريم كذبه.

1 - في (ت، ق، م): الحكم.
2 - في (ت، م): هو الذي يترك ولو تر ك الخصومة.
3 - في (ت، ق، م): يحلف.
4 - في (ت، ق، م): لا تبرع.
5 - سواء أقام بعد ذلك بينة أو لا، وسواء كان ترك البينة نسيانا أو لا. (ابن المؤلف)
279

ولو نكل عن الحلف، قيل: يقضي بالنكول، وقيل: برد اليمين
على المدعي، وهو الأقوى.
وصورته: رددت اليمين عليك، أو: أحلف أنت، وما أشبه ذلك.
ولو امتنع من الحلف والرد، ردها الحاكم، فإن حلف المدعي، استحق،
وإن امتنع، سقط حقه في ذلك المجلس خاصة، وقيل: مطلقا، حذرا من تسلسل
الخصومة.
وإن سكت المنكر، فإن كان لآفة توصل إلى معرفة الجواب، وإن كان
عنادا لزم، فإن امتنع حبس.
فإن لم ينجع (1)، رد الحاكم اليمين على المدعي - كما تقدم - بعد إعلام
المنكر بذلك.
وصورة الحكم، أن يقول الحاكم: حكمت بكذا، أو: قضيت، أو:
أنفذت، أو: ألزمت، أو: أمضيت أو: ادفع إليه ماله، أو: أخرج إليه من
حقه، أو يأمره بالبيع، أو يأخذ العين.
ولا يكفي قوله: ثبت عندي، أو إن دعواك ثابتة، أو ثبت حقك، أو قد
أقمت الحجة.
ولو أقام المدعي شاهدا واحدا، فله الحلف معه، ويثبت بهما المال، وما
يوجب المال - كجناية الخطأ - ودعوى النكاح من المرأة.
ويشترط شهادة الشاهد أولا وثبوت عدالته، فلو حلف قبل أحدهما،
لغت، والحكم يتم بهما لا بأحدهما.

1 - أي: لم يفد. (ابن المؤلف)
280

ويحلف على القطع في فعل نفسه وغيره، ونفي فعل نفسه، أما نفي فعل
غيره فعلى نفي العلم.
ويشترط في الحالف ما تقدم.
ولا حلف إلا بالله، ولو رأى الحاكم الضميمة في إحلاف الكافر وغيره أردع، جاز.
ويستحب الوعظ والتغليظ.
ويكفي في اليمين: والله ما له عندي كذا، أو: والله لي عنده كذا.
والتغليظ إما بالقول، مثل: والله الذي لا إله إلا هو، الرحمن الرحيم
الطالب الغالب الضار النافع المدرك المهلك، الذي يعلم من السر ما يعلمه
من العلانية، ولا يخفى عليه خافية، ما لك قبلي حق، أو: لي قبلك كذا، أو
غير ذلك من الألفاظ التي يراها الحاكم.
أو الزمان أو المكان، ومعناه أن
يحلفه (1) في زمان شريف كيوم الجمعة والعيد، أو في مكان شريف كالحرم
والمسجد، لا أنه يضم المكان أو الزمان إلى لفظ اليمين.
وحلف الأخرس بالإشارة.
وفائدة حلف المدعي: ثبوت الحق ظاهرا، وحلف المنكر: انقطاع
الخصومة أبدا.
ولو لم يكن للمدعي بينة، فله الاستيفاء مقاصة، عينا كان الحق أو دينا،
مع منع الغريم، وكذا مع البينة، على الأقوى.
ولا فرق بين كون المأخوذ من جنس الحق أو غيره.
ويشترط:

1 - في (ت، ق، م): تحليفه.
281

[1] - كون المدعي جازما بالاستحقاق، فلو كان ظانا لم يجز.
[2] - وعدم وقوع فتنة يخشى منها تلف نفس، أو مال، أو انتهاك
عرض، أو سوء معاملة.
[3] - وكون المال المأخوذ مما يجب على المديون صرفه في الدين،
فلا يجوز (1) المقاصة بثياب البدن وعبد الخدمة ودار السكنى وشبهها.
ويجوز أخذ المودع على كراهية شديدة.
وإذا وجد من جنس حقه، لم يجز العدول إلى غيره، وإن لم يجد، أخذ
بالقيمة العدل، ويكون كالوكيل عن المالك، وبيعه إلى غيره إن أمكن أحوط.
وإذا أخذه بالقيمة، يحسبه على نفسه، بأن يقول: أخذت هذا عوضا
عن مالي في ذمة فلان، مثلا.
ولو تلفت العين بعد القبض، فهو من ضمان الآخذ (2).
ولو كانت زائدة عن حقه، جزم الفاضل في القواعد (3) بعدم الضمان في
المقصد الثامن في بقايا مباحث الدعوى، ومال الشهيد (4) إلى الضمان، وهو
قول الشيخ (5)، وهو قوي.
ولا يحتاج إلى عقد بيع، ويلزم، فلو طلبه المالك بعد ذلك، لم تجب
إجابته، وإن أدى الدين.

1 - في (ت، ق، م): ولا يجوز.
2 - في (ق): الأصل.
3 - قواعد الأحكام، سلسلة ينابيع الفقهية: ج 11 ص 438.
4 - الدروس الشرعية: ج 2 ص 85.
5 - المبسوط: ج 8 ص 311.
282

وإذا كان المأخوذ من غير الجنس ولحقه مؤونة على البيع، لم يرجع بها
لأنه لتخليص حقه.
ولو أخذ من المماطل قهرا، ملك ما أخذه، إذا نوى المقاصة، وحينئذ، لو
كان له على مماطل دينان، فالتعيين مفوض إلى الآخذ.
ولو أخبر المقهور: أنه نوى، فالأقرب سماعه، وترجح على نية القابض،
هذا مع كون المأخوذ صالحا للاستيفاء عن كل من الدينين، أما لو كان من
جنس أحدهما، صرف إليه، إذ صرفه إلى غيره يتوقف على التراضي.
ويجوز القضاء على الغائب عن مجلس الحكم، مع البينة ويمين المدعي،
استظهارا على بقاء الحق في حقوق الناس، لا في حقوقه تعالى.
ولو كان الحق مشتركا، قضى في حق الآدمي، كالسرقة.
ولا عبرة بكتاب حاكم إلى آخر، إلا أن يشهد عليه بما فيه مفصلا وبأنه
حكم، فينفذه الثاني في حقوق الناس خاصة، فإذا (1) حضر الشاهدان الحكومة
والحكم وشهدا عند الثاني، أنفذ الحكم.
ولو لم يحضرا، وحكى لهما الحاكم الدعوى والحكم وأشهدهما عليه،
فالأقوى القبول، وكذا لو أخبر الحاكم آخر مشافهة.
[الفصل] الثالث: في اللواحق.
القسمة تمييز أحد الحقين من الآخر، وليست بيعا وإن تضمنت ردا.
ولا يصح إلا باتفاق الشركاء.
ويجبر الممتنع، لو التمسها الآخر، حيث لا ضرر ولا رد.
ولو طلب أحدهما المهايأة (2)، لم يجب.

1 - في (ت، ق، م): وإذا.
2 - مصدر هايأ، أي: الموافقة.
283

ومع تعديل السهام، إن اتفقا على الاختصاص لزمت، وإلا أقرع،
ويبطل لو ظهر الخطأ، ولو ادعاه أحدهما وفقدت البينة، فالقول قول الآخر مع
اليمين، فلو نكل، حلف المدعي ونقضت القسمة.
ولو ظهر استحقاق بعض معين، فإن كان في يديهما بالسوية، لم
ينقض، وإلا نقضت، وتبطل (1) لو كان مشاعا.
وشرط القاسم: البلوغ، والعقل، والإيمان، والعدالة، ومعرفة الحساب،
لا الحرية.
ولو تراضى الغريمان بغيره، جاز، ولا يشترط فيه - ما تقدم - سوى
التكليف، وكذا لو تراضيا بأنفسهما.
ويلزم قسمة منصوب الإمام بنفس القرعة، ويفتقر غيره إلى التراضي
بعدها مطلقا (2)، وقيل: إن كانت قسمة تراض.
ولا بد في الرضا من اللفظ، نحو: رضيت، وما أدى معناه، ولا يكفي
السكوت.
ولا تصح قسم الوقف، وإن تعدد الواقف والموقوف عليه، وتجوز قسمته
من الطلق.
ويحصل (3) الضرر - المانع منها - بعدم الانتفاع أو النقص الفاحش.
وكيفية القسمة: أن تصحح المسألة أولا على السهام تقويما لا مساحة،
ويجعل للسهام أول، يعينه المتقاسمون أو الحاكم، إن تشاحوا.

1 - لأن القسمة وقع بغير رضا الشريك الآخر حينئذ. (ابن المؤلف)
2 - سواء كانت قسمة إجبار أو تراضي. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، م): تحصيل.
284

ثم يكتب أسماؤهم، لا أسماء السهام، حذرا من التفريق، ويجعل ذلك في
ساتر من شمع أو طين أو غيرهما.
ثم يأمر من لم يحضر القسمة بإخراج بندقة على هذا السهم، فيكون لمن
خرج اسمه.
وقيل: لو كتب أسماء السهام، جاز، وهو حسن في موضع لا يستلزم
التفريق.
* * *
285

كتاب الشهادات ويشترط في الشاهد:
[1] - البلوغ، إلا في الجراح، فتقبل شهادة بالغ العشر، بشرط التمييز
والاجتماع على مباح، وعدم التفريق، وأن يكونوا ثلاثة فصاعدا، وأن يكونوا
ذكورا، وأن يكون فيما دون النفس، ولو تفرقوا فلا شهادة لهم، إلا أن يكونوا
قد أشهدوا عدولا على شهادتهم (1) قبل التفريق.
وقيل: يؤخذ بأول كلامهم لا بثانيه، فعلى هذا، لو ناقض الأول الثاني،
عمل بالأول، ومع عدم اشتراط هذا القيد تبطل الشهادة، لأن التناقض فيها
يوجب إبطالها.
ولا يغتفر (2) في حق الصبي هنا من الشروط سوى الصغر، فيبقى الباقي
من الشروط على إصالة اعتباره، قاله ابن فهد (رحمه الله) في المهذب (3)، واختار
فخر المحققين في إيضاحه (4): عدم قبول شهادة الصبيان مطلقا، لقوله تعالى:

1 - هكذا ذكره السيد المرتضى في التنزيه. (ابن المؤلف)
2 - أي: لا يسقط. (ابن المؤلف)
3 - المهذب البارع: ج 4 ص 510.
4 - إيضاح الفوائد: ج 4 ص 417.
287

(شهيدين من رجالكم (1) ولأن إقرارهم على أنفسهم غير مقبول، فعلى
غيرهم أولى، وهو قوي.
[2] - والعقل: فلا تقبل شهادة المجنون إلا على حال الإفاقة، وكذا الأبله
وكثير النسيان.
[3] - والإيمان: فلا تقبل شهادة الكافر مطلقا (1)، إلا الذمي في الوصية
بالمال مع عدم عدول المسلمين، وشهادة المؤمن الفاسق بغير الكذب أولى من
شهادة الكافر هنا.
[4] - والعدالة: فلا تقبل شهادة الفاسق.
وسبب الفسق: مواقعة الكبائر والإصرار على الصغائر.
والكبيرة: كل ما توعد الله عليه بالنار، كالزنا، والقتل، واللواط،
وغصب الأموال المعصومة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، وأكل الربا،
وقذف المحصنات المؤمنات.
قال الشهيد: وعدت سبعا وهي إلى السبعين أقرب (3).
ولا يقدح ترك السنن، إلا أن يبلغ حد التهاون.
[5] - والمروة: فمن ارتكب ما لا يليق بمثله، لم تقبل شهادته - وإن كان
مباحا - كالأكل في السوق (4).
[6] - وطهارة المولد: ولا تقبل شهادة ولد الزنا مطلقا (5).

1 - البقرة: 282.
2 - سواء كان على مؤمن أو كافر. (ابن المؤلف)
3 - الدروس الشرعية: ج 2 ص 125.
4 - ومنه لبس ما لا يليق. (ابن المؤلف)
5 - قليلا أو كثيرا. (ابن المؤلف)
288

[7] - وعدم التهمة: فلا تقبل شهادة الشريك لشريكه (1)، إذا اقتضت
الشهادة مشاركته فيما شهد به، ولو لم يكن كذلك، قبلت، كذا نص عليه
الشهيد في الدروس (2) واللمعة (3).
ولا الوصي فيما هو وصي فيه، والغرماء للمفلس، وفي شهادة الولد على
الوالد - وإن علا - خلاف، والأقوى القبول (4) لعموم الآية.
وتمنع العداوة الدنيوية، بخلاف الدينية، فتقبل شهادة المسلم على الكافر.
وتقبل شهادة المملوك إلا على مولاه، على الأقوى.
وترد شهادة المتبرع، إلا في حقوق الله.
ولا تصح الشهادة إلا مع العلم.
ويكفي الاستفاضة المفيدة للعلم في النسب، والموت، والملك المطلق،
والنكاح، والوقف، والعتق، وولاية القاضي.
ويجب التحمل والأداء كفاية، إلا مع خوف ضرر غير متحقق (5).
ولا يثبت الزنا واللواط والسحق إلا بأربعة رجال.
ويكفي في الزنا الموجب للرجم ثلاثة وامرأتين، وللجلد رجلان وأربع
نسوة.

1 - أثبتناها من (ع).
2 - الدروس الشرعية: ج 2 ص 128.
3 - اللمعة الدمشقية، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 11 ص 471.
4 - ونقل عدم القبول أيضا. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، ق، م): متحقق.
289

وتثبت الردة (1) والقذف، وشرب المسكر، والسرقة، والإسلام،
والبلوغ، والولاء، والتعديل، والجرح، والطلاق، والخلع، والوكالة، والوصية
إليه، والنسب، والهلال، والحقوق المالية، كلها برجلين.
وتثبت الأموال برجلين، ورجل وامرأتين، ورجل ويمين.
ويثبت بالرجال والنساء - ولو منفردات - الاستهلال (2) والولادة،
وعيوب النساء الباطنة، والرضاع، والوصية له.
ويعتبر (3) في الإقامة: الإتيان بلفظ الشهادة، فيقول: أشهد بكذا، أو: أنا
شاهد الآن بكذا، أو: شهدت على فلان بكذا.
ولو قال: أعلم، أو أعرف، أو أخبر عن علم، أو حق، لم تسمع، على
الأقوى، كذا جزم به الفاضل (رحمه الله) في التحرير (4)، وظاهر الشهيد (5)
التوقف في عدم السماع.
وتقبل الشهادة على الشهادة (6) في حقوق الناس خاصة، عقوبة كانت
كالقصاص، أو مالا كالقرض، أو غيرهما كالنسب (7).
ولو اشترك الحق، ثبت حق الآدمي خاصة، فيثبت بالشهادة على إقراره
بالزنا نشر الحرمة لا (8) الحد.
ويجب أن يشهد على واحد عدلان، ولو شهدا على أزيد، جاز،
ويشترط تعذر شاهد الأصل ولو بمشقة، ولا تقبل الثالثة فصاعدا.

1 - في (ت، ق، م): الزنا.
2 - سقوط الولد حيا. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، م): يتعين.
4 - تحرير الأحكام: ج 2 ص 213.
5 - الدروس الشرعية: ج 2 ص 135.
6 - أثبتنا (على الشهادة) من (ع).
7 - في (ت، م): كالسبب.
8 - في (ت، م): إلا.
290

ولو طرأ ما يمنع الشهادة على شاهد الأصل - كالعتق -، لم تقبل الفرع.
وللتحمل مراتب:
أكملها، أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع: إشهد على شهادتي:
أني أشهد على فلان بكذا، أو: أشهدتك على شهادتي.
وأدون منه (1): أن يسمعه يشهد عند الحاكم، فله أن يشهد على
شهادته، وإن لم يشهده (2)، للقطع بعدم التسامح بمثل ذلك في مجالس الحكام.
وأدون منه: أن يسمعه يقول في غير مجلس الحاكم: أنا أشهد لفلان على
فلان بكذا و (3) يذكر السبب - كثمن ثوب - فيجوز له الشهادة حينئذ مع
يقين (4) عدم التسامح، وإلا فلا، وفي حكمه ما لو قال: عندي شهادة مجزومة،
أو مقطوعة، أو مقطوع بها.
ولو قال: أنا أشهد بكذا ولم يذكر السبب ولا الجزم، فليس بشئ.
ولا بد من اتفاق الشاهدين على المعنى الواحد، وإن اختلف اللفظ.
ولو رجع الشاهدان قبل الحكم، امتنع، وبعده لا ينقض ويضمنان، باقية
كانت العين أو تالفة.
ولو أوجبت الشهادة قتلا أو رجما أو قطعا، ثم رجع الشهود، اقتص
منهم - مع العمد - أو من البعض، ويرد الباقون نصيبهم، ومع الخطأ، الدية
عليهم.

1 - في (ت، ق، م): مثلا.
2 - في (ت، م): يشهد.
3 - في (ت، م): أو.
4 - في (ت، ق، م): تعيين.
291

كتاب الحدود
وفيه فصول:
[الفصل] الأول: في حد الزنا.
وهو: إيلاج الرجل البالغ العاقل ذكره حتى تغيب الحشفة - أو قدرها
من مقطوعها - مختارا، في فرج امرأة محرمة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة.
ويتحقق الإكراه في الرجل كالمرأة.
ويثبت بالإقرار أربعا، مع كمال المقر وقصده واختياره وحريته، أو
تصديق المولى.
وإقرار الأخرس بالإشارة.
ولو نسبه إلى امرأة معينة، ثبت حد القذف بالمرة (1).
ولا يشترط تعدد المجالس في الإقرار.
ولو تاب بعده، تخير الحاكم، سواء كان الحد رجما أو غيره.
وبالبينة
كما تقدم.
ولا بد من الشهادة بمعاينة الإيلاج كالميل في المكحلة.

1 - في (ت، ق، م): بالمرأة.
293

وتجوز النظر إلى العورة للتحمل.
ولا بد من قولهم: من غير عقد، ولا شبهة، أو (1): لا نعلم بينهما سببا
محللا (2)، واتفاق الشهود على الفعل والزمان والمكان والهيئة، واتفاقهم على
الحضور - للإقامة (3) - دفعة.
فلو شهد بعض، حد ولم يرتقب الإتمام.
وإذا ثبت الزنا، وجب الحد.
وهو أقسام:
ألف - القتل: وهو للزاني بذات محرم نسبا كالأم، والذمي إذا زنى
بمسلمة، والزاني بامرأة أبيه، والمكره للمرأة على الزنا.
وحكم المرأة في القتل في هذه المسائل كالرجل، إلا المكرهة.
ولا فرق بين المحصن وغيره، والحر والعبد، والشيخ والشاب والمسلم
والكافر.
ويقتصر على ضرب العنق، وقيل: يجلد ثم يقتل، وهو قوي.
ب - الجلد والرجم: وهو حد المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة، والمحصنة إذا
زنت ببالغ، وإن كان مجنونا.
ولا فرق بين الشيخ والشاب، على الأقوى.
والإحصان: إصابة البالغ العاقل الحر فرجا قبلا مملوكا بالعقد الدائم أو
الملك، يغدو عليه ويروح، إصابة معلومة، فلو أنكر وطء زوجته صدق، وإن
كان له منها ولد.
وبهذا تصير المرأة محصنة أيضا.

1 - في (ت، ق، م): و.
2 - أثبتناها من (ع).
3 - أثبتناها من (ع).
294

ولا يشترط في الإحصان الإسلام ولا عدم الطلاق، إلا أن يكون بائنا.
ج - الجلد مائة خاصة: وهو حد البالغ العاقل غير المحصن وغير المملك.
وحد المرأة الحرة غير المحصنة كذلك.
وحد الرجل المحصن إذا زنى بصبية أو مجنونة، والمحصنة إذا زنى بها طفل.
د - الجلد والجز والتغريب: وهو حد البكر الذكر الحر غير المحصن.
والبكر: غير المحصن (1)، وقيل: من أملك ولم يدخل، والأول أقوى،
فعلى هذا يصير الثالث والرابع قسما واحدا.
والجز: حلق الرأس.
والتغريب: النفي إلى غير بلده عاما.
ولا جز ولا تغريب على المرأة.
ه‍ - جلد خمسين: وهو حد المملوك البالغ العاقل، محصنا كان أو غيره،
ذكرا كان أو أنثى، ولا جز ولا تغريب.
ومن تحرر بعضه، يحد من حد الأحرار بنسبة الحرية ومن حد العبيد
بنسبة الرقية.
والمستوفي الإمام أو من يقوم مقامه.
ويجب إحضار (2) طائفة أقلها واحد.
ويستحب الإشعار (3).

1 - أثبتنا (والبكر: غير المحصن) من (ع، ق).
2 - في (ت، م): اختصار.
3 - أي: الإعلام للناس. (ابن المؤلف)
295

ويضرب الزاني أشد الضرب قائما عاريا، والمرأة جالسة قد ربطت
عليها ثيابها (1).
ولا يجلد المريض ولا المستحاضة (2)، إذا لم يجب قتلهما (3).
ولا يقام على الحامل.
ويبدأ الإمام برجم المقر، والبينة برجم المشهود عليه، بعد دفنه إلى حقويه
إن كان رجلا، وإلى صدر المرأة.
ومن أقر على نفسه بحد مبهم، جلد حتى ينهى عن نفسه، قيل:
ولا ينقص عن ثمانين لأنها أقل الحدود، ولا يزيد عن مائة لأنها أكثر الحدود،
وفيه نظر، إذ حد القواد أقل من ثمانين.
ويجوز (4) أن يكون زنا في مكان أو زمان شريف، فتجب الزيادة على
المائة، إلا أنهم لم يشرطوا (5) تعدد الإقرار هنا.
وموجب
المائة شرطه التعدد، فإن كان المراد: إن ذلك مع الإقرار أربعا،
فهو حسن، وإلا فلا، ويمكن أن يقال: إن أقر مرة فالتعزير، وإن ثنى أو ثلث
لم يتجاوز الثمانين، وإن ربع لم يتجاوز المائة، والأقوى الاعتبار بنهيه مطلقا.
وفي التقبيل والمعانقة والمضاجعة في إزار واحد: التعزير.
ولو تزوج أمة على حرة ووطئها بغير إذنها، فعليه ثمن حد الزاني.

1 - في (ت، ق): ثيابها بهما.
2 - قي (ت، م): لا تجلد المستحاضة.
3 - في (ت، م): قبلهما.
4 - ويمكن أن يكون. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، م): لم يشترطوا.
296

ويغلظ على من زنى في مكان شريف، أو زمان شريف.
ولو تكرر الزنا، فحد واحد.
ولو تخلل الجلد، قتل الحر في الرابعة والمملوك في التاسعة.
[الفصل] الثاني: في حد اللواط.
وهو وطء الذكر الآدمي، فإن أوقب - وحده غيبوبة الحشفة أو قدرها
من مقطوعها - وجب القتل على الفاعل والمفعول.
بشرط البلوغ والرشد والاختيار، سواء الحر والعبد والمسلم والكافر
والمحصن وغيره.
والصبي يؤدب، وكذا المجنون إن عقل الردع.
ويتخير الحاكم بين القتل بالسيف، وإلقائه من شاهق، وإلقاء جدار
عليه، ورجمه، وإحراقه بالنار.
ويجوز الجمع بين أحدها (1) والإحراق.
ولو لم يحصل الإيقاب، فحده جلد مائة محصنا كان أو غيره.
فإن تكرر وتخلل الجلد، قتل في الرابعة.
ولا يثبت بنوعيه (2) إلا بشهادة أربعة رجال بالمعاينة، كما تقدم.
ولا يثبت بشهادة النساء مطلقا (3).
ويثبت بالإقرار أربع مرات.
ولو أقر دونها، عزر.

1 - في (ت، ق، م): أحدهما.
2 - سواء كان إيقابا أو غيره. (ابن المؤلف)
3 - إيقابا أو غيره، منفردات أو منضمات. (ابن المؤلف)
297

ويعزر المجتمعان في إزار واحد [و] (1) لا رحم بينهما، من ثلاثين إلى
تسعة وتسعين، ويحد في الرابعة، وهكذا دائما، وكذا المجتمعتان.
ولو قبل غلاما غير محرم بشهوة، عزر، وكذا كل (2) من فعل حراما
لا حد فيه بخصوصه.
ولو تاب بعد الإقرار، تخير الحاكم، وبعد البينة تتحتم الإقامة، وقبلها
يسقط الحد.
[الفصل] الثالث: السحق.
ويجب به مائة جلدة على البالغة العاقلة، حرة كانت أو أمة، محصنة أو
لا، مسلمة أو كافرة، فاعلة أو مفعولة.
وتؤدب الصبية.
ولو تخلل الحد ثلاثا، قتلت في الرابعة.
ويثبت بالإقرار أربع مرا ت من أهله، أو بشهادة أربعة رجال خاصة.
ويسقط بالتوبة قبل قيام البينة لا بعدها، وبعد الإقرار يتخير الحاكم.
[الفصل] الرابع: القيادة.
وهي: الجمع بين الرجال والنساء للزنا، وبين الذكران للواط.
وحد القواد خمسة وسبعون جلدة، رجلا كان أو امرأة، حرا أو عبدا،
مسلما أو كافرا، نعم يزاد في عقوبة الرجل حلق رأسه ويشهر، وينفى في
الثانية إلى أن يتوب.
ويؤدب الصبي بما يردع.

1 - أثبتناها من (ت، م).
2 - أثبتناها من (ع).
298

ويثبت بشهادة رجلين عدلين، لا بشهادة النساء مطلقا (1)، وبالإقرار
مرتين من أهله، فلا يقبل (2) إقرار العبد والصبي والمجنون.
[الفصل] الخامس: وطء الأموات.
وحكمه كوطء الأحياء في القتل والجلد والرجم والجز (3) والتغريب، نعم
يزاد هنا في العقوبة بحسب ما يراه الحاكم، لأن الفعل أفحش.
ولو كانت الميتة زوجته، فالتعزير حسب.
ويثبت بما يثبت به الزنا بالحية.
ومن استمنى بيده، عزر بما يراه الإمام.
ويثبت بالإقرار مرة أو بشهادة عدلين رجلين.
[الفصل] السادس: في وطء البهائم.
ويجب على الواطئ بالغا عاقلا التعزير بما يراه الحاكم، وقيل: بخمسة
وعشرين سوطا، وقيل: يقتل، وقيل: مائة جلدة.
ويؤدب الصبي.
ويغرم قيمة الدابة يوم الفعل، خالية عن العيب، إن لم تكن له.
ويحرم أكلها - إن كانت مأكولة - ونسلها.
ويجب ذبحها وإحراقها.
وغير المأكولة عادة تخرج من بلد الفاحشة، وتباع ويعاد الثمن على
المغترم.

1 - منفردات أو منضمات. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): ولا يقبل.
3 - في (ت، ق، م): التعزير.
299

ولو تلفت في إخراجها أو احتاجت إلى مؤونة، فعلى الواطئ، والنماء له.
ولو كان الواطئ معسرا، رد الثمن على المالك، وقيل: على الواطئ، فلو
كان مفلسا، تحاص الغرماء فيه (1)، مع احتمال اختصاص المالك به، لكونه
عوض ماله ولم يخرج عن ملكه باختياره.
ولا يجوز قضاء هذا الدين من الزكاة، لأن سببه (2) معصية.
ولو رد هذه الدابة إلى البلد بعد بيعها وإخراجها إلى غيره، لم يجب
إخراجها ثانيا - وإن عرفت - لتحقق الامتثال.
ولو جنى عليها قبل البيع، فالأرش كالنماء (3).
ولو أتلفت، أخذت القيمة من المتلف للغارم (4).
وحد الموضع الذي يخرج إليه موضع لا تعرف (5) فيه.
وتثبت بشهادة عدلين ذكرين خاصة، أو الإقرار ولو مرة.
فإن كانت الدابة للمقر، ثبتت الأحكام، وإلا ثبت (6) التعزير خاصة.
ولو تكرر التعزير ثلاثا، قتل في الرابعة.

1 - على القول به. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): شبيه.
3 - أي: يكون للواطء. (ابن المؤلف)
4 - في (ت، ق، م): الغارم.
5 - في (ت، ق، م): لا تفرق.
6 - في (ت، ق، م): (يثبت الأحكام ولا يثبت التعزير) مكان (تثبت الأحكام وإلا ثبت
التعزير).
300

ولو ادعى المالك الفعل على غيره، برئ باليمين على عدم الفعل،
وحرمت المأكولة بالإقرار.
ولو اشتبهت الموطوءة بغيرها، قسم المشتبه شطرين وأقرع، وهكذا إلى
أن يبقي واحدة، فيفعل بها ما يجب.
[الفصل] السابع: حد القذف.
وموجبه القذف بالزنا أو اللواط، مثل: أنت زان، أو: لائط، أو: زنيت،
أو: لطت، أو: زنى بك، أو: ليط بك، أو: أنت منكوح في دبره، أو: أنت
زانية، أو: يا زان، أو: يا لائط، أو: يا زانية، وما (1) يؤدي هذا المعنى صريحا -
بأي لغة كانت - إذا كان القائل عارفا بها.
وكذا لو قال لغيره: لست لأبيك، أو: زنت بك أمك، أو: يا ابن
الزانية، أو: أنكر (2) ولدا ولد على فراشه.
ولو قال: يا أبا الزانية، يا أخا الزانية، فالحد للمنسوب إليها، وللمواجه
التعزير.
أما لو قال: يا ديوث، أو يا كشخان، أو يا قرنان، فإن أفادت القذف في
عرف القائل، وجب الحد، وإلا فالتعزير إن أفادت فائدة يكرهها المخاطب.
وكذا يجب التعزير بكل ما يكرهه المواجه، إذا لم يكن موضوعا للقذف
عرفا أو وضعا (3)، كقوله: أنت ولد حرام، أو: أنت ولد زنا، أو: يا فاسق،

1 - في (ت، ق، م): بما.
2 - في (ت، م): أنكرا.
3 - في (ت، ق، م): (عنها أو وصفها) مكان (عرفا أو وضعا).
301

أو: يا خائن، أو: يا شارب الخمر، أو: يا خنزير، أو: يا كافر، أو عيره بشئ
من الأمراض - كالأبرص - وإن كان فيه.
ولو كان المقول له - ذلك - مستحقا للإهانة، فلا تعزير.
وشرط القاذف: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد.
ويؤدب الصبي والمجنون.
ولا تشترط الحرية في تمام الحد.
وشرط المقذوف: الإحصان، وهو: البلوغ، والعقل، والحرية، والإسلام،
والعفة.
ولو فقد إحداها (1)، فالتعزير.
وانتفاء الأبوة، فيعزر الأب بقذف ولده.
وانتفاء التقاذف، فيعزر المحصنان خاصة، لو تقاذفا.
وقدر الحد: ثمانون جلدة مطلقا (2).
ويجلد متوسطا بثيابه، ويشهر القاذف (3).
ويثبت بالإقرار مرتين من أهله، أو بشهادة عدلين.
ولو تكرر الحد، قتل في الرابعة.
ولو قذف جماعة بلفظ واحد واجتمعوا للمطالبة، فحد واحد، وإن
افترقوا، فلكل حد، وكذا حكم التعزير.
ولا يعزر الكفار بالتنابز، إلا مع خوف فتنة.

1 - أي: أحد شروط الإحصان. (ابن المؤلف)
2 - حر أو عبد. (ابن المؤلف)
3 - لتجتنب شهادته. (ابن المؤلف)
302

وساب النبي أو الإمام (عليهم السلام)، يحل قتله بغير إذن الإمام، إلا مع
خوف ضرر على نفس أو مال له أو لمؤمن، وكذا قاذف أم النبي أو الإمام.
ولو تاب، قبل إن لم يكن ولد على الفطرة.
[الفصل] الثامن: حد المسكر.
وموجبه: تناول ما يسكر جنسه أو (1) الفقاع، اختيارا، مع العلم
بالتحريم، والكمال، وليس الإسكار بالفعل شرطا.
والعصير إذا غلا واشتد ولم يذهب ثلثاه كالمسكر، إلا أن ينقلب خلا،
وكذا غير العصير مع الشدة المسكرة.
ولا يحد الحربي أو الذمي المستتر، ويحد مع التظاهر.
ولا يحد الصبي والمجنون، نعم يؤدبا، ولا الجاهل (2) بالحكم أو المشروب.
ويجب ثمانون جلدة مطلقا (3).
ويضرب عاريا على ظهره وكتفيه، وتبقى فرجه ووجهه ومقاتله.
ولا يجلد حتى يفيق.
وإذا حد ثلاثا، قتل في الرابعة، ولو لم يحد، فحد واحد.
ويقتل مستحل الخمر إن كان عن فطرة، ولو استحل بيعها، استتيب، فإن امتنع، قتل.
ولو باعها محرما، عزر.

1 - في (ت، م): و.
2 - في (ت، م): للجاهل.
3 - حرا أو عبدا، ذكرا أو أنثى. (ابن المؤلف)
303

أما باقي المسكرات، فلا يقتل مستحلها للخلاف فيها، بل يحد بشربها
كما تقدم، وفي البيع يعزر.
ولو تاب الشارب قبل قيام البينة، سقط، لا بعدها، وبعد الإقرار يتخير
الحاكم.
ويثبت بشهادة عدلين ذكرين، وبالإقرار من أهله مرتين.
ويكفي قول الشاهد: شرب مسكرا، أو: شرب الذي يشربه (1) غيره
فسكر.
ولا اعتبار بالرائحة.
ولو ادعى الإكراه، قبل.
وكل من استحل محرما مجمعا على تحريمه - كالميتة - قتل إن كان ولد
على الفطرة، وإلا استتيب، ولو كان محرما عزر.
ويقبل دعوى جهل التحريم مع إمكانه.
[الفصل] التاسع: في حد السرقة.
وشرط السارق: البلوغ، والعقل، والاختيار، فيؤدب الصبي والمجنون.
ولا فرق بين المسلم والكافر، والحر والعبد، والذكر والأنثى.
ويتخير الحاكم في قطع الذمي، أو رده إلى ملته (2).
وشرط المسروق:
[1] - كونه مالا، فلا يقطع سارق الحر (3)، نعم يؤدب، ولا سارق العبد
الكبير، إلا أن يكون نائما أو مجنونا.

1 - في (ت، ق، م): شربه.
2 - في (ت، ق، م): مثله.
3 - في (ت، ق، م): الحرة.
304

[2] - والنصاب: وهو ربع دينار ذهبا خالصا مضروبا بسكة المعاملة،
أو ما قيمته ذلك.
[3] - وكونه مملوكا لغير السارق، فلو سرق ملكه من المستأجر أو
المرتهن، لم يقطع، وكذا لو توهم الملك فبان غير مالك.
[4] - وكونه محترما، فلو سرق خمرا لم يقطع، وإن كان من ذمي
مستتر، نعم يغرم.
[5] - وارتفاع الشبهة والشركة.
[6] - وإخراج النصاب من الحرز مباشرة أو تسبيبا.
[7] - وأن يهتك الحرز ويأخذ سرا.
ويرجع في الحرز إلى العرف، ويختلف باختلاف الأموال.
ولا يقطع سارق المأكول عام مجاعة (1).
والقبر حرز الكفن، فيقطع سارقه إن كان نصابا، وإلا عزر، ولو نبش
ولم يأخذ، عزر.
وتثبت السرقة بالإقرار مرتين من أهله، فلو أقر مرة، ثبت المال لا القطع،
وبشهادة عدلين ذكرين، ولا يثبت بشهادة النساء، نعم لو شهد رجل وامرأتان
ثبت (2) المال خاصة.
ولا تسمع الشهادة فيها إلا مفصلة.
وإقرار المحجور عليه - لسفه أو فلس - يقبل في القطع دون المال، لكن
المفلس يتبع به بعد فك الحجر بخلاف السفيه.

1 - وحكم سرقة الماء في زمان العطش كذلك. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): يثبت.
305

ولو أقر العبد، قطع إن صدقه مولاه، وإلا تبع بالسرقة (1) بعد العتق.
ولو أقر المولى خاصة فهو شاهد.
والتوبة بعد قيام البينة لا تسقط الحد، أما قبلها فيسقط دون المال، ولو
تاب بعد الإقرار، فالأقوى عدم السقوط، ولا يسقط الغرم مطلقا (2).
ويجب في الحد قطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى، ويترك له الإبهام مع
الكف.
ولو عاد، قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك (3) له العقب،
فإن عاد، خلد في السجن، فإن سرق بعد ذلك، قتل.
ولو تكررت السرقة ولم يظفر به، فحد واحد.
ولا يقطع إلا بعد مرافعة (4) الغريم.
ولا يكفي القطع عن الغرم.
[الفصل] العاشر: في حد المحارب.
وهو: كل من أظهر السلاح وجرده لإخافة الناس، برا أو بحرا، ليلا أو
نهارا، في مصر أو غيره، ذكرا كان أو أنثى.
ولو أخاف بالعصا أو الحجارة، فمحارب.
ويتحقق بقصد أخذ المال جهرا قهرا، فلو أخذ سرا فسارق، وخطفا
فمنتهب يؤدب خاصة، ولا يقطع المعين ولا العين (5) [ولا الغير] (6).

1 - ولا يقطع. (ابن المؤلف)
2 - قبل قيام البينة، أو بعدها، أو بعد الإقرار. (ابن المؤلف)
3 - في (ت، ق، م): ترك.
4 - في (ت، ق، م): مرافقة.
5 - أي: ناطور. (ابن المؤلف)
6 - أثبتناه من (ت، ق، م).
306

ولا يشترط أخذ النصاب، بل ولا الآخذ.
ويثبت بالإقرار مرة، وبشهادة عدلين ذكرين، لا بشهادة النساء.
ويتخير الإمام في حده بين الصلب، أو القتل، أو القطع مخالفا، أو النفي.
وتوبته قبل القدرة عليه يسقط الحد دون حق الآدمي، وبعد الظفر لا أثر
لها مطلقا (1).
وإذا صلب، فلا يترك أزيد من ثلاثة أيام، ويجهز ويدفن.
وإذا نفي (2) كتب الحاكم إلى كل بلد يدخله: بالمنع من معاملته
ومجالسته ومؤاكلته ومشاربته.
ويمنع من بلاد الشرك، فإن مكنوه، قوتلوا حتى يخرجوه.
واللص محارب، ولو لم يندفع إلا بالقتل، كان هدرا.
ولا يقطع المختلس (3)، والمستلب (4)، والمحتال بالتزوير، والكذب، بل
يؤدب ويرد المال، وكذا المبنج.
ويجب الدفع عن النفس والحريم، ولا يجوز الاستسلام، ويجوز عن المال
ولا يجب، وتقتصر على الأيسر فالأيسر (5).
ولو قتل المدفوع، فهدر، والدافع مضمون.
ولو تطلع إنسان على قوم، فلهم زجره، فلو امتنع فجنوا عليه، فهدر.

1 - في الحد والغرم. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): أنفي.
3 - أثبتناها من (ع).
4 - هما اللذان يختطفان المال ويهربان، وقيل: المختلس الآخذ خفية والمستلب الآخذ جهرة،
وكلاهما ليس بذي شوكة. (ابن المؤلف)
5 - أثبتناها من (ع).
307

ولو تطلع المحرم، زجر خاصة.
ولو كانت المرأة مكشوفة العورة، جاز رميه بما يردعه إن لم يردع
الزجر.
ويجوز دفع الصائلة ولا ضمان.
ولو أدب زوجته أو ولده فجنى، ضمن في ماله.
[الفصل] الحادي عشر: حد المرتد.
وهو: من كفر بعد الإسلام.
ويحصل بالفعل كالسجود للصنم، وبالقول، وهو: كل لفظ دل صريحا
على جحد (1) ما علم ثبوته ضرورة من دين الإسلام، أو اعتقد ما يحرم اعتقاده
ضرورة كذلك، سواء كان القول عنادا أو اعتقادا أو استهزاء، بشرط كماله
واختياره وقصده، فالصبي يؤدب.
وتثبت الردة بشهادة عدلين ذكرين، أو الإقرار مرة من أهله.
فيقتل إن كان عن فطرة، ولا يقبل توبته مطلقا، وقيل: تقبل مطلقا،
وقيل: باطنا لا ظاهرا.
وتبين زوجته وتعتد للوفاة وتورث أمواله.
ويستتاب إن كان عن ملة، فإن تاب وإلا قتل، وينظر قدرا يمكن معه
الرجوع، وقيل: ثلاثة أيام.
ولا يزول ملكه عن ماله إلا بموته، ولا تخرج زوجته من نكاحه إلا ببقائه
مرتدا حتى تخرج العدة، وهي كعدة الطلاق.
ويرثه وارثه (2) المسلم، فإن لم يكن فالإمام.

1 - في (ت، ق، م): جحده.
2 - في (ت، ق، م): وارث.
308

والمرأة لا تقتل - وإن كانت عن فطرة - بل تحبس وتضرب أوقات
الصلوات، ويضيق عليها في المطعم والمشرب والملبس إلى أن تتوب أو تموت.
ولو تكرر الإرتداد، قتل في الرابعة.
وتوبته الإقرار بما أنكره.
وولده قبل الإرتداد مسلم وبعده بحكمه، إلا أن يكون أبوه الآخر
مسلما.
ويحجر عليه في التصرف.
* * *
309

كتاب القصاص
وفيه فصلان:
[الفصل] الأول: في قصاص النفس.
وموجبه إزهاق النفس المعصومة المكافئة عمدا عدوانا، فلا قصاص بقتل
غير المكافئ ولا المرتد.
ويحصل العمد بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالبا - مباشرة أو
تسبيبا (1) - ولو بشهادة الزور.
ولا أثر للإكراه في القتل، فيجب القصاص على المباشر دون المكره، لكن
يحبس الآمر حتى يموت.
ويتحقق الإكراه فيما دون النفس.
ولو اشترك جماعة في قتل واحد، قتلوا به، بعد رد ما فضل من دية كل
واحد عليه، وله قتل البعض ويرد الباقون قدر جنايتهم، فإن فضل، رد الولي.
ويقتل المرأتان بالرجل الحر ولا رد، والخنثيان يقتلان ويرد عليهما نصف
دية الرجل بينهما نصفين.

1 - مبالغة التسبيب. (ابن المؤلف)
311

وشرط القصاص:
[1] - التساوي في الحرية أو الرقية، فيقتل الحر بالحر والحرة مع رد
نصف ديته، والحرة بالحرة والحر ولا رد، والعبد بالعبد والأمة،
والأمة بالعبد والأمة، وكل منهما بالحر والحرة.
ولا يقتل الحر بالعبد إلا أن يعتاد، فيقتل حسما للجرأة (1) لا قودا.
[2] - والتساوي في الدين، فلا يقتل مسلم بكافر، نعم يعزر وتدفع دية
الذمي لا الحربي.
ويقتل الذمي بالذمي وبالذمية مع رد الفضل، والذمية بالذمية وبالذمي
ولا رد.
[3] - وانتفاء الأبوة، فلا يقتل الأب - وإن علا - بولده ويعزر ويكفر
ويدفع الدية إلى الوارث غيره، أما باقي الأقارب، فيقتل كل منهم بالآخر،
حتى الأم بالولد.
[4] - وكمال العقل، فلا يقتل عاقل بمجنون وإن كان القتل عمدا،
وتجب الدية في ماله، ولا مجنون بعاقل، ولا مجنون ولا صبي بصبي ولا بالغ، وتجب
الدية على العاقلة، ويقتل البالغ بالصبي، على الأقوى.
[5] - وكون المقتول محقون الدم، فلو قتل من أباح الشرع دمه،
فلا قود، وإن لم يكن له ذلك (2).
ويثبت القتل:
[1] - بالإقرار مرة من أهله، ويقبل إقرار المفلس والسفيه في العمد.

1 - فلا يرد التفاوت بين قيمة العبد - حينئذ - ودية الحر لو كان. (ابن المؤلف)
2 - أي: ولاية القتل، إذ هي للإمام أو نائبه. (ابن المؤلف)
312

[2] - وبالبينة، وهي: عدلان ذكران.
ويشترط خلو الشهادة عن الاحتمال المقتضي للشبهة، كقولهما: جرحه
فمات من جرحه، وتوافقهما على الفعل الواحد وهيئته، فلو اختلفا زمانا أو
مكانا أو آلة، بطلت.
[3] - وبالقسامة، وشرطها اللوث، وهو: أمارة تغلب معها الظن على
صدق المدعي، كوجود ذي سلاح ملتطخ بالدم عنده.
[4] - وبشهادة العدل الواحد، فيحلف المدعي وقومه خمسين يمينا في
النفس، عمدا كان القتل أو خطأ، وتكرر الإيمان لو نقصوا، وفي الأعضاء
بالنسبة من خمسين.
وصورة اليمين كما تقدم.
ولو فقدت القسامة أو امتنعوا من اليمين، حلف المنكر مع قومه كذلك،
فإن امتنع، ألزم الدعوى، فيقتص في العمد ويؤخذ الدية في الخطأ.
ومع عدم اللوث، يحلف المنكر يمينا واحدة، فإن نكل، حلف المدعي يمينا
واحدة وثبت القتل.
وإنما يحتاج إلى القسامة إذا كان المقسمون وراثا (1) لأنه، لا تقبل
شهادتهم لأنفسهم، أو كانوا غير عدول، إذ لو كان فيهم اثنان مقبولي الشهادة
سمعت ولم يحتج إلى القسامة.
كذا قرره الشهيد، وهو مناسب لضابط الشهادة.
ويثبت بالقسامة القتل في العمد، والدية على القاتل في شبهة وعلى
العاقلة في الخطأ.

1 - في (ت، م): كانوا المقسومون وارثا.
313

والمستوفي ولي المقتول.
الفصل الثاني: في قصاص الطرف.
وموجبه إتلاف العضو بالمتلف غالبا أو بغيره، مع قصد الإتلاف.
وشرطه شروط القصاص والتساوي في السلامة، فلا تقطع اليد الصحيحة
بالشلاء، وتقطع الشلاء بالصحيحة إلا مع علم عدم انحسامها، فتجب الدية.
والتساوي، فتقطع اليمنى (1) بمثلها وكذا اليسرى، وكل إصبع بمساويها،
فلا تقطع إبهام بسبابة، ولا السبابة بالوسطى.
ولو قطع يمين رجل ولا يمين له، قطعت يسراه، فإن فقدت، فالدية،
وقيل: الرجل (2).
ولا تقطع أصلية بزائدة، سواء تغاير المحل أو لا، ولا الزائدة بالأصلية مع
تغاير المحل، وتقطع بمثلها وبالأصلية إذا تساويا في المحل، ولا تقطع الزائدة بمثلها
مع تغاير المحل، وكذا القول في الأصابع.
ولو أزال شعر الرأس فلم ينبت، ثبت (3) القصاص، وكذا في الأجفان
والأهداب.
ويقتص في العين مع مساواة المحل، ويقتص من الأعور - وإن عمي -
من غير رد.
ولو أذهب الضوء (4) خاصة، اقتص بطرح قطن مبلول، وتحمى المرآة
وتقابل بالشمس، ويكلف النظر إليها حتى يذهب الضوء.

1 - في (ت، ق، م): اليمين.
2 - في (ت، ق، م): فالرجل.
3 - في (ت، ق، م): يثبت.
4 - في (ت، ق، م): البصر.
314

ولا فرق بين الصحيحة والعمشاء والخسفاء (1)، وهي التي لا ترى من
بعد.
ويقتص في الأذن مع التساوي في المحل، ولا فرق بين الصحيحة و
المثقوبة، والصماء والسامعة.
ولو قطع البعض اقتص بالنسبة.
ويقتص في الأنف، ولا فرق بين الشام والفاقد، والكبير والصغير،
والأفطس والأقنى.
ويقتص في المارن، فإن قطع القصبة معه، أقتص في المارن وفي الباقي
حكومة.
ويقتص في أحد المنخرين مع تساوي المحل، ولو قطع البعض اقتص من
الجاني بحساب المقطوع.
ويقتص في الشفتين، وكذا في أحدهما مع تساوي المحل.
ويقتص في اللسان وبعضه مع التساوي في النطق، فلا يقطع الناطق
بالأخرس.
ويقتص للمرأة من مثلها في الثدي وحلمته مع التساوي، وللرجل من
مثله كذلك.
ويقتص في السن مع التساوي، فلا يقلع ضرس بسن، ولا ثنية برباعية،
ولا عليا بسفلى، ولا بالعكس (2)، ولا زائدة بأصلية مع تغاير المحل، ولا أصلية
بزائدة، ولا زائدة بزائدة (3) مع تغاير المحل.

1 - في (ع، ق): الخشفاء.
2 - راجع إلى الجميع. (ابن المؤلف)
3 - أثبتنا (ولا زائدة بزائدة) من (ع).
315

ويقتص في الذكر، ولا فرق بين ذكر الشاب والشيخ والصغير والبالغ
والمجنون والأغلف والفحل والمسلول، ويقطع العنين بالصحيح، بخلاف العكس.
وكذا يثبت القصاص في الشفرين، وهما: اللحم المحيط بالفرج، كما
تحيط الشفتان بالفم، ولا فرق بين البكر والثيب والرتقاء والصحيحة والصغيرة
والكبيرة والمفضاة والسليمة.
وكذا يقتص في الخصيتين وفي إحداهما (1) مع التساوي، إن لم يخف
ذهاب منفعة الأخرى.
ومع عدم (2) إمكان القصاص يرجع إلى الدية، كما سيأتي إن شاء الله
تعالى.
ويثبت القصاص في الرجلين - مع المساواة - كاليدين (3).
ويثبت القصاص في الحارصة والباصغة والسمحاق والموضحة، دون
ما عداها.
ويراعى التساوي في الشجة طولا وعرضا، لا عمقا، بل يكفي صدق
الاسم.
ويجوز القصاص قبل الإندمال، على الأقوى.
ولا قصاص إلا بالحديد.
ويصح العفو من ولي المقتول، ولو عفى عن البعض، صح ولا يسقط حق
الباقين من القصاص، لكن يردوا بقدر حصة العافي على الجاني.

1 - في (ع، ق): أحدهما.
2 - أثبتناها من (ع).
3 - أثبتناها من (ع).
316

وصورته: عفوت عن حقي من الجناية، أو: عفوت عنك، أو: عن
فلان، وما أدى ذلك.
وكذا يصح العفو على مال، فيقول: عفوت عن فلان على مائة درهم،
مثلا، فيصح مع بذل الجاني.
وهل يلزمه البذل؟ قولان، أقربهما ذلك، لحفظ النفس.
ولو عفى على الدية، وجب دية المقتول لا القاتل (1).

1 - تظهر الفائدة فيما لو كان المقتول امرأة أو ذ ميا والقاتل رجلا مسلما، وجب دية المرأة
والذمي. (ابن المؤلف)
317

كتاب الديات
وفيه فصول:
[الفصل] الأول: في الموجب.
وهو: القتل خطأ أو شبهة.
فالأول: أن يخطئ في فعله وقصده، كمن رمى إنسانا فأصاب غيره، أو
رمى حيوانا فأصاب إنسانا.
والثاني: أن يخطئ في قصده خاصة، كأن يضرب للتأديب فيموت.
والضابط: أن العمد بتعمد الفعل والقصد، والخطأ المحض لا يتعمد (1)
الفعل ولا القصد، وشبيه العمد: أن يتعمد الفعل ويخطئ في القصد.
ويضمن الطبيب في ماله (2) وإن اجتهد، وكذا النائم، وقيل: هنا على
العاقلة (3).
ولو انقلبت المرضعة فقتلت الطفل، فالدية على العاقلة (4)، وقيل: عليها
إن قصدت الفخر.

1 - في (ت، م): لا يتعمد.
2 - أثبتنا (في ماله) من (ع).
3 - منقول أيضا. (ابن المؤلف)
4 - مطلقا. (ابن المؤلف)
319

ولو أعنف أحد الزوجين بصاحبه ضما فمات، لزمه الدية في ماله.
ولو اجتمع السبب والمباشر، فالدية على المباشر، إلا أن يكون السبب
أقوى، كالدافع مع الحافر والممسك مع الذابح.
[الفصل] الثاني: في دية النفس.
ودية المسلم الحر في العمد مع التراضي على الدية: مائة مسنة من الإبل،
وهي من الثنية إلى بازل عامها (1)، أو مائتا بقرة ويكفي ما يسمى بقرة، أو
مائتا حلة، كل حلة ثوبان من برود اليمن (2)، هي أربعمائة ثوب أو ألف دينار
شرعية أو عشرة آلاف درهم كذلك، أو ألف شاة، ويكفي ما يسمى شاة.
وتؤخذ من مال الجاني في سنة واحدة، وله التأخير إلى آخر السنة،
وابتداؤها من حين التراضي لا من حين القتل، ولو تراضيا على أكثر من ذلك
أو أقل، جاز.
ودية شبيه (3) العمد: أحد الستة المذكورة، وكذا دية الخطأ المحض، إلا
أنهما يخففان بأمرين:
ألف - السن في الإبل:
فدية شبيه العمد: مائة، ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون بنت
لبون، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل.
ودية الخطأ المحض: عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر،
وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة.
ب - الزمان:

1 - من ابتداء السنة الخامسة إلى تمامها. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): اليمني.
3 - في (ت، ق، م): شبه.
320

فدية شبيه العمد تستوفى في سنتين، والمحض في ثلاث سنين.
ولا فرق بين كون الدية تامة كدية الرجل، أو ناقصة كدية المرأة، أو دية
عضو.
ولو قتل في الحرم أو في شهر حرام، لزمه دية وثلث تغليظا، والزائد
للمجني عليه.
ولا تغليظ في الطرف ولا في غير ما ذكرنا من الأمكنة الشريفة،
كالمشاهد.
ولا يجب بقتل ولد الزنا القصاص إلا على مساويه، نعم يجب الدية وإن
كان عمدا، فإن كان بعد بلوغه وإقراره بالإسلام فدية المسلم، وإلا فدية
الذمي.
ودية المرأة المسلمة الحرة نصف دية الحر المسلم، صغيرة كانت أو
كبيرة، مجنونة أو عاقلة، سليمة الأعضاء أو لا، من جميع أجناس الدية في
الأحوال الثلاثة.
وكذا جراحاتها وأطرافها على (1) النصف ما لم يقصر عن ثلث الدية،
فإن قصرت الجراحة أو الطرف عن الثلث، ساوت الرجل قصاصا ودية.
ودية الذمي الحر ثمانمائة درهم، والمرأة الحرة الذمية أربعمائة درهم.
ولا دية لغيره من أصناف الكفار.
ودية العبد قيمته ما لم يتجاوز دية الحر، فترد إليها.
ودية الأمة قيمتها ما لم يتجاوز دية الحرة، فترد إليها.

1 - في (ت، ق، م): عن.
321

ودية الخنثى المسلم الحر ثلاثة أرباع دية المسلم الحر، والذمي ثلاثة
أرباع دية الذمي.
ولو كان الخنثى عبدا، قوم على تقدير الذكورة وأخذ ثلاثة أرباع
قيمته.
وكل ما فيه مقدر من الحر فهو في العبد بالنسبة من قيمته، وما لا تقدير
فيه ففيه الأرش.
ولو جنى على العبد بما فيه قيمته، لم يكن لمولاه المطالبة بالقيمة حتى
يدفعه إلى الجاني، وليس له الإمساك والمطالبة بالقيمة ولا ببعضها إلا أن يكون
الجاني غاصبا، على الأقوى.
[الفصل] الثالث: دية الأطراف.
وضابطه: أن كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية، وكلما فيه اثنان
ففيهما الدية، إلا الحاجبين، وما فيه أربع ففيها (1)
الدية، وما فيه عشرة ففيها الدية، وما لا تقدير فيه فالأرش.
ولنورد ذلك مفصلا (2):
ففي شعر الرأس: الدية، من الرجل والمرأة إن لم ينبت، وإن نبت
فالأرش في الرجل، ومهر نساء المرأة فيها.
وفي شعر اللحية: من الرجل الدية إن لم ينبت، وإن نبت فالأرش، ومن
المرأة الأرش مطلقا (3)، وفي البعض بالنسبة.

1 - في (ت، م): فيفه.
2 - أثبتناها من (ع، ق).
3 - نبت أو لا. (ابن المؤلف)
322

وفي الحاجبين: خمسمائة دينار، وفي كل واحد النصف، وفي البعض
بحسابه.
وفي الأهداب (1): الدية، وفي كل واحد الربع، ولو قطعت مع الأجفان
فديتان، ولا تقدير في شئ من شعر البدن غير ما ذكرنا (2) كشعر الساق، بل
يجب الأرش إن قلع منفردا، وإن قلع منضما إلى الجلد أو العضو فدية العضو
خاصة.
ولو قلع شعر العانة من الأمة أو الحرة أو اللحية من الأمة، فزادت القيمة
بذلك، وجب التعزير حسب.
وفي العينين: الدية، وفي كل واحدة النصف، صحيحة كانت أو
عمشاء (3) أو حولاء أو جاحظة (4) أو خفشاء (5) أو جهراء (6).
وفي عين الأعور خلقة الصحيحة: الدية تامة إن كان العور خلقة أو
تجدد بآفة من الله، ولو كان بجناية (7) جان فالنصف.
وفي خسف العوراء: ثلث دية الصحيحة.
وفي الأجفان: الدية، وفي كل واحد الربع، ولا يتداخل مع العين، وفي
بعض الجفن بحسابه، ولو كان مستخشفا (8) فالحكومة.
وفي الأنف: الدية وكذا في مارنه، ولو قطع المارن ثم قطع القصبة (9)

1 - هو شعر الأجفان. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، ق، م): ما ذكر.
3 - ضعيفة البصر. (ابن المؤلف)
4 - السائلة الدمعة. (ابن المؤلف)
5 - الذي يرى في الليل دون النهار. (ابن المؤلف)
6 - الذي لا يرى في الشمس. (ابن المؤلف)
7 - في (ت، ق، م): لجناية.
8 - في (ت، ق، م): مستخسفا.
9 - في (ت، م): العصبة.
323

فدية وحكومة، ولو كسر ففسد فدية، وإن جبر على غير عيب فمائة دينار
وعلى عيب فالحكومة، وفي شلله ثلثا ديته، وفي الروثة - وهي الحاجز بين
المنخرين - الثلث، وفي كل منهما الثلث.
وفي الأذنين: الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي بعضها بحساب ديتها،
وفي شحمتها ثلث ديتها، وفي خرمها ثلث دية الشحمة، ولو صيرها شلاء
بالجناية فثلثا الدية، فإن قطعها آخر (1) فالثلث.
وفي الشفتين: الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي البعض بالحساب،
ولو تقلصت (2) فالحكومة، ولو استرخت فثلثا الدية.
وفي لسان الصحيح: الدية إذا (3) استأصله، وكذا فيما يذهب به جميع
الحروف، وفي البعض بحساب الحروف، وقيل: يعتبر أكثر الأمرين، وهو
الأقوى (4).
وفي لسان الأخرس: ثلث الدية، وفي بعضه بالنسبة، وتثبت دعوى
ذهاب النطق بالقسامة.
وفي الأسنان: الدية، فالمقاديم اثنى عشر: ثنيتان ورباعيتان ونابان، ومثلها
من أسفل، وفيها ستمائة دينار، كل واحدة خمسون، والمآخير ستة عشر في كل
جانب من الفم، ضاحكان وستة أضراس، وفيها أربعمائة دينار، [و] (5)

1 - بعد الشلل. (ابن المؤلف)
2 - في (ت، م): تفصلت.
3 - في (ت، ق، م): إن.
4 - فعلى هذا، لو قطع ربع اللسان فذهب نصف الحروف فنصف الدية، وكذا لو قطع نصف
اللسان فذهب ربع الحروف. (ابن المؤلف)
5 - أثبتناه من (ت، ق، م).
324

في كل واحد خمسة وعشرون، وفي الزائد عن ذلك ثلث دية الأصلي إن قلع
منفردا، وإلا فلا شيء.
ولو نقص العدد، نقص من الدية بحسابه، وتستوي البيضاء والسوداء
والصفراء خلقة، ولو اسودت بالجناية فثلثا ديتها، وكذا لو انصدعت
ولم تسقط.
وسن الصبي غير المثغر ينتظر سنة، فإن نبت فالأرش، وهو: تفاوت ما
بين كونه مقلوع السن وسليما هذه المدة، فيؤخذ من الدية بنسبة التفاوت،
وإن لم ينبت فالدية.
وفي اللحيين: الدية، وفي كل واحد النصف، ومع الأسنان يجب ديتها
أيضا، وفي نقص المضغ بالجناية أو تصلبها حكومة.
وفي اليدين من مفصل الزند: الدية، وفي كل واحد النصف.
وكذا في الرجلين.
وفي أصابع اليدين: الدية، وفي كل واحدة العشر.
وكذا أصابع الرجلين.
وفي العضدين: الدية، وكذا الذراعين، وكذا الساقين والفخذين.
ولو استوعب القطع ابتداء: فدية واحدة، وفي الزائدة ثلث دية الأصلية،
وفي الشلاء الثلث.
وفي الظفر إذا لم ينبت أو نبت أسود: عشرة دنانير، وأبيض خمسة،
وعلى غير هذين الوصفين (1) الأرش.

1 - في (ت، ق، م): الموضعين.
325

وفي الظهر لو كسر أو احدودب أو لم يقدر على القعود: الدية، فإن
صلح فالثلث، ولو شلت الرجلان بكسره: فدية وثلثان، ولو ذهب مشيه
و (1) جماعه بكسره، فثلاث ديات.
وفي اصورار العنق - أي ميله -: الدية، وكذا لو امتنع من الازدراد، وفي
نقصه الأرش، ولو صلح فالأرش.
وفي قطع النخاع: الدية.
وفي ثديي (2) المرأة: ديتها، وفي أحدهما النصف، وفي قطع لبنها
حكومة، وكذا في تعذر نزوله.
وفي حلمتي ثدييها: الدية، وفي أحدهما النصف، وكذا حلمتي ثدي
الرجل، على الأقوى.
وفي كسر البعصوص أو العجان حتى لا يملك غائطه وبوله: الدية.
وفي كسر الترقوة إذا جبرت على غير عيب: أربعون دينارا ولو جبرت
على عيب فالأرش.
ولو (3) داس بطن إنسان حتى غاط: فالحكومة، فإن لم يحصل نقص عزر
خاصة.
وفي الذكر: الدية، وكذا في الحشفة، ولا فرق بين ذكر الشاب والشيخ
والصبي والخصي، وفي قطع بعض الحشفة: بالنسبة منها، وفي ذكر العنين: ثلث
الدية.

1 - في (ت، ق، م): (منه) مكان (مشيه و).
2 - في (ت، ق، م): ثدي.
3 - في (ت، م): في.
326

وفي الخصيتين (1): الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي الشفرين الدية،
وفي كل واحد النصف، سواء السليمة والرتقاء، وفي الركب (2): حكومة (3).
وفي الإفضاء: الدية، إلا من الزوج بعد بلوغها، وهو: أن يجعل مسلك
البول والحيض أو (4) الغائط واحدا، والمسمى وينفق حتى يموت أحدهما أو
تتزوج، فإن طلقت عادت وتحرم مؤبدا.
ولو أعنف بالبالغ حتى أفضاها، ضمن الدية على الأقوى، ولا يزول
التحريم (5) لو صلحت، ولو لم تملك بولها مع الإفضاء فديتان.
وفي الإليتين (6): الدية، وفي كل واحدة النصف.
وفي المرفق إذا كسر فجبر على غير عيب: أربعون دينارا، وعلى عيب
الأرش.
وفي كسر عظم من عضو: خمس دية العضو، فإن صلح على صحة
فأربعة أخماس دية الكسر، وفي رضه: ثلثا ديته، فإن صلح على صحة فأربعة
أخماس دية الرض، وفي فكه بحيث يبطل: ثلثا ديته، فإن صلح على صحة
فأربعة أخماس دية الفك.

1 - في (ع): الخصيين.
2 - الركب بفتح الراء والكاف، منبت العانة للرجل والمرأة، قاله الفري وقال الخليل هو للمرأة
خاصة. (ابن المؤلف)
3 - أثبتنا (وفي الركب حكومة) من (ع).
4 - في (ت، م): و.
5 - عائد إلى الصغيرة حسب. (ابن المؤلف)
6 - في (ع): الإليتين.
327

وفي كسر كل ضلع يخالط القلب: خمسة وعشرون دينارا، ومما يلي
العضدين لكل ضلع عشرة دنانير.
والمراد بالمخالط: الجانب الذي إلى جهة القلب، وبعدم المخالطة (1)
الجانب الذي إلى جهة الظهر، فالضلع الواحد إن كسر من الجهة الأولى (2)
ففيه أعلى الديتين (3)، وإن كسر من الجهة الثانية ففيه أدناهما (4)، كذا ذكره
الشهيد في غاية المراد، والمقداد في الرائع (6. 5).
[الفصل] الرابع: في دية المنافع.
في العقل: الدية، وفي بعضه بحسابه، وفي اختلاله حكومة بحسب ما يراه
الحاكم، ولو رجع بعد ذهابه استعيدت الدية إن حكم أهل المعرفة بعدم ذهابه
بالكلية، وإلا فلا، ولو شجه فذهب عقله لم يتداخلا.
وفي السمع: الدية، ولو ترجى عوده، انتظر، فإن عاد فالأرش وإلا
فالدية، وفي سمع أحد الأذنين النصف، ولو قطعت الأذن فذهب لم يتداخلا.
وفي الإبصار: الدية، وفي بعضه بالنسبة.
وفي الشم: الدية، وفي بعضه حكومة بحسب ما يراه الحاكم، ولو قطع
الأنف فذهب لم يتداخلا.
وفي الذوق: الدية، وفي نقصه (7) الحكومة.

1 - في (ت، م): المخالط
2 - جهة القلب. (ابن المؤلف)
3 - خمسة وعشرون. (ابن المؤلف)
4 - عشرة دنانير. (ابن المؤلف)
5 - في (ت، ق، م): الشرائع.
6 - التنقيح الرائع: ج 4 ص 507.
7 - في (ت، ق، م): بعضه.
328

وفي النطق: الدية، ولو ذهب بعضه وزع على حروف المعجم، كما
تقدم.
وفي الصوت: الدية.
وفي تعذر الإنزال: الدية.
وفي المضغ: الدية، كما لو جنى عليه فتصلب حنكه.
وفي قوة (1) الإرضاع: حكومة.
وفي زوال اللذة بالطعام والجماع: الدية.
وفي سلس البول: الدية إن دام، وإلا فالأرش.
[الفصل] الخامس: في الشجاج.
وهي: ثمان.
[1] - الحارصة، وهي: ما تقشر الجلد، وفيها بعير.
[2] - والدامية، وهي: الآخذة في اللحم يسيرا ويخرج معها الدم، وفيها
بعيران، وتسمى: الدامعة - بالعين المهملة - لخروج نقط الدم منها كدمع العين.
[3] - والمتلاحمة، وهي: الآخذة في اللحم كثيرا ولا تبلغ السمحاق،
وفيها ثلاثة أبعرة، وتسمى الباضعة.
[4] - والسمحاق - وهي: التي تصل إلى الجلدة الرقيقة المغشية للعظم،
وفيها أربعة أبعرة.
[5] - الموضحة، وهي: التي تقطع السمحاقة وتكشف العظم، وفيها
خمسة أبعرة.

1 - في (ت، م): قنوة.
329

[6] - والهاشمة، وهي: التي تهشم العظم، وفيها عشرة أبعرة، ولا فرق
بين كسر العظم بواسطة جرح أو غيره.
[7] - والمنقلة، وهي: التي تحوج (1) إلى نقل العظم، وفيها خمسة عشر
بعيرا.
[8] - والمأمومة، وهي: البالغة أم الرأس - وهي خريطة الدماغ، وفيها
ثلاثة وثلاثون بعيرا وثلث [بعير] (2)، على الأقوى.
أما الدامغة - بالغين المعجمة (3) - وهي التي تفتق الخريطة، فالسلامة معها
نادرة، فإن فرضت: فدية المأمومة وزيادة حكومة.
وفي الجائفة: ثلث الدية، وهي: الواصلة إلى الجوف من أي الجهات
كان.
وفي النافذة في الأنف: ثلث الدية، فإن صلحت فخمسها.
وفي أحد المنخرين: سدس الدية، فإن صلحت فعشر الدية.
وفي احمرار الوجه: دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة، وفي اسوداده
ستة، وفي البدن: على النصف.
وفي النافذة في شئ من أطراف الرجل: مائة دينار، إن كانت دية
العضو تزيد على ذلك، وإلا فالحكومة.
[الفصل] السادس: في دية الجنين والحيوان.
في التام إذا ولجته الروح: دية كاملة للذكر، ونصف للأنثى، وثلاثة
أرباع للخنثى، ومع الاشتباه نصف الديتين، وفي أعضائه بالنسبة.

1 - في (ق): يخرج.
2 - أثبتناه من (ت، ق، م).
3 - في (ت، م): المعجم.
330

ولو كمل ولم تلجه الروح:
فإن كان لحر مسلم: فمائة دينار، ذكرا كان أو أنثى أو خنثى.
وإن كان لذمي: فعشر دية أبيه، ثمانون درهما.
وإن كان مملوكا: فعشر
قيمة أمه إن كانت أمة، وإن كانت حرة فعشر قيمة أبيه.
وفي العظم: ثمانون دينارا.
وفي المضغة: ستون.
وفي العلقة: أربعون.
وفي النطفة: عشرون، ويكفي مجرد إلقائها في الرحم.
ولو أفزعه فعزل: فعشرة دنانير.
وفي قطع رأس الميت المسلم الحر: مائة دينار، وفي جراحه وشجاجه:
بالنسبة، ويصرف في قضاء دينه إن كان، وإلا صرف في وجوه البر.
أما الجنين: فيرثه وارث المال.
ولو أتلف حيوانا مأكولا بالذكاة لزمه الأرش، وكذا بغيرها (1) إن كان
فيه ما ينتفع به بعد الموت، وإلا ضمنه بالقيمة، وإن كان غير مأكول وكان مما
يقع (2) عليه الذكاة فكذلك، وإن لم تقع عليه الذكاة ضمنه بالمقدر شرعا:
ففي كلب الصيد: أربعون درهما.
وفي كلب الغنم: كبش.
وفي كلب الحائط: عشرون.

1 - في (ت، م): لغيرها.
2 - في (ت، ق، م): تصح.
331

وفي كلب الزرع قفيز من حنطة.
ويضمن قيمة الخنزير عند مستحله (1) لو كان صاحبه ذميا مستترا،
وأرش أعضائه كذلك، ولا شئ في غير المستتر.
[الفصل] السابع: العاقلة.
وهم المتقربون بالأب، سواء كان وارثا في الحال أو لا.
ولا يعقل صبي ولا مجنون ولا مخالف في الدين (2) ولا فقير عند الحلول.
ويدخل الأب والولد.
ومع عدم القرابة، يعقل المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم الإمام.
ولا تعقل العاقلة عمدا، ولا جناية عبد (3) ولا بهيمة، ولا ما نقص عن
الموضحة، ولا إقرارا، ولا صلحا.
وجناية الذمي في ماله، فإن لم يكن فعلى الإمام.
وتقسط الدية بحسب ما يراه الحاكم.
خاتمة: فيها مسائل:
الأولى: تجب الكفارة على القاتل وقد تقدمت.
وإنما تجب مع المباشرة لا السبب كحفر البئر ونصب المعاثر (4) بقتل
المسلم أو من بحكمه، لا بقتل الكافر وإن حرم كالذمي.
ولا تجب على الصبي ولو قتل مسلما، وكذا المجنون.

1 - في (ت، ق، م): مستحليه.
2 - أثبتنا (ولا مخالف في الدين) من (ع).
3 - في (ت، م): عمدا.
4 - في (ت، م): المعاشر.
332

ولو قتل الذمي مسلما وجبت، وتسقط بالإسلام.
ولو قتل عمدا وجب كفارة الجمع كما تقدم، فإن قتل قبل التكفير
أخرجت من أصل ماله إن كان.
الثانية: ولو دعا غيره فأخرجه من منزله ليلا.
فإن كان عن مواعدة من المدعو أو إذنه، فلا ضمان وكذا إن كان
نهارا.
وإن كان ليلا بغير إذن ورجع إلى منزله، ثم خرج ثانيا لا بدعاء ثان،
فلا ضمان أيضا.
وإن لم يعد، فإن عرف خبره حيا فكذلك، وإن لم يعرف له خبر أصلا
ضمن الدية، إن لم يكن بينه وبين مخرجه عداوة، ومعها للولي القسامة، وقتله
في دعوى العمد، والدية في الخطأ.
وإن عرف خبره، فإما مقتولا أو ميتا.
ففي الأول، إن اعترف المخرج بقتله قتل، وإن ادعاه على غيره وأقام
بينته فلا ضمان، وإلا فالأقوى أنه يضمن الدية وقيل: القود.
وفي الثاني يلزمه الدية أيضا، على الأقوى، وقيل: لا، ولا فرق في هذا
الحكم بين الرجل والمرأة والكبير والصغير والحر والعبد.
ولا شئ إن يعلم سبب الدعاء أولا.
ولو دعا غيره فخرج هو، لم يضمن.
وهنا سؤال، وهو: أن الحر لا يضمن بالغصب ولا يدخل تحت اليد، فهل
هذا من باب الأسباب أو باب الجنايات؟
333

قلت: يحتمل الأول، وهو مذهب ابن إدريس (1) والمحقق (2) والفاضل (3)
حيث أوجبوا الدية دون القود.
والثاني مذهب المفيد (4)، حيث أوجب القود.
ويظهر الفائدة في مسائل:
ألف - لو كان الداعي عبدا، فعلى الأول يتعلق الضمان برقبته وللسيد
فداؤه، وعلى الثاني للولي قتله في موضع وجوب القود على الحر.
ب - لو كان المدعو عبدا والداعي حرا، فعلى الأول يضمن القيمة وإن
تجاوزت دية الحر، وعلى الثاني لا يتجاوز الدية.
ج - لو كانا عبدين، فعلى الأول يتعلق الضمان بذمته يتبع به بعد العتق
كإتلاف المال، ويحتمل تعلقه برقبته لأن المضمون آدمي، وهو أقوى، وعلى
الثاني يتعلق برقبته ويجب القود حيث يتوجه.
والمراد بالمنزل هنا موضع النزول، فلو أخرجه من منزله في برية، فالحكم
كما تقدم.
الثالثة: اعلم أن قتل (5) العمد يشتمل على حقوق ثلاثة:
[1] - حق الله تعالى: وهو المخالفة بارتكاب الذنب، ويسقط بالتوبة و
الاستغفار، وفعل الكفارة.

1 - السرائر، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 25 ص 340.
2 - المختصر النافع، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 25 ص 475.
3 - قواعد الأحكام، سلسلة الينابيع الفقهية: ج 25 ص 587.
4 - المقنعة: ص 746.
5 - في (ت، م): قطع.
334

[2] - وحق الوراث: ويسقط بتسليم نفسه إليهم ليقتصوا أو يعفوا أو
يأخذوا الدية.
[3] - وحق المقتول: وهو الإيلام الذي أدخله القاتل عليه، ولا تسقطه (1)
إلا القصاص في الآخرة أو عفو المقتول يوم القيامة.
ويجب على المكلف إعلام المستحق في القصاص والدية وحد القذف
وتعزيره.
أما حقوق الله تعالى: فالأولى لمعاطيها (2) سرها والتوبة، لقوله (ع): من
أتى شيئا من هذه العاذورات فليسرها بسر الله.
والسارق يجب عليه إيصال المال لا الإقرار بالسرقة (3)، كذا ذكره الشهيد
(رحمه الله) في قواعده.
وهذا آخر ما أردنا إيراده، وقصدنا تعداده (4) والمسؤول من غافر الزلات
العفو عن السيئات (5) ومن الناظر فيه ستر الهفوات (6)، والصلوات والتحيات
على أشرف المخلوقات محمد وآله أشرف البريات وصحبه ذي الأنفس
الطاهرات (7)، والحمد لله وحده.

1 - في (ت، م): لا يسقط.
2 - في (ت، م): لمتعاطها.
3 - من (خاتمة ص 332) إلى هنا مبتورة من (ع).
4 - في (ت، ق، م): مقداره.
5 - في (ت، ق، م): السياحة.
6 - في (ت، ق، م): (سائر إلى الثواب) مكان (ستر الهفوات).
7 - أثبتنا (والصلوات... الأنفس الطاهرات) من (ع).
335

فرغ من تعليقها مؤلفها أقل عباد الله علما وعملا وأعظمهم
ذنبا وجرما علي بن علي بن محمد بن طي - وفقه الله لمراضيه - قرب ثلث الليل،
ليلة الجمعة سابع شهر محرم الحرام من شهور سنة أربع وخمسين وثمانمائة،
أحسن الله عاقبتها (1).

1 - في (ت، ق، م): غايتها.
336