الكتاب: شرح اللمعة
المؤلف: الشهيد الثاني
الجزء: ١٠
الوفاة: ٩٦٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: منشورات جامعة النجف الدينية
ردمك:
ملاحظات: منشورات مكتبة الداوري - قم / مطبعة أمير - قم / الطبعة الأولى ١٤١٠ (نسخة أفست)

منشورات
جامعة النجف الدينية
- 18 -
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: محمد بن جمال الدين مكي العاملي
(الشهيد الأول)
قدس سره
734 - 786
الجزء العاشر
1

نام كتاب: اللمعة الدمشقية 1 - 10
مؤلف: شهيد أول
ناشر: انتشارات داورى - قم
چاپ: چاپخانه أمير
نوبت چاپ: چاپ أول
تيراژ 2000 دوره
تاريخ انتشار: 1410 ه‍ ق
2

الاهداء
إن كان الناس يتقربون إلى الأكابر بتقديم مجهوداتهم فليس
لنا أن نتقرب إلى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة
عصرنا (الإمام المنتظر) عجل الله تعالى فرجه.
فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية، وإليك يا صاحب
الأمر وناموس الحقيقة أقدم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء
كلمة الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الأنجبين
دينا قيما لا عوج فيه ولا أمتا.
ورجائي القبول والشفاعة في يوم لا ترجى إلا شفاعتكم
أهل البيت. عبدك الراجي
3

(عند الصباح يحمد القوم السري)
كان أملي وطيدا بالفوز فيما أقدمت عليه من مشروع في سبيل الهدف
الأقصى للدراسات الدينية (الفقه الاسلامي الشامل).
فأردت الخدمة بهذا الصدد لا زيل بعض مشاكل الدراسة والآن وقد
حقق الله عز وجل تلك الأمنية باخراج الجزء الأول من هذا الكتاب الضخم
إلى الأسواق.
فرأيت النجاح الباهر نصب عيني: انهالت الطلبة على اقتنائه بكل
ولع واشتياق.
فله الشكر على ما أنعم والحمد على ما وفق.
بيد أن الأوضاع الراهنة، وما اكتسبته الأيام من مشاكل إنجازات
العمل وفق المراد أحرجتني بعض الشئ. فإن الطبعة بتلك الصورة المنقحة
المزدانة بأشكال توضيحية، وفي أسلوب شيق كلفتني فوق ما كنت
أتصوره من حساب وأرقام مما جعلتني أئن تحت عبئه الثقيل، ولا
من مؤازر أو مساعد.
فرأيت نفسي بين أمرين: الترك حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا،
أو الاقدام المجهد مهما كلف الأمر من صعوبات.
فاخترت الطريق الثاني واحتملت صعوباته في سبيل الدين، والإشادة
بشريعة (سيد المرسلين)، وإحياء آثار (أئمة الهدى المعصومين) صلوات
الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
فاتبعت بعون الله عز وجل (الجزء التاسع) (بالجزء العاشر) بعزم
قوي، ونفس آمنة.
وكل اعتمادي على الله سبحانه وتعالى وتوسلي إلى صاحب الشريعة
الغراء وأهل بيته الأطهار عليهم صلوات الملك العلام.
ولا سيما ونحن في جوار سيدنا الكريم مولى الكونين (أمير المؤمنين)
عليه الصلاة والسلام.
فبك يا مولاي أستشفع إلى ربي ليسهل لنا العقبات ويؤمن علينا
التبعات إنه ولي ذلك والقادر عليه. السيد محمد كلانتر
4

تمت بعون الله عز وجل مقابلة الكتاب وتصحيحه. واستخراج أحاديثه
والتعليق عليه بقدر الوسع والامكان في اليوم التاسع من محرم الحرام سنة 1390
في بهو مكتبة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور
(الحجة البالغة) عجل الله تعالى له الفرج.
ولعمر الحق لا أرى ذلك إلا افاضة من بركات صاحب القبر المقدس
(العلوي) على من حل فيه آلاف التحية والثناء فشكرا لك يا إلهي
على نعمك وآلائك. ونسألك التوفيق للمشروعات الدينية النافعة.
جامعة النجف الدينية
19 / 1 / 1390
السيد محمد كلانتر
5

بشرى سارة
شرعنا بحمد الله تعالى في تحقيق (المكاسب) والتعليق على مطالبها
الغامضة ولدينا كمية وافرة ستقدم ان شاء الله تعالى للطبع كما وشرعنا في تحقيق
كتاب (شرح التجريد) أيضا وتقديمه للطبع في وقت قريب ان شاء الله
نسأل الله عز وجل الختام والموفقية الكاملة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
6

كتاب القصاص
7

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أفتتح الثناء بحمدك، وأنت مسدد
للصواب بمنك.
هذا هو الجزء الأخير من (شرح اللمعة الدمشقية) حسب تجزئتنا
وبه نستوفي دورة كاملة من (فقه الإمامية) الشامل لجميع أحكام العبادات
والمعاملات في الدين، والكافل لتعيين المنهج الأفضل في الحياة.
ونحمد الله عز وجل على توفيقنا لاخراج هذه الموسوعة العظيمة
بهذه الصورة الجميلة وتزيينها بتلك التعاليق المنيفة التي أغنت مراجعي الكتاب
عناء التكلف والتأويل وزيادة التفكير والتنقيب حيث المطالب بدت سهلة
في متناول الجميع أساتذة وطلابا.
وقد بذلنا جهدنا في هذا التخريج والتمحيص أقصاه وبلغنا غايته فيما
سهل الله تعالى علينا من وسائل الشرح والايضاح، ووفر لنا أسباب التوفيق
خلال (أربعة أعوام).
فشكرا له وحمدا متواصلا متواضعا متخاشعا مع الأبد.
وحيث كانت البدءة بهذا المشروع أولى خطوة جبارة بهذا الشأن
من دون سابقة لها مع كثرة أشغالي على تنوعها لا سيما إدارة هذا المشروع
الحيوي الديني (جامعة النجف الدينية).
ومن ثم وقعت فيه أخطاء استدركناها حسب المستطاع وبقي منها
جملة لا يمكن تلافيها إلا في طبعة ثانية منقحة عزمنا عليها فيما سلف وسنحققها
إنشاء الله تعالى في مستقبل قريب خدمة للعلم والدين.
فلذلك نبدي شكرنا وتقديرنا لأولئك الذين أرشدونا إلى أخطائنا فشكر
الله سعيهم وأجزل مثوبتهم وجزاهم عن الاسلام خيرا.
كما وإننا نترقب من العلماء العظام أن يتحفونا باقتراحاتهم القيمة وآرائهم
9

الثمينة حول تعاليق الكتاب وكل ما يحوم حومه كي نتداركها في طبعة ثانية
إنشاء الله تعالى.
ثم إنه وردتنا تقاريظ نفيسة من شخصيات علمية نعتز بتقديرهم هذا
الجميل ومع الأسف جدا ضاق بنا المجال عن نشرها في هذه الأجزاء العشرة
وسوف ننشرها في مجال آخر انشاء الله.
وبذلك نقدم اعتذارنا إلى مقامهم الكريم (والعذر عند كرام الناس مقبول).
(من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق)
وختاما أقدم شكري الجزيل وثنائي الجميل إلى الرجل الشهم محب
الخير والفضيلة الأخ العزيز الأخ في الدين (موسى البغدادي) صاحب
(مطبعة الآداب) فيما أبداه من خدمات جليلة قيمة في تمشية هذا المشروع
العظيم. وبذل جهود كثيرة في اخراج هذا الكتاب بصورته الأنيقة
في صبر وطمأنينة وأناة.
فشكرا له وتقديرا وفقه الله تعالى لمراضيه. وجعل مستقبل أمره
خيرا من ماضيه.
ثم إنه لا يسوغ لأحد أن يقدم على إعادة طبع هذا الكتاب من غير
مراجعتنا الأكيدة وأخذ موافقتنا الرسمية.
وليس ذلك ضنا بالعلم إنما هو استهداف للكمال ورفع ما يحتمل
من نقائص لم يسلم منها أي مشروع بدائي من غير سابقة نظير.
10

كتاب القصاص
القصاص بالكسر. وهو اسم لاستيفاء (1) مثل الجناية من قتل
أو قطع، أو ضرب، أو جرح. وأصله اقتفاء الأثر. يقال: قص أثره
إذا تبعه فكأن المقتص (2) يتبع أثر الجاني فيفعل مثل فعله.
(وفيه فصول: الأول)
(في قصاص النفس. وموجبه: ازهاق النفس) أي اخراجها، قال
الجوهري: زهقت نفسه زهوقا أي خرجت، وهو هنا مجاز في اخراجها
عن التعلق بالبدن إذ ليست داخلة فيه حقيقة كما حقق في محله (3) (المعصومة)
11

.....
12

التي لا يجوز إتلافها، مأخوذ من العصم وهو المنع (المكافئة) لنفس المزهق
لها في الاسلام، والحرية، وغيرهما من الاعتبارات الآتية (1) (عمدا)
قيد في الازهاق أي ازهاقها في حالة العمد، وسيأتي تفسيره (عدوانا)
احترز به عن نحو المقتول قصاصا فإنه يصدق عليه التعريف، لكن لا عدوان
13

فيه فخرج به (1).
ويمكن اخراجه (2) بقيد المعصومة، فإن غير المعصوم أعم من كونه
بالأصل كالحربي، والعارض كالقاتل على وجه يوجب القصاص، ولكنه
أراد بالمعصومة: ما لا يباح ازهاقها للكل (3).
وبالقيد الأخير (4) اخراج ما يباح قتله بالنسبة إلى شخص دون
شخص آخر. فإن القاتل معصوم بالنسبة إلى غير ولي القصاص.
ويمكن أن يريد بالعدوان: اخراج فعل الصبي والمجنون. فإن قتلهما
للنفس المعصومة المكافئة لا يوجب عليهما القصاص، لأنه لا يعد عدوانا،
لعدم التكليف وإن استحقا التأديب. حسما للجرأة. فإن العدوان هنا بمعنى
الظلم المحرم وهو منفي عنهما.
ومن لاحظ في العدوان المعنى السابق (5) احتاج في اخراجهما (6)
إلى قيد آخر فقال: هو إزهاق البالغ العاقل النفس المعصومة انتهى.
14

ويمكن اخراجهما (1) بقيد العمد، لما سيأتي من تفسيره (2) بأنه قصد
البالغ إلى آخره. وهو أوفق بالعبارة (3) (فلا قود بقتل المرتد) ونحوه
من الكفار الذين لا عصمة لنفوسهم. والقود بفتح الواو: القصاص
سمي قودا، لأنهم يقودون الجاني بحبل وغيره، قاله الأزهري.
(ولا يقتل غير المكافئ) كالعبد بالنسبة إلى الحر. (4)
وازهاق (5) نفس الدابة المحترمة بغير إذن المالك. وإن كان محرما،
إلا أنه يمكن اخراجه (6) بالمعصومة حيث يراد بها: ما لا يجوز إتلافه
مطلقا (7) ولو أريد بها (8): ما لا يجوز اتلافه لشخص دون آخر كما
15

تقدم (1) خرجت (2) بالمكافئة.
وخرج بقيد (العمد) القتل خطأ وشبهه (3) فإنه لا قصاص فيهما.
(والعمد يحصل بقصد البالغ إلى القتل بما (4) يقتل غالبا) وينبغي
قيد (العاقل) أيضا، لأن عمد المجنون خطأ، كالصبي، بل هو أولى بعدم
القصد من الصبي المميز. وبعض الأصحاب جعل العمد هو القصد إلى القتل
الخ من غير اعتبار القيدين (5) نظرا إلى إمكان قصدهما الفعل، فاحتاج
إلى تقييد ما يوجب القصاص بإزهاق البالغ العاقل (6) كما مر. (7)
(قيل: أو) يقتل (نادرا) (8) إذا اتفق به القتل نظرا إلى أن
16

العمد يتحقق بقصد القتل من غير نظر إلى الآلة فيدخل في عموم أدلة
العمد (1) وهذا أقوى.
(وإذا لم يقصد القتل بالنادر) أي بما يقع به القتل نادرا (فلا قود
وإن اتفق الموت كالضرب بالعود الخفيف، أو العصا) الخفيفة في غير
مقتل (2) بغير قصد القتل، لانتفاء القصد إلى القتل، وانتفاء القتل بذلك
عادة، فيكون القتل شبيه الخطأ.
وللشيخ قول بأنه هنا عمد استنادا إلى روايات ضعيفة أو مرسلة (3)
لا تعتمد في الدماء المعصومة.
17

(أما لو كرر ضربه بما لا يحتمل (1) مثله بالنسبة إلى بدنه)، لصغره،
أو مرضه، (وزمانه) لشدة الحر أو البرد (فهو عمد)، لأنه حينئذ
يكون الضرب بحسب العوارض مما يقتل غالبا.
(وكذا (2) لو ضربه دون ذلك) من غير أن يقصد قتله (فأعقبه مرضا
فمات)، لأن الضرب مع المرض مما يحصل معه التلف، والمرض مسبب
عنه (3)، وإن كان (4) لا يوجبه منفردا.
18

ويشكل (1) بتخلف الأمرين معا، وهما: القصد إلى القتل وكون
الفعل مما يقتل غالبا، والسببية (2) غير كافية في العمدية، كما إذا اتفق
الموت بالضرب بالعود الخفيف، ولو اعتبر هنا (3) القصد لم يشترط أن
يتعقبه المرض
(أو رماه بسهم، أو بحجر غامز) أي كابس (4) على البدن لثقله
(أو خنقه بحبل ولم يرخ (5) عنه حتى مات، أو بقي المخنوق ضمنا)
بفتح الضاد وكسر الميم أي مزمنا (6) (ومات) بذلك (أو طرحه في النار
فمات) منها (إلا أن يعلم قدرته على الخروج) لقلتها (7)، أو كونه
19

في طرفها يمكنه الخروج بأدنى حركة فيترك (1). لأنه حينئذ قاتل نفسه.
(أو) طرحه (في اللجة (2) فمات منها ولم يقدر على الخروج
أيضا إلى آخره (3).
وربما فرق بينهما (4) وأوجب ضمان الدية في الأول (5)، دون
الثاني (6)، لأن الماء لا يحدث به ضرر بمجرد دخوله (7)، بخلاف النار (8)
ويتجه وجوبها (9) مع عدم العلم باستناد الترك إلى تقصيره (10)، لأن النار
قد تدهشه (11) وتشنج أعضائه بالملاقاة فلا يظفر بوجه المخلص.
20

ولو لم يمكنه الخروج من الماء إلا إلى مغرق آخر فكعدمه، وكذا
من أحدهما إلى الآخر (1)، أو ما في حكمه (2). ويرجع في القدرة وعدمها
إلى إقراره (3) بها أو قرائن الأحوال (4).
(أو جرحه عمدا فسرى) الجرح عليه (ومات) وإن أمكنه المداواة
لأن السراية مع تركها من الجرح (5) المضمون، بخلاف الملقى في النار
مع القدرة على الخروج فتركه تخاذلا، لأن التلف حينئذ مستند إلى الاحتراق
المتجدد، ولولا المكث لما حصل.
وأولى منه ما لو غرق بالماء (6)، ومثله (7) ما لو فصده فترك المفصود
شده، لأن خروج الدم هو المهلك والفاصد سببه. ويحتمل كونه كالنار، لأن التلف مستند إلى خروج الدم المتجدد الممكن قطعه بالشد.
(أو ألقى نفسه من علو على إنسان) فقتله قصدا، أو كان مثله (8)
21

يقتل غالبا. ولو كان الملقي له غيره (1) بقصد قتل الأسفل قيد به
مطلقا (2) وبالواقع (3) إن كان الوقوع مما يقتل غالبا، وإلا (4) ضمن
22

ديته، ولو انعكس انعكس (1).
(أو ألقاه من مكان شاهق) يقتل غالبا، أو مع قصد قتله (أو قدم
إليه طعاما مسموما يقتل مثله) كمية وكيفية (ولم يعلمه) بحاله (أو جعله)
أي الطعام المسموم (في منزله ولم يعلمه به).
ولو كان السم مما يقتل كثيره خاصة فقدم إليه قليله بقصد القتل
فكالكثير (2)، وإلا فلا، ويختلف (3) باختلاف الأمزجة (4) والخليط (5)
أما لو وضعه في طعام نفسه، أو في ملكه، فأكله غيره بغير إذنه فلا ضمان.
سواء قصد بوضعه قتل الآكل كما لو علم دخول الغير داره كاللص أم لا،
وكذا (6) لو دخل بإذنه وأكله بغير إذنه.
23

(أو حفر بئرا بعيدة القعر في طريق)، أو في بيته بحيث يقتل وقوعها
غالبا، أو قصده (1) (ودعا غيره إلى المرور عليها (2) مع جهالته (3)
بها (فوقع فمات). أما لو دخل بغير إذنه فوقع فيها فلا ضمان وإن وضعها
لأجل وقوعه (4) كما لو وضعها للص.
(أو ألقاه في البحر فالتقمه الحوت إذا قصد إلقام الحوت (5))
أو كان وجوده (6) والتقامه غالبا في ذلك الماء (وإن لم يقصد) القامه (7)
ولا كان غالبا فاتفق ذلك (ضمنه أيضا على قول) لأن الالقاء كاف
في الضمان، وفعل الحوت أمر زائد عليه (8)، كنصل (9) منصوب في عمق
البئر الذي يقتل غالبا، ولأن البحر مظنة الحوت، فيكون قصد إلقائه
في البحر كقصد القامه الحوت.
ووجه العدم (10) إن السبب الذي قصده لم يقتل به (11) والذي
24

قتل به (1) غير مقصود فلا يكون عمدا (2) وإن أوجب الدية. وحكاية
المصنف له قولا يشعر بتمريضه، وقد قطع به (3) العلامة، وهو حسن،
لأن الغرض كون الالقاء موجبا للضمان كما ظهر من التعليل (4). وكذا
الخلاف (5) لو التقمه الحوت قبل وصوله إلى الماء (6) من حيث (7) إن
الالقاء في البحر إتلاف في العادة. وعدم (8) قصد إتلافه بهذا النوع
والأول (9) أقوى.
(أو أغرى به كلبا عقورا فقتله ولا يمكنه (10) التخلص) منه.
فلو أمكن (11) بالهرب أو قتله (12) أو الصياح به (13) ونحوه فلا قود،
25

لأنه أعان على نفسه بالتفريط (1). ثم إن كان التخلص الممكن من مطلق
أذاه فكالقائه في الماء فيموت مع قدرته على الخروج (2) وإن لم يمكن
إلا بعد عضة لا يقتل مثلها فكالقائه في النار كذلك (3) فيضمن (4) جناية
لا يمكنه دفعها (5).
(أو ألقاه إلى أسد بحيث لا يمكنه (6) الفرار منه) فقتله، سواء
كان في مضيق أم برية (7) (أو أنهشه حية قاتلة فمات (8) أو طرحها
عليه فنهشته فهلك) أو جمع بينه (9) وبينها في مضيق، لأنه مما يقتل غالبا.
(أو دفعه في بئر حفرها الغير) متعديا (10) بحفرها أم غير متعد
26

في حالة كون الدافع (عالما بالبئر) (1)، لأنه مباشر للقتل فيقدم
على السبب لو كان (2) (ولو جهل) الدافع بالبئر (فلا قصاص عليه)
لعدم القصد إلى القتل حينئذ لكن عليه الدية، لأنه شبيه عمد.
(أو شهد عليه زورا بموجب (3) القصاص فاقتص منه) لضعف
المباشر (4) بإباحة الفعل بالنسبة إليه فيرجح السبب (5) (إلا أن يعلم الولي
التزوير ويباشر) القتل (فالقصاص عليه) (6)، لأنه حينئذ قاتل عمدا بغير حق.
(وهنا مسائل الأولى: لو أكرهه على القتل فالقصاص على المباشر)
لأنه القاتل عمدا ظلما، إذ لا يتحقق حكم الاكراه في القتل عندنا، ولو
وجبت الدية كما لو كان المقتول غير مكافئ (7) فالدية على المباشر أيضا
(دون الآمر) فلا قصاص عليه، ولا دية (ولكن يحبس الآمر) دائما
(حتى يموت) ويدل عليه مع الاجماع صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام
في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله فقال: (يقتل به الذي قتله، ويحبس
الآمر بقتله في الحبس حتى يموت) (8) هذا (9) إذا كان المقهور (10)
27

بالغا عاقلا.
(ولو أكره الصبي غير المميز، أو المجنون فالقصاص على مكرههما)
لأن المباشر حينئذ كالآلة. ولا فرق في ذلك (1) بين الحر والعبد.
(ويمكن الاكراه فيما دون النفس) (2) عملا بالأصل (3) في غير
موضع النص (4) كالجرح وقطع اليد (5) فيسقط القصاص عن المباشر
(ويكون القصاص على المكره) بالكسر على الأقوى، لقوة السبب
بضعف المباشر بالاكراه خصوصا لو بلغ الاكراه حد الالجاء (6).
ويحتمل عدم الاقتصاص منه (7)، لعدم المباشرة فتجب الدية (8).
ويضعف (9) بأن (10) المباشر أخص من سببية
28

القصاص (1) فعدمها (2) أعم من عدمه.
(الثانية لو اشترك في قتله جماعة) بأن القوة من شاهق، أو
في بحر. أو جرحوه جراحات مجتمعة (3)، أو متفرقة (4) ولو مختلفة كمية (5)
وكيفية (6) فمات بها (قتلوا به) (7) جميعا إن شاء الولي (بعد أن يرد
عليهم ما فضل عن ديته) فيأخذ كل واحد ما فضل من ديته عن جنايته (8)
29

(وله قتل البعض فيرد الباقون) من الدية (بحسب جنايتهم (1) فإن فضل
للمقتولين فضل) عما رده شركاؤهم (قام به الولي) (2). فلو اشترك
ثلاثة في قتل واحد واختار وليه قتلهم أدى إليهم ديتين يقتسمونها بينهم
بالسوية فنصيب كل واحد منهم ثلثا دية ويسقط ما يخصه من الجناية وهو
الثلث الباقي.
ولو قتل (3) اثنين أدى الثالث ثلث الدية عوض ما يخصه من الجناية (4)
ويضيف الولي إليه (5) دية كاملة، ليصير لكل واحد من المقتولين (6)
ثلثا دية. وهو (7) فاضل ديته عن جنايته (8)، ولأن الولي استوفى
نفسين بنفس (9) فيرد دية نفس (10).
30

ولو قتل واحد أدى الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية ولا شئ على الولي.
ولو طلب (1) الدية كانت عليهم بالسوية (2) إن اتفقوا على أدائها (3)
وإلا فالواجب تسليم نفس القاتل.
هذا (4) كله مع اتحاد ولي المقتول، أو اتفاق المتعدد على الفعل
الواحد (5)، ولو اختلفوا فطلب بعضهم القصاص، وبعض الدية قدم
مختار القصاص بعد رد نصيب طالب الدية منها (6). وكذا لو عفا
البعض (7) إلا أن الرد هنا على القاتل. وستأتي الإشارة إليه.
(الثالثة لو اشترك في قتله) أي قتل الذكر (امرأتان قتلتا به
31

ولا رد) إذ لا فاضل لهما عن ديته (1)، وله (2) قتل واحدة وترد
الأخرى ما قابل جنايتها وهو ديتها (3) ولا شئ للمقتولة (ولو اشترك)
في قتله (خنثيان) مشكلان (قتلا به) إن شاء الولي كما يقتل الرجلان
والمرأتان المشتركتان (4) (ويرد عليهما (5) نصف دية الرجل بينهما نصفان) (6)
لأن دية كل واحد (7) نصف دية رجل ونصف دية امرأة وذلك ثلاثة
أرباع دية الرجل (8) فالفاضل لكل واحد (9) من نفسه عن جنايته ربع دية
الرجل (10). ولو اختار قتل أحدهما رد عليه ربع دية (11) هو ثلث
32

ديته (1) ودفع الباقي (2) نصف دية الرجل (3) فيفضل للولي ربع ديته (4).
(ولو اشترك) في قتل الرجل (نساء قتلن) جمع إن شاء الولي
(ويرد عليهن ما فضل عن ديته) (5) فلو كن ثلاثا فقتلهن رد عليهن
دية امرأة (6) بينهن بالسوية، أو أربعا (7) فدية امرأتين (8) كذلك (9)
وهكذا (10). ولو اختار في الثلاث (11) قتل اثنتين ردت الباقية (12)
ثلث ديته (13).
33

بين المقتولتين بالسوية، لأن ذلك (1) هو الفاضل لهما عن جنايتهما. وهو (2)
ثلث ديتهما، أو قتل واحدة ردت الباقيتان على المقتولة ثلث ديتها (3).
وعلى الولي (4) نصف دية الرجل. وكذا قياس الباقي (5).
(ولو اشترك) في قتل الرجل (رجل وامرأة) واختار الولي
قتلهما (فلا رد للمرأة) إذ لا فاضل لها من ديتها عما يخص جنايتها (6)
(ويرد على الرجل نصف ديته) لأنه الفاضل من ديته عن جنايته (7)
والرد (من الولي إن قتلهما)، أو من المرأة لو لم تقتل، لأنه مقدار
جنايتها.
(ولو قتلت المرأة) خاصة فلا شئ لها (8) و (رد الرجل
على الولي نصف الدية) مقابل جنايته (9). هذا هو المشهور بين الأصحاب
وعليه العمل.
34

وللمفيد رحمه الله قول بأن المردود على تقدير قتلهما يقسم
بينهما أثلاثا: للمرأة ثلثه (1) بناء على أن جناية الرجل ضعف جناية المرأة
لأن الجاني نفس ونصف نفس جنت على نفس (2) فتكون الجناية
بينهما أثلاثا بحسب ذلك (3).
وضعفه ظاهر (4)، وإنما هما نفسان جنتا على نفس فكان على كل
واحدة نصف، ومع قتلهما (5) فالفاضل للرجل خاصة، لأن القدر
المستوفى أكثر قيمة من جنايته بقدر ضعفه، والمستوفى من المرأة بقدر
جنايتها فلا شئ لها كما مر (6). وكذا على تقدير قتله (7) خاصة.
(الرابعة لو اشترك عبيد في قتله) أي قتل الذكر الحر فللولي
قتل الجميع، أو البعض، فإن قتلهم أجمع (رد عليهم ما فضل من قيمتهم
عن ديته إن كان) هناك (فضل ثم) على تقدير الفضل لا يرد على الجميع
كيف كان بل (كل عبد نقصت قيمته عن جنايته (8) أو ساوت) قيمته
35

جنايته (فلا رد له، وإنما الرد لمن زادت قيمته عن جنايته) ما لم تتجاوز
دية الحر (1) فترد إليها (2). فلو كان العبيد ثلاثة قيمتهم عشرة آلاف
درهم فما دون بالسوية وقتلهم الولي فلا رد (3)، وإن زادت قيمتهم
عن ذلك فعلى كل واحد ثلث دية الحر، فمن زادت قيمته عن الثلث رد
على مولاه الزائد ومن لا فلا (4).
(الخامسة لو اشترك حر وعبد في قتله فله) أي لوليه (قتلهما)
معا (ويرد على الحر نصف ديته) لأنها الفاضل عن جنايته (وعلى مولى
العبد ما فضل من قيمته عن نصف الدية إن كان له فضل) ما لم تتجاوز
دية الحر فترد إليها (5) (وإن قتل أحدهما فالرد على الحر من مولى العبد
أقل الأمرين من جنايته (6) وقيمة عبده) إن اختار قتل الحر، لأن الأقل
إن كان هو الجناية وهو نصف دية المقتول فلا يلزم الجاني سواها، وإن
كان هو قيمة العبد فلا يجني الجاني على أكثر من نفسه ولا يلزم مولاه
36

الزائد. ثم إن كان الأقل هو قيمة العبد فعلى الولي اكمال نصف الدية
لأولياء الحر. (1)
(والرد على مولى العبد من) شريكه (الحر) إن اختار الولي
العبد (وكان له فاضل) من قيمته عن جنايته بأن تجاوزت قيمته نصف
دية الحر، ثم إن استوعبت قيمته الدية (2) فله جميع المردود من الحر (3)
وإن كانت أقل (4) فالزائد من المردود عن قيمته بعد حط مقابل جنايته
لولي المقتول.
(وإلا) يكن له فضل بأن كانت قيمة العبد نصف دية الحر
أو أنقص (رد) الحر عوض جنايته وهو نصف الدية (على المولى)
إن شاء.
هذا هو المحصل في المسألة (5) وفيها أقوال أخر مدخولة (6) (ومنه (7)
يعرف حكم اشتراك العبد والمرأة) في قتل الحر (وغير ذلك) من الفروض
كاشتراك كل من الحر والعبد والمرأة مع الخنثى واجتماع الثلاثة وغيرها.
37

وضابطه: اعتبار دية المقتول (1) إن كان حرا. فإن زادت عن جنايته
دفع إليه الزائد، وإن ساوت، أو نقصت اقتصر على قتله، وقيمة العبد
كذلك ما لم تزد عن دية الحر (2) ورد الشريك الذي لا يقتل ما قابل
جنايته من دية المقتول (3) على الشريك، إن استوعبت فاضل ديته
أو قيمته للمردود، وإلا رد الفاضل (4) إلى الولي. وكذا القول
لو كان الاشتراك في قتل امرأة، أو خنثى، ويجب تقديم الرد على الاستيفاء
في جميع الفروض.
(القول في شرائط القصاص)
وهي خمسة (فمنها التساوي في الحرية أو الرق فيقتل الحر
بالحر) سواء كان القاتل ناقص الأطراف (5)، عادم الحواس (6)
والمقتول صحيح، أم بالعكس، لعموم الآية (7)، سواء تساويا في العلم.
38

والشرف. والغنى. والفقر. والصحة. والمرض. والقوة. والضعف
والكبر. والصغر، أم تفاوتا وإن أشرف المريض على الهلاك، أو كان
الطفل مولودا في الحال.
(و) الحر (بالحرة مع رد) وليها عليه (نصف ديته)، لأن
ديته ضعف ديتها، وبالخنثى مع رد ربع الدية، والخنثى بالمرأة مع رد
الربع عليه كذلك.
(والحرة بالحرة) ولا رد إجماعا (والحر (1) ولا يرد) أولياؤها
على الحر شيئا (على الأقوى)، لعموم (النفس بالنفس) (2)
وخصوص صحيحتي الحلبي، وعبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام (3)
39

الدالتين على ذلك صريحا، وأن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه.
ومقابل الأقوى رواية أبي مريم الأنصاري عن الباقر عليه السلام
في امرأة قتلت رجلا قال: (تقتل ويؤدي وليها بقية المال) (1) وهي
مع شذوذها لا قائل بمضمونها من الأصحاب. قال المصنف في الشرح (2):
وليس ببعيد دعوى الاجماع على هذه المسألة.
وأولى منه (4) قتل المرأة بالخنثى، ولا رد. وقتل الخنثى
40

بالرجل كذلك (1).
(ويقتص للمرأة من الرجل في الطرف من غير رد حتى تبلغ)
دية الطرف (ثلث دية الحر) فصاعدا (فتصير على النصف) (2)
وكذا البحث في الجراح يتساويان فيها دية وقصاصا ما لم تبلغ ثلث الدية (3)
فإذا بلغته ردت المرأة إلى النصف.
ومستند التفصيل (4) أخبار كثيرة منها: صحيحة أبان بن تغلب عن أبي
عبد الله عليه السلام (قال: قلت له: ما تقول في رجل قطع إصبعا
من أصابع المرأة كم فيها؟ قال: عشر من الإبل. قلت: قطع اثنتين.
قال: عشرون من الإبل. قلت: قطع ثلاثا، قال: ثلاثون من الإبل. قال:
قلت: قطع أربعا. قال: عشرون من الإبل، قلت: سبحان الله يقطع
ثلاثا فيكون عليه ثلاثون، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون! إن هذا
كان يبلغنا ونحن بالعراق، فنبرأ ممن قاله، ونقول: الذي جاء به شيطان!
فقال عليه السلام: مهلا يا أبان، إن هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف.
يا أبان إنك أخذتني بالقياس، والسنة إذا قيست انمحق الدين) (5).
وروى تفصيل الجراح جميل بن دراج عنه عليه السلام (قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص قال: نعم
41

في الجراحات، حتى تبلغ الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع
الرجل وسفلت المرأة) (1)
وقال الشيخ رحمه الله: ما لم تتجاوز الثلث (2) والأخبار
الصحيحة حجة المشهور (3).
إذا تقرر ذلك فلو قطع منها ثلاث أصابع استوفت مثلها منه قصاصا
من غير رد. ولو قطع أربعا (4) لم تقطع منه (5) الأربع إلا بعد رد
دية إصبعين (6).
وهل لها القصاص في إصبعين من دون رد؟ وجهان، منشؤهما وجود
المقتضي لجوازه كذلك، وانتفاء المانع. أما الأول (7) فلان قطع إصبعين
منها يوجب ذلك (8) فالزائد أولى.
42

وأما الثاني (1) فلأن قطع الزائد زيادة في الجناية فلا يكون سببا
في منع ما ثبت أو لا (2) ومن النص (3) الدال على أنه ليس لها الاقتصاص
في الجناية الخاصة (4) إلا بعد الرد.
ويقوى الاشكال لو طلبت القصاص في ثلاث، والعفو في الرابعة (5)
وعدم إجابتها هنا أقوى.
وعلى الأول (6) تتخير بين قطع إصبعين من غير رد، وبين قطع
أربع مع رد دية إصبعين.
ولو طلبت الدية فليس لها أكثر من دية إصبعين.
43

هذا (1) إذا كان القطع بضربة واحدة، ولو كان بأزيد ثبتت لها
دية الأربع، أو القصاص في الجميع من غير رد، لثبوت حكم السابق (3)
فيستصحب. وكذا حكم الباقي (3).
(ويقتل العبد بالحر والحرة) وإن زادت قيمته عن الدية، ولا يرد
على مولاه الزائد لو فرض كما لا يلزمه الاكمال لو نقص
(وبالعبد وبالأمة) (4) سواء كانا (5) لمالك واحد أم مالكين، وسواء
تساوت قيمتهما (6) أم اختلفت.
(وتقتل الأمة بالحر والحرة وبالعبد والأمة) مطلقا (7).
(وفي اعتبار القيمة هنا) أي في قتل المملوك مثله (قول) فلا
يقتل الكامل بالناقص، إلا مع رد التفاوت على سيد الكامل، لأن ضمان
المملوك يراعى فيه المالية فلا يستوفي الزائد بالناقص بل بالمساوي.
ويحتمل جواز القصاص مطلقا (8) من غير رد لقوله تعالى: (النفس
بالنفس)، وقوله: (الحر بالحر والعبد بالعبد) أما قتل
44

الناقص بالكامل فلا شبهة فيه، ولا يلزم مولاه الزائد عن نفسه مطلقا (1).
(ولا يقتل الحر بالعبد) إجماعا وعملا بظاهر الآية (2)، وصحيحة
الحلبي (3)، وغيره (4) عن الصادق عليه السلام: (لا يقتل الحر بالعبد)
ورواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله (5) وادعى (6) في الخلاف
إجماع الصحابة عليه.
وهذا الحكم (7) ثابت له وإن اعتاد قتل العبيد عملا بعموم الأدلة
وإطلاقها (8).
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة: (إن اعتاد قتلهم قتل (9)
حسما (10) لجرأته)، وفساده، واستنادا إلى روايات (11) لا تنهض
45

في مخالفة ظاهر الكتاب (1) وصحيح الأخبار (2) وفتوى أكثر الأصحاب.
وعلى هذا القول (3) فالمرجع في الاعتياد إلى العرف (4). وهل يرد
على أولياء الحر ما فضل من ديته عن قيمة المقتول الذي تحققت به العادة (5)
قيل: نعم نظرا إلى زيادته عنه (6) كما لو قتل امرأة. والأخبار خالية
من ذلك، والتعليل بقتله لإفساده لا يقتضيه (8).
(ولو قتل المولى عبده) أو أمته (كفر) كفارة القتل (9)
(وعزر) ولا يلزمه شئ غير ذلك على الأقوى. وقيل: تجب الصدقة
بقيمته استنادا إلى رواية ضعيفة (10)، ويمكن حملها على الاستحباب.
(وقيل: إن اعتاد ذلك قتل) كما لو اعتاد قتل غير مملوكه للأخبار
السابقة، وهي مدخولة السند، فالقول بعدم قتله مطلقا (11) أقوى.
(وإذا غرم الحر قيمة العبد أو الأمة) بأن كانا لغيره (لم يتجاوز
بقيمة العبد دية الحر، ولا بقيمة المملوكة دية الحرة)، لرواية الحلبي
46

عن أبي عبد الله عليه السلام: (إذا قتل الحر العبد غرم قيمته وأدب
قيل: فإن كانت قيمته عشرين ألف درهم؟ قال: لا يجاوز بقيمة عبد
دية الأحرار) (1).
(ولا يضمن المولى جناية عبده) على غيره، لأن المولى لا يعقل
عبدا (وله الخيار إن كانت) الجناية صدرت عن المملوك (خطأ بين
فكه بأقل الأمرين: من أرش الجناية. وقيمته)، لأن الأقل إن كان
هو الأرش فظاهر، وإن كانت القيمة فهي بدل من العين فيقوم مقامها
وإلا لم تكن بدلا، ولا سبيل إلى الزائد، لعدم عقل المولى. وقيل:
بأرش الجناية مطلقا (2). والأول (3) أقوى (وبين تسليمه)
إلى المجني عليه (4) أو وليه (5) ليسترقه أو يسترق منه ما قابل جنايته.
(وفي العمد التخيير) في الاقتصاص منه، أو استرقاقه (للمجني
عليه، أو وليه).
(والمدبر) في جميع ذلك (كالقن) فيقتل إن قتل عمدا حرا، أو
عبدا، أو يدفع إلى ولي المقتول يسترقه، أو يفديه مولاه بالأقل كما مر (6).
ثم إن فداه، أو بقي منه شئ بعد أرش الجناية بقي على تدبيره
وإلا بطل. ولو مات مولاه قبل استرقاقه وفكه فالأقوى انعتاقه، لأنه
47

لم يخرج عن ملكه بالجناية فعلا، وحينئذ (1) فيسعى في فك رقبته من الجناية
إن لم توجب قتله حرا (2).
(وكذا المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا) ولو أدى
شيئا منها (3) تحرر منه بحسابه، فإذا (4) قتل حرا عمدا قتل به، وإن قتل
مملوكا فلا قود (5) وتعلقت الجناية بما فيه من الرقية مبعضة، فيسعى
في نصيب الحرية، ويستوفى الباقي منه، أو يباع فيه (6).
ولو كان القتل خطأ فعلى الإمام بقدر ما فيه من الحرية (7) والمولى
بالخيار في الباقي (8) كما مر، سواء أدى نصف ما عليه فصاعدا أم لا (9)
48

وكذا القول في كل مبعض.
ولا يقتل المبعض مطلقا (1) بمن انعتق منه أقل مما انعتق من الجاني (2)
كما لا يقتل بالقن (3)، ويقتل بمن تحرر منه مثله أو أزيد. كما يقتل بالحر
(ولو قتل حر حرين فصاعدا فليس لهم) أي لأوليائهم (إلا قتله)
لقوله صلى الله عليه وآله: (لا يجني الجاني على أكثر من نفسه) (4)
ولا فرق بين قتله لهم جميعا ومرتبا. ولو عفى بعضهم فللباقي القصاص.
وهل لبعضهم المطالبة بالدية، ولبعض القصاص؟ وجهان. من
ظاهر الخبر (5) وتعدد (6) المستحق، وكذا (7) في جواز قتله بواحد إما
الأول (8)، أو بالقرعة، أو تخييرا (9) وأخذ الدية من ماله للباقين.
49

نعم لو بدر واحد منهم فقتله عن حقه استوفاه، وكان للباقين الدية، لفوات
محل القصاص إن قلنا بوجوبها (1). حيث يفوت (2) وسيأتي. وظاهر
العبارة منع ذلك كله (3) لتخصيصه (4) حقهم بقتله.
(ولو قطع) الحر (يمين اثنين) حرين (قطعت يمينه بالأول
ويسراه بالثاني) لتساوي اليدين في الحقيقة وإن تغايرا من وجه يغتفر (5)
عند تعذر المماثلة من كل وجه، ولصحيحة حبيب السجستاني عن أبي جعفر
عليه السلام في رجل قطع يدين لرجلين اليمينين فقال عليه السلام:
(يا حبيب يقطع يمينه للذي قطع يمينه أو لا ويقطع يساره للذي قطع يمينه أخيرا
لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأول) (6).
ولو قطع يد ثالث قيل: قطعت رجله لقوله عليه السلام في هذه
الرواية: والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان. فقلت له: أما توجب
له الدية وتترك رجله؟ فقال: إنما توجب عليه الدية إذا قطع يد رجل
وليس للقاطع يدان ولا رجلان. فثم توجب عليه الدية، لأنه ليس له جارحة
يقاص منها) ولأن المساواة الحقيقية لو اعتبرت لم يجز التخطي من اليمنى
إلى اليسرى.
50

وقيل: ينتقل هنا إلى الدية، لفقد المماثل الذي يدل قوله تعالى:
(إن النفس بالنفس) عليه. والخبر (1) يدفع فقد التماثل (2) ويدل
على مماثلة الرجل لليد شرعا وإن انتفت لغة وعرفا. نعم يبقى الكلام
في صحته (3) فإن الأصحاب وصفوه بالصحة مع إنهم لم ينصوا على توثيق
حبيب. ولعلهم أرادوا بصحته فيما عداه (4) فإنهم كثيرا ما يطلقون ذلك.
وحينئذ (5) فوجب الدية (6) أجود (7). وأولى منه لو قطع يد رابع
وبعدها، فالدية قطعا.
(ولو قتل العبد حرين فهو لأولياء الثاني إن كان القتل) أي قتله
للثاني (بعد الحكم به للأول) بأن اختار الأول استرقاقه قبل جنايته
على الثاني، وإن لم يحكم به حاكم لبرائته من الجناية الأولى باسترقاقه لها (8)
(وإلا) تكن جنايته على الثاني بعد الحكم به للأول (فهو بينهما)، لتعلق
51

حقهما معا به، وهو على ملك مالكه، ولصحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام
في عبد جرح رجلين، قال: (هو بينهما إن كانت الجناية تحيط بقيمته
قيل له: فإن جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار؟
قال: هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول. قال: فإن جنى بعد
ذلك جناية؟ قال: جنايته على الأخير) (1).
وقيل: يكون للثاني، لصيرورته لأولياء الأول بالجناية الأولى فإذا
قتل الثاني انتقل إلى أوليائه، ولرواية علي بن عقبة عن الصادق عليه السلام
في عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟ قال: فقال: (هو لأهل الأخير
من القتلى إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استرقوه، لأنه إذا قتل الأول استحقه أولياؤه.
فإذا قتل الثاني استحق من أولياء الأول فصار لأولياء الثاني. وهكذا (2)
وهذا الخبر مع ضعف سنده يمكن حمله على ما لو اختار أولياء السابق
استرقاقه قبل جنايته على اللاحق، جمعا بينه، وبين ما سبق (3). وكذا
الحكم لو تعدد مقتوله (4).
(وكذا لو قتل عبدين) (5) لمالكين يستوعب كل منهما قيمته
52

(أو) قتل (حرا وعبدا) كذلك (1) فإن موليي العبدين يشتركان فيه
ما لم يسبق مولى الأول إلى استرقاقه قبل جنايته على الثاني، فيكون لمولى
الثاني وكذا ولي الحر ومولى العبد (2). ولو اختار الأول المال ورضي به
المولى تعلق حق الثاني برقبته.
وقيل: يقدم الأول (3) لأن حقه أسبق ويسقط الثاني، لفوات
محل استحقاقه. والأول (4) أقوى.
(ومنها (5) التساوي في الدين. فلا يقتل مسلم بكافر حربيا كان)
الكافر (أم ذميا) ومعاهدا كان الحربي أم لا (ولكن يعزر) القاتل
(بقتل الذمي والمعاهد) لتحريم قتلهما (ويغرم دية الذمي) ويستفاد
من ذلك (6) جواز قتل الحربي بغير إذن الإمام، وإن توقف جواز جهاده
53

عليه (1)، ويفرق بين قتله وقتاله (2) جهادا، وهو كذلك (3)، لأن
الجهاد من وظائف الإمام. وهذا (4) يتم في أهل الكتاب لأن جهادهم
يترتب عليه أحكام غير القتل تتوقف (5) على الحاكم، أما غيرهم (6)
فليس في جهاده إلا القتل، أو الاسلام. وكلاهما لا يتوقف تحقيقه على الحاكم
لكن قد يترتب على القتل (7) أحكام أخر مثل أحكام ما يغنم منهم
ونحوه (8) وتلك وظيفة الإمام أيضا.
(وقيل) والقائل جماعة من الأصحاب منهم الشيخان. والمرتضى
54

والمحقق. والعلامة في أحد قوليه. والمصنف في الشرح (1) مدعيا الاجماع
فإن المخالف ابن إدريس وقد سبقة الاجماع: إنه (إن اعتاد قتل أهل
الذمة اقتص منه بعد رد فاضل ديته) (2)
ومستند هذا القول مع الاجماع المذكور: رواية إسماعيل بن الفضل
عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن دماء المجوس. واليهود. والنصارى
هل عليهم وعلى من قتلهم شئ إذا غشوا المسلمين وأظهروا العداوة لهم
والغش؟ قال: (لا، إلا أن يكون متعودا لقتلهم). قال: وسألته
عن المسلم هل يقتل بأهل الذمة وأهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال:
(لا إلا أن يكون معتادا لذلك لا يدع قتلهم فيقتل وهو صاغر) (3).
وأنه (4) مفسد في الأرض بارتكاب قتل من حرم الله قتله.
والعجب أن ابن إدريس احتج على مذهبه (5) بالاجماع على عدم
قتل المسلم بالكافر وهو استدلال في مقابلة الاجماع. قال المصنف في الشرح (6):
والحق أن هذه المسألة إجماعية، فإنه لم يخالف فيها أحد سوى ابن
55

إدريس وقد سبقه الاجماع، ولو كان هذا الخلاف (1) مؤثرا في الاجماع
لم يوجد إجماع أصلا (2)، والاجماع على عدم قتل المسلم بالكافر يختص
بغير المعتاد.
وأعجب من ذلك نقل المصنف ذلك (3) قولا مشعرا بضعفه، بعد
ما قرره من الاجماع عليه، مع أن تصنيفه لهذا الكتاب (4) بعد الشرح.
واحتج في المختلف لابن إدريس برواية محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام
قال: (لا يقاد مسلم بذمي) (5) وأجاب (6) بأنه مطلق فيحمل على المفصل (7).
وفيه (8) إنه نكرة في سياق النفي فيعم،
56

ومعه (1) يخص العام بالمخصص المفصل، والمناقشة لفظية (2). والأقوى
المشهور (3).
ثم اختلف القائلون بقتله (4)، فمنهم من جعله قودا كالشيخ ومن
تبعه، فأوجبوا رد الفاضل من ديته.
ومنهم من جعله حدا، لفساده، وهو العلامة في المختلف، وقبله ابن الجنيد
وأبو الصلاح.
ويمكن الجمع بين الحكمين (5) فيقتل لقتله وإفساده، ويرد
الورثة الفاضل.
وتظهر فائدة القولين (6) في سقوط القود بعفو الولي، وتوقفه
على طلبه على الأول (7)، دون الثاني (8)، وعلى الأول ففي توقفه
57

على طلب جميع أولياء المقتولين (1) أو الأخير خاصة وجهان، منشؤهما:
كون قتل الأول جزء من السبب (2)، أو شرطا فيه (3). فعلى الأول
الأول (4). وعلى الثاني الثاني (5). ولعله أقوى.
ويتفرع عليه (6) إن المردود عليه (7) هو الفاضل عن ديات جميع
58

المقتولين (1)، أو عن دية الأخير (2). فعلى الأول الأول (3) أيضا
وعلى الثاني الثاني (4).
والمرجع في الاعتياد إلى العرف. وربما يتحقق بالثانية لأنه مشتق
من العود فيقتل فيها، أو في الثالثة. وهو الأجود، لأن الاعتياد شرط
في القصاص فلا بد من تقدمه على استحقاقه (5).
(ويقتل الذمي بالذمي) وإن اختلفت ملتهما كاليهودي والنصراني
(وبالذمية مع الرد) أي رد أولياؤها عليه فاضل ديته عن دية الذمية
وهو نصف ديته (6) (وبالعكس) تقتل الذمية بالذمي مطلقا (وليس
عليها غرم) كالمسلمة إذا قتلت بالمسلم، لأن الجاني لا يجني على أكثر
من نفسه.
(ويقتل الذمي بالمسلم ويدفع ماله) الموجود على ملكه حالة القتل
(وولده الصغار) غير المكلفين (إلى أولياء المسلم) على وجه الملك
(على قول) الشيخ المفيد وجماعة، وربما نسب إلى الشيخ أيضا. ولكن
قال المصنف في الشرح: إنه لم يجده في كتبه.
59

وإنما نسب الحكم إلى القول، لعدم ظهور دلالة عليه، فإن رواية
ضريس (1) التي هي مستند الحكم خالية عن حكم أولاده وأصالة حريتهم
لانعقادهم عليها. وعموم: (لا تزر وازرة وزر أخرى) ينفيه (2).
ومن ثم (3) رده ابن إدريس وجماعة.
ووجه القول (4) بأن الطفل يتبع أباه فإذا ثبت له الاسترقاق شاركه
فيه، وبأن المقتضي لحقن دمه واحترام ماله وولده: هو التزامه بالذمة
وقد خرقها بالقتل فيجري عليه أحكام أهل الحرب.
وفيه (5): إن ذلك يوجب اشتراك المسلمين فيهم، لأنهم فئ
60

أو اختصاص الإمام عليه السلام بهم، لا اختصاص أولياء المقتول.
والأجود: الاقتصار على ما اتفق عليه الأصحاب ووردت به النصوص (1)
من جواز قتله، والعفو، والاسترقاق له، وأخذ ماله.
(وللولي استرقاقه (2) إلا أن يسلم) قبله (3) (فالقتل لا غير)
لامتناع استرقاق المسلم (4) ابتداء، وأخذ ماله باق على التقديرين (5).
(ولو قتل الكافر مثله ثم أسلم القاتل فالدية) عليه لا غير (إن
كان المقتول ذميا)، لامتناع قتل المسلم بالكافر في غير ما استثني (6)
ولو كان المقتول الكافر غير ذمي فلا قتل على قاتله مطلقا (7)، ولا دية (8)
(وولد الزنا إذا بلغ وعقل وأظهر الاسلام مسلم يقتل به ولد الرشدة)
بفتح الراء وكسرها: خلاف ولد الزنا، وإن كان لشبهة، لتساويهما
61

في الاسلام، ولو قتله قبل البلوغ لم يقتل به (1). وكذا لا يقتل به
المسلم مطلقا (2) عند من يرى أنه كافر وإن أظهر الاسلام (3).
(ويقتل الذي بالمرتد) فطريا كان أم مليا، لأنه (4) محقون الدم
بالنسبة إليه (5)، لبقا علقة الاسلام (6)، وكذا العكس (7) على الأقوى
62

لتساويهما في أصل الكفر، كما يقتل اليهودي بالنصراني، أما لو رجع الملي
إلى الاسلام فلا قود، وعليه دية الذمي.
(ولا يقتل به (1) المسلم) وإن أساء (2) بقتله، لأن أمره إلى الإمام
عليه السلام (والأقرب: أن لا دية) للمرتد مطلقا (3) بقتل المسلم له (أيضا) لأنه
بمنزلة الكافر الذي لا دية له، وإن كان قبل استتابة الملي، لأن مفارقته
للكافر بذلك (4) لا يخرجه عن الكفر، ولأن الدية مقدر شرعي فيقف
ثبوتها على الدليل الشرعي وهو منتف، ويحتمل وجوب دية الذمي (5)
لأنه أقرب منه إلى الاسلام. فلا أقل من كون ديته كديته، مع أصالة
البراءة من الزائد (6). وهو ضعيف (7).
63

(ومنها (1) انتفاء الأبوة فلا يقتل الوالد وإن علا بابنه) وإن
نزل لقوله صلى الله عليه وآله: (لا يقاد لابن من أبيه) (2) والبنت كالابن
إجماعا، أو بطريق أولى (3)، وفي بعض الأخبار عن الصادق عليه السلام
(لا يقتل والد بولده ويقتل الولد بوالده) (4) وهو شامل للأنثى (5)
وعلل (6) أيضا بأن الأب كان سببا في وجود الولد، فلا يكون الولد
سببا في عدمه، وهو لا يتم في الأم (7).
(ويعزر) الوالد بقتل الولد (ويكفر، وتجب الدية) لغيره
من الورثة (ويقتل باقي الأقارب بعضهم ببعض كالولد بوالده، والأم بابنها)
والأجداد من قبلها، وإن كانت (8) لأب، والجدات مطلقا (9)، والأخوة
والأعمام. والأخوال. وغيرهم.
ولا فرق في الوالد بين المساوي لولده في الدين والحرية، والمخالف
64

فلا يقتل الأب الكافر بولده المسلم، ولا أب العبد بولده الحر للعموم (1)
ولأن المانع شرف الأبوة. نعم لا يقتل الولد المسلم بالأب الكافر، ولا الحر
بالعبد، لعدم التكافؤ.
(ومنها (2) كمال العقل فلا يقتل المجنون بعاقل ولا مجنون)
سواء كان الجنون دائما أم أدوارا إذا قتل حال جنونه (والدية) ثابتة
(على عاقلته)، لعدم قصده القتل فيكون كخطأ العاقل، ولصحيحة محمد
ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال (كان أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام
يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا) (3).
وكما يعتبر العقل في طرف القاتل كذا يعتبر في طرف المقتول.
فلو قتل العاقل مجنونا لم يقتل به، بل الدية إن كان القتل عمدا، أو شبهه
وإلا فعلى العاقلة. نعم لو صال (4) المجنون عليه ولم يمكنه دفعه إلا بقتله
فهدر (5).
(ولا يقتل الصبي ببالغ) ولا صبي (بل تثبت الدية على عاقلته)
بجعل عمده (6) خطأ محضا إلى أن يبلغ وإن ميز لصحيحة محمد بن مسلم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (عمد الصبي وخطؤه واحد) (7)
65

وعنه أن عليا عليه السلام كان يقول: (عمد الصبيان خطأ تحمله العاقلة)) (1)
اعتبر في التحرير مع البلوغ الرشد وليس بواضح (2).
(ويقتل البالغ بالصبي) على أصح القولين، لعموم (النفس
بالنفس) وأوجب أبو الصلاح في قتل البالغ (3) الدية كالمجنون
لاشتراكهما (4) في نقصان العقل، ويضعف بأن المجنون خرج بدليل خارج
وإلا كانت الآية (5) متناولة له (6) بخلاف الصبي (7) مع أن الفرق
بينهما (8) متحقق.
(ولو قتل العاقل) من يثبت عليه بقتله القصاص (ثم جن
اقتص منه) ولو حالة الجنون، لثبوت الحق في ذمته عاقلا، فيستصحب
كغيره (9) من الحقوق.
(ومنها (10) أن يكون المقتول محقون الدم) أي مباح القتل شرعا
66

(فمن أباح الشرع قتله) لزناء، أو لواط، أو كفر (لم يقتل به)
قاتله وإن كان (1) بغير إذن الإمام، لأنه مباح الدم في الجملة (2)
وإن توقفت المباشرة على إذن الحاكم فيأثم بدونه خاصة.
والظاهر عدم الفرق بين استيفائه (3) بنوع القتل الذي عينه الشارع
كالرجم والسيف، وغيره (4) لاشتراك الجميع في الأمر المطلوب شرعا
وهو إزهاق الروح.
(ولو قتل من وجب عليه قصاص غير الولي قتل به) لأنه محقون
الدم بالنسبة إلى غيره (5).
(القول في ما يثبت به القتل)
(وهو ثلاثة: الاقرار به، والبينة عليه، والقسامة) بفتح القاف
وهي الأيمان يقسم على أولياء الدم. قاله الجوهري.
(فالاقرار يكفي فيه المرة)، لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم
جائز) وهو يتحقق بالمرة حيث لا دليل على اعتبار التعدد.
وقيل: تعتبر المرتان وهو ضعيف (ويشترط فيه أهلية المقر) بالبلوغ
والعقل (واختياره وحريته) فلا عبرة بإقرار الصبي. والمجنون. والمكره
والعبد ما دام رقا ولو بعضه، إلا أن يصدقه مولاه فالأقرب القبول
67

لأن سلب عبارته هنا (1) إنما كان لحق المولى حيث كان له نصيب في نفسه (2)
فإذا وافقه زال المانع. مع وجود المقتضي وهو: قبول إقرار العقلاء
على أنفسهم.
ووجه عدم القبول مطلقا (3): كونه مسلوب أهلية الاقرار كالصبي
والمجنون، لأن العبودية صفة مانعة منه كالصبا (4)، ولأن المولى ليس
له تعلق بدم العبد، وليس له جرحه، ولا قطع شئ من أعضائه فلا يقبل
مطلقا (5).
ولا فرق في ذلك (6) بين القن والمدبر. وأم الولد. والمكاتب
وإن انعتق بعضه كمطلق المبعض (7). نعم لو أقر بقتل يوجب عليه الدية
لزمه منها (8) بنسبة ما فيه من الحرية (9)، ولو أقر بالعمد ثم كمل عتقه
اقتص منه، لزوال المانع.
(ويقبل إقرار السفيه والمفلس بالعمد)، لأن موجبه القود وإنما
68

حجر عليهما في المال فيستوفى منهما القصاص في الحال (1).
(ولو أقرا بالخطأ الموجب للمال على الجاني (2) لم يقبل من السفيه)
مطلقا (3) (ويقبل من المفلس) (3) لكن لا يشارك المقر له الغرماء
على الأقوى وقد تقدم في بابه (5).
(ولو أقر واحد بقتله عمدا، وآخر بقتله خطأ تخير الولي) في تصديق
من شاء منهما والزامه بموجب جنايته. لأن كل واحد من الاقرارين سبب
مستقل في إيجاب مقتضاه على المقر به، ولما لم يمكن الجمع (6) تخير الولي
وإن جهل الحال (7) كغيره وليس له على الآخر سبيل.
(ولو أقر بقتله عمدا فأقر آخر ببراءة المقر) مما أقر به من قتله
(وإنه هو (8) القاتل ورجع الأول) عن إقراره (ودي المقتول من بيت
المال) إن كان موجودا (ودرئ) أي رفع (عنهما القصاص كما قضى
به الحسن في حياة أبيه علي عليهما السلام) معللا (بأن الثاني إن كان ذبح
ذاك فقد أحيا هذا وقد قال الله عز وجل: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس
69

جميعا) (1) وقد عمل بالرواية أكثر الأصحاب مع إنها مرسلة مخالفة للأصل (2)
والأقوى تخيير الولي في تصديق أيهما شاء والاستيفاء منه كما سبق (3).
وعلى المشهور (4) لو لم يكن بيت مال كهذا الزمان أشكل درء
القصاص عنهما، وإذهاب حق المقر له، مع إن مقتضى التعليل ذلك (5).
ولو لم يرجع الأول عن إقراره فمقتضى التعليل بقاء الحكم أيضا (6)
والمختار التخيير مطلقا (7).
(وأما البينة فعدلان ذكران). ولا عبرة بشهادة النساء، منفردات
ولا منضمات، ولا بالواحد مع اليمين، لأن متعلقهما (8) المال وإن عفى
70

المستحق (1) على مال. وقيل: بالشاهد والمرأتين الدية (2) وهو شاذ.
(ولتكن الشهادة صافية عن الاحتمال، فلو قال: جرحه، لم يكف
حتى يقول: مات من جرحه)، لأن الجرح لا يستلزم الموت مطلقا (3).
(ولو قال: أسال دمه، تثبت الدامية (4) خاصة)، لأنها المتيقن
من إطلاق اللفظ (5)، ثم يبقى الكلام في تعيين الدامية فإن استيفاءها
مشروط بتعيين محلها فلا يصح بدونه (6).
(ولا بد من توافقهما (7) على الوصف الواحد) الموجب لاتحاد الفعل
(فلو اختلفا زمانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله غدوة، والآخر عشية
(أو مكانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله في الدار، والآخر في السوق (أو آلة) (8)
بأن شهد أحدهما أنه قتله بالسكين والآخر بالسيف (بطلت الشهادة)
لأنها شهادة على فعلين، ولم يقم على كل واحد إلا شاهد واحد ولا يثبت
بذلك لوث (9) على الأقوى للتكاذب. نعم لو شهد أحدهما بإقراره.
71

والآخر بالمشاهدة لم يثبت (1) وكان لوثا، لامكان صدقهما، وتحقق
الظن به.
(وأما القسامة فتثبت مع اللوث، ومع عدمه: يحلف المنكر
يمينا واحدة) على نفي الفعل (فإن نكل) عن اليمين (حلف المدعي
يمينا واحدة) بناء على عدم القضاء بالنكول (2) (ويثبت الحق) على المنكر
بيمين المدعي (ولو قضينا بالنكول قضي عليه) به (3) بمجرده.
(واللوث أمارة يظن بها صدق المدعي) فيما ادعاه من القتل (كوجود
ذي سلاح ملطخ بالدم عند قتيل في دمه) أما لو لم يوجد القتيل مهرق
الدم لم يكن وجود الدم مع ذي السلاح لوثا (أو وجد) القتيل (في دار
قوم أو قريتهم) حيث لا يطرقها غيرهم (أو بين قريتين) لا يطرقهما
غير أهلهما (وقربهما) إليه (سواء) ولو كان إلى إحداهما أقرب اختصت (4)
باللوث. ولو طرق القرية غير أهلها اعتبر في ثبوت اللوث (5) مع ذلك (6)
ثبوت العداوة بينهم وبينه (وكشهادة العدل) الواحد بقتل المدعى عليه به (7)
72

(لا الصبي ولا الفاسق) والكافر وإن كان مأمونا في مذهبه.
(أما جماعة النساء والفساق فتفيد (1) اللوث مع الظن) بصدقهم
ويفهم منه (2): إن جماعة الصبيان لا يثبت بهم اللوث، وهو كذلك،
إلا أن يبلغوا حد التواتر، وكذا الكفار (3) والمشهور (4) حينئذ ثبوته
بهم (5)، ويشكل (6) بأن التواتر يثبت القتل لأنه (7) أقوى من البينة
واللوث يكفي فيه الظن، وهو قد يحصل بدون تواترهم.
(ومن وجد قتيلا في جامع عظيم أو شارع) يطرقه غير منحصر
(أو في فلاة أو في زحام (8) على قنطرة (9)، أو جسر، أو بئر
أو مصنع (10)) غير مختص بمنحصر (فديته على بيت المال).
(وقدرها) أي قدر القسامة (خمسون يمينا بالله تعالى في العمد) إجماعا
(والخطأ) على الأشهر.
73

وقيل: خمسة وعشرون (1) لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق
عليه السلام (2) والأول (3) أحوط وأنسب بمراعاة النفس (4) [ولو تعدد
المدعى عليه فعلى كل واحد خمسون على الأقوى] (5).
يحلفها المدعي مع اللوث إن لم يكن له قوم (فإن كان للمدعي قوم)
والمراد بهم هنا أقاربه وإن لم يكونوا وارثين (6) (حلف كل) واحد (منهم
يمينا) إن كانوا خمسين.
(ولو زادوا) عنها (7) (اقتصر على) حلف (خمسين والمدعي
من جملتهم) ويتخيرون في تعيين الحالف منهم (8).
(ولو نقصوا عن الخمسين كررت عليهم) أو على بعضهم حسبما
يقتضيه العدد (9) إلى أن يبلغ الخمسين، وكذا لو امتنع بعضهم كررت
على الباذل متساويا ومتفاوتا (10) وكذا لو امتنع البعض من تكرير اليمين (11)
74

(وتثبت القسامة في الأعضاء بالنسبة) أي بنسبتها إلى النفس في الدية
فما فيه منها الدية (1) فقسامته خمسون كالنفس، وما فيه النصف (2)
فنصفها وهكذا (3).
وقيل: قسامة الأعضاء الموجبة للدية (4) ست أيمان وما نقص عنها
فبالنسبة (5). والأقوى الأول (6).
(ولو لم يكن له قسامة) أي قوم يقسمون فإن القسامة تطلق على
الأيمان وعلى المقسم وعدم القسامة إما لعدم القوم أو وجودهم مع عدم
علمهم بالواقعة فإن الحلف لا يصح إلا مع علمهم بالحال أو لامتناعهم
عنها تشهيا فإن ذلك غير واجب عليهم مطلقا (7) (أو امتنع) المدعي
(من اليمين) وإن بذلها قومه أو بعضهم (أحلف المنكر وقومه خمسين
يمينا) ببراءته (فإن امتنع) المنكر من الحلف أو بعضه (8) (ألزم الدعوى)
75

وإن بذلها قومه، بناء على القضاء بالنكول، أو بخصوص هذه المادة (1)
من حيث إن أصل اليمين هنا على المدعي وإنما انتقل إلى المنكر بنكوله (2)
فلا تعود إليه كما لا تعود من المدعي إلى المنكر بعد ردها عليه.
(وقيل) والقائل الشيخ في المبسوط: (له رد اليمين على المدعي)
كغيره من المنكرين (فيكفي) حينئذ اليمين (الواحدة) كغيره وهو
ضعيف لما ذكر (3).
(ويستحب للحاكم العظة) للحالف (قبل الأيمان) كغيره (4) بل هنا
أولى (وروى السكوني عن أبي عبد الله (ع) أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحبس
في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء أولياء المقتول ببينة وإلا خلى سبيله (5))
وعمل بمضمونها الشيخ. والرواية ضعيفة، والحبس تعجيل عقوبة لم يثبت
موجبها، فعدم جوازه أجود.
(الفصل الثاني في قصاص الطرف)
والمراد به ما دون النفس وإن لم يتعلق بالأطراف المشهورة (6)
76

(وموجبه) بكسر الجيم أي سببه (إتلاف العضو) وما في حكمه (1)
(بالمتلف غالبا) وإن لم يقصد الاتلاف (أو بغيره) أي غير المتلف غالبا
(مع القصد إلى الاتلاف) كالجناية على النفس.
(وشروطه: شروط قصاص النفس) من التساوي في الاسلام والحرية
أو كون المقتص منه أخفض (2) وانتفاء الأبوة إلى آخر ما فصل سابقا،
(ويزيد هنا) على شروط النفس اشتراط (التساوي) أي تساوي العضوين
المقتص به ومنه (في السلامة) أو عدمها أو كون المقتص منه أخفض
(فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء) وهي الفاسدة (ولو بذلها (3) أي
بذل اليد الصحيحة (الجاني)، لأن بذله لا يسوغ قطع ما منع الشارع من
قطعه، كما لو بذل قطعها بغير قصاص.
(وتقطع) اليد (الشلاء بالصحيحة (4)، لأنها دون حق المستوفى
(إلا إذا خيف) من قطعها (5) (السراية) إلى النفس، لعدم انحسامها (6)
(فتثبت الدية) حينئذ.
وحيث يقطع الشلاء يقتصر عليها، ولا يضم إليها أرش التفاوت.
(وتقطع اليمين باليمين لا باليسرى، ولا بالعكس (7) كما لا تقطع
77

السبابة بالوسطى ونحوها، ولا بالعكس (1).
(فإن لم تكن له) أي لقاطع اليمين (يمين فاليسرى فإن لم تكن له
يسرى فالرجل) اليمني فإن فقدت فاليسرى (على الرواية) التي رواها
حبيب السجستاني عن الباقر عليه السلام (2).
وإنما أسند الحكم (3) إليها (4)، لمخالفته للأصل من حيث عدم
المماثلة بين الأطراف خصوصا بين الرجل واليد، إلا أن الأصحاب تلقوها
بالقبول، وكثير منهم لم يتوقف في حكمها هنا. وما ذكرناه من ترتيب
الرجلين (5) مشهور، والرواية (6) خالية عنه (7)، بل مطلقة في قطع
الرجل لليد حيث لا يكون للجاني يد.
وعلى الرواية (8) لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه ورجلاه للأول
78

فالأول (1)، ثم تؤخذ الدية للمتخلف ولا يتعدى هذا الحكم (2) إلى غير
اليدين مما له يمين ويسار كالعينين والأذنين (3) وقوفا فيما خالف الأصل (4)
على موضع اليقين (5) وهو (6) الأخذ بالمماثل، وكذا ما ينقسم إلى أعلى
وأسفل كالجفنين والشفتين، لا يؤخذ الأعلى بالأسفل، ولا بالعكس (7).
(ويثبت) القصاص (في الحارصة (8)) من الشجاج (9)
(والباضعة (10) والسمحاق (11) والموضحة (12)) وسيأتي تفسيرها (13)
(ويراعى) في الاستيفاء (الشجة) العادية (طولا وعرضا) فيستوفى
79

بقدرها في البعدين (1) (ولا يعتبر قدر النزول مع صدق الاسم) أي اسم
الشجة المخصوصة من حارصة. وباضعة. وغيرها، لتفاوت الأعضاء بالسمن
والهزال. ولا عبرة باستلزام مراعاة الطول والعرض استيعاب رأس الجاني
لصغره دون المجني عليه، وبالعكس. نعم لا يكمل الزائد عنه (2) من القفا
ولا من الجبهة، لخروجهما عن موضع الاستيفاء، بل يقتصر على ما يحتمله
العضو ويؤخذ للزائد بنسبة المتخلف إلى أصل الجرح من الدية، فيستوفى
بقدر ما يحتمله الرأس من الشجة وينسب الباقي إلى الجميع، ويؤخذ للفائت
بنسبته، فإن كان الباقي ثلثا فله ثلث دية تلك الشجة وهكذا (3).
(ولا يثبت) القصاص (في الهاشمة (4)) للعظم (والمنقلة (5))
له (ولا في كسر العظام لتحقق التغرير) بنفس المقتص منه، ولعدم
إمكان استيفاء نحو الهاشمة والمنقلة من غير زيادة ولا نقصان.
(ويجوز) القصاص (قبل الاندمال (6)) أي اندمال جناية الجاني
لثبوت أصل الاستحقاق (وإن كان الصبر) إلى الاندمال (أولى) حذرا
من السراية الموجبة لتغير الحكم (7).
80

وقيل: لا يجوز، لجواز السراية الموجبة للدخول (1).
(ولا قصاص إلا بالحديد) لقوله صلى الله عليه وآله: لا قود
إلا بحديد (2)، (فيقاس الجرح) طولا وعرضا بخيط وشبهه (ويعلم (3)
طرفاه) في موضع الاقتصاص (ثم يشق من إحدى العلامتين إلى الأخرى)
ولا تجوز الزيادة فإن اتفقت عمدا اقتص من المستوفي، أو خطأ فالدية ويرجع
إلى قوله (4) فيهما بيمينه، أو لاضطراب المستوفى منه، فلا شئ لاستنادها (5) إلى تفريطه، وينبغي ربطه على خشبة ونحوها لئلا يضطرب حالة الاستيفاء.
(ويؤخر قصاص الطرف) من الحر والبرد (إلى اعتدال النهار)
حذرا من السراية.
(ويثبت القصاص في العين) للآية (6) (ولو كان الجاني بعين
واحدة والمجني عليه باثنين قلعت عين الجاني وإن استلزم عماه)، فإن الحق
أعماه، ولإطلاق قوله تعالى: (والعين بالعين) ولا رد.
(ولو انعكس بأن قلع عينه) أي عين ذي العين الواحدة (صحيح
العينين) فاذهب بصره (اقتص له بعين واحدة) لأن ذلك هو المماثل للجناية.
(قيل) والقائل ابن الجنيد والشيخ في أحد قوليه وجماعة:
(وله مع القصاص) على ذي العينين (نصف الدية) لأنه أذهب بصره
أجمع وفيه الدية، وقد استوفى منه ما فيه نصف الدية وهو العين الواحدة
81

فيبقى له النصف، ولرواية محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال:
(قضى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة
ففقئت، أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية وإن شاء
أخذ دية كاملة ويعفو عن عين صاحبه) (1) ومثلها رواية عبد الله بن الحكم
عن الصادق عليه السلام (2).
ونسبة المصنف الحكم إلى القيل مشعرة برده أو توقفه، ومنشؤه (3)
قوله تعالى (والعين بالعين) فلو وجب معها شئ آخر لم يتحقق ذلك (4)
خصوصا على القول بأن الزيادة على النص نسخ (5) وأصالة البراءة
من الزائد (6)، وإليه ذهب جماعة من الأصحاب منهم المحقق في الشرائع.
والعلامة في التحرير مع موافقته (7) في المختلف للأول (8) وتردده في باقي كتبه.
وللتوقف وجه وإن كان الأول (9) لا يخلو من قوة وهو اختيار
المصنف في الشرح (10).
82

وأجيب عن الآية بأن العين مفرد محلى فلا يعم (1)، والأصل يعدل
عنه للدليل (2).
وما قيل من أن الآية حكاية عن التوراة فلا يلزمنا مندفع بإقرارها
في شرعنا لرواية زرارة عن أحدهما (ع) (أنها محكمة) (3) ولقوله
تعالى بعدها: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الظالمون) (4) ومن للعموم، والظلم حرام، فتركه واجب، وهو لا يتم
إلا بالحكم بها (5).
وقد ينقدح الشك في الثاني (6) باحتمال كونه معطوفا على اسم
إن (7) فلا يدل على بقائه عندنا لولا النص على كونها محكمة (8).
(ولو ذهب ضوء العين مع سلامة الحدقة قيل) في طريق الاقتصاص
منه بإذهاب بصرها مع بقاء حدقتها: (طرح على الأجفان) أجفان الجاني
(قطن مبلول وتقابل بمرآة محماة مواجهة للشمس) بأن يفتح عينيه،
ويكلف النظر إليها (حتى يذهب الضوء) من عينه (وتبقى الحدقة).
83

والقول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور بين الأصحاب، ومستنده
رواية رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام (أن عليا عليه السلام فعل ذلك
في من لطم عين غيره فأنزل فيها الماء وأذهب بصرها) (1) وإنما حكاه
قولا للتنبيه على عدم دليل يفيد انحصار الاستيفاء فيه، بل يجوز بما يحصل
به الغرض من إذهاب البصر، وابقاء الحدقة بأي وجه اتفق، مع أن في طريق
الرواية ضعفا وجهالة يمنع من تعيين ما دلت عليه وإن كان جائزا.
(ويثبت) القصاص (في الشعر إن أمكن) الاستيفاء المماثل للجناية
بأن يستوفى ما ينبت على وجه ينبت (2)، وما لا ينبت كذلك (3) على وجه
لا يتعدى إلى فساد البشرة، ولا الشعر زيادة عن الجناية، وهذا أمر بعيد
ومن ثم منعه جماعة، وتوقف آخرون منهم العلامة في القواعد.
(ويقطع ذكر الشاب بذكر الشيخ، وذكر المختون بالأغلف، والفحل
بمسلول الخصيتين (4))، لثبوت أصل المماثلة، وعدم اعتبار زيادة المنفعة
ونقصانها، كما تقطع يد القوي بيد الضعيف، وعين الصحيح بالأعشى،
ولسان الفصيح بغيره. نعم لا يقطع الصحيح بالعنين (5)
84

ويثبت في العكس (1).
(وفي الخصيتين وفي إحداهما القصاص إن لم يخف) بقطع الواحدة
(ذهاب منفعة الأخرى)، فإن خيف فالدية، ولا فرق في جواز
الاقتصاص فيهما (2) بين كون الذكر صحيحا وعدمه، لثبوت أصل المماثلة (3).
(وتقطع الأذن الصحيحة بالصماء) لأن السمع منفعة أخرى خارجة
عن نفس الأذن، فليس الأمر كالذكر الصحيح والعنين، حتى لو قطع
أذنه فإن زال سمعه فهما جنايتان، نعم لا تؤخذ الصحيحة بالمخرومة (4)
بل يقتص إلى حد الخرم، ويؤخذ حكومة الباقي (5). أما الثقب فليس بمانع.
(والأنف الشام بالأخشم) بالمعجمتين وهو الذي لا يشم، لأن منفعة
الشم خارجة عن الأنف، والخلل في الدماغ، لا فيه (6). وكذا يستوي
الأقنى (7) والأفطس (8) والكبير (9) والصغير.
(واحد المنخرين بصاحبه (10) المماثل له في اليمين واليسار، كما يعتبر
85

ذلك (1) في نحوهما من الأذنين واليدين، وكما يثبت (2) في جميعه فكذا
في بعضه، لكن ينسب المقطوع إلى أصله ويؤخذ من الجاني بحسابه، لئلا
يستوعب بالبعض (3) أنف الصغير، فالنصف (4) بالنصف، والثلث (5)
بالثلث، وهكذا (6) (وتقلع السن بالسن المماثلة) كالثنية بالثنية (7)،
86

والرباعية بالرباعية (1) والضرس به (2).
وإنما يقتص إذا لم تعد المجني عليها (3)، ويقض (4) أهل الخبرة
بعودها (ولو عادت السن فلا قصاص) كما إنه لو قضي بعودها أخر
إلى أن يمضي مدة القضاء، فإن لم تعد اقتص، وإن (5) عادت بعده،
لأنها (6) حينئذ هبة جديدة، وعلى هذا (7) فيقتص وإن عادت (8)
على هذا الوجه (9) لأنها ليست بدلا عادة، بخلاف ما تقضي العادة
بعودها (10)، ولو انعكس الفرض بأن عادت سن الجاني بخلاف العادة
لم يكن للمجني عليه إزالتها، لما ذكر (11) (فإن عادت) السن المقضي
87

بعودها عادة (متغيرة فالحكومة) وهو الأرش، لتفاوت ما بينهما صحيحة
ومتغيرة كما هي.
(وينتظر بسن الصبي) الذي لم تسقط سنه ونبت بدلها، لقضاء
العادة بعودها (فإن لم تعد) على خلاف العادة (ففيها القصاص، وإلا
فالحكومة) وهو أرش ما بين كونه فاقد السن زمن ذهابها و واجدها،
ولو عادت متغيرة أو مائلة فعليه الحكومة الأولى (1) ونقص الثانية (2)
(ولو مات الصبي قبل اليأس من عودها فالأرش).
(ولا تقلع سن بضرس)، ولا ثنية برباعية، ولا بناب (3)،
(ولا بالعكس) وكذا يعتبر العلو. والسفل. واليمين. واليسار. وغيرها
من الاعتبارات المماثلة.
(ولا أصلية (4) بزائدة، ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحل)
بل الحكومة (5) فيهما، ولو اتحد المحل قلعت (6) (وكل عضو وجب
القصاص فيه لو فقد انتقل إلى الدية)، لأنها قيمة العضو حيث لا يمكن
استيفاؤه.
(ولو قطع إصبع رجل، ويد آخر) مناسبة لذات الإصبع (7)
88

(اقتص لصاحب الإصبع إن سبق) في الجناية، لسبق استحقاقه إصبع
الجاني قبل تعلق حق الثاني باليد المشتملة عليها (1) (ثم يستوفى لصاحب
اليد) الباقي من اليد ويؤخذ دية الإصبع، لعدم استيفاء تمام حقه فيدخل
فيما تقدم من القاعدة (2)، لوجوب الدية لكل عضو مفقود (ولو بدأ)
الجاني (بقطع اليد قطعت يده) للجناية الأولى (وألزمه الثاني دية إصبع)
لفوات محل القصاص.
(الفصل الثالث في اللواحق)
(الواجب في قتل العمد والقصاص، لا أحد الأمرين من الدية والقصاص)
كما زعمه بعض العامة، لقوله تعالى: (النفس بالنفس) (3) وقوله:
(كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر) (4) الآية،
وصحيحة الحلبي (5)، وعبد الله (6) بن سنان عن الصادق عليه السلام
89

قال: من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا
الدية فإن رضوا بالدية واجب ذلك القاتل فالدية، إلى آخره.
(نعم لو اصطلحا على الدية جاز) للخبر (1)، ولأن القصاص حق
فيجوز الصلح على اسقاطه بمال (ويجوز الزيادة عنها) أي عن الدية
(والنقيصة مع التراضي) أي تراضي الجاني والولي، لأن الصلح إليهما فلا يتقدر
إلا برضاهما (2) (وفي وجوبها) أي الدية (على الجاني بطلب الولي وجه)
بل قول لابن الجنيد (لوجوب حفظ نفسه الموقوف على بذل الدية) فيجب
مع القدرة، ولرواية الفضيل عن الصادق عليه السلام قال: (والعمد هو
القود، أو رضى ولي المقتول) (3). ولا بأس به وعلى التعليل (4) لا يتقدر
بالدية، بل لو طلب منه أزيد وتمكن منه وجب.
(ولو جني على الطرف ومات واشتبه استناد الموت إلى الجناية
فلا قصاص في النفس)، للشك في سببه، بل في الطرف خاصة.
(ويستحب إحضار شاهدين عند الاستيفاء احتياطا) في إيقاعه على
الوجه المعتبر (وللمنع من حصول الاختلاف (5) في الاستيفاء) فينكره
الولي فيدفع بالبينة.
(وتعتبر الآلة) أي تختبر بوجه يظهر حالها (حذرا من) أن يكون
90

قد وضع المستوفي فيها (السم وخصوصا في الطرف)، لأن البقاء معه (1)
مطلوب والسم ينافيه غالبا (فلو حصل منها) أي من الآلة المقتص بها في
الطرف (جناية بالسم ضمن المقتص) (2) إن علم به، ولو كان القصاص
في النفس أساء واستوفي ولا شئ عليه (3).
(ولا يقتص إلا بالسيف فيضرب العنق لا غير) إن كان الجاني
أبانه (4)، وإلا (5) ففي جوازه نظر من (6) صدق استيفاء النفس بالنفس
وزيادة (7) الاستيفاء وبقاء (8) حرمة الآدمي بعد موته، واستقرب
91

في القواعد المنع (1).
(ولا يجوز التمثيل به) أي بالجاني بأن يقطع بعض أعضائه (ولو كانت
جنايته تمثيلا أو) وقعت (بالتغريق والتحريق والمثقل (2)) بل يستوفى
جميع ذلك بالسيف.
وقال ابن الجنيد: يجوز قتله بمثل القتلة التي قتل بها، لقوله تعالى:
(بمثل ما اعتدى عليكم) (3) وهو متجه لولا الاتفاق على خلافه.
(نعم قد قيل) والقائل الشيخ في النهاية وأكثر المتأخرين: إنه
مع جمع الجاني بين التمثيل بقطع شئ من أعضائه وقتله (يقتص) الولي
منه (في الطرف، ثم يقتص في النفس إن كان الجاني فعل ذلك بضربات)
متعددة، لأن ذلك بمنزلة جنايات متعددة وقد وجب القصاص بالجناية
الأولى، فيستصحب، ولرواية محمد بن قيس (4) عن أحدهما عليهما السلام
ولو فعل ذلك (5) بضربة واحدة لم يكن عليه أكثر من القتل.
وقيل: يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس مطلقا (6) ذهب
92

إليه (1) الشيخ في المبسوط والخلاف، ورواه (2) أبو عبد الله عن الباقر
عليه السلام. والأقرب الأول (3).
(ولا يقتص بالآلة الكالة) التي لا تقطع أو لا تقتل إلا بمبالغة كثيرة
لئلا يتعذب المقتص منه سواء في ذلك النفس والطرف (فيأثم) المقتص (4)
(لو فعل) ولا شئ عليه سواه (5).
(ولا يضمن المقتص (6) سراية القصاص) لأنه فعل سائغ فلا يتعقبه
ضمان، ولقول الصادق عليه السلام في حسنة الحلبي: (أيما رجل قتله
الحد في القصاص فلا دية له) (7)، وغيرها.
وقيل: ديته في بيت المال استنادا إلى خبر ضعيف (8).
(ما لم يتعد) حقه فيضمن حينئذ الزائد قصاصا، أو دية.
(وأجرة المقتص من بيت المال)، لأنه من جملة المصالح (فإن فقد)
بيت المال (أو كان هناك) ما هو (أهم منه) كسد ثغر، ودفع عدو
ولم يسع لهما (9) (فعل الجاني)، لأن الحق لازم له فتكون مؤنته عليه.
93

وقيل: على المجني عليه، لأنه لمصلحته.
(ويرثه) أي القصاص (وإرث المال) مطلقا (1) (إلا الزوجين)
لعموم آية أولي الأرحام خرج منه الزوجان بالاجماع فيبقى الباقي.
(وقيل: ترثه العصبة) وهم الأب ومن تقرب به (لا غير) دون
الأخوة والأخوات من الأم ومن يتقرب بها من الخؤولة وأولادهم.
وفي ثالث (2) يختص المنع بالنساء لرواية أبي العباس عن الصادق عليه السلام (3)
والأول (4) أقوى.
(ويجوز للولي الواحد المبادرة) إلى الاقتصاص من الجاني (من غير
إذن الإمام)، لقوله تعالى: (فقد جعلنا لوليه سلطانا) (5)، لأنه
حقه، والأصل براءة الذمة من توقف استيفاء الحق على استئذان غير
المستحق (وإن كان استيذانه أولى) لخطره (6)، واحتياجه إلى النظر (7)
(وخصوصا في قصاص الطرف)، لأن الغرض معه بقاء النفس، ولموضع
الاستيفاء حدود لا يؤمن من تخطيها لغيره (8). وذهب جماعة إلى وجوب
استيذانه مطلقا (9).
94

فيعزر (1) لو استقل واعتد به (2).
(وإن كانوا جماعة توقف) الاستيفاء (على إذنهم أجمع)، سواء
كانوا حاضرين أم لا، لتساويهم في السلطان، ولاشتراك الحق فلا يستوفيه
بعضهم، لأن القصاص موضوع للتشفي ولا يحصل بفعل البعض.
(وقيل) والقائل به جماعة منهم الشيخ والمرتضى مدعين الاجماع:
(للحاضر) من الأولياء (الاستيفاء) من غير ارتقاب حضور الغائب ولا
استيذانه (ويضمن) المستوفي (حصص الباقين من الدية) لتحقق الولاية
للحاضر فيتناوله العموم (3)، ولبناء القصاص على التغليب (4)، ومن ثم
لا يسقط بعفو البعض على مال أو مطلقا (5)، بل للباقين الاقتصاص
مع أن القاتل قد أحرز بعض نفسه (6) فهنا أولى (7).
95

وتظهر الفائدة (1) في تعزير المبادر إليه وعدمه، أما قتله فلا، لأنه
مهدر بالنسبة إليه.
(ولو كان الولي صغيرا وله أب أو جد لم يكن له) أي لوليه
من الأب والجد (الاستيفاء إلى بلوغه)، لأن الحق له ولا يعلم ما يريده
حينئذ (2)، ولأن الغرض التشفي ولا يتحقق بتعجيله قبله وحينئذ (3)
فيحبس القاتل حتى يبلغ (4).
(وقيل) والقائل الشيخ وأكثر المتأخرين: (تراعى المصلحة)
فإن اقتضت تعجيله جاز، لأن مصالح الطفل منوطة بنظر الولي، ولأن
التأخير ربما استلزم تفويت القصاص. وهو أجود.
(وفي حكمه (5) المجنون).
(ولو صالحه (6) بعض) الأولياء (7) (على الدية لم يسقط القود
عنه (8) للباقين على الأشهر) لا نعلم فيه (9) خلافا. وقد تقدم ما يدل
96

عليه (1) ورواه (2) الحسن بن محبوب عن أبي ولاد عن أبي عبد الله
عليه السلام في رجل قتل وله أب وأم وابن؟ فقال الابن: أنا أريد أن أقتل
قاتل أبي، وقال الأب: أنا أعفو، وقالت الأم: أنا آخذ الدية! قال:
(فليعط الابن أم المقتول السدس من الدية، ويعطي (3) ورثة القاتل
السدس من الدية حق الأب (4) الذي عفا عنه وليقتله (5)، وكثير
من الأصحاب لم يتوقف في الحكم.
وإنما نسبه المصنف إلى الشهرة لورود روايات بسقوط القود، وثبوت
الدية كرواية زرارة عن الباقر عليه السلام (6).
(و) على المشهور (يردون) أي من يريد القود (عليه) أي
على المقتول (نصيب المصالح) من الدية وإن كان قد صالح على أقل
من نصيبه، لأنه قد ملك من نفسه بمقدار النصيب فيستحق ديته.
(ولو اشترك الأب (7) والأجنبي في قتل الولد اقتص من الأجنبي
ورد الأب نصف الدية عليه) (8) وكذا لو اشترك المسلم والكافر في قتل
97

الذمي فيقتل الكافر إن شاء الولي (1) ويرد المسلم نصف ديته (2) (وكذا
الكلام في) اشتراك (العامد والخاطئ) فإنه يجوز قتل العامد بعد أن يرد
عليه نصف ديته (3) (والراد هنا العاقلة): عاقلة الخاطئ لو كان الخطأ
محضا ولو كان شبيه عمد فالخاطئ.
(ويجوز للمحجور عليه) للسفه والفلس (استيفاء القصاص إذا كان
بالغا عاقلا)، لأن القصاص ليس بمال فلا يتعلق به الحجر فيهما (4)،
ولأنه موضوع للتشفي وهو أهل له، (ويجوز له العفو) أيضا عنه (والصلح
على مال) لكن لا يدفع إليه (5).
(وفي جواز استيفاء) ولي المقتول مديونا (6) (القصاص من دون
ضمان الدين (7) على الميت قولان) أصحهما الجواز، لأن موجب العمد
القصاص، وأخذ الدية اكتساب، وهو غير واجب على الوارث في دين
مورثه، ولعموم الآية (8). وذهب الشيخ وجماعة إلى المنع استنادا إلى
98

روايات (1) مع سلامة سندها لا تدل على مطلوبهم (2).
(ويجوز التوكيل في استيفائه)، لأنه من الأفعال التي تدخلها النيابة
إذ لا تعلق لغرض الشارع فيه بشخص معين (فلو عزله) الموكل (واقتص)
الوكيل (ولما يعلم (3)) بالعزل (فلا شئ عليه) من قصاص ولا دية
لأن الوكيل لا ينعزل إلا مع علمه بالعزل كما تقدم (4) فوقع استيفاؤه موقعه.
أما لو عفى الموكل فاستوفى الوكيل بعده قبل العلم فلا قصاص أيضا
لكن عليه الدية لمباشرته، وبطلان وكالته بالعفو، كما لو اتفق الاستيفاء
بعد موت الموكل، أو خروجه عن أهلية الوكالة، ويرجع (5) بها على الموكل
لغروره بعدم إعلامه بالعفو، وهذا (6) يتم مع تمكنه من الاعلام، وإلا
فلا غرور، ويحتمل حينئذ (7) عدم وجوبها (8) على الوكيل، لحصول
99

العفو بعد وجود سبب الهلاك (1) كما لو عفى بعد رمي السهم.
(ولا يقتص من الحامل حتى تضع) وترضعه اللباء (2) مراعاة لحق
الولد (ويقبل قولها في الحمل وإن لم تشهد القوابل) به، لأن له إمارات
قد تخفى على غيرها، وتجدها من نفسها فتنتظر المخيلة إلى أن تستبين الحال.
وقيل: لا يقبل قولها مع عدم شهادتهن (3)، لأصالة عدمه (4)،
ولأن فيه دفعا للولي عن السلطان (5) الثابت له بمجرد الاحتمال (6) والأول
أجود، ولا يجب الصبر بعد ذلك (8) إلا أن تتوقف حياة الولد على
إرضاعها فينتظر مقدار ما تندفع حاجته (9).
(ولو هلك قاتل العمد، فالمروي) عن الباقر والصادق عليهما السلام (10)
(أخذ الدية من ماله، وإلا يكن) له مال (فمن الأقرب) إليه (فالأقرب)
100

وإنما نسب الحكم إلى الرواية لقصورها عنه (1) من حيث السند فإنهما روايتان
في إحداهما ضعف، وفي الأخرى إرسال (2) لكن عمل بها (3) جماعة،
بل قيل إنه إجماع ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله: (لا يطل دم امرء
مسلم) (4) وذهب ابن إدريس إلى سقوط القصاص لا إلى بدل (5)
لفوات محله بل ادعى عليه الاجماع وهو غريب (6).
واعلم أن الروايتين دلتا على وجوب الدية على تقدير هرب القاتل
إلى أن مات (7). والمصنف جعل متعلق المروي هلاكه مطلقا (8) وليس
كذلك مع أنه في الشرح أجاب عن حجة المختلف (بوجوب الدية من حيث
101

إنه فوت العوض مع مباشرة إتلاف العوض فيضمن البدل) (1) بأنه
لو مات فجأة أو لم يمتنع من القصاص ولم يهرب حتى مات لم يتحقق
منه تفويت (2). قال (3): اللهم إلا أن تخصص الدعوى بالهارب فيموت.
وبه (4) نطقت الرواية، وأكثر كلام الأصحاب، وهذا مخالف لما أطلقه
هنا (5) كما لا يخفى.
102

كتاب الديات
103

(كتاب الديات)
الديات جمع دية والهاء، عوض عن واو فاء الكلمة (1) يقال:
وديت القتيل: أعطيت ديته (وفيه فصول أربعة):
(الأول)
(في مورد الدية) بفتح الميم وهو موضع ورودها مجازا (2). والمراد
بيان ما تجب فيه الدية من أنواع القتل (إنما تثبت الدية بالأصالة في الخطأ)
المحض (وشبهه) (3) وهو العمد الذي يشبه الخطأ. واحترز بالأصالة
عما لو وجبت صلحا فإنها تقع حينئذ عن العمد (4) (فالأول) (5) وهو
الخطأ المحض (مثل أن يرمي حيوانا فيصيب انسانا، أو انسانا معينا فيصيب غيره)
105

ومرجعه إلى عدم قصد الانسان (2)، أو الشخص (3). والثاني (4)
لازم للأول.
(والثاني) وهو الخط الشبيه بالعمد، وبالعكس (5): أن يقصدهما (6)
بما لا يقتل غالبا وإن لم يكن (7) عدوانا (مثل أن يضرب للتأديب)
ضربا لا يقتل عادة (فيموت) المضروب.
(والضابط) في العمد وقسيميه (8): (إن العمد هو أن يتعمد
الفعل والقصد) بمعنى أن يقصد قتل الشخص المعين (9).
106

وفي حكمه (1) تعمد الفعل، دون القصد إذا كان الفعل مما يقتل غالبا
كما سبق (2).
(والخطأ المحض أن لا يتعمد فعلا ولا قصدا) بالمجني عليه وإن
قصد الفعل في غيره (3).
(و) الخطأ (الشبيه بالعمد أن يتعمد الفعل) ويقصد إيقاعه
بالشخص المعين (ويخطئ في القصد إلى القتل) أي لا يقصد، مع أن الفعل
107

لا يقتل غالبا (1). (فالطبيب (2) يضمن في ماله ما يتلف بعلاجه)
نفسا وطرفا (3)، لحصول التلف المستند إلى فعله، ولا يطل (4)
دم امرء مسلم، ولأنه (5) قاصد إلى الفعل مخطئ في القصد (6). فكان
فعله شبيه عمد (وإن احتاط واجتهد وأذن المريض)، لأن ذلك (7)
لا دخل له في عدم الضمان هنا (8)، لتحقق الضمان مع الخطأ المحض.
فهنا أولى وإن اختلف الضامن (9).
108

وقال ابن إدريس: لا يضمن مع العلم (1) والاجتهاد، للأصل (2)
ولسقوطه (3) بإذنه، ولأنه (4) فعل سائغ شرعا فلا يستعقب ضمانا.
وفيه (5) أن أصالة البراءة تنقطع بدليل الشغل. والإذن (6) في العلاج
109

لا في الاتلاف، ولا منافاة (1) بين الجواز والضمان، كالضارب للتأديب
وقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام ضمن ختانا قطع حشفة غلام (2)
والأولى الاعتماد على الاجماع (3) فقد نقله المصنف في الشرح وجماعة
لا على الرواية (4) لضعف سندها بالسكوني.
(ولو أبرأه) المعالج (5) من الجناية قبل وقوعها (فالأقرب
الصحة)، لمسيس الحاجة إلى مثل ذلك (6) إذ لا غنى عن العلاج.
وإذا عرف الطبيب أنه لا مخلص له عن الضمان توقف عن العمل
110

مع الضرورة إليه (1)، فوجب في الحكمة شرع الابراء (2). دفعا
للضرورة (3)، ولرواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال
أمير المؤمنين عليه السلام: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه
وإلا فهو ضامن) (4) وإنما ذكر (5) الولي، لأنه هو المطالب على تقدير
التلف (6) فلما شرع الابراء قبل الاستقرار (7) صرف (8) إلى من يتولى
المطالبة. وظاهر العبارة (9) أن المبرئ المريض. وحكمه (10) كذلك
للعلة الأولى (11).
ويمكن بتكلف إدخاله (12) في الولي.
111

أو (1) لأن المجني عليه إذا أذن في الجناية سقط ضمانها فكيف
بإذنه (2) في المباح (3) المأذون في فعله.
ولا يخفى عليك: ضعف هذه الأدلة فإن الحاجة لا تكفي في شرعية
الحكم (4) بمجردها (5)، مع قيام الأدلة (6) على خلافه. والخبر (7)
سكوني، مع أن البراءة (8) حقيقة لا تكون إلا بعد ثبوت الحق، لأنها
اسقاط لما في الذمة من الحق (9) وينبه عليه (10) أيضا أخذها من الولي
إذ لا حق له قبل الجناية وقد لا يصار إليه (11) بتقدير عدم بلوغها القتل
112

إذا أدت إلى الأذى. ومن ثم (1) ذهب ابن إدريس إلى عدم صحتها (2)
قبله. وهو حسن (والنائم يضمن) ما يجنيه (3) (في مال العاقلة) لأنه مخطئ
في فعله وقصده. فيكون خطأ محضا.
(وقيل) والقائل الشيخ رحمه الله: إنه يضمنه (في ماله) (4) جعلا
له (5) من باب الأسباب، لا الجنايات والأقوى الأول (6) اطرادا (7) للقاعدة.
(وحامل المتاع يضمن لو أصاب به انسانا في ماله) (8). أما أصل
الضمان فلاستناد تلفه إلى فعله (9)، وأما كونه في ماله فلقصده الفعل الذي
هو سبب الجناية (10).
113

ويشكل (1) إذا لم يقصد الفعل (2) بالمجني عليه. فإنه حينئذ يكون
خطأ محضا كما مر (3)، إلا أنهم أطلقوا الحكم (4) هنا.
(وكذا) يضمن (المعنف (5) بزوجته جماعا) قبلا، أو دبرا (أو ضما فيجني عليها) في
ماله (6) أيضا، وهو واضح، لقصده الفعل وإنما أخطأ في القصد (7) وكذا
القول في الزوجة إذا أعنفت به (8).
وللشيخ قول بأنهما إن كانا مأمونين (9) فلا شئ عليهما، وإن كانا
114

متهمين فالدية. استنادا إلى رواية مرسلة (1). والأقوى الأول (2)، لرواية (3)
سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام، ولتحقق الجناية وليست بخطأ
محض، ونفي التهمة (4) ينفي العمد، لا أصل القتل.
(والصائح بالطفل، أو المجنون، أو المريض) مطلقا (5) (أو الصحيح
على حين غفلة يضمن) في ماله أيضا، لأنه خطأ مقصود.
(وقيل) والقائل الشيخ في المبسوط: إن الضامن (عاقلته) جعلا
له من قبيل الأسباب (6).
115

وهو ضعيف (1)، ولأن ضمان الغير جناية غيره على خلاف الأصل.
فلا يصار إليه بمثل ذلك (2).
ولو كان الصياح بالصحيح الكامل على غير غفلة فلا ضمان لأنه ليس
من أسباب الاتلاف، بل هو اتفاقي، لا بسبب الصيحة، إلا أن يعلم استناده
إليها فالدية.
(والصادم) لغيره (يضمن في ماله دية المصدوم)، لاستناد التلف
إليه مع قصد الفعل (ولو مات الصادم فهدر) لموته بفعل نفسه إن كان
المصدوم في ملكه (3) أو مباح، أو طريق واسع.
(ولو وقف المصدوم في موضع ليس له الوقوف فيه) فمات الصادم
بصدمه (ضمن) المصدوم (الصادم)، لتعديه بالوقوف فيما ليس له الوقوف
فيه (إذا لم يكن له) أي للصادم (مندوحة) في العدول عنه كالطريق الضيق.
(ولو تصادم حران فماتا فلورثة كل) واحد منهما (نصف ديته (4)
ويسقط النصف)، لاستناد موت كل منهما إلى سببين: أحدهما من فعله،
والآخر من غيره فيسقط ما قابل فعله وهو النصف.
116

(ولو كانا فارسين) بل مطلق الراكبين (كان على كل منهما) مضافا
إلى نصف الدية (نصف قيمة فرس الآخر) إن تلفت بالتصادم (ويقع
التقاص) في الدية والقيمة ويرجع صاحب الفضل (1).
هذا (2) إذا استند الصدم إلى اختيارهما، أما لو غلبتهما الديتان احتمل
كونه كذلك (3). إحالة (4) على ركوبهما مختارين فكان السبب من فعلهما،
وإهدار (5) الهالك إحالة على فعل الدابتين. ولو كان أحدهما (6) فارسا،
117

والآخر راجلا ضمن الراجل نصف دية الفارس، ونصف قيمة فرسه (1)
والفارس (2) نصف دية الراجل، ولو كانا (3) صبيين والركوب منهما
فنصف دية كل على عاقلة الآخر، لأن فعلهما خطأ مطلقا (4)، وكذا
لو أركبهما وليهما (5)، ولو أركبهما أجنبي ضمن ديتهما معا (6).
(ولو كانا (7) عبدين بالغين فهدر)، لأن نصيب كل منهما هدر وما (8)
118

على صاحبه فات بموته لا يضمنه المولى. ولو مات أحدهما خاصة تعلقت قيمته
برقبة الحي. فإن هلك قبل استيفائهما منه فاتت (1)، لفوات محلها (2)،
ولو كان أحدهما حرا، والآخر عبدا فماتا تعلقت نصف دية الحر برقبة العبد،
وتعلقت نصف قيمة العبد بتركة الحر فيتقاصان (3). ولو مات أحدهما خاصة
119

تعلقت جناية بالآخر كما مر.
(ولو قال الرامي حذار) بفتح الحاء وكسر آخره مبنيا عليه (1).
هذا هو الأصل في الكلمة، لكن ينبغي أن يراد هنا ما دل على معناها (2)
(فلا ضمان) مع سماع المجني عليه، لما روي من حكم أمير المؤمنين عليه الصلاة
والسلام فيه (3). وقال: قد أعذر من حذر (4)، ولو لم يقل: حذار،
أو قالها في وقت لا يتمكن المرمي من الحذر، أو لم يسمع فالدية
على عاقلة الرامي.
(ولو وقع من علو على غيره) قاصدا للوقوع عليه (ولم يقصد
القتل فقتل فهو شبيه عمد) يلزمه الدية في ماله (إذا كان الوقوع لا يقتل
غالبا)، وإلا فهو عامد (5). (وإن وقع مضطرا) إلى الوقوع، (أو قصد
الوقوع على غيره)، أو لغير ذلك (6) (فعلى العاقلة) دية جنايته، لأنه
خطأ محض. حيث لم يقصد الفعل الخاص المتعلق بالمجني عليه وإن قصد غيره.
(أما لو ألقته الريح، أو زلق) فوقع بغير اختياره (فهدر جنايته)
على غيره (ونفسه).
120

وقيل: تؤخذ دية المجني عليه من بيت المال (ولو دفع) الواقع
من إنسان غيره (ضمنه (1) الدافع وما يجنيه (2)) لكونه سببا في الجنايتين.
وقيل: دية الأسفل على الواقع (3) ويرجع (4) بها على الدافع،
لصحيحة (5) عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام. والأول (6) أشهر.
(وهنا مسائل)
(الأولى من دعا غيره ليلا فأخرجه من منزله) بغير سؤاله (7)،
121

(فهو ضامن له إن وجد مقتولا، بالدية (1) على الأقرب) أما ضمانه
في الجملة (2) فهو موضع وفاق، ورواه عبد الله بن ميمون عن الصادق
عليه السلام قال: إذا دعا الرجل أخاه بالليل فهو ضامن له حتى يرجع
إلى بيته (3)، ورواه عبد الله بن المقدام عنه عليه السلام في حديث طويل
وفيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل من طرق رجلا بالليل
فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه رده إلى منزله (4).
وأما ضمانه بالدية فللشك في موجب (5) القصاص فينتفي (6) للشبهة
والضمان المذكور في الأخبار (7) يتحقق بضمان الدية، لأنها بدل النفس.
وأما تخصيصه (8) الضمان بما لو وجد مقتولا فلأصالة البراءة
من الضمان دية ونفسا (9) حتى يتحقق سببه (10) وهو (11) في غير حالة
122

القتل مشكوك فيه.
(ولو وجد ميتا ففي الضمان نظر) من (1) إطلاق الأخبار وفتوى (2)
الأصحاب ضمانه الشامل لحالة الموت، بل للشك فيه (3). ومن (4) أصالة
البراءة، والاقتصار في الحكم (5) المخالف للأصل على موضع اليقين وهو
القتل (6)، ولأنه مع الموت لم يوجد أثر القتل، ولا لوث (7)، ولا تهمة
123

وعلى تقديرها (1) فحكمه حكم اللوث، لا أنه يوجب الضمان مطلقا (2)
وإلى الضمان (3) ذهب الأكثر، بل حكموا به (4) مع اشتباه حاله.
ثم اختلفوا في أن ضمانه (5) مطلقا هل هو بالقود، أو بالدية.
فذهب الشيخ وجماعة إلى ضمانه بالقود إن وجد مقتولا، إلا أن يقيم البينة
على قتل غيره (6) له، والدية إن لم يعلم قتله. (7)
واختلف كلام المحقق فحكم في الشرائع بضمانه بالدية أن وجد مقتولا
وعدم الضمان لو وجد ميتا. وفي النافع (8) بضمانه بالدية فيهما (9)،
124

وكذلك (1) العلامة فحكم في التحرير بضمان الدية مع فقده، أو قتله حيث
لا يقيم البينة على غيره (2)، وبعدمها لو وجد ميتا. وفي المختلف (3)
بالدية مع فقده وبالقود إن وجد مقتولا مع التهمة والقسامة، إلا أن يقيم
البينة على غيره، وبالدية إن وجد ميتا مع دعواه موته حتف أنفه، ووجود
اللوث (4)، وقسامة الوارث وتوقف في القواعد والارشاد في الضمان
مع الموت.
والأجود في هذه المسألة: الاقتصار بالضمان على موضع الوفاق (5)
لضعف أدلته (6) فإن في سند الخبرين (7) من لا تثبت عدالته، والمشترك (8)
بين الضعيف والثقة، وأصالة البراءة تدل على عدم الضمان في موضع
125

الشك (1) مع مخالفة حكم (2) المسألة للأصل من (3) ضمان الحر باثبات
اليد عليه، واللازم من ذلك (4): ضمانه بالدية إن وجد مقتولا ولا لوث
هناك (5). وإلا (6) فبموجب ما أقسم عليه الولي من (7) عمد، أو خطأ
ومع عدم قسامته (8) يقسم المخرج، وعدم (9) ضمانه إن وجد ميتا،
126

للشك (1) مع احتمال موته حتف أنفه، ومن يعتمد الأخبار (2) يلزمه
الحكم بضمانه (3) مطلقا إلى أن يرجع (4) لدلالتها (5) على ذلك.
ثم يحتمل كونه (6) القود مطلقا، لظاهر الرواية (7)، والدية (8)
127

لما مر، والتفصيل (1)، ولا فرق في الداعي (2) بين الذكر والأنثى (3)،
والكبير والصغير (4)، والحر والعبد (5)، للعموم (6)، أو الإطلاق (7)
ولا بين أن يعلم سبب الدعاء، وعدمه، ولا بين أن يقتل بسبب الدعاء
وعدمه، ولا في المنزل بين البيت وغيره، ويختص الحكم (8) بالليل فلا
يضمن المخرج نهارا، وغاية الضمان (9) وصوله إلى منزله وإن خرج بعد
ذلك، ولو ناداه وعارض عليه الخروج مخيرا له من غير دعاء ففي الحاقه
128

بالاخراج نظر (1): وأصالة البراءة تقتضي العدم (2) مع أن الاخراج
والدعاء لا يتحقق بمثل ذلك (3).
(ولو كان اخراجه بالتماسه (4) الدعاء فلا ضمان)، لزوال التهمة،
وأصالة البراءة. ويحتمل الضمان، لعموم النص (5) والفتوى، وتوقف المصنف
في الشرح (6) هنا، وجعل السقوط (7) احتمالا، وللتوقف مجال حيث
يعمل بالنص (8)،
129

وإلا (1) فعدم الضمان أقوى.
نعم لا ينسحب الحكم لو دعا غيره (2) فخرج هو قطعا، لعدم تناول
النص (3) والفتوى له. ولو تعدد الداعي اشتركوا في الضمان حيث يثبت (4)
قصاصا ودية كما لو اشتركوا في الجناية، ولو كان المدعو جماعة ضمن الداعي
مطلقا (5) كل واحد منهم باستقلاله على الوجه الذي فصل (6).
(الثانية لو انقلبت الظئر) بكسر الظاء المشالة فالهمز ساكنا:
المرضعة (7) غير ولدها (فقتلت الولد) بانقلابها نائمة (ضمنته في مالها
130

إن كان) فعلها المظاءرة وقع (للفخر) به (1) (وإن كان للحاجة)
والضرورة إلى الأجرة والبر (2) (فهو) أي الضمان لديته (على عاقلتها).
ومستند التفصيل (3) رواية عبد الرحمان بن سالم عن الباقر عليه السلام
قال: أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه فقتلته فإنما
عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظائرت طلب العز والفخر،
وإن كانت إنما ظائرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها (4)، وفي سند
الرواية (5) ضعف، أو جهالة تمنع من العمل بها وإن كانت مشهورة،
مع مخالفتها (6) للأصول من (7) إن قتل النائم خطأ على العاقلة أو في ماله
على ما تقدم (8).
131

والأقوى أن ديته (1) على العاقلة مطلقا (ولو أعادت الولد فأنكره
أهله صدقت)، لصحيحة الحلبي (2) عن أبي عبد الله عليه السلام، ولأنها
أمينة (إلا مع كذبها) يقينا (فيلزمها الدية حتى تحضره أو من (3) يحتمله)
لأنها لا تدعي موته وقد تسلمته فيكون في ضمانها، ولو ادعت الموت
فلا ضمان، وحيث تحضر من يحتمله يقبل (4) وإن كذبت سابقا، لأنها
أمينة لم يعلم كذبها ثانيا.
(الثالثة لو ركبت جارية أخرى فنخستها (5) ثالثة فقمصت (6)
132

المركوبة) أي نفرت ورفعت يديها وطرحتها (فصرعت الراكبة فماتت
فالمروي (1)) عن أمير المؤمنين عليه السلام بطريق ضعيف (وجوب ديتها
على الناخسة والقامصة نصفين) وعمل بمضمونها الشيخ وجماعة. وضعف
سندها يمنعه.
(وقيل) وقائله المفيد ونسبه إلى الرواية (2) وتبعه جماعة منهم المحقق
والعلامة في أحد قوليهما: (عليهما) أي الناخسة والقامصة (الثلثان (3))
ويسقط ثلث الدية، لركوبها عبثا، وكون القتل مستندا إلى فعل الثلاثة،
وخرج ابن إدريس ثالثا (4) وهو وجوب الدية بأجمعها على الناخسة
133

إن كانت ملجئة للمركوبة (1) إلى القموص، وإلا (2) فعلى القامصة.
أما الأول (3) فلأن فعل المكره (4) مستند إلى مكرهه (5) فيكون
توسط المكره (6) كالآلة فيتعلق الحكم بالمكره.
وأما الثاني (7) فلاستناد القتل إلى القامصة
134

وحدها حيث فعلت (1) ذلك مختارة. وهذا (2) هو الأقوى.
ولا يشكل بما أورده المصنف في الشرح (3) من (4) إن الاكراه
على القتل لا يسقط الضمان، وإن (5) القمص في الحالة الثانية ربما كان يقتل
135

غالبا فيجب القصاص (1)، لأن (2) الاكراه الذي لا يسقط الضمان:
ما كان معه قصد المكره (3) إلى الفعل، وبالالجاء (4) يسقط ذلك (5)
فيكون (6) كالآلة. ومن ثم (7) وجب القصاص على الدافع، دون
الواقع حيث يبلغ الالجاء (8). والقمص (9) لا يستلزم الوقوع بحسب ذاته
136

فضلا عن كونه مما يقتل غالبا فيكون (1) من باب الأسباب، لا الجنايات
نعم لو فرض استلزامه (2) له قطعا وقصدته توجه القصاص إلا أنه (3)
خلاف الظاهر.
(الرابعة روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام في لص
جمع ثيابا، ووطئ امرأة، وقتل ولدها فقتلته) المرأة: (إنه هدر) (4)
أي دمه باطل لا عوض له (وفي ماله (5) أربعة آلاف درهم) عوضا
عن البضع (ويضمن مواليه) وورثته (دية الغلام) الذي قتله.
ووجه (6) الأول: إنه محارب يقتل
137

إذا لم يندفع إلا به (1)
138

وبحمل (1) المقدر من الدراهم على أنه مهر أمثالها. بناء على أنه لا يتقدر
بالسنة (2) لأنه جناية يغلب فيها جانب المالية (3) كما (4) يضمن الغاصب
قيمة العبد المغصوب وإن تجاوزت دية الحر.
ووجه (5) ضمان دية الغلام مع أنه مقتول عمدا: فوات محل
القصاص (6). وقد تقدم (7). وبهذا التنزيل (8) لا تنافي الرواية (9)
139

الأصول، لكن لا يتعين ما قدر فيها (1) من عوض البضع، ولو فرض
قتل المرأة له (2) قصاصا عن ولدها سقط غرم الأولياء (3) أو (4)
أسقطنا الحق، لفوات محل القصاص فلا دية، وإن (5) قتلته دفاعا، أو (6)
140

قتلته لا لذلك قيدت به (1).
(وعنه عليه السلام) بالطريق السابق (2) (في صديق عروس قتله الزوج)
لما وجده عندها في الحجلة ليلة العرس (فقتلت) المرأة (الزوج):
أنها (تقتل به) أي بالزوج (وتضمن دية الصديق) بناء على أنها سبب
تلفه، لغرورها إياه.
(والأقرب إنه) أي الصديق (هدر إن علم) بالحال (3)، لأن
للزوج قتل من يجد في داره للزنا فسقط القود عن الزوج (4).
ويشكل (5) بأن دخوله أعم من قصد الزنا ولو سلم (6) منعنا الحكم
بجواز قتل مريده (7) مطلقا، والحكم (8) المذكور في الرواية مع ضعف
141

سندها في واقعة مخالفا للأصول. فلا يتعدى (1) فلعله (2) علم بموجب ذلك
(وروي محمد بن قيس) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى
أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام (في أربعة سكارى فجرح اثنان) منهم
(وقتل اثنان) ولم يعلم القاتل والجارح: (يضمنهما (3) الجارحان بعد
وضع جراحاتهما) من الدية (4).

(1) هذا حد الشارب فإن من يشرب المسكر يضرب ثمانين جلدة.
(2) أي تقدر الجراحة وتقوم. يقال: قاس الطبيب قعر الجراحة. أي
قدر غورها وقومها.
(3) أي تنقص من الدية بعد أن قومت وقدرت الجراحة الموجودة
في المجروحين فالباقي يعطى لأولياء المقتولين.
142

وفي الرواية (1) مع اشتراك محمد بن قيس الذي يروي عن الباقر عليه
السلام بين الثقة وغيره: عدم استلزام الاجتماع المذكور والاقتتال: كون
القاتل هو المجروح، وبالعكس (2) فيختص حكمها (3) بواقعتها، لجواز
علمه عليه السلام بما أوجبه (4). نعم يمكن الحكم بكون ذلك (5) لوثا
يثبت الفعل بالقسامة من (6) عمد. أو خطأ. وقتل. وجرح.
وأما ما استشكله المصنف في الشرح على الرواية (7) من أنه إذا
143

حكم بأن المجروحين قاتلان فلم (1) لا يستعدى منهما، وإن (2) إطلاق
144

الحكم بأخذ دية الجرح، وإهدار (1) الدية لو ماتا (2) لا يتم أيضا (3)
وكذا (4) الحكم بوجوب الدية في جراحتهما (5)، لأن موجب العمد
القصاص. فيمكن (6) دفعه: بكون القتل وقع منهما حالة السكر فلا يوجب
إلا الدية على أصح القولين. وفرض (7) الجرح غير قاتل كما هو ظاهر
145

الرواية (1)، ووجوب (2) دية الجرح لوقوعه أيضا من السكران كالقتل
أو لفوات (3) محل القصاص.
146

والحق الاقتصار على الحكم باللوث (1) واثبات ما يوجبه فيهما (2)
(وعن أبي جعفر الباقر عن علي عليهما السلام (3) في ستة غلمان بالفرات فغرق)
منهم (واحد) وبقي خمسة (فشهد اثنان) منهم (على ثلاثة) أنهم
غرقوه، (وبالعكس) شهد الثلاثة على الاثنين أنهم غرقوه فحكم
(أن الدية أخماس) على كل واحد منهم خمس (بنسبة الشهادة (4))
147

وهي أيضا مع ضعف سندها (قضية في واقعة) مخالفة لأصول المذهب
فلا يتعدى (1) والموافق لها (2) من الحكم: إن شهادة السابقين إن كانت
مع استدعاء الولي وعدالتهم قبلت ثم لا تقبل شهادة الآخرين، للتهمة،
وإن كانت الدعوى على الجميع (3)، أو حصلت التهمة عليهم (4)
لم تقبل شهادة أحدهم مطلقا (5) ويكون ذلك (6) لوثا يمكن إثباته بالقسامة
واعلم أن عادة الأصحاب جرت بحكاية هذه الأحكام هنا بلفظ الرواية
148

نظرا إلى مخالفتها للأصل، واحتياجها، أو بعضها في ردها إليه (1)
إلى التأويل أو التقييد (2)، أو للتنبيه (3) على مأخذ الحكم المخالف
للأصل، وقد يزيد بعضهم التنبيه على ضعف المستند تحقيقا لعذر
إطراحها (4).
(الخامسة يضمن معلم السباحة (5)) المتعلم (الصغير) غير البالغ
لو جنى عليه بها (6) (في ماله)، لأنه شبيه عمد، سواء فرط أم لا
على ما يقتضيه إطلاق العبارة. ويؤيده ما روي (7) من ضمان الصانع
وإن اجتهد.
149

وفي القواعد علل الضمان (1) بالتفريط. ومقتضاه (2) إنه لو لم
يفرط فلا ضمان، وتوقف (3) في التحرير في الضمان على تقدير عدمه.
هذا (4) إذا كان قد دفعه إليه وليه ومن بحكمه (5)، وإلا (6) ضمن
الصغير مطلقا قطعا، وفي حكمه المجنون.
(بخلاف البالغ الرشيد) فإنه لا يضمنه وإن فرط، لأنه (7)
في يد نفسه.
(ولو بني مسجدا في الطريق ضمن) للعدوان بوضعه فيما لا يصح
الانتفاع فيه بما ينافي الاستطراق، (إلا أن يكون) الطريق (واسعا)
زائدا عن القدر المحتاج إليه، للاستطراق كزاوية (8) في الطريق، أو كونه (9)
زائدا عن المقدر شرعا.
150

واعلم أن الطريق مؤنث سماعي فكان ينبغي الحاق التاء في خبره (1)
(ويأذن الإمام له) في عمارته فلا ضمان حينئذ. وهذا يدل على عدم
جواز إحياء الزائد من الطريق عن المقدر بدون إذن الإمام، وفي الدروس
أطلق جواز إحياء الزائد وغرسه والبناء فيه، وكذا أطلق في التحرير جواز
وضع المسجد في القدر الزائد (2). وهو حسن مع عدم الحاجة إليه بحسب
العادة في تلك الطريق، وإلا فالمنع أحسن.
(ويضمن واضع الحجر في ملك غيره (3)) مطلقا إذا حصل بسببه
جناية (أو طريق مباح) عبثا، أو لمصلحة نفسه (4)، أو ليتضرر به
المارة. أما لو وضعه لمصلحة عامة كوضعه في الطين ليطأ الناس عليه
أو سقف به ساقية فيها ونحوه فلا ضمان، لأنه محسن. وبه قطع في التحرير
(السادسة لو وقع حائطه المائل بعد علمه بميله) إلى الطريق،
151

أو (1) ملك الغير (وتمكنه من إصلاحه) بعد العلم (2) وقبل الوقوع،
(أو بناه مائلا إلى الطريق) ابتداء. ومثله ما لو بناه على غير أساس مثله (3)
(ضمن) ما يتلف بسببه من نفس، أو مال، (وإلا) يتفق ذلك بقيوده
أجمع بأن لم يعلم بفساده (4) حتى وقع مع كونه مؤسسا على الوجه المعتبر
في مثله، أو علم (5) ولكنه لم يتمكن من إصلاحه حتى وقع، أو كان
ميله إلى ملكه، أو ملك أذن فيه ولو بعد الميل (فلا) ضمان، لعدم
العدوان، إلا (6)
152

إن يعلم على تقدير علمه بفساده، كميله إلى ملكه بوقوع (1) أطراف الخشب
والآلات إلى الطريق فيكون (2) كميله إلى الطريق، ولو كان الحائط لمولى
عليه فإصلاحه وضمان حدثه متعلق بالولي (3) (ولو وضع عليه إناء)
ونحوه (فسقط) فأتلف (فلا ضمان إذا كان) الموضوع (مستقرا)
على الحائط (على العادة)، لأن له التصرف في ملكه كيف شاء فلا يكون
عاديا (4)، ولو لم يكن مستقرا استقرار مثله (5) ضمن للعدوان بتعريضه (6)
للوقوع على المارة والجار. ومثله ما لو وضعه على سطحه أو شجرته الموضوعة
153

في ملكه، أو مباح (1).
(ولو وقع الميزاب) المنصوب إلى الطريق (ولا تفريط) بأن كان
مثبتا على عادة أمثاله (فالأقرب عدم الضمان) للإذن في وضع الميازيب
شرعا كذلك (2) فلا يتعقبه الضمان، ولأصالة البراءة (3).
وقيل: يضمن وإن جاز وضعه، لأنه سبب الاتلاف وإن أبيح
السبب كالطبيب، والبيطار، والمؤدب، ولصحيحة أبي الصباح الكناني
عن الصادق عليه السلام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من أضر بشئ من
طريق المسلمين فهو له ضامن (4)، ولرواية السكوني عن الصادق عليه السلام
أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من أخرج ميزابا، أو كنيفا،
أو أوتد وتدا، أو أوثق دابة، أو حفر بئرا في طريق المسلمين فأصاب
شيئا فعطب (5) فهو له ضامن (6)، وهو (7) نص في الباب لو صح
طريقه (8).
154

وفصل آخرون فحكموا بالضمان مطلقا (1) إن كان الساقط الخارج
منه عن الحائط، لأن وضعه (2) في الطريق مشروط بعدم الاضرار كالروشن
والساباط، وبضمان النصف إن كان الساقط الجميع، لحصول التلف بأمرين (3)
أحدهما (4) غير مضمون لأن ما في الحائط منه بمنزلة أجزاء الحائط وقد
تقدم أنها لا توجب ضمانا حيث لا تقصير في حفظها.
(وكذا) القول (في الجناح (5) والروشن) لا يضمن ما يتلف
بسببهما (6)، إلا مع التفريط، لما ذكر (7)، وعلى التفصيل (8) لو كانت
155

خشبة موضوعة في حائط ضمن النصف إن سقطت أجمع، وإن انتصفت
وسقط الخارج عنه، أو كانت موضوعة على غير ملكه (1) ضمن الجميع (2)
هذا كله (3) في الطريق النافذة (4) أما المرفوعة (5) فلا يجوز فعل ذلك (6)
فيها، إلا بإذن أربابها (7) أجمع، لأنها (8) ملك لهم وإن كان الواضع
أحدهم، فبدون الإذن يضمن مطلقا (9)، إلا القدر الداخل في ملكه (10)
لأنه سائغ لا يتعقبه ضمان.
156

(السابعة لو أجج نارا في ملكه) ولو للمنفعة (1) (في ريح
معتدلة، أو ساكنة ولم تزد (2) النار (عن قدر الحاجة) التي أضرمها
لأجلها (فلا ضمان)، لأن له التصرف في ملكه كيف شاء (وإن
عصفت) الريح بعد اضرامها (بغتة)، لعدم التفريط، (وإلا) يفعل
كذلك بأن كانت الريح عاصفة حالة الاضرام على وجه يوجب ظن التعدي
إلى ملك الغير، أو زاد على قدر الحاجة وإن كانت ساكنة (ضمن)
سرايتها إلى ملك غيره. فالضمان على هذا (3) مشروط بأحد الأمرين:
الزيادة. أو عصف (4) الريح.
وقيل: يشترط اجتماعهما (5) معا.
وقيل: يكفي ظن التعدي إلى ملك الغير مطلقا (6). ومثله القول
في إرسال الماء وقد تقدم الكلام في ذلك كله في باب الغصب (7) ولا وجه
لذكرها في هذا المختصر مرتين.
157

(ولو أجج في موضع ليس له ذلك فيه) كملك غيره (ضمن
الأنفس والأموال) مع تعذر التخلص في ماله (1)، ولو قصد الاتلاف
فهو عامد يقاد في النفس مع ضمان المال (2)، ولو أججها في المباح (3)
فالظاهر إنه كالملك (4)، لجواز التصرف فيه.
(الثامنة - لو فرط في حفظ دابته فدخلت على أخرى (5) فجنت)
عليها (ضمن) جنايتها، لتفريطه (ولو جني عليها (6)) أي جنت
المدخول عليها على دابته (فهدر) ولو لم يفرط في حفظ دابته بأن انتقلت
من الإصطبل الموثوق، أو حلها غيره (7) فلا ضمان، لأصالة البراءة (8).
158

وأطلق (1) الشيخ وجماعة ضمان صاحب الداخلة ما تجنيه، لقضية (2)
علي عليه الصلاة والسلام في زمن النبي صلى الله عليه وآله. والرواية
ضعيفة السند فاعتبار التفريط وعدمه متجه.
(ويجب حفظ البعير المغتلم) أي الهائج لشهوة الضراب، (والكلب
العقور) وشبههما (3) على مالكه (فيضمن (4)) ما يجنيه (بدونه (5)
إذا علم) بحاله وأهمل حفظه، ولو جهل حاله، أو علم ولم يفرط فلا ضمان.
وفي إلحاق الهرة الضارية بهما قولان من (6) استناد التلف إلى تفريطه
في حفظها، وعدم (7) جريان العادة بربطها. والأجود الأول (8).
159

نعم يجوز قتلها (1) (ولو دافعها (2) عنه إنسان فأدي الدفع إلى تلفها،
أو تعيبها فلا ضمان)، لجواز دفعها عن نفسه فلا يتعقبه ضمان، لكن
يجب الاقتصار على ما يندفع به (3). فإن زاد عنه (4) ضمن، وكذا
لو جني عليها لا للدفع (5) (وإذا أذن له (6) قوم في دخول دار فعقره
كلبها ضمنوه) وإن لم يعلموا أن الكلب فيها حين دخوله، أو دخل (7)
بعده، لاطلاق النص (8) والفتوى، وإن دخلها بغير إذن المالك لم يضمن
ولو أذن بعض من في الدار، دون بعض. فإن كان (9) ممن يجوز الدخول
160

مع إذنه اختص الضمان به (1) وإلا (2) فكما لو لم يأذن، ولو اختلفا
في الإذن قدم المنكر (3).
(التاسعة يضمن راكب الدابة ما تجنيه بيديها ورأسها (4) دون
رجليها (والقائد لها كذلك) يضمن جناية يديها ورأسها خاصة (والسائق
يضمنها (5) مطلقا وكذا) يضمن جنايتها مطلقا (لو وقف بها الراكب،
أو القائد (6)) ومستند التفصيل (7) أخبار كثيرة نبه في بعضها على الفرق
بأن الراكب والقائد يملكان يديها ورأسها ويوجهانها كيف شاءا، ولا يملكان
رجليها، لأنهما خلفهما. والسائق يملك الجميع (8).
161

(ولو ركبها اثنان تساويا) في الضمان، لاشتراكهما في اليد والسببية (1)
إلا أن يكون أحدهما ضعيفا، لصغر أو مرض، فيختص الضمان بالآخر،
لأنه المتولي أمرها.
(ولو كان صاحبها معها) مراعيا لها (فلا ضمان على الراكب)
وبقي في المالك ما سبق من التفصيل باعتبار كونه سائقا (2)، أو قائدا (3)
ولو لم يكن المالك مراعيا (4) لها بل تولى أمرها الراكب ضمن دون المالك.
(ويضمنه (5) مالكها) الراكب أيضا (لو نفرها فألقته)،
162

لا إن ألقته بغير سببه (1) ولو اجتمع للدابة سائق، وقائد، أو أحدهما (2)
وراكب، أو الثلاثة (3) اشتركوا في ضمان المشترك (4) واختص السائق
بجناية الرجلين.
163

ولو كان المقود (1) أو المسوق قطارا ففي إلحاق الجميع (2)
بالواحد حكما وجهان. من (3) صدق السوق والقود للجميع. ومن (4)
164

فقد علة الضمان وهي القدرة على حفظ ما يضمن جنايته. فإن القائد
لا يقدر على حفظ يدي ما تأخر عن الأول غالبا، وكذا السائق بالنسبة
إلى غير المتأخر. وهذا (1) أقوى. نعم (2) لو ركب واحدا وقاد الباقي
تعلق به حكم المركوب، وأول (3) المقطور، وكذا (4)
165

لو ساق مع ذلك (1) واحدا، أو أكثر.
(العاشرة يضمن المباشر لو جامعه السبب دونه (2) لأنه أقوى
وأقرب. هذا (3) مع علم المباشر بالسبب (ولو جهل المباشر ضمن
السبب (4)). فالسبب (كالحافر) للبئر في غير ملكه، (و) المباشر
(كالدافع) فيها. فالضمان على الدافع، دون الحافر، إلا أن تكون
البئر مغطاة ولا يعلم بها الدافع (5) فالضمان على الحافر، لضعف المباشر
بالجهل (ويضمن أسبق السببين) لو اجتمعا (كواضع الحجر وحافر
البئر فيعثر بالحجر فيقع في البئر فيضمن واضع الحجر) لأنه أسبق السببين
فعلا (6) وإن تأخر الوضع (7) عن الحفر، ولو تقدم الحافر (8) كما
166

لو نصب إنسان سكينا في قعر البئر فوقع فيها. إنسان من غير عثار فأصابته
السكين فمات فالضمان على الحافر.
هذا (1) إذا كانا متعديين (فلو كان أحدهما في ملكه فالضمان
على الآخر)، لاختصاصه بالعدوان.
(الحادية عشرة لو وقع واحد في الزبية) بضم الزاي المعجمة
وهي الحفرة تحفر للأسد سميت (2) بذلك، لأنهم كانوا يحفرونها في موضع
عال، وأصلها (3): الزابية التي لا يعلوها الماء وفي المثل بلغ السيل
الزبا (4) (فتعلق) الواقع (بثان، والثاني بثالث، والثالث برابع)
فوقعوا جميعا (فافترسهم الأسد ففي رواية محمد بن قيس عن الباقر عن علي
167

عليهما السلام أنه قضى في ذلك: (أن الأول فريسة الأسد) لا يلزم
أحدا (1) (ويغرم أهله ثلث الدية للثاني، ويغرم الثاني للثالث ثلثي الدية
ويغرم الثالث للرابع الدية كاملة (2)) وعمل بها أكثر الأصحاب. لكن
توجيهها على الأصول مشكل (3)، ومحمد بن قيس كما عرفت مشترك (4)
وتخصيص حكمها (5) بواقعتها ممكن، فترك العمل بمضمونها مطلقا (6) متوجه.
وتوجيهها (7)
168

بأن الأول لم يقتله أحد (1).
169

والثاني قتله الأول (1) وقتل هو (2) الثالث والرابع. فقسطت الدية (3)
على الثلاثة (4) فاستحق (5) منها بحسب ما جني عليه (6). والثالث
170

قتله اثنان (1) وقتل هو (2) واحدا فاستحق (3) ثلثين كذلك (4). والرابع
قتله الثلاثة (5) فاستحق تمام الدية تعليل (6) بموضع النزاع، إذ لا يلزم
من قتله لغيره سقوط شئ من ديته عن قاتله.
وربما قيل بأن دية الرابع على الثلاثة بالسوية، لاشتراكهم جميعا
في سببية قتله (7)
171

وإنما نسبها (1) إلى الثالث، لأن الثاني استحق على الأول ثلث الدية
فيضيف إليه ثلثا آخر ويدفعه إلى الثالث فيضيف إلى ذلك ثلثا آخر ويدفعه
الرابع.
وهذا (2) مع مخالفته لظاهر الرواية لا يتم في الآخرين (3)،
لاستلزامه (4) كون دية الثالث على الأولين (5)، ودية الثاني على الأول.
إذ لا مدخل لقتله من بعده في اسقاط حقه كما مر (6)، إلا أن يفرض
كون الواقع عليه سببا في افتراس الأسد له فيقرب (7)، إلا أنه (8)
خلاف الظاهر.
(وفي رواية أخرى) رواها سهل بن زياد عن ابن شمون عن عبد الله
الأصم عن مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام أن عليا عليه السلام قال:
172

(للأول ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية، وللرابع
الدية كاملة (1)) وجعل ذلك (كله على عاقلة المزدحمين) ووجهت (2)
بكون البئر حفرت عدوانا. والافتراس (3) مستندا إلى الازدحام المانع
من التخلص. فالأول مات بسبب الوقوع في البئر، ووقوع (4) الثلاثة
فوقه، إلا أنه (5) بسببه، وهو (6) ثلاثة أرباع السبب فيبقى الربع
على الحافر (7)، والثاني مات بسبب جذب الأول وهو (8) ثلث السبب
ووقوع (9) الباقيين فوقه وهو (10)
173

ثلثاه ووقوعهما (1) عليه من فعله فيبقى له ثلث (2)، والثالث (3) مات
من جذب الثاني ووقوع (4) الرابع وكل منهما (5) نصف السبب، لكن
الرابع من فعله (6) فيبقى له نصف، والرابع (7) موته بسبب جذب الثالث
فله كمال الدية (8).
والحق أن ضعف سندها يمنع من تكلف تنزيلها (9). فإن (10) سهلا
عامي، وابن شمون غال (11)، والأصم ضعيف (12) فردها مطلقا (13) متجه.
174

وردها المصنف بأن الجناية إما عمد أو شبهه وكلاهما يمنع تعلق العاقلة
به (1)، وأن في الرواية (فازدحم الناس عليها ينظرون إلى الأسد)
وذلك (2) ينافي ضمان حافر البئر. وحيث يطرح الخبران (3) فالمتجه ضمان
كل دية من أمسكه أجمع (4)، لاستقلاله بإتلافه (5). وهو (6) خيرة
العلامة في التحرير.
الفصل الثاني في التقديرات (7)
وفيه مسائل:
(الأولى في النفس، دية العمد أحد أمور ستة) يتخير الجاني في دفع
ما شاء منها. وهي:
175

(مئة من مسان (1) الإبل) وهي الثنايا (2) فصاعدا. وفي بعض
كلام المصنف أن المسنة من الثنية إلى بازل عامها (3).
(أو مائتا بقرة) وهي ما يطلق عليه اسمها.
(أو مائتا حلة) بالضم (كل حلة ثوبان من برود اليمن) هذا
القيد للتوضيح، فإن الحلة لا تكون أقل من ثوبين قال الجوهري: الحلة
إزار ورداء لا تسمى حلة حتى تكون ثوبين. والمعتبر اسم الثوب (4).
(أو ألف شاة) وهي ما يطلق عليها اسمها.
(أو ألف دينار) أي مثقال ذهب خالص.
(أو عشرة آلاف درهم)
(وتستأدى) دية العمد (في سنة واحدة) لا يجوز تأخيرها عنها بغير
رضى المستحق، ولا يجب عليه المبادرة إلى أدائها قبل تمام السنة وهي
(من مال الجاني) حيث يطلبها الولي (5).
176

(ودية الشبيه) للعمد مائة من الإبل أيضا، إلا أنها دونها (1)
في السن، لأنها (أربع وثلاثون ثنية) سنها خمس سنين (2) فصاعدا
(طروقة (3) الفحل) حوامل (وثلاث وثلاثون بنت لبون) سنها سنتان
فصاعدا. (وثلاث وثلاثون حقة (4)) سنها ثلاث سنين فصاعدا
(أو أحد الأمور الخمسة) المتقدمة (5).
(وتستأدى في سنتين) يجب آخر كل حول نصفها (من مال الجاني)
أيضا. وتحديد أسنان المائة بما ذكر (6) أحد الأقوال في المسألة.
177

ومستنده (1) روايتا أبي بصير والعلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السلام
واشتملت الأولى (2) على كون الثنية طروقة الفحل، والثانية (3)
178

على كونها (2) خلفة بفتح الخاء فكسر اللام وهي الحامل فمن ثم فسرناها (2)
بها وإن كانت (3) بحسب اللفظ أعم، لكن في سند الروايتين ضعف.
وأما تأديتها في سنتين فذكره المفيد وتبعه الجماعة ولم نقف على مستنده
وإنما الموجود في رواية أبي ولاد: تستأدى دية (4) الخطأ في ثلاث سنين وتستأدى
دية العمد في سنة (5).
(وفيها) أي في دية العمد (6) (رواية أخرى) وهي صحيحة
عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال أمير
المؤمنين عليه السلام: في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط، أو العصا،
أو الحجر: إن دية ذلك تغلظ وهي مئة من الإبل. منها أربعون خلفة
بين ثنية إلى بازل عامها. وثلاثون حقة. وثلاثون بنت لبون (7) وهذه
179

هي المعتمد، لصحة طريقها. وعليها العلامة في المختلف والتحرير، وهو (1)
في غيرهما على الأول.
والمراد ببازل عامها (2) ما فطر نابها أي انشق في سنته وذلك في السنة
التاسعة، وربما بزل (3) في الثامنة، ولما كانت الثنية ما دخلت في السنة
السادسة كان المعتبر من الخلفة ما بين ذلك (4)، ويرجع في معرفة الحامل
إلى أهل الخبرة فإن ظهر الغلط (5) وجب البدل، وكذا (6) لو أسقطت
قبل التسليم وإن أحضرها (7) قبله.
(ودية الخطأ) المحض (عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون
وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة) وعلى ذلك دلت صحيحة ابن سنان
السابقة (8) (وفيه (9) رواية أخرى) وهي رواية العلاء بن الفضيل عنه
180

عليه السلام قال: في قتل الخطأ مائة من الإبل خمس وعشرون بنت مخاض
خمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون
جذعة (1)، وقد عرفت أن الأولى (2) صحيحة الطريق، دون الثانية (3)
وليته (4) رحمه الله عمل بالصحيحة في الموضعين (5) مع أنها (6) أشهر
رواية وفتوى.
(وتستأدى الخطأ (في ثلاث سنين) كل سنة ثلث، لما تقدم (7).
ومبدأ السنة من حين وجوبها (8)، لا من حين حكم الحاكم (من مال
العاقلة (9)،
181

أو أحد الأمور الخمسة (1)) ولا يشترط تساويها (2) قيمة بل يجوز
دفع أقلها على الأقوى، وكذا لا يعتبر قيمة الإبل، بل ما صدق عليه
الوصف (3).
وما روي من اعتبار قيمة كل بعير بمئة وعشرين درهما محمول
على الأغلب، أو الأفضل (4)، وكذا القول في البقر. والغنم والحلل (5).
(ولو قتل في الشهر الحرام) وهو أحد الأربعة: ذو (6) القعدة وذو الحجة
والمحرم ورجب (أو في الحرم) الشريف المكي (زيد عليه ثلث دية)
من أي الأجناس كان (7) لمستحق (8) الأصل (تغليظا) عليه (9)
لانتهاكه حرمتهما.
182

أما تغليظها (1) بالقتل في أشهر الحرام فإجماعي. وبه (2) نصوص كثيرة.
وأما الحرم فألحقه الشيخان وتبعهما جماعة، لاشتراكهما (3) في الحرمة
وتغليظ (4) قتل الصيد فيه المناسب لتغليظ غيره. وفيه (5) نظر بين.
183

وألحق به (1) بعضهم ما لو رمى في الحل فأصاب في الحرم،
أو بالعكس (2). وهو ضعف في ضعف (3). والتغليظ مختص بدية
النفس فلا يثبت في الطرف وإن أوجب الدية، للأصل
(والخيار إلى الجاني في الستة (4) في العمد والشبيه)، لا إلى ولي
الدم. وهو (5) ظاهر في الشبيه، لأن لازمه (6) الدية، أما في العمد
فلما كان الواجب القصاص وإنما تثبت الدية برضاه (7) كما مر (8) لم يتقيد
184

الحكم (1) بالستة، بل لو رضي (2) بالأقل، أو طلب الأكثر (3) وجب
الدفع مع القدرة، لما ذكر من العلة (4) فلا يتحقق التخيير (5) حينئذ (6)
وإنما يتحقق (7) على تقدير تعينها عليه مطلقة (8).
185

ويمكن فرضه (1)
186

فيما لو صالحه على الدية وأطلق، أو عفى (1) عليها، أو مات القاتل (2)
أو هرب (3) فلم يقدر عليه وقلنا بأخذ الدية من ماله، أو بادر (4) بعض
الشركاء إلى الاقتصاص بغير إذن الباقين أو قتل (5) في الشهر الحرام
وما في حكمه (6) فإنه يلزمه ثلث دية، زيادة على القصاص، أو قتل (7)
الأب ولده، أو قتل (8).
187

العاقل مجنونا، أو جماعة (1) على التعاقب فقتله الأول (2) وقلنا بوجوب
الدية حيث يفوت المحل (3).
(والتخيير) بين الستة (4) (إلى العاقلة في الخطأ (5) وثبوت
التخيير في الموضعين (6) هو المشهور، وظاهر النصوص (7) يدل عليه.
188

وربما قيل: بعدمه (1)، بل يتعين الذهب والفضة على أهلهما.
والأنعام على أهلها. والحلل على أهل البز (2). والأقوى الأول (3).
(ودية المرأة النصف من ذلك كله (4)، والخنثى) المشكل (ثلاثة
أرباعه (5) في الأحوال الثلاثة (6) وكذا الجراحات والأطراف
على النصف (7) ما لم يقصر عن ثلث الدية فيتساويان.
189

وفي إلحاق الحكم (1) بالخنثى نظر (2). والمتجه العدم (3) للأصل.
(ودية الذمي) يهوديا كان أم نصرانيا أم مجوسيا ثمانمائة درهم.
190

على الأشهر رواية (1) وفتوى وروي صحيحا أن ديته كدية المسلم، وأنها (2)
أربعة آلاف درهم، والعمل بها (3) نادر، وحملها (4) الشيخ على من يعتاد
قتلهم فللإمام أن يكلفه (5) ما شاء منهما (6) كما له قتله (7).
(و) دية (الذمية نصفها (8)) أربعمائة درهم، ودية (9) أعضائهما
191

وجراحاتهما من ديتهما كدية أعضاء المسلم وجراحاته من ديته. وفي التغليظ (3)
بما يغلظ به على المسلم نظر من (4)
192

عموم الأخبار، وكون (1) التغليظ على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع
الوفاق (2). ولعل الأول (3) أقوى. وكذا تتساوى دية الرجل منهم
والمرأة (4) إلى أن تبلغ ثلث الدية فتنتصف (5) كالمسلم، ولا دية لغير
الثلاثة (6)
193

من أصناف الكفار مطلقا (1) (و) دية (العبد قيمته ما لم تتجاوز دية
الحر فترد (2) إليها) إن تجاوزتها وتؤخذ (3) من الجاني إن كان عمدا،
أو شبه عمد، ومن عاقلته إن كان خطأ، ودية الأمة قيمتها ما لم تتجاوز
دية الحرة (4).
ثم الاعتبار بدية الحر المسلم إن كان المملوك مسلما (5)، وإن كان
مولاه ذميا على الأقوى، وبدية (6) الذمي إن كان المملوك ذميا وإن كان
مولاه مسلما.
ويستثنى من ذلك (7): ما لو كان الجاني هو الغاصب فيلزمه القيمة
وإن زادت عن دية الحر.
194

(ودية أعضائه وجراحاته (1) بنسبة دية الحر) فيما (2) له مقدر
منها (والحر أصل له (3) في المقدر)
195

ففي قطع يده (1) نصف قيمة. وهكذا (2) (وينعكس في غيره (3))
196

فيصير العبد أصلا للحر فيما (1) لا تقدير لديته من الحر، فيفرض الحر
عبدا سليما في الجناية وينظر كم قيمته حينئذ (2) ويفرض عبدا فيه تلك
الجناية، وينظرا قيمته وتنسب إحدى القيمتين إلى الأخرى ويؤخذ له
من الدية بتلك النسبة (3).
(ولو جني عليه) أي على المملوك (بما (4) فيه قيمته) كقطع
اللسان. والأنف. والذكر (تخير مولاه في أخذ قيمته، ودفعه إلى الجاني
وبين الرضى به (5)) بغير عوض، لئلا (6) يجمع بين العوض والمعوض.
هذا (7) إذا كانت الجناية عمدا، أو شبهه، فلو كانت خطأ لم يدفع
197

إلى الجاني، لأنه لم يغرم شيئا، بل إلى عاقلته على الظاهر إن قلنا: إن العاقلة
تعقله (1).
ويستثنى من ذلك (2) أيضا: الغاصب لو جنى على المغصوب بما فيه
قيمته فإنه يؤخذ منه القيمة والمملوك على أصح القولين، لأن جانب
المالية فيه ملحوظة، والجمع (3) بين العوض والمعوض مندفع مطلقا (4)،
لأن القيمة عوض الجزء الفائت، لا الباقي، ولولا الاتفاق عليه (5) هنا
198

اتجه الجمع (1) مطلقا. فيقتصر في دفعه (2) على محل الوفاق.
(الثانية في شعر الرأس) أجمع (الدية) إن لم ينبت لرجل كان
أم لغيره، لرواية سليمان بن خالد (3). وغيرها (4) (وكذا في شعر
اللحية) للرجل، أما لحية المرأة ففيها الأرش مطلقا (5). وكذا الخنثى
المشكل (6) (ولو نبتا): شعر الرأس واللحية بعد الجناية عليهما (فالأرش)
إن لم يكن شعر الرأس لامرأة (ولو نبت شعر رأس المرأة ففيه مهر نسائها)
وفي الشعرين (7) أقوال هذا أجودها.
(وفي شعر الحاجبين خمسمائة دينار) وهي نصف الدية، وفي كل
واحد منهما نصف ذلك (8).
199

هذا هو المشهور، بل قيل: إنه إجماع.
وقيل: فيهما (1) الدية كغيرهما مما في الانسان منه اثنان (2).
ولو عاد شعرهما فالأرش على الأظهر.
(وفي بعضه) أي بعض كل واحد من الشعور المذكورة (بالحساب)
أي يثبت فيه من الدية المذكورة بنسبة مساحة محل الشعر المجني عليه إلى محل
الجميع (3) وإن اختلف كثافة وخفة (4).
والمرجع في نبات الشعر وعدمه إلى أهل الخبرة (5)، فإن اشتبه
فالمروي أنه ينتظر سنة ثم تؤخذ الدية إن لم يعد (6)، ولو طلب الأرش
قبلها (7) دفع إليه. لأنه (8)
200

إما الحق، أو بعضه. فإن مضت (1) ولم يعد أكمل له على الدية
(وفي الأهداب) بالمعجمة والمهملة (2) جمع هدب بضم الهاء فسكون الدال
وهو شعر الأجفان (الأرش على قول) ابن إدريس والعلامة في أكثر
كتبه كشعر الساعدين (3) وغيره (4)، لأصالة البراءة من الزائد حيث
لا يثبت له مقدر.
(والدية على قول آخر) للشيخ والأكثر منهم العلامة في القواعد،
للحديث العام الدال على أن كل ما في البدن منه واحد ففيه الدية، أو اثنان
ففيهما الدية (5). وفيها (6) قول ثالث للقاضي: أن فيهما نصف الدية
كالحاجبين. والأول (7) أقوى.
(الثالثة في العينين: الدية، وفي كل واحدة النصف. صحيحة)
201

كانت العين، (أو حولاء، أو عمشاء) وهي ضعيفة البصر مع سيلان
دمعها في أكثر أوقاتها (أو جاحظة) وهي عظيمة المقلة (1) أو غير ذلك
كالجهراء (2). والرمدى (3). وغيرها (4).
أما لو كان عليها بياض فإن بقي البصر معه تاما فكذلك (5)،
ولو نقص (6) نقص من الدية بحسبه، ويرجع فيه (7) إلى رأي الحاكم.
(وفي الأجفان) الأربعة (الدية، وفي كل واحد الربع) للخبر
العام (8).
202

وقيل في الأعلى: ثلثا الدية، وفي الأسفل الثلث.
وقيل في الأعلى: الثلث، وفي الأسفل: النصف فينقص دية المجموع
بسدس الدية. استنادا إلى خبر ظريف (1) وعليه الأكثر، لكن في طريقه
ضعف وجهالة.
وربما قيل بأن هذا النقص (2) إنما هو على تقدير كون الجناية
من اثنين (3)، أو من واحد بعد دفع أرش الجناية للأولى، وإلا (4)
وجب دية كاملة إجماعا. وهذا (5) هو الظاهر من الرواية، لكن فتوى
203

الأصحاب مطلقة (1) ولا فرق بين أجفان صحيح العين وغيره حتى الأعمى
ولا بين ما عليه هدب وغيره.
(ولا تتداخل) دية الأجفان (مع العينين) لو قلعهما معا، بل تجب
عليه الديتان، لأصالة عدم التداخل (وفي عين ذي الواحدة كمال الدية إذا
كان) العور (خلقة، أو بآفة من الله سبحانه)، أو من غيره (2) حيث
لا يستحق عليه أرشا كما لو جني عليه حيوان غير مضمون (3) (ولو استحق
ديتها) وإن لم يأخذها أو ذهبت في قصاص (فالنصف في الصحيحة (4))
أما الأول (5) فهو موضع وفاق على ما ذكره جماعة.
وأما الثاني (6) فهو مقتضى الأصل في دية العين الواحدة، وذهب
204

ابن إدريس إلى أن فيها (1) هنا ثلث الدية خاصة وجعله (2) الأظهر
في المذهب وهو (3) وهم.
(وفي خسف) العين (العوراء) وهي هنا الفاسدة (ثلث ديتها (4))
حالة كونها (صحيحة) على الأشهر، وروي ربعها (5). والأول (6)
أصح طريقا، سواء كان العور من الله تعالى أم من جناية جان، وسواء
أخذ الأرش أم لا. ووهم ابن إدريس هنا (7) ففرق هنا أيضا كالسابق (8)
205

وجعل في الأول (1) النصف، وفي الثاني (2) الثلث.
(الرابعة في الأذنين الدية، وفي كل واحدة النصف) سميعة كانت
أم صماء، لأن الصمم عيب في غيرها (3) (وفي) قطع (البعض) منها
(بحسابه) بأن تعتبر (4) مساحة المجموع من أصل الأذن وينسب المقطوع
إليه (5) ويؤخذ له من الدية بنسبته (6) إليه. فإن كان المقطوع النصف
فالنصف، أو الثلث فالثلث وهكذا. وتعتبر الشحمة في مساحتها (7)
حيث لا تكون هي المقطوعة (وفي شحمتها ثلث ديتها) على المشهور (8)
وبه رواية ضعيفة (9) (وفي خرمها (10) ثلث ديتها) على ما ذكره الشيخ
206

وتبعه عليه جماعة، وفسره (1) ابن إدريس بخرم الشحمة وثلث دية
الشحمة مع احتماله (2) إرادة الأذن، أو ما هو أعم (3) ولا سند لذلك
يرجع إليه.
(الخامسة في الأنف الدية، سواء قطع مستأصلا (4)، أو) قطع
(مارنه (5)) خاصة وهو ما لان منه في طرفه الأسفل يشتمل على طرفين (6)
وحاجز.
وقيل: إن الدية في مارنه خاصة، دون القصبة (7) حتى لو قطع
المارن والقصبة معا فعليه دية وحكومة (8) للزائد وهو أقوى. ولو قطع
207

بعضه (1) فبحسابه من المارن.
(وكذا لو كسر (2) ففسد. ولو جبر (3) على صحة فمئة دينار)
وعلى غير صحة (4) مائة وزيادة حكومة (5) (وفي شلله (6)) وهو فساده:
(ثلثا ديته) صحيحا، وفي قطعه أشل (7): الثلث (وفي روثته (8))
بفتح الراء وهي الحاجز بين المنخرين: (الثلث، وفي كل منخر: ثلث
الدية) على الأشهر، لأن الأنف الموجب للدية يشتمل على حاجز ومنخرين (9)
ولرواية غياث عن الصادق عليه السلام أن عليا عليه السلام قضى به (10).
208

وقيل: النصف (1)، لأنه ذهب نصف المنفعة ونصف الجمال،
واستضعافا لرواية غياث به (2). لكنه أشهر موافقا لأصالة البراءة من الزائد.
(السادسة في كل من الشفتين نصف الدية) للخبر العام (3) وهو
صحيح، لكنه مقطوع (4) وتعضده رواية سماعة عن الصادق عليه السلام
قال: الشفتان العليا والسفلى سواء في الدية (5).
(وقيل في السفلى الثلثان)، لإمساكها الطعام والشراب وردها اللعاب
وحينئذ (6) ففي العليا الثلث.
وقيل: النصف (7). وفيه (8) مع ندوره اشتماله على زيادة لا معنى لها.
209

وفيهما قول رابع ذهب إليه جماعة منهم العلامة في المختلف وهو
أن في العليا: أربعمائة دينار، وفي السفلى: ستمائة، لما ذكر (1) ولرواية
أبان بن تغلب (2) عن الصادق عليه السلام (3). وفي طريقها ضعف.
(وفي بعضها (4) بالنسبة مساحة) ففي نصفها النصف (5)،
وفي ثلثها الثلث. وهكذا (6) وحد الشفة السفلى ما تجافى (7) عن اللثة
مع طول الفم، والعليا كذلك (8) متصلا بالمنخرين مع طول الفم، دون
210

حاشية الشدقين (1) (ولو استرختا (2) فثلثا الدية)، لأن ذلك بمنزلة
الشلل (3) فلو قطعتا بعد ذلك (4) فالثلث (ولو تقلصتا) أي انزوتا (5)
على وجه لا ينطبقان على الأسنان ضد الاسترخاء (فالحكومة (6)، لعدم
ثبوت مقدر لذلك (7) فيرجع إليها (8).
211

وقيل: الدية (1)، لزوال المنفعة المخلوقة لأجلها (2) والجمال (3)
فيجري وجودها مجرى عدمها.
ويضعف بأن ذلك (4) لا يزيد على الشلل وهو (5) لا يوجب زيادة
على الثلثين (6)، مع أصالة البراءة من الزائد على الحكومة (7).
(السابعة في استئصال (8) اللسان) بالقطع بأن لا يبقى شئ منه
(الدية، وكذا فيما) أي في قطع ما (يذهب به الحروف) أجمع وهي
ثمانية وعشرون حرفا (وفي) إذهاب (البعض بحساب) الذاهب
212

من (الحروف) بأن تبسط الدية عليها (1) أجمع فيؤخذ للذاهب من الدية
بحسابه (2) ويستوي في ذلك اللسنية (3) وغيرها. والخفيفة (4) والثقيلة (5)
لاطلاق النص (6).
213

ولا اعتبار هنا (1) بمساحة اللسان. فلو قطع نصفه فذهب ربع الحروف
فربع الدية خاصة وبالعكس (2).
وقيل: يعتبر هنا أكثر الأمرين من الذاهب من اللسان ومن الحروف (3)
214

لأن اللسان عضو متحد في الانسان ففيه الدية (1)، وفي بعضه بحسابه (2)
والنطق منفعة توجب الدية كذلك (3). وهذا أقوى.
(وفي لسان الأخرس ثلث الدية) تنزيلا له منزلة الأشل، لاشتراكهما
في فساد العضو المؤدي إلى زوال المنفعة المقصودة منه (4) (وفي بعضه
بحسابه) مساحة.
(ولو ادعى الصحيح ذهاب نطقه بالجناية) التي يحتمل ذهابه بها
(صدق بالقسامة) خمسين يمينا. بالإشارة، لتعذر إقامة البينة على ذلك (5)
215

وحصول الظن المستند إلى الأمارة (1) بصدقه فيكون (2) لوثا.
(وقيل: يضرب لسانه بإبرة فإن خرج الدم أسود صدق) من غير
يمين، على ما يظهر من الرواية (3) (وإن خرج أحمر كذب) والمستند
رواية الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام. وفي طريقها ضعف
وارسال.
(والثامنة في الأسنان) بفتح الهمزة (الدية، وهي ثمان وعشرون
سنا) توزع الدية عليها متفاوتة كما يذكر، منها (في المقاديم الاثني عشر)
وهي الثنيتان. والرباعيتان. والنابان من أعلى، ومثلها من أسفل (ستمائة
دينار) في كل واحدة خمسون.
(وفي المآخير) الستة عشر أربعة من كل جانب من الجوانب الأربعة:
ضاحك، وثلاثة أضراس (أربع مائة) في كل واحد خمسة وعشرون.
(ويستوي) في ذلك (البيضاء. والسوداء. والصفراء (4) خلقة)
بأن كانت قبل أن يثغر (5)
216

متغيرة ثم نبتت كذلك (1)، أما لو كانت بيضاء قبل أن يثغر ثم نبتت
سوداء رجع إلى العارفين، فإن حكموا بكونه (2) لعلة فالحكومة (3)،
وإلا فالدية (4)، (وتثبت دية السن بقلعها مع سنخها (5) إجماعا،
وبدونه (6) استيعاب ما يبرز عن اللثة على الأقوى.
(وفي الزائدة) عن العدد المذكور (7) (ثلث الأصلية) بحسب
ما تقرر لها، بمعنى إنها (8) إن كانت في الأضراس فثلث الخمسة والعشرين (9)
وفي المقاديم فثلث الخمسين (10). هذا (إن قلعت منفردة) وعن الأصلية
المتصلة بها (ولا شئ فيها (11)) لو قلعت (منضمة) إليها كما لو قطع
العضو المقدر ديته المشتمل على غيره (12).
217

وقيل: فيه حكومة لو انقلعت منفردة، بناء على أنه لا تقدير لها (1)
شرعا. والأشهر الأول (2).
(ولو اسودت السن بالجناية ولما تسقط فثلثا ديتها)، لدلالته (3)
على فسادها (وكذا) يجب الثلثان (في انصداعها) وهو تقلقلها، لأنه
في حكم الشلل، وللرواية (4) لكنها ضعيفة.
(وقيل) في انصداعها: (الحكومة (5))، لعدم دليل صالح
على التقدير (6). وإلحاقه (7) بالشلل بعيد، لبقاء القوة في الجملة.
والمشهور الأول (8) ولو قلعها قالع بعد الاسوداد أو الانصداع فثلث
ديتها (9) (وسن الصبي) الذي لم تبدل أسنانه (ينتظر بها) مدة يمكن
أن تعود فيها عادة. (فإن نبتت فالأرش) لمدة ذهابه (وإلا) تعد (10)
218

(فدية المتغر) بالتاء المشددة مشاة، ومثلثة (1). والأصل المثتغر بهما (2)
فقلبت الثاء تاء ثم أدغمت (3). ويقال: المثغر بسكون المثلثة، وفتح
الثالثة المعجمة وهو الذي سقطت أسنانه الرواضع (4) التي من شأنها السقوط
ونبت بدلها، ودية سن المثغر ما تقدم من التفصيل في مطلق السن (5).
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة منهم العلامة في المختلف: (وفيها (6)
219

بعير مطلقا)، لما روي من أن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام قضى
بذلك. والطريق ضعيف. فالقول به (1) كذلك.
(التاسعة اللحيين (2)) بفتح اللام. وهما: العظمان اللذان ينبت
على بشرتهما اللحية، ويقال لملتقاهما: الذقن بالتحريك المفتوح، ويتصل
كل واحد منهما الأذن، وعليه نبات الأسنان السفلى (3).
إذا قلعا منفردين عن الأسنان كلحيي الطفل، والشيخ الذي تساقطت
أسنانه (الدية (4) وفيهما (5) (مع الأسنان: ديتان) وفي كل واحد
منهما (6): نصف الدية منفردا. ومع الأسنان (7) بحسابها.
220

(العاشرة في العنق إذا كسر فصار أصور (1) أي مائلا:
(الدية، وكذا (2) لو منع الازدراد، ولو زال) الفساد ورجع إلى الصلاح
(فالأرش) لما بين المدتين (3)، ولو لم يبلغ الأذى ذلك (4)، بل صار
الازدراد، أو الالتفات عليه عسرا فالحكومة (5).
(الحادية عشرة في كل من اليدين نصف الدية) سواء اليمين
والشمال (وحدها المعصم) بكسر الميم فسكون العين ففتح الصاد وهو
المفصل الذي بين الكف والذراع وتدخل دية الأصابع في ديتها حيث
يجتمعان.
(6)
(وفي الأصابع) حيث تقطع (وحدها ديتها) وهي دية اليد.
فلو قطع آخر (7) بقية اليد فالحكومة خاصة (ولو قطع معها) أي
221

مع اليد (شئ من الزند) بفتح الزاي. والمراد شئ من الذراع، لأن
الزند على ما ذكره الجوهري: هو موصل طرف الذراع بالكف (فحكومة
زائدة) على دية اليد لما قطع من الزند. أما لو قطعت من المرفق،
أو المنكب فدية اليد خاصة (1)، والفرق (2): تناول اليد لذلك (3)
222

حقيقة، وانفصاله (1) بمفصل محسوس. كأصل اليد (2)، بخلاف ما إذا
قطع شئ من الزند (3). فإن اليد إنما صدقت عليها (4) من الزند والزند
من جناية لا تقدير فيها فيكون فيها الحكومة، كذا فرق المصنف وغيره.
وفيه (5) نظر.
223

ومثله (1) ما لو قطعت من بعض العضد (وفي العضدين: الدية)،
للخبر العام (2) بثبوتها للاثنين فيما في البدن منه اثنان (وكذا في الذراعين (3).
هذا (4) إذا قطعا منفردين عن اليدين، (5) وأحدهما (6) عن الآخر.
224

أما لو قطعت اليد من المرفق، أو الكتف فالمشهور أن فيه دية اليد
كما تقدم (1).
ويحتمل أن يريد (2) ما هو أعم من ذلك حتى لو قطعها (3)
من الكتف وجب ثلاث ديات (4)، لعموم الخبر (5). فإنه قول في المسألة (6)
ووجوب دية اليد (7) وحكومة في الزائد (8) فإنه قول ثالث. وكلام
الأصحاب هنا (9) لا يخلو من إجمال (10). أو اختلاف (11) أو إخلال (12)
225

وكذلك الحكم (1) لا يخلو من إشكال (وفي اليد الزائدة الحكومة)
وتتميز (2) عن الأصلية بفقد البطش أو ضعفه (3) وميلها (4) عن السمت
الطبيعي، ونقصان خلقتها (5) ولو في إصبع، ولو تساوتا (6) فيها
فإحداهما زائدة لا بعينها (7) ففيهما جميعا دية (8) وحكومة.
وقيل في الزائدة: ثلث (9) دية الأصلية. ففيهما هنا دية وثلث (10)
226

ولو قطعت إحداهما (1) خاصة احتمل ثبوت نصف دية يد وحكومة (2)
لأنها (3) نصف المجموع وحكومة (4) خاصة للأصل (5) (وفي الإصبع)
مثلث الهمزة والباء (6).
227

(عشر (1) الدية) ليد كانت أم لرجل، إبهاما كانت أم غيرها
على الأقوى. لصحيحة (2) عبد الله بن سنان وغيرها (3).
وقيل في الابهام ثلث دية العضو (4). وباقي الثلثين (5) يقسم
على سائر الأصابع.
(وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الأصلية (6)، وفي شللها) أي شلل
228

......
229

الإصبع مطلقا (1) (ثلثا (2) ديتها، وفي) قطع (الشلاء الثلث الباقي)
من ديتها، سواء كان الشلل خلقة أم بجناية جان (3) (وفي الظفر)
بضم الظاء المشالة والفاء (4) (إذ لم ينبت، أو نبت أسود عشرة دنانير
ولو نبت أبيض فخمسة) دنانير على المشهور. والمستند رواية ضعيفة (5)
230

وفي صحيحة عبد الله بن سنان في الظفر خمسة دنانير (1) وحملت (2)
على ما لو عاد أبيض جمعا وهو (3) غريب. وفي المسألة (4) قول آخر
وهو: وجوب عشرة دنانير متى قلع ولم يخرج، ومتى خرج أسود
فثلثا ديته (5)، لأنه (6) في معنى الشلل، ولأصالة براءة الذمة من وجوب
الزائد (7) مع ضعف المأخذ (8)، وبعد مساواة عوده لعدمه أصلا (9).
وهو حسن.
(الثانية عشرة في الظهر إذا كسر الدية (10))، لصحيحة الحلبي
231

عن الصادق عليه السلام في الرجل يكسر ظهره فقال: فيه الدية كاملة (1)
(وكذا لو احدودب) أو صار بحيث لا يقدر على القعود (ولو صلح
فثلث الدية). هذا هو المشهور، وفي رواية ظريف: إذا كسر الصلب
فجبر على غير عيب فمئة دينار، وإن عثم فألف دينار (2) (ولو كسر
فشلت الرجلان فدية له) أي لكسره (وثلثا دية للرجلين)، لأنهما دية
شلل كل عضو بحسبه (ولو كسر الصلب) وهو الظهر (فذهب مشيه
وجماعه فديتان) إحداهما للكسر، والأخرى لفوات منفعة الجماع (3)، ذكر
ذلك الشيخ في الخلاف وتبعه عليه الجماعة، واقتصر المحقق والعلامة في الشرائع
والتحرير على حكايته عنه قولا اشعارا بتمريضه وعليه (4) لو عادت
إحدى المنفعتين (5) وجبت دية واحدة، ولو عادت ناقصة فدية (6)،
وحكومة عن نقص العائدة، إلا أن يكون العود بصلاح الصلب. فالثلث
كما مر (7) مضافا إلى ذلك (8).
232

(الثالثة عشرة في النخاع) وهو الخيط الأبيض في وسط فقر الظهر
إذا قطع (الدية) كاملة، لأنه واحد في الانسان، ومع ذلك (1) لا قوام
له بدونه.
(الرابعة عشرة الثديان) وهما للرجل والمرأة، ولكن ذكر هنا (2)
حكمهما لها (3) خاصة وهو أن (في كل واحد) منهما (نصف دية
المرأة (4)) سواء اليمين واليسار. وهو موضع وفاق (وفي انقطاع اللبن)
عنهما (5) (الحكومة، وكذا لو تعذر نزوله (6))، لأنه حينئذ بمنزلة
المنقطع (وفي الحلمتين (7)) وهما: اللتان في رأسهما (8) كالزر يلتقمهما
الطفل (الدية) لو قطعتا منفردتين (9) (عند الشيخ)، لأنهما مما في الانسان
233

منه اثنان فيدخلان في الخبر العام (1)، ونسبه إلى الشيخ مؤذنا (2) برده
لأنهما كالجزء من الثديين اللذين فيهما جميعا الدية ففيهما الحكومة خاصة،
لأصالة البراءة من الزائد (وكذا حلمتا الرجل) فيهما: الدية (3) عند الشيخ
في المبسوط والخلاف، لما ذكر (4).
(وقيل) والقائل ابن بابويه (5)، وابن حمزة (6): (في حلمتي الرجل:
الربع): ربع الدية (وفي كل واحدة الثمن (7))
234

استنادا إلى كتاب ظريف (1)
وقيل: فيهما الحكومة خاصة (2)، واستضعافا لمستند غيرها (3).
(الخامسة عشرة في الذكر مستأصلا (4)، أو الحشفة) فما زاد
(الدية (5)) لشيخ كان أم لشاب أم لطفل صغير، قادر على الجماع
أم عاجز (ولو كان مسلول (6) الخصيتين) لأنه مما في الانسان منه
واحد فتثبت فيه الدية مطلقا (7) (وفي بعض الحشفة بحسابه) أي حساب
ذلك البعض منسوبا (8) إلى مجموعها خاصة.
235

(وفي) ذكر (العنين ثلث الدية)، لأنه عضو أشل، وديته ذلك (1)
كما أن في الجناية عليه (2) صحيحا حتى صار أشل ثلثي ديته.
ولو قطع بعض (3) ذكر العنين اعتبر (4) بحسابه من المجموع،
لا من الحشفة، والفرق بينه (5) وبين الصحيح: أن الحشفة في الصحيح
هي الركن الأعظم في لذة الجماع، بخلافها في العنين، لاستواء الجميع (6)
في عدم المنفعة، مع كونه (7) عضوا واحدا. فينسب بعضه (8) إلى مجموعه
على الأصل.
236

(السادسة عشرة في الخصيتين) معا (الدية، وفي كل واحدة
نصف)، للخبر العام (1).
(وقيل) والقائل به جماعة منهم الشيخ في الخلاف وأتباعه. والعلامة
في المختلف: (في اليسرى الثلثان)، وفي اليمنى الثلث، لحسنة (2)
عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام، وغيرها (3)، ولما روي (4)
من أن الولد يكون من اليسرى، ولتفاوتهما (5) في المنفعة المناسب
لتفاوت الدية.
ويعارض باليد القوية الباطشة والضعيفة (6)، والعين كذلك (7).
وتخلق الولد منها (8) لم يثبت. وخبره (9) مرسل وقد أنكره بعض الأطباء (10)
237

(وفي أدرتهما) بضم الهمزة فسكون الدال ففتح الراء وهي انتفاخهما
(أربعمائة دينار. فإن فحج (1) بفتح الفاء فالحاء المهملة. فالجيم أي
تباعدت رجلاه أعقابا (2) مع تقارب صدور قدميه (فلم يقدر على المشي)
قيد زائد على الفحج، لأن مطلقه يمكن معه المشي. قال الجوهري: الفحج
بالتسكين مشية الأفحج. وتفحج في مشيته مثله (3)، وفي حكمه (4)
إذا مشى مشيا لا ينتفع به (فثمانمئة دينار) على المشهور. ومستنده كتاب
ظريف (5).
(السابعة عشرة في الشفرين) بضم الشين. وهما: اللحم المحيط
بالفرج إحاطة الشفتين بالفم (الدية) وفي كل واحدة النصف (من السليمة
238

والرتقاء). والبكر. والثيب. والكبيرة. والصغيرة (وفي الركب
بالفتح محركا وهو من المرأة مثل موضع العانة من الرجل (الحكومة (1)).
(الثامنة عشرة في الافضاء الدية (2) وهو تصيير مسلك البول
والحيض واحدا).
وقيل: مسلك الحيض والغائط. وهو أقوى في تحققه فتجب الدية
بأيهما كان، لذهاب منفعة الجماع معهما (3). ولا فرق بين الزوج وغيره
إذا كان (4) قبل بلوغها، وتختص (5) بغيره بعده (وتسقط (6) عن الزوج
239

إذا كان بعد البلوغ)، لأنه فعل مأذون فيه شرعا إذا لم يكن بتفريط،
وإلا فالمتجه ضمان الدية كالضعيفة (1) التي يغلب الظن بافضائها (ولو كان (2)
قبله ضمن مع المهر ديتها) إن وقع بالجماع، لتحقق (3) الدخول الموجب
لاستقراره، ولو وقع (4) بغيره بني استقراره (5) على عدم عروض
موجب التنصيف (وأنفق) الزوج (عليها حتى يموت أحدهما) وقد تقدم
في النكاح (6) أنها تحرم عليه مؤبدا مضافا إلى ذلك (7) وإن لم تخرج
عن حباله بدون الطلاق (8)، وكذا لا تسقط عنه النفقة وإن طلقها،
لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عليه الاجراء عليها ما دامت
حية (9).
240

وفي سقوطها (1) بتزويجها بغيره وجهان؟ من (2) إطلاق النص
بثبوتها إلى أن يموت أحدهما (3)، ومن (4) حصول الغرض بوجوبها
241

على غيره (1)، وزوال (2) الموجب لها، وأن العلة (3) عدم صلاحيتها
لغيره بذلك، وتعطلها عن الأزواج وقد زال (4) فيزول الحكم (5).
وفيه (6) منع انحصار الغرض في ذلك (7)،
242

ومنع العلية المؤثرة (1) وزوال الزوجية (2) لو كان كافيا لسقطت بدون
التزويج. وهو (3) باطل اتفاقا.
(التاسعة عشرة في الأليين (4)) وهما: اللحم الناتئ (5) بين
الظهر والفخذين (الدية (6). وفي كل واحدة النصف) إذا أخذت
243

إلى العظم الذي تحتها: وفي ذهاب بعضهما بقدره (1)، فإن جهل المقدار
قال في التحرير: وجبت (2) حكومة.
ويشكل (3) بما لو قطع بزيادة مقداره عن الحكومة، أو نقصانه
مع الجهل بمجموع المقدار. فينبغي الحكم بثبوت المحقق منه (4) كيف كان.
(العشرون الرجلان فيهما الدية (5) وفي كل واحدة النصف.
وحدهما مفصل الساق) وإن اشتملت على الأصابع. (وفي الأصابع
منفردة (6) الدية وفي كل واحدة عشر (7)، سواء الابهام وغيره.
244

والخلاف هنا كما سبق (1) (ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل)
بالسوية (2) (و) دية (الابهام) مقسومة (على اثنين (3)) بالسوية
أيضا. (وفي الساقين) وحدهما الركبة (الدية، وكذا في الفخذين)،
لأن كل واحد منهما مما في الانسان منه اثنان (4).
هذا (5) إذا قطعا منفردين عن الرجل، وقطع الفخذ منفردا عن الساق
245

أما لو جمع بينهما (1)، أو بينها (2). ففيه ما مر في اليدين من احتمال
دية واحدة إذا قطع من المفصل (3) ودية وحكومة (4). وتعدد الدية (5)
بتعدد موجبه. والكلام في الإصبع الزائدة والرجل (6) ما تقدم.
(الحادية والعشرون في الترقوة) بفتح التاء فسكون الراء فضم
القاف وهي العظم الذي بين ثغرة (7) النحر، والعاتق (إذا كسرت فجبرت
246

على غير عيب أربعون دينارا) روي ذلك في كتاب ظريف (1). ولو جبرت
على عيب احتمل استصحاب الدية (2) كما لو لم تجبر، والحكومة (3)
رجوعا إلى القاعدة.
ويشكل (4) لو نقصت عن الأربعين، لوجوبها (5) فيما لو عدم
247

العيب فكيف لا تجب معه. ولو قيل بوجوب أكثر الأمرين (1) كان
حسنا. (وترقوة المرأة كالرجل) في وجوب الأربعين عملا بالعموم (2)
ولو كان (3) ذميا فنسبتها إلى دية المسلم من ديته.
(وفي كسر عظم من عضو خمس دية) ذلك (العضو (4).
فإن صلح على صحة فأربعة أخماس دية كسره (5)، وفي موضحته ربع
دية كسره (6)،
248

وفي رضه (1) ثلث دية) ذلك (العضو)
وفي بعض نسخ الكتاب ثلثا ديته بألف التثنية. والظاهر أنه سهو،
لأن الثلث هو المشهور (2) والمروي (3) (فإن صلح) المرضوض
(على صحة فأربعة أخماس دية رضه (4)) ولو صلح بغير صحة فالظاهر
249

استصحاب ديته (1) (وفي فكه (2) بحيث يتعطل العضو ثلثا ديته)، لأن
ذلك (3) بمنزلة الشلل (فإن صلح على صحة فأربعة أخماس دية فكه (4))
ولو لم يتعطل (5) فالحكومة. هذا (6) هو المشهور. والأكثر لم يتوقفوا
250

في حكمه (1)، إلا المحقق في النافع فنسبه إلى الشيخين (2). والمستند (3)
كتاب ظريف مع اختلاف يسير. فلعله (4) نسبه إليهما، لذلك (5).
(الثانية والعشرون في كل ضلع مما يلي القلب (6)) أي من الجانب
الذي فيه القلب (إذا كسرت خمسة وعشرون دينارا، وإذا كسرت)
تلك الضلع (مما يلي العضد عشرة دنانير) ويستوي في ذلك جميع الأضلاع
والمستند كتاب ظريف (7) (ولو كسر عصعصه) بضم عينيه وهو
عجب الذنب بفتح عينه وهو عظمه يقال: إنه أول ما يخلق، وآخر
ما يبلى (فلم يملك) حيث كسر (غائطه) ولم يقدر على إمساكه
251

(ففيه الدية)، لصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام
في رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه فقال: فيه الدية كاملة (1).
والبعصوص هو العصعص، لكن لم يذكره أهل اللغة فمن ثم عدل
المصنف عنه إلى العصعص المعروف لغة.
وقال الراوندي: البعصوص عظم رقيق حول الدبر.
(ولو ضرب عجانه) بكسر العين وهو ما بين الخصية، والفقحة (2)
(فلم يملك غائطه ولا بوله ففيه الدية) أيضا (في رواية) إسحاق بن عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام (3) ونسبه (4) إلى الرواية، لأن إسحاق فطحي
وإن كان ثقة. والعمل بروايته مشهور كالسابق (5) وكثير من الأصحاب
لم يذكر فيه خلافا.
(ومن افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها) بفتح الميم وهو مجمع
البول (فلم تملك بولها فديتها) لخرق المثانة (ومهر مثل نسائها)
للافتضاض على الأشهر لتفويت تلك المنفعة الواحدة (6) في البدن،
252

ولرواية هشام بن إبراهيم عن أبي الحسن عليه السلام، لكن الطريق (1)
ضعيف.
(وقيل: ثلث ديتها)، لرواية ظريف أن عليا عليه الصلاة والسلام
قضى بذلك (2) وهي أشهر، لكن الأولى (3) أولى لما ذكرناه (4) وإن
اشتركتا في عدم صحة السند.
(ومن داس بطن إنسان حتى أحدث) بريح، أو بول، أو غائط
(ديس بطنه) حتى يحدث كذلك (أو يفتدي ذلك بثلث الدية على رواية)
السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قضى
بذلك (5)، وعمل بمضمونها الأكثر ونسبه المصنف إلى الرواية (6) لضعفها
ومن ثم (7) أوجب جماعة الحكومة، لأنه المتيقن (8) وهو قوي.
253

القول في دية المنافع وهي ثمانية أشياء:
(الأول في ذهاب العقل الدية) كاملة (وفي) ذهاب (بعضه
بحسابه) أي حساب الذاهب من المجموع (بحسب نظر الحكام) إذ لا يمكن
ضبط الناقص على اليقين
وقيل: يقدر بالزمان فإن جن يوما وأفاق يوما فالذاهب النصف
أو جن يوما وأفاق يومين فالثلث وهكذا (1) (ولو شجه (2) فذهب
عقله لم تتداخل) دية الشجة ودية العقل، بل تجب الديتان (وإن كان
بضربة واحدة) وكذا لو قطع له عضوا غير الشجة فذهب عقله (3)
(ولو عاد العقل بعد ذهابه) وأخذ ديته (لم تستعد الدية (4)) لأنه
هبة من الله تعالى مجددة (إن (5) حكم أهل الخبرة بذهابه بالكلية)
أما مع الشك في ذهابه (6) فالحكومة.
(الثاني السمع وفيه الدية) إذا ذهب من الأذنين معا (مع اليأس)
254

من عوده (ولو رجى) أهل الخبرة (عوده) ولو بعد مدة (انتظر، فإن
لم يعد فالدية) كاملة (وإن عاد فالأرش) لنقصه زمن فواته (ولو تنازعا
في ذهابه) فادعاه المجني عليه وأنكره الجاني، أو قال: لا أعلم صدقه
وحصل الشك في ذهابه (اعتبر حاله عند الصوت العظيم، والرعد القوي،
والصيحة عند غفلته، فإن تحقق) الأمر بالذهاب وعدمه (1) حكم بموجبه
(وإلا حلف القسامة) وحكم له، والكلام في ذهابه (2) بشجة وقطع أذن
كما تقدم من عدم التداخل (3).
(وفي) ذهاب (سمع إحدى الأذنين) أجمع (النصف) نصف
الدية (ولو نقص سمعها) من غير أن يذهب أجمع (قيس إلى الأخرى)
بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة ثم يصاح به بصوت لا يختلف كمية كصوت
الجرس (4) حتى يقول: لا أسمع، ثم يعاد عليه ثانيا من جهة أخرى (5)
فإن تساوت المسافتان (6) صدق، ولو فعل به كذلك في الجهات الأربع
كان أولى، ثم تسد الصحيحة وتطلق الناقصة وتعتبر بالصوت كذلك (7)
حتى يقول: لا أسمع، ثم يكرر عليه الاعتبار (8) كما مر، وينظر التفاوت
255

بين الصحيح والناقص ويؤخذ من الدية بحسابه (1).
وليكن القياس في وقت سكون الهواء في مواضع معتدلة (ولو نقصا (2)
معا قيس إلى أبناء سنه) من الجهات المختلفة بأن يجلس قرنه (3) بجنبه،
ويصاح بهما بالصوت المنضبط من مسافة بعيدة لا يسمعه واحد منهما، ثم
يقرب المنادي شيئا فشيئا إلى أن يقول: القرن سمعت فيعرف الموضع (4)
ثم يدام الصوت ويقرب (5) إلى أن يقول المجني عليه: سمعت فيضبط
ما بينهما من التفاوت، ويكرر كذلك (6) ويؤخذ بنسبته (7) من الدية حيث
لا يختلف، ويجوز الابتداء من قرب كما ذكر (8).
(الثالث في ذهاب الأبصار) من العينين معا (الدية) وفي
ضوء كل عين نصفها، سواء فقأ الحدقة أم أبقاها، بخلاف إزالة الأذن
وابطال السمع منها (9)، وسواء صحيح البصر والأعمش والأخفش ومن
256

في حدقته بياض لا يمنع أصل البصر. وإنما يحكم بذهابه (إذا شهد به
شاهدان) عدلان (أو صدقه الجاني، ويكفي) في إثباته (شاهد وامرأتان
إن كان ذهابه من غير عمد)، لأنه حينئذ يوجب المال وشهادتهما (1)
مقبولة فيه، هذا كله مع بقاء الحدقة، وإلا (2) لم يفتقر إلى ذلك.
(ولو عدم الشهود) حيث يفتقر إليهما (3) وكان الضرب مما يحتمل
زوال النظر معه (حلف) المجني عليه (القسامة إذا كانت العين قائمة)
وقضي له (4).
وقيل: يقابل بالشمس فإن بقيتا مفتوحتين صدق، وإلا كذب لرواية (5)
الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وفي الطريق ضعف.
(ولو ادعى نقصان) بصر (أحدهما قيست إلى الأخرى) كما ذكر
في السمع. وأجود ما يعتبر (6) به ما روي (7) صحيحا عن الصادق عليه السلام
257

أن تربط عينه الصحيحة ويأخذ رجل بيضة ويبعد حتى يقول المجني عليه:
ما بقيت أبصرها فيعلم (1) عنده، ثم تشد المصابة (2)، وتطلق الصحيحة
وتعتبر كذلك (3)، ثم تعتبر في جهة أخرى، أو في الجهات الأربع فإن
تساوت صدق، وإلا كذب، ثم ينظر مع صدقه ما بين المسافتين (4) ويؤخذ
من الدية بنسبة النقصان (5) (أو) ادعى (نقصانهما قيستا إلى أبناء سنه)
بأن يوقف (6) معه وينظر ما يبلغه نظره (7) ثم يعتبر (8) ما يبلغه نظر
المجني عليه ويعلم (9) نسبة ما بينهما (فإن استوت المسافات الأربع صدق،
وإلا كذب). وحينئذ (10) فيحلف الجاني على عدم النقصان (11) إن ادعاه
258

وإن قال (1): لا أدري لم يتوجه عليه (2) اليمين، ولا يقاس (3) النظر
في يوم غيم، ولا في أرض مختلفة الجهات (4) لئلا يحصل الاختلاف
بالعارض (5).
(الرابع في إبطال الشم) من المنخرين (6) معا (الدية) (7)
ومن أحدهما خاصة نصفها (ولو ادعى ذهابه) وكذبه الجاني عقيب جناية
يمكن زواله (8) بها (اعتبر (9) بالروائح الطيبة، والخبيثة)، والروائح
259

الحادة. فإن تبين حاله (1) حكم به (ثم) أحلف (2) (القسامة) إن
لم يظهر بالامتحان وقضي له (3) (وروي) (4) عن أمير المؤمنين عليه السلام
بالطريق السابق في البصر (تقريب الحراق) (5) بضم الحاء وتخفيف
الراء. وتشديده من لحن العامة قاله الجوهري. وهو ما يقع فيه النار
عند القدح أي يقرب بعد علوق النار به (منه (6) فإن دمعت عيناه ونحى
أنفه فكاذب، وإلا فصادق). وضعف طريق الرواية (7) بمحمد بن الفرات
يمنع من العمل بها، واثبات (8)
260

الدية بذلك، مع أصالة البراءة (1).
(ولو ادعى نقصه قيل: يحلف ويوجب له الحاكم شيئا بحسب اجتهاده)
إذ لا طريق إلى البينة، ولا إلى الامتحان. وإنما نسبه (2) إلى القول، لعدم
دليل عليه مع أصالة البراءة، وكون (3) حلف المدعي خلاف الأصل،
وإنما مقتضاه حلف المدعى عليه على البراءة.
(ولو قطع الأنف فذهب الشم فديتان) إحداهما للأنف، والأخرى
للشم، لأن الأنف ليس محل القوة الشامة فإنها منبثة في زائدتي مقدم الدماغ
المشبهتين بحلمتي الثدي تدرك (4) ما يلاقيها من الروائح، والأنف طريق
للهواء الواصل إليها (5).
ومثله (6) قوة السمع. فإنها مودعة في العصب المفروش في مقعر
الصماخ (7) يدرك ما يؤدي إليها الهواء فلا تدخل دية إحداهما في الأخرى.
261

(الخامس الذوق قيل) والقائل العلامة قاطعا به وجماعة: (فيه
الدية) (1) كغيره من الحواس، ولدخوله في عموم قولهم عليهم السلام:
كل ما في الانسان منه واحد ففيه الدية (2)، ونسبه إلى القيل (3)، لعدم
دليل عليه بخصوصه، والشك في الدليل العام (4) فإنه كما تقدم مقطوع (5)
(ويرجع فيه (6) عقيب الجناية) التي يحتمل إتلافها (7) له (إلى دعواه
مع الأيمان) البالغة مقدار القسامة، لتعذر إقامة البينة عليه (8)، وامتحانه
وفي التحرير يجرب بالأشياء المرة المقرة (9) ثم يرجع مع الاشتباه إلى الأيمان
ومع دعواه النقصان يقضي الحاكم بعد تحليفه بما يراه من الحكومة تقريبا
262

على القول السابق (1).
(السادس في تعذر الإنزال للمني) حالة الجماع (الدية) (2)،
لفوات الماء المقصود للنسل وفي معناه (3) تعذر الاحبال، والحبل (4)
وإن نزل المني، لفوات النسل، لكن في تعذر الحبل دية المرأة (5) إذا
ثبت استناد ذلك (6) إلى الجناية، وألحق به (7) إبطال الالتذاذ بالجماع
263

لو فرض (1) مع بقاء الامناء والاحبال. وهو (2) بعيد، ولو فرض (3)
فالمرجع إليه فيه مع وقوع جناية تحتمله (4) مع القسامة، لتعذر الاطلاع
عليه من غيره.
(السابع في سلس البول) وهو نزوله مترشحا (5) لضعف القوة
الماسكة (الدية) (6) على المشهور، والمستند رواية (7) غياث بن إبراهيم
264

وهو ضعيف (1)، لكنها (2) مناسبة لما يستلزمه من فوات المنفعة المتحدة
ولو انقطع (3) فالحكومة.
(وقيل: إن دام (4) إلى الليل ففيه الدية، و) إن دام (إلى الزوال)
ففيه (الثلثان، وإلى ارتفاع النهار) ففيه (ثلث) الدية، ومستند التفصيل (5)
رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام معللا الأول (6) بمنعه
265

المعيشة وهو (1) يؤذن بأن المراد معاودته كذلك (2) في كل يوم كما فهمه (3)
منه العلامة، لكن في الطريق إسحاق هو فطحي، وصالح بن عقبة وهو
كذاب غال فلا التفات إلى التفصيل (4). نعم يثبت الأرش في جميع الصور
حيث لا دوام (5).
(الثامن في إذهاب الصوت) مع بقاء اللسان على اعتداله (6)
وتمكنه من التقطيع والترديد (الدية)، لأنه (7) من المنافع المتحدة في
الانسان، ولو أذهب معه حركة اللسان فدية وثلثان، لأنه في معنى شلله (8)
وتدخل دية النطق بالحروف في الصوت (9)، لأن منفعة الصوت أهمها
266

النطق، مع احتمال عدمه. (1)، للمغايرة.
الفصل الثالث
(في الشجاج) بكسر الشين جمع شجة بفتحها وهي الجرح المختص
بالرأس والوجه، ويسمى في غيرهما (2) جرحا بقول مطلق (3) (وتوابعها)
مما خرج عن الأقسام الثمانية (4) من الأحكام (5) (وهي) أي الشجاج (ثمان:
الحارصة (6) وهي القاشرة للجلد وفيها بعير.
والدامية (7) وهي التي تقطع الجلد وتأخذ في اللحم يسيرا وفيها: بعيران
267

والباضعة (1) وهي الآخذة كثيرا في اللحم) ولا يبلغ سمحاق العظم
(وفيها: ثلاثة أبعرة وهي المتلاحمة) (2) على الأشهر.
وقيل: إن الدامية هي الحارصة، وأن الباضعة مغايرة للمتلاحمة فتكون
الباضعة هي الدامية بالمعنى السابق (3)، واتفق القائلان (4) على أن الأربعة
الألفاظ (5) موضوعة لثلاثة معان، وإن واحدا منها (6) مرادف، والأخبار
مختلفة أيضا (7) ففي رواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام
268

في الحارصة وهي الخدش بعير، وفي الدامية بعيران (1)، وفي رواية مسمع
عنه عليه السلام في الدامية بعير، وفي الباضعة بعيران، وفي المتلاحمة ثلاثة (2)
والأولى (3) تدل على الأول، والثانية (4) على الثاني. والنزاع لفظي (5)
(والسمحاق) (6) بكسر السين المهملة وإسكان الميم (وهي التي
تبلغ السمحاقة وهي الجلدة) الرقيقة (المغشية للعظم) ولا تقشرها (وفيها
أربعة أبعرة.
269

والموضحة (1) وهي التي تكشف عن وضح (العظم) وهو بياضه
وتقشر السمحاقة (وفيها خمسة أبعرة).
(والهاشمة (2) وهي التي تهشم العظم) أي تكسره وإن لم يسبق (3)
بجرح (وفيها عشرة أبعرة أرباعا) (4) على نسبة ما يوزع في الدية الكاملة
270

من بنات المخاض، واللبون، والحقق، وأولاد اللبون، فالعشرة هنا بنتا
مخاض، وابنا لبون، وثلاث بنات لبون، وثلاث حقق (إن كان خطأ
وأثلاثا) (1) على نسبة ما يوزع في الدية الكاملة (2) (إن كان شبيها)
بالخطأ فيكون ثلاث حقق، وثلاث بنات لبون، وأربع خلف حوامل.
بناء على ما دلت عليه صحيحة ابن سنان من التوزيع (3).
وأما على ما اختاره المصنف (4)
271

فلا يتحقق بالتحرير (1)، ولكن ما ذكرناه منه (2) مبرء أيضا، لأنه
أزيد سنا في بعضه (3).
(والمنقلة) (4) بتشديد القاف مكسورة (وهي التي تحوج إلى نقل
العظم) إما بأن ينتقل عن محله إلى آخر، أو يسقط.
قال المبرد: المنقلة ما يخرج منها عظام صغار وأخذه من النقل بالتحريك
وهي الحجارة الصغار.
وقال الجوهري: هي التي تنقل العظم أي تكسره حتى يخرج منها
فراش العظام بفتح الفاء قال: وهي عظام رقاق تلي القحف (5) (وفيها
خمسة عشر بعيرا.
272

والمأمومة وهي التي تبلغ أم الرأس أعني الخريطة (1) التي تجمع الدماغ)
بكسر الدال لا تفتقها (2) (وفيها ثلاثة وثلاثون بعيرا) على ما دلت
عليه صحيحة الحلبي وغيره (3).
وفي كثير من الأخبار ومنها صحيحة معاوية بن وهب (4): فيها
ثلث. الدية فيزيد ثلث بعير (5) وربما جمع بينها (6) بأن المراد بالثلث (7)
273

ما أسقط منه الثلث (1)، ولو دفعها من غير الإبل لزمه إكمال الثلث (2) محررا
والأقوى وجوب الثلث (3).
(وأما الدامغة (4). وهي التي تفتق الخريطة) الجامعة للدماغ (وتبعد
معها (5) السلامة) من الموت (فإن مات) بها (فالدية (6) وإن فرض
أنه سلم قيل: زيدت حكومة على المأمومة (7)، لوجوب الثلث (8)
بالأمة فلا بد لقطع الخريطة من حق آخر وهو غير مقدر فالحكومة، وهو
حسن. فهذه جملة الجراحات الثمانية المختصة بالرأس المشتملة على تسعة أسماء (9)
(ومن التوابع: الجايفة (10) وهي الواصلة إلى الجوف) من أي
274

الجهات كان (ولو من ثغرة النحر (1) وفيها ثلث الدية) (2) بإضافة
ثلث البعير هنا اتفاقا.
(وفي النافذة (3) في الأنف) بحيث تثقب المنخرين (4) معا ولا تنسد
(ثلث الدية (5)، فإن صلحت) وانسدت (فخمس الدية (6).
(وفي النافذة في أحد المنخرين) خاصة (عشر الدية) (7) إن صلحت
275

وإلا فسدس الدية (1)، لأنها (2) على النصف فيهما، والمستند كتاب
ظريف (3)، لكنه (4) أطلق العشر في أحدهما كما هنا (5) والتفصيل
فيه (6) كالسابق (7) للعلامة.
276

(وفي شق الشفتين حتى تبدو الأسنان ثلث ديتهما) (1) سواء استوعبهما
الشق أم لا (ولو برأت) الجراحة (فخمس ديتهما) (2)
وفي شق إحداهما ثلث ديتها (3) إن لم تبرأ، فإن برأت فخمسها (4)
استنادا إلى كتاب ظريف (5).
(وفي احمرار الوجه بالجناية) من لطمة وشبهها (دينار ونصف).
(وفي إخضراره ثلاثة دنانير).
(وفي اسوداده ستة) لرواية إسحاق بن عمار (6) (و) المشهور
277

أن هذه الجنايات الثلاث (1) (في البدن على النصف) (2) والرواية (3)
خالية عنه، وظاهرها (4) أن ذلك يثبت بوجود أثر اللطمة ونحوها في الوجه
وإن لم يستوعبه ولم يدم (5) فيه عرفا.
وربما قيل باشتراط الدوام (6)، وإلا فالأرش، ولو قيل بالأرش
مطلقا (7) لضعف المستند (8) إن لم يكن إجماع (9) كان حسنا (10). وفي تعدي
278

حكم (1) المروي إلى غيره من الأعضاء التي ديته أقل (2) كاليد والرجل بل
الإصبع (3) وجهان، وعلى تقديره (4) فهل يجب فيه (5) بنسبة ديته
إلى دية الوجه (6)،
279

أم بنسبة ما وجب في البدن إلى الوجه (1) وجهان.
ولما ضعف مأخذ الأصل (2) كان إثبات مثل هذه الأحكام (3)
أضعف، واطلاق الحكم (4) يشمل الذكر والأنثى فيتساويان في ذلك (5)
وسيأتي التنبيه عليه أيضا.
(ودية الشجاج) المتقدمة (في الوجه والرأس سواء) (6)، لما تقرر
من أنها لا تطلق إلا عليها.
(وفي البدن بنسبة دية العضو إلى الرأس) ففي حارصة اليد نصف
280

بعير (1)، وفيها (2) في أنملة إبهامها (3) نصف عشر (4) وهكذا (5).
(وفي النافذة (6) في شئ من أطراف الرجل مائة دينار) على قول
الشيخ وجماعة، ولم نقف على مستنده، وهو (7) مع ذلك يشكل بما لو كانت
دية الطرف تقصر عن المائة كالأنملة (8) إذ يلزم زيادة دية النافذة فيها (9)
على ديتها (10)،
281

بل على دية أنملتين (1) حيث يشتمل الإصبع على ثلاث.
وربما خصها (2) بعضهم بعضو فيه كمال الدية (3) ولا بأس به (4)
إن تعين العمل بأصله، ويعضده (5) أن الموجود في كتاب ظريف
ليس مطلقا (6) كما ذكروه، بل قال (7): وفي الخد إذا كانت فيه نافذة
282

يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار (1).
وتخصيصهم الحكم (2) بالرجل يقتضي أن المرأة ليست كذلك فيحتمل
الرجوع فيها (3) إلى الأصل من الأرش (4)، أو حكم الشجاج بالنسبة (5)
وثبوت خمسين دينارا (6) على النصف كالدية (7) وفي بعض فتاوى المصنف
أن الأنثى كالذكر في ذلك ففي نافذتها مئة دينار أيضا.
(وكلما ذكر من الدينار فهو منسوب إلى صاحب الدية التامة (8)،
والمرأة الكاملة (9)، وفي العبد والذمي بنسبتها (10) إلى النفس).
283

كتب المصنف على الكتاب (1) في تفسير ذلك (2) إن ما ذكر فيه
لفظ الدينار من الأبعاض كالنافذة والاحمرار والاخضرار فهو واجب
للرجل الكامل (3) والمرأة الكاملة (4)، فإذا اتفق في ذمي، أو عبد
أخذ بالنسبة، مثلا النافذة فيها مئة دينار (5). ففي الذمي ثمانية دنانير (6)
وفي العبد عشر قيمته (7)، وكذا الباقي (8).
284

(ومعنى الحكومة والأرش) فيما لا تقدير لديته واحد (1) وهو
(أن يقوم) المجني عليه (مملوكا) وإن كان حرا (تقديرا صحيحا) على
الوصف المشتمل عليه حالة الجناية.
(وبالجناية) (2) وتنسب إحدى القيمتين إلى الأخرى (ويؤخذ من
الدية) أي دية المجني عليه كيف اتفقت (3) (بنسبته).
فلو قوم العبد صحيحا بعشرة (4)، ومعيبا بتسعة وجب للجناية عشر
دية الحر (5) ويجعل العبد أصلا للحر في ذلك (6)، كما أن الحر أصل له (7)
في المقدر، ولو كان المجني عليه مملوكا استحق مولاه التفاوت بين القيمتين (8)
ولو لم ينقص بالجناية كقطع السلع (9)،
285

والذكر (1)، ولحية المرأة (2) فلا شئ، إلا أن ينقص حين الجناية بسبب
الألم فيجب (3) ما لم يستوعب القيمة ففيه (4) ما مر، ولو كان المجني
عليه قتلا أو جرحا خنثى (5) مشكلا ففيه نصف دية ذكر ونصف دية
أنثى (6).
286

ويحتمل دية أنثى (1)، لأنه المتيقن. وجرحه (2) فيما لا يبلغ ثلث
الدية كجرح الذكر كالأنثى (3)، وفيما بلغه (4) ثلاثة أرباع الذكر بحسبه (5)
287

(ومن لا ولي له فالحاكم وليه يقتص له من المتعمد) ويأخذ الدية
في الخطأ والشبيه.
(وقيل) والقائل الشيخ وأتباعه والمحقق والعلامة، بل كاد يكون
إجماعا: (ليس له (1) العفو عن القصاص، ولا الدية)، لصحيحة أبي
ولاد عن الصادق عليه السلام في الرجل يقتل وليس له ولي إلا الإمام:
أنه ليس للإمام أن يعفو وله أن يقتل ويأخذ الدية (2) وهو يتناول
العمد والخطأ.
وذهب ابن إدريس إلى جواز عفوه (3) عن القصاص والدية كغيره (4)
من الأولياء، بل هو أولى بالحكم، ويظهر من المصنف الميل إليه حيث جعل
المنع قولا، وحيث كانت الرواية (5) صحيحة وقد عمل بها الأكثر فلا وجه
للعدول عنها.
(الفصل الرابع في التوابع)
(وهي أربعة: الأول في دية الجنين) وهو الحمل في بطن أمه
288

وسمى به لاستتاره فيه (1) من الاجتنان وهو الستر فهو (2) بمعنى المفعول.
(في النطفة إذا استقرت في الرحم) واستعدت للنشؤ (عشرون دينارا
ويكفي) في ثبوت العشرين (مجرد الالقاء في الرحم) مع تحقق الاستقرار
(ولو أفزعه) أي أفزع المجامع المدلول عليه (3) بالمقام (مفزع) وإن
كان هو (4) المرأة (فعزل فعشرة دنانير) بين الزوجين أثلاثا (5).
289

ولو كان المفزع المرأة فلا شئ لها (1)، ولو انعكس (2) انعكس
إن قلنا بوجوب الدية عليه مع العزل اختيارا لكن الأقوى عدمه (3) وجواز
الفعل (4). وقد تقدم (5).
(وفي العلقة) وهي القطعة من الدم تتحول إليها النطفة (أربعون
دينارا، وفي المضغة) وهي القطعة من اللحم بقدر ما يمضغ (ستون دينارا).
(وفي العظم) أي ابتداء تخلقه من المضغة (ثمانون دينارا).
(وفي التام الخلقة قبل ولوج الروح فيه مائة دينار ذكرا كان)
الجنين (أو أنثى).
ومستند التفصيل (6)
290

أخبار كثيرة منها صحيحة (1) محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام.
وقيل: متى لم تتم خلقته ففيه غرة عبد (2)، أو أمة صحيحا لا يبلغ

(1) المراد من صار له عظم: الولد التام الخلقة الذي ولجته الروح.
291

الشيخوخة، ولا ينقص سنه عن سبع سنين، لرواية أبي بصير (1) وغيره (2)
عن أبي عبد الله عليه السلام. والأول (3) أشهر فتوى، وأصح رواية.
(ولو كان) الجنين (ذميا) أي متولدا عن ذمي ملحقا به (4)
292

(فثمانون درهما) عشر دية أبيه (1). كما أن المائة عشر دية المسلم، وروي
ضعيفا عشر دية أمه (2) (ولو كان مملوكا فعشر قيمة الأم المملوكة) ذكرا
كان أم أنثى (3) مسلما كان أم كافرا اعتبارا بالمالية. ولو تعدد (4) ففي كل
واحدة عشر قيمتها (5) كما تتعدد ديته (6) لو كان حرا.
(ولا كفارة هنا) أي في قتل الجنين في جميع أحواله، لأن وجوبها
مشروط بحياة القتيل.
(ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر، ونصف للأنثى) وإن (7)
خرج ميتا مع تيقن حياته في بطنها، فلو احتمل كون الحركة لريح وشبهها
لم يحكم بها (8).
(ومع الاشتباه) أي اشتباه حاله (9) هل هو ذكر أو أنثى فعلى
الجاني (نصف الديتين): دية الذكر ودية الأنثى، لصحيحة عبد الله
293

ابن سنان (1)، وغيرها (2).
وقيل: يقرع لأنها لكل أمر مشكل.
ويضعف بأنه لا إشكال مع ورود النص الصحيح (3) بذلك وعمل
الأصحاب حتى قيل: إنه إجماع. ويتحقق الاشتباه (بأن تموت المرأة
ويموت) الولد (معها) ولم يخرج (مع العلم بسبق الحياة) أي حياة الجنين
على موته (4)، أما سبق موته على موت أمه وعدمه فلا أثر له (5).
(وتجب الكفارة) بقتل الجنين حيث تلجه الروح كالمولود.
وقيل: مطلقا (6) (مع المباشرة) لقتله لا مع التسبيب كغيره.
(وفي أعضائه وجراحاته بالنسبة) إلى ديته ففي قطع يده خمسون
دينارا (7)، وفي حارصته دينار (8)،
294

وهكذا (1)، ولو لم يكن للجناية مقدر فالأرش وهو تفاوت ما بين قيمته
صحيحا ومجنيا عليه بتلك الجناية من ديته (2) (ويرثه وارث المال
الأقرب فالأقرب).
(وتعتبر قيمة الأم) لو كانت أمة (عند الجناية) لأنها وقت تعلق
الضمان (لا) وقت (الاجهاض) وهو الاسقاط.
(وهي) أي دية الجنين (في مال الجاني إن كان) القتل (عمدا)
حيث لا يقتل به (أو شبيها) بالعمد (وإلا (3) ففي مال العاقلة) كالمولود.
وحكمها في التقسيط والتأجيل كغيره (4).
(وفي قطع رأس الميت المسلم الحر مائة دينار) سواء في ذلك الرجل
والمرأة والصغير والكبير، للإطلاق (5)، والمستند أخبار كثيرة. منها (6)
حسنة سليمان بن خالد عن أبي الحسن عليه السلام وفيها أن ديته دية الجنين
في بطن أمه قبل أن تنشأ فيه الروح. وقد عرفت أن الذكر والأنثى
295

فيه سواء، وفي خبر آخر رواه الكليني مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه
أفتى بذلك (1) للمنصور حيث قطع بعض مواليه رأس آخر بعد موته.

(1) أي الربيع.
(2) من باب الاستفعال من شاط يشيط أجوف يأتي. وزان باع بيع. معناه
شدة الغضب والتهابه. يقال: استشاط غضبا عليه أي التهب غضبه عليه.
(3) أي الربيع.
(4) أي (أبو جعفر المنصور).
(5) أي بعض الأصحاب.
(6) أي أبو جعفر المنصور جعل يكرر السؤال من هؤلاء الفقهاء والقضاة
عن هذه الواقعة.
(7) أي في هذه الحادثة.
296



(1) أي بعض الأصحاب.
(2) أي (لأبي جعفر المنصور) الدوانيقي بعض القضاة والفقهاء.
(3) أي (الإمام الصادق) صلوات الله عليه.
(4) أي (المنصور الدوانيقي).
(5) أي (بعض أصحابنا).
(6) أي أتي الربيع (جعفر بن محمد) صلوات الله وسلامه عليه.
(7) أي (الإمام الصادق) عليه السلام كان على المروة.
(8) أي بعض الأصحاب قال: إن الربيع قال (للإمام الصادق) عليه السلام
(9) أي بعض الأصحاب قال: إن (الإمام الصادق) عليه السلام رد الربيع
إلى (أبي جعفر المنصور) أي لم يجبه عن مسألته.
297



(1) أي بعض الأصحاب قال: إن الربيع أبلغ المنصور ما حكم به (الإمام
الصادق) عليه السلام في قطع رأس الميت من وجوب مائة دينار.
(2) أي القضاة والفقهاء الذين كانوا بصحبة (أبي جعفر المنصور) في الطواف
قالوا للربيع.
(3) أي دية النطفة عشرون دينارا إذا صار الانسان سببا لسقطها. بعد أن
استقرت في الرحم واستعدت للنشؤ.
(4) أي دية العلقة عشرون دينارا زائدا على دية النطفة فيصير المجموع
أربعين دينارا.
هذه هي المرحلة الأولى لمراحل تكوين الجنين في الرحم من سير النطفة
إلى مرحلة العلقة.
(5) أي دية المضغة عشرون دينارا زائدا على دية العلقة. فيصير المجموع
ستين دينارا.
هذه هي المرحلة الثانية لمراحل تكوين الجنين في الرحم.
(6) أي دية العظم عشرون دينارا زائدا على دية المضغة. فيصير المجموع
ثمانين دينارا بعد تحول المضغة إلى العظم وهو: (الهيكل العظمي) لبدن الجنين
في الرحم قبل أن يكسوه اللحم.
هذه هي المرحلة الثالثة لمراحل تكوين الجنين في الرحم.
298



(1) أي دية الجنين بعد أن كسيت عظامه لحما مجردا عن الروح الانساني
وهي (النفس الناطقة): عشرون دينارا زائدا على دية العظم وهي ثمانون دينارا
فالمجموع مائة دينار.
هذه هي المرحلة الرابعة من مراحل الجنين في بطن أمه. وتسمى هذه المراحل
(بالمراحل النامية) التي لا روح فيها سوى النمو والحياة.
وبين مرحلة النطفة إلى مرحلة العلقة أربعون يوما.
وبين مرحلة العلقة إلى مرحلة المضغة أربعون يوما.
وبين مرحلة المضغة إلى مرحلة العظم أربعون يوما.
فالمجموع مائة وعشرون يوما وهي أربعة أشهر.
ثم بعد ذلك يتم الجنين وتلج فيه الروح.
وإلى هذه المراحل أشار (الإمام الصادق) عليه السلام في الحديث في قوله
في جواب السائل.
فما حد المضغة؟
هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه مائة وعشرين يوما. المصدر السابق
ص 241 240. الحديث 8.
(2) أي أنشأنا الجنين بعد تلك المراحل الأربع خلقا آخر.
أي أعطيناه النفس الناطقة الانسانية.
فدية هذا الجنين الذي له الروح الانسانية: ألف دينار، أو عشرة آلاف
درهم إذا كان ذكرا.
وخمسمائة دينار، أو خمسة آلاف درهم إذا كان أنثى. وإلى دية هذا الجنين
في هذه المراحل الخمس يقول (الإمام الصادق) عليه السلام في خبر آخر: دية
الجنين خمسة أجزاء.
خمس للنطفة عشرون دينارا 20 %.
وللعلقة خمسان أربعون دينارا 40 %.
وللمضغة ثلاثة أخماس ستون دينارا 60 %.
وللعظم أربعة أخماس ثمانون دينارا 80 %.
وإذا تم الجنين كانت له مائة دينار.
فإذا أنشأ فيه الروح فديته ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكرا
وإن كان أنثى فخمسمائة دينار.
راجع (الوسائل). الجزء 19. ص 169. الحديث 1.
وإلى هذه المراحل يقول الله عز وجل:
ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة
في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة
فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما. ثم أنشأناه خلقا
آخر فتبارك الله أحسن الخالقين.
المؤمنون: الآية 14 13
299



(1) أي الميت المقطوع رأسه.
(2) أي بمنزلة الجنين الذي بلغ المرحلة الرابعة وهي (وفي اللحم عشرون).
مجردا عن الروح الانساني المعبر عنها بالنفس الناطقة.
300



(1) أي بعض الأصحاب قال: فرجع الربيع إلى (أبي جعفر المنصور) فأخبره
بالجواب عن سؤال القضاة والفقهاء فأعجبهم الجواب.
(2) أي القضاة والفقهاء قالوا للربيع: أرجع إلى (الإمام الصادق عليه السلام).
(3) لأن ما يتركه الميت إنما يكون للوارث إذا كان قد حازه واكتسبه حالة
حياته. وهذه الدية قد جاءت له بعد موته فتكون له وليس لورثته فيها حق.
301

وعلل (1) وجوب المائة: بأن في النطفة عشرين دينارا، وفي العلقة
عشرين، وفي المضغة عشرين، وفي العظم عشرين قال: ثم أنشأناه خلقا
آخر، وهذا هو ميت بمنزلته (2) قبل أن تنفخ فيه الروح في بطن أمه جنينا.
(وفي شجاجه وجراحه بنسبته) (3) ففي قطع يده خمسون دينارا (4)
وفي قطع إصبعه عشرة دنانير (5)، وفي حارصته دينار (6).
302

وهكذا (1).
وهذه الدية ليست لورثته، بل (تصرف في وجوه القرب) (2)
عن الميت، للأخبار المذكورة (3) فارقا فيها (4) بينه وبين الجنين حيث
تكون ديته (5) لورثته بأن الجنين مستقبل مرجو نفعه قابل للحياة عادة
بخلاف الميت فإنه قد مضى وذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته
بتلك المثلة له لا لغيره يحج بها عنه ويفعل بها أبواب البر والخير من
الصدقة وغيرها (6).
وقال المرتضى: تكون (7) لبيت المال، والعمل (8) على ما دلت
303

عليه الأخبار.
ولو لم يكن للجناية مقدر أخذ الأرش لو كان حيا منسوبا إلى الدية (1)
ولو لم يبن الرأس بل قطع ما لو كان حيا لم يعش مثله (2) فالظاهر وجوب
مائة دينار أيضا عملا بظاهر الأخبار (3). وهل يفرق هنا (4) بين العمد
والخطأ كغيره حتى (4) الجنين؟ يحتمله (6)، لاطلاق التفصيل في الجناية
على الآدمي (7) وإن لم يكن حيا كالجنين. وعدمه (8) بل يجب على
الجاني مطلقا (9) وقوفا فيما خالف الأصل (10) على موضع اليقين (11)
304

مؤيدا باطلاق الأخبار (1)، والفتوى بأن الدية على الجاني مع ترك
الاستفصال (2) في واقعة الحال السابقة (3) الدال (4) على العموم.
وهل يجوز قضاء دينه (5) من هذه الدية وجهان، من عدم
دخوله في إطلاق الصدقة ووجوه البر، وكون (6) قضاء الدين ملازما
305

للإرث، لظاهر الآية، ومن (1) أن نفعه بقضاء دينه أقوى، ونمنع (2)
عدم دخوله في البر، بل هو (3) من أعظمها، ولأن (4) من جملتها قضاء
دين الغارم (5) وهو من جملة أفراده. وهذا أقوى (6) ولو كان الميت ذميا
فعشر ديته (7)،
306

أو عبدا فعشر قيمته (1) ويتصدق بها عنه كالحر، للعموم (2).
(الثاني في العاقلة (3)) التي تحمل دية الخطأ سميت بذلك (4)
أما من العقل وهو الشد ومنه سمي الحبل عقالا، لأنها (5) تعقل
الإبل بفناء ولي المقتول المستحق للدية، أو لتحملهم العقل وهو الدية وسميت
الدية بذلك (6)، لأنها تعقل (7) لسان ولي المقتول، أو من العقل وهو
307

المنع، لأن (1) العشيرة كانت تمنع القاتل بالسيف في الجاهلية ثم منعت
عنه في الاسلام بالمال.
(وهم: من تقرب) إلى القاتل (بالأب) كالأخوة والأعمام
وأولادهما (وإن لم يكونوا وارثين في الحال.) (2)
وقيل: من يرث دية القاتل لو قتل، ولا يلزم (3) من لا يرث
ديته شيئا مطلقا (4).
وقيل: هم المستحقون لميراث القاتل من الرجال العقلاء من قبل أبيه
وأمه. فإن تساوت القرابتان كأخوة الأب وأخوة الأم كان على أخوة الأب
الثلثان، وعلى أخوة الأم الثلث.
وما اختاره المصنف (5) هو الأشهر بين المتأخرين، ومستند الأقوال (6)
غير نقي.
308

(ولا تعقل المرأة والصبي والمجنون والفقير عند) (1) استحقاق
(المطالبة) وهو حلول أجل الدية وإن كان غنيا أو عاقلا وقت الجناية
وإن ورثوا جميعا من الدية (2).
(ويدخل) في العقل (العمودان): الآباء والأولاد وإن علوا أو
سفلوا (3)، لأنهم أخص القوم وأقربهم (4)، ولرواية سلمة بن كهيل
عن أمير المؤمنين عليه السلام في القاتل الموصلي حيث كتب إلى عامله يسأل
عن قرابة فلان من المسلمين فإن كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب
لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذ بها نجوما في ثلاث
سنين الحديث (5). وفي سلمة ضعف (6). والأولوية هنا (7) ممنوعة
309

لأنه (1) حكم مخالف للأصل (2) والمشهور عدم دخولهم فيه (3)، لأصالة
البراءة، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله فرض دية امرأة قتلتها
أخرى على عاقلتها وبرأ الزوج والولد (4).
(ومع عدم القرابة) الذي يحكم بدخوله (5) (فالمعتق) للجاني.
فإن لم يكن فعصباته، ثم معتق المعتق، ثم عصابته ثم معتق أبي المعتق،
ثم عصابته كترتيب الميراث (6)، ولا يدخل ابن المعتق وأبوه وإن علا،
أو سفل (7) على الخلاف (8)، ولو تعدد المعتق اشتركوا في العقل
كالإرث (9).
(ثم) مع عدمهم أجمع (فعلى ضامن الجريرة) إن كان هناك ضامن
(ثم) مع عدمه، أو فقره فالضامن (الإمام) من بيت المال.
(ولا تعقل العاقلة عمدا) محضا، ولا شبيها به، وإنما تعقل الخطأ
310

المحض (1) (و) كذا (لا) يعقل (بهيمة (2) إذا جنت على انسان
وإن كانت جنايتها مضمونة (3) على المالك على تقدير تفريطه.
وكذا لا تعقل العصبة قتل البهيمة (4)، بل هي كسائر ما يتلفه
من الأموال (5).
(ولا جناية العبد) بمعنى أن العبد لو قتل انسانا خطأ، أو جني عليه (6)
لا تعقل عاقلته جنايته، بل تتعلق برقبته كما سلف (7).
(وتعقل الجناية عليه) أي تعقل عاقلة الحر الجاني على العبد خطأ
جنايته عليه (8). كما تعقل جنايته (9)
311

على الحر، لعموم (1) ضمان العاقلة الجناية على الآدمي.
وقيل: لا تضمن العاقلة الجناية عليه (2) أيضا، بل إنما تعقل الديات (3)
والمأخوذ عن العبيد قيمة لا دية كسائر قيم الأموال المتلفة (4) وبه (5)
قطع في التحرير في باب العاقلة، وجعله تفسيرا لقوله صلى الله عليه وآله
وسلم: لا تعقل العاقلة عبدا (6). والأجود الأول (7)، وعليه (8) نزل
الحديث، وبه (9) جزم في أول الديات منه (10) أيضا كغيره من كتبه (11)
312

وبالجملة فإنما تعقل العاقلة إتلاف الحر (1) الآدمي مطلقا (2) إن كان
المتلف (3) صغيرا، أو مجنونا، أو خطأ إن كان (4) مكلفا، لا غيره (5)
من الأموال وإن كان حيوانا.
وشمل إطلاق المصنف (6) ضمان العاقلة:
دية الموضحة فما فوقها
وما دونها. وهو (7) في الأول محل وفاق، وفي الثاني (8) خلاف.
منشؤه ()
313

عموم الأدلة على تحملها (1) للدية من غير تفصيل، وخصوص (2) قول
الباقر عليه السلام في موثقة أبي مريم الأنصاري قال: قضى أمير المؤمنين
عليه السلام: إنه لا يحمل على العاقلة إلا الموضحة فصاعدا (3) مؤيدا
بأصالة البراءة من الحكم المخالف للأصل (4) وهذا هو الأشهر (5).
(وعاقلة الذمي نفسه) (6)، دون عصبته وإن كانوا كفارا (ومع
عجزه) عن الدية (فالإمام) عاقلته لأنه يؤدي الجزية إليه (7). كما يؤدي
المملوك الضربية (8) إلى مولاه فكان بمنزلته (9) وإن خالفه في كون مولى
العبد لا يعقل جنايته، لأنه ليس مملوكا محضا (10) كذا عللوه.
314

وفيه نظر (1).
(وتقسط) الدية على العاقلة (بحسب ما يراه الإمام) من حالتهم
في الغني والفقر، لعدم ثبوت تقديره (2) شرعا فيرجع (3) إلى نظره.
(وقيل) والقائل الشيخ في أحد قوليه وجماعة: (على الغني نصف
دينار، وعلى الفقير ربعه)، لأصالة براءة الذمة من الزائد على ذلك (4).
والمرجع فيهما (5) إلى العرف، لعدم تحديدهما شرعا والأول (6) أجود.
(والأقرب الترتيب في التوزيع) فيأخذ من أقرب الطبقات أولا، فإن
لم يحتمل (7) تخطى إلى البعيدة، ثم الأبعد، وهكذا ينتقل مع الحاجة (8)
إلى المولى، ثم إلى عصبته (9)، ثم إلى مولى المولى، ثم إلى الإمام.
315

ويحتمل بسطها (1) على العاقلة أجمع من غير اختصاص بالقريب.
لعموم الأدلة. (2)
وعلى القول بالتقدير (3) لو لم تسع الطبقة القريبة الدية بالنصف والربع
انتقل إلى الثانية (4). وهكذا إلى الإمام حتى لو لم يكن له إلا أخ غني
أخذ منه نصف دينار. والباقي (5) على الإمام.
(ولو قتل الأب ولده عمدا فالدية لوارث الابن) إن اتفق ولا نصيب
للأب منها (6) (فإن لم يكن) له وارث (سوى الأب فالإمام، ولو
قتله خطأ فالدية على العاقلة، ولا يرث الأب منها شيئا) على الأقوى،
لأن العاقلة تتحمل عنه (7) جنايته فلا يعقل تحملها له (8)، ولقبح أن
يطالب الجاني غيره بجناية جناها، ولولا الاجماع على ثبوتها (9) على العاقلة
لغيره (10)
316

لكان العقل يأبى ثبوتها (1) عليهم مطلقا (2).
وقيل: يرث منها (3) نصيبه إن قلنا بإرث القاتل خطأ هنا (4)،
لعموم (5) وجوب الدية على العاقلة، وانتقالها (6) إلى الوارث، وحيث
لا يمنع هذا النوع من القتل الإرث يرث الأب لها أجمع (7)، أو نصيبه (8)
عملا بالعموم (9)، ولو قلنا: إن القاتل خطأ لا يرث مطلقا (10)، أو من
317

الدية (1) فلا بحث. وكذا القول لو قتل الابن أباه خطأ (2).
(الثالث في الكفارة) اللازمة للقاتل بسبب القتل مطلقا (3)
(وقد تقدمت) في كتابها (4) وأنها كبيرة (5) مرتبة (6) في الخطأ وشبهه
وكفارة جمع (7) في العمد.
(ولا تجب مع التسبيب كمن طرح حجرا) فعثر به انسان فمات
(أو نصب سكينا في غير ملكه فهلك بها آدمي) وإن وجبت الدية، وإنما
تجب (8) مع المباشرة (وتجب بقتل الصبي والمجنون) ممن هو بحكم المسلم (9)
كما تجب بقتل المكلف (10) ويستوي فيها (11) الذكر والأنثى. والحر والعبد
مملوكا (12) للقاتل ولغيره (لا بقتل الكافر) وإن كان ذميا، أو معاهدا
(وعلى المشتركين) في القتل وإن كثروا (كل واحد كفارة) كملا (ولو قتل)
318

القاتل (قبل التكفير في العمد)، أو مات قبل التكفير (أخرجت الكفارات
الثلاث (1) من) أصل (ماله إن كان) له مال، لأنه حق مالي فيخرج
من الأصل وإن لم يوص به كالدين، وكذا كل من عليه كفارة مالية
فمات قبل اخراجها (2)، وغلبوا عليها (3) هنا جانب المالية وإن كان
بعضها بدنيا كالصوم، لأنها في معنى عبادة واحدة فيرجح فيها حكم المال
كالحج (4)، وإنما قيد (5) بالعمد، لأن كفارة الخطأ وشبهه مرتبة،
319

والواجب قد يكون ماليا كالعتق والاطعام، وبدنيا كالصيام، والحقوق
البدنية لا تخرج من المال إلا مع الوصية بها (1). ومع ذلك تخرج من الثلث
كالصلاة، وحينئذ (2) فالقاتل خطأ إن كان قادرا على العتق، أو عاجزا
عنه وعن الصوم أخرجت الكفارة من ماله كالعامد، وإن كان فرضه
الصوم لم تخرج إلا مع الوصية فلذا (3) قيد، لافتقار غير العمد إلى التفصيل (4).
(الرابع في الجناية على الحيوان) الصامت: (من أتلف ما تقع
عليه الذكاة) سواء كان مأكولا كالإبل والبقر والغنم أم لا كالأسد والنمر
والفهد (بها) أي بالتذكية بغير إذن مالكه (فعليه أرشه) وهو تفاوت
ما بين قيمته حيا ومذكى مع تحقق النقصان، لا قيمته (5)، لأن التذكية
لا تعد اتلافا محضا، لبقاء المالية غالبا، ولو فرض عدم القيمة أصلا كذبحه
في برية لا يرغب أحد في شرائه لزمه القيمة (6)، لأنه حينئذ مقدار النقص (7)
(وليس للمالك مطالبته بالقيمة) كملا (ودفعه (8) إليه على الأقرب)
320

لأصالة براءة ذمة الجاني مما زاد على الأرش (1)، ولأنه باق على ملك
مالكه فلا ينتقل عنه إلا بالتراضي من الجانبين.
وخالف في ذلك (2) الشيخان وجماعة فخيروا المالك بين إلزامه بالقيمة (3)
يوم الاتلاف وتسليمه إليه (4)، وبين مطالبته بالأرش نظرا إلى كونه مفوتا
لمعظم منافعه فصار كالتالف.
وضعفه ظاهر (5) (ولو أتلفه لا بها (6) فعليه قيمته يوم تلفه إن لم يكن
غاصبا) (7)، لأنه يوم تفويت ماليته الموجب للضمان (8) (ويوضع (9)
منها ماله (10) قيمة من الميتة) كالشعر والصوف والوبر والريش وفي الحقيقة
321

ما وجب هنا غير الأرش (1)، لكن لما كان المضمون أكثر القيمة اعتبرها (2)
ولو كان المتلف غاصبا فقيل: هو كذلك (3).
وقيل: يلزمه أعلى القيم من حين الغصب إلى حين الاتلاف. وهو
أقوى وقد تقدم (4)، فمن ثم (5) أهمله (ولو تعيب بفعله) من دون أن
يتلف كأن قطع بعض أعضائه، أو جرحه، أو كسر شيئا من عظامه
(فلمالكه الأرش) إن كانت حياته مستقرة، وإلا فالقيمة على ما فصل (6)
وكذا (7) لو تلف بعد ذلك بالجناية.
(وأما) لو أتلف (ما لا تقع عليه الذكاة (8) ففي كلب الصيد
أربعون درهما) على الأشهر رواية (9) وفتوى.
322

وقيل: قيمته كغيره من الحيوان القيمي إما لعدم ثبوت المقدار (1)
أو لرواية السكوني عن الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام:
حكم فيه بالقيمة (2). وبين التعليلين (3) بون بعيد، وخصه (4) الشيخ
بالسلوقي. نظرا إلى وصفه (5) في الرواية، وهو نسبة إلى سلوق قرية
باليمن أكثر كلابها معلمة، والباقون حملوه (6) على المعلم مطلقا للمشابهة (7).
(وفي كلب الغنم كبش) وهو ما يطلق عليه اسمه، لعدم تحديد
سنه شرعا ولا لغة، لرواية أبي بصير عن أحدهما (8).
323

(وقيل) والقائل الشيخان وابن إدريس وجماعة: في قتله (عشرون
درهما)، لرواية ابن فضال (1) عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله
عليه السلام وهي ضعيفة مرسلة (2)، والعجب من ابن إدريس المانع من
الخبر الواحد مطلقا (3) كيف يذهب هنا (4) إلى ذلك، لكن لعله استند
إلى ما توهمه من الاجماع، لا إلى الرواية (5).
وفي قول ثالث إن الواجب فيه (6) القيمة كما مر (7).
(وفي كلب الحائط) وهو البستان أو ما في معناه (8) (عشرون
درهما) على المشهور، ولم نقف على مستنده والقول بالقيمة أجود.
324

(وفي كلب الزرع قفيز من طعام) وهو في رواية أبي بصير (1)
المتقدمة، وخصه (2) بعض الأصحاب بالحنطة. وهو حسن (ولا تقدير
لما عداها (3)، ولا ضمان على قاتلها) (4) وشمل اطلاقه (5) كلب الدار
وهو (6) أشهر القولين فيه، وفي رواية أبي بصير (7) عن أحدهما أن في
كلب الأهل قفيز من تراب واختاره بعض الأصحاب.
(أما الخنزير فيضمن للذمي مع الاستتار به بقيمته (8) عند مستحليه)
إن أتلفه. وبأرشه (9) كذلك إن أعابه وكذا لو أتلف المسلم عليه)
أي على الذمي المستتر. وترك التصريح بالذمي لظهوره، ولعل التصريح
كان أظهر (خمرا، أو آلة لهو مع استتاره) بذلك، فلو أظهر شيئا منهما
325

فلا ضمان على المتلف مسلما كان أم كافرا فيهما (1).
(ويضمن الغاصب قيمة الكلب السوقية) (2)، لأنه مؤاخذ بأشق
الأحوال (3). وجانب المالية معتبر في حقه (4) مطلقا (بخلاف الجاني) (5)
فإنه لا يضمن إلا المقدر الشرعي، وإنما يضمن الغاصب القيمة (ما لم تنقص (6)
عن المقدر الشرعي) فيضمن المقدر (7). وبالجملة فيضمن الغاصب أكثر
الأمرين من القيمة والمقدر الشرعي (8).
(ويضمن صاحب الماشية جنايتها ليلا، لا نهارا) على المشهور،
والمستند رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه قال: كان
علي عليه السلام لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويقول على صاحب الزرع
حفظه، وكان يضمن ما أفسدته ليلا (9)، وروي ذلك عن النبي صلى الله
326

عليه وآله (1).
(ومنهم) وهم جلة المتأخرين كابن إدريس. وابن سعيد. والعلامة
(من اعتبر التفريط) في الضمان (مطلقا) ليلا ونهارا. إما استضعافا
للرواية (2)، أو حملا لها (3) على ذلك.
قال المصنف: والحق إن العمل ليس على هذه الرواية (4)، بل
إجماع الأصحاب. ولما كان الغالب حفظ الدابة ليلا، وحفظ الزرع نهارا
أخرج الحكم عليه (5) وليس في حكم المتأخرين رد لقول القدماء (6) فلا ينبغي
أن يكون الاختلاف هنا (7) إلا في مجرد العبارة عن الضابط (8) أما المعنى
فلا خلاف فيه. انتهى (9).
327

ولا يخفى ما فيه (1) وكيف كان فالأقوى اعتبار التفريط وعدمه.
(وروى) محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام (في بعير بين
أربعة عقله أحدهم فوقع في بئر فانكسر: أن على الشركاء ضمان حصته،
لأنه حفظ وضيعوا (2) روى) ذلك أبو جعفر عليه السلام (عن أمير المؤمنين)
صلوات الله وسلامه عليه وهو مشكل (3) على اطلاقه، فإن مجرد وقوعه
أعم من تفريطهم فيه، بل من تفريط العاقل (4)، ومن ثم (4) أوردها
المصنف كغيره بلفظ الرواية.
ويمكن حملها (6) على ما لو عقله وسلمه إليهم ففرطوا، أو نحو ذلك
والأقوى ضمان المفرط منهم، دون غيره، والرواية (7) حكاية
في واقعة محتملة للتأويل.
328

(وليكن هذا آخر اللمعة، ولم نذكر سوى المهم) من الأحكام
(وهو المشهور بين الأصحاب). هذا بحسب الغالب، وإلا فقد عرفت
أنه ذكر أقوالا نادرة غير مشهورة، وفروعا غير مذكورة.
(والباعث عليه) أي على المذكور المدلول عليه بالفعل، أو على
تصنيف الكتاب وإن كان اسمه مؤنثا (اقتضاء) أي طلب (بعض الطلاب)
وقد تقدم بيانه (6) (نفعه الله وإيانا به) وجميع المؤمنين، ونفع بشرحه
كما نفع بأصله بحق الحق وأهله (والحمد لله وحده وصلاته على سيدنا
محمد النبي، وعترته المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا).
هذا آخر كلام المصنف قدس الله روحه، ونحن نحمد الله تعالى على
توفيقه وتسهيله لتأليف هذا التعليق، ونسأله من فضله وكرمه أن يجعله
خالصا لوجهه الكريم. موجبا لثوابه الجسيم، وأن يغفر لنا ما قصرنا فيه
من اجتهاد، ووقع فيه من خلل في إيراد إنه هو الغفور الرحيم.
وفرغ من تسويده مؤلفه الفقير إلى عفو الله ورحمته (زين الدين بن
علي بن أحمد الشامي العاملي) عامله الله تعالى بفضله ونعمه وعفى عن سيئاته
وزلاته بجوده وكرمه على ضيق المجال، وتراكم الأهوال الموجبة لتشويش
البال خاتمة ليلة السبت وهي الحادية والعشرون من شهر جمادى الأولى سنة
سبع وخمسين وتسعمائة من الهجرة النبوية حامدا مصليا. اللهم صلى على
محمد وآل محمد، واختم لنا بالخير.
329

(الاستدراكات)
331

فاتتنا تعليقة في الجزء الأول ص 228 السطر 10 عند قول (الشارح)
(وبه خرج عن أصله).
أي وبالنص الصحيح المذكور في الهامش رقم 1 خرج القرطاس
عن أصله الأولي وهو (عدم جواز السجود عليه).
وفي قوله في نفس الصفحة: (وهذا الشرط).
أي كونه غير متخذ من الحرير.
وفي قوله في نفس الصفحة: (على هذه الأشياء).
أي القطن والكتان والحرير.
وفي ص 229 في تعليقتنا رقم 1. لم نشر إلى مصدر الأخبار وإليكم
الآن المصدر.
راجع (الوسائل) الطبعة الجديدة. الجزء 3 ص 100. باب 7.
كتاب الصلاة. الأخبار.
وفي ص 260 السطر 10 في قول (الشارح): (إذا لم يسمعها
من يحرم استماعه صوتها).
لا دليل على حرمة استماع صوت النساء الأجنبيات إذا لم تكن هناك
ريبة، أو خوف الوقوع في الفتنة.
فحكم (الشارح) رحمه الله بالتحريم مطلقا لا وجه له.
* * *
فاتتنا تعليقة في الجزء الثاني ص 182. السطر 3 عند قول (الشارح):
(مشترك).
هو خبر للمبتدأ المذكور في قوله: (وتوجيهه).
أي وتوجيه القيام في المعبر.
هذا دفع وهم حاصل الوهم: أن متعلق النذر شيئان: القيام وحركة
333

الرجلين اللذين بهما يتحقق المشي الذي هو متعلق النذر. فإذا انتفت فائدة
حركة الرجلين في السفينة سقطت الحركة وبقي الآخر وهو القيام على وجوبه.
فأجاب (الشارح) رحمه الله عن هذا الوهم وحاصله: أن السبب
في سقوط حركة الرجلين وهو عدم الفائدة موجود بعينه في القيام في
السفينة فيجب أن يسقط أيضا مع أنه لا يسقط.
وفي ص 167. السطر 6 عند قول (الشارح): (ويعتبر فيها
القصد). مرجع الضمير: (ما يعم الكسوة ونحوها).
والمراد من القصد: الاقتصاد وهو ضد الافراط في النفقة أي التوسط
بين الافراط والتقتير. ومنه قوله تعالى عز من قائل: واقصد في مشيك
أي لا تكن مسرعا ولا بطيئا.
فالمعنى: أنه يشترط في صورة الاستطاعة، أو البذل أن يكون
للحاج ما يقوم به كفاية معاش عياله الواجبي النفقة من حين الذهاب إلى حين
الرجوع من الأكل والشرب واللبس وغيرهما.
فإذا لم يكن قادرا من النفقة فليس بمستطيع.
وفي ص 181. السطر 9 في قول المصنف: (وفي المعبر): هو
بكسر الميم وسكون العين وفتح الباء وزان منبر اسم آلة وهي السفينة والباخرة
أي الناذر ماشيا إلى الحج لو اتفق في طريقه البحر يجب عليه أن
يقف على رجليه في السفينة.
* * *
فاتتنا تعليقة من الجزء 4 ص 77 س 7 عند قوله: " فلا يصح
الرهن على المؤجر عينه " حيث كانت العبارة مغلقة أردنا توضيحها كما يلي:
أي لو آجر شخص داره مثلا لزيد في وقت محدد معين. فبما
أن المؤجر لا يملك منفعة داره في ذلك الوقت فلذلك لا يصح له أن يرهن
تلك المنفعة الخاصة المحدودة، لأنه يجب في الرهن أن يكون الراهن مالكا
للشئ الذي يريد رهنه، عينا أو منفعة. كلا بحسبه.
334