الكتاب: الأقطاب الفقهية
المؤلف: ابن أبي جمهور
الجزء:
الوفاة: ق ٩
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: تحقيق : الشيخ محمد الحسون / إشراف : السيد محمود المرعشي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٠
المطبعة: مطبعة الخيام - قم
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم
ردمك:
ملاحظات:

مخطوطات
مكتبة آية الله المرعشي العامة
(36)
الأقطاب الفقهية
على مذهب الإمامية
تأليف:
محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي
المعروف بابن أبي جمهور
من أعلام القرن التاسع
تحقيق الشيخ محمد الحسون
إشراف السيد محمود المرعشي
1

* كتاب: الأقطاب الفقهية على مذهب الإمامية
* تأليف: ابن أبي جمهور الأحسائي
* تحقيق: الشيخ محمد الحسون
* نشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم
* طبع: مطبعة الخيام - قم
* التاريخ: 1410 ه‍ ق
* العدد: (1000) نسخة
* الطبعة: الأولى
* السعر: ريال
2

إهداء
إلى السبط الأول، والإمام الثاني
إلى المقتدى الثالث، والذكر الرابع
إلى شبيه رسول الله (ص)، وريحانته
إلى سيد شباب أهل الجنة
إليك يا مولاي يا أبا محمد الحسن بن علي (ع)
أهدي هذا الجهد المتواضع
راجيا نظرة قبول
محمد الحسون
3

(مقدمة التحقيق)
5

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
اللهم إني أحمدك على ما أنعمت به علينا من النعم العظام، وأشكرك على ما
أوليتنا به من الخيرات الجسام. وصل اللهم على سيد البشر محمد المصطفى،
وعلى آله الميامين الأطهار عليهم السلام.
وبعد، بين يديك عزيزي القارئ كتاب " الأقطاب الفقهية على مذهب الإمامية "
تأليف العالم الجليل والحكيم المتكلم، المحقق المدقق ابن أبي جمهور الأحسائي
" رضوان الله تعالى عليه ". وهو مرتب على أقطاب في بيان قواعد الأحكام الفقهية
نظير قواعد الشهيد، لكن هذا أوجز منه. جمع فيه مؤلفه الفروع ومآخذها
ودلائلها بأسلوب لطيف ومتين.
ألفه بعد كتابه " غوالي اللآلئ " حيث قال في المقدمة: ولما وفق الله الكريم
بلطفه العميم لإتمام كتاب " غوالي اللآلئ الحديثية على مذهب الإمامية " أحببت أن
أتبعه برسالة في الأحكام الفقهية والوظائف الدينية، جامعة بين الفروع ومآخذها،
حاوية لمسائلها ودلائلها، معلمة للطالب الراغب بكيفية الاستخراج، ومعرفة له
بطريق الاستنتاج على سبيل الإيجاز والاختصار، خالية عن الإسهاب والإكثار سميتها
7


ب‍ " الأقطاب الفقهية على مذهب الإمامية " ومن الله أسأل التوفيق والسداد، والإرشاد
إلى المراد، والإمداد بالإسعاد إنه على ما يشاء قدير.
حياة المصنف (*)
اسمه ونسبه وولادته:
هو الشيخ محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن حسام الدين إبراهيم
ابن حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور الهجري الأحسائي. هذا ما ذكره أكثر من
ترجم للمصنف.
وذكره الحر العاملي في موضعين من كتابه أمل الآمل:
الأول: قال محمد بن أبي جمهور الأحسائي، ويأتي في ابن علي بن إبراهيم

* أنظر ترجمته في: إجازة الأمير عبد الباقي للسيد بحر العلوم، الإجازة الكبيرة
للسيد عبد الله الجزائري التستري: 18 - 47، الأعلام لخير الدين الزركلي 6: 288،
أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين 9: 434، أمل الآمل للحر العاملي 2: 253 و 280،
إيضاح المكنون للبغدادي 1: 606، 2: 151 و 270 و 328 وغيرها، تنقيح المقال للشيخ
عبد الله المامقاني 3: 151، روضات الجنات للخوانساري 7: 26، رياض العلماء للأفندي
6: 130 باب الكنى، ريحانة الأدب للشيخ محمد علي التبريزي المدرس 5: 215، الفوائد
الرضوية للشيخ عباس القمي: 382 و 554، الفوائد المدنية للاسترابادي: الفائدة التاسعة،
كشف الظنون لحاجي خليفة 2: 1928، الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي 1: 183،
لؤلؤة البحرين للشيخ يوسف البحراني: 166، مجالس المؤمنين للعلامة القاضي نور الله
الشوشتري 1: 581، مستدرك الوسائل للشيخ النوري 3: 361 و 405، معجم مؤلفي الشيعة
لعلي الفاضل النائيني: 15، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 10: 299، هدية العارفين للبغدادي
2: 207.
8

وهو الأصح 1).
الثاني: محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي، فاضل محدث
له كتب، تقدم في محمد بن أبي جمهور، وما هنا أثبت 2).
وذكره المحدث النيسابوري في موضعين أيضا:
الأول: محمد بن الحسن بن علي بن حسام الدين بن إبراهيم بن الحسن بن
إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي.
الثاني: محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي 3).
وقال العلامة القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين: محمد بن
علي بن إبراهيم بن أبي جمهور اللحصاوي 4). وهذا خطأ واضح، إما من المؤلف
أو تصحيف من الناسخ، والصحيح الأحسائي.
وفي رياض العلماء: ابن جمهور اللحساوي، وقد يقال: ابن أبي جمهور،
ويقال في هذه النسبة الأحسائي أيضا، ويقال تارة الأحسائي والحسائي تارة، لكن
قال في تقويم البلدان: إنه الأحساء بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح السين وفي
آخرها ألف: وهي بلدة في جزيرة العرب، ذات نخيل كثير ومياه جارية ومنابيعها
حارة شديدة الحرارة.
والإحساء في البرية وهي عن القطيف في الغرب بميله إلى الجنوب على نحو
مرحلتين، ونخيلها بقدر محوطة دمشق مستدير عليها. والإحساء جمع حسي وهو
رمل يغوص فيه الماء حتى إذا صار إلى صلابة الأرض أمسكته.

1) أمل الآمل 2: 253.
2) أمل الآمل 2: 280.
3) روضات الجنات 7: 31.
4) مجالس المؤمنين 1: 581.
9

وبين الأحساء واليمامة مسيرة أربعة أيام، وأهل الأحساء والقطيف مجلبون
التمر إلى الخرج 1) وادي اليمامة ويشترون بكل راحلة من التمر راحلة من الحنطة 2).
نشأته وحياته وما قيل فيه:
ولد الشيخ الأحسائي في منطقة الأحساء، ودرس فيها وتفوق على أقرانه ونال
قصب السبق في دراسته، ثم سافر إلى العراق وحضر عند علمائها خصوصا الفاضل
شرف الدين حسن بن عبد الكريم الفتال.
وفي سنة 877 ه‍ ذهب لحج بيت الله الحرام وزيارة أئمة البقيع عليهم السلام
من طريق الشام، وفيها بقي مدة واحد في خدمت شيخ الاسلام علي بن هلال
الجزائري في مدينة كرك نوح، وفي خلال هذا الشهر استفاد كثيرا من هذا الشيخ
الجليل وأخذ منه أصناف المعارف الإسلامية.
وبعد أداء الحج والزيارة رجع إلى دياره وبقي فيها مدة قصيرة، ثم سافر
إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة، ومن ثم توجه إلى خراسان لزيارة الإمام
الرضا (ع). وفي الطريق ألف رسالة في أصول الدين أسماها زاد المسافرين.
وفي مدينة مشهد المقدسة كان بصحبة السيد محسن الرضوي القمي، وفي
سنة 878 ه‍ وبالتماس منه شرح هذه الرسالة وسمى شرحه هذا بكشف البراهين.
وفيها أيضا جرت مناظرته مع الفاضل الهروي في موضوع الإمامة حيث قال
فيها بعد الحمد والصلاة: إنني كنت في سنة ثمانون وسبعين وثمانمائة مجاورا
لمشهد الرضا (ع)، وكان منزلي بمنزل السيد الأجل والكهف الأطل محسن
ابن محمد الرضوي القمي، وكان من أعيان أهل مشهد وأشرافهم، بارزا على أقرانه

1) الخرج: موضع باليمامة. الصحاح 1: 309.
2) رياض العلماء 6: 13.
10

بالعلم والعمل.
وكان هو وكثير من أهل مشهد يشتغلون معي في علم الكلام والفقه، فأقمنا
على ذلك مدة، فورد علينا من العراق خال السيد محسن، وكان مهاجرا بالهراة
لتحصيل العلم فقال: إن السبب في ورودي عليكم ما ظهر عندنا بالهراة من اسم
هذا الشيخ العربي المجاور بالمشهد وظهور فضله في العلم والأدب، فقدمت
لأستفيد من فوائده شيئا، وخلفي رجل من أهل كيج ومكران، ولكنه قريب من
ستين سنة متوطن بالهراة مصاحبا لعلمائها يطلبون فنون العلم، وقد صار الآن مبرزا
في كثير من الفنون مثل العربية وأصول الفقه وغير ذلك، وهو عامي المذهب،
وله مجادلات مع أهل المذاهب وقوة إلزام الخصوم في الجدل فقد سمع بذكر
هذا الشيخ العربي فجاء لقصد زيارة الإمام الرضا (ع)، وقصد ملاقاة هذا
الشيخ والجدال معه، وهذا على الأثر يقدم غدا أو بعد غد فما أنتم قائلون؟
فأشار إلي السيد بما قاله خاله مستطلعا لرأيي وقال: إذا قدم هذا الرجل
فبادره يكون ضيفا لنا لأنه قدم مع خالي وخالي ضيف لنا، وما يحسن لنا أن
نضيف أحد المتضايفين ونترك الآخر، وإذا حضر مجلس الضيافة التقى معك وتحصل
المجادلة بينكما، لأنه ما أتى إلا لهذا الغرض فما أنت قائل، أتحب أن تلاقيه
وتجادله، أو لا تحب ذلك فنحتال في رده عنا؟
فقلت: أستعين بالله على جداله وأرجو أن يقرره الحق بفلحه ويغلبه بنوره،
فقال السيد: ذلك هو مراد الأصحاب ومقصود الأحباب.
ولما كان بعد مجئ خال السيد قدم الهروي إلى المدرسة وعلم السيد وخاله
نزوله، فمضينا إليه وجاء به إلى المنزل وأضافوه، وعملوا وليمة أحضروا فيها
جميع الطلبة وجماعة من الأشراف والسادات، وحصل بيني وبينه ملاقاة في منزل
السيد أطال الله بقاءه، فجادلت معه في ثلاثة مجالس.
11

المجلس الأول كان في منزل السيد يوم الضيافة بحضرة الطلبة والأشراف،
فكان أول ما تكلم به بعد التهنئة أن قال: يا شيخ ما اسمك؟
قلت: محمد.
فقال: من أي بلاد العرب؟
فقلت: من بلاد الهجر المشهور بالأحساء أهل العلم والدين.
فقال: أي شئ مذهبك؟
فقلت: سألتني عن الأصول أو الفروع.
فقال: عن كليهما.
فقلت: أما مذهبي في الأصول فما قام لي الدليل عليه، وأما في الفروع فلي
فقه منسوب إلى أهل البيت عليهم السلام.
فقال: أراك إمامي المذهب؟
فقلت: نعم، أنا إمامي المذهب فما تقول؟
فقال: إن الإمامي يقول: إن علي بن أبي طالب (ع) إمام بعد رسول
الله (ص) بلا فصل.
فقلت: نعم، وأنا أقول ذلك.
فقال: أقم الدليل على دعواك.
فقلت: لا أحتاج إلى إقامة الدليل على هذا المدعى.
فقال: لم؟
قلت: لأنك تنكر إمامة علي بن أبي طالب أصلا، بل أنا وأنت متفقان على
أنه إمام بعد رسول الله (ص)، ولكن أنت تدعي الواسطة بينه وبين
الرسول، وأنا أنفي الواسطة، فأنا وأنت مثبت فإقامة الدليل عليك، اللهم
إلا أن تنكر إمامة علي أصلا وتقول إنه ليس بإمام أصلا ورأسا فتخرق الاجماع،
12

فيلزمني حينئذ إقامة الدليل عليك.
فقال: أعوذ بالله ما أنكر إمامته ولكن أقول إنه الرابع بعد الثلاثة.
فقلت: إذا أنت تحتاج إلى إقامة الدليل على دعواك لأني لا أوافقك على
إثبات هذه الوسائط.
فضحك الحاضرون من الأشراف والطلبة، وقالوا: إن العربي لمصيب والحق
أحق بالاتباع، إنك مدعي وهو منكر، والمنكر لا يحتاج في إثبات دعواه إلى
البينة.
فلما ألزمته قال: الدلائل على مدعاي كثيرة.
فقلت: أريد واحدة منها لا غير.
فقال: الاجماع من الأمة على إمامة أبي بكر بعد الرسول بلا فصل، وأنت
لا تنكر حجية الاجماع.
فقلت: نعم أنا لا أنكر حجية الاجماع، ولكن أقول: ما تريد فيه، لأن
بالإجماع الاجماع من كثرة القائل بذلك في هذا الوقت، أو الاجماع الحاصل
من أهل الحل والعقد يوم موت الرسول؟
إن أردت الأول فلا حجية فيه، لأن المخالف موجود، والكثرة لا حجة فيه بنص
القرآن، لأنه يقول: " وقليل من عبادي الشكور " ولم تزل الكثرة مذمومة من كل
الأمور حتى في القتال قال الله تعالى: " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله
والله مع الصابرين ".
وإن أردت الثاني فلإثباته طريقان: طريق على مذهبي ولا يلزمك، وهي أن
الاجماع عندنا إنما يكون حجة مع دخول المعصوم... إلى أن قال: وطريق
على مذهبك وهي أن الاجماع هو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله
عليه وآله على أمر من الأمور.
13

وهذا المعنى لم يحصل لأبي بكر يوم السقيفة، بل كان فضلاء الأصحاب
وزهادهم وعلماؤهم وذو الأقدار منهم وأهل الحل والعقد غيبا لم يحضروا معهم
السقيفة بالاتفاق، كعلي وابنيه، والعباس وابنه عبد الله، والزبير، والمقداد،
وعمار، وأبو ذر، وسلمان، وجماعة من بني هاشم وغيرهم من الصحابة كانوا
مشتغلين بتجهيز النبي (ص)، فرأى الأنصار فرصة باشتغال بني هاشم
فاجتمعوا إلى سقيفة بني ساعدة لإصابة الرأي... إلى آخر ما ذكره من السؤال
والجواب. وما أفحم به ذلك الناصب الجانب طريق الصواب 1).
وقد أثيرت حول ابن أبي جمهور الأحسائي شبهات عديدة، جمعها ورد
عليها آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي " دام ظله " في رسالة سماها " الردود
والنقود على الكتاب ومؤلفه والأجوبة الشافية الكافية عنهما " وطبعت هذه الرسالة
في مقدمة كتاب العوالي.
قال: وأما النقود المتوجهة إلى صاحب الكتاب - عوالي اللآلئ - فأمور:
منها: أنه كان من الغلاة.
ومنها: أنه كان من العرفاء والصوفية.
ومنها: أنه كان من الفلاسفة.
ومنها: أنه كان متساهلا في النقل، لأنه ينقل في كتبه ما وجده من الأخبار أينما كان.
ومنها: أنه كان أخباريا.
ومنها: أنه كان غير متثبت وغير ضابط في النقل، إلى غير ذلك من وجوه
الاعتراض والتمويهات.
ثم أجاب السيد المرعشي حفظه الله على هذه الإشكالات قائلا:
أما إسناد الغلو فأنت خبير بأن توهم لا اعتداد به، وهو مجاب عنه

1) روضات الجنات 7: 27.
14

نقضا وحلا:
أما النقض: فليراجع إلى زبر الحديث، فإنه قل ما يوجد كتاب لم يذكر
فيه نبذ من هذه الأخبار الموهمة للغلو، فلو جاز هذا الإسناد في الدين لكان هذا
النقد متوجها إلى مؤلفي تلك الزبر والأسفار أيضا.
فإن كان وجه الإسناد إلى ابن أبي جمهور غير ما في كتاب الغوالي، فراجعوا
إلى سائر تآليفه من المجلي والدرر العمادية والأقطاب والتعليقة على أصول الكافي
والتعليقة على الفقيه وغيرها من آثاره الممتعة ورشحات قلمه الشريف. فما يقول
المعترضون في حق كتب بقية العلماء فليقولوا في حق هذا الشيخ كذلك.
وأما الحل: فلم أر في كلماته ما يشعر بذلك سوى نقله نادرا بعض الروايات
الموهمة للغلو، أو بعض خطاباته لأمير المؤمنين وأولاده الطاهرين بقوله:
" وهم أئمتي قبلتي وبهم أتوجه إلى الله " وأمثال هذه الكلمات التي شاع الخطاب
بها بين الزعماء ومن دونهم في كل قوم ورهط وبكل لسان.
أفلا ترى في المنشآت الفارسية قول المنشئين " قبله گاها " ونحوها من العبائر
المعمولة في المحاورات وخطابات الأبناء إلى الآباء، وصرف نقل الرواية هل
يدل على الغلو مع كون الرواية ذات محامل قريبة وبعيدة؟ حاشا وكلا.
وأما كونه من الصوفية: فنسبة هذه لصيقة إلى الرجل البرئ مما نسب إليه
وظلم في حقه. والفرق بين العرفان والتصوف غير خفي على المحققين، فحينئذ
تلك الكلمة والنسبة فرية بلا مرية.
وأما نسبة الفلسفة إليه: فغير ضائرا أيضا، إذ الفلسفة علم عقلي برع فيه عدة
من علماء الاسلام كشيخنا المفيد، والشريف المرتضى، والمحقق الطوسي،
والعلامة الحلي، والسيد الداماد، والفاضل السبزواري، والمولى علي النوري
والمولى محمد إسماعيل الخواجوي الأصفهاني، وشيخنا البهائي، والسيد محمد
15

السبزواري المشتهر بمير لوحي جد الشاب المجاهد السيد مجتبى الشهير بالنواب
الصفوي، والقاضي سعيد القمي، والمتأله السبزواري، وصدر المتألهين الشيرازي
والمحدث الكاشاني، وغيرهم الذين جمعوا بين العلوم النقلية والعقلية، وهم في
أصحابنا مآت وألوف، وعلم كل شئ خير من جهله. فإن كان ذلك شينا فيتوجه
النقد إليهم أيضا مع أنهم بمكان شامخ في العلم والعمل، والزهد والورع والتقى
ولا يستلزم العلم بشئ الاعتقاد به وعقد القلب عليه، جزاهم الله عن الدين خيرا.
وأما إسناد التساهل إليه في النقل: فهو إزراء في حق هذا الرجل العظيم،
ويظهر ذلك لمن أجال البصر ودقق النظر في مشيخة هذا الكتاب.
وأما كونه أخباريا فهو خلاف ما يظهر من كلماته في بعض كتبه، كما هو غير
مستور على من راجع إلى آثاره، ويبدو له أن المؤلف كان مذاقه متوسطا بين
الأصولية والإخبارية.
ثم على فرض كونه أخباريا فذلك غير مضر بحجية منقولاته بعد الاطمينان
بالصدور كما ذكرنا، وإلا فيتوجه النقد إلى عدة كثيرة من أصحابنا الأعاظم كشيخنا
الكليني، والصدوق، وصاحب قرب الإسناد والأشعثيات، وصاحبي البحار والوسائل
والوافي والحدائق وغيرهم.
فإنه لا فرق بيننا وبين الأخبارية إلا في أمور قليلة كحجية ظواهر الكتاب، هم
نافوها ونحن مثبتوها، وإجراء البراءة في الشبهات البدوية التحريمية، هم نافون
ونحن مثبتون، أو في انفعال الماء القليل، فإن أكثرهم ذهبوا إلى عدم الانفعال
والأكثر منا إلى الانفعال، ومنجسية المتنجس فأكثرهم على عدمها وأكثرنا على
ثبوتها، ووقوع التحريف فإن أكثرهم ذهبوا إلى الوقوع وأكثرنا وهم المحققون
إلى العدم، وهكذا.
ومن رام الوقوف على تلك الفروق فليراجع إلى كتاب الحق المبين في الفرق
16

بين المجتهدين والإخباريين لشيخنا العلامة الأكبر الشيخ جعفر صاحب كشف
الغطاء.
وأما كونه غير متثبت وغير ضابط: ولعمري إنه إسناد شئ إلى من هو برئ
مما نسب إليه، فمن أين ثبت كونه غير ضابط، وها هي كتبه ورشحات قلمه السيال
الجوال، فليراجع حتى يظهر الحق.
إطراء العلماء له:
مدح ابن أبي جمهور الأحسائي كل من ذكره وترجم له، وإن كان البعض
منهم قد قدح في بعض جوانب حياته وتصرفاته أو بعض كتبه، ونحن نذكر هنا
بعضا ممن مدحه وأطراه:
قال الخوانساري عنه في الروضات: هو الشيخ الفاضل المحقق، والحبر
الكامل المدقق خلاصة المتأخرين 1).
وذكره الحر العاملي في أمل الآمل في موضعين قائلا: كان عالما فاضلا راوية
له كتب منها عوالي اللآلئ 2).
وقال المحدث النيسابوري عنه: متكلم فقيه صوفي له كتب، منها كتاب
المجلي جمع فيه بين الكلام والتصوف، وعوالي اللآلئ، ورسالة المناظرة 3).
وفي لؤلؤة البحرين قال الشيخ يوسف البحراني عنه: كان فاضلا مجتهدا
متكلما 4).
وقال عنه العلامة القاضي نور الله الشوشتري: صيت فضائله معروف ومشهور

1) روضات الجنات 7: 26.
2) أمل الآمل 2: 253 و 280.
3) نقله عنه الخوانساري في الروضات 7: 32.
4) لؤلؤة البحرين: 167.
17

بين الجمهور، وهو في عداد المجتهدين الإمامية، وفنون كمالاته خارجة عن حد
الإحصاء 1).
وفي خاتمة المستدرك قال الشيخ النوري عنه: الشيخ الجليل الفقيه العارف
النبيل 2).
وقال عنه السيد حسين القزويني في مقدمات شرح الشرائع: فاضل جامع
بين المعقول والمنقول، رواية للأخبار 3).
وفي رياض العلماء عبر عنه بالفقيه الحكيم المتكلم المحدث الصوفي المعاصر
للشيخ علي الكركي 4).
وفي ريحانة الأدب: عارف رباني محقق مدقق حكيم كامل متكلم فاضل
محدث متبحر ماهر 5).
وقال عنه الشيخ عباس القمي في الفوائد الرضوية والكنى والألقاب: عارف
عالم حكيم متكلم محقق مدقق فاضل محدث خبير متبحر ماهر صاحب كتاب
عوالي اللآلئ 6).
مؤلفاته:
1 - أسرار الحج: فرغ من تبييضه سنة 901 ه‍، وطبع ضمن كتابه المجلي سنة

1) مجالس المؤمنين 1: 581.
2) مستدرك الوسائل 3: 405.
3) نقله عنه في مستدرك الوسائل 3: 362.
4) رياض العلماء 6: 14.
5) ريحانة الأدب 5: 512.
6) الفوائد الرضوية 382 و 554، الكنى والألقاب 1: 183.
18

1324 ه‍ 1).
2 - الأقطاب الفقهية: وهو الكتاب الذي بين يديك.
3 - شرح معين الفكر في شرح الباب الحادي عشر: وقد ذكر فيه تمام
معين الفكر من أوله إلى آخره بعنوان الأصل في شرحه بعنوان الشرح 2).
4 - قبس الاقتداء أو الاهتداء في شرائط الإفتاء والاستفتاء: كما صرح به في
إجازته الكبيرة للشيخ محمد بن صالح الغروي، وفيه مباحث الاجتهاد والتقليد،
وهو كتاب كبير مفيد فرغ منه في 888 ه‍ 3).
5 - كاشف الحال عن أحوال الاستدلال: وهو في بيان طريق الاستدلال على
التكاليف الشرعية وكيفية أخذها من الأصول الدينية. كتبه للسيد محسن الرضوي
وهو من كتب أصول الفقه.
وقد عبر عنه العاملي في أمل الآمل برسالة في العمل بأخبار أصحابنا.
واستظهر في الروضات أن مؤلفه من الإخباريين، واعترض عليه الشيخ النوري
في خاتمة المستدرك بما رأى من نسخته.
فرغ منه في مدينة مشهد المقدسة يوم الجمعة 3 ذي القعدة سنة 888 ه‍ 4).
6 - كشف البراهين في شرح زاد المسافرين: في أصول الدين، كتبه بمشهد
الرضا (ع) بالتماس تلميذه الأمير محسن بن محمد الرضوي في 878 ه‍ 5).
7 - رسالة في لزوم العمل بأخبار الأصحاب في هذا الزمان: وقد عبر عنها

1) الذريعة 2: 43 رقم 170.
2) الذريعة 14: 73 رقم 1803.
3) الذريعة 17: 31 رقم 181.
4) الذريعة 17: 240 رقم 73.
5) الذريعة 18: 22 رقم 485.
19

في الأمل برسالة العمل بأخبار أصحابنا 1).
8 - المجلي لمرآة المنجي: وهو شرح لكتابه مسالك الأفهام في علم الكلام
فرغ منه في أواخر جمادي الثانية سنة 895 ه‍ بالمشهد الغروي العلوي المرتضوي 2).
9 - مسالك الأفهام في علم الكلام: ويعبر عنه بمسلك الأفهام، كما صرح به
في إجازته 3).
10 - المسالك الجامعية في شرح الرسالة الألفية الشهيدية: كتبها في جامع
الكوفة أيام اعتكافه بالمسجد سنة 895 ه‍ 4).
11 - معين الفكر في شرح الباب الحادي عشر: ذكره في إجازته للشيخ
محمد صالح الغروي 5).
12 - مناظرة ابن أبي جمهور مع الفاضل الهروي العامي في المشهد الرضوي
في مجالس ثلاثة في مسألة الإمامة 6).
13 - غوالي اللآلئ العزيزية في الأحاديث الدينية 7)، وهو كتاب مشهور
ومعروف، قام أحد الفضلاء بتحقيقه وطبعه.
14 - درر اللآلئ العمادية في الأحاديث الفقهية: وهو من مآخذ مستدرك
الوسائل. وقد تسامحوا في التعبير عنه، فعبر عنه الحر بالأحاديث الفقهية، وسماه

1) الذريعة 18: 299 رقم 206.
2) الذريعة 20: 13 رقم 1726.
3) الذريعة 20: 378 رقم 3517.
4) الذريعة 20: 379 رقم 3521.
5) الذريعة 21: 286 رقم 5097.
6) الذريعة 22: 285 رقم 7124.
7) الذريعة 16: 71 رقم 354.
20

المجلسي عند ذكر مآخذ البحار بنثر اللآلئ، وتبعه صاحب الرياض والمقابس،
وأما صاحب الروضات مع رؤيته مجلده الأول إلى الحج سماه اللآلئ العزيزية 1).
أساتذته وشيوخه
1 - والده الشيخ علي بن إبراهيم الأحسائي.
2 - الشيخ علي بن هلال الجزائري.
3 - الشيخ حسن بن عبد الكريم الفتال الغروي.
4 - الشيخ حرز الدين الأوابلي.
5 - السيد محمد بن السيد شهاب الدين أحمد الموسوي الحسيني.
6 - الشيخ عبد الله بن علاء الدين فتح الله بن رضي الدين الواعظ القمي.
تلامذته والراوون عنه:
يروي عنه السيد محسن بن السيد محمد الرضوي المشهدي، هذا ما ذكره كل
من ترجم حياة الشيخ الأحسائي واتفق عليه أصحاب كتب التراجم والسير.
وفي روضات الجنات قال الخوانساري: وفي بعض إجازات شيخنا المحدث
العارف المتأخر الشيخ أحمد بن زين الدين البحراني رواية الشيخ علي بن عبد العالي
المشتهر بالمحقق الثاني عنه، كما عن شيخه الشيخ علي الجزائري.
وفي بعض المواضع إيصال رواية السيد محمد بن السيد موسى الأحسائي
الذي يروي عنه المولى عطاء الله الآملي الذي يروي عنه السيد المحقق الحسين
ابن الحسن الموسوي الذي هو أيضا أحد مشايخ السيد حسن حيدر العاملي
.

1) الذريعة 8: 133 رقم 496
21

المشهور عن ابن أبي جمهور المذكور، وكأنه اشتباه في الرواية له كما قد عرفتها
بالرواية عنه كما لا يخفى 1).
وفي الكنى والألقاب قال الشيخ عباس القمي: وأجاز ابن أبي جمهور السيد
محسن الرضوي رضي الله عنه، وأجاز الشيخ ربيعة بن جمعة، والسيد شرف الدين
محمود الطالقاني، والشيخ محمد بن صالح الغروي الحلي.
وقال في بعض إجازاته بعد التوصية برعاية العلم والقيام بخدمته والجد في
طلبه وكثرة الدرس والمذاكرة والحفظ وعدم الاتكال على جمعه في الكتب:
فإن للكتب آفات تفرقها النار تحرقها والماء والماء يغرقها
واللبث يمزقها واللص يسرقها
وأوصيك بما يتعلق ومعلمك وهو أن تعلم أولا أنه دليلك وهاديك
ومرشدك وقائدك، فهو الأب الحقيقي والمولى المعنوي. فقم بحقه كل القيام،
ونوه بذكره بين الأنام، وكن مطيعا لأمره ونهيه لما قال سيد العالمين صلى الله
عليه وآله: " من علم شخصا مسألة ملك رقه " فقيل له: أيبيعه؟ قال: " لا ولكن
يأمره وينهاه ".
وقد ورد رعاية حقوق الشيخ وهي: إذا دخلت مجلسه فعم بالسلام وخصه بالتحية
والإكرام وتجلس أين انتهى بك المجلس وتحشم مجلسه فلا تشاور فيه أحدا، ولا
ترفع صوتك على صوته، ولا تغتب أحدا بحضرته. ومتى سئل عن الشئ فلا تجب
أنت حتى يكون هو الذي يجيب، وتقبل عليه وتصغي إلى قوله وتعتقد صحته
ولا ترد قوله ولا تتكرر السؤال عند ضجره ولا تصاحب له عدوا ولا تعادي له وليا
وإذا سألته عن شئ فلم يجبك فلا تعد السؤال.
وتعوده إذا مرض، وتسأل عن خبره إذا غاب، وتشهد جنازته إذا مات.

1) روضات الجنات 7: 33.
22

فإذا فعلت ذلك علم الله أنك إنما قصدته لتستفيد منه تقربا إلى الله وطلبا لمرضاته،
وإذا لم تفعل ذلك كنت حقيقا أن يسلبك الله العلم وبهاءه، وهذه وصيتي إليك
والله وكيل عليك وهو حسبي ونعم الوكيل 1).
وفاته:
لم أجد - ومن خلال مطالعتي القاصرة لكتب التراجم والسير - من يحدد
وفاة ابن أبي جمهور الأحسائي، إلا أن الأكثر على أنه مات في أوائل
القرن العاشر، ولعله في العقد الأول منه.
ففي ريحانة الأدب: أنه توفي بعد عام 901 ه‍ 2).
وفي الذريعة: أنه كان حيا سنة 901 ه‍ 3).
وقال الزركلي في الأعلام: أنه توفي حدود سنة 880 ه‍.
وفي كشف الظنون وهدية العارفين ومعجم المؤلفين: أنه توفي بعد سنة
878 ه‍ 4).
النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق:
1 - النسخة الخطية المحفوظة في المكتبة العامة لآية الله العظمى السيد
المرعشي النجفي " دام ظله الوارف " كتبها بخط النسخ محمد رضا بن أبي القاسم

1) الكنى والألقاب 1: 183.
2) ريحانة الأدب 5: 215.
3) الذريعة 13: 123.
4) كشف الظنون 2: 1928، هدية العارفين 2: 207، معجم المؤلفين 10: 299.
23

في يوم الثلاثاء من شهر ربيع الأول سنة 1286 ه‍، وهي مذكورة في فهرس
المكتبة 9: 180 تحت رقم 3394، وتقع في 87 ورقة، كل ورقة تحتوي على
15 سطر، حجم الورقة 21 في 5 / 15 سم. وقد رمزنا لها بالحرف " ش ".
2 - النسخة الخطية المحفوظة في المكتبة العامة لآية الله العظمى السيد
المرعشي النجفي " دام ظله الوارف "، مذكورة في فهرسها 10: 52 تحت رقم
3659، وهي بخط النستعليق وعناوينها بخط النسخ، وهي مجهولة الكتاب
والتاريخ، وقد سقطت من آخرها عدة أوراق، وتحتوي على تصحيحات في
الحواشي تقع في 139 ورقة، كل ورقة تحتوي على 19 س، حجم الورقة 19
في 12 سم، وقد رمزنا لها بالحرف " ش 1 ".
3 - النسخة المحفوظة في المكتبة الرضوية في مدينة مشهد المقدسة تحت
رقم 7358، تأريخها سنة 1244 ه‍، وهي بخط النسخ، وتحتوي على 43 ورقة
وكل ورقة تحتوي على 21 سطر، وحجم الورقة 21 في 15 سم. وقد رمزنا لها
بالحرف " ض ".
منهجية التحقيق:
اعتمدت في تحقيقي لهذا الكتاب طريقة بين النسخ الخطية الثلاث التي
مر وصفها، فقابلت بعضها بالبعض الآخر، وثبت الصحيح أو الأصح في المتن،
وأشرت إلى الاختلاف في الهامش، وبهذا نكون قد حصلنا على متن عار من
الأخطاء إن شاء الله تعالى.
ثم قمت بتخريج ما يحتاج إلى تخريج - وإن كان قليلا، لأن الكتاب ليس
استدلاليا - من آيات وأحاديث وأقوال، وأوضحت الكلمات اللغوية الصعبة، ثم
عملت فهارس فنية للكتاب.
24

شكر وتقدير:
وفي الختام أقدم جزيل شكري وتقديري لسماحة حجة الاسلام الأستاذ المحقق
السيد أحمد الحسيني، الذي أرشدني إلى هذا الكتاب وحثني على تحقيقه. كما
وأشكر إدارة مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي " دام ظله الوارف "
المتمثلة بنجله سماحة حجة الاسلام السيد محمود المرعشي، على طبعها لهذا الكتاب
وفقنا الله وإياهم لإحياء تراث أهل البيت عليهم السلام.
محمد الحسون
15 محرم الحرام 1410 ه‍
مدينة قم الطيبة
25

الصفحة الأولى من نسخة المكتبة المرعشية في مدينة قم " ش "
26

الصفحة الأخيرة من نسخة المكتبة المرعشية في مدينة قم " ش "
27

الصفحة الأولى من نسخة المكتبة المرعشية في مدينة قم " ش 1 "
28

الصفحة الأخيرة من نسخة المكتبة المرعشية في مدينة قم " ش 1 "
29

الصفحة الأولى من نسخة المكتبة الآستانة في مدينة مشهد المقدسة " ض "
30

الصفحة الأخيرة من نسخة المكتبة الآستانة في مدينة مشهد المقدسة " ض "
31

بسم الله الرحمن الرحيم
إلهنا هب لنا من عطائك ما يكون سببا لرضاك، وأتح لنا من نفحات جودك
ما يوصلنا إلى خشيتك وتقواك، واجعلنا ممن حفظه علمك المحيط عما يزيل قلوبنا
عن هواك. وصل اللهم على أكرم أصفيائك وأحب أحبائك، وأقرب الخلق لديك
من أهل أرضك وسمائك، محمد المخصوص بمحامد ومواهب عطائك، وآله
الذين شرفتهم على الكل وأخدمتهم سائر الأملاك 1)، صلاة دائمة بدوام بقاك
مقربة إلى هداك، واجعلنا اللهم بهم من المزلفين إليك يوم نلقاك.
وبعد فإن اتباع الطاعة بالطاعة دليل على قبول الطاعة، كما جاء في الحديث 2)
البالغ حد الإشاعة، فكان ذلك من المواهب السنية، والعطايا الإلهية، والمنح

1) في هامش نسخة " ض ": السائر قد يجئ بمعنى الباقي، وهاهنا بمعنى الجميع
والأملاك جمع ملك. منه (ره).
2) في هامش نسخة " ض ": بطرق صحيحة مرفوعا إلى النبي (ص) أنه
قال: " الطاعة بعد الطاعة دليل على قبول الطاعة، والمعصية بعد المعصية دليل على خذلان
العبد، والمعصية بعد الطاعة دليل على رد الطاعة، والطاعة بعد المعصية دليل على غفران
المعصية ".
أنظر: عوالي اللآلئ 1: 283 حديث 124.
33

الربانية والنفحات القدسية.
ولما وفق الله الكريم بلطفه العميم لإتمام كتاب " غوالي اللآلئ الحديثة
على مذهب الإمامية " أحببت أن أتبعه برسالة في الأحكام الفقهية والوظائف الدينية
جامعة بين الفروع ومآخذها، حاوية لمسائلها دلائلها، معلمة للطالب الراغب بكيفية
الاستخراج، ومعرفة له بطريقة الاستنتاج على سبيل الإيجاز والاختصار، خالية
عن الإسهاب والإكثار سميتها ب‍ " الأقطاب الفقهية على مذهب الإمامية " ومن الله
أسأل التوفيق والسداد، والإرشاد إلى المراد، والإمداد بالإسعاد، إنه على ما يشاء
قدير.
(1)
قطب
الفقه: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
وموضوعه: أفعال المكلفين من حيث الاقتضاء أو التخيير.
ومسائلة: مطالبه المثبتة فيه.
ومبادؤه التصورية: معرفة موضوعه، وأقسامه وأقسام الأحكام ومتعلقاتها.
والتصديقية: الكتاب، والسنة والإجماع، وأدلة العقل.
وقد يطلق على علم طريق الآخرة بتحصيل ملكة الإحاطة بدقائق الكون،
ودقائق آفات النفس، الموجب لاستيلاء الخوف، المستلزم للإعراض عن الفانيات
والإقبال على ما يبقى.
ومجموعه لمصالح العباد، أما لجلب نفع أو دفع ضرر، إما دنيوي أو أخروي.
فالأخروي العبادات، والدنيوي إن لم يفتقر إلى عبارة فأحكام، فإن افتقر: فإما
34

من طرفين فعقود، أو من طرف فإيقاع. وكلها لحفظ مقاصد خمس: الدين،
والنفس، والمال، والنسب، والعقل.
فالأول بالعبادات.
والثاني بالقصاص.
والثالث بالعقود والتمليكات.
والرابع بالنكاح.
والخامس بتحريم المحرمات وحفظها بالحدود والتعزيرات. وحفظ الكل
بالقضاء والشهادات. وقد يجتمع الغرضان والثلاثة في واحد. وكل منها إما
مقصود بذاته، أو بالتبع، والأول المقاصد، والثاني الوسائل.
والحكم: خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو
الوضع، وينقسم إلى: تكليفي، ووضعي، وليس بينهما منع الجمع، فالأول
كالتطوعات، والثاني كالأحداث، والثالث كالصلاة.
ومداركها: الكتاب نصه وظاهره، والسنة نبويها وإماميها، متواترها وآحادها
على الأقوى. وهي قول وفعل، إما ابتداء أو بيان وتقرير. فالنبوي حجة قطعا،
والإمامي محتمل، والإجماع المستحيل خطاؤه بدخول معصوم، والعقل ضرورة
واستدلالا مستقلا وغير مستقل، كمفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة على قول.
ومنصوص العلة عند قوم، واتحاد الطريق.
والاستصحاب: هو البناء على الأصل، وقد يعبر عنه بأن اليقين لا يرفع الشك،
ودفع المشقة لدفع اليسير، وتحكيم العادة والصرف مع عدم نص شرعي أو
لغوي، ونفي الضرر والحرج.
35

(2)
قطب
الواجب: ما يذم تاركه لا إلى بدل، وقد يطلق على ما لا بد منه وإن لم يتعقبه
ذم، وينقسم إلى:
عيني: تعلق غرض الشارع بإيقاعه من كل واحد.
وكفائي: وهو ما لم يتعلق غرض الشارع بإيقاعه من مباشر معين.
ومضيق: وهو ما لا يفضل وقته عنه، أو ما لا يسوغ تأخيره عنه.
وموسع: وهو ما قابله.
ومعين: وهو ما لا يقوم غيره مقامه.
ومخير: وهو ما قابله.
والمعين شرع لحكمة تكرره، والكفائي لإبرازه في الوجود ولشبه النفل من
حيث سقوطه عن البعض، وقد يسقط به فرض العين، والشروع فيه ملزم لإتمامه.
ومن تلك الجهة جاز الاستئجار عليه في مواضع، بل قد تجوز الأجرة على العيني.
وينقسم الواجب إلى:
كلي على الإطلاق كالمخير.
وإلى كلي يقال فيه كالموسع وبه كالسبب والآلة.
وعليه كالكفاية.
وعنده كالحول في الزكاة.
ومنه كالمخرج منه.
وعنه كالمعول في الفطرة.
36

ومثله كالمضمون بالمثل والصيد.
وإليه كالليل في الصوم.
والمخير يتعلق بالقدر المشترك وهو مفهوم أحدها، وهل يتعلق التخير بالنهي؟
الأقرب المنع. وقد يتعلق بالواجب والندب، وبما يخاف سوء عاقبته، وبين ما لا
خوف فيه، ولا يقع بين المباح والحرام.
ومن الواجب فوري يجب فعله في أول أوقات الإمكان، وغير فوري وهو ما
قابله، ومجرد الأمر لا يقتضي الفورية على الأقوى.
(3)
قطب
السنة والندب والتطوع والمستحب والنفل والفضل والإحسان ألفاظ مترادفة،
إلا أن السنة قد تطلق على الواجب في مواضع.
والوضع ينقسم إلى: سبب، وشرط، ومانع.
فالسبب: هو الوصف الظاهر المنضبط الذي دل دليل على كونه معرفا لحكم
شرعي، بحيث يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم. وقد يتخلف الحكم
عنه لمانع أو فوات شرط. وأما وجود الحكم بدونه فمحال.
والشرط: ما يتوقف عليه التأثير، بحيث يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من
وجوده الوجود.
والمانع: ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه الوجود ولا العدم لذاته.
ثم السبب إما معنوي: وهو الوصف المستلزم لحكمة باعثة على شرعية الحكم
كالزنا للحد، والملك للانتفاع، واليد والمباشرة والاتلاف للضمان. وطريقة
37

السببية إما العقل أو الشرع.
أو وقتي كأوقات العبادات من الصلاة والصوم والزكاة والحج.
والعلة لا بد فيها من المناسبة للحكم، سواء كانت باعثة أو معرفة. والسبب
أعم، لأنه قد لا تظهر فيه المناسبة.
فالأول: كالنجاسة في وجوب الغسل، وكالزنا في الحد، والقتل للقصاص،
والكبيرة في الفسق.
والثاني: كالدلوك للصلاة وسائر أوقات العبادات، والحدث للوضوء والغسل
والعدة مع عدم الدخول، والهرولة للسعي ورمي الجمرات، وتقديم الأضعف على
الأقوى في ميراث الغرقى على الأقوى.
وقد يكون السبب فعليا كالصيد والالتقاط والوطء للمهر، وقوليا كالعقود
والإيقاعات. وقد يتقارب السبب والمسبب زمانا كموجبات الحدود، وقتل الكافر
في سلبه في الأصح مطلقا أو مع الشرط. والملك للاصطياد والحيازة والأخذ
من المعدن والاحتطاب والاحتشاش والإحياء. وهل يتوقف على النية؟ الأقوى نعم.
وقد يتقدم المسبب كغسل الجمعة يوم الخميس، وغسل الإحرام على الميقات،
أما تقدمه عليه لناذره قبله فليس منه، لأن السبب هو النذر. وزكاة الفطر على
هلال العيد على القول بجواز التقديم، إلا أن يكون السبب هو الشهر، والزكاة
على الحول على قول، وإرث الدية مع أن وجوبها بعد الموت.
وأما صيغ العقود والإيقاعات فهل يقارن الحكم فيهما آخر جزء للفظ، أو
يقع عقيبه؟ احتمالان.
وقد يتحد السبب والمسبب كالقذف للحد، والكبيرة لإزالة العدالة.
وقد يتعدد السبب ويتحد المسبب كموجبات الوضوء المتعددة في إيجاب
واحد إن نوى المطلق إجماعا، أو نوى واحدا منها على الأصح.
38

وهل أسباب الغسل كذلك؟ الأقرب نعم، إلا أن فيه رفع الجنابة إذا جامعها
غيرها رافع لما عداها، دون العكس على الأقوى.
أما أسباب الأغسال المندوبة إذا انضم إليها واجب ففي دخولها تحته احتمالان،
أقربهما العدم. وكذا لا تداخل بينها لو انفردت على الأصح.
وهل موجبات الإفطار في يوم واحد كذلك؟ الأقوى نعم.
أما مرات وطء الشبهة بالنسبة إلى وجوب مهر واحد منها متداخلة قطعا إن
اتحدت الشبهة، فإن تعددت فالأقوى عدم التداخل. ووطء المكرهة على الأصل
ومرات الزنا لإيجاب حد واحد، وأسباب السرقة في قطع واحد إذا لم يظفر به
على الأقوى. وأسباب القذف للواحد وأسباب المحاربة توجب الواحد قطعا.
وكذا الشرب وإن تغاير المشروب. وهل تداخل أسباب التعزير؟ الأقوى نعم.
وقد يتعدد السبب ويختلف الحكم، فقد يندرج أحدهما في الآخر، كداخل
المسجد إذا صلى فريضة أو راتبة فإنها تجزئ عن التحية على قول.
أما الوضوء المستحب ففي إجزائه عن الواجب إشكال، أقربه ذلك إن نوى
رفع الحدث به مع إمكانه. أما ما لا يمكن فيه رفعه فلا يجزئ عنه قطعا، أما في
صورة العكس فلا إشكال في إجزائه.
وأسباب الحج لا تتداخل، فلا تتأدى حجة الاسلام بنية النذر على الأصح،
ولا العكس قطعا. وفي أجزاء تكبيرة الإحرام عنه، وعن تكبيرة الركوع للمأموم
قول الشيخ 1).
أما ما لا يمكن فيه الجمع، كالواحد إذا قتل جماعة دفعة أو على التعاقب،
فإن فيه خلافا للأصحاب.
وقد يصح أعمال السببين كعم هو خال في الإرث بهما، وكابن عم هو زوج.

1) المبسوط 1: 102.
39

وقد تتباين الأسباب فيقدم الأضعف بالأقوى، كأخ هو ابن عم في الإرث بالإخوة
خاصة. وقد يتساقط إذا تعارضت، كالحكم بتساقط البينتين عند التعارض على
القول به، ولا كذلك الدعاوى.
وقد يتحد السبب دون مسببه ويندرج بعضها في بعض، كاللمس للتعزير
المندرج تحت الزنا الموجب للجلد، وكضمان سراية الطرف المندرج في ضمان
النفس في باب الدية. وهل القصاص كذلك؟ أقوال.
وقد لا يندرج كالحيض وأخويه في إيجاب الغسل والوضوء، والقتل في
إيجاب الفسق، والكفارة والدية والقود وغصب الأموال وكذا إتلافها عدوانا
الموجب للضمان والفسق والتعزيز، والحدث الأصغر في تحريم الصلاة والطواف
ومس المصحف على القول المشهور. والحدث الأكبر لذلك، ولقراءة العزيمة،
واللبث في المساجد، والجواز في المسجدين. والصوم والحيض والنفاس لذلك،
ولتحريم الوطء والطلاق.
والفرق بين أجزاء السبب واجتماع الأسباب: أن الحكم إن ترتب على كل
واحد منهما فهي أسباب مجتمعة، وإن ترتب على الجميع فهي الأجزاء، وتسمى
الأسباب المركبة.
والسبب الفعلي قد يكون منصوبا ابتداء، فلا يحتاج إلى القرينة كما مر،
وقد يحتاج إليها، أما حاليه أو مقالية. فالأول كتقديم الطعام للضيف، والثاني
كإذن الصبي في فتح الباب لدخول الدار.
والفعل قد يكون قلبيا كالنيات لترتب أحكامها عليها.
40

(4)
قطب
الوقت نفسه قد يكون سببا، كوقت الصلاة مع كونه ظرفا للأداء، ولا تختص
السببية بأوله، بل كل جزء منه سبب وظرف، أما تجدد الأيام لإيجاب الصيام
فالسبب أو النهار، وليس كل جزء منه سبب، ولهذا لم يجب الصوم على من
بلغ أو أسلم في أثناء النهار. ولا كذلك المريض والمسافر، لتحقق السبب فيهما،
والمانع منع الحكم دونه فزواله ظهور أثر السبب.
والوقت قد يفضل عن المظروف كالصلاة، وقد لا يفضل كالصوم ووقوف
عرفة والمشعر. وقد يعرى عن السببية. ولا يصح عراؤه عن الظرفية كالسنة في
قضاء رمضان فإنها ظرف لا سبب، فإن السبب هو الفوات، وجميع العمر ظرف
للواجبات الموسعة مع أن أسبابها مغايرة له.
وكذا أوقات العدد، وهلال شوال سبب للزكاة، والليلة ونصف يومها ظرف
لأدائها. ومتى علق الحكم على سبب متوقع، يختلف الحكم بسبب زمان التعليق
وزمان الوقوع، ففي اعتبار أيهما وجهان. ومن ثم اختلف في أن المعتبر بالوصية
حالها أو حال الموت، والأقوى الثاني.
ومتى شك في السبب بنى على الأصل، فإن كان هو التحريم وشك في سبب
الحل، كما لو تردى الصيد فوجد ميتا، بنى على الحرمة. ومنه الجلد المطروح
واللحم، إلا مع قرينة صارفة فيهما. وإن كان هو الحل وشك في سبب الحرمة،
كالطائر المقصوص، والظبي المقرط، بنى على الأصل، إلا مع قوة الأمارة
كالمثال، فإن الظاهر التحريم لقوة السبب.
ولو غلب الظن بتأثير السبب غلب الحرمة، إلا أن يبعد فيصير وهما كتوهم
41

حرمة ما في يد الغير. ولو تساوى الاحتمالان فالأقرب الحكم بالحل، لكن الاجتناب
أحوط، إلا في المحصور فيعين.
ولو ندر الحلال في بلدة وعم الحرام تحتم الاجتناب مع المكنة، ومع
عدمها يتناول ما تدعو الضرورة إليه لا أزيد.
وقد يصير الشك نفسه سببا في الحكم، كالشك بين التذكية والموت، وبين
الأخت والأجنبية، فإنه يكون سببا في التحريم فيهما. وقد لا يكون سببا، كمن شك
هل طلق امرأته أم لا. أما لو شك هل زكى ماله أم لا، وهل صلى أم لا، وجب
الإتيان به.
وأما الشرط فلا يشتمل على مناسبة ويلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده
الوجود. وقد يكون لغويا كتعليق الظهار على الدخول، وعرفيا كالسلم لصعود
السطح، وشرعيا كالطهارة للصلاة، وعقليا كالحياة للعلم.
وكل معلق على شرط فإنه لا بد فيه من تقديم المعلق عليه، كالظهار على
الدخول، فيتوقف وقوعه على وقوع الدخول. وإذا تعددت الشروط وعلق بعضها
على بعض يلزم أن يكون اللاحق شرطا في السابق فيقدم عليه. واللغوية أسباب،
فيلزم من وجودها الوجود، دون العقلية والشرعية والعرفية، لكنها ملازمة في
العدم، ويلزم الأولى التقدم، وهل البواقي كذلك؟ الظاهر المساواة، إذ شأن
الشرط ذلك.
ومن التكليف ما لا يقبل التعليق كالإيمان، ومنه ما يقبله كالعتق. وقد يقبل الشرط
دون التعليق كالبيع، والصلح، والإجارة، والرهن، وسائر العقود. وقد ينعكس
كالصوم والصلاة وسائر العبادات، إلا الاعتكاف فإنه يقبلهما.
وأما المانع فهو مانع السبب: وهو كل وصف وجودي ظاهر منضبط يستلزم
حكمة يقتضي نقيض حكم السبب مع بقائها، أو مانع الحكم. وهو كل وصف
42

وجودي يخل وجوه بحكمة السبب.
وهو أما مانع في الابتداء والاستدامة كالرضاع، أو مانع الابتداء خاصة
كالعدة.
ومانع الحكم ليس كمانع السبب، لأن مانع الحكم السببية حاصلة معه في
نفس الأمر، فمتى زال أثر السبب. وأما مانع السبب فإنه يرفع التأثير، ويتفرع
على ذلك فروع كثيرة.
(5)
قطب
متعلق الحكم مقصدان: نفس المصلحة أو المفسدة في نفسه، ووسيلة هي
الطريق المفضي إلى أحدهما، وحكمها حكمه في الأحكام الخمسة، ويتفاوت في
الفضيلة بحسب تفاوت المقاصد فيها.
ومنها ما منع منه إجماعا كحفر الآبار في الطرق، وطرح المعاثير فيها،
وإلقاء السم في المياه، وسبب المستحق إذا كان سببا لما لا يستحق منه، وبيع
العنب للخمر، والخشب للصنم، وكل معين على محرم.
ومنها ما لم يمنع منه إجماعا كغرس العنب، وعمل السلاح وإن خشي منهما
ما يؤدي إلى المحرم.
ومنها ما اختلف فيه كبيع العنب على عامل الخمر، وبيع الخشب على صانع 1)
الصنم، والبيع بشرط الإقراض أو تأجيل الحال، وبيع الغلام ليخبر بالزائد،
وشراء المبيع نسيئة عند حلول الأجل بنقيصة.

1) في " ض ": عامل.
43

ويضمن الصناع ما في أيديهم. ومنع القضاء بالعلم، وكل ما هو وسيلة إلى
شئ متى عدم عدمت الوسيلة.
وربما توسل بالمباح إلى المحرم كالطعماوات 1) للظلمة. وقد تحرم بتحريم
المتوسل إليه كالقصر للعاصي بسفره، أما المعاصي المقارنة لأسباب الرخص فلا
تحرمها إجماعا، لأن العصيان مقارن لا سبب. وقد تفيد ملك العين كعقود المعاوضات،
وقد تخلو عن العوض كعقود العطايا، وقد تخلو عنهما كالمواريث، والملك لمنفعة
بعقد معاوضة كالإجارة وبغيرها كالعمرى، وبغير عقد كارث المنفعة.
وأسباب التسلط على ملك الغير: أما قهرا كالشفعة، والمقاصة للمماطل،
والرجوع في العين للمفلس، وبيع الحاكم على الغريم الممتنع، والفسخ بالخيار
على الأصح.
وقد لا يكون قهرا، أو يكون لمصلحة المتصرف كالعارية، ولمصلحة المالك
كالوكالة والوصاية والوديعة، أو للمصلحتين كالشركة والقراض.
وأسباب الحجر توجب عكس ذلك، لاقتضائها منع تسلط المالك مع بقاء
الملك.
وقد تكون الوسيلة لحفظ المقاصد الخمسة، فالقصاص لحفظ النفس، والجهاد
لحفظ الدين، وتحريم الزنا لحفظ النسب، وتحريم الغصب لحفظ المال،
وتحريم المسكر لحفظ العقل، وقد تقوى لجلب المصلحة كالقضاء.

1) هكذا ورد في النسخ الخطية الثلاث، ولعل المراد الأطعمة.
44

(6)
قطب
البناء على الأصل متعين، فيبني عليه في نفي التشريع حتى يقوم الدليل وهو
البراءة الأصلية، ويبتني على عموم العام حتى يرد المخصص، وعلى حكم
المنصوص حتى يرد الناسخ، بل كان حكم يثبت شرعا بوجود سببه حتى يحصل
الرافع.
وهل يتوقف على البحث عن المخصص والناسخ؟ الأقوى ذلك. وكذا حكم
الاجماع حتى يقوم ما يخرج عنه من الدلالة، كالمتيمم إذا شرع في الصلاة ثم
وجد الماء لا ينقضها، للإجماع السابق على صحة الصلاة قبله، فيبني عليه حتى
يقوم دليل يخرجه عنه، وله نظائر.
وقد يتعارض الأصلان، كأصالة بقاء العبد الغائب في صحة عتقه عن الكفارة
ووجوب فطرته مع الشك فيه، وأصالة شغل الذمة في الأول وفراغها في الثاني
حتى يتحقق المزيل في الأول والمثبت في الثاني، ففي ترجيح أيهما احتمالان،
ونظائره كثيرة.
وقد يتعارض الأصل والظاهر، كغسالة الحمام وثياب مدمن الخمر وطين الطريق،
وله فروع كثيرة. وفي ترجيح أيهما وجهان، أقر بهما مراعاة القوة والضعف
في أيهما إلا أنه خص بالإجماع على ترجيح الأصل في دعوى البيع أو الشراء
أو الدين أو الغصب من البالغ غاية العدالة والورع إذا لم يكن مخصوصا وإن
كان المدعى عليه معلوما بالتغلب والظلم، والترجيح الظاهر إجماعا في باب
الشهادات مع العدالة بظاهر صدقها مع أصالة براءة ذمة المشهود عليه.
45

ويكتفى بالنية في تقييده المطلق، وتخصيص العام، وتعيين المعين، وإرادة
بعض معاني المشترك، وإرادة المجاز الصارف عن الحقيقة.
أما العقود والإيقاعات فلا تكفي النية فيها بدون الألفاظ.
ونية الخاص من العام لا تخصصه على الأقوى، فلو حلف لا كلمت إنسانا
ونوى زيدا عمه غيره، إلا أن العموم بالقصد الأول والخصوص بالقصد الثاني،
إلا أن ينوي اخراج من عداه.
(7)
قطب
كون المشقة سببا في اليسر جاءت له الرخص الشرعية كلها كالتقية، وشرع
التيمم عند الخوف.
وقد تعم كالقعود في النافلة، وإباحة الحرام عند المخمصة. وقد
تخص كرخص السفر والمرض، وقد تقترن بالفدية كإباحة محظورات الإحرام مع
الفدية.
ويكون مع عدم البدل كقصر الصلاة، ومع البدل كقصر الصوم وأكل مال
الغير مع خوف الهلاك.
وقد يجب كتناول الحرام عند خوف العطب، والخمر لإساغة اللقمة بشرطه.
وقد يستحب كنظر المخطوبة.
وقد يباح كالقصر في مواضع التخيير، والإبراد في الظهر على الأصح.
والمشقة الموجبة لليسر هي التي تنفك عنها غالبا كما مر، أما ما لا تنفك
46

عنها كالصوم في شدة الحر، والوضوء والغسل في السبرات 1) وإن اشتد البرد مع
انتفاء الضرر، لابتناء التكليف على المشقة.
وكذا ما كان منه على وجه العقوبة كالحدود، وليست مضبوطة بالعجز الكلي
بل بالضيق والحرج. ولهذا أبيح الفطر في السفر ولا كثير مشقة فيه ولا عجز 2).
والتخفيف واقع في العقود - كالعبادات - 3) كبيع الجذاذ يابسة، وبيع
الرمان والبطيخ وما يؤدي اختباره إلى فساده بدونه. وبيع الأعيان الغائبة بوصفها،
وبيع الصبرة برؤية ظاهرها.
ولم يقع التخفيف في بيع الملاقيح والمضامين، وما يشتمل على الضرر،
وغير المقدور على تسليمه.
وشرعية خيار المجلس من بابه، وكذا خيار الحيوان وخيار الشرط. وشرعية
المزارعة والمساقاة والإجارة، وفروعه كثيرة، وتجويز الاجتهاد في الأحكام من بابه،
والاكتفاء بالظن للحاكم في تعديل الشهود.
وقد تقام الحاجة مقام الضرورة في التيسير، كنظر الأجنبية للمعاملة، والطبيب
للمعالجة، ونظر الختان للعورة ولمسها، ونظرها لتحمل الشهادة في الزنا
والولادة، ونظر الثدي لشهادة الرضاع وأمثاله.
(8)
قطب
نفي الضرر سبب لشرعية الحكم، كصلح الكفار عند العجز عن المقاومة،

1) السبرة بالفتح: الغداة الباردة. القاموس المحيط 2: 44 " سبر ".
(2) لم ترد في " ض " و " ش ".
(3) في " ض " و " ش ": ولا كثر مشقته فيه العبادات ولا عجز.
47

وشرعية الشفعة والتغليظ على الغاصب، وقطع يد السارق في ربع دينار مع أن
ثمنها خمسمائة.
وإذا تقابل كلمة واحدة وجب ارتكاب أخفهما، كالإكراه على غصب الأموال
أو إتلاف نفسه، وكالإكراه على قتل الغير وإلا قتله، ففي الأول ترجيح الغصب،
وفي الثاني ترجيح قتله.
وقد يقع التخيير إذا تساويا، كأخذ أحد مالي رجلين، إلا في الأجنبي فيقدم
الأجنبي. أما إلقاء بعض ركبان السفينة عند هيجان البحر فلا تخيير فيه قطعا، أما
المال والحيوان فيلقى إجماعا.
وإذا تقابلت المصلحة والمفسدة، فإن كانت أغلب رجحت كاستيفاء الحدود،
وإن غلبت المصلحة رجحت كالصلاة مع النجاسة، وفي الدار المغصوبة. ومتى
ترتب على العقد مفسدة ترتبا منع منه، كبيع المصحف والمسلم من الكافر
وله نظائر.
وحكم العادة عمل به كثيرا، إذ عادة الشرع رد الناس فيما لم يرد فيه نص
إلى عرفهم وعاداتهم، كالمكيال والميزان والعدد.
ورجحت العادة على التمييز في قول قوي، وفي كثرة الأفعال المبطلة للصلاة
وتباعد المأموم، وعلو الإمام، وكيفية القبض، ومعنى الحرز، وفتح الباب،
وقبول الهدية وإن كان المخبر صبيا أو فاسقا.
والاستحمام، وجواز الصلاة لشاهد الحال، واستعمال الأنهار والآبار والعيون
المملوكة في الشرب والاستعمال، وإباحة المتساقط من الزرع والثمار بعد الإعراض،
وعطية الأعلى للأدنى في عدم وجود العوض، دون العكس.
وظروف الهدايا، ورد الرقاع في المراسلات، ومهر المثل، وإبقاء الثمرة
على الشجرة إلى أوان أخذها، وسقي الدابة المستودعة في غير المنزل، واستعمال
48

العارية، وإحراز الودائع، وأجرة المثل فيمن أمر غيره بعمل له أجرة، وخياطة
الرقيع والكرباس، وأكل الضيفان وأمثالها. والاعتبار بعادة خفاء نساء أهل القرى،
أما عطلة المدارس في أوقات العادة ففيه إشكال.
ولا فرق بين القولية منها والفعلية، وأدلة شرع الأحكام غير أدلة وقوعها. وأدلة
تصرف الحكام محصورة في العلم والشهادة وإخبار المخبر عن نفسه، واستمرار
اليد في الملك المطلق، واستقرار الاستطراق عاما، ويمين المنكر، واليمين
المردودة، والنكول على قول، ووصف اللفظ والاستفاضة.
وتتغير الأحكام بتغير العادات كالنقود، والأوزان، والنفقات، والأوقات،
وتقدير العواري، وتقديم المهر وتأخيره على الأصح، وتقديم شئ قبله. أما
الشبر والذراع في الكر والمسافة فإنه معتبر بما تقدم إن اختلف على الظاهر.
(9)
قطب
اللفظ أما دال على الكلي أو على الكل، فأما في الثبوت أو النفي. فالكلي
في الثبوت يكتفي بجزئي منه، وفي النفي لا بد من جميع الجزئيات. والكل في
الثبوت يكتفي جزء منه، في النفي لا بد من الجميع.
والإقرار بصيغة الجمع يحمل على أقل مراتبه، بخلاف الأمر بالمعرفة.
ويحمل اللفظ على الحقيقة، وهي لغوية وعرفية وشرعية، وكذا المجاز ولا مجاز
في الحروف والأسماء جاء فيهما كالماهيات الجعلية وهي حقائق شرعية.
واسم الفاعل معتبر في الطلاق، فلا يجزئ غيره على الأصح. وهل يجزئ
في البيع والصلح والإجارة والنكاح؟ الظاهر لا، وأما في الضمان والوديعة
49

والعارية والرهن فالظاهر نعم. واسم المفعول كذلك، بل وفي العتق. واسم
المصدر في الوديعة والعارية والرهن والوصية كاف.
والماضي من الأفعال نقل في العقود إلى الانشاء، وكذا في الإيقاعات والإقالات،
إلا اللعان والشهادة فإنهما بصيغة المستقبل.
وهل يجزئ في البيع والنكاح؟ الأصح لا.
وكذا الطلاق والخلع، أما اليمين فيجزئ فيها الماضي والمستقبل. وصيغة
الأمر تجري في الوديعة والعارية وسائر العقود الجائزة، إلا في النكاح على الأقوى.
وهل تجري في المزارعة والمساقاة وبذل الخلع؟ قيل: نعم.
ولا يستعمل الصريح في غير بابه بدون القرينة، فيحمل على ما وضع له مع
عدمها، كالسلف في البيع. واختلف في إرادة الحوالة من الوكالة، وبالعكس.
فالبيع بلفظه بلا ثمن 1) بمعنى الهبة ولفظ البيع يأباه، ولفظ الهبة مع ذكر الثمن
بمعنى البيع ولفظ الهبة يأباه. ويتفرع على المسألتين فروع.
أما السلم بلفظ الشراء ففيه تفصيل.
وأما عقد الإجارة بلفظ البيع أو العارية ففي صحته إشكال، وكذا لو قال:
قارضتك والربح لي، أو الربح لك، ففي كونه بضاعة أو قرضا أو البطلان
احتمالات.
ولو علق البيع على ما هو واقع فالأقرب الانعقاد، وكذا لو علق الطلاق على
وقوعه بها مع العلم بوقوعه، ولا كذلك منكر الوكالة والنكاح مع كذبه فإن التعليق
فيهما لا يضر قطعا.
ولو باع العبد من نفسه ففي انعقاده كتابة، أو بيعا منجزا، أو البطلان احتمالات.
ولو رجع بلفظ النكاح أو التزويج فالأقرب الصحة.

1) في ض: لا بثمن.
50

وهل يصح حمل اللفظ الواحد على الحقيقة والمجاز معا؟ الأقرب المنع،
فلا تدخل الحفدة في الوقف على الأولاد.
وحلف المرتفع عن مباشرة فعل عادة على فعله يحمل على الأمر على الأقوى،
فلو باشره بنفسه ففي الحنث إشكال. وهل تطلق الماهيات الجعلية على الفاسدة؟
فيها خلاف. والظاهر لا، إلا في الحج والصوم.
وهل ينعقد الحلف على فعل الفاسد شرعا فيحمل على الصورة؟ إشكال،
والأقرب العدم. ولا كذلك الإقرار لزيد لو حمله على اليد أو العارية. والإضافة
باللام تقتضي الملك على الأقوى.
وقد تتعارض الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح، ففي اعتبار أيهما خلاف.
ويتفرع تعارض الأفقه الأقرأ الأورع الأتقى في الإمامة، والأعلم والأورع مع
التساوي في العدالة في أخذ الفتوى والجماعة في آخر الوقت وفرادى في أوله،
والصف الأول وفوات الركعة، وتعجيل الزكاة للأجنبي وتأخيرها للرحم أو الفاضل،
والصوم والاشتغال بوظائف علمية أو عملية، والاعتكاف وقضاء حوائج الإخوان،
والمشي في الحج والضعف عن العبادة، والجهاد وحق الأبوين، والعبد العفيف
والحر الفاسق في الكفارة.
والنص في أسماء العدد لا يقبل المجاز، كإرادة التسعة من العشرة. وإذا لم
يدخل المجاز لفظا لا تؤثر نيته فيه فلا يصرف عن موضوعه، فالمطلق ثلاثا لو أراد
اثنين لا يقبل منه، أما لو قال: لا أكلت وقال: أردت الخبز سمع.
والصفة قد ترد للتخصيص وللتوضيح، فنفي القدرة عن العبد يحتملها، وعليه
يتفرع كونه يملك أم لا.
وتعارض الجملة بين الحال والاستقبال من بابه، فقوله تعالى: " ولا تأكلوا
51

مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق " 1) يحتملهما. وعليه يتفرع تحريم متروك
التسمية وحله، وكذا قوله (ع): " عارية مقبوضة " 2) يحتملهما وعليه يتفرع
وجوب الضمان مع الشرط وبدونه.
وكذا قوله تعالى: " فرهان مقبوضة " 3) ومن ثم اختلف في اشتراط الرهن
بالقبض وعدمه.
وإذا قال: استوف ديني الذي على فلان، كانت للتوضيح قطعا، فله الاستيفاء
من الوارث، ولو قال: لم يستوف من الوارث.
ولو قال: لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا، أو لا أكلت لحم هذا الحمل
فصار كبشا، أو لا ركبت دابة هذا العبد فعتق وملك دابة، فإنه يحتملهما. ويتفرع
الحنث وعدمه.
ولو اجتمعت الإشارة والإضافة، كهذا عبد زيد، أو هذه جارية زوجة فلان 4)
فالحكم ما تقدم.
ولو أوصى لحمل فلانة من زيد فنفاه باللعان، أو ظهر أنه من غيره، فإن
الاحتمال كما مر. وعليه تتفرع صحة الوصية وبطلانها.

1) الأنعام: 121.
2) روى أبو بصير عن أبي عبد (ع): قال: سمعته يقول: " بعث رسول الله
(ص) إلى صفوان بن أمية فاستعار منه سبعين درعا بأطراقها، قال: فقال: أغصبا
يا محمد؟ فقال النبي (ص): بل عارية مضمونة ". أنظر: الكافي 5: 240
حديث 10 باب ضمان العارية والوديعة، الفقيه 3: 193 حديث 877، عوالي اللآلئ
3: 252 حديث 10، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 6: 465.
3) البقرة 283.
4) في " ض " و " ش ": جارية زوجة.
52

(10)
قطب
إذا اختلف السبب والحكم في المطلق والمقيد فلا حمل إجماعا، وإن اتحد
وجب الحمل قطعا، وله أمثلة، وقد يجري في النفي والإثبات.
وإن اختلف السبب واتحد الحكم، أو انعكس الفرض ففي الحمل خلاف.
والحمل في الصورتين واجب على الأقوى.
والتأويل قد يجب لبيان المجمل، ولحمل المشترك على بعض معانيه بقرينة
وكلما قل الاحتمال ضعف فيقوى بالقرينة، وما لا يحتمله اللفظ ولا تقوم عليه قرينة
يجب رده.
ويجئ في ألفاظ المكلفين كما جاء في الأدلة، كطلقتك للرجعة، وكمناداة
من اسمها طالق. ومن بابه تخصيص العام وتقييد المطلق بالنسبة لباب الأيمان،
وله فروع كثيرة.
ومتى علق اللفظ بما يستحيل تعلقه به وجب صرفه عن الظاهر، وهو المقتضي
لضرورة صدق المتكلم ورفع خطأه، مثل: أعتق عبدك عني، ومنه يعلم أنه قد
يثبت ضمنا ما لا يثبت أصلا، كثبوت النسب بشهادة النساء بالولادة، ودخول
الواقف بالوقف على الفقراء إذا صار منهم، وبيع الثمرة مع الأصل قبل بدو
الصلاح، وبيع المريض محاباة، وعتق العبد المغصوب عن الغير، والاستئجار
في بيع الأرض، وإرث الخيار في المال.
ودلالة الإشارة تثبت أحكاما كأقل الحمل، أما لو قال: " ادخلوها بسلام آمنين " 1)

1) الحجر: 46.
53

ففي الجواز إشكال.
ولو تعارضت الإشارة والواقع ففي ترجيح أيهما خلاف، والأصح ترجيح
الإشارة، كما لو قال: زوجتك هذه العجمية وكانت عربية، أو أصل خلف هذا
زيد فبان عمرا، وعلى هذه المرأة وكانت رجلا. وكذا إن اشتريت هذه الشاة جعلتها
أضحية، وقد ثبت حكم على خلاف الدليل، لأن تعارضه أقوى كعوض المصرات،
وقبول المهادنة، ومنع السيد المكاتب عن التصرف في ماله إلا بالاستيفاء، وكون
الجعالة عينا لا يقدر على تسليمها حال الجعل.
وكل أصل ثبت تلحقه فروعه، إلا أن يتخلف لمانع، وقد يكون بعد تعيين
العلة، وقبل تعينها فيقع الخلاف فيه.
وإذا علق الحكم على جنس فهل يتعدى الحكم منه؟ الأقوى المنع، سواء
عقلت العلة أم لا، فلا يتعدى الرمي عن الأحجار. وأما تعدية الاستنجاء عنها
فمفهوم من الاستثناء في النص. وضبط الاستنجاء بالثلاث، والقصر بالمسافة،
والعقل بالبلوغ، والإسلام بالشهادتين، والوطء بغيبوبة الحشفة من باب ضبط
الخفي بالظاهر.
أما تعليق المظاهر بمشيئة الزوجة، فقالت: شئت وهي كارهة فالظاهر أنه لا يقع
بخلاف ما لو وقع بيعا أو نكاحا أو غيرهما من العقود، وقصده خلاف مدلول
اللفظ، فإن الظاهر الوقوع ظاهرا وباطنا.
وإذا تردد الوصف بين الحسي والمعنوي كان الحسي أولى، فلا تجزئ
المكسورة في الهدي وإن لم يؤثر في حد الهزال بعد الذبح، ولهذا لم يصح
انهزام مائة ضعيف من المسلمين عن مائة بطل من المشركين.
ومتى تركبت العلة توقف على اجتماع أجزائها، كالقتل عمدا ظلما من غير
الأب في وجوب القود. فأما الحكم المشروط بأمور فإنه ينعدم بانعدام أي واحد.
54

والحكم بنقيض المقصود ثابت معارضة لقصده، كمنع القاتل من الإرث،
وإثبات الشفعة للشريك، وإيجاب القضاء على شارب المسكر والمرتد، وتوريث
المطلقة في المرض المصاحب للموت، وتحريم المرأة أبدا بالتزويج في العدة
عالما.
أما هدم المستأجر الدار فالأصح عدم الفسخ به، ولا كذا لو قتلت نفسها في
سقوط المهر، بخلاف الأمة لو قتلها السيد.
وكل رخصة ثبتت على خلاف الدليل لحاجة فإنها تتقدر بقدرها، وقد تصير
أصلا. فالأول كالمسح على الخف، وغسل الرجلين للتقية أو الضرورة، فإنها
تزول بزوال السبب. ومثال الثاني الإجارة، بتعلقها بالمعدوم لكنها صارت أصلا.
وما تعم به البلوى إذا قام دليل على ثبوته من دون ورود شرع فيه هل يكون
عدم الورود قادحا في الدليل؟ خلاف، وله صور كثيرة.
والحاجة العامة كالضرورة الخاصة، كجواز قتل الترس من النساء والصبيان
بل والمسلمين، والنظر إلى الأجنبية.
وهل يصح العدول من أصل مستعمل إلى
مهجور؟ الأصح المنع، ككثير السهو إذا فعل ما يتعلق به سهوه فهل تبطل صلاته؟
احتمالات.
وكذا لو مسح ما وجب غسله بالتقية أو الضرورة ففي الصحة احتمالات،
أما لو غسل ما وجب مسحه لسبب أوجبه، ثم زال قبل الصلاة ففي أجزائه
قولان، وهنا عدم الاجزاء أقوى.
ولو تردد الفرع بين أصلين فهو محل الإشكال، كحجر السفيه. ويتفرع صحة
بيعه الإذن، ورمي الآدمي في البحر فيأكله الحوت، وفتح القفص عن الطائر،
فهل يوجب الضمان؟ فيهما إشكال. ولو فتح جراب الشعير فأكلته الدابة فالإشكال
كما تقدم، والضمان هنا أقوى.
55

والعبد متردد بين الآدمية والمالية فحل قيده هل يوجب الضمان؟ خلاف،
أقربه العدم إن كان عاقلا، والضمان مع جنونه. واللعان متردد بين الأيمان
والشهادات، والقذف بين كونه حق الله وحق الآدمي، وجنين الأمة بين كونه عضوا
منها أو مستقلا. ولو قيل بالاستناد في ذلك كله إلى النص كان أقوى.
وكل متردد بين أصلين فإنه يختلف الحكم فيه باختلاف دليلهما، كالإقالة
بين كونها فسخا أو بيعا، والأقوى الأول. والابراء بين الإسقاط والتمليك، ويتفرع
على المسألتين فروع كثيرة.
وكذا الحوالة بين كونها استيفاء، أو إبراء ذمة، أو اعتياضا عما كان في ذمة
المحيل لما في ذمة المحال عليه.
وقول القائل: أعتق عبدك عني ولم يذكر العوض، متردد بين القرض والهبة.
ولو دفع بزرا وقال: ازرعه في أرضي لك، أو أعطى مالا وقال: اتجر به
في دكاني لنفسك، تردد ذلك بين القرض والهبة في المسألتين، وتحققت العارية
في الأرض والدكان.
ولو دفع إلى فقير دراهم وقال: اشتر به قميصا لك، تردد بين الهبة والقرض.
ولا يصح له شراء غير القميص قطعا، بل ولا صرفه في غير ذلك، بخلاف ما لو
دفع إلى الشاهد دابة ليركبها ليؤدي له الشهادة في موضع الحاجة فإنه قرض قطعا،
ولو قيل إنه عارية كان أقوى.
والعين المستعارة للرهن مترددة بين العارية والضمان، ويتفرع عليهما فروع.
وضمان الصداق على الزوج قبل الدخول متردد بين كونه ضمان عقد أو ضمان
يد، وله قروع.
والظهار متردد بين الطلاق واليمين، وفروعه كثيرة.
والنفقة الواجبة للمطلقة بائنا مع الحمل مترددة بين كونها للحامل أو الحمل،
56

ولها فروع.
وقتل المحارب إذا قتل متردد بين القصاص والحد، وله فروع.
واليمين المردودة على المدعي مترددة بين كونها كالإقرار أو كالبينة.
(11)
قطب
وقع في كثير من الأحكام العمل بالأصلين المتنافيين، وبه ورد نص، كاشتباه
موت الصيد بالجرح والماء القليل، فيحكم بموت الصيد وطهارة الماء، وفيه
إشكال. وكالاعتراف بالولد مع نفي الوطء لأمه في عدم إحصانه، ومدعي انقضاء
عدة مطلقة وإنكارها في وجوب النفقة، وجواز تزويجه بالأخت والخامسة على
إشكال.
وفي العمل بالأصلين في إقرار لقيط دار الاسلام بالرقية قولان.
وإذا انتفى المقتضي ووجد المانع ففي أعمال أيهما تردد، ويعضد الأول
بالأصل، ويضعف بأنه على خلافه، ويتفرع بطلان عقود المميز في أنه لانتفاء
المقتضي أو لوجود المانع، وتظهر فائدته في إذن الولي.
وشرع الاحتياط لجلب منفعة أو دفع مفسدة، فالشاك في شئ من أفعال
الصلاة في محله يفعله قطعا، وفي فعلها وهو في الوقت كذلك وبطلت الثنائية
والثلاثية، وبالشك لأجله. وكذا شك الأولين. والبناء على الأكثر في الرباعية
فصار له، لكن جبره الاحتياط اللاحق، ولأجله وجبت الخمس على صاحب
الفائتة.
وصوم آخر شعبان، ودفن جميع القتلى والصلاة عليهم عند الاشتباه،
57

وترك المشتبه بالحرام في المحصور في النكاح وغيره، وكله لجلب المصلحة،
وبه نص.
أما إعادة الصلاة بالشك فيها بعد الفراغ، والصوم لشك الغسل أو النية،
والزكاة لشك استحقاق المعطى، والحج في الشك في بعض أركانه، بل جميع
العبادات بعد التفقه التام فغير واجب، لعدم النص. وقد يفعله بعض المتورعين.
أما واجدي المني في المشترك فلا وجوب عليهما قطعا، وهل يستحب لهما
إيجاد الغسل؟ احتمالان.
ولو شك في الحدث مع يقين الطهارة، أو في اشتغال ذمته مع نية الوجوب
بالطهارة، أو أن الخارج مني، ففي حصول الاحتياط بالفعل قولان، لا بل لا بد
من إيجاد السبب يقينا. ونعم فيجب الفعل حتى عدوه إلى وجوب طلاق الزوجة
عند شكه. ومنه وجوب ستر جميع بدن الخنثى، والإخفات، وتحريم الحرير
والذهب، والجمع بين المذاهب ما أمكن تفصيا من الخلاف وأخذا باليقين.
(12)
قطب
قصر الحكم على مدلول اللفظ من قضايا الأصل فلا يعدى عنه، وخرجوا عن
هذا الأصل في باب العفو، فإنه في الأشقاص لا في الأشخاص على الأصح. ولأجله
يبرأ الصوم إلى أول النهار بالنية اللاحقة، وثواب الوضوء إلى المضمضة والاستنشاق،
وإن قرنت النية بالوجه على قول قوي.
والتسمية في أثناء الأكل لو نسيها في أوله، واستحباب التسمية في أثناء الوضوء
لو تركها في أوله سهوا أو عمدا على الأقوى. وتحريم الكل في الظهار المعلق
58

بالظهر فيسري البعض إلى الكل، دون العكس على وجه. فلو قال: أنت كأمي
ففي التحريم تردد. وأما الإيلاء فهل يختص بالقبل أو يسري إلى الكل؟ إشكال.
والحكم إذا تبع ما يشبه الأصل فمنوط بتمام مسماه، فالخروج من العدة
بالوضع مشروط بتمام خروج الولد، وكذا إرثه، وصحة الوصية له مع الحياة،
أما ديته فالظاهر تعلقها بالوجود.
والولد التام إنما يلحق بناكح الأم بعد ستة أشهر من حين الوطء، ولا كذلك
الناقص فإنه يلحق بمضي زمان يمكن. والفائدة في ديته ومؤنة تجهيزه، والاكتفاء
بدخول الحرم في أجزاء الحج من المحرم مشروط بدخول جميعه على الظاهر.
وطريان الرافع للشئ هل هو مبطل أو مبين لنهايته؟ قولان مأخوذان من أن
الفسخ بيان أو رفع. وله فروع، كالرد بالعيب والغبن، والفسخ بالخيار، ورد
المسلم المعين بعيب.
وأصله أن الزائل العائد كمن لم يزل، أو كمن لم يعد؟ فعلى الأول يستمر
الحكم الأول، وعلى الثاني يرتفع بزواله فلا يرجع بعوده. فالمستحاضة إذا انقطع
دمها بعد الطهارة ولم تعلم أنه للبرء أعادت، فلو لم تفعل فدام الانقطاع ففي القضاء
قولان، ولو عاد ففي الإعادة احتمالان مبنيان.
ولو فسق الفقير المتعجل للزكاة أو ارتد ثم عاد إلى الاسلام أو العدالة، ففي
الاجزاء الوجهان. ولو أمهرها عصيرا فزال ملكه بالخمرية ثم عاد، ففي رجوع
الزوج في عينه إشكال، أقربه الرجوع. وكذا لو ارتد المدبر ثم عاد إلى الاسلام،
ففي عود تدبيره الإشكال.
ولو فسق القاضي أو جن أو أغمي عليه، وزالت الموانع، ففي عود ولايته
إشكال. وكذا لو جرحه مسلما ثم ارتد وعاد بعد السراية، وكلها فروع الأصل السابق.
وجريان الأحكام قبل العلم بالرافع مستشكل من حيث جواز الفسخ، ومن عدم
59

العلم الرافع للحكم، ويرجح باستحالة التكليف. فلو رجع الموكل، أو عزل
القاضي، أو رجع السيد أو صاحبة الليلة الواجبة لها، أو صلت الأمة المكشوفة
الرأس بعد عتقها، ورجع المعير أو الآذن في الأكل، ففي مضي الكل قبل العلم
إشكال، أقربه المضي.
(13)
قطب
الانشاء: قول يوجبه مدلوله في نفس الأمر، ويوجد المراد به.
ويفرق بينه
وبين الخبر بأنه سبب لمدلوله، دونه، ويتبعه مدلوله والخبر عكسه ولا يقبل التصديق
والتكذيب، بخلافه، وهو منقول عن الوضع دون الخبر، إلا في الأمر والنهي
فإنهما بالوضع الأصلي.
والقسم، والأمر والنهي، والترجي والتمني، والعرض والنداء صيغ أصلية
فيه لغة وشرعا، أما صيغ العقود فإنها إنشاء شرعا على الأصح. والإقرار إذا صلح
للإنشاء هل يكون إنشاء؟ قيل نعم، وبه رواية. والظاهر أنه ليس كذلك.
ويفيد الحل والحرمة تبعا لإرادة المنشئ، وعليه يتفرع وقوف العقود
والإيقاعات على النية والرضى الباطنين، ووسيلتهما ليس الانشاء ظاهرا، بخلاف
الإخبار فإنه ليس بصريح. وقيل إذا حصل الرضى بالخبر صح جعله إنشاءا، وهو
محمل للرواية.
ودخول الشرط على السبب هل يغير حكمه أو سببيته؟ قولان، وظاهر الشيخ
الثاني. وعليه يتفرع البيع بخيار في أنه هل يملك بالعقد، أو به وانقضاء الخيار؟
وله فروع كثيرة.
60

وفي المانع ما يمنع ابتداءا واستدامة كالمعصية في السفر، والردة في النكاح
خصوصا إذا كان عن فطرة. وفي الزنا ووطء الشبهة قولان، أظهرهما العدم. أما
الملك فمانع فيهما قطعا، وكذا العنة.
ومنه ما يمنع ابتداء خاصة كالإحرام والإسلام، والتمكن من استعمال الماء
على الأصح، ورهن الدين، وعيوب الرجل غير العنة. والارتداد مانع من ابتداء
الإحرام، وهل يمنع استدامته؟ قولان مبنيان على أن المؤمن هل يكفر أم لا.
وعدد الجمعة شرط الابتداء كالاستدامة.
ومنه ما يمنع استدامة لا غير كالرهن على الغاصب، فإن استدامته تمنع ضمان
الغاصب دون ابتدائه على رأي.
والمشرف على الزوال هل له حكم الزائل أو حكم الباقي؟ احتمالان، فلو
أعتق عبيده ففي دخول المكاتب إشكال. وإقامة الحد عليه للسيد أو للحاكم؟ إشكال.
وهل يطأ المشتري الجارية لو تنازع والبائع في قدر الثمن قبل التحالف على
القول به؟ إشكال. وكذا غرم الغاصب ببل الحنطة واتخاذها هريسة، وجعل التمر
والدقيق عصيدة، وبيع الجاني والمرتد، ورهن ما يفسد قبل الأجل، والحجر بظهور
إمارة الفلس.
ولأجل وجوب ما لا يتم الواجب إلا به وجب غسل المشتبه بالنجس في الواحد
والمتعدد المحصور، وصلاة خمس أو ثلاث على الخلاف في الواحدة المشتبه،
وما يتوقف عليه الانتفاع في ركوب الدابة على مؤجرها كالقتب 1)، والحزام،
والرسن 2)، وإعانة الراكب، والسعي في مهماته المعتادة. وأجرة كيل المبيع
ووزنه على البائع، وفي الثمن على المشتري، وفروعه كثيرة.

1) القتب: رحل صغير على قدر السنام. الصحاح 1: 198 " قتب ".
2) الرسن: الحبل، والجمع أرسان. الصحاح 5: 2123 " رسن ".
61

ورفع الخطأ والنسيان في الخبر 1) هل يقتضي رفع الإثم أو الحكم، أو
الجميع؟ احتمالات. وحديث ذم اليهود دال على الثالث. وقد رفع في ناسي
الجمعة، والمتكلم في الصلاة، وفاعل المفطر في المتعين كذلك. والإكراه على
أخذ مال الغير. والإثم خاصة فيمن نسي الحاضرة، أو ظن الجهة فأخطأ، أو
صلى بغير طهارة نسيانا، أو صلى في النجس أو المغصوب كذلك على رأي.
وقد يتعلق بالماهيات كأكل النجس، وجهل المحرم، ويرفع الحكم والإثم.
وأما التصرف في الوديعة خطأ فالمرتفع الإثم لا غير، والقتل خطأ كذلك.
أما وجوب القيمة على النائم والصبي والمجنون في الاتلاف فمن خطاب الوضع.
والوطء بالشبهة، ويمين الناسي منه، وهل يحنث الجاهل؟ نظر.
أما لو تعلق الظهار بما فعله جاهلا قوي الإشكال في وقوعه، ولا يرفعان ضمان
الصيد للحرم إجماعا، ولا تترك شروط الصلاة. وفي جهل مخرج الزكاة باستحقاق
القابض مع الاجتهاد قولان، أقربهما إعذاره.
أما من صلى خلف من جهل كفره أو حدثه أو فسقه فالظاهر فيه الصحة، وفي
الجمعة والعيد الواجب إشكال. والإكراه المذكور في الحديث موجب لسقوط
الأحكام، إلا في الاسلام والرضاع والقتل والحدث بالنسبة إلى الصلاة والطواف،
وفي غيره من المنافيات إشكال.
والمولى والمظاهر في الطلاق أو في العنة، وبيع الحاكم فيما وجب من الحقوق،
واختيار الزوجات في من أسلم على أكثر من أربع وتولي الحد. وهل يتحقق الإكراه

1) روى حريز عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: رفع عن أمتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون،
وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة ".
الخصال 417 حديث 9 باب التسعة.
62

على الوطء في طرف الرجل؟ إشكال أقربه ذلك.
ولا تتعلق الأحكام بالنائم والغافل، فقضاء الصلاة عليهما وعلى الناسي بأمر جديد.
وهل يجب سجود العزيمة على السامع؟ إشكال.
وأسباب الغفلة كلها مسقطة، إلا في الاتلاف المتعلق بحق الغير، والصيد
الإحرامي والحرمي في نفي الإثم دون الضمان.
(14)
قطب
إذا تعلق الأمر بالأعيان ذوات الأجزاء وجب استيعابها، وفي النفي عنها يكفي
البعض، فناذر الصدقة بمائة لا يبرأ بالبعض منها. أما لو حلف أنه لا يأكل معينا،
أو علق ظهاره بأكله فلا يتحقق الحنث، والظهار بالبعض. ولو حلف على أكل
متعدد برأ بواحد، وفي تركه لا يبرأ إلا بالكل.
والنهي يقتضي الفساد في العبادة وإن تعلق بوصف خارج فتفسد الطهارة
بالمغصوب، والصلاة في الدار المغصوبة واللباس المغصوب، وفروعه كثيرة.
وفي غيرها كذلك أن تعلق بنفس الماهية، أو بجزئها، أو بلازمها.
ولو تعلق بوصف خارج ففي الفساد قولان، الأقرب العدم، فتفسد الملاقيح،
وبيع الغرر، وبيع الربا في الزائد والمساوي على الأقوى. وأما البيع وقت النداء
ففي فساده قولان.
ولو ذبح الأضحية أو الهدي بآلة مغصوبة ففي الفساد إشكال، وإباحة نظر
المخطوبة يشبه الأمر الوارد بعد الحظر، والإبراد في شدة الحر، ورجوع المأموم
إذا سبقه إمامه، وهل ذلك للإباحة أو الاستحباب؟ احتمالان، إلا الثالث فإن الظاهر
فيه الوجوب.
63

وأما الأمر بقتل الأسودين في الصلاة فهو أمر بعد حظر، فهل هو للإباحة أو
الاستحباب؟ وجهان.
وألفاظ العموم جميع وما يتصرف منها كأجمع، وجمعا، وجميعا، ومعشر،
ومعاشر، وكافة، وعامة، وقاطبة، وكل، وما استفهامية وشرطية، والموصولة
على خلاف، وأي في الاستفهام والشرط سواء اتصلت بها ما أم لا.
ومتى، وحيث، وأنى، وكيف، وما، ومهما، وأيان، وأنى، وإذما على
خلاف في إسميتها. وكم الاستفهامية على قول.
وما هو بحكم الجمع كالناس، والقوم، والرهط. والأسماء الموصولات
إذا عرفت بلام الجنس، وجمع الإشارة، والنفي الواقع في سياق الشرط، والاستفهام
على سبيل الانكار. والجمع المضاف، والمحلى بلام الجنس لا المفرد على الأقوى.
والنكرة في سياق النفي، والمؤكدة بالدوام والاستمرار كالسرمد، ودهر الدهور،
وإذا في الزمان.
وربيعة، ومضر، والأوس، والخزرج، وبني تميم، وغسان في عموم القبيلة.
وكون العام لا يستلزم الخاص عام في الأمر والنهي، والخبر على قول. فالوكالة
في البيع لا تعين الثمن بالمثل، إلا من جهة العرف، لا من جهة اللفظ على قول.
وقيل: إنه من باب الكل، ووجوده مستلزم لوجود الجزء.
وترك الاستفصال في حكاية يقتضي العموم، إلا أن يعلم الإطلاق على
خصوص الواقعة، أو تكون الواقعة دالة على الدخول في الوجود ويسأل عنها
كواقعة التمر والرطب، أما لو وقعت في الوجود وأطلق السؤال عنها ففي العموم
هنا احتمالات.
وأما حكاية الصحابي لقضايا الأعيان فلا عموم فيها، وتخيير من أسلم على أكثر
64

من أربعة من بابه. وكذا قوله (ع) " إن دم الحيض أسود " 1). وأما قصة
ما عز 2) وتغاير المجالس فيها فيحتمل الأمرين، وتقريره للماشي إلى الصف مع
نهيه عن العود يحتملهما 3)، وكذا صلاته على النجاشي 4).

1) الكافي 3: 91 باب معرفة دم الحيض والاستحاضة.
2) ما عز بن مالك الأسلمي، له صحبة مع النبي (ص). وهو الذي أتى
النبي (ص) وأقر بالزنا فرده، ثم عاد فأقر فرده، فلما كان في الرابعة سأل عنه
قومه: " هل تنكرون من عقله شيئا "؟ قالوا: لا، فأمر به فرجم.
وقد تاب ماعز من عمله هذا فقال النبي (ص): " لقد تاب توبة لو تابها
طائفة من أمتي لأجزأت عنهم ". وروي أن النبي (ص) لما رجم ما عز قال:
" لقد رأيته يتحصص في أنهار الجنة ".
أنظر: أسد الغابة 4: 270، الإصابة 3: 327.
3) ورد في الحديث الشريف أن أبا بكرة جاء والنبي (ص) راكع فركع
دون الصف ثم مشى إلى الصف، فلما قضى رسول الله (ص) قال: " أيكم ركع
دون الصف ومشى إلى الصف "؟ فقال أبو بكرة: أنا، فقال: " زادك الله حرصا ولا تعد ".
أنظر: صحيح البخاري 1: 199، سنن أبي داود 1: 182 حديث 684، سنن النسائي
2: 118، سنن البيهقي 2: 90، و 3: 106.
(4) روى الشيخ الصدوق في الخصال: 359 حديث 47 باب السبعة، بسنده عن يوسف
ابن محمد بن زياد، عن أبيه، عن الحسن بن علي العسكري عن آبائه عليهم السلام: " أن
رسول الله (ص) لما أتاه جبرئيل (ع) بنعي النجاشي بكى بكاء الحزين
عليه وقال: إن أخاكم أصحمة - وهو اسم النجاشي - مات، ثم خرج إلى الجبانة وصلى عليه
وكبر سبعا، فخفض الله له كل مرتفع حتى رأى جنازته وهو بالحبشة.
وروى الشيخ الطوسي في التهذيب 3: 202 حديث 473 بسنده عن محمد بن مسلم
أو زرارة قال: " الصلاة على الميت بعد ما يدفن إنما هو الدعاء " قال: قلت: فالنجاشي
لم يصل عليه النبي (ص)؟ فقال: " لا إنما دعا له ".
65

(15)
قطب
حمل المطلق على المقيد أعمال للدليلين، وليس منه " في كل أربعين شاة " 1)
مع قوله " في الغنم السائمة زكاة " 2). ولا " ولا تعتقوا رقبة " " لا تعتقوا رقبة
كافرة "، وإنما هو في الكلي لا العام والخاص، إلا أن يقيدا بما يوجب التضاد
فيتساقطا، ويبقى المطلق بحاله كحديثي ولوغ الكلب 3).
والفعل المتردد بين الجبلي والشرعي هل يحمل على الأول أو الثاني؟ قولان
الأقرب الثاني. وتتفرع جلسة الاستراحة، ودخوله في بيته، ونزوله بالمحصب 4)
وتعريسه، وذهابه بطريق وعوده بآخر في العيد.
وكل ما يشاركه الإمام فيه فعلى الإمام كقضاء الديون، وإقرار أهل الجزية.
وما فعله بقصد القربة ولم يعلم الوجه فيه، هل يحمل على الوجوب في حقنا أو
الندب؟ خلاف، كالقيام في الخطبة، والحمد فيها والثناء، والمبيت بالمشعر،
والموالاة في الوضوء والتيمم والطواف والسعي والخطبة وصلاة العيد، والوجوب
في الكل أظهر.

1) التهذيب 4: 25 حديث 58.
2) التهذيب 1: 224 حديث 643.
3) التهذيب 1: 225 و 226 حديث 644 و 645.
4) المحصب: بالضم ثم الفتح وصاد مهملة مشددة: موضع فيما بين مكة ومنى وهو
إلى منى أقرب. وهو بطحاء مكة وهو خيف بني كنانة، وحده من الحجون ذاهبا إلى منى.
وقيل حده ما بين شعب عمرو إلى شعب بني كنانة، وهذا من الحصباء التي في أرضه. معجم
البلدان 5: 62.
66

وإذا تعارض القولان والفعلان حكم بالنسخ إذا علم المتأخر.
وتوصف أفعاله تارة بالتبليغ وهو الفتوى، وتارة بالقضاء كفصل الخصومات
وأخرى بالإمامة كالجهاد والتصرف في بيت المال.
ويتفرع على ذلك فروع كقوله (ص) " من أحيى أرضا ميتة
فهي له " 1) فإنه يحتمل التبليغ والإمامة، فحينئذ ففي وجوب إذن الإمام فيه وعدمه
احتمالان.
وقوله (ص): " خذي لك ولولدك " 2) يحتمل الإفتاء
والقضاء، ويتفرع جواز مقاصة المماطل وعدمه.
وقوله (ص): " من قتل قتيلا فله سلبه " 3) يحتمل الفتوى
وتصرف الإمامة، ويتفرع استحقاق كل قاتل له وعدمه.
وحجية الاجماع عندنا بدخول المعصوم فيه لا بدونه، فالمعتبر قوله، والفائدة
في قول الطائفة مع عدم تميزه. ولا يقدح فيه خلاف المعروف بنسبه وإن تعدد،
ويقدح المجهول وإن اتحد.
والإجماع السكوتي لا حجة فيه كحضور المالك وسكوته مع الفضولي،
ووطء المشتري في مدة الخيار مع سكوت البائع. ولا كذا حلق رأس المحرم
مع سكوته في وجوب الكفارة، وسكوت المحمول عن المجلس في سقوط خياره
أما من قال لبالغ: يا ابني، وسكت ففي اعتباره قولان، والشيخ ألحقه به.
واشترط العدالة في الحكام في محل الضرورة، وكذا القاضي وأمينه، وأمين

1) الفقيه 3: 151 حديث 665، التهذيب 7: 151 حديث 670.
2) أنظر: صحيح البخاري 3: 289، 4: 241، سنن ابن ماجة 2: 769 حديث
2293، إحياء علوم الدين 3: 152.
3) صحيح مسلم: 3 كتاب الجهاد باب استحقاق القاتل سلب القتيل حديث 41.
67

الحاكم، والوصي، وناظر الأوقاف، والساعي، والشاهد، والراوي، والمفتي.
واعتبارها في هذه هل هو في نفس الأمر أو الظاهر؟ الأقوى الأول، وفي الطلاق
الظاهر الثاني.
وأما عدالة الأب والجد في ولاية الصغير، والمؤذن، وإمام الجماعة ففي
محل الحاجة ففي اعتبارها قولان. والعدالة في ولي النكاح من المكملات فليست
شرطا على الأصح، وكذا ولاية تجهيز الميت.
وأما في الإقرار فمستثنى عنها، إلا في المرض على قول. وكذا الوكالة
والايداع من المالك، أما من غيره فالظاهر أنها تشترط.
(16)
قطب
الخبر المحتف بالقرائن يصح الاعتماد عليه لأجل القرينة المنضمة إليه،
وهل يفيد علما أو ظنا غالبا؟ الظاهر الثاني، كقبوله الهدية من المخبر المميز، أو
الفاسق أو العبد، وفتح الباب لإذن الدخول، وأحكام اللوث، وأكل الطعام
بتقديم المالك أو من يأمره وإن كان صغيرا أو عبدا أو فاسقا.
والتصرف في الهدايا بدون لفظ، والشهادة بالاعتبار عند مشاهدة صبره على
الجوع والعرى في الخلوة.
ونص الأصحاب على أن عمد الصبي في الدماء خطأ، وجوزوا ذبيحته
واصطياده. أما وقوع محظورات الإحرام منه فهل عمد في غير الصيد أو خطأ؟
قولان. وأما في الصلاة والصوم فعمده في مبطلاتهما كالبالغ إجماعا. وهل ينشر
وطؤه بعقد أو شبهة حرمة المصاهرة؟ إشكال.
68

ولا يعتبر عمد المجنون إلا في الزنا على رواية.
والماهية الكلية يتعلق الحكم فيها بأي جزء، إلا أن يدل دليل على جزئي
فيتبع، كالحول في اخراج الزكاة، والبيع بنقد البلد حالا. والإذن في شئ إذن
في جميع لوازمه، ومنه صح التوكيل للوكيل إذا كان ما وكل فيه لا تضبطه اليد
الواحدة.
ونصب القاضي قاضيا إذا اتسعت ولايته، والوكالة في أداء الدين وكالة في
إثباته، وأمثالها كثيرة.
وقد يفضي النهي إلى الفساد في غير العبادة كبيع الميتة والخمر، ونكاح
المحرمات، وبيع الملامسة والمنابذة والحصاة والربا.
ولو ذبح الغاصب الشاة ففي وقوع الزكاة عليها قولان، أصحهما الوقوع،
بخلاف ذبح الذمي. والذبح بالظفر، والسن، وبغير الحديد مع المكنة منه
فإنه لا تؤثر التذكية قطعا.
وحرم على الانسان أذى نفسه، وما يؤدي إلى هلاكها أو ضررها كالجرح،
والتحريم مستند إلى عدم العلم بالإباحة لا العلم بعدم الإباحة، وعليه يتفرع جواز
ختان الخنثى، والإشكال فيه قائم. أما حلق اللحية فالوجه المنع.
ولو ترك الستر الواجب باعتبار الأنوثية ففي بطلان صلاته وجه قوي. وهل
يحرم عليه النظر إلى الرجال والنساء؟ الأقرب ذلك، أما في الشهادة فهو كالمرأة
أخذا باليقين.
ومتعلق اللام أما الحقيقة، أو الجنس، أو العهد. والأصل فيها الاستغراق
مع الجنس، وإلا حمل على الحقيقة، وإن كان هناك معهود يمكن عود التعريف
إليه حمل الكلام عليه.
والموالاة في جميع العقود والإيقاعات معتبرة، والاتصال بين الإيجاب
69

والقبول إلا لضرورة كالتنفس والسعال، وما جرت العادة به، إلا أن يطيل الزمان،
والاستثناء في اليمين لا بد فيه من الفورية على الأصح.
وطول السكوت في الإذن يبطله، والكلام إذا كثر. وكذا القراءة والتشهد،
وإحرام المأمومين قبل الركوع معتبر في انعقاد الجمعة عمدا وسهوا. ولا يجب
وقوعه قبل الفاتحة على الأصح. وتعريف الضالة معتبرة فيه وفي سنته.
والحكم اللازم للجماعة على عدد يوزع عليهما، فأهل الشفعة
والقسمة هل تتبع الرؤوس أو الأنصباء؟ الأقوى الثاني.
وسراية العتق الثاني في جماعة هل تتبع الرؤوس أو الحصص؟ قولان،
أقربهما الثاني.
ومستأجر الدابة إذا زاد على القدر ففي كيفية ضمانه مع تلفها وجهان، وكذا
الجلاد لو زاد أو خطأ فاتفق الموت، أو ضرب الجماعة واحدا متفاوتا أو
جرحوه فمات، والظاهر التساوي هنا.
(17)
قطب
كل حكم شرعي قصد منه الآخرة لجلب نفع أو دفع ضرر عبادة، وتوصف
بما عدا الإباحة كالصلاة والصوم، المنقسمين إلى الواجب والندب والمكروه
والحرام، ولا يكون فيهما مباح. وكل كفارة عبادة، ولا عكس، وقد جاء في الآثار
إطلاق الكفارة على العبادة وهو مجاز.
والنية معتبرة فيها إجماعا، وشرطها القربة، وهي الإخلاص بها لله، فيبطلها
الرياء قطعا، بمعنى عدم استحقاق الثواب بها. وهل يجزئ بمعنى سقوط التعبد؟
70

قيل نعم، والأقرب العدم. وشوبها بالتقية ليس منه، إلا مع فرض الأحداث
على وجه.
أما قصد الثواب، والخلاص من العقاب ففي فساد العبادة به قولان، وكذا
قصد الشكر واستجلاب المزيد والحياء من الله، والإفساد هنا أقوى. ولو قصد
التعظيم، والمحبة، أو الانقياد للأمر، أو الإجابة، أو الموافقة لإرادته فالظاهر
الاجزاء. وكذا قيل في المهابة، ولي فيه إشكال.
وفعلها لكونه تعالى أهلا إنها مراتب الإخلاص، فلو ضم ما هو لازم فوجهان،
فلو ضم نية الحمية في الصوم، وملازمة الغريم في السعي والطواف توجه الإشكال.
ولو ضم ما ليس بلازم ولا مناف، كضم دخول السوق، أو الأكل في نيته
الطهارة ففي الصحة أشكال، أقربه العدم.
ولا بد فيها من تميز مشخصات الفعل التي لا يشاركه فيها غيره من الوجوب
والندب، فلو ضمهما في واحد كالجمعة والجنابة في غسل بطل على الأقوى.
ولو جمع بينهما بالنسبة إلى جنازتين في صلاة واحدة ففي الصحة قولان،
ولو اقتصر على الواجب فيهما ففي أجزائه عن المندوب قولان، أقربهما العدم.
ونية واجبات الصلاة مدخل لمندوباتها تبعا، فلا يحتاج إلى إفراد نية لها
إجماعا. ونية ندبية الجماعة داخلة في الصلاة. وهل تستحب نية الإمامة للإمام؟
قولان، أقربهما ذلك، إلا الجمعة والعيد الواجب فتحتم نية الإمامة فيهما، لتوقف
انعقادها عليها.
أما المأموم فيجب عليه نية المأمومية في الكل، ولو اجتمع للواجب سببان
- كما لو نذر واجبا على القول بانعقاده كما هو الأقرب - ففي وجوب التعرض
للخصوصيات قولان، أقربهما أجزاء نية الوجوب.
وكذا المتحمل كالمستأجر والمتحمل عن الأب، فلا يجب فيه ذكر النيابة على
71

قول. ولو قلنا بانتقال الوجوب إليه كان ذلك قويا، أما على القول ببقائه على
المنوب فلا بد من تعينه. وهل يجب التعرض لنية الزمان المعين في النذر؟
احتمالان، أقربهما العدم.
ولو نذر سورة معينة ففي التعرض لتعينها وجهان، أقربهما العدم.
والأصل أن الواجب لا يجزئ عن الندب، وبالعكس، إلا في الاحتياط
إذا ظهر الغناء عنه.
ومن صام قضاء لظن الشغل فظهر الفراغ، والمتصدق بالتمر لو ظهر ما يوجبه،
وصائم يوم الشك ينعكس الحكم فيها على إشكال في الأول. والمتحري في
صوم رمضان فتظهر المطابقة مجز قطعا، ولا كذلك المجدد لو ظهر الحدث على
الأقوى.
والمتوضئ احتياطا لشك الحدث فظهر سبقه في الاجتزاء به إشكال، وأولى
بالمنع. وهل تجزئ جلسة الاستراحة عن جلسة الفصل؟ احتمالان، أقربهما
نعم. وكذا لو كان الجلوس للتشهد، وأولى بالصحة.
ومغفل اللمعة في الأولى لو غسلها في الثانية بنية الندب ففي الاجزاء احتمالان،
ولو نوى فريضة وظنها نافلة فأتى بأفعالها، ثم دخل في أخرى فذكر، نقض الأولى
قبل أجزاء ما أتى به عن الأولى مع الموافقة، وبه رواية عن صاحب الأمر عجل
الله تعالى فرجه الشريف. وهل تجب نية العدول إلى الأولى؟ احتمالان.
(18)
قطب
الجزم في النية وجميع مشخصاتها واجب، فيبطلها الترديد إجماعا، إلا في
72

المشتبهة في العدد، أو في الأداء والقضاء، وفي الزكاة بين الوجوب على تقدير
بقاء المال والندب مع عدمه، وفي جواز ترديد نية آخر شعبان بين الوجوب
والندب قولان.
وكذا في شك العبد فيردد بين الصوم وعدمه، وأولى بالمنع.
أما لو شك فيهما أحرم به من أنواع الحج في المندوب عين ما شاء، وهل
العمرة كذلك؟ الأقوى لا.
والصلاة المتعددة في الثياب المشتبهة، والطهارة بالمطلق والمضاف معا
عنده ليس من هذا الباب، بل هو من باب ما لا يتم الواجب إلا به، وهل المغصوب
والمباح كذلك؟ الأقوى لا.
ولو نسي عين الكفارة ردد بين ما لا يحتمل منها،
ونية الوجوب عند قيام
الاحتمال في إجزائها قولان، كما لو شهد العدل أو جماعة الفساق بالرؤية فصام بنية
الوجوب.
والحائض لو توهمت الانقطاع فاغتسلت، والمسافر لو ظن القدوم قبل الزوال
فعزم الصوم، وناذر صوم يوم قدوم زيد فظنه فنوى، وظان دخول الوقت فينوي
وجوب الطهارة، أو ضيق الوقت فتيمم فصادف في الجميع ففي الاجزاء إشكال.
ولو ظن الضيق إلا عن العصر فصلى ثم تبين السعة ففي الصحة احتمالان، أقربهما
ذلك إن وقعت في المشترك. ولو دخل المختص وهو في الأثناء فإشكال. نعم لو وقعت
في وقت لم يبق بعده إلا مقدار أربع فالوجه البطلان، فيعيد العصر ويقضي الظهر،
ولو قلنا بالاشتراك اندفعت هذه الاحتمالات.
ولو ترك الطلب فتيمم، أو شك في جهة القبلة أو في الوقت فصلى فصادف
ففي الصحة احتمالان، والوجه عدم الصحة، إلا أن يتعذر العلم في الأخيرين.
ولو صلى الخنثى فظهرت الرجولية ففي وجوب الإعادة إشكال.
73

وصوم صاحب المرتبة قبل العلم بالعجز، وإحرام من ظن دخول شوال، والصلاة
على الميت مع شك أهليته، والإحرام بالحج قبل تحلل العمرة، وبالمفردة قبل
تحلل الحج فيصادف، وفي الصحة في الكل إشكال.
وكل عبادة يمكن وقوعها على وجهين فالنية معتبرة فيها قطعا، إلا النظر المعرف
لوجوب المعرفة وإرادة الطاعة. أما ما لا يختلف فيه الوجه فلا احتياج له إليها،
كرد الوديعة وقضاء الدين، وكل ما كان الغرض الأهم منه الوجود كالشهادة، والجهاد
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشكر المنعم، وحفظ الأمانة، والوديعة.
وأما ما الغرض منه التكميل ورفع الدرجة والرضى والإقبال وما يلزمها من
المنافع فلا بد في إيجاده من النية الموجبة للتقرب به، وغايتها التميز وحصول المنافع.
وهل تجب لترك المحرمات وتستحب لترك المكروهات؟ المشهور العدم،
إلا أن حصول الثواب بهما مشروط بها على الأقوى. فمن قال بالوجوب أو الاستحباب
فيهما فهو بهذا المعنى، لا بمعنى توقف الامتثال عليها.
وكذا إزالة النجاسة.
وهل النية جزء أو شرط؟ تحتملها، وقال ثالث: إنها شرط في الصوم وركن
في غيره، وهو جيد إذا قدمت عليه. أما لو قارنته تحقق الإشكال. والأصح جواز
المقارنة فيه كغيره. وقيل: إن توقفت الصحة عليها فركن، وإلا فشرط، كالنية في
الكف عن المعاصي، وفي فعل المباحات أو تركها إذا كانت وسيلة إلى فعل واجب
أو ترك محرم، ويتفرع على ذلك فروع نادرة.
واستحضار النية في أجزاء العبادة هو الذي يقتضيه الأصل، إلا أنه لما
تعذر أو تعسر أكتفي بالاستحضار الحكمي، فقيل: هو تجديد العزم عند الذكر،
وقيل: هو عدم الإتيان بالمنافي. ومبناه أن الباقي هل يحتاج إلى المؤثر أم لا؟
وهو راجع إلى أن علة الحاجة هي الإمكان أو الحدوث، وهو بحث كلامي.
74

فنية القطع لا تؤثر في الإحرام إجماعا، وفي تأثيرها في الصوم إشكال، وفي
الصلاة كذلك، والبطلان قوي. وهل الوضوء والغسل كالصلاة؟ الأقوى نعم
بالنسبة إلى الباقي، فلا يبطل الماضي بالنسبة إلى الغسل قطعا. وأما الوضوء فكذلك،
إلا أن يفقد شرط الموالاة.
ولو تردد في قطع غاية النية فالإشكال أقوى، والبطلان أقرب. وكذا نية فعل
المنافي على أقرب الوجهين، وفي الصوم يقوى الإشكال هنا. والعدول في بابه
من صلاة إلى أخرى، أو من صوم الفريضة إلى النافلة، وبالعكس ليس من بابه
وكذا العدول من نسك إلى آخر، ومن التمتع إلى قسيميه، وبالعكس.
ويجب إحداث نية العدول هنا، ولا يجوز التلفظ بها في أثناء الصلاة، أما في
غيرها فلا منع. وهل التلفظ بها في أول الصلاة كذلك؟ خلاف، والأصح انقسامه
بانقسام الأحكام.
(
19)
قطب
يصح إيقاع نية عبادة في أثناء أخرى، فيجمع بينهما في الفعل إذا لم يناف
أحدهما الأخرى، كنية الزكاة في الصلاة وإعطائها المستحق، وكذا نية الصوم فيها،
ونية الوقوف بعرفة والمشعر في صلاتي الظهر والصبح. وهل الجمع واجب هنا؟
الأحوط نعم.
ولو تنافيا كنية الطواف في الصلاة فالأقوى إنه كنية القطع، أما نية الإقامة
في الأثناء فموجبة لإحداث نية الإتمام قطعا ولا فساد، ولو انعكس الفرض ففي
الرجوع إلى القصر أقوال، أصحها الرجوع إليه، إلا أن يتجاوز محل القصر
75

فيجب الإتمام.
ويجوز اقتران العبادتين بنية واحدة إذا لم يتنافيا، سواء انفكت إحداهما عن
الأخرى كالصلاة والزكاة، أو لم تنفك كالاعتكاف والصوم، أو كانت تابعة كالنظافة
في غسل الجمعة، بل هي المقصودة منه ومن باقي أخوته.
وتحسين القراءة والركوع والسجود للاقتداء به، وزيادة الإمام في الطمأنينة
ليلحقه المأموم على قول مشهور، ورفع الإمام صوته بالقراءة والأذكار لا سماع
المأموم، والخطيب لا سماع الحاضرين، والتالي للقرآن، وتحسين الصوت به
لاستجلاب المستمعين، والصلاة مع المنفرد إماما أو مأموما، لأنها صدقة.
والنفل لا يجب بالشروع فيه، إلا الحج والعمرة إجماعا، وفي الاعتكاف
أقوال، ويكره قطعه خصوصا في الصلاة والصوم بعد الزوال. وهل يصح الإبهام
في نية الزكاة باعتبار خصوصيات الأموال، كإخراج شاة وعليه الإبل والغنم ولم
يعين؟ إشكال. وكذا في العتق عن الكفارتين، وأولى بالمنع.
ولو أبهم النسك فالأقوى البطلان مع وجوب أحدهما، ومع عدمه تتعين العمرة
إن لم يصلح الزمان للحج، وإن صلح فإشكال.
والأصل في النية وجوب مقارنتها لأول العبادة، إلا في الصوم فجائز تقديمها
عليه، بل وتأخرها في النسيان وعدم العلم، فينوي في أثناء النهار وتؤثر في
اليوم أجمع في الصحة وحصول الثواب وإن وقعت بعد الزوال إن قلنا بجوازه
في المندوب. أما إمساك الكافر والصبي والمسافر والمجنون والمريض بزوال
أعذارهم فنيته يستحق بها ثوابه وإن لم يسم صوما.
والمحافظة على النية في صغير الأفعال وكبيرها من المهمات الدينية.
وتجمع الغايات في الواحد إذا تعددت، لتحصيل منافعها كقراءة القرآن،
والسعي إلى مجلس العلم، وعيادة المريض، وزيادة الإخوان، وحضور الجنائز،
76

وزيارة المقابر، وقضاء حاجة المؤمن، وحوائج عياله والإنفاق عليهم، والدخول،
والضيافة، وصلة الرحم.
بل وعند المباحات كالأكل والشرب، والنكاح، واللبس، والتطيب. والعاقل
حقيق بصرف أفعاله كلها إلى الطاعة يجعلها وسيله إليها، وهو إنما يحصل بالنية.
وضابطه إرادة الطاعة وجوبا أو ندبا متقربا، وقيل: لو قال في أول النهار
وأول الليل: اللهم ما عملت في يومي هذا من خير فهو لابتغاء وجهك، وما تركت
من شر فتركه لنهيك، أجزأ عن النية عند كل جزئي.
والأعمال المتصلة تكتفي بالنية في أولها، كالتعقيب واستحضار الوجوه،
وجميعها موجب لتضاعف الحسنات كالجلوس في المسجد.
وفروض الكفايات في وجوب النية فيها كالعينية، خصوصا إذا تعينت، وترك
الحرام كذلك، أما المستحب وترك المكروه فينوي الندب. وقد يجتمع الوجوب
والندب والحرمة والإباحة في الواحد على البدل كضربة التيمم، والأكل والجماع
والتطيب واللبس، فلا يصرف الفعل إلى أحدها إلا بالنية. والخسران المبين جعل
المباح حراما، بل صرف الزمان في المباح.
وليس النية هي اللفظ، بل هي جمع الهمة وإعداد النفس وتوجهها وميلها
إلى تحصيل المرغوب فيه عاجلا أو آجلا، تلفظ أم لا، بل اللفظ بدون الهمة لغو.
(20)
قطب
التحرز من الرياء واجب، لأنه معصية في نفسه ويصير الأعمال معاصي، وهو
جلي وخفي. والثاني إنما يعرفه أهل المكاشفة والمعاملة الحقة مع الله. وقد يلحق
77

النية بعد كونها في الابتداء مخلصة، فليلاحظ العابد ذلك فيتحرز عنه. أما هواجس
النفس وخواطرها فلا حرج فيها بعد إخلاص النية ابتداءا، لوقوع العفو عنه في
الحديث.
وهل تجب النية في ما يتميز لنفسه من الأعمال كالإيمان، والتعظيم والإجلال
لله، والخوف، والرجاء، والتوكل، والحياء، والمحبة، والمهابة، والأذكار
والثناء على الله، والأذان والإقامة، وتلاوة القرآن؟ قال بعضهم: لا، وهو
ضعيف.
وهل تجب النية في الاعتداد؟ الأقرب لا، إلا في عدة الوفاة فإن الأقرب فيها
وجوبها. وتعتبر من المباشر، فلا تقع من غيره إلا في المجنون والصبي الغير
المميز إذا حج بهما الولي نوى عنهما إجماعا.
أما فعل الغير فقد يؤثر في نية غيره كأخذ الزكاة قهرا من الممتنع، وهل تجب
النية من الأخذ؟ الأحوط نعم. ولو أخبر أنه نوى قبل رجحت على نية القابض
على الأصح.
وفي الحلف النية نية المدعي مع إبطال الحالف، فهي معتبرة في فعله، فلا
تنفعه التورية في دفع وبالها على قول الأصحاب.
والأصل أن الواجب أفضل من المندوب، إلا في الإبراء، والإنظار في
المعسر، والمنفرد المعيد صلاته، والصلاة في الأمكنة المشرفة، وبزيادة الخشوع
وكثرة المندوبات، ومراعاة السكينة والوقار في المضي إلى الجمعة وإن فات
به بعضها.
وأما زيادة الثواب بالكثرة والقلة فتابع للمشقة والمداومة، إلا في تكبيرة
الافتتاح 1) وتكبيرات الصلاة، وذبح الهدي والأضحية، وللضيف، والصلاة في

1) في ش 1: الإحرام.
78

أكثر المسجدين جماعة، وسجود التلاوة، وسجود الصلاة، وركعتي النافلة،
والفريضة، فإن التساوي في الصورة دون الفضل. وقد يكون الأقل أكثر ثوابا
كتسبيح الزهراء، وغيره من التسبيح وإن كثر.
وهل قبول العبادة وجزاؤها متلازمين أو لا فتوجد الأجزاء بدون القبول دون
العكس؟ قولان، أصحهما التلازم.
وكل ما يتوقف عليه الخروج عن العهدة من الزائد على مسمى الواجب مما
لا يتم إلا به واجب، وهل ينوي به الوجوب؟ إشكال. والصلاة المتعددة في الثياب
المشتبهة هل الجزم فيها حاصل؟ قال قوم: لا، وأوجبوا الصلاة عاريا. وفيه إشكال
من حيث تحقق الوجوب الجازم في كل واحدة حال إيقاعها.
والتعبد بما لا يهتدى إلى علته واقع كالابتداء بظاهر الذراع في الغسل،
وكوضع الجريدة على قول، ورمي الجمرات، والنهي عن بيع الطعام قبل قبضه
وعدم الاكتفاء بكونه في المكيال على الأصح، وإذن الواهب في قبض ما في يد
الموهوب، ومضي زمان على قول، والإسراف في الوضوء على شاطئ النهر
والبحر.
وأما وجوب الطلب مع علم فقد الماء ففي وجوبه قولان، أقربهما السقوط،
وإمرار الموسى على رأس من لا شعر له وجوبا أو استحبابا على الخلاف،
ووجوب عدة الوفاة على غير المدخول بها والصغيرة والآيسة، وعدم إجزاء القيمة
في الكفارة، أما في زكاة الأنعام ففي إجزاء القيمة قولان أقربهما الاجزاء، وجواز
التخلص من الربا مع حصول الزيادة وأمثالها.
وكل عبادة لها وقت محدود وقعت فيه فهي أداء، وإن وقعت في خارجه
فقضاء.
وهل الواجبات الفورية كالحسبة، والحج، ورد المغصوب، وإنقاذ الهالك
79

والأمانات الشرعية، والوديعة، والدين الحال مع الطلب والقدرة من ذوات
الأوقات المحدودة؟ قولان، والأقرب العدم، فلا تجب نية الأداء فيها إجماعا،
أما تعين قضاء رمضان في ظرف السنة إلى الثاني وإن كان محدودا إلا أنه لا يسمى
أداء إجماعا.
والقضاء يقال على الإتيان بالفعل، وما فعل في غير المحدود، واستدراك ما
تعين وقته، أو بالشروع كالاعتكاف، أو بالفورية كالحج الفاسد، ولكل ما وقع
مخالفا لبعض أوضاعه المعتبرة فيه، وما كان بصورة الحقيقي، وأما اجتماع الأداء
والإثم فلم يقع، وما ورد مما ظاهره ذلك فمحمول على التغليظ. وهل الإخلال
بالفعل في وقته يستعقب القضاء؟ قولان، الأقرب إنه بأمر جديد.
وما ورد النص بقضائه قد لا يستعقبه، كمن استمر مرضه إلى رمضان آخر،
والشيخ والشيخة وذو العطاش، وفي وجوب الفدية قولان. وناذر الصلاة أول
الوقت، وناذر صوم الدهر، وناذر الحج كل عام. وهل يجب عليه الاستئجار؟
قولان.
ولو دخل الحرم بغير إحرام ناسيا أو متعمدا ففي وجوب تداركه إشكال،
والأقرب التدارك وليس بقضاء. وناذر الصدقة بفاضل قوته كل يوم لو تلف ما
فضل كانت الصدقة المستقبلة عن يومها لا عن الفائت، وهل يجب تداركه مع
القدرة؟ إشكال.
ولو نذر عتق ما يملكه، وملك ولم يعتق ومات، ففي وجوب الإعتاق إشكال.
(21)
قطب
اكتفاء الشارع بالاستجمار في إزالة نجاسة المخرج من باب الرخصة تحقيقا
80

لعموم البلوى، ولا بد فيه من النقاء عن عينه دون أثره. وهل يطهر المحل به؟
قولان، وهل يعتبر العدد؟ قولان، الأحوط اعتباره. ولو نقص مع النقاء ففي
صحة الصلاة بدون الإكمال إشكال.
وهل يراد بالتعدد نفس الحجر أو المسح؟ إشكال. وعليه يتفرع أجزاء
ذو الجهات الثلاث، وظاهر الرواية 1) دال عليه.
وليس إزالة النجاسة بالماء الكثير من باب الرخصة عند الأصحاب، وأما
في الماء القليل فالظاهر أنه كذلك أيضا.
وكل شئ حرام استعماله في الصلاة والأغذية لاستقذاره فهو نجس، وتحريمه
في الصلاة مستلزم لتحريمه في الطواف والمساجد، وألحق به المشاهد. وفي
الأغذية مستلزم للأشربة للمساواة. وما صح مباشرته 2) في الصلاة والأغذية اختيارا
فهو طاهر، فترجع النجاسة إلى التحريم، والطهارة إلى الإباحة.
وهل عين النجاسة والطهارة حكما أو هما متعلق الحكم؟ احتمالان. وقيل:
إن النجاسة معنى في الجسم يوجب اجتنابه وتناول عينه، فالجسم من حيث جسميته
لا يكون نجسا. واحترزنا بالعين عن المغصوب الواجب اجتنابه، لتعلق حق الغير
به لا من حيث عينه.
وكل جسم على الطهارة، حيوانا كان أو غيره، إلا العشرة المشهورة.
وكل الميتات على النجاسة العينية، وهل ميت الآدمي كذلك؟ الأقوى نعم
إلا ما لا نفس له سائلة، وما ذكي. وهل تقع الذكاة على الحشرات والمسوخ؟
قولان.
وهي مانعة من الصلاة، إلا ما استثني كما لا تتم الصلاة فيه بشروطه، وما دون

1) التهذيب 1: 49 حديث 144، الإستبصار 1: 55 حديث 160.
2) في ش 1: ملابسته.
81

الدرهم البغلي من الدم. وهل غيره كذلك؟ الأقرب لا، وفي قدره قولان.
وثوب المربية للصبي مع عدم البدل، وهل المربي والصبية كذلك؟ قولان.
وما لا يمكن التحرز منه كالجروح والقروح الغير الراقية، وهل يجب الإبدال
هنا مع المكنة؟ إشكال. ولا يجب التأخير إلى الضيق على الأقرب، وهل يجوز
له إيقاع الصلاة في المسجد؟ قولان أقربهما الجواز مع عدم التلويث.
وما تعذر إزالته منها عن البدن والثوب المضطر إليه إجماعا، وهل ما لا يضطر
إليه منه كذلك؟ أقوال. وهل جهلها عذر؟ قيل: نعم مطلقا، وقيل: ما لم يخرج
الوقت. وفي النسيان إشكال.
وهل محل الاستجمار من باب العفو؟ إشكال.
وأما الحدث فيطلق على المانع من الدخول في الصلاة المرتفع بالطهارة
وعلى نفس السبب الموجب للطهارة. وهل المراد في نية رفعه الأول أو الثاني؟
قولان، وحكم الحدث هل هو متعلق بالمكلف أو بأعضائه؟ خلاف، والأصح الأول.
ووضوء المجنب للنوم هل يرفع الحدث بالنسبة إليه؟ إشكال، وهل ينتقض
بتعقيب الريح أو البول له؟ احتمالان، الظاهر العدم.
وقولهم: كل دم يمكن أن يكون حيضا فهو حيض، ليس المراد به: الإمكان
الخاص الذي هو رفع ضروري الوجود والعدم، بل المراد به: الإمكان الوقوعي
المشتمل على الصفات التي تتعلق عليها أحكامه، سواء تجانس أو اختلف.
ويترتب عليه البلوغ، والغسل، والعدة، والاستبراء، وقبول قولها فيه، وسقوط
فرض الصلاة، والصلاة وتحريمهما وتحريم الاعتكاف، وعدم ارتفاع الحدث.
وفي جواز الاستنابة لها في الطواف قولان، الأقرب المنع. وتحريم
المساجد إلا اجتيازا، أو الجواز في المسجدين، وقراءة العزائم، ومس كتابة
القرآن. وفي تحريم سجود التلاوة قولان، أقربهما العدم. وكراهة مس المصحف
82

ولمس هامشه، وحمله، وكتابة القرآن وقراءته، وتحريم الطلاق والوطء قبلا.
وهل يحرم منها ما بين السرة والركبة؟ قولان، فإن قلنا به دخل الدبر في تحريم
الوطء، وإلا فلا.
ويجب عليها الاستبراء عند ظن الانقطاع، وقضاء الصوم خاصة.
ويستحب لها الذكر بقدر الصلاة بعد الوضوء.
وصلاة المستحاضة مع الحدث مما استثني لمسيس الحاجة، وكذا صلاة
دائم الحدث. وهل يحكم باستعمال الماء قبل انفصاله عن العضو المستعمل؟
قيل نعم، وفيه بعد.
وطهارة الملاقي للنجس مع عدم التعدي، والميتة من غير ذي النفس،
والمني منه. وهل ماء الاستنجاء من الطاهر أو المعفو؟ قولان، أقربهما الثاني.
وهل ما لا يدركه الطرف من الدم في الإناء كذلك؟ قال الشيخ: نعم 1)، وفيه
إشكال.
وأما العفو عن سؤر الحيوان الظاهر إذا لاقى فمه نجاسة وزالت عينها عنه
مع الغيبة أو بدونها، والعفو عن الركن الذي فعله المأموم قبل الإمام، وعن
متابعته له في بعض الأحيان، وتغيير 2) كيفية صلاة الخوف، ولبس الحرير لدفع
القمل والمحاربة، وشرط العتق في بيع العبد، فكلها من الرخص لمحل الحاجة.
أما اشتراط الوقف في البيع ففيه نظر.
وقد اشتملت الصلاة على حق الله كالأذكار، والكف عن المنافيات، والنية.
وحق الرسول والآل كالصلاة عليهم، والشهادة للرسول بالرسالة. وحق المكلفين
كدعائه لنفسه ولهم في القنوت وفي غيره بما شاء، والسلام عليهم. ولهذا كانت

1) المبسوط 1: 36.
2) في ش: تعيين.
83

أفضل الأعمال البدنية.
وكل مكلف بها متى دخل وقتها صار مخاطبا بفعلها، فلا يصح تأخيرها عن
وقتها، إلا أن يكره على تركها حتى بالإيماء، أو نسي أو اشتغل عنها بدفع عدو
عن نفس أو بضع، أو بإنقاذ هالك، ولم يتمكن من الجمع. أما الاشتغال
بالسعي إلى عرفة والمشعر ففي كونه كذلك إشكال.
ولو فقد المطهر سقط الأداء على الأقوى، وهل يسقط القضاء؟ قولان،
أقربهما العدم.
وهل يجب الذكر في الوقت؟ قيل: نعم، وفي سقوط القضاء حينئذ إشكال.
أما صاحب النوبة في البئر أو الثوب، ومن لا يتمكن من القيام للحبس،
وراكب السفينة مع عدم المكنة من الخروج، والعادم للماء ففي وجوب التأخير
عليهم إلى الضيق قولان، أصحهما العدم.
وهل يستحب التأخير لطالب الجماعة، وللمسافر إلى وقت نزول القافلة،
والظهر إلى الإبراد، والمشتغل بقدر السبحة، والعصر إلى المثلين، والعشاء إلى
ذهاب الشفق، ونافلة الليل إلى السحر، والمفيض إلى المشعر، والمستحاضة إلى
وقت الثانية، والمشغول بالقضاء إلى آخر الوقت، والصائم المتوقع إفطاره أو
عند منازعة النفس، وللمتمكن من المندوبات، ولاستيفاء الأفعال لجائز الترخص؟
خلاف.
(22)
قطب
قد عرفت انقسام الخطاب إلى تكليف ووضع، هو نصب الأسباب، وهو
84

غير مشروط بشرائط التكليف، ولهذا حكم بضمان الصبي والمجنون ما أتلفاه،
واختلف في الطهارة والستر والاستقبال هل هي من خطاب الوضع أو هي شرط
في صحة الصلاة.
ويتفرع على ذلك وجوب الغسل على الصبي لو وقع منه الإيلاج، وفروعه
كثيرة.
ووجوب انحصار المبتدأ في خبره يتفرع عليه وجوب انحصار دخول الصلاة
في التكبير، وانحصار المحلل منها في التسليم، لأن المحلل ما كان مباحا لا ما
حرم. ويقتضي الانحصار في الصيغة المنقولة فيهما على الأقوى.
والأمر والنهي، والأمر والدعاء، والشرط والجزاء، والوعد والوعيد، والتمني
والترجي لا يتعلق إلا بالمستقبل. فإذا وقعت النسبة بين لفظي دعاء، أوامر أو نهي،
أو أحدها مع الآخر فإنما يكون وقوعه في المستقبل. ومنه يعلم الجواب عن
السؤال المشهور في قوله: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على
إبراهيم وآل إبراهيم.
والصلوات الخمس لا بدل لها إجماعا، إلا الظهر فإنه قد اختلف في أن
الجمعة بدل عنها أم لا، وهو مبني على أن الواجب يوم الجمعة هل هو الظهر
وتسقط بالجمعة، فهي ظهر مقصورة لمكان الخطبتين، أو هو الجمعة وتسقط بالظهر
ويتفرع على ذلك فروع.
والأصل في الأسباب عدم تداخلها، وهل أسباب السهو متداخلة؟ قيل نعم،
والأقوى العدم، ويتفرع على ذلك فروع.
والصلاة الاختيارية تتعين فيها الفاتحة، فلا تجزئ بدونها إلا مع السهو على
قول قوي. ولو كانت رباعية ونسي القراءة في الأولتين، ففي بقاء التخيير في
الأخيرتين أو تعين القراءة قولان، أقربهما الأول.
85

وفي وجوب ضم السورة في الأولتين مع السعة وإمكان التعلم قولان، أصحهما
الوجوب، وهل يتعين شئ من السور؟ الأقرب لا، فقول ابن بابويه بتعين
الجمعة والمنافقين من الجمعة وظهرها 1) نادر. وهل يجزئ التبعيض فيها؟ الأقوى
لا، إلا في الآيات. ولم يبعض ففي وجوب الفاتحة في الركعة الأخرى قولان،
أصحهما الوجوب.
وفي جواز القران بين سورتين في ركعة في الفريضة أقوال، أصحها المنع
إلا الضحى وألم نشرح، والفيل ولإيلاف، فتحتم قراءتها في الركعة الواحدة باتفاق
الأصحاب. وهل تجب البسملة بينهما؟ الأقرب الوجوب.
ولو كرر الواحدة في الركعة أو الفاتحة، ففي تسميته قرانا وجهان،
الأقرب إنه كذلك. ولو كرر الآية الواحدة بغير قصد الإصلاح ففي البطلان وعدمه
احتمالان، أما لو كرر السورة الواحدة في الركعتين فلا منع إجماعا.
وتسقط الفاتحة عن جاهلها عند ضيق الوقت، وعن الخائف المنتهي في
شدته إلى تعذر الإيماء وينتقل إلى التسبيح. وهل يجب الإبدال على جاهلها إذا
تمكن؟ الأقرب ذلك. وهل يجب أن يكون بقدرها؟ الظاهر نعم. ولو لم يتمكن
من البدل ففي وجوب الوقوف بقدرها وعدمه احتمالان. وأوجب في التحرير على
جاهل الفاتحة قراءة السورة إن كان يعرفها 2) وفيه إشكال.
وهل تسقط عن دائم الحدث إذا لم يتمكن من إتمامها لتوالي الحدث، فينتقل
إلى التسبيح مع التمكن من إخلائه عنه أم لا؟ قولان، أصحهما عدم السقوط.
فإن كان مبطونا توضأ وبنى عملا بالرواية. وهل يسقط تجديد الوضوء في الأثناء مع
كثرة التوالي؟ الظاهر السقوط، وإن كان سلسا استمر على الأقوى.

1) المقنع: 45.
2) التحرير 1: 38.
86

وهل يجب عليه الوضوء لكل صلاة كالمستحاضة؟ قولان، أحوطهما
الوجوب وفي وجوب إيقاع الصلاة عليه وعلى المستحاضة عقيب الطهارة احتمالان،
أحوطهما نعم.
وهل عليه التحفظ؟ ظاهر الرواية ذلك.
والواجب الواقع على هيئات يوصف كل واحد منها بالوجوب تخييرا، وقد
يوصف بالاستحباب، ويكون راجعا إلى اختيار الهيئة لا نفسها، كالجهر في
الجمعة إجماعا. وهل الظهر كذلك؟ قولان، أقربهما لا. وكذا الجهر بالبسملة
في مواضع الإخفات، واستحباب تعين سورة، والجهر بالأذكار للإمام، والإخفات
للمأموم، والهرولة للسعي، فهل تجب هذه الهيئات تبعا لمحلها؟ إشكال. أما
التسبيحة الكبيرة على القول بإجزاء مطلق الذكر لو تخيرها فالظاهر وجوبها
تخييرا، ولها أمثال.
أما هيئة المستحب فمستحبة، لعدم زيادة الفرع على أصله، إلا في ترتيب
الأذان فيوصف بالوجوب. وهل رفع اليدين بالتكبير كذلك؟ قال السيد: نعم 1)
وهو بعيد. والقيام في النافلة ووجوبه تخييري، لجواز الجلوس فيها اختياريا. أما
الطهارة فواجبة لها قطعا، وكله بمعنى الشرط، وهو الوجوب غير المستقر.
وكل ما هو بمعنى بغاية فالظاهر عدم دخول الغاية فيه إذا انفصلت بمحسوس، وفي
ما لا ينفصل بمحسوس إشكال. وقد يكون آخر الواجب كالطواف والسعي. وهل
الصلاة كذلك؟ الظاهر لا، لاحتياجها إلى الملك على الأصح. فإن حصل الخروج
بغيره كالحدث وغيره ففي حصول سقوط التسليم قولان.
ولا تتم دلالة دليل الحكم مع معارضه. لأن المقتضي لا يؤثر مع المانع،

1) الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): 231.
87

خصوصا مع قصور الدلالة. ومنه يعلم أن قوله تعالى: " وسلموا تسليما " 1) لا دلالة
فيه على وجوب التسليم على النبي (ص) في الصلاة، خصوصا وقد
نقل الاجماع على استحبابه.
ومتى تعارض الخاص والعام بني العام عليه، ومنه علم استحباب الجهر في
القنوت. ولو سلم ناسيا، وتكلم بظن التمام ففي بطلان الصلاة قولان.
والأكل والشرب في الصلاة من مبطلاتها إجماعا، وهل ذلك باعتبار أنفسهما،
أو لاشتمالها على المبطل؟ احتمالان. ويتفرع القليل منهما، وما لا يخل بهيئة
الخشوع. وهل يخص هذا العموم بجواز الشرب في الوتر؟ قيل: نعم للرواية.
والأسباب مؤثرة في مسبباتها، ولا يجب تكررها بدوامه إذا كان ظرفا له،
فيكفي إيقاع الفعل مرة. وهل صلاة الكسوف كذلك؟ الأقرب نعم، أما الزلزلة
فتكرر بتكرر السبب، لأن سببها ليس بظرف.
(23)
قطب
الموالاة في الصلاة شرط في صحتها إجماعا، ولهذا بطلت بالفعل الكثير،
والسكون الطويل، وطول الطمأنينة بما زاد على العادة، إلا المبطون إذا فجأه
الحدث فإنه يتوضأ ويبني على مضمون الرواية.
ومن سلم قبل إتمامها ناسيا وذكر النقص بنى، وإن طال الزمان على الرواية،
وقيل يعيد للأصل. ومصلي الكسوف إذا خشي فوات الحاضرة قطعها وأتى بالحاضرة،
وبنى على الرواية الاحتياط إذا فعله ثم ذكر النقص لم يعد على المشهور. وكذا

1) الأحزاب: 56.
88

لو ذكره بعد فعل أحد الاحتياطين إذا أتى بالموافق على الأقرب، وكذا لو ذكره
في أثنائه على الأقرب.
وكل النوافل ركعتان إلا الوتر، ولا تصح الزيادة عليهما إجماعا إلا صلاة
الأعرابي على قول الشيخ، وصلاة العيد بغير خطبة فإنه تصلى أربعا على قول،
وصلاة جعفر على قول الصدوق 1)، وكلها نادرة.
وقصر الكمية مسبب عن السفر، والخوف وإن كان في الحضر جماعة وفرادى
على المشهور. وشرطه استيعاب الوقت، ويبقى منه ما لا يسع الطهارة وركعة،
ولا فرق بين الرجل والمرأة في المشهور.
وقصر الكيف كثير الأسباب، ولا ينتهي قصر الكم إلى سقوط أكثر من ركعتين،
فالاقتصار على الركعة للخائف للمأموم خاصة نادر.
ولا يؤتى بشئ من أجزاء الصلاة بعد تسليمها، إلا السجدة الواحدة والتشهد.
وهل الصلاة على النبي (ص) بانفرادها كذلك؟ قولان، أقربهما
المساواة. ولا يعد الاحتياط منه، لكونه غير معلوم الجزئية.
وأما الأفعال المندوبة فلا يقضى شئ منها بفواته في محله، إلا القنوت إذا
لم يذكره إلا بعد ركوعه، فإنه يقضيه بعد التسليم على قول. وقيل: يقضي في
التشهد. وأنكر بعض قضاءه مطلقا، وخصه بعض بما بعد الركوع.
والجماعة مشروطة بفريضة الصلاة، أو أصله الفريضة كالمعادة، أو بصفة
الفرض كالاستسقاء على الأصح.
وهل تجب الجماعة في الكسوف؟ الأصح العدم.
وهل تستحب الجماعة في صلاة العيدين أو تجب؟ الأقوى الثاني مع الشرائط
والأول مع فقدها.

1) المقنع: 43.
89

وهل يستحب نقل المنبر في الاستسقاء؟ المشهور لا.
ولا يتقدم المأموم في موقفه على إمامه قطعا، وهل تصح المساواة؟ الأحوط
المنع، إلا في العراة فتجب.
ولا بد في إمامها من تكليفه، وإيمانه وعدالته، وطهارة مولده. فلا تصح
إمامة غير المميز إجماعا، وهل المميز كذلك؟ الأقرب نعم، إلا في إمام الأصل
على الأصح. ولا الكافر والفاسق والمجنون والمحدث، ونجس الثوب أو البدن
مع المكنة من الإزالة.
ولا منع في المستحاضة إذا فعلت ما يجب عليها إن قلنا بجواز إمامتها لمثلها
في الفريضة على المشهور، والأحوط المنع، ولا منع في النافلة.
وكلها شروط مع العلم، ومع فقده فالوجه الاجزاء، إلا في الجمعة والعيد
الواجب على الأقوى.
والأمي، واللاحن، والخنثى والمرأة، ومؤف اللسان، والصبي المميز في
جواز إمامتهم بالمثل قولان، أقربهما الجواز، إلا المرأة في الواجب على الأحوط.
وفي إمامة العبد في الجمعة والعيد قولان، والأقرب المنع، أما في غيرهما
فلا منع.
والأجذم والأبرص، والمتيمم بالمتطهر، والمسافر بالحاضر، ومن يكرهه
المأموم لأمر ديني المشهور كراهية إمامتهم.
وأما القن، والمبعض، والمكاتب، والمدبر، والأعمى. ومراتب الأفضلية
كالأقرأ، والأفقه، والأقدم هجرة، والأصبح، والأسن فلا منع من إمامتهم وإن
وجد الأفضل، لكن تقديم الأفضل أولى.
وإمام الأصل لا يجوز تقديم غيره عليه إلا لمانع، وما عدا من ذكرنا فإمامته
مستحبة.
90

ويجب تأخير تكبيرة المأموم عن تكبيرة الإمام قطعا، فإن تقدمت فلا قدوة.
وتدرك الركعة بإدراكه قبل الركوع إجماعا وإن لم تدرك تكبيرة الركوع
على الأصح، وهل تدرك بإدراكه راكعا؟ قيل: نعم ولو بقدر الذكر من الطمأنينة
على قول، والأحوط المنع إلا أن يدركه حال انحنائه.
وكل من فاتته صلاة واجبة مع تكليفه بها، وإسلامه أو حكمه، والطهارة
من الحيض والنفاس وجب عليه قضاؤها. وكذا فاقد المطهر، لأن فقده لا يرفع
السبب على الأقوى، بل منع حكمه. والاجتزاء بالذكر في الوقت بعيد.
والترتيب كالفوات واجب مع الذكر، ولو نسيه ففي وجوب تحصيله بالتكرار
وسقوطه وجهان، أقربهما الاستحباب. وكيفيته: أن يأتي بالاحتمالات الممكنة
في كل مسألة بترتيب يطابقها، كما لو فاته الظهر والعصر فإنه يقدم الظهر على العصر
أو عكسه فيصلي بين عصرين، أو عصرا بين ظهرين.
فلو انضاف إليهما صبح فاحتمالاته ستة، حاصلة من ضرب اثنين في ثلاثة،
وتصح من سبع بأن يصلي صبحا محفوفة بالجملة الأولى.
ولو كان معهن المغرب صارت الاحتمالات أربعة وعشرين، حاصلة من ضرب
أربعة في ستة. وتصح من خمسة عشر فتتوسط المغرب بين سبعتين، وبانضياف
العشاء تصعد الاحتمالات إلى مائة وعشرين، حاصلة من ضرب خمسة في أربعة وعشرين
وتصح من أحد وثلاثين فتتوسط العشاء بين خمسة وعشرين مرتين.
وهكذا على هذا النحو، وهو مبرئ للذمة يقينا.
ولو كانت قصرا وتماما وجهل الترتيب احتمل السقوط، والبناء على الظن
والاحتياط فيقضي الرباعيات تماما وقصرا.
91

(24)
قطب
الزكاة إن لم تتعلق بالمال ففطرة، وإن تعلقت به فزكاة المال إن تعلقت بعينه
وإلا فتجارة. وكلها إما أن تشترط بالحول أو لا، والثاني الغلات، والأول ما عداها.
فالمتعلق بالذمة هي الفطرة لا غير، إلا مع التفريط أو التمكن من الإخراج. وهل
يخرجها العزل عن أصلها؟ الظاهر ذلك إذا عدم المستحق.
والمشروطة بالحول بقاء عين المال طولها شرط تحققها، إلا زكاة التجارة
على الأقرب.
ولا تجتمع الزكاتين في الواحد على الأصح، إلا عند التجارة في وجوب
فطرته معها، والدين إن قلنا بوجوب زكاته على مؤخره، وثمرة الشجرة المتجر
بأصلها، والأقرب إن ذلك ليس من العينية.
وهل متعلق الفطرة الانفاق، أو وجوبه، أو ما من شأنه وإن لم يجب؟ العلامة
على الأول 1)، والشيخ على الثاني 2)، وابن إدريس على الثالث 3)، ويتفرع على
الأقوال فروع.
واختص الصوم باخترام الشهوات، والملاءة بطنا وفرجا. وفيه تشبه بالصمدية
وموجب لصفاء القلب، وذكاء العقل، وجودة الفكر، لإضعافه القوى الشهوية
المستلزمة لظهور القوى العقلية المديمة لفيض المعارف الربانية والعلوم النظرية،

1) التحرير 1: 70.
2) المبسوط 1: 239.
3) السرائر: 108.
92

التي هي غاية كمال النفس الناطقة مع خفائه عن أدراك الحواس، فبعد عن الاشتراك
بالرياء، فاجتمع فيه ما تفرق في غيره من الكمالات ففضل على غيره.
وأما الحج والعمرة فلهما تعلق بالزمان والمكان، فتقدمهما على الزمان غير جائز
إجماعا، وهل المكان كذلك؟ الأقرب نعم، فلا يجوز تقديم الإحرام على الميقات
اقتراحا على الأصح. وهل يجوز لناذره؟ قيل: نعم، والأقرب المنع، إلا في
الرجبية إذا خشي خروج الشهر قبل تلبسه بإحرامها، للرواية.
وتجاوز الميقات بغير الإحرام لقاصد النسك عمدا موجب للعود إليه إجماعا،
فإن تعذر فلا نسك له على الأقوى.
والجاهل والناسي يعودان، فإن تعذر جاز الإحرام حيث يمكن على المشهور.
وللحرم حرمة متأكدة لوجوب قصده، وحرمة صيده، وقطع شجره، وأمن
داخله، ومنعه من أهل الكفر دخولا ودفنا، وتحريم لقطته، والتغليظ على القاتل فيه
وتضعيف آخر العابد فيه، ووجوب استقباله في الصلاة والدفن.
وفي سقوط الهدي عن أهله لو تمتعوا قولان، حتى قيل: إن مكة أشرف بقاع
الأرض، لاختصاصها بالبيت الحرام المأمور بتقبيل أركانه واستلامها، وأنها حرم
الله وحرم رسوله وابتداء الوحي والإسلام فيها، وبها ولد سيد البشر صلى الله عليه
وآله، والوصي، وعدم صحة دخولها بغير إحرام، وتحريم القتال فيها، واجتماع
الناس والملائكة فيها في كل عام، وأن كل ظلم فيها إلحاد حتى شتم الخادم، والطاعم
فيها كالصائم في غيرها.
وقيل بل المدينة، لاستواء الاسلام وظهوره فيها، ولأمر الله نبيه بالمهاجرة
إليها، وأوجبه على الكل. وكانت محل نصره، ومدفنه، ومحل أمره وعلو كلمته،
ومجتمع أهل الصلاح، ومقام الأئمة، وأحب البقاع إلى الله بالحديث. ونص
على أفضلية الصبر على شدتها ولأوائها، وما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة.
93

قال بعض أهل المشيخة: لا أرى لهذا الخلاف كثير فائدة. والظاهر أن موضع
قبر رسول الله (ص) أشرف البقاع، ويتبعها باقي مواضع قبور الأئمة
عليهم السلام، وبقاع أخرى غيرهما خصها الله بالفضل والشرف متفاوتة فيه كالكوفة
وبيت المقدس، والمشاهد المشرفة على ساكنها السلام. وجاء في حائر الحسين
مرجحات، وباقي المساجد على مراتبها بكثرة الجماعة، وما صلى فيه نبي أو إمام
فيه منها فهو أفضل.
والثغور ومجالس العلم والذكر باعتبار شرف ما يقع فيها من الأعمال.
وتتفاضل الأزمنة كشهر رمضان، والأعياد، والأيام والليالي المشهورة.
(25)
قطب
لا يقر أحد من أهل الكفر على دينه، إلا الفرق الثلاث إذا التزموا بالشرائط
والمرتد فتجري عليه الأحكام الإسلامية، فيقضى فوائت العبادات الواجبة قضاؤها
على المسلم. وهل هو مشروط بقبول توبته؟ الأقرب لا، ولا يصح نكاحه ابتداءا،
وهل الاستدامة كذلك؟ قولان، والأقرب توقفه على انقضاء العدة. وهل يجب
إمهاله للتوبة؟ الأقرب نعم، فيقر على دينه بقدر مدة الإمهال.
والفطري يهدر دمه، ويزول ملكه، ويحجز على ماله مطلقا 1). ولا يلحقه
رقيقه ولا ولده الأصاغر، ولا يصح سبيه ولا فداؤه، ولا المن عليه، ولا يرث قومه
لو مات وإن كان فطريا، وفي غيره إشكال، وتبطل تصرفاته في العقود وغيرها.
وهل غير الفطري كذلك؟ إشكال.

1) لم ترد في ض.
94

وتقسم أموال الفطري، وتعتد زوجته للوفاة وإن لم يقتل، ولا يقبل عوده إلى
الاسلام، وهل يقبل فيما بينه وبين الله؟ الظاهر ذلك.
أموال أهل الحرب فئ، وأما دفع المال إليهم فغير جائز إلا لافتكاك مسلم
لا يمكن إلا به، ورد مهر المهاجرة مسلمة لكفهم عن الحرب إلا به عند العجز عن
المقاومة.
والسجود للصنم كفر إجماعا، أما لمن يراد تعظيمه غيره ففي كونه كفرا بنفسه
لا مع قصد العبادة احتمالان، أقربهما الثاني.
واعتقاد استناد التأثير إلى الكواكب والأفلاك بالاستقلال أو الشركة كفر
إجماعا، أما استناد بعض الآثار لا بالاستقلال، بل بإعطاء الآلات والشرائط،
وأن المؤثر الأعظم هو الله، كما يقوله أهل العدل في أفعال الحيوان فالأقوى إنه
ليس بكفر، إلا أنه مبني على اعتقاد حياتها، والظاهر أنه لا يلزم الكفر باعتقاده.
ولو قيل: إنها أسباب غير مستقلة، أجرى الله تعالى عادته بإيجاد المسببات
عندها أو بها، كالنار والأغذية والأدوية الفاعلة بالخواص كان أبعد في تكفير
معتقدها. وهل يكون معتقد هذا أو الأول مخطئا يلزمه الفسق؟ قولان، أقربهما العدم.
أما الجزم بأحكام المنجمين فظاهر الشريعة تحريمه، وتحريم التكسب به من
العلوم المنسوخة، وكذلك الأحكام الرملية، والاستخدامية، والاستجلابية للأرواح
وكشف الغائب عنها لأنه كهانة. والسحر بجميع أنواعه والشعبذة، والسيميا،
وتمزيج القوى العالية بالسافلة لاستحداث الغرائب والطلسمات، ويقتل مستحل
شئ منها.
وأما أعمال الكيمياء من العقد والحل، وتصعيد الشعر، والمرار والبيض والدم،
وأنواع التراكيب فكلها تدليس منهي عنه، لكونه غير معلوم الصحة.
وأما سلب الجواهر خواصها، وإفادتها خواص أخرى بالدواء المسمى
95

بالإكسير، فالظاهر أنه لا منع منه إن اتفق لشخص العلم، وهل يصح طلبه
بمعالجات الزئبق والزرانيخ والكباريت وتكليس الأجساد؟ إشكال. وهل مناسبات
الفلزات لإيقاد النار عليها بعد اعتدالها في الأوزان على نسبة طبخ المعدن فوصل إلى
الحق؟ إشكال، والتنزه عن الكل أفضل.
(26)
قطب
يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجماعا، وهل وجوبهما عقلي أو
سمعي؟ قولان. ويتفرع عليهما وجوبهما على الأعيان أو الكفاية.
وشرطهما: عدم المفسدة، وأن لا يقع بهما ما هو أعظم، وعلم الوجه،
واشتمال الفعل عليه إلا ما اختلف فيه، إلا أن يخاف معتقده مع موافقة الأمر والناهي
فيه مع عدم الإضرار وتجويز التأثير. وهل تساوي الاحتمالين مسقط؟ الأصح لا.
وليس الشرط علم التأثير، ولا غلبة الظن به على الأقوى.
أما علم عدم التأثير أو غلبة الظن به فمسقط للوجوب قطعا، ولا يسقط به
الجواز، بل ولا الاستحباب على الأقوى.
وأن لا يتطرق بهما ضرر عليه في نفس أو مال أو عرض، أو على أحد من
المسلمين مما لا يستحق. وهو مسقط للوجوب والجواز معا، إلا أن يختص المال
به ولا ضرر كثير فيه، فيجوز السماع به على الأقرب.
ومراتب الانكار في الابتداء القلب كالمقاطعة، وإظهار الكراهية، وتغيير عادة
التعظيم والملاقاة، والتعبيس في الوجه. فإن لم ينجع انتقل إلى القول الأيسر
فالأيسر، ثم اليد الأنجع فالأنجع، والقلبي أضعفها، والأقوى ما يفعل باليد،
96

واللساني هو الوسط.
وهذه مراتب القدرة، وعند العجز عن اليد ينتقل إلى اللسان على مراتبه،
وهو مع العجز عنه ينتقل إلى القلب، وليس وراءه شئ.
وعلم المنهي بالمنكر غير شرط في الانكار، فالمنكر عليه بصورة الإعلام
وإن كان تناولا، ولهذا جاز تأديب غير المكلف ولا معصية، فالشاهد السامع لعفو
الموكل على قصاص عنه له دفع الوكيل ومنعه عن الاستيفاء وإن جهل الوكيل
به، ولو أدى المنع إلى القتل فإشكال أقربه السقوط.
ومشتري الجارية من الوكيل لو وجدها الموكل في يده فأراد انتزاعها أو
وطأها لتكذيبه في الشراء، منعه ودفعه عنها على الأصح. وهل هو من باب الانكار،
أو الذب عن المال والبضع؟ الأقرب الثاني.
ووجوبهما فوري إجماعا، فينكر على الجماعة بفعل واحد وقول واحد إذا تم
به المقصود.
والأمر بالمستحب والنهي عن المكروه مستحب، فلا تعنيف فيهما، ولا توبيخ
ولا إيقاع ضرر، ولا إظهار كراهية وبغض، بل هو من البر والإحسان. ومن
لا يعتقد قبح ما ارتكبه إذا نهاه معتقد فكذلك، لاستحبابه عليه على الأقوى.
ولو أدى الانكار إلى القتل أو الجرح ففي جوازه قولان، والأقرب المنع،
إلا بإذن الحاكم إلا في الضروريات، أما لو أدى إلى فعل المنكر فالأقوى تحريمه،
وما ورد في الأخبار فمحمول على ظن عدم الضرر.
وهل يجوز إقامة للحدود للفقهاء في زمان الغيبة مع التمكن؟ قولان، والأحوط
المنع، ورخص للفقيه الجامع الشرائط إقامة الحد على زوجته وغلامه وجاريته
مع أمن الضرر.
97

(27)
قطب
المداهنة من أعظم المعاصي، وهي الركون إلى الظلمة والفساق، والانقطاع
إليهم والمصادقة لهم لتحصيل منافعهم وصلاتهم ولو بالثناء عليهم والتعظيم. وكذا
جميع أهل البدع، أما لو فعل ذلك لدفع ضررهم فليس منها.
وأما التقية فهي معاملة الناس بما يعرفون وترك ما ينكرون باتقاء لضررهم.
وكذا مجاملة أهل التظاهر بالفسق اتقاء شرهم، فإنه من المداهنة الجائزة دفعا لضرر.
وتجب التقية بعلم الضرر بتركها، ماليا كان أو نفسيا، حتى لو كان بضعا أو
عرضا أو ظن ذلك أو لغيره ممن لا يستحق.
وتستحب إذا كان الضرر سهلا أو تعلقت بمستحب.
وتحرم إذا تعلقت بترك واجب أو فعل محرم حيث لا ضرر، أو تعلقت بقتل
مسلم، فإنه لا تقية في الدماء.
وتكره في ترك المستحب حيث لا ضرر.
وتباح في المباح المرجوح للخصم مع عدمه ويبيح كل شئ، وهل يباح بها
إظهار كلمة الكفر؟ قولان، أقربهما الإباحة. ويأثم تاركها إلا فيها وفي البراءة،
فلا أثم في تركها فيها إجماعا، وفي أفضلية أيهما قولان، أصحهما فضيلة الترك
خصوصا إذا كان من أهل القدوة.
والذريعة تابعة لما هو وسيلة إليه، فتجب بوجوبه كالموقية للنفس والمال والبضع
وأن كان لغيره إذا كان مسلما أو معاهدا.
وتستحب لاستحبابه كتحسين الخلق عند الظلمة للاقتداء به.
98

وتكره للمكروه كالطبيعي من الخلق إذا لم يجلب نفعا ولا يدفع ضررا.
وتحرم للمحرم كقصد سرور الظالم به وترغيبه في المعاصي والظلم، وتحريض
المداهن وانهماكه فيهما.
والمحدثات إنما يطلق اسم البدعة على ما حرم منها، ومنها واجب كتدوين
الكتاب والسنة إذا خيف ضياعهما (1) من الصدور. وهل الوجوب مطلق أو مقيد
بزمان الغيبة؟ الظاهر الثاني.
والمحرم ما تتناوله أدلة التحريم كغصب المناصب الإلهية واستيلاء غير المستحق
عليها، والإلزام بمبايعة الفسقة وإقامتها والإقامة عليها، والجماعة في النوافل،
والأذان الثاني وتحريم المتعين، وتوريث العصبة، وخروج البغاة، ومنع الخمس
والإفطار قبل الوقت وأمثالها.
وما تتناوله أدلة الندبية فمستحب كاتخاذ المدارس والربط.
وما تتناوله أدلة الكراهية فمكروه كالزيادة في الوظائف الشرعية ونقصانها،
وهل التنعم بالملابس والمآكل إذا لم يبلغ الإسراف كذلك؟ قولان.
وما تتناوله أدلة الإباحة فمباح كنخل الدقيق، واتخاذ المناخل، ولبس العيش
والرفاهية، وجميع وسائله، وتعظيم أهل الإيمان بعضهم لبعض بمجاري العادات من
المباحات، وربما وجب إذا لم ينجر تركه إلى تباغض وتقاطع أو استهانة.
وما ورد من النهي عن تحية القيام محمول على الملزم له طلبا للتكبر والتسلط،
لا المطلوب لدفع الاستهانة. وكذا المصافحة بالأيدي والمعانقة لاستجلابها المودة،
وتقبيل اليد والرأس وموضع السجود والخد. أما على الفم فمختص بالصغير أو
الزوجة. ولا يفرق بين المحارم وغيرهم على المشهور.
وإظهار التكبر والتحلي به من المعاصي، وهو بطر الحق وغمض الناس.

(1) في ض: إذا اختفى بسبب ضياعهما.
99

وليس التجمل منه، بل قد يجب على الزوجة عند طلب الزوج، وللأمراء
والولاة لإرهاب العدو. ويستحب لها ابتداء لزوجها، وللولاة والقضاة وأهل العلم
لتعظيم الشرع والعلم.
ويحرم إذا اشتمل على محرم كلبس الحرير والذهب للرجال، والتجمل للفسق
ويكره كلبس ثياب التجمل وقت المهنة.
والمباح ما عدا ذلك.
وهل يجب التكبر على الكفار وأهل البدع؟ قيل نعم. والأقرب العدم.
ومن المعاصي المستقبحة العجب، وهو استعظام الطاعة والتبجح بها، عبادة
كانت أو علما، وهو غير الرياء لا يبطل العمل، لتأخره عنه، والرياء يقارن له
فأبطله.
وحب التسمع من لوازم العجب، وهو حب التحدث بالأعمال في المحافل
والتبجح بذكرها، وهو من المعاصي المحبطة للأعمال.
(28)
قطب
تحريم الغيبة ثابت بالنص، وهو إن تذكر الغير بما يكره سماعه إذا كان حقا،
ولو قال ما ليس بحق كان بهتانا، وهو أشد من الغيبة.
وهي ظاهرة وخفية، هي التعريض بأقسامه. وهل هي من الكبائر؟ خلاف.
وهل تقبح غيبة المستحق كالمتظاهر؟ خلاف أحوطه المنع.
وأما شكاية المتظلم بصورة ظلمه، ونصيحة المستشير، والجرح والتعديل في
الشهادة والرواية فليس من الغيبة إجماعا.
100

وكذا ذكر المبدعة بتقبيح بدعتهم وآرائهم الفاسدة أصولا وفروعا، والشهادة
عند الحاكم وإن تضمنت فسقا أو كفرا، أما لو ذكر أحد الشاهدين لصاحبه ففي كونه
غيبة قولان، الأحوط نعم. وما يذكره النسابون من القدح في الأنساب لحماية
النسب الشريف.
وصلة الرحم من الواجبات الثابتة نصا وإجماعا، وهو المعروف بنسب وإن
بعد على الأقوى، والأقرب آكد. والقول بالاقتصار على المحارم ضعيف، والمرجع
فيها إلى العرف، فيختلف باختلاف العادات.
وتحصل ولو برد السلام، وقد تجب بالمال، وتستحب به مطلقا مع القدرة،
والقدر المخرج عن اسم القطيعة واجب، لأنها معصية. وهل هي من الكبائر؟
قيل نعم، والزائد مستحب.
ويتفرد الأبوان بتحريم السفر المباح بدون إذنهما، وهل المندوب كذلك؟
الأقوى نعم، لا الواجب إجماعا. وهل تجب طاعتهما في عدم ترك الشبهة أو في
فعلها؟ قولان. ولا طاعة لهما في فعل محرم، أو ترك واجب قطعا للحديث.
أما تقديم طاعتهما على الصلاة في الوقت الموسع فالأقرب وجوبه، وهل صلاة
الجماعة كذلك؟ قولان، الأقرب لا، إلا في بعض الأحيان. وكذا قطع الصلاة
المندوبة لو دعاه أحدهما بعد الشروع فيها. والأقوى وجوب القطع.
ولهما المنع من الجهاد إلا مع تعينه، وكذا كل واجب على الكفاية. وكف
الأذى عنهما واجب وإن قل، ومنع الغير من إيصاله ما أمكن.
وهل يتوقف الصوم ندبا على إذن الأب؟ الظاهر ذلك، والأقرب صحته إلا مع
النهي. وهل الأم كذلك؟ إشكال.
أما انعقاد اليمين والعهد فيتوقف على إذنه قطعا، إلا أن يتعلق بفعل واجب أو
101

ترك محرم. وفي النذر إشكال (وهل تشارك الأم الأب في ذلك؟ إشكال) (1).
ولا يتوقف وجوب برهما على أمر إسلامهما.
وهل لهما المنع من سفر طلب العلم؟ الأقرب لا، إلا مع التمكن منه في بلده،
ويستحب استئذانهما، ولو وجب وتعذر بدونه فلا منع. وكذا طلب درجة الفتوى
مع ترشحه وعدم قيام غيره. ولو خرج مع جماعة فهل لهما منعه؟ إشكال.
وهل سفر التجارة كذلك؟ الأقرب نعم، إلا مع خوف ظاهر أو حصولها في
وطنه. وهل يصح لزيادة الربح، أو لزيادة الفراغ، أو حذق الأستاذ؟ الظاهر
نعم.
وأحكام النسب كثيرة كالولاية، والحضانة، والإرث، والولاء، واستحباب
الوصية، ووجوب النفقة، وسراية العتق، وعدم قبول الشهادة، ومنع الزكاة من
جهة الفقر، وتحريم المعقود عليها والموطوءة مطلقا على رأي. وهل يسري التدبير
والرهن إلى الولد مع تجدده؟ قولان، والسراية أقرب. وفي سراية ضمان الغاصب
وأمانة المستودع، وكتابة الأب، والواقف وجهان.
وتسري الحرية إجماعا، وهل شرط المولى رقية الولد يمنع سرايتها؟ إشكال،
وعلم الواطئ بالرقبة والتحريم يوجب سرايتها. ولو نذر عتق أمة مطلقا على شرط
فتجدد ولد بينهما ففي سراية العتق إليه إشكال.
ويسري ملك المشتري إليه لو تجدد في زمان خيار البائع على الأقوى،
ولا تسري الوصية إلى ولد الموصي بها على الأصح، واعتبر في إسهام الفرس.
وهل الحل والحرمة، والأضحية والهدي، والعقيقة، والزكاة كذلك؟ قولان.
وكذا المتولد بين الأنسي والوحشي في الصيد، وبين ما يحل ويحرم، والظاهر
مراعاة الاسم.

(1) لم ترد في نسخة ض.
102

وفي النسب المعتبر الأب خاصة على المشهور، فلحقه فروعه، ومهر المثل
والولاء وحجب الأخوة. وفي ضرب الجزية إشكال، وفي اعتبار الجنين المملوك
بأمه أو بأبيه وجهان، أقربهما الثاني. وأما الاسلام فيعتبر بأحدهما.
وهل التحريم والنجاسة كذلك؟ إشكال. ومراعاة الاسم أجود. وكذا الإشكال
في ضرب الجزية والمناكحة، وأما حقن الدم فبإسلام أحدهما، والرد إلى النساء
المعتبر فيه أي الجهتين.
والأب والجد يستويان في النفقة لهما وعليهما، والولاية مالا ونكاحا، والعتق
بالملك، وبيع مال الطفل على نفسه، وشرائه من نفسه. وفي الجد في سقوط
القود إشكال، وفي تبعيته بتجدد إسلام أيهما. وبالسبي والاستئذان في السفر، وفي
الميراث الأب أقوى.
وهل الأب في تحريم التفرقة كالأم؟ إشكال، وطرده في الأجداد والأخوة أقوى
إشكالا.
(29)
قطب
إذا تزاحمت الحقوق فحق المؤقتة مقدم عند ضيق وقتها على الكل، وعلى
غير الراتبة من المندوبة وإن اتسع الوقت، والوتر وركعتي الفجر تقدمان على
الليلة مع الضيق. وهل تترتب الصدقة الواجبة على المندوبة؟ الظاهر لا، لعدم
التزاحم.
وواجب الغسل يقوم على مندوبه قطعا، وأما الميت والمجنب والمحدث مع
المباح أو المبذل للأهم وتعذر الجمع، ففي تقديم أيهم خلاف. وغسل الجمعة
مقدم على غيره منها على الأقرب.
103

ولو تعارضت الصلاة جماعة والصلاة في المسجد ففي ترجيح أيهما احتمالان.
ولو تساوت الحقوق تخير كصوم فائت رمضان ومن عليه نذر.
وأما الصلاة في النجس وعاريا، وتخصيص القبل بالساتر، وتقديم المتيمم
الصلاة أو تأخيرها، وتقديم الفائتة على الحاضرة، وتقديم أهل الأعذار في أول
الوقت ففي ترجيح أيهما خلاف.
وهل الترجيح راجع للاستحقاق أو للاستحباب؟ وجهان، والترجيح للجماعة
راجح على الأقرب، إلا أن يفوت وقت الفضيلة. وهل يرجح الصف الأول أو
أدراك الركعة؟ إشكال، وكذا الحرير والنجس لو وجدهما المضطر.
أما لو تعارض العصر وإدراك عرفة فالأشبه الجمع فيصلي ماشيا.
وحقوق العباد إذا تساوت فلا ترجيح فيها، كالتسوية بين الخصوم، والقسمة
للزوجات، والنفقة على الأقارب مع تساوي الدرج، والأخوين في توكيل الأخت
لعقد النكاح، والشركاء في القسمة مع انتفاء الضرر لهم، والمتابعين في التخلية
وقبض الثمن، والشركاء في الشفعة ابتداء أو استدامة، والغرماء في التركة، ومال
المفلس.
وقد يقع فيها ترجيح كترجيح النفقة على نفسه، ثم الزوجة، ثم الأقرب.
ونفقة المفلس على الغرماء أيام الحجر ويوم القسمة، وصاحب العين بها، ومالك
الطعام في المجاعة.
وهل يقدم الرجل على المرأة في الصلاة لضيق المكان؟ قولان. أما تقديم السابق
في الجناية في القصاص إشكال، إلا في الطرف.
وتقديم الفاسخ على المجيز في خيار البيع والنكاح، والشفيع على المشتري
في المفلس، والإرث بالأقربية وقوة السبب واجتماع السببين، وكذلك الحضانة،
والبر على الفاسق في العتق، والأكثر قيمة على الأدون، والأتقى على التقي،
104

والرحم على غيره، ومن هو في شدة.
وفي الدفاع لقدم النفس ثم العضو ثم المال إذا تعذر الجمع، وعن الانسان
على الحيوان. ومع تعارض حق الله والآدمي لا تقدم رفاهية البدن على شئ من
العبادات، وزناء الإكراه لا يندفع حده بإسقاط المكرهة ولا عصيانها.
وفي الأعذار المسوغة للرخص قدم فيها حق الآدمي، وقتل القصاص على قتل
الردة. أما سراية العتق، والدين، ووجود الميتة، وطعام الغير للمضطر، والصيد
والميتة للمحرم في تقديم أيهما إشكال.
والمحرم المستودع للصيد ففي إبقائه لحق الآدمي، أو إرساله لحق الله، أو
إرساله والضمان للجميع احتمالات، أحوطها الثالث. ولو أصدقها صيدا وطلق
في الإحرام ففي تملكه لنصفه إشكال. أما من عليه دين أو زكاة أو خمس أو كفارة،
أو الجميع معه فالأقرب التوزيع، وعلى القول بتعلق الزكاة بالعين يقوى تقديمها،
وكذا الخمس بها.
ويتخير الحاكم في أهل الذمة بين ردهم إلى ملتهم والحكم بينهم بشرع
الاسلام، سواء كان في حق الله أو حقوق العباد على الأصح.
وحق الله: جميع أوامره الدالة على طاعته، وقيل: هو نفس طاعته. ويتفرع
أن حق العباد حق الله، لتعلق الأمر بها، فبينهما حينئذ عموم مطلق.
وكل ما للعبد إسقاطه فحقه، وما ليس له فحق الله، فلا ينتفي تحريم المنهيات
بالتراضي كالزنا والضرر. ومتى اجتمع ذو الضرر وضاق الأمر قدم الأهم كالواجبات.
ومع التساوي فيه الأقرب فالأقرب، ومع عدمه فمخشي التلف، وإن تساووا قدم
الأفضل على أرجح الوجهين.
وأما الأصل لا يعارضه غيره، ثم الأمثل فالأمثل، وهل القسمة على الرؤوس
أو على على سد الخلة؟ احتمالان، أقربهما الثاني.
105

والزجر لتكميل المصلحة والردع عن المفسدة، وهو إما للفاعل أو لغيره،
كالحدود والتعزيرات والقصاص والديات. وإذا تعلق بها حق الغير وجب إعلامه
كالقذف والقتل.
وهل يجب الإعلام في الغيبة لغير العالم بها، أو الاكتفاء بالاستغفار، أو
وجوب الاستغفار له؟ أقوال. وما لا تعلق للآدمي به كالزنا بغير الأمة على قول والمكرهة
لا يجب الإعلام به، بل سترها والتوبة منها أولى.
وعلى السارق والغاصب رد المال بدون إعلام سببه.
وقتل المرتد والمحارب، ومقاتلة أهل البغي والكفر، وما نعي الزكاة، والممتنع
من إقامة شعائر الاسلام الظاهرة للزجر عن الإصرار على القبيح.
وزجر الدفع: ضرب الناشز، ورمي المطلع على حريم غيره وبيته وإن
كان من الباب. وهل فتحه مبيح له؟ الأقوى لا، إلا الخطبة. وتأديب المجنون
والصبي، وتحريم المطلقة ثلاثا والملاعنة. وهل الكفارات الواجبة من الزواجر؟
الظاهر ذلك، ووجوبها مختص بفاعلها.
أما الحدود فوجوبها على الحاكم، وأما القصاص فمستحقه بالخيار بين
فعله وتركه، ونسبة الوجوب إلى فاعل أسبابها مجاز، والجبر وجب لما وجب له
الزجر، إلا أنه يتعلق بالعامد والناسي والمخطئ دونه، فجبر العبادة بالعبادة
وبالمال والتخيير بينهما. وهل هدي التمتع وبدله من الجبر أو هو نسك؟ قولان
وقد يترتبان ويجتمعان، وقد يجتمع الجبر والزجر في الواحد.
(30)
قطب
لا يجوز أن يبنى على فعل الغير في العبادة إلا في ما يقبل النيابة. وهل يبني
106

النائب على ما فعله المنوب في الطواف والسعي؟ احتمالان. ويبني الإمام الثاني
على قراءة الأول على إشكال، أما في الخطبة والأذان فاحتمال البناء فيهما أقوى.
ولا بناء في العقود، فموت البائع قبل قبول المشتري مبطل للبيع، إلا في
الخيار الموروث، فإنه يشبه البناء.
ولا يحمل الانسان عن غيره عملا بالأصل، إلا في الميت فيحمل القضاء عنه
في الصلاة والصوم والحج أما أصليا كالابن الأكبر عن أبيه في الأولين. وهل
الأم كذلك؟ إشكال. أو بالاستئجار، أو التبرع في الثلاثة، ففعل الحي يبرئ
الميت ويقع أجره لهما. ويشترط في المستأجر العلم، والعدالة في الأولين قطعا،
وهل الثالث كذلك؟ قولان، أقربهما الاشتراط.
وهل الإجارة ناقلة للواجب عن ذمة المستأجر، أو هي نيابة عن الميت؟ إشكال
ولعل الأقرب الثاني، ويتفرع على ذلك فروع.
وأما الجماعة تحمل القراءة عن المأموم، وفي تحمله لسجود السهو احتمالان.
والغارم يحمل لإصلاح ذات البين، والفطرة يحملها المنفق عن المعال والضيف
إن قلنا بملاقاة الوجوب لهم أو لا.
ويشكل في العبد والقريب والزوجة المعسرين، وعلى التحمل هل هو
كالضمان؟ إشكال، وله فروع. وهل وجوب الكفارة على المكره لزوجته في
الصوم والإحرام من باب التحمل؟ احتمالان. وفي الأجنبية والغلام إشكال، وعلى
التحمل على إطلاقه حقيقة أو مجازا، وجهان.
والبدل والمبدل قد يتعين للابتداء، وقد ينعكس، وقد يجتمع بينهما، وقد
تتخير فيهما، وله أمثلة.
ولو اجتمع خاص وعام ففي تقديم أيهما احتمالان، كالصيد والميتة بالنسبة
إلى المحرم المضطر إلى أحدهما. والحرام والنجس للمصلي، وفي المسألتين
107

إشكال. والسمكة الواقعة في حجر راكب السفينة أولويته بها دون صاحب السفينة
من هذا الباب.
وضابط النذر أن يكون طاعة لله، إما بفعل مندوب أو ترك مكروه مقدور
للناذر. وهل ينعقد نذر المباح؟ إشكال. ولو نذر الصدقة بمال معين ففي لزومه
إشكال. وهل يتعين المكان بنذر الصلاة فيه؟ إشكال فيهما. وعلى الانعقاد هل
يصح في الأعلى مزية؟ إشكال. ولو قلنا بانعقاد المعين ففي جواز العدول إلى
الأفضل إشكال.
ولو تعلق بواجب أو ترك محرم ففي الانعقاد إشكال، وهل يباح به ما لولاه
لم يبح، كالإحرام قبل الميقات، وصوم الواجب سفرا؟ قولان، أقربهما
العدم.
أما اليمين فمتعلقها جاز أن يكون طاعة ومباحا، سواء تساوى طرفاه أو ترجح
أحدهما. ولو تعلقت بفعل المعصية أو المكروه، أو بترك الواجب أو المستحب
فلا انعقاد قطعا.
وشرطها قدرة الحالف على متعلقها، ولو تعلقت بترك مباح فعله أرجح، أو
بالعكس ففي الانعقاد إشكال، والأقرب العدم.
وينعقد على فعل الواجب وترك الحرام، وفروض الكفايات قطعا وهي الحلف
بالله وأسمائه، لتحقيق ما يمكن فيه المخالفة، أو لانتفاء ما توجهت الدعوى به
أو إثباته. وخصها الشرع بذلك، لأنها تقتضي تعظيم المقسم به، وهو مختص
به تعالى لاستحقاقه التعظيم المطلق.
وهل يحرم الحلف بغيره تعالى وأسمائه؟ خلاف. والظاهر الكراهية، للأصل
أو بالأصنام، فالتحريم فيها ثابت إجماعا. وقد تطلق على تعليق الجزاء على الشرط
على وجه البعث عليه أو المنع منه، لترتبه عليه، وهي إيمان العتاق والطلاق والظهار.
108

ولا أصل لها شرعا ولا لغة، بل مجرد اصطلاح. وقد تقع لاغية، وهي كل ما لا
قصد فيها.
وما تعلق بالماضي والحال نفيا أو إثباتا في يمين الغموس، وما تعلق بالمستقبل
في يمين الحنث وصادف الأول لا إثم فيها ولا كفارة قطعا. وكاذبها كبيرة على الأقرب
وفي وجوب الكفارة بها قولان، والأقرب العدم.
ولا يجوز إلا بالله وأسمائه الخاصة، وهي: الله، الرحمن، الرحيم، الخالق،
القدوس، الباقي، الأبدي، الملك، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار،
القهار، المتسلط، المتكبر، الباري، المصور، الغفار، الوهاب، الرزاق،
الحافظ، الرافع، السميع، البصير، الحليم، العظيم، العلي، الحفيظ، الجليل،
الرقيب، المجيب، العليم، الباعث، الحميد، المبدئ، المعيد، المحيي،
المميت، القيوم، الماجد، التواب، المنتقم، الرؤوف، الوالي، المالك،
الفتاح، القابض، الباسط، المعز، المذل، الحكم، العدل، اللطيف، البر،
الخبير، الغفور، الشكور، المقيت، المقتدر، الحسيب، الكافي، الواسع،
الودود، الشهيد، الوكيل، القوي، المتين، الولي، المحصي، الواجد، الواحد،
الأحد، الفرد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر،
الباطن، المقسط، العادل، الجامع، المانع، النور، الوارث، الرشيد، الصبور،
الهادي، الرب، المحيط، الفاطر، المبتدع، العلام، الكافي، المتفضل، ذو الجلال
والإكرام.
ولو قال: واسم الله ففي الانعقاد وجهان، والأقرب العدم.
ومتى خولف مقتضى اليمين، بالجهل أو نسيان أو إكراه انحلت على الأقرب،
ولا حنث قطعا. ولو نذر معتق أمة أن وطأها فباعها وعادت بملك مستأنف ففي انحلال
النذر وجهان، والانحلال أقرب للرواية.
109

أما في الإيلاء فقد صرح الأصحاب بأن وقوع الوطء من المولى سهوا، أو
للجنون، أو الشبهة يبطل حكمه. ولو كانت أمة فاشتراها، أو كان عبدا فاشترته فأقوى
في بطلانه.
(31)
قطب
الملك: حكم شرعي مقدر في عين أو منفعة، يؤثر تمكن المضاف إليه من
الانتفاع به، وأخذ العوض منه من حيث هو كذلك. وملك الملك ليس ملكا حقيقيا
على الأصح، وهل الضيافة، والوقف، ومالك الانتفاع دون المنفعة كذلك؟ الظاهر
نعم.
ويلحقه خطاب الوضع باعتبار، وقد يكون للعين وللمنفعة وللانتفاع وللملك.
وهل الوقف العام من الثالث؟ الظاهر نعم. وكذا بضع الزوجة قطعا، والضيف
فلا يتصرف بغير الأكل.
والأوقاف الخاصة من الثاني قطعا، وفي كون الأقطاع من الثاني أو الثالث
قولان. أما الرقبى والعمرى والسكنى فمن الثالث قطعا، وملك الملك يزول
بالإعراض، ويتوقف على النية ومعها يكون من الأول.
والتحجير يفيد أولوية التصرف، والمستلزم للملك فكأنه من ملك الملك.
والأسباب المفهومة عقلا قد تقوم مقام التولية المنصوبة شرعا، كتقديم الطعام على
الضيافة والولائم المعتادة، فلا يحتاج فيها إلى لفظ الإذن في الأكل على الأصح.
وهل نثار العرس كذلك؟ إشكال. أما تسليم الهدية، وصدقة التطوع، وكسوة
القريب والصاحب، وجوائز الملوك كسوة وغيرها، وعلامة هدي السياق، والوطء،
110

والتقبيل، واللمس بشهوة في الرجعة، ومن صاحب الخيار في مدته فكافية عن
اللفظ قطعا.
وهل بيع المعاطاة كذلك؟ الأقرب لا، إلا أنه يقيد إباحة التصرف ما لم يرجع
أحدهما، ولو رجع أحدهما قبله بطل. وهل يلزم بتصرف أحدهما؟ قولان، ويلزم
بالتصرف فيهما قطعا.
وتسليم عوض الخلع لا يكفي عن لفظ البذل، وتسليم الدية لسقوط القصاص
أما الوطء في الاختيار فكاف فيه قطعا.
وغالب التمليكات محوجة إلى اثنين، وقد يكفي الواحد كالأخذ بالشفعة
والمقاصة، والمضطر في المخمصة، وتملك اللقطة بعد الحول، والتعريف والفسخ
في محله، والوالي في استرقاق الأسارى، وتملك الغنيمة، والسارق من دار الحرب،
والمحيي، وحيازة المباحات، والعفو عن الجناية على مال في قول، وهل المتولي
لطرفي العقد منه؟ احتمالان.
ولا يجوز اجتماع العوض والمعوض لواحد، لكونه أكلا بالباطل، فلا
يجتمع الثمن والمثمن، ولا الأجرة والمنفعة للأجير، ولا البضع والمهر للزوج.
ولأجله نسب الأرش إلى ما بين القيمتين، وأخذ عين ماله للفلس لا يرجع بالجناية
بل بمثلها من الثمن.
وهل تصح الأجرة والجعالة على الجهاد؟ قيل: لا، لئلا يجتمعان، وفيه إشكال.
أما المسابقة فأخذ العوض فيها جائز من الأجنبي، ومنهما، ومن أحدهما،
ومن بيت المال، ولا يلزمها الاجتماع. ولا كذلك الإقامة، للزوم المحذور.
وملك البضع بعقد النكاح دائما أو منقطعا ملك انتفاع، فلا تملك فيه العين
ولا المنفعة.
وملكه بعقد البيع ملك عين ومنفعة، والانتفاع وقع تبعا، وهل التحليل من
111

الأول أو الثاني؟ احتمالان.
وإذا خلت الوكالة من العوض فملك انتفاع، فلا يملك نقلها. ومعه ملك المنفعة
فله النقل إن قرنت بالزمان على الأصح. ولو قرنت بالعين امتنع النقل. وكذا
القراض والمزارعة والمساقاة باعتبار المالك، ويملك الحصة بملك عين.
ولو وقف لسكني قبيلة كالعلوية، ففي كونه منفعة أو انتفاعا احتمالان، والثاني
أقرب، فليس لهم النقل. ولو انتفى القيد ففي كونه من أي الوجهين إشكال.
والعمرى انتفاع قطعا، فلا نقل فيها حتى بسكنى غيره معه. ولا كذلك الوصية
بالمنفعة، بل يملكها الموصى له فله النقل.
والوصية بسكنى الدار انتفاع، والمدارس والربط، إلا أنه يسكن من جرت
العادة بسكناه معه. وله إدخال الضيف والصديق، أما الخزن ووضع المتاع فلا،
إلا ما جرت العادة به أو ما قصر زمانه.
وهل يصح استعمال حصير المسجد أو شئ من آلته في مثله؟ الأقرب المنع
إلا مع عطلته، وفي غير المسجد أقوى في المنع. ويجوز النوم والجلوس عليها
فيه، إلا الغطاء بها وإن كان فيه على الأقرب.
وأخذ الأجرة على القضاء والأذان محرم عندنا، ويجوز لهما الارتزاق من
بيت المال، وفي الفرق إشكال.
واختيار الملك شرط فيه، فلا يدخل قهرا الإرث. وهل الوصية والوقف
عاما أو معينا، والغنيمة والزكاة والخمس كذلك؟ إشكال.
ونصف الصداق أو كله، وتلف المبيع قبل قبضه، والثمن المعين قبله، وعتق
الشريك الشقص، وفسخ المشتري بأحد أسبابه، والبائع، وأرش الجناية خطأ،
وعمدها المضمون بالأرش توجب الملك القهري.
وفي النذر المعين أو المبهم إشكال.
112

والثلج والماء المجتمع في الدار، ونبت الكلأ والشجر في الملك هل تدخل
في الملك؟ إشكال. وملك الملك بمعنى المطالبة به هل يعد ملكا؟ قيل: نعم،
تنزيلا للسبب منزلة المسبب، وقيل: لا، لتوقفه على السبب. ولم يحصل كحيازة
الغنيمة، واستحقاق الشفعة، والحضور على مال مباح كالكنز والمعدن. وهل ظهور
الربح في المضاربة كذلك؟ احتمالان.
(32)
قطب
إنما يقع أثر العقد في الأعيان والمنافع إذا صدر عن مالك له، أو من هو
بحكمه كالوكيل، والوصي، والحاكم وأمينه، والمقاص، وناظر الوقف،
والودعي، والملتقط فيما يسرع فساده، وتعذر الحاكم، وبعض أهل العدالة في
مال الطفل إذا لم يكن ولي ولا حاكم.
وهل واجد بدنة السياق إذا تعذر إيصالها إلى المالك كذلك، فينحرها ويفرقها
عن مالكها؟ احتمالان. فظهر أن الفضولي لا يقع عقده موقوفا على إجازة المالك
بل يقع باطلا على الأقرب.
وتعليق انعقاد العقد على صفة مقطوع بوقوعها، معلوم وقتها أم لا، لا يمنع
وقوعه. وكذا لو كانت غير مقطوع بوقوعها، إذا تساوى المتعاقدان في عدم علم
وجودها، كتعليق البيع على شراء الوكيل، أو وقوع الملك وإن كان بالإرث، أو
علق نكاحها على خروج العدة، أو موت أحد الأربع.
ولو علما الوجود فالأولى بالصحة، ولا تعليق إلا بالصورة، ولا اعتبار بإنكاره
منهما أو من أحدهما مع تحقق العلم.
113

أما لو علقه على المشيئة فكذلك على الأصح. ولا فرق بين تعليق العقد، أو
تعليق بعض أركانه، كتعليق بالثمن بمثل ما باع به مع العلم منهما به. ولو جهلاه
أو أحدهما ففي الصحة إشكال.
ولو زوجه من يشك في حلها، فظهر الحل ففي صحته احتمال. ولا كذلك
الإيقاعات على الأقوى، فلو خالع من يشك في زوجيتها، أو نصب الوالي
من لا يعلم أهليته للقضاء لم يصح وإن ظهرت الزوجية والأهلية.
ولو باع مال مورثه مع ظن الحياة فثبت ارتداده، ففي صحة البيع إشكال.
ولو زوج أمة أبيه فبان ميتا فكذلك، ولعل البطلان أقرب فيهما.
ولو باع الصبرة بمثلها فتساويا قدرا فبالجواز وجه للشيخ (1)، والمنع أجود.
ومتى اقتضى الشرط خلاف مقتضى العقد، وكان من أركانه أبطله قطعا، كشرط
عدم التسليم، أو لا ثمن، أو لا ينتفع. ولو كان من مكملاته ففي صحته خلاف،
والأقوى الصحة، كشرط نفي الخيارين أو خيار العيب. وهل نفي خيار الرؤية،
وخيار الغبن، وخيار التأخير كذلك؟ إشكال.
وكل ما يقتضيه العقد منها فمؤكدا، أما ما لا يقتضيه ويكون لمصلحتها، أو
مصلحة أحدهما كاشتراط رهن وضمين واستشهاد وصنعة وضمان درك وخيارهما،
أو لأحدهما فالطائفة على صحته. وما لا يكون لمصلحتهما إن لم يتعلق به غرض
لأحدهما وكان منافيا ففاسد قطعا، كاشتراط أن لا يبيع، أو لا يطأ، أو لا يقبض.
وليس منه اشتراط العتق، لخروجه بالنص. وهل التدبير والكتابة كذلك؟
إشكال، إن لم يناف كالخياطة والقرض فصحيح قطعا. أما اشتراط عدم التزويج،
والتسري، والطلاق فلا يلزم ولا يبطل بها العقد إجماعا. وهل يبطل المهر؟
إشكال.

(1) المبسوط 2: 153.
114

ولو شرط أن لا يطلق، أو لا يطأ، أو لا يتأت بعدة أو عدد منه بطل العقد،
ولا فرق بين الدائم وغيره على الأقرب. ولو قيل: بلزوم الثلاثة الأخيرة في المنقطع
كان وجها، وشرط الطلاق بعده لا يلزم قطعا. وهل يبطل به العقد؟ احتمالان.
ولا فرق بين الزوج والزوجة في ذلك على الأقرب.
وهل يصح شرط الزيادة على الواجب للزوج، أو النقص عنه عليه لها؟ احتمال
وشرط الزيادة على الواجب من الزوج لاغ، وهل الزوجية كذلك؟ وجهان.
ومتى تقدم بالشرط على العقد أو تأخر عنه لا يظهر له أثر على المشهور، إلا فيما
لو تواطأ عليه ونسياه حال العقد على الأقوى. وهل يلزم الشرط ويصح العقد، أو
يبطل العقد بفوات الشرط؟ احتمالان.
وهل مشاهدة حدود البيع ومرافقه، كالقرية المشاهد مزارعها وبساتينها، ثم
لم تذكر في العقد، تقوم مقام ذكره؟ إشكال.
وكذا بيع التلجية بمنع الظالم، والمواطأة على الفسخ، وعلى صورة عقد
مع نيته فسخه منهما مؤثر في بطلانه على الأقرب. أما التدليس السابق على عقد
النكاح ففي تأثيره في جواز فسخه وجه، وما لا يدخله النقل والانتقال، ولا يبعد أن
فيه لا يؤثر العقد فيه كالحر، وما لا يملك، وأم الولد، والوقف، وإنكاح من يحرم
والأعمال المحرمة، والمجهولات، والآبق، والمغصوب في البيع.
وما اشتمل من العقود على عوضين فهو مشروط بقبضهما، والغالب أنه في
مجلس العقد وواجب في الصرف.
وهل بيع الطعام بمثله مثله؟ الأقوى لا. وفي السلم الثمن خاصة، وبيع
الموصوفين بكل منهما قيل: يكتفى فيه بقبض أحدهما، وقيل: يرجح قبض
الثمن، سواء الربويين وغيرهما. أما التأجيل فشرط في السلم، وهل يصح مع
الحول؟ قولان. ومبطل للربوي قطعا، وهل غير الربوي كذلك؟ إشكال.
115

وباقي العقود لا يلزمها شئ منهما، وهل يصح السلم فيما يمتنع فيه الأجل؟
احتمالان مبنيان.
ولو باع ربوي بجنسه بشرط الأجل، وتقابضا في المجلس ففي الصحة إشكال
والأقرب المنع، وفي الصرف المنع أقوى.
(33)
قطب
اللزوم في العقود أصل معتبر في جميعها، وقد تخالف لأمور عارضة، ففي
البيع يعرض الفسخ والانفساخ بأقسام الخيار، وبفوات شرط أو وصف عين فيه،
وبالشركة قبل القبض، وتلف العين مبيع وثمن، وفي زمان خيار المشتري وإن
قبض، والإقالة والتحالف عند التحالف على قول، وبتفريق الصفقة.
وهل إفلاس المشتري بالثمن موجب لجواز فسخ البائع؟ إشكال، ومماطلته
به أقوى إشكالا.
أما غيره فاللازم من طرفيه: النكاح، والإجارة، والوقف، والصلح،
والمزارعة والمساقاة، والهبة في بعض وجوهها، والضمان، والحوالة. وهل
المسابقة كذلك؟ إشكال.
والجائز فيهما: الوديعة، والعارية، والقراض، والشركة، والوكالة، والوصية
والقرض، والجعالة قبل الشروع، والهبة في بعض وجوهها، وولاية القضاء،
والوقف العام.
وهل يجوز عزل القاضي اقتراحا، قولان.
واللازم في أحدهما: الرهن، وعقد الذمة، والأمان. وهل الهبة للرحم مع
116

القربة والعوض كذلك؟ قولان. أما الكفالة فكذلك على الأقوى.
والجائز في الابتداء قد يؤل إلى اللزوم، كالهبة قبل الإقباض، والوصية قبل
الموت والقبول.
ويدخل خيار الشرط في كل العقود اللازمة، النكاح والوقف. ويختص
خيار المجلس بالبيع، فلا يثبت في الإجارة، لأنها ليست بيعا عند الأصحاب.
وهل يثبت خيار الشرط في الصرف؟ إشكال. وخيار التأخير مختص بالبيع
إجماعا.
والصلح الوارد على الأعيان، والإجارة والمزارعة والمساقاة في لحوق
خيار الغبن وخيار الرؤية لها احتمالان، والظاهر دخول خيار العيب في الجميع
وهل يثبت الأرش في غير البيع؟ قيل: نعم في الصلح والإجارة، وفيه إشكال.
وخيار الشرط قد يصير العقد لازما في وقت جائزا في آخر، كاشتراط رد الثمن
إلى مدة، فإن رده فيها وإلا صار لازما، وهو جواز بين لزومين.
وهل يصح اشتراط الخيار بعد مضي مدة؟ الأقرب نعم، وهو لزوم بين جوازين.
والإيقاعات بأنواعها لا يدخلها الخيار، إلا العتق والوقف على قول فيهما.
والجمع بين عقدين جائز وإن اختلفا حكما كجائز ولازم، وما يشمل على
المسامحة وغيرها كبيع ونكاح، أو جواز خيار وعدمه كبيع وصرف، أو في غرور
وعدمه كبيع وقراض، وفي الجميع إشكال. ولا إشكال في جمع البيع والإجارة،
للاشتراك في اللزوم.
والحكم بالملك قد يقف على شئ يكون إما كاشفا عن حصوله أو عن انتقاله
وبيع الفضولي يحتملهما. أما لو باع مال موروثه، أو زوج أمته مع ظن الحياة
أو الفضولي، أو عاقل العبد فظهر الموت والوكالة والإذن فالكشف أقوى.
ولو سأل الوكيل أو العبد فأنكر الوكالة والإذن، ثم ظهر ثبوتهما قوي
117

الإشكال.
ولو تزوج بمن اعتدت بخبر الموت أو الطلاق، أو أعتق عبد مورثه، أو
أبرأه ولم يعلم اشتغال ذمته، أو من مال أبيه وظهر الموت والطلاق والملك والاشتغال
ففي نفوذها إشكال.
ولا فرق بين أن يجعل الأبوة والإرثية وصفا أو شرطا على إشكال، ولو أوقعه
باسم الأب والموروث أشكل قويا. أما لو قال: بعت الدار ثم ظهر الموت انتفى
الإشكال.
ولو طلق بحضور خنثيين قبل البيان، أو فاسقين في ظنه فظهرا رجلين أو عدلين
ففي الصحة إشكال، ويقوى حينئذ في العالم بالحكم.
ولو طلق العبد زوجته المعتقة، أو اختارت المعتقة بعد طلاقها العقد وقف
الحكم على احتمال. ولعان المرتد كذلك، والمرتدة المخالعة والمكاتب الموصى
به لو بيع قبل العلم بالفساد ووقف الكشف يجري في الطلاق والظهار والايلاء
ولا يكون تعليقا حقيقة، لأنه تعليق كشف لا انعقاد.
ولو خالع الوكيل بدون مهر المثل لم يكن لرضى الزوج أثر في الصحة،
ويحتمل الصحة الموقوفة، إلا أن يقال باختصاص الكشف بالعقود. ويرد عليه
سؤال. ولو أمر بعض ركبان السفينة آخر بإلقاء متاعه بشرط ضمان أهل السفينة
مع الحاجة ففي صحته إشكال، أقربه الصحة، أما مع عدم الحاجة فالإشكال
أقوى.
وفاسد العقود يترتب عليه الضمان على القابض تبعا لما يضمن بالصحيح،
لأن المضمون به مضمون بفاسده، وما لا يضمن صحيحه لا يضمن فاسده.
والفوائد تابعة لأصلها، إلا أن المشتري يرجع مع الفساد بما اغترمه مما لم
يحصل في مقابلته نفع. وهل ما حصل في مقابلته كذلك؟ قولان، الأقرب نعم.
118

ويرجع بما زاد بفعله عينا أو صفة، وما هو عمل من العقود، كالإجارة على الأعمال
والمساقاة والمزارعة والقراض إذا فسدت هل تثبت بها أجرة المثل أو مزارعة
المثل ومساقاة المثل وقراض المثل؟ احتمالان أقربهما الأول.
(34)
قطب
البيع قد يوصف بالوجوب فيهما إذا توقف عليه واجب، كقضاء دين، ونفقة
وحج، وجهاد.
وبالندب إذا حصل بقصد التوسعة، ونفع ذوي الحاجة والأقارب.
وبالتحريم إذا اشتمل على ما يحرم كالربا ومانع الواجب.
وبالكراهية إذا أشغل عن وقت الفضيلة.
وبالإباحة إذا خلا عن أحدها.
ويجب فيه العلم بالعوضين.
ويحرم الاحتكار على الأصح، والنجش.
وتكره الزيادة وقت النداء، والدخول على سوم أخيه. ويلحقه وجوب تسليم
الثمن والثمن على البائع والمشتري، وتحريم المنع منه، وإباحة الانتفاع،
وكراهية الاستحطاط بعد العقد، واستحباب إقالة النادم. فاجتمعت فيه الأحكام
الخمسة من وجوه ثلاثة.
وعلم العوضين قدرا ووصفا شرط في صحته إجماعا، إلا في أس الجدار
اكتفي فيه بعلمه. وفي جواز بيع عبد من عبدين قول الشيخ (1).

(1) المبسوط 2: 164.
119

وكون المبيع متمولا لشرطه بالانتفاع وإن كثر عينه، كالماء على النهر والحجر
في الجبال. وهل يصح بيع الجزء المشاع من المملوك بمساويه منه؟ قولان.
وتظهر فائدته في الموهوب والرجوع في الفلس أو كان صداقا.
وكل ما جاز بيعه جازت هبته، وبالعكس، إلا في الآبق والمغصوب والضال
ولحوم الأضاحي الواجبة وجلودها، والموصوف في السلم والدين على وجه،
والمريض بثمن المثل والمحجور عليه.
والغرر منهي عنه وهو كل مجهول الحصول، أما مجهول الصفة معلوم فهو
الذي يصدق عليه اسم المجهول، فبينهما عموم وخصوص من وجه. والجهل في
الوجود كالآبق مجهول الصفة، وفي الحصول كالطير في الهواء، وبالجنس
كسلعة من مختلفات، وبالنوع كعبد من عبدين، وبالقدر كالمكيال المجهول قدره
وبالتعيين كثوب من ثوبين، وبالبقاء كالثمرة قبل بدو الصلاح على المشهور،
وشرط بدو صلاحها غرر قطعا.
وكذا شرط صيرورة الزرع سنبلا، ومتى كان له مدخل في العوضين أو أحدهما
كان مبطلا إجماعا. وعفي عن أس الجدار، وحبة القطن، واشتراط الحمل، وكل
ما ما لا بد في المبيع.
أما الثمرة قبل بدو الصلاح، والآبق المعلوم وجودا وصفة ففي جواز بيعهما
بغير ضميمة قولان، والمنع أقوى. والنهي المعلوم بالنص عن الغرر، والمجهول
إنما هو المعاوضات المحضة كالبيع بأقسامه.
وهل الصلح كذلك؟ الظاهر نعم إذا ورد على الأعيان.
والإجارة عوضا ومنفعة على الأصح.
وما هو إحسان محض كالصدقة والابراء لا يضره الجهالة قطعا.
وهل النكاح من الأول؟ احتمالان. ولعل مراعاتهما فيه أحوط، ولهذا قيل:
120

لو تزوجها على خادم أو بيت كان لها وسط. وقيل: ببطلان المهر، فيكون كالمفوضة.
وقيل بمهر المثل. أما الخلع فيكفي في المبذول فيه المشاهدة على الأقرب.
ولو وهب المجهول من جميع جهاته كشئ، ودابة، ودرهم من غير تعيين
بطل على الأقوى. ولو تعلق الجهل بكيله أو وزنه أو مقداره لم يضر قطعا وإن
كانت معوضة على الأقرب.
وتجهيل الاستثناء تجهيل المقتضي للعقد، فيوجب بطلانه في البيع وغيره
حتى في الإيقاع، كما لو أعتق عبيده إلا واحدا، أو تصدق بالثياب إلا ثوبا مع
تفاوتها.
ولو تساوت في أنفسها كهذه الدراهم إلا درهما منها ففي البطلان إشكال، أما
لو قال: بعتك الصبرة إلا صاعا منها فالأقوى التفصيل. ولو كان المبيع صاعا منها:
فإن نزل على الإشاعة بطل على الأقرب، وإلا ففي الصحة احتمالان. ولو علمت
وزنا أو كيلا، فاستثنى عددا معينا فلا خلاف في الصحة، وفي تنزيله على الإشاعة
أو الجزء المشاع قولان.
وخيار المجلس ثابت في كل بيع، وهل يثبت في بيع الولي على المولى، وفي
ما يسرع فساده، وفي من ينعتق على المشتري؟ إشكال. ويحتمل تفرع الأخير على
وقت الملك، فلو قلنا به فهل يرتفع خيار البائع؟ نظر. ولو قيل بجواز شراء
العبد نفسه من مولاه فهلا يثبت له الخيار؟ احتمال قوي.
ولو اشترى المقر بحريته ففي ثبوت الخيار لهما أو للبائع خاصة إشكال.
وخيار العيب، والشرط، والحيوان، والتأخير، والمولى والزوجين إذا طلق
قبل الدخول مع زيادة الصداق أو نقصه، وولي الدم، والمستأجر إذا غابت العين
والمرأة باعتبار الزوج بالنفقة على قول، وعدم وجود المسلم فيه عند الأجل على
احتمال ليس على الفور.
121

وخيار الغبن، والتدليس في البيع والنكاح، وعيوب الرجل والمرأة إلا
العنة على وجه، والأخذ بالشفعة على الأقوى، والردية، وتفريق الصفقة وتجدد
الشركة فوري.
وخيار البائع في أخذ عين ماله بإفلاس المشتري: والتلقي هل هما من الثاني
أو الأول؟ إشكال.
ولو تزلزل العقد هل تلحقه أحكامه، فيكون مدته كابتداء العقد؟ خلاف يتفرع
على وقت الانتقال. والفائدة في زيادة الثمن أو نقصه في مدته بالنسبة إلى الشفيع
له وعليه.
واقتران شرط بالعقد وحذفه، وعدم تعيين أجل السلم ثم عيناه فيه، وحصول
من يزيد في بيع الوكيل.
أما لو أسلم إليه ما في ذمته ففي البطلان وجه قوي إن ذكر الأجل، فإن لم
يذكره متفرقا قبل قبض المسلم فيه بطل قطعا، وإن قبضه قبله ففيه الوجهان.
وبيع الموصوف بصفات السلم هل شرطه قبض الثمن، أو قبض العين، أو
يقع باطلا؟ احتمالات.
وبيع الربوي بمثله موصوفين من غير أجل في صحته وبطلانه ومراعاته
احتمالات.
واشتراط قبض الثمن في المجلس في السلم تفصيا من الكالي بالكالي، وشرط
قبوله للنقل ليثبت في الذمة، فإن ما يثبت فيها يبطل السلم فيه كالأرضين والعقارات
وكل ما يدخله الكيل والوزن هل يحرم بيعه قبل قبضه؟ قيل: نعم، وقيل: لا
وخص بعض التحريم بالطعام، وهل كل مبيع كذلك؟ لم أسمع به قائلا منا،
فالقول بعمومه.
واستثناء الأمانات، والإرث، وسهم الغنيمة، والصيد في الحبالة، وما هو
122

مضمون على الغير بقبضه ساقط عندنا. وهل المضمون بالمعاوضة كالبيع، والصلح،
والإجارة، وثمن المبيع، وعوض الهبة كذلك؟ الأقوى المنع، إلا أن يبيعه على
البائع ففيه احتمال. والمعتمد أنه مختص بالبيع، فغيره لا منع فيه على الأصح.
وهل ما ملك بالإقالة، والإصداق، والشفعة، والقسمة كذلك؟ الأقوى نعم.
أما لو باع المعين بمثله انسحب الإشكال فيه، فهل الثمن هو النقد إن وجد، أو
ما اتصلت الباء به مطلقا أو النقد مطلقا؟ احتمالات.
أما لو تصرف المشتري قبله ففي غير المكيل والموزون لا منع قطعا، وفيه
إن كان بالبيع على الأقرب، قيل: إلا أن يوليه وبغيره جائز على الأقوى.
والفرق بين مطلق البيع والبيع المطلق أن: الثاني المشترك، فيصدق مع
كل فرد، وأضيق لتميزه عن غيره من المطلقات، فيصح أن يقال: مطلق البيع حلال،
ولا يقال: البيع المطلق حلال.
وارتفاع الواقع ممتنع قطعا، ففسخ العقد عند التخالف هل يوجبه من الأصل،
أو من الوقوع؟ ويتفرع النماء، وعليه سؤال، ويلزم أن بطلان العبادة
بتأثير نية الإبطال رفعا للواقع. ويتوجه الإشكال والعذر بإعطاء المتجدد حكم
المعدوم، أو بتقدير الموجود كالمعدوم رافع بجميع الأفعال، لأنه يصيرها في
تقدير غير الواقع ويمكن رفعه.
(35)
قطب
القرض عقد مستقل شرعي مجمع على صحته، وخالف الأصل في عدم
اشتراط النقد بالقبض في المجلس، وكون المجهول عوضا عن المعلوم على القول
123

بضمان المثل في القيمي، وبيع ما ليس عنده في المثلي. واغتفرت لمصلحة اصطناع
المعروف، فمتى جر نفعا حرم، لارتفاع علته.
والحال من الدين لا يتأجل إلا باشتراطه في لازم، أو وصية، أو ضمان الحال
بالمؤجل، أو رهنه، أو نذره.
والأجل المقدر شرعا: البلوغ، والحل، والرضاع، والحيض، والعدة،
والاستبراء، والهدنة، والحول في الزكاة، واللقطة، وخمس المكاسب، ومقام
المسافر، وأكثر النفاس، وأقل الطهر، واستبراء الجلال، ووطء الحلال، ووطء
الزوجة، والايلاء، والظهار، والعنة، وانتظار السنن، والعقل، وتوبة المرتد، وثمن
الشفيع، وتغريب الزاني، والدية عمدا وشبهة، وقضاء رمضان، وأشهر الحج،
والكفارات، والصوم، والحضانة، والمفقود.
وما يصح تأجيله ولا يجب فيه ثمن: البيع، والرهن، والضمان، والصداق،
والسكنى، والحبس.
وما يجب فيه: المتعة، والكتاب، والسلم على خلاف، والإجارة المتعلقة
بالضمان، والمزارعة والمساقاة وعلمه فيها شرط.
وما لا يلزم فيه: الوكالة، والشركة، والمضاربة. فذكره مجهولا لا أثر له
ومعلومه يؤثر مع التصرف بعده.
أما الجزية والعارية والوديعة فلا يجب فيها، وتصح معلوما ومجهولا.
والتوقيت بالألفاظ المشتركة بدون القرينة هل يحمل على الحالية أو يبطل؟
خلاف.
وكل ما صح بيعه مع رهنه، وتنعكس كنفسها، وقد يخرجان عن الكلية في
مواضع.
وكل رهين غير مضمون، ويخرج عن الكلية في مسائل، وكل ما جاز الرهن
124

عليه جاز ضمانه، وبالعكس.
وهل يصح الرهن على ضمان الدرك؟ إشكال.
والحجر على الصغير والمجنون لنقصهما، وعلى المفلس لحق الغرماء،
وعلى العبد لحق السيد والسفيه فتردد بينهما، ويتفرع عليه فروع.
وهل يفتقر الحجر عليه إلى الحاكم؟ قولان. وهل زواله كذلك؟ الأقرب لا.
والحجر لا يرفع الأسباب الفعلية بل القولية، فوطئ السفيه لأمته مباح موجب
لصيرورتها أم ولد ولو حملت وعلم أن الفعلية أقوى على الأقوى.
وهل على الولي مراعاة المصلحة، أم يكفيه عدم المفسدة؟ احتمالان. وعلى
الأول هل يكفي مطلق المصلحة، أو يراعي الأصلح؟ إشكال.
والذمة: معنى قائم بالمكلف مقدور له، قابل للإلزام والالتزام. فالصبي
لا ذمة له، والسفيه له ذمة الالتزام خاصة. ويشكل في الصبي بلزوم مهر نكاحه،
وبضمانه ما يتلفه قبل التعلق بالمال فلا ذمة. ويشكل في الاتلاف مع انتفاء المال
ويمكن التقدير فيه وأهلية الملك غيرها، لأنها قبول قدرة الشرع في محل وأهلية
التصرف.
وهل تشترط بالبلوغ؟ الأقرب نعم. وهل هي مشروطة بالملك أو تقديره؟
إشكال. وهو شرط اللزوم قطعا، وليست مشروطة بالذمة.
وهل هما من خطاب الوضع؟ الظاهر ذلك، فإنه إعطاء المعدوم حكم
الموجود، ويحتمل أن يكونا من خطاب التكليف. وهل مورد الإجارة العين أو
المنفعة؟ إشكال، وعليه تتفرع إجارة المرهون على المرتهن، وارتهان المستأجر
العين.
وهل تصح إجارة الحلي؟ يتفرع على ما تقدم.
ولو استأجر عينا فورثها ففي بطلان الإجارة إشكال، وتظهر الفائدة مع
125

الشركة في الإرث. والموانع الطارئة في مدة الإجارة هل هي كالمقارنة في
الإبطال؟ احتمالان. فلو آجر الموقوف مدة ومات المؤجر قبل استيفائها، ففي
بطلان الإجارة وجهان، والبطلان أقرب.
ولو استأجر دار الحربي ثم غنمت لم تبطل على الأقرب.
وولي الطفل والمجنون والسفيه لو آجر مدة وزال المانع في الأثناء ففي
البطلان وجهان، أما لو آجر أم الولد والمدبر ثم مات لم تبطل الإجارة قطعا.
وكل ما جازت الإجارة عليه مع العلم جازت الجعالة عليه مع الجهل، ومع
العلم على الأقوى.
(36)
قطب
الأمانة نسبة حكمية إلى يد غير المالك مقتضاها عدم الضمان، ويكون من
المالك كالوديعة والعارية من الشارع. وهي الأمانة الشرعية، ومطلق الأمانة شامل
لهما. وتختص الثانية بوجوب إعلام مالكها فوريا، فلو أهمل متمكنا ضمن.
وهل يضمن مطلقا؟ الظاهر لا، ولها صور.
وتلاعب الصبيان بالبيض والجوز وأمثالهما من أنواع القمار مضمون على
القابض، علم الولي أو لا. نعم لو علم وجب عليه الرد إلى ولي الآخر، فلو أهمل
فتلف ضمن في ماله. ولا تأثير لعلم غيره، فلو قبضه لحق بالأمانة إن اقترن بنية
الرد.
ولو كان أحدهما ضمن ما أخذ من الصبي قطعا، وهل يضمن الصبي ما
أخذ منه؟ إشكال. ولو زاد ما في يد المقاص عن حقه ففي ضمانه له إشكال.
126

وكل ما يحتاج إلى إيجاب وقبول فعقد، وما لا يحتاج إلى القبول فإيقاع
أو إذن. وهل الوديعة عقد؟ إشكال، تظهر فائدته في العزل، وفي اشتمالها على
شرط فاسد.
وهل يضمن الصبي بالإيداع لو أتلف؟ إشكال. وفي تعديه وتفريطه الإشكال
أقوى. وكل عارية فهي أمانة إلا مواضع. وهل الاستعارة للرهن منها؟ قولان.
وكل فعل تعلق غرض الشارع بإيقاعه لا من مباشر معين يصح التوكيل فيه،
كالعقود، والفسوخ، والعارية، والقبض والإقباض، وأخذ الشفعة، والابراء،
والايداع، وحفظ الأموال، وقسمة الصدقة، واستيفاء الحقوق وإثباتها مطلقا.
والطلاق للغائب والحاضر إشكال، والخلع مطلقا إن قلنا إنه فسخ، وإلا
توجه الإشكال في الحاضر.
والعتق، والتدبير، والمكاتبة، وإثبات الدعاوي، وما تعلق غرض الشارع
بإيقاعه من المباشر فلا يصح التوكيل فيه كالقسم والقضاء والصلاة والصيام والحج.
وما هو عائد إلى الإرادة والشهوة من الأفعال في صحة التوكيل فيه احتمالان،
كالاختيار واختيار الرؤية. وهل يصح التوكيل في الإقرار؟ الأقرب لا.
وكل من صح منه المباشرة صح التوكيل منه، ومن لا فلا، إلا العبادات
والايلاء، واللعان، والقسامة، والشهادة تحملا وأداء، والظهار مطلقا.
وهل يصح التوكيل في الجهاد وصب الماء في الطهارة؟ قولان. أما
التوكيل من أهل السهمان في الزكاة في القبض عنهم ففيه إشكال، وفي الاحتياز
والالتقاط وجهان مبنيان على اشتراط النية.
وللعبد والسفيه مباشرة عقد النكاح مع الإذن، ولا يوكلان فيه قطعا، وهل
الوصي كذلك؟ قولان.
ولو وكل أحد المتعاقدين الآخر في القبض يصح إن قبض في حضرة الموكل
127

وإلا فلا.
وما يصح التوكيل فيه دون مباشرته له صور عند مخالفينا باطلة عندنا، إلا في
توكيل المحل محرما في أن يوكل محلا في تزويج. أو يوكل المسلم ذميا أن
يوكل مسلما في شراء مصحف أو مسلم، أو يوكله المسلم أن يوكل مسلما على
مثله فإنها جائزة عندنا. ومسلوب مباشرة فعل لنفسه جاز أن يكون وكيلا لغيره
فيه كالسفيه والمرتد والعبد.
وفي قبول النكاح لغيره، وذو الأربع في تزويج الخامسة لغيره، وغير فائت
العنت في العقد على الأمة لغيره إن قلنا بمنعه.
وما جازت الوكالة فيه إذا تبرع متبرع بفعله وقع موقعه كقضاء الدين، ورد
المغصوب والوديعة، والنفقة، والعبادة عن الميت، فلو كان عبدا ففي وقوعه عن
الإجازة أو البطلان قولان.
وقد تقف بعض الأفعال على الإجازة، والإيقاع يبطل قطعا.
وما لا يصح التوكيل فيه كالأيمان والقسم والوصية وكل إيجاب يقع بقبوله
بعد موت الموجب إلا الوصية، ومن له قبول إذا مات قبله بطل عقده، وهل
الوصية كذلك أو يقدم الوارث مقامه؟ قولان.
وكل وصية بما فيه نفع الغير موقوفة على قبوله، إلا عتق العبد، وإبراء
الغريم، وقضاء الدين، وفداء الأسير.
ولو أوصى لدابة بعلفها ففي الجواز وجهان.
والأموال ومنافعها تضمن بالفوات والتفويت، ومنفعة البعض بالتفويت خاصة
ومنافع الحر هل يضمن بالثاني؟ الأقرب نعم، وفي ضمانها بالأول إشكال.
وفي المستأجر يضعف الإشكال، وأضعف منه إذا كان خاصا.
ويستقر الضمان بالتلف، وتعتبر القيمة في القيمي، والمثل في المثلي، واعتبار
128

القيمة في الأول يوم تلفه في غير الغاصب على الأقرب، أما الغاصب فقيل بالأرفع
من حين القبض إلى حين التلف، وقيل: إلى وقت المطالبة، ولو قيل: إلى حين
الدفع كان وجها.
أما ضمان ولد الأمة على أبيه الحر بقيمته يوم ولد فعلى خلاف الأصل، وفيه
إشكال.
وما يجب ضمانه عند تلفه تلفه ثابت بالقوة، وبعده يحصل بالفعل، وضمان
العين الباقية لتعذر ردها للحيلولة بفوات اليد مع بقاء الملك على إشكال، وتظهر
الفائدة لو زال المانع. والإذن بالتصرف لا ينافي وجوب الضمان وإن كان تاما،
إلا مع فهم الإضراب عن المعاوضة، فيضمن أكل مال غيره في المخمصة على
الأقوى.
وهل المأخوذ للمقاصة في غير الجنس لو تلف قبلها كذلك؟ إشكال، والأقرب
الضمان. أما الوديعة لو نقلها المستودع لمصلحة المالك، والعارية لو انتفع بها
المستعير لمصلحة فاتفق التلف ففي الضمان إشكال.
ولو سقط عليها شئ من يده فتلفها فالإشكال أقوى، والأقرب مراعاة التفريط
فيهما.
والقادر على إنشاء شئ له الإقرار به، إلا الوالي الإجباري في النكاح. وهل
الوكيل في البيع لو أقر به وقبض الثمن وتأجيله كذلك؟ إشكال. وكذا وكيل
الشراء، أو الطلاق، أو الرجعة.
وغير القادر على إنشاء شئ لا يقبل إقراره فيه، إلا مجهول النسب لو أقر
بالرقية والقاضي المعزول لو أقر بما في يد أميره لشخص على إشكال.
وإقرار المرأة بالتزويج مقبول قطعا، وهل لها إنشاؤه؟ الأقوى نعم. وفي
البكر إشكال، وذات الأب أقوى إشكالا.
129

والمقر بدراهم لو فسر بناقصة عن الشرعية، أو عن وزن البلد، قيل: إن
اتصل على الأقوى وبمال هل ينزل على ما يمنع من الرجوع، أو على ما لا يمنع
منها، أو يستفسر؟ كل محتمل.
ويؤخذ في الإقرار بالمتيقن، ويطرح المشكوك، فالمقر بالهبة لو أنكر
القبض قبل على إشكال، ومع القرينة يضعف. والمنكر لو رجع قبل، إلا في
الزوجة لو أنكرت الإذن لإبطاله ثم رجعت ففي القبول إشكال، ولو ادعت
الانقضاء قبل رجوعه ثم رجعت فالإشكال أضعف.
وما استغرق من الاستثناء باطل إجماعا، ولو عطف عددا على آخر ثم استثنى
ما يستغرق الأخير ففي رجوعه إليهما، أو إلى الأخير، أو البطلان احتمالات.
والاستثناء من النفي إثبات على الأقوى.
ولو قال: لا جامعتك إلا في السنة مرة، فمضت بغير جماع، ففي الحنث إشكال
ومثله لا لبست ثوبا كتانا فيعرى، والإشكال هنا أقوى.
ولو قال: ليس له علي عشرة إلا خمسة، ففي المقر به إشكال. وتفسير المبهم
يطالب به على الفور وجوبا، لقاعدة امتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة، سواء
كان ابتداء أو عقيب دعوى. فلو امتنع فهل يحبس، أو ترد اليمين لجعله ناكلا؟
إشكال.
وهل بين الغصب والدين فرق؟ إشكال، وكذا في الاختيار وطلاق المبهمة
على القول به.
(37)
قطب
تعلق الشئ بغيره في الأحكام: إما لأخذه منه، أو لاستيثاقه به.
130

فالأول: كتعلق الدين بالرهن، وتعلق الزكاة بالنصاب، وفي كيفيته احتمالات
وتعلق الأرش بالجاني، وتعلق حق البائع بالمبيع بحبسه ليستوفي الثمن، وتعلق
الدين بالتركة، وتعلق المال المضمون بالعين المشروطة كون الضمان منها، وبما
يجب إحضارها منها به.
وأما الثاني: فكمنع المرأة تسليم نفسها لتقبض المهر قبل الدخول. وهل
لها ذلك بعده؟ قولان. والمفوضة حتى يفرض لها مطلقا، والمدين من التسليم،
بل سائر الحقوق والعقود وإن لم يجب.
وحبس الجاني حتى يبلغ صاحب الدم، أو يحضر على قول. والحبس على
الحقوق، والحيلولة بين المدعي عليه وبين العين ليزكي الشهود على وجه وجيه
لحد أو قصاص كذلك على احتمال، وعزل نصيب الحمل مع قسمة التركة، وعزل
الدين لو فات المضمون عنه قيل الأجل.
وكل مقدر شرعا فمبناه غالبا على التحقيق دون التقريب كالحيض، والطهر،
ومرات الوضوء وغسلاته، والغسلتين في البول. وهل المسلم فيه كذلك؟ إشكال
ولو زادت صفات ما وكل في شرائه بعين لم يضره وإن أضيف إليها على إشكال.
وهل السنة والأسبوع كذلك؟ إشكال.
أما أرطال الكر، ومسافة القصر، وسني البلوغ فمبنية على التحقيق على
الأقوى.
وقد يتعلق الحكم على أسباب تعتبر حالا، ومالا فيقف، كما لو حلف أن يأكل
هذا الطعام غدا فأتلفه قبله، ففي وجوب الكفارة معجلا إشكال، ولو عجلها ففي
الاجزاء إشكال.
ولو ظهر انقطاع المسلم فيه قبل الأجل ففي ثبوت الخيار معجلا إشكال،
وهل يتعجل الغارم المؤجل منه الزكاة قبل حلوله؟ إشكال. أما لو حج عن المعذور
131

ثم زال العذر وجبت الإعادة على الأقوى.
ولو انقطع دم المستحاضة وظنت عوده فطهرت وصلت ثم عاد، أعادت على
الأقرب.
ولو نذر أضحية معيبة ففي صحته قولان، فعلى البطلان لو زال العيب صح
على إشكال. ولو نذرها مطلقا تعينت الصحيحة قطعا، فلو عين المعيبة فزال العيب
ففي التعيين إشكال.
ولو عين موضع السلم فخرب، أو أطلق موضع العقد ففي تعينه وجهان.
ولو أسلم ووطأ مدة التربص فأسلمت، فهل يجب لها المهر؟ إشكال. وكذا
المعتدة رجعية لو وطأها بشبهة ثم رجع، ووجوب المهر هنا أقرب.
والمرتد عن غير فطرة لو وطأ ثم عاد احتمل ثبوت المهر، ولو لم يرجع
فكذلك على قول الشيخ. أما المطلقة لو لم تسلم ففيه التردد.
والكفر في المرتبة هل يعتبر وجوب العتق بحال الوجوب، أو بحال الأداء؟
احتمالان. والعبد الملتقط لو أعتق هل المعتبر فيها حال الالتقاط، أو حال العتق؟
إشكال. والمعتقة تحت عبد لم تعلمه حتى عتق في ثبوت الخيار لها وجهان، ولو كانت
تحت حر وقلنا بتجهيزها فلا إشكال.
والنجس القابل للتطهير في جواز بيعه قبله إشكال، ولو قلنا بجوازه فهل الماء
كذلك؟ إشكال. أما الخمر فلا يصح بيعها قبل تخليلها اعتبارا بالحال.
وبيع السباع جائز اعتبار المال، وآلات اللهو التي لرضاضها قيمة في جواز
بيعها قبل الرض إشكال.
والمنع عن بيع الآبق نظرا إلى الحال، وعلى القادر تحصيله جائزا نظرا
إلى المال على الأقرب.
وكل ما لا يمكن تسليمه إلا بعد مدة، والمغصوب لا يجوز بيعه، لتعذر إقباضه
132

في الحال، وعلى المتمكن من انتزاعه جائز نظرا إلى المال. والحمام في برجه،
أو طائرا كذلك على الأقرب إذا اعتيد عوده.
وهل يصح بيع الجاني، والمرتد عن فطرة، وقاطع الطريق؟ إشكال. وغير
الفطري يصح بيعه على الأقوى. أما بيع الفاسد من البيض، والمستحيل خمرا
في عناقيده فالأقرب صحته، لمآلهما إلى الفراخ والخل.
ولو اشترى حبا فزرعه، أو بيضا فأفرخه قلب إلى الحال في عدم رجوع البائع
في العين بإفلاس المشتري على الأقرب.
ولو نوى المسافر أو الحائض الصوم ليلا، لظن زوال المانع فاتفق ففي
الجواز إشكال. والإقرار للوارث مع التهمة من الثلث قطعا، فاعتباره عند الوفاة
على قول الأصحاب.
وحال الجنين في الجناية عليه يختلف بحالها، وحال التلف بحصول الاسلام
والردة، ويتجه الإشكال. أما الحرمة حال الجناية لو ألقته مسلمة فالأقوى عدم
الضمان، اعتبارا بحال الجناية. ومنه الجناية من الأمين لا توجب ضمانه إن كانت
أمانة من جهة المالك، كالمستودع والمستعير، ولو كانت من الشارع كاللقطة ضمن
على الأقوى.
ونية تملك المباح لا تكفي في ملكه بدون الحيازة، وهل مجردها كاف فيه؟
إشكال.
ولو أحيى أرضا بنية المسجد أو المقبرة أو المدرسة أو الرباط، ففي صيرورتها
كذلك بدون الوقف إشكال. وهل يدخل في ملكه بذلك؟ إشكال. ولو نوى به
لغيره ففي ملكه إشكال. وهل يقف على إجازته؟ إشكال. ولو لم يرض ففي ملك
المباشر إشكال.
ونية الخصوصيات أقوى من نية المطلق، ولا بد منها في العقود والإيقاعات
133

قطعا، وهي القصد باللفظ غايته صريحة وكناية. وقصد اللفظ وحده غير كاف، أما
قصده مع قصد ضده، أو لم يقصد مدلوله ولا عدمه فباطل قطعا.
والنية غير كافية عن اللفظ على الأقرب.
ولو تواطأ على نوع وأهملاه في العقد ففي الصحة إشكال.
وهل تعتبر النية في الإيمان؟ الظاهر نعم، فجاز لها تخصيص العام وتقييد
المطلق. وهل يصح ذلك في الأفعال المحضة كالدخول على قوم أو دار؟ الأقرب
لا. ويصح في الأقوال كالسلام على الأقرب.
ولو علق الظهار على شرط وخصه بمدة ففي قبوله له احتمالان العائدان بنية،
ولا يحتاج إلى عين، ويؤثر في كل عطية المشروطة بعدم المعصية. فلا يصح الوقف
على الزناة لأجل معصية، حتى لو وقف على الفساق لفسقهم، ولو ظنه وظهرت
العدالة ففي الصحة إشكال.
وهل يصح الوقف على الذمي؟ قولان.
وقد يؤثر في غير المشروط بعدمها، ولو وقف على بنيه بقصد بني الصلب
اختص بهم، وفي الإطلاق إشكال، وتحمل على من وجد.
ودافع الدين نيته معتبرة فيه، فيقبل قوله فيه مع يمينه. ولو تجرد عن النية
فإشكال.
ولو أكل مال الغير في غير اعتقاده، أو وطأ الأجنبية أو قتل المعصومة كذلك،
فصادف فعله الاستحقاق والحل، ففي ثبوت العقاب وجهان. وهل يقدح في عدالته؟
إشكال.
أما لو شرب المباح بصورة الخمر، أو تشبه في الأفعال المباحة بأفعال الفساق
والظلمة ففي الحكم بفسقه إشكال، أقربه الفسق.
134

(38)
قطب
النكاح تلحقه الأحكام الخمسة:
فيجب عند خوف الوقوع في الزنا، ومنه علم وجوب جميع المباحات إذا
توسل بها إلى ترك محرم لا يحصل إلا بها.
ويستحب عند توقان النفس، سواء قدر على المهر والنفقة أم لا.
ويكره عند عدمه مع العجز عنهما، وهل يكره مع القدرة عليهما؟ قولان.
ويحرم في الزيادة على عدد الشرع.
وما عدا ذلك المباح.
وتحريمه باعتبار المنكوحة بالنسب والمصاهرة والرضاع، وتعرفن بغيرها
كالجمع بين الحرة والأمة بغير إذن، والشغار، والمعتدة، والمحرمة، والوثنية،
والمرتدة، والملاعنة، والناصبية، وفي المخالفة والكتابية قولان. والمشتبهة
بالمحرمة في المحصور.
وتكره العقيم، والمولودة من الزنا، وللتحليل، وفي الأوقات المكروهة،
والخطبة على المجاب. وهل يستحب نكاح القريبة؟ قولان.
ويجب الوطء على المظاهر والمولى والزوجة مطلقا بعد أربعة أشهر، وهل
يجب في الأمة والزوجة إذا خشي منها وقوع الفاحشة؟ قيل: نعم، بل قيل: لو علم
من الأجنبية ذلك وعلم امتناعها بنكاحها متعة ولا ضرر وجب لها عينا. أو كفاية.
ومنه دائم: وهو الخالي عن الأجل، وشرط المهر. وجوازه إجماعي.
ومنقطع: وهو المشروط بهما. وجوازه بإجماع أهل البيت عليهم السلام.
وملك يمين بملك الرقبة، وهو إجماعي.
135

وملك منفعة بالتحليل، وجوازه بمذهب أهل البيت عليهم السلام.
وتنحصر المحرمات في أصول الرجل وفروعه وفروع أول أصوله وأول فرع
من كل أصل نسبا ورضاعا. وتحرم بالمصاهرة أصول الزوجة وفروعها إن دخل.
والجمع بين الأختين مطلقا، وبنت الأخ مع العمة والخالة بدون إذنهما،
والمرأة كذلك.
والزنا السابق، ووطء الشبهة تحرمان ما حرم الصحيح على الأقوى.
واللواط أم المفعول وإن علت، وبنته وإن نزلت، وأخته، بشرط الإيقاب.
واللعان، وطلاق العدة إذا بلغ تسعا، والزائد على الأربع في الحر، والثالثة
عليه من الإماء، وعكسه في العبد، والمتحرر بعضه عبد بالنسبة إلى الحرائر وحر
بالنسبة إلى الإماء، وكذا الأمة. والمفضاة إذا لم تصلح، ولو صلحت فإشكال.
وكل عضو حرم نظره حرم مسه، ولا عكس على قول، لجواز النظر إلى الأجنبية
مرة دون اللمس. وفي الزوجة والأمة لا يحرم المس مطلقا، ويكره نظر الفرج
منهما على قول. ويجوز النظر إلى المحارم إجماعا. وهل اللمس كذلك؟ الظاهر
ذلك.
وأسباب ولاية الأبوة والولاية والملك والحكم والوصاية، وكلهم يعقد
بالولاية. وهل مالك الأمة كذلك؟ إشكال. ولا إجبار فيه إلا للسيد، ويجبر الأب
والجد على النكاح البكر مع طلبها بالكفؤ إن قلنا بعدم استقلالها، ولو قيل بسقوط
ولايته بالعزل كان وجها.
ووجود الغبطة فيه للصغير هل يستلزم إجبار الولي عليه إشكال، أما في السفيه
فيجبر قطعا.
والمضطر جبر صاحب الطعام عليه، ولصاحب الطعام إجباره لو امتنع وخيف
التلف.
136

وقد يحرم وطء الزوجة مع التمسك بأصل الحل بعارض كالحيض، والنفاس،
والصوم الواجب المتعين. وهل المطلق كذلك؟ إشكال. والإحرام، والاعتكاف
الواجبين، والايلاء والظهار، وفي عدة وطء الشبهة، والمفضاة قبل التسع. وهل
تخرج من حباله؟ قولان. ومن تعجز عنه بمرض، أو صغر مع عبالة الآلة (1).
وضيق وقت الصلاة المفروضة، وبعد الدخول فيها مطلقا. وهل تحرم في غير ليلة
الضرة؟ الأقرب لا.
وحال امتناعها لقبض الصداق، وفي المساجد، وبحضرة مشاهد، ووصف
وطء المولى، والمظاهر بالتحريم والوجوب باعتبارين.
ويكره في أوقات وأحوال مخصوصة.
ويستحب حيث لا ضرر ولا مانع.
ويجب بعد الأربعة الأشهر مطلقا، ويجبر المولى عليه أو على الطلاق. وهل
غيره كذلك؟ إشكال. ولو طلق حينئذ أثم. ويسقط الوطء إن كان بائنا، وفي
الرجعي إشكال. وهل يجبر هنا؟ الأصح العدم. وهل يجب القضاء لو تزوجها بعد
البينونة؟ احتمال.
ويستقر المهر كملا بالوطء قبلا ودبرا على الأقوى. ويجب به مهر المثل
في المفوضة، ويجب لها الفرض لو كانت مفوضة المهر. وبوطء الشبهة، والإكراه،
والنفقة والكسوة والمسكن والخادم إذا كانت أهلا له مع التمكين في الدائم وثبوت
الإحسان به لهما، وملك اليمين كذلك.
ويلحق الولد، ويحرم العزل في الزوجة الدائمة دون المنقطع والأمة إلا مع
الإذن. وهل يجب معه دية النطفة؟ قولان.
وهل تجب القسمة ابتداءا أو مع فعله بالضرة؟ قولان. وهل يجب بملك

(1) عبالة الآلة: ضخامتها. الصحاح 5: 1756 " عبل ".
137

اليمين والمنقطعة؟ الأقوى لا. والقضاء لو ظلم في القسمة ويتقرر به نكاح المريض
لو مات فيه. ولو برئ تقرر بدونه، ولا تفسخ بعده بطريان العنة.
وهل للزوج من أكل ما يتأذى برائحته، وإجبارها على إزالة الشعر والوسخ
وكل منفر؟ الظاهر ذلك مع بذل المهر.
ويجب لها الفراش، والحصير، واللحاف، وآلة التنظيف، والدهن، وما
يزال به كريه الرائحة، وآلة الطبخ والأكل والشرب، وأجرة الحمام مع الحاجة.
وهل يجب الشراء للماء لغسلها من جنابته؟ إشكال. ولو قلنا بتوقف الوطء
على الغسل من الحيض وجب له على الأقوى. نعم يجب عليه الإذن لها في الانتقال
إليه، أو نقله إليها قطعا.
وهل له إلزام الذمية بالغسل من الحيض؟ الأقرب نعم إن قلنا بتوقف حل
الوطء عليه، وله منعها من الخروج والتبرج، وجميع العبادات المندوبة، والأسفار
الغير الواجبة، ومجاورة النجاسة، والسكر وإن كانت ذمية.
وله الاستمتاع بجميع بدنها نظرا ولمسا حتى العورة، وللمرأة كذلك.
ويستقر المهر بموت أحدهما، إلا المفوضة ففي وجوب مهر المثل أو المنفعة
بالموت قولان. وينتصف بالطلاق قبل الدخول، أو فسخت لعنة.
ولو أسلم قبل الدخول، أو ارتد عن غير فطرة، ففي وجوب الجميع إشكال.
ويجوز لها السفر بها، وهل يجب عليها مع طلبه ويسقط حقها لو امتنعت عنه؟
الأقرب نعم.
وهل العبد كالحر في تحريم إدخال الأمة على الحرة؟ الأقرب المساواة.
وتثبت بالموت العدة والتوارث من الجانبين، وليس الدخول شرطا فيهما
على الأصح. وهل المنقطع كذلك؟ خلاف.
وهل للزوج تغسيلها اختيارا؟ قولان. ويجب عليه مؤنة التجهيز مطلقا. وهل
138

المنقطع كذلك؟ الأقرب نعم. وهل له النزول في قبرها اختيارا؟ الظاهر نعم.
أما الصلاة عليها فهو أحق من كل أحد، وهل لها ذلك لو مات؟ إشكال.
ووالده وإن علا، وولده وإن نزل محارم لها. وأمها وإن علت، وبنتها وإن
نزلت محارم له. وتملك نصف الصداق بالعقد، عينا كان أو دينا، إجماعا. وهل
تملك النصف الآخر به؟ إشكال.
وله إلزامها بما يتوقف عليه الاستمتاع للدخول كما له بعده، ويقدم قول الزوج
في قدر الصداق، وقولها في قبضه. ولو اختلفا في تعينه فإشكال. ولو قلنا بالتحالف
لم ينفسخ العقد، وهل له منعها من النذر وأخويه والرضاع؟ الظاهر ذلك إن
منع حقه.
وغيبوبة الحشفة أو قدرها من مقطوعها في فرج يلزمها نقض الطهارة، وفي
الملفوف إشكال. ووجوب الغسل عليهما، وتحريم الصلاة والطواف والتلاوة
وسجود السهو، وهل سجود التلاوة كذلك؟ الأقرب لا. وقراءة العزائم وأبعاضها
حتى البسملة المنسوبة منها، واللبث في المساجد، ودخول المسجدين، وبطلان
الصوم إن وقع عمدا، والصلاة مطلقا، ووجوب قضائهما، وبطلان التتابع في
المشروطة به، والكفارة في المتعين، وفساد الاعتكاف وقضاؤه إن وجب، وفساد
الحج والعمرة، وإتمامهما والقضاء، والبدنة أو بدلهما مع العجز، وتحملها مع
الإكراه.
ولو وقع الوطء حال الإحرام فهل يمنع الانعقاد، أو ينعقد فاسدا؟ إشكال.
ويجب التفريق بينهما بحضور ثالث عند وصول موضع الخطيئة في القضاء
والفاسدة على الأقرب. ويفسق الواطئ في الإحرام والصوم الواجب مع علم
التحريم، ويعزر.
ويستحب للمجنب الوضوء لإرادة النوم، فإن تعذر فهل يستحب التيمم؟ إشكال.
139

وتصير البكر ثيبا، فيعتبر نطقها في النكاح وعدة وطء الشبهة به، ويخرج عن
حكم العنة، وتحصيل تحليل المطلقة، وإلحاق الولد حتى بالشبهة، ويحرم نفيه
إلا مع قطع. وهل يكفي الظن؟ الظاهر لا. وهل هو الممكن من الظهار والعقد؟
قولان، نعم هو الممكن من الرجعة في الطلاق.
ويوجب التعزير في البهيمة، والميتة وإن كانت زوجته. ووجوب الغسل في
لواط البالغين، وفي الصغيرين على إشكال. والوطء بإحدى الأختين في الملك موجب
لتحريم الأخرى حتى تخرج الموطوءة عن ملكه على إشكال.
وتنشر الحرمة بالشبهة، وهل تنشر بالزنا؟ إشكال. وهل تباح بنت الأخ وبنت
الأخت مع العمة والخالة في ملك اليمين بدون إذنهما؟ إشكال. وهل للزوجة بعده
الامتناع من التمكين لقبض المهر؟ قولان. والمهر بوطء المكاتبة أو بعضه في
المشتركة. وهل تصير الأمة به فراشا؟ إشكال، وتنقطع العدة به مع الشبهة.
والوطء من البائع في مدة الخيار فسخ، ومن المشتري إجازة، وبه تنفسخ
الهبة في الموضع الذي له الرجوع فيها. وبيع الأمة بالثمن المعين بظهور عيب.
وهل وطء البائع مع إفلاس المشتري فسخ؟ إشكال. وفي كون وطء الموصي
رجوعا وإن عزل إشكال، ولو لم يعزل فالإشكال أضعف، وبه يقع الاختيار ممن
أسلم على أكثر من أربع.
وهل الطلاق المبهم والعتق كذلك؟ إشكال. ويمنع من رد الأمة بالعيب إلا
عيب الحبل، ويسقط به خيار الأمة إذا وقع بعد عتقها ممكنة، تحت عبد كانت أو
تحت حر على قول فيه.
وتحصل الرجعة، ويجب المهر ثانيا على المرتد من غير فطرة، وفي الفطري
إشكال. ويقع به الظهار المعلق عليه، والعتق لو علقه عليه في نذره.
140

ويجب ذبح البهيمة المقصودة به وحرقها، وبيع غيرها في غير البلد وإلزامه
القيمة فيها.
ويبطل به خيار الزوجين بما يتجدد من العيوب، إلا جنون الرجل على الأصح
واستبراء الأمة إذا أريد بيعها أو نكاحها.
ويتساوى في هذه الأحكام القبل والدبر على الأقوى، إلا التحليل، والايلاء،
والإحصان، واستنطاق النكاح.
أما لو خرج مني الرجل من الدبر فلا غسل قطعا، وهل القبل كذلك؟ المشهور
نعم.
ولو لم يبق من المقطوع مقدار الحشفة ففي تعلق الأحكام به إشكال، أقربه
العدم، إلا في اللواط على الأقرب.
(39)
قطب
يترتب على البكارة ثبوت الولاية على قول، واستحباب إنكاحها، وصحة الإذن
بسكوتها عند العرض، واختصاصها بسبع.
وتزول بالوطء، والوثبة، والمرض، والتعنيس.
وهل العبرة في الأحكام النكاحية بالصغر أو البكارة؟ نص الأصحاب على
الأول، سواء زالت البكارة بنكاح أو بغيره. وهل يضمن بزوالها بغير الجماع؟
إشكال. وهل يقتصر لها عند الدخول على الثلث كالثيب؟ إشكال.
والشبهة هي الأمارة المفيدة للظن مخالفة لنفس الأمر، ويحصل بالنسبة إلى
الفاعل، كواجد امرأة على فراشه فظنها أمته أو زوجته، أو تزوج من ظهر تحريمها
141

عليه جاهلا. وإلى القابل كالأمة المشتركة أو المكاتبة، وأمة المكاتب أو الولد.
والاختلاف في مأخذ الحكم كالمتولدة من الزنا، وهل القول بصحة إعادة
الإماء للوطء من الشبهة؟ إشكال. ويترتب عليها سقوط الحد عمن حصلت له
دون الآخر. والنسب ولحوقه للجاهل خاصة والعدة وتثبت مع جهلها، إلا مع
علمها أو علمهما، ولو علم دونها وجبت عليها، وكذا المهر.
وتحريم المصاهرة منهما مع الاتصاف بها بالنسبة إلى قرابة الآخر على الأقوى
أما لو اختصت بأحدهما فهل تختص به أو تعم؟ إشكال، ولا تثبت به المحرمية
قطعا.
وينتصف المهر بالطلاق قبل الدخول إجماعا، وهل ينتصف بالفسخ الواقع
قبله بردة وعيب وغيرهما؟ إشكال، إلا في العنة فينتصف بفسخها إجماعا.
وهل الخصي إذا دلس نفسه كذلك؟ قولان.
ولو اشترى أحد الزوجين صاحبه ففي التنصيف وجهان، والأظهر العدم.
ويجب المسمى بالوطء قبلا ودبرا، قضيبا كان أو غيره.
ومهر المثل في المفوضة مع الدخول، أو موت الحاكم على قول. ومع
التحالف في الاختلاف في تعينه، وظهور العيب في المعين إذا فسخته هل يوجب
مهر المثل، أو مثل الصداق أو قيمته؟ إشكال.
وكذا لو تلف قبل قبضه في المعين، أو غيره مع جعل القدر والصداق الفاسد
أما بعدم قبوله الملك كالحر والخمر والخنزير، أو كان مغصوبا مع علمه، وهل
الجهل كذلك؟ إشكال.
أو اشتمل العقد على شرط فاسد ففسخت الصداق، أو ما يتضمن ثبوته نفيه،
والعقد بدون مهر المثل في الصغيرة مطلقا، أو مع عدم المصلحة على قول. وكذا
في الولد إذا لم يقل بضمان الأب، أما لو خالف الوكيل الإذن فزاد أو نقص ففيه
142

احتمال.
ولو أذن الولي للسفيه فزاد عن مهر المثل ودخل وجب مهر المثل، وهل
يفسد النكاح هنا؟ احتمالان. ومخالفة الشرط فيه على احتمال.
والذميان إذا عقدا على خمر أو خنزير وترافعا إلى الحاكم، فهل يحكم
بالقيمة عند مستحلية، أو بمهر المثل؟ إشكال.
ولو زوج العبد بحرة وجعله صداقا ففي الصحة إشكال، ولو قلنا بها فهل لها
الفسخ والرجوع إلى مهر المثل، إشكال. ويثبت بوطء الشبهة، وبوطء المرتهن
بظن الإباحة، وبالإكراه. وهل يثبت بوطء الأمة زمانا مطاوعة؟ إشكال، ووطء
المبتاعة فاسد.
وإذا استقلت كبيرة الزوجتين بإرضاع صغيرتهما وانفسخ النكاح، غرمت
المرضعة المهر المسمى، أو المثل إن لم يسم. وهل الضمان للزوج أو للمرضعة
فيضمن المثل ابتداء؟ احتمالان.
والشاهد بسبب محرم بين الزوجين لو رجع بعد الفرقة كذلك على الأقوى.
وهل لو ادعى اثنان زوجية امرأة فصدقت أحدهما كان للآخر إحلافهما، فإن
نكلت وحلف الآخر ففي تغريمها مهر المثل قولان.
ولو تزوجت فادعى الرجوع قبل الانقضاء فصدقت لم يقبل قولها، وهل
تغرم مهر المثل؟ إشكال، ومدعية القسمية لو أجابها الزوج بعدم العلم وادعته حلف
لها، وهل يثبت مهر المثل أو ما ادعته؟ احتمالان، وكذا حكم الوارث.
ولو تنازعا في القدر ففي تقديم الزوج، أو التحالف، أو تقديم قوله إن
ادعت زيادة على مهر المثل، أو يثبت مطلقا، أو يقدم قولها إن نقصت دعواها
عنه؟ احتمالات، والمشهور الأول.
ولا يتجرد الوطء المباح عن مهر، إلا في تزويج أمته بعبده، ولو أعتقها ففي
143

وجوب المهر إشكال.
ولو تزوجت الحربية مثلها تفويضا ثم أسلما، ففي سقوط المهر المثل إشكال. أما
لو تزوجت السفيه جاهلة قبل الإذن فدخل، وجب المهر على الأقوى، ولو كانت
عالمة ففي السقوط إشكال.
وتزويج الولد الصغير يوجب تحمل المهر عنه، وهل لها مطالبته؟ إشكال.
وتزويج السيد عبده بأمته هل هو إباحة أو عقد نكاح؟ احتمالان. فعلى الثاني
يكون سقوط المهر بالأصل، أو مسه الوجوب ثم أسقط، إشكال. ولو صرح
بتفويض البضع صح العقد قطعا. فلو أعتق العبد قبل الدخول ثم دخل ففي وجوب
المهر إشكال.
ولو باع الأمة قبله فأجاز المشتري، ففي وجوب المهر هنا إشكال، مبناه على
أن الإجازة كاشفة أو جزء السبب.
والوطء الواحد لا يوجب أكثر من مهر واحد.
ولو وطأ أمته لشبهة فباعها المولى في الأثناء، فهل يقسم تقسيم الواحد بينهما
أو يختص به الأول، أو يجب آخر للثاني؟ احتمالات.
ولو اتفق النزع في ملك الثاني فلا شئ على الأقرب، ويتفرع تعدده بتعدد
الملاك ما دام الوطء.
ولو وطأ كل من الأب والابن زوجة الآخر لشبهة، فعلى كل منهما المهر
لموطوءته، وهل يجب مهر آخر للزوج! إشكال مبناه على أن البضع هل يضمن
بالفوات أم لا؟ وهل ينفسخ النكاحان؟ الأقوى نعم.
وكذلك لو تزوج الأب بامرأة وابنه بنتها، وسبقت كل واحدة إلى الآخر
غلطا فوطأها انفسخ النكاحان، وهل يجب المهر ونصفه على كل منهما، أو على
المتقدم؟ إشكال.
144

ولو تزوج بامرأتين ودخل بإحداهما، وظهر إن أحدهما أم الأخرى، ووقع
الوطء للاحقة وجب لها المهر للشبهة، وهل يجب للسابقة نصفه للفسخ؟ احتمال
أما لو كان الوطء للسابقة فلا إشكال، لتحقق بطلان اللاحقة.
ولو وطأ صغيرة أو آيسة، وطلقها حال الوطء ولم ينزع قيل وجب بوطء
واحد لواحدة مهران المسمى ومهر المثل، وفيه إشكال.
ومن بيده عقدة النكاح هو الأب أو السيد، وليس هو الزوج على الأصح.
ولا تسمع دعوى العنة في الصغير، ولا المجبوب، وهل تسمع من الأمة لو كان
زوجها حرا؟ إشكال.
وحضانة الأم ثابتة على الولد في الذكر مدة رضاعه، وفي الأنثى إلى سبع
على المشهور، وقد تخالف هذا الأصل فيما إذا كانت كافرة وإن تجدد بردة،
أو كانت أمة وإن تجددت الرقية بإقرارها، وإن كانت مبعضة.
ولو كانت غير مأمونة وكان الأب مأمونا فالأقرب أولوية الأب، ولو تزوجت
سقط حقها إجماعا، وكذا لو امتنعت. ولو امتنعا أجبر الأب دونها على الأقوى.
ولو فقد أجبرت. وهل للأب استصحابه لو أراد السفر فيسقط حق الأم؟ إشكال.
ولو خيف عدوى الجذام والبرص منها ففي بطلان حقها إشكال.
ونفقة الزوج 1) هل لها مقدر شرعي؟ الأظهر لا، فالواجب سد الخلة على
ما جرت العوائد به، وكذا نفقة الأرقاب والمماليك والبهائم، فالقول بتقديرها
بتمليك الحب ومؤنة الطحن بعيد.

1) في " ض " و " ش ": الرجل
145

(40)
قطب
أسباب الفرقة: الطلاق، والخلع، والمباراة، والفسوخ بأسبابها. وهل
جهل ما سبق من العقدين موجب له؟ إشكال. وصيرورة الذمية تحت مسلم وثنية
والتدليس، فقد الزوج بعد البحث. أما إعساره بالنفقة، أو مجرد الغيبة مع علم
الحياة وتعذر النفقة ففي جواز الفسخ إشكال.
وكل فسخ يستبد به الزوجان، إلا اللعان فيتوقف على الحاكم، وكذا الإيلاء
والظهار لضرب المدة، ولا فسخ بهما بل يؤولان إلى الفرقة بإيجاب الطلاق أو
الرجعة بعد المدة.
وهل فسخ الإعسار، وتعذر النفقة محوج إلى الحاكم؟ الأقرب نعم.
والنكاح عصمة شرعية يتوقف زوالها على إزالة القيد بما أذن فيه شرعا، فيقف
على المتيقن، وليس إلا طالق إجماعا، لوقوع الخلاف في غيره، وفي أنت
حرام اختلاف كثير، وخلية وبرية، وأمثالها لا يفيد بصريحها غير الأخبار،
والكذب فبها أغلب، وحبلك على غاربك كناية بعيدة.
وينقسم الطلاق إلى: واجب كطلاق المولى والمظاهر ووجوبه بهما تخييري
وطلاق الحكمين في الشقاق إذا تعذر الإصلاح.
ومحرم وهو البدعي.
ومستحب مع خوف عدم القيام بحدود الله الواجبة عليهما منهما، أو من
أحدهما.
ويكره ما سوى ذلك.
146

ولا مباح فيه.
وقد يحرم طلاق صاحبة النوبة في القسم قبل توفيتها، لما يتضمن من اسقاط
حقها.
ومنه بائن ورجعي. والبائن ستة، وما عداه رجعي. وقيل: كل من طلق طلاقا
يستعقب العدة، ولم يكن بعوض، ولم يستوف عدد الطلاق ثبت له الرجعة،
وهو إنما يتم على القول بإيجاب العدة على الصغيرة والآيسة كالسيد وعليه سؤالات.
ولا يشترط في العدة العلم بها، إلا في الوفاة، والمسترابة بعد مضي تسعة أو
عشرة على الخلاف.
ويفرق بين العدة والاستبراء: أن العدة قد تجتمع مع علم براءة الرحم دون
الاستبراء، ولهذا لا تستبرئ الصغيرة والآيسة والحامل من الزنا، ولا مع غيبة السيد
مدة يمكن أن تحيض فيها.
وهل يسقط عن أمة المرأة؟ إشكال. ولو كان بائعها من يحرم عليه وطؤها ففي
وجوب الاستبراء حينئذ إشكال. ولما لم يكن فيه خلط التعبد بل لمحض علم براءة
الرحم اكتفي بالقرء الواحد.
فإن قيل: قد تحيض الحامل على مذهب المجامعة.
قلنا: هو نادر لا تعلق عليه الأحكام الغالبة.
ولو اشترى الأمة ممن لم يخبر باستبرائها، ثم باعها على المرأة بعد القبض
واستعادها ببيع مستأنف منها بعد قبضها، ففي سقوط الاستبراء هنا إشكال.
ولو قال ذو الزوجات: أيتكن حاضت فالأخرات علي كظهر أمي، فأخبرت
إحداهن بحيضها فهل يقع الظهار؟ إشكال. وهل يتوقف على علم صدقها بالقرائن
إشكال. والأسباب القلبية كالفعلية، فلو علق ظهارها ببغضه فادعته ففي تصديقها
إشكال ضعيف.
147

وهل له تحليفها لو أكذبها؟ إشكال. ولو علقه بحبها الأطعمة الممرضة أو
المسمومة فادعته فالإشكال أقوى.
أما لو علقه بالمشيئة احتيج إلى التلفظ بها على الأقرب، ولو تلفظت مع
كذبها وقع ظاهرا، وهل يقع باطنا بالنسبة إليها؟ إشكال. ولو كذبت في الأخبار
بالحيض المعلق عليه لم يقع باطنا.
ولو علقه على مشيئة صبي مميز ففي الصحة قولان، ولو علقه بحيض الضرة
فادعته فأنكر ففي حلفه إشكال، وهل يثبت في حق الضرة؟ إشكال.
ولو ظاهر إن كان الطائر غرابا، فعلقه الآخر إن كان غير غراب، ولم يمكن
الاستعلام ففي وقوع الظهارين إشكال.
ولو كانا من واحد لزوجتين وجب اجتنابهما عملا بالاحتياط.
ولو قال: إن ظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت علي كظهر أمي، ففي وقوعه
إشكال، منشؤه احتمال التخصيص والتوضيح في الصفة إن وقع ظهارا بعد تزويجها
ولو وقع حال كونها أجنبية فالإشكال بحاله، من حيث أن الحمل على الحقيقة عند
التجرد هل يجب، أو على المجاز إذا تعذرت، وكذا الإشكال لو تزوجها فظاهرها
بغير المؤثر.
ولو علقه على تمييز نوى ما أكلت عما أكل أو على عدد حب الرمانة، أو ما
في البيت من الجوز، بنى على الحمل على الحقيقة اللغوية أو العرفية فيقع تردد.
ولو علقه على مشترك كرؤية العين، بنى على جواز استعمال المشترك في
معانيه حقيقة أو مجازا، وفيه إشكال. أما لو علقه بدخول الدار وقع ولو بدخول
بعضها، لأنه من المتواطئ.
148

(41)
قطب
الموروث هو المال وما يتبعه، وحقوق العقوبات والمنافع. أما ملك الانتفاع
فلا يورث قطعا، وما هو راجع إلى الشهوة كذلك أيضا.
ولو طلق إحدى زوجاته ومات قبل التعيين، فالقول بتعيين الوارث بعيد، وحق
اللعان كذلك، والرواية بانتقاله ضعيفة. وهل ينتقل حق الرجوع في الموهوب؟
إشكال أقربه العدم، وفي الولاء إشكال.
وأسبابه النسب والنكاح والولاء، لأن أسبابه إن أمكن إبطالها فهو النكاح،
وإن لم يمكن: فإن اقتضى حصوله من الطرفين فهو القرابة، وإلا فهو الولاء.
والسبب فيه قد يكون مطلقا، وقد يكون مركبا.
والتولد أصل النسبي، فعليه تبنى طبقات الإرث، والأنعام أصل في السببي،
والأول مقدم، لتأصله، والثاني مؤخر، لعروضه.
ومنع الأصل لا يستلزم منع من يتصل به، كولد القاتل لا يمنعه منع أبيه،
إلا في قتل المعتق مولاه ففي منع إرث ابنه احتمال. ولو هرب المعتق الكافر إلى
دار الحرب فاسترق ولده، ثم مات معتقه ففي إرث ولده، أو يكون لبيت المال
وجهان.
وشرائطه: تقدم موته على الوارث تحقيقا أو تقديرا كالغرقى والمهدوم عليهم،
ووجود الوارث حالة الموت. ولا تشترط حياته بل انفصاله حيا وإن لم تستقر حياته،
حتى لو استدخلت المرأة مني الزوج بعد موته فانخلق منه ولد وصدقها الوارث
ورث، وفيه إشكال.
والعلم بالموت، والدرجة التي اجتمع فيها الميت والوارث على قول، فلو
149

مات قرشي ولا يعلم له قريب كان ميراثه للإمام على الأقوى.
والأغلب في الإرث دورانه خصوصا النسبي، إلا مع المانع كالكفر فإن المسلم
يرث الكافر، ولا عكس. وأما الأسباب فقد يتصور دورانه كالزوجين في الدائم
وفي المتعة على الخلاف. وقد لا يدور كالمعتق فإن الأعلى يرث الأسفل من غير عكس.
وقد يدور ولاء العتق نادرا، والقول بالتوارث فيه من الجانبين ضعيف لضعف
المأخذ.
وضمان الجريرة قد يدور بدوران الضمان، ولا يتصور في الإمامة قطعا.
ولا يرث الأبعد في مراتب النسب مع الأقرب، إلا في الأجداد وأولاد الأخوة.
ولو اجتمع الأجداد للأب الأدنون، وأجداد الأم الأعلون مع الأخوة، فهل
يرثون معهم الأجداد؟ الظاهر ذلك، لأنهم لا يزاحمون من تقرب بالأب في حال.
وكذا أجداد الأم وأولاد الأخوة للأم، والأجداد للأب والأخوة للأب، فإن الثلث
بين أجداد الأم والأخوة لها، والباقي لإخوة الأب والأجداد له إن اجتمعوا، وإلا
فللإخوة للأب.
والأبعد لا يحجب الأقرب إلا في ابن عم من الأبوين مع عم من الأب فابن العم
يحجبه إجماعا منا. وهل يتغير الحكم بدخول الزوجين، أو بتعدد ابن العم، أو
العم، أو هما؟ الظاهر لا. أما لو كان بدل ابن العم بنت عم، أو بدل العم عمة
فالأقرب التغير خلافا للشيخ 1).
ولو دخل الخال فهل يسقط ابن العم ويكون الإرث للعم والخال، أو يسقط
العم فيكون بين ابن العم والخال؟ قولان.
وكذا لو كان بدل الخال خالة أو اجتمعا، ولو كان أحدهما خنثى، أو كانا معا
كذلك ففي تغيير الحكم إشكال.

1) المبسوط 4: 78.
150

وضابط القرب والبعد تعدد القرابة المتوصل بها إلى الميت، فالأقل عددا
أقرب، إلا في أولاد الأولاد مع الآباء، فإنهم يشاركونهم مع بعدهم عن الميت في
العدد. وفيه خلاف منشؤه من أن ولد الولد هل هو ولد حقيقة أو مجازا، والروايات
تساعد على مشاركتهم.
ومراتب الإرث الآباء والأبناء وإن نزلوا، والأجداد فصاعدا، والأخوة
وأولادهم وإن نزلوا، والأعمام والأخوال فصاعدا وأولادهم وإن نزلوا. فلا ترث
الثانية إلا مع فقد الأولى، والمشتملة على طبقات يرث منها الأعلى فالأعلى،
كالأجداد والأولاد وأولاد الأخوة والأخوات وأولاد الأعمام والعمات والأخوال
والخالات، فكل أدنى إلى الميت يمنع الأبعد عنه.
وأعمام الميت وعماته، وأخواله وخالاته، وأعمام أبيه وعماته، وأخوال
أبيه وخالاته فصاعدا فالأدنى يمنع الأعلى.
وتوريث العصبة لا أصل له في مذهب أهل البيت عليهم السلام.
والفاضل عن ذوي الفروض يرد عليهم، لأنهم أولو الأرحام، وخص الأئمة.
وكذا لا عول في مذهبهم كإجماعهم على بطلانه، فمتى نقصت الفريضة عن أهل
الفروض لا يزاد فيها ليدخل النقض على كلهم، بل يأخذ كل ذي فرض فرضه،
ويختص النقص بالأب ومن يتقرب به، لاختصاصهم بالرد، إلا في الأم مع عدم
الحاجب.
وكل وارث عين له سهم في الكتاب فهو ذو فرض، ومن لم يسم له معين فذو
قرابة. فالأم والأخ والأخت والأخوة لها والزوج والزوجة ذوو فرض إلا مع الرد
والأب والبنت والبنات والأخت والأخوات للأب ذوو قرابة وفرض على البدل،
وباقي الوراث ذو قرابة خاصة.
والزوجة لا ترث بغير الفرض على الأقوى. والأم والأخ والأخت والأخوة
151

والأخوات لها قد يرد عليهم على خلاف في الأخوة. والأب والبنت والبنات
والأخت والأخوات له قد يرد عليهم فيدخلون في القرابة، وكذا مع عدم التسمية
لهم. ويجمع لهم الأمران في التسمية والرد.
وتتمحض القرابة في باقي الوراث، فذو الفرض يأخذ فرضه وإن تعدد، ويرد
عليه ما فضل إذا لم يكن معه مشارك من طبقته، ويتساوون فيه إذا اتحدت الوصلة،
إلا في الأخوة من الأم والأخوة من الأب، فإن قرابة الأب تختص بالرد.
ولو اجتمع مع الأخت الواحدة من الأب خاصة كلالة الأم، ففي كيفية الرد
قولان. ولو انفرد الزوج والزوجة، ففي الرد عليهما خلاف، والأقرب اختصاص
الزوج به، وإن قصرت التركة عن أهل الفروض أدخل النقص على البنت أو البنات
والأخت والأخوات للأب.
ومتى اختلفت الوصلة إلى الموروث أخذ كل نصيب من يتقرب به، فالأعمام
يأخذون نصيب الأب، والأخوال نصيب الأم. ومتى اجتمع ذو الفرض
مع ذي القرابة في طبقة واحدة، فما فضل عن الفرض فهو لذي القرابة.
وقرابة الأبوين، وقرابة الأم يتشاركون إذا اتحدوا في الطبقة ويختص الرد
بقرابة الأبوين، وكذا قرابة الأب خاصة مع قرابة الأم خاصة، وقرابة الأب وحده
مع قرابة الأبوين لا إرث له، ويقوم مقامه مع فقده، فيأخذه ما يأخذه إلا في
الأخت من الأب أو الأختين منه فإن الرد خلاف.
والأولاد وإن نزلوا، والأخوة للأب والأجداد له والأعمام يقسمون للذكر
ضعف الأنثى. والأخوة للأم والأجداد، والأعمام والأخوال لها يقتسمون بالسوية
والموالي يقتسمون على نسبة العتق والضمان، أما ورثة المعتق فيقسمون على نسبة
الميراث.
وإذا اجتمع للوارث نسبان، أو سببان، أو نسب وسبب ورث بهما، إلا أن
152

يعارضه أقرب منه فيهما، أو في أحدهما، أو يكون أحد السببين مانعا للآخر.
فالنسبين الموروث بهما عم هو خال.
وقد يتعدد فيرث بالكل كابن عم هو ابن خال وهو ابن بنت عمة وابن بنت
خالة. والمحجوب أحدهما بالإخراج هو ابن عم، والحاجب عن أحدهما أخ هو
ابن عم مع أخ. والمتعدد مع غيره ابني عم أحدهما ابن خال.
والنسب والسبب ولا حاجب زوج هو ابن عم، ومعه لو كان مع أخ أو ولد.
والسببان لا يتحجب أحدهما الإمام المعتق، وهما معه معتق هو زوج مع أخ
أو ولد.
والمانع من الإرث هو ما ينفي سبب الإرث وشرطه، فالرق مانع من الطرفين
فالعبد لا يرث ولا يورث، لعدم المالية على القول بأنه لا يملك، ولو قلنا يملك
فكذلك للحجر. نعم لو عدم الوارث غيره اشتري من التركة وأعتق ليرث ما بقي.
والمتولي لذلك الإمام أو حاكمه على الظاهر. فإن تعذر ففي جواز توليه
ذلك لآحاد العدول احتمال قوي، لأنه معروف وإحسان وبر. ويقهر سيده على
البيع، وهل يفتقر إلى العتق بعد العتق ودفع الثمن؟ إشكال.
ولا يعطى السيد أكثر من القيمة لو طلب، ولو امتنع عن التلفظ بالعقد اكتفي
بدفع القيمة على الأقرب. وهل يختص الشراء بالعمودين، أو يشمل الأقارب؟
خلاف. وفي الزوجين إشكال.
ولو ظهر الوارث بعد الشراء والعتق ففي بطلانهما إشكال.
ولو أعتق على ميراث قبل قسمته شارك إن ساوى، وجاز إن كان أولى.
ورقية الأب لا تمنع ميراث ابنه الحر فيرث جده الحر، والمتحرر بعضه
يرث بما فيه من الحرية، فالولد الحر نصفه مع الأخ الحر المال بينهما نصفان.
ولو تنصف الأخ كان للابن النصف وله الربع، فإن كان عم حر كان له الباقي،
153

وإن تنصف كان له نصفه والباقي لغيره. وفي الكل إشكال.
ولو كان ابنان نصف كل واحد حر، ففي استحقاقهما الكل أو نصفه إشكال.
ولو كان أحدهما حرا والآخر نصفه، احتمل أن يكون للحر الثلثين وللآخر الثلث
ويحتمل أن يكون للمنصف الربع والباقي للحر، وفروعه كثيرة.
والقتل مانع للقاتل من الإرث في العمد إجماعا، ولو كان خطأ فقولان،
أظهر هما المنع من الدية.
والكفر مانع في طرف الوارث لا الموروث، فإن المسلم يرث الكافر من
غير عكس، إلا أن يسلم الكافر على ميراث فيه قسمة قبلها، فيشارك أو يتفرد مع
الأولوية. فلو اتحد الوارث أو حصلت القسمة فلا إرث قطعا.
والولد وإن نزل ذكرا كان أو أنثى يحجب الزوجين عن نصيبهما الأعلى إلى
الأدنى، ويحجب الذكر منه الأبوين أو أحدهما عن الزائد على السدس، وتحجب
الأم الأخوة عما زاد على السدس إذا كان الأب موجودا، بشرط كونهما أخوين،
أو أخ وأختين، أو أربع أخوات على الأقوى.
والخنثى كالأنثى على الأصح.
وأن يكونوا للأبوين أو للأب، وغير موصوفين بمانع من الإرث كالقتل،
وأخويه منفصلين لا حملا، ومعلومي الحياة بعد موت الأخ، فمع علم الاقتران
لا حجب، وكذا لو اشتبه التقدم. وفي الغرقى والمعدوم عليهم إشكال.
والفروض ستة:
النصف: سهم الزوج مع عدم الولد، والبنت، والأخت للأب مع فقد الذكر.
والربع: سهم الزوج مع الولد، والزوجة مع عدمه.
والثمن: سهم الزوجة معه.
والثلثان: سهم البنت فصاعدا، أو الأختين للأب.
154

والثلث: سهم الأم مع عدم الحاجب، والأخوين فصاعدا للأم.
والسدس: سهم الأبوين مع الولد، والأم مع الحاجب، والواحد كلالة الأم.
ويجتمع كل منهما مع الآخر، إلا الربع والثمن والثلث والسدس فرضا،
وقد يجتمع قرابة.
ومخرج السهم هو ما يخرج منه صحيحا، فالنصف من اثنين، والربع من
أربعة، والثمن من الثمانية، والثلث والثلثان من ثلاثة، والسدس من ستة. فالمخارج
هذه الستة، وقد يجتمع بعضها مع بعض فيراعى التساوي والتباين والتداخل
والتوافق، وقد يحصل ذلك مع غير أهل الفرض.
(42)
قطب
الوطء المحرم المقترن بعلم التحريم يوجب الحد، إلا في وطء الأب لجارية
ابنه. والغانم جارية المغنم على خلاف. أما وطء الحائض، والمحرم، والمولى
والمظاهر، والمعتدة عن شبهة فإنما يوجب التعزير.
وتناول ما يغير العقل غير الحواس أو لا أو ما ينوم: إن حصل معه نشوة فهو
المسكر، وإلا فهو المفسد.
فالأول حرام بالإجماع موجب للحد.
والثاني وقع الاتفاق من علمائنا على تحريمه أيضا كالحشيشة المعروفة بالبنج
والشوكران 1). وهل تحريمها لا فسادها فيوجب التعزير، أو لإسكارها فيوجب الحد
احتمالان. وفي نجاستها إشكال.

1) الشوكران: نوع من النبت. أنظر القاموس المحيط 2: 63 " شكر ".
155

والقذف بالزنا صريحا موجب للحد إجماعا، والتعريض به أو المواجهة بما
يكره المواجه غيره يوجب التعزير. ولو قال: أنت أزنى من فلان، أو أزنى الناس
ففي كونه قذفا أو تعريضا إشكال.
ويخالف التعزير الحد بأنه لا يتعين في طرف القلة، وفي الكثرة لا يبلغ الحد
ويستوي فيه الحر والعبد، ويفرق فيه بين عظم المعصية وصغرها، ويقع مع عدم
المعصية في تأديب الصبيان والمجانين والبهائم للمفسدة، وفي تسميته حينئذ تعزيرا
إشكال.
ويسقط بالتوبة مطلقا، ولا كذلك الحد فإنه لا يسقط بها بعد قيام البينة على
المشهور. ويدخله التخيير بين أنواعه دونه، إلا في المحارب فقد يدخله التخيير
على رأي.
ويختلف حاله باعتبار الفاعل، والجناية، والعادات البدنية المختلفة في
صورة الإهانات. وأما الحدود فمقادير معينة لا تختلف.
وقد يكون لحق الله محضا كالكذب، ولحق العبد كالشتم، وحقهما كشتم
الموتى، وفي تمحض الأول لحق الآدمي إشكال.
والحدود كلها حق الله، وهل القذف من حق الله أو حق العبد؟ إشكال.
وينقسم القتل إلى: ما يجب كقتل الحربي مطلقا، والكتابي إذا لم يلتزم
بشرائط الذمة، والمرتد عن فطرة مطلقا، وعن غيرها مع عدم التوبة، والمحارب
ولا يشترط فيه وقوع القتل منه على الأقرب.
والزاني المحصن، والمكره عليه، وبالمحارم، واللائط، وأصحاب الكبائر
بعد التعزير ثلاثا على الأقرب. والترس إن توقف الفتح عليه ولم يمكن التحرز.
وهل يتوقف على إذن الإمام؟ الظاهر ذلك. وهل يصح بغير إذنه؟ الأقرب لا.
وإلى ما يحرم كالمسلم، والذمي والمعاهد، ومن دخل بأمان أو شبهه حتى
156

يرد إلى مأمنه، ونساء أهل الحرب والأطفال إلا لضرورة، والأسير بعد تقضي
الحرب.
وإلى ما يكره وهو: قتل الغازي المسلم أباه الكافر.
وإلى ما يستحب كقتل الصائل للدفع بناء على جواز الاستسلام، والأقرب
الوجوب مع المكنة، بل يجب للدفع عن بضع محرم، وقتل مؤمن، وأخذ مال
محرم على الأقوى.
وإلى ما يباح كقتل مستحق القصاص، إلا أن يخاف بعدمه فسادا أو أذى فيمكن
استحبابه، ومن قتله الحد.
وقد يوصف الضرب بالحرمة دون القتل، كضارب غيره عدوانا من غير قصد
قتله بما لا يقتل غالبا فيموت.
وحد لا يوصف بالحرمة كضرب التأديب فيتفق فيموت.
والواجب لا يوجب قصاصا ولا دية ولا أثم به ولا كفارة، إلا في الترس المسلم
فيوجب الأخير على الأقوى. وموجب الإثم خاصة قتل الأسير العاجز.
وفي قتل الزاني المحصن بغير الإذن إشكال.
والعمد العدوان يوجب الأربعة 1)، إلا في قتل الوالد لولده، فإنه موجب
الدية بدل القصاص. وهل الجد كذلك؟ إشكال.
وشبيه العمد والخطأ يوجب الأخيرين، ولا أثم في الثاني، وهل الأول كذلك
الظاهر نعم.
وقتل السيد لعبده يوجب الأخيرين قطعا، وهل يوجب الدية؟ إشكال. وكذا
قتل الانسان نفسه على الأقرب. ولو قتل الذمي أو المرتد عن فطرة ففي وجوب
القصاص قولان، الظاهر لا.

1) في ش 1: الثلاثة.
157

أما الذمي لو قتل المرتد قيد به على الأقرب.
والقاتل إن لم يقصد الفعل فخطأ محض، وإن قصده والقتل فعمد محض.
وإن قصد الأول خاصة فشبيه العمد.
ولا اعتبار بآلة الفعل، وهل يعتبر قصد المجني عليه؟ إشكال.
وقيل: إن لم يقصد أصل الفعل فخطأ، كمن زلق فقتل غيره. وإن قصده:
فإن لم يقصد المجني عليه فخطأ أيضا، كرامي صيدا فأصاب إنسانا، أو رمى شخصا
فأصاب غيره. وإن قصدهما فإما بما يقتل غالبا وهو العمد، أو بما لا يقتل غالبا
وهو الشبهة، وهنا الاعتبار بالآلة لا بالقصد. نعم قصد الفعل دون القتل كالضارب
للتأديب فيتفق الموت خارج عن القسمة.
وقيل: إن ضرب بما يقتل غالبا فعمد، وإلا: فإما بما يقتل نادرا فلا قصاص
فيه، أو يقتل كثيرا. فإن كان بجارح فعمد، وإن كان بمثل السوط والعصا فشبيه.
وقيل: كل ما ظن عند فعله القتل فهو عمد، وما شك في حصول الموت عنده
فهو شبيه.
وكل ما ضمن الطرف ضمنت النفس، إلا في السيد الجاني على مكاتبه مشروطا
أو غير مؤد، فإنها على نفسه غير مضمونة، لبطلان كتابته بموته، وعلى طرفه
مضمونة، لبقائها فيدخل في الكسب.
والقصاص نفسا وطرفا مشروط بالمماثلة لا من كل وجه، بل في الاسلام،
والحرية، والعقل، والبلوغ على قول، والحرمة إلا في الأبوة. وما زاد عنها كالعلم
والجهل، والقوة والضعف والسمن والهزال، وارتفاع النسب وضده، واختلاف
المذاهب فغير معتبرة.
وتقتل الجماعة بالواحد، ويقتص له من أطرافهم بطرفه الواحد مع الرد
إجماعا منا.
158

والعمد إنما يوجب القصاص على المشهور، فالدية فيه لا تكون إلا صلحا.
وقيل: يتخير الولي بينهما، فعفو الولي عن القود موجب لسقوطهما على المشهور
وعلى التخيير هل تسقط الدية؟ احتمالان.
أما لو قال عفوت عن حق الجنابة، أو حقي فيها أو عما استحق سقط الكل
على الوجهين في الأقوى.
ولو قال: عفوت عن القصاص والدية فأولى بالسقوط.
ولو قال: عفوت عن القصاص إلى الدية، فهل يعتبر رضى الجاني؟ يبنى على
ما تقدم.
ولو عفى عن الدية فلا أثر له على المشهور، وعلى التخيير إشكال. وحينئذ
هل له الرجوع إليها والعفو عن القصاص؟ إشكال.
ولو عفى على مال من غير جنس الدية، فعلى المشهور يعتبر رضى الجاني
وعلى التخيير احتمالان.
ولو قال: عفوت عنك فهل ينصرف إلى القصاص أو يستفسر؟ إشكال.
ولو قال: اخترت القصاص فمؤكد على المشهور، وعلى التخيير إشكال.
وعفو المفلس عن القصاص نافذ، وعن الدية لاغ، وعلى التخيير يجئ
الإشكال.
وعفوا الراهن عن الجاني عمدا بغير مال صحيح قطعا، وهل يجبر على
القصاص أو العفو؟ إشكال.
والصلح بأزيد من الدية جائز على المشهور، وعلى التخيير الإشكال. والعفو
عن الدية يعود إلى دية المقتول لا القاتل، لأنه أحياه.
أما لو مات الجاني قبل الاستيفاء والعفو، أو قتل بغير القصاص فهل تجب الدية
في تركته؟ قولان، ولو قلنا بها فهي دية المقتول على قول الأصحاب.
159

(43)
قطب
العافي عن القصاص إلى الدية قد يعرض له ما يمنعه عن أخذها، كما لو قطع
من الجاني ما فيه الدية، وقلنا إنه مضمون عليه، فعفى عن القصاص ليأخذ الدية
لم يكن له أخذها.
ولو اقتص من قاطع يدية ثم سرت جنايته لم يكن لوليه إلا القصاص، فإن
أراد الدية للعفو عنه إليها منع. وكذا لو أخذ المجني عليه دية اليدين ثم مات،
اقتصر الولي على القصاص.
ولو جنى الذمي على طرف المسلم فاقتص منه، ثم مات المسلم بالسراية
كان لوليه القصاص. ولو أراد الدية فهل ينقص دية الطرف؟ قولان.
ولو جنت المرأة على الرجل بما فيه دية فاقتص منها، ثم مات بالسراية لم
يكن لوليه العفو إلى الدية. ولو جنى عليه بما فيه دية، فسرت إلى نفسه، فاقتص
الولي في الطرف أو لا كان له القصاص في النفس، فلو مات الجاني قبله بالسراية
لم يؤخذ من تركته شئ. وفي الكل نظر.
ووجوب القصاص تابع للمباشرة، فلا يقتص من غير المباشر، إلا من قدم
إلى ضيفه طعاما مسموما وأمره بالأكل منه، أما لو وضع السم في طعام غيره فأكله
صاحب الطعام، ففي ثبوت القصاص إشكال.
ولو دعى غيره إلى بئر لا يعلمها، أو شهد عليه بما يوجب القتل، ثم رجعا
عن الشهادة وآخر بالتعمد، أو ثبت تعمدهما التزوير ثبت القصاص.
وهل يشترط القصاص ببقاء المجني عليه بصفة المكافأة من حين الجناية إلى
حين التلف، حتى لو ارتد منهما لم يثبت القصاص؟ إشكال.
160

ولو رمى صيدا حين إسلامه ثم ارتد وعاد حين الإصابة، ففي حله إشكال.
ولو رمى مسلم صيدا وارتد، ثم عاد قبل الإصابة فأصاب إنسانا، ففي وجوب
الدية على ما عاقلة المسلمين إشكال. وكذا الإشكال في أن الاعتبار بتحمل العاقلة
هل هو باستواء الطرفين والواسطة، والاعتبار بحال الفعل أو حال الوقوع؟
وغير الجاني لا يتحمل جناية غيره إلا العاقلة، فتحمل جناية الخطأ في البالغ
وجناية الصبي المتعلقة بالآدمي مطلقا. وجنايته في الصيد الإحرامي والحرمي
يلزم الولي، وهل الأعمى كذلك؟ قولان، أقربهما العدم.
وتحمل العاقلة هل هو عن نفسها، أو بالضمان على الجاني؟ احتمالان.
ويتفرع صحته على إقراره بها، ورجوعه على العاقلة لو غرم.
وما لا مقدر فيه فيه الأرش بتقدير الرقية في الحر، وفي العبد حقيقي. وما هو
مقدر يتبع عدد الأطراف غالبا، فما في البدن منه واحد فيه كمال الدية، وما فيه
اثنين ففيهما معا الدية، وفي كل واحد نصفها وكذا الثلاثة والأربعة والعشرة، إلا
الحاجبين والترقوتين والأظفار وشجاج الرأس والوجه من العشر إلى الثلث.
وفي جراح البدن بنسبتها إلى الرأس، وكل عظم كبير من عضو ففيه خمس
ديته، وفي فكه حتى يتعطل ثلثا ديته، فإن برأ بغير عيب فأربعة أخماس دية الفك.
وفي ثلثه ثلثا دية، وفي قطع المشلول ثلث دية، ودية الزائد ثلث دية الأصلي
إلا في الأسنان والأصابع.
والاجتهاد أصل مأخذ الأحكام الفرعية الظنية بالعثور على أمارة مرجحة للحكم
فمتى لم يعثر على المرجح، لتعارض الإمارات فهل يتوقف، أو يتخير، أو يرجع
إلى أصل البراءة؟ احتمالات.
ولا يصح في الأواني المشتبهة، بل يجتنب الكل ويستعمل غيرها إن وجده،
وإلا تيمم. وهل يتوقف على الإراقة؟ أشكال.
161

وكذا كل مشتبه بنجس أو بمحرم في المحصور، أما الثياب فيصلي في عدد
النجس ويزيد عليه بواحد على الأقوى. وفي الوقت يتعين الصبر ليحصل الترجيح
وفي الاستقبال يصلي الجهات الأربع على الأصح، وكذا المحبوس.
وفي الصوم يتوخى، فإن صادف أو تأخر أجزأ، وإلا أعاد.
والقادر على اليقين لا ينتقل إلى الظن، إلا في أماكن نادرة مبناها على جواز
الاجتهاد بحضرة النبي والإمام، وفيه إشكال.
وهل يجوز تقليد المؤذن العدل مع القدرة على العلم؟ الأقوى لا. أما الوضوء
من الماء القليل وهو على شاطئ النهر أو البحر فجائز قطعا. وهل يصح استقبال
الحجر للقادر على الكعبة؟ إشكال منشؤه أن الحجر هل هو من البيت أم لا؟
وهل يجب تكرر الاجتهاد بتكرر الواقعة المعينة؟ إشكال، وتتفرع إعادة الطلب
للثانية عند دخول وقتها، والاجتهاد في القبلة ثانيا عند القيام إلى الثانية، وطلب
تزكية من زكى إذا شهد في واقعة أخرى وإن لم يطل الزمان.
وهل يصح ائتمام أحد المجتهدين بالآخر مع اختلافهما؟ قيل لا إذا اختلفا
فيما يرجع إلى المحسوس كالقبلة والطهارة.
أما لو اختلفا في الفروع اللاحقة كإيجاب الوضوء من نوم غير المنفرج، أو
مس باطن الفرج، أو وجوب السورة، أو جواز تبعيضها، أو أجزاء مطلق الذكر،
أو وجوب القنوت، أو جلسة الاستراحة، أو ما عدا الافتتاح من تكبير الصلاة
وغيره ففي الاقتداء هنا إشكال.
وهل للعوام التقليد في العقليات؟ قيل: نعم، لتعسر إقامة الدليل القطعي وصعوبة
إدراكه، إلا للأفراد المؤيدين بجودة النظر.
وقيل: لا، للأمر بالعلم، وللزوم الترجيح بلا مرجح، والدور. نعم لا يجب
فيه الانتهاء إلى القطع الرافع، لإمكان ورود الشبهة، لأن ردها غير واجب عينا
162

إجماعا. وهل يحكم بإيمان المقلد لأهل الحق ويبقى مخاطبا بالاستدلال، كما هو
مخاطب بسائر الواجبات؟ الذي يظهر لي ذلك.
وأما الضروريات من السمعيات فلا يتصور التقليد فيها لمن بلغت عنده ذلك
الحد، نعم لو لم يعلم الضرورة احتاج إليه. وهل يصح في غيرها لغير القادر على
الاستدلال؟ المشهور ذلك، فالقول بوجوبه على الأعيان نادر. نعم يجب الاجتهاد
في معرفة المجتهد على الأعيان، ليقع التقليد موقعه، ويكتفي العامي برؤيته منتصبا
للفتوى مع إقبال الناس على الأخذ عنه.
وهل يصح التقليد للقادر على الاستدلال؟ إشكال.
ولا يجوز الحكم والفتوى لغير جامع الشرائط إجماعا منا، وهي: الإيمان،
والعدالة، والتمكن من أخذ الحكم عن الأصول الشرعية. وهل يجوز الفتوى بما
يحكى عن المجتهد؟ الأقوى المنع، سواء أخذ عن حي أو ميت. نعم يجوز له
أن يحكي ما سمعه عن الحي على جهة الرواية ليعمل به المحكى له، ولا يتصرف
تصرف المفتي.
وأما العمل بما يحكى عن الميت فغير جائز قطعا، لأن الميت لا قول له، نعم
تجوز حكايته ليعرف مذهبه. وهل يجوز خلو الوقت عن المجتهد؟ خلاف أصولي.
والفرق بين الفتوى والحكم بعد اتفاقهما في مطلق الأخبار عن الله: أن الفتوى
إخبار خاص عن أمر خاص لحكم كلي اجتهادي، والحكم إنشاء إطلاق أو إلزام
في الاجتهادي وغيره مع تقارب المدارك، مما يقع فيه تنازع لمصالح المعاش.
فخرج بالإنشاء الفتوى، لأنها أخبار مجردة عن نوعي الحكم، وبتقارب المدارك
الضعيف فيها جدا، لجواز نقضه وإن حكم به، وبمصالح المعاش العبادات، فلا
يدخلها الحكم، لأنه لا يرفع الخلاف فيها، ولا كذلك الفتوى لشمولها لأنواع
الفقه. أما لو تعلق الحكم بها: فإن اتصل به تصرف رفع، وإلا كان فتوى مجردة.
163

ولو تعلقت المسألة بالمصلحتين، كما لو حكم بصحة حج نائب أدرك
الاضطرارين، لم تؤثر براءة ذمة النائب، إلا أنه يؤثر عدم الرجوع إليه بالأجرة،
فالفتوى لا تمنع مخالفة مقتضاها من مفت ولا مستفت، ولأجله يتخير المستفتي في
الاستفتاء مع تساوي المفتيين في ظنه.
ولو اختلفوا وجب الرجوع إلى الأعلم ثم الأورع.
والحكم لا تجوز مخالفته بحال، ولا نقض ما حكم به إذا لم يخالف ما هو
قوي أو مقاربه.
ومتعلقه ما يتوزع فيه لإثبات، أو نفي، أو تعين، والحق المجمع عليه المعين
إذا لم يترقب بانتزاعه فتنة ولا يحتاج فيه الحاكم، والمقاصة كذلك مع تماثل
الحقين.
وغير المتعين، وما وقع فيه تنازع المجتهدين يحتاج فيه إليه، وكذا ما يحتاج
إلى التقويم والتقدير وضرب المدة، أو اللفظ والقصاص نفسا وطرفا.
والحدود والتعزيرات مطلقا، وما يحتاج إلى الحفظ، وهل يتقيد القصاص
بخوف الفتنة؟ خلاف.
ويعزل الحاكم مع الريبة، ولتقديم الأصلح على الصالح، ولانقياد الرعية.
أما عزله لتوليه الأنقص فغير جائز قطعا، وهل يجوز للمساوي؟ وجهان، أقربهما
المنع، أما العزل اقتراحا فأولى بالمنع.
(44)
قطب
إذا تعذر الحاكم فهل للأحاد تولية آحاد الأحكام؟ إشكال. وهل لهم قبض
164

الزكاة والخمس من الممتنع وغيره، وتفريقهما في مصارفهما وغيرهما من وظائف
الحكام؟ إشكال، أقربه الجواز.
وهل ما يتعلق بالدعاوي كذلك؟ الأقرب لا. أما من ظفر بأموال مغصوبة
ويتمكن من انتزاعها وحفظها لأربابها وجب من الحسبة، ويوصلها إليهم، ومع
اليأس أو الجهل بهم ففي الصدقة بها أو إبقائها أمانة قولان.
وذو الدعوى المقطوعة إذا وجد مالا للمدعى عليه يجوز له المقاصة مع تماثل
الحقين من غير حاكم، ولو تخالفا ففي جواز الأخذ بدون الحاكم إشكال، ولا كذلك
الظان والمتوهم.
ولو كانت الدعوى من المسائل الخلافية، وكان مقلدا لم تجز المقاصة، إلا
أن يحكم بها حاكم، فليستقل بالأخذ ما لم تؤدي إلى سوء عاقبته، كأن ينسب إلى
سرقة أو حيلة، أو ما يهتك عرضه فيحرم الأخذ حينئذ على الأقرب. وهل تصح
المقاصة في الوديعة؟ روايتان. وثبوت الحكم غيره، لأنه نهوض الحجة خالية
عن معارض.
والحكم إنشاء يقتضي الالتزام أو الإطلاق بعد الثبوت، فبينهما عموم من وجه،
إلا أن في وجود الحكم بدون الثبوت محل نظر، ومقتضيه الإقرار والعلم والشهادة
مقترنة باليمين أو منفردة، وردها مع النكول ويمين المنكر.
وقسامة المدعي أو المنكر، واللعان، والتحالف، ومعاقد القمط على قول،
واليد، والتصرف، والاستقامة وهي متاخمة العلم مستندة إلى الأخبار.
وقيل: يثبت بها النسب، والموت، والنكاح، والولاية، والعزل، والولاء،
والرضاع، والوقف، والصدقة، والملك المطلق، والجرح وضده، والإسلام،
والكفر، والرشد ومقابله، والولادة، والحمل، والوصاية، والحرية، واللوث،
والغصب، والاعسار، والعتق، والدين، وتضرر الزوجة.
165

وهل للحاكم أن يحكم فيها بعلمه؟ إشكال. إلا الجرح ومقابله فله الحكم فيهما
بعلمه، وللفرق وجه.
واليد شرعا القرب والاتصال ومقوليتها بالتشكيك، فالأشد آكد، فالمقبوض
باليد أعلاها، ثم ما عليه كالملبوس والمنطقة والنعل، ثم البساط تحته والدابة
المركوبة له والحاملة لمتاعه، ثم السائق والفائد، ثم الساكن، ثم المتصرف
فالراكب مع السائق أو قابض اللجام أو ذو الحمل مع القائد في ترجيح أيهما
إشكال. وقبض العبد لأحدهما خاصة لا ترجيح فيه مع تساويهما في اليد.
وليس كل مدع يكلف البينة، فمدع الدم المتأيد بالوارث لا بينة عليه، وكذا
مشاهد زنا امرأة، والأمين المدعي التلف مطلقا، سواء كان أمينا شرعيا أو أمين
المالك، والحاكم في حكمه الرد، وجرحه وتعديله، والغاصب المدعي تلف العين
المغصوبة والودعي في دعوى الرد، وكل من ثبت صدقه عقلا أو نقلا كالمعصوم.
ويحتاج الكل إلى اليمين، إلا الأخير والحاكم على الأقرب.
وعالم فراغ ذمته لا يجب عليه المرافقة لو طلبت منه، إلا لخوف فتنة. وكذا
إذا كانت الدعوى عينا فسلمها، أو كان معسرا، أو خاف جور الحاكم، خصوصا
في القصاص والحد، بل قد يحرم لإمكان التلف.
ولو كانت مما يتوقف على الحاكم، فأسقط المدعي السبب سقطت الإجابة.
وما اختلف فيه يجب له الإجابة إن دعاه الحاكم، ولا يجب بدعوى الخصم،
ومن عليه حق حتى يسلمه. ولا يجوز أن يوقفه على الإثبات عند الحاكم، وهل
يجب الترافع في النفقة؟ الأقوى لا، لعدم احتياجها إلى تقديره.
ووجوب الحبس في مواضعه، لتوقف أخذ الحق عليه، فمتى لم يتوقف عليه
فلا حبس. ويثبت لغيبة المجني عليه أو وليه، وللإمتناع من تسليم حق واجب
قادر عليه.
166

وهل يقدم البيع على حبسه؟ الأقرب رجوعه إلى رأي الحاكم، ولدعوى
الإعسار حتى يعلم إن كانت الدعوى مالا أو علم له أهل مال.
ومتكرر السرقة بعد قطعه مرتين، أو كان لا يد له ولا رجل. والممتنع من واجب
لا تدخله النيابة إذا كان حق آدمي. والمرتد مطلقا، وفي تهمة الدم ستة أيام على
رواية، والممسك على القتل.
ويجب على الحاكم سماع دعوى المدعي، وطلب استعداده على خصمه،
ويطالب المنكر باليمين مع عدم البينة، وسؤال المدعي، سواء كان بينهما خلطة
معلومة أو لا على الأصح. ولا ينظر في صحة الدعوى بأحوال المدعي والمدعى
عليه، بل ينزل على الإمكان وإن بعد، ويطالب الجواب لتطرد القاعدة.
ولو أتت بولد لستة أشهر لحق وإن كان نادر الوقوع، وكذا لو أتت به لسنة
على الأصح، لأصالة عدم الزنا، ولهذا قبل تفسير العظيم والجليل في المال بأقل
ما يحتمل وإن خالف الظاهر.
والمدعي وهو ما يذكر خلاف الظاهر أو خلاف الأصل، وقيل: هو من يترك
لو ترك ويسكت عنه لو سكت. والمنكر بخلافه فيهما، وتظهر الفائدة فيما لو ادعى
الزوج المعية في الاسلام قبل الدخول، وادعت التعاقب لنفي النكاح، أو ادعى
تقدم إسلامه، وادعت المعية فيلزمه الفرقة.
ويتوقف المهر على تحقيق المدعى، وتوصف بالصحة: كدعوى ملكية عين،
أو منفعة، أو حد، أو قصاص، أو نكاح، أو حق في الذمة، أو رد بعيب، أو
فسخ بخيار.
وبالفساد: كدعوى الكافر نكاح المسلمة ابتداءا، وبالعكس، أو خمر، أو ميتة،
أو ما لا يتمول.
وهل يصح دعوى الخمر المقصود تخليلها؟ إشكال. والكافر شراء المصحف
167

والمسلم.
وبالكذب: كدعوى معاملة الميت بعد موته، أو نكاح امرأة بالحجاز وهو
بالعراق.
وبالإجمال: كدعوى شئ، أو قوس، أو مال، وفي سماعها إشكال. وتسمع
في الوصية، والإقرار، والتفويض، والهبة. وقد تشتمل على زيادة تفسدها كدعوى
دراهم من ثمن خمر.
ولاغية: كالشراء بشرط أن للبائع الإقالة إن استقاله.
ومؤكدة: كدعوى ثمن مبيع صفته كذا، أو اشتريت في الدكان، أو هو واقف،
أو قاعد، أو لابس كذا، وتدخل في اللاغية.
وناقصة صفة: كدعوى شئ وهو موصوف كفرس وعبد، أما لو قال: لي عليه
ألف درهم، فهل يحمل على الغالب من النقد؟ الظاهر لا.
وناقصة في شرط: كدعوى نكاح امرأة لم يذكر بلوغها ورشدها ووليها،
فيحتاج إلى الاستفصال.
(45)
قطب
المدعى قد يكون حقا ولكن ينفع فيه، ففي سماعه حينئذ إشكال، كدعوى
علم فسق البينة أو كذبها، ففي وجوب اليمين احتمال قريب. ولو نكل فهل ترد
اليمين؟ الأقرب نعم، فتبطل الشهادة بحلفه.
ولو ادعى كذب المدعي وفسقه لم تسمع، ولو ادعى إقراره بالدعوى ففي
تحليفه إشكال، والأقرب أن له إحلافه.
168

أما لو ادعى إحلافه، والتمس إحلافه على أنه لم يحلفه ففي السماع الإشكال
أقوى، والأقرب العدم.
ولو ادعى القاذف الإبراء كان له الإحلاف على الأقوى، وفي سماع دعواه على
الحاكم أنه حكم له فيتوقف الحاكم إشكال، أقربه السماع فيتذكر، أما لو أنكر
لم تسمع قطعا وليس له إحلافه.
أما لو قال لخصمه: أحلف أنك لم تعلم أنه حكم لي، ففي سماعه إشكال،
أقربه السماع. أما دعوى الكذب أو التزوير على القاضي والشاهد فلا تسمع قطعا،
وهل يحكم بالنكول؟ الأقوى لا، إلا في دعوى إبدال النصاب، أو الإخراج، أو
عدم الحول، ففي سماعها بغير بينة خلاف، والأقوى السماع.
وهل يحتاج إلى اليمين؟ احتمالان، فلو قلنا بها فنكل فهل يقضي بالنكول؟
إشكال.
ولو مات من لا وارث له فوجد في تذكرته: لي على فلان كذا، فادعى عليه
الحاكم فأنكر ونكل عن اليمين، ففي القضاء بالنكول إشكال هنا أقوى.
ولو ادعى وصي الميت أنه أوصى للفقراء، فأنكر الوارث ونكل فهنا القضاء
بالنكول قريب.
ولو ادعى الذمي الاسلام قبل الحول، واتهمه الحاكم، أو قال: إنما أسلمت
بعده، وقلنا بالأخذ منه لزمته اليمين، فإن نكل فالإشكال.
ومدعي استعجال الإنبات بالعلاج هل يحلف؟ إشكال، ولو قلنا به فنكل ففي
الحكم حينئذ إشكال. وكذا لو ادعى ناظر الوقف أو المسجد فنكل المدعى عليه،
ففي رد اليمين على المدعي أو القضاء بالنكول هنا احتمالان.
وولد المرتزق من بيت المال لو ادعى الاحتلام ليأخذ الرزق، ففي تصديقه
بغير يمين إشكال، ولو قلنا به فنكل فإشكال.
169

ولو نكل الزوج عن اليمين على الوطء في العنة، ففي تكليف المرأة أو
القضاء بالنكول إشكال.
ولو قتل من لا وارث له كانت اليمين على المتهم مع اللوث، وبدونه فإن
نكل فإشكال.
ولو قالت الزوجة: طلقتني قبل الوضع، فادعى الجهل لم يقبل منه فيحلف
على الجزم، فإن نكل حلفت هي، فإن نكلت العدة قطعا. وهل هو من القضاء
بالنكول؟ احتمالان.
ولو طالب القاذف المقذوف باليمين على عدم الزنا، ففي وجوب تحليفه
قولان، فإن قلنا به فنكل فهل يقضي بالنكول أو ترد اليمين؟ إشكال.
ولو ادعى الولي مالا للمولى عليه فأنكر المدعى عليه ونكل عن اليمين، فهل
يقضي به أو ينتظر البلوغ؟ احتمالان.
وقيام البينة من الحجج الشرعية 1)، فهل يصح إقامتها على ما في اليد؟ الأقرب
نعم. وبعد إقامة الخارج بينته لكن قبل تعديلها أو بعده قبل الحكم، وفيه إشكال.
أما بعد القضاء وقبل التسليم فأقوى في الإشكال، وبعده في السماع احتمال.
والمطلقة كالخارجة، فإن قلنا بترجيح الخارجة ففي الترجيح بها احتمالان.
ويمين النفي للمنكر والإثبات للمدعي، إلا في اللعان على قول، والقسامة إن كانت
من المدعي ومع الشاهد الواحد والمردودة، والاستظهار في الميت والصبي
والمجنون والغائب. وهل يحلف المعسر لو أقام بينته؟ الأقرب نعم مع طلب
الخصم.
ولو ادعى الخصم الوطء فأقامت بينة بالبكارة، فزعم عدم المبالغة والعود
حلفت وتخيرت بينهما، فإن نكلت حلف، فإن نكل ففي الفسخ إشكال، ومدعي

1) إلى هنا انتهت نسخة " ش 1 ".
170

المواطأة في الإقرار لكتابة القبالة.
ولو ادعى شلل عضو فأقام الجاني البينة على سلامته حلف معها على الأقرب،
ولا تلازم بين الإقرار واليمين، فيقبل بدونها من الصبي في بلوغه.
وتسمع اليمين في نفي العبودية دون الإقرار بها بعد دعوى الحرية، فإن نكل
حلف المدعي، فإن قلنا أن المردودة كالإقرار غرم القيمة، وإن قلنا كالبينة ثبت
الرق.
وكل مفوت حقا على غيره ثم يرجع: إن كان مما لا يستدرك كالقتل والعتق
والطلاق أغرم، وإن استدرك كالإقرار بالعين والشهادة بالملك ففي الغرم إشكال.
والحلف لا يكون إلا على القطع في الإثبات والنفي إذا كان من فعله، وإن
كان من فعل غيره فالإثبات كذلك. وفي النفي يحلف على عدم العلم.
ولو ادعى عليه جناية بهيمة فأنكرها، وجب الجزم على الأقوى. أما لو أنكر
جناية عبدة فهل يحلف على الجزم أو على نفي العلم؟ إشكال منشؤه: من أن جنايته
هل تتعلق بمحض الرقبة، أو بها وبالذمة؟
ولو ادعى موت الموروث فأنكر الوارث، حلف على نفي العلم إن ادعى
عليه، ويحتمل البت. ولو ادعى المشتري على الوكيل إذن المالك في تسليم المبيع
قبل قبض الثمن فهل يحلف على نفي العلم أو البت؟ احتمالان.
ولو ادعى البائع العجز عن تسليم المبيع وادعى علم المشتري، احتمل
على البت.
ولو كان أحد ابني الموروث معلوما، فادعى آخر بنوته وعلم أخيه، ففي تحليفه
على البت أو على نفي العلم إشكال.
ومنكر الرضاع من الزوجين يحلف على نفي العلم، فإن نكل أحلف الآخر
على البت. ويحتمل اختصاص البت بالزوج، والبت فيهما. وإنما يجوز الحلف
171

على ما يجوز الشهادة عليه، وهل يجوز على ما يراه بخط أبيه، أو ما أخبره به
الثقة؟ الأقرب لا.
والحلف على إثبات مال الغير غير جائز، إلا في المفلس لو امتنع من الحلف
مع شاهد بدين ففي حلف الغرماء إشكال. والمديون لو مات فقام شاهد بدين فامتنع
الوارث من الحلف، ففي حلف الغرماء الإشكال، ولو لم يقم شاهد فأنكر الغريم
فالإشكال بحاله. وهل للغرماء الدعوى لو لم يدع المفلس والوارث؟ إشكال.
ولو أحل الراهن الأمة وادعى إذن المرتهن ونكل حلف المرتهن، فإن نكل
فعل تحلف الأمة؟ الأقرب نعم.
ولو أوصى لأم الولد بعبد فقتل وهناك لو شاء حلف الوارث، فإن نكل ففي
حلفها إشكال.
(46)
قطب
اليمين الواجبة على المدعي بنكول المنكر، أو المردودة منه عليه هل هي
كإقرار المنكر أو كنيته المدعي؟ احتمالان. فلو أقام المنكر البينة بعدها سمعت على
الثاني، ولم تسمع على الأول. ويفتقر في ثبوت الحق بها إلى الحاكم على الثاني
دون الأول.
ولو باع مرابحة وادعى زيادة على ما أخبر به، وعلم المشتري بها، ففي حلفه
على نفي العلم إشكال، منشؤه ما مر.
والضامن لو ادعى الدفع؟ فأنكر المضمون عنه، ففي إحلافه احتمالان مبنيان
على رجوعه عليه لو صدقه، وعدمه. فعلى الأول له الإحلاف على نفي علمه به،
172

وعلى الثاني لا حلف، لعدم الانتفاع ويبني على ما مر، فإن كانت اليمين كالإقرار
فلا حلف، وإن كانت كالبينة كان الإحلاف لرجاء النكول فيرجع عليه.
ولو ادعى اثنان على واحد رهنا مقبوضا، فصدق أحدهما قضي له. وهل للآخر
إحلافه؟ إشكال منشؤه: من أن تصديقه هل يوجب الغرم أم لا. وعلى الثاني هل
له إحلافه؟ يبني على الأصل، فعلى البينة يجاب، والفائدة ليس إلا الغرم، وعلى
الإقرار لا حلف.
ولو ادعى على السفيه قتل يوجب الدية، فهل يلزمه اليمين؟ يبني على ما سبق،
فعلى الإقرار لا، وعلى البينة نعم. ويحتمل وجوبها مطلقا، لإمكان حلفه فتنقطع
الدعوى. ولو ادعى عليه فأنكر ونكل، أورد فحلف المدعي بناء على الأصل،
فعلى الإقرار لا يشارك الغرماء، وعلى البينة يشارك. ويحتمل عدمها مطلقا.
ودعوى قتل الخطأ الثابتة بيمين النكول أو الرد توجب الدية، فعلى الإقرار
تلزم المنكر، وعلى البينة تلزم العاقلة.
ولو تداعت الأختان زوجية رجل، فصدق إحداهما، كان للأخرى إحلافه على
الأقرب، لا ثبات المهر، لا للزوجية، لانتفائها بإنكاره. فلو نكل حلفت وبطل
نكاح الأخت إن قلنا إنهما كالبينة، وإن قلنا كالإقرار فإشكال.
ولو تداعيا الاثنان عينا في يده فصدق واحدا، كان للآخر إحلافه، وحكمه
ما مر. ولو كانت العين في يده فأقر بها لزيد فصدقه ملكها، فلو ادعاها غيره فهل
له إحلافه؟ فيه ما تقدم.
ولو تداعيا الاثنان زوجية امرأة، فصدقت أحدهما ثبت نكاحه. وهل تحلف
للآخر؟ يبنى على ما سلف.
ويمين النفي المتعلقة بشئ لإثبات غيره لا توجبه، كحلف البائع على حدوث
العيب عند المشتري لنفي رجوعه بأرشه ثم تفاسخا بما يوجبه، كالتحالف عند
173

التخالف لم يكن للبائع مطالبة المشتري بأرشه، لأن يمينه لنفي غرمه لا لإثبات حق
على غيره، فيحلف المشتري بعد الفسخ على عدم حدوثه، فإن ردها أو نكل فحلف
البائع على الحدوث استحق الأرش على الاحتمالين.
ولو طلب الحد من القاذف، فطلب اليمين على عدم الزنا، وقلنا بثبوتها كمذهب
الشيخ، فنكل أو رد فحلف على وقوعه سقط عنه الحد. ولا يحد المقذوف بيمينه
على الاحتمالين، لأنها لدفع الحد عنه لا لإثبات الزنا.
والوكيل على البيع وقبض الثمن لو أقر بهما، فأنكر الوكيل قبضه حلف،
واغرم المشتري، ورجع على الوكيل بما اغترمه مع جهله بالوكالة. وليس للوكيل
الرجوع على الموكل، لنفيه الغرم بيمينه، ولم يثبت بها شغل ذمة الوكيل للمشتري
فلو رد اليمين عليه احتمل تحليفه، ويبرأ على الاحتمالين.
والشهادة والرواية يتفقان في الجزم، وتختص الرواية بالعموم، والشهادة
بالخصوص. وشروطها معتبرة عند الأداء لا التحمل، إلا في الطلاق إجماعا.
وهل البراءة من ضمان الجريرة مثله؟ قولان.
وهل رؤية الهلال من الرواية أو الشهادة؟ احتمالان. والفائدة في التعدد.
ومنه نشأ الخلاف فيه، وكذا المترجم يحتملان فيه، والتعدد معتبر فيه، وفي الأول
على الأقوى.
والمقوم، والقاسم، وحافظ عدد الركعات والأشواط، والمخبر بالطهارة
والنجاسة ودخول الوقت والقبلة، والخارص، والأقرب الاكتفاء فيها بالواحد،
إلا المقوم فيه إشكال.
أما الفتوى والحكم فمن قبيل الرواية قطعا، ولهذا اكتفي فيهما بالواحد.
والإذن لدخول الدار، وتسليم الهدية وإن كانا من قبيل الشهادة اكتفي فيهما بالواحد
عملا بقرينة الحال، ولهذا قبل فيهما الصبي والعبد والفاسق.
174

ومنه قبول المرأة في زف العروس إلى زوجها، عملا بالقرينة، ويحتمل خروج
ذلك عن النوعين وشبهه بالرواية.
ولو روى أحد حديثا يقتضي الحكم له وإن لم يعلم الحاكم إلا منه، أو العبد
ما يوجب عتقه ففي السماع قولان، أقربهما السماع.
ومعنى شهد: حضر وعلم. ومعنى روى: تحمل. وهل ترجح في الشهادة مع
التعارض... 1) الشاهد ليس أن يبني الأحكام على الأسباب بل النقل لما سمع أو أبصر
بخلاف الحاكم فإن ذلك وظيفته، فالشاهد سفير له والتصرف إليه. وإذا ذكر الشاهد
السبب فقد يكون سببا في الترجيح إن رجحنا به، وهل يقدح ذكره فيها؟ إشكال.
وهل للشاهد أن يشهد بالاستحقاق عند مشاهدة التصرف بغير منازع؟ إشكال.
وقد يصح استناد الحكم إلى القرعة مع الاشتباه، وعدم طريق غيرها، للحديث 2)
فيقرع بين الأئمة عند استوائهم فيما به الترجيح، وبين أولياء الميت لتجهيزه
لذلك، وبين الموتى في تقديم الدفن والصلاة إذا تساووا في الفضل.
وعند التشاح لا يثار الصف الأول إذا استوى الورود في مجالس المساجد،
والرحاب، والمواضع المباحة، ومنازل المدارس، والربط وعند التشاح في الإحياء
والحيازة إذا امتنع الجمع، وبين أهل الدعاوي والدرس عند القاضي والمدرس إذا
تساووا في المجئ ولم يكن لأحدهم ضرورة، وبين الزوجات في ابتداء القسمة
والسفر بهن.
وفي تعارض البينات وعدم المرجح، والعبيد الموصى بعتقهم دفعة ولم يسعهم
الثلث، وفي القسمة للتخصيص بالسهام المقسومة، وعند تعارض الدعويين.

1) الظاهر أن هنا سقط. وفي هامش " ض ": الظاهر أن ترك كثير، وفي " ش ": مع
التعارض الظاهر ترك كثير إن هذا ليس أن يبين الأحكام...
2) الفقيه 3: 52 حديث 174، التهذيب 6: 240 حديث 593.
175

أما العبادات والفتاوى والأحكام المشتبهة فلا يصح استعمالها فيها إجماعا.
وشرع القسمة لا زالة ضرر الشركة، فيستحب نصب قاسم عدل عارف بقوانين
الحساب. ومن تراضى به الخصمان تمضي قسمته وإن خلا عن الشرائط، وهل
تصح القسمة بين أهل اليد وإن لم يثبت الملك عند الحاكم؟ إشكال.
وولي الطفل نائب عنه في وجوب القسمة فيجبر عليها لو امتنع، وإن لم تكن
غبطة على الأقوى. أو لو طلبها شرطت قطعا، والمشتملة على التقويم لا يكفي فيها
الواحدة على الأقوى.
ومنصوب الحاكم تلزم قسمته بالقرعة، وغيره يحتاج إلى الرضى بعده إن
كانت ذات رد. ومتساوي الأجزاء قسمته إجبارية إذا طلب أي واحد، ويجوز
الخوض، وهل يحتاج إلى الاثنين؟ الأحوط نعم.
ولو طلب بعض الشركاء في المتساوي قسمته بعضا في بعض لم يجبر الممتنع،
نعم لو طلب قسمة كل على حدته أجبر الآخر.
ومختلف الأجزاء إذا اشتملت قسمته على ضرر لم تصح قطعا، ولو اختص
بالبعض لم يجبر المتضرر، ولو امتنع غير المتضرر ففي إجباره إشكال، ولو انتفى
الضرر عنهما أجبر الممتنع إن لم تحتج إلى رد، ومعه لا جير.
والثياب والأمتعة والعبيد إذا أمكن تعديلها بالقيمة كانت قسمتها إجبارية، وإلا
توقفت على الرضى.
وعلو الدار وسفلها إذا أمكن تعديلها قسمت بعضا في بعض قسمة إجبارية، وإلا
كانت قسمة اختيارية.
* * *
ورد في نهاية النسخة " ش ": تمت الأقطاب بعون الملك الوهاب في يوم
الثلاثاء في شهر ربيع الأولى في سنة ستة وثمانين ومائتين بعد ألف من الهجرة
176

النبوي (كذا) " ص ". كتبه العبد الضعيف النحيف محمد رضا ابن أبي القاسم
الموسوي.
وفي نهاية نسخة " ف " ورد: تمت الأقطاب بعون الملك الوهاب استنسخه
في دار السلطنة أصفهان عن نسخة كثيرة الأغلاط في سنة 1244 ه‍ بعد يوم النيروز.
* * *
وأنا الفقير إلى الله الغني محمد ابن الحاج رضا ابن الحاج محمد علي الحسون
النجفي، قد أتممت استنساخ هذا السفر القيم وتحقيقه، وأنهيته في النصف من
محرم الحرام عام 1410 هجرية، سائلا المولى القدير أن يرضى عني وعن والدي
ويرحمني ومن يلوذ بي إنه سميع عليم.
177