الكتاب: منتهى المطلب (ط.ق)
المؤلف: العلامة الحلي
الجزء: ٢
الوفاة: ٧٢٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

كتاب
منتهى المطلب
مجلد الثاني
للعالم الرباني والكامل الصمداني
رئيس الفقهاء والمحققين آية الله في العالمين
الشيخ العلامة جمال الدين أبى منصور
الحسن بن يوسف بن علي المطهر الحلي
المشتهر بالعلامة
متوفى سنة 762 ه‍ ق
555

بسم الله الرحمن الرحيم
الكتاب الرابع في الصوم وفيه مقدمة ومباحث الصوم في اللغة هو الامساك قال الله تعالى
حكاية عن مريم عليها السلام اني نذرت للرحمن صوما اي صمتا على الكلام ويقال صام النهار إذا أمسكت الشمس عن اليسر وقال الشاعر خيل صيام وخيل
غير صائمة تحت العجاج وأخرى يعلكه اللحم اي ممسكه عن السهيل فاستعمال الصوم في هذه المعاني مع أن الأصل عدم الاشتراك والمجاز وجود ما يضع
معنى له في كل واحد واشتراكه أعني الامساك مطلقا دال على كونه حقيقة فيه وفي الشرع عبادة عن إمساك مخصوصا يأتي بيانه إن شاء الله مسألة
وهو ينقسم إلى واجب وندب ومكروه محظور فالواجب ستة صوم شهر رمضان والكفارات وصوم المتعة والنذر وما في معناه من اليمين والعهد والاعتكاف
على بعض الوجوه وقضاء الواجب والندب جميع أيام السنة الا العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى والمؤكد منه أربعة عشر صوم ثلاثة أيام في كل شهر وأيام
البيض والغدير ومولد النبي صلى الله عليه وآله ومبعثه ودحو الأرض وعرفه لمن لا يضعفه عن الدعاء وعاشورا على جهة الحزن والمباهلة وكل خميس و
وكل جمعة وأول ذي الحجة ورجب وشعبان والمكروه أربعة صوم عرفة ولمن يضعفه عن الدعاء أو شك في الهلال والنافلة سفرا عدا ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة
والضيف نافلة من غير اذن مضيفة وكذا الولد من غير اذن الوالد والصوم ندبا لمن دعا إلى طعام والمحظور تسعة صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ويوم الشك
بنية الفرض وصوم نذر المعصية وصوم السمت وصوم الوصال وصوم المرأة والعيد ندبا من غير اذن الزوج والمالك وصوم الواجب سفرا عدا ما استثنى وسيأتي
بيان ذلك انشاء الله مسألة قيل أول ما فرض صوم عاشورا وقيل لم يكن فرضا بل تطوعا وقيل لما قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة
امر بصوم ثلاثة أيام من كل شهر وهو قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام الآية ثم فسخ بقوله شهر رمضان وقيل المراد بالأيام المعدودات شهر
رمضان فالآية ليست منسوخة وقيل أول ما فرض صوم شهر رمضان المطيق لم يكن واجبا عينا بل كان مخير ا بين الفدية والصوم وكان الصوم أفضل وذلك
قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم ثم نسخ بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه
مسألة قيل كان الصوم قي ابتدأ الاسلام ان يمسك من حين يصلي عشاء الآخرة أو ينام إلى أن تغيب الشمس فإذا غابت حل الطعم والشراب إلى أن
يصلى العشاء أو ينام وان خزيمة بن قيس الأنصاري أتى امرأته وكان صائما فقال عندك شئ فقالت لعلى اذهب فاطلب لك فذهبت وغلبته عينه
فجاءت فقالت جئته لك فتم ينتصف النهار حتى غشى عليه وكان يعمل لمؤنة في ارضه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فنزل أحل لكم ليلة الصيام
الآية وروى ابن عباس ان عمر بن الخطاب اختان نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء فنزل قوله تعالى يختانون أنفسكم مسألة قيل السبب
في تسمية رمضان انه كان يوافق زمان الحر مشتق من الرمضا وهز الحجارة الحارة لان الجاهلية كانت يكبس في كل ثلث سنين شهرا فيجعلون المحرم
صفرا متى لا نختلف شهورها في الحر والبرد وذلك هو النسي الذي حرمه الله تعالى عليهم فكان رمضان يشتد فيه الحر وربيع في زمان الربيع وجمادي
في وجماد الماء فلما حريمه إليه النبي اختلف الشهود في ذلك وروى عن النبي صلى الله عليه وآله انه انما سمى رمضان لأنه يحرق الذنوب مسألة وصوم
556

شهر ر مضان واجب بالنص والاجماع قال الله تعالى فمن شهد منكن الشهر فليصمه وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال معنى الاسلام على خمس
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله يصومه
روى لا نفقه بالبول فدنا منه فإذا هو يسأله عن الاسلام فذكر له إلى أن ذكر صوم رمضان فقال هل على غيره فقال لا الا ان تطوع ومن طريق الخاصة
فما رواه الشيخ في الحسن عن زوارة عن أبي جعفر عليه السلام قال بنى الاسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية قال رسول الله صلى الله عليه وآله الصوم جنة من النار وعن أبي أيوب وعن أبي جعفر عليه السلام خطب رسول الله صلى الله عليه وآله في اخر جمعة من شعبان
حمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس انكم قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من الف شهر فرض الله صيامه الحديث والاخبار كثيرة في ذلك متواترة ولاختلاف من
المسلمين في وجوب صوم شهر رمضان مسألة والصوم المشروع هو الامساك من أول النهار إلى اخره وهو من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس الذي يجب
معه صلاتان وقال الأعمش انما يجب الامساك من طلوع الفجر الذي يملا البيوت والطرق لنا قوله تعالى حتى تبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود
من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا خلاف بين المسلمين في ذلك والأعمش منفرد لا تعيد بخلافه الاجماع
البحث الأول في النية
وهي شرط في صحة الصوم واجبا كان أو ندبا رمضان كان أو غيره ذهب إليه علماءنا اجمع وبه قال أكثر الفقهاء وحكم عن زفر بن الهذيل ومجاهد وعطا
ان صوم رمضان إذا تعين بان كان مقيما صحيحا لا يفتقر إلى النية لقوله تعالى وما امر والا ليعبدوا الله مخلصين له الدين والصوم عبارة ومعنى النية
الاخلاص وقوله تعالى وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الأعلى وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال انما الأعمال
بالنيات وعنه عليه السلام من لم ثبت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الرسول صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات
ولكل امر اما نوى وعنه عليه السلام الأعمال بالنيات وعن الرضا أنه قال لا قول الا يعمل ولا عمل الا بنيته ولا
نية الا بإصابة السنة ولأنه يحتمل
وجهي الطاعة وغير ها فلا مميز الا النية ولان قضاه يفتقر إلى الية فكذا الاكمال صلاتها احتج المخالف ان الصوم في رمضان فرض مستحق بعينه
فلا يفتقر إلى النية كرد الوديعة والغصب والجواب الفر ق بأنه حق الأول مسألة قال الشيخ رحمه الله يكفي في شهر رمضان بنيته القربة وهو ان ينوى
الصوم متقربا إلى الله تعالى لا غير ولا يفتقر إلى نية التعين أعني ان ينوى وجه ذلك الصوم كرمضان أو غيره وقال مالك لا بد من نيته التعين في رمضان
وغيره وبه قال الشافعي واحمد في أحد القولين وفي القول الثاني كقولنا وهو مذهب أبي حنيفة بشرط لن يكون مقيما لنا ان القصد من نية التعين
يجزي عن أحد الفعلين أو أحد وجهي الفعل الواحد عن الاخر وهو غير حاصل في صورة النزاع لان رمضان لا يقع فيه غيره بل هو على وجه واحد ما استثنى
عن نية التعيين كرد الوديعة ولأنه فرض مستحق في ي مان معين فلا يجب تعيين النية له كطواف الزيارة عندهم احتجوا بأنه صوم واجب فلا بد فيه
من التعيين كالقضاء ولأنه واجب موقت فافتقر إلى التعيين كالصلاة والجواب فرق بين صورة النزاع والمقيس عليه لان تلك الأوقات
لا متعين لوقوع القضاء والصلاة فيها فاحتاجت إلى التعيين مسألة وما عدا رمضان ألن تعين زمانه بالنذر وشبهه كما لنذر والمعينة
بوقت هل تكفي نيه القربة القربة فيها أم لا قال الشيخ لا يكفي وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يحتاج إلى نية التعيين وهو مذهب السيد المرتضى ره
احتج الشيخ بأنه صوم واجب لا يتعين وقته بأصل الشرع فيفتقر إلى التعيين كالنذر والمطلق احتج أبو حنيفة بأنه زمان تعين للصوم لسبب النذر فكان
كرمضان ولان الأصل براءة الذمة ذ وهو قوى اما ما لا يتعين الصوم كالنذر والمطلقة والكفارات والقضاء وصوم النفل فلا بد فيه من نية التعيين
وهو قول علمائنا وكافة الجمهور الا النافلة لأنه ضمان لا يتعين الصوم فيه فلا يتخصص وجهه فاحتاج إلى النية المفيدة للاختصاص وهو عام في الفرض
والنفل فروع الأول قال الشيخ يكفي نية التعيين عن نية القربة ولا ينفك في كل صورة يشترط فيها نية التعيين وهو مشكل لان
في نية التعيين بان ينوي ان يصوم شهر رمضان أو غيره و ح لا بد من نية القربة لأنها شرط في كل عبارة ونية التعيين مغايرة لها ومستدامة لها
بجواز قصر أحدهما حالة الذهول عن الاخر فاذن لا بد من نية التقرب أيضا لما ان نوى مع التعيين التقرب فإنه يجزيه قولا واحدا وكان مقصور
الشيخ ره هذا الثاني هل اخذ تعيين الفرض شرط في نية التعيين أم لا فيه للشافعي قولان أحدهم انه شرط لان صوم رمضان قد يقع نفلا عن
المراهق والثاني الاجزاء بنيته انه من رمضان لأنه لا يقع الا فرضا ممن عليه فرضه وهذا قوى الثالث ليس للمسافر ان يصوم رمضان بنيته
انه منه إذا كان سفر التقصير لان الصوم عندنا في السفر محرم على ما يأتي وان نواه عن غير رمضان فرضا كان أو نفلا لم يصح وبه قال الشافعي
وأكثر الفقهاء وقال أبو حنيفة يقع عما نواه فإذا كان واجبا وقال محمد وأبو يوسف يقع عن رمضان وتردد الشيخ في المبسوط بين قولنا وبين
جواز ايقاع الصومين فيه لنا ان الصوم منهى عنه بقوله عليه السلام ليس من البر الصيام في السفر ولما يأتي والنهى عنه لا يقع ما مورا به فلا يقع عبارة
لأنه زمان أبيح الفطر فيه للعذر فلا يجوز صيامه عن غير رمضان كالمريض والشيخ الهم احتج أبو حنيفة بأنه زمان تخير فيه بين الصوم والافطار
فجاز ان يصوم ما شاء كالمقيم في غير رمضان واحتج أبو يوسف ومحمد بان الصوم واجب اختص فيه للعذر والمشقة فإذ ا صام لم ير خص والجواب لا
نسلم التخيير على ما يأتي والفرق بين المسافر والمقيم ان المقيم يجوز له الافطار بالأصالة لا لأجل العذر ولأنه يجوز له التطوع بخلاف
557

بخلاف صورة النزاع وعن الثاني انه لا يلزم من فعل النهى عنه اعتباره شرعا كاتمام الصلاة الرابع لو نوى الحاضر في شهر رمضان صيام
غيره مع الجهل وقع عن رمضان لا غير لما بينا من أن رمضا ن يكفي فيه نية القربة وقد حصلت فلا يغير الضميمة اما لو كان عالما فالأقوى انه كك لهذا
الدليل بعينه وقيل لا يجزى لأنه لم ينو المطلق فينصرف إلى رمضان وصرف الصوم إلى غير رمضان لا يجوز فلا يقع أحدهما اما رمضان فلانه لم ينو واما
غيره فلعدم صحة ايقاعه ونحن ها هنا في الموضعين من المترددين مسألة ويجوز في الصوم المتعين كرمضان والنذر المتعين ان ينوى من الليل
ويتضيق حين يطلع الفجر فلا يجوز تأخيره عن طلوعه مع العلم ولو اخرها وطلع الفجر فلصوم ذلك اليوم إذا كان عامدا ووجب عليه قضاؤه
ولو تركها ناسيا أو لعذر جاز تجديدها إلى الزوال وقال الشافعي لا يجزي الصيام الأبنية من الليل في الواجب كله المعين وغيره وبه قال مالك واحمد
وفي جواز مقارنة النية لطلوع الفجر عنده وجهان وقال أبو حنيفة يصح صوم رمضان بنيته قبل الزوال وكذا كل صوم معين لنا على الحكم الأول وهو جواز
ايقاعها ليلا الاجماع والنص قال عليه السلام لا صيام لمن لم يثبت الصيام إلى الليل وعلى الحكم الثاني وهو عدم جواز تأخيرها عند طلوع الفجر مع
العلم الحديث أيضا وبان النية شرط في الصوم على ما تقدم فمن تركها متعمدا فقد أخل بشرط الصحة فيكون الصوم فاسد العدم الشرط فلا يتجدد له
انعقاد وعلى الحكم الثالث وهو الجواز مع العذر والنسيان بما روى أن ليلة الشك أصبح الناس فجاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فشهد برؤية
الهلال فامر النبي صلى الله عليه وآله مناد يا ينادي من لم يأكل فليصم ومن يأكل فلا يمسك فإذا جاز مع العذر وهو الجهل بالهلال جاز مع النسيان احتج
الشافعي بقوله عليه السلام لا صيام لمن لم يثبت الصيام قبل الفجر احتج أبو حنيفة بان النبي صلى الله عليه وآله بعث إلى أهل القراء في يوم عاشورا ان من
اكل منكم فليمسك بقية نهاره ومن لم يأكل فليصم وكان صوما واجبا متعينا فأجاز بالنية من النهار ولأنه غير ثابت في الذمة فهو كالتطوع
والجواب عن الأول انه وارد في ادراك أو يستحيل تكليف الساهي والمعذور وعن الثاني ان صوم عاشورا لم يكن واجبا لأنه قد روى عنه
عليه السلام هكذا يوم عاشورا لم يكلف الله عليكم صيامه وانا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر سلمنا الوجوب لكنه تجدد في أثناء
النها ر فكان كمن نذر اتمام صيام يوم صيامه ندبا فان نية الفرض يتجدد عتد تجدده خلاف صورة النزاع وعن الثالث ان الفرق بين التطوع
والفرض ثابت فان التطوع سومح ثبت نية من الليل الكسراله؟؟ إذ قد يبدو له الصوم في النهار ولو اشترطت النية يمنع من ذلك فسامح الشرع فيه كما سامح في ترك القيام في النافلة وترك الاستقبال في السفر لكسرا؟؟ بخلاف الفرض وأيضا ينتقض بصوم كفارة الظهار فإنه عند أبي
حنيفة لا يثبت في الذمة ولا يصح بنية من النهار فروع الأول لو نوين اي وقت كان من الليل بل أجزأه وقال بعض الشافعية انما
يصح النية في النصف الثاني دون الأول لا اختصاصه باذان الصبح بالدفع من مزدلفة ولنا مفهوم قوله عليه السلام لا صيام لمن يثبت الصيام من الليل من غير تفصيل
ولان تخصيصه بالنصف الثاني منتف للفرض ومفض إلى من يفوته الصوم إذ التقديم رخصة فالتضييق ينافيها وأكثر الناس قد لا بليلة؟؟ في النصف
الثاني ولا يذكر الصوم ويمنع المقيس عليه وقد مضى البحث في الأذان وسيأتي في الدفع من مزدلفة علين انهما يجوزان بعد الفجر فلا يقضي منعهما في
النصف الأول اي فواتهما بخلاف النية ولان امتصاصها بالنصف الاخر بمعنى التجويز والتخيير فيه واشتراط النية بمعنى التحتم وفوات الصوم بفواتها
فيه ومع اختلاف الحكمين لا يصح القياس الثاني يجوز مقارنة النية لطلوع الفجر لان مجل الصوم هو النهار والنية له فجازت مقارنتها
له لان التقديم للسبق فلا يمنع جواز المقارنة وقال بعض الشافعية يجب تقديمها علين الفجر لقوله عليه السلام من لم يجمع قبل الفجر فلا صيام
له ولأنه يجب إمساك باخر من الليل ليكمل به صوم النهار فوجب تقديم النية على ذ لك والجواب لما تعذر ايقاع العزم مع الطلوع لعدم ضبطه
لم يكلف الرسول ص به وبعده لا يجوز فوجب القبلية لذلك لأنها في الأصل واجبة قبل الفجر وان ينام بعد النية خلافا لأبي اسحق
من الشافعية لقوله تعالى وكلوا وشربوا حتى تبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر مسألة وما ليس بمعين كالقضاء و
النذور المطلقة فوقت النية فيه من الليل مستمر إلى الزوال فيجوز ايقاعها في اي جزء كان من هذا الزمان إذا لم يفعل المنافي نهارا وقال
أبو حنيفة لا يجزي الا من الليل وبه قال الفقهاء وقول السيد المرتضى ره ان وقت نية الصوم الواجب من أول الفجر إلى الزوال انما أراد به
وقت التضييق لنا انه صوم لم يتغير زمانه فجاز تجديد النية فيه إلى الزوال كالنافلة ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن
الحجاج قال سألت عن الرجل يبدو له بعدما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان ولم يكن نوى ذلك من الليل قال
نعم لا يصمه وليعتد به إذا لم يكن احداث شيئا وعن صالح بن عبد الله عن أبي إبراهيم عليه السلام قال قلت له رجل جعل الله عليه صيام شهر فيصبح وهو ينوى
الصوم فيبدو له فيصوم فقال هذا كله جايز وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الرجل يصبح ولم يطم ولم يشر ب
ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان الله ان يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار فقال نعم له ان يصوم وتعيد به من شهر رمضان
وانما اعتبرنا الزوال لان الواجب الاتيان لصوم الفريصة من أول لنهار إلى اخره فإذا نوى قبل الزوال احتسب له صيام اليوم كله لما رواه
الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يصبح ولا ينوى الصوم فإذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم
558

فقال إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه فيما نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى وعن عمار الساباطي عن أبي عبد الله
عليه السلام عن الرجل عليه أيام من شهر رمضان يريدان يقصيها متى ينوى الصيام قال هو بالخيار إلى أن تزول الشمس فإذا زالت فإن كان نوى الصوم
فليصم وان كان نوى الافطار فليفطر سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم ان ينوى الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا اما حديث أحمد بن محمد بن
أبي نصر عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل إلى العصر أيجوز ان يجعله
قضاء من شهر رمضان قال نعم فإنه مع إرساله لا تعرض فيه بالنية احتج الفقهاء بقوله عليه السلام من لم يثبت الصيام من الليل فلا صيام له ولأنه
زمان لا يوصف نهاره بتحريم الأكل من اوله فإذا لم ينو من الليل لم يوصف اوله بالتحريم بخلاف الصوم المعين والجواب ان الحديث مخصوص بصوم
النافلة فيندرج فيه ما شاء الله في عدم التعيين وكذا عن الثاني مسألة وفي وقتها لصوم النافلة قولان أحدهما انه يجب من الليل
بمعنى انه لا يصح الصوم الا بنية من الليل ذهب إليه مالك وداود والمزني وروى عن عبد الله بن عمر قال علماؤنا اجمع يجوز تجديد ما
نهارا وبه قال ابن مسعود وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والنخعي والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لنا ما رواه الجمهور عن عايشة قالت دخل على
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شئ قلنا لا قال فاني اذن صائم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ع
قال قال علي ع إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ثم بدا له الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا أو يفطر هو بالخيار ان شاء صام
وانشاء أفطر وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم المتطوع تعرض له هو بالخيار ما بينه وبين العصر وان مكث حتى
العصر ثم بدا له ان يصوم وإن لم يكن نوى ذلك فله وان يصوم ذلك انشاء وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير
المؤمنين عليه السلام يدخل إلى أهله فيقول عندكم شئ والا صمت فإن كان عندهم شئ اتوه به والا صام نفل الصلاة فيحيف عن فرضها بترك القيام
وفعلها على الراحلة إلى غير القبلة فكذا الصوم احتج مالك بظاهر قوله عليه السلام لا صيام لمن لم يثبت الصيام من الليل ولان الصلاة يتساوي وقت نية
فرضها ونقلها فكذا الصوم والجواب عن الحديث انه مخصوص بالقياس والمنذور ولان حديثنا خاص وحديثهم عام مع ضعفه فان في طريقه يحيى بن
أيوب وضعفه احمد وعن القياس بالفرق لأنه لان النية مع أول الصلاة في النفل لا يؤدي اشتراطها إلى نفلها لأنها لا يقع الا بقصد وبنية إلى فعلها
اما اشتراط الصوم من الليل فإنه تؤدي إلى التعليل النفل فإنه ربما عن له الصوم بالنهار فعفى عن ذلك كما يجوز الصلاة نفلا على الراحلة لهذه العلة
مسألة في امتداد وقتها إلى النافلة قولان أحدهما انه إلى الزوال فيفوت بعده ذهب إليه علماؤنا ونهوا الظاهر من كلام الشيخ في المبسوط
وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه واحمد في إحدى الروايتين وثانيهما انه يمتد وقتها بامتداد النهار فيجوز النية بعد الزوال إلى أن يبقى
من النها ر ما يصح صومه فلو انتهى النهار بانتهاء إليه لم يقع الصوم وهو اختيار السيد المرتضى وابن أدر يس وأكثر علمائنا وهو قول الشافعي أيضا
غير مشهور قال الشيخ في الخلاف لا أعرف به نصا لنا على امتداد النية بامتداد النها ر ما رواه الجمهور والأصحاب عن الرسول ص وعلي
عليه السلام انهما يتناول المنزل فان وجدا طعاما اكلا والا صاما وقد تقدم الحديثان من غير يقين ومن رواه الشيخ في حديث هشام بن سالم الصحيح عن أبي عبد
الله عليه السلام قوله وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى وكذا حديث أبي بصير عنه عليه السلام وحديث محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام فإنه دال باطلاقه على صور النزاع ولأنه نوى في جوف النهار فكان مجزيا كما لو نوى قبل الزوال ولان جميع الليل محل
لنية الفرض فإذ تعلقت نية النفل بالنهار كانت في جميعه احتج المخالف بان النية ينبغي ان يكون من أول النهار أو قبله فإذا نوى قبل الزوال جاز
ذلك تحقيقا وجعل نيته معظم النهار بمنزلة نيته مع حقيقة كما لو أدرك الامام بعد الرفع لم يدرك الركعة لفوات معظمها ولو أدركه
قبل ادراكها لادراكه معظمها والجواب لا يعارض ما ذكر تموه وما تلوناه من الأحاديث العامة والقياسات الكثيرة فرع هل يحكم له بالصوم
الشرعي عن الثابت عليه من وقت النية أو من ابتدأ النهار قال الشيخ في الخلاف بالثاني وبه قال أكثر الشافعية وقال آخرون منهم أنه يكون صائما
من حين النية وبه قال احمد لنا ان الصوم في اليوم الواحد لا ينتقض فيه ولأنه لو جاز ذلك لجاز إذا اكل في أول النهار ان يصوم بعينه ويؤيده
رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام احتج المخالف بان ما قبل النية لم يقصد بالامساك فيه الصوم فلا تكون طاعة والجواب لا
امتناع في ذلك كما لو نسي النية بعد فعله ها فإنه يحكم بكونه صائما في تلك الحال حكما وان انتفى القصد في تلك الحال وكما لو أدرك الامام
راكعا فإنه يجب له تلك الركعة وان كان بعضها لا يقال انما لم يجز لمن اكل الصوم بقيته النهار لأنه لم يترك حكم إعادة لا لما ذكرتموه
ولان رواية هشام تدل على أنه يحسب له من وقت النية إذا لوقعها بعد الزوال ولرواية عبد الله ابن سنان الصحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال فان بذله له ان يصوم بعد ما ارتفع النهار فإنه يحسب له من الساعة التي نوى فيها لأنا بقول لو كانت العلة ترك العادة لكان من شرب جرعة
أو اكل شيئا يسرا لا يحصل به غدا صائما وليس كك ولا ريب دلالة رواية هشام على أن النادي بعد الزوال يحسب له من أول ا لنهار فالأولى
العمل بمضمونها ويحمل رواية ابن سنان عليها لامكانه إذا قلت هذا فالشرط عند ايقاع ما ينسد الصوم لو كان صائما فعل النية فلو ضل ما ينتقض
559

به الصوم ثم نوى لم يعتد به بلا خلاف مسألة قال الشيخ في الخلاف أجاز أصحابنا في رمضان خاصة ان يتقدم بنيه عليه بيوم أو أيام وقال في
المبسوط لو نوى قبل الهلال صوم الشهر أجزأته النية السابقة ان عرض له ليلة الصيام شهر ونوم أو اغماء فإن كان ذلك فلا نية له من تجديد
وبنحوه قال في النهاية والجمل ويمكن ان يحتج له بان المقارنة غير شرط ولهذا جاز تقديمها من أول ا لليل وان يتبعها الأكل والشرب والجماع وإذا
جاز ذلك جاز ان يتقدم أو يومين أو ثلاثة لتقارب بالزمان هنا كما هو ثم ولكن هذا ضعيف جد ا لان تقديم النية من أول لليل مستفاد من مفهوم قوله عليه السلام من لم يثبت الصيام فلا صيام له ولان مقارنة النية لأول طلوع الفجر عسر جدا فانتفى وصار المعتبر فعلنا
في الزكاة الممتد من الأول الليل إلى اخره بخلاف تقدمها باليوم والأيام ولاية لا فاصل بين الليل واليوم غير هما بخلاف الأيام السابقة
ولأنه قياس من غير جامع فلا يكون مسموعا مسألة وجوز أصحابنا في رمضان ان ينوى من أول الشهر صومه اجمع ولا يحتاج
كل ليلة إلى نية وفي غيره لابد م ن نية لكل يوم وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين واسحق وحكى زفر وقال أبو حنيفة والشافعي و
احمد في رواية لا بد من تجديد النية لكل يوم لنا انه نوى في زمان يصلح جنسه لنية الصوم لا يتملك بينه وبين فعله زمان يصلح جنسه لصوم سواه فجاز
ذلك كما نوى اليوم الأول من ليلته ولأنه عبادة واحدة حرمته واحدة ويخرج منه بمعنى واحد هو الفطر فصار كصلاة واحدة ولأن حرمته حرمت واحدة فنوى فيه النية الواحدة كما لو أبرت (نوت) في اليوم الواحد إذا دفعت في ابتدائه احتج المخالف بأنه صوم واجب فوجب ان ينويه من ليلته كاليوم الأول ولان
هذه الأيام عبادات يتحللها ما ينافيها ولا يفسد بعضها بفساد بعض فأشبه القضا والجواب مساواة الليل الأولى ليالي كما بينا فكما جاز
ايقاع النية في كل ليلة جاز في الأول وكونها عبادات متعددة صحيح من وجه وهي متحدة من وجه آخر على ما قدمناه واعلم أن عندي في هذه المسألة
اشكالا والحق انها عبادات منفصلة ولهذا لا يبطل البعض بفساد الاخر بخلاف الصلاة الواحدة واليوم الواحد وما ذكر ه أصحابنا قياس محض
لا يعمل به لعدم النص على الفروع وعلى علته لكن الشيخ ره والسيد المرتضى رضي الله عنه إذ ها هنا الاجماع ولم يثبت عندنا ذلك فالأولى تجديد النية
في كل يوم من ليلة فروع الأول إذ قلنا بالاكتفاء بالنية الواحدة فان الأولى تجديد ها بلا خلاف الثاني لو نذر شهر معينا
أو أيام معينة متتابعة لم يكتف فيها بالنية الواحدة انه عندنا فلعدم النص واما عندهم فللفرق بين صوم لا يقع فيه غيره وبين صوم يجوزان
ان يقع فيه سوا الثالث لو فاتته النية منت أول الشهر لعذر وغيره هل يكتفي بالواحدة في ثاني ليله وثالث ليلة للباقي من الشهر فيه
تردد اما ان قلنا بعدم الاكتفاء في الأول قلنا له ههنا وان قلنا بالاكتفاء هناك فالأولى الاكتفاء هنا لان النية الواحدة قد كانت مجرمة
عن الجميع فعن البعض أولى لكنها هو كلها قياسات لا يعتمد عليها مسألة يستحب صيام يوم الثلثين من شعبان إذا لم ير الهلال بنيت انه من
شعبان ولا يكره صومه سواه كان هناك مانع من الرواية كالغيم شبهه أولم يكن هناك مانع وقال المفيد ره انما يستحب الشك في الهلال لامع السهو
وارتفاع الموانع ويكره مع الصحو وارتفاع الموانع لا لمن كان صايما قبله وبه قال الشافعي والأوزاعي وقال احمد ان كانت السماء مصحية كره صومه
وان كانت مغيمة وجب صومه ويحكم بأنه من رمضان وروى ذلك عن ابن عمر وقال الحسن وابن سيرين ان صام الامام صاموا وان أفطر أفطر واو هو
مروي عن أحمد وقال أبو حنيفة ومالك مثل قولنا لنا ما رواه الجمهور عن علي عله السلام أنه قال لان أصوم يوما من شعبان أحب إلى أن أفطر يوما من رمضان وروى عن عايشه وأبي هريرة ورووا عن عايشه انها كانت تصومه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن حكم قال سألت أبا الحسن
عله السلام عن اليوم الذي شك فيه فان الناس يزعمون أن من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان فهو يوم وفقوا الله وان كان من غيره فهو
بمنزلة ما مضى من الأيام وعن بشير النبال عن أبي عبد الله ع سألته عن صوم يوم الشك فقال صمه فان لم يكن من شعبان كان تطوعا وان
يكن من شهر رمضان وقعت له وعن الكاهلي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اليوم الذي يشن فيه من شعبان قال لصوم يوما من شعبان أحب إلى من أفطر
يوما من رمضان ولأنه يوم محكوم به من شعبان ولا يكره صومه كما لو كانت عادته صيامه ولان الاحتياط يقتضي الصوم فلا وجه لكراهيته ولأنه يوم
محكوم من شعبان فكان كغيره من أيامه احتج الشافعي بما رواه أبو هريرة ان النبي ص نهى عن صيام ستة أيام اليوم الذي يشك فيه من رمضان
ويوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق وعن عما ربن ياسر قال من صام يوم الشك فقد عصى ابا القسم وعن أبي هريرة ان النبي ص
لا تقدموا هلال رمضان بيوم ولا يومين الا ان يوافق صوما كان يصوم أحدكم وروى أصحابنا مستند ذلك روى الشيخ عن هارون خارجة قال قال
أبا عبد الله عليه السلام شعبان تسعه وعشرين يوما فان كانت متعينة فأصبح صائما وان كانت مصحية ونصرته ولم تر شيئا فأصبح مفطرا وعن
عبد الكريم بن عمر قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت على نفسي ان أصوم حتى يقوم القائم فقال لا تصم في السفر ولا العيدين ولا أيام الشريق
واليوم الذي يشك فيه وعن قتيبة الأعشى قال أبو عبد الله عليه السلام نهى رسول الله ص عن ستة أيام العيدين وأيام
التشريق واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان احتج احمد بما رواه ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انما لشهر تسعة وعشرون
يوما فلا يصوموا حتى يروا الهلال ولا يفطروا حتى يروه فان غم عليكن فاقدروا له ومعنى الاقدار التضييق كما في قوله تعالى ومن قدر
560

عليه رزقه والتضييق له ان يجعل شعبان بتسعة وعشرين يوما وفعل ابن عمر ولك فكان يصوم مع الغيم والمانع ويفطره لا معهما وهو الراوي فكان فقل الغير
أو لأنه شك في أحد طرفي الشهر لم يظهر فيه أنه من غير رمضان فوجب الصوم كالطرف الآخر ولان الاحتياط يقضى الصوم واحتج ابن سيرين يقول النبي صلى الله عليه يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون قيل معناه ان الصوم والفطر مع الجماعة ومعظم الناس والجواب
الأحاديث الدالة عن النهى والى الصوم بنيته انه غير رمضان لأنه ظاهر امن غير رمضان فاعتقاد انه منه صح فإرادة فقل على هذا الوجه قبيحة ويفضل
الفعل باعتبار قبح الإرادة فيها فكان منهيا عنه والنهى في العبادات يدل على الفساد ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن شهاب الزهري قال سمعت
علي بن الحسين ع يقول يوم الشك أمرنا بصيامه ونهينا عنه أمرنا ان يصوم الانسان على أنه من شعبان ونهينا ان يصومه على أنه من
شهر رمضان وهو لم ير الهلال وحديث احمد على الوجوب معارض بما رواه البخاري بإسناده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه صوموا
لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فان غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلثين على أن مسلما رواه في الصحيح عن ابن عمران النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي رمضان
فقال فقدروا له ثلثين وفي حديث اخر عن ربعي بن حمران ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم
لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فعدوا شعبان ثلثين ثم صوموا وان عم عليكم فعدوا ثلثين ثم افطروا ولان الأصل بقاء شعبان فلا
ينتقل عنه بالشك ولهذا لا يحل الذي المعلق بشهر رمضان ولا الطلاق المعلق به عنده واما الكراهية مع الصحو فمنعيه (فنمنعه) بما ذكرناه من الأدلة
وقد روى المجور ان النبي ص كان يصلي شعبان ورمضان وهو عام ويحمل نهى تقديم الصوم على العاجز ليقوى بالافطار على الصوم الواجب كما
حمل رواية أبي هريرة عن النبي ص أنه قال إذا كان النصف من شعبان فامسكوا عن الصيام حتى يكون رمضان واحتجاج ابن سيرين ورد على الظاهر إذ الغالب عدم خفاء الهلال عن جماعة كثيرة وخفاؤه عن واحد اثنين لا العكس فروع الأول لو نوى انه من رمضان كان حراما
ولم يخرجه لو خرج من رمضان لما بيناه من أن النهى يدل على الفساد والحديث علي بن الحسين عليه السلام ولما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال في يوم الشك من صامه قضاه وان كان كك من صامه على أنه من رمضان ويدل عليه قوله عليه كان كك لان التشبيه انما هو
للنية ولو نوى انه من شعبان ندبا ثم بان انه من رمضان اجزاء عنه لأنه صوم شرعي غير منهى عنه فكان مجزيا عن الواجب لان رمضان لا يقع
فيه غيره ونية الوجوب ساقطه للعذر كناسي النية إلى قبل الزوال ولما ذكرناه من الأحاديث الثاني لو نوى انه واجب أو ندب ولم يعين لم يصح
صومه ولا يجزيه لو خرج من رمضان الا ان تجدد النية قبل الزوال الثالث لو نوى انه من رمضان فقد بينا انه. نجزيه وقد يرد تردد الشيخ
في الخلاف فلو ثبت الهلال قبل الزوال جدد النية وأجزأه لان محل النية باق الرابع لو ساه بنيته انه من شعبان ندبا ثم لو بان انه من
رمضان والنهار باق جدد نية الوجوب ولو لم يعلم حتى فات النهار أجزأه عنه ما بينا الخامس لو نوى انه كان من رمضان فهو واجب وان كان
من شعبان فهو ندب للشيخ قولان أحدهما الاجزاء لو بان من رمضان ذ كره في الخلاف لان بنية القربة كافية وقد نوى القربة والثاني لا يجزيه وبه قال
الشافعي لان بنية مترددة والجزم شرطها والتعيين ليس بشر ط إذا علم أنه من شهر رمضان اما فيما لا يعلم فلا نسلم ذلك السادس لو نوى
الافطار لاعتقاده ان من شعبان فان من رمضان قبل الزوال لم يتناول شيئا نوى الصوم الواجب وأجزأه لما بيننا
ان محل النية إلى الزوال
والعذر موجود وهو الجهل فكان كتارك النية نسيا فلو ظهر له ذلك بعد الزوال أمسك نفسه نهاره ووجب عليه القضاء وبه قال أبو
حنيفة والشافعي أوجب القضاء في الموضعين وقد سلف ضعفه وروى عن عطا أنه قال يأكل بقيه يومه ولا نعلم أحدا قاله سواه الا في
رواية عن أحمد ذكرها أبو خطاب واحتجوا با لقياس على المسافر وهو خطا لان المسافر الفطر بعد قدومه ظاهر أو باطنا بخلاف صورة
النزاع لما رواه الجمهور عن ابن عباس ان الأعرابي لما شهد بالهلال امر النبي ص الناس بالصوم وصام السابع
لو نوى الصوم في رمضان ثم نوى الخروج منه بعد انعقاده لم يبطل صومه قال الشيخ ره والشافعي في أحد قوليه وفي الاخر يبطل لان النية
شرط في صحته ولم يحصل لنا انه صام بشرط هو النية فكان مجزيا ولا يبطل بعد انعقاده وتمنع كون ابتدائه النية شرطا الثامن لو شك
هل يخرج أم لا يخرج عند نا لما تقدم وفي المتعين مع الشك لو للشافعي وجهان التاسع لو نوى انه يصوم غدا من رمضان سنة تسعين مثلا وكانت سنة إحدى وتسعين وغلط في ذلك صحت بيته خلافا لتعض الشافعية لأنه صام بشرطه فلا يؤثر فيه غاز كما لو حسب أنها لاثنين
فقراه وكان الثلثا العاشر لو كان عليه قضاء اليوم الأول من رمضان فنوى قضاء اليوم الثاني أو كان عليه يوم من ستة أربع فنواه من سنة خمس الحق
عندي انه لا يجزي لأنه صوم لما يتعين بزمان فلا بد فيه من النية والذي عليه ينوه فلم يكن مجزيا كما لو كان عليه وقبة من ظهار فنواها عن الفطر
الحادي عشر لو أخبره عدل واحد برؤية الهلال فان قلنا بالاكتفاء فيه بالشاهد الواحد فلا يجب وان
أوجبنا الشاهدين فهل يجوز
له ان ينوى من رمضان واجبا فيه تردد ينشأ من كون المخبر أفاده الظن بخبره فجاز له النية ويجزيه لو بان بأنه من رمضان لأنه نوى بضرب من الظن
فكان كالشاهدين ومن كونه وما محكوما به من شعبان لم يخرج عن كونه يوم شك بشهادة الواحد فكان الواجب نية النفل والأخير عندي أقرب
561

الثاني عشر لو كان عارفا بحساب المنازل والسير أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهده فهل يجزيه الصوم لو نوى انه من رمضان فيه التردد من حيث إن
المخبر أفاده الظن كما لو أخبر عن مشاهدة ومن حيث إنه لم يخرج كونه يوم شك والتردد هنا أضعف لان الحساب ليس بطريق إلى باثبات الأهلة ولا يتعلق وجوبه
به وانما يثبت بالرؤية واستكمال ثلثين ولا ريب في عدم الوجوب هنا بخلاف المخبر الواحد عن الروية لو نوع الخلاف هناك وان كان الحق عدمها
أيضا على ما يأتي الثالث عشر لو نوى انه صائم غدا إن شاء الله فان قصد الشك والتردد لم يصح صومه لأنه لم يفعل نية جزمة فلا يكون
مجزى كما لو تردد بين الصوم وعدمه ولان قصدا لترك أو أن ذلك موقوف على مشية الله تعالى وتوفيقه وتمكينه لم يكن شرطا وصح صومه الرابع عشر
لو نوى قضاء رمضان أو تطوعا لم يجزه لأنه صوم لا يتعين بوقته فافتقر إلى التعيين ولان جعله مشتركا بين الفرض والنفل فلا يتعين لأحدهما لعدم
الأولوية ولا لغيرهما لعدم القصد وقال أبو يوسف انه يقع عن النقصان لان التطوع لا يفتقر إلى التعيين فكأنه نوين القضاء وصوما مطلقا وقال
محمد يقع تطوعا وبه قال الشافعي لان زمان القضاء يصلح للتطوع فإذ ا سقط فيه الفرض بالتشريك بقي نية الصوم فوقع تطوعا والجواب عن الأول
لان التطوع وإن لم يفتقر إلى التعيين الا ان يصح ان ينويه ويعينه وهو مناف للفرض فلا يصح مجامعته بخلاف ما لو نوى الفرض والصوم المطلق
لأنه جزء من الفرض غير مناف له فافترقا وعن الثاني ان زمان القضاء كما هو صالح للتطوع فكذا للقضاء فلا يخصص وبينهما واقعة وليس سقوط
نية الفرض للتشريك أولى عن سقوط نية النفل فاما ان يسقطا وهو المطلوب أو مساو وهو محال الخامس عشر لو نوى ليلة الثلثين عن رمضان
انه كان عد ا من رمضان فإنه صائم منه وان كان من شوال فهو مفطر قال بعض الشافعية صحت نيته وصومه لأنه بنى نيته على أصل وهو بقاء الشهر
عامد إلى الزوال ثم جددها لم يجزه على ما تقدم ويجب عليه الامساك والقضاء وهل ثياب على إمساكه قيل لا لعدم الاعتداد به وعدم الاجزاء فكان كما لو أكمل متعمد اثم أمسك والصحيح عندي انه ثياب عليه ثواب الامساك
لأنه واجب مستحق بتركه العقاب فيستحق بفعله الثواب لا ثواب الصوم السابع عشر قد بينا ان محمل النية من أول الليل إلى الزوال مع النسيان في الصوم الواجب ر. مضان كان أو غيره فان خرج الزوال ولم ينو خرج محل النية
في الفرض دون النفل هذا لمن احتج بنية الافطار اما لو احتج بنيته الصوم ندبا في يوما الشك فإنه يجدد نية الوجوب مع قيام النية لم يجزه سواء كان قبل الزوال أو بعده لأنه قد مضى
من الوقت زمان لم يصمه ولم يكن بحكم الصائم فيه من غير عذر ويجب عليه الامساك سواء أفطر أو لا ووجب عليه القضاء التاسع عشر قال الشيخ
في المبسوط النية وان كانت إرادة لا تتعلق بالعدم فإنما تتعلق بالصوم باحداث توطين النفس وقهرها على الامتناع بتحذير الخوف من عقاب الله
وغير ذلك أو بفعل كراهة بحدوث هذه الأشياء فيكون متعلقه على هذه الأوجه ولا ينافي الأصول وتحرير ما استشكله الشيخ ان الإرادة صفة لبعض
المقدور عن بعض يقتضي تخصيص ايقاع الفاعل لبعضها دون الباقي فهي النية انما تعلق بالممكنات المقدورة لنا إذا تقرر هذا فقول النفي
غير مقدور لنا على رأى لان القدرة متعلق بالايجاد إذ لا تخصيص للعدم فلا يكون بعضه مقدور ا دون بعض ولاية مستمر والصوم عبارة عن الامساك
وهو في الحقيقة راجع إلى النفي فكيف يصح ارادته فأجاب الشيخ بان متعلق الإرادة توطين النفس على الامتناع وقهرها عليه بتخويفها من العقاب
ومعنى وجودي أو تقول الإرادة هنا راجعة إلى الكراهية أعني انه يحدث كراهيته يتعلق باحداث المفطرات هذا ما قرره الشيخ والحق في ذلك قد
ذكرناه في كيفيات الكراهة العشرون نية صوم الصبي ينعقد وصومه شرعي فلو بلع قبل الزوال بغير المبطل فيجب عليه تجديد نية الفرض وإلا فلا
الحادي والعشرون لو نوى صوم يوم الشك غير فرض عليه أجزأه سواء واقف ذلك صوم يوم عليه صوم أولا وسواء صام قبله أولا ولا يكره له ذلك
وقال بعض الشافعية يكره له وهو خطا لأنه إذا جاز له ان يصومه تطوعا لسبب من موقعه يوم بنازبه؟؟ صومه أو يقدم صوم عليه ففي الفرض أولى
كالوقت الذي نهى عن الصلاة فيه على انا نمنع كراهيته صومه منفردا وقد سلف إذا تيسر هذا فلو صامه تطوعا
من غير سبب فعندنا انه مستحب ولا
يجب وعند المفيد ره انه مكروه على ما تقدم وكدا عند الشافعي فهل يصح قال بعض الشافعية لا يصح لان الفرض به القربة ونهى لا تتحصل
بذلك وفيه نظر
البحث الثاني فيما يمسك عند الصائم يجب الامساك عن الأكل والشرب والجماع والانزال والكذب على
الله وعلى رسوله والأئمة ع والارتماس في الماء وايصال الغبار الغليظ إلى الحلق والبقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر من غير ضرورة
ومعتاد النوم بعد انتباهه حتى يطلع الفجر والقي عامدا والحقنة وجميع المحرمات فههنا مسائل المسألة الأولى وجوب الامساك عن الأكل والشرب نهارا مستفاد من النص والاجماع قال الله تعالى كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا
الصيام إلى الليل وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال والذي بعثني بالحق لفم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك بترك طعامه
وشرابه وشهوته من اجله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحلبي عن ا بي عبد الله عليه السلام قال كان بلال يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم
حتى يطلع الفجر فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ استمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب فقد أصبحتم وفي الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا
562

عبد الله عليه السلام فقلت متى يحرم الطعام والشراب على الصائم ويحل الصلاة فقال إذا اعترض الفجر وكان كالقبطة البيضاء فثم يحرم الطعام ويحل
الصلاة صلاة الفجر قلت فلنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس فقال هيهات أين تذهب تلك صلاة الصبيان وفي الصحيح وعن محمد بن مسلم قال سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول لصائم ما صنع إذا اجتنب الطعام والشراب والنساء وقد اجمع المسلمون على الفطر بالأكل والشرب وان اختلفوا
في تفاصيل يأتي انشاء الله المسألة الثانية يقع الافطار بالأكل والشرب للمعتاد بلا خلاف على ما تقدم اما ما ليس بمعتاد فقد ذهب
علماؤنا إلى أنه يفطر وان حكم حكمه المعتاد سواء تعدي به أولم يتعد به وهو قول عامة أهل الاسلام الا ما يستثنيه وقال الحسن بن صالح بن الحسن
لا يفطر بما ليس بطعام ولا شراب وحكى عن أبي طلحة د الأنصاري انه كان يأكل البرد في الصوم ويقول ليس بطعام ولا شراب وقال أبو حنيفة
لو ابتلع حصاة أو فستقة بقشرها لم يجب الكفارة فيعتبر في ايجاب الكفارة ما يتعدى به أو يتداول به لنا دلالة الكتاب والسنة على تحريم الأكل
والشرب على العموم فيدخل فيه محل النزاع وفعل أبي طلحة لم يثبت ولو ثبت لم يكن حجة ولان الامساك يجب عما يصل إلى الجوف و
تناول ما ليس بمعتاد كالحصاة والمياه المستخرجة من الأشجار ينافي الامساك فكان مفسدا للصوم المسألة الثالثة بقايا اخذ الغداء
المستخلفة بين أسنانه إذا ابتلع نهارا فسد صومه سواء أخرجها من فمه أولم يخرجها وقال احمد ان كان يسيرا لا يمكنه التحرز منه فابتلعه
لم يفطر وان كان كثيرا أفطر وقال الشافعي ان كان مما يجزي به الريق ولا يميز عنه فبلعه مع ريقه لم يفطره وان كان بين أسنانه من
لحم أو خبز حصل في فيه متميز عن الريق فابتلعه مع ذكره للصوم فسد صومه وقال أبو حنيفة لا يفطر به لا انه بلع طعاما مختارا ذاكرا فوجب ان
يفطر كما لو ابتدأ أكلا ولأنه جنس المفطر فيساوي الكل والجزء فيه كالماء احتج أبو حنيفة بأنه لا يمكنه التحرز منه فأشبه ما يجزي به الريق
والجواب بان ما يجزي به الريق لا يمكنه لفظه والبصاق لا يخرج به جميع الريق وفي توالي البصاق مشقة فيكون منفيا وقد يحصل من هذا ان كل موضع يمكنه التحرز منه ولفظه يجب وكل موضع لا يمكنه ذلك فإنه لا يفطر المسألة الرابعة الريق إذا جرى على حلقه على
ما جرت به العادة لا يفطر لأنه لا يمكن الاحتراز عنه ولابد منه ولو انقطع جف حلقه ولو جمعه في فيه ثم ابتلعه لم يفطر وللشافعي قولان أحدهما
الافطار لنا وصل إلى جوفه من معدته فلا يكون مفطرا كا لتقليل ولان قليله لا يفطر وكذا كثيره فروع الأول لو خرج من فيه
إلى طرف ثوبه أو بين أصابعه ثم ابتلعه ا فطر الثاني لو ترك في فيه حصاه أو درهما فأخرجه وعليه بله من الريق ثم اعاده في فيه فالوجه الافطار
قل أو كثر لابتلاعه البلل على ذلك الجسم وقال بعض الجمهور لا يفطر ان كان قليلا الثالث لو ابتلع ريق غيره أفطر لا يقال قد روت عايشة
ان النبي ص كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها لأنا نقول قد طعن أبو داود في هذه الرواية وقال إن سندها ليس بصحيح ولو سلمنا
فلا نسلم ان المص كان في الصوم فيجوز انه كان يقبلها في الصوم ويمص لسانها في غيره سلمنا لكن المص لا يستلزم الابتلاع ويجوز ان يمص ريقها و
سلمنا لكن يجوزان لا يكون على لسانها شئ من الريق لا يقال قد روى الشيخ عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الصائم يقبل
قال نعم ويعطها لسانه تمصه وعن أبي ولاد الخياط قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني اقبل بنتا لي صغيره وانا صائم فيدخل في جوفي
من ريقها شئ قال فقال ليس عليك شئ وفي الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل الصائم اله ان يمص لسان المرأة
أو تفعل المرأة ذلك قال لا بأس لنا نقول قد بينا ان المص لا يستلزم الابتلاع وحديث أبي ولاد لم يذكر فيه أن نزل الريق وصل إلى جوفه بالمص
لاستحالة ذلك في البنت شرعا فجاز ان يبلع شيئا من ريقها لسبب القبلة من غير شعور أو بعمد الرابع لو انزل لسانه وعليه الماء ثم ابتلعه
لم يفطر لأنه لم ينفصل عن المحل المعتاد فكان كما لو وجد الرأس على لسانه باطنا الخامس لو جمع في فيه قلسا وابتلعه فإن كان خاليا من الطعام
لم يفطر لما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القلس يفطر الصائم قال لا ولو مازجه غذاء وتعمد اجتلابه أفطر وإن لم يبلعه
ولو لم يتعمد لم باجتلابه وأفطر بانقلاعه عمدا السادس لو ابتلع النخامة المختلة من صدره أو رأسه لم يفطر وقال الشافعي يفطر عن أحمد
روايتان لنا انه معتاد في الفم غير واصل من خارج فأشبه الريق ولان البلوي نعم به لعدم انفكاك الصائم عنه فالاحتراز عنه مشقة عظيمة
فوجب العفو عنه كالريق ويؤيده ما رواه غيث عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان يزدرد الصائم نخامته احتجوا بأنه يمكن الاحتراز منها شبهت فا
القى والجواب المنع من تمكن الاحتراز دائما السابع حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدم فلو ابتلع المعتاد أو غيره بطل صومه على ما سلف
في الأكل هذا على المذهب المشهور اختار السيد المرتضى ان ابتلاع الحصاة وما أشبهها ليس بمفسد المسألة الخامسة الجماع في القبل
مفسد للصوم مع العمد بلا خلاف بين العلماء قال الله تعالى فلا تباشروهن إلى قوله تعالى حتى يتبين لك الخيط الأبيض وما تقدم في حديث
محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام سواء نزل أو لم ينزل خلافا اما الوطي في الدبر فإن كان مع إنزال فلا خلاف بين العلماء كافة في افساده الصوم
وان كان بدون إنزال فالذي عليه المعول افساد الصوم به لان وطي في محل الشهوة فأشبه الوطي في الفرج وقد روى الشيخ عن أحمد بن محمد عن بعض الكوفيين
يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل يأتي المراة في دبرها وهي ل لا ينقض صومها وليس عليه غسل وهو مقطوع السند فلا اعتذار
563

به وروى الشيخ عن علي بن الحكم عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي صائمة لم ينقض صومها وليس عليها غسل قال الشيخ
هذا خبر غير معمول عليه وهو مقطوع لاسناد لا يقول عليه فروع الأول لو جامعها في غير القرحين فان انزل فسد صومه الانزال و
إن لم ينزل لم يفسد صومه الثاني لو وطي ميتة في فرجها قبلا أو دبرا كان حكمه حكم وطي الحي الثالث لو وطي بهيمة فان انزل فسد
صومه وإن لم ينزل يتبع وجوب الغسل فان أوجبناه أفسد صومه لأنه مجنب وإلا فلا وقال الشيخ لا يجب الغسل ويفطر والأولى الحكم بايجاب
الغسل والافطار لأنه وطي حيوانا في جوفه فوجب تعلق الحكمين به كالمرأة الرابع لو وطئ الغلام في دبره فان انزل أفسد صومه
وإن لم ينزل فكك لأنه يجب عليه الغسل على ما بيناه فيكون مفسدا لصومه الخامس البحث في الموطوء كالبحث في الواطي فيجب على الموطوء في
دبر الغسل فيكون مفطرا وكذا المرأة الموطوئة في الدبر أو القبل اما لو انزل بمجامعتها في غير الفرجين فان الحكمين يختصان به ولا نعلم خلافا
في أن المراة الموطوئة في قبلها طوعا يفسد صومها السادس لو تساحقت امرأتان فأنزلتا أفسدتا صومهما وإن لم تنزلا لم يفسد صومهما
ولو أنزلت واحدة اختص الفساد بها السابع لو تساحق المجبوب فأنزل أفسد وإن لم ينزل فهو على صومه المسألة السادسة
الانزال نهارا مفسد للصوم مع العمد سواء أنزلها استمناء أو ملامسة أو قبلة بلا خلاف وروى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا
عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يعبث باهله في شهر رمضان حتى يمنى قال عليه من الكفار مثلها على الذي يجامع وعن سماعة قال سألته عن رجل
لزق باهله فأنزل قال عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يد على شئ من جسد
امرأته فأدفق فقال كفارته ان يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رفيه وعن حفص بن سوقة عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام
لرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في رمضان فيسبقه الماء فينزل فقال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في شهر رمضان
وايجاب الكفارة يستلزم افساد الصوم فروع الأول قال الشيخ الا نزال الماء الدافق على كل حال عامد ا بمباشرة وغير ذلك من
ايقاع ما يوجب الانزال يفسد الصوم الثاني قال لو نظرا لي ما لا يحل لنا النظر إليه عامدا بشهوة فأمنى فعليه القضاء فإن كان نظره
إلى ما يحل المنظر إليه فأمنى لم يكن عليه شئ فان أصغى أو استمع إلى حديث فأمنى لم يكن عليه شئ وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري لا يفسد الصوم
بالانزال عقيب النظر مطلقا لأنه إنزال عن غير مباشرة فأشبها لانزال بالذكر فقال احمد ومالك والحسن البصري وعطا يفسد الصوم به مطلق
لأنه انزل بفعل يتلذذ به ويمكن التحرز منه فأشبه الانزال باللمس الثالث لو انزل عقيب الملاعبة أفسد صومه لأنه مظنة الا؟ نزال فلحق بالجماع ويؤيده حديث حفص بن سوقة الرابع لو كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه إذا قبل انزل لم يحز له التقبيل لأنها مفسدة لصومه
فحرمت كالأكل وان كان ذا شهوة لا يبلغ معها غلبة الظن بالانزال كانت مكروهة على ما قال الخامس لو قبل أو لامس أو استمنى بيده ولم
ينزل لم يفسد صومها جماعا السادس لو انزل من غير شهوة كالمريض أفسد صومه إذا كان عامدا السابع لو فكر فأمنى ففي الافساد
تردد ينشأ من قوله عليه السلام لأمتي الخطاء والنسيان وما حدث به نفسه ما لم يعلم أو تكلم ومن كونه ممكنا من فعله وتركه ولهذا نهى عن
التفكر في ذاته تعالى وأمر في تفكر مخلو قاته ومدح الله المتفكرين في خلق السماوات والأرض ولو كان غير مقدور ولم يتعلق به هذه الأحكام كالاحتلام الثامن لو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل لم يفسد صومه لان الخاطر لا يمكن دفعه التاسع ان قلنا الانزال بالنظر
منه فسوى في ذلك التكرار وعدمه وبه قال مالك لأنه انزل بالنظر أشبهها لو كرر وقال احمد لا يفسد الا بالتكرار لان النظر ا الأولى لا يمكن التحرز منها فلا يفسد
الصوم ما أفضت إليه والجواب المنع ممن عدم القدرة إلى التحرز وان فرض سلمنا العاشر لو إحدى بالتقبيل لم يفطر عندنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي
وهو مرو ى عن الحسن والشعبي والأوزاعي وقال مالك واحمد يفطر لنا انه خارج لا يبطل الغسل فأشبه البول وكان الأصل براءة الذمة و
القياس على الانزال باطل لان الأصل أكثر ذنبا فالغيبوبة أشد احتجوا بأنه خارج بملكة الشهوة خرج بالمباشرة فأشبه المني والجواب قد
بينا الفرق لا يقال قد روى الشيخ عن دفاعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لامس جارية في شهر رمضان فأمذى قال إن كان حراما
فليستغفر الله استغفار من لا يعود ابدا ويصوم يوما مكان يوم وان كان حلا لا يستغفر الله ولا يعود صوم يوم مكان يو م قال الشيخ انه محمول
على الاستحباب وهو حسن لما يأبى المسألة السابعة الكذب على الله تعالى وعلى رسوله والأئمة عليهم السلام قال الشيخان يفسد الصوم
وبه قال الأوزاعي وقال السيد المرتضى ره لا يفسد وهو قول الجمهور احتج الشيخان بما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الكذب ينقض الوضوء ويفطر الصائم قال قلت هلكنا قال ليس حيث يذهب انما ذلك الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله
وعلى الأئمة وعن سماعة قال سألته عن رجل كذب في رمضان قال قد أفطر وعليه قضاؤه وهو صائم يقضى صومه ووضوئه إذا تعمد قال الشيخ
رحمة الله نقض الوضوء عبارة عن نقض ثوابه وكما له ووجهه الذي يستحق به الثواب لأنه لو لم يقل كان ثوابها عظيم ومرتبته أزيد وأكثر ولا يريد عليه السلام
نقض الوضوء الذي يجب معه الإعادة على ما تقدم في نواقض الطهارة وكذا في حديث الثاني يحمل الامر بقضاء الوضوء على الاستحباب واحتجوا
564

أيضا بالاجماع واحتج الآخرون بالأصل الدال على البراءة وعدم الدليل الناقض بإزالته على أن الحديث الأول قد اشتمل على ما اتفق العلماء
على تركه وهو النقض للوضوء والحديث الثاني ضعيف لان في طريقه عثمان بن عيسى وسماعة وهما واقفيان على أن سماعة لم يسندها إلى
الامام والا جماع ممنوع مع وجود الخلاف والانزال على حديث الأول ضعيف لا يلزم من ترك طاهر الحديث في أحد الحكمين اللذين اشتمل
الحديث عليه أنزله في الحكم الثاني والأقرب الافساد عملا بالرواية الأولى وبالاحتياط المعارض لأصل البراءة فروع الأول المشاتمة
والنايحة بالقبيح لا يوجب الافطار عند نا وبه قال باقي الفقهاء الا الأوزاعي لنا ان الأصل براءة الذمة ولأنه نوع كلام لا يخرج به عن الا فلا يفطر به كساير أنواع الكلام احتج الأوزاعي بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال من لم يدع قوله الزود والعمل به فليس
لله حاجة ان يدع طعامه وشرابه وعنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال إذا كان أحدكم صائما فلا يدفق ولا يجهل فان امر قائله أو شاتمه فليقل اني صائم والجواب ليس في الحديثين دلالة على الافساد بالمشاتمة الثاني الكذب على غير الله تعالى وغير رسوله والأئمة لا يفطر الصائم
اجماع ا ولما تقدم في حديث أبي بصير الثالث لا فرق في الافطار بالكذب على الله تعالى أو على رسوله أو على الأئمة من اي أنواع الكذب
في امر الدنيا كان أو في الآخرة عملا بالعموم المسألة الثامنة الارتماس في الماء قال الشيخان انه يفسد الصوم وقال السيد المرتضى
لا يفسده وهو مكروه وبه قال مالك واحمد والحسن والشعبي والباقون الجمهور على أنه غير مكروه وللشيخ قول ثان انه حرام لا يوجب قضاء
ولا كفاره وهو جيد لنا على التحريم ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب
أربع خصال الأكل والشرب وا لنساء والارتماس في الماء وهو يدل بمفهوم الشرط على وجود الضرر مع عدم اجتنابها وفي الصحيح عن الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يرمس الصائم ولا
المحرم رأسه في الماء وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال الصائم يستنقع في الماء يصب على رأسه ويبرد بالثوب وينضح المروحه وينضح الثوب تحته
ولا يغمس رأسه في الماء ولأنه مظنة لوصول الماء إلى الحلق غالبا فنهى عنه كالجماع المفتضي إلى الامر إلى اشتراكها في كون كل واحد منهما مقدمه للمفسد ولنا
عد ايجاب القضاء والكفارة ما رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا عليه قضاء ذلك
اليوم قال ليس عليه قضاء ولا يعود لان الأصل عدم وجوب أحدهما فلا يصار إلى خلاف الا بدليل ولم يوجد قال الشيخ ولست اعرف حديثا في ايجاب
القضاء والكفارة فايجاب أحدهما عن من ارتمس في الماء احتج السيد المرتضى بما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كره للصائم
ان يرتمس في الماء ولان الأصل عدم التحريم فلا يرجع عنه الا بدليل واحتج الجمهور بما روت عايشة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصبح جنبا
من جماع لامن احتلام ثم يغتسل ويصوم وروى أبو بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بالفرح يصيب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر والجواب عن الأول ان الرواية ضعيفة السند وأيضا الكراهية قد يصدق
على التحريم فيحمل عليه جميعا بين الأدلة والأصل قد بينا بالأدلة وداله وحديث عايشة محمولة على أنه قريب من الصباح لان الصوم سدنا مشروطة بالطهارة
من الجنابة في أول عمل على ما يأتي ولأنه عليه السلام كان يصلي في أول الوقت وحديث عبد الرحمن نقول بموجبه لان الماء على الرأس عند نا ليس بمكروه
بخلاف الارتماس إذ دخول الماء في الباطن في الارتماس أكثر منه في صب الماء فروع الأول لا بأس بصب الماء على الرأس للتبرد
والاغتسال ولبس بمكروه بل قد يكره مستحبا الثاني لو ارتمس فدخل الإماء إلى حلقه فسد صومه سواء دخل الماء اختيارا أو اضطرارا
إذا كان الارتماس مختارا الثالث لو صب الماء على رأسه فد خل الماء حلقه فان تعمد ادخال الماء أفسد صومه وإن لم يتعمد وكان
الصب يؤدي عليه قطعا أفسد أيضا مع الاختيار لا مع الاضطرار فان لم يؤد إليه لم يفسد صومه الرابع لا فرق في التحريم بين الارتماس
في الماء الجاري والراكد والطاهر والنجس عملا بعموم النهى في المسألة التاسعة ايصال الغبار الغليظ إلى الحلفق اختيار ا مفسد للصوم
مثل غبار النفض والدقيق خالف فيه الجمهور لنا انها وصل إلى جوفه بما ينافي الصوم فكان مفسدا له ويؤيده ما رواه الشيخ عن سليمان الجعفري
قال سمعته يقول إذا شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في انفه وحلقه غبار فان ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح وفي رواية
عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السلام) قال سألت عن الصائم يدخن بعود أو بغير ذلك فيدخل الدخنة في حلقه قال لا بأس وسألته عن الصائم
يدخل لغبار في خلفه قال لا بأس وهي محمول على عدم تمكن الاحتراز منه وعلى قول السيد المرتضى ينبغي عد الانسان بذلك اما لو كان مفطرا
ودخل الغبار بغير شعور منه أو بغير اختيار فإنه لا يفطره اجماعا المسألة العاشرة من أجنب ليلا وتعمد البقاء على الجنابة من غير
ضرورة ولا عذر حتى تطلع الفجر أفسد صومه وبه قال أبو هريرة وسالم بن عبد الله والحسن البصري وخاوس وعروة وبه قال الحسن بن صالح بن
حي والنخعي في الفرض خاصة لنا ما رواه الجمهور عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عله واله وسلم قال من أصبح جنبا فلا صوم له وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أنه قال من أصبح جنبا في شهر رمضان فلا يصوم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أجنب
565

في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل بتعمد أصبح قال يعتق رقبه أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال وقال إنه تحقيق الا اراده يدركه
ابدا وعن سليمان بن جعفر المروذي عن الفقيه عليه السلام قال إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا اغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهر بن متتابعين مع صوم
ذلك اليوم ولا يدرك فضل يومه ولان حديث الجنابة مناف للصوم فلا يجامعه ولأنه منهى عن تعمد الانزال نهارا للهتك وهو موجود في صورة النزاع
احتج المخالف بما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن بن حرث بن هاشم قال ذهبت انا وأبي حتى دخلنا على عايشه فقالت اشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
انه كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصومه ثم دخلنا على أم سلمة فقالت مثل ذلك ثم اتينا أبا هريرة فأخبر ناه بذلك
فقال هما اعلم بذلك انما حديثه الفضل بن عباس ولان بناء الاغتسال عليه لا يمنع من صحة صومه كما لو احتلم في نهار رمضان ثم ادعوا في حديث
أبي هريرة احتمال الشيخ والجواب عن الأول قد بينا ان المراد من قوله ليصبح ان يقارب الصباح لما عرف من حاله عليه السلام مواظبته لآراء الفرائض
في أول أوقاتها ولأنه لا يطلق هذا اللفظة غالبا الا في المقدم ولا شك في كراهيته ومن المستبعد مداومة الرسول صلى اله عليه وآله وسلم على المكروه إن لم
يقل بالتحريم فهذا مرفوع وأيضا نحمله على ما ذكرنا تجوز جمعا بين الأدلة والفرق بين المقيس والأصل في قياسهم ظاهر لان العلة
وهي الهتك غير موجوده في الأصل لا يقال قد روى الشيخ عن إسماعيل بن عيسى قال سألت الحسن الرضا عليه السلام عن رجل اصابته جنابة في شهر
رمضان فنام عمدا حتى أصبح اي شئ عليه قال لا يضره هذا ولا يفطر ولا يبالي فان أبي عليه السلام قال قالت عايشة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي صلاة الليل في شهر رمضان
ثم يجتنب ثم يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر لأنا نقول قد تأول الشيخ الحديث الأول بأمرين أحدهما انه للتقية ولهذا أسنده الإمام عليه السلام إلى عايشة ولم يسنده إلى ابائه عليهم السلام وثانيهما ان تعمد النوم لا يوجب قضاء ولا كفارة وليس بمحرم ولم يذكر في الحديث انه تعمد ترك الاغتسال
وتأول الثاني بالأول وباحتمال تأخير الغسل لغدر من برد وعود ماء أو انتظاره أو غير ذلك وهو سايغ للضرورة وكلاهما حينئذ فروع الأول لم أجد لأصحابنا صريحا في حكم الحيض في ذلك يعني انها إذا انقطع دمها قبل الفجر هل يجب عليها لاغتسال ويبطل الصوم
لو أخلت به حتى طلع الفجر والأقرب ذلك لان حديث الحيض يمنع الصوم فكان أقوى من الجنابة وابن أبي عقيل قال إن الحايض والنفساء إذا
طهرنا من دمها ليلا فتركهما الغسل حتى يطلع الفجر عامدين وجب عليهما القضاء خاصة الثاني إذا جامع قبل طلوع الفجر ثم طلع عليه
الفجر فان لم يعلم ضيق الوقت نزع وأتم صومه من غير يلزم ولا يتحرك حركة الجماع ووجب عليه الغسل والقضاء ان كان قد ترك المراعاة
على ما يأتي فان نزعه بين المجامعة فقد أفطر ووجب عليه ما على المجامع وان كان قدر راعى الفجر ولم يغلب على ظنه قربة فجامع ثم نزع
أول طلوعه لم يفسد صومه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال مالك واحمد والمزني يبطل صومه واو جب احمد الكفارة لنا ان النزاع
ترك للجماع ف. يتعلق به ما يتعلق بالجماع وهذا كما لو حلف لا يدخل دارا فخرج منها أو حلف لا يلبس الثوب ما اشتغل نزعه احتجوا بان
بان النزع يبديه كما يليه بالايلاج فأفسد الصوم كما لايلاج والجواب لابد دالا اعتداد به كما لو جامع في غير الفرجين ولم ينزل فان الذمة
يحصل ولا يفسد الصوم الثالث لو طلع الفجر وفي فيه طعام لفظه فان ابتلعه أفسد صومه لأنه أو صل طعاما إلى جوفه فاختاره مع ذكر
الصوم ففسد صومه المسألة الحادي عشر إذا أجنب ليلا ثم نام ناويا للغسل فسد صومه وعليه قضاؤه ذهب إليه علماؤنا
خلافا للجمهور لنا انا قد بينا ان الطهارة في ابتدائه شرط لصحته وثبوته قد فرط في تحصيل الشرط فيفسد صومه ويؤيده ما رواه الشيخ
عن سماعة بن مهران قال سألته عن رجل اصابه جنابة من جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر فقال عليه ان
يتم صومه ويقضي يوما اخر وفي الصحيح عن أحمد بن عن أبي الحسن عليه السلام قال سألت عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو اصابته جنابة
ثم نام حتى يصبح قال يتم يومه ويقضي يو ما اخر فان لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما
عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل قال يتم صومه ويقضي ذلك اليوم الا ان يستيقظ قبل أن يطلع الفجر فان
انتظر ما يستحق له أو يستقي يطلع الفجر فلا يقضي يومه وحجة الجمهور ظاهرة وقد سلف جوابها فروع الأول لو أجنب فنام على عزم الترك
للغسل فحكمه مع طلوع الفجر حكم تارك الغسل عمدا الثاني لو أجنب ثم نام ناويا للغسل حتى يطلع الفجر ولم يستيقظ فمفهوم ما تقدم من الأحاديث
يدل على الافساد ووجوب القضاء لكن قد روى الشيخ رحمه الله في الصحيح عن صعوبة بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يجنب في أول
الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شئ قلت فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة وهو الصحيح عندي وعمل
الصحاب عليه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيسى بن القسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان أول الليل اخر الغسل
حتى يطلع الفجر قال يتم صومه ولا قضاء عليه الثالث هل يصح هذا الحكم برمضان فيه تردد وينشأ من تنصيص الأحاديث على رمضان من غير
566

تعميم ولا قياس يدل عليه ومن تعميم الأصحاب وادراجه في المفطرات مطلقا الرابع لو احتلم نهار ا في رمضان نايما أو من غير قصد لم يفطر يومه ولم
يفسد صومه ويجوز تأخيره ولا نعلم فيه خلافا المسألة الثانية عشر القى عمدا يفسد الصوم وعليه أكثر علمائنا وبه قال عامة أهل العلم
وقال السيد المرتضى لا يفسد واختاره ابن إدريس وبه قال عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود لنا اتفاق العلماء على ذلك ومخالفة من شذ لا يعتد
به وما رواه الجمهور عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال من ذرعه القى وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقا فليقض ومن طر يق الخاصة
ما رو آه الشيخ عن سماعة قال سألته عن القى في شهر رمضان فقال إن كان شئ يبده فلا بأس وان كان شئ
يكره نفسه عليه أفطر وعليه القضاء وعن الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا تقيأ له صائم فقد أفطر وان ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه ولأنه تعمد سلوك الطعام في حلقه فأفسد صومه
كالا كل ولأنه لا ينفك غالبا عن ابتلاع شئ منه فكان مفسدا احتج ابن إدريس بان الا صل براءة الذمة ولا دليل على شغلها واحتج ابن مسعود
وابن عباس بما رواه زيد بن أسلم عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يفطر من قاء أو احتجم
أو احتلم ولان الفطر بما يصل لا بما يخرج والجواب عن الأول ان الدليل قد بيناه والأصل خر ج عن دلالته وعن الثاني انا نقول بموجب ونحمله
على من قاء من غير قصد كمن ذرعه القى لأنه عليه السلام فصل ذلك وبينه فكان ممحصا بحديثهم فيقدم في العمل وعن الثالث بالنقض بخروج المني والحيض
فرع لو ذرعه القى لم يفطر وعليه علماؤنا اجمع وهو قول العلماء كافة وحكى عن الحسن البصري في أحد الروايتين عنه أنه قال يفطر وهو خطأ
للخبر الذي رويناه ولأنه حصل بغير اختياره فهو بمنزلة عبار الطريق إذ ا وصل إلى حلقه اما القلس بفتح القاف واللام فلا يفسد الصوم وهو ما
خرج من الحلق من الفم أو دونه وليسم بقي فان عاد فهو القئ كذا قال في الصحاح وقال الترمذي القلس خرو ج الطعام والشراب إلى الفم من البطن
اعاده صاحبه أو ألقاه اما لو ابتلع شيئا منه بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارج فان تعمدا فطر سواء كان عامدا أو غير عامد وإن لم يتعمد لم
يفطر ان كان القى عن غير عمد المسألة الثالثة عشر الحقان بالمايعات مفسد للصوم ذهب إليه المفيد ره وبه قال الشيخ في المبسوط
والجمل وأبو الصلاح وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقال الشيخ في النهاية لا يفسد الصوم وانه فعل محرما وهو اختيار السيد المرتضى وابن
إدريس وبه قال الحسن بن صالح بن عروة وداد وابن أبي عقيل منا وقال مالك يفطر بالكثير منا لا بالقليل والأقوى عندي مذهب السيد
المرتضى لنا ان الأصل الصحة فلا يعدل عنه الا بدليل ولأنه عبادة شرعيته انعقد شرعا فلا يفسد الا بموجب شرعي ويؤيده ما رواه الشيخ
عن علي بن الحسين عن أبيه قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام ما نقول في التلطف يسند خيله الانسان وهو صائم فكتب لا بأس بالجامد وروى في
الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما ان يستدخلا وهما صائمان قال لا بأس و
هو عام في الجامد وغيره لان الحقيقة لا يصل إلى المعدة ولا موضع الاغتذاء ولا يؤثر فسادا كالاكتحال ولأنها لا يجري مجرى الاغتذاء فلا يغسل
الصوم كالاكتحال احتجوا بما روى الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة
في شهر رمضان فقال الصائم لا يجوز له ان يختص ولا نه أو صل إلى جوفه ما يصلح بدنه وهو ذاكر للصوم فكان كالأكل والجواب عن الأول فا ن قول
بموجبه إذ الاحتقان عند نا حرام بالمايع اما انه مفسد فلا ولان دلالة للحديث عليه واما القياس فباطل بما قدمناه والفر ق بوجوب الشك
في الأصل دون الفرع فروع الأول الاحتقان بالجامد لا بأس به وان كان مكروها ذهب إليه الشيخ وأفسد به الصوم الجمهور على ما تقدم فإنهم
لم يفرقوا بين المايع والجامد وكذا أبو الصلاح وابن البراج الثاني قال الشيخ لو داوى جوفه فوصل الدواء في جوفه أفسد صومه وبه قال
الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقال مالك لا يفطر وبه قال أبو يوسف ومحمد وهو الحق عندي لنا ان الحقنة لا يفسد الصوم فكذا هنا ولأنه ليس منفذ
في الحلق وانما حدث بجنابة قالوا صل منه لا يفطره احتجوا بأنه أو صل إلى جوفه المفطر منع ذكه فكان مفسد ا كالحقنة والجواب المنع من الأصل
وقد تقدم الثالث لو خرج نفسه برمح فوصل إلى حوفه أو امر غيره بذلك قال الشيخ يفسد صومه وبه قال الشافعي والأقوى انه
لا يفسد الصوم به قال أبو يوسف ومحمد لما سلف الرابع لو قطر في اذنه دهنا أو غير
لم يفطر وقال أبو الصلاح يفطر وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك واحمد إذا وصل إلى الدماغ لنا الأصل الحل وعدم الافساد به و
الخرو ج عنه محتاج إلى دليل شرعي ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان قال سال ابن أبي يعفور أبا عبد الله عليه السلام وانا
اسمع عن الصائم يصب الدواء بين اذنه قال نعم وعن ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يحتجم فيصب في اذنه الدهن قال
لا بأس الا بالصعوط فإنه يكره احتجوا بان الدماغ جوف فالواصل إليه تغدية فيفطر به كجوف البدن والجواب المنع من ذلك كا لاكتحال الخامس
لو قطر في الليلة دواء أو غير لم يفطر سواء وصل إلى المثانة أولم يصل وبه قال أبو حنيفة واحمد وقال الشافعي يفطر وبه قال أبو يوسف واضطر به
فول احمد فيه لنا ان المثانة ليست محل للاغتذاء فلا يفطر بما يصل الزنا كالمستنشق غير البالغ ولأنه ليس باطن الذكر والا لجوف ولأنها
567

كالدماغ في فإنها ان با طن البدن والجواب قد بينا انه ليس بين المثانة والجوف منفذ واما وجوب الاحتراز عن جميع المحرمات فظاهر ويتأكد ذلك في الصوم
روى جرا ح المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الصنام ليس من العام والشراب وحده ثم قال قالت مريم اني نذر ت للرحمن صوما وصمنا فإذا صمتم فاحفظوا
ألسنتكم وغضوا ابصار كم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا وقال وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة لشاب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بطعام فقال لها كلى فقالت اني صائمة قال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك الصوم ليس من الطعام والشراب وفي الصحيح عن محمد بن
مسلم قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وعدا شنئا غير هذا قال ولا يكون يوم صومك كيوم فطرك م‍
ومنع المفيد ره من السعوط وهو الذي يصل إلى الدماغ من انفه وأبو الصلاح أيضا وأفسدا به الصوم مطلقا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقال الشيخ
في المبسوط انه مكروه لا يفسد الصوم سواء بلغ إلى الدماغ أولم يبلغ الا ما نزل إلى الحلق فإنه يفطر ويوجب القضاء وبه قال مالك والأوزاعي وداود وهو
الصحيح عندي لنا ان الصوم عبادة شرعية وقد (بيغه) تبعه شرعا فلا يفسد الا بدليل شرعي ولأنه لم يصل إلى
الحلق فأشبه إذا لم يصل إلى ا لدماغ احتجوا
بان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للعنطة بن جيره ومانع في الاستنشاق الا ان يكون صائما ولان الدماغ جوف فالواصل إليه تعدية فأفطر به كجوف
البدن والجواب عن الأول ان المنع انما كان للجوف من النزول إلى الحلق إذ يعرض ذلك في الاستنشاق المايع غالبا وعن الثاني ان التعدية لا يحصل من ذلك
واشتراك الدماغ والمعدة في اسم الجوف ولا يقتضي اشتراكهما في الحكم لان الحكم يثبت في المعدة لأنها ممحل الاغتذاء اما ما يصل إلى الدماغ فلا يسمى
اكلا واما الكراهية فلما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال لا بأس بالكحل للصايم وكره السعوط للصائم قال
الشيخ واما السعوط فليس في شئ من الاخبار انه يو جب الكفارة وانما وودت مورد الكراهية مسألة وفي مضغ الملك لعلمائنا قولان أحدهما
التحريم اختاره الشيخ في بعض كتبه والقول الاخر انه مكروه وبه قال أكثر علمائنا ذهب إليه الشعبي والنخعي وقتادة والشافعي واحمد واسحق وأصحاب
الرأي لنا الأصل عدم التحريم فلا يصار إلى خلافه الا بدليل شرعي ولم يثبت ويؤيده ماروا الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سالت عن
الصائم يمضغ العلك فقال نعم إن شاء الله فان احتج الشيخ بأنه لا بد من تحلل اجزاء منه يقع في الفم ويتعدى مع الريق منعنا ذلك نعم لو تحقق ذلك
أفسد صومه اما مع عدم التحقق فلا قال الشيخ في التهذيب عقيب خبر أبي بصير هذا الخبر غير معمول عليه فان أراد الشيخ انه مكروه وأقول الإمام (عليه السلام
لا بأس بما فيه فهو ممكن الا ان لفظه لا بأس قد يستعمل كثيرا في المكروه ولن غير أنه محرم فهو ممنوع وقد تردد في المبسوط وجعل الا حوط في التحريم
فروع الأول لا فرق بين العلك ذي الطعم وعدمه عملا بالاطلاق الثاني لا فرق بين العلك القوى الذي لا يتحلل اجزاؤه و
الضعيف الذي يتحلل اجزاؤه إذا تحفظ من ابتلا عملا بالا طلاق الثالث لو وجد طعمه في حلقه ففي الافساد تردد ينشأ من استحالة
انتقال الاعراض فلا بد من تحلل اجزاء يستصحبها الطعم ومن عدم يزول شئ من العلك مجرد الطعم لا يفطر فقد قيل من لطخ باطن قدمه بالحنظل
وجد طعم ولا يفطره اجماعا مسألة لا يفسد الصوم بما يد خله في فمه إذا لم يتعد الحلق كص الخاتم ومضغ الطعام للصبي وزق الطاير لان
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمن قبلا وأمه أرأيت لو تمضمضت بخاتم يحجبه شبل اغسل بالمضمضة وهو يدل على عدم الا فطار بما يحصل في الفم وروى
الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان قال سأل ابن أبي يعفورا با عبد الله عليه السلام وانا اسمع عن الصيام يصيب الدواء في اذنه قال نعم ويذوق المرق
ويزق الفرخ وفي الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس ان يذوق الرجل الصائم القدر وفي الصحيح عن الحلبي انه سئل عن المراة
الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرق تنظر إليه فقال لا بأس وسئل عن المرأة يكون لها الصبي وهي صائمة فتمضغ له الخبي فتطعمه فقال لا بأس به والطير
ان كان لها ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام يذوق الشئ ولا يبلغه فقال لا قال الشيخ لأنه
محمول على من لا حاجة به إلى ذلك لان الرخصة وردت عند الضرورة الداعية إليه من فساد الطعام أو هلاك صبي أو طائر فاما مع فقد ذلك اجمع
فلا يجوز على حال مسألة لو ادخل فمه شنئا وابتلعه سهو ا فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه والا وجب القضاء ولو تمضمض فابتلع الماء
سهوا فإن كان للتبرد فعليه القضاء وان كان للصلاة فلا شئ عليه وكذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب وفطرا لمطر ولو فعل عمدا أفطر و
سيأتي البحث في ذلك كله روى الشيخ عن مسعدة بن صدقه عن جعفر عن أبيه ان ابائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام سئل عن الذباب يدخل في حلق
الصائم قال ليس عليه قضاء به ليس بطعام مسألة ولا بأس للصائم بالسواك ذهب إليه علماؤنا اجمع الا ابن أبي عقيل فإنه كرهه بالرطب
سواء كان رطبا أو يابسا أول النهار أو آخره وبه قال مالك وأبو حنيفة وقال احمد ويكره أيضا اليابس بعد الزوال وبه قال عمر وعطاء
ومجاهد والأوزاعي والشافعي واسحق لنا ما رواه الجمهور عن أبي إسحاق الخوارزمي قال سأل عاصم الأحول أيستاك الصائم قال نعم قلت برطب
السواك أو يابسة قال نعم قلت عمن قال عن انس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن عمار بن ربيعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما لا
أحصي يتسوك وهو صائم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام أيستاك الصائم بالماء و
بالعود الرطب يجد طعمه فقال لا بأس به ولأنه طهر فأشبه المضمضة احتج الشافعي بما روى جنات بالجندب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا
568

صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم بس شفتاه الا كانت نورا بين عينيه يوم القيمة وعن علي عليه السلام أنه قال إذا صمتم فاستاكوا
بالغدوة ولا تستاكوا بالعشي ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لخلوق فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك الأذفر فهو انه مرغوب فيه فأشبه
إزالة دم الشهادة بالغسل والجواب عن الأول انه محمول على التسوك لاستجلاب الريق ويؤيده تمام الحديث وعن الثاني انه يزيد الحلوق ولا
يزيله لا يقال قد روى الشيخ في الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال يستاك الصائم اي النهار شاء ولا يستاك بعود رطب و
عن أبي بصير عن أبي عبد الله ((عليه السلام قال لا يستاك الصائم بعود رطب قال الشيخ هذان الخبران محمولان على الكراهية لا التحريم لما رواه في الصحيح
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) انه كمره للصائم ان يستاك بسواك رطب وقال لا يضر ان يبل سواك بالماء ثم ينقضه حتى لا يبقى
فيه شئ وفي الحسن عن موسى بن بن أبي الحسن الراوي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام قال سأله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان فقال جايز فقال إن
السواك قد تدخل رطوبته في الجوف فقال ما تقول في السواك الرطب تدخل رطوبته في ا لجوف فقال ما يقول في السواك لرطوبته
الحلق فقال الماء للمضمضة أرطب من السواك الرطب فان قال قايل لا بد من الماء للمضمضة من أجل السنة فلا بد من السواك من أجل السنة التي
جاء بها إلى جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا يدل على أن الشيخ يرى كراهيته التسوك بالرطب كما ذهب إليه احمد وهو مذهب قتادة والشعبي و
الحكم لان الرطب ينتشر في الغم ويستحب الريق فكره كا لعلمك وهو ممنوع لان اليابس ثلثين والرطب ثلاثة لا ثلثين ولا يستجلب الريق لأنه لا يجاري
به الأنساب دفع ذلك فهو معارض لما واه نا فع عن ابن عمر أنه قال لا بأس بالسواك الأخضر للصايم ويحمل ما رواه الشيخ من الحديثين على التسوك
لا للطاعة بل لاستجلاب الريق فرع لو كان السواك يا بسا جازان يبله بالماء ويتسوك به ويتحفظ من ابتلاع رطوبته ذهب إليه علماؤنا
ويؤيده ما تقدم من العمومات وكذا يجوز ان يتسوك بالماء لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم
استا ك بالماء قالا لا بأس مسألة وانما يبطل الصوم بما عدد ناه إذا وقع عمدا فاما لو وقع نسيا فا فلا يجب عند نا وفيه بحث يأتي و
خلاف بين العلماء نذكره وكان ما يحصل عن غير قصد كالغبار الذي حلقه من الطريق والرماية أو ير ش عليه الماء فيد خل مسامع وحلقه أو يلقى
في ماء فيصل إلى جوفه أو يسبق إلى حلقه من ماء المضمضة أو يصيب في انفه أو حلفه شئ كرها فهذا كله يفسد الصيام بلا خلاف نعلمه ببين العلماء
كافة اما لو كره على الا فطار بان وجر في حلقه الماء كرها لم يفطر ولو تو عده وخوفه حتى اكل فكك عندنا وقال الشيخ انه يفطر وللشافعي
قولان وقال أبو حنيفة ومالك يفطر مع الاكراه في الصورة الا ولى والثانية أيضا لنا قوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما
استكرهوا عليه ولأنه غير ممكن من الفعل في الصورتين فلا يصح تكليفه عقلا ولا ذهنا معنى حرمه الصوم فإذا حصل بغير اختياره لم يفطره
كما لو طارت ذبابة إلى حلقه أو ذرع القى احتجوا بان الطعام دخل إلى جوفه مع ذلك للصوم فأفطر كان مريضا فأكل وكذا الحايض يفطر
وان خرج الدم كرها والجواب انه يبطل بغبار الطريق وعند أبي حنيفة لو بلع ما بين أسنانه لم يفطر فينتقض قياسه به واما الحيض فليس
خروج الدم مطلقا هو المفطر لان الاستحاضة يخرج دمها لا يفطرن فان لم يقول معناه لم يصح القياس عليه والمريض مخصوص فلا يحمل عليه غيره
فروع الأول لا فرق بين أنواع المفطرات في ذلك وسيأتي الثاني لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم توجه الافساد لان له
طريق إلى العلم فالتفريط ثابت من جهة فلا يسقط الحكم عنه ويمكن ان يقال بعدم الفساد لان الجاهل بالتحريم كالناسي ولما رواه
زرارة وأبي بصير قال سألنا أبا جعفر عليه السلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان وأتى أهله وهو محرم وهو لا يرى أن ذلك حلال له قال ليس
عليه شئ والوجه الأول ويحمل الحديث على عدم وجوب الكفارة وان يوجب القضاء الثالث لو اكل أو جامع ناسيا فظن فساد صومه فتعمد
الأكل والشرب قال الشيخ يفطر وعليه القضاء والكفارة قال وذهب بعض أصحابنا إلى أنه يقضى ولا يكفر وان الوجه عندي ما اختاره الشيخ
لان الجاهل غير معذور مع امكان التعلم مسألة قد بينا انه لو نوى الافطار بعد انعقاد الصوم لم يفطر لأنه انعقد شرعا فلا يخرج
عنه الا بدليل شرعي هذا إذا عاد ونوى الصوم اما لو لم ينو الصوم بعد ذلك الصوم فأوجه وجوب القضاء وبه قال أصحاب الرأي والشافعي في أحد
الوجهين وفي الثاني انه يفطر مطلقا وبه قال احمد وأبو ثور اما وجوب القضاء فلانه لم يعم فلا يقيضه بإمساك وما عدم وجوب الكفارة فبالأصل
السالم عن معارضة الهتك فروع الأول لو نوى القطع في النافلة واستمر لم يصح صومه فان عاد فنوى بالصوم صح كما لو أصبت غير نا
وللصوم وبه قال من منع في الفرض لأنه شرطنا النية المشرطة في الصوم استدامها حكما في جمع زمان الصوم المفروض لا النافلة الثاني
لو نوى انه سيفطر بعد ساعة أخرى لم يفطر لأنه لو ينوى الافطار في الحال لم يفطر فالأولى في المستقبل عدمه الثالث لو نوى اني
وجدب طعاما أفطرت وإن لم أجد أتممت صومي لم يفطر لأنه نية المفطر حراما لا يفطر فالأولى انه لا يفطر مع تردد وقد نا زع في هذين
الفرعين بعض المشترطين لاستمر أو حكم النية الرابع قال الشيخ لو نوى الافطار في يوم يعلمه من رمضان ثم جدد نية الصوم قبل إلي وال
لم ينعقد وفيه تردد البحث الثالث فيما يو جب القضاء والكفارة أو القضاء خاصة مسألة إذا وطي
569

في فرج المراة مقيما صحيحا بالغا وجب عليه القضاء والكفارة ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال جميع الفقهاء وقال وقال النخعي والشعبي وسعيد بن جبير وقتادة لا كفاره
عليه لنا مار واه الجمهور عن أبي هريرة ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال هلكت فقال وما أهلك قال وقعت على امرأتي في رمضان
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تستطيع اطعام ستين مسكينا
قال لا؟ قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجلس فجلس فبينا هو جالس كك أتي النبي بعذق فيه تمر في مكتل فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم اذهب
فتصدق به فقال يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما بين لابيتها أهل بيت أحوج منها فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت أسنانه ثم قال اذهب
فأطعم عيالك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بسنان عن أبي عبد الله في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر
قال يعتق نسمة أو يصوم شهر بن متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فان لم يقدر وتصدق بما يطيق وقد بينا ان الجماع مفطر وما رواه الشيخ في
الصحيح عن جميل بن دراء عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فقال هلكت يا رسول الله فقال ما لك فقال النار يا رسول الله قال وما لك قال وقعت على أهلي قال تصدق واستغفر ربك فقال الرجل فوالذي
عظم حقك ما تركت في البيت شيئا قليلا ولا كثيرا قال فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا فقال
له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خذ هذا التمر فتصدق به فقال يا رسول الله على من أتصدق وقد أخبرتك انه ليس في بيتي قليلا ولا كثيرا قال فخذه
وأطعمه عيالك واستغفر الله عز وجل قال فلما رجعنا قال أصحابنا انه بدأ بالعتق فقال أعتق أو صم أو تصدق ولا به اجماع وخلاف أولئك غير معتد
به احتجوا بأنها عبادة لا يتعلق الكفارة بقضائها فلا يتعلق بأدائها كالصلاة والجواب المنع من المساواة لو قوع الفرق من حيث إن الأداء متعلق بزمان مخصوص يتعين به بخلاف القضاء الذي محله العمر والصلاة لا يدخل في جوانها (جبرانها) المال بخلاف الصيام لا يقال قد روى الشيخ عن
عمار بن موسى السساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل وهو صائم فجامع أهله فقال يغتسل ولا شئ والوجه عندي
التأويلان الأولان وبالجملة فالروايتان ضعيفتا السند مخالفتان للا صول التي مهدنا ها والروايات الشهيرة فلا يعارض بهما فروع
الأول يحتمل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطعمه عيالك انه عليه السلام ملك التمر بل تطوع (ع) عنه بالتكفير فلما أخبره بحاجته
صرف إليه ويحتمل انه ملك التمر ليتصدق به عن نفسه فلما أخبره بفقره قدم حاجته على الكفارة فيحتمل ان يكون امره بذلك والكفارة باقية
في ذمته ويحتمل ان يكون سقطت عنه لعجزه ويحتمل ان يكون صرف الكفارة إليه والى عياله لما كان هو المتطوع بها أو يكون مصروفة
إلى عياله
الثاني يجب مع الكفارة القضاء وهو وفاق العلماء كافة الا الأوزاعي فإنه حكى انه ان كفر بالعتق أو الاطعام قضى وان
كفر بالصيام لم يقض لأنه صام شهرين وهو خطأ لان الصوم نوع من ت أنواع الكفارة فوجب معه القضاء كالعتق والصوم في الكفارة عوض عن
العتق لقيامه مقامه ولا يقع عن رمضان ويؤيده ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر المروزي عن الفقيه قال إذ ا أجنب الرجل في شهر
رمضان ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد السلم بن صالح الهروي قال قلت للرضا عليه السلام يا بن رسول الله قد روى عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في
شهر رمضان أو أفطر فيه ثلث كفارات وروى عنهم أيضا كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ قال بهما جميعا متى جامع الرجل حراما أو أفطر على
حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات عتق رقبة واطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم وان كان نكح حلالا أو أفطر عليه فعليه
كفار ة واحدة وبمضمون هذه الر واية افتى أبو جعفر بن بابويه رحمه الله مسألة ويفسد صوم المرأة بلا خلاف نعلمه لأنه نوع من المفطرات فاستوى فيه الرجل والمراة كالأكل وهلم يلزمها الكفارة ذهب علماؤنا إليه اجمع وبه قال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر
والشافعي في أحد القولين وفي الاخر لا كفارة عليها وعن أحمد روايتان لنا انها شاركت الرجل في السبب وحكى الافطار مشاركة له
في حكم الا خر وهو الكفارة ويؤيده ما رواه الشيخ عن المشرقي عن أبي الحسن عليه السلام قال كتب من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقد
570

عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يوم وهو عام في الرجل والمراة وعن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال من أجنب في شهر رمضان فنام حتى
يصبح فعليه عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ويتم صيامه ولن يدركه ابدا وإذا كان حكم المقام على الجنابة عمدا يوجب الكفارة
عليها بالصوم فالاجماع نهارا أولى احتج المخالف بان النبي صلى الله عليه وآله وسلم امر الواطي في رمضان ان يعتق رقبة ولم يأمر في المرأة بشئ
مع علمه بوجوده منها ولأنه حق تعالى يتعلق بالوطي فكان على الرجل كالمهر والجواب انه عليكما بنية في تلك الخال لأنه سأله والتخصيص عقيب
السؤال لا يدل على نفى الحكم عن غيره لو قيل بل يجب مقتضى ما ذكر ثم كان أولى بقوله عليه السلام حكمي على الواحد حكمي على الجنابة وعن الثاني بالفرق بينه
وبين المهر وهو طاهر فروع الأول لو أكره اقدامه على الجماع وهما صائمان وجب عليه كفارتان ذكره الشيخ ره وأكثر علمائنا
وقال الجمهور سقط الكفارة عنها وعنه لان صومها صحيح فلا كفاره عنه ولنا انه هتك تفرد بفعله ولا يحصل الا من اثنين فكان عليه
عقوبتهما معا ويؤيده ما رواه الشيخ عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام فرجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة فقال إن كان
استكرهها فعليه كفارتان وكانت طاوعته فعليه كفاره وعليها كفارة وان كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سو طا نصف الحد وان
كان طا وعته ضرب خمسة وعشرين سو طا وفي سند الرواية ضعف وبالجملة ونحن في هذا من المترددين الثاني انا سبين ان الكفارة مخيرة لكن
بعض أصحابنا ذهب إلى ترتيبها والتفريع عليه ان أكرهها فهل الكفارتان عنه أو كفارة عنه والكفارة عنها فيحملها بسبب الاكراه فيه تردد أقربه
انها معا عنه فان قلنا انها عنها فان اتفق حالهما وكانا من أهل العتق أعتق رقبتي وان كانا من أهل الصيام صام أربعة أشهر واما ان كان
من أهل الاطعام أطعم مائة وعشرين مسكينا وان اختلف حالهما فإن كان على أعتق عن نفسه وهل يجوزان يصوم عنها فيه تردد أقربه انه لا
يجوز لان الكفارة واما ان كانت عنها الا انه بالا كراه يحملها فكان الاعتبار بقدرته وان كان هو من أهل الصيام والزوجة من أهل الاطعام
صام عن نفسه وعنها وكذا ان كانت هي أعلا حالا منه وجب عليه ما يقدر عليه هو ولا اعتبار بحالها وانما ذكرنا هذه الفروع لمنازعة
الشافعي في بعضها الثالث لو كان مجنونا فوشى وهي صايمة فان طاوعته يلزمها الكفارة وان أكرهها سقطت الكفارة عنهما اما
عنه فلعدم التكليف بالجنون واما عنها فلعدمه بالاكراه الرابع لو زنى بامرأة في نهار رمضان فان طاوعته فعليهما كفارتان وان أكرهها
فعليه كفارة وهل يجب عليه أخرى قال الشيخ لا يجب عليها كفارة عن نفسها ولا كفارة عليه ولا عليها عنه السادس لو أكرهته على الجماع
وجب عليها كفارة عن نفسها وهل يجب كفارة عن نفسه فيه تردد ينشأ من امكان تحقق الا كراه في الجماع وعدمه ن؟ ظرا إلى اسناد الميل القلبي
إلى الاختبار خاصة مسألة لو وطي امرأته فأنزل وجب عليه القضاء والكفارة اجماعا وإن لم ينزل فيه قولان أحدهما انه كك وبه
قال الشافعي واحمد وأبو حنيفة في رواية وفي أخرى وهي الشهيرة لا كفارة بالوطي في الدبر ووافقنا على وجوب القضاء لنا انه أفسد صوم رمضان
بجماع في الفرج فأوجب الكفارة كالوطي ولأنه وطي في محل مشتهى طبعا فكان كا لقبل ولأنه وجب أحد المعادلين فيثبت الاخر ولأنه وطين مفعول
في فرج فيجب به الغسل والكفاة ولان النبي صلى الله عليه وآله وسلم امر من قال واقعت أهلي القضاء والكفارة ولم يستفصله مع الأحمال فيكون
عاما في مطلق الوطي واحتج أبو حنيفة بأنه وطي لا يتعلق به حد فلا يتعلق به كفارة والجواب المنع من عدم الحد سلمنا لكن لا ملازمة كما في الأكل
لا يقال قد روى الشيخ عن أحمد بن محمد عن بعض الكوفيين برفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل ليأتي المراة في دبرها وهي صائمة قال لا ينقض
صومها وليس عليه غسل وعن علي بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي صائمة لن ينقض صومها وليس عليها غسل لأنا
نقول انهما خبران مرسلان لا اعتداد بهما فروع الأول لو وطي غلاما فا نزل لزمه الكفارة وإن لم ينزل قال الشيخ والسيد المرتضى
تنجب الكفارة أيضا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يلزمه القضاء لا غير لنا انه وطي عمدا وطيا يصير به جنبا فتجب به الكفارة ولأنه جماع في فرج
محرم شرعا مسمى طبعا فأوجب الكفارة ولان إحدى العقوبتين ثابتة فيثبت الأخرى وادعى الشيخ أبو جعفر ره الاجماع على ذلك وادعى السيد
اجماع الامامية على وجوب الفسل على الفاعل والمفعول فيجب القضاء لفساد الصوم ويلزم من افطاره متعمدا الكفارة الثاني لو وطي في
فرج البهيمة فأنزل وجب القضاء والكفارة وإن لم ينزل قال الشيخ لا نص فيه ويجب القول بالقضاء لأنه مجمع عليه دون الكفارة ومنع ابن إدريس
من ايجاب القضاء أيضا وهو قوى الثالث لا فرق بين وطي الزوجة والأجنبية الصغيرة والكبيرة إذا وجب بوطي الزوجة فبوطي
الأجنبية أولى الرابع إذا أوجبنا الكفارة على الواطي دبر ا وجب على المفعول لأنه هتك مشرك بين فعليهما فاشتركا في العقوبة
الخامس لو انزل عند الملاعبة أو الملامسة أو التقبيل أو استمنى بيده الا قضاء والكفارة وكذا لو وشى فيما دون الفرجين فأنزل وبه
قال مالك وأبو ثور وقال احمد يجب قز الوطي دون الفرج وعنه في القبلة واللمس روايتان وقال الشافعي وأبو حنيفة عليه القضاء دون الكفارة
لنا انه أجنب مختارا متعمدا فكان الجامع ولأنه انزل عمد وافطرته فلزمه الكفارة لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم امر الفطر بالكفارة ولأنه وجبت إحدى العقوبتين
571

فيجب الأخرى ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سا أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل بعث باهله في شهر رمضان حتى يمنى قال عليه
من الكفارة مثل ما على الذي يجامع وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق قال كفارته ان يصوم
شهرين متتابعين أيطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة وعن حفص بن سرقة عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته
وهو في رمضان فسبقه الماء فينزل فقال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع السادس لو نظر أو سمع الكلام أو صارت فأمنى لم
يفسد صومه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال الشيخ ره ان نظر إلى محللته لم يلزمه شئ بالامناء وان نظر إلى محرمته لزمه القضاء وقال
مالك ان انزل من النظرة الأولى لم يفطر ولم يفسد صومه سواء كان نظر إلى محرم أو محلل لان النظرة الأولى ولا يمكن الاحتراز منه فلا يحصل
ما اقتضت إليه النظرة كالدمات وغبار الطريق إذا دخل إلى خلقه ولان الأصل الصحة فلا يعدل عنه الا بدليل وان انزل من نظر متكرر يعلم معه
الانزال كان حكمه حكم المقبل واللامس السابع قال أبو الصلاح لو أصغى فأمنى قضاه الثامن لو قبل ولمس فأمذى لم يفطر وبه قال
الشافعي وقال احمد يفطر لنا انه خارج لا يوجب الغسل فإذا انضم إلى المباشر ة لم يفسد الصوم كالبول احتج بأنه خارج محلله الشهوة فإذ انضم
إلى المباشرة أفطر به كالمني والجواب الفرق بان المنى يلتذ بخروجه ويوجب الغسل بخلافه وفي رواية رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام انه يقضى وحمله
الشيخ على الاستحباب وهو حسن التاسع لو تساحقت امرأتان فان لم تنزلا لم يتعلق بهما حكم سوى الاثم فان أنزلتا فسد صومهما وهل يجب عليهما القضاء
والكفارة الوجه لزومهما لان الجماع من المراة موجب للكفارة عليها على ما مضى وعن أحمد روايتان ولو ساحق المجبوب فأنزل فحكمه حكم المجامع
فيما دون الفرج إذ انزل وقد سلف انه يوجب القضاء والكفارة عندنا العاشر لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع فعليه القضاء
والكفارة وبه قال مالك والشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يجب القضاء دون الكفارة لنا انه ترك صوم رمضان يجامع اثم به بحرمة الصوم
فوجبت به الكفارة كما لو وطين بعد طلوع الفجر احتج أبو حنيفة بان وطيه لم يصادف صوما صحيحا فلم يوجب الكفارة كما لو ترك النية و
جامع والجواب من حيث الفرق ومن حيث المنع الا ول فان تارك النية ترك الصوم لترك النية لا للجماع واما الثاني فلانا نمنع من عدم وجوب
الكفارة الحادي عشر لو نزع في الحال مع أول طلوع الفجر من غير يوم لم يتعلق به حكم الا ما يأتي من أنه ان فرط في تحصيل الوقت لزمه القضاء
وإلا فلا وجه قال أبو حنيفة والشافعي لأنه ترك للجماع فلا يتعلق به حكم الجماع كما لو حلف لا يدخل بيتا وهو فيه فخرج منه فقال بعض الجمهور
يجب الكفارة لان النزع جماع يلتذ به فتعلق به ما يتعلق بالاستدامة كالإيلاج وقال مالك يبطل صومه ولا كفارة عليه لأنه لا يقدر
على أكثر مما فعله في ترك الجماع فكان كا لمكروه والجواب عن الأول ان البحث فيما لو نزن غير متلذذ وعن الثاني بالتسليم ولا يقتضي ذلك
من وجوب القضاء مسألة ولو اكل أو شرب عامد في نهار رمضان مع وجوب الصوم اختيارا وجب عليه القضاء والكفارة ذهب إليه
علماؤنا اجمع به قال عطا والحسن البصري وأبي هريرة والثوري والأوزاعي واسحق وأبو حنيفة ومالك وقال الشافعي لا يجب الكفارة
بل القضاء خاصة وبه قال سعيد بن جبير والنخعي ومحمد بن سيرين وحماد بن سليمان واحمد وداود لنا انها فطر بأعلى ما في الباب من جنبه فوجبت
فيه الكفارة كالجماع ولان الكفارة في باب المواقعة تعلقت بجناية افساد الصوم فالشرع الوارد لم يكن وارد ا هنا
ويؤيده ما رواه الشيخ في
الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهر؟
أو يطعم ستين مسكينا فان لم يقدر تصدق بما يطيق وعن عبد الرحمن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أفطر يوما من رمضان متعمدا قال
عليه خمسة عشر صاعا لكل مسكين مد مثل الذي صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتج الشافعي بان السنة وردت في الجماع وغير الجماع لا يقال
عليه كالافطار بالاستدعاء والقئ وبلع الجوزة والحصاة ولان الدليل يبق وجوب الكفار به لان القربة كافية لرفع القرب الا انا تركنا العمل في
باب المواقعة فيبقى المتنازع فيه على قضية الدليل والجواب عن الأول قد بينا من أحاديث أهل البيت عليهم السلام وجوب الكفارة والقياس مه ع قيام
شرايطه يعمل به عنده وقد تم هن إذ الكفارة في باب المواقعة تعلقت بجناية افساد الصوم فيثبت في موارده بخلاف استدعاء القى وبلع الحصاء
والجوز طه لان الجناية في المتنازع فيه أبلغ على انا تمنع عدم الكفارة في بلغ الحصاة والجوزة ويخرج استدعاء القى بالنص فيبقى الباقي على عمومه
وبهذا فيطهر الجواب عن الثاني فروع الأول لا فرق بين الرجل والمراد والعبد والخنثى في ذلك الا ما يستثنيه الثاني لا فرق
بين اكل المتحلل والمحرم في الكفارة وسيأتي الثالث لا فرق بين المعتاد غيره في المأكول والمشروب فلو إذ در د حصاة وشبهها أو شرب ما لم
يجر العادة تتعلق به وجوب القضاء والكفارة خلافا للسيد المرتضى ره وأبي حنيفة والشافعي لنا انه ضاق (ضاع) للصوم فيكون مفسد ا ويجب به الكفارة
لما رواه الجمهور عن أبي هريرة ان رجلا أفطر في رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا
وعن سعيد بن المسيب بان رجلا قال يا رسول الله أفطر في شهر رمضان فقال أعتق رقبة ولم يستفصله وكذا من طريق الخاصة مسألة
ويجب بايصال الغبار والرقيق إلى الحلق القضاء والكفارة ذهب إليه الشيخ ره واتباعه وخالف فيه الشافعي وأبو حنيفة وما لك واحمد لنا انه
572

مفسدة للصوم لنا قامة له فكان موجبا للكفارة كالأكل ولانا بينا ان ازدراد ما لا يعتاد يوجب القضاء والكفارة وكذا الغبار ويؤيده ما رواه
الشيخ عن سليمان بن جعفر المروي وقال سمعته يقول إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل
في انفه وحلفه غبار فعليه صوم شهر ين متتابعين فان ذلك له مثل الأكل والشرب والنكاح والاستدلال بهذه الرواية ضعيف لو جمعين أحدهما
عدم الاتصال إلى امام إذ قول الراوي سمعته كما يحتمل ان يكون اما ما يحتمل ان غيره الثاني اشتمال هذه الرواية على احكام لا يثبت على
يأتي لا يقال قد روى الشيخ عن عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السلام سألته عن الصائم يدخل الغبار حلقه قال لا بأس عن مسعدة بن صدقة
عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام عن الذباب يدخل حلق الصائم قال لي عليه قضاء انه ليس بطعام لأنا نقول انهما
ضعيفا السند وأيضا فانا نقول بموجبهما إذ المفطر عندنا ادخال الغبار والذباب عمدا إلى الفم لا دخولهما مطلقا إذ قد يدخلان من غير اختيار
فلا يفطر أن لا يقال ان تعليل أمير المؤمنين عليه السلام بأنه ليس بطعام ينفي ما ذكرتم من الاحتمال لأنه لا فرق بين الطعام وغيره في عدم الافطار
بالدخول ناسيا أو من غير قصد لأنا نقول الامتناع في إرادة انه ليس بطعام مقصود أمسكه وان كان بعيدا فالأولين الاعتماد على الأول وبالجملة
فان السيد المرتضى رحمه الله لم يوجب الكفارة وهو قوى وقال أبو الصلاح رحمه الله إذا وقف في الغبار لزمه القضاء مسألة وأوجب
الشيخان القضاء والكفارة بتعمد الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم السلام وخالف فيه السيد المرتضى وابن أبي عقيل رحمهما الله وهو
قول الجمهور كافة وهو الأقرب عندي لنا الأصل براءة الذمة وعدم وجوب الكفارة لان الذنب يسقط بالتوبة فلا يستعقب شيئا اخر الا بدليل
احتج الشيخان بما رواه أبو بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام والافطار يستلزم الكفارة لما تقدم في حديث عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في
رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فان لم يقدر يصدق بما يطيق
وبما رواه سماعة قال سألته عن رجل كذب في رمضان قال قد أفطر وعليه قضاؤه وهو صائم يقضى صومه ووضوئه إذا تعمد ولان الاحتياط يقتضي
ذلك والجواب عن الحديثين باشتمالهما على ما منعتم من العمل به فيكون حقيقة والثانية ضعيفة السنر وهي غير مسندة إلى الامام ولا نسلم
ان الافطار يستلزم وجوب الكفارة لان ه قد يحصل الافطار وإن لم يجب الكفارة على ما يأتي والاحتياط معارض براءة الذمة مسألة ولواجب
ليلا وتعمدا لبقاء على الجنابة حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء والكفارة ذهب إليه الشيخان وقال ابن أبي عقيل عليه القضاء خاصة وبه قال أبو هريرة
والحسن البصري وسالم بن عبد الله والنخعي وعروة وطاوس وهو الظاهر من كلام السيد المرتضى وقال الجمهور لا قضاء عليه ولا كفارة وصو مه صحيح
لنام ما رواه الجمهور عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلام أنه قال من أصبح جنبا في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال يعتق
رقبة أو يصوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم ولا يدك فضل يومه وعن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال سألت عن احتلام الصائم
قال فقال إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له ان ينام حتى يغتسل وان أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام ساعة حتى يغسل فمن أجنب في شهر رمضان
فنام حتى يصبح فعليه رقبة أو اطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ويتم صيامه وان يد ركه ابدا ولأنه تعمد القضاء على الجنابة نهار كان كمن
تعمد فعلها نهارا احتج ابن أبي عقيل بما رواه إسماعيل بن عيسى قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل اصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا
حتى أصبح اي شئ عليه قال لا يضره هذا ولا يبالي فان أبي عليه السلام قال قالت عايشة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصبح جنبا من
جماع غير احتلام واحتج المخالف بقوله تعالى فالآن باشروهن إلى قوله حتى يتبين لكم الخيط الأبيض وجواز المباشرة إلى هذه الغاية يستلزم جواز ترك
الاغتسال في أول الفجر وبما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصومه والجواب عن الأول ان النوم
عمدا لا يستلزم تعمد ترك الاغتسال فجاز ان يتعمد النوم على عزم الاغتسال ليلا وعن الحديث الاخر ما قدمناه من أن المراد كان عليه السلام يقارب
بالاغتسال طلوع الفجر لا انه يفعله بعده والا لزم ان يكون مداوما لترك الفريضة في أو لوقتها مع المكنة لان قولهم كان يفعل كذا يعطي
المداومة وعن الآية لا يستلزم ان التقييد بالغاية لاحق بالمعطوف عليه قولان منع المباشرة بعد الطلوع ليلا يهتك الصوم بالجنابة وهو موجود
في صور ة النزاع مسألة ولو أجنب ثم نام من غير نا وللغسل حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء والكفارة لان مع النوم على ترك الاغتسال
يسقط اعتبار النوم ويصير كالمتعمد للبقاء على الجنابة اما لو نام على عزم الاغتسال ثم انتبه ثم نام ثانيا ثم انتبه ثم نام ثالثا على عزم الاغتسال
أيضا حتى طلع الفجر قال الشيخان يجب القضاء والكفارة واحتجا بما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام رجل أجنب في شهر رمضان بليل
ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال وقال إنه حقيق أن لا أراه يدركه ابدا
وما رواه سليمان بن جعفر المروذي عن الفقيه وقد تقدمت وبما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه وهي من هذه الروايات
غير دال على مطلوبهما اما الأول فلانه عليه السلام علق وجوب الكفارة على ترك الغسل متعمدا حتى يصبح من غير ذكر تكرر النوم ورواية سليمان
573

دالة على وجوب الكفارة مطلقا وكذا رواية إبراهيم بن عبد الحميد مع إرسالها وعدم ذكر المسؤول وكما يحتمل تكرر النوم فيحتمل ترك الغسل متعمدا بل هو الأولى
لما تقدم من الروايات فيحمل المطلق عليه والرواية تدل على مرادهم حتى يحملوا هذه الرواية عليها ان الأصل براءة الذمة فلا يخرج منه الا بدليل
ولان النوم سايغ ولا قصد له في ترك الغسل ولا عقوبة إذ الكفارة مرتبة على التفريط أو لاثم وليس أحدهما ثانيا فاذن الأولى عندنا سقوط
الكفارة الا مع العمد مسألة وفي الارتماس في الماء أقوال أحدها انه بوجب القضاء والكفارة واختاره الشيخ في بعض كتبه والمفيد رحمه الله
وثانيها انه مكروه وهو اختيار السيد المرتضى وبه قال مالك واحمد وثالثها انه محرم ولا يفسد الصوم ولا يوجب قضاء ولا كفارة اختاره الشيخ
في الاستبصار وبه اعمل ورابعها انه سايغ مطلقا وهو قول ابن أبي عقيل من علمائنا وبه قال الجمهور المن استثناه لنا على التحريم ما تقدم
من الأخبار الدالة على النهى وعلى عدم ايجاب القضاء والكفارة الأصل وما تقدم من الأحاديث وهذه المسألة قد مضى البحث فيها مسألة
وكل موضع يجب فيه القضاء منفردا أو منضما إلى وجوب الكفارة فإنه يجب يوم مكاني يوم ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو قول عامة الفقهاء
وحكى عن ربيعة أنه قال يجب مكان كل يوم اثنى عشر يوما وقال سعيد بن المسيب انه يصوم عن كل يوم هر أو قال إبراهيم النخعي بصوم عن كل يوم
ثلاثة الف يوم لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال للمجامع وصم يوما مكانه وفي رواية أبي داود وصم يوما واستغفر الله
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن المشرقي عن ألبي الحين عليه السلام وقد سئل عمن أفطر أياما من شهر رمضان عمدا فقال من أفطر يوما من شهر رمضان
فعليه عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يو م وفي حديث سماعة عن المجامع وقضاء ذلك اليوم وأنى له مثل ذلك اليوم ولان القضاء يكون على
حسب الأداء كساير العبادات ولان قضاء العبادة يستوي فيه الترك بالعذر وعن الذر كالصلاة والحج احتج ربيعة بان رمضان يجزي عن النية وهي اثنا عشر شهرا
فكل يوم منه في مقابلة اثنى عشر يوما من غيره وهذا ليس بصحيح لأنا لا نسلم وجوب صوم السنة والاجزاء عنه رمضان مسألة والكفارة
عتق رقبة أو صيام شهر ين متتابعين أو ا طعام ستين مسكينا هذا اختيار أكثر علمائنا وبه قال مالك وقال أبو حنيفة والثوري والشافعي والأوزاعي
انها على الترتيب وبه قال ابن أبي عقيل من علمائنا وللسيد المرتضى ره قولان وعن أحمد روايتان وقال الحسن البصري هو مخير بين تحرير رقبة ونحر
بدنه لنا ما رواه الجمهور عن أبي هريرة ان رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان يكفر بعتق رقبة أو صيام شهر ين متتابعين أو
اطعام ستين مسكينا واو للتخير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح نعن عبد الله بن سنا ن عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أفطر في شهر رمضان
يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فان لم يقدر تصدق بما يطيق ولأنها تجب بالمخالفة فكانت
على التخيير ككفارة اليمين وجزاء الصيد احتج ابن أبي عقيل بما رواه السيخ عن المشرقي عن أبي الحسن عليه السلام قال كنت من أفطر يو ما من شهر
رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يوم واحتج الجمهور بما رواه عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للمواقع على أهله تجد
رقبة تعتقها قال لا قال هل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد اطعام ستين فدل على انها للترتيب ولأنها كفار ة فنها صوم
متتابع فكانت على الترتيب ككفارة القتل والطهار واحتج الحسن بما رواه ابن المسيب فقال جاء اعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيضرب ننحره
وينتف شعره ويقول هلك الأبعد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما ذلك فقال أصيب أهلي في رمضان وانا صائم فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم هل تستطيع ان تعتق رقبة فقال لا فقال فهل تستطيع ان تهدي بدم فقال لا وعن جابر بن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال من أفطر يوما في شهر رمضان فليهد بدم فان لم يجد فليطعم ثلثين صاعا والجواب عن الأول ان ايجاب الرقبة لا ينافي التخيير بينها وبين غير ها
وذلك كما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل لن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال إن رجلا
أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال هلكت فقال مالك قال وقعت على أهلي قال تصدق واستغفر ربك ومع
ذلك لا يتعين الصدقة ولا اجماعها وعن
الثاني ان امره عليه السلام بشئ بعد آخر لا يدل على الترتيب إذ ليس تصريح فيه سلمنا لكنه معارض بتخييره الدال تصريح (بتصريحه) على التخيير ولان فيه تسييرا
أو تحقيقا فيكون العمل به راجحا سلمنا لكن نحمله على الاستحباب جمعا بين الأدلة اذن نزيله على وجوب الترتيب يبطل حديثنا بالكلية وليس كك إذا حماه
على الاستحباب وعن الثالث بالفرق بين الصورتين لقوة الذنب في القتل والظهار بخلاف صورة النزاع أو قد يحمله على ذلك نوع من الضرورة القبلة
بخلاف القتل والطهار وعن الرابع انه معارض بحديث الجماعة فيكون أولى من رواية ابن المسيب ولأنه لا نقول بموجبه لأنه نقله عن القتل إلى
الهدى على الترتيب والجنس على التخيير فما ترتب ألييه لا يدل الحديث عليه وعن الخامس ان رواية الحرث بن عبيدة عن مقاتل بن سليمان وعن عطاء عن جابر
والحارث ومقاتل ضعيفان فروع الأول الترتيب وإن لم يكون اجماعا على ما اخترناه الا انه مستحب للخلاص من الخلاف الثاني
صوم الشهرين متتابع وعليه علماؤنا اجمع وبه قال عامة الفقهاء الا ابن ألبي ليلى فإنه لم يوجب التتابع لنا ما رواه الجمهور عن أبي هزر ير ة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآله وسلم
قال لمن واقع أهله فهل يستطيع ان يصوم شهرين متتابعين وما رواه أبو هريرة أيضا عنه عليه السلام انه امر الذي أفطر يوما من رمضان بكفارة الظهار
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سماعة قال سألته عن رجل أتى أهله في رمضان قال عليه السلام وصوم شهرين متتابعين وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان
574

عن أبي عبد الله عليه السلام وبصوم شهرين متتابعين ولأنها كفارة فنها صوم شهرين فكان متتابع كالظهار والقتل احتج ابن أبي ليلى بما روى أبو هريرة
ان رجلا فطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآله وسلم ان يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو اطعام ستين مسكينا ولم يذكر المتتابع فكان الأصل عدمه والجواب ما نقلاه أو لأنه لفظ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما نقلتموه لفظ الراوي ولان الأخذ بالزيادة أولى لجواز سهو الراوي عليها
الثالث لا فرق بين الحنطة والشعير والتمر وهو خمسة عشر صاعا ستين مسكينا لكل مسكين مد وقد سلف تقدير المد وبه قال الشافعي و
عطا والأوزاعي وقال أبو حنيفة من الر لكل مسكين نصف صاع ومن غيره صاع وقال احمد مد من بر ونصف صاع من غيره وقالا الشيخ
لكل مسكين مدين من الطعام لنا ما رواه الجمهور في حديث بالمجامع انه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكتل فنيه خمسة عشر صاعا من تمر فقال خذ هذا فأطعم
عيالك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال عليه
خمسة عشر صاعا لكل مسكين مد بمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأنها أنواع تؤدى في واجب فتكون متساوية المقدار احتج أبو حنيفة بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث
سليمة بن صخر وأطعم وسقا من تمر واحتج احمد بما رواه أبو زيد المزني قال جاءت امرأة من بني مناضة بنصف وسق شعير فقال النبي صلى الله عليه وآله للمضاهر أطعم
هذا فان مد شعير مكان مدين والجواب عن الأول انه مختلف فيه وعن الثاني بأنه غير صورة النزاع الرابع إذا قلنا انها على الترتيب فإذا عدم
الرقبة فصام ثم وجد الرقبة في أثنائه جاز له الانصراف والانتقال إلى الرقبة أفضل وقال أبو حنيفة والمزني لا يجزيه ويكفر بالعتق وللشافعي وجهان
لنا انه بفقد الرقبة لتعين عليه الصيام فلا يزول هذا الحكم بوجدان الرقبة كما لو وجدها بعد الفراغ عن الصيام ولأنه بدل عن واجب فجاز المضي فيه
بعد الشروع وترك الانتقال كالمتيمم إذ ادخل في الصلاة ثم وجد الماء وقد سلف البحث فيه احتج أبو حنيفة بأنه قد ر على الأصل قبل أداء فرضه
بالبدل فبطل حكم البدل كالمتيمم يرى الماء والجواب ان المتيمم بعد الدخول في الصلاة يمضى اما قبلها فالفرق انه؟ بما فعل التيمم له فلم يظهر له
حكم وأيضا بالفرق بان التيمم لا يرفع الحدث وانما يسر فإذا وجد الماء ظهر حكمه بخلاف الصوم فإنه يرفع حكم الجماع بالكلية ولان الصوم بطول مدته
فبينوا الراحة الجمع بينه وبين العتق بخلاف الوضوء والتيمم الخامس روى الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام
حديث المجامع لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصون ع بضاعتنا فقال فخذه فأطعمه
عيالك واستغفر الله عز وجل وروى عن محمد بن النعمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سالم عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان فقال كفارته
جريبان من طعام وهو عشرون صاعا ولا ينافي ما قدمناه من ا لتعدي اما الأول فلانه قصر فإذ أكفره بعشرة أصوع فخرج ب عن العهدة لأنه فقير غير
ممكن من الصيام والا لأمره عليه السلام به واما الثاني فلاحتمال صغر الصاع جمعا بين الأدلة السادس روى الشيخ عن عمار الساباطي قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يصيبه عطش حتى يخاف على نفسه قال يشرب بقدر ما يمسسك دمقه ولا يشرب حتى يروى والرواية مناسبة
للمذهب لأنه في محل الضرورة إذا ثبت هذا فهل يجب عليه القضاء لوجه عدم الوجوب لأنه إذا شرب بقدر ما يمسك رمقه مخافة التلف كان بمنزلة المكره ولان التكليف يسقط ولا يجوز له التعدي فلو شرب زيادة على ذلك وجب عليه القضاء والكفارة مسألة ولو عجز عن الأصناف الثلاثة
صام ثمانية عشر يوما فان لم يقدر تصدق بما وجدا وصام ما استطاع فان لم يتمكن استغفر الله تعالى ولا شئ عليه ذهب إليه علماؤنا واختلف
الجمهور فقال الزهري والثوري وأبو ثور إذا لم يتمكن من الأصناف الثلاثة كانت الكفارة ثابتة في ذمته وهو قياس قول أبي حنيفة وقال الأوزاعي سقطت
عنه الكفارة وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان لنا على سقوطها عن ذمته ما رواه الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للمجامع اذهب
فكله أنت وعيالك ولم يأمره بالكفارة في ثاني الحال ولو كان باقيا في ذمته لامره بالا خراج مع التمكن ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في حديث
المجامع أيضا من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فخذه فأطعمه عيالك واستغفر الله عز وجل وما رواه في ا لصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع)
في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق يسمه أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فان يقدر تصدق
بما يطيق وفي الحسن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في رجل وقع على أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به على ستين مسكينا
قال يتصدق بما يطيق ولو ثبت الكفارة في ذمته بينوه (عل) ولما وقع الاجزاء بالصدقة بالممكن ولا الكفارة حق من حقوق الله تعالى
لا على وجه البدل فلم يجب مع العجز كصدقة الفطر احتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرا لاعرابي بان يأخذ التمر عن نفسه يعدان اعلمه بعجزه
عن الأنواع الثلاثة وان امره بصرفه إلى أهله لما أخبره لحاجتهم إليه فدل على أن الكفارة واجبه مع العجز ولأنه حق لله فقال في المال فلا يسقط
بالعجز كساير الكفارات والجواب عن الأول انه عليه السلام لم يدفعه إليه لان الكفارة واجبة عليه بل كان تبرعا منه عليه السلام بذلك وعندنا انه يجوز
التبرع بالكفارة وعن الثاني انه قياس في معارضة النص فلا يسمع فروع الأول حد العجز عن السكران لا يجد فل يصرفه في الكفارة فا ضلا
عن قوته وقوب غيا له ذلك اليوم الثاني لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة مع العجز بل يجب ولو عجز عنه سقط لعدم القدرة التي هي شرط
التكليف الثالث اختلف عبارة الشيخين هنا فقال المفيد رحمه الله لو عجز عن الأصناف الثلاثة عشر يوما متتابعات
575

لكل عشرة مساكين ثلاثة أيام فان لم يقذر على يذلك فليتصدق بما أطاق أو فليصم ما استاع فجعل صوم الثمانية عشر واجبا؟
على التعيين وخير بين الصدقة مطلقا بالممكن وبين الصوم المستطاع بعد العجز عن الثمانية عشر يوما وقال الشيخ أبو جعفر ره وإن لم
يتمكن من الأصناف الثلاثة فليتصدق بما يمكن منه فان لم يتمكن من الصدقة صام ثمانية عشر يوما فان لم يقدر صوما يمكن منه فان لم يتمكن قضى
ذلك اليوم واستغفر الله تعالى فجعل الصدقة بما يتمكن واجبا بعد العجز عن الثلاثة الأصناف وجعل صوم ثمانية عشر مرتبة ثانية بعده وجعل
الصوم بما يمكن مرتبة ثالثة وحديث عبد الله بن سنان يدل على الصدقة بما يمكن عند الجز وقد روى الشيخ عن أبي بصير وسماعة بن مهران قال سألنا أبا عبد
الله عليه السلام عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام ولم يقدر على الصدقة قال فليصم ثمانية عشر يوما من كل عشرة مساكين ثلاثة
أيام الرابع أطلق الشيخ رحمه الله الثمانية عشر يوما وقيدها المفيد ره بالتتابع وهو اختيار السيد المرتضى والوجه ما قال الشيخ عملا بأصالة براءة
الذمة وعدم التقييد في الخبر ويؤيده ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال انما الصيام الذي لا يفرق كفارة اليمين الخامس
لو تمكن من صيام شهر هل يجب عليه أم لا فيه تردد ينشأ من وجوب الشهرين الذين يجب تحتها الشهر الواحد من النص على وجوب الثمانية عشر لا غير عند
العجز عن الأصناف الثلاثة اما لو تمكن من الصدقة على ثلثين وجب لقوله عليه السلام فان لم يتمكن بصدق بما استطاع السادس لو تمكن من صيام
شهر والصدقة على ثلاثين هل يجب عليه واحد هنا فيه التردد المذكور مسألة والكفارة يجب وافطار رمضان بلا خلاف الامن شذوذ
لا اعتداد بهم وقد سلف البحث فيه وجب أيضا في قضائه بعد الزوال وفي النذر المعين قبل الزوال وبعده وفي الاعتكاف ذهب إليه علماؤنا
وأطبق الجمهور كافة على سقوط الكفارة فيما عدا رمضان الا قتادة فإنه أوجب الكفارة في شهر رمضان واتفق علماؤنا والجمهور على عدم ايجاب
الكفارة فيما عدا ما ذكرناه اما في رمضان فلانه عبادة تجب الكفارة في أدائها فتجب في قضائها كالحج ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن
يزيد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه الا
يوما مكان يوم وان كان أتى أهله بعد الزوال فان عليه ان يتصدق على عشرة مساكين وفي الصحيح عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد الله
عليه السلام رجل وقع على أهله وهو يقضى شهر رمضان فقال إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شئ عليه يصوم يوما بدله وان فعل بعد العصر صام
ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين فان لم يتمكنه صام ثلاثة أيام قال الشيخ ولاتنا في بين الخبرين لان وقت الصلاتين واحد وهو الزوال الا
ان الظهر قبل العصر على ما تقدم فغير عما قبل الزوال بما قبل العصر لقرب ما بين الوقتين وعما بعه لما بعد العصر لذلك واما النذر المعين فليعين
زمانه كما يعين رمضان قصار الافطار فيه هتكا لحرمة صوم معين فأوجب الاثم والكفارة يتبع الاثم في فطر الصوم المتعين زمانه كرمضان ويؤيد
ما رواه الشيخ عن القسم بن الصيقل انه كتب إليه يا سيدي رجل؟ ان يصوم لله فوقع في ذلك اليوم على أهله ما عليه من الكفارة فأجابه يصوم يوما
بدل يوم ويحرر رقبة مؤمنة واما الاعتكاف فلانه إذا كان واجبا كرمضان في المتعين فيمسكه يستلزم ما وجب في رمضان وعن زرارة قال سألت أبا
جعفر عليه السلام عن المعتكف يجامع أهله فقال إذا فعل فعليه ما على المظاهر وعن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن معتكف واقع
أهله قال عليه ما عليه من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أعتق رقبة أو صوم شهرين أو طعام ستين مسكينا وقد روى الشيخ في الحسن عن الحلبي
عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسو ل الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان العشر الأواخر اعتكف
في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر اليزر وطوى
فراشه فقال بعضهم ما اعتزال النساء فلا قال الشيخ لا ينافي ذلك الأخبار المتقدمة لان قوله عليه السلام ما اعتزال النساء فلا المعنى فيه مخالطتهن
ومجالستهن دون ان يكون المراد وطيهن في حال الاعتكاف الجماع دون ما سواء وسيأتي البحث في ذلك أن شاء الله فروع الأول
فرق علماؤنا بين الا فطار في قضاء رمضان أول النهار وبعد الزوال فأوجبوا الكفارة في الثاني دون ا لأول والجمهور لم يفرقوا بينهما بل قالوا
بسقوط الكفارة في الثاني لافطاره فإنه أوجبها فيهما معا ابن أبي عقيل من علمائنا اختار مذهب الجمهور في سقوط الكفارة ثنا ما تقدم ولأنه قبل
الزوال مخبر بين الاتمام والافطار فلا يتعين صومه فيجرى مجرى رمضان ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال صوم النافلة
لك ان تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت من صوم قضاء الفريضة لك ان تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت الشمس فليس لك ان تفطر وعن أبي بصير
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تقضى شهر رمضان فأكرهها زوجها على الافطار فقال لا ينبغي ان يكرهها بعد الزوال الثاني الكفارة في قضاء رمضان ما قدمناه من اطعامه عشرة مساكين فان لم يتمكن صام ثلاثة
أيام وقد روى أنه لا كفارة عليه وروى أن عليه كقارة رمضان روى
الشيخ بإسناده عن عما ر الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عليه أيام شهر رمضان يريد أن يقضيها متى ير يدان ينوى الصيام قال هو
بالخيار إلى زوال الشمس فإذ زالت فإن كان نوى الصوم فليصم وان كان نوى الافطار يستقيم ان ينوى الصوم بعدما زالت الشمس قال قد أساء
ليس عليه شئ الا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه وروى زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن رجل قضا من رمضان فاتى النساء
576

قال عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في رمضان لان ذلك اليوم عند الله من رمضان قال الشيخ وجه الجمع بينهما انه يحتمل ان يكون الرواية الأولى
واردة فيمن لا يمكن من الاطعام ولا صيام ثلاثة أيام والرواية الثانية واردة فيمن أفطر بعد الزوال استحقاقا بالفرض وتهاونا يه فاما من أفطر
على غير ذلك فلا الثالث المشهور في الكفارة من أفطر في يوم تعين صومه بالنذر انها من رمضان وروى كفارة يمين وسيأتي تحقيقه
انشاء الله وقد روى الشيخ في بالصحيح عن علي بن مهزيار قال كتب مندار صولي ابن إدريس يا سيدي نذرت ان أصوم كل يوم سبت فان انا لم أصمه
ما يلزمني من الكفارة فكتب وقرأته لا تتركه الا علة وليس عليك صومه في سفر ولا مرض الا ان تكون نويت ذلك وإن كنت أفطرت فيه من غير علة فتصدق
بعدد كل يوم على سبعة مساكين نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى قال الشيخ لا ينافي ذلك ما تقدم لان الكفارة تجب على قدر طاقة الانسان فمن يمكن
من عتق رقبة لزمه ذلك فان عجز عنه سبعة مساكين وابن أبي عقيل من علمائنا لم يوجب كفارة في ذلك كا لجمهور الرابع لو قضى تعين صومه بالنذر
لم يجب عليه بالافطار شئ سوى القضاء سواء كان قبل الزوال أو بعده عملا بالأصل براءة الذمة السليم عن المعارض والقياس على قضاء رمضان ضعيف
لتعين الصوم هناك بعد الزوال بخلاف صورة النزاع مسألة وانما يفسد الصيام إذا وقع ذلك منه عمدا مختارا مع وجوب الصوم عليه
فهذه قيور ثلاثة لابد منها الأول العمد ولا خلاف بين علمائنا في أن الناسي يفسد صومه ولا يجب عليه قضاء ولا كفارة بفعل المفطر ناسيا وبه
قال أبو هريرة وابن عمر وعطا وطاوس والأوزاعي والثوري والشافعي واحمد واسحق وأصحاب الرأي وقال ربيعة ومالك يفطر الناسي بذلك لنا ما رواه
الجمهور عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اكل أحدكم أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه (ع) من اكل أو شرب
ناسيا فلا يفطر انما هو رزق رزقه الله وعن علي عليه السلام قال لا شئ على من اكل ناسيا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن قيس عن أبي
جعفر عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول من صام فنسى فأكل وشرب فلا يفطر من أجل انه نسي فإنما هو رزق رزقه الله فليتم صيامه
وعن داود بن سرحان؟ عبد الله (ع) في الرجل ينسى فيأكل وشرب ناسيا فقال يتم صومه وليس عليه قضاء منعه ولان التكليف بالامساك يستدعي
الشهور وهو معفو عن الناسي فكان غير مكلف به والا لزم تكليف ما لا يطاق ولأنها عبادة ذات تحليل وتحريم فكان في محظوراتها
المخلق عمده وسهوه كالصلاة والحج ولان قطع عليه السلام نسبة الأكل والشرب إليه فلا يكون منافيا لصومه احتج مالك بان الأكل ضد الصوم لأنه
كف فلا يجامعه كلا من الناسي في الصلاة والجواب الضد هو الأكل عمدا لا مطلق الأكل فإنه يعتبر المتنازع والعسر عليه ممنوع على ما تقدم
فروع الأول لا فرق بين أنواع المفطرات في ذلك ولا نعلم فيه خلافا الثاني لو فعل شيئا من ذلك وهو نائم لم يفسد صومه
لعدم القصد والعلم با لصومه وعذر من الناهي الثالث لو فعل جاهلا بالتحريم تعلق به الحلكم الرابع لو فعله مكرها أو متوعدا
بالمؤاخذة كان الحكم الناسي وفرق الشيخ بينهما وقد سلف مسألة ولو أجنب ليلا فانتبه ثم نام حتى أصبح وجب عليه القضاء خاصة فيحصل
من هذا ومما تقدم ان المجنب إذا نام فإن كان على عزم ترك الاغتسال حتى أصبح وجب عليه القضاء والكفارة وان نام على عزم الاغتسال ثم استيقظ
ثانيا ثم نام ثالثا حتى طلع الفجر فكك وان نام من اوله مرة عازما على الاغتسال وطلع الفجر فلا فجر عليه واتن نام ثانيا واستمر منه النوم على عزم الاغتسال
حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء خاصة والاحكام المتقدمة سلفت اما هذا الحكم فيدل عليه ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران قال سألته عن
رجل اصابته جنابة في جوف الا ليل فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر فقال عليه ان يتم صومه ويقضى يوما اخر فقلت إذا كان ذلك من
الرجل وهو يقضي رمضان قال فيأكل يومه ذلك وليقض فإنه لا يشبه رمضان شئ من الشهور وفي الصحيح عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله
الرجل يجنب في رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال يتم يومه يقضي يوما اخر وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له وفي الصحيح عن محمد بن
مسلم عن أحدهما عليه السلام قال سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل قال يتم صومه ويقضي ذلك النوم الا ان يستيقظ
قبل أن يطلع الفجر فان انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضي صومه وفي الصحيح عن معاوية بن مار قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل
يجنب في أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شئ قلت فان هو استيقظ ثم نام حتى أصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة ولأنه
فرط في الاغتسال فوجب عليه القضاء ولا يجب الكفارة لان المنع من النومة الأولى تضيق على المكلف مسألة ويجب القضاء في الصوم
ان كان واجبا متعينا بسبعة أشياء وانما اشترطنا الوجوب والتعيين لان ما فسد صومه لا يسمى الاتيان ببدله قضاء الا مع العيدين لان القضاء
اسم لفعل مثل المقضى بعد الخروج وقته الأداء فكل صوم صادفه أحد السبعة يفسد فإن كان واجبا أتى ببدله ولا يسمى قضاء وان كان متعينا
سمى البدل قضاء فمن ظن بقاء الليل فجامع أو اكل أو شرب أو فعل المفطر مطلقا ثم تبين انه كان طالعا فإن كان قدر صد الفجر فلم ينتبه أتم
صومه ولا شئ عليه وإن لم يرصد الفجر مع القدرة على المراعاة ثم تبين انه كان طالعا وجب عليه القضاء لا غير مع اتمام ذلك اليوم ولا كفارة عد
وهذا التفصيل ذهب إليه علماؤنا خاصة وقال الشافعي لا كفارة عليه مطلقا سواء رصدا ولم يرصد مع ظن الليل وعليه القضاء وهو قول
577

عامة الفقهاء الا ما حكى عن أحق بن راهويه وداود انها قالا لا يجب عليه القضاء وهو مذهب الحسن ومجاهد وعطا وعروة وقال احمد إذا جامع بظن ان
الفجر لا يطلع وتبين انه كا ن طالعا وجب عليه القضاء والكفارة مطلقا ولم يتعين المراعاة فوجب القضاء لإفساده الصوم بالتناول ولا كفارة لعدم الاثم
ويؤيده ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران قال سألته عن رجل اكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان فقال إن كان قام فنظر فلم يرى الفجر فأكل ثم
عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه وان كان قام فأكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه قد طلع فليتم صومه ويقضي يوما اخر لأنه بدا بالأكل قبل
النظر فعليه الإعادة وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وقد تبين فقال يتم صومه
ذلك ثم ليقضيه وان تسحر في غير شهر مضان بعد الفجر أفطر ثم قال إن أبي كان ليلة يصلي وانا اكل فانصرف فقال انا جعفر فعد اكل وشرب بتعد الفجر فأمرني
فأفطرت ذلك اليوم في شهر رمضان واما مع المراعاة فلا قضاء عليه لان الأصل بقاء الليل وقد اعتضد بالمراعات فجاز له التساوي ومطلقا فلا فساد
وجرى مجرى الساهر احتج من لم يوجب القضاء مطلقا بما رواه زيد بن وهب قال كنت جالسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رمضان في زمن عمر بن
الخطاب فاتينا مقياس؟؟ فيها شراب من بيت حفصة فشربنا ونحن نرى انه من الليل ثم انكشف السحاب فالشمس طالعة قال فجعل الناس يقولون يقضي يوما
مكانه فقال عمر والله لا يقضيه ما يخالفنا الاثم ولأنه لم يقصد الأكل في الصوم فلم يلزمه القضاء كالناسي واحتج الموصوف مطلقا بأنه اكل مختا ر إذا كرا
للصوم فأفطر كما لو اكل يوم الشك ولأنه جهل وقت الصوم فلم يقدر به كالجهل بأول رمضان ولأنه أفسد صوم رمضان بجماع نام يوجب عليه الكفارة
كما لو علم والجواب عن الأول يحتمل ان واعي الفجر وعن الثاني انه ترك المراعاة مفرط يخالف الناسي وعن الثالث بالمنع من اكل مختارا ذاكر
للصوم لان التقدير انه قد راعي ولم يظن بالفجر فلم يكن اكلا مع الصوم في ظنه مع قيام الموجب وهو المأخوذ عليه وعن الرابع ان الجهل مع قيام الموجب
مقتض للقدر وعن الخامس بعد تسليم امكان الفجر إذ المأخوذ عليه الامساك نهارا مع علمه بذلك وعن السادس انه عليه السلام اما امره بذلك لهتك
ولهذا شكا الأعرابي من كثرة الذنب وشدة المؤاخذة وذلك انما يكون مع قصدا الافطار فلا يتناول صورة النزاع ولا هنا حكاية حال فلا يكون
عامة مسألة ولو أخبره غيره بان الفجر لم يطلع فاجلد إليه مع القدرة على المراعاة وتركها ثم فعل المفطر وجب عليه القضاء لا غير لأنه ترك
المراعاة مفرط فأفسد صومه ووجب القضاء وبالبناء على الأصل القاء وصدق الخبر سقط الاثم فلا كفارة ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن
معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) امر الجارية ان تنظر طلع الفجر أم لا فيقول الجارية لم يطلع فأكل ثم انظر فأجده قد طلع حين نظرت
قال يتم يومه يقضيه اما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه مسألة ولو اخره غيره بطلوع الفجر فظن كذب المخبر وكان
طالعا فتناول المفطر وجب القضاء خاصة لتفريط بترك المراعاة مع القدرة لان البحث فيه وسقوط الكفارة لعدم المآثم بنا على أصل بقاء
الليل ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله (ع) من رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحر ون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم فكف بعضهم وظن بعضهم انه يسحر فأكل قال يتم صومه ويقضى فروع الأول لا فرق بين ان يكون المخبر عدلا أو فاسقا عملا
بالا طلاق وبرك استفصال الحلال عند السؤال الثاني لو أخبره عدلان بطلوع الفجر فلم يكف فأشبه وجوب القضاء والكفارة لان قولهما
محكوم به شرعا فيترتب عليه توابعه الثالث لو اخره بدخول الليل فأحله إليه فأفطر ثم بان كذبه مع قدرته على المراعاة وجب عليه القضاء
خاصة لما تقدم مسألة ولو ظن دخول الليل بظلمة عرضت اما لعلم أو لغيره فأفطر ثم تبين فساد ظنها قم ووجب عليه القضاء ذهب إليه
المفيد رحمه الله وأبو الصلاح الحلبي وهو قول الجمهور واختاره السيد المرتضى رحمه الله والشيخ رحمه الله عنه في المبسوط وقال في النهاية ان غلب
على ظنه دخول الليل فأفطر للتمسك ولا قضاء عليه وكذا في التهذيب واختاره ابن إدريس والأقوى خيرة المفيد لنا انه تناول ما ينافي الصوم عمدا
فلزمه القضاء ولا كفارة عليه لحصول الشبهة وعدم العلم ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن إلي بصير وسماعة عن أبي عبد الله عليه السلام في قوم
صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب اسود عند غروب الشمس فأفطروا فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ان الله عز وجل يقول وأتموا صيام
إلى الليل فمن اكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه اكل متعمدا واحتج الجمهور على ذلك أيضا بما رواه حنظلة قال كنا في شهر رمضان وفي السماء
سحاب فظننا ان الشمس غابت فأفطرنا فقضينا فامر عمر من كان أفطر ان يصوم مكانه احتج الشيخ بما رواه أبو الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام
عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر ثم السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغتب فقال قد تم صومه ولا يقضيه وبما رواه زيد الشحام
عن أبي عبد الله عليه السلام مصل ذلك وبما رواه في الصحيح عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت
أعد الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام ان كنت أصب منه شيئا ولان التكليف هنا منوط بالظن لعدم العلم وقد حصل والجواب ان الحديث
وهو سقوط القضاء والتكليف منوط باستمرار الظن ولم يحصل هنا كمن ظن الطهارة وصلى ثم تبين فساد ظنه وحديثنا وان كان يرويه محمد بن
578

عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن وقد توقف ابن با بويه فيما يراه محمد بن عيسى عن يونس الا انه اعتضد بأنه تناول ما ينافي الصوم مختارا عامد إذا؟
للصوم فلزمه القضاء وسقطت الكفارة لعدم العلم وحصول الشبهة فلا اثم ولأنه جهل وقت الصيام فلم يقدر كالجهل بأول رمضان ولأنه أفطر مع
ذكر الصوم فأفطر كما لو اكل يوم الشك مسألة ولو اكل شا كا في طلوع الفجر ولم ولم يتبين طلوعه ولا عدمه واستمر به الشك فليس عليه قضاء
وله الأكل حتى يتيقن الطلوع وبه قال ابن عباس وعطا والأوزاعي والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وقال مالك يجب القضاء لنا قوله تعالى فكلوا واشربوا
حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر جعل غاية إباحة الأكل التبيين وقد يكون قبله شاكا لزمه القضاء ح يحرم عليه لا كل وما
روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت ولا الأصل بقاء بقاء الليل فيستصحب حكمه
إلى أن يعلم زواله ومع الشك لا علم ولان الأصل براءة الذمة فلا يصار إلى خلافه الا بدليل احتج مالك بان الأصل بقاء الصوم في ذمة فلا يسقط
بالشك ولأنه اكل شاكا في النهار والليل فلزمه القضاء كما لو اكل مع الشكك في غروب الشمس والجواب عن الأول ان السقوط انما هو بعد الثبوت
والصوم مختص بالنهار وعن الثاني با ن الأصل بقاء الليل في صررة الأولين وبقاء النهار فلا يجوز الافطار فوجب عليه الكفارة كالعالم بقائه ومن
عدم الشك والاثم فلا كفارة والأخير أقرب الثاني لو ظن أن الشمس قد غربت فأكل ثم استمرار الظن فلا قضا عليه لان الأصل براءة الذمة و
المعارض وهو فساد الظن منتف الثالث لو ظن أن الفجر لم يطلع فأكل ثم استمر الظن فلا قضاء عليه أيضا كما مر الرابع لو ظن الغروب أو
الطلوع فأكل ثم شك بعد الأكل ولم ببين فلا قضاء عليه لان لم يو جر يقين أزال ذلك الظن الذي بنى عليه فأشبه ما لو صلى بالاجتهاد ثم شك
في الإصابة بعد صلاته مسألة القى عامدا موجب للقضاء خاصة ذهب إليه أكثر علمائنا وأكثر فقهاء الجمهور قال السيد المرتضى أخطأ ولا
قضاء عليه وقال أبو ثور يجب عليه القضاء والكفارة لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذرعه القى وهو صائم فليس عليه قضاء
وان استقى فليقض ومن طريق الخاصة ما رواه سماعة والحلبي وقد تقدمنا احتج السيد المرتضى بأن لأصل الصحة وبراءة الذمة ولان المقتضى
وهو شهر إمساك موجود والمعارض وهو القى لا يصلح ان يكون معارضا لان الصوم إمساك عما يصل إلى الجوف لا ما ينفصل عنها فليس بمناف
احتج أبو ثور بأنه سلوك في مجرى الطعام فكان مو جبا للقضاء والكفارة كا لا كل والجواب عن الأول ان الا صل قد يصار إلى خلافه وهو إذا
ما وجدد ليل مناف له وقد بينا بالأدلة تعلق القضاء وعن الثاني بالفرق وهو ظاهر اما لو ذرعه القى فلا كفارة عليه بالاجماع ولا قضاء
عليه أيضا وهو قول علمائنا أجمع وقول كل من يحفظ عنه العلم وفي رواية عن الحسن البصري انه يجب عليه القضاء خاصة وهو خطأ لقو له عليه السلام
من ذرعه القى وهو صائم فليس عليه قضاء ولأنه حصل بغير اختياره فلا يكون مفسدا مسألة ولو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين
العلماء كافة سواء كان في الطهارة أو غير ها لان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعمر لما سأله عن القبلة أرأيت لو تمضمضت من اناء وأنت صائم فقال
لا بأس فقال فمه ولان الفم في حكم الظاهر فلا يبطل الصوم بالواصل فيه كالأنف والعين اما لو تمضمض فدخل الماء في حلقه فان تعمد ابتلاع
الماء وجب عليه القضاء والكفارة وهو قول كال من أوجبها بالأكل والشرب وإن لم يقصده بل ابتلاعه بغير اختياره فان كا ن قد تمضمض للصلاة
فلا قضاء عليه ولا كفارة وان كان للتبرد وللعبث وجب عليه القضاء خاصة وهو قول علمائنا وقالل الشافعي إن لم يكن بالغ وانما وبق فسبق الماء
فقولان أحدهما يفطر وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزني والثاني لا يفطر وبه قال الأوزاعي واحمد واسحق وأبو ثور واختاره الربيع
والحسن البصري وان بالغ بان زاد على ثلث مرات فوصل الماء إلى جوفه أفطر قولا وبه قال احمد وروى عن عبد الله بن عباس انه ان توضأ المكتوبة
لم يفطر وان كان للنافلة أفطر وهو رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام وبه قال النخعي لنا انه إذا توضأ للصلاة فعل فعلا مشروعا فلا بشرع
عليه عقوبة لعدم التفريط شرعا ولأنه وصل إلى حلقه من غير إسراف ولا قصد فأشبه بما لو طارت ذبابة إلى حلقه أما إذا كان متبردا وعابثا
فلانه ففر بتقرير الصوم للفساد فلزمته العقوبة للتفريط وانه وصل بفعل منهى عنه فأشبه التعمد ولا كفارة عليه لأنه غير قاصد للافساد
والهتك ويؤيده ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن سماعة قال سألته عن رجل عبث بالماء للمتمضمض به من عطش فدخل حلقه قال عليه قضاء
وان كان في وضوء فلا بأس وعن الريان بن الصلت عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وان تمضمض في وقت فريضته فدخل
الماء حلقه فلا شئ عليه وقدتم صومه وان تمضمض في غير وقت فريضته فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة والأفضل للصائم أن لا
يتمضمض احتج أبو حنيفة بان أو صل الماء إلى جوفه ذكرا لصومه فأفطر كما لو تعمد شربه والجواب الفرق لأنه فقل مشروعا فيما أد عيا سقوط
القضاء فيه من غير أسواق بخلاف المتعمد واحتج أيضا بان الأكل على أن الليل قدد خل مفطر ه وبالناسي أشبه لان كلا منهما لا يعلن انه
صايم فالسابق إلى جوفه الماء أولى بالافطار لأنه يعلم أنه صايم والجواب ليس العلم وحده كافى اي لان المكروه على الآكل عالم انه صانع ومع
ذلك لا يفطر وكذا صورة النزاع فروع الأول حكم الاستنشاق كحكم المضمضة في ذلك على تردد لعدم النص فيه ونحن لا نقول
579

بالقياس. الثاني روى العمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم قال ليس عليه
شئ قلت ولا قضاء ونحن نقول بموجب هذه الرواية ونحملها على المتمضمض للصلاة الثالث روى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام في صائم
يتمضمض قال لا يبلغ ريقه حتى يمزق ثلاث مرات قال الشيخ وقد روى مرة واحدة الرابع اطلاق الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين صلاة الفرض
والنفل وعليه دلت رواية سماعة وقد روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في أصام يتوضأ للصلاة فيد خل الماء حلقه قال إن كان
وضوءه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وان كان وضوئه لصلاة نافلة فعليه القضاء الخامس المشهور بين علمائنا انه لا كفارة
عليه الا ان تعمد الابتلاع ويلوح من كلام الشيخ في التهذيب ووجوب الكفارة واستدل بما رواه سليمان بن جعفر
المروزي قال سمعته يقول
إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظه أو كنس بيتا فدخل في انفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين
فان ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح قال في الاستبصار هذا الخبر محمول على من تمضمض تبردا فدخل حلقه شئ ولم يبزقه وبلعه
متعمدا كان عليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا مسألة اختلف علماؤنا في الحقنة فقال السيد المرتضى ره انها محرمة
ولا يجب به قضاء ولا كفارة وبه قال الحسن صالح بن حي ودا ود وقال الشيخ في النهاية يجب القضاء بالمايع لا بالجامد وقال أبو الصلاح
يجب القضاء مطلقا وبه قال الشافعي؟ قال مالك يفطر بالكثير ويجب به القضاء لنا على التحريم ما تقدم وعلى عدم ايجاب
القضاء أو الكفارة الأصل السالم من المعارض وما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام سئل عن الرجل وامرأة هل يصلح
لهما ان يستدخلا الدواء وهما صائمان فقال لا بأس ولان الحقنة لا تصل إلى المعدة ولا إلى موضع الاغتذاء فلا يؤثر فسادا في الصوم
كالاكتحال وقد سلف البحث في ذلك كله مسألة ولو ارتد عن الاسلام أفطر بلا خلاف بين أهل العلم وعليه قضاؤه لان الصوم
عبارة من شرطها النية فأبطلتها الردة كا لصلاة والحج ولأنها عبادة مختصة ينافيها الكفر كا لصلاة هذا إذا أريد في أثناء اليوم اما لو ارتد
بعد انقضائه صح صومه ذلك اليوم ولا قضاء عليه فيه خلاف لبعض الجمهور لنا انه فعل ما وجب عليه فخرج عن العهدة والاحتياط باطل وقد
بيناه في كتابنا الكلامية مسألة ولو سافر سافرا مخصوصا أو حاضت المرأة أو نفست أفطر واو عليهم القضاء لا غير وسيأتي البحث في ذلك كل
إن شاء الله مسألة ولو كرر السبب المقتضي لوجوب الكفارة في رمضان كا لجماع مصلا تكررت الكفارة وهو قول كل من يحفظ عنه العلم رواية
عن أبي حنيفة سواء كفر عن الأول أو لم يكفر اما لو جامع في يومين عن رمضان واحد وجبت عليه كفارتان سواء كفر عن الأول أو لم يكفر ذهب
إليه علماؤنا اجمع وبه قال الشافعي ومالك والليث وابن المنذر والزهري والأوزاعي لنا ان صوم كل يوم عبادة منفردة عن الاخر لا يتحد
صحته مع صحته ما قبله ولا بعده ولا بطلانه منع بطلانه فلا يتحد اثر السببين ففيها ولان أحد الأثرين لا يتحد مع الاخر وهو القضاء
وكذا الأثر الاخر ولان المقتضي مستقل بالتأثير في الأول وهو موجود في الثاني فيؤثر اثره نوعا لا شخصا ولا تواردت العلل على معلول
واحد ولان الكفارة عقوبة على افساد صوم صحيح فتكرر ولان كل يوم عبارة منفردة فإذا وجبت الكفارة بافساد لم يتداخل مع غيرها كرمضانين
وكالحجين واحتج أبو حنيفة بأنها تجب على وجه العقوبة ولهذا لسقط بالشبهة وهو إذ ا ظن أن الفجر لم يطلع وهذا مسألة ما تتداخل
العقوبة فيه كا لحد والجواب الفرق فان الحدود عقوبة على البدن وهذا كفارة فاعتبرها بالكفارات أولى ولان الحدود تتداخل في سببين ولان
الحديثين على التخفيف فلم يتكرر بتكرر سببه قبل استيفائه وليس كذا التكفير في مقابلة الافساد مسألة ولو كرره في يوم واحد قال
الشيخ ليس لأصحابنا فيه نص والذي يقتضيه م ذهبنا انه لا تتكرر الكفارة وقال السيد المرتضى ره لا تكرر الكفارة وقال ابن الجنيد ان كفر
عن الأول كفر ثانيا ولا كفر كفارة واحدة عنهما وبقول الشيخ ره قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وبقول ابن الجنيد قال احمد والأقوى
ما اختاره الشيخ لنا ان الوطي الثاني لم يقع في صوم صحيح فلا بوجه الكفارة ولأنه لم يحصل به هتك فلا يتساوي مايو جبه ولا أحد الامرين وهو القضاء
لا يثبت الآخر احتج السيد المرتضى بان الجماع سبب تام في وجوب الكفارة فتكرر بتكرره عملا بالمقتضى وكما لو تكرره في يومين وبما روى
عن الرضا عليه السلام عن الكفارة تكرر بتكرر الوطي ولأنه وطي محرم محرمة رمضان فأوجب الكفارة كا لأول والجواب عن الأول بان اجماع
مطلقا ليس بمقتض للكفارة بل مع وصف الهتك والا لوجب على المسافر وبهذا ظهر الفرق بينه وبين وطي يومين ورواية الرضا عليه السلام
لا يحضرني الآن حال راويها والفرق بين حرمة الأكل أولا وثانيا ظاهر وان اشتركا في الفجر ثم الا ان للأول مزية الهتك بخلا ف الثاني
قول الشيخ ره ليس لأصحابنا فيه نص يحتمل أنه قال قبل وقوفه على هذه الرواية المنقولة عن الرضا عليه السلام وقال عن قول ابن الجنيد أنه قال
قياسا وذلك لا يجوز عندنا فروع الأول لا يتكرر القضاء بتكرر السبب في يوم واحدا اجماعا ا لثاني لو اكل مرارا أو شرب كذلك
فكفارة واحدة لان الامساك وان وجب الا انه ليس بصوم صحيح والكفارة مختص بما يحصل به الفطر ويفسد به الصوم الصحيح ولان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم
امر بالكفارة حين أخبر بالفطر فاختلف الحكم به كما لو نطق به النبي صلى الله عليه وآله وسلم لان الجواب متضمن إعادة السؤال الثالث
580

لو اختلف السبب كمن جامع واكل في يوم واحد هل يتكرر الكفارة أم لا فيه تردد ينشأ من تعلق الكفارة بالجماع والأكل مثلا مطلقا وقد وجدا فتكرر الكفارة
والفرق بينه وبين ايجاد السبب ان التعليق على الماهية المتناولة للواحد والكثير ومن كون ا لسبب الهتك وافساد الصوم الصحيح وهو منتف في الثاني مسألة
من أفطر مستحلا وقد ولد على الفطرة فهو مرتد وإن لم يعرف قواعد الاسلام عرف ثم يقابل بعد ذلك بما يقابل به به المولود على الفطرة وان اعتقد التحريم
عن زمان عاد قتل في الثالثة وقيل بل في الرابعة والأول رواية سماعة قال سألته عن رجل اخذ في شهر ثلث مرات وقد برفع إلى الامام ثلث مرات
قال فليقل في الثالثة وفي الصحيح عن يريد العجلي قال سأته عن رجل اخذ في شهر ثلث مرات وقد برفع إلى الأيام قال يسأل
هل عليك في افطارك ثم فان قال لا فان عليم الامام ان يقتله وان قال نعم فان على الامام ان يهتكه ضربا والثاني أحوط لان التهجم لا والدم
خطر وسيأتي تحقيق ذلك كله انشاء الله تعالى مسألة ويعزر من أكره امرأته على الجماع بخمسين سوطا ذهب إليه علماؤنا وعليه
كفارتان ولا كفارة عليها ولا قضاء ولو طاوعته وكل واحد منهما كفارة واحدة لأنه من ع الاكراه سبب تام في صرور الذنبين فتحمل ما تجب
عليهما لو طاوعته ويؤيده ما رواه الشيخ عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة فقال إن كان
استكرهها فعليه كفارتان وان كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة وان كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وان كان
طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا وهذه الرواية وان كانت ضعيفة السند الا ان أصحابنا ادعوا الاجماع
على مضمونها مع ظهور والعمل بها ويسبقه الفتوى إلى الأئمة عليهم السلام وإذا عرف ذلك لم يعتد بالناقلين إذ نعلم أقوال أرباب المذاهب
فنعمل به وان أسندت في الأصل إلى الضعفاء فروع الأول قال الشيخ لو وطئها نائمة أو مكرهة لم تفطر وعليه كفارتان
ونحن نمتنع ذلك في النائمة ولعدم الدليل عليه مع أن الا صل براءة الذمة والقياس على المكرهة باطل لا نا نقول به ولان الفرق موجود
إذ في الاكراه من الهجم على ايقاع الذنب وليس بموجود في النايمة ولأنه ثبت على خلاف الأصل إذ صومها صحين ح والكفارة يتبع البطلان
لكنا صرنا إليه في المكرهة للاجماع وهو مفقود في النائمة فيبقى على الأصل الثاني قال رحمه الله لو أكرهها لا جبرا بل ضربها حتى
مكنة من نفسها أفطرت ولزمها القضاء لأنها دفعت عن نفسها الضرر بالتمكن كا لمريض ولا كفارة لقوله عليه السلام كفارة على المكرهة ونحن
نقول إن كانت مكرهه فلا قضاء عليها أيضا لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا إليه وإن لم يكن يكرهها فلا وجه
لسقوط الكفارة والحق انها مكرهة فلا فرق بين الاجبار وبين الضرب حتى يمكن من نفسها والقياس على المريض باطل ولا نقول به ولان
المريض يسقط عنه فرض الصيام إلى القضاء لدليل وليس كذلك صورة النزاع الثالث لو زنا بها فعليه كقارة وعلى رواية
أخرى ثلث كفارات وهل تحمل عنها الكفارة لو أكرهها قال بعض علمائنا نعم لان الزنا أغلظ حكما من الوطي المحلل فالذنب فيه أفحش فإذا
تحمل في أضعف الذنبين فيحمل في أعلاهما أولى ونحن نقول إنه ليس بمنصوص عليه فلا في منعناه إذ لا نسا ان الكفارة لتكفر الذنب سلمنا
لكنها لا يلزم من كونها مسقطة لأقل الذنبين اسقاطها لأعلاهما فان الأولى الاقتصار على موضع التنصيص وعدم التحمل هنا
البحث الرابع
فيما يستحب للصائم اجتنابه مسألة يكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة ممات لا يؤمن معه من شدة الميل المنتهى إلى الانزال
فنعرض نفسه لا بطال الصوم وقد اجمع كل من يحفظ عنه العلم على كراهة التقبيل لذي الشهوة لما ذكرناه ولما رواه الجمهور عن عمر بن
الخطاب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فأعرض عني فقلت له مالي فقال لك تقبل وأنت صائم ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام سئل سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في رمضان فقال إني أخاف عليه
فينزه عن ذلك الا ان يثق الا يسبقه مني وعن الأصبغ بن نباته قال جاء رجل أمير المؤمنين عليه السلام اقبل وانا صائم
فقال له عف صومك فان بدو القتال اللطام ولان المعتادة إذا منعت الوطي منعت القبلة كالاحرام إذا ثبت هذا فنقول القبلة لا
تنقض الصوم بمجردها بالاجماع وقد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا ينقض القبلة الصوم وعن سماعة بن مهران
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القبلة في شهر رمضان للصايم أتفطر ه فقال لا ولان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل وهو صائم إذا ثبت
هذا فان القبلة مكروهة في حق ذي الشهوة إذا لم يغلب على ظنه الانزال اجماعا ولو غلب ظنه الانزال فهل هي محرمة أم لا الأكثر على انها
مكروهة وقال بعض الشافعية انها محرمة حينئذ لان إنزال الماء مفسد للصوم فلا يجوزان يعرض الصوم للافساد في الغالب من حاله لنا
ان عمر بن الخطاب قال هششت وقبلت وانا صائم قبلت يا رسول الله صنعت اليوم أمرا عظيما فقبلت وانا صائم قال أرأيت ان تمضمضت
من انا وأنت صائم قلت لا بأس قال فمه ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث الدالة على الكراهة ولان افضائه إلى الفساد مشكوك فيه
فلا يثبت التحريم بالشك اما الشيخ الكبير المالك إربه أو من لا تحرك القبلة شهوته هل هي مكروهة أم عليه لا الأقرب عندي انها ليست مكروهة
في حقه وبه قال أبو حنيفة والشافعي والظاهر من كلا من الشيخ في التهذيب الكراهة مطلقا وبه قال مالك وعن أحمد روايتا ن لنا ما رواه
581

الجمهور عن عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان بقبل وهو صائم وكان امد لكم لإربه وقبل رجل امرأته فأرسلت فسالت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فأخبره النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبل وهو صائم فقال الرجل ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس مثلنا قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فغضب النبي
صلى الله عليه وآله وسلم وقال إني أخشاكم لله وأعلمكم ما أبقى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الصائم
يقبل قال نعم ويعطيها لسانه تمصه ولرواية زرارة عن الباقر عليه السلام سال هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان فقال إني أخاف عليه فليتنزه عن
ذلك الا ان يشق أن لا يسبقه منيه ولان المقتضي وهو أصالة عدم الكراهة مو جو والمعارض وهو خوف الانزال مفقود فيثبت الحكم وهو أجوز المطلق
ولأنها مباشرة بغير شهوة فأشبهت بمس اليد لحاجة احتج احمد بحديث عمر من اعراض النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه بمجرد القبلة مطلقا وبن المعتادة
إذا منعت الوطي منعت القبلة كالاحرام والجواب عن الأول انه استناد ألين منام فلا تعويل عليه سلمنا لكنه نهاه لوجود الشهوة في حق عمر والقياس
على الاحرام ضعيف فان الاحرام يحرم رواعي الجماع من الطيب وعند احمد ومالك وقال الشافعي لا تجب الكفارة وقد سلف البحث فيه
الثاني روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل الصائم له ان يمص لبيان المراة أو بفعل
المراة ذلك قال لا بأس وهذا الرواية مناسبة للمذهب وينبغي ان يخلو لسان أحدهما من الرطوبة فان كانت فيه فليتحفظ عن ابتلاعها الثالث
روى الشيخ عن أبي بصير قال سلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يضع يده على جسد امرأته وهو صائم فقال لا بأس وان أمذى. يفطر قال
وقال لا قضاء يومه ولا ينبغي له ان يتعرض لرمضان ولا بعارض ذلك ما رواه رفاعة بن موسى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لامس
جارية في شهر رمضان فأمرني قال إن كان حراما فليستغفر الله استغفار من لا يعود ابدا ويصوم يوما مكان يوم وان كان من هلال فليستغفر الله ولا
يعود ويصوم يوما مكان يوم قال الشيخ هذا حديث شاذ نادر مخالف لفتيا مشايخنا كلهم ولعل الراوي وهم في اخر الخبر ويصوم يومها مكان يوم لان
مقتضى الخبر يدل عليه لأنه شرع في الفرق بين المذي من مباشرة جرام وبينه من حلال وعلى الفتيا التي رواها لا فرق بينهما فعلم أنه وهم من الراوي
الرابع لو كلم أمرائه فأمنى لم يكن عليه شئ عملا بالأصل وبما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كلم امرأته
في شهر رمضان وهو صائم فأمنى فقال لا بأس مسألة ويكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل ألين الحلق وليس بمفطر ولا محظور
ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال احمد يفطر ان وجد طعمة في حلقه وإلا فلا. وبنحوه قال أصحاب مالك وعن ابن أبي ليلى
وابن شبرمة ان اكتحل يفطر الصائم لنا ما رواها جمهور عن أبي راع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خيبر
ونزلت؟ فدعا بكحل إثمد اكتحل به في رمضان وهو صائم وع ن انس ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كره السعوط للصايم ولم يكره الحل ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الصائم يكتحل قال لا بأس به ليس بطعام ولا شراب وعن ابن أبي يعفور قال سألت أبا
عبد الله عليه عليه السلام عن الكحل للصايم قال لا بأس به انه ليس بطعام يؤكل وعن عبد الحميد أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بالكحل
للصايم ولان العين ليست منقدا فلم يفطر بالداخل فيها كما لو دهن رأسه احتج احمد بأنه أوصل إلى حلقه ما هو ممنوع من تناوله فيه فأفطر به
كما لو واصله من انفه والجواب انه قياس في معارضة النص فلا يكون مسموعا ولان الايصال ألين الحلق لا يستلزم الافطار ما لم يتبعه ولان الوصول
من المشام لا يفطر وكذا لو دلك رجل بالحنظلة وجرد طعمه ولا يفطر واما الاكتحال بما فيه مسك أو ما يصل إلى الحلق كالصبر فإنه مكروه ما رواه الشيخ
عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصائم إذا اشتكى عينه يكتحل بالذود ومما أشبهه أم لا يسوغ له ذلك فقال
لا يكتحل وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يكتحل وهو صائم فقال لا اني أتخوف ان يدخل رأسه والمراد بهذين
الحديثين ما يوجد فيه المسك أوما شابهه ماله رائحة جازه فدخل الحلق لما رواه الشيخ عن سماعة قال سألته عن الكحل للصائم فقال إذا
كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فليس به بأس وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام انه سئل عن المراة تكتحل وهي صائمة
فقال إذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس والنهى في هذه الأخبار للكراهة لا التحريم عملا بالا صل وبما قدمنا وبما رواه الشيخ عن
الحسين بن أبي منذر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اكتحل بكحل فيه مسك وانا صائم فقال لا بأس به مسألة ويكره اخرا ج الدم المضعف
بفصد أو حجامة ولا يفطر بالحجامة وليست محظور ة ذهب إليه علماؤنا اجمع اما اخراج الدم المضعف فإنه لا يؤمن معه الضرر أو الافطار
فيكون مكروها وإن لم يضعف لم يكن به ياس لانتفاء سبب الكراهة واما عدم الافطار بالحجامة فهو قول علمائنا وبه قال في الصحابة الحسن بن
علي عليه السلام وعبد الله بن عباس وابن مسعود وأبو سعيد الحدي وزيد بن أرقم قال سلمه وفي التابعين سعيد بن المسيب وجعفر بن محمد الباقر
582

عليه السلام وسعيد بن جبير وطاوس والقاسم بن محمد وسالم وعروة والشعبي والنخعي وأبو الغالية به قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك والثوري ولو
ثور وداود وقال احمد واسحق يفطر الحاجم والمحجوم وعن أحمد في الكفارة روايتان واختاره ابن المنذر ومحمد وإسحاق بن حزيمة وكان مسروق
والحسين وابن سيرين لا يرون للصايم ان يحتجم لنا ما رواه الجمهور نعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم وهو صائم محرم روى البخاري هذا الحديث
مفصلا روى أنه احتجم وهو محرم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجامة
للصائم قال نعم إذا نعم إذا لم يجد ضعفا وعن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يحتجم فقال لا بأس الا ان يتخوف على نفسه الضعف وفي
الصحيح عن عبد الله بن ميمون نعن أبي عبد الله عن أبيه قال ثلاثة لا يفطرن الصائم القى والاحتلام والحجامة وقد احتجم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو صايم وكان لا يرى بأسا بالكحل للصايم ولأنه دم خارج من ظاهر البدن فأشبه القصد احتج احمد بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال
أفطر الحجام والمحجوم رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلام أحد عشر نفسا والجواب يحتمل انه عليه السلام أراد انها قربا من الافطار للضعف وأيضا
فهو منسوخ بخبرنا المنقول عنه عليه السلام أيضا فيحتمل انه عليه السلام أراد تفريقهما لا نهما كالعيان على جهة المجاز ولا استبعاد في ذلك اما ان خاف
الضعف فإنها مكروهة له حينئذ لما لا يتأذى هو معه من الافطار أو الأذى ويؤيده روايتان الحسين بن أبي العلاء وسعيد الأعرج وقد تقدمنا وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان يحتجم الصائم الا في رمضان فاني أكره ان يعزز بنفسه الا ان يخاف على
نفسه وانا إذا أردنا الحجامة في رمضان احتجنا ليلا وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصائم أيحتجم فقال إني أتخوف
عليه اما يتخوف على نفسه قلتها أو يتخوف عليه الغشيان أو تثور به مره قلت أرأيت ان قوي على ذلك ولام يخش شيئا قال نعم انشاء الله
مسألة ولا بأس بد خول الحام للصائم فان خاف الضعف والعطش كره له ذلك لما لا يؤمن معه الضرر أو
الافطار ويؤيده ما رواه
الشيخ عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام يدخل الحمام وهو صايم فقال لا بأس ما لم يخش ضعفا مسألة وشم الرياحين
مكروه ويتأكد في النرجس وهو قول علمائنا أجمع لان الانف أيضا بجوف الدماغ ويكره الاتصال إليه ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل
عن أبي عبد الله (ع) عن الصائم يلبس الثوب المبلول فقال لا ولا يشم الريحان وعن الحسين بن راشد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الصائم يشم الريحان قال لا لأنه لذة ويكره ان يتلذذ والنهى في هذه المواضع للتنزيه والكراهية لا التحريم بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن
مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الصائم يشم الريحان والطيب قال لا بأس وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصائم ترى للرجل يشم الريحان والطيب أم لا ترى ذلك له فقال لا بأس به وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصائم يدهن بالطيب
ويشم الريحان وعن الحسن بن راشد قال كان أبو عبد الله عليه السلام إذا صام يطيب ويقول الطيب تحفة الصائم وعن سعيد بن سعد قال كتب رجل
إلى أبي الحسن عليه السلام هل يشم الصائم الريحان يتلذذ به فقال عليه السلام لا بأس واما تأكيد الكراهة في النرجس فبدل عليه ما رواه الشيخ عن محمد بن
العيص قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام ينهى عن النرجس فقلت جعلت فذاك لم ذاك قال لأنه ريحان الأعاجم ويلحق بذلك المسك أيضا لشدة رائحة
ويؤيده ما رواه الشيخ عن غياث عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال إن عليا عليه السلام يكره المسك يتطيب به الصائم مسألة ويكره الاحتقان
بالجامد وليس بمحظور ولا يفطر اما المايع فقد اختلف علماؤنا فيه فقال بعضهم انه مفطر يوجب ا لفضاء قال آخرون انه محرم وليس بمفطر
وهو المختار وقد سلف البحث في ذلك وقال الشافعي وأبو حنيفة واحمد الحقنة مطلقا مفطرة ولم يفرق بين الجامد والمايع لأنه جوف وإذا
وصل إليه باختياره وهو ذاكر للصوم مع امكان الاحتراز عنه وجب ان يفطر ونحن بمنع من الافطار لما يصل إلى كل جوف ولا دليل عليه
والقياس عندنا باطل مع قيام الفرق إذ ما يحصل إلى الجوف مما يحصل به الاغتذاء ليس كما يحصل إلى جوف الدماغ ويدل على كراهة الجامد
ما رواه الشيخ عن علي بن الحسن عن أبيه قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام ما نقول في التلطف يستدخل الانسان وهو صائم فكتب لا بأس بالجامد
ولأنه لبس بمجل الاغتذاء ولا موصل إليه فلا يكون محظورا كالاكتحال مسألة ولو قطر في إحليله شيئا أو ادخل فيه ميلا لم يفطر بذلك
سواء وصل إلى الثامنة أو لم يصل وبه قال الحسين بن صالح بن حي وداود وأبو حنيفة واحمد وقال الشافعي يفطر لنا ان الصوم حكم شرعي قد انعقد
فلا يبطل الا بدليل شرعي ولم يثبت ولان الأصل الصحة فالبطلان طاويا مفتقر إلى سبب شرعي ولان الواصل في جوف الذكر كا لو أصل إلى
جوف الانف والفم فلا يكون مفطرا احتج الشافعي بأنه أوصل الدهن إلى الجوف في جسده فأفطر كما لو دوى الجامع ولا المني يخرج من الذكر فيفطر
وما أفطر الخارج منه جاز ان يفطر بالداخل فيه كالفم والجواب عن الأول بالمنع من الأصل وبالفرق بين الجوف المشتمل على مواضع الاعتذاق
من غيره وعن الثاني بان الجواز لا يستلزم الوقوع والقياس على الفم بالحكم لان الحكم ممنوع في الأصل إذ المدخول في الفم بمجرده لا يوجب
ا لافطار وقد سلف في هذا الكلام مسألة ولو فطر في اذنه دهنا أو غيره لم يفطر وقال أبو الصلاح يفطر وبه قال الشافعي ومالك
583

وأبو حنيفة واحمد إذا وصل إلى دماغه لنا ان الصوم انعقد شرعا فلا يبطل جز فا ولا دليل على بطلانه مع أصالة الصحة ويؤيده ما رواه الشيخ في
الحسن عن حماد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يصلب في اذنه الدهن قال لا بأس وبه في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الصائم يشتكى اذنه يصلب فيها الدواء قال لا بأس به احتجوا انه أوصل إلى جوفه مع ذكره للصوم مختارا فأفطر كالا كل والجوب قد
تقدم مرارا من أنه ليس كل واصل إلى كل جوف مفطرا مسألة ويكره بل الثوب على الجسد لأنه يقتضي اكثار مسام البدن فيمنع خروج
الأبخرة ويجب احتقان اخرارة؟؟ باطن البدن فيحتاج معه إلى التبريد ويؤيده رواية الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الصائم يلبس الثوب
المبلول فقال لا وروى الشيخ عن الحسين بن راشد قال قلت لا بي عبد الله عليه السلام الحايض تقضي الصلاة قال لا قلت تقضي الصوم قال نعم قلت من ابن جاء
هذا قال أول من قاس إبليس قلت فالصايم يستنقع في الماء قل نعم فيبل ثوبا على جسده قال لا قلت من أين جاء قال من ذلك والحديث هذا النهى نهى تنزيه
لا تحريم عملا بالأصل المقتضي للا باحة وبما رواه الشيخ في الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصائم يستنقع في الماء ويصلب على رأسه
ويتبرد بالثوب وينضح المروحة وينضح البوريا تحته ولا يغمس رأسه في الماء ولا بأس بالرجل ان يستنقع بالماء عملا بالأصل لما تقدم من الحديثين اما
المراة فيكره له أد الجلوس في الماء وقال أبو الصلاح منا يلزمها القضاء وليس بمعتمد لنا ان الصوم انعقد شرعا فلا يبطل الا بدليل ولم يثبت احتج
أبو الصلاح بأنها تحمل الماء في قبلها وبما رواه الشيخ عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس
ولكن لا يغمس رأسه والمراة لا يستنقع في إماء لأنها تحمله يقبلها والجواب لا يسلم انها تحمل الماء سلمنا لكنا نمنع الافطار بذلك وحنان بن سدير
واقفي ويحملها على الكراهة كما اختاره الشيخان جمعا بين الأدلة مسألة قد بينا ان الأصناف يجب بفعلها الكراهة فلو فعل صنفا يجب به
الكفارة ثم سقط فرض الصوم في ذلك اليوم بسفر أو حيض أو جنون أو اغماء قال الشيخ لا يسقط الكفارة فيثبت الأثر والمعارض وهو العذر
المسقط لرض الصوم لا يصلح للماهية إذ لم يزل الهتك والافساد المتقدم ولأنه مني طرأ بعد وجوب الكفارة فلا يسقطها كالسفر عند زفر
احتج المخالف ان هذا اليوم خرج بالمرض والحيض من استحقاق الصوم. يجب بالوطي فيه كفارة كا لمسافر وكما لو فاتت النية بأنه من ثواب وبجواب
لا ثم عدم استحقاقه قبل العذر ولهذا يجب الامساك فيه قبل العذر اجماعا والفرق موجود بين صورة النزاع بين المسافر وأول شوال
مع قيام البينة لان الصوم في السفر غير مستحق وكونه من شوال غير طاهرا ما ي فر فإنه قال الحيض يخرج الامساك الأول من أن يكون صوما
والمرض لا يبطله وهو فاسد لان المرض وإن لم يفسد فإنه يجوز افساده وما يجوز افساده لا يجب الكفارة به كالفاسدة وقول أبي حنيفة لا يخلو
من قوة لأنه في علم الله تعالى غير مكلف بصوم ذلك اليوم والأقرب الأول
البحث الخامس فيمن يصح منه الصوم مسألة ويشرط
في وجوب الصوم البلوغ وهو قول العلماء كافة وعن أحمد رواية انه يجئ ب عليه الصوم إذا أطاقه لنا الاجماع ومخالفة الشاذ لا اعتداد به
مما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال رفع القلم عن ثلث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يضيق وعن النائم حتى يستيقظ
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام في كم يؤخذ الصبى بالصيام فقال ما بينه وبين خمس
عشرة سنة وارفع عشر ة سنة فان هو صام قبل ذلك فدعه وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال على الصبي إذا احتلم الصيام وعلى لجارية إذا
حاضت الصيام والخمار إلا أن تكون مملوكه فإنه ليس عليها خمارا الا ان تحب ان تختمر وعليها الصيام ولان العقل شرط في التكليف وهو عشر
المعرفة فلا بد من أن يناط بوصف ظاهر يكون معروفا بحصوله وهو بلوغ السن التي ورداها الشارع ولأنها عبادة بدينة فلا يجب على الصبي
كالحج احتج احمد بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان ولأنها عبادة بدينه فأشبه الصلاة
وقد امر النبي صلى اله عليه وآله وسلم بان يضرب على الصلاة من بلغ عشرا والجواب حديثه مرسل ومع ذلك فهو محمول على الاستحباب وسماه واجبا
تأكيد الاستحباب كقوله عليه السلام غسل الجمعة واجب على كل محتلم ويمنع الأصل المقيس عليه وضرب الغلام على ترك الصلاة للتمرين وخفة
المؤنة بخلاف الصيام لا يقال قد روى الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عليه السلام قال الصبي إذا طاق الصوم ثلاثة أيام متتابعة فقد
وجب عليه صيام شهر رمضان وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن الصبي متى يصوم قال إذا أطاقه لأنا نقول إنه محمول على الاستحباب
على ما تقدم مسألة ويؤخذ الصبي بالصوم إذا أطاقه قال الشيخ وحده إذا بلغ تسع سنين ويختلف حاله بحسب المكنة والطاقة هذا على جهة
الاستخبار دون الفرض والايجاب على ما تقدم ويلزم به وجوبا إذا بلغ خمس عشر سنة وسيأتي بيان ذلك انشاء الله ولا خلاف بين أهل العلم في
شرعيته ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم امر ولي الصبي بذلك وطريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال
انا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بنى سبع ستين لما أطاقوا من صيام اليوم فإذا غلبهم العطش افطروا ولان فيه تمرينا على الطاقة ومنعا عن الفساد
584

فكان تشريع ثابتا في نظر الشرع إذا ثبت ذلك فان صومه صحيح شرعي ونية صحيحة وينوي الندب لأنه الوجه الذي صح عليه فعله فلا ينوي غيره وقال أبو حنيفة
انه ليس شرعي وانما هو إمساك عن المفطرات لتأديب وفيه قوة وكذا المراة تؤمر بالصيام قبل سن البلوغ وهو تسع سنينا والانزال أو الحيض
على ما يأتي ان المقتضي في الصبى موجود فيها فيثبت الامر مسألة والعقل شرط في صحة الصوم كما هو شرط في وجوبه لان التكليف يستدعي
العقل لان تكليف غير العاقل قبيح ولقوله (ع) وعن المجنون حتى يفيق ولا يؤمر بالصوم كما يؤمر الصبى به بلا خلاف لأنه غير مميز بخلاف
الصبى فإنه مميز فكان للتكليف في حقه فايدة بخلاف المجنون هذا إذا كان جنونه مطلقا اما لو أفاق وقتا دون وقت فإن كان إفاقة يوما
كاملا وجب عليه الصيام فيه لو جود المقتضي لشرطه وهو العقل ولان صوم كل يوم عبادة بانفراده فلا يؤثر فيه ما يزيل الحكم عن غيره
كاملا ووجب عليه يسقط الصوم عنه وسيأتي البحث فيه مسألة والإسلام شرط في صحة الصوم لا في وجوبه اما اشتراطه في الصحة فلان
الكافر لا يعرف الله تعالى فلا يصح ان يتقرب إليه والنية شرط في الصوم وفوات الشرط يستلزم عدم المشروط تحقيقا للشرط واما عدم اشتراطه في
الوجوب فلما تقدم من الكفار مخاطبون بفروع العبادات وقد سلف الخلاف فيه فهذا مذهب علمائنا أجمع مسألة والطهارة
من الحيض والنفاس شرط في صحة الصوم في حق المراة وهو قول كل من يحفظ عنه العلم وروى الجمهور عن عايشه قالت كنات نحيض على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة أصبحت
صايمة في رمضان فلما ارتفع النهار حاضت قال تفطر قال وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار قال تصلى وتتم يومها وتقضي وفي الصحيح عن
عيص بن القسم العجلين عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن امرأة طمثت في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس قال تفطر حين تطمث وفي الصحيح عن منصور بن
حازم عن أبي عبد الله (ع) قال اي ساعة وأت المراة الدم تفطر الصائمة إذا طمثت وفي الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن امرأة
أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء حاضت أتفطر قال نعم وإن كان وقت المغرب فلتفطر قال وسألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار في
شهر رمضان فتغتسل ولم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم قال تفطر ذلك اليوم فإنما فطرها من الدم ولا خلاف بين المسلمين في ذلك فروع
الأول حكم النفاس حكم الحيض وعليه الاجماع ولان دم النفاس هو دم الحيض وحكمه حكمه بلا خلاف الثاني لو وجد الحيض في عرض
النهار فسد صيام ذلك اليوم سواء وجد في اوله أواخره بلا خلاف بين العلماء كافة ويدل عليه ما تقدم من الأحاديث لا يقال قد روى الشيخ
عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إن عرض للمراة الطمث في شهر رمضان قبل الزوال فهي في سعة ان تأكل وتشرب وان عرض لها بعد
الزوال فلتغتسل ولتعد بصوم ذلك اليوم ما لم تأكل لأنا نمنع صحة سنده وفي طريقه علي بن فضال وهو فطحي قال الشيخ هذا الحديث وهم
من الراوي لأنه إذا كان رؤية الدم هو الفطر فلا يجوز لها ان تعيد بذلك اليوم وانما يستحب لها ان تمسك بقية
النها ر تأديبا إذا رأت
دم بعد الزوال لما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المراة ترى الدم غدوة أو ارتفاع أنهار أو عند الزوال قال تفطر وإذا
كان بعد العصر أو بعد الزوال فلتمض على صومها ولتقض ذلك اليوم الثالث لو أمسكت الحايض ونوت الصوم مع علمها بتحريم ذلك
النية فلم تعقد صومها ويجب عليها القضاء وهو وفاق مسألة وفي المغمى عليه قولان أحدهما انه يفسد صومه بزوال عقله
ذهب الية أكثر علمائنا وبه قال الشافعي والثاني ان سبقت منه النية صح صومه وكان باقيا عليه اختاره المفيد ره وهو قول الشافعي وله قول ثالث
انه ان أفاق في بعضه اوله أو وسطه أواخره صح صومه وإلا فلا وقال مالك ان أفاق قبل الفجر واستدام حتى يطلع الفجر صح صومه وإلا فلا
وقال احمد إذا أفاق في جزء من النهار صح صومه وقال أبو حنيفة والمزني يصح صومه وإن لم يفق في شئ منه لنا انه يزول عقله فسقط التكليف
عنه وجوبا وندبا فلا يصح منه الصوم مه ع سقوطه ولان كل ما تفسد الصوم إذا وجد في جميعه أفسد إذا وجد في بعضه كالجنون والحيض ويؤيده
ما رواه الشيخ في الحسن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما غلب الله عليه فليس على صاحبه شئ ولان سقوط القضاء يستلزم سقوط الأداء
في الصوم والأول ثابت على ما يأتي فيتحقق الثاني احتج أبو حنيفة بان النية قد صحت وزوال الشعور بعد ذلك لا يمنع من صحة الصوم كالنوم والجواب الفرق
فان اليوم جبلة وعادة ولا يزيل العقل ولهذا مرسه بينه والا بما عارض يزيل العقل فأشبه الجنون فكان حكمه حكم السكران فلا يسقط عنه الفرض
لأنه الجاني على نفسه فلا يسقط بفعله فرض الصوم وكذا النايم مسألة المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصوم ويصح منها إذا فعلت ما يفعله
المستحاضة من الأغسال لما رواه الشيخ عن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة قال فقال يصوم شهر. رمضان الا الأيام التي كانت
تحيض ثم تقضيها بعد وقد بيننا ذلك في باب الحيض ولو اختلف بالأغسال لم ينعقد بذلك الصوم وتقضيه لقوات شرطه ويؤيده ما رواه للشيخ
في الصحيح عن علي بن مهزيار قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت
شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا فكتب تقضى صومها ولا تقضى
585

صلاتها لان رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم كمان يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك قال الشيخ ا نما يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تسلم ان عليها لكل
صلاتين غسلا إذ لا يعلم المستحاضة فاما مع العلم بذلك وترك له العمل يلزمها القضاء فرع انما يعتبر في صوم المستحاضة في حق مثله
من يجب عليها اما من لا يجب كالتي لا تطهر الدم على الكرسف فإنه لا يعتبر في صومها غسل ولا وضوء واما كثيرة الدم التي يجب غسل واحد فإنها إذا
أخلت به يطل صومها والتي يجب عليها الأغسال الثلاثة لو أخلت بأحد غسلي النهار وكذلك لو أخلت بالغسل الذي بالعشائين فالأقرب صحة صومها
لان ذلك الغسل انما يصح بعد انقضاء صوم ذلك اليوم مسألة ولا يصح الصوم الواجب من المسافر الا ما تستثنيه وبه قال أهل الظاهر
وأبو هريرة وقال أكثر الفقهاء انه يصح لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ليس من البر الصيام في السفر وعنه عليه السلان
أنه قال الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سمعته يقول إذا صام الرجل
رمضان في السفر لم يجز وعليه الإعادة وعن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم في السفر
قد بيناها في كتاب الصلاة اما الندب ففي صحته في السفر قولان فالأقرب الكراهية قال الشيخ في المبسوط يكره صوم التطوع في السفر و
روى جواز ذلك لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصائم بمكة والمدينة ونحن في مسفر قال فريضة
فقلت لا ولكنه تطوع كما يتطوع في السفر محظور كما أن صوم الفريضة محظور وغير انه ورد من الترخص ما نقلناه عن الحضر إلى الكراهية روى ذلك إسماعيل بن
فهل عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال خرج أبو عبد الله عليه السلام من المدينة في أيام يقين من شعبان فكان يصوم ثم دخل عليه شهر
رمضان وفي السفر فأفطر فقيل له أتصوم شعبان وتفطر شهر رمضان فقال نعم شعبان إلى أن شئت صمته وإن شئت لا وشهر رمضان عزم
من الله عز وجل على الافطار وعن الحسن بن ينام الجمال عن رجل قال كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة والمدينة في شعبان وهو صائم
ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر فقلت له جعلت فداك أمس كان من شعبان وكتب صائما واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر فقال إن
ذلك تطوع ولنا ان نفعل ما شئنا وهذا فرض فليس لنا ان نفعل ما أمرنا قال الشيخ هذان خبران مرسلان فالعمل بما تقدم ولي وقول الشيخ
جيد ولعل احتجاج القايلين الجواز هذان الحديثان وقد ضعفهما الشيخ على ما ترى والتمسك بالأصل وهو الإباحة ضعيف لا نا قد بينا و
جواز النهى عنهم عليه السلام عن تلك فلا أقل من الكراهية مسألة ويصح الصوم في الواجب سفرا في مواضع أحدها من نذر صوم يوم معين
وشرط في نذر صومه سفر أو حضر فإنه يجب عليه صومه وان كان مسافرا اختاره الشيخان واتباعها لعموم قوله تعالى يوفون بالنذر وقوله تعالى
والموفون بعهدهم إذا عاهدوا لأن الأصل صحة النذر وإذا صح لزم ويؤيده ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي إسحاق عليه السلام قال سألته
عن الرجل يجعل الله عليه صوم يوم مستمر قال يصومه ابدا في السفر والحضر قال الشيخ والوجه فيه إذا شرطه على نفسه ان يصوم في السفر والحضر لما رواه علي بن
مهزيار قال كتب بندر مولى إدريس يا سيدي ندرت ان أصوم كل يوم صمت فان انا لم أصمه ما يلزمني من الكفارة فكتب وقرأته لا ترك الا من علة
وليس عليك صوم في سفر ولا مرض الا ان تكون نويت ذلك وإن كنت أفطرت منه من غير علة تصدق بقدر كل يوم على سبعة مساكين تسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى ولا نعلم مخالفا لهما من غير علمائنا فوجب المصير
إليه وثانيها صوم ثلاثة أيام أبدل دم المتعة لقوله تعالى فمن لم
يجد فصيام ثلاثة أيام من الحج وسيأتي تحقيق ذلك انشاء الله وثالثها صوم ثمانية عشر يوما لمن أفاض عرفات عامدا عالما وعجز عن الفداء
وهو البدنة وسيأتي ورابعها إذا كان سفره أكثر من حضره أو عزم على المقام عشرة أيام أو كان سفره معصية وقد تقدم بيان ذلك كله في كتاب
الصلاة ولا يجوز الصوم واجبا لغير هؤلاء سفرا وفيه قول للمفيد بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجبات وهو نادر وقد بينا ضعفه ويؤيده ما رواه
الشيخ عن كرام قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني جعلت على نفسي ان أصوم حتى يقوم القائم فقال صم ولا تصم في السفر ولا العيدين ولا أيام التشريق
ولا اليوم الذي تشك فيه من شهر رمضان وما رواه عن عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقول لله على أن أصوم شهرا
أو أكثر من ذلك أو أقل فعرض له امر لابد لهان يسافر أيصوم وهو مسافر قال إذا سافر فليفطر لأنه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كن أو غير ه
والصوم في الفر معصية وهذا نص في الباب مسألة ويستحب في السفر صوم ثلاثة أيام الحاج بالمدينة ندبا وهو مستثنى من الكراهية
لضرورة السفر والمحافظة على الصوم في ذلك الموضع ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن
كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء ثم تأتي ليلة الخميس التي يليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلتك
ويومك وتصوم يوم الخميس ثم تأتي الأسطوانة التي قبل مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومصلاه ليلة الجمعة فتصلى عندنا ليلتك ويومك وصوم
586

يوم الجمعة وان استطعت أن لا تتكلم بشئ في هذه الأيام الا ما لابد لك منه ولا تخرج من المسجد الا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل فان
ذلك مما يعد فيه الفضل ثم احمد الله في يوم الجمعة واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصل حاجتك وليكن فيما تقول اللهم ما كانت
لي إليك من حاجة شرعت انا في طلبها والتماسها أو لم يشرع سألتكها أو لم أسألكها فاني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم
في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها فإنك حرين ان يقضي حاجتك انشاء الله
البحث السادس في الزمان الذي يصح ص. مه مسألة
وانما يصح صوم النهار دون الليل ويدل عليه النص والاجماع قال الله تعالى فالآن باشر وهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا
حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا خلاف بين المسلمين في ذلك ولو نذر صومه لم
ينعقد لأنه لبس محلا له فلم يكن الامساك فيه عبادة مطلوبة للشرع فلا يصح نذره وكذا لو نذر صوم النهار والليل معا لأنه لا يصح صومه
بانفراده فلا يصح منضما إلى غيره ولا خلاف في هذا كله مسألة ولا يصح يوم العيدين وهو قولت أهل العلم كافة روى الجمهور عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام ستة أيام يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال في حديث طويل ذكر فيه وجوه الصائم واما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر و
يوم الأضحى الحديث ولا خلاف في تحريم صوم العيدين بين المسلمين كافة مسألة ولو نذر صوم يوم العيدين لم ينعقد نذره ذهب إليه
علماؤنا اجمع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة صومه محرم ولو نذر ه انعقد ولزمه ان يصوم غيره فان صام فيه أجزأه وان صام فيه عن نذر مطلق
لم يجزه لنا انه محرم شرعا فلا يصح نذره ولأنه معصية لا نه منهى عنه لقوله عليه السلام لا صوم هذه الأيام يتقرب بالنذر فيه إلى الله
تعالى لتعارض الوجهين واستحالة اجتماعهما ولقوله عليه السلام لا صوم هذه الأيام يتقرب بالنذر باطلا كما لو نذرت
ان تصوم أيام حيضها ليلا ولان مالا يصح صومه عن النذر المطلق والكفارة لا يصح عن النذر فيه كأيام الحيض والنفاس احتج بأنه
نذر صوم يوم منع أهلية لصوم فيه فانعقد نذره كساير الأيام ولان الصوم المطلق عبادة فيصح نذره والمتعين باطل فيبقى المطلق منصرفا
إلى المنهى عنه ولأنه نذر بصوم مشروع فيصح النذر به لقوله عليه السلام من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى والمنهى غير متوجه إلى الصوم لعدم
قبوله قضية المنهى المشروعية كالصلاة في الدار المغصوبة والجواب ان ما ذكره ليس بصحيح لأنه نذر صوما محرما فكان النذر باطلا كما لو نذرت
ان تصوم أيام حيضها أو ليلا واليوم المذكور لا يقبل وقوع الصوم فيه فلم يكن النهارا هلا للصوم فيه والمطلق لا تحقق له الا من قيد المشخص
كالنادر ان أطلقه تخير في جهات التشخيص لان عينه انصرف إلى اليقين فإن كان قابلا للصوم انعقد نذره والا فقد صرف المطلق إلى ما يصح ايجاده
فيه فكان كما لو صرف إلى الليل ولا نسلم انه نذر بصوم مشروع لان التقدير بتعين نذر ما لا يقبله ونقول أيضا ان ما لا يصح صومه عن النذر المطلق
والكفارة لا يصح عن النذر المعين فيه كزمان الحيض والنفاس ويخالف سائر الأيام لان الصوم فيها غير محرم بخلاف مسألتنا مسألة
ولا يصح صوم أيام التشريق وهي الحادي عشر من ذي الحجة والثاني عشر والثالث عشر لمن كان بمنى خاصة وبه قال أبو حنيفة وقال مالك
يجوز وللشافعي قولان لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام ستة أيام يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق و
اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي هريرة عن علي بن الحسين واما صوم الحرام فصوم يوم الفطر
ويوم الأضحى وثلاثة أيام التشريق وعن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصيام أيام التشريق فقال اما بالامصار
فلا بأس واما بمنى فلا وسيأتي البحث في ذلك أن شاء الله في باب الحج والبحث فيما لو نذر صيامها وهو بمنى كالبحث في نذر صوم العيدين
مسألة ولو نذر صوم يوم معين كالسبت مثلا دائما أو واحدا وزمان قدوم زيد فاتفق أحد هذه الأيام لم يجرز صومها أيضا للنهي
فلا ينعقد صومه بالجهل ولأنه لا يصح صومه مع النذر والعلم فلا يصح مع ا لجهل لرجوع الفساد إلى ايقاع الصوم في الأيام لا ألين العلم و
الجهل وهل يقتضي صومه أم لا فيه قولان وسيأتي البحث عن ذلك انشاء الله مسألة ولا يصح صوم يوم الشك على أنه من رمضان
وقد مضت البحث فيه وسيأتي تمامه البحث السابع في صوم رمضان والنظر في أمور ثلاثة
الأول في علامته مسألة
يعلم الشهر برؤية الهلال فمن رآه وجب عليه صومه ولا نعلم خلافا في أن رؤية الهلال للزايد على الواحد سبب في وجوب الصوم وعلامته
في شهر رمضان قال الله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس وأحج ويدل على أنه تعالى اعتر الأهلة في تفريق أوقات
الحج وغيره مما يعتبر فيه الوقت وأيضا فقد اجمع المسلمون منذ زمن الرسول صلى الله عليه وآله ألين زماننا هذا على اعتبار الهلال والرأي له والتصدي لابصاره
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتصدى لرؤيته ويتولاها ويلتمس الهلال وقد شرع (ع) فصول الشهادة عليه والحكم فيمن يشهد
بذلك في مصر من الافطار ومن جا بالخبرية عن خارج وحكم المخبر به في الصحة وصلاته الجو من الغيم وشبهه وخبر من شهر برؤيته مع العوارض
587

وذلك يدل على أن رؤية الهلال أصل من أصول الدين معلوم ضرورة في شرع الرسول صلى الله عليه وآله والاخبار تواترت بذلك ولا نعلم فيه
خلافا وقد روى الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الأهلة فقال هي أهلة السهو فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر
وفي الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال صم برؤية الهلال وأفطر برؤية وعن الفضل بن عثمن عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال ليس على أهل القبلة الا الرواية وليس على المسلمين الا الرؤية والاخبار في ذلك كثيرة مسألة لو انفرد واحد بالروية وجب
عليه الصيام عدلا كان أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قلت شهادته أو رددت ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال سالك والليث
والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر وقال عطا والحسن وابن سيرين واسحق لا يصوم الا في جماعة الناس وعن أحمد روايتان لنا ما رواه
الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وتكليف الرسول صلى الله عليه وآله كما انما يتناول تناول الجمع وبالعكس الا ان
يثبت المخصص ومن طريق الخاصة ما تقدم وما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الأهلة فقال
هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رايته فأفطر ولأنه يتقن انه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به الحاكم ولان الرؤية أبلغ
في باب العلم منن الشاهدين وأكثر لاحتمال الخطأ وتطرق الكذب إلى الشهور والاشتباه عليه فإذا تعلق حكم وجوب بأضعف الطريقين
فالأقوى أولى احتج بأنه يوم محكوم به من شعبان فلم يلزمه صومه عن رمضان كما قبل ذلك والجواب ان هذا محكوم به من شعبان ظاهر أفي
حق غيره فاما في أباطن فهو يعلم أنه غير رمضان فلي مه صيامه مسألة لو أفطر في هذا اليوم بالجماع أو غيره وجب عليه الكفارة
أهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجب الكفارة لنا انه يوم لزم صومه من رمضان فوجب عليه الكفارة بالجماع فيه
كغيره من الأيام وكما لو فلت شهادته احتج أبو حنيفة بأنها عقوبة فلا تجب على الجميع فأشبه زمان
القضاء والجواب عن الأول بالمنع من كون الكفارة عقوبة سلمنا لكن ينتقض بوجوب الكفارة في السفر القصير من عن وقوع الخلاف فيه
ولأنها تجب في آمال فهي اكد من الحد وعن الثاني بان الوجوب على الجميع لا اعتبار به وقد وجب عليه وكذا إذا ثبت بالنية فإنه لا يجب على
الحايض ولا المسافر ولا المريض ومع ذلك تجب الكفارة لو أفطر مسألة ولو لم يره لعد تطلعه أو لعدم الحاسة أو لغير ذلك من
الأسباب اعتبر بالشهادة وقد اجمع المسلمون كافة على اعتبار الشهادة في رؤية الهلال وانها علامة لشهر رمضان وانما الخلاف وقع في عدد
الشهود فالذي اختاره سلار من علمائنا فيقول شهادة الواحد في اوله وان الصوم يجنب بها وهو أحد قولي الشافعي واحدي الروايتين من احمد
وهو اختيار ابن المبارك وذهب المفيد والسيد المرتضى ره هنا انه لا يقبل الا بشاهدين عدلين صحوا وغيما وبه قال ابن إدريس وأكثر علمائنا
وهو القول الاخر للشافعي وبه قال مالك واللبث بن سعد والأوزاعي واسحق وقال الشيخ ان كان في السماء علة وشهد عدلان من البلد
أو خارجه برؤيته وجب الصوم وإن لم يكن هناك علة لم يقبل الا شهادة القسامة خمسون رجلا من البلد أو خارجه هذا اختياره في المبسوط
وقال في النهاية فإن كان في السماء علة ولم يره جميع أهل البلد ورآه خمسون نفسا وجب الصوم ولا يجئ الصوم إذا رآه واحد واثنان بل
يلزم فرضه لمن ذراه حسب وليس على غيره شئ ومتى كان في السماء علة ولم ير في البلد الهلال ورآه خارج البلد شاهدان عدلان وجب أيضا
الصوم فان لم يكن في السماء علة وطلب فلم ير لم يجب الصوم الا ان يشهد خمسون نفسا من خارج البلد انهم رأوه وقال أبو حنيفة لا يقبل
في الصحو الا الاستفاضة وفي الغيم في هلال شهر رمضان يقبل واحد وفي غيره لا يقبل الا اثنين والأقرب عندي خيرة المفيد لنا ما رواه
الجمهور عن عبد الرحمن بن زيد الخطاب قال صحبنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وتعلمنا فيهم وانهم حدثونا ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فعدو ا ثلثين واعدل فصوموا فافطروا وامسكوا ومن شريق الخاصة
ما رواه الشيخ عن عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال علي عليه السلام لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال الا شهادة
رجلين عدلين وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا قال أجيز في رؤية الهلال الا شهادة ورجلين وعن
يعقوب بن شعيب عن جعفر عن أبيه (ان (ع) قال لا أجيز في الطلاق ولا في الهلال الا رجلين وعن مسعود بن حازم عن أبي
عبد الله أنه قال صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته فان شهر عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه وفي الحسن عن سعيد
عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان فقال لا يقضيه الا ان يثبت شاهدان من جميع أهل
الصلاة متى كان رأس الشهر وقال لا نصم ذلك اليوم الذي يقضى الا ان يقضى أهل الأمصار فان فعلوا فصمه ولأنها عبادة فاعتبر
عودها بأعم الشهادات وقوعا بما اعتبارا بالأعم الأغلب ولأنها شهادة في هلال فأشبهت سؤالا وغيره من الشهود احتج سلار
بما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) إذا رأيتم الهلال فأفطر وا وشهد عليه عدل من المسلمين
وإن لم يروا الهلال الامن وسط النهار فأتموا الصيام إلى الليل وان غم عليكم فعدوا ثلثين ثم افطروا ولان الاحتياط والعادة يقتضي
588

فيقول الواحد واحتج الشافعي بما رواه ابن عباس قال جاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحيرة فقال إني رأيت الهلال فقال أتشهد أن لا اله
إلا الله قال نعم قال أتشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يا بلال اذن في أناس فليصوم غدا وروى ابن عمر قال يرى الناس اله. فأخبرت رسول الله
اني رايته فصام وأمر الناس بالصيام ولأنه لا تهمة فيه لأنه يشترك فيه المختبر وإذا للمخبر في الوجوب فقبل من الواحد كالخبر عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
واحتج أبو حنيفة بأنه لا يجوزان ينظر الجماعة إلى مطلع الهلال منع صحة الخاصة وارتفاع الموانع فيختص واحد برؤيته واحتج الشيخ
رحمه الله بما رواه القسم بن عروة عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصوم للرؤية الفطر للرؤية وليس الرؤية ان يريه واحد ولا اثنان
ولا خمسون وعن حبيب الخزاعي قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا تجوز الشهادة في رؤية الهلال دون خمسين رجلا عدد القسامة وا نما تجوز
شهادة رجلين إذا كانا من خارج المصر وكان المصر علة فأخبرا انهما رأياه وأخبرا عن قوم صاموا للرؤية وعن أبي أيوب بن إبراهيم بن عثمان
الحزاز عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له كم يجزي في رؤية الهلال ان يقوم عدة فيقول واحد قد رأيته ويقول الآخرون لم نره إذا رآه واحد رآه مئة رآه الف ولا يجزي في رؤية
الهلال إذ ألم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين فإذا كانت في السماء علة قلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر وعن
عبد الله بن بكير بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قال صم للرؤية وأفطر للرؤية وليس رؤية الهلال ان يحلي الرجل والرجلان فيقولان
رأيناه انما الرؤية أن يقول القايل رأيت فيقول القوم صدق ولأنه مع أن تفاء العلة يبعد اختصاص الواحد والاثنين بالرؤية مع اشتراكهم في
صحة الحاسة فلم يكن قولهما مؤثرا أما إذا وجدب العلة فإنه يحتمل اختلاف جال الأمصار في الحدة والضعف فيرى بعضهم دون بعض و
الجواب عن الأول غير دال على محل النزاع ان البحث في رؤية الهلال للصوم في أول رمضان لا اخره وعن الثاني ان الاحتياط ليس به دليل موجب
ولأنه ينافي الاحتياط لحصول الافطار في اخره بقول الواحد وعن الثالث ان حكمه عليه السلام بالصوم عند شهادة الواحد لا يقتضي استناده
الايجاب إليها لأنه حكاية حال فلعله عليه السلام عرف ذلك اليوم من غيرها أو بالرؤية لا يقال الأصل عدم ذلك لأنا نقول هذا لا يفيد
العين فلا يعارض ما ثبت من شرعه عليه السلام بالحكم بالشاهدين وان العمل بالشاهد والواحد مناف لما ثبت من شريعة عليه السلام فيكون
الاحتمال الذي ذكرناه أرجح من هذا الأصل وعن الرابع بالفرق بين الخبر والشهادة فإنه اشترط في الشهادة مالا يشترط في الرواية
لتعظيم خبرها وعن الخامس يجوز الاختلاف في الرواية لبعد المرئ ولطافته وقوة الحاسة وضعفها واتفق للرؤية وعدم واختلاف
مواضع نظر هم ولأنه ينتقض بما لو حكم برؤيته حاكم بشهادة الواحد أو الاثنين فإنه يجوز ولو امتنع لما قال لهم يبعد فيه حكم الحاكم
وعن الأحاديث التي أورد ها الشيخ بالمنع من صحة سندها واحتمال الخطأ في الناظرين وبالجملة فان قول الخمسين قد لا يقيد التعيين
بل الظن وهو حاصل لشهادة العدلين على أن المشهور بين العلماء من الغرق وغيرهم العمل بقول الشاهدين فكان المصير متعينا
مسألة ولا تقبل شهادة النساء في ذلك خلافا للجمهور لنا الأصل براءة الذمة وعدم التكليف بالصوم عند شهادتهن وما
تقدم في الحديث عن علي عليه السلام ولان الصائم من المعروض المناكره فجاز لا يقبل فيه شهادة النساء لمكان الغلط فروع الأول
لا يقبل في شهادة الافطار الا شاهدين وهو قول نعامة الفقهاء وقال أبو ثور يقبل وحد لنا ما رواه الجمهرة عن طاوس قال شهدت
المدينة وبها ابن عمر وابن عباس فجاء رجل إلى واليهما فشهد عند علين هلال رمضان فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته فأمراه ان
يخيره وقالا ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احاف شهادة رجل واحد على رؤية هلال رمضان قال لا. كان لا تخبره على شهادة آلاف لما
رأى الشاهدين رجلين ومن طريق الخاصة ما تقدم الأحاديث والأدلة احتج أبو ثور بأنه خبر ما يستوي فيه المخبر والمخبر فأشبه
اخبار الديانات والجواب بالمنع من كونه خبرا ولهذا لا يقبل فيه فلان عن فلان فافترقا الثاني إذا قلنا يقبل الواحد فهل يقبل
العبد لم لا فيه تردد يأتي في باب الشهادة وللنساء فعليه قولان الثالث إذا قلنا بقول الواحد فشهد على رؤية رمضان فصاموا ثلثين
ثم غم عليهم الهلال فالوجه الافطار وهو قول أبي حنيفة واحد قولي الشافعي والاخر يفطرون وهو محمد بن الحسن لنا ان الصوم ثبت
شرعا بشهادة الواحد فثب الافطار باستكمال الواحدة ولا يكون افطار ا بالشهادة كما أن النسب لا يثبت بشهادة النساء وتثبت بهم
الولادة فتثبت النسب بالفراش على وجه التبع للولادة احتج المخالف بأنه يكون فطرا للشهادة واحد وجوابه تقدم
الرابع لو شهد عدلان
برؤية اوله فصام الناس بشهادتهما فلما استكملوا ثلثين لم ير الهلال مع الصحو لزم الفطر وهو أحد قولي
الشافعي وفي الاخر لا يفطرون
لنا ان شهادة الاثنين ثبت بها الهلال والصوم فيثبت بهما الفطر ولا نا قد بينا ان الشهادة يقبل مع الصحو ووافقنا على ذلك فلو شهد
شاهدان برؤيته جان الفطر فكك إذ ا هي على شهادتهما احتج بان عدم الروية من الصحو يقين والحكم بالشاهدين ظن واليقين مقدم و
والجواب المنع في المقدمتين معا مسألة ولو انفرد برؤية هلال شوال وخذ الفطر ولم يجز له الصوم ذهب إليه علما ؤ نا وبه قال
589

الشافعي وقال أحد لا يفطر إذا رآه وحده وهو مروي عن مالك والليث بن سعد لنا ما تقدم من قوله عليه السلام صوموا لرؤيته وما رواه
الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره له ان يصوم قال
إذا لم يشك فيه فليطعم والا فليصم مع الناس ولا نه يتيقن انه من شوال فجاز الا فطار كما لن قامت البينة بقل هو أبلغ بحصول اليقين بالرؤية دون
الشهادة احتج المخالف بما رواه أبو رخا عن أبي قلابة ان رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال وقد أصبح الناس صياما فاتيا عمر فذ كرا ذلك
له فقال لأحدهما أصايم أنت قال بل مفطر قال ما حملك على هذا قال لم اكم لا صوم وقد رأيت الهلال وقال الاخر انا صايم قال ما حملك
على هذا قال لم أكن لا فطر والناس صيام فقال للذي أفطر لولا مكان هذا لأوجعت رأسك ثم نودي في الناس إذا اخرجوا وانما أراد
ضربه لافطاره برؤيته ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ولا يوعده ولأنه يوم محكوم به من
رمضان فلم يجز الفطر فيه كاليوم الذي قبله والجواب عن الأول بعد سلامة السند عن الطعن انه مستند إلى صحابي فلا يكون حجة ما لم يسنده ألين الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم وأيضا فيحتمل انه شهد واحد في البلد بالرؤية وانضم إليه شهادة الثاني وكان عمر متهما للاخر في شهادته أو كان عمر يعمل
بشهادة الواحد في الافطار وعن الثاني انا نمنع انه محكوم عليه بأنه من رمضان في نفس الامر بل ظاهرا اما عند من رأى الهلال فلا وكذا
حكم الفاسق والمراة والعبد من لا يقبل شهادته لا يقال قد روى الشيخ عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال الفطر يوم يفطر الناس و
الأضحى يوم يضحى الناس والصوم يوم لا يصوم الناس لا نا نقول إنه عليه السلام أجابه عقيب الشك لا ن ابا الجارود قال شككنا في الأضحى قد خلنا
على أبي جعفر عليه السلام وحكى الحديث فلا يتناول صورة النزاع وحكمه (ع) بذلك لا نه خرج فخرج الأغلب أو لأنه حكم الشاك وكلاهما منا سب فحمل عليه
مسألة لا يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين ولا لشهادة النساء منفردات وان كثرن وكذا غير شوال من الشهور اجماعا لأنه
مما يطلع عليه الرجال وليس بمال ولا المقصود منه المال فأشبه القصاص وخالف الجمهور في رمضان للاحتياط للعبادة وهو ضعيف لو رآه اثنان
ولم يشهدا عند الحاكم جاز لمن يسمع شهادتهما الافطار وكذا الصيام إذا عرف العدالة لقوله عليه السلام إذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا
ولو شهد افراد الحاكم بشهادتهما لعدم معرفته بهما جاز الافطار أيضا ويجوز لكلم واحد منهما ان يفطر عندنا وعند احمد بشرط ان يعرف
عدالة صاحبه مسألة ولو روئي في البلد رؤية شايعة وراع بين الناس الهلال وجب الصنام بلا خلاف لأنه نوع بواتر يفيد العلم
اما لو لم ير أصلا وغم عليم الناس أكملت عدد شعبان ثلثين يوما وبه قال الشافعي ثم صاموا وجوبا من رمضان روى الجمهور عن عايشة قال
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتحفظ من هلال شعبان مما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم رمضان لرؤيته فان غم عليه عد ثلثين يوما ثم صام
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى عليه وآله صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلثين ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام في كتاب علي عليه السلام صم لرؤيته وأفطر لرؤيته
وإياك والشك والظن فان خفى عليكم فأتموا الشهر الأول ثلثين وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا رأيتم الهلال فصوموا
وإذا رأيتموه فافطروا وليس بالرأي لا بالظن ولك بالرؤية والرؤية ليس ان يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا هو وينظر تسعة فلا
يرو نه إذا رآه واحد رآه عشرة آلاف وإذا كانت علة فأتم شعبان ثلثين ولا ن الأصل بقاء ما كان على ما كان وقد اعتضد بعد يوم الرؤية
فيكون باقيا ظنا فيعمل عليه مسألة ويستحب الرأي للهلال ليلة الثلثين من شعبان ورمضان ويطلبه ليحتاطوا بذلك بصيامهم ويسلموا
من الاختلاف روى الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أحصاه هلال شعبان ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي خالد الواسطي عن أبي
جعفر الباقر عليه السلام عن أبيه عن علي بن الحسين عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحق في شهر رمضان يوما من غيره متعمدا فليس
يؤمن بالله ولأبي ولان الصوم واجب وكذا الافطار في العيد فيجب التوصل إلى معرفة ومنها ليقع التكليف على وجهه مسألة ولا يجوز
التعويل على الجو ولا على كلام المنجمين لا ن الأصل الجدول المأخوذ من الحساب النجومي في حفظ سير القمر واجتماعه للشمس ولا يجوز التعويل
على قول المنجم ولا الاجتهاد فيه وقول أكثر الفقهاء من الجمهور وحكى عن قوم انهم قالوا يجتهد في ذلك ويرجع إلى التخمين لنا ما رواه الجمهور عن عايشة
قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتحفظ من هلال شعبان مالا يتحفظ من غيره ثم يصوم رمضان لرؤيته فان غم عليه عدد ثلثين يوما ثم صام من طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيتم الهلال فافطروا وشهد عليه بينة عدل من المسلمين
وإن لم يروا الهلال الامن وسط النهار أو اخره فأتموا الصيام إلى الليل وان غم عليكم فعدوا ثلثين ليلة ثم افطروا ون الفضل بن عثمان عن ا بي عبد الله
أنه قال ليس على أهل القبلة الا الرؤية ليس على المسلمين الا الرؤية والأحاديث في ذلك كثيرة متواترة على أن الطري قاما الرؤية أو مضى
ثلاثين فلو كان الرجوع إلى المنجم خبالا رشدوا إليه ولأنه مبني على قواعد ظنية ظنا ضعيفا قد يخطي ويصيب فلا يجوز التعويل عليه إليه ولقوله عليه السلام
590

من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما انزل على محمد على الله عليه وآله وسلم احتجوا بقوله تعالى وعلامات وبالنجم هم يهتدون وبما رواه ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فان
غم عليكم فاقد رواله والتقدير انما هو معرفة السير والمنازل ولذلك رجعتا إلى الكواكب والمنازل في القبلة والأوقات وهو أمور شرعية رتب عليها
الشارع احكاما كثيرة فكذا هنا والجواب ان الاهتداء بالنجم معرفة الطرق ومسالك البلدان وتعريف الأوقات ولانا نقول بموجبه فان برؤية الهلال
يهتدي إلى أول الشهور اما قول المنجم فلا ولاية لا تدل عليه وعن الحديث المروي فاقد رواله ثلثين وهذا المنع كل تأويل واما القبلة والوقت فالطريق
هو المشاهد كما يقول يجب في رؤية الهلال ليس بقول المنجم الذي يكذب أكثر الأوقات مسألة ولا اعتبار بالعدد وقد زعم قوم من حشوية الحديث
انه معتبر وان شهود السنة قسمان تام وناقص فرمضان لا ينقص ابدا وشعبان لا يتم ابدا واختلفوا في ذلك بأحاديث منسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام
أصلها حذيفة بن منصور منها ما رواه حذيفة بن مصور عن معاذ بن كثير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان الناس يقول رسول الله صلى الله عليه وآله صام تسع وعشرين يوما أكثر مما صام ثلثين فقال كذبوا ما صام رسول الله صلى عليه وآله إلى أن قبص أقل من ثلاثين يوما لا ينقص
شهر رمضان منذ خلق السماوات والأرض من ثلثين يوم وليلة وهو هذا روى حذيفة عن أبي عبد الله عليه السلام بغير رواية ورواه اخر عن حذيفة
غير مستند إلى امام قال الشيخ وهذا الحديث لا يصح العمل به اما أو لا فلا نه لم يو جد في
شئ من الأصول المصنفة وانما هو موجود في الشواذ من الاخبار
وأيضا فان كتاب حذيفة بن منصور ره عرى عن هذا الحديث والكتاب معروف مشهور ولو كان هذا الحديث صحيحا عنه بصحة كتابه
وأيضا فإنه مختلف الألفاظ مضطرب المعاني لأنه تارة يرويه عن أبي عبد الله عليه السلام بلا واسطة وتارة يرويه عنه عليه السلام بواسطة وتارة
يفتي به من قبل نفسه ولا يسنده لو أحد وهذا يدل على اضطرا به وضعفه وأيضا فإنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا ولا يجوز الاعتراض به عن المتواتر
من الاخبار والقران العزيز وعلى جميع المسلمين على خلافه ومع ذلك فلا يخلو الأحاديث من ضعف في الاستدلال بها ثم إنه ره قاول الأحاديث
جميعا بما هنو موجود في كتابيه التهذيب والاستبصار ونحن لقلة فايدتهما أعرضنا عنهما ثم إنه ره عارض ذلك بأحاديث كثيرة تدل على خلاف
ما تضمنه هذا الحديث ونحن نقتصر على بعضها فمنها ما رواه عن محمد بن مسلم عن أحدهما يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليه السلام قال شهر رمضان
يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان فإذا صمت تسعة وعشرين يوما ثم تغيمت السماء فأتم العدة ثلثين وعن سماعة قال قد يكون شهر رمضان
تسعة وعشرين يوما ويكون ثلثين ويصيبه ما يصيب الشهور من النقصان وعن أبي خالد الواسطي عن أبي جعفر عليه السلام قال حدثني أبي عليه السلام ان عليا عليه السلام قال
صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله تسعة وعشرون يوما وان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لما ثقل في مرضه أيها الناس ان السنة اثنى عشر
شهرا منها أربعة حرم ثم قال بيده فذلك رجب مفرد وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاثة متواليات الا وهذا الشهر المفروض فصوموا لرؤيته و
افطروا لرؤيته فإذا خفي الشهر فأتموا لا لعدة شعبان ثلثين صوموا الواحد وثلاثين وروى أحاديث كثيرة تنافي مقتضى الأحاديث الدالة على العدد
مع ما فيها من المطاعن التي ذكره الشيخ ومنا فاتها لفتاوى العلماء فلا اعداد بها البتة مسألة ولا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر
بعد الشفق فهو الليلة الماضية وان غاب قبله فهو لليلة لنا قوله عليه السلام الصوم للرؤية والفطر للرؤية
ولا الأصل براءة الذمة وقد اعتضد بالسلامة عن المعارض فيعمل به احتج المخالف بما رواه الشيخ عن إسماعيل بن الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو الليلة وإذا غاب بعد الشفق فهو الليلتين والجواب انه لا يعارض هذا الحديث ما ورد من الأحاديث الدالة
على انحصار الطريق في الرؤية ومضى ثلثين لكثرتها واشتهارها حتى قارنت المتواتر قال الشيخ انما يكون هذا امارة على اعتبار دخول الشهور
فلا ومتى استعملنا هذه الأخبار في بعض الأحوال ترتب عملا بها ولم نكن واقفين لها مسألة ولا اعتبار أيضا بتطوقه لما تقدم
من الأدلة وقد روى الشيخ عن محمد بن مرازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا بطوق الهلال فهو الليلتين وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لا ثلث
وهذه الرواية لا تعارض ما تلوناه من الأحاديث مسألة ولا اعتبار بعد خمسة أيام من الماضية عملا بالأصل وبما تقدم من
الأحاديث الدالة على العمل الرؤية أو مضى ثلثين وقد روى الشيخ عن عمران الزعفراني قال قلت لا بي عبد الله عليه السلام ان السماء تطبق علينا
بالعراق اليومين والثلاثة لا يرى السماء فأي يوم نصوم فان افطروا اليوم الذي صمت من السنة الماضية وصم فعد عنه خمسة أيام يوم الخامس وعن عمران أيضا
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انما نمسك في الشتاء اليوم واليومين لا يرى شمسا ولا نجما فأي يوم قال انظروا اليوم الذي صمت من السنة
591

الماضية وعد خمسة أيام وصم يوم الخامس وطريق الأول مرسل والثاني فيه سهل بن زياد وهو ضعيف جدا فاذن لا تعويل عليهما ولا يعارض
الأحاديث الصحيحة الشهرة قال الشيخ يحتمل ان يكون السماء متغيمة فعلى الانسان ان يصوم يوم الخامس من صيام يوم السنة الماضية على أنه من شعبان ان يعلم لم انقضاء
احتياطا فاتفق ان يكون رمضان فقد أجزء عنه والا كان نافلة ويجري مجرى يوم الشك وليس في الحديث انه يصومه بنية من رمضان فلا يعارض
به ما تقدم قال في الاستبصار هذان الخبران خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا وأن راويهما عمران الزعفراني وهو مجهول واستناد الحديثين يوم ضعفا
لا يعمل بها يخصص برؤيته وهو جيد مسألة ولا اعتبار برؤيته قبل الزوال وقال بعضهم ان روي قبل الزوال فهو الليلة الماضية وان روئي بعده
فهو لمستقبلة وبه قال الثوري وأبو يوسف والذي اختاره مذهب أكثر علمائنا الامن شذ منهم لا نعرفه وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة
وقال احمد ان كان في أول شهر رمضان وكان قبل الزوال فهو للماضية في آخر رمضان روايتان أحدهما ذلك
والثانية للمستقبلة احتياطا
لنا ما رواه الجمهرة عن أبي وابل شفيق بن سلمة قال جاءنا كتاب عمرو نحن بخانقين ان الأهلة بعضها أكثر من بعض فإذا رأيتم الهلال في أول للنهار
فلا تفطروا حتى تمسوا لا ان يشهد رجلان مسلمان انهما أهلاه بالأمس عشيته ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن عيسى قال كتبت إليه
عليه السلام جعلت فداك انما غم علينا هلال شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال وربما رأينا بعد الزوال فترى ان نفطر قبل الزوال إذا
رأيناه أم لا وكيف تأمر في ذلك فكتب عليه السلام تتم إلى الليل فإنه إن كان تاما روئي قبل الزوال وعن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال قال
الليل فان غم عليكم فعدوا ثلثين ثم ليلة افطروا وعن جراح المدايني قال قال أبو عبد الله عليه السلام من رأى هلال شوال بنهار في شهر رمضان فليتم صيامه
وعن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان نعم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال لا تصمه الا ان تراه فان شهد
أهل بلد آخر انهم رواه فاقضه فإذا رأيته ومن وسط النهار فأتم صومه إلى الليل يعني أتم صومك إلى الليل على أنه من شعبان روى أن ينوي انه من
رمضان احتج المخالف بقوله عليه السلام صوموا لرؤيته فيجب الصوم بالرؤية وقد حصلت وان ما قبل الزوال أقرب إلى الماضية وما رواه الشيخ
في الحسن عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذ ا رأوا الهلال قبل الزوال فهو الليلة الماضية وإذا رواه بعد الزوال فهو لليلة
المستقبلة وعن عبيد بن زرارة وعبيد الله بن بكير قالا قال أبو عبد الله عليه السلام إذا روئي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال وإذ
روئي بعد الزوال فهو من هر رمضان والجواب عن الأول ان الخبر الذي رووه يقتضي وجوب الصوم بعد الرؤية وعندهم يجب الصوم من أو لأنهار واما القرب فإنه أقرب إلى الليل المستقبل منه إلى وقت طلوعه من أول الليل الماضية واحتياط احمد باطل إذ الاحتياط انما يعتبر مع دليل اما مع عدمه
فلا ولهذا لو اشتبه عليه الفجر لم يجب عليه الامساك احتياطا وعن الحديثين الذين أو رد هما الشيخ عن أبي عبد الله عليه السلام فان في طريق الثاني منهما
ابن فضال وهو ضعيف ومع ذلك فلا يصلحان لمعارضته الأحاديث الكثيرة الدالة على انحصار الطريق في الرؤية وممضى ثلثين لا غير مسألة
قد بينا ان صوم يوم الشك مستحب عليم انه من شعبان ومحرم على أنه من رمضان فان صامه بينه انه من شعبان ثم ظهر انه من رمضان فقد أجزأ عنه
لو لم يصمه ثم صام تسعة وعشرين ثم رأى هلال شوال لم يقض لأنه لم يثبت انه من رمضان فلا يشتغل الذمة بشئ اما لو قامت البينة
برؤيته فإنه يقضي يوما بدله بلا خلاف ويدل عليه ما رواه الشيخ عن المفضل وي يد الشحام جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن عن الأهل
فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رايته فأفطر قلت أرأيت ان كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضى ذلك اليوم فقال لا الا
ان يشهد لك بينة عدول فان شهد وا انهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليم وعن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال صم لرؤية الهلال
وأفطر لرؤيته فان شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه والاخبار كثيرة ولأنه مع استمرار الشك وعدم قيام البينة يبنى على الصالة براءة
الذمة اما مع قيام البينة فلم يحكم عليه بأنه أفطر يوما من شهر رمضان فيجب عليه القضاء اجماعا فرع لو أفطر يوم الشك ثم صام مستمرا فأهل
شوال وقد صام ثمانية وعشرين يوما قضى يوما واحد الا غير اما الثاني فلان الأصل براءة الذمة من الزائد ولم يثبت ما يعارضه فيستمر على حكمه
واما الأول فلعلم ان الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين ويؤيده ما رواه الشيخ عم حماد بن عيسى عن عبد الله بن سنان عن رجل يسمى حماد بن عيسى
اسمه قال صام علي عليه السلام بالكوفة ثمانية وعشرين يوما شهر رمضان فرأوا الهلال فامر مناديا ان ينادي اقضوا يوما فان الشهر تسعة وعشرون يوما
مسألة إذا رأى الهلال أهل بلد وجب الصوم على جميع الناس سواء تباعدت البلا د أو تقاربت وبه قال احمد والليث بن سعدو بعض أصحاب
الشافعي وقال الشيخ ره ان كانت البلاد متقاربة لا تختلف في المطالع كبغداد والبصرة وهو كان حكمها واحد وان تباعدت كبغداد ومصر كان لكل
بلد حكم نفسه وهن القول الاخر للشافعي واعترض بعض الشافعية في التباعد مسافة التقصير ثمانية وأربعون ميلا فاعتبر لكل بلد حكم نفسه
ان كان بينهما هذه المسافة وروى عن عكرمة أنه قال لأهل كل بلد رؤيتهم وهو مذهب القاسم وسالم واسحق لنا انه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد
للرؤية وفي الثاني بالشهادة فيجئ صومه لقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقوله عليه السلام فرض الله صوم شهر رمضان في بعض البلاد
592

وقد ثبت ان هذا اليوم ولأنه يحل الدين ويجب به النذر ويقع به الطلاق والعتاق المختلفان به عند هم فيجب صيامه ولان البينة العادلة
شهدت بالهلال فيجب الصوم كما لو تقارب البلاد ولأنه شهد برؤيته من يقبل قوله فيجب القضاء لو فات لما رواه الشيخ عن ابن مسكان الحلبي جميعا عن أبي
عبد الله عليه السلام الا ان يشهد لك بينة عدول فان شهدوا انه راو الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم وفي رواية منصور عنه عليه السلام
فاما ان شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه وفي الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر
رمضان فقال لا تقضه إبلا ان يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر وقال لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى الآن يقضى
أهل الأمصار فان فعلوا فصمه على وجوب القضاء بشهادة العدلين من جميع المسلمين وهو نص في التعميم قربا وبعدا ثم عقبه بمساواته بغيره
من آه الأمصار الا بدليل والأحاديث كثيرة في وجوب القضاء إذا شهدت البينة بالرؤية ولم يعتبروا قرب البلاد وبعدها احتجوا
بما رواه كرب بن أم الفضل بنت الحرث بعثته إلى معوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت بها حاجتي واستهل على الرمضان فرأينا الهلال
ليلة الجمعة ثم قدمت الحديث في اخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس وذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت ليلة الجمعة فقال أنت رأيته
قلت نعم ورآه النهاس وصاموا وصام معوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا يزال يصوم حتى تكمل العدد أو تراه
فقلت أفلا يكتفي برؤيته
معاوية وصيامه قال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله والجواب ليس هذا دليلا على المطلوب لاحتمال ان ابن عباس لم يعمل بشهادة كرب
والظاهر أنه كذلك لأنه واحد وعمل معوية ليس حجة لاختلاف حاله عندنا لانحرافه عن علي عليه السلام ومحاربته له فلا يعتد بعمله وبالجملة فليس دالا
على المطلوب وأيضا فإنه يدل على أنهم لا يفطرون بقول الواحد اما على عدم القضاء فلا ولو قالوا ا ان البلاد والمتباعدة يختلف عروضها فجاز
ان يرى الهلال في بعضها دون بعض لكروية الأرض قلنا إن المعمور منها قدر يسر هو الرفع ولا اعتداد به عند السماء وبالجملة ان علم طلوعه
في بعض الصفايح وعدم طلوعه في بعضها المتباعد عنه فكرية الأرض لم يتساو حكماهما اما بدون ذلك فالتساوي هو الحق فرع على قول
المفيد ره لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه بعد ثلثين فالوجه انه يصوم معهم بحكم الحال مسألة ولو غم هلال رمضان
وشعبان معا عددنا رجب ثلثين وشعبان ثلثين فان غمت الأهلة اجمع فالأقرب الاعتبار بروية الخمسة وبه قال الشيخ ره في المبسوط وقال
آخرون يعتبر بعده ثلثين ثلثين لنا ان العادة قاضيه متواترة على نقصان بعض الشهور في السنة بعدة الخمس أو أزيد أو انقص فيحمل على الأغلب و
للرواية الدالة على الخمسة فإنها معتبرة ههنا والا لزم اسقاطها بالكلية إذ لا يعمل في غير هذه الصورة والاحتجاج بقوله عليه السلام فان
غم الشهر عد ما قبله ثلثين ليس دافعا لقولنا لأنا نقول بموجبه انما البحث فيما لو غم ما قبله إلى الخر الشهور السنة مسألة ومن كان بحيث
لا يعلم الأهلة كالمحبوس أو اشتبهت عليه الشهور كالأسير مع الكفار إذا لم يعلم الشهر فإنه يجتهد ويغلب على ظنه فان حصل له ظن بالاجتهاد
في بعض الأهلة أو الشهور انه من رمضان صامه ثم إن استمر الاشتباه أجزأه بلا خلاف الامن الحسن بن صالح بن حي لأنه أدى فرضه باجتهاده فأجزأه كما
لو ضاق الوقت في اشتباه القبلة فان لم يستمر فإنه حينئذ لا يخلو من ثلث أحوال اما ان يوافق رمضان ناو يقضي الصوم قبله أو بعده فان وافقه اجزاه وبه قال عامة
الفقهاء الا الحسن بن صالح بن حي فإنه قال لا يجزيه وهو خطأ لأنه أدى العبادة فإذا وافق للإصابة أجزأه كالقبلة إذا اشبهت عليه ولأنه مكلف
بالصوم اجماعا ولوجوب القضاء عنده المستلزم لوجوب الأداء ولا طريق إلى العلم فلا يكلف به لاستحالة تكليف ما لا يطاق فيكلف بالاجتهاد وقد حصل
الفرض في محله فوجب القول بالاجزاء لاستلزام امتثال الامر الخروج عن العهدة ولأنه مأمور بالصوم ونية القربة وقد بينا انها يكفي وان رمضان
لا يقع فيه غير وه قد نوى الصوم مطلقا فوجب ان يجزيه احتج بأنه صامه على الشك فلا يجزيه كما إذا صام يوم الشك ثم بان انه من رمضان والجواب ان يوم
بالشك لم يضع الشارع الاجتهاد وطريقا إليه بل امر بالصوم عند امارة عنها ويصليها علامة على وجوب الصوم فلم يوجد لم يجب الصوم الثاني ان يوافق
بعده فإنه يجزيه أيضا في قول عامة العلماء الا الحسن بن صالح ت بن حي فإنه قال لا يجزيه لأنه أدى العبادة في أحد وقتها أعني وقت القضاء فيجزيه كما
لو فعلنا في الوقت الاخر وهو وقت الأداء كما لو دخل في الصلاة ثم خرج الوقت فان صلاته تصح وان كان بعضها قضاء وبعضها أداء ويؤيده
ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قلت له الرجل أسرته الرنم ولم يصم بشهر رمضان ولم يدر اي شهر هو قال
يصوم شهرا يتوخاه ويحسب فان كا ن الشهر الذي صامه قبل شهر رمضان لم يجزه وان كان بعده اجزاء لا يقال شرط صحة القضاء نية المتيقن وهو لم ينو
القضاء وانما نوى الأداء فلا يجزيه لا نا نقول إنه نوى الوجوب عما في ذمته والتقدير القضاء فاجراه لان قصده براءة الذمة الحال الثالث
ان يوافق قبل شهر رمضان فإنه لا يجزيه عندنا وقال أبو حنيفة ومما لك واحمد وللشافعي قولان لنا انه أتى بالعبادة قبل وقتها بالمجزي
593

فلم يجزيه كا لصلاة في يوم الغيم ويدل عليه أيضا رواية عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام احتج بأنه اشتبه عليه فأجزأه ايقاع الفعل قبل الوقت
كما لو اشتبه يوم عرفة فوقعوا قبله والجواب المنع من حكم الأصل ولو قلنا بجوازه فيما يجوز إذا أخطأ الناس اجمعهم لعظم المشقة ولأنه لا يؤمن
من مثله في القضاء بخلاف الصوم والصلاة أشبه بمسألتنا من الحج فروع الأول لو لم يغلب ظن الأسير دخول رمضان لزمه ان يتوخى شهر ا
ويصومه على سبيل التخمين وبه قال بعص الشافعية وقال آخرون لا يلزمه ذلك لنا انه مكلف بالصوم وقد فقد العلم يتعين الوقت فسقط
عنه التعيين ووجب عليه الصوم في شهر يتوخاه كما لو فاته الشهر مع علمه ولم يصمه فإنه يسقط عنه التعيين وينوى شهرا يصومه القضاء
وكما لو لم يغلب على ظنه القبلة وضاق الوقت فإنه يتوخى جهة يصل إليها ويدل عليه أيضا رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله
عليه السلام احتج المخالف بأنه لو لم يعلم دخول شهر رمضان لا يقينا ولا ظنا فلا يلزمه الصيام كما لو شك في دخول وقت الصلاة فإنه لا يلزمه الصلاة
وفرقوا بين الشك هنا والشك في القبلة بان وقت الصلاة معلوم فلا يجوز ان يخليه من فعلها وهنا وقتات لعبادة لم يعلم وجوده فلا يجب
عليه لأنه لو شك في سبب الوجوب وفي القبلة لم يشك في سبب الوجوب فافترقا ولنا فيه نظر لان الشكك في دخول الوقت الصلاة يمكن معه تحصيل العلم بالدخول بالعلامات
وضعها الشارع فلا يجوز له الاقدام على فعل العبادة بمجرد الشك اما هنا فالتقدير انه لا يمكنه على ذلك فسقط اعتبار الوقت عنه بالكلية في نظر الشرع الثاني هل يجب على هذا بعد الصوم البحث والاجتهاد أم لا فيه تردد ينشأ من اشتغال ذمته بالوجوب لو صادف صومه
قبل الشهر ومن كون الأصل عدم الوجوب وعدم اشتغال الذمة بعد الانكسار استعماله قبله والأخير أقرب الثالث لو وافق بعضه الشهر
دون بعض يصح فيما وافق الشهر وما بعد وبطل ما قبله ووجب قضاء السابق خاصة ولو وافق صومه شوال ما يصح صوم يوم الفطر وصح
فيما سواه وجب عليه صوم يوم بدل العيد وكذا البحث لو وافق ذو الحجة وهو بمنى لم يصح صوم العيد ولا أيام التشريق ووجب عليه قضاؤها
الرابع إذا وافق صومه بعد الشهر فالمعتبر صوم أيام بعده ما فاته سواء وافق ما بين هلالين أو لم يوافق وسواء
كان الشهر تامين أو
ناقصين أو أحدهما تاما والاخر ناقصا وقال بعض الشافعية إذا وافق شهرا بين هلالين أجزأه مطلقا وإن لم يتوافق لزمه صوم ثلثين وان
كان رمضان ناقصا وخطاء لان الواجب عليه قضاء ما ترك والاعتبار فيه بالأيام ولقوله تعالى فعدة من أيام اخر ولأنه فاته شهر
رمضان فوجب ان يقضي ما فاته على تحسبه لان القضاء معتبر بحسب الا داء كالمريض والمسافر احتج المخالف بأنه لو نذر صيام شهر أجزأ ما بين
هلالين أو ثلثين يوما والجواب انه أطلق في النذر صوم شهر والاطلاق ينصرف إلى ما نتناوله الاسم والاسم يتناول ذلك واما
هنا فيجب ان يراعي عدد الأيام الت تركها وهذا كما لو نذر صلاة مطلقة لزمه ركعتان ولو نذر صلاة مقيدة لزمه بقدر ها وكما
لو ترك صلاة لزمه بعددها كذا ههنا الواجب بعده ما فاته من الأيام سواء كان ما صامه بين هلالين أو من شهر ين الخامس
لو كان شهر رمضان تاما فصام شوال وكان ناقصا انه قضا يومين ولو انعكس الفرض لم يجب عليه وكانا تامين لزمه قضا يوم بدل
العيد وكذا لو كانا ناقصين وأوج ب بعض الشافعية قضاء يو مين وليس بمعتمد السادس لو صام على سبيل التخمين من غير امارة
لم يجئ على القضاء الا ان يوافق صوما قبل رمضان علين ما بيناه لان هذان يوما مشروعا فوجب ان يخرج به ن العهدة والمقدمة الأولى
ثبت هنا والثانية في أصول الفقه السابع لو بان انه صام قبل رمضان فان ظهر له ذلك قبل دخول رمضان وجب عليه انه يصومه
لان الذي فعله لا يخرجه عن العهدة وقد حضر وقت التكليف فيجب عليه الفعل كما لو لم يصم متقدما وان ظهر بعد فوات جميع رمضان وجب
عليه القضاء على ما بيناه وخالف فيه بعض الشافعية وقد سلف البحث معهم الثامن لو صام تطوعا فوافق شهر رمضان فالأقرب انه
يجزيه وبه قال أبو حنيفة قال الشافعي لا يجزيه وبه قال احمد لنا ان نية اليقين ليست شر طا وقد مضى البحث في ذلك من الجانبين
مسألة ويستحب الدعاء عند رؤية الهلال انه انتقال من زمان إلى اخر فاستحب فيه الدعاء بطلب الخير فيه روى الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله
كان يقول إذا رأى الهلال فليقل الله أكبر اللهم أهله علينا بالا من والايمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى ربي
وربك الله ومن طريق الخاصة روى الشيخ عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول إذا أهل
هلال شهر رمضان استقبل القبلة ورفع يديه فقال اللهم أهله علينا بالا من والايمان والسلامة والإسلام والعافية المجللة والرزق
الواسع ودفع الاسقام اللهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القران فيه اللهم سلمه لنا وتسلمه منا وسلمنا فيه وعن عمرو بن شهر قال سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أهل هلا ل شهر رمضان اقبل القبلة وقال اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والإسلام والعافية المجللة اللهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القران فيه اللهم سلمه لنا وتسلمه منا وسلمنا فيه وعن الحسين بن المختار
رفعه قال قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيت الهلال فلا تبرح وقل اللهم إني أسئلك خير هذا الشهر وفتحه ونوره ونصره وبركته وطهوره
ورزقه وأسئلك خير ما فيه وخير ما بعده وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده اللهم ادخله علينا بالأمن والايمان والسلامة والإسلام والبركة
594

والتقوى والتوفيق لما تحب وترضى وقال ابن بابويه قال أبي (رض) في رسالته انك إذا رأيت شهر رمضان فلا تشر إليه ولكن استقبل القبلة
وارفع يديك إلى الله عز وجل وخاطب الهلال تقول ربي وربك الله رب العالمين اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والإسلام
والمسارعة إلى ما تحب وترضى اللهم بارك لنا في شهرنا هذا وارزقنا عونه وخيره واصرف عنا ضره وشره وبلائه وفتنته وكان من قول
أمير المؤمنين عليه السلام عند برؤية الهلال أيها الخلق المطيع الدائب التسريع المتردد في فلك التدبير المتصرف في منازل التقدير امنت بمن
نور بك الظلم وأضاء بك البهم وجعلك اية من آيات سلطانه وامتحنك بالزيادة والنقصان والطلوع والأفول والإنارة والكسوف في كل
ذلك أنت له مطيع والى ارادته سريع سبحانه ما أحسن ما دبر وانفع ما صنع في ملكه وجعلك الله شهر حادث لأمر حادث جعلك هلا ل امن وايمان
وسلامة واسلام هلال امن من العاهات وسلامة من السيئات اللهم اجعلنا اهدى من طلع عليه وأزكى من انظر إليه وصل على محمد وآله و
افعل بي كذا وكذا يا ارحم الراحمين مسألة ووقت وجوب الامساك من طلوع الفجر الثاني الذي يجب معه صلاة الصبح وقول العلماء كافة قال الله تعالى فكلوا واشربوا حتى يتبين لك م الخيط الأبيض يمن الخيط الأسود من الفجر وروى الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أحدهما
عليه السلام في قول الله عز وجل أحل لكم إلى ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية وقال نزلت في خبزات ابن جبير الأنصاري وكان منع النبي صلى الله عليه وآله
في الخندق وهو صائم فأمسى وهو على تلك الحال وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام وفي جواب إلى أهله حين
أمسى فقال هل عندكم طعام فقالوا لا تنم حتى يصلح لك طعاما فاتك فنام فقالوا له قد غفلت فقال نعم فبات على تلك الحال وأصبح ثم غذا
إلى الخندق فجعل يغشى عليه فمر به رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأين الذي به أخبره كيف كان امره فأنزل الله فيه الآية كلوا واشربوا حتى يتبين
لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود
فقال بياض أنهار من سواد الليل قال وكان بلال يؤذن لنبي صلى الله عليه وآله وابن أم مكتوم وكان أعمى يؤذن بليل ويؤذن بلال حتى يطلع الفجر فقال النبي صلى الله عليه وآله إذا
سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب فقد أصبحتم وفي الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت متى يحرم الطعام والشراب على
الصائم ويحل الصلاة صلاة الفجر فقال إذ ا اعترض الفجر وكان كالقبطة البيضاء فثم يحرم الطعام وحل الصيام ويحل الصلاة صلاة الفجر قلت فلسنا
في وقت إلى أن تطلع شعاع الشمس فقال فيها أين تذهب تلك صلاة الصبيان ولا نعرف في ذلك خلافا يعتد به فرع لو غلب على ظنه اتساع
الوقت جاز له الأكل والشرب والجماع فلو طلع الفجر وهو مجامع نزع ولا شئ عليه مع المراعاة وكذا لو انزل والفجر طالع مع المواقعة
قبل الفجر مع ظن السعة وقال الشيخ في الخلاف عليه القضاء وليس بمعتمد لأنه فعل ما؟ فيه ولا تفريط هنا بترك المراعاة فلا يلزمه القضاء كما بيناه
في الأكل والشرب اما لو جامع من غير مراعاة أو قلد غيره في أن الفجر لم يطلع مع امكان المراعاة فبان طالعا وجب عليه القضاء وقد تقدم
ذلك ولا كفارة للشهر وقد سلف البحث فيه فيما مضى مسألة ويجب استمرار على الامساك إلى غروب الشمس الذي يجب به صلاة المغرب
وقد تقدم وعلامة ذلك غيبوبة الحمرة المشرقية وقال قوم من علمائنا انه لو كان بحيث يرى الآفاق وغابت الشمس ورأى ضوئها على
بعض الجبال من بعيد أو بناء عال مثل منارة الإسكندرية جاز الافطار فاعتبر من غيبوبة القرض لا غير قال الشيخ والأحوط عندي
أن لا يفطر حتى تغيب عن الابصار في كل مشاهدة فإنه يتيقن معه قيام الصوم والذي ذكره الشيخ هو الوجه عندي لما رواه الشيخ عن ابن أبي
عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت سقوط القرص ووجوب الافطار من الصيام ان تقوم بحذاء القبلة وتنفقد الحمرة التي
ترتفع من المشرق فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار وسقط القرص احتجوا بما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا غاب القرص أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة والجواب انا نقول بموجبه لكن البحث في غيبوبة القرص
متى هو فأين أحد هما من الاخر على أن في طريق هذه الرواية عمرو بن شمر وهو ضعيف قال ابن بابويه (ره) قال أبي (رض) في
رسالته إلى يحل لك الافطار إذا بدت ثلاثة أنجم وهوى تطلع من غروب ا لشمس وهو رواية ابان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام عن وقت
افطار الصائم قال حتى يبدو له ثلاثة أنجم وقال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك قال ليس عليه قض ء قال الشيخ
ما تضمنه هذا الخبر من ظهور ثلاثة أنجم لا يعتبر به والمراعي ما قدمناه من سقوط القرص وعلامته زوال الحمرة من ناحيتها لمشرق و
هذا كان يعتبره أصحاب أبي الخظاب فرع لو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الامساك ويستظهر حتى يتيقن لان الأصل البقاء فلا يجوز
الاقدام على المفطر منع الشك ولو غاب القرص وبقي له امارة الظهور فأصح الروايتين وجوب الامساك حتى تذهب علامة ظهوره
مسألة ويستحب له تقديم الصلاة على لافطار ليتضاعف اجرا لطاعة مع الصوم فا ن كان هناك قوم ينتظرونه الافطار وقدم
الفطار معهم على الصلاة مراعاة لقلب المؤمن ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام سألته عن
الافطار قبل الصلاة أو بعدها قال إن مكان مع قوم يخشى ان يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم وان كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر
595

وعن زرارة وفضل عن أبي جعفر عليه السلام قال تصلي في رمضان ثم تفطر الا ان تكون مع قوم ينتظرون الافطار فان كنت تفطر معهم فلا تخالف عليه فأفطر ثم صل والا فابدأ
بالصلاة قلت ولم ذلك قال فإنه فتكت صلاتك تلك فقد حضرك فرضان الافطار والصلاة وأفضلهما الصلاة ثم قال تصلي وأنت صايم فتختم بالصوم أحب إلي
النظر الثالث
في شرايطه وهي قسمان الأول شرايط الوجوب مسألة ولا خلاف في أن البلوغ وكما ل العقل شرطان
في وجوب الصوم فلا يجئ على الصبي ولا المجنون ولا المغمى عليه الا في رواية عن أحمد فإنه أو جب على الصبي الصوم إذا طاقة وقد مضنى البحث فيه
فلو بلغ الصبي قبل الفجر وجب عليه الصوم بالاجماع لا نعرف فيه مخالفا ولو كان بعد الفج ر لم يجب استحب له الامساك سوا كان مفطرا أو صائما
وقال أبو حنيفة يجب عليه الامساك وقال الشافعي ان كان أفطر استحب له الامساك وفي القضاء قولان وان كان صائما فوجهان أحدهما يتمه استحبابا
ويقضيه وجوبا لفوات نية التعيين والثاني يتم وجوبا ويقضيه استحبابا لنا قوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون
حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه ورفع القلم عبارة عن سقوط التكليف واجبا وندبا فلا يجب عليه ولا ن الصبي ليس اهلا للخطاب ولا محلا
للوجوب فلا تكليف عليه في أول النهار ولا في آخره لاستحالة ايجاب صوم بعض اليوم ويقارب هذا ما إذا فات بعض اليوم فاتت البينة بالروية
كما احتج أبو حنيفة لا ن أول النهار كان صومه واجبا على البالغ ثم طهر وجوبه لقيام البينة بخلاف صورة النزاع واما استحباب الامساك فلانه
تمرين على الصوم وتشكيك للصبر على الطاعات وليس بتكليف بتو قف عليه توجه الخطاب مسألة والعقل شرط في الصوم فلا يجب على المجنون
اجماعا وللحديث فلو أفاق في أثناء الشهر وجب عليه صياما بقي اجماعا لا نه مكلف قد حضره وقت التكليف فتعلق به ما خوطب فيه ولا يجب عليه
قضاء ما فات وسيأتي اما اليوم الذي أفاق في أثناء الشهر وجب عليه صيامه اجماعا وان أفاق في أثنائه أمسك استحبا با لا وجوبا
لما تقدم في فضل الصبي والخلاف هناك الخلاف هناك وحكم المغمى عليه حكم المجنون مسألة والإسلام شرط في صحة الصوم على ما بيناه
فلو أسلم في أثناء الشهر وجب عليه صيام ما بقي دون الماضي وسيأتي اليوم الذي أسلم فيه فإن كان قد أسلم قبل طلوع الفجر وجب عليه صيامه وان
كان بعده أمسك استحبا با وجوبا لما تقدم ويدل عليه يضاما رواه الشيخ في الصيح عن العيض بن القاسم قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منهم أيام هل عليهم ان يقضوا ما مضى ويؤمهم الذي أسلموا فيه قال ليس عليهم قضاء ولا يو مهم الذي أسلموا
فيه الا ان يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر والخلاف هنا كما تقدم مسألة والسلامة من المرض إذا كان الصوم مصرا به شرط في وجوبه
ذهب إليه علماؤنا اجمع ولا نعلم فيه خلافا وقدا تجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة قال الله
تعالى فمن كان منكم مريضا أو على
سفر فعده من أيام اخر إذا ثبت هذا فنقول أصل المرض الذي يجب معه الافطار ما يزيد في مرضه لو صام أو ينطر الداء معه وعليه أكثر العلماء وحكى
عن قوم لا اعتداد بهم إباحة الفطر بكل مرض سواء زاد في المرض أو لم يزد لنا انه مع هذا الشهر لا بدونه الصوم فكان كا لصحيح احتجوا بعموم قوله تعالى
فمن كان منكم مريضا أو على سفر والجواب انها مخصوصة بالمسافر سواء قصر والا يجب عليه القصر والفرق بين السفر والمرض ان الشارع اعتبر مطنة السفر وهو السفر
الطويل حيث لم يتمكن اعتبار الحكمة بنفسها فان قليل المشقة لا يبيح القصر والكثير لا ضابطة له في نفسه فاعتبر مظنة الكثير وهو السفر
الطويل الذي حده الشارع وجعله مناطا للحكم وابرأ معه ووجوب القصر وجوبا وعدما اما المرض فلم يعتبر الشارع له ضابطا لا ختلا ف الأمراض
فان منها ما يضر صاحب الصوم ومنها ما لا يؤمن الصوم فيه فلم يصلح المرض ضابطا فاعتبرت الحكمة لا مكانها إذ الانسان على نفسه بصيرة فوجب اعتبار
ما يختلف معه الزيادة أو عدم البرؤ أو بطؤه وبالجملة الاضرار بالصوم ويؤيده ذلك ما رواه الشيخ في الحسن عن ابن أذينة قال كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام مسألة
ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه والمرض الذي صاحبه الصلاة فقال بل الانسان على نفسه بصيرة وقال ذاك إليه هنو اعلم بنفسه وعن سماعة قال
سالت ما حد المرض الذي يجب على صاحبه فيه الافطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو على سفر قال هو مؤتمن عليه مفوض إليه فان وجد ضعفا فليفطر وان
وجرد قوة فليصم كان المرض ما كان وعن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يجر في رأسه وجعا من صداع شديد هل يجوز له الافطار
قال إذا صدع صداعا شديدا أو إذا حم حمى شديدة وإذا رمدت عيناه رمدا شديدا فقد حل له الافطار فروع الأول كل الأمراض مساوية
في هذا الحكم عملا بعموم المرض لكن بشرط الزيادة أو الضرر على ما بينا الثاني هذا الشرط منوط بالظن فمتى غلب على ظنه التضرر بالصوم
وجب عليه الافطار سواء أسند في ذلك إلى امارة أو تجربة أو قول عارف عملا بالعموم الثالث لو صام مع حصول الضرر بالصوم لم يجز لأنه
منهى عنه والنهى يدل على فساد منهى عنه ولقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه من كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر والتفصيل
يقطع الشركة وخالف بعض الجمهور في ذلك وقال إنه إذا تكلفه أجزأه وان زاد في مرضه وليس بمعتمد ورواية عقبه بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صام رمضان وهو مريض قال يتم صومه ولا يعيد يجزيه ليست منافية لما ذهبنا إليه لأنها كما يحتمل المرض الذي يزيد الصوم فيه يحتمل ما لا
يزيد الصوم فيه ولا يمكن الجمع فلا دلالة فيها على بعض المطلوب بل يجب بعملها على من لا يزيد الصوم فيه جمعا بين الأدلة الرابع الصحيح الذي
يخشى المرض بالصيام هل يباح له المفطر فيه تردد ينشأ من وجوب الصوم بالعموم وسلامته عن معارضته المرض ومن كون المرض انما يبح له الفطر
596

لأجل الضرر به وهو حاصل هنا لان الخوف من تجدد المرض في معنى الخوف من زيادته وتطاوله الخامس لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف
ان ينشأ أثناؤه هل يباح له الفطر فيه التردد اما المستحاضة ان خاز من الضرر بالصوم فإنها تفطر لان الاستحاضة مرض فدخلت تحت العموم
ولو جوزنا لصاحب الشبق المضر به الافطار بغير سبب ومن مراعاة مصلحة بقاء النفس على السلامة كالحامل والمرضعة
فإنهما تفطر ان خوفا على ولديهما ولو كانت له امرأتان حايض وطاهر ودعت الضرورة إلى وطي إحديهما وجوزنا ذلك فالوجه وطي الطاهر
لان الله تعالى حرم وطي الحايض في كتابه ولان وطيها فيه اذى لا يزول بالحاجة إلى الوطي وقيل يتخير لان وطي الصائمة يفسد صومها فيتعارض
المفسدتان فيتساويان والوجه الأول وكذا لو أمكنه استدفاع الأذى بفعل محرم كالاستمناء ليد أو يد امرأته أو جاريته لم يسع ذلك خلاف
لبعضهم مسألة والإقامة أو حكمها شرط في الصوم الواجب الا ما استثنوه فلا يجب الصوم على المسافر وهو قول كل العلماء قال الله تعالى ومن
كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وتقصر الصلاة
من طريق الخاصة ما ر واه الشيخ عن عبيد بن زرارة قال قلت لا بي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى فمن شهر منكم لشهر فليصمه قال ما أبينها من
شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه وعن ابن ا بي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ان الله تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالتقصير والافطار أيسر أحدكم إذا تصدق بصدقة ان ترد عليه ولا خلاف بين المسلمين
في إباحة الافطار للمسافر سفرا مشروعا لما يأتي وما مضى مسألة ولا يجوز للمسافر الصوم فلو صام لم يجزه ان كان علما ذهب ألييه علماؤنا
اجمع وبه قال أبو هريرة وستة من الصحابة وأهل الظاهر وقال باقي الجمهور بجواز الصوم واختلفوا في الأفضل من الصوم والافطار فقال الشافعي و
مالك وأبو حنيفة والثوري وأبو ثور ان الصوم في السفر أفضل وقال احمد والأوزاعي واسحق الفطر أفضل وهو قول عبد الله بن عباس وعبد الله بن
عمر لنا قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر والتفصيل قاطع للشركة فكما أن الحاضر يلزمه الصوم فرضا
لازما مضيقا كذلك المسافر يلزمه القضاء فرضا مضيقا وإذا وجب عليه القضاء مطلقا يسقط عنه فرض الصوم وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ليس من البر الصيام في السفر
وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال الصائم في السفر كالمفطر في الحضر وعنه عليه السلام انه أفطر في السفر فلما بلغه أن قوما صاموا قال أولئك العصاة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن حكيم قال سمعت أبا عبد الله يقول لو أن رجلا مات صائما في السفر ما
صليت عليه وعن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصائم في شهر رمضان في السفر كا لمفطر في الحضر ثم قال إن رجلا أتى رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر فقال يا رسول الله انه على يسير فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
ان الله تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان أيجب أحدكم ان لو تصدق بصدقة ان ترد عليه وفي الحسن عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال سمى رسول الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حتى أفطر وقصر عصاة وقال العصاة إلى يوم القيمة وانا لنعرف
أبنائهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السلام سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم
قال ليس من البر الصوم في السفر احتج مخالف بما روته عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله قال لحمرة الأسلمي وقد سأله عن الصوم في السفر إن شئت
صم وإن شئت أفطر وعن انس قال سافرنا مع رسول الله فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يصب الصائم على المفطر
ولا المفطر على الصائم ولا ن الافطار في السفر رخصة ومن رخص له الفطر جاز له ان يتحمل المشقة بالصوم كا لمريض والجواب ان الحديثين محمولان
على صوم النافلة ان التخيير ينافي الأفضلية وقد اتفقوا على أفضلية أحدهما أعني الصوم أو القصر والقياس ممنوع الأصل وقد سلف مسألة
ظهر مما ذكر نا انه لو صام لم يجزه اما التفصيل وهو عدم الاجزاء مع العلم بوجوب التقصير والاجزاء لا معه فيدل عليه انه مع العلم بوجوب
التقصير يكون قد صام صوما يعلم أنه لا يجزيه فلا يكون مجزيا ومع عدم العلم يكون معذرا للجهل لان جهالته بالقصر موجب للبقاء على علمه
السابق من وجوب الاتمام فيكون مؤديا فيه حقه ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الحسن عن احلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له
رجل صام في السفر فقال إن كان بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء وإن لم بلغه فلا شئ عليه وعن ابن أبي شعبة قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام مثله وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سمعته يقول إذا صام الرجل رمضان في السفر لم يجزه وعليه الإعادة وفي
الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صام شهر رمضان في السفر فقال إن كان لم يبلغه ان رسول الله
صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فليس عليه القضاء وقد اجزاء عنه الصوم مسألة ترخص المسافر إذا كان سفره طاعة أو مباحا فلو كان
معصيته لله تعالى أو لصيد لهو أو لضرر أو كان تابعا لسلطان جابر فعليه التمام ولم يجز له الافطار وعليه علماؤنا اجمع لان الرخصة عدة
فلا يلايم العاصي ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول من سافر قصر وأفطر الا
ان يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله تعالى أو رسول لمن يعصي الله أو في طلب عدد أو سجنا أو سقاية أو ضرر على قوم من المسلمين وعن
597

زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عمن يخرج عن أهله بالصقورة والبزاة والكلاب ميسرة الليلتين والثلاثة هل يقصر صلاته أو لا قال لا يقصر انما خرج
في لهو والتعليل يدل على التعميم وعن أبي سعيد الخراساني قال د خل رجلان عنى أبي الحسن الرضا (ع) بخراسان فسألا ه عن التقصير فقال لأحدهما
وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للا خر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان وقد سلف البحث في ذلك مسألة وحد السفر
الذي يجب فيه التقصير يريدان وهو أربعة وعشرين ميلا رواه عميص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام في التقصير حده أربعة وعشرون ميلا و
نحوه روى عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام وفي الصحيح عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال لأبي عبد الله عليه السلام في كم يقصر الرجل
قال في بياض يوم أو بريدين قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله أبي ذي خشب فقصر وأفطر فقلت وكم ذي حسب قال يريدان وفي الصحيح عن عبد الله بن يحيى
الكاهلي قال سمعت أبال عبد الله عليه السلام يقول التقصير في الصلاة قال بريد في بريد أربعة وعشرون ميلا ثم قال إن أبي كان يقول ألن التقصير
لم يوضع على البغلة السفو أو الدابة الناجية وانما ووضع على سير الفطار والجمهور اختلفوا في تحد يد المسافة وقد مضى في باب الصلاة ذكر الممتار
وتحقيق الحق في ذلك ولا يعارض هذه الأحاديث ما رواه الشيخ في الصحيح عمن زيد الشحام قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول يقصر الرجل في الصلاة
مسيره اثنا عشر ميلا وفي الحسن عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال في التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ وفي الحسن عن أبي أيوب قال قلت لا بي
عبد الله عليه السلام أدنى ما يقصر فيه المسافر فقال بريد لأنها محمولة على من أراد الرجوع ليومه لما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن وهب
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أدنى ما يقصر فيه الصلاة قال بريد ذاهبا وبريد جائيا وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن التقصير
قال في بريد قال قلت بريد قال إنه إذا ذهب بريد أو رجع بريد فقد اشتغل يومه فاما رواية أبي سعيد الخدري قال كان النبي صلى الله عليه وآله إذا سافر
فرسخا قصرا لصلاة فإنها محمولة على أنه عليه السلام إذا قصر المسافة وخرج عن الجد ران بحيث يخفى عنه الأذان وهو الفرسخ قصر الصلاة لا
انه يقصر لو قصر الفرسخ لا غير لأنه بمعزل عن قول المحققين مسألة ولا بد من قصر المسافة فالهايم لا يترخص وان سار أكثر من المسافة
لما رواه الشيخ عن صفوان قال سألت الرضا عليه السلام عن رجل خرج عن بغداد يريد أن يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ
النهروان وهي أربعة فراسخ من بغداد أيفطر ا ذا أراد الرجوع ويقصر قال لا يقصر ولا يفطر لأنه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية
فراسخ انما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتما ري به السير إلى المواضع الذي بلغه ولو أنه خرج من منزله يريد النهروان
ذاهبا وجائيا لكان عليه ان ينوي من الليل سفرا والافطار فان هو أصبح ولم ينوي السفر فبدا له من بعد أن أصبح في السفر فصر ولم
يفطر يوم ذلك مسألة ولو أقام في بلد عشرة أيام مع نية الإقامة وجب عليه الصوم وكذا لو نوى الإقامة هذه المدة ولو لم ينو الإقامة
بل ردد نيته في الإقامة وعدمها قصر ما بينه وبين شهر ثم يتم بعد ذلك لما تقدم ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال قال
أبو عبد الله عليه السلام إذا عزم الرجل ان يصيم عشرا عليه الصلاة وان كان في شك لا يدري ما يصيم فيقول اليوم أو غدا فليقصر ما بينه وبين شهر
فإذا قام بذلك البلد أكثر من شهر فليقم الصلاة مسألة وممن كان سفره أكثر من حضره يجب عليه الصوم سفر
الآن وقته مشغول بالسفر فلم
يرخص لعدم المشقة فيه ولا نه يلزم التقصير في أكثر الأوقات ويدل عليهما ما رواه الشيخ عن هشام بن الحكم عن نابي عبد الله عليه السلام قال المكاري
والجمال الذي نختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان وعن إسماعيل بن زياد عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال قال سعة لا يقصرون
الصلاة الأمير الذي يدور في امارته والجابي الذي يدور في جبايته والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والبدوي الذي يطلب مواضع ا لفطر
ومنبت الشجر والراعي والمجار بالذي يخرج لقطع السبيل والذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا وعن سندي بن الربيع قال في المكاري والجمال
الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم في شهر رمضان مسألة ولو أقام أحدهم في بلده أو غير بلده عشة أيام عازمين على ذلك قصر
وإذا خرجوا في الصلاة والصيام ورواه الشيخ عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن حد المكاري
الذي يصوم ويتم قال أيما مكاري أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من مقام عشرة أيام وتجب عليه الصيام والتمام ابدا وان كان مقامه في
أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه التقصير والافطار وكذا لو تردد المسافر في الإقامة فإنه يتم بعد ممضى شهر وقد سلف البحث
مسألة وكما يشترط في قصر الصلاة فهن مشروط في قصر الصوم وقد سلف تحقيق ذلك ويؤيده هنا ما رواه سماعة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال ليس يفترق التقصير والافطار فمن قصر فليفطر فهل يشترط يثبت المنة من الليل قال الشيخ (ره) نعم فلو بيت نيته على السفر من الليل ثم
خرج اي وقت كان من أنهار وجب عليه التقصير والقضاء ولو خرج بعد الزوال أمسك وعليه القضاء وان يثبت نية من الليل لم يجزه القصر وكان
عليه اتمام ذلك اليوم وليس عليه قضاؤه أيما وقت خرج الا ان يكون قد خرج قبل طلوع الفجر فإنه يجب عليه الاقتصار على كل حال ولو قصر
وجب عليه القضاء والكفارة وذهب المفيد (ره) إلى أن المعتبر خروجه قبل الزوال فان خرج حينئذ لزمه الافطار فان صامه لم يجزه ووجب
عليه القضاء ولو خرج بعد الزوال أتم وبه قال أبو الصلاح ولا اعتبار بالنية وقال السيد المرتضى (ره) يفطر ولو خرج قبل الغروب و
598

وهو قول علي بن بابويه ولم يعتبر التبييت اما الجمهور فقد قال الشافعي إذا نوى المقيم الصوم قبل الفجر ثم خرج بعد الفجر مسافرا لم يفطر يومه به
قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وأبو ثور واختاره النخعي ومكحول والزهري ولو أفطر ففي وجوب الكفارة خلاف فأوجبها الشافعي وقال أبو حنيفة و
مالك لا كفارة عليه للشبهة وقال احمد في إحدى الروايتين يجوز له الافطار وبه قال أحق وداود والمزني واختاره ابن المنذر والأقوى عندي خيرة
المفيد لنا قوله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر وهو بعمومه يتناول من خرج قبل الزوال لقربه من الليل على السفر وقد بينا
انه للوجوب وما رواه لجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه خرج من المدينة عام الفتح فلما بلغ إلى كراع المغمم أفطر ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم قال إن خرج قبل أن ينتصف
النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم وان خرج بعد الزوال فليتم يومه وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سافر
الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم ويعتد به من شهر رمضان وإذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر وهو يريد
الإقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم فان دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه فإن شاء صام ولأنه متى لو وجد في أول النهار أباح الفطر فكذا
إذا وجد في أثنائه كالمريض ولان قبل الزوال يكون معظم ذلك اليوم انقطع في السفر فالحق به حكم المسافر ولهذا كان محل النية إلى الزوال اعتبارا
بالأكثر فكان السفر قبل الزوال يجر ي مجرى السفر في أول الطلوع كانية اما بعد الزوال فإنه يقضي معظم ذلك اليوم على الصوم فلا يؤثر فيه السفر
المتعقب كما لا يعيد بالنية فيه ولعموم قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل خرج عنه ما لو سافر قبل الزوال للحديثين ولما ذكراه فيبقى الباقي
على عمومه احتج الشيخ بما رواه سليمان بن جعفر الجعفري قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فخرج من أهله ببعد
ما يصبح قال إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم الا ان يدلج دلجة وعن رفاعة قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام عن الرجل يعرض
له السفر في شهر رمضان حتى يصبح قال يتم صومه ذلك قال قلت فإنه اقبل في شهر رمضا ن ولم يكن بينه وبين أهله الأضحوة من النهار فقال إذا
طلع الفجر وهو خارج فهو بالخياران شاء سام وانشاء أفطر وعن علي بن سقطين عن أبي الحسن موسى عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر
في منزله قال إذا حدث نفسه بالليل في السفر أفطر إذا خرج من منزله وإن لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه وعن أبي بصير
قال إذا خرجت بعد طلوع الفجر ولم تنو السفر من الليل فأتم للصوم واعد به من شهر رمضان ولقوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل و باطلاقه
يدل على صورة النزاع ولا يلزم ذلك فيما لو بيت نيته من الليل لأنه مع النية على السفر من الليل يكون صومه مشروعا في بيته ولا نه إذا عزم
من الليل لم ينو الصوم فلا يكون صومه تاما وحمل الخبرين الذين أوردناهما من طرقنا على من نوى من الليل السفر فإنه يجب عليه الافطار إذا خرج
قبل الزوال فان خرج بعد الزوال استحب له انه يتم صومه فان لم يتم لم يكن عليه شئ واستدل على التأويل بما رواه أبو بصير قال سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر وعليك قضاء ذلك
اليوم واحتج السيد المرتضى بعموم قوله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر وهو يصدق على من خرج قبلا الغروب بشئ يسير فيجب عليه لافطار
وبما رواه عند الأعلى موالي إلى سام في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال يفطر فان خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل واحتج الشافعي بان الصوم
عبادة يختلف بالسفر والحضر فإذا اجتمع فيها السفر والحضر أغلب حكم الحضر كما لو دخل في الصلاة ثم سافر والجواب عن الحديث الأول ان
في طريقه علي بن أثيم وهو ضعيف وهو مع ذلك غير دال على مطلوب الشيخ لأنه اعبر التبيت وفي اي وقت يخرج مع يفطر والحديث ينافيه لأنه عليه السلام
أوجب عليه الصيام الا أنم دلجة والدلج السير في الليل وأدلج إذا سار الليل كله وان سار اخره قيل أدلج بتشديد الدال والحديث الثاني في طريقه ابن فضال
وهو ضعيف ومحمول على من سافر بعد الزوال وعن الثالث في طريقة ابن فضال وهو ضعيف ومع ذلك فإنه يحتمل التأويل لان قوله ثم بدا له في السفر
من يومه أتم صومه كما يحتمل السفر أول النهار يحتمل اخره بل ويحتمل عدم السفر أصلا فيحتمل الحمل عليم ما إذا سافر بعد الزوال والرابع مرسل فان صفوان بن
يحيى رواه عن رجل عن أبي بصير ومنع ذلك فأبو بصير لم يسنده إلى امام فيحتمل انه قاله عن اجتهاده ومع ذلك يحتمل التأويل المتقدم ودفع الشيخ
المعارضة في استدلاله بالآية يلزم عليه أنه لو لم يخرج تعقيبه لأنه لم ينوه وليس كذلك فان قلت نية السفر لا يستلزم ابطال نية الصوم لجواز ان يجر ها
بعد الفجر قبل الزوال قلت فإذا كان كذلك جاز اجتماع نية السفر ويصوم على انا نقول إنه يجب عليه مع العزم على السفر من الليل النية للصوم لجواز الرجوع
عن العزم على سفر واما تأويله فضعيف لعدم دلالة الحديثين عليه ولا غير من الأدلة والأحاديث التي ذكرها قد بينا ضعف سندها وتأويلها أولى
من تأويل الحديثين لصحة سندهما والحديث الذي استدل به على التأويل غير دال على ما طابه من التأويل ومع ذلك فهو مقطوع السند ومع ذلك
فإنه يحتمل انه إذ اخرج قبل انتصاف النهار عملا بالأغلب وعن احتجاج السيد ان الآية مخصوصة بالحديثين الذين ذكرها هما وحديثه ضعيف السند ومع ذلك فهو مقطوع لم يسند إلى امام فلا اعتداد به واحتجاج الشافعي باطل من حكم الحضر انما يغلب لو خرج بعد الزوال مضى
أكثر الوقت في الصوم اما مع الخروج قبل الزوال فلا مسألة ولا يجوز له الافطار حتى يغيب عنه أذان مصره أو يخفى عليه جدران بلده لأنه
599

حينئذ يسمى ضاربا في الأرض اما قبله فلا وقد بينا ذلك في كتاب الصلاة مسألة ولو قدم المسافر أو برأ المريض مفطرين استحب هما الامساك
بقية النهار وليسم واجبا ذهب إليه علماؤنا وبه قا الشافعي ومالك وأبو ثور وداور وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يجوز لهم ان يأكلوا
في بقية النهار وعن أحمد روايتان لنا انه أبيح له الافطار في أول النهار ظاهرا وباطنا فإذا أفطر كان لفه ان يستديمه إلى اخر النهار كما لو بقي العذر
ولان الافطار قد حصل أو النهار فلا يجب صام الباقي لان الصوم غير قابل للتبعيض في اليوم ولان الأصل براءة الذمة وانما كلفناه
بالامساك استحبابا بالتأمين عن تهمة من براءة وليتشبه بالصائمين ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أيواقعها قال لا بأس به واما استحباب
الامساك فلما رواه الشيخ في الصحيح عن يونس قال قال في المسافر الذي يدخل أهله في شهر رمضان وقد اكل قبل دخوله قال يكف عن
الأكل بقية يومه وعليه القضاء وعن سماعة قال سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس واكل قال لا ينبغي له ان يأكل يومه
ذلك شيئا ولا يواقع في شهر رمضان ان كان له أهل احتج أبو حنيفة بان هذا معنى لو طرا قبل طلوع الفجر لو تجب الصوم فإذا طرء بعد
الفجر وجب الامساك قبل كقيام البينة بأنه من شهر رمضان والجواب الفرق بينهما فان في صورة النزاع أبيح للمفطر الافطار ظاهرا و باطنا
وإذا أفطر كان له ان يستديمه إلى اخر النهار كما لو استمر العذر بخلاف الصوم يوم الشك لأنه لم يكن له الفطر باطنا فلما انكشف له خطاؤه
حرم عليه الافطار وهكذا البحث في كل مفطر كالحايض إذا طهرت والطاهر إذا حاضت والصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم مسألة ولو
قدم المسافر صائما أو برء المريض كذلك فان قدم أو برء اقبل الزوال أمسكا بقية يومهما وجوبا وأجزأ منهما عن رمضان فإن كان بعد الزوال
أمسكا استحبابا وقضيا وقال أبو حنيفة يجب عليه الامساك مطلقا ولا صحاب الشافعي وجهان في المسافر اما المريض فأوجبا عليه الامساك
مطلقا لا انه قبل الزوال يمكنه أداء الواجب على وجه يؤثره السنة في ابتدائه فوجب الصوم والاجزاء لأنه فعل ما امر به على وجهه فيخرج
عن العهدة واما بعد الزوال فمحل النية فات فلا يجب الصوم لعدم شرطه واستحب الامساك بحرمة الزمان ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي
بصير قال سألته عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان فقال إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صوم ذلك اليوم ويعتد به وعن أحمد بن محمد
قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم من سفر ه في شهر رمضان ولم يطعم شيئا قبل الزوال الشمس قال يصوم وعن سماعة قال وان قدم بعد
زوال الشمس أفطر ولا يأكل ظاهرا وان قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم واحتجاج أبي حنيفة قد سلف وبينا ضعفه
مسألة لو عرف المسافر انه يصل إلى بلده أو موضع اقامته قبل الزوال جاز له الافطار وان أمسك حتى يدخل وأتم صومه كان أفضل
وأجزأه اما جواز الافطار فلان المقتضي للحل وهو السفر موجود والمانع مفقود بالأصل فثبت الحكم ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن رفاعة بن
موسى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصل في شهر رمضان من سفر حتى يرين انه سيدخل أهله ضحوه أو ارتفاع النهار فقال إذا طلع الفجر
وهو خارج لم يدخل أهله فهو بالخيار انشاء صام وانشاء أفطر وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فيدخل أهله حين يصبح أو
ارتفاع النهار قال إذا طلع الفجر وهو خارج وليدخل أهله فهو بالخيار ن شاء صامه وان شاء أفطر واما أو لوية الصوم فلانها عبادة موقتة يمكنه الاتيان بها في وقتها المضروب
لها فكان أولى من تركها ولان أيام رمضان أشرف من غيره فايقاع العبادة فيه على وجهها أولى من
إلى الاتيان بالطاعة فيكون أولى ولأن الأداء مع صحته أولى من القضاء. مسألة والخلو من الحيض والنفاس شرط في الصوم وهو قول
كل العلماء وقد سلف تحقيق ذلك ولو زال عذرهما في أثناء النهار لم يصح صومهما واستحب لهما الامساك
ووجب عليهما القضاء وهو قول
أكثر العلماء وقال أبو حنيفة يجب الامساك والقضاء لنا ان الوجوب سقط عنهما ظاهرا وباطنا فلم يجب عليهما الامساك بخلاف ما لو قامت
البينة بأنه من رمضان بعد تناول الفطر وقد سبق احتجاج أبي حنيفة والجواب عنه وكذا لو تجدد في أثناء النهار ولو قبل الغروب بشئ يسير ولا نعلم فيه خلافا فرع قيل الصوم واجب على الحايض والنفساء ويجب عليها الافطار ولهذا أوجبنا القضاء عليهما وهو خطأ
لان وجوب الصوم مع وجوب الافطار مما يتنافيان ووجوب القضاء بأمر جديد لان المز السابق نعم انه وجد سبب الوجود فيهما ولم
يوجد الوجوب لمانع اما الوجوب فلا
القسم الثالث في شرايط القضاء مسألة ويشترط في وجوب القضاء الفوات حالة
البلوغ فلو فات الصبي الذي لم يبلغ شهر رمضان لم يجب عليه القضاء حالة البلوغ سواء كان مميز ا أو لم يكن وهو قول كل من يحفظ عنه
العلم لان الصغير لا يتناوله الخطاب وقت الامر بالصوم ولم يوجد فيه شرط وهو العقل فلا يتناوله خطاب القضاء ولا نعلم فيه خلافا الا
من الأوزاعي فإنه قال يقضيه ان كان أفطر وهو مطبق على صيامه وليس معتمدا لأنه زمن مضى في حال صيامه فلم يلزمه القضاء كما لو بلغ بعد
انسلاخ الشهر اجمع مسألة ولا يقضي اليوم الذي بلغ فيه سواء صامه أو لم يصمه الا ان يبلغ قبل الفجر ثم يفطر وبه قال أبو حنيفة
والشافعي قولان أحدهما انه لا يجب قضاؤه إذا كان مفطرا والثاني يجب قضاؤه ان كان صايما فوجهان لنا أمة ليس من أهل التكليف
في ابتداء اليوم وبعض اليوم لا يصح صومه فسقط التكليف بصوم ذلك اليوم وجوبا وندبا فالقضاء ساقط لأنه يستتبع وجوب
600

الأداء أو وجود سببه احتج الشافعي بأنه يجب عليه ان يصوم بقيته لبلوغه وتعذر عليه صومه للافطار وقضاؤه منفردا فوجب ان يكمل صوم
يوم ليتوصل إلى صوم وجب عليه كما نقول إذا عد الصوم بالاطعام فبقي نصف مد فإنه يصوم يوما كاملا لأنه لا يمكنه ان يصوم نصف يوم
وليس بصحيح لان ادراك بعض وقت العبادة إذا لم يكن فعلها فيه اما لو بلغ وهو صائم فإنه لا يجب عليه اتمامه على ما تقدم ولا قضاؤه
سواء استمر على صمه أو أفطر وللشافعي وجهان أحدهما يجب قضاؤه مطلقا ليس بمعتمد لما تقدم وكمال العقل شرط في القضاء فلو فات المجنون
شهر رمضان ثم أفاق لم يجب عليه قضاؤه وعليه فتوى علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال ما لك يجب عليه الأداء ولا القضاء لقوله عليه السلام
رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق ولا ن القضاء يجب بأمر جديد ولم يثبت في حقه ولأنه معنى يزيل التكليف ولم يجب القضاء في زمانه
كالصغر والكفر احتج المخالف بأنه معنى يزيل العقل فلا ينافي وجوب الصوم كا لا غماء والجواب المنع من الحكم في الأصل والفرق بان الاغماء
مرض ولهذا يلحق الابيناه؟؟ بخلاف الجنون فإنه يزيل التكليف لبعض فيه يمنع من الخطأ ب مسألة ولو أفاق في أثناء الشهر لم يقض ما
فإنه حالم جنونه ولا اليوم الذي يفيق فيه الا ان يكون قبل الفجر ثم يفطر وبه قال الشافعي في أحد الوجهين وقال أبو حنيفة يجب فضاء ما فات
والمحمد بن الحسن إذا بلغ مجنونا ثم أفاق في أثناء الشهر لا قضاء عليه أما إذا كان عاقلا بالغا ثم جن قضاء ما فاته حال جنونه لنا ان الجنون
مزيل للخطاب والتكليف فيثبت قضاء ما فات من بعض الشهر كما يسقط جميعه ولأنه معنى لو وجد في بعض الشهر أسقط القضاء فإذا وجد في
بعض الشهر وجب القضاء كالاغماء واحتج محمد على الفرق بان بلوغه لم يتعلق به التكليف والجواب بالمنع في الأصل والاهم ان الجنون لا ينافي
الصوم ولان الصوم تكليف مشروط بالعقل وهو منفي على الجنون وعند انتفاء الشرط ينتفي المشروط فكان بمنزلة الحيض مسألة واختلف
علماؤنا في المغمى عليه هل يجب عليه القضاء أم لا فالذي نص عليه الشيخ (ره) انه لا قضاء عليه سواء كان مفيقا في أول الشهر ناويا للصوم ثم أغمي
عليه أولم يكن مفيقا بل أغمي عليه من أول الشهر هذا اختياره (ره) في النهاية والمبسوط وقال في الخلاف ان سبقت منه النية صحة صومه ولا
قضاء عليه وإن لم يسبق بان كان مغمى عليه من أو الشهر وجب القضاء وبه قال المفيد (ره) والسيد المرتضى (رض) وقال شافعي وأبو
حنيفة يقضى زمان اغمائه مطلقا واختلفا في يوم اغمائه فقال أبو حنيفة لا يقضيه بحصول النية وقال الشافعي يقضيه لا نه لا اعتبار
بنيته مع زوال عقله ويقضي لا نه مريض والأقرب عندي خيره الشيخ (ره) لنا اما مع الاغماء يزول عقله فيسقط التكليف عنه لزوال
شرطه كما سقط بالجنون ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أيوب بن نوح قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن المغمى عليه يوما
وأكثر هل يقضي ما فاته أم لا فكتب لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة وعن علي بن محمد القاساني قال كتبت إليه وانا بالمدينة أسأله عن المغمى
عليه يوما وأكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا فكتب لا يقضي الصوم وملا يقضي الصلاة وفي الحسن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام قال كلما غلب الله عليه فليس على صاحبه فلم يزل به التكليف وبما رواه حفص عن أبي عبد الله عليه السلام قال يقضي المغمى عليه ما فاته وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد
الله عليه السلام قال كل شئ تركته من صلاتك بمرض أغمي عليك فيه فاقضه إذا أفقت وقد وددت أحاديث صحيحة دالة على وجوب قضاء
الصلاة على المغمى عليه ووجوب قضاء الصلاة يستلزم وجوب قضاء الصوم لأنه لو سقط قضاء الصوم لكان انما يسقط لزوال التكليف بزوال
العقل وهو موجود في الصلاة فلما وجب قضاء الصلاة وجب قضاء الصوم لان الاغماء لم يثبت مانعيته للتكليف والجواب تم انه مريض
لكن زوال عقله يخرجه عن تناول الخطاب له فلا يكون الشهر مطلقا الامر بالقضاء والأحاديث محموله على الاستحباب مسألة و
الاسلام شرط في وجوب القضاء فلو فات الكافر الأصلي شهر رمضان ثم أسلم لم يجب عليه قضاؤه وهو قول كل العلماء ولو أسلم في
أثناء الشهر فلا قضاء عليه لما فات ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو قول عامة العلماء وقال عطاء عليه قضاؤه وعن
الحسن كالمذهبين
وليسم بصحيح لقوله تعالى قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وقال رسول الله صلى الله عليه وآله الا سلم يجب ما قبله وروى
سعيدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام كان يقول رجل أسلم في نصف شهر رمضان ليس عليه قضاء الا ما يستقبل و
في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيام قال ليس عليه الا
ما أسلم فيه ولان ما مضى عبادة خرجت حال كفره فلا يجب عليه قضاؤها كرمضان الماضي ويجب عليه صيام المستقبل من الأيام الباقية
وهو قول كل من حفظ عنه العلم لان المقتضي وهو الخطاب موجود والمعارض وهو الكفر زايل فيثبت الحكم ولا نعلم فيه خلافا
واما اليوم الذي أسلم فيه فإن كان قبل طلوع الفجر وجب عليه صيامه ولو أفطر قضاه وكفر وان كان بعد الفجر أمسك استحبابا ولا قضاء
عليه ولا يجب عليه صيامه وللشافعي وجهان لنا ان بعض اليوم سقط قضاؤه تخفيفا من الله تعالى فسقط الباقي لأن بعض اليوم
الباقي لا يجب أداؤه فكذا القضاء ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح نعن العيص بن القسس قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوم أسلموا
601

في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم ان يقضوا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيقال ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه الا
ان يكون أسلموا قبل طلوع الفجر وما اخترناه مذهب مالك وأبي ثور وابن المنذر وقال احمد يجب عليه الامساك ويقضيه وليس بمعتمد وقد معنى البحث
في الصبي مثله وفي رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أسلم بعدما دخل شهر رمضان أياما فقال ليقض ما فاته قال الشيخ هذه
الرواية محموله على من أسلم في رمضان وفاته ذلك لغرض بمن مرض أو غير ذلك أن يكون لا نعلم وجوب الصوم عليه فأفطر ثم علم بعد ذلك وجوبه
عليه لان قوله عليه السلام ليقض ما فاته والفوت لا يكون الأبعد توجه الفرض إلى المكلف ومن أسلم في النصف من رمضان لم يكن ما مضى متوجها
إليه الا بشرط الاسلام فلذلك لم يلزمه القضاء وفي قول الشيخ انه غير متوجه إليها لغرض ضعف لأنا قد بينا في أصول الفقه ان الأسلم ليس شرطا
في فروع العبادات فالأولى حمل الرواية على ما ذكره أو على الاستحباب على أن في ط ريقها ابان بنه عثمان وهو ضعيف ويجب القضاء على
المرتد ما يقوته زمان ردته وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجب قضاؤه لنا انه ترك فعلا وجب عليه مع علمه بذلك واقراره بوجوبه
عليه فوجب عليه قضاؤه عند فواته كالمسلم ولأنه في حال ردته يلزمه الأداء فيلزمه القضاء احتج أبو حنيفة بالآية التي استدل لنا بها
في الكافر الأصلي بقوله عليه السلام الا سلم يجب ما قبله وبالقياس على الكفر الأصلي والجواب ان الآية والخبر انما يتناولان الكافر الأصلي
لأنه لا يؤاخذ بالعبادات في حال كفره وبالفرق في القياس بين الأصلي والمرتد فان الأصلي لو الزم بالقضاء ليفر عن الاسلام ومطلوب
الشارع تقريبه إليه وتر غيبه فيه وذلك مما ينافي وجوب قضاء العبادات السابقة المتكثرة عليه فلم يكن مشروعا والا لم نقض الغرض بخلاف
المرتد العدف بقواعد الاسلام فإنه مع علمه بوجوب القضاء عليه يكون التفريط منه ويكون عمله بذلك لطفا له ورادعا عن الردة فروع
الأول لا فرق بين ان يكون الردة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه الثاني لو ارتد بعد عقد الصوم صحيحا
ثم عاد لم يفسد صومه وقال الشافعي يفسد لقوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك وجوابه ان الاحتياط من شرط الموافات الثالث
لو غلب على عقله شئ من قبله كمن شرب المسكر والمرقد لزمه القضاء لان الاخلال بسببه وفا يكون معذورا به ولا كذا لو وكان من قبله تعالى
الرابع النايم إذ سبقت منه النية كان صومه صحيحا لأنه امر معتاد لا يبطل به الصوم للمشقة لأنه كان يجب من الشارع المنع منه مع
الصوم الواجب المتعين الخامس قال الشيخ (ره) لو طرح في حلق المغمى عليه أو من زال عقله ألزمه القضاء إذا أفاق لان ذلك لمنفعته و
مصلحته وليس معتمدا والصواب سقوط القضاء مطلقا السادس شرايط القضاء هي شرايط الكفارة فكل موضع سقط القضاء فيه
سقطت الكفارة ولا ينعكس السابع يستحب للمغمى عليه والكافر القضاء لأنه عبادة فات وقتها مع عظم ثوابها فاستحب قضاؤها
النظر الثاني في الاحكام مسألة ويتعين قضاء الفايت في السنة التي فات فيها ما بينه وبين الرمضان الآتي فلا يجوز
له الاخلال بقضاء حتى يدخل الثاني لأنه مأمور بالقضاء وجواز التأخير المقدر المذكور معلوم من السنة فيبقى ما زاد فلو
اخر القضاء بعد برئها حتى حضر الرمضان الثاني صام الحاضر وقضى الأول بالاجماع وكفر عن كل يوم من الفايت بمدين وأقله
بمد قال الشيخ (ره) والمفيد (رض) وبه قال الشافعي ومالك والثوري واحمد اسحق والأوزاعي وهو قول ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة
ومجاهد وسعيد بن جبير وقال ابن إدريس منالا كفارة عليه وبه قال أبو حنيفة والحسن والنخعي لنا ما روي عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة انهم
قالوا يطعم عن كل يوم مسكينا وأسنده أبو هريرة إلى النبي صلى الله عليه وآله من طريق ضعي ف ولم يرو عن غيرهم خلاف فكان اجماعا ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه شهر رمضان اخر فقال إن
كان برأ ثم توانى قبل أن يدركه رمضان الآخر صام الذي أدركه وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين وعليه قضاؤه فإن كان
لم يزل مريضا حتى أدركه شهر رمضان صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكل يؤم بمد لمسكين وليس عليه قضاؤه وفي الصحيح عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام في الرج ليمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض حتى يدركه شهر رمضان آخر قال يتصدق عن الأول ويصوم
الثاني فإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان اخر صامهما جميعا ويتصدق عن الأول وعن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن كل رجل كان عليه من شهر رمضان طائفة ثم أدركه شهر رمضان قابل فقال إن كان صح فيما بين ذلك ثم لم يقضه
حتى أدركه رمضان قابل فان عليه ان يصوم وان يطعم كل يوم مسكينا وان كان مريضا فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قابل فليس
عليه الا الصيام ان صح فان تتابع المرض عليه فعليه ان يطعم عن كل يوم مسكينا وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا
مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ثم صح فإنما عليه لكل يوم أفطر فدية طعام وهو مد لكل مسكين قال وكذلك أيضا في كفارة اليمين
وكفارة الظهار مدا مد وان صح فيما بين الرمضانين فإنما عليه ان يقضي الصيام فان تهاون به وقد صح فعليه الصدقة والصيام
جميعا لكل يوم إذا فرغ من ذلك الرمضان احتج ابن إدريس بان الأصل براءة الذمة فلا يكون مشغولة الا بدليل ولا اجماع والاخبار ظنية
602

لا يفيد القطع احتج أبو حنيفة بأنه تأخير الصوم الواجب فلا يجب به الكفارة كما لو اخر الأداء والنذر والجواب ان أصالة براءة الذمة لا يصار
إليها مع وجور المزيل وهو ما تقدم من الأحاديث وقوله انها ظنية خطأ لان أكثر المسائل الفقهية كذلك فلا معنى للتشهي في الاحكام بقبول بعض
الأحاديث الظنية دون بعض مع أن الراوي كعبد الله بن سنان وأبي الصباح الكناني هنا واما احتجاج أبي حنيفة فضعيف لأنه قياس في معارضة
النص مع قيام الفرق فان التشديد وقع من الصحابة على قضاء رمضان قبل مجئ آخر ولهذا قالوا امن فرط في رمضان حتى دخ رمضان اخر واسم
التفريط يدل على التضييق مسألة ولو استمر به المرض إلى رمضان اخر ولم تصح فيما بينهما فلعلمائنا قولان أحدهما انه لا قضاء عليه بل يصوم
الحاضر ويتصدق عن السالف واختاره الشيخان ومن تابعهما والثاني ان عليه القضاء ولا صدقة وهو اختبار أبي جعفر بن بابويه وهو قول
الجمهور احتج الشيخان بما رواه محمد بن مسلم عنهما وما رواه زرارة عن الباقر عليه السلام وأبو الصلاح عن أبي عبد الله عليه السلام وقد تقدمت
هذه الرايات ولان وقت القضاء ما بين الآتي والماضي والا عذر قد استمر أداء وقضاء فسقط القضاء كما لو جن أو ا غمى عليه من أو ل وقت الصلاة
حتى خرج احتج ابن بابويه بعموم قوله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر وهو عام فيمن استمرار لمرض وبه ومن لا يستمر وقول
ابن بابويه عندي قوي لا يعارض الآية التي استدل بها الأحاديث المروية بطريق الآحاد وقوله ان وقت القضاء بين الرمضانين ممنوع
ووجوب القضاء فيه لا يستلزم تعيينه له ولهذا لو فرط لوجب قضاؤه بعد الرمضان الثاني مسألة ولو صح فيما بين الرمضانين
وعزم على القضاء لكنه تركه لاعذار له مثل سفر أو شئ يضر به الصوم وبالجملة لم يتهاون به ثم عرض مع ضيق الوقت ما يمنعه كان معذورا
ولزمه القضاء وعليه اجماع العلماء لقوله تعالى من كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر وما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكناني قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كان عليه من شهر رمضان طايفة ثم أدركه شهر رمضان قابل فقال إن كان صح فيما بين ذلك ثم لم يقضيه
حتى أدركه رمضان قابل كان عليه ان يصوم وان يطعم كل يوم مسكينا وانما كان مريضا فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قال فليس
عليه الا الصيام ان صح فان تتابع المرض عليه فلم يصح فعليه ان يطعم عن كل يوم مسكينا ونحوه في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام وفي حديث
سعد بن سعد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثم يصح بعد ذلك فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك
قال أحب له تعجيل الصيام فإن كان اخره فليس عليه شئ وحملها الشيخ على من اخره لا تهاونا ولكن على عزم القضاء فروع الأول
كلام الشيخ في الخلاف تعميم الحكم في المريض وغيره ممن فاته الصوم وفيه نظر لاختصاص النقل بالمرض مع معارضته للأصل من براءة الذمة
من التكفير وسقوط القضاء الثاني قال الشيخ حكم ماز أد على الرمضانين سواء الثالث لو اخره ستين أو ما زاد فيه تردد
وللشافعي وجهان أحدهما يتعدد الكفارة بتعدد الستين قياسا على الأولى والثاني لا يجب لان الكفارة وجبت بالتأخير فلا يجب
بالتخيير أخرى والأخير أقرب لان الاخل براءة الذمة الرابع يستحب لمنه استمر به المرض العضال عند من قال بسقوطه لأنهن طاعة فات
وقتها فندب إلى قضائها نروي الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أفطر شنئا من رمضان في عذر ثم أدرك
رمضان اخر وهو مريض فليتصدق بمد لكل يوم فاما انا فاني صمت وتصدقت وعن سماعه قال سألته عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان
قبل ذلك لم يصمه فقال يتصدق بدل كل يوم يوم من الرمضان الذي كان عليه بمد من طعام وليصم هذا الذي أدرك فإذا أفطر فليصم
رمضان الذي كان عليه فاني كنت مريضا فمر على ثلاث رمضانات لم أصح فيهن ثم أدركته رمضانا فتصدقت بدل كل يوم مما مضى بمدين
من طعام ثم عا فاني الله وصمتهن مسألة لو استمر المرض حتى مات سقط القضاء وجوبا لا استحبابا ولا كفارة وهو قول العلماء وقال
قتادة وطاوس يجب ان يكفر عنه عن كل يوم اطعام مسكينا لنا الأصل عدم الاطعام ولا معارض له ولأنه حق الله تعالى وجب بالشرع
ومات من يجب عليه قبل امكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل دخل عليه شهر رمضان وهو مريض لا يقدر على الصيام فمات شهر رمضان وفي شهر شوال فقال لا يقضي عنها وعن منصور بن حازم
قال سألت أبال عبد الله عليه السلام عن المريض في شهر رمضان فلا يصح حتى يموت قال لا يقضي عنه والحايض تموت في رمضان قال لا يقضي عنها
وعن أبي مريم عن أبي عبد الله عليه السلام إذا صام الرجل رمضان فلم يزل مريضا حتى يموت فليس عليه شئ
وان صح ثم مرض حتى يموت وكان له مال تصدق
عنه فان لم يكن له مال تصدق عنه وليصدق ومثله رواه أبو مريم من طريق اخر إلا أنه قال صام عنه وليه وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما
عليهم السلام قال سألته عن رجل أدركه شهر رمضان وهو مريض فتوفي قبل أن يبرا قال ليس عليه شئ ولكن يقضي عن الذي يبرا ثم يموت قبل أن يقضي
وعموم السبب يدل على سقوط الكفارة كما دل على سقوطي القضاء ولا عبرة بمخالفة قتادة وطاوس لانفرادهما احتجا بأنه صوم واجب سقط
بالعجز عنه فوجب الاطعام عنه كالشيخ الهم إذا ترك الصيام بعجزه عنه والجواب الفرق حاصل فان الشيخ يجوز ابتداء الوجوب عليه بخلاف المت
فرع قال أصحابنا انه يستحب القضاء عنه وهو حسن لأنها طاعة فقالت عن الميت فوصل إليه ثوابها على ما سلف مسألة ولو برء من مرضه
603

زمانا يتمكن فيه من القضاء ولم يقض حتى مات قضى عنه ذهب إليه علماؤنا وقال الشافعي في القديم وأبو ثور وقال الشافعي في الحديد يطعم عنه
عن يوم مدا وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري الا ان مالكا يقول لا يلزم الولي ان يطعم حتى يوصي بذلك وهو مروي عن ابن عباس و
عمر وعايشة وقال احمد ان كان صوم نذر صام عنه وان كن صوم رمضان أطعم عنه لنا ان الصوم استقر في ذمته بالتمكن منه فلا يسقط بموته
كالدين ويجب على وليه الصيام بما وجب عليه من الصيام ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال ركبت امرأة في البحر فنذرت ان الله تجاها ان تصوم
شهرا فأنجاها الله تعالى فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول اله ان أم ماتت وعليها
صوم شهر ا فاقضيه عنها قال لو كان على أمك دين كنت قاضية عنها قال نعم قال فدين الله أحق ان يقضي وفي رواية جاءت امرأته ومن طريق الخاصة
روى أبو مريم عن أبي عبد الله عليه السلام ورواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهم السلام وعن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله
عليه السلام في رجل يموت في شهر رمضان قال ليس علي وليه ان يقضي من الشهر وان مرض فلم يصم رمضان ثم لم يزل مريضا حتى رمضان وهو مريض
ثم مات في مرضه ذلك فليس علي وليه ان يقضي عنه الصيام فان مرض فلم يصم شهر ثم صح بعد ذلك فلم يقضه ثم مرض فمات فعلى وليه ان يقضي عنه
لأنه قد صح ولم يقض ونجب عليه ولان الصوم يدخل في جبرانه المال فيد خل النيابة كا لحج احتج الشافعي في الجديد بما رواه نافع عن ابن عمران
النبي صلى الله عليه وآله قال من من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا ولان الصوم لا يدخله النيابة في حال الحياة فكذلك بعد الموت
كالصلاة واحتج احمد بالتفصيل بنا روى عن ابن عباس انه سئل عن رجل مات وعليه نذر يصوم شهر ا وعليه صوم رمضان قال اما مضان فليطعم عنه
واما النذر فيصام عنه قال وحديث ابن عباس في تمثيل الصوم بالدين مختص بالنذر والجواب عن الأول ان الترمذي قال الصحيح عن ابن عمر
موقوف وحينئذ لا احتجاج به على انا نقول بموجبه لأنا الصدقة عندنا يجب إذا لم يكن ولي من الذكران والقياس على الصلاة ممنوع الأصل
لأنه في مقابلة النص فلا يكون مسموعا واحتجاج احمد ضعيف لأنه موقوف على ابن عباس فعلى تقدير النقل عنه جاز ان يكون قاله عن اجتهاد
أو في شخصين لأحدهما ولي ويقضي في النذر والاخر لا ولي فيصدق عنه في رمضان وقوله حديث ابن عباس مخصوص بالنذر قول بغير حجة فلا
يعول عليه مسألة والذي يقضي عن الميت هو أكبر ولده الذكور ما فاته من صيامه بمرض وغيره مما يمكن من قضائه ولم بقضه ذهب إليه
الشيخ وانه لم يكن له ولد ذكر وكان له إناث قال الشيخ يتصدق عنه بمدين من عن كل يوم وأقله مد وقال المفيد (ره) إذ ألم يكن الا أنثى
قضت عه والأقرب اختبار الشيخ (ره) لنا ان الأصل براءة الذمة من قضاء ما وجب على غير المكلف فيصار إليه ما لم يظهر مناف ولم يثبت و
يؤيده ما رواه الشيخ (ره) عن حماد بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قا سألته عن الرجل وفي الصحيح عن محمد بن يعقو بعن محمد بن
يحيى عن محمد بن الحسن الصفار قال كتبت إلى الأخير عليه السلام في رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما
ان يقضيا عنه جميع خمسة أيام أحد الوليين وخمسة الاخر فوقع عليه السلام يقضي عنه أكبر وليه عشرة ولاء إن شاء الله قال ابن بابويه وهو
معارض بما تقدم من حديث حماد وهو ان كان ضعيف السند مرسلا ان الأصل بدائة الذمة ولا يشتغل ذمة الوارث الا بما حصل عليه الاتفاق
وهو اختصاص القضاء بالولد الأكبر الذكر فروع الأول لو لم يكن له ولي من الذكور قا الشيخ يتصدق عن كل يوم بمدين وأقله
مد والسيد المرتضى (ره) أوجب الصدقة أولا فاتن لم يكن له مال صام عنه وليه ودل على قول السيد المرتضى رواية أبي مريم عن أبي عبد
الله عليه السلام قال وان صح ثم مرض حتى يموت وكان له مال صام عنه فان لم يكن له مال صدق عنه ويه وفي رواية أبان بن عثمان عن أبي مريم
فان لم يكن له مال صام عنه وليه والأقرب قول الشيخ فان الواجب الصيام فالتخطي إلى الصدقة يحتاج إلى دليل ورواية ابان معارضته برواية
محمد بن الحسن الصفار وهي أصح طريقا الثاني لو لم يكن له الا ولد واحد ذكر وجب عليه القضاء لأنه ولي له فيتعين عليه الصوم الثالث
لو كان له أو لا د ذ كور في سن واحد قال الشيخ (ره) قضوا بالحصص أو يقوم به بعض فليسقط عن الآخرين واختاره أبو جعفر بن بابويه (ره)
وقال ابن إدريس لا يجب متوهما ان لفظة أكبر يقتضي الواحدة وان النص على الأكبر يمنع المتساويين وليس بصحيح الرابع قال الشييخ (ره)
لو لم يكن له ولد ذكر وكان له إناث سقط القضاء ووجب على الميت ليخرج من الأصل كالدين السادس لو صام أجنبي عن الميت
بغير قول الولي ففيه تردد ينشأ من الوجوب على الولي فلا يخرج عن العهدة بفعل المتبرع كالصلاة عنه حيا ومن كون الحق على الميت
فأسقط الفعل المتبرع عنه الوجوب كالدين اما لو امره فهل يجزيه أم لا للشافعي وجهان وكذا التردد في أنه هل يجوز ان يستأجر عنه من يصوم
والقرب في ذلك كله عدم الاجزاء عملا بالأصل السابع قال الشيخ (ره) ان كل صوم واجب على المريض بأحد الأسباب الموجبة كاليمين و
النذر والعهد إذا مات من وجب عليه ولم يقضه وجب على يوليه القضاء عنه ا والصدقة وعليه دلت عموم النصوصات الثامن قال (ره) إذا وجب عليه
604

صيام شهرين متتابعين ثم مات تصدق عنه عن شهر ويقضي عنه وليه شهر آخر وهو رواية الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سمعته يقول إذا مات الرجل
وعليه صيام شهرين متابعين من علة فعليه ان يتصدق عن الشهر الأول ويقضي الشهر الثاني وفي طريقها سهل بن زياد وهو ضعيف غير أن العلم لمضمونها
حسن لما فيه من التخفف عن الولي التاسع لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين على التعيين والحكم فيه ما ذكرناه وقال ابن إدريس يجب
عليه صيام الشهرين معا اما لو وجب التخيير في كفارة افطار رمضان مثلا فالوجه في تخيير الولي بين ان يصوم شهرين متتابعين أو يتصدق من مال
الميت من أصله أو يعين عنه من أصل المال أيضا لأنه صوم وجب مخيرا فلا يتضيق على الولي والصدقة عن الميت ليست واجبة والتخيير سقط في حق
الميت فيتخير القائم مقامه العاشر قال (ره) حكم المراة حكم الرجل في ذلك في أن ما يفوتها في زمن الحيض أو سفرا ومرض لا يجب
على أحد القضاء عنها ولا الصدقة الا إذا تمكنت من قضائه وأهملته فإنه يجب على وليها القضاء أو الصدقة على ما مر في الرجل سواء وأنكر
ابن إدريس ذلك والوجه ما قاله الشيخ (ره) وهو قول أكثر الجمهور ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني ان أقضى عنها قال هل برئت من مرضها قلت لا ماتت فيه قال
لا يقضي عنها فان الله لم يجعله عليه قلت فاني اشتهى ان أقضى عنها وقد أوصتني بذلك قال فكيف تقضي عنها شيئا لم يجعل لله عليها فان
اشتهيت انه تصوم لنفسك فصم وجه الاستدلال انه عليه السلام استفسره هل حصل برء من المرض أو لا ولو لم يجب القضاء مع البرء لم يكن للسؤال معنى فإنه عليه السلام علل سقوط القضاء عنها مع وجوب الأداء عليها الحادي عشر لا فرق بين أنواع المرض في ذلك عملا
بالاطلاق مسألة المسافر لا يجوز له الصوم في السفر واجبا با لشروط المتقدمة بل يجب عليها الافطار والقضاء إذا حظر بلده
أو بلدا يجب عليه الاتمام فيه على ما بينا تفصيله إذ ا ثبت هذا فان مات المسافر بعد تمكنه من القضاء وجب ان يقضي عنه عملا بما تقدم ولو قامت
في سفره ولم يتمكن من القضاء ففي وجوب القضاء عنه للشيخ قولان أحدهما عدم الوجوب لأنه لم يستقر في ذمته إذ معنى الاستقرار وان يمضى زمان يتمكن
فيه من القضاء ويهمل به والاخر يقضي عنه ولو مات في السفر اختاره في التهذيب واحتج عليه بما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام في
امرأة حاضت في شهر رمضان أو مرضت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج لم يقض فماتت قبل أن يخرج رمضان هل يقضى عنها قال اما الطمث والمرض فلا واما السفر فنعم والذي
ذكره في الخلاف أقوى لأنه لا يتمكن من القضاء فلا يجب على وليه القضاء عنه لعدم التفريط والحديثان في طريقهما علي بن فصار وفيه قول فالأولى المصير
إلى الأصل من براءة الذمة مسألة ويجوز لمن يقضي عن رمضان الافطار قبل الزوال ولا يجوز بعد اما جواز الافطار قبل الزوال فلانه لم
يتعين زمانه فجاز الافطار فيه ولان ما قبل الزوال محل لتجديد النية وكل وقت يجوز فيه تجديد نية الصوم يجوز فيه الافطار إذا لم يكن قد
تعين زمانه للصوم اما بعد الزوال فإنه واجب قد استقر فيه نية الوجوب وفات محل تجديد ها ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت وصوم قضاء الفريضة لك ان تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت الشمس فليس لك ان تفطر وعن أبي بصير قال سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن المراة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الافطار فقال لا ينبغي له ان يكرهها بعد الزوال وعن سماعة بن مهران
عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله الصائم بالخيار إلى زوال الشمس قال إن ذلك في الفريضة واما النافلة فلم ان يفطر اي وقت شاء إلى غروب
الشمس قوله عليه السلام ان ذلك في الفريضة أراد قضاء الفريضة لان نفس الفريضة ليس فيها خيار لا قبل الزوال ولا بعده مسألة لو الفطر بعد الزوال فإن كان
لعذر فلا شئ عليه سوى قضاء يوم بدله للضرورة وان كان لغير عذر وجب عليه القضاء واطعام عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة
أيام وأنكر الجمهور وجوب الكفارة ها هنا وقال قتادة لنا ان الكفارة مترتبة على ارتكاب الاثم بالافطار في إلي مان المتعين للصوم وهو
متحقق في القضاء بعد الزوال على ما تقدم ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله عليه السلام رجل وقع
على أهله وهو يقضي شهر رمضان فقال إن كان وقع عليها قبل صلاة الظهر فلا شئ عليه يصوم يوما بدل يوم وان فعل بعد العصر صام
ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين فان لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك وعن يزيد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أتى أهله في يوم
يقضيه من شهر رمضان قال إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه لا يوما مكان يوم واما ان كان أتى أهله بعد الزوال فان عليه ان يتصدق على
عشرة مساكين هذا هو المشهور بين علمائنا والمعمول عليه بين أكثرهم وقال بعض علمائنا عليه كفارة اليمين وهو خطأ إذ لا نص
عليه مع أن الأصل براءة الذمة من وجوب العتق والكسوة تخييرا أو ترتيبا لان هذه الكفارة أخف من غيرها فاقتصر فيها على الأخف
عقوبة من غيرها وقد روى الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام عليه مثل كفارة رمضان. وقد سلف الرواية وفي طريقها ابن فضال وهو ضعيف قال الشيخ يحمل على من أفطر تهاونا بفرض
الله تعالى مستخفا به فوجب عليه ان الكفارة ذلك زيادة في العقوبة وقد روى الشيخ أيضا عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام انه لا شئ عليه وفي عمار قول الشيخ انه محمول على أنه
روى ولا شئ من العقاب عليه لان (لأنه) أفطر من هذا اليوم قبل الزوال لا يستحق العقاب وان أفطر بعد الزوال فيلزمه الكفارة وليس كذلك من أفطر في رمضان
لأنه يستحق العقاب والقضاء والكفارة وليس ما ذكره الشيخ بمعتمد لأنه يحرم عليه الافطار بعد الزوال فكان العقاب ثابتا والأقرب ان يحمل على من لم يتمكن من التكفير وبه ما دل في النهاية مسألة من أجنب في شهر
رمضان فترك الاغتسال ساهيا من أول الشهر
605

إلى اخره قال الشيخ في النهاية والمبسوط عليه قضاء الصلاة والصوم معا ومنع ابن إدريس من قضاء الصوم وأوجب قضاء الصلاة اما قضاء
الصلاة فلا خلاف فيه لأنها مشروطة بالطهارة ولم يحصل وعند فقدان الشرط يفقد المشروط واما قضاء الصوم فيدل عليه ما رواه الشيخ
في الصحيح عن الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسى ان يغتسل حتى خرج شهر رمضان قال عليه ان يقضي
الصلاة والصيام ويعتضد هذه الرواية ما افتى به الأصحاب من وجوب القضاء على المجنب إذا نام منع القدرة على الغسل ثم انتبه ثم نام سواء ذكر
الاحتلام بعد ذكره الأول أو نسيه فيقول إذا كان التفريط السابق مو جب القضاء فكذا هنا لحصول التكرار للنوم مع ذكر الجنابة أو لمرة
لا يقال القضاء هناك انما وجب مع نية الاغتسال فيكون ذاكرا للغسل ومفرطا فيه كل نومه ولان ذلك انما وجب في تكرار النوم
في الليلة الواحدة اما في الليالي المتعدد ة فلا ولان التفريط السابق لو الوجب القضاء لا وجب الكفارة لأنه حصل بعد انتباهين لأنا نجيب عن
الأول بمنع اشتراط النية كل نومة فان الأحاديث وردت مطلقة غير مشروطه بذلك وروى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي يعفور قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يجنب في رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال يتم يومه ويقضي يوم ا اخر وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم
يومه وجاز له ومثله روي محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام وأحمد بن محمد في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام وجد هذا التقييد في كل
نومه فإنما هو من كلام المصنفين ولا التعويل على مأخذ هم لا معتقدهم وعن الثاني انا لو قسنا هذه الصورة على الميتة لو رد علينا هذا
الاشكال لكنا نحن انا ذكرنا ذلك لإزالة الاستبعاد والتعويل على الرواية الصحيحة الدالة بصريحها على وجوب القضاء وعن الثالث
بالمنع من وجوب الكفارة في الأصل وقد تقدم سلمنا لكم هناك يحمل على ما إذا كان ذاكرا للاغتسال كل نومة ولم يفعله بخلاف
صورة النزاع لعدم المآثم بالتفريط واستبعاد ابن إدريس ذلك قد ظهر ضعفه والاحتجاج بدائة الأصل انما يتم مع عدم المشتغل
للذمة اما مع وجوده فلا مسألة وقضاء شهر ر مضان متفرقا يجزي والسابع أحسن عندي وأحب وهو اختيار شيخنا (ره) وأكثر علمائنا
وبه قال ابن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة ومجاهد وأبو قلابة وأهل المدينة والحسن البصري وسعيد بن المسيب أبو عبيد الله بن عبد الله بن عتيبة و
مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي واسحق وقال بعض علمائنا الأفضل ان يأتي به متفرقا ومنهم من قال إن كان الذي فاته
عشرة أيام أو ثمانية فليتابع من ثمانية أو بين ستة ويفرق الباقي وقال داود والنخعي والشعبي انه يجب التتابع ونقله الجمهور عن علي عليه السلام
وابن عمر لنا قوله تعالى فعدة من أيام اخر وهو يدل باطلاقه على ايجاب العدة اما على التتابع فلا وما رواه الجمهور عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله
قال في قضاء رمضان ان شاء فرق وان شاء تتابع وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن تقطيع قضاء رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
لو كان على أحدكم دين يقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه
من الدين هل كان ذلك قاضيا دينه قالوا نعم يا رسول الله قال فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم رواه الأثرم باسناده وقال أبو عبيدة بن
الجراح في قضاء رمضان ان الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان على الرجل لشئ من صوم شهر رمضان فليقضه في اي الشهر شاء أياما متتابعة فان لم يستطع
فليقضه كيف شاء وليحص الأيام فان فرق فحسن وان تابع فحسن وفي الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أفطر شيئا في رمضان
في عذر فان قضاه متتابعا أفضل وان قضاء متفرقا فحسن وعن سليمان بن جعفر الجعفري قال سألت الا الحسن عليه السلام عن الرجل يكون عليه أيام
من شهر رمضان أيقضيها متفرقة قال لا بأس بتفرقة قضاء شهر رمضان انما الصيام الذي لا يفرق صوم كقارة الظهار وكفارة الدم وكفارة اليمين
ولأنه صوم لا يتعلق بزمان معين فلم يجب فيه التتابع كالنذر المطلق احتج أصحابنا على أولوية التفريق مما رواه عمار بن موسى الساباطي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها فقال إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما وان
كان عليه خمسة أيام فليفطر بينها أيام ا وليسم له ان يصم أكثر من ستة أيام متوالية وان كان عليه ثمانية أيام أو عشرة أفطر بينها يوما وليقع لوقوع
الفرق بينه الأداء والقضاء واحتج داود بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من كان عليه صوم فليرده و. يقطع وبما رواه عن عايشة
انها قالت نزلت فعدة من أيام آخر متتابعات فسقطت متتابعات والجواب عن الأول ان في طريقه قوما ضعفاء منهم عمار ويحتمل انه عليه السلام
انما امره بذلك على وجه التخيير والإباحة لا على سبيل الايجاب ولا الندب لتحصيل الارشاد وعن الثاني بالمنع من وجوب الفرق ولو سلم فهو
حاصل بالزمان وعن الثالث بأنه خبر لم يثبت صحته عن أبي هريرة ؤ بينه ولهذا لم يذكره أهل السنن ولو صح حمل عل الاستحباب فان
التتابع أحسن لما فيه من المسارعة إلى فعل الطاعات وموافقه الخبر والخروج من الخلاف ومشابهته بالأداء وعن خبر عايشة انه لم يثبت
صحته ولو صح فقد سقط اللفظ التي بها الاحتجاج بالنسخ فلا يتقى حجة إذ لا حكم للمنسوخ إذا ثبت هذا ظهر أن الأولى هو التتابع وقال
الطحاوي ان التتابع والتفريق سواء لا نه لو أفطر يوما من شهر رمضان لم يستحب له إعادة جميعه ليزول التفريق كذلك إذا أفطر جميعه وهو
606

خطأ لما بيناه فيه من المسارعة إلى فعل الطاعات وامتثال الأوامر والمبادرة إلى أن يبرء الذمة وغير ذلك من الأمور المطلوبة من التتابع
وما ذكره ليس بصحيح لان فعله في وقته يقع أداء فإذا أضاعه لم يكن صوم الفرض فلم يستحب اعادته بخلاف
مسئلتنا مسألة
لا يجوز لمن عليه صيام شهر رمضان أو غيره من الواجبات ان يصوم تطوعا حتى يأتي به ذهب إليه علماؤنا وهو قول احمد في إحدى
الروايتين وفي الأخرى يجوز لنا ما رواه الجمهور عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال من صام تطوعا وعليه من رمضان شئ لم يقضه فإنه
لا يتقبل منه حتى يصوم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان
رمضان ولأنه عباد ة يدخل في جبرانها المال فلم يصح التطوع بها قبل أداء فرضها كا لحج احتج احمد بأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع
في وقتها قب لفعلها كا لصلاة والجواب انه قياس في معارضته النص ومعارض بمثله فلا يكون مسموعا قيام الفرق بين الأصل والفرع
مسألة ويجوز القضاء في جميع أيام الستة الا العيدين وأيام التشريق لمن كان بمني وأيام الحيض والنفاص وأيام السفر الذي يجب فيه
القصر اما العيدان فهو وفاق كل العلماء لتواتر النهى عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن صومهما واما أيام التشريق فذهب علماؤنا إليه لمن
كان بمنى وهو قول أكثر أهل العلم وعن أحمد روايتان لنا ان صومها منهى عنه فأشبهت العيدين احتج احمد بجواز صومها لمن لم يجد الهدى فقياس
كل من فرض عليه والقضاء مشابه له والجواب بمنع الحكم في الأصل وسيأتي وقيام الفرق لأنه في محل الضرورة للفاقد واما أيام الحيض والنفاس
فقد اتفق عليه العلماء ولان هذين الحديثين يبطلان أداء الصم فقضاؤه أولى لعدم تعيينه واما أيام السفر الذي يجب فيه القصر فلما
تقدم من الأدلة ويؤيده ما رواه الشيخ عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام رجل مرض في شهر رمضان فلما برا أراد الحج كيف يصنع
بقضاء الصوم قال إذا رجع فليقضه مسألة ولا يكره القضاء في عشر ذي الحجة ذهب إليه علماؤنا و به قال سعيد بن المسيب والشافعي وإسحاق و
احمد في إحدى الروايتين وفي الثانية انه مكروه ورووه عن علي عليه السلام والزهري والحسن البصري لنا تسويغ القضاء وعدم الكراهية مستفاد
من اطلاق قوله تعالى فعدة من أيام اخر وما رواه الجمهور ان عمر كان يستحب قضاء رمضان في العشر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن الحلبي قال قلت لا بي عبد الله عليه السلام أرأيت ان بقي على شئ من صوم شهر رمضان اقضيه في ذي الحجة وقطعه قال اقضه في ذي الحجة و
اقطعه إن شئت ولأنه أيام عبادة فلم يكره القضاء فيه كعشر المحرم احتج احمد بأنه روي عن علي عليه السلام كراهية والجواب المنع من الرواية لا يقال
قد روي الشيخ عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال قال علي عليه السلام في قضاء شهر رمضان في عشر ذي الحجة لأنا نقول إن في طريقها غياث بن
إبراهيم وهو ضعيف مسألة لو أصبح جنبا في يوم يقضيه من شهر رمضان أفطر ذلك كاليوم ولم يجزله صومه رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقضي رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى اخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع قال لا يصوم ذلك اليوم
ويصوم غيره وكذا قال الشيخ في النافلة وكل ما لا يتعين صومه اما لو اكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان فالوجه انه يتم على صومه لما رواه الشيخ في الصحيح
عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل نسي واكل وشرب ثم ذكر قل لا يفطر انما هو شئ رزقه الله فليتم صومه وعن محمد بن قيس
عن أبي جعفر عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول من صام فنسى فأكل وشرب فلا يفطر من أجل انه نسي فإنما هو رزق رزقه الله عز وجل
فليتم صومه وعن أبي بصير قال قلت لا بي عبد الله عليه السلام رجل صام يوما نافلة فأكل وشرب ناسيا قال يتم يومه ذلك وليس عليه شئ وللشيخ قول آخر
هذا أجود البحث الثامن في بقية أقسام الصوم ويتضمنه أقسام الأول في الواجب منه مسألة
صوم كفارة قتل الخطاء واجب بلا خلاف ويدل عليه النص والاجماع قال الله تعالى فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله واما
يجب بعد العجز عن العتق وهو شهران متتابعان وصوم كفارة الظهار واجب بالا جماع ونص القران قال الله تعالى فمن لم يجد فصيام شهرين
متتابعين وهو يجب مرتبا على العتق مثل كفارة قتل الخطاء صفة وقد را وصوم من أفطر يوما من شهر رمضان واجب على التخيير بينه
وبين العتق والصدقة وقدره شهر ان متتابعان يتعين على من لم يعتق ولم يصدق وقد سلف ما يدل عليه وصوم كفارة قتل العمد وهو واجب شهران
فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كا ملة ولا خلاف فيه وصوم كفارة اليمين وباقي الكفارات واجب وصوم الاعتكاف
المنذور واجب لما يأتي من اشتراط الاعتكاف بالصوم فإذا كان المشروط واجبا بالنذر وشبهه وجب شرطه وكذا إذا وجب ان اعتكف يومان
على رأى وصوم كفارة من أفاض من عرفات قبل مغيب الشمس عامدا ولم يجد الجزور واجب وقدره ثمانية عشر يوما فهذه على أقسام الصوم
الواجب ويلحق بهما وجب بالنذر واليمين والعهد وسيأتي البحث في كل قسم منه في مواضعه انشاء الله تعالى وروى الشيخ (ره) عن
الزهري عن علي بن الحسن عليه السلام قال يوما يا زهري من أين جئت فقلت من المسجد قال فيم كنتم قلت ذكرنا امر الصوم فاجتمع رأيي
607

ورأى أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب الا صوم شهر رمضان فقال يا زهري ليس كما قلتم الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة
كوجوب شهر رمضان وعشرة أوجه منها صيامهن حرام وأربعة عشر منها صاحبها بالخيار ان شاء صام وان شاء أفطر وصوم التأديب وصوم
الإباحة وصوم السفر والمرض قلت جعلت فداك ففسرهن لي فقال له اما الواجبة فصيام شهر رمضان وشهرين متتابعين فيمن أفطر يوما
من شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين في قبل الخطأ من لم يجد العتق واجب لقول الله عز وجل ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة
ودية مسلمة إلى أهل أبي قوله فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما وصوم ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب
قال الله تعالى فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم هذا لمن لا يجد الاطعام كل ذلك متتابع وليس بمتفرق
وصيام أدى حلق الرأس
واجب قال الله عز وجل فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وصاحبها فيها بالخيار فان صام ثلاثة وصوم
دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدى قا الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا
رجعتم تلك عشرة كاملة وصوم جزاء الصيد واجب قال الله تعالى ومن قبله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا
بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيام ا يا زهري قال قلت لا أدري قال يقوم الصيد قيمة يفض تلك القيمة على البر ثم
يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب واما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى
وثلاثة أيام من التشريق وصوم الشك أمرنا به ونهينا عنه امر نابان صومه منع صيام شعبان ونهينا عنه ان يفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك
فيه الناس فقلت له جعلت فداك فان يكن صيام من شعبان شيئا كيف يصنع قال ينوي ليلة الشك انه صائم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه وان
كان من شعبان لم يضره فقلت وكيف يجزي صوم تطوع من فريضته فقال لو أن رجلا صام يوما عرفه ويوم عاشورا وكل ذلك صاحبه
فيه بالخياران شاء أفطر اما صوم الاذن في المراة لا تصوم تطوعا الا باذن زوجها والعبد لا يصوم تطوعا الا باذن مولاه
والضيف لا يصوم تطوعا الا باذن صاحبه قال رسول الله صلى الله عليه وآله من نزل على قوم فلا يصوم تطوعا الا باذنه فاما صوم التأديب قال
يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم تأديبا وليس بفرض ولذلك ما أفطر لعله في أول النهار ثم قوي بقيته يومه امر بالامساك عن الطعام بقيته يومه
تأديبا وليس بفرض وكذلك المسافر إذا اكل من أول النهار ثم قدم أهله امر بالامساك بقية يومه وليس بفرض واما صوم الإباحة فمن اكل وشرب
ناسيا أو قاء من غير تعمد فقدا باح الله عز وجل لله ذلك وأجزأ عنه صومه واما صوم السفر والمرض فان العامة قد اختلفت في ذلك فقال
قوم يصوم وقال آخرون لا يصوم وقال قوم ان شاء صام وان شاء أفطر واما نحن يقول يفطر في الحالية جميعا فان صام في السفر أو حال المرض
فعليه القضاء فان الله عز وجل يقول فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر فهذا تفسير الصيام
القسم الثاني في الصيام
المندوب المندوب منه وما لم يختص وقتا بعينه وهو جميع أيام السنة الا الأيام التي ينهى عن الصوم فيها قال رسول الله صلى الله عليه وآله
الصوم جنة من النار وقال عليه السلام الصائم في عبادة وان كان قائما على فراشه ما لم يغتب مسلما وقال عليه السلام تبارك وتعالى الصوم وانا
وانا اجزى به وللصايم فرحتان حين يفطر وحين يلقى وبه عز وجل والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك وقال
عليه السلام للصحابة الا أخبر ككم بشئ ان فعلتموه تباعد الشيطان عنكم تباعد المشرق من المغرب قالوا البلى يا رسول الله قال الصوم يسود وجهه
والصدقة تكسر ظهره والحب في الله عز وجل والمواردة على عمل الصالح يقطع دابره والاستغفار يقطع فتنته ولكل شئ زكاة و
زكاة الأبدان الصيام وقال أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثة يذهبن البلغم ويزدن في الحفظ السواك والصوم وقراءة القران وقال أيضا عليه السلام
أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام ما يمنعك من مناجاتي فقال يا رب اجلك المناجاة لمخلوق فم الصائم فأوحى الله تبارك وتعالى
إليه يا موسى لخلوق فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك وقال عليه السلام نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمل متقبل ودعاؤه مستجاب والا خبار
في ذلك كثيرة ومنه ما يختص وقتا بعينه وهو كثير غير انا نذكر مهمة ومشتمل على مسائل مسألة يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر
وهي أول خميس في الشهر فأول أربعاء في العشر الثاني منه واخر خميس في العشر الأخير روى الشيخ بإسناده عن حماد بن عثمان قال سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول صام رسول الله صلى عليه وآله حتى قيل ما يفطر ثم أفطر حتى قيل ما يصوم ثم صام صوم داود عليه السلام يوما ويوما لا ثم قبض
عليه السلام على صيام ثلاثة أيام في الشهر وقال بعد لن صوم الدهر ويذهبن بوحر الصدر قال حماد الوحر الوسوسة قال حماد فقلت اي الأيام
هي قال أو ل خميس من الشهر وأول أربعاء بعد العشر ومنه واخر خميس فيه فقلت كيف صارت هذه الأيام التي يصام من قبلنا من الأمم كانوا إذا نزل على حد
0
608

العذاب نزل في هذه الأيام المخوفة وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصيام في الشهر في كل عشر يوم ان الله عز وجل يقو ل
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صوم السنة فقال صيام ثلاثة أيام من كل شهر الخميس
والأربعاء والخميس يذهب بلابل القلب ووحر الصدر الخميس والأربعاء والخميس وانشاء الاثنين والأربعاء والخميس وان شاء صام في كل عشرة أيام يوما
فان ذلك ثلاثون حسنة وان أحب ان يزيد على ذلك فليزد وعن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا كان في أول الشهر خميسان فصم أولهما
فإنه فضل وإذا كان في اخره خميسان فصم آخرهما فروع الأول روي أن هذه الأيام كذلك في الشهر الأول وخميس بين الاربعائين في الشهر
الثاني رواه أبو بصير قال سألته عن صوم ثلاثة أيام في الشهر فقال في كل عشرة أيام يوم خميس وأربعاء وخميس والذي يليه أربعاء وخميس وأربعاء
قال الشيخ آه ليس بمناف لما قدمناه من الاخبار لان الانسان مخير بين ان يصوم أربعا بين خمسين أو خميسا بين أربعائين وهذه والأصل في هذا الصوم
التنفل والتطوع فعوم خبر في ترتيبه ويدل عليه ما رواه داوود قل سألت الرضا عليه السلام عن الصيام فقال ثلاثة في الشهر الأربعاء والخميس
والجمعة فقلن ان أصحابنا يصومون أربعاء بين خميس فقال وهذه الروايات غير منافية لان
التطوع في توسعة من الترك فكيف الترتيب غيران الأشهر الأول الثاني يجوز تأخيرها من الضيف إلى الشتا لمكان المشقة فان
لم يرغب المكلف مساواة صومها في الوقتين أدى إلى الجرح أو تركها بالكلية ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي حمزة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام صوم ثلاثة أيام في كل شهر أؤخر ه إلى الشتاء ثم أصومها فقال لا بأس الثالث يجب صومها متوالية ومتفرقة إذا اخرها إلى الشتاء
عملا بالا صل المبيح لهما ويؤيده ما رواه الشيخ عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل تكون عليه من الثلاثة الأيام
الشهر هل يصلح له ان يؤخر ها ويصومها في اخر الشهر قا للا بأس قلت يصومها متوالية أو متفرقة قال ما أحب انشاء وانشاء فرق
بينهما الرابعة لو عجز عن صيامها تصد قعن كل يوم بمد من طعام لان ذلك فداء يوم من رمضان فثبت هنا لأنه قد ثبت انه فداء
بالصوم المطلوب شرعا من العاجز عن ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم قال سألته عمن لم يصم الثلاثة الأيام وهو من كل شهر يشتد
عليه الصيام هل فيه فداء قال مد من طعام في كل يوم ورواه ابن بابويه عن عيص مسند ا إلى أبي عبد الله عليه السلام وفي رواية صالح عقبة بن
عقبة قال قلت لا بي عبد الله عليه السلام جعلت فداك ان ي قد كبرت وضعفت عن الصيام فكيف اصنع بهذه الثلاثة الأيام في كل شهر فقال يا
عقبة تصدق بدرهم عن كل يوم فقال لعله كثرت عندك وأنت تستقل الدراهم قال قلت إن نعم الله على السابقة فقال يا عقبة لاطعام
مسلم خير من صيام شهر الخامس يجوز تأخيرها إلى الأيام القصيرة طلبا للخفة ويؤيدهما رواه الشيخ عن الحسن بن راشد قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام أو لأبي الحسن عليه السلام الرجل يتعمد الشهر في الأيام القصار يصوم لسنته قال لا بأس وقد سلف مثله السادس روى ابن
بابويه عن العالم عليه السلام انه سئل عن خمسين ينفقان في العشر فقال صم الأول فلعلك لا تلحق الثاني السابع يستحب لصيام
هذه الأيام اجتناب الجدال والمماراة طلب الزيادة الثواب رو ي ابن بابويه عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صام
أحدكم الثلاثة الأيام في الشهر فلا يجادلن أحدا ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والا يمان بالله فان جهل عليه أحد فليتحمل المسألة
ويستحب صوم أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر وهو قول العلماء كافة روى الجمهور عن أبي ذر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر اصمت من الشهر ثلاثة فصم ثلث عشر وأربع عشر وخمس عشر وقال عليه السلام لاعرابي كل اني
صائم قال صوم ماذا قال صوم ثلاثة أيام من الشهر قال إن كنت صائما فعليك بالفرايض البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشر
وعن ملحان القيسي قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرنا ان نصوم البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة قال كهيئة
الدهر يريد بذلك ان صوم ثلاثة أيام بشهر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في حديث الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام وقد سلق
وسميت أيام البيض لابياض ليلها كله بالقمر والتقدير أيام الليالي البيض ونقل الجمهور ان الله تاب على ادم فيها وبيض صحيفة مسألة
ويستحب صوم أربعة أيام في السنة يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله ومولوده وهي الأرض ويوم الغدير نصب الله تعالى فيه عليا
عليه السلام اما ما للامام لأنها إماما شريفة أنعم الله تعالى فيها بأعظم البركات فاستحب شكره بالصوم فيها روي الشيخ عن محمد بن عبد الله بن
الصيقل قال خرج علينا أبو الحسن يعني الرضا عليه السلام بمرو في خمسة وعشرين من ذي القعدة فقال صوموا فاني أصبحت صائما قلنا
جعلنا الله فداك اي يوم هو قال يوم نشرت فيه الرحمة ودحيت فيه الأرض ونصبت فيه الكعبة وهبط فيه ادم عليه السلام عن الحسن بن
راشد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له جعلت فداك هل للمسلمين عيد غير العيدين قال نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما قال قلت فأي يوم هو قال
هو يوم نصب أمير المؤمنين عليه السلام فيه علما للناس قال قلت جعلت فداك وما ينبغي لنا ان نصنع فيه قال تصومه يا حسن وتكثر الصلوات
على محمد وآله وتبرأ إلى الله عز وجل ممن ظلمهم فان الأنبياء كانتا تأمر الأوصياء اليوم الذي قام فيه الوصي ان يتخذ عبدا قال قلت
609

فما لمن صامه قال صيام ستين شهرا ولا تدع صيام سبعة وعشرين من رجب فإنه اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمد صلى الله عليه وآله
و
ثوابه مثل ستين شهرا لكم وعن محمد بن الليث المكي قال حد ثني إسحاق بن عبد الله العريضي العلوي قال رجل في صدري ما الأيام التي تصام
فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد عليه السلام وهو بصريا ولم أبد ذلك لأحد من خلق الله فدخلت عليه فلما بصر بي قال عليه السلام يا أبا إسحاق حيث
تسألني عن الأيام التي يصام فيهن وهي أربعة أولهن يوم السابع والعشرين من رجب يوم بعث الله محمد ا صلى الله عليه وآله إلى خلقه
رحمة للعالمين ويوم مولده صلى الله عليه وآله وهو السابع والعشرين من شهر ربيع الأول ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة
فيه دحيت الكعبة ويوم الغدير فيه أقام رسول الله صلى الله عليه وآله أخاه عليا عليه السلام علما للناس واما ما من بعده قلت صدقت جعلت فداك
لذلك قصدت اشهد انك حجة الله على خلقه مسألة ويستحب صيام عرفة وقد اتفق العلماء على أن صومه في الجملة مستحب
روي الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال صيام يوم عرفه كفارة سنه والسنة التي يليها وفي رواية أخرى يكفر السنة الماضية
والباقية ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الرحمان ابن عبد الله عن أبي الحسن عليهما السلام قال صوم يوم عرفه يعدل السنة وقال لم
يصمه الحسن وصامه الحسين وروي ابن بابويه عن الصادق عليه السلام صوم يوم التروية كفارة سنة ويوم عرفة كفارة سنتين فروع
الأول ولا يكره صومه للحاج الا ان يضعفهم عن الدعاء ويقطعهم عنه وبه قال أبو حنيفة وروي عن عايشة أيضا وابن الزبير
واسحق وعطا وقال باقي الجمهور انه مكروه لنا ان المقضى موجود وهو الامر بالصوم فيه مستحبا والمانع وهو
العجز عن الدعاء
مفقود إذا تقدير فيه ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن صوم يوم عرفة قال من قوي عليه
فحسن إن لم يمنعك من الدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة فصمه وان خشيت ان تضعف عن ذلك فلا تصمه احتج المخالف بما رواه عن أم الفضل
بنت الحرث ان ناسا مما رووا بين يديها يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه وآله فقال بعضهم صايم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت
إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفات فشرب النبي صلى الله عليه وآله وقال ابن عمر حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
ولم يصمه يعني يوم عرفة ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عثمن فلم يصمه وانا لا أصوم ولا امر به ولا انهى عنه والجواب عنه ان هذه الأحاديث
محموله على أنه عليه السلام لم يتمكن من الصيام للعطش وانه عليه السلام كان مسافرا أو للضعف من الدعاء الثاني اما قلنا بكراهيته
مع الضعف عن الدعاء للروايات ولأنه يوم شريف معظم يستجاب فيه الدعاء خصوصا في الموفق الذي يقصد من كل فج عميق طلبا لفضل
الله تعالى وإجابة دعائه فكان تركه أفضل اما مع القدرة على الجمع بين الصيام والدعاء فصومه أفضل لما تقدم ولما رواه الشيخ عن
سليمان الجعفري قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول كان أبي يصوم يوم عرفة في اليوم الحارفي الموقف ويأمر بظل مرتفع فيضرب له فيغتسل
مما يبلغ منه الحر وعن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن صوم يوم عرفة فقلت له جعلت فدا ك انهم يزعمون أنه
يعدل صوم سنته قال كان أبي لا يصومه قلت ولم ذلك قال إني يوم عرفة يوم دعاء ومسألة وأتخوف ان يضعفني عن الدعاء وأكره ان أصومه
ان يكون يوم عرفة يوم اضحى وليس بيوم صوم وعلى هذا التأويل حمل الشيخ (ره) رواية محمد بن قيس قال سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول بان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان الثالث لا يستحب صومه عند الشك في
الهلال لجوا ز ان يكو ن يوم عيد فيكون صومه حراما فمع الاشتباه يستحب تركه ويؤيده رواية حنان بن ن سدير عن الباقر عليه السلام
في قوله ان يوم عرفة يوم دعاء ومسألة والتخوف ان يضعف عن الدعاء وأكره ان أصومه أتخوف ان يكون يوم عرفه يو م الأضحى وليس
بيوم صوم وقال ابن بابويه (ره) ان العامة غير موافقين الفطر ولا اضحى وانما كره عليه السلام صوم عرفة لأنه كان يكون يوم العيد
في أكثر السنين وتصديق ذلك ما قاله الصا دق لما قتل الحسين بن علي عليه السلام أمر الله عز وجل ملكا فنادى أيها الأمة الظالمة القاتل مندوب إليه مطلقا سواء كان بعرفة أو لم يكن وروي ابن بابويه ان في تسع من ذي الحجة أنزلت توبة داود عليه السلام فمن صام ذلك اليوم
ان كفارة تسعين سنة الرابع روي ابن بابويه عن يعقوب بن شعيب قا لسألت أبا عبد الله عليه السلام عن صو م يوم عرفة قال إن
شئت صمت وإن شئت لم تصم وروي ان رجلا أتى الحسن والحسين عليهما السلام فوجد أحدهما صائما والاخر مفطرا فسألهما فقال إن
صمت فحسن وإن لم تصم فجائز وروي عن عبد الله بن المغيرة عن سالم عن أبي عبد الله قال أوصي رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى علي عليه السلام وحده وأوصى علي إلى الحسن والحسين جميعا عليهما السلام وكان الحسن عليه السلام امامه فدخل رجل يوم عرفة على الحسن عليه السلام و
هن يتعدى والحسين عليه السلام صايم ثم جاء بعدما قبض الحسن عليه السلام فدخل على الحسين عليه السلام يوم عرفة وهو يتعدى وعلي بن الحسين
عليه السلام صائم فقال له الرجل لأني دخلت على الحسن عليه السلام يتعدى وأنت صائم ثم دخلت عليك وأنت مفطر فقال إن الحسن عليه السلام
610

كان إماما فأفطر لئلا يتخذ صومه سنته وليتأسى به الناس فلما ان قبض كنت انا الامام فأردت أن لا يتخذ الناس صومي سنه فيتأسى الناس الخامس
قيل سمى يوم عرفة بذلك لان الوقوف بعرفة فيه وقيل لان إبراهيم عليه السلام ليلة التروية انه رأى في المنام انه يوم يذبح ابنه فأصبح يومه تروى هل هذا
من الله أو حلم فسمى يوم التروية فلما كانت الليلة الثانية رآه أيضا فأصبح يوم عرفة مسألة وصوم يوم عاشورا مستحب خزنا
لا تبركا لأنه يوم جرت فيه أعظم المصاب وهو قتل الحسين عليه السلام وهتك حريمه فكان الحزن بترك الأكل والملا لبه واحتمل الأداء
متعينا ولما رواه سعد بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال صوموا العاشور التاسع والعاشر
فإنه يكفر ذنوب سنة وعن أبي همام عن أبي الحسن عليه السلام قال صام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عاشورا وعن عبد الله بن ميمون القداح عن
جعفر عن أبيه عليه السلام قال صيام يوم عاشورا كفارة سنته وقد روي الجمهور عن ابن عباس قال امر رسول الله صلى الله عليه وآله بصوم يوم عاشرا
وقد وردت أحاديث في كراهته محمول على ما قلناه من أصوم لتبرك روى الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام قال
لا تصم يوم عاشورا ولا يوم عرفة بمكة ولا بالمدينة ولا في وطنك ولا في مصر من الاختصار وانما حملناه على التبرك بصومه لما رواه الشيخ
عن جعفر بن عيسى قال سألت الرضا عليه السلام عن صوم عاشورا وما يقول الناس فيه فقال عن صوم ابن مرجانة تسألني ذلك يوم صامه الأدعياء
من آل زياد لقتل الحسين عليه السلام وهو يوم يتشاءم به أهل الاسلام واليوم الذي يتشاءم الاسلام وأهله لا يصام ولا يتبرك به ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله فيه نبيه صلى الله عليه وآله وما أصيب آل محمد الا في يوم الاثنين فتشائم به وتبرك بها عدونا
ويوم عاشورا قتل الحسن عليه السلام وتبرك به ابن مرجانة وتشاءم آل محمد فمن صامها أو تبرك بهما لقى الله عز وجل ممسوخ القلب وكان
حشره مع الذين سنوا صومهما والتبرك بهما وعن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام بقول من صام يوم عاشورا كان حظه
من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد قال قلت وما كان حظهم من ذلك اليوم قال النار قال الشيخ (ره) الوجه في هذه الأحاديث
ان من صام يوم عاشورا على طريق الحزن بمصاب رسول الله صلى الله عليه وآله والجزع لما حل بعترته فقد أصاب ومن صام على ما يعتقد
فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به والاعتقاد لبركته وسعادته فقد اثم وأخطأ فروع الأول روي
استحباب الفطر بعد العصر الثاني يوم عاشورا هو اليوم العاشر من المحرم وبه قا لسعيد بن المسيب والحسن البصري وروى ابن عباس أنه قال إنه
التاسع من المحرم وليس بمعتمد لما تقدم في أحاديثنا انه يوم قتل الحسين عليه السلام ويوم قتل الحسين عليه السلام هو العاشر بلا خلاف
وروي الجمهور عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم يوم عاشورا العاشر من المحرم وهدينا في ما روي عنه أولا
الثالث اختلف في صوم عاشورا هل كان واجبا أم لا فقال أبو حنيفة انه كان واجبا وقال آخرون انه لم يكن واجبا وللشافعي
قولان وعن أحمد روايتان احتج الموجبون بما روت عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله صامه وأمر بصيامه فلما افترض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء تركه وأيضا ان رسول الله صلى الله عليه وآله كتب إلى أهل انه من اكل منكم فليمسك بقية يومه
ومن لم يأكل فليصم وهذا يدل على وجوبه واحتجت الآخرون بما رووه عن توبة انه سمع يوم عاشورا على المنبر يقول يا أهل المدينة
أين علماؤكم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إن هذا يوم عاشورا لم يكتب الله عليكم صيامه وانا صائم فمن شاء
فليصم ومن شاء فليفطر وأيضا فان النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر من الأكل فيه بالقضاء وقد ورد في أحاديثنا ما يدل عليهما روي
الشيخ عن الوشا وقال حدثني بخية ابن الحارث العطار قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشورا فقال صوم متروك بنزول شهر
رمضان والمتروك بدعة قال بخية فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك من بعد أبيه فأجابني بمثيل جواب أبيه ثم قال لي اما انه صيام
يوم ما نزل به كتاب ولا جرت به سنة الا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي عليه السلام وروي ابن داود في الصحيح عن محمد بن مسلم وزرارة
انهما سئلا أبا جعفر الباقر عليه السلام عن صوم يوم عاشورا فقال كان صومه قبل صوم شهر رمضان فلما نزل صوم شهر رمضان ترك
مسألة ويستحب صوم يوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة فيه باهل رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه
وباهل أمير المؤمنين عليه السلام والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام نصاري نجران وفيه تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه في ركوعه ونزلت
فيه انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا أو الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون لأنه يوم شريف وقد أظهر الله تعالى
فيه نبينا صلى الله عليه وآله خصمه وحصل في التنبيه على قرب علي عليه السلام من ربه واختصاصه عظم منزلته وثبوت ولايته واستجابة
الدعاء به ما لم يحصل لغيره وذلك من أعظم الكرامات الموجبة لاختار الله تعالى ان نفسه نفس رسول الله صلى الله عليه وآله
فيستحب صومه شكرا لهذه النعم الجسيمة مسألة ويستحب صيام أول من ذي الحجة وهو يوم ولد فيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وذلك
نعمة عظيمة ينبغي مقابلتها بالشكر وصيام ذلك اليوم من الأفعال المختصة به فيكون مستحبا وروى عن موسى بن جعفر عليه السلام قال من صام
611

أول يوم من ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهرا فان صام التسع كتب الله عز وجل صوم الدهر وقال ابن بابويه وروي ان في أول يوم من
ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام فمن صام ذلك اليوم كن كفارة ستين سنته اما الشيخ (ره) فقد روي عن سهل بن زياد عن بعض
أصحابنا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال وفي أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام
ستين شهرا وقيل إن فاطمة عليها السلام تزوجت في ذلك اليوم وقيل في السادس من ذي الحجة فيستحب صومهما معا لادراك فضيلة الوقت
يضاعف فيها العمل ويستحب فيه الاجتهاد بالعبادة وروى عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من أيام العم لا الصالح
فمن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله الأرجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع ذ لك شئ وعن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال مامن أيام أحب إلى الله عز وجل بان يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها
بصيام سنته وقيام كل ليلة بقيام ليلة القدر وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم
تسع ذي الحجة ويوم عاشورا ومن طريق الخاصة منا روى ابن بابويه عن الكاظم عليه السلام ان من صام التسع كتب الله صوم الدهر وذلك
يستحب صيام يوم الخامس والعشرين من ذي الحجة وهو يوم نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام هل أتى وفي السادس
والعشرين منه طعن عمر بن الخطاب سنته ثلث وعشرين من الهجرة وفي التاسع والعشرين منه قبض عمر بن الخطاب ويوم الثامن عشر منه هو يوم
الغدير وقد سلف نصب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام اما ما للأنام وهو قتل يوم عثمان بن عفان وبايع المهاجرون
والأنصار عليا عليه السلام طايعين مختارين ما خلا أربعة أنفس منهم عبد الله بن عمرو محمد بن مسلم وسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وفي
هذا اليوم فلح موسى بن عمران عليه السلام على السحرة واخز ى الله تعالى فرعون وجنوده وفيه بحي الله تعالى إبراهيم عليه السلام من نار وفيه نصب
موسى عليه السلام وصيه يوشع بن نون ونطق بفضله على رؤس الاشهاد كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله بعلي عليه السلام وفيه
أظهر عيسى وصيه شمعون الصفا وفيه أشهر سليمان بن داود سائر رعيته على استخلاف وصيه عظيم البركات فيستحب صيام هذه الأيام
كلها استحبابا مؤكدا لما فيها من أنعم مسألة ويستحب صوم رجب باسر قول علمائنا وكره احمد صومه كله الا الصائم السنة فيدخل
ضمنا لنا انه شهر شريف معظم في الجاهلية والإسلام وهو أحد أشهر الحرم المعظمة عند الله تعالى فكان ايقاع
الطاعات فيه أفضل
من غيره ويؤيده ما رواه المفيد (ره) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال من صام رجب كله كتب الله له رضاه لم يعذبه وعن كثير النوا
عن أبي جعفر عليه السلام قال إن نوحا عليه السلام ركب السفينة في أول يوم من رجب وقال من صامه تباعدت عنه النار مشير؟ ومن صام سبعة
أيام منه أغلقت عنه أبواب النيران السبعة ومن صام ثمانية أيام فسحت له أبواب الجنان الثمانية ومن صام خمسة عشر أعطى مسئلته ومن صام خمسة
وعشرين قيل له استأنف العمل فقد غفر الله لك كون زاد زادها الله له وعن أبي الحسن موسى عليه السلام قال رجب نهر في الجنة أشد بياضا
من اللبن وأحلى من العسل فمن صام يوم امن رجب سقاه الله من ذلك النهر وبالجملة فإنه شهر معظم ويسمى الشهر الأصم لان العرب لم تكن
يغير فيه ولا ترى الحرب وسك الدماء فكان لا يسمع فيه حركة السلاح ولا سهيل الخيل ويسمى أيضا الشهر الأصب لأنه يصبب الله تعالى
فيه الرحمة على عباده فكان أمير المؤمنين عليه السلام يصومه ويقول رجب شهري وشعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وآله وشهر رمضان شهر الله
احتج احمد بما رواه حريثة بن الحر قال رأيت عمر يضرب اكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول كلوا فإنما هو شهر كان يعظمه الجاهلية
وعن ابن عمر انه كان إذا رأى الناس ما يعدون لرجب كرهه وقال صوموا منه وأفطروا ودخل أبو بكر على أهله وعندهم سلال جدد والكميران؟؟
فقال ما هذا فقال رجب تصومه قال أجعلتم رجب رمضان فأكفأ السلال وكسر الكميران؟؟ والجواب ما قلناه أولى لموافقته عموم الامر بالصوم خصوصا
في هذا الشهر الشريف عند الجاهلية والإسلام ونقل احمد عن عمر انه إذا كان يعظم الجاهلية يقضى عدم الفرقان بفضل هذا الشهر الشريف
في الشريعة المحمدية وكذا امر ابن عمرو أبي بكر تبرك صومه يدل على قلة معرفتهما بفضل هذا الشهر وبالجهل لاعتداد بعض هؤلاء
مع ما نقلناه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام يتأكد استحباب ثلاثة أيام منه اوله وثانيه وثالثه وآكده استحباب أول يوم
منه وفيه ولد مولانا الباقر عليه السلام يوم الجمعة عشر من شهر رجب سنة سبع وخمسين وفي اليوم الثاني منه كان مولد أبي الحسن الثالث عليه السلام وقيل الخامس منه ويوم العاشر فيه كان مولد مولانا أبي جعفر الثاني عليه السلام ويوم الثالث عشر منه كان مولد مولانا أمير المؤمنين
في الكعبة قبل النبوة باثنى عشرة سنته ذكره الشيخ (ره) عن عياش من علمائنا (ره) وقيل قبل المبعث بعشر سنين
وفي اليوم الخامس عشر منه خرج فيه رسول الله صلى الله عليه وآله من الشعب وفي هذا اليوم لخمسة أشهر من الهجرة عقد رسول الله صلى الله عليه وآله
لأمير المؤمنين عليه السلام على ابنته فاطمة عليها السلام عقد النكاح وكان فيه الاشهاد له والاملاك ولها يومئذ ثلث عشر سنة في
612

بعض الروايات وفي بعضها تسع وقيل عشر وقيل غير ذلك وفي هذا اليوم حولت القبلة من بيت المقدس وكان الناس في صلاة العصر فتحولوا
منها إلى البيت الحرام كان بعض صلاة هم هذه إلى بيت المقدس وبعضها إلى البيت الحرام وفي اليوم الثالث منه سنة أربع وخمسين و
مائتين كانت وفات سيدنا أبي الحسن علي بن محمد صاح ب العسكر عليه السلام وله يومئذ إحدى وأربعين سنة وفي اليوم الثامن عشر منه كانت
وفات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وفي اليوم الثاني والعشرين منه كانت وفات معوية بن أبي سفيان وفي اليوم الحادي والعشرين
منه كانت وفات الطاهرة فاطمة عليها السلام وفي اليوم الثالث والعشرين منه طعن الحسن بن علي عليه السلام وفي الأربع والعشرين منه كان فتح خيبر على يد أمير المؤمنين
عليه السلام بقلعه باب القموص وقتل محر وفي الخامس والعشرين منه كانت وفات مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال الشيخ روى أنه من
صامه كان كفارة مأتي سنة وفي اليوم السادس والعشرين منه كانت وفات أبي طالب (ر ه) وفي اليوم السابع والعشرين منه بعث سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وآله ويستحب صومه لزيادة النعمة فيه وهو أحد الأيام الأربعة وروي سلمان الفارسي (ره) في حديث طويل وكتب
له بصوم كل يوم منه عبادة سنة ووقع له الف درجة فان صام الشهر كله أنجاه الله عز وجل من أنار وأوجب له الجنة يا سلمان أخبر ني بذلك
جبرئيل عليه السلام مسألة ويستحب صوم شعبان كله روى الشيخ عن أبي الصباح الكناني قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول صوم
شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من الله والله وعن عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم شعبان
وشهر رمضان يصليهما وينهى الناس ان يصلوهما وكان يقول هما شهر الله وهما كفارة لما قبلهما ولما بعدهما وعن محمد بن سليمان عن أبيه قال
قلت لا بي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصوم شعبان وشهر رمضان قال هما الشهران اللذان قال الله تعالى شهر ين متتابعين توبة من الله
قال قلت فلا يفصل بينهما قال إذا أفطر من الليل فهو فصل وانما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا وصال في صيام يعني لا يصوم
الرجل يومين متواليين من غير افطار وقد يستحب للعبد أن لا يدع السجود وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال من صام شعبان
كان طهور اله من كل ذلة وصمه وبادرة قال قلت له وما الوصمة قال اليمين في المعصية قلت فما الباردة قال اليمين في المعصية قلت
فما البادرة قال اليمين عند الغضب والتوبة منها الندم عليها ون صفوان بن مهران الجمال قال
قال أبو عبد الله عليه السلام حيث من في ناحيتك على صوم شعبان فقلت جعلت فداك ترى فيه شيئا فقال نعم ان رسول الله صلى الله عليه وآله
كان إذا رأى هلال شعبان امر مناديا ينادي في المدينة يا أهل يثرب اني رسول الله صلى الله عليه وآله إليكم الا وان شعبان شهري فرحم الله من
أعانني على شهري ثم قال إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وآله ينادي
في شعبان ولن يفوتني في أيام حياتي صوم شعبان إن شاء الله ثم كان عليه السلام يقول صوم شهرين متتابعين توبة من الله وفي الصحيح عن
الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام مل صام أحد من آبائك شعبان قط فقال صامه خير آبائي رسول الله صلى الله عليه وآله ومثله روى
سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال الشيخ (ره) فاما الاخبار التي رويت في النهي عن صوم شعبان وانه ما صامه أحد من الأئمة عليهم السلام
يعتقدون وجوبه وفرضه وانه يجري مجر ى شهر رمضان لان قوما قالوا ان صومه فريضته وكان أبو الخطاب إليها صحابه يذهبون
إليه ويقولون ان من أفطر يوما منه انه من الكفارة ما يلزم من أفطر يوما من شهر رمضان فورد عنهم عليهم السلام الانكار لذلك ولم يصمه
أحد منهم على ذلك الوجه والاخبار التي تضمنت الوصل بين شعبان وشهر رمضان فالمراد بها النهى عن الوصال الذي بيناه فيما مضى انه محرم
ويدل عليه رواية محمد بن مسلم عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام وقلت فقدمت وقد روى المفيد عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام هل صام
أحد من آبائك عليهم السلام شعبان قال نعم كان ابائي يصومونه وانا أصومه وأمر شيعتي بصومه فمن صام منكم شعبان حتى يصله بشهر رمضان كان حقا
على الله ان يعطيه جنتين ويناديه ملك كمن بطنان العرش عند افطاره كل ليلة يا فلان طبت وطابت لك الجنة وكفي بك انك سررت
رسول الله صلى الله عليه وآله بعد موته ويتأكد صيام أو ليوم م؟ روى الشيخ (ره) عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن مرحوم الأزدي
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من صام أو ليوم من شعبان وجبت البتة ومن صام يومين نظر الله إليه في كل يوم وليلة في دار الدنيا ودام نظره
إليه في الجنة ومن صام ثلاثة أيام زار الله في عرشه من جنته كل يوم وفي اليوم الثالث منه ولد مولانا الحسين بن علي عليه السلام وخرج إلى القسم ين
العلا الهمداني وكيل أبي محمد عليه السلام ان مو لينا الحسن عليه السلام ولد يوم الخميس لثلث خلون من شعبان فصمه وروى الشيخ عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه ذلك تخفيف من ربكم وهذه الليلة التي امر بالاغتسال فيها هي
مولد مولينا صاحب الزمان عليه السلام وقد ورد في فضل هذه الليلة والعبادة فيها شئ كثير وهي إحدى الليالي الأربعة ليلة الفطر وليلة الأضحى
وليلة النصف من شعبان وأول ليلة من رجب مسألة ويستحب صوم التاسع والعشرين من ذي القعدة روى ابن بابويه ان الله انزل
الكعبة فيه وهي أول رحمة نزلت فمن صام ذلك اليوم كفارة سبعين سنة قال ابن بابويه وفي أول يوم من المحرم دعا زكريا عليه السلام ربه
613

عز وجل فمن صام ذلك اليوم استحباب الله له كما استحباب لزكريا عليه السلام ونحوه قال الشيخ (ره) قال في اليوم الثالث من المحرم كان عبور موسى
عمران عليه السلام على جبل طور سيناء وفي اليوم السابع منه فرج الله تعالى يونس عليه السلام من بطن الحوت وفي اليوم العاشر منه كان قتل سيدنا
ومولينا أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام ويستحب في هذا اليوم زيارته ويسحب صوم هذا العشر فإذا كأنه يوم عاشورا أمسك عن الطعام
والشراب إلى بعد العصر ثم يتناول شيئا من التربة وقد روى استحباب صيام شهر المحرم ورواه الجمهور عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى
الله عليه وآله أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم ومن طريق الخاصة ما رواه المفيد ره عن النعمان بن سعيد عن أمير المؤمنين عليه السلام
أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل ان كنت صائما بعد شهر رمضان فصم المحرم فإنه شهر تاب الله فيه على قوم ويتوب الله
تعالى فيه على آخرين قال الشيخ (ره) وفي اليم السابع عشر من المحرم انصرف أصحاب الفيل عن مكة وقد نزل عليهما العذاب وفي اليوم
الخامس والعشرين منه سنة أربع وتسعين كانت وفات زين العابدين عليه السلام مسألة قال الشيخ ره) يستحب صيام يموم النصف من
جمادي الأولى وفيه سنة ست وثلثين كان فتح البصرة لا مير المؤمنين عليه السلام وفي ليلته من هذه السنة بعينها كان مولد بي محمد علي بن الحسين زين العابدين
(ع) وروى المفيد (ره) عن راشد بن محمد عن انس بن مالك قال قال رسول اله صلى الله عليه وآله من صام من شهر حرام الخميس والجمعة
والسبت كتب الله عبادة تسع مائة سنة مسألة ويستحب صوم ست أيام من شوال بعد يوم الفطر وبه قال احمد والشافعي والكثر أهل العلم
وقال أبو يوسف كانوا يكرهون ان تتبعوا رمضان صياما خوفا ان يلحق لك بالفريضة وحكى مثل ذلك عن محمد بن الحسن عليه السلام وقال
مالك في الموطأ يكره ذلك وما رأيت أحد امن آه الفقه يصومونها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف وان أهل ا لعلم يكرهون ذلك
ويخافون بدعته وان يلحق للجهالة برمضان ما ليس منه لنا ما رواه الجمهور عن أبي أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صام
مضان واتبعه ست من شوال فكأنما صام الدهر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في حديث الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام في وجوه
الصيام وما ذكروه ليس بجيد لان يوم الفطر فاصل بينهما وقد روي الشيخ عن حريز عنهم قال إذا أفطرت من رمضان فلا تصم من بعد
الفطر تطوعا الا بعد ثلث يمضين قال الشيخ (ره) الوجه فيه أنه ليس في صيام هذه الأيام من الفضل والتبرك به ما في غيره من الأيام
وان كان صمنا جايزا يكون الاتيان فيه مخيرا ولا تنافي بينهما حينئذ مسألة ويستحب صيام الخميس دائما والاثنين روى داود
بإسناده عن أسامة بن زيد ان النبي صلى الله عليه وآله كان يصوم يوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال إن اعمال الناس تعرض
يوم الاثنين والخميس ومن طري قال بخاصة ما رواه الشيخ (ره) في حديث الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام مسألة ويستحب صيام
كل جمعة وبه قال أبو حنيفة ومالك ومحمد وقال احمد واسحق وأبو يوسف يكره افراده بالصوم الا ان يوافق صوما كان يصومه مثل من
بصوم يوما ويفطر يوما يوافق صومه يوم الجمعة كدا من عادته أو ليوم من الشهر أو اخره فيوافقه لنا ان الصوم في نفسه طاعة و
هذا يوم شريف يضاعف فيه الحساب فكان صومه مشروعا ولأنه يوم فأشبه سائر الأيام ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ
عن بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال رايته صائما يوم الجمعة فقلت له جعلت فداك ان الناس يزعمون أنه يوم عيد فقال كلا انه يوم خفض ودعه احتج
المخالف بما رواه أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يفرد يوم الجمعة بالصوم وعن جوير تبت الحرب ان النبي صلى الله عليه وآله دخل
عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال صمت أمس فقالت لا قال فتريدين ان تصومي غدا قالت لا قال فافطري وسئل رجل جابر بن عبد الله عليه السلام و
هو يطوف فقال سمعت رسو ل الله صلى الله عليه وآله نهى عن صيم يوم الجمعة قا لنعم ورب هذا البيت وهذه الأخبار يتناوله من يضعف فيه
عن الفرايض وأداء الجمعة على وجهها والسعي إليها مسألة ور وى أصحابنا ان صوم داود فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وروي الجمهور عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أحب الصيام إلى الله تعالى صيام أخي داود (ع) كان يصوم يو ما ويفطر
وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود (ع) كان يرقد شطر الليل ويقوم ثلاثة ثم يرقد آخره
القسم الثالث في صوم
الاذن مسألة لا يصوم العبد تطوعا الا باذن مولاه لأنه مملوك له لا يصح له التصرف في نفسه ولا يملك منافعه بل هي مصروفة
إلى السيد وربما كان الصم مانعا للسيد عن ذلك فكان ممنوعا منه اما مه اذنه فان الصوم سايغ قطعا لان المقتضى للمنع مفقود ا ذ المنع انما
كان لكراهيته المالك ولم يوجد بالاذن وكذا الصوم الواجب له ان يفعله بغير إذن مولاه مع كراهيته وهذه الأحكام لا خلاف فيها
بين علمائنا ولا فرق بين ان يكون المولى حاضرا وغايبا ويؤيد ذلك ما ذكرناه في حديث الزهري عن علي بن الحسين (ع)
مسألة ولا تتطوع المرأة بالصوم الا باذن زوجها لأنها بالصوم تعرضه لما يمنعه من الاستمتاع لو اراده فلم يكن مشروعا لها الا
برضاه ولا فرق بين ان يكون زوجها حاضرا أو غيبا واشترط الشافعي حضوره وليس بمعتمد ويؤيد ذلك ما نص الإمام علي بن الحسين
(ع) حديث الزهري وقد مضى اما الواجب فلا يعتبر اذنه بل يجب عليها فعله ولا يحل له منعها عنه وكذا يجوز لنا ان تصوم تطوعا
614

باذنه بلا خلاف مسألة والضيف لا يصوم تطوعا الا باذن مضيفة قال رسول الله صلى الله عليه وآله فان من نزل على قوم فلا يصوم
تطوعا الا بإذنهم وقد اشتم لعليه حديث الزهر ي عن علي بن الحسين (ع) ولان فيه طلب قلب المؤمن من مراعاة فكان مستحبا فلا تعلم يه
خلافا بين علمائنا مسألة ومن صام ندبا ودعى إلى طعام استحب استجابة الداعي إذ ا كان مؤمنا والافطار عنده لان مراعاة قلب المؤمن
أفضل من ابتداء الصوم ويؤيده ما رواه داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام قال افطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك سبعين ضعفا
أو تسعين ضعفا وعن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام في الصحيح قا لمن دخ لعلى أخيه وهو صايم فأفطر عنده ولم يعلم بصومه
فيمن عليه كتب الله له صوم سنة مسألة ولا ينبغي للمضيف الا باذن الضيف لئلا يلحقه الحياء قد روى ذلك ابن بابويه عن
الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام وكذا لا ينبغي للولد ان يتطوع بالصوم الا باذن والده لان امتثال امر الوالد أولى من فعل
المندوب ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من فقه الضيف
أن لا يصوم تطوعا الا باذن صاحبه ومنه طاعة المراة لزوجها أن لا تصوم تطوعا الا باذنه وأمره ومن صلاح العبد وطاعته ونصيحته
لمولاه أن لا يصوم تطوعا الا باذن مولاه ومن برا لولد بابويه أن لا يصوم تطوعا الا باذن أبويه وأمرهما والا كان الضيف جاهلا
وكانت المرأة عاصيته وكان العبد فاسد أو كان الولد عاقا
القسم الرابع صوم التأديب وهو خمسة المسافر إذا قدم
أهله وقد أفطر أمسك بقيته النهار تأديبا وكذا لو قدم بلدا يعزم فيه على الإقامة عشرة أيام فزايدا سواء كان بعد الزوال وقبله استحبابا و
ليس بفرض وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور وداود وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يجوز له ان يأكل بقيته النهار عن أحمد
روايتان وقد سبق البحث في ذلك ولو قدم صائما مع وصوله قبل الزوال أمسك بقية النهار واحتسبه من رمضان وقد تقدم ذلك و
يجوز له ان يدخل مفطرا مسألة وينبغي للمسافر الذي يجب عليه التقصير أن لا يتملأ من الطعام ويشبع فيه ولا يروي من الماء بل يتناول
منها بقدر الحاجة والضرورة لحرمة الشهر ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إني أذل سافرت
في شهر رمضان ما اكل القوت وما شرب كل الري ولان فيه تشبها بالصائم وامتناعا من الملاذ طاعة لله تعالى فكان مستحبا مسألة
وينبغي له ان يتجنب النساء فلا يواقع أهله في نهار رمضان بل يكره له ذلك كراهيته مغلظة وبه قال الشافعي وقال الشيخ (ره) لا
يجوز لها مواقعة النساء وبه قال احمد وقال احمد أيضا يجب به الكفارة كا لقضاء لنا ان فرض الصوم ساقط عنه فلا مانع ولان
كل صوم جاز له ان يفطر فيه بالا ك لجاز بالجماع كا لتطوع ويؤيده ما رواه الشيخ (ره) في الصحيح عن عمر بن يزيد قال سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان آله ان يصيب من النساء قا لنعم وفي الصحيح عن علي بن الحكم قال سألت أبا الحسن
عليه السلام عن الرجل يجامع أهله في السفر في شهر رمضان فقال لا بأس به وعن سهل عن أبيه قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل أتى أهله
شهر رمضان وهوم سافر فقال لا بأس احتج الشيخ (ره) بما رواه عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال أذل سافر الرجل في
رمضان فلا يقرب النساء بالنهار فان ذلك محرم عليه وفي الصحيح عن ابن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسافر في
شهر رمضان ومعه جارية له فله ان يصيب منها بالنهار فقال سبحان الله اما يعرف حرمة شهر رمضان ان له في الليل سجا طويلا قلت
أليس لهان يأكل ويشرب ويقصر فقال إن الله عز وجل رخص للمسافر في الافطار والتقصير رحمة وتخفيفا لموضع ا لتعب والنصب ووعث السفر
ولم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان وأبو عليه تمام الصلاة إذا تاب من سفره ثم قال والمنة لا تقاس واني
إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل الا القوت ومات اشرب كل الري وعن عبد الله بن سنان قال سألته عن الرج ليأتي جاريته في شهر رمضان
بالنهار في السفر قال ما يعرف هذا حق شهر رمضان ان له في الليل سبحا طويلا واحتج احمد بأنه أبيح له الأكل والشرب لحاجته إليه ولا حاجة به
إلى الجماع والجواب عن الأخيار التي أوردها الشيخ (ره) ان يحملها على الكراهة الشديدة دون التحريم جمعا بين الاخبار وهذا أولى
من جمعه (ره) بان ذلك وقع عن السؤال عن الجماع في شهر رمضان فجاز ان يكون ليلا فلا يمنع حمل الإباحة حينئذ عن الليل دون النهار
أو يكون ان يغلبه الشهوة ولا بأس من الدخول في محظور فرخص له ان ينال من الحلال وعن الثاني ان إباحة الأكل لو كان للحاجة لوجب
أن لا يباح الا في محلها وليس كذلك فان من لا يحتاج إلى الا كل لو اكل جاز اجماعا مسئلة ولو قدم من سفره مفطرا جاز له
ان يترك الامساك وان يأكل ويشرب كما قلناه ويجوز له ان يجامع أيضا لأنه أبيح له الافطار فكان المانع زايلا ويؤيده ما رواه
الشيخ عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من
الحيض؟ يواقعها لا بأس به مسألة ويستحب للحايض والنفساء إذا طهر تا بعد الفجر الامساك وليس واجبا عليهما ذلك لأنهما برؤية الدم
في ذلك اليوم الفطر تاويا في اليوم لا يصح صومه فلا وجه لوجوب الامساك نعم يستحب لها التشبه بالصائم ترك المفطرات روى أبو الصباح
615

الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام في امرأة ترى الطهر في أول النهار في شهر رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم قال انما فطر هنا من الدم وكذا لو كانت
المراة طاهر صائمة ثم تجدد الحيض والنفاس في اثنا النهار فإنها تفطر ذلك اليوم ويستحب لها الامساك تأديبا وليس واجبا لان المانع من الصوم
قد وجد هو الدم وروي أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء حاضت أتفطر قال
نعم وان كان قبل المغرب فلن تفطر وسئل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام عن المراة تلد بعد العصر أتمت ذلك اليوم أم تفطر فقال تفطر
ثم تقضي ذلك اليوم وعن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المراة طمثت في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس قال تفطر حين
تطمث وقد تقدمت بيان ذلك كله مسألة المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصيام ويشترط في صحة أفعال المستحاضة من الأغسال الذي
قدمناه فلو أخلت بالغسل مع وجوبه عليها وجب عليها القضاء لان شرط الصوم وهو الغسل لم يوجد فلا يكون صحيحا ويدل عليه ما رواه
علي بن مهريار قال كتبت إليه امرأة تطهرت من حيضها أو دم نفاسها في أو ليوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر
رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها أو صلاتها أم لا فكتب عليه السلام تقضى صومها ولا
تقضي صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات بذلك رواه الشيخ في الصحيح ثم قال (ره) انها الأوامر بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أن عليها لكل صلاتين غسلا ولا تعلم بما يلزم المستحاضة فاما مع العلم بذلك والترك له على التعمد يلزمها القضاء
مسألة والمريض إذا برئ كان قد تناول المفطر أمسك بقيته النها ر تا ديبا وليس بواجب وقد دل عليه حديث الزهري عن علي بن
الحسين عليه السلام قال وكذلك من أفطر لعلة في أول النهار ثم قوى بقية يومه امر بالامساك عن الطعام بقية يومه تأديبا وليس بفرض هذا
ان كان قد تناول وإن لم يكن قد تناول شيئا يفسد الصوم فإن كان برؤه قبل الزوال أمسك وجوبا واحتسب به من رمضان وان كان برؤه بعد
الزوال أمسك استحبابا وقضاه وقد مضى بيان ذلك مسألة الكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ في أثناء النهار أمسكا استحبابا وليس
بفرض سواء تناول الأشياء أو لم يتناولا وسواء زال عذرهما قبل الزوال أو بعده وهذا أحد قولي الشيخ وفي القول الاخر يجدد ان نية الصوم
إذا زال عذرهما قبل الزوال ولم يتناولا ولا يجب عليهما القضاء لنا ان المتقدم من الزمان عن البلوغ والإسلام لم يصح صومه اما في حق
الصبي إذا لم يكن مخاطبا واما في حق الكافر فلان نية القربة شرط والإسلام شرط ولم يوجد أو بعض اليوم لا يصح صومه احتج الشيخ
(ره) بان الصوم ممكن في حقهما ووقت النية باق وقد صار الصبي مخاطبا ببلوغه وفي بعض اليوم انما لا يصح صومه إذا لم يكمن النية تسري
حمها إلى اوله أما إذا كانت بحال تسري حكمها إلى أول الصوم فإنه يصح وهو هنا كذلك لأنه ممكن فعل نية تسري حكمها إلى اوله والجواب
لأتم ان النية هنا تسري حكمها إلى أول الصوم لأنه قبل زوال العذر لا يكلف والنية انما يصح فعلها قبل الزوال للمخاطب بالعبادات اما غيره
ممنوع لعدم النص عليه ووجود الفرق بين النصوص عليه ان قيس عليه مع أن القياس عندنا وعنده باطل
القسم الخامس في الصوم
المحظور مسألة يحرم صوم العيدين وهو مذهب العلماء كافة لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عن صوم هذين اليومين
اما الأضحى فتأكلون من لحم يشككم واما يوم الفطر ففطر كم عن صيامكم وعن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام ستة أيام
يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث الزهري عن علي بن الحسن
(عليه السلام ولا نعلم فيه خلافا فروع الأول قال الشيخ (ره) تعالى القاتل في أحد من الأشهر الحرم يجب عليه صوم شهرين متتابعين وان
دخل فيهما العيدان وأيام التشريق واستدل بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل قتل رجلا خطأ في الشهر الحرام قال
يغلظ عليه الدية وعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم قلت فإنه يدخل في هذا شئ قال وما هو قلت يوم العيد وأيام
التشريق قال يصوم فإنه حق لزمه والصواب عندي خلاف ذلك فان الأقوال بين فقهاء الاسلام قد وقع على تحريم صوم العيدين واخراج هذه
الصورة من حكم مجمع عليه بهذا الحديث مع ا ن في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف لا يجوز فالأولى البقاء على التحريم الثاني ولو نذر
صومهما لم ينعقد نذره ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وينعقد وعليه قضاؤه ولو صامه أجزأه عن النذر وسقط
القضاء لنا انه زمان لا يصح صومه بل يحزم ولا ينعقد النذر عليه كالليل ولان صومه محرم فنذره لا ينعقد لقوله (عليه السلام وسقط
القضاء لنا انه زمان لا يصح صومه بل يحرم ولا ينعقد النذر عليه كالليل ولان صومه محرم فنذره لا ينعقد لقوله عليه السلام لا نذر في معصيته
الله وقوله عليه السلام لا نذر الا ما ابتغى به وجه الله وقوله عليه السلام من نذر ان يعصى الله فلا يعصيه وسيأتي البحث في ذلك انشاء الله تعالى
الثالث لو نذر صوم يوم فظهر انه العيد أفطر اجماعا هو ليجب عليه قضاؤه أم لا فيه تردد أقربه عدم الوجوب لنا انه زمان لا
يصح صومه فلا يتعلق النذر به ولا اثر للجهالة لأنه لا يخرج بذل ك عن كونه عيدا وإذا لم يجب الأداء سقط القضاء اما أو لا فلانه اما
يجب بأمر جديد ولم يوجد واما ثنيا فلا نهى تبع وجوب الآراء والمتبوع منتف فيكون منتفيا مسألة وصوم أيام التشريق لمن ان بمنى
حرام ذهب إليه علماؤنا اجمع وقد اتفق أكثر العلماء على تحريم صومها تطوعا وقال الشافعي في أحد قوليه انها محرمة أيضا في الفرض
616

وفي القول الاخر يجوز صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدى وللشيخ فواه يصومها للقاتل في أشهر الحرم لنا ما رواه الجمهور عن رسول الله صلى الله عليه
وآله أنه قال أيام التشريق أيام اكل وشرب وذكر الله عز وجل وعن عبد الله بن عذافر قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله أيام منى أنادي
أيها الناس انها أيام اكل وشرب وعن عمرو بن العاص أنه قال هذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأمر بافطارها وينهى
عن صيامها قال مالك نهى أيام التشريق ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث الزهري عن علي بن الحسن عليه السلام وعن قتيبة الأعشى قال
قال أبو عبد الله عليه السلام نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن صوم ستة أيام وذكرها عن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن صيام أيام التشريق فقال اما الأمصار فلا بأس بهو اما بمنى فلا احتج المخالف بما روى عن ابن عمر وعايشة انهما قالا لم يرخص صوم أيام
التشريق الا بالتمتع لم يجد الهدى والجواب ان قول ابن عمر وعايشة موقف عليهما فلا حجة فيه مع ورود النهى العام عن الصيام وأيضا
فإنه كم يحتم لمن كان بمنى يحتم لمن كان بالامصار وعلى الثاني جمعا بين اخبارنا وبينه واحتجاج الشيخ (ره) برواية زرارة المتقدمة في فضل
العيدين قد عرفت ضعف التمسك مسألة ويحرم صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان لأنه منتهى عنه عندنا وعندهم وقد سلق
تحقيق ذلك وصوم نذر المعصية حرام وهو ان ينذر انه ان تمكن من قتل مؤمن أو زناء أو ما شاء ذلك من المحرمات صام أو صلى وقصد بذلك
لشكر على تيسرها وتسهيلها لا الزجر عنها لقوله عليه السلام لا نذر الا ما أريد به وجه الله تعالى تدل عليه أيضا حديث الزهري عن علي بن
الحسن عليه السلام ويحرم أيضا صوم الصمت قاله علماؤنا اجمع ولأنه غير مشروع في ملتنا فيكون بدعة فيكون محرما ويدل عليه حديث
الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام مسألة وصوم الوصال حرام ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو؟ الظاهر من قول الشافعي وله
قول آخر انه منهى عنه نهى تنزيه وكراهة لا نهى تحريم وهو قول أكثر الجمهور حكى عن عبد الله بن الزبير كان يواصل لنا ما رواه الجمهور
عن ابن عمر قال واصل رسول الله صلى الله عليه وآله في رمضان فواصل الناس فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الوصال فقالوا انك
تواصل فقال إني لست مثلكم اني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني وهذا يقتضى التحريم من وجهين أحدهما نهيه عليه السلام والنهى يدل على
التحريم على ما بيناه في أصول الفقه والثاني انه عليه السلام بين اختصاصه به ومنع الحاق غيره به ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث
الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام لما عدد وجوه الصوم احتجوا بأنه ترك الأكل والشرب المباح فلم يكن محرما كما لو تركه في حال الفطر
وبان النهى انما أتى رحمة للمكلفين وشفة عليهم لقول عايشة نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الوصال رحمة لهم والجواب عن الأول
انه باطل بما لو ترك الأكل والشرب يوم العيد وبان النهى إذ كان التحريم لم يناف كونه رحمة للمكلفين فان الرحمة كما تصدق في المكروه ففي
الحرام هي صادفة بل هي تكليف وارشاد لقوله تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وفعل ابن الزبير خارق الاجماع ولما ثبت من
النهى عن النبي صلى الله عليه وآله فروع الأول اختلف قول الشيخ (ره) في حقيقة الوصال فقال في النهاية هو ان يجعل
عشاه سحوره وهو رواية الحلبي عن أبي عبد الله قال الوصال في الصوم هوان يجعل عشاه سحوره قال ابن بابويه قال الصادق عليه السلام الوصال
الذي نهى عنه هو ان يجعل عشاه سحوره قال في الاقتصار (الاستبصار) هو ان يصوم يومين من غير أن يفطر بينهما ليلا وهو اختيار ابن إدريس و
الجمهور وهو رواية محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال انما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا وصال في صيام يعنى
لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير افطار الثاني لو أمسك عن الطعم يومين لا بنية الصيام بل بينة الافطار فالأقوى
فيه عدم التحريم الثالث يحتمل قوله عليه السلام اني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني حمله على حقيقته من الأكل والشرب صرفا للفظ إلى الحقيقة
ويحتمل حمله على المجاز وهو انه يغان؟؟ على الصيام ويغنيه الله تعالى عن الطعام والشراب وهو أولى
بمنزلة من طعم وشرب وهو أولى لأنه
لو طعم وشرب حقيقة لما كان مواصلا وقد أقر بهم على قولهم انك تواصل ولأنه عليه السلام قال أظل يطعمني ربي ويسقيني وهذا يقتضي انه
في النهار ولا يجور الأكل في أنهار له ولا لغيره مسألة وصوم الدهر حرام لا نه يدخل فيه العيدان وأيام التشريق ولا خلاف
في تحريمه مع دخول هذه الأيام روي الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا صام ولا أفطر من صام الدهر وعن أبي موسى عن النبي
صلى الله عليه وآله قال لا صام والا أفطر من صام الدهر وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله قال من صام الدهر ضيفت عليه جهنم
ومن طريق الخاصة ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال وصوم الدهر حرام إذا ثبت هذا فلو أفطر هذه الأيام التي
نهى عن صيامها هل يكره صيام الباقي أم لا قال الشافعي وأكثر الفقهاء انه ليس بمكروه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام
ستة أيام من السنة فدل على أن صوم الباقي جايز وقال أبو يوسف انه مكروه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنه ولو أراد بالنهى
هذه الأيام لأفردها بالنهى دون صوم الدهر ويحتم لان يكون النبي صلى الله عليه وآله نهى لأنه صائم الدهر يعتاد بذلك ترك الغذاء
ولا يبقى له قوة شهوة إليه ولا مشقة زايدة فيه ويخرجه عن استشعار التقرب بالصوم لا ن الفرض بالعبادات التقرب بها والاستشعار
617

لها وهذا معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله لا صام ولا أفطر اي لم يجد ما يجده الصائم من مخالفة عادته للقربة ولا أفطر ولأنه يحدث
مشقة وضعفا فربما عجز أكثر عن العبادات وسنة التقبل عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا صام من صام الدهر من صام ثلاثة أيام
يصوم الدهر كله فقال له عبد الله بن عمران أطيق أكثر من ذلك قال فصم صوم داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما فقال إني أطيق على أفضل من ذلك ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الصحيح قال سالت زرارة أبا عبد الله عليه السلام عن صوم الدهر فقال لم يزل مكروها
مسألة وصوم الواجب سفرا حرام عدا ما استثنى وصوم المرأة تطوعا مع كراهيته زوجها وكذا العبد وقدم ذلك كله
البحث التاسع
في اللواحق م مسألة الشيخ الكبير والعجوز إذا عجزا عن الصوم جهدهما الجهد عن التحمل جاز لما ان يفطر اجماعا وهن ليجب الفدية
قال الشيخ نعم يتصدق عن كل يوم بمد من طعام وبوجوب الكفارة قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وبه قال سعيد بن جبير وطاوس
الا ان أبا حنيفة قال يطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة أو صاع من تمر وقال احمد يطعم مدا من برا ونصف صاع من تمر وشعير
قال المفيد (ره) والسيد المرتضى (رض) عنه وأكثر علماؤنا لا يجب الكفارة مع العجز عن الصوم وبه قال مالك وأبو ثور وربيعة
ومكحول وللشافعي كالقولين لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال الشيخ الكبير يطعم عن كل يوم مكينا وعن أبي هريرة قال من أدركه
الكبر فلم يستطع صيام رمضان فعليه عن كل يوم بمد من قمح وضعف انس عن الصوم عاما قبل وفاته فافطروا طعم ومن طريق الخاصة ما
رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال يتصدق بما يجزي عنه طعام
مسكين لكل يوم وعن عبد الملك بعتبة الهاشمي قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم
في شهر رمضان قال تصدق في كل يوم بمد حنطة وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول الشيخ الكبير والذي به العطاش
لا حرج عليهما ان يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعامك ولا قضاء عليهما فان لم يقدرا فلا شئ عليهما
ومثله روي محمد بن مسلم أيضا بطريق اخر عن الصادق عليه السلام إلا أنه قال ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام ونحن
نحمله على الاستحباب والشيخ (ره) فإنه فصل وقال الشيخ الكبير والمراة الكبيرة إذا لم يطيقا الصيام وعجز أعنه فقد سقط عنهما فرضه
ووسعهما الافطار ولا كفارة عليهما إذا أطاقاه بمشقة عظيمة وكان مرضهما ان صاماه يضرهما ضرر بينا وسعهما الافطار وعليهما
ان يكفرا عن كل يوم بمد من طعام قال الشيخ أبو جعفر الطوسي (ره) هذا الذي فصل به بين من يطيق الصائم بمشقة وبين من لا
يطيقه أصلا لم أجد به حديها مفصلا والأحاديث كلها على أنه متى عجز كفرا عنه والذي حمله على هذا الفصل هو انه ذهب إلى أنه الكفارة
فرع على وجوب الصوم ومتى ضعف عن الصيام ضعفا لا يقدر عليه حمله فاته يسقط عنه وجوب حمله لا نه لا يحين تكليفه للصيام
وحالبه هذه قد قال الله تعالى لا يكلف الله نفسا اللا وسعها وهذا ليس بصحيح لان وجوب الكفارة ليس منفيا على وجوب الصوم
إذ لا امتناع في أن يكلف الله من لا يطيق الصوم الكفارة للمصلحة المعلومة له تعالى وليس لا حدهما تتعلق بالآخر وكلام الشيخ جيد
إذ لا نزاع في سقوط التكليف بالصوم للعجز لكنا نقول إنه سقط إلى بدل هو الكفارة عملا بالأحاديث الدالة عليه وهو مطلقة لا ولا له
فيها على التفصيل الذي ذكر ا المفيد (ره) فيجب حملها على اطلاقها واماما لك ومن وافقه فقد احتجوا بأنه ترك الصوم لعجزه فلا
يجب به الاطعام كما لو تركه لمرض واتصل بموته والجواب بالمنع من الأصل لأنا قد بينا انه يصام عن الميت أو عن يتصدق عنه فيما تقدم
سلمنا لكن الفرق ظاهر فان المريض إذا مات لم يجز الاطعام لأنه يؤدي إلى أن يجب ذلك على الميت ابتداء يفارق ذلك إذا أمكنه الصوم فلم يفعل حتى
ما ت لان وجوب الاطعام يستند إلى حال الحياة والشيخ الكبير له ذمة صحيحة فرعه لو لم يتمكن عن الصدفة سطت عنه لعجزه عنها ويؤيده رواية
محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام وقد روى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الشيخ الكبير لا يقدر ان يصوم قاربة يتصد ق بمد في كل يوم فان لم يكن عنه عنده شئ فليس عليه شئ وما
تضمنت هذه
الرواية من صوم الولي أو القرابة محمول على الاستحباب مسألة واختلف قول الشيخ في مقدار الكفارة فقال في المبسوط والنهاية عن كل
يوم مدن فان لم يتمكن فمد عملا برواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال في الاستبصار انها مد عن كل يوم وحمل رواية محمد بن مسلم
على الاسستحباب عملا بالأحاديث الباقية كما حملناه نحن وهو أولى لان الأصل براءة الذمة وعدم شغله لا بشئ الا بالدليل مسألة
ذو العطاش إذا كان لا يرجى برؤه أفطر وتصدق عن كل يوم بمد كما تقدم وفي أحد قولي الشيخ بمدين كأنهم ولا قضاء عليه اما جواز الافطار
فللعجز عن الصيام ويؤيده ما رواه الشئ عن مفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان لينا فتيانا وبناتا لا يقدرون عن الصيام من شدة
ما يصيبهم من العطش قال فليشربوا مقدار ما ترى وبه نفوسهم وما يحذرون وعن عامر بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل
618

يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه قال يشرب بقدر ما يسد رمقه ولا يشرب حتى يروى واما الصدقة فلعجزه عن الصيام ولما تقدم في حديث
محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام وعن داود بن فرقد عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام فيمن ترك الصيام قال إن كان من مرض فإذا برئ فليقضه
وان كان من كبر أو لعطش فبدل كل يوم مد واما سقوط القضاء فلانه أفطر للعجز عن الصيام والتقدير دوامه فيدوم المسبب ويؤيده رواية
داود عن الصادق عليه السلام فإنه فضل والتفضيل يقطع الشركة مسألة ولو كان يرجى برئه أفطر اجماعا للعجز عن الصيام ولما تقدم
من الأحاديث الدالة على الاذن في الافطار مطلقا ويجب عليه القضاء معت البرء ولأنه مرض وقد زال فيقضى كغيره من الأمراض عملا بالآية
وهل يجب الصدقة أم لا قا به الشيخ (ره) كما يجب لذي العطاش الذي لا يرجى برؤه ونص المفيد (ره) على عدم وجوب الكفارة
وهو اختيار السيد المرتضى ره) وابن إدريس وهو الأقرب لأنه مريض أبيح له الافطار لعجزه عن الصيام حال مرضه مع رجاء برئه فلا
يستعقب الكفارة كغيره من الأمراض ثبت هذا فإنه لا ينبغي لهؤلاء ان يتملوا من الطعم والشراب ولا يواقعوا النساء وهل ذلك على
سبيل التحريم أو الكراهة فيه تردد والأقرب الأخير مسألة الحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبنى إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا
وعليهما القضاء وهو قول فقهاء الاسلام ولا كقارة عليهما روي الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله وضع عن المسافر
شطرا لصلاة مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول
الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما ان تفطر افطار شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم وعليهما ان تتصدق كل واحدة منهما
في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم أفطر فيه تقضيانه بعد إذا ثبت هذا فإنه الصدقة بما ذكره الباقر عليه السلام واجبة لأنه يدل على الافطار مع المكنة من الصوم في حق غير هما فيثبت فيهما مسألة ولو خافتا عن الولد من الصوم فلما الافطار
أيضا وهو قول علماء الأسلم لأنه ضرر غير مستحق فأشبه الصائم نفسه ولا نعلم فيه خلافا ويجب عليهما القضاء اجماعا الا من سلار
من علمائنا مع زوال العذر ويجب عليهما الصدقة من كل يوم بمد من طعام ذهب إليه علماؤنا وهو المشهور من قول الشافعي وبه قال
احمد إلا أنه يقول مدمن بر ونصف صاع ممن تمر أو شعير وبه قال مجاهد وعن الشافعي ان الكفارة تجب على المرضع دون الحامل وهو إحدى
الروايتين عن مالك وبه قال الليث بن سعد وقال به أبو حنيفة لا يجب عليهما كفارة وهو مذهب الحسن البصري وعطار والزهري
والربيعة والثوري والأوزاعي وأبو ثور وأبو عبيدة وداد والمزني وابن المنذر وللشافعي قول ثالث ان الكفارة استحباب مستحبة
وعن ابن عباس وابن عمر انهما قالا لا تجب الكفارة عليهما دون القضاء وهو اختيار سلار من علمائنا لنا قوله تعالى وعلى الذين
يطيقونه فدية طعام مسكين قال ابن عباس كانت رخصة للشيخ الكبير والمراة الكبيرة وما يطيقان الصيام ان يفطر أو يطعما لكل
يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرت أو أطعمتا رواه أبو داود ونحوه روى ابن عمرو من طريق الخاصة
ما تقدم في حديث محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام فإنه يسوغ لهما الافطار مطلقا وأوجب عليهما القضاء والصدقة وهو يتناول ما إذا
خافتا على الولد كما نتناول ما إذا خافتا على أنفيهما ولان المشقة التي يخشى معها على الولد يسقط وجوب الصوم لأنه حرج واضرار و
هما منفيان ويتصدقان لأنها جزاء اخلالهما مع المكنة والطاقة وامكان الصوم واما وجوب القضاء فبالآية وبما تلوناه من الحديث
ولأنه فطر بسبب نفس عاجزة من طريق الخلقة فوجبت به الكفارة كالشيخ الكبير واحتج الشافعي على الفرق فان المرضع يمكنها ان ترضع
لولدها بخلاف الحامل ولان الحمل متصل بالحامل فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها وجوابه ان الفرق لا يقتضي سقوط القضاء
مع ورود النص به واحتج أبو حنيفة بما رواه انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة
وعن الحامل والمرضع الصوم لأنه فطر أبيح لعذر فلم يجب به كفارة كالمريض والجواب ان الحديث لم يتعرض لسقوط الكفارة فكانت موقوفه
على الدليل كالقضاء فان الحديث لم يتعرض له والمريض أخف حالا منهما لأنه يفطر بسب نفسه واحتج سلار بان الآية تناولتهما وليس فيها
الا الاطعام ولان النبي صلى الله عليه وآله قال إن الله تعالى وضع عن الحامل والمرضع الصوم والجواب انهما يطيقان القضاء فلزمهما
كالحايض والنفساء والآية أو جبت الاطعام ولم تتعرض للقضاء بنفي ولا اثبات ونحن أثبتنا وجوبه بدليل اخر والمراد بوضع الصوم
وضعه عنهما في حال عذرهما كما في قوله عليه السلام ان الله وضع عن المسافر الصوم مسألة لا يجوز لمن عليه صيام فرض ان
يصوم تطوعا وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال من صام تطوعا وعليه من رمضان شيئا لم يقضه
فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل على من شهر
رمضان طايفة أيتطوع فقال لا حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان وعن أبي الصباح الكناني نحوه ورواهما ابن بابويه أيضا ولأنه عبادة
يدخل في جبرا هنا المال فلم يصح التطوع بها قبل أدائها فرضا كالحج احتج احمد بأنها عبادة متعلقة بوقت موسع فجاز التطوع وفي وقتها
619

كالصلاة والجواب انه قياس في معارضته النص فلا يكون مسموعا وأيضا فانا نقول إن أداء الصلاة لا يمتنع من فعل النافلة لأنه لا يفوت
وقتها اما قضاء الصلاة فإنه لا يجوز التطوع لمن عليه القض ء مسألة قال علماؤنا صوم النافلة لا يجب بالشروع فيه ويجوز ابطاله ولا يجب
قضاؤه لو أفطر فيه لعذر وغير عذر وبه قال الشافعي والثوري واحمد وإسحاق وقال أبو حنيفة يجب المضي فيه ولا يجوز له الافطار الا لعذر فان
أفطر قضاه وروى عن محمد أنه قال إذا دخل على أخ فحلف عليه أفطر وعليه القضاء وقال مالك يجب بالدخول فيه ولا يجوز الخروج عنه الا بعذر
وإذا خرج عنه لعذر لا يجب القضاء وبه قال أبو ثور لنا ما رواه الجمهور عن عايشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال هل عندكم
شئ فقلت لا قال فاني صائم ثم مر بي بعد ذلك اليوم وقد اهدى إلى جنس؟؟ فخبأت له وكان يحب الخيس قلت يا رسول الله اهدى لنا خيس فخبأت لك
منه قال ادنه اما اني قد أصبحت وانا صايم فاك لمنه ثم قال انما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها
وان شاء حبسها وروت أم هاني قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله عليه فاتى بشراب فناولنيه فشربت منه ثم قال يا رسول الله لقد
أفطرت وكنت صائمة فقال لها كنت تقضين شيئا قالت قال فلا يضرك ان كان تطوعا وفي رواية أخرى قالت قلت له اني صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ان المتطوع امين نفس فإن شئت فصومي وإن شئت فأفطر وفي رواية أخرى قالت دخل على رسول الله
صلى الله عليه وآله وانى صائمة فناولني فضل شراب فشربت فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني كنت صائمة واني كرهت ان
أرد سؤرك فقال إن كان قضاء من رمضان فصومي يوما مكانه وان كان تطوعا فإن شئت فاقضيه وإن شئت فلا تقضيه ومن طريق لخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الذي يقضى شهر رمضان انه بالخيار إلى زوال الشمس
وان كان تطوعا فإنه إلى الليل بالخيار وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام نحوه ولان كل صوم لو أنه كان تطوعا إذا خرج
منه لم يجب قضاؤه كما لو اعتقد انه من رمضان فبان انه من شعبان أو من شوال احتج المخالف بما روى عن عايشة انها قالت أصبحت انا وحفظ صائمتين متطوعتين فأهدى لنا خسيس؟؟ فأفطرنا ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال اقضيا يوما مكانه ولأنها عبادة يلزم بالنذر
فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة والجواب ان خبر هم قال أبو داود لا يثبت وقال الترمذي فيه مقال وضعفه الحرجاني وغيره ومع ذلك
فإنه محمول على الاستحباب واما الحج فاخراجه آكد ولهذا لا يخرج منه باختياره ولا بافساده وإذا حرم وأعتقده انه واجب عليه لم
يخبر له الخروج منه فافترقا فروع الأول يستحب له اتمامه وان لا يبطل لأنه طاعة شرع فيها فاستحب له اتمامها ويتأكد بعد الزوال
لما رواه الشيخ عن مستعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام ان عليا (عليه السلام) قال الصائم تطوعا بالخيار ما بينه وبين نصف النهار
وإذا انتصف النهر فقد وجب الصوم والمراد بالوجوب هنا شدة الايجاب كما قال (عليه السلام) الجمعة واجب وصلاة الليل واجبة ولا يراد بذلك
التعرض الذي يستحق بتركه العقاب وكذا حديث معمر بن خلاد عن أبي الحسن عليه السلام قلت له الا نوافل ليس لي ان أفطر بعد الظهر قال نعم في حديث ذكره الشيخ فإنه أيضا
محمول على الاستحباب الثاني سائر النوافل من الأعمال حكمها حكم الصوم في أنها لا تلزم بالشروع ولا يجب قضاؤها إذا خرج منها الا الحج
والعمرة فإنهما مخالفان سائر العبادات في هذا لتأكد احرامهما ولا يخرج منهما بافسادهما وعن أحمد رواية انه لا يجوز قطع الصلاة المندوبة
فان قطعها قضاها وهو خطأ لأنها جاز تركها جميعا كالصدقة والحج والعمرة يخالفان غيرهما الثالث لو دخل في واجب فإن كان
معينا لم يجز له الخروج منه وان كا ن مطلقا كقضاء رمضان أو الندب المطلق فإنه لا يجوز له الخروج منه الا في رمضان بعد الزوال
على ما تقدم مسألة كل الصوم يلزم فيه التتابع الا أربعة صوم النذر المجرد عن التتابع وما في معنى النذر من يمين أو عهد لان الأصل
براءة الذمة والتقدير انه لم ينذر من مقيدا بالتتابع فإذا فعليه مفترقا فقد صدق عليه انه أتى بما قدره فكان مخرجا عن العهد وهو صوم
قضاء رمضان وقد سلف بيان عدم وجوب متابعة وصوم جزاء الصيد وسيأتي وصوم سبعة أيام في بدل الهدى على ما يأتي وقد روى الشيخ في
الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهم السلام) قال سألته عن صوم ثلاثة أيام في الحج والسبعة أيصومها متوالية أو يفرق بينها قال يصوم الثلاثة
لا يفرق والسبة لا يفرق بينها ولا يجمع السبعة والثلاثة جميعا وسيأتي البحث في ذلك أن شاء الله تعالى ما غير هذه الأربعة مثل الصوم
في كفارة الظهار وقتل الخطاء أو الافطار أو كفارة اليمين لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال صيام
ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعا ولا يفصل بينهن أو كفارة اذى حلق الرأس أو ثلاثة أيام بدل الهدى فان التتابع فيها واجب
على ما مضى بيان بعضها وسيأتي بيان الباقي إن شاء الله تعالى مسألة من وجب عليه صوم شهرين متتابعين اما في الكفارة أو لنذر
وشبهه فأفطر في الشهر الأول أو بعد انتهائه بل إن يصوم من الشهر الثاني شيئا فإن كان أفطر لعذر من مرض أو حيض لم ينقطع تتابعه بل
ينتظر زوال العذر ثم يتم الصيام ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي في الحيض اما المرض فله قولان لنا ان
المرض مساويا للحيض في كونهما
عذرين من قبل الله تعالى ليس من المقدور دفعهما فتساويا في سقوط التكليف بالتتابع لأنه لو لم يسقط التتابع بهما لكان تعريضا
620

لتكرار الاستيناف لعدم الوثوق بزوال العارض وذلك ضرر عظيم ولأنه يبنى مع الحيض فيبنى مع المرض لتساويهما في كونهما من قبله تعالى
ولان الاستيناف عقوبة عل بالتفريط من الوارد من قبله تعالى ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
وأفطرت أيام حيضها قال تقضيها قلت فإنها قضتها ثم؟ من المحيض قال لا يعيدها أجزأها وذلك رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن
عن الباقر عليه السلام أيضا وعن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فصام خمسة
وعشرين يوما ثم مرض فإذا برئ يبنى على صومه أم يعيد صومه كله فقال بل يبنى على ما كان صام ثم قال هذا مما غلب الله عليه وليس على
ما غلب الله عز وجل عليه شئ لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن تجميل ومحمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار
فيصوم شهرا ثم يمرض قال يستقبل فان زاد على الشهر الاخر يوما أو يومين بنى على ما بقي وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام قال إن كان على
رجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر ا لا ول فان عليه ان يعيد الصيام وان صام الشهر الأول والشهر الثاني شيئا ثم عرض
له ماله العذر فان عليه ان يقضى لأنا نقول إن هذا محمول على الاسستحباب دون الايجاب على ما تقدم ونا وله الشيخ (ره) بذلك القضاء وباحتمال
أن لا يكون المرض مانعا من الصوم مسألة ولو أفطر من الشهر الأول لو بعد اكماله قبل أن يصوم من الثاني شيئا بغير عذر استأنف و
هو قول فقهاء الاسلام لأنه لم يأت بالمأمور بها وهو صوم شهرين متتابعين ولم يفعله فلا يخرج عن العهدة ويؤيده ما رواه الشيخ في
الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال في كفارة اليمين في الظهار شهرين متتابعين والتتابع ان يصوم شهرا ويصوم من الاخر أياما أو شيئا
منه فان عرض له شيئا يفطر منه أفطر ثم يقضى ما بقي عليه وان صام شهر اثم عرض له شئ فأفطر قبل أن تصوم من الاخر شيئا فلم يتابع أعاد
الصوم كله لا يقال لهذا الحديث ينافي ما ذهبتم إليه لأنه عليه السلام على القضاء والإعادة بالافطار قبل الاكمال لعروض شئ وأنتم لا
تذهبون إليه فما هو مذهبكم لا يدل الحديث عليه وما يدل الحديث عليه لا تقولون به فلا يجوز لكم الاستدلال بمثله لأنا نقول عروض
شئ أعم من أن يكون عذرا بمنع الصوم ومن أن لا يكون كذلك وليس يتناولهما معا على الجمع فيحمل على الثاني لما تلوناه من الأحاديث المتقدمة
وأيضا فإذا دل على العبادة للافطار لعذر فلغير عذر أولى مسألة ولو صام من الشهر الثاني بعد صيام شهر الأول متتابعا شيئا
وان كان يوما ثم أفطر جاز له له البناء سواء كان لعذر أو لغيره وهن مذهب علمائنا أجمع خلافا للجمهور كافة لنا انه بصوم بعض الشهر الثاني
عقيب الأول تصدق المتابعة لأنها أعم من المتابعة بالكل أو البعض والأعم من الشئ صادق عليهما فتخرج العهدة بكل واحد منهما و
لأنه إذا صام من الثاني ولو شيئا تابع في الأكثر وحكم الأكثر غالبا حكم الجميع ويؤيد ذلك رواية الحلبي الصحيحة عن أبي عبد الله
عليه السلام في كفارة الظهار صيام شهرين متتابعين والتتابع ان يصوم شهرا ويصوم من الاخر أيام أو شيئا منه وقد تقدمت عن سماعة بن مهران
قال سألته عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين أيفرق بين الأيام قال إذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له امر نا ففطر فلا
بأس فان كنان أقل من شهر أو شهرا فعليه ان يعيد الصيام فروع الأول لا يجوز لمن عليه صيام شهرين متتابعين ان يصوم شعبان
من غير أن يسبقه صوم يوم أو أيام من رجب ولا يجزي بمتابعة شهر رمضان لأنه صوم استحق في أصل التكليف والتتابع وصف لصوم الكفارة
واحدهما غير الاخر ولا يقوم أحدهما مقام الاخر اما لو صام قبله يوما أو أيام ا من رجب ثم وصل شعبان حتى زاد على الشهر الواحد
أجزأه لما تقدم من الأحاديث 3 ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال في رجل صام في
الظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان قال يصوم شهر رمضان ويستأنف الصوم فان صام في الظهار وزاد في النصف يوما قضى بقيته الثاني
قال المفيد (ره) لو تعمد الافطار بعدان صام من الشهر الثاني شيئا فقد أخطأوا ان جاز له التمام واختاره ابن إدريس محتجا بان التتابع
ان يصوم الشهر ين ونحن نمنع ذلك لما ثبت في حديث الحلبي الصحيح عن الصادق عليه السلام ان حد التتابع ان يصوم شهر أو يصوم من الاخر أيام
أو شيئا منه وحينئذ لا يتوجه الخطاء إلى المكلف وقول الصادق عليه السلام أولى بالا تباع من قو لابن إدريس الثالث هذا وان كان جايزا
على ما قلناه فالأولى تركه وان تتابع الشهرين معا خلاصا من الخلاف ولما فيه من المساعدة إلى فعل الطاعات وطلب المغفرة من الله تعالى
واسقاط الذنب بفعل العقوبة بالصوم وبراءة الذمة من الشغل الرابع لو سافر قبل أن يصوم من الثاني شيئا فان تمكن من ترك السف ر
انقطع تتابعه ووجب عليه الاستيناف منع رجوعه إلى وطنه أو وصوله إلى موضع يلزمه التمام فيه وان كان مضطرا إلى السفر مقهورا
عليه لم ينقطع التتابع وأفطر ثم إذا وصل إلى بلده نبي وقضى ما تخلف عليه الخامس المرض والحيض عذران يصح معهما التتابع والبناء
مطلقا وكذا كل ما كان من قبل الله تعالى من الاعذار لأنه لا قدوة على دفعه والاستيناف عقوبة على التفريط ولم يوجد ويدل عليه أيضا
قوله عليم السلام وليس عليه مما غلب الله شئ مسألة ومن وجب عليه صوم شهر متتابع لنذر وشبهه من يمين أو عهد فصام خمسة عشر يوما
621

ثم أفطر لعذر أو غيره جاز له البناء وان أفطر قبل ذلك استأنف الا ان يكون لعذر فإنه يتم ويبنى وقال الشافعي ان أفطرت المرأة لحيض نبت وقضت
أيام حيضها وان مرض النادر ففي التتابع قولان وقال احمد ان مرض أتم إذا عوفي وعليه كفارة يمين وان أحب استأنف ولا كفارة ولم
يعتبر أحد من الجمهور صوم النصف لنا ما رواه الشيخ عن موسى بن بكر عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل جعل عليه صوم شهر فصام منه خمسة عشر يوما
ثم عرض له امر قال إن كان صام خمسة عشر يوما فله ان يقضى ما بقي وان كان أقل منه خمسة عشر يوما لم يجزه حتى يصوم شهرا تاما وعن
الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام مثله فرع قال الشيخ في الجمل إذا كان كفارة الصيد صيام شهر فصام نصفه له التفريق للباقي
والبناء على ما مضى ومنعه ابن إدريس وهو أقوى والحكم في الشهر كالحكم في الشهرين وقد بيناه مسألة صوم يدل هدى التمتع عشرة
أيام ثلاثة أيام في الحج متتابعات وسبعة أيام إذا رجع أهله قال الشيخ ولا يجب التتابع في السبعة اما الثلاثة فقد اتفقوا على وجو ب التتابع
فيها إذا أثبت هذا فلو صام يوم ثم أفطر فكذلك الا ان يصوم يوم التروية ويوم عرفه فإنه يفطر العيد ويأتي بيوم ثالث بعد القضاء
أيام التشريق اما تتابعها فلرواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام وقد تقدمت واما الاجتزاء بيومين في التتابع بشرط ان يكون
الافطار للعبد فلما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله فيمن صام يوم التروية ويوم عرفة قال يجزيه ان يصوم يوم آخر صوم السبعة بعدد
أيام التشريق فروع الأول لو كان الثالث غير العيدين صام يومين غير يوم التروية وعرفة ثم أفطر الثالث استأنف عملا بوجوب
التتابع عن غير معارض الثاني قال الأصحاب لا يجب تتابعها وسيأتي الثالث كل ما يشترط فيه التتابع فان أفطر في خلاله
لعذر بنا وان كان لغير عذر استأنف الا في المواضع الثلاثة المتقدمة وهي تتابع الشهرين أو الشهر أو ثلاثة أيام بدل الهدى مسألة
هل يجوز صيام أيام التشريق بدلا عن الهدى لمن كان بمنى فيه روايتان أحدهما عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قيل
له ان عبد الله بن الحسن يقول بصوم أيام التشريق فقال إن جعفر كان يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله امر ان ينادي ان هذه أيام
اكل وشرب فلا يصومن فيها أحدا والأخرى رواها إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام كان يقول من فاته
صيام الثلاثة الأيام في الحج فليصمها أيام التشريق والأول هو المعمول عليها عند الأصحاب والثانية نادرة شاذة مخصصة للعموم المعلوم قطعا
من المنع غير صيام أيام التشريق فلا يجوز التعويل عليها مسألة قد بينا ان المسافر يجوز له النكاح وان كان مكروها فان كانت المراة
مسافرة أيضا حل لهما معا الجماع وكذا لو قدم هو من سفره وكان مفطرا في ذلك اليوم وأنها قد طهرت في ذلك اليوم من الحيض جاز لهما الجماع أيضا لسقوط فرض
الصوم عنهما ولو غيرته فقالت اني مفطرة فوطا ها أفطرت ولا كفارة عليه عن نفسه لإباحة الفطر له ولا عنها لغروره ولا صنع له فيه ويجب
عليها كفارة عن نفسها ولو عليم بصومها فان لم يكرهها وجبت الكفارة عليها لأنه يحرم عليها الافطار وقد فعلته فوجبت الكفارة عقوبة
ولا يجب عليه شئ لأنه لم يفطر في صوم واجب عليه وان أكرهها فلا كفارة عليه أيضا وهل تجب عليه كفارة عنها أم لا الأقرب وجوبها
عليه لما تقدم من في أن المكره لزوجته تحمل عنه الكفارة ولا فرق بين ان يغلبها على نفسها أو يتهددها فتطاوعه ولا يفطر في الحالين قال
الشافعي لا تفطر في الأولى وفي التهدد قولان وقد سلف مسألة ويكره السفر في شهر رمضان للصائم الا لضرورة الا إذا مضت ثلث
وعشرون يوما من الشهر فح يزول الكراهية لان فيه تعريضا لا بطال الصوم ومنعا عن فعل العبارة ابتداء واكتفاء بالقضاء عن الأول
وكل ذلك مطلوب الترك أما إذا مضت المدة المذكورة فان الكراهية تزول لان أكثر الشهر قد فعله إذا أداء فلو كره له الخروج بعد هذه
المدة لزم تحمل الضرب بالترك على تقدير إرادة الأولى وكذا لو كان مضطرا إلى السفر بان خاف على فوات مال أو هلاك أخ أو خروج
في واجب من حج أو عمره أو مندوب فان الكراهية تزول هنا ويؤيده ما رواه الشيخ عن علي بن أسباط عن رجل عن أبي عبد الله قال إذا
دخل شهر رمضان فلله فيه شرط قال الله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه فليس للرجل إذا دخل شهر رمضان ان يخرج الا في حج
أو في عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلا كه وليس له ان يخرج في اتلاف مال أخيه فإذا مضت ليلة ثلث وعشرين فليخرج حيث
شاء وروى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام قال قلت له جعلت فداك يدخل على شهر رمضان فأصوم بعضه فتحضر بنية
في زيارة قبرا بي عبد الله (عليه السلام أزوره وأفطر ذاهبا وجائيا أو أقيم حتى أفطر وأزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين فقال أقم حتى
تفطر قلت له جعلت فداك فهو أفضل قال نعم اما تقرء في كتاب الله فمن شهد منكم الشهر فليصمه وروى ابن بابويه في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يزيد مراحا ثم بيد وبعدما يدخل شهر رمضان ان يسافر فسكت فسألته غيره مرة فقال
يقيم أفضل إلا أن يكون له حاجة لا بد لله من الخروج فيها أو يتخوف على ماله وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام عن الخروج إذا
دخل شهر رمضان فقال لا الا فيما أخبرك به خروج إلى مكة أو غزو في سبيل الله أو مال تخاف هلا كه أو أخ تخاف هلا كه وانه ليس
أخا من الأب والأم وهذا النهى على الكراهية لا التحريم عملا بالا صل وبما رواه ابن بابويه في الصحيح عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
622

(عليه السلام) انه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام فقال لا بأس بان يسافر ويفطر ولا يصوم ورواه عن أبان بن عثمان
عن الصادق (عليه السلام إذا ثبت هذا فقد روى ابن بابويه ان تشيع المؤمن أفضل من المقام لما فيه من مراعاة قلت بالمؤمن رواه عن الصادق
(عليه السلام عن الرجل يخرج بتشييع أخيه مسيره يومين أو ثلاثة قال إن كان في شهر رمضان فليفطر فسئل أيهما أفضل يصوم أو بشيعة
فقال تشيعه ان الله عز وجل وضع الصوم عنه إذا شيعه وكذا روى عن حماد بن عثمان عن الصدق (عليه السلام) انه يستحب له ان يتلقى أخاه من
السفر ويفطر مسألة ومن وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز عن ذلك صام ثمانية عشر يوما قاله أكثر علمائنا لما رواه
الشيخ في الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام قال سألته عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر عل ى الصيام ولم يقدر
على العتق ولم يقد رعل يا لصدقة قال فليصم ثمانية عشر يوما عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام
مسائل في النذر الأولى لو نذر صوم
يوم بعينه فوافق يوم العيد أو أحد أيام التشريق وهو بمنى أفطر بلا خلاف وهول يجب قضاؤه فيه تردد ينشأ من كون الزمان محل
الصوم فلا ينعقد فنذره مع الجهل كما لا ينعقد مع العلم وهو الأقوى وقد سلف وقد ورد بالقضاء وبعدمه اخبار الثانية
لو نذر صوم يوم من شهر رمضان قيل لا ينعقد لان صومه مستحق في أصل الشرع واجب من قبل الله تعالى فلا يرد عليه وجوب اخر ولو قيل
بانعقاده كان قويا وتظهر الفائدة لو أفطر هل يجب عليه كفارة واحدة أو كفارتان فان قلنا بصحة النذر لزمه كفارتان والا فواحدة الا ثالثة
لو نذر صيام يوم بعينه أو أيام بعينها فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو اضحى أو يوم جمعة أو أيام التشريق أو سفرا ومرض هل عليه صوم ذلك
اليوم أو قضاه أو كيف يصنع يا سيدي فكتب إليه قد وضع الله عنك الصيام في هذه الأيام كلها وتصوم يوما بدل يوم انشاء الله الرابعة
إذا نذر صوم الدهر واستثنى الأيام التي يحزم فيها الصوم انعقد نذره لأنه نذر في طاعة فوجب عليه الوفاء به إذا ثبت هذا فلو كان عليه
قضاء من رمضان أوجب عليه بعد ذلك لزمه ان يصوم القضاء مقدما على صوم النذر لأنه واجب ابتداء بالشرع فإذا كان الزمان الذي مضى
فيه هل يدخل تحت النذر فيه تردد ينشأ من ظهور استحقاقه للقضاء فلم يدخل في النذر كشهر رمضان ومن دخوله في النذر لأنه لو صام
عن النذر وقع عنه وبقي القضاء في ذمته إذا عرفت ذلك فتقول لا كفارة عليه في هذه الأيام التي فاتته من نذره لأنه لا يمكنه فعلها
كالمريض إذا أفطر ثم اتصل مرضه بموته وقال بعض الشافعية بلزمه الكفارة لأنه عجز عن صوم واجب عجزا مؤيدا فلزمته الكفارة كالشيخ الهرم وجوابه انه معارض ببرائة الذمة الخامسة إذا وجب عليه صيام الدهر واجبا كفارة مخيرة أو مرتبة فهل يصوم عن الكفارة
أم لا الوجه انه لا يصم عنها بل ينتق ل فرضه إلى غير الصوم في المرتب والمخير السادسة لو نذر صوم يوم قدوم زيد قيل لا ينعقد نذره
لأنه ان قد مليلا لم يجب صومه لعدم الشرط وان قدم نهارا فلعدم التمكن من صيام اليوم يوم النذر وقال الشيخ (ره) ان وافق
قدومه قبل الزوال ولم يكن تناول شيئا مفطرا جدد النية وصام ذلك اليوم وان كان بعد الزوال أفطر ولا فضا عليه فيما بعد ولو نذر
يوم قدومه دائما سقط وجو ب اليوم الذي جاء فيه ووجب صومه فيما بعد فلو اتفق في رمضان صامه عن رمضان خاصة فيسقط النذر
فيه لأنه كالمستثنى ولا قضاء عليه ولو صامه عن النذر وقع عن رمضان ولا قضاء عليه أيضا السابعة لو نذر صوم يوم دائما فوجب
عليه صوم شهرين متتابعين لاحد الكفارات قال الشيخ (ره) يصوم في الشهر الأول عن الكفارة تحصيلا للتتابع فإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقي من الأيام عن النذر لسقوط التتابع وقال بعض أصحابنا يسقط التكليف بالصوم لعدم امكان التتابع وينتقل الفرض إلى
الاطعام وليس بجيد والأقرب صيام ذلك اليوم وان تكرر عن النذر لسقوط التتابع لا في الشهر الأول ولا في الأخير لأنه عذر لا يمكنه
الاحتراز عنه ولا فرق بين تقدم وجوب التكفير على النذر وتأخيره الثامنة لو نذر ان يصوم في بلد معين قال الشيخ صام أين
شاء وفيه تردد وقول اخر انه يجب عليه الصوم في البلد وقد روى علي بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم (عليه السلام قال سألته عن رجل جعل على نفسه
صوم شهر بالكوفة وشهر بالكوفة وشهر بالمدينة وشهر بمكة من بلاء ابتلي به فقضى انه صام بالكوفة شهرا ودخل المدينة وصام بها ثمانية عشر يوما ولم
يقم عليه الجمال قال يصوم ما بقي عليه؟ انتهى إلى بلده التاسعة لو نذر صوم معينة وجب عليه صومها الا العيدين وأيام التشريق ان
كان بمنى ثم لا يخلو اما ان يشرط التتابع أو لا فان لم يشترطه حتى أفطر في أثنائها قضى ما أفطر ه وصام الباقي ووجب عليه الكفارة في كل
يوم يفطره لتعينه للصوم بالنذر على ما تقدم وان شرط التتابع استأنف وقيل جاز النصف بنى ولو فرق هذا إذا كان افطاره لغير
عذر واما ان كان لعذر فإنه يبنى ويقضى وكفارة عليه ولو نذر صوم سنة غير ه معينة تخير في التوالي والتفريق إن لم يشرط؟
العاشرة لو نذر صوم شهر تخيير بين ثلاثين يوما وبين الصوم في ابتداء الهلال إلى اخره ويجزيه وكان ناقضا ولو صام في أثناء الشهر
عده ثلثين سواء كان تاما أو ناقصا ولو نذره متتابعا وجب عليه ان يتوخى ما يصح فيه ذلك ويجتزئ بالنصف ولو شرع في ذري الحجة لم يخبر
لانقطاع التتابع بالعيد الحادي عشر لو نذر ان يصوم يوما ويفطر يوما صوم داود (عليه السلام فوالي الصوم قال ابن إدريس وجب عليه
623

كفارة خلف النذر لأنه نذر الافطار فصام الثانية عشر لو نذر صوم يوم بعينه فقدم صومه لم يجز لأنه قدم الواجب على وقته فلا
يحصل به الامتثال كما لو قدم رمضان الثالثة عشر لو نذر الصوم لا على جهة التقرب بل لمنع النفس أو على جهة اليمين لم ينعقد نذره
لأنه ليس طاعة الرابعة عشر لو نذر صوما ولم يعين وتجب عليه ان يصوم وأقله يوما واحد ا لان الأصل براءة الذمة من الزايد
وقد روى الشيخ عن أبي جميلة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل جعل الله نذرا فلم يسم شيئا قال يصوم ستة أيام و
الوجه حمله على لاستحباب وبالجملة فهو مرسل أبي جميله وفيه قول الخامسة عشر قال علماؤنا لو نذر ان يصوم زمانا كان عليه صيام
خمسة أشهر ولو نذر ان يصوم حينا كان عليه ان يصوم ستة أشهر لقوله تعال تؤتي اكلها كل حين ويؤيده ما
رواه الشيخ عن السكوني
عن أبي جعفر (عليه السلام عن ابائه (عليهم السلام قال في رجل نذران يصوم زمانا قال الزمان خمسة أشهر والحين ستة أشهر لان الله تعالى
يقول تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ونحوه روى الشيخ عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله (عليه السلام في الحين السادسة عشر
لو نذر العبد الصوم لم يصح الا باذن المولى وكذا الزوجة لا يجوز لها ذلك الا باذن زوجها لان فيه تقويت المنافع المستحقة للسند
والزوج فاشترط رضاهما وسيأتي البحث في هذه المسائل كلها انشاء الله تعالى في باب النذر بكلا؟
فصول في النوادر السحور
مستحب وهو قول العلماء كافة روى انس عن النبي (صلى الله عليه وآله أنه قال تسحروا فان السحور بركة وعنه (عليه السلام فضل ما
بين صيامنا وصيام أهل الكتاب كله السحور وعنه (عليه السلام السحور بركة فلا تدعوه ولو أن يجزع أحدكم جرعة من ماء فان الله وملئكته
يصلون على المتسحرين ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله أنه قال السحور بركة وقال (عليه السلام
لا تدع أمتي السحور ولو على شقة تمر وقال (عليه السلام) تعاونوا بأكل السحر على صيام النهار وبالنوم عند القيلولة على قيام الليل وعن
أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال إن الله تعالى وملئكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالا سحار فليتسحر
أحدكم ولو شربة من ماء وسأل سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن السحور لمن أراد الصوم فقال اما في شهر رمضان فان الفضل في السحور ولو
بشربة من ماء واما في التطوع فمن أحب ان يتسحر فليفعل ومن لم يفعل فلا بأس وسأله أبو بصير عن السحور ان أداء الصوم أو أجب هو عليه فقال لا بأس
بان لا يتسحر انشاء فاما في شهر رمضان إذا ثبت هذا فالأفضل تأخير السحور لما رواه زيد بن ثابت قال تسحرنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله ثم
قمنا إلى الصلاة قلت كم كان قدر ذلك قال خمسين آية ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ ان رجلا سئل الصادق (عليه السلام) فقال اكل وانا أشك
في الفجر يأكل حين حتى يستيقن طلوعه هذا قول ابن عباس والأوزاعي وهو الذي نقلناه عن الصادق (عليه السلام) واستحباب تأخيره مع تيقن الليل واما
مع الشك فإنه يكره الا انه يجوز لان الأصل بقاء الليل إذ ا عرفت ذلك فكل ما تحصل من اكل وشرب فان فضيلة السحور حاصلة معه
لقوله (عليه السلام) ولو بشربة من ماء وفي حديث ولو بخسفة من تمر قال ابن بابويه وأفضل السحور السويق والتمر وفصل ويستحب تعجيل الافطار بعد
صلاة المغرب إن لم يكن هناك من ينتظره والا فقبلها روى الجمهور عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول تعالى أحب
عبادي إلى أسرعهم فطرا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن الافطار قبل الصلاة
أو بعد ها فقال إذا كان قوم يخشى ان يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم وان كان غير ذلك فليصل وليفطر ولا نه لا يأمن الضعف وجوب
القوة بترك المبادرة إلى الاغتذاء وانما يستحب التعجيل إذا تيقن الغروب فاما مع الشك فلا يجوز لان الأصل بقاء النهار ويريد بتعجيل
الافطار الأكل والشرب وان كان الافطار يحصل بغروب الشمس من طريق الحكم إذا ثبت هذا فإنه يستحب ان يفطر على التمر أو الزبيب
أو الماء أو اللبن روى الشيخ عن جابر قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقو ل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفطر على الأسودين قلت
رحمك الله وما الا سودان قال التمر وإماء أو الزبيب وإماء ويتسحر بهما وعن ابن سنان عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الافطار
على إماء يغسل ذنوب القلب وعن غياث بن إبراهيم عن جعف ر عن أبيه (عليهم السلام) ان عليا (عليه السلام) كان يستحب ان يفطر على اللبن فصل
ويستحب للصائم الدعاء عند الافطار فان له دعوة مجابة روى الشيخ عن السكوني عن أبي جعفر بن محمد عن ابائه (عليهم السلام) ان رسو ل
الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا أفطر قال اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا ذهب الظماء وابتلت العروق وبقي الاجر
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يقول في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار إلى اخره الحمد لله الذي أعاننا فصمنا ورزقنا
فأفطرنا اللهم تقبل منا وأعنا عليه وسلمنا فيه وتسلمه منا في يسر منك وعافية الحمد لله الذي قضى عنا يوما من شهر رمضان وعن عبد الله بن
يمهون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليهم السلام قال جاء قنر مولى علي عليه السلام يفطره إليه قال فاتى بحراب فيه سويق عليه خاتم
فقال له رجل يا أمير المؤمنين ان هذا لهو البخل تختم على طعامك قال فضحك علي (عليه السلام) ثم قال أو غير ذلك لا أحب ان يدخل بطني شيئا الا اعرف
624

سبيله ثم كسر الخاتم فاما سويقا فجعل منه في قدح فأعطاه إياه فاخذ القدح فلما أراد أن يشر ب قال اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبل
منا انك أنت السميع العليم وروى ابن بابويه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يستجاب دعاء الصائمين عند الافطار فصل ويستحب افطار
الصائم روى الشيخ عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من أفطر صائما فله مثل اجره ورواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن
موسى بن بكر عن أبي الحسن (عليه السلام) قال فطرك أخاك الصائم أفضل من صيامك وعن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال دخل سدير
على أبي في شهر رمضان فقال يا سدير هل تدري اي الليالي هذه فقال نعم فداك أبي ان هذه ليالي شهر رمضان فماذا فقال له تقدر ان تعتق في ليلة
من الليالي عشر وقاب من ولد إسماعيل فقال له سدير بابي وأمي لا يبلغ مالي ذلك فما زال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة في كل ذلك يقول لا
أقدر عليه فقال له أفما تقدر على أن تفطر في كل ليلة رجلا مسلما فقال له بلى وعشرة فقال له أبي فداك الذي أردت يا سدير ان افطارك أخاك المسلم يعدل
عتق رقبة من ولد إسماعيل وكان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا كان اليوم الذي يصوم فيه امر بشاة فتذبح وتقطع أعضائه فإذا كان عند المساكين
على القبلة وحتى يجد ريح المرق وهو صايم ثم يقول هاتوا القصاع اغرفوا لآل فلان ثم يؤتى بخبز وتمر يكون ذلك
عشاه وأورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في اخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه وتكلم بكلام ثم قال قد أظلكم
شهر رمضان من فطر فيه صائما كان له بذلك عند الله عز وجل عتق رقبة ومغفرة ذنوبه فيما مضى قيل له يا رسول الله (صلى الله عليه وآله
ليس كلنا نقد ران تفطر صايما قال إن الله كريم يعطي هذا الثواب لمن لا يقد ر الأعلى مذقة من لبن يفطر بها صائما أو شربة من ماء عذب
أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك فصل والجو ر فيه فضل كثير لما فيه من مساعد ة الاخوان قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان جواز
يحب الجود ومعالي الأخلاق ويكره سفسانها وعنه (عليه السلام) الجنة دارا الأسخياء وعنه (عليه السلام) أنه قال إن المتكبرين هم المقلون يوم القيمة الامن قال
بالمال هكذا وهكذا ويستحب ان ذلك في شهر رمضان قال ابن عباس ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان
وكان أجود من الريح المرسلة ولان الثواب فيه أكثر ولان الناس يستقلون في شهر رمضان بصيامهم وينقطعون عن مكاتبهم ومعايشهم فيكون قائم
إلى البر أكثر والثواب عليه أعظم فصل وليلة القدر ليلة شريفه معظمة في الشرع قال الله تعالى انا أنزلناه في ليلة القد ر وما ادراك
ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر ومعنى القدر الحكم وقال تعالى انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم و
وروى عن ابن عباس قال انما سميت ليلة القد ر لان الله تعالى يقدر فيها ما تكون في تلك السنة من خير ومعصيته ورزق وغير ذلك وعن أبي
هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال من صام رمضان وقام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر
له ما تقدم من ذنبه ومن طريق الخاصة ما
رواه ابن بابويه عن رفاعة عن الصادق (عليه السلام) أنه قال ليلة القدر أول السنة وهي اخرها وروى عن أبي عبد الله أنه قال أدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صيامه
بني أمية يصعدون منبره من بعده ويضلون الناس عن الصراط القهقري فأصبح كئيبا حزينا فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أراك كئيبا حزينا قال يا جبرئيل لأني را يت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقري فقال
والذي بعثك بالحق ان هذا الشئ ما اطلعت عليه ثم عرج إلى السماء فلم يبث ان انزل بأي من القران يؤنسه بها منها أفرأيت ان متعناهم
سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وانزل عليه انا أنزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة
القدر خير من الف شهر جعل الله عز وجل ليلة القدر لنبيه (صلى الله عليه وآله) خير من الف شهر من ملك بني أمية وسأل حمران أبي جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل
انا أنزلناه في ليلة مباركة قال هي ليلة القدر وهي في كل سنته في شهر رمضان في العشر الأواخر ولم ينزل القران الا في ليلة القدر قال الله عز وجل
فيها يفرق كل امر حكيم قال يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خير أو شر أو طاعة أو معصيته أو مولود
أو أجل أو رزق مما قدر في تلك الليلة وقضاء فهو المحتوم ولله فيه المشيئة قال قلت له ليلة القدر وخير من الف شهر اي شئ عنى بذلك
فقال العمل الصالح فيها من الصلاة وأنواع الخبر خيره في الف شهر في ليلة القدر ولولا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا ولكن الله عز وجل يضاعف لهم الحسنات وسئل
الصادق (عليه السلام) كيف يكون ليلة القدر خير من الف شهر قال العمل فيها خير من العل في الف شهر ليس فيها ليلة القدر وعن أبي بصير عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال نزلت التورية في ست مضين من شهر رمضان ونزل الإنجيل في اثنى عشرة مضت من شهر رمضان ونزل الزبور
في ليلة ثمان عشرة من شهر رمضان ونزل القران في ليلة القد ر وروى الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ليلة
القدر في كل سنة ويومها مثل ليلتها إذ أثبت هذا فإنها باقية لم ترتفع اجماعا لما روى الجمهور عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ليلة
القدر رفعت مع الأنبياء أو هي باقية إلى يوم القيمة قلت في رمضان أو في غيره فقال في رمضان قلت في العشر الأول أو الثاني
أو الأخير فقال في العشر الأخير ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن الصادق (عليه السلام) أنه قال ليلة القدر تكون في كل عام لو رفعت ليلة
القدر لرفع القران إذا عرفت هذا فيقول أكثر أهل العلم على انها في شهر رمضان وقال ابن مسعود يقول من يعمر الحول يصيبها يشير بذلك
625

إلى أنها في السنة كلها وهو خطأ ان الله تعالى انزل القران في شهر رمضان بقوله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القران ثم قال تعالى انا أنزلناه في ليلة القد ر فلو كانت
في غير رمضان لتناقض قال أبي بن كعب والله لقد علم ابن مسعود انها في رمضان ولكنه كره ان يخبركم فتنكلوا والروايات من طرقنا وطرق الجمهور
متواترة على انها في شهر رمضان إذ ا ثبت هذا فإنه يستحب طلبها في جميع ليالي شهر رمضان
وفي العشر الأواخر في ليالي الوتر منه اكد روى الجمهور
عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال اطلبوها في العشر الأواخر في ثلث بقين أو تسع بقين ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن أبي يصير عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل العشر الأواخر شد الميزر واجتنب النساء وأحيى الليل وتفرغ للعبادة وقد اختلف
العلماء في ارجاء هذه الليالي فقال أبي بن كعب وعبد الله بن عباس هي ليلة سبع وعشرين لما روى أبو ذر في حديث فيه طول ان النبي (صلى الله عليه وآله)
لم يقم في رمضان حتى بقي سبع فقام بهم حتى مضى نحو ثلث من الليل ثم قام بهم في ليلة خمسة وعشرين حتى مضى نحو من شطر
الليل حتى كانت ليلة سبعة وعشرين فجمع نسائه وأهله واجتمع الناس قال فقام بهم حتى خشينا ان يفوتنا الفلاح يعنى السحور وحكى عن ابن
عباس أنه قال سورة القدر ثلاثون كلمة السابعة والعشرون منها وهي وهذا ليس بشئ لان قوله ليلة القدر هي الكلمة الخامسة وهي أصرح
من هي ومع ذلك فلا يدل على وجودها في ذلك العدد وقال مالك هي في العشر الأواخر فيها تعيين وقال ابن
عمر انها ليلة ثلاثة وعشرين
اما علماؤنا قد روى ابن بابويه عن الصادق (عليه السلام) قال في ليلة تسعة عشر من شهر رمضان التقدير وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء وفي ليلة
ثلاثة وعشرين ابرام بما يكون في السند إلى مثلها ولله عز وجل ان يفعل ما يشاء في خلقه وفي حديث حمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له
أبو بصير جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها اي ليلة هي فقال في ليلة إحدى وعشرين قال فان لم أقوم على كليتهما فقال ما أيسر ليلتين فيما
تطلب فقال فقلت ربما رأينا الهلال عندنا وجاءنا يخبرنا بخلاف ذلك في ارض أخرى فقال ما أيسر أربع ليال فيما تطلبها فيها ثم قال
(عليه السلام) يكتب في ليلة القدر وفد الحاج والمنايا والبلايا والأرزاق وما يكون إلى مثلها في قابل فاطلبها في إحدى وثلث وعشرين صل في كل
واحدة منهما مائة ركعة واحيهما ان استطعت إلى اليوم واغتسل فيهما قلت فان لم أقدر على ذلك وانا قائم قال فصل وأنت جالس
قلت فان لم أستطع قال فعلى فراشك قلت فان لم أستطع قال لا عليك ان تكتحل أول الليل بشئ من النوم ان أبواب السماء تفتح في شهر
رمضان الشياطين وتقبل اعمال المؤمنين نعم الشهر رمضان كان يسمى على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المرزوق وروى ابن بابويه عن محمد بن حمران عن سفيان بن السمط قال قلت لا بي عبد
الله (عليه السلام) الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان فقال تسع عشرة واحدى وعشرين وثلثة وعشرين قلت فان اخذت انسانا الفترة أو علة
ما المعتمد عليه من ذلك فقال ثلث وعشرين وروى ابن بابويه عن عبد الله بن بكر عن زرارة عن أحدهما (عليهم السلام) ان ليلة ثلاثة وعشرين
هي ليلة الجهني وكان من حديثه انه أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول الله ان لي إبلا وغنما وغلمة وأحب ان تأمر بي بليلة ادخل
فيها المدينة فاشهد الصلاة وذلك في شهر رمضان فدعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فساره في اذنه وكان الجهني إذا كان ليلة ثلث
وعشرين دخل بإبله وغنمه وأهله إلى المدينة ثم يرجع إلى مكانه قال ابن بابويه واسم الجهني عبد الله بن أنيس الأنصاري إذا ثبت هذا
فعلا منها ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن العلماء عن محمد بن مسلم عن أحدها (عليهم السلام) قال سألت عن علامة ليلة القدر قال علامتها
ان يطيب ريحها وان كانا في برد دفئت وان كانت في حر بردت وطابت وقال الجمهور ان علامتها ما رواه أبو ذر عن النبي (صلى الله عليه وآله)
قال إن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها وفي بعضها بيضاء مثل الطست ورووا عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال هي ليلة طلعة
لا حارة ولا باردة فرع لو نذر ان يعتق عبده بعد مضى ليلة القد ر فإن كان قاله قبل العشر صح النذر ووجب عليه العتق بعد انسلاخ
الشهر لأنه يتقن حصولها إذا مضت الليلة الأخيرة وان كان قاله وقد مضى ليلة من العشر لم يتعلق النذر بتلك السنة لأنه لا يتحقق وجودها بد النذر فيقع في السنة الثانية إذا مضى جميع العشر فصل وشهر رمضان شهر شريف معظم يكرره فيه الثواب والعقاب على
الطاعات والمعاصي روى الشيخ عن أبي الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال خطب رسول الله (صلى الله عليه. اله) الناس في اخر جمعة من شعبان فحمد الله و
اثنى عليه ثم قال يا أيها الناس انه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من الف شهر رمضان فرض الله صيامه وتجعل قيام ليلة فيه بتطوعك كتطوع صلاة
سبعين ليلة فيما سواه من الشهور وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبركات جر من أدى فريضة من فرايض الله تعالى ومن أدى فيه فريضة من فرائض الله كان كمن
أدى سبعين فريضة من فرايض الله عز وجل فيما سواه من الشهور وهو الشهر الصبر وان الصبر ثوابه الجنة وهو شهر المواساة وهو
شهر يزيد الله عز وجل فيه رزق المؤمنين ومن فطر فيه مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عز وجل عتق رقبة ومغفرة لذنوبه فيما مضى قيل
له يا رسول الله ليس كنا نقد ر على أن يفطر صايما فقال إن الله عز وجل كريم يعطي هذه الثواب لمن لم يقدر الا على مذقه من لبن يعطيها
صايما أو شربة من ماء عذب أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك ومن خفف فيه عن مملوكه خفف الله عنه حسابه وهو شهر ا وله رحمة و
أوسطه مغفرة وآخره الإجابة والعتق من النار ولا غناء بكم فيه عن أربع خصال خصلتين ترضون الله بهما وخصلتين لا غناء بكم عنهما
626

فاما اللتان ترضون الله بهما فشهادة انه لا اله الا اله وأن محمدا رسول الله لا غناء بكم عنهما فتسائلون الله فيه حوائجكم والجنة وتسائلون الله العافية فيه وتعوذون به من النار وعن عمر بن يحيى قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) يقول لا يسأل الله عز وجل عبدا عن صلاة بعد الخميس
ولا عن صوم بعد رمضان وفي الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل الا
ان يشهد عرفة وعن عبد الله بن عبد الله عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما حضر شهر رمضان
وذلك في ثلث بقين من شعبان قال لبلال ناد في الناس ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس ان هذا الشهر قد خصكم الله به و
انه سيد الشهور فيه ليلة خير من الف شهر تغلق فيه أبواب النار وتفتح فيه أبواب الجنان فمن أدركه ولم يغفر له فأبعدها لله ومن ذكرت عنده ولم يصل
على فأبعده الله وعن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبل بوجهه إلى الناس فيقول يا معشر المسلمين إذا طلع هلا ل
شهر رمضان غلت مردة الشياطين وفتحت أبواب السماء وأبواب الرحمة وغلقت أبواب النار واستجيب الدعاء وكان لله فيه عند كل فطر عتقاء يعتقهم
من النار وينادي مناد كل ليلة هل من سائل هل من مستغفر اللهم اعط كل منفق خلفا واعط كل ممسك تلفا حتى إذا طلع هلال شوال نودي
ان اغدوا إلى جوايزكم فهو يوم الجايزة ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) اما والذي نفسي بيده ما هي بجايزة الدنانير والدراهم وعن محمد بن مروان
قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقا وطلقا من النار الامن أفطر على مسكر فإذا كان اخر ليلة منه
أعتق فيها مثل م ما أعتق في جميع قال ابن بابويه وفي رواية عمر بن جوير الامن أفطر على مسكرا وصاحب شاهين وهو الشطرنج وروى ابن
بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ان النبي (صلى الله عليه وآله) لما انصرف من عرفا ت وسار إلى منى دخل المسجد فاجتمع إليه الناس
يسألونه عن ليلة القدر فقام خطيبا فقال بعد الثناء على الله عز وجل اما بعد فإنكم سألتموني عن ليلة القدر ولم أطوها عنكم لا ني لم أكن
بها عالما اعلموا أيها الناس انه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سوى فصان نهاره وقام وردا من ليله وواظب على صلاته وهجر إلى جمعته
وغدا إلى عيده فقد أدرك ليلة القدر وفاز بجايزة الرب عز وجل وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل شهر رمضان أطلق كل
أسير وأعطى كل سائل فصل وينبغي ترك المماراة في الصوم والتنازع والتحاسد روى الشيخ عن جراح المدايني عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال إن الصيام ليس من الطعم والشراب وحدثهم قال قالت مريم اني نذرت للرحمن صوم ا صمتا فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا ابصاركم
ولا تنازعوا ولا تحاسدوا وقال وسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) امرأة تساب جارية لها وهي صايمة فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بطعام فقال لها كل فقالت اني صائمة فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ان الصوم ليسم م الطعام والشراب وروى ابن بابويه
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال مامن عبد صايم ثم يشتم فيقول سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني الا قال الرب تبارك وتعالى
استجار عبدي بالصوم من شر عبدي قد اجرته من النار وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) إذا صمت فليصم سمعك
وبصرك وشعرك وجلدك وعدد أشياء غير هذا قال ولا يكون يوم صومك كيوم فطرك فصل ويكره انشاد الشعر لان فيه منعا
عن الاشتغال بالذكر ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا ينشد الشعر بليل ولا ينشد
في شهر رمضان بليل ولا نهار قال له إسماعيل يا أبتاه وان كان فينا قال وان كان فينا وفي الصحيح عن حماد بن عثمان قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول يكره رواية الشعر للصائم والمحرم في الحرم وفي يوم الجمعة وان يروى بالليل قلت وان كان شعر حق وان كان شعر حق فصل
روى الشيخ عن محمد بن منصور قال سألت الرضا (عليه السلام) عن رجل نذر نذرا في صيام فعجز فقال كان أبي يقول عليه مكان كل يوم مد وهو قريب ان كان معينا و
عجز عن صيامه لأنه يجري مجرى رمضان في التعيين والوجوب فكان عليه فداؤه كالشيخ العاجز فإن كان غى معين واستمر العجز فكذلك والا
سقط عنه الصوم ولتكفير على الاستحباب على اشكال فصل وروى الشيخ عن الحسن بن علي بن فضال قال كتبت إلى أبي الحسن
الرضا (عليه السلام) أسأله عن قوم عندنا يصلون وملا يصومون شهر رمضان وانا احتاج إليهم يحصدون لي فإذا دعوتهم إلى الحصاد لم يجيبوا حتى
أطعمهم وهم يجدون من يطعمهم فيذهبون ويدعون وانا أضيف من طعامهم في شهر رمضان فكتب إلى بخطه اعرفه أطعمهم فصل قد بينا
ان صوم بدل الهدى عشرة أيام ثلاثة أيام متتابعات في الحج وسبعة إذا رجعتم إلى أهله فان أقام انتظر وصول أهل بلده أو شهرا لما روى الشيخ
عن أبي بصير قال سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام فلما قضى نسكه بدا له ان يقيم بمكة سنة قال فلينتظر منهل أهل بلده فإذا
ظن أنهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيام وفي رواية معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) انه ان كان له مقام بمكة فأراد أن يصوم
السبعة ترك الصيام بقدر سيرة ه إلى أهله أو شهر اثم صام فصل روى الشيخ عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الرجل يكون
صائما فيقال له أصايم أنت فيقول لا فيقول لا فقال أبو عبد الله (عليه السلام) هذا كذب وهو حق لأنه اخبار بغير المطابق للخبر عنه فكان كذبا
ومفهوم الحدث انه يجب اجتنابه فصل وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل جعل الله عليه نذرا
627

صيام سنة فلم يستطع قال يصوم شهرا أو بعض الشهر الاخر ثم لا بأس ان يقطع هذا الصوم والتفصيل في هذه الرواية انه ان كان نذر سنة معينة فعجز
عن صيامها فعل ما قاله (عليه السلام) للعجز وان كان مطلقه فان لم يشرط التتابع صام كيف شاء وان شرط التابع توقع المكنة فان غلب على ظنه عدم التمكن
قوق صومه للعجز فصل قال ابن بابويه روى عن البزنطي عن هشام بن سالم عن سعد الخفاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كنا عنده ثمانية رجال
فذكرنا رمضان فقال لا تقولوا هذا رمضان ولا ذهب رمضان ولا جاء رمضان فان رمضان اسم من أسماء الله تعالى لا يجئ ولا يذهب إنما يجئ ويذهب الزايل
ولكن قولوا شهر رمضان بالشهر المضاف فالشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عز وجل وهو الشهر الذي أنزل فيها القرآن جعل الله عز وجل مثلا ووعيدا وعن غياث بن
إبراهيم عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال قال علي بن ا بي طالب (عليه السلام) لا تقولوا رمضان ولكم قولوا شهر رمضان فإنكم لا تدرن وما رمضان
فصل وروى ابن بابويه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال يستحب للرجل ان يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول الله عز وجل أحل لكم ليلة
الصيام الرفث إلى نسائكم فصل وروى جراح المدايني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أطعم يوم الفطر قبل أن تصلي ولا تطعم يوم الأضحى حتى
ينصرف الامام وقال علي بن محمد النوفلي لأبي الحسن (عليه السلام) اني أفطرت يوم الفطر على طين القبر وتمر فقال له جمعت بركة وسنة فصل ونظر
على ابن الحسين (عليه السلام) ناس يوم فطر وهم يلعبون ويضحكون فقال لأصحابه والتفت إليهم ان الله عز وجل خلق شهر رمضان مضمار الخلقة
يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا تخلف آخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي ثياب فيه المحسنون
ويجب فيه المقصرون وأيم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن باحسانه ومسئ بإسائته فص لو روى حنان بن سدير عن عبد الله بن زياد عن أبي جعفر (عليه السلام)
أنه قال يا عبد الله مامن يوم عيد للمسلمين اضحى ولا فطر الا وهو يجدد لآل محمد فيه حزن قال قلت ولم قال أنهم يرون حقهم في يد غير هم وروى عبد الله بن
لطيف التفليسي عن رزين قال أبو عبد الله (عليه السلام) لما ضرب الحسين بالسيف فسقط ثم ابتدر ليقطع رأسه
نادى مناد من بطنان
العرش الا أيتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم الله لأضحى ولا فطر وفي خبر آخر لصوم ولا فطر قال ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) فلا
جرم والله وقفوا ولا يقفون حتى يثور بثار الحسين بن علي (عليه السلام)
البحث الثاني في الاعتكاف والنظر في الماهية والشرايط
والاحكام الاعتكاف في اللغة هو اللبث الطويل لو لزوم الشئ وحبس النفس عليه براء كان أو غيره قال الله تعالى ما هذه التماثيل التي أنتم لها
عاكفون وقال يعكفون على أصنامهم وهو في الشرع عبادة عن لبث مخصوص للعبادة وقد اتفق المسلمون على مشروعية الاعتكاف وانه
سنة قال الله تعالى وطهر بيتي للطائفين والعاكفين وقال ا لله تعالى ولا تباشر وهن وأنتم عاكفون في المساجد وروى الجمهور عن عايشة
ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعتكف في العشر الأواخر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان العشر الأواخر في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر الميزر وطوى فراشه فقال بعضهم واعتز ل النساء
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) اما اعتزال النساء فلا ورواه ابن بابويه عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وزاد فيه أنه لم يمنعهن من خدمته و
الجلوس معه فصل وقد اجمع أهل العلم على أنه ليس فرض في ابتداء الشرع وانما يجب بالنذر وشبهه روى الجمهور عن أبي سعيد
الخدري ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال من أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر بالإرادة ولو كان واجبا لما كا ن كذلك ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا اعتكف الرجل يوما ولم يكن اشترط فله ان يخرج ويفسخ اعتكافه وان أقام يومين ولم
يكن اشترط فليس له ان يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلاثة أيام ولان النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) أمروا بفعله لا على سبيل الوجوب
ولا فعلته الصحابة الا من شذ مسألة اجمع فقهاء الاسلام على استحبابه لان الرسول (صلى الله عليه وآله كان يعتكف في كل سنة ويداوم عليه
تقربا إلى الله تعالى وطلبا لثوابه ومن طريق قال خالصة ما رواه ابن بابويه عن داود بن الحصين عن أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال
اعتكف رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شهر رمضان في العشرة الأولى ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ثم اعتكف في الثالثة في العشر
الأواخر إذ ثبت هذا فأفضل أو قاته العشر الأواخر من شهر رمضان لما تقدم من مداومة الرسول (صلى الله عليه وآله) في كل سنة وروى
ابن بابويه عن السكوني باسناده قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين وعمر تين مسألة
لا يصح الاعتكاف الا من مكلف مسلم لأنه عبادة من شر ر طها الصوم نعلي ما يأتي وانما يصح الصوم بالشرطين إذا عرفت هذا فهو على قسمين
واجب وندب فالواجب ما وجب بالنذر واليمين والعهد لا في أصل الشرع على ما يأتي والندب ما عداه ويدل على وجوب المنذور قوله تعالى
يوفون بالنذر وقوله تعالى أوفوا بالعقود وقال النبي (صلى الله عليه وآله من نذران يطيع الله فليطع ولا نعلم فيه خلا فا ويصح
اعتكاف الصبي المميز كما يصح صومه ليكون شرعيا أم لا البحث فيه كالصوم النظر الثاني في الشرايط مسألة
النية شرط في الاعتكاف لأنه فعل يقع على وجوه مختلفة فلا يختص بأحدها الا بالنية المخلصة لبعض الأفعال أو لبعض الوجوه والاعتبارات
عن بعض اخر وهي تشتمل على نية التقرب لأنه عبادة فيشترط في قبولها نية الاخلاص لقوله تعالى وما أمروا لا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ونية
628

التقرب تكون عبادة فلو قصر اليمين أو مع النفس أو العصب لم يعتد به وانما يصح إذا نوى القربة والطاعة وعلى الوجه من وجوب أو ندب لان
الفعل صالح لهما فلا يخلص لا حدهما الا بالنية وهما متضادان ولا يمكن اجتماعهما ويصح مع عدمهما فلا بد من نية أحدهما ليقع على وجه
المأمور به وإذا نوى الاعتكاف مدة لم يلزمه بالاجماع نعم استمرار النية شرط فيه حكما فلو خرج لقضاء حاجة أو لغيره استأنف النية عند
الدخول ان بطل الاعتكاف بالخروج وإلا فلا مسألة والصوم شرط في الاعتكاف وهو مذهب علماء أهل البيت (عليهم السلام) وبه
قال ابن عمر وابن عباس وعايشة والزهري وأبو حنيفة ومالك والليث والأوزاعي الحسن بن صالح بن حي واحمد في إحدى الروايتين وقال
الشافعي يجوز ان يعتكف بغير صوم فلم يجعل الصوم شر طا فيه ورواه عن ابن مسعود وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والحسن بن عطار طاوس
واستحق واحمد في الرواية الأخرى لنا ما رواه الجمهور عن عايشة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لا اعتكاف الا بصوم رواه الدارقطني و
عن ابن عمران عمر جعل عليه ان يعتكف في الجاهلية فسأل النبي (صلى الله عليه وآله) فقال اعتكف وصم رواه أبو داود ومن طريق الخاصة ما رواه
ابن بابويه في ا لصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا اعتكاف الا بصوم ورواه في الموثق عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله
(عليه السلام) لا يكون اعتكاف الا بصيام ونحوه عن أبي داود عن أبي عبد الله (عليه السلام) ورواه في الموثق عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام)
ولأنه لبث في كل مكان خصوص فلم يكن بمجردة قربة كالوقوف بعرفه احتجوا بما رواه ابن عمر ع عمر أنه قال يا رسول الله اني نذرت
في الجاهلية ان اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي (صلى الله عليه وآله) أوف بنذرك ولو كان الصوم شرطا لم يصح اعتكاف الليل ولأنه عبادة
يصح في الليل فلم يشترط له الصيام كالصلاة ولان ايجاب الصوم حكم لا يثبت الا بالشرع ولا نص فيه ولا اجمع ولان ابن عباس قال ليس على معتكف صوم والجواب عن الأول إذا لليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها كما يقال أقمنا في موضعهن كذا ليلتين أو ثلاثا والمراد الليل و
أنهار فلم لا يجوز ارادته ذلك هنا ومع هذا الاحتمال لا يصخ المعارضة به وعن الثاني بالمنع من صحتها ليلا خاصة على ما سيأتي والفرق بينهما
وبين الصلاة ظاهر لأنه بمجرده لا يكون عبادة فاشترط الصوم والنص قد بيناه عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته (عليهم السلام) وأيضا
مداومة الرسول (صلى الله عليه وآله) له على الاعتكاف صائما يدل على الاشتراط وقول ابن عباس موقوف عليه فلا يكون حجة على أنه كان
يعتقد اشتراط الصوم فيكون معارضا لهذا رواية فروع الأول لا يشترط صوما معينا بل اي صوم صح الاعتكاف معه سواء
كان الصوم واجبا أو ندبا وسواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا فلو اعتكف في رمضان صح واكتفى فيه بصوم شهر رمضان ويقع نية الصوم عن رمضان
وكذا النذر المعين أو غير المعين الثاني الذين لم يشرطوا الصوم اجمعوا على استحبابه ولا ن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعتكف وهو
صايم ولا خلاف فيه الثالث لا يصح اعتكاف كما لا يصح منه الصوم وملا غيره من العبادات فرع لو ارتد المعتكف بطل اعتكافه وبه قال الشيخ في
الخلاف وقال في المبسوط لا يبطل وبه قال الشافعي بل لو رجع بنا عليه لنا انها ان كان عن فطرة قبل وان كان عن غير فطرة وجب اخراجه
من المسجد ووجوب الخروج مناف للاعتكاف ولان قعوده منهى عنه فلا يقع عبادة اما على أصل الشافعي من جواز دخول المسجر للكافر فإنه
يتمشى قوله لكن هذا الا صل عندنا باطل فلا وجه لقول الشيخ (ره) في المبسوط مسألة والعقل شرط فيه لان المجنون لا يقع منه
العبادة لعدم فهمه وكذا الصبى لخروجه بعدم الرشد عن التكليف ولا يصح من السكران لأنه لا يعقل شيئا ولأنه تعالى نهاه عن الصلاة
حال سكره بقوله لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى والسكر يمنع من الدخول إلى المسجر فلا يصح الاعتكاف منه مسألة واذن
الزوج شرط في حق المرأة في الندب وكذا السيد في حق عبده لان منافع الاستمتاع والخدمة مملوكة الزوج والسيد فلا يجوز إلى غير ه الا
باذنه وكذا المدبر وأم الولد فروع الأول من بعضه رق لا يجوز له ان يعتكف الآن يا ذن له مو لاه ولو هاياه فاعتكف في الأيام
المختصة به فالوجه جوازه لان تصرف المولين انقطع عنه في أيام الثاني المكاتب لا يعتكف الا باذن مولاه وبه قال الشيخ (ره)
الا ان يخرج عن محض الرقية وقال الشافعي يجوز لأنه لا حق للمولى في منافعه وليس بجيد لأنه لم يخرج عن الرق بالمكاتبة فتوابع الرق
لاحقه به واطلاق الاذن مصرف إلى الاكتساب لا غير الثالث لو اذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته جاز الر جوع ومنهما ما لم
يجب وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة له منع العبد وليس له منع الزوجة وقال مالك ليس له منعهما معا لنا انه فعل مندوب يجوز الرجوع
فيه لان التقدير آه لم يجب لان الشروع غير ملزم عندنا على ما بان فجاز ابطال فعلهما كما لو اعتكف بنفسه ثم بدا له في الرجوع
ولان من منع غيره من الاعتكاف إذا اذن فيه وكان تطوعا كان له اخراجه منه كالسيد مع عبده احتجت أبو حنيفة بان المراة تملك
629

بالتمليك فإذا اذن لها أسقط حقه عن منافعها واذن لها في استيفائها فصار كما لو ملكا عينا وليس كذلك العبد فإنه لا يملك وانما يتلف منافعه
على ملك السيد فإذا اذن له في اتلافها صار كالمعير واحتجت مالك بأنه عقد على نفسه تمليك منافع كان يملكها بحق الله تعالى فلم يكن له الرجوع فيه
كصلاة الجمعة والجواب عن الأول منافع المراة لزوجها ولهذا يجب عليها بذلها فإذا اذن لها جرين مجرى المعين وعن الثاني ان الجمعة يجب
بالدخول فيها بخلاف الاعتكاف الرابع لا ينعقد نذر المراة الاعتكاف الا باذن زوجها ولا نذر العبد الا باذن مولاه فإذا اذن
فإن كان النذر لأيام معينة لم يجز لها الرجوع ولا المنع وان كان غير معين جاز المنع ما لم يجب بان يمضى يومان على ما يأتي من الخلاف لأنه
ليس على الفور ولو دخل في المندوب باذنه جاز الرجوع أيضا وقال الشيخ (ره) يجب عليه الصبر ثلاثة أيام وهو أقل الاعتكاف وليس بحسن
لأنا لا نقول بوجوب الاعتكاف بالشروع ولو كان الزوج أو السيد اذنا غير معين لم يجي لأحدهما الدخول الا باذن لان منافع الزوج
والسيد حق مضيق يفوت بالتأخير بخلاف الاعتكاف الخامس الأجير لا يجوز ان يعتكف زمان اجارته لان منافعه مملوكة للمستأجر
فلا يجوز تعريضا للمنع ولو اذن المستأجر جاز وكذا ينبغي في الضيف لافتقار صومه تطوعا إلى الاذن السادس لو اذن لعبده فاعتكف
ثم أعتق أتم واجبا ان كان منذورا أو مضى يومان على ما يأتي والا ندبا ولو دخل في الاعتكاف بغير نذر فأعتق في الحال قال الشيخ
(ره) يلزمه وليس بجيد لان الدخول منهى عنه فلا ينعقد به الاعتكاف فلا يجب اتمامه مسألة ولا يجوز الاعتكاف أقل من ثلاثة
أيام بليلتين وهو مذهب فقهاء أهل الليت (عليهم السلام) والجمهور كافة على خلافه فان الشافعي لم يقدر بحد بل يجوز الاعتكاف بساعة
واحدة وأقل وهو رواية عن أحمد وأبي حنيفة ورواية أخرى عن أبي حنيفة انه لا يجوز أقل من يوم واحد وهو رواية عن مالك و
عن مالك رواية أخرى انه لا يكون أقل من عشرة أيام لنا ما رواه الجمهور عن النبي (صلى اله عليه وآله) قال لا اعتكاف الا بصوم والصوم
لا يقع في أقل من يوم فبطل قول الشافعي ومن وافقه ولنا على التقدير بثلاثة أيام ان الاعتكاف عبادة عن اللبث المتطاول و
الإقامة للعبادة ولا يصدق ذلك بيوم واحد ولان التقدير بيوم لا مماثل له في الشرع والتقدير بعشرة سيأتي ابطاله فيعين الثلاثة كصوم
كفارة اليمين وكفارة بدل الهدى وغير ذلك من النظاير ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا
يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا اعتكف العبد فليمض وقال لا يكون
الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام احتج الشافعي بان الاعتكاف لبث وهو يصدق بالقليل والكثير كالصدقة واحتج أبو حنيفة بان من شرطه الصوم
وأقله يوم والزايد غير ثابت شغل الذمة به واحتج مالك بان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعتكف عشرة أيام والجواب عن الأول
ان الاعتكاف هو اللبث الطويل وذلك لا يصدق بساعة واحدة فما دون بل انما يتحقق مع لبث وإقامة ومنه قوله
تعالى سواء العاكف
فيه والبادي المقيم ويقال عكف على كذا اي أقام عليه فلا يصح في اللحظة الواحدة وبهذا ظهر الفرق بينه ويبين الصدقة لصدقها
على الكثير والقليل بمعنى واحد بخلاف الاعتكاف وعن الثاني بما تقدم وعن الثالث بان فعل الرسول (صلى الله عليه وآله) لا يمنع
ما نقص عنه فروع الأول لو نذر اعتكاف ما زاد على الثلاثة لزمه لأنه نذر في طاعة فكان واجبا عنه الاتيان به
الثاني لو نذر اعتكاف شهر ولم يعين تخير في التتابع والتفريق ثلاثة ثلاثة والتتابع بالنذر المطلق كالصيام ولان النذر لم يتناول المتابعة فلا يجب بها
ولا بغيرها لعدمه ولان الامتثال يتحقق بالاتيان به متتابعا ومتفرقا لكن على مذهبنا لا يفرق أقل من ثلاثة أيام لما يأتي احتجوا
بأنه معنى يحصل بالليل والنهار فإذا أطلقه اقتضى التتابع كما لو حلف لا كلمت زيدا شهرا كان متتابعا والجواب الفرق فان اليمين
ينصرف إلى المعهود من ذلك ولهذا لا يجب ان يكون ذلك عقيب اليمين ولا يلزم هذا في النذر اما لو شرط التتابع وجب اجماعا
الثالث إذا نذر اعتكاف شهر فإنه يأتي بشهر ان شاء بين الهلالين تاما كان أو ناقصا لصدق اسم الشهر عليهما فيخرج عن العهدة
بكل منهما وإن لم يأت بالشهرين الهلالين أتى بثلثين يوما الرابع إذا نذر اعتكاف شهر معين كرجب مثلا وجب اعتكافه
متتابعا وإن لم يشترطه في النذر فلو أفطر منه يوما بعد مضى ثلاثة أيام صح ما مضى وأتم وقضى ما فات وبه قال الشافعي الا انه لم يشرط
الثلاثة لأنه لا حد عنده لقليل الاعتكاف قال احمد يستأنف لان المتابعة واجبة فأشبه إذا شرط وهو خطأ لان وجوب التتابع الشهر
المعين منه ضرورة الوقت وذلك لا يوجب الاستيناف كمتابعة رمضان إذا ثبت هذا فلو فات قضاه ولا يجئ عليه التتابع في قضائه
ول ونذره وشرط التتابع وجب عليه ذلك كفان فات قضاه متتابعا لان التتابع وصف من لوازم النذر وقال بعض الشافعية لو نذر شهرا
معينا متتابعا يجب التتابع في قضائه لو فات لان التتابع وقع ضرورة فلا اثر للفظه وليس بجيد ولو نذر الاعتكاف (/؟) لم يلزمه
630

المتابعة ولو شرطها وجب الخامس إذا نذر اعتكاف شهر لزمه ما عده بين هلالين أو ثلثين يوما ويدخل فيه الأيام والليالي لان الشهر
عبادة عنهما والاعتكاف يصح فيهما فدخلا فيه اما لو نذر اعتكاف أيام معدودة كعشرة أيام مثلا ولم يغنيها لم يجب التتابع الا ان يشترطه
على ما قلناه ولا تدخل الليالي بل ليلتان من كل ثلث على ما قررناه من أنه لا اعتكاف أقل من ثلاثة أيام بليلتين وقال أبو حنيفة يدخل
الليالي والأيام لان ذكرا حد العددين على طريق الجمع يقتضي دخولا الاخر لقوله تعالى ثلاثة أيام الا رمز وقال تعالى ثلث ليال سويا والقصة
واحدة والجواب اسم اليوم حقيقة لما بين الفجر إلى الغروب الليلة ما عدا ذلك فلا يتناولها الا مع القرنية ومع تجرد اللفظ عنها يحمل
على الحقيقة إذا عرفت هذا فلو نذر أياما معينة وترك منها يوما فإن كان قد مضى له ثلاثة أيام صح ما مضى وأتم وقضى ما فات وا ن كان
دون الثلاثة استأنف ولو كان قد شرط التتابع واخل بيوم استأنف السادس إذا نذر اعتكاف ثلاثة أيام لزمه ثلث بينها ليلتان
سواء شرط التتابع أو لم يشرط لا نه لا اعتكاف أقل منها ويدخل قبل الفجر لا في أثناء النهار وقال الشيخ (ره) في بعض كتبه إن لم
يشترط التتابع اعتكف نهار ثلاثة أيام تغير ليال وليس بمعتمد السابع ا ذا نذران يعتكف أياما متتابعة تضمن ذلك نذر الصوم
لان الاعتكاف عندنا الا بصوم فلو اعتكف غير صائم وصام غير معتكف لم يجزه عندنا وقال بعض الشافعية يجزيه وان نذر الجمع لان
الصوم عبادة ليست من شرط الاعتكاف فلم يلزمه بأي ذر الجمع بينهما كالصوم والصلاة وهو خطأ لان الاعتكاف عندنا مشروط بالصوم فإذا
نذر الجمع وجب عليه الاتيان بهما جميعا ولا يجي يه التفريق سلمنا لكن الصوم مشروع مستحب في الاعتكاف ا جماعا فوجب بالنذر بخلاف الصوم
والصلاة لان أحدهما لم يشرع للاخر إذا عرفت هذا فلو فسد صومه انقطع التتابع ووجب عليه إعادة الاعتكاف والصوم لو نذر الاعتكاف
مصليا وجب عليه الجمع لأنه طاعة الثامن لو نذر اعتكاف شهر معين قال الشيخ (ره) وجب عليه الدخول فيه مع طلوع الهلال من ذلك
الشهر فإذا أهل الشهر الذي بعده فقد وفي وخرج من الاعتكاف وبه قال مالك والشافعي وقال زفر يدخل المسجد قبل طلوع الفجر من اوله
وبه قال الليث بن سعد وعن أحمد روايتان كالقولين لنا ان نذر الشهر فأوله غروب الشمس ولهذا تحل الديون المعلقة به والمنذور
والطلاق العتاق المتعلقان به عندهم ويجب ان يدخل قبل الغروب لأنه لا يمكن استيفاء جميع الشهر الا بذلك وما لا يتم الواجب به
فهو واجب احتج زفر بان النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصيح ثم دخل معتكفه ولان الله تعالى قال فمن شهد
منكم الشهر فليصمه ولا يلزم الصوم ليلا قل قبل طلوع الفجر ولان الصوم شرط في الاعتكاف فلا يجوز ابتداؤه قبل شرطه والجواب عن
الأول انه اعتكاف مندوب متى أراد الدخول فيه فعل وليس البحث فيه وانما لا بحث فيمن لي مه اعتكاف شهر كامل لنذر نذره فلا يحصل
الا بالدخول قبل غروب الشمس من اوله ويخرج بعد غروبها من اخره كمن نذر اعتكاف يوم فإنه يلزمه الدخول فيه قبل طلوع فجره ويخرج
بعد غروب شمسه وعن الثاني ان الصوم لا يصح الا في النهار فلا يدخل الليل فيه بخلاف الاعتكاف التاسع لو نذر ان يعتكف العشر الأواخر
دخل قبل الغروب من يوم العشرين فإذا خرج الشهر خرج منه وبه قال الشافعي ومالك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وقال الأوزاعي
واسحق وأبو الثور ويدخل في النهار الحادي والعشرين وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه قال من اعتكف معي فليعتكف العشر
الأواخر فامر هم بالاعتكاف العشر الأواخر ليلة الحادي والعشرين واعتكف معهم ولأنه لو نذر شهر ألزمه من
أو لليله فيه على ما تقدم فكذلك
إذا نذر العشر احتجوا بان عايشة روت ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم اعتكف وجوابه محمول على أنه
(عليه السلام) أراد أن يعتكف من ذلك الوقت ولم يرد اعتكاف جميع العشر ولهذا فإنه عندهم يلزمه ان يعتك فقبل الفجر والنقل الذي أورده انه
(عليه السلام) اعتكف بعد الصلاة إذا ثبت هذا فان العشر اسم لما بين العشرين فلو كان الشهر ناقصا اجتزئ بما صامه واعتكف من تسعة أيام اما لو ناد
اعتكاف عشرة أيام فإنه يلزمه ان يدخل قبل طلوع الفجر لان اليوم اسم لبياض النهار ودخول الليل انما هو على طريق التبع بخلاف العشر
فإنه اسم لمجموع الليل والنهار فلو عين الأيام باخر الشهر أو فرضها فيه فنقض الشهر وجر عليه ان يأتي بيوم اخر ليتم العدد الذي نذره بخلاف
ما لو نذر العشر الأواخر مثلا كما إذا نذر ثلثين يوما فاعتكف شهرا بين هلالين فنقص الشهر فإنه يكمله بيوم من اخره ولو نذر شهر اخرا
ما بين الهلالين وان كان ناقصا كذ لك العشر العاشر لو نذر ان يعتكف شهر رمضان معينا وجب عليه ان يأتي بالاجماع لأنه نذر
في طاعة فلو أخل به وجب عليه قضاؤه صائما وقال زفر لو صام ولم يعتكف فيه سقط عنه لنا انه نذر في طاعة أخل به فوجب عليه قضاؤه
كغيره من الواجبات ولأنه لما مضى الشهر بقي التزاما باعتكاف شهر مطلق وذلك لا يتم بما لا صحة له الا به وهو الصوم فوجب عليه كما لو
التزم بالصلاة فإنه التزام بالوضوء احتج زفر بان النذر بالا عتكا فلا يوجب الصوم ابتداء بل ضرورة صحة الاعتكاف وفي هذه الصورة
الصوم الصوم واجب بدونه فلا يقع نذره موجبا للصوم فكيف يجب عليه الصوم بعد ذلك فبقي اعتكافه لا صوم فلا يجب لأنه غير مشروع والجواب
ان وجوب الصوم ابتداء لا يمنع من وورد وجوب اخر بالنذر عليه سلمنا لكن وجوب الصوم ابتداء هنا أعني عن صوم الاعتكاف اما في القضاء
631

فلا بد منه والقضاء لا يسقط فوجب الاتيان به كالابتداء اما لو اخره إلى رمضان اخر فقضاه فيه هل يجزيه أم لا الوجه الاجزاء وقال أبو حنيفة
لا يجزيه بل يجب ان يقضيه في غير شهر رمضان بصوم مختص بالاعتكاف وليس بمعتمد لان الفايت هو الاعتكاف وهو اللبث للعبادة
الصوم شرط فيها أي صوم كان فكيف اتفق كان معتكفا فكان مخرجا عن العهدة الحادي عشر لو نذر اعتكاف شهر رجب أو صومه وجب عليه
الاتيان به فلو اعتكف شهرا قبله أو صام أو ذكر على هذا الوجه الصلاة لم يجزه عن النذر وبه قال محمد بن الحسن وزفر وقال أبو حنيفة ويوسف
مجزيه لنا انه التزم عبادة بدنية في زمان مخصوص فلا يجوز تقديمها عليه كصوم رمضان وصلوه الظهر قبل الوقت ولا صوم شهر قبل رجب مغاير
لصوم رجب فلا يكون واجبا فلا يكون مخبريا عن الواجب لان بدل الواجب واجبا احتج بأنه أدى الواجب بعد وجود سببه فيجوز كما لو نذر ان يتصدق
في رجب فيتصدق قبله والجامع بينهما ان الداخل تحت النذر ما هو قربة ذو القربة نفس الفعل لا نفس الزمان بخلاف صوم رمضان وصلاة
الظهر لأنه لم يوجد سبب وجوبهما والجواب لا تم وجود السبب ولهذا فإنه لا يجب عليه الاتيان بالفعل قبل الشهر المنذور اجماعا فلو وجد السبب لم
يجز الترك والقياس على الصدقة ضعيف لان البحث في الفرع والنزاع فيه كالأصل ولا نسلم ان الفعل بمجرده هو القربة لا غير لان الأيام
تتفاوت في الفضيلة فجاز ان يكون الوقت المنذور للعبادة يحصل فيه الثواب الأكثر من غيره الثاني عشر لو نذر اعتكاف شهر فعاش
بعده يصف شهر ثم مات لي مه فد اما أدرك إن لم يفعله وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة عليه اعتكف شهر لنا انه لا يقدر الا على هذا القدر
فيتقدر الوجوب به كما في قضاء رمضان احتج أبو حنيفة بأنه التزم بالكل والمراعى فيما يلتزم العبد التصور لا التحقق فإنه لو قال لله على الف
حجة لزمه الكل وإن لم يعش الف سنة والجواب المنع من ذلك الثالث عشر لو نذر اعتكافا مطلقا لزمه ما يسمى به معتكفا وأقله عندنا
ثلاثة أيام وعند المخالف اما بساعة من ليل أو نهارا ويوم على الخلاف الواقع بينهم الرابع عشر لو نذر اعتكاف يوم لا غير لم
ينعقد لأنه لا يصح اعتكافه منفردا خلافا للجمهور فإنهم جوزوا الاعتكاف يوم فعلى قولهم لو نذر اعتكاف يوم هل يجوز تفريقه أم لا
للشافعية قولان أحدهما الجواز كالشهر والثاني عدمه لان الخليل قال اليوم اسم ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس فإذا فرقه لم يسم يوما بخلاف
الشهر فإنه يصدق على الثلثين متتابعة ومتفرقة ولان صوم الشهر يجوز تفريقه بخلاف صوم النوم وكذا لو نذر اعتكاف بأي قدوم زيد لا غير اما
لو نذر اعتكاف بأي قدوم زيد ولم يضم نفى غيره وجب عليه الاتيان به ولا يصح الا بان يضم إليه يومين آخرين الخامس عشر لو نذر اعتكاف
أيام معينة فاتفق ان يكون مريضا أو محبوسا سقط عنه أداؤه ووجب عليه قضاؤه وللشافعي وجه اخر انه لا يقضي لتعذر الاعتكاف حين
الوجوب وليس بجيد لان العبادة الواجبة بالشرع إذا تعذرت بالمرض وجب قضاؤها وكذا المنذورة السادس عشر لو نذر اعتكاف
من شهر رمضان من أربع وهو في خمس بطل نذره ولا يتعلق بذمته قضاء لأنه عقد نذره بزمان لا يصح وجوده فيه كما لو قال لله على أن
أصوم أمس ولو نذر اعتكاف شهر رمضان من سنة خمس صح نذره فان ترك اعتكافه عمدا أو سهوا وجب عليه القضاء لان نذره صح وفرط
بتركه السابع عشر لو نذر ان يعتكف يوم يقدم فلان ابدا فقدم ليلا لم يجب عليه شئ وان قدم نهارا سقط ذلك اليوم و
وجب عليه اعتكاف باقي الأيام لكن يحتاج في كل اعتكاف إلى أن يضم إليه يومين آخرين مسألة المكان شرط في الاعتكاف وقد
اتفق العلماء على اشتراط المسجد في الجملة لقوله تعالى ولا تباشر وهو وأنتم عاكفون في المساجد ولو صح الاعتكاف في غيره لم يخص التحريم
بالاعتكاف في المسجر لان المباشرة حرام في حال الاعتكاف مطلقا ولان الاعتكاف لبث هو قربة فاختص بمكان كا لو قوف اما التعيين
فقد اختلف العلماء فيه فالذي عليه أكثر علمائنا انه لا يجوز الاعتكاف الا في مسجد جمع فيه بنى أو وصى بنى وهي أربعة مساجد المسجد
الحرام ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله) جمع فيهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمع فيهما علي (عليه السلام) وجمع أيضا
(عليه السلام) في مسجد المدينة هذا هو المشهور بين علمائنا وقد روى في بعض الاخبار بدل مسجد البصرة مسجد المداين رواه ابن بابويه (ره)
وقال ابن أبي عقيل منا انه يصح الاعتكاف في كل مسجد قال فأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام وما سجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ومسجد
الكوفة وسائر الأمصار مساجد الجماعات وقال المفيد (ره) لا يكون الاعتكاف الا في المسجد الأعظم وقد روى أنه لا يكون الا في مسجد جمع
فيه بنى أو وصى بنى فجار لذلك الاعتكاف فيها أربعة مساجد وعد ما ذكرناه ولا وهذا مذهب علمائنا واما الجمهور فقد اختلفوا
فقال الشافعي يصح في كل مسجد كما ذهب إليه ابن أبي عقيل من أصحابنا وبه قال مالك وقال احمد لا يجوز الا في مسجر يجمع فيه وبه قال
أبو حنيفة وهو قال المفيد (ره) وعن حذيفة اهلا يصح الاعتكاف الا في أحد المساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد الأقصى
ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) لنا ان الاعتكاف عبادة شرعية فيقف على مورد النص والذي وقع عليه الاتفاق ما ذكرناه ونؤيده
ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها فقال لا اعتكاف الا في مسجد
جماعة قد صلى فيه امام عدل صلاة جماعة ولا بأس ان يعتكف في مسجد الكوفة ومسجد المدينة ومسجد مكة وفي طريقها سهل بن زياد
632

وفيه ضعف وفي رواية علي بن الحسن بن فصاك عن محمد بن علي عن الحسن بن محبوب عن عمر بن يزيد مثل ذلك وزاد فيه ومسجد البصرة وفي هذا
الطريق أيضا ضعف الا ان ابن بابويه رواه في الصحيح فالمعتمد عينه قال ابن بابويه وقد روى في مسجد المداين ولان الاعتكاف يتعلق به احكام
شرعية من أفعالك وتروك والأصل عدم تعلقها بالمكلف الا مع ثبوت المقتضي ولم يوجد احتج المفيد (ره) بما رواه علي بن عمران عن أبي
عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قا المعتكف يعتكف في المسجد الجامع وعن يحيى بن العلاء الرازي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يكون
اعتكاف الا في مسجد جماعة وعن داود بن سرحان عن أبي عبد الله (عليه السلام) ان عليا (عليه السلام) كان يقول لا أرى الاعتكاف الا في المسجد الحرام
ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) أو في مسجد جامع والجواب هذه أحاديث مطلقة وما قلناه مقيد فيحمل عليه جمعا بين الأدلة ولان النبي
(صلى الله عليه وآله) (يعتكف في مسجده واعتكف عليا (عليه السلام) في جامع الكوفة والصحابة في مسجد مكة وجماعة من الصحابة في مسجد البصرة فيجب
الاقتصار عليه نعم قد روى أن الحسن (عليه السلام) صلى بمسجد المداين فان ثبت هذه الرواية جاز الاعتكاف فيه وإلا فلا ورواية عبد الله بن سنان
قال لا يصلح العكوف الا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومسجد من مساجد الجماعة وفي طريقها قول واحتج ابن أبي عقيل بما رواه
أحمد بن محمد بن أبي نصر في جامعه عن داو بن الحصين عن أبي عبد الله (عليه السلام) فيجب تأويله فيحمل على المساجد التي عددناها
واحتج أبو حنيفة بما روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال كل مسجد له امام ومؤذن يعتكف فيه ولأنه قد يأتي عليه الجمعة فان خرج
أبطل اعتكافه وربما كان واجبا وإن لم يخرج أبطل جمعته في شرط المسجد الجامع والجواب انه مساعدة لنا على قولنا إذ هو يتناول
ما ذهبنا عليه اما الاقتصار على المعين فقد بينا دليله فروع الأول اعتكاف المراة كاعتكاف الرجل سواء في اشتراط المساجد
التي عيناها وبالمساوات ذهب علماؤنا اجمع وبه قال مالك واحد والشافعي في الحديد وقال في القديم يجوز ان يعتكف في المسجر بيتها وهو
الموضع الذي جعلته لصلاتها من بيتها فجوز الاعتكاف في منزلها وقال أبو حنيفة انه أفضل لنا قربة
يشترط فيها المسجد في حق الرجل
فيشترط فيها في حق المراة كا لطواف وأيضا ما تقدم من عموم قولهم لا اعتكاف الا في المسجد جماعة قد صلى فيه امام عدل
صلى جماعة احتج أبو حنيفة بأنه موضع فضيلة صلاتها فكان موضعها لاعتكافها كالمسجد في حق الرجل والجواب ان الصلاة غير متعسرة
في الاعتكاف لان فضيلة صلاة الرجل النافلة متعلقة بمنزله ولا يصح له الاعتكاف فيه ولا الجمعة وكذلك المرأة لا تصح منها الجمعة
في منزلها الثاني قال الشيخ في الخلاف لو نذر اعتكافا في الحد المساجد الأربعة لزم ولا يجزيه لو عدل إلى غير ما نذره وقال الشافعي
ان نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لزم وان نذر بغيره لم يلزم لنا انه نذر في طاعة فيجب عليه الوفاء به ولا يتحقق الا بفعل ما نذره على
الصفة المنذورة فيجب أن لا يجزي مع عدمها احتج الشافعي بأنه لا يتعلق به عبادة شرعية والنذر يتعلق بمطلق الاعتكاف وقد جعل
والجواب المنع من ذلك وكذا البحث في الصلاة لو نذر فعلها في موضع تعين عليه إذا كان لذلك المكان مزية على غيره بان يكون مسجدا
أو موضع عبادة أما إذا لم يكن فالأقرب عندي تعلق النذر بالصلاة مطلقا الثالث لو نذر الاعتكاف في مسجد معين فانهدم
اعتكف في موضع منه فان لم يقدر خرج من الاعتكاف فإذا بنى المسجد رجع وأتم اعتكافه أو استأنفه على التفصيل الآتي
النظر الثالث في الاحكام مسألة لا يجوز للمعتكف الخرو ج من الموضع الذي اعتكف فيه الا لضرورة وهو
قول العلماء كافة روى عن عايشة قالت السنة للمعتكف أن لا يخرج الا لما لا بد منه وقالت أيضا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إذا اعتكف فدنى إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت الا لحاجة الانسان ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الموثق عن عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يخرج المعتكف من المسجد الا في حاجة وفي الحسن عن ا لحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا ينبغي
للمعتكف ان يخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتى يرجع ولا يخرج في شئ الا الجنازة أو يعود مريضا ولا يجلس
حتى يرجع واعتكاف المرأة مثل ذلك ولان الاعتكاف هو اللبث في المسجد فمع خروجه لا يصدق الاسم فروع الأول
لو خرج لغير عذر أبطل اعتكافه لان الاعتكاف اللبث في المسجد للعبادة فالخروج مناف له الثاني يبطل بالخروج لغير عذر
وان قصر الزمان وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك واحمد وقال أبو يوسف ومحمد لا يبطل حتى يكون أكثر من نصف يوم لنا انه خرج
من معتكفه لغير حاجة فوجب ان يبطل اعتكافه كما لو كان أكثر من نصف النهار احتجوا بان اليسر معفو عنه وان كان لغير حاجة كما لو خرج
لحاجة ثم يأتي في مشية وكان يمكنه ان يمشي أسرع من ذلك فإنه نعفي عنه لقلته كذلك ها هنا والجواب ان المشي يختلف فيه طباع
الناس وانما ينبغي ان يمشي على حد ومشيه لان عليه مشقة في تغييره بخلاف صورة النزاع فإنه لا حاجة إليه ههنا الثالث
يجوز ان يخرج رأسه ليرجل شعره ويخرج يده وبعض جوارحه لما يعرض من حاجة إلى ذلك لان المنافي للاعتكاف خروجه
633

بجملته لا خروج بعضه وحديث عايشة دل عله الرابع إذا خرجت لغير حاجة وقد مضى ثلاثة أيام صح اعتكافه الماضي وبطل من حين خروجه
هذا إذا كان تطوعا أو كان واجبا غير متتابع أو متتابعا من حيث الوقت بان ينذر الشهر الفلاني من العشر الفلاني مثلا فهل
إذا خرج ثم تجدد الاعتكاف من حين عوده اما لو كان النذر متتابعا من حيث الشرط فان خرج أبطل اعتكافه الأول واستأنف
من حين عوده وقضى ما مضى من الأيام مسألة ويجوز له ان يخرج للبول والغايط وقد اجمع أهل العلم على ذلك لان
هذا لابد منه ولا يجوز فعله في المسجد فلو بطل الاعتكاف بخروجه إليه لم يصح لاحد الاعتكاف ولان النبي (صلى الله عليه وآله) كان
يعتكف وكان يخرج لقضاء لحاجة والمراد بحاجة الانسان البول والغايط كني بذلك عنهما لعموم الحاجة إليهما ويؤيده ما رواه
الشيخ عن داود بن سرحان قال كنت في المدينة في شهر رمضان فقلت لا بي عبد الله (عليه السلام) اني أريد ان اعتكف فماذا أقول وماذا افرض
على نفسي فقال لا تخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك وكذا في حديث الحلبي عنه (عليه السلام)
فروع الأول لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها الا ان يجد عضا بان يكون من أهل الاحتشام فيجب المشقة بدخولها
لأجل الناس فعندي ههنا يجوز ان يعدل عنها إلى منزله وان كان أبعد الثاني لو تذل له صديق منزله وهو قريب من المسجد لقضاء حاجته لم يلزمه الإجابة لما فيه من المشقة بالاحتشام بل يمضى إلى منزله الثالث لا فرق بين ان يكون منزله بعيدا متفاحشا
أو غير متفاحش في ذلك ما لم يخرج عن مسمى الاعتكاف بان يكون منزله خارج البلد مثلا الرابع لو كان له منزلان أحدهما أقرب
تعين إليه وقال بعض الشافعية يجوز ان نمضي إلى الأبعد وليس بمعتمد لأنه لا ضرر عليه في الأقرب فعدوله يقتضي خروجه لغير حاجة الخامس
لو احتلم وجب عليه ان يبادر إلى الغسل لان الجنب يحرم عليه الاستيطان في المسجد ولا يلزمه الغسل في المسجد وان أمكن مسألة
ولو اعتكف في المسجد وأقيمت الجمعة في غيره اما لضرورة اتفقت كما اخترناه أو لأنه اعتكف في مسجد لا يجمع فيه كما ذهب إليه غيرنا
خرج لأدائها ولم يبطل اعتكافه وبه قال أبو حنيفة واحمد وقال الشافعي لا يعتكف في غير الجامع إذا كان اعتكافه يتخلله جمعة فان
نذر ا عتكا فمتتابعا فخرج منه لصلاة الجمعة بطل اعتكافه وعليه الاستيناف لنا انه خرج لا داء واجب عليه فلا يبطل به اعتكافه
كما لو خرج لأداء الشهادة أو لانقاذ غريق احتج بأنه أمكنه فرضه بحيث لا يخرج منه فبطل بالخروج كالمكفر إذا ابتدا صوم الشهرين
المتتابعين في شعبان أو ذي الحجة والجواب انه إذا نذر أياما معينة فيها جمعة فكأنه استثنى الجمعة بلفظه ويبطل ما ذكره بما لو نذرت
المرأة اعتكاف أيام متتابعة فيها عادة حيضها فروع الأول إذا خرج لواجب كالجمعة مثلا فهو على اعتكافه ما لم يبطل
لأنه خرج لما لا بد منه شرعا فأشبه ما لا بد منه ضرورة كالحاجة الثاني إذا خرج للجمعة عجل ولا يطيل المكث قال به أبو
حنيفة وقال بعض أصحابه يجوز ان يجلس يوما وقال احمد يجوز ان يتم اعتكافه لنا ان المكان تعين بانشاء الاعتكاف فيها وبالنذر
ان كان منذورا احتجوا بان الجامع محل الاعتكاف والمكان لا يتعين للاعتكاف بنذره وتعينه فمع عدمه أولى والجواب
المنع وقد تقدم السن د الثالث لو فصل الجامع الذي يجوز الاعتكاف فيه بحاجز جاز ان يعتكف في كل واحد منهما لأنه
للاخر بحيث لا يحتاج إلى المشي في غيرهما جاز له ان يخرج من أحدهما إلى الاخر مسألة قال علماؤنا يجوز له ان يخرج لتشييع
الجنازة وعيادة المريض ونقله الجمهور عن علي (عليه السلام) وبه قال سعيد بن جبير والنخعي والحسن وقال الشافعي ليس له ذلك وبه قال عطاء
عروة ومجاهد والأزهري ومالك وأصحاب الرأي وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن عاصم بن حمزة عن علي (عليه السلام) قال إذا
اعتكف الرجل فليشهد الجمعة وليعد المريض وليحضر الجنازة وليأت أهله وليأمر هم بالحاجة وهو قائم رواه احمد والأثرم ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال لا يخرج في شئ الجنازة أو يعود مريضا ولا يجلس حتى
يرجع ولأنه مستحب مؤكدا والاعتكاف للعبادة فلا يمنع من مؤكداتها احتج المخالف بما روته عايشة
قالت كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا اعتكف فلا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان وعنها انها قالت السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا
يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة الا لما لا بد منه ولأنه ليس بواجب فلا يجوز ترك الاعتكاف الواجب
من اجله والجواب ان
الحديث الأول فقول بموجبه ولا دلالة على موضع النزاع والحديث الثاني غير مسندا لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقول
عايشة ليس بحجة وكونه ليس بواجب لا يمنع من فعله الاعتكاف كفضاء الحاجة مسألة ويجوز ا لخروج لإقامة الشهادة سواء
كان الاعتكاف واجبا أو ندبا متتابعا أو غير متتابع تعين عليه التحمل والأداء أو لم يتعين عليه أحدهما إذا ادعى إليها وقال الشافعي
ان تعينا عليه خرج ولا يبطل اعتكافه المتتابع وإن لم يتعينا عليه ولا واحدا مهما ا نقطع التتابع بخروجه ويستأنف إذا عاد وان تعين
634

عليه التحمل دون الأداء فكما لو لم يتعينا عليه وان كان بالعكس فقولان لنا ان إقامة الشهادة مما لا بد منه فصار ضروريا كقضاء الحاجة فلا
يكون مبطلا وإذا دعى إليها مع عدم التعيين يجب الإجابة فلا يمنع الاعتكاف منه احتج الشافعي بأنه خرج لغير حاجة فأبطل التتابع وجوابه
المنع من المقدمة الأولى ويقيمها قائما ولا يقعد إذا عرفت هذا فكذا جاز لإقامة الشهادة مع اليقين فهل يجوز مع عدمه الأقرب عدمه
ويجوزان يخرج لزيارة الوالدين لأنه طاعة فلا يكون الاعتكاف مانع منها وكذا يجوز ان يخرج في حاجة أخيه المؤمن لأنها طاعة
فلا يمنع الاعتكاف منها ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن مسمون بن مهران قال كنت جالسا عند الحسين بن علي (عليه السلام) فاتاه رجل فقال
له يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان فلا ناله على مال ويريدان يحبسني فقال والله ما عندي مال فكلمة فليس (عليه السلام) فعله فقلت
يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنسيت اعتكافك فقال له انس ولكني سمعت أبي عبد الله (عليه السلام) يحدث عن جدي رسو ل الله (صلى الله عليه وآله)
قال من سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنما عبد الله عز وجل تسعة آلاف ستة صائما نهاره قائما ليلة مسألة قال الشيخ (ره) يجوز ان يخرج ليؤذن في منارة خارجة عن المسجد وان كان بينه وبين المسجد فضاء ولا يكون مبطلا لاعتكافه وللشافعي قولان فيما إذا
كان بينها فضاء وليست في رحبة المسجد بل خارجة عنه وعنها واحتج الشيخ بان هذه المنارة تثبت للمسجد واذانه فصارت كالمتصلة به ولان الحاجة قد تدعو إلى ذلك بان يكون مؤذن المسجد وقد عرف صومة ووثق بمعرفته بالأوقات فجاز له ذلك وفيما ذكره الشيخ (ره)
اشكال لان الأذان وان كان مندوبا الا انه يمكن فعله في المسجد فيبقى الخروج لغير ضرورة اما لو فرض ان يكون هو المؤذن وقد اعتاد
الناس بصوته ويبلغ من الاستماع ما لا يبلغ لو اذن في المسجد لم يستبعد قول الشيخ رحمه الله فروع الأول قال الشيخ رحمه الله
لو خرج إلى دار الوالي وقال حي على الصلاة أيها الأمير أو قال الصلة أيها الأمير بطل اعتكافه وهو جيد لأنه خر ج من معتكفه لغير
ضرورة فأبطل اعتكافه كما تقدم وللشافعي قول بالجواز لان عايشة روت ان بلالا جاء فقال الاسلام عليك يا رسول الله و
(ره) وبركاته الصلاة يرحمك ا لله والجواب انه في غير الاعتكاف الثاني يجز للمعتكف الصعود إلى السطح في المسجد لأنه
من جملته وبه قال الفقهاء الأربعة ويجوز ان يثبت فيه الثالث لو كان إلى جنب المسجد رحمة ليست داخلة فيه لم يخبر له الخروج
إليها الا لضرورة وعن أحمد روايتان لنا انها خارجة عن المسجد فكانت لغيرها احتج احمد بأنها تابعة له ومعه فكانت بمنزلته
والجواب تابع الشئ ومصاحبه غيره ومساواتهما في الحكم يحتاج إلى دليل ولا فرق بين ان يكون عليها حايط وباب أو لم يكن مسألة
قال الشيخ (ره) إذا خرج المعتكف لضرورة لا يمشي تحت الظلال ولا يقمن فيه الا عند ضرورة إلى أن يعود إلى المسجد ذكره في النهاية
وقال أبو الصلاح لا يجلس تحت سقف وفي تحريم المشي والاقتصار في المنع على الجلوس تحت سقف أو غير تحت سقف لرواية داود بن سرحا ن عن أبي
عبد الله (عليه السلام) ولا تقعد تحت ظلا ل حتى تعود إلى مجلسك وفي الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا ينبغي للمعتكف
ان يخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتى يرجع ولا يخرج في شئ الا لجنازة أو يعود مريضا ولا يجلس حتى يرجع اما
المشي تحت الظلال فيه الاشكال قال السيد المرتضى (ره) ليس للمعتكف إذا خرج من المسجد ان يستظل لسقف حتى يعود إليه
والثوري يوافق السبعة الامامية في ذلك وحكى عنه الطحاوي في كتاب الاختلاف ان المعتكف لا يدخل تحت سفق الا ان يكون مخيره مضطرا
فيه فان دخل فسد اعتكافه وباقي الفقهاء يخبزون له الاظلال بالسقف ثم استدل على قوله (عليه السلام) بالاجماع وطريقه الاحتياط
والتعيين بان العبادة فأفسدت ولا يقين الا باجتناب ما ذكرناه مسألة لا يجوز ان يصلي في غير المسجد الذي اعتكف فيه الا بمكة
خاصة فإنه يصلي في اي بيوتها شاء قال علماؤنا لأنها حرم قلها حرمة ليست لغير ها ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن
سنان قال المعتكف بمكة يصلي في اي بيوتها شاء سواء عليه صلى في المسجد أو في بيوتها ثم قال بعد كلام لا يصلي المعتكف في بيت غير مسجد
الذي اعتكف فيه الا بمكة فإنه يعتكف بمكة حيث شاء لأنها كلها حرم وقال الشيخ قوله عليه السلام) يعتكف بمكة حيث شاء انما يريد به يصلي صلاة الاعتكاف
لأنه شرع في بيان صلاة المعتكف في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه الا بمكة فان الاستثناء يقتضي ذلك وإلا لكان من غير الجنس وقد روى الشيخ
في الصحيح أيضا عن منصور بن حازم عن أبي بعبد الله (عليه السلام) قال المعتكف بمكة يصلي في اي بيوتها شاء والمعتكف في غير ها لا يصلي الا
في المسجد الذي سماه فرع كلام الشيخ (ره) يقتضي ان الصلاة في البيوت مع الضرورة بان يخرج من المسجد لحاجة ثم يحضر وقت
الصلاة وهو في بيت من بيوت مكة فإنه يصلي فيها بخلاف غير مكة فإنه لا يجوز له ان يصلي حتى يرجع إلى المسجد اخر لو اعتكف في غير
مكة فخرج لضرورة فتطاول وقت الضرورة حتى ضاق وقت الصلاة عن عوده صلى أين شاء ولم يبطل اعتكافه لأنه صار ضروريا
فيكون معذورا كالمضي إلى الجمعة مسألة وإذا طلقت المعتكف أو مات زوجها فخرجت واعتدت في بيتها استأنفت الاعتكاف
قال الشيخ (ره) وبالجملة فللمرأة الخروج إذا طلقت للعدة في بيتها ويجب عليها ذلك وبه قال الشافعي واحمد وقال ربيعة ومالك
635

وابن المذر تمضى في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعيد في لنا قوله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ولان الاعتداد
في بيتها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في حق الرجل احتجوا بان الاعتكاف المنذور واجب وقد تعارضا فيقدم الأسبق والجواب ينتقض بالخروج
إلى الجمعة وسائر الواجبات اما استيناف الاعتكاف واجبا ولم يشترط الرجوع مسألة ولو أخرجه السلطان فإن كان ظالما
مثل ان يطالبه بما ليس عليه أو بما هو عليه وهو مفلس لم يبطل اعتكافه وإذا عاد بنى لقوله (عليه السلام) رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما
استكرهوا عليه وان أخرجه بحق مثل إقامة حد أو استيفاء دين يتمكن من قضائه بطل اعتكافه واستأنف قال ا لشيخ (ره) وبه قال
الشافعي فيمن عليه دين اما من عليه إقامة حد فإنه يبنى عند الشافعي لنا ان التفريط وقع منه واخرج نفسه إلى الاخراج مع تمكنه من تركه
فكان كمن يخرج مختارا احتج الشافعي بأنه مكره على الخرج ولا اعتبار باختبار السبب والجواب ينتقض ما ذكرته على أملك بأداء الشهادة إذا كان مختارا في تحملها فإنه يبطل اعتكافه عنده ولو خرج لأدائها مضطرا وهذا الذي ذكره الشيخ (ره) ينبغي تقييده
عدم مضى ثلاثة أيام أما إذا مضت الثلاثة ولم يشترط التتابع فإنه لا يستأنف بل يصح اعتكافها ويأتي بما زاد ان كان واجبا مسألة
ولو خرج سهوا لم يبطل اعتكافه بل يرجع مع الذكر فان استمر مع الذكر بطل الاعتكاف مع المكنة وقال بعض الجمهور يبطل الاعتكاف
بخروجه سهوا لنا قوله (عليه السلام) رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ولأنه فعل المنهى ناسيا فلا يقتضي فساد العبادة كالأكل في الصوم احتج
بأنه ترك الاعتكاف وهو لزوم المسجد وترك المسمى عمده وسهوه سهوا كترك النية في الصوم والجواب يمنع التسوية بين الذكر وعدمه
مسألة وإذا مرض المعتكف فإذا كان به قيام متدارك أو سلس البول أو اغماء أو جنون فإنه يخرج اجماعا وإذا برأ بنى
ولا يبطل اعتكافه الا ان يكون قد مضى أقل من ثلاثة عندنا وان كان مرضا خفيفا لا يحتاج معه إلى الخروج من المسجد سواء عليه
أقم فيه أو خرج كحى؟؟ يوم أو صداع يسير أو وجع ضرس وما أشبهه مما لا يضطر معه إلى الخروج لا يخرج من المسجد ولو خرج أبطل اعتكافه
ووجب عليه الاستيناف ان كان واجبا متتابعا وان كان مرضا يشق معه المقام في المسجد ويحتاج إلى الفراش والطبيب والمعالجة جاز
له الخروج اجماعا فإذا برء أهل يقتضي أم لا للشافعي قولان أحدهما يقضى ان كان واجبا والثاني بنى ان كان واجبا أيضا اما الشيخ
(ره) فإنه قال متى عرض للمعتكف مرض أو جنون أو اغماء فإذا برئ أو حيض أو طلب سلطان يخاف على نفسه أو ماله فإنه يخرج
ثم إن كان خرج وقد مضى أكثر مدة اعتكافه عاد بعد زوال عذره وبنى على ما تقدم وأتم ما بقي وإن لم يكن مضى أكثر من النصف
استأنف باكمال الاعتكاف سواء كان الاعتكاف واجبا أو مندوبا لا نا قد بينا انه يجب بالدخول فيه الا ما استثناه من الشرط ولا
نعرف للشيخ (ره) تمسكا سوى القياس على الشهرين المتابعين لك ن الشيخ (ره) لا يعمل بالقياس والأولى في هذا المقام
ان يقال ان كان الاعتكاف مندوبا لم يجب عليه القضاء وان كان واجبا فاما ان يكون ثلاثة أيام أو أزيد فإن كان ثلاثة أيام لا غير استأنف
الاعتكاف لان ما بقي أقل من ثلاثة ويجب عليه الاتيان بها ولا يمكن الا بالكمال ثلاثة أيام على ما سلف فوجوب الاستيناف لضرورة الاتيان
بالثاني ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا مرض المعتكف أو طمثت المرأة
المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برئ ويصوم وأم كان أزيد من ثلاثة أيام فإن كان قد حصل العارض بعد الثلاثة خرج
وإذا عاد بنى فا ذا كان الباقي ثلاثة فما زاد أتى بها وان كان دونها أتى بثلاثة وان حصل العارض قبل انقضاء الثلاثة فهو في محل التردد
ن حيث عموم الحديث الدال على الاستيناف ومن حيث حصول العارض المقتضي للضرورة فكان كا لخروج للحاجة والأقرب عدم
الاستيناف مسألة وإذا حاضت المراة رجت من المسجد إلى بيتها إلى أن تطهر ثم يعود بعد طهرها إلى الاعتكاف ذهب إليه
علماؤنا اجمع وبه قال الشافعي ومالك وربيعة الزهري وعمر بن زياد وقال احمد إن لم يكن للمسجد رحبة رجعت إلى منزلها وان كان له رحبة
خارجة يمكن ان يضرب فيه خباها يضرب خباها فيها مده حيضها قال النخعي يضرب فسطاطها في زارها فإذا طهرت قضت تلك
الأيام وان دخلت بيتا أو سقفا استأنفت لنا على خروجها من المسجد قوله (عليه السلام) أحل المسجد لحايض ولا جنب فلان الحيض حدث
بمنع اللبث في المسجد فهو كالجنابة وآكد منه ولا نعرف في وجوب خروجها خلافا واما رجوعها إلى منزلها فإنه وجب عليها الخروج
من المسجد فلم يلزمها الإقامة في رجبته كالخارجة في العدة أو خو ف الفتنة ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن
الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) انها ترجع إلى بيتها وقدمت الرواية احتج احمد بما روته عايشة قالت كن المعتكفات إذا حضن
امر رسول الله (صلى اله عليه وآله) بإخراجهن من المسجد وان يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن والجواب بعد تسليم الحديث انه يحتم لان يبين (عليه السلام) ان رحبة المسجد ليست منه ان ان الاعتكاف قد كان واجبا عليهن وعلم عليه السلام) من حالهن توهم
سقوطه عنهن بخروجهن من المسجد للحيض فأزال هذا الوهم عنهن وقول إبراهيم لا تعويل عليه إذ هو مخالف لما عليه العلماء
636

فروع الأول التفصيل الذي ذكرناه في المريض من الاستيناف وعدمه ان ها هنا الثاني حكم النفساء حكم الحايض
في
ذلك لان النفاس في الحقيقة دم الحيض الثالث الاستحاضة لا تمنع الاعتكاف لأنها بالأغسال كالطاهر ولا تمنع من الصلاة
ولا الطواف قالت عايشه اعتكفت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) امرأة من أزواجه مستحاضة كانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعنا الطشت
تحتها أو هي تصلي إذا ثبت هذا فإنها تحفظ وتتلجم لئلا يتعدى النجاسة إلى المسجد فان لم يمكن صيانتها من خرجت لا انه عذر فأشبه قضاء الحاجة مسألة إذا كان في المسجد الحرام معتكفا فاحرم بحجة أو عمرة وهو معتكف لزمه الاحرام ويقيم من اعتكافه إلى أن يتم ثم يمضى
في احرامه لأنها عبادة تبطل بالخروج لغير ضرورة ولا ضرورة هنا اما لو خاف فوت الحج فإنه ترك الاعتكاف ويمضى في الحج
فإذا فرغ استأنف الاعتكاف واجبا والا ندبا لان الخروج حصل باختياره لأنه كان يسعه ان يؤخر الاعتكاف فروع الأول
قال الشيخ (ره) لو أغمي على المعتكف أياما ثم أفاق لم يلزمه قضاؤه لأنه لا دليل عليه الثاني إذا خرج رأسه إلى؟ نسائه فغسلوه لم يبطل اعتكافه كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذا لو اخرج يده أو رجله لأنه بخروج هذه الأعضاء
لا يكون خارجا ولهذا لو حلف لا يخرج لم يحنث بخروج أحد أعضائه الثالث إذا نذر ان يعتكف في أحد المسجد بعينه
أو في زمان بعينه وجب عليه الاتيان بما نذره وقد تقدم البحث فيه فإن كان فيه اعتكف وان كان بعيدا رحل إليه فإن كان المسجد الحرام لم
يدخله الا بحجة أو عمرة لأنه لا يجوز له دخول مكة الا محرما الرابع إذ أوقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا أو حريقا ان قعد
في المسجد فله ترك الاعتكاف لان هذه الأشياء مما أباح الله تعالى ترك الواجب بأصل الشرع كالجمعة والصلاة فأولى ان يباح لأجله
ترك ما أوجبه على نفسه وقد روى ابن بابويه عن الصادق (عليه السلام) ان واقعة بدر كانت في شهر رمضان فلم يعتكف رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فلما ان كان من قابل اعتكف عشرين يوما عشرة لعامه وعشرة قضاء لما فاته وإذا جاز ترك الاعتكاف من أصله فكذا في انهائه
مسألة وينبغي للمراة إذا اعتكفت ان تستر بشئ لان أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) لما أردن الاعتكاف أمرن؟؟ فضربن
في المسجد ولان المسجد يحضره الرجال وقد أمرن بالاختفاء عنهم وينبغي ان يضرب خباها في ناحية المسجد لا في وسطه لئلا يمنع من اتصال الصفوف
وكذا يستحب للرجل أيضا ان يستر بشئ روى الجمهور عن أبي سعد ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر و
شمر الميزر وطوى فراشه ولأنه استر له واخفى لعلمه وربما احتاج إلى الأكل والنوم وينبغي له سترها عن الناس مسألة قد بينا ان الاعتكاف
مندوب في أصلهما لم يوجبه على نفسه بنذر وشبهه وإذا تبرع به كان ندبا بلا خلاف إذا ثبت هذا فاعلم أنه قد اختلف علماؤنا هل يجب المندوب بغير
نذر وشبهه أم لا على أقوال ثلاثة أحدها يجئ بالنية والدخول فيه اختاره الشيخ (ره) في المبسوط وأبو الصلاح الحلبي وبه قال مالك وأبو
حنيفة وثانيها لا يجب الا ان يمضى يومان معتكفا فيجب الثالث اختاره ابن الجنيد وابن الراج وهو الظاهر من كلام الشيخ في النهاية وثالثها
لا يجب أصلا بل له الرجوع فيه متى شاء اختاره السيد المرتضى (ره) وابن إدريس وبه قال الشافعي واحمد وهو الأقوى عندي لنا انها عبادة مندوبة فلا تجب
بالشروع فيها كالصلاة المندوبة وغيره من العبادات التي أوجبها الشارع في الأصل لا يجب اتمامها في الندب الا الحج والعمرة للا جماع عليهما فكيف
يجب ما ليس له أصل في الوجوب ولأنه لا تجب الصدقة بمال نوى الصدقة وشرع فيها باخراج بعضها فكذا الاعتكاف المشابه لأنه غير مقدر بالشرع فأشبه
الصدقة احتج الموجبون بالدخول منا بورود الأخبار الدالة على وجوب الكفارة على من أفسد الاعتكاف بجماع وغيره مطلق ولو كان
ندبا لم تجب بافساده الكفارة واحتجت المخالفون عليه بالقياس على الحج والعمرة واحتج ابن الجنيد بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)
قال إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله ان يخرج ويفسخ اعتكافه حتى يمضى ثلاثة أيام والجواب عن الأول بأنها مطلقة لا تناول
صورة النزاع وغيرها جمعا ويصدق في كل واحد منها ومن غيرها فيحكم على الغير جمع بين الأدلة واخذ ا بالمتيقن مع معارضة براءة
الذمة وعن الثاني بالفرق لأنه يحصل غالبا بكلفة عظيمة ومشقة شديدة وانفاق مال كثير ففي ابصار لهما تضييع لما له وقد نهى عه
فلهذا وجب عليها المضي فيهما بخلاف الاعتكاف وعن الثالث بان الرواية ضعيفة السند في طريقها علي بن فضال فروع الأول
اتفق القائلون بالوجوب بالدخول ان النية ليست كافية في الوجوب وهو قول عامة أهل العلم الامن شذ فقد قيل عن بعض العلماء انه
يجب الاعتكاف بمجرد العزم إليه واستدل عليه بما دونه عايشة عن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عايشة
فاذن لها فأمرت بنائها ضرب وسألت حفصة ان تستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا صلى الصبح دخل يعتكفه فلما صلى الصبح انصرف فيصير بالا بنية فقال ما هذا فقالوا ابنا عايشة
وحفصة وزينب فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) البر أردته ما انا بمعتكف فرجع فلما أفطر اعتكف العشر من شوال ولأنها عباد ة تتعلق بالمسجد قريب بالدخول
فيها كالحج والجواب عن الأول انه لا دلالة فيه على وجوبه بالعزم بل يدل على خلافه لان تركه له دليل على عدم الوجوب بالعزم والقضا
637

لا يدل على الوجوب لأنا نمنع كونه قضاء ولو سلم فان النوافل بعضا كالفرائض مستحبا وعن الثاني بالفرق وقد مضى الثاني القائلون
بوجوبه بعد مضى يومين اتفقوا على أنه لا يجب الا بعد اكمال اليومين الثالث لو اعتكف ثلاثة أيام فهن بالخيار في الزايد فان اعتكف
يومين آخرين قال الشيخ (ره) وجب وبه قال ابن الجنيد وأبو الصلاح وأبو البراج وقال ابن إدريس لا يجب السادس احتج الشيخ (ره) بما رواه عن أبي
عبيده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بلا خيار ثلاثة أيام اخر وان شاء خرج من المسجد فان قام أقام
يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يستكمل ثلاثة أيام اخر وفي طريقها علي بن فضال وفيه قول مسألة ويستحب لمعتكف
ان يشترط على ربه في الا اعتكاف انه ان عرض له عارض ان يخرج من الاعتكاف ولا نعرف فيه لفا الا ما حكى عن مالك أنه قال
لا يصح الاشتراط لا انه عبادة في انشاء ها الخيرة فله اشتراط الرجوع مع العارض كالحج ولأنها عبادة تجب بعقده فكان الشرط إليه
فيه كالوقف ولان الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه مذر القدر والذي اقامه يؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد عن
ابن عبد الله (ع) قال فاشترط على ربك في اعتكافك كما يشترط عند احرامك ان يحلك في اعتكافك عند عارض ان عرض لك من علة تنزل بك من امر الله
ورواه ابن با بويه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال وينبغي للمعتكف إذا اعتكف ان يشترط كما يشترط الذي يحرم احتج مالك بأنه ما ذكره
لأنه شرط ان يأتي بمنتهى عنه في العبادة فلم يجز مسألة قال الشيخ ره فاشترط المعتكف على ربه انه ان عرض له عارض رجع فيه فله
الرجوع اي وقت شاء ما لم يمض له يومان فان مضى له يومان وجب عليه اتمام الثالث وإن لم يشترط وجب عليه بالدخول فيه تمام الثلاثة أيام لان الاعتكاف
لا يكون أقل من ثلثه أيام وقال في النهاية متى شرط جاز له الرجوع فيه اي وقت شاء فان لم يشترط لم يكن له الرجوع الا ان يكون أقل
من يومين فان مضى عليه يومان وجب عليه اتمام ثلاثة أيام والذي ذكره في النهاية دل على رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال إذا
اعتكف الرجل يومان ما ولم يكن قد اشترط فله ان يخرج وان يفسخ اعتكافه وإن لم أقام يومه يكن اشتراط فليس له ان؟ يخرج يفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلثه أيام
هذا الذي اختاره الشيخ ره فيخرج على قوله ما فصله وهو انه لا يخلو اما ان يكون الاعتكاف متبرعا به أو منذورا فإن كان الأول
جاز ان يرجع متى شاوان لم يشترط كالصلاة وان كان الثاني فاما ان يعينه بزمان أولا وعلى التقديرين فاما ان يشترط
التتابع أولا وعلى التقادير الأربعة فاما ان يشترط على ربه الرجوع ان عرض له عارض أول يشترط فالأقسام ثمانية الأول
ان يعين زمانا ويشترط التتابع ويشترط على ربه فعند العارض يخرج عن الاعتكاف ولا يجب على اتمامه عملا بالاشتراط ولا
قضاوة لعدم الدليل مع أن الأصل براءة الذمة الثاني عين النذر ولم يشترط التتابع لكن شرط على ربه ثم عرض العارض
فإنه يخرج عملا بالاشتراط ولا يجب عليه الاتمام ولا القضاء الثالث عين النذر ويشترط التتابع ولم يشترط ولم يشترط على ربه فإنه يخرج
مع العارض ويقضي مع الزوال متتابعا الرابع عين النذر ولم يشترط التتابع ولا اشتراط على ربه ثم عرض له ما يقتضى الخروج
فإنه يخرج ويقضى الفائت الخامس لم يعين زمانا لكنه شرط المتابعة واشترط على ربه فعند العراض يخرج ثم يأتي بما بقي
عليه عند زواله ان كان قد اعتكف ثلثه وان كان أقل استأنف السادس لم يعين واشتراط التتابع ولم يشترط على ربه فإنه يخرج مع
العارض ثم يستأنف اعتكافا متتابعا بفعله إذا لم يعينه بنذره فيجب عليه الاتيان بل على وصفه المشترط في النذر السابع
لم يعين واشترط على ربه ولم يشترط التتابع فإنه يخرج مع العارض ثم يستأنف ان كان قد اعتكف أقل من ثلثه والا بني ان كان الواجب
أزيد واتى بالباقي ان كان ثلثه فما زاد والا فثلاثة الثامن لم يعين ولم يشترط التتابع ولا شرط على ربه فإنه يخرج مع العراض ويستأنف
إن لم يحصل ثلاثة والا أتم تفريع الاشتراط انما يصح في عقد النذر أما إذا أطلقه ممن الاشتراط على ربه فلا يصح الاشتراط عند
ايقاع الاعتكاف فإذا لم يشترط ثم عرض له مانع يمنع الصوم أو الكون في المسجد فان يخرج ثم يقض الاعتكاف ان كان واجبا فواجبا وان
كان نذبا فندبا آخر لو اشتراط الوطي في اعتكافه أو الفرجة أو النزهة أو البيع للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد لم يجز ذلك لأنه مناف
للاعتكاف فلا يجامعه مسألة يحرم على المعتكف الجماع بالنص والاجماع قال الله تعالى ولا تباشر وهن وأنتم عاكفون في المساجد
تلك حدود الله فلا تقربوها فقد اجمع فقهاء الأمصار على تحريم الوطي للمعتكف إذا ثبت هذا فان الاعتكاف يفسد بالوطي باجماع
أهل العلم فان الواطي إذا حرم في العبادة أفسدها كالحج ولا نعرف فيه مخالفا ولا فرق في ذلك بين الانزال وعدمه هذا إذا كان
الوطي عمدا أما إذا وقع سهوا فإنه لا يبطل الصوم فلا يفسد الاعتكاف كالمباشرة فيما دون الفرج احتج المخالف بان ما حرم في الاعتكاف استوى عمده
وسهوه كالخروج ومن المسجد والجواب بعد تسليم الأصل بالفرق فان الخروج ترك المأمور وهو مخالف لفعل المحظور فان ترك النية في الصوم
لم يصح صومه وان كان ناسيا بخلاف ما لو جامع سهوا فروع الأولى القبلة حرام لم يبطل بها الاعتكاف وكذا اللمس بشهوة والجماع
638

في غير الفرجين لقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد وهو على عمومه في كل مباشرة بما قلناه ذهب إليه مالك وقال أبو حنيفة ان انزل فسد اعتكافه وإن لم ينزل لم يفسد للشافعي قولان
لنا ما تقدم من الآية ولأنها مباشرة محرمة فأفسدت الاعتكاف كالجماع احتج المخالف بأنه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف كما لو كان بغير شهوة والجواب التفرق فان
هذه المباشرة لم تحرم في الصوم لعينها بل إذا خاف الانزال وهي محرمة في الاعتكاف لعنها كما ذهب إليه أبو حنيفة أيضا في وطي الساهي فإنه لا يفسد الصيام
ويفسد الاعتكاف الثاني لا فرق بين الوطي في القبل والدبر في احكامها اسم المباشرة واسم الفرج عليه الثالث بجوز ان يلابس بغير
شهوة ولا فعرف فيه خلافا لما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يلابس بعض نسائه في الاعتكاف الرابع كما يحرم الوطي نهار يحرم ليلا لان المتقضي وهو
الاعتكاف كان حاصلا بهما ولا نعم لفيه خلافا مسألة يحرم عليه البيع والشراء وبه قال مالك واحمد للشافعي قولان أحدهما الجواز وبه قال أبو
حنيفة والثاني الكراهية لنا ما رواه الجمهور عن عمر شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وآله نهي
عن البيع والثراء في المسجد عنه (ع) وقد سمع رجلا ينشد ضالة
في المسجد أيها الناشد غيرك الواجد انما هي المسجد لذكر الله والصلاة وكلمة انما للحصر الا ما خرج بالدليل ومن طريق الخاصة وما رواه الشيخ ره عن أبي
عبيدة عن أبي جعفر (ع) قال المعتكف لا يشم الطيب ولا يشتري ولا يبيع ولان الاعتكاف لبث للعبادة فينا زما عايرها فروع الأول
لو باع أو اشترى فعل محرما ولا يبطل البيع وقال الشيخ ره يبطل لأنه منهي عنه والنهي عنه والنهي يدل على فساد المنهي وليس بمعتمد وقد تقدم مثله في البيع وقت
النداء يوم الجمعة الثاني كلما يقتضي الاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعايش ينبغي القول بالمنع منه عملا بمفهوم النهي عن البيع والشرى
وقال السيد المرتضى يحرم التجارة والبيع والشرى والتجارة أعم الثالث لو اضطر إلى شراء غذائه أو إلى شراء قميص يستتر به أو يبيع شيئا يشتري
به قوته فالوجه الجواز للضرورة الرابع الوجه تجريم الصنايع المشغلة عن العبادة كالخياطة وشبهها الا ما لا بد منه لأنه تدعوا الحاجة
إليه فجرى مجرى لبس قميصه وعمامته ونزعهما نعم يجوز له النظر في امر معيشته وضيعته ويتحدث بما شاء من الحديث المباح واكل الطيبات
مسألة ويحرم عليه الممارة الحديث أبي عبد الله عن الباقر عليه السلام الكلام الفحش وفي تحريم الطيب قولان قال به في النهاية والجمل وسوغه
في المبسوط والأقرب الأول بالرواية أبي عبد الله عن الباقر (ع) ولأنها عبادة يختص مكانا فكان الترك الطيب فيها مشروعا كالحج قال الشيخ في الجمل ويجب على
المعتكف ان يجتنب جميع ما يجتنبه المحرم وهو المخصوص بما قلناه من الوطي والمباشرة والقبلة والملامسة واستنزال الماء بجميع أسبابه والخروج
من المسجد الا لضرورة والشراء ويجوز له ان ينكح وتنكح ويأكل الطيبات ويشم الطيب واكل الصيد وعقد النكاح والأقرب ما قاله في النهاية
لدلالة الحديث عليه والاحتياط ولا بأس ان يأكل في المسجد ويغسل يده في طشت ليفرغ خارج المسجد ولا يجوز له ان يخرج لضل يده
لأنه منه بدلا ولا يخرج للطهارة ولا يجوز له ان يبول في المسجد في انية ولا ان يقتصد ولا يحجم فروع الأولى يحتسب له درستم
العلم والمناظرة فيه وتعليمه وتعلمه في الاعتكاف بل هو أفضل من الصلاة المندوبة وبه قال الشافعي وقال احمد لا يستحب له قراءة القرآن ولا درستم
العلم بل التشاغل بذكر الله تعالى والتسبيح والصلاة أفضل لنا ان قراءة القرآن وتدريس العلم قربة وطاعة فاستحب للمعتكف كالصلاة
الذكر احتج بأنها عبادة شرع لها المسجد فلا يستحب فيها قراءة القرآن وتدريس العلم كالصلاة والطواف والجواب ان الصلاة شرع لها أذكار
مخصوصة وخشوع والاشتغال بالعلم يقطعه عنها واما الطواف فلا يكره فيه قراءة القرآن ولا تدريس العلم ولان العلم أفضل العبادات
ونفعه يتعدى فكان أولى من الصلاة الثاني لا بأس بالحديث حالة الاعتكاف وهو قوله العلماء كافة لا في صنعه ضرر عظيما وقد روي أن
صفية زوجة النبي صلى الله عليه وآله قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله معتكفا فاتيته ليلا أزوره فحدثته فلما انقلبت قام ليقبلني فإذا رجلان من الأنصار فلما رأيا رسول
الله صلى الله عليه وآله أسرعا فقال صلى الله عليه وآله رسلكما انها صفية بنت حي فقالا سبحان الله يا رسول الله فقال إن الشيطان يجري من الانسان مجرى الدم فخشيت ان
ان يقذف في قلوبكما شرا الثلاث الصمت حرام وقد تقدم ولا نعلم مخالفا في أنه ليس في شرعيته الاسلام الصمت عن الكلام وقد
روي الجمهور عن علي (ع) قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لا صمات يوم إلى الليل وعن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عن صوم الصمت وقد رواه
أصحابنا أيضا وقد سلف واجمعوا على تحريمه إذا ثبت هذا فلو نذره في اعتكافه لم ينعقد وعن قول فقهاء الاسلام قال ابن عباس بينا النبي صلى الله عليه وآله
يخطب وإذا هو برجل قائم فسأل عنه صلى الله عليه وآله فقال أبو إسرائيل نذر ان يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل الا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وآله
مرة فليتكم وليستظل وليقعد وليتم صومه ول نه نذر في معصيته ولا ينعقد وانصمامه عن الاعتكاف لا يخرج عن كونه بدعه قال بعض الجمهور
لا يجوز ان يجعل القران بدلا من كلامه لأنه استعمله في غر ما هو له فأشبه استعمال المصحف في التوسد وقد جاء لا يناظر بكلام الله قيل
معناه لا يتكلم عند الشئ بالقران كما يقال لمن جاء في وفته وجئت على قدر يا موسى وما شابهه وهو جيد لان احترام القرآن يقتضي خلاف
ذلك الرابع كملا يفسد الصوم يفسد الاعتكاف وهو ظاهر عندنا لان شرطه الصوم ومع فساد الشرط يفسد المشروط وكذا كل
ما يمنع الاعتكاف من فعله نهارا يمنع من فعله ليلا وقد يرحم في ا لنهرا ما يحل بالليل كالأكل والشرب لان المنع للصوم لا للاعتكاف الخامس
قال الشيخ ره الشك يفسد الاعتكاف والارتداد لا يفسده فإذا عاد بني والوجه عندي الابطال السادس قال الشيخ ره لا يفسد الاعتكاف
639

سباب ولا جدال والخصومة وهو قريب لأنه
لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف م
تجب الكفارة بالجماع على المعتكف سواء جامع
ليلا أو نهارا ذهب إليه علماؤنا وجه قال
الحسن البصري والزهري
وبعض
الجنابة
واحمد في إحدى الروايتين وباقي المجهور قالوا
بسقوطهما فان فسد الاعتكاف لنا انه زن ما يعين للصوم وتعلق الاثم بافساده فوجب الكفارة فيه بالجماع كرمضان
ولأنها عبادة يفسدها الوطي بعينه فوجبت الكفارة بالوطي فيها كالحج و
صوم رمضان ويؤيده ما رواه عن أبي ولاد الخياط قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة كان زوجها
غايبا فقدم وهي معتكفة باذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد في بيتها وتهيأت
لزوجها حتى واقعها فقال إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تمضي ثلاثة أيام ولم يكن شرطت في اعتكافها فان عليها ما على المظاهر وفي
الموثق عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله صلى الله عليه وآله عن معتكف واقع أهله وفقال هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان احتجوا بأنها عبارة
لا تجب بأصل الشرع فلم يجب بافسادها كفارة كالنوافل ولأنها عبارة لا يدخل المال في جبرانها فلم يجب الكفارة بافسادها كالصلاة ولان
وجوب الكفارة يحتاج إلى دليل والجواب عن الأول بالفرق فان النافلة لا يتعلق بافسادها اثم والكفارة تتبع الاثم وعن الثاني بالمنع من ذلك وعن الثالث
بقيام الدليل الذي ذكرنا م والكفارة فيه عتو رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا وبه قال الحسن والزهري الا انهما قالا بالترتيب وهو رواية حنبل عن أبيه احمد وقال بعض
الحنابلة عليه كفارة بمين لنا انها كفارة في صوم معين واجب فكانت مثل كفارة رمضان ويؤيده ما تقدم في حديث سماعة وما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران أيضا قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن معتكف واقع أهله قال عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا
فروع الذي يختار انها كفارة مخيرة عملا بالأصل وفتوى الأصحاب وما تلوه فان الأحاديث ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن زرارة
قال سألت أبا جعفر (ع) عن المعتكف يجامع قال إذا فعله فعليه ما على المظاهر ولرواية أبي عبيدة في حديث المرأة ان عليها ما على المظاهر
ولان المراد بذلك المقدار دون الكيفية لما تقدم ب لو وطي في شهر رمضان نهار أوجب عليه كفارات ولو كان ليلا وجب عليه كفارة واحدة
قال علماؤنا لان الوطي في رمضان وجوب الكفارة والوطي في الاعتكاف والأصل عدم التداخل
عند تغاير السبب ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الأعلى ابن أعين قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل وطي
امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان قال عليه الكفارة قال قلت فان وطئها نهارا
قال عليه كفارتان ج قال السيد المرتضى المعتكف لو جامع نهارا كان عليه كفارتان
فان جامع ليلا كان عليه كفارة واحده وأطلق القول في ذلك أو القرب عندنا
ان وجوب الكفارتين
يتعلق
بالجماع
في نهار رمضان على
المعتكف لا على من وطئ معتكفا في نهار غير رمضان
عملا بالرواية في نهار رمضان وبرواية سماعة في عموم قوله (ع)
في المواقع عليه ما على الذي يفطر يوما
من شهر رمضان وكذا
في رواية
زرارة وهو بتناول الليل والنهار والأصل براءة الذمة من الزايد فالحاصل انه ان وطي في نهار رمضان كان عليه كفارتان وان جامع في ليل
أو نهار غير رمضان أو ليلة فكفارة واحدة د لو كانت المرأة معتكفة باذنه وأكرهها على الجماع نهارا أفسد اعتكافه قال السيد المرتضى ره
ووجب عليه أربع كفارات أكرهها ليلا كان عليه كفارتان ولا يفسد اعتكافها ولو طاوعته وجب عليه كفارتان نهارا وكفارة واحدة ليلا و
640

كذا
المرأة على ويفسد
اعتكافهما معا للمطاوعة
والأقرب عند خلاف هذا فان تضاعف
الكفارة بالاكراه انما ورد في شهر رمضان مع
ضعف الراوي وهو المفضل بن
عمر وابن كان
حال
الأصل كذا فكيف صورة النزاع
مع أن القياس عندنا باطل فلا وه لتضعيف الكفارة بالاكراه كما لو أكره عبد
على الافطار في رمضان فإنه لا يجب عليه كفارة بذلك اما رمضان
فقد ثبت الحكم فيه عملا بالرواية الضعيفة وفتوى الأصحاب عليه فالتعدية إلى
غيره من غير ذليل قياس محض لا يتعمد عليه كل مباشرة تستلزم إنزال الماء فحكمها
حكم الجماع لعموم قوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد على اشكال قال فاعل الجماع يوجب القضاء
الكفارة بالجماع وكذا اكل مباشره تؤدي إلى إنزال الماء عمدا وفي أصحابنا من قال فأعد الجماع يوجب القضاء
دون الكفارة وهو الوجه عندي م كلما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف وقد مضى وهل يجب فيه الكفارة قال السيد
المرتضى ره والمفيد ره عنه يجب الكفارة بكل مفطر في رمضان ولا اعرف المستند الوجه عندي التفصيل فإن كان الاعتكاف في
شهر رمضان وجبت الكفارة بالأكل ولا تشرب وغيرهما مما عددناه في با ب شهر رمضان وان كان في غيره فإن كان منذورا معينا وجبت
الكفارة أيضا لأنه بحكم رمضان اما لو كان الاعتكاف مندوبا أو واجبا غير متعين بزمان لم يجب الكفارة بغير الجماع مثل الأكل والشرب وغيرهما
وهذا غير لا (ما ظ) يقال من (يعتقد) انه لا يرى وجوب الاعتكاف بالدخول فيه مطلقا اما على قول الشيخ ره في المبسوط من وجوب المندوب في الاعتكاف بالشروع
فيه فإنه يجب فيه الكفارة وكذا اليوم الثالث على قول الشيخين اما على قولنا وقول السيد لمرتضى فلا تجب الكفارة
لان له الرجوع متى شاء فان تمسكوا بعموم الأحاديث على وجوب الكفارة قلنا انما وردت بالجماع فحمل غيره عليه
قياس محض وان كان الصوم يفسد ويفسد الاعتكاف بفساد الصوم لكن الكفارة يمنع الاثم ولا اثم هنا بجواز الرجوع
م لو مات المعتكف قبل القضاء مدة اعتكافه قال الشيخ ره في أصحابنا من قال يقضي
عنه وليه أو يخرج من ماله من ينوب عنه لعموم ما روي أن من مات وعليه صوم واجب وجب
على ولية القضاء عنه والصدقة والأقرب ان يقال ان كان واجبا فكك على اشكال
وان كان ندبا فلا قال ره قضاء الاعتكاف الفائت ينبغي ان يكون على الفور
وهو جيد لأنه واجب واخلاء الذمة من الواجب واجب ولان فيه مسارعة إلى فعل الطاعة
والمغفرة فيكون مأمورا
له
لقوله
تعالى سارعوا
إلى مغفرة من ربكم وقال ره إذا غمى
المعتكف على أيام ما اثم أفاق لم يلزمه وقضاؤه لأنه دليل عليه و
الوجه وجوت القضاء ان كان واجبا
غير معين بزمان إذا عرفت
هذا
فإذا فسد الاعتكاف وجب قضاؤه ان كان واجبا وان كان ندبا استحب قضاؤه وعلى قول الشيخ ره يجب قضاؤه مطلقا لأنه يجب بالدخول فيه قال ره
متى كان خروجه من الاعتكاف بعد الفجر كان دخوله في قضائه قبل الفجر ويصوم يومه ولا يعيد الاعتكاف ليلة وان كان خروجه ليلا كان قضاؤه من قبل ذلك الوقت
إلى آخر مدة الاعتكاف المضروبة وان كان خرج وقت من مدة الاعتكاف بما فتحه به ثم عاد إليه وقت (تبعته) قدر الذي عقدها (من) باقي المدة وزاد في آخرها مقدرا ما فاته من الوقت تم الكتاب الرابع من منتهى المطلب
في تحقيق المذهب حرره العبد المذنب محمد (حسين) في 1216
641

بسم الله الرحمن الرحيم
الكتاب الخامس في الحج والعمرة وفيه مقدمة ومقاصد والمقدمة فيها مباحث الأول
الحج في اللغة القصد قال الخليل الحج كثرة القصد إلى من يفطمه ويقال الحج بفتح الحاء وكسرها وكدا الحجة بهما والحاج اسم الفاعل والحجاج و
الحجيج جمع والمحجة قارعة الطريق سميت بذلك لكثرة التردد فيها وسمى قصد البيت حجا لكثرة التردد إليه من جميع الناس وان كان القاصد لم
يتردد وهو في الشريعة عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده متعلقة بزمان مخصوص والعمرة الزيارة في اللغة وفي الشرع
عبارة عن زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده ولا يختص بزمان ففارقت الحج هذا إذا كانت مبتولة قال ابن إدريس الأولى ان يقال
الحج هو القصد إلى مواضع مخصوصة لا داء مناسك مخصوصة عندها متعلقة بي مان مخصوص لان تحديد الشيخ يخرج عه الوقوف بالمشعر وعرفة
وقصد منى لأنها ليست قصد ا إلى البيت وذلك لا يجوز وهو ضعيف لأنا نجعل الاسم قصد البيت ونجعل هذه شروطا شرعية خارجة عن المسمى
وبالجملة فلا مشاحة في مثل هذه التعريفات البحث الثاني في وجوبهما الحج أحد الأركان الخمسة التي بنى عليها الاسلام ويدل على وجوبه
النص والاجماع قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غنى عن العالمين قال ابن عباس يريد
باعتقاده انه غير واجب فقال مجاهد يريد الذي ان حج لم يره وان جلس لم يره مأثما وقال عكرمة أراد من كفر من أهل الملل لان النبي (صلى الله عليه وآله)
أمرهم بالحج فأبوا وقال الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وهذا ان للوجوب قال علي عليه السلام اتمامها أن تحرم بهما من دويرة أهلك نقله الجمهور
ورووا عن ابن عمر ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال بني الاسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان
وحج البيت من استطاع إليه سبيلا وعن عمر قال كنا ذات يوم عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا قيل لرجل لم أر أشد بياضا من ثيابه
ولا أشد سواد من شعره ولا نعرفه حتى دنى من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوضع ركبتيه يديه على فخذيه ثم قال يا محمد ما الاسلام فقال إن
تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وان تقيم الصلاة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت قال فإذا فعلت
هذا فانا مسلم قال نعم قال صدقت وعنه (عليه السلام) قال من لم يمنعه من الحج مرض حاجز ا وسلطان جائرا وحاجة ظاهره حتى مات فليمت يهوديا أو نصرانيا
ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن الباقر (عليه السلام) قال بني الاسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية وعن
ذريح عن الصادق (عليه السلام) قال من مات ولم يحج حجة الاسلام فلم يمنعه عن ذلك حاجه تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه
فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا وعنه (عليه السلام) من مات ولم يحج وهو صحيح مؤسر فهو ممن قال الله تعالى ونحشره يوم القيمة أعمى أعماه الله
عن طريق الحق وعنه (عليه السلام) قال إذا قدر الرجل على الحج ولم يحج فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام واما الأسلم فقد اجمع المسلمون
كافة على وجوبه على المستطيع في العمر مره واحدة البحث الثالث في كيفية وجوبهما الحج يجب على كل مكف هو مستطيع للحج متمكن
من السير من ذكر وأنثى وخنثى وجوبا مضيقا على الفور قال علماؤنا اجمع وبه قال ملك واحمد وأبو يوسف ونقله الكرجي وغير ه عن أبي
642

حنيفة وقال الشافعي يجب على التراخي وبه قال محمد بن الحسن لنا قوله تعالى ولله على الناس حج البيت والامر على الفور وما رواه الجمهور عن علي (عليه السلام) قال
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ملك زادا وراحلة يبلغه إلى بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا أو نصرانيا والوعيد مطلقا دليل
التضييق وكذا ما روى عن أهل البيت (عليهم السلام) وعن زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت التاجر يسوق الحج قال إذا سوقه وليس عزم ثم
مات فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام ولان تأخير الواجب تعريض لنزول العقاب لو اتفق الموت خصوصا مع طول المدد إذا تركه يقتضي التأخير
سنة وقد يعيش إليها فيجب المبادرة صوما للذمة عن الاشتغال ولأنه أحد أركان الاسلام وكان واجبا على الفور كالصيام ولأنه عبادة
يجب بافسادها الكفارة فكان وجوبها يحل العقد كالصوم احتج الشافعي بان فرض الحج نزل سنة ست ن الهجرة وآخره النبي (صلى الله عليه وآله) إلى
ست عشر من غير عذر ولأنه لو اخره ثم فعله بالسنة الأخرى لم يسم قاضيا له ولو أفسده وجب عليه ويسمى قاضيا فدل على أهم يؤخره عن وقت وجوبه
كالمصلى إذا اخر الصلاة من أول الوقت إلى آخره والجواب عن الأول انه تمسك بالفعل ونحن تمسكنا بالقول فكان أولى ولانا لا نسلم عدم الاعذار
وعدم العلم بها لا يدل على العدم في نفس الامر ويحتمل ان يكون (عليه السلام) غير مستطيع أو كره روية المشركين عراة حول البيت فاخر الحج إلى أن بعث
في سنة تسع جماعة من المسلمين ونادوا أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ويحتمل ا نه أخبره بأمر الله تعالى ليكون حجة (عليه السلام)
الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئة يوم خلق الله فيها السماوات والأرض وتصادف وقت الجمعة ويكمل دينه وينصب أمير المؤمنين (عليه السلام)
امام للأنام فقد قيل إنه اجتمع يومئذ أعياد أهل كل دين ولم يجتمع قبله ولا بعده وعن الثاني انه لا يلزم ومن الوجوب على الفور تسمية الفعل بعده
قضاء فان الزكاة يجب على الفور ولو اخرها لا يسمين قضاء للقضاء ولو غلب في ظنه ان هل يعيش إلى سنة أخرى يضيق عليه الوجوب اجماعا ولو اخره
وعاش لا يسمى فعله قضاء على انا نمنع انه لا يسمى قضاء فقد قال الله تعالى ثم ليقضوا تفثهم مسألة وانما يجب بأصل الشرع في العمر مرة
واحدة باجماع المسلمين على ذلك وسأل الأقرع بن حابس رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الحج في كل سنة امرة واحدة ومن زاد فهو تطوع
وروى أنه قيل يا رسول الله أحجنا لعامنا هذا أم للا بد فقال بل للأبد ولا نعلم فيه خلافا يعتد به وقد حكى عن بعض الناس أنه يقول يجب في
كل سنة مرة وهذه حكاية لا تثبت وهي مخالفة للاجماع والسنة مسألة العمرة فريضة مثل الحج ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال علي (عليه السلام)
وعمرو بن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وابن سيرين والشعبي والثوري واسحق وقال مالك وأبو
ثور وأصحاب الرأي انها نفل وليست فرضا وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله والامر للوجوب ولان
العطف بالواو يقتضي التسوية قال ابن عباس انه القرينة الحج في كتاب الله وروى الجمهور عن أبي إدريس انه أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال
يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ولا الطعن قال حج عن أبيك واعتمر رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح و
عن ابن عمر قال جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال أوصني قال تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج وتعتمر وعن أبي بكر بن محمد بن عمر بن خريم
عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله كتب إلى أهل اليمن وكان في الكتاب وأن العمرة هي الحج الأصغر وعن ابن عمر قال على كل مسلم
حجة وعمرة واجبتان فمن كاد فهو تطوع ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن الفضل بن صالح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال العمرة مفروضة مثل الحج فإذا أدى المتعة فقد أدى العمرة المفروضة ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يوجد له مخالف سوى عبد الله بن مسعود
على اختلاف عنه فيكون متعينا احتج المخالف بما رواه جابر أن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن العمرة واجبة هي قال لا وإن يعتمر فهو أفضل و
واجبة ثم قال لا وان يعتمر فهو أفضل و
عن طلحة انه سمع ر سول الله (صلى الله عليه وآله) يقول الحج جهاد والعمرة تطوع ولأنه نسك غير مو قت فلم يكن واجبا كالطواف المجرد والجواب
ان الشافي قال حديث جابر ضعيف لا يقوم بمثله الحجة وليس في العمرة شئ ثابت فإنها تطوع قال ابن عبد النور وري ذلك بأسانيد لا تصح ولا يقوم
بمثلها الحجة ثم بعد ذلك يحمله على المعهود وهي العمرة التي قضوها حين أحصروا في الحديبية أو على العمرة التي اعتمروها حجهم مع النبي (صلى الله عليه وآله
) فإنه ما لم يكن واجبة على من اعتمر وعلى ما زاد على العمرة الواحدة والفرق بينها وبين الطواف ظاهر لان من شرطها الاحرام بخلاف الطواف
فروع ا لأول العمرة تجب على من يجب عليه الحج ولها أسباب اخر يأتي إن شاء الله تعالى الثاني وجوبها كوجوب الحج في العمر
مرة واحدة الثالث بجب العمرة على أهل مكة كنا تجب عل يغيرهم وبه قال ابن عباس وقال احمد لا تجب على أهل مكة وبه قال عطا أو
طاوس لنا ما تقدم من العمومات احتج احمد بأن أعظم أركانها الطواف فأجزأ طوافهم عنها والجواب انها مشروطة بأمور زايدة على الطواف
وتشتمل على أفعالك اخر الرابع عندنا تجري عمرة التمتع عن العمرة وكذا عمرة القرن ولا نعلم خلافا في اجزاء عمرة التمتع وقال احمد لا
تجري عمرة القرن وسيأتي البحث انشاء الله تعالى الحديث الرابع في فضلهما وهو من أعظم أركان الاسلام وفضله متفق عليه بين
اعرابي فقال له يا رسول الله اني خرجت أريد الحج ففاتني وانا رجل متمول فمرني ان اصنع في مالي ما أبلغ به مثل اجر الحاج قال فالتفت إليه
643

رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له انظر إلى أبي قبيس فلو تم أبا قبيس لك ذهب حتى أنفقتها في سبيل الله ما بلغت مبلغ الحاج ثم قال إن الحاج إذا اخذ
في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه الا كتب الله له عشر جنا ومحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجا ت فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا ولم يضعها إلا كتب الله له مثل ذلك فإذا طاف بالبيت
خرج من ذنوبه فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه فإذا وقف
بالمشعر الحرم خرج من ذنوبه فإذا رمس الجمار خرج من ذنوبه قال فعدد رسول الله كذا وكذا موقفا إذا وقفها الحاج
خرج من ذنوبه ثم قال إني لك ان تبلغ ما بلغ الحاج قال أبو عبد الله (عليه السلام) ولا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر وكتب له الحسنات الا ان يأتي بكيرة و
في الصحيح عن محمد بن قيس قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) وهو يحدث الناس بمكة فقال إن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ليسأله فقال له رسول الله
(صلى الله عليه وآله) إن شئت فسأل وإن شئت أخبرتك عما جئت تسألني فقال أخبرني يا رسول الله فقال جئت تسألني مالك في حجتك وعمرتك وان لك
إذا توجهت إلى سبيل الحج ثم ركبت راحلتك ثم قلت بسم الله والحمد لله ثم مضت راحلتك اتضع خفا الا كتب الله لك حسنة ومحى عنك سيئة
فإذا أحرمت من البيت كان لك بكل تلبية تلبيها عشر حسنات ومحى عنك عشر سيئات وإذا طفت بالبيت الحرام أسبوعا كان لك بذلك عند الله عهد
وذخر يستحي ان يعذبك بعده ابدا فإذا صليت الركعتين خلف المقام كان لك بهما الفاجة متقبلة فإذا سعيت بين الصفا والمروة كان ذلك اجر من حج ماشيا من بلاده ومن أعتق سبعين رقبة مؤمنة فإذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس فإن كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج
أو عدد نجوم السماء أو قطر المطر يغفرها الله لك فإذا رميت الجمار كان لك بكل حصاة عشر حسنات تكتب لك فيما يستقبل من عمرك فإذا حلف
رأسك كان ذلك بعد دكل شعرة حسنة تكتب لك فيما يستقبل من عمرك فإذا ذبحت هديك أو نحرت بدنتك كان لك بلك قطرة من دمها حسنة
تكتب لك فيما يستقبل من عمرك فإذا زرت البيت وطفت به أسبوعا وصلبت الركعتين خلف المقام ضرب ملك على كتفيك ثم قال لك قد غفر الله
ما مضى وما يستقبل ما بينك وبين مائة وعشرين يوما وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الحاج حملانه وضمانه
على الله فإذا دخل المسجد الحرام وكل اله به ملكين يحفظان طوافه وصلاته وسعيه فإذا كان عشية عرفة ضربا على منكبه الأيمن ويقولان له يا
هذا إماما مضى فقد كفيته فانظر كيف تكون يما تستقبل وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف
صيف يعتقون من النار وصيف يخرج من ذنوبهم كيوم ولدته أمه وصيف يحفظ في أهله وماله فذلك أدنى ما يرجع به الحاج قال ابن
بابويه وروى أنه الذي لا يقبل منه الحج وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحج والعمرة
ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكسير خبث الجديد قال معاوية فقلت له حجة أفضل أو عتق رقبة فالحجة أفضل قلت فثنتين قال حجة أفضل
قال معوية فلم أزل أزيد يقول حجة حتى بلغت ثلاثين رقبة وقال حجة أفضل وفي الصحيح عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) بذكر الحج فقال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
هو أحد الجهادين وهو جهاد الضعفاء وفي الصحيح عن ابن بنت الياس عن الرضا (عليه السلام) قال إن الحج فقال قال إن الحج والعمرة ينفيان للفقر والذنوب
كما ينفي الكبر الخبث من الحديد وروى ابن بابويه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال ما من مهل يهل في التلبية الا أهل من عن يمينه كل شئ إلى
مقطع التراب ومن عن يساره ما إلى مقطع التراب وقال له الملكان أبشر يا عبد الله بالجنة ومن لبى في احرامه سبعين مرة ايمانا واحتسابا
أشهد الله له الف ملك براءته من النار وبراءته من النفاق ومن انتهى إلى الحرم فنزل واغتسل واخذ نعليه بيده ثم دخل الحرم حافيا تواضعا
لله عز وجل محى الله عنه مئة الف سيئة وكتب له مائة الف حسنة وبنى له مئة الف درجة وقضى له الف مئة حاجة ومن دخل مكة بسكينة
غفر الله له ذنبه وهن ان ندخلها وهو غير مستكبر ولا مستحسر ومن دخل المسجد حافيا عن سكينة ووقار وخشوع غفر الله له ومن نظر
إلى الكعبة عارفا بحقه غفر له ذنبه وكفى ما أهمه وقال الصادق (عليه السلام) من نظر إلى الكعبة فعرف من حقنا وحرمتنا مثل الذي عرف من
حقها وحرمتها غفر الله له ذنوبه وكفاهم الدنيا والآخرة وروى أن النظر إلى الكعبة عبادة والنظر إلى الوالدين عبادة والنظر إلى
المصحف من غير قراءة عبادة والنظر إلى وجه العالم عبادة والنظر إلى آل محمد (عليهم السلام) عبادة قال النبي (صلى الله عليه وآله) النظر إلى علي (عليه السلام)
عبادة وفي حديث اخر ذكر علي (عليه السلام) عبادة وروى أن من أراد أن يكثر ماله فأطال الوقف على الصفا المروة وقال الصادق (عليه السلام)
حج حجة الاسلام فقد حل عقده من النار من عتقه ومن حج حجتين لم يزل في خير حتى يموت ومن حج ثلاث حجج متوالية ثم حج أو لم يحج فهو
بمنزلة مد من الحج وقال الباقر (عليه السلام) الحاج والمعتمر وفد الله ان سألوه أعطاهم وان دعوا أجابهم وان شفعوا شفعهم وان سكتوا يبدأهم
ويعوضون بالدرهم الف ألف درهم وقال به ليس في ترك الحج خير وقال رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) لا يخاف الفقر والحمى مدمن الحج و
العمرة فصل والحج والعمرة يحصل بهما الصحة من المرض والفقر لما تقدم وقال علي بن الحسين (عليه السلام) حجوا واعتمروا يصح أبدانكم
ويتسع أرزاقكم وتكفوا مؤنات عيالاتكم والحاج مغفور له وموجب الجنة ومستأنف به العمل ومحفوظ في أهله وله ما فصل
والدعاء في تلك المواطن مستجاب لأنه محل الرحمة والإجابة قال الرضا (عليه السلام) وقف أحد بتلك الجبال الا استجيب له فاما المؤمنون
644

فيستجاب لهم في آخر تهم واما الكافرون فيستجاب لهم في دنياهم قال رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) أربعة لا يرد لهم دعوة حتى يفتح لها أبواب السماء ويصير
إلى العرش دعوة الوالد لولده والمظلوم على من ظلمه والمعتمر حتى يفطر فصل ويكسره السواك يوم عرفة هناك لأنه
مختص بسؤال الله تعالى روى ابن بابويه قال سمع علي بن الحسين (عليه السلام) سائلا يسأل الناس فقال ويحك أغير الله تسأل في هذا اليوم
ان تكون سعيد أو كان الباقر (عليه السلام) إذا كان يوم عرفه لم يرد سائلا فصل ولا ينبغي ان يقنط من رحمة الله لقوله تعالى لا تيأسوا
من روح الله وقال لا تقنطون من رحمة الله وروى ابن بابويه ان أعظم الناس حرما من أهل عرفات الذي ينصرف من عرفا ت وهو يظن أنه لم
يغفر الله له يعني الذي يقنط من رحمة الله فصل وينبغي مصافحة الحاج وتعظيمهم لأنهم أهل طاعة قال علي بن الحسين (عليه السلام)
يا معشر من لم يحج استبشر بالحاج وصافحوهم وعظموهم فان ذلك يجب عليكم تشاركوهم في الاجر وقال (عليه السلام) بادروا بالسلام على الحاج
والمعتمرين ومصافحتهم من قبل أن يخالطهم الذنوب فصل وشرب ماء زمزم يستحب قال الصادق (عليه السلام) زمزم لما شرب له وروى أن
من روى من ماء زمزم أحدث به شفاء وصرف عنه داء وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة فصل وتكرار
الحج مستحب لا نه أعظم الطاعات وأشقها قال الصادق (عليه السلام) ان حج حجتين لم يز ل في خير حتى يموت ومن حج ثلث حجج متوالية يصبه فقر أبدا
وعن الرضا (عليه السلام) من حج أربع حجج لم يصبه ضغطة القبر ابدا وإذا مات صور الله عز وجل الحج التي حجج في صورة حسنة أحسن ما يكون من
الصورة بين عينيه يصلى في جوف قبره حتى يبعث الله من قبره ويكون ثواب تلك الصلاة له واعلم أن الركعة من تلك الصلاة تعدل الف
ركعة من صلاة الآدميين ومن حج خمس حجج لم يعذبه الله ابدا ومن حج عشر حجج لم يحاسبه الله ابدا ومن حج عشرين حجة لم ير جهنم ولم يسمع
شهيقها ولا زفيرها وحج أربعين حجة قيل له اشفع فيمن أجبت وينفتح له باب من أبواب الجنة يدخل منه هو ومن يشفع له ومن حج خمسين
حجة بني له مدينة في جنة عدن فيها الف قصر في كل قصر حورا من حور العين والف زوجة ويجعل من رفقاء محمد (صلى الله عليه وآله) في الجنة ومن حج أكثر من
خمسين حجة كان مع محمد والأوصياء صلوات الله عليهم وكان ممن يزور لله عز وجل كل جمعة وهو ممن
يدخل جنة عدن التي خلقها الله
عز وجل بيده ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق فصل ولا ينبغي له ترك الحج لا جل الدين سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل ذي دين
بسندين ذي حج فقال نعم هو أقضى للدين وعن إسحاق بن عمار قال قلت لا بي عبد الله (عليه السلام) ليحذر أحدكم ان يعوق أخاه عن الحج فيصيبه
فتنة في دنياه منع ما يدخر في الآخرة فصل وقراءة القران بمكة أفضل منه في غيرها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ختم القران
بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل أو أكثر كتب الله له من الاجر والحسنات من أو لجمعة كانت في الدنيا إلى اخر جمعة يكون وكان ختمه في سائر الأيام
وقال علي بن الحسين (عليه السلام) من ختم القران بمكة لم يمت حتى يرى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويرى منزله من الجنة فصل والمشي مع المكنة
أفضل من الركوب لزيادة المشقة ولان فيه تعظيما لله تعالى قال علي بن الحسين (عليه السلام) لما؟ عز وجل وكان (عليه السلام)
يمشي ويساق معه المحامل والرحال وروى أنه من ما يقرب إلى الله عز وجل بشئ أحب إليه من المشي لبيته الحرام على القدمين وان الحجة تعدل
سبعين حجة
البحث الخامس في آداب السفر روى ابن بابويه عن عمر بن أبي المقدم اعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في حكمة آل داود
(عليه السلام) ان على العاقل أن لا يكون ظاعنا الا في ثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وروى السكوني باسناده قال قال رسو ل الله
(صلى الله عليه وآله) سافروا تصحوا وجاهدوا تغتنموا وحجوا تستغنوا فصل روى حفص بن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من أراد السفر
فليسافر يوم السبت فلو أن حجر أزال عن جب لفي يوم السبت فرده الله إلى مكانه ومن تعذر ت عليه الحوائج فيلتمس طلبها يوم الثلاثاء
فإنه اليوم الذي الآن الله فيه الحديد لداود (عليه السلام) ورويى إبراهيم بن أبي يحيى عنه (عليه السلام) أنه قال لا بأس في الخروج في السفر ليلة الجمعة و
روى عبد الله بن سليما ن عن الباقر (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسافر يوم الخميس يحبه الله ورسوله وملئكته فصل
روى محمد بن يحيى الخثعمي عن الصادق (عليه السلام) قال لا تخرج يوم الجمعة في حاجة فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك وقال (عليه السلام)
السبت لنا والأحد لبني أمية وقال (عليه السلام) لا تسافر يوم الاثنين ولا تطلب فيه حاجة وعن أبي أيوب الخراز قال أردنا ان نخرج فجئنا نسلم على أبي
عبد الله (عليه السلام) فقال كأنكم طلبتم بركة الاثنين قلنا نعم قال فأي يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين فقد فيه نبينا (صلى الله عليه وآله) وارتفع الوحي عنا
لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء وروى محمد بن حمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسن وروى سليمان
بن
جعفر الجعفري عن ا بي الحسن موسى (عليه السلام) قال السوم للمسافر في طريقه في خمسة الغراب الناعق عن يمينه والكلب الناشر لذنبه والذئب العاوي الذي
يعوى في وجه الرجل وهو مقطع على ذنبه يعوى ثم يخفض ثلاثا والظبي السانح عن يمين إلى شمال والبومة الصارخة والمرأة الشمطاء في فرجها والأتان العضاء يعني الجدعاء فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل اعتصمت يا رب من شر ماجد في نفسي فاعصمني من ذلك قال؟
645

فصل ينبغي له إذا عزم على الحج ان ينظر في امر نفسه ويقطع العلايق بينه وبين مخالطيه ومعامليه ويوم في كل من له عليه حق حقه
ثم ينظر في امر من يخلفه ويحسن تدبيرهم ويترك لهم ما يحتاجون إليه للنفقة مدة غيبته عنهم على اقتصاد ومن غير إسراف ولا اقتار ثم يوصي بوصيته يذكر
فيها ما يقربه إلى الله تعالى ويحسن وصيته ويسندها من يثق إليه من أخواته المؤمنين فصل فإذا عزم على الخروج فليصل ركعتين
يقرا فيهما ما شاء من القران قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما استخلف رجل على أهله بخلافه أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج
إلى سفر ويقول اللهم إني استودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي فما قال ذلك أحد الا أعطاه الله عز
وجل ما سأل فصل ثم يستفتح سفره بشئ من الصدقة فقد روى ابن بابويه في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قال أبو عبد الله
(عليه السلام) تصدق واخرج اي يوم شئت وفي الصحيح عن حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يكره السفر في شئ من الأيام المكروه مثل الأربعاء
وغيره فقال افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بذلك وعن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) قال كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا أراد الخروج
إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله بما يتسر له ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب وإذا سلمه الله فانصرف حمد الله عز وجل وشكره
وتصدق بما تيسر وله عن كردين عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم وفي الصحيح عن ابن أبي عمير قال كنت
انظر في النجوم واعرفها واعرف المطالع فيدخلني من ذلك شئ فشكوت بذلك إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) فقال إذا وقع في نفسك شئ فتصدق
على أول مسكين ثم امض فان الله عز وجل يدفع عنك فصل فإذا خرج من داره قالم على الباب تلقاء وجهه الذي يتوجه ويقرا فاتحة
الكتاب امامه وعن يمينه وعن شماله والمعوذتين امام وعن يمينه وعن بشماله وقل هو الله أحد امامه وعن يمينه وعن يساره واية الكرسي امامه ون يمينه وعن يساره ويقول اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي
وبلغني وبلغ ما معي ملا عك الجميل رواه ابن بابويه عن الكاظم (عليه السلام) ويستحب أيضا ان يدعو بدعاء الفرج وغيره من الأدعية المذكورة
في مظانها فصل وكان الصادق (عليه السلام) إذا وضع رجله في ركاب يقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ويسبح الله سبعا ويحمده
سبعا ويهلله سبعا وروى ابن بابويه عن الأصبغ بن نباتة قال أمسكت لأمير المؤمنين (عليه السلام) الركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه ثم
ثم تبسم فقلت يا أمير المؤمنين رايتك رفعت رأسك وتبسمت قال نعم يا اصبغ المسكت لرسو ل الله (صلى الله عليه وآله) كما أمسكت لي فرفع
رأسه وتبسم فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني أمسكت لرسول صلى الله عليه وآله الشهباء فرفع رأسه
إلى السماء وتبسم فقلت يا رسول
الله (صلى الله عليه وآله) رفعت رأسك إلى السماء فتبسمت فقال يا علي انه ليس من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرا اية السخرة ثم يقول استغفر الله
الذي لا اله الا هو الحي القيوم وأتوب إليه اللهم اغفر لي ذنوبي ولا يغفر الذنوب الا أنت الا قال السيد الكريم يا ملائكتي عبدي يعلم ا نه
لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه فصل وروى معوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
في سفره إذا اهبط سبح وإذا صعد كبر وعن أبي عبيده عن أحدهما (عليهم السلام) قال إذا كنت في سفر فلال لهم اجعل سيرى عبرا وصمتي نفكر أو كلا مي
ذكرا وقال رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) والذي نفسي بيده ما هلل مهلل ولا كبر مكبر على شرف من الاشراف الأهل ما خلفه وكبر ما بين يديه
بتهليله وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب فصل وا ذا المشرف على منزل أو قرية أو بلد قال اللهم رب السماوات ما أظلت ورب الأرضين السبع وما
أقلت وربت الرياح وما درت وربت الأنهار وما جرت عرفنا خير هذه القرية وخير أهلها وأعذنا من شرها وشر أهلها انك على كل شئ قدير
فصل ويستحب حمل العصاء في السفر روى ابن بابويه قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خرج في سفر ومعه
عصا لو زمر وتلي هذه الآية ولما توجه تلقاء مدين إلى قوله والله على ما نقول وكيل أمنه الله من كل سبع ضار ومن كل لص عاد ومن كل ذات
حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله وكان معه سبعته وسبعون من المعتقبات يستغفرون له حتى يرجع فصل ويضعها فصل ويستحب حسن الخلق
في السفر وكظم الغيظ وكف الأذى والورع روى أبو الربيع الشامي قال كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) والبيت غاص باهله فقال ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه و
من لم يحسن صحبة من صحبه ومرافقة من رافقه ومجاورة من جاوره وممالحة من مالحه ومخالفة من خالفه وعن صفوان الجمال عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان
أبي (عليه السلام) يقول ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال خلق يخالق به من صحيحه وحلم يملك به غصبه أو ور بحجرة عن محارم
الله عز وجل وقال الصادق (عليه السلام) ليس من المروة ان يحدث الرجل بما يلقي في السفر من خير أو شر وروى محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) قال من خالطت
فان استطعت ان تكون يدك العليا عليه فافعل وقال عمار بن مروان الكلبي أوصاني أبو عبد الله (عليه السلام) فقال أو صيك بتقوى الله وأداء
الإمامة وصدق الحديث ولمن صحبك ولا قوة الا بالله فصل روى حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لقمن لابنه إذا سافرت
فأكثر استشارتهم في امرك وأمورهم وأكثر التبسم في وجههم وكنتن كريما على زادك بينهم وإذا دعوك فأجبهم وان استعانوا بك فأعنهم
واستعمل طولا لصمت وكثر الصلاة وسخاء النفس بما معك كمن دابة أو ماء أو زاد وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم واجهد
رأيك لهم إذا استشارك وثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل
646

فكرتك وحكمتك في مشورتك فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الأمانة وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهما وإذا
رايتهم يعلمون فاعمل معهم وإذا تصدقوا وأعطوا فرضا فاعط معهم واسمع ان هو أكبر منك سنا وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل نعم ولا
تقل لا فان لا عي ولوم فإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا وإذا شككتم في القصد فقفوا وتوامروا وإذا رأيتم شخصا واحد ا فلا تسألوه عن طريقكم
ولا تستر شدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص ويكون هو الشيطان الذي حيركم واحذروا الشخص أيضا الا ان
ترو ما لا أرى فان العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ
صلها واسترح منها فإنها دين وصل في جماعة ولو على رأس ذج ولا تنامن على دابتك فان ذلك من فعل الحكماء الا ان يكون في محمد
يمكنك التمدد لا سر المفاصل وإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابتك وابدا بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك وإذا أردتم النزول فعليكم
من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثر ها عشبا وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب
في الأرض وإذا أو تحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها وسلم عليها وعى أهلها فان لك لبقعة اهلا من الملائكة فان
استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل وعليك بقراءة كتاب الله عز وجل لما دمت راكبا وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا
وعليك بالدعاء ما دمت خاليا وإياك والسير من أول الليل وسر في اخره وإياك رفع الصوت في مسيرك فصل ويستحب تشييع المسافر
وتوديعه والدعاء له وقد شيع أمير المؤمنين (عليه السلام) أبا ذر شيعه مع الحسن والحسين (عليهم السلام) وعقيل بن أبي طالب (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر و
عمار بن ياسر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) ودعوا أخاكم فإنه لا بد للشاخص ان يمضى وللمشيع من أن يرجع فيكلم كل رجل مهم على حياله فقال
الحسين بن علي (عليه السلام) رحمك الله يا أبا ذر ان القوم انما امتهنوك بالبلاء لأنك منعتهم دينك فمنعوك دنياه فما أحوجك غدا إلى ما
منعتهم وأغناك عما منعوك فقال أبو ذر رحمك الله من أهل بيت فما لي شجر في الدنيا غير كم اني إذا ذكرتكم ذكرت بكم جد كم رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وكان رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) إذا أو دع أمير المؤمنين (عليه السلام) قال زودكم الله التقوى ووجهكم إلى كل خير وقضى لكم دينكم ودنياكم
ورد كم سالمين إلى سالمين وعن الباقر (عليه السلام) فإن كان رسو ل الله (صلى الله عليه. اله) إذا ودع مسافرا خذ بيده ثم قال أحسن الله لك
الصحابة وأكمل لك المعونة وسهل لك الحزونة وقرب لك العبيد وكفاك المهم وحفظ لك دينك واما نتك وخواتيم عملك ووجهك
لكل خير عليك بتقوى الله استودع الله نفسك سر على بركة الله عز وجل فصل ويكره الوحدة في السفر قال الصادق (عليه السلام) قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) الا أنبئكم بشر الناس قالوا بلى يا رسول الله قال من سافر وحده ومنع رفده وضرب عبده قال أبو الحسن الكاظم
(عليه السلام) في وصيته ر سو ل الله (صلى الله عليه وآله) لعلى (عليه السلام) لا تخرج وحدك فان الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد يا علي الرجل
إذا سافر وحده فهو غاو والاثنان غاويان والثلاثة (نفر) وروى سفر وعن الكاظم (عليه السلام) قال لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله ثلاثة
الا كل زاده وحده النايم في بيت وحده والراكب في الفلاة وحدة فصل ولو اتفق له السفر وحده فليتق لما رواه سليمان بن جعفر
عن أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) قال من خرج وحده في سفر فليقل ما شاء الله لاحول ولا قوة الا بالله اللهم انسن وحشتي وأعني على وحدتي
واد غيبتي فصل قال رسو الله (صلى الله عليه وآله) الرفيق ثم السفر وقال (عليه السلام) ما اصطحب اثنان الا كان أعظمها اجرا وأحبهما إلى
الله أوفقهما لصاحبه وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لا تصحبن في سفر من لا يرين لك من الفضل عليه كما ترى له عليك قال رسو الله صلى الله عليه وآله
من السنة إذا خرج القوم في سفر ان يخرجوا نفقتهم فان ذلك أطيب لا نفسهم وأحسن لا خلاقهم وقال الصادق (عليه السلام) اصحب بن تتزين به ولا تصحب من يتزين بك وقال شهاب بن عبد ربه قلت لا بي عبد الله (عليه السلام) قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فاصحب النفر منهم في طريق مكة
فأوسع عليهم قال لا تفعل يا شهاب ان بسطت وبسطوا أجحفت بهم وانهم أمسكوا إذ للتهم فاصحب نظراك اصحب نظر اك وقال أبو جعفر الباقر
(عليه السلام) إذا صحبت فاصحب تحوك ولا تصحب من يكفيك فان ذلك مذلة المؤمن وقال الصادق (عليه السلام) حق المسافر ان يقيم عليه إخوانه
إذا مرض ثلثا فصل ولا بأس بالحدي انشاد الشعر روى السكوني باسناده قال قال رسو ل الله (صلى اله عليه وله زاد المسافر
الهداء وأشعر ما كان منه ليس فيه حناء فصل وينبغي له ان يتحفظ نفقته لئلا يذهب وقت الضرورة إليها ر وى صفوان الجما ل
قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام ان معي أهلي وأريد الحج فأشد نفقتي في حقوي فقال نعم فان أبي (عليه السلام) كان يقو ل من قوة المسافر
حفظ نفقته وقال الصادق (عليه السلام) إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوفوا فيها وعن نصر الخادم قال نظر العبد الصالح أبو الحسن مو سى (عليه السلام)
إلى سفره عليها حلق صفر فقال انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يعزب شيئا مما فيها شئ من الهوام وكره الصادق (عليه السلام) اتخاذ السفرة
في زيادة الحسين (عليه السلام) للمصيبة فصل وينبغي اتخاذ الزاد وتطيبه فان رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) قال من شرف الرجل ان يطيب
زاده إذا خرج في سفر وكان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق المحمض
647

والمحلي فصل وينبغي اتخاذ السلاح وحمله في السفر لامكان لقاء العدو وروى حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال في وصيته
لقمان لابنه يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وخيامك وسقائك وخيوطك ومخرزك وتزود معك من الأروية ما تنتفع به انا ومن معك
وكن لا صحابك موافقا الا في معصيته الله عز وجل فصل وروى السكوني بإسناده عن رسو ل الله صلى الله عليه وآله قال للدابة على صاحبها
خصال ان يبدأ بعلفها إذا نزل عنها ويعرض عليها الماء إذا مر به ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها ولا يقف على ظهرها الا في سبيل الله
ولا يحملها فوق طاقتها ولا يكلفها من المشئ الا ما يطيق وقال الصادق (عليه السلام) اضربوا الدابة على العثار ولا تضربوها على النفار فإنها
ترين مالا ترون ونهى أمير المؤمنين (عليه السلام) عن لعن الدابة فان الله عز وجل لعن لاعنها وقال النبي (صلى الله عليه وآله) لا تتوركوا على الدواب ولا
تتخذوا ظهورها مجالس فصل ومدح رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخيل وذم الإبل وقال (عليه السلام) الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم
القيمة والمنفق عليها في سبيل الله كالباسط يديه بالصدقة لا يقبضها وسئل (عليه السلام) اي المال خير قال زرعه زرع صاحبه وأصلحه وأد حقه يوم حصاده
قيل يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير قال رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة قيل يا رسول الله فأي المال
بعد الغنم خير قال البقر تعد وبخير وتروح بخير قيل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأي المال بعد البقر خيرا الراسيات في الوحل المطعمات
في المحل نعم الشئ النخل من باعه فإنما بمنزلة ر مئة على رأس شاهقة اشتدت به الريح في يوم عاصف الا ان يخلف مكانها قيل يا رسول ا لله فأي المال
بعد النخل خير فسكت فقال له رجل فأين الإبل قال فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار تعد ومدبرة وتروح مدبرة لا يأتي خيرها الا من
جانبها الأشم أما انها لا تعدم الأشقياء الفجرة قال ابن بابويه معنى اتيان خيرها من جانبها الاسم انها لا تجلب ولا تركب الا من جانبها الأيسر قال
وقال عليه السلام في العنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت والإبل إذا أقبلت أدبرت وإذا أدبرت أدبرت فصل وينبغي اجتناب ضربتها
الا مع الحاجة فان علي بن الحسين (عليه السلام) حج على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط ولا بأس بالتعاقب قال الباقر (عليه السلام) كان رسو ل
الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يتعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر وفصل وينبغي
إعانة المسافر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله من أعان مؤمنا مسافر نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة وأجاره في الدنيا من الغم والهم
ونفس عنه كربه العظيم يوم بعض الناس بأنفاسهم فصل روى السكوني باسناده قال قال رسو ل الله صلى الله عليه وآله إياكم والتعري على ظهر الطريق وبطون الأودية مدارج السباع ومأوى الحيات وقال عليه السلام من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال اشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع الا أمن من شر ذلك السبع حتى يرحل
من ذلك المنزل انشاء الله وقال النبي (صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ما من يموت في ارض غربة تغير عنه فيها بواكيه الا بكته بقاع
الأرض التي كان يعبد الله عز وجل عليها وبكت أبوابها وبكت أبواب السماء التي كان يصعد فيها علمه وبكاء
الملكان الموكلان وقال عليه السلام ان
الغريب إذا حضره الموت التفت يمينه ويساره ولم ير أحدا رفع رأسه فيقول الله عز وجل إلى من هو خير لك مني وعزتي وجلالي لان أطلعتك
من عقدتك لأخبرتك في طاعتي إلى كرامتي فصل روى جابر بن عبد الله الأنصاري قال نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله ان يطرق
الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم
المقصد الأول في بيان حجة الاسلام وفصوله اثنان الأول في الشرايط
وفيه مباحث الأول في شرط التكليف وهو أمران البلوغ والعقل مسألة شرط وجوب حجة الاسلام البلوغ وكمال العقل وهو قول
فقهاء الأمصار كافة روى الجمهور عن علي (ع) قال قال رسول الله رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن
الصبي حتى يشب وعن المفيق حتى يعقل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن شهاب قال سألته عن ابن عشر سنين بحج قال عليه حجة الاسلام إذا احتلم وكذا
الجارية عليها الحج إذا طمثت ولأنه لا يعقل التكليف فلا يكون متجها نحوه ولا نعرف فيه خلافا مسألة يصح احرام الصبى المميز
وحجه والاحرام لغير المميز يحرم عنه وليه وبه قال مالك والشافعي واحمد وعطا والنخعي وقال أبو حنيفة لا ينعقد الحرام الصبي ولا يصير محرما بالحرام وليه
لنا ما رواه الجمهور عن عباس قال رفعت امرأة صبيا فقالت يا رسول الله لهذا حج قال نعم ولك اجر وعن التايب بن يزيد قال حج بي مع رسول الله
وانا بن سبع سنين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام قال سمعته يقول مر
رسول الله صلى الله عليه وآله برويته وهو حاج فقامت إليه امرأة ومعها صبي لها فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله الحج عن مثل هذا قال نعم
ولك اجره ولان أبا حنيفة قال يجنبه ما يجتنبه المحرم ومن حيث ما يجتنبه المحرم كان احرامه صحيحا احتج بان الاحرام سبب يلزمه الحكم فلا يصح
من الصبي كالنذر والجواب النذر لا يجب شئ عليه بخلاف مسئلتنا فروع الأول يشترط اذن الولي فيهما معا لان الحج نية يتضمن غرامة
مال وتصرف الصبى غير ما س ض ولأصحاب الشافعي قولان أحدهما لا يشترط لأنها عبادة يتمكن من استقلاله بايقاعها فأشبهه حال الصلاة والصوم
648

والجواب الفرق من حيث غرامة المال كالحج دون الصلاة والصوم فاشترط اذن الولي في الأول دون الثاني اما غير المميز فإنه لا اثر لفعله إذ لا قصد له
فيحرم عنه الولي بمعنى انه يقصد الاحرام للصبي فيصح له دون الولي لما تقدم من حديث أبي سنان الثاني حكم المجنون حكم الصبي غير المميز إذ لا
يكون اخفض حالا منه فيحرم عنه الثالث الولي كل من له ولاية المال كا لا ب والجد للأب والوصي ون غيرهم من القارب ولو أحرمت أمه
عنه صح وإن لم يكم ن لها ولاية عملا بالحديث الذي تلوناه عن الصادق عليه السلام ولك اجر ولا يضاف إليها الاجر الا لكونه تبعا لها
في الاحرام الرابع ما يحتاج إليه الصبى والمجنون من حمولة وغيره مما يزيد على نفقته الواجبة ثبت على الولي لأنه السبب في الاتلاف مسألة
إذا عقد للصبي الاحرام فعل بنفسه ما يتمكن منه ويقدر عليه وما يعجز عنه ينويه الولي قال جابر خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجاجا
ومعنا النساء والصبيان فأحرمنا عن الصبيان رواه الجمهور ولأنه يعجز عن فعله فيتحمله الولي بنفسه والرمي إذا لم يقدر عليه رمى ويستحب ان يو ضع
الحصاة في يده ثم يؤخذ منه يرمي عنه وان وضعها في يد الصغير ورمى بها فجعل يده كالآلة كان حسنا والطواف إذا لم يتمكن من المشي
إليه حمله وليه أو غيره وطاف به وينوي الطواف عنى الصبي ويجوز له ان يحتسب به عن نفسه على ما سيأتي ويجرد الصبي في الاحرام كما
يجرد الكبير قال أصحابنا يجردون من فخ مسألة كلما يحرم على البالغ فعله يمنع الصبي منه مثل عقد النكاح ولحم الصيد ولبس المخيط
وغيره من المحرمات ولا يجوز ان يعقد له عقد نكاح لان الاحرام يمنع منه في حق الكبير وكذا في الصغير لتساوي العلة فيهما ولان فائدة الاحرام
تعلق هذه الأحكام به وكلما يلزم المحرم من كفارة في فعله لو فعله الصبي وجبت الكفارة على الولي إذا كان مما يلزم عمدا وسهوا كالصيد
وبه قال الشافعي لأنه بالشر السبب فيلزم الموج ب كالبالغ خلافا لأبي حنيفة لان الجزاء انما يلزم بارتكاب المحظور والحظر بالنهى وهو غير متوجه
على الصبى والصغرى ممنوعة لان الساهي كذلك اما ما يلزمهم بالعمد لا بالسهو فللشيخ فيه وجهان أحدهما لا يلزمه لان عمد الصبى خطأ والثاني
يلزم الولي ان فعله متعمد والأول أقرب قال الشيخ في التهذيب كلما يلزم فيه الكفارة فعلى وليه ان يفضي عه والهدى يلزم الولي روى زرارة
في الصحيح عن أحدهما عليه السلام قال إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره ان يلبي ويعرض الحج فان لم يحسن ان يلبي ليولي عنه ويطاف به ويصلي
فيه قلت ليس لهم ما يذبحون عنه قال يذبح عن الصغار ويصوم الكبار ويبقى ما يبقى على المحرم من الثياب والطيب وان قتل صيدا فعلى أبيه و
روى ابن بابويه عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال انظروا إلى من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مرو يصنع بهم ما يصنع
بالمحرم ويطاف بهم ويرمي عنهم ومن لا يجد الهدى منهم فليصم عنه وليه وسأله سماعة عن رجل امر غلمانه ان يتمتعوا قال عليه ان يضحى عنهم قلت
فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحى وبعضهم أمسك الدراهم وصام قال قد أجزأ عنهم وهو بالخيار ان شاء تركها قال ولو أنه امر هم فصاموا
كان قد أجزأ عنهم ولو قبل صيد افعلي أبيه وللشافعي وجهان أحدهما يجب في مال الصبى لأنه لمصلحة ونحن نمنع ذلك إذ لا مصلحة للصبي في
الحج ولا جنايته مسألة لو حج الصبى أو المجنون فزال عذرهما بعد انقضاء الحج لم يخبرهما عن حجة الاسلام ولا نعلم فيه خلافا روين
صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن ابن عشر سنين يحج قال عليه حجة الاسلام إذا احتلم وكذا الجارية
عليها الحج إذا طمثت رواه ابن بابويه في الصحيح وروى عن أبان بن حكمك قا لسمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الصبى إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام
حتى يكبر والعبد إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يعتق مسألة ولو بلغ في اثنا الحج فإن كان بعد الوقوف بالموقفين فقد
فاته الحج وأتم تطوعا ووجب على حجة الاسلام مع الشرايط وان أدرك الحد الموقفين بالغل ففي الاجزاء تردد ولو قيل به كان وجها
لأنه زمان يصح انشاء الحج فيه فكان مجزيا بأن يجدد نية الوجوب وبه قال الشافعي واحمد خلافا لا بي حنيفة ومالك لان الصبي لا ينعقد احرامه
لأنه انعقد فلا ينقلب فرضا كما لو بلغ بعد الوقوف ويعارضه بأنه وقف بعرفة وهو كامل في احرام صحيح فوجب ان يجزيه عن حجة الأسلم
كما لو كان كاملا حال الاحرام والنفل قد يجزي عن الفرض كما لو صلى البالغ في أول الوقت عنده ولان استدامة الاحرام بمنزلة ابتدائه
لان كل مسافة يقطعها يصح ان يبتدي الاحرام مها ولاه أحرم نفلا باذن الحاكم عليه وقد زال عذره قبل الوقوف فوجب الاجزاء كا لعبد
عند أبي حنيفة وبالجملة فنحن في هذا الموضع من المترددين وان كان الأقرب عندنا الاجزاء فرع لو بلغ بعد الوقوف بعرفة
قبل ادراك المشعر اجزاء وبنا على الاجزاء ولو بلغ بعد الوقوف بالمشعر قبل مضى وقته بعد المفارقة فان عاد أجزأ عنه كما لو بلغ قبل
الوقوف وإن لم يعد لم يجز الحج عنه وحكى عن بعض الشافعية الاجزاء لأنه أكمل قبل الوقوف فأجزأ ما تقدم من وقوفه كما لو أحرم ثم اكم لقبل الوقوف فإنه يجز يه الاحرام وليس بمعتمد لأنه لم
يقف الجال الكمال فلم يجز عنه كما إذا أكمل بعد مضي وقته ويخالف الحرام لأنه مستدام فيصير كاملا في حال احرامه ونظيره ان يكمل
وهو واقف فإنه يجزيه مسألة ولو وطي الصبي في الفرج قبل الوقوف فإن كان ناسيا فلا شئ عليه كالبالغ ولا يفسد حجة وان كان
عامدا قال الشيخ عمده وخطؤه سواء فلا يتعلق به أيضا فساد الحج قال وان قلنا إن عمده عمد لعموم الاخبار فيمن وطي عامدا في الفرج
من...؟ فسد حجة ويلزمه القضاء والأقوى الأول لان ايجاب القضاء يتوجه إلى المكلف وهذا ليس بمكلف وقال بعض
649

الجمهور يفسد حجه وفي ايجاب القضاء حينئذ وجهان أحدهما لا يجب لأنه يجب عبادة بدينة على من ليس من أهل التكليف والثاني يجب لأنه افساد موجب
للبدنة فأوجب القضاء كوطي البالغ إذا عرفت هذا وان قلنا بوجوب القضاء فالوجه انه انما يجب بعد البلوغ فإذا قضى هل يجزيه عن الاسلام
ينظر فإن كان الفاسد قد أدرك فيها شئ من الوقوف بعد بلوغه أجزأ عنهما جميعا والا فالأقرب عدم الاجزاء البحث الثاني في شرط الحرية
مسألة جمع فقهاء الاسلام على أن الحرية شرط في وجوب الحج فلا يجب الحج على العبد روى الجمهور عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله
قال أيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة الاسلام ومن طريق الخالصة ما رواه الشيخ عن ادم بن علي عن أبي الحسن عليه السلام قال ليس على المملوك
حج ولا يسافر الا باذن مالكه وفي الصحيح عن الفضل بن يونس عن إلي الحسن عليه السلام قال ليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق ولا ن الحج
عبادة تتعلق يقطع مسافه ويشترط في وجوبها المال فلا يجب على المملوك كالجمهور ولان الحج يحتاج إلى قطع مسافة طويله وزمان بعيد يفوت فيه منافع السيد وضروراته فلا يجب عليه كالجمعة وهي أقل زمانا منه مسألة ولو حج باذن
مولاه صح اجماع ولو كان بغير اذنه لم يصح ويه قال داود وأصحابه وقال باقي الفقهاء يصح لينا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
من عمل عملا ليس عليه امر فهو مردود ولان منافعه مستحقة للسيد وصرفها في غيرها فصرف في مال الغير بغير اذنه منهى عنه فلا يقع عبادة
لتضاد الوجهين احتجوا بقوله عليه السلام أيما عبد حج ثم أعق فعليه حجة الاسلام ولأنها عبادة على البدن فصح من العبد دخولها فيها بغير إذن
سيده كالصوم والصلاة والجواب عن الأول انه لا دلالة فيه على صحة حجه من دون اذن سيده بل غاية ولان لته ان هاذ أحج ثم أعتق وجب
عليه حجة الاسلام وهولا يدل على أن الحج الأول وقع صحيحا سلمنا لكم أن لا يدل على أنه لم يأذن له سيده فيه فان صحة الحج يتوقف على شرايط
لابد منها وعن الثاني بالمنع في الصل والفرق باختلاف الضرورة في العبادتين مسألة إذا أحرم بغير إذن مولاه بغير إذن فقد
قلنا إنه لا ينعقد احرامه وللمولى فسخ أحرمه اما القايلون بالصحة فقد اختلفوا فقال الشافعي له تحليله وبه قال احمد في إحدى الروايتين وفي
الأخرى ليس له ذلك احتج الشافعي ان في بقائه على احرامه تفويتا لحقه من منافع خ بغير إذن فلا يلزم السيد كالصوم المصر به احتج احمد بأنه لا يملك
التحلل من تطوعه فلا يملك تحليل عبده وليس بوجه لأنه التزم التطوع بالاختيار نفسه اما ها هنا فلا يعلم لو اذن لعبده في الاحرام لم يكن
له تحليله إذا عرفت هذا فان الحرام عندنا وقع بالطلا فلا يحتاج التحلي إلى هدي ولا بدل من الصوم اما الشافعي القايل بالصحة ولان له تحليله
فهل يحل بالهدى إذا ملكه مولاه يبنى على أن العبد هل يملك بالتمليك أم لا ولو لم يدفع المولى الهدى فهل يبقى في ذمة العبد هو أو بدله ولا يتحلل
حتى يأتي به أو ببدله قولان له وهذا البحث ساقط عنا مسألة ولو اذن له سيده فهل يجزه عن حجة الاسلام ويجب عليه بعد عتقه مع
الاستطاعة حجة الاسلام وهو قول كل من يحفظ عنه العلم روى الجمهور عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال إني أريد ان أجد وفي صدور
المؤمنين عهدا أيما صبي حج به أهله فمات أجزأت عنه فان أدرك فعليه الحج وأيما مملوك حج مع أهله فمات أجزأت عنه فان أعتق فعليه
الحج ولرواية ابن عباس وقد تقدمت ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه مو سى عليه السلام قال المملوك إذا
حج ثم أعتق فان عليه إعادة الحج وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال الملوك إذا حج وهو مملوك ثم مات قى لان
يعتق أجزأه ذلك الحج فان أعتق عاد الحج وعن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال لو أن عبد حج عشر حجج كانت عليه حجة الاسلام
إذا استطاع إلى ذلك سبيلا وعن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن أم الولد تكون للرجل ويكون قد أحجه أيجزي ذلك عن حجة الاسلام
قال لا قلت لها اجر في حجتها قال نعم ولا يعارض ذلك ما رواه حكيم الصير في قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام أيما عبد حج به مواليه فقد مضى
حجة الاسلام لأنه محمول على من استمر به العبودية إلى وفاته أو على من أدرك العتق قبل الوقوف وسيأتي جمعا بين الأدلة لان الأمة لم تخالف
في هذا الحكم فيحمل مثل هذا الخبر الواحد الذي لا يبلغ في المعارضة للاجماع على مثل هذا التأويل مسألة ولو حج باذن مولاه
ثم أدرك العتق فإن كان قبل الوقوف بالموقف أجزأه الحج سواء كان قد فعل الاحرام أو لا ولا نعلم خلافا في أنه لو أعتق قبل انشائه
الاحرام بعرفة فاحرم انه يجزيه عن حجة الاسلام لأنه لم يفته شئ من أركان الحج ولا فعل شيئا قبل وجوبه واما ان أعتق بعد احرامه
قبل الوقوف بالموقف فإنه يجزيه عن حجة الاسلام عندنا أيضا ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال ابن عباس وذهب إليه الشافعي واسحق
واحمد والحسن البصر ي أيضا وقال مالك لا يجزيه واختاره ابن منذر وهو قول أصحاب الرأي لنا انه أدرك الوقوف حرا فأجزاه
كما لو أحرم تلك الساعة وانه وقت يمكن انشاء الاحرام فيه ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن أبي محجوب عن شهاب عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له أيجزي عن العبد حجة الاسلام قال نعم قلت قام ولدا حجها مولاها يجري عنها قال لا قلت له اجر
في حجتها قال نعم وعن معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام في مملوك أعتق يوم عرفة قال إذا أدرك أحد الموقعين فقد أدرك
الحج احتج المخالف بان احرامه لم ينعقد واجبا فلا يجي عن الواجب كما لو بقي على ماله والجواب المنع من الملازمة مسألة ويدرك
الحج بادراك أحد الموقفين معتقا على ما قلناه عن علماءنا بغير خلاف بينهم اما لو فاته الموقفان معا فإنه يتم حجه ولا يجزيه عن حجة
650

الاسلام بل يستأنف الحج في العام الذي بعده لأنه فاته الموقفان فلا يجزيه فعله كما لو أعتق بعد فراغه من الحج ول أعتق قبل الوقوف
أو في وقته وأمكنه الاتيان بالحج وجب عليه ذلك لأنه واجب على الفور فلا يجوز له تأخيره من الامكان إذ ثبت هذا فكل موضع قلنا
يجزيه الحج فلا دم عليه لأنه أتى بحجة الاسلام بإحرام من الميقات كان نافلة وانما وقع الاحرام عن فرضه من حين كماله فكان الاحرام الواجب لم
يكن من الميقات وليس بشئ وكل موضع قلنا لا يجزيه الحج فلا دم عليه اجماع فروع الأول لو اذن له مولاه ثم رجع فإن كان قبل
التلبس وعلم العبد ذلك بطل الاذن ولا يجوز للعبد الحج حينئذ ولو تلبس لم يجز الرجوع وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة له ان يحلله
ولا يلزمه الإقامة على الاذن لنا انه عبد لازم فعله باذن سيده فلم يكن له منعه منه كالنكاح احتج بأنه ملكه منافعه فكان له الرجوع
فيه كالمعير يرجع في العارية ولا جواب الفرق فان العذرية ليست لا ذمة اما لو اعاره ليرهنه فرهنه لم يكن له الرجوع اللزوم الثاني لو رجع
قبل التلبس ولم يعلم العبد ثم أحرم بجهالة من الرجوع ففيه اشكال قال الشيخ (ره) الأولى انه يصح احرامه وللسيد فسخ حجه لان دوام الاذن
شرط في الانعقاد ولم يحصل الثالث الحكم في المدبر وأم الولد والمعتق بعضه والمكاتب كذلك الرابع لو أحرم باذن مولاه ثم باعه
صح البيع اجماعا لان الاحرام لا يمنع التسليم فلا يمنع صحة البيع كالنكاح إذا عرفت هذا فان علم المشتري بذلك فلا خيار له وإن لم يعلم
ثبت الخيار لان بقائه على الاحرام يضر بالمشتري وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا خيار له لان عبده له ان يحلله وقد مضى
البحث معه ولو كان قد أحرم بغير إذن سيده فباعه صح البيع اجماع ولا خيا ر للمشتري اتفاقا اما عندنا فلوقوع كالاحرام باطلا واما
عند الشافعي فان للمولى تحليله الخامس الأمة المزوجة لا يجوز لها الحج الا باذن المولى والزوج لان كل منهما حقا يفوت بالاحرام
وكذا المكاتب يشترط فيه اذن المولى ولو أعتق بعضه وهاياه مولاه فهل له ان يفعل الاحرام في أيامه من غير اذن المولى فيه اشكال و
الأقرب الجواب السادس لو أحرم بغير إذن مولاه فقد قلنا ببطلانه فلو أعتق قبل الموقفين صح ان ينشأ احراما اخر ويجزيه
عن حجة الاسلام فان أمكنه الرجوع إلى الميقات والاحرام من مو ضعه مسألة ولو اذن له مولاه فاحرم ثم أفسد حجة وجب
عليه القضاء بعد اتمام الفاسد كالحر وقال بعض الشافعية لا يجب عليه القضاء كما لا يجب عليه حجة الاسلام وليس بصحيح لان العبد يجب عليه
الصبر بعد العتق وقال بعض الشافعية لا يجزيه الا في حالة العتق ليس بصحيح لان الذي أفسده كان يجب عليه المضي في حالة رقه
فكذا القضاء لمساواته الأصل احتج المخالف بأنه حج واجب فكان كحجة الاسلام وليس بصحيح لأنها قضاء لما أفسده ولأنه يقضى إلى سقوط القضاء
لأنه ربما لم ينعتق ولو أحرم بغير إذن سيده ثم أفسده لم يتعلق به حكم لأنه لا اعتبار باحرامه فرع لو أعتقه مولاه بعد افساده فإن كان
قبل فوات أحد الموقفين أتم حجة وقضى في القابل وأجزأه عن حجة الاسلام لان المقتضية لو كانت صحيحة أجزأته عن حجة الاسلام فإذا
أفسدها قام المقضى مقام صحتها فأجزأ ذلك عن حجة الاسلام ولو كان بعد ها أتم حجه وقضاه في القابل وعليه حجة الاسلام
وكان القضاء في ذمته ولو قلنا إنه لا يجزي عن كل واحدة منهما كان قويا ووجه قوله (ره) في تقديم حجة الاسلام ان وجوبها
اكد من جوب القضاء لثبوته بنص القران بخلاف القضاء وفي انها لا يجزي عن أحدهما لو نوى القضاء لان حجة الاسلام إذا
كانت متقدمة فإذا نوى القضاء لم تصح عن ما نواه ولا عن حجة الاسلام انه لم ينوها قال ولو أعتق قبل الوقوف أتم حجه وقضاه في القابل وأجزأه
عن حجة السلام لأنه عتقه ساوى الحر لو أفسد حجه مسألة ولو جنى العبد في احرامه بما يلزم به الدم كاللباس والطيب وحلق الشعر
والوطي وكما لو قبل الصيد وأكله وغير ذلك قال الشيخ (ره) يلزم على العبد لأنه فعل ذلك بغير إذن مولاه ويسقط الدم إلى الصوم لأنه و
عاجز ففرضه الصيام ولسيده منعه منه لأنه فعله بغير إذ نه وقال المفيد (ره) على السيد الفداء في الصيد واستدل بما رواه في الصحيح عن حريز عن أبي
عبد الله عليه السلام قال كلما أصاب العبد وهو محرم في احرامه فهو على السيد إذا اذن له في الاحرام ثم إن الشيخ (ره) قال في التهذيب ولا
يعارض هذا الحديث ما رواه سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال سالت الحسن عليه السلام عن عبدا صاب صيدا وهو محرم هل على مولاه شئ من الفداء فقال لا شئ على مولاه لان هذا الأخير ليس فيه أنه كان قد اذن له في الاحرام أو لم يأذن له وإذا لم يكن
في ظاهره حملناه على من أحرم من غير اذن مولاه قال يلزمه حينئذ حسب ما تضمنه الخبر وهذا من الشيخ (ره) يدل على رجوعه عما ذهب إليه في
المبسوط ولو قيل ههنا بالتفصيل من أن الجناية ألن لم يتضمنها الاذن في الاحرام مثل الطيب واللباس وقبل الصيد فان الصوم لازم للعبد
ويسقط الدم وان تضمنها الاذن باذن اذن له في الصيد مثلا كان لازما للمولى الفداء عنه ومع العجز يأمره بالصيام كان وجها
651

اما الشافعي فقال أم ن لم يتضمنها الاذن في الاحرام كالصيد والطيب وشبهها فإنه لازم للعيد الصوم لأنه لم يتضمنه الاذن فيه وانما وجب
بجنايته وهو لا يملك شيئا فان ملكه مولاه الهدى وقلنا إنه يملك بالتمليك صح وإلا فلا وان تضمنه الاذن كالهدى لان الاذن أو القران
اذن في الهدى فعلى قولين أحدهما يجب على الولي اذنه يضمنه فلزمه ان يؤيده عنه لأنه يعلم أنه لا يقدر عليه فصار ملزما له والثاني
لا يلزم السيد لأنه رضى بوجوبه على عبده وإن لم يرض بوجوبه على نفسه فان اذنه لا يتضمن ذلك ولان فرض العبد لان الصوم فينصرف
اذنه إلى ما يتضمنه هل العبد فرع قال الشيخ (ره) لو ملكه مولاه المتحد أجزأت الصدقة ولو مات قبل الصيام جاز ان يطعم المولى
عنه ودم المتعة سيده بالخيار بين ان يهي عنه أو يأمره بالصيام وليس له منعه من الصوم لأنه باذنه دخل فيه ويدل على ما ذكر ه الشيخ
ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل امر مملوكه ان يتمتع قال فمره فليصم وإن شئت
لم يحج عنه البحث الثالث في شرط الاستطاعة مسألة والاستطاعة شرط في وجود حجة الاسلام بالنص و
الاجماع قال الله تعالى من استطاع إليه سبيلا قال لا يكلف الله نفسا الا وسعها والاخبار متواترة على اشتراط الاستطاعة وقد
اجمع فقهاء الاسلام عليه أيضا ولان تكليف غير المستطيع قبيح فإذا عرفت هذا فنقول شرط الاستطاعة يشتمل على اشتراط الزاد
والراحلة اجماعا الامن هنالك على ما يأتي وهل يشتمل على امكان المسير فيه خلاف ونحن نفرد لا مكان المسير فاما ههنا مسائل مسألة اتفق على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لا يجب الحج وان تمكن من المشي وبه قال الحسن و
مجاهد وسعيد بن جبير والشافعي وأصحاب أبو حنيفة وقال مالك ان كان على المشي وعادته سؤال الناس لزمه الحج لنا ما رواه الجمهور
عن جابر وعبد الله بن عمر وانس وعايشة ان النبي صلى الله عليه وآله سئل السبيل قال الزاد والرحلة وعن ابن يعمر قال جاء رجل إلى
النبي (صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله ما يوجب الحج قال الزاد والراحلة وعن ابن عمر أيضا قال إن رجلا قام فقال يا رسول الله ما الاستطاعة فقال الزاد والراحلة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن يحيى النخعي قال سال حفص الكناني أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن قول الله
عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ما يعني بذلك قال من كان صحيحا في بدنه محلي سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع
الحج أو قال ممن كان له مال فقال له حفص الكناني فإذا كان صحيحا في بدنه محلي سربه له زاد وراحله فلم حج فهو ممن يستطيع الحج قال نعم وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال السبيل ان يكون له ما يحج به والاخبار كثيرة في هذا المعنى ولان اطلاق الامر يقيد
بوجهه إلى المستطيع ببدنه فعلم أن تقيد الاستطاعة اشتراط لغيرها ولأنها عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة فاشترط في وجو بها الزاد والراحلة
كالجهاد احتج بأنه استطاعة في حقه فهو كمن وجد الزاد والراحلة والجواب قد بينا ان تقيد الاستطاعة في الآية يدل على الزايد على المكنة البدنية
ولان ذلك ليس استطاعة وان كانت عادته فاه مشق والاعتبار بعموم الأحوال دون خصوصها كما ثبت رخص السفر في المعتبر وغيره
فروع الأول ليس المراد وجود عين الزاد والراحلة بل يكفيه التمكن منها اما تملكا أو استيجار الثاني انما يشترطان في حق المحتاج
إليها البعد مسافته اما الغريب فيكفيه اليسير من الاجزاء بنسبة حاجته والمكي لا يعتبر الراحلة في دقه ويكفيه التمكن من المشي الثالث
لو فقدهما وتمكن من الحج ماشيا فقد بيننا انه لا يجب عليه الحج فلو حج ماشيا حينئذ لم يجزه عن حجة الاسلام عندنا ووجب عليه الإعادة مع
كما الشرايط ذهب إليه علماؤنا وقال الجمهور يجزيه لنا ان الوجوب غير متحقق لأنه مشروط بالاستطاعة فمع عدمها يكون مؤديا لاما
يجب عليه فلا يجزيه عما يجب فيما بعدو يدل على ذلك أيضا ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لو أن رجلا معسر أحجه رجل كانت له
حجته فان أيسر بعد ذلك فعليه الحج احتجوا بأنه فعل ما يخرج به من الخلاف إذ مذهب مالك وجوب
الحج فيكون أولى والجوب الأتم ذلك فإنه فعل ما
ليس باختيار فلا يخرج عن العهدة المتجددة مسئلة لو بذل له زاد وراحلة ونفقه له ولعياله جب على الحج مع استكمال الشروط الباقية
وكذا لو حج به بعض إخوانه ذهب إليه علماءنا خلافا للجمهور لنا انه مستطيع حينئذ فوجب عليه الحج ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن
عن أبي عبد الله عليه السلام قلت من له عرض عليه ما يحج به فاستحيا من ذل أهو ممن يستطيع إليه سبيلا قال نعم ما شأنه يستحى ولو حجج على حمار
أجذع أبتر فإن كان يضيق ان يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام قوله تعالى ولله على الناس حج البيت
من استطاع إليه سبيلا قال يكون له ما يحج به قلت فان عرض عليه الحج فاستحيا قال هو ممن يستطيع إن لم يستحق ولو على حمار أجدع أبتر قال فإن كان
يستطيع ان يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لم يكن له مال فحج به رجلا من
إخوانه هل يجزى ذلكم عن حجة الاسلام أم هي ناقصة قال بل هي حجة فاقد وفي رواية الفضل بن عبد الملك قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلا
لم يكن له ما ل فحج به انا س من أصحابه أقضى حجة الاسلام قال نعم قضى حجة الاسلام تكون قامة وليست ناقصة وان أيسر فليحج فأمره (عليه السلام)
بالحج مرة ثانية محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة ولا نه عليه السلام حكم بأنه قضى حجة الاسلام احتجوا بأنه يلحقه منه بذلك ولا يجب يحملها و
الجوا بالمنع بالنص فرع لو وهب له مالا لم يجب عليه القبول سواء كان الواهي قريبا أو بعيدا لأنه يحصل لشرط الوجوب وهو غير لازم
652

مسألة لاتباع زاده الذي يسكنها في لمن الزاد والراحلة ولا خادمه ولا ثياب بدنه وعليه فقال العلماء لان ذلك مما تمس الخاصة إليه ندعو إليه
الضرورة فلا يكلف بيعه ويحصل الاستطاعة بما زاد عليه ويجب بيع ما زاد على ذلك من ضياع أو عقار وغير ذلك من الذخاير والأثاث التي
لا بد منها بدار أبقى له ما يرجع إلى كفايته ولو كان دين على مال موسر باذل بقدر الاستطاعة وجب الحج لأنه كالموجود في يده ولو كان معسرا
أو مانعا أو كان الدين مؤجلا سقط الوجوب لعدم الاستطاعة فروع الأول لو كان له مال وعليه دين بقده لم يجب الحج مواء كان
الدين حالا أو مؤيدا لابد غير مستطيع مع الحلول والضرر متوجه عليه مع التأجيل فسقط فرض الحج الثاني لا يجب ان يستدين الحج إذا
لم يكن له مال غير الدين لا تحصيل للشرط فلا يكون واجبا وقد ردت رواية انه يجوز ان يحج بمال ولده وليست بمعتمدة الا ان يأخذه
فرضا عليه ويكون له ما يقضي ولا فرق ف ذلك بين اني يكون له من يقضي عنه أو لا يكون إذا لم يكن له مال يمكن القضاء منه والرواية التي
ذكرناها رواية الشيخ عن سعيد بن بشار قال قلت لأبي عبد الله على السلام الرجل يحج من مال أبيه وهو صغير قال نعم يحج من حجة الاسلام قلت وينفق منه
قال نعم ثم قال إن مال الود للوالد ان رجلا اختصم هو ووالده إلى النبي صلى الله عليه وآله فقيل ان الولد والمال للوالد وهذه الرواية محموله على أنه
إذا كان للوالد ما يتمكن به من لحج ويأخذه على سبيل الفرض لان مال الورثة ليس للوالد الثالث لو كان له ما يحج به وتاقت نفسه إلى
ا لنكاح لزمه الحج وقال الشافعي يصرف المال في النكاح إذا خاف العنت لنا ان الحج فرض على الفور والنكاح سند والفرض مقدم احتج
بجواز تأخير الحج لأنه يجب على التراخي فيقدم النكاح مع خوف العنت وهو ممنوع لما بينا من وجوب الحج على الفور اما لو خاف من ترك النكاح
المشقة العظيمة فالوجه تقديم النكاح لحصول الضرر الرابع لو كان له مال فباعه قبل وقت الحج مؤجلا إلى بعد فواته سقط الحج لأنه غير مستطيع
وهذه حيلة يتصور ثبوتها في اسقاط فرض الحج على الموسر وكذا لو كان له ما ل فوهبه قبل الوقت أو أنفقه فلما جاء وقت الخروج كان
فقيرا لم يجب عليه وجرى مجرى من أتلف ماله قبل حلول الحول الخامس لو غصب مالا فحج به أو غصب حمولة فركبها حتى أو صلة اثم بذلك وعليه
أجرة الحمولة وضمان المال ولم يجي ه عن الحج إذا لم يكن سواه وبه قال احمد وقال الشافعي يجزيه لنا ان الزاد والراحلة من شرايط الحج ولم
يوجد على لوجه المأمور به فلا يخرج به عن العهدة كما لو فعل الحج على غير المأمور به احتج الشافعي بان الحج عبادة بدينه والمال والحمولة يزاد ان
للتوصل إليه فإذا فعله يروح ما يوصل به فيه وليس بجيد لأنه لم يوجب الحج على المتمكن من المشي ولو كان الزاد والراحلة انما يرادان للتوصل
لا غير فوجب على المتمكن من المشي السادس من كان من مكة على مسافرة قصيرة لا يقصر إليها الصلاة وأمكنه المشي لم يعتبر الراحلة في
حقه كالصحيح البعيد السابع لو حج عن غير ه وهو مستطيع لم يجزه عن حجة الاسلام سواء كان النايب مستطيعا أو لا مسألة
ولا بد من فاضل عن الزاد والراحلة قدر ما يمون عياله حتى يرجع إليهم لان نفقتهم واجبة عليه وهي حق الآدمي فيكون مقدما على الحج
البيت من استطاع إليه سبيلا فقال ما يقول الناس قال فقيل له الزاد والراحلة قال فقال أبو عبد الله عليه السلام قد سئل أبو جعفر عليه السلام عن
هذا فقال هلك الناس اذن لئن كان من كان له زاد وراحله قد رما يقوت عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليهم فيسلبهم إياه لقد
هلكوا اذن فقيل له فما السبيل فقال السعة في المال إذا كان يحج ببعض لقوت عياله أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها الأعلى من يملك
ما في درهم ونعرف في ذلك خلا فا وقد روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال كفى با لمرء اثما ان يضيع من يقوت فروع
الأول المشترط في الفاضل ان يكون فاضلا عن مؤنته ومؤنة عياله بقدر الكفاية على جاري عادمة من مسكن وخادم وما لا بد منه من غير اقتار
ولا تبذير الثالث يشترط ان يكون له أيضا ما يفضل عن قضاء ديونه سواء كان حالة أو مؤجلة وسواء كانت الادمي أو لله تعالى كزكاة
في ذمته أو كفارات وعينه ذلك الرابع الراد الذي يشترط القدرة عليه ما هو يحتاج إليه من مأكول ومشروب وكسوة فإن كان يجب الزاد
في كل منزل لم يلزمه حمله وإن لم يجده كذلك لزمه حمله واما الماء وعلف التهايم فان كانت توجد في المنازل التي ينزلها على حسب العادة لم يجب
عليه حملها والا وجب مع المكنة ومع عدمها يسقط الفرض واما الراحلة فيشترط ان يجد راحلة يصلح لمثله مسلكا ان يشترى ذلك
أو يكريها الذهاب ورجوعه فإن كان لا بشق عليه ركوب القتب أو الزايلة أو غير ذلك في حقه وان كان يلحقه مشقة عظيمة في لك اعتبر وجود
المحل لأنا اعتبر نا الراحلة للمشقة الحاصلة بالمشي فكذلك الركوب فإذا كان يلحقه مشقة في الراحلة اعتبر ما لا مشقة فيه الخامس وكان
وجيدا اعتبر نفقته لذهابه وعوده وللشافعي في اعتبار نفقة ذ العود هما وجهان أحدهما اعتبار للمشقة الحاصلة بالمقام في غير وطنه وهو الذي
اخترناه والثاني عدمه لتساوي البلاد بالنسبة إليه والأول أصح السادس لو احتاج إلى خادم اعتبر وجوده ليقوم بأمره لأنه من سبيله و
كذا يعتبر في الاستطاعة وجود ما يحتاج إليه في السفر من الآلات والأوعية كالعزاير والأوعية للماء وغيرها مما
لا بد منه في السفر لأنه ممن لا
653

لا يستغني عنه فهو كأعلاف البهائم السابع إذا كان له بضاعة يكفيه ربحها أو ضيعه يكفيه غلتها فعل يجب بيعها للحج أو صرف البضاعة إليه
الذي نختاره نحن لزوم الحج إذا كان فيه قدر الكفاية لما به وعوده ونفقة عياله وبه قال أبو حنيفة ويتخرج على قول الشيخ من الرجوع إلى
كفاية عدم الوجوب وبه قا لأحمد وللشافعي وجهان لنا ان رسو ل ا لله صلى الله عليه وآله سئل عن الاستطاعة فقال الزاد والراحلة وهذا واجد
لهما احتج الشافعي بان في ذلك غير محتمل لأنه يصير فقير ا وربما لم يكن ممن يحسن الاكتساب فيحتاج ا لي التصدق وجوابه سيأتي من عدم اشتراط
الرجوع إلى كفاية الثامن لو كان واجدا للزاد والراحلة فخرج في حمولة غيره أو نفقته أو كان مستأجر للخدمة أو غيرها فحج أجزأه لوجود
العبادة منه وقت وجوبها اما لو لم يكن واجدا فان بذل إليه الاستطاعة وجبت وإلا فلا مسألة قد بينا ان الزاد من شرط
وجوب الحج فإذا كانت سنته جدب لا يقرفها على الزاد في البلدان التي جرت العادة بحمل الزاد مها كبغداد وبصره لم يجب الحج وان كان يقدر
عليه في البلدان التي جرت العادة بحمل الزاد منها لم يعتبر وجوده في الراحلة التي بين ذلك لان الزاد مما جرت العادة بحمله وهو ممكن ونقل
الحاجة إليه واما الماء فإن كان موجودا في المواضع التي جرت العادة بكونه كعبد التعلية وغيرهما وجب الحج مع باقي الشرايط وان كان لا
يوجد في مواضعه لم يجب الحج وان وجد في البلد ان التي يوجد فيها الزاد والفرق بينهما قلت الحاجة إلى الزاد وكثرتها إلى الماء وحصول
المشقة بحمل الماء دون الزاد مسألة ولو وجد الزاد والراحلة بالثمن ويمكن من شرائهما وجبت عليه ذلك إذا كان بثمن المثل
بلا خلاف لأنا قد بينا ان المراد يملك الزاد والراحلة ملك العين أو القيمة اما لو جده بالثمن واحتاج إلى ثمنه لم يجب شراه للحاجة ولو
وجد بأكثر من ثمن المثل فان لم يضر به فقد قيل إنه لا يجب شراؤه والصحيح وجوب الشرى لنا انه يستطيع فوجب عليه الحج بالعموم مسألة
قد بينا ان الزاد والراحلة شرط في وجوب الحج فلو فقدهما لم يجب عليه سواء تمكن من المشي أو لم يتمكن وعليه قول علمائنا لكن يستحب له فإذا
اليسر بعد ذلك وجب عليه إعادة الحج لنا ان الاستطاعة شرط وفسرها الرسول صلى الله عليه وآله بالزاد والراحلة ولا يعارض ذلك ما رواه
الشيخ عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال يخرج ويمشي
إن لم يكن عنده قلت لا يقدر على المشي قال بمشي ويركب قلت لا يقدر على ذلك أعني المشي قال يخدم القوم ويخرج معهم وفي الصحيح عن
معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل عليه دينه أعليه ان يحج قال نعم ان حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين
ولقد كان من حج منع النبي صلى الله عليه وآله مشاة ولقدم صلى الله عليه وآله) بكراع الغميم فشكوا إليه الجهد والعناء فقال شدوا إزاركم
واستيظنوا؟؟ ففعلوا على ذلك فذره عنهم قال الشيخ لان المراد بهذين الخيرين الحث على الحج ما شاء والترغيب فيه وانه الأولى مع الطاقة وان
كان قد ا طلق في الخير الأخير لفظ الوجوب لأنه يطلق في أكثر الأحوال على الولي كثره الأخبار الدالة على الحث على المشي لما رواه في الصحيح عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما عبد الله بشئ أشد من المشي ولا أفضل وفي الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن فضل المشي فقال ألن الحسن بن علي عليه السلام قاسم ربه ثلث مرات حتى فعلا وفعلا وثوبا وثوبا ودينارا أو دينارا وحج عشرين حجة ماشيا على
قدميه إذا عرفت هذا فلو استأجر للمعونة على السفر وشرط له الزاد والراحلة أو بعضه وكان بيده الباقي مع نفقة أهله وجب عليه الحج
وأجزأه عن الفرض لكن عقد الإجارة لا يجب فلو فعله وجب الحج لأنه مستطيع حينئذ فرع قد بينا ان من حج به بعض إخوانه فإنه يجزيه
عن حجة الاسلام وخالف شيخنا (ره) في ذلك واجب عليه الحج بعد الأيسار عملا برواية الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال وان أيسر بعد ذلك فعليه ان يحج وفي طريقها ضعف مع اشتمالها على أنه قضى حجة الاسلام وانها حجة تامة فيحمل الامر بالحج بعد ذلك
لي الاستحباب لان مع قضاء الحاجة حجة الاسلام لا يجب عليه الحج ومع ذلك فهي معارضة برواية معاوية بن عمار الصحيحة قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام لم يكن ل مال فحج رجل من إخوانه هل يجزيه ذلك عنه عن حجة الاسلام أم هي ناقصة بل هي تامة مسألة
ولو عجز عن الزاد والراحلة جازان يحج من غيره وسيأتي البحث فيه ذ عرفت هذا فان حج ن غيره لا يجزيه عن حجة الاسلام ولو أيسر يجب عليه
الحج مع الاستطاعة لأنه الآن مستطيع للحج ولم يحج عن نفسه فيما تقدم فيجب عليه الحج عملا بالمقتضى السالم عن المعارض ويدل على ذلك أيضا
ما رواه الشيخ عن آدم ابن علي عن أبي الحسن عليه السلام قال من حج انسان ولم يكن له مال الحج به أجزأت عنه حتى يرزقه الله ما يحج ويجب عليه الحج و
عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة فان أيسر بعد ذلك كان عليه الحج ولا يعارض
ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام عن رجل حج عن غيره أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام قال نعم
قلت حجة الجمال تامة أو ناقصة قال تامة قلت حجة الأجير تامة أو ناقصة قال تامة لأنا تحملنا ذلك على أنه إذا مات ولم يستطع الحج كما دل عليه
الخبران الأولان وكذا إذا حج تطوعا ثم أيسر البحث الرابع في امكان الميسر ويدخل تحته الصحة وامكان الركوب وتخلية السرب واتساع
الزمان وقد اتفق علماؤنا على اشتراط ذلك وخالف فيه بعض الجمهور فههنا مسائل مسألة فالصحة شرط في الوجوب فلا يجب على
654

المريض وان وجد الزاد والراحلة ذهب إليه علماؤنا اجمع ولا نعلم فيه خلا فا من الجمهور لان التكليف بالحج مع المرض ضرر عظيم وحرج ومشقة
فيكون منفيا وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من لم يمنعه عن الحج حاجة أو مرض حابس
أو سلطان جاير فمات فليمت يهوديا
أو نصرانيا ومن طريق الخاصة ما رواه دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة يجحف
به أو مرض فلا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا ولا نعلم في ذلك خلافا مسألة ولو كان المرض لا يمنع
عن الركوب ولا يضر به ضررا شديدا وجب عليه الحج مع باقي الشرايط عملا بعموم الآية السالمة عن معارضة المرض المانع من أداء الوجوب
اما لو منعه المرض سقط عنه فرض الحج وكذا المغصوب الذي لا يقدر على الركوب ولا يستمسك على الراحلة من كبرا وضعف في البينة لو كان
نصف الخلق فإنه يسقط عنه فرض الحج بنفسه لا في ذلك ضرر أو حرجا وكذا المقعد ومن أشبهه مسألة لو وجدا الاستطاعة و
منعه مرض أو كبر أو كان مغصوبا لا يستمسك على الراحلة فهل يجب عليه ان يستنيب قال الشيخ (ره) نعم وبه قال الثوري واحمد واسحق و
أصحاب الرأي وقال ابن إدريس لا يجب وبه قا لمالك لنال ما رواه الجمهور عن علي عليه السلام انه سئل عن شيخ يجد الاستطاعة فقال يجهر
من يحج عنه وعن ابن عباس ان امرأة من خثعم أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت يا رسول الله ان فريضة الله على
عباده أدركت أبي شيخا كبير الا يستطيع ان يستمسك على الراحلة فأحج عنه قال نعم كما لو كان على أبيك دين فقضيته نفعه ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن عليا عليه السلام رأى شيخا لم يحج قط ولم يطق الحج من كبره فأمره ان يجر رجلا فيحج عنه
وعن علي بن حمزة قال سألته عن رجل مسلم حال بينه وبين الحج مرض أو امر يعده الله فيه قال عليه انه يحج عنه من ماله ضرورة لا مال له وعن محمد بن
مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام قال كان عليا عليه السلام يقول إن رجلا زاد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج فليجهر رجلا من ماله ثم
ليبعثه مكانه ولأنها عبادة يجب بافساده الكفارة فجاز ان يقوم غير فعله مقام فعله فيها كالصوم إذا عجز عنه ولأنه فعل تدخله النيابة فيجب
الاستنابة فيه مع تعذر المباشرة كد فع الزكاة احتج ابن إدريس بان الاستطاعة غير موجودة لعدم التمكن من المباشرة والنيابة فرع الوجوب
المشروط بالاستطاعة المعدومة واحتج ملك بأنها عبادة لا تدخله النيابة مع القدرة فكذا مع العجز كالصوم والجواب الفرق بعدم الفدية في
الصلاة بخلاف الصوم وعن حجة ابن إدريس بان الاستطاعة موجودة إذ هي الزاد والراحلة ونمنع كون النيابة فرع الوجوب مباشرة نعم هي فرع الوجوب
مطلقا ونحن نقول بوجوبه إذا ملك الزاد والراحلة عندنا سبب وجوب الحج وان توقف الأداء على شرايط أخرى كالاسلام وشبهه كذلك ههنا
مسألة المريض ان كان يرجى برؤه ووجد الاستطاعة وتعذر عليه الحج استحب ان يستنيب رجلا يحج عنه قال الشيخ (ره) وبه قال أبو حنيفة ذو
قال الشافعي لا يجوز وبه قال احمد لنا انه غير قادر على الحج نفيسه فجاز له الاستنابة كالمغصوب ويؤيده ما تقدم من الأحاديث الدالة على جواز الاستنابة
واستحبابها احتج الشافعي بأنه غير مأيوس من حجه بنفسه فلا يجوز له الاستنابة كالفقير والجواب المنع من التساوي وثبوت الحكم في الأصل إذا
عرفت هذا قان الاستنابة هنا ليست واجبة بالاجماع لأنه غير مأيوس من حجه بنفسه فلا يجب عليه الاستنابة إذا ثبت هذا فإذا استناب ثم
يرى هو مستطيع وجب عليه إعادة الحج قاله الشيخ لان تلك الحجة كانت عن ماله وهذه استتمام بدنه وبه قال الشافعي ولو مات سقط فرض
الحج عنه مع الاستنابة وبدونها وللشافعي وجهان مع الاستنابة أحدهما عدا الاجزاء لأنه استناب وهن غير مأيوس منه فأشبه ما إذا برء ولان ايصال الموت انما كان من أمور تجددت لم
يكن موجودة حال استنابته والثاني الاجزاء لأنا بينا ان المريض كان مأيوسا منه حيث اتصل به الموت مسألة ولو كان المرض
لا يرجى برؤه أو كان العذر لا يزول كالاقعاد أو ضعف البدن خلقه وغير ذلك من الاعذار اللازمة أو كبر السن وما أشبهه قال الشيخ وجب ان
يحج عنه رجلا لما تقدم من الأحاديث وبه قال الثوري والشافعي واحمد واسحق وأصحاب الرأي وقال ملك لا يجب وقد سلف البحث فيه وبينا
وجوبه فإذا ثبت ذلك فان مات سقط عنه فرض الحج واجزه فعل النايب عنه وان زال عذره بان كان مرضا وشهد عدلان عارفان باليأس من برئه ثم زال وجب عليه الحج ذهب إليه الشيخ (ره) وللشافعية قولان أحدهما ذلك لأنا بينا انه لم يكن مأيوسا وانما الخطأ في قولهما فيجب
عليه ان يحج بنفسه كما لو لم يكن مأيوسا والثاني الاجزاء لان حال الاستنابة كان محكوما بيأسه ولأنه فعل المأمور به والحج انما يجب مرة واحدة
وهو اختيارا احمد فرع الجنون غير ميؤوس من زواله فإذا استطاع ثم جن فحج عنه غيره ثم برئ وجب عليه الإعادة مع الاستطاعة
وان مات سقط عنه الفرض وكذا المحبوس اخر لو لم يجد المغصوب ما لم لا يجب عليه الحج اجماعا لا بنفسه ولا امامة غيره لأن الصحيح لو لم يجد المال لم يجب
عليه الحج فالمريض أول ى وكذا لو وجد المال ولم يجد من يستأجر فاه يسقط فرضه اجماعا إلى العام المقبل ولو وجد من من يستأجره فإنه يسقطا فرضه
اجماعا إلى العالمي المقبل ولو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل فان أمكنه التحمل من غير ضرر فالوجه الوجوب وإلا فلا مسألة
المغصوب إذا لم يكن له مال فقد بينا آه يسقط عنه الحج مباشرة ونيابة فلو وجد من يطيعه لا داء الحج لم يجب عليه سواء وثق منه بفعله أو لم
يثق وسواء كان ولد ا أو أجنبيا وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه ليس بمستطيع بنفسه ولا مال له فسقط عنه فرض الحج ولأنها عبادة تجب بوجود
655

المال فلم يجب يبدل الطاعة كالعتق في الكفارة قال الشافعي إذا وجد من يطيعه وجب لأنه فأدر على أن يحج عن نفسه فلزمه الحج كما لو قدر على المال
لان المال يراد لحصول طاعة الغير فإذا حصلت فقد حصل المقصور فلزمه لكن بت شرايط ثلاثة في المبذول له وهي يكون لم يسقط الفرض عن
نفسه وأن يكون مغصوبا آيسا من أن يفعل بنفسه وان لا يكن له مال لأنه إذا كان له مال وجب عليه الحج بماله وثلثة في الباذل ونهى ان يكون
قد حج عن نفسه حجة الاسلام لأنه شرط في الناب ذلك وأن يكون من يجب عليه الحج عن نفسه بان يكون
شرايط الحج موجود فيه فلو كان فقيرا
وبذل الطاعة لم يجب على المبذول له لأنه لو كان قادر على المشي لم يجب به الحج عن نفسه فلا بجب بذلك عن غيره وان يثق بطاعته أما إذا بذ ل
له المال ولم يبذل له الفعل فالوجه عندنا عدم الوجوب لأنه غير ممكن من نفسه ولا مال له ولا يجب عليه قبول ما بذل له غيره ولا يقاس على منه
بذل له الزاد ونفقه العيال فانا قد ذهبنا إلى وجوب الحج عليه لا نا قلنا ذلك هناك لوجود النص والقياس عندنا باطل وللشافعي وجهان قال
الشافعي لو كان المطيع ممن لا يقدر على الحج بنفسه بان يكون مغصوبا واجد ا للمال فإنه يجب على المبذول له الإطاعة الحج لان هذا سبب يجب
به الحج على الباذل فأشبه قدرته على الفعل بنفسه ولو كان له من يطيعه في الحج وهو لا يعلم بطاعته جرى مجرى من له مال لا يعلم وفيه
وجهان قال فإنما يصح فعل المطيع عنه بأنه ولو حج عنه بغير اذنه فإنه لا يقع عنه وليس بجيد فان لم يأذن له المطاع فهل يأذن له الحالك وجهان
أحدهما الاذن لأنه واجب على المطاع فإذا لم يفعله قام الحاكم مقامه والثاني لا يأذن لأنه انما يقع باذنه القايم مقام قصده فلا ينوب الحاكم منابه
بخلاف الزكاة لأنها حق الفقراء ولهذا ناب الحاكم وهذا عبادة عليه لا يتعلق با حق أحد قال ولو مات المطيع قبل أن يأذن له فإن كان
قد أتى من إلي مان ما يمكنه فعل الحج فيه استقر في ذمته وان كان قبل ذلك لم يجب عليه لأنه قد بان انه لم يكن مستطيعا قال وهل يلزم الباذل
ببذله فإن كان قد أحرم لزم المضي فيه وإلا فلا لأنه لا يجب عليه البذل فلا يلزمه به حكم لأنه متبرع به وهذه الفروع عندنا كلها ساقطه
لأنها مبنية على وجوب الحج بالطاعة وهو باطل لان النبي صلى الله عليه وآله سئل ما يوجب الحج فقال الزاد والراحلة فروع الأول
لو كان على المغصوب حجتان عن الاسلام ومنذورة جاز له ان يستنيب اثنين في سنة واحده لأنهما فعلان متباينان لا ترتيب
بينهما ولا ى دي ذلك إلى وقوع المنذورة حجة الاسلام بل يقعان معا فأجزأ ذلك بخلاف ما إذا ازدحم الفرضان على واحد وللشافعي
وجهان الثاني يجوز للصحيح ان يستنيب في التطوع وبه قا أبو حنيفة واحمد لأنها حجة لا تلزمه بنفسه فجاز ان يستنيب فيها
كالفرض في حق لا مغصوب وقال الشافعي لا يجوز لأنه غير أيسر من الحج بنفسه فلا يجوز له ان يستنب في الحج كالفرض وليس بمعتمد الثالث
قال الشيخ (ره) المغصوب إذا وجب عليه حجة بنذر أو افساد حجة وجب عليه ان يحج عن نفسه رجلا فإذا فعل ذلك فقد أجزأه وان برئ
فما بعد تولاها بنفسه وعندي في ذلك تردد الرابع يجوز في ذلك استنابة الضرورة وغير الضرورة على ما سيأتي انساء الله تعالى
مسألة وتخلية السرب في شرط الوجوب وهو ان يكون الطريق امنا أو يجد رفعه منعهم علما أو ظنا وعليه فنوى علمائنا فلو كان في طريق
مانع من عدو نحوه سقط فرض الحج وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى انه ليس شرطا لنا ان الله تعالى
انما فرض الحج على المستطيع وهذا ليس بمستطيع ولان هذا يتعذر منه فعل الحج فكان شرطا كالزاد والراحلة احتج احمد بان النبي صلى
الله عليه وآله سئل ما توجب الحج فقال الزاد والراحلة ولا عذر يمنع نفس الذاء فلا يمنع الوجوب كالغصب والجواب عن الأول
بان الشرط ليس هو الزاد والراحلة لا غير لأنه يشترط العقل والسلام عنده وعن الثاني بالمنع من الأصل فروع الأول
هل يجب ان يستنيب إذا وجد المال البحث فيه كما في المريض وقد تقدم الثاني لو كان هناك طريقان واحدهما مخوف سلك
الاخر وان طال إذا لم يقصر نفقته عنه واتسع الزمان لأنه مستطيع اما لو قصرت نفقته عنه أو قصر الزمان عن ملوكه
أو لم يكن الا طريق واحد وهو مخوف أو بعيد يضعف قوته عن قطعه للمشقة لن يجب عليه الثالث لو كان في الطريق عدن
وأمكن محاربته بحيث لا يلحقه ضرر ولا خوف فهو مستطيع وان خاف على نفسه أو ماله من قتل أو جرح لم يجب الرابع لو لم
يندفع الدو إلا بمال أو حقاده؟؟ قال الشيخ (ره) لا يجب لأنه لم يحصل التخلية ولو قيل إن أمكن دفع المال من غير إجحاف ولا ضرر ولا
سفط كان حسنا لأنه كأثمان الآلات الخامس لو بذل باذل المطلوب عنه فانكشف العدو لزمه الحج وليسم له منع الباذل
لتحق الاستطاعة السادس طريق البحر كطريق البر فلو غلب على ظنه السلامة وجب عليه سلوكها إذا لم يتمكن من البر سواء
كان معاد السفر البحر أو لم يكن ولو غلب على ظنه العطب أو خاف منه سقط الوجوب وللشافعي قولان أحدهما الوجوب مع غلبة الظن
بالسلامة والثاني عدمه معها لان عوارض البحر لا يمكن الاحتراز منها وفي ركوبه تعريز (تحذير) تحذير فلم يلزمه كما لو كان مخوفا وليس
بشئ ولو تساوي البر والبحر في السلامة تخير ولو اختص أحدهما بها تعين ولو اشتركا في العطب سقط الفرض اجماعا مسألة
وامكان المسير شرط وذلك بان يكون لأي مان متسعا فلو تحقق الشرط وهو في بلد لضيق الوقت عن قطع المسافة إلى بيت الله تعالى سقط
656

الوجوب وبه قال أبو حنيفة والشافعي وقال احمد في إحدى الروايتين آه ليس بشرط لنا ان تكليف ايقاع الحج في مواظبة يستلزم قطع المسافة
والتقدير عدم امكانه في ذلك الوقت فالتكليف به حينئذ تكليف بالمحال إذا عرفت هذا فامكان المسير معناه ان يجدد فقه يمكنه المسير معهم و
يتسع الوقت له فلو لم يجد الرفقة أو ضاق عليه الوقت حتى لا يلحق الا بان يضعف المسير لم يلزمه السنة وكذا لو كان هناك رفعة يحتاج
في اللحاق بهم إلى تحمل مشقة اما بطئ المنازل أو حث شديد يمنعه عنه لم تجب تكلفه وكذا يشترط في أمكن المسير تحصيل الآلات التي يحتاج
إليها للطريق كأوعية الماء وعراير الزاد وما شابه ذلك فلو فقد ذلك سقط فرض لحج واحتجاج احمد بقوله عليه السلام الاستطاعة الزاد
والراحلة قد بينا ضعفه مسألة اختلف علماءنا في الرجوع إلى كفاية فاشترط الشيخ (ره) في الوجوب فلو ملك الزاد والراحلة
والنفقة ذهابا وعودا ونفقة عياله لم يجب الحج الا ان يكون له كفاية يرجع إليها من مال أو حرفة أو صناعة أو عقار هذا اختيار
شيخنا (ره) وبه قال المفيد (ره) وابن البراج وأبو الصلاح وقال السيد المرتضى (ره) انه ليس شرطا وبه قا لابن إدريس وابن أبي عقيل و
أكثر الجمهور وهو الأقوى لنا قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا والاستطاعة يتحقق بالزاد والراحلة والنفقة
مع الشرايط المتقدمة فما زاد ومنفي بالأصل التسليم عن المعارض وأيضا ما روى الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قا لان يكون له ما يحج به قال قلت من عرض عليه ما يحج به
فاستحبا من ذلك هو ممن يستطيع إليه سبيلا فقال ما يقول الناس قال قيل له الزاد والراحلة قال فقال أبو عبد الله عليه السلام قد سئل أبو جعفر عليه السلام
عن هذا فقال هلك الناس اذن لئن كان من كان له زاد وراحلة قد رما يقوت عياله ويستغني به عن الياس ينطلق إليهم فيسألهم إياه فقد
هلكوا اذن فقيل له ما السبيل قال فقال السعة في المال إذا كان بحج ببعض ويبقى ببعض بقوت عياله ليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها
الأعلى من ملك مأتي درهم والجواب المنع من الاجماع في صورة الخلاف واصل براءة الذمة انما يصار إليه علماؤنا اجمع وبه قال
الشافعي في أحد الوجهين وفي الجزا انه شرط وبه قال أبو حنيفة لنا عموم قوله تعالى ولله على الناس حج البيت والمعارض وهو الكفر لا
يصلح للمانعية لما تينا في الأصول ان الكفار مخاطبون بالفروع احتج بأنه غير متمكن من الداء وبالإسلام يسقط عنه الفرض فلا
يحقق في الوجوب والجواب المنع من عدم المكنة لان الشرط هو الاسلام وهو متمكن والتمكن من الشرط هنا يستلزم التمكن من
المشروط فرع لو أحرم وهو كافر لم يضح احرامه فان أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر وجب عليه الرجوع إلى الميقات وانشاء الاحرام منه فان لم يتمكن أحرم من موضعه ولا يعتد بذلك الاحرام الأول وان أسلم بعد فوت الوقوف وجب عليه في العام المقبل مسألة
ولو حج مسلما ثم ارتد قضاء مناسكه لم يعد الحج بعد التوبة وتردد الشيخ في المبسوط وقوى الإعادة وجي م بها أبو حنيفة والذي
اخترناه ذهب إليه الشافعي لنا ما رواه الجمهور من قوله (صلى الله عليه وآله لما سئل حجنا هذا لعامنا أم للأبد فقال للأبد ومن طريق
الخاصة ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام قال من كان مؤمنا فحج ثم اصابته فتنة فكفر ثم مات تحسب له كل عمل صالح عمله ولا
يبطل منه شئ ولأنه أوقعها على الوجه المشروط فيكون مجزيه عنه وهو انما يجب مر واحدة ولأنه حج حجة الاسلام فلا يجب على الحج بابتداء
الشرع كما لو لم يرتد احتج الشيخ بقوله تعالى ومن يكفره بالايمان فقد حبط عمله ولانا نكفره منا إن لم يكمن مسلما وقت السلامة لان الاسلام
مشروط بالعلم وهو لا يزول ولأنه أسلم بعد كفره فإذ وجد الاستطاعة لزمه الحج كالكافر الأصلي والجواب عن الأول ان الاحتياط
بالشرك مشروط بالموافاة لقوله تعالى ومن يرتد منكم دية فيمت هو كافر فأولئك حبطت أعمالهم وعن الثاني انه مبنى
على قاعدة أبطلنا ها في الكتب الأصولية وعن الثالث بالفقه فان الكافر الأصلي لم يحج حجة الأسلم فرع لو أحرم ثم ارتد
ثم عاد إلى الاسلام كان احرامه باقيا وهي عليه وللشافعي وجهان أحدهما الابطال لنا ما تقدم ولان الاحرام لا يبطل بالموت و
الجنون فلم يبطل بالزياد مسألة الأعمى يجب عليه الحج مع استجماع الشرايط ووجوب قايد يقوده ويهديه ويسده إذا احتاج إليه
وبه قال الشافعي واحد وأبو يوسف ومحمد وعن أبي حنيفة روايتان أحد هما عدم الوجوب لأنه مستطيع بوجود الزاد والراحلة والنفقة
ولا يلحقه مشقة شديدة في الثبوت على الراحلة فلا يجوز التخلف ولا الاستنابة كالاطروش ولقوله (عليه السلام من الحج حاجة أو مرض جالس
657

أو سلطان جاير فمات فليمت يهوديا أو نصرانيا احتج بأنه لا يمكنه الصعود والنزول بنفسه فجاز له انه يستنيب كا لمغضوب والجواب بالمنع من المساواة
لأنه يمكنه مع السؤال ووجود القائد كالمبصر الجاهل بموضع الشك فإنه يمكن بواسطة السؤال كذلك هنا مسألة شرايط
وجوب الحج على الرجل هي بعينها شرايط في حق المرأة من غير زيادة فإذا تكملت الشرايط وجب عليها الحج وإن لم يكن لها محرم ذهب إليه علماؤنا
اجمع وبه قا ابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي واجد في إحدى الروايات وقال الحسن والنخعي واسحق وابن المنذور وأصحاب الرأي و
احمد في وراية ان المحرم ليس شرطا في الوجوب وعن أحمد رواية ثالثة انه شرط في الآداب الا الوجوب لنا قوله تعالى ولله على الناس حج البيت
من استطاع إليه سبيلا وهو يتناول الرجال والنساء على حذر حد فلا يعتبر فيه زيادة على الرجال ولان النبي صلى الله عليه وآله
فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة وقال لعدي بن حاتم يوشك ان تخرج الطعسه من الحرة يوم البيت لأحرار معها لا نجاف إلا الله ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ فالصحيح عن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام عن المراة تحج بغير ولي قال لا بأس وعن أبي
الصحيح عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام قد عرفتني وتعلمني تأتيني المراة أعرفها باسلا مها وجها إياكم ولا تيها لكم
ليس لها محرم قال إذا جاءت المراة المسلمة فاحملها فان المؤمن محرم المؤمن ثم تلا هذه الآية والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء
بعض ولأنه سفر واجب ولا يشترط له المحرم كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار أحج المخالف بما رواه أبو هريرة قال قال رسول
الله اني كنت في غزوه كذا وانطلقت امرأتي حاجة فقال رسول الله انطلق فحج مع امرأتك ولأنها ان شاءت معزا
في دار الاسلام فلم يجر في غير محرم كحج التطوع والجواب أحاديثهم انها تدل على النهى كما يتناول صورة
النزاع يتناول حج التطوع
أو مع غير النفقة وخوفها على نفسها ولا تكون مأمونة فتحمل على هده جمعا بين الأدلة وعن القياس بالفرق فان حج التطوع يشترط
فيه الأذان بخلاف الفرض فروع الأول لو لم يجد الشقة وخافت من المرافق اشترط المحرم لأنه في محل الضرورة فأشهبت
الحاجة إلى الراحلة الثاني المحرم زوجها أو من يحرم عليه التأييد كالا ب والابن والا خ والجد نسيا ورضاعا وزوج أمها وابنها
الثالث من يحرم عليه في حال دون أخرى كزوج الخت والعبد ليس بمجرم وقل الشافعي العبد محرم لاه يباح له النظر إليها
فكان محرما وليس بمعتمد لأنه غير مأمون عليها ولا يحرم عليه على التأبيد فهو كالأجنبي ويمنع إباحة نظره إليها عملا بالآية الرابع
لو كان الأب يهوديا أو نصرانيا فالوجه انه حرم وبه قال أبو حنيفة والشافعي وقال احمد ليس بمجرم لنا انها محرمة عليه على التأييد فكان
محرما كالسلم احتج بان اثبات المحرمة يقتضي الخلوة بها فيجب أن لا ينسب للكافر على المسلم كالحضانة وجوابه المراد من المحرم هنا وقوفها به و
تحفظها من فعل الفاحشة وهو حاصل هنا الخامس ينبغي ان يقال في المجوسي انه ليس مجرم فإنه لا يؤمن عليها ويعتقد رحلها وهل
يشترط ان يكون بالغا عاقلا الوجه اشتراطه لان المجنون لا يحصل ولا يمكنه مراعا ها وكذا الطفل لأنه لا يقوم بنفسه فكيف يخرج مع
امرأة السادس نفقة المحرم في محل الحاجة إليه عليها لأنه من سبيلها مع حاجتها فكان عليها نفقة كالراحلة فعلى هذا يعتبر في
استطاعتها ان تلك زادا أو راحلة لها ولمحرمها فان امتنع محرمها من الحج معها مع بذلها له النفقة فهي كمن لا محرم لها لأنه لا
يمكنها الحج بغير محرم لأنا نبحث على هذا التقدير السابع لو احتاجت إلى المحرم لعدم الثقة والحاجة إلى الرفيق فالوجه انه لا يجب
عليه اجابتها لان في الحج مشقة عظيمة وكلفة شديدة فلا يلزمه تكلفها كما لا يلزمه ان يحج عنها إذا كانت مريضة الثامن لو سافرت
مع محرم فمات في الطريق مضت في حجتها لأنها لا بد لها من السفر بغير محرم فمضيها إلى قضاء حجها أولى من رجوعها مسألة
وليس اذن الزوج معتبرا في الواجب فلها ان تخرج في قضاء حجة الاسلام والمنذورة إذا اذن لها من النذر بها قبل التزويج سواء
اذن أولم باذن ولو منعها لم يجز له ذلك وله المبادرة إلى ذلك ومع استكمال الشرايط وبه قال النخعي واسحق واحمد وأبو ثور و
أصحاب الرأي وقال الشافعي له منعها من الواجب لنا قوله (عليه السلام لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقوله (عليه السلام لا تمنعوا امناء الله
مساجد الله ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام قال سألته عن امرأة لها زوج وهي ضرورة
ولا يأذن لها في الحج قالت حج وان يأذن لها وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (عليه السلام قال بحج وان زعن انفه ولا نه فرض فلم يكن
له منعها منه كصوم شهر رمضان والصلوات الخمس احتج المخالف بان الحج واجب على التراخي فكان له منعها لعدم التعيين عليها والجواب
المنع من المقدمة الأولى فروع الأول ينبغي لها ان يستأذن الروح فإذا اذن لها والا خرجت بغير اذنه الثاني لا تحج
658

التطوع الا باذن الزوج فان اذن لها في الخروج خرجت وإلا فلا ولا نعلم فيه خلا فا لا ن حق الزوج واجب فليس لها تقويته بما ليس بواجب ويؤيده
ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (عليه السلام قال سألته عن المراة المؤسرة قد حجت حجة الاسلام فتقول لزوجها أحجني
مرة أخرى له ان يمنعها قال نعم يقول لها حقي عليك أعظم من حقك على في ذا الثالث المفسدة رجعية بحكم الزوجة لان للزوج الرجوع
في طلاقها والاستمتاع بها والحج يمنعه من حق الاستمتاع لو راجع فيقف على اذنه ويدل عليه ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال المطلقة ان كان صرورة حجت في عدتها وان كانت حجت فلا تحج حتى تقضي عدتها ولها ان يخرج في حجة الاسلام لأنها
بحكم الزوجة ويدل عليه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهم السلام) قال المطلقة بحج في عدتها اما الا تطوع فلا لما تقدم ولما رواه
الشيخ عن معاوية بن عما ر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يحج المطلقة في عدتها وانما حملنا ذلك على التطوع لرواية منصور ورواية محمد بن
مسلم جمعا بين الأحاديث الرابع المعتدة في الباين يخرج في الواجب والتطوع ولا يعتبر اذن الزوج لأنه قد انقطعت العصمة بينه
وبينها ولا سبيل له عليها بل صار أجنبيا فلا اعتبار باذنه كالا جنبي الخامس المعتدة لوفاة يجوز لها ان يخرج في الواجب والتطوع
وقال احمد ليس لها ذلك أن العصمة انقطعت بالموت فلا مانع ويؤيده ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة قال سألت أبا عبد الله
(عليه السلام) عن التي يتوفى عنها زوجها الحج في عدتها فقال نعم مسألة هذه الشرط الذي ذكرناها منها ما هي شرط في الصحة والوجوب
وهو العقل لعدم الوجوب على المجنون وعدم الصحة منه ومنها ما هو شرط في الصحة دون لوجوب وهو الاسلام على ما ذهبنا إليه من وجوب
الحج على الكافر ومنها ما هو شرط في الوجوب دون الصحة وهو البلوغ والحرية والاستطاعة والمكان المسير لان الصغير والمملوك ومن
ليس معه زاد ولا راحلة وليس بمحل السرب ولا يمكنه المسير لو تكلف الحج يصح منهم وإن لم يكن واجبا عليهم ولا يجزيهم عن حجة الاسلام
على ما تقدم إذا عرفت هذا فمن استجمع الشرايط وكان المشي أفضل له من الركوب مع المكنة وعدم الضعف وامكان أداء الفرايض على الكمال
ولو وجب ضعفا عن الفرايض واستيفاء شرايطها وكيفياتها على الكمال كان الركوب أفضل وعلى هذا التفصيل ما يخرج الخبار المختلفة
في الأفضلية ولو لم يملك الاستطاعة وخرج ماشيا أو متسكعا وحج كان له في ذلك فضل كثير ووجب عليه الإعادة عند استجماع
الشرايط لان ما حجة لم يكن له واجبا عليه وانما سرع به ولو نذر ان يحج ماشيا وجب عليه الوفا به لأنه نذر في طاعة فانعقد
وسيأتي البحث انشاء الله تعالى
الفصل الثاني في أنواع الحج وفيه مباحث الأول الحج على ثلاثة اضرب تمتع و
قران وافراد بلا خلا ف لان العمرة ان تقدمت على الحج كان تمتعا وان تأخرت فان انضم إليه سياق فهو قران والا فافراد ويدل عليه ما رواه
الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول الحج على ثلاثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع بالعمرة إلى الحج وبها
امر رسول الله (صلى الله عليه وآله) والفضل فيها ولا يأمر الناس الا بها وفي الصحيح عن منصور الصيقل قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) الحج على
ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد سابق الهدى وحاج مفرد للحج إذا عرفت هذا فالتمتع عندنا ان يقدم العمرة على الحج ثم يأتي بالحج بعد فراغة من العمرة في أشهر الحج
والافراد ان يأتي بالحج أولا ثم يعتمر عمرة مفردة والقر ان ان يفعل ما يفعله المفرد الا انه يسوق الهدى والجمهور قال التمتع ان يقدم العمرة والمفرد ان يؤخر ما في الاحرام
والقارن ان يجمعهما في احرام واحد وسيأتي بطلان ذلك أن شاء الله مسألة صورة التمتع ان يحرم من الميقات بالعمرة التمتع بها إلى ا لحج
ثم يدخل مكة فيطوف سبعة أشواط بالبيت ويصلي ركعتيه بالمقام ثم يسعى بين الصفاء والمروة سبعة أشواط ثم يقصر وقد أحل من كل
شئ أحرم منه ثم ينشي احراما للحج من مكة يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة مستحبا والا فالواجب ما يعلم أنه يدرك الوقوف معه ثم
بمضي إلى عرفات فيقف بها إلى الغروب ثم يفيض إلى المشعر الحرام فيقف به بعد طلوع الفجر ثم يفيض إلى منى فيحلق منها يؤم النحر ويذبح هديه و
يرمي جمرة العقبة ثم يأتي مكة ليومه إن شاء الله تعالى وإلا فمن غده فيطوف طواف الحج ويصلي ركعتيه ويسعى سعى الحج ويطوف طواف
النساء ويصلي ركعتيه ثم يعود إلى منى ويرمي ما يخلف عليه من الجار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ون شاء قام بمنى
حتى يرمي جماره الثلث يوم الحادي عشر والثاني عشر ثم إن أبقى جاز له ان ينفر بعد الزوال إلى مكة للطوافين والسعي والا أقام إلى الثالث عشر وصورة الافراد ان يحرم من الميقات أو من حيث يصح له الاحرام منه بالحج ثم يمضى إلى عرفات فيقف بها ثم يمضى إلى المشعر فيقف به
ثم يأتي منى فيقضي مناسكه بها ثم يطوف بالبيت ويصلي ركعتيه ويسعى بين الصفا والمروة ويطوف طواف النساء ويصلي ركعتيه
ثم يأتي بعمرة مفردة بعد الحج والاحلال منه يأتي بعمرة مفردة بعد الحج والاحلال منه يأتي بها من اتي الحل وصورة القران كذلك إلى أنه تضيف إلى احرامه سياق الهدى هذه صورة
الأنواع الثلاثة على مذهب الإمامية وانا إن شاء الله أبين فصلا فصلا وانتظم لكل فرض بحثا واذكر في المسائلة المشتملة عليه وأسوق
الأبحاث على هذا النهج واذكر الخلاف في كل مسألة مسألة والأدلة من المخالف والموافق كما هو عادتنا في هذا الكتاب بعون الله تعالى
وتقدم على ذلك ما يجب في هذا البحث ذكره في المسائل مسألة قال علماءنا اجمع فرض الله على المكلفين ممن نأى عن المسجد
الحرام وليس من حاضريه التمتع مع الاختيار لا يجزيهم غيره وهو مذهب فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) أطبق الجمهور كافة على جواز
659

الشك بأي الأنواع الثلاثة شاء واختلفوا في الفضل فقال عطا والحسن وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد وعكرمة التمتع أفضل وهو أحد
قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد وهو قول أصحاب الحديث وقال الثوري وأصحاب الرأي القران أفضل وذهب مالك وأبو ثور إلى
اختيار الافراد وهو ظاهر مذهب الشافعي قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى قوله ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام و
هذا يدل على آه رضهم فلا يجزيهم غيره وأيضا قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وأمره تعالى على الوجوب والفور فاما ان يأتي بهما
على الفور بان يبد ر بالحج ويثنى بالعمرة ولم يقل به أحد إذ لم يوجب أحد تعقيب الحج بالعمرة فلا فضل واما بان يجمع بينهما في احرام
واحد وهو غير جايز على ما يأتي كما لا يجوز الجمع بين احرام حجتين وعمرتين فلي يبق الا تقديم العمرة وتعقيبها بالحج بلا فصل وبين
التمتع وما رواه الجمور عن جابر قال أحرم رسول الله احراما مطلقا فلما دخل مكة وقف بين الصفا والمروة ينتظر القضاء
فنزل عليه القضاء بان من ساق الهدى أهل بحج ومن لم يسق الهدى أهل لعمرة وكان رسول الله ساق الهدى وأبو طلحة
ولم يسق غيرهما فأمرهم بان يحلو أو يجعلوها عمرة وقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة وهذا امر
لمن كان معه ممن دخل مكة والامر على الوجوب ومن طريق الخاصة ما ر واه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله جعفر بن
محمد عن ابائه (عليهم السلام) قال فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من سعيه اتاه جبرئيل (عليه السلام) عند فراغه من السعي وهو على المروة فقال إن
الله يأمرك ان تأمر الناس ان يحلو الا من ساق الهدي فاقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله على الناس بوجهه فقال يا أيها الناس
هذا جبرئيل (عليه السلام) وأشار بيده إلى غلقه يأمرني عن الله ان امر الناس ان يحلوا الا من ساق الهدى فأمرهم بما أمر الله به فقام العير رجل فقال
يا رسول الله يخرج من أورد وسنا يفطر من النساء وقال اخر ون يأمرنا بشئ ويصنع هو غيره فقال أيها لناس لو استقبلت عن أمري
ما أسد به صنعت كما صنع الناس ولكن سقت الهدى حتى يبلغ الهدى محله فقصر الناس وحلوا وجعلوها عمرة فقام إليه سراقة بن
مالك بن الخثعم المدلحي وقال يا رسول الله هذا الذي امرتنا به اما منا هذا أم للأبد فقال للأبد إلى يوم القيمة وشبك بين أصابعه
وانزل الله في ذلك قرانا فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهد ى وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال دخلت العمرة في
الحج إلى يوم القيمة ان الله تعالى يقول فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فليس أحد الا ان يتمتع لان الله انزل ذلك في كتابه وجرت
به السنة من رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الحج فقال تمتع ثم قال انا إذا وقفنا بين
يدي الله تعالى قلنا يا ربنا أخذنا بكتابك وقال لأناس رأينا رأينا ويفعل الله بنا وبه ما أراد وعن محمد بن الفضل إلها شمي قال دخلت مع
إخواني على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلنا له انا نريد الحج فبعضنا ضرورة فقال عليك بالتمتع ثم قال انا لا يبقى أحدا في التمتع بالعمرة إلى الحج واجتناب
المسكر والمسح على الخفين معناه انا لا نمسح وعن أبي بصير قال أبو عبد الله (عليه السلام) يا أبا محمد كان عندي رهط من أهل البصرة فسألوني عن الحج
فأخبرتهم بما صنع رسول الله وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) ما نعلم حجا غير المتعة انا إذا لقينا ربنا قلنا
ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ويقول القوم عملنا برئنا فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء وفي الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال من لم يكن معه هدى وأفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين الله والاخبار كثيرة متواترة معلومة من مذهب الأئمة (عليه السلام) وجود
التمتع وانه المفروض على كل من ليس من حاضري المسجد الحرام وإذا ثبت ان من فرضهم التمتع لم يجزهم سواه لاخلالهم بما فرض عليهم فلا يخرجوا
عن العهدة بفعل غيره هذا في حال الاختيار وان كان مجزيا في حال الضرورة الحاجة على ما سيأتي انشاء الله تعالى ولان الحج والعمرة فرضان
فالاتيان بهما في أشهر الحج أولى وكان هو الواجب احتجوا بان عمر نهى عن هذه المتعة ومتعة النساء والجواب فعل عمر ليس حجة مع معارضة
للكتاب العزيز وأمر النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) ولو تجرد عن هذه المعارضات لم يكن حجة فكيف وقد انضم إليه هذه الحج مسألة
وفرض أهل مكة وحاضريها الافراد والقران لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام والتحضيض تقطيع الشركة ولما رواه
الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله الحلبي وسليمان بن خالد وأبي بعير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ليس لأهل مكة ولا لأهل مرو ولا لأهل شرق متعه
وذلك لقول الله عز وجل ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام إذا عرفت هذا فلو عدك هؤلاء عن فرضهم إلى التمتع ففي الاجزاء قولان
للشيخ أحدهما انه يجزيه ولا دم (عليه السلام) وبه قال الشافعي ومالك والثاني عدم الاجزاء وبه قال أبو حنيفة احتج الشيخ على الأول بان التمتع أتى
بصورة الافراد وزيادة غير منا فيه وعلى القول الاخر بما رواه ابن عمر قال ليس لأهل مكة تمتع ولا افراد ومن طريق الخاصة ما تقدم في
الحديثين السابقين وهو الأقوى عندي عملا بالحديثين ويغير هما من الأخبار الواردة في هذا المعنى ويمنع احتجاج الشيخ الأول من أنه أتى
660

بصورة الافراد لأنه أخل بالاحرام للحج من ميقاته وأوقع مكانه العمرة مع أنه غير مأمور بها قد يكون ما اتاه مسألة واختلف علماؤنا
في حد حاضري المسجد الحرام الذين لا متعه عليهم فقال الشيخ في المبسوط والجمل من كان بين منزله وبين مسجد الحرام اثنا عشر ميلان من كل؟ ونحوه قال ابن عباس
لأنه قال حاضري المسجد الحرام من أهل الحرم خاصة وبه قال مجاهد والثوري وقال الشيخ في النهاية حد حاضري المسجد الحرام من كان من أهل مكة أو يكون بينه و
بينها ثمانية واو بعون ميلا من كل جانب وبه قال الشافعي وأحمد بن جنبل لاه مسافة القصر وقال
مالك حاضري المسجد الحرام أهل مكة خاصة وقال
أبو حنيفة من كاد دون الميقات إلى الحرم قال ابن إدريس من كان بينه وبين مسجد الحرام ثمانية وأربعون ميلا من أربع جوانب البيت من كل
ما؟ اثنا عشر ميلا وجب التمتع ومن كان بينه وبين المسجد الحرام قد من اثنا عشر ميلا من أربعة جوانبه ففرضه القران والافراد
مخيرا في ذلك والأقوى قول الشيخ في النهاية وهو اختيار ابن بابويه لنا ان تحديد الشيخ دون مسافة القصر فلا يخرج من كان بينه
وبين المسجد هذا الحد عن الحضور لان الحضور هو القرب يقال حضر فلان فلانا إذا قرب منه دونا إليه ومن كان بينه وبين المسجد دون
المسافة فهو قريب منه لأنه بمنزلة الحاضر واما التحديد الذي اختر ناه فيدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)
قال قلت له قول الله عز وجل في كتابه ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام قال يعني أهل مكة ليس عليهم متعة كل من كان أهله دون
ثمانية وأربعة ميلا ذات عرق وعسفان كان يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية وكل من كان أهله دنا ذلك فعليه المتعة وقد روى
الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في حاضري المسجد الحرام قال ما دون المواقيت إلى مكة فهو من حاضري المسجد الحرام وليس
لهم متعة ومعلوم ان هذه المواضع أكثر من اثنى عشر ميلا ولان ابطال القول الأول يستلزم صحة ما ذهبنا إليه احتج الشيخ بقوله تعالى
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام والمراد به الحرم وحاضروه من فيه واحتج أبو حنيفة أنه موضع شرع فيه النسك فكان أهله
من حاضري المسجد الحرام والجواب عن الأول يمنع انحصار حاضريه لمن فيه لما تقدم من الحديث وعن الثاني انما اعتبر؟ ولا من اعتبار
النسك لوجود لفظ الحضور في الآية ولأنه يجعل البعيد من الحرم من حاضريه والقريب من غير حاضريه لان في المواقيت لا تقرب في الحرم
وفيها ما يبعد فيه وراء التقريب أقرب ممن في البعيد وقول ابن إدريس عجيب لأنه توهم تفصيل ما اعتبرناه على الجوا نب وهو خطأ لان الحديث
يمنع منه إذا ثبت هذا تفرض هؤلاء الافراد والقران ولو حجوا متمتعين لم يجزهم وبه قال أبو حنيفة قال الشافعي تجزيهم وليس بشئ
لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضر المسجد الحرام والإشارة راجعة إلى جميع ما تقدم أو إلى التمتع وقول الشافعي انه ير جع إلى الهدى ليس
يجيد لعدم التحضيض ويدل عليه ما تقدم من الأحاديث من طريق أهل البيت مسألة قد بينا أصناف الحج وهو ثلاثة تمتع
وهو ان يحرم بالعمرة المتمتع بها إلى الحل ثم يحل منها ويأتي بالحج في عامه ذلك وافراد وهو ان يحرم بالحج فإذا قضى مناسكه أحرم بالعمرة المفردة
وقران وهو ان يفعل كأفعال المفرد الا انه يسوق الهدى في احرامه فيه يتميز عن المفرد هذا اختيار علمائنا الامن
ابن أبي عقيل فإنه جعل
القارن من رن بين الحج والعمرة في احرام واحد وهو قول الجمهور كافة واعتبر ابن أبي عقيل والجمهور أيضا سياق الهدى لنا ما رواه الجمهور عن عبد الله بن أحمد
بن حنبل باسناده إلى أبي شيخ قال كتب في ملاء من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند معوية بن أبي سفيان فيناشدهم الله في أشياء
وكلها قالوا نعم يقول وانا أشهدهم قال أنشدكم الله أتعلمون ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن جميع بين حجة وعمرة قالوا ما هذه فلا
فقال اما انها معهن يعني مع الأمهات ولكنكم نسيتم ورواية معوية وإن لم يكن حجة عندنا ولكنها حجة عند الخصم ونحن في مقام الالزام
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام أنه قال في القارن لا يكون قران الا بسياق
الهدى وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم (عليه السلام) وينبغي بين الصفا والمروة وطواف بعد الحج وهو طواف النساء وفي الصحيح عن
منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يكون العارف الا بسياق الهدى وفي الصحاح عن الفضل بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال
القارن الذي يسوق الهدى طوافا ن بالبيت وسعى واحد بين الصفا والمروة وينبغي له ان يشترط على ربه إن لم يكن كحجة فعمرة احتجوا بما
رواه ابن عباس عن عمر قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول اتاني آت من ربي فقال صد في هذا الوادي المبارك ركعتين
وقل لبك بعمرة في حجة ولقوله (عليه السلام) أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج والجواب منع الرواية فان الجمهور رووا عن عايشة وجابر ان النبي (صلى الله عليه وآله)
أفرد بالحج وروى ابن عمر وابن عباس ان النبي (صلى الله عليه وآله) الافراد أيضا وسمى قارنا لأنه ساق الهدى مع احرامه فأفعاله أفعال المفرد وتميز
عنه بالسياق كما قلنا نحن وبهذا قال (عليه السلام) لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة وروى الجمهور عن جابر قال
حججنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم حلوا من احرامكم بطواف البيت وسعى بين الصفا و
المروة ثم أقيموا جلالا حتى انا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قد تم بها متعة فقال والكيف نجعلها متعة فقالوا كيف نجعلها
عنه وقد سمينا الحج فقال افعلوا ما أمرتكم به فأولا اني سمعت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم وفي رواية أخرى فقام رسول الله صلى الله عليه وآله
661

فقال قد علمتم اني اتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ولولا هذا لحللت كما تحلون ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت فهللنا
وسمعنا وأطعنا ومن طريق الخاصة روايات منها رواية ليث المرادي عن أبي عبد الله (عليه السلام قال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج في
حجة الوداع لأربع أو خمس مضى من ذي الحجة مفردا للحج وساق مائة بدنة ويحتمل ان يكون النبي (صلى الله عليه وآله) حج متمتعا بالعمرة إلى
الحج ولبى بعمرة في حج لان العمرة المتمتع بها إلى الحج داخلة في الحج لما رواه الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيمة وعن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أحرم رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) من ذي الحليفة مفردا أو ساق الهدى ستا وستين وأربعا وستين ثم
أتى مكة وطاف سبعة أشواط ثم صلى ركعتين خاف مقام إبراهيم (عليه السلام) ثم قال إن الصفا والمروة من شعائر الله ابدأوا بما بدأ الله به فلما فزع من
سعيه قال هذا جبرئيل (عليه السلام) وأومأ بيده إلى خلفه يأمرني ان آمر من لم يسق الهدى ان كل فقال رجل نخرج حجاجا ورؤوسنا يفطر فقال
لو استقبل من أمري ما استدبرت لصنعت كما أمرتكم ولكني سقت الهدى ولا ينبغي لسايق الهدى ان يحل حتى يبلغ الهدى محله فقال له سراقة ألعامنا هذا
أم للأبد فقال بد لا بد إلى يوم القيمة وشبك بين أصابعه وقال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيمة هكذا وإذا كانت العمرة داخلة في الحج على ما
تضمنته هذه الأحاديث وغيرها أمكن ان يصرف قوله أحرم بعمرة في حج إلى ما ذكرناه والذي يدل على أنه (عليه السلام) حج متمتعا ما رواه الجمهور عن ابن
عمر وجابر من طرق صحاح عندهم انه (عليه السلام) أفرد وتارة انه تمتع وأخرى انه قران والقضية وادة والجمع ممتنع موجب اخراج الجميع وأيضا
روى الجمهور في الصحيح عن عمران قال إني لأنهاكم عن المتعة وانها لفي كتاب الله ولقد منعه الرسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن علي (عليه السلام) انه اختلف هو
وعثمان في المتعة بعسفان فقال علي (عليه السلام) ما تريد إلى امر فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) (ولم) ينهى عنه وروى الثاني ان عليا (عليه السلام) قال لعثمان ألم تسمع
ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حج متمتعا وأيضا فان رواياتهم اختلفت فتارة رووا انه (عليه السلام) في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وقال سعد بن أبي وقاص صنعها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصنعناها معه يعني
المتعة وهذا يومئذ كافر بالعرش بيوت مكة وعن عمران بن حصين قال تمتعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو لم ينسخها بشئ فقال فيها رجل
برأيه ما شاء وهذه الأخبار كما دلت على ما أردناه فقد دلت على وجوب التمتع وانه المفروض وان نهى عمر عن المتعة خطأ وبهذا التأويل نتناول
قوله (عليه السلام) أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج مسألة لا يجوز ادخال الحج على العمرة ولا بالعكس مثل ان يكون بعمرة مفردة فيحرم بالحج قبل
قضاء مناسكها أو يحرم بلا حج ثم يدخل عليه العمرة واجمع الجمهور على الأول واختلفوا في ادخال العمرة على الحج بعد عقدية الافراد فقال أبو
حنيفة بالجواز وهو أحد قولي الشافعي في القول الاخر بالمنع لنا انه عبادة شرعية فيقف على اذن لشارع ولم يثبت ولأنه إذا أحرم
بنوع لي منه اتمامه واكمال أفعاله فلا يجوز صرف احرامه إلى غيره إذا عرفت هذا فلو كان محرما بعمرة يتمتع بها فمنعه مانع من مرض أو حميض عن اتمامها جاز نقلها إلى الافراد اتفاقا كما فعلته عايشة وكذا لو كان محرما بحج مفرد ودخل جاز ان ينقل احرامه إلى التمتع لقوله (عليه السلام) من لم
يسق الهدى فليحل وليجعل ما عمره وسيأتي البحث فيه انشاء الله تعالى مسألة لا يجوز القران بين الجمع والعمرة في احرامه بنية واحدة
على ما بيناه قال الشيخ في الخلاف ولم فعل لم ينعقد احرامه الا بالحج فان أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويجعلها متعة
جاز ذلك ولزم الدم وقال الشافعي ومالك والأوزاعي إذا أتى بأفعال الحج لزم دم وقال الشعبي وطاوس وداود لا يلزمه شئ لنا ان وجوب
الدم منفي بالأصل فلا يثبت الا بدليل أما إذا نوى التمتع فلزوم الدم ثابت بالاجماع والمتمتع إذا أحرم من مكة لزم الدم ولو أحرم
في الميقات لم يسقط الدم وقال الجمهور يسقط لنا ان الدم استقر بإحرام الحج فلا يسقط بعد استقراره وكذا لو أحرم المتمتع من مكة ومضى
إلى الميقات ثم منه إلى عرفات وقال الشيخ يسقط مسألة ولا يجوز نية حجتين ولا عمرتين ولو فعل قبل ينعقد إحديهما ويلغوا الأخرى
وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة ينعقد بهما وعليه قضاء أحدهما لأنها حرم بهما ولم يتمها وليس بجيد لأنهما عبادتان لا يلزمه المضي فيهما
فلا يصح الاحرام بهما كالصلاتين وعلى هذا لو أفسد حجة أو عمرته لم يلزمه الا قضائها وان قلنا بانعقاد أحدهما وعند أبي حنيفة يلزمه
قضاؤهما معا بناء على صحة احرامه بهما مسألة لو أراد التطوع بالحج فالتمتع أفضل أنواعه ذهب إليه علماؤنا وبه قال علي عليه السلام وابن
عمر وابن عباس وابن الزبير والعكرمة والحسن وعطا طاوس ومجاهد وجابر بن زيد وعكرمة واحمد والشافعي في أحد قوليه وفي الاخر الافراد أفضل
وبه قال عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعايشة وذهب إليه ملك وأبو ثور وقال الثوري القران أفضل وهو مذهب أصحاب الرأي لنا ما
رواه الجمهور عن ابن عباس وجابر وأبي موسى وعايشة ان النبي صلى الله عليه وآله امر أصحابه لما طافوا بالبيت ان يجعلوا ويجعلوها عمرة فنقلهم
من الافراد والقران إلى المتعة ولا ينقلهم الا إلى الأفضل وقال (عليه السلام) لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة
وتأسفه (عليه السلام) على فوات العمرة يدل على انها أفضل ولان التمتع مصوص عليه في كتاب الله تعالى دون بقية الأنساك ولان ا لتمتع يأتي
فكل واحد من النسكين في الوقت الفاضل وينسك بالدم فكان الفضل وإذا أفرد أتى بالعمرة في غير أشهر الحج فكان ما يأتي به في أشهر
الحج أفضل ولان الناس اختلفوا ا في اجزاء عمره الافراد والقران عن عمرة الاسلام وأنفقوا كافة على اجزاء التمتع عن الحج والعمرة
662

جميعا ويدل على ذلك أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال المتعة على والله فضل وبها نزل القران وجرت السنة
وفي الصحيح عن أبي أيوب إبراهيم بن عيسى قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أنواع الحج أفضل فقال المتعة وكيف يكون أفضل من المتعة ورسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقول لو استدبرت من أمري ما استدبرت فعلت كما فعل الناس وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) اني قرنت
العام وسقت الهدى قال ولم فعلت ذلك التمتع والله أفضل لا تعودون وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا جعفر (عليه السلام)
في السنة التي حج فيها ذلك سنة اثنى عشر ومأتين فقلت جعلت فداك بأي شئ دخلت مكة مفردا ومتمتعا فقلت أيما أفضل التمتع في
في العمرة إلى الحج أفضل ومن أفرد فساق الهدى فقال كان أبو جعفر عليه السلام يقول التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل من المفرد السايق لهدى وكان يقول
ليس يدخل الحاج بشئ أفضل من المتعة احتجوا بان النبي (صلى الله عليه وآله فعل القران ومنع كل من ساق الهدى من الحل حتى ينحر هديه وبان ابا ذر
قال كانت متعة الحج لأصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) خاص ولان عمر وعثمان ومعوية منعوا عن المتعة وقد يكون أفضل والجواب عن الأول يمنع
ما نقلوه فان الناقل من الجمهور ان النبي (صلى الله عليه وآله) حج قارنا نقلوا عنه انه حج متمتع ونقلوا انه حج مفردا والقصة واحدة روى ذلك عن ابن عمر وعايشة
وجابر من طريق صحاح فسقط الاحتجاج ولان النبي (صلى الله عليه وآله) امر بنقل أصحابه من الافراد والقران إلى التمتع ولا يأمر الا بالأفضل
لأنه الداعي إلى الخير والهادي إلى الرشاد وما هو الأنفع والأصلح وأكده (عليه السلام) بتأسفه على فوات العمرة في حقه وانه لا يقدر على
انتقاله وحده لأنه ساق الهدى وأيضا فاحتجاجنا بقوله (عليه السلام) واحتجاجهم بقوله والقول أولى من الفعل كالوصال وغيره من خصايصه
وعن الثاني بمنع الحديث عن أبي ذر وكيف ينقل عنه ذلك مع مخالفته الكتاب والسند والاجماع قال الله تعالى فمن تمتع بالعمرة
إلى الحج فما استيسر من الهدى وهو عام وسأل جابر سراقة بن مالك النبي صلى الله عليه وآله المتعة لنا خاصة أو هي للأبد فقال بل هي
للأبد قال طاوس ان أهل الجاهلية يرون العمرة في أشهر الحج افجر الفجور ويقولون إذا انفسخ صفر وعفا الأثر حلت العمرة لمن اعتمر
فلما كان للاسلام امر الناس ان يعتمر وفي أشهر الحج قد خلت العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة ومن طريق الخاصة من الأحاديث الدالة
على بقاء المتعة إلى يوم القيمة وعن الثالث بان أكابر الصحابة أنكروا نهيهم عنها وخالفوهم في فعلها كما أنكر علي عليه السلام على عثمان و
اعترف بهن له وقول عمر بن حصين منكرا لنهي من نهى وقول سعيد عايبا على معاوية نهيه عنها وردهم عليهم بحجج لم يكن لهم جواب عنها بل قال عمر في كل ما يرد نهيه فقال والله اني لأنها كم عنها وانها لفي كتاب الله وقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله مع أنه
قد سئل سالم بن عبد الله بن عمر انهى عمر عن المتعة قال لا والله ما نهى عنها عمر ولكن قد نهى عثمان وسئل ابن عمر عن متعة الحج فامر بها فيقل
له انك تخالف أباك قال إن عمر لم يقل الذي يقولون فلما كثروا عليه قال أفكتاب الله حق ان تتبعوا لم عمر ولما نهى معوية عن المتعة أمرت عايشه
حشمها ومواليها ان يهلوا بالمتعة فقال معاوية من هؤلاء فقيل حشم ومولى عايشة فأرسل إليها ما حملك على ذلك قالت أجبت ان تعلم أن
الذي قلت ليس كنا قلت ونقل الجمهور عن ابن عباس ان عمر نهى عن المتعة قال انظروا في كتاب الله فان وجدتموها فيه فقد كذب على الله
ورسوله وإن لم تجددها فقد صدق روى الأثرم ذلك كله وغيرها من الأحاديث من طرق الجمهور وطريق أهل البيت عليهم السلام أمرنا بتركها للاختصار
مسألة المفرد إذا أحرم بالحج ثم دخل مكة جاز له فسخ حجه وجعله عمرة يتمتع بها ولا يلب بعد طوافه ولا بعد سعيه لئلا ينعقد احرامه
بالتلبية اما القارن فليس ذلك إذا كان قد ساق الهدى ذهب إليه علماؤنا إليه قال احمد وقال عامة الجمهور لا يجوز ذلك لنا ما رواه الجمهور
من طرق متعددة ان النبي صلى الله عليه وآله امر الصحابة بان يدخلوا مكة محرمين بالحج فقال من لم يسق الهدى فليجعل وليجعلها عمرة فطافوا
وسعوا وأحلوا وسئل نفس فقال إني سقت الهدى ولا ينبغي لسايق الهدى ان يحل حتى يبلغ الهدى محله وعن أسماء بنت أبي بكر قالت خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وآله فلما قدمنا مكة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله من لم يكن معه هدى فليحل فأحللت وكان مع الزبير هدى فلم يحل فلبست ثيابي وخرجت فجلست إلى جانب الزبير فقال قومي
عني فقلت أتخشى ان أثب عليك ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث الدالة على أن رسو ل الله (صلى الله عليه وآله نقل أصحابه من الافراد
إلى التمتع والتأسف على فوات المتعة لأنه كان قد ساق الهدى ولان من فاته الحج صارا حرامه عمرة وكذا يصبر نفسه احتجوا بما رواه بلال بن
الحارث قال قلت يا رسول الله الفسخ لنا خاصة أو لمن بعدنا قال بل لنا خاصة والجواب المنع من هذا الحديث فان النبي صلى الله عليه وآله
امره بالفسخ بصيغة العموم وكان ذلك في حجة الوداع ومات على ذلك فان احتجوا بان عمر نهى عن ذلك أبطلناه بإنكار الصحابة على
ما تقدم ولان الفسخ لا يثبت بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وقد ثبت بالتواتر انه (عليه السلام) مات على ذلك وقد روى أبو بصير عن أبي عبد
الله عليه السلام قال قال لي يا أبا احمد ان رهطا من أهل البصرة سألوني عن الحج فأخبرتهم بما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما امر به
فقالوا ان عمر قد أفرد الحج فقلت ان هلا رأى واه عمر وليسك رأى عمر كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسألة ويجوز للتمتع مع
الضرورة العدول إلى الافراد وذلك اما بان يضيق الوقت عن أفعال العمرة أو يحصل نهاك حيض أو مرض أو غيرهما من الاعذار يمنع ذلك
663

لأنه أحد أنواع الحج فجاز المصير إليه عند الضرورة ولما رواه الجمهور عن عايشة انها أحرمت العمرة فلما حصلت بشرف باب مكة حاضت فدخل رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وهي تبكي والناس يخرجون إلى منى فقال إن هذا امر كتبه الله على بنات ادم فارفضي عمرتك وأهلي بالحج واصنعي ما يصنع
الحج غير أن لا تطوفي بالبيت وفي طريق الخاصة ما رواه في الصحيح عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المراة الحايض إذا
قدمت مكة يوم التروية قال تمضى كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة تم يقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة قال ابن أبي عمر كما صنعت
عايشة اما القارن فإن كان قد ساق الهدى فليس له العدول إلى التمتع لان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يفعله تأسفه على فوات المتعة باعتبار
السياق فلو كان سايغا لفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما فعل أصحابه العدول عن الافراد بأمره (عليه السلام مسألة قد بينا ان التمتع
فرض من فأين من الحرم وان النوعين الباقيين فرض أهل مكة وحاضريها إذا ثبت هذا فلو بعد المكي عن أهله ثم عاد وحج على ميقات
أحرم منه وجاز له التمتع لما رواه الجمهور عن ابن عباس قال وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام
مهيعه ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وهي لهم ولكل آت من غيرهن من أراد الحج والعمرة ومن طريق الخاصة ما رواه
إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال سألته عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد وكثرة الأيام في الاحرام من الشجرة فأراد وا
ان يأخذوا منها إلى ذات عرق فيحرموا منها قا للا وهو مغضب وقال من أخل المدينة فليس له ان يحرم الا من المدينة اما جواز التمتع فلانه
إذا خرج عن مكة إلى مصر من الأمصار ومر على ميقات من المواقيت صار ميقاتا له ولحقه احكام ذلك الميقات ويدل عليه ما رواه الشيخ
في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج وعبد الرحمن بن أعين قال سألنا أبا الحسن موسى عليه السلام عن رجل من أعلى مكة خرج إلى بعض الأمصار
ثم رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله ان يتمتع فقال ما إذا عم ليس له والاهلال بالحج
أحب إلي ورأيت من سأل أبا جعفر عليه السلام قال نويت الحج من المدينة كيف اصنع قال تمتع في حديث طويل مسألة ومن كان من
أهل الأمصار فجاوز بمكة ثم أراد حجة الاسلام خرج إلى ميقات أهله فاحرم منه فان تعذر خرج إلى اذني الحل ولو تعذر أحرم
من مكة هذا إذا لم يجاوز مدة سنتين فان مضت عليه سنتان وهو مقيم بمكة صار من أهل مكة وحاضريها ليس له انه يمتع وبه قال
الشيخ في كتابي الأخيار وقال في النهاية لا ينتقل على فرضه عن التمتع حتى يقيم ثلثا لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) رأيت أن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة قال
فلينظر أيها الغالب عليه فهو من أهله وعن عمر بن يزيد قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنتين فان
جاوز سنتين كا ن وطنا وليس له ان يتمتع ولا نعلم حجة على ما قاله الشيخ في النهاية فرعان الأول لو كان له منزلان أحدهما بمكة
والأخرى عنها اعتبر الأغلب اقامته فاحرم بفرض أهله فان تساويا تخير في التمتع وغيره هذا كله في حج الاسلام لان مع الأغلبية
يضعف جانب لاخر فيسقط اعتباره كالسعي بماله وغيرها في الزكاة ومع التساوي لا رجحان فيتحقق التخيير ويؤيد ذلك رواية زرارة
عن الباقر (عليه السلام) وقد تقدمت الثاني؟ لم تمض هذه المدة ففرضه التمتع فيخرج إلى الميقات ويحرم منه مع المكنة والا فمن حيث أمكن وقال الشافعي
يجوز ان يحرم من مكة مع المكنة من الخروج إلى الميقات لنا انه لم ينتقل فرضه عن فرض إقليم فيلزمه الاحرام من ميقاته لامكانه اما لو تعذر فإنه يخرج
إلى خارج الحرم فيحرم منه للضرورة لان ميقاته وقد تعذر عليه فليسقط اعتباره كما لو تعذر عليه المتعة وذلك كما في حق عايشة ولو كان الاحرام
من مكة جايزا لما كلفها الا نبي (صلى الله عليه وآله) تحمل المشقة ويدل عليه أيضا ما رواه الحلبي عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قلت رجل ترك الاحرام
حتى دخل مكة قال يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم وان خشى ان يفوته الحج فليحرم من مكانه فان استطاع ان يخرج من
الحرم فليخرج احتج الشافعي بان النبي (صلى الله عليه وآله) امر أصحابه بالاحرام من مكة فليتمتع والجواب ان ذلك كان الضرورة البحث الثاني
في أوقات أداء التسكين قال الله تعالى الحج أشهر معلومات واختلف العلماء في أشهر الحج فقال الشيخ في النهاية وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة
وبه قال مالك وروى عن عمر وابنه وابن عباس وقال في المبسوط هي شوال وذو القعدة والى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة وفي الخلاف إلى طلوع
الفجر من ليلة الا نحر وبه قال الشافعي وقال في الجمل وتسعة من ذي الحجة وقال أبو حنيفة وأصحابه إلى اخر العاشر من ذي الحجة وبه قال ابن مسعود
وابن عمر والزبير وعطا ومجاهد والحسن والشعبي والنخعي وقتادة والثوري واحمد وليس يتعلق بهذا الاختلاف حكم لنا قوله تعالى الحج أشهر معلومات
وأقل الجمع ثلاثة وما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة وشوال ليس لأحد
ان يحرم بالحج في سواهن وليس لاحد يحرم قبل الوقت الذي وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانما مثل ذلك مثل من صلى أربعا في السر
وترك الثنتين ولأنه يصح فيه أن يقع شئ من أفعال الحج فيه كالطواف والسعي وذبح الهدى احتج أبو حنيفة بما روى عن أبين مسعود وابن عباس
وابن الزبير أهم قالوا شهران وعشر ليال وإذا أطلق ذلك اقتضى بعدده من الأيام ولان يوم النحر يدخل به وقت ركن من أركان الحج وهو
664

طواف الزيان وفيم كثير من أفعال الحج كرمي جمرة العقبة والنحر والحلق والطواف والسعي والرجوع ولقوله تعالى فلا رفث ولا فسوق في الحج
ولا جدال وهو سايغ يوم النحر لأنه يمكنه التحلل في اوله والجواب عن الأول انه معارض يقول من سميناه من الصحابة وعن الثاني انا نقول بموجبه
وكذا لو استدلوا بقوله (عليه السلام) يوم الحج الأكبر يوم النحر ورواه أبو داود لأنا نقول به وعن احتجاج الشيخ ان المراد عمن فرض في أكثرهن وحينئذ
يتم المطلوب واعلم أن هذا الحديث لا فايدة طايلة لأنا اجمعنا انه لو فاتته الموقفان فقد فاته الحج وانه يصح بعض أفعال الحج في اليوم العاشر
وما بعده فالنزاع حينئذ لفظي فاما ان عنيا بأشهر الحج ما يقوت الحج بالتأخير عنه فهو كما قال الشيخ في آه شهرين وعشر ليال وان عيننا ما يقع
فيه أفعال الحج من الزمان فهو كما قال في النهاية مسألة ولو أحرم بالحج قبل أشهر الحج لم ينعقد احرامه للحج ويعقد للعمرة وبه قال الشافعي
وقال مالك وأبو حنيفة والثوري واحمد يكره ان يحرم قبل أشهر الحج فان أحرم انعقد حجة لنا قوله الحج أشهر معلومات وتقديره وقت الحج أو أشهر الحج
فخذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وإذا كان هذا الزمان وقته لم يجز التقديم عليه كما لا يجوز التأخير عنه وكأوقات الصلاة ويؤيد ذلك
ما رواه الشيخ عن ابن أذنيه قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) من بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له وعن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الحج أشهر
معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد ان يحرم بالحج في سواهن احتج المخالف بقوله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت
للناس والحج ولان الحج أحد نسك القران فانعقد الاحرام في جميع السنة كالعمرة والجواب الآية تدل على تقسيت (تقسيم) المواقيت للناس والحج أو يحمل
على ذلك جمعا بين الأدلة وأفعال العمرة غير موقتة بخلاف الحج واما انعقاد العمرة فلما رواه أبو جعفر الأحول عن أبي عبد الله (عليه السلام) في
رجل فرض الحج في غير أشهر الحج قال يجعلها عمرة رواه ابنه بابويه مسألة ولا ينعقد الاحرام بالعمرة المتمتع بها الا في أشهر الحج فان
أحرم بها في غيرها انعقد للعمرة المبتولة وبه قال الشافعي في أحد قوليه واحمد وقال مالك إذا حرم بها في غير شهر الحج ولم يتحلل من احرام العمرة حتى
دخلت أشهر الحج صار متمتعا وقال أبو حنيفة إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحج صار متمتعا إذا دخلت عليه أشهر الحج وللشافعي قول ثاني
انها ذال أحرم بالعمرة في رمضان واتى بالطواف والسعي والخلاف في شوال وحج من سنة فإنه يكون متمتعا لنا ان الاحرام بالعمرة نسك و
ركن من أركانها فيعبر وقوعه في أشهر الحج كما يعتبر وقوعه بوقتها ولان الحج لا يقع الا في أشهر والعمرة المتمتع بها داخلة فيه لقوله
(عليه السلام) دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه ويؤيد ذلك رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يكون عمرة الا في أشهر الحج
ولأنه أتى بنسك لا يتم العمرة الا به في غير أشهر الحج فلا يكون متمتعا كما لو طاف مسألة والعمرة المبتولة يجوز في جميع أيام السنة ولا نعرف فيه
خلافا وروى الجمهور عن رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال عمرة في رمضان تعدل حجه وروى عنه (عليه السلام) اعتمر في شوال وفي ذي القعدة
واعتمرت عايشه من التنعيم ليلة المحصب وهي الليلة التي ترجعون فيها من منى إلى مكة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن إسحاق بن عمار
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال السنة اثنا عشر شهر ا يعتمر لكل شهر عمرة وعن الباقر (عليه السلام) شهر مفرد للعمرة واجب ولان الحج عبادة لها تحريم
وتحليل فكان من جنسها عبادة غير موقتة كالصلاة وسيأتي تمام البحث في ذلك انشاء الله تعالى مسألة ولو دخل المتمتع مكة و
خشى فوات فوقت مع اتمام العمرة وانشاء الحج جاز ان ينقل نية إلى الافراد إذا عرفت أنه يدرك الوقوف المجري ووجب عليه ذلك ثم يعتمر
عمرة مفردة بعد اتمام الحج وكذا حايض والنفساء لو منعها العذر عن التحلل وانشاء الحج فقلنا حجتهما إلى الافراد وفعلنا العمرة بعد الحج لان
التمتع لان مع الاختيار فيزول زواله ويدل عليه روايات منها رواية جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المراة الحايض
إذا قدمت مكة يوم التروية قال تمضى كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة مفردة ثم يقيم حتى تطهر فيخرج إلى الا تغيم فتحرم وتجعلها عمرة ومنها رواية
إسحاق بن عمار عن أبي الحسن قال سألته عن المراة تجئ متمتعة فتطمث ان توف بالبيت حتى يخرج إلى عرفات فان تصير حجة مفردة هذا
إذا عرفت انها متى اشتغلت بأفعال العمرة فإنها موقفان اما لم نعلم ذلك فإنها تصير إلى اخر الوقت أدرك الوقوف وتفعل أفعال العمرة ان كانت
طاهرة ويتم متعتها ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) المرأة تجئ متمتع فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون
طهرها ليلة عرفة فقال إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف بالبيت وتحل ن احرامها وتلحق بالناس فلتفعل وكانا قد بينا فيما تقدم ما يجب في هذا
البحث الثالث في المواقيت معرفة المواقيت واجبة لان الاحرام ركن لا يصح الا فيها المتوقف على معرفتها وما لا يتم الواجب الا به فهو
واجب فالنظر هنها في مقامين الأول في تعينها مسألة ميقات أهل المدينة ذي الحليفة وهو مسجد الشجرة وميقات أهل الشام
الجحفة وهي المهيعة بسكون الهاء وفتح الياء ولا هل اليمن يلملم وقيل المسلم ولا هل الطايف قرن المنازل بفتح القاف وسكون آلاء وقال صاحب
الصحاح قرن بفت ح الراء ميقات أهل نجد واحتج بان أويسا القرني منسوب إليه وميقات أهل العراق العقيق وهو قول علماء الاسلام كافة
لكن اختلفوا في وجه ثبوته اما الأربعة الأول لفقد اتفقوا أهل العلم على انها منصوصة عن الرسو ل (صلى الله عليه وآله) وانها مأخوذة بالتوقيف
665

منه (عليه السلام) روى الجمهور عن عمر بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال وقت رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل
الشام الجحفة ولأهل النجد قرنا ولأهل اليمن يلملم وهي لأهلهن وان أتى عليهن من غير أهلهن فمن كان دونهن فهل من أهله فكذلك
أهل مكة يهلون منها رواية البخاري عن ابن عمران النبي (صلى الله عليه وآله) قال يهل أهل المدينة من ذي الخليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل
نجد من قرن المنازل قال ابن عمر وذكر لي ولم أسمعه أنه قال وأهل اليمن من يلملم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال من تمام الحج والعمرة ان يحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يجاوزها والا أنت محرم فإنه
وقت لأهل العراق ولم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق ووقت لأهل اليمن يلملم ووقت لأهل الطايف قرن المنازل
ووقت لأهل المغرب الجحفة وهي مهيعه ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله وفي الحسن
عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه لسلام) أنه قال الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر ان يحرم قبلها
ولا يعدها وقت لأهل المدينة الحليفة وهو مسجد الشجرة يصلي فيه ويفرض الحج وقت لأهل الشام الجحفة وقت لأهل النجد العقيق ووقت
لأهل الطايف قرن المنازل ووقت لأهل اليمن يلملم ولا ينبغي لاحد ان يرغب عن من وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاخبار في ذلك
كثيرة مسألة واما ميقات أهل العراق فقد اتفقوا على أنه لو أحرم من ذات عرق أحرم من الميقات وعن انس انه كان يحرم منه العقيق
واستحسنه الشافعي وابن المنذر وابن عبد البر واختلفوا في ثبوته فأكثر أهل العلم انه ثبت أيضا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مذهب علماء
أهل البيت (عليهم السلام) وبه قال احمد وأصحاب أبي حنيفة وقال قوم انه ثبت قياسا لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لأهل العراق ذات عرق وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله) هل أهل المشرق من ذات عرق وعن ابن جريح قال أخبرني
عطا ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقت لأهل المشرق ذات عرق وهو وان كان مرسلا الا انه ان يعضد غيره من الأحاديث وروى القتم بن
محمد عن عايشة ان النبي (ص) وقت لأهل العراق ذات عرق وعن الحرث بن عمر قال اتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو
بمنى أو بعرفات وقد أطاف به الناس ويجئ الاعراب فإذا أراد وجهه قالوا وجه مبارك قال ووقت ذات عرق لأهل العراق ومن طريق
الخاصة ما تقدم في حديث معوية بن عمار وحديث الحلبي الصحيحين وفي الصحيح عن أبي أيوب الحزاز قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) حدثني عن؟
وقت وقته رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو شئ صنعه الناس فقال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقت لأهل المدينة ذا الحليفة
ووقت لأهل المغرب الجحفة وهي عندنا مكتوبة مهيعه ووقت لأهل اليمن يلملم ووقت لأهل الطايف قرن المنازل ووقت لأهل نجد
العقيق وما تحدث وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن احرام أهل الكوفة وأهل خراسان وما يليهم وأهل الشام
ومصر من أين هو قال يا أهل الكوفة وخراسان وما يليهم فمن العقيق وأهل المدينة من ذي الحليفة والجحفة وأهل الشام ومصر من الجحفة
وأهل اليمن من يلملم وأهل السند من البصرة يعني من ميقات أهل البصرة ولأنه إقليم يرد الناس منه فوجب ان يشرع لهم ميقاتا كغير أهم
احتج الشافعي بما رواه النجاري بإسناده عن ابن عمر قال ما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا يا أمير المؤمنين ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
حد لأهل نجد قرنا وهو جور عن طريقنا وانا إذا أردنا قرنا شق علينا قال فانظروا خذوها من طريقكم فخذلهم ذات عرق ولان أهل العراق كانوا مشركين
والجواب عن الأولان عمر انما فعل ذلك لما سمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أولى من أبي يقال إنه فعله برأيه لما ثبت من مضى الرسول صلى الله عليه وآله
على الميقات وعن الثاني انه وقت ذلك لعلمه بأنهم يسلمون وانها بعنقه دارا الاسلام كما قال لعدي بن حاتم يا عدي لو شك
ان يخرج لضعينة من الحيرة يوم البينات الاخوان معها لا تخا ف الله تعالى مسألة ميقات أهل المدينة قد بينا انه ذو الحليفة فيه مع الاختيار فاما مع الضرورة فالجحفة روى الجمهور عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله يقول مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الاخر
من الجحفة رواه مسلم وأحرمت عايشه معتمرة فيها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) خصال عابها عليك أهل مكة
قال وما هي قلت قالوا ا أحرم من الجحفة ورسول الله صلى الله عليه وآله من الشجرة فقال الجحفة أحد الوقتين فأخذت بأدناهما وكنت عليلا
وفي الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام من أين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة فقال من الجحفة ولا يجاوز الجحفة الا محرما وفي الصحيح عن
علي بن جعفر عن أخيه مو سى بن جعفر (عليه السلام) قال يحرم أهل المدينة من ذي الحليفة والجحفة وروى ابن بابويه عن معوية بن عمار انه سئل الصادق
(عليه السلام) عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة عمرة فقال لا بأس مسألة العقيق ميقات أهل العراق على ما تقدم وكل جهاته ميقات
فمن أين أحرم جاز لكن الفضل الاحرام من المسلخ ويليه غمرة وآخره ذات عرق روى الجمهور عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله
وقت لأهل المشرق العقيق قال ابن عبد البر العقيق أولى وأحوط من ذات عرق وذات عرق محقا تهم باجماع قال الترمذي حديث ابن عباس ومن
طريق الخاصة ما تقدم من أحاديث أهل البيت وروى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال وقت رسول الله صلى عليه وآله لأهل العراق
666

العقيق اوله المسلخ ووسطه عمره وآخره ذات عرق وأوله أفضل وروى الشيخ عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله يقول العقيق أوله المسلخ وآخره ذات عرق وقد روى ابن بابويه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يجزيك إذا لم تعرف العقيق ان يسأل الناس والاعراب عن
ذلك وقال الصادق (عليه السلام) أول العقيق يزيد التعب وهو يزيد من دون يزيد غمره وروى الشيخ عن ابن فضال عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام
قال أول العقيق يزيد التعب وهو دون المسلخ بستة أميال مما يلي أعراق وبينه وبين عمرة أربعة وعشرون ميلا يزيد إذا عرفت هذا فابعد
المواقيت ذو الحليفة على عشر مراحل من مكة على ميل من المدينة ويليه في البعد في الجحفة والمواقيت الثلاثة على مسافة واحدة بينها وبين مكة
ليلتان قاصدتان مسألة والمواقيت التي روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله بينا ما مواقيت لأهلها ولمن يمر بها ممن يريد الحج أو العمرة سواء في ذلك فإذا حج الشامي
من المدينة فمن ذي الحليفة أحرم منها وان حج من اليمن فميقاته يلملم وان حج من القران فميقاته العقيق وكذا كل من مر على ميقات غير ميقات
بلده صار ميقاتا له ولا نعلم فيه خلافا والأصل فيه ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله هل لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج
والعمرة في طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال سألته عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة
البرد وكثرة الأيام يعيي الاحرام من الشجرة فأرادوا ان يأخذوا منها إلى ذات عرق يحرموا منها فقال لا وهو مغضب من دخل المدينة
فليس له ان يحرم الا من المدينة ولان التكليف بالمضي إلى ميقات بلده ضرر فيكون منفيا مسألة من كان منزله دون الميقات فميقاته
من منزله ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو قول أهل العلم كافة المجاهد فإنه قال يهل من مكة لنا ما رواه الجمهور عن علي عليه السلام وابن مسعود
وعمر في قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله قالوا اتمامها ان يحرم بها بين دويرة أهلك وعن الرسول (صلى الله عليه وآله) أنه قال فمن كان
دونهن مهله في أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
قال ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله وعن مستمع عن أبي عبد الله قال إذا كان منزل الرجل دون
ذات عرق إلى مكة فليحرم منزله وفي الصحيح عن عبد الله بن مسكان قال حدثني أبو سعيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن كان منزله دون
الجحفة إلى مكة قا يحرم منه وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أترون ان عليا عليه السلام قال إن من تمام حجك حرامك من دويرة أهله
فقال سبحان الله فلو كان كما يقولون لم يتمتع رسول الله صلى الله عليه وآله بثيابه إلى الشجرة وانما معنى دويرة أهله من كان أهله وراء الميقات
إلى مكة مسألة ويجرد الصبيان من فسخ ويجوز ان يحرم لهم من الميقات ولان تجتنبوا ما تجتنبه المحرم من طيب ولباس وغيره لما رواه
معوية بنه عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول قدموا من كان معكم من الصبيان الجحفة والى بطن مرو ثم يصنع بهم ما يصنع بالمحرم
ويطاف بهم ويسعى ومن لم يجد منهم هديا صام عنه وليه اما جواز التأخير إلى فسخ فلان احرامهم مستحب فلا يجب الاحرام لهم من الميقات لما فيه من
المشقة لصعوبة التجارة وطول المسافة ويؤيده ما رواه أيوب بن الحر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصبيان أين يجردهم للاحرام فقال كان أبي
يجردهم من فسخ ونحوه روى علي بن جعفر عن أخيه موسى بنه جعفر عليه السلام مسألة قد بينا ان ميقات العمرة المتمتع بها إحدى المواضع التي
وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله واما ميقات حج التمتع فمكة لا غير ولو أحرم من غيرها اختيار ألم يجزيه وكان عليه العود إلى مكة لانشاء
الاحرام ذهب إليه علماؤنا ولا نعرف فيه خلاف الا في رواية عن أحمد انه يخرج إلى الميقات فيحرم منه للحج وليس بصحيح لما رواه الجمهور
لان النبي صلى الله عليه وآله دخل على عايشه وهي تبكي قال لها أهلي بالحج وكانت بمكة وأمر النبي صلى الله عليه وآله أصحابه لما فسخوا الحج
بالاحرام من مكة قال جابر أمرنا النبي إذا حللنا ان يحرم إذا توجهنا من الأبطح رواه مسلم ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله قال إذا كان يوم التروية انشاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل
المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وفي الحجر ثم أبعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة
ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فاحرم بالحج ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت إلى الرقطا دون
الروم فلبت فإذا انتهيت إلى الروم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى يأتي متى وفي الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال إذا أردت أن يحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن يحرم فخذ من شاربك ومن أظفارك وعانتك ان كان
لك شعر وانطف إبطك واغتسل والبس ثوبيك ثم أنت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل أن يحرم وتدعوا الله وتسئله
العون وتقول اللهم إني أريد الحج فيسره لي وحلني حيث حسبتني لقدرك الذي قدرت على ويقول أحرم ذلك شعري وبشري ولحمي ودمي
من النساء والثياب والطيب أو يد بذلك وجهك والدار الآخرة وحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على ثم تلبسي من المسجد الحرام
كالبيت حين أحرم ويقول لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك فان قدرت ان يكون رواحك إلى منى زوال الشمس والا فمتى ما تيسر
لك من يوم التروية وقول احمد مخالف للاجماع فلا اعتداد به فروع الأول لو أحرم من غير مكة اختيارا لم يجزيه وكان
667

عليه العود إلى مكة لا نشاء الاحرام وقال الشافعي ان كان من أهل مكة وخرج إلى الحل وأحرم منه فان عاد إلى مكة محرما لم يحب دم لأنه قطع
تلك المسافة التي لزمه قطعها محرما وان كان غريبا ليس من أهل مكة فعاد إلى الميقات الذي أحرم منه بالعمرة سقط عنه الدم لان هذا
المتمتع لم يتعين عليه الاحرام من مكة وانما كان مخيرا بين ان يرجع إلى ميقاته فيحرم منه أو يحرم من مكة وان كان مليا لم يسقط لا يسوده
إلى مكة فاما ان خرج من مكة وأحرم من الحرم خارجها فهل يلزم الدم قولان أحدهما لا يجب لان الحكم المتعلق بالحرم يستوي فيه البنيان
وغيره كالذبح والثاني يلزمه لان ميقاته مكة والاعتبار بالبنيان دون الحرم فان أهل القرى دون الميقات إذا خرجوا من بنيانهم وأحرموا
خارجها وجب الدم وهذا قول الشافعي يدل على أنه يجوز الاحرام للحج المتمتع من إحدى المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله
وليس بوجه لان النبي امر الصحبة بالاحرام من مكة حين امر هم بالتحلل فيجب اتباعه ولأنه ميقات الحج المتمتع بالاتفاق
وسيأتي انشاء الله تعالى انه لا يجوز تجاوز الميقات اختيار أو إذا لم يصح في الميقات وجب العود إليها ليجعل العبادة على الوجه المأمور به
الثاني لو تجاوز ناسيا أو جاهلا عاد فان حصل له مانع أحرم من موضعه ولو كان بعرفات وكذا لو خاف من الرجوع فوات
الحج فإنه يحرم من موضعه الثالث من اي المواضع من مكة أحرم أجزأه لأنها كلها ميقات والأفضل الاحرام من المسجد روى
الشيخ عن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله الحسين عليه السلام أحرم يوم التروية فقال من اي المسجد شئت وأفضل المسجد تحت الميزاب ومقام
إبراهيم عليه السلام على ما تضمنه الحديثان السابقان مسألة المواقيت التي قدمناها مواقيت للحج
على اختلاف ضروبه وللعمرة المفردة
بلا خلاف هذا إذا قدم مكة حاجا أو معتمرا اما المفرد والمقرن إذا فرغا من مناسك الحج وأرادا الاعتمار أو غيرهما فمن يريد الاعتمار فإنه
يلزمه إلى ادني الخل فيحرم بها ثم يعود إلى مكة للطواف والسعي لان النبي (صلى الله عليه وآله) لما أرادت عايشه ان تعمر بعد التحلل من الحج امر
عبد الرحمن ان يعمر ها من التنعيم وهو من الحل ولان المفرد إذا أحرم من جوف مكة بالعمرة فإذا قطره ويسعى ويتحلل ولا يكون جامعا
في نسكه بينه الحل والحرم فلهذا ألزمه ان يخرج ويحرم من الحل بخلاف المتمتع حيث كان له ان يحرم من مكة لان النبي صلى الله عليه وآله امر أصحابه
ان يحرموا من مكة بالحج لما فسخ حجهم ولان الحاج لا يدل له من الخروج إلى الحل الموقوف فيكون له جامعا في احرامه بين الحل والحرم إذا ثبت هذا
فينبغي أن يعتمر من الجعرانة فان رسول الله اعتمره منها فان فاته فمن التنعيم لان النبي لما قصد من خيبر أحرم من
الجعرانة وروى ابن بابويه ان رسول الله صلى الله عليه وآله اعتمر ثلث عمر منفردات كلها في ذي القعدة عمرة أهل منها من عسفان وهي عمرة
الحديبية وعمرة القضا أحرم فيها من الجحفة وعمرة أهل فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطايف من غزاة حنين وروى ابن بابويه في
الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبية أو ما أشبههما وبالجملة فلا
خلاف في ذلك
المقام الثاني في احكام المواقيت مسألة لا يجوز احرام قبل الميقات ذهب إليه علماؤنا اجمع
الا ما نستثنيه وأطبق الجمهور على جواز ذلك واختلفوا في الأفضل فقال مالك الأفضل الاحرام من الميقات ويكره قبله وبه قال عمر وعثمان
وعطا واحمد واسحق وقال أبو حنيفة الأفضل الاحرام من بلده وللشافعي كالقولين لنا عليه السلام خذوا عني مناسككم واجمع المسلمون كافة
على أنه صلى الله عليه وآله أحرم من الميقات أيضا فان فعله كان بيانا للامر المطلق بالحج فيكون واجبا وما رواه الجمهور ان عمران بن
حصين أحرم من بصرة فبلغ ذلك عمر فغضب وقال يتسامع الناس ان رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أحرم من مصره وعن أبي عبد
الله بن عامر انه أحرم من خراسان فلما قدم على عثمان لأنه فيما صنع وكرهه له رواهما سعيد والأثرم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس لأحد ان يحرم قبل الوقت الذي وقت رسو ل الله صلى الله عليه وآله وانما مثل ذلك في مثل من صلى
في السفر أربعا وترك الثنتين عن ابن مسكان قال حدثني ميسر قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل أحرم من العقيق واخر من الكوفة أيهما
أفضل قال يا ميسر تصلى العصر أربعا أو تصليهما سنا فقال صليهما أربعا أفضل قال فكذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل
من غيره وعن ابن أذينة قال قال أبو عبد الله من أحرم دون الميقات فلا احرام له وعن حنان بن سدير قال كنت انا وأبي وأبو حمزة
الثمالي و عبد الرحيم القصير وزياد الأحلام فدخلنا على أبي جعفر عليه السلام فرأين زياد أو قد فسح جلده فقال له من أين أحرمت فقال من
الكوفة قال ولم أحرمت من الكوفة فقال بلغني عن بعضكم أنه قال ما بعد من الاحرام فهو أعظم للأجر فقال ما أبلغك هذا الا كذاب ثم
قال لأبي حمزة من أين أحرمت فقال من الربذة فقال له ولم لأنك وسمعت بيسر أبي ذر بها فأحببت أن لا يجوزه ثم قال لأبي ولعبد الرحيم
من أين أحرمتما فقال من العقيق فقال أصيبها الرخصة واتبعتما السنة ولا يعرضنا بان كلاهما حلال الا اخذت
باليسير وذلك أن الله
يسير يجب اليسير ويعطي على اليسير ما لا يعطي على العنف وغير ذلك من الأحاديث ولأنه لو جاز قبله لم يكن وقتا بل نهاية الوقوف ونهاية
الشئ لا يعتبر به عن الشئ الا مجازا ولان الاحرام عبادة شرعية موقتة بميقات شرعي فلا يتقدم عليه كغير من المناسك الموقتة و
668

كأوقات الصلاة ولان للأمور به الاتيان بالاحرام من الميقات فالآتي به من غيره لا يخرج عن العهدة احتج المخالف بما روت أم سلمة
زوجة النبي صلى الله عليه وآله يقول من أهل بعمرة أو بحجة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت
له الجنة ولقول علي عليه السلام وعمر اتمامها ان يحرم بهما من دويرة أهلك والجواب انه معارض بفعل النبي صلى الله عليه وآله ولو كان الفعل في ذلك
لفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه مع تباعد الأوقات بل قد نهوا عنه على ما بيناه روى النسائي وأبو داود عن الضبي ابن سعيد قال أهللت
بالحج والعمرة فلما اتيت العذيب لقاني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وانا أهل هما فقال أحدهما ما هذا بأفقه من بعسره لأنه تقرير بالأداء لم يعرض
لنبل محصور انه للعجز عن الصبي فكان كالوصال روى أبو أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يستمع أحدكم يحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض له
في احرامه وحديث بيت المقدس ضعيف يرويه محمد بن إسحاق وفيه قول مسألة استثنى علماؤنا من ذلك من أراد الاحرام لعمرة مفردة في
رجب وخشي يقضيه ان اخر الاحرام حتى يدرك الميقات فجوز وله الاحرام قبل الميقات ليقع العمرة في رجب طلبا لفضلها فان العمرة في رجب يلي
الحج في الفضل وعلى ذلك فتوى علماؤنا روى الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل بحي معتمر أينوي عمرة رجب ويدخل عليه
الهلال قبل أن يبلغ العقيق أيحرم قبل الوقت ويجعلهما لرجب ويؤخر الحرام إلى القيق ويجعلهما لشعبان قال ويحرم قيل الوقت فان لوجب فضلا
وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله يقول ليس ينبغي ان يحرم دون الوقت الذي وقته رسو ل الله صلى الله عليه وآله
الا ان يخاف فوت الشهر في العمرة مسألة واستثنى الشيخان أيضا بأنه الاحرام قبل الميقات فلو نذر الاحرام بالحج من موضع
معين لزم وا ن كان قبل الميقات بشرط وقوع الاحرام في أشهر الحج ان كان الاحرام لحج أو لعمرة متمتع بها وان كان لعمرة مفردة وجب
مطلقا هذا اختيار الشيخين ومنع ابن إدريس من ذلك حجة الشيخين ما رواه الحلبي في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام سأله عن رجل
جعل لله عليه ان يحرم من الكوفة قال يحرم من الكوفة وعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لو أن عبدا أنعم الله عليه نعمه
فعاند وهكذا البلية فجعل على نفسه ان يحرم بخراسان كان عليه ان يتم احتج ابن إدريس بان الأدلة رسو ل المذهب يقتضي ان الاحرام لا ينعقد
الا من الميقات سواء كان منذور أو لم يكن ولا يصح النذر بذلك لأنه خلاف الشرع ولو انعقد النذر كان ضرب المواقيت لقوا ثم يقل هذا المنع
عن السيد المرتضى وابن أبي عقيل والشيخ في الخلاف والجواب المنع من كون الأدلة يقتضي عدم الانعقاد قبل الميقات منع النذر وقوله لو انعقد
النذر كان ضرب المواقيت لغوا ملازمة غير مسلمة إذا لفايدة غير منحصرة في ذلك يل ههنا فوايد أخرى منها مع تجاوزها من غير احرام
ومنها وجوب الحرام منها لا قبلها لغير الناذر وبالجملة فالكلام ضعيف من الجانبين فنحن في هذا من المتوقعين والا قربت ما ذهبت إليه
الشيخان عملا برواية الحلبي فإنها صحيحة مسألة ولو أحرم قبل الميقات في غير هذين الموضعين الذي استثناهما لم ينعقد احرامه ولا
يعتد به ولو فعل ما ينافي الاحرام لم يكن عله شئ ويجب عليه تجديد الاحرام عند بلوغ ذا الميقات لأنه فعل منهى عنه والنهى في العبادات
تدل على فساد المنهى عنه كما بيناه في كتبنا الأصولية وإذا وقع فاسد ألم يعتد به ولا يتعلق به احكام الاحرام من تحريم لبس المخيط ومباشرة
النساء وغير ذلك لان الباقر عليه السلام مثل ذلك لمن صلى في السفر أربعا والصادق عليه السلام مثله لمن صلى العصر ستا والمعنى واحد وهو الزيادة
في لفريضة كزيادة المحرم قبل الميقات على المقدار المعتبر شرعا وهو يقتضي المماثلة في كل شئ وكما لا يعيد بتلك الصلاة ويجب اعادتها كذلك
ها هنا قضية للتسوية ويدل على ذلك أيضا ما رواه الشيخ عن حريز بن عبد الله عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال من أحرم من دون الوقت
الذي وقت رسو ل الله صلى الله عليه وآله فأصاب شيئا في النساء ولا صيد فلا شئ عليه واتفق الجمهور على صحة الاحرام قد بينا
حجهم وبطلانها فيما تقدم مسألة وإذا جاء إلى الميقات وأراد النسك وجب عليه الاحرام منه ولا يجوز تأخير الاحرام عن الميقات
وهو قول العلماء كافة ان فائدة توقيت رسول الله صلى الله عليه وآله هذه المواقيت الالتزام بالمناسك منها لا يتقدم عنها ولا يتأخر ويذل
على ذلك أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله
ولا ينبغي لحاج ولا لمعتمر ان يحرم قبلها ولا بعدها ثم عدها عليه السلام وقال لا ينبغي لا حدان يرغب عن مواقيت رسول الله صلى الله عليه وآله
وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله قال تجاوز الجحفة الا محرما مسلة لو ترك لاحرام من الميقات عامدا مع إرادة
النسك وجب عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه مع المكنة ولا نعرف في ذلك خلافا لان ابا الشعشاء جابر بن زيد وابن عباس برد من تجاوز الميقات
غير محرم ولان رسول الله صلى الله عليه وآله جعل المواقيت مواطن الاحرام ومنع من الجواز بها الا محرم إذا كان معه يدا للنسك وبالرجوع
إلى الميقات والاحرام منه يتحقق الاتيان بالمأمور فيكون واجبا بعد إذا تمكن من الرجوع ولو لم يمكنه الرجوع وكان قد ترك الاحرام عامدا
669

مع إرادة النسك بطل حجه وبه قال سعيد بن جبير وقال الجمهور يجزيه بدم؟ يحرم من موضعه لنا ان ترك الاحرام من موضعه عامدا متمكنا فبطل حجه
كما لو ترك الوقوف لعرفه احتجوا بقول ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من ترك نسكا فعليه دم والجواب العموم انما يثبت لو قلنا
بصحة الحج ونحن نمنعه فروع الأول لو أحرم من موضعه مع الترك عامدا فاد والم يجزيه على ما بيناه ولو عاد إلى الميقات فكذلك ما لم
يجد والاحرام لان احرام الأول لم ينعقد فيجري مجرى المخل بالاحرام الثاني لا فرق في بطلان الحج بين ان يكون عدم التمكن من الرجوع
لمرض أو خوف ضيق الوقت الثالث لو ترك الاحرام عامدا فقد قلنا إنه يجب عليه الرجوع فان رجع إلى الميقات فاحرم منه فلا دم عليه
سواء رجع بعد التلبس بشئ من أفعال الحج كطواف التقدم ومثلا أو الوقوف أو لم يتلبس وبه قال عطا والحسن والنخعي وقال الشافعي ان رجع قبل
التلبس فما شئ عليه وان رجع بعد التلبس وجب عليه دم وقال أبو حنيفة ان رجع إلى الميقات فلبى سقط عنه الدم وإن لم يلب لم يسقط وقال مالك
يجب الدم مطلقا وبه قال احمد وزفر وابن المبارك لنا ان أحرمه من موضعه لا اعتداد به فكذا ما فعله ومع الرجوع إلى الميقات يصح احرامه واما وتجوب
الدم فهو غير ثابت عملا بالأصل وعدم الدليل الدال عليه وانه رجع إلى الميقات وأحرم منه فلا شئ عليه كما لو لم يفعل شيئا من مناسك الحج
احتج احمد بقول ابن عباس من ترك نسكا فعليه دم وجوابه ان قو لابن عباس بمجرده ليس حجة احتج الشافعي بأنه أحرم من دون الميقات فوجب
الدم لكن برجوعه يسقط لأنه حصل في الميقات متحرما قبل التلبس بشئ من أفعال العبادة فلا يجب عليه الدم كم لو أحرم منه أما إذا أعاد بعد
بعد فعل شئ من أفعال الحج فالفرق بينهما انه عاد وحصل في الميقات في غير وقت احرامه وليس كذلك في الصورة الولي انه حصل في الميقات في ووقت
الاحرام لان الاحرام يتقدم أفعال الحج كلها وجوابه ما بينا ان فعله لا اعتداد به الرابع يجب عليه الرجوع مع المكنة على ما بينا لأنه
برجوعه بفعل المأمور به فيكون واجبا فان لم يرجع بطل احرامه وحجة وقال الشافعي إن لم يتمكن من الرجوع جاز ان يحرم من مكانه
ويجب الدم وإن لم يكن له عذر وجب الرجوع فان لم يرجع اثم ووجب الدم وصح احرامه وقد بينا بطلانه مسألة ولو تجاوز الميقات
تأسيا وجاهلا ولا يريد النسك ثم تجدد له عزم عليه الرجوع إلى الميقات وانشاء الاحرام مه مع المكنة فان لم يتمكن أحرم من مو ضعه ولن
أحرم من موضعه مع امكان الرجوع لم يجزيه وقد اتفقوا على وجوب الرجوع إلى الميقات للناسي والتجاهل اما من لا يريد النسك إذا تجاوز
الميقات لم يجدد له عزم على النسك فقد وافقنا احمد في إحدى الروايتين على وجوب الرجوع وقال مالك والثوري والشافعي ويوسف
ومحمد يحرم من موضعه لنا انه متمكن من الاتيان بالنسك على الوجه المأمور به فيكون واجبا ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الحسن
عن الحلبي عن عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل نسي ان يحرم حتى دخل الحرم قال عليه ان يخرج إلى ميقات أهل ارضه فان خشى ان
يفوته الحج أحرم من مكانه وان استطاع يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم وعن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل جهل أر؟ حتى دخل الحرم كيف يصنع قال يخرج من الحرم يهل بالحج وفي الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل ترك الاحرام حتى دخل للحرم فقال يرجع إلى ميقات أهل بلده الذي يحرمون منه فيحرم وان خشى ان يفوته الحج فليحرم من مكانه
فان استطاع ان يحرم من الحرم فليحرم لقوم قول عليه السلام فهن لأهلهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن فمن كان يريد حجا أو عمرة و
هذا يريد لأحدهما احتجوا بان جعل دون الميقات على وجه مباح فكان له الاحرام منه كأهل ذلك المكاني والجواب الفرق ظاهر لقوله
عليه السلام ومن كان منزله دون الميقات فمهله من أهله فروع الأول فرق بين الناسي والجاهل بالميقات أو بالتحريم في وجوب الرجوع
مع المكنة والاحرام من مو ضعه إن لم يتمكن من الخروج إلى خارج الحرم الثاني لو لين يتمكن من الرجوع إلى الميقات ويمكن من
الخروج إلى خارج الحرم وجب عليه وذلك لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل مر على
الوقت الذي يحرم منه الناسي فنسى أو جهل فلم يحرم حتى مكة فخاف ان يرجع إلى الوقت فيفوته الحج قال يخرج من الحرم فيحرم منه ويجزيه
ذلك وكذا في حديث الحلبي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام ولأنه بخروجه إلى خارج الحرم يكون جامعا بين الحل والحرمة بخلا ف ما لو أحرم
من موضعه مع المكنة من الخروج ولأنه قد كان عليه قطع تلك المسافة بإحرام فيتداركه على قدر الامكان الثالث لو لم يتمكن من
الخروج أحرم من موضعه واجتزائه اجماعا لأنه فاته جاهلا أو ناسيا أو غير مريد للنسك وكل ذلك يسوغ الفوات ولا يجب عليه دم خلافا
للشافعي وقد سلف البحث فيه فيما تقدم الرابع لو أسلم بعد مجاوزة الميقات وجب عليه الحج ويلزمه الرجوع إلى الميقات والاحرام
منه ان يمكن وإن لم يتمكن أحرم في موضعه فلا دم عليه وبه قال عطا ومالك والثوري والأوزاعي واسحق وأصحاب الرأي وقال الشافعي
يجب الدم وعن أحمد روايتان لنا انه أحرم من الموضع الذي واجب عليه الاحرام منه فأشبه المكي ومن كان منزله دون الميقات الخامس الصبي
إذا تجاوز الميقات غير محرم أو لعبد ثم بلغ ويحرر العبد ثم وتمكنا من الحج وجب عليهما الجو عالي الميقات والاحرام منه فان لم يتمكنا
أحرما من موضعهما ولا دم عليهما خلافا للشافعي ليا انه لم يحصل منهما اخلال ترتب به عليهما عقوبته فلا يجب عليهما الجبران وكذا لا بحث
670

فيمن وجدا الاستطاعة بعد تجاوز الميقات غير محرم مسألة ولو منعه مرض من الاحرام عند الميقات قال الشيخ (ره) جاز له
ان يؤخره عن الميقات فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي انتهى اله قال ابن إدريس مقصوده تأخير كيفية الاحرام الظاهرة من نزع الثياب
وكشف الرأس والارتداء والتوشح والايتزار فاما النية والتلبية مع القدرة عليهما فلا يجوز له ذلك إذ لا مانع منه
ودل على جواز تأخير الاحرام
ما رواه الشيخ عن أبي شعيب المحامل عن بعض أصحابنا عن أحدهم (عل) قال إذا خاف الرجل على نفسه اخر احرامه على المحرم وكلام امن إدريس
جيد وكمل قول الشيخ ولرواية عليه إذ لا منافاة بينهما فرع لو زال عقله باغماء أو شبهه سقط عنه الحج فلو أحرم عنه رجل جاز لما
رواه الشيخ عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهم في مريض أغمي عليه فلم يعقل حتى أتى الموقف قال يحرم عنها رجل والذي
بقوله ها هنا ان احرام الولي جايز لما تقدم لكن لا يسقط به حجة الاسلام لو لم يعد عقله لزوال التكليف عليه بزوال عقله ولو عاد عقله
قبل الوقوف صح ذلك الحرام وأجزأه الحج ولو كان بعد الموقفين لم يجزيه عل يما تقدم مسألة قد بينا المواقيت التي وقتها رسو ل
الله صلى الله عليه وآله فيجب الحرام منها ولو كان الميقات قريبة فخرجت ونقلت عمارتها إلى موضع اخر كان الميقات موضع الأول وان
انتقل الاسم إلى الثانية لان الحكم تعلق بذلك الموضع فلا يزول عنه بخرابه وقد روى الشافعي عن أبي عتيبة عن عبد الكريم الحرزي قال رأى
سعيد بن جبير رجلا يريد أن يحرم ذات عرق فاخذ بيده حتى خرج به من البيوت وقطع به الوادي واتى به المقابر وقال هذه ذات عرق الأولى
مسألة ولو سلك طريقا بين ميقاتين برا أو بحرا فإنه يجتهد في الاحرام بحذاء الميقات روى الجمهور عن عمر لما قالوا له وقت لأهل
المشرق قال ما جبال طريقهم قالوا قرن قالوا قيس عليه قال قوم بطن العتيق وقال قوم عرق فوقت عمر ذات عرق ومن طريق الخاصة
ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قا من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا ونحوه ثم بدأ له
ان يحرج في غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة ميسر ستة أميال فليحرم منها فروع الأول لو لم يعرف حذو الميقات المقارب
لطريقه احتاط وأحرم من بعد بحيث يتيقن انه لم يجاوز الميقات الا محرما الثاني لا يلزمه الاحرام حتى يعلم أنه قد حاذاه أو يغلب عل ى
ظنه ذلك لان الأصل عدم وجوبه فلا يجب بالشك الثالث لو أحرم ثم عليم بعد ذلك أنه قد جاوز ما به يحاذيه من الميقات غير محرم
فهل يلزمه الرجوع فيه تردد والأقرب عدم الوجوب لأنه مكلف باتباع ظنه فقل بغل باحرامه ذلك ما امر به فكان مجزيا ولا دم عليه على ما
تقدم الرابع يحرم بحذر والميقات الذي هو إلى طريقه أقرب والأولى ان يكون احرامه بحذو الأبعد من المواقيت من مكة فإن كان بينه مقامين
متساويين في القرب إليه أحرم من حذو أيهما شاء الخامس لو مر على طريق لم يحاذ ميقاتا ولا جاز به قال بعض الجمهور يحرم من مر حلتين
فإنه أقل المواقيت وهو ذات عرق مسألة من جاوز بمكة من أهل الأمصار ثم أراد الانساك فليخرج إلى ميقات أهله وليحرم منه
فان لم يتمكن فليخرج إلى النحل فان لم يمكنه أحرم من موضعه يستوطن سنتين لأنه لم يخرج بذلك عن كونه من غير أهل مكة وحاضريها
فحينئذ يندرج في حكم أهله ويدلك على ذلك أيضا ما رواه الشيخ عن سماعة عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن المجاوز اله ان يتمتع بالعمرة إلى
الحج قال نعم يخرج إلى مهل ارضه فيلبي انشاء وقد مضى البحث فيه ولذا أهل مكة لو خرجوا ثم خاور الميقات وجب عليهم الاحرام منه لقوله عليه السلام
هي مواقيت لأهله ولمن أتى عليهن فهو عام فيعمل بموجبه
المقصد الثاني في الفعال العمرة المتمتع وفيه فصول الأول
الاحرام وفيها مباحث الأول ركن من أركان الحج وهو أول أفعال الحج يبطل الحج بالاخلال به عمدا لا سهوا على ما سيأتي وله مقدمات
مستحبة كلها ونحن نذكرها بعونه الله تعالى في مسائل مسألة يستحب لمن أراد التمتع ان يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذي القعدة
ولا يمس شيئا ويتأكد عند هلال ذي الحجة فان مس منهما شيئا لمن يكن به بأس لكنه يكون قد ترك الأفضل هذا اختيار شيخنا (ره) في الجمل وقال
في لنهاية والاستبصار هو واجب فان مسن منهما شيئا وجب عليه دم يهريقه ومثله قال المقيد (ره) والذي يدل على التوقير ما رواه
الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة من أراد الحج وفر شعره
إذا نظر إلى ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا وعن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يأخذ الرجل إذا رأى هلال
ذي القعدة وأراد الخروج من رأسه ولا لحيته وعن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرج ليريد الحج أيأخذ من
شعره في أشهر الحج قال لا ومن لحيته ولكن يأخذ من شاربه ومن أظفاره وليطل النشاء ويدل على عدم الوجوب ما رواه الشيخ عن سماعة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج فقال لا بأس والسواك والنورة وعن محمد بن خالد الخراز قال سمعت
أبا الحسن عليه السلام يقول اما انا نأخذ من شعري حين أريد الخروج يعني إلى مكة للاحرام ولان الأصل عم الوجوب ولأنه محل فلا يجب عليه
التوفير كغيره من تروك الاحرام احتج الشيخ (ره) بالنهي على التحريم وعلى وجوب الدم بما رواه عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن متمتع حلق رأسه بمكة قال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وان تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلثين يوما فليس عليه شئ
671

وان تعمد ذلك في أول لشهور للح بثلثين يوما فليس عليه شئ وان تعمد ذلك بعد الثلثين الذي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه
والجواب عن الأول يحمل النهى على الكراهية جمعا بين الأدلة وعن الثاني باحتمال ان يكون ذلك بعد التلبس بالاحرام ويؤيده ان السؤال وقع
عن متمتع حلق بمكة هو انما يكون بها إذا أحرم فرع لا بأس بحلق الرأس وقص اللحية قبل هلال ذي القعدة على ما تضمنته الاخبار ويستحب
للمعتمر توفير شعر رأسه في الشهر الذي يريد فيه الخروج إلى العمرة لحديث معوية بن عمار ولما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار وقال قلت لأبي الحسن عليه السلام
كم أوفر شعري إذا أردت العمرة فقال ثلثين يوما مسألة ويستحب له ا ذا بلغ الميقات التنظيف بإزالة الشعث وقطع الرايحة ونتف
الإبط وقص الشارب وقلم الأظفار وحلق العامة لان الاحرام امر له الاغتسال فمن له هذا كالجمعة ولا ن الحرام يمنع قطع الشعر وقلم
الأظفار واستحب له فعله قبله لئلا يحتاج إليه في أحرمه فلا يتمكن منه ويدل على ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي
عبد الله عليه السلام قال إذا أنهيت إلى بعض المواقيت التي وقت رسو ل الله صلى الله عليه وآله فانتفت أبطك واحلق عانتك وفلم أظفارك
وقص شاربك ولا يضرك بأي ذلك بدأت وفي الصحيح عن حريز قال سالت عن نتف الإبط وحلق العامة والاخذ من الشارب لم يحرم
قال لا بأس به فرع لو أطلي قبل الاحرام اجتزأ به ما لم يمض خمسة عشر يوما فان مضت استحب الاطلاء روى لشيخ في الصحيح عن معوية بن
وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام ونحن بالمدينة عن النهى للاحرام فقال اطل بالمدينة وتجهز لكل ما يريد واغتسل وإن شئت استمتع
بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بان يطلي قبل الاحرام بخمسة عشر يوما فالأفضل استيناف
النظيف لما رواه الشيخ عن علي بن حمزة قال سأل أبو بصير أبا عبد الله (عليه السلام وانا حاضر فقال إذا أطليت الاحرام الأول كيف اصنع للطلبات
الأخيرة وكم بينهما قال إذا كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل اخر ويستحب الاطلاء وان مضت دون هذه المدة لأنه زيادة في التنظيف
والاطلاء أفضل من الحلق من نتف الإبط روى الشيخ عن عبد الله بن أبي يعفور قال كنا بالمدينة فلا حاوي زرارة في نتف الإبط وحلقه
فقلت حلقه أفضل وقال زرارة نتفه أفضل فاستاذنا على أبي عبد الله عليه السلام فاذن لنا فهو في الحمام يطلي قد را على إبطيه فقلت لزرارة
يكفيك قال لا لعله فعل هذا لا يجوز لي ان افعله فقال يتم أنتما فقلت إلى زرارة في نتف الإبط وحلقه قلت حلقه أفضل فقال أصب السنة
وأخطأها زرارة حلقه أفضل من نتفه فطلبه أفضل من حلقه م قال لنا اطليا فقلنا فعلينا منذ ثلاث فقال أعيدا فان الاطلاء به طهور
مسألة ويستحب الغسل إذا أراد الاحرام من الميقات ولا نعرف فيه خلافا روى الجمهور عن خارجة بنه زيد بن ثابت ان النبي صلى الله عليه وآله
تجرد لاهلاله واغتسل وأمر أسماء بنت عميس وهي نفساء ان تغتسل عند الاحرام وأمر عايشه ان تغتسل عند الاهلال بالحج
وهي حايض ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أنهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى
وقت من هذه المواقيت وأنت تريد الاحرام انشاء الله فانتف أبطك وفلم أظفارك واطل عانتك وخذ من شاربك ولا يضرك بأي ذلك
بدأت ثم استك واغتسل والبس ثوبيك ولكن فراغك من ذلك إن شاء الله عند زوال الشمس وإن لم يكن ذلك عند زوال الشمس فلا يضرك
ان ذلك أحب إلى أن يكون عند زوال الشمس والاخبار في ذلك كثيرة أوردناها في باب الأغسال المسنونة مسألة ولا نعرف خلافا
في استحباب فندا الغسل قال ابن المنذر واجمع أهل العلم على أن الاحرام جايز بغير اغتسال وانه غير واجب لأنه غسل لأمر مستقبل فلا يكون
واجبا كغسل الجمعة والعيدين وهو مستحب للرجل والمرأة والصبي والحايض والنفساء روى الجمهور عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
عن أبيه عن جابر قال ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر بذي الحليفة فأمرها رسو ل الله صلى الله عليه وآله قال النفساء والحايض إذا اتيا على
المواقيت يغتسلان ويحرمان ويقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن معوية بن عمار عن أبي
عبد الله (عليه السلام قال إن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكرم البيد الأربع بقين من ذي القعدة في حجة الوداع فأمرها رسول الله
صلى الله عليه وآله وطافت بالبيت وبالصفا والمروة وكان جلوسها في أربعين من ذي القعدة وعشرين من ذي الحجة وثلاثة أيام التشريق
مسألة ويجوز تقديم الغسل على الميقات ويكون على هيئته إلى نان يبلغ الميقات ثم يحرم ما لم يتم أو يمضى عليه يوم وليلة لما رواه
الشيخ عن أبي بصير قال سأته عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذي الحليفة قال نعم ورواه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد
الله عليه السلام فروع الأول انما يستحب التقديم مع خوف عون الماما ما مع عدمه فلا الاغتسال في الميقات لان النبي (صلى الله عليه وآله
كذا فعل روى الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم قا لا رسلنا إلى أبي عبد الله عليه السلام ونحن جماعة بالمدينة انا نريد أن نودعك
672

فأرسل إلينا ان اغتسلوا بالمدينة فاني أخاف ان يعز عليكم الماء بذي الحليفة فاغتسلوا بالمدينة والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ثم تعالوا فرأى
وميثاقي إذا ثبت هذا فلو اغتسل قبل الاحرام ثم وجد الماء في الميقات استحب لها عادة الغسل لان المقتضي للتقديم وهو عور الماء فائت
الثاني غسل اليوم يجزي عن ذلك اليوم وغسل الليلة يجزيه عن ليلة ما لم ينم روى الشيخ عن عثمان بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال من اغتسل بعد طلوع الفجر وقد استحم قبل ثم حرم من يومه أجزأه غسله وا ن اغتسل في أو الليل ثم أحرم في اخر الليل أجزأه غسله
الثالث لو اغتسل ثم نام قبل من يعقد الاحرام أعاد الغسل لما رواه الشيخ في الصحيح عن النضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل
يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم قال عليها عادة الغسل وكذا في رواية علي بن أبي حمزه عنه عليه السلام ولان النوم أحد نواقض الطهارة
واستحب اعادته وانما قلنا إنه على سبيل الاستحباب لان الأصل عدم الوجوب ولان الغسل الأصلي مستحب فاعادته أولى بعدم الوجوب ويدل
عليه أيضا ما رواه الشيخ عن علي بن حمزة قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ثم ينام
قبل أن يحرم قال ليس عليه غسل الرابع لو لبس قميصا مخيطا أعاد الغسل استحبابا لأنه مناف للاحرام فكان
منافيا لأفعاله ويدل عليه
أيضا ما رواه الشيخ عن علي بن حمزة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل اغتسل للاحرام ثم لبس قميصا قبل أن يلبي فعليه لغسل قا الشيخ
(ره) وكذا واكل مألا يجل للمحرم اكله بعد الغسل فإنه بعيد الغسل استحبابا رواه في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لب
ثوبا لا ينبغي لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي لك اكله فأعد السل وفي رواية عمر بن يزيد عنه عليه السلام قال إذا اغتسلت للاحرام فلا يضع ولا
تطيب ولا تأكل طعاما فيه طيب فيعيد الغسل الخامس لو قلم أظفار ه قبل أن يحرم لم يكن عليه شئ لأنه محل ولا يعيد الغسل لما رواه الشيخ عن
جميل بن دراج عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اغتسل للاحرام ثم فلام أظفاره قال يمسحها بالماء ولا يعيد الغسل السادس يجوز
الادهان بعد الغسل قبل الحرام لأنه محل ولما رواه ابن بابويه في الصحيح عنه شام بن سالم قال قال ابن أبي يعفور للصادق عليه السلام ما تقول في دهنه
بعد الغسل للاحرام فقال قبل وبعد فليس به بأس هذا إذا لم يكن يدهن طيبا أما إذا كان فيه طيب يبقى إلى بعد الاحرام فلا يجوز ذلك لما رواه
ابن بابويه في الصحيح عن معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس قبل أن
يغتسل وعن علي بن أبي حمزة قال سألته عن الرجل يدهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم فقال لا يدهن حين يريد أن يحرم بدهن فيه مسك
ولا عنبر يبقى ريحه في رأسه بعد ما يحرم وادهن بما شئت من الدهن حين يريدن يحرم قبل الغسل أو بعده فإذا أحرمت فقد حرم عليك ادهن حتى
تحل وسيأتي البحث انشاء الله تعالى السابع لو أحرم من غير غسل الاحرام مستحبا لأنه مقدمه مندوبه فاستحب إعادة الغسل مع الاخلال
بها كالأذان ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن قال كتبت العبد الصالح أبي الحسن عليه السلام رجل أحرم نصير
صلاة أو بغير غسل جاهلا أو عالما عليه في ذلك وكيف ينبغي ان يصنع فكتب يعيده الثامن لو لم يجد الماء للاغتسال قال الشيخ (ره)
يتيمم وهو اختيار الشافعي وقال احمد لا يستحب الا تيمم لنا انه غسل مشروع فتاب عنه التيمم كالواجب احتج احمد بأنه غسل مسنون فلا يستحب له التيمم
كالجمعة ولان الفرق بين الواجب والمسنون ان الواجب يراد لإباحة الصلاة والتيممم يقم مقامه في ذلك والمسنون يراد للتنظيف وقطع الرايحة وهو غير
حاصل بالتيمم بل يجعل فيه شعثا ومغيرا مسألة ويستحب ان يحرم بعد الزوال عقيب الصلاة الطهر يبدأ بصلاة الاحرام وهي ست
ركعات فان لم يتمكن فركعتان مستحب ذلك كله ثم يصلي الظهر ثم يحرم عقيب الطهر وان أحرم في غير وقت الزوال لكن يستحب ان يكون عقيب
فريضة وهو أدون من الأول في الفضل فان لم يكن وقت فريضة صلى ست ركعات للاحرام مستحبة ثم يحرم عقيبها فان لم يتمكن صلى ركعتين
روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام قال لا يضرك بليل أحرمت أو نهار الا ان أفضل ذلك عند زوال الشمس وفي
الصحيح عن الحلبي قال سألت عن أبي عبد الله عليه السلام لئلا أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله أو نهارا فقال بل نهارا فقلت فأية ساعة قال صلاة
الظهر وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال يصلي للاحرام ست ركعات تحرم في دبرها وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لا يكون احرام الفي دبر صلاة مكتوبة أو نافلة فان كانت مكتوبة أحرمت في دبرها فإذا انفتلت من الصلاة فاحمد الله عز وجل وأثنى عليه
وصل على النبي صلى اله عليه وآله ويقول اللهم إني أسئلك ان تجعلني ممن استجاب لك وامن بوعدك واتبع امرك فاني عبدك وفي قبضتك
لا أوفي الا ما وفيت ولا اخذ الا ما أعطيت وقد ذكرت الحج فأسئلك ان يعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك وتقويني على ما ضعفت عنه
وتتسلم مني مناسكي في يسر منك وعافية واجعلني من وفدك الذين وارتضيت وسميت وكتبت اللهم إني خرجت من شقة بعيدة
وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك اللهم فتمم لي حجي اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله
فان عرض عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي اللهم إن لم يكن حجة فعمرة أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي و
673

عظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة يجزيك أن يقول هذا مرة واحدة حتى يحرم ثم قم فامش
هنيئه فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا قلت وروى الشيخ عن ابن إدريس ابن عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي
بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع قال يقيم إلى المغرب قلت فان ابا جمالة ان يقيم عليه قال ليس ان يخالف السنة قال ذلك كراهية الشهر فرع
ينبغي له إذا صلي ركعتي الاحرام ثم صلى الفريضة مسألة ولا ينبغي له ان يتطيب للاحرام قبل الاحرام فان فعله كان مكروها الا
ان يكون مما يبقى رايحته إلى بعد الاحرام فإنه يكون محرما وبه قال علي عليه السلام وعمر بن الخطاب ومالك ومحمد بن الحسن وقال الشافعي يستحب ان يتطيب
قبل الاحرام للاحرام سواء كان طيبا يبقى عينه كالغالية والمسك أو يبقى رايحته كالنجور والعور والندوبة قال عبد الله بن الزبير وابن عباس
وسعيد بن أبي وقاص وأم حبيبه وعايشة ومعوية وأبو حنيفة وأبو يوسف وروى ذلك عن ابن الحنفية وأبي سعيد الخدري وعروة والشعبي وبه قال
احمد لنا ما رواه الجمهور عن معلي بن أمية قال كنا عند رسول الله بالجعرانة فاتاه رجل عليه مقطعة يعني جبة وهو مضمخ بالخلوق
في بعضها وعليه درع من زعفران فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني أحرمت بالعمرة وهذه على فقال رسول الله ما كنت تتصنع
في حجك قال كنت انزع هذه المقطعة واغتسل هذه الخلوق فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت صانع في حجك فاصنعه في عمرتك
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر قال سألت أخي موسى عليه
السلام يلبس المحرم الثوب المشبع بالعصفر فقال إذا لم يكن
فيه طيب فلا بأس به وعن إسماعيل بن الأفضل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يلبس الثوب فلم
صابه الطيب فقال إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه
والاخبار وفي المنع من ذلك كثيرة ساتي بيانها انشاء الله ولان هذا معنى يمنع من ابتدائه فمنع من استدامته كاللبس وله في معنى المتطيب بعد الاحرام
فكان ممنوعا منه ولان النهى يتناول الاستدامة كالاستيناف والاحتياج احتج المخالف بما دونه عايشه قالت كنت أطيب رسو ل الله صلى الله عليه وآله
الاحرام قبل أن يحرم ويحله قبل أن يطوف والجواب انه كما يتناول ما يبقى رايحته إلى بعد الاحرام يتناول ما لا يبقى وليس من صيخ العموم لأنه حكاية
حال قال نعم فيحمل على الثاني جمعا بين الأدلة فرع لو لبس ثوبا مطيبا ثم أحرم وكانت الرايحة يبقى إلى بعد الاحرام وجبت نزعه على ما
قلناه وإزالة الطيب عنه فان لم يفعل وجب الفداء واما الشافعي فيأتي على مذهبه انه لا يجب الفداء الا إذا نزعه ثم لبسه لأنه ليس ثوبا مطيبا بعد
احرامه ولو نقل الطيب من موضع من الثوب أو البدن إلى موضع احرامه الفداء لأنه ابتداء الطيب بعد احرامه وكذا إذا تعمد مسه بيه أو نقله من مو ضعه
ورده إليه ولو نتطيب قال الطيب من مو ضعه إلى موضع اخر ففيه وجها ن للشافعي أحدهما لا يجب الفداء لأنه يجري مجرى الفداء ولأنه يجري
مجرى الناسي والثاني يجب لأنه حصل بسببه واعتماده على الأول البحث الثاني في كيفية الاحرام إذا بلغ الحاج إلى الميقات فلم أظفاره
واخذ من شاربه ونتف إبطيه أو تنور وحلق عانت هو اغتسل ويستحب له أن يقول عند الاغتسال بسم الله وبالله الهم اجعله نورا وطهورا وحرزا
وامنا من كل خوف وشفاء من كل داء وسقم اللهم طهرني وطهر لي قلبي واشرح لي صدري واجر على لسان ي محبتك ومد حتك والثناء عليك فإنه لا قوة
الا بك وقد علمت أن قوام ديني التسليم لأمرك والتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله ثم يلبس ثوبي احرامه يأتزر بأحدهما ويتوشح بالآخر ويقول
الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي فيه فرضي واعبد فيه ربي وانتهى فيه إلى ما أمرتني به الحمد لله الذي قصدته فبلغني واردته فأعانني
وقبلني ولم يقطع بي ووجهه أردت فسلني فهو حظي وكهفي وحرزي وطهري وملاذي وملجأي وسنجاى؟؟ وذخري وعذت في شدتي ورجائي ثم تصلي
لاحرام ست ركعات يتوجه في الأول منها ويقرأ في كل ركعتين في الأولى الحمد وقل هو الله أحد وفي الثانية الحمد قل يا أيها الكافرون و
تقنت في ثانية كل ركعتين ويسلم في كل ركعتين ثم يصلي الفريضة ان كان وقت فريضة ويحرم عقيبها والاحرام عقيب النوافل فإذا فرغ
من صلاته حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على محمد واله عليهم السلام ثم قال اللهم إني أسئلك إلى اخر الدعاء والذي رواه معوية بن عمار عن
الصادق عليه السلام وقد تقدم فإذا فرغ من الدعاء لبى فيقول لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك
ويكبر بين التلبية ولا يزال على هيئة إلى أن يدخل مكة ويطوف ويسعى ويقصر وقد أحل وحرام الحج كذلك الا انه يبتدي به من المسجد على ما مر
ثم يمضى إلى عرفات ويفعل المناسك على السياقة التي بيناها في أول الكتاب وهذه الحنفية يشتمل على الواجب والندب فالواجب النية ولبس ثوبي
الاحرام والتلبيات الأربع والمندوب ما عداه وانا أسوق إليك تفصيل ذلك انشاء الله في مسائل مع ذكر الخلاف الواقع فيه بعون الله تعالى
وانظر في هذا البحث يقع في أمور ثلاثة الأول النية مسألة النية واجبه في الاحرام وشرط فيه ولا نعرف فيه خلافا لقوله
تعالى ما امر والا ليعبدوا لله مخلصين له الدين ولقوله عليه السلام لأعمال بالنيات ولقوله عليه السلام عمل الأبنية إذا عرفت هذا الا كيفية النية
ان يقصد بقلب إلى أمور أربعة ما يحرم به من حج أو عمرة متقربا إلى الله تعالى وذكر نوع ما يحرم له من تمنع أو قران أو افراد ويذكر الوجوب
674

والندب وما يحرم له من الحجة الاسلام أو غيرها روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت الاحرام والتمتع
فقل اللهم إني أريد ما أمرت به التمتع بالعمرة إلى الحج فيسر لي ذلك وتقبله مني وعني عليه وحلي حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي أحرم لك
شعري وبشري من النساء الطيب والثياب وإن شئت قلبت حتى ينهض وإن شئت فاخره حتى تركب بعيرك ويستقبل القبلة فافعل مسألة
ولو قوى الاحرام مطلق ولم ينو الحج ولا عمرة انعقد احرامه وكان له صرفه إلى أيهما شاء ان كان في أشهر الحج لأنه عبادة منية فصحت وروى
الجمهور عن طاوس قال خرج النبي صلى اله عليه وآله من المدينة لا يسمى حجا ولا عمرة ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة فامر أصحابه
من كان منهم أهل ولم يكن معه هدى ان يجعلوها عمرة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لما رجع من اليمن
وجد فاطمة عليها السلام قد أحلت فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله مستغيثا ومحرسا على فاطمة عليها السلام فقال انا أمرت الناس بذلك فبم أهللت يا علي
فقال اهلالا كاهلال النبي صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله كن على احرامك مثلي فأنت شريكي في هديه وكان النبي صلى الله عليه وآله
ساق معه مائة بدنة فجعل لعلي عليه السلام منها أربعا وثلثين ولنفسه ستا وستين ونحرها كلها بيده ثم اخذ من كل بدنه جذوة
طبخها في قدر واكلا منها وتحسيا من المرق فقال قد أكلنا الآن منها جميعا ولم يعطيا الجزار من جلودها ولا جلالها ولا قلائدها ولكن يتصدق
بها وكان علي عليه السلام يفتخر على الصحابة ويقول من منكم مثلي وانا شريك رسول الله صلى الله عليه وآله في هديه ومن منكم مثلي وانا الذي
ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله هداني بيده ولان الاحرام بالحج يخالف غيره من احرام سائر العبادات لأنه يخر ج منه الفساد وإذا عقد عن غيره
أو تطوعا وعليه فرضه وقع عن فرضه فجاز ان ينعقد مطلقا فروع الأول إذا ثبت انه ينعقد مطلقا فان صرفه إلى الحج صار
حجا وان صرفه إلى العمرة كان عمرة والى اي أنواع الحج صرفه وانصرف ا ليه من تمتع أو قران أو افراد ولو صرفه إلى الحج والعمرة معا لم يصح عندنا
وصح عند المخالفين وهذا يعني على جوازيته حجة وعمرة وعدمه الثاني لو عقده مطلقا قبل أشهر الحج ان عقد بعمرة ولم ينعقد مطلقا
لان هذا احرام لا يصح لغير العمرة فانصرف إليها ولا يصلح للحج لأنه لم يقع في أشهره فلا ينصرف إليه لأنه الأصل في الأفعال الصحة الثالث
لو كان عليه حج واجب أو عمرة واجبة وأطلق الاحرام فالأشبه انصراف المطلق إلى ما تعين عليه من حج أو عمرة مسألة يصح ابهام
الاحرام وهو ان يحرم بما أحرم به فلان لما رواه الجمهور عن جابر وانس ان عليا عليه السلام قدم من اليمن على النبي صلى الله عليه وآله وكان قد هل
اهلالا كاهلال رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله بم أهللت قال اهلالا كاهلا لك فقال له النبي صلى الله عليه وآله
أقم على احرامك وكذلك أحرم أبو موسى الأشعري احراما كاحرام النبي صلى الله عليه وآله ما قلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله
قال فان الهدى فلا يحل الثاني لو لم يعلم وتعذر عليه علم ذلك بمؤنة أو تعيينه قال الشيخ (ره) يتمتع احتياطا
للحج والعمرة ولو بان ان فلانا لم يحرم انعقد مطلقا وكان له صرفه إلى اي الانسان شاء ولو لم يعلم هلا حرم فلان أم لا فحكمه حكم من لم يحرم لان
الأصل عدم لاحرام الثالث لو لم يعين ثم شرع في الطواف قبل التعيين قال بعض الجمهور ينعقد حجا وينوى الحج ويقع هذا الطواف
طواف القدوم ولا يصير معتمر الآن إلي طواف ركم في العمرة فلا يقع بغير نية وطواف القدوم لا يحتاج إلى النية فيصير حجا ولو قيل إنه لا يعتد بطوافه
لأنه طاف لا في حج ولا في عمرة كان حسنا الرابع تعيين الاحرام أولى من اطلاقه وبه قا مالك والشافعي في أحد قوليه وقال في الاخر
الاطلاق الولي لنا إذ أعين كان علما لما هو متلبس معه فيكون أولى من عدم العلم احتج بحديث طاوس ان النبي صلى الله عليه وآله أطلق
الاحرام والجواب انه مرسل والشافعي لا يعمل بالمراسيل المنفردة فكيف مع مخالفته للروايات الإدالة على أن عليه السلام بخلاف الاطلاق
مسألة ولو أحرم بنسك ثم (اشتبه) يشبه تخير بين الحج والعمرة إذا لم يتعين عليه أحدهما قاله الشيخ في المبسوط وقال أبو حنيفة يجب عليه ان
ينوى القران وبه الشافعي في الأم والملاء وقال في القديم يتحرى ويبنى على ما يغلب على ظنه قا احمد يجعل ذلك عمرة وبه قال الشيخ في الخلاف
لنا ان قبل الاحرام يجوز ابتداء من النسكين شاء فمع عدم التعيين مستمر هذا الجواز مع النسيان عملا باستصحاب الحال السالم عن معارضته الذكر
ولا نهل وأحرم بالحج جاز له فسخه إلى العمرة على ما تقدم احتج الشافعي على القديم بأنه اشتباه في شرط من شرايط العبادة فكان له الاجتهاد فيه
كالإنائين والقبلة واحتج أبو حنيفة بان الشك لحق به في فعله بعد التلبس بالعبادة فلم يكن له الاجتهاد وانما يرجع إلى التعيين كمن شك في
عدد الركعات بخلاف الإنائين والقبلة لان عليهما اما رأت يرجع إليهما عند لاشتباه واما ههنا فإنه شك في فعل نفسه ولا أمارة على ذلك
الا ذكره فلم يرجع الا إليه والجواب عن الأول بالمنع عن الحكم في الصل وعن الثاني بمعارضته براءة الذمة من المعين اما لو تعين أحدهما
675

عليه فالوجه انصرافه إليه قا الشيخ في الخلاف بما قلنا إنه يجعل للعمرة لأنه لا يخلو ا اما ن ان يكون احرامه بالحج أو بالعمرة فإن كان بالحج فقد بينا انه يجوز
ان يفسخه إلى عمرة متمتع بها وان كان بالعمرة فقد صحت العمة على الوجهين وإذا أحرم بالعمة لا يمكنه ان يجعلها حجة مع القدرة على اتيان أفعال
العمرة فلهذا قلنا يجعله عمرته حال وكلام الشيخ حسن فرع ولو أحرم بهما معا لم يصح قال الشيخ ويتحير وكذا لو شك هل أحرم بهما أو بأحدهما فعل
أيهما شاء ولو تجدد الشك بعد الطواف جعلها عمرة متمتعا بها إلى الحج مسألة ولو نوى الاحرام بنسك ولبى بغيره انعقد ما قواه دون مسا تلفظ
به روى الشيخ في الصحيح عن زرارة ابن أعين قال قلت لأبي جعفر عليه السلام كيف أتمتع فقال فاتى بالوقت فتلبي بالحج فإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصليت الركعتين خلف المقام وسعيت بين الصفا والمروة وقصرت وأحللت من كل شئ وليس لك ان تخرج من مكة حتى تحج وفي الصحيح عن أحمد بن محمد
قال قلت لأبي الحسن علي بن موسى عليه السلام كيف اصنع إذا أردت أن أتمتع فقال لب بالحج وانو المتعة وإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصليت الركعتين خلف
المقام وسعيت بين الصفا والمروة وفسختها وجعلتها متعة ولان الواجب النية والاعتماد عليها والتلفظ ليس بواجب فلا اعتماد عليه ألا ترى
ان ما وجب فيه التلفظ دون النية لم يؤثر النية في مخالفة لفظه كما لو عقد عقدا بلفظه ونوى خلافه لم تؤثر النية في عقده كذا هنا مسألة
ولا بد من تعيين النوع من تمتع أو قران أو اقرار قال الشافعي في أحد الوجهين لا يفتقر التمتع إلى النية لنا قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين
له الدين والتمتع عبادة ولأنها أفعال مختلفة فلا بد من النية لتميز بعضها عن الخر ولان براءة الذمة يحصل مع النية بيقين بخلاف ما إذا
أخل بالنية مسألة ويستحب ان يذكر في لفظه ما يقصده من أنواع الحج وبه قال احمد وقال الشافعي لا يستحب ذلك لنا ما رواه الجمهور
عن انس قال سمعت رسو ل الله صلى الله عليه وآله يقول لبيك عمرة وحجا وقال جابر قدمنا مع النبي صلى الله عليه وآله ونحن نقول لبيك بالحج وقال ابن عمر بداء رسو ل الله صلى الله عليه وآله فأهل با عمرة ثم أهل بالحج وقال انس سمعتهم يصرخون بها صراخا رواه التجاري وقال أبو سعيد خرجنا
مع رسول الله صلى الله عليه وآله يصرخ بالحج فحللنا فلما كان يوم التروية لبينا بالحج وانطلقنا إلى منى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحلبي
في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن عثمان خرج حاجا فلما صار إلى الايواء امر مناديا ينادي في أناس اجعلوها حجة ولا تمتعوا فنادى
النادي فمن المنادي بالمقدار فقال اما لتجدن عند القلابص رجلا ينكر ما يقول فلما انتهى المنادي إلى علي عليه السلام وكان عند ركابيه بلغه حنطا
ودقيقا فلما سمع النداء تركها ومضى إلى عثمان فقال رأى رأسه فقال؟ والله لقد أمرت بخلاف رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أدبر موليا رافعا
صوته لبيك بحجة وعمرة معا لبيك والمروان بن حكم يقول بعد ذلك فكأني انظر إلى بياض الدقيق مع خضرة الحنط على وفي الصحيح عن
يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت كيف ترى ان أهل فقال إن شئت لم تسم شيئا فقلت له كيف تصنع أنت فقال اجمعها فأقول لبيك
بحجة وعمرة معا لبيك ثم قال أما إني قد قلت لأصحابك عن هذا فرع لو اتقى كان الأفضل روى الشيخ في الصحيح عن أبان بن تغلب قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام بأي شئ أهل فقال لا تسمي حجا ولا عمرة وأضمر في نفسك المتعة فإن أدرك متمتعا وإلا كنت حاجا وعن منصور بن حازم
قال أمرنا أبو عبد الله عليه السلام أن نلبي ولا نسمي شيئا وقال أصحاب الاضمار أحب إلي وعن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال
الاضمار أحب إلي وانما قلنا إن ذلك على سبيل التقية جمعا بين الاخبار ولرواية يعقوب بن شعيب قد تقدمت ولما رواه الشيخ عن عبد
الملك بن أعين في الصحيح قال حج جماعة من أصحابنا فلما وافوا المدينة فدخلوا على أبي جعفر عليه السلام فقال إن زرارة أمرنا ان نهل بالحج إذا أحرمنا
فقال لم تمنعوا فلما خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت له جعلت فداك والله لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة ليأتين الكوفة فليصبحن بها كذابا
فقال ردهم فدخلوا عليه فقال صدق زرارة ثم قال لم والله لا يسمع هذا بعد اليوم أحد مني النظر الثاني في التلبيات الأربع
مسألة التلبيات الأربع واجبة وشرط في الاحرام المتمتع والمفرد فلا ينعقد احرامهما الا بهما أو بالإشارة للاخر من مع عقد قلبه بها
واما القارن فإنه ينعقد احرامه بها والاشعار أو الا تقليد لما يسوقه ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال أبو حنيفة والثوري وقال أصحاب مالك
انها واجبة يجب بتركها دم وقال الشافعي انها مستحبة ليست واجبة وينعقد الحرام بالنية ولا حاجة إلى التلبية وبه قال احمد والحسن بن
صالح بن حي لنا قوله تعالى فمن فرض فيهن الحج قال ابن عباس الاهلال وعن عطاء وطاوس وعكرمة هو التلبية وما رواه الجمهور عن خلاد بن السايب
ان النبي صلى الله عليه وآله قال اتاني جبرئيل عليه السلام فأمرني ان امر أصحابي ومن معي ان يرفعوا أصواته بالتلبية أو بالاهلال وظاهر الأمر الوجوب نزلناه
في الاعلان ورفع الصوت فيبقى ما عداه على الأصل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا
فرغت من صلاتك وعقدت ما تريد فقم وامشي هنيئة فإذا استوت بك الأرجل ماشيا كنت أو راكبا فلب والتلبية أن يقول لبيك لبيك لا شريك لك
لبيك ان الحمد والنعمة وا لملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار الاسلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك أهل تلبيه
لبيك لبيك ذا الجلال والكرام لبيك لبيك تبدي والمعاد إليك لبيك لبيك يستغني ويفتقر إليك لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك
لبيك اله الخلق لبيك لبيك ذا النعماء والفضل الحسم الجميل لبيك لبيك كشاف الكرب لبيك لبيك عبدك وابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك
676

يقول هذا في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك لغيرك إذا علوت شرفا هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من مناسك
وبالأسحار وأكثر ما استطعت واجهر بها وان تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أن تمامها أفضل واعلم أنه لا يدل من التلبية والأربعة إلى ركن
أول الكلام هي الفريضة وبها التوحيد وبها لبى المرسلون وأكثر من ذي المعارج فان رسو ل الله
صلى الله عليه وآله كان يكثر منها وأول من لبى
إبراهيم عليه السلام قال إن الله يدعوكم إلى أن يحجوا مية فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد اخذ ميثاقه بالموافات في ظهر رجل ولا بطن امرأة الا أجاب
بالتلبية وفي الصحيح عن حريز بن عبد الله عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام قال لما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله اتاه جبرئيل عليه السلام فقال
من أصحابك بالعج والشبح فالعج رفع الصوت بالتلبية والشبح نحر البدن والامر للوجوب ولأنها عبادة له تحليل وتحريم فكان فيها نطق واجب كالصلاة
احتج المخالف باها ذكر فلم يجب في لحج كساير الاذكار ولا جواب لا يعارض هذا ما ذكرناه من الأحاديث والقياس مسألة وقد اجمع اهلا
العلم كافة على أن الزايد على التلبيات الأربع غير واجب واختلفوا فالذي علماؤنا استحباب الزايد على الأربع وبه قال أصحاب ألبي حنيفة وقال
الشافعي انه غير مستحب وبه قال احمد وقال بعضهم ان الزايد مكروه لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمر انه كان يلبي تلبية رسو ل الله
ويريد مع هذا لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك والدعاء إليك والعمل فزاد عمر لبيك ذا النعماء والفضل لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا
إليك لبيك وكان انس يريد فيقول لبيك لبيك حقا حقا تعبدا ودقا ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث معوية بن عمار عن أبي عبد الله
وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أحرمت من مسجد الشجرة فان كنت ماشيا لبيت من مكانك من المسجد تقول لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك بحجة تمامها عليك واجهر بها كلما ركبت وكلما نزلت وكلما هبطت وأدبا أو علوت اكمه
أو كهت راكبا وبالأسحار ولأنه ذكر مستحب فاستحبت للاكثار منه احتج الشافعي بما رواه جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام عن أبيه الباقر عليه السلام
عن ابر قال تلبية رسو ل الله صلى الله عليه وآله لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وما دام
عليه النبي (صلى الله عليه وآله كان أولى من غير والجواب وانه عليه السلام فعل ذلك بيانا للواجب فكان واجبا ولهذا لم يرد عليه السلام على الواجب ولان
علماؤنا نقلوا عن أهل البيت عليهم السلام تلبية رسول الله صلى الله عليه وآله كما فقلنا في حديث معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام وروى ابن
بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما لبى رسول الله صلى الله عليه وآله قال لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك لا شريك لك لبيك ان الحمد
والنعمة لك لا شريك لك لبيك وهم اعرف بمناسك الرسول صلى الله عليه وآله بشريعته من غيرهم مسألة في التلبيات الأربع الواجبة لبيك اللهم لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك
ذكره الشيخ في كتبه وقال ابن إدريس ان هذه الصورة ينعقد بها احرام كانعقاد الصلاة بتكبيرة الاحرام وأوجب هذه الصورة أبو الصلاح
وابن البراج من علماؤنا وقيل الواجب لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك وهو الذي دل عليه حديث معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام وقد تقدم إذا ثبت هذا فالزايد عليه مستحب على ما تقدم خلافا للشافعي ويستحب الاكثار من لبيك فالمعارج لبيك على ما دل
عليه حديث معوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام مسألة في رفع الصوت بالتلبية مستحب على قولا كثر علمائنا وبه قال الجمهور كافة
وللشيخ قولان أحدهما الوجوب لنا أصل براءة الذمة احتج الشيخ بما رواه عن عمر بن يزيد عن الصادق عليه
السلام في قوله واجهر بها كلما ركبت
وكلما نزلت وكلما هبطت وأدبا أو علوت أكمة أو كنت راكبا وبالأسحار وفي حديث حريز عنهما عليهم السلام ان جبرئيل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وآله
مر أصحابك بالعج والشبح والعج رفع الصوت بالتلبية والعج البدن والمر للوجوب والجواب انه شقد يكون للندب خصوصا مع القرينة وهي حاصلة
هنا في قوله كلما ركبت الحديث ان ذلك ليس بواجب إذا عرفت هذا فإنه مستحب لما ذكرناه من الحديثين قال الباقر عليه السلام (والصادق عليه السلام
قال جابر بن عبد الله ما مشى النبي صلى الله عليه وآله الروح حتى بحت أصواتنا ولأنه من شعائر العبادة فهو بمنزلة الأذان ولان في رفع
الصوت تنبيها للمستمعين وتذكارا ولما يبلغ به إلى قطع الصواب لحصول الضرر بذلك فرع ليس على النساء اجهار بالتلبية لأنهن مأمورات
بالسر لأنه نجاف من أصواتهن الافتيان ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله تعالى وضع عن النساء
أربعا الاجهار بالتلبية والسعي بين الصفا والمروة يعني الهرولة ودخول الكعبة والإسلام فرع اخر تلبية الأخرس تحريك لسانه
وعقد قلبه بها لان المقدور عليه فالزايد على ذلك تكليف مالا يطاق ولما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر بن محمد عليه السلام ان عليا
عليه السلام قال تلبية الخرس وتشهده وقراءة القران في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه اخر لا يجوز التلبية بغير القريبة مع
القدرة خلافا لأبي حنيفة لأنه المأمور به ولأنه ذكر مشروع ولا بشرع بغير العربية كالأذان والاذكار المشروعة في الصلاة احتج أبو
حنيفة بالقياس على التكبير وجوابه منع الصل مسألة ويجوز التلبية للظاهر والجنب والحدث والحايض وبالجملة لا يشترط
فيها الطهارة بلا خلاف لما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله قال لعايشة حين حاضت افعلي ما يفعل الحاج غيران لا
677

تطو في بالبيت وعن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان تلبي وأنت على غير طهور و
على كل حال وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا بأس ان يلبي الجنب مسألة ويستحب ان يذكر ما أحرم به في تلبية وبه قال احمد وقال الشافعي لا يستحب لنا ما
رواه الجمهور في حديث انس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وهم يلبون بالحج ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام ان عليا عليه السلام رفع صوته وقال لبيك بحجة وعمرة معا لبيك احتج الشافعي بان جابر قال ما سمى النبي صلى الله عليه وآله ونحن نقول لبيك بالحج
وقال ابن عباس قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وهم يلبون بالحج ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
ان عليا عليه السلام رفع صوته وقال لبيك بحجة وعمرة معا لبيك احتج الشافعي بان جابر قال ما سمى النبي صلى الله عليه وآله في تلبيته حجا ولا عمرة وسمع
ابن عمر رجلا يقول لبيك بعمرة وضرب صدره وقال تعلم ما في نفسك والجواب عن الأول انه معار ض لما قلناه عن جابر وعن غيره وقول ابن
عمر ليس بحجة خصوصا مع معارضته لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ثبت هذا فلا فضل ان تذكر في تلبية الحج والعمرة معا فان لم
يمكنه للتقية أو غيرها فاقتصر عل يذلك الحج فإذا دخل مكة طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة كان أيضا جابرا لما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لبى بالحج مفردا ثم دخل مكة يطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة قال فليحل وليجعلها متعة الا ان يكون
ساق الهدى فلا يستطيع ان يحل حتى يبلغ لهدى محله وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى قال قلت لأبي الحسن علي بن موسى (ع) ان ابن السراج روى
عتك آه سألك عن الرجل أهل بالحج ثم دخل محكة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة يفسخ ذلك ويجعلها متعة فقلت له لا فقال سيأتي
عن ذلك وقلت لا وله ان يحل ويجعلها متعة واخر عهدي بأبي انه دخل على الفضل بن الربيع وعليه ثوبان وساج فقال الفضل بن الربيع
يا أبا الحسن لنا بك أسوة أنت مفرد للحج وانا مفرد للحج فقال له أبي لاما انا مفرد ا انا متمتع فقال له الفضل بن الربيع فهل لي ان أتمتع وقد طفت
بالبيت فقال له أبي نعم فذهب بها محمد بن جعفر إلى سفيان بن عينيه وأصحابه فقال لهم ان موسى بن جعفر قال للفضل بن الربيع كذا وكذا يشنع
على أبي قوله عليه السلام ثوبان وساج الساج هو الطيلسان الأخضر والأسود مسألة ويستحب تكرار التلبية والاكثار منها على كل
حلال عند الاشراف والهبوط وادبار الصلوات وعن تجدد الأحوال واصطرام الرفاق وفي السحار وهو قول كل من يحفظ عنه العلم الا مالكا
فإنه قال لا يلبي عند اصطرام الرقاق روى الجمهور عن ابن عمر انه كان يلبي راكبا ونازلا ومضطجعا وعن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وآله
يلبى في حجة إذا لقى راكبا أو على أكمة أو هبط واديا وفي ادبار الصلوات المكتوبة ومن اخر الليل وعن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من
مسلم يضحى لله يلبي حتى تغيب الشمس الا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله
عليه السلام قال المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية وعن حنان بن سدير عن أبيه قال قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليه السلام إذا رأيت مكة قطع
التلبية وعن معوية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخل مكة رانت متمتع ونظر إلى بيوت مكة التي كانت قبل اليوم إذا بلغت عقبة المديين قطع التلبية
وعليك بالتهليل والتكبير والثناء على الله ما استطعت وا ن كنت معربا بالحج فلا يقطع التلبية حتى يوم عرفه إلى زوال الشمس وإن كنت
معتمرا فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عناي الحسن الرضا عليه السلام انه سئل عن المتمتع حتى
يقطع التلبية قال إذا دخل على مكة عقبة ذي طوى قلت بيوت مكة قال نعم فقد روى الشيخ عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال سألته
عن تلبية المتعة متى يقطع قال حين يدخل الحرم قال الشيخ هذه الرواية محمولة على الجواز والاخبار والأدلة على الاستحباب أقول في طريق
هذه الرواية أبو جميله وهو ضعيف مسألة والمفرد والقارن يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزوال لحديث معوية بن عمار عن أبي عبد الله
عليه السلام والمعتمر عمرة مفردة قال الشيخ ان كان أحرم من خارج قطعها إذا دخل الحرم وان كان ممن خرج من مكة للاحرام قطعها إذا شاهد الكعبة وقيل بالتخيير بينهما من غير تفضيل روى الشيخ عن محمد بن عذافر عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من
الجعرانة والحديبية وشبههما ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة وعن الفضل بن يسار
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام قلت دخلت بعمرة فأين اقطع التلبية قال حيال العقبة عقبة المدينين فقلت أين عقبة المدينين قال
بحيال القصار بن قال الشيخ (ره) وجه الجمع بين الخبار ان تحمل الرواية الأخيرة على من جاء من طريق المدينة خاصة فإنه يقطع التلبية عند عقبة
المدينين والرواية المتضمنة للقطع عند ذي طوى على من جاء من طريق العراق والرواية المتضمنة للقطع عند النظر إلى الكعبة على من
يكون قد خرج من مكة للعمرة قال ورواية معوية بن عمار المتضمنة للقطع عن دخول الحرم على الجواز وهذه الروايات مع اختلاف
أحوالها على الاستحباب قال وكان أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه (ره) حين روى هذه الروايات دخلها على التخيير حين ظن أنها متنافية
678

وعلى ما فسرناه ليست متنافية ولو كانت متنافية لكان الوجه الذي ذكره صحيحا مسألة والاشعار أو التقليد يقوم كل واحد منهما مقام
التلبية في حق القارن ينعقد الاحرام بها وبالتلبية اي الثلاثة فقد انعقد احرامه بها وكان الاخر مستحبا ذهب الشيخ (ره) وقال السيد
المرتضى لا ينعقد احرام الأصناف الثلاثة الا بالتلبية وهو اختيار ابن إدريس والاشعار هنوان يشق سنام البعير من الجانب الأيمن ويلطخ بالدم
ليعلم انه صدقة وعن ابن بابويه عن محمد بن الفضل عن أبي صباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن البدنة كيف يشعرها فقال يشعر
وهي باركة يشق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل اليمين وعن ابن فضال عن يونس بن يعقوب قال خرجت في عمرة فاشتريت بدنه واما
بالمدينة فأرسلت إلى أبي عبد الله عليه السلام كيف اصنع بها فأرسل إلى ما كنت يصنع بهذا فإنه كان يجزيك ان يشتري منه من عرفة وقال
انطلق حتى يأتي المسجد الشجرة فاستقبل به القبلة وأنخها ثم ادخل المسجد فصل ركعتين ثم اخرج إليها فأشعرها في الجانب الأيمن ثم قل بسم الله
اللهم منك ولك اللهم تقبل مني فإذا علوت البيداء فلب وفي رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام انها يشعر وهو معقوله إذا عرفت
هذا فالتقليد هو ان تجعل في رقبة الهدى نعلا فد صلا فيه ليعلم انه صدقة وهو بمنزلة الاشعار أو يجعل في رقبة الهدى خيطا أو سيرا وما أشبههما روى
ابن بابويه في الصحيح عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان الناس يقلدون الغنم والبقر وانها تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط
أو يسير وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال يقلدها فعلا حلقا قد صليت فيها والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية إذا ثبت
هذا فان الاشعار مختص بالإبل والتقليد مشترك بين الإبل والغنم والبقر وقد روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال
ثم يحرم إذا قدرت وأشعرت إذا عرفت هذا فقد بينها ان الاحرام ينعقد بالاشعار أو التقليد والتلبية اي الثلاثة فعل انعقد احرامه لما تقدم ويدل
عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال يوجب الاحرام ثلاثة أشياء التلبية والاشعار والتقليد فإذا فعل
شيئا من هذه الثلة فقد أحرم وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اشعر بدنة فقد أحرم فان لم يتمكن بقليل ولا كثير فرع لو كانت
البدن كثيره وأراد اشعارها دخل بين كل بدنتين وأشعر إحديهما من الجانب الأيمن والأخرى من الأيسر طلبا للتخفيف روى الشيخ في الصحيح عن
حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كانت بدن كثيره فأردت أن أشعرها دخل الرجل بين كل بدنتين فيشعر هذا من الشق الأيمن
ويشق هذه من الشق الأيسر مسألة ويستحب لمن حج على طريق المدينة ان يرفع صوته بالتلبية إذا علت راحلة البيدا ان كان راكبا
وان كان ماشيا فحيث يحرم وان كان على طريق المدينة لبى من موضعه انشاء وان مشى خطوات ثم لبى كان أفضل وبه قال في القديم ان يهل خلف الصلاة
نافلة أو فريضة وبه قال أبو حنيفة واحمد ولنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله ثم اللبس ثيابه فلما أتى
ذي الحليفة صلى ركعتين ثم فعد على بعيره فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن وهب قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التهيؤ للاحرام فقال في مسجد الشجرة فقد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد نرى ناسا يحرمون فلا تفعل حتى ينتهى إلى البيداء حيث الميل فيحرمون كما أنتم في محاملكم يقول لبيك اللهم لبيك لا شريك لك كلبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك
لبيك يمتعه العمرة إلى الحج وفي الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت عند الشجرة فلا تلبيه حتى يأتي البيداء حيث
يقول الناس نجسفنا؟؟ الجنس وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن رسو ل الله (صلى الله عليه وآله لم يكن تلبية
حتى يأتي البيداء ودل على التفصيل الذي ذكرناه ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن كنت ماشيا فاجهر باهلالك
وتلبيتك من المسجد وإن كنت راكبا فإذا علت بك راحلتك البيداء وانما قلنا إن هذا على الاستحباب دون الوجوب عملا بالأصل وبما رآه الشيخ
عن عبد الله بن سنان انه سأل أبا عبد الله عليه السلام هل يجوز للمتمتع بالعمرة إلى الحج ان يطهر التلبية في مسجد الشجرة فقال نعم انما هي لبى النبي صلى الله عليه وآله
على البيداء لان الناس لم يعرفوا التلبية فأحب ان يعلمهم كيف التلبية إذا ثبت هذا فلا مراد بذلك ان الاجهار بالتلبية يستحب من البيداء وهي
الأرض التي يخسف بها جيش السفياني التي يكره للصلاة فيها وبينها وبين ذي الحليفة ميل هذا يكون بعد التلبية سرا في الميقات الذي مر ذي
الحليفة لان الاحرام لا ينعقد التلبية ولا يجوز مجاوزة الميقات الا محرما مسألة إذا عقد نية الاحرام ولس ثوبيه
ثم لم يلب ولم
يشعر ولم يقدر نجاز له ان يفعل ما يحرم على المحرم فعليه ولا كفارة عليه فإذا لبى أو اشعر أو قلد ان كان فإنها حرم ذلك عليه ووجبت الكفارة لأنا
قد بينا ان التلبية شرط في الاحرام لا ينعقد الاحرام للمتمتع الا بها فقيل الاتيان بهما هو محل فلا كفارة عليه ويدل على ذلك ما رواه الشيخ
في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان يصلي الرجل في مسجد الشجرة ويقول الذي يرى أن يقوله ولا يلبي ثم يخرج
فيصيب من الصيد وغيره فليس عليه فيه شئ وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يقع على أهل بعد ما يقعد
الاحرام ولم يلب قال ليس عليه شئ وفي الصحيح عن جعفر بن البحتري وعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام انه صلى ركعتين في مسجد
679

الشجرة وعقد الاحرام ثم خرج فأتى بخيص فيه زعفران فأكل منه وعن علي بن عبد العزيز قال اغتسل أبو عبد الله عليه السلام للاحرام بذي الحليفة
ثم قال لغلمانه هاتوا ما عندكم من الصيد حتى نا كل فاتى بحجلتين فاكلها وروى ابن بابويه عن حفص بن البحتري عن أبي عبد الله عليه السلام فيمن
عقد الاحرام في مسجد الشجرة ثم وقع على أهله قبل أن يلبي قال ليس عليه شئ مسألة يستحب لمن أحرم تنسك ان يشترط على ربه عند احرامه
إن لم يكن حجة فعمرة وان محله حيث جلسه سواء كانت حجته تمتعا أو قرانا أو افرادا وكذا في احرام العمرة وبه قال علي عليه السلام وعمر بن الخطاب
وابن مسعود وعمار وعلقمة وشريح وسعيد بن المسيب وعكرمة والشافعي وأبو حنيفة وا حمد وأنكره ابن عمر وطاوس وسعيد بن جبير والزهري ومالك
لنا ما رواه الجمهور عن عايشة قال دخلت النبي صلى الله عليه وآله على صباغه أتت النبي فقال يا رسول الله اني أريد الحج فكيف أقول قال قولي
لبيك اللم لبيك وتحلي من الأرض حيث تحبسني فان لك على ربك ما استثنيت ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت الاحرام والتمتع فقل ا للهم اني أريد ما أمرت به التمتع بالعمرة إلى الحج فيسر لي ذلك وتقبله مني
وأعني عليه وحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على أحرم لكح شعري وبشري من النساء والطيب والثياب وإن شئت قلت حين تنهض
وإن شئت فاخره حتى تركب بعيرك وتستقبل القبلة فافعل وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله فان عرض لي شئ تحبسني فحلني حيث حبستني بقدرك الذي قدرت على اللهم
إن لم يكن حجة فعمرة الحديث وعن الفضل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربه ان حله حيث حبسه ومفرد الحج
يشرط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة احتجوا بان ابن عمر كان منكرا الاشتراط ويقول حبسكم سنة نبيكم ولأنها عبادة تجب بأصل الشرع فلم يعد
الاشتراط فيها كالصوم والصلاة والجواب لا يعارض ذلك ما رويناه من أحاديث رسو ل الله صلى الله عليه وآله وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام
مع أن ابن عمر قولها ليس بحجة لو انفرد فكيف مع مخالفة ما تلوناه من الاخبار فروع الأول الاشتراط يستحبب بأي لفظه كان إذا
أدى المعنى الذي نقلناه وان أتى بالفظ المنقول كان أول الثاني لو نوى الاشتراط ولم يتلفظ به نفيه تردد ينشأ من أنه تابع للاحرام
بالنية لا غير بل من شرطه عندنا التلبية أيضا الثالث الاشتراط لا يفيد سقوط فرض الحج في القابل لو فاته الحج ولا نعلم فيه خلاف
وروى الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله () عن الرجل يشترط في الحج ان حلني حيث حبستني أعليه الحج من قابل قال نعم وعن أبي
الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشترط في الحج كيف يشترط في الحج كيف يشتر ط قال يقول حين يريد أن يحرم ان حلني حيث حسبتني فهي عمرة
فقلت له فعليه الحج مقابل قال نعمق الصفوان قد روى هذه الرواية عدة من أصحابنا كلهم يقول إن عليه الحج من قابل فاما رواه جميل بن صالح عن ريح
المحاربي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وأحصر بعد ما أحرم كيف يصنع قال فقال أو ما اشترط على ربه قبل أن يحرم ان يحله
من احرامه عند عارض عرض له من امر الله فقلت بلى قد اشترط ذلك قال فليرجع إلى أهله حلالا لا احرام عليه ان الله أحق من وفى وبما اشترط
عليه فعليه الحج من قابل قال لا فان الشيخ (ره) حمله على من كان حجه تطوعا فإنه متى أحصر لا يلزمه الحج من قابل وهو حسن الرابع فائدة الاشتراط
جواز التحلل عند الاحصار وقيل يتحلل من غير اشتراط وهو اختيار أبي حنيفة في المريض وقال الزهري ومالك وابن عمر الشرط لا يعيد شيئا ولا
يتعلق به التحليل لنا ان الشرط جايز اجماعا ولحديث صباغه بنت الزبير فلا بد له من فايدة وانما يتحقق قائدته بجواز الحلال عند حصول
المانع احتج آخرون بما رواه حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني فقال هو حل حيث جلسه الله
عز وجل قال ألم يقبل ولا يسقط الاشتراط عنه الحج من قابل الخامس لو اشترط في احرامه ان يحله حيث حبسه هل يسقط دم الاحصار عنه
عند التحلل قال السيد المرتضى (ره) يسقط وبه قال الشيخ (ره) لا يسقط وللشافعي قولان احتج السيد بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله
لصباغة بنت الزبير عند المطلب حجي واشترطي وقولي اللهم فحلني حيث حبستني ولا فايدة لهذا الشرط الا التأثير فيما ذكرناه واحتج
الشيخ (ره) بعموم قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى وأجاب السيد بأنه محمول على من لم يشترط وكلام السخ فيه قوة السادس
قال الشيخ (ره) لا بد ان يكون للشرط فايدة مثل أن يقول إن مرضت أو فنيت نفقتي أو فاتني الوقت أو ضاق علي أو منعنا عدو أو غيره فاما أن يقول إن
يحلني حيث شئت فليس له بذلك السابع قال الشيخ (ره) (لا يجوز للمشترط ان يتحلل الا معنية التحلل والهدى معا وللشافعي فيهما
قولان واحتج (ره) بعموم الامر بالهدى والاحتياط مسألة لا يلبي في المسجد عرفه وبه قال مالك وقال الشافعي انه مستحب لنا ما بينا من أن التلبية يقطع ومعرفه قبل الزول وكذا لا يبنى في حالا الطواف وبه قال الشافعي وسالم بن عبد الله وابن عيينة وقال احمد لا بأس
بالتلبية فيه وبه قال ابن عباس وابن أبي ليلى وداود لنا ما رواه الجمهور عن ابن بابي عمر أنه قال لا يلبي الطايف وعن سفيان ما رأيت أحدا
680

يلبي وهو يطوف الا عطاء بن السائب وقوله يدل على حصول الاجماع من غير مخالف ومن طريق الخاصة ما روى عنهم عليهم السلام من قولهم ان هؤلاء يطوقون
ويسعون ويلبون وكلما طافوا صلوا وكلما لبوا عقدوا فيخرجون لا محلين ولا محرمين وهكذا رواه الشيخ في الخلاف وسلار ورواه في التهذيب في
الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قدموا مكة وطافوا بالبيت أحلوا وإذا لبوا حرموا فلا يزال يحل ويعقد حتى يخرج إلى منى بلا حج
ولا عمرة ولانا بينا ان المتمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة ولأنه مشتغل بذكر يخصه فكان أولى احتج المخالف بأنه زمن التلبية فلا
يكره والجواب المنع من كونه ومن التلبية فصول يستحب ان يأتي بالتلبية سعالا يتحلل ها كلام فان سلم عليه رد في أثنائها لان رد السلام واجب
فلا يترك للمندوب فصول ويستحب إذا فرغ من التلبية ان يصلي على رسو ل الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى ورفعنا لك ذكرك قيل في
التفسير لا أذكر الا وتذكر يعني ولان كل موضع شرع فيه ذكر الله تعالى شرع فيه ذكر نبيه كالصلاة والأذان فصل يجزي من التلبية في دبر
كل صلاة مرة واحدة لأطلق المر بها وبالوحدة يحصل الامتثال ولو زاد كان فيه فضل كثير لقولهم عليهم السلام وأكثر من ذي المعارج فصل
لا اعرف لأصحابنا قولا وان لحلال يلبى فاستحسنه الحسن البصري والنخعي وعطاء بن السايب والشافعي وأبو ثور وأمد وابن المنذر وأصحاب الرأي
وكرهه مالك والصل عدم مشروعية وقولهم انه ذكر استحب للمحرم فيستحب لغيره كساير الاذكار ضعيف لأنه ذكر طلب بعده الاحرام فلا يستحب
لغيره فصل يكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال يكره للرجل ان يجيب بالتلبية إذا نودي وهو محرم
في خبر اخرا ذا نودي المحرم فلا يقل لبيك ولكن يقل يا سعد فصل التلبية مأخوذة من ألب بالمكان إذا لزمه ومعنى لبيك انا مقيم
عند طاعتك وعلى امر كغير خارج عن ذلك ونهى لان المراد إقامة اي طاعة مع طاعة والاهلال رفع الصوت بالتلبية من قولهم استهل
الصبى إذا صاح والأصل فيه الصياح عند رؤية الهلال فيقال استهل الهلال ثم قيل لكل صياح مسهل فصل وإذا قال لبيك
ان الحمد كسر الألف قال محمد بن الحسن الكسر أحب إلى ويجوز الفتح أيضا لان الأول أولى قال تغلب من قال إن يفتحها فقد حض ومن قال يكسر الألف عند
عم ومعناه من كسر جعل الحمد لله على كل حال ومن فتح فمعناه السببية اي لبيك لهذا السبب اي للحمد فصل روى الجمهور عن ابن عباس
قال لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له اذن في الناس بالحج قال رب وما يبلغ صوتي قال اذن وعلي البلاغ فنادى إبراهيم على نبينا و
عليه السلام أيها الناس كتب عليكم الحج قال فسمعه ما بين السماء والأرض أفلا ترى الناس يجيئون من أقطار الأرض يلبون وروى ابن بابويه
عن الحسن العسكري عن ابائه عليهم أفضل الصلوات قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما بعث الله موسى بن عمران واصطفاه نجيا وفلق له
البحر وننجي بني إسرائيل وأعطاه التورية والألواح رأى مكانه من ربه عز وجل فقال يا رب فقد أكرمتني كرامة لم يكن بها أحد قبلي فقال الله جل
جلاله يا موسى اما عملت ان محمد أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي قال موسى يا رب فإن كان محمد؟ من جميع خلقك فهل في الأنبياء
أكرم من إلي قال الله جل جلا له له يا موسى اما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميعا للمرسلين فقال يا رب فإن كان آل محمد كذلك فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ظللت عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر فقال الله جل
جلاله يا موسى ما علمت أن فضل أمة محمد على جميع أمم كفضله على جميع خلقي فقال موسى يا رب ليتني كنت إبراهيم من أمته فأوحى الله جل جلاله إليه يا موسى
انك لتراهم فليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد صلى الله عليه وآله في نعيمها يتغلبون وفي
خرابها ينتجحون فتحب ان اتبعك فلأنهم قال نعم يا إلهي قال عز وجل قم بين يدي واشدد ميزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ففعل
ذلك موسى فنادى ربنا جل وعزه يا أمة محمد فأجابوا كلهم وهم في أصلاب ابائهم وأرحام أمهاتهم لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك
لأبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال فجعل الله عز وجل هكذا الإجابة شعار الحج النظر الثالث في لبس الثوبة
مسألة لبس ثوبي الاحرام واجب وقد اجمع العلماء كافة على تحريم لبس المخيط للمحرم فإذا أراد الاحرام وجب عليه نزع ثيابه
ولبس ثوبي الحرام يأتزر بأحدهما يرتدي بالآخر روى الجمهور عن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سأل رجل النبي (صلى الله عليه وآله عما
يجتنب المحرم من الثياب قال لا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمامة ولا ثوبا به الودس ولا الزعفران ويلبس إزار ورداء ونعلين ولا
يلبى الخفين الا لمن لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يك ون أسفل من الكعبين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله قال لا تلبس وأنت تريد الاحرام ثوبا بميزره ولا يدرعه ولا تلبس سراويل الا ان يكون لك ولا الخفين الا ان يكون لك فعلا ان وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام والبس ثوبيك ولا نعلم في ذلك خلافا
مسألة ويجب ان يكون الثوبان مما يصح فيهما الصلاة فلا يجوز لاحرام فيما لا يجوز فيه الصلاة فيه لان الاحرام فلا يجوز الا
فيما يجوز فيه الصلاة كا حرامها ويدلك عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل ثوب يصلي فيه فلا بأس
ان يحرم فيه وهو يدلك بمفهوم الخطاب على المطلوب وعن الحسين بن علي عن بعض أصحابنا قا أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله
681

في ثوبي كرسف وعن أبي بصير قال سأل أبو عبد الله عليه السلام عن الخميصة سدها إبريسم ولحمتها من غزيل قال لا بأس ان يحرم فيها انما
يكره الخالص منه والمراد بالكراهية هنا التحريم لان لبس الحرير محرم على الرجال مسألة وفي جواز احرام
المرأة في الحرير المحض قولان
أحدهما الجواز وهو اختيار المفيد (ره) في كتاب الحكام النساء واختاره ابن إدريس والآخر المنع واختاره الشيخ والأقوى الأول لنا انه سايغ
بالنسبة إليها ويجوز لها الصلاة فيه وما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال قلت لا بي عبد الله عليه السلام المراة يلبس القميص تزره
عليها وتلبس الخلخالين والمسك احتج الشئ بما رواه عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته ما يحل للمراة ان
تلبس وهي محرمة قال الثياب كلها ما خلا العقارين والبرقع والحرير قلت فلبس الخز قال نعم قلت فان سلاء إبريسم وهو حرير قال ما لم يكن
حريرا محضا لا بأس به وفي الصحيح عن الغيض بن القاسم قال قال أبو عبد الله عليه السلام المراة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والعقارين
وكره النقاب وقال تنزل الثوب على وجهها قلت حد ذلك إلى أين قال إلى طرق الانف قدر ما تبصر والجواب عن الأول انه حديث مرسل ومع ذلك
في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف وعن الثاني انه 9 غير دال على التحريم فيحمل على الكراهية ومعارضة بما رواه الشيخ في الصحيح عن النضر بن
سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن المحرمة اي شئ تلبس قال تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس ولا يلبس العقارين
ولاحلنا؟؟ تزين به لزوجها ولا تكتحل الامن علة ولا بأسن بالعلم في الثوب وهو يدل من حيث العموم على صورة النزاع مسألة
يستحب الاحرام في الثياب القطن وأفضل البيض روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال خير ثيابكم البياض فالبسوها احياءكم وكفنوا
بها موتاكم وروى ابن بابويه في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله اللذان أحرم
فيها يمانين عبري واظفار وفيما كفن وسال حماد النوا الصادق عليه السلام أو سئل وهو حاضر وهو عن المحرم يحرم في برد وقال لا بأس به وهل
كان الناس يحرمون الا في البرود مسألة ولا بأس بالاحرام في الثوب الأخضر أو غيره من الألوان عد السواد وروى ابن بابويه عن
خالد بن العلى الحفاف قال رأيت أبا جعفر عليه السلام وعليه برد اخضر وهو محرم روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام
قال سألته تلبس المحرم الثوب المشيع بالعصفر فقال ا ذا لم يكن فيه طيب ولا بأس به وفي الصحيح عن أبي نصير عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته وهو
يقول كان عليا عليه السلام محرما معه بعض صبيانه وعليه ثوبان مصبوغ لان فمر به عمر بن الخطاب فقال يا أبا الحسن ما هذان الثوبان المصبوغات
فقال له علي عليه السلام ما يريد أحدا يعلمنا السنة انما هو ثوبان صبغا بالمشق يعني الطين مسألة ولا ينبغي ان يحرم في الثباب السود
لأنها لباس أهل النار فلا يعتدي بهم روى الشيخ عن الحسين بن المختار قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يحرم الرجل في الثوب الأسوة قال
لا يحرم بالثوب الأسود ولا يكفن به الميت وروى ابن بابويه عن أمير المؤمنين (ع) قال فيما علم أصحابه لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون
ولا بأس بلبسه حال التقية دفعا للضرر ويدلك عليه ما رواه ابن بابويه عن حذيفة بن منصور قال كنت عن أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة
فاتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعا بممطر أحد وجهيه اسود ولآخر ابيض فلبسه ثم قال عليه السلام اما اني ألبسه وانا اعلم أنه لباس أهل النفاق
مسألة ولا بأس بالمعصفر من الثياب ويكرها كان مشبعا وعليه علماؤنا ربه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة والمعصفر طيب و
يجب به الفدية على المحرم لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمران النبي صلى الله عليه وآله نهى النساء في احرامهن عن العقارين والنقاب وما
أشبه الورس من النبات وليلبس بعد ذلك ما أحب من ألوان الثباب من معصفر أو خز وعن القسم بن محمد ان عايشة كانت تلبس الأحمرين
وهي محرمة الذهب والمعصفر ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وعن أبان بن تغلب قال سألت أبا
عبد الله عليه السلام أخي وانا حاضر عنده عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر ثم يغسل ألبسه وانا محرم قال نعم ليس العصفر من الطيب ولكن
اكرمان تلبس ما يشهرك به الناس وروى ابن بابويه عن عامر بن خذاعه انه سال أبي عبد الله عليه السلام عن مصبغات الثياب تلبسها المراة المحرمة فقال لا بأس
الا المقدم المشهور ولأنه يجوز للمحرم لبسه إذا كان لا ينقص فجاز وان كان ينقص كالممسق احتج الخالف بأنه طيب يجب به الفدية كالورس والزعفران
والجواب المنع من كونه طيب وقد نص عليه الصدق عليه السلاك لأنه لا نعتد به للطيب وان كان له رائحة طيبة كالفواكه مسألة ويجوز الاحرام
في الممتزج والحرير وغيره لأنه بالمزج خرج عن كونه إبريسما روى الشيخ عن أبي بصير قال سال أبو عبد الله عليه السلام عن الخميصة سداها إبريسم
ولحمتها من عزل قال لا بأس بان يحرم فيها انما يكره الخالص منه وعن حنان بن سليم قال كنا جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام فسال عن رج لا
محرم في ثوب حرير فدعا بإزار فرمى فقال انا أحرم في هذا وفيه حرير مسألة ويجوز الحرام في ثوب قد اصابه ورس أو زعفران أو
طيب إذا غسل وذهبت رايحته وهو اختيار الشافعي لان المقصود من الطيب الرايحة وقد زالت بالغسل أو يطول المكنة أو تجديد صبغ؟
غيره عليه ويدل على ذلك ما رواه الشيخ عن عثمان بن سعد ين يسار قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الثوب المصبوغ بالزعفران اغسله وأحرم فيه
قال لا بأس وعن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثوب المحرم يصيبه الزعفران ثم يغسل فقال لا بأس به إذا ذهب ريحه
682

ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض فلا بأس به وعن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يلبس الثوب قد اصابه الطيب فقال
إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه فرع لو أصاب ثوبه شئ من خلوق الكعبة وزعفرانها لم يكن به بأس وان لمك يغسله فإنه طهور روى الشيخ
في الصحيح عن عبد الله بنه سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام المحرم يصيب ثيابي الزعفران من الكعبة قال لا يضره ولا يغسله اخر يكره النوم على الفرش
المصبوغة روى الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال يكره للمحرم ان ينام على الفراش الأصفر والمرفقة الصفراء مسألة
يكره الاحرام في الثياب الوسخة الا ان يغسل الاستحباب التنظيف وقد تقدم الدليل عليه قد السلف ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن العلاء بن
زرارة قال سأل أحدهما عن الثوب الوسخ يحرم فيه المحرم فقال لا ولا أقول انه حرام ولكن تطهيره أحب إلى وطهره غسله مسألة
ولا يلبس ثوبا يرزه ولا يدرعه لما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال يلبس وان يريد لاحرام يوما يرزه ولا
يدرعه الا تلبس سراويل إلا أن لا يكون لك إزار ولا الخفين إلا أن لا يكون لك نعلان ولا بأس تلبس الطيلسان ولا يزره على نفسه لأنه بمنزلة
الرداء وانما لا يزره لأنه حينئذ نزل بمنزلة المخيط ويدل عله ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في المحرم بلبس الطيلسان
ان المزرر قال نعم في كتاب علي عليه السلام ولا بأس طيلسانا حتى يحل أزراره قال انما كره ذلك خوفا ان يزر الجاهل عليه فاما التقية فلا بأس
يلبسه مسألة ولا يجوز له ان يلبس السراويل وإذا لم يجد إزار الجاز له ان يلبس السراويل ولا فدية عليه وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل
وقال مالك وأبو حنيفة يجب الفدية واختلف أصحابه أبي حنيفة في جواز لبسه فقال الطحاوي لا يجوز له لبسه وانما يفتقه ويجعله إزارا وقال
الرازي يجوز له لبسه ويجب الفدية لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال سمعت رسو ل الله عليه السلام يقول إذا لم يجد المحرم نعلين لبس
خفين فإذا لم يجد إزارا لبس سروالا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يلبس سراويل
الا ان يكون كذا إزارا هو جواز مطلق لم يذكر معه الفدية فلا يجب عملا بالأصل ولأنه رخص له في لبسه عند عدم غيره فلا يلزم
الفدية كالخفين المقطوعين احتج أبو حنيفة ان ما وجب يلبسه الفدية مع عدمه كالقميص والجواب الا لقميص ان القميص يمكنه ان يستر به عورته
ولا يلبسه وانما يأتزر به وهذا يجب عليه لبسه ليستر عورته الا بلبسه على صفته مسألة ولا يجوز له لبس القبا بالاجماع لأنه مخيط فان
لم يجد ثوبا جاز له ان يلبس القيا مغلوبا ولا يدخل يديه في يدي القبا والفدية عليه حينئذ وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي ومالك واحمد
يجب الفداء لنا انه لو يوسخ بالقميص لم يجب الفدية فكذا القبا يدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا اضطر
المحرم إلى القبا ولم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي الآقا احتج المخالف بأنه محرم ليس مخيطا على العادة في لبسه فوجبت
عليه الفدية والجواب المنع من كونه ملبوسا على العادة فرعان الأول لو ادخل كتفيه في القبا ولم يدخل يديه في كميه ول يلبس
مقلوبا كان عليه الفداء وبه قا الشافعي وقال أبو حنيفة لا شطء عليه قال الشيخ (ره) ومتى يوشح به كالرداء لا شئ عليه بلا خلاف
لنا عموم تحريم بئس الأقبية روى الجمهور عن ابن عمران النبي (صلى الله عليه وآله قال لا يلبس المحرم القميص ولا الأقبية خرج منه ما لو لبسه مقلوبا
للضرورة وعملا بما تقدم فيبقى الباقي على المنع ولان طريقه الاحتياط يقتضي المنع من ذلك الثاني قا لابن إدريس ليس المراد
من القلب جعل ظاهره إلى باطنه وبالعكس بال المراد منه النكس بان يجعل ذيله فوق الناقة وهذا التغيير الذي ذكره رواه الشيخ أحمد بن محمد بن أبي
نصر البزنطي في كتاب الجامع عن المشي عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اضطر إلى ثوب وهو محرم وليس معه الا قباء فلينكسه فليجعل
أعلاه أسفله ويلبسه والتفسير ان عندي سايغا لأنه عليه السلام في الحديث الذي رويناه قال فليجعله مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي القبا
انما يتم على أن يكون القلب المراد به غير العكس إذ لو كان المراد به النكس لم يحتج إلى قوله ولا يدخل يديه في يدي القبا وقد روى الشيخ أيضا
لفظه النكس عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال يلبس المحرم الخفين إذا لم يجد النعلين وإن لم يكن له رواء طرح قميصه على
عنقه أو قباه بعد أن ينكسه وروى ابن بابويه في كتابه عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام ويلبس المحرم القبا إذا لم يكن له رداء ويقلب
ظاهر ه لباطنه وهن يدل على التفسير المخالف لرأي ابن إدريس مسألة ويلبس نعلين فان لم يجدهما جاز ان يلبس الخفين ويقطعهما
إلى ظاهر القدم كالشمشك ولا يجوز له لبسهما قبل القطع وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وقال بعض أصحابنا يلبسهما صحيحين
وبه قال أحمد بن حنبل وعطاء بن أبي رياح لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمر قال نادى رجل فقال يا رسول الله ما يجتنبه المحرم فقال لا يلبس قميصا
ولا سراويلا ولا عمامة ولا برنسا ولا يلبس ثوبا مسه ورس أو زعفران وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين فان لم يجد نعلين
فليلبس خفين وليقطعهما حتى يكونا إلى الكعبين ومن طريق الخاصة ما رواه ابن إدريس الذي رواه أصحابنا واجمعوا عليه لبسهما
من عرش وهو دعوى ممنوعة يكذبها ما نقلناه من الخلاف والحديث عن الباقر عليه السلام احتج احمد لما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله
683

قال السراويل من لم يجد إزار والخف لمن لم يجد نعلين ولان من لا يجد إزار يلبس السراويل ولا يفتقر لذلك ههنا والجواب ان حديث ابن عمر والباقر
(ع) أولى لأنه مشتمل على الزيادة وحديثهم لا ينافيه ويحمل على والسراويل لا يمكن لبسه بعد ضيقه بخلاف الخفين فافترقا إذا عرفت هذا
فلا بأس أيضا يلبس الجوربين إذا يجد النعلين لمفهوم الاخر يلبس الخفين ولما رواه ابن بابويه قال سأله رفاعة بنى موسى الصادق
(ع) عن المحرم يلبس الجوربين يقال نعم والخفين إذا اضطر إليهما فرع إذا كان واجدا للنعلين لم يجز له الخفين المقطوعين
والشمشكين وقال بعض الشافعية يجوز وهو غلط الآن النبي صلى الله عليه وآله في لبسهما عدم وجدان النعلين وكذا لا يجوز له لبس القبا
المقلوب عند وجدان الإزار لأنه يدل اشترط في جواز فعله عدم مبدله ولو لم يجد رداء لا يجوز له لبس القميص
لأنه لا يذهب منقعته بعنقه
ولأنه تمكنه لبسه على صفته كالميزر اما لو عدم الإزار فإنه يجوز له التوشح بالقميص وبالقباء المقلوب مخبر في ذلك لقول الصادق (ع) و
إن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباه بعد أن ينكسه والظاهر التخيير مسألة ويجوز ان يلبس المحرم أكثر من ثوبين يبقى بذلك
الحر والبرد وان تغيرهما عملا بالأصل وبما رواه الشيخ في الموثق عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الثوبين يرتدي بها المحرم قال
نعم والثلاثة يبقى بها الحر والبرد وسألته عن المحرم يحول ثيابه قال نعم وسألته يغسلها ان أصابها شئ قال نعم إذا احتلم فيها فليغسلها
إذا عرفت هذا فإنه ينبغي له ان يطوف في ثوبيه الذين أحرم فيهما ندبا واستحبابا لأنها وقعت ابتداء العبادة فيهما فاستحب استدامتها
فيهما ويدل عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية قال قال أبو عبد الله (ع) لا بأس بان يغير المحرم ثيابه ولكن إذا دخل مكة لبس
ثوبي الاحرام الذين أحرم فيهما ذكره ان يتبعهما مسألة ويكره للمحرم ان يغسل ثوبي احرامه الا إذا أصابهما نجاسته لما رواه
الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال لا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وان يوشح الا ان يصيبه حفاء أو
شئ فيغسله مسألة ويجوز الاحرام في الثياب المعلمة واجتنابه أفضل وروى الشيخ في الصحيح عن معوية قال قال أبو عبد الله
(ع) لا بأس ان يحرم الرجل في الثوب المعلم وبدعه أحب إلى إذا قدر على غيره وروى ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي قال سألته عن الرجل
يجوز يحرم في ثوب له علم فقال لا بأس به وسئل ليث المرادي أبا عبد الله (ع) عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الأرجل قال نعم انما
يكره الملحم قال الشيخ (ره) يكره للمحرم مع الثوب الذي احرام فيه لما رواه في الصحيح عن معوية بن عمار قال كان أبو عبد الله (ع) تكره
للمحرم ان يبيع ثوبا أحرم فيه مسألة ولو أحرم وعليه قميص نزعه ولا يشقه وهو قول أكثر أهل العلم وحكى عن الشعبي والنخعي
انه يشق ثيابه لئلا يتغطى رأسه حتى نزع القميص منه لنا ما رواه الجمهور عن معلي بن أمية ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال
يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما؟ تضح؟ تطيب فنظر إليه النبي صلى الله عليه وآله ساعة ثم سكت فجاء الوحي فقال
له النبي صلى الله عليه وآله اما الطيب بالذي؟ بك؟ فاغسله واما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار وغير واحد عن أبي عبد الله (ع) في رجل أحرم وعليه قميصه فقال نزعه ولا يشقه
ولان كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلي رجليه وعن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله (ع) قال جاء رجل بنبي (حتى) دخل المسجد وهو تلقى
عليه قميصه فوثب إليه أناس من أصحاب أبي حنيفة فقالوا شق قميصك وأخرجه من رجلك قال عليك بدنه وعليك الحج من قابل وحجك
فاسد يطلع أبو عبد الله (ع) فقام على باب المسجد فكبر واستقبل الكعبة فدنا الرجل من أبي عبد الله (ع) وهو ينتف شعره ويضرب وجهه
فقال له أبو عبد الله (ع) أسكن يا عبد الله فلما كلمه وكان الرجل أعجميا فقال أبو عبد الله (ع) ما يقول قال كنت رجلا عمل بيدي
فاجتمعت لي نفقه فجئت احتج لم اسئل أحدا عن شئ فأفتوني هؤلاء ان أشق قميصي وانزعه من قبل رجلي وان حجي فاسد وان على بدنة قال له
متى لبست قميصك بعد ما لبيت أم قبل قال قبل أن ألبي قال فأخرجه من رأسك فإنه ليس عليك بدنة وليس عليك الحج من قابل ان رجلا
ركب أمرا بجهالة فلا شئ عليه وطف بالبيت سبعا فصل ركعتين عند مقام إبراهيم واسع بين الصفا والمروة وقصر من شعرك فإذا كان يوم
التروية فاغتسل وأهل بالحج واصنع كما صنع الناس إذا عرفت هذا فلو لبسه بعد ما أحرم قال الشيخ (ره) يجب عليه ان يشقه ويخرجه من
قدميه لرواية معوية بن عمار وغير واحد عن أبي عبد الله (ع) وقد تقدم ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن
أبي عبد الله (ع) قال إذا لبست قميصا وأنت محرم فشقه وأخرجه من تحت قدميك
البحث الثالث في أحكام الاحرام
مسألة الاحرام ركن من أركان الحج يبطل به عمدا ولو أخل به ناسيا حتى كمل مناسك الحج قال الشيخ في النكاية والمبسوط يصح الحج
إذا كان عازما على فعله وأنكر ذلك ابن إدريس وأوجب الإعادة والصحيح الأول لنا انه فات نسيانا فلا يقدمه الحج كما لو نسي الطواف و
السعي وما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن
جعفر (ع) قال سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر وهو بعرفات ما حاله قال يقول اللهم على كما بك وسنة نبيك فقد تم احرامه فان أجهل
684

ان يحرم يوم التروية بالحج حتى يرجع إلى بلده ان كان قضا مناسكه كلها فقد تم حجه وعن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع)
في رجل نسي ان يحرم أو جهل وقد شهد المناسك كلها وطاف وسعى قال يجزيه إذا كان قد نوى ذلك تقديم حجة وإن لم يهل احتج ابن إدريس انما الأعمال
بالنيات وهذا عمل بلا نية فلا يرجع عن الأدلة بالاخبار الآحاد وهذا من اغرب الاستدلالات وأعجبها ولا يوجبه البتة والظاهر أنه قد وسم في
ذلك لان الشيخ اجتزأ بالنية عن الفعل بغير نية وهذا الغلط من باب ابهام العكس مسألة ولا يقع الاحرام الامن محل فلو كان محرما بالحج
لم يجزله ان يحرم بالعمرة وللشافعي قولان أحدهما وهو الأصح ذلك الثاني جواز ادخال العمرة على الحج وبه قال أبو حنيفة وكذا لا يجوز
ادخال الحج على العمرة وقال جميع الفقهاء من الجمهور بجوازه لنا قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وبإدخال أحدهما على الاخر لا يمكن الاتمام
ولان الاحرام وقع بنيتك فاستمر أفعاله فلا يجوز صرفها إلى غيره ولاشتراكها فيه فروع الأول جوز علماؤنا للمفرد فسخ
حجة إلى التمتع وبالعكس لمن ضاق عليه الوقت عن التمتع أو منعه عذره كالحيض والمرض فينقل متعته إلى الافراد كما امر النبي صلى الله عليه وآله
أصحابه بالأول وعايشة بالثاني الثاني ليس للقارن نقل حجة إلى التمتع لان النبي صلى الله عليه وآله امر أصحابه بان من لم يكن معه
هدى فليحل وتأسف صلى الله عليه وآله على فوات المتعة ولو جاز العدول كالمفرد لفعلها (ع) لأنها الأفضل الثالث لا يجوز ان
يعقد احراما واحد النسكين فلو قرن بين الحج والعمرة في احرامه لم ينعقد احرامه الا بالحج وقال الشيخ في الخلاف فان أتى بأفعال الحج
لم يلزمه دم وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي والثوري
وأبو حنيفة وأصحابه وقال الشيخ عليه بدنة وقال طاوس لا شئ عليه وبه قال داود وحكى ان محمد بن داود استفتى عن هذا بمكة فأفتى بمذهب أبيه
وجردا برجله لنا الأصل براءة الذمة من الدم لو أتى بأفعال الحج وانفراده فيقف شغلها على دليل ولم ثبتت الرابع قال الشيخ (ره)
في الخلاف لا يجوز القران بين حج وعمرة واحرام واحد ولا يدخل أفعال العمرة قط في أفعال الحج وادعى على ذلك الاجماع وقد خالف الجمهور
فيه وزعموا أن القران الذي هو أحد أصناف الحج هذا وان الرسول صلى الله عليه وآله لبى بحج وعمرة وقال ابن أبي عقيل منا والعمرة التي يجب مع
الحج في حالة واحده فالقارن هو الذي يسوق الهدى في حج أو عمرة ويريد الحج بعد عمرة فإنه يلزمه الحج مع العمرة الآن ساق الهدى وقد روى الشيخ في
الصحيح عن حماد عن أبي عبد الله (ع) قال أيما رجل فرق بين الحج والعمرة فلا يصلح الا ان يسوع هديا قد أشعره وقلده وهذه الرواية يتناسب
ما قاله ابن أبي عقيل من جواز القران في الحرام بين الحج والعمرة قال الشيخ في التهذيب المراد في تلبية الاحرام بمعنى إن لم يكن حجة فعمرة وهو يؤيد
وفي حديث علي (ع) لما أنكر على عثمان ما يقوى قول ابن أبي عقيل في قوله (ع) لبيك بحجة وعمرة معا وتمكن ان يتمسك الشيخ (ره)
بان الاحرام ركن في الحج والعمرة ولا يتعين كما يكون بحجتين وعمرتين ولا يمكن ان يكون ركنا في الحج والعمرة معا مسألة ويجوز
للقارن والمفرد إذا قدما مكة الطواف لكنهما يجددان التلبية ليبقى على احرامهما ولو لم يجدد والتلبية أصلا صارت حجتهما عمرة قال الشيخ (ره)
في النهاية والمبسوط وقال في التهذيب انما يحل للمفرد لا القارن وأنكر ابن إدريس ذلك وانهما انما يحلان من نية لا بمجرد الطواف والسعي
روى الجمهور عن ابن عباس قال قال رسو ل الله صلى الله عليه وآله إذا أهل الرجل بالحج ثم قدم مكة وطاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل
وهي عمرة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سالت عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد
طواف الفريضة قال نعم بما شاء وتجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية قال الشيخ
هذا الحديث انه رخص للقارن والمفرد ان يقدما طواف الزيارة فهل للوقوف بالموقفين فمتى فعل ذلك فان لم يجدد التلبية يصيرا
محلين ولا يجوز ذلك فلأجله اخر المفرد والسابق بتجديد التلبية وعند الطواف مع أن السابق لا يحل وان كان قد طاف بسياقه الهدى
وفي الموثق عن زرارة قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره وعن يونس بن يعقوب عن
أخبره عن أبي الحسن (ع) قال ما طاف بين هذين الحجرين الصفا والمرة أحدا الا أحل الا سابق هذا وهذا يدل على اختيار الشيخ في التهذيب
من أن المفرد يحل بالطواف والسعي ما لم يجدد التلبية وان السابق لا يحل بذلك وروى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال
قلت لأبي عبد الله (ع) اني أريد الجواز فكيف اصنع قال إذا رأيت الهلال هلال ذا الحجة فاخرج إلى الجعرانة فاحرم منها بالحج فقلت
كيف اصنع إذا دخلت مكة أقيم إلى يوم التروية لا أطوف بالبيت قال يقيم عشرا لا تأتي الكعبة ان عشرا لكثير ان البيت ليس بمهجور ولكن إذا
دخلت فطفت بالبيت واسع بين الصفا والمروة قلت أليس كل من طاف وسعى بين الصفا والمروة أحل كلما طفت طوافا وصليت
ركعتين فاعقد بالتلبية مسألة إذا أتم التمتع أفعال عمرة وقصر عقد أحل وان كان ساق هدى لم يجز له التحلل وكان قادنا قاله
الشيخ (ره) في الخلاف وبه قال ابن أبي عقيل وقال الشافعي تحلل سواء ساق هديه أو لم يسق وقال أبو حنيفة إن لم يكن ساق تحلل وان
كان ساق لم يتحلل واستأنف احراما للحج ولا يحل حتى يفرغ من مناسكه لنا قوله (ع) من لم يكن ساق الهدى فليتحلل شرط في التحلل
685

عدم السياق وقول أبي حنيفة باطل لان تجديد الحرام انما يكن مع الاحلال اما المحرم فهو باق على احرامه فلا وجه لتجديد الاحرام انما يكن من
الاحلال ولان النبي صلى الله عليه وآله لم يتحلل وعلل بأنه ساق الهدى حتى يبلغ الهدى محله مسألة إذا فرغ المتمتع من عمرته وأحل
ثم أحرم بالحج فقد استقر دم المتمتع بالحرام الحج عليه وبه قال أبو حنيفة والشافعي وقال عطا لا يجب حتى يقف بعرفة وقال مالك لا يجب
حتى يرمي جمرة العقبة لنا قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج كما استيسر من الهدى فجعل الحج عامه لو ذهب الهدى والغاية وجود أول الحج دون
كماله كما في قوله تعالى ثم أتموا الصيام لي الليل وما رواه الجمهور عن ابن عمر قال تمتع الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
(ع) من كان معه هدى فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إلى رجع إلى أهله وهذا نص في الباب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج
قال قال أبو عبد الله (ع) من تمتع في أشهر الحج أقام بمكة حتى يحضر الحج فعليه شاة ومن تمتع في غير أشهر الحج ثم جاوز حتى يحضر الحج فليس عليه
دم انما هي حجة مفردة وانما الأضحى على أهل الأمصار مسألة المتمتع إذا طاف وسعى ثم أحرم بالحج قبل أن يقصر قال الشيخ (ره)
يطلب متعته وكانت حجته مبتولة وان فعل ذلك ناسيا فليمض فيما اخذ فيه وقد تمت متعته وليس عليه شئ واحتج
عليه بما رواه العلاء بن الفضيل
قال سألته عن رجل تمتع فطاف ثم أهل بالحج قبل أن يقصر قال يطلب متعته وهي حجة مبتولة ودل على حال النسيان ما رواه في الصحيح عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) عن رجل متمتع نسي ان يقصر حتى أحرم بالحج قال يستغفر الله وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج
قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن رجل متمتع بالعمرة إلى الحج فدخل مكة فطاف فسعى فلبس ثيابه وأحل ونسي ان يقصر حتى خرج إلى عرفات قال لا
بأس به بني على العمرة وطوافها وطواف الحج على اثره وفي الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألت أبا عبد الله
عن رجل أهل بالعمرة ونسي ان يقصر حتى يدخل في الحج قال يستغفر الله ولا شئ عليه وتمت عمرته وقال بعض أصحابنا في الناسي عليه دم
وقال بعضهم يبطل الاحرام سواء وقع عمدا أو سهو أو يبقى على احرامه الأول مسألة قد بينا ان الاحرام ينعقد بأحد أمور
ثلاثة والاشعار والتقليد وقال السيد المرتضى انما ينعقد بالتلبية لا غير واختاره ابن إدريس وقد بينا الدليل عليه فان عقد بالتلبية
استحب له الاشعار أو التقليد وبه قال الشافعي ومالك وأنكر أبو حنيفة الاشعار لأنه مثله وبدعه وتعذيب الحيوان ولم يعرف تقليد
الغنم لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله دعا بدنة فأشعرها في صفحه سنامها الأيمن ثم سلى الدم عنها وعن
عروة بن محرمه ومروان قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان بذي الحليفة قلد الهدى وأشعره وعن جابر النصاري قال كان هديا
النبي صلى الله عليه وآله اهدى غنما مقلدة وعن عايشة ان رسول الله صلى الله عليه وآله اهدى غنما مقلدة ومن طريق الخاصة ما رواه
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال من اشعر بدنة فقد أحرم وإن لم يتكلم بقليل ولا بكثير وغير ذلك من الأحاديث التي نقلناها فيما
سلف مسألة قد بينا ان المفرد يجوز له فسخ حجة إلى التمتع بان يدخل إلى مكة ويطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عرة ويتمتع بها
إلى الحج ثم يأتي الحج بعد ذلك الا ان يكون ساق الهدى لان النبي صلى الله عليه وآله تأسف على فوات المتعة حيث كان قد ساق الهدى وكذا
يجوز إذا دخل إلى مكة وطاف وسعى ان يقصر ويجعلها عمرة قال إن كان لبى بعدما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له وقد روى الشيخ في الصحيح
عن حمران بن أعين قال دخلت على أبي جعفر (ع) فقال لي بما أهللت قلت بالعمرة فقال لي أفلا أهللت بالحج ونويت المتعة فصارت
عمرتك كوفية وحجك مكية ولو كنت نويت المتعة وأهللت بالحج كانت عمرتك وحجتك كوفتين قال الشيخ (ره) الوجه في هذا الخبر
ان يحمله على من أهل بالعمرة المبتولة دون المتمتع بها ولو كانت التي يتمتع بها لم يكن حجته مكية بل كانت بكون حجته وعمرته كوفيتين حيث ما
ذكره في قوله ولو كنت نويت المتعة مسألة وينبغي للحرم بالحج من مكة ان يفعل حالة الاحرام يوم التروية كما فعله أو لا
عند الميقات من اخذ الشارب وقلم الأظفار والاغتسال وغير ذلك لأنه أحد الاحرامين فاستحب فيه ذلك كالاخر ويدل عليه ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان يوم التروية إن شاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافيا
وعليك السكينة والوقار ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) وفي الحجر ثم اقعد حتى يزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك
كما قلت حين أحرمت من الشجرة فاحرم بالحج ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت إلى الزفطا دون الروم قلت فإذا انتهيت إلى الروم وأشرقت إلى الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي بيني وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أردت أن يحرم يوم التروية فاصنع
كما صنعت حين أردت أن يحرم وخذ من شاربك ومن أظفارك ومن عانتك ان كان لك شعر وانتف إبطيك واغتسل والبس ثوبيك
ثم أنت المسجد الحرام وصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم وتدعوا الله وتسأله العون ويقول اللهم إني أريد الحج فيسره لي وحلني حيث
حبستني لقدرك الذي قدرت على ويقول أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي من النساء والثياب والطيب أريد بذلك وجهك والدار الآخرة
وحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على ثم تلبي من المسجد الحرام كما لبيت حين أحرمت ويقول لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك
686

فان قدرت ان يكون رواحك إلى منى زوال الشمس والا فمتى ما تيسر ثلث من يوم التروية وسيأتي انشاء الله تعالى تمام البحث في الاحرام مسألة
الاحرام واجب على كل من يريد أن يدخل مكة فلا يجوز لاحد الدخول إلى مكة الا ان يكون محرما الا من يكون دخوله بعد احرام قبل مضي شهر أو يتكرر كالخطاب
والحساين؟؟ وباقل المسرة ومن كان ليضعه يتكرر دخوله وخروجه إليها فهؤلاء لا احرام عليهم وكذا من دخلها لقتال مباح وبه قال الشافعي واحمد
وقال أبو حنيفة لا يجوز لاحد دخول الحرم بغير احرام الا من كان دون الميقات لنا ما رواه الجمهور ان النبي (ص) دخل يوم الفتح مكة
حلالا وعلى رأسه المغفر وكذلك أصحابه ولم يحرم أحد منهم يومئذ ولان ايجاب الاحرام على المتكرر يستلزم أن لا ينفك عنه وجوب الاحرام وذلك ضرر
عظيم فكان ساقط احتج بأنه يجاوز الميقات مريدا للمحرم فوجب عليه الاحرام كغيره وجوابه بالفرق وقد بينا اما لو دخلها بغير قتال ولا حاجة متكررة
فإنه يجب ان يكون محرما وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وقال بعضهم لا يجب عليهم الاحرام إذا لم يرد النسك وعن أحمد روايتان لنا انه
لو نذر دخولها وجب عليه الاحرام ولو لم يكن واجبا بنذر الدخول كغيره من البلد ان احتجوا بقياسه على حرم المدينة والجواب الفرق ظاهر
فلا يتم القياس مسألة احرام المراة كاحرام الرجل الا في شئ أحدهما رفع الصوت بالتلبية وقد تقدم استحباب الاخفات والثاني لبس المخيط
لهن فإنه جايز وقال بعض منا شاذا لا يلبس المخيط وهو خطأ لان النبي (ص) نهى النساء في احرامهن عن العقارين والنقاب وما مسه
الورس من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحببت من ألوان الثياب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن عيص بن القاسم قال قال أبو عبد الله صلى الله عليه وآله
المرأة المحرمة يلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والعقارين وكره النقاب وقال تسدل الثوب على وجهها قال ذلك إلى أين قال إلى طرق الانف
(قدر الخنصر) وعن النضر بن سويد عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن المحرمة اي شئ تلبس قال يلبس الثياب كلها الا المصبوغة بالزعفران والورس
ولا يلبس القفارين ولا حليا تتزين به لزوجها ولا يكتحل الا من علة ولأي مس طيبا ولا بأس بالعلم في الثواب وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال قلت
لأبي عبد الله (ع) المرأة تلبس القميص تزره عليه أو تلبس الخز والحرير والديباج فقال نعم لا بأس به ويلبس الخلخالين والمسك والقفارات
في الأصل شئ يتخذه النساء باليدين يحتشي بقطن ويكن له إزرار يزر على الساعدين من البرد ويلبسه النساء والمسك بفتح الميم والسين
غير المعجمة أسوة من دمل أو عاج مسألة احرام المراة في وجهها فلا يجمره ولا يجوز لها ان يغطيه المخيط بغيره ولا نعرف فيه خلافا
رواه الجمهور لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا ينتف المراة ولا يلبس القفارين ومن طريق الخاصة ما تقدم في الحريث العيص ما رواه الشيخ والحسن
عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال مر أبو جعفر (ع) بامرأة متنقبة وهي محرمة فقال احرمي واسفري وأرخى ثوبك من فوق رأسك فإنك
ان تنقبت لم يتغير ثوبك فقال رجل إلى أين يرخيه قال يغطي عينها قال قلت يبلغ فمها قال نعم قال وقال أبو عبد الله (ع) المحرم لا تلبس الحلي ولا
الثياب المصبغات الا صبغا لا يردع وقال به ردع من زعفران أو دم بفتح الراء وسكون الدال والعين عن المعجمات اي لطخ واثر وعن داود بن
الحصين عن أبي عبد الله (ع) قال سألته ما يحل للمراة ان يلبس وهي محرمة قال سألته ما يحل للمراة ان يلبس وهي محرمة قال الثياب كلها ما خلا القفارين والبرقع والحرير قلت يلبس الخز
قال نعم قلت فان سده إبريسم وهو حرير قال ما لم يكن حريرا محضا فإنه لا بأس وروى ابن بابويه عن عبد الرحمن بن ميمون عن الصادق عن أبيه
(ع) قال المحرمة لا ينتقب لان احرام المراة في زوجها واحرام الرجل رأسه ولان الرجل يجب عليه كشف رأسه فلما وجب على الرجل كشف عضو وجب
على المراة لان كل واحد منهما بشخص يتعلق به حرمة الاحرام فروع الأول يستر المحرم سائر جسدها الا وجهها ويجوز لها ان تسدل
على وجهها ثوبا حتى لا يمسه لأنه ليس يستر حقيقة وهذا جاز للمحرم ان يظلل على نفسه حالة النزول وتسدله إلى طرف أنفعها لرواية عيص
الصحيحة عن الصادق (ع) وفي رواية الحلبي الحسنة عنه (ع) ولا له جواز الارخاء إلى أن يبلغ إلى فمها وروى ابن بابويه في الصحيح عن عمار
عن حريز قال قال أبو عبد الله (ع) المحرم فسدل الثوب على وجهها إلى الذقن وروى ابن بابويه في الصحيح عن معوية بن عمار عن الصادق (ع)
قال تدل المراة على ثوبها على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة الثاني لو باشر الثوب على وجهها قال بعض الجمهور ان ازالته في الحال
فلا شئ عليهما والا وجب عليها دم ولا اعرف فيه نصا لأصحابنا الثالث لا يلبس النقاب لرواية عيص الصحيحة عن الصادق (ع) ولا البرقع
لرواية داود بن الحصين مسألة ولا يجوز لها لبس القفارين وبه قال علي (ع) وابن عمرو عائشة وعطا وطاوس ومجاهد والنخعي و
مالك واحمد واسحق وقال أبو حنيفة يجوز لها ذلك وبه قال الثوري وللشافعي قولان لنا ما رواه الجمهور وعن ابن عمران النبي صلى الله عليه وآله
لها للنساء في احرامهن عن القفارين وعن النقاب ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث عيص بن القسم الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
وعن النضر بن سويد عن أبي الحسن (ع) قال ولا تلبس القفارين وعن داود بن حصين عن أبي عبد الله قال سألته ما يحل للمراة ان يلبس
وهي محرمة قال الثياب كلها ما خلا القفارين والبرقع والحرير ولان هذا ليس بعورة منها فتعلق بها حكم الاحرام احتج أبو حنيفة بقوله
صلى الله عليه وآله حرم المراة في وجهها ولأنه عضو منها يجوز ستره بغير المخيط فجاز بالخيط كالرجلين والجواب عن الأول لان المراد بالخير الكشف
وعن الثاني أيستر بغير المخيط ولا يجوز بالمخيط للرجل مسألة ويجوز لها ان يلبس السراويل لما رواه الشيخ عن محمد الحلبي قال سألت
687

أبا عبد الله (ع) عن المراة إذا أحرمت يلبس السراويل قال نعم انما يريد بذلك الستر ويجوز لها ان بلبس الغلالة إذا كانت حايضا ليحفظ ثيابها
من الدم رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال تلبس المرأة المحرمة الحايض تحت ثيابها غلاله ويجوز لها أيضا
ان يلبس الثياب المصبوغة وكره لها المقدم لما رواه عامر بن خذاعة عن الصادق (ع) عن مصبغات الثياب تلبسها المراة المحرمة فقال لا بأس
الا المقدم المشهور
المقصد الثاني في دخول مكة مسألة إذا فرغ من الاحرام من الميقات ثم سار إلى أن
قارب الحرم اغتسل قبل دخوله روى الشيخ عن أبان بن تغلب قال كنت مع أبي عبد الله (ع) من أهله بين مكة والمدينة فلما انتهى
إلى الحرم نزل واغتسل واخذ نعليه بيديه ثم دخل حرم حافيا فصنعت مثل ما صنع فقال يا ابان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا
لله عز وجل محا الله عز وجل عنه مائة الف سيئة وكتب له مائة الف حسنه وبنى له مائة الف درجة وقضى له مائة الف حاجة وفي الحسن عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انتهيت إلى الحرم انشاء الله فاغتسل حين تدخله وان تقدمت فاغتسل ميمون أو من فخ أو من
منزلك بمكة إذا ثبت هذا فان لم يتمكن من الاغتسال عند دخول الحرم جاز ان يؤخره إلى قبل دخول مكة فان لم يتمكن فبعد دخولها لما تقدم
في حديث معوية بن عمار ولما رواه الشيخ عن دريح قال سألته عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله قال لا يضرك اي ذلك فعلت وان
اغتسلت بمكة فلا بأس مسألة ويستحب له ان يمضغ شيئا من الإذخر إذا أراد دخول الحرم ليطيب بذلك فمه رواه الشيخ عن أبي بصير
قال قال أبو عبد الله (ع) إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه وكان يأمر أم فروة بذلك إذا عرفت هذا فينبغي له ان يدعو عند
دخول الحرم فيقول اللهم انك قلت في كتابك وقولك الحق واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق
سامعا لندائك ومستجيبا لك مطيعا لأمرك وكل ذلك بفضلك على واحسانك إلى ذلك الحمد على ما وفقتني بذلك الزلفة عند ك والقربة
إليك والمنزلة لديك والمغفرة لذنوب ي التوبة على منها بمنك اللهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار وأمني من عذابك وعتقائك
برحمتك يا كريم فإذا نظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية وحدها عقبة المدينين ولواحد على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش
مكة وهي عقبة ذي طوى مسألة وإذا دخل مكة استحب له ان يدخلها من أعلاها إذا كان داخلا من طريق المدينة ويخرج من
أسفلها روى الشيخ عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) من أين ادخل مكة وقد جئت من المدينة قال ادخل من أعلى مكة و
إذا خرجت يريد المدينة فاخرج من أسفل مكة ويستحب له ان يغتسل الدخول مكة اما من بئر ميمون أو من فخ وهو قول العلماء روى الجمهور عن
ابن عمرانه كان إذا خرج حاجا أو معتمرا بات بذي طوى حتى يصبح ثم يغتسل ثم يدخل مكة نهارا ويذكران النبي صلى الله عليه وآله فعله ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله عز وجل يقول في كتابه وطهر بيتي للطائفين والعاكفين و
الركع السجود ينبغي للعبد أن لا يدخل مكة الا وهو طاهر قد غسل عرفه والأذى ويطهر وفي الحسن عن الحلبي قال أمرنا أبو عبد الله (ع) ان يغتسل من فج قبل أن يدخل مكة وعن عجلان بن أبي صالح قال قال أبو عبد الله (ع) إذا انتهيت إلى بئر ميمون وبئر عبد الصمد
فاغتسل وخلع نعليك وامش حافيا وعليك السكينة والوقار فرع لو اغتسل ثم نام قبل دخولها إعادة استحبابا لان النوم ناقص
للواجب فكذا الندب ويدل ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثم ينام
قبل أن يدخل أيجزيه أو يعيد قال لا يجزيه لأنما دخل بوضوئه وعن علي بن حمزة عن أبي الحسن (ع) قال قال لي ان اغتسلت بمكة ثم
أنت قبل أن تطوف فأعد غسلك إذا ثبت هذا فإنه يستحب له ان يدخل مكة بسكينة ووقار حافيا لأنه أبلغ في الطاعة ويدل عليه رواية الحلبي
عن الصادق (ع) مسألة ودخول مكة واجب للمتمتع أو لا للطواف بالبيت والسعي والتقصير ثم ينشأ الاحرام للحج من المسجد على ما
تقدم اما القارن والمفرد فلا يجب عليهما ذلك لان الطواف والسعي انما يجب عليهما بعد الموقفين ونزول منى وقضاء بعض المناسك بها
لكن يجوز لهما أيضا دخول مكة والمقام بها على احرامها حتى يخرجا إلى عرفات فان أراد الطواف بالبيت استحبابا فعلا غير أنهما كلما
فرغا من الطواف والسعي عقد احرامهما بالتلبية على ما تقدم بيان ذلك كله مسألة قد بينا انه لا يجوز له ان يدخل مكة الا محرما وقد
روى جواز دخولها بغير احرام للخطاء به والمرض وتحرير القول فيه أن من يتكرر دخوله إليها كالخطابة والرعاة فإنه يجوز له دخولها من غير احرام
وكذا من يريد دخولها لقتال سايغ كان يريد قوم فيها أو يبغون على امام عادل ويحتاج إلى قتالهم فإنه يجوز دخولها من غير احرام لان
النبي صلى الله عليه وآله دخلها عام الفتح وعليه عمامة سودا ولا يقال إنه كان مختصا بالنبي صلى الله عليه وآله لأنه قال (ع) مكة حرام
لم تحل لاحد بعد قبلي ولا تحل لاحد بعدي وانما أهلت لي ساعة من نهار لأنا نقول يحتمل ان يكون معناه أحلت لي ولمن هو في مثل حالي لا يقال إنه
(ع) دخل مكة مصالحا ذلك ينافي ان يكون دخلها لقتال لأنا نقول انما كان وقع الصلح مع أبي سفيان ولم يثق بهم وخاف عدوهم
فلأجل خوفه (ع) ساغ له الدخول من غير احرام اما من يدخلها لزيارة صديق أو تجارة أو يكون مكيا وقد حرج منها ثم عاد إليها فإنه
688

يجب عليها الاحرام لدخولها وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة الا فيمن كانت داره أقرب إلى المواقيت إلى مكة فان أبا حنيفة جوز له دخولها من غير
احرام وللشافعي قولان أحدهما مثل قولنا قاله في الامر وقال في سائر كتبه انه مستحب وأوجب أبو حنيفة الاحرام مطلقا لمن أراد دخولها سواء كان
لقتال أو غيره بشرط ان يكون منزله وراء الميقات لنا عموم الأخبار الدالة على وجوب دخولها بإحرام خرج منها المتكرر دخوله للضرورة
فيبقى الباقي على العموم ولأنه لو نذر دخولها وجب ان يكون محرما فلو كان مستحبا لم يجب بنذره الدخول واحتجاج الشافعي بالقياس على
تحية المسجد باطل للفرق فان اشتركا في كونهما تحته مشروعة لدخول بقعة شريفة وفرق أبي حنيفة باطل لان المحرمة للحرم لا للميقات فان
من مر بالميقات لا يريد الحرم لا يشرع له الاحرام فروع الأول المتكرر دخوله كالخطابة والرعاة قد بينا جواز دخولهم من غير
احرام خلافا لأبي حنيفة ولا يجب عليهم الاحرام مطلقا إذا لم يريدوا النسك ولم يجب عليهم الحج وللشافعي قولان أحدهما مثل ذلك و
الثاني وجوب الاحرام عليهم في كل سنة مرة لان في تركه استهانة بالحرم لنا الأصل براءة الذمة والاستهانة ممنوعة الثاني
العبيد لا يلزمهم دخول الحرم بإحرام لان السيد لم يأذن لهم بالتشاغل بالنسك عن خدمته فإذا لم يجب عليهم حجة الاسلام لهذا المنع فعدم
وجوب الاحرام لذلك أولى والبريد كذلك على اشكال الثالث من يجب عليه دخولها بإحرام لو دخلها بغيره لم يجب عليه القضاء وبه قال
الشافعي وقال أبو حنيفة عليه ان يأتي بحجة أو عمرة فان فعل في سنته بحجة الاسلام أو منذورة أو عمرة منذورة أجزأه فكذلك عن عمرة
الدخول استحبابا وإن لم يحج من سنته استقر القضاء لنا الأصل براءة الذمة من القضاء وانما يجب بأمر جديد ولم يوجد ولأنه مشروع
لتحية البقعة فإذا لم تأت به سقط كتحية المسجد لا يقال تحية المسجد مستحبة بخلاف الاحرام لأنا نقول النوافل المرتبة ليست واجبة وانما
سقطت لما ذكرناه قال ببعض الشافعية لو وجب القضاء تسلسل فان الدخول الثاني يجب لأجله أيضا احرام وما أتى به كان عما يقدم و
هو خطأ لان الدخول إذا كان بإحرام كفاه سواء كان لأجله أو لأجله غيره كالصوم في الاعتكاف وكما لو أفسد القضاء فإنه لا يجب الا
قضاء واحد قال القائلون بالتسلسل انما يجب القضاء في صورة واحدة وهو إذا ما دخل بغير احرام ثم صار خطابا فإنه يجب القضاء لأنه
لا يتسلسل القضاء وقد بينا العلة في سقوط غير ذلك الرابع يجوز دخول مكة ليلة ونهارا وهو قول عامة العلماء وحكى
عن عطا انه كره دخولها ليلا لنا الأصل سقوط التكليف إلى أن ثبت دليل ولم يثبت وقال اسحق دخولها نهار ا أولى وحكى هذا عن النخعي
لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله دخل مكة حين ارتفعت الضحى وجوابه لما تقدم ومعارض بما روى أن النبي صلى الله عليه وآله دخلها في عمرة مبتولة
الجعرانة ليلا وروى عن عايشه انها قالت دخل ليلا وإذا فعلها جميعا تساويا مسألة الحايض والنفساء يستحب لهما الاغتسال
لدخول مكة ولا نعرف فيه خلافا لان رسول الله صلى الله عليه وآله امر عايشة لما حاضت افعلي ما يفعل الحاج غير أنه لا تطوفي في البيت ولان
هذا الغسل انما يراد للتنظيف وهو يحصل مع الحيض مسألة وإذا أراد دخول المسجد الحرام اغتسل وقد تقدم بيانه ويستحب له ان يدخله
على سكينة ووقار حافيا بخشوع وخضوع من باب بنى شيبه قيل لان هبل صنم مدفون تحت عتبة بن شيبه فسن الدخول منها ليطأوه
بدخولهم ويدعو بما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخلت المسجد الحرام فادخل حافيا على السكينة
والوقار والخشوع وقال من دخله بخشوع غفر الله انشاء الله قلت ما بخشوع قال السكينة لا يدخله بتكبر فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم
وقل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم الله وبالله وما شاء الله والسلام على أنبياء الله ورسله والسلام على رسول
الله والسلام على إبراهيم والحمد لله رب العالمين فإذا دخلت المسجد فارفع يديك واستقبله البيت وقل اللهم إني أسئلك في مقامي هذا في
أول مناسكي ان تقبل توبتي وان تجاوز عن خطيئتي وتضع عني وزري الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام اللهم إني اشهد ان هذا بيتك
الحرام الذي جعلته مثابة للناس وامنا مباركا وهدى للعالمين اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك جئت اطلب رحمتك و
طاعتك مطيعا لأمرك راضيا لقدرك أسئلك مسألة الفقير إليك الخايف لعقوبتك اللهم افتح على أبواب رحمتك واستعملني بطاعتك و
مرضاتك ويستحب له ان يقف على باب المسجد وتدعو بما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال يقول على باب المسجد
بسم الله وبالله ومن الله والي الله وما شاء الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وخير الأسماء لله والحمد لله السلام على رسول
الله السلام على محمد بن عبد الله السلام عليك أيها النبي ورحمة وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله السلام على إبراهيم خليل
الرحمن السلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على
محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى إبراهيم خليلك
وعلى أنبيائك ورسلك وسلم عليهم وسلم على المرسلين والحمد لله رب العالمين اللهم افتح لي أبواب رحمتك واستعملني في طاعتك
ومرضاتك واحفظني بحفظ الايمان ابدا ما أبقيتني جل ثناؤك وجهك الحمد الله الذي جعلني من وفده وزواره وجعلني ممن يعمر مساجده
689

وجعلني ممن يناجيه اللهم عبدك وزائرك في بيتك وعلى كل مأتي حق لمن اتاه وزاره وأنت خير مأتي ومزور فأسئلك يا الله يا رحمن و
بأنك أنت الله لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وبأنك واحد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأن محمدا عبدك
ورسولك صلى الله عليه وآله وعلى أهل بيته يا جواد يا ماجد يا جبار يا كريم أسئلك ان تجعل تحفتك إياي من زيارتي إياك وإنسي تعطيني فكاك
رقبتي من النار اللهم فك رقبتي من النار يقولها ثلثا وأوسع على من رزقك الاحلال الطيب وادرأ عني شر شياطين الجن والإنس و
شر فسقة العرب والعجم
الفصل الثالث في الطواف ومباحثه ثلاثة الأول في المقدمات وهي واجبة
ومندوبة فالواجبات يذكرها في مسائل مسألة الطهارة شرط في الطواف الواجب ذهب إليه علماؤنا اجمع فلا يصح الطواف الا مع
الطهور من الحدث وبه قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة ليست شرطا واختلف أصحابه فقال بعضهم انها واجبة وقال آخرون انها
سنة وعن أحمد روايتان إحديهما كقولنا والثاني فيه أن الطهارة ليست شرطا فمتى طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما دام مقيما بمكة فان
خرج إلى بلده جبره بدم لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال الطواف بالبيت والوضوء أفضل وفي الصحيح عن
محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل طاف الفريضة وهو على غير طهر قال يتوضأ بعد طوافه وان كان تطوعا توضأ
وصلى ركعتين وعن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يطوف بغير وضوء أيعيد بذلك الطواف قال لا وعن أبي حمزة عن أبي
جعفر (ع) انه سئل انسك المناسك على غير وضوء فقال نعم الا الطواف بالبيت فإنه فيه صلاة وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه
أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل طاف بالبيت وهو جنب وذكر وهو في الطواف فقال يقطع طوافه ولا يعيد بشئ مما طاف وسأله
عن رجل طاف ثم ذكر أنه على غير وضوء قال يقطع طوافه ولا يعتد به ولأنها عبادة متعلقة بالبيت فكانت الطهارة شرطا فيها كالصلاة
احتج المخالف بأنه ركن من أركان الحج فلم يكن من شرطه الطهارة كالوقوف وجوابه ان الوقوف عكس الطواف مسألة خلو
البدن والثوب من النجاسات شرط أيضا في صحة الطواف سواء كانت النجاسة دما أو غيره قلت أو كثرت لقوله
(ع) الطواف بالبيت
صلاة ولأنها شرط في الصلاة فيكون شرطا في الطواف لأنها أحد الطهارتين ولأنه أحد العبادتين فرعان الأول الطهارة
ليست شرطا في طواف النفل وان كان الأفضل أن لا يطوف نفلا الا بطهارة لحديث محمد بن مسلم عن الصادق (ع) ولما رواه الشيخ
عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له انى أطوف طواف النافلة وانا على غير وضوء فقال توضأ وصلى وان كان متعمدا الثاني
الستر شرط في الطواف والخلاف فيه كما تقدم لقوله (ع) الطواف بالبيت صلاة وقال النبي صلى الله عليه وآله لا يحج بعد العام مشرك ولا عريان
ولأنها عبادة متعلقة بالبيت لكانت الستارة شرط كالصلاة مسألة والختان شرط في الطواف للرجل دون المرأة روى الشيخ في الصحيح
عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الأغلف لا يطوف بالبيت ولا بأس ان يطوف المراة وعن إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله (ع)
في رجل يسلم فتريد ان تختتن وقد حضر الحج حج أو تختتن قال لا يحج حتى تختتن وفي الصحيح عن حريز بن عبد الله وإبراهيم بن عمر عن أبي عبد
الله (ع) قال لا بأس ان يطوف المرأة غير محفوظه فاما الرجل فلا يطوفن الا وهو مختتن مسألة والمقدمات المستحبة ان يغتسل
لدخول المسجد ويدخل من باب بنى شيبه بعد أن يقف عندها لان النبي صلى الله عليه وآله دخل منها وسلم على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو
بالدعاء المأثور وقد قدمناه ويكون دخوله بخضوع وخشوع على السكينة والوقار ويقول إذا نظر إلى الكعبة الحمد لله الذي عظمك
وكرمك وشرفك وجعلك مثابة للناس وامنا مباركا وهدى للعالمين
البحث ثاني في كيفية الطواف مسألة النية
واجبة في الطواف وشرط فيه وهو ان ينوي الطواف للحج أو العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى الله تعالى لقوله (ع) الأعمال بالنيات وانما
لكل امرئ ما نوى وقوله (ع) لا عمل الا بنية ولأنه عبادة فدخل تحت عموم قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين
والاخلاص وهو التقرب وهو المراد منه النية مسألة ويجب ان يبتدئ بالطواف من الركن الذي فيه الحجر ويختم به لنا رواه الجمهور
عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله بدأ في الحج فاستلمه وفاضت عليه من البكاء ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد
الله (ع) قال من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر السود والامر للوجوب ولا نعلم فيه خلافا فإذا ثبت هذا فإنه يبتدي في كل
شرط من الحجر الأسود ويختم به وكذا سبعة أشواط فان ترك ولو خطوة لم يجزه ولم يحل له النساء حتى يعود إليها فيأتي بها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
لو اتي بأقل من أربع لم يجزه لنا ان النبي صلى الله عليه وآله طاف سبعة أشواط وقال (ع) خذوا عني مناسككم مسألة ويجب ان يطوف على يساره بان يجعل
البيت عن يساره ويطوف عن يمين نفسه فان نكس الطواف بان جعل البيت عن يمينه وطاف عن يساره لم يجزيه ووجب عليه الإعادة
وبه قال الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة يصح طوافه ويعيد ما دام بمكة فان خرج إلى بلده لزمه الدم لنا ان النبي
صلى الله عليه وآله ترك البيت في طوافه عن جانبه اليسار وقد قال (ع) خذوا عني مناسككم فيجب اتباعه ولأنها عبادة يتعلق بالبيت
فكان الترتيب فيها واجبا كالصلاة واحتج أبو حنيفة بأنه أتى بالطواف وانما ترك هيئة من هيئاته فلا يمنع اجزاء كما لو ترك الرمل
690

والجواب بالفرق فلان الرمل مندوب ولان ما قاسوا عليه مخالف لما ذكرناه كما اختلف حكم هيئة الصلاة وترتيبها مسألة وجب ان
يكون بين البيت والمقام ويجب ان يدخل الحجر في طوافه فلو سلك الحجر أو على جداره أو على شاذ روان الكعبة لم يجزيه وبه قال الشافعي وقال
أبو حنيفة إذا سلك الحجر أجزأه لنا ان الحجر من البيت وكذا الشاذ روان وروى ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع)
رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر كيف يصنع قال يعيد الطواف الواحد وفي الصحيح عن معوية بن عمار عنه (ع) قال من اختصر
في الحجر الطواف فليبدأ طوافه من الحجر الأسود وعن إبراهيم بن سفيان قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا (ع) امرأة طافت طواف الحج فلما كانت
في الشوط السابع اختصرت فطافت في الحجر وصلت ركعتين الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى فكتب يعيدا ما من طاف
خلف المقام فإنه يخرج في المساجد عن القدر الواجب فلم يكن مجزيا روى الشيخ عن محمد بن مسلم قال سأل عن حد الطواف بالبيت الذي
من خرج منه لم يكن طايفا بالبيت قال كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم يطوفون ما بين
المقام وبين البيت فكان أحد من موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطايف بالحد قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام والبيت
ومن نواحي البيت كلها فمن طاف تباعد من نواحيه أكثر من مقدار ذلك كان طايفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لأنه طاف في
غير حد ولا طواف له وروى ابن بابويه عن ابان عن محمد الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الطواف خلف المقام قال ما أحب ذلك
وما أرى به بأسا فلا يفعله الا ان يجد منه بدأ ويدل على جواز ذلك مع الضرورة كالزحام وشبهه مسألة ثم يطوف على هذه
الهيئة سبعة أشواط واجبا وهو قول كل العلماء فلو طاف دون السبعة لزمه اتمامها ولا يحل له ما حرم عليه حتى يأتي ببقية الطواف
ولو كان خطوة واحدة وبه قال الشافعي ومالك واحمد وقال أبو حنيفة إذا طاف أربع طوافات فإن كان بمكة لزمه اتمام الطواف وان خرج
جبرها بدم لنا ان النبي صلى الله عليه وآله طاف سبعا وقال (ع) خذوا عني مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي
عبد الله (ع) قال قلت رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحج قال يعيد ذلك الشوط وعن الحسن بن عطية قال سأله سليمن بن خالد
وانا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط فقال أبو عبد الله (ع) وكيف يطوف ستة أشواط فقال استقبل الحجر فقال الله أكبر وعقد
واحدا فقال يطوف شوطا قال سليمن فان فاته ذلك حتى أتى أهله قال يأمر من يطوف عنه ولأنها عبادة واجبة ذات عدد فلا يقوم أكثر
عدد ها مقام الكل كالصلاة لا يقوم ثلث ركعات مقام أربعة ولأنه مأمور بعدد فلا يخرج عن العهدة ببعضه إذا الفايت لا يدله مطلقا
احتج أبو حنيفة بان أكثر الشئ يقوم مقامه الجميع بدليل من أدرك الركوع مع إلمام فإنه يدرك الركعة لأنه أدرك أكثرها والجواب
انه يبطل بما قسنا عليه واما أدرك الركعة فلان الفايت هو القراءة والامام ينوب فيها بخلاف صورة النزاع مسألة فإذا فرغ
من طوافه صل ركعتين في مقام إبراهيم (ع) واجبا ان كان الطواف واجبا ذهب إليه أكثر علمائنا وبه قال أبو حنيفة وقال مالك
مستحبتان وبه قال احمد بعض علمائنا وللشافعي قولان لنا قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي والامر للوجوب ولان النبي صلى الله عليه وآله
فعلهما في بيان الحج فكان واجبا لان بيان الواجب واجب ولقوله (ع) خذوا عني مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم (ع) فصل ركعتين فاجعله امامك واقرأ فيهما
سورة التوحيد قل هو الله أحد وفي الثانية قل يا أيها الكافرون ثم تشهد واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله واسأله ان
يتقبل منك وهاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره ان يصليهما اي الساعات شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ولا يؤخرها ساعة
يطوف ويفرغ فصلهما وعن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ثم يأتي مقام إبراهيم (ع) فصل فيه ركعتين واجعله إماما
واقرأ فيهما سورة التوحيد قل هو الله أحد وفي الركعة الثانية قل يا أيها الكافرون وانهما تابعتان للطواف وكانتا واجبتين كالسعي
احتج المخالف بأنها صلاة لم يشرع في الأذان والإقامة فلم يكن واجبة كساير النوافل والجواب سقوط الأذان لا يدل على الاستحباب
كالمنذورات وصلاة العيد والكسوف فروع الأول يجب ان يصلي هاتين الركعتين في المقام ذهب إليه أكثر علمائنا وبه قال الثوري
ومالك وقال الشيخ في الخلاف يستحب فعلهما خلف المقام فان لم يفعل وفعل غيره أجزأه وبه قال الشافعي لنا قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم
مصلي وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه صلاهما هناك ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديثي معوية بن عمار عن الصادق (ع) وعن صفوان بن يحيى عن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال ليس لأحد ان يصلي ركعتي الطواف الفريضة الا خلف المقام لقول الله عز وجل واتخذوا
من مقام إبراهيم مصلي فان صليتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة وعن زرارة عن أحدهما (ع) قال لا ينبغي ان يصلي ركعتين طواف
الفريضة إلا عند مقام إبراهيم (ع) فاما التطوع فحيث شئت من المسجد احتج الشافعي بأنها صلاة فلا يختص لمكان كغيرها من الصلوات و
والجواب الاختصاص ثبت بالآية وفعل النبي صلى الله عليه وآله الثاني لو نسي الركعتين رجع إلى المقام وصلاهما فيه مع المكنة فان شق
691

عليه الرجوع صلى حيث ذكر روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألت عن رجل طاف طواف النساء ولم يصل كذلك
الطواف حتى ذكروا هو بالأبطح قال يرجع إلى المقام فيصلي الركعتين وفي الموثق عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل طاف
طواف الفريضة ولم يصلي الركعتين حتى ذكروا هو بالأبطح يصلي أربعا قال يرجع فيصلي عند المقام أربعا وعن أحمد بن عمر الخلال قال
سألت أبا الحسن (ع) عن رجل نسي ان يصلي ركعتين طواف الفريضة فلم يذكر حتى أتى منى قال يرجع إلى مقام إبراهيم (ع) فيصليهما ولا
يعارض ذلك ما رواه حمان بن سدير قال زرت فنسيت الطواف فاتيت أبا عبد الله (ع) وهو بقرن الثعالب فسألته فقال صل في مكانك
وعن أبي الصباح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي ان يصلي الركعتين عند مقام إبراهيم (ع) في طواف الحج والعمرة فقال إن كان بالبلد
صلى ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) فان الله عز وجل يقول واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي وان كان قد ارتحل فلا امره ان يرجع وعن ابن
مسكان قال حدثني عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن رجل نسي ان يصلي الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام إبراهيم (ع)
حتى أتى منى قال يصليهما بمني وعن هشام ابن مثني قال نسيت بان أصلي الركعتين للطواف خلف المقام حتى انتهيت إلى منى فرجعت إلى مكة فصليتهما ثم عدت إلى منى فذكرنا ذلك لأبي عبد الله (ع) قال أفلا صلاها حيث ما ذكر لأنا نقول إن هنا الاخبار محمولة على التفصيل الذي
ذكرناه من عدم وجوب الرجوع عند المشقة لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي ان
يصلي ركعتين طواف الفريضة خلف المقام وقد قال الله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي قال فإن كان ارتحل فاني لا أشق
عليه ولا امره ان رجع ولكن يصلي حيث ذكر قال الشيخ في الاستبصار ويحتمل ان يكون الاخبار الأول محمولة على الاستحباب الثالث
لو صلى إلى غير المقام ناسيا ثم ذكر تداركه ورجع إلى المقام وأعاد الصلاة لان المأمور به لم يقع فيبقى في العهدة وما ذكر فعله لا يساويه
فلا يقع بدلا ويدل عليه أيضا ما تقدم في حديث عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) وما رواه عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله
لا يزاري قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي فصلي ركعتين طواف الفريضة في الحجر قال يعيد هما خلف المقام لان الله تعالى
يقول واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي يعني بذلك ركعتي طواف الفريضة الرابع روى أنه إذا لم يتمكن من الرجوع يستنيب في ذلك
من يصلي عنه في المقام رواه الشيخ في الموثق عن ابن مسكان قال الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا (ع) أصلي ركعتي
طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله قال حيث
هو الساعة السادس
لو كان هناك زحام قال الشيخ يصلي خلف المقام فان لم يتمكن فليصل حياله لما رواه حسين بن عثمان قال رأيت أبا الحسن (ع) صلى ركعتين
الفريضة محتال المقام قريبا من الظلال لكثرة الناس ولأنه في محل الضرورة فكان سايغا السابع وقت ركعتي الطواف حتى يفرغ
منه سواء كان ذلك بعد الغداة أو بعد العصر إذا كان طواف فريضة وان كان طواف نافلة أخرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة
المغرب روى الشيخ عن ميسر عن أبي عبد الله (ع) قال صل ركعتي طواف الفريضة بعد الفجر كان أو بعد العصر وعن منصور بن حازم عن أبي
عبد الله (ع) عن ركعتي طواف الفريضة قال تؤخرهما ساعة إذا طفت فصل وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع) قال
رأيت الناس اخذوا عن الحسن والحسين (ع) ان الصلاة بعد العصر وبعد الغداة في طواف الفريضة وقد روى كراهية الصلاة
في هذين الوقتين رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن ركعتي طواف الفريضة فقال وقتهما إذا فرغت من طوافك
وأكرهه عند اصفرار الشمس وعند طلوعها وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) عن الرجل يدخل مكة بعد الغداة أو بعد
العصر قال يطوف ويصلي الركعتين ما لم يكن عند طلوع الشمس أو عند احمرارها قال الشيخ الحديث الأول محمول على التقية والثاني
على كون الطواف مندوبا الثامن لو طاف في وقت فريضة قال الشيخ يقدم الفريضة على صلاة الطواف وعندي انه ان كان الطواف واجبا
تخير والا قدم الفريضة التاسع لو صلى المكتوبة بعد الطواف لم يجزيه عن الركعتين وقال الزهري ومالك وأصحاب الرأي وروى
عن ابن عباس وعطا وجابر بن زيد والحسن وسعيد بن جبير واسحق ان الفريضة يجزيه وعن أحمد روايتان لنا انهما فريضة فلا يجزي عنها
غيرها كغيرها من الفرايض المتعددة وطواف النافلة سنة فلا يجزي الفريضة عنه كركعتي الفجر احتجوا بأنهما ركعتان شرعا للنسك
فأجزأت عنهما المكتوبة كركعتي الاحرام والجواب ان النافلة في الاحرام بدل عن الاحرام عقيب الفريضة بخلاف صورة النزاع
العاشر يستحب ان يقرأ في الأولى الحمد وقل هو الله أحد وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون وروى العكس رواه الجمهور عن النبي
صلى الله عليه وآله برواية معوية بن عمار عن الصادق (ع) الحادي عشر لو كان الطواف نفلا جازان يصليهما في اي موضع
شاء من المسجد انها غير واجبة فلا يتغير مكانها وقد روى الشيخ عن زرارة عن أحدهما (ع) قال لا ينبغي ان يصلي ركعتين الفريضة
إلا عند مقام إبراهيم (ع) واما التطوع فحيث ما شئت من المسجد الثاني عشر لو نسي الركعتين حتى مات قضى عنه وليه لأنه
وجب عليه فعله ولم يفعله فوجب على وليه القضاء عنه كالصلوات الخمس والحج ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله
692

(ع) قال من نسي ان يصلي ركعتين طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليه ان يقضي أو يقضيه عنه وليه أو رجل من المسلمين الثالث
عشر لو نسيها حتى شرع في السعي بين الصفا والمروة قطع السعي وعاد المقام فصلى الركعتين ثم عاد فيتم السعي لأنه واجب تركه
يمكنه تداركه فيكون واجبا ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم نسي ان
يصلي الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقل من ذلك قال ينصرف حتى يصلي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه
فيتم سعيه الرابع عشر يستحب ان يدعو عقيب الركعتين لما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يدعو
بهذا الدعاء في دبر ركعتين طواف الفريضة يقول بعد التشهد اللهم ارحم بطواعيتي إياك وبطواعيتي رسولك صلى الله عليه وآله
اللهم جنبني ان أبعد حدودك واجعلني ممن يحيك ويحب رسولك صلى الله عليه وآله وملائكتك وعبادك الصالحين مسألة
ويستحب له إذا دخل مسجد أن لا تشاغل بشئ حتى يطوف لأنها عبادة واجبة فينبغي المبادرة إليها بقدر الامكان وروى جابر ان
النبي صلى الله عليه وآله دخل مكة ارتفاع الضحى فأناخ راحلته عند باب بنى شيبه ودخل المسجد فأسلم الحجر ثم وصف؟ جانب؟ طوافه
ولان الطواف تحية البيت واستحب البداة به كما أن الداخل إلى المسجد يستحب له ان يبدأ بتحية لا يقال فينبغي ان يأتي بتحية المسجد ها هنا
لأنا نقول القصد بدخول المسجد البيت فلهذا بدأ بتحية وسقطت تحية المسجد بعد الطواف لأنه أتى بركعتين الطواف وهي تنوب
منابها فرع لو دخل المسجد والامام مشتغل بالفريضة فإنه يصلى معه المكتوبة ولا يشتغل بالطواف فإذا فرغ من الصلاة طاف
حينئذ لان وقت الفريضة أقل من الطواف فكان البدائة بها أولى ولان فضيلة الجماعة يفوت بالاشتغال بالطواف ولو اشتغل بالجماعة لم
يفتيه من فضائل الطواف شئ وكذا إذا قربت إقامة الصلاة فإنه يشتغل بالفريضة ثم يأتي بالطواف وسيأتي تمام البحث انشاء الله تعالى
مسألة ولا يستحب رفع اليدين عند رؤية البيت قال الشيخ (ره) رفع اليدين عند مشاهدة البيت لا يعرفه أصحابنا وأنكر مالك
استحبابه أيضا وقال الشافعي لا أكرمه ولا استحبه لكن ان رفع يديه كان حسنا وقال احمد انه مستحب وهو روى ابن عباس وابن عمر والثوري و
ابن المبارك لنا ما رواه الجمهور عن المهاجر المكي قال سئل جابر بن عبد الله عن الرجل يرى البيت أيرفع يديه قال ما كنت أظن أن أحدا يفعل
هذا الا اليهود حجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن يفعله ولان الأصل عدم المشروعية ولم يثبت المنافي واحتجوا بما رواه
أبو بكر بن المنذر عن النبي صلى الله عليه وآله قال ترفع الأيدي الا في سبع مواطن افتتاح الصلاة واستقبال البيت وعلى الصفا
والمروة وعلى الموقفين والجمرتين والجواب يحتمل ان الرفع عند الدعاء أو نحن نقول به مسألة وينبغي له ان يستقبل الحجر بجميع
بدنه وبه قال الشافعي في أحد قوليه وفي الاجزاء انه واجب لان النبي صلى الله عليه وآله لما دخل المسجد استقبل الحجر واستلمه وهذا بظاهره
يدل على أنه استلمه بجميع بدنه ولان ما لزمه استقباله لزمه بجميع بدنه كالقبلة فاما ان استقبل جميع بدنه بعض الحجر ان تصور ذلك فإنه يجزيه
كما إذا استقبل بجميع بدنه بعض البيت فاما ان حاذى ببعض بدنه جميع الحجر أو بعضه ففي الاجزاء عنده قولان ويتفرع على عدمه عدم
الاعتداد بالشرط الأول لأنه ابتداء من حيث لا يجوز له فإذا أتم سبعا دونه اجزاءه واحتج الشيخ على عدم وجوب الاستعلام بجميع البدن
باجماع الفرقة مسألة ويستحب له ان يقف عند الحجر الأسود ويدعو ويكبر عند محاذاة الحجر ويرفع يديه وبحمد الله ويثنى عليه
روى الجمهور في حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله استقبل الحجر واستلمه وكبر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله
واسأله ان يتقبل منك ثم استلم الحجر وقبله فان لم تستطيع ان تقبله فاستلمه بيدك فان لم تستطع ان يستقبله فأشر إليه وقيل
اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا
شريك له وأن محمدا عبده ورسوله امنت بالله وكفرت بالطاغوت واللات والعزى وعبادة الشيطان كل ند يدعى من دون الله
فان لم يستطع أن يقول هذا فبعضه وقل اللهم إليك بسطت يدي وفيما عندك عظمت رغبتي فاقبل سبحتي واغفر لي وارحمني اللهم إني أعوذ
بك من الكفر والفقر ومواقف؟ الخزي؟ في الدنيا والآخرة وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخلت المسجد الحرام فامش
حتى تدنوا من الحجر الأسود يستقبله ويقول الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر مما أخشى واحد ولا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى بيده الخير وهو على كل شئ
قدير وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتسلم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد ثم يقول اللهم إني أرمن بوعدك وأوفى
بعهدك ثم ذكر كما ذكر معوية مسألة ويستحب ان يستلم الحجر ويقبله وهو وفاق وروى الجمهور عن ابن عباس إلى عمر بن الخطاب
الكب على الحجر وقال اما اني لا أعلم انك حجر لا يضر ولا تنفع ولولا انني رأيت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقبلك لما قبلتك
693

ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله استلموا الركن فإنه
يمين الله في خلقه فصافح بها خلقه فصافحه العبد أو الرجل ويشهد له استلمه بالموافات وعن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن استلام الحجر من قبل الباب فقال أليس انما يريد أن يستلم الركن قلت نعم قال يجزيك حيث ما قالت يدك وفي حديث
معاوية بن عمار عن الصادق (ع) ثم يأتي الحجر الأسود فيقبله ويستلمه أو يشير إليه فإنه لا بد من ذلك مسألة وإذا لم يتمكن من
الاستلام استلمه بيده وقبل يده وإذا لم يتمكن من ذلك أشار إليه بيده وبه قال الشافعي وقال مالك يضع يده على فيه ولا يقبلها ويدل على ما ذكرناه من الاستلام باليد رواية سعيد الأعرج
وعلى الإشارة ما رواه سيف التمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) اتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاما فلم الق الا رجلا من أصحابنا
فسألته فقال لا بد من استلامه فقال إنه وجدته خاليا والا فسلم من بعيد وعن محمد بن عبد الله قال سأل الرضا (ع) عن الحجر
الأسود أيقابل عليه الناس إذا كثروا قالوا إذا كان كذلك فأوم بيدك إذا ثبت هذا فان الاستلام مستحب وليس بواجب لان الأصل عده
الوجوب ويدل عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) عن رجل حج ولم يستلم الحجر فقال هو من السنة
فان لم يقدر عليه فالله أولى بالعذر وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني لا أخلص إلى الحجر الأسود
فقال إذا طفت طواف الفريضة فلا يضره وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل حج فلم يستلم الحجر ولم
يدخل الكعبة قال هو من السنة فان لم يقدر فالله أولى بالعذر وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال قال أبو بصير لأبي عبد الله (ع)
ان أهل مكة أنكروا عليك انك لا يقبل الحجر الأسود وقد قبله رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إنه رسول الله صلى الله عليه وآله
كان إذا انتهى اي الحجر افرحوا له وانا لا يفرحون لي إذا عرفت هذا فالاستلام غير مهموز قال السيد المرتضى لأنه أفعال من السلام
وهو الحجار فإذا مسن الحجر بيديه ومسحه بها قيل استلم اي مس السلام بيده وقد قيل إنه مأخوذ من السلام اي انه يجئ نفسه عن الحجر
إذ ليس الحجر ممن يجيبه وهذا كما يقال اختدم إذا لم يكن له خادم وانما خدم نفسه وحكى تغلب الهمزة وجعله وجها ثانيا لترك الهمزة و
فسره بأنه أتحده جنة وسلاما من السلامة وهي الدرع وهو حسن وقد حكى عن ابن الأعرابي أيضا مسألة ومقطوع اليد
يستلم الحجر بموضع القطع فان كانت مقطوعة من المرفق استلمه بشماله رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن ابائه (عل) ان
(ع) سئل كيف يستلم الأقطع قال يستلم الحجر من حيث القطع فان كانت من المرفق استلم الحجر بشماله مسألة ويستحب ان يستلم
الركن اليماني وتقبله فان لم يتمكن استلمه بيده وقبل يده وبه قال احمد في رواية الحرمي عنه وقال الشافعي يستحب ان يستلم بيده وتقبل
بيده ولا يقبله وقال أبو حنيفة لا يستلمه وقال مالك يستلمه ولا يقبل يده وانما يضعها على فيه لنا ما رواه الجمهور
عن مجاهد عن ابن عباس
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله إذا استلم الركن قبله ووضع خدة الأيمن عليه عن ابن عمر ان رسو ل الله صلى الله عليه وآله كان
لا يستلم الحجر والركن اليماني قال ابن عمر ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحجر منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يستلمها
في شدة ولا رخاء ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن غياث عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يستلم الركن
الا الركن الأسود واليماني وتقبلهما وتضع خده عليهما ورأيت أبي يفعله قال ابن عبد البر اجمع علماء على استلام الركنين وانما اختلفوا
في التقبيل فشركه قوم بينهما وخص قدم الحجرية مسألة ويستحب استلام الأركان كلها وآكدها الحجر واليماني وهو اخر الأركان
الأربعة قبله أهل اليمن وهو يلي الركن الذي فيه الحجر ويتلوهما في الفضل الركنان الباقيان الشاميان ذهب إليه علماؤنا وبه قال
ابن عباس وجابر وابن الزبير وأنكر الفقهاء الأربعة استلام الشاميين لنا ما رواه الجمهور عن أبي الطفيل قال لما قدم معاوية مكة وابن
عباس بها فاستلم ابن عباس الأركان كلها فقال معاوية ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستلم الا ركنين اليمانين فقال ابن عباس
ليس من البيت شئ مهجور ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا) (ع) استلم اليماني والشامي والعربي
قال نعم ولأنهما بركنان واستحب استلامهما كاليمانين احتج الجمهور لما رواه ابن عمر قال النبي صلى الله عليه وآله مستلم الركن اليماني والأسود
في كل طوفه ولا يستلم الركنين الذين بلسان الحجر قال ابن عمر ما رواه ان يستلم الركنين الذين يليان الحجر الا لان البيت لم يتم على قواعد
إبراهيم (ع) ولان الشاميين لم يبنا على قواعد إبراهيم (ع) وهذا الركن أعني الحجر بنى على قواعد إبراهيم (ع) والجواب ان رواية
الاثبات مقدمة ويحتمل ان الرسول صلى الله عليه وآله كان يقف عند اليمانين أكثر من وقوفه عند الشاميين من الازدحام فتوهم الراوي
انه يستلم اليمانين خاصة ورواية غياث بن إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وآله انه لم يكن يستلم الا الركنين الأسود واليماني ضعيفة
السند مقطوعة واما رواية جميل بن صالح الصحيحة عن أبي عبد الله (ع) قال كنت أطوف بالبيت وإذا رجل يقول ما يأت
هذين الركنين يستلمان ولا يستلم هذان فقلت ان رسول الله صلى الله عليه وآله استلم هذين ولم يعرض لهذين فلا يعرض إذا لم يعرض
694

لهما رسول الله صلى الله عليه وآله قال جميل ورأيت أبا عبد الله (ع) يستلم الأركان كلها فإنها محمولة على التقية ولهذا (فعل) الصادق (ع)
فدل على أن قوله كان في معرض التقية مسألة ويستحب الوقوف عند اليماني والدعاء عنده روى الشيخ عن يعقوب بن زيد عن أبي
الفرج السندي عن أبي عبد الله (ع) قال كنت أطوف معه فقال أي هذا أعظم حرمة فقلت جعلت فداك أنت اعلم هنا مني فأعاد على فقلت
له داخل البيت فقال الركن اليماني ان أبواب الجنة مفتوح لشيعة آل محمد صلى الله عليه وآله مسدودة من غيرهم وما من مؤمن يدعو عنده
الا صعد دعائه حتى يلصق بالعرش ما بينه وبين الله حجاب وعن إبراهيم بن عيسى عن أبيه عن أبي الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وآله طاف
الكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني رفع رأسه إلى الكعبة ثم قال الحمد لله الذي شرفك وعظمك الحمد لله الذي بعثني نبيا وجعل عليا إماما
اللهم اهد له خيار خلقك وجنبه شرار خلقك مسألة ويستحب الاستلام في كل شوط لان النبي صلى الله عليه وآله كان مستلم
الركن اليماني والأسود في كل طوافه رواه ابن عمر ويستحب الدعاء في الطواف بما رواه معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) يطوف
بالبيت سبعة أطواف يقول في الطواف اللهم إني أسئلك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له وألقيت عليه محبته
منك وأسئلك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلى الله عليه وآله ما تقدم من ذنبه وما اخر وأتممت عليه نعمتك ان تفعل بي كذا وكذا لما لبيت
من الدعا وقال أبو إسحاق روى هذا الدعا معوية بن عمار عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) وكل ما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبي
صلى الله عليه وآله ويقول في الطواف اللهم إني فقير واني خائف مستجير فلا تبدل اسمي ولا تغير جسمي وفي الصحيح عن عاصم بن حميد عن أبي
عبد الله (ع) قال كان علي بن الحسين (ع) إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب رفع رأسه فقال اللهم أدخلني الجنة برحمتك وعافني
من السقم وأوسع على من الرزق الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس وشر فسقة العرب والعجم مسألة ويستحب ان يلتزم المستجار
في الشوط السابع ويبسط يديه على حايطه ويستو به بطنه وخده ويدعو بالمأثور روى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) فإذا
انتهيت إلى مؤخر الكعبة وهو المستجار دون الركن اليماني بقليل في الشوط السابع فابسط يديك على الأرض والصق خدك وبطنك ثم
قل اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مكان العايذ بك من النار ثم أقر لربك بما عملت من الذنوب فإنه ليس عبد مؤمن يقر
لربه بذنوبه في هذا لمكان الا غفر له انشاء الله فان أبا عبد الله (ع) قال لغلمانه ايبطوا عني حتى أقر لربي بما عملت اللهم من قبلك
الروح والفرح والعافية اللهم ان عملي ضعيف فضاعفه واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك ويستجير بالله من النار و
يختار لنفسك من الدعاء ثم يستقبل الركن اليماني والركن الذي فيه حجر الأسود واختم به فان لم يستطع فلا يضرك ويقول اللهم فبعني
بما رزقتني وبارك لي فيما أبقيتني ثم يأتي مقام إبراهيم (ع) فصل ركعتين واجعله إماما واقرأ فيهما بسورة التوحيد قل هو الله أحد
وفي الثانية قل يا أيها الكافرون ثم تشهد واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله واسأله ان يتقبل منك فهاتان الركعتان
هما الفريضة ليس يكره لك ان يصليهما في اي الساعات شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ثم تأتي الحجر الأسود فتقبله و
وتستلمه أو تشير إليه فإنه لا بد من ذلك وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله (ع) إذا كنت في الطواف السابع فأنت
المتعود و؟؟ مواد قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك اللهم من قبلك
الروح والفرج استلم الركن اليماني ثم أتت الحجر فاختم به وعن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن استلام
الكعبة قال من دبرها وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا عرفت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو
بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يدك على البيت والصق بطنك وخدك البيت وقل اللهم البيت بيتك والعبد عبدك
وهذا مكان العائذ من النار ثم أقر بربك بما عملت من الذنوب فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان الا غفر الله له
انشاء الله فرع لو نسي الالتزام حتى جاز موضعه فلا إعادة عليه لفوات محله روى الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين عن أبي الحسن (ع)
قال سالت عن نسي ان يلتزم في اخر طوافه حتى جاز الركن اليماني أيصلح ان يلتزم بين الركن اليماني وبين الحجر أو يدع ذلك غان ترك
اللزوم أو يمضى وعمن قوق عشرة أسباع أو أكثر أو أقل اله ان يلتزم في اخرها التزامة واحدة قال لا أحب ذلك اخر لو ترك الاستلام لم يكن
عليه شئ وبه قال عامة الفقهاء وحكى عن الحسن البصري والثوري وعبد الملك الماجشون ان عليه وما لنا انه مستحب فلا يجب العقوبة بتركه
كغيره من المندوبات احتجوا بما روى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ترك نسكا فعليه دم وجوابه انه مخصوص للواجب مسألة
قال الشيخ (ره) في المبسوط وقد روى أنه يستحب الاضطباع وهو ان يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن ويجعله على منكبه الأيسر والاضطباع
وهو عضد الانسان وهو افتعال من الضبع واصله الاضتباع بالتاء فقلبوا التاء طاء لان مني وقعت بعد صاد أو ضاد أو ظاء ساكنه
قلبت طاء إذا ثبت هذا فأكثر أهل العلم على استحباب الاضطباع وقال مالك انه ليس بمستحب وقال لم اسمع أحدا من أهل العلم ببلدنا يذكر
695

سنة لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على قريش فاجتمعت نحو الحجر اضطبع رسول الله صلى الله عليه وآله وعن زيد بن أسلم
عن أبيه عن عمر بن الخطاب انه اضطبع ورمل وقال فيم الرمل الآن ولم يبدي مناكبنا وقد نفي الله تعالى المشركين بلى ان تدع شيئا فقلناه على عهد
النبي صلى الله عليه وآله وانما أردنا هذا فعلناه مع النبي صلى الله عليه وآله الاظهار الجلد والقوة للمشركين قالوا قد نكهتهم حتى
شرب فاطهر ولهم الجلد والقوة وقد زال هذا المعنى لكنها لا نتركه لأنا فعلناه مع النبي صلى الله عليه وآله قال الشافعي ويبقى مضطبعا حتى
يتم السعي بين الصفا والمروة وتركه عند الصلاة للطواف وقال احمد لا يضطبع في السعي والشافعي عول على القياس يجامع انه أحد الطوافين
مسألة ويستحب ان يقتصر في مشيه بان يمشي مستويا بين السرع والابطاء وقاله الشيخ (ره) في بعض كتبه وقال في المبسوط
يستحب ان يرمل ثلثا ويمشي أربعا في طواف القدوم خاصة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله لأنه كذلك فعل رواه جعفر بن محمد
عن أبيه (ع) عن جابر وقد اتفق الجمهور كافة على استحباب الرمل في الثلاثة الأشواط الأول والمشي في الأربعة الباقية في طواف
القدوم لما رواه جعفر بن محمد عن أبيه (ع) عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله رمل ثلثا ومشى أربعا وكذا عن ابن عباس عنه (ع)
وروى ابن عباس أيضا ان النبي صلى الله عليه وآله رمل في عمره كلها وفي حجة وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي (ع) قال الأزهر ي الرمل
الجمر والاسراع والسبب في هذا ما رواه ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة قال المشركون انه يقدم عليكم قوم نهكتهم الحمى
ولقوا منها شرا فأمرهم رسول الله ان يرملوا الأشواط الثلاثة وان يمشوا بين الركنين فلما؟ زاهم؟ قالوا ما تريهم الا
كالغزلان وقد روى الشيخ القول الأول عن عبد الرحمن بن سبابه قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المسرع والمبطئ في الطواف فقال كل واسع ما لم
يؤذ أحدا فروع الأول لو ترك الرمل لم يكن عليه شئ لأنه مستحب فلا يتعلق بتركه ذنب فلا تحب العقوبة التابعة له وهو قول عامة الفقهاء
وقال الحسن البصري ان عليه دما وهو محكى عن الثوري وعبد الملك بن ماجشون لقوله (ع) من ترك نسكا فعليه دم وجوابه ان المراد بالنسك هنا الواجب
ويدل على ذلك أيضا ما رواه الجمهور عن ابن عباس أنه قال ليس على من ترك الرمل شئ ومن طريق الخاصة حديث سعيد الأعرج ولان هذه هيئة
في الأشواط الأول فإذا فات موضعها سقطت كالجهر في الأوليين ولان الرمل هيئة في الثلاثة الأول والمشي هيئة لأربعة البواقي فلو رمل
بعد الثلث لكان تاركا لهيئة جميع الطواف الثالث الرمل ان قلنا باستحبابه على ما اختاره الشيخ في الثلاثة الأول فإنه يستحب من الحجر
إليه وهو فوق أكثر أهل العلم وقال طاوس وعطا والحسن وسعيد بن جبير يمشي ما بين الركنين لان النبي صلى الله عليه وآله امر أصحابه بان يرملون
الأشواط الثلاثة ويمشون الركنين ليرى المشركون جلدهم لما وهنتهم الحمى حتى قال المشركون هؤلاء اجلد لنا ولنا ما رواه الجمهور عن ابن
عمران النبي صلى الله عليه وآله رمى من الحجر إلى الحجر وفي حديث مسلم عن جابر قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله رمل من الحجر حتى انتهى إليه وهذا
اثبات متأخر لأنه وقع في حجة الوداع الرابع لو ترك الرمل في شوط أتى به في الاثنين الباقيين وان تركه في اثنين أتى به في الثالث
خاصة وان تركه في الثلاثة سقط ولو تركه في طواف القدوم لم يستحب قضاؤه في طواف الزيارة أعني طواف الحج خلافا لبعض الجمهور وعن خطأ لان النبي صلى الله عليه وآله
انما رمل في طواف الزيارة فقضاؤه يقضي إلى ترك هيئة الطوافين الخامس قال بعض الجمهور ليس على أهل
ملة رمل و
هو قول ابن عباس وابن عمر لأنه شرع في الأصل الاظهار الجلد والقوة لأهل البلد وهذا المعنى معدوم في حقهم وفي؟ نظر؟ السادس
لا يستحب للنساء الرمل ولا الاضطباع وهو وفاق لان معناه وهو إظهار الجلد والقوة لم يوجد فيهن ولأنه يقدح في شرهن
السابع لو كان مريضا أو صبيا فحمله غيره رمل الحامل به ثلثا ومشى أربعا وكذا لو كان راكبا استحب له ان يحث دابته في الثلاثة
الأول وللشافعي في المريض قول آخر انه يستحب لحامله الرمل به لأنه لا ينوب عنه ولا هو؟؟ اله؟ لأنه ضعيف لان حامله فيحرك هو بحركته فأشبه
الراكب الثامن الدنو من البيت أفضل من التباعد عنه في الطواف لأنه المقصود والدنو منه أولى ولو كان بالقرب منه زحام لا يمكنه ان يرمل
فيه فإن كان يعلم أنه ان وقف وجد فرجه فإنه يقف فإذا وجد فرجه رمل وان كان يعلم أنه لا يجد فرجه لكثرة الزحام وعلم أنه ان تأخر إلى حاشية
الناس أمكنه الرمل تأخر ورمل وكان أولى من قرب البيت مع ترك الرمل وان كان لا يمكنه التأخر أو كان ليس في حاشية الناس فرجه فإنه
يمشي ويترك الرمل مسألة ويستحب طواف ثلث مائة وستين طوافا فان لم يتمكن فثلث مائة وستين شوطا ويلحق الزيارة بالطواف
الأخير وذلك بان يطوف أسبوعا ثم يصلي ركعتين وهكذا ويجوز القران في النوافل على ما يأتي فيؤخر الصلاة فيها إلى حين
الفراغ حينئذ فان لم يستطع طاف ما يمكن منه لما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يستحب ان يطوف ثلث
مائة وستين شوطا فان لم يستطع فما قدرت عليه من الطواف وروى ابن بابويه عن ابان انه سئل أبا عبد الله (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله
بطواف يعرف به فقال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يطوف بالليل والنهار عشرة أسباع ثلاثة أول الليل وثلثة
696

آخر الليل واثنين إذا أصبح واثنين بعد الظهر وكان فيما بين ذلك راحته مسألة قد بينا انه يجب ان يكون الطواف بين البيت والمقام
ويستحب ان يتدانى من البيت فلو تباعد حتى طاف بالسعاية وزمزم لم يجز خلافا للشافعي لنا ان رسو ل الله صلى الله عليه وآله كذا فعل وقال
خذوا عنى مناسككم مسألة لو طاف وظهره إلى الكعبة لم يجزه وبه قال أبو حنيفة وقال أصحاب الشافعي لا نص للشافعي عليه و
الذي يجب على مذهبه الاجزاء لنا انه (ع) طاف كما قلناه وكان فعله بيانا للواجب فكان واجبا ولأنه فيه استهانة بالبيت فيكون منهيا
عنه والنهى عنه لا يقع عبادة مسألة وينبغي ان يطوف ماشيا ما لم يكن مريضا أو لا يقدر على المشي فإنه ركب ولو خاف وطاف ركبا
أجزأه ولا يلزمه دم وبه قال الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة واحمد ان طاف راكبا لعذر فلا شئ عليه وان كان لغير عذر عليه دم لنا
ما رواه جابر قال طاف رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع على راحلته بالبيت والصفا والمروة ليراه الناس وليشرف عليهم
ليسألوه فان الناس غشوه ولأنه فعل من أفعال الحج فإذا فعله راكبا لم يجب به الدم كما لو كان له عذر وركب في الوقوف احتج المخالف
بأنها عبادة واجبة يتعلق بالبيت فلا يجوز فعلها لغير عذر راكبا كالصلاة وجوابه الفرق فان الصلاة لا يصح راكبا وهنا يصح
البحث الثالث في الاحكام مسألة قد بينا ان الطهارة شرط في الطواف فلو طاف وهو محدث متعمدا وجب عليه
إعادة الطواف لان الطهارة شرط فيه وقد فات فيبطل الشرط كالصلاة روى الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يطوف
بغير وضوء انعقد بذلك الطواف قال لا وكذا لو طاف ناسيا فإنه لا يعتد بذلك الطواف ويجب عليه الإعادة لأنه يصدق عليه ان طاف
بغير وضوء قد روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطواف
قال يقطع طوافه ولا يعيد بشئ مما طاف وسأله عن رجل طاف ثم ذكر أنه على غير وضوء وقال يقطع طوافه ولا يعتد به اما الطواف النفل
فليس الطهارة شرطا فيه وان كانت شرطا في ركنيته فروع الأول لو طاف طواف التطوع وصلى ثم ذكر أنه على غير وضوء أعاد
الصلاة خاصة لما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) في رجل طاف تطوعا وصل ركعتين وهو على غير وضوء فقال يعيد الركعتين
ولا يعيد الطواف الثاني لو طاف وصلى في الفرض ثم ذكر أنه على غير طهور أعاد الطواف والصلاة معا الثالث لو طاف في ثوب نجس
عامدا في الفرض لأنا قد بينا ان الطهارة شرط فيه ولو لم يعلم ثم علم في أثناء الطواف أزاله وتم الطواف ولو لم يعلم حتى فرغ كان طوافه ماضيا
كالصلاة الرابع لو أحدث في أثناء طواف الفريضة فإن كان تجاوز النصف يطهر وتم ما بقي وان كان حدثه قبل أن يبلغ النصف فإنه يعيد
الطواف من اوله لما رواه الشيخ عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه قال يخرج و
يتوضأ فإن كان جاز النصف بنى على طوافه وان كان أقل من النصف أعاد الطواف ولان مجاوزة النصف يقتضي يحصل الأكثر ومعظم الشئ
يقوم مقامه اما الشافعي فإنه لم يفصل هكذا بلى قال إن طال الفصل استأنف في القديم وفي الجديد يبنى ولو لم يطل منى قولا واحد الخامس
لو شك في الطهارة بان كان في أثناء الطواف بطهر واستأنف لأنه شك في شرط العبادة قبل فراغها فيعيد كالصلاة ولو شك بعد الفراغ
لم يستأنف مسألة قد بينا انه يجب ان الطواف سبعة أشواط فلو طاف ستة وانصرف فليضف إليها شوطا اخر ولا شئ عليه وإن لم
يذكر حتى يرجع إلى أهله امر من يطوف عنه وقال أبو حنيفة يجبره بدم لنا ان المأمور به وهو الطواف وهو المتمكن من الاتيان به بنفسه أو
بنايبه فكان واجبا ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال قلت رجل طاف بالبيت فأحضره شوطا واحدا في الحج
قال يعيد ذلك الشوط وفي حديث الحسن بن عطيه عن سليمان بن خالد انه سأل أبا عبد الله (ع) عمن فاته شوط
واحد حتى أتى أهله
قال يأمر من يطوف عنه فرع لو ذكر أنه طاف أقل من سبعة أشواط وهو في السعي قطع السعي وتمم الطواف ثم رجع فتمم السعي لان السعي تابع فلا
يفعل قبل تحقق متبوعه وانما يتحقق باجزائه فدل على ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل طاف
بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف بين الصفا والمروة ستا هل يطوف إذا ذكر أنه قد نقص طوافه بالبيت قال يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع
إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي مسألة ولو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة فإذا كان قد جاز النصف
يبني وإن لم يكن جازه أعاد وان كان طواف النافلة بنى عليه مطلقا وقال الشافعي ان أطاله الفصل أعاد مطلقا سواء تجاوز النصف أو لم
يتجاوز وإن لم يطل بنى وهو احمد وحكى عن الشافعي قول آخر انه قطعه لغير عذر وزايل موضعه وهو المسجد استأنف قياسا على الصلاة لنا ان
مع تجاوز النصف يكون قد فعل الأكثر فيبنى عليه كالجميع ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال
سألته عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت خلوة فدخل كيف يصنع قال يعيد طوافه وخالف السنة وعن ابن مسكان قال
قال حدثني من سأله عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة ثلاثة أشواط ثم وجد خلوة من البيت فدخله قال يقضي طوافه وخالف السنة فليعد وفي
الصحيح عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة قال إن كان طواف نافلة بنى
697

عليه وان كان طواف فريضة لم يبن ويدل على اعتبار تجاوز النصف ما رواه علي بن عبد العزيز عن أبي غره قال مر بي أبو عبد الله (ع) وانا في
الشوط الخامس من الطواف فقال انطلق حتى تعود إلى ههنا رجلا فقلت انا في خمسة أشواط فأتم أسبوعي قال فاقطعه واحفظ من حيث يقطعه
حتى يعود إلى الموضع الذي قطعت عنه فتبنى عليه وعن أبي الفرج قال طفت مع أبي عبد الله (ع) خمسة أشواط ثم قلت اني أريد ان أعود
مريضا فقال احفظ مكانك ثم اذهب فعده ثم ارجع فإنه طوافك لا يقال كما يحتمل ان يكون في الفرض احتمل ان يكون في النفل لأنا نقول
لا يعتبر في النفل تجاوزة النصف لجواز البناء مطلقا وقد روى الشيخ عن بكر بن عمار عن رجل من أصحابنا يكنى ابا احمد قال كنت مع أبي
عبد الله (ع) في الطواف يده في يدي ويدي في يده إذ عرض لي رجل له حاجة فأوميت إليه بيدي فقلت له كما أنت حتى افرغ من طوافي فقال
أبو عبد الله (ع) ما هذا فقلت أصلحك الله رجل جاءني في حاجة فقال لي مسلم هو قلت نعم قال اذهب معه في حاجته قلت أصلحك الله
فاقطع الطواف قال نعم قلت وإن كنت في المفروض قال وقال أبو عبد الله (ع) من مشى مع أخيه المسلم في حاجة كتب الله له الف الف
حسنة ومحى عنه الف الف سيئة ورفع له الف الف درجة وعن أبان بن تغلب قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في الطواف فجاء رجل من إخواني
فسألني ان أمشي معه في حاجة ففطن بي أبو عبد الله (ع) فقال يا ابان من هذا الرجل قلت رجل من مواليك سألني ان اذهب معه في حاجة
فقال يا ابان اقطع طوافك وانطلق منه في حاجة معك وان كان في فريضة قال نعم وان كان فريضة فقال يا ابان وهل تدري ما ثواب من
طاف في هذا البيت أسبوعا فقلت لا والله ما أدري قال يكتب له ستة آلاف حسنة ويمحى عنه ستة آلاف سيئة ويرفع له ستة آلاف درجة قال وروى إسحاق بن عمار ويقضي له ستة آلاف حاجة فاقضها له فقلت ألم أتم طوافي قال أحضر ما قطعت ولقضاء حاجة مؤمن خير
من طواف وطواف حتى عد عشرة أسابيع فقلت جعلت فداك فريضة أو نافلة قال يا ابان انما يسأل الله عن الفرايض لا عن النوافل
وقد روى الشيخ عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) قال في الرجل يطوف ثم يعرض له الحاجة قال لا بأس ان يذهب في
حاجة أو غيره ويقطع الطواف وان أراد لان يستريح ويعقد فلا بأس بذلك فإذا رجع بنى على طوافه وان كان نافلة بنى على الشوط
أو الشوطين وان كان طواف فريضة ثم خرج في حاجة مع رجلين لم يبن ولا في حاجة نفسه قال الشيخ هذا الحديث ليس بمناف ما تقدم
لأنه انما قال لا تبني يعني على الشوط والشوطين فرقا بين طواف الفريضة وطواف النافلة مسألة ولو دخل عليه وقت فريضة
وهو يطوف قطع الطواف وابتداء بالفريضة ثم عاد فيتم طوافه من حيث قطع وهو قول العلماء الا مالكا لأنه قال يمضى في طوافه الا ان يخاف
ان يضر بوقت الصلاة لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا أقمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة والطواف صلاة
فيدخل تحت عموم الخير ولان وقات الحاضرة أضيق من وقت الطواف فكانت أول ويؤيده ما رواه الشيخ عن هشام عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال في رجل كان في طواف فريضة فأدركته صلاة فريضة قال يقطع طوافه ويصلي الفريضة ثم يعود يتم ما بقي عليه من طوافه وفي الحسن
عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل ان في طواف النساء وأقيمت الصلاة قال يصلي يعني الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث
قطع إذا ثبت لهذا فإنه يبنى بعد فراغه من الفريضة ويتم طوافه وهو قول عامة أهل العلم وقال الحسن البصري يستأنف لنا ما تقدم من الأحاديث
ولأنه فعل مشروع في أثناء الطواف فلم يقطعه وهو كاليسير وهكذا البحث في صلاة الجنازة فإنها تقدم إذا عرفت هذا فهل يبنى من حيث قطع
أو من الحجر فيه تردد أحوط الثاني والخبر يدل على الأول مسألة لو كان في الطواف فخشى فوات الوتر قطع الطواف وأوتر ثم بنى
على ما مضى من طواف فإنها نافلة متعلقه بوقت فيكون أولى من فعل مالا يطوف وقته ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد
الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (ع) قال سألته عن الرجل يكون في الطواف وقد خاف بعضه وبقي عليه بعضه فيطلع الفجر فيخرج من الطواف
إلى الحجر الأول بعض المساجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثم يرجع فيتم طوافه افترى ذلك أفضل أم يتم الطواف لم
يوتر وان أسفر بعض الاسفار قال
ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد مسألة ولو حاضت المراة وقد طافت أربعة أشواط قطعت الطواف وسعت
فإذا فرغت من المناسك أتممت الطواف بعد ظهرها ولو كان دون ذلك بهذا الطواف وانتظر عرفه فان طهرت تمكنت من أفعال العمرة والخروج
إلى الموقف فعلت والا صارت حجتها مفردة لان يطوف ما زاد على النصف يكون قد أدركت معظمة في حكم المدركة ويؤيد ذلك ما رواه إبراهيم بن إسحاق
عمن سأل أبا عبد الله (ع) عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال تتم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة
لها ان تطوف بين الصفا والمروة لأنها زادت على النصف وقد قضت متعتا واستأنفت بعد الحج وان هي لم تطف الا ثلاثة أشواط
فليستأنف الحج فان أقام بها جمالها بعد الحج ليخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فليعتمر وعلى مضمون هذا الحديث قول الشيخ (ره) اما ابن بابويه
(ره) فإنه روى عن حريز والعلا عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة طافت ثلاثة أطواف أو أقل
من ذلك ثم رأت دما فقال تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى قال ابن بابويه وبهذا الحديث افتى دون الأول لان
698

الأول اسناده منقطع وهذا الحديث اسناده متصل وهو رخصه ورحمه وكلام الشيخ في هذا الباب أوجه لأنه قد ثبت اعتبار مجاوزة النصف
في حق غير الحايض باعتبار انه المعظم وان كان هذا أصلا فليعتمد عليه خصوصا مع الحديث الدال عليه بالتفصيل وقبول الرواية التي رواها
للتأويل فإنه من المحتمل ان يكون ذلك في طواف النافلة ويعضد الرواية التي رواها الشيخ ما رواه أبو إسحاق صاحب اللؤلؤ قال حدثني من سمع أبا عبد الله
(ع) يقول في المراة المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعها تامة ويقضى ما فاتها من طواف البيت وبين الصفا والمروة ويخرج إلى
منى قبل أن تطوف الطواف الأخير وما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا حاضت المراة وهي الطواف بالبيت أو بين الصفا والمروة
فجازت النصف فعلت ذلك الموضع فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمت وان هي قطعت طوافها في أقل من النصف
فعليها ان يستأنف الطواف مسألة قد بينا ان الطواف واجب ويدل عليه النص والاجماع قال الله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق
وقد اجمع المسلمون كافة على أنه واجب إذا ثبت هذا فإنه نسك من تركه عمدا بطل حجه ولو تركه ناسيا قضاه ولو بعد المناسك فان تعذر
العود استناب فيه روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع
النساء كيف يصنع قال يبعث يهدي ان كان تركه في حج بعث به في حج وان تركه في عمرة ووكل من يطوف عنه ما ترك من طواف قال الشيخ
(ره) هذا محمول على طواف النساء لان من ترك طواف النساء ناسيا جازان يستنيب غيره مقامه في طوافه ولا يجوز له ذلك في
طواف الحج هل يجب عليه إعادة الحج وبدنه لما رواه علي بن حمزة قال سئل من رجل جهل ان يطوف بالبيت حتى يرجع إلى أهله قال إن كان
على جهة الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة وفي الصحيح عن علي بن جعفر قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل جهل ان يطوف بالبيت طواف الفريضة
قال إن كان على وجه جهالة في الحج أعاد وعليه بدنه واستدل الشيخ على الجميع لما رواه معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل
نسي طواف النساء حتى دخل أهله قال لا يحل له النساء حتى يزور البيت وقال يأمر من يقضى عنه لمن لم يحج فان توفي قبل أن يطاف عنه
فليقض عنه وليه أو غيره وما ذكره الشيخ فيه توقف ووجه الجمع عندي حمل الحديثين الأولين على من ترك الطواف عامدا جاهلا بوجوبه
فان يعيد الحج ويكفر والثاني على من تركه ناسيا ويحتمل وجوب الكفارة على من وطئ بعد الذكر وسيأتي تحقيق ذلك انشاء الله تعالى
مسألة من شك في عدد الطواف فإن كان بعد فراغه لم يلتفت إليه لأنه شك في واجب فات محله فلا اعتبار به كمن شك في عدد
الركعات بعد فراغه وان كان في اتيانه فإن كان شكه في الزيادة قطع الطواف ولا شئ عليه لأنه متيقن الاتيان بالسبع ويشك في الزايد
والأصل عدمه وان كان يشك في النقصان كان الشك بين الستة والسبعة فإن كان طواف الفريضة أعاد الطواف من اوله لان الزيادة و
النقصان محرمان ومع البناء على كل واحد من الأقل والأكثر يحصل أحد المحرمين فلهذا أبطلناه ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن رجل طاف بالبيت فلم يدر ستة طاف أم سبعة طواف فريضة قال فليعد طوافه قبل انه خرج وفاته ذلك قال ليس عليه
شئ وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل لم يدر ستة طاف أو سبعة قال يستقبل وعن منصور بن حازم قال قلت
لأبي عبد الله (ع) انه طفت فلم أدر ستة طفت أو سبعة وطفت طوفا اخر فقال هلا استأنفت قلت قد طفت وذهبت قال ليس عليك
شئ وعن أحمد عن المزني؟؟ عن أبي الحسن الثاني قال سألته قلت وان شك في طوافه فلم يدر ستة طاف أو سبعة قال إن كان في فريضة أعاد
كل ما شك فيه وان كان في نافلة على ما هو أقل فروع الأول لو شك فيما دون الستة والسبعة كان الحكم كذلك كمن شك فلم يدر طاف
ثلاثة أشواط وأربعة أعاد في الفريضة وعلى هذا النهج لما تقدم ويدل عليه أيضا ما رواه حنان بن سدير قال قلت لأبي عبد الله (ع)
ما يقول في رجل خاف فأوهم قال طفت أربعة وقال طفت ثلاثة فقال أبو عبد الله (ع) اي الطوافين نافلة وطواف فريضة ثم قال إن
كان طفت فريضة فليلق ما في يديه واستأنفوا وان كان طواف نافلة واستيقن الثلث وهو شك من الرابع انه طاف فليبني على الثالث فإنه
يجوز له الثاني لو شك في طواف النافلة بنى على الأقل استحبابا لما تقدم في الروايات ويجوز لنا البناء على الأكثر روى ابن بابويه عن
رفاعة عن الصادق (ع) أنه قال في رجل ان يدري ثلاثة طاف أو أربعة قال طواف نافلة أو فريضة قلت أجنبي فيهما قال إن كان طواف نافلة
أو فريضة قلت أجنبي فيهما قال إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت وان كان طواف فريضة فأعد الطواف فان طفت بالبيت طواف
الفريضة ولم تدر شيئا طفت أو سبعة فأعد طوافك فان خرجت وفاتك ذلك فليس عليك شئ الثالث يجوز للرجل أن يقول على
غيره في تعداد الطواف كما يجوز في الصلاة لأنه يثمر التذكر والظن مع النسيان روى ابن بابويه عن ابن مسكان عن الهذيل عن أبي عبد
الله (ع) في الرجل يتكل على عدد صاحبه في الطواف أيجزيه عنها وعن الصبي فقال نعم الا ترى انك يأتم بالامام إذا صليت خلفه فهو
مثله وسئله سعيد الأعرج عن الطواف أيكتفي الرجل باحصاء صاحبه قال نعم مسألة لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة
فلو طاف ثمانية عمدا وان كان سهوا استحب له ان يتم أربعة عشر شوطا وبالجملة القران في طواف الفريضة لا يجوز عند أكثر علمائنا وكرهه
699

ابن عمر والحسن البصري والزهري ومالك وأبو حنيفة وقال عطاء وطاوس وسعيد بن جبير واحمد واسحق لا بأس به لنا ان النبي صلى الله عليه وآله لو
يفعله فلا يجوز فعله لقوله (ع) خذوا عني مناسككم ولأنه فريضة ذات عدد ولا يجوز الزيادة عليها كالصلاة ويدل عليه أيضا ما رواه
الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض فلا يعيد حتى يستتمه احتج بان عايشة
فعلته ولأنه يجري مجرى الصلاة يجوز جمعها ويؤخر ما بينهما يصليهما بعدها كذلك وجوابه ان فعل عايشة ليس حجة ويحتمل ان يكون ذلك
في النفل فان القران يجوز فيه على ما يأتي والمقيس عليه أصل لنا ويدل على المنع من القران ما رواه الشيخ عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا الحسن
(ع) عن الرجل يطوف يقرن بين أسبوعين فقال إن شئت رويت لك عن أهل المدينة قال فقلت لا والله مالي في ذلك حاجة جعلت
فداك ولكن أروني ما أدين الله عز وجل به فقال لا تقرن بين أسبوعين كل ما طفت أسبوعا فصل ركعتين واما انا فربما قرنت الثلاثة
والأربعة فنظرت إليه فقال إني مع هؤلاء وعن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالا سألناه عن اقران الطواف السبوعين و
الثلاثة قال لا انما هو سبوع وركعتان وقال كان أبي يطوف مع محمد بن إبراهيم فيقرن وانما كان ذلك منه لحال التقية وعن أحمد بن محمد بن
أبي نصر قال سئل رجل أبا الحسن (ع) عن رجل يطوف الأسباع جميعا فيقرن فقال لا الا أسبوع وركعتان وانما قرن أبو الحسن
(ع) لأنه كان يطوف مع محمد بن إبراهيم لحال التقية فروع الأول لا بأس بالقران بين الطوافين في النافلة لما رواه
الشيخ في الموثق عن ابن مسكان عن زرارة قال قال قال أبو عبد الله (ع) انما يكره ان يجمع الرجل بين السبوعين والطوافين
في الفريضة فاما في النافلة فلا وعن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول انما يكره القران في الفريضة اما النافلة فلا
والله ما بها بأس الثاني هل القران في طواف الفريضة يحرم أم لا قال الشيخ (ره) لا يجوز وهو كما يحتمل التحريم يحتمل الكراهية
لكنه احتمال بعيد في الكراهية وقال ابن إدريس انه مكروه شديد الكراهية وقد يعتبر عن مثل هذا بقولنا لا يجوز وكلام الشيخ في الاستبصار
يعطي الكراهية الثالث الأفضل في كل طواف صلاة والقران مكروه في النافلة أيضا وعلى الخلاف في الفريضة الرابع من
جمع بين الأسابيع في النفل أو في الفرض على الخلاف يستحب ان ينصرف على وترو يكره له الانصراف على الشفع مثلا لا ينصرف على أسبوعين
ولا على أربعة يدل على ثلاثة أو خمسة لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه (ع) انه كان يكره ان ينصرف في الطواف الأعلى
وتر من طوافه الخامس قد بينا انه لا يجوز له الزيادة على السبعة فلو طاف ثمانية أشواط عامدا أعاد وان كان ناسيا استحب له
ان يتمها أربعة عشر شوطا لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية قال
يضيف إليها ستة وعن رفاعة قال كان علي (ع) يقول إذا طاف ثمانية فليتم أربعة عشر قلت أربع ركعات قال يصلي ركعتين وانما
قلت بالتمام مع الشهود دون العمد مع اطلاق هذا الحديثين لرواية أبي بصير الدالة على وجوب الإعادة ويدل على التفصيل ما
رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول من طاف في البيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم
أربعة عشر شوطا ثم ليصل ركعتين فالتقييد بالوهم هنا يقتضي حمل اطلاق الروايتين عليه خصوصا مع رواية أبي بصير الدالة على وجوب
الإعادة ولا يجوز حملها على النسيان ولا حمل المطلقين على العمد للنافي ولا وجه للجمع الا ما ذكرناه السادس إذا أكملها أربعة عشر
شوطا صلى ركعتين طواف الفريضة وسعى ثم عاد إلى المقام وصلى ركعتين النفل لما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إن
عليا (ع) طاف طواف الفريضة فترك سبعة وبنى على واحدة وأضاف إليها ستا ثم صلى الركعتين خلف المقام ثم خرج إلى الصفا
والمروة فلما فرغ من السعي بينهما فصلي ركعتين الذي تركه في المقام الأول السابع لو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن انه قد
طاف سبعا فليقطع الطواف ولا شئ عليه لأنه أتى بالواجب وإن لم يذكر حتى يجوزه تمم أربعة عشر شوطا لما رواه الشيخ عن أبي كهمش قال
سألت أبا عبد الله عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط قال إن ذكر قبل أن يأتي الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه فان لم يذكر حتى يبلغه فليتم أربعة
عشر شوطا وليصل أربع ركعات الثامن لو شك هل طاف سبعا أو ثمانية قطع ولا شئ عليه لأنه يتيقن حصول السبع رواه الشيخ عن
الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل طاف فلم يدر سبعا طاف أو ثمانية قال يصلي ركعتين وفي
الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد
الله (ع) قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر سبعة طاف أو ثمانية فقال اما السبع فقد استيقن وانما
وقع وهمه على الثامن فليصل ركعتين التاسع لو شك فلم يدر ستة طاف أو سبعة أو ثمانية فإن كان طواف الفريضة أعاد لأنه لم يتيقن حصول
السبعة ويدل عليه ما تقدم وما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية قال يعيد طوافه
حتى يحفظ قلت فإنه طاف وهو ناس قال فليتمه طوافين ويصلي أربع ركعات فاما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة أشواط العاشر
لو طاف أقل من سبعة ناسيا أعاد وتمم طوافه ان كان قد طاف أربعة أشواط وان كان قد طاف دونها أعاد اوله ولم يذكر حتى رجع إلى
700

أهله امر من يطوف عنه سبعة أشواط ان كان قد طاف أقل وليتمه ان كان قد تجاوز النصف وكذا لو أحدث في أثناء طواف الفريضة فإن كان تجاوز النصف
تطهر وبنى وإن لم يبلغه استأنف لما رواه الشيخ عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه
قال يخرج ويتوضأ فإن كان جاوز النصف بنى على طوافه وان كان أقل من النصف أعاد الطواف وكذا البحث لو قطع الطواف لقضاء حاجة أو دخول
البيت أو غير ذلك وقد تقدم بيانه فيما مضى الحادي عشر قد بينا انه يجوز للرجل ان يعول على غيره في تعداد طوافه فان حصل الشك
لهم كان حكم ما تقدم في الإعادة ان كان الشك في النقصان وإلا فلا يدل عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن صفوان قال سألته عن ثلاثة دخلوا
في الطواف فقال واحد منهم احفظوا الطواف فلما ظنوا انهم فرغوا قال إنهم شكوا كلهم فليستأنفوا وإن لم يشكوا وعلم كل واحد منهم ما في يديه
فليبينوا مسألة قد بينا ان طهارة المحدث والجنب شرط في الطواف فلو طاف ومحدث عامدا لم يصح طوافه وكذا لو كان ناسيا اما لو طاف
وعلى ثوبه نجاسة عامدا فإنه يعيد ولو كان ناسيا وذكر في أثناء الطواف قطعه وأزال النجاسة أو نزع الثوب وتممم طوافه وإن لم يذكر حتى يفرغ منه
نزع الثوب وغسله وصلى ركعتين روى الشيخ عن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف قال
فينظر الموضع الذي فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله ثم يعيد فيتم طوافه وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال قلت
له رجل في ثوبه دم لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه فقال أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر اما طواف النفل فإنه يجوز من غير طهارة
الحدث وان كان الأفضل الطهارة فيه فرع لو تحلل من احرام العمرة ثم أحرم بالحج وطاف وسعى له ثم ذكر أنه طاف محدثا إحدى الطوافين
ولم يعلم هو طواف العمرة فبطل وقد فات وقتها وأن يكون للحج فيعيد فلهذا أوجبنا إعادة طواف الحج وسعيه والآتيان بعمرة مفردة بعد الحج لبطلان
عمرته هكذا قاله بعض الجمهور والوجه انه يعيد الطوافين لان العمرة لا تبطل بفوات الطواف مسألة المريض لا يسقط عنه الطواف
وان كان مما يستمسك معه الطهارة طيف به وإن لم يستمسك معه الطهارة انتظر به يوم أو يومان فان برى أطاف بنفسه والا طيف عنه
رواه الشيخ عن الربيع بن خشم قال شهدت أبا عبد الله (ع) وهو يطاف به حول الكعبة في محل وهو شديد المرض كان كلما بلغ الركن اليماني
أمرهم فوضعوه على الأرض فادخل يده في كرة المحل حتى يجرها على الأرض ثم يقول ارفعوني ارفعوني فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط
فقلت جعلت فداك يا بن رسول الله هذا يشق عليك فقال إني سمعت الله عز وجل يقول ليشهدوا منافع لهم فقلت منافع الدنيا أو منافع
الآخرة فقال الكل وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن موسى (ع) عن المريض يطيف عنه بالكعبة قال لا ولكن يطاف به
والصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال المريض المغلوب والمغمى عليه يرمي عنه يطاف به وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى قال سألت أبا
الحسن (ع) عن الرجل المريض يقدم مكة فلا يستطيع ان يطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فقال يطاف به محمولا يحط الأرض
برجليه حتى تمس الأرض قدميه في الطواف ثم توقف به في أصل الصفا والمروة إذا كان معتلا وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه قال نعم إذا كان لا يستطيع قال الشيخ ولا ينافي هذه الأخبار ما رواه حريز بن عبد الله في الصحيح
عن أبي عبد الله (ع) قال المريض المغلوب والمغمى عليه يرمي عنه ويطوف عنه لأنه محمول على المبطون الذي يستمسك طهارته فلا يؤمن
منه الحديث في كل حالا لحديث إسحاق بن عمار ولا يعلم خلافا في أن المريض يطاف به إذا استمسك الطهارة روى الجمهور عن ابن عباس ان
النبي صلى الله عليه وآله طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن الحجر وعن أم سلمة قال شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اني مريض
اشتكى فقال طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ورواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول حدثني أبي
ان رسول الله صلى الله عليه وآله طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجته وسعى عليها بين الصفا والمروة مسألة ولو كان المريض لا يستمسك
به الطهارة يطيف عنه مع ضيق الوقت وينتظر به مع السعة فان برئ والا طيف عنه للضرورة لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) أنه قال المبطون والكبير يطاف عنهما ويرمي عنهما وعن حبيب النخعي عن أبي عبد الله (ع) قال امر رسول الله
صلى الله عليه وآله ان يطاف عن المبطون والكبير ويدل على انتظار إليه ما رواه الشيخ عن يونس بن عبد الرحمن الجبلي قال سألت أبا الحسن
أو كتبت إليه (ع) عن سعيد بن يسار انه سقط من جملة فلا يستمسك بطنه أطوف عنه وأسعى قال لا ولكن دعه فان برئ قضى هو
والا فاقض أنت عنه اما الكبير فان استمسك الطهارة طيف به والا طيف عنه لملا تقدم ولما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال الكبير يحمل فيطاف به والمبطون يرمي عنه ويطاف عنه ويصلي عنه فرع لو طاف بعض طوافه فاغتسل عليه
لا يتمكن معها من اتمام الطواف وانتظر به يوم أو يومان فان برئ أتم طوافه ان كان قد تجاوز النصف والا أعاده وإن لم يتم أطيف به
أسبوعا ان كان قد طاف أقل من النصف والا طيف به التمام لما تقدم ولما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن (ع)
701

عن رجل طاف بالبيت بعض طوافه طواف الفريضة ثم اعتد علة لا يقدر معها على اتمام طوافه قال إذا طاف أربعة أشواط امر من يطوف
عنه ثلاثة أشواط وقد تم طوافه وان كان طاف ثلاثة أشواط أو كان لا يقدر على التمام فان هذا مما غلب الله عليه فلا بأس ان يؤخره يوما أو
يومين فان كانت العافية وقدر على الطواف طاف أسبوعا وان طالت عليه امر من يطوف عنه أسبوعا ويصلي عنه وقد خرج من احرامه
وفي رمى الجمار مثل ذلك وفي رواية محمد بن يعقوب ويصلي هو وقال الشيخ والمعنى به ما ذكرناه من أنه متى استمسك طهارته صلى هو بنفسه
ومتى لم يقدر على استمساكها طيف عنه وصلى عنه مسألة ان احمل محرم محرما وطاف به ونوى كل واحد منهما الطواف اجزاء عنهما
وبه قال أبو حنيفة وللشافعي قولان أحدهما انه يجزي عن المحمول والثاني انه يجزي عن الحامل دون المحمول لنا ان الحامل قد حصل منه
الطواف والمحمول أيضا قد حصل طايفا حول البيت فيجزيه وكونه على طهر غيره لا يمنع صحة طوافه كما لو طاف راكبا ويؤيد ذلك ما رواه
الشيخ في الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) في المراة يطوف بالصبي وتسعى به هل يجزي ذلك عنها وعن الصبي
فقال نعم وعن الهيثم بن عروة البهمي عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له اني حملت امرأتي وطفت بها وكانت مريضه وقلت له اني
طفت بها بالبيت طواف الفريضة وبالصفا والمروة احتسب بذلك لنفسي فهل يجزيني فقال نعم احتج الشافعي بأنه فعل واحد فإذا وقع
عن الفاعل للطواف أعني الحامل لم يقع عن المحمول لان الفعل الواحد لا يقع عن اثنين والجواب لا نسلم اتحاد الفعل هنا لان
اختلاف الأوضاع والنسب وتغاير المكنة حاصل لكل واحد منهما لكن لا حدهما بالذات وللآخر بالعرض والأول غير مشترط لأنه
وافقنا على جواز طواف الراكب وينتقض أيضا بالمواقف يعرفه إذا حمل غيره فإنه وافقنا على جوازه أيضا مسألة ويستحب الدعاء
في الطواف بما تقدم ويجوز الكلام فيه بالمباح وهو قول العلماء كافة روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال الطواف
بالبيت صلاة لا انكم يتكلمون فيه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الكلام في الطواف وانشاد الشعر والضحك في الفريضة وغير الفريضة أيستقيم ذلك قال لا بأس به والشعر ما كان لا بأس به منه ولان الأصل إباحة الكلام فيبقى
الحكم عليه ما لم يظهر مناف فروع الأول قراءة القرآن في الطواف مستحبة غير مكروهه قال علماؤنا وبه قال عطا ومجاهد والثوري
وابن المبارك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وروى عن عروة والحسن ومالك انها مكروهة وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور
ان عايشه ردت ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول في طوافه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وهو من
القران ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن فضل انه سئل محمد بن علي الرضا (ع) فقال له سعيت شوطا ثم طلع الفجر فقال
صل ثم عد فأتم سعيك وطواف الفريضة لا ينبغي ان يتكلم فيه الا بالدعاء وذكر الله وقراءة القران وقال النافلة يلقى الرجل أخاه فليسلم
عليه ويحدثه بالشئ من امر الآخرة والدنيا لا بأس به ولان الطواف كالصلاة وأفضل الذكر في الصلاة القران فهو أعلى الاذكار فكان
أولى من غيره قال ابن المنذر وافقنا مالك في أنه يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وهي من القران الثاني الكلام المباح مباح في الطواف
لما تقدم من الأحاديث الثالث يستحب الاكثار من ذكر الله تعالى في الطواف لأنه يستحب في جميع الأحوال ففي حال تلبسه في هذا العبادة
أولى واستحب ان ترك الحديث الا بذكر الله تعالى وقراءة القران والامر بالمعروف والنهى عن المنكرو وما لا بد منه لقول النبي صلى الله عليه وآله
الطواف بالبيت صلاة فمن تكلم فلا يتكلم الا بخير الرابع يجوز له الشرب في الطواف ولا أعلم أحدا منع منه وروى الجمهور
لان النبي صلى الله عليه وآله شرب في الطواف ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) هل نشرب
ونحن بالطواف قال نعم الخامس قال الشيخ في الخلاف الأفضل أن يقول طواف وطوافين وثلثة أطواف وان قال شوطا وشوطين
وثلثة أشواط جاز وقال الشافعي كره ذكر الشوط وبه قال مجاهد احتج الشيخ باجماع الفرقة بان الأصل الإباحة وعدم الكراهية مسألة
قال الشيخ (ره) لا يجوز الطواف وعلى الطايف برطلة وأطلق وقال ابن إدريس انه مكروه في طواف الحج محرم في طواف العمرة نظرا
إلى تحريم تغطية الرأس في طواف العمرة دون طواف الحج قال الشيخ في التهذيب يكره للرجل ان يطوف وعليه برطلة واستدل بما رواه
زياد بن الحسن الحنظلي عن أبي عبد الله (ع) قال لا تطوفن بالبيت وعليك برطله وعن يزيد بن خليفة قال رآني أبو عبد الله (ع)
أطوف حول الكعبة وعلى برطلة فقال لي بعد ذلك قد رأيتك تطول حول الكعبة وعليك برطله لا تلبسها حول الكعبة فإنها من ذي
اليهود وقول ابن إدريس جيد مسألة من نذر ان يطوف على أربع قال الشيخ (ره) يكون عليه طوافان أسبوع ليديه وأسبوع
لرجليه وقال ابن إدريس لا ينعقد نذره لأنه غير مشروع فلا ينعقد لانعقاده يحتاج إلى شرع احتج الشيخ بما رواه السكوني عن أبي
عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) في امرأة نذرت ان تطوف على أربع قال تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها وعن أبي
عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن ابائه (عل) عن علي (ع) في امرأة نذرت ان تطواف على أربع قال تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا
702

لرجليها ومع سلامة هذين الحديثين من الضعف في السند ينبغي الاقتصار على مورد هما وهو المراة ولا يتعدى إلى الرجل وقول ابن إدريس انه
نذر في غير مشروع ممنوع ان الطواف عبادة يصح نذرها نعم الكيفية غير مشروعة ولا نسلم انه يبطل نذره الفعل عن بطلان نذر الصفة
وبالجملة فالذي ينبغي الاعتماد عليه بطلان النذر في حق الرجل والتوقف في حق المراة فان صح سند هذين الخبرين عمل بموجبهما و
الا بطل كالرجل مسألة طواف الحج ركن فيه وهو واجب اتفق عليه علماء الاسلام قال الله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق قال ابن
عبد البر اجمع العلماء على أن هذه الآية فيه وعن عايشه قالت حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فأفضنا يوم النحر فحاضت ضعيه فأراد النبي
صلى الله عليه وآله ما يريد الرجل من أهله فقلت يا رسول الله انها حايض قال أحابستنا هي قالوا يا رسول الله انها قد أفاضت يوم النحر قال
اخرجوا فدل على وجوب الطواف وانه حابس لمن يأت به ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله
(ع) قال على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة فعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام
إبراهيم (ع) وكذا في حديث ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) وفى الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال
على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف ويصلى لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة ولا نعلم خلافا في وجوبه ولأنه أحد التسكين
وكان الطواف فيه ركنا كالعمرة إذا ثبت هذا فان أخل به عامدا بطل حجه فان اخذ به ناسيا وجب عليه ان يعود يقضيه فان لم يتمكن استناب فيه
وقال الشافعي ان كان قد طاف طواف الوداع اجزاء عنه والا وجب عليه الرجوع ولا يحل له النساء حتى يطوف وان طال زمانه وخرج وقته
لنا ان طواف الوداع نفل فلا يجزى عنه ويدل على حكم الناس ما رواه الشيخ عن علي بن حمزة قال سأل عن رجل جهل ان يطوف البيت حتى
يرجع إلى أهله قال إذا كان جهة الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة وفى الصحيح عن علي بن جعفر قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل جهل ان يطوف
بالبيت طواف الفريضة قال إن كان على وجه الجهالة في الحج أعاد وعليه بدنة إذا ثبت هذا فالشيخ (ره) أوجب عليه البدنة مع إعادة
الحج وتوقف ابن إدريس في ايجاب البدنة والعمل على الرواية أولى إذا عرفت هذا فلو نسي طواف النساء لم يحل له النساء حتى يزور البيت و
يأتي به يجوز له ان يستنيب فيه لما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل نسي طواف النساء حتى
دخل أهله قال لا يحل له النساء حتى يزور البيت وقال يأمر ان يقضى عنه إن لم يحج فان توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه
أو غيره وعن هذه الرواية حمل الشيخ ره رواية علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم
بلاده وواقع النساء كيف يصنع قال يبعث بهدى ان كان تركه في حج بعث في حج وان كان تركه في عمرة بعث في عمرة ووكل من يطوف
عنه ما ترك من طوافه ويجوز ان يحمل عندي على تارك طواف الزيارة إذا لم يتمكن من العود
الفصل الرابع في السعي و
التقصير ومباحث أربعة مسألة في المقدمات وهي عشرة مندوبة كلها الطهارة إذ ليست واجبة في السعي وان كان
مستحبة فيه ذهب إليه علماؤنا وهو قول عامة أهل العلم وقال احمد في إحدى الروايتين انها شرط وكان في الحسن يقول إن ذكر قبل أن
يحل فليعد الطواف بين الصفا والمروة وان ذكر بعد ما حل فلا شئ عليه لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
لعايشة حين حاضت أقضى ما يقضى الحاج غير أنه لا تطوع بالبيت وعن عايشه وأم سلمة قال إذا طافت المراة بالبيت وصلت ركعتين
ثم حاضت فلتطف بين الصفا والمروة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يسعى
بين الصفا والمروة على غير وضوء فقال لا بأس وفى الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يقضى المناسك كلها على
غير وضوء الا الطواف فان فيه صلاة والوضوء أفضل وفى الصحيح عن رفاعة بن موسى قال قلت لأبي عبد الله (ع) اشهد شيئا من المناسك
وانا على غير وضوء قال نعم الا الطواف بالبيت فان فيه صلاة ولأنها عبادة لا يتعلق بالبيت فأشبه الوقوف إذا ثبت هذا فان الطهارة
أفضل بلا خلاف لما تقدم من الاخبار ولما رواه الشيخ عن يحيى الأزرق عن أبي الحسن (ع) قال قلت له الرجل يسعى بين الصفا والمروة
ثلاثة أشواط وأربعة ثم يبول أيتم سعيه بغير وضوء قال لا بأس ولا أتم نسكه بوضوء كان أحب إلى ورواية ابن فضال قال قال أبو الحسن (ع) لا
يطوف ولا يسعى الا بوضوء محمول على الاستحباب في السعي لما تقدم من الأحاديث مسألة ويستحب له إذا فرغ من الطواف وصلى
ركعتيه ان يستلم الحجر الأسود قبل السعي ولا نعلم فيه خلافا روى الجمهور عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا فرغت من الركعتين فات الحجر الأسود واستلمه وأشر إليه فإنه
لابد وقال إن قدرت ان تشرب من ماء زمزم قبل أن يخرج إلى الصفا فافعل ويقول حين تشرب اللهم اجعله علما نافعا ورزقا
واسعا وشفاء من كل داء وسقم قال وبلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال حين نظر إلى زمزم لولا أن أشق على أمتي لاخذت منه ذنوبا
أو ذنوبين مسألة ويستحب ان يشرب من ماء زمزم ويصيب على جسده من الدلو المقابل للحجر لما تقدم في حديث معوية بن عمار
703

وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا فرغ الرجل من طوافه وصلى ركعتين فليأت زمزم فيستقى منه ذنوبا أو
ذنوبين فليشرب منه وتصب على رأسه وظهره وبطنه ويقول اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم ثم يعود إلى الحجر الأسود وفي
الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي الحسن موسى (ع) وعن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال يستحب ان يستقي من بئر ماء زمزم دلو ودلوان
فيشرب منه وتصب على رأسك وجسدك ولكن ذلك الدلو الذي بحذاء الحجر وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الماء زمزم
ركضه جبرئيل (ع) وسقى إسماعيل (ع) وحفيرة عبد المطلب وزمزم والمصوبة وطعام طعم وشفاء سقم مسألة ويستحب ان يخرج من
الباب المقابل للحجر الأسود ولا نعلم فيه خلافا روى الشيخ في الصحيح عن ابن عمر عن عبد الحميد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الباب الذي
يخرج منه إلى الصفا فان أصحابنا اختلف عليه فيه وبعضهم يقول هو الباب الذي يستقبل الحجر فقال أبو عبد الله (ع) هو الباب الذي يستقبل
الحجر الأسود والذي يستقبل السقاية صنعة داود وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله حين
فرغ من طوافه وركعتيه قال ابدأ لما بدء الله عز وجل يقول إن الصفا والمروة من شعائر الله قال أبو عبد الله (ع) ثم اخرج إلى الصفا من
باب الذي خرج منه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الباب الذي يقابل الحجر السود حتى يقطع الوادي وعليك السكينة والوقار الحديث
مسألة ويستحب له الصعود على الصفا ذهب إليه أكثر أهل العلم كافة الامن شذ فإنه قال لا يصح سعيه حتى يصعد على الصفا والمروة
بقدر ما يستوفي السعي بينهما لأنه لا يمكنه استيفاء ما بينهما الا بذلك فيجب عليه لوجوب غسل جزء من الرأس وصيام جزء من الليل وهذا
ليس بصحيح لان الواجبات هنا لا يتفضل بفضل حتى يمكن معه الاستيفاء من الواجب دون فعل بعضه ولهذا أوجبنا غسل جزء من الرأس وصيام
جزء من الليل بخلاف صورة النزاع فإنه يمكنه ان يجعل عقبه ملاصقا للصفا ويدل على استحباب الصعود ما رواه الجمهور في حديث الصادق جعفر بن
محمد عن أبيه (ع) عن جابر في صفة سعى رسول الله صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد
الله (ع) قال فاصعد الصفا حتى تنظر إلى البيت ويستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود فاحمد الله عز وجل واثن عليه مسألة ويستحب ان
يحمد الله ويثنى عليه ويدعو وإطالة الوقوف على الصفا لما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال فاحمد الله واثن عليه
واذكر من الآية وثلثة وحسن ما صنع إليك ما قدرت ذكره ثم كبر سبعا وهلله سبعا وقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ثلث مرات ثم صل على النبي وآله وقل الله أكبر الحمد لله على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا والحمد لله الحي القيوم
والحمد لله الحي الدايم ثلث مرات وقل اشهد أن لا إله إلا الله واشهد ان محمدا عبدوه رسوله لا نعبد إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون
ثلث مرات اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ثلث مرات ثم كبر مائه مرة
وهلل مائة مرة وسبح مائة مرء ويقول
لا اله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد وحده اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت اللهم إني
أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته اللهم أظلني في عرشك يوم لا ظل الا ظلك وأكثر من أن يستودع ربك دينك ونفسك واهلك ثم يقول
استودع الله الرحمن الرحيم الذي لا يضيع ودايعه ديني ونفسي وأهلي اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك وتوفني على ملته ثم أعذني من
الفتنة ثم كبر ثلثا ثم تعيدها مرتين ثم يكبر واحدة ثم تعيدها فان لم يستطع هذا فبعضه قال أبو عبد الله (ع) وان رسو ل الله
صلى الله عليه وآله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مرتسلا وعن علي بن نعمان يرفعه قال كان أمير المؤمنين (ع) إذا صعد الصفا
استقبل الكعبة ثم يرفع يديه ثم يقول اللهم اغفر لي كل ذنب اذنبته قط فان عدت فعد على بالمغفرة انك أنت غني عن عذابي وانا محتاج
إلى رحمتك فيا من انا محتاج إلى رحمته ارحمني اللهم فلا تفعل بي ما انا أهله فإنك ان تفعل بي ما انا أهله تعذبني ولن تظلمني أصبحت اتقى
عذابك ولا أخاف جورك فيا من هو عدل لا يجوز ارحمني وعن حماد المنقري قال قال لي أبو عبد الله (ع) ان أردت أن يكثر مالك فأكثر
الوقوف على الصفا فرع لو يتمكن من الإطالة والدعاء بما تقدم دعا بما تيسر للضرورة روى الشيخ عن علي بن أسباط عن مولي لأبي عبد الله
(ع) من أهل المدينة قال رأيت أبا الحسن (ع) صعد المروة فألقى على نفسه على الحجر الذي في أعلاها في ميسرتها واستقبل الكعبة وهو
يدل على استحباب الصعود إلى المروة ودل على الاجزاء باليسير مع عدم المكنة لما رواه الشيخ عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) قال ليس على الصفا
شئ موقت وعن محمد بن يزيد عن بعض أصحابه قال كنت في قفا أبي الحسن موسى (ع) على الصفا أو على المروة وهو لا يزيد على حرفين اللهم إني
أسئلك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية في التوكل عليك
البحث الثاني في الكيفية مسألة النية واجبة
في السعي لأنها عبادة مفتقر إلى النية لقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولأنه عمل لابد فيه من النية لقوله (ع)
لا عمل الأبنية وانما الأعمال بالنيات وانما الامر ما نوى إذا عرفت هذا فان النية شرط في السعي يبطل بالاخلال بها عمدا وسهوا و
يجب فيهما تعيين الفعل والتقرب به إلى الله تعالى مسألة ويجب فيه الترتيب يبدأ بالصفا ويختم بالمروة وهو قول العلماء وقد روى
704

محمد بن شجاع البجلي عن أبي حنيفة ان الترتيب ليس بواجب لنا ما رواه الجمهور عن الصادق وجعفر بن محمد عن أبيه (ع) عن جابر في صفة حج رسول الله
صلى الله عليه وآله بدأ بالصفا وقال ابدأوا بما بدأ الله تعالى به ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح في حديث معوية بن عمار عن أبي عبد الله
(ع) ان رسو ل الله صلى الله عليه وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال ابدأوا بما بدأ الله تعالى به ان الله عز
وجل يقول إن الصفا
والمروة من شعائر الله وهذا امر والامر للوجوب وعن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) يبدأ بالصفا ويختم بالمروة وقد روى
عن أبي حنيفة خلاف هذه الرواية التي رويت عنه فكان اجماعا مسألة ويجب ان السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط يجب ذهابه
من الصفا إلى المروة شوطا وعوده من المروة إلى الصفا اخر هكذا سبع مرات ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو قول عامة أهل العلم وقال أبو بكر
الصيرفي من الشافعية يحتسب سعيه من الصفا إلى المروة ومنها إلى الصفا سعيه واحدة فجعل الذهاب والرجوع شوطا واحدا ويحكى هذا القول
عن ابن جرير انه افتى به وتابعه الصيرفي فلما حمل القسا إلى أبي إسحاق ضرب على فتوى الصيرفي واعتقد انه؟ غلظ؟ منه فما بلغه أقام على ذلك لنا
ما رواه الجمهور عن جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) عن جابر في صفة حج رسول الله لم يزل إلى المروة
حتى إذا انصبت قدماه وحل في بطن الوادي حتى إذا صعد فامشي حتى أتى إلى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا فلما كان اخر طوافه
على المروة قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم اسق الهدى وجعلتها عمرة وهذا يقتضي انه اخر طوافه ولو كان على ما ذكروه لان اخر طوافه
عند الصفا في الموضع الذي بدأ منه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة وفي
الصحيح عن هشام بن سالم قال سعيت بين الصفا والمروة انا وعبيد الله بن راشد فقلت يحفظ على فجعل تعد ذاهبا وجائيا شوطا واحد فبلغ مثل
ذلك فقلت له كيف بعد قال ذاهبا وجائيا شوطا واحدا فإنهما أربعة عشر شوطا فذكرنا ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال قد زاد على ما عليهم
ليس عليهم شئ وانما يتحقق الزيادة لو جعلنا الرجوع شوطا اخر ولأنه في كل مرة طايف بهما فينبغي ان يحتسب بذلك كما أنه إذا أطاف بجميع البيت
احتسب به وبالجملة فهذا حكم متفق عليه وخلاف الظاهر يبنى فيه لا اعتداد به احتجوا لان الطواف لا يحتسب به حتى يعود إلى الموضع الذي بدأ
منه فكذا هنا وحرامه إذا الطواف حجة لنا عليهم لأنه لا يتكرر في موضع منه في طوفه واحدة كذا هنا مسألة ويجب السعي بين الصفا
والمروة في المسافة التي بينهما ولا يجوز الاخلال بشئ منهما ولو بذراع ولا يحل له النساء حتى تكمله ولا يجب عليه الصعود إلى الصفا ولا إلى
المروة خلافا لبعض الشافعية وقد تقدم لنا قوله تعالى فلا جناح عليه ان يطوف بهما قال المفسرون أراد بينهما ومن سعى من الصفا إلى المروة
يصدق عليه انه سعى بينهما وإن لم يصدر على أحدهما وقد مضى البحث في ذلك ووقف عمر في حوض في أسفل الصفا ولا يطهر عليه ولم يكن عليه من
المهاجرين والأنصار فكان اجماعا مسألة يستحب له ان يسعى ماشيا ولو سعى راكبا جاز وهو قول العلماء كافة روى الجمهور ان النبي
صلى الله عليه وآله طاف راكبا بالبيت والصفا والمروة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال
سألته عن السعي بين الصفا والمروة على الدابة قال نعم وعلى المحل وعن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسعى
بين الصفا راكبا قال لا بأس والمشي أفضل وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) عن المراة يسعى بين الصفا والمروة
على دابة أو على بعير قال لا بأس وسألته عن الرجل يسعى بين الصفا راكبا قال لا بأس وعن حجاج الخشاب قال سمعت أبا عبد الله (ع)
سأله زرارة فقال أسعيت بين الصفا والمروة فقال نعم قال وضعفت قال لا والله لقد قويت قال فان خشيت الضعف فاركب فإنه تقوى لك
على الدعاء مسألة ويستحب المشي في طرفي السعي والهرولة وسطه وهي الرمل ما بين المنارة ورفاق العطارين راكبا كان أو ماشيا
ذهب إليه العلماء كافة روى الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه وآله سعى بين الصفا والمروة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال انحدر ماشيا وعليك السكينة والوقار حتى يأتي المنارة وهي طواف المسعى فاسع ملا فروجك
وقل بسم الله الله أكبر وصلى الله على محمد وآله وقل اللهم اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم حتى يبلغ المقام الأخرى وكان
المسعى أوسع مما هو اليوم ولكن الناس ضيقوه ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المروة فاصعد عليها حتى يبدوا كذلك البيت فاصنع
كما صنعت على الصفا طف بينهما سبعة أشواط تبدو بالصفا وتختم بالمروة ثم قص من رأسك في جوانبه ولحيتك وخذ من شاربك وقلم
أظفارك وابق منها لحجك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ يحل منه المحرم وأحرمت منه وعن سماعة قال سألته عن السعي بين
الصفا والمروة قال إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أول الوادي واسع حتى ينتهي إلى أول رفاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي
إلى المروة وإذا انتهيت إليه فكف عن السعي وامش مشيا فإذا جئت من عند المروة فابدأ من عند الرفاق الذي وصفت لك فإذا انتهيت
إلى الباب الذي قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي وامش مشيا وانما السعي على الرجل وليس على النساء سعي لان موضع
الرمل من وادي محشر فاستحب قطعه بالمروة كما يستحب قطع وادي محشر بها فروع الأول يستحب الدعاء حالة السعي بما تقدم من الأدعية
705

وليس بواجب اجماعا الثاني لو ترك الرمل لم يكن عليه شئ وهو رفاق لأنه كيفية مستحبة روى الجمهور من ابن عمر قال إن السعي بين الصفا والمروة
فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يمشي وانا شيخ كبير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة قال لا شئ عليه الثالث ليس على النساء رمل ولا صعود على الصفا ولا على المروة
لان في ذلك ضررا عليهن من حيث مراجعة الرجال ولان ترك ذلك كلها ستر لهن فكان أولى من فعله الرابع الراكب يستحب له ان يحرك
دابته عند المسعى لأنها كيفية مستحبة فلا يسقط في حقه بمجرد الركوب روى الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال
ليس على الراكب سعب ولكن ليس عليه شيئا الخامس قال الشيخ (ره) لو نسي الرمل في حال السعي حتى يجوز موضعه ثم ذكر فليرجع
القهقري إلى المكان الذي يرمل فيه
البحث الثالث في الاحكام مسألة السعي واجب وركن من أركان الحج
والعمرة يبطل الحج بالاخلال به عمدا ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قالت عايشة وعروة بن مالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين
وفي الأخرى انه مستحب لا يجب بتركه دم وهو مروي عن ابن عباس وابن الزبير وابن سيرين وقال أبو حنيفة هو واجب وليس
بركن إذا تركه وجب عليه دم وهو مذهب الحسن البصري والثوري لنا ما رواه الجمهور عن حبيبة بنت أبي بحراه أحدي نساء بنى عبد الدار قالت
دخلت مع نسوة من بنى قريش دار أبي حسين ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يسعى بين الصفا والمروة فرأيته يسعى وابن ميزره
ليدور أوسطه من شد سعيه حتى لا قول أبي لأرى ركبتيه وسمعته يقول اسمعوا فان الله كتب عليكم السعي وعن عايشه قالت طاف رسول
الله صلى الله عليه وآله وطاف المسلمون يعنى بين الصفا والمروة فكانت ستة فالعمرى ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسن بن علي الصيرفي عن بعض أصحابنا قال سئل أبو عبد الله (ع) عن السعي بين الصفا والمروة
فريضة أو سنة فقال فريضة قلت أو ليس انما قال الله عز وجل فلا جناح عليه ان يطوف بهما قال ذلك في عمرة القضاء ان رسول الله صلى الله عليه وآله شرط عليهم ان يرفعوا الأصنام عن الصفا والمروة فقد اعتدت الأصنام فأنزل الله عز وجل فلا جناح عليه ان يطوف بهما اي وعليهما الأصنام
ودل على كونه ركنا يبطل الحج بالاخلال به عمدا ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله في رجل ترك السعي متعمدا
فقال عليه الحج من قابل وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال في رجل ترك السعي متعمدا قال لا حج له ولأنه نسك في الحج
والعمرة كان ركنا فيها كالطواف بالبيت ولأنه نسك في الحج العمرة فلم يثبت عنه الدم كالطواف والاحرام احتج بأنه تعالى رفع الحرج
عن فاعله بقوله فلا جناح عليه ان يطوف بهما ورفع الحرج دليل على عدم وجوبه فان هذا رتبه المباح وفي مصحف أبي وابن مسعود فلا
جناح أن لا يطوف بهما وهذا وإن لم يكن قرانا فلا سخط؟؟ له عن رتبة الخبر ولأنه نسك مخصوص بالحرم فتاب الدم عنه كالوقوف بالمزدلفة
والجواب عن الآية ان رفع الجناح لا ينافي الوجوب ولا عدمه فليس له اشعار بأحدهما إذ هو جنس لهما والجنس لا دلالة على النوع
على أنه يحتمل ان يكون رفع الجناح للعلة اي ما نقلناها عن الصادق (ع) وقد روى الجمهور ان المسلمين كرهوا التشبيه بالجاهلية
فإنه كان لهم ضمان أحدهما على الصفا والاخر على المروة وهذا كان في عمرة العصبية كانت في سنة سبع من الهجرة وقد قرئ بالوقف
على فلا جناح والابتداء بقوله عليه ان يطوف بهما واما قراءة أبي وابن مسعود فلا تعويل عليها ولا يجوز الاحتجاج بها على
انها قران لان القران متواتر فما ليس بمتواتر فليس قرانا ولا على انها خبر لأنهما لم ينقلاه خبر أو الخطاب ليس حجة واما القياس؟ فالمبيت؟
بمزدلفة من توابع الوقوف ولهذا لم يجب في العمرة لأنه ليس فيها وقوف لا يقال السعي تبع الطواف ولهذا يقع عقبه لأنا نقول إن السعي مترتب على الطواف كما أن السجود ترتب على الركوع وليس بتابع له مسألة ولو ترك السعي ناسيا أعاد السعي لا غير وليس عليه شئ
فإن كان قد خرج من مكة عاد السعي فان لم يتمكن امر من يسعى عنه روى الشيخ عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل
نسي السعي بين الصفا والمروة قال يعيد السعي قلت فإنه خرج قال يرجع فيعيد السعي ان هذا ليس كرمي الجمار ان الرمي سنة والسعي بين الصفا
والمروة فريضة وعن زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل نسي ان يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله فقال طاف
عنه مسألة قد بينا ان الترتيب واجب في السعي يبدء بالصفا ويختم بالمروة وهو قول العلماء لو عكس وبدأ بالمروة أعاد السعي لأنه
لم يمثل المأمور به على وجهه فيبقى في العهدة ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال من بدأ بالمروة
قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة وعن علي بن حمزة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا قال
يعيد الا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء أراد أن يعيد الوضوء أراد أن يعيد الوضوء وعن يونس عن علي الصايغ قال سأل أبو عبد الله (ع) وانا
حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا قال يعيد الا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه كان عليه ان يبدأ بيمينه ثم يعيد بشماله مسألة
إذا طاف بين الصفا والمروة سبعة أشواط وهو عند الصفا أعاد السعي من اوله ويسعى سبعا يبدأ بالصفا ويختم بالمروة قال الشيخ (ره)
706

وقال الجمهور كافة يسقط الأول ويبنى على أنه بدأ بالصفا فيضيف إليه شوط اخر احتج الشيخ (ره) باجماع الفرقة بالاخبار الدالة على
الإعادة مطلقا على من بدأ بالمروة وبالاحتياط الدال على البراءة مع الإعادة بيقين والشك مع عدمها إذا عرفت هذا فإذا بلغن عدد الأشواط
وشك فيما به بدأ فإن كان في المزدوج على الصفا فقد صح سعيه لأنه بدأ به وان كان على المروة وأعاد وينعكس الحكم مع انعكاس التقدير
مسألة ويجب ان يطوف بينهما سبعة أشواط يلصق عقبه بالصفا ويبدأ به إن لم يصعد عليه ويمشي إلى المروة ويلصق أصابعه
بها لم يبتدي منهما تلصق عقبه ويرجع إلى الصفا ويلصق أصابعه بها هكذا سبعا فلو نقص ولو خطوة واحدة وجب عليه الاتيان بها ولا
يحل ما يحرم على المحرم الا مع الاخلال بها إذا عرفت هذا فلو أخل بشوط أوما زاد وجب عليه الاتيان فان رجع إلى بلده وجب عليه العود
مع المكنة واتمام السعي لان المولاة لا يجب فيه ولا نعلم فيه خلافا فإذا عرفت هذا فلو لم يذكر حتى واقع أهله
أو قصر أو قلم أظفاره وكان
عليه دم بقرة واتمام السعي رواه الشيخ عن سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل متمتع سعى حين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع
إلى منزله فهو يري انه قد فرغ منه وقلم أظفاره وأحل ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط فقال لي تحفظ انه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا
وليرق وما فقلت دم إذا قال بقرة قال وان كان لم يكن حفظ انه سعى ستة أشواط فليبتدي السعي حتى يكلمه سبعة أشواط ثم يرق دم بقرة
وفي الموثق عن عبد الله بن مسكان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة
فذكر بعد ما أحل واقع النساء انه انما طاف ستة أشواط فقال عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا اخر فرع لو لم يحصل عدد طوافه أعاد
لأنه غير متيقن لعدد فلا يكون الزيادة والنقصان ويدل عليه ما تقدم في حديث سعيد بن يسار مسألة ولا يجوز لزيادة على سبعة
أشواط فان زاد عامدا أعاد السعي ان كان ساهيا طرح الزيادة واعتد بالسبعة وان شاء أكمل أربعة عشر شوطا لأنه عبادة ذات
عدد فأبطلتها الزيادة عمد كالصلاة والطواف ولما رواه الشيخ عن عبد الله بن محمد عن أبي الحسن (ع) قال الطواف المفروض إذا
زدت عليه مثل الصلاة فإذا زادت فعليك الإعادة فكذلك السعي ودل على ما طرح الزيادة مع السهو ما رواه الشيخ في الصحيح عن
عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (ع) عن سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ما عليه فقال إذا كان خطا خرج واحدا وأعيد
بسبعة وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نضر عن جميل بن دراج قال حججنا ونحن ضرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا
فسألنا أبا عبد الله (ع) فقال لا بأس سبعة لك وسبعة يطرح ودل على جواز اتمام أربعة عشر شوطا ما رواه الشيخ في الصحيح عن
محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال إن في كتاب علي (ع) إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أصناف إليها ستا وكذلك إذا استيقن
انه سعى ثمانية أصناف إليها ستة مسألة ولا بأس ان جلس الانسان في أثناء السعي للاستراحة وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى
لا يجوز ويجعل الموالاة شرطا في السعي لنا ما رواه الجمهور ان سودة بنت عبد الله بن عمر امرأة عروة بن الزبير سعت بين الصفا والمروة فقضت
طوافها في ثلاثة أيام وكانت؟ ضخمه؟ وكان عطا لا يرى بأسا ان يجلس بينهما للاستراحة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجلا يطوف بين الصفا والمروة تسريح قال نعم انشاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فيجلس ولأنه نسك لا
يتعلق بالبيت فلم يشترط الموالاة كالرمي والحلق احتج احمد بالقياس على الطواف والجواب الطواف يتعلق بالبيت وهو صلاة ويشترط له الطهارة
والستر فاشترطت له الموالاة كالصلاة بخلاف السعي وقد روى ابن بابويه عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
مسألة ولو دخل وقت الصلاة وهو في السعي قطع السعي وابتداء بالصلاة فإذا فرغ منها تمم سعيه ولا نعلم فيه خلافا روي الشيخ عن
الحسن بن علي بن الفصال قال سأل محمد بن علي أبا الحسن (ع) فقال له سعيت شوطا واحدا ثم طلع الفجر فقال صل ثم عد فأتم السعي وفي الصحيح عن
معوية بن عمار قال قلت لا بي عبد الله (ع) الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيدخل وقت الصلاة أتخفف أو يقطع أو يصلي
ثم يعود أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ قال لا بل يصلي ثم يعود إذ ليس عليهما مسجد مسألة ويجوز له ان يقطع الا سعى لقضاء حاجة
له أو لبعض إخوانه ثم يعود فيتم ما قطع عليه روى الشيخ عن يحيى بن عبد الرحمن الارزق قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يدخل في
السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط وأربعة ثم يلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى لطعام قال إن أجابه فلا بأس وعن أحمد
روايتان كما يقدم بيانهما والاحتجاج له وبطلانه مسألة من طاف بالبيت جاز له ان يؤخر السعي إلى بعد ساعة أو العشاء
ولا يجوز إلى غد يومه وهو قول احمد وعطا والحسن وسعيد بن جبير لان الموالاة إذا لم يجب في نفس السعي فيما بينه وبين الطواف أولى
روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجلا يقدم مكة وقد اشتد عليه الحر فيطوف في الكعبة
فيؤخر السعي إلى أن يبرد فقال لا بأس به وربما فعلته قال وربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أحدهما
(ع) عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة قال نعم وقد روى الشيخ في الصحيح عن علاء بن رزين قال سألته
707

عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيفرض الصلاة بين الصفا والمروة إلى غد قال لا وهذا يدل على المنع من تأخير السعي إلى غد يومه وروى ابن
بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد قال
لا وعن رفاعة قال سأله عن الرجل يطوف بالبيت فيدخل وقت العصر أيسعى قبل أن يصلي أو يصلي قبل أن يسعى قال لا بأس ان يصلي
ثم يسعى مسألة السعي بين الطواف لا يصح ان يتقدمه طواف فان سعى قبل لم يصح وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي و
احمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى يصح ان كان ناسيا وان تعمد أعاد لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه سعى بعد
طوافه وقال لنا خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت فقال يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف
بينهما وعن سيف بن عميره عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا والمروة قال يرجع
فيطوف بالبيت ثم يستأنف السعي قلت إن ذاك قد فاته قال عليه دم الا ترى انك إذا اغتسلت شمالك قبل يمينك كان عليك ان يعيد
إلى شمالك مسألة ولو طاف بعض الطواف ثم يمضى إلى السعي ناسيا فذكر في أثناء السعي نقيصة الطواف رجع فأتم طوافه ثم عاد
إلى السعي فأتم سعيه رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى
الصفا وطرح به ثم ذكر أنه قد بقي عليه من طوافه شئ فأمره ان يرجع إلى البيت فيتم ما بقي من طوافه ثم يرجع إلى الصفا فيتم
ما بقي فقلت له فإنه طاف بالصفا وترك البيت قال يرجع إلى البيت فيطوف به ثم يستقبل طواف الصفا فقلت ما فرق بين هذين قال
لأنه قد دخل في شئ من الطواف وهذا لم يدخل في شئ منه فرع لو سعى بعد طوافه ثم ذكر أنه طاف بغير طهارة لم يعتد بطوافه ولا يسعيه لأنه
تبع له مسألة السعي واجب في الحج والعمرة كوجوب الطواف فيها ولا يجزي السعي في أحدهما الاخر ذهب إليه علماؤنا اجمع وقال
بعض الجمهور لو سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم لم يلزمهما بعد ذلك سعى وإن لم يسعيا لزمهما السعي مع طواف الزيارة لنا
ان كل واحد منهما نسك يشترط فيه الطواف فيشترط فيه السعي كالاخر ولان السعي أحد الطوافين فيكون واجبا كالاخر ولما رواه الشيخ في الصحيح
عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان
بين الصفا والمروة إذا عرفت هذا فان القارن والمفرد على ما وصفنا يجب شرحهما يجب عليهما طواف الحج وسعى له وطواف النساء وللعمرة
المفردة التي يفعلاها طواف وسعى وطواف النساء أيضا مسألة ولا يجوز تقديم طواف النساء على السعي فان فعل ذلك متعمدا
كان عليه إعادة طواف النساء وان كان ناسيا لم يكن عليه شئ لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد عمن ذكره قال قلت لأبي الحسن (ع) جعلت
فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج ثم طاف طواف النساء ثم سعى فقال لا يكون السعي الا قبل طواف النساء فقلت عليه شئ قال لا يكون سعى
الا قبل طواف النساء قال الشيخ (ره) ولا ينافي هذا الخبر ما رواه سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي (ع) قال سألته عن الرجل طاف طواف الحج
وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة فقال لا يضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجة لأنه محمول على من فعل ذلك ناسيا فإنه
يجزي اما مع العمد فلا يجوز له فعله حسب ما تضمنه الخبر الأول وليس في الخبر انه فعله عامدا أو ناسيا مسألة لا يجوز للمتمتع
ان يقدم طواف الحج وسعيه على المضي إلى عرفات اختيارا وهو قول العلماء كافة ورواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت رجل كان متمتعا فأخل
بالحج قال لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات فان هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علة فلا يعتقد بذلك الطواف اما التقديم للضرورة
كالشيخ الكبير والمريض وامرأة التي تخاف الحيض فإنه جايز لهم لان لا تكليف تقديم الوقوف مع المانع ضرر وحرج فيكون منفيا بالأصل
ولما رواه الشيخ عن إسماعيل عبد الخالق قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لا بأس ان يجعل الشيخ الكبير والمريض والمراة والمعلول
طواف الحج قبل أن يخرج إلى منى وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل المتمتع إذا كان شيخا أو امرأة يخاف
الحيض يجعل طواف الحج قبل أن يأتي منى قال نعم من كان هكذا يجعل وعلى الضرورة حمل الشيخ ما رواه في الصحيح عن علي بن يقطين قال
سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل المتمتع يهل بالحج ثم يطوف بين الصفا آو المروة قبل خروجه إلى منى قال لا بأس به جمعا بين الروايات
وهو جيد وعن علي بن حمزة قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل دخل مكة ومعه نساء قد أمرهن فتمتعن قبل التروية يوما ويومين فخشى
بعضهن الحيض فقال انما فرغن من متعتهن وأهللن فلينظر إلى التي يخاف عليها فيأمرها فتغتسل وتهل بالحج مكانها ثم تطوف بالبيت
وبالصفا والمروة فان حدث بما شئ قضت بقية المناسك وهي طامث فقلت أليس قد بقي طواف النساء قال بلي قلت فهي مرتهنه حتى
تفرغ منه قال نعم قلت فلم لا يتركها حتى يقضي مناسكها قال يبقى عليها بنسك واحد أهون عليها من أن يبقى المناسك كلها مخافة
الحدثان قلت أبي الجمال ان يقيم عليها والرفقة أليس له ذلك يستعدي عليهم حتى يقيم عليها حتى تطهر ويقضي المناسك مسألة وكذا
708

يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين مع العذر اما مع الاختيار فلا يجوز لما تقدم ويدل على الترخيص ما رواه الشيخ عن الحسن بن علي
عن أبيه قال سمعت أبا الحسن الأول (ع) يقول لا بأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل خروجه إلى منى وكذلك
لمن خاف أن لا يتهيأ لها الانصراف إلى مكة ان يطوف ويودع البيت ثم يمر كما مر من منى إذا كان خائفا وسيأتي تمام ذلك انشاء الله
تعالى مسألة قال الشيخ (ره) يجوز للقارن والمفرد تقديم طوافهما وسعيهما على المضي إلى عرفات لضرورة وغير ضرورة وأنكر
ابن إدريس والجمهور وكافة ذلك احتج الشيخ (ره) بان الأصل عدم وجوب الترتيب ولا ينافي له ولما رواه في الصحيح عن حماد بن عثمان قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن مفرد الحج أيعجل طوافه ويؤخر قال هو والله سواء عجله أواخره وعن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن المفرد
للحج يدخل مكة أيقدم طوافه أو يؤخره قال سواء وروى ابن بابويه عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن رجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى
البيت خاليا فيطوف قبل أن يخرج عليه شئ قال لا احتج ابن إدريس على وجوب الترتيب بالاجماع وجوابه انه ممنوع خصوصا مع وجوب الخلاف
ان شيخنا (ره) قد ادعى اجماع الطايفة على جواز التقدم فكيف يصح له حينئذ دعوى الاجماع على خلافه وعلى احتج الشيخ اعترف بمواضع
الخلاف والوفاق لا يقال لا دلالة فيما ذكرتم من الأحاديث على صورة النزاع لاحتمال ان يكون دخولهما مكة بعد
عودهما من منى لا قبل
الوقوف بعرفات ويكون السؤال عن التعجيل قبل انقضاء أيام التشريق أو بعدهما على أنهما يتضمنان الطواف اما السعي فلانا نقول المراد بما ذكرناه
من التقديم على الوقوف لما رواه البزنطي عن عبد الكريم عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إن كنت أحرمت المتعة فقدمت التروية
فلا متعه لك فاجعلها مفردة يطوف بالبيت وتسعى بين الصفا والمروة ثم يخرج إلى منى ولا هدى عليك وعن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن
(ع) قال سألته عن المفرد للحج إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة أيعجل طواف النساء قال انما طواف النساء بعد أن يأتي منى إذا عرفت هذا
فان القارن والمفرد والمتمتع مع الضرورة إذا قدموا الطواف جددوا بالتلبية ليبقوا على احرامهم ولو لم يجدوا قلبت الحجة عمرة قال
الشيخ (ره) وقد تقدم الكلام فيه
البحث الرابع في التقصير مسألة إذا فرغ المتمتع من السعي قصر من شعره وقد أخل
من كل شئ احرام منه الا الاصطبار لكونه في الحرم فلو خرج من الحرم حل له الاصطياد أيضا وحل له اكل لحم الصيد في الحرم إذا ذبح في
الحل ولا نعلم فيه خلافا وروى الجمهور عن ابن عمر قال يتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول الله
صلى الله عليه وآله مكة قال للناس من كان معه هدى فإنه لا يحل من شئ أحرم منه حتى يقضى حجته ومن لم يكن معه هدى فليطف بالبيت
وبالصفا وليقصر وليحلل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار من طرق عدة صحيحة عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصر من شعرك من جوانبه ولحيتك وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك فإذا فعلت
ذلك فقد أحلت من كل شئ يحل منه المحرم وأحرمت منه فطفت بالبيت تطوعا ما شئت وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله
(ع) قال سمعته يقول طواف المتمتع ان يطوف بالكعبة ويسعى بين الصفا والمروة ويقصر من شعره فإذا فعل ذلك فقد أحل وعن عمر بن
يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال ثم اتيت منزلك فقصر من شعرك وحل لك كل شئ مسألة التقصير نسك في العمرة فلا يقع الاخلال
منها الا به وبالحلق على خلاف سيأتي وبالجملة أفعال العمرة هي الاحرام والطواف وركعتاه والسعي والتقصير ذهب إليه علماؤنا اجمع
فالتقصير حينئذ نسك ثياب عليه وبه قال مالك وابن حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين وقال في الاخر انه اطلاق محظور لنا ما رواه
الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال رحم الله المحلقين قيل يا رسول الله والمقصرين فقال صلى الله عليه وآله (ره) المحلقين إلى أن قال في الثالثة
وللرابعة رحم الله المقصرين وهذا يدل على أنه نسك ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث الدالة على الامر بالتقصير فيكون واجبا
احتج الشافعي بان كل ما كان محرما في الاحرام فإذا جاز له كان اطلاق محظور كالطيب واللباس وجوابه المنع من صدق القضية الكلية خصوصا
مع الأحاديث التي أوردناها إذا عرفت هذا فلا يستحب تأخير التقصير ولو اخره لم يتعلق به كفارة مسألة ولو أخل بالتقصير عامدا حتى أهل بالحج بطلت عمرته كانت حجة مفردة ولا يدخل أفعال الحج وأفعال العمرة وبه قال علي (ع) وابن مسعود من الصحابة والشعبي والنخعي
من التابعين وأبو حنيفة وأصحاب الرأي من الفقهاء وقال الشافعي إذا قرن فدخل فقال العمرة في أفعال الحج واقتصر على أفعال الحج فقط
يجزيه طواف واحد وسعى واحد عنهما وبه قال جابر وابن عمر وعطا وطاوس والحسن البصري ومجاهد و؟ ربيعه؟ ومالك واحمد واسحق
لنا قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله فامر بالحج والعمرة معا ولكل واحد منهما أفعال مخصوصة وروى الجمهور عن عمرو بن الحصين ان النبي
صلى الله عليه وآله قال جميع الحج إلى العمرة فعليه طوافان وعن عمار بن عبد الرحمن قال حججت مع إبراهيم بن محمد بن الحنفية فطاف طوافين
وسعى سعيين لحجه وعمرته وقال حججت مع أبي علي بن أبي طالب (ع) فطاف طوافين وسعى سعيين لحجه وعمرته وقال حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
فطاف طوافين وسعى سعيين لحجه وعمرته فهو فعل رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة (عل) من بعده والقران الذي فسروه منا
709

فساده فلما تقدم إذا عرفت هذا فيدل على بطلان العمرة بترك التقصير عامدا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال المتمتع
إذا طاف وسعى ثم لبى قبل أن يقصر فليس له ان يقصر وليس له متعة مسألة ولو أخل بالتقصير ناسيا صحت متعته ووجب عليه دم قال الشيخ (ره)
واستدل عليه بما رواه في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي إبراهيم (ع) الرجل يتمتع فنسى ان يقصر حتى يهل بالحج فقال عليه دم يهريقه وقد
روى الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أهل بالعمرة ونسي ان يقتصر حتى دخل
الحج قال يستغفر الله ولا شئ عليه وتمت عمرته قال ابن بابويه (ره) الحديث الذي دل على الدم محمول على الاستحباب اما الشيخ (ره) فلما
أوجب الدم قال المراد ليس عليه شئ من العقاب روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن رجل
تمتع بالعمرة إلى الحج فدخل مكة فطاف وسعى ولبس ثيابه وأحل ونسي ان يقصر حتى خرج إلى عرفات قال لا بأس به مني وعلى العمرة
وطوافها وطواف الحج على اثره مسألة لو جامع امرأته قبل التقصير وجب عليه جزورا ان كان مؤسرا وان كان متوسطا فبقرة
وان كان معسرا فشاة ان كان عامدا ولو كان جاهلا أو ناسيا لم يكن عليه شئ رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن تمتع وقع على امرأته قبل أن يقصر قال ينحر جزورا وقد خشيت ان يكون قد ثلم حجه ورواه في الصحيح عن معوية بن عمار عنه (ع) وفي رواية
ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال قلت متمتع وقع على امرأته قبل أن يقصر قال عليه دم شاة ودل على سقوط الكفارة عن الجاهل
ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن متمتع وقع على امرأته ولم يقصر
فقال ينحر جزورا وقد خفت
ان يكون قد ثلم حجه ان كان عالما وان كان جاهلا فلا شئ عليه اما لو واقعها بعد التقصير فلا شئ عليه اجماعا لما تقدم من الأحاديث
الدالة على الاحلال من كل شئ عند التقصير ولما رواه الشيخ عن محمد بن ميمون قال قدم أبو الحسن (ع) متمتعا ليلة عرفة فطاف وأحل
واتى بعض جواريه ثم أحل بالحج وخرج وفي الصحيح عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل أحرم في احرامه ولم يحل امرأته
فوقع عليها قال عليها بدنة يغرمها زوجها وفي الموثق عن محمد الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة متمتعة وعاجلها
زوجها قبل أن يقصر فلما تخوفت ان؟؟ نفاها؟؟ شئ اعوت إلى قروئها فعرضت منه باسناها؟؟ وقرضت بأظافيرها هل عليها شئ فقال لا ليس كل أحد بحد
المعاريض وفي الحسن عن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك اني لما قضيت نسكي العمرة اتيت أهلي ولم اقصر قال
عليك بدنه قال قلت اني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها فقال (ره) كانت
؟ أفقه؟ منك عليك بدنه وليس عليها شئ ولا نعلم في ذلك خلاف اما رواية سليمان بن حفص المروزي عن الفقيه (ع) قال إذا
حج الرجل فدخل مكة متمتعا فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم (ع) وسعى بين الصفا والمروة وقصر فقد حل له كل شئ
ما خلا النساء لان عليه لتحله النساء طوافا وصلاة فغير دالة على ما تناقض الروايات المقدمة للاحتمال ان يكون الطواف والسعي في الحج وليس
له الوسطى حينئذ لان عليه طواف النساء وليس في الحديث اشعار بان الطواف والسعي كانا للعمرة ويدل عليه تعليله (ع) بوجوب طواف النساء
عليه وليس في احرام عمرة المتمتع بطواف النساء بل في في احرام العمرة المبتولة لما رواه الشيخ قال كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازي يسأله عن
العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء وعن العمرة التي يتمتع بها إلى الحج فكتب اما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء اما التي
يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء فرع لو قبل امرأته قبل التقصير وجب عليه شاة قاله الشيخ (ره) واستدل عليه مما
رواه في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن متمتع طاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه قال
عليه دم يهريقه وان كان الجماع فعليه جزورا وبعير مسألة والتقصير في احرام العمرة المتمتع بها أولى من الحلق قاله الشيخ في الخلاف و
منع في غيره من الحلق وأوجب به دم الشاة مع العمل وقال احمد التقصير أفضل وقال الشافعي الحلق أفضل لنا ما رواه الجمهور عن جعفر بن
محمد الصادق عن أبيه (ع) عن جابر لما وصف حج رسول الله صلى الله عليه وآله وقال (ع) لأصحابه حلوا من احرامكم بطواف بين
الصفا والمروة وقصروا ورووا في صفة حجته (ع) أيضا فجاء الناس كلهم وقصروا وفي حديث ابن عمر قال من لم يكن معه هدى فليطف
بالبيت وبين الصفا والمروة وليقصر وليحلل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه قال عليه دم يهريقه فإذا كان يوم النحر امر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق ولا ينبغي الحلق في الحج
فمع الحلق منا يفوت ذلك الفضل ودل على السقوط عن الناسي ما رواه الشيخ عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
متمتع حلق رأسه بمكة قال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وان تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلثين يوما فليس عليه شئ وان تعمد بعد الثلثين
الذي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه احتج الشافعي بقوله تعالى محلقين رؤوسكم ومقصرين والعرب تبدأ بالأعم وبقوله (ع)
رحم الله المحلقين ثلثا قيل يا رسول الله والمقصرين قال رحم الله المقصرين فدل على أنه أفضل والجواب مثل هذه الدلايل لا يعارض
710

ما قلناه فيكون العمل بقولنا أولى ودل على حكم الناسي ما رواه ابن بابويه عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن متمتع حلق
رأسه بمكة فقال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وان تعمد في أول الحج بثلثين يوما فليس عليه شئ وان تعد ذلك بعد الثلثين التي يوفر فيها
الشعر في الحج فان عليه دما وما يهريقه مسألة وأدنى في التقصير ان يقصر شيئا من شعره ولو كان يسير أو أقله ثلث شعران لان الامتثال
يحصل به فيكون مجزيا ولما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن متمتع قص أظفاره واخذ من شعره
ينتقص قال لا بأس هذا اختيار علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة الرفع وقال مالك يقصر من جميع شعر رأسه ويحلقه اجمع وبه قال احمد
في أحدي الروايتين وفي الأخرى مثل ما قلناه لنا ما تقدم احتج مالك بقوله تعالى محلقين رؤوسكم هو؟ قام؟ لان النبي صلى الله عليه وآله حلق جميع
شعر رأسه ولأنه نسك يتعلق بالرأس فوجب استيعابه به كالمسح والجواب عن الأول يمنع عموم الحلق وان كان عاما بالنسبة إلى اشخاص الناس
اما بالنسبة إلى شعر الرأس فلا سلمنا لكن يمنع مساواة التقصير له والعطف لا يدل عليه وفعل النبي صلى الله عليه وآله مسلم لأنه بني الحلق في الحج
والأصل في القياس ممنوع وقد تقدم فروع الأول لو حلف في احرام العمرة أجزأه وهل يكون حراما فيه خلاف يقدم ولو
حلق بعض رأسه فالوجه عدم التحريم على القولين وسقوط الدم والجزاء به الثاني لو قص الشعر بأي شئ كان أجزأه وكذا لو نتفه أو
أزاله بالنورة لان التفضل الإزالة والورود مطلقا فيجزي كلما يناوله الاطلاق لكن الأفضل التقصير في احرام العمرة والحلق في الحج
اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله في امره وفعله الثالث لو قصر من الشعر النازل عن حد الرأس أوما يحاذيه أجزأه لان المأمور
به التقصير وقد حصل بخلاف المسح في الوضوء لان المأمور به هناك المسح على الرأس وهو ما يراس وعلى؟؟ ولا نعلم فيه خلافا الرابع لو قص
من أظفاره أجزأه لأنه نوع من التقصير فيتناوله المطلق فيكون مجزيا فكذا لو اخذ من شاربه أو حاجبيه ولحيته أجزأه وقد روى ابن
بابويه عن حفص وجميل وغيرها عن أبي عبد الله (ع) في محرم يقصر من بعص ولا يقص من بعض قال يجزيه مسألة ينبغي
للمتمتع ان يشتبه بالمحرمين بعد التقصير ولا يلبس المخيط رواه الشيخ عن حفص بن البختري عن غير واحد عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي
للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أخل أن لا يلبس قميصا ولتشتبه بالمحرمين إذا عرفت هذا فليس ذلك على سبيل الوجوب خلاف ولما تقدم
من الأحاديث الدالة على الاحلال من كل شئ عند التقصير مسألة قد بينا انه لا يجوز الجماع قبل التقصير فان جامع وجب عليه
بدنه ان كان مؤسرا أو بقرة ان كان متوسطا وشاة ان كان فقير أو لا تبطل عمرته بايجاب الدم مطلقا وحجة العمرة قال مالك واحمد
وأصحاب الرأي وقال الشافعي يفسد عمرته لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس انه سئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن
يقصر قال من ترك من مناسكه شيئا أو نسيه فليرق؟؟ وما قيل إنها موسرة قال فلينحر ناقة ومن طريق الخاصة ما تقدم في قول الصادق
(ع) وقد خفت ان يكون قد ثلم حجة وهو يدل على الصحة إذا ثبت هذا فان الكفارة يجب عليه وعليها ان طاوعته وان أكرهها
يحمل عنها كفارتها أيضا ولان التقصير ليس بركن فلا يفسد النسك بالوطي قبله كالرمي في الحج احتج الشافعي بأنه وطي قبل حمله
من عمرته فأفسدها والجواب المنع من الافساد مسألة يكره للمتمتع بالعمرة ان يخرج من مكة قبل أن يقضي مناسكه كلها الا لضرورة
فان اضطر إلى الخروج خرج إلى حيث لا يفوته الحج يخرج محرما بالحج فان أمكنه الرجوع إلى مكة والا مضى على احرامه على عرفات
ولو خرج بغير احرام ثم عاد فإن كان في الشهر الذي خرج فيه لم يضره انى يدخل مكة بغير احرام وان دخل في غير الشهر الذي خرج فيه
دخلها محرما بالعمرة إلى الحج ويكون عمرته الأخيرة هي التي يتمتع بها إلى الحج رواه الشيخ في الحسن عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع)
قال من دخل مكة متمتعا في الشهر الحج لم يكن له ان يخرج حتى يقضي الحج فان عرضت له الحاجة إلى عسفان أو إلى الطايف أو إلى ذات
عرق خرج محرما ودخل ملبيا بالحج فلا يزال على احرامه فان رجع إلى مكة راجع محرما ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس إلى منى
فان جهل فخرج إلى المدينة والى نحوها بغير احرام ثم رجع في أمان الحج في أشهر الحج يريد الحج ان يدخلها محرما أو بغير احرام فقال إن
رجع في شهره دخل بغير احرام وان دخل في غير الشهر دخل محرما قلت فأي الاحرامين والمتعتين متعة الأولى أو الأخيرة قال الأخيرة
هي عمرته وهي تحسب بها وهي التي وصلت بحجة قلت فافرق بين المفردة وبين عمرة المتمتعة إذا دخل في أشهر الحج قال أحرم بالعمرة وهو
ينوي العمرة ثم أحل منها ولم يكن عليه دم لم يكن محتسبا بها لأنه لا يكون ينوي الحج وفي الحسن عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتمتع بالعمرة إلى الحج يريد الخروج إلى الطايف قال يهل بالحج من مكة وما أحب ان يخرج منها الا محرما ولا يجاوز الطايف
انها؟ قريبة؟ من مكة وفي الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) في رجل قضا متعته وعرضت له حاجة أراد أن يخرج
إليها قال فقال فليغتسل للاحرام وليهل بالحج وليمض في حاجته فان لم يقدر على الرجوع إلى مكة مضى إلى عرفات فروع الأول
لو خرج من مكة بغير احرام وعاد في الشهر الذي خرج فيه استحب له ان يدخلها محرما بالحج ويجوز له ان يدخلها بغير احرام على ما تقدم
711

روى الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن (ع) عن المتمتع يجئ فيقضي متعته ثم يبدو له فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق
أو إلى بعض المعادن قال يرجع إلى مكة بعمرة ان كان في غير أشهر الحج الذي يتمتع فيه لان لكل شهر عمرة وهو مرتهن بالحج قلت فإنه دخل في الشهر الذي
خرج فيه قال كان أبى مجاوزا ها هنا فخرج بتلقاء بعض هؤلاء فلما رجع فبلغ ذات عرق بالحج ودخل وهو محرم بالحج هذا قول الشيخ (ره) واستدلاله وفيه اشكال إذ قد بينا انه لا يجوز الاحرام للحج المتمتع الامن مكة الثاني قد بينا انه لا يجوز لاحد ان يدخل
مكة الا متمتعا محرما الا في هذه الصورة التي قدمناها والمريض والخطابة وروى الشيخ في الصحيح عن عاصم بن حميد قال قلت لا بي عبد الله
(ع) أيدخل أحد الحرم الا محرما قال لا الا المريض والمبطون وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) هل يدخل الرجل
بغير احرام فقال لا الا ان يكون مريضا أو به بطن وفي الصحيح عن رفاعة بن موسى قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل به بطن ووجع
شديد يدخل مكة حلالا فقال لا يدخلها الا محرما وقال يحرمون عنه ان الخطابين أقول النبي صلى الله عليه وآله فسألوه فاذن
لهما ان يدخلوا حلالا قال الشيخ (ره) المنع في هذه الرواية من دخول المريض الا باحرامه على سبيل الندب لما تقدم في الحديثين
الأوليين وهو جيد وحمل ما رواه في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يخرج إلى حده في الحاجة فقال
يدخل مكة بغير احرام على من عاد في الشهر الذي خرج فيه وهو حسن لما تقدم ولما رواه حفص بن البختري وأبان بن عثمان عن رجل
عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يخرج إلى الحاجة من الحرم قال إن رجع الشهر الذي خرج فيه دخل بغير احرام وان دخل في غيره دخل
بإحرام مسألة يجوز للمحرم المتمتع إذا دخل مكة ان يطوف ويسعى ويقصر إذا علم أو غلب على ظنه انه يقدر على انشاء الاحرام
بالحج بعده والخروج إلى عرفات والمشعر ولا يفوته شئ من ذلك ولو كان دخوله إلى مكة بعد الزوال من يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفه
قبل الزوال أو بعده وبالجملة إلى اعتبار بالادراك أحد الموقفين في وقته فمتى عليم أو غلب على ظنه ادراك صحت المتعة هذا اختيار
الشيخ (ره) وقال المفيد (ره) إذا زالت الشمس من يوم التروية ولم يكن أحل من عمرته فقد فاتته المتعة ولا
يجوز التحلل منها بل يبقى على
احرام ويكون حجة مفردة لنا ما روى ابن بابويه الصحيح عن ابن عمير عن هشام بن سالم ومرازم وشعيب عن أبي عبد الله (ع) في الرجل
المتمتع يدخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم فتاتي منى فقال لا بأس وعن محمد بن ميمون قال قدم أبو الحسن (ع) متمتعا ليلة
عرفة وطاف وأحل واتى جواريه ثم أهل بالحج وخرج وفي الصحيح عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) المراة يجئ متمتعة فتطمث قبل أن
يطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة فقال إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف بالبيت وتحل من احرامها ويلحق الناس بمنى فلتفعل وعن
شعيب العقرقوفي قال خرجت انا وحديد فانتهيت إلى البيان يوم التروية فتقدمت على؟ خمار؟ فقدمت مكة فطفت وسعيت وأحللت من
تمتعي ثم أحرمت بالحج وقدم حديد من الليل فكتبت إلى أبي الحسن (ع) استفيته في امره فكتب إلى امرة تطوف وتسعى وتحل من متعته ويحرم
بالحج ويلحق الناس بمنى ولا يتبين بمكة ولان الواجب هو الاتيان بأفعال عمرة وأفعال الحج وهو متمكن ههنا لأنه البحث فيه فكان
الاخبار به لا بالوقت قال الشيخ (ره) في التهذيب المتمتع بالعمرة إلى الحج يكون عمرته تامة ما أدرك الموقفين سواء كان ذلك يوم التروية
أو ليلة عرفة أو يوم عرفة إلى بعد الزوال فإذا زالت الشمس من يوم عرفة فقد فاتت المتعة لأنه لا يمكنه ان يلحق الناس بعرفات الا من
مراتب الناس يتفاوت في الفضل والثواب فمن أدرك يوم أو ليلة عرفه أو يوم عرفة إلى بعد الزوال فإذا زالت الشمس من يوم عرفة
فقد فاتت المتعة لأنه لا يمكنه ان يلحق الناس بعرفات الا ان مراتب الناس يتفاوت في الفضل والثواب فمن أدرك يوم التروية عند
الزوال يكون ثوابه أكثر ومتعته أكمل ممن يلحق بالليل ومن أدرك بالليل يكون ثوابه دون ذلك والاخبار التي وردت في أن
من لم يدرك يوم التروية فقد فاتته المتعة المراد بها فوت الكمال الذي يرجع لحوقه يوم التروية وما تضمنت من قولهم عليهم السلام وليوجدوا حجة
مفردة والانسان بالخيار في ذلك بين ان يمضى المتعة وبين ان يجعلها حجة مفردة إذا لم يخف فوت الموقفين وكانت غير حجة الأسلم
التي لا يجوز فيها الافراد مع الامكان وانما يتوجه وجوبها والختم على أن بجعل حجة مفردة لمن غلبت على ظنه انه أو اشتغل بالطواف أو
السعي والاحلال ثم الاحرام بالحج يفوته الموقفان فإذا حملنا الاخبار على ما ذكرناه لم يكن قد رفعنا شيئا منها قال موسى بن القسم روى
لنا الثقة من أهل البيت عن أبي الحسن موسى (ع) أنه قال أهل بالمتعة بالحج يريد يوم التروية
زوال الشمس وبعد العصر بعد المغرب
وبعد العشاء ما بين ذلك كله واسع اما رواية الفوات فقد رواها الشيخ عن ذكريا ابن عمران قال سألت أبا الحسن (ع)
عن المتمتع إذا دخل يوم عرفه قال لا متعة له يجعلها عمرة مفردة وعن إسحاق بن عبد الله عن أبي الحسن (ع) قال التمتع إذا قدم
ليلة عرفة فليس له متعة يجعلها حجة مفردة انما المتعة إلى يوم التروية وعن موسى بن عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
المتمتع يقدم مكة ليلة عرفة قال لا متعة له يجعلها حجة مفردة ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويخرج إلى منى ولا هدي
712

عليه انما الهدى على المتمتع وعن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن موسى (ع) عن الرجل المراة يتمتعان بالعمرة إلى الحج ثم يدخلان مكة يوم عرفة
كيف يصنعان قال يجعلانها حجة مفردة وحد المتعة إلى يوم التروية وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قدمت مكة يوم التروية
وقد غربت الشمس فليس لك متعه وامض كما أنت بحجك وهذه الروايات كلها محموله على من خاف فوت الموقفين للجمع بين الروايات ولما ذكرنا
من الدليل ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة
والناس بعرفات فخشى ان هو طاف وسعى بين الصفا والمروة ان يفوته الموقف فقال يدع العمرة فإذا لتم حجه صنع كما صنعت عايشه
ولا هدى عليه والتقييد بخوف الفوات هنا يقتضي تقييده في الأحاديث المتقدمة حملا للمطلق على المقيد ويدل على ذلك أيضا تفاوت التقرير
في الاختبار ففي بعضها ان أدرك الناس بمني وفي بعضها إذا غربت الشمس من يوم التروية أدرك العمرة وفي بعضها إلى السحر من ليلة عرفة وفي رواية محمد بن سرو قال كتبت
إلى أبي الحسن الثالث (ع) ما يقول في رجل متمتع بالعمرة إلى الحج والى غداة عرفه وخرج الناس من منى إلى عرفات عمرته قائمة أو قد ذهبت
منه إلى وقت عمرته إذا كان متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يواف ليلة التروية ولا يوم التروية فكيف يصنع فوقع ساعة دخل مكة انشاء الله يطوف
ويصلي ركعتين ويسعى ويقصر ويحرم بحجه ويمضى إلى الموقف ويفيض مع الامام والضابط ما ذكرناه نحن
المقصد الثاني
في أفعال الحج وفيه فصول الأول في الاحرام بالحج قد ذكرنا فيما تقدم من كتابنا هذا أفعال العمرة المتمتع بها إلى الحج
واحكامها وشرحنا ذلك مستوفي ونحن الآن نذكر أفعال حج التمتع بعد احلاله من العمرة ونبدأ بحديث ذكرها لجمهور صحيح عندهم رواه مسلم
وأبو داود وابن تاجه عن جعفر بن محمد الصادق (ع) في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يذكر بعد ذلك ما ورد من الأحاديث
عندنا ونستوفي مسائل هذا المقصد بعون الله تعالى فنقول روى الجمهور عن جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه محمد الباقر (ع) عن
جابر وذكر الحديث إلى أن قال فحل الناس كلهم وقصروا الا النبي صلى الله عليه وآله ومن كان معه هدى فلما كان يوم التروية وتوجهوا
إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منى فصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت
الشمس وأمر بقبة من شعر بضرب له همزة فامر رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يشك قريش الا انه واقف عند المشعر الحرام كما كانت
قريش يصنع في الجاهلية فاختار رسول الله صلى الله عليه وآله حتى إذا أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له همزة فنزل بها حتى
إذا زالت الشمس امر بالقصوا فرحلت له فاتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دمكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا
في بلد كم هذا الا كل شئ هي امر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوع وان أول دم أضعه من دمائنا دم ابن ربيعة بن
الحارث كان مسترضعا في بني سعد وقتله هذيل وريا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع وبانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله
فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله وأحللتم فروجهن بكلام الله ولكم عليهن أن لا يوطن فرشكم أحدا يكرهونه فان فطن ذلك
فاضربوهن ضربا غير متبرج ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما ان تضلوا بعده ان اعتصم به كتاب الله و
أنتم تسئلون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد انك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء ويبكيهما إلى
الناس اللهم اشهد ثلث مرات ثم اذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى أتى الموقف فجعل بطن باقية القصوا إلى الصخرات وجعل حبل المثناة بين يديه فاستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت
الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرض وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وآله وقد سبق القصوى بالزمام حتى أن
رأسها ليصيب ومورك رجله ويقول أيها الناس السكينة السكينة كل ما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى يصعد حتى أتى المزدلفة
فصلى بها المغرب والعشاء باذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى طلع الفجر فصلي الصبح حتى
تبين له الصبح باذان وإقامة ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده ولم يزل واقفا
حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر ابيض وسيما فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وآله
على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الاخر بنظر فحول رسول الله صلى الله عليه وآله بيده من الشق الاخر على وجه الفضل فصرف وجهه
من الشق الاخر ينظر حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي يخرج على الجمرة الكبرى التي عند الشجرة فرماها سبع
حصيات بكر مع كل حصاة منها مثل حصاء الحذف من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلث وستين بدنه ثم أعطى عليا (ع) فنحرها عنه وأشركه
في هديه ثم امر من كل بدنة بضعة فوضعت في قدر قد طبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وآله فاض إلى البيت
فصلى بمكة الظهر فاتى بنى عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال امر هو بني عبد المطلب فلولا ان فغلبكم الناس على سقايتكم لرغب معكم
فناولوه دلوا شرب منه قال عطا كان منزل النبي صلى الله عليه وآله (بمنى) بالخيف مسألة وإذا فرغ من أفعال العمرة وقصر فقد أحل من كل
713

شئ أحرم منه على ما بيناه إذا عرفت هذا فنقول انه يجب عليه الاتيان بعد ذلك بالحج وصفته ان يحرم بالحج من مكة ثم يمضى إلى عرفات فيقف بها إلى
غروب الشمس من يوم عرفه ثم يفيض إلى المشعر فيقف به بعد طلوع الفجر ثم يفيض إلى منى فيلحق بها يوم النحر ويدع هديه ويرمي جمرة العقبة ثم
انشاء أتى مكة ليوم أو لغده فطاف طواف الزيارة وصلى ركعتيه ثم عاد إلى منى لرمي ما تخلف من الجمار وان شاء أقام بمنى رمى جمارة الثلث
يوم الحادي عشر ومثله يوم الثاني عشر ثم يقصر بعد الزوال وان شاء أقام إلى النفر الثاني فساد إلى مكة للطوافين والسعي فهذه صفة
الحج للمتمتع ونحن نذكر حكما حكما في فصل انشاء الله تعالى مسألة ويستحب ان يكون احرامه بالحج يوم التروية وهو الثامن
من ذي الحجة وسمى بذلك لأنه لم يكن بعرفات ماء فكانوا يسقون من مكة من الماء وبهم وكان يقول بعضهم لبعض برؤيتهم ترويتم
فسمى يوم التروية لذلك ذكره ابن بابويه والجمهور ونقل الجمهور أيضا وجها اخر وهو ان إبراهيم (ع) رأى في تلك الليلة التي
بارفيها؟؟ ذبح الولد ووياه؟؟ فأصبح يروي في نفسه أهو حلم أم من الله تعالى فسمى يوم التروية فلما كانت ليلة عرفة وأي ذلك
أيضا فعرف انه من الله تعالى فسمى يوم عرفه إذا ثبت هذا فإنه يستحب للمتمتع إذا أحل من عمرته ان يحرم بالحج يوم التروية ولا
نعلم فيه خلافا روى الجمهور عن جابر فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان يوم التروية انشاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافيا
وعليك السكينة والوقار ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) أو في الحجر ثم اقعد حتى تزول الشمس قصد المكتوبة ثم قال في دبر
صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فاحرم بالحج ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت إلى الرقطا دون الروم فإذا انتهيت
إلى الروم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى يأتي منى وعن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) متى التي بالحج قال إذا
خرجت إلى منى ثم قال إذا جعلت شعب اللهب عن يمينك والعقبة عن يسارك قلت بالحج اما المكي فذهب مالك إلى أنه يستحب ان
يهل بالحج من المسجد لهلال ذي الحجة وروى عن ابن عمر وابن عباس وطاوس وسعيد بن جبير استحباب احرامه يوم التروية أيضا وهو قول
احمد لان النبي صلى الله عليه وآله امر بالاهلال يوم التروية ولأنه ميقات للاحرام فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم كميقات المكان
ولا خلاف انه لو أحرم المتمتع بحجة أو المكي قبل ذلك في أيام الحج فإنه يجزيه مسألة ويحرم من مكة والأفضل ان تكون عن تحت الميزاب
ويجوز ان يحرم من اي موضع شاء من مكة ولا نعلم فيه خلافا روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله
حتى أهل بمكة يهلون منها ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن صفوان عن أبي احمد عمرو بن حريث الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله (ع) من أين أهل بالحج فقال إن شئت
من رحلك وإن شئت من الكعبة وإن شئت من الطريق وعن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) من اي المسجد أحرم
يوم التروية فقال من اي المسجد أحرم يوم التروية فقال من اي المسجد شئت ودل على استحباب ما قلناه ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم
(ع) أو في الحجر ثم افعل حتى يزول الشمس فصل المكتوبة ثم قال في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فاحرم بالحج الحديث
مسألة ويستحب ان يفعل هنا كما فعل في احرام العمرة من الطلي والاغتسال والتنظيف بإزالة السفر والدعاء والاشتراط لما تقدم من
الأحاديث واما رواية أيوب بن الحر عن أبي عبد الله (ع) قال قلت انا قد أطلنا ونتفنا وقلم أظفارنا بالمدينة فما نصنع عند الحج فقال
لا تطل ولا تنف ولا تحرك شيئا فإنه محموله على من كان حجة منفردة دون المتمتع لان المفرد لا يجوز له شيئا من ذلك حتى يفرغ من مناسكه
يوم النحر وليس في الخبر انا قد فعلنا ذلك ونحن متمتعون قال الشيخ (ره) مسألة ويستحب ان يكون احرامه عند الزوال يوم التروية
بعد أن يصلي الفريضتين لما تقدم في حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) يجوز ان يحرم بقية نهاره أو اي وقت شاء
بعد أن يعلم أن يلحق عرفات ثم يفعل ما فعل عند الاحرام الأول من الغسل والتنظيف واخذ شارب وقلم الأظفار وغير ذلك ثم يلبس
ثوبي احرامه ويدخل المسجد حافيا على السكينة والوقار ويصلي ركعتين عند المقام أو في الحجر وان صلى ست ركعات كان أفضل وان صلى
فريضة الظهر وأحرم عقيبها كان أفضل فإذا صلى ركعتين الاحرام وبالحج مفردا ويدعو بما دعا به عند الاحرام الأول غير أنه يذكر
الحج مفردا لان عمرته قد مضت ويلبي ان كان ماشيا من موضعه الذي صلى فيه وان كان راكبا فإذا نهض به بعيره فإذا انتهى إلى الروم
وأشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية لقول الصادق (ع) في حديث معوية الصحيح فإذا انتهيت إلى الرقطا دون الروم فلب فإذا انتهيت
إلى الروم فأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى يأتي منى وفي حديث أبي بصير ثم يلبي من المسجد الحرام وفي رواية زرارة
عن الباقر (ع) إذا جعلت شعب الدب عن يمينك والقبة عن يسارك فلب بالحج قال الشيخ (ره) وهذه الروايات غير متنافية لان
رواية أبي بصير للماشي والأخير للراكب لما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة
ثم صل ركعتين خلف المقام ثم أهل بالحج فان كنت ماشيا فلب عند المقام وإن كنت راكبا فإذا انهض بك بعيرك وصلى الظهر ان قدرت
714

بمنى واعلم أنه واسع لك ان يحرم في دبر فريضة أو دبر نافلة أو ليل أو نهار مسألة ولا يسن له الطواف بعد احرامه وبه قال ابن عباس
وهو مذهب عطا ومالك واسحق واحمد ولو فعل ذلك لغير عذر لم يجزيه عن طواف الحج وكذا السعي اما لو حصل عذر مثل مرض أو خوف حيض
فإنه يجوز الطواف قبل المضي إلى عرفات وقال الشافعي يجوز مطلقا لنا ان النبي صلى الله عليه وآله امر أصحابه ان يهل وبالحج إذا خرجوا إلى منى
وقالت عايشه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فطاف الذين أهلوا بعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طواف اخر بعد إذ
رجعوا من منى لحجهم ولو شرع لهم الطواف قبل الخروج لم يتفقوا على تركه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي قال سألته
عن الرجل يأتي المسجد يطوف بالبيت قال نعم ما لم يخرج وعن عبد الحميد بن سعيد عن أبي الحسن الأول (ع) قال سألته عن رجل أحرم
يوم التروية من عند المقام بالحج ثم طاف بالبيت بعد احرامه فقال لا ولكن يمضى على احرامه وقد تقدم البحث في ذلك مسألة
قد بينا انه يجب ان يحرم بالحج لان ذمته قد برئت من العمرة وبقيت مشغولة بالحج فيحرم به ولو سهى فاحرم بالعمرة وهو يريد بالحج لم
يكن عليه شئ رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر قال سألت أخي موسى بن جعفر (ع) عن رجل دخل قبل التروية بيوم فأراد الاحرام
بالحج فأخطأ فقال العمرة قال ليس عليه شئ فلتعد الاحرام بالحج مسألة ولو نسي الاحرام يوم التروية بالحج حتى حصل بعرفات
فليحرم من هناك فان لم يذكر حتى يرجع إلى بلده فقد تم حجه ولا شئ عليه قال الشيخ لأنه ناس فيكون معذورا لقوله (ع) رفع عن أمتي
الخطاء والنسيان ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكره
وهو بعرفات ما جاء له قال يقول اللهم على كتابك وسنة نبيك فقد تم احرامه فان جهل ان يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع إلى بلده ان
كان قضى مناسكه كلها فقد تم حجه
الفصل الثالث في الوقوف بعرفات ومباحث ثلاثة الأول يستحب لمن أراد
الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكة حتى يصلي الظهر من يوم التروية بها ثم يخرج إلى منى الا الامام خاصة فإنه يستحب له ان يصلي
الظهر والعصر بمنى يوم التروية ويقيم بها إلى طلوع الشمس وأطبق الجمهور كافة على استحباب الخروج للامام وغيره من مكة قبل الظهر وان
يصلى بمنى الظهر من يوم التروية لنا لن يستحب الاحرام عقيب الظهر يوم التروية على ما بينا بمكة ولا يتم ذلك الا باستحباب صلاة الظهرين
بمكة وما رواه الجمهور عن ابن الزبير انه صلى بمكة وعن عايشة انها تخلفت ليلة التروية حتى ذهب ثلثا الليل ومن طريق الخاصة ما تقدم
في حديث معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) الصحيح انه يصلي الظهر بمكة وما رواه في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن الذي يريد أن يتقدم فيه من الذي ليس له وقت أقل منه قال إذا زالت الشمس وعن الذي يريد أن يتخلف بكم عشية التروية
إلى اية ساعة يسعه ان يتخلف قال ذلك واسع له حتى يصبح بمنى وفي حديث رفاعة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته هل يخرج الناس إلى منى
غدوه قال نعم وهو محمول عندي على جواز ذلك إذ لا ينافي استحباب التأخير إلى الزوال جواز التقدم غدوه اما الشيخ (ره)
فحمله على أصحاب الاعذار فإنه يجوزان يتقدم الناس إذا ثبت هذا فإنه يستحب للامام ان يتقدم على هذا الوقت وان يصلي الظهر
من يوم التروية بمنى لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عن أحدهما (ع) قال لا ينبغي للامام ان يصلي الظهر يوم التروية
الا بمنى ويثبت بها إلى طلوع الشمس وفي الصحيح عن جميل دراج عن أبي عبد الله (ع) قال لا ينبغي للامام ان يصلي الظهر الا بمنى يوم
التروية ويثبت بها ويصبح بها حتى تطلع الشمس وتخرج وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال على الامام ان
يصلي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف ويصلي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) هل
صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر بمنى يوم التروية قال نعم والغداة بمنى يوم عرفة إذا عرفت هذا بهذا التوظيف للامام
وغيره على سبيل الندب وقد يأتي في كلام الشيخ (ره) انه لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال يوم التروية مع الاختيار ولان
الامام لا يجوز ان يصلي الظهر والعصر يوم التروية الا بمنى ومراده شدة الاستحباب مسألة ويجوز للشيخ الكبير والمريض و
المرأة ومن يخاف الزحام المبادرة إلى الخروج قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة للضرورة ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن
عمار قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم يحرم بالحج ويخرج إلى منى قبل يوم
التروية قال نعم قل وليخرج الرجل الصحيح لليأس؟؟ مكانا أو نروج ذلك قال لا قلت يتعجل بيوم قال نعم قلت يتعجل بيومين قال نعم قلت
ثلاثة قال نعم قلت أكثر من ذلك قال لا وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه قال قلت لا بي الحسن (ع) تعجل الرجل قبل التروية
بيوم أو يومين من الرجل الرخام وضغاط الناس قال لا بأس مسألة ويستحب له عند التوجه إلى منى الدعا بما رواه الشيخ في الحسن عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا توجهت إلى منى فقل اللهم إياك أرجو وإياك ادعو فبلغني أملي وأصلح لي عملي ويستحب له
إذا نزل منى ان يدعو بما رواه في الصحيح عن معوية بن عمار قال أبو عبد الله (ع) إذا انتهبت إلى منى فقل اللهم هذه منى وهي مننت به
715

علينا من المناسك فأسئلك ان تمن على بما مننت به على أنبيائك فإنما انا عبدك وفي قبضتك ثم يصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء
الآخرة والفجر والامام يصلي بها الظهر لا يسعه الا ذلك وصومه ومع ذلك أن يصلي بغيرها فان لم تقدر ثم يدركهم بعرفات قال وحد منى العقبة إلى وادي محسر فروع الأول لو صادف يوم التروية يوم جمعه فمن أقام بمكة حتى تزول الشمس فمن تجب عليه
الجمعة لم يجزله الخروج حتى يصلي الجمعة لأنها فرض والخروج في هذا الوقت ندب اما قبل الزوال فإنه يجوز له الخروج و
هو إحدى قولي الشافعي وفي الأخرى لا يجوز لنا انه الجمعة الآن غير واجبه وقد مضى البحث في ذلك الثاني قال الشيخ (ره)
يستحب للامام ان يخطب أربعة أيام من ذي الحجة يوم السابع منه ويوم عرفه ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأول يعلم الناس ويجب
عليهم فعله من مناسكهم روى جابر ان النبي صلى الله عليه وآله صلى الظهر بمكة يوم السابع وخطب الثالث الخطبة بعرفة يوم
عرفه قبل الأذان وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة بعده لنا حديث فإنه قال فخطب الناس ثم اذن بلال وأقام وهذا نص في
الباب الرابع المبيت ليلة عرفه بمنى للاستراحة وليس بنسك ولا يجب بتركه شئ مسألة ويستحب المبيت بمنى ليلة
العرفة إلى طلوع الفجر من يوم عرفه ويكره الخروج قبل الفجر الا الضرورة كالمريض والخائف لما رواه الشيخ في الصحيح عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في قوله ثم يصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر إذا عرفت هذا فالأفضل
له ان يصبر حتى تطلع الشمس فلو خرج قبل طلوعها بعد طلوع الفجر جاز ذلك لكن ينبغي له أن لا يجوز وادي محسر الأبعد طلوع
الشمس رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) قال لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس اما الامام
فلا يخرج من منى بعد طلوع الشمس رواه الشيخ عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله (ع) قال إن من السنة أن لا يخرج الامام
من منى إلى عرفه حتى تطلع الشمس مسألة ويجوز للمعذور كالمريض والخايف من الرخام والماشي الخروج قبل يطلع الفجر ويصلي الفجر في
الطريق للضرورة رواه الشيخ عن عبد الحميد الطائي قال قلت لأبي عبد الله (ع) انا مشاه فكيف يصنع قال اما أصحاب الرجال فكانوا
يصلون الغداة بمنى واما أنتم فامضوا حيث تصلوا في الطريق مسألة ويستحب ان يدعو عند الخروج إلى عرفات بما رواه
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا غدرت إلى عرفة فقل وأنت موجه إليها اللهم إليك صمدت
وإياك اعتمدت ووجهك أردت أسئلك ان تبارك لي في رحلي وان يقضي لي حاجتي وان تجعلني مما تباهي به اليوم من هو أفضل مني
ثم يلبي وأنت عاد إلى عرفات فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب جناك بنمرة ونى بطن عرفة دون الموقف ودون عرفه فإذا زالت الشمس
يوم عرفه فاغتسل وصلى الظهر والعصر باذان واحد وإقامتين فإنما يعجل العصر ويجمع بينهما لتفرع نفسك الدعاء فإنه
يوم دعاء ومسألة قال وحد عرفة من بطن عرفه وثوبه ونمره إلى ذي المجاز وخلف الجبل موقف
البحث الثاني في الكيفية
مسألة يستحب الاغتسال للوقوف بعرفه لأنها عبادة فشرع لها الا الاغتسال كالاحرام ويدل عليه ما تقدم في حديث
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) وكان ابن مسعود يفعله ورواه الجمهور عن علي (ع) وبه قال الشافعي واسحق وأبو ثور
واحمد وابن المنذر لأنها مجمع للناس فاستحب الاغتسال لها كالعيد والجمعة مسألة ويجب فيه النية خلافا للجمهور لنا قوله تعالى
وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين والوقوف عبادة ولأنه عمل فيفتقر إلى النية لقوله (ع) الأعمال بالنيات وانما لكل امر
ما نوى ولا عمل الأبنية إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على وجوب النية في العبادات ولان الواجب ايقاعها على جهة الطاعة
وهو انما يتحقق بالنية ويجب فيها نية الوجوب والتقرب إلى الله تعالى مسألة ويجب الكون بعرفه إلى غروب الشمس من يوم
عرفه وهو وفاق روى الجمهور في حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعرفه حتى غاب الشمس وفي حديث علي (ع) وأسامة
ان النبي صلى الله عليه وآله رفع حين عربت الشمس ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال إن المشركين كانوا يفيضون قبل أن يغيب الشمس فخالفهم فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وآله فأفاض بعد
غروب الشمس وعن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) متى يفيض من عرفات فقال إذا ذهبت الحمرة من ها هنا وأشار
بيده إلى المشرق إلى مطلع الشمس مسألة وكيف ما حصل بعرفة أجزأه قائما وجالسا وراكبا ومختار الكن الوقوف قائما
أفضل منه راكبا اختاره الشيخ (ره) والشافعي في أحد القولين وقال في الأخرى والركوب أفضل وبه قال احمد لنا ان القيام أشق فيكون أفضل
لقوله (ع) أفضل الأعمال أحمزها ولأنه أخف على الراحلة احتج الشافعي بان النبي صلى الله عليه وآله وقف راكبا ولأنه أمكن له واعون
على الدعاء والجواب يحتمل انه (ع) فعلاه ذلك لبس به جواز الوقوف راكبا فإنه (ع) لو وقف قائما توهم للوجوب خصوصا مع أنهم
كانوا إلى أفعاله أطوع من أقواله وهذا كما يقول إنه (ع) طلف راكبا ومع ذلك فلا خلاف في أن المشي في الطواف أفضل
716

مسألة ولو مر بها مختارا وهو لا يعلم أنها عرفه فالوجه انه لا يجزيه وبه قال أبو ثور وقال الفقهاء الأربعة انه يجزيه لنا انه
لا يكون واقفا الا بأزاره وهي غير متحققة هنا ولانا شرطنا النية وهو متوقعة على الشعور احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وآله من
أدرك صلاتنا هذه يعني صلاة الصبح يوم النحر وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى بعينه ولم يفضل بين الشاعر و
غيره وجوابه كما لا يدل على اشتراط السعود لا يدل على عدمه أيضا فلا دلالة فيه ولا معارضة لما بيناه من الأدلة ولأنه قوله أتى إلى
عرفات انما يتحقق بالقصد والإرادة المتوقفة على العلم فروع الأول لو كان نائما صح وقوفه بسبق النية منه وعندي
فيه اشكال على تقدير استمرار النوم من قبل الدخول إلى بعد الفوات اما الجمهور فحرموا بالصحة على هذا التقدير واختاره الشيخ على تردد
قال لان الواجب الكون ومنع ابن إدريس ذلك وقال إذ لا يجزيه لعدم النية وهو الأقوى عندي الثاني المغمى عليه والمجنون
إذا لم يفق حتى خرج منها لم يجز الوقوف وبه قال الحسن البصري والشافعي وأبو ثور واسحق وابن المنذر وقال عطاء في المغمى عليه يجزيه
وبه قال مالك وأصحاب الرأي وتوقف احمد لنا انه ركن من أركان الحج فلا يصح من المغمى عليه كغيره من الأركان احتجوا بأنه لا يعتبر فيه
نية ولا طهارة ويصح من النايم فيصح من المغمى عليه كالبيت بمزدلفة والجواب المنع من عدم اعتبار النية وقد بينا وجوب اعتبارها فيما سلف
واما الطهارة فينتقض اعتبارها بالسعي واما النايم فيمنع صحته وقوفه وقد بينا ذلك فيما تقدم ولو سلمنا صحته وقوفه وقد على ما اختاره
الشيخ (ره) الا ان الفرق بينه وبين المغمى عليه والمجنون ظاهر إذ النايم بحكم المستيقظ ولهذا صح صومه وان استوعب النوم النهار بخلاف
الاغماء فافترقا الثالث السكران لا يصح وقوفه ان زال عقله لان زايل العقل بغير نوم فأشبه المجنون والمغمى عليه ولو
لم يزل عقله صح وقوفه وكذا البحث في كل من غلب على عقله بمرض أو غيره الرابع لا يشترط فيه الطهارة ولا الستر ولا استقبال
القبلة ولا نعلم فيه خلافا بين العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله قال لعايشة افعلي ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت وكانت
حايضا نعم يستحب الطهارة بلا خلاف وقد روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل هل يصلح
له ان يقف بعرفات على غير وضوء وهو يدل على الاستحباب لا لوجوب لما رواه معوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال
لا بأس ان يقضي المناسك كلها على غير وضوء الا الطواف فان فيه صلاة والوضوء أفضل مسألة ويستحب ان يضرب خباه
بنمره وهو بطن عرفه بفتح النون والراء وكسر الميم في نمره وضم العين وفتح الراء والنون في عرفه لان النبي صلى الله عليه وآله ضرب
له قبة من شعره بنمره وقد روى الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) فاضرب خباك بنمرة وهو بطن عرفه وفيه الموقف
ودون عرفه مسألة ويستحب الامام ان يخطب بعرفه قبل الأذان على ما تقدم فإذا اذن المؤذن وأقام صلى بالناس الظهر و
العصر باذان واحد وإقامتين جمع بينهما على هذه الصفة على ما بيناه في كتاب الصلاة وباستحباب الأذان وفي الأولى وقال الشافعي
وأبو ثور وأصحاب الرأي ومالك واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى خير بين الأذان لهما وعدمه لنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله
خطب إلى أن اذن المؤذن ونزل فصلى بالناس في حديث جابر ولأنها جماعة فاستحب فيها الأذان واما الأذان العصر فغير مستحب هنا
وقال مالك هو مستحب لنا انه يستحب الجمع والمبادرة إلى الدعاء وما رواه الجمهور في حديث جابر ثم اذن بلال ثم أقام فصلى العصر
وعن أبان بن عمران النبي صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بعرفه باذان واحد وإقامتين وهو نص في الباب ويؤيده ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل فصل الظهر والعصر باذان واحد و
إقامتين وانما تعجل العصر ويجمع بينهما ليفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع)
وصلى الظهر والعصر باذان واحد وإقامتين احتج مالك بالقياس على سائر الصلوات والجواب الفرق بمعارضة فضيلة الدعاء هنا
فروع الأول إذا صلى مع الامام جمع معه كما يجمع الامام اجماعا اما المفرد فإنه ينبغي له ان يجمع أيضا بين الصلاتين ذهب
إليه علماؤنا وبه قال الشافعي وعطا ومالك واحمد واسحق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وقال النخعي والثوري وأبو حنيفة لا يجوز
له ان يجمع مع الامام لنا ما رواه الجمهور عن عمرانه كان إذا فإنه الجمع بين الظهر والعصر مع الامام معرفة جمع بينهما منفردا ومن
طريق الخاصة قول أبي عبد الله (ع) وصلى الظهر والعصر باذان واحد وإقامتين وهو كما يتناول المنفرد يتناول المأموم
فلا أولوية خصوصا مع تعليله (ع) بان المراد بالجمع التفريق للدعاء وهو علم في الجميع ولانا بينا في كتاب الصلاة جواز الجمع مطلقا
للمفرد والمأموم حضرا وسفرا احتج أبو حنيفة بان لكل صلاة وقتا ممدودا وانما ترك ذلك في الجمع مع الامام فإذا لم يكن الامام
رجعنا إلى الأصل والجواب عن الأول ان الوقت مشترك على ما بيناه سلمنا لكن العلة المفروضة مع الامام ثابتة في المنفرد و
يساويه في الحكم على أن قوله انما جاز الجمع في الجماعة باطل لأنه مسلم ان الامام يجمع وان كان منفردا الثاني يجوز الجمع لكل
717

من يعرفه من مكي وغيره وقد اجمع كل من يحفظ عنه العلم على أن الامام يجمع بين الظهر والعصر بعرفه وكذلك من صلى مع الامام وقال احمد لا يجوز الا الجمع الا لمن بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخا الحاقا له بالقصر وهو باطل لان النبي صلى الله عليه وآله جمع فجمع معه من
حضر من المكيين وغيرهم ولما يأمرهم ترك الجمع كما أمرهم ترك القصر حين قال لهم أتموا فانا سفر ولو حرم الجمع لبينه لهم انه (ع)
لا يقر أحدا عليه الخطأ وكان عثمان يتم الصلاة لأنه اتخذ اهلا وجمع بين الصلاتين تماما وجمع عمر بن عبد العزيز وهو والي مكة
بين الصلاتين وكان ابن الزبير بمكة مقيما وجمع بين الصلاتين ولم يبلغنا من أحد من القدماء انكار الجمع بعرفه للمقيم والمسافر المزدلفة
أيضا بل اتفق عليه كل من يرى الجمع أيضا بل اتفق عليه كل من يرى الجمع أيضا الثالث إذا كان الامام مقيما أتم وقصر من
خلفه من المسافرين وأتموا المقيمون ذهب إليه علماؤنا اجمع وقال الشافعي يتم المسافرون أيضا لنا ان القصر عزيمة فلا يجوز لهم خلافه
ولان النبي صلى الله عليه وآله قال يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد رواه الجمهور والتخصيص يدل على القصر في حق غيرهم
الرابع لو كان الامام مسافر اقصر وقصر من خلفه من المسافرين وأتم المقيمون خلفه ذهب إليه علماؤنا اجمع وكذا أهل مكة
يتمون لنقصان المسافة عن ما يجب فيه القصر وبه قال عطاو مجاهد والزهري والثوري والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وابن المنذر
وقال مالك والأوزاعي لهم القصر لنا ان النبي صلى الله عليه وآله نهى أهل مكة عن القصر ولأنهم في غير سفر يعيد فلم يجز لهم القصر كغير
عرفه ومزدلفة احتجوا بان لهم الجمع فكان لهم القصر كغيرهم والجواب الفرق وهو لسفر في حق الغير ثابت دونهم الخامس يستحب
تعجيل الصلاة حين تزول الشمس وان يقصر الخطبة ثم يروح إلى الموقف لان تطويل ذلك يمنع من الرواح إلى الموقف في أول وقت
والسنة التعجيل روى ابن عمر قال عدا رسول الله صلى الله عليه وآله من منى حين صلى الصبح صبحه يوم عرفه حتى أتى عرفة فنزل بنمره
حتى إذا كان صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وآله مهجرا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راجع فوقف على
الموقف من عرفة ولا خلاف في هذا بين علماء الاسلام مسألة فإذا فرغ من الصلاتين جاء إلى الموقف فوقف فيستحب له الاغتسال
للموقف على ما قلناه روى الشيخ في الحسن عن الحلبي قال قال أبو عبد الله (ع) الغسل يوم عرفه إذا زالت الشمس ويجمع بين
الظهر والعصر باذان وإقامتين ويقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفه لما تقدم وروى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن تلبية المتمتع من يقطعها قال إذا رأيت بيوت مكة ويقطع تلبية الحج عند زوال الشمس يوم
عرفه ويقطع تلبية العمرة المبتولة حتى يقع أخفاف الإبل في الحرم وعن ابن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا زالت الشمس يوم
عرفه فاقطع التلبية واغتسل وعليك بالتكبير والتحميد والتهليل والتمجيد والتسبيح والثناء على الله وصلى الظهر والعصر باذان
واحد وإقامتين وقد بينا ذلك فيما تقدم مسألة فإذا جاء إلى الموقف بسكينة ووقار حمد الله وأثنى عليه وكبر الله وهلله و
دعا واجتهد فإنه يوم شريف معظم كثير البركة يستجاب فيه الدعاء خصوصا في المشاعر العظام التي امر الشارع بالدعاء والابتهال
إلى الله تعالى فيها روى الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال وانما يعجل الصلاة ويجمع بينهما ليفرغ نفسك
للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة ثم يأتي الموقف وعليك السكينة والوقار فاحمد الله وهلله ومجده واثن عليه وكبر مائة مرة واحمد الله
مئة مرة وسبح مائة مرة واقرأ قل هو الله أحد مئة مرة وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت واجتهد انه يوم دعاء وتعوذ بالله من
الشيطان فان الشيطان لم يدخلك في مواطن قط أحب إليه من لم يدخلها في ذلك الموطن وإياك ان يشتغل بالنظر إلى الناس واقبل قبل نفسك
وليكن فيما يقول اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار وأوسع على رزقك الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس ويقول اللهم
لا تمكر بي ولا تجد عني ولا تستدبر حين وتقول اللهم إني أسئلك بجودك وكرمك ومنك وفضلك يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين
ويا أسرع الحاسبين ويا ارحم الراحمين ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي كذا وكذا وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك
إلى السماء اللهم حاجتي إليك لم يضرني ما منعتني وان منعتنيها لم ينفعني التي ان أعطيتنيها أعطيتني أسئلك خلاص رقبتي من النار
وليكن فيما نقولا اللهم إني عبدك وملك يدك ناصيتي بيدك وأجلي بعلمك أسئلك ان توفقني لما يرضيك عني وان تسلم منى مناسكي
الذي رأيتها خليلك إبراهيم صلاتك عليه ودللت عليها نبيك محمد صلاتك عليه وليكن فيما تقول اللهم اجعلني ممن رضيت عنه وأطلت
عمرة وأحييته بعد الموت حيوة طيبة ويستحب ان بطلت عشية عرفه بالعتق والصدقة وعن عبد الله بن سنان عن بعض أصحابنا
عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي (ع) الا أعلمك دعاء يوم عرفة وهو دعاء من كان قيل من
الأنبياء (عل) قال يقول لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على
كل شئ قدير اللهم لك الحمد كالذي يقول وخير مما يقول وخير مما يقول وفوق ما يقول القائلون اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
718

ولك براى وبك حولي ومنك قوتي اللهم إني أعوذ بك من الفقر ومن وساوس الصدور ومن سيئات الامر ومن عذاب القبر اللهم إني أسئلك
خير الرياح وأعوذ بك من شرما يجئ به الرياح وأسئلك خير الليل وخير النهار اللهم اجعل لي نورا وفي سمعي وبصري نورا ولحمي دمي
وعظامي وعروقي ومقعدي ومقامي ومدخلي ومخرجي نورا وأعظم لي نورا يا رب يوم ألقاك انك على كل شئ قدير مسألة
يستحب له ان يكر من الدعاء لإخوانه المؤمنين ويؤثرهم على نفسه روى الشيخ (ره) وعن إبراهيم بن هاشم ثم قال رأيت عبد الله بن
جندب بالموقف فلم أو موقفا كان أحسن موقفه ما زال مادا يديه إلى السماء ودموعه يسيل على خديه حتى يبلغ الأرض فلما صرف الناس
قلت يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال والله ما دعوت فيه الا لإخواني وذلك أن أبا الحسن موسى (ع) أخبرني انه من
دعا لأخيه يظهر الغيب نودي عن العرش ذلك مائة الف ضعفه مثل فكرمت ان ادع مئة الف ضعف مضمونة اواحد لا أدري
يستجاب أم لا وعن ابن أبي عمير قال كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف اقبل على الدعاء لإخوانه حتى يفيض الناس قال فقيل له
ينفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا ضرب إلى الموضع الذي تثبت فيه الحوائج إلى الله تعالى أقبلت على الدعاء لإخوانك وتركت نفسك
فقال إني على ثقة من دعوة الملك لي وفي شك من الدعاء لنفسي وعن إبراهيم بن أبي البلاد ان عبد الله بن جندب قال كنت في الموقفين
فلما أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه وكان مصابا بإحدى عينيه فإذا عينه الصحيحة حمرا كأنها علقة دم فقلت له قد أصبت بإحدى عينيه
وانا والله مشفق على الأخرى فلم قصرت من البكاء قليلا قال والله يا أبا محمد ما دعوت اليوم لنفسي دعوه فقلت فلمن دعوت قال لإخواني
اني سمعت أبا عبد الله (ع) يقول من دعا لأخيه بظهر الغيب وكل الله عز وجل به ملكا يقول ولك مثلاه فأردت أن أكون
ادعو لإخواني ويكون الملك يدعوا لي لأني في شك من دعاني لنفسي ولست في شك من دعاء الملك مسألة ويستحب فيه
الدعا الذي فيه دعاء زين العابدين علي بن الحسين (ع) في الموقف وهو طويل ذكره الشيخ (ره) في المصباح وهذه الأدعية مستحبة وليست
واجبة انما الواجب الوقوف ولا نعلم في ذلك خلافا روى الشيخ عن علي بن عبد الله بن حداجة الأزدي قال قلت لأبي عبد الله (ع)
رجل وقف بالموقف فاصابته دهشته الناس فبقي ينظر إلى الناس فلا يدعو حتى أفاض الناس فقال يجزيه وقوفه ثم البس قد صلى بعرفات
الظهر والعصر وقنت ودعا قلت بلى قال بعرفات كلها موقف وما قرب من الجبل فهو أفضل وعن أبي يحيى بن زكريا الموصلي قال سألت
العبد الصالح (ع) عن رجل وقف بالموقف فاتاه يعني أبيه أو يعني بعض ولده قبل أن يذكر الله بشئ ويدعو فاشتغل بالجزع والبكاء عن
الدعاء ثم أفاض الناس فقال لا أرى عليه شئ وقد أساء فليستغفر الله اما لو صبر واحتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جمعا من
غير أن ينقص من حسناتهم شئ
البحث الثالث في الاحكام مسألة الوقوف بعرفه ركن من أركان الحج يبطل
بالاخلال به عمدا الحج وهو قول علماء الاسلام روى الجمهور عن عبد الرحمن بن نعم الديلمي قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله
بعرفه فجاءه نفر من أهل تجد وقالوا يا رسول الله كيف الحج قال الحج عرفه فمن جاء قبل الصلاة الفجر ليلة الجمع فقد تم حجه ولان النبي
صلى الله عليه وآله وقف بعرفه وقال خذوا عني مناسككم وروى النبي صلى الله عليه وآله امر رجلا ينادي الحج عرفة ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ارتفعوا عن بطن عرفه وقال أصحاب
الادراك لا حج لهم وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا وقعت بعرفات فادن من الهضاب والهضاب هي الجبال فان النبي
صلى الله عليه وآله قال إن أصحاب الأراك لا حج لهم يعني الذين يقفون عند الأراك وإذا حكم (ع) يبقى الحج وقوفهم بحد من عرفه
فنفيه مع عدم الوقوف أولى ولا يعارض ذلك ما رواه ابن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال
الوقوف بالمشعر
فريضة ولا وقوف بعرفه سنة لان المراد هنا بالسنة ما ثبت بالنقل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسنة هو (ع) وبالفرض ما ثبت
بالقران ولا ريب ان الوقوف بعرفه لم يثبت بالقران بل ما يسنه اما الوقوف بالمشعر فتثبت بالكتاب العزيز قال الله تعالى فإذا أفضتم
من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام مسألة ولو ترك الوقوف بعرفه ناسيا أو لعذر تداركه فان لم يتمكن ولحق الوقوف
بالمشعر الحرام في وقته فقد أدرك الحج والا فقد فاته الحج رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي
بعد ما يفيض الناس من عرفات فقال إن كن في مهل حتى يأتي عرفات من ليلة فيقف بها ثم يفيض فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات وان قدم
وقد فاته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فان الله تعالى أعذر لعبده وقد تم حجه ذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيض
فان لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فيجعلها عمرة مفردة عليه الحج من قابل وعن إدريس بن عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أدرك الناس يجمع وخشي ان مضى إلى عرفات ان يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها قال فان ظن أن يدرك الناس بجمع قبل
طلوع الشمس فليأت عرفات وان خشى أن لا يدرك جمعا فليقف ثم ليفض مع الناس وقد أتم حجه وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد
719

الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر وإذا شيخ كبير فقال يا رسول الله ما تقول في رجل أدرك الامام بجمع فقال إن
ظن أنه يأتي عرفات فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها وان ظن أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جميع فلا يأتيها وقد تم حجه وعن محمد بن سنان قال سألت أبا الحسن (ع) عن إذا أدركه الناس فقد أدرك الحج فقال إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع
الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له فإن شاء ان يقيم بمكة أقام فإن شاء يرجع إلى أهله وعليه لحج من
قابل مسألة وأول وقت الوقوف بعرفه زوال الشمس من يوم عرفه ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال الشافعي ومالك وقال
احمد اوله طلوع الفجر من يوم عرفه لنا ان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعد الزوال وقال خذوا عني مناسككم ووقف الصحابة كذلك
وأهل الأمصار من لدن النبي صلى الله عليه وآله إلى زماننا هذا وقفوا بعد الزوال ولو كان قبل ذلك جائزا لما اتفقوا على تركه قال
ابن عبد البر اجمع العلماء على أن أول الوقوف بعرفه زوال الشمس منه يوم عرفه وروى الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله
(ع) ثم يأتي الموقف بعد الصلاتين والامر للوجوب احتج احمد بقول النبي صلى الله عليه وآله من صلى معنى هذه الصلاة يعني صلاة
الصبح يوم النحر واتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ولم يفصل قبل الزوال وبعده ولأنه أحد زمان الوقوف
فتعلق الادراك بجميعه كالليل والجواب عن الأول انه محمول على ما بعد الزوال وعن الثاني انه تشبيهه بالليل لا يثبت هذا الحكم لان
الزمانين قد يختلفان مسألة واخر وقت الوقوف بعرفة الاختياري غروب الشمس ولا نعلم فيه خلافا في ذلك وروى الجمهور
عن علي بن أبي طالب (ع) وأسامة بن زيد ان النبي صلى الله عليه وآله دفع حين غروب الشمس ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال فاض رسول الله صلى الله عليه وآله بعد غروب الشمس وعن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد
الله (ع) متى يفيض من عرفات قال إذ ذهبت الحمرة ها هنا وأشار بيده إلى المغرب والى مطلع الشمس مسألة ولو لم يتمكن من الوقوف
بعرفة نهارا وأمكنه ان يقف بها ليلا ولو كان قليلا ان يطلع الفجر أو قبله أخراه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس يوم النحر ولا نعلم في
ذلك خلافا روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله واتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل مأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات فقال إن كان في مهل حتى يأتي
عرفات من ليلة فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات وان قدم وقد فاته عرفات فليقف
بالمشعر الحرام فان الله تعالى فان الله تعالى أعذر لعبده وقد أدرك حجة إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقيل إن يفيض الناس
فان لم يدرك المشعر الحرم فقد فاته الحج فيجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وعن ابن إدريس بن عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
رجل أدرك الناس بجمع وخشي ان مضى إلى عرفات قبل أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها فقال إن ظن أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع
الشمس فليأت عرفات وان خشى أن لا يدرك جمعا فليقف ثم ليفض مع الناس وقد تم حجه مسألة ولو لم يدرك الوقوف بعرفة في ليلة
النحر وخشي ان مضى إلى عرفات فاته المشعر وجب عليه مضى على المشعر فان أدركه في وقته فقد أدرك الحج وأطبق الجمهور كافة على خلاف ذلك
وقالوا ان الحج يبطل بفوات الوقوف بعرفة لنا الاجماع المركب فان كل من يكون بوجوب الوقوف بالمشعر يذهب إلى الاجتزاء به عند فوات عرفة
للضرورة لكن الوجوب ثابت على ما يأتي فيثبت الحكم ويدل عليه أيضا ما تقدم في الحديثين المتقدمتين عن الصادق (ع) وكذا في حديث محمد بن
سنان عن أبي الحسن (ع) احتجوا بقوله (ع) الحج عرفه وجوابه أن لا دلالة على مطلوبهم فيه لأنه لا بد فيه من اضمار فيخرج عن دلالته الظاهرة
مسألة قد بينا انه يجب ان يقف إلى غروب الشمس من يوم عرفة بها فلو أفاض قبله عامدا فقد فعل حراما و؟ حبره؟ بدم على ما يأتي وصح
حجه وبه قال عامة أهل العلم وقال مالك لا حج له ولا نعرف أحدا من فقهاء أهل الأمصار قال يقول مالك لنا ما رواه الجمهور عن عروة بن مضر بن
أوس بن حارثة بن لام الطائي قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله بمزدلفة حتى خرج إلى الصلاة قلت يا رسول الله اني جئت من حبلي
طي أزللت راحلتي وتعيت نفسي والله ما تركت من حبل الا وقفت عليه فهل لي حج فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من شهد صلاتنا
هذه ووقف معنا حتى يدفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا ونهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن
سنان قال سألت أبا الحسن (ع) عن الذي ان أدركه الناس فقد أدرك الحج فقال إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس
فقد أدرك الحج ولا عمرة له وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج فإن شاء ان يقيم بمكة وان شاء ان يرجع إلى
أهله رجع وعليه الحج من قابل وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال من أدرك جمعا فقد أدرك الحج ولأنه وقف في
زمن الوقوف فاجتزأ كالليل احتج مالك بما رواه ابن عمران النبي صلى الله عليه وآله قال من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفات
بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل والجواب انه انما خص الليل لان الفوات يتعلق به إذا كان يوجد بعد النهار فهو آخر وقت
720

الوقوف وذلك لقوله (ع) من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها مسألة إذا دفع من عرفات قبل غروب الشمس
وجب عليه بدنه ان كان عامدا وبه قال ابن حريج والحسن البصري وقال باقي الجمهور عليه دم لا غير واختلفوا فذهب أبو حنيفة واحمد إلى وجوبه
وبه قال الشافعي في القديم والأم وقال في الملاء وهو مستحب لنا انه قد ترك نسكا وروى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال
من ترك نسكا فعليه دم والأحوط البدنة لأنه معها بيقين براءة الذمة ولا يحصل اليقين بدونه تعين البدنة كقولنا ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن ضريس عن أبي جعفر (ع) قال سألته عمن أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس قال عليه بدنه
ينحرها يوم النحر فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله فروع الأول لو أفاض قبل الغروب
ساهيا لم يكن عليه شئ لان الكفارة يترتب على الذنب فلم يثبت هنا وقد روى الشيخ في الصحيح عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد
الله (ع) في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس قال إذا كان جاهلا فلا شئ عليه ان كان متعمدا فعليه بدنه الثاني لو لم يتمكن من
بدنه صام ثمانية عشر يوما على ما تضمنته رواية ضريس عن الباقر (ع) الثالث لو عاد نهارا فوقف حتى غربت الشمس
فلا دم عليه وبه قال مالك والشافعي تفريعا على الوجوب عنده واحمد وقال الكوفيون وأبو ثور عليه دم لنا انه أتى بالواجب
وهو الجمع بين الوقوف في الليل والنهار فلم يجب عليه دم كمن تجاوز الميقات غير محرم ثم رجع فاحرم منه ولان الواجب عليه
الوقوف حالة الغروب وقد فعله ولأنه لو لم يقف أولا ثم أتى قبل غروب الشمس ووقف حتى تغرب لم يجب عليه شئ فكذا هنا
الرابع لو كان عوده بعد الغروب لم يسقط عن الدم وبه قال احمد وقال الشافعي يسقط الدم لنا ان الواجب عليه الوقوف حالة
الغروب وقد فاته بغروبه فأشبه من تجاوز الميقات غير محرم فاحرم دونه الخامس لو لم يأت عرفات نهارا أو جاء بعد غروب
الشمس ووقف بها صح حجه ولا شئ عليه وهو قول علماء الاسلام كافة لقول النبي صلى الله عليه وآله من أدرك عرفات بليل
فقد أدرك الحج ولأنه لم يدرك جزءا من النهار فأشبه من منزله دون الميقات إذا أحرم منه السادس لو لم يقف بها
نهارا ووقف ليلا أجزأه على ما بيناه وجاز له ان يدفع من عرفات اي وقت شاء بلا خلاف ولا دم عليه اجماعا لا يقال إنه وقف وقف أحد الزمانين فوجب الدم كما قلت إذا وقف
نهارا وأفاض قبل الليل لأنا نقول الفرق بينهما ان من أدرك النهار أمكنه الوقوف إلى الليل والجمع بين الليل والنهار
فيعين ذلك عليه فإذا تركه لزم الدم اما من أتاها ليلا فلا يمكنه الوقوف نهارا فلم يتعين عليه فلا يجب الدم بتركه السابع
لو غم الهلال ليلة الثلثين من ذي القعدة فوقف الناس يوم التاسع من ذي الحجة ثم أقام البينة أو يوم العاشر قال الشافعي
أجزأهم لقول النبي صلى الله عليه وآله حجكم يوم يحجون ولان ذلك لا يؤمن مثله في القضاء مع اشتماله على المشقة العظيمة الحاصلة
من السفر الطويل واتفاق المال الكثير قال ولو وقف يوم التروية ولم يجزيهم لأنه لا يقع فيه الخطاء لان نسيان العدد لا يتصور من
العدد الكثير والعدد القليل لا يقدرون في ذلك لأنهم يفرطون ويأمنون ذلك في القضاء ولو شهد شاهدان عشبة عرفة
برؤية الهلال ولم يبق من النهار والليل ما لم يمكن الانتقال إلى عرفة قال وقفوا من الغدو ولو أخطأ الناس اجمع في الغدو
فوقفوا في غير ليلة عرفة وقال بعض الجمهور يجزيهم لان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم عرفة الذي يعرف الناس فيه وان
اختلفوا فأصاب بعضهم وأخطأ بعض وقت الوقوف لم يجزهم لأنهم غير معذورين في هذا ولقول النبي صلى الله عليه وآله أفطر
كم يوم يفطرون وضحاكم يوم تضحون وفي الكل اشكال الثامن لو شهد واحد أو اثنان برؤية الهلال ذي الحجة ورد الحاكم
شهادتهما وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم وان وقف الناس يوم العاشر عندهما وبه قال الشافعي وقال محمد بن الحسن في حكاية
عنه ولا يجزيه حتى يقف مع الناس يوم العاشر لنا ان يتقن ان هذا يوم عرفه فلزمه الوقوف كما لو قبلت شهادته ولأنه لو رأي الهلال
ورد الحاكم شهادته لزم الصيام وان وقع الخلاف في وجوب الكفارة فكذا هنا احتج محمد بان الوقوف لا يكون في يومين وقد ثبت في
حق الجماعة يوم العاشر والجواب المنع عن كونه لا يقع في يومين مطلقا بل ذلك ثابت في حق شخص شخص اما بالنسبة إلى شخصين فلا
استبعاد فيه لاختلاف سبب الوقوف في حقهما كصوم رمضان مسألة وعرفه كلها موقف يصح الوقوف في اي حد شاء منها
وهو قول علماء الاسلام روى الجمهور عن علي بن أبي طالب (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعرفه وقد أردف أسامة بن زيد
فقال هذا الموقف وكل عرفه موقف إذا قال (ع) عرفه كلها موقف وارتفعوا عن وادي عرفه والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن
بطن محسر وعن جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) عن جابر لما وصف حج رسول الله صلى الله عليه وآله قال كل عرفه
موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فحاج مكة طريق ومنحر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران عن أبي
عبد الله (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وقف بعرفات فجعل الناس يبتدون أخفاف ناقتي فيقفون إلى جانبها فنحاها
721

رسول الله صلى الله عليه وآله ففعلوا مثل ذلك فقال أيها الناس انه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كله موقف وأشار
بيده إلى الموقف فقال هذا كله موقف فتفرق الناس وفعل ذلك بالمزدلفة وقال (ع) عرفه كلها موقف ولو لم يكن الا ما تحت خف
ناقتي لم يسع الناس ذلك لرواية ابن بابويه (ره) مسألة وحد عرفه من بطن عرفه وثوبه ونمره إلى ذي المجاز فلا يجوز الوقوف
في هذه الحدود ولا تحت الأراك فان هذا المواضع ليست من عرفات فلو وقف بها بطل حجه وبه قال الجمهور كافة الا ما حكى عن مالك
انه لو وقف ببطن عرفه أجزأه ولزمه الدم قال ابن عبد البر اجمع الفقهاء على أنه لو وقف ببطن عرفه لم يجزيه لنا ان هذه حدود وليست
من عرفه وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال كل عرفة موقف وارفعوا عن بطن عرفه ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) وحد عرفه من بطن عرفه وثوبه ونمره إلى ذي المجاز من خلف الجبل موقف
وعن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) حد عرفات من المازمين إلى أقصى الموقف وفي الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع)
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ارتفعوا في وادي عرفه بعرفات وعن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) قال واتق لأراك
ونمره وبطن عرفه وثوبه وذا المجاز فإنه ليس من عرفه فلا يقف فيه وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إن أصحاب الأراك
الذين ينزلون تحت الأراك لا حج لهم يعني من وقف تحت الأراك مسألة وينبغي ان يقف على السهل ويستحب ان يقف على
ميسرة الجبل ولا يرتفع إلى الجبل الا عند الضرورة إلى ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعرفه في ميسره الجبل اما مع الضرورة فإنه
يجوز الارتفاع إلى الجبل رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك
أم على الأرض فقال على الأرض وعن سماعة بن مهران قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون
فقال يرتفعون إلى وادي محسر قلت فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون قال يرتفعون إلى المازمين قلت فإذا كانوا بالموقف
وكثر فكيف يصنعونه فقال يرتفعون إلى الجبل مسألة يجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس ثم يمضى إلى الموقف
فيقف هناك لما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لا ينبغي الوقوف تحت الأراك فاما النزول تحته حتى
تزول الشمس وينهض إلى الموقف فلا بأس والمستحب ان يضرب خباه أو قبته بنمرة دون عرفة ودون الموقف كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله
فإذ جاء وقت الوقوف مضى ووقف في المواقف مسألة ويستحب له ان وجد خللا ان يسده بنفسه ورحله قال
الله تعالى كأنهم بنيان مرصوص فوضعهم بالاجتماع وروى الشيخ عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) قال وإذا رأيت
خللا فتقدم وسده بنفسك وراحلتك فان الله تعالى يحب ان تسد تلك الخلال ويستحب له ان يقرب من الجبل لما رواه الشيخ عن علي بن عبد
الله الأزدي قال وما قرب من الجبل فهو أفضل فصول روى الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم وحفص انهما سالا أبا عبد الله
(ع) أيما أفضل الحرم أو عرفه فقال الحرم فقيل كيف لم يكن عرفات في الحرم قال هكذا جعلها الله فصل وروى الشيخ في الصحيح
عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال اليوم المشهور يوم عرفة فصل وروى الشيخ عن عبد الرحمن بن سبابه قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن غسل يوم عرفه في الأمصار فقال اغتسل أينما كنت فصل وروى عن إبراهيم بن أبي البلاد قال حدثني أبو بلا؟؟
المكي قال رأيت أبا عبد الله (ع) بعرفه اتي بخمسين نواه وكان يصلي بقل هو الله أحد وصلى مائة ركعة بقل هو الله أحد وختمها
باية الكرسي فقلت له جعلت فداك ما رأيت أحدا منكم صلى هذه الصلاة ها هنا فقال ما شهد هذا الموضع نبي ولا وصي نبي الأصلي
هذه الصلاة فصل وروى عن طلحة بن زيد عن أبيه عن علي أنه قال لا عرفه الا بمكة ولا بأس ان يجمعوا في الأمصار يوم عرفه يدعون
الله فصل وروى الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يصلي الرجل إذا نسي بعرفه
الفصل الثالث بالوقوف بالمشعر الحرام وفيه مباحث الأول إذا غربت الشمس في
عرفات فليفض منهما قبل الصلاة إلى المشعر الحرام ويستحب له إذا أراد الإفاضة بان يدعو بما رواه الشيخ عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا غربت الشمس فقل اللهم لا تجعله اخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه ما بقيتني واقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا
بأفضل ما ينقلب له اليوم أحد من وفدك عليك وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة وبارك لي
فيما ارجع إليه من أهل ومال وقليل وكثير وبارك لهم مسألة ويستحب ان يقصد في السير وان يسير سيرا جميلا وعن السكينة والوقار
ويستغفر الله تعالى ويكثر من الاستغفار روى الجمهور في حديث جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه عن
جابر عن النبي صلى الله عليه وآله
حتى رفع وقد سبق القصوى بالزمان حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة وعن عباس انه
دفع مع النبي صلى الله عليه وآله يوم عرفه فسمع النبي صلى الله عليه وآله ورائه زجرا شديدا و ضربا للإبل فأشار بسوطه إليهم وقال
722

أيها الناس عليكم السكينة فان البر ليس بالصناع الإبل وسأل أسامة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسير في حجة الوداع قال كان
يسير العتق فإذا وجد فخوه قص اي رفع في السير والنص مأخوذ من الرفع لأنه رفع في ثيابه إلى أقصى غايته وعن علي (ع) ان رسول
الله صلى الله عليه وآله دفع وعليه السكينة والوقار ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع)
إذا غربت الشمس فأفض مع الناس وعليك السكينة والوقار وافض من حيث أفاض الناس واستغفر الله ان الله غفور رحيم فإذا
انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل اللهم ارحم موقفي وزد في عملي وسلم ديني وتقبل مناسكي وإياك والوصف الذي يصفه
كثير من الناس فإنه بلغنا ان الحج ليس بوصف الجبل ولا الصناع الإبل ولكن اتقوا الله وسيروا سيرا جميلا ولا توطوا ضعيفا ولا توطوا سلما و
اقتصدوا في السير فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقف ناقته حتى كان يصيب؟؟ بها مقدم الرجل ويقول أيها الناس عليكم بالدعاء
فسنة رسول الله صلى الله عليه وآله تتبع قال معوية بن عمار سمعت أبا عبد الله (ع) يقول اللهم اعتقني من النار يكررها حتى إذا أفاض
الناس قلت لا يفيض قد أفاض الناس قال إني أخاف الزحام وأخاف ان أشرك في عيب انسان مسألة ولا ينبغي ان يلبي في سيره
لأنا قد بينا ان الحاج يقطع التلبية يوم عرفه واستحب احمد التلبية وليس بشئ ويستحب ان يمضي على طريق المازمين لان النبي صلى الله عليه وآله
سلك بهذه الطريق وان سلك غيرها جاز ويستحب له الاكثار من ذكر الله تعالى قال الله تعالى إذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند
المشعر الحرام واذكروه كما هديكم ولأنه زمن الاستشعار بطاعة الله تعالى والتلبس بعبادته والسعي إلى شعايره مسألة وينبغي له
ان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة وان ذهب ربع الليل أو ثلثه اجمع عليه أهل العلم كافة رواه الجمهور عن الصادق (ع) عن جابر وعن
ابن عمرو أسامة وأبي أيوب وغيرهم في أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله انه جمع بينهما بمزدلفة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في
الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال لا تصلي المغرب حتى تأتي جمعا وان ذهب ثلث الليل وفي الحسن عن الحلبي ومعوية عن أبي
عبد الله (ع) قال لا تصلي المغرب حتى يأتي جمعا فصل بها المغرب والعشاء الآخرة تجمع فقال لا تصليهما حتى ينتهي إلى جمع وان مضى من
الليل ما مضى فان رسول الله جمعهما باذان واحد وإقامتين كما جمع بين الظهر والعصر بعرفات ولا نعرف في شرعية تأخير
المغرب والعشاء عن وقتهما الأولى إلى المزدلفة خلافا فروع الأول يستحب ان يؤذن للأولى ويقيم ويصليهما ثم يقيم للعشاء
من غير أذان ثم ويصليها قال وعلمائنا وهو أحد أقوال الشافعي واختاره أبو ثور وابن المنذر واحمد في إحدى الروايات وقال في الأخرى
يقيم لكل صلاة أقام وبه قال الشافعي أيضا واسحق وسالم والقاسم بن محمد وهو قول ابن عمر وقال الثوري يقيم للأولى من غير أذان و
يصلى الأخرى بغير أذان ولا إقامة وهو مروي عن ابن عمر أيضا واحمد وقال مالك يجمع بينهما باذان وإقامتين لنا ما رواه الجمهور
عن جعفر بن محمد (ع) عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين المغرب والعشاء باذان واحد وإقامتين ومن طريق الخاصة
ما تقدم في حديث الحلبي وسماعة وما رواه الشيخ عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال صلى المغرب والعشاء يجمع باذان واحد و
إقامتين ولا تصل بينهما شيئا وقال هكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله احتج احمد بما رواه أسامة بن زيد قال دفع رسول الله صلى الله عليه وآله
من عرفه حتى إذا كان بالشعيا نزل فبال ثم توضأ فقلت له الصلاة يا رسول الله فقال الصلاة امامك فركب فلما جاء مزدلفة نزل
(نزل بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر وعن زرعة عن سماعة هي سئلته عن الجمع بين المغرب والعشاء الآخرة) فتوضأ فاسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل انسان بعيره في مبركه ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يصل بينهما واحتج
الثوري بما رواه ابن عمر قال جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بين المغرب والعشاء يجمع صلى المغرب ثلثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة (باذان واحد وإقامتين)
احتج مالك بان عمرو ابن مسعود اذنا أذانين وإقامتين والجواب عن هذه الأحاديث ان روايتنا تضمنت الزيادة فكانت أولى وأيضا فهو معبر
بساير الفوايت والمجموعات فإنه ينبغي الجمع بينها باذان وإقامتين وما قال مالك فهو ضعيف لأنه مخالف للاجماع قال ابن عبد البر
لا أعلم فيما قال مالك حديثا مرفوعا بوجه من الوجوه واما عمر فإنما امر بالتأذين للثانية لان الناس كانوا قد يفرقوا لعشائهم فاذن
لجمعهم الثاني لا ينبغي ان يصلي بينهما شيئا من النوافل وهو وفاق لما تقدم في حديث جابر وأسامة ومن طريق الخاصة ما تقدم
في حديث منصور بن حازم وما رواه عنبسة بن مصعب قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا صليت المغرب بجمع أصلي الركعات بعد
المغرب والعشاء ثم تصلي الركعات بعد الثالث لو صلى بينهما ستا من النوافل لم يمكن مأموما لان الجمع مستحب فلا يترتب على
تركه اثم وما رواه الجمهور عن ابن مسعود انه كأنه يتطوع بينهما ورواه عن النبي صلى الله عليه وآله ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن
تغلب قال صليت خلف أبا عبد الله (ع) المغرب بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثم صلى العشاء الآخرة ولم يركع فيما بينهما ثم صليت
خلفه بعد ذلك لسنة فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات الرابع لو ترك الجمع فصلى المغرب في وقتها
والعشاء في وقتها صحت
صلاته ولا اثم عليه ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا وعروة والقاسم بن محمد وسعيد بن جبير ومالك والشافعي واسحق وأبو ثور ومحمد
723

لا يجزيه لنا ان كل صلاتين جاز الجمع بينهما جاز التفريق بينها كالظهر والعصر بعرفه وما تقدم من الاخبار احتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله
جمع بين الصلاتين فكان نسكا وقال خذوا عني مناسككم ولأنه قال لأسامة الصلاة امامك والجواب انه محمول على الاستحباب لئلا ينقطع
سيرته الخامس لو فاته مع الامام الجمع جمع منفردا وهو قول العلماء كافة لان الثانية منهما تصلي في وقتها بخلاف العصر مع الظهر
عند المخالف السادس لو عاقه في الطريق عايق وخاف ان يذهب أكثر الليل صلى في الطريق ليلا يفوت الوقت رواه الشيخ عن
محمد بن سماعة بن مهران قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل صلى المغرب والعتمة في الموقف قال قد فعله رسول الله (ص) صلاهما
في الشعب وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال عبر محمد أبي بين عرفه والمزدلفة فنزل فصلى المغرب وصلى العشاء
بالمزدلفة وفي الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يصلي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة السابع ينبغي
ان يصلي نوافل المغرب بعد العشاء ولا يفصل بين الصلاتين ولو فعل جاز ولكن الأولى أولى لرواية ابان وغيره وينبغي ان يصلي
قبل حط الرجال لرواية أسامة ان النبي صلى الله عليه وآله أقام للمغرب ثم أباح الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة
فصلى ثم حلوا مسألة ويبيت تلك الليلة بالمزدلفة ويكثر فيها من ذكر الله تعالى والدعاء والتضرع والابتهال إليه
روى الشيخ في الحسن عن معاوية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال ولا تتجاوز الحياض ليلة المزدلفة ويقول اللهم هذه جمع اللهم إني
أسئلك ان تجمع لي فيها جوامع الخير اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك ان تجمعه لي في قلبه ثم اطلب إليك ان تعرفني ما عرفت
أوليائك في منزلي هذا وان تعينني جوامع الشر وان استطعت ان تحيى تلك الليلة فافعل فإنه بلغنا ان أبواب السماء لا تعلق تلك الليلة
لأصوات المؤمنين لهم روى كدوي النحل لقول الله تعالى عز وجل ثناؤه انا ربكم وأنتم عبادي أو يتم حقي وحق على أن استجيب لكم
فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد أن يغفر له مسألة المبيت بالمزدلفة ليس بركن وان كان الوقوف
بها ركنا وحكى عن الشعبي والنخعي انهما قالا المبيت بالمزدلفة ركن لنا ما رواه الجمهور عن عروة بن مضرس قال اتيت النبي صلى الله عليه وآله
يجمع فقال من صلى معنى هذه الصلاة واتى عرفات قبل ذلك ليلا كان أو نهارا فقدتم حجه ولأنه مبيت في مكان فلم يكن
ركنا كالمبيت بمنى احتج المخالف بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حج له والجواب المراد به من لم
يبيت بها ولم يقف وقت الوقوف جمعا بين الأدلة
البحث الثالث في الكيفية مسألة النية واجبة
في النية واجبة في الوقوف بالمشعر لأنه عبادة فلا تصح بدونها قال الله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين ولأنه عمل فلا بد فيه من
النية لقوله (ع) انما الأعمال بالنيات وانما الامر ما نوى ويجب فيها التقرب إلى الله تعالى ونية الوجوب مسألة ويجب الوقوف بعد
طلوع الفجر الثاني الذي يجب معه الصلاة فقال الشافعي يجوزان يدفع بعد نصف الليل ولم يجز قليل فأوجب الوقوف في النصف الثاني
من الليل لنا ما رواه الجمهور في حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وآله صلى الصبح حتى تبين له الصبح وفي حديث ابن سعود انه صلى
الفجر حين طلع الفجر قايل يقول قد طلع وقال يقول لم يطلع ثم قال في اخر الحديث رأيت النبي صلى الله عليه وآله يفعله قال جابر
ان النبي صلى الله عليه وآله لم يزل واقفا حتى أسفر جدا وقال صلى الله عليه وآله خذوا عني مناسككم وقال (ع) في جمع من وقف
معنى حتى يدفع وقد وقف بعرفه قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال أصبح على ظهر بعدما يصلي الفجر فيقف إن شئت قريبا من الجبل وان يثبت حيث تثبت
ولان الكفارة يجب لو أفاض قبل الفجر على ما يأتي وهي مرتبة على الذنب احتجوا بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه امر أم سلمة
فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة وروت عايشه ان سودة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وآله ان يفيض من المزدلفة في النصف
الأخير من الليل وكانت امرأة نبطية؟؟ فاذن لها وليت كنت استأذنته وعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله اعتلمه بنى عبد المطلب
وكان يلطخ أفخاذنا ويقول أمتي لا ترموا الجمرة العقبة حتى تطلع الشمس والجواب عن ذلك كله ان المعذورين كالنساء والصبيان والخايف
يجوز لهم للإفاضة قبل طلوع الفجر عندنا على ما يأتي مسألة ويستحب ان يقف بعد أن يصلي الفجر ولو وقف قبل الصلاة إذا
كان قد طلع الفجر أجزأه لأنه وقت مضيق فاستحب البدأة بالصلاة ويستحب ان يدعوا بعد أن يحمد الله تعالى ويثنى عليه ويذكر من الآية
وحسن ما صنع به ما قدر عليه ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وآله ويقول اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار وأوسع على
من الرزق الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول ولكل وافد جايزة فاجعل
جائزتي في موطني هذا ان يقبل عثرتي وتقبل معذرتي وتجاوز عن خطيئتي ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي يا ارحم الراحمين ثم
أفض حتى شرف لك تيسره ويرى الإبل مواضع أخفافها رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) مسألة
724

ويستحب ان يكون متطهرا لما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال أصبح
على طهر بعدما تصلى الفجر فقف إن شئت
قريبا من الجبل وإن شئت حيث يبيت ولو وقف وهو على غير طهر أو كان جنبا أجزأه لما تقدم في باب الوقوف بعرفات ولا نعلم فيه خلافا
مسألة ويستحب له ان يصلي الفجر في أول وقته فان اشترك الصلوات كلها في ذلك الا انه ها هنا اكد استحبابا روى ابن مسعود أنه قال
ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة قبل وقتها الا الصبح يجمع أراد بذلك انه صلى الصبح بالمزدلفة قبل وقتها المعتاد وانما
صلى في أول الفجر قبل أن يطهر للناس كافة بل لبعضهم وكان في سائر الأيام يصليهما إذا طلع الفجر لاجتماع الناس في المزدلفة واستعدادهم
للصلاة وطلبا للوقوف والدعاء بخلاف الحضر مسألة ويستحب للضرورة ان يطأ المشعر الحرام قال الشيخ (ره) والمشعر
الحرام حبل هناك يسمى قرح ويستحب بالصعود عليه وذكر الله تعالى فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله
قال الله تعالى فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام وروى عن النبي صلى الله عليه وآله انه أردف الفضل بن العباس ووقف
على قرح وقال هذا قرح وهو الموقف وجمع كلها موقف وروى الجمهور في حديث جعفر بن محمد بن الصادق (ع) عن أبيه عن جابر ان النبي
صلى الله عليه وآله ركب القصوى حتى أتى مشعر الحرام فرقا عليه واستقبل القبلة فحمد الله وهلله وكبره ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر
جدا قال ابن بابويه يستحب للضرورة ان يطأ المشعر برحله أو يطأ ببعيره وروى الشيخ عن أبان بن عثمان عن رجل عن أبي عبد الله قال (ع)
يستحب للضرورة ان يطأ المشعر الحرام وان يدخل البيت
البحث الثالث في الاحكام مسألة الوقوف بالمشعر الحرام
ركن من أركان الحج بالخلال به عمدا ذهب إليه علماؤنا وهو أعظم من الوقوف عندنا وبه قال علقمة والشعبي والنخعي وقال باقي الفقهاء
انه نسك وليس بركن لنا قوله تعالى فاذكروا الله عند المشعر الحرام وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ترك المبيت
بالمزدلفة فلا حج له ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن ابن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال الوقوف بالمشعر
فريضة وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال من أفاض من عرفات إلى منى فليرجع وليأت جمعا وليبيت بها وان كان قد وجد الناس قد
أفاضوا من جمع وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال وان قدم وقد فاته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فان الله تعالى اعتذر
لعبده وقدتم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس فان لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فيجعلها
عمرة مفردة وعليه الحج من قابل وعن محمد بن سنان قال سألت أبا الحسن (ع) عن الذي إذا أدركه الناس فقد أدرك الحج فقال إذا أتى جمعا والناس
بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له ولأنه أحد
الموقفين فكان ركنا كالاخر احتج الجمهور بما رواه عروة بن مضرس قال اتيت النبي صلى الله عليه وآله يجمع فقال من صلى معنى هذه
الصلاة واتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه ولأنه مبيت في مكان فلم يكن ركنا كالمبيت بمنى والجواب عن الأول انه حجه
لنا قوله (ع) من صلى معنى هذه الصلاة أراد بذلك من موقف بالمشعر لأنها كانت صلاة الفجر في جمع وإذا علق تمام الحج على الوقوف
بالمشعر يبقى عند عدمه وهو مطلوبنا وعن الثاني انه معارض بقياسنا فيبقى دليلنا سالما على انا لا يوجب المبيت ويجعله ركنا على ما
تقدم بل الركن عندنا هو الوقوف حال الاختيار بعد طلوع الفجر مسألة قد بينا ان الوقوف بالمشعر يجب بعد طلوع الفجر
فلا يجوز الإفاضة منه قبل طلوعه اختيارا بل يجب الكون به بعد طلوع الفجر وبه قال أبو حنيفة وقال باقي الفقهاء يجوز الدفع
نصف الليل لنا ان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعد طلوع الفجر وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله من صلى معنى
هذه الصلاة واتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقدتم حجه علق التمام على الصلاة وهي انما يتحقق بعد الفجر ولان النبي
صلى الله عليه وآله دفع منها قبل طلوع الشمس وكانت الجاهلية يفيض بعد طلوع الشمس فدل على أن ذلك هو الواجب احتج به أبو حنيفة
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) في رجل وقف مع الناس يجمع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس قال إن
كان جاهلا فلا شئ عليه وان كان أفاض بعد طلوع الفجر فعليه دم شاة ولأنه أحد الموقفين فيجب فيه الجمع بين الليل والنهار كعرفات
احتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله امر أم سلمة فاضت في النصف الأخير والمزدلفة والجواب انا نقول (بموجبه) لان المعذورين ومن هو
بحكمهم من النساء يجوز لهم الإفاضة قبل طلوع الفجر على ما سيأتي مسألة ولو أفاض قبل طلوع الفجر عامدا بعد أن وقف
به ليلا جبره بشاة وان كان ناسيا فلا شئ عليه ذهب إليه الشيخ (ره) وبه قال أبو حنيفة وقال ابن إدريس لو أفاض عامدا قبل الفجر
بطل حجه وقال باقي الفقهاء إذا أفاض عامدا قبل طلوع الفجر لا شئ عليه إذا وقف بعد نصف الليل لنا ما بيناه من أن الوقوف بعد
طلوع الفجر فيجب بتركه الدم لقوله (ع) من ترك نسكا فعليه دم رواه الجمهور ومن طريق الخاصة ما تقدم في رواية مسمع عن أبي عبد
الله (ع) وقول ابن إدريس لا نعرف له موافقا فكان خارقا للاجماع واحتجاجه بان الوقوف بالمشعر ركن وان فرضه من طلوع الفجر
725

إلى طلوع الشمس فيبطل بالاخلال به ممنوع فانا لا نسلم ان الوقوف بعد طلوع الفجر ركن نعم مطلق الوقوف ليلة النحر أو يومه ركن
اما بعد طلوع الفجر فلا نسلم له ذلك وكون الوقوف يجب ان يكون بعد طلوع الفجر لا يعطى كون الوقوف في هذا الوقت ركنا مسألة
ويجوز للخايف وللنساء ولغيرهم من الأصحاب الاعذار ومن له ضرورة الإفاضة قبل طلوع الفجر من مزدلفة
وهو قول كل من يحفظ عنه
العلم لما رواه الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه وآله امر أم سلمة فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة واذن لسودة فيه أيضا و
عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقدم ضعفه أهله في النصف الأخير من المزدلفة وقال قدمنا رسول الله صلى الله عليه وآله
اعيله بني عبد المطلب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال رخص رسول الله صلى الله عليه وآله
للنساء والصبيان ان يفيضوا بليل أو يرموا الجمار بليل وان يصلوا الغداة في منازلهم فان خفن الحيض مضين إلى مكة وكان
من يضحى عنهن وعن سعيد الأعرج قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك معنى نساؤنا فأفيض بهن بليل قال نعم يريد أن
يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله قال نعم فقال أفض بليل ولا تفض بهن حتى يقف بهن يجمع ثم أفض بهن حتى
تأتي الجمرة العظما فيرمين الجمرة فان لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن ويقصرن من أظفار هن ثم يمضين إلى مكة
في وجوههن ويطفن بالبيت ويسعن بين الصفا والمروة ثم يرجعن إلى البيت فيطفن سبوعا ثم يرجعن إلى منى وقد فرغن من حجهن وقال
رسول الله صلى الله عليه وآله أرسل أسامة معهن وعن علي بن جعفر أبي حمزة عن أحدهما عليهما السلام قال اي امرأة ورجل خائف أفاض
من المشعر الحرام ليلا فلا بأس فيلزم الجمرة الحديث وعن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام قال لا بأس ان
يفيض الرجل إذا كان خائفا وعلى هذه الروايات المفيدة حمل الشيخ (ره) ما رواه في الصحيح عن هشام بن سالم وغيره عن أبي
عبد الله (ع) أنه قال في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس لا بأس به والتقدم من المزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلون
الفجر في منازلهم بمنى لا بأس قال (ره) هو محمول على الخائف وصاحب الاعذار من النساء وغيرهن فاما مع الاختيار فلا يجوز ذلك
مسألة ويستحب لغير الامام ان يكون طلوعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل وللامام بعد طلوعها قاله الشيخ (ره)
وفي موضع اخر من كتبه استحباب الإفاضة مطلقا للامام وغيره قبل طلوع الشمس بقليل ولا نعلم خلافا فيه روى الجمهور ان المشركين
كانوا لا يفيضون حتى يطلع الشمس ويقولون أشرف ثبير يعنون الشمس وان رسول الله صلى الله عليه وآله خالفهم فأفاض قبل أن تطلع الشمس
رواه النجاري ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ثم أفض حين يشرف لك سر ونوى الإبل
مواضع أخفافها وقال أبو عبد الله (ع) كان أهل الجاهلية يقولون أشرف ثبير يعنون الشمس وانما أفاض رسول
الله صلى الله عليه وآله خلاف أهل الجاهلية كانوا يفيضون باتحاف الجبل واتصاع الإبل فأفاض رسول الله صلى الله عليه وآله خلاف ذلك بالسكينة والوقار والدعاء والحديث وهذا يدل على الإفاضة بعد طلوع الشمس اما ما يدل على استحباب تقديم
الإفاضة قبل طلوعها فما رواه الشيخ عن معوية بن حكم قال سألت أبا إبراهيم (ع) اي ساعة أحب إليك ان يفيض من جميع فقال
قبل أن تطلع الشمس بقليل هي أحب الساعات إلى قلت فان مكثنا حتى تطلع الشمس قال ليس به بأس وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا
إبراهيم (ع) اي ساعة أحب إليك ان يفيض من جمع فقال قبل أن تطلع الشمس بقليل هي أحب الساعات إلى قلت فان مكثنا حتى تطلع الشمس
فقال ليس به بأس وقد روى الشيخ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي للامام ان يقف بجمع حتى تطلع الشمس وسائر الناس
ان شاؤوا وعجلوا وان شاؤوا أخروا وقال الشيخ (ره) الوجه في هذا الحديث رفع الحرج عمن فعل ذلك والخبران الأولان محمولان على
الاستحباب إذا عرفت هذا فإنه يستحب الإفاضة بعد الاسفار قبل طلوع الشمس بقليل على ما تضمنه الحديثان الأولان وبه قال الشافعي
واحمد وأصحاب الرأي وكان مالك يرى الدفع قبل الاسفار لنا ما رواه الجمهور في حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وآله لم يزل واقفا
حتى أسفر جدا قد وقع قبل أن تطلع الشمس ومن طريق الخاصة ما تقدم في الحديثين السابقين إذا ثبت هذا فلو دفع قبل الاسفار بعد
طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس لم يكن مأثوما ولا نعلم فيه خلافا مسألة ولمزدلفة ثلاثة أسماء هذا وجمع المشعر الحرام و
حدها ما بين مأزمي عرفه إلى الحياض إلى وادي محسر يجوز الوقوف في اي موضع شاء ولا نعلم فيه خلافا روى الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله
قال كل المزدلفة موقف وعن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال وقفت ههنا بجمع
وجمع كلها موقف ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال للحكم بن عيينة ما حد المزدلفة
فسكت قال أبو جعفر (ع) حدها ما بين المازمين إلى الحبل إلى حياض محسر وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال حد المشعر الحرام من
المازمين إلى الحياض والى وادي محسر وانما سميت المزدلفة لأنهم ازدلفوا إليها من عرفات وروى ابن بابويه عن النبي صلى الله عليه وآله
726

انه وقف بجمع فجعل الناس يبدرون احفاف ناقته فأهوى بيده وهو واقف فقال إني وقفت وكل هذا موقف وقال الصادق
(ع) كان أبي (ع) يقف بالمشعر الحرام حيث تبيت فرع لو ضاق عليه الموقف جاز له ان يرتفع إلى الجبل روى الشيخ عن سماعة بن مهران
قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى وادي محسر قلت فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم
كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى المازمين قلت فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى الجبل قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وقف بعرفات فعجل الناس يبتدرون احفاف ناقته يعفون إلى جانبها فنحاها رسول الله صلى الله عليه وآله
ففعلوا مثل ذلك فقال أيها الناس انه ليس موضع احفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كل موقف وأشار بيده إلى الموقف فقال هذا كله
موقف فيفرق الناس وفعل مثل ذلك بالمزدلفة مسألة قد بينا ان وقت الوقوف بالمشعر بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس هذا
في حال الاختيار اما لو لم يتمكن من الوقوف بالمشعر الأبعد طلوع الشمس للضرورة جاز ويمتد الوقت إلى زوال الشمس عن يوم النحر وقال
المرتضى (ره) وقت الوقوف الاضطراري بالمشعر يوم النحر فمن فاته الوقوف بعرفات وأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك
الحج والحاصل ان الشيخ (ره) أوجب الوقوف بالمشعر إلى زوال الشمس لمن أدرك الوقوف بعرفات ويصح له الحج حينئذ ولو لم يدرك
الوقوف بعرفات نهارا ووقف بها ليلا ثم أدرك المشعر في وقته الاختياري وهو بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس اي وقت كان منه أجزء
فقد أدرك الحج أيضا ولو فاته الوقوف الاختياري بعرفات وأدركها ليلا ولم يتمكن من الوقوف بالمشعر الا بعد طلوع الشمس فقد
فاته الحج ولو ورد الحاج ليلا وعلم أنه إذا مضى إلى عرفات وقف بها وان كان قليلا ثم عاد إلى المشعر قبل طلوع الشمس وجب عليه المضي
إلى عرفات والوقوف بها ثم يجئ إلى المشعر اما لو غلب على ظنه انه ان مضى إلى عرفات لم يلحق المشعر قبل طلوع الشمس اقتصر على الوقوف
بالمشعر وقدتم حجه وليس عليه شئ ولو وقف بعرفات اختيارا ثم مضى إلى المشعر فعاقه في الطريق عايق فلم يلحق الأقرب الزوال فقد
تم حجه ويقف قليلا بالمشعر ولو لم يكن وقف بعرفات وأدرك المشعر بعد طلوع الشمس فقد فات الحج هذا اختيار شيخنا أبو جعفر
الطوسي (ره) واما السيد المرتضى (ره) فقال إذا لم يدرك الوقوف بعرفات وأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحج اما
الجمهور فقالوا إذا فاته الوقوف بعرفات فقد فات الحج مطلقا سواء وقف بالمشعر أولا لنا الاجماع المركب وهو ان كل من قال بوجوب
الوقوف بالمشعر الحرام قال بالاكتفاء به مع فوات عرفات للضرورة لكن الأول قد بينا صحته فيكن الثاني كذلك وما رواه الشيخ
في الصحيح عن الحلبي قال أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي ما يفيض من عرفات فقال إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته
فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل لن يفيضوا فلا يتم حجه حتى تأتي عرفات وان قدم فقد فاته عرفات فليقف بالمشعر الحرام
فان الله تعالى أعذر لعبده وقدتم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس فان لم يدرك المشعر الحرام
فقد فاته الحج فيجعلها عمرد مفردة وعليه الحج من قابل وعن إدريس بن عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أدرك الناس
بجمع وخشي ان يمضى إلى عرفات ان يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها فقال إن ظن أنه يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت
عرفات وان خشى أن لا يدرك جمعا فليقف ثم ليفيض مع الناس وقدتم حجه وفي الصحيح عن معوية بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قال
كان رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر وإذا شيخ كبير فقال يا رسول الله ما يقول في رجل أدرك الامام بجمع فقال له ان ظن أن
يأتي عرفات فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها ان ظن أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتيها وقدتم
حجه فهذه الأحاديث يدل على ادراك الحج لمن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس سواء وقف بعرفات أو لم يقف للضرورة وعلى
وجوب الوقوف بعرفات ليلا مع الضرورة واللحاق بالناس في المشعر الحرام على الاجتزاء بالوقوف بالمشعر أيضا ما رواه الشيخ
في الصحيح عن حريز قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل مفرد للحج فاته الموقفان جميعا فقال له إلى طلوع الشمس يوم النحر فان طلعت
الشمس من يوم النحر فليس له حج ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وعن إسحاق بن عبد الله قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل دخل
مفرد للحج فخشى ان يفوته الموقفان فقال له يومه إلى طلوع الشمس من يوم النحر فإذا طلعت الشمس فليس له حج فقلت له كيف يصنع
باحرامه قال يأتي مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فقلت له إذا صنع ذلك فما يصنع بعد قال انشاء أقام بمكة وانشاء
رجع إلى الناس بمنى وليس منهم في شئ فإن شاء رجع إلى أهله وعليه الحج من قابل وعن محمد بن فضيل قال سألت أبا الحسن (ع)
عن الحد الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحج فقال إذا أتى جمعا والناس في المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له فان لم
يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له فإن شاء أقام وان شاء رجع فيه عليه الحج من قابل اما لو وقف بعرفات اختيارا ولم
يتمكن من الوقوف بالشعر الأبعد طلوع الشمس فقد أدرك الحج أيضا لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة قال جاءنا رجل
727

بمنى فقال إني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا قال له عبد الله بن المغيرة فلا حج لك وسأل إسحاق بن عمار فلم يجبه ودخل اسحق على أبي
الحسن (ع) فسأل عن ذلك فقال إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج وفي الحسن عن جميل عن أبي
عبد الله (ع) قال من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج وحمل الشيخ (ره) هذين الحديثين على من وقف
بعرفات فإنه يدرك الحج بادراك المشعر بعد طلوع الشمس اوانه يدرك فضل الحج وثوابه لا الأفعال الواجبة عليه واستدل عليه التأويل الأول
بما رواه في الصحيح عن علي بن رئاب عن الحسن العطار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر فاقبل من عرفات
ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا فليقف قليلا بالمشعر وليلحق الناس بمنى ولا شئ عليه فروع الأول ظهر من جميع
ما تقدم ان الوقت الاختياري بعرفات من زوال الشمس إلى غروبها من يوم عرفه والاضطراري إلى طلوع
الفجر من يوم النحر والوقت الاختياري
للوقوف بالمشعر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس والاضطراري من غروب الشمس ليلة النحر إلى الزوال من يومه على قول الشيخ والى غروبها منه
على قول السيد (ره) الثاني إذا أدرك أحد الموقفين اختيارا والاخر اضطرارا صح حجه اجماعا ولو أدرك الاضطرارين فيه تردد
أقربه ادراك الحج لرواية الحسن العطار الصحيحة عن الصادق (ع) اما لو أدرك أحد الاضطرارين خاصة فإن كان المشعر صح حجه على قول السيد
(ره) وبطل على قول الشيخ (ره) ويؤيده قول السيد روايتا عبد الله بن المغيرة الصحيحة وجميل الحسنة عن أبي عبد الله (ع) ولو
أدرك أحد الموقفين اختيارا وفاته الأخير مطلقا فإن كان الفايت هو عرفات وقد صح حجه لادراك المشعر وان كان هو المشعر ففيه
تردد أقربه الفوات الثالث قال الشيخ (ره) من فاته الوقوف بالمشعر فلا حج له على كل حال واستدل عليه بما رواه عن عبيد الله
وعمران ابني على الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا فاتك المزدلفة فقد فاتك الحج قال وهذا خبر عام فمن فاته ذلك عامدا أو جاهلا
وعلى كل حال قال (ره) ولا ينافيه ما رواه محمد بن يحيى الخثعمي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) فيمن جهل ولم يقف بالمزدلفة
ولم يبيت بها حتى أتى منى قال رجع قلت إن ذلك فاته قال لا بأس بما رواه محمد بن يحيى أيضا عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في رجل لم
يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى أتى منى فقال ألم يرى الناس لم ينكر منى حتى دخلها قلت فإنه جهل ذلك قال يرجع قلت إن ذلك قد فاته
قال لا بأس قال الشيخ (ره) هذان وان كان أصلهما واحدا وهو محمد بن يحيى الخثعمي وهو عامي ومع ذلك تارة يرويه عن أبي عبد
الله (ع) بلا واسطة وتارة يرويه بواسطة ويرسله يمكن حملهما على من وقف بالمزدلفة شيئا يسرا فإنه يجزيه ذلك ويكون قوله لم يقف بالمزدلفة الوقوف التام الذي متي وقفه الانسان
كان أكمل وأفضل ومتي لم يقف على ذلك الوجه كان انقص ثوابا وان كان لا يفسد الحج لان الوقوف القليل يجزي عنه الضرورة يدل
عليه ما رواه أبو بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك ان صاحبي هذين جهلا ان يقفا بالمزدلفة فقال يرجعان مكانهما
فيقفان بالمشعر صاعة فإنه لم يجزهما أحد حتى كان اليوم وقد نفر الناس قال فنكس رأسه ساعة ثم قال أليسا قد صليا الغداة بالمزدلفة
قلت بلى قال أليس قد فتنا في صلاتهما قلت بلى قال ثم حجهما ثم قال المشعر من المزدلفة والمزدلفة من المشعر وانما يكفيهما اليسير من الدعاء
وعن محمد بن حكيم قال قلت لأبي عبد الله (ع) أصلحك الله الرجل الأعجمي والمراة الضعيفة يكون مع الجمال الأعرابي فإذا أفاض
بهم من عرفات مر بهم كما هم إلى منى لم ينزل بهم جميعا فقال أليس قد صلوا بها فقد أجزأهم قلت فان لم يصلوا قال قد ذكروا الله فيها فإن كان
قد ذكروا الله فقد أجزأهم الرابع قال الشيخ (ره) من ترك الوقوف بالمشعر متعمدا فعليه بدنه لما رواه حريز عن أبي عبد
الله (ع) قال من أفاض من عرفات مع الناس ولم يبت معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا أو مستحقا فعليه بدنه والوجه انه إذا ترك الوقوف
بالمشعر عمدا بطل حجه لما تقدم من أنه ركن يبطل الحج بالاخلال به عمدا الخامس لو ترك الوقوف بالموقفين معا بطل حجه سوى
كان غير عمدا ونسيان ولو نسي الوقوف بعرفه رجع فوقف بها ولو إلى طلوع الفجر إذا عرف أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس و
لو غلب على ظنه الفوات اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس وقدتم حجه وكذا لو نسي الوقوف بعرفات ولم يدرك الا بعد الوقوف بالمشعر
قبل طلوع الشمس ولو نسي الوقوف بالمشعر فإن كان قد وقف بعرفه صح حجه ولا يبطل مسألة ويستحب اخذ حص الجمار من
المزدلفة وهو سبعون حصاة ذهب إليه علمائنا وبه قال الشافعي وهو قول ابن عمر وسعيد بن جبير وعن أحمد جواز ذلك وليس بمستحب لنا
ان الرمي يحبه لموضعه فينبغي له ان يتلفظ من المشعر ليلا يشتغل عند قدومه بغيره كما أن الطواف تحية المسجد فلا يبدوا بشئ
قبله وما رواه الجمهور عن ابن عمرانه كان يأخذ الحصاء من جمع وفعله سعيد بن جبير وقال كانوا يترددون الحصا فيمن جمع ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار قال خذ الحصى الجمار من جمع وان اخذته من رحلك بمنى أجزأك وعن ربعي عن أبي عبد الله
(ع) قال خذ حصى الجمار من جمع وان اخذته من رحلك بمنى أجزأك مسألة ويجوز اخذ الحصا الجمار من الطريق في الحرم ومن بقية مواضع الحرم عدا المسجد الحرام أو مسجد الخيف ومن حصى الجمار اجماعا لما رواه الجمهور ان ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
728

غداة العقبة وهو على ناقته القط لي حصاء فلقطت له سبع حصيات هي حصاء الحذف فجعل يقبضهن في كفه ويقول امتثال هؤلاء فارموا ثم قال أيها
الناس إياكم والغلو في الدين فإنما آهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ومن طريق الخاصة ما تقدم ما رواه الشيخ عن جنان عن أبي
عبد الله (ع) يجوز اخذ حصا الجمار من جميع الا من المسجد الحرام ومسجد الخيف عمن أخبره عن أبي عبد الله (ع) قال سألته من أين ينبغي اخذ الحصاء الجمار قال يأخذه من سائر الحرم إذا ثبت هذا فإنه يجوز اخذ الحصاء من سائر
الحرم ومسجد الخيف ومن حصاء الجمار على ما بيناه ولا يجزيه ان اخذه من غير الحرم لما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة عن أبي عبد الله
(ع) قال حصاء الجمار ان اخذته من الحرم أجزاك وان اخذته من غير الحرم لم يجزك قال وقال لا يرمي الجمار الا بالحصى وقال ابن بابويه وفي
الخبر لا تأخذ من حصاء الجمار الذي قد رمى ورواه الشيخ عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (ع) قال ولا تأخذ من حصاة الجمار إذا عرفت
هذا وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا يؤخذ الحصاء من جميع المساجد والحديثان دلا على ما استثناه المسجد الحرام ومسجد الخيف مسألة ويستحب له
الدفع من المزدلفة إلى منى إذا أسفر الصبح قبل طلوع الشمس على ما بيناه لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال كان أهل الشرك والأوثان
لا يدفعون من المزدلفة حتى تطلع الشمس ويقيم بها روس الجبال كأنها غمائم الرجال في وجوههم وانما يدفع قبل طلوعها وهدينا مخالف
هدى أهل الشرك والأوثان وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال إن أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفه قبل أن تغيب الشمس ومن المزدلفة
بعد أن تطلع الشمس ويقولون أشرق عنه كما تغير فأخر الله تعالى هذه وقدم هذه مسألة ويستحب له ان يفيض بالسكينة والوقار
ذاكر الله تعالى مستغفرا داعيا لما رواه الجمهور عن ابن عباس قال ثم أردف النبي صلى الله عليه وآله الفضل بن عباس وقال يا أيها الناس ان
البر ليس بانحاف الخيل والإبل فعليكم السكينة فما رأيتها دافعه بديها حتى أتى منى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار
عن أبي عبد الله (ع) قال فأفاض رسول الله صلى الله عليه وآله خلاف ذلك بالسكينة والوقار والدعاء فأفض بذكر الله تعالى و
الاستغفار وحرك به لسانك مسألة فإذا بلغ وادي محسر وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب أسرع في مشيه ان كان
ماشيا وان كان راكبا حرك دابته ولا نعلم فيه خلافا روى الجمهور عن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله
لما أتى وادي محسر حرك قليلا وسلك الطريق الوسطى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن معوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) فإذا مررت بوادي محسر وهو واد عظيم بين جمع ومني وهو إلى منى أقرب فاسع فيه متى يجاوزه فان رسول
الله حرك ناقته ولا نعلم فيه استحباب (الاسراع) فيه خلافا فروع الأول لو ترك الهرولة فيه استحب له ان يرجع ويهرول فيه لا انها كيفية
مستحبة ولا يمكن فعلها الا بإعادة الفعل واستحب اعادته ويؤيده ما رواه ابن بابويه قال ترك رجل السعي في وادي محسر فأمره أبو عبد الله
(ع) بعد الانصراف إلى مكة فرجع فسعى الثاني يستحب الدعاء حالة السعي في وادي محسر بما رواه ابن بابويه في الصحيح عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان رسو ل الله صلى الله عليه وآله قال اللهم سلم عهدي واقبل توبتي واجب دعوتي واخلفني
بخير فيمن تركت بعدي الثالث روى أن بابويه عن محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن (ع) قال الحركة في وادي محسر مئة خطوة وفي
حديث اخر مئة ذراع اما الجمهور فاستحبوا اسراع قدر رميه حجر الرابع قال الشيخ (ره) إذا أفاض من المشعر قبل طلوع الشمس
فلا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس الخامس لو ترك السعي في وادي محسر أو أفاض بعد طلوع الشمس أو جاز وادي محسر قبل
طلوعها لم يكن عليه شئ لأنها أفعال مستحبة فلا ينبغي تركها عقوبة السادسة روى ابن بابويه عن ابان عن عبد الرحمن بن أعين
عن أبي جعفر (ع) انه يكره ان يقيم عند المشعر بعد الإفاضة
الفصل الرابع في نزول منى ويرمي جمرة العقبة
وفيه مباحث الأول إذا أفاض من المزدلفة فليأت إلى منى على سكينة ووقار على ما بيناه داعيا بما رسم ويقضى مناسكه
بمنى يوم النحر وهي ثلاثة رمى جمرة العقبة ثم الذبح ثم الحلق وترتيب هذا المناسك وأحب ونحن نذكر في هذا الفصل رمى جمرة العقبة
ونذكر شروط المرمي فيها وفي غيرها من يأتي الجمار الثلث بعون الله تعالى مسألة إذا أتى من يستحب له ان يبدي فرمى جمرة
العقبة حال وصوله وهي اخر الجمرات مما يلي منى وأولها مما يلي مكة وهي عند العقبة ولذلك سميت جمره العقبة لان أول ما بدأ بها رسول الله
بمنى الرمي إذا ثبت هذا وان رمى هذه الجمرة بمنى يوم النحر واجب ولا نعلم فيه خلافا لان رسول الله صلى الله عليه وآله
رماها وقال (ع) خذوا عني مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قال
خذ حصى الجمار ثم ايت جمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترميها من أعلاها مسألة ولا يجوز الرمي بغير
الحجارة قاله علماؤنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد وقال أبو حنيفة يجوز بكل ما كان من جنس الأرض مثل الكحل والزرنيخ فالمدر فاما
لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز وقال داود يجوز الرمي بكل شئ حتى أنه حكى عنه أنه قال لو رمى بعصفور ميت أجزأه لنا ما رواه الجمهور
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال عليكم بحصاء الحذف وقال (ع) لما لقط له الفضل بن عباس حصاء الحذف قال بمثلها فارموا
729

وقال (ع) يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا فان رميتم فارموا بمثل حصاء الحذف ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن
عمار قال خذ حصاء الجمار من جمع وانما اخذته من رحلك بمنى أجزأك ومثله روى عن ربعي عن أبي عبد الله (ع) والامر يدل على الوجوب
ولأنه رمى بغير الجمارة فلم يجزه كما لو رمى بالدراهم والدراهم محلوفة في الأرض فهي من جنس الحجارة احتج أبو حنيفة وداود بقوله صلى الله عليه وآله وإذا رأيتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ ولم يفصل وما روى عن سكينة بنت الحسين (ع) انها رمت الجمرة ورجل يناولها الحصاء يكبر مع
كل حصاة فقطعت حصاة فدمت بخاتمها ولأنه رمي بما هو جنس الأرض فأجزأه كالحجارة والجواب انه لا دلالة في الحديث لان الرمي هنا عمل و
انما نبيه صلى الله عليه وآله يفعله وما روى عن سكينة (عه) ان سلم السند عن الطعن محتمل للتأويل إذ يمكن ان يكون فضة حجر أيجوز الرمي به كالعقيق
والفيروزج على رأى من يجوز الرمي بكل حجر على ما يأتي من الخلاف وقياس أبي حنيفة ينتقض بالدراهم مسألة واختلف قول
الشيخ (ره) فقال في أكثر كتبه لا يجور الرمي الا بالحصاء هو اختيار ابن إدريس وأكثر علمائنا وقال في الخلاف لا يجوز الرمي الا بالحجر
وما كان جنسه من البرام والجوهر وأنواع الحجارة ولا يجوز بغيره كالمدر والأجر والكحل والزرنيخ والملح وغير ذلك من الذهب والفضة
وبه قال الشافعي وأنكر ابن إدريس ذلك لوقوع الانفاق على الاجراء بالحصاء وبراءة الذمة معه وحصول الخلاف في غيره ورووا عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال بأمثال هؤلاء فارموا ومثل الحصاء حصاء وقال (ع) لما هبط مكان محسر أيها الناس عليكم بحصى الحذف
وقول ابن إدريس حينئذ لتواتر الأحاديث والامر بالرمي بالحصاء وروى الشيخ في الحسن عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) لا ترم الجمار الا
بالحصاء مسألة ويجب ان يكون الحصاء ابكارا فلو رمى بحصى رمى بها هو أو غيره فلم يجزيه قال علماؤنا وبه قال احمد وقال الشافعي
انه مكروه يجزيه وقال المزني ان رمى بما رمى به هو لم يجز وان رمى بما رمى به غيره أجزأه لنا ان النبي صلى الله عليه وآله لما اخذ الحجارة قال
أمثال هؤلاء فارموا والمماثلة انما يتحقق بما ذكرناه ولأنه صلى الله عليه وآله اخذ الحصى من غير المرمى وقال خذوا عنى مناسككم ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (ع) قال لا تأخذ من حصى الجمار ولان ابن عباس قال ما يقل في من ذلك
دفع حينئذ يكون الباقي غير؟ مقبول؟ فلا يجوز الرمي به احتج الشافعي بأنه رمي بما يقع عليه اسم الحجارة فأجزأه كما لو لم يرم به قبل ذلك والجواب
ليس المطلق كافيا واما لما احتاج الناس إلى نقل الحصاء إلى الجمار قد وقع الاجماع على خلافه ولان سكينة (عه) لما سقطت المحصاة
السابقة رمت بخاتمها ولو كان ما رمى به مخير بالأخذ منه واحدة عوض الخاتم فروع الأول لا فرق في عدم الجزاء بين
جميع العدد وبعضه فلو رمى بست ابكار واحدة رمى بها قبل ذلك ولم يجزيه الثاني لو رمى بحصاة نجسة كره له ذلك وهل يكون مجزيا
أم لا فيه تردد أقربه الاجزاء عملا بالعموم الثالث لو رمى بخاتم فضة مما يجوز الرمي به هل يجزيه أم لا قال بعض الجمهور لا يجزيه
لأنه تبع والرمي بالمتبوع لا بالطاعن وطعن في حديث سكينة (عه) بضعف السند مسألة ويجب ان يكون الحصاء من الحرم
فلا يجزيه لو اخذه من غيره لقول أبى عبد الله (ع) ان اخذته من الحرم أجزأك وان اخذته من غير الحرم لم يجزك وهذا نص في الباب
ويكره ان يكون صماء ويستحب ان يكون برشاء لما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن حكم عن أبي عبد الله (ع) في حصاء الجمار قال كره الصم
منها وقال خذ البرش ويستحب ان يكون كحلية منقطة ويكره السود والحمر والبيض رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (ع)
قال حصاء الجمار تكون مثل الأنملة ولا تأخذها بيضا ولا سوادا ولا حمرا حدها كحلية منقطة بحذفهن خذفا وبعضها ويدفعها بظفر السبابة
قال وارمها في بطن الواد ي واجعلهن على يمينك كلهن ولا ترم على الجمرة ويقف عند الجمرتين الأولتين ولا يقف عند جمرة العقبة مسألة
ويستحب التقاط الحصى ويكره تكسيرها ولا نعلم فيه خلافا عندنا وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله امر الفضل فلقط له حصاء
الحذف وقال بمثلها فارموا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول التقط الحصاء ولا تكسر منه
شيئا ولأنه لا يؤمن من اذاه ولو كسره بان يطير منه شيئا إلى وجهه فيؤذيه مسألة ويستحب ان يكون صغارا قدر كل واحدة مثل
الأنملة وقال الشافعي أصغر من الأنملة طولا وعرضا منهم من قال بقدر النواة ومنهم من قال مثل الباقلي وهذه المقادير متقاربة والأصل
في ذلك أن رسو ل الله صلى الله عليه وآله امر بحصاء الحذف والحذف انما يكون بأحجار صغار وفي حديث أحمد بن محمد بن أبي نص ر عن أبي
الحسن (ع) قال حصاء الحذف يكون مثل الأنملة إذا ثبت هذا فلو رمى بأكثر من هذا المقدار فالوجه الاجزاء لأنه رمى بالحصاء
فيخرج عن العهدة وفي إحدى الروايتين عن أحمد انه لا يجزيه لان النبي صلى الله عليه وآله امر بهذا القدر ونهى عن تجاوزه والامر للوجوب والنهى
يدل على الفساد وهما ممنوعان هنا إذا عرفت هذا فإنه يستحب ان يكون رخوة ويكره ان تكون صما
البحث الثاني في كيفية الرمي
مسألة ويجب فيه النية لأنه عبادة وكل عبادة بنية لقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولأنه عمل وقال صلى الله عليه وآله
لا عمل الا بنية وانما الأعمال بالنيات وانما لكل امر ما نوى ويجب ان يقصد فيها الوجوب والقربة إلى الله تعالى ليتحقق مسمى الاخلاص
730

مسألة ويجب فيه العدد وهي سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة فلا يجزيه لو أخل ولو بواحدة بل يجب عليه الاكمال ولا نعلم
فيه خلافا والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وآله رماها بسبع حصيات يكبر في كل حصاة وهو قول علماء الاسلام مسألة ويجب ايصال
كل حصاة إلى الجمرة بما يسمى رميا بفعله فلو وضعها بكفه في المرمي لم يجزه وهو قول العلماء والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وآله بمثل
هذه فارموا وهذا لا يسمى رميا فلا يكون مجزيا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسن عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها للوجوب ولو طرحها قال بعض الجمهور لا يجزيه لأنه لا يسمى رميا وقال أصحاب
الرأي يجزيه لأنه يسمى رميا والحاصل ان الاختلاف وقع باعتبار الخلاف في صدق الاسم فان سمى رميا اجزاء بلا خلاف والا لم يجز
اجماعا مسألة ولا يجزيه الرمي الا ان يقع الحصاء في المرمى فلو وقع دونه لم يجزيه ولا نعلم فيه خلافا روى ابن بابويه في
الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال فان رميت بحصيات فوقعت في محمل فأعد مكانها ويجب ان يكون إصابة
الجمرة بفعله لان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل وقال خذوا عني مناسككم ولأنه (ع) امر برمي الجمرة بفعلنا فقالا بمثلها فارموا
ولا نعلم فيه خلافا فروع الأول إذا رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرت على سنتها أو أصابت شيئا صلبا كالمحل
وشبهه ثم وقعت في المرمي بعد ذلك أجزأه لان وقوعها في المرمي بفعله ورميه من غير مشاركة فأعد له لا يقال قد قيل في المسابقة
ان السهم إذا أصاب الأرض ثم ازدلف وأصاب الغرض لم يعتد به اصابه فكيف اعتبر ثم ذلك هنا لأنا نمنع ذلك في المسابقة أولا وثانيا؟ عره؟
بينهما لان القصد هنا الإصابة بالرمي وقد حصلت وفي المسابقة القصد ابانه الحذف فإذا أراد ازدلف السهم فقد عدل عن السنن فلم يدل
الإصابة على حذفه فلهذا لم يعتبره هناك الثاني لو وقعت على ثوب انسان فنفضها أو على عنق بعير فنفضها فوقعت في المرمي
لم يجزيه وبه قال الشافعي وقال احمد يجزيه لان ابتداء الرمي من فعله ما شبهه ما لو أصابت موضعا صلبا ثم وقعت في المرمي وليس بصحيح
لان المأخوذ عليه هو الإصابة بفعله ولم يحصل وانما حصلت برمي الثاني فأشبه ما لو وقعت في غير المرمي فاخذها انسان اخر فرماها إلى
المرمي ويخالف ما قاس عليه لان الفعل كله له فأجزأه الثالث لو وقعت على ثوب انسان فيحرك فوقعت في المرمي أو على عنق بعير فتحرك
فوقعت في المرمي ففيه وجهان أحدهما الاجر لان الأصل رميه ولم يعلم حصولها برمي غيره والثاني
عدمه لأنه يحتمل ان يكون ذلك يتحرك البعير ويحتمل ان يكون رميه ومع الاحتمال لا يسقط الغرض الرابع لو رماها نحو المرمي ولم
يعلم هل حصلت في المرمي أم لا فالوجه انه لا يجزيه لان الرمي واجب عليه والأصل بقاؤه حتى يتحقق حصوله منه وبه قال الشافعي في الجديد
وقال في القديم يجزيه لان الظاهر حصولها في الموضع وليس بمعتمد الخامس لو رمى حصاه فوقعت على حصاه فظفرت الحصاة
الثانية فوقعت المرمي لم يجزه لان التي رماها لم يحصل في المرمي والتي حصلت لم يرمها ابتداء السادس لو رمي إلى غير المرمي
فوقع في المرمي لم يجزه لأنه لم يقصده وشرطنا في الرمي القصد ولا يقال قد قلتم انه لو رمى سهما إلى صيد فأصاب غيره حل لأنا نفرق
بان الذكاة لا يعتبر فيها القصد ولا النية وهيهنا يعتبر القصد لهذا صح زكاة المجنون دون رميه السابع لو وقعت على
مكان هو أعلى من الجمرة فقد خرجت فوقعت في المرمي فالأقرب الاجزاء لأنها حصلت في المرمي بفعله ولم يحصل من غيره فعل
وقال بعض الشافعية لا يجزيه ان رجوعها لم يكن بفعله وانما قد خرجت لعلو الموضع بخلاف ما لو رماها فأصابت الأرض ثم رمت
على سننها على المرمي لان مرورها بفعل الرامي ولهذا مرت في الجهة التي رماها إليها الثامن لو رمى بحصاة فالتقمها طاير قبل
وصولها لم يجز سواء رماها الطاير في الرمي أو لا لان حصولها في المرمي لم يكن بفعله التاسع لو أعاد المرمي بحصاة قلنا إنه
لم يجزه الرمي الأول بها لم يعتد به فهي بمنزله الابكار العاشر لو أصابت الحصاة انسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار
أجزأه روى ابن بابويه في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال وان أصاب انسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأك
مسألة ويرمي كل حصاة بانفرادها فلو رمى الحصيات دفعة واحدة لم يجزيه لان النبي صلى الله عليه وآله رمى متفرقات
وقال خذوا عني مناسككم وهذا قول مالك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وقال عطا يجزيه وهو مخالف لفعل رسول الله
صلى الله عليه وآله وفعل الأئمة (عل) مسألة ويرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها استحبابا بلا
خلاف روى الجمهور عن سليمن بن الأخوص عن أمه انه قالت رأيت رسو ل الله صلى الله عليه وآله يرمي الجمرة في بطن الوادي
وهو راكب يكبر مع كل حصاة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (ع) قال وارمها في بطن
الوادي واجعلهن على يمينك كلهن مسألة وينبغي ان يرميها مستقبلا لها مستدبر القبلة بخلاف غيرهما من الجمار
وهو قول أكثر أهل العلم لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه رمى جمرة العقبة مستدبر القبلة ويستحب ان يرميها
731

من قبل وجهها ولا يرميها من أعلاها لما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة
القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها إذا ثبت هذا فقد روى الجمهور عن عمرانه جاء والزحام عند الجمرة فصعد
فرماها من فوقها وما ذكرناه أولى لما رووه عن عبد الله بن سويد انه مشى مع عبد الله بن مسعود وهو يرمي الجمرة فلما كان في بطن
الوادي اعترضها فرماها فقيل له ان ناسا يرمونها من فوقها فقال من ههنا والذي لا اله غيره رأيت الذي انزل عليه سورة البقرة رماها
ومن طريق الخاصة ما تقدم وما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (ع) قال ولا ترم على الجمرة قال الشيخ (ره) جميع
أفعال الحج يستحب ان يكون مستقبل القبلة من الوقوف بالموقفين ورمى الجمار الا جمرة العقبة يوم النحر فان النبي صلى الله عليه وآله رماها
مستقبلها مستدبر الكعبة مسألة ويستحب له ان يرميها حذفا بان يضع كل حصاة على بطن إبهامه ويدفعها بظفر السبابة قال صاحب
الصحاح الحذف رمى الحجر بأطراف الأصابع لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (ع) قال يحذفهن حذفا ويضعها ويدفعها
بظفر السبابة ولو رماها على غير هذه الهيئة كان جايز أو يكون قد ترك الأفضل مسألة وينبغي ان يكون بينه وبين الجمرة
قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا لما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال وليكن فيما بينك وبين الجمرة
قدر عشرة أذرع وخمسة عشر ذراعا ويستحب ان يكبر مع كل حصاة وان يدعو بما رواه الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله
(ع) قال وتقول والحصى في يدك اللهم هؤلاء حصياتي فاحصهن لي وارفعهن في عملي ثم ترمي وتقول مع كل حصاة الله أكبر اللهم
اذهب عني الشيطان الرجيم اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك اللهم اجعله حجا مبرورا وعملا مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا
ثم قال فإذا اتيت رحلك ورجعت من الرمي فقلت اللهم بك وثقت وعليك توكلت فنعم الرب أنت ونعم النصير
البحث الثالث في
الاحكام مسألة قد بينا ان الاتيان إلى منى لقضاء المناسك واجب وينبغي ان يأخذ على الطريق الوسطى التي يخرج على
الجمرة الكبرى فان النبي صلى الله عليه وآله سلكها في حديث جابر عنه (ع) وحد منى من العقبة إلى وادي محسر مسألة ويجوز
الرمي للمحدث والجنب والحايض والطهارة أفضل ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله امر عايشه بالاتيان بأفعال الحج سواء
الطواف وكانت حايضا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن مسعود قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رمى الجمار
على غير طهور قال الجمار عندنا مثل الصفا والمروة حيطان ان طفت بينهما على غير طهور لم يضرك والطهر أحب إلى فلا تدعه وأنت يقدر
عليه ودل على أفضلية الطهارة مع هذا الحديث ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن الجمار فقال
لا ترم الجمار الا وأنت على طهر وقد روى الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الغسل إذا رمى الجمار فقال
ربما فعلت فاما السنة فلا ولكن من الحر والعرق وفي الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ويستحب ان يرمي الجمار على طهر
مسألة ويجوز راجلا وراكبا قال الشيخ (ره) وراجلا أفضل وقال الشافعي راكبا أفضل لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله
انه كان لا يأتيها يعني جمرة العقبة الا مايشا ذاهبا وراجعا رواه احمد في المسند ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) عن ابائه (عل) قال كان رسو ل الله صلى الله عليه وآله يرمي الجمار ماشيا وعن عنبسة بن
مصعب قال رأيت أبا عبد الله (ع) بمنى يمشي ويركب فحدث نفسي ان أسأله حين ادخل عليه فابتدرني هو الحديث فقال إن علي بن
الحسين (ع) كان يخرج من منزله ماشيا إذا رمى الجمار ومنزلي اليوم أبعد من منزله فاركب إلى منزل فإذا انتهيت إلى منزله مشيت
حتى أرمي الجمار ويدل على جواز الرمي راكبا اجماع العلماء عليه روى الجمهور عن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) عن جابر قال رأيت النبي
صلى الله عليه وآله يرمى على راحلته يوم النحر ويقول لنا خذوا عنى مناسككم فانى لا أدرى لعلى احتج بعد حجتي هذه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى انه رأى أبا جعفر الثاني (ع) رمى الجمار راكبا وعن محمد بن الحسن عن بعض أصحابنا
عن أحدهما (ع) في رمى الجمار ان رسول الله صلى الله عليه وآله رمى الجمار راكبا على راحلته وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نحران انه رأى أبا الحسن الثاني (ع) يرمي الجمار
وهو راكب حتى رماها كلها وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل رمى الجمار
وهو راكب فقال لا بأس مسألة ويستحب ان يكبر مع كل حصاة وهو اجماع قيل ويستحب ان يرفع يده في الرمي حتى يرى بياض إبطه
قال بعض الجمهور واستدل بان النبي صلى الله عليه وآله فعله وأنكره مالك ويستحب ان يقف عند الجمرة العقبة ولا نعلم فيه خلافا وروى
ابن عباس وابن عمران رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أحمد
بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (ع) قال ولا يقف عند الجمرة العقبة مسألة ويجوز الرمي من طلوع الشمس من غروبها
قال عبد البر اجمع علماء المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وآله رماها ضحى ذلك اليوم قال جابر رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله
732

يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده قال ابن عباس قدمنا رسو ل الله صلى الله عليه وآله اعتلمه بنى عبد المطلب على جمرات لنا من جمع فجعل يلطخ أفخاذنا
ابنتي لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس من طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن مهران قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها وعن محمد بن سيف بن حازم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول رمى الجمار ما بين طلوع الشمس
إلى غروبها وفي الصحيح عن زرارة وابن أذينة عن أبي جعفر (ع) أنه قال للحكم بن عنبسة ما حد رمى الجمار فقال الحكم عند زوال الشمس
فقال أبو جعفر (ع) ما حكم أرأيت لو أنهما كانا اثنين فقال أبو جعفر (ع) ما حكم أرأيت لو أنها كانا اثنين فقال أحد ها لصاحبه
اخفض علينا متاعنا حتى ارجع أكان يفوته الرمي هو والله ما بين طلوع الشمس إلى غروبها مسألة وقد رخص لمعذور كالخائف
والعاجز والمرأة والرعاة والعبيد في الرمي ليلا للعذر وممن يجوز الرمي ليلا للعذر وممن يجوز الرمي ليلا مطلقا من نصفه الأخير للمعذور
وغيره الشافعي وعطا وابن أبي ليلي وعكرمة بن خالد وعن أحمد رواية انه لا يجوز الرمي الأبعد طلوع الفجر وهو قول مالك وأصحاب الرأي
واسحق وابن المنذر وقال مجاهد والثوري والنخعي لا يرميها الا بعد طلوع الشمس لنا ما رواه الجمهور عن أبي داود وعايشة ان النبي صلى الله عليه وآله امر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وروى أنه أمرها ان يجعل الإفاضة ويوافي مكة مع
صلاة الصبح ومرت اسما ثم رجعت فصلت الصبح وذكرت ان النبي صلى الله عليه وآله اذن للطعن ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ
في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال لا بأس ان يرمي الخائف بالليل ويضحى ويفيض بالليل وعن سماعة بن مهران عن أبي
عبد الله (ع) قال رخص للعبد والخائف والراعي في الرمي ليلا وعن علي بن عطيه قال أفضى من المزدلفة بليل انا وهشام بن عبد الملك
الكوفي وكان هشام خائفا فانتهينا إلى الجمرة العقبة طلوع الفجر فقال لي هشام اي شئ أخذنا في حجنا فيجئ كذلك إذا لقينا أبا الحسن موسى (ع)
قد رمي الجمار وانصرف فطابت نفس هشام احتجوا بان رسول الله صلى الله عليه وآله رمى ضحى يوم النحر وجوابه لا يجب الاقتصار عليه
اجماعا مسألة ويجوز تأخيرها إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك قال ابن عبد البر اجمع أهل العلم على أن من رماها يوم
النحر قبل الغروب فقد رماها في وقت لها وإن لم يكن ذلك مستحبا وروى أن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وآله يسأل يوم النحر
بمنى قال رجل رميت بعد ما أمسيت فقال لا حرج إذا ثبت هذا فلو غاب الشمس فيلزم من غده وبه قال أبو حنيفة
واحمد وقال الشافعي
ومحمد وابن المنذر ويعقوب يرمي ليلا لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمر قال من فاته الرمي حتى تغيب الشمس من الغدو من طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبي عبد الله (ع) عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى فعرض له فلم يرم حتى
غابت الشمس قال يرمي إذا أصبح مرتين مرة لما فاته والأخرى ليومه الذي يصبح فيه وليفرق بينهما يكون أحدهما يكره وهو لامس والاخر
عند زوال الشمس وعن يزيد العجلي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل رمى الجمرة الوسطى في اليوم الثاني قال فليرمها في اليوم الثالث
لما فاته ولما يجب عليه في يوم احتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وآله ارم ولا حرج وجوابه انما كان في النهار لأنه سأله في يوم النحر ولا
يكون اليوم الا قبل مغيب الشمس وقال مالك يرمي ليلا ثم اضطرب قوله فتارة أوجب الدم حينئذ وتارة أسقطه مسألة يستحب
الرمي عند زوال الشمس لما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الرمي في كل يوم عند زوال الشمس
ويستحب أن لا يقف عندها بلا خلاف رواه الشيخ (ره) في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي (ع) عبد الله (ع) ثم بمضي إلى الثالثة
وعليك السكينة والوقار ولا يقف عند ها وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الجمار فقال قم عند
الجمرتين ولا يقم عند جمرة العقبة فقلت هذا من السنة قال نعم قلت ماذا أقول إذا رميت قال كبر مع كل حصاة مسألة قال
الشيخ (ره) وقت الاستحباب رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس من يوم النحر بلا خلاف ووقت الاجزاء من عند طلوع الفجر مع
الاختيار وان رمى قبل ذلك لم يجزه؟ وللعليل؟ وصاحب الضرورة وللنساء يجوز الرمي بالليل وبمثل ما قلناه وقال مالك وأبو حنيفة
واحمد واسحق وقال الشافعي أول وقت الاجزاء انتصفت ليلة النحر وبه قال عطا وعكرمة وقال النخعي والثوري وقته بعد طلوع
الشمس يوم النحر وقبل ذلك لا يجزي ولا يعتد به واستدل باجماع الفرقة واخبارهم وبما روت عايشه ان رسول الله صلى الله عليه وآله
أرسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت مسألة عدد حصى الجمار سبعون حصاة سبع منها الجمرة العقبة
يرمي بها يوم النحر خاصة ويرمي كل يوم من أيام التشريق (الجمار) الثلث كل جمرة بسبع حصيات يبدء بالأولى ثم الوسط ثم جمرة العقبة ولا خلاف في
ذلك كله ويستحب غسل الحصاء وبه قال ابن عمر وطاوس وقال عطا ومالك لا يستحب وعن أحمد روايتان لنا ما روى عن ابن عمر انه غسله
والظاهر أنه توقيف ولأنه يحتمل ان يلاقيه نجاسة فمع الغسل يزول هذه الاحتمال وإن لم يكن معسرا شرعا ولو كان الحجر نجسا استحب
له غسله فان لم يغسله ورمى به أجزأه لأنه امتثل المأمور وهي الرمي بالحصاء مسألة قد بينا انه يجب ان يرمي كل حصاة بانفرادها
733

فلو رمى أكثر من واحدة (ومنه واحدة) ولو اختلفا في الوقوع بان يلاحقا فيه اما لو اتبع الحجر الحجر فرميتان وان تساويا في الوقوع وبقية الظلام في
الرمي واحكامه يأتي انشاء الله تعالى
الفصل الخامس في الذبح وفيه مباحث الأول في الهدي مسألة
فإذا فرغ من رمى جمرة العقبة ذبح هديه أو نحره ان كان من الإبل روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه رمى من بطن الوادي
ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلثا وستين بدنه بيده ثم أعطى عليا (ع) فنحرها عنه وأشركه في هديه وقل انس نحر النبي صلى الله عليه وآله سبع بدن قياما
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما إزالة
النهار أفاض حتى انتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة وكان الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا وستين أو ستا وستين وجاء
علي (ع) أربعة وثلثين فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله ستة وستين ونحر علي (ع) أربعة وثلثين بدنه مسألة ويجب
الهدى على المتمتع وهو قول علماء الأسلم قال الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وروى الجمهور عن ابن عمر قال تمتع الناس
مع رسول الله صلى الله عليه وآله بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله قال للناس من لم يكن اهدى فليطف بالبيت وبالصفا
والمروة وليقصر ثم ليهل بالحج ويهدي فمن لم يجد الهدي فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله قال جابر كنا متمتع مع رسول
الله صلى الله عليه وآله بالعمرة إلى الحج فيذبح البقرة عن سبعة يشترك فيها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة بن أعين
عن أبي جعفر (ع) في المتمتع وقال وعليه الهدى فقلت وما الهدي فقال أفضل بدنه وأوسطه بقرة وأحسنه شاة واجمع المسلمون كافة
على وجوب الهدى على المتمتع بالعمرة إلى الحج إذا عرفت هذا فلو تمتع المكي وجب عليه الهدى للعموم مسألة وانما يجب الهدى على غير أهل مكة
وحاضريها لان فرضهم التمتع اما أهل مكة وحاضروها فلا يجب عليهم الهدى وهو قول علماء الاسلام كافة لان الله تعالى قال ذلك
لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وذلك لان فرضهم القران والافراد وكل واحد منهما لا يجب عله الهدى ولا نعرف فيه خلافا وقد روى
الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) عن المفرد قال وليس عليه هدى ولا أضحية مسألة لا يجب على غير المتمتع
هدى ويكفي القارن ما ساقه ويستحب الأضحية وبه قال علمائنا وقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة إذا فرق بين الحج والعمرة لزمه
دم وقال الشعبي يلزمه بدنه وقال داود لا يلزمه شئ لنا ان ايجاب الدم ينفي بالأصل السالم عن المعارض ولانا قد بينا ان القران
ليس هو الجمع بين الحج والعمرة بل هو ضم الهدى إلى الاحرام وكل من قال بذلك لزمه القول بسقوط الدم لان الدم انما يوجبونه لفوات
الاحرام من ميقاته وعلى ما قلناه نحن لا يقع الا من الميقات فلا يلزمه الدم ويدل على انتفائه في حق المفرد ما رواه الشيخ عن سعيد
الأعرج عن أبي عبد الله (ع) قال من تمتع في أشهر الحج ثم أقام بمكة حين يحضر الحاج فعليه شاة ومن تمتع في غير أشهر الحج ثم جاوز
حتى يحضر فليس عليه دم انما هي حجة مفردة مسألة فرض المكي القران والافراد على ما بيناه فلو تمتع قال الشيخ (ره) سقط
عنه الفرض ولا يلزمه دم وقال الشافعي يصح تمتعه وقرانه وليس عليه دم وقال أبو حنيفة يكره له التمتع والقران ثم استدل الشيخ
(ره) بقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى إلى قوله ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام قال معناه ان
الهدى لا يلزمه الا لمن لم يكن من حاضري المسجد ويجب ان يكون قوله ذلك راجعا إلى الهدي لا إلى التمتع لان من قال دخلا داري فله درهم
ذلك لمن لم يكن عاميا فهم منه الرجوع إلى الجزء لا إلى الشرط ثم قال (ره) ولو قلنا إنه راجع إليها وقلنا إنه راجع إليهما وقلنا إنه
لا يصح منهم التمتع أصلا كان قويا والذي قواه الشيخ (ره) في موضع القوة مسألة دم التمتع نسك ذهب إليه علماءنا
وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وقال الشافعي هو جبران لاخلاله بالاحرام من الميقات لأنه مر بالميقات وهو مريد بالحج والعمرة من سنة
لنا قوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم منها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها أخبر الله
تعالى انها جعلها من الشعائر وأمر بالأكل منها فلو كان جبرانا لما أمرنا بالأكل منها وقول الشافعي انه أهل بالاحرام من الميقات ضعيف
لان ميقات الحج التمتع عندنا مكة لا غير وقد أحرم منه فرع المتمتع إذا أحرم بالحج من مكة لزمه الدم اجماعا اما عندنا فلانه
نسك واما المخالف فلانه أخل بالاحرام من المواقيت فلو أتى بالميقات وأحرم منه لم يسقط عنه الدم عندنا وقال جميع الفقهاء بسقوطه
لنا قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وهو عام اخر وأحرم المفرد بالحج ودخل مكة جاز ان يفسخه ويجعله عمرة و
يتمتع بها قاله علماؤنا وخالف أكثر الجمهور فيه وادعوا انه منسوخ وليس بجيد إذ قد ثبت مشروعيته لان النبي صلى الله عليه وآله امر
أصحابه بذلك ولم يثبت النسخ ونقله بخبر واحد لا يفيد إذا ثبت هذا فان الدم يجب عليه لصدق التمتع عليه مسألة إذا أحرم
بالعمرة وأتى بأفعالها في غير أشهر الحج ثم أحرم بالحج في أشهر الحج لم يكن متمتعا ولا يجب عليه الدم لأنه لم يأت بالعمرة في زمان الحج
فكان كالمفرد فان المفرد لما أتى بالعمرة بعد أشهر الحج لم يجب الدم عليه بالاجماع ولو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج واتى بأفعالها في
734

أشهر الحج من الطواف والسعي والتقصير وحج من سنة لم يكن متمتعا قاله الشيخ (ره) ولا يلزم وللشافعي قولان قال في القديم وإلا فلا
يجب عليه الدم ويكون متمتعا لأنه أتى بأفعال العمرة في أشهر الحج واستدامة الاحرام بمنزلة ابتداء به فهو كما ابتداء بالاحرام في أشهر الحج وقال
في اللام لا يجب الدم وبه قال احمد لأنه أتى بنسك لا يتم العمرة الا في غير أشهر الحج فلا يكون متمتعا كما لو طاف وقال مالك إذا لم يتحلل من احرام للعمرة
حتى دخلت أشهر الحج صار متمتعا وقال أبو حنيفة إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحج صار متمتعا لان العمرة صحت في أشهر الحج لأنه لو وطي أفسدها
فأشبه ما إذا أحرم بها في أشهر الحج لنا انه أتى بركن من أركان العمرة في غير أشهر الحج فلا يجزي عن احرام المتعة لان من شرطها ايقاعها في أشهر الحج
وهو مستلزم لايقاع أركانها فيها والتسوية بين الابتداء والاستدامة خطأ لأنه لو أحرم بالحج قبل أشهر واستدامة لم يكن مجزيا مسألة إذا
أحرم المتمتع من مكة بالحج وقد مضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات لم يسقط عنه الدم وقال الشافعي ان مضى من مكة إلى عرفات لزمه الدم
قولا واحدا وان مضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات فقولان أحدهما لا دم عليه لأنه لو أحرم من الميقات لم يجب الدم فإذا عاد إليه محرما
قبل التلبس بأفعال الحج صار كأنه أحرم منه والثاني لا يسقط وهو مذهبنا وبه قال مالك لان له ميقاتين يجب مع الاحرام من أحدهما
الدم فإذا حرم منه وجب الدم ولم يسقط بعد ذلك كما لو عاد بعد التلبس بشئ من المناسك لنا قوله تعالى فمن تمتع العمرة إلى الحج
فما استيسر من الهدى وقد بينا ان الدم نسك لا جبران وقال أبو حنيفة لا يسقط الدم حتى يعود إلى بلده لأنه لم يلم باهله فلا يسقط دم
المتمتع كما لو رجع إلى ما دون الميقات وليس بجيد لان بلده موضع لا يجب عليه الاحرام منه بابتداء الشرع فلا يتعلق سقوط دم التمتع بالعود
إليه كساير البلاد ودون الميقات ليس بميقات بلده مسألة قد بينا ان ميقات الحج التمتع مكة فإذا فرغ التمتع من أفعال العمرة انشاء
الاحرام بالحج من مكة فان خالف وأحرم من غيرها وجب عليه ان يرجع إلى مكة ويحرم منه سواء أحرم من الحل أو الحرم إذا أمكنه فان لم يمكنه
مضى على احرامه وتمم أفعال الحج ولا يلزمه دم بهذه المخالفة وقال الشافعي ان أحرم من خارجه مكة وأعاد إليها فلا شئ عليه وإن لم يعد عليها
ومضى على وجهه إلى عرفات فإن كان انشاء الاحرام من الحل فعليه دم قولا واحدا وان كان انشائه من الحرم ففي وجوب الدم قولان أحدهما
لا يجب لان الحكم إذا تعلق بالحرم ولم يختص ينفعه منه كان جميعه فيه سواء كذبح الهدى والثاني يجب لان ميقاته البلد الذي هو مقيم فيه
فإذا ترك ميقاته وجب عليه الدم كاهل القرى إذا اخرج واحدا منهم من قريته وأحرم دونها وجب الدم وان كان ذلك كله من حاضري
المسجد الحرام لنا ان الدم يجب للتمتع فايجاب غيره ينفي الأصل مسألة قد بينا ان التمتع انما يقع بالنية لقوله (ع) الأعمال
بالنيات فإذا لم ينو التمتع لم يكن متمتعا ولم يجب الدم وهو أحد قولي الشافعي وقال الاخر يكون متمتعا ويجب الدم لأنه إذا أحرم بالعمرة
من الميقات وحج من سنة فقد صار جامعا بينهما فيجب الدم والحق خلافه لأنه لا يجب الدم الا ان ينوي ذلك
ليكون حكم الحج (لانتهائه)
ويصدق عليه انه متمتع مع النية اما بدونها فلا مسألة المفرد والقارن إذا أكمل حجهما وجب عليه الاتيان بعمرة بعد الحج مفردة
يحرمان بها من أدنى الحل من أولى الحل على ما يأتي إذا عرفت هذا فلو أحرما من الحرم لم يصح ولو طافا وسعيا لم يكونا معتمرين قال الشيخ
(ره) ولا يلزمهما دم وللشافعي قولان أحدهما مثل ما قلناه لكن خلاف الشافعي في المفرد خاصة والثاني يكون عمرة صحيحة ويجب الدم لنا انه
يجب عليه الدم ان يقدم الخروج إلى الحل قبل الطواف والسعي فلا يعتد بهما بدونه ويلزمه ان يخرج إلى الحل ثم يعود ويطوف ويسعى ليكون جامعا
في نسكه بين الحل والحرم وهذا بخلاف التمتع حيث كان له ان يحرم من مكة لان النبي صلى الله عليه وآله لما فتح على أصحابه الحج إلى العمرة أمرهم
ان يحرموا بالحج من جوف مكة ولان الحاج لابد له من الخروج إلى الحل للوقوف فيكون جامعا في إحرامه بين الحل والحرم بخلاف التمتع احتج بأنه
ترك قطع مسافة لزمه قطعها بإحرام وذلك لا يمنع من الاحتساب بأفعال العبادة والجواب انه لم يأت بالعبادة على وجهها فلا يقع مجزيا
مسألة ولو أفرد الحج عن نفسه فلما فرغ من الحج خرج إلى أدنى الحرم فاعتمر لنفسه ولم يعد إلى الميقات لا دم عليه وكذا من تمتع
ثم اعتمر بعد ذلك من أدنى الحرم وكذا لو أفرد عن غيره أو تمتع أو قرن ثم اعتمر من أدنى الحل كل هذا لا دم عليه لتركه الاحرام من الميقات
بلا خلاف واما ان أفرد عن غيره ثم اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحل قال الشافعي في القديم عليه دم وقال أصحابه على هذا لو
اعتمر عن غيره ثم حج عن نفسه فاحرم بالحج من جوف مكة فعليه دم لتركه الاحرام من الميقات وعندنا انه لا دم عليه عملا بالأصل
السالم عن المعارض مسألة ولو اعتمر في أشهر الحج ولم يحج في ذلك العام بل حج من العام المقبل مفردا له عن العمرة (لم يكن عليه دم)
لأنه لا يكون متمتعا وهو قول عامة أهل العلم الا قولا شاذا عن الحسن البصري فيمن اعتمر في أشهر الحج فهو متمتع حج أو لم يحج وأهل العلم
كافة على خلافه لقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج وهذا يقتضي الموالاة بينهما ولان الاجماع واقع على أن من اعتمر في غير أشهر الحج
حج ثم حجة من عامة ذلك فليس بمتمتع فهذا أولى لان التباعد بينهما أكثر مسألة قد بينا انه لا ينبغي للتمتع بعد فراغه من العمرة
ان يخرج من مكة حتى يأتي بالحج لأنه صار مرتبطا به لدخولها فيه لقوله (ع) دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك أصابعه وقال تعالى
735

وأتموا الحج والعمرة لله إذا ثبت هذا فلو خرج من مكة بعد اخلاله ثم عاد في الشهر الذي خرج منه صح له ان يتمتع ولا يجب عليه تجديد عمرة
وان دخل في غير الشهر اعتمر أخرى وتمتع بالأخيرة ولا يسقط عنه الدم وقال عطا والمغيرة واحمد واسحق إذا خرج إلى سفر يعيد فقصر في
مثله الصلاة سقط عنه الدم وقال الشافعي ان خرج إلى الميقات فلا دم عليه وقال أصحاب الرأي ان رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا
وقال مالك ان رجع إلى مثله أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت متعته وإلا فلا وقال الحسن هو متمتع وان رجع إلى بلده واختاره ابن المنذر
لنا قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وما تقدم من الأحاديث الدالة على صحة العمرة ان رجع في الشهر الذي خرج منه
ووجوب اعادتها ان رجع في غيره وعلى كل التقديرين لا بد من الدم احتج احمد بما روى عن عمر وابنه انهما قالا إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو
متمتع فان خرج ورجع فليس بمتمتع وجوابه انه محمول على من رجع في غير الشهر الذي خرج فيه جمعا بين الأدلة مسألة وانما يجب الدم
على من أحل من احرام العمرة فلو لم يحل مها وادخل أحرم الحج عليها بطلت المتعة وسقط الدم على قول الشيخ (ره) وبه قال احمد روت عايشه
قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة فقدمت مكة وانا حايض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا و
المروة فشكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أيقضى رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعى العمرة قالت ففعلت فلما قضيت الحج
أرسلنا مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه فقال هذه مكان عمرتك قال عروة فقضاء الله حجها وعمرتها ولم يكن في
شئ من ذلك هدى ولا صوم ولا صدقة ولأنه على تقدير بطلان التمتع يسقط عنه فرض الهدى لاختصاصه بالمتمتع على ما بيناه مسألة
وانما يجب على من نأى عن مكة على ما تقدم فلو كان من أهل مكة وحاضريها فلا دم عليه الا ان يكون قد تمتع على تقدير تجويزه
له على اشكال ولو دخل الا فاتى متمتعا إلى مكة ناويا للإقامة بها بعد يمنعه فعليه دم المتعة اجمع عليه كل من يحفظ عنه من أهل العلم
لعموم الآية وبالعزم على الإقامة لا يثبت له حكمها ولو كان الرجل مولده ومنشأه مكة فخرج منتقلا مقيما بغيرها ثم أعاد إليها متمتعا فان
للإقامة أو غير ناولها فعليه دم المتعة وبه قال مالك والشافعي واحمد واسحق لان حضور المسجد الحرام انما يحصل بين الإقامة وفعلها
وهذا انما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحج لأنه إذا فرغ من عمرته فهو ناويا للخروج إلى الحج فكأنه انما نوى ان يقيم بعد أن يجب الدم
مسألة الآفاقي إذا ترك الاحرام من الميقات وجب عليه ان يرجع ويحرم منه مع المكنة فان لم يتمكن أحرم من دونه بعمرته
فإذا أحل أحرم بالحج من عامه وهو متمتع وعليه دم المتعة ولا دم عليه لاحرامه من دون الميقات لأنه تركه للضرورة فلا دم عليه لعدم
الذنب الموجب للعقوبة بالكفارة قال ابن المنذر وابن عبد البر اجمع العلماء على من أحرم في أشهر الحج بعمرة ودخل منها ولم يكن من حاضري
المسجد الحرام ثم أقام بمكة حلالا ثم حج من عامه انه متمتع عليه ودم المتعة وقال بعض الجمهور إذا تجاوز الميقات حتى صار بينه وبين مكة أقل
من مسافة القصر فاحرم منه ولا دم عليه للمتعة لأنه من حاضري المسجد الحرام وليس بجيد فان حضور المسجد الحرام انما يحصل بالإقامة وبه
نية الإقامة وهذا لم يحصل منه الإقامة ولا بينها ولأنه تعالى قال ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهو ان يقتضي ان يكون المانع
من الدم السكنى به وهذا ليس بساكن مسألة قد بينا ان الهدى انما يجب على المتمتع وانما يكون متمتعا إذا أحرم بالعمرة في أشهر
الحج فليس بمتمتع ولا هدى عليه وقد تقدم ذلك فهو قوله عامة أهل العلم ولا نعلم فيه خلافا الا قولين شاذين أحدهما عن طاوس قال إذا اعتمرت في غير أشهر الحج ثم أقمت حتى الحج فأنت متمتع والثاني عن الحسن قال من اعتمر بعد النحر فهي متعه وكلاهما شاذ قال ابن
المنذر لا نعلم أحدا قال بواحد من هذين القولين اما لو أحرم في غير أشهر الحج ثم حل منها في أشهره فكذلك لا يصح له التمتع بتلك العمرة
وقد بينا فيما تقدم وبه قال احمد وجابر واسحق والشافعي في أحد القولين فقال في الاخر عمرته في الشهر الذي يطوف فيه وبه قال الحسن والحكم بن
شرمه والثوري وقال طاوس عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم وقال عطا عمرته في الشهر الذي يحل فيه وبه قال مالك وقال أبو حنيفة ان طاف
للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحج فليس بمتمتع وان طاف الأربع في أشهر الحج فهو متمتع لنا انه أتى بنسك لا يتم العمرة الا به في غير أشهر
الحج فلا يكون متمتعا كما لو طاف في غير أشهر الحج أو طاف دون الأربعة فيها ويؤيده ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج قال قال أبو عبد الله
(ع) من تمتع في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى يحضر الحج فليس عليه دم انما هي حجة مفردة وانما الأضحى على أهل الأمصار ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن عيص بن القسم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في رجل اعتمر في رجب فقال إن أقام بمكة حتى يخرج منها حاجا فقد
وجب الهدى وان خرج من مكة حتى يحرم من غيرها فليس عليه هدى قال الشيخ والوجه فيه أمران أحدهما حمله على الاستحباب الثاني حمله علين من
اعتمر في رجب وأقام بمكة إلى أشهر الحج ثم تمتع منها بالعمرة إلى الحج فيلزمه الهدى لما رواه إسحاق بن عبد الله قال سألت أبا الحسن (ع) من
اعتمر المقيم بمكة تجرد الحج أو يتمتع مرة أخرى فقال يتمتع أحب إلى وليكن احرامه ميسرة ليلة أو ليلتين مسألة ولو كان المتمتع مملوكا
لم يجب عليه الهدى ولا يجب على مولاه ان يهدي عنه معينا ولا نعلم فيه خلافا لقوله تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ والعاجز
736

يسقط عنه الهدى اجماعا الا في قول الشافعي لان اذنه تضمنه فلزمه ان يؤديه عنه لأنه يعلم أن لا يقدر عليه وليس بجيد لان فرض العبد
الصوم فانصرفوا (فانصرف) اذنه إليه وقد روى الشيخ في الموثق عن الحسن عن العطار وقال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل امر مملوكه ان يتمتع بالعمرة
إلى الحج وعليه ان يذبح عنه قال لا الا ان الله تعالى يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن
مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سئل عن التمتع كم يجزيه قال شاة وسألته عن المتمتع المملوك فقال عليه مثل ما على الحر اما أضحية أو صوم قال
الشيخ (ره) الوجه فيه أمور أحدهما ان يكون اخبار عن مساواته الخبر في كمية ما يجب عليه وان كان الذي يجب على المملوك على جهة التخيير
لان مولاه مخير ان شاء هدى عنه وان شاء امره بالصيام ويكون مع امره بالصوم يلزمه مثل ما يلزم الحر من الصوم بخلاف الظهار الذي
يجب عليه فيه نصف ما يجب على الحر ولذلك ان أراد الذبح لزمه ان يهدي عنه مثل ما يهدي الحر فمن هذه الحيثية صار مساويا للحر وان يساويه
في وجوب الهدى عليه عينا وثانيها ان يحمل على مملوك أعتق من قبل فوات أحد الموقفين فإنه يلزم الهدى وثالثها ان المولى إذا لم يأمر
عبده بالصوم إلى النصف الأخير فإنه يلزمه ان يذبح عنه ولا يجزيه الصوم كذا قال في الاستبصار وقال في النهاية ان الهدى أفضل
حينئذ وسيأتي مسألة ويتخير المولى بين ان يذبح عنه إذا يأمره بالصيام قال علماؤنا وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الرواية
الأخرى انه لا يجزيه ذلك ويلزمه الصوم على التعيين وبه قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي ذكره ابن المنذر عنهم في الصيد لنا
عموم قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر وبتقدير تمليك المولى له الهدى يصدق عليه انه موسر وما رواه الشيخ في الصحيح عن سعد بن أبي
خلف قال سألت أبا الحسن (ع) قلت أمرت مملوكي ان يتمتع فقال إن شئت فمره فليصم وفي الصحيح عن جميل بن دراج قال سال رجل
أبا عبد الله (ع) عن رجل امر مملوكه ان يتمتع قال فمرة فليصم وإن شئت فاذبح عنه احتجوا بأنه غير مالك ولا سبيل له إلى التمليك فصار
كالعاجز الذي يتعذر عليه الهدى فتعين عليه الصوم فروع الأول الواجب من الصوم على المملوك ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا
رجع إلى أهله كالحر وبه قال احمد في إحدى الروايتين والشافعي وقال احمد في الرواية الأخرى يصوم عن كل مدمن قيمة الشاة يوما لنا قوله
تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم وهو عام في الحر والعبد ولأنه صوم واجب لحله من احرامه قبل اتمامه وكان
عشرة أيام صوم الحر الثاني المعتبر في الصوم كالعبد تجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع وقال بعض الجمهور ويجب
لكل مدمن قيمة الشاة يوما وقد مضى البحث ويدل عليه أيضا ما رواه الجمهور عن عمر أنه قال لهنا دين الأسود فان وجدت سبعه
فاهد وإن لم تجد سبعة فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت انشاء الله تعالى الثالث لو لم يذبح عنه مولاه تعين عليه الصوم
ولا يجوز للمولى صوم متعة منه ويجب الصوم ولو منعه المولى لأنه امره بالعبادة فوجب عليه اتمامها لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله
ولأنه صوم واجب فلا يجوز له منعه منه كرمضان الرابع قال الشيخ (ره) في النهاية إذا لم يصم العبد إلى أن يمضى أيام التشريق
فالأفضل لمولاه ان يهدى عنه ولا يأمره بالصيام وان امره لم يكن به بأس وانما يكون مخيرا قبل انقضاء هذه الأيام لما رواه حسين بن
سعيد عن القاسم بن محمد عن علي عن أبي إبراهيم قال سألته عن غلام أخرجته معي فأمرته فتمتع ثم أهل بالحج يوم التروية ولم اذبح
عنه أقله ان يصوم بعد النفر فقال ذهب الأيام التي قال الله الا كنت امرته ان يؤد الحج قلت طلبت الخير فقال كما
طلبت الخير فاذهب فاذبح
عنه شاة سمينه وكان ذلك يوم النفر الخير الخامس إذا أعتق المملوك قبل الوقوف بالموقفين اجزاء عن حجة الاسلام ووجب عليه
الهدى ان تمكن والا الصوم ولا يجب على المولى ولا نعلم فيه خلافا السادس روى الشيخ عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد
الله (ع) ان معنا مماليك لنا قد تمتعوا علينا ان يذبح عنهم قال فقال المملوك لا حج له ولا عمرة قال الشيخ هو محمول على أنه حج بغير إذن
مولاه وهو جيد ويحتمل أيضا انه لا حج له يجزيه عن حجة الاسلام لو أعتق والاحتمال الأول أقرب مسألة وانما
يجب الهدى على التمكن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشر لان تكليف المعسر ضرر فيكون منفيا ولا نعلم فيه خلافا وانما يجب بيع ثياب التحمل في الهدى
بل ينتقل إلى الصوم لما رواه الشيخ عن علي بن أسباط عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قلت له رجل تمتع بالعمرة إلى
الحج وفي عيبته ثياب له ان أبيع من ثيابه شيئا ويشتري به بدنه قال لا هذا تزين به المؤمن يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئا ولأنه ضرر و
حرج ويعتبر القدرة في موضعه فمتى عدمه في موضعه جاز له الانتقال إلى الصيام وان كان قادرا عليه في بلده ولا نعلم فيه خلافا لان
وجوبه موقت وما كان وجوبه موقتا اعتبرت القدرة عليه في موضعه كالماء في الطهارة إذا عدمت في مكانه انتقل إلى التراب
مسألة ولو تمتع الصبي وجب على وليه ان يذبح عنه عملا بالعموم فان لم يجد فليصم عنه عشرة أيام للآية ولما رواه الشيخ في
الصحيح عن أبي نعيم قال تمتعنا فأحرمنا ومعنا صبيان فأحرموا وأحرموا كما لبينا ولم يقدم على الغنم قال فليصم عن كل صبي وليه
البحث الثاني في كيفية الذبح مسألة يجب فيه النية لأنه عبادة يشترط فيه النية لقوله تعالى وما أمروا
737

الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولان جهات إراقة الدم متعددة فلا يتخاص المذبوح هديا الا بالقصد ويجب اشتمالها على جنس الفعل
وجهته من كونه هديا أو كفارة أو غير ذلك وصفته من وجوب أو ندب والتقرب إلى الله تعالى ويجوز ان يتولاها عنه الذابح لأنه فعل
يدخله النيابة فيدخل في شرطه كعير من الأفعال مسألة ويختص الإبل بالنحر فلا يجوز ذبحها والبقر والغنم بالذبح فلا يجوز
نحرها وسيأتي البحث في ذلك يدل عليه ما رواه ابن بابويه عن الصادق (ع) قال كل منحور مذبوح حرام وكل مذبوح منحور حرام و
يستحب ان يتولى الحاج بنفسه الذبيحة لان رسول الله صلى الله عليه وآله نحر هدية بنفسه وروى عرفة بن الحرب الكندي قال شهدت مع رسول
الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع واتى بالبدن فقال ادع لي يا أبا حسن قد قاله علي (ع) فقال خذ بأسفل الحرب واخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بأعلاها ثم طعنا نهى البدن
رواه أبو داود وانما فعلا ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله أشرك عليا (ع) في هدية وقال جابر
نحر رسول الله صلى الله عليه وآله ثلثا وستون بدنه بيده ثم أعطى عليا (ع) فنحرها عنه وروى النبي صلى الله
عليه وآله نحر خمس بدنات ثم قال من شاء اقتطع رواه الجمهور ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله قال وكان الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا وستين أو ستا
وستين وجاء علي (ع) بأربعة وثلثين اوست وثلثين فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله منها ستا وستين وينحر علي (ع) أربعة
وثلثين بدنة وروى ابن بابويه قال كان النبي صلى الله عليه وآله ساق معه مائة بدنه فجعل كعلى منها أربعة وثلثين ولنفسه ستا وستين
ونحرها كلها بيده ثم اخذ من كل بدنة جذوة وطبخها على قدر واكلا منها وتحسيا من المرق وافتخر علي (ع) على الصحابة ويقول من
فيكم مثلي وانا شريك رسول الله صلى الله عليه وآله هدى بيده فرع لو لم يحسن الذي ناحر؟؟ ولاها غيره واستحب له ان يجعل يده
مع يد الذابح وينوي الذابح عن صاحبها لأنه فعل يدخل به النيابة فيدخل في شرطه ويستحب له ان يذكره بلسانه وقت الذبيحة وانه
يذبح عن فلان بن فلان إذا ثبت هذا فلو أخطأ فذكر غير صاحبها أجزأت عن صاحبها النية لان الأصل النية والذكر لا اعتبار
به ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن الضحية يخطي الذي يذبحها
فيسمى غير صاحبها اجزى عن صاحب الأضحية فقال نعم انما له ما نوى مسألة ويستحب نحر الإبل قائمة من قبل اليمنى قد ربطت
يدها ما بين الخف إلى الركبة ثم يطعن في لبنها وهي الوحدة التي من أصل العنق والصدر وبه قال مالك والشافعي واسحق واحمد وابن
المنذر واستحب عطا نحرها باركة وجوز الثوري وأصحاب الرأي كل ذلك لنا على استحباب نحره قائمة قوله تعالى فإذا وجبت جنوبها
روى في تفسير قوله تعالى فاذكروا اسم الله عليها صواف اي قياما قاله المفسرون وما رواه الجمهور عن زياد بن خبير قال رأيت
ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنه لينحرها فقال أبعها قياما معبده سنة محمد صلى الله عليه وآله وعن عبد الرحمن بن سايط ان النبي
صلى الله عليه وآله وأصحابه كانوا ينحرون المدينة معقوله اليسرى قايمة على ما؟؟ يعنى
من قوايمها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل إذا ذكر اسم
الله عليها صواف قال ذلك حين يضعه للنحر بربط يدها ما بين الخف إلى الركبة ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض وعن أبي
الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله (ع) كيف ينحر البدن قال تنحر وهي قائمة من قبل اليمين وعن أبي حذيفة قال رأيت أبا عبد الله (ع) وهو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى ثم يقوم من جانب يدها اليمنى ويقول بسم الله و
بالله هذا منك ولك اللهم تقبله مني ثم يطعن في لبها ثم يخرج السكين بيده فإذا وجبت جنوبها قطع موضع الذبح بيده فرع
هذا القيام مستحب ولا نعلم في عدم وجوبه خلاف ولو خاف عليها ان تنفر أناختها ونحرها باركة مسألة ويجب توجيه الذبيحة
إلى القبلة خلافا للجمهور وسيأتي ذلك انشاء الله في موضعه ويستحب ان يدعو بما رواه الشيخ في الصحيح عن
صفوان وابن عمير قال قال
أبو عبد الله (ع) إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة فانحره أو اذبحه وقل وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين منك ولك بسم الله
والله أكبر اللهم تقبل مني ثم امر السكين ولا ينخعها حتى يموت ورواه الجمهور انه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله ويجب فيه التسمية
لقوله تعالى فاذكروا اسم الله عليها صواف ولقوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ولو نسي التسمية حل اكله وسيأتي ويؤيده
ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا ذبح المسلم ولم يسم ونسي فكل من ذبيحته ويسم الله على ما
يأكل مسألة نحر هدى التمتع يجب بمنى ذهب إليه علماؤنا وقال أكثر والجمهور انه مستحب وان الواجب نحره بالحرم وقال بعض الشافعية
لو ذبحه في الحل وفرقه في الحرم أجزأه لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال منى كلها منحر والتخصيص بالذكر يدل على
التخصيص في الحكم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله (ع) في رجل قدم بهديه مكة في العشر فقال إن
كان هديا واجبا فلا ينحره الا بمنى وان كان ليس بواجب فلينحره بمكة ان شاء وان كان قد أشعره أو قلده فلا ينحره إلى يوم الأضحى ولأنه
738

(ع) نحر بمنى اجماعا وقال خدوا عني مناسككم احتجوا بقوله (ع) كل منى منحر وكل محاح منحر وطريق رواه أبو داود وجوابه نحن نقول بموجبه
لان بعض الدماء ينحر بمكة وبعضها ينحر بمنى واحتج الآخرون بان الفضل منفعة مساكين الحرم باللحم الطوى وهذا موجود ههنا وجوابه
ما تقدم بان أراق الدم مقصود بدليل انه لو اشترى لحما طريا وفرقه لم يجزه وإذا كان مقصودا بغير الحرم كتفرقة اللحم ولا يعارض ما
ذكرناه ما روى الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان أهل مكة أنكروا عليك انك ذبحت هديك في منزلك
بمكة فقال إن مكة كلها منحر لاحتمال ان يكون هديه قد كان تطوعا والتطوع يجوز ذبحه بمكة لدلالة الخبر الأول عليه هو أولى لأنه
مفصل وهذا الخبر محمل فيحمل عليه جميعا بين الأدلة مسألة من ساق هديا في الحج بنحره أو ذبحه بمنى وان كان قد ساقه في
العمرة نحره أو ذبحه بمكة قبالة الكعبة بالموضع المعروف بالحرورة روى الشيخ عن شعيب العقرقوفي قال قلت لأبي عبد الله (ع)
سقت في العمرة بدنه فأين انحرها فقال بمكة قلت فأي شئ أعطى منها قال كل ثلثا واهد ثلثا وتصدق بثلثه مسألة كلما يلزم
المحرم من فداء عن صيد أو غير يذبحه أو ينحره بمكة ان كان معتمرا أو بمنى ان كان حاجا وقال احمد يجوز في موضع السبب وقال الشافعي
لا يجوز الا في الحرم لنا قوله تعالى ثم محلها إلى البيت العتيق وقال تعالى هديا بالغ الكعبة في جزاء الصيد احتج احمد ان النبي صلى الله
عليه وآله امر كعب بن عجزه بالفدية بالحديبية ولم يأمر يبعثه إلى الحرم وروى الابرم وأبو إسحاق الجوزجاني في كتابهما عن أبي أسماء مولى عبد
الله بن جعفر قال كنت مع الحسين بن علي (ع) بالسقيا فأوفى بيده إلى رأسه محلقه؟؟ علي (ع) يجز عنه جرورا بالسقيا والجواب
ان امره (ع) بالفدية بالحديبية لا يستلزم الذبح بها وعن الثاني بالمنع بالرواية فرع ما وجب نحره بالحرم وجب تفرقة لحمه وبه
قال الشافعي واحمد وقال مالك وأبو حنيفة إذا ذبحها في الحرم جاز ففرقة لحمها في الحل لنا انه أحد مقصودي النسك فلم يجز في الحل كالذبح
ولان المعقول من ذبحه بالحرم التوسعة على ساكنه وهذا لا يحصل بالعطاء غيرهم ولأنه نسك يختص بالحرم وكان جمعا مختصا به كالطواف
وسائر المناسك مسألة قد بينا ان وقت استقرار وجوب الهدى احرام المتمتع بالحج وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد
في إحدى الروايتين لقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وهذا قد فعل ذلك ولان المجعول غابه يكفي وجود اوله لقوله
تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل وقال مالك يجب إذا وقف بعرفه وهو قول احمد في الرواية الأخرى لان التمتع بالعمرة إلى الحج انما
يحصل بعد وجود الحج منه ولا يحصل ذلك الا بالوقوف لقول النبي صلى الله عليه وآله الحج عرفه لأنه قبل ذلك معرض للفوات فلا
يحصل التمتع وقال عطا يجب إذا رمى جمرة العقبة لأنه وقت ذبحه فكان وقت وجوبه والجواب بالمنع من كون التمتع انما يحصل
بالوقوف بل الاحرام يتلبس بالحج على أن قوله (ع) دخلت العمرة في الحج هكذا رسلك بين أصابعه بعطا التلبس به من أول أفعال العمرة
والتعريض للفوات لا يقتضي عدم الايجاب وكون وقت الذبح هو بعد رمى جمرة العقبة لا يستلزم كون وقت وجوبه ذلك مسألة
ووقت ذبحه يوم النحر وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد وعن أحمد رواية يجوز نحره في شؤال بمكة وان قدم في العشر لم ينحره الا بمنى يوم
النحر وبه قال عطاو قال الشافعي يجوز نحره بعد الاحرام بالحج قولا واحدا وفيما قبل ذلك بعده هل من العمرة احتمالان لنا ان النبي صلى الله عليه وآله نحر يوم النحر وكذا أصحابه وقال (ع) خذوا عني مناسككم ولان ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه الأضحية فلا يجوز فيه
ذبح هدى التمتع كقبل التحلل من العمرة اما من ساق هديا في العشر فإن كان قد أشعره وقلده فلا ينحره الا بمنى يوم النحر وإن لم يكن
أشعره ولم يقلده فإنه ينحره بمكة إذا قدم في العشر لما رواه الشيخ في الصحيح عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخل بهديه في العشر
فإن كان أشعره وقلده فلا ينحره الا يوم النحر بمنى وإن لم يقلده ولم يشعره فنحره بمكة إذا قدم في العشر وكذا لو كان تطوعا فإنه ينحره بمكة
لما بيناه أولا وفي حديث إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه من أنه كان واجبا نحره بمنى وان كان تطوعا نحره بمكة وان كان أشعره فقلده
فلا ينحره الا يوم النحر ولانا قد بينا ان الذبح انما يجب بمنى وهو انما يكون يوم النحر مسألة أيام النحر بمنى
أربعة أيام أولها يوم النحر بمنى أربعة
أيام أولها يوم النحر وثلثة بعده وفي غيرها من الأمصار ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده وبه قال علي (ع) والحسن وعطا والأوزاعي والشافعي
وابن المنذر وقال ابن سيرين يوم واحد وقال سعيد بن جبير وجابر بن زيد في الأمصار يوم واحد وبمنى ثلاثة وقال احمد يوم النحر ويومان بعده وبه قال مالك والثوري وروى عن ابن عباس وابن عمر لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أيام التشريق كلها منحر ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الأضحى كم هو بمنى فقال أربع أيام وسئله عن الأضحى في غير منى فقال ثلاثة أيام فقلت فما يقول
في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين اله ان يضحى في اليوم الثالث قال نعم وعن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته
عن اضحى بمنى فقال أربعة وعن الأضحى في سائر البلدان فقال ثلاثة أيام وعن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي (ع)
قال الأضحى ثلاثة أيام وأفضلها أولها احتج المخالف بان يوم الرابع لا يصح للذبح وجوابه المنع من الملازمة ولا يعارض ذلك ما رواه
739

الشيخ عن كليب الأسدي قال سألته أبا عبد الله (ع) عن النحر فقال اما بمنى فثلاثة أيام واما في البلدان فيوم واحد مما رواه في الحسن عن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال الأضحى يومان بعد يوم النحر ويوم واحد في الأمصار قال الشيخ لان هذين الخبرين محمولان على أن أيام النحر
الذي لا يجوز فيها الصوم بمنى ثلاثة أيام وفي سائر البلدان يوم واحد لان ما بعد يوم النحر في سائر الأمصار يجوز صومه ولا يجوز ذلك
بمنى الأبعد ثلاثة أيام لما رواه منصور بن جازم عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول النحر بمنى ثلاثة أيام فمن أراد الصوم لم يصم
حتى يمضى الثلاثة الأيام والنحر بالامصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغد إذا عرفت هذا فإنه يجب تقديم الذبح على الحلق بمنى
ولو اخره اثم واجزاء وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة جاز فرع الليالي المتحللة لأيام النحر قال أكثر فقهاء الجمهور انه يجزي فيها
ذبح الهدى لان هاتين الليلتين داخلتان في هذه الذبح فجاز الذبح فيها كالأيام احتجوا بقوله تعالى ليذكروا اسم الله في أيام معلومات
والليالي لا يدخل في اسم الأيام وجوابه المنع من ذلك
البحث الثالث في صفات الهدى مسألة يجب ان يكون الهدي
من بهيمة الأنعام الإبل أو البقر أو الغنم ولا نعلم فيه خلافا قال الله تعالى ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم
من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير وأفضله من البدن ثم البقر ثم الغنم لما رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى
الله عليه وآله قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب كبشا
ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب ببيضه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في
الصحيح عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر (ع) في المتمتع قال وعليه الهدي فقلت وما الهدي فقال أفضله بدنه وأوسطه بقرة وأحسنه شاة ولان
ما كان أكثر لحما كان أنفع للفقراء ولذلك أجزأت البدنة مكان سبعة من الغنم مسألة ولا يجزي في الهدي الا الجذع من الضان
والثنى من غيره والجذع من الضان هو الذي له ستة أشهر وثنى المعز والبقر ما له ستة ودخل في الثانية وثنى الإبل ماله خمس سنين ودخل
في السادسة وبه قال مالك والليث والشافعي واحمد واسحق وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال ابن عمر والزهري لا يجزي الا الثني (الثنية) من كل
شئ وقال عطا والأوزاعي يجزي الجذع من الكل الا المعز لنا ما رواه الجمهور عن ابن بلال بنت هلال عن أبيها ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال يجوز الجذع من الضان أضحية وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال كنا مع رجل من أصحاب رسول الله عليه وآله يقال له مجامع
من بنى سليم فعرف الغنم فامر مناديا فنادي ان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يذبحوا الا مسنة الا ان يعمر عليكم فيذبحوا جذعا من الضان
وعن ابن برده بن يسار قال يا رسول الله ان عندي عناقا جذعا هي خير من شاتي لحم قال يجزيك ولا يجزي عن أحد بعدك وفي لفظ
ان عندي جذعه من المغر قال أبو عبيد الهروي قال إبراهيم الحروي انما يجزي الجزع من الضان في الأضاحي لأنه؟ سرر؟ فتلقح فإذا كان
من المعز لم يلقح حتى يصير ثنيا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القسم عن أبي عبد الله (ع) وعن علي (ع)
انه كان يقول الثنية من الإبل والثنية من البقر ومن المغر والجذعة من الضان وفي الصحيح عن سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع) وعن علي
(ع) يقول يجزي من الضأن الجذع ولا يجزي من المعز الا الأنثى وفي الصحيح عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن أدنى ما يجزي من أسنان الغنم في الهدى فقال الجذع من الضأن قلت فالمعز قال لا يجوز الجذع من الضأن قلت فالمعز قال لا يجوز الجذع من
المعز قلت ولم قال لان الجذع من الضان يلفح والجذع من المعز لا يلقح مسألة ويجب ان يكون تاما فلا يجزي العور والعرجاء البين
عرجها ولا المريضة البين مرضها ولا الكسرة التي لا يبقي وقد يرفع الاتفاق بين العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع روى
البراء بن عازب قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أربع لا يجوز في الأضحى العوار لبين عورها والمريضة بين مرضها والعرجاء البين
عرجها والكسرة التي لا يبقى قال قلت اني أكره ان يكون في السن نقص قال ما كرهت تدعه ولا تحرمه على أحد ومعنى قوله البين عورها اي التي انخسف
عينها وذهب فان ذلك ينقصها لان شحمه العين عضو يستطاب اكله والعرجاء البين عرجها التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم
ومشاركتهن في العلف والرعي فهزل والتي لا يبقى هي التي لايخ لها لهزالها لأن النفي بالنون المكسورة والقاف المسكنة المخ و
المريضة قيل هي الحربا لان الحرب يفسد اللحم والأقرب اعتبار كل مريض يؤثر في هزالها وفي فساد لحمها ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ عن السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه عن ابائه (عل) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تضحي
بالعرجاء البين
عرجها ولا بالعور البين عورها ولا بالحربا ولا بالجدعاء وهي المقطوع الاذن ولا بالعصباء وهي المكسورة القرن فرع العورا
لو لم ينخسف عينها وكان على عينها بياض ظاهر فالوجه المنع من الاجزاء لعموم الخبر والا يخاف ليس معتبر اخر كما وقع الاتفاق على الصفات
الأربع المتقدمة فكذا وقع على ما فيه نقص أكثر من هذا العيوب بطريق البينة كالعمياء لا يجزي ان العي أكثر من العور ولا يعتبر
مع العمى ايخاف العين اجماعا لأنه يحل بالثني مع الغنم والمشاركة في العلف أكثر من اخلال العرج مسألة العصباء وهي ما ذهب
740

نصف اذنها أو قرنها لا يجزي به قال أبو يوسف ومحمد واحمد في إحدى الروايتين وكذا لا يجزي عندنا قطع ثلث اذنها وبه قال
أبو حنيفة واحمد في الرواية الأخرى لما رواه الجمهور عن علي (ع) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يضحى بأعصب الاذن والقرن ومن
طريق الخاصة ما تقدم في حديث أبي عبد الله (ع) عن علي (ع) بالحذا وهي المقطوعة الأذن ولان ما قطع اذنها لصدق عليها انها
مقطوعة الأذن فيدخل تحت النهى مسألة قد بينا انه لا يجزي العصبا وهي المكسورة القرن قال علماؤنا ان كان القرن الداخل صحيحا
لا بأس بالتضحية به ولان كان ما ظهر منه مقطوعا وبه قال علي (ع) وعمار وسعيد بن المسيب والحسن وقال باقي الجمهور ولا يجزي وقال مالك ان
كان؟ بدمي؟ لم يجز والا جاز لنا ما رواه الجمهور عن علي (ع) وعمار ولم يظهر لهما مخالف من الصحابة فكان اجماعا ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في المقطوعة القرن أو المكسور القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا
بأس وان كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا ولان ذلك لا يؤثر في اللحم فأجزأت كالحما؟؟ احتجوا بما رواه عن علي (ع) قال نهى رسول الله
ان يضحى بأعصب الاذن والقرن والجواب يحمل على ما كان الكسر من داخله مسألة ولا بأس بمشقوقة الاذن أو
شقوتها إذا لم يكن قد قطع من الاذن شئ وروى الجمهور عن علي (ع) قال أمرنا ان نستشرق العين والاذن ولا يضحى بمقابلة ولا مدابرة
ولا حذفا ولا مشرقا قال زهير قلت لأبي اسحق ما المقابلة قال (ع) يقطع طرف الاذن قلت فما المدابرة قال يقطع من مؤخر الاذن قلت
فما الخرفاء قال يثنى الاذن قلت فما الشرقاء قال يشق اذنها الشيمه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن شريح بن يماني
عن علي (ع) قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله في الأضاحي ان يستشرق العين والاذن ونهانا عن الخرفاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة
فقال استشرقت الشئ إذا رفعت بصرك تنظر إليه وبسطت بدك فوق حاجبك كأنك تستظل من الشمس وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر بإسناده عن
أحدهما (ع) قال سأل عن الأضاحي إذا كان الأذن مشقوقة أو مشقوبه نسمه فقال ما لم يكن منها مقطوعة فلا بأس وقد ظهر بما
يقدم انه لا يجوز العرجاء البين عرجها ولا العور البين عورها ولا العجفاء وهي المهزولة ولا الحذفا ولا الحذا وهي المقطوعة الأذن ولا
العصباء وهي المكسورة القرن الداخل صحيحا فلا بأس به وان كان ما ظهر منه مقطوعا
قال ابن بابويه سمعت شيخنا محمد بن الحسن (ر)
يقول إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه وبقي ثلثه فلا بأس ان يضحى به ويجوز بما كانت اذنه مشقوقة أو مثقوبة مسألة ولا يجزي
الخصي قاله علماؤنا خلافا لبعض الجمهور لنا ما رواه الجمهور عن أبي برده أنه قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله غدى جذعة من المعز فقال يجزيك
ولا يجزي أحد بعد قال أبو عبيدة قال إبراهيم لحربي انما يجزي الجذع من الضأن في الضاحي دون الجذع المعز لان جذع الضأن
يقع بخلاف جذع المعز وهكذا المقتضي موجود في صورة النزاع ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن الأضحية بالخصي قال لا ولأنه ناقص فلا يكون مجزيا فروع الأول لو ضحى بالخصي قال الشيخ وجب عليه الإعادة إذا
قدر عليه لأنه غير المأمور به فلا يقع به والخروج عن العهدة ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم
(ع) عن الرجل يشرى الهدى غلما ذبحه إذ خصى محبوب ولم يكن نعلم أن الخصي لا يجوز في الهدى هل يجزيه أم بعيد فلا يجزيه الا ان يكون
لا قوة به عليه وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيا محبوبا قال إن
كان صاحبه مؤسرا فليشتر مكانه الثاني يجزي الموجود وان كان مكروها وهو مرضوض الخصيتين لما روى النبي صلى الله عليه وآله
ضحى بكبشين المخير موجودين رواه الجمهور اما الذي سلب مبيضاه فالأقوى انه في حكم الخصي الثالث الحماد هي التي لم نخلق لها قرن تجرى
وقال بعض الجمهور لا تجزي لان عدم القرن أكثر من ذهاب بصفة ونحن نمنع الحكم في الأصل إذ قد بينا ان أعصب القرن يجزي إذا كان الداخل
سليما والأقرب الاجزاء البترا وهي المقطوعة الذنب وكذا الصمغا وهي الذي لم يخلق لها اذن أو كان لها اذن صغيرة لان فقد هذه لأعضاء
لا يوجب نقصا في قيمة الشاة ولا في لحمها مسألة ولا تجزي المهزولة لما رواه الشيخ عن منصور عن أبي عبد الله (ع) قال
وان اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه وعن السكوني عن جعفر (ع) عن ابائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صدقه رغيف خير من نسك مهزول وعن السكوني عن جعفر عن ابائه (عل) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يضحى بالعرجاء إلى قوله
ولا بالعجفاء لأنه قد منع من المعيب لأجل الهزالة كالعرجاء فالمهزولة أولى بالمنع فروع الأول حد الهزال أن لا يكون على كليتيها
شئ من الشحم لما رواه الشيخ عن حريز عن الفضل قال حججت باهلي سنة فعزت الأضاحي فانطلقت فاشتريت شاتين بالفلا فلما ألفيت
أهابهما ندمت شديدة لما رأيت بهما من الهزال فاتيته فأخبرته ذلك فقال إن كان على كليتيها شئ من الشحم أجزأت الثاني يستحب ان
يكون سمينه تنظر في سواد وتمشي في سواد وتبرك في مثله لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي
عبد الله (ع) قال يكون ضحاياكم
سمانا فان أبا جعفر (ع) كان يستحب ان يكون أضحية سمينه وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله
741

صلى الله عليه وآله يضحى بكيش اقرن فحل ينظر في سواد ويمشي في سواد وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يضحى بكيش اقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد وينظر في سواد قيل معناه أنه يكون هذه المواضع منه سود أو قيل يكون سمينا
له ظل يمشي فيه ويأكل فيه وينظر فيه الثالث لو اشترى هديا على أنه سمين فوجده مهزولا أجزأه عنه وكذا العكس اما لو اشتراه على أنه
مهزول فوجده كذلك لم يجزه روى الشيخ عن منصور عن أبي عبد الله (ع) قال إن وجده اشترى الرجل هديا وهو يرى أنه مهزول لم يجز
عنه الرابع لو اشترى هديه ثم أراد أن يشتري أسمن منه فليشتره وليبع الأول ان أراد لأنه لا يتعين للذبح ويدل عليه ما رواه
الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل اشترى شاه ثم أراد أن يشترى أسمن منها قال يشتريها فإذا اشترى
باع الأولى ولا أدري شاة قال أو بقرة الخامس لو اشترى هديا ثم وجد به عيبا لم يجز عنه قال الشيخ (ره) في التهذيب لما رواه
في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) انه سئل عن الرجل يشتري الأضحية عورا فلم يعلم الأبعد شرائها هل يجزي عنه قال نعم
الا ان يكون هديا واجبا فإنه لا يجوز ناقصا قال الشيخ (ره) ولو اشترى هديه ولم يعلم أن به عيبا ويعد ثمنه ثم وجد العيب فإنه يجزي
عنه لما رواه في الصحيح عن عمران الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال من اشترى هديا ولم يعلم أن به عيبا حتى يعد ثمنه ثم علم بعد فقديم قال ولا
ينافي ذلك ما رواه في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل اشترى هديا وكان به عيب عورا وغيره فقال إن كان قد فقد ثمنه رووه واشترى غيره قال (ره) لان هذا الخبر محمول على أنه اشترى ولم يعلم بالعيب ثم علم قبل أن يعد الثمن عنه ثم يعد
بعد ذلك فان عليه رد الهدى واستعادة الثمن واشترى بدله السادس لو اشتراه على أنه تام فبان ناقصا لم يجز عنه لما تقدم في حديث
علي بن جعفر عن أخيه (ع) مسألة والإناث من الإبل والبقر أفضل من الذكران والمغر الذكران أفضل لا نعلم خلافا في جواز
العكس في البابين الا ما روى عن ابن عمرانه قال ما رأيت أحدا فاعلا ذلك وان انحر أمتي أحب إلى وهذا يدل على موافقنا أيضا لأنه
لم يصرح بالمنع من الذكران لنا على جواز الذكر ان قوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ولم يذكر ذكرا ولا أنثى وروى الجمهور
ان النبي صلى الله عليه وآله اهدى جملا لأبي جهل في انفه برة من فضة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار
قال قال أبو عبد الله (ع) أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر وقد نحر الذكور من البدن والضحايا من الغنم الفحولة وفي الحسن
عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الإبل والبقر أيهما أفضل ان يضحى بها قال ذوات الأرحام فسألته عن أسنانها فقال اما البقر
فلا يضرك بأي أسنانها ضحيت واما الإبل فلا يصلح الا الأنثى فما فوق فروع الأول يكر بالتضحية بالجاموس وبالثور لما رواه
الشيخ عن أبي بصير قال سألته عن الأضاحي فقال أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر دون الأرحام ولا يضحى بثور ولا جمل الثاني
قال الشيخ (ره) يجزي الذكورة من الإبل في البلاد لما رواه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال يجوز ذكور
الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث والإناث أفضل الثالث الفحل من غير الإبل والبقر أفضل لما تقدم ولما عن الحسن بن
عمار عن أبي جعفر (ع) قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله بكبش أجذع أملح فحل سمين وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما صلى الله عليه وآله قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يضحى بكبش اقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد وينظر في سواد فإذا لم يجدوا من ذلك شيئا
فالله أولى بالعذر قال الإناث والذكور من الإبل والبقر يجزي وسألته يضحى بالخصي قال لا الرابع الموجود خير من النعجة والنعجة خير
من المعز رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) انه سئل عن الأضحية فقال اقرن فحل سمين عظيم العين والاذن والجذع
من الضأن يجزي والثني من المعز والفحل من الضان خير من الموجود والموجود خير من النعجة والنعجة خير من المعز وقد روى الشيخ في الصحيح عن
الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال النعجة من الضأن إذا كان سمينه أفضل من الخصي من الضأن وقال الكبش السمين خير من الخصي والأنثى
وقال سألته عن الخصي والأنثى فقال الأنثى أحب إلى من الخصي مسألة ويستحب ان يكون مما عرف به وهو الذي أخصى عشية عرفة بعرفة وهو
وقاف وروى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لا يضحى الا بما قد عرف به وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سأل عن الخصي
يضحى به قال إن كنتم تريدون اللحم فدونكم؟؟ وقال لا يضحى الا بما قد عرف به إذا عرف هذا فان ذلك على جهة الاستحباب وقول الشيخ (ره)
ولا يجوز ان يضحى الا بما قد عرف به الظاهر أنه أراد به شدة تأكيد الاستحباب ومنع ابن عمر وسعيد بن جبير من التضحية بما لم يعرف به لنا الأصل
عدم الوجوب وما رواه الشيخ عن سعيد بن يسار قال سألت أبا عبد الله (ع) عمن اشترى شاة لم يعرف بها قال لا بأس عرف بها أو لم يعرف
قال الشيخ (ره) هذا محمول على أنه إذا لم يعرف بها المشتري وذكر البالغ انه قد عرف بها فإنه يصدقه في ذلك ويجزي عنه لما رواه سعيد بن
يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع) انا نشتري الغنم بمنى ولا ندري هل عرف بها أم لا فقال إنهم لا يكذبون لا عليك ضح بها وهذا التأويل
بعيد والأقرب الحمل على الاستحباب ولأنه لو كان واجبا لما قال (ع) لا عليك فرع قال مالك في هدي المجامع إن لم يكن ساقه فليشتره
742

من مكة ثم ليخرجه إلى الحل وليسقه إلى مكة فاشترط فيه الجمع بين الحل والحرم ولم يوافقه أحد لنا الأصل براءة الذمة ولان القصد اللحم و
يقع المساكين وهو لا يفق على ما ذكره ولا دليل على قوله فيسقط بالحلية البحث الرابع في البدل إذا لم يجد
الهدى ولا ثمنه وجب عليه
ان يصوم بدله عشرة أيام ثلاثة أيام في الحج متابعات وسبعة إذا رجع إلى أهله ولا خلاف في ذلك بين العلماء كافة لقوله تعالى
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ويعتبر القدرة
عليه في مكانه فمتى عدمه في موضعه انتقل إلى الصوم وان كان قادرا عليه في بلده لان وجوبه موقت وما كان وجوبه موقتا اعتبرت القدرة
عليه في موضعه كالماء في الطهارة إذا عدمه انتقل إلى التراب ولا نعلم فيه خلافا مسألة ولو لم يجب الهدى ووجد ثمنه قال
الشيخان (ره) ترك الثمن عند من ثبوته من أهل مكة ليشتري له به هديا ويذبحه عنه في بقية ذي الحجة فان خرج ذو الحجة
ولم يجد اشترى له في ذي الحجة في العام المقبل وبه قال علي بن بابويه ومنع ابن إدريس ذلك فأوجب الانتقال إلى الصوم لنا ان وجدان الثمن
بمنزلة وجدان العين كوجدان ثمن الماء عنده مع أن النص ورد فان لم يجدوا ماء وكذا وجدان ثمن الرقبة في العتق مع ورود النص
بوجدان العين وما لك الا ان التمكن يحصل باعتبار الثمن هناك ويصدق عليه انه واجد للثمن فكذا هنا ويدل عليه أيضا ما رواه
الشيخ عن حريز عن أبي عبد الله (ع) في متمتع يجد الثمن قال يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزي
عنه فان مضى ذو الحجة اخر ذلك إلى قابل من ذي الحجة وعن النضر بن فرواس قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتمتع بالعمرة إلى الحج
فوجب عليه النسك فطلبه فلم يجده وهو مهر حسن الحال وهو يضعف عن القيام بما ينبغي له ان يفعل قال قال يدفع عن النسك الا
من يذبحه بمكة وان كان نريد المضي إلى أهله وليذبح عنه في ذي الحجة فقلت فإنه دفعه إلى من يذبحه عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا
واصابه بعد ذلك قال لا يذبح عنه الا في ذي الحجة ولو اخره إلى قابل احتج ابن إدريس بان الله تعالى نقلنا إلى الصوم مع عدم الوجدان
والنقل إلى الثمن يحتاج إلى دليل شرعي وجوابه لا نسلمه الا عدم الوجدان يصدق لمن وجد الثمن وقد بينا في الكفارة والتيمم ومع ذلك
فالدليل الشرعي ما بيناه في الحديثين فان زعم أنه لا يعلم باخبار الآحاد فهو غالط إذا كثر مسائل الشرعية مستفاد منها قال الشيخ (ره)
فاما ما رواه أبو بصير عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل تمتع فمن لم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم
قال بل يصوم فان أيام الذبح قد مضت فلا ينافي ما قلناه لان معنى هذا الحديث من لم يجد الهدى ولا ثمنه وصام ثلاثة أيام ثم وجد الهدي
فعليه ان يصوم ما بقي عليه تمام عشرة أيام ولا يجب عليه الهدى لما رواه حماد بن عثمان قال سمعت أبا عبد الله (ع) عن متمتع صام ثلاثة
أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من منى قال أجزأه صيامه مسألة ويستحب ان يكون الثلاثة في الحج هي يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم
عرفه فيكون اخرها يوم عرفه ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال عطا وطاوس والشعبي ومجاهد والحسن والنخعي وسعيد بن جبير وعلقمة وعمر وابن
دينار وأصحاب الرأي وقال الشافعي اخرها يوم التروية وهو محكي عن أبي عمر وعايشة ومروي عن أحمد لنا ان هذه الأيام أشرف من غيرها
ويوم عرفه أفضل من غيره من أيام ذي الحجة فكان صومه أولى وما رواه الشيخ عن رفاعة بن موسى قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن المتمتع لم يجد الهدي قال فليصم قبل يوم التروية ويوم عرفه قلت فإنه قدم يوم التروية قال يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق قلت لم
يقم عليه جمالة قال يصوم يوم الحصبة وبعده يومين قال قلت وما الحصبة قال يوم نفره قلت يصوم وهو مسافر قال نعم أفليس هو
يوم عرفه مسافرا انا أهل بيت تقول ذلك لقول الله عز وجل صيام ثلاثة أيام في الحج يقول في ذي الحجة وفي الصحيح عن معوية
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته متمتع لم يجد هديا قال يصوم ثلاثة أيام في الحج يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفه
قال قلت فان فاته ذلك قال فليصم ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده قلت فان لم يقم عليه جماله أيصومها في الطريق قال
انشاء صامها في الطريق وان شاء إذا رجع إلى أهله وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال صوم ثلاثة أيام ان صامها
فاخرها يوم عرفه وغير ذلك من الأحاديث الدالة عليه احتج لمخالف بان صوم عرفه بعرفه غير مستحب وجوابه ان ذلك موضع الحاجة
مسألة ويجب صومها متتابعا اما السبعة فلا يجب التتابع فيها ولم يوجب الجمهور التتابع في الثلاثة أيضا واجمع علماؤنا على
ايجاب التتابع فيها الا إذا فاته قبل يوم التروية ويوم عرفه ويفطر العيد ثم يصوم يوما اخر بعد انقضاء أيام التشريق ولو صام غير هذه
الأيام وجبت فيها التتابع ثلاثة ولا يجوز تحلل الافطار بين اليومين والثالث الا في الصورة التي ذكرناها لنا ان الامر بالصوم متوجه
عليه فينبغي المسارعة إليه بقدر المكان وهو انما يتحقق بالتتابع وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع)
فيمن صام يوم التروية ويوم عرفه قال يجزيه ان يصوم يوما اخر وعن يحيى الارزق قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل قدم
يوم التروية متمتعا وليس هدى فصام يوم التروية ويوم عرفه قال يصوم يوما اخر بعد أيام التشريق وعن علي بن الفضل الواسطي
743

قال سمعته يقول إذا صام المتمتع يومين؟ لا يباع؟ الصوم اليوم الثالث أيام في الحج فليصم بمكة ثلاثة أيام متتابعات فان لم يقدر ولم يقم عليه
اكمال فليصمها في الطريق وإذا قدم على أهله صام عشرة أيام متتابعات وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصوم الثلاثة
الأيام متفرقة اما السبعة فيجوز تفريقها ولا نعلم فيه خلافا روى الشيخ عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي الحسن موسى (ع) اني قدمت الكوفة
ولم يصم السبعة الأيام حتى فرغت في حاجة إلى بغداد قال صمها ببغداد قلت له فرقها قال نعم مسألة وأوجب علماؤنا التفريق
بين الثلاثة والسبعة لأنهم أوجبوا صوم الثلاثة في الحج وسبعة في بلده وبه قال الشافعي في حرمله ونقله المزني عنه وقال في الايلاء يصوم
إذا فرغ من أفعال الحج وبه قال أبو حنيفة واحمد وحكى عن الشافعي انه يصوم إذا خرج من مكة سايرا في الطريق وبه قال مالك
لنا قوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ولا يقال لمن فرغ من أفعال الحج رجع عنها وانما يقال لمن دعا أتى
وطنه وما رواه الجمهور عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع
إلى أهله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال ولا يجمع الثلاثة والسبعة جميعا وما
رواه في الصحيح عن ابن مسكان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل تمتع فمن لم يجد هديا قال يصومه ثلاثة أيام قلت له انها أيام التشريق
قال لا ولكن يقيم بمكة حتى يصومها وسبعة إذا رجع إلى أهله وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (ع) قال وسبعة إذا رجع إلى أهله
احتج المخالف بان كل من لزمه صوم وجاز له ان يؤديه إذا رجع إلى وطنه جاز قبل ذلك كقضاء رمضان والجواب لا قياس مع ما تأولناه من القران
والحديث فرع لو صام قبل رجوعه إلى وطنه لم يجزيه الا ان يصير إلى أن يصل الناس إلى أهله أو يمضى عليه شهر قاله علماؤنا ولم
يقف على قول للجمهور وفي اعتباره ذلك بل جوز مالك وأبو حنيفة واحمد صومها بعد مضى أيام التشريق ومن عطا ومجاهد يصومها
في الطريق وهو قول اسحق وقال ابن المنذر يصومها إذا رجع إلى أهله وهو يروي عن أبي عمر وللشافعي ثلاثة أقوال تقدمت لنا انه صام
قبل حضور وفيه فلم يجز منكما لو صام رمضان في شعبان ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال قال رسول الله (ص) من كان
متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فان فاته ذلك وكان له مقام بكمة وأراد أن يصوم السبعة ترك
الصيام بقدر ميسرة إلى أهله أو شهرا ثم صام ولأنه مسافر وبعد مضى أحد الوقتين يخرج عن حكم المسافر اخر انما يلزمه التفريق
الثلاثة والسبعة إذا كان بمكة لأنه يجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فلا يمكن الجمع بينهما ولو أقام بمكة
فكذلك يجب عليه التفريق لأنه يلزمه ان يصير شهرا أو قدر وصول الناس إلى وطنه اما لو لم يصم الثلاثة الأيام الا بعد وصول الناس
إلى وطنه ومضى شهرا فإنه لا يجب عليه التفريق بين الثلاثة والسبعة وكذا لو وصل إلى أهله ولم يكن قد صام بمكة ثلاثة أيام
فإنه يجوز الجمع بين الثلاثة والسبعة ولا يجب عليه التفريق وقال الشافعي يجب عليه التفريق في أحد القولين وفي الاخر كقولنا
وله في كيفية التفريق أربعة أقوال أحدها يفصل بقدر المسافة وأربعة أيام وثانيها أربعة أيام وثالثها قدر المسافة ورابعها
يفصل يوم لنا انه صوم واجب في زمن يصح الصوم فيه فلم يجب تفريقه كسائر الصوم وما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل تمتع ولم يجد هديا قال يصم ثلاثة بمكة وسبعة إذا رجع إلى أهله فان لم يقم عليه أصحابه ولم يستطع المقام
بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله ونحوه روى الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن العبد الصالح ولم يذكر التفريق
مع أن الأصل عدمه وحديث علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) من أنه لا يجمع بين الثلاثة والعشرة محمول على من صام بمكة احتج الشافعي
بأنه وجب من حيث الفعل فلا يسقط الفوات وقته كأفعال الصلاة من الركوع والسجود وجوابه سلمنا وجوب التفريق في الأداء لكن
انما ثبت من حيث الوقت فإذا فات الوقت سقط كالتفريق بين الصلاتين مسألة ويجوز صوم الثلاثة قبل الاحرام بالحج وقد وردت
رخصه في جواز صومها في أول العشر إذا تلبس بالمتعة وقال أبو حنيفة يجوز صيامها إذا أحرم بالعمرة وهو رواية عن أحمد وعنه رواية
أخرى إذا أحل من العمرة وقال مالك والشافعي لا يجوز الا بعد الاحرام بالحج وهو مروي عن ابن عمر وبه قال اسحق وابن المنذر وقال الثوري
والأوزاعي يصومهن من أول العشر إلى يوم عرفه لنا ان احرام العمرة أحد احرامي التمتع فجاز الصوم بعده وبعد الاحلال منه كاحرام الحج
ولانا قد بينا انه يستحب الاحرام بالحج يوم التروية متمتعا وليس له هدى فصيام يوم التروية ويوم عرفه قال يصوم يوما اخر بعد أيام التشريق
وإذا وقع الاجزاء بهذين اليومين دل على المراد ويدل على الرخصة ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه قال
من لم يجد الهدى واجب ان يصوم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس بذلك قال الشيخ (ره) والعمل على ما ذكرناه أولا احتج
الشافعي بقوله تعالى ثلاثة أيام في الحج وانه صيام واجب فلم يجز تقديمه على وقت وجوبه كغيره من الصيام الواجب ولان ما قبله وقت
لا يجوز فيه البدل فلم يجز البدل كقبل الاحرام بالعمرة والجواب عن الأول انه لا بد من تقدير إذ الحج أفعال لا يصام فيها انما يصام
744

في وقتها أو في أشهرها كقوله تعالى الحج أشهر معلومات واما تقديمه على وقت الوجوب فيجوز إذا وجد السبب كتقديم التكفير على الحنث عنده
وتقديم الزكاة عندنا واما كونه بدلا فلا تسلمه مساواته للمبدل في كل حكم فان المتيمم يجب عليه التأخير فجاز التقديم إذا عرفت هذا فإنه
لا يجوز صومها قبل أحرم العمرة ولا نعرف فيه خلافا الا ما روى عن أحمد انه يجوز تقديم صومها على الاحرام بالعمرة وهو خطأ لان تقديم
الواجب على وقته وسببه مع ذلك فهو خلاف قول العلماء مسألة قد بينا ان الثلاثة هي قبل يوم التروية ويومها يوم عرفه
فان فاته هذه الثلاثة صامها بعد أيام منى ولا يسقط الصوم بفواته في العشر وبه قال علي (ع) وابن عمر
وعايشة وعروة بن الزبير
والحسن وعطا والزهري ومالك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وروى عن ابن عباس وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد إذا فاته الصوم
في العشر لم يصمه بعده واستقر الهدى في ذمته لنا انه صوم واجب فلا يسقط بفوات وقته كرمضان وما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن
عمار قال حدثني عبد صالح (ع) قال سألته عن المتمتع ليس له أضحية وفاته الصوم حتى يحرم وليس له مقام قال يصوم ثلاثة أيام في الطريق
انشاء وان شاء صام عشرة في أهله وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال الصوم ثلاثة أيام ان صامها فاخرها يوم عرفه وإن لم
يقدر على ذلك فليؤخرها حتى يصومها في أهله ولا يصومها في السفر قال الشيخ (ره) قوله (ع) لا يصومها في السفر لا ينافي جواز
صومها في الطريق لأنه (ع) أراد لا يصومها في السفر معتقدا انه لا يسعه غير ذلك بل يعتقدانه مخير في صومها في السفر وصومها
إذا رجع إلى أهله احتجوا بقوله تعالى فصيام ثلاثة أيام في الحج ولأنه بدل موقت فيسقط بخروج وقته والجواب أن لا يبدل على وجوبه
في الحج اي في أشهر الحج لا على سقوطه وذو الحجة كله من أشهر الحج ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال كنت قائما
اصلى وأبو الحسن (ع) قاعد قدامي وانا لا أعلم فجاءه عباد البصري قال فسلم عليه ثم جلس فقال يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتع ولم يكن
له هدى قال يصوم الأيام التي قال الله قال فجعلت سمعي إليهما قال له عباد وأي أيام هي قال قيل أيام التروية ويوم التروية ويوم عرفه
قال فان فاته ذلك قال يصوم صحته الحصبة ويومي بعد ذلك قال فلا يقول كما قال عبد الله بن الحسن قال وانس قال قال يصوم أيام
التشريق قال جعفر (ع) كان يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله امر؟ بلا؟ لا ينادي ان هذه أيام اكل وشرب فلا يصومن أحد قال
يا أبا الحسن ان الله تعالى قال فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم قال كان جعفر (ع) يقول ذو الحجة كله من أشهر الحج وقياسهم
على الجمعة خطأ لان الجمعة ليست بدلا وانما هي الأصل وانما سقطت فلان الوقت جعل شرطا كالجمعة مسألة ويجوز ان يصوم
أيام التشريق بمنى في بدل الهدى ولا في غيره قال أكثر علمائنا المحصلون وبه قال علي (ع) والحسن وعطا وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين
والشافعي في الجديد وقال في القديم يجوز صيامها وهو الرواية الأخرى عن أحمد وبه قال ابن عمر وعايشة ومالك واسحق لنا ما رواه الجمهور
عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام ستة أيام يوم الفطر الأضحى وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه عن رمضان و
عن عمر بن سليم عن أمه قالت؟ بينا؟ نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب (ع) على جمل احمر ينادي ان الرسول صلى الله عليه وآله قال إنها أيام اكل وشرب فلا
يصومن بها أحد ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الصيام الأيام التشريق فقال اما
بالامصار فلا بأس به واما بمنى فلا وما رواه ابن بابويه ان النبي صلى الله عليه وآله بعث بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل ارزق وأمره ان يتحلل
الشاطيط وينادي في الناس أيام منى الا لا تصوموا فإنها أيام اكل وشرب ويبال وفي الصحيح روى الشيخ عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) عن رجل تمتع فلم يجد هديا قال فليصم ثلاثة أيام ليس فيها أيام التشريق ولكن يقيم بمكة حتى يصومها وسبعة إذا رجع إلى أهله وذكر حديث
بديل بن ورقاء وفي الصحيح عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل تمتع فلم يجد هديا قال يصوم ثلاثة أيام قلت أفيها أيام
التشريق قال ولكن يقيم بمكة حتى يصومها وسبعة إذا رجع إلى أهله الحديث وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (ع) قال قلت له ذكرا
من السراج انه كتب إليك يسألك عمن متمتع لم يكن له هدى فأجبته في كتابك يصوم أيام منى فان فاته ذلك صام ضحية الحصية ويومي بعد ذلك قال
اما أيام منى فإنها أيام اكل وشرب لا صيام فيها وسبعة إذا رجع إلى أهله ولا يوم من فيه الرمي فأشبه يوم النحر ولأنه لا يجوز فيها صوم النفل فلا
يجوز صوم بدل الهدي كيوم النحر احتج المخالف بما رواه ابن عمران النبي صلى الله عليه وآله رخص لا تمتع إذا لم يجد الهدى ان يصوم أيام التشريق وعن
ابن عمر وعايشة إن لم يرخص في أيام التشريق ان يضمن الا لمن لم يجد الهدي والظاهر انصراف الترخص إلى النبي صلى الله عليه وآله ولأنه تعالى
امر بصيام الثلاثة في الحج ولا يبق من أيام الحج الا هذه الأيام متعين الصوم فيها والجواب عن الأول راوي الحديث يحيى بن سلام عن شعبه عن
عبد الله بن عيسى عن الزهري عن سالم ويحيى بن سلام ضعيف لا يعول على رواية عند أهل الحديث وأيضا فان هذا الحديث قد روى بلفظ
اخر رواه عبد الغفار بن القسم عن الزهري عن عروة بن عايشه وان عمر قالا لم يرخص رسول الله صلى الله عليه وآله لاحد صيام أيام التشريق
الا المتمتع أو محصر وعبد الغفار بن القسم أخطأ في اسناده وهو ضعيف أيضا وحينئذ لا اعتداد بهذه الرواية البتة والرواية الثانية جاز
745

ان يكون ابن عمر وعايشة قالاه عن اجتهاد وحينئذ لا يبقى حجة والآية لا يدل على مطلوبهم لان أيام الحج يستمر إلى اخر ذي الحجة على ما بيناه لا يقال
قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) كان يقول من فاته صيام الثلاثة في الحج فليصمها أيام التشريق فان ذلك جايز له وروى عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان يقول من فاته صيام الثلاثة بالحج وهي قبل التروية بيوم ويوم التروية
ويوم عرفة فليصم أيام التشريق فقد اذن له لأنا نقول إن هذين الخبرين لا يتم سندهما من قول ومع ذلك فقد ورد في معارضة الأخبار
الكثيرة الواردة في نقيض هذا المعنى وعمل علمائنا عليها فكان المصير إليها أولى ومع ذلك فان المشهور من مذهب علي (ع)
المنع من ذلك قد نقلناه نحن ونقله الجمهور عنه (ع) وذكر وان مذهب علي (ع) المنع من صوم أيام التشريق ولا استبعاد في أن يكون
الراويان وهما ونقلا مذهب عبد الله بن الحسن وتوهما انه الصادق (ع) وبالجملة فالاحتمالات الكثيرة؟ متطرفة؟ إلى هذين الخبرين
فلا حجة فيها فرع وقت وجوب الصوم وقت وجوب الهدى لأنه بدل فكان وقت وجوبه وقت وجوب مبدله كساير الابدال ولقوله تعالى
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والفاء يقتضي التعقيب لا يقال كيف جاز الانتقال إلى البدل قبل زمان المبدل لأنه انما يتحقق العجز المقتضي لجواز
الانتقال إلى البدل ومن الوجوب وكيف جوزتم الصوم قبل وجوبه لأنا نقول انما جوزها الانتقال إلى البدل قضية لظاهر الحال وجريان
العادة فان الظاهر من المعتبر استمرار عجزه واعتباره وانما يجوز الصوم قبل وقت وجوبه فقد بينا الدليل عليه مسألة ولو لم يصمها
بعد أيام التشريق جاز صيامها طول ذي الحجة أداء لا قضاء وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة إذا فاته الصوم بخروج يوم عرفه
سقط الصوم واستقر الهدى في ذمته لنا انه صوم واجب فلم يسقط بفوات وقته كصوم شهر رمضان ولما يقدم في حديث عبد الرحمن بن الحجاج
عن أبي الحسن (ع) عن جعفر (ع) انه كان يقول ذي الحجة كله من أشهر الحج وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال من لم يجد ثمن الهدى فأحب ان يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك احتج أبو حنيفة بقوله تعالى فصيام ثلاثة أيام في
الحج ولأنه بدل موقت فوجب ان يسقط بفوات وقته كالجمعة والجواب عن الأول ان الآية يدل على الوجوب في أشهر الحج لا على السقوط
بعد انقضاء عرفة وعن الثاني ان الجمعة ليست بدلا وقد مضى البحث في ذلك مسألة ولا يجوز صيام هذه الأيام الا في ذي الحجة
بعد التلبس بالمتعة ولو خرج ذو الحجة وأهل المحرم سقط فرض الصوم واستقر الهدى في ذمته ووجب عليه دم شاة وقال أبو حنيفة يسقط
الهدى في ذمته وقال احمد يجوز الصوم ولا يسقط بفوات وقته لكن يجب عليه دم شاة وقال الشافعي لا يسقط الصوم ولا يجب الشاة لنا انه صوم
فات وقته فيسقط إلى مبدله كالجمعة وما رواه الشيخ في الحسن عن منصور عن أبي عبد الله (ع) قال من لم يصم في ذي الحجة حتى يهل
هلال المحرم فعليه دم شاة وليس له صوم ويذبح بمنى وروى ابن بابويه عن عمران الحلبي أنه قال سال أبو عبد الله (ع) عن رجل نسي ان يصوم
الثلاثة الأيام التي على المتمتع إذا لم يجد الهدى حتى يقدم إلى أهله قال يبعث بدم على وجوب الشاة انه ترك نسكا هو الصوم فيجب الدم لقوله
(ع) من ترك نسكا فعليه دم ولما تقدم في حديث منصور ولأنه صوم موقت وجب عليه وجه البدل فوجب تأخيره كفارة كقضاء رمضان احتج الشافعي
بأنه صوم يجب بفواته القضاء فلم يجب به كفارة كصوم رمضان ولأنه صوم بدل عن الهدي فإذا وجب قضاء والهدي فقد أوجب البدل والمبدل
أو ما هو مثل المبدل مع البدل وهذا لا يوجد مثله في الأصول والجواب لا نسلم وجوب القضاء لأنا قد بينا انه ينتقل فرضه إلى المبدل وهو الهدى
وهو الجواب عن الثاني على أن الواجب بتأخير الصوم ليس هو الهدى ولا مثله بل هو كفارة عما تركه من الصيام والكفارة عن الهدي ولان الهدى
إحدى الانعام والواجب شاة بعينها ولان الموجب ليس هو الواجب للهدى لان الموجب للكفارة هو ترك الصوم والموجب للهدى هو التمتع
فتغايرا مسألة ولو مات من وجب عليه الصيام ولم يصم بطل فان لم يكن قد تمكن من صيام شئ من العشرة سقط الصوم ولا يجب على
وليه القضاء عنه ولا يصدقه عن ذهب إليه علماؤنا وبه قال أكثر الجمهور والشافعي في أحد القولين وقال في الاخر يطعم عنه لنا ان الهذلا؟؟
يجب عليه لأنه غير واحد والصوم لأنه لم يقدر عليه قضاء كقضاء رمضان نعم يستحب للولي ان يقضى عنه لأنها عبادات فمن وجب عليه
قبل فعلها فشرع القضاء على الولي كما لو تمكن وان تمكن من فعل الجميع ولم يفعل قال الشيخ (ره) يقضي الولي عنه ثلاثة أيام وجوبا
ولا يجب قضاء السبعة وأوجب ابن إدريس قضاء الجمع على المولى وبه قال الشافعي في حكاية أبي إسحاق عنه وفي القول الاخر فيصدق عنه كقضاء
رمضان وهو قول الجمهور والحق عندي اختيار ابن إدريس انه صوم واجب لم يفعله من وجب عليه مع تمكنه من ذلك فوجب على وليه القضاء
عنه كرمضان وما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال من مات ولم يكن له هدى لمتعته فليصم عنه وليه ولان الشيخ (ره) وافقنا
على وجوب قضاء ما يفوت الميت من صيام وصلاة على الولي قال الشيخ (ره) هذه الرواية يعني بها الثلاثة الأيام فاما السبعة فليس على
أحد القضاء عنه إذا مات بعد الرجوع إلى أهله لما رواه الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل تمتع بالعمرة ولم يكن
له هدى فصام ثلاثة أيام في ذي الحجة ثم مات بعدما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيام على وليه ان يقضى عنه قال ما أرى عليه
قضاء والتفسير الذي ذكره الشيخ للرواية الأولى لا دليل عليه والرواية الثانية لا حجة فيها لاحتمال ان يكون موته قبل أن يتمكن من
746

الصيام ومع هذا الاحتمال لا ينبغي فيه دلالة على مطلوبه ولأنه صوم وجب بأصل الشرع فأشبه صوم رمضان اما لو لم يتمكن من صيام
السبعة أو تمكن من بعضها فإنه يجب على الولي ان يقضي ما يمكن الميت من فعله واخل به ويستحب له قضاء الباقي مسألة ولو
تمكن من صيام السبعة وجب عليه صيامها ولا يجزيه الصدقة عنها لان الصدقة بدل فلا يجزي مع التمكن من فعل المبدل عنه
كالتيمم وروى الشيخ عن موسى بن القسم عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن (ع) قال وكتب إليه أحمد بن القسم في رجل تمتع بالعمرة إلى الحج
فلم يكن عنده ما يهدي فصام ثلاثة أيام فلما قدم أهله لم يقدر على صوم السبعة الأيام وأراد أن يتصدق من الطعام فعلى من يتصدق من الطعام
فعلى من يتصدق فكتب لا بد من الصيام قال الشيخ (ره) قوله (ع) لم يقدر على الصوم يعني لا يقدر عليه الا بمشقة لأنه لو لم يكن قادرا
عليه على كل حال لما قال (ع) لا بد من الصيام مسألة ولو تلبس بالصوم ثم أيسر أو وجد الهدى قال الشيخ (ره) لا يجب الهدى بل
يستحب والظاهر من كلامه انه اشتراط صيام ثلاثة أيام وبه قال حماد والثوري وأطلق ابن إدريس ذلك به قال
الحسن وقتادة ومالك
والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وقال أبو حنيفة يجب عليه الانتقال إلى الهدى وكذلك إذا وجد الهدى بعد أن صام الثلاثة قبل يوم النفر
وان وجده بعد أن مضت أيام النحر أجزأه الصوم وإن لم يتحلل لأنه قد مضى زمان التحلل لنا قوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج
وسبعة إذا رجعتم مقتضاه وجوب الصوم على غير الواجد فلانتقال عنه إلى الهدى يحتاج إلى دليل لا يقال هذا يقتضي عدم الاجزاء بالهدي
وإن لم يدخل في الصوم ان دخل فيه لا يقول لو حليا والظاهر كحكمنا بذلك لكن الوفاق وقع على خلفه فبقي ما عداه على الأصل وأيضا
فإنه صوم دخل فيه لدم الهدى فإذا وجد الهدى لم يلزمه الخروج إليه كصوم السبعة لا يقال صوم السبعة ليس ببدل عن الهدى لأنا نقول إنه
مخالف لكتاب الله تعالى لاشتماله على ايجاز العدم الهدى كما أوجب الثلاثة ولأنها سقط بوجود الهدى وما رواه الشيخ في الصحيح عن
حماد عن عثمان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من منى قال أجزأه صيامه احتج
أبو حنيفة بأنه وجد المبدل قبل فراغه من البدل فأشبه المتيمم إذا وجد الماء في أثناء تيممه وإذا وجد الهدى قبل يوم النحر فقد وجد المبدل
قبل حصول المقصود بالبدل وهو التحلل والجواب الفرق فان المقصود من التيمم الصلاة ليس بمقصود في نفسه والصوم عبادة مقصودة يجب
ابتداء بالشرع لا لغيرها لا يقال قد روى الشيخ (ره) عن أبي بصير عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي
حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم قال بل يصوم فان أيام الذبح قد مضت لأنا نقول المراد به من صيام ثلاثة أيام ثم وجد ثمن
للهدى فعليه ان يصوم ما بقي على تمام العشرة وليس يجب عليه الهدى كذا ذكره الشيخ (ره) واستدل عله برواية حماد إذا عرفت هذا فإنما
قلنا إنه يستحب الرجوع إلى الهدى لأنه وجد البدل قبل انتهاء البدل فكان فعله أولى ويدل عليه ما رواه الشيخ عن عقبة خالد قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن رجل تمتع وليس معه ما يشتري هديا فلما ان صام ثلاثة أيام في الحج أيسر أيشتري هديا فينحره أو يدع ذلك ويصوم
سبعة أيام إذا رجع إلى أهله قال يشتري هديا فينحره فيكون صيامه الذي صامه ناقلة له مسألة ولو أحرم بالحج ولم يصم ثم وجد
الهدي تعين عليه الذبح ولا يجزيه الصوم وهو قول احمد في إحدى الروايتين والشافعي في أحد أقواله وقال أيضا فرضه الصيام وان اهدى
كان أفضل وقال قولا ثالثا ان عليه الهدى لا غير ولا يجزيه الصوم وهو الرواية الاخر عن أحمد والشافعي بناء أقواله على أقواله في الكفارات
هل الاعتبار فيها بحال الوجوب أو الأداء فان قلنا بحال الوجوب أجزأه الصيام وان قلنا بحال الأداء أو بأغلظ المحالين لزمه الهدي لنا
انه قدر على المبدل قبل شروعه في البدل فلزمه الانتقال إليه كالمتيمم إذا وجد الماء ولان البراءة القطعية حاصلة مع الهدي دون الصيام
فكان الذبح متعينا احتج المخالف بان الصيام استقر في ذمته لوجوبه حال وجود السبب المتصل بشرطه وهو عدم الهدى والجواب المنع
من الاستقرار قطعا نعم انه وجب بشرطه عدم القدرة على البدل مسألة لو تعين عليه الصوم وخاف الضعف عن القيام بالمناسك
يوم عرفه اخر الصوم إلى بعد انقضاء أيام التشريق للضرورة ولو لم يصم الثلاثة الأيام وخرج عقيب أيام التشريق صامها في الطريق
أو إذا رجع إلى أهله رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن متمتع لم يجد هديا قال يصوم
ثلاثة أيام في الحج يوم قبل يوم التروية ويوم عرفه قلت فان فاته ذلك فليتسحر ليلة الحسبة ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده قلت فان لم
يصم عليه حماله أيصومها في الطريق قال إن شاء صامها في الطريق وان شاء رجع إذا رجع إلى أهله إذا ثبت هذا فالأفضل تقديم صومها
في الطريق لان المسارعة إلى فعل العبادة أولى من تأخيرها ولا مانع عن ذلك إذ السفر لا ينافي صوم الثلاثة إذا لم يهل المحرم فاما ان أهل المحرم
فإنه يتعين عليه الهدى على ما قدمناه إذا لم يصم الثلاثة قال الشيخ (ره) ولو لم يصم الثلاثة لا بمكة ولا في طريق ورجع إلى بلده
وكان متمكنا من الهدى بعث به فإنه أفضل من الصوم قال (ر) والصوم بعد أيام التشريق يكون أداء لا قضاء وقد بيناه فلو أحرم
بالحج ولم يكن صام ثم وجد الهدى لم يجز له الصوم وتعين الهدى فلو مات وجب ان يشتري الهدى من تركته من أصل المال لأنه دين عليه ولا يعارض
747

ما تقدم من جواز صوم الثلاثة في الطريق ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال الصوم الثلاثة الأيام ان صامها
فاخرها يوم عرفه وإن لم يقدر على ذلك وليؤخرها حتى يصومها في أهله ولا يصومها في السفر قال الشيخ (ره) لأنه (ع) أراد لا يصومها
في السفر معتقدا انه لا يسعه غير ذلك بل يعتقد انه مخير في صومها في السفر وصومها إذا رجع إلى أهله فرع لو مات من وجب عليه
الهدى اخرج من أصل تركته لأنه دين الله تعالى فيخرج من الأصل مسألة من وجب عليه بدنه في كفارة أو نذر ولم يجد كان
عليه سبع شياة وذلك على الترتيب عندنا وعن أحمد روايتان أحدهما كذلك والأخرى على التخيير لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال
اتي النبي صلى الله عليه وآله فقال إن على بدنه وانا مؤسر لها ولا أجدها فاشتريها وأمره النبي صلى الله عليه وآله ان اتباع سبع شاة
فيذبحهن ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن داود الرقي عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يكون عليه بدنه وأحبه في؟ فداه؟
قال إذا لم يجد بدنه فسبع شياه فان لم يقدر صام ثمانية عشرين يوما بمكة أو في منزله والتعليق على عدم الوجدان يدل على الترتيب
ولان ذلك يدل عليها فلا يصار إليه مع وجود ها كسائر الابدال فاما مع عدمها فيجوز لما تقدم احتج احمد بان شاة معدولة بسبع
بدنه وهي أطيب لحما فكانت أولى والجواب المنع من المعادلة فروع الأول لو لم يتمكن من السبع شياه قال الشيخ (ره)
يصوم ثمانية عشر يوما وهو جيد لرواية داود عن الصادق (ع) الثاني لو وجب عليه سبع من الغنم لم يجزه بدنه وفرق
احمد بين وجوب السبع في جزاء الصيد وبين وجوبها في كفارة محظور فذهب إلى الجواز في الثاني لان الواجب ما استيسر من الهدى
وهو شاة أو سبع بدنه وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يشترك السبعة منهم في البقرة أو البدنة وذهب إلى المنع في الأدلة
ان سبع من الغنم أطيب لحما من البدنة فلا يعدل إلى الأدنى الثالث لو وجب عليه بقرة فالأقرب اجزاء بدنه لأنه أكثر لحما
وأوفر من الغنم ولو لزمه بدنه في غير لنذر وجزاء الصيد قال احمد اجزاء بقرة لما رواه جابر قال كنا ينحر البدنة عن سبعة فقيل له
والبقرة فقال وهل هي الامن البدن والحق خلاف ذلك وسيأتي ما في النذر فان نوى شيئا انصرف إلى ما نواه وان أطلق فالأقرب
الاجزاء فإنهما كان وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الثانية تتعين البدنة وهو قول الشافعي لأنها مبدل فاشترط عدمها والجواب
كونها مبدلا في بعض المواضع لا يقتضي كونها كذلك في النذر المطلق هذا إذا نذر الهدى اما لو نذر بدنه فسيأتي البحث فيه
البحث الثالث في الاحكام مسألة يجزي الهدى الواحد في التطوع عن سبعه نفر سوى كان من الإبل والبقر والغنم اجماعا
اما الهدى الواجب فذهب الشيخ (ره) في ثالث الخلاف إلى أنه لا يجزي إلا عن واحد مع المكنة ومع الضرورة كذلك ويتعين الصوم
على الفاقد منهم وبه قال ابن إدريس وهو مذهب مالك وقال الشيخ (ره) في الجمل والنهاية ومبسوط ولا يجزي مع الاختيار واحدا
لا عن واحد ويجوز مع الضرورة عن سبعة وعن سبعين وقال الشافعي يجوز للسبعة ان يشتركوا في بدنه أو بقرة سواء كان واجبا أو
تطوعا وسواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم وأراد الباقون اللحم وقال أبو حنيفة يجوز اشتراك السبعة في البدنة والبقرة إذا كانوا متقربين
كلهم تطوعا كان ا وفرضا ولا يجوز إذا لم يرد بعضهم القربة لنا عدم الاجزاء مع التمكن طريقة الاحتياط ولان وجوب الذبح متيقن
ولا يخرج المكلف عن عهدته بيقين الا بالانفراد وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال يجزي البقرة والبدنة
في الأمصار عن سبعة ولا يجزي بمنى إلا عن واحد وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال لا يجوز البدنة والبقرة إلا عن
واحد بمين وعلى الاخر مع الضرورة ما رواه الجمهور عن جابر قال نتمتع مع النبي صلى الله عليه وآله فذبح البقر عن سبعة مشترك فيها ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يجزي البقرة عن خمسة بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد وفي
الحسن عن حمران قال عزت البدن سنة بمنى حتى بلغت البدنة مائة دينار فسئل أبو جعفر (ع) عن ذلك فقال اشتركوا فيها قال قلت
كم قال ما خف فهي أفضل فقال قلت عن كم يجزي قال عن سبعين وعن سوادة العطان وعلي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا (ع)
قال قلنا له جعلنا فداك عزت الأضاحي علينا بمكة أفيجزي اثنين ان يشتركا في شاة قال نعم عن سبعين وعن أحمد بن محمد عن الحسن بن
علي عن رجل يسمى سواده قال كنا جماعة بمنى فعزت الأضاحي فنظرنا فإذا أبو عبد الله (ع) واقف على القطيع يساوم بغنم
ويماكسهم مكاسا شديدا ونحن ينظر فلما فرغ اقبل علينا قال أظنكم قد تعجبتم من مكاسي فقلنا نعم قال إن المغبون لا محمودا ولا مأجورا
لكم حاجة قلنا نعم أصلحك الله ان الأضاحي قد غرت علينا قال فاجتمعوا فاشتروا بقرة فيما بينكم قلنا فلا يبلغ بعقبنا قال فاجتمعوا فاشتروا شاة فاذبحوها فيما بينكم قلنا يجزي عن سبعة قال
نعم وعن سبعين وعلى حال الضرورة حمل الشيخ (ره) ما رواه يونس بن يعقوب في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن
البقرة يضحى بها فقال يجزي عن سبعة وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال البدنة والبقرة يجزي عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت
748

واحد ومن غيرهم وعن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن علي (ع) قال البقرة الجذعة يجزي عن ثلاثة من أهل بيت
واحد والمسنة يجزي عن سبعة نفر متفرقين والجزور يجزي عن عشرة متفرقين وفي الصحيح عن علي بن الريان بن الصلت عن أبي الحسن الثالث
(ع) قال كتبت إليه أسأله عن الجاموس عن كم يجزي في ضحية فجاء الجواب ان كان ذكرا فعن واحد وان كانت أنث فعن سبعة واستدل على هذا الجمع بما
رواه في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن قوم غلت عليهم الاضاعي (الأضاحي) وهم متمتعون وهم مترافقون ليسوا باهل
بيت واحد رفقه اجتمعوا في مصيرهم ومضربهم واحدا لهم ان يذبحوا بقرة فقال لا أحب ذلك الامن ضرورة ولان الاخبار والأدلة دلت على الاجزاء
على الضرورة يحصل التنافي ثم إن الشيخ (ره) تأول الأخبار الدالة على الأخير مع الضرورة أيضا بتأويل الاخر وهو حمل ما يجزي فيه
الواحد عن العدد الكثير بالتطوع واستدل على هذا الجميع بما رواه عن محمد الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن النفر يجزيهم البقرة
قال اما في الهدي فلا واما في الأضحى فنعم وهذا الكلام من الشيخ (ره) يدل على المذهب الذي اختاره ابن إدريس لكن نص قوله في
كتب فتاويه على ما قلناه عنه أولا فروع الأول كلما قل المشتركون في الهدى كان أفضل الزيادة النفع للفقراء ولحديث
حمران عن الباقر (ع) الثاني شرط علماؤنا في المشركين ان يكونوا أهل خوان واحد لحديث معوية بن عمار عن الصادق (ع) الثالث اشترط الشيخ (ره) في الخلاف ما اشترطه أبو حنيفة من اجتماعهم على إرادة التقرب سواء كانوا متطوعين أو
متفرقين أو بالتفريق وسواء اتفقت مناسكهم بان كانوا متمتعين أو قارنين أو اقترفوا وفيه نظر لان الجزاء المجزي لا ينقص قدره
بإرادة الشريك غير القربة فجاز كما لو اختلفت جهات القرب فأراد بعضهم المتعة والاخر الافراد ويجوزان يقسم اللحم لان القسمة تميز
الحقوق وليست بيعا مسألة الهدى على ضربين الأول التطوع مثل ان خرج حاجا أو معتمرا فساق معه هديا بينه انه نحره
بمنى أو مكة من غير أن يشعره أو يقلده فهذا لا يخرج عن ملك صاحبه بل هو باق على ملكية يتصرف فيه كيف يشاء من بيع أو هبة و
له ولده وشرب لبنه وان هلك فلا شئ عليه الثاني الواجب وهو قسمان أحدهما ما وجب بالنذر في ذمته والثاني وجب بغيره كهدى التمتع والدماء
الواجبة بترك واجب أو فعل محظور كاللباس والطيب والذي وجب بالنذر قسمان أحدهما ان يطلق النذر فيقول لله على أن اهدى بدنه أو بقره
أو شاة وحكمه حكم ما وجب بغير النذر وسيأتي والثاني ان يتبعه فيقول لله على أن اهدى هذه البدنة أو هذه الشاة فإذا قال زال ملكه
عنها وانقطع تصرفه في حق نفسه فيها وهي أمانة للمساكين في يده وعليه ان يسوقها إلى المنحر ويتعلق الوجوب منا بعينه دون ذمة صاحبه
بل يجب عليه حفظه وايصاله إلى محله فإذا تلف بغير تفريط منه أو سرق أو ضل كذلك لم يلزمه شئ لأنه لم يجب في الذمة وانما تعلق الوجوب
بالعين فيسقط بنقلها كالوديعة واما الواجب المطلق كدم التمتع وجزاء الصيد والنذر غير المعين وبه ذلك فعلى ضربين أحدهما ان
يسوقه ينوى به الواجب من غير أن يعينه بالقول فهذا لا يزول ملكه عنه الا بذبحه ودفعه إلى أهله والتصرف فيه بما شاء أنواع التصرف
كالبيع والهبة والأكل وغير ذلك لأنه لم يتعلق حق الغبر به فان تلف فمن ماله وان غاب لم يجزه ذبحه وعليه الهدى الذي كان واجبا عليه لان
وجوبه تعلق بالذمة فلا تبرأ منه الا بايصاله إلى مستحقه وجرى ذلك مجرى من عليه دين فحمله إليه فتلف قبل وصوله إليه الثاني ان يعين
الواجب عليه فيقول هذا الواجب على فإنه يتعين الوجوب فيه من غير أن يبرأ الذمة لأنه لو أوجب ندبا ولا هدى عليه لتعين فكذا إذا كان واجبا
فعينه ويكون مضمونا عليه فان عطب أو سرف أو؟ ضل؟ لم يجزه وعاد الوجود إلى ذمة كما لو كان عليه دين فاشترى صاحبه منه متاعا به فتلف
المتاع قبل القبض فان الدين تعود إلى الذمة ولان التعين ليس سببا في ابراء ذمته وانما تعلق الوجوب بمحل اخر فصار كالدين إذا رهن عليه رهنا
فان الحق يتعلق بالذمة والرهن فمتى تلف الرهن استوفي من الدين وان أثبت انه يتعين فإنه يزول ملكه عنه وينقطع تصرفه فيه وعليه ان يسوقه
إلى المنحر فان وصل نحره أجزأه والا سقط التعين ووجب عليه اخراج الذي في ذمته على ما قلناه وهذا كله لا نعلم فيه خلافا روى الشيخ
في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألت عن الهدى الذي يقلد أو يشعر ثم يعطب قال إن كان تطوعا فليس عليه غيره وان كان
جزاء أو نذرا فعليه بدله وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل اهدى هديا فأنكرت فقال إن كانت مضمونه
فعليه مكانها والمضمون ما كان نذرا أو جزا وله ان يأكل منها وإن لم يكن مضمونا فليس عليه شئ قال الشيخ (ره) قوله صلى الله عليه وآله وله
ان يأكل منه محمول على أنه إذا كان تطوعا لان الواجب لا يحول الأكل منه واستدل على ذلك بما رواه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
(ع) قال سألته عن الهدى إذا عطب قبل أن يبلغ للنحر أيجزي عن صاحبه فقال إن كان تطوعا فليجزه وليأكل منه وقد أجزء بلغ المنحر
أو لم يبلغ وليس عليه فداء وان كان مضمونا فليس عليه ان يأكل منه بلغ أولم يبلغ وعليه مكانه وعن حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله (ع) قال كل من ساق هديا تطوعا فعطب يديه فلا شئ عليه فنحره فيأخذ نقل التقليد فيعميها في الدم ويضرب به صفحه سنامه ولا تدل عليه وما كان
من جزا صيد أو نذر فيعطب فعل مثل ذلك وعليه البدل وكل شئ إذا دخل الحرم فعطب فلا يدل على صاحبه تطوعا أو غيره قال الشيخ (ره)
749

وليس هذا الحديث منافيا لما تقدم من أن عليه البدل بلغ أو لم يبلغ لان هذا الخبر محمول على أنه إذا عطب عطبا يكون دون الموت مثل انكسار
أو مرض وما أشبه ذلك فإنه ذا الحال على ما وضعناه يجزي عن صاحبه لما رواه في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته
عن رجل اهدى هديا وهو سمين فاصابه مرض وانعقاب؟؟ عينه أو انكسر فبلغ المنحر وهي حي فقال اذبحه وما جرى عنه قال (ره) يحتمل ان
يكون المراد به من لا يقدر على البدل لان هذه حالة فهو معذور فاما مع التمكن فلا بد له من البدل لما رواه في الصحيح عن عبد الرحمن بن
الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن رجل اشترى هديا لمتعة فاتى به منزله وربطه فانحل فهل ما يجزيه أو يعيد قال لا يجزيه الا ان يكونه لا قوة
به عليه فروع الأول لو ذبح الواجب غير المعين فسرق أو غصب بعد الذبح فالوجه الاجزاء وبه قال احمد والثوري وبعض أصحاب
مالك وأصحاب الرأي وقال الشافعي عليه الإعادة لنا انه أولى الواجب عليه فيرى منه كما لو فرقه لان الواجب هو الذبح والتفرقة ليست واجبة
لأنه لو خلى بينه وبين الفقراء أجزأهم وإن لم يفرقه عليهم ولهذا لما نحر النبي صلى الله عليه وآله البدن قال من شاء فليقطع احتج الشافعي بأنه
لم يوصل المحل الحق إلى مستحقه فأشبه ما لو لم يذبحه والجواب الفرق لان مع الذبح والتخلية يحصل فعل الواجب بخلاف المقيس عليه الثاني
الواجب غير المعين إذا عينه بالقول يعني ما قلناه فان عطب أو غاب عينا يمنع من الاجزاء لم يجزه ذبحه عما في ذمته لان الواجب عليه هدى
سليم ولم يوجد فعليه الابدال إذا ثبت هذا فإنه يرجع هذا الهدى التي ملكه فيضع به ما شاء من اكل أو بيع وهبة وصدقة وبه قال الشافعي
واحمد واسحق وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال مالك يأكل ويطعمهم من أحب من الأغنياء والفقراء ولا بيع منه شيئا لنا ما رواه الجمهور عن ابن
عباس قال وإذا ذهبت هديا واجبا فعطب فانحره بمكانه إن شئت واهده إن شئت وتقويه في هدى اخر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ
في الحسن عن علي الحلبي قال سألته عن الهدى الواجب إذا اصابه كسر أو عطب أبيعه صاحبه ويتعين بثمنه لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن
أحدهما (ع) قال سألته عن الهدى الواجب إذا اصابه كسر أو عطب أبيعه صاحبه ويتعين بثمنه في هديه قال لا يبيعه وان باعه تصدق بثمنه وليريد اخر
ولأنه قد تعلق به حق الفقراء بتعينه فكان عليه ذبحه كما لو عينه ابتداء وأوجب احمد في رواية ذبحه والأقرب حمل ما تلوناه من الرواية على
الاستحباب الثالث لو عين معينا عما في ذمته لم يجزه لان الواجب عليه سليم فلا يخرج عن العهدة الآية فهل يلزمه ذبح ما
عينه الوجه عدم اللزوم لان المتعين انما يجزي إذا وافق ما في الذمة فلهذا إذا حصلت المساواة قلنا بوجوب ذبح ما يعينه ولم يحصل
الشرط هنا الرابع تعين الهدى يحصل بقوله هذا هدى أو باشعاره أو تقليده مع نيته الهدى وبه قال الثوري واسحق ولا يحصله
بالشراء مع النية ولا بالنية المجردة في قول أكثر العلماء قال أبو حنيفة يجب الهدى ويتعين بالشراء مع النية لنا ان الأصل عدم التعين
فلا يصار إلى خلافه لغير دليل ولأنه إزالة ملك على وجه القربة فلم يجب بالنية كالعتق والوقف الخامس لو سرق الهدى من موضع
حرين اجزاء عن صاحبه وان أقام بدله فهو أفضل لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن عيسى عن غير واحد عن أصحابنا عن أبي عبد الله (ع)
في رجل اشترى شاة لمتعته فسرقت منه أو هلكت فقال إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل اشترى أضحية ماتت أو سرقت قبل أن يذبحها قال لا بأس وان أبدلها فهو أفضل وإن لم يشتر فليس عليه شئ
وعن إبراهيم بن عبد الله عن رجل سماه قال اشترى لي أبي شاة بمنى فسرقت فقال لي أبي ائت أبي عبد الله (ع) فسأله عن ذلك فاتيته فأخبرته
فقال لي ما ضحى بمنى شاة أفضل من شاتك وعن ابن خيله عن علي عن عبد صالح (ع) قال إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها وصارت في رحلك
قد بلغ الهدى محله السادس لو عطب الهدى في موضع لا يجد من يتصدق له عليه فلا ينحره ويكتب كتابا فيضعه عليه ليعلم الفقراء انه صدقه
لان يحليه غير منحور يصنع له ووضع الكتاب عليه ليعلم الفقراء انه لهم فينا ولونه ويعلم الأغنياء انه صدق فيحسبوه ولما رواه عن
عمر بن حفص الكلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل ساق اهدى فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه ولا من يعلمه انه هدى
قال ينحره ويكتب كتابا ويضعه عليه ليعلم من يمر به انه صدقه السابع إذا ضل الهدى فاشترى مكانه غيره ثم وجد الأول فصاحبه
بالخيار انشاء ذبح الأول وان شاء ذبح الأخير فان ذبح الأول جاز له بيع الاخر وان ذبح الأخير لزمه ذبح الأول أيضا ان كان
قد أشعره وإن لم يكن أشعره جاز له بيعه ويذبحها معا قال عمر وأبى وابن عباس وبه قال مالك والشافعي واسحق وقال أصحاب الرأي
يصنع بالأول ما شاء لنا ما رواه الجمهور عن عايشه انها أهدت هديين فأضلتهما فبعث إليها ابن الزبير هديين فجزتهما ثم عاد
الضأن لان؟؟ فيتخير بهما وقالت هذه سنة الهدى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن رجل اشترى كبشا فهلك منه قال يشتري مكانه أخرجت ثم وجد الأول قال إن كان جميعا قائمين فليذبح الأول وليبع
الأخير وان شاء ذبحه وان كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه ولان حق الله تعالى تعلق بهما اما جواز بيع الأخير فللرواية
ولان الثاني بدل عن الأول وقد وجد المبدل كالتيمم مع وجود الماء واما لو لم يشعر الأول فإنه يجوز له بيع لعدم تعيينه فلا تعلق
750

لحق الله تعالى به ولما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يشتري البدنة ثم يصل قبل أن يشعرها و
يفيدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر وجد هديه قال إن لم يكن أشعرها فهي من ماله انشاء نحرها وانشاء باعها وان كان أشعرها نحرها
الثامن إذا غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه لم يجزه رضي المالك أو لم يرض عوضه عنها أو لم يعوضه وقال أبو حنيفة يجزيه مع رضا
المالك لنا انه لم يكن في ابتدائه قربه فلا يصرفونه في انتهائه كما لو ذبحه للأكل ثم نوى به التقرب وكما لو أعتق تطوعا ثم نواه عن الكفارة
ولأنه فعل منهى عنه فلا يجزي به عن عهدة المأمور به لتضادها ورضاء المالك بعد وقوع الفعل لا يخرج الفعل عن وجهه الذي وقع عليه
التاسع لو ضل الهدى فوجد غيره فان ذبحه عن نفسه لم يجز عن واحد منها اما عن الذابح فلانه منهى عنه واما عن صاحبه فلعدم
النية وان ذبحه عن صاحبه فان ذبحه بمنى اجزاء عنه وان ذبحه بغيرها لم يجز عنه لما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في رجل يضل هديه فيجده رجل اخر فنحره قال إن كان نحره بمنى فقد اجزاء عن صاحبه الذي ضل عنه وان كان نحره في غير منى لم يجزه عن
صاحبه ولأنه مع الذبح عن صاحبه يحصل المقصود من الامر بالذبح فيخرج عن العهدة العاشر ينبغي لواحد الهدي الضال ان يعرفه
ثلاثة أيام فان عرفه صاحبه وان ذبحه عنه لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال إذا وجد الرجل هديا ضالا
فليعرفه يوم النحر واليوم الثاني والثالث ثم ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث الحادي عشر لو اشترى هديا فذبحه فاستعرفه
غيره وذكر أنه هدى ضل عنه وأقام بذلك شاهدين كان له لحمه ولا يجزي عن واحد منهما اما عن صاحبه ولعدم النية منه ومن الذابح منه
واما عن المشتري فلانه غير مالك ولصاحبه الغرم ما بين قيمته مذبوحا وحيا روى ذلك الشيخ (ره) عن محمد بن يعقوب عن عدة من
أصحابنا عن أحدهما (ع) في رجل اشتري هديا فنحره فمر بها رجل فعرفها فقال هذه بدنتي ضلت منى بالأمس وشهد له رجلان بذلك
فقال له لحمها ولا يجزي عن واحد منهما ثم قال ولذلك جرت السنة باشعارها وتقليدها إذا عرفت هذا الثاني عشر إذا عين
هديا صحيحا عما في ذمته فهلك أو غاب عينا يمنع من الجزا بغير تفريط لم يلزمه أكثرهما كان واجبا في ذمته لان الزايد لم يجب في الذمة
وانما تعلق بالعين فسقط بتلفهما كأصل الهدى إذا لم يجب بغير التعين وان أتلفه أو تلف بتفريطه قال قوم يجب مثل المعين لان الزايد تعلق
به حق الله تعالى فإذا فوته لزمه ضمانه كالهدى المعين ابتداء وعندي في ذلك تردد مسألة إذا ولدت الهدية كان ولدها بمنزلتها
في وجوب نحره أو ذبحه ولا فرق في ذلك بين ما عينه ابتداء وبين ما عينه بدلا عن الواجب في ذمته وقال بعض الجمهور يحتمل أن لا يبيعها
الولد فما عينه بدلا عن الواجب لنا ما رواه الجمهور عن المغيرة بن حذف قال أتى رجلا عليا (ع) بقرة قد أولدها فقال لا يشرب من لبنها الا
ما فضل عن ولدها وإذا كان يوم الأضحى ضحيت بها وولدها عن سبعة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن
خالد عن أبي عبد الله (ع) قال إن تنحر بدنك فاجلها مالا يضر بولدها ثم انحرهما جميعا قلت اشرب من لبنها وأسعى قال نعم ولأنه ولد هدي
وأحب فكان واجبا كالمعين ابتداء احتج بان الواجب في الذمة واحد فلا يلزمه اثنان والجواب انه بتعينه خرج عن ملكه فكان الولد تماما
ليس بملك فلا يكون ملكا لغير ابتداء فروع الأول لو تلفت المعينة ابتداء أو معينه وجب اقامه بدلها على ما قلناه من
التفصيل ووجب ذبح الولد أيضا لأنه تبعها في الوجوب حال اتصاله بها ولم يبيعها في زواله لأنه منفصل عنها فكان كولد المعينة إذا ردها
بالعيب لم يبطل البيع في الولد الثاني يجوز له شرب لبنه ما لم يضر به أو بولده لما رواه الجمهور في حديث علي (ع) فلما رواه الشيخ عن أبي
الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل لكم فيها منافع إلى أجل مسمى قال إن احتاج إلى ظهورها ركبها من غير أن
يعيب عليها وان كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها ولان بقاء اللبن في الضرع مضر به فان شرب ما يضر بالأم أو بالولد ضحية لأنه منهى عنه
وان كان صوفها يضربها بقاؤه أزاله وتصدق به على الفقراء ولا يجوز له التصرف فيه بخلاف اللبن لان اللبن لم يكن موجودا وقت التعين
بل يتجدد فلم يدخل في التعيين كالركوب وغيره من المنافع واما الصوف فإن كان موجودا حال ايجابها فكان واجبا معها الثالث
يجوز ركوب الهدى على وجه لا يضر به وبه قال احمد في إحدى الروايتين والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي وقال احمد في الرواية الأخرى
لا يجوز لنا ما رواه الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال اركبها بالمعروف إذ بحيت؟؟ إليها يحر حتى طهر أوما ورآه أبو هريرة وانس
ان رسو ل الله صلى الله عليه وآله وأي رجلا يسوق بدنه فقال اركبها وتلك في الثانية أو الثالثة ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث
أبي الصباح عن أبي عبد الله (ع) ولأنه نفع لا يضر بالهدى فكان سايغا كالمبني احتج المخالف بان حق الفقراء تعلق بها والجواب انه
لا يمنع منافعها كاللبن وكما في وقت الحاجة إلى الركوب مسألة من النية ان يأكل من هدى المتعة وبه قال ابن عمر وعطا و
الحسن واسحق ومالك واحمد وأصحاب الرأي وقال الشافعي لا يأكل منه لنا قوله تعالى فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر وما رواه الجمهور
751

ان أزواج النبي صلى الله عليه وآله تمتعن في حجة الوداع معه وأدخلت عايشه الحج على المعمرة فصارت قارنة ثم ذبح عنهن النبي البقر فأكلن من
لحومها وقالت عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله امر من لم يكن معه هدى إذا طاف بالبيت ان يحل فدخل عليها يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هذا فقيل
ذبح النبي صلى الله عليه وآله وروى مسلم ان النبي صلى الله عليه وآله امر من كل بدنه بنصفه فجعلت في قدر فأكل هو وعلي (ع) من لحمها وشربها
من مرقها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (غ) قال إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم قال لله فكلوا
منها وأطعموا القانع والمعتر فقال القانع الذي يقنع بما أعطيته والمعتر الذي تعريك والسائل الذي يسألك في بدنه والبائس
الفقير وفي الصحيح عن صفوان وابن أبي عمر وجميل بن دراج وحماد بن عيسى وجماعة ممن روينا عنه من أصحابنا عن أبي جعفر (ع) وأبي
عبد الله (ع) انهما قالا إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمران يؤخذ من كل بدنه نصفه فامر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وطبخت فأكل
هو وعلي (ع) وحسوا من المرق وقد كان النبي صلى الله عليه وآله أشركه في هديه وعن علي بن أسباط عن أبي عبد الله (ع) قال رأيت أبا الحسن
الأول (ع) دعا ببدنه فنحرها فلما ضرب الجزارون عرافيها فوقعت على الأرض وكشفوا شيئا من سنامها قال اقطعوا وكلوا فان الله عز وجل
يقول فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا ولأنه دم نسك فأشبه التطوع احتج الشافعي بأنه هدى وجب بالاحرام فلم يجز الأكل منه كدم
الكفارة والجواب القياس لا يعارض نص القران مع وقوع الفرن وهو ان دم المتعة دم النسك بخلاف الكفارة فروع الأول
ينبغي ان يقسم أثلاثا يأكل ثلاثة ويتصدق على الفقراء بثلاثة وهذا على جهة الاستحباب ولو اكل دون الثلث كان سابقا روى الشيخ في
الصحيح عن صيف النجار قال قال أبو عبد الله (ع) ان سعد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي إلي فقال إني سقت فكيف اصنع فقال واني أطعم
أهلك ثلثا وأطعم القانع والمعتر ثلثا وأطعم المساكين ثلثا فقلت المساكين هم السؤال فقال نعم والقانع انه يقنع بما أرسلت إليه من
البضعة فما فوقها والمعتر ينبغي له أكثر من ذلك وهو أعني من القانع يعتر بك فلا يسألك وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن الهدى ما يأكل منه الذي يهديه في متعة وغير ذلك فقال كما يأكل من هديه الثاني قال بعض علمائنا
بوجوب الأكل وقال آخرون باستحبابه والأول قوى للآية الثالث لو قلنا بوجوب الأكل لم يضمن بتركه ويضمن لو تركت
الصدقة ثلاثة لأنه المطلوب الأصلي من الهدى وهل يضمن لو أخل بالاهداء الأقرب انه ان كان الاخلال سبب اكله ضمن وإلا فلا
مسألة ولا يجوز له الأكل من كل واجب غير هدى التمتع ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال الشافعي الا في جواز
الأكل من دم المتعة
على ما بينا خلافه أو لا وعن أحمد رواية يناسب مذهبنا لأنه جواز الأكل من دم المتعة والقران ولا غير ودم القران عندنا غير واجب فيجوز الأكل منه عندنا
لأنه تطوع فلا خلاف بيننا وبينه في الحكم وان اختلفنا نحن وإياه في العلة وبه الرواية عن أحمد قال أصحاب الرأي وعن أحمد
رواية ثالثة لأنه لا يأكل من النذر وجزاء الصيد ويأكل مما سواهما وبه قال ابن عمر والعطا والحسن البصري واسحق وقال ابن أبي
موسى لا يأكل أيضا من الكفارة ويأكل ما سوى هذه الثلاثة ونحوه مذهب مالك لنا ان جزاء الصيد بدل والنذر جعله الله تعالى والكفارة
عقوبة فلا يناسب جواز التناول ولان وجوب الاخراج ينافي جواز الأكل حرما إلى خلافه في هدى المتعة فبقي على الأصل ولما رواه
الشيخ عن أبي بصير قال سألت عن رجل اهدى هديا فانكسر قال إن كان مضمونا والمضمون ما كان في غير يعنى نذرا أو جزاء فعليه فداؤه قلت
يأكل منه قال لا انما هو للمساكين وإن لم يكن مضمونا فليس عليه شئ قلت أيأكل منه قال يأكل منه وفي الحسن عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه فقال يأكل من أضحيته ويتصدق بالفداء وعن عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الهدى
ما يأكل منه شئ بهديه في المتعة وغير ذلك قال كل هدى من رمضان الحج فلا يأكل وكل هدى من تمام الحج فكل لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح
عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله (ع) قال يوكل من الهدى كله مضمونا كان ان غير مضمون وعن جعفر بن بشير عن أبي عبد
الله (ع) قال سألت عن البدن الذي يكون الاجزاء الايمان والنساء ولغيره يوكل منها قال نعم يؤكل من البدن لأنا نقول إنه
محمول على حالة الضرورة ويجب عليه لما يأتي فروع الأول هدى التطوع يستحب الأكل منه بلا خلاف لقوله تعالى فكلوا
منها وأقل مراتب الامر الاستحباب ولان النبي صلى الله عليه وآله وعليا صلى عليهما والهما اكل من بدنهما قال جابر كنا نأكل من بدننا
فوق ثلث فرخص لنا النبي صلى الله عليه وآله فقال كلوا وتزودوا فأكلنا فتزودوا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سنان بن محمد عن أبيه قال إذا
اكل الرجل من الهدى تطوعا فلا شئ عليه وعن السكوني عن جعفر قال إذا اكل الرجل من الهدى تطوعا فلا شئ عليه وان كان واجبا
فعليه قيمة ما كان ولأنه لا يزيد على مرتبة الواجب وقد سن الأكل من هدى المتعة مع وجوبه الثاني لو لم يأكل من التطوع لم يكن
به بأس بلا خلاف لان النبي صلى الله عليه وآله لما نحر البدنات الخمس قال من شاء اقتطع ولم يأكل منهن شيئا وينبغي له ان يأكل اليسير
منها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وان اكل كثيرا كان جايزا وان اكل الجميع ضمن المشروع للصدقة منها الثالث
752

لو أكل منها منع من الأكل منه ضمنه بمثله لحما لان الجملة مضمونه بمثلها من الحيوانات فكذا أبعاضها الرابع لو أطعم غنيا من ماله الأكل
منه كان جايزا لأنه يسوغ له اكله فيسوغ له هديته ولو باع منه شيئا أو أتلفه بمثله لأنه ممنوع من ذلك كما منع من عطية الجزاء وإذا أتلف
أجنبي منه شيئا ضمنه بقيمته لان المتلف من غير ذوات الأمثال فلزمته قيمته كما لو أتلف لحما لآدمي معين وفي حديث السكوني عن الباقر (ع)
دلالة على وجوب القيمة على من اكل مسألة الدماء الواجبة بنص القران أربعة أحدها دم التمتع وهو مرتب بنص القران قال الله
تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم الثاني دم الحلق وهو على التخيير
قال الله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وقال (ع) لكعب بن عجزه احلق رأسك شاة أو صم ثلاثة
أيام أو تصدق بثلاثة إصبع على ستة مساكين الثالث هدى الجزاء وهو على التخيير خلا للشيخ (ره) قال الله تعالى ومن قتله منكم
متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما وسيأتي البحث
منع النسخ في ذلك الرابع هدى الاحصار قال الله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى والهدى فيه واجب على التعيين ولا بدل له
وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وفي الأخرى له بدل وبه قال احمد لنا قوله تعالى فما استيسر من الهدى والأصل عدم البدل
وسيأتي البحث فيه انشاء الله تعالى مسألة قد بينا ان ما يساق في احرام الحج يذبح أو ينحر بمنى وما يساق في احرام العمرة ينحر أو يذبح
بمكة وما يلزم من فداء ينحر بمكة ان كان معتمر أو بمنى ان كان حاجا وبينا الخلاف فيه إذا عرفت هذا فإنه يجب بفرقته على مساكين الحرم
لما بيناه فيما تقدم وهم من كان في الحرم من أهله أو من غير أهله من الحاج وغيرهم ممن يجوز دفع الزكاة إليه وكذا الصدقة مصرفها مساكين الحرم
واما الصوم فلا يختص بمكان دون غيره بغير خلاف تعلمه لأنه لا يتعدى منع إلى أحد فلا معنى لتخصيصه بمكان ولو دفع إلى من ظاهره الفقر
فبان غنيا فالوجه الاجزاء وللشافعي قولان وما يجوز تفريقه في غير الحرم لا يجوز دفعه إلى فقراء أهل الذمة وبه قال الشافعي واحمد وأبو ثور
وقال أصحاب الرأي يجوز لنا انه كافر متمتع من الدفع إليه كالحربي ولو نذرها هديا مطلقا أو معينا وأطلق مكانه وجب صرفه في فقراء
الحرم وجوز أبو حنيفة ذبحه حيث شاء كما لو نذر الصدقة بشاة لنا قوله تعالى ثم محلها إلى البيت العتيق ولان اطلاق النذر بتعرف إلى المعهود
شرعا والمعهود في الهدى الواجب ذبحه في الحرم ولا غير موضعه فإن كان في الحرم ولا غير موضعه فإن كان في الحرم تعين وفرق على مساكينه
ولو عين غير الحرم مما ليس فيه صنم أو شئ من أنواع الكفر والمعاصي كبيوت البيع والكنايس وأشباهها جاز لان رجلا اتي النبي صلى الله عليه وآله
فقال إني نذرت ان انحر بثوابه قال إنها صنم قال لا قال أوف بنذرك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إسماعيل الارزق
قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل جعل الله عليه بدنه ينحرها بالكوفة في سكره فقال لي عليه ان ينحرها حيث جعل لله عليه وإن لم يكن سمى
بلدا فإنه ينحرها في فناء الكعبة منحر البدن واستفسار النبي صلى الله عليه وآله يدل على المنع فيما ذكرنا من حيث المفهوم ولأنه نذر في معصية
فلا يوفي به لقول النبي صلى الله عليه وآله لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن ادم فرع لو لم يتمكن من ايصاله إلى المساكين بالحرم لم يلزمه
أيضا له السهم لقوله لا يكلف الله نفسا الا وسعها ولو منع الناذر من ايصاله بنفسه وأمكنه الانفراد وجب مسألة وليسن بقليل الهدى
وهو ان يجعل في رقبته نعلا وينبغي ان يكون مما صلى فيه سواء كانت إبلا أو بقرا أو غنما وبه قال احمد وقال مالك وأبو حنيفة لم يسن تقليد
الغنم لنا ما رواه الجمهور عن عايشه قالت كنت اقبل الفلا يد النبي صلى الله عليه وآله فيقلد الغنم ويقيم في أهله ومن طريق الخاصة ما رواه
ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن الباقر (ع) قال كان الناس يقلدون الغنم والبقر وانما تركه الناس حدثا ويقلدون بخيط أو بسر
ولأنه هدى فليس تقليده كالإبل ولان الإبل يمكن بعرفه انها صدقه بالاشعار بخلاف الغنم فكان تقليد الغنم أولى احتج أبو حنيفة بأنه لو كان
مسنونا البقل كابل والجواب قد بينا نقله مسألة وليس اشعار الإبل خاصة وهوان يشق صفحه سنامها من الجانب الأيمن ويلطخ
بالدم ليعرف انه صدقه ذهب إليه علماؤنا اجمع وقال عامة أهل العلم بمشروعية الاشعار للإبل والبقر أيضا وقال أبو حنيفة لا يجوز وقال مالك
ان كانت البقرة دات سنام فلا بأس اشعارها وإلا فلا لنا ما رواه الجمهور عن عايشه قالت قلت؟ قلايد؟ هدى النبي صلى الله عليه وآله ثم
أشعرها وقلدها ورواه ابن عباس وفعله الصحابة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن البدن كيف يشعر فقال الشعر وهي باركه يشق سنامه الأيمن احتج أبو حنيفة بأنه مثلا فلا يجوز لان النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن تعذيب الحيوان ولأنه إيلام فهو كقطع عضو منه والجواب ان الحديث مخصوص بفعل النبي صلى الله عليه وآله وفعل الصحابة و
لأنه إيلام لغرض صحيح فكان جايزا كالذبح والكي والوسم والقصد والغرض هنا أن لا يختلط بغير ها ان يتناولها للمساكين إذا
وصلت وان يتوفاها اللصوص وقد لا يحصل ذلك بالتقليد إذا عرفت هذا فعندنا ان البقر لا يشعر بل يقلد كالغنم لأنه لا سنام لها
كالإبل فأشبهت الغنم ولما تقدم ولا يشعر الغنم أيضا لأنها ضعيفة وصوفها ستر اشعارها فرع قد بينا ان الاشعار يكون في صفحه
753

السنام من الجانب الأيمن وبه قال الشافعي واحمد وأبو ثور وقال مالك وأبو يوسف بل يشعر في صفحتها اليسري وهو رواية عن أحمد لنا
ما رواه الجمهور عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله صلى بذي الحليفة ثم دعا ببدنه وأشعرها من صفحة سنامها الأيمن وسلمت الدم عنها
بيده ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث أبي الصباح عن الصادق (ع) ويشق سنامها الأيمن وغيره من الأحاديث ولان النبي صلى الله
عليه وآله كان يحب التيامن في شأنه كله احتج المخالف بان ابن عمر فعله والجواب فعل النبي صلى الله عليه وآله هو الحجة فلا يفسد بفعل غيره
إذا ثبت هذا فلو كانت بدنا كثيرة دخل بينهما وشق سنام أحد البدنيين من الجانب الأيمن والاخر من الأيسر لما تقدم مسألة
قد بينا ان النحر والذبح يجب يوم النحر بمنى وذكرنا الخلاف فيه إذا عرفت هذا فإنه يجب مقدما على الحلق عقيب الرمي لما رواه الشيخ عن
عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك الحديث وسيأتي البحث فيه انشاء الله فان اخره عن الحلق اثم واجزاء
عنه وكذا لو ذبحه بقية ذي الحجة جاز مسألة قد بينا ان الهدى الواجب لا يجوز ان يأكل منه الا هدى المتمتع اما الهدى التطوع
به فإنه يستحب ان يأكل ثلاثة ويتصدق ثلاثة ويهدي ثلاثة كهدى المتمتع قال علماؤنا وبه قال الشافعي في القديم وله قول آخر انه يأكل النصف
ويتصدق بالنصف لنا قوله تعالى فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر امر بالأكل واطعام ضيفي فاستحبت التسوية بينهم فكان أثلاثا
فرع لو اكل الجميع في التطوع لم يضمن شيئا وهو قول ابن عباس وقال باقي الشافعية تضمن واختلفوا فقال قوم تضمن القدر الذي
لو تصدق اجزاؤه قال آخرون يضمن القدر المستحب ان النصف والثلث على الخلاف بينهم قال أبو حامد الأسفرايني القول قول
أبي العباس وهو التفريع على قول الشافعي في النذر المطلق وغلط أصحابنا فنقلوا من مسألة إلى مسألة لنا انه غير واجب في الأصل لو
أخل به لم يضمن فكذا بعد الذبح لان الأصل عدم الوجوب وبراءة الذمة مسألة لو نذر هديا بعينه زال ملكه عنه وانقطع تصرفه فيه ولا يجوز له بيعه واخراج بدله قال علماؤنا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة اخراج بدله لنا ما رواه الجمهور عن
سليمان بن عبد الله عن أبيه قال اهدى عمر بن الخطاب بحيثا؟؟ فأعطى بها ثلاثمائة دينار فاتي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول
الله إني أهديه بحيثا؟؟ فأعطيت بها ثلاثمائة دينار فأبيعها واشترى بثمنها بدنا قال لا انحرها ولان النذر تعلق بالعين فيجب اخراجها
لقوله تعالى أوفوا بالعقود وللاحتياط احتج بان القصد نفع المساكين والجواب هذا التعليل باطل لأنه يرجع إلى أصله بالابطال
مسألة ولا ينبغي ان يأخذ من جلود الانعام المهدية شيئا بل يتصدق بها ولا يعطها الجزار أيضا رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله الأمهات المؤمنين بقره بقرة ونحر هو ستة وستين بدنه ونحر على
أربعة وثلثين بدنه ولم يعط الجزارين من جلالها ولا قلائدها ولا جلودها ولكن تصدق به وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال سألت عن الإهاب فقال تصدق بها ويجعله مصلا ينتفع به في الثلث ولا يعطي الجزارين وقال نهى رسول الله
صلى الله عليه وآله ان يعطي جلالها وجلودها وقلايدها والجزارين وأمر ان يتصدق بها لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار
عن أبي إبراهيم (ع) قال سألته عن الهدى أيخرج شئ منه عن الحرم فقال بالجلد والسنام والشئ ينتفع به قلت بلغنا عن أبيك أنه قال
لا يخرج من الهدى المضمون شيئا قال يخرج بالشئ ينتفع به وزاد فيه أحمد بن محمد ولا يخرج شئ من اللحم من الحرم لأنا نقول إنه محمول
على من تصدق بثمنها لما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن
ضحا بها ان يجعلها جرابا الا ان يتصدق بثمنه مسألة قد بينا انه يجب تقديم الذبح قبل الحلق ورواه الشيخ عن جميل
عن أبي عبد الله (ع) قال يبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق وفي العقيقة بالحلق قبل الذبح إذا عرفت هذا فلو فعل خلاف ذلك ناسيا لم يكن
عليه شئ لقوله (ع) ربع عن أمتي الخطاء والنسيان ولما رواه الشيخ في الحسن عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق قال لا ينبغي الا ان يكون بأسا ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله اتاه أناسا يوم النحر فقال
بعضهم يا رسول الله حلقت قبل أن اذبح وقال بعضهم حلقت ان أرمي فلم تركوا شيئا كان ينبغي ان يؤخر الا قدموه فقال لا حرج وروى
ابن بابويه في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسي ان يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثم نحرها قال لا بأس
قد أجزء عنه إذا عرفت هذا فلا يجوز ان يحلق ولا ان يزور البيت الا بعد الذبح وان يبلغ الهدى محله وهي منى يوم النحر بان يشتريه
ويجعله في رحله بمنى الا ان وجوده في رحل في ذلك الموضع بمنزله الذبح ولما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا
اشتريت أضحيتك وقمطيها وصارت في جانب رحلك فقد بلغ الهدى محله فان أحبت ان يحلق فاحلق وعن موسى بن القسم عن علي (ع) قال
لا يحلق رأسه ولا يزور حتى يضحى فيحلق رأسه ويزور متى شاء فصل قال الشيخ (ره) من يمنع عن أمه وأهل يحجه عن أبيه
فهو بالخيار في الذبح ان فعل فهو أفضل وإن لم يفعل فليس عليه شئ لما رواه الحرث بن المغيرة عن أبي عبد الله (ع) في رجل يمنع عن أبيه
754

قال إن كان ذبح فهو خير له وإن لم يذبح فليس عليه شئ لأنه انما يمنع عن أمه وأهل بحجه عن أبيه مسألة قد بينا ان غير المتمتع لا يجب عليه
الهدى فالقارن لا يخرج هديه عن ملكه وله ابداله والتصرف فيه وان أشعره أو قلده لا تخير واجب عليه لكن متي ساقه فلا بد من نحره بمنى ان كان
الاحرام الحج وان كان للعمرة فبفناء الكعبة للموضع المعروف بالجزورة ولو هلك لم يضمنه اما لو كان مضمونا كالكفارات فإنه يجب إقامة
بدله ولو عجز هدى السياق عن الوصول إلى مكة أو منى جاز ان ينحر أو يذبح ويعلم مما يدل على أنه هدى ولو اصابه كسر جاز له بيعه وينبغي ان
يتصدق بثمنه أو يقيم بدله لأنه عوض عن هدى مستحب ولو نذر هدى السياق تعين ولا يتعين بدونه ولو سرق من غير تفريط لم يضمنه ولو ضل
فذبحه غير صاحبه عن صاحبه اجزاء عنه ولو ضل فأقام بدله ثم وجد الأول ذبحه ولم يجب ذبح الأخير ولو ذبح الأخير ذبح الأول استحبابا ما لم
يكن منذورا فإنه يجب ذبحه ويجوز ركوب الهدى ما لم يضر بولده ويستحب ان يأكل من هدى السياق ثلاثة كهدى التمتع وكذا يستحب من الأضحية
وأكثر هذه الأحكام قد بيناها فيما سلف
البحث السادس في الضحايا الضحايا جمع ضحية كهدية وهدايا والأضاحي جمع أضحية
كأمينه وأماني وأضحى جمع أضحاه كارطاه وارطي لضرب من الشجر وهي مستحبة قال الله تعالى وضل لربك وانحر قيل في التفسير انه الأضحية بعد
صلاة العيد وروى انس عن النبي صلى الله عليه وآله انه ضحى بكبشين أقرنين أملحين والأقرن معروف وهو ماله قرنان قال أبو عبيدة و
ملح ما فيه سواد وبياض والبياض أغلب وقال ابن الأعرابي الأملح الأبيض النقي البياض وروى أن النبي صلى الله عليه وآله ضحى بكبش
اقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويركب في سواد فاتى به فضحى به فاضجعه واذبحه وقال بسم الله اللهم تقبل من محمد وال محمد وجائت أم سلمة (ر)
عنها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله يحضر الأضحى وليس عندي ثمن الأضحية فاستقرض وأضحى قال فاستقرض فإنه دين
يقضي وروى ابن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه ضحى بكبشين ذبح واحدا بيده فقال اللهم هذا عني وعن من يضح من أمتي
أهل بيتي وذبح الاخر وقال اللهم هذا عني وعن لم يضح وكان أمير المؤمنين (ع) يضحى عن رسول الله صلى الله عليه وآله كل سنة
بكبش فيذبحه ويقول بسم الله وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
لله رب العالمين اللهم منك ولك ثم يقول اللهم هذا عن نبيك ثم يذبحه ويذبح كبشا اخر عن نفسه مسألة قال علماءنا
الأضحية سنة مؤكدة وليس واجبة وهو قول أبي بكر وعمر وابن مسعود عن البدري وابن عباس وابن عمر وبلال وهو سويد بن غفلة وذهب
إليه سعيد بن جبير وعطا وعلقمة والأسود واحمد واسحق وأبو ثور والشافعي والمزني وابن المنذر وقال ربيعه انها واجبة وبه قال
مالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأصحاب الرأي لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال كتب
على النحر ولم يكتب عليكم ولان الأصل عدم الوجوب احتجوا بما رواه أبو رمله عن نحيف بن سليمان النبي صلى الله عليه وآله قال على
أهل كل بيت في كل عام أضحية وعشيرة والجواب ان أصحاب الحديث قد ضعفوا هذه الخبر ويدل على ضعفه انه أوجب عشيرة وهي ذبيحة كانت
الجاهلية يذبحها في رجب وأيضا فهو محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة وكذا يحمل على الاستحباب ما رواه الأصحاب في هذا الباب
كرواية ابن بابويه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال الأضحية واجبة على من وجد من صغير أو كبير وهي ستة وعن العلاء بن الفضيل
عن أبي عبد الله (ع) ان رجلا سأله عن الأضحى فقال هو واجب على كل مسلم الا من لم يجد فقال له السائل فما ترى في العيال
قال إن شئت فعلت وإن شئت لم يفعل فاما أنت فلا تدعه مسألة والهدى يجزي عن الأضحية والجمع بينهما أفضل لأنه دم ذبح في النسك في وقت الأضحية فكان مجزيا عنها ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال
يجزيك من الأضحية هديك مسألة وأيام الأضحى بمنى أربعة يوم النحر وثلاثة أيام بعده وفي غير منى من الأمصار ثلاثة أيام يوم
النحر ويومان بعده ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال سعيد بن جبير وقال الحسن وعطا انها أربعة أيام مطلقا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
ومالك والثوري ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده مطلقا وقال محمد بن سيرين لا يجوز الأضحية الا في يوم الأضحى خاصة لنا ما رواه
الجمهور عن جبير بن مطعم ان النبي صلى الله عليه وآله قال عرفه كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرفه وأيام من كلها منحر ومن طريق الخاصة ما
رواه ابن بابويه عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الأضحى في سائر البلدان قال ثلاثة أيام وقال لو أن رجلا
قدم إلى أهله بعد الأضحى بيومين ضحى اليوم الثالث الذي قدم فيه ورواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال
ابن بابويه وقد روى أن الأضحى ثلاثة أيام وأفضلها أولها وهذه الرواية رواها الشيخ عن غياث عن جعفر عن أبيه (ع) عن علي
(ع) قال الأضحى ثلاثة أيام وأفضلها أولها وهذه الرواية محمولة على الأيام التي بعد النحر أو على انها عدتها ثلاثة في الأمصار توفيقا
بين الاخبار ومع ذلك في الطريق ضعف وقد روى الشيخ وابن بابويه معا عن كليب الأسدي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن النحر فقال
اما بمنى فثلثة أيام واما في البلدان فيوم واحد وتساولا؟؟ معا هذه الرواية بان أيام النحر التي لا يجوز صومها بمنى ثلاثة أيام وفي سائر
755

البلدان يوم واحد لان ما بعد يوم النحر في سائر الأمصار ويجوز صومه ولا يجوز بمنى الا بعد ثلاثة أيام وهذا التأويل جيد ويدل
عليه أيضا ما رواه الشيخ وابن بابويه معا عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول النحر بمنى ثلاثة أيام فمن أراد الصوم
لم يصم حتى يمضى الثلاثة الأيام والنحر بالامصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغدو كذا حمل الشيخ الرواية التي رواها في الحسن
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال الأضحى يومان بعد يوم النحر بمنى ويوم واحد بالامصار احتج أبو حنيفة بان التقدير لا يثبت الا
بتوفيق أو ايقاف واحدهما غير ثابت في اليوم الرابع احتج ابن سيرين بان يوم الأضحى اختص بتسمية الأضحى دون غيره فاختص بها و
والجواب عن الأول ان اليومين الأولين لم يثبت الايقاف فيهما وقد بينا وجود النقل فيهما وفي اليوم الرابع فالوجه الذي يثبت به
الأولين ثبت به الرابع فلا وجه للتخصيص وأيضا فالقياس يدل عليه لان اليوم الرابع يثبت فيه الرمي كأولين وعن الثاني ان الاختصاص
بالاسم لا يوجب ذلك بانفراده بالأضحية كالرمي في يوم الأضحى وان اختصت أيام التشريق بأنه أيام منى فرع لو فاتت هذه الأيام
فان كانت الأضحية واجب بالنذر وشبهه لم يسقط وجوب قضاؤها لان لحمها مستحق للمساكين فلا يخرجون عن الاستحقاق بفوات
الوقت وان كانت غير واجبة فقد فات ذبحها فان ذبحها لم يكن أضحية فان فرق لحمها على المساكين استحق الثواب على التفرقة دون
الذبح اخر وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى بقدر صلاة العيد والخطبتين سواء صلى الامام أو لم يصل وقال الشافعي تعين قدر
صلاة النبي صلى الله عليه وآله وكان (ع) يصلي في الأولى بقاف وفي الثانية باقتربت الساعة وقال عطا وقتها إذا طلعت الشمس و
قال أبو حنيفة ومالك واحمد ومن شرط الأضحية ان يصلي الامام ويخطب الا ان أبا حنيفة يقول أهل السواد يجوز لهم الأضحية إذا
طلع الفجر لان عنده لان عند عليهم لنا انها عبادة مملو اخر وقتها بالوقت فيتعلق اوله بالوقت كالصوم والصلاة واحتج أبو حنيفة و
أصحابه بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أول نسكنا في يومنا هذا الصلاة ثم الذبح فمن ذبح قبل الصلاة فتلك شاة فذبحها
لأهله والجواب انا نقول به لأنه (ع) كان لا يؤخر الصلاة عن وقتها مسألة الأيام المعدودات أيام التشريق اجماعا
والأيام المعلومات عشرة أيام من ذي الحجة اخرها غروب الشمس من يوم النحر ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال علي (ع) وابن عباس و
ابن عمرو الشافعي وقال مالك ثلاثة أيام أولها يوم النحر فجعل أول التشريق ثانيها من المعدودات والمعلومات وروى عن علي (ع) أربعة أيام
أولها يوم عرفه وقال سعيد بن جبير المعدودات هي المعلومات لنا ان اختلاف الاسمين يدل على تغايرهما لان الترادف على خلاف
الأصل ولان النص عندنا يدل عليه إذا ثبت هذا فإنه يجوز الذبح عندها في يوم الثالث من أيام التشريق وبه قال الشافعي وقال أبو
حنيفة ومالك لا يجوز لأنه ليس من المعلومات وقد تقدمت هذه المسألة ومما يؤيده بيانا ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
انه نهى عن صيام أيام التشريق وقال إنها أيام اكل وشرب وبعال وفي رواية انها أيام اكل فشرب وذكروا في رواية انها أيام اكل وشرب
وذبح وثبت بذلك ان الثالث من أيام الذكر والذبح معا وعند أبي حنيفة ان الثالث ليس من أيام الذكر ولا الذبح مسألة
لا يكره لمن دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحى ان يحلق رأسه أو يقلم أظفاره ولا يحرم ذلك أيضا بل هو جايز وبه قال
أبو حنيفة وقال الشافعي انه مكروه وقال احمد واسحق يحرم عليه لنا انه لا يحرم عليه الوطي والطيب واللباس فكذلك حلق الشعر وتقليم
الأظفار احتج احمد بما روى عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا دخل العشر أراد أحدكم ان يضحى فلا يمس من شعره ولا
يره شيئا وظاهر النحر يقتضي التحريم والجواب انه جزء واحد فيما يعم به البلوي فلا يقبل ومع ذلك فهو معارض بما رواه الجمهور عن
عايشة قال كنت اقبل قلايد هدى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يقلدها هو بيده ثم يبعث بها مع أبي بكر فلا يحرم عليه شيئا أحله الله له
حتى ينحر الهدى مسألة روى علماؤنا ان من ينفذ من أفق من الآفاق هديا فإنه يواعد أصحابه يوما يقلدونه فيه أو يشعرونه
ويجتنب هو ما يجتنب المحرم فإذا كان يوم واقعهم على نحره أو ذبحه حل مما يحرم منه وهو مروي عن ابن عباس وخالف جميع الجمهور
في ذلك واحتج الشيخ (ره) باجماع الفرقة وبان الأصل جوازه والمنع يحتاج إلى دليل ولم يوجد ورواه ابن بابويه في الصحيح عن معوية بن
عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يبعث بالهدى تطوعا وليس بواجب فقال يواعد أصحابه يوما فيقلدونه فإذا كان تلك
الساعة اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر فإذا كان يوم النحر اجزاء عنه فان رسول الله صلى الله عليه وآله حين صدره المشركون
يوم الحديبية نحره وأحل ورجع إلى المدينة وقال الصادق (ع) ما يمنع أحدكم من أن يحج كل سنة فقيل له لا يبلغ ذلك أموالنا فقال
اما بقدر أحدكم إذا خرج أخوه ان يبعث معه بثمن أضحية ويأمره ان يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح فيه فإذا كان يوم عرفه
ليس ثيابه وتهيأ واتى المسجد فلا يزال في الدعاء حتى يغرب الشمس مسألة ولا يختص الأضحية بمكان بل يجور ان يضحى حيث شاء
من الأمصار لا يختص ذلك بالحرم ولا نعلم فيه خلافا فان النبي صلى الله عليه وآله ضحى بالمدينة بكبشين أملحين وهو قول علماء
756

الاسلام والفرق بينه وبين الهدى هو ان النبي صلى الله عليه وآله بعث بدنه إلى الحرم وضحى بالمدينة ولان الهدى له تعلق بالاحرام بخلاف الأضحية
مسألة ويختص الأضحية بالغنم والإبل والبقر وهو قول علماء الاسلام لقوله تعالى ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام
قال أهل التفسير الانعام الإبل والبقر إذا ثبت هذا فإنه لا يجزي الا الشئ من الإبل والبقر والمعز ويجزي الجذع من الضان ذهب
إليه علماؤنا وهو قول أكثر العلماء وحكى عن الزهري أنه قال لا يجزي الجذع من الضان أيضا وقال الأوزاعي يجزي الجذع من جميع
الأجناس لنا على الزهري ما رواه الجمهور عن عقبة بن عام قال قم رسول الله صلى الله عليه وآله ضحايا بين أصحابنا فأعطاني جذعا
فرجعت إليه به فقلت يا رسول الله انه جذع فقال النبي صلى الله عليه وآله ضح به وعلى الأوزاعي ما رواه براء بن عازب ان رجلا يقال له
أبو بردة بن يسار ذبح قبل الصلاة فقال له النبي صلى الله عليه وآله شأنك شاة لحم فقال يا رسول الله عندي جذعه من المعز فقال صلى الله عليه وآله
ضح بها ولا يصلح لغيرك وفي رواية يجزيك ولا يجزي أحدا بعدك وهذا نص في عدم اجزاء الجذع عن المعز لغير أبو بردة
فلا يجزي من غير المعز من الإبل والبقر لعدم القايل بالفرق ومن طرق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القسم عن أبي عبد الله
عن علي (ع) انه كان يقول المثنية من الإبل والثنية من البقر ومن المعز والجذعة من الضان وفي الصحيح عن ابن سنان قال سمعت أبا
عبد الله (ع) يقول يجزى من الضان الجذع ولا يجزى من المعز الا الثني وفي الصحيح عن حماد بن عثمان قال سألت عن أبي عبد الله (ع)
عن أدنى ما يجزي من أسنان الغنم في الهدى فقال الجذع من الضان قلت فالمعز قال لا يجوز الجذع من المعز قلت ولم قال لان الجذع من
الضان يلقح والجذع من المعز لا يلقح احتج الأوزاعي بما رواه مجاشع بن سليم قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول إن الجذع من الضان
يوفي ما يوفي الثني من المعز جمعا بين الأدلة إذا عرفت هذا فيقول الثني من المعزو البقر ماله سنة ودخل في الثانية ومن الإبل ماله
خمس سنين ودخل في السادسة وجذع الضان هو الذي له ستة أشهر وقد مضى البحث في ذلك مسألة الأفضل الثني من
البقر ثم الثني من الإبل لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في الجمعة من راح في الساعة الأولة فكأنما قرب بدنه ومن
راح في الساعة الثانية فكأنما قرب كبشا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن الباقر (ع) في الهدى أفضله بدنه
وأوسطه بقرة وأخصه شاة ولان البدنة يقوم في الكفارة مقام سبع من الغنم احتج المخالف بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال أفضل الذبح الجذع من الضأن ولو علم الله خيرا منه لفدى به اسحق (ع) والجواب انه محمول على أنه أفضل من يأتي أسنان
الغنم فرع ولو أراد أن يخرج سبع بدنه كانت الجذعة من الغنم أفضل لان إراقة الدم مقصود في أضحية وإذا ضحى بالشاة حصلت
إراقة الدم جمعه قربة مسألة ويستحب ان يكون أملح وهو الأبيض على ما فسرناه أولا ويكون فيها سواد في المواضع الذي ذكرناها
لما يقدم وأن يكون سمينا قال ابن عباس في قوله تعالى ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب قال يعظمها استسمان الهدى واستحسانه
وينبغي ان يكون تاما فلا يجزي في الضحايا العور البين عرجها ولا المريضة البين مرضها والعجفاء التي لا يبقى وانما لم ينحر العورا لأنه قد ذهبت
عينها وهي عضو مستطاب أو لأنها لا يستوفي الرعي فإنها انما يشاهد الكلام من ناحية العين الصحيحة ويخالف الكفارة حيث جاز فيه الرقبة
العور لا يؤثر في المقصود من العمل وتكميل الاحكام وإذا لم يجز العور فالعمياء أولى بذلك والعرجاء البين عرجها هي التي يكون إحدى رجليها ناقصة عن الأخرى وهو يمنع ان يلحق الغنم فتسبقونها إلى الكلاء الطيب فيرعونه ولا يدركه فنقص لحمها فلا يجزي ولو لم يمنع عرجها
اللحوق وادراك الغنم في الرعي أجزأت واما المريضة فهي الحرباء التي كثر بها واثر في لحمها ولا يجزي لان اللحم هو المقصود فما اثر فيه
يمنع الاجزاء والعجفاء لا يجزي لأنها لا لحم لها وانما هي عظام مجتمعة وروى أن النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يضحى بالمصفرة والنجفاء
والمستأصلة التي استوصل قرناها وهي لا تجزي عندنا إذا لم يكن القرن الداخل صحيحا ويجزي ان كان صحيحا والمشيعة والكسر فالمصفرة
التي قطعت أذناها من أصلها حتى بدأ صماخها وانها لم يجز لذهاب عضو مستطاب منها والنجفاء العمياء والمستأصلة التي استوصل
قرناها وهي لا تجزي عندنا إذا لم يكن القرن الداخل صحيحا ويجزي ان كان صحيحا والمشيعة التي يتأخر عن الغنم فيكون أواخرها
وانما يكون لهزال فلا يجزي ولو كان الكلال أجزأت والكسر كالعرجاء مسألة ويكره الجلجاء وهي المخلوقة بغير قرن وتعالى
له الحلماء والعضباء لا يجزي على ما تقدم وروى عن علي (ع) قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله باستراق العين والاذن ولا
يضحى بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرفاء فالمقابلة ان يقطع من مقدم الاذن أو يبقى معلقا فيها كالريمه والمدابرة
ان يقطع من مؤخره الاذن والخرقاء ان يكون مثقوبة من السمه فان الغنم توسم في اذنها فثقب بذلك والشرفاء ان يسبق اذنها
فتصير كالشاختين وهذه العيوب يكره معها التضحية وان كانت مجزيه بخلاف العيوب المتقدمة في المسألة الأولى مسألة
757

ويستحب الأضحية بذوات الأرحام من الإبل والبقر والفحولة من الغنم رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله
(ع) أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر وقد يجزي الذكورة من البدن والضحايا من الغنم الفحولة وفي الحسن عن الحلبي قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن الإبل والبقر أيهما أفضل ان يضحى بها قال ذوات الأرحام وعن الحسن بن عمار عن أبي جعفر (ع) قال ضحى
رسول الله صلى الله عليه وآله بكبش أجذع أملح فحل سمين ولو كانت الاثنين في الضأن أفضل لما عدل عنها رسول الله صلى الله عليه وآله
وروى في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدها (ع) والفحل من الضأن خير من الموجود والموجود خير من النعجة والنعجة خير من المعز
فروع الأول لا يجوز التضحية في الثور ولا بالحمل بمنى ويجوز ذلك في الأمصار روى الشيخ عن أبي بصير قال سألته عن الأضاحي
فقال أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر فقال ذو الأرحام ولا يضحى بثور ولا جمل وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله
(ع) قال يجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث والإناث أفضل الثاني لا يجوز التضحية بالخصي لنقصانه رواية
الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته أيضحى بالخصي قال لا وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال
النعجة من الضان إذا كانت سمينه أفضل من الضأن وقال الكبش السمي خير من الخصي ومن الأنثى قال وسألته عن الخصي والأنثى فقال الأنثى أحب
إلى من الخصي الثالث ويجب التذكية بازهاق الروح وانما يكون ذلك بقطع الأعضاء الأربعة الحلقوم والمري والودجين فالحلقوم
مجرى النفس والمري مجرى الطعام والشراب والودجان عرقان محيطان بالحلقوم ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال مالك وأبو يوسف وقال
أبو حنيفة يجب قطع ثلاثة من الأربعة انها قطع وقال محمد بن الحسن يجب قطع أكثر كل واحد من الأربعة وقال الشافعي الواجب قطع الحلقوم
والمري واستحب قطع الودجين لنا قول النبي صلى الله عليه وآله ما أبهر الدم وفرى الأوداج فكل وسيأتي البحث في ذلك أن شاء الله مسألة ويجب
ذبح البقر والغنم فلا يجوز نحرهما ويجب نحر الإبل فلا يجوز ذبحها فان خلف ما قلناه حرم الحيوان ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال
مالك وقال الشافعي ان الذبح والنحر يجوزان في جميع الحيوان وقد تقدم بيان ذلك وسيأتي تتمة كلامه فيه في كتاب الذبايح انشاء
الله تعالى مسألة وينبغي ان يتولي ذبح أضحية بنفسه لان النبي صلى الله عليه وآله كامل ذبح أضحية في المصلي فان لم يحسن الذباحة
جعل يده مع يد الذابح لان فعل القربة بنفسه أولى من استنابته فيها فان استناب مسلما جاز اجماعا وان استناب كافرا فإن كان حربيا أو مجوسيا
لم يجز ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال الشافعي وان كان كتابيا فكذلك أيضا ذهب إليه أكثر علمائنا ونقل الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا جواز
ذلك وهو قول الجمهور الا ان مالكا وان أباحه لكنه قال إنها يكون شاة لحم لا أضحية لنا قوله (ع) لا يذبح ضحاياكم الا طاهر وان عليا
(ع) وعمر منعا من اكل ذبايح نصارى العرب ووافقنا الشافعي على ذلك وفعلها حجة عنده وعندنا وسيأتي البحث في ذلك انشاء الله
مسألة ويجوز ذبيحه الصبيان إذا كانوا عارفين شرايط الذبيحة لأنه محكوم بالسلامة ولما روى عن جابر أنه قال يؤكل ذبيحة الصبي
والأخرس يجوز ذباحته إن لم ينطق لان النطق ليس شرطا نعم يجب تحريك لسانه بالتسمية لأنها شرط عندنا وذبايح النساء جايزة أيضا ولا نعلم فيه خلافا لما رواه مانع عن ابن عمر ان جاريته لأبي كعب كانت ترعى غنما فرات بشاة بينها موتا فأخذت حجرا فكسرته
وذبحتها به فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال يؤكل واستفيد من هذا الحديث خمس فوائد أحدها جواز ذبح المراة
وثانيها ان الحايض والطاهر سواء لأنه لم يستفصل حالها وثالثها ان من ذبح شاة غيره باذنه صحت الزكاة ورابعها جواز ذبح الحجر وخامسها ان الحيوان إذا خيف موته وفيه حيوة مستقرة جاز ذبحه واما السكران والمجنون فان ذبحها جايزة لأنهما
محكوم باسلامهما لكنها مكروهه لأنها لا يعرفان محل الزكاة فربما قطعا غير ما شرط قطعه فتعطلت الذبيحة ويستحب ان يتولى الذبيحة المسلم البالغ العاقل الفقيه لأنه اعرف بشرايط الذبح ووقته فان لم يكن رجل فالنساء وإن لم يكن فالصبيان فان لم يكن فالسكران والمجنون مسألة
ويجب استقبال القبلة عند الذبح وتوجبه الذبيحة إليها قاله علماؤنا لما رواه جابر قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله بكبشين أقرنين أملحين
فلما وجهتهما قرأ وجهت وجهي الآيتين ويجب فيهما التسمية لقوله تعالى وكلوا مما ذكر اسم الله عليه ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ولا
يكره الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله عند الذبيحة مع التسمية بل هي مستحبة وبه قال الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة إذ ذلك
مكروه وقال احمد ليس غير مشروع لنا ان ما شرع فيه ذكر اسم الله تعالى شرع فيه ذكر النبي صلى الله عليه وآله كالأذان احتجوا بما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال موطنان لا أذكر فيها عند الذبيحة وعند العطاس والجواب ان مراده لا يذكر فيهما مع الله تعالى
على الوجه الذي يذكر معه في غيرهما فان في الأذان يشهد لله تعالى بالتوحيد ويشهد النبي صلى الله عليه وآله بالرسالة وكذا في شهادة
الاسلام والصلاة وههنا يسمى الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله والصلاة ليست من جنس التسمية وكذا في العطاس فان
المروى فيه أنه يسمى الله تعالى ويسمى على النبي صلى الله عليه وآله إذا ثبت هذا فإنه يستحب أن يقول ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير
758

قال قال أبو عبد الله (ع) إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة فانحره أو اذبحه وقل وجهت وجهي الذي فطر السماوات والأرض حنيفا
وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين اللهم منك ولك
بسم الله والله أكبر اللهم تقبله منى ثم امر السكين ولا تنخعها حتى تموت فرع ولو نسي التسمية لم تحرم وكان حلالا وينبغي ان يسمى
عند اكله روى الشيخ في الصحيح عن ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا ذبح المسلم ولم يسم ونسي فكل ذبيحة وسم الله على ما تأكل
مسألة ولو ذبحها من قفائها سميت الفقيه ولا يخلوا حالها بعد قطع الرقبة اما ان يبقى فيها حيوة مستقرة قبل قطع الأعضاء
الأربعة ولا يبقى فان بقيت حلت والا لم يحل وبه قال الشافعي وقال مالك واحمد انها لا تحل بحال وروى الجمهور عن علي (ع) أنه قال إن
كان ذلك سهوا حلت وان كان عمدا لم يحل لنا انه قطع الأعضاء الأربعة وفيه حيوة مستقرة فكان حلالا كما لو قطع الأعضاء
الأربعة بعد قطع يده أو رجله احتج مالك واحمد بأنه لم يأت بالذبح المأمور به والجواب المنع من ذلك إذا عرفت هذا فالمعتبر في معرفة
الحياة المستقرة هو وجود الحركة القوية بعد قطع العنق قبل قطع المري والودجين والحلقوم وان كانت ضعيفة أولم يتحرك لم يحل
لأنه قد حصل فعلان أحدهما يتعلق به الإباحة والاخر يتعلق به التحريم فإذا لم يعلم بقاء الحيوان المستقرة بوجود الحركة القوية حكمها
بالخطر تغليبا له وأيضا الظاهر من حال الحيوان انه إذا قطع رأسه من قفاه انه لا يقع فيه حيوة مستقرة قبل قطع الأعضاء الأربعة فإذا لم يثبت
بقاء الحياة بوجود الحركة القوية حرمناه عملا بالظاهر السليم عن المعارض وسيأتي البحث في ذلك كله انشاء الله تعالى مسألة
وإذا ذبحها قطع الأعضاء الأربعة التي ذكرناها ولا يقطع رأسها إلى أن يموت فان قطعه قبله فقولان أحدهما التحريم وبه قال سعيد بن
المسيب لأنها فاتت من جرحين أحدهما يبيح والاخر محرم فلا تحل لقول الصادق (ع) ولا تنخعها حتى تموت والاخر الحل لان تقطع المري
والحلقوم والواجبين مذكاة والزايد غير مؤثر لأنه حصل والحياة غير مستقره فكان كما لو قطع يدها أو رجلها وهو الوجه عندي
وقول الصادق (ع) لا يقضي التحريم سلمنا لكن التحريم الفعل لا يقتضي تحريم الأكل مسألة يكره ذباحة الأضحية وغيرها
ليلا لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عن الذبح ليلا ولان الأضحية يتعذر تفريقها ليلا فلا يفرق اللحم طهيا وهذا لا خلاف فيه
إذا ثبت هذا فلو ذبحها ليلا أجزأه وقال مالك لا يجزيه ويكون شاة لنا ان الليل محل الرمي فكان محلا للذبح كالنهار احتج مالك بقوله تعالى ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام والأيام يقع على بياض النهار دون الليل والجواب الأيام إذا جمعت دخلت
فيها الليالي ولهذا لو نذران يعتكف عشرة أيام دخلت الليالي مسألة ويستحب له الأكل من الأضحية وهو قول العلماء الا شذوذ
من الناس قالوا بوجوب الأكل لقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير وبه بالطعام الواجب فيكون الأكل واجبا والجواب لا
نسلم وجوب الطعام في المستحب من الأضحية سلمناه لكن يمنع وجوب ما يقرن بالواجب لقوله تعالى كلوا من ثمره إذا أثمر واتوا حقه يوم حصاده
والآتيان واجب والأكل غير واجب إذا ثبت هذا فإنه يجوز ان اكل منها أكثرها ويتصدق بالأقل قال الشيخ وان اكل الجميع ضمن للفقراء
قيمة المجرى وقال أبو العباس بن شريح وابن العاص له ان يأكل الجميع ولا يضمن شيئا ويقول الشيخ افتى الشافعي احتج الشيخ بالآية فإنها تدل على وجوب التصدق احتج ابن شريح بأنه إذا جازان يأكل بعضها جازان يأكل الجميع كشاة اللحم ويكون القربة في الذبح خاصة إذا عرفت
هذا فاستحب ان يأكل ثلثها ويتصدق بثلث ويهدي الثلث وبه قال الشافعي في الجديد وقال في القديم يأكل النصف ويتصدق بالنصف لنا قوله تعالى
فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر والقانع السائل والمعتر الذي لا يسأل احتج الشافعي بقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير و
الجواب انه لا ينافي الا هذا الثالث بالآية الأخرى مسألة ولا يجوز بيع لحم الأضاحي وبه قال الشافعي وأكثر الجمهور وقال
أبو حنيفة يجوز بيعه وشراؤه لنا انه يذبحه خرجت عن ملكه واستحقها المساكين إذا ثبت هذا فإنه يكره له بيع جلودها فان باعه تصدق
به وكذا يكره ان يعطي الجراري بل ينبغي الصدقة بها ومنع الشيخ من بيعه والظاهر أن مراده بذلك الكراهية كما قلناه اما الشافعي فقد منع منه
وبه قال أبو هريرة وقال عطا لا بأس ببيع؟ أهب؟ الأضاحي وقال الأوزاعي يجوز بيع جلودها ماله البيت التي يصلح المعارية كالقدر و
القدوم والمنحل والميزان وأشباهها ويدل على الكراهية ما رواه الجمهور عن علي (ع) قال امرني رسول الله صلى الله عليه وآله
ان أقوم على بدنه أقسم جلودها وجلالها ولا أعطى الجازر منها شيئا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن الإهاب فقال تصدق به أو يجعله مصلى ينتفع به في البيت فلا يعطي الجزارين وقال نهى رسول
الله صلى الله عليه وآله وان يعطى جلالها وجلودها قلايدها الجزارين وأمر ان يتصدق بهما وانما قلنا إن هذا
النهى للكراهية لقول
الصادق (ع) أو يجعله مصلي ينتفع به وقد روى الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) قال سألته عن الهدى لا يخرج بشئ
منه عن الحرم فقال بالجلد والسنام والشئ ينتفع به ويدل على استحباب الصدقة بثمنه مع الانتفاع وما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر
759

عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحى بها ان يجعلها جرابا الا ان يتصدق بثمنها إذا ثبت هذا فإنه
لا يعطي الجازر من لحمها شيئا لجزارته لما تقدم من الأحاديث الدالة على المنع ولان الأضحى قد لزمه ايصال ذلك إلى الفقراء فكانت
الجزة عليه ولو كان الجازر فقير أجاز ان يأخذ منها الفقرة لأنه من المستحقين وقد باشرها و؟ باقت؟ نفسه إليها مسألة ولا بأس
بأكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها وقد كان منهيا عن ادخارها فنسخ روى الشيخ عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال أمرنا
رسول الله صلى الله عليه وآله الا تأكل لحم الأضاحي بعد ثلث ثم اذن لنا ان نأكل ويعدد ونهدي إلى أهالينا وروى الشيخ عن
حنان بن سدير عن أبيه عن الباقر (ع) وعن أبي الصباح عن أبي عبد الله (ع) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن لحوم الأضاحي
بعد ثلاثة أيام ثم اذن فيها قال كلوا من لحوم الأضاحي بعد ذلك واذخر والا يقال يعارض ذلك ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع)
قال قال إن النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يحبس لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام لأنا نقول إنه لا منافاة إذ الفسخ قد ثبت بما تقدم
مسألة ويكره ان يخرج شيئا مما نضحته عن منى بل نحر؟ مالي؟ مصرفة بها لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما
(ع) قال سألته عن اللحم أيخرج به من الحرم قال لا يخرج منه شيئا الا السنام بعد ثلاثة أيام وفي الصحيح عن معوية بن عمار قال
قال أبو عبد الله (ع) لا يخرجن شيئا من لحم الهدى وعن علي بن أبي حمزة قا لا تردد الحاج من أضحية وله ان يأكل بمنى قال وهذه مسألة
شهاب كتب إليها فروع الأول لا بأس باخراج السنام من منى للحاجة إليه ولرواية محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) الثاني
لا بأس باخراج لحم ما ضحى غيره ان اشتريه منه أو أهداه إليه لما رواه الشيخ عن علي بن إبراهيم قال سمعته يقول لا تزود الحاج من أضحيته
وله ان يأكل منه الا السنام فإنه دواء قال احمد وقال لا بأس ان يشتري الحاج من لحم وتزوده وعلى هذا حمل الشيخ (ره) ما رواه
في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن اخراج لحوم الأضاحي من منى فقال كنا نقول لا يخرج شيئا لحاجة الناس
إليه فاما اليوم فقد كشف الناس فلا بأس باخراجه الثالث يكره ان يضحى بما يربيه ويستحب ان يشتري ويضحى وقد تقدم الرابع
يستحب ان يضحى بما قد عرف به وقد تقدم أيضا مسألة وإذا تعذرت الأضحية تصدق بثمنها فان اختلف أثمانها جمع الأعلى و
الأوسط والأدون وتصدق بثلث الجميع رواه الشيخ عن عبد الله بن عمر قال كنا بمكة قاضيا على الأضاحي فاشترينا بدينار ثم بدينارين
ثم بلغت سبعة ثم لم يوجد بقليل ولا كثير فوقع هاشم المكاري إلى أبي الحسن (ع) فأخبره بما اشترينا وانا لم نجد بعد فوقع إليه انظروا إلى الثمن
الأول والثاني والثالث فاجمعوا ثم صدقوا بمثل ثلاثة مسألة إذا اشتري شاة يجزي في الأضحية بينه انها أضحية قال الشيخ
(ره) يصير أضحيته بذلك ولا يحتاج إلى قوله انها أضحية ولا إلى نية مجددة ولا إلى اشعار وتقليد وبه قال أبو حنيفة ومالك وقال الشافعي انها لا
يصير أضحية بل يقول قد جعلتها أضحية أو هي أضحية أو ما أشبه ذلك هذا قوله في الجديد وقال في القديم يصير الأضحية بالنية مع الاشعار والتقليد
احتج الشيخ بأنه مأمور بشراء الأضحية فإذا اشتراها بالنية وقعت عنها كالوكيل إذا اشترى لموكله بأمره واحتج الشافعي بأنها إزالة
ملك على وجه القربة فلا يؤثر النية المقارنة للشراء كما لو اشترى عبد أبنية العتق وأجاب عن القياس الأول لا نشتري للعتق فإنه لا
يعتق بذلك وهو معارضة ثم فرق بين الأضحية وبين الوكيل بأنه بعد وقوعه له لا يمكنه جعله لموكله وههنا يمكنه بعد شرائها ا ن يجعلها
أضحية فجرى مجرى الاعتاق مسألة إذا عين الأضحية على وجه يصح به التعيين فقد زال ملكه عنها وهل له ابدالها قال أبو حنيفة
ومحمد نعم له ذلك ولا يزول ملكه عنها وقال الشافعي لا يجوز له ابدالها وقد زال ملكه عنها وبه قال أبو يوسف وأبو ثور وهو الظاهر من
كلام الشيخ احتج الشافعي بما روى عن علي (ع) أنه قال من عين أضحية فلا يستدل بها واحتج أبو حنيفة بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
انه اهدى هديا فاشترك عليا (ع) فيها وهو انما يكون منقلها إليه وفيه ضعف لجواز ان يكون (ع) وقت السياق نوى انها
عن علي (ع) التفريع على القول بالتعيين إذا ثبت انها يتعين فان ملكها يزول عن المالك فان باعها فالبيع فاسد ويجب ردها
ان كانت باقية وان كانت تالفة فعلى المبتاع قيمتها أكثر ما كانت من حين بيعها إلى حين التلف وعلى البايع أكثر الامرين في قيمتها إلى حين
التلف أو مثلها يوم التضحية وكذا لو لم يبعها ولكن أتلفها أو فرط في حفظها حين بلغت أو ذبحها قبل وقت الأضحية هذا اختيار الشافعي
وقال الشافعي وقال الشيخ (ره) قيمتها يوم التلف وبه قال أبو حنيفة احتج الشيخ بأنه أتلف الأضحية يلزمه قيمتها كالأجنبي احتج
الشافعي بان هذه الأضحية مضمونة عليه لحق الله تعالى وحق المساكين لوجوب نحرها ويفرقه لحمها ولا يجزيه دفعها إليهم قبل ذلك
فإذا فرضنا قيمتها وقت التلف عشرة ثم زادت قيمة الأضاحي فصارت عشرين وجب ان يشتري أضحية بعشرين ليوفي حق الله تعالى وهو
نحرها بخلاف الأجنبي فإنه لا يلزم حق الله تعالى فيها وكلام الشافعي قوى إذا ثبت هذا فان أمكنه ان يشتري بها أضحيتين بان
يرخص الأضاحي كان عليه أخرجها معا ولو كان الفاضل مما يمكن ان يشتري به جزء من حيوان يجزي في الأضحية كالسبع مثلا فعليه
760

ان يشتريه لأنه يمكنه صرفه في الأضحية فلزمه كما لو أمكنه ان يشتري به جميعا ويجزيه الصدقة بالفاضل والأول أفضل لو كان الفاضل
لا يساوي أخيرا مجزيا تصدق به هذا إذا كان المتلف المالك أما إذا كان أجنبيا فان عليه القيمة يوم الاتلاف فان أمكن ان يشتري
بها أضحية أو أكثر فعلى ما تقدم وإن لم يكن جاز ان يشتري به جزء حيوان الأضحية فان قصر تصدق به ولا يلزم المضحي شيئا لأنه غير مفرط
ولو تلفت الأضحية في يده أو سرقت من غير تفريط لم يكن عليه ضمان لأنه غير مفرط وهي أمانة في يده وروى الشيخ في الصحيح عن معوية بن
عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل اشتري أضحية فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها قال لا بأس وان بدلها فهو أفضل و
إن لم يشتر فليس عليه شئ اما لو فرط فإنه يضمن لا يقال أليس لو نذر عتق عبد ثم أتلفه أو تلف بتفريط لم يكن عليه ضمان لأنا نقول الفرق
بينهما ان الحق في الأضحية للفقراء وهم باقون بعد تلفها والحق في عتق العبد له فإذا تلف لم يبق مستحق لذلك فسقط الزمان فافترقا
ولو اشترى شاة وعينها للأضحية فوجد بها عيبا لم يكن له ردها لأنه قد زال ملكه عنها فيعذر ردها كالعبد إذا أعتق بعد الشراء
ثم وجدبه عيبا ويرجع بالأرش فإذا اخذه صرفه إلى المساكين وان أمكنه ان يشتري به حيوانا أو حزاء منه محرما فالأضحية كان أولى
وهل صرف الأرش إلى الفقراء متعين لم يجوز له بملكه قيل يتعين لأنه عوض اللحم المستحق للفقراء بخلاف ما إذا اشترى عبدا فأعتقه
ثم وجد به عيبا فان الأرش للمالك لان القصد بالعتق تكميل الاحكام كقبول الشهادة والجمعة والحدود وما عابرها والعيب لا يؤثر في
ذلك اما الأضحية فالقصد بها اللحم فإذا كانت معنية لم يكن لحمها كاملا وقيل لا يتعين للصدقة وما ذكروه أولا غير مستقيم لان أرش
العيب انما وجب لان عقد البيع اقتضى سلامة العين وهو حق للمشتري وانما وجب في ملكه فلا يستحق الفقراء ما أوجبه عقد الشراء لان العيب
قد لا يؤثر في اللحم فلا يكون ذلك مؤثرا في المقصود بها كما لو ذكروه في العبد وهذا عندي أقوى مسألة وإذا عين أضحية ذبح
معها ولدها سواء كان حملا حال التعيين أو حدث بعد ذلك لان التعين معنى يزيل الملك عنها فانتفع الولد كالعتق ويقول أبو عبد الله
(ع) ان يبحث؟؟ بدنك فاجلبها ما لا يظفر بولدها ثم انحرهما جميعا إذا ثبت هذا فإنه يجوز له شرب لبنها ما لم يضر بولدها قال علماؤنا
وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجلبها وترش على الضرع الماء حتى يقطع اللبن لنا ما رواه الجمهور عن علي (ع) لما رأى رجلا
يسوق بدنها معها ولدها وقال لا تشرب من لبنها الا بأفضل عن ولدها ومن طريق الخاصة ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد الله
(ع) قال فاجلبها ما لا يضر بولدها احتج أبو حنيفة بان اللبن يتولد من الأضحية فلم يجز للضحى الانتفاع به كالولد والجواب الفرق
فان الولد ممكنه حمله إلى محله بخلاف اللبن فإنه إذا حلب وذلك فسد وإن لم يحلب بعقد الضرع واخر بالأم فجاز له شربه والأفضل
له ان يتصدق به ويجوز له ركوب الأضحية قد تقدم لقوله تعالى لكم فيها منافع إلى أجل مسمى مسألة ولو أوجب أضحية بعينها
وهي سليمة فعابت عينا يمنع الاجزاء من غير تفريط لم يكن عليه ابدالها وأجزأه ذبحها وكذلك حكم الهدايا وقال أبو حنيفة لا يجزيه لنا
الأصل براءة الذمة ولأنها لو تلفت لم يضمنها فكذا أبعاضها ولو كانت واجبة على التعيين ثم حدث بها عيب لعاجله الذبح أجزأه أيضا
وقال أبو حنيفة استحبابا وقال الشافعي لا يجزيه اما لو نذر أضحية مطلقه فإنه تأولها سليمة من العيوب فان عينها في شاة بعينها تعيب
فان عابت قبل أن ينحرها عيبا بمنع الاجزاء كالعور لم يجزه عن التي في ذمته فعليه اخراج ما بقي في ذمته سليما من العيب ولو عين
أضحية ابتداء وبها ما يمنع من الأضحية الشرعية كالعور وشبهه أخرجها على عيبها لزوال ملكه عنها بالنذر ولم يكن أضحية ولا
يحصل له ثواب الأضحية بل يكون صدقة واجبة فيجب ذبحها ويتصدق بلحمها وشاب على الصدقة كما لو أعتق عبدا معيبا عن كفارته
وقلنا باشتراط السلامة من العيوب ولو عينها معيبه ثم زال عيبها بان سمت بعد العجاف فإنها لا يقع مواقع الأضحية لأنه واجب مالا
يجزي عن الأضحية فزال ملكه عنها وانقطع تصرفه عنها قال كونها غير أضحية فلا يقع مجزيه عنها فان الاعتبار حالة الايجاب لزوال
الملك به ولهذا لو عابت بعد التعيين لم يضر ذلك واجزاء عنه وكذا لو كانت معينة فزال عينها لم يجزه مسألة ولو ضلت المعينة
بغير تفريط لم يكن عليه ضمان لأنها أمانة فلا يضمن الا مع التفريط أو التعدي كالوديعة فان عادت قبل فوات أيام التشريق ذبحها وكانت أداء وان عادت بعد فوات الأيام ذبحها أيضا وكانت قضاء قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يذبحها
وانما يسلمها إلى الفقراء وان ذبحها فرق لحمها وكان عليه أرش النقصان بالذبح لنا ان الذبح أحد مقصودي الهدي ولهذا لا يكفي
شراء اللحم فلا تسقط بفوات وقته كتفرقة اللحم وذلك بان يذبحها في أيام التشريق ثم يخرج قبل تفرقها فإنه يفرقها بعد ذلك
احتج أبو حنيفة بان الذبح موقت مسقط بفوات وقته كالرمي والوقوف والجواب الفرق كان الأضحية لا يسقط بفوات الوقت
بخلاف الرمي والوقوف فروع الأول لو أوجب أضحية في عام فاخرها إلى قابل كان عاصيا وأخرجها قضاء ولان وجوب
ذبحها كان موقتا بالعام الماضي وقد خرج الثاني لو ذبح أضحية غير المعينة أجزأت عن صاحبها ووجب عليها أرش النقصان
761

وبه قال شافعي وقال أبو حنيفة ولا يجب عليه شئ وقال مالك لا يقع موقعها ويكون شاة لحم يلزمها صاحبها بدلها ويكون له أرشها لنا
ان الذبح أحد مقصودي الهدى فإذا فعله فاعله بغير إذن المضحي ضمنه كتفرقة اللحم وعمل مالك انها تعينت للفقراء ولا ضمان على صاحبها لعدم
التفريط فكانت مجزيه احتج أبو حنيفة بان الأضحية أجزأت عنه ووقعت موقعها فلم يجب على الذابح ضمان الذبح كما لو اذن له واحتج مالك بان
الذبح عبادة فإذا فعلها غيره بغير اذنه لم يصح كالزكاة والجواب عن الأول بالفرق بين الاذن وعدمه فان مع عدم الإذن وعن الثاني انها
لا يحتاج إلى بينه كإزالة النجاسات بخلاف الزكاة ولان القدر المخرج في الزكاة لم يتعين الا بالاخراج من المالك بخلاف في الشاة المعينة الثالث
إذا اخذ الأرش صرفه إلى الفقراء لأنه وجب لنقص في الأضحية المعينة لهم وله ان يتصدق به وان يشتري به شاة أو جزء منها للأضحية
الرابع لو وجب لكل واحد منها هديا فذبح كل واحد منهما هدى صاحبه خطأ كان لكل واحد منهما الخيار بين ان يدع مغالبة صاحبه و
بين ان يضمنه الأرش وقال قوم من الشافعية يتخير بين الترك وبين تضمن صاحبه كمال القيمة ويتقاصان فيما تساويا فيه ويرادان الفضل
ويكون كل واحد منهما اهدى الهدى الذي باشر ذبايحه وليس بجيد لأنه لا يملك الهدى بعد ذبحه بدفع قيمته الخامس هل يجب ترك الأرش
فيما إذا ذبح الأضحية بغير إذن صاحبه أم لا فيه تردد وكذا تردد في وجوب صرف الأرش إلى المساكين المذبوح لا الحي مسألة
ويجزي الأضحية عن سبعة وكذا الهدى التطوع به ففي الواجب خلاف ما ذكرناه فيما تقدم إذا ثبت هذا فان البدنة والبقرة تجزي
سواء كان الجميع متفرقين أو بعضهم يريد اللحم سواء كانوا أهل بيت واحد أولم يكونوا وبه قال مالك الا انه اشترط ان يكونوا أهل
بيت واحد بقولنا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز إذا كانوا كلهم متفرقين ويقول مالك روايات منها رواية معوية بن عمار
عن أبي عبد الله (ع) قال يجزي البقرة عن خمسه بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال البدنة
والبقرة تجزي عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد دون غيرهم وفي رواية إسماعيل بن زياد عن الصادق (ع) عن الباقر (ع)
عن علي (ع) قال البقرة الجذعة يجزي عن ثلاثة من أهل بيت واحد والمسنة يجزي عن سبعة نفر متفرقين والجزور يجزي عن عشرة
متفرقين وفي رواية علي بن الصلت عن أبي الحسن الثالث (ع) ان الجاموس الذي يجزي عن واحد والأنثى عن سبعة وفي رواية الحلبي
عن أبي عبد الله (ع) قال يجزي البقرة والبدنة في الأمصار عن سبعة ولا يجزي بمنى إلا عن واحد وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما
(ع) قال لا يجوز إلا عن واحد يمين وفي رواية الحسن بن علي عن رجل يسمى سواده عن أبي عبد الله (ع) انها تجزي عن سبعة وعن
سبعين وفي الحسن عن حمران قال غربت البدن سنة بمنى حتى بلغت البدنة مائة دينار قتل أبو جعفر (ع) عن ذلك فقال اشتركوا فيها
قال قلت كم قال ما خف هو أفضل قال قلت عن كم يجزي قال سبعين وجمع الشيخ ذلك بان حمل ما دل على أنه لا يجزي واحد إلا عن واحد
على الواجب وما عدا ذلك على الندب وقد مضى البحث في ذلك مسألة والعبد القن والمدبر وأم الولد والمكاتب المشروط لا
يملكون شيئا فان ملكهم مولاهم شئ ففي ثبوت تملكهم قولان فان قلنا لا يملكون لهم أيجزى لهم أضحية وان قلنا يملكون فإذا ملكهم مولاهم الأضحية جاز لهم ان يضحوا ولو ضحوا
من غير اذن سيدهم أم يجز اما لو انعتق بعضه وملك شاة بما فيه من الحرية فإنه يجوز لها ان يضحى بها ولا يحتاج إلى اذن سيده لأنه ملك
الأضحية بما فيه من الحرية فلا سبيل للسيد عليه حينئذ فصل روى ابن بابويه قال كان علي بن الحسين وأبو جعفر (عل) يتصدقان بثلث
على جيرانهم وبثلث على السؤال وثلث مكانه أهل البيت وكره أبو عبد الله (ع) ان يطعم المشترك من لحوم الأضاحي وسأل علي بن
جعفر عن هرمه قل سقطت ثناها يجزي في الأضحية فقال لا بأس ان يضحى بها وقال علي (ع) لا يضحى عمن في البطن وقال أبو الحسن موسى بن
جعفر (عل) لا يضحى بها بشئ من الدواجر وسأل محمد الحلبي أبا عبد الله (ع) عن النفر يجزيهم البقرة فقال اما في الهدى فلا فاما في
الأضحى فنعم ويجزي الهدى عن الأضحية وفي الصحيح عن حرير ان أبا عبد الله (ع) قال كان علي (ع) إذا ساق البدنة ومر علي المشاة حملهم
على بدنه وان صلت راحلة رحل ومعه بدنه ركبها غير مضر ولا متقل وسال يعقوب بن شعيب أبا عبد الله عن الرجل يركب هديه ان
احتاج إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يركبها غير مجتهد ولا يعقب
الفصل السادس في الحلق والتقصير
مسألة إذا ذبح الحاج هديه وجب عليه الحلق والتقصير لمن يوم النحر ذهب إليه علماؤنا اجمع الا في قول شاذ للشيخ في البيان
انه مندوب وهو نسك عند علمانا وبه قال ملك وأبو حنيفة والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى انه اطلاق محظور لا نسك وهو قول الشافعي أيضا لنا قوله تعالى محلقين رؤوسكم ومقصرين ولو لم يكن من المناسك لم يصفهم الله تعالى كالطيب و
اللبس وما رواه الجمهور عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال أحلوا من احرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا والامر للوجوب
ولان النبي صلى الله عليه وآله قال رحم الله المحلقين قيل يا رسول الله والمقصرين قال رحم الله المحلقين ثم قال في الثلاثة والمقصرين ولو
لم يكن نسكا لم يدخله التفصيل كالمباحات ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا ذبحت أضحية
762

فاحلق رأسك واغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك والامر يدل على الثواب بالفعل فيكون عبادة ولان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة
(عل) والصحابة داوموا عليه وفعلوه في حجهم وعمرتهم ولو لم يكن نسكا لم يداوموا عليه ولا حلق به في أكثر الأوقات ولم يفعلوا الا نادرا
لأنه لم يكن عادة لهم فيداوموا عليه ولا فيه فضل فيتبعوه لفضله احتجوا بما رواه جابر ان النبي صلى الله عليه وآله لما سعى بين الصفا والمروة
قال من كان منكم ليس معه هدى فليحل واجعلها عمرة وأمره بالحل عقيب السعي يقتضي عدم وجوب الحلق والتقصير وان ما كان محرما في الاحرام
إذا أبيح كان اطلاقا من محظور كساير محرماته والجواب عن الأول ان المعين فليحل بالتقصير والحلق لأنه كان مشهورا بينهم معروفا فاستغنى
عن ذكره وعن الثاني ان الحل من العبادة لما كان محرما فيها غير مستبعد كالسلام في الصلاة فإنه محظور ومشروع للحال مسألة
وينحر الحاج بين الحلق والتقصير أيهما فعل أجزأه ذهب إليه أكثر علمائنا وبه قال أبو حنيفة وقال الشيخ (ره) ان كان ضروة وجب الحلق
وبه قال المفيد (ره) وذهب إليه الحسن البصري وقال الشيخان أيضا من لبد شعره في الاحرام وجب عليه ان يحلق وإن لم يكن ضرورة
وبه قال مالك والشافعي والنخعي واحمد واسحق قالوا وكذا لو عقد شعره أو نقله أو عقصه وقال ابن عباس من لبد أو ظفر أو عقد أو قتل
أو عقص فهو على ما نوى يعني انه ان نوى الحلق فليحلق وإلا فلا يلزمه وتلبيد الشعر في الاحرام ان يأخذ عسلا أو صمغا ويجعله في رأسه
ليلا نقل أو ينسح؟؟ لنا قوله تعالى محلقين رؤوسكم ومقصرين والجمع غير مراد اجماعا فيثبت التخيير وهو ثابت في حق الجميع وما رواه الجمهور
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (ره) والمقصرين وقد كان مع النبي صلى الله عليه وآله من قصر ولم ينكره (ع) ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية اللهم اغفر للمحلقين مرتين
قيل والمقصرين يا رسول الله قال وللمقصرين ولان الأصل عدم التعيين فلا يصار إليه الا بدليل احتج الشيخان (ره) والمخالفون من
الجمهور بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من لبد فليحلق ولما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال على الضرورة ان يحلق
رأسه ولا يقصر انما التقصير لمن حج حجة الاسلام وعن بكير بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال ليس للضرورة ان يقصروا عليه ان يحلق
وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي للضرورة ان يحلق وان كان قد حج فإن شاء قصروا ان شاء حلق قال وإذا
لبد شعره أو عقصه فان عليه الحلق وليس له التقصير ولان النبي صلى الله عليه وآله لبد شعره فحلقه والجواب عن الأول انه للندب وعن الثاني
ان في طريقه سهل بن زياد وعلي بن أبي حمزة وهما ضعيفان وعن الثالث ان في طريقه أبان بن عثمان وهو واقفي وعن الرابع ان لفظه
ينبغي كما يتناول الواجب يتناول الندب والأصل عدم الاشتراك والمجاز فيكون حقيقة وفي القدر المشترك وهو مطلق الرجحان من غير
اشعار بخصوصه معينة ونحن نقول به إذا الحلق أفضل وكذا يحمل قوله (ع) فمن لبد شعره أو عقصه ان عليه الحلق وليس له التقصير إذا هذه
الصورة قد ترد أيضا في الندب التأكد وفعل النبي صلى الله عليه وآله لا يدل على وجوبه عينا بعد ثبوت التخيير مسألة التقصير وان
كان جايزا لما قلناه فالحلق أفضل مطلقا ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله قال رحم الله المحلقين ثلثا ثم قال والمقصرين
وزيادة الترحم يدل على الأولوية ولان النبي صلى الله عليه وآله فعله وروى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال استغفر
رسول الله صلى الله عليه وآله للمحلقين ثلث مرات قال وسألت أبا عبد الله (ع) عن التفث قال هو الحلق وما كان على جلد الانسان إذا
عرفت هذا فالحلق اكد فضلا في حق من لبد شعره أو عقصه أو كان من ضرورة من غيرهم لورود التأكيد في حقهم واختصاصهم بالحلق
حتى ورد في حقهم في أكثر المواضع بلفظ الواجب أو معناه فروع الأول المراة ليس عليها حلق اجماعا ويجزيها من التقصير
قدر الأنملة روى الجمهور عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس على النساء حلق انما على النساء التقصير وعن علي (ع)
قال نهى رسو ل الله صلى الله عليه وآله ان يحلق المراة رأسها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض
أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال تقصر المراة من شعرها لمنعها مقدار الأنملة ولان الحلق في حقهن مثله فلا يكون مشروعا الثاني
يستحب لمن حلق ان يبدأ بالناصية من القرن الأيمن ويحلق له إلى العظمين بلا خلاف روى الجمهور عن انس ان رسول الله صلى الله عليه وآله
رمى جمرة العقبة يوم النحر ثم رجع إلى منزله بمنى فدعا بذبح فذبح ثم دعا بالحلاق فاخذ شق رأسه الأيمن فحلقه فجعل يقسم بين من
ثلاثة الشعيرة والشعرتين ثم اخذ شق رأسه الأيسر فحلقه ثم قال ههنا أبو طلحة ورفعه إلى أبي طلحة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن
الحسن بن مسلم عن بعض الصادقين قال لما أراد أن يقصر من شعره للعمرة أراد الحجام ان يأخذ من جوانب الرأس فقال له ابدأ بالناصية فبدأ
بها وفي الصحيح عن معوية عن أبي جعفر (ع) قال امر الخلاف ان يدع الموسى على قرنه الأيمن ثم امره ان يحلق ويسمى هو وقال اللهم أعطني
بكل شعرة نورا يوم القيمة وعن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن ابائه عن علي (ع) قال السنة في الحلق ان يبلغ العظمين الثالث
يجزي من التقصير ما يقع عليه اسمه لان الزايد لم يثبت والأصل براءة الذمة وسواء قصر من شعر رأسه أو من لحيته أو من شاربه فإنه مجز
763

الرابع لابد في الحلق والتقصير من النية لأنه نسك عندنا للاطلاق محظور مسألة ولو لم يكن على رأسه شعر سقط الحلق عنه
اجماعا لعدم ما يحلق ويمر الموسى على رأسه وهو قول العلماء كافة روى الشيخ عن زرارة ان رجلا من أهل خراسان قدم حاجا وكان أقرع الرأس
لا يحسن ان يبلى فاستفتى له أبو عبد الله (ع) فامر ان يلبي عنه ويمر الموسى على رأسه فان ذلك مجزي عنه إذا ثبت هذا فهل هو واجب أم لا
قال أكثر الجمهور انه مستحب غير واجب وقال أبو حنيفة انه واجب احتج الأول بان الحلق محله الشعر فسقط بعدمه كما يسقط وجوب غسل العضو
بقطعه ولأنه امرار لو فعله في الاحرام لم يجب عليه عند التحلل كامرار اليد على الشعر من غير حلق احتج أبو
حنيفة بقوله (ع) إذا أمرتكم
بأمر فاتوا منه ما استطعتم وهذا لو كان ذا شعر لوجب عليه ازالته وامرار الموسى على رأسه فإذا سقط أحدهما لعذره (تتعذره) وجب الاخر وكلام الصادق (ع) يعطيه فان الاجزاء انما يستعمل في الواجب مسألة ولو ترك الحلق والتقصير معا حتى زار البيت فإن كان عامدا وجب عليه
دم شاة وان كان ناسيا لم يكن عليه شئ وكان عليه إعادة الطواف والسعي وقال عطا وأبو يوسف وأبو ثور واحمد في إحدى الروايتين
لآدم عليه وفي الرواية الأخرى عليه دم وهو مذهب أبي حنيفة الا انهم لم يفرقوا بين الساهي والعامد لنا انه نسك اخره عن محله فكان
عليه الدم لان تارك النسك عليه دم ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) في رجل زار البيت قبل أن
يحلق فقال إن كان زائر البيت قبل أن يحلق وهو عالم ان ذلك لا ينبغي فان عليه دم شاة وعن محمد بن حمران قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل زار البيت قبل أن يحلق قال لا
ينبغي الا ان يكون ناسيا والذي يدل على إعادة أطواف والسعي لو فعلها قبل التقصير ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت
أبا الحسن (ع) عن المرأة رمت وذبحت ولم يقصر حتى زارت البيت وطافت وسعت من الليل ما حالها وما حال الرجل إذا فعل ذلك قال لا
بأس يقصر ويطوف للحج ثم يطوف للزيارة ثم قد حل من كل شئ مسألة ولو رحل من منى قبل الحلق رجع وحلق بها أو قصر واجبا
مع الاختيار ولو لم يتمكن من الرجوع لضرورة حلق مكانه ورد شعره إلى منى ليدفن هناك ولو لم يتمكن لم يكن عليه شئ لأنه قد ترك نسكا
واجبا فيجب عليه الاتيان به والتدارك مع المكنة ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي ان يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى قال يرجع إلى من حتى يبلغ شعره بها حلقا كان أو تقصيرا وعن أبي بصير
قال سألته عن رجل جهل ان يقصر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى قال فليرجع إلى منى حتى يحلق شعره بها أو تقصر وعلى الضرورة
ان يحلق وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في رجل زار البيت ولم يحلق رأسه قال يحلقه بمكة ويحمل شعره إلى منى وليس عليه شئ و
عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يحلق رأسه بمكة قال يرد الشعر إلى منى وعن مسمع قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل
نسي ان يحلق رأسه ويقصر حتى نفر قال يحلق في الطريق أين كان وحمل الشيخ هذه الرواية على الضرورة وعلى التمكن من الرجوع إذا عرفت
هذا فالظاهر رد الشعر مع عدم التمكن من الرجوع ليس واجبا وقد لوح الشيخ به في التهذيب ويدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله
(ع) قال سألت عن الرجل ينسى ان يحلق رأسه حتى ارتحل من منى فقال ما يعجبني ان يلقى شعره الا بمنى ولم يجعل عليه شيئا قال الشيخ (ره)
المراد لم يجعل عليه شيئا الكفارة إذا عرفت هذا فإنه يستحب له إذا حلق رأسه بمنى ان يدفن شعره بها لما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال كان علي بن الحسين (ع) يدفن شعره في فسطاطه بمنى ويقول كانوا يستحبون ذلك قال
وكان أبو عبد الله (ع) يكره ان يخرج الشعر من منى ويقول ومن أخرجه فعليه ان يرده مسألة ويستحب لمن حلق
رأسه أو قصر بقلم أظفاره والاخذ من شاربه قال ابن المنذر ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما حلق رأسه فلم أظفاره وروى
الشيخ عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك واغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك ولا نعلم في
ذلك خلافا ويستحب عند الحلق يدعو بما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن الباقر (ع) قال ويقول اللهم أعطني بكل شعره نورا
يوم القيمة مسألة لا يجوز الحلق قبل محله وهو يوم النحر ولا نعلم فيه خلافا قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى
محله ولان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل إذا عرفت هذا فهل يجب تأخيره عن الذبح والرمي أم لا قال أكثر علمائنا يجب ترتيب هذه
المناسك بمنى الرمي ثم الذبح ثم الحلق وأبو الصلاح من علمائنا يجوز تقديم الحلق على الرمي وبالقول الأول قال احمد ومالك و
أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين وبالقول الثاني قال الشافعي في القول الاخر وقال الشيخ (ره) في الخلاف وترتيب هذه
المناسك ويستحب لبس بفرض لنا قوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله وما رواه الجمهور في حديث انس ان النبي صلى الله عليه وآله
ذهب هذه المناسك وقال خذوا عني مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم عن علي قال لا يحلق رأسه
ويزور متى شاء احتج أبو الصلاح بما رواه الشيخ عن محمد بن أبي نصر قال قلت لأبي جعفر الثاني (ع) جعلت فداك ان رجلا
من أصحابنا رمى الجمرة يوم النحر وحلق قبل أن يذبح فقال إن رسو ل الله صلى الله عليه وآله كان يوم النحر اتاه طوائف من المسلمين
764

فقالوا يا رسول الله ذبحنا من قبل أن نرمي وحلقنا من قبل أن يذبح فلم يبق شيئا مما ينبغي ان تقدموه الا أخروه ولا شئ مما ينبغي ان يؤخروه
الا ما قدموه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا حرج وما رواه الجمهور عن عطا عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله يوم
النحر فقال له زرت قبل أن أرمي فقال له ارم ولا حرج فقال ذبحت قبل أن أرمي فقال ارم ولا حرج فما سال يومئذ عن شئ قدمه رجل ولا اخره
الا قال له افعل ولا حرج ولم يفصل بين الجاهل والعالم فدل على عدم الوجوب وأجاب الشيخ عن الأول بأنه محمول على الناس لما رواه في الحسن
عن جميل بن درا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق قال لا ينبغي الا ان يكون ناسيا ثم قال إن رسول
الله صلى الله عليه وآله اتاه الناس يوم النحر فقال بعضهم يا رسول الله حلقت قبل أن اذبح وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم
تركوا شيئا كان ينبغي لهم ان يؤخروه الا قدموه فقال لا حرج عن عبد الله بن سنان في الصحيح قال سألت عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحى
قال لا بأس وليس عليه شئ ولا يعودون وهو الجواب عن الثاني فروع الأول إذا قلنا إن الترتيب واجب فليس
شرطا ولا يجب
بالاخلال به كفارة فلو اخر مقدما أو قدم مؤخر اثم حينئذ ولا شئ عليه ذهب إليه علماؤنا قال الشافعي ان قدم الحلق على الذبح جاز
وان قدم الحلق على الرمي وجب الدم ان قلنا إنه اطلاق محظور لان حلق قبل أن يتحلل وان قلنا إنه نسك فلا شئ عليه لأنه أحدها
يتحلل به وقال أبو حنيفة إذا قدم الحلق على الذبح لزمه دم ان كان قارنا أو متمتعا ولا شئ عليه ان كان مفردا وقال مالك ان قدم الحلق على الذبح
فلا شئ عليه وان قدم على الرمي وجب الدم لنا ما تقدم من الأحاديث من طرقنا وطرق الجمهور ولان الأصل براءة الذمة الثاني
ولو بلغ الهدى محله ولم يذبح قال الشيخ (ره) يجوز له ان يحلق لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله وقال تعالى ثم محابا
إلى البيت العتيق وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا اشتريت أضحيتك وقمطها وصارت في جانب رجلك فقد
بلغ الهدى محله فان أجبت ان يحلق ما خلق الثالث قال أبو الصلاح من علمائنا يجوز له تأخير الحلق إلى اخر أيام التشريق وهو
حسن لكنه لا يجوز له ان تقدم زيارة البيت عليه وبه قال عطا وأبو ثور وأبو يوسف لان الله تعالى بين اوله بقوله تعالى حتى يبلغ الهدى محله ولم يبين
اخره فمن أتى به أجزأه كالطواف الزيارة والسعي فصل يوم الحج الأكبر هو يوم النحر فإنه روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
في خطبته يوم النحر هذا يوم الحج الأكبر فقال هو يوم النحر والأصغر العمرة وسمى بذلك لكثرة أفعال الحج فيه من الوقوف بالمشعر والذبح
منه إلى منى والرمي والنحر والحلق وطواف الإفاضة والرجوع إلى منى للمبيت بها وليس في غيره من الأيام مثل ذلك وهو مع ذلك
يوم عيد ويوم يحل فيه من احرام الحج وروى ابن بابويه عن فضيل بن عياض عن أبي عبد الله (ع) في اخر حديث يقول فيه انما يسمى
الحج الأكبر لأنها كانت سنة حج فيه المسلمون والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة مسألة ويستحب ان يخطب الامام يوم النحر ويعلم الناس
ما فيه من المناسك من النحر والإفاضة والرمي وبه قال الشافعي وابن المنذر واحمد وقال مالك لا يخطب وبه قال أبو حنيفة لنا ما رواه
الجمهور عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله خطب الناس يوم النحر بمنى وعن رافع بن عمر والمزني قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله
يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحاء على بغله شهباء وعلي (ع) بعمر عنه والناس بين قائم وقاعد وعن عبد الرحمن بن معاد
قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن بمنى ففتحت أسماعنا حتى كنا تسمع ونحن في منازلنا فطفق بعلمهم مناسكهم حتى بلغ الحمار وقد
روى الشيخ (ره) خطب علي (ع) يوم الأضحى ولأنه يوم يكثر فيه أفعال الحج ويحتاج الناس فيه إلى التعليم فاحتج إلى الخطبة كيوم عرفه
احتج مالك بأنها سنة في اليوم الذي فلا تسن الخطبة فيه والجواب الا منافاة بين الخطبة في اليوم الأول والثاني مسألة إذا عقد
الاحرام بالتلبية وما يقوم مقامها حرم عليه عشرون شيئا الصيد والنساء والطيب ولبس المخيط للرجال الاكتحال بالسواد وبما
فيه طيب والنظر في المراة ولبس الخفين وما يستظهر القدم والفسوق وهو الكذب والجدال وهو قول لا والله وبلى والله وقتل
هوام الجسد ولبس الخاتم للزينة وتحلى المرأة للزينة واستعمال الادهان وإزالة الشعر وتغطية الرأس واخراج الدم وقص الظفار وقطع
الشجر والحشيش وتغسيل المحرم الميت بالكافور ولبس السلاح على ما يأتي بتفصيل ذلك كله وذكر الخلاف فيه أن شاء الله إذا عرفت هذا
فإنه إذا حلق أو قصر حل له على كل شئ هذا إذا كان الاحرام للعمرة وان كان للحج فقد حل له كل شئ الا الطيب والنساء والصيد ذهب إليه علماؤنا
وبه قال مالك وقال الشافعي وأبو حنيفة واحمد يحل له كل شئ الا النساء وبه قال ابن الزبير وعلقمة وسالم وطاوس والنخعي وأبو ثور فقال ابن عمر وعروة بن الزبير يحل له كل شئ الا النساء والطيب لنا ان النساء محرمة عليه اجماعا ولما يأتي من الأحاديث فيحرم عليه الطيب لأنه
من دواعي الجماع فكان حراما كالقبلة فيحرم عليه الصيد لقوله تعالى ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم والاحرام يتحقق بتحريم هدى
وما رواه الجمهور عن عمر بن الخطاب قال إذا رميتم الجمار بسبع حصيات وذبحتم وحللتم فقد حل لكم كل شئ الا الطيب والنساء ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في رجل رمى وحلق ليأكل شيئا فيه صغره قال لا حتى يطوف بالبيت
765

وبين الصفا والمروة ثم قد حل له كل شئ الا النساء حتى يطوف بالبيت طوافا آخر ثم يدخل له النساء وفي الصحيح عن العلاء قال قلت لأبي عبد الله
(ع) يبعث يوم ذبحت وحلقت أفألطخ رأسي بالحناء قال نعم من غير أن يمس شيئا من الطيب قالت أفألبس القميص قال نعم إذا شئت قلت أفأغطي
رأسي قال نعم وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال اعلم أمك إذا حلقت رأسك فقد حل لك كل شئ الا النساء والطيب لا يقال قد روى
الشيخ عن سعيد بن يسار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المتمتع إذا حلق رأسه يطلبه بالحنا والثياب والطيب وكل شئ الا النساء ردوها
على مرتين أو ثلثا قال وسألت أبا الحسن (ع) عنها فقال نعم الحنا والثياب والطيب وكل شئ الا النساء لأنا نقول يحتمل ان يكون
المراد من حلق وطاف طواف الزيارة قال الشيخ (ره) جمعا بين الأدلة لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال ولد لأبي
الحسن (ع) مولود فأرسل إلينا يوم النحر تخصيص فيه زعفران وكنا قد حلقنا قال عبد الرحمن فأكلت انا وأبي الكاهلي ومرازم ان يأكلا
منه وقال ألم تزورا البيت فسمع أبو الحسن (ع) كلامنا فقال لمصادف وكان هو الرسول الذي جاءنا به في اي شئ كانوا يتكلمون قال عبد
الرحمن وأبي الآخرون وقالوا لم نذر بعد فقال أصاب عبد الرحمن ثم قال اما نذكر حين أبنائه في مثل هذا اليوم فأكلت انا منه وأبي عبد الله
أخي ان يأكل منه فما جاء أبي حرثه على فقال يا أبه ان موسى اكل حيصا فيه زعفران ولم يزر بعد فقال أبي
هو أفقه منك أليس قد حلقتم
رؤوسكم وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سأل ابن عباس هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتطيب قبل أن
يزور البيت قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يضمد رأسه بالمسك قبل أن يزور البيت قال الشيخ (ره) انهما محمولان على غير المتمتع
لان غير المتمتع يحل له كل شئ عند الحلق الا النساء بخلاف المتمتع فإنه لا يحل لها الطيب فاستدل عليه بما رواه محمد بن حمران قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن الحاج يوم النحر ما يحل له قال كل شئ الا النساء وعن المتمتع ما يحل له يوم النحر قال كل شئ الا النساء والطيب فروع
الأول إذا طاف طواف الزيارة حل له الطيب لما تقدم من الأحاديث ولما يأتي الثاني إذا طاف طواف النساء حل له النساء عملا بما تقدم
فحينئذ مواطن التحلل ثلاثة الأول إذا حلق وقصر حل له كل شئ أحرم منه الا النساء والطيب والصيد الثاني إذ طاف طواف الزيارة حل له
الطيب الثالث طواف النساء حل له النساء الثالث يستحب لمن حلق رأسه تشبه بالمحرمين قبل طواف الزيارة فلا يلبس الثياب
حتى يطوف طواف الزيارة ان كان سايغا لما تقدم ولما رواه الشيخ في الصحيح عن العلاء قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني حلقت
رأسي وذبحت وانا متمتع أطلي رأسي بالحنا قال نعم ومن غيران يمس شيئا من الطيب قلت والبس القميص وأقنع قال نعم قلت قبل أن طاف
بالبيت قال نعم ويدل عليه مسألة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل تمتع بالعمرة فوقف بعرفات
ووقت بالمشعر ورمي الجمرة وذبح وحلق أيغطي رأسه فقال لا حتى يطوف البيت وبالصفا والمروة قيل فان فعل قال ما أرى عليه شيئا وعن
إدريس القمي قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان مولى لنا تمتع فلما حلق لبس الثياب قبل أن يزور البيت فقال بئس ما صنع قلت عليه
شئ قال لا قلت فاني رأيت ابن السماك يسعى بين الصفا والمروة وعليه خفان وقبا ومنطقه فقال بئس ما صنع قلت عليه شئ قال لا ولأنه يشتغل
بغير المناسك ويدل عليه ان هذين الحديثين للكراهة ما تقدم في حديث العلاء وما رواه الشيخ في الصحيح عن منصورين حازم عن أبي عبد
الله (ع) أنه قال في رجل كان متمتعا فوقف بعرفات وبالمشعر وذبح فقال لا يغطي رأسه حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة فان أبي (ع)
كان يكره ذلك ونهى عنه فقلنا وان كان فعل قال ما أرى عليه شيئا وإن لم يفعل كان أحب إلي الرابع يستحب لمن طاف طواف الزيارة
أن لا يمس الطيب حتى يطوف طواف النساء لئلا يشتغل به عن أداء المناسك ولأنه من دواعي شهوة النساء ولما رواه الشيخ في الصحيح عن
محمد بن إسماعيل قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا (ع) للمحرم والمتمتع ان يمس الطيب قبل أن يطوف طواف النساء فقال لا ويدل على انها
الكراهية ما تقدم من الأحاديث الخامس انما يحصل التحلل بالرمي والحلق وقال أبو سعيد الإصطخري يتحلل بدخول وقت وإن لم
يرم كما لو فاتته الوقت فإنه يتحلل فليس بمعتمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا رميتم وحلقتم قد حل لكم كل شئ الا النساء علق ذلك بالرمي
دون وقته لان ما يقع به التحلل لا يحصل وقته كالطواف واما خروج وقته فسقط به فعل الرمي وههنا فرض الرمي باق فلم يحصل التحلل بوقته
الفصل السابع في بقية أفعال الحج وفيه مباحث الأول في زيارة البيت مسألة إذا قضى مناسكه
بمنى من الرمي والذبح والحلق والتقصير رجع إلى مكة وطاف طواف الزيارة ويسمى طواف الزيارة لأنه يأتي من منى فيزور البيت ولا
يقيم بمكة بل يرجع إلى منى وهذا الطواف ركن في الحج لا يتم الا به لا نعلم فيه خلافا فان الله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق وهو قول علماء
الاسلام وروى الجمهور عن عايشة قالت حججنا مع النبي صلى الله عليه وآله فأفضنا يوم النحر فحاضت ضعيه فأراد النبي صلى الله عليه وآله ما يريد
الرجل من أهله فقلت يا رسول الله إلها حايض قال أجالستنا هي قالوا يا رسول الله انها قد أفاضت يوم النحر قال اخرجوا فدل على أن هذا الطواف
لابد منه فإنه حابس لمن لم يأت به ويسمى أيضا طواف الإفاضة لقوله انها أفاضت يوم النحر بمعنى طافت طواف الزيارة ويسمى بذلك
766

لأنه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عمرين يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال ثم احلق رأسك
واغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك وزار البيت وطف به أسبوعا تفعل كما صنعت يوم قدمت مكة ولان الحج أحد المنسكين فكان
الطواف واجبا فيه كالعمرة مسألة ولهذا الطواف وقتان وقت فضيلة ووقت أجزأه فاما وقت الفضيلة فيوم النحر بعد أداء
المناسك بمنى لما رواه الجمهور عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله يوم النحر فأفاض إلى البيت فصل بمكة أظهر وقال ابن عمر أفاض
النبي صلى الله عليه وآله يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع)
قال سألته عن المتمتع متي يزور قال يوم النحر وفي الصحيح عن مطهر بن حازم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لا يثبت المتمتع يوم النحر بمنى
حتى يزور وفي الصحيح عن عمران الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي للمتمتع ان يزور البيت يوم النحر ومن ليلة لا يؤخر ذلك اليوم
إذا عرفت هذا فلو اخره إلى الليل لم يكن به بأس لما رواه ابن عباس وعايشة ان النبي صلى الله عليه وآله اخر طواف الزيارة إلى الليل ومن
طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث فإنها دالة إلى على أن يوم النحر بأجمعه ظرف للزيارة واما وقت الاجزاء فسيأتي مسألة
وأول وقت هذا الطواف طلوع الفجر من يوم النحر وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي من نصف الليل من ليلة النحر لنا انه يجب فعله بعد
أداء المناسك المتعلقة بيوم النحر فلا يتحقق له وقت قبله إذا عرفت هذا فاخر وقته اليوم الثاني من أيام النحر للمتمتع قال علماؤنا فإنهم
قالوا ينبغي للمتمتع المبادرة بعد أداء المناسك بمنى إلى طواف الزيارة يوم النحر ولا يؤخر ذلك ويجوز له تأخيره
عند يومه ثم لا يجوز له
التأخير عن ذلك وقال أبو حنيفة اخر وقته اخر أيام النحر وقال باقي الجمهور لا تحديد لاخره لنا انه فسد في الحج فكان اخره محدودا كالوقوف
والرمي وما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لا يبيت المتمتع يوم النحر بمنى حتى يزول وفي
صحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المتمتع متي يزور قال يوم النحر أو من الغدو لا يؤخر والمفرد والقارن
ليسا سواء موسع عليهما احتجوا بأنه لو طاف بعد أيام النحر لم يكن عليه دم فكان طوافه صحيحا لو طاف قبل فواتها والجواب نحن لا
نوجب الدم بتأخيره عملا بالبراءة السالمة عن المعارض ولا ثم لا يستلزم الكفارة وكذلك الصحة فروع الأول لو اخر المتمتع
زيارة البيت عن اليوم الثاني من يوم النحر لا كفارة عليه وكان طوافه صحيحا الثاني قد بينا ان المتمتع إذا طاف طواف الزيارة حل له
كل شئ الا النساء والصيد فلا وجه لإعادة ذلك الثالث يجوز المقارن والمفرد تأخير طواف الزيارة والسعي إلى اخر ذي الحجة
لما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن زيارة البيت يؤخر إلى يوم الثالث قال تعجيلها أحب إلى وليس به
بأس ان اخره وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بان يؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر انما يستحب تعجيل
ذلك مخافة الاحداث والمعاريض وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل نسي ان يزور البيت حتى أصبح فقال ربما
أخريه حتى يذهب أيام التشريق ولكن لا يقرب النساء والطيب إذا عرفت هذا فان للتأخير وان كان جايزا لهما لكنه مكروه للعلة التي
ذكرها الصادق (ع) في حديث ابن سنان يدل على ذلك أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في زيارة
البيت يوم النحر زره فان شغلت فلا يضرك ان تزور البيت من الغد ولا يؤخران يزور من يومك فإنه يكره للمتمتع ان يؤخره وموسع
للمفرد ان يؤخره مسألة ويستحب لمن أراد زيارة البيت ان يفعل كما فعله أول قدمه من الغسل وتقليم الأظفار واخذ الشارب و
والدعاء إذا وقف على باب المسجد وغير ذلك من الوظايف لما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا ذبحت أضحيتك فاحلق
رأسك فاغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك وزر البيت وطف به أسبوعا يفعل كما صنعت يوم قدم مكة وفي الصحيح عن معوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال إذا اتيت البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت اللهم أعني على نسك وسلمني له وسلمه لي
أسئلك مسألة العليل الدليل المعترف بذنبه ان يغفر ذنوبي وان ترجعني بحاجتي اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك
جئت اطلب رحمتك وارم طاعتك متبعا لأمرك راضيا بقدرك أسئلك مسألة المضطر إليك المطيع لأمرك المشفق من عذابك
الخائف من عقوبتك ان يبلغني عفوك وتجيرني برحمتك ثم يأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبله فان لم يستطع فاستلمه بيدك وقبل
يدك وإن لم تستطع فاستقبله وكبر وقل كما قلت حين طفت بالبيت سبعة أشواط كما وصنعت لك يوم قدمت مكة ثم صل
عند مقام إبراهيم (ع) ركعتين يقرء فيهما قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ثم ارجع إلى الحجر الأسود فقبله ان استطعت واستقبله
وكبر ثم اخرج إلى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ثم أتت المروة فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت
منه الا النساء ثم ارجع إلى البيت فطف به أسبوعا اخر ثم تصلي ركعتين فيه مقام إبراهيم (ع) قد أحللت من كل شئ وفرغت من
حجك كله وكل شئ أحرمت منه فروع الأول لا بأس ان يغتسل من منى ويأتي إلى مكة فيطوف بذلك الغسل لما رواه
767

الشيخ عن حسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المغسل إذا أردت البيت من منى فقال إني اغتسل بمنى ثم أزور البيت
الثاني لا بأس ان يغتسل نهارا ويطوف ليلا بذلك الغسل ما لم ينقضه بحدث أو نوم فان نقضه اعاده استحبابا بالتطوف على
غسله رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار ويزور بالبيت بغسل واحد قال
يجزيه إن لم يحدث فان أحدث ما يوجب وضوء فليعد غسله وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل
يغتسل الزيارة ثم ينام يتوضأ قبل أن يزور قال يعيد غسله لأنه انما دخل بوضوء الثالث يستحب للمراة الغسل كما يستحب للرجل
لأنها أحد المكلفين فاستحب الغسل بها كالرجل ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عمران الحلبي قال سألت أبا عبد الله تغسل النساء إذا
اتين البيت فقال نعم ان الله تعالى يقول وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود فينبغي للعبد الا يدخل الا وهو طاهر قد
غسل عنه العرق والأذى وتطهر مسألة فإذا فعل ما ذكرناه من الأغسال وتقليم الأظفار وغير ذلك وقف على باب المسجد
ثم دعا بما ذكرناه ثم يدخل المسجد ويأتي الحجر الأسود فيستسلمه ويقبله فان لم يستطع استلمه بيده وقبل يده فان لم يتمكن استقبله و
كبر وقال ما قال حين طاف يوم قدم مكة كل ذلك مستحب ثم يطوف واجبا طواف الزيارة أسبوعا يبدأ بالحجر ويختم به على ما مضى
وكره فإذا فرغ من طوافه صلى ركعتين في مقام إبراهيم (ع فرضا واجبا ثم يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه ان استطاع والا استقبله
وكبر مستحبا ثم يخرج واجبا للسعي فيصنع عنه ما صنع يوم دخل مكة ويطوف بين الصفا والمروة سبعة أشواط يبدأ بالصفا و
يختم بالمروة على ما مضى وصفه فإذا فعل ذلك فقد أحل من كل شئ الا النساء ثم يرجع إلى البيت ويطوف به طواف النساء أسبوعا
يبدأ بالحجر ويختم به فرضا واجبا ثم يصلي ركعتيه في المقام واجبا وقد حل له النساء دل على هذه الجملة كلها ما تقدم في حديث معوية بن
عمار الصحيح عن الصادق (ع) مسألة وهذا طواف الزيارة فرض واجب لا نعلم فيه خلافا لما تقدم وصفته كصفة طواف
القدم على ما تقدم والنية شرط فيه كما هي شرط في طواف القدوم وبه قال اسحق وابن المنذر وقال الثوري والشافعي أصحاب الرأي
يجزيه وإن لم ينو الفرض الذي كنا قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين والطواف عبادة ولأنه عمل فيفتقر إلى
النية لقوله (ع الأعمال بالنيات وانما لأمر ما نوى ولان النبي صلى الله عليه وآله قال الطواف بالبيت صلاة فسماه صلاة ولا يصح
الصلاة الا بالنية اجماعا مسألة فإذا فرغ من طواف الزيارة وصلى ركعتين سعى سعى الحج كما فعله يوم القدوم وهو واجب
وركن في الحج عندنا وبين الجمهور خلاف في أنه هل هو مستحب أو واجب ذكرناه في باب السعي ويدل على وجوبه زيارة على ما تقدم ما رواه
الشيخ في الحسن عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في حديث ذكر فيه حكم الرمي ثم قال قلت رجل نسي السعي بين الصفا والمروة قال
يعيد السعي قلت فإنه ذلك حتى خرج قال يرجع فيعيد السعي ان هذا ليس كرمى الجمار ان الرمي ستة والسعي بين الصفا والمروة فريضة إذا
عرفت هذا فقد بينا ان التحلل الثاني يقع عند طواف الزيارة فعل يشترط فيه السعي حتى أنه لا يحل التحليل الثاني الا عند السعي أولا
يشترط الأقرب عدم الاشتراط لأنهم (ع) علقوا التحليل بطواف الزيارة والسعي ليس جزء من المسمى وبين الجمهور خلاف فمن قال
هو فرض لم يحصل التحلل الا به ومن قاله وسنة ففي المتحلل قبله وجهان أحدهما التحلل لأنه لم يبق عليه شئ من واجبات الحج عندهم والثاني
عدمه لأنه من أفعال الحج فيأتي به في احرام الحج كالسعي في العمرة مسألة فإذا فرغ من طواف الحج وسعيه طاف طواف النساء لان حل النساء انما يحصل به
وهذا الطواف المسمى بطواف النساء فرض واجب على الرجال والنساء والخصيان من البالغين وغيرهم ذهب إليه علماؤنا اجمع وأطبق الجمهور
على أنه ليس بواجب لنا ما رواه الجمهور عن عايشه انها قالت فطواف الذين أهلوا بالعمرة وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا اخر
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد قال قال أبو الحسن (ع) في قول الله عز وجل وليطوفوا بالبيت العتيق قال هو طواف
النساء وعن حماد الباب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل وليطوفوا بالبيت العتيق قال هو طواف النساء وفي الصحيح
عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لولا ما من الله تعالى به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم ولا ينبغي لهم ان
يمسوا نسائهم يعني لا يحل لهم النساء حتى يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا اخر بعدما سعى بين الصفا والمروة وذلك على النساء والرجال واجب
فروع الأول طواف النساء واجب في الحج والعمرة المبتولة عند علمائنا أجمع اما وجوبه في الحج فقد تقدم واما وجوبه في العمرة
المبتولة فيدل عليه ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن رياح قال سألت أبا الحسن (ع) عن مفرد العمرة عليه طواف النساء قال نعم وعن إبراهيم بن عبد
الحميد عن عمر وغيره عن أبي عبد الله (ع) قال المعتمر يطوف ويسعى ويحلق قال ولابد له بعد الحلق من طواف اخر ولا يعارض ذلك ما رواه
الشيخ عن أبي خالد مولى علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن مفرد عليه طواف النساء قال ليس عليه طواف النساء قال الشيخ (ره) انه مجهول على أنه إذا دخل
الانسان معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحج ثم أراد أن يجعلها متعة فإنه يجوز له ذلك ولا يلزمه طواف النساء لان طواف النساء انما يلزم المعتمر عمرة مفردة فإذا
768

تمتع بها إلى الحج يسقط عنه واستدل عليه بما رواه محمد بن عيسى قال كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازي إلى الرجل سأله عن العمرة المبتولة
هل على صاحبها طواف النساء وعمرة التي يتمتع بها إلى الحج فكتب اما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى قال
سأله أبو حارث عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فطاف وسعى وقصر هل عليه طواف النساء قال انما طواف النساء بعد الرجوع من منى و
قد روى الشيخ عن سيف عن يونس قال ليس طواف النساء الأعلى الحاج قال الشيخ (ره) فليس بمعترض ما ذكرناه لان هذا الرواية غير
مسندة إلى أحد من الأئمة (عل) وإذا كان حالها ذلك لم يجب العمل بها ومع ذلك فهي رواية شاذة لا يقابل بمثلها الأخبار الكثيرة
بل يجب العدول عنها إلى العمل بالأكثر والأظهر الثاني قد بينا ان طواف النساء واجب على الرجال والنساء والصبيان والشيوخ و
الخصيان عملا بالعمومات وبما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الخصيان والمراة الكبيرة
أعليهم طواف النساء قال نعم عليهم طواف النساء كلهم الثالث كل احرام يجب فيه الطواف النساء الاحرام العمرة المتمتع بها إلى الحج لما
تقدم وكل طواف لا بد له من سعى يتعقبه إلى طواف النساء مسألة ولو ترك طواف النساء ناسيا لم يحل له النساء يجب عليه العود
وطواف النساء مع المكنة فان لم يتمكن من الرجوع جاز له ان يأمر من يطوف عنه طواف النساء وقد حلت له النساء ولو مات ولم يكن طاف قضاه وليه
عنه لأنه أحد المناسك الواجب فلا يخرج عن العهدة الآية ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله قال لا يحل له النساء حتى يزور البيت فان هو مات فليقض عنه وليه أو غيره فاما
ما دام حيا فلا يصلح ان يقضي عنه وان نسي الجمار فليسا سواء ان الرمي سنة والطواف فريضة ويدل على جواز الاستنابة فيه مع تعذر
الرجوع بنفسه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله قال
يرسل ويطاف عنه فان طوفي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه ولان التكليف بالرجوع مع عدم التمكن تكليف
بما لا يطاق ويدل
عليه المنع من الاستنابة مع المكنة انه مكلف بالحج وأفعاله بالمباشرة مع المكنة والتقدير حصولها فلا يجوز الاستنابة وما رواه الشيخ
في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسي طواف النساء حتى اتي إلى الكوفة قال لا يحل له النساء حتى يطوف بالبيت
قلت فان لم تقدر قال يأمر من بطوف عنه مسألة قد بينا ان أول وقت طواف الزيارة يوم النحر قد وردت رخصة عندما
في جواز تقديم الطواف والسعي على الخروج إلى منى وعرفات وبه قال الشافعي وقال مالك لا يجزيه الإفاضة فليرم ثم لينحر ثم
ليقض لنا ما رواه الجمهور عن عطا ان النبي صلى الله عليه وآله قال له رجل أفضت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج عنه ان النبي صلى الله عليه وآله قال من قدم شيئا قبل شئ فلا حرج من طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن
صفوان عن يحيى الارزق عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم
النحر يصلح لها ان تعجل طواف الحج قبل أن تأتي منا قال إذا خافت ان تضطر إلى ذلك فعلت وعن محمد بن حمران قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن رجل زار البيت قبل أن يحلق قال لا ينبغي الا ان يكون ناسيا ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله اتاه أناس يوم النحر
فقال بعضهم يا رسول الله ذبحت قبل أن أرمي قال بعضهم ذبحت قبل أن احلق فلم يترك شيئا اخره كان ينبغي لهم ان يقدموه ولا شيئا
قدموه كان ينبغي لهم ان يؤخروه إلي قال لا حرج
البحث الثاني في الرجوع إلى منى مسألة فإذا قضى الحاج مناسكه
بمكة من طواف الزيادة والسعي وطواف النساء وجب عليها العود يوم النحر إلى منى والمبيت بها ليالي التشريق هي ليلة الحادي عشر والثاني
عشر والثالث عشر قاله علماؤنا اجمع وبه قال عطا وعروة وإبراهيم ومجاهد ومالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى
انه مستحب ليس بواجب وبه قا لألسن البصري لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمران رسو ل الله صلى الله عليه وآله رخص لعباس بن عبد
المطلب ان يبيت بمكة لبالي منى من أجل سقايته وتخصيص العباس بالرخصة للعذر يقتضي عدم المشاركة وعن ابن عباس قال
لم يرخص النبي صلى الله عليه وآله لأحد يبيت بمكة الا للعباس من أجل سقايته وعن ابن عمر قال لا يتبين أحد من الحجاج الا بمنى وكان يبعث
رجال يدعون أحد يبيت وراء العقبة وعن عايشه قالتا فاض رسول الله صلى الله عليه وآله من اخر يومه حين صلاة الظهر ثم يرجع
إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق والظهر انه فعله نسكا وقال خذوا عني مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا فرغت من طوافك للحج وطواف النساء فلا تبيت الا بمنى الا ان يكون شغلك في نسكك
وان خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك ان يبيت في غير منى وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) انه قا لفي الزيارة إذا خرجت
من منى قبل غروب الشمس فلا يصبح الا بمنى وفي الصحيح عن العيض بن القاسم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الزيارة من منى قال إن زاريا لنهار أو
عشاء فلا ينفجر الصبح الا وهو بمنى وان زار بعد نصف الليل أو سحر فلا بأس عليه ان يتفجر الصبح وهو بمكة احتج احمد بما رواه عن ابن عباس
قال إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت ولأنه قد حل من حجة فم يجب عله البيت لموضع معين كليلة لا حصبة والجواب عن الأول انه لا حجة فيه
769

مع أنه معارض بقول ابن عباس لا يتبين أحد من وراء العقبة من منى ليلا وعن الثاني بالفرو لبقاء يعطي المناسك عليه وهو الرمي في صورة
النزاع مسألة فان ترك المبيت بمنى وجب عله يعن كل ليلة شاة الا ان يخرج من منى بعد نصف الليل ويبيت بكة مشتغلا بالعبادة
قال علماؤنا فلو ترك المبيت وجب عليه دم فان ترك ليلتين وج عليه دمان فان ترك الثالثة لم يجب عنها شئ ووجب الدمان لا غير لان له
ان ينفرد في اليوم الأول الا ان تغير الشمس وهو بمنى فإنه لا يجوز له لسفر ويجب عليه المبيت فلان لم يبيت وجب عليه شاة ثلاثة وقال أبو حنيفة
لا شئ عليه إذا ترك المبيت وقال الشافعي إذا ترك المبيت ليلة واحدة وجب عليه مد وفيه قولان آخران أحدهما يجب عليه درهم والاخر
ثلث دم وهل الدم واجب أو يستحب قولان لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال من ترك نسكا فعليه دم
وقد بينا ان المبيت يسك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان قال قال أبو الحسن (ع) سألني بعضهم عن رجل مات
ليلة من ليالي منى بمكة فقلت لا أدري فقلت جعلت فداك ما يقول فيها قال عليه دم إذا مات فقلت ان كان انما حبسه شانه الذي كان
فيه من طوافه وسعيد لم يكن ليوم ولا لذة أعليه مثل ما على هذا قال ليس هذا بمنزله هذا وما أحب بمكة وقال ثلاثة من الغنم يذبحهن
وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه عن رجل بات بمكة في ليالي منى حتى أصبح فقال إن كان اتاها نهارا فبات فيها حتى أصبح فعليه
دم يهريقه ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن العيص بن القاسم قلا سلات أبا عبد الله (ع) عن رجل فاتته ليلة من ليالي
منى قال ليس عليه شئ وقد أساء وعن سعيد بن يسار وقال قلت لأبي عبد الله (ع 9 د فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل فقل لا بأس قالا الشيخ هذان
الخبران يحتملان وجهين أحدهم ان يكون الرجل قد بات بمكة مشتغلا بالدعاء والمناسك إلى أن تطلع الفجر فإنه لا شئ عليه حينئذ لا تقدم
ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى يطلع
الفجر فقال ليس عليه شئ كان في طاعة الله عز وجل والثاني ان يكون قد خرج من منى بعد نصف الليل فلا شئ عليه وان كان الأفضل ترك
الخروج حتى يصح لما رواه عبد الغفار الحارثي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل خرج من منى يريد البيت
قبل نصف الليل
فأصبح بمكة وقال لا يصلح له حتى يتصدق بها صدقة أو يهريق دما فان خرج من منى بعد نصف الليل لم يضر شئ وما رواه في الصحيح عن معوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) د قال لا يبيت أيام التشريق الا بمنى فان بت في غيرها فعليك دم فان خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل
الا واتن في منى الا ان يكون شغلك نسك أو خرج من مكة وان خرجت من بعد نصف الليل فلا يضرك ان تصبح في غيرها وقد روى
الشيخ عن القاسم بن محمد عن علي عن أبي إبراهيم (ع) قال سألته عن رجل زار البيت وطاف البيت وبالصفا والمروة ثم رجع فعليه
عنيه في الطريق فنام حتى أصبح فقال (ع) على دم شاة قال الشيخ ولا ينافي هذا الخير ما تضمنه الحديث الأول من قوله الا ان يكون
قد خرجت من مكة لان ذلك الخبر محمول على من خرج من مكة وجز عقبة المذنبين فإنه يجوز له ان ينام والحال هذه لما رواه في الصحيح
محمد بن إسماعيل عناب ي الحسن (ع) ة عن الرجل يزور فينام دون منى فقال إذا جاز عقبه المدينين فا بأس ان ينام وفي الصحيح عن جميل
عن أبي عبد الله (ع) قالم زار فنام في الطريق فان بات بمكة فعليه دم وان كان قد خرج منها فليس عليه شئ وان أصبح دون منى
فروع الأول يجوز النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق على ما يأتي فلا يجب المبيت حينئذ بمنى فلا تجب الكفارة عن الخلا
بها ما لو أخل بالمبيت في الليالي الثلث هل يجب عليه ثلث شاة أو شاتان للشيخ قولان أحدها يجب عليه ثلث شاة لان الصادق (ع)
أوجب عليه ثلاثا من الغنم ولا ثاني ينب عليه شاتان لا غير لان للمبيت في الليلة الثالثة غير واجب ويحتمل الخبر المزوي عن الصادق (ع) د
إلى من غربت الشمس ليلد النفر الثاني وهو بمنى فاه لا يجوز له حينئذ النفر بل يجب عليه المبيت تلك الليلة أو يكون قد أصاب النساء أو
الصيد في احرامه فإنه لا يجوز له النفر في اليوم الأول لان الله شرط الاتفاقية الثاني ظهر من الأحاديث التي تلوناها جواز الخروج
من منى بعد نصف اللي لو قيل يشترط أن لا يدخل من مكة الا بعد طلوع الفجر ولا كفارة لان المتجاوز عن النصف وهو معظم ذلك
الشئ يطلق عليه اسمه وان من بات بمكة مشتغلا بالعبادة وفي الليالي الثلث لا شئ عليه فلو بات بغير مكة أو بها غير مشتغل بالعبدة
وجبت الكفارة الثالث الأفضل أن لا يجوز من منها الأبعد الفجر لما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن الدلجمة إلى مكة أيام من منى وانا أريد ان أزور البيت قال لا حتى ينشق الفج ر كراهة ان يبيت الرجل بغير منى الرابع
الواجب الكون بمنى ولا يجب عليه شئ من العبادات الزايدة على سائر الأوقات بها عملا بالأصل السالم عن المعارض مسألة
ويجوز لهان يأتي إلى مكة أيام المني لزيارة البيت طوعا وان كان الأفضل المقام بها اي انقضاء أيام التشريق الا انه
لا يبيت الا بمنى على ما قدمناه ويدل على جواز ذلك الأصل والدليل انما دل على وجوب المبيت بها وهو انما يكون ليلا وما رواه الشيخ
في الصحيح عن جميل بن ردج عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يأتي الرجل مكة فيطوف بها أيام منى ولا يبيت الا بها وفي
770

الصحيح عن رفاعة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يزور البيت في أيام التشريق قال نعمان شاء وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن زيارة البيت أيام التشريق ان النبي صلى الله عليه وآله د أقام بها وما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن زيارة الحج في أيام التشريق فقال لا وانما قلنا إن هذا لنهى للكراهية ما تقدم من الأحاديث المسوغة
وما رواه الشيخ عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي بمكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف
بالبيت تطوعا فقال المقام بمنى أفضل له أحب اي مسألة وقد ر خص للرعاة المبيت في منازلهم وترك المبيت بمنى ما لم تغرب
الشمس عليهم في منى فإنه يلزمهم المبيت بها ولا نعلم خلافا في التي رخص روى الجمهور عن عاصم بن عدي ان النبي صلى الله عليه وآله رخص
للرعاة ان يتركوا المبيت بمنى ويرموا يوم النحر جمرة العقبة ثم يرموا يوم النفر ولان المبيت بمنى لمثلهم يشق عليهم فيكون منفيا لقوله تعال ى
ما جعل عليكم في الدين من حرج وكل أهل سقاية العباس يجوز لهم ترك المبيت بمنى لان لا نبي صلى الله عليه وآله رخص لأهل سقاية العباس
ان يدعوا للمبيت بمنى إذا عرفتها فقد قيل إنه لو غربت الشمس على أهل سقاية العباس بمنى لم يجب عليهم المبيت بها بخلاف الرعاة لان الرعاة
انما يكون رعيتهم بالنهار فقد فات فيفوت الضرورة فيجب عليهم المبيت واما أهل السقاية لشغلهم ثابت ليلا ونهارا فافترقا إذا ثبت
هذا فهل يضرهم ممن شاركهم في حسن الضرورة الترخص أم لا وذلك كمن له مريض يحتاج إلى المبيت عنده للعلاج أو يكون له بمكة
مال يخاف صباغه فعندنا يجوز لهم ترك المبيت وللشافعي وجهان لنا ان الترخص يثبت في حق الرعاة وأهل السقاية للحاجة وهي ثابته هنا
البحث الثالث في الرمي ويجب عليه ان يرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلث كل جمرة سبع حصيات وهي التي التقطت
من المشعر الحرام فانا قد بينا انه ينبغي له ان يلتقط حصى الجمار وهو سبعون حصاة من المشعر الحرام ولا نعلم خلافا في وجوب الرمي وقد يوجد
في بعض العبادات سنة ذلك أنه في بعض أحاديث الأئمة (عل) ومن لفظ الشيخ في الجمل والعقود وهو مجهول على أنه ثابت بالسنة
لا انه مستحب لان النبي صلى الله عليه وآله فعله نسكا وقال خذو أعني مناسككم وسيأتي وجوب أمور فيه فيكون واجبا إذا ثبت هذا فان أول الرمي
يوم النحر وهو مختص برمي جمرة العقبة بسبع حصيات لا غير على ما بينا أول قبل الذبح وما هذا الرمي فإنه للجمرات الثلاث كل جمرة سبع حصيات
في اليوم الحادي عشر عن ذي الحجة وهو أول أيام التشريق وفي اليوم الثاني عشر وهو ثانيها وف ي اليوم الثالث عشر وهو ثالث أيان التشريق فيرمي
في كل يوم الجمرات الثلاث بإحدى وعشرين حصات يبدأ بالجمرة الأولى وهي ابتداء الجمرات من مكة ويلي المسجد الخيف ويلزمها عن يسار ها
من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهن حذفا ويكبر مع كل حصت ويدعو ثم يقوم عن يسار الطريق وليستقبل القبلة ويحمد الله ويثنى عليه ويصل
على النبي صلى الله عليه وآله ثم ليتقدم قليلا ويدعو ويسأله ان يتقبل منه ثم يتقدم ويرى الجمرة الثالثة ويصنع عندها كما صنع عند
الأولى ويقف ويدعو بعد الحصاة السابعة ثم يمضى إلى الثالثة وهي جمرة العقبة يختم بها الرمي فيرميها كما رمى الأولتين الا انه لا يقف
عنده ولا نعلم في ذلك كله خلافا روى الجمهور عن عايشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وآله من اخر يومه حتى صلى الظهر ثم رجع
إلى منى فمكث بها ليالي التطريق برمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية فيطيل
القيام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عنده ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمر عن أبي عبد الله (ع)
قال ارم في كل يوم عند زوال الشمس وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة وابدأ بالجمرة للأولى فارمها ان يسارها في بطن الليل وقل كما
قلت يوم النحر ثم على يسار والطريق فاستقبل القبلة واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقدم قليلا فادع
واسأله ان يتقبل منك ثم يقدم أيضا وافعل ذلك عند الثانية واصنع كما تصنع بالأولى وتقف وتدعو الله كما دعوت ثم تمضى إلى
الثالثة وعليك السكينة والوقار ولا تقف عندها وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الجمار
فقال قم عندد الجمرتين ولا يقم عند جمرة العقبة فقلت هذا من السنة قال نعم قلت ما أقول إذا رميت قال كبر مع كل حصاة مسألة
ووقت الرمي في هذه الأيام كلها من طلوع الشمس اليث غروبها قالت أكثر علمائنا وللشيخ (ره) قولان أحدهما هذا وبه قال طاوس
وعكرمة والثاني قال في الخلاف لا يجوز الرمي الا بعد الزوال هو قول الفقهاء الربعة الا ان أبا حنيفة جوز الرمي يوم النفر
قبل الزوال استحسنا نا لنا ما رواه الجمهور عن أبي عباس ان رسو ل الله صلى الله عليه وآله كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس قد رمى
إذا فرغ من رميه صلى الظهر ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وآله كن يبادر إلى أداء الفريضة في أول وقتها فدل على أن الرمس قبل
الزوال ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن مهران قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول الرمس ما بين
طلوع الشمس إلى غروبها وعن منصور بن حازم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول رمى الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها
وفي الصحيح عن زرارة وابن أذنيه عن أبي جعفر (ع) أنه قال للحكم بن عتيبة ما حد رمي الجمار فقال الحكم عند وال الشمس فقال أبو جعفر (ع)
771

يا حكم أريت لو أنهما كانا اثنين فقال أحد هما لصاحبه احفظ علينا متاعنا حتى ارجع أكان يفوته الرمي هو والله ما بين طلوع الشمس إلى
غروبها ولأنه رمى فكان هذا وقت رمى جمرة العقبة يوم النحر فإنهم واتقونا على أن وقت ذلك الرمي هذا ولأنه رمى فكن هذا وقته
كرمى اليوم الثالث عند أبي حنيفة احتج الشيخ بالاجماع وطريقه الاحتياط فان فعل ما قلناه وأجزء بلا خلاف واحتج الجمهور النبي صلى الله عليه وآله
رمى هذا لقت يعني بعد الزوال والجواب ان الجماع لا يتحقق في صورة الخلاف نعم الجماع دل على جواز الرمي بعد الزوال
لا على المنع 8 قبله وهو المدعي هنا والدليل الذي ذكرناه يزيل الخلاف وفعل الرسول صلى الله عليه وآله كذا فعل وقد كان (ع)
يبادر إلى الأفضل فلو كان الأفضل قبله لبادر إليه وكذا لو كان مساويا فدل على أو لوية الرمي عند الزال ولقول الصادق (ع) في
حديث معاوية بن عمار الصحيح ارم في كل يوم عند الزوال الثاني الرمي بعد الزوال أفضل من الرمي قبله في الداء دون القضاء على
ما يأتي الثالث رخ العليل والخايف والرعاة والعبيد الرمي بالليل للصورة الحاصلة لهم دون غير هم ويدل عليه ما رواه
الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان نعن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بأن يرمي الخايف بالليل ويضحى ويقضي بالليل وفي الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) قال رخص للعبد الخايف والراعي في الرمي ليلا وعن علي بن عطيه قال أفضنا من المزدلفة بليل
انا وهشام بن عبد الملك الكوفي وكان هشام خائفا فانتهينا إلى الجمرة العقبة طلوع الفجر فقال لي هشام اي شئ أحدثنا أفي حجنا فنحن
كذلك إذ لقينا أبو الحسن موسى (ع) قد رمى الجمار وانصرف فأبت نفس هشام مسألة والترتيب بين الجمرات واجب في
الرمي فلو نكس قبل الجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الولي عاد على الوسطى ثم على جمزة العقبة وكذا لو بدأ بالوسطى ورمى الثلث لم
يجزه الا الأولى ولو رمى القص 2 وى ثم الأولى ثم الوسطى أعاد على القصوى خاصة وبالجملة يفيد ما يحصل معه الترتيب ذهب إليه علماؤنا
وبه قال مالك والشافعي والحمد وقال الحسن البصري وعطاء لا يجب الترتيب وهو قول أبي حنيفة لنا ان النبي صلى الله عليه وآله رتبها في الرمي
وقال خذوا عني مناسككم وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في قوله وابدأ بالجمرة الا ولى إلى أن قال ثم يقدم أيضا وافعل
ذلك عند الثانية ثم قال ثم يمضي إلى الثالثة ولأمر بالنداء والعطف ثم يقتضي الترتيب وما رواه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
في رجل رمى الجمار منكوسة قال يعيد على الوسطى وجمرة العقبة وعن مسمع عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني
فبدأ الجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأولى قال يأخذ ما رمى ويرمي الجمرة الوسطى ثم جمرة العقبة ولأنه نسك متكرر فاشترطي الترتيب
فيه كالسعي احتج أبو حنيفة بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه فقال من قدم نسكا بين يدي نسك فلا حرج ولأنها مناسك متكررة
في أمكنة متفرقة ف وقت واحد ليس بعضها تابعا لبعض فلا يشترط فيها الترتيب كالرمي والذبح والجواب عن الأول ان الحديث ورد
فيمن قدم نسكا على نسك لا فيمن قدم بعض النسك وعلى بعض وعن الثاني انه يبطل بالطواف والسعي مسألة و
يجب أنم يرمي من كل جمرة بسبع حصيا ن كملا فلا يجوز له الاخلال بحصاة منها ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي أصحاب الرأي وهو
إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى يجوز ان ينقص حصاة أو حصاتين ولا يجوز ان ينقص أكثر من ذلك وبه قال مجاهد واسحق لنا
ان النبي صلى الله عليه وآله رمى بسبع حصيات وما رآه الشيخ عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل رمى في الجمرة بست
حصيات ووقعت واحدة قال يعيد ها انشاء من ساعته وانشاء من الغد إذا أراد الرمي لا يأخذ من حصاء الجمار ووجوب الإعادة يستلزم
وجوب الابتداء احتج احمد بما روى أبي بحيح قال سال أوس عن رجل ترك حصات قال يتصدق بتمرة أو لقمته فذكرت ذلك بمجاهد وقال إن
عبد الرحمن لم يسمع قول سعد قال سعد رجعنا من الحجة مع رسول الله صلى الله عليه وآله بعضنا يقول رميت ست وبعضنا يقول رميت
بسبع فلم يصب ذلك بعضنا نعلي بعض والجواب يجوز ان يكون الترك لسهو فإنه كما يحصل العمد يحتمل ذلك وحكاية الحال لا عموم لها مسألة قد بينا
ان الترتيب في الجمرات واجب وهو يحصل بان يرمي الجمرة العظمى التي يلي مسجد الخيف هو أقربها من منى أو بعدها من مكة ثم الوسطى ثم
القصوى كل واحدة بسبع حصيات كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وقد يحصل الترتيب إذا أخل ببعض الرميات في الأولى وفي الثانية ناسيا
شرط ان يرمي التي أخل يرمي بعضها بارع حصيات فما زاد فلو نسي فرمى الأولى بأربع حصيات ثم في الثانية بسبع ثم رمى الثالثة وذكر
الاخلال أكمل على الأولى بثلاث وكذا لو كان السهو في الثانية اما لو رواها بثلث فاه يعيد على ما يعدها بعد اكمالها فلو رمى الأولى
ثلاث ثم الثانية بسبع والثالثة أتم بأربع على الأولى ثم أعاد على الوسطى والقصوى ولو رمى الثانية بثلاث ثم الثالثة أكمل الثانية
ثم أعاد على الثالثة وقال الشافعي لو أخل بحصاة واحدة بطل الترتيب ووجبت الإعادة على ما يحصل معه الترتيب لنا ان الأكثر يقوم
مقام الشئ مع النسيان ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية به عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل رمى جمزة الأولى
772

بثلاث والثانية بسبع والثالثة قال يعيد ويرميهن جميعا بسبع فان رمى الأولى بأربع والثانية بثلاث والثالثة بسبع قال
يرمي جمرة الأول ى بثلاث والثانية بسبع ويرمي جمرة العقبة بسبع قلت فان ه رمى جمرة الأول ى بأربع والثانية بأربع والثالثة بسبع قال
يعيد ويرمي الأولى بثلاث والثانية بثلاث ولا يعيد على الثالثة وعن علي بن أسباط قال قال أبو الحسن (ع) إذا رمى الرجل الجمار قل
من أربعة لم يجزه أعاد وأعاد على ما بعدها وان كان قد أتم ما بعدها وإذا رمى شيئا منها أربعا مني عليها ولم يعد على ما بعد ها ان كان قد
أتم رميه فروع الأول لو رمى ست حصيات فضاعت منهن واحدة فليعدها وان كان من الغد ولا يسقط وجوبها لان أداء
الواجب انما يحصل بفعله ولما رواه الشيخ عن عبدا العلى عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل رمى في الجمرة بست حصيات ووقعت
واحدة قال يعيدها انشاء من ساعته وان شاء من الغد إذا أراد الرمي ولا يأخذ من حصى الجمار قال وسألته عن رجل رمى جمرة
العقبة بست حصيات ووقعت حصات في مجل قال يعيدها الثاني لو علم أنه قد أخل بحصاة ولم يعلم من اي الجمار هي فليرم الثالث
بثلاث حصيات ليحصل التعين باكمال العدد في الجميع ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في رجل
اخذ حدى وعشرون حصات فرمي بها فزاد واحد فلم يدر من أيهن يفيض قال فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة وان سقطت من رجل
حصاء فلم يدر أيتهن هي قال يأخذن من تحت قدميه حصات فرمي بها قال فان رمت بحصاة فوقعت في محل فأعد مكانها وان هي أصابت انسانا
أو حملا ثم وقعت في الجمار أجزأك الثالث الواجب ان برمي بسبع حصيات في سبع مرات فان رماها في دفعة أو أقل من سبع لم
يجزه الا بعدد الرميات لان النبي صلى الله عليه وآله رمى سيع حيا ت في سبع رميات وقال خذوا
عني مناسككم مسألة ويجوز الرمي راكبا
وماشيا أفضل روى الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى انه رأى أبا جعفر الثاني (ع) رمى الجمار راكبا وعن محمد بن الحسن
عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) في رمى الجمار ان رسو ل الله صلى الله عليه وآله رمى الجمار راكبا وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي
نجران انه رأى أبا الحسن الثاني (ع) يرمي الجمار وهو راكب حتى رماها كلها وقال الشافعي يرمي في اليوم الآخر راكبا وفي اليوم
الأولين ماشيا لان النفير يتعقب الرمي في اليوم الثالث فإذا كان راكبا مضى عقيب الرمي وفي اليومين الأولين يكون مقيما والجميع جايز
مسألة ويستحب ان يترك الحصى في كفه ويأخذ منها ويرمي والتكبير عند كل حصاة يرميها والمقام بمنى أيام التشريق وان
يرمي الجمرة الأولى عند يمينه ويقف ويدعوا وكذا الثانية ويرمي الثالثة مستدبر القبلة مقابلا لها ولا يقف عندها فلو أخل
بشئ من ذلك لم يكن عيه شئ ولا نعلم فيه خلافا الا الثوري فإنه قال إن تبرك الوقوف والدعاء أطعم شيئا وان أراد رمى كان أحب إلى
لان النبي صلى الله عليه وآله فعله فيكون نسكا لنا ان ه مهدب فلا تجب الكفارة بتركه مسألة ويجوز ان يرمي عن العليل المبطون
والمغمى عليه والصبي وامن أشبههم من أصحاب الاعذار للضرورة روى الشيخ في الحسن عن معاوية وعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع)
قال الكبير والمبطون يرمي عنهم قا والصبيان يرمي عنهم وفي الصحيح عن إسحاق بن مار قال سلتت الا إبراهيم
(ع) عن المريض يرمي منه الجمار
قال نعم يحمل إلى التمرة ويرمي عنه وفي الصحيح عن رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل أغمي عليه فقال يرمي عنه الجمار وعن
داود بن علي اليعقوبي قال سألت أبا الحسن موسى (ع) د عن المريض لا يستطيع ان يمي الجمار فقال يرمي عنه وعن يحيى بن سعيد عن أبي عبد الله
(ع) قال سألته عن امرأة سقطت على المجمل فأنكرت ولم يقدر على رمى الجمار قال يرمي عنها وعن المبطون وعن إسحاق بن عمر عن أبي
الحسن (ع) قال سألته عن المريض يرمي عنه الجار قال يحمل إلى الجمار ويرمي عنه قلت فإنه لا يطيق ذلك قال ترك في منزله رمي عنه قلت
فالمريض المغلوب يطاف عنه قال لا ذلك يطاف به مسألة قد بينا يجب عليه ان يرمي أيام التشريق الجمار الثلث في كل يوم فلو نسي
رمى يوم بعض الجمرات أو جميعها اعاده من الغدو للشافعي قولان أحدهما ان يرمي كل يوم محدود الأول والاخر والثاني ان الجميع
كاليوم الواحد فعلى القول الثاني يعيد في اليوم الثاني والثالث ما فاته قبله وعلى القول الأول هل يسقط بفوات وقته فيه وجها ن
أحدهما السقوط لنا انه وجب عليه الرمي فلا يخرج عن العهدة الا به وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى مني فعرض له قلم يرم حتى غابت الشمس قال يرمي إذا أصبح مرتين مرة لما فاته والأخرى ليومه
الذي يصبح فيه والفرق بينهما يكون أحدهما بكرة وهو الأمس الخر عند زوال الشمس وعن يزيد العجلي قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن رجل نسي رمى الجمرة الوسطى في اليوم الثاني قال فليرمها في اليوم الثالث لما فاته ولا يجب عليه في يومه وجه قول الشافعي بالسقوط انه
رمى يوم من أيام التشريق فكان محدود ا بغروب الشمس كاليوم الثالث لأنه لو كان ير محدود لجاز تأخير ه من اليوم الأولى إلى الثاني
وإذا فات الوقت المحدود سقط الفعال والجواب بمنع انه محدود الوقت أولا لما رواه عن عاسم ان النبي صلى الله عليه وآله رخص للرعاة
ان يتركوا المبيت بمنى ويرموا يوم النحر مجمرة العقبة ثم يرموا يوم النفر ولو كان محدودا لما سوغ لهم التأخير حتى يكون الفصل قضاء ولأنه
773

إذا جاز للمعذور جاز لغيره كاليوم الأول فاما اليوم الأخير فالأصل فيه إذا غربت الشمس خرج وقت الرمي بأجمعه وههنا لم يخر ج وقت جمع الرمي
فافترقا وقولهم لا يجوز له تأخير الرمي لا يدل على فواته فإنه ليس له ان يؤخر الوقوف إلى الليل ومع ذل فلا يفوته بالتأخير سلمنا لكن لا نسلم
سقوط الفعل بفوات الوقت فإنه نفس التنازع سلمنا لكن وجود الدليل على وجوب الاتيان به لا يكون ساقطا فروع الأول
إذا فاته رمى يوم فقد قلنا إن ه يقضيه وجوبا لما تقدم من الأحاديث وللشافعي ثلاثة أقوال أحدها السقوط إلى الدم والثاني القضاء و
الدم كقضاء رمضان إذا اخره إلى رمضان اخر والثالث يقضي ولا شئ عليه كقولنا كالوقوف إذا اخره إلى الليل لنا على وجوب القضاء ما تقدم
وعلى سقوط الدم الصل السالم عن المنافي الثاني يستحب له ان يرمي الذي لامسه يكره والذي ليومه عند الزوال ما الأول فلما بادرة
إلى القضاء واما الثاني فلانه وقت الفضيلة ويدل عليه حديث ان سنان عن الصادق (ع) الثالث قال الشيخ (ره) الترتيب وأحبه
بين الفائت والحاضر فرمى ما فاته أولا والذي ليومه بعده فلو رمى الذي ليومه أولا ثم يقع الذي لامسه لعدم ارادته ولا الذي ليومه لسقوط
الترتيب كما لو رمى الجمرة الثانية قبل الأولى وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني ستة لنا ان الواجب الترتيب أداء فيكون الرابع
قال (ره) لو رمى جمرة واحدة بأربع عشر حصيات سبعا ليومه وسبعا لامسه بطلت الأولى وكانت الثانية لامسه الخامس لوفاته رمى
يومين قضاه يوم الثالث مرتبا على ما قلنا ولا شئ عملا بالأصل الا سادس لو فاته حصات أو حصاتان أو ثلث حتى خرجت أيام التشريق
لم يكن عليه شئ وان رماها في القابل كان أحوط وقال الشافعي ان ترك واحدة فعليه مد وان ترك ثنتين فمدان وان ترك ثلثا
قدم إذا كان ذلك من الجمرة الأخيرة وان كان من الأولتين بطل الرمي لنا ان أصل بدائة الدمة فلا يصار إلى خلافه الدليل ولم
يثبت مسألة لو نسي رمى الجمار كلها في الأيام بأجمعها حتى جاء إلى مكة وجب عليه الروع إلى مني وإعادة الرمي ان كانت
أيام التشريق ولم يخرج وان خرجت قضاه من قابل في أيام التشريق أو يأمر من يقتضي عنه الرمي ولآدم عليه وقال الشافعي لا فضاء
عليه إذ فاتت أيام التشريق قولا واحدا وما يجب عليه عنه قولان أحدهما دمك واحد والثاني أربعة وما لنا انه مكلف بالرمي فلا يخرج
عن العهدة الا به اما بفعله أو بفعل نائبه دفعا للحرج الحاصل من الاقتصار على المباشر والصل براءة الذمة من الكفارة فلا يثبت
خلافه الا بدليل ورواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمر قال سألت أبا عبد الله (ع) ما تقول في امرة جهلت ان ترمي الجمار حتى
تعود إلى مكة قال فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي والرجل كذل ك وعن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل نسب رمى
الجمار قال يرجع فليرمها قلت فإنه نسيها حتى إلى مكة قال يرجع فيرمي متفرقا فيفصل بين كل رميتين ساعة قلت فإنه نسي أو جهل حتى فإنه
وخرج قال أليس عليه ان يعيد قال الشيخ (ره) معناه ليس عيه ان يعيد هذه لسنة لفوات وقت الرمي ويجب عليه إعادة في العام
المقبل لما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال من أغفل رمى الجمار أو بعضها حتى يمضي أيام التشريق فعليه ان يرميها من قابل
فان لم يحج رمى عنه وليه فان لم يكن له ولى ي استعاد رجل من المسلمين يرمي عنه فإنه لا يكون رمى الجمار الا أيام التشريق فروع
الأول لو نسي رمى الجمار في يوم النحر وأيام التشريق معا وجب عليه القضاء ولا دم على ما تقدم من الخلاف بيننا وبين الشافعي وقد سلف
البحث فيه الثاني لو اخر رمى جمرة العقبة يوم النحر أعادها يوم الثاني من أيام النحر وللشافعي قولان أحدهما ان يسقط ولا يكون
أيام التشريق وقتا له لأنه يخالفها فلا يتعلق رمى يوم النحر الا بجمرة العقبة فهو يحسن اخر بخلاف بعض الأيام مع بعض والثاني القضاء
وهو الأصح عند نا لأنه رمى فات وقته وكان عليه القضاء كرمى أيام التشريق ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى مني فعرض له فلم يرم حتى غابت الشمس قال يرمي إذا أصبح مرتين مرة لما فاته و
الأخرى ليومه الذي يصبح فيه الحديث الثالث قال الشيخ (ره) قد روى أن من ترك الجمار متعمدا لا يحل له النساء وعليه الحج من قابل رواه
محمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن يحيى بن مبارك عن عبد الله بن جميلة عن أبي عبد الله (ع) قال من ترك رمى الجمار متعمدا لم يحل له
النساء وعليه الحج من قابل قال الشيخ (ره) وهذا الخبر محمول على الاستحباب لأنا قد بينا في كتابنا الكبيران الرمي سنة وليس بفرض وإذا لم يكن
فرضا ولا هو من أركان الحج لم يجب عليه إعادة الحج بتركه وهذا يدل على اضطراب رأى الشيخ (ره) في وجوب الرمي الرابع قد بينا انه
يجوز الاستنابة في الرمي عن العليل والمريض فلو ينسى النايب كان حكمه حكم المنوب وقد تقدم إذا ثبت هذا فإنه لا يشترط في الرمي عن
المريض ان يكون مأيوسا منه ويستحب للنايب عن المريض الصبى وغيرهما ان يستأذنه في ذلك وان يصنع المنوب عنه الحصى في كف النائب
تشبيها بالرمي هذا إذا كان عقله ثابتا وان أغمي عليه فإن كان قد اذن لغيره في الرمي قبل زوال عقله لم يبطل اذنه جاز للنائب الرمي عنه وان
زال عقله قبلا الاذن جاز له ان ترمي عنه عندنا عملا بالعمومات إذا ثبت هذا فان زال العذر ووقت الرمي باق وقد فعله النايب
لم يجب عليه فعله لان الغرض قد سقط بفعل النائب مسألة قد بينا ان وقت الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها وان
774

ما قرب من الزوال أفضل فلا يجوز الرمي ليلا حينئذ لأنها عبادة موقتة فلا تفعل الا في وقتها المضروب لها ولما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن
مهران عن أبي عبد الله (ع) قال رخص للعبد والخايف والراعي في الرمي ليلا والتخصيص لهؤلاء بالرخصة يدل على نفيها عمن سواهم
إذا لم يشاركهم في العذر وكذلك وقت القضاء فإنه بعد طلوع الشمس من اليوم الثاني مسألة ويستحب التكبير بمنى أيام التشريق
عقيب خمس عشر صلاة وفي سائر الأمصار عقيب عشر صلوات أول الصلوات الظهر يوم النحر لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية ويستوي هو
والخلاف في ابتداء المدة الا ان المحرم يكبر عقيب خمس عشر صلاة والمحل عقيب عشر على ما بيناه قال الله تعالى وليكبروا الله على ما هداكم و
اختلف علماؤنا في وجوبه فقال السيد المرتضى (ره) انه واجب عملا بالأمر وبما رواه الشيخ عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (ع)
قال التكبر واجب في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة أيام التشريق وقال الشيخ (ره) هو مستحب عملا بالأصل وحمل ما ورد على الاستحباب لما رواه
عمار بن موسى عن أبي عبد الله (ع) في الرجل نسي ان يكبر أيام التشريق قال إن نسي حتى قام عن موضعه فليس عليه شئ إذا عرفت
هذا فإنما يستحب عقيب الفرايض اما النوافل فلا ورواية عمار ضعيفة لما رواه الشيخ عن داود بن فرقد قال قال أبو عبد الله (ع) التكبير في
كل فريضة وليس في النافلة تكبير أيام التشريق وصورة التكبير ههنا أن يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر على ما هدانا
الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام روى ذلك الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له التكبير أيام التشريق في دبر الصلاة فقال التكبير بمنى في دبر خمس عشر صلاة وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات وأول التكبير في دبر صلاة الظر يوم النحر
يقول فيه الله أكبر الله أكبر لا اله الا لله والله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ارزقنا من بهيمة الأنعام وانما جعل في سائر الأمصار
في دبر عشر صلوات التكبير إذا نفر الناس في النفر الأول أمسك أهل الأمصار عن التكبير وكبر أهل مني ما داموا بمنى إلى السفر الأخير
وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يكبر أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من أيام التشريق
وان أنت أقمت بمنى وان أنت خرجت من مني فليس عليك تكبير والتكبير الله أكبر الله أكبر لا إله الا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على
ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أولانا وقد روى في الحسن عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن قول الله عز وجل واذكر الله في أيام معدودات قال التكبير في أيام التشريق صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم
الثالث وفي الأمصار عقيب عشر صلاة فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار ومن أقام بمنى فصلى بها الظهر والعصر فليكبر و
قد تقدم البحث في التكبير وصفته ووقته وذكر الخلاف فيه والتعريفات عليه في باب صلاة العيدين وباقي مباحث الرمي سلفت في بابه
مسألة ويستحب للامام ان يخطب بعد الظهر يوم الثالث من أيام النحر وهو الثالث من أيام التشريق وهو النفر الأول فيودع
الحاج وتعليمهم ان مراد التعجيل ممن أبقى فله ذلك وبه قال الشافعي واحمد وابن المنذر وقال أبو حنيفة لا يستحب ذلك لما ما رواه
الجمهور عن سراء ثبت ينهان قالت خطبنا النبي صلى الله عليه وآله يوم الرؤس فقال اي يوم هذا فقلنا الله ورسوله اعلم فقال ليس أوسط
أيام التشريق وعن رجلين من بنى بكر قالا رأينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب بين أوساط أيام التشريق ونحن عند راحلته
وعن عبد العزيز بن الربيع بن سيره عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وآله خطب وسط أيام التشريق يعني يوم النفر الأول
ولان الناس حاجة إلى معرفة التعجيل والوداع وكيفته فاستحب الخطبة لذلك احتج أبو حنيفة بأنه يوم من أيام التشريق فلا يستحب
فيه الخطبة كغيره من اليومين والجواب والفرق فان بالناس حاجة إلى معرفة التعجيل وهو انما يحصل بالخطبة واعلام الرسول صلى الله عليه وآله
بخلاف اليومين
البحث الرابع في السفر من مني مسألة إذا رمى الحاج الجمار الثلث في اليوم الأول
من أيام التشريق وفي اليوم الثاني مما جاز له ان ينفر من مني ويسقط عنه رمى اليوم الثالث ان كان قد اتقى في احرامه النساء والصيد
وقد اجمع أهل العلم كافة على أن من أراد الخروج من مني شاخصا عن الحرم غير مقيم بمكة فله ان ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني
من أيام التشريق لا نعلم فيه خلافا والأصل فيه قوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى واختلف في قوله تعالى ومن
تأخر فلا اثم عليه مع أن التأخير لأنه يأتي بالنسك كاملا فحكى عن ابن مسعود أنه قال فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه اي كفرت
سيئاته وكذلك من تأخر وقيل لا اثم عليه بالتعجيل وقوله ومن تأخر فلا اثم عليه من أوجه في الكلام وقيل إن ذلك ورد على
سبب فان قوما قالوا لا يجوز التعجيل ولم يقولوا لا يجوز التأخير فوردت الآية على ذلك القول ويحتمل ان يكون المراد بذلك
دفع الوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهم أحد ان يخصص التعجيل بنفي الاثم يستلزم حصوله بالتأخير وقد أشار الصادق
(ع) إلى ذلك قال في حديث فان الله تعالى يقول فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه فلو سكت لم يبق أحدا لا يعجل ولكنه قال ومن تأخر فلا
اثم عليه مسألة ولا فرق في جواز النفر في النفر الأول بين أهل مكة وغيرهم ممن يريد المقام بمكة أو لا يريد في قول عامة
775

أهل العلم وقال احمد لا ينبغي لمن أراد المقام بمكة ان يتعجل وقال مالك من كان من أهل مكة وله عذر فله ان يتعجل في يومين فان
أراد التخفيف عن نفسه من امن الحج فلا لنا قوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى وهو عام في أهل مكة
وغيرهم فلا وجه للتخصيص وروى الجمهور عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال أيام مني ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن
تأخر فلا اثم عليه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أردت أن تنفر في يومين
فليس لك ان تنفر حتى تزول الشمس فان تأخرت إلى اخر أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عليك اي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال
أو بعده ولأنه دفع من كان فيه فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم كالدفع من عرفه ومزدلفة احتج المخالف بقول عمر من شاء من الناس كلهم ان ينفر
في النفر الأول الا إلى حريمه فلا ينفر والا في النفر الأخير والجواب ان قول عمر ليس بحجة خصوصا إذا خالف القران أو يحمل على أنهم لم يتقولا
على أنهم من أهل مكة مسألة وانما يجوز النفير في النفر الأول لمن اتقى النساء والصيد في احرامه فلو جامع في احرامه أو قبل صيد أفيه لم يجزله ان
ينفر في النفر الأول ووجب عليه المقام بمنى والنفر في اليوم الثالث من أيام التشريق ولا نعرف للجمهور في ذلك قولا يحضرنا الا ان لنا قوله
تعالى لمن اتقى والشرط يخرج عن العموم ما انتفى عنه وما رواه الشيخ عن محمد بن المستنير عن أبي عبد الله (ع) قال من أتى النساء في احرامه
لم يكن له ان ينفر في النفر الأول وعن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه
لمن اتقى الصيد يعني في احرامه فان اصابه لم يكن له ان ينفر في النفر الأولى وروى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا
عبد الله (ع) يقول في قول الله عز وجل فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه وما تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى قال يتقى الصيد حتى ينفر أهل مني في النفر الأخير
وروى ابن بابويه عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر (ع) انه لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم الله عليه في احرامه وفي رواية
علي بن عطية عن أبيه عن جعفر (ع) قال لمن اتقى الله عز وجل والمشهور الأول مسألة والنفر في اليوم الأول انما يكون
بعد الزوال فلا ينفر قبله الا لضرورة أو حاجة يدعوه فيجوز له ان ينفر قبل الزوال روى ذلك الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال إذا أردت أن ينفر في يومين فليس لك ان ينفر حتى تزول الشمس وان تأخرت إلى اخر أيام التشريق وهو يوم
النفر الأخير فلا عليك اي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده وعن أبي أيوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) اما تريدان يتعجل
السير وكانت ليلة النفر حتى سألته فأي ساعة ينفر فقال لي اما اليوم الثاني فلا ينفر حتى تزول الشمس واما اليوم الثالث فإذا انتصبت
الشمس فانفر على كتاب الله الحديث وروى أن بابويه في الصحيح عن الحلبي انه سئل عن الرجل ينفر في النفر الأول قبل أن تزول الشمس فقال
لا ولكن يخرج نفله ولا يخرج حتى يزول الشمس وفي رواية زرارة عن أبي جعفر (ع) قال لا بأس ان ينفر الرجل في النفر الأول قبل
زوال الشمس فقال الشيخ (ره) انه محمول على حال الاضطرار فاما مع الاختيار فلا يجوز ذلك حسب ما قدمناه إذا ثبت هذا فان النفر
الأخير يجوزان ينفر الانسان قبل الزوال فيه بلا خلاف والأحاديث السالفة وتدل عليه مسألة قد بينا انه يجوز لمن اتقى
ان ينفر في اليوم الثاني من أيام التشريق وهو النفر الأول بشرط أن لا تغرب الشمس وهو بمنى وجب عليه المبيت بها والنفر في الأخير
ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال ابن عمر وجابر بن زيد وعطا وطاوس ومجاهد وأبان بن عثمان ومالك والشافعي والثوري واسحق
واحمد وابن المنذر وقال أبو حنيفة له ان ينفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث لنا قوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه واليوم اسم
للنهار فمن أدركه الليل لم يتعجل في يومين وما رواه الجمهور عن عمرانه قال من أدرك المسافر في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتى ينفر
الناس قال ابن المنذر ثبت ان عمر قال ذلك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي
عبد الله (ع) قال من
تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس فان أدركه المسافات ولم ينفر وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا
نفرت في النفر الأول فإن شئت ان يقيم بمكة يثبت بها فلا بأس لك قال وقال إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت بمنى فليس لك
ان يخرج منها حتى يصبح وفي الموثق عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل ينفر في النفر الأول قال له ان ينفر ما
بينه وبين ان تصفر الشمس فان هو لم ينفر حتى يكون عند غروبها فلا ينفر وليبت بمنى حتى إذا أصبح وطلعت الشمس فلينفر متى شاء احتج أبو
حنيفة بأنه لم يدخل وقت رمى اليوم الآخر فجاز له النفر كما قبل الغروب والجواب ان المقيس عليه غير مشتبه للمقيس لان المعنى في المقيس
عليه انه يتعجل في يومين وهيهنا بتعجيل بعد خروج اليومين فافترقا فروع الأول لو دخل عليه وقت العصر جاز له ان
ينفر في الأول وحكى عن الحسن البصري المنع منه وليس بصحيح لأنه إذا نفر بعد العصر قبل الغروب فقد تعجل في يومين فكان سايغا الثاني
إذا رحل من مني فغربت الشمس وهو راحل قبل انفصاله منها لم يلزمه المقام على اشكال لان عليه في الحظ والرحال مشقة ولو كان مشغولا
بالتأهب فغربت الشمس فالوجه لزوم المقام لان الشمس غربت ولم يرحل الثالث لو رحل منها قبل الغروب لم يرجع إليها ليمر
776

إلى موضع أو يزور انسانا أو يأخذ متاعا له نسيه بها لم يلزمه المقام بها لأنه قد يرخص بالتعجيل فلم يلزمه بعد ذلك المقام فلو أقام
هذا وبات بمنى هل يلزمه الرمي من العذام لا الوجه عدم اللزوم ولأنه لم يلزمه البيتوتة ولو قيل باللزوم لدخول وقت الرمي كان وجها
الرابع من نفر في الأول فليس له ان ينفر الأبعد الزوال على ما قلناه ثم هو مخير من الزوال إلى الغروب اي وقت شاء رحل فإذا
غربت الشمس وجب المبيت على ما قلناه ويجوز له ان يرحل متاع قبل الزوال ثم يرحل بعده لان المتاع لا اعتداد به ولرواية
الحلبي المتقدمة ولو نفر في النفر الثاني جاز له ان ينفر متى شاء قبل الزوال وبعده ويمكن بعد الرمي الخامس يجوز ان ينفر
(من دون) ان يأتي مكة ويقيم بها لان الترخص غير مخصوص بقوم دون آخرين على ما تقدم ولرواية معاوية بن عمار الصحيحة
عن أبي عبد الله (ع) قال إذا نفرت في النفر الأول فإن شئت ان تقيم بمكة تبيت بها فلا بأس وفي الصحيح عن جميل بن دراج
عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بان ينفر الرجل في النفر الأول ثم يقيم بمكة السادس ينبغي للامام ان ينفر قبل الزوال
في النفر الأخير يصلي الظهر بمكة لتعليم الناس كيفية الوداع رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال
يصلي الامام الظهر يوم النفر بمكة وعن أيوب بن نوح قال كتب إليه الصحاح قد اختلفوا علينا فقال بعضهم ان النفر اليوم الأخير
بعد الزوال أفضل وقال بعضهم قبل الزوال فكتب اما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الظهر والعصر بمكة ولا يكون ذلك الا وقد
نفر قبل الزوال السابع لا بأس ان يقيم الانسان بمنى بعد النفر لأنه فرع من أراد المناسك رواه الشيخ عن الحسن بن السري قال قلت
لأبي عبد الله (ع) ما ترى في المقام بمنى بعدما ينفر الناس قال إذا كان قد قضى نسكه فليقم ما شاء فليذهب حيث شاة إذا عرفت
هذا فإنه يجوز له بعد قضاء المناسك أن لا يأتي لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال كان أبي يقول لو أن لي طريقا
إلى منزلي من منى ما دخلت مكة إذا ثبت هذا فالمستحب له ان يعود إلى مكة لطواف الوداع وسيأتي الثامن قد بينا انه يجوز له ان ينفر في
النفر الأول فحينئذ يسقط عند رمي الجمار يوم الثالث من أيام التشريق بلا خلاف إذا ثبت هذا فإنه يستحب له ان يدفن الحصا المختص بذلك
اليوم بمنى وأنكره الشافعي وقال لا يعرف فيه اثر إبل ينبغي ان يطرح أو يرفع إلى من يتعجل مسألة ويستحب للحاج ان يصلي في
مسجد الخيف بمنى وكان رسول الله صلى الله عليه وآله مسجده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلثين ذراعا
وعن يمينها ويسارها مثل ذلك فمن استطاع ان يكون مصلاه فيه فليفعل ويستحب له ان يصلي ست ركعات رواه الشيخ عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال صلى في مسجد الخيف وهو مسجد مني وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة
التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحو مثلثين ذراعا عن يمين ويسار وخلفها نحوا من ذلك أن استطعت ان يكون
مصلاك فيه فافعل فإنه صلى فيه الف لبى وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) بل صل ست ركعات في مسجد مني في أصل الصومعة و
الخيف سفح الجبل لان سفح كل جبل يسمى خيفا فلما كان هذا المسجد في سفح الجبل سمى مسجد الخيف مسألة ويستحب لمن نفران
يأتي المحصب وينزل بئر ويصلى في مسجده مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ويستريح فيه قليلا ويستلقي على قفاه وليس للمسجد اثر
السوم وانما المستحب اليوم التحصيب وهو النزول بالمحصب والاستراحة فيه قليلا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله ولا خلاف في أن رسو ل
الله صلى الله عليه وآله انزل به رواه الجمهور عن نافع عن ابن عمر قال كان يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع هجعة ويذكر ذلك
عن الرسول صلى الله عليه وآله وروى سلمان بن يسار قال قال أبو رافع لم يأمرني ان أنزله ولكن ضربت فيه فنزله يعني بالأبطح ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال فإذا نفرت وانتهيت إلى الحصبة وهي البطحا فنسيت ان ينزل
قليلا فان أبا عبد الله (ع) قال كان أبي ينزلها ثم يرتحل فيدخل مكة من غيران ينام فيها قال وان رسول الله صلى الله عليه وآله
انما نزلها حيث بها لعايشة مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت لمكان العلة التي اصابتها فباتت بالبيت ثم سعت ثم رجعت فارتحل
من يومه إذا عرفت هذه فالتحصيب انما يستحب لمن نفر في النفر الثاني اما من تغر في النفر الأول فلا روى ابن بابويه عن أبي مريم عن أبي عبد الله
(ع) انه سئل عن الحصبة فقال كان أبي عبد الله (ع) ينزل الأبطح ثم يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح فقلت له رأيت من تعجل
في يومين عليه ان يحصب قال لا وقال كان أبي (ع) ينزل الحصبة قليلا ثم يرتحل وهو دون خيط وحرمان إذا ثبت هذا فقد اختلف العلماء
في أنه هل هو نسك أم لا والتحقيق الخلاف لفظي لأنهم ان عنوا بالنسك ما يثاب عليه فهو كذلك كذلك لاستحبابه لما تلوناه من الاخبار وقد اتفقوا
عليه وان عنو به ويستحق العقاب بتركه فلا خلاف في أنه ليس كذلك إذ قد اجمع العلماء على أنه ليس بواجب وقد روى ابن عباس قال ليس المحصب سنة
انما هو منزل نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وعن عايشه قالت انما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله المحصب ليكون اسمح لخروجه ليس سنة
من شاء تركه ومن شاء لم يتركه وقد ذكر من طريق الخاصة ما يدل على عدم وجوبه ولا خلاف فيه إذا ثبت هذا فقد قيل إن حد المحصب من الأبطح
777

ما بين الحلبيين إلى المقبرة وانما سمى محصبا لاجتماع الحصبا فيه وهو الحصا لأنه موضع مهبط كالسيل يحمل الحصبا إليه من الجمار وليلة
النفر الثاني وهي ليلة ثلث عشر تسمى ليلة الحصيب فاليوم العاشر يسمى يوم النحر ويوم الحادي عشر يسمى يوم النفر لان الناس يفرون فيه
بمنى لا يبرحونه والثاني عشر يوم النفر الأول والثالث عشر يوم النفر الثاني وليلة يسمى ليلة الحصيب قال الشيخ (ره) ليلة الرابع تسمى ليلة
الحصيب ومراده ليلة الرابع من يوم النحر قال الثوري سألت أبا عبد الله (ع) عن اليوم الثاني من أيام النحر كانت العرب تسمية فقال ليس عندي
من ذلك علم فلقيت ان مبادر فأخبرته بذلك فيجب وقال أسقط مثل هذا على أبي عبيده وهي أربعة أيام متواليات كلها على الأول يوم النحر
والثاني يوم النفر والثالث يوم النفر والرابع يوم الصدر فحدثت ابا عبيدة فكتبه عني عن ابن مبادر
البحث الخامس في
الرجوع إلى مكة مسألة فإذا قضى الحاج مناسكه بمنى استحب العود إلى مكة لطواف الوداع على ما يأتي من استحبابه ويستحب
له دخول الكعبة لما رواه الشيخ عن علي بن خالد؟ بن؟ حد عن أبي جعفر (ع) قال كان يقول الداخل الكعبة يدخل والله راض ويخرج
عطلا عن الذنوب وعن ابن قداح عن جعفر عن أبيه (عل) قال سألته عن دخول الكعبة قال الدخول فيها دخول في الرحمة والخروج
منها خروج من الذنوب معصوم مما بقي من عمرة مغفور ما سلف من ذنوبه ولأنه بيت شريف معظم ويستحب فيه الدخول كالمسجد مسألة
ويستحب لمن أراد دخول الكعبة الاغتسال والدعاء والتحفي روى الشيخ (ره) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أردت
دخول الكعبة فاغتسل قبل أن يدخلها ولا تدخلها بحذاء ويقول إذا دخلت اللهم انك قلت في كتابك من دخله كان أمنا فأمني عذابك
عذاب النار ثم تصلي بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الركعة الأولى حم سجدة وفي الثانية عدد آياتها من القران
وصلى في زواياه ويقول اللهم من تهيأ وتعبأ واعد واستعد لوفاده إلى مخلوق رجا جوايزه ونوافله وفواضله فإليك كانت يا
سيدي تهيئتي وتعبئتي واستعدادي رجاء رفدك ونوالك وجايزتك فلا تخيب اليوم رجائي يامن لا يخيب سائله ولا ينقض نافلة فاني
لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته ولا شفاعة مخلوق رجوته ولكن اتيتك مقربا لذنب والإساءة على نفسي فإنه لا حجة لي ولا عذر
فأسئلك يا من هو كذلك ان تصلي على محمد وآل محمد وان تعطيني مسألتي وتقبلني برغبتي ولا تزدني محروما ولا مجبوها ولا غايبا يا
عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسئلك يا عظيم ان تغفر لي الذنب العظيم لا اله الا أنت ولا تدخلن بحذاء ولا نرن؟؟ فيها ولا تسخط ولم
يدخلها رسول الله صلى الله عليه وآله الا يوم فتح مكة وعن دريح قال سمعت أبا عبد الله (ع) في الكعبة وهو ساجد وهو يقول
لا يرد غضبك الا حلمك ولا يجبر من عقابك الا رحمتك ولا ينجي منك الا بالتضرع إليك فهب لي يا إلهي فرحا بالقدرة التي بها تحيى أموات
العباد وبها تنشر ميت البلاد ولا تملكني يا إلهي غما حتى يستجيب دعائي وتعرفني الإجابة اللهم ارزقني العافية إلى منتهى أجلي ولا تشمت
بي عدوي ولا تمكنه من عنقي من ذي الذي يرفعني ان وضعتني ومن ذا الذي يضعني ان رفعتني وان أهلكتني فمن ذي الذي يعرض
لك في عبدك أو يسألك عن امرك فقد علمت يا إلهي انه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجله انما يعجل من يخاف الفوت ويحتاج إلى
الظلم الضعيف وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك اللهم لا تجعلني للبلاء عرضا ولا لنقمتك نصبا ومهلني ونفسي وأقلني عشرتي ولا ترديدي
إلى يجزي ولا تبعني بلاء على اثر بلا فقد ترى ضعفي وتضرعي إليك ووحشتي من النار وأنسي بك وأعوذ بك اليوم فأعذني
واستجير بك فاجرني وأستعين بك على الضراء فأعني واستنصرك فانصرني وأتوكل عليك فاكفني وأؤمن بك فآمني وأستهديك
فاهدني واسترحمك فارحمني واستغفرك لما تعلم فاغفر لي واسترزقك من فضلك الواسع فارزقني ولا حول ولا قوة الا بالله
مسألة ويتأكد استحباب دخولها للضرورة فلا ينبغي له ان يتركه وروى الشيخ عن سعيد العرج عن أبي عبد الله (ع) قال لابد للضرورة ان يدخل البيت قبل أن يرجع فإذا دخلته فادخله بسكينة ووقار ثم ايت كل زاوية من زواياه ثم قل اللهم
انك قلت ومن دخله كان آمنا فآمني من عذابك يوم القيمة وصل بين العمودين الذين يليان الباب على الرخامة الحمراء وان كثر
الناس فاستقبل كل زاوية في مقامك حيث صليت وادع الله عز وجل سله وفي الصحيح عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن دخول البيت فقال اما الضرورة فيدخله واما من قد حج فلا مسألة ويستحب لمن دخلها الدعاء بما ذكرنا
وان يصلي بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الأولى منهما حم السجدة وفي الثانية عدد أيما ثم يصلي في زوايا
البيت كلها ثم يقوم فيستقبل الحايط بين الركن اليماني والمغربي يرفع يديه عليه ويلتصق به ويدعو ثم يتحول إلى الركن اليماني
فيفعل به مثل ذلك ثم يفعل ذلك بباقي الأركان ثم ليخرج روى الشيخ عن إسماعيل بن همام قال قال أبو الحسن (ع) دخل النبي صلى الله عليه وآله
الكعبة فصلى في زوايا الأربعة في كل زاوية ركعتين وعن يونس قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا دخلت الكعبة كيف
اصنع قال خذ بحلق الباب إذا دخلت ثم امض حتى تأتي العمودين فصل على الرخامة الحمراء ثم إذا خرجت من البيت فنزلت من الدرجة
778

فصل عن يمينك ركعتين وفي الصحيح عن معاوية قال رأيت العبد الصالح (ع) دخل الكعبة فصلى فيه ركعتين على الرخامة الحمراء ثم
قام فاستقبل الحايط بين الركن اليماني والمغربي ورفع يديه عليه ولصق به ودعا ثم تحول إلى الركن اليماني فلصق به ودعا ثم إلى الركن المعرف
ثم خرج وفي الصحيح عن معاوية بن عمار في دعاء الولد قال أفض ولو أمرنا زمزم ثم ادخل البيت فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب
ثم قال اللهم ان البيت بيتك والعبد عبدك وقد قلت ومن دخله كان آمنا فآمني من عذابك وأجرني من سخطك ثم ادخل البيت وصل
على الرخامة الحمراء ركعتين ثم إلى الأسطوانة التي بحد الحجر فالزق بها صدرك ثم قل يا واحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حكيم
لا تزدني فردا وأنت خير الوارثين هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء ثم در بالأسطوانة فالزق بها ظهرك بطنك وتدعوا
بهذا الدعاء فان يرد الله شيئا كان مسألة ويكره الفريضة جوف الكعبة وقد بيناه فيما سلف وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا تصل المكتوبة في الكعبة فان النبي صلى الله عليه وآله لم يدخل الكعبة في حج ولا عمرة ولكنه دخلها
في الفتح فتح مكة وصلى ركعتين بين العمودين ومعه أسامة بن زيد وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال لا تصلح
صلاة المكتوبة في جوف الكعبة إذا عرفت هذا فقد قال الشيخ لا يجوز الفريضة جوف الكعبة واستدل بهذين الحديثين ونحن
نقول إن أراد الشيخ التحريم فهو ممنوع لقوله (ع) جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا أينما أدركني الصلاة صليت وهو
عام ولما رواه الشيخ في الموثق عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) حضرت الصلاة المكتوبة وانا في الكعبة فأصلى فيها قال صل
واستدل الشيخ (ره) بهذا الحديث على الجواز الضرورة وخوف فوت الوقت وما ذكره أولى مسألة ويستحب الدعاء عند الخروج
من الكعبة لأنها مسجد فاستحب الدعاء في حالتي الدخول والخروج وروى الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان قال سمعت أبا عبد الله (ع)
وهو خارج من الكعبة وهو يقول الله أكبر الله أكبر قالها ثلثا ثم قال اللهم لا تجهد بلائي ولا تشمت بنا أعدائنا فإنك الضار النافع
ثم هبط فصل إلى جانب درجة عن يساره مستقبل الكعبة ليس بينه وبينها أحد ثم خرج إلى منزله
البحث الثالث في الوداع
مسألة ويستحب لمن قضى المناسك الرجوع إلى مكة لما قلناه ووداع البيت ولا نعلم فيه خلافا روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله
قال لا ينفرن أحد حتى يكون اخر عهده بالبيت ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا أردت أن تخرج من مكة وتأتي أهلك فودع البيت إذا ثبت هذا فاعلم أن من اتي مكة فلا يخلوا ما ان يريد الإقامة بها أو
الخروج منها فان أراد الخروج منها استحب له الوداع اجماعا وان نوى الإقامة فلا وداع عليه قاله الجمهور لان الوداع من المفارق لا
من الملازم ثم اختلفوا فقال الشافعي لا وداع عليه سوى نوى الإقامة قبل النفر أو بعده وبه قال احمد وقال أبو حنيفة ان نوى
الإقامة بعد أن حل له النفر لم يسقط عنه طواف الوداع واحتج الشافعي بأنه غير مفارق ولا وداع عليه كما لو نوى الإقامة قبل حل
النفر وانها قال النبي صلى الله عليه وآله لا ينفرن أحد حتى يكون اخر عهده بالبيت وهذا ليس ينافي وفي حديث معاوية بن عمار الصحيح عن أبي
عبد الله (ع) في قوله إذا أردت أن تخرج من مكة ويأتي اهلاك فودع البيت دلالة على استحباب الوداع للخارج من مكة
وعدمه من غيره بدليل مفهوم الشرط مسألة ويستحب لمن
أراد الوداع ان يودعه بطواف سبعة أشواط ولا خلاف فيه لكن اختلف الناس في وجوب طواف الوداع فالذي عليه علماؤنا اجمع
انه مستحب ليس بواجب ولا يجب بتركه الدم وبه قال الشافعي في الاملاء وقال في القديم والاسم انه نسك واجب يجب بتركه الدم وبه قال
الحسن والحكم وحماد والثوري واسحق واحمد وأبو ثور لنا الأصل وهو البراءة فلا يصار إلى خلافه الا لدليل ولان المعذور لا يجب
عليه بتركه شئ فلا يكون واجبا ولأنه كتحية البيت فأشبه طواف القدوم وهو عندهم مستحب ولأنه يسقط عن الحايض فلا يكون
واجبا وما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد عن علي عن أحدهما (ع) في رجل لم يودع البيت قال لا بأس به ان كانت به علة أو كان ناسيا وفي الصحيح عن
هشام بن سالم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي زيارة حتى رجع إلى أهله فقال لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه احتجوا بما روى
ابن عباس قال امر الناس ان يكون اخر عهدهم البيت الا انه خفف عن المرأة الحايض والجواب انه محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة
فروع الأول بين أهل العلم كافة في أن طواف الوداع ليس بركن في الحج وان اختلفوا في وجوبه ولهذا سقط عن الحايض
بخلاف طواف الزيارة وسمى طواف الوداع لأنه لتوديع البيت ولطواف الصدر لأنه عند صدور الناس من مكة ووقته بعد فراغ
المرء من جميع أموره ليكون البيت اخر عهده كما جرت العادة في توديع المسافر أهله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله حتى يكون اخر
عهده البيت الثاني إذا ودع البيت بالطواف وصلاته فانصرف وخرج من غير لبث فقد حصل الوداع وان أقام بعد ذلك
على زيارة صديق أو شراء متاع وغير ذلك قال الشافعي يعود للوداع ولا يجزيه الأول وان قضى حاجة في طريقه من اخذ الزاد وما أشبه
779

ذلك لم يؤثر في وداعه وبه قال عطاو احمد ومالك والثوري وأبو ثور وقال أبو حنيفة لا يعود الوداع ولو أقام شهرا أو شهرين وأكثر
لأنه طاف لصدر بعد ما حل له النفر فوجب ان يجزيه كما لو نفر عقيبه واحتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وآله لا ينفر واحدكم حتى يكون
اخر عهده بالبيت ولأنه إذا قام خرج من أن يكون ما فعله وداعا فالعادة ولا يكون أيضا للصدر فلا يجزيه وهذا الفرع عندنا ساقط لأنه
مستحب لو أخل به من رأس لم يكن عليه شئ الثالث لو كان منزله في الحرم قال أبو ثور عليه الوداع وهو قياس قول مالك والظاهر عندنا
وقال أصحاب الرأي لا وداع عليهم وعن أحمد روايتان لنا انهم ينفرون ويخرجون من مكة فاستحب لهم الوداع عملا بعموم النهى عن النفر قبل
الوداع احتج أبو حنيفة بان حكمهم حكم أهل مكة ولهذا سقط دم المتعة عنهم فسقط التوديع في حقهم والجواب المنع من المساواة الرابع
لو اخر طواف الزيارة حتى يخرج فلا وجه انه لا يسقط استحباب طواف الوداع لأنهما عبادتان والأصل عدم تداخلها لأنه (ع) امر
ان يكون اخره عهده بالبيت وقد فعل الخامس قد بينا ان طواف الوداع مستحب ولا يجب بتركه الدم والموجبون له اختلفوا في وجوب
الدم والظاهر عندهم ان القريب يرجع ويطوف للوداع والبعيد يبعث بالدم وحد القرب عندهم ما نقص عن مسافة التقصير فلو رجع
البيت وطاف للوداع قال قوم لا يسقط الدم لاستقراره ببلوغ مسافة التقصير وقيل يسقط اي به فلا بحث ولو رجع القريب وطاف فلا
دم عليه سواء كان ممن له عذر سقط عنه الرجوع أولا لعدم استقرار الدم عليه لأنه كالحاضر ولو لم يرجع القريب لم يجب أكثر من الدم
عندهم سواء تركه عمدا أو سهوا لعذر أو غيره وعندنا ان ذلك كله باطل لأنه مستحب عندنا السادس لو خرج من مكة ولم
يودع يكون قد ترك الأفضل عندها فلو رجع لطواف الوداع كان ذلك اجماعا اما عندنا فلانه مستحب واما عندهم فلانه واجب إذا
ثبت هذا فان رجع وهو قريب لم يخرج من الحرم فلا يجب وان رجع وقد بعد عن الحرم لم يجزيه ان يتجاوز الميقات الا محرما لأنه
ليس من أهل الاعذار فيجب عليه طواف العمرة لاحرامه وسعيه ولا يجب عليه طواف الوداع عندنا هل يستحب خلافا لهم ولو رجع من دون
الميقات أحرم من موضعه مسألة وكيفية الوداع ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا
أردت أن يخرج من مكة وتأتي أهلك فودع البيت وطف أسبوعا وان استطعت ان تسلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط
فافعل والا فافتح به واختم به وإن لم يستطع ذلك فموسع عليك ثم تأتي المسجد فتصنع عنده مثل ما صنعت يوم قدمت مكة ثم تخير
لنفسك من الدعاء ثم تسلم الحجر الأسود ثم الصق بطنك البيت واحمد الله واثن عليه وصل على محمد وآله ثم قل اللهم صل على محمد عبدك و
رسولك وأمينك وحبيبك ونجيك وخيرتك من خلقك اللهم كما بلغ رسالاتك وجاهد في سبيلك وصدع بأمرك فأؤدي
فيك وفي جنبك حتى اتاه اليقين اللهم أقلني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وحدك من المغفرة والبركة والرضوان
والعافية فيما يسعني ان اطلب ان تعطي مثل الذي أعطيته أو فضل من عندك يزيدني عليه اللهم ان أمتني فاغفر لي فان أحييتني
فارزقنيه من قابل اللهم لا تجعله اخر العهد من بيتك اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على دابتك وسيرتني في بلادك
حتى أدخلتني حرمك وأمنك وقد كان في حسن ظني بك ان تغفر لي ذنوبي فان كنت قد غفرت لي ذنوبي فأورد عني رضا وقربني
إليك زلفى ولا تباعدني وإن كنت لم تغفر لي فمن الآن يغفر لي قبل أن ينأى عن بيتك داري فهذا وان انطر في فان كنت أذنت لي غير راغب عنكم
ولا عن بيتك ولا مستبدل نك؟؟ (ولابك) اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي حتى تبلغني أهلي واكفني مؤنة عبادك وعيالي
فإنك ولي من خلقك ومني ثم ايت زمزم فاشرب منها ثم اخرج فقل ابتون تائبون عابدون لربنا حامدون والي ربنا راغبون إلى ربنا راجعون
وان أبا عبد الله (ع) لما ان أودعها وأراد أن يخرج من المسجد خر ساجدا عند باب المسجد طويلا ثم قال فخرج وعن إبراهيم بن أبي
محمود قال أرأيت أبا الحسن (ع) ودع البيت فلما أراد أن يخرج من باب المسجد خر ساجدا ثم قام فاستقبل الكعبة ثم قال اللهم إني
انقلب على لا إله إلا الله وعن علي بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر الثاني (ع) سنة خمسة وعشرين ومأتين ووداع البيت بعد ارتفاع
الشمس وطاف بالبيت سلم الركن اليماني في كل شوط فلما كان في الشوط السابع استلمه واستلم الحجر ومسح بيده ثم مسح وجهه بيده ثم أتى
المقام وصلى خلفه ركعتين وخرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت وكشف الثوب عن بطنه ثم وقف عليه طويلا يدعوا ثم خرج من باب الشاطين؟؟ وتوجهه قال ورأيت في سنة عشر ومائتين ودع البيت
ليلا يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل فلما كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليماني وقوف الحجر المستطيل وكشف الثوب عن بطنه ثم أتى الحجر الأسود
وقبله ومسحه وخرج إلى المقام فصلى خلفه ومضى ولم يعد إلى البيت وكان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف شخص أصحابنا سبعة أشواط
وبعضهم ثمانية وعن قيم بن كعب قال قال أبو عبد الله (ع) انك لمدمن الحج قلت أجل قال فليكن اخر عهدك بالبيت ان تصنع يدك
على الباب ويقول المسكين على بابك فتصدق عليه بالجنة مسألة والحايض لا وداع عليها ولا فدية عن طواف الوداع الفان
بالحيض وهو قول عامة فقهاء الأمصار بل يستحب لها ان تودع من ادني باب من أبواب المسجد ولا تدخله اجماعا لأنه يحرم عليها
دخول المساجد وروى عن عمر وابنه انهما قال أتقيم الحايض لطواف الوداع لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس أنه قال الآية رخص
780

للحايض واختلف ابن عباس وزيد بن ثابت في ذلك فقال زيد لا ينفر الا بوداع فقال ابن عباس لزيد مر إلى أم سليمة بنت ملحان فمر إليها ثم رجع
بعد لبث وهو يضحك فقال الامر كما قلت وروى عنها مالك في الموطأ انها استغيث رسول الله صلى الله عليه وآله وقد حاضت أو ولدت
بعدها أفاضت يوم النحر فاذن لها رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجت وعن عايشة قالت قلت يا رسول الله ان صفية قد حاضت
فقال حابستنا هي فقلت قد أفاضت فقال فلا اذن ونفر بها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن فضل بن يسار عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت ان شاءت وعن حماد عن رجل قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول إذا طافت المرأة الحايض ثم أرادت ان تودع البيت فليقف على أدنى من أبواب المسجد فلتودع البيت ولان الزامها بالمقام
مشقة عظيمة وربما انفردت عن الحاج ولم يتمكن بعد ذلك من النفوذ إلى بلدها فيكون منفيا ولا فرق بين النفساء والحايض
لان حكمها واحد فرع لو حاضت قبل طواف الوداع فنفرت ثم طهرت فان لم تفارق بنيان مكة استحب لها العود والاغتسال
والطواف وأوجبه الموجبون له وان كان بعدان فارقت البنيان لم يعد للمشقة اجماعا والموجبون له فرقوا بينهما وبين من خرج متعمد
فإنه يعود ما لم يبلغ مسافة التقصير بان قد ترك واجبا فلا تسقط المفارقة البنيان وهيهنا لم يجب فلا يجب بعد الانفصال إذا أمكن
كما يجب على المسافر اتمام الصلاة في البنيان ولا يجب بعد الانفصال اخر المستحاضة إذا انفردت في يوم حكم بأنه حيض فلا وداع عليها
وان كان في يوم استحاضة كان عليها الوداع استحبابا عندنا وعندهم وجوبا ولو عدمت المستحاضة الماء تيممت وطافت كما تفعل في الصلاة
مسألة ويستحب له ان يشرب من زمزم بلا خلاف روى الجمهور عن عطاء ان النبي صلى الله عليه وآله لما أفاض نزع هو
لنفسه يدلو من بئر زمزم ولم ينزع معه أحد فشرب ثم افرغ باقي الدلو في البين ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث معاوية بن عمار
الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ثم ايت زمزم فاشرب فيها ثم اخرج قال الشيخ (ره) لا أعرف استحبابا بالشرب ينبذا السقاية وقال
الشافعي يستحب لمن حج ينبذ السقاية لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله أتى السقاية ليشرب منها فقال له العباس انه ينبذ قد خاضت فيه
الأيدي ووقع فيه الذباب ولنا في البيت ينبذ صاف فقال النبي صلى الله عليه وآله هات فشرب منه قال وانما له ان يشرب ما لم يسند
مسألة ويستحب لمن أراد الخروج من مكة ان يشتري بدرهم تمرا ويتصدق به ليكون كفارة لما دخل عليه في حال الاحرام
من فعل محرم أو مكروه روى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يستحب الرجل والمرأة أن لا يخرجان من
مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا يتصدقان به لما كان منهما في احرامهما ولما كان في حرم الله عز وجل روى أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل ثم ليقضوا تفثهم قال ما يكون من
الرجل في حال احرامه فإذا دخل مكة طاف ويكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي كان فيه روى أن بابويه عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر (ع) في قول الله عز وجل ثم ليقضوا تفثهم قال قص الشارب والأظفار وفي رواية النصر عن أبي عبد الله (ع) عن التفث
هو الحلق وما في الجلد الانسان وفي رواية البزنطي عن الرضا (ع) قال التفث تقليم الأظفار وطرح الوسخ وطرح الاحرام عنه وعن
ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل ثم ليقضوا تفثهم قال التفث لقى الامام وعن عبد الله بن سنان قال
اتيت أبا عبد الله (ع) فقلت جعلني الله فداك لقول الله عز وجل ثم ليقضوا تفثهم قال اخذ الشارب وقص الأظفار وما
أشبه ذلك قال قلت جعلت فداك فان ذريح المحاربي حدثني عنك انك قلت ثم ليقضوا تفثهم لقي الامام وليوفوا نذورهم تلك
المناسك قال صدق ذريح صدقت ان للقران ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح وما قوله وليطوفوا بالبيت العتيق فإنه روى أنه
طواف النساء فضل قال الشيخ (ره) لا أعرف كراهية ان يقال الحجة الوداع حجة الوداع الا ان يقال شوط وأشواط ولا
ان يقال لمن لم يحج صورة بل روايات أوردت بذلك
المقصد الرابع في تروك الاحرام وما يجب من الكفارة بفعل
المحرم واحكامه الحصر والصيد والفوات وفيه فصول الفصل الأول فيما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب وفيه بحثان
الأول فيما يجب اجتنابه وهو أصناف الأول لبس المخيط مسألة يحرم على المحرم لبس المخيط من الثياب ان كان رجلا
ولا نعلم فيه خلافا روى الجمهور عن ابن عمر قال نادي رجل فقال يا رسول الله ما يجتنبه المحرم فقال لا يلبس قميصا ولا سراويل
ولا عمامة ولا برنسا ولا يلبس ثوبا يمينه ورس أو زعفران وليحرم أحد كم في إزار ورداء ونعلين فان لم يجد نعلين فليلبس خفين
وليقطعهما حتى يكونا إلى الكعبين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله قال لا
يلبس وأنت يريد الاحرام ثوبا تزره ولا تدرعه ولا تلبس سراويل الا ان يكون لك إزار ولا الخفين الا ان يكون لك نعلان
ولا خلاف في ذلك قال إن عبد البئر الا يجوز لباس شئ من المخيط عن جميع أهل العلم واجمعوا على أن المراد
بهذا المذكور دون
النساء إذا ثبت هذا فان النبي صلى الله عليه وآله نص على تحريم القميص فكان ما في معناه محرما على من الجبة والدراعة وما أشبه ونص
781

على تحريم السراويل فكان ما شابه محرما كالثياب والرأي والنص على تحريم البرنس فكان ما ساواه كالقلنسوة مساويا مساويا له في التحريم
ونص على تحريم الخفين فكان ما ساواه من الساعدين والقفازين كذلك
مسألة ولا يجوز له لبس الخفين وما لا يستظهر
القدم اختيارا ويجوز اضطرارا ولا نعلم فيه خلاف لما تقدم في حديث ابن عمر من جواز لبسهما إذا لم تجد النعلين ومن طريق الخاصة
ما رواه ابن بابويه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) في المحرم فلبس الخف إذا لم يكن له؟ فتل؟ قال نعم ولكن يشق ظهر القدم إذا
ثبت هذا فان لم يجد النعلين شق الخفين وجعلها شمشكين ولبسهما ولو لم يجد إزار لم يجزله لبس القميص لأنه لا يذهب منفعته بشقه
ولأنه يمكنه لبسه على صفته كالميزر وله ان يعقد إزاره لان ذلك صلاحية يثبت ولا يزول عنه ولا يجوز له لبس الصبا اجماعا فان لم
يجد ثوبا جاز له ان يلبس للقبا مقلوبا ولا فدية عليه وبه قال الشافعي واحمد وقال مالك وأبو حنيفة يجب الفدية لنا ما يقدم من الأدلة
ولا يجوز له لبس السراويل إذا لم يجد إزارا ولا نعلم فيه خلاف لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين وإذا لم يجد إزارا لبس سراويلا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار
عن أبي عبد الله (ع) قال لا تلبس سراويل إلا أن لا يكون لك إزارا إذا ثبت هذا فقد اتفق العلماء على أنه فدية عليه في لبسه الا مالكا
وأبا حنيفة فإنهما أوجبا الفدية عليه لنا ما تقدم في حديث ابن عباس فان النبي صلى الله عليه وآله جوز لبسهما مع عدم الإزار ولأنه
يختص لبسه بحاله عدم غيره فلا يجب به فدية كالخفين المقطوعين احتج أبو حنيفة بان النبي صلى الله عليه وآله منع من لبس السراويل
في حديث ابن عمر فيجب الفدية تلبسه مع وجود الإزار وجبت مع عدم كالقميص والجواب ان حديث ابن عمر مخصوص بحديث ابن عباس
والمقيس عليه وهو القميص مخالف للمقيس لان القميص يمكنه الاستناد به من غير لبس مع عدم الإزار بخلاف السراويل إذا ثبت هذا فلا
تعلم خلافا جواز لبس السراويل للمراة روى ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن علي الحلبي عن المراة إذا أحرمت أيلبس السراويل فقال نعم انما
يريد ذلك الستر مسألة يحرم عليه لبس الخفين كما قلناه فان لم يجد النعلين جاز له لبسهما اجماعا وهل يجب عليه شقهما أم لا ذهب
الشيخ إلى شقهما وبه قال عروة بن الزبير ومالك والثوري والشافعي واسحق وان المنذر وأصحاب الرأي وقال ابن إدريس منا لا يشقها
ورواه الجمهور عن علي (ع) في وبه قال عطا وعكرمة وسعد بن سالم وعن أحمد روايتان كالقولين احتج الشيخ بما رواه الجمهور
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال فان لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما حتى يكونا إلى الكعبين ومن طريق الخاصة
ما رواه محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في المحرم يلبس الخف قال نعم ولكن يشق ظهر القدم احتج ابن إدريس واحمد بحديث ابن عباس
وجابر من لم يجد نعلين فلبس خفين وعن علي (ع) قطع الخفين فيصار يلبسهما لحماها رواه الجمهور ولأنه ملبوس أبيح لعدم غيره
فلا يجب قطعه كالسراويل ولان قطعه لا يخرجه عن حالة الحظر فان لبس المقطوع مع وجود النعل حرام كلبس الضحيح ولان فيه اتلافا
لماليته وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن إضاعة المال وعن عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله رخص للمحرم ان يلبس الخفين
ولا يقطعهما وكان ابن عمر يعني بقطعهما قالت صفية فلما أخبرته بحديث عايشه رجع قال بعضهم والظان القطع منسوخ فان
عمرو بن دينار روى الحديثين معا وقال انظروا بهما كان قبل قال الدارقطني قال أبو بكر النيشابوري حديث ابن عمر قيل لأنه قد جاء في بعض
رواياته قال نادي رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في المسجد يعني بالمدينة وكأنه كان قبل الاحرام وفي حديث ابن عباس يقول
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب بعرفات يقول من لم يجد نعلين فليلبس الخفين فدل على تأخره عن حديث ابن عمر وكان ناسخا
إذا عرفت هذا فالأولى عندي القطع تقصا؟؟ من الخلاف واخذ بالمتيقن وما يحصل البراءة القطعية له فروع الأول
يجوز له لبس المقطوع من الخفين مع وجود النعلين لان النبي صلى الله عليه وآله شرط في ترخيصها عدم النعال فلو لبسه وجبت
الفدية وبه قال مالك واحمد وقال أبو حنيفة لا فدية عليه وللشافعي قولان كالمقيس لنا انه (ع) شرط في لبسهما عدم النعلين
وكان لبسهما مع وجودهما باقيا على النهى المحرم ولأنه مخيط العضو على قدرة فوجب على المحرم الفدية يلبسه كالقفازين احتج أبو
حنيفة بأنه لو كان لبسهما محرما يجب دية الفدية لما امر النبي صلى الله عليه وآله بقطعهما لعدم الفايدة والجواب ان القطع أو اللبس
بعده انما يجوز مع عدم النعلين فالفائدة بسقوط الدم والعقاب يلبسهما مع القطع وعدم النعال الثاني منع علماؤنا
من لبس ما يستظهر القدم ولا يجوز لبس الدالكة والجمح حينئذ ولو عدم النعال جاز له لبس ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله سوغ
لبس الخفين مع عدم النعلين فما هو أدون أولى الثالث يجوز لبس النعال مطلقا ولا يجب قطع شئ منها ولا فدية حينئذ وقال
احمد يجب قطع القيد والعقب مما يتعذر ويمتنع معه المشي بها الرابع لو وجد نعلا ولا
يمكنه لبسه فلو لبس الخف ولا فديه عليه لان المتعذر استعماله كالمعدوم وذلك لو كانت النعل لغيره أو صغيره وكالمال في اليتيم و
782

الرقبة التي لا يمكنه عتقها ولان العذر في اللبس سوغ لبث الخف وقام مقام العدم وكذا في سقوط الفدية وعن أحمد رواية بالفدية
لان النبي صلى الله عليه وآله قال من لم يجد نعلين فليلبس الخفين وهذا واحد والجواب المراد من الوجدان يمكن استعماله كالتيمم الخامس
ليس للمحرم ان يعقد عليه الرد أولا غيره الا ان الإزار والهميان وليس له ان يجعل لذلك زمراء ولا عروة روى أن بابويه عن يونس بن
يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) عن المحرم يشد الهميان وسطه فقال نعم وتأخيره بعد نفقته وفي رواية أبي نصر عنه أنه قال كان
أبي (ع) يشد على بطنه بعقبه تسويق فإنه تمام حجه وسأل سعيد الأعرج عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى قال
نعم السادس الجورب كالخفين في المنع من لبسهما مع التمكن من النعلين وجوازه مع عدم لأنه بمعناه وما رواه الشيخ في الصحيح عن
الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال وأي محرم ما كنت نعلاه فلم يكن له نعلان فله ان يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك والجوربين
يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما السابع يجوز له ان يعقد إزاره عليه لأنه يحتاج إليه لستر العورة فيباح كاللباس للمراة ويعقد
الهميان قال ابن عبد البر اجمع فقهاء الأمصار على أن للمحرم ان يلبس الهميان متقدموهم ومتأخروهم إذا ثبت هذا فان أمكنه ان يدخل السيور
بعضها في بعض لا يعقد به لأنه حاجة حينئذ إلى عقده وإن لم يثبت عقده للضرورة روى الجمهور عن ابن عباس قال رخص رسول الله صلى الله عليه وآله
للمحرم في الهميان ان يربطه إذا كانت فيه نفقته وقال ابن عباس أوثقوا عليكم نفقاتكم رخص في الخاتم والهميان للمحرم ولان
الحاجة مما تدعوا إلى شدة فجاز كعقد الإزار ولو لم يكن في الهميان نفقه لم يجز عقده لعدم الحاجة الثامن يجوز للمراة لبس
المخيط اجماعا لأنها عورة وليست كالرجل ولا نعلم فيه خلافا الأول شاذ للشيخ لا اعتداد به وكذا يجوز لها ان يلبس العلالة إذا
كانت حايضا اجماعا لنفى ثيابها من الدم روى ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال يلبس المراة المحرمة
الحايض تحت ثيابها فرع الخنثى المشكل لا يلزمه اجتناب المخيط لعدم يتقن الذكورية الموجب لذلك التاسع لا يجوز للمراة
لبس القفارين ولا شئ من الحلي ما لم تجر عادتهن بلبسه قبل الاحرام والقفازان في الأصل شئ يتخذه النساء باليدين؟ بخنثى؟ يقطن ويكون
له ازرايز؟؟ وعلى الساعدين من البرد وتلبسه النساء وقد روى أنه لا بأس ان تلبس المراة الخلخالين والمسك والمسك بفتح الميم والسين غير
المعجمة المفتوحة والكاف سورة من زبل أو عاج روى ابن بابويه عن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) انه
كره للمحرمة البرقع والقفازين العاشر قد بينا لا يجوز لبس القيام الا إذا لم يجد الإزار فيلبسه مقلوبا ولا يدخل يديه في
يدي القبا ولا فدية عليه يلبسه حينئذ ولا يجوز له لبسه مع وجود الإزار ذهب إليه علماؤنا وبه قال أبو حنيفة وقال مالك و
الشافعي عليه الفدية لنا ما تقدم من جواز لبس القبا عند عدم الإزار ولان القبا لا يخيط بالبدن فلا يجب به الفدية كالقميص
يتحشى به احتج به الشافعي بما رواه ابن المنذر ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن لبس الأقبية ولأنه مخيط لبسه المحرم على العادة
في لبسه فلزمه الفداء كالقميص والجواب أن يقول بموجب الحديث ويخصصه بما تلوناه من الأحاديث بالمكنة أو بمن انه دخل
يديه في مكثه وقياسهم باطل للنقص بالرد الموصول
الصنف الثاني في الطيب مسألة والطيب حرام على المحرم
وهو قول علماء الاسلام لان النبي صلى الله عليه وآله قال في المحرم الذي رفعت به ناقته لا تمسوه بطيب فلما منع من الطيب
لأجل احرامه كان منع الحي أولى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله قال لا يمس المحرم سيئا
من الطيب وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال لا يمس المحرم شيئا من الطيب ولا من الريحان ولا يتلذذ به فمن ابتلى بشئ من
ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر سعته يعنى من الطعام وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) عن قول الله عز وجل
ثم ليقضوا تفثهم حقوق الرجل من الطيب ولا بأرض ذلك ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) قال عن السقوط للمحرم فيه طيب فقال لا بأس قال لا
شيخ لأنه محمول على حال الضرورة جمعا بين الأحاديث وهو جيد يدل عليه ما رواه في الصحيح عن إسماعيل بن جابر وكانت عرضت له ربح في وجهه من علة
أصبته وهو محرم قال فقلت لأبي عبد الله (ع) ان الطيب الذي يعالجني وصف لي سقوطا فيه منك فقال أسقط به فرع
لو مات المحرم لم يجز تغسيله بالكافور ولا يجوز ان يقرب الطيب أصلا لا في غسله ولا في حنوطه لما تقدم مسألة الطيب ما
يطيب رايحته ويتخذ للشم كالمسك والعنبر والكافور والزعفران وماء الورد والادهان الطيبة كدهن البنفسج والورس بفتح
الواو وسكن الراء وهو بنت احمر فاني يوجد على قشور شجرة يبحث منها ويجمع وهو شبه الزعفران المسحوق بحلب من اليمين طيب الريح
إذا عرفت هذا فقد اختلف علماؤنا في عموم تحريم الطيب فقال الشيخ في النهاية الطيب الذي يحرم مسه وشمه واكل طعام يكون فيه المسك
والعنبر والزعفران والورس والعود والكافور فاما ما عدا هذا من الطيب والرياحين مكروه ويستحب اجتنابه وإن لم يلحق في الحظر
بالأول وقال أكثر علمائنا الطيب على اختلاف أجناسه حرام واختاره الشيخ أيضا في المبسوط قال واخلطها خمسة أجناس المسك
والعنبر والكافور والزعفران ولا عود وقد الحق ذلك الورس لنا ما تقدم من الاخبار احتج الشيخ (ره) بما رواه معاوية بن عمار
783

عن أبي عبد الله (ع) قال انما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء المسك والعنبر والورس والزعفران غير أنه يكره للمحرم الادهان الطيب
الريح وعن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال الطيب المسك والزعفران والعود وعن سيف قال حدثني
عبد الغفار قال سمعت أبا عبد الله
(ع) يقول طيب المسك والعنبر والزعفران والورس قال الشيخ الوجه في هذا الاخبار أحد شيئين أحدهما ان يختص الاخبار التي تضمنت
وجوب اجتناب الطيب على العموم بهذه ويقول إن الطيب الذي يجب اجتنابه ما تضمنه هذه الأخبار وعموم تلك والمقام بيني على الخاص
الثاني ان تحمل هذه الأربعة الأشياء على وجوب اجتنابها وما عداها من الطيب على أنه يستحب تركها واجتنابها وإن لم يكن ذلك واجبا كما فصله
الصادق (ع) في قوله انما يحرم من الطيب أربعة أشياء ان الخبرين الأخيرين ليس فيهما أكثر من الاخبار بان لطيب أربعة أشياء وليس فيها كما ذكر ما يجب على المحرم أو يحل
له ولا يمتنع ان يكون الخبر انما تناول ذكر الأربعة تعظيما وتفخيما ولم يكن القصد بيان تحريمها أو تحليلها في بعض الأحوال وانما تناولناهما بما ذكرناه لما وجدنا
أصحابنا رحمهم الله ذكر والخبرين في أبواب ما يحرم على المحرم اجتنابه وإلا فلا يحتاج مع ما قلناه إلى تأويلها هذا خلاصة ما ذكره الشيخ (ره) والأقرب
الاعتماد على المشهور من يحرم الطيب على عمومه مسألة النبات الطيب على ثلاثة اضرب أحدهما ما لا يبيت الطيب ولا يتخذ منه كنبات الصحراء من الشيخ
والقيصوم والحرامي والإذخر والفواكه كلها من الأترج والتفاح والسفرجل وأشباهه وما نية الآدميون لغير قصد الطيب كالحنا والعصفر وهذا كله يباح
شمه ولا يجب فدية باتفاق العلماء ولما رواه الجمهور ان أزواج النبي صلى الله عليه وآله كن يحرمن في المعصفرات ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله لا بأس ان يشم الإذخر والقيصوم والخزامي والشيخ وأشباهه وأنت محرم ولا بأس ان
يأكل ما له رائحة طيبة عند الحاجة إليه غير أنه يمسك على انفه من رائحة روى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمر عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال
سألته عن التفاح والأترج والنبق وما طابت رايحته فقال يمسك على شمه ويأكله وعن عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم أيتحلل
قال نعم لا بأس به قلت له ان يأكل الأترج قال نعم قلت فان له ريحة طيبة فقال إن الأترج طعام ليس هو من الطيب روى ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن
سنان انه سأل أبا عبد الله (ع) عن الحنا فقال إن المحرم ليمسه ويداوي به بغيره وهو يطيب وما به بأس وقد روى ابن بابويه عن إبراهيم بن سنان
قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) عن المحرم يغسل يده بأشنان فيه الإذخر فكتب لا أحبه لك وهذه الرواية غير منافية لرواية معاوية بن عمار الصحيحة من جواز شم
الاخر لأنها تعطي الكراهية لا التحريم مع ذلك فهي مشتمل على المكاتبة فروايتنا أولى ولانا لا يحضرنا الآن حال رجال هذه الرواية فاذن
الاعتماد على الأولى ولأنه لا يقصد منه الطيب ولا يتخذ منه فأشبه نبات الأرض الثاني ما يقصد شمه ويتخذ منه الطيب كالياسمين والورد و
النيلوفر والظاهر أن هذا يحرم شمه ويجب الفدية وبه قال الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة ولا يجب به فديه لنا ان الفدية يجب فيما يتخذ منه
فكذا في أصله الثالث ما ينتبه الآدميون للطيب ولا يتخذ منه طيب كالريحان والمرز جوش والنرجس فهل يجب فيه فدية فيه خلاف قال قوم انه لا فدية
فيه قال ابن عباس وعثمان بن عفان والحسن مجاهد واسحق ومالك وأبو حنيفة والاخر يجب منه
الفدية ويكون محرما وهو قول جابر وابن عمر والشافعي وأبو ثور عن أحمد روايتان كالقولين احتج الموجبون بأنه يتخذ للطيب فأشبه الورد
واحتج الآخرون بأنه لا يتخذ للطيب فأشبه المعصفر مسألة الحنا ليس بطيب ولا يجب على المحرم لبس باستعمال فدية ولا يحرم استعماله
بل يكره للزنية وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة هو طيب يجب به الفدية لنا ما رواه الجمهور عن عكرمة ان عايشه وأزواج النبي صلى الله عليه وآله
كن يختضبن بالحنا ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) عن الحنا لما سأله
عنه فقال إنه ليس بطيب وان المحرم ليمسه ويداوي به بغيره وما به بأس ورواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان أيضا ولأنه يقصد منه اللون
دون الرايحة فأشبه الممشق وهي معره احتج أبو حنيفة بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأم سلمة لا تطيبي وأنت محرمه ولا يمسي الحنا فإنه
طيب ولان له رائحة مستلذة فأشبه الورس والزعفران والجواب عن الأول ان رواية ان كهيعه وهو ضعيف وروى غيره لا تمسى الحنا فإنه خضاب و
عن الثاني ان رائحة لا يستلذ وينتقص الفواكه مسألة والمعصفر ليس بطيب ويجوز للمحرم ان يلبس المعصفر ولا يجب الفدية وبه قال
الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة المعصفر طيب ويجب به الفدية على المحرم لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمران النبي صلى الله عليه وآله نهى النساء في احرامهن
عن القفارين والنقاب وما أشبه الورس من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر أو حر وروى القسم بن محمد ان عايشة
كانت تلبس الأحمرين وهي محرمة الذهب والمعصفر وعن عمر بن الخطاب انه أبصر على عبد الله بن جعفر ثوبين مفرجين وهو محرم فقال علي بن أبي
طالب (ع) ما أخال أحدا يعلمنا بالسنة فسكت عمر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته تلبس المحرم الثوب
المشبع بالمعصفر فقال إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به احتج المخالف بالقياس على الورس والزعفران والجواب الفرق بان المقيس عليه طيب بخلاف المقيس
إذا ثبت أهذا فان أصحابنا كرهوا لبسه إذا كان مشبعا وقد روى الشيخ عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن امرأة
خافت الشقاق فأردت أن تحرم هل تخضب يدا بالحنا قبل ذلك قال ما يعجبني ان يفعل قال الشيخ (ره) الوجه فيه أن يحمل على ضرب من الكراهة
784

دون الحظر مسألة ولا بأس بخلوق الكعبة وشم رائحته ذهب إليه علماؤنا اجمع سواء كان عالما أو جاهلا عامدا أو ناسيا وقال الشافعي
ان جهل انه طيب فبان طيبا رطبا فان غسله في الحال والا وجبت الفدية وان علمه طيبا فوضع يده عليه يعتقده يابسا فبان رطبا ففيه قولان لنا
ان الأصل براءة الذمة خرج منه المتفق عليه فبقي الباقي وما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن خلوق
الكعبة وحلوق الغير يكون في ثوب الاحرام فقال لا بأس به هما طهوران احتج المخالف بأنه مس تقيا فوجبت
الفدية والجواب المنع من ايجاب الكفارة
في كل موضع والفرق ان هذا الموضع مما يلبس الحاجة إلى الدخول إليه وبما يحصل بازدحام فلو أوجبنا الفدية لزم الضرر مسألة الريحان
الفارسي لا يجب به الفدية واختلف أصحاب الشافعي فقال قوم منهم تجب الفدية وبه قال ابن عمرو جابر وقال آخرون لا تجب فدية قال عثمان بن عفان
وابن عباس وعطا لنا ان الأصل الإباحة وبراءة الذمة وكذا البحث في النرجس والمرز جوش والبرم والبنفسج وقد تقدم ذلك مسألة
ويحرم عليه لبس ثوب مسه طيب محرم كالورس والزعفران وأشباهه ذهب إليه فقهاء الأمصار ولا نعلم فيه خلافا قال النبي صلى الله عليه وآله لا يلبسوا
شيئا من الثياب مسه الزعفران والورس ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته
يقول لا تمس الريحان وأنت محرم ولا تمس شيئا فيه زعفران ولا تأكل طعاما فيه زعفران ولا ترتمس في ماء تدخل
فيه رأسك إذا ثبت هذا فلا فرق بين ان يضع الثوب بالطيب أو يغمس فيه كما يغمس في ماء الورد أو بتجزته كما لو تجز بالنذر والعود وكذا لا يجز له
افتراشه والنوم عليه والجلوس فمن لبس المحرم ذلك أو نام وجب عليه الفدية وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة ان كان رطبا بل يديه
أو يابسا ببعض فعليه الفدية وإلا فلا لنا انه محرم استعمل ثوبا مطيبا عامدا فلزمه الفداء كما لو كان رطبا أو نقص عليه ولان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن لبس ما مسه الزعفران ولم يفرق بين الرطب واليابس ولا بين ما نقص وما لا ينقص احتج أبو حنيفة بأنه غير مستعمل
يحرم الطيب في بدنة فلا تلزمه فدية كما لو جلس في العطارين بشم الطيب والجواب ان الجلوس في العطارين ليس بطيب في العادة بخلاف مسئلتنا
فروع الأول لو غسله حتى ذهب الطيب جاز لبسه عند جميع العلماء لا نعرف فيه خلافا لان المقتضي لتحريم ذلك اللبس قد زال فيزول
المعلول قصة للتعليل ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) في محرم اصابه طيب فقال لا بأس
ان يمسه بيده أو يغسله وعن الحسنين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الثوب للمحرم يصيبه الزعفران ثم يغسل فقال لا بأس به إذا
ذهب ريحه ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض فلا بأس به وعن إسماعيل بن الفضل قال سمعت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يلبس الثوب
قد اصابه الطيب فقال إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه الثاني لو انقطعت رائحة الثوب بطول الزمن عليه أو لكونه صبغ يعين بحيث لا يظهر له رائحة إذا
رش بالماء جاز استعماله وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وكره ذلك مالك لنا ان النهى انما يناوله
لأجل الرايحة والتعذير زوالها بالكلية اما لو لم يكن له رائحة في الحال لكنه بحيث لو رش بالماء ظهرت منع من لبسه ويلزمه الفدية لأنه مطيب
لان رايحته تطهر عند رش الماء والماء لا رائحة فيه وانما هي من الصبغ الثالث لو فرش فوق الثوب المطيب ثوبا ضعيفا يمنع الرايحة
والمباشرة فلا فدية عليه بالجلوس والنوم ولو كان الحايل بينهما ثياب بدنه فالوجه المنع لأنه كما منع من استعمال الطيب في بدنه منع من استعماله
في ثوبه الرابع قد بينا انه إذا أصاب ثوبا طيبا زاله فلو كان معه من الماء لا يتلبسه؟؟ بغسل الطيب وطهارته فإنه غسل به الطيب لأنه يمكنه ان
يرجع عن الوضوء إلى بدنه الذي هو التيمم ولو أمكنه قطع رائحة الطيب بشئ من الماء فعل ذلك ولو توضأ بالماء الخامس لا بأس بالممشق و
وهو المصبوغ بالمغرة ولأنه مصبوغ بطين لا بطيب وكذا المصبوغ بساير الأصابغ مما ليس بطيب عدا السواد على ما بيناه فيما معنى فإنه لا يجوز
الاحرام فيه لان الأصل الإباحة الا ما ورد الشرع فيه بالتحريم صريحا أو تضمنا واما المصبوغ بالرياحين فإنه يجوز عندنا لجواز استعمال
الرياحين فالمصبوغ بها أولا اما المخالف فمن جوز استعمال الرياحين جوز استعماله ومن منع هناك منع هنا السادس قال الشيخ (ره)
يكره للمحرم ان يجعل الطيب في خرقه ويشمها فان فعل فعليه الفداء والظاهر أن مراده (ره) الكراهية التحريم وقال الشافعي لا كفارة عليه
لنا العمومات الواردة بالمنع من الطيب فإنها يتناوله الصورة النزاع وطريقة الاحتياط مسألة قال الشيخ (ره) يكره له الجلوس
عند العطارين الذين يباشرون العطر ولو جاز في زقاق العطارين أمسك على انفه وقال الشافعي لا بأس بذلك وان يجلس إلى رجل فيطيب
لنا الاحتياط يقتضي الاحتراز منه ويدل على التسويغ ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته بقوله
لا بأس بالريح الطيبة ما بين الصفا والمروة من ريح العطارين ولا يمسك على انفه فروع الأول إذا جاز في موضع فيه طيب
أمسك على انفه ولا يشمه ولو كان في طريق فيه ريح من متن لم يقبض على انفه رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال اتق قتل الدواب كلها ولا يمس شيئا من الطين ولا من الدهن في احرامك وابق الطيب في زارك وامسك على انفك من الريح الطيب
ولا يمسك من الريح المنتنة فإنه لا ينبغي ان يتلذذ بالريح الطيب فمن ابتلى شئ من ذلك فعليه غسله وليتصدق بقدر ما صنع وفي الصحيح
785

عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم إذا امر على جيفة فلا يمسك على انفه قال الشيخ (ره) حديث معاوية بن عمار في الامر بان يمسك على
انفه من الروايح الطيبة لا ينافي حديث هشام بن الحكم انه لا يمسك عليه الامرين أحدهما يحتمل ان يكون الامر بالامساك على الانف انما يتوجه إلى من باشر
ذلك بنفسه فإنه ينبغي له ان يمسك على انفه وأما إذا كان مختارا في الطريق فيصيبه الرايحة فلا يجب عليه ذلك والاخر ان يحمل الامر بالامساك على الاستصحاب
الثاني قال الشيخ (ره) قال الشافعي يجوز ان يجلس عند الكعبة وهي تحمر كما يجوز له ان يجلس عند العطارين وهو جيد لأنهم (ع) جوزوا خلوق
الكعبة إذا ثبت هذا فقال الشافعي لا يكره الجلوس عند الكعبة لان التقرب منها قربة وما الجلوس في العطارين أو إلى رجل متطيب فلا يخلو ان يجلس
لحاجة أو غرض غير الطيب فيكون مكروها أو شم الطيب ففيه عندنا قولان أحدهما الجواز من غير كراهية كما
لا يكره الجلوس إلى الكعبة
الثالث الكراهية لأنه موضع ليس فيه قربه فالجلوس فيه ليشم الطيب يكره كما لو اخذ الطيب في حره وعندنا انه لا يجوز له ذلك الرابع
قال الشيخ (ره) لو كان الطيب يابسا مسحوقا فان علق ببدنه منه شئ فعليه الفدية فان لم يتعلق بحال فلا فدية وان كان يابسا غير مسحوق كالعود
والعنبر والكافور فان علق بدنه رائحة فعليه الفدية وقال الشافعي ان علق رايحته فيها قولان واستدل بعموم الاخبار وطريقه الاحتياط
الخامس روى أن بابويه عن علي بن مهزيار قال سألت ابن أبي عمير عن التفاح والأترج والنبق وما طاب من ريحه فقال يمسك عن شمه وأكله
ولم يرد فيه شيئا السادس قال الشيخ (ره) لو مس طيبا ذاكرا لاحرامه عالما بالتحريم وطلبا كالمسك والغالية والكافور إذا كان مبلولا
بماء ورد أو دهن طيب فعليه الفدية في اي موضع من بدنه كان أو بعضه وكذلك لو سقط به أو حفر وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان يبلغ الطيب
فلا فدية وعندنا وعند الشافعي ظاهر البدن وباطنه وكذلك ان حشا جرحه بطيب فداه واستدل (ره) بعموم الأخبار الواردة في تحريم استعمال الطيب
ووجوب الفدية به المتناول يجمع المواضع وطريقه الاخبار أيضا يقتضيه لأنه بالتكفير يحصل له يقين البراءة بخلاف عدمه السابع لو؟ واش؟
بنعله طيبا فعلق بنعله فان تعمد ذلك وجب الدية لأنه مستعمل للطيب كما لو علقه بثوبه وإن لم يقصده لم يكن عليه شئ الثامن روى ابن
بابويه في الصحيح عن عمران الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن المحرم يكون به الجروح فيتداووا بدواء فيه زعفران فقال إن كان الغالب على
الدواء الزعفران فلا وان كانت أدوية الغالبة عليه فلا بأس التاسع قال ابن بابويه إذا اضطر المحرم إلى سقوط فيه منك من ريح بعرض
له في وجهه وعليه تصيبه فلا بأس فان تسقط به فقد سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله (ع) عن ذلك فقال استيقظ به وهذا للضرورة اما لو لم
يكن ضرورة فالوجه المنع ووجوب الفدية وبه قال الشافعي وكذا لو اجلس على ما بيناه أولا خلافا لأبي حنيفة مسألة ويحرم على
المحرم اكل ما فيه طيب ويجب به الفدية على جميع الأحوال ذهب إليه علماؤنا اجمع وقال مالك ان مسته النار فلا فدية وهو قول أصحاب الرأي
وقال الشافعي ان كانت أوصافه فيه من طعم أو لون أو رائحة فعليه الفدية وان بقي له وصف ومعه رائحة ففيه الفدية قولا وأحلوا وإن لم
يبقى غير لونه ولم يبق له ريح ولا طعم ففيه قولان أحدهما وجوب الفدية الثاني سقوطها لنا عموم الأخبار الدالة على المنع من اكل طعام
فيه طيب أو شربه واستعمال الطيب مطلقا وهو يندرج فيه صورة النزاع وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال واتق الطيب في ذلك الحديث ثم قال فمن ابتلى بشئ من ذلك فليغسله غسله وليتصدق بقدر ما صنع وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله
(ع) قال لا يلبس المحرم شيئا من الطيب ولا الريحان ولا يتلذذ به فمن ابتلى شئ من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعه يعني من الطعام و
الأكل نوع تلذذ وعن الحسن هارون عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أكلت خبيصا فيه زعفران حتى شبعت قال إذا فرغت من مناسكك
فأردت الخروج من مكة فاشتر بدرهم تمرا تصدق به يكون كفارة لما أكلت ولما دخلت عليك في احرامك ما لم تعلم وروى ابن بابويه
قال كان علي بن الحسين (ع) إذا طهر إلى مكة قال لأهله إياكم ان تجعلوا في زارنا شيئا من الطيب ولا الزعفران ان اكله أو تطعمه وروى ابن بابويه
في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال من اكل الزعفران متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم وان كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله
ويتوب إليه وهو أحسن حديث في هذا الباب وهو كما تناول ما يبقى أوصافه يتناول ما زالت أوصافه به أولا على السواد قد نقل الجمهور عن جعفر بن
محمد الصادق (ع) كراهية ذلك احتج أبو حنيفة بأنه استحال بالطبخ عن كونه طيبا فيكون سايغا سواء بقيت أوصافه أولم يبق لكن يكره لبقاء
ريحه والجواب ان الاستمتاع والترفه به حاصل من حيث المباشرة فأشبه ما لو كان بنا مسألة لو طيب بعض العضو كان كما لو طيب
كله وجب الفداء قاله علماؤنا اجمع وبه قال أبو حنيفة ان طيب جمع العضو كالرأس واليد وجبت الفدية وإلا فلا لنا انه مستعمل للطيب
فيدخل تحت عموم النهى وكذا البحث في اللبس لو لبس بعض العضو المخيط بان يغطي بعض رأسه كان كما لو ستر الجميع وقد ظهر مما تقدم ان
الطيب يحرم مسه وشمه واكل طعام يكون فيه وهل يكون ذلك عام في كل ما يسمى طيبا وفي الأطياب الأربعة التي هي المسك والعنبر
والزعفران والورس والسنة التي هي الأربعة المذكورة والعود والكافور فيه خلاف ذكرناه فيما سلف فلو اضطر إلى اكل طعام
يكون فيه طيب أو مسه اكل أو لمس وقبض على انفه للضرورة وقد تقدم ذلك إذا ثبت هذا فإنه يجوز له شراء بالطيب ولا نعلم
786

فيه خلافا لأنه منع من استعماله والشراء ليس استعمالا له وقد لا يقصد به الاستعمال بل التجارة أو استعماله عند الاحلال فلا يمنع فيه
وكذا له ان يشتري المخيط ويشتري الجواري وان حرم عليه لبس المخيط والاستمتاع بالنساء لأنه قد لا يقصد بشراء من الاستمتاع حالة الاحرام
بل اما حالة الاخلال والتجارة بخلاف النكاح لأنه يقصد به الاستماع فلهذا منع المحرم
الصنف الثالث الادهان
مسألة اجمع علماؤنا على أنه يحرم الادهان في حال الاحرام بالادهان الطيبة كدهن الورد والبان والزيبق وهو قول عامة أهل العلم
ويجب به الفدية اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن استعمال الطيب فتدخل تحته الادهان ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال اتق قتل الدواب كلها ولا تمس شيئا من الطيب ولا من الدهن في احرامك عن علي بن حمزة قال سألته عن
الرجل ويدهن بدهن فيه طيب وهو طيب وهو يريد أن يحرم فقال لا تدهن بعين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر يبقى ريحه في رأسك
بعدما تحرم وادهن بما شئت حين تريد تحرم قبل الغسل وبعده فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل وفي الحسن عن الحلبي عن أبي
عبد الله (ع) قال لا تدهن حين تريد أن يحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل ان رايحته يبقى في رأسك بعد ما تحرم وادهن بما شئت
من الدهن حين تريدان تحرم فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل مسألة وفي استعمال ما ليس بطيب من الادهان كالشيرج
هو السمن والزيت في حال الاحرام وبعده قولان أحدها الجواز والثاني المنع وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يجوز له استعماله في بدنه ولا يجوز
له استعماله في رأسه ولا شعره وهو قول أكثر الجمهور ومنع الشيخ (ره) من استعمال ما ليس بطيب من الادهان الا في حالا الضرورة احتج الشيخ
على المنع بما رواه عن الحلبي عن الحسن عن أبي عبد الله (ع) ادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فإذا حرمت فقد حرم عليك
الدهن وفي رواية محمد الحلبي انه سأله عن دهن الحنا والبنفسج أيدهن به إذا أراد أن يحرم فقال نعم قال الشيخ (ره) فلا تنافي الأخبار
الواردة بالمنع لأنها وردت في تحريم الادهان التي فيها طيب من المسك والعنبر ولبس فيها حظر دهن البنفسج ما أشبهه وان كان طيب
وهذا التأويل من الشيخ يعطي انه يجوز استعمال الادهان الطيبة وهو خلاف المتفق عليه ثم قال على أنه يجوز ان يكون انما أباح استعمال
دهن البنفسج وإذا كان مما تزول عند رايحته عند عقد الاحرام أو يكون ذلك مختصا بحال الضرورة والحاجة إلى استعماله أو يكون قد
ذهبت رايحته وهي البنفسج فيجري مجرى الشيرج حينئذ في جواز الاستعمال لما رواه عن هشام بن سالم قال قال له ابن أبي يعفور ما يقول في دهنه بعد الغسل للاحرام فقيل قبل وبعد ومع لبس به بأس قال ثم دعا بقارورة سليخة ليس فيها شئ فأمرنا فأدهنا منها فلما أرادنا ان يخرج
قال لا عليكم ان يغتسلوا ان وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة إذا عرفت هذا فقد احتج الشافعي على جواز استعماله في جسده بما رواه عمران
النبي صلى الله عليه وآله ادهن في احرامه بزيت غيره طيب ولان هذا الدهن لا يستطاب فإنه لو حلف لا يستعمل طيبا فاستعمله في رأسه أو لحيته فان
الفدية عنده واجبة لان الدهن فيها يزيل الشعب ويرجل الشعر ويحسنه فلهذا أوجبت الفدية سواء كان رأسه محلوقا أو كان السفر قائما لان
أصول الشعر موجودة في المحلوق ويحسن النابت منها أسقط الفدية عن الأصلع والأقرع الذي لا شعر على رأسه البتة لأنه لا يرجل شعر فأشبه
سائر البدن وكذا الامر وإذا لم يكن على وجهه شعر فلا شئ عليه لأنه لم يلق الشعر ولا أصوله وكذا لو كان في رأسه شجه فجعل الدهن في داخلها
فلا شئ عليه اما الشيخ (ره) فإنه قسم الدهن إلى طيب كالبنفسج والورد والبان والى غير طيب كالشيرج والسمن قال فالأول لا خلاف ان فيه
الفدية على اي وجه استعمل والثاني فلا يجوز الادهان به عندنا على وجه ويجوز اكله بلا خلاف واما وجوب الكفارة به فلبيت اعرف به نصا
والأصل براءة الذمة ثم قال واختلف الناس على أربعة مذاهب فقال أبو حنيفة فيه الفدية على كل حال وقال الحسن صالح بن حي لا فدية فيه
بحال وقال الشافعي فيه الفدية وفي الرأس واللحية ولا فدية فيما عداهما وقال مالك ان دهن به ظاهر بدنه ففيه الفدية فإن كان في بواطن
بدنه فلا فدية ثم استدل (ره) على عدم الكفارة بان الأصل براءة الذمة فيعمل به ما لم يظهر المنافي وبحديث ابن عمر ان النبي
صلى الله عليه وآله ادهن وهو محرم بزيت وكلام الشيخ جيد عملا ببرائة الذمة والقياس على الطيب باطل لان الطيب يوجب الفدية وإن لم يزل شيئا
ويستوي فيه الرأس وغيره والدهن بخلافه ولأنه مانع لا تجب فيه الفدية باستعماله في اليدين فلا يجب باستعماله في الرأس كالماء فروع الأول
لا يجوز الادهان بما فيه طيب قبل الاحرام إذا كان رايحته يبقى إلى بعد الاحرام لان النهى عن استعماله يتناوله وقد بينا فيما تقدم ما لو ذهبت
رائحة أو استعمل قبل الاحرام ما ليس بطيب فإنه يسوغ اجماعا كما تقدم من الأحاديث لو اضطر إلى استعماله الادهان الطيبة في حال الاحرام
وجبت الفدية لما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار في محرم كانت قرحة فدائها بدهن بنفسج قال إن كان فعله لجهالة فعليه اطعام مسكين
وان كان تعمد فعليه شاة يهريقه الثاني يجوز استعمال ما ليس بطيب بعد الاحرام مع الاضطرار به اجماعا ولا فدية عندنا روى
الشيخ عن أبي الحسن اخمشي قال سأل أبا عبد الله (ع) سعيد بن يسار عن المحرم يكون به القرحة وانشره أو الدمل قال اجعل عليه البنفسج والشيرج
وأشباهه مما ليس فيه الريح الطيب وهذا الحديث يدل على أن دهن البنفسج ليس من الادهان الطيبة فان فيه خلافا بخلاف الحديث المروي
787

عن معاوية بن عمار فإنه أوجب الفدية وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا خرج بالمحرم الجراح أو الدمل فليبطه وليداويه
بسمن وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن محرم سققت يداه قال فقال يدهنا بزيت أو سمن أو إهالة الصنف
الرابع الاكتحال بما فيه طيب مسألة اجمع علماؤنا على أنه لا يجوز للمحرم ان يكتحل بما فيه طيب سواء كان رجلا وامرأة لان
النبي صلى الله عليه وآله حرم استعمال الطيب وهو قول كل من حرم استعمال الطيب ويجب به الفدية كما قلنا في الطيب وروى ابن بابويه عن أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس للمحرم ان يكتحل بكحل ليس فيه مسك ولا كافور إذا اشتكى عينه ويكتحل المرأة المحرمة بالكحل كله الا الكحل
اسود لزينة وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال تكتحل المرأة عينه انشاء يصير ليس فيه زعفران ولا ورس وروى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن
سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول يكتحل المحرم ان هو رمد بكحل ليس فيه زعفران وعن هرو بن حمزة عن أبي عبد الله (ع) قال لا
يكتحل المسلم عينه بكحل فيه زعفران وليكحلها بكحل فارسي وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يكتحل وأنت
محرم ما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه فإنها للزينة فلا مسألة قال المفيد (ره) لا يكحل المحرم بالسواد ويكحل بالصبر والحضض وما
أشبههما إذا شاء وقال الشيخ (ره) لا يجوز للرجل والمرأة ان يكتحلا بالسواد إذا كانا محرمين إلا عند الضرورة يجوز لهما الاكتحال بغير
السواد الا إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز الاكتحال به وقال في الخلاف الاكتحال بالثمار مكروه للنساء والرجال وفي الشافعي فيه قولان
أحدهما مثل ما قلناه والاخر انه لا بأس هذا إذا لم يكن فيه طيب فإن كان فيه طيب فلا يجوز ومن استعمله فعليه الفداء وهذا قول عطاو
الحسن ومجاهد وقال ابن عمر يكتحل المحرم بكل كحل ليس فيه طيب وقال لا بأس ان يكتحل المحرم بالأثمد من حر يجده في عينيه وغير الإثمد وقال
احمد يكتحل المحرم ما لم يجد به الزينة لنا ما رواه الجمهور عن جابر ان عليا (ع) قدم من اليمين فوجد فاطمة (عه) ممن حل فلبست ثيابا
صبغا واكتحلت وأنكر ذلك عليها فقالت أبي امر ني بهذا فقال النبي صلى الله عليه وآله صدقت صدقت وانكار علي (ع) يدل على انها كانت
ممنوعة من ذلك وعن النبي صلى الله عليه وآله قال الحاج أشعث اغبر ذلك ينافي الاكتحال وعن عايشه انها قالت لامرأة اكتحل بأي كحل
شئت غير الإثمد أو الأسود ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا يكتحل الرجل والمرأة
المحرمان بالكحل الأسود الا من علة وفي الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال يكتحل المراة المحرمة بالكحل كله الا الكحل الأسود للزينة
وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال لا يكتحل المراة المحرمة بالسواد ان السواد زينة فروع الأول في تحريم الاكتحال
بالأسود خلاف بين أصحابنا والمشهور ما قلناه ولا خلاف في زوال التحريم مع الضرورة الثاني يجوز الاكتحال بما عدا الأسود
من أنواع الاكتحال الا بما فيه طيب بلا خلاف ويدل عليه ما تقدم من الأحاديث السابقة الثالث لا يعلم أحد أوجب الفدية بالكحل عملا
بالأصل وعدم ورود النص روت شميسه عن عايشة قالت له اشتكيت عني وانا محرمه فسألت عايشة فقالت اكتحلي بأي كحل شئت غير
الإثمد الا انه ليس بحرام ولكنه زينة فنحن نكرهه قال الشافعي ان فعلا فلا اعلم عليهما فيه فدية شئ مسألة ولا يجوز
للمحرم النظر في المراة لأنه زينة رجلا كان أو امرأة قال الشافعي في سنن الحرملة وقال في الأم لهما ذلك لنا انه سواد للزينة واليرقه وما
رواه الشيخ في الصحيح عن حماد عن أبي عبد الله (ع) قال لا تنظر في المراة وأنت محرم فإنها من الزينة وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال لا تنظر في المراة للزينة الصنف الخامس لبس الحلي للزينة مسألة لا يجوز للمراة ان يلبس
الحلي للزينة وما لم يعتد لبسه في حالا الاحرام روى ابن بابويه عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) في المحرمة انها يلبس الحلي كله الا حليا
مشهور الزينة وروى الكاهلي عن الصادق (ع) قال تلبس المرأة المحرمة الحلي كله الا القرط المشهور والقلادة المشهورة وسأل يعقوب بن شعيب
أبا عبد الله (ع) عن المرأة تلبس الحلي قال تلبس المسك والخلخالين وفي رواية حريز قال إذا كان للمراة حلى لم يجد به الاحرام لم ينزع عنها
مسألة لا يجوز لبس الخاتم للزينة ويجوز للسنة لان المنع من لبس الحلي للزينة والاكتحال بالسواد والنظر في المراة للزينة
يدل بمفهومه على تحريم لبس الخاتم كذلك وروى الشيخ عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) قال سألته أتلبس المحرم الخاتم قال لا يلبسه للزينة
ويدل على جواز لبسه للسنة الأصل وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن يحتج عن أبي الحسن (ع) قال لا بأس يلبس الخاتم للمحرم وفي
الصحيح عن محمد بن إسماعيل قال رأيت العبد الصالح (ع) وهو يحرم وعليه خاتم وهو يطوف طواف الفريضة إذا ثبت هذا فإنه يجوز
للمراة لبس الخاتم من الذهب لأنه محلل لهن في الاحلال فكذا حالة الاحرام ما لم يقصد به الزينة وروى ذلك الشيخ عن عمار بن موسى الساباطي عن أبي
عبد الله (ع) قال يلبس المحرم الخاتم من الذهب مسألة قد بينا انه لا يجوز لها ان تلبس الحلي للزينة وما لم تعقد لبسه ويجوز ما
عدا ذلك ولا يجوز لها ان تظهر لزوجها وبه قال علي (ع) وابن عمر وعايشة وأصحاب الرأي روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله ثم
قال وليلبس بعد ذلك ما أحب من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلى ومن طريق الخاصة ما تقدم ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن
788

الحجاج قال سألت أبا الحسن (ع) عن المراة يكون عليها الحلي والخلخال من المسكه والقرطاس من الذهب والورق يحرم فيه وهو عليها وقد
كانت تلبسه في بيتها بمثل حجها انتزعه إذا أحرمت أو تركه على حاله قال يحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهر للرجال في منزلها ومسيرها وروى أن
بابويه عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان تحرم المراة في الذهب والخز وليس يكره الا الحرير المحض وفي خبر حريز إذا كان
للمراة حلى لم يجدبه للاحرام لم ينزع؟؟ عليها وروى الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم لا تلبس الحلي ولا الثياب المصنفات
الاصغاء لا يروع وهذا النهى لتناول من الحلي ما لم يعتد لبسه ولو ما يقصد به إظهاره للزوج جمعا بين الأدلة وفي الصحيح عن يعقوب بن
شعيب قال قلت لأبي عبد الله (ع) المراة تلبس القميص يرزه عليه أو يلبس الخز والحرير والديباج فقال نعم لا بأس به وتلبس الخلخالين
والمسك مسألة قد بينا فيما تقدم انه يحرم على المراة لبس القفارين وبه قال علي (ع) ابن عمر وعطا وطاوس ومجاهد
والنخعي ومالك واحمد واسحق وكان سعد بن أبي وقاص يلبس ثيابه القفارين وهو محرمات وقال أبو حنيفة والشافعي كالمذهبين لنا ما رواه
الجمهور عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تنتقب المراة الحرام ولا يلبس القفارين وعن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى النساء
في احرامهن على القفارين والخلخال ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله (ع) قال سألته مال
تحل للمراة ان تلبس وهي محرمة قال الثياب كلها ما خلا القفارين والبرقع والحرير قلت بتلبس الخز قال نعم فإن كان سده إبريسم وهو
حرير قال ما لم يكن حريرا محضا فإنه لا بأس به ولان الرجل لما وجب عليه كشف رأسه تعلق حكم احرامه بغيره فمنع من لبس المخيط
في سائر بدنه كذلك المراة لما لزمها كشف وجهها ينبغي ان يتعلق الاحرام بغير ذلك البعض وهو اليدان احتجوا بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال حرم المرأة في وجهها ولأنه عضو يجوز ستره بغير المخيط فجاز ستره به كالرجلين والجواب عن الأول ان المراد به الكشف
وعن الثاني ان يغير المخيط يجوز للرجل ولا بالمخيط مسألة الخلخال والقرط والقلادة لا بأس بالمراة ان تلبسها ولا تظهر
لزوجها كما قلنا إذا كانت عادتها في الحلال لبسه وبه قال عمر وعايشة وأصحاب الرأي وأكرهه عطا والثوري وأبو ثور وهو إحدى
الروايتين عن أحمد وفي الأخرى المنع لنا ما تقدم ولأنه إذا كانت معتاده بلبسه يكون لبسها في حال الاحرام للعادة كالثياب لا للزينة
وما رواه الجمهور عن ابن عمر انه يسمع النبي صلى الله عليه وآله قال وليلبس بعد ذلك ما أحببت من ألوان الثياب من معصفر أو خز
أو حلي ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) انه سألت عن المرأة تلبس الحلي قال تلبس
المسك والخلخالين وقد بينا فيما تقدم وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) في المحرم تلبس الحلي كله الا حليا مشهور الزينة
الصنف السادس تغطئة الرأس مسألة يحرم على الرجل حال الاحرام تغطية رأسه وهو قول علماء
الأمصار لا نعلم فيه خلافا روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عن العمائم والبرانس وقال في المحرم الذي به ناقته لا تحمر ورأسه فإنه يبعث
يوم القيامة مليا علل علي (ع) منع تحمير رأسه بالاحرام الباقي تقديرا فالاحرام الثابت تحقيقا أولى بالمنع ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن حريز قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم غطي رأسه ناسيا قال يلقى القناع عن رأسه وتلبي ولا شئ عليه وفي الصحيح
عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) الرجل المحرم يريد أن ينام يغطي وجهه من الذباب قال نعم ولا يحمر رأسه والمراة المحرمة لا بأس ان تغطي
وجهها كله وروى ابن بابويه عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه قال المحرمة لا تنتقب لان احرام المراة في وجهها واحرام الرجل
في رأسه فروع الأول الاذن هل يحرم سترها أم لا نص الشافعي على تسويغه ومنع احمد منه لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
الاذن من الرأس الثاني يحرم تغطئة بعض الرأس كما يحرم تغطية لان النهى عن ادخال الشئ في الوجود يستلزم النهى عن ادخال أبعاضه
ولهذا لما حرم الله تعالى حلق الرأس تناول التحريم حلق بعضه الثالث لا فرق في التحريم بين ان يغطي رأسه بالمعتاد كالعمامة والقلنسوة
أو لغيره بان جعل عليه قرطا ما وكذا لو خضبه بحناء أو طينه بطين أو جعل عليه نوره أو دواء كل ذلك ستر له وهو ممنوع عنه ويجزيه الفدية الرابع
روى علماؤنا جواز تعصيب الرأس عند الحاجة إليه وبه قال عطا ومنع منه الشافعي واحمد لنا انه في محل الحاجة إليه والضرورة فكان سايغا لقوله تعالى
ما جعل عليكم في الدين من حرج وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يعصب المحرم رأسه من
الصداع وروى ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم انه سئل أبا عبد الله (ع) عن المحرم يضع عصام القرية على رأسه إذا استسقى فقال
نعم ولأنه غير ساتر لجميع العضو فكان سايغا كستر؟ السقل؟ في الرجل وسال يعقوب بن شعيب أبا عبد الله (ع) عن الرجل المحرم يكون
به القرحة يربطها أو يعصبها بخرقة قال نعم مسألة والارتماس في الماء بحيث يعلوا الماء على رأسه محرم وبه قال مالك خلافا
للجمهور لأنه في حكم تغطية الرأس ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول لا تمس
الريحان وأنت محرم ولا تمس شيئا فيه زعفران ولا تأكل طعاما فيه زعفران ولا يرتمس في ماء يدخل فيه رأسك وفي الصحيح عن حريز عن
789

أبي عبد الله (ع) قال لا يرتمس المحرم في الماء فروع الأول لا بأس ان يغسل ويفيض عليه الماء ولا نعلم فيه خلافا لأنه لا يطلق عليه اسم
التغطية ولا ما هو في معناها وهو الارتماس فكان سايغا ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن المحرم يغتسل فقال نعم يفيض الماء على رأسه ولا بذلك وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قا ل إذا اغتسل المحرم الجنابة صب على
رأسه الماء يمين الشعر بأنامله بعضه من بعض وروى ابن بابويه عن ابان عن زرارة قال سألته عن المحرم هل يحك رأسه ويغسل بالماء فقال يحك
رأسه ما لم يتعمد قبل دابة ولا بأس بان يغسله بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملبدا فإن كان ملبدا فلا يفيض على رأسه الماء الامن احتلام
الثاني لو طلى رأسه بعسل أو صمغ ليجمع الشعر ويتلبد فلا يتخلله الغبار ولا يصيبه الشعث ولا يقع فيه الذبيب جاز وهو التلبد روى
ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ملبدا الثالث لا يجوز ان يضع الطيب في رأسه بحيث يبقى إلى بعد الاحرام لما بينا
انه لا يجوز له استعمال الطيب وقد خالف فيه الجمهور الرابع لو حمل على رأسه مكيلا أو طبقا أو نحوه وجبت الفدية عليه وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة وقال عطاو مالك واحمد لا فدية عليه لنا انه ستره وتصدق عليه انه قد غطى رأسه فوجبت الفدية احتج مالك بأنه لا يقصد به
الستر غالبا فلا يجب الفدية كما لو وضع يده إلى رأسه وسواء قصد به الستر أو لم يقصد لان ما يجب به الفدية لا يختلف بالقصد وعدمه فكذا ما لم
يجب به الفدية والجواب ان كونه مما لا يقصد به الستر غالبا لا يخرجه عن كونه ساترا ولأنه مع القصد يجب الفدية لان الحيلة لا تسقط الحقوق
فكذا لو لم يقصد كما قرره ولان الحنا والطين لا يقصدهما الستر ومع ذلك يجب الفدية الخامس لو خضب رأسه وجب الفدية سواء كان الخضاب
ثخينا أو رقيقا لأنه ساتر وبه قال الشافعي وفصل أصحابه بين الثخين والرقيق فأوجبوا الفدية في الأول دون الثاني وليس بمعتمد وكذا لو وضع
عليه مرهما له جرم ستر رأسه ولو طلا رأسه بعسل أو لبن ثخين وكذلك خلافا للشافعي ولو كان مع الدواء قرطاس على رأسه وجبت الفدية
السادس لو غطى رأسه ناسيا القى القناع وجدد التلبية استحبابا ولا شئ عليه لان استدامة التغطية مع الذكر كابتدائها وتجديد التلبية
على الاستحباب وعدم الفدية للنسيان لقوله (ع) رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن محرم غطا رأسه نسيانا قال يلقى القناع عن رأسه ويلبى ولا شئ عليه وروى ابن بابويه عن الحلبي في الصحيح انه سئل أبا عبد الله
(ع) نحن المحرم يغطي رأسه نسيانا أو قائما قال يلبي إذا ذكر السابع لو ستر رأسه بيده أو بعض أعضائه ببعض فالوجه الجواز وهو قول
الجمهور لان الستر بما هو متصل به لا يثبت له حكم الستر وبهذا لو وضع يده على فرجه لم يجزه في الستر ولان المحرم مأمور يمسح رأسه في الطهارة
ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يضع المحرم ذراعة على وجهه من حر الشمس وقال
لا بأس ان يستر بعض جسده ببعض وقد روى ابن بابويه عن سعيد الأعرج انه سأل أبا عبد الله (ع) عن المحرم يستر من الشمس بعود أو بيده
فقال لا الا من علة الثامن يباح للمحرم ستر وجهه فلا يجب عليه كشف إذا كان رجلا ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال علي (ع) وعمر و
عثمان وعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن الزبير وزيد بن ثابت وجابر ومروان الحكم والشافعي والثوري واسحق وطاوس وقال
مالك وأبو حنيفة احرام الرجل يتعلق برأسه ووجهه فلا يجوز له ستر رأسه وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
احرام الرجل في رأسه واحرام المراة في وجهها والتفصيل قاطع للشركة وعن ابن عباس ان محرما وقصت به ناقته غداة عرفه فمات فقال النبي صلى الله عليه وآله
خمروا وجهه لا تحمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيمة طيبا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع)
الرجل المحرم يريد أن ينام يغطي وجهه من الذباب قال نعم ولا يحمر رأسه وروى ابن بابويه عن عبد الله بن ميمون عن الصادق عن أبيه (ع) قال المحرمة
لا تشقب لان احرام المراة في وجهها واحرام الرجل في رأسه ولأنه مذهب من سميناه ولم يوجد لهم مخالف فكان اجماعا احتج أبو حنيفة بما رواه ابن عباس ان رجلا
وقع عن راحلته فافصقه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه فلا يخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيمة
يلبى ولأنه من حرم عليه الطيب لأجل الاحرام حرم عليه تحمير الوجه كالمرأة والجواب عن الأول ان المشهور في حديث ابن عباس ولا تحمروا رأسه وفي
بعض ألفاظ الروايات حمروا وجهه ولا تخمروا رأسه فيعارض الروايتان ويبقى ما ذكرناه سالما وعلى انه محمول على ما لا بد من كشفه من الوجه و
القياس على المراة باطلا لما روى عندنا وعندهم ان احرام الرجل في رأسه واحرام المراة في وجهها ولان المراة لا يجب عليها كشف الرأس وانما يجب عليها
كشف عضو واحد فكذا الرجل فصل قال الشيخ في التهذيب تغطيه الوجه جايز مع الاختيار غير أنه يلزمه الكفارة ومتى لم يبق
الكفارة لم يجز له ذلك واستدل عليه بما رواه عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) المحرم يقع عليه الذباب حتى يريد النوم فيمنعه من
النوم يغطي وجهه إذا أراد أن ينام قال نعم واستدل على لزوم الكفارة بما رواه في الصحيح عن الحلبي قال المحرم إذا غطى وجهه فليطعم مسكينا في يده وقال لا بأس ان ينام المحرم على وجهه على راحلته ونحن في هذا من الموقفين ويحمل الرواية على الاستحباب مع أن الحلبي لم
يسندها إلى الامام فصل واحرام المراة في وجهها فلا يجوز لها تغطية وهو قول علماء الأمصار ولا نعلم فيه اختلافا الا
790

ما روى عن أسماء انها كانت تغطي وجهها وهي محرمة ويحتمل انها كانت تغطية بالسدل عند الحاجة فلا يكون مخالفا للاجماع والأصل فيه ما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال احرام الرجل في رأسه واحرام المراة في وجهها وقال (ع) ولا تنتقب المراة ولا تلبس القفارين ومن طريق الخاصة
ما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن ميمون عن الصادق (ع) عن أبيه عليهما السلام قال المحرمة لا ينتقب لان احرام المرأة في وجهها واحرام
الرجل في رأسه ومر أبو جعفر (ع) بامرأة محرمة وقد استرت بمروحة فأماط المروحة بغضبه عن وجهها ولو كان سايغا لم يكن الإماط
سايغا وعن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) انه كره للمحرمة البرقع والقفازين فروع الأول لو احتاجت إلى ستر وجهها
لمرور الرجال قريبا منها أسدلت ثوبها من فوق رأسها على وجهها إلى طرف أنفها ولا نعلم فيه خلافا وروى ذلك عن عثمان وعايشة وبه
قال عطا ومالك والثوري والشافعي واحمد واسحق ومحمد بن الحسن لما رواه الجمهور عن عايشة قالت كان الركبان يمرون إلينا ونحن
محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا جاوز بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جوزنا كشفناه ومن طريق الخاصة ما رواه
ابن بابويه في الصحيح عن حريز قال قال أبو عبد الله (ع) المحرمة تستدل الثوب على وجهها إلى الذقن وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) أنه قال تسدل المراة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة وقد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت
لأبي جعفر (ع) رجل المحرم يريد أن ينام يغطي وجهه من الذباب قال نعم ولا يحمر رأسه والمرأة المحرمة لا بأس ان تغطي وجهها كله ولان (ما تراه)
حاجة إلى ستر وجهها فلا يحرم عليها بأعلى الاطلاق كالعورة الثاني قال الشيخ (ره) يكون الثوب منحافيا؟؟ على وجهها بحيث لا
يصيب البشرة فان أصابها ثم زال أو ازالته بسرعة فلا شئ عليها والا وجب الدم والوجه عندي سقوط هذا لأنه ليس بمذكور في الخبر مع أن
الظاهر خلافه فان يسدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الإصابة فلو كان شرطا ليبين لأنه موضع الحاجة الثالث يجتمع في
حق المحرمة ستر الرأس وكشف الوجه ولا يمكن أحدهما الا بفعل ما ينافي الاخر فإنه لا يمكن ستر الرأس الا بستر جزء من الوجه ولا
كشف الوجه الا بكشف جزء من الرأس لكن الأول أولى لأنها عورة الرابع يجوز لها ان تطوف بعد الاحلال منتفية وليس بمكروه
وكرهه ثم رجع عنه وطاف عايشة وهي منتفية الخامس يجوز لها ان تستر بثوبها من الرجال رواه ابن بابويه عن سماعة عن الصادق
(ع) قال وان مر بها رجل استرت منه بثوبها ولا تستر بيديها من الشمس السادس الخنثى المشكل يجوز له تغطية رأسه لعدم
تيقن الذكورية المقتضية لذلك ولا كفارة خلافا لبعض الجمهور عملا بالأصل فلا يجب بالمساكن وكذا له ان يغطي وجهه لعدم تيقن الأنوثية
ولو جمع بينهما لزمته الفدية وكذا لو غطى رأسه ولبس انه المخيط على بدنه لعدم خروجه عن كونه ذكر أو أنثى السابع روى ابن بابويه في
الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يكره للمحرم ان يجوز بثوبه فوق انفه ولا بأس ان يمد المحرم ثوبه حتى يبلغ انفه يعني
من أسفل وقال أصح لمن أحرمت له وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لأبي وشكى إليه حر الشمس وهو
محرم وهو يتأذى به وقال ترى ان استر بطرف ثوبي قال لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك وفي الصحيح عن حريز انه سأل أبا عبد الله (ع)
عن المحرم ينام على وجهه وهو على راحلته فقال لا بأس بذلك وعن منصور بن حازم قال رأيت أبا عبد الله (ع) وقد توضأ وهو
محرم ثم اخذ منديلا فسح به وجهه الصنف السابع التظليل مسألة لا يجوز لمحرم ان يظلل على نفسه سايرا فيحرم
عليه الاستظلال في المحل وما في معناه كالهودج والكنيسة والعمارة وأشباه ذلك ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال ابن عمر ومالك وسفيان بن
عتيبة وأهل المدينة وأبو حنيفة واحمد ورخص فيه ربيعة والثوري والشافعي وهو مروي عن عثمان وعطا لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمر
انه رأى على رجل عمر بن عبد الله بن أبي ربيعه عود استره من الشمس فنهاه وهو نافع عن ابن عمر انه رأى رجلا محرما على رجل قد رفع ثوبا على
عود يستر به من الشمس فقال أصح لمن أحرمت له اي أبرز للشمس ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي
الحسن (ع) قال سألته عن المحرم يركب في القبة قال ما تعجبين ذلك الا ان يكون مريضا وعن محمد بن منصور عنه قال سألته عن الظلال للمحرم
قال لا يظلل الا من علة وعن جعفر بن المثنى الخطيب عن محمد بن الفضيل وبشير بن إسماعيل قال قال لي محمد الا أبشرك يا بن المثنى فقلت بلى
فقمت إليه فقال دخل هذا الفاسق انفا فجلس فقاله أبي الحسن ثم اقبل عليه فقال له يا أبا الحسن ما يقول في المحرم استظل فقال لا قال
على المحمل فيستظل في الخباء فقال لا نعم فأعاد عليه القول شبه المستهزئ يضحك يا أبا الحسن فما فرق بين هذا وقال هذا يا أبا يوسف
ان الدين بقياس كقياسكم أنتم تلعبون انما صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وقلنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله
يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيه بعضه جسده ببعض وربما ستر وجهه بيده وإذا نزل استظل في الخباء وفي البيت
والجدار وعن إسماعيل بن عبد الخالق قال سألت أبا عبد الله (ع) هل يستتر المحرم الشمس فقال لا الا ان يكون الشيخ كبير وقال ذو
علة ولأنه محرم ستر على رأسه بما يصير يقتصد به الترفه في بدنه فلزمته الفدية كما لو غطا ولأنه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالبا فأشبه
791

ما لو ستره بشئ يلاقيه احتج الشافعي بما روته أم الحصين قال حججت مع النبي صلى الله عليه وآله حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا أحدها
اخذ بحطام ناقة النبي صلى الله عليه وآله والاخر واقع ثوبه يستتره من الحر حتى رمى الجمرة العقبة ولأنه يباح له التظليل في البيت و
الخبا فجاز له الركوب كالحلال والجواب عن الأول من وجوه أحدها منع الحديث ثانيها جاز ان يكون (ع) مضطرا إلى التظليل فإنه يكون
سايغا على ما يأتي ثالثها انها لم يقل انه كان يرفقه حالة الركوب فجاز ان يكون ذلك حالة النزول ونحن نقول به وعن الثاني بالفرق فان
ترك التظليل حالة النزول موجدا بخلاف حالة الركوب مسألة فإذا نزل جاز ان يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخباء
والخيمة وان نزل تحت شجرة ويطرح عليها ثوبا يستر به وان يمشي تحت الظلال وان يستظل بثوب ينصبه إذا كان سايرا ونازلا ولكن
لا يجعله فوق رأسه سايرا خاصة لضرورة وغير ضرورة عند جميع أهل العلم لما رواه الجمهور عن جابر قال في حديث حجة النبي صلى الله عليه وآله
فامر بقبة من شعر فقربت له بنمرة فأتى عرفه فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس ومن طريق الخاصة ما رواه في
حديث جعفر بن المثنى عن أبي الحسن (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يركب راحلته فلا يستظل عليها تؤذيه الشمس فيستر بعض جسده
ببعض وربما ستر وجهه بيده وإذا نزل استظل بالخباء وفي البيت والجدار ولان الضررية عظيم لان دوام الفعل محصل به كثيرة الأثر وزيادته
فروع الأول لو لم يتمكن من ملاقاة الشمس جاز له ان يستظل ويفدي وأما إذا كان مريضا أو خاف المطر رواه الشيخ عن علي بن محمد
قال كتبت إليه المحرم هل يظلل على نفسه إذا آذته الشمس أو المطر أو كان مريضا أم لا فان ظلل هل يجب عليه الفداء أم لا فكتب يظلل على نفسه ويهريق دما انشاء الله وفي الصحيح عن سعد بن
سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سألته عن للمحرم يظلل على نفسه فقال من علة فقلت تؤذي الشمس وهو محرم فقال هي علة يظلل ويفتدي وفي الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سأله رجل عن الظلال للمحرم مر إذا
مطر أو شمس وانا اسمع فأمره ان يفدي شيئا يذبحه بمنى وعن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا (ع) المحرم يظلل على محمله ويفدي إذا كان
الشمس والمطر تضربه قال نعم قلت كم الفدي قال شاة لأنه في محل الحاجة والضرورة فكان سايغا ولأنهم (عل) استثنوا من المنع العلة فيكون
سايغا قضيته للاستثناء ولما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل المحرم وكان إذا اصابه الشمس شوق
عليه وصدع فيستر منها فقال هو أعلم بنفسه إذا علم أنه لا يستطيع ان تصيب الشمس فليستظل منها قال الشيخ (ره) ليس لأحد أن يقول إن
الاخبار المتضمنة لجواز التظليل مع العلة منافية للاخبار المتضمنة لوجوب الفدية لان الإباحة انما تحصل بالعلة والزام الكفارة
فلا يجوز للعليل ان يستظل ما لم يلتزم الكفارة ولا يجوز للمختار الاستظلال وان الزم الكفارة لما رواه في الصحيح عن عبد الله بن
المغيرة قال قلت لأبي الحسن الأول (ع) اظلل وانا محرم قال قلت انا اظلل وأكفر قال لا قلت فان مرضت قال ظلل وكفر قد روى الشيخ في
ما تقدم وهو جيد لان اسم الرخصة قال انما تطلق على ما منع منه أولا ثم اذن فيه لضرورة كالقطر واكل الميتة الثاني قال الشيخ
(ره) إذا وقع التظليل في احرام العمرة المتمتع بها لزمه كفارتان واستدل بما رواه أبو علي بن راشد قال قلت له (ع) جعلت فداك انه يشتد
على كشف الظلال في الاحرام لا في محرور تشتد على الشمس فقال ظلل وارق دما فقلت له دما أو دمين قال للعمرة قلت انا نحرم بالعمرة وتدخل
مكة فنحل ونحرم بالحج قال فارق دمين والوجه عندي الاستحباب الثالث لا بأس بالتظليل للنساء الضعف أمرهن وقبولهن للانتقال
بسرعة فلو لم يسرع لهن لزم الحرج المنفي وكذا الصبيان روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدها (ع) قال سألته عن المحرم يركب
القبة فقال لا قلت فالمرأة المحرمة قال نعم وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون
ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم وفي الصحيح عن هشام بن سالم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يركب في السكينة فقال لا
وهو للنساء جايز وفي الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يركب في القبة قال ما تعجبين الا ان يكون مربضا قلت
في النساء قال نعم والحديث جميل بن دراج الصحيح وقد تقدم قال الشيخ (ره) قد رخص النساء في التظليل وتركه أفضل على كل حال
الرابع يجوز للمريض التظليل بلا خلاف وقد تقدم وبينا وجوب الفدية عليه ولو زامله صحيح اختص المريض بالتظليل ولا يجوز
للصحيح مشاركته فيه لعدم المقتضى في حقه وقام المانع وهو الاحرام ولما رواه الشيخ عن بكر بن صالح قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني
(ع) ان عمتي معي وهي زميلتي ويشتد عليه الحر إذا أحرمت فترى ظلل على وعليها فكتب ظلل عليها وحدها وقد روى الشيخ عن العباس بن
معروف عن بعض أصحابنا عن الرضا (ع) قال سألته عن المحرم له رميل فاغتسل وظلل على رأسه اله ان يستظل قال نعم قال الشيخ
(ره) هذا لا ينافي الخبر الأول لان قوله ان يستظل الضمير فيه عايد إلى المريض الذي قد ظلل هل له ذلك لهم لا لأنه عايد
إلى الصحيح الخامس زامل امرأة أو صبيا اختص بالصبى والمراة بالتظليل لما تقدم
الصنف الثامن إزالة الشعر
792

مسألة يحرم على المحرم إزالة شئ من شعره قليلا كان أو كثيرا على رأسه كان أو على بدنه أو لحيته اجمع العلماء والأصل فيه
قوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله وما رواه الجمهور عن كعب بن عجزه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لعلك يؤذيك
هوام رأسك قال نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حلق رأسك وصم ثلاثة أيام وأطعم ستة مساكين وانسك شاة
وهو يدل على المنع من الحلق قبل ذلك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (ع) عن المحرم يحتج قال لا الا ان يخاف على نفسه التلف ولا يستطيع الصلاة وقال إذا اذاه الدم فلا بأس به ويحتجم ولا يحلق الشعر وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع)
قال مر رسول الله صلى الله عليه وآله على كعب عجزه الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه فقال أيؤذيك هو امكث فقال نعم قال فأنزلت
هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدفة أو نسك فامر رسول الله صلى الله عليه وآله فحلق رأسه
وجعل عليه صيام ثلاثة أيام والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان أو النسك شاة ثم قال أبو عبد الله (ع) كل شئ في
القران ممن لم يجد فعليه كذا فالولي بالخيار مسألة وسواء حلق لعذر أو غير عذر فان الفدية واجبة لقوله تعالى فمن كان منكم
مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وإذا أوجب الفداء مع العذر فمع عدمه أولى قال ابن عباس مريضا اي برأسه
قروح أو به اذى اي قمل ولا فرق بين شعر الرأس في ذلك وبين شعر البدن في قول أهل العلم وقال أهل الظاهر لا يجب في شعر غير الرأس لنا
ما تقدم في قول الصادق (ع) ولا يحلق الشعر وهو يتناول شعر الرأس والبدن على السواد ولأنه يحصل له التنظيف والترفة يحلق شعر بدنه
فلزمه الفدية كشعر الرأس بل يحصل به من التنظيف والترفة أكثر مما يحصل من الرأس فإذا ثبت الحكم في الرأس فثبوته فيما هو أولى بالمناط
أولى احتجوا بقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى فحله والجواب ودلالة بالآية على المنع من حلق الرأس بالنص لا ينافي تحريم حلق شعر البدن
بدليل اخر مسألة والكفارة أو فصاحته فيه بالخيار يختار ما شاء وكل شئ في القران يتعلق بحلق جميع الرأس وبعضه قليلا كان أو كثيرا لكن يختلف ففي حلق جميع الرأس دم وكذا مما يسمى
حلق الرأس وان كان بعضه وفي حلق ثلث شعرات صدقة بهما كان وقال الشافعي عليه دم وقال أبو حنيفة لا الدم يجب الا بحلق رابع الرأس
وقال أبو يوسف إذا حلق النصف وجب الدم وقال مالك إذا حلق من رأسه ما أماط عنه الا إذا وجب الدم قل أو كثر وعن أحمد روايتان
أحدهما انه يجب بثلاث شعرات كقول الشافعي والثانية بأربع شعرات لنا ان الدم يتعلق على حلق الرأس وهو انما يصدق حقيقة
في الجميع فيبقى الباقي على أصل البراءة واما وجوب الصدقة بما استطاع فلما روى عنهم (عل) ان من مس شعر رأسه ولحيته فسقط
شئ من شعره يتصدق بشئ على ما يأتي بيان الرواية انشاء الله تعالى وهو يتناول هذه الصورة احتج مالك بان الثلث شعيرات
لا يحصل به إماطة الأذى فلا يتعلق به الفدية كالشعرة والشعرتين واحتج أبو حنيفة بان الربع يقوم مقام الكل ولهذا إذا رأى
رجلا يقول رأيت فلانا وانما رأى إحدى جهاته واحتج الشافعي بأنه شعر آدمي يقع عليه اسم الجمع المطلق فجازت يتحلق بحلقه الدم
كالربع والجواب عن حجة مالك لأنا نقول بموجبها فان الدم انما يجب عندنا بحلق الجميع وعن احتجاج أبي حنيفة بالمنع من الاطلاق
حقيقة وقولنا رأيت فلانا مجازا لان فلانا ليس هو الهيكل المحسوس على ما ذهب إليه المحققون ولان الادمي ليس مربعا بل إذا رأى ما
يعرفه به قال رأيته ولو رأى صفحة وجهة والجواب عن احتجاج الشافعي بالمنع من الحكم في الأصل على ما سبق فروع الأول
إذا تلف أقل من الثلث تصدق أيضا عندنا وقال الشافعي لا يكون مضمونا عليه وحكى ابن المنذر عن عطا أنه قال لا يكون مضمونا عليه لعله
ذلك لنا ان كل جملة ضمنها المحرم بالاتلاف فإذا تلف بعضها ضمن ذلك لبعض كالصيد الثاني إذا نبت الشعر في عينه أو نزل شعر
حاجبه فغطى عينه جاز له قطع النابت في عينه وقص الترسل والوجه لأنه لا فدية عليه لان الشعر الخاه؟؟ إلى اخذه لأنه لو تركه لأضر بعينه و
منعه من الابصار كما لو صال الصيد عليه فقتله فإنه لا فدية عليه الثالث لو كان له عذر من مرض أو وقع في رأسه قمل أو غير ذلك من أنواع
الأذى جاز له الحلق اجماعا للآية والأحاديث السابقة ثم ينظر فإن كان الضرر اللاحق به من نفس الشعر فلا فدية عليه كما لو نبت في
عينه أو نزل شعر حاجبه بحيث يمنعه الابصار لان الشعر اضربه فكان له إزالة ضرره كالصيد إذا صال عليه وان كان الأذى من غير شعر
لكن لا يتمكن من إزالة الأذى الا بحلق الشعر كالقمل والقروح برأسه والصداع من الحر بكثرة الشعر وجب الفدية لأنه قطع الشعر لإزالة
ضرر عنه فصار كما لو كان الصيد للمخمصة لا يقال القمل من ضرر الشعر والحر سببه كثرة الشعر فكان الضرر منه أيضا لأنا نقول ليس القمل من
الشعر وانما لا يتمكنه المقام الا بالرأس ذي الشعر فهو محل لا سبب وكذلك الحر من الزمان لان الشعر يوجد في البرد فلا يتأذى به فقد ظهر أن الأذى
في هذين النوعين ليسا من الشعر الرابع لو قطع يده وعليها شعر لم يضمن الشعر لان الشعر تابع لليد فلا ضمان واليد لا تضمن فديتها فكذلك
التابع ولهذا لو كان للرجل زوجتان صغرى وكبرى فأرضعت الكبرى الصغرى انفسخ النكاح وضمنت المهر ولو قبلها انفسخ النكاح ولم
يضمن الهر الخامس لو نتفت إبطه وجب عليه الفدية لأنه أزال الشعر للترفة وروى ابن بابويه في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله
793

قال إذا نتف الرجل إبطه بعد الاحرام فعليه دم السادس يجوز للمحرم ان يحلق شعر المحل ولا شئ عليه وبه قال الشافعي مالك واحمد و
حكى ذل عن مجاهد وقال أبو حنيفة لا يجوز له فان فعل فعله صدقته لنا ان المحل يجوز له ان يحلق رأسه فجاز للمحرم فعله به كما لو فعله المحل
لان المحرم انما هو إزالة شعر المحرم عن نفسه لأنه لم يتعلق بمينئه؟؟ حرمه لاحرام فجاز للمحرم خلقه كشعر العيمة؟؟ ولأنه يجوز له ان يطيبه ويلبسه فأشبه
المحل إذا حلفة ولان الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل ولم يثبت ولان وجوب الفدية انما يثبت بالنص أو التباس وكل منها
منتف احتج أبو حنيفة بقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم قال معناه لا يحلق بعضكم روس بعض ولان المحرم ممنوع منه بكل حال وما كان كذلك منع
منه في حق غيره كقتل الصيد بخلاف الناس فإنه ليس بممنوع منه بكل حال والجواب عن الأول انها خطاب للمحرمين لقوله تعالى فان
أحضرتم فما استيسر من الهدى ولان المحل غير ممنوع من حلق الرأس اجماعا وعن الثاني ان الصيد إذا أتلفه المحرم كيف ما كان ضمنه و
ههنا منع من شعر المحرم لا يحصل به من الترفه وزوال الشعث في الاحرام وهذا لا يوجد في شعر المحل فروع الأول لا يجوز للمحرم
ان يحلق رأس المحل اجماعا لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم والمراد به أن لا تحلقه بنفسه ولا بغير بل انصراف وذلك إلى الغير أولى فان الانسان لا
يمكنه ان يحلق رأس نفسه أو لأنه يحرم عليه حلق شعره والناس والطيب وكلما حرم عليه ان يغسله مباشرة حرم متولدا؟؟ اوقتا؟؟ به كقطع عضو من
أعضائه أو لبس الحرير وما أشبه ذلك الثاني لا يجوز للمحل أيضا ان يحلق رأس المحرم إذ لا تفاوت بينهما فان إزالة شعر المحرم حرام
سواء كان المزيل نفسه أو غيره على ما بينا الثالث لو حلق المحل أو المحرم شعر المحرم فقد بينا انه حرام لكن لا فدية عليه وقال الشافعي
ان كان قد حلق بأمره وجبت الفدية على المحرم لا على الحالق وقال أبو حنيفة يجب على الخالق المحرم صدقه لنا ان الأصل براءة الذمة ولم
يوجد دليل على وجوب الكفارة والتحريم لا يستلزمه كما في كثير من المحرمات ولأنه إذا كان مأمورا كان إزالة الشعر منسوبة إلى ذي الشعر و
هو متعد فيه فأشبه ما لو أزاله بنفسه ولان يده على الشعر ثابتة وهو مستحفظ له فيكون كالمستعين أو المستودع وأيهما كان إذا تلف في
يده بأمره ضمن احتج ابن حنيفة بأنه شعر منع من ازالته لحرمة الاحرام فإذا إزالة المحرم لزمه فدية والجواب المنع من الملازمة لان الإزالة
ههنا في الحقيقة منسوبه إلى الامر الرابع لو حلق المحل أو المحرم شعر المحرم بغير اذنه فلا فدية عليه وفصل الشافعي فقال إن كان مكروها
أو نائما وجبت الفدية على الحالق على أحد القولين وقال في الاخر يجب على المحرم ويرجع بها على الحالق وبه قال أبو حنيفة واختلف أصحاب
الشافعي فمنهم من قال إنه كالمكره لان السكوت لا يجري مجرى الامر ولهذا لو أتلف عليه شئ وهو ساكت فإنه يضمنه ولا يكون سكوته بمنزلة
الاذن في الاتلاف ومنهم من قال هو بمنزلة الامر لا يضمن الحالق شيئا لان المحرم مستحفظ للشعر بمنزلة المودع فإذا سكت على اتلافه ضمنه كله
كما لو امر (به) إذا ثبت هذا فالذي ذهب إليه ان الحالق باذنه لزمه الفداء وإن لم يكن باذنه لم يكن عليه شئ عملا بالأصل وهو براءة الذمة احتج الشافعي
على أحد القولين بأنه زال شعره بغير اختياره فلم يلزمه الفدية كما لو سقط شعره على وجه حصل له به الترفه
فلزمته الفدية كما لو كان يأمره
قال أبو حامد في التعليق هذا مبني على القولين في أن الشعر في يده كالعارية وجبت الفدية على المحلوق رأسه وان قلنا كالوديعة وجبت
على الخالق قال أبو الطيب هذا خطأ وينبغي ان يكون كالوديعة لان العارية ما أمسكه لمنفعة نفسه وهذا منفعة في ازالته ولأنه لو احترق بشرارة
ان وقفت فيه لم يجب ضمانه وهذا ظهر إذا عرفت هذا فالتفريع على قول الشافعي فيقول ان قلنا الفدية واجبة على الحالق فإنه محرم
فيها فان أخرجها فلا يجب والا كان كالمحرم فطالبه باخراجها لان الفدية وجبت لأجله وليس هذا العقد بجيد لان هذا الوجوب متعلق
بالفاعل لحق الله تعالى وان كان معسرا أو عاجزا عن الكفارة بقيت في ذمته ولا شئ على المخلوق رأسه وإذا قلنا يجب على المخلوق
رأسه ويرجع به فإنه إن كان الخالق حاضرا مؤسرا كان للمحلوق رأسه ان؟ يطالبه؟ اخراج أقل الامرين من الذم أو الإصبع الثلث وان اخرج
المحلوق أحدهما كان له ان يرجع عليه بأقلهما فيه لأنه أقل الواجب وكذا لو كان الخالق؟ البا؟ أو معسرا اما لو حرج المحلوق الفدية ويرجع عليه
إذا أحضر أو أيسر بأقل الامرين فان اختار المخلوق الصوم فصام ثلاثة أيام فان بعض الشافعية لا يرجع عليه شئ ومنهم من قال يرجع
بثلاثة امداد لان الشرع جعل قيمة المد صيام يوم وهذا ليس بشئ لان ذلك فيما اخرج في حق الله تعالى فاما الادمي فليس للصوم قيمة و
هذه التعريفات كلها ساقطه عندنا لان الخالق لا كفارة عليه عندنا مطلقا والمخلوق رأسه لا كفارة عليه أيضا ان كان مكروها أو نايما والا
وجبت عليه الكفارة على ما قلنا
الصنف التاسع القلم مسألة اجمع فقهاء الأمصار كافة على أن المحرم ممنوع من قص أظفاره
مع الاخبار لأنه إزالة حو يترفه به فحرم كإزالة الشعر لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل أحرم فنسى ان
ان يقلم أظفاره قال فقال يدعها قال قلت إنها طوال قال وان كانت قلت إن رجلا أفناه بان يقلمها وان يغتسل ويعيد احرامه ففعل
قال عليه دم إذا ثبت هذا فان احتاج إلى مداواة قرحة ولا يمكنه الا بقص أظفاره جاز له ذلك ووجبت الفدية وقال بعض الجمهور لا فدية
794

عليه لنا انه أزال مانع ازالته لضرورة في غير فكان كما لو حلق رأسه لضرورة القمل ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية عمار عن أبي عبد الله
(ع) قال سألته عن الرجل المحرم تطول أظفاره قال لا يقص شئ منها ان استطاع فان كانت يؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضته
من طعام فروع الأول لو أزال بعد الظفر تعلق به ما يتعلق بالظفر جميعه الثاني لو انكسر ظفره كان له ازالته بلا خلاف بين
العلماء لأنه يؤذيه ويؤمله فكان له ازالته كالشعر النابت عينه والصيد الصائل عليه وهل تجب الفدية أم لا فيه تردد ينشأ من أن لأصل
براءة الذمة ومشابهته للصيد الصايل ومن الرواية التي رواها ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار انه سأل أبا عبد الله (ع) عن المحرم
تطول أظافيره إلى أن ينكسر بعضها فتؤذيه قال لا يقص منها شيئا ان استطاع فان كانت تؤذيه فليقصها ولتطعم مكان كل ظفر قبضته من طعام الثالث لو قص المكسور خاصة لم يكن عليه شئ عند قوم على ما تقدم من التردد ولو أزال منه ما بقي مما ينكسر ضمنه بما يضمن
به الظفر لأنه لو أزال بعض الظفر ابتداء من غير علة وجب عليه ضمانه فكذا لو أزال تبعا الرابع لو قلم بعض ظفر فلم يستوف ما على اليدين
منه بل حققه أو اخذ بعضه فعليه الفدية لأنه بعض من جملة مضمونة إذا ثبت هذا فإنه يضمنه بما يضمن الظفر وكذا لو اخذ بعض شعره فإنه
يكون كأخذ الشعرة بأجمعها الصنف العاشر اخراج الدم مسألة اختلف فعلماؤنا في جواز الحجامة للمحرم اختيارا فمنع منه
المفيد (ره) وابن إدريس وقال مالك وكان الحسن البصري يرى في الحجامة دما واختار ابن بابويه (ره) الجواز وهو قول أكثر
الجمهور وللشيخ (ره) بما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (ع) عن المحرم يحتجم قال لا الا ان يخاف على نفسه التلف
ولا يستطيع الصلاة وقال إذا اذاه الدم فلا بأس به ويحتجم ولا يحلق الشعر وعن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يحتجم قال
لا أحبه احتج المجوزون بما رواه الجمهور عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله احتجم وهو محرم في رأسه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ
وابن بابويه في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان أطعم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر وروى ابن بابويه عن الحسن بن علي (ع)
انه احتج وهو محرم وسال ذريح أبا عبد الله (ع) عن المحرم يحتجم فقال نعم إذا احتشى الدم ولأنه بدأ وليس يترفه فأشبه شرب الأدوية
قال الشيخ في كتاب الاخبار حديث حريز محمول على الضرورة وقال في الخلاف انه مكروه عملا في عدم الحظر بالأصل ولما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله
احتجم فدل على أنه ليس بمحظور واستدل على الكراهية باجماع الفرقة مسألة ولا خلاف في جواز الحجامة مع الضرورة
ودعوا الحاجة وكذلك القصد لأنه إذا ثبت جواز الحجامة مطلقا على رأى ومقيدا بحال الضرورة على رأى تبعه جواز القصد على حسبه إذ لا
فارق بين الصورتين وكذا يجوز قطع العضو عند الحاجة والختان كل هذا مباح من غير فدية عملا بالأصل السالم عن المعارض إذا
ثبت هذا فلو احتاج في الحجامة إلى قطع شعر فله قطعه لما روى الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه وآله احتجم في طريق مكة وهو محرم
وسط رأسه من ضرورة ذلك قطع الشعر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن مهران بن أبي نصر وعلي بن إسماعيل بن عمار عن أبي الحسن (ع)
قال سألنا فقال في حلق القفا للمحرم ان كان أحد منكم يحتاج إلى الحجامة فلا بأس به والا فليلزم ما جرى عليه الموسى إذا حلق ولأنه يباح
إزالة الشعر اجمع لضرر القمل فيباح ههنا إذا عرفت هذا فان الفدية واجبة عليه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك واحمد وأبو ثور
وابن المنذر وقال أبو يوسف ومحمد يتصدق بشئ لنا قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية
من طعام أو صدقة أو نسك
ولأنه حلقه لإزالة ضرر عنه فلزمته الكفارة كما لو حلقه لإزالة قمله مسألة قد بينا انه لا يجوز له يقلم الأظفار فمن قلم الظفار
أوجب عليه ان يتصدق مد من طعام على ما قلناه فان أفتاه غيره فقلم المستفتى ظفره فأدماه وجب على المفتي دم لأنه سبب في الجناية فكانت العقوبة
عليه عايدة ويؤيده رواية إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) قلت فان رجلا من أصحابنا أفتاه ان يقلم أظافيره ويريد احرامه ففعل قال عليه دم
مسألة يجوز له ان يربط جراحه ويشفي الدمل إذا احتاج إلى ذلك ولا فدية عليه ولا نعلم فيه خلافا لما رواه الجمهور عن
النبي صلى الله عليه وآله انه احتجم وهو محرم ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن المحرم يقصر الدمل ويربط عليه الجرمه؟؟ فقال لا بأس وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن اي عبد الله (ع) قال إذا خرج بالمحرم
الجراح والدمل فليبطه ولتداوه بزيت أو بسمن ولأنه محل الحاجة ولا يستبيع يرمها؟؟ فكان مانعا كشرب الأدوية مسألة ويجوز
ان يقطع ضرسه مع الحاجة إليه لأنه يداو ليس؟ نرفه؟ فكأنه سايغا كشرب الدواء ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن الحسن الصيقل انه سأل أبا عبد الله (ع)
عن المحرم يؤذيه ضرسه أيقلعه قال نعم لا بأس به ولو لم يحتج إلى قلعه كان عله دم قال الشيخ واستدل بما رواه محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا
عن رجل من أهل خراسان ان مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شئ محرم قلع ضرسه فكتب يهريق دما مسألة ولا بذلك
جسده بقوة لئلا يدميه أو يقلع شعره وكذا لايستقصر في سواكه لئلا يدمي فاه ولا بذلك وجهه في غسل الوضوء وغيره لئلا يسقط من شعر لحيته
شئ رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم كيف يحك رأسه قال بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر و
795

عن بكر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس يحك الرأس واللحية ما لم يلق الشعر ويحك الجسد ما لم يدمه وفي الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن لمحرم يستاك قال نعم ولا يدمي وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يغتسل فقال نعم يفيض
الماء على رأسه ولا يدلكه وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب على رأسه الماء ويمر الشعر بأنامله
بعضه من بعض وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يدخل المحرم الحمام ولكن لا بذلك وقد روى ابن بابويه
في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) في المحرم يستاك قال نعم قال قلت فان الرمي يستاك قال نعم هو السنة مسألة
قد بينا انه يجوز للمحرم غسل رأسه ويديه يرفق بحيث لا يسقط منه شئ من شعر رأسه ولحيته وعليه اجماع العلماء فعلى ذلك علي (ع) وعمر وابنه
وقال به جابر وسعيد بن جبير والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي الا انه لا يجوز له ان يعطش رأسه في الماء بحيث يعينه منه قاله علماؤنا وبه
قال مالك خلافا للجمهور لنا انه تغطية للرأس احتج المخالف بما رواه ابن عباس قال وبما قال لي عمر ونحن محرمون بالجحفة فقال انا فيك أينا
أطول نفسا في الماء ولأنه ليس يستر معتاد فأشبه صبه الماء عليه والجواب عن الأول ان حديث عمر لا حجة فيه مع أنه يحتمل ان يكون بعد أن لم يأخذ
في الاحرام بل سرع فيه لأنه في الميقات الذي يحرم منه والظاهر أن علة ذلك للاحرام وعن الثاني بالفرق فان الأصل ليس فيه تغطية الرأس
بخلاف صورة النزاع وقد اجمع كل من يحفظ عنه العلم ان المحرم ان يغتسل من الجنابة مسألة ويجوز له ان غسل رأسه بالسدر
والخطي ونحوهما وبه قال جابر بن عبد الله والشافعي وأصحاب الرأي ولا فدية عليه وعن أحمد رواية ان على الفدية وبه قال مالك وأبو حنيفة و
قال أبو يوسف ومجد عليه صدقة لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في المحرم الذي وقصه بغيره اغتسلوا بماء سدر وكفنوه
في ثوبه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيمة ملبيا امر بغسله بالسدر مع بقاء حكم الاحرام عليه ولهذا منعه من الطيب احتجوا بأنه
يستطاب رايحته ويزيل الشعث ويقتل الهوام والجواب المنع من كونه مستلذ الرايحة سلمنا لكنه يبطل بالفاكهة ويقص التراب وإزالة
الشعث يحصل بالتراب والماء أيضا مع موافقته على التجويز وقيل الهوام غير معلوم إذا ثبت هذا فيجوز له دخول الحمام اتفاقا ولا يدلك
جسده فيه دلكا بعنف لئلا ومنه أو يزيل شعره روى الجمهور عن ابن عباس انه دخل الحمام الجحفة وقال ما يعبأ إليه فأوساخكم شيئا
ومن طريق الخاصة ما تقدم في قول الصادق (ع) لا بأس ان يدخل المحرم الحمام ولكن لا بذلك إذا عرفت هذا فالأفضل له ترك الحمام
لان فيه شرفها ولما رواه الشيخ عن عنبسة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المحرم يدخل الحمام قال لا يدخل قال الشيخ (ره) انه
محمول على الكراهية عملا بالأحاديث الدالة على الجواز
الصنف الحادي عشر قتل هوام الجسد مسألة لا يجوز للمحرم قتل
القمل والظبيان والبراغيث وغير ذلك من هوام الجسد وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى يباح قتله لنا ان قتل القمل يحصل به الترفه
وإزالة الشعث فكان حراما كالطيب وما رواه الشيخ عن حسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم لا ينزع القملة من جسده
ولا من ثوبه متعمدا وان قتل شيئا من ذلك خطا فليطعم مكانها طعاما قبضه بيده لان النبي صلى الله عليه وآله لما رأى كعب بن عجزه
والقمل يتناثر على وجهه وقال له احلق رأسك فلو كان قتل القمل وإزالة مباحا لم تركه كعب حتى يبلغ به هذه الحالة ولأمره النبي صلى الله عليه وآله
بإزالته فإنه أخف من الحلق والتكفير مسألة ولا فرق بين ان يقتله أو يلقبه عن بدنه إلى الأرض أو قبله بالزيبق فان ذلك كله محرم
لان تحريم قبله ليس معللا بحرمته بل للترفه بعقده نعم المنع ازالته كيف ما كان ويؤيد ذلك رواية الحسين بن أبي العلا وما رواه الشيخ في
عن حماد بن عيسى قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم؟ مبين؟ القملة من جسده فيلقها فقال يطعم مكانها طعاما وما رواه الشيخ في
الصحيح عن محمد بن مسلم عنه (ع) إذا ثبت هذا فإنه يجوز له ان يحولها من مكان من جسده إلى مكان اخر منه لان دوامها في موضع
واحد قد يحصل به أدى عظيم فجاز نقلها عملا بالمقتضى لنفى الجرح السالم عن معارضة القتل والرمي على الأرض ويؤيد ذلك ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال والمحرم يلقى عنه الدواب كلها الا القملة فإنها من جسده وإذا أراد أن
يحول قمله من مكان إلى مكان فلا يضره مسألة ولو قتله القملة فعل حراما على ما اخترناه ووجب عليه فدية كف من طعام
وبه قال عطا وقال مالك حفنة من طعام وهو مروي عن ابن عمر وقال اسحق يمره فما فوقها وقال احمد في إحدى الروايتين يتصدق بهما كان
من قليل وكثير وهو قول أصحاب الرأي وفي الرواية الأخرى لا شئ عليه وبه قال طاوس وسعيد بن جبير وأبو ثور وابن المنذر لنا انه فعل
ارعاق؟؟ نفس محرمة فكان عليه صدقه كالصيد ويؤيده ما تقدم من الروايات لا يعارض ذلك ما رواه صفوان بن يحيى عن مرة
ومولى خالد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يلقى القملة فقال ألقوها أبعدها الله غير محمودة ولا مفقودة وفي الصحيح عن
معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) المحرم يحك رأسه فليسقط منه القمل والثنتان قال لا شئ عليه ولا يعود قلت كيف يحك
رأسه قال بأظافيره ما لم يدم ولا يقطع الشعر وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في محرم قتل قمله
796

قال لا شئ في القملة ولا ينبغي ان يتعمد قتلها قال الشيخ (ره) المراد بذلك لا شئ معين في قتلها كغيرها من الكفارات المعينة مسألة
ويجوز له ان ينحى عن نفسه القراد والحلمة ويلقى القراد عنه وعن بعيره ولا يجوز له قبل ذلك اما المنع من القتل فلما تقدم ولما رواه
الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال واتق قبل الدواب كلها واما جواز الرمي فلما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال والمحرم يلقى عنه الدواب كلها إلى القملة فإنها من جسده وان أراد أن يحول قمله من مكان إلى مكان فلا يضره وفي الصحيح
عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني وجدت على قراد أو حلمة أخرجهما قال نعم وصفان لهما انهما رفعا في غير مرقاهما قال الشيخ (ره)
يجوز ان يلقى المحرم القراد عن بعير وليس له يلقى الحلمة وروى ذلك معاوية بن عمار قال قال وان القى المحرم يعني القراد وعن بعيره فلا بأس ولا يلقى الحلمة وعن عمر ابن يزيد قال لا بأس ان ينزع القراد عن بعيرك ولا ترمي
بالحلمة وروى أن بابويه في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال إن القراد ليس من البعير والحلمة من البعير وعن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير
قال سألته عن المحرم نزع الحلم عن البعير فقال لا هي بمنزلة القملة من جسدك الصنف الثاني عشر قطع شجرة الحرم مسألة
يحرم على المحرم قطع شجرة الحرم وهو قول علماء الأمصار والأصل فيه ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم
فتح مكة ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام يحرمه الله يوم القيمة وانه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي ولم يحل لي
الا ساعة من نهار فهو حرام يحرمه الله إلى يوم القيمة لا بمثلي حلاها ولا يقصد شوكها ولا ينفر صيد ها ولا تلتقط الا من عرفها فقال
العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقهم وبيوتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلا الإذخر روى أبو شريح وأبو هريرة نحو من هذا
وفي حديث أبو هريرة الا وإنها ساعتي هذه حرام لا يحلي شوكها ولا يعضد شجرها وفي حديث أبو شريح انه سمع رسول اله صلى الله عليه وآله
يوم فتح مكة قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما ويعضدها شجرة وفي حديث
أبو هريرة لا يعضد شجرها ولا يعش حشيشها ولا يصاد صيدها ومن طريق الخاصة ما رواه بن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال
يوم فتح مكة ان الله تعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى أن يقوم الساعة لم يحل لاحد قبل ولا يحل لاحد من بعدي
ولم يحل لي الا ساعة من النهار وعن كليب الأسدي عن أبي عبد الله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله استأذن الله عز وجل في مكة
ثلث مرات من الدهر فاذن له فيها ساعة من النهار لم جعلها حرام ما دامت السماوات والأرض وقال (ع) ان الله عز وجل حرم مكة يوم خلق
السماوات والأرض فلا نخلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها الا المنسد فقام إليه العباس بن عبد المطلب فقال يا رسول
الله إلا الإذخر فإنه للقبر والسقوف بيوتها فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة وندم العباس على ما قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله
إلا الإذخر وروى الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين الا ما أنبته أنت وغرسه ولا
خلاف بين المسلمين وتحريم قطع شجرة الحرم الا ما نستثنيه مسألة ويحرم قطع السواك والعوسج وبه قال عطا ومجاهد وعمر وبن دينار
لنا عموم قوله (ع) لا يعضد شوكها وفي حديث اخر لا نخلى شوكها ولان الغالب في تحريم حرام الشوك فلما حرم النبي صلى الله عليه وآله شجرها والسواك
غالبه كان ذلك ظاهرا في تحريمه احتج الشافعي بأنه موذ فأشبه السباع من الحيوان والجواب المنع من المساواة لامكان الحرار غالبا عن الشوك
وقلة ضرره بخلاف السباع مسألة ويحرم اخذ ورق الشجر وبه قال احمد وقال الشافعي له اخذه وكذا يحرم أغصانها لنا ما رواه
الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحط شوكها ولا يعضد شجرها رواه مسلم ولان ما حرم اخذه حرم كل شئ منه كريش الطاير
احتج الشافعي بأنه لا يضر به فكن سايغا والجواب انه يضعفها وربما إلى تلفها ولأنه منصوص بريش الطاير مسألة ويحرم قطع
حشيش الحرم الا ما استثنى من الإذخر وما أنبته الآدميون لما رواه الجمهور عن النبي (ع) أنه قال لا نحلي خلاها وفي حديث
أبي هريرة لا يحيش حشيشها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال واني علي بن الحسين
(ع) وانا اقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال يا بني ان هذا لا تقلع وعن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله (ع) قال إن علي بن
الحسين (ع) كان يبقي الظاهر ينتفها من الحرم قال وقد نتف طافه وهو يطلب ان يعيدها في مكانها مسألة شجر الفواكه
والنخل لا بأس بقلعه سوى أنبته الله تعالى والآدميون وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي كلما ينبت في الحرم فهو حرام أنبته الله تعالى
أو الآدميون لنا ان الحرم يختص تحريمه ما كان وحشيا من الصيد فكذا من الشجر وما رواه الشيخ عن سليمن بن خالد عن أبي عبد الله
(ع) قال سألته عن رجل قلع من الادراك الذي بمكة قال عليه ثمنه وقال لا تنزع من شجرة مكة شئ الا النخل وشجر الفواكه وفي الصحيح
عن حريز عن الصادق (ع) كل شئ نبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين الا ما أنبته أنت وغرسته احتج الشافعي بعموم قوله (ع)
لا يعضد شجرها ولأنها شجرة نابتة في الحرم أشبه ما لم ينبته الآدميون والجواب عن الأول انه (ع) استثنى فقال ما أنبته الادمي
في بعض الروايات ولأنه عام فيختص بما ذكرناه من الأدلة عن القياس بالفرق بين الأهلي من الشجر كالنخل والجوز واللوز والوحشي كالدرج
797

والسلم كالصيد إذا عرفت هذا فمسوا كان الشجر الذي أنبته الادمي مما حبسه انه ينبته الآدميون أولم يكن جلسه ممن ذلك يجوز فعله خلافا
للشافعي لنا عموم قول الصادق (ع) الا ما أنبته أنت وغرسته مسألة لا بأس بقطع شجر الإذخر اجماعا وكذلك لا بأس بعود المحالة
لمكان الحاجة إلى ذلك رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر (ع) في قطع عود الحالة وهي البكرة التي يستسقى بهما من شجر الحرم الإذخر وكذلك
لا بأس ان يقطع الانسان شجرة ثبت في منزله بعد ثباته له ولو ثبت قبل ثباته لم يجز له قلها لأنه ربما احتاج إلى مكانها لضيق المنزل فكان
سايغا ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقطع الشجر من مضربه أو داره في الحرم فقال إن
كانت الشجر لم تزل انه يبنى الدار ويتخذ المضروب فليس له ان يقلعها وان كانت طرية عليه فله ان يقطعها وفي الصحيح عن حماد بن عثمان
عن أبي عبد الله (ع) في الشجر يقلعها الرجل من منزله في الحرم فقال إن يبنى المنزل والشجر فيه فليس له ان يقلعها وان كانت تنبت في منزله وهو له قلعها
فروع الأول لا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش لأنه ميت فلم يبق له حرمة وكذا يجوز قطع ما انكسر ولم يبن لأنه قد تلف فهو
بمنزلة الميت والظفر المنكسر الثاني يجوز اخذ الكماة من الحرم وانقطع لأنه لا أصل له فهو كالثمرة الموضوعة عن الأرض الثالث
لو انكسر غصن شجرة أو سقط ورقها فإن كان ذلك بغير فعل الادمي جاز الانتفاع به اجماعا لان النهى يتناوله القطع وهذا لم يقطع وان كان بفعل
الادمي فالأقرب جوازه أيضا لأنه بعد القطع يكون كاليابس وتحريم الفعل لا ينافي جواز استعماله وقال بعض الجمهور وليس له ذلك لأنه ممنوع من اتلافه
لحرمة الحرم فإذا قطعه من يحرم عليه قطعه لم ينتفع كالصيد يذبحه المحرم وقال آخرون يباح اجر القاطع لأنه انقطع بغير فعله فأبيح له الانتفاع
به وجواب الأول الفرق فان الصيد بغير في ذبحه الأهلية والمحرم ليس اهلا للذبح بخلاف قطع الشجرة فان البهيمة لو قطعته جاز الانتفاع به
مسألة لا بأس برعي الحشيش في الحرم بان يترك إبله فيه لترعى ولا يجوز له قلعه واعلافه الإبل ذهب إليه علماؤنا وبه
قال الشافعي وعطا وقال أبو حنيفة لا يجوز لنا ما رواه الجهور في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الا علف الدواب ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال نحلا البعير في الحرم يأكل ما شاء وفي الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران
قال سألته أبا عبد الله (ع) عن النبت الذي في ارض الحرم أينزع فقال اما شئ يأكله الإبل فليس به بأس ان ينزعه ولان الهدايا كانت تدخل
الحرم ويكثر فيه ولم يفعل انه شد أفواهها ولان الحاجة ماسة إلى ذلك فكان سايغا كالإذخر ولان الاجماع واقع من عهد النبي صلى الله عليه وآله
على ترك الإبل في الحرم وانها ترعى ولم ينكر أحد ذلك ولو كان حراما لا مكروه احتج أبو حنيفة بان ما حرم اتلافه لم يجز ان يرسل
عليه ما يتلفه كالصيد والجواب الفرق بينهما من حيث الحاجة لان الصيد منهى عن قبله مباشرة وتولدا بخلاف الحشيش مسألة
الشجرة إذا كان أصلها في الحرم وفرعها في الحل حرم قطعها لأنه يصدق عليه قطع شجرة من الحرم وكذا يحرم قطع غصنها أيضا لأنه تابع
لأصله وان كان أصلها في الحل وغصنها في الحرم حرم قطعها أيضا وقطع غصنها لأنه في الحرم وقال بعض الجمهور لا ضمان عليه في الفرع
لأنه تابع لأصله كالتي قبلها اما الأصل إذا قطع الغصن في الحرم فكان في الحل فالوجه انه يحرم قطعه لان المقتضي للتحريم وهو استتباع
قطع الغصن لقطعه زال يقطع الغصن ولو كان بعض الأصل في الحل وبعضه في الحرم ضمن المغسل سواء كان في الحل في الحرم تغلبتا لحرمة الحرم
كما لو وقف صيد بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم ويدل على ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحل فقال يحرم فرعها لمكان أصلها قال قلت فان أصلها في الحل وفرعها في الحرم قال حرام
أصلها لمكان فرعها مسألة لو قطع شجرة من الحرم فغرسها في مكان اخر منه فنبت ضمنها لأنه متلف بها وان غرسها في مكان
اخر من الحرم فنبتت لم يكن عليه ضمان لأنه لم يتلفها ولم تزل حرمتها وان غرسها في غير الحرم فنبتت وجب عليه ردها إليه لأنه أزال
حرمتها ولو تعذر ردها أوردها فنبت ضمنا روى الشيخ عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله (ع) قال إن علي
بن الحسين (ع) كان
يبقى الظاهر من العشب ينتفها من الحرم قال وقد نتف طافه وهو يطلب ان يعيد ها في مكانها فرع لو غرسها في الحل فقلعها غيره منه قال
بعض الجمهور يضمنها الثاني لأنه المتلف لها وليست كالصيد إذا نفره انسان من الحرم فقتله اخر في الحل فان الضمان على المنفر فان الشجر
لا ينتقل بنفسه ولا تزول حرمته باخراجه ولهذا وجب على قالعه رده اما الصيد فإنه تارة في الحل وأخرى في الحرم فمن نفره فقد اذهب حرمته
فوجب عليه جزاؤه والشجر لا يفوت حرمة بالاخراج فكان الضمان على المتلف لأنه أتلف شجرا من الحرم يحرم اتلافه وعندي في ذلك تردد مسألة
وأوجب الشيخ (ره) الضمان في قطع شجر الحرم وبه قال ابن عباس وعطا والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وقال ابن إدريس لا ضمان فيه وان
حرمه وبه قال مالك وأبو ثور وداود وابن المنذر واحتج الشيخ بما رواه ابن عباس أنه قال في الدوحة بقرة وفي الحرام الشجر له شاة و
الدوحة الشجرة الكبيرة والجز له الشجر الصغيرة وعن أبي هشيمة قال رأيت عمر بن الخطاب من الشجر كان في المسجد نصر باهل الطواف فقطع وفدا
قال وذكر البقر وعن ابن الزبير أنه قال في الكبيرة بقرة وفي الصغير شاة ولا مخالف بهولاء فكان اجماعا ومن طريق الخاصة ما رواه موسى بن القسم
798

قال روى أصحابنا عن أحدهما (ع) أنه قال إذا كان في الرجل شجرة من شجر الحرم ولم ينزع فان أراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة يتصدق
بلحمها على المساكين لأنه ممنوع من اتلافه لحرمة الحرم فكان مضمونا كالصيد احتج ابن إدريس بالأصل براءة الذمة ولم يثبت شاغل لها
وحديث ابن عباس وابن الزبير وعمر لم يثبت عندنا وحديث موسى بن القسم مرسل احتج مالك بان المحرم لا يضمن في الحل فلا يضمنه في الحرم كالزرع
مسألة إذا قلنا بالضمان ضمن الكبيرة بقرة والصغيرة بشاة والحشيش بقيمته والغصن بأرشه وبه قال الشافعي واحمد وقال أصحاب
الرأي يضمن الجميع بالقيمة لأنه لا يقدر فيه فأشبه الحشيش لنا رواية ابن عباس وابن الزبير وموسى بن القسم ولأنه أحد نوعي ما يحرم اتلافه
فكان اتلافه فكان فيه مقدر كالصيد إذا ثبت هذا فلو قلع غصنا أو قلع حشيشا فعاد عرضه فالوجه بقاء الضمان لان الثاني غير لأول
مسألة وحد الحرم الذي لا يجوز قبل صيده ولا قطع شجرة في بريد رواه الشيخ في الموثق عن زرارة قال سمعت أبا جعفر (ع)
يقول حرم الله حرمه بريد أفي بريد ان يختلا خلاه ويعضد شجره الإذخر ويصار طيره حرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة ما بين لابيتها صيدها
وحرم ما حولها بريدا في بريدان يختلا خلاها ويعضدها شجرها الا عودي الناصح إذا ثبت هذا فصيده وشجره مباح وهو واد بالطايف
قاله علماؤنا واختاره احمد وقال أصحاب الشافعي هو محرم لان النبي صلى الله عليه وآله قال صيدوح (صيده) وعضاضها محرم لنا ان الأصل الإباحة وعدم
شغل الذمة واجب أو عقوبة فنعمل به ما لم يظهر المنافي وحديث الشافعي رواه احمد في مسند وضعيفة فلا حجة فيه مسألة للمدينة
حرم كحرم مكة لا يجوز قطع شجرة ولا قتل صيده ذهب إليه علماؤنا وبه قال احمد ومالك والشافعي وبه قال أبو حنيفة لا يحرم لنا ما رواه
الجمهور عن علي (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله قال للمدينة حرم ما بين نور إلي غير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان مكة حرم الله حرمها إبراهيم (ع) وان المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم لا
يعضد شجرها وهو ما بين ظل عاير إلى ظل وعير وليس صيدها كصيد مكة تؤكل هذا ولا يؤكل ذلك وهو بريد وعن ابان عن أبي العباس
قال قلت لأبي عبد الله (ع) حرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة قال نعم بريدا في بريد عصاها قال قلت صيدها قال لا بل رب الناس
قال الشيخ (ره) المراد من تخليل صيد الحرم المدينة انما هو ما بين البريد إلى البريد وهو ظل عاير إلى ظل وعير ويحرم ما بين الحرمين وبه يتميز صيدها
هذا الحرم من حرم مكة لان حرم مكة يحرم في جميع الحرم وليس كذلك في حرم المدينة لان الذي يحرم منها هو القدر المخصوص واستدل عليه بما رواه
في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله (ع) يحرم من الصيد صيد المدينة ما بين المحرمين وعن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله
(ع) قال كنت جالسا عند زياد بن عبد الله وعنده ربيعة الرأي فقاله زياد بن عبد الله ما الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة
وقال بريد في بريد فقال أبو عبد الله (ع) لربيعة وكان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله اسأل فسكت فلم يجبني فمال على زياد فقال
يا أبا عبد الله فما يقول أنت قلت حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة ما بين لابتيها فقال وما لابتيها قلت ما أحاطت بيت الحرمان
فقال وما الذي يحرم من الشجر قلت من وعير إلى وعير احتج أبو حنيفة بأنه لو كان لها حرم لنبيه رسول الله صلى الله عليه وآله بيانا عاما
ولوجب منه الجزا كصيد الحرم والجواب ان النبي صلى الله عليه وآله بينه بيانا عاما على ما تقدم في حديث علي (ع) وروى تحريم المدينة أيضا
أبو هريرة ورواه عبد الله بن زيد وأهل البيت (عل) على ما تقدم ورواه مسلم عن سعد وجابر وانس وهو يدل على تعميم البيان
وسيأتي على أنه يمكن ان يكون قد بينه (ع) بيانا خاصة كفصول الأذان والإقامة فرع حرم المدينة ما بين لابتيها والملابسة الحرة
والحرة الحجارة السودا روى الجمهور عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما بين لابيتها حرام إذا تنبت هذا فإنه بريد في بريد
قاله احمد ومالك وروى الشيخ عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) عن أبي العباس عنه (ع) وروى الجمهور عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله جعل المدينة اثنى عشر ميلا كما قال الجمهور قول النبي صلى الله عليه وآله المدينة ما بين ثور إلي عير قال العلماء بالمدينة لا يفرق
بها ثورا ولا عير أو انما هما جبلان بمكة ويحتمل ان يكون النبي صلى الله عليه وآله أراد وقدر ما بين ثور وعير ويحتمل انه أراد جبلين بالمدينة
سماهما ثورا وعيرا قال الشيخ (ره) واعلم أن للمدينة حرما مثل حرم مكة وحده ما بين لابتيها وهو من ظل
عاير إلى ظل وعير لا يختلا
خلاها ولا يعضد شجر ها ولا بأس ان يؤكل صيدها الا ما صيد بين الحرمين وهذه عبارة روية فدل على دخول الحرمين وفي الظلين ولا
تناقص الكلام في الأولى حينئذ ان يقال وحده من ظل وعير لا يعضد شجرها ولا بأس ان يوكل صيدها الا ما صيد بين الحرمين مسألة
من فعل شيئا من ما حرم عليه في حرم المدينة من قتل صيد أو قطع شجر لم يكن عليه ضمان وهو قول أكثر أهل العلم وقال ملك والشافعي وفي الجديد
وفي القديم عليه الجزاء وعن أحمد روايتان لنا الأصل براءة الذمة وعدم العقوبة ولا تحريم لا يستلزم الكفارة ولأنه موضع يجوز دخوله
بغير احرام فلم يجب فيه جزاء الصيد وحينئذ احتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وآله اني أحرم بالمدينة كما حرم إبراهيم مكة ونهى ان
يعضد شجرها وقتل صيدها والجواب قد بينا ان التحريم لا يستلزم الجزاء إذا ثبت هذا وانه لا شئ عليه وقد قال الشافعي جزاؤه إباحة
799

سلب الفاعل لمن اخذه لما رواه عامر بن سعد ابن سعد اركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبد يقطع شجر أو يحتطبه فسلبه فلما رجع سعد جاء أهل
العبد فكلموه ان يرد على غلامهم أو عليهم فقال معاذ الله ان أراد شيئا فعله رسول الله صلى الله عليه وآله فأبى ان يرد عليهم قال فعلى
هذا يجوز سلبه واخذ ثيابه حتى سراويله وليس له اخذ دابته ان كان راكبا وإن لم يسلبه أحد فلا شئ عليه سواء الاستغفار والكل ضعيف
فرع حرم المدينة يفارق حرم مكة في أمور أحدها انه لا كفارة فيما يفعل فيه من صيدا وقطع شجر على ما قلناه الثاني انه مباح
من شجر المدينة ما تدعوا الحاجة إليه من الحشيش العلف روى الجمهور عن علي (ع) قال المدينة حرام ما بين عاير إلى ثور لا يختلا خلاها
ولا ينفر صيدها ولا يصلح ان يقطع منها شجرة الا ان يعلف رجل بعيره ولان المدينة يقرب منها شجر كثير وزرع فلو منع من احتشاشها مع الحاجة حصل
الضرر والحرج المنفي بالأصل والنص بخلاف مكة الثالث انه لا يجب دخولها بإحرام بخلاف حرم مكة الرابع ان من ادخل صيدا من المدينة لم
يجب عليه إرساله لان النبي صلى الله عليه وآله يقول يا با عمر ما فعل النفير وهو طاير صغير رواه الجمهور وظاهره إباحة إمساكه والا لأنكر
عليه
الصنف الثالث عشر الصيد مسألة يحرم على المحرم صيد الحرم وكذا يحرم على المحل ويحرم على المحرم صيد الحل
أيضا والمراد بالصيد الحيوان الممتنع وقيل يشترط ان يكون حلالا بالنص والاجماع قال الله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما
وقال تعالى ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم وروى الجمهور عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة ان هذا البلد حرام
حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيمة وانه لم يجعل القتال فيه لاحد قيل ولم يحل لي إلى ساعة من نهار فهو حرام
بحرمة الله إلى يوم القيمة لا يختار خلاها ولا يعضد شوكها ولا بنفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلى من عرفها فقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر
فإنهم لقيتهم وبيوتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلا الإذخر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله
(ع) قال واجتنب في احرامك صيد البر كله ولا تأكل ما صاده غيرك ولا تستر فنصيده وفي الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
قول الله عز وجل ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم قال حشر عليهم الصيد من كل وجد حتى دني منهم ليبلوهم به واجمع المسلمون
كافة على تحريم صيد الحرم على الحلال والحرام لم يخالف فيه مخالف مسألة ويضمن المحرم الصيد في الحل كان أو في الحرم بلا خلاف
وكذا المحل تضمنه في الحرم ذهب إليه علماؤنا وبه قال أكثر الجمهور وخالف فيه فإنه حكى عنه فإنه قال لا ضمان على المحل إذا قتل الصيد في الحرم
لنا ما رواه الجمهور عن الصحابة انهم فضوا في حمام الحرم بشاة شاة رووه عن علي (ع) وابن عباس وعمر وعثمان وابن عمر ولم ينقل بلا خلاف لهم
فكان اجماعا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال وان أصبته وأنت حرام في الحل فعليك القيمة
فلانه قول من يقدم من أصحابه فلا اعتداد بخلاف ما ورد ولأنه صيد ممنوع منه لحق الله تعالى فأشبه الصيد في حق المحرم إذا ثبت هذا فكل
ما يحرم ويضمن في الاحرام يحرم ويضمن في الحرم للمحل الا القمل والبراغيث فإنه يحرم قتلها حال الاحرام ولا بأس به في الحرم للمحل بلا
خلاف وان وقع الخلاف في تحريم قتله في حال الاحرام وقد تقدم البحث فيه فيؤيده الاجماع على إباحة قتل المقل والبرغوث والقمل وأشباهه
للمحل في الحرن ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بقتل القمل والبق في الحرم ولا بأس بقتل النملة في الحرم
مسألة ولا بأس للاحرام ولا للمحرم في تحريم شئ من الحيوانات الأهلي وان توحش كالإبل والبقر والغنم وهو قول علماء الأمصار
لان المقتضي للإباحة وهي النصوص الدالة عليه موجودا والمانع وهو كونه صيدا يبقى ولان الأصل الإباحة ولان النبي صلى الله عليه وآله كان
يذبح البدن في احرامه في الحرم يتقرب به إلى الله تعالى وقال (ع) أفضل الحج العج والثج يعني ما سأله الدماء بالذبح والنحر رواه الجمهور وعلماؤنا
أيضا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم يذبح ماحل للحلال في الحرم ان يذبحه
وهو في الحل والحرم جميعا وفي الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال يذبح في الحرم الإبل والبقر والغنم والدجاج مسألة الدجاج
الأهلي يجوز للمحرم والمحل ذبحه في الحرم وغيره بلا خلاف واما الدجاج الحبشي فعندنا انه كالأهلي يجوز للمحرم والمحل في الحرم قاله علماؤنا
ولا جزاء فيه وقال الشافعي فيه الجزاء لنا ان الأصل براءة الذمة ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمر قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن دجاج الحبشي فقال ليس من الصيد انما الصيد ما كان بين السماء والأرض قال وقال أبو عبد الله (ع) ما
كان من الطين لا يصف فله
ان يخرجه من الحرم وما صف منها فليس لك ان تخرجه وروى ابن بابويه في الصحيح عن جميل بن دراج ومحمد بن مسلم قال سأل أبا عبد الله (ع)
عن الدجاج السندي يخرج به من الحرم فقال نعم لأنها لا يستقبل بالطواف وفي خبر اجزائها يدق دقيقا وسأل الحسن الصيقل عن دراج مكة
وطيرها فقال اما لم يصف فكله وما كان يصف فحل سبيله مسألة ولا كفارة في قتل السباع طايره كانت أو ما شبه كالبازي
والصقر والشاهين والعقاب ونحوها والنمر والفهد ونحوهما الا الأسد فان أصحابنا رووا في قتله كبشا إذا لم يرده وأما إذا اراده فإنه يجوز
قتله ولا كفارة حينئذ اجماعا وقد اجمع كل من يحفظ عنه العلم ان الأسد إذا يريد المحرم فقتله لا شئ عليه والذي قلنا من جواز قتل السباع كلها
800

من سباع البهائم وجوارح الطير ذهب إليه احمد ومالك والشافعي وقال أصحاب الرأي بقتل الحية والغراب الأبقع والفارة والكلب العقور
والذئب والحدأ لا غير لنا ما رواه الجمهور عن عايشة قالت امر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل خمس فواسق في الحرم الحداة والغراب والفارة والعقرب
والكلب العقور وعن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال خمس من الدواب ليس على المحرم جناح في قتلهن وذكر مثل حديث عايشة
نص من كل جنس على صنف من أدناه تنبيها على الأعلى ودلالة على ما في معناه تبينه في الحداة والغراب على البازي والعقاب وشبههما و؟ بكفارة؟
على الحشرات والعقرب على الحية والكلب العقور على السباع قال مالك الكلب العقور ما عقر الناس وعلا عليهم كالأسد والنمر والفهد والذئب
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال كلما يخاف المحرم على نفسه من السباع والحيات وغيرها
فليقتله وإن لم يردك فلا ترده وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ثم اتق قتل الدواب كلها بالأفعى والعقرب والفارة فاما
الفارة فإنها توهي السقا ويضر على أهل البيت واما العقرب فان رسول الله صلى الله عليه وآله مد يده إلى الحجر فلسعته فقال لعنك الله لا يريد عنه والا فاجر والحية
إذا أرادتك فاقتلها وإن لم يردك فلا تردها والأسود العذر فاقتله على كل حال وارم الغراب والحدأ رميا على ظهر بعيرك وعن الحسين بن أبي العلا عن أبي
عبد الله (ع) قال يقتل المحرم الأسود العذر والأفعى العقرب والفارة فان رسول الله صلى الله عليه وآله سماها الفاسقة والفويسقة و
يقذف الغراب وقال اقتل كل شئ منهن يريدك ولان ما لا يضمن بمثله ولا بقيمته لا يضمن كالحشرات احتج أبو حنيفة بان الحديث خصص
الفواسق الخمس والجواب قد بينا الوجه في التخصيص فلا يقتضي العدم عن غيرهما فروع الأول قال الشيخ (ره) روى أصحابنا
ان قتل سبعا لم يرده كان عليه كبش فاما الذئب وغيره من السباع فلا جزاء عليه سوى صال أو لم يصل وقال الشافعي إلى اجزاء فيه مجال
وقال أبو حنيفة ان صال لم يكن عليه شئ وإن لم يصل وجب على قاتله الجزا استدل الشيخ على عدم الوجوب مع الإرادة بالاجماع
ولان حفظ النفس واجب ولا يتم الا بقتل السبع إذا اراده فيكون سايغا وعلى وجوب الكفارة مع عدم الإرادة لما رواه أبو سعيد المكاري قال
قلت لأبي عبد الله (ع) رجل قتل أسدا في الحرم فقال عليه كبش يذبحه وعندي في هذه الرواية تقف والأولى سقوط الكفارة عملا بما
تقدم من الأحاديث الثاني قال الشيخ (ره) الضبع لا كفارة فيه وكذا الضبع المتولد من الذئب والضبع وقال الشافعي فيها
الجزا لنا الأصل براءة الذمة ولان الضبع يحرم اكله على ما يأتي وكل من قال بذلك قال إنه لا جزاء فيه واستدل الشيخ (ره) أيضا باجماع
الثالث قال الشيخ (ره) الحيوان اما مأكول أو غير مأكول اما إنسي كبهيمة الانعام ولا يجب بقتله فدية أو وحشي والغزلان وحمر الوحشي
وبقر الوحش ويجب بقتله الجزاء اجماعا وما ليس بمأكول على ثلاثة أقسام أحدها لاجزاء فيه بالاتفاق كالحية والعقرب والغراب والحداة
والكلب والذئب ثانيها يجب فيه الجزاء عند جميع من خالفنا ولا نص لأصحابنا فيه والأولى أن يقول لاجزاء فيه لعدم الدليل وأصالة
البراءة فالمتولد بين ما يجب فيه الجزاء وما لا يجب كالسمع وهو المتولد بين الضبع والذئب والمتولد بين الحمار الأهلي والوحشي ثالثها
مختلف فيه وهو الجوارح من الطير كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحوها والسباع من البهائم كالأسد والنمر والفهد وغيرها فلا
يجب الجزاء عندنا في شئ منه وقد روى أن في الأسد خاصة كبشا ويجوز للمحرم قتل جميع المؤذيات كالذئب والكلب العقور والفارة والعقارب
والحياة وما أشبه ذلك ولا جزاء عليه وله ان يقتل صغار السباع وإن لم يكن محذورا منها ويجوز له قتل الزنابير والبراغيث والقمل لأنه إذا
قتل القمل عليه بدنه لا شئ عليه ولان إزالة عن جسمه فعلى الفداء والأولى أن لا يعرض له ما لم يؤذي هذا اخر كلام الشيخ (ره) والأقوى
عندي في المتولد بين الوحشي والانسي مراعاة الاسم فيجب الكفارة ان الحق بالوحشي في الاسم وإلا فلا رابعها في الزنبور عندي تردد والذي
رواه أصحابنا ان من قتله خطا لا شئ عليه ومن قتله عمدا كان عليه ان يتصدق بشئ من الطعام خامسها مالا يؤذي بطبعه ولا يوكل
كالرخم والديدان قال الشافعي لا يحرم قتلها وقال مالك يحرم ويفدي وكذا كل سبع لا يفد على الانسان وعندي في ذلك تردد أقربه عدم الكفارة
عملا بالأصل وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بقتل القمل والبق في الحرم ولا بأس بقتل
النملة في الحرم سادسها روى علماؤنا عن أهل البيت (عل) ان الغراب يرمى رميا وكذا الحدأة رواه معاوية بن عمار عن الصادق (ع)
سابعها كما ادخله الانسان إلى الحرم من السباع أسيرا فإنه يجوز له اخراجه منه لان قتله مباح فاخراجه أولى بالإباحة ويؤيده
ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل ادخل فهدا إلى الحرم اله ان يخرجه
فقال هو سبع وكلما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك ان تخرجه مسألة الجراد عندنا من صيد البر يحرم قتله ويضمنه الحرم
في الحل والحرم والمحل في الحرم ذهب إليه علماؤنا وبه قال عمرو ابن عباس وأكثر أهل العلم وقال أبو سعيد الخدري هو من صيد البحر وقال
عروة هو من صيد نشره حور وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنه قال الكعب في جراد بين ما فعلت في بيتك قال درهمان
قال نج درهمان خير من مئة جرادة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الجراد يأكله
801

المحرم قال لا وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال المحرم لا يأكل الجراد وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) انه مر على أناس يأكلون
جرادا وهم محرمون فقال سبحان الله وأنتم محرمون فقالوا انما هو من صيد البحر فقال لهم فارموه في الماء اذن وفي الصحيح عن معاوية عن أبي عبد
الله (ع) قال ليس للمحرم ان يأكل جرادا ولا يقتله ولأنه من صيد البر بالخنفس فيكون محرما احتج احمد بها رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال إنه من صيد البحر والجواب ان هذه الرواية وهم قاله أبو داود والظاهر أنه (ع) قال من صيد البر فوهم الراوي وكيف يكون من
صيد البحر وهو يشاهد الطيران ويقتله الماء ذا وقع فيه ويدل على انكار الباقر (ع) على الذي أكلوا وهم محرمون واعتذروا بأنه من
البحر يرميه فيه مسألة والمحرم انما هو صيد البر اما صيد البحر فإنه سايغ اكله ولا فدية فيه بالنص والاجماع قال الله تعالى أحل
لكم صيد البر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وروى الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يصيد المحرم السمك ويأكله
طويه؟؟ ومالحه وينزد؟؟ قال الله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة قال فلنحر الذي يأكلون وقال فصل ما بينهما كل طير
يكون في الأرحام يبيض في البحر ويفرخ في البر فهو من صيد البر وما كان طير يكون في البحر ويفرخ في البحر فهو من صيد
البحر وقد اجمع المسلمين كافة على تحليل مصيد البحر صيدا واكلا وبيعا وشراء ما يحل اكله لا خلاف بينهم فيه إذا ثبت هذا فان صيد البحر
هو ما يعيش في الماء ويبيض فيه ويفرخ فيه كالسمك وأشباهه مما يحلي وكذا ما يحرم اكله كالسلحفاة والسرطان ونحوهما فإن كان مما يعيش
في البر والبحر معا اعتبر بالنص والفرخ فإن كان مما يبيض ويفرخ في البحر فهو صيد البحر وان كان يبيض ويفرخ في البر فهو صيد البر
ولا نعلم في ذلك خلافا الا من عطا فإنه حكى عنه انما يعيش في البر كالسلحفاة والسرطان فيه الجزاء لنا انه بيض في الماء ويفرخ فيه فأشبه
السمك واحتج عطا بأنه يعيش في البر فأشبه صيده والجواب انه يعيش في البحر فأشبه السمك والزيادة معنى من حيث البيض الفرخ واما طير
الماء كالبط ونحوه فإنه من صيد البر لأنه يبيض ويفرخ فيه وقول عامة أهل العلم وحكى عن عطا أنه قال حيث يكون أكثر فهو
صيده فليس بمعتمد لأنه يبيض ويفرخ في البر فكان كصيد وانما يقيم في الماء أحيانا لطلب الرزق والمعيشة منا كالصايد فرع
لو كان لجنس من الحيوان نوعا يجري ويرى كالسلحفاة كان لكل نوع حكم نفسه فلا جزاء في البحري منه ويثبت الجزاء في البري منه
مسألة وصيد البر حرام اصطياده والأكل منه والإشارة إليه والدلالة والاغلاق وكذا فرخه وبيضه وهو قول كل من يحفظ
عنه العلم قال الله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وتحريم العين يستلزم تحريم جميع المنافع لتعلقه بها وما رواه الجمهور في حديث
أبي قتادة لما صار الحمار الوحشي وأصحابه محرمون قال النبي صلى الله عليه وآله أصحابه هل منكم أحد امره ان يحمل إليها أو أشار إليها وهو يدل
على تعلق التحريم بالحمل والإشارة لو وجد منهم ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم لا يدل على
الصيد فان دل عليه فعليه الفداء ولأنه بسبب إلى محرم عليه فحرم كنصبه الاحوله؟؟ قال الشيخ (ره) فاما ما رواه الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى
عن ابن أبي سحره عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في المحرم يشهد على نكاح محلين قال لا يشهد ثم قال على يجوز للمحرم ان يشير بصيد محل قوله
(ع) يجوز للمحرم ان يشير إلى محل انكار وتنبيه على أنه إذا لم يجز ذلك فكذلك لا يجوز الشهادة على عقد المحلين ولم يرد (ع) الأخيار
بإباحته وهو جيد لا بأس به مع أن راوي هذا الحديث عثمن بن عيسى وفيه قول وهو مرسل فرع لو شاركه في الصيد وجب على كل واحد
منهما جزاء كامل لأنه فعل الصيد ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا
الحسن (ع) عن رجلين أصابا صيد الجزء
منها أو على كل واحد منهما جزاء قال بل عليها جميعا يجري كل واحد منهما الصيد فقلت ان بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه فقال
إذا أصبتم مثل هذا فلا تدرون فعليكم بالاحتياط حتى تسألون عنه فتعلموا مسألة ولا يحل الإعانة على الصيد وهو قول
العلماء روى الجمهور في حديث أبي قتادة ثم ركبت وبسبب الشوط والرمح فقلت لهم ناولون؟؟ الشوط والرمح فقالوا والله ذا يعينك وفي حديث اخر
فاستغنيهم فأبوا ان يعينوني وهو يدل على افتقارهم تحريم ذلك وأقرهم النبي صلى الله عليه وآله على ذلك ومن طريق الخاصة ما تقدم
من قوله (ع) اجتنب صيد البر كله ولان الإشارة محرمة فالإعانة أولى بالتحريم لان المشير سبب بعيد والمعين سبب قريب ولأنه اعانه على
محرم فحرم كالإعانة على قتل المسلم المسألة ويضمن الصيد بالدلالة فإذا دل المحرم المحل على صيد فقتله ضمنه المحرم كله ذهب إليه
علماؤنا وبه قال علي (ع) وابن عباس وعطا ومجاهد وبكر المزني واسحق واحمد وأصحاب الرأي وقال مالك والشافعي لا شئ على الدال لنا
ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله لأصحاب أبي قتادة هل منكم أحد أمران يحمل عليها وأشار إليه ومن طريق الخاصة ما تقدم
في حديث منصور بن حازم الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم لا يدل على الصيد وان دل عليه فعليه
الفداء ولأنه سبب يتوصل به إلى اتلاف
الصيد فتعلق به الضمان كما لو نصب احيواله؟؟ ولأنه قول علي (ع) وابن عباس فلم يعرف لهما مخالف احتج الشافعي بأنه يضمن بالجناية فلا
يضمن بالدلالة كالآدمي والجواب انه قياس في مقابلة النص فلا يقبل مع وقوع الفرق فان التحريم هنا لحرمة الحرم والاحرام الا الصيد
802

فكل من انتهكه وجبت عليه العقوبة بخلاف الادمي فان انتهاك حرمته متعلق بقاتله لا غير فروع الأول لو دل المحرم محرما على
صيد فقتله وجب على كل واحد منهما فداء كامل وبه قال الشعبي وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي وقال احمد وعطا وحماد بن أبي سليمان الجزاء
بينهما وقال مالك والشافعي لاجزاء على الدال لنا ان كل واحد منهما فعل محرما لا يشاركه الاخر فيه فالدال فعل الدلالة والقاتل القتل فوجب
على كل واحد منهما عقوبة كاملة ولان كل واحد منهما فعل فعلا يستحق به العقوبة الكاملة لو انفرد وكذا لو انضم إلى فعل الاخر لان المقتضي
لا يخرج بالانضمام عن مقتضاه احتج احمد بان الواجب جزاء المتلف وهو واحد فيكون الجزا واحدا والجواب بمنع الملازمة واما الشافعي فقد
سبق الاحتجاج الثاني لا فرق بين المدلول عليه ظاهرا أو خفيا لايراده الا بالدلالة عليه قال الشيخ (ره) وبه قال احمد وقال أبو
حنيفة ان دل دلالة باطلة وجب عليه الجزاء وان كانت الدلالة ظاهرة فلا جزاء عليه لنا انه يصدق عليه في الحال انه دال فيتناوله العموم الثالث
لو كان المدلول وأي الصيد قبل الدلالة أو الإشارة فالوجه انه لاجزاء عليه لأنه لم يكن سببا له في قتله ولان هذا في الحقيقة لا يسمى دلالة
الرابع لو فعل المحرم فعلا عند رؤية الصيد كما لو ضحك أو يشرف على لا صيد فرآه غيره وفطن للصيد فصاده فالوجه انه لا ضمان
عليه لأنه لم يدل عليه ويدل عليه أيضا ما رواه الجمهور في حديث أبي قتادة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى إذا لنا بالفاحه ومنا
لمحرم ومنا غير المحرم إذ بصرت بأصحابي يراؤن شيئا فيصرف فإذا حمار وحش وفي لفظ بينا انا مع أصحابي فضحك بعضهم إذ بطرت إذا انا بحمار وحش
وفي لفظ فلما كان في الصفاح فإنه أهم يتراؤن فقلت اي شئ ينكرون فلم يحروني؟؟ مسألة لو كان الدال محرما والمدلول محلا
في الحل فالجزاء كله على المحل الدال ولو كان في المحرم وجب على المحرم جزاء كامل وكذا على المحل لان الصيد في الحرم ولو كان الدال محلا
والمدلول محرما أو محلا في الحرم وجب على كل واحد منهما جزاء كامل لان الصيد حرام في الحرم للمحرم والمحل وعندي في ايجاب الفدية
هنا بالدلالة على المحل نظر ينشأ من تخصيص المحرم الدال بالفدية لكن التخصيص عملا بالأصل وهو براءة الذمة اما لو دال المحرم محلا على
الصيد في الحل فلا ضمان على واحد منهما بلا خلاف لان الصيد في الحل لا يضمنه المحل بالاتلاف فبالدلالة أولى ولو كان المدلول محرما
قال قوم لا ضمان على محل الدال لما قلناه وعندي فيه تردد ينشأ من كونه فعلا محرما لأنه أعان على محرم فكان كالمشارك مسألة
لو أعار قاتل الصيد سلاحا فقتله به قال الشيخ (ره) ليس لأصحابنا فيه نص وقال قوم من الجمهور عليه الجزاء لأنه كالدال عليه وسواء كان
المستعار مما لا يتم قتله الا به أو اعاره هو مستغن عنه كان بغيره ومحا ومعه رمح وقال أبو حنيفة ان اعاره ما هو مستغن عنه لم يضمن المعير اما
لو اعاره اله ليستعملها في غير الصيد فصاد بها فلا ضمان على المعير قولا واحدا لان الإعارة لا للصيد غير محرمه عليه فكان كما لو ضحك عند
رؤية الصيد ففطن له القاتل مسألة صيد الحرم يضمن بالدلالة والإشارة كصيد الاحرام سواء كان الدال في الحل أو في الحرم وقال
بعض الجمهور لاجزاء على الدال في الحل والجزاء على المدلول وحده لنا ان قتل صيد الحرم حرام على الدال فيضمنه بالدلالة كما لو كان في الحرم
مسألة لو صار المحرم صيد ا لم يملكه بالاجماع روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن ظبي دخل
الحرم قال لا يؤخذ ولا يمس ان الله تعالى يقول ومن دخل كان آمنا إذا ثبت هذا فلو تلف في يده كان عليه جزاؤه لأنه سبب في الاتلاف فكان
عليه ضمانه ورواه الشيخ عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله (ع) قال لا يحرم أحد ومعه شئ من الصيد حتى يخرجه من ملكه فإذا ادخله
الحرم وجب عليه ان يخليه فان لم يفعل حتى يدخل الحرم ومات لزمه الفداء وفي الصحيح عن بكير بن أعين قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل أصاب
ظبيا فادخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال إن كان حين ادخله خلى سبيله فلا شئ عليه وان كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء ما لو كان
الصيد في منزله فإنه يجوز لك ذلك ولا يزول ملكه عنه لان الأصل بقاء الملك على مالكه والمانع وهو حصول الصيد في الحرم منتف ويؤيده
ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان قال قلت لأبي عبد الله (ع) الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير بحد وهو في منزل
قال لا بأس مسألة ولو ذبحه المحرم كان حراما لا يحل اكله للمحرم ولا للمحل يصير ميتة يحرم اكله على جميع الناس ذهب إليه علماؤنا اجمع
وبه قال الحسن البصري وسالم ومالك والأوزاعي والشافعي واسحق واحمد وأصحاب الرأي وقال الحكم والثوري وأبو ثور الناس يأكله وبه قال ابن منذر
وقال أبو عمر وبن دينار وأيوب السجستاني يأكله الحلال وحكى عن الشافعي قول قديم انه يحل لغيره الأكل منه لنا انه حيوان حرم عليه ذبحه لحرمة الاحرام
وحق الله تعالى فلا يحل ذبحه كالمجوسي ويؤيد ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن وهب عن جعفر عن أبيه عن علي (ع) قال إذا ذبح المحرم الصيد لم
يأكله الحلال والحرام وهو كالميتة وإذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام وعن إسحاق عن جعفر (ع) ان عليا (ع) يقول
إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محال ولا يحرم وإذا ذبح المحرم الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكلها محل ولا محرم احتج ابن
المنذر بان الذبح حرام اما الأكل فلا فكان بمنزله السارق إذا ذبح احتج الشافعي بان من أباحت ذكاته غير الصيد أباحت الصيد كالحلال و
الجواب عن الأول بالفرق لان التحريم هنا لحق الله تعالى فكان كالميتة بخلاف السارق وعن الثاني انه غير الصيد يجوز ذبحه ويأكل المحرم منه وان
803

ذبحه هو بخلاف الصيد فافترقا ولان إباحة كله مناف لتحريم ذبحه في الحكمة فلا يكون مشروعا فروع الأول لو ذبحه المحل في الحرم فان
حكمه حكم المحرم إذا ذبحه فإنه يكون حراما فيدل عليه ما تقدم وفي الحديثين عن علي (ع) أنه يكون بيته وما رواه الشيخ عن الحكم بن عتيبة عن الباقر (ع)
وقال إذا دخل الحرم فذبح فيه فإنه ذبح بعد ما دخل مأمنه وفي الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في حمام ذبح في الحل قال لا يأكله
محرم فإذا دخل مكة اكله المحل بمكة وان دخل الحرم حيا ثم ذبح في الحرم فلا تأكله فإنه ذبح بعد ما بلغ مأمنه الثاني لو صاده حلال
وذبحه في الحل وكان من المحرم اعانه فيه أو دلالة أو إشارة لكونه ذبح في الحل من محل فكان سايغا الثالث لو صاده الحرام من اجله المحل
لم يبيح اكله اجماعا ولو صاده المحل من أجل المحرم كان حراما وبه قال علي (ع) وابن عباس وابن عمر وعايشة وعثمان بن عفان ومالك والشافعي
وقال أبو حنيفة انه ليس بحرام لنا عموم قوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وما رواه الجمهور عن ابن عباس عن الثعب بن حثامة الليثي انه
اهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بود أو فزوه؟؟ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ما في وجهه قال انا لم ترده عليه
الا انا حرام وعن عبد الله بن الحرث عن أبيه كان الحرث خليفة عثمان على الطايف وصنع له طعاما وصنع له فيه الحجل واليعاقيب ولحم الوحش
فبعث إلى علي بن أبي طالب (ع) فجاءه فقال علي (ع) أطعموه قوما حلالا ثم قال علي (ع) أنشد الله من كان ها هنا من اشجع أتعلمون ان رسول
صلى الله عليه وآله اهدى إليه رجل حمارا وحشيا فاتي ان يأكله قال أنعم ولأنه لحم عيد فحرم على المحرم كما لو دل على ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في حمام ذبح في الحل قال لا يأكل محرم هو عام فيما ذبح لأجله أولا لأجله
احتج أبو حنيفة بقول النبي صلى الله عليه وآله في حديث أبي قتادة هل معكم أحد امره أو أشار إليه بشئ قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها يدل على أن
التحريم انما يتعلق بالإشارة والامر والإعانة ولأنه صيد مذكي لم يحصل فيه ولا في سببه صنع منه فلم يحرم عليه اكله كما لو لم يصد له والجواب ان ما تلوناه
من الآية والأحاديث أولى من حديثهم والمقيس عليه ممنوع عندنا لأنا نحرم صيد البر على المحرم بكل حال الرابع لو صاد المحل وذبحه في الحل
من أجل الحرم على المحرم فكذا لو صاده لا لأجله على ما قلناه بتحريم الصيد على المحرم بكل حال قال علي (ع) وابن عباس وابن عمر خلافا لأبي
حنيفة على ما قلناه ولا يحرم على المحل سواء صاده المحل لأجل المحرم أو لا لأجله بغير خلاف لقول علي (ع) اطعموا حلالا ولان النبي صلى الله عليه وآله
رد على الصعب بن ختامه الصيد وكان قد صيد له في لم ينهه عن اكله ولأنه صيد حلال فأبيح على الحلال كما لو صيد له إذا ثبت هذا فإنه يحرم على محرم
اخر لم يصد لأجله على ما قلناه من تحريم صيد البر على المحرم بكل حال سواء صيد لأجله أو لأجل غيره وخالف فيه بعض الجمهور مسألة
إذا ذبح المحل الصيد في الحل فادخله الحرم حل على المحل كله في الحرم لا المحرم ولا نعلم فيه خلافا لان المقتضي للتحريم وهو الاحرام زايل و
يؤيده ما رواه الشيخ عن الحكم بن عتيبة قال قلت لأبي جعفر (ع) ما يقول في حمام أهلي ذبح في الحل وادخل الحرم فقال لا بأس بأكله ان كان
محلا وان كان محرما فلا وقال إن ادخل الحرم فذبح فيه أنه ذبح بعدما دخل مأمنه وفي الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع)
حمام ذبح في الحل قال لا يأكله محرم وإذا دخل مكة اكله المحل بمكة وان دخل الحرم حيا ذبح في الحرم فلا تأكله ولأنه ذبح بعدما بلغ ما منه ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في
الصحيح عن منصور قال قلت لأبي عبد الله (ع) اهد لنا طير مذبوح فأكله أهلنا فقال لا نرى أهل مكة بأسا قلت فأي شئ يقول أنت
قال (ع) ثمنه لأنه محمول على أنه ذبح في الحرم إذ لا دلالة في الحديث على أنه ذبح في الحل ما تقدم
من الأحاديث لما رواه الشيخ عن ابن سنان قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان هؤلاء يأتونا بهذا التعاقيب فقال لا تقربوها في الحرم الا ما كان
مذبوحا فقلت انا نأمرهم ان يذبحوها هنالك قال نعم كل وأطعمني وفي الصحيح عن الحلبي قال سال أبو عبد الله (ع) عن صيد رمي في الحل
ثم ادخل الحرم وهي حي فقد حرم لحمه وامساكه وقال لا تشتره في الحرم الا مذبوحا قد ذبح في الحل ثم ادخل الحرم فلا بأس به وفي الصحيح عن
عبد الله بن أبي يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) الصيد يصاد في الحل ويذبح في الحل وذبحه المحل حل للمحل لا للمحرم اما التحريم على المحرم فلا حرام
واما التحليل على المحل فلا أصل السالم عن معارضة الاحرام والحرم ويكون فداؤه على المحرم لأنه يضمن بالدلالة فبالصيد أولى ويؤيده
ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل أصاب صيدا وهو محرم اكل منه وانا حلال قال انا كنت فاعلا قلت له
فرجل أصاب مالا حراما فقال هذا مثل هذا يرحمك الله ان ذلك عليه وفي الصحيح عن حريز قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم أصاب صيدا وهو محرم أيأكل
منه الحلال فقال لا بأس انما الفداء على المحرم اما لو كان الصيد في الحرم فإنه لا يحل للمحل أيضا لان صيد الحرم حرام على المحل والمحرم بلا خلاف
روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم أصاب صيدا واهدى إلى منه قال لا صيد في الحرم فصل روى الشيخ
(ره) في الحسن عن الحلبي قال المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين قال الشيخ (ره) يحتمل ان يكون بالصيد رمق
فيتصدق به على المحل في الحل ليذبحه فيه لأنه لو كان قد ذبحه المحرم كان حراما على المحل وغيره على ما تقدم قال وكذلك بما رواه معاوية بن عمار
804

في الحسن قال قال أبو عبد الله (ع) إذا أصاب الحرم الصيد في الحرم وهو محرم فإنه ينبغي ان يدفنه ولا يأكل أحد وإذا اصابه في الحل فان الحلال يأكله
وعليه هو الفداء فان معناه انه إذا اصابه وهو حي حل للمحل ذبحه في الحل وأكله قال (ره) ويحتمل ان يكون المراد إذا قتله برميه فإنه يحل للمحل لا
للمحرم والأخبار الدالة على منع اكل ما يصيده المحرم بما يدل على تحريم ما ذبحه المحرم لا على تحريم ما قتله بالرمي لان الرمي غير الذبح وعندي
في هذا التأويل اشكال والصحيح الأول فصل إذا ذبح المحرم الصيد فقد قلنا إنه يحرم اكله فطلقا وينبغي له وفيه احتراما له عن أن
يأكله الهوام وتطهر جيفة ويؤيده ما رواه الشيخ عن خلاد السرى عن أبي عبد الله (ع) في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم قال عليه الفداء
قلت فيأكله قال لا قلت فيطرحه قال إذا طرحه فعليه فداء اخر قلت فما يصنع به قال يدفنه وعن أحمد عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع)
قال قلت له المحرم يصيب الصيد فيفديه بطعمه أو يطرحه قال اذن يكون عيه فداء اخر قلت فما يصنع به قال يدفنه مسألة ويباح
اكل الصيد للمحرم في حال الضرورة يأكل منه بقدر ما يأكل من الميتة مما يمسك به الرمق ويحفظ به الحياة لا غير لا يجوز له الشبع ولا التجاوز
عن ذلك ولا نعلم فيه خلافا إذا عرفت هذا فلو اضطر إلى اكل الصيد ووجد الميتة فأيهما اكل اختلف علماؤنا في ذلك فقال بعضهم يأكل
الميتة واختاره ابن إدريس وبه قال الحسن البصري والثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن ومالك واحمد وقال الشيخ والسيد المرتضى (ره)
يأكل الصيد ويفديه وبه قال الشافعي واسحق وابن المنذر وأبو يوسف وقال بعض علمائنا لا يحل الصيد اما ان يكون حيا أو ميتا فإن كان
حيا لم يحل له ذبحه لأنه يصير ميتة اجماعا بل يأكله الميتة وان كان مذبوحا وان كان الذابح محرما فهو كالميتة لا فرق بينهما وان كان محلا و
ان كان في الحرم فهو ميتة أيضا وان كان في الحل فإن كان المحرم المضطر قادرا على الفداء اكل الصيد ولم يأكل الميتة وان كان غير قادر
على فدائه اكل الميتة وقواه ابن إدريس ثم رجع عنه إلى قوله الذي نقلناه عنه والأقوى عندي قول الشيخ (ره) لنا ان مع الضرورة
والفدية يخرج من لاثم فيكون واحدا للمذبوح حلالا فلا يحل له الميتة لمشترط في تحللها فقدان غيرها ولان تحريم الصيد عارض بسبب
الاحرام والحل وتحريم الميتة أدنى فيكون الأول أول بالتناول ولان النفس ربما عافت الميتة فيحصل الضرر ولان الميتة ربما ضرت بالمزج
بخلاف الصيد ويؤيد ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المحرم يضطر فتخير الميتة والصيد أيهما اكل
قال يأكل من الصيد اما يجب ان يأكل سأله قلت بلى قال انما عليه الفداء فليأكل وليفده وعن
منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم
اضطر إلى اكل الصيد والميتة قال أيهما أحب إليك ان يأكل قلت الميتة لان الصيد محرم على المحرم فقال أيهما أحب إليك ان يأكل من مالك أو الميتة قلت
يأكل من مالي قال فكل الصيد وافده احتج المخالف بان الصيد إذا ذبح فصار ميتة فيساوي الميتة في التحريم ويمتاز بايجاب الجزاء وما يتعلق به من هتك
حرمة الاحرام فكان اكل الميتة أولى ولما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان يقول إذا اضطر المحرم إلي
الصيد والى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له والجواب عن الأول انا نمتع انه يصير ميتة أو مساويا لها حال الضرورة والهتك انما يتحقق بفعل
المنهى عنه والمنهى ههنا ممنوع وعن الحديث باحتمال ان يكون واحدا للميتة لا للصيد أو غير متمكن منه إذ لا يعطي الحديث القدرة عليهما والتمكن من منا
ولهما بل الاضطرار إليهما قاله الشيخ (ره) واستدل عليه بما رواه أبو يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المضطر إلى الميتة وهو محل قال يأكل
الصيد قلت إن الله عز وجل قد أحل له الميتة إذا اضطر إليها ولم يحل له الصيد قال يأكل من مالك أحب إليك أو ميتة قلت من مالي قال هو مالك
ولان عليك فداه قلت فان لم يكن عندي ما قال يقضيه إذا رجعت إلى مالك وليس في هذا الحديث دلالة على تأويل الشيخ (ره) وقد روى عبد
الغفار الحايري قال سألت أبا عبد الله عن المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها ووجد صيدا فقال يأكل الميتة وترك الصيد قال الشيخ
(ره) يحتمل هذا الحديث أمرين أحدهما ان يكون خرج مخرج التقية لأنه يقلب بعض الطعام الثاني ان يكون قد وجد الصيد غير مذبوح فإنه
يأكل الميتة ويخلي سبيل الصيد إذا ذبحه المحرم كان حكمه حكم الميتة فحينئذ يقتصر على الميتة ولا يذبح الحي قال السيد المرتضى (ره) ولان في الناس
من يقول إن الصيد ليس ميتة وانه يذكي وأكله مباح والميتة متفق على حظرها قال وربما رجحوا الميتة على الصيد بان الحظر في الصيد
يثبت من وجوه أحدهما يناوله والثاني قبلها والثالث اكله وذلك كله محظور بخلاف الميتة فإنه ليس فيها الا محظور واحد وهو الأكل قال وهذا
ليس بشئ لأنا لو فرضنا ان غاصبا غصب شاة ثم وفدها حتى ماتت ثم كلها لكان الحظر ههنا من وجوه كما ذكرتم في الصيد وأنتم مع ذلك
لا يفرقون بين اكل هذه الميتة وبين غيرها عند الضرورة ويعدلون إليها عند ذكرا اكل الصيد وليس هذا الكلام بجيد لان الفرق واقع
بالاتفاق بين اكل شاة ميتة وبين اكل شاة كانت حيا يفعل بها ما ذكره السيد (ره) ويجب على المضطر العدول عن عامة الشاة المغصوبة
إلى اكل الشاة الميتة نعم إذا فعل بها ذلك ثم صارت مساويه للميتة ثم لم يبق بينهما فرق في الأكل لكن ليس البحث فيه الا ان مذهب السيد المرتضى
(ره) إلى أن الصيد إذا كان حيا فإنه لا يجوز له ذبحه وإذا وجد مذبوحا كان أولى من الميتة لكن كلامه الأولى لا يعطي ذلك
مسألة قد قلنا إنه لا يجوز له إمساك الصيد وهو محرم ويضمنه لو فعل فلق أمسكه حتى حل لزمه إرساله وليس له ذبحه فان ذبحه
805

أو تلف لزمه الضمان أو حرم اكله لأنه صيد يحرمه الاحرام فلم يجوز اكله كما لو ذبحه حال احرامه ولأنها ذكاة منع منها بسبب الاحرام فأشبه ما لو كان الاحرام
باقيا هنا إذا كان الصيد في الحل فامسكه وهو محرم فإنه قد فعل محرما ويضمنه لان الصيد حرام على المحرم سواء كان في الحل أو في الحرم فان أمسكه
حتى حل فالوجه ان له ذبحه والوجه لزوم الضمان لأنه تعلق به السبب الامساك مسألة إذا ذبح الصيد ثم اكله ضمنه للقتل ووجب عليه ضمان
اخر للأكلة قاله علماؤنا وبه قال عطا وأبو حنيفة وقال الشافعي يضمن القتل دون الأكل وبه قال مالك واحمد لنا
انه اكل من صيد يحرم عليه
فيضمنه كما لو اكل مما صيد لأجله ولأنه فعل أحد المحرمين فيضمن به كما في الاخر ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى
(ع) عن قوم اشترطوا طيبا فأكلوا منه جميعا وهم حرما ما عليهم فقال على كل من اكل منه قد أصيد كل انسان منهم على حده قد أصيد كامل وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال وأي قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فان على كل انسان منهم قيمة وان اجتمعوا عليه في صيد فعليهم مثل ذلك ولان لو قتله محرم وأكله آخر
على كل واحد منهم فدا وكذا لو اجتمع الفعلان لواحد لان التداخل على خلاف الأصل احتجوا بأنه صيد مضمون بالجزاء فلم يضمن نائب كما لو أتلفه
بغير الأكل ولان تحريمه لكونه ميتة والميتة لا تضمن بالجزاء والجواب عن الأول بالفرق بين الأكل والاتلاف بغيره وعن الثاني بالمنع من تعليل
التحريم بذلك لا غير ولا معارضة فيها بما لو صيد لأجله فأكله فإنه يضمنه عند احمد والشافعي في القديم مسألة من ملك صيدا في الحل
وادخله الحرم وجب عليه إرساله وزوال ملكه عنه ولو تلف في يده أو تلفه كان عليه ضمانه وبه قال ابن عباس وعايشة وابن عمر وعطا وطاوس
واسحق واحمد وأصحاب الرأي ورخص في ادخال الصيد الحرم سعيد بن جبير ومجاهد ومالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر لنا ان الحرم سبب
محرم للصيد يوجب ضمانه فيحرم استدامة إمساكه كالاحرام ولأنه صيد ذبحه في الحرم فلزمه جزاؤه كما لو صاده منه ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن طاير أهلي ادخل الحرم حيا
فقال لا يمس لان الله تعالى يقول ومن دخله كان آمنا وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن ظبي دخل الحرم لا يؤخذ ولا يمس ان الله تعالى يقول ومن دخله كان امنا وعن بكير بن أعين قال سألت أبا
جعفر (ع) عن رجل أصاب ظبيا فدخل الحرم فمات الظبي في الحرم فقال إن كان حين ادخله خلى سبيله فلا شئ عليه وان كان أمسكه حتى مات فعليه وعن يعقوب بن
يزيد عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخلت بطير المدينة فجايز لك ان يخرجه منها ما أدخلت وإذا دخلت مكة فليس لك ان تخرجه وعن يونس بن يعقوب وقال
أرسلت رسول الله إلى أبي الحسن (ع) قال قلت له حمام اخرج بها من المدينة إلى مكة ثم أخرجها من مكة إلى الكوفة قال أترى انهن كن منزهته قال له ان تذبح
مكان كل طير شاة احتج الشافعي بأنه ملكه خارجا وحل له التصرف فيه فجاز له ذلك في الحرم كصيد المدينة إذا ادخله حرمها فان له اخراجه منها والجواب ان
ملكه زال بادخاله الحرم وصيد المدينة يفارق صيد الحرم ولهذا لم يكن فيه جزاء بخلاف صيد الحرم فلا يجوز القياس عليه فرع لو كان مقصوص الجناح
أمسكه حتى ينبت ريشه ويخلي سبيله أو لوعده من ثقة حتى ينبت ريشه لما روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال الحكم بن عتيبة سألت أبا جعفر (ع)
ما يقول في رجل اهدى له حمام أهلي وهو في الحرم غير المحرم فقال اما ان كان مستويا خليت سبيله وان كان غير ذلك اخست؟؟ إليه حتى إذا استوى ريشه خليت سبيله
وعن كرب الصيرفي قال كنا جميعا اشترينا طائرا فقصصناه وأدخلناه الحرم فعاد علينا ذلك أصحابنا أهل مكة فأرسل كرب إلى أبي عبد الله (ع)
يسأله فقال استودعه رجل من أهل مكة مسلما أو امرأة فإذا استوى ريشه خلو سبيله ولان تخليته اتلاف له لأنه غير متمكن من الامتناع عن صغير الحيوان
مسألة حمام الحرم لا يحل صيده وان كان في الحل لأنه يصدق عليه انه صيد الحرم فيدخل تحته قوله (ع) لا ينفر صيدها وما رواه الشيخ
في الصحيح عن علي بن جعفر قال سالت أخي موسى (ع) عن حمام الحرم يصاد في الحل فقال لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من حمام الحرم إذا ثبت هذا
فلو كان الحمام في الحرم أو غيره من الصيود فأخرجه وجب عليه ان يعيده عليه ولو مات كان عليه قيمته روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر قال سألت أخي موسى
(ع) عن رجل اخرج حمام من حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها قال عليه ان يردها فان ماتت فعليه ثمنها يتصدق به وفي الصحيح عن عيص بن القسم قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن شرى القماري يخرج من مكة والمدينة فقال ما أحب ان يخرج منها شئ مسألة ويضمن صيد الحرم للمسلم والكافر والكبير
والصغير والحر والعبد والرجل والمراة بلا خلاف لان الحرمة تعلقت بمحله بالنسبة إلى الجميع فوجب عليه الجميع ضمانه كالآدمي وللعمومات الدالة عليه مسألة
المحل إذا رمى من الحل صيدا في الحرم فقتله أو أرسل كلبه عليه فقتله أو قتل صيدا على فرع شجرة في الحرم أصلها في الحل ضمنه في جميع هذه الصور ذهب
إليه علماؤنا اجمع وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى لا ضمان عليه في ذلك كله
لنا قوله النبي صلى الله عليه وآله لا ينفر صيدها ولم يفرق بين ما هو في المحل وفي الحرم والاجماع على تحريم صيد الحرم وهذا منه ولان صيد
الحرم معصوم بمحله لحرمة الحرم فلا يختص تحريمه بمن في الحرم فروع الأول لو انعكست الحال فرمى من الحرم صيدا في الحل أو أرسل كلبه
عليه ضمنه وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى لا ضمان عليه وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر لنا انه في الحرم فلا يحل له الرمي
فيه وما رواه الشيخ عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) في رجل حل في الحرم ري صيدا خارجا من الحرم فقتله فقال عليه الجزاء لان الآفة جاءت الصيد
من ناحية الحرم الثاني لو قتل صيدا في غصن في الحل أصل في الحرم ضمنه وهو إحدى الروايتين عن أحمد لنا ان الغصن تابع للأصل وهو
806

في الحرم ويؤيده ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أخيه (ع) انه سئل عن شجرة أصلها في الحرم وأغصانها في الحل على غصن منها طيرا رماه
فصرعه قال عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم احتجوا بان الأصل حل الصيد خرج صيد الحرم بالاجماع فبقي ما عداه على الأصل ولأنه صيد حل صاده
حلال فلم يحرم كما لو كانا في الحل والجواب انه من صيد الحرم لان الفرع قد بينا تبعية للأصل فيتناوله النهى الثالث لو كان الصيد في الحل
ورماه الصايد في الحل بسهم وأرسل عليه كله فدخل السهم أو الكلب الحرم ثم رجع فقتل الصيد لم يضمنه قال الشيخ (ره) وبه قال أصحاب
الرأي واحمد وأبو ثور وابن المنذر وقال الشافعي عليه الضمان حكاه عنه أبو ثور لنا ان الأصل براءة الذمة ولأنه سهمه لا يزيد على نفسه ولو عدا ذلك
الحرم في طريقه ثم خرج منه وقتل صيدا في الحل فإنه لا يضمنه اجماعا فالسهم أولى الرابع لو رمى من الحل صيدا في الحل فقتل صيدا في الحرم
ضمنه وبه قال الثوري واحمد واسحق وأصحاب الرأي وقال أبو ثور لاجزاء عليه وليس بصحيح لأنه قتل صيدا في الحرم فكان عليه جزاؤه كما لو رمى حجرا
في الحرم فقتل صيدا والأصل في ذلك أن العمد والخفاء في الصيد واخمد في وجوب الجزاء الخامس لو أرسل كلبه على صيد في الحل فدخل الكلب
الحرم فقتل صيدا غيره فيه لم يضمنه وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لان الكلب دخل باختيار نفسه لا بارساله فصاد كما لو
استرسل من نفسه من غير أن يرسله صاحبه السادس لو أرسل كلبه على صيد فدخل الصيد الحرم فتبعه الكلب فقتله في الحرم فالوجه الضمن
وبه قال عطا وابن حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وقال الشافي لا ضمان عليه وبه قال أبو ثور ابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى
ان كان الصيد قريبا من الحرم ضمنه وان كان بعيدا لم يضمن وبه قال مالك لنا انه قتل صيدا حراما بارسال كلب عليه فكان عليه ضمانه كما لو قتله
بسهم لتساويهما بالسببية احتج الشافعي بأنه أرسل الكلب على صيد مباح فلم يضمن كما لو قتل صيدا سواه واحتج مالك بأنه إذا كان قريبا
يكون مفرطا بارساله في موضع يغلب على الظن انه يدخل الحرم بخلاف ما إذا كان بعيدا فإنه لا يفطر بالارسال السابع لا يجوز له اكل الصيد
في هذه المواطن اجمع سواء ضمنه أولم يضمنه لأنه صيد حرمي في الحرم فكان كالميتة لما بينا ان كل صيد يقتل في الحرم فإنه يكون حراما اما
لو رمى المحل صيدا في الحل فخرجه فتحامل الصيد فدخل الحرم فمات فيه فقال بعض الجمهور يحل اكله ولا جزاء فيه لان الذكاة حصلت في الحل
فأشبه ما إذا خرجت صيدا وهو محل ثم أحرم فمات الصيد بعد احرامه وعندنا ان المقلس عليه لا يحل اكله إذا أحرم ويجوز لغيره اكله اما في
صورة المقيس فالوجه عندنا لزوم الضمان لأنه صيد مات في الحرم بسببه فكان عليه الضمان ويؤيده ما رواه الشيخ عن مسمع عن الصادق
(ع) في رجل رمى صيدا في الحل فتحامل الصيد حتى دخل الحرم فقال لحمه حرام كالميتة الثامن لو وقف صيدا بعض قوائمه في الحل وبعضها
في الحرم فقتله قاتل ضمنه سواء أصاب ما هو في الحل أو في الحرم تغليبا للمحرم وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي واحمد التاسع لو نفر صيدا
من الحرم فاصابه شئ حال نفوره ضمنه لأنه تسبب إلى اتلافه فكان كما لو أتلفه بشبكته أو شركه ولو سكن من نفوره ثم اصابه شئ فالوجه عدم
الضمان وهو قول الثوري وقال بعض الجمهور عليه الضمان لان عمر بن الخطاب وقعت على ركابه حمامه فأطارها فوقعت على واقف فانتهرتها حية فاستشار
في ذلك عثمان ونافع بن الحرث فحكما عليه بشاة اما لو انتقل الطاير باختياره عن ذلك المكان اخر فاصابه شئ فلا ضمان فلانه خرج
عن المكان الذي طرد إليه مسألة لو رمى صيدا فخرج ومضى لوجهه ولم يعلم هو حي أو ميت كان عليه الفداء قاله علماؤنا تغليبا طرف
الاتلاف ولما رواه الشيخ (ره) عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن محرم رمى صيدا فأصاب يده وخرج فقال إن كان الظبي؟ يبنى؟
عليها ورعى وهو ينظر إليه فلا شئ عليه وان كان الظبي ذهب وجهه وهو رافعها فلا يدري ما صنع فعليه فداؤه لأنه لا يدري لعله قد هلك وفي الصحيح عن
علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل رمى صيدا وهو محرم فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد
قال عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد قال الشيخ ولو رآه بعد ما كسر يده أو رجله وقد رعى وصلح كان عليه ربع قيمته ورواه في الصحيح
عن علي بن جعفر عن اخى موسى (ع) قال سألته عن رجل رمى صيدا فكسر يده أو رجله وتركه فرعى الصيد قال عليه ربع الفداء وفي الصحيح عن أبي
بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل رمى ظبيا وهو محرم فكسر يده أو رجله فذهب الظبى على وجهه فلم يدر ما صنع فقال عليه فداء فقلت فإنه رآه بعد يمشي فقال عليه ربع ثمنه مسألة اختلف علماؤنا في المحل هل يجوز له قتل الصيد في الحل إذا كان الصيد يوم
الحرم أم لا فذهب الشيخ (ره) إلى تحريمه ومنع منه ابن إدريس وجعله مكروها وهو قول الجمهور كافة عملا بالأصل المقتضي للعليل السالم
عن معارضه كون الصيد في الحرم احتج الشيخ (ره) بما رواه في الصحيح عن ابن أبي عمر عن بعض أصحابنا فهو عن أبي عبد الله (ع) قال
يكره ان يرمي الصيد وهو يوم الحرم وعن مسمع عن أبي عبد الله (ع) في رجل حل رمى صيدا في الحرم فتحامل الصيد حتى دخل الحرم فقال
لحمه حرام كالميتة وعن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل قضى حجة ثم اقبل حتى إذا خرج من الحرم فاستقبله صيد
قريب من الحرم فرأى الصيد متوجه نحو الحرم فرمي فقتله ما عليه في ذلك شئ قال بفدية على نحوه وقد روى عن ابن أبي عمر عن عبد
الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يرمي الصيدا؟ في؟ يوم الحرم فتصيبه الرمية فتحامل لها حتى يدخل الحرم فيموت فيه قال
807

ليس عليه شئ انما هو بمنزلة رجل يصيب شبكه في الحل فرع فيها صيدا فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فيه قلت هذا عندهم من القياس قال انما شبهت
لك شيئا بشئ قال الشيخ (ره) هذا ليس بمناف قال قدمناه لان قوله (ع) ليس عليه شئ يريد نفى العقاب لأنه يكون ناسيا أو جاهلا ولا تسقط
كفارة حينئذ وكذا قال في التهذيب وقال في الاستبصار في وجه الجميع قوله (ع) ليس عليه شئ يقتضي من العقاب لان فعل لك مكروه وليس مما يستحق
به العقاب كما يستحق لو فعله في الحرم وقد صرح بذلك في الرواية الأول وان كانت الكفارة لازمة والذي يدل على لزوم الكفارة مع ما تقدم ما
رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت محلا في الحل فقتلت صيدا فيما بينك وبين البريد إلى الحرم فان عليك جزاؤه فان قفات عينه
أو كسرت قرنه تصدقت بصدقة إذا عرفت هذا فالأقرب عند الكراهية وحمل الأخبار الواردة بالكفار على الاستحباب نعم إذا اصابه فدخل الحرم فمات فيه ضمنه على
الاشكال مسألة واختلف علماؤنا في تحريم الصيد للمحل فيما بين البريد وبين الحرم فقال به الشيخ وجوزه ابن إدريس (ره) عملا بالأصل
تقتضي للإباحة السالم عن معارضة كون الصيد في الحرم وكون الصياد محرما احتج الشيخ (ره) بما رواه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
قال انا كنت محلا في الحل فقتلت صيدا فيما بينك وبين البريد إلى الحرم فان عليك جزاؤه فان قفات عينه أو كسرت قرنه تصدقت بصدقة والأقرب
عندي قول ابن إدريس وحمل الرواية على الاستحباب
الصنف الرابع عشر الاستمتاع بالنساء مسألة اجمع علماء الأمصار
كافة على أن الوطي حرام على المحرم حال احرامه قال الله تعالى الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفت ولا فسوق ولا جدال في الحج وروى الجمهور
عن ابن عمران رجلا سأله فقال إني واقعت امرأتي ونحن محرمان فقال أفسدت حجك الطلق أنت واهلك فاقضوا ما يقضون وحل وحل إذا أحلوا فإذا كان العام
المقبل فأحج أنت وامرأتك واهديا هديا فان لم تجد فهو ما (فصيام) ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم وكذا روى ابن عباس وفي حديثه وينفر فان من حيث
يحرمان حتى يقضيا حجهما ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا أحرمت فعليك بتقوى الله
وذكر الله وقلة الكلام الا بخير فان تمام الحج والعمرة ان يحفظ المرء لسانه الا بخير كما قال الله تعالى فان الله يقول فمن فرض فيهن الحج ولا رفت ولا فسوق
ولا جدال في الحج فالرفث الجماع والفسوق الكذب والسباب الجدل أقول الرجل لا والله وبلى والله وعن سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول في الجدال شاة وفي السباب والفسوق بقرة والرفث فساد الحج وفي الصحيح عن علي بن جعفر قال سألت أخي موسى (ع) عن الرفث والفسوق
والجدال ما هو وما على من فعله فقال الرفث جماع النساء والفسوق الكذب والفاجر والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله فمن رفث فعليه بدنه
ينحرها وإن لم يجد فشاة وكفارة الفسوق يتصدق بهما إذا فعله فهو محرم ولا خلاف بين المسلمين في ذلك مسألة ولا يجوز للمحرم ان يتزوج
ولا يزوج ولا يكون وليا في النكاح ولا وكيلا فيه سواء كان رجلا أو امرأة ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال علي (ع) وعمر وعبد الله بن عمر
وزيد ثابت ومن تابعين سعيد بن المسيب وسلمان بن يسار والزهري وبه قال في الفقهاء مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل وروى
عن ابن عباس جواز ذلك وبه قال أبو حنيفة والحكم لنا ما رواه الجمهور عن أبان بن عثمان بن عفان ان النبي صلى الله عليه وآله
قال لا ينكح الدم ولا ينكح ولا يخطب ومن طريق الخاصة وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال ليس للمحرم ان يتزوج
ولا تزوج فان تزوج أو زوجا محلا فتزويجه باطل ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن عمر بن ابان الكلبي قال انتهيت إلى باب أبا عبد الله (ع) فخرج المفضل فاستقبله فقال لي ما لك قلت أردت أن اصنع شيئا فلم اصنع حتى يأمرني أبو عبد الله (ع) فأردت أن يحصن الله فرجي
وتقيض بصري في احرامي فقال لي كما أنت ودخل فسأله عن ذلك فقال هذا الكلبي على الباب وقد أراد الاحرام وأراد أن يتزوج ليقض الله بذلك
بصره ان امرأته فعل والا انصرف عن ذلك نقل لي مرة فليفعل وليستر لأنه (ع) امره بذلك قبل عقد الاحرام ويؤيده قول السائل أراد الاحرام
وأراد أن يتزوج وهو يدل على أنه لم يدخل بعد في الاحرام ولان الاحرام عبادة يحرم الطيب فيحرم النكاح كالعدة احتج أبو حنيفة لما رواه
عكرمة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله تزوج ميمونة وهو محرم ولأنه عقد يملك به الاستمتاع فلا يحرمه الاحرام كثيرا بالجواري
والجواب عن الأول ان يزيد بن الأصم روى عن ميمونة ان النبي صلى الله عليه وآله تزوجها حلا وبناتها حلالا وأنت تسرف في الظلة التي بناتها
فيها وعن أبي رافع قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله ميمونة وهو حلال وبناتها وهو حلال وكنت أنت الرسول بينهما إذا ثبت
هذا فهذا الحديث أولى من حديث أبي حنيفة لان ميمونة صاحبه القصة وهي اعلم من ابن عباس لأنه أجنبي منها ولان ابا رافع كان السفير بينهما
فهو أعلم من ابن عباس في هذه الصور ولان ابن عباس كان صغيرا لا يعرف حقايق الأشياء ولا يقف عليها فربما توهم الاحرام وليس بموجود
بخلاف أبي رافع ومع ذلك فقد أنكر عليه جماعة قال سعيد بن المسيب وهم ابن عباس لما تزوجها النبي صلى الله عليه وآله الا حلال ونصا فان
قول ابن عباس محملين أحدهما ان يكون النبي صلى الله عليه وآله تزوجها في الشهر الحرام وفي البلد الحرام فإنه يصدق عليه المحرم حينئذ كما قالوا قتلوا
ابن عفان الخليفة محرما الثاني ان يكون تزوجها وهو حلال وظهر امر التزويج وهو محرم وأيضا لو صح هذا الحديث كان حديثنا أولى لأنه
قول الرسول صلى الله عليه وآله وهذا قول ابن عباس حكاية فعل النبي صلى الله عليه وآله ولو ثبت كان القول مقدما على الفعل وفي الثاني؟ أقرب؟
808

وان شراء الأمة قد لا يكون الاستمتاع بل الغالب ذلك بخلاف عقد النكاح فلما كان مقدمة للمحرم كان حراما بخلاف شراء الأمة وأيضا قال النكاح
يحرم بالعدة واختلاف الدين والردة وكون المنكوحة أختا له من الرضاع ويعتبر له حرام غير معتبر في شراء الإماء فيها فرع لو أفسد
احرامه لم يجزله ان يتزوج فيه أيضا لان حكم الفاسد فيما يمنع حكم الصحيح مسألة ولو تزوج في احرامه فعل محرما وكان النكاح باطلا؟
بينهما سواء كان الكل محرمين أو أحدهما لأنه منهى عنه فيكون فاسدا لنكاح الأم من الرضاعة وما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن محرم تزوج فان نكاحه باطل وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح قال قال له أبو عبد الله (ع) ان رجلا من؟
ولا يزوج وهو محرم فأبطل رسول الله صلى الله عليه وآله نكاحه وكذلك لو عقد المحرم النكاح لغيره فان يكون العقد باطلا لما روى الشيخ في الحسن
عن معاوية بن عمار ولا يتزوج ولا يزوج فان فعل فنكاحه باطل وعن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن اي عبد الله (ع) قال المحرم لا ينكح ولا
ينكح ولا يشهد فان نكح نكاحه باطل وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول ليس ينبغي للمحرم ان يتزوج ولا
يزوج محلا مسألة يكره الخطبة للمحرم وخطبة الحرمة ويكره للمحرم ان يخطب للمحلين لأنه تسبب إلى الحرام فكان مكروها كالصرف والفرق بين
الخطبة ها هنا وبين الخطبة في العدة انما حرمت لأنها تكون داعية للمراة إلى أن تخبر بانقضاء عدتها قبل القضاء رغبة في النكاح فكان حراما
اما ههنا فليس كذلك فلهذا قلنا إنه مكروه وليس بمحرم بخلاف الخطبة في العدة مسألة ولا يجوز للمحرم ان يشهد بالعقدين المحلين
ولو شهد انعقد النكاح عندنا لان النكاح لا يعتبر فيه الشهادة قال الشافعي يجوز له ان يشهد لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله
في بعض ألفاظ لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يشهد ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسن بن علي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع)
قال المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يشهد فان نكح فنكاحه باطل وعن عثمان بن عيسى عن أبي شجرة عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في المحرم يشهد على
نكاح المحلين قال لا يشهد ولأنه معونة على المحرم فكان حراما اختلف المخالف بأنه لا يدخل في الشاهد في العقد فأشبه الخطيب والجواب العرف
لان الخطبة لايقاع العقد في حال الاخلال ومثله إلى الحلال اما الشاهدة على عقد المحرم فإنه معونة على قعل الحرام فكان حراما فرع
قد بينا انه لا يجوز للمحرم ان يكون وليا ولا وكيلا في العقد لا للمحل ولا للمحرم وكذا الامام لا يجوز له ان يعقد في حال احرامه لاحد
خلافا للشافعي في أحد الوجهين لنا عموم الخبر احتج بأنه يجوز له التزويج للمحرمين بولاية العامة لأنه موضع الحاجة والجواب المنع من
الحاجة الزايدة على عقد الولي الولاية الخاصة مسألة لو عقد المحرم حال احرامه على امرأة فإن كان عالما بتحريم ذلك فرق بينهما
ولم يحل له ابدا وإن لم يكن عالما فرق بينهما فإذا أحلا وأحل إن لم يكن هي محرمة جاز له العقد عليها ذهب إليه علماؤنا خلاف الجمهور
لنا الاخبار يقتضي التحريم المؤبد وما رواه الشيخ عن ادم بن الحر الخزاعي عن أبي عبد الله (ع) قال إن المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق
بينهما ولا يتعاودان ابدا والذي تزوج ولها زوج يفرق بينهما ولا يتعاودان ابدا وعن إبراهيم بن الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال إن
المحرم قال إذا تزوج وهو حرم فرق بينهما ثم لا يتعاودان ابدا ويدل على جواز المتعة مع الجهل وعدم الدخول ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس
عن أبي جعفر (ع) قال قضى أمير المؤمنين (ع) في رجل ملك بضع امرأته وهو محرم قبل أن يحل فقضى ان يخلي سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئا
حتى يحل فإذا حل خطبها ان شاء أهلها زوجوه وان شاء لم يزوجوه فروع الأول لو وكل محل محلا في التزويج فعقد الوكيل بعد احرام الموكل لم يصح النكاح سواء حضره الموكل أو لم يحضره وسواء علم الوكيل أو لم يعلم لان الوكيل عن الموكل فكان الفعل في الجملة مستند
إليه وهو محرم الثاني لو وكل محرما حالا في التزويج فعقد الوكيل نظر فإن كان العقد وقع والموكل محرم بعد كان النكاح باطلا وان كانا
بعد الحلال صح العقد ولزم لأنه زوجه باذنه في حال يصح فيها نكاحه فصح العقد فان قيل يفسد العقد لفساد التوكيل فصار كالصبي إذا
وكل في التزويج فعقد له الوكيل في وقت بلوغه قلنا الاذن وقع في النكاح مطلقا في حال الاحرام والاحلال لكن ما تناول حالة الاحرام
يكون باطلا وما تناول خاله الاخلال يكون صحيحا والوكالة إذا اشتملت على شرط فاسد بطل ذلك وبقي مجرد الاذن يوجب صحة التصرف
لذلك فساده في بعضه لا يمنع نفوذ التصرف فما يتناوله الاذن على وجه الصحة بخلاف الصبي إذا وكل فان الوكالة لا اعتبار لها في تلك
الحال ولا في ثانية ولم يوجب منه الاذن في ثاني الحال ولا في اوله على وجه الصحة فافترقا الثالث إذا اتفق الزوجان على أن العقد وقع
في حال الاحرام بطل وسقط المهر ان كانا عالمين أو جاهلين ولم يدخل بها لفساد العقد في أصله وان دخل بها وهي حاملة ثبت لها المهر بما
استحل من فرجها وفرق بينهما ولو اختلفا فادعى أحدهما بينه حكم بها وإن لم يكن بينه وادعت الزوجة وقوعه حالة الاحرام وأنكر
الرجل فالقول قوله عملا بالأصل المقتضي لصحة العقد وحكما بالظاهر من صحة النكاح فإذا حلف ثبت النكاح ولو ادعى الرجال وقوعه
في الاحرام وأنكرت المراة فالقول قولها مع يمينها لما مضى الا انا محكم بانفساخ العقد في حق الزوج لأنه ادعى فساده وثبت عليه حكما
النكاح الصحيح إذا ثبت هذا فإن كان قد دخل بها وجب عليه المهر كملا لما رواه ابن بابويه عن سماعة قال لها المهر ين كان دخل بها وإن لم
809

يكن دخل بها قال الشيخ (ره)) يجب عليه نصف المهر ولو قيل بوجوبه اجمع كان وجها الرابع لو أشكل الامر فلم يعلم هل وقع العقد في حال الاحرام أو
الاحلال صح العقد وبه قال الشافعي قال الشيخ (ره) والأحوط تجديد لان الأول ان وقع في الاحلال لم يضر الثاني والا كان مبيحا الخامس
لو شهد وهو محرم فعل حراما وصح العقد لأنه ليس من شرط الشهادة ولو أقام الشهادة بذلك لم يثبت شهادة النكاح إذا كان يحملها وهو محرم قاله
الشيخ (ره) والأقوى عندي ثبوته إذا أقامها في حالة الاحلال السادس كما يحرم عليه الشهادة بالعقد حال احرامه يحرم عليه اقامتها
في تلك الحال ولو تحملها محلا ما لو تحملها محرما وأقامها محلا فالوجه عندي قبولها السابع إذا وطئ العاقد في حال الاحرام لزمه المهر اما
المسمى ان كان قد سماه والا مهر المثل ويلحق به الولد ويفسد حجته ان كان قبل الوقوف بالموقفين ويلزمها العدة وإن لم يدخل بها فلا يلزمه
شئ من ذلك ولو عقد المحرم لغير كان العقد فاسدا ثم ينظر فإن كان المعقود له محرما وادخل بها لزم العاقد بدنة وسيأتي بيان ذلك كله انشاء
الله تعالى مسألة ولا بأس ان يراجع امرأته وهو محرم قاله علماؤنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى
لنا عموم قوله تعالى وبعولتهن أحق برد هن في ذلك وعموم قوله تعالى فامساك بمعروف أو تسريح باحسان والامساك هو المراجعة ولم يفصل ولأنه
ليس باستيناف عقد بل إزالة مانع عن الوطئ ويمسك بالعقد لقوله فامساك بمعروف فكان سايغا كالتكفير عن الظهار احتج احمد بأنه استباحة
فرع مقصود بعقد فلا يجوز في الاحرام كعقد النكاح والجواب الفرق فان عقد النكاح يملك به استمتاع بخلاف الرجعة لان الاستمتاع
مملوك له قبلها إذ لا يخرج بالطلقة الرجعية عن احكام الزوجات ولهذا يتوارثان فيها على أن المشهور من مذهب احمد ان الرجعية صباحة
فلا يصح قوله الرجعية استباحة مسألة ويجوز له شراء الإماء حال الاحرام لكن لا يقربهن اجماعا لأن الشراء لفايدة الاستخدام غالبا
فكان سايغا وسواء قصد به التسري أو لم يعضد لا نعلم فيه خلافا لأنه ليس بموضع الاستباحة في البضع فأشبه شراء العبد والبهائم ولذلك
أبيح شراء من لا يحل وطيها ولم يحرم الشراء في حال يحرم فيه الوطئ ويؤيده ما رواه الشيخ عن سعد بن سعد في الصحيح عن أبي الحسن الرضا (ع)
قال سألته عن المحرم يشرى الجواري ويبيع قال نعم إذا عرفت هذا فإنه يجوز له مفارقة النساء حال الاحرام لكل حال من طلاق أو خلع
أو ظهار أو لعان أو غير ذلك من أسباب الفرقة ولا نعلم فيه خلافا ورواه ابن بابويه في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم
يطلق ولا يزوج مسألة وكما يحرم وطئ النساء قبلا حال الاحرام فكذا يحرم دبرا اجماعا ويتعلق به الافساد على حد ما يتعلق
بالوطئ في القبل على ما يأتي بيانه والخلاف منه وكذا يحرم على المحرم بشهوة التقبيل للنساء وملاعبتهن بشهوة والنظر إليهن بشهوة
والملامسة وان كان بدون الجماع لما رواه الجمهور عن عبد الرحمن بن الحارث ان عمر بن عبد الله قال عايشة بنت طلحة محرما فسأل
واجمع له على أن يهريق دما ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي حمزة عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجلا قبل امرأته وهو محرم
قال عليه بدنة وإن لم ينزل وليس له ان يأكل منه وعن مسمع بن يسار قال قال أبو عبد الله (ع) يا با سيار ان حال المحرم ضيعه ان قبل
امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ومن قبل امرأة على شهوة فأمنى عليه جزور ويستغفر الله ومن مس امرأته وهو محرم على شهوة
فعليه دم شاة ومن نظر امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور وان مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شئ عليه ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ
في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى قال ليس عليه شئ لأنه محمول على حال السهو دون العمد
جمعا بين الاخبار فروع الأول لو نظر إليها من غير شهوة وأمنى لم يكن عليه شئ وان كان بشهوة كان عليه جزره مع اليسار
رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل محرم نظر إلى ساق امرأته فأمنى فقال إن كان مؤسرا فعليه بدنة وان كان
وسطا فعليه بقرة وان كان فقيرا فعليه شاة ثم قال اما اني لم اجعل هذا عليه لأنه أمنى انما جعل عليه لأنه نظر إلى ما لا يحل له وفي الصحيح عن حريز عن
زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل قال عليه جزورا وبقرة فان لم يجد فشاة ويدل على سقوط الكفارة مع الامناء
بغير شهوة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن محرم نظر إلى أهله امرأته فأمنى وأمذى فهو محرم قال
لا شئ عليه الثاني لو حملها بشهوة فأمنى أو لم يمن وجب عليه دم شاة ولو لم يكن بشهوة لم يكن عليه شئ ولو أمنى روى الشيخ عن الحلبي قال قلت
لأبي عبد الله (ع) المحرم يضع يده على امرأته قال لا بأس قلت إن هو أراد أن ينزلها في المحل ويضمها إليه قال لا بأس قلت فان هو أراد أن ينزلها
في المحل فلما ضمها إليه أدركته الشهوة قال ليس عليه شئ الا ان يكون طلب ذلك وفي الصحيح عن حريز عن محمد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل
محرم حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى قال إن كان حملها ومسها بشئ من الشهوة فأمنى أو لم يمن أو أمذى أو لم يمد فعليه دم يهريقه والى حملها أو
مسها بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شئ الثالث لا يحرم للمحرم ان يقبل أمه لأنه ليس محل الشهوة ولا داعيا إلى الجماع فكان سايغا روى
الشيخ عن حسن بن حماد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يقبل أمة قال لا بأس به هذه قبلة رحمة انما يكره قبلة الشهوة إذا ثبت هذا فالتعليل
الذي علل الإمام (ع) به يستحب في غير الأم كالبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وغيرهن من المحرمات الرابع كل موضع حكما فيه
810

مبطلان العقد فإنه يفرق الرجل والمراة فيه بغير خلاف وبه قال الشافعي ومالك يفرق بينهما بطلقة لنا ان الطلاق شرع ثبوت العقد وصحته و
التقدير فساده وبطلانه فلا يضر عليه ما هو فرعه
الصنف الخامس عشر الفسوق والجدال مسألة يحرم على الفسوق وهو الكذب
وعلى غير المحرم أيضا الا انه اكد في حق المحرم قال الله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج قال الصادق (ع) في حديث معاوية بن عمار
الصحيح الفسوق الكذب والسباب وعنه (ع) في حديث سليمان بن خالد وفي السباب والفسوق بقرة وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال
والفسوق والكذب ولا نعلم فيه خلافا مسألة ويحرم عليه الجدال وهو قول الرجل لغيره لا والله وبلى والله وكذا في حديث علي بن جعفر
عن أخيه موسى (ع) وقال مجاهد لا جدال في الحج اي لا مجادلة ولا شك في الحج انه في ذي الحجة والأول أصح وقول مجاهد لم يوافقه عليه أحد
إذا ثبت هذا فإنه يستحب للمحرم قلة الكلام لا فيما ينفع روى الجمهور عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من كان يؤمن بالله و
واليوم الآخر فليقل خيرا وليصمت وعن الحسين بن علي (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من حسن اسلام المراة تركه فيما لا يعينه ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله وقلة الكلام
الا بخير فان تمام الحج والعمرة ان يحفظ المرء لسانه الا من خير كما قال الله تعالى فان الله يقول فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال
في الحج والرفث الجماع والفسوق الكذب والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله وروى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال اتق المفاخرة وعليك بورع ويحجرك عن معاصي الله عز وجل فان الله عز وجل يقول ثم ليقضوا تفثهم ومن التفث ان تتكلم في احرامك بكلام
قبيح فإذا دخلت مكة وقفت بالبيت تكلمت بكلام طيب وكان ذلك كفارة لذلك وروى ابن بابويه في الصحيح عن
محمد بن مسلم والحلبي جميعا عن أبي عبد الله
(ع) في قول الله عز وجل الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فقال إن الله جل جلاله اشترط على
الناس شرطا وشرط لهم شرطا فمن وفى له وفى الله له فقال له فما الذي اشترط عليهم وما الذي شرط لهم فقال اما الذي اشترط عليهم فإنه قال الحج أشهر
معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج واما ما شرط لهم فإنه قال فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم
عليه لمن اتقى فلا يرجع لا ذنب له فقال أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه فقال لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي فقال أفمن ابتلى بالجدال ما عليه
فقال إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة وعلى المخطي بقرة إذا عرفت هذا فو جادل كان عليه من الكفارة ما يأتي فان كذب
استغفر الله ولا شئ عليه عملا بالأصل وبهذا الحديث البحث الثاني فيما لا يجب اجتنابه مسألة قد بينا انه يجوز للمحرم ان يلبس
الهميان وهو قول أكثر أهل العلم وجمهورهم روى ذلك عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وعطا ومجاهد وطاوس والقسم والنخعي والشافعي واسحق و
أبي ثور وأصحاب الرأي قال ابن عبد الجمع وفقهاء الأمصار متقدموهم ومتأخر وهم على جواز ذلك وكره ابن عمر ونافع مولاه لنا ما رواه
الجمهور عن ابن عباس قال رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للمحرم في الهميان ان يربطه إذا كانت فيه نفقته وقال ابن عباس لو يبق عليكم نفقاتكم
رخص في الخاتم والهميان للمحرم ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن أبي فضالة عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع)
عن المحرم يشد الهميان في وسطه فقال نعم وما خيره بعد نفقته وفي الصحيح عن أبي بصير عنه (ع) أنه قال كان أبي عليه السلام يشد على بطنه نفقته
يستوثق فإنها تمام حجة ولأنه مما يشتد الحاجة إليه فلو لم يصح لزم الحرج مسألة ويجوز للمحرم ان يلبس السلاح عند الحاجة إليه والضرورة
اجماعا الا من الحسن البصري فإنه كرهه أيضا لنا ما رواه الجمهور عن البراء قال لما صالح رسول الله صلى الله عليه وآله أهل الحديبية صالحهم على أن
لا يدخلوا الا بجلباب السلاح الغراب بما فيه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
ان المحرم إذا خاف العدو فلبس السلاح فلا كفارة عليه وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) يحمل السلاح قال
إذا خاف المحرم عدوا أو سرقا فليلبس السلاح ولان الحاجة تدعوا إليه ويمس الضرورة إليه فو لم يبيح لزم الضرر هذا مع الضرورة فاما مع الامن
وعدم الضرورة هل يحرم لبسه أم لا اختلف علماؤنا على قولين فقال بعضهم بالتحريم ففيه الشر ط في قول الصادق (ع) إذا خاف العدو
فلبس السلاح فلا كفارة عليه والوجه الكراهية لأنه ليس بملبوس منصوص على تحريمه ولا في معنى المنصوص واحتجاجهم مأخود من دليل
الخطاب وهو ضعيف عندنا يكره للمحرم النوم على الفراش الأصفر أو المرفقة الصفراء وكذا يكره الاحرام في الثوب المصبوغ بالسودا والمعصفر
وشبهه ويتأكد في السواد والنوم عليه وفي الثياب الوسخة وان كانت طاهرة ولبس الثياب المعلمة واستعمال الحناء للزينة والنقاب للمراة على
اشكال ودخول الحمام وتدليك الجسد فيه واستعمال الرياحين وقد مضى ذلك مسألة قال الشيخ (ره) يكره للمحرم ان يلبي من
دعاه بل يجب بكلام غير ذلك لأنه في مقام التلبية لله تعالى فكره لغيره ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله
(ع) قال للمحرم ان يلبي من دعاه حتى يقضي احرامه قلت كيف يقول قال يقول يا سعد مسألة لا بأس أن يؤدب الرجل عبده عند
حاجته إلى ذلك وهو محرم لأنه في محل الحاجة فكانت سايغا ورواه الشيخ في الصحيح عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان
811

يؤدب المحرم عبده ما بينه وبين عشرة أسواط مسألة قد بينا ان المحرم إذا مات غسل وحنط وكفن كالحلال الا انه لا يقر ب الكافور
ولا الطيب أصلا اجماعا لما تقدم من الأحاديث لما رواه الشيخ عن ابن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يموت فكيف يصنع به فحدثني
ان عبد الرحمن بن الحسين بن علي (ع) مات بالأبواء مع الحسين بن علي (ع) وهو محرم ومع الحسين (ع) عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر فصنع به كما صنع بالميت وغطى
وجهه ولم يمسه طيبا وقال ذلك في كتاب علي (ع) وفي الصحيح عن العلاء عن محمد عن أبي جعفر (ع) عن المحرم إذا مات كيف يصنع به قال يغطى
وجهه ويصنع كما يصنع بالاحلال غير أنه لا يقربه طيبا مسألة إذا قتل المحرم حيوانا وشك في أنه صيد أو لا لم يكن عليه شئ عملا بالأصل عن براءة
الذمة اما لو علمه صيدا وشك في اي صنف هو فإنه يلزمه دم شاة لأنه أقل مراتب الصيد فيكون هو المتيقن ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن يحيى
رفعه عن أبي عبد الله (ع) في رجل اكل لحم من صيد لا يدري ما هو وهو محرم قال عليه شاة مسألة لا بأس ان يكون مع المحرم لحم الصيد إذا
لم يأكله ويترك إلى وقت احلاله ثم لم يأكله إذا لم يكن صاده هو رواه الشيخ عن علي بن مهزيار قال سألته عن المحرم معه لحم من لحوم الصيد في ذات هل
يجوز ان يكون معه ولا يأكله ويدخل مكة وهو محرم فإذا أحل اكله فقال نعم إذ ا لم يكن صاده مسألة ويجوز اخراج الفهد من الحرم رواه
الشيخ عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله (ع) قال له فهو ويبلغ على باب المسجد اله ان يخرجه فقال هو سبع وكلما أدخلت من السباع
الحرم أسيرا فلك ان تخرجه ولا بأس باخراج القماري والدباسي من مكة على رواية ولا يجوز قتلها ولا اكلها وقد روى الشيخ عن عيص بن القسم
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن شراء القماري يخرج من مكة والمدينة فقال ما أحب ان تخرج منها شئ مسألة ولا بأس باخراج
زمزم بل يستحب للتبرك به رواه الشيخ عن عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه (ع) قال كان النبي صلى الله عليه وآله يستهدي من ماء زمزم و
هو بالمدينة
الفصل الثاني فيما يجمع على المحرم من الكفارة فيما يفعله عمدا أو خطا وفيه مباحث
الأول ما يجب اللبس في المخيط مسألة من لبس ثوبا لا يحل له لبسه وجب عليه الفدية دم شاة وهو قول العلماء روى الشيخ
(ره) في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يلبس القميص متعمدا قال عليه دم وعن سليمان بن عيص قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن المحرم يلبس القميص متعمدا قال عليه دم ولأنه ترفه بمحظور وفي احرامه فلزمته الفدية كما لو ترفه بحلق شعره ولا نعمل فيه خلافا
مسألة ولا فرق في وجوب الدم بين قليل اللبس وكثيره ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال شافعي واحمد وقال أبو حنيفة انما يجب الدم بلباس
يوم وليلة ولا يجب فيما دون ذلك لنا صدق اللبس المطلق على القليل يصدق في الكثير فلا يتخصص الحكم المعلق عليه بأحد؟ بأنه لغير مخصص ولأنه معنى
حصل به الاستمتاع بالمحظور فاعتبر بمجرد الفعل كالوطي أو محظور لا يتعذر فديته بالرمس كساير المحظورات احتج أبو حنيفة بأنه لم يلبس لنا
معتادا فأشبه ما لو انذر بالقميص والجواب المنع من كونه غير معتاد فان الناس يختلفون في اللبس ولا ينفقون في العادة ولان ما ذكر تقدير والتقدير
معلومة من النص لا غير والتقدير بيوم وليلة بحكم محض والفرق بين المقيس والمقيس عليه ظاهر فان من اتزر بالقميص غير لابس له بخلاف من لبسه زمانا
يسيرا وهذا يحرم عليه لبسه ساعة واحدة أو أقل ولا يحرم الاتزار به فافترقا مسألة والاستدامة في اللبس كالابتداء به فلو لبس المحرم
قميصا ناسيا ثم ذكر وجب عليه خلعه اجماعا لأنه فعل محظورا فلزمه ازالته وقطع استدامته كساير المحظورات وقد قلنا فيما تقدم انه ينزعه من
أسفل ولو لم ينزعه ذكر أوجب عليه الفداء لأنه ترفه بمحظور في احرامه فوجبت عليه الفدية ولان ابتداء اللبس حرم لغايته وهو بقاؤه عليه والترفة به
فكانت الفديد في الحقيقة واجب لأجله إذا ثبت هذا فقد قلنا إنه ينزعه من استعمله بأنه يشقه ولا ينزعه من عراسه وبه قال بعض التابعين وقال الشافعي
ينزعه من رأسه لنا انه لو نزعه من رأسه لغطاه وتغطية الرأس حرام ولأنه قول بعض التابعين وما تقدم من الروايات لو لبس مع الذكر وجب الفدية
بنفس الفعل سواء استدامة أو لم يستدمه على ما قلناه ولو نزع عقبيه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة أو لان ان استدامة اللبس أكثر النهار
وجبت الفدية وان كان أقل فلا فدية فقال اخر ان استدامه طول النهار وجب الفدية وإلا فلا لكن فيه صدقة وبالقولين روايتان عن أبي
يوسف لنا قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ومعناه من كان منكم مريضا فلبس أو تطيب
أو حلق بلا خلاف فعلق الفدية بنفس الفعل دون الاستدامة قال الشيخ (ره) ولان اسم اللبس صادق على القليل والكثير بالسوية فيتساويان في
الحكم المعلق عليه وقد مضى البحث مع أبي حنيفة فروع الأول لو نزعه من رأسه فعل حراما وهل يجب به الفدية ان قلنا إن يغطيه وجبت
الفدية للتغطية وإلا فلا الثاني لو لبس ثيابا كثيرة دفعة واحدة وجب عليه فداء واحد ولو كان في مرات متعددة وجب عليه لكل ثوب دم
لان لبس كل ثوب مغاير لبس الثوب الاخر فيقتضي كل واحد منهما مقتضاه من غير تداخل ولما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا
جعفر (ع) عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب فلبسها قال عليه لكل صنف منها فداء الثالث لو احتاج إلى اللبس فلبس وجب
عليه الفدية لأنه ترفه بمحظور لحاجة فكان عليه الفداء كما لو حلق رأسه لاذى اما لو اضطر إلى لبس الخفين والجوربين فليلبسها ولا شئ
عليه قال الشيخ (ره) واستدل بما رواه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال وأي محرم هلكت بغلاه فلم يكن له بغلان فلم يكن له بغلان فله ان
812

يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك والجوربين يلبسها إذا اضطر إلى لبسهما الرابع لو لبس قميصا وعمامة وخفين وسراويل وجب عليه لكل واحد فدية
لان الأصل عدم التداخل خلافا لأحمد الخامس إذا لبس ثم صبر ساعة ثم لبس شيئا اخر ثم لبس بعد ساعة أخرى أيضا وجب عليه عن كل لبسه كفارة
سواء كفر عن المتقدم أو لم يكفر قال الشيخ (ره) وقال الشافعي ان كفر عن الأول لزمه كفارة ثانية قولا واحدا وإن لم يكفر ففيها قولان قال في
القديم بالتداخل وبه قال محمد وقال في الأم والاملاء بالتقدر وعدم التداخل وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف لنا ان كل لبسه تستلزم كفارة اجماعا
فالتداخل يحتاج إلى دليل مسألة لو لبس ناسيا أو جاهلا ثم ذكر أو علم فنزع عليه فدية ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا والثوري ي والشافعي
واحمد واسحق وابن المنذر قال مالك عليه الفدية وبه قال أبو حنيفة والليث وهو رواية عن أحمد والثوري لنا ما رواه الجمهور عن معلى بن أمية
ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وهو بالجعرانة وعليه جبه وعليه اثر خلوق أو قال اثر صغره فقال يا رسول الله كيف تأمرني ان اصنع في عمرتي
قال اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك اثر الخلوق وقال اثر الخلوق أو قال اثر الصفرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك وفي رواية أخرى
يا رسول الله أحرمت بالعمرة وعلى هذه الجبة فلم يأمره بالفدية ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة بن أعين قا ل سمعت أبا جعفر (ع)
يقول من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو اكله طعاما لا ينبغي له اكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا
فليس عليه شئ ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة ولان الحج عبادة يجب بافسادها الكفارة فكان من محظوراته ما يفرق بين عمده وسهوه كالصوم
ولقوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولان الكفارة عقوبة فتستدعي ذنبا ولا ذنب مع النسيان احتج المخالف بأنه هتك
حرمة الاحرام فاستوى عمده وسهوه كحلق الشعر وتقليم الأظفار وقتل الصيد والجواب المنع من ثبوت الحكم في حلق الشعر وتقليم الأظفار أيضا على
ما يأتي سلمنا لكن حلق الشعر وتقليم الأظفار وقتل الصيد اتلاف لا يمكن تلافيه بخلاف صورة النزاع فإنه ترفه يمكن ازالته فتفرقا
فرع حكم الجاهل حكم الناسي على ما قلنا في حديث زرارة عن الباقر (ع) وكذا المكره لأنه غير مكلف فلا يحصل منه ذنب فلا يستحق
عقوبة ولان ما عفى عنه بالنسيان عفى عنه باكراه لاقترانهما في الحديث الدال على العفو عنهما ولو علم الجاهل
كان حكمه حكم الناسي إذا ذكر
مسألة ولو اضطر المحرم إلى لبس المخيط لاتقاء الحر أو البرد لبس وعليه شاة اما جواز اللبس فللضرورة الداعية إليه فلو لم يبيح لزم الحرج والضرر
واما الكفارة فللترفه بالمحظور فكان كحلق الرأس لاذى ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قا سألت أبا جعفر (ع)
عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب فلبسها قال عليه لكل صنف منها فداء البحث الثاني فيما يجب في استعمال الطيب مسألة
اجمع فقهاء الأمصار كافة على أن المحرم إذا تطيب عامدا وجب عليه دم لأنه طرفه بمحظور فلزمه الدم كما لو ترفه بحلق شعره أو تقليم أظفاره وروى ابن بابويه
في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال من اكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم وان كان ناسيا فلا شئ ويستغفر الله
ويتوب إليه إذا ثبت هذا فسواء استعمل الطيب اطلاء أو صبغا أو بخورا أو في الطعام وجب عليه الدم اجماعا ولا بأس بخلوق الكعبة على ما تقدم
وان كان فيه زعفران روى الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد الله (ع) المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة قال لا يضره
ولا يغسله وكذا الفواكه كالأترج والتفاح والرياحين على ما تقدم بيانه قال الشيخ (ره) في الخلاف ما عدا المسك والعنبر والكافور
والزعفران والورس والعود عندنا لا يتعلق به الكفارة إذا استعملها المحرم وخالف جميع الفقهاء في ذلك واو جبوا فيما عداها الكفارة مع الاستعمال
واستدل الشيخ (ره) على التخصيص باجماع الفرقة وبالأصل والاجماع لم يحققه والأصل انما يصار إليه إذا لم يوجد دليل شرعي وقد تقدم
البحث في ذلك كله مسألة والكفارة يتعلق باستعمال الطيب سواء طيب عضوا كاملا وبعضه ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي وقال
أبو حنيفة ان طيب عضوا كاملا وجب الفدية بدم والا الصدقة لنا عموم الأمة له فإنه كما يناول العضو الكامل بعمومها تناول بعضه على السوية
ولأنه تطيب بما يوجب فدية فكانت فدية كاملة كما لو طيب العضو كملا احتج أبو حنيفة بأنه ليس تطيب معتاد فلم يتعلق به الكفارة والجواب المنع من كونه غير
معتاد والناس مختلفون في ذلك مسألة ولا فرق بين الابتداء والاستدامة في وجوب الكفارة فلو تطيب ناسيا ثم ذكر وجب عليه إزالة
الطيب ولو لم يزله وجب عليه الدم لأنه فعل محظور فيلزمه ازالته وقطع استدامته فإذا لم يفعل وجب عليه الكفارة ولان الترفة تحصل بالاستدامة
ويجب على (العفوية؟) إذا ثبت هذا فان الكفارة يجب بنفس الفعل فلو تطيب ثم ازالته بسرعة وجب عليه الكفارة وإن لم يستدم الطيب ولا نعلم فيه خلافا
ووافقناها أبو حنيفة وان كان قد نازعنا في اللبس على ما تقدم وكذا يجب الكفارة يأكل طعام فيه طيب سواء مسته النار أولم تمسه وسواء بقي الطعام
على وصفه أو لم يبق على وصفه ولم يبق على ما تقدم بيانه وذكر الخلاف فيه فروع الأول إذا تطيب عامدا وجب عليه غسل الطيب عنه ويستحب له
ان يستعين في غسله بحلال لنا يباشر المحرم الطيب بنفسه ولو غسله بيده جاز لأنه ليس بمطيب بل هو تارك للطيب كالغاصب إذا خرج من الدار
المغصوبة على عدم الترك للغصب فإنه يكون تصرفا مأمورا به كذلك ههنا ولان النبي صلى الله عليه وآله قال للذي رأى عليه طيبا اغسل عنك الطيب
الثاني لو لم يجد ماء يغسل به ووجد ترابا فمسحه به أو بشئ من الحشيش أو ورق الشجر لان الواجب عليه ازالته يجب القدرة وهذا نهاية
813

قدرته الثالث لو لم يكن معه من الماء يكفيه لطهارته وغسل الطيب قدر غسل الطيب ويتمم لان الطهارة لها بدل فلو أمكنه قطع رايحته
الطيب شئ غير الماء فعليه وتوضأ بالماء مسألة يجوز له شراء الطيب وشبهه لأنه منع من الشم والأكل لا من الشراء إذ قد لا يقصد به
الاستعمال بل قد يقصد به التجارة وكذلك له ان يشتري المخيط ويشتري الحواري لان شراؤهن قد لا يقصد به الاستمتاع بل التجارة ففارق عقد النكاح
مسألة وانما تجب الفدية باستعمال الطيب عمدا فلو استعمله ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يكن عليه فدية ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي
وقال أبو حنيفة ومالك والمزني عليه الكفارة وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور ان أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله بالجعرانة وعليه مقطفة
له وهو متعمج؟؟ بالخلوق فقال يا رسول الله أحرمت وعلى هذه فقال له النبي صلى الله عليه وآله انزع الجبة واغسل الصفرة ولم يأمر بالفدية
ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال من اكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم وان كان
ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله ويتوب إليه وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله قال سألته عن رجل مس الطيب ناسيا وهو محرم قال
يغسل يديه ويلبي وفي خبر اخر ويستغفر ربه وروى ابن بابويه عن (؟) بن هارون قال قلت لأبي عبد الله (ع) أكلت خبيصا فيه زعفران حتى شبعت
منه وانا محرم فقال إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فاتبع بدرهم تمر وتصدق به فيكون بذلك ولما (؟) عليك في احرامك
مما لا تعلم وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) قال لا تمس شيئا من الطيب وأنت محرم ولا من الدهن واتق الطيب وامسك
على انفك من الريح الطيبة ولا تمسك عليها من الريح المنتنة فإنه لا ينبغي للمحرم ان يتلذذ بريح طيبة واتق الطيب في زادك فمن ابتلى بشئ
من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر سبعة يعني من الطعام وهذان الحديثان لا ينافيان الأخبار الدالة على وجوب الدم لأنهما محمولان على حال
الضرورة والحاجة إلى الاستعمال ويدل عليه قوله (ع) فمن ابتلى بشئ من ذلك فإنه يفهم منه الحاجة إلى ذلك ولان السهو يرفع التكليف فرفع العقوبة
ولان الحج عبادة شرعية تجب بافسادها كفارة فكان في محظوراته ما يفرق بين عمده وسهوه كالصوم احتج أبو حنيفة بأنه هتك حرمة الاحرام فاستوى
عمده وسهوه كحلق الشعر وتقليم الأظفار والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل وقد سلف البحث الثالث فيما يجب الادهان مسألة
قد بينا انه يحرم على المحرم استعمال الادهان الطيبة حال الاحرام فمن استعملها وجب عليه دم شاة رواه الشيخ (ره) في الصحيح عن معاوية ابن عمار
في محرم كانت به قرحه فدلواها؟؟ بدهن بنفسج قال ن كان معه بجهالة فعليه اطعام مسكين وان كان بعمد فعليه دم شاة يهريقه لكن معاوية لم يسند ها
إلى امام وهذه الرواية يدل على وجوب الكفارة وان اضطر إلى استعمال وبها افتى الشيخ (ره) ونحن فيها من المتوقفين ويمكن ان يعضد
استدلال الشيخ (ره) بهذه الرواية لما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال اتق قبل الدواب كلها ولا تمس شيئا من الطيب
ولا من الدهن في احرامك واتق الطيب في زادك وامسك على انفك من الريح الطيبة ولا تمسك من الريح المنتنة فإنه لا ينبغي ان يتلذذ بريح
طيبة فمن ابتلى بشئ من ذلك فليعد غسله وليتصدق بقدر ما صنع وهذا عايد إلى كل ما عدده (ع) فيقول لما وجبت الصدقة ووجبت
الشاة إذ كل من أوجب فديه أو جب الشاة إذا ثبت هذا فان الكفارة تجب لو فعل ذلك عمدا ما لو فعله نسيانا لم يكن عليه شئ البحث
الرابع فيما يجب في تغطية الرأس والتظليل مسألة ومن غطى رأسه وهو محرم وجب عليه دم شاة ولا نعلم فيه خلافا
وكذا لو ظلل على نفسه حال سيره فإنه يجب عليه الفدية عندنا وقد خالف فيه بعض الجمهور وقد سبق ويدل على وجوب الفدية انه ترفه
بمحظور فلزمه الفداء كما لو حلق رأسه وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل قال سألت أبا الحسن (ع) عن الظل والمحرم من اذى
مطر أو شمس فقال أرى ان يفديه بشاة يذبحها بمنى وفي الصحيح عن علي بن جعفر قال سالت أخي موسى (ع) اظلل وانا محرم فقال نعم وعليك
الكفارة قال فرأيت عليا (ع) ان قدم مكة ينحر بدنه للكفارة الظل وعن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا (ع) المحرم يظلل على محمله
ويفدي إذا كانت الشمس والمطر يضر به قال نعم قلت كم الفداء قال شاة مسألة ولو فعل ذلك للحاجة أو الضرورة وجب عليه الفداء
لأنه ترفه بمحظور فأشبه حلق الرأس لاذى ولما تقدم من الأحاديث فإنها تدل على الفدية مع الأذى وسواء غطى رأسه بمخيط أو بغيره أو طيبه
بطين أو ارتمس في الماء أو حمل ما يستره أو ستره بستر أو غير ذلك ولو فعل ذلك ناسيا أزاله إذا ذكر ولا شئ عليه ما تقدم ويدل عليه أيضا ما رواه
الشيخ في الصحيح عن حريز قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم غطى رأسه ناسيا قال يلقى القناع عن رأسه ويلبى ولا شئ عليه البحث
الخامس في كفارة حلق الرأس مسألة اجمع علماء الأمصار كافة على وجوب الفدية على المحرم إذا حلق رأسه متعمدا
والأصل فيه النص والاجماع قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من
صيام أو صدقة أو نسك وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لكعب بن عجزه لعلك آذاك هوامك قال نعم يا رسول الله فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين إذا نسك شاة وفي حديث اخر وأطعم ستة مساكين لكل
مسكين نصف صاع تمر وعن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال مر رسول الله صلى الله عليه وآله
814

كعب بن عجزة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه فقال أيؤذيك هو أمك فقال نعم قال فأنزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به اذى
من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فامره رسول الله صلى الله عليه وآله فحلق رأسه وجعل عليه الصيام ثلاثة أيام والصدقة على ستة
مساكين لكل مسكين مدان والنسك شاة ولان الاجماع واقع على وجوب الكفارة بالحلق مسألة والفدية يتعلق بمن حلق رأسه سواء كان لاذى
ولغير اذى لان الآية دلت على ايجاب الكفارة على من حلق الأذى وكذا الأحاديث فمن حلق لغير اذى كان وجوب الكفارة في حقه أولى
هذا إذا فعل ذلك عامدا اما لو حلق ناسيا فعندنا لا شئ عليه وبه قال اسحق وابن المنذر وقال الشافعي يجب عليه الفدية لنا قوله (ع)
رفع عن أمتي الخطأ والنسيان واما استكرهوا عليه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة بن أعين قال سمعت أبا جعفر
(ع) يقول من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو اكل طعاما لا ينبغي له اكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا
أو جاهلا فليس عليه شئ ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة ولأنه غير مكلف والا لزم التكليف بما لا يطاق فلا يستحق العقوبة احتج الشافعي بأنه اتلاف
فاستوى عمده وخطأه كقتل الصيد ولأنه يقال أوجب الفدية على من حلق رأسه لاذى وهو معذور تنبيهان على وجوبها على المعذور نوع آخر كمن
يحلق موضع الحجامة والجواب عن الأول بالفرق بين الصيد وإزالة الشعر فان قتل الصيد وان شارك الحلق في التحريم الا انه فارقه بنوع
اخر فان فيه إضاعة للمال واتلاف للحيوان فايدة إذا اكله حرام حينئذ وتعذيبا له بخلاف الحلق وإذا سقط العقوبة عن اذى المذنبين لم يلزم
سقوطها عن أعلاهما بحيث يتحفظ المكلف من قتل الصيد غاية التحفظ فإنه إذا علم وجوب الكفارة على القتل خطأ بالغ في الاستحفاظ وعن
الثاني ان الناسي معذور وليس عذره كعذر من حلق الأذى والمحجة لأنه ناس غير قاصد لمصلحة بخلاف من حلق الأذى فان فعله لمصلحته والترفه
به يوجب عليه الفدية اما الجاهل فقال الشيخ (ره) يجب عليه الفداء أو عندي فيه نظر فان حديث زرارة يدل على سقوط الكفارة عنه والنائم
في حكم الساهي فلو قلع النايم شعره أو قربه من النار فأحرقت لم تلزمه الكفارة عندنا خلاف للشافعي مسألة والكفارة هي أحد
الثلاثة اما الصيام والصدقة أو الدم مخيرا فيها أيها شاء فعل سواء كان لعذر أو لغير عذر ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال مالك والشافعي
وقال أبو حنيفة أيها فخيره ان كان الحلق لاذى وان كان لغير اذى وجب الدم تعيينا وعن أحمد روايتان لنا ان الآية دلت على الوجوب لصفة
التخيير فلا يجب التعيين المنافي ولان الحكم ثبت في غير المعذور بطريق التنبيه تبعا له والتبع لا يخالف أصله ولان كل كفارة ثبت التخيير فيها إذا
كان سببها مباحا ثبت التخيير فيها إذا كان محظورا كجزاء الصيد فإنه فرق في قبله للضرورة إلى اكله أو لغير
الضرورة احتج أبو حنيفة بان الله تعالى
خير بشرط العذر فإذا عدم الشرط وجب زوال التخيير الجواب ان الشرط لجواز الحلق لا للتخيير فروع الأول يجزى البر والشعير والزبيب
في الفدية لان كل موضع اجزاء فيه التمر اجزاء فيه ذلك كالفطرة وكفارة اليمين وفي حديث كعب بن عجزه قال فدعاني رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال لي احلق رأسك وأطعم ستة مساكين فرقا من زبيب أو نسك بشاة رواه الجمهور الثاني المشهور ان الاطعام الذي هو أحد
هذه الثلاثة انما هو على ستة مساكين لكل مسكين نصف متاع وبه قال مجاهد والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وفي قول آخر لنا ان الصدقة
على عشرة مساكين وبه قال الحسن وعكرمة وهو مروي عن الثوري وأصحاب الرأي اما الأول فيدل عليه ما رواه الجمهور في حديث كعب بن عجز ة أو أطعم
ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وفي لفظ اخر أو أطعم فرقا بين ستة مساكين وفي رواية اخر أو أطعم ستة مساكين من كل مسكين نصف
صاع وفي لفظ اخر فصم ثلاثة أيام وإن شئت فتصدق بثلاثة أصيع من تمر عن ستة مساكين بين ستة مساكين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ
في الصحيح عن حريز عن الصادق (ع) في حديث كعب بن عجزة وجعل عليه الصيام ثلاثة أيام والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان والنسك شاة
واما الثاني فاستدل عليه بعض أصحابنا بما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال قال الله تعالى في كتابه فمن كان منكم مريضا
أو به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فمن عرض له وجع أو اذى فتعاطي ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا فالصيام ثلاثة أيام
والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام والنسك شاة يذبحها فيأكل ويطعم وانما عليه واحد من ذلك قال الشيخ (ره) الوجه فيها
التخيير لان الانسان مخبر بين ان يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدين وبين أو يطعم عشر مساكين قدر شبعهم ولا ينافي بينهما وأكد الرواية
الأولى بما رواه زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال إذ حضر الرجل فبعث هديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فإنه يذبح شاة مكان الذي أحصر فيه
أو يصوم أو يتصدق على ستة مساكين والصوم ثلاثة أيام ولا يجب الزيادة عليها ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو قول عامة أهل العلم الا الحسن البصري
وعكرمة ونافع فإنهم قالوا الصيام عشرة أيام وهو مروي عن الثوري وأصحاب الرأي لنا ما رواه الجمهور في حديث كعب بن عجزه احلق رأسك
وصم ثلاثة أيام ومن طريق الخاصة ما تقدم من الروايات مع أن الأصل براءة الذمة الثالث الفدية يجب بما ينطلق عليه اسم حلق الرأس
وقد مضى البحث فيه والخلاف مسألة لا فرق بين شعر الرأس وبين شعر سائر البدن في وجوب الفدية وان اختلف مقاديرها على ما يأتي
ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي وقال أهل الظاهر لا يجب في شعر غير الرأس لنا انهما متساويان في الترفه وحصول التنظيف فاشتركا في العقوبة
815

بل الترفه بحلق شعر البدن أكثر احتجوا بقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم والجواب وجوب الكفارة بحلق الرأس لا ينافي وجوبها بغيره مع أن القياس يدل عليه وهو عندي
من أصول الأدلة مسألة إذا نتف إبطيه جميعا وجبت عليه دم شاة ولو نتف إبطا واحدا وجب عليه اطعام ثلاثة مساكين وقال أهل الظاهر لا فدية
عليه وأوجب الشافعي واحمد في نتف ثلث شعرات أو أربع الدم على ما تقدم في شعر الرأس لنا ان الدم في الرأس انما يجب لحلقه أو ما يسمى حلق الرأس وهو غالب
مساو للإبطين معا اما الواحد فلا وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا
أو جاهلا فلا شئ عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم وفي الصحيح عن حريز عن أبي جعفر (ع) قال إذا نتف الرجل إبطه بعد الاحرام فعليه دم وعن عبد الله بن
جميله عن أبي عبد الله (ع) في محرم نتف إبطه قال يطعم ثلاثة مساكين قال الشيخ (ره) انه محمول على من نتف إبطا واحدا الا ان الأول متوجه
الا من نتف إبطيه جميعا مسألة لو مس رأسه أو لحيته فسقط منها شئ من الشعر أطعم كفا من الطعام ولو فعل ذلك في وضوء الصلاة لم يكن عليه شئ
روى الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في المحرم إذا مس لحيته فوقع منه شعر قال يطعم كفا من طعام أو كفين وفي الصحيح عن معاوية بن
عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) في المحرم يعبث بلحيته فيسقطه منه الشعر والبنتان قال يطعم شيئا وفي الصحيح عن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله (ع)
إذا وضع أحدكم يده على رأسه ولحيته وهو محرم فليسقط شئ من الشعر فليتصدق شئ من الشعر فليتصدق بكف من طعام أو بكف من سويق ويدل على
سقوط الكفارة إذا مسها في حال الوضوء واجب ولا يمكن الا يمسه للرأس واللحية فلو وجبت الكفارة بما يسقط من الشعر بذلك لزم الضرورة رواه
الشيخ عن عروة اليمني قال سأل رجل أبا عبد الله (ع) ان المحرم يريد إسباغ الوضوء فيسقط من لحيته الشعر والشعرتان فقال ليس عليه شئ ما
جعل عليكم في الدين من حرج وعن جعفر بن بشير والمفضل بن عمر قال دخل الساحي على أبي عبد الله (ع) فقال أبو عبد الله (ع) لقد
مست لحيتي فسقط عشر شعرات ما كان على شئ وروى الشيخ عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يتناول لحيته وهو محرم
يعبث بها فينتف منها الطامات يبنى في يده خطا أو عمدا فقال لا يضره قال الشيخ (ره) يزيد بعدم الضرر عدم العقاب اما الكفارة فلا بد منها لما
رواه الحسن بن هارون قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني أولع بلحيتي وانا محرم فسقط منها شعرات قال إذا فرغت من احرامك فاشتر بدرهم تمرا
وتصدق به فان تمرة خير من شعره مسألة اختلف قول الشيخ (ره) في المحرم هل له ان يحلق رأس المحل فجوزه في الخلاف ولا ضمان
وبه قال الشافعي وعطا ومجاهد واسحق وأبو ثور وقال في التهذيب لا يجوز له ذلك وبه قال مالك وأبو حنيفة وأوجبا عليه الضمان وهو عند أبي
حنيفة صدقة احتج الشيخ في الخلاف بان الأصل براءة الذمة ولم يوجد دليل على الشغل واحتج في التهذيب بما رواه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال قال لا تأخذ الحرام من شعر الحلال فروع الأول لو قلع جلده عليها شعر لم يكن عليه ضمان لان زوال الشعر
بالتبعية فلا يكون مضمونا كما لو قلع أشفار عيني غيره فإنه لا يضمن إحداهما الثاني لو خلل شعره فان كانت ميتة فالوجه انه لا فدية
فيها ولو كانت من شعره النابت وجبت الفدية ولو شك فيها لم يكن عليه ضمان عملا بالأصل الثالث من بريد حلق رأسه لاذى فإنه
يباح له ذلك لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية معناه فليحلق أو ليلبس وعليه فدية
بلا خلاف إذا ثبت هذا فإنه يتخير بين التكفير قبل الحلق وبعده لما رواه الجمهور ان الحسين بن علي (ع) اشتكى رأسه فاتي (ع) فقيل له
هذا الحسين يشير إلى رأسه فدعى نحر فنحر ها ثم حلقه فهو بالسقيا ولأنها كفارة فجاز تقديمها كالظهار الرابع قد بينا ان الصدقة
على ستة مساكين والشاة يفرق على المساكين ولا يجوز ان يأكل منها شئ لأنها كفارة فيجب دفعها إلى المساكين كغير ها من الكفارات و
يؤيده ما رواه ابن بابويه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث كعب والنسك شاة لم يطعم منها أحد الا المساكين الخامس روى ابن
بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المحرم يعبث بلحيته فيسقط منها الشعرة والثنتان قال يطعم شيئا
وفي اخر مدين من طعام أو كفين وعن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله (ع) إذا وضع أحد كم يده على رأسه وعلى لحيته وهو محرم فسقط
شئ من الشعر فليتصدق بكف من كفك أو سويق البحث السادس في كفارة قص الأظفار مسألة اجمع فقهاء
الأمصار كافة على أن المحرم ممنوع من قص أظفاره واتفق جمهورهم على وجوب الفدية ذهب إليه علماؤنا وبه قال عمار ومالك والشافعي واحمد وأبو ثور
وأصحاب الرأي وعطا في إحدى الروايتين وعنه رواية أخرى انه لا فدية فيه لنا انه أزال مانع من ازالته لأجل التنظيف فوجبت الفدية كحلق
الشعر احتج عطا بان الشرع لم يرد فيه فديه ولا يجب عليه والجواب المنع من عدم ورود الشرع بها على ما يأتي مع أن القياس أصل عنده يثبت به
الاحكام وقد دل على الوجوب كما قاس شعر البدن على شعر الرأس مسألة وفي الظفر الواحد مدين من طعام ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال
احمد والشافعي ثلاثة أقوال هذا أحدها والثاني عليه درهم والثالث ثلث دم لان لادم يجب عنده في ثلاثة أظفار ان الشارع عدل عن الحيوان
إلى الطعام في جزا الصيد وههنا أوجب الاطعام مع الحيوان على وجه التخير لأنه لا فرق بين القلم والحلق اجماعا فيجب ان يرجع إلى الاطعام
فيما لا يجب فيه الدم ويجب المد لأنه أقل ما وجب بالشرع فدية ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل
816

قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم قال عليه كل ظفر قيمة مد من طعام حتى يبلغ عشرا وعن الحلبي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن محرم قلم أظافيره قال عليه
مد في كل إصبع فان هو قلم أظافيره عشرتها فان عليه دم شاة مسألة وفي الظفر ين مدان وكذا في
الثلاثة ثلاثة امداد وبالجملة ففي كل ظفر مد
حتى يبلغ عشرة أظفار يديه فيجب عليه دم شاة قاله علماؤنا وقال أبو حنيفة ان قلم خمس أصابع من يد واحدة لزمه الدم ولو قلم من كل يد أربعة أظفار لم يجب عليه
دم بل يجب الصدقة وكذا لو قلم يد واحدة الا بعض الظفر لم يجب الدم وبالجملة فالدم عنده انما يجب تقليم أظفار يد واحدة كاملة وهو رواية لنا
وقال الشافعي ان قلم ثلاثة أظفار وفي مجلس واحد وجب الدم ولو كانت في ثلاثة أوقات متفرقة ففي كل ظفر الأقوال الثلاثة ولا نقول إنه يجب الدم
عند التكامل وفي أصحابه من قا ل عليه دم وليس هو المذهب عندهم وقال محمد إذا قص خمسة أظفار من يدين أو رجلين أو منهما أو من واحدة
منهما وجب الدم لنا ان الأصل براءة الذمة من الدم فلا يثبت الا بدليل ولم يوجد مما ذكروه وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله
(ع) قال فان قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة وفي حديث الحلبي عنه قال عليه مد في كل إصبع فان هو قلم أظافيره عشرتها فان عليه دم شاة
احتج الشافعي بأنه قلم ما يقع عليه اسم الجمع فأشبه ما لو قلم خمسا من كل واحدة أو العشر معا واحتج أبو حنيفة بأنه لم يستكمل منفعة اليد من التزيين و
الارتفاق الكامل اما الارتفاق فلا يحصل وكذا التزيين لأنه يحصل به الشين في الأعين بخلاف الواحدة لأنه كامل في الارتفاق والتزيين
واحتج محمد بأنه ربع وزيادة قصار كقص يد واحدة ورجل واحدة والجواب عن الأول بالمنع من تعلق الدم بما يقع عليه اسم الجمع ولا يلزم من
وجوب الدم لا على الذنبين وجوبه لأوتادهما كقص الظفرين وعن الثاني بالتسليم فانا نقول بموجبه ونقول ان التزيين والارتفاق
الكامل انما يحصل بقص اليدين والرجلين اما بعض واحدة منهما فلا وعن الثالث بالمنع من الحكم في الأصل وقد روى الشيخ في الصيح عن
حريز عن أبي عبد الله (ع) في المحرم ينسى فيقلم ظفرا من أظافيره قال يتصدق بكف من طعام قلت فاثنين فقال كفين قلت فثلث قال ثلث
اكف لكل ظفر كف حتى يصير خمسة فإذا قلم خمسة فعليه دم واحد خمسة كان أو عشرة وما كان قاله الشيخ (ره) الوجه في هذه الرواية الحمل على
الاستحباب ويعضد انه (ع) ثبت الكفارة مع النسيان وقد ثبت ان النسيان يسقط الكفارة لما رواه في الصحيح عن أبي حمزة قال سألت
عن رجل قص أظافيره الا إصبعا واحدة قال نسي قلت نعم قال لا بأس في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال من قلم أظفاره ناسيا أو ساهيا
أو جاهلا فلا شئ عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم وناول الرواية أيضا باحتمال ان يضيف إلى الأظفار الخمسة بقلم اليد الأخرى لأنه ليس في ظاهر
الرواية وجوب الدم على من قلم خمسة أظفار ولم يرد عليها وهذا التأويل ردي فروع الأول الكفارة انما تجب على من قلم أظفاره
عامدا ولو فعل ذلك ناسيا لم يكن عليه شئ وكذا لو فعله جاهلا قاله علماؤنا وبه قال اسحق وابن المنذر واحمد وقال الشافعي يجب على
الناسي الكفارة كالعامد لنا قوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما تقدم في حديث زرارة وأبي حمزه وما رواه
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يأكل شيئا من الصيد وان صاده حلال وليس عليك فداء لشئ اتيته وأنت محرم جاهلا به إذا كنت
محرما في حجك ولا عزتك الا الصيد عليك الفداء بجهل كان أو عمد الحديث احتج الشافعي بأنه اتلاف فاستوى عمده وخطأه كالصيد والجواب
الفرق وقد مضى الثاني لو قص بعض الظفر وجب عليه ما يجب في جميعه لان الفدية يجب بقص الظفر سواء طال أو قصر لعدم التقدير فيه
فصار كالوصمة تجب في الصفير وما يجب في الكبيرة الثالث لو قص أظافير يديه ورجليه معا فان اتحد المجلس وجب دم واحد وان كان في مجلسين
وجب دمان لان الدم يجب بالعشرين واما مع اتحاد المجلس فإنه بمنزلة اليدين ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
قلت له فان قلم أظافير رجليه ويديه جميعا قال إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم وان كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان
مسألة من افتى غيره بتقليم ظفره فقلمه فأدماه وجب على المفتي دم شاة لأنه الأصل في إدامة الدم فكانت الفدية عليه ويدل عليه
ما رواه الشيخ عن إسحاق الصيرفي قال قلت لأبي إبراهيم (ع) ان رجلا أحرم فقلم أظفاره وكانت إصبع له عليه له فترك ظفرها لم يقصد فأفتاه
رجل بعدما أحرم فقصه فأدماه قال على الذي أفتاه شاة وروى ابن بابويه في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) انه سأله
رجل نسي ان يقلم أظافيره عند الاحرام حتى أحرم قال بدعها قلت فان رجلا من أصحابنا أفتاه ان يقلم أظافيره ويعيد احرامه ففعل قال
عليه دم البحث السابع في قتل هوام الجسد مسألة ويجب برمي القملة عن جسده المحرم أو قتلها كف من طعام
وقال أصحاب الرأي يتصدق بهما كان وقال اسحق يتصدق بتمره وقال مالك حفنة من طعام قال عطا كقولنا وقال سعيد بن جبير وطاوس وأبو ثور
وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لا شئ عليه لنا انه حصل به الترفه والتنظيف فوجب عليه الفدية كحلق الرأس وما رواه الشيخ عن حسين بن أبي
العلاء عن أبي عبد الله (ع) فان المحرم لأنزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمدا وان قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم كأنها طعاما
قبضه يده وفي الصحيح عن حماد بن عيسى قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم وينثر القملة من جسده فيلقيها قال يطعم مكانها طعاما
وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألته عن المحرم نزع القملة عن جسده ويلقيها قال يطعمه مكانها طعاما وعن الحلبي قال حككت رأسي وانا محرم
817

فوقع منه قملات فأردت بردهن فنهاني وقال تصدق بكف من طعام اي ما روى عن ابن عباس انه سأل عن محرم القى قملة ثم
طلبها فلم يجدها فقال تلك ضالا لا ينبغي والجواب انه غير دال على عدم الفداء وقد روى الشيخ عن مروة بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن المحرم يلقى القملة فقال ألقوها الله غير محمودة ولا مقصودة في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) المحرم يحك
رأسه فتقع منه القملة والثنتان قال لا شئ عليه ولا يعود قلت كيف يحك رأسه قال بأظافيره ما لم يدم ولا يقطع الشعر وفي الصحيح عن معاوية قال
قلت لأبي عبد الله (ع) ما يقول في محرم قتل قمله قال لا شئ عليه في القملة ولا ينبغي ان يتعمد قبلها قال الشيخ (ره) هذه الرواية محموله على
الرخصة في جواز القتل مع الأذى وان وجبت الكفارة وقوله (ع) ليس عليك شئ يريد نفي العقاب أو لا شئ عليه مقدر كثيره من الكفارات المقدرة
إذا ثبت هذا فان الكفارة تجب في العمد والسهو والخطأ كالصيد للرواية البحث الثامن فيما يجب بقطع الشجرة الحرم مسألة
يحرم قطع شجرة الحرم في قول أهل العلم كافة ويجب في الكبيرة بقرة وفي الصغيرة شاة وفي أبعاضها قيمة قاله الشيخ (ره) وممن أو جب الضمان الشافعي
واحمد وأصحاب الرأي وهو مروي عن أبي عباس وعطا وقال مالك لا ضمان فيه لنا انه امر فيجب به الضمان كالصيد قال (ع) لا يختلا خلاها
ولا يعضد شجرها وما رواه ابن عباس أنه قال في الدوحة بقرة وفي الجزء له شاة وعن ابن الزبير قال الكبيرة بقرة وفي الصغيرة شاة ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن موسى بن القسم قال روى أصحابنا عن أحدهما (ع) قال إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم ولم ينزع فان أراد
ن ينزعها نزعها وكفر بذبح بقرة فيصدق بلحمها على المساكين وعندي في ذلك توقف والرواية منقطعة السند والأصل براءة الذمة احتج
مالك بان قطع شجر الحل لا يوجب الجزاء على المحرم فكذا قطع الشجر الحرم لان ما حرم بالاحرام لا يتفاوت كالصيد والجواب ان هتك
حرمة الحرم يحصل في الفرع دون الأصل فافترقا إذا ثبت هذا فان الكفارة ان قلنا بوجوبها ما قلناه وبه قال الشافعي واحمد وقال أصحاب الرأي
يضمن الجميع بالقيمة لنا ما تقدم من الروايات فإنها كما دلت على الكفارة دلت على قدرها احتج أبو حنيفة بأنه لا مقدر فيه فأشبه الحشيش والجواب المنع
من عدم التقدير وقد قلنا البحث التاسع فيما يجب في الصيد وفيه مطالب الأول في وجوب الجزاء اعلم انا قد بينا ان المحرم
يحرم عليه الصيد وبينا ان الصيد المحرم انما هو صيد البر وهو الحيوان (؟) وقبل يشترط ان يكون مباحا وقد تقدم إذا ثبت فالصيد
ينقسم قسمين الأول ما يجب به كفارة معينة وتلك الكفارة بدل على النصوص إذا لم توجد الكفارة انتقل المكلف إلى ذلك البدل الثاني
ما ليس للكفارة بدل والأول خمسة أقسام الأول النعامة الثاني بقرة الوحش وحمار الوحش الثالث الظبى الرابع بيض النعامة الخامس القطا
والقيح وتأتي على جميع ذلك انشاء الله تعالى مسألة اجمع علماء الأمصار على وجوب الجزاء على قتل الصيد للمحرم وقال الله تعالى يا أيها الذين
آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ولا نعلم أحدا خالف فيه سواء قتله متعمدا أو سهوا أو خطأ
الا الحسن البصري ومجاهد فإنهما قالا إن قتله متعمدا ذاكرا لاحرامه لاجزاء عليه وان كان مخطيا أو ناسيا لاحرامه فعليه الجزاء وهذا خلاف
القران العزيز لأنه تعالى علق الكفارة على القتل عمدا والذاكر لاحرامه متعمد ثم قال في سياق الآية ليذوق وبال امره والساهي والمخطي لا عقاب
عليه ولا ذم ولا نعرف لهذين دليلا مع أنهما خرقا الاجماع وخالفا نص القران فلا اعتداد بقولهما مسألة ولا خلاف في وجوب الكفارة
بالصيد على الناسي اما العامد فقد بيناه ودليلنا على وجوب الكفارة عليه بالقران والاجماع فان الخاطي فان الكفارة تجب عليه أيضا
ذهب إليه علماؤنا وبه قال الحسن البصري وعطا والنخعي ومالك والثوري وأصحاب الرأي والزهري وقال ابن عباس لا كفارة على الخاطي في قتل الصيد
وقال سعيد بن جبير وطاوس وابن المنذر وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن جابر قال جعل رسول الله صلى الله عليه وآله في ضبع يصيد المحرم
كبشا وقال (ع) في بيض النعام يصيد المحرم ثمنه ولم يفرق (ع) العامد والخاطي ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد
قال سئلت أبا الحسن (ع) عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطا أو عمدا هم فيه سواء قال لا قلت جعلت فداك ما تقول في رجل أصاب صيد ا بجهالة
وهو محرم قال عليه الكفارة قلت فان اصابه خطا قال فأي شئ الخطأ عند قلت يرمي هذه النخلة فيصيب نخلة أخرى فقال نعم هذه الخطاء وعليه الكفارة
قلت فان اخذ ظبيا متعمدا فذبحه محرم قال عليه الكفارة قلت جعلت فداك الست قلت إن الخطأ والجهالة والعمد ليس بسواء فأي شئ يفضل المتعمد الخاطي
قال بأنه اثم ولعب بدينه ولأنه ضمان اتلاف فاستوى عمده وخطأه كمال الادمي احتج المخالف بقوله تعالى فمن قتل منكم متعمدا ولان الأصل
براءة الذمة ولأنه محظور الاحرام لا يفسد فيجب التفرقة بين الخطأ فيه والعمد كاللبس والطيب والجواب عن الأول انه غير دال على مطلوبكم
الا بدليل الخطأ وهو ليس حجة عند المحققين وعن الثاني بان الأصل يزول مع ظهور الأدلة وقد بيناها وعن الثاني بالفرق بان القتل
اتلاف واللبس ترفه فافترقا مسألة ولو تكرر الصيد فإن كان المحرم ناسيا تكررت الكفارة اجماعا وان كان متعمدا فللشيخ قولان
أحدهما انه يجب الجزاء في أول مرة ولا يجب في الثاني كفارة وبه قال ابن بابويه وهو مروي عن ابن عباس وبه قال شريح والحسن البصري
وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتادة واحمد في إحدى الروايات والقول الاخر للشيخ (ره) تكرر الكفارة بتكرار السبب وهو قول أكثر أهل
818

العلم وبه قال عطا والثوري والشافعي واسحق وابن المنذر وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايات ولأحمد رواية بالسراية ان كفر عن الأول
وجبت الكفارة في الثاني وإلا فلا والحق عندنا ما ذهب الأكثر لنا قوله تعالى فمن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم وهو يتناول
المبتدي والعامد وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله جعل في الضبع بصيده المحرم كبشا ولم يفرق بين العامد والمبتدي فيجب شمول الحكم لهما ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في المحرم يصيد الصيد قال عليه الكفارة في كل ما أصاب وفي الصحيح عن ابن أبي عمرو عن معاوية بن
عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) محرم أصاب صيدا قال عليه الكفارة قلت فإنه عاد قال عليه كما عاد كفارة وفي الصحيح عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن (ع)
عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطا أو عمدا هم فيه سواء قال لا قال جعلت فداك ما يقول في رجل أصاب صيدا بجهالة وهو محرم قال عليه الكفارة
قلت فان اصابه خطأ قال عليه الكفارة فان اخذت طيبا فذبحه دل عليه الكفارة قال قلت جعلت فداك الست قلت إن الخطأ والجهالة والعمد ليس سواء
فبأي شئ يفصل المتعمد الخاطي قال بأنه اثم ولعب بدينه ولو انفصل العامد عن الساهي والخاطي شئ غير ذلك لوجب على الإمام (ع) ان يبينه لأنه وقت
الحاجة ولأنها بدل متلف يجب فيه المثل والقسمة فأشبه مال الادمي ولأنها كفارة عن قتل فاستوى فيها المبتدي والعامد كقتل الادمي احتج الشيخ (ره)
على قوله بعد التكرار بقوله تعالى ومن عاد فينقم الله منه دل على أن الأول للمبتدي ولا جعل الانتقام مجازاة على الفور دليل على سقوط الكفارة
ولأنه لم يوجب جزاء وما رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين فان عاد فقتل
صيدا اخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم الله منه والنقمة في الآخرة وفي الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أصاب
المحرم الصيد خطا فعليه كفارة فان اصابه ثانية خطا فعليه الكفارة ابدا إذا كان خطأ فان اصابه متعمدا كان عليه الكفارة فان اصابه ثانيه
متعمدا فهو ممن ينتقم الله منه ولم يكن عليه الكفارة احتج احمد بأنه ان كفر عن الأول فعليه للثاني كفارة وإلا فلا لأنها كفارة يجب بفعل محظور
في الاحرام فيتداخل جزاؤها قبل التكفير كاللبس والطيب والجواب عن الأول ان الآية دلت على وجوب الجزاء على العامد بعمومها وذكر
العقوبة لا ينافي الوجوب ولا يلزم ان يكون الآية مقصورة على الابتداء بذكر العود لان الحكم إذا علق إلى امر عامل شامل لشيئين واختص أحدهما
بحكم اخر جاز ذكر ذلك الأخص تارة بالتضمين وتارة بالمطابقة وجعل الانتقام مجازاة على العود لا يقتضي ان يكون هو كل المجازاة والحديثان
الآخران معارضان بما تقدم ومع ذلك فيحتمل حملها على نفي الكفارة لا غير إذ الكفارة هذا القيد بنفيه عن العايد اجماعا بخلاف الابتداء بل
الواجب في العايد الكفارة والانتقام معاد هذا التأويل وان بعد لكن الجمع بين الأدلة أولى مسألة ويجب الجزاء على القاتل للضرورة
وذلك أن من أبيح له اكل الصيد فإنه يذبحه اجماعا بغير خلاف ولقوله تعالى فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وترك الأكل مع القدرة عند الضرورة القاء
بيده إلى التهلكة فيكون منهيا عنه فيكون الأكل مأمورا به إذا ثبت هذا فان هذا المضطر يباح له قتل الصيد للضرورة ويجب عليه الفداء وقال
الأوزاعي لا يضمنه لنا عموم قوله تعالى فمن قتل منكم متعمدا فجزاؤه مثل ما قتل من النعم وهن يتناول المضطر وغيره ولأنه قتل من غير معين يحدث نفيه
من الصيد فمضى قبله فضمنه كغيره ولأنه أتلفه لنفعه ودفع الأذى عنه وكان عليه الكفارة كحلق الرأس ولما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي
عبد الله (ع) قال سألت عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل قال يأكل من الصيد ما يجب ان يأكل من ماله قلت بلى قال انما عليه
الفداء فليأكل وليفده احتج الأوزاعي فإنه يباح أشبه صيد البحر والجواب الإباحة لا تستلزم عدم الكفارة كما في حلق الرأس ولا فرق بين صيد
البر وصيد البحر موجود قال صيد البحر لم يتناوله حرمة الاحرام ولا المحرم فلا يجب الكفارة به بخلاف صيد
البحر مسألة إذا ضال عليه صيد
قلم يقدر على دفعه الا بقتل سباع له قتله اجماعا وهل يجب عليه الجزاء أم لا الوجه انه لا يجب وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة عليه الضمان
لنا انه التحق بالمؤذي طبعا فوجب سقوط الضمان فيه كالكلب العقور ولأنه حيوان قتله لدفع شره فلم يضمنه كالآدمي والصال احتج أبو حنيفة انه
قتله لحاجة الأكل والجواب الفرق فان القتل هنا لدفع الأذى بخلاف قتله للأكل فإنه لجلب النفع وإذا افتر قا لم يجز الالحاق إذا ثبت هذا فلا فرق
بين ان يخاف منه والتلف أو الحرج أو اتلاف المال مسألة لو خلص صيدا من سبع أو شبكه أو اخذه ليخلص من رجله خيطا ونحوه فتلف بذلك
كان عليه الضمان وبه قال قتادة وقال عطا لا ضمان عليه وللشافعي قولان لنا عموم الأدلة الواردة بوجوب الجزاء ولان غاية ذلك أنه عده القصد
إلى قتله لكن مجرد عدم القصد إلى القتل لا يسقط الضمان بالقتل كقتل الخطأ واحتج المخالف بأنه فعل أبيح لحاجة الحيوان فلا يضمن ما يتلف به كما لو وادي
ولي الصبي الصبي فمات والجواب انه مشروط بالسلامة مسألة إذا قتل المحرم صيد ا مملوكا لغيره لزمه الجزاء لله تعالى والقيمة لمالكه وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة وقال مالك والمزني لا يجب الجزاء بقتل الصيد المملوك لنا عموم قوله تعالى ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم هو يتناول
النزاع كما يتناول صورة الانفاق مسألة الجزاء واجب على المحرم سواء كان احرامه للحج أو للعمرة وسواء كان الحج تمتعا أو قرانا أو افراد أو سواء
كانا واجبين أو مندوبين أو صحيحين أو عرض لهما الفساد عملا بالعمومات ولا نعرف قيمة خلا t ا ولو كان الصيد في الحرم وتجرد عن الاحرام
ضمن ولو كان محرما قضى عنه الجزاء وقال الشافعي صيد الحرم مثل صيد الاحرام يتخير فيه بين ثلاثة أشياء المثل والاطعام والصور فيما لا مثل له يخير
819

بين ثلاثة أشياء المثل والاطعام الصور فيما لا مثل له يتخير بين الصوم والاطعام وقال أبو حنيفة لا يدخل للصوم في ضمان صيد الحرم وسيأتي البحث
في ذلك انشاء الله تعالى المطلب الثاني في مقدار الكفارة في قتل الصيد وفيه قسمان القسم الأول لكفارته بدل على الخصوص ومباحثه خمسة
الأول فيما يجب بقتل النعامة مسألة دلالة الصيد يضمن بمثلها من النعم في قول أكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة الواجب القيمة لنا قوله
تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله جعل في الضبع كبشا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي الصباح
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل في الصيد ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم قال في الظبي شاة وفي حمار وحش بقرة وفي
النعامة جزور احتج أبو حنيفة بان الصيد ليس بمثلي فيجب القيمة ويجوز صرفها في المثل والجواب المماثلة الحقيقة غير مراده هنا لامتناعها بين الصيد
والنعم لكن أريدت المماثلة من حيث الصورة فان النعامة تشبيه البدنة ولان الصحابة حكموا في الحيوانات بأمثالها فحكم (ع) وزيد بن ثابت وعمر
وعثمان وابن عباس وجماعة في النعامة ببدنة وحكم أبو عبيده وابن عبا س في حمار الوحش ببدنه وحكم عمر فيه ببقرة وحكم علي (ع) وعمر في
الضبع بشاة وهذه الأحكام في الأزمنة المختلفة والأوقات المتباعدة والأماكن المتباينة يدل على أنه ليس على وجه لامتناع اتفاقها في شئ
واحد ولأنه لو كان على وجه القيمة لاعتبر وصف المتلف التي يختلف القيمة بها اما بنقل اخبار أو المشاهدة ولم ينقل عن أحد الصحابة ذلك ولم
يسألوا عنه حال الحكم مع أنهم حكموا في الحمامة بشاة ولا يبلغ الحمامة في القيمة الشاة غالبا مسألة ما يثبت فيه والنص مفديا لتبع اما
من النبي صلى الله عليه وآله ومن الأئمة (عل) أو من الصحابة الذين يجب اتباعهم ولا يجب استيناف الحكم وبه قال عطا والشافعي واسحق واحمد وقال
مالك يستأنف الحكم لنا ان من قول من ذكرنا حجة وهم اعرف من غير هم وأزيد وأبصرنا لعلم فكان قولهم حجه على غير هم كالعامي بالنسية إلى العالم
أحج مالك بقوله تعالى يحكم به ذوا عدل منكم والجواب التقدير ثبوت الحكم مسألة وقد ثبت ان جماعة من الصحابة حكموا في النعامة
ببدنه وهو قول علماؤنا اجمع فمن قتل نعامه وهو محرم وجب عليه جزور وبه قال عطا ومجاهد ومالك والشافعي واحمد وأكثر العلماء وقال
أبو حنيفة يجب القيمة وهو محكي عن النخعي لنا قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وما رواه الجمهور عن علي (ع) انه حكم منها ببدنه وكذلك جماعة من
الصحابة سميناهم فيما مضى ومن طريق الخاصة حديث أبي الصباح عن الصادق (ع) وفي النعامة جزور وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله
(ع) قال في قول الله تعالى عز وجل فجزاء مثل ما قتل من النعم قال في النعامة بدنه وعن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال في النعامة
بدنه ولان النعامة تشبه البعير في خلقه فكان مثلا لها فتدخل في عموم النص وقد مضى احتجاج أبي حنيفة وجوابه مسألة ولو لم يجد البدنة
وفض ثمنها على البر وأطعم كل مسكين نصف صاع به قال الشافعي واحمد وقال مالك يقوم الصيد لا المثل لنا قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من
النعم على قراءة من قراء بالخفي؟ وهو يقتضي ان يكون الجزاء بدلا عن المثل النعم لان تقديرها بمثل ما قتل من النعم وما رواه الشيخ عن أبي عبيدة
عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب المحرم الصيد قوم جزاؤه من النعم دراهم ثم قومت
الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فان لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته
عن قوله أو عدل ذلك صياما قال عدل الهدى ما بلغ يتصدق به فان لم يكن فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما ولان كل متلف وجب
فيه المثل إذا قوم لزمت قيمة مثله كالمثلي من مال الادمي احتج مالك ان التقديم إذا وجب لأجل الاتلاف قوم المتلف كالذي لا مثل له
مسألة ولو لم يجد الاطعام قوم الجزور بدراهم والدراهم بطعام على ما قلنا ه وصام عن كل نصف صاع يوما وبه قال ابن عباس والحسن
البصري والنخعي والثوري وأصحاب الرأي وابن المنذر وقال عطا يصوم عن كل مد يوما وهو قول الشيخ (ره) وبه قال مالك والشافعي وعن أحمد
روايتان لنا ان صوم اليوم بدل عن نصف صاع في غير هذه الصورة فيكون كذلك هنا ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله (ع) قال فان
لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما احتجوا بان الله تعالى جعل اليوم في كفارة الظهار في مقابلة اطعام المسكين فكذا هنا والجواب النص
مقدم على القياس وقد روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) من أصاب شيئا فداؤه بدنه من الإبل فان لم يجد ما يشتري
بدنه فأراد أن يتصدق فعليه ان يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدان فان لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما فكان كل عشر مساكين
ثلاثة أيام الحديث مسألة واختلف علماؤنا في كفارة جزاء الصيد فقال بعضهم انها على الترتيب اختاره المفيد (ره) وبه قال ابن
عباس والثوري وابن سيرين ونقله أبو ثور عن الشافعي في القديم وقال آخرون من علمائنا انها على التخيير وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي
وللشيخ قولان وعن أحمد روايتان وعن أحمد رواية ثالثة انه لا طعام في الكفارة وانما ذكر في الآية ليدل به الصيام لان من قدر على الاطعام
قدر على الذبح وهو قول الشافعي مروي عن عباس لنا قوله تعالى هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ووضع أو
للتخيير قال ابن عباس كل شئ أو فهو مخير واما ما كان فان لم يجد فهو الأول رواه الجمهور من طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح
عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال كل شئ في القران أو فصاحته بالخيار يختار ما يشاء وكل شئ في القران فمن لم يجد فعليه كذلك فالأول
820

بالخيار ولأنها كفارة اتلاف عطف بنقض خصالها على البعض بأمر فكان التخير ثابتا فيها ككفارة اذى الحلق ولأنها فدية يجب لفعل محظور فكان
مخيرا بين ثلثها كفدية الأذى احتج الشيخ (ره) بقول الصادق (ع) في روايات معدودة فان لم يقدر على ذلك يعني الذبح قوم جزاء الصيد
ويتصدق بثمنه على المساكين ثم قال فان لم يقدر صام بدل كل صاع يوما وذلك يدل على الترتيب ولان هدى المتعة على الترتيب وهذا أوكد منه
لأنه يفعل محظور والجواب عن الأول لأنه وان دل ظاهرا على الترتيب لكن يحتمل عدمه اما الأفضلية المقدم أو لغير ذلك فيحتمل على غير الترتيب
جمعا بين الأدلة وعن الثاني انه ينتقض بكفارة اذى الحلق الرأس على أن لفظ النص صريح في التخيير فلا يعدل عنه إلى القياس المبطل له
وقول احمد ضعيف جدا لأنه تعالى يسمى الاطعام كفارة ولو لم يجد اخراجه لم يكن كفارة وجعله طعام للمساكين وما لا يجوز صرفه إليهم
لا يكون طعاما لهم ولأنه عطف الطعام على الهدى ثم عطف الصوم عليه ولو لم يكن خصلة من خصالها لم يجز ذلك قيمة ولأنه كفارة ذي
الطعام فيها فكان من خصالها كساير الكفارات ولا نسلم ان من قدر على الاطعام قدر على الذبح لامكان تعذره اما لتعذر المذبوح أو لعلاء
الشعر أو لغير ذلك وبالجملة فكلام احمد في غاية السقوط مسألة ولو راد قيمة الفداء على اطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف
صاع لم يلزمه الزايد واجزاؤه اطعام ستين ولو نقص عن اطعام الستين لم يجب عليه الا كمال بل اجزاؤه وان كان ناقصا وكذا لو زاد عن الطعام
على صيام ستين يوما لكل يوم نصف صاع لم يجب عليه الصوم الزايد على الستين ولو نقص اجزاء الناقص ولا يجب؟ الصوم وخالف فيه
الجمهور لأنهم لم يعتبروا ذلك لنا لها كفارة فلا تزيد عن اطعام ستين ولا على صيام ستين يوما لأنها على مراتب الكفارة وما رواه الشيخ في الحسن
عن جميل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) في المحرم قتل نعامة عليه بدنه فان لم يجد فإطعام ستين مسكينا فان كانت قيمة البدنة أقل
من اطعام ستين مسكينا لم يكن عليه الا قيمة البدنة وروى ابن بابويه في الصحيح عن جميل عن محمد بن مسلم وزرارة عن أبي عبد الله (ع)
في محرم قتل نعامة قال عليه بدنه فان لم يجد فإطعام ستين مسكينا فان كانت قيمة البدنة أكثر من اطعام ستين مسكينا لم يزد على اطعام ستين مسكينا
وان كانت قيمة البدنة أقل من طعام ستين مسكينا لم يكن عليه الا قيمة البدنة فرع لو بقي ما لا يعدل يوما كربع الصاع كان عليه صيام يوم كامل
وبه قال عطا والنخعي وحماد والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لان صيام اليوم لا تبعيض والسقوط غير ممكن لشغل ذمته فيجب اكمال
اليوم مسألة ولو عجز عن الأصناف الثلاثة في البدنة واطعام ستين وصيام شهرين صام ثمانية عشر يوما لان صيام ثلاثة أيام بدل
عن اطعام عشر مساكين في كفارة اليمين مع العجز عن الاطعام فيكون كذلك ههنا ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال
سألته عن محرم أصاب نعامة قال عليه بدنه قال قلت فان لم يقدر على بدنه ما عليه قال يطعم ستين مسكينا قلت فان لم يقدر على ما يتصدق به قال فليصم
ثمانية عشر يوما الحديث وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) من أصاب شيئا فداؤه بدنه قال قلت فان لم يقدر على بدنه
ما عليه قال يطعم ستين مسكينا فان لم يقدر على ما يتصدق به قال فليصم ثمانية عشر يوما الحديث في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله
من أصاب من الإبل فان لم يجد ما يشتري بدنه فأراد أن يتصدق فعليه ان يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدان فان لم يقدر
على ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام الحديث وروى ابن بابويه عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم أصاب
نعامة وحمار وحش قال عليه بدنه قلت فان لم يقدر على ما يتصدق به ما عليه قال فليصم ثمانية عشر يوما الحديث وعن الحسن بن محبوب عن داود
الرقي عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يكون عليه بدنه واجبة في فداء فقال إذا لم يجد فسبع شياة فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة
أو في منزله مسألة وفي فراخ النعامة قولان لعلمائنا أحدهما من صغار الإبل قال المفيد (ره) وبه قال الشافعي واحمد والثاني فيه ما في
النعامة سواء قال الشيخ (ره) وبه قال مالك والأول أقوى والثاني أحوط لنا قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم ومثل الصغير صغير
ولان الفرخ من الحمام يضمن بثمنه على ما يأتي فكذا الفرخ من النعم ولان ما ضمن باليد والجناية اختلف زمانه
بالصغر والكبر كالبهيمة احتج
الشيخ بما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) في قوم حجاج محرمين أصابوا أفراخ نعام فأكلوا جميعا قال عليهم مكان كل فرخ بدنه
يشتركون فيها جمعا فيشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال ولان الله تعالى قال هديا بالغ الكعبة ولا يجزي في الهدى صغيرا ولأنها كفارة
متعلقة بقتل حيوان فلم يختلف تعجل صغيره وكبيرة كالآدمي والجواب عن الأول انه متناول الصغيرة والكبيرة وعن الثاني ان الهدى مقيدا
بالمثل فقد اجمع العلماء على الضمان بما لا يصلح في الهدى كالعقاب والجدي عن الثالث ان كفارة الادمي ليست بدلا عنه ولا تجري أيضا مجرى
الضمان لأنه لا ينتقض في أبعاضه البحث الثاني في كفارة قتل حمار الوحش وبقرته مسألة يجب في حمار الوحش بقرة
قال علماؤنا وهو مروي عن عمر وبه قال عروة ومجاهد والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى عليه بدنه وهو مروي عن أبي
عبيده وان عباس وهو رواية لنا وبه قال عطا والنخعي وقال أبو حنيفة يجب القيمة وقد مضى البحث فيه لنا ان مماثلة حمار الوحش للبقرة
أقوى من مماثلة البدنة فتكون البقرة هي الواجبة ولان الأصل براءة الذمة وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قلت فان
821

أصاب بقرة وحش أو حمار وحش ما عليه قال عليه بقرة وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله قال لي قول الله عز وجل فجزاء ما قتل من النعم قال في النعامة
بدنه وفي حمار الوحش بقرة وفي الظبي شاة وفي البقرة بقرة وفي الصحيح عن أبي الصباح عن أبي عبد الله (ع) قال وفي حمار الوحش بقرة مسألة
وفي بقرة الوحش بقرة قال علماؤنا وهو مروي عن ابن مسعود وعطا وعروة وقتادة والشافعي ولا نعلم فيه خلافا الامن أبي حنيفة لان الصحابة رفعوا
فيها على ذلك ولأنها مشابهها لها في الصورة وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم أصاب
نعامة أو حمار وحش قال عليه بدنه قلت فان لم يقدر قال يطعم ستين مسكينا قلت فان لم يقدر على ما يتصدق به ما عليه قال فليصم ثمانية عشر يوما
قلت فان أصاب بقرة ما عليه قال عليه بقرة وروى الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) وفي البقرة بقرة وعن سليمان بن خالد قال قال
أبو عبد الله (ع) في الظبي شاة وفي البقرة بقرة وفي الحمار بدنه وفي النعامة بدنه الحديث وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قلت فان أصاب
بقرة أو حمار وحش ما عليه قال بقرة مسألة ولو لم يجد البقرة في جزاء حمار الوحش وبقرة قوم ثمنها بدراهم وفضة على الحنطة وأطعم كل
مسكين نصف صاع ولا يجب عليه ما زاد على اطعام ثلثين مسكينا ولا اتمام ما نقص عنه قاله علماؤنا اجمع وقال مالك انما يقوم الصيد وقد سلف
البحث فيه ويدل على التقويم ما تقدم في حديث أبو عبيدة عن أبي عبد الله (ع) قال إذ أصاب المحرم صيدا ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي
أصاب فيه الصيد قوم جزاء من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فان لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما
ويدل على التقدير ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قلت فان أصاب بقرة وحش أو حمار وحش ما عليه قال عليه بقرة قلت فان لم يقدر
على بقرة قال فليطعم ثلثين مسكينا وفي الصحيح عن حماد وابن أبي عمير وفضالة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) وقال كان عليه فداء شئ
من الصيد فداؤه بقرة فان لم يجد فليطعم ثلثين مسكينا ولان المراد من اللحم صرفة إلى المساكين لينتفعوا به في الاعتداء فيقوم البر مقامه من
عدمه لحصول الغرض به مسألة ولو لم يمكن من الاطعام صام ثلثين يوما كل يوم بإزاء نصف صاع ولو لم يبلغ الاطعام ذلك لم يكن
عليه الاكمال ولو فضل لم يجب عليه الزيادة عن ثلثين لأنه قد ثبت ذلك في كفارة النعامة فعلم أن صوم اليوم مقابل النصف الصاع فيكون كذلك هنا
وما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم جزاؤه من النعم دراهم ثم
قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فان لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته
عن قوله أو عدل ذلك صياما قال عدل الهدى ما بلغ يتصدق به فان لم يكن فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين مسألة ولا خلاف في هذه
الأصناف الثلاثة من كونها مرتبة أو مخيرة كما مضى في جزاء النعامة ولو لم يتمكن من هذه الأصناف صام تسعة أيام لأنه ثبت في كفارة اليمين ان صوم
ثلاثة أيام بدل عن طعام عشرة مساكين مع العجز فكنا ههنا وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قلت فان لم يقدر على بقرة قال
فليطعم ثلثين مسكينا قلت فان لم يقدر على ما يتصدق به قال فليصم تسعة أيام وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ومن
كان عليه قدرا شئ من الصيد فداؤه بقرة فان لم يجد فليطعم ثلثين مسكينا فان لم يجد فليصم تسعة أيام البحث الثالث في كفارة
الظبي والثعلب والأرنب مسألة وفي الظبي شاة ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال علي (ع) وعطا وعروة وعمر بن الخظاب
والشافعي واحمد وابن المنذر وقال أبو حنيفة الواجب القيمة لنا انه قول من سميناه من الصحابة ولم نعلم لهم مخالف فكان حجة وما رواه الجمهور
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال وفي الظبي شاة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي الصباح عن أبي عبد الله (ع)
قال في الظبي شاة وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) وكذا حديث سليمان بن خالد عنه (ع) وقد مضى البحث مع أبي حنيفة مسألة فان
عجز عن الشاة قوم ثمنها دراهم وفضة على البر وأطعم عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع ولو زاد التقويم عن ذلك لم يجد عليه الزيادة
على الطعام العشرة ولو نقص لم يجب عليه الاكمال لأنه قد ثبت ان الاطعام لعشرة مساكين مساو للشاة في اليمين واذى الحلق وغير هما
فيكون هنا كذلك وما رواه الشيخ عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي
أصاب فيه قوم جزاء من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فان لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع وعن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن قوله أو عدل ذلك صياما قال عدل الهدى ما بلغ يتصدق به فان لم يكن فليصم بقدر ما بلغ
لكل طعام مسكين يوما مسألة والخلاف هنا في ترتيب هذه الأصناف الثلاثة أو تخييرها كالخلاف فيما تقدم ولو عجز عن الشاة واطعام
عشرة مساكين وصوم عشرة أيام صام ثلاثة أيام لأنه قد ثبت انها بدل في كفارة اليمين عن اطعام عشرة مساكين وكذا في كفارة الأذى فيكون
بدلا هنا وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في كفارة الظبي قلت فان لم يجد شاة قال فعليه اطعام عشرة مساكين قلت فان
لم يقدر على ما يتصدق به قال فعليه صيام ثلاثة أيام وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم
عشرة مساكين فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج مسألة وفي الثعلب شاة رواه الشيخ عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل
822

قتل قال عليه دم قلت فأرينا قال مثل ما في الثعلب إذا ثبت هذا فقال قوم ان في الثعلب مثل ما في الظبي ويثبت ويمكن الاحتجاج عليه بقول الصادق (ع) ورواية معاوية بن عمار
ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وقوله (ع) في حديث أبي عبيدة إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من
موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم جزاؤه من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فان لم يقدر على الطعام صام لكل نصف
صاع يوما وفي حديث محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في تفسير قوله تعالى أو عدل ذلك صياما قال عدل الهدى ما بلغ يتصدق به فان لم يكن فليصم بقدر
ما بلغ لكل طعام مسكين يوما ونحن في هذا من المتوقفين مسألة وفي الذئب شاة ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا وابن عباس فيه حمل
وقال الشافعي فيه عناق وهو الأنثى من الولد المعز في أول سنة والذكر جدي لنا انه كالثعلب فيكون جزاؤه مساويا لجزائه ولان الشاة أعلى ما
ذكروا فيكون أحوط ولما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد قال سألت أبا الحسن (ع) عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا فقال في الأرنب شاة وفي
رواية أبي بصير عن الصادق (ع) في الأرنب ما في الثعلب وروى ابن بابويه في الصحيح عن ابن مسكان عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن الأرنب يصيبه المحرم فقال شاة هديا بالغ الكعبة إذا عرفت هذا فقال قوم من أصحابنا النافية أيضا مثل ما في الظبي ويمكن الاحتجاج
عليه مثل ما احتججنا لهم في الثعلب والتوقف هناك آت ههنا البحث الرابع في كفارة كسر بيض النعام مسألة إذا كسر
المحرم بيضة نعامة فإن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه ان يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد البيض فما نتج كان هديا لبيت الله تعالى ذهب إليه
علماؤنا وقال الشافعي يجب عليه قيمة البيض وبه قال عمر بن الخطاب وابن مسعود والنخعي والزهري وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي وقال مالك يجب
في البيضة عشر قيمة الصيد وقال داود وأهل الظاهر لا شئ في البيض لنا انه مع التحرك يكون قد قيل فرخ نعامة فيكون عليه مثل الإبل ومع
عدمه يحتمل الفساد والصحة فكان منه ما يقابله من القاء المني في رحم الأنثى المحتمل الفساد والصحة وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد
الله (ع) قال من أصاب بيض نعام وهو مخرم فعليه ان يرسل الفحل في مثل عدة البيض من الإبل فإنه ربما فسد كله وربما حلق كله وربما صلح
بعضه وفسد بعضه فما نتجت فهديا بالغ الكعبة وروى الشيخ ان رجلا سأل أمير المؤمنين (ع) فقال يا أمير المؤمنين اني خرجت محرما فوطيت
ناقتي بيض نعام فكسرت فهل على كفارة فقال أمير المؤمنين (ع) فسال ابني الحسن (ع) عنها وكان بحيث يسمع كلامه فتقدم إليه الرجل فسأله
فقال يجب عليه ان يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما انكسر من البيض فما نتج فهو هدى لبيت الله عز وجل فقال له أمير المؤمنين (ع) فقال
له صدقت يا بني ثم تلا ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ويدل على وجوب انكاره مع التحرك ما تقدم وما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد
قال قال أبو عبد الله (ع) في كتاب علي (ع) في بيض القطاة بكارة من النعم إذا اصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل وهذه الرواية
وان دلت على وجوب البكارة مطلقا لكن نحن نقيدها بالتحرك جمعا بين الأدلة وبما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى
(ع) قال سألت عن رجل كسر بيض نعامة وفي البيض فراخ قد تحرك فقال (ع) لكل فرخ تحرك بعير ينحره في المنحر احتج المخالف بان البيض لا
مثل له فيجب قيمة القيمة ولأنه روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه والجواب عن الأول بالمنع من عدم المثلية إذ المثل
هنا ليس المثل الحقيقي على ما قلناه وعن الثاني انه مرسل لا اعتداد به وقول مالك لا حجة عليه وقول داود مناف الاجماع مسألة والاعتبار
في العدد بالإناث فيجب لكل بيضة أنثى فلو كسر عشر أوجب عليها يرسل في عشر إناث ولو كان ذكر ا واحد اجزاه لان الانتاج مأخوذ من الإناث ويؤيده ما رواه
الشيخ في الصحيح عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم وطي بيضة نعام فشدخها قال قضى فيها أمير المؤمنين (ع) ان
يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث فما لفح وسلم كان النتاج هديا بالغ الكعبة مسألة ولا فرق بين ان يكسره بنفسه أو بدايته
لأنه سبب بالاتلاف فكان عليه ضمانه ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) قال ما وطيته أو أوطيته
أو رايتك وأنت محرم فعليك فداؤه مسألة ولو لم يتمكن من الإبل كان عليه عن كل بيضه شاة فان لم يجد كان عن كل بيضة اطعام عشرة
مساكين لكل مسكين مد فان لم يجد كان عليه صيام ثلاثة أيام لأنها يثبت ابدالا في كفارات متعددة فيكون كذلك ها هنا ويدل عليه ما رواه
الشيخ عن علي بن حمزة عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل أصاب بيض نعامة وهو محرم قال يرسل الفحل في الإبل على عدد البيض قلت فان
البيض يفسد كله ويصلح كله قال نتج الهدى فهو هدى بالغ الكعبة وإن لم ينتج فليس عليه شئ فمن لم يجد إبلا
فعليه لكل بيضة شاة فان لم يجد فالصدقة
على عشر مساكين لكل مسكين مد فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيام فروع الأول لو كسر بيضة فيها فرخ ميت لم يكن عليه شئ وكذا
لو كان البيض فاسدا وقال بعض الجمهور عليه القيمة لان للعشر قيمة وليس بمعتمد لأنه بمنزلة الخشب والحجر وسائر ماله قيمة من غير الصيد ولهذا
لو ثقب بيضه فاخرج ما فيها اجمع ضمنها لو جاء اخر بعد كسرها لم يكن عليه شئ ويؤيده ما رواه علي بن حمزة عن أبي الحسن (ع) لما أو جب
الارسال قلت فان البيض يفسد كله ويصلح كله قال ما ينتج الهدى فهو هدى بالغ الكعبة فان لم ينتج فليس عليه شئ الثاني أو باض الطير على فراش محرم
823

فنقله إلى موضعه فنفر الطير فلم يحصبه قال الشيخ (ره) يلزمه الجزاء واستدل بعموم الأخبار الواردة في هذا المعنى وللشافعي قولان الثالث
لو كسر بيضة فرخ منها فرخ حي عاش لم يكن عليه شئ ولو مات كان فيه ما في صغير النعام البحث الخامس في كسر بيض القطاة
والقيح مسئلة إذا كسر المحرم بيضة من بيض القطاة أو القيح فإن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه من كل بيضة مخاض من النعم وإن لم
يكن قد تحرك فيه الفرخ كان عليه ان يرسل فحوله الغنم في إناثها بعدد البيض فما أنتج كان هديا لبيت الله تعالى وقال الجمهور عليه القيمة وقدمنا
ذلك فيما تقدم ويدل عليه ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال سألناه عن محرم وطأ بيض القطاة فشدخه قال يرسل
الفحل في مثل عدد البيض من النعم كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل وعن رباط عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال سألته
عن بيض القطا قال يصنع فيه من النعم كما يصنع في بيض النعام في الإبل ويدل على وجوب المخاض من النعم مع التحرك انه بيض تحرك فيه الفرخ
فكان عليه صغير من ذلك النوع كما في بيض النعام وما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد قال قال أبو عبد الله (ع) في كتاب علي (ع)
في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا اصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل وعن سليمان بن خالد قال سألته عن رجل وطا بيضة
قطاة فشدخه قال يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد بيض من الإبل ومن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم قال الشيخ (ره)
قوله ومن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم لا ينافي الاخبار الأدلة لان المخاض انما يلزمه على التعيين إذا كان في البيض فرخ كما قلنا في
بيض النعام انما يلزمه البدنة إذا كان فيه الفرخ ويدل على المساواة ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) في كتاب علي
(ع) في بيض القطاة بكارة مثل ما في بيض النعام مسألة ولو لم يتمكن من الارسال قال الشيخ (ره) كان حكمه حكم بيض النعام
سواء قال ابن إدريس يريد انه إذا لم يتمكن من الارسال وجب عليه عن كل بيضة شاة ولا استبعاد فيه إذا قام الدليل عليه ثم قاله شيخنا المفيد
في مقنعته ومن وطأ بيض نعام وهو محرم فكره كان عليه ان يرسل فحولة الإبل على إناثها بعدد ما كسر من البيض كما ينتج منها كان المنتوج هديا
لبيت الله عز وجل فان لم يقدر على ذلك كفر عن كل بيضة اطعام ستين مسكينا فان لم يجد الاطعام صام عن كل بيضة شهرين متتابعين
فان لم يستطع صيام شهرين متتابعين صام ثمانية عشر يوما عوضا عن اطعام كل عشرة مساكين بصيام ثلاثة أيام فان وطي بيض القبح
والدراج أرسل فحولة الغنم على إناثها بعدد المكسور من البيض فما نتج كان هديا لبيت الله عز وجل فان لم يجد ذبح عن كل بيضة شاة فان لم
يجد أطعم عن كل بيضة عشرة مساكين فان لم يقدر على ذلك صام عن كل بيضة ثلاثة أيام قال شيخنا المفيد عليه الرحمة لم يجعل حكمه حكم
بيض النعام مع تعذر الارسال وعندي في ذلك تردد فان الشاة يجب مع تحرك الفرخ لا غير بل ولا تجب شاة كاملة بل صغيرة على ما بينا
فكيف يجب الشاة الكاملة مع عدم التحرك وامكان فساده وعدم خروج الفرخ منه والأقرب مقصود الشيخ (ره) بمساواته لبيض النعام في
وجوب الصدقة على عشرة مساكين أو الصيام ثلاثة أيام إذا لم يتمكن من الاطعام القسم الثاني فيما لابد له الخصوص ومباحثة اثنان
الأول الحمام وهو طاير مهدر بان تواتر صوته ويعب الماء بان يضع منقاره فيه فيكرع كما يكرع الشاة ولا يأخذ قطرة قطرة بمنقاره
كالدجاج والعصافير وقال الكناني كل مطبوق حمام في الحجل حمام لأنه مطوق ويدخل في الأول الفواخت والوراشين والقمري والدبسي والقطا
إذا ثبت هذا فنقول في كل حمامة شاة ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال علي (ع) وعمر وعثمان وابن عمار وابن عباس ونافع بن عبد الحرث فإنهم
حكموا في حمام الحرم بكل حمامه شاة وبه قال سعيد بن المسيب وعطا وعروة وقتادة والشافعي واحمد واسحق وقال أبو حنيفة ومالك فيه القيمة
الا مالكا وافق في حمام الحرم لما قلناه دون حمام الحرم لنا ان من سميناه من الصحابة كل حمامة شاة ولا يكرع الماء كالشاة فكانت شبهة بها
وما رواه الشيخ في الحسن عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال المحرم إذا أصاب حمامه ففيها شاة وعن مالك ما رواه الجمهور عن ابن عباس
انه قضى في الحمام حال الحرام بشاة ولا مخالف له من الصحابة ولأنها حمامه لحق الله تعالى فضمنت شاة كحمامة الحرم ولان الشاة مثلها في الحرم
فيكون كذلك في الاحرام لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم احتج أبو حنيفة بان الحمام لا مثل لها صحب القيمة واحتج مالك بان
القياس يقتضي القيمة في كل الطير تركناه في حمام الحرم لقضاء الصحابة فبقي ما عداه على الأصل والجواب عن الأول انا قد بينا ان المماثلة في الصورة
والحقيقة غير مراده بل ما شابهها شرعا وقد بينا ان الشارع حكم في الحمامة بشاة مع قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم فدل على ثبوت المماثلة
الشرعية بينهما وهو الجواب عن الثاني مسألة والشاة يجب بقتل المحرم للحمامة اما المحل لو قتلها في الحرم فإنه يجب عليه القيمة وهي
درهم نص عليه علماؤنا روى الشيخ في الصحيح عن حفص عن أبي عبد الله (ع) قال في الحمامة درهم وانما قلنا هذا مما يجب على المحل لما رواه
الشيخ عن ابن فضيل عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل قتل حمامه من حمام الحرم وهو غير محرم قال عليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو
يشتري طعاما لحمام الحرم وعن منصور قال حدثني صاحب لبايعه قال كنت أمشي في بعض طرق مكة فلقيني انسان فقال لي اذبح هذين الطيرين
فذبحتها ناسيا وانا حلال ثم سألت أبا عبد الله (ع) فقال عليك الثمن وفي الصحيح عن عبد الله بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله (ع)
824

عن فرخين ميسر؟ ين ذبحتهما وانا بمكة محل فقال لي لم ذبحتهما قلت جاءتني بهما جارية قوما من أهل مكة فسألتني ان أذبحهما لهما فظننت
اني بالكوفة ولم أذكر اني بالحرم فذبحتهما فقال تصدق بثمنهما قلت كم ثمنهما قال درهم خير من ثمنهما مسألة لو كانت القيمة أزيد من درهم
أو انقص هل يجب القيمة أو الدرهم الأقرب وجوب الدرهم لا غير عملا بالنصوص مع احتمال ان يكون سبب التنصيص بلوغ الحمامة درهما وقت السؤال
ولهذا أطلق في بعض الاخبار وجوب الثمن من غير تقدير بغير متعين والأحوط وجوب الزايد من الامرين من القيمة والدرهم لكن الاشكال في وجوبه
مع اطلاق الأصحاب وجوب الدرهم ولم يلتفتوا إلى القيمة السوقية أحد القماري والدباسي والفواخت من أجناس الحمام ففي كل واحدة شاة وما دون ذلك
قيمة القيمة لما رواه سليمان بن خالد عن الصادق (ع) فيما سوى ذلك قيمته مسألة ولو كان القاتل للحمام محرما في الحرم وجب عليه الجزاء و
القيمة معا فيجب عليه عن كل حمامة شاة ودرهم لأنه هتك الحرم والاحرام فكان عليه فداؤهما معا ولان الحرم في الحل يجب عليه شاة والحل
في الحرم يجب عليه درهم فيحتجان في حق من اجتمع فيه الوصفان إذا قتل الحل والاحلال لا تأثير له في الوجوب بل في السقوط ولما رواه الشيخ عن
ابن فضيل عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو غير محرم قال عليه قيمتها من هو درهم يتصدق به أو يشتري
طعام لحمام الحرم وان قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمام وعن ابن مسكان وأبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن
محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم قال فقال عليه شاة قلت فإنه قتلها في جوف الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة قلت فان قتلها في الحرم وهو
حلال قال عليه ثمنها ليس غيره مسألة ولو قتل فرخا من فراخ الحمام وجبت عليه حمل قد فطم ووعى من الشجر ان كان محرما لأنا قد بينا
فيما تقدم ان في الصغير من الصيد صغيرا من الجزاء تحقيق للمماثلة وعملا بالأصالة للبرائة ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن حريز عن أبي
عبد الله (ع) أنه قال المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة فان قتل فراخه ففيه حمل وان وطئ البيض فعليه درهم وفي الصحيح عن ابن سنان
عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في محرم ذبح طير ان عليه دم شاة يهريقه فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضان وعن أبي بصير عن أبي عبدا
الله (ع) قلت فمن قتل فرخا من فراخ الحمام وهو محرم قال عليه حمل مسألة ولو قتل فرخا محل في الحرم كان عليه نصف درهم ولو
كان محرما في الحرم وجب عليه الجزاء والقيمة معا فيجب عليه حمل ونصف درهم لكل فرخ لان الدرهم يجب في الحمامة فيجب دونه فيما هو أصغر
منها كالجزاء وما رواه الشيخ في الصحيح عن حفص عن أبي عبد الله (ع) قال في الحمامة درهم وفي الفرخ نصف درهم وفي البيض ربع درهم
وإذا ثبت ان الدرهم يجب عليه القاتل في الحرم ويجب الشاة على المحرم ينافي بين اجتماع الوصفين ولا الحكمين وجبا معا على المحرم القاتل في الحرم تحقيقا للعلة ولما تقدم مسألة إذا كسر المحرم بيض الحمام ولم يكن قد تحرك فيه الفرخ وجب عليه عن كل بيضه درهم وان
كان قد تحرك فيه الفرخ وجب عليه عن كل بيضة حمل هذا إذا كان في الحل لما رواه عن حريز في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال وان وطي البيض
فعليه درهم وفي الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال وان وطي المحرم بيضة فكسرها فعليه درهم كل هذا يتصدق بمكة ومنى وهو قول الله تعالى
تناله أيديكم ورماحكم أما إذا كان الكافر محلا في الحرم فان عليه لكل بيضة ربع درهم لقوله (ع) وفي البيض ربع درهم ولو كان به الكافر محرما وفي
الحرم وجب عليه درهم وربع لما بينا من وجوب كل واحد منهما على الحرم في الحل والمحل في الحرم وامكان اجتماع الوصفين وفي رواية يزيد بن
خليفة قال سأل أبو عبد الله (ع) وانا عنده فقال إن غلامي طرح مكيالا في منزلي وفيه بيضتين من طير حمام الحرم وقيمة البيضتين قيمة
الطير سواء وعن يزيد بن خليفة عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له كان في بيتي مكيل فيه بيض حمام الحرم فذهب غلامي فكب المكيل وهو لا يعلم أن
فيه بيضا فكسره فخرجت فلقيت عبد الله بن الحسن فذكرت ذلك له فقال تصدق بكفين من دقيق قال ثم لقيت أبا عبد الله (ع) فأخبرني
فقال ثمن طيرين تطعم به حمام الحرم فلقيت عبد الله بن الحسن بعد ذلك فأخبرته فقال صدق فخذ به فإنه اخذ عن ابائه ويدل على حال اعتباره
حال البيض ووجوب الحمل مع التحرك ان الحمل واجب بقتل الفرخ والتقدير وجوده وما رواه الشيخ عن الحلبي عن عبيد الله قال حرك الغلام
مكيلا فكسر بيضتين في الحرم فسألت أبا عبد الله (ع) فقال جديين أو حملين وانما حملناه على التحرك توفيقا بين الأدلة وتنزيلا على
ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل كسر بيض الحمام وفي البيض فرخ قد تحرك فقال عليه ان يتصدق
عن كل فرخ قد تحرك بشاة ويتصدق بلحومها ان كان محرما وان كان الفراخ لم يتحرك يتصدق بقيمته ورقا اشترى به علفها يطرحه لحمام
الحرم مسألة ولا فرق بين حمام الحرم والأهلي في القيمة إذا قتل في الحرم الا ان حمام الحرم يشتري بقيمته علفا لحمامه والأهلي يتصدق
بثمنه على المساكين لا نعلم فيه خلافا إلا عن داود أنه قال لاجزاء في صيد الحرم لان الأصل براءة الذمة ولم يرد فيه نص فيبقى على حاله وهو
خطأ فانا قد قدمنا هنا ان أربعة من الصحابة حكموا في حمام الحرم بشاة شاة ولأنه صيد ممنوع لحق الله تعالى فأشبه الصيد في الحرم وما
رواه الشيخ عن ابن فضيل عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل قتل حمامه من الحرم وهو غير محرم قال عليه قيمتها وهو درهم يتصدق به
أو يشتري طعام لحمام الحرم وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول في حمام مكة الأهلي غير حمام الحرم من ذبح
825

منه طيرا وهو غير محرم فعليه ان يتصدق فإن كان محرما فشاة عن كل طير وفي الصحيح عن محمد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل اهدى إليه
حمام أهلي حتى به وهو في الحرم محل قال إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه وعن حماد بن عثمن قال قلت لأبي عبد الله (ع)
رجل أصاب طيرين واحد من حمام الحرم والاخر من غير حمام الحرم قال يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم ويتصدق
بجزء الاخر البحث الثاني في كفارة القطايا وما يتبعه مسألة في كل واحد من القطا والحجل والدراج حمل قد فطم
ورعى من الشجر والحمل ما أتى عليه أربعة أشهر فان أربعة أشهر يسمون ولد الظأن حملا وأوجب ابن عباس وجابر وعطا شاة لنا ما رواه
الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال وجدنا في كتاب علي (ع) في القطاة إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن
واكل من الشجر وعن سليمان بن خالد عن أبي جعفر (ع) قال في كتب علي (ع) من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم
مسألة وفي العصفور والصعوة والقبرة وما شابهها مد من طعام قال أكثر علمائنا وقال علي بن بابويه (ره) في رسالته
في الطاير جميعه دم شاة ما عدا النعامة فان فيها جزورا وقال داود لا يضمن ما كان أصغر من الحمام لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم هذا
لا مثل له وليس له وليس يجد لعموم قوله تعالى ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم وقيل قوله تعالى ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم يعني الفرخ
والبيض وما لا يقدر ان يعرف صغار الصيد ورماحكم يعني الكبار وما رواه الجمهور عن ابن عباس انه حكم في الجزاء بجراد ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن صفوان بن يحيى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال القنبرة والصعوة والعصفور إذا قتله المحرم
فعليه مد من طعام عن كل واحد منهم وقول ابن بابويه (ره) ضعيف مسألة من قتل زنبور أخطأ لم يكن عليه شئ وان تعمد كان
كف من طعام وبه قال مالك وقال الشافعي واحمد لا شئ عليه لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم قتل زنبورا فقال إن كان خطأ فلا شئ قلت بل عمدا قال يطعم شيئا من الطعام قال المفيد (ره) فان قتل زنابير كثيرة تصدق
بمد من طعام أو بمد من تمر وهو حسن اما الهوام من الحيات والعقارب وغير ذلك فلا يلزمه شئ بقتله ولا يقتله إذا لم يؤذه رواه الشيخ
في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال كل ما يخاف المحرم على نفسه من الحيات والسباع وغيرها فليقتله وإن لم يردك فلا ترده
وكذا لا بأس بقتل القمل والبق في الحرم وأشباههما في الحرم للمحل عملا بالأصل ولما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال لا بأس بقتل القمل والبق في الحرم ولا بأس بقتل النملة في الحرم قال الشيخ رحمه الله ولو كان محرما لزمه الكفارة وهو جيد لما رواه
الشيخ في الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) وان فعل شيئا من ذلك يعني القمل خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضه بيده وكذا
إذا ألقاها عن جسده رواه في الصحيح حماد بن عيسى عن الصادق (ع) وقد تقدم مسألة من قتل جرادة وهو محرم كان عليه كف
من طعام أو تمرة وان قتل جرادا كثير ا كان عليه دم شاة وقد مضى ما تقدم من الخلاف فيه روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله
(ع) في محرم قتل جراده قال يطعم تمرة وتمرة خير من جراده وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت ما يقول في
رجل قتل جراده وهو محرم قال تمرة خير من جراده وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن محرم قتل جرادا كثير ا
كف من طعام وان كان أكثر فعليه دم شاة وفي رواية عروة الخياط عن أبي عبد الله (ع) في رجل أصاب جراده فاكلها قال عليه دم
قال الشيخ (ره) انه محمول على الجراد الكثير وان كان قد أطلق لفظه التوحد لأنه أراد الجنس لما تقدم من الأحاديث مسألة ولو كان
الجراد في طريقه ولم يتمكن من التحرز عن قتله ولم يتمكن عليه شئ وبه قال عطا والشافعي في إحدى القولين والاخر عليه الضمان لنا ان الأصل
براءة الذمة وما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال على المحرم ان يتنكب الجراد إذا كان على طريقه وإن لم يجد بدأ
فقتل فلا بأس وفي الصحيح عن معاوية قا ل قلت لأبي عبد الله (ع) الجراد يكون على ظهر الطريق والقوم محرمون فكيف يصنعون قال (؟)
ما استطاعوا قلت فان قتلوا منه شئ ما عليهم قال لا شئ عليهم ولأنه في محل الضرورة فلو لم يكن سايغا لزم الحرج مسألة
وفي كل واحد من الضب والقنفذ واليربوع جدي وافقنا في الضب الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى فيه شاة وقال
مجاهد حفنة من طعام وقال قتادة صاع وقال مالك قيمته من الطعام وقال احمد في اليربوع جفرة وهي الشاة التي هي قد فطبت ووعت
وبه قال الشافعي وأبو ثور وعطا وهو مروي عن عمر وابن مسعود وقال النخعي فيه ثمنه وقال مالك قيمته طعاما لنا قوله تعالى فجزاء مثل
ما قتل من النعم ولما تقدم من أن الصحابة قضوا فيما ذكرنا بمثله من النعم فقضى عمر وابن مسعود في اليربوع بجفرة وقضى عمر وزيد
في الضب بجدي وقضى جابر بن عبد الله بشاة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) قال في اليربوع
والقنفذ والضب إذا أصاب المحرم فعليه جدي والجدي خير منه وانما جعل هذا لكن متكل عن فعل غيره من الصيد المطلب الثالث
فيما لا نص فيه مسألة قد بينا فيما تقدم مقادير كفارات الصيد فيما له تقدير شرعي قدره النبي صلى الله عليه وآله
826

والأئمة (عل) اما ما لا مثل له ولا تقدير شرعي فيه فإنه يرجع فيه إلى عدلين يقومانه ويجب عليه القيمة التي يقدرانها فيه ويشترط في الحكمين العدالة
بلا خلاف لنص القران ولان غير العدل لا يتميز قوله الظن ويعتبر فيهما الخبرة والمعرفة ولأنه لا يتمكن من الحكم الا من له خيره ولان الخبرة شرط في سائر الأحكام
فيكون كذلك ههنا ويجب ان يكون اثنين فما زاد للنص ويجوز ان يكون (؟) أحد العدلين قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي واحمد واسحق وابن
المنذر وقال النخعي ليس له ذلك لنا قوله تعالى يحكم به ذوا عدل منكم والقائل غيره ذوا عدل منا فيكون ممتثلا وروى الجمهور عن طارق بن شهاب
قال خرجنا حجاجا وطأ رجل منا يقال له أزيد ضبا نفر وظهره فقدمنا إلى عمر فسأله أزيد فقال له احكم ما أزيد فيه قال أنت خير مني قال انما أمرتك
ان نحكم ولم امرك ان تزكيني قال أريد أرى فيه جدبا قد جمع الماء والشجر قال عمر فدلك فيه فامر عمر ان يحكم مع أنه القائل ولكعب الاخبار ان يحكم على نفسه
في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم ولأنه مال يخرج في حق الله تعالى فجاز ان يكون من وجب عليه أمينا كالزكاة احتج النخعي بان الانسان لا يحكم
لنفسه والجواب المنع من ذلك كما قلناه في الزكاة مسألة قال الشيخ (ره) في المبسوط والأزد والكركي شاة وهو الأحوط قال وان قلنا فيه القيمة
لأنه لا نص فيه كان جايزا وهو الظاهر من قول ابن بابويه (ره) انما وجب شاة في كل طاير عدا النعامة ويؤيده هذا القول ما رواه الشيخ في الصحيح عن
ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال في محرم ذبح طير ان عليه دم شاة يهريقه فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن وهو عام مسألة
قال الشيخ (ره) من قتل غطابه كان عليه كف من طعام وهو حسن لما رواه في الصحيح عن معاوية قال قلت لأبي عبد الله (ع) محرم قتل غطابه قال كف
من الطعام إذا عرفت هذا فالقيمة واجبة في قتل كل مالا تقدير فيه شرعا وكذلك البيوض التي لم ينص فيها عن مقدر مسألة ويقسمن الكبير
من ذوات الأمثال بكثير والصغير مثله بصغير وان ضمنه بكبير كان أولى وفي الذكر ذكر وفي الأنثى أنثى وبه قال الشافعي وقال مالك يضمن الصغير
بكبير لنا قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم احتج بقوله تعالى هديا بالغ الكعبة والصغير لا يهدي والجواب المنع وقد تقدم البحث في ذلك مسألة
ويضمن الصحيح بصحيح اجماعا والمعيب بمعيب وان ضمنه بصحيح كان أحوط وبه قال الشافعي واحمد وقال مالك في المعيب الصحيح وقد تقدم الاستدلال
من الطرفين بالاثنين ولو اختلف المعيب بان فداء الأعرج باعور أو بالعكس لم يجزه لعدم المماثلة اما لو فداء الأعور من أحد العينين باعور من
الأخرى والأعرج من إحدى القائلين بأعرج من أخرى فالأقرب الاجزاء لان الاختلاف بينهما يسير لا يخرج منه عن المماثلة ونوع العيب فتحد
وانما اختلف محله اما الذكر فإنه يفدي بمثله اجماعا وكذا لأنثى تفدي بمثلها اتفاقا ولو فدى الذكر بالأنثى جاز لان لحمها أطيب وأرطب ولو
فدى الأنثى بالذكر فقد قيل إنه يجوز لان لحمه أوفر فتساويا وقيل لا يجوز لان زيادته ليست من جنس زيادتها فأشبه فداء للعيب بنوع معيب من آخر
اما الشيخ (ره) فإنه نص على جواز ان يفدي كل واحد من الذكر والأنثى بمثله وبالاخر قال والأفضل ان يفدي كل واحد بمثله وبه قال الشافعي
واستدل الشيخ (ره) بقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم ونحن نعلم أنه أراد المثل في الحلقة لان الصفات الاخر لا تراعي كاللون والعيب مسألة
لو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا فان خرج حيا وماتا معا لزمه فداهما معا فيفدي الامام بمثلها والصغير بصغير أو كبير وان عاشا فان لم
يحصل عيب لم يكن عليه شئ عملا بالأصل السالم عن معارضة حصول العيب وان حصل عيب ضمن أرشه ولو مات أحدهما دون الاخر ضمن الميت
خاصة وان خرج ميتا لزمه الأرش وهو ما بين قسمتيها حاملا ومجهضا المطلب الرابع في أسباب الضمان وهي اثنان
الأول المباشرة فمن قتل صيدا وجب عليه فداؤه على ما بيناه أولا ولو اكله لزمه فداء آخر وبه قال عطا وأبو حنيفة وقال مالك والشافعي
لا يضمن الأكل لنا انه اكل من صيد محرم عليه وكان عليه ضمانه كما لو صيد لأجله وقد تقدم البحث فيه إذا ثبت فان الرواية دلت على وجوب الجزاء
الثاني وقال بعض علمائنا انما يجب على جزاء القتل وقيمة اكل وهو حسن وسواء أدى جزاء القتل أو لم يؤد فان الجزاء بين يجبان عليه الجزاء والقيمة
على ما بينا من الخلاف ولا يتداخلان وقال أبو حنيفة إذا ذبحه واكله قبل أن يؤدي جزاؤه دخل ضمان ما اكل في ضمان الجزاء وان اكل بعدما أدى
قيمته فعليه قيمة ما اكل وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن عن الأكل شيئا وعليه التوبة والاستغفار لنا انه تناول محظورا حرامه فلزمه الجزاء
احتج أبو يوسف ومحمد بان حرمته لكونه ميته لا لأنه جناية على الاحرام وذلك لا يوجب التوبة والاستغفار والجواب المنع من عدم
ايجاب شئ بما قلنا من الأدلة مسألة حكم البيض حكم الصيد في تحريم الأكل اجماعا فلا يجوز للمحرم ان يأكل بيض الصيد كما أنه لا يجوز
له اكل لحمه ولا نعلم فيه خلافا وسواء كسره هو أو محرم آخر ولو كسره حلال كان على المحرم قيمته إذا اكله سواء اخذ لأجله أو لغيره وخالف فيه بعض
الجمهور كما خالف في اكل اللحم فجوزه إذا ذبح لا لأجله ومنعه إذا ذبح لأجله ونحن لم يفرق بينهما على تقدم ولو كسر المحرم بيض الصيد فالوجه
انه لا يحرم على الحلال اكله وان وجب الفداء على المحرم بالكسر على ما بينا لان حله لا يقف على كسره ولا يعتبر أهل يصدر عنه بل لو انكسر من قتل
نفسه أو كسره مجوسي أو وثنى لم يحرم وكذا لو لم يسم فأشبه قطع اللحم وطبخه وقال بعض الجمهور يحرم على المحل اكله وهو قول الشيخ (ره) كما لو
ذبح الصيد المحرم لان كسره جرى مجرى الذبح وليس بجيد على ما قلناه مسألة لو اشترى محل لمحرم بيض نعام واكله المحرم كان على
المحر م عن كل بيضة شاة وعلى المحل عن كل بيضة درهم اما وجوب الشاة على المحرم فلا نه جزاء البيضة على ما قلناه قد بينا وجوب الجزاء
827

على المحرم بالأكل كما يجب بالصيد والكسر واما وجوب الدرهم على المحل فلإعانته قد بينا وجوب الضمان بالإعانة وأيضا ما رواه الشيخ عن أبي عبيده
قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل محل اشترى لرجل محرم بيض نعام فأكله المحرم فما على الذي اكله فقال على الذي اشتراه فداء لكل بيضة
درهم وعلى المحرم بكل بيضة شاة إذا عرفت هذا فان البيض المضمون انما هو بيض الصيد الحرام اما بيض ما يباح اكله كبيض الدجاج الحبشي فإنه
حلال لا يجب بكسره شئ لان أصله غير مضمون ففرعه أولى بعد الضمان مسألة لو أتلف جزاء من الصيد
ضمنه وهو قول كل من يحفظ
عنه العلم الا داود وأهل الظاهر فإنهم قالوا لا شئ في أبعاض الصيد لان الجملة مضمونه فأبعاضها كذلك لان ما ضمن جملته ضمنت اجزاءه
كالآدمي والأموال ولأنه منهى عنه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن التنفير ففي الحرج أولى والنهى يقتضى التحريم أو ما كان محرما من الصيد
كان مضمونا كالجملة إذا ثبت هذا فقد قال الشيخ (ره) في كسر قرني الغزال نصف قيمته وفي كل واحد ربع القيمة وفي عينيه كمال قيمته و
في كسر إحدى يديه نصف قيمته وكذا في كسر إحدى رجليه ولو كسر يديه معا وجب عليه كمال القيمة وكذا لو كسر رجليه معا ولو قتله كان عليه فداء
واحدة قال بعض الجمهور يضمن بمثله من مثله لان ما وجب ضمان جملته بالمثل وجب في بعضه مثله كالمكيلات وقال آخرون يجب فيه مقدار من
مثله لان الجزاء يشق اخراجه فيمتنع ايجابه ولهذا لم يوجب الشارع جزاء من بعير في خمس من الإبل وعدل إلى ايجاب الشاة وهي من غير الجنس
طلبا للتحقيق وهذا ليس بجيد لأنا بينا ان الكفارة مخيرة هنا وهذا لقايل هنا وافقنا عليه فيبغي المشقة لوجوده الخبرة له في العدول عن المثل
إلى عدله من الطعام أو الصيام اما الشيخ (ره) فإنه احتج بما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت ما يقول في محرم كسر إحدى قرني
غزال في الحل قال عليه ربع قيمة الغزال قلت فان هو كسر قرنيه قال عليه نصف قيمته يتصدق به قلت فان هو فقأ عينه قال عليه قيمته قلت فان هو كسر إحدى يديه قال
عليه نصف قيمته قلت فان هو كسرا حدى رجليه قال عليه نصف قيمته قلت فان هو قتله قال عليه قيمته قلت فان هو فعل به وهو محرم في الحرم قال عليه
دم يهريقه وعليه هذه القيمة إذا كان محرما في الحرم وفي طريق هذه الرواية أبو جميلة وسماعة بن مهران وفيهما قول والأقرب الأرش مسألة
ولو نتف ريشه من حمام الحرم وجب عليه ان يتصدق بصدقه ويجب ان يسلمها باليد التي نتف بها لانتهاكه في الجناية رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون قال
قلت لأبي عبد الله (ع) رجل نتف ريشه من حمامه من حمام الحرم قال يتصدق بصدقه على مسكين ويطعم باليد التي نتفها فإنه فداء حقها إذا ثبت
هذا فلو نتف ريشا متعددا فإن كان بالتفريق فالوجه مكرر الفدية وان كان دفعه فالوجه الأرش وبه قال الشافعي وأبو ثور وقال مالك وأبو
حنيفة فيه الجزاء جميعه وليس بجيد لأنه نصفه ونقصا يمكنه ازالته فلا يضمن بكماله كما لو خرجوا إذا عرفت هذا فلو حفظه حتى نبت ريشه وكان
عليه الصدقة لحصول السبب وقال بعض الجمهور لا ضمان عليه لزوال النقص وهو خطأ لان الثاني عن الأول مسألة إذا جرح الصيد ضمن الحرج
على قدره وهو قول العلماء الا داود وأهل الظاهر فإنهم لم يوجبوا فيه شيئا وهو خطأ ثم يعتبر حاله فان رواه سويا بعد ذلك وجب عليه الأرش
لوجوب السبب للضمان ولأنه مال غير مسقط للقدر كالآدمي ولو اصابه ولم يؤثر فيه لم يكن عليه شئ عملا بالأصل السالم عن معارضة الجناية
ولما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن محرم رمى صيدا فأصاب يده فعرج فقال إن كان الظبي مشى عليها ورعى وهو يظن
إليه فلا شئ عليه وان كان الظبي ذهب لوجهه وهو رافعها فلا يدري ما صنع فعليه فداؤه ولأنه لا يدري لعله قد ملك قال الشيخ (ره) لو كسر يده أو
رجله ثم رآه وقد صلح ورعى وجب عليه رفع الفداء استدل بما رواه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل رمى
صيدا فكسر يده أو رجله فتركه فرعى الصيد قال عليه ربع الفداء وفي الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل رمى ظبيا و
هو محرم كسر يده أو رجله فذهب الظبي على وجهه فلم يدري ما صنع فقال عليه فداؤه قلت فان رآه بعد ذلك مشى قال عليه ربع ثمنه فرع الأول
لو جرح الصيد فاندمل وصار غير ممتنع فالوجه الأرش وقال أبو حنيفة يضمن الجميع وهو قول الشيخ (ره) لأنه مقض إلى تلفه فصار كما لو جرحه
جرحا متيقن موته وليس بجيد لأنه انما يضمن ما نقص لأنه ما لا ينقص والتقدير انه لم يتلفه جميعه فلم يضمنه الثاني لو جرحه فغاب عن
يمينه ولم يعلم حاله وجب عليه ضمانه اجمع وقال بعض الجمهور ان كانت الجراحة موجبة وهي التي لا يعيش معها غالبا ضمنه جميعه وان كانت غير
موجبة ضمن ما نقص ولا يضمن جميعه لأنه لا يعلم حصول التلف فلا يضمن كما لو رمي سهما إلى صيد فلم يعلم أو قع به أولا وليس بجيد لأنه فعل شئ
يحصل مع الاتلاف فيكون ضامنا له كما لو كان الجرح موجبا ويفارق عدم العلم بالإصابة لأنه لم يفعل السبب ويؤيده ما ذكرناه ما تقدم
في رواية أبي بصير عن الصادق (ع) وما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل رمي صيدا وهو محرم
فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد قال عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد الثالث إذا رآه
ميتا ولم يعلم أمات من الجناية أو من غيرها ضمنه وقال بعض الجمهور لا يضمنه لعدم العلم بالاتلاف وليس بجيد لأنه وجد سبب اتلافه منه ولم
يعلم سبب اخر فوجب احالته عليه لأنه السبب المعلوم كما لو تغير الماء وفيه نجاسة يصلح اسناد التغير إليها فإنه ينسب إليها ولو سيرته الجناية
غير ممتنع فلم يعلم أصار ممتنعا أم لا ضمنه عندنا على الأرشين لان الأصل عدم الامتناع اما لو رماه ولم يعلم هل اثر فيه أم لا فإنه يلزمه الفداء
828

عملا بأغلب الأحوال من الإصابة عند القصد بالرمي مسألة لو اشترك جماعة في قتل صيد وجب على كل واحد منهم فداء كامل وبه قال مالك
والثوري وأبو حنيفة ومروي عن الحسن البصري والشعبي والنخعي من التابعين وقال الشافعي الواجب جزاء واحد وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس
وابن عمر وعطا والزهري والنخعي والشعبي واسحق وعن أحمد روايتان كالمذهبين وعند ثالثة ان كان صوما صام كل واحد صوما تماما وان
كان غير صوم فجزاء واحد وان كان إحديهما يهدي الاخر يصوم وعلى المهدي بحقيقة أعلى الاخر صوم تام لنا ان كل واحد منهم فعل فعلا حصل بسببه
الموت فكان كما لو جرحه جرحا متلفا ولأنها كفارة قبل يدخلها الصوم فأشبهت كفارة الادمي ولان كل واحد صار جانيا على احرامه جناية
كاملة فيلزمه جزاء كامل وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إن اجتمع قوم على صيد وهم محرمون فعلى كل واحد
منهم قيمته وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه (؟) وقيمة لهم اجعلوا إلى فيه يد وهم
فجعلوا لها فقال على انسان منهم شاة وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم ما
عليهم فقال على كل من اكل منه فداء صيد على كل انسان منهم على حدته فداء صيد كاملا احتج الشافعي بقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم والمقتول
واحد فالمثل واحد والزايد خارج عن المثل فلا يجب ولأنه جزاء عن مقتول يختلف باختلافه فكان واحد كالدية وكما لو كان القتل واحد واحتج
احمد بان الجزاء ليس بكفارة وانما هو بدليل انه تعالى عطف عليه الكفارة فقال تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا
بالغ الكعبة وكفارة طعام والصوم كفارة فتكمل ككفارة قتل الادمي والجواب عن الأول انا نقول بموجبه فان كل واحد منهم قتل لأنه جزاء
السبب فيجب عليه المثل للصيد المقتول بأجمعه على انا قد بينا ان المماثلة الحقيقة ليست مراده هنا والقياس معارض بمثله على ما بيناه وقول احمد
ضعيف جدا لأنه متى ثبت ايجاد الجزاء في الهدى وجب ايجاده في الصيام وان ثبت المقدر في الهدى ثبت في الصيام لقوله تعالى أو عدل ذلك
صياما ولان الاجماع واقع على أنه معدول بالقيمة اما قيمة المتلف أو قيمة مثله والمثل عنده واحد فايجاب الزايد في الصوم لا معنى له وخلاف
النص لا نسلم ان الجزاء ليس بكفارة فروع الأول لو كان شريك المحرم حلالا أو سبعا وكان القتل في المحل فلا شئ عليه الحال وكان على
المحرم جزاؤه عملا بالأصل من (؟) الدم السالم عن معارضة هتك الحرم والاحرام وبما تقدم من وجوب الجزاء على المحرم الشريك الثاني
لو اصابه الحلال أو الأم اصابه الحرام فقد بينا ان المحل لا شئ عليه والوجه ان الواجب على المحرم جزاؤه مجروحا على اشكال ولو كان السابق
المحرم فعليه جزاؤه سليما ولو اتفقا في حالة واحدة فعندنا يجب الجزاء كله على المحرم ولا شئ على المحل وقد سلف القايلون بوجوب الجزاء
الواحد على الشركين فقال بعضهم انه يجب على المحرم تقسيطه كما لو كان شريكه محرما لأنه أتلف بعض الجملة وليس بجيد لان المحل لاجزاء عليه
فيعذر الجزاء منه فيجب الجزاء بكماله على الاخر الثالث لو اشترك الحرام والحلال في قتل صيد حرمي وجب على المحل القيمة كملا وعلى المحرم
الجزاء والقيمة معا وخالف فيه بعض الجمهور فأوجب جزاء واحدا عليها معا وقال الشيخ في التهذيب على المحرم الفداء كملا وعلى المحل نصف الفداء لما
رواه إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله (ع) قال كان علي (ع) يقول في المحرم والمحل قتلا صيدا فقال على المحرم الفداء كملا
وعلى المحل نصف الفداء الرابع لو رمي اثنان صيدا فقتله أحدهما وأخطأ الاخر كان على كل واحد منهما فداء كامل اما القاتل فلجنايته
واما الاخر فلا عانته ويدل عليه ما رواه الشيخ عن إدريس بن عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الحرمين يرميان صيدا فاصابه أحدهما
الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما على حدته وفي الصحيح عن ضريس بن أعين قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجلين محرمين رميا صيدا فاصابه
أحدهما قال على كل واحد منهما الفداء الخامس لو قتله واحد واكله جماعة كان على كل واحد فداء كامل لان الأكل محرم كالقتل فكان فيه الكفارة
كالقتل ويدل عليه ما رواه الشيخ عن سيف الطاطوي قال قلت لأبي عبد الله (ع) صيد اكله محرمون قال عليهم شاة شاة وليس على الذي ذبحه
الا شاة مسألة لو ضرب بطير على الأرض فقتله كان عليه دم وقيمتان قيمة للمحرم وقيمة لاستصغاره إياه وكان عليه التعزير ويدل عليه ما
رواه الشيخ عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في محرم اصطاد طيرا في الحرم فضرب به الأرض فقتله قال عليه ثلث قيمات
قيمة لاحرامه وقيمة للحرم وقيمة لاستصغاره إياه ولأنه فضل زيادة هتك فيجب عليه زيادة عقوبة وقد روى الشيخ عن حمران عن أبي جعفر (ع)
قال قلت محرم قتل صيدا فيما بين الصفا والمروة عمدا قال عليه الفداء والجزاء يعزر قال قلت فإنه قتله في الكعبة عمدا قال عليه الفداء والجزاء
ويضرب دون الحد ويغلب للناس كي ييكل؟؟ غيره وهذه الرواية لا بأس بها لاقدامه على المحرم فاستحق التعزير مسألة لو شرب لبن ظبية
كان عليه الجزاء وقيمة اللبن قال الشيخ (ره) واستدل عليه بما رواه عن يزيد بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) في رجل وهو محرم
في الحرم واخذ غير ظبيه فاحتلبها وشرب لبنها قال عليه دم وجزاء الحرم ثمن اللبن ولأنه شرب مالا يحل له شربه إذ اللبن كالجزء من الصيد فكان
ممنوعا منه فيكون كالأكل لما لا يحل له اكله لقول الباقر (ع) من نتف إبطه إلى قوله أو اكل طعاما لا ينبغي اكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا
أو جاهلا فليس عليه شئ ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة إذ لا فرق بين الأكل والشرب واما وجوب قيمة اللبن فلانه جزاء صيد فكان عليه قيمته
829

مسألة إذا جرح الصيد فجاء اخر فقتله قال الشيخ (ره) لزم كل واحد منهما الفداء وقال الشافعي يجب على الجارح القيمة ما بين كونه صحيحا
ومعيبا وعلى الثاني الجزاء واستدل الشيخ (ره) بالاحتياط والاجماع ولوجوبه فصار غير ممتنع بعد الجرح والنتف ثم غاب عن العين لزمه الجزاء
كملا وبه قال أبو إسحاق من الشافعية وقال باقيهم انما يضمن الجناية التي وجدت منه وهو النتف أو لجرح واستدل الشيخ (ره) بالاحتياط
والاجماع فرع لو رمى الصيد وهو حلال في الحل فاصابه السهم وهو محرم فقتله لم يكن عليه ضمان لان الجناية وقعت غير مضمونه
فكان كما لو اصابه قبل الاحرام وكذا لو جعل في رأسه ما يقتل القمل ثم أحرم فقتله لم يكن أيضا عليه شئ السبب الثاني التسبيب مسألة
من كان معه صيد فاحرم زال ملكه عنه إذا كان حاضرا معه ووجب عليه إرساله ولو أمسكه ضمنه إذا تلفه وبه قال مالك واحمد وأصحاب
الرأي وقال أبو ثور ليس عليه (؟) ما في يده وهو أحد قولي الشافعي لنا انه فعل في الصيد استدامة الامساك
وهو ممنوع منه كابتداء الامساك وهو ممنوع
ممنوع منه كابتداء الامساك فيكون ضامنا به كالابتداء وما رواه الشيخ عن بكير بن أعين قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل أصاب ظبيا فادخله
الحرم فمات الظبي في الحرم فقال إن كان حين ادخله خلى سبيله فلا شئ عليه وان كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء وعن أبي سعيد
المكاري عن أبي عبد الله قال لا يحرم أحد معه شئ من الصيد حتى يخرج من ملكه فان ادخله الحرم وجب عليه ان يخليه فان لم يفعل حتى يدخل الحرم
ومات لزمه الفداء واحتج الشافعي بأنه في يده فأشبه ما لو كان في بيته ما؟ عن المحرم ولأنه لا يلزم من منع ابتداء الصيد المنع من استدامته والجواب
عن الأول بالفرق بين الحرم وغيره فان إمساكه في الحرم هتك له وهو منهى عنه بخلاف البلاد المتباعدة وعن الثاني ان استدامة الامساك
إمساكه أيضا فإنه لو حلف لا يمسك شيئا حنث بالاستدامة كما يحنث بالابتداء إذا ثبت هذا فان ملكه عندنا يزول عنه وقال بعض الجمهور
لا يزول وان وجب إرساله وإذا دخل جاز له إمساكه ولو اخذه غيره رده عليه بعد الاحلال ومن قتله ضمنه له وليس بمعتمد لنا ان إرساله
واجب عليه ولأنه حينئذ من صيد الحرم وهو غير مملوك ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن
طاير أهلي دخل الحرم حيا فقال لا يمس ان الله تعالى يقول ومن دخل كان امنا احتجوا بان ملكه كان عليه وأزاله واليد لا تزيل الملك بدليل الغصب
والعارية ليس بجيد لان زوال يده لمعنى شرعي بخلاف الغصب والعارية لأنه في حكم ما في يده ولأنه لو أمسكه مع امكان إرساله وجب عليه ضمانه
اجماعا منا ومن القائلين بوجوب الارسال لأنه تلف تحت اليد العارية فيلزمه الضمان كمال الادمي اما لو لم يمكنه الارسال وتلف قبل امكانه
فالوجه عدم الضمان لأنه ليس بمفرط ولا متعمد فرع لو أرسله انسان من يد لم يكن عليه ضمانه لأنه فعل ما يلزمه فعله فكان كمن دفع
المغصوب إلى مالكه من يد الغاصب ولان اليد زال حكمها وحكم الملك أيضا وقال أبو حنيفة يضمن لأنه أتلف ملك الغير والجواب المنع من الملك ولو أمسكه
حتى حلله يملكه ولم يعد ملكه الأول إليه الا سبب ثان مبيح وخالف فيه بعض الجمهور لنا ان ملكه زال عنه على ما بيناه مسألة ولو كان الصيد
في منزله لم يزل ملكه عنه وكذا لو كان في يده الحكمة بان يكون في يدنا فيه في غير الحرم ولا شئ عليه بالامساك لو مات وله البيع والهبة وغير هما وبه قال
مالك واحمد وأصحاب الرأي وقال الثوري هو ضامن لما في بيته وهو أحد قولي الشافعي لنا انه قبل الاحرام مالكا له فيدوم ملكه عملا بالاستصحاب
السالم عن معارضة كونه في الحرم ولأنه لو لم يفعل في الصيد فقال فلم يلزمه شئ كما لو كان في ملك غيره ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل
قال قلت لأبي عبد الله (ع) الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير وهو يحرم في منزله قال وما به بأس لا يضره مسألة
ولا ينتقل الصيد إلى المحرم بابتياع ولا هبة ولا غيرهما من أسباب التملكات فان صعب بن جثامة هدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حمارا وحشيا
فرده عليه وقال انا لم نرده عليه الا انا حرم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال الحكم بن عتيبة سألت أبا جعفر
(ع) ما تقول في رجل اهدى له حمام أهلي وهو في الحرم فقال اما ان كان مستورا خليت سبيله ولو اخذه بأحد هذه الأسباب فتلف ضمنه
لما تقدم فان انتقل إليه بالبيع لزمه مع الجزاء القيمة لمالكه لان ملكه لم يزل عنه ولو اخذه وهنا فكذلك لأنه رهن فاسد والمقبوض بالرهن الفاسد
مضمون ولو لم يتلفت لم يكن رده على مالكه لان زوال ملك المالك عنه بدخول الحرم كما لو كان مملوكا له لأنه لا يجوز اثبات يده المشاهدة
على الصيد وهذا القول للشافعي وأصحاب الرأي وكذا لا يجوز للمحرم ان يستر والصيد إذا باعه بخيار وهو حلال ولا لوجود عينه في
الثمن العين ولا غير ذلك لأنه ابتداء ملكه على الصيد وهو ممنوع منه ولو رده المشتري بعيب أو خيار فله ذلك لان سبب الرد متحقق فإذا رده عليه
لم يدخل في ملكه ووجب عليه إرساله هذا إذا كان الصيد في الحرم اما لو كان في الحل فالوجه الجواز للدلالة استدامة الملك فيه فله ابتداءه
ولو ورث صيدا لم يملكه في الحرم وجب عليه إرساله خلافا لبعض الجمهور لأنه جهات التملك فأشبه البيع وغيره قال الشيخ (ره) في جميع ذلك
يقول عندي انه ان كأنه حاضرا معه انتقل إليه ويزول ملكه عنه قال ولو باع المحل صيد المحل ثم أفلس المبتاع لم يكن للبايع ان يختار عن ماله
من الصيد ولأنه لا يملكه مسألة إذا أمسك المحرم صيدا فذبحه محرم آخر كان على كل واحد منهما فداء كامل لان الفداء يجب بالدلالة وبالرمي
مع الخطأ لامساك الذي هو إعانة حقيقة أولى ولو كانا في الحرم تضاعف الفداء على ما يأتي ما لم يكن بدنه وسيأتي ولو كانا محلين في الحرم وجب على
830

كل واحد فداء ولم يتضاعف ولو كان أحدهما محلا والاخر محرما تضاعف العذاب في حق الحرم دون الحل ولو أمسكه المحرم في الحل فذبحه
المحل ضمنه المحرم خاصة ولا شئ على المحل لأنه لم يهتك حرمة الاحرام كالحرم فان الشافعي إذا أمسكه محرم وقتله محرم اخر وجب جزاء واحد على من يجب فيه
وجهان أحدهما على الذبح والاخر بينهما وقد تقدم ولو نقل بيض صيد فقد ضمنه ولو اخنفه؟؟ فرخ الفرخ سليمان لم يضمنه مسألة ولو
أغلق بابا على حمام الحرم وفراخ وبيض فن هلكت فكان الاغلاق قبل الاحرام ضمن الحمامة بدرهم والفرخ بنصف والبيضة بربع وان كان بعد الاحرام
ضمن الحمامة بشاة والفرخ بحمل والبيضة بدرهم لان التلف بسببه فكان عليه ضمانه لما بتقدم ولما رواه الشيخ في الصحيح عن إبراهيم بن عمر وسليمان بن خالد
قالا قلنا لأبي عبد الله (ع) رجل أغلق بابه على طاير فقال إن كان أغلق قبل أن يحرم فعليه ثمنه وعن يونس بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله
(ع) عن رجل أغلق بابه على حمامة من حمام الحرم وفراخ وبيض فقال إن كان أغلق عليها قبل أن يحرم فان عليه لكل طير درهما ولكل فرخ
نصف درهم ولكل بيضة ربع درهم فإن كان أغلق عليها بعد احرام فان عليه لكل طير شاة ولكل فرخ حملا وإن لم تحرك فدرهم و
البيض نصف درهم وعن زياد الواسطي قال سئلت أبا الحسن (ع) من قوم اغلقوا الباب على حمام الحرم فقال عليهم قيمة كل طاير درهم يشتري به
علفا لحمام الحرم فروع الأولى لو أرسلها هذا الاغلاق سليمه فالوجه عدم الضمان وقال قوم منا عليه الضمان بنفس الاغلاق
عملا بالرواية وفيه بعد الثاني لو كان الاغلاق من المحرم وجب عليه الجزاء والقيمة معا لأنه متلف وقد قلنا إن المحرم في الحرم
يضاعف عليه الفداء الثالث لو أغلق على غير الحمام من أنواع الطيور ضمن إذا تلفت بالاغلاق لأنه سبب متلف فكان كما
لو رماه بسهم فقتله مسألة لو نفر حمام الحرم فان رجع وجب عليه دم شاة وإن لم يرجع وجب عليه ان يعيده فان لم يفعل ضمنه
قال الشيخ (ره) هذا الحكم ذكره علي بن بابويه في رسالته ولم أجد به حديثا مسندا مسألة إذا أوقد جماعة نارا فوقع فيها
طير فإن كان قصد به ذلك وجب على كل واحد منهم فداء كامل وإن لم يكن قصدهم ذلك وجب عليهم اجمع فداء واحد لأنه مع القصد
يكون كل واحد منهم قد فعل جناية استند الموت إليها والى مشارك فيكون بمنزلة من اشترك في قصد صيد فان على كل واحد منهم فديه
كاملة على ما تقدم واما مع القصد فان القتل غير مراد فوجب عليهم اجمع فداء واحد ويدل على ما رواه الشيخ عن أبي ولاد الخياط قال خرجنا
بستة نفر من أصحابنا إلى مكة فأوقدنا نارا عظيما في بعض المنازل ردنا ان نطرح عليها لحما يكنه وكنا محرمين فمر بها طير صاف مثل حمامة أو
شبهها فاحترق جناحه فسقطت في النار فاضمتناه لذلك فدخلت على أبي عبد الله (ع) بمكة فأخبرته رسالته فقال عليكم فداء واحد
وشاة ولو كان ذلك منكم تعمدا ليقع فيها الصيد فوقع ألزمت كل واحد منكم دم شاة قال أبو ولاد كان ذلك منا قبل أن ندخل الحرم مسألة
قد بينا ان الجزاء يجب في الصيد سواء قتله المحرم عمدا أو خطا أو سهوا وبينا الخلاف فيه ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال لا يأكل شيئا من الصيد وان صاده حلال وليس عليك فداء الشئ اتيته وأنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك ولا
عمرتك الا الصيد عليك الفداء بجهل كان أو عمد لان الله تعالى قد أوجبه عليك فان أصبته وأنت حلال في الحرم فقيمة واحدة وان أصبته و
أنت حرام في الحل فعليك القيمة وان أصبته فأنت حرام فعليك الفداء مضاعفة إذا ثبت هذا فلو رمى صيدا فقتل الصيد بتحركه اخر أو فرخا
ضمنها معا لأنه سبب للاتلاف وعدم قصد الاخر لا يخرجه عن السببية مسألة إذا وطئ بعيره أو دابته صيدا فقتله ضمنه لأنه سبب
الاتلاف لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن محرم وطئ بيض نعامة فشدخها قال قضى
أمير المؤمنين (ع) ان يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث فما لقح وسلم فان النتاج هديا بالغ الكعبة وقال
قال أبو عبد الله (ع) ما وطيه أو أطائه بعيرك أو دابتك محرم فعليك فداؤه فروع الأول إذ أكان راكبا عليها سايرا
كان عليه ضمان ما تجنيه بيديها وفمها ولا ضمان عليه فيما تجنيه برجلها لأنه لا يمكنه حفظ رجلها وقال (ع) الرجل حبار
ولو كان واقفا أو سايقا لها غير راكب ضمن جميع جنايتها لأنه يمكنه حفظها ويده عليها وشاهد رجلها الثاني
لو انقلبت فأتلفت صيدا لم يضمنه لأنه لابد له عليها وقال النبي صلى الله عليه وآله العجا جبار الثالث لو نصب المحرم شبكه أو
حفر بئرا فوقع فيها صيد ضمنه لأنه تلف بسببه فكان عليه ضمانه كما يضمن الادمي اما لو حفر البئر بحق كما لو حفرها في ملكه أو في موضع
متسع ينتفع بها المسلمون فأوجه سقوط الضمان كما لا يضمن الادمي هنا الرابع لو نصب شبكه قبل احرامه فوقع فيها صيد بعد احرامه
لم يضمنه لأنه لم يوجد منه بعد احرامه بسبب الاتلاف فكان كما لو صاده قبل احرامه وتركه في منزله فتلف بعد احرامه أو باعه وهو حلال
فذبحه المشتري الخامس لو جرح صيدا فتحامل فوقع في شئ تلف به ضمنه لان الاتلاف بسببه كذا لو نفره فتلف في حال نفوره
ولو سكن في أمان وامن من نفوره ثم تلف فهل يضمنه أم لا قال بعض الجمهور لا يضمنه لان التلف ليس منه ولا بسببه وقال بعضهم يضمنه
لما روى عن عمر انه دخل دار الندوة فألقى ردائه على واقف في البيت فوقع على طير من هذا الحمام فأطاره فوقع على واقف اخر فانتهى
831

به حيه فقتله فقال لعثمان بن عفان ونافع بن الحرث اني وجدت في نفسي اني أطرته من منزله كان فيه امنا إلى موقفه كان فيها جيفة فقال نافع لعثمان
كيف ترى في (غز ثنيه) عفرا يحكم بها عليه فقال عثمان أرى ذلك فامر بها عمر السادس إذا نتف المحرم ريش طير أو جرحه فان بقي ممتنعا على ما
كان بان تحامل فاهلك نفسه بان أوقع نفسه في بئر أو ماء أو صدم حايط فعليه ضمان ما جرحه وان امتنع وغاب عن العين وجب عليه ضمانه كملا
قاله الشيخ (ره) وقال الشافعي مثل ما قلناه إلا أنه قال إذا غلب عين العين بين كونه صحيحا ومعيبا فإن كان له مثل الزم ما بين قيمتي
المثل واستدل الشيخ (ره) بالاجماع وبالنص من الأئمة عليهم السلام وطريقه الاحتياط السابع لو أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه
ضمن وكذا لو أمسك المحل صيدا له طفل في الحرم فهلك الطفل ضمنه لأنه سبب في اتلافه ولا ضمان عليه في الأم لو تلفت اما لو أمسكها المحل
في الحرم فتلفت وتلف فراخها في الحل قال الشيخ ضمن الجميع الثامن لو أغرى المحرم كلبا على صيد فقتله ضمن سواء كان في الحل أو في الحرم لأنه
سبب في اتلافه والكلب كالآلة لكن إذا كان القتل في الحرم تضاعف الجزاء على ما يأتي كما لو أرسله ولا صيد فعرض له صيد فقتله ففي الضمان اشكال
التاسع لو نفر صيدا فهلك بمصادمة شئ أو اخذ خارج ضمنه وكذا لو ضرب صيدا بسهم فرق السهم فقتل اخر ورمى عرضا فأصاب صيدا
فإنه يضمنه ولما تقدم وكذا لو دفع الصيد في شبكه أو جهالة فأراد تخليصه فتلف أو غاب ضمن النفس مع التلف والأرش ومع
العيب وللشافعي قولان أحدهما لاجزاء عليه وقد تقدم وكذا لو دل على صيد فقتله فإنه يضمنه لما بينا فيما مضى العاشر لو امر المحرم بقتل
الصيد فقتله فعلى الصيد الفداء لان الصيد كالآلة ولأن الضمان يجب بالإعانة والدلالة وغيرهما فبالأمر أولى ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن
عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم معه غلام وليس بمحرم أصاب صيدا ولم يأمر سيده قال ليس على سيده شئ وهو يدل
من حيث المفهوم على أنه إذا كان يأمر السيد فإنه يلزمه فداء ما أصاده إذا ثبت هذا فلو كان الغلام مجرما باذن سيده وقتل صيدا بغير إذن مالكه
وجب على السيد الفداء لان الاذن في الاحرام يستلزم بحمل جناياته ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال
كلما أصاب العبد وهو محرم في احرامه فهو على السيد إذا اذن له في الاحرام ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران
قال سألت أبا الحسن (ع) عن عبد أصاب صيدا وهو محرم على مولاه شئ من الفداء فقال لا شئ على مولاه لأنه محمول على ما إذا لم يأذن له مولاه
في الاحرام لان المطلق محمول على المقيد المطلب الخامس في اللواحق مسألة قد بينا ان الصيد إذا كان مثليا تخير
القاتل بين ان يخرج مثله من النعم وبين ان يقوم المثل دراهم ويشتري به طعاما ويتصدق به وبين ان يصوم عن كل مدين يوما ولو كان
الصيد لا مثل له تخير بين شيئين بين ان يقوم الصيد ويشتري فيه بثمنه طعاما ويتصدق وقال الشيخ ولا يجوز اخراج القيمة بحال وافقنا
الشافعي في ذلك كله ومالك الا ان مالكا قال يقوم الصيد وعندنا يقوم الصيد وعندنا يقوم المثل وقال بعض أصحابنا انها على الترتيب وقال
أبو حنيفة الصيد مضمون بالقيمة سواء كان له مثل من النعم أو لم يكن الا انه إذا قومه كان مخيرا بين ان يشتري بالقيمة من النعم ويخرجه وبين ان
يشتري القيمة طعاما ويتصدق به وبين ان يصوم عن كل مد يوما الا انه إذا اشترى النعم لم يجزه الا ما يجوز في الضحايا وهو الجذع من الضان
والشئ من كل شئ وقال أبو يوسف ومحمد يجوز ان يشتري بالقيمة شئ من النعم ما يجوز في الضحايا وما لا يجوز لنا قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل
من النعم وقول النبي صلى الله عليه وآله في الضبع كبش وما تقدم من الأحاديث إذا ثبت هذا فلو جرح الصيد لزمه أرش الجراح بان يقوم الصيد
صحيحا ومعيبا فإن كان ما بينهما مثلا عشر ألزمه عشر مثله وبه قال المزني وقال الشافعي يلزمه قيمة المثل لنا قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من
النعم والمثل لا يدخل في القيمة بالاتفاق بيننا وبينه مسألة إذا اختار المثل وقلنا بوجوبه عند ذبحه وتصدق به على مساكين الحرم
لأنه تعالى قال هديا بالغ الكعبة ولا يجوز ان يتصدق به حيا على مساكين لأنه تعالى سماه هديا والهدى يجب ذبحه وله ذبحه اي وقت
شاء لا يختص ذلك بأيام النحر لأنه كفارة فيجب اخراجها متى شاء كغيرها من الكفارات اما المكان فإن كان الاحرام للحج وجب عليه ان ينحر
فداء الصيد ويذبحه بمنى وان كان محرما بالعمرة ذبحه أو نحره بمكة بالموضع المعروف بالجزورة لأنه هدى فكان كغير ه من الهدايا ويؤيده ما رواه
الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله (ع) من وجب عليه فداء صيد اصابه محرما فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب
عليه بمنى وان كان معتمرا نحره بمكة قباله الكعبة وعن زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال في المحرم إذا أصاب صيدا يوجب على الهدى فعليه ان ينحره
ان كان في الحج بمنى حيث ينحر الناس وان كان عمرة نحر بمكة وان شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه فإنه يجزي عنه قال الشيخ (ره) قوله (ع) وان شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه رخصة لتأخير شراء الفداء إلى مكة أو منى لان من وجب عليه كفارة الصيد فان الأفضل ان يقدمه من حيث
اصابه لما رواه في الصحيح عن معاوية بن عمار قال يفدي المحرم في الصيد من حيث صاده إذا ثبت هذا فإنه إذا نحره بمنى أو بمكة على التفصيل
جاز له ان ينحر بأي الموضعين شاء لأنه المأمور به وما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار ان عبادي البصري جاء إلى أبي عبد الله (ع)
وقد دخل مكة بعمرة مبتولة واهدى هديا فامره ينحر في منزله بمكة فقال له عباد نحر الهدى في منزلك وتركت ان تنحره بفناء الكعبة وأنت رجل يؤخذ
832

منك فقال له ألم تعلم رسول الله صلى الله عليه وآله نحر هديه بمنى في النحر وأمر الناس ينحروا في منازلهم وكان ذلك موسعا عليهم وكذلك هو متسع على
من نحر الهدى بمكة في منزله إذا كان معتمرا ولا يعارض ما تقدم ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن كفارة العمرة المفردة أين يكون فقال بمكة الا ان يشاء صاحبها ان يؤخرها إلى مني ويجعلها بمكة أحب إلي وأفضل لأنه رخص لما يجبه
من الكفارة في غير الصيد واما ما يجب في كفارة الصيد فإنه لا ينحر الا بمكة قاله الشيخ (ره) لما رواه أحمد بن محمد عن بعض رجاله عن أبي
عبد الله (ع) قال من وجب عليه هدى في احرامه فله ان ينحر حيث شاء الا فداء الصيد فان الله تعالى يقول هديا بالغ الكعبة مسألة
ولو اختار الاطعام قوم المثل من النعم لا الصيد عندنا على ما مضى فإذا قومه اخرج بقيمته طعاما اما بمكة أو بمنى على ما قلناه في الاجزاء
لأنه عوض عما يجب دفعه إلى مساكين ذلك المكان فيجب دفعه إليهم ويعتبر قيمة المثل في الحرم لأنه محل اخراجه ولا يجزي اخراج القيمة لأنه تعالى
خير بين ثلاثة أشياء وليست القيمة واحدا منها والطعام المخرج الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب ولو قيل يجزي كلما يسمى طعاما كان حسنا
لأنه تعالى وجب الطعام ويتصدق على كل مسكين نصف صاع وبه قال احمد في البر بمد وقد مضى البحث فيه إذا عرفت هذا فان المقوم عندنا هو الجزاء
لا الصيد على ما تقدم هذا إذا كان له مثل فإذا أريد التقويم قوم المثل يوم يريد تقويمه ولا يلزمه ان يقوم (؟) والصيد لان القيمة
ليست واجبة في تلك المال وانما يجب إذا اختارها القائل فكان اعتبار القيمة وقت وجوبها وأما إذا لم يكن له مثل فإن كان الشارع قدر قيمة
وجب ما قدره الشارع كالحمامة والفرخ والبيض وإن لم يقدره الشارع قوم الصيد وقت الاتلاف لأنه وقت الوجوب إذا ثبت هدا فلو قبل ما (؟)
واجب عليه ان يخرج ما (؟) وهي الإبل وإن لم يجد قوم الجزاء ما (؟) مسألة ولو اختار الصيام صام عن كل نصف صاع يوما
على ما قلناه ولو بقي ما لا يعدل يوما صام عنه يوما كاملا بلا خلاف ولا يجوز ان يصوم عن بعض الجزاء يطعم عن البعض وبه قال الشافعي والثوري
واحمد واسحق وأبو ثور وابن المنذر ولا يجوز محمد بن الحسن ذلك إذا عجز عن بعض الاطعام لنا انها كفارة واحدة فلا تؤدى بعضها بالاطعام
وبعضها بالصيام كساير الكفارات إذا ثبت هذا فإنه لا يتعين صومه لكان دون غيره لأنه صوم كفارة فلا يختص بمكان كغيره من الكفارة
مسألة ما لا مثل له من الصيد يتخير قاتله بين ان يشتري بقيمته طعاما فيطعمه على المساكين وبين الصوم قال الشيخ (ره) ولا
يجوز له اخراج القيمة وبه قال ابن عباس واحمد في رواية عنه لأنه جزاء صيد فلم يجز اخراج القيمة فيه كالذي له مثل ولأنه تعالى خير بين ثلاثة
ليس القيمة أحدها وقد تعذر واحد فينبغي التخير بين اثنين وعن أحمد رواية انه يجوز اخراج القيمة لان عمر قال لكعب ما جعلت على
نفسك إذا ثبت هذا فإنه يقوم في محل الاتلاف بخلاف المثل فان المعتبر في قيمة النعم بمكة بأنه يحل ذبحه مسألة قد بينا انه يحرم على المحل في الحرم من الصيد ما يحرم على المحرم إذا ثبت هذا فإذا قتل المحل صيدا في الحرم وجب عليه الفداء ولو كان محرما في الحرم كان عليه جزاءان
ولم يفصل أحد من الفقهاء ذلك لنا انه جمع بين الاحرام والحرم فيضاعف عليه الجزاء له هتكهما معا ولان هتك كل واحد يوجب الجزاء
فيكون كذلك حال الاجماع وقال السيد المرتضى (ره) ان من صار متعمدا وهو محرم في الحل كان عليه جزاءان ولو كان في الحرم و
هو محرم عامدا إليه تضاعف ما كان يجب عليه في الحل والأصل براءة الذمة ويؤيده ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال فان أصبته وأنت حلال في الحرم فقيمة واحدة وان أصبته وأنت حرام في الحل فعليك القيمة وان أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك
الفداء مضاعفة مسألة قال الشيخ (ره) وانما يتضاعف من الجزاء ما كان دون البدنة اما ما يجب فيه بدنه فإنه لا يتضاعف
ولو كان القاتل محرما في الحرم وأوجب ابن إدريس التضاعف مطلقا عملا بالاطلاق احتج الشيخ (ره) بان الأصل براءة الذمة ولان البدنة اعلاما
يجب فيه الكفارات ولما رواه حسن بن علي بن فضال عن رجل قد سماه عن أبي عبد الله (ع) في الصيد يضاعفه ما بينه وبين البدنة فإذا بلغ
البدنة فليس عليه التضعيف والرواية ضعيفة السند مع إرسالها مسألة ولو كان الصيد لادم فيه وقتله محل في الحرم أو محرم في الحل كان عليه القيمة ولو كان محرما في الحرم كان عليه قيمتان رواه الشيخ عن حريز عمن حدثه عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله (ع) ما في
القمري والدبسي والمسمان والعصفور والبلبل قال قيمة فان اصابه المحرم في الحرم فعليه قيمتان ليس عليه دم ولأنه هتك حرمة الاحرام و
الحرم فيجب عليه في كل واحد منهما جميعا ما يجب افرادا فرع يجوز اخراج جزاء الصيد بعد جرحه وقبل موته تردد مسألة كل من
وجب عليه بدنه في كفارة الصيد ولم يجد له أطعم ستين مسكينا فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما ولو كان عليه بقرة ولم يجد أطعم ثلثين مسكينا
فان لم يجد صام تسعة أيام وان كان عليه شاة ولم يجد أطعم عشرة مساكين فان لم يجد صام ثلاثة أيام روى ذلك الشيخ (ره) في الصحيح عن معاوية بن
عمار قال قال أبو عبد الله (ع) من أصاب شيئا فداه بدنه من الإبل فان لم يجد ما يشتري بدنه فأراد أن يتصدق فعليه ان يطعم ستين مسكينا كل
مسكين مدان فان لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام ومن كان عليه فداء شئ من الصيد
فداؤه بقرة فان لم يجد فليطعم ثلثين مسكينا فان لم يجد فليصم تسعة أيام ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فان لم يجد فصام
833

ثلاثة أيام في الحج مسألة منع الشيخ (ره) صيد حمام الحرم حيث كان المحل والمحرم وجوزه ابن إدريس والحق الأول لما رواه الشيخ في
الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن حمام الحرم يصاد في الحل فقال لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من حمام الحرم
مسألة لو قتل المحرم حيوانا وشك في أنه صيد لا يضمنه لان الأصل براءة الذمة السالم عن معارضة قتل الصيد يقينا ولو
اكل المحرم لحم صيد ولم يدر ما هو وجب عليه دم شاة رواه الشيخ عن محمد بن يحيى دفعه عن أبي عبد الله (ع) في رجل اكل من لحم صيد لا يدري
ما هو وهو محرم قال عليه شاة ولأنه اكل محرما فكان عليه شاة كما تقدم من أن المحرم إذا اكل طعاما لا يحق له اكله وجب عليه دم شاة
مسألة لو اقتتل نفسان في الحرم كان على كل منهما دم لأنه هتك حرمة الحرم فيكون عليه عقوبة ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي هلال
الرازي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجلين اقتتلا وهما محرمان فقال سبحان الله بئس ما صنعا قلت فقد فعلا ما الذي يلزمهما
قال على كل واحد منهما دم مسألة لا بأس ان يكون مع المحرم لحم الصيد إذا لم يأكله ويتقه إلى وقت اهلاله إذا كان قد صاده محل
عملا بالأصل وبما رواه الشيخ عن علي بن مهزيار قال سألت عن المحرم معه لحم من لحوم الصيد في زاده هل يجوز ان يكون معه ولا يأكله
ويدخل مكة وهو محرم فإذا أحل اكله فقال نعم إذا لم يكن صاده مسألة قد بينا ان الجماعة المحرمين إذا اشترك في قتل صيد كان
على كل واحد منهم فداء كامل ولو اشترك محلون في قتل صيد في الحرم قال الشيخ (ره) قوم كل واحد منهم القيمة قال فان قلنا يلزمهم جزاء
واحد كان قويا لان الأفضل براءة الذمة ولو اشترك محلون ومحرمون في قتل صيد في الحل لزمه المحرمين الجزاء ولا يلزم المحلين ولو
اشتركوا في الحرم لزم المحرمين في الجزاء أو القيمة والمحلين جزاء واحد مسألة قد بينا انه إذا أراد القوم للجزاء وجب ان يقوم عدلان
ويكون أحدهما القائل جوازا إذا كان عدلا بان يكون قد قتله خطأ إذا ثبت هذا فان الخيار في الكفارتين الاطعام والذبح والصيام
إلى القابل وبه قال أبو يوسف وأبو حنيفة وقال محمد الخبار في التعين إلى الحكمين ان شاءا حكما عليه بالاطعام وان شاءا حكما عليه بالصيام
وبه قال الشافعي ومالك فان الواجب على القايل مكان الاختيار في التعين إليه كما في كفارة اليمين وأيضا حكم العدلين اللبان قدر
الواجب بالتقويم احتج محمد بقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة فيصيب هديا لوجوب الحكم
عليه والجواب ان التقدير فجزاء من النعم هديا أو كفارة طعام أو عدل ذلك صياما مثل يحكم به ذوا عدل مقصود على بيان المثل ونصب هديا
على الحال اي في الاهداء لينفي ما قبله ايجابا على العبد من غير حكم أحد بكلمة أو فيكون إليه الخيار إذا ثبت هذا فان المعتبر في المثل وهو ما نص
الشارع على مقابلة حيوانا من النعم كالبدنة والنعامة والبقرة في بقرة الوحش والشاة في الظبي ولا اعتبار بالصورة ولا بالقيمة فيما
نص فيه اما ما لم ينص فيه فان الاعتبار بالقيمة وقال محمد الاعتبار بالصورة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف الاعتبار بالقيمة لنا ان الشاة
تجب في الحمام ولا مماثلة بينهما صورة وقيمة احتج محمد بقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وقد نص الصحابة على ايجاب البدنة والبقرة والشاة
فيما قلنا وهي أمثالها صورة احتج أبو حنيفة وأبو يوسف بأنه حيوان مضمون بالقيمة كالمملوك واما الآية فالمراد من النعم وقوله فجزاء مثل
ما يقرأ مرفوعا منونا اي فعليه جزاء ثم فسره فقال مثل ما قتل ومثل الحيوان قيمته لأنه يماثله معنى واما حيوان اخر فإنه لا مماثله ذاتا ولا معنى
ويقرء فجزاء مثل ما يرفع الأول وخفض الثاني اي فعليه جاز ما هو مثل المقتول وجزاء المثل وجزاء العين سواء والجواب عن الأول
انما يقول بموجبه ان ثبت المماثلة في الصورة لان عندنا الواجب المثل لا القيمة وعن احتجاج أبي حنيفة ما تقدم وليس المراد من النعم المقتول لأنه
خلاف الظاهر مسألة يجوز في اطعام الفدية التمليك والإباحة وبه قال أبو يوسف وقال محمد لا يجوز الا التمليك لنا ان هذا كفارة
فيجوز فيها الإباحة والتمليك لكفارة اليمين والجامع ان الواجب هو الاطعام وهذا يسمى اطعاما ولان التكليف وقع بالاطعام وقد
فعله على كلى التقديرين فيخرج عن العهدة احتج محمد بأنها صدقة لقوله تعالى ففدية من صيام أو صدقة فصارت كالزكاة والجواب
ان الواجب في الزكاة الايتاء والتمليك واسم الصدقة لا يقتضي التمليك قاله (ع) نفقة الرجل على أهله صدقة وذلك انما هو بالإباحة
الا التمليك مسألة المحرم إذ قتل صيدا فاخذه محرم آخر فعلى كل واحد منهما جزاء التعرض كل واحد منهما له ولا يرفع الأول
أعني القاتل عن الثاني ولا الثاني عن الأول بما ضمن من الجراء وبه قال نفر وقال به أبو حنيفة وصاحباه يرجع الأول على الثاني لنا
ان الاخذ لم يملكه فكيف يرجع بالضمان على غيره احتجوا بأنه اكد على غيره ضمانا على شرف السقوط لأنه كان بسبيل من الارسال فكأنه ادخله
في هذه العهدة فيرجع عليه بشاهدين يشهد انه طلق امرأته قبل الدخول بها ثم رجعا والجواب ان كل واحد منهما جاز وكان عليه الجزاء
بخلاف المشهور عليه فرع لو أصاب محرم صيودا كثيرة على وجه الحلال ورفض الاحرام متأولا لا يعتبر تأويله ويلزمه بكل محظور
وكفارة على حده وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يلزمه الا جزاء واحد لنا ان الوجود التأويل وعدمه بمثابه واحدة لان الاحرام
لا يرتفع به فشددت الجناية احتج أبو حنيفة بان التأويل الفاسد معتبر في دفع الضمانات الدنيا وبه كالباغي إذا أتلف مال العادل
834

وأراق دمه لا يضمن لأنه أتلف عن تأويل والجواب المنع من الحكم في الأصل اخر لو قتل حمامه منذوله وجب عليه الضمان وبه قال أبو حنيفة
وقال مالك لا ضمان عليه لنا انه صيد حقيقة لامتناعه وان كان فيه بطولكن؟؟ التفاوت غيره معتبر هنا احتج بأنه ليس بصيد لأنه يمتنع بجناحه ليطول
طريانه والجواب قد بينا ان التفاوت غير معتبر البحث العاشر فيما يجب بالاستمتاع مسألة من وطئ امرأته وهو محرم عالما بالتحريم
عامدا قبل الوقوف بالموقفين فسد حجه وهو قول كل من يحفظ عنه العلم روى الجمهور عن ابن عمر ان رجلا سأله فقال إني وقعت بامرأتي
ونحن محرمان فقال فسدت حجك انطلق أنت واهلك مع الناس فافضوا ما يفضون وحل إذا حلوا فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك
واهديا هديان فان لم تجدوا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذ رجعتم وكذلك قال ابن عباس وابن عمر ولا يخالف لهم فكان اجماعا وفي حديث
ابن عباس ويفترقان من حيث يخرجان حتى يقضيا حجهما قال ابن المنذر قول ابن عباس أعلى شئ روى فيمن وطئ في حجه ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال سألت عن محرم غشى امرأته وهي محرمة فقال جاهلين أو عالمين قلت أجبني عن الوجهين جميعا
قال إن كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شئ وان كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه وعليهما بدنه
وعليهما الحج من قابل فإذا بلغ المكان الذي أحدثها فيه فرق بينهما حتى يقضيا مناسكهما ورجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا
قلت فأي الحجتين لهما قال الأولى الذي أحدثا فيها ما أحدثا والأخرى عليهما عقوبة وعن علي بن حمزة قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل
محرم واقع أهله فقال قد أتى عظيما قلت أفتني قال استكرهها أولم يستكرهها قلت أفتني فيها جميعا فقال إن كان استكرهها فعليه بدنتان وإن لم
استكرهها فعليه بدنه وعليها بدنه ويفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة وعليهما الحج من قابل لابد منه قال قلت
فإذا انتهيا إلى مكة فهي امرأته كما كانت قال نعم هي امرأته كما هي فإذا انتهيا إلى المكان الذي كان فيه ما كان افترقا حتى يحلا فإذا أحلا يقتضي
عنهما لمن إلى كان يقول ذلك وفي رواية أخرى فان لم يقدر على بدنة فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد فان لم يقدر فصيام ثمانية عشر
يوما وعليها أيضا كمثله إن لم استكرهها وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل محرم وقع على أهله فقال إن
كان جاهلا فليس عليه شئ وإن لم يكن جاهلا فان عليه ان يسوق بدنه ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك ويرجعا
إلى المكان الذي أصابا فيه
ما أصابا وعليهما الحج من قابل وفي الصحيح عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن محرم وقع أهله قال عليه بدنه قال فقال له زرارة
قد سألته عن الذي سألته عنه فقال لي عليه بدنه قلت عليه شئ عن هذا قال نعم عليه الحج من قابل ولا نعلم في ذلك خلافا مسألة
ولو جامع بعد الوقوف بالموقفين صح حجة ولم يفسد وكان عليه بدنة لا غير ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا فرق
بين الجماع قبل الوقوف وبعده في الافساد إذا كان قبل التحلل الأول ولو كان بعد التحلل الأول بالرمي والخلاف لم يفسد احرامه الماضي ويأتي بالطواف
ويلزمه الكفارة وقال مالك واحمد يفسد حجه ان كان التحلل الأول وان كان بعد التحلل الأول بالرمي والخلاف لم يفسد احرامه الماضي ويفسد
ما بقي من احرامه يجب عليه ان يحرم بعمرة ليأتي بالطواف في احرام صحيح ويلزمه شاة لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من
أدرك عرفة فقد تم حجه وقوله (ع) الحج عرفة وعن ابن عباس أنه قال إذا جامع قبل الوقوف ان حجه يفسد وعليه شاة وان جامع بعد
الوقوف فعليه جزور وحجه تام ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا وقع الرجل بامرأته
دون المزدلفة أو قبل يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل وهو يدل بمفهومه على عدم وجوب إعادة الحج لو كان الجماع بعد الوقوف بالمزدلفة لما سيأتي من أن
من جامع قبل الطواف وجب عليه بدنه وهو حينئذ محرم ولأنه من الفوات فامن الفساد كما لو تحلل المتحلل الأول احتج الشافعي بأنه وطئ عمد صادق احراما تاما
فأفسد كما لو كان قبل الوقوف ولان ما كان مفسد للعبادة لا نعرف الحال فيه بين حصوله في أولها وبين حصوله في اخرها كالأكل في الصوم والكلام في الصلاة والجواب
عن الأول المنع من عدم الفارق وهو موجود فإنه قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحج باقية بخلاف ما بعد الوقوف وعن الثاني بالفرق
فان عدم ما بقي بعد الوقوف بالموقفين لا يفسد ما مضى بفساده أولى بخلاف ما ذكر لان فساد اخر الجزاء يؤثر في فساد الباقي وعدمه كذلك ولان اخر الجزء
شرط في صحة الأول بخلاف صورة النزاع مسألة ولو وطئ بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بالمزدلفة حجة أيضا وهو قول أكثر العلماء وقال
أبو حنيفة لا يفسد ويجب عليه بدنه لنا انه وطئ قبل أحد الموقفين وفسد حجة كما لو وطئ قبل الموقف الاخر ولانا قد بينا ان الوقوف بالمشعر ينوب في
تمام الحج عن الوقوف بعرفة إذا لم يدرك فيكون مساويا له في الافساد بالجماع قبله بالقياس وبالإجماع المركب احتج أبو حنيفة بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال الحج عرفة وقف بعرفة فقد تم حجة والجواب انه لا يدل على المطلوب الا من حيث المفهوم وهو لا يقول به ولأنه معارض بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال لعروة بن مضرس وقف بالمزدلفة مضيفا هذا الموقف وصلى معنى هذه الصلاة وقد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه و
أيضا فإنه محمول على أن معظم الحج عرفة ومعنى تمام الحج مقارنة التمام لقوله (ع) إذا رفع الامام رأسه من السجدة الأخيرة فقد تمت صلاته
وأيضا ما رواه الجمهور عن ابن عباس أنه قال من وطئ وبالتحلل فقد تم حجه وعليه بدنه والظاهر أنه قاله نقلا عن الرسول صلى الله عليه وآله وهو يدل على عدم التمام
835

لو وطئ قبل التحلل ومن طريق الخاصة ما نقله في حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دفع الرجل بامرأته دون المزدلفة أو قبل أن يأتي
مزدلفة فعليه الحج من قابل مسألة يجب على من وطئ قبل الوقوف بالموقفين بدنه وذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال ابن عباس وطاوس و
عطا ومجاهد ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وقال أبو حنيفة يجب عليه شاة وقال الثوري واسحق يجب عليه بدنة فان لم يجد فشاة لنا انه وطئ
في احرام تام عامدا فوجب به بدنة كالوطئ بعد الوقوف بالموقفين ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن رجل محرم وقع على أهله فقال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وإن لم يكن جاهلا فان عليه ان يسوق بدنه ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك و
يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا وعليهما الحج من قابل وما تقدم من الروايات الدالة على وجوب البدنة احتج أبو حنيفة بأنه معنى يتعلق به
وجوب القضاء ولا يتعلق به وجوب البدنة كالفوات والجواب ان الفوات مفارق للجماع بالاجماع ولهذا لا يوجبون فيه شاة بخلاف الافساد إذا فرق
الاجماع بينهما لم يجز الالحاق مسألة ويجب عليه اتمام حجه الفاسد ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو قول عامة أهل العلم وقال داود وأهل
الظاهر يخرج من احرامه ولا يجب عليه الاتمام لنا قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله فإن كان يتناول الصحيح بتناوله الفاسد وما رواه المهور عن علي
(ع) وعمر وابن عباس وأبي هريرة انهم قالوا من أفسد حجه في فساد ويقضي من قابل ولم نعرف له مخالف فكان اجماعا ومن طريق الخاصة ما تقدم من
الروايات وما رواه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) قال سألت عن محرم وقع على أهله فقال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وإن لم يكن جاهلا
فان عليه ان يسوق بدنه ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك ويرجعا إلى المكن الذي أصابا فيه ما أصابا وعليهما الاجماع من قابل ولأنه معني يتعلق
به وجوب قضاء الحج فلا يخرج به منه كالفوات احتج بقوله (ع) من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو مردود والجواب ان المضي في الفاسد مأمور به
مسألة ويجب عليه القضاء في السنة المقبلة وجوبا على الفور ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي واختلف أصحابه على قولين أحدهما
هذا والاخر انه على التراخي لنا ما رواه الجمهور ان رجلا أفسد حجه فسأل عمر فقال يقضي من قابل وسأل ابن عباس فقال كذلك فسأل ابن عمر فقال
كذلك ولم يوجد لهم مخالف فكان اجماعا ومن طريق الخاصة ما تقدم من الروايات الدالة على وجوب الحج من قابل ولأنه لما دخل في الاحرام
يعني عليه فيجب ان يكون قضاؤه متعينا ولان الحج واجب على الفور والتقدير انه لم يقع إذ الفاسد لا يخرج المكلف عن عهدة التكليف ولان
المقتضي لوجوب الفور في الأداء موجود في القضاء وهو الكفر مع جواز الموت احتج المخالف بان الأداء واجب على التراخي والقضاء كذلك
بل أولى فان الصوم واجب على الفور وقضاؤه على التراخي والجواب بالمنع من كون الأداء على التراخي وقد تقدم سلمنا لكن الفرق فان
الأداء على التراخي قبل الشروع اما بعده فلا مسألة ويجب على المرأة أيضا مثل ذلك من المضي في الفاسد والبدنة والحج من قابل
ان كانت مطاوعة وان استكرهها لم يكن عليها شئ لقوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه اما مع المطاوعة
فان الكفارة واجبة عليها كما يجب عليه وبه قال ابن عباس وسعيد بن المسيب والنخعي والضحاك ومالك والحكم واحمد لوجود المقتضي وهو الافساد
في حقها لوجوده في حقه فساوته في العقوبة ولما رواه الشيخ عن علي بن حمزة قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل محرم واقع أهله فقال قد اتي
عظيما قلت أفتني قال استكرهها قلت أفتني فيهما جميعا فقال إن كان استكرهها أو لم يستكرهها فعليه بدنتان فان لم يكن استكرهها فعليه بدنة
وعليها بدنة ويفترقا من المكان الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة وعليهما الحج من قابل لابد منه ولما تقدم من الأحاديث ولقول
ابن عباس اهد ناقة وله ناقة ولأنها إحدى المجامعين من غير اكراه فلزمتها بدنة كالرجل وقال الشافعي يجزيهما هدى واحد وبه قال عطا
واحمد في إحدى الروايتين لأنه جماع واحمد فلم يوجب أكثر من بدنه كرمضان والجواب المنع من الأصل فروع الأول لو كانت المرأة محله لم يتعلق بها شئ ولا يجب عليها كفارة ولا حج ولا عن الرجل بسببها انه لم يحصل منها جناية في الاحرام فلا عقوبة عليها
الثاني لو أكرهها وهي محرمة على الجماع وجب عليه بدنتان إحديهما عن نفسه والأخرى عنها لان البدنتين عقوبة عن هذا الفعل وقد استند بأثره
إليه فكان عليه كمال العقوبة ويدل عليه ما تقدم من الروايات وبه قال عطا ومالك واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى لا شئ عليه عنها وقال
اسحق وأبو ثور وابن المنذر وعنه ثالثه ان البدنة عليها وهو خطأ قبيح بان فساد الحج ثبت بالنسبة إليها فكان الهدى عليها كالمطاوعة والجواب
المنع في الأول ولا يجب عليها حج ثان ولا عليه عنها بل يحج عن نفسه في العام المقبل لان حجها لم يفسد فلا قضاء عليها ولا بسببها وانما يحتمل
منها البدنة لا غير الثالث إذا كانت مطاوعة وجب عليها قضاء الحج كما قلنا هو نفقة الحج عليها ولا يجب على الزوج نفقته وللشافعي
وجهان هذا أحدهما والثاني ان عليه غرامة الحج لها لنا ان نفقة الأداء لم يكن عليه وكذا القضاء ولان الجناية منها فلا يجب العقوبة على غيرها احتجوا
بأنه غرامة تعلقت بالوطئ فكانت على الزوج كالمهر والجواب ان المهر عوض بضعها اما الكفارة هنا فإنها عقوبة عليها فافترقا وعلى هذا
ثمن ما غسلها عليها خاصة خلافا لهم مسألة ويجب عليهما ان يفترقا في القضاء إذا بلغا المكان الذي وطيها فيه إلى أن يقضي المناسك
وبه قال الشافعي في القديم واختلف أصحابه على وجهين أحدهما انه مستحب والاخر انه واجب كقولنا وبه قال احمد وقال مالك يفترقان من حيث
836

يحرمان ونقله في الموطأ عن علي (ع) قال أبو حنيفة لا أعرف هذه التفرقة لنا ما رواه الجمهور عن علي (ع) وعثمان وعمر بن الخطاب وابن
عباس ولا يخالف فيهم فكان اجماعا ومن طريق الخاصة ما تقدم من حديث زرارة عنه قال وان كانا عالمين فرق بينهما من المكان لذي أحدثا فيه
حتى يقضيا مناسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا وعن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن (ع) ويفترقا من المكان الذي كان فيه ما كان
ولأنهما إذا انتهيا إلى ذلك المكان يذكر الجماع فكان داعيا إلى ايقاعه المنهي عنه احتج أبو حنيفة بأنه وطأها في رمضان لم يجب التفريق بينها في قضائه
فكذا هنا واحتج مالك بان التفريق انما يكون لخوف مواقعة الوطئ وذلك يوجد باحرامهما والجواب عن الأول ان الصوم يشق فيه التفريق
لان السكنى يجمعها وأيضا القضاء في رمضان لا يتغير بخلاف القضاء هنا وأيضا المشقة الحاصلة بافساد فضاء رمضان أقل كثيرا من المشقة هنا فكان
الاحتراز هنا عما يفسد أشد من الاحتراز هناك وعن الثاني ان التفريق في جميع الطريق قد يشق مشقة عظيمة واقتصر على موضعه المحظور لأنه
الذي به يحصل الداعي إلى الوطئ مسألة قال الشيخ (ره) الحجة الأول هي حجة الاسلام والثانية عقوبة وقال ابن إدريس الحجة الثانية
هي حجة الاسلام دون الأولى احتج الشيخ بما رواه في الحسن عن حريز عن زرارة قال سالت اي الحجتين لهما قال الأول الذي حدثا فيها ما أحدثا والأخرى
عليهما عقوبة ولان الثانية لو كانت هي حجة الاسلام وليس كذلك فإنه لو تمكن من الحج ماشيا وجب عليه وأجزأ عنه والأقوى عندي قول ابن إدريس
لان الثانية فسدت فلا يخرج بها عن عهدة التكليف ووجوب المعنى فيها لا يوجب ان يكون هي الحجة المأمور بها واما رواية زرارة فإنها وان
كانت حسنة لكن زرارة لم يسندها إلى امام فجاز ان يكون المسؤول غير امام وهو وان كان بعيدا لكن البعد لا يمنع تطرق الاحتمال
فيسقط الاحتجاج بها واما قوله ولو كانت الثانية بين حجة الاسلام لا يشترط فيها ما يشترط في حجة الاسلام فليس بشئ لأنه بتفريطه
أولا وجب عليه الحج ثانيا كيف أمكن ولهذا لو حصلت الشرايط ولم يحج أصلا ثم تمكن من الحج ماشيا لوجب عليه وكذا هنا مسألة
قد بينا انه ينبغي ان يفرق بينهما في القضاء من المكان الذي أحدثا فيه ما أحدثا حتى يقضيا المناسك والرواية يعطي التفريق أيضا في
الحجة الأولى من ذلك المكان حتى يأتيا بها فاسده أيضا وهو جيد لان التحريم في الفاسد ثابت كما في الصحيح فوجب التفريق بينهما إذا عرفت
هذا فحد الافتراق أن لا يخلوا بأنفسهما بل متى اجتمعا كان معهما غيرهما لان وجوده الثالث يمنع من الاقدام على المواقعة كمنع التفريق
ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في المحرم يقع على أهله قال يفرق بينها ولا يجتمعان في؟ الآن ان يكون
معهما غيرهما حتى يبلغ محله وعن أبان بن عثمان رقعه إلى أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) قال المحرم إذا وقع على أهله يفرق بينهما يعني بذلك لا
يخلوان يكون معهما ثالث قال ابن بابويه لو حج على غير تلك الطريق لم يفرق بينهما وهو قريب لان المقتضي وهو التذكر بالمكان ثابت مسألة
لو وطئ ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يفسد حجة ولا شئ عليه وبه قال الشافعي في الجديد وقال في القديم يفسد حجة وتجب البدنة كالعامد
وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد لنا قوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال
سألت عن محرم غشى امرأته وهي محرمة فقال جاهلين أو عالمين قلت أجبني عن الوجهين فقال إن كانا جاهلين مستغفرا ربهما ومضيا على
حجهما وليس عليهما شئ وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل محرم وقع على أهله فقال إن كان جاهلا
فليس عليه شئ وروى ابن بابويه عن الصادق (ع) قال وإن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليك وعن أبي بصير عن الصادق (ع)
قال فان أتى المحرم أهله ناسيا فلا شئ غليه انما هو بمنزلة من اكل شهر رمضان وهو ناس ولأنها عبادة يجب بافسادها الكفارة فافترق وطئ
العامد فيها والناسي كالصوم احتجوا بأنه سبب يتعلق به وجوب القضاء فاستوى عمده وسهوه كقتل الصيد والجواب عن الأول بالفرق بينهما
فان الفوات ترك ركن فاستوى عمده وسهوه كغيره من الأصول وههنا فعل محظور فيفارق عمده وسهوه كما أن النية في الصوم
أو الصلاة لو تركها سهوا أو عمدا بطلت العبادتان ولو اكل أو جامع أو تكلم ناسيا لم يفسدا وعن الثاني بالفرق أيضا فان جزاء الصيد ضمان
الاتلاف وذلك يستوي في الأصول من عمده وسهوه بخلاف صورة النزاع فرع لو أكره على الجماع يفسد حجة ولا كفارة عليه عندنا وللشافعي
قولان كالناسي لنا قوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولان الاكراه يرفع الافساد في حق المراة وكذا في حق الرجل
لعدم الفرق بينهما مسألة ولا فرق بين الوطئ في القبل والدبر من المرأة والغلام ذهب إليه أكثر علمائنا في وجوب الكفارة والافساد
والحج على الشرايط المقدمة وبه قال مالك والشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وقال أبو حنيفة لا يفسده بالوطئ في الدبر رواه عنه
أبو ثور لنا ان وطئ في فرج يوجب الغسل فيوجب الافساد كالقبل ولأنهم (عل) أوجبوا ما ذكرناه فيمن واقع امرأته أو غشيها على ما قدمناه
من الأحاديث وهو صادق في القبل والدبر معا احتج أبو حنيفة انه وطئ لا يتعلق به الاحصان والاحلال فأشبه الوطئ فيما دون الفرج والجواب
الفرق بينهما فان الوطئ فيما دون الفرج لا يوجب الغسل وليس كثيره في حق الأجنبية ولا يوجب مهرا واحدا ولا عدة بخلاف مسئلتان ذلك
كله مسألة قال الشيخ (ره) من أصحابنا من قال اتيان البهيمة واللواط بالرجال والنساء باتيانها في دبرها كل ذلك يتعلق به افساد الحج
837

وبه قال الشافعي ومنهم من قال لا يتعلق الفساد الا بالوطئ في القبل من المراة وقال أبو حنيفة اتيان البهيمة لا يفسد والوطئ في الدبر على روايته
المعروف انه يفسد قال دليلنا على الأول طريقه الاحتياط وعن الثاني براءة الذمة وهذا يدل على تردد الشيخ في تعلق الافساد بالوطئ في دبر المرأة والغلام
وجزم في مطلق متعلق الفساد بالوطئ في دبر المرأة وقد بينا ذلك فيما تقدم اما اتيان البهائم فقال مالك وأبو حنيفة لا يفسد به الحج وقال الشافعي يفسد
الحج ونحن فيه من المتوقفين والقريب عدم الفساد لان الحج انعقد صحيحا فلا يفسده الا دليل شرعي ولم يقف عليه مسألة قال الشيخ (ره)
في النهاية وط إذا عبث بذكره فأمنى كان حكمه حكم من جامع سواء فإن كان قد فعله قبل الوقوف بالموقفين فسد حجه ووجب عليه بدنه ومنع ابن إدريس
فساد الحج وأوجب الفدية احتج الشيخ (ره) بما رواه عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع) قال قلت ما يقول في محرم عبث بذكره فأمنى قال أرى عليه مثل ما
على من اتي أهله وهو محرم بدنه والحج من قابل ولأنه هتك حرمة الاحرام بالانزال على وجه أبلغ من الوطئ لامرأته في القبح وكان مساويا في العقوبة
واحتج ابن إدريس بان الأصل الصحة وبراءة الذمة خرج عن ذلك وجوب الكفارة للاجماع فيبقى الثاني على الأصل قال الشيخ (ره) عقيب هذه الرواية
هذا الخبر لا ينافي ما ورد ان من وطئ فيما دون الفرج لم يكن عليه سواء البدنة لأنه لا يمنع ان يكون حكم من عبث بذكره أغلظ من حكم من أتى أهله فيما دون
الفرج لأنه ارتكب محظورا لا يستباح على وجه من الوجوه ومن أتى أهله لم يرتكب محظورا الا من حيث فعل في وقت لم يشرع له فيه إباحة ذلك ثم قال
ويمكن ان يكون هذا الخبر محمولا على ضرب من التغليظ وشدة الاستحباب دون ان يكون ذلك واجبا وهذا الكلام الأخير يدل على تردده في ذلك من
المتوقفين مسألة ولو وطئ فيما دون الفرج وجب عليه بدنه ولا يفسد حجة وبه قال احمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى يجب عليه بدنه ويفسد حجة
وبه قال الحسن وعطا ومالك واسحق وقال الشافعي وأصحاب الرأي عليه شاة لنا انه جماع فوجب البدنة كما لو جامع في الفرج وما رواه الشيخ في الصحيح
عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل وقع على أهله قال إن كان أفضى إليها فعليه بدنه والحج من قابل وإن لم يكن أفضى إليها فعليه
بدنه وليس عليه حج من قابل ولأنه استماع لا يجب بنوعه الحد فلم يفسد الحج كالتقبيل ولأنه لا نص ولا اجماع ولا هو في معنى المنصوص عليه لان الوطئ
في الفرج يجب بنوعه الحد ويتعلق به احكام كثيرة ولا يفرق الحال فيه بين الانزال وعدمه بخلاف صورة النزاع احتجوا على وجوب الشاة بأنه مباشرة
فيما دون الفرج فأشبه القبلة واحتج احمد بأنها عبادة يفسدها الوطئ فأفسدها الانزال عن مباشرة كالصيام والجواب عن الأول بالفرق فان
الجماع فيما دون الفرج أفحش ذنبا من القبلة فيكون العقوبة أشد وعن الثاني بالفرق أيضا فان الصوم يخالف الحج في المفسدات فرعان
الأول البدنة لا ريب في وجوبها مع الانزال وهل يجب بدونه فيه تردد وأطبق الجمهور على وجوب الشاة إذا لم ينزل فاختلفوا فيما إذا
نزل على ما قلنا الثاني حكم المرأة حكم الرجل في هذه إذا كانت ذات شهوة فأنزلت فلا شئ عليها كالرجل مسألة ولو وطي
قبل التلبية والاشعار أو التقليد لم يكن عليه شئ وان تلبس بالاحرام لان الاحرام انما ينعقد بأحد هذه الأمور فإذا وطئ قبل هذه لم يصادف
الجناية احراما منعقدا فلا يكون عليه عقوبة وبدل عليه وما رواه الشيخ في الحسن عن ابن عمير عن جميل بن
دراج عن أحدهما (ع) في رجل صلى الظهر في مسجد الشجرة وعقد الاحرام ثم مس طيبا أو صاد صيد ا أو واقع أهله قال ليس عليه شئ ما لم يلب وعن زياد بن مروان قال
قلت لأبي الحسن (ع) ما تقول في رجل تهيأ للاحرام وفرغ من كل شئ الا الصلاة وجميع الشروط الا انه لم يلب اله ان ينقض في ذلك ويواقع
النساء قال نعم وفي الحسن عن حريز عن أبي عبد الله (ع) في الرجل إذا تهيأ للاحرام فله ان يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبى ولم يعارض
ذلك ما رواه الشيخ عن محمد بن عيسى قال أحمد بن محمد قال سمعت أبي يقول في رجل تلبس ثيابه ويتهيأ للاحرام ثم يواقع أهله قبل أن يهديا لاحرام قال
عليه دم وقال الشيخ (ره) الوجه في هذا سببين اما نحمله على من لم يجهر بالتلبية وان كان قد لبى فيما بينه وبين نفسه فإنه متى كان الامر كذلك لان الاحرام
ينعقد ويلزم الكفارة فيما يرتكبه واما ان نحمل على الاستحباب وهو حسن لجمع بين الاخبار مسألة لو كرر الوطئ وهو محرم وجب عليه بكل وطئ كفارة وهي بدنة سواء كفر عن الأول أو لم يكفر وهو إحدى الروايتين عن أحمد قال الشافعي ان وطئ بعد أن كفر عن الأول وجبت عليه الكفارة وهل الثانية
شاة أو بدنه قولان وان وطئ قبل أن يكفر فأقوال ثلاثة أحدها لا شئ عليه والثاني شاة والثالث بدنه وقال أبو حنيفة يجب عليه شاة سوا كفر
عن الأولى أو لم يكفر إلى أن يتكرر الوطئ في مجلس واحد على وجه الرفض للاحرام بان ينوى به رفض الاحرام وقال مالك لا يجب عليه شئ
بالوطئ الثاني وقال احمد في الرواية الثانية ان كفر عن الأول وجب عليه عن الثاني بدنة لنا انه وطئ صادق احراما لم يتحلل منه فوجب البدنة كما
لو كان الاحرام صحيحا ولان الاحرام الفاسد كالصحيح في سائر الكفارات فكذا الوطئ احتج أبو حنيفة بأنه وطؤ صادق احراما نقضت حرمته فلم
يجب به البدنة كما لو وطئ بعد التحلل الأول واحتج مالك بأنه وطئ لا يتعلق به افساد الحج فلا تجب الكفارة كما لو كان في مجلس واحد والجواب
عن الأول ان الوطئ بعد التحلل لم يصادف الاحرام إذ قد تحلل من معظم محظوراته ففارق الوطئ في الاحرام الكامل وعن الثاني ان عدم
تعلق الافساد به لا يمنع وجوب الكفارة كقتل الصيد ولبس الثوب وغيرهما من أنواع المحظورات واحتج احمد بان المهر يتداخل والحد إذا كرر
838

الوطئ قبل أداء الأول ولو يفرق لم يتداخل والجواب بالفرق بينهما فان الهتك يتحقق في كل وطئ بخلاف المقيس عليه اما الشيخ (ره) فقال في
الخلاف ان قلنا بما قاله الشافعي من أنه إذا كفر عن الأول لزمة الكفارة وان كان قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة كان قويا لان الأصل
براءة الذمة وهذا يدل على ترد الشيخ (ره) فيه وجزم في المبسوط بتكرر الكفارة على كلا التقديرين مسألة ولو جامع قبل طواف
الزيادة واجب عليه جزوران عينا فان لم يتمكن فشاة لما تقدم من أن من جامع بعد التحلل الأول وجب عليه بدنه وقد مضى الخلاف فيه يدل
عليه أيضا ما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن متمتع وقع على أهله ولم يزد قال ينحر جزور وقد خشيت
ان يكون قد ثلم حجه ان كان عالما وان كان جاهلا فلا بأس عليه وفي الصحيح عن عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل واقع أهله
حين ضحى قبل أن يزور البيت قال يهريق دما وعن أبي خالد القماط قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل وقع أهله يوم النحر قبل أن يزور قال إن
كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنه وان كان غير ذلك فبقرة قلت أو شاة وروى ابن بابويه عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن رجل واقع امرأته وهو محرم قال عليه جزور كوما؟؟ فقال لا يقدر قال ينبغي لأصحابه ان يجمعوا له ولا يفسد وليجه؟؟ مسألة وان جامع
بعد أن طاف عن طواف الزيارة شيئا وجب عليه الكفارة بدنه أيضا وقد مضى الخلاف في أصل ذلك من أن الجامع قبل الاخلال ما حكمه
وقد سلف وكذلك لو أتم طوافه ثم جامع بعد أن سعى من سعيه شيئا فان البدنة يجب عليه لأنه سيأتي ان من جامع قبل طواف النساء وجب عليه البدنة
ويدل على ما ذكرناه ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل طاف بالبيت أسبوعا طواف الفريضة ثم
سعى من الصفا والمروة أربعة أشواط ثم غمز بطنه فقضى حاجته ثم غشى أهله قال يغتسل ثم يعود فيطوف بثلاثة أشواط ويستغفر ربه ولا
شئ عليه قلت فإن كان طاف بالبيت طواف الفريضة فطاف أربعة أشواط ثم غمز بطنه فخرج فقضى حاجته فغشى أهله قال أفسد حجة وعليه
بدنه ثم يرجع فيطوف أسبوعا لم يسعى ويستغفر ربه قلت كيف لم يجعل عليه حين غشى أهله قبل أن يفرغ من سعيه كما جعلت عليه هديا
حين غشى أهله قبل أن يفرغ من طوافه قال إن الطواف فريضة وفيه صلاة والسعي سنة من رسول الله صلى الله عليه وآله قلت أليس الله
تعالى يقول إن الصفا والمروة من شعائر الله قال بلى ذلك قد قال فيهما فمن تطوع فان الله شاكر عليم فلو كان السعي فريضة لم يقل فمن تطوع
واعلم أن في هذا الحديث اشكال لأنه أحدهما انه (ع) جعل الطواف فريضة والسعي سنة وكلاهما فرض عندنا وان خالف في السعي بعض
الناس على ما تقدم الثاني انه لو لم يوجب بالوطئ قبل الفراغ من السعي شيئا وأنتم أوجبتم عليه البدنة الثالث قوله (ع) فسد حجه وقد بينا
ان الافساد بالوطئ انما يتحقق إذا كان قبل الوقوف بالموقفين والجواب عن الثاني الأول يحتمل انه (ع) أراد بالسنة ما ثبت عن الرسول
صلى الله عليه وآله واستفيد من سنته لا انه مندوب وعن الثاني باحتمال ان يكون الوطئ قبل الفراغ من سعى العمرة المتمتع بها إلى الحج على
سبيل السهو لأنا انما أو جبنا الكفارة لو وطئ في أثناء السعي للحج لان الوطئ قبل طواف النساء مطلقا يوجب بدنه وهذا غير متحقق في احرام
العمرة المتمتع بها لأنها لا طواف للنساء فيها وعن الثالث ان المراد بالحج الطواف ولا استبعاد في التجويز عن الجزء باسم الكل فإنه أحد أسباب
المجازات وانه أراد بالفساد ادخال الهتك فيه إذا ثبت هذا فقد يلخص انه من وطئ في احرام الحج قبل طواف النساء وجب عليه بدنه سواء
فرغ من سعيه إلى الحج أو لم يفرغ فلو سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط وظن أنه أتم السعي فقصر وجامع وجب عليه دم بدنة وروى في بقرة على
ما يأتي ويسعى شوطا اخر وانما وجب عليه الكفارة لأنه خرج من السعي على غير وجه القطع والظن لا اعتداد به وهذا ليس بحكم الساهي وهذا
يكون في سعى العمرة المتمتع بها ولو كان في سعى الحج كان يجب عليه الكفارة ولو سلم له سعيه وخرج منه على يقين لأنه قاطع على وجوب طواف النساء وليس كذلك
العمرة المتمتع بها لو سلم له سعيه وقصر لم يجب عليه الكفارة لان طواف النساء غير واجب فيه اما لو سهى طواف النساء أيضا فجامع فالوجه سقوط
الكفارة لما تقدم من أنه لو وطئ ناسيا لم يكن عليه شئ قال الشيخ (ره) ولو كان قد انصرف من السعي قلنا إنه تممه ثم جامع لم يلزمه الكفارة
وكان عليه امام السعي فجعله في حكم الناسي وهو انما يصح أيضا في احرام العمرة المتمتع بها إلى الحج مسألة ولو جامع قبل طواف النساء
وجب عليه بدنة أيضا وحجة صحيح على ما قلناه أولا ويدل على وجوب الكفارة انه وطئ في احرام فكان عليه بدنه كما لو جامع بعد الموقفين قبل
طواف الزيارة وما رواه الشيخ عن سلمه بن محرر قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء
قال ليس عليه شئ فخرجت إلى أصحابنا فأخبرهم فقالوا يقال هذا مبشر قد سأله فقال له عليك بدنة قال فدخلت عليه فقلت جعلت
فداك اني أخبرت أصحابنا بما أخبرتني فقالوا يقال هذا مبشر قد سأله عما سألت فقال له عليك بدنة فقال له ان ذلك كان بلغه فهل
بلغك قلت لا قال ليس عليك شئ وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف
طواف النساء قال عليه جزور؟ وان كان جاهلا فليس عليه شئ وقال سألته عن رجل قبل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف
هي قال عليه دم يهريقه ومن عنده مسألة وانما يجب عليه البدنة في الجماع قبل طواف الزيارة وقبل طواف النساء لو فعل ذلك
839

متعمدا عالما بالتحريم ولو كان ناسيا أو جاهلا لم يجب عليه كفارة لأنهما عذران يسقطان الكفارة في الوطئ قبل الوقوف وهو أبلغ من (الفاحشة)
هنا فههنا أولى ويؤيده ما تقدم في حديث سلمة بن محرر ومعوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) فإنهما دلا على سقوط الكفارة عن الجاهل
فتسقط عن الساهي لأنه أعذر مسألة ولو جامع بعد أن طاف من طواف النساء شيئا قال الشيخ (ره) ان كان أكثر من النصف بنى عليه
بعد الغسل ولا شئ عليه وان كان أقل من النصف لزمه الكفارة وأعاد الطواف وهو حينئذ لموافقه الأصل من براءة الذمة والصحة ولان أعظم
الشئ يعطي غاليا حكم ذلك الشئ ولو جامع بعد فراغه من الطواف لم يكن عليه شئ وكذا إذا طاف معظمه يدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح
عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن رجل كان عليه بطواف النساء وحده وطاف خمسة أشواط ثم غمره بطنه فخاف ان
يبدوه فخرج إلى منزله منه فنقض ثم غشى جاريته قال يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه ويستغفر ربه
ولا يعود وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنه ويغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا
إذا ثبت هذا فان الشيخ (ره) استدل بهذه الرواية على سقوط الكفارة في حق من جامع بعد مجاوزة النصف وهي انما تدل على سقوطها
عمن جامع وقد طاف خمسة أشواط اما لو طاف أربعة أشواط فان احتج بمفهوم قوله فطاف منه ثلاثة أشواط كان للمنازع ان يحتج بمفهوم
الخمسة وبالجملة فالذي يختاره انه لا كفارة عليه إذا طاف خمسة أشواط اما لو طاف أربعة أشواط فإنه يجاوز النصف لكن الكفارة يجب
عليه عملا بالاخبار الدالة على وجوب الكفارة على من جامع قبل طواف النساء إذ هو ثابت في حق من طاف بعضه السالم عن معارضة طواف خمسة
أشواط اما ابن إدريس فإنه اعتبر مجاوزة النصف في صحة الطواف والبقاء عليه لا في سقوط الكفارة وقال الاجماع حاصل على أن من جامع
قبل طواف النساء فان الكفارة تجب وهو متحقق فيما إذا طاف دون الأشواط مع أن الاحتياط يقتضي وجوب الكفارة ولا تعويل على
هذا الكلام مع ورود الحديث الصحيح وموافقة عمل الأصحاب عليه مسألة ولا فرق في الوطي بين ان يطأ في احرام حج واجب أو مندوب
لأنه بعد التلبس بالاحرام يصير المندوب واجبا ويجب عليه اتمامه كما يجب عليه اتمام الحج الواجب ولان الحج الفاسد يجب اتمامه فالمندوب أولى لقوله تعالى
وأتموا الحج والعمرة لله إذا ثبت هذا فكل صورة قلنا إنه يفسد الحج الواجب فيها كالوطئ قبل الوقوف بالموقفين فإنه يفسد الحج المندوب فيها أيضا
فلو وطئ قبل الوقوف بالموقفين في الحج المندوب فسد حجه ووجب عليه اتمامه وبدنه والحج من قابل ولو كان بعد الوقوف في الموقفين وجب عليه
بدنه لا غير عملا بالعمومات المتأولة للواجب والندب مسألة وكذا لا فرق ان يطأ امرأته الحرة أو جاريته المحرمة أو المحلة إذا كان محرما
وان الحكم في الجميع واحد اما الافساد وان كان الوقف قبل الوقوف بالموقفين أو البدنة خاصة ان كان بعده عملا بالعمومة إذا ثبت هذا
فان كانت أمته محرمة بغير اذنه أو محله فإنه لا يتعلق بها كفارة ولأنه عنها ولو كانت محرمه باذنه وطاوعته قبل يتعلق بها كفارة فيه
اشكال والوجه وجوبها وإذا قلنا بوجوب الكفارة فهل يجب على المولى فالوجه ان حكمها حكم العبد المأذون له في الحج إذا فسد حجه سيأتي
ولو أكرهها فالوجه انه مبني على حكم المطاوعة وان قلنا بوجوب الكفارة وإلا فلا مسألة ولو وطئ أمته وهو محل وهي
محرمة فإن كان احرامها بغير اذنه فلا اعتداد به ولا كفارة عليه لوقوعه فاسدا فلا يؤثر هتكه في العقوبة وان كان احرامها باذنه وجب عليه
بدنه أو بقرة أو شاة فان لم يجد كان عليه شاة أو صيام ثلاثة أيام لأنه هتك احرام صحيح مسند إليه فكان عليه كفارة ويدل عليه ما رواه الشيخ عن إسحاق
بن عمار قال قلت لأبي الحسن موسى (ع) أخبرني عن رجل محل وقع على أمة محرمة قال مؤسر أو معسرا قلت أجبني عنهما قال هو أمرها بالاحرام
أم لم يأمرها أو أحرمت قبل نفسها قلت أجبني فيهما قال إن كان مؤسرا وكان عالما انه لا ينبغي له وكان هو
الذي أمرها بالاحرام جعلته بدنة
وان شاء بقرة وان شاء شاة وإن لم يكن أمرها بالاحرام فلا شئ عليه مؤسرا كان أو معسرا وان كان أمرها وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام
وقد روى الشيخ عن ضريس قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل امر جاريته ان يحرم من الوقت فأحرمت ولم يكن هو أحرم فغشيها بعدما أحرمت
قال يحرمها فتغسل ثم تحرم ولا شئ عليه والوجه في هذه الرواية انها تكون قد تلبست بالاحرام قبل أن تلبي كما قلنا أولا وهو مفهوم
من قوله تغتسل ثم تحرم وهو انما يكون في ابتداء الاحرام لأنه عطف الغشيان على الاحرام بالفاء مقتضية للتعقيب فروع
الأول لو كان محرما وهي محرمه باذنه أو بغير اذنه وجب عليه الكفارة قولا واحدا على ما بيناه ويتعلق به الافساد وان كان قبل الوقوف
على ما بينا وكذا لو كانت محله الثاني لو كان هو محلا وهي محرمة باذنه وجب عليه البدنة لا غير سواء كان قبل الوقوف بالموقفين
أو بعده وسواء طاوعته أو أكرهها لكن لو طاوعتها فسد حجها ووجب عليه ان يأذن لها بالقضاء لأنه اذن لها بالابتداء وأحرمت احرام منعقد
أو كان الفساد منه فوجب عليه الاذن في القضاء كالصيام الثالث لو حجت زوجته الحرة تطوعا فإن كان بغير اذنه لم ينعقد احرامها و
وطيها فيه وهو محل فلا شئ عليه ولو كان محرما وجب عليه الكفارة عنه وفسد حجه ان كان الوقوف وإلا فلا ولو كانت محرمه باذنه كان حكمه
حكم الواجب الرابع لو زنا بامرأة تعلق به من الاحكام ما يتعلق بالوطئ الصحيح لأنه بلغ في هتك الاحرام فكانت العقوبة واجبة عليه
840

بل أولى بالوجوب مسألة قال الشيخ (ره) من وجب عليه دم بدنه في افساد الحج فلم يجد كان عليه بقرة فان لم يجد فسبع شياة على الترتيب
فان لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو تمها طعاما يتصدق به فان لم يجد صام عن كل يوم مدا قال ونص الشافعي على مثل ما قلناه قال وفي أصحابنا من قال هو مخير
ثم استدل الشيخ (ره) على قوله باجماع الفرقة واخبارهم وطريق الاحتياط اما ابن بابويه (ره) فإنه قال من وجب عليه بدنة في كفارة فلم يجدها
فعليه سبع شياة فان يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله إذا عرفت هذا فالشافعي ذهب إلى ما قاله الشيخ (ره) وعن أحمد روايتان أحدهما
انها على التخيير ان شاء اخرج إلى هذه الخمسة الذي ذكرناها أعني البدنة والبقرة وسبع شياة وقيمة البدنة والصيام لنا على الترتيب ان الصحابة
والأئمة (عل) قضوا بالبدنة في الافساد وذلك يقتضي تعيينها والبقرة دونها قال يقوم مقامها وانما كانت دونها لان الحسن يعطي
النقصان وكذا القيمة السوقية فان النبي صلى الله عليه وآله قال في الرواح إلى الجمعة من راح في الساعة الأدلة فكأنما قرب بدنة ومن راح
في الثانية فكأنما قرب بعمرة ولان ذلك سبب يجب به القضاء وكانت كفارته على الترتيب كالفوات احتج احمد بأنه سبب تجب به البدنة فكان
التحريم فيها ثابتا كقتل النعامة ولان هذه الكفارة وجبت بالاستمتاع فأشبه ما دون الفرج والجواب عن الأول لان الانتقال في قتل النعامة إلى
القيمة فكان مخيرا فيها وهنا ينتقل إلى ما هو دونها على انا نمنع الحكم في الأصل كما تقدم الخلاف فيه وعن الثاني تلك الكفارة لا تجب لافساد
العبادة فهي بمنزلة كفارة الصوم على انا نمنع الحكم في الأصل أيضا فان البدنة عندنا يتعين في وطئ ما دون الفرج مسألة ولو وطئ في
العمرة قبل السعي فسدت عمرته ووجب عليه بدنة وقضاؤها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذ وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته ووجبت
عليه عليه القضاء وشاة وقال احمد يجب الوطئ القضاء وشاة إذا وجد في الاحرام لنا انها عبادة يشتمل على طواف وسعى فوجب بالوطئ فيها بدنة
كالحج وما رواه الشيخ عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يعتمر العمرة منفردة فيطوف بالبيت فطواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن
يسعى بين الصفا والمروة قال قد أفسد عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة محلا حتى يخرج الشهر التي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته
رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل بلاده فيحرم منه ويعتمر وفي الصحيح عن يزيد بن معاوية العجلي قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل اعتمر
عمره مفردة فغشى أهله قبل أن يفرغ في طوافه وسعيه قال عليه بدنه لفساد عمرته وعليه ان يقيم إلى الشهر الاخر فيخرج إلى بعض المواقيت فيحرم بعمرة
اما أبو حنيفة فإنه بناه على أصله وهو انه إذا وجب القضاء لم يجد البدنة على ما قررنا من مذهبه أولا ونحن قد أبطلنا أصله فبطل ما بني عليه
وأيضا احتج بأنها عبادة ولا يتضمن الوقوف فلا يجب بالوطي فيها بدنه كما لو قرنها بحجة والجواب المنع من الحكم في الأصل وسيأتي مسألة
والبدنة والفساد ويتعلقان بالوطئ وفي احرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا وطئ بعد أربعة
أشواط لم يفسد عمرته ووجبت الشاة لنا انه وطوء صادف احراما تاما فوجبت البدنة وفسدت العمرة كما لو كان قبل الطواف وما تقدم في
حديث مسمع عن الصادق (ع) احتج أبو حنيفة بأنه وطئ بعدما أتى بركن العبادة فأشبه إذا وطئ بعد الوقوف في الحج وانما وجبت الشاة لأنه
الشاة يقوم مقام الطواف والسعي في حق المحصر فقامت مقام بعض ذلك ههنا والجواب ان محظورات الحرام سواء مثل الطيب واللباس وقتل
الصيد يستوي قبل الاتيان بأكثر الطواف أو بعده كذلك الوطئ مسألة القارن عندنا هو الذي يسوق إلى احرامه هديا وعندهم هو
من يقرن الاحرامين على مضى الخلاف فيه إذا ثبت هذا فلو أفسد القارن حجه وجب عليه بدنه وليس عليه دم القران ويجب عليه القضاء وقال
الشافعي إذا وطئ القارن على تفسيرهم وهو الجامع بين الحج والعمرة في الاحرام لزمه بدنه بالوطئ ودم القران ويقضى قارنا ويلزم دم القران في
القضاء أيضا فان قضا مفرد جاز ولا يسقط عند دم القران الذي يلزمه في القضاء وبه قال احمد إلا أنه قال إذا قضا مفردا لم يجب دم القران وقال
أبو حنيفة يفسد احرامه ويجب عليه شاة لافساد الحج وشاة لافساد العمرة وشاة القران الا ان يكون قد وطئ بعد ما طاف في العمرة أربع أشواط
لنا انه أفسد حجه فكان عليه بدنة كالمتمتع والمفرد اما أبو حنيفة قال الافساد عنده لا يوجب البدنة وقد مضى الكلام فيه واما الشافعي فإنه قال الدم
يجب في الأداء ويجب في القضاء وقد مضى بطلان ذلك كله عند تفسير القران وان دم القران مستحب فيما مضى مسألة وإذا قضاء الخارج
أو المعتمر فعليه في قضاء الحج الاحرام من الميقات وعليه في احرام العمرة الاحرام من أدنى الحل وبه قال أبو حنيفة ومالك قال الشافعي إذا فسد الحج والعمرة
لزمة القضاء من حيث أحرم بالأداء وبه قال احمد لنا انه لا يجوز الاحرام قبل الميقات على ما بينا الأعلى وجه النذر وقد سلف بيانه فلا يجوز
في القضاء أيضا لأنه تابع واما في العمرة فان الاحرام من أدنى الحل هو الواجب في الأداء وكذا في القضاء وان النبي صلى الله عليه وآله امر عايشة
ان تقضى عمرتها من التنعيم ولان هذا تبرع به في الأداء فلا يلزمه في القضاء كما لو أحرم من أول شهور الحج احتج الشافعي بان كل مسافة وجب عليه
قطعها محرما في الأداء وجب عليه في القضاء كما لو أحرم قبل الميقات والجواب انا نقول بموجبه لأنه لا يجب عليه قطع المسافة محرما الا من الميقات اما
أبو حنيفة فإنه يفرق بين الأصل والفرع لأنه إذا أحرم قبل الميقات فقد تلبس به فوجب عليه الاتمام وانما يكن بقطع المسافة محرما فكان واجب
بخلاف القضاء الذي لم يشرع فيه بعده فإنه كما لم يجب الاحرام قبل الميقات في الأداء فكذا القضاء لأنه تابع ولان الأصل براءة الذمة إذا ثبت
841

هذا فان الطريق الذي سلكه في الأداء لا يجب عليه سلوكه في القضاء اجماعا وهذا ينقص على الشافعي وجوب الاحرام من المكان الذي أحرم فيه
الأداء لكن الشافعي أوجب الاحرام من المحاذي للمكان الأول مسألة إذا فسد حجه بالوطئ قبل الوقوف بالموقفين وجب عليه بدنه واتمامه
والقضاء من قابل على ما قلناه فلو أفسد القضاء أيضا وجب عليه بدنة اخر واتمام القضاء الفاسد أيضا ووجب عليه الحج من قابل عملا بالعمومات
الدالة على وجوب ما ذكرناه على من وطئ قبل الوقوف بالموقفين وهو يتناول القضاء كما يتناول الأداء إذا ثبت هذا فإنه يلزمه ان يأتي القضاء
ولا يتكرر عليه بل إذا اتي بحجة واحدة كفاه وكذلك ان تكرر افساد القضاء كفاه قضاء واحدا لان الحج الذي يلزمه ان يأتي به على شرايطه الصحيحة
واحد فإذا لم يأتي به على شرايطه لزمه ان يأتي به على شرايطه ولا يجب عليه ان يأتي يقضى آخر عوضا عن افساد القضاء بمفرده بل إذا اتي به العام
الثالث بحجة صحيحة كفاه عن الفاسد ابتداء قضاء ولو أفسد الحج الثالث كفاه في العام الرابع ان يأتي بحجة واحدة صحيحة عن جميع ما تقدم
لان الحج الفاسد إذا انضم إليه القضاء اجزاء عما كان يجري عنه الأداء ولو لم يفسده فهذا القضاء الذي أفسده إذا أتى بعده القضاء اجزاء
عما كان يجزي الفاسد لو كان صحيحا ولو كان صحيحا سقط به قضاء الأول كذلك إذا قضاه وهذا يقتضي ان يكون هذا القضاء غير القضاء الفاسد
مسألة قد بينا انه لا يجوز للمحرم ان يعقد لمحرم على امرأة ودخل المحرم وجب على العاقد كفارة كما يجب على الواطي وكذا لو كان العاقد
محلا رواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) قال لا ينبغي للرجل الحلال ان يزوج محرما يعلم أنه أو يحل له قلت
فان فعل للحل بها المحرم قال إن كانا عالمين فان على كل واحد منهما بدنة وعلى المراة ان كانت محرمة وإن لم تكن محرمة فلا شئ عليها الا ان تكون
قد علمت أن الذي تزوجها محرم فان كانت علمت ثم تزوجته فعليها بدنه وفي سماعة قول وعندي هذه الرواية توقف مسألة ولو نظر إلى غير أهله
فأمنى لم يفسد حجه وجب عليه بدنة ذهب إليه علماؤنا اجمع وبعدم الافساد قال ابن عباس وأبو حنيفة والشافعي واحمد وقال مالك إذا ردد النظر حتى أمنى
وجب عليه الحج من قابل وبه قال الحسن البصري وعطا انه إنزال من غير مباشر فأشبه الانزال عن الذكر والاحتلام احتجوا بأنه إنزال يفعل محظورا فأشبه
الانزال بالمباشرة والجواب ان المباشرة أبلغ في اللذة وكذا في استدعاء الشهوة والفاحشة فيها أعم فلا يجوز القياس عليها إذا ثبت هذا فإنه
لو نظر إلى غير أهله ولم يكرر النظر وكرره حتى أمنى وجب عليه البدنة عندنا وقال ابن عباس واحمد في إحدى الروايتين انه ان كرر وجبت البدنة وإن لم
يكن كرر وجب عليه شاة مطلقا وهو قول سعيد بن جبير واسحق وقال أبو ثور لا شئ عليه مطلقا وبه قا ل أبو حنيفة حكاية عنه والشافعي لنا انه إنزال
محظور فأوجب البدنة كالجماع فيما دون الفرج وما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل محرم نظر إلى ساق امرأة فأمنى
فقال إن كان مؤسرا فعليه بدنه وان كان وسطا فعليه بقرة وان كان فقيرا فعليه شاة ثم قال اما اني لم اجعل هذا عليه لأنه أمنى انما جعلت عليه
لأنه نظر الا ما لا يحل له وفي الصحيح عن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل قال عليه جزورا وبقرة فان لم يجد
فشاة وقول احمد بوجوب الشاة لا غير ضعيف لما تقدم ولان ابن عباس أوجبه البدنة ولأنه إنزال من غير مباشرة أشبه الانزال عن النظر المتكرر
وقول الشافعي ضعيف لما تقدم ولما روى عن ابن عباس أنه قال له رجل دخل إليه بهذه وفعل انها تطيب لي فكلمتني وحدثتني حتى سبقني
الشهوة فقال ابن عباس تم حجك واهرق دما وعن
مجاهد ان محرما نظر إلى امرأته حتى أمذى فجعل يشمها فقال ابن عباس أهرق دما ولا تشمها لأنه إنزال عن سبب محرم فوجبت الكفارة عليه
كالجماع فيما دون الفرج فروع الأول لو كرر النظر حتى أمذى لم يجد عليه شئ لان الأصل براءة الذمة ولم يوجد نص على خلافه
ولا اجماع ولا هو في معنى المنصوص فان المني أبلغ لتعلق الغسل به وغيره من الاحكام بخلاف المذي وقال احمد يجب به دم لأنه جزء من المني وهو خطأ
لما تقدم الثاني لو كرر النظر ولم يقرن به مذى ولا مني وكذا لم يكن عليه شئ ولا نعلم فيه خلافا الا ما روى عن أحمد ان من جرد امرأته ولم يكن منه غير التحريد
ان عليه شاة وهو ضعيف لان الأصل براءة الذمة ولم يوجد نص ولا معناه بخلافه فيبقى معمولاته بل المنقول ان النبي صلى الله عليه وآله كان
ينظر إلى نسائه وهو محرم وكذلك الصحابة الثالث لو فكر فأنزل لم يكن عليه شئ عملا بالأصل ولان الفكر يعرض للانسان من غير اختيار
فلا يتعلق به عقوبة كما في الصيام ولقول النبي صلى الله عليه وآله ان الله يجاوز لأمتها عما حدثت به أنفسها ما لم يعمل به وتكلم به رواه الجمهور
الرابع لو لم يجد البدنة كان عليه بقرة فان لم يجد كان عليه شاة لما تقدم في حديثي زرارة وأبي بصير عن الباقر والصادق (ع) مسألة لو
نظر إلى أهل تجرد عن الشهوة لم يكن عليه شئ سواء أمنى أولم يمن وان كان نظر بشهوة فأمنى كان عليه بدنة ذهب إليه علماؤنا واما الجمهور
فلم يفصلوا بين الأجنبية والزوجة بل حكموا بما قلناه عنهم أولا حكما مطلقا لنا ان النطر إلى الزوجة سايغ ففارق حكمه حكم الأجنبية
وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سالت عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم قال لا شئ
عليه هذا إذا كان نظره بغير شهوة اما لو قارن نظره الشهوة فإنه يجب عليه البدنة لأنه إنزال بسبب محرم فكن عليه بدنه كما لو نظر إلى الأجنبية
842

فأنزل ويؤيده ما رواه الشيخ عن مسمع بن أبي سيار قال قال أبو عبد الله (ع) يا أبا سيار ان حال المحرم صنعة إلى أن قال ومن نظر
إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه ضرر ولا يعارض ذلك ما رواه في الصحيح إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في محرم نظر إلى امرأته بشهوة
فأمنى قال ليس عليه شئ لأنه محمول على السهو دون العمد مسألة ولو مس امرأته فاما ان يكون بشهوة أو بغير شهوة لم يكن عليه شئ
سوا أمنى ولم يمن ويكون حجه صحيحا على كلا التقادير سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة
وقال مالك إذا انزل مع ذلك فسد حجه وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل لنا انه استماع لا يجب بنوعه الحد فلا يفسد الحج كما لو لم ينزل احتج مالك
بأنها عبادة يفسدها الوطئ فأفسدها الانزال عن المباشرة كالصوم والجواب الفرق بين الصوم والحج فان الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب
الامساك عنه لأجله بخلاف الحج ويدل على وجوب الشاة مع المس بشهوة سواء انزل أو لم ينزل انه فعل محظور في الاحرام لوجب عليه الفداء و
للاجماع وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى فقال إن حملها أو مسها بشهوة
فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه فان حملها أو مسها لغير شهوة فأمنى أو لم يمن فليس عليه شئ وفي الصحيح عن مسمع بن أبي سيار قال قال
أبو عبد الله (ع) يا أبا سيار ان حال المحرم ضيفه إلى أن قال ومن مس امرأته وهو محرم على شهوة عليه دم شاة وان مس امرأته أولا رزقها من غير
شهوة فلا شئ عليه وعن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع) يضع يده على امرأته قال لا بأس قلت فإنه أراد أن ينزلها في المحمل ويضمها
إليه قال لا بأس قلت فإنه أراد أن ينزلها في المحمل فلما ضمها إليه أدركته الشهوة قال ليس عليه شئ الا ان يكون طلب ذلك وفي الصحيح عن حريز عن
محمد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل محرم حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى قال إن كان حملها أو مسها بشئ من الشهوة فأمنى أو لم
يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه وان حملها أو مسها بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شئ مسألة ولو قبل امرأته فإن كان بشهوة كان
عليه جزورا وان كان عليه بغير شهوة كان عليه شاة ولا يفسد حجه على كل تقدير سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده وممن قال بعدم
الافساد سعيد بن المسيب وعطا وابن سيرين والزهري وقتادة والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال مالك ان انزل فسد حجه وهو إحدى
الروايتين عن أحمد بن حنبل ومروي عن سعيد بن جبير لنا انه إنزال بغير وطي فلم يفسد به الحج كالانزال عن نظر احتجوا بأنه إنزال عن سبب محرم
فأفسد الحج كالانزال عن الجماع والجواب الفرق ظاهر فان الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع ولهذا أفسد الحج مع الانزال وعدمه والانزال عن القبلة
دونه في المرتبة فوجب ان يحط مرتبته في العقوبة فأوجبنا عليه البدنة ولو لم ينزل ولم يكن قبل بشهوة وجبت الشاة التي هي دون البدنة
لانحطاط هذه المرتبة عن المرتبة الأولى لان مراتب احكام الاستمتاع على وفق ما يحصل به من اللذة إذا عرفت هذا فنقول انه يجب البدنة
إذا قبل بشهوة وشرط ابن إدريس الانزال أيضا ولو لم ينزل كان عليه دم شاة كما لو قبلها بغير شهوة اما الشيخ (ره) فإنه أوجب الشاة في التقبيل
بغير شهوة مطلقا والبلاء فيه مع مطلقا ولم يعتبر الانزال حجة الشيخ (ره) ما رواه عن ابن أبي حمزة عن أبي الحسن قال سألته عن رجل قبل امرأته وهو محرم قال عليه بدنه
وإن لم ينزل وليس له ان يأكل منه اما ابن إدريس فربما استضعف هذه الرواية لان طريقها علي بن أبي حمزة وسهل بن زياد وهما ضعيفان
ويتمسك بالأصل ويستدل على وجوب البدنة مع الانزال بما رواه الشيخ في الصحيح عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) ان حال المحرم ضيعه ان
قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ومن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور فيستغفر الله مسألة ولا بأس ان يقبل
المحرم حال الاحرام لأنه يكون من جهة الرحمة والتعطف دون الشهوة وميل الطباع ويدل عليه ما رواه الشيخ عن الحسين بن حمار قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن المحرم يقبل أمة قال لا بأس به هذه قبله رحمة انما يكره قبل الشهوة مسألة من لاعب امرأته وهو محرم فأمنى عليه
بدنه لأنه إنزال عن سبب محرم فوجب البدنة كما لو انزل عن نظر وهل يجب عليه الكفارة أيضا أم لا نص الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي
عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل بعث بامرأته حتى يمنى وهو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما فقال عليهما جميعا
الكفارة مثل ما على الذي يجامع مسألة ولو سمع كلام امرأة واستمع على من يجامع من غير رؤية لها فتشاها فأمنى لم يكن عليه شئ لأنه يتعذر التحرز
عن مثل هذا فلو وجبت العقوبة لزم الحرج اما لو كان برؤية فإنه يجب عليه الكفارة على ما قدمناه ويدل عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي بصير قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حايط وهو محرم فتشاها حتى انزل قال ليس عليه شئ وعن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع)
قال في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى قال ليس عليه شئ ولان الأصل براءة الذمة فيعمل به ما لم
يظهر المنافي مسألة قال المفيد
(ره) من قبل امرأته وهو محرم فعليه بدنه انزل أو لم ينزل فان هويت المراة ذلك كان عليها مثل ما عليه ويكره للمحرم ان يأكل من يد امرأته شيئا تلقيه
؟ وكذلك يكره ان يأكل من يد جاريته لا يتخوف عليه من تحرك شهوته بذلك قال الشيخ (ره) في التهذيب ومن سكر امرأته فعليه بدنه فان
اشتهت هي أيضا ذلك كان عليها أيضا بدنة لما رواه خالد الأصم قال حججت وجماعة من أصحابنا وكانت معنا امرأة فلما قدمنا مكة جاءنا رجل
843

من أصحابنا فقال يا مولاي اني قد بليت قلنا بماذا قال سكرت بهذه الامرأة فسألوا أبا عبد الله (ع) فسألناه فقال عليه بدنه فقال المراة سئلوا إلى
أبا عبد الله فاني قد اشتهيت فسألناه فقال عليها بدنة مسألة قد بينا انه إذا فسد حجه وجب عليه اتمام الفاسد جملا فالجماعة الظاهرين
وقال مالك يجعل الحجة عمرة ولا يقيم على الحج الفاسد وقد تقدم البحث مع أهل الظاهر ولنا على مالك قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وهو يقيم
الصحيح والفاسد ولأنه قول علي (ع) وعمر وابن عباس وأبي هريرة ولا مخالف لهم فكان اجماعا وما تقدم من طرق أهل البيت (عل) في ذلك
ولأنها حجة لا يمكنه الخروج منها بالاخراج فلا يخرج منها إلى عمرة كالصحيحة إذا ثبت هذا فإنه لا يحل من الفاسد بل يجب عليه بعد الافساد وكلما يفعله
لو كان صحيحا ولا يسقط عنه توابع الوقوف من التبيت بمزدلفة والرمي وغيرهما وكذلك يحرم عليه بعد الفساد كلما كان محرما عليه قبله من الوطئ ثانيا
وقتل الصيد والطيب واللباس وغير ذلك من المحرمات ولو خبأ في الاحرام الفاسد وجب عليه ما يجب في الاحرام الصحيح ويجب عليه القضاء من قابل سواء
كانت الفاسدة واجبة بأصل الشرع أو بالنذر أو كانت تطوعا ولا نعلم فيه خلاف ويجب على الفور بالاجماع ذا ثبت هذا فلو أفسد
القضاء لم يجب قضاؤه وانما يقضي عن الحج الأول كما لو أفسد قضاء الصوم والصلاة وجب القضاء للأصل دون القضاء كذلك ها هنا والأصل
فيه أن الواجب لا يزداد بفواته انما يبقى ما كان واجبا في الذمة كما كان صورته القضاء فرع لو أحصر في حج فاسد له التحلل اجماعا لأنه
إذا أبيح له التحلل في الصحيح نفى الفاسد أولى فلو حل ثم زال الحصر وفي الوقت سعة فله ان يقضي في ذلك العام ولا تصور القضاء في العام الذي
أفسد الحج فيه في غيره هذه المسألة اخر لو حج تطوعا فأفسد ثم أحصر كان عليه بدنة للافساد ودم للاحصار وكفا قضاء واحد في القابل
البحث الحادي عشر وفيما يجب في الفسوق والجدل مسألة من جادل مرة أو مرتين صادقا وهو محرم لم يكن عليه شئ
من الكفارة عملا بالأصل ويجب عليه التوبة فان جادل ثلث مرات وهو صادق كان عليه دم شاة لنا ارتكب محظور المخالفة النهى في
قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فيجب عليه الكفارة وهو كما يتناول الثلث يتناول ما دونها لكن لما كان في الأغلب
بقدر الانفكاك المحرم عن الجدال عفى عنه صادقا في المرتبتين الأولتين فيبقى الباقي على الأصل ويدل عليه ما رواه ابن بابويه في؟
عن محمد بن مسلم والحلبي جميعا عن أبي عبد الله (ع) فقالا فمن ابتلى الجدال ما عليه فقال إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم
يهريقه شاة وعلى المخطي بقرة وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) ان الرجل إذا حلف ثلاثة ايمان في
مقام ولاء وهو محرم فقد جادل وعليه حد الجدال دم يهريقه وتصدق به وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن
الجدال في الحج فقال من زاد على دفعتين فقد وقع عليه الدم فقيل له الذي يجادل وهو صادق قال عليه شاة والكاذب عليه بقرة وعن أبي بصير إذا
حلف الرجل ثلاثة ايمان وهو صادق وهو محرم فعليه دم يهريقه وعن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يقول لا
والله وبلى والله وهو صادق عليه شئ قال لا واطلاق القول بعدم وجوب الكفارة لا ينافي ما بيناه من وجوبها في الثلث لان تلك الأخبار
مفصلة وهذا مطلق فيحمل عليه ولأنه بالنص دل على عدم الوجوب في قول لا والله وبلى والله لا غير لان السؤال وقع عنه فلا يتناول المجادلة
ثلث مرات مسألة ولو جادل مرة كاذبا كان عليه شاة فان جادل مرتين كان عليه بقرة فان جادل ثلث كاذبا كان عليه جزور
لنا ان الذنب هنا أفحش فكانت العقوبة أغلظ واختلاف المراتب في الكفارة بإزاء اختلافها في الذنب ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي بصير
قال إذا حلف ثلث ايمان وهو صادق وهو محرم عليه دم يهريقه وان حلف يمينا واحدا كاذبا فقد جادل فعليه دم يهريقه وفي الصحيح عن محمد بن
مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الجدال في الحج قال من زاد على دفعتين فقد وقع عليه الدم فقيل له الذي يجادل وهو صادق
قال عليه شاة والكاذب عليه بقرة وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا جادل الرجل وهو محرم وكذب متعمدا فعليه جزور
مسألة والكفارة انما تجب لو فعل ذلك عمدا ولو وقع منه على سبيل السهو لم يكن عليه شئ لما تقدم إذا ثبت هذا فقد بينا
ان الجدال هو قول الرجل لا والله وبلى والله لما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل
يقول لا لعمري وهو محرم قال ليس الجدال ان الجدال قول الرجل لا ولله ويلي والله واما قوله لاها فإنما طلب الاسم وقوله يا هنا فلا
بأس به واما قوله بلى شانيك فإنه من قول الجاهلية إذا عرفت هذا فهل الجدال مجموع اللفظتين لا والله وبلى والله أو إحديهما الأقرب
انه بواحدة منهما يكون مجادلا وقد روى ابن بابويه في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المحرم يريد أن يعمل العمل
فيقول له أصحابه لا والله لا نعلمه فيقول والله لا عملته فيخالفه مرادا فيلزمه ما يلزم صاحب الجدال فقال لا إنما أراد بها اكرام أخيه انما يلزمه
ما كان الله عز وجل وحلى معصيته وهذا الحديث يدل على أن مطلق الجدال لا يوجب عقوبة بل ما يتضمن الحلف على معصية الله تعالى
مسألة والفسوق هو الكذب على ما قلناه أولا ولا شئ فيه عملا بالأصل السالم عن معارضه نص يخالفه أو غيره من الأدلة
ويدل عليه ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم والحلبي جميعا عن أبي عبد الله (ع) قالا له أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه قال
844

ألم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي وقد روى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال اتق المفاخرة وعليك
يودع بحجك عن معاصي الله عز وجل يقول ثم ليقضوا تفثهم ومن التفث ان تكلم في احرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة فطفت بالبيت
تكلمت بكلام طيب وكان ذلك كفارة لذلك فصل روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) ان المحرم إذا خاف
العدو فليلبس السلاح وهذه الرواية صحيحة والعمل عليها على ما بيناه أولا فصل ويجوز للمحرم ان يؤدب علامة وهو محرم عند
الحاجة ان (؟) روى الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان يؤدب المحرم عبده ما بينه وبين عشرة أسواط فصل
قال الشيخ (ره) إذا اقتتل اثنان في الحرم لزم كل واحد منهما وما رواه عن أبي هلال المرادي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجلين
اقتتلا وهما محرمان قال سبحان الله بئس ما صنعا قلت قد فعلا ما الذي يلزمهما قال على كل منهما دم البحث الثاني عشر في لواحق هذا
الباب إذ اجتمعت مختلفة كاللبس وتقليم الأظفار والطيب لزمه عن كل واحد كفارة سواء فعل ذلك في وقت واحد أو وقتين أو كثر كفر عن
الأول أولم يكفر كان كل واحد منهما سبب مستقل في وجوب الكفارة والحقيقة باقية عند الاجماع فالأثر موجود ولو اتحد الفعل فأقسامه
ثلاثة أحدها خلاف على وجه التعديل كقتل الصيد فإنه يعدل به ويجب فيه مثله ويختلف بالصغر والكبر فعل اي وجه فعله وجب عليه الجزاء
ولو تكرر تكررت بلا خلاف لان المثل واجب وهو انما يتعد يتحقق بالتعدد لو تعددت الثاني اتلاف مضمون لا على وجه التعديل كحلق الشعر وتقليم
الأظفار وهما جنسان فان حلق أو قلم دفعة واحدة كان عليه فدية واحدة وان فعل ذلك في أوقات كان يحلق بعض رأسه غدوه وبعضه عشية
تعددت الكفارة عليه وان كان في دفعة واحدة ووقت واحد فوجبت فدية واحدة الثالث الاستمتاع باللباس والطيب والقبلة فان فعله
دفعة واحدة بان لبس كلما يحتاج إليه دفعة أو تطيب بأنواع الطيب دفعة واحدة أو قبل وأكثر منه لزمه كفارة واحدة وان فعل ذلك في أوقات
متفرقة لزمه عن كل كفارة سواء كفر عن الأول أولم يكفر وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي ان كفر عن الأول لزمه كفارة أخرى عن
الثاني وإن لم يكن عليه سوا كفارة واحدة وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وفي الأخرى ان كان السبب واحدا اتحدت الكفارة
كمن لبس ثوبين للحر وان تعدد تعددت كمن لبس ثوبا للحر وثوبا للمرض وقال مالك يتداخل كفارة الوطئ دون غيره لنا انه مع تعدد الوقت بتعدد الفعل
وقد كان بكل واحد سببا تاما في ايجاب الكفارة فكذا مع الاجتماع مسألة إذا جن بعد احرامه ففعل ما يفسد به الحج من الوطئ
قبل الوقوف بالموقفين لم يفسد حجه لان العاقل لو فعل ذلك ناسيا لم يبطل حجه والجنون أبلغ من النسيان في العذر ولقوله (ع) رفع المجنون
حتى يفيق واما الصيد فإنه يلزمه الضمان باتلافه لان حكم العمد والسهو فيه واحد مسألة الصبي إذا قتل صيدا ضمنه كما يضمنه البالغ
وان تطيب ولبس فإن كان ناسيا لم يكن عليه شئ لان البالغ لا شئ عليه في ذلك مع النسيان فالصبي أولي وان كان عامدا فان قلنا إن عمده
وخطأه واحد فلا شئ عليه أيضا ان قلناه ان عمده عمدا لا في القصاص وجبت الكفارة وإذا وجبت فهل تجب على الصبي في ماله من حيث
وجبت بجنايته أو على الولي لأنه عقده باذنه فكان هو الذي ادخله في ذلك وعزر ماله فيه تردد وقال مالك بالثاني اما الشيخ (ره)
قال الظاهر أنه يتعلق به الكفارة على وليه وان قلنا إنه لا يتعلق به كفارة من البالغين كان قويا واما قتل الصيد فإنه يضمنه على كل حال
واما الحلق وتقليم الأظفار فان حكمها عندنا كحكم اللبس والطيب من أن عمده مخالف لخطئه وأما إذا وطئ بشهوة فإنه قد حصل من الصبي
قبل بلوغه وانما يبلغ بالانزال لا بالوطئ وشهوته فإذا فعل فإن كان ناسيا أو جاهلا لم يكن عليه شئ كالبالغ وان كان عامدا
فان قلنا عمده عمد فسد حجه ان كان الوطئ قبل الوقوف بالموقفين وجبت البدنة وان كان خطأ لم يكن عليه شئ وإذا أوجبنا البدنة
على تقدير العمد ففي محل وجوبها وجهان أحدهما عليه والثاني على وليه على ما تقدم إذا عرفت هذا قال قلنا بافساد الحج فهل يجب عليه
القضاء أم لا فيه وجهان أحدهما الوجوب لأنه وطئ عمدا قبل الوقوف بالموقفين فوجب عليه القضاء وعملا بالعموم ولان كل من وجبت البدنة
في حقه للافساد وجب عليه القضاء كالبالغ والثاني عدم الوجوب لأنه غير مكلف فلا يتوجه عليه الامر بالوجوب في القضاء كما لا يتوجه
عليه في الأداء وهو الأقوى إذا ثبت هذا فإذا أوجبنا عليه القضاء هل يجز له ان يجزيه في حال صغره أم لا فيه تردد وقال مالك واحمد
لا يجزيه لأنها حجة واحدة فلم يقع منه في صغيره كحجة الاسلام وقال الشافعي في أحد القولين يحرم لان أداء هذه العبادة يصح منه في حال
الصغر كذلك قضاؤها بخلاف حجة الاسلام فرع إذا أوجبنا على الصبي القضاء فقضاء في حال بلوغه فهل يجزيه عن حجة الاسلام
فالوجه التفصيل وهو ان يقال ان كانت الحجة التي أفسدها لو صحت اجزائه بان يكون قد بلغ قبل مضي وقت الوقوف اجزاء القضاء وان
كان لو بلغ فيها بعد الوقوف لم يجزه القضاء ووجب عليه حجة أخرى للاسلام اخر لو خرجت قافلة إلى الحج فاعمر على؟؟ واحد منهم لا
يصير محرما بإحرام غيره عنه وبه قا ل الشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يصير بإحرام بعض الرفقة محرما لنا انه بالغ لا يصير
محرما بإحرام غيره عنه كالنائم ولأنه لو اذن في ذلك وأجاز لم يصح احتج أبو حنيفة بأنه علم ذلك من قصده
ويلحقه المشقة في ترك ذلك فاجزاء
845

عنه احرام غيره والجواب قد بينا انه لو اذن له فيه لم يصح فكيف مع علم القصد المجرد عن الاذن مسألة ولو قبل امرأة بعد طواف النساء
فان كانت هي قد طافت لم يكن عليها شئ لأنه بعد طواف النساء ويحل له النساء وان كانت هي لم تطف فقد روى عليه دم يهريقه لان القبلة بالنسبة إليه
حرام وقد فعلها هو فكانت عليه العقوبة رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قبل امرأته وقد طاف
طواف النساء ولم تطف هي قال عليه دم يهريقه من عنده مسألة ولو أحصر فبعث بهديه ثم احتاج إلى حلق رأسه لاذى قبل أن يبلغ الهدى
جاز له ان يحلقه محله ويتصدق بالنسك أو الاطعام أو الصيام على ما قلناه لان غير المحصر كذلك وكذا المحصر ويدل عليه ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فإنه ذبح شاة إلى مكان الذي أحصر عنه أو يصوم أو يتصدق على ست مساكين
والصوم ثلاثة أيام والصدقة نصف صاع لكل مسكين مسألة لو قلع ضرسه مع الحاجة إليه لم يكن عليه شئ فإن كان لامع الحاجة
وجب عليه دم شاة قاله الشيخ (ره) استدل عليه بما رواه محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان ان مسألة وقعت في الموسم لم
يكن عند مواليه فيها شئ محرم قلع ضرسه فكتب يهريقه دما
الفصل الثالث في الحصر والصيد والفوات الحصر عندنا هو المنع
عن تتمة أفعال الحج على ما يأتي بالمرض خاصة والصد بالعدد وعند القضاء المخالفين الحصر واحدهما من جهة العدو لنا انهما لفظان متغايران
والأصل عدم الترادف وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) يقول المحصور غير الصدود فان هو المريض و
المصدود هو الذي يرده المشركون كما ردوا رسول الله صلى الله عليه وآله ليس من مرض والمصدود يحل له النساء والمحصور لا يحل له النساء والقارن
إذا أحصر فليس له ان يمتنع في العام القابل عليه ان يفعل مثل ما دخل به إذا عرفت هذا فالبحث هنا يقع على المصدود والمحصور ويحصره بحثان
الأول في الصدود الثاني إذا تلبس الحاج بالاحرام ولو صار محرما تعلق به من الاحكام التي ذكرناها إذا ثبت هذا فإذا صده المشركون أو
غيرهم عن الوصول إلى مكة بعد احرامه ولم يكن له طريق سواء ما سد عنه أو كان له طريق من غير موضع الصد لكن قصرت نفقته تحلل وهو قول العلماء كافة قال الله تعالى
فان أحصرتم فما استيسر من الهدى وروى الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله امر أصحابه يوم حصر وفي الحديث ان ينحروا ويحلقوا ويحلوا
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قالوا المصدود يحل له النساء مسألة
وسواء كان الاحرام للحج أو العمرة وباي أنواع الحج أحرم يجوز له التحلل مع الصد وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وقال مالك
المعتمر لا يتحلل لأنه لا يخالف الفوات هو خطأ لان الآية عامة في كل محرم وهو كما يتناول احرام الحج يتناول احرام العمرة ولان
الآية انما نزلت في صد الحديبية وكان كالنبي صلى الله عليه وآله محرمين بعمرة فحلوا جميعا مسألة ولو كان له طريق غير موضع
الصد فإن كان معه نفقته يكفيه لم يجز له التحلل واستمر على احرامه ووجب عليها سلوكها سوى تعبدت أو قربت خاف الفوات أو لم يخف فإن كان
محرما بعمرة لم يغث فلا يجوز له التحلل وان كان بحج صبر حتى يتحقق الفوات ثم يتحلل بعمرة وليس له التحلل قبل الفوات والآتيان بالعمرة بمجرد خوف
الفوات لان التحلل انما يجوز بالحصر لا يخاف الفوات هذا على غير مصدود هنا فإنه يجب ان يمضى على احرامه في ذلك الطريق فان أدرك
الحج أتمه فان فاتته تتحلل بعمرة وقضاه ولو قصرت نفقته حال التحلل لأنه كالممنوع ولا طريق له سوى موضع المنع وكذا لو لم يكن له طريق سوى
موضع الصد فإنه يحل كما قلنا ويرجع إلى بلده روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله
حيث صده المشركون يوم الحديبية نحر بدنة ورجع إلى المدينة مسألة وانما يتحلل المصدود بالهدى ونية التحلل معا اما الهدى
فقد اجمع عليه الأكثر العلماء وحكى عن مالك انه لا هدي عليه لنا قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى قال الشافعي لا خلاف بين أهل
التفسير ان هذه الآية نزلت في حصر الحديبية ولان النبي صلى الله عليه وآله حيث صد المشركون يوم الحديبية نحر بدنه ورجع إلى المدينة
وفعله (ع) بيان الواجب فيكون واجبا ولأنه أبيح له التحلل قبل أداء نسكه فكان عليه الهدى والفوات احتج مالك بأنه تحلل أبيح له من غير تفريط أشبهه
من أتم حجة وهو خطأ لأنه خلاف النص وفعله النبي صلى الله عليه وآله ولان من أتم حجه لم يبق عليه شئ فتحلله لأداء مناسكه بخلاف المصدود الذي
لم يتم نسكه وأداء النية فلانه يخرج من احرام فيفتقر إلى النية كمن يدخل فيه ولان الذبح يقع على وجوه أحدها التحلل فلا يتخصص لوجه دون الاخر
الا بالنية لا يقال منه التحلل غير معتبرة في غير المصدود فكيف اعتبرت هنا أليس إذا رمى أحل من بعض الأشياء وإن لم ينو التحلل لأنا نقول من يأتي
بأفعال النسك فقد خرج عن العهدة أتى بما عليه فيحل باكمال الأفعال ولا يحتاج إلى نية بخلاف المصدود لأنا قد بينا ان الذبح لأنه
يتخصص بالتحلل الا بالنية واحتج بها دون الرمي التي لا يكون الا للنسك فلم يحتج إلى قصد فرع لو نوى التحلل قبل الهدى لم يتحلل و
كان على احرامه حتى ينحر الهدى لأنه أقيم مقام أفعال الحج فلا يحل قبله كما لا يتحلل القادر على أفعال الحج قبل فعلها ولا فدية عليه في نية
التحلل لعدم تأثيرها في العبادة فان فعل شئ من محظورات الاحرام قبل الهدى فعليه الفداء لأنه محرم فعل محظورا في احرام صحيح فكان عليه
فديته كالقادر مسألة ولا يدل الهدى التحلل فلو عجز عنه وعن ثمنه لم ينقل إلى غيره ويبقى على احرامه ولو تحلل لم يحل وبه قال
846

مالك وأبو حنيفة والشافعي في إحدى القولين وتحرير مذهب الشافعي في هذا الباب ان له قولين أحدهما لا ينقل إلى البدل والثاني وهو الصحيح
عندهم ينتقل فإذا قال لا ينقل يكون في ذمته فله في جواز التحلل قولان منصوصان أحدهما انه يبقى محرما إلى أن يهدى والثاني
وهو الأشبه وانه يحل ثم يهدي إذا وجد وإذا قال ينتقل قال في مختصر الحج ينتقل إلى صوم التعديل وقال في الأم ينتقل إلى طعام وفيه قول ثالث انه
مخير بين الاطعام والصيام وقال أحمد بن حنبل انه ينتقل إلى صيام عشرة أيام لنا قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا
رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله منع من الحلق الا ببلوغ الهدى فلو كان الاطعام والصيام بدلا لجاز الخلاف قبل بلوغ الهدى ولأنه لم يذكر
في القران ولو كان له بدل لذكره كما ذكر بدل هدى حلق الأذى احتج الشافعي بالقياس على هدى التمنع والطيب واللباس والجواب النص أولى
من القياس إذا ثبت هذا فهل يجب عليه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدى أم لا فيه تردد لأنه تعالى ذكر الهدى وحده لم يشترط سواه وقال احمد
في إحدى الروايتين لابد منه لان النبي (ص) حلق يوم الحديبية وهو أقوى مسألة قد بينا ان المصدود انما يتحلل بالهدى
ونية التحلل وبعض أصحابنا مختص وجوب الهدى بالمحصور لا بالمصدود قال ابن إدريس وهو الأظهر لان الأصل براءة الذمة بقوله تعالى فان
أحصرتم فما استيسر من الهدى أراد بالمرض لأنه يقال أحصره المرض وحصره العدو والأقوى وجوب الهدى لأنه محصور بالعدو فكان على الهدى
كالمحصور بالمرض ولان النبي صلى الله عليه وآله لما صد بالحديبية وهي اسم نهر خارج الحرم نحر هديه وأحل إذا ثبت هذا فلو كان قد ساق المصدود
هديا في احرامه قبل الصد ثم هل يكفيه هدى السياق عن هدى التحلل أم لا فيه قولان أحدهما انه يجزيه ما ساقه عن هدى التحلل لقوله تعالى
فان أحصرتم فما استيسر من الهدى وقيل لابد له من هدى آخر للتحلل كما لو لم يسق والأول أقرب مسألة ولا يتعين مكان الهدى لنحر
هدى المتحلل في المصدود بل يجوز نحره في يوم الصد سواء كان حلا أو حرما وبه قال مالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى
لا ينحر لأنه بالحرم يبعث به ويواطي من يبعثه معه على نحره في وقت يتحلل فيه وبه قا ل ابن مسعود والحسن والشعبي والنخعي وعطا وأبو حنيفة لنا ان
النبي صلى الله عليه وآله نحر هديه بالحديبية وهي خارج الحرم وروى النبي صلى الله عليه وآله نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان وهي من
الحل باتفاق أهل النقل قال الله تعالى والهدي معكوفا ان يبلغ محله ولأنه موضع حل فكان له نحره فيه كالحرم ولان ذلك يقضي إلى تعذر
الحل لتعذر وصول الهدى محله مع مقاومة العدو ورى ابن بابويه عن الصادق (ع) قال المحصور والمضطر ينحران بدنتهما في المكان يضطر النافية
احتج احمد بقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله ثم قالا ومحلها إلى البيت ولأنه ذبح يتعلق بالاحرام فلم يجز في غير الحرم
كدم الطيب واللباس والجواب عن الأول ان الآية في حق غير المصدود في الحل وتحلل غيره في الحرم فكل منهما ينبغي ان ينحر في موضع تحلله وقد قيل
في قوله تعالى حتى يبلغ الهدي محله اي حتى يذبح وذبح المصدود في موضع الصد وهو موضع حله اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وعن الجواب
بالفرق وقد تقدم فرع لو قدر على الحرم هل يجب ان يبعث هديه إليه أم لا فيه تردد لكن لا ريب في الأولوية وكذا لو قدم على أطراف الحرم
لان الحرم كله منى مسألة وكما لا يختص النحر بمكان فكذا لا يختص بزمان بل متي صد جاز له الذبح في الحال والاحلال لقوله تعالى
فان أحصرتم فما استيسر من الهدى ولم يشترط زمانا خصوصا مع الاتيان بالفاء الدالة على التعقيب وعملا بالعمومات الدالة على النحر مطلقا من
غير تقييد بزمان ولأنه وبما احتاج إلى العود لسرعة فلو لم يبلغ ذبحه في الحال لزم الحرج مسألة إذا صد عن الوصول إلى مكة قبل
الموقفين فهو مصدود اجماعا يجوز له التحلل وكذا لو صد عن الوقوف بموقفين وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك ليس له ان يتحلل فقام ومنع عن العود إلى منى
ورمى الجمار والمبيت بها فإنه لا يحقق الصد بذلك بل قد تم حجة فيتحلل ويستنيب من يرمي عنه ولو صد بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة
لنا عموم قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى ولم يفصل وكذا لو منع من إحدى الموقفين قال الشيخ (ره) اما لو صد بعد الوقوف بالموقفين
قبل طواف الزيارة والسعي فإنه يتحلل أيضا ان الصد يفسد التحلل من جميعه (؟) والتحلل من بعضه وله ان يبقى على احرامه إذا ثبت هذا فان لحق أيام منى
رمى وحلق وذبح إن لم يلحق امر من ينوب عنه في ذلك فإذا تمكن أتى مكة فطاف طواف الحج وسعى وقد تم حجه ولا قضاء عليه هذا إذا بقي على احرامه
حتى يطوف ويسعى وإن لم يقم على احرامه ويحل كان عليه الحج من قابل ليأتي بأركان الحج من الطواف والسعي اما لو طاف وسعى ومنع من المبيت بمنى
من الرمي فان حجه تام على ما بيناه ولو يمكن ن المبيت وصد عن الوقوف بالموقفين أو عن أحدهما جاز له التحلل وإن لم يتحلل وأقام على احرام حتى
فاته الوقوف فقد فاته الحج وعليه ان يتحلل بعمرة ولا يلزمه دم لفوات الحج وهل يجوز له ان يفسخ به الحج ويجعله عمرة قبل الفوات فيه اشكال وقال
بعض الجمهور له ذلك لأنا بحياله ذلك من غير صد فمعه أولى ولآدم عليه فرع لو طاف وسعى للقدوم ثم صد حتى فاته الحج طاف وسعى ثانيا
للعمرة أخرى ولا يجزي بالطواف الأول وسعيه لان الأول لم يقصد به طواف العمرة لا رميها اما الاحرام فإنه يجري بالأول ولا يجدد احراما آخر
وبه قال الشافعي واحمد وأبو ثور ومالك يخرج إلى الحل فيفعل ما يفعله المعتمر وقال الزهري لابد ان يقف بعرفه وقال محمد بن الحسن ولا يكون
محصل بمكة مسألة إذا تعلق وفاته الحج وجب على القضاء في العام المقبل ان كان الحج للفايت واجبا كحجة الاسلام والنذر وشبهه
وان كان نفلا لم يجب القضاء ذهب إليه علماؤنا وكذا العمرة ان كانت واجبة عمرة الاسلام أو واجبة بنذر وشبهه وجب عليه قضاؤها وان
847

كانت نفلا لم يجب عليه القضاء وقال الشافعي لا قضاء عليه بالتحلل فان كانت حجة تطوع أو عمرة تطوع لم يلزمه قضاؤها بحال وان كانت حجة
الاسلام أو عمرة الاسلام وكانت قد استقرت في ذمته قبل هذه السنة فان اخرج منها بالتحلل فكأنه لم يفعلها وكان
باقيا في ذمته على ما كان
عليه وان كانت وجبت عليه في هذه السنة سقط وجوبها ولم يستقر في ذمته لفقدان بعض شرايط الحج فحينئذ التحلل بالصد لا يوجب القضاء بحال كما ذهبنا
نحن إليه وبه قال مالك وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين وقال أبو حنيفة إذا تحلل لزمه القضاء ثم إن كان احرامه بعمرة مندوبه قضاها واجبا
وان كان بحجة مندوبة فأحصر ويحلل عليه ان يأتي بحج وعمرة وان كان فرق بينهما فأحصر وتحلل ولزمته حجه وعمرتان عمرة لأجل العمرة وحجة وعمرة
لأجل الحج ونحن على مذهبه إذا أحرم بحجتين فإنه ينعقد بهما واما ينتقض عن أحدهما إذا اخذ في السير فان أحصر قبل أن يسير تحلل منها ولزمه
حجتان وعمرتان لنا ان الأصل براءة الذمة وايجاب القضاء خلاف له فيفتقر إلى دليل ولم يوجد ولأنه تطوع جاز التحلل منه مع صلاح
الوقت فلا يجب قضاؤه كما لو فعل في الصوم يعتقد انه واجب فلم يكن احتج أبو حنيفة بان النبي صلى الله عليه وآله لما تحلل بالحديبية قضا من قابل
وسميت عمرة القضية ولأنه حل من احرامه قبل اتمامه فلزمه القضاء كما لو فاته الحج بالافساد والجواب عن الأول ان الذين صدوا كانوا ألفا
وأربعمائة من أصحابه محرمين بعمرة فحصرهم العدو فتحللوا فلما كان في السنة الثانية عاد في نفر مصدودين عددا يسيرا ولم ينقل إلينا ان النبي صلى الله عليه وآله
امر أحدا بالقضاء ولم ينكر على من يحلف عن مصاحبه وسميت عمرة القضية لأنهم عنو بها العمرة التي جرى فيها قضية الصلح التي اصطلحوا عليها
ونقضوا عليها ولو أرادوا غير ذلك لقالوا عمرة القضاء وعن الثاني الفرق فان الذي فاته الحج مفرط بخلاف المصدود مسألة قد بيناه
انه إذا كان له طريق آخر غير الذي صد عنه وجب عليه سلوكه إذا كان امنا ولم يجز له ان يتحلل إذ لا فرق بين الطريق الأول والثاني هذا إذا
كان الطريق الثاني مساويا للأول في المسافة ولو كان أبعد منه فان لم يكن له نفقه يمكنه ان يقطع بها الطريق الا بعد جاز له التحلل لأنه
مصدود عن الأول وعاجز عن سلوك الثاني وان كان معه نفقه يمكنه قطع الطريق الأول بها لم يجز له التحلل ووجب عليه سلوكه ولو خاف في الطريق
الثاني انه إذا سلكه فإنه الحج لم يكن له ان يتحلل لان التحلل انما يجوز بالصد لا خوف الفوات وهذا غير مصدود عن الطريق الأول فيمضى في احرامه في ذلك الطريق
فان أدرك الحج أتمه وان فاته الحج تحلل بعمرة ووجب القضاء ان كان الحج واجبا والا استحب له القضاء مسألة ولا فرق بين الحصر العام وهو ان
يصد المشركون ويصدوا أصحابه بين الخطر الخاص في حق شخص واحد مثل ان يجلس بغير حق ويأخذه اللصوص وحده لعموم النص ووجود المعنى المقتضي لجواز
التحلل في الصورتين وكما أنه لا فرق بينهما في جواز التحليل فلا فرق بينهما في وجوب القضاء وعدم وجوبه فكل موضع حكمنا فيه بوجوب القضاء في الصد
العام فهو ثابت في الصد الخاص ومالا يجب فيه هناك لا يجب فيه هنا وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخرى يجب القضاء لنا ان الأصل براءة الذمة وما تقدم في الخطر العام فإنه آت هنا فروع الأول لو جلس بدين فإن كان قادرا على أدائه لم يكن مصدودا ولم يجز له التحلل ولو كان
عاجرا عنه تحلل لأنه مع القدرة لا عذر له فلا يجوز له التحلل ومع العجز يكون مصدودا لإعساره وكذا يتحلل لو حبس ظلما الثاني لو كان
عليه دين مؤجل يحل قبل قدوم الحاج فمنعه فصاحبه من الحج كان له التحلل لأنه معذور الثالث لو أحرم العبد بغير إذن سيده أو الزوجة تطوعا بغير إذن زوجها كان للمولى والزوج منعهما من اتمام الحج وتحللا ولا دم عليهما مسألة قد بينا ان حكم العمرة حكم الحج في جواز
التحلل وعدمه فكل موضع جوزنا فيه التحلل من احرام الحج فإنه يجوز من احرام العمرة وهو قول أكثر العلماء وحكى عن مالك انه لا يحل من احرام العمرة
لأنها لا يفوت وقد سبق البحث فيه وكذا يجوز التحلل لكل مصدود حاج سواء كان قارنا أو مفردا أو متمتعا وقد بينا انه لا يجوز له التحلل الا مع الهدى
إذا ثبت هذا فإنه يجوز الذبح وقت الصد ولا يجب الانتظار إلى بلوغ الهدى محله وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى لا يذبح حتى يبلغ الهدى محله
وهو يوم النحر وإذا لم يجز الذبح لم يجز التحلل واحتج بان للهدى محل زمان ومحل مكن فإذا عجز عن محمل المكان سقط وبقي محل الزمان واجبا لامكانه
وهو غلط لان محل الزمان تابع المحل المكان فإذا فات تابعة وأيضا فإنه ربما حصل له ضرر عظيم بالصبر إلى يوم النحر مسألة يستحب
له تأخير الاحلال لجواز زوال العذر فإذا اخر فزال العذر قبل تحلله وجب عليه المعنى في تمام نسكه بغير خلاف لأنه محرم لم يأت بالمناسك مع امكانه
فوجب عليه اتمامها كالقادر ولقوله تعالى وأتموا ا الحج والعمرة لله وهو قادر إذا لغرض زوال العايق ولو خشى الفوات لم يتحلل على ما قلنا و
صبر حتى يتحقق ثم يتحلل بعمرة فلو صابر ففات الج لم يكن له ان يتحلل بالهدى ووجب عليه ان يتحلل بعمرة وعليه القضاء ان كان واجبا وإلا فلا
ولو فات الحج ثم زال الصد بعدة قال بعض الجمهور يتحلل بالهدى وعليه هدى آخر للفوات اما الشيخ (ره) فإنه قال إذا لم يتحلل وأقام على
احرامه حتى فاته الوقوف فقد فاته الحج وعليه ان يتحلل بعمرة ولا يلزمه دم فوات الحج فروع الأول إذا غلب على ظنه انكشاف العدو
قبل الفوات جاز له ان يتحلل عملا بالعموم لكن الأفضل البقاء على احرامه فان انكشف العدو أتم ولو اتفق الفوات أحل بعمرة الثاني لو أفسد
حجه فصد كان عليه بدنه ودم التحلل والحج من قابل ولو انكشف العدو في وقت متسع الاستيناف القضاء وجب وهو حج يقضي لسنته وليس مصور القضاء
في العام الذي أفسد فيه في غير هذا المسألة ولو ضاق الوقت قضى من قابل وإن لم يتحلل من الفاسد فان زال الصد والحج لم يفت مضى في الفاسد
848

وتحلل كالصحيح فان فاته تحلل بعمرة ويلزمه بدنه للافساد ولا شئ عليه للفوات والقضاء عليه من قابل ها هنا واجب سواء كان الحج تطوعا أو واجبا
لان التطوع ينقلب واجبا مع الافساد ولو كان العدو باقيا فله التحلل فإذا تحلل لزمه الدم للتحليل وبدنه للافساد والقضاء من قابل وليس عليه
دم للتحليل وبدنه للافساد والحج عليه القضاء مطلقا ويكفيه قضا واحد كما قلنا هناك فالحاصل له لا فرق في ذلك بين ان يكون الصد بعد
الافساد أو بين ان يكون قبله مسألة قد بينا انه ينبغي للمحرم ان يشترط على ربه في حال الاحرام خلافا لمالك إذا ثبت هذا فإنه متى
شرط في ابتداء احرامه ان يحل متى فرض أو ضاعت نفقته أو فقدت أو منعه ظالم أو غير ذلك من الموانع فإنه يحل متى وجد ذلك بلا خلاف
وهل يسقط الهدى أم لا قال السيد المرتضى (ره) يسقط وبه قال جماعه من الجمهور وقال الشيخ (ره) لا يسقط لعموم الآية في قوله تعالى
فان أحصرتم فما استيسر من الهدى فإنه كما يتناول الشرط يتناول غيره وقد سلف البحث في ذلك إذا ثبت هذا فان الشرط لا يؤثر في سقوط
الحج في العام المقبل ان كان الحج واجبا خلافا لقوم وقد سلف البحث فيه وينبغي ان يشترط ماله فايدة مثل أن يقول إن مرضت أو فني
ماله أو فاتني الوقت أو ضاق على أو منعني عدو أو غيره ولو قال إن تحلني حيث شئت فليس له ذلك ثم ينظر في الشرط و (؟) فان قال إن
مرضت قلبي ان حل وان حبسني حابس فحلي حبسني فإذا حبس يكون في الخيار بين الحل وبين البقاء على الاحرام وان قال إن مرضت فانا حلال قال بعض الجمهور متى
وجد الشرط حمله لوجوده لأنه شرط صحيح فكان على ما شرط فرع لو قال انا ارفض احرامي وأحل فلبس الثياب وذبح الصيد وعمل ما يعمل الحلال من
غير صد أو حصر أو اتمام لم يجد ووجب عليه عن كل فعل كفارة حسب ما تقدم لان التحلل من الحج انما يحصل بأمور ثلاثة كمال أفعاله أو التحلل عند الحصر والصد أو بالعدو إذا شرط ومع فقدان هذه الأشياء لا يتحلل فان نوى التحلل لم يحل ولا يفسد الاحرام برفضه لأنه عبادة لا يخرج منها بالفساد فلا
يخرج منها برفضها خلاف سائر العبادات التي يخرج منها بافسادها كالصلاة وان وطئ أفسد حجه ووجب عليه اتمامه والبدنة والحج من قابل سواء كان الوطئ قبل ما فعله من الجنايات وبعده
فان الجناية على الجناية على الاحرام الفاسد يوجب الجزاء كالجناية على الاحرام الصحيح وليس عليه لرفضه للاحرام شئ لأنه مجرد نية لم يؤثر
شيئا مسألة العدو الصاد لأهل الحج اما ان يكونوا مسلمين أو مشركين فان كانوا مسلمين كالأكراد والاعراب وأهل البادية
فالأولى الانصراف عنهم لان في قتالهم مخاطرة بالنفس والمال وقتل مسلم فكان الترك أولى الا ان يدعوهم الامام أو من نصبه الامام إلى
قتالهم ويجوز قتالهم لأنهم العدو على المسلمين بمنعهم طريقهم فأشبهوا سائر قطاع الطريق وان كانوا مشركين لم يجب على الحاج قتالهم
لان قتالهم انما يجب بأحد أمرين اما الدفع عن النفس أو الدعاء إلى الاسلام باذن الامام وليس ههنا واحد منهما قال الشيخ (ره) وإذا لم يجب
قتالهم فلا يجوز أيضا سواء كانوا قليلين أو كثيرين أو المسلمين أكثر أو أقل مع أنه قال في جانب المسلمين الأولى ترك قتالهم وهو لشعر بجواز
قتالهم والأقوى السبيل ولا يجب قتالهم أيضا بل يجوز التحلل لو غلب على المسلمين القهر لهم والظفر استحب قتالهم لما فيه من الجهاد وحصول
النصر واتمام النسك ودفعهم عن منع السبيل ولا يجب قتالهم أيضا بل يجوز التحلل ولو غلب على الظن ظفر الكفار انصرفوا عنهم من غير قتال لئلا
يضروا بالمسلمين فروع الأول لو احتاج الحاج إلى لبس السلاح وما يجب فيه الفدية لأجل الحرب جاز لما تقدم وعليهم الفدية لان
لبسهم لأنفسهم فأشبه ما لو لبسوا لدفع الحر والبرد الثاني لو قتلوا نفسا وأتلفوا لم يكن عليهم ضمان ولو كان هناك صيد فقتلوه فإن كان لأهل
الحروب ففيه الجزاء دون القيمة لأنه لا حرمة مالكه وان كان لمسلم أولا مالك فيه الجزاء والقيمة ما تقدم الثالث لو بذل لهم
العدو تخليه الطريق فان كانوا معروفين بالغدر جاز لهم الانصراف وان كانوا معروفين بالوفاء وأمنوهم لم يجز لهم التحلل ووجب عليهم المضي في احرامهم
لزوال الصد الرابع لو طلب العدو ما لا يجب على تخلية الطريق فان لم يكونوا مأمومين لم يجب بذله اجماعا لان الخوف باق مع البدل وان
كانوا مأمومين يوثق بقولهم فاما ان يكون المال كثيرا أو قليلا فإن كان كثيرا لم يجب بذله بل يكره ان كان العدو مشركين لان فيه ضمارا
ويقويه للمشركين وان كان قليلا قال الشيخ (ره) لا يجب بذله وله التحلل كما أنه لا يجب في ابتداء الحج بذل مال إذا لم يجد طريقا افساد
لو قيل بوجوبه مع امكان التحلل به من غير اضرار كان حسنا مسائل الأولى قد بينا ان المحصر إذا لم يجد هديا لم يتحلل بل يبقى
على احرامه وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي ينتقل إلى الصوم ويحل له وهو ان يقوم شاة وسطا بالطعام فيصوم بإزاء كل مد يومان قوله تعالى
ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله انتهى الحرمة إلى غاية الحلق وهذا يمنع زوالها قبله احتج الشافعي بأنه عجز عن الهدى فيلزمه الصوم
كدم المتعة والجواب بالفرق بما تقدم الثانية قد بينا انه يصح ان يصد الحاج بعد دخول مكة إذا لم يقف بالموقفين وبه قال الشافعي
وقال أبو حنيفة ليس مصدود بل إن قدر على الأداء وان دام العجز حتى مضى الوقت فحكمه حكم فايت الحج يتحلل بأفعال العمرة والعجز في الحرم لا
يكون مثل العجز لنا عموم قوله تعالى فان أحصرتم من غير فصل احتج بان المراد بذلك من أحصر خارج الحرم ولهذا قال ولا تحلقوا رؤوسكم
حتى يبلغ الهدى محله وهو الحرم فدل على أنه خارج الحرم والجواب ما تقدم موضع نحره وان الآية وردت في حق القادر على ما تقدم الثالثة
849

إذا تحلل المصدود بالهدى وكان واجبا قضى ما تحلل منه ان كان حجا وجب عليه حج لا غير وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجب عليه قضاء حجة
وعمرة معا لنا انه أحصر عن الحج فلا يلزمه غيره كمن أحصر عن العمرة فلا يلزمه غيرها احتج أبو حنيفة بقوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر
من الهدى إلى قوله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج لكن العمرة في القضاء معرفا بالألف واللام فدل ذلك على عمرة معهودة واجبة عليه وليست
تلك العمرة الواجبة الا بالصد ولان المصدود عن الحج وفات الحج يتحلل بأفعال العمرة فإذا لم يأت بأفعال العمرة في الحال يجب عليه
قضاؤها والجواب عن الأول بالمنع من العود إلى ما ذكرتم وعن الثاني ان التحلل للمصدود اما ان يكون بالعمرة ان فاته الوقت والا في الهدى
والحاصل انا يمنع ان حكمه حكم فات الحج مطلقا مسألة الصدقة يتحقق في العمرة وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يتحقق لنا
قوله وأتموا الحج والعمرة لله فان أحضرتم فما استيسر من الهدى ذكر ذلك عقيبهما فينصرف إلى كل واحد منهما كما انصرف إلى أحدهما لعدم الأولوية
وعن ابن مسعود انه سئل عن معتمر لدغ فقال أبقوا عنه هديا فإذا ذبح عنه فقد حل ولان النبي صلى الله عليه وآله لما صد كان معتمرا
ولأنه عجز عن الأداء للحال وفي البقاء على الاحرام مدة غير معلومة حرج عظيم فأبيح له التحلل بالهدى كما في الحج ولأنه أبيح له التحلل بالهدى
في أعلى العبادتين فيباح له في أدناهما احتج بأنه ليس لها وقت معلوم فيمكنه المكث إلى أن يزول الاحصار ثم يؤدي والجواب انه يلزمه من الحرج
لعدم العلم بالقائه
البحث الثاني في المحصور مسألة قد بينا ان الحصر هو المنع بسبب المرض اما عن الوصول إلى مكة أو عن
الموقفين كما قلنا في الصد إذا ثبت هذا فان الحاج من حصره المرض بحيث لا يمكن معه من النفوذ إلى مكة بعث بهديه مع أصحابه ليذبحوه عنه
في موضع الذبح فإن كان قد ساق هديا بعث ما ساقه وإن لم يكن قد ساق بعث هديا أو ثمنه ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله وهو متى ان كان حاجا
ومكة ان كان معتمرا فإذا بلغ الهدى محله أحل من كل شئ الا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر من يطوف عنه فيحل له النساء حينئذ ذهب
إليه علماؤنا اجمع وبه قال إن مسعود وعطا والثوري والنخعي واحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي الا انهم لم يعتبروا طواف النساء بل قالوا
يحل بالبلوغ إلى المحل وقال الشافعي لا يجوز له التحلل ابدا إلى أن يأتي به فان فاته الحج تحلل بعمرة وبه قال ابن عمر وابن عباس والمزني
ومالك واحمد في الرواية الأخرى لنا قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى لان الاحصار انما هو للمرض ونحوه يقال أحصره المرض احصارا
فهو محصر وحصر العدو حصرا فهو محصور قال الفرا أحضره المرض لا غير وحصره العدو وأحصر معا وهو نص في محل النزاع كما هو متناول
للصد بالعدو وما رواه الجمهور عن عكرمة عن حجاج بن عمير الأنصاري ان النبي صلى الله عليه وآله قال من كسر وعرج فقد حل وعليه حجة أخرى
وفي بعضها وعليه الحج من قابل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل حصر
فبعث بالهدى قال يواعد أصحابه ميعادا فإن كان في حج فمحل الهدى النحر وانما كان يوم النحر فليقصر من رأسه ولا يجب الحلق حتى يقضى مناسكه وان كان
في عمرة فينظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة قصر وأحل فان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله رجع ونحر بدنه ان أقام
مكانه وان كان في عمرة فإذا برء فعليه العمرة واجبة وان كان عليه الحج رجع إلى أهله وأقام ففاته الحج وكان عليه الحج من قابل فان ردوا الدراهم
عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد حل لم يكن عليه شئ ولكن يبعث من قابل وينسك أيضا قال الحسين بن علي (ع) خرج معتمرا فمرض في الطريق
فبلغ علي (ع) وهو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه في السقيا وهو مريض فقال يا بني ما تشتكي فقال اشتكى رأسي فدعا علي (ع) ببدنه فنحرها وحلو
رأسه ورده إلى المدينة فلما برء من وجعه اعتمر فقلت له أرأيت حين برء من وجعه أحل له النساء حتى يطوف بالبيت وسعى يبن الصفا والمروة قلت فما بال
النبي صلى الله عليه وآله حيث رجع إلى المدينة حل له النساء ولم يطف بالبيت فقال ليس هذا مثل هذا النبي صلى الله عليه وآله كان مصدودا والحسين
(ع) كان محصورا ولأنه ممنوع عن البيت فأشبه المصدود بالعدو ولان الصبر ضرر عظيم خصوصا مع احتياجه إلى الملبوس للمرض أو المشروب لما
فيه طيب أو استعمال الادهان وغير ذلك من الأسباب المحرمة فلو لم يبح له الاحلال لزم الضرر بالترك أو بالفداء في كل محرم احتجوا بأنه لا يستفيد بالاحلال
الانتقال من حاله ولا التخلص من الأذى الذي به بخلاف حصر العدو والجواب المنع من عدم الانتقال وعدم التخلص من الأذى لا يمنع من التحلل
مسألة قد بينا انه يبعث هديه وينظر وصوله إلى المحل الذي يذبحه به اما مكة ان كان معتمرا أو منى ان كان حاجا فإذا كان يوم المواعد
قصر من شعر رأسه وأحل من كل شئ أحرم منه الا النساء فإنهن لا يحلن له حتى يحج في القابل ويطوف طواف النساء ان كان الحج واجبا أو يطاف
عنه في القابل ان كان الحج تطوعا قاله علماؤنا ولم يعتبر الجمهور ذلك بل حكم بعضهم بجواز الاحلال مطلقا وآخرون بالمنع مطلقا على ما بينا ان النساء
حرمن عليه بالاحرام فيستصحب الحكم إلى أن يزيله دليل وما تقدم في حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال المحصور غير المصدود فان المحصور هو المريض ان قال المحصور والمصدود يحل له النساء والمحصور لا يحل له النساء مسألة
ولو وجد المحصور من نفسه حفه بعد أن بعث هديه وأمكنه المسير إلى مكة فليلحق بأصحابه لأنه محرم بأحد النسكين فيجب عليه اتمامه للآية والتقدير انه
متمكن إذا ثبت هذا فان أدرك الحج وليس عليه الحج من قابل وإن لم يدرك أحد الموقفين في وقته فقد فات الحج فكان عليه الحج من قابل و
850

الحكمان ظاهران فانا قد بينا انه يلحق الحاج بادراك أحد الموقفين ويفوته الحج بفواتهما معا ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة
عن أبي جعفر (ع) قال إذا حصر الرجل بعث هديه فان أفاق ووجد من نفسه خفه فليمض ان ظن أن يدرك بهديه قبل أن ينحر فان قدم مكة قبل أن
ينحر هديه فليقم على احرامه حتى يقضي المناسك وينحر هديه ولا شئ عليه وان قدم مكة وقد نحر هديه فان عليه الحج من قابل والعمرة قلت فان مات قبل أن
ينتهي إلى مكة قال إن كانت حجة الاسلام يحج عنه ويعتمر فإنما هو شئ عليه وانما اعتبر الباقر (ع) ادراك النحر لأنه متى أدركهم وقد نحر
هديه فقد فاته الحج لأنه انما يكون النحر يوم العاشر والوقوف ليلة العاشر وان أدركهم قبل النحر جاز ان يحلق الوقوف فيتم حجه مسألة
قد بينا إذا لم يكن قد ساق هديا فإنه يبعث بثمنه مع أصحابه ويواعدهم يوما يبعثه ليشتروه ويذبحوا عنه في ذلك اليوم ويبقى هو على احرامه ويجتنب
كلما يجتنب المحرم فإذا كان ذلك اليوم الذي واعدهم فيه قصروا حل كل شئ الا من النساء على ما بيناه إذا ثبت هذا فلو رد عليه الثمن ولم يكونوا وجدوا
الهدى أو وجدوه ولم يشتروا له إذا ذبحوا عنه لم يبطل تحلله ووجب عليه ان يبعث به في العام القابل ليذبح عنه في موضع الذبح لان تحلل وقع مشروعا
فلا يكون باطلا ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال فان ردوا
عليه الدراهم ولم يجدوا هديا ينحرونه
وقد أحل لم يكن عليه شئ ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا وعن زرعه قال سألته عن رجل أحصر في الحج قال فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه
ومحله ان يبلغ الهدى محله وهو منى يوم النحر إذا كان في الحج وان كان في عمرة نحر بمكة وانما عليه ان يعدهم لذلك يوما فإذا كان ذلك اليوم
فقد وفى وان اختلفوا في الميعاد لم يضره انشاء الله إذا ثبت هذا قال الشيخ (ره) قال ويجب عليه ان يمسك مما يمسك عنه الحرم إلى أن يذبح عنه ومنع
ابن إدريس ذلك كل المنع احتج الشيخ (ره) بما رواه في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل بعث بهديه مع قوم بسياق وواعدهم
يوم يقلدون فيه هديهم ويحرمون قال يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم فيه حتى يبلغ الهدى محله قال أرأيت ان اختلفوا في الميعاد
وبطوافي أيسر عليه وهو يحتاج ان يحل هو في اليوم الذي واعدهم فيه قال ليس عليه جناح ان يحل في اليوم الذي واعدهم فيه احتج ابن إدريس ان الأصل
براءة الذمة ولأنه ليس بمحرم فكيف يحرم عليه لبس المخيط والجماع والصيد وليس هو بمحرم ولا في الحرم مسألة وكذلك ممن بعث يهدي تطوعا من
أفق من الآفاق قال الشيخ (ره) فليبعثه ويواعد أصحابه يوما يبعثه ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم من الثياب والنساء والطيب وغير ذلك من المحرمات على المحرم
الا انه لا يلبي فان فعل شيئا منها يحرم عليه كان عليه الكفارة كما يجب على المحرم سواء فإذا كان اليوم الذي واعدهم أحل ان بعث بالهدى من أفق من
الآفاق يواعدهم بعثه باشعاره وتقليده فإذا كان ذلك اليوم اجتب ما يجتنبه المحرم إلى أن يبلغ الهدى محله ثم إنه حل من كل شئ أحرم منه ومنع
ابن إدريس من ذلك احتج الشيخ (ره) بما تقدم في الحديث الحلبي وما رواه معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يرسل
بالهدى تطوعا قال يواعد أصحابه يوما يقلدون فيه فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم النحر أجزء عنه فان
رسول الله صلى الله عليه وآله حيث صده المشركون يوم الحديبية ينحر بدنة ورجع إلى المدينة وفي الصحيح عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبدا لله (ع)
قال ابن عباس وعليا (ع) كان يبعثان بهديهما المدينة ثم ينحران وان بعثا بهما من أفق من الآفاق واعدا صاحبهما بتقليدهما واشعارهما يوما معلوما
ثم ليمسك يومئذ إلى النحر عن كل ما يمسك عنه المحرم الا انه لا يلبي الا من كان حاجا أو معتمرا وفي الصحيح عن هارون بن خارجة قال إن ابا مراد
بعث ببدنه وأمر الذي بعث بها معه ان يقلد ويشعر في يوم كذا وكذا فقلت له لا ينبغي لك ان تلبس الثياب فبعثني إلى أبي عبد الله (ع) وهو بالحيرة
فقلت له ان ابا مراد فعل كذا وكذا وانه لا يستطيع ان يدع الثياب لمكان أبي جعفر مدة فليلبس الثياب ولينحر بقرة عن لبسه الثياب وهذه رواية كثيرة
ودلالة المنع فالأولى التعويل عليها مسألة المحصور إذا احتاج إلى حلق رأسه لاذى ساغ له ذلك وفداه لان القادر يجوز له ذلك فالمحصور
أولى ويؤيده ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا حصر الرجل فبعث بهديه واذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فإنه يذبح بالمكان الذي أحصر فيه
أو أو يطعم ستة مساكين مسألة الحاج والمعتمر في ذلك سواء إذا أحصر المعتمر فعل ما ذكرناه وكانت عليه العمرة في الشهر الداخل
واجبة ان كانت عمرة الاسلام أو غيرها من الواجبات وان كانت نفلا كان عليه ذلك نفلا وكذلك الحاج يجب عليه القضاء مع وجوب الحج و
يستحب مع استحبابه إذا ثبت هذا فلو كان المحصور قد أحرم في الحج قارنا قال الشيخ (ره) لم يجز له ان يحج في المستقبل الا قارنا ولا يجوز له ان
يتمتع بل يدخل في مثل ما خرج منه فقال ابن إدريس يحرم بما شاء والوجه عندي انه يأتي بما كان واجبا وان كان ندبا بما شاء من أنواعه
وان كان الاتيان بمثل ما خرج منه أفضل اما الشيخ (ره) فقد استدل بما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) وعن رفاعة
عن أبي عبد الله (ع) انهما قالا القارن يخصر وقد قال واشتر فحلى حيث (؟) قال يبعث بهديه قلنا هل يتمتع من قابل قال لا ولكن يدخل
بمثل ما خرج منه ونحمل هذه الرواية على الاستحباب أو على أنه قد كان القران متعينا في حقه لأنه إذا لم يكن واجبا لم يجب القضاء فعدم وجوب
الكيفية أولى مسألة قد بينا انه إذا كان قد ساق هديا مع احرامه ثم أحصر فإنه يبعثه مع أصحابه ولا يحتاج إلى هدى اخر وقال ابن بابويه
إذا اقران الرجل الحج والعمرة وأحصر بعث هديا مع هديه ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله فأوجب هديا اخر مع هدى السياق ذكر ذلك علي بن بابويه في رسالته
851

وابنه أبو جعفر في كتاب من لا يحضره الفقيه وقواه ابن إدريس بقوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى فأوجب هديا للاحصار وأصحابنا أكثرهم
قالوا يبعث بهديه الذي ساقه ولم يوجبوا هديا لأنه نحن نقول بموجبها لأنها لا تدل على وجوب هديه بل ما استيسر وهدى السياق كان في هذا
الباب إذا ثبت هذا فان ابن إدريس من كلام ابن بابويه ههنا في القران فقال قوله إذا قرر الحج ولا عمرة مراده كل واحد منهما على الافراد ويقرر إلى
واحد من الحج أو من العمرة هديا يشعره أو يقلده فيخرج من مكة بذلك وإن لم ذلك واجبا ابتداء ولم يقصد ان يحرم بها جميعا ويقرن بينهما لان
هذا مذهب من خالفنا في هذا القران مسألة قد بينا انه إذا اشترط في احرامه ان يحل حبسه جاز له ان يحل إذا ثبت هذا فله ان يتحلل من دون
إنفاذ هدى أو ثمن هدى الا ان يكون ساقه وأشعره لو قلده فإنه متى كان كذلك فلينفده فاما إذا لم يكن ساقه واشترط فله التحلل إذا بلغ الهدى
محله وبلوغ يوم العيد فإذا كان يوم النحر فليتحلل من جميع ما أحرم منه الا النساء على ما قدمناه وروى المفيد (ره) في مقنعه عن الصادق (ع)
المحصور بالمرض ان كان ساق هديا أقام على احرامه حتى يبلغ الهدى محله ثم يحل ولا يقرب النساء حتى يقضى المناسك من قابل هذا إذا كان في حجة الاسلام
فاما حجة التطوع فإنه ينحر هديه وقد أحل مما كان أحرم منه فإن شاء حج من قابل وإن لم يشأ لم يجب عليه الحج إذ عرفت هذا فان المحصور يفتقر
إلى نية التحلل كما دخل في الاحرام بنيته قال ابن إدريس فصل روى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في
المحصور ولم يسق الهدى قال ينسك ويرجع قيل فان لم يجد هديا قال يصوم وإذا تمتع رجل بالعمرة إلى الحج فحبسه سلطان جاير بمكة فلم يطلق عنه إلى
يوم النحر فان عليه يلقح الناس بجمع ثم ينصرف إلى منى ويرمي ويذبح ويحلق ولا بأس بحلقه فان دخل عنه يوم النحر فهو مصدود عن الحج ان كان دخل
مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا ويسعى أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة وان كان دخل مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه
البحث الثالث في حكم الفوات مسألة قد بينا ان من لم يقف بالموقفين في وقتهما فاته الحج وهو قول العلماء كافة إذا ثبت هذا
فإنه إذا فاته الحج تحلل بطواف وسعى وحلق ويسقط عنه بقية أفعال الحج من الرمي والمبيت ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال ابن عمر بن الخطاب
وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير ومروان بن الحكم ومالك والثوري والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي قال
احمد في الرواية الأخرى انه يمضي في حج فاسد وبه قال المزني قال يلزمه جميع أفعال الحج الا الوقوف وقال مالك في رواية أخرى عنه
لا يحل بل يقيم على احرامه حتى إذا كان من قابل أتى الحج فوقف وأكمل الحج. في رواية ثالثة عنه ان يحل بعمرة مفردة ولا يجب عليه القضاء لنا
انه بقية أفعال الحج ترتب على الوقوف وقد فات فيفوت بفواته ولان وجوب باقي الأفعال مع فوات الحج يحتاج إلى دليل ولم يثبت لأنه قول
من سمينا من الصحابة ولم يوجد لهم مخالف فكان اجماعا وما رواه الجمهور عن عمر أنه قال لأبي أيوب حين فاته الحج اصنع ما يصنع المعتمر
ثم قد طلبت فان أدركت الحج قابلا حج واهد ما استيسر من الهدى وعن ابن عمر نحو ذلك وحج بن الأسود من الشام فقدم يوم النحر فقال له عمر
ما حبسك فقال حسبت ان اليوم عرفه قال فانطلق إلى البيت فطف به سبعا وأنت كانت معك هديه فانحرها ثم إذا كان عام قبل فاحجج فان وجدت
سعة فاهد وإن لم تجد فصام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت
لأبي عبد الله (ع) رجل جاء حاجا فاته الحج ولم يكن طاف قال يقيم مع الناس حراما أيام التشريق والعمرة فيهما فإذا انقضت طاف
بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل وعليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم وقول المزني لا وجه له لان الآية يتبع بالأفعال الباقية لا يخرج
عن العهدة فلا فايدة فيها وقياسه على المفسد باطل لان الجناية وقعت هناك من المفسد فكان التفريط من قبله بخلاف الفوات وقول
مالك باطل لأنه ضرر عظيم مسألة إذا فاته الحج جعل حجه عمرة مفردة فيطوف ويسعى ويحلق قاله علماؤنا اجمع وبه قال ابن عباس وابن
الزبير وعطا واحمد وأصحاب الرأي وقال مالك والشافعي لا يعتبر احرامه بعمرة بل يتحلل بطواف وسعى وحلاق لنا ما رواه الجمهور عن عطا ان النبي
صلى الله عليه وآله قال من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمرة وليحج من قابل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن سنان قال سألت أبا
الحسن (ع) عن الذي إذا أدرك الناس فقد أدرك الحج فقال إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج والعمرة له
وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له وانشاء يقيم بمكة أقام وان شاء يرجع إلى أهله رجع وعليه الحج من قابل وفي الصحيح عن
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال من أدرك جمعا فقد أدرك الحج قال وقال أبو عبد الله (ع) أيما حاج سايق الهدى أو مفرد للحج أو ممتع
بالعمرة إلى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل ولأنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات فمع الفوات أولى ولان
الاتيان ببقية الأفعال على انها باطل لفواته فيتعين العمرة لأنه لا خروج عن أحد النسكين احتج الشافعي بأنه أحرم أحد النسكين فلا ينقلب
إلى الاخر كما لو أحرم بالعمرة والجواب الفرق فوات الحج وامكان الاتيان بالعمرة من غير فوات لوقتها فلا حاجه إلى القلاب احرامها بخلاف الحج
فرع لابد عن نية الاعتماد وخالف فيه قوم من الجمهور وأوجب الاتيان بأفعالها وليس بجيد لأنه عملا فلا بد فيه من نية ويجب اسناده إلى
أحد النسكين وفقد فات الحج فيبقى العمرة مسألة إذا فاته الحج استحب له المقام بمنى إلى انقضاء أيام التشريق وليس عليه شئ من أفعال
852

الحج على ما ذكرنا ولا حلق عليه ولا تقصير وانما يقصر إذا تحلل بعمرة بعد الطواف والسعي لأنه محرم فينبغي ان يتشبه بمن أدرك المناسك في اللبث بمنى
ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل جاء حاجا ففاته الحج ولم يكن طاف قال يقيم مع الناس
حراما أيام التشريق والعمرة فيها فإذا انقضت فطاف بالبيت وسعى في الصفا والمروة وأحل وعليه الحج من قابل ويخرج من حيث أحرم وهذه
الإقامة ليست واجبا لأنا بينا سقوط بقية أفعال الحج عنه لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عبد الله قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل دخل
مكة مفردا للحج فيخشى ان يفوته الموضعين فقال له يوما إلى طلوع الشمس من يوم النحر فإذا طاف الشمس فليس له حج فقلت كيف يصنع باحرامه
قال ما في مكة فيطوف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فقلت إذا فعل ذلك فما يصنع بعد قال إن شاء أقام بمكة وان شاء رجع إلى الناس بمنى وليس معهم في
شئ فإن شاء رجع إلى أهله وعليه الحج من قابل مسألة وهل يجب على فايت الحج الهدى أم لا فيه قولان أحدهما انه لا يجب قاله الشيخ (ره) وهو قول
أصحاب الرأي والثاني يجب عليه الهدى وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء ونقله الشيخ (ره) عن بعض أصحابنا وعن أحمد روايتان لنا ان الأصل براءة
الذمة ولأنه لو كان الفوات سببا لوجوب الهدى للزم المحصر هديان هدى بالفوات وهدي بالاحصار ولما تقدم في الروايات السابقة فإنها لا يتضمن
ذكر الهدى ولو كان واجبا لبينوه (عل) خصوصا مع الحاجة إلى الجواب عقيب السؤال اما القول الاخر لعلمائنا فقد احتج الشيخ (ره) لما رواه
داود بن كثير الرقي قال كنت مع أبي عبد الله (ع) بمنى إذا دخل عليه رجل فقال قدم اليوم نفر قد فاتهم الحج فقال نسأل الله العافية ثم قال أرى
عليهم ان يهريق كل رجل منهم دم شاة ويحلق وعليهم الحج من قابل ان انصرفوا إلى بلادهم وان أقاموا حتى
يمضى ثلاثة أيام التشريق بمكة خرجوا إلى
بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل والاحتياط ولأنه حل من احرامه قبل اتمامه فلزمه هدى كالمحصر والجواب عن
الأول انه محمول على الاستحباب والاحتياط معارض بالبراءة الأصلية ويمنع انه حل قبل اتمام احرامه لأنه نقله إلى العمرة والنقل عندنا جايز
فيكون قد أحل من احرام تام فلا يجب عليه الهدى فرع لو كان قد ساق هديا نحره بمكة ليقيه لله هذا فلا يسقط الفوات إذا عرفت هذا
فنقول ان قلنا بوجوب الهدى فإنه يذبحه في ذلك العام ولا يجوز له تأخيره إلى القابل وهو أحد قولي الشافعي وقال في الأخرى يجوز لنا ان هدى
وجب في احرامه فلا يجوز له تأخيره إلى العام المقبل كالمدرك والأفعال الحج ولان الاحتياط يقتضي ذلك ولان الحج واجب على الفور فكذا
أفعاله التي من جملتها الهدى فرع لو اخره إلى القابل عصى على القول بوجوبه فإذا قضى وجب عليه ذبيحه ولا ينحره عن هدى القضاء
لان القضاء احرام فيجب فيه الهدى لقوله تعالى فما استيسر من الهدي مسألة إذا كان الفايت واجبا كحجة الاسلام أو منذورة أو غير
ذلك أو من أنواع الواجبات وجب القضاء ولا يجزيه العمرة إلى فعلها للتحلل وإن لم يكن الحج واجبا لم يجب عليه القضاء وبه قال عطا واحمد
في أحد القولين وقال الشافعي يجب القضاء وان كان الحج تطوعا وبه قال ابن عباس وابن الزبير ومروان وأصحاب الرأي وروى عن عمر وابنه
وزيد هو الرواية والاخر لمالك واحمد لنا ان النبي صلى الله عليه وآله لما سئل عن الحج أكثر من مرة قال بل مرة واحدة ولو أوجب القضاء أكثر
من مرة ما رواه الشيخ عن داود الرقي عن أبي عبد الله (ع) في القوم الذين فاتهم الحج قال ليس عليهم الحج من قابل ولا يمكن كذلك في الواجب
فيحمل على النقل ولأنه معذور في ترك احرام حجه فلم يلزمه القضاء كالحصر ولأنها عبادة تطوع فلا يجب قضاؤها مع الفوات الساير العبادات
المندوبة احتج المخالف بقول النبي صلى الله عليه وآله من فاته عرفات فقد فاته الحج فليتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل ولان الحج يلزم بالشروع فيه
فيكون له حكم الواجب والجواب عن الأول انه محمول على الحح الواجب وعن الثاني انه يجب في الشروع ت فيه مع امكان فعله ولا يجوز حمله
على الواجب ابتداء للفرق بينها وهو ظاهر إذا عرفت هذا قال الشيخ) (ره) ذكر عقيب حديث داود الرقي تأويلين لاسقاط القضاء من قابل
أحدهما الحمل على أن يكون الحجة مندوبة وهو الذي ذهبنا إليه لا يقال لو كان ذلك لما قال في أول الجزء عليهم الحج من قابل إذا انصرفوا إلى
بلاد هم فإنه إذا كان الحج تطوعا لا يجب عليه الرجوع من قابل سوا انصرف إلى بلده أو أقام لأنا نقول انما وجب عليهم الرجوع من قابل مع
الانصراف لأنهم حينئذ يكونون قد حج تركوا الطواف والسعي والتقصير وهو العمرة التي أوجبنا تحللهم لها فوجب عليهم الرجوع من قابل
للاتيان بالطواف والسعي ولا يجب الرجوع لأداء الحج ثانيا والتأويل الثاني ان يكون سقوط الحج لمن اشترط في حال الاحرام فإنه
مع الاشتراط لا يجب الحج من قابل ولو لم يشترط وجب واستدل عليه بما رواه عن ضريس بن أعين قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل خرج
متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلى يوم النحر فقال يقيم على احرامه ويقطع التلبية حتى يدخل مكة فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة و
يحلق رأسه وينصرف إلى أهله انشاء وقال هذا لمن اشترط على ربه عند احرامه فان لم يكن قد اشترط فان عليه الحج من قابل والتأويل الأول حق اما
الثاني ففي محل التردد لأنا قد بينا فيما سلف ان الاشتراط قد سقط فرض الحج في القابل وحينئذ يقول هذا الحج فايت ان كان واجبا لم يسقط
فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط وإن لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط والوجه في هذه الرواية الثانية حمل إلزام الحج في القابل مع ترك
الاشتراط على شدة الاستحباب مسألة إذا كان الفايت حجة الاسلام وجب قضاها اجماعا فعندنا على الفور ذهب إليه علماؤنا اجمع
853

فلا يجوز تأخيرها عن العام المقبل وبه قال الشافعي وهو ظاهر مذهبهم في أصحابه من قال إنها على التراخي لنا ان القضاء كالأداء وقد ثبت
وجوب الأداء على الفور وكذا القضاء لأنه انما يجب القضاء على حسب ما يجب الأداء وان الامر في الحج الفور وللاحتياط ولأنه قول عمر وابنه ولا
مخالف لهما إذا ثبت هذا فإذا قضى في العام المقبل اجزاء القضاء من الحجة الواجبة ولا نعلم فيه خلافا لان الحجة المقضية لو تمت لأجزأت عن
الواجبة عليه فكذا قضاؤها ولان القضاء استدراك ما فات ويقوم مقام الأداء مسألة من فاته الحج وكان واجبا عليه وجب عليه
ان يأتي به بحسب ما فاته فإن كان متمتعا ففاته الحج فان كانت حجة الاسلام وجب عليه ان يقضيها متمتعا لأنه فرضه لا يجوز له غيره ويحتاج
إلى أن يعيد العمرة في أشهر الحج في السنة المقبلة وإن لم يكن حجة الاسلام أو كان من أهل مكة وحاضريها جاز ان يقضيها مفردا أو قارنا
وان فاته القران والافراد جاز ان يقضيه متمتعا لأنه أفضل كذا قاله الشيخ (ره) وعندي في ذلك تردد والوجه وجوب القضاء يجب ما وجب عليه وانما
يكون التمتع أفضل على تقدير عدم وجوب الحج اما على تقدير وجوبه فلا لان كل نوع واجب ولا قوم لا يجوز لهم العدول عنه إلى غيره
في الأداء اختيار فكذا في القضاء وههنا مسائل الأولى قد بينا ان من فاته الحج يجعل حجه عمرة ولا يحتاج إلى تجديد احرام اخر
العمرة كما لا يحتاج من ضاق عليه الوقت فينقل النية عن عمرة التمتع إلى الحج مفردا وقد بينا ان الشافعي قال لا ينقلب وهو غلط والا لمجاز له
ان يحلق قبل الطواف فلما لم يجز دل على انتقاله إلى العمرة الثانية العمرة التي أتي بها للتحلل لا يسقط وجوب العمرة التي للاسلام
ان كانت الفايتة حجة الاسلام لأنا قد بينا ان الواجب ان يأتي بالحج والعمرة في سنة واحدة الثالثة لو أراد فايت الحج البقاء على احرامه إلى
القابل ليحج من قابل فالظاهر من الروايات المنع منه لأنهم (عل) أوجبوا عليه الاتيان بطواف وسعي وحكموا بانقلاب الحج إلى العمرة وقال مالك
يجوز ان تطاول المدة بين الاحرام وفعل النسك لا يمنع اتمامه كالعمرة وبما قلناه ذهب الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر ولظاهر الحديث من
قوله (ع) من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمرة ولان احرام الحج يصير في غير أشهره فصار كالتحريم بالعبادة قبل وقتها الرابعة المكي وغيره
سواء في وجوب الهدى بالفوات وعدم وجوبه بخلاف دم التمتع لان الفوات يحصل من المكي كما يحصل من غيره فان أوجبنا الهدى على غير المكي
أيضا الخامسة العمرة المفردة لا تفوت لان وقتها جميع أيام السنة اما التمتع بها فإنها تفوت بفوات الحج لأنها منوطة بوقت معين كالحج
المقصد الخامس في احكام النساء والصبيان والأجير في الحج وفيه فصول الأولى في احكام النساء
مسألة الحج واجب على النساء لوجوبه على الرجال بالنص والاجماع قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا
وهو عام يتناولهن كتناول الرجال وقال النبي صلى الله عليه وآله بناء الاسلام على خمسة شهادة أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وايتاء
الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا وقال الباقر (ع) بنى الاسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج
والصوم والولاية ولا خلاف بين المسلمين في وجوب الحج على النساء والخناثى كوجوبه على الرجال وتقدم ذلك مسألة و
ليس للزوج منعها عن حجة الاسلام ولا العذر ولا ما وجب عليها بالافساد وغير ذلك من الواجبات فإذا أحرمت وجب عليها المضي فيه وان كره الزوج وليس له
منعها من الاتمام إذا كان الحج واجبا ذهب إليه علماؤنا اجمع وهو قول أكثر العلماء منهم النخعي واسحق ومالك وأصحاب الرأي واحمد والشافعي في أصح قوليه
وقال في الأخرى له منعها قال أصحابه القول الأول لا يجئ على مذهبه لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
وقال لا تمنعوا إماء الله عن مساجد الله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن امرأة لم تحج ولها
زوج وأبا ان يأذن لها في الحج ففات زوجها فهل لها ان تحج قال لا طاعة لها عليها في حجة الاسلام وإن لم يكن له منعها في الابتداء ففي الانتهاء
أولى ولأنها عبادة يجب على الفور فلم يكن له منعها منها كالصلاة والصوم احتج الشافعي بأنه وجب على التراخي فلا يتعين في هذا العام
فكان له منها فيه والجواب ان هذا ليس بصحيح لما بينا ان الحج واجب على الفور أيضا فان حج الواجب يتعين بالشروع فيصير فيه كالصلاة إذا أحرمت بها في أول
وقتها وقضى رمضان إذا شرعت فيه ولان ذلك يقضي إلى اسقاط القضاء بالكلية لاستمرار حق الزوج على الدوام فلو ملك منعها في هذا العام
يملكه في عام المقبل وهكذا مسألة وله ان يمنعها عن حج التطوع اجماعا قال ابن المنذر اجمع كل من يحفظ عنه أهل العلم على أن
للرجل ان يمنع زوجته من الخروج إلى الحج التطوع لأنه تطوع يفوق حق زوجها فكان لزوجها منعها منه كالاعتكاف ويدل عليه ما رواه
الشيخ عن ابن حبله عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن امرأة المؤسرة فد حجت حجة الاسلام تقول لزوجها حج في مالي اله ان يمنعها من ذلك قال
نعم ويقول لهما حقي عليك أعظم من حقك علي في هذا فرع الأول إذا اذن لها في التطوع جاز له الرجوع فيه ما لم تتلبس الاحرام
اجماعا فلو رجع قبل التلبس ثم أحرمت كان له ان يحللها كمن لم يأذن لها وهل يلزمها الهدى كالمحصر قال بعض الجمهور نعم فان لم تجد صامت وفيه
اشكال لوقع الاحرام على وجه الفساد الثاني لو اذن لها في التطوع فتلبست بالاحرام لم يكن له ان يرجع فيه لأنها أحرمت احراما صحيحا
854

فوجب عليها الاستمرار عليه وصار واجبا فلم يكن له منعها منه كما ليس له منعها من الواجب ابتداء الثالث لو لم يأذن لها في التطوع
فأحرمت من غير اذنه كان له ان يحللها خلافا لبعض الجمهور لنا ان اذنه شرط في التطوع وصحته وقد فات فيفوت الشروط ولأنه تطوع فيفوت
لحق الرجل أحرمت به من غير اذنه يملك يحللها منه كالأمة تحريم بغير إذن مولاها ولان العدة تمنع المضي في الاحرام لحق الله تعالى فحق الادمي أولى
لأنه حقه أضيق نسخه وكرم الله تعالى احتج المخالف بان الحج يجب بالشروع فيه فلم يملك الزوج تحليلها منه كالحج المنذور والجواب انه
انما يجب إذا وقع على جهة الصحة وهو قبل الاذن غير صحيح فلا يجب اتمامه الرابع لو كانت الحجة حجة الاسلام لكن لم تكمل شرايطها
في حقها لعدم الاستطاعة فله منعها من الخروج إليها والتلبس بها لأنها واجبة عليها حينئذ فلو أحرمت والحال هذه بغير اذنه فهل
يملك تحليلها أم لا فيه تردد ينشأ من أنها أحرمت بغير اذنه فيما اذنه شرط فيه فكان له منعها منه كالتطوع ومن أن ما أحرمت به يقع من
حجة الاسلام الواجبة بأصل الشرع كالمريض إذا تكلف حضور الجمعة لو حلف زوجها أن لا يحج في العام حجة الاسلام بالطلاق ثلثا
لم يكن اعتبار عندنا لان الحلف بالطلاق عندنا باطل اما الجمهور فقد اختلفوا فقال بعضهم ليس لها ان تحل لان الطلاق مباح فليس لها
ترك فريضة الله تعالى خوفا من الوقوع فيه وقال عطا الطلاق هلاك وهي بمنزلة المحصر الخامس قد يبينا ان المحرم ليس شرطا في
وجوب الحج على المراة فيما تقدم بل يجوز لها ان تخرج وإن لم تجد محرما السادس لو نذرت الحج فإن كان بغير إذن زوجها
لم ينعقد نذرها لأنها تفويت منافعها المستحقة له ولو كان باذنه لزم وكان حكمه حكم حجة الاسلام ليس له منعها منه بل يستحب له
اعانتها عليه كما يستحب له اعانتها على أداء حجة الاسلام السابع حكم المطلقة رجعية حكم الزوجة لعدم خروجها بالطلاق عن الزوجات
ولو خرجت من العدة أو كان الطلاق باينا كانت المراة مالكه لأمرها تخرج في حجة السلام والتطوع معا متى شاءت لسقوط الولاية عليها حينئذ
الثامن إذا حجة المراة حجة الاسلام باذن زوجها كان قدر نفعه الحصر عليه وما زاد لأجل السفر عليها لأنه أداء واجب عليها وكذا لو حجت بغير إذن
الزوج أو باذنه في حج التطوع اما لو أفسدت حجها فان كنت زوجها من وطيها مختاره قبل الوقوف بالمشعر ألزمها القضاء وكان في القضاء مقدار
نفقة الحصر على الزوج وما زاد عليه فعليها في مالها ويلزمها مع ذلك كفارة في مالها ولو خرجت في التطوع بغير اذنه كان النفقة عليهما اجمع
لأنها كالناشر لخروجها عن طاعته مسألة وجميع ما يجب من الرجل من أفعال الحج وتروكه فهو واجب على المراة الا في لبس المخيط على ما
تقدم إذا عرفت هذا فإنها يجب عليها ان تحرم من الميقات كما يحرم الرجل ولا يؤخره وان كانت حايضا لكنها تحتشي وتستقر وتتوضأ
وضوء الصلاة ولا تصلي ركعتي الاحرام لكان الحيض لان الاحرام عبادة لا يشترط فيها الطهارة فجاز وقوعه من الحايض روى الشيخ عن
يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) من الحايض تريد الاحرام قال تغتسل وتستقر وتحشر بالكرسف ويلبس ثوبا دون ثيابها لاحرامها
ويستقبل القبلة ولا يدخل المسجد ثم تهل بالحج بغير صلاة وفي الصحيح عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله (ع) المرأة الحايض تحرم
وهي لا تصلي قال نعم إذا بلغت الوقت فلتحرم وعن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة حاضت وهي تريد الاحرام فتطمث قال تغتسل
وتحتشي بكرسف وتلبس ثياب الاحرام وتحرم فإذا كان الليل خلعتها ولبست ثيابها الأخرى حتى تطهر وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع)
أتحرم المراة وهي طامث قال نعم تغتسل وتلبي مسألة والمستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال ان وجب عليها الغسل على ما مر من التفصيل
في باب الحيض ثم تحرم عند الميقات ولا نعلم فيه خلافا روى الشيخ في الصحيح عن العيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المستحاضة تحرم
فذكر أسماء بنت عميس فقال إن أسماء بنت عميس ولدت محمدا ابنها بالبيداء وكان في ولادتها تركه للنساء لمن ولد منهن ان طمث فامر رسول الله صلى الله عليه وآله
فاستقرت وتمنطقت بمنطق وأحرمت إذا ثبت هذا فحكم النفساء حكم الحايض من وجوب الاحرام في حقها ولا نعلم فيه خلافا كما تقدم
مسألة ولو تركت الاحرام نسيانا وظنا منها انه لا يجوز لها حتى جازت الميقات وجب عليها الرجوع إليه والاحرام منه ان تمكنت وإن لم
تتمكن أو ضاق الوقت خرجت إلى خارج الحرم وأحرمت منه فان لم يتمكن أحرمت من موضعها للعذر بالجهد والنسيان ويدل عليه ما رواه الشيخ
في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا ما تدري هل عليك احرام لا
وأنت حايض فتركوها حتى دخلت قال إن كان عليها مهلة فلترجع ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما يفوتها الحج متحرم مسألة
إذا دخلت المراة مكة متمتعة طافت وسعت وقصرت ثم أحرمت بالحج كما يفعل الرجل سواء فان حاضت قبل الطواف لم يكن لها ان تطوف
بالبيت اجماعا لان الطواف صلاة ولأنها ممنوعة من الدخول في المسجد ومنتظر إلى وقت الوقوف بالموقفين فان طهرت وتمكنت من الطواف
والسعي والتقصير وانشاء احرام الحج وادراك عرفه صح لها التمتع وإن لم تدرك ذلك وضاق عليها الوقت أو استمر بها الحيض إلى وقت
الوقوف بطلت متعتها وصارت حجتها مفردة ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال باقي الجمهور كأنه يحرم بالحج مع عمرتها وتصير قارنته بجمع بين
855

الحج والعمرة لنا ما رواه الجمهور عن عروة عن عايشه قال أهللنا بعمرة فقدمت مكة وانا حايض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت
دلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انقضى رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة قال ففعلت فلما قضيت الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله
مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه فقال هذه عمرة مكان عمرتك وهو يدل على ابطال العمرة من وجوه أحدهما قوله (ع)
هذه عمرة مكان عمرتك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن المراة الحايض إذا قدمت مكة يوم التروية تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثم يقيم حتى يطهر فيخرج إلى التنعيم فيحرم
فتجعلها عمرة قال ابن أبي عمير كما صنعت عايشه احتج المخالف بما رواه جابر قال أقبلت عايشه بعمرة حتى إذا كانت بسرف تحركت ثم دخل النبي صلى الله عليه وآله
على عايشة فوجدها تبكي فقال ما شأنك قالت شاني اني قد حضت وقد حل الناس ولم أحل ولم أطف بالبيت والناس يذبحون إلى الحج الآن فقال إن هذا
امر كتب الله على بنات ادم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ففعلت ووقفت بالواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة ثم قال قد حللت من حجتك
وعمرتك قالت يا رسول الله اني أجد في نفسي اني لم أطف بالبيت حين حججت قال فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمر بها من التنعيم ولأنه يصح ادخال الحج على
العمرة لمن لم يخف الفوات فمع الخوف أولى والجواب عن الأول انا نقول بموجبه فإنه (ع) أمرها بالحج وأبطل العمرة وليس في حديثك ما يدل على بقاء العمرة
ولهذا أمرها بالاعتماد ثانيا وقوله (ع) قد أحللت من حجتك وعمرتك لا يدل على بقاء العمرة لان ذلك الاحرام قد كان للعمرة ثم صار للحج وانتقل
إليه فصح إضافة الاحلال إليه بالنسبة إلى الحج والعمرة لا انه محرمة بهما دفعة واحدة وعن الثاني بالمنع فانا قد بينا فيما سلف انه لا يجوز ادخال
احرام على احرام ويدل على ذلك قول عايشة يا رسول الله أترجع الناس منسكين وارجع بنسك وهو يدل على سقوط اعتبار العمرة إذا عرفت
هذا فكل متمتع خشي فوات الحج باشتغاله بالعمرة وقصر عمرته وأبطلها وصارت حجه مفرد كمن يضيق عليه الوقت ولا يأتي مكة ما يصل إلى
عرفات ويقف بها وقد تقدم البحث فيه مسألة إذا بطلت متعتها لم يجب عليها احرام اخر بل يبقى على ذلك الاحرام ويحرج به إلى عرفات
لأنه احرام وقع صحيحا فلا يتعقبه البطلان خصوصا مع جواز الفعل ويدل عليه قول الصادق (ع) يمضى كما هي إلى عرفات فيجعلها حجة ثم يقيم
حتى يطهر ولذلك لا يجب عليها الدم عملا بالأصل بل يستحب لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن المرأة تجئ
متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات قال تصر حجه مفردة قلت عليها شئ قال دم يهريقه وهي صحبتها وانما قلنا إن الدم على
الاستحباب عملا بالأصل وبما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن المراة تدخل مكة متمتعة فتحيض قبل أن
يدخل متي تذهب متعتها فقال كان جعفر (ع) يقول زوال الشمس من يوم التروية وكان موسى (ع) يقول صلاة الصبح من يوم النحر
فقلت جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية ويطوفون ويسعون ثم يحرمون بالحج فقال زوال الشمس فذكرت له رواية عجلان
أبي الصباح فقال لا إذا زالت الشمس ذهبت المتعة فقلت فهي على احرامها أو تجد احراما للحج فقال لا هي على احرامها فقلت عليها هدى قال
لا الا ان تجب ان يتطوع ثم قال انما نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل أن تحرم فاتينا المتعة هذا الحديث كما يدل على سقوط وجوب الدم
يدل على الاجتزاء بالاحرام الأول واما اختلاف الامامين (ع) في فوات المتعة فالضابط فيه ما تقدم من أنه
إذا أدركت أحد الموقفين صحت متعتها إذا كانت قد طافت وسعت وإلا فلا وقد تقدم البحث فيه ويريده بيانا ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت
لأبي عبد الله (ع) المراة تجئ متعتها فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفه فقال إن كانت انها تطهر وتطوف بالبيت
وتحل من احرامها ويحلق الناس فليفعل وقد روى الشيخ عن درست الواسطي عن عجلان بن أبي صالح قال سألت أبا عبد الله (ع)
قلت امرأة متمتعة قدمت مكة فرأت الدم قال تطوف بين الصفا والمروة ثم تجلس في بيتها فان طهرت طافت بالبيت وإن لم تطهر فإذا كان
يوم التروية أفاضت عليها الماء وأهللت بالحج من بيتها وخرجت إلى منى فقضت المناسك كلها فإذا قدمت طافت بالبيت طوافين
وسعت بين الصفا والمروة فإذا فعلت ذلك فقد حل لها كل شئ ما عدا فراش زوجها وعن درست بن منصور عن عجلان قال قلت لأبي
عبد الله (ع) متمتعة قدمت فرات الدم كيف تصنع قال يسعى بين الصفا والمروة وتجلس في بيتها فان طهرت طافت بالبيت وإن لم تطهر فإذا
كان يوم التروية أفاضت عليها الماء وأهلت بالحج وخرجت إلى منى فقضت المناسك كلها فإذا فعلت ذلك فقد حل لها كل شئ ما عدا فراش
زوجها قال وكنت انا وعبد الله بن صالح سمعنا هذا الحديث في المسجد فدخل عبد الله على أبي الحسن فخرج إلي قال سألت أبا الحسن (ع) عن
رواية عجلان فحدثني نحو ما سمعنا من عجلان قال الشيخ (ره) وليس في هاتين الروايتين لا ينافي ما ذكرناه لأنه ليس في هذين انه قد تم
متعتها ويجوز ان يكون من هذه حاله ينبغي ان يعمل ما تضمنه الخبران ويكون حجته مفردة ولنا ان يكون متعة ولهذا وجب عليها في
الجزء الأول طوافين ولو كان المراة تمام المتعة لكان عليها ثلاثة أطواف وسعيان انما لزمها طوافان وسعي واحد لان حجتها صارت
مفردة ويكون قوله في الخبرين ويسعى بين الصفا والمروة للاستحباب أو يحمل على من يريد أن يرجع إلى صفة المحلين لأنا قد بينا ان من سعى
856

بين الصفا والمروة فقد أحل الا ان يكون سابق هدى ويكون امره لها بالاهلال بعد ذلك بالحج صحيحا لأنها بالسعي قد دخلت في كونها محله فيحتاج إلى
استيناف الاحرام للحج أو يكون امره بالاهلال تأكيدا لتجديد التلبية بالحج دون ان يكون واجبا ولو حاضت في أثناء طواف المتعة فلا يخلو اما ان يكون
حاضت وقد طافت أربعة أشواط ودونها فان كانت قد طافت أربعة أشواط فانقطع الطواف وتسعى وتقصر ثم تحرم بالحج وقد تمت متعتها مسألة فإذا
فرغت من المناسك وطهرت تمت الطواف قال الشيخ (ره) ومنع منه ابن إدريس وأبطل المتعة إذا حاضت في أثناء الطواف مطلقا ولم يبطلها
لو حاضت قبل السعي بعد اكمال الطواف ان كانت قد طافت ثلاثة أشواط كان حكمها حكم من حاضت قبل الطواف وينتظر فان طهرت وأدركت
المتعة قضتها ولا جعلت حجتها مفردة على ما تقدم لأنها مع طواف أربعة أشواط تكون قد تجاوزت النصف وحكم معظم الشئ حكمه غالبا ولهذا
جوزنا الافطار ولم يوجب الاستيناف على من أفطر بعد أن صام من الشهر الثاني شيئا اعتبارا بالأكثر ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي إسحاق
صاحب اللؤلؤ قال حدثني من سمع أبا عبد الله (ع) يقول في المرأة المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعتها تامة ويقضي
ما فاتها من الطواف بالبيت بين الصفا والمروة وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الاخر وعن ابن مسكان عن إبراهيم عمن سأل أبا
عبد الله (ع) عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال تم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة فلها ان تطوف
بين الصفا والمروة وذلك لأنها زادت على نصف وقد مضت متعتها واستأنف بعد الحج إذا ثبت هذا فإنها إذا طافت ثلاثة أشواط ثم حاضت يبطل الطواف اجماعا لا يجوز لها السعي حينئذ لان السعي تابع للطواف ومترتب عليه فإذا لم يحصل ولا معظمه لم يجز السعي بل يبقى على احرامها
إلى وقت الخروج إلى عرفات إن لم تطهر قبله ويدل على عدم جوار السعي ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الطامث قال يقضي المناسك كلها غير أنها تطوف بين الصفا والمروة ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن عجلان أبي صالح انه سمع أبا
عبد الله (ع) يقول إذا اعتمرت المراة ثم اعتلت قبل أن تطوف تقدمت السعي وشهدت المناسك فإذا طهرت وانصرفت من الحج
قضت طواف العمرة وطواف الحج وطواف النساء ثم أحلت من كل شئ لأنه محمول على من حاضت بعد طواف أربعة أشواط وقوله قضت
طواف العمرة أراد التمام دون الابتداء به مسألة إذا أربعة أشواط ثم حاضت فقد تمت متعتها على ما بيناه لكنها تقطع الطواف
للحيض ثم تخرج فتسعى ثم يقصر ثم تخرج إلى الموقف لان الطهارة ليست شرطا في السعي على ما تقدم ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ
في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الحايض تسعى بين الصفا والمروة فقال أبي لعمري قد امر رسول الله صلى الله عليه وآله
أسماء بنت عميس فاغتسلت فاستقرت فطافت بين الصفا والمروة ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) قال سألته عن المراة تطوف بالبيت ثم تحيض قبل أن تسعى بين الصفا والمروة قال إذا طهرت فلتسع بين الصفا
والمروة لأنه محمول على من يرجو زوال الحيض قبل فوات وقت المتعة فإنه يستحب لها تأخير السعي ليفعله على طهارة مسألة ولو
حاضت بعد الطواف قبل أن يصلي الركعتين تركها وسعت وأحلت فإذا فرغت من المناسك قضتهما لأنها ممنوعة من الصلاة ودخول
المساجد ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة طافت بالبيت في حج وعمرة ثم
حاضت قبل أن يصلي الركعتين فإذا طهرت فليصلي ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) قد قضت طوافها إذا ثبت هذا قليس عليها إعادة
الطواف لان الامر يقتضي الاجزاء ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن زرارة قال سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت قبل أن تصلي
الركعتين فقال ليس عليها إذا طهرت الا الركعتين وقد قضت الطواف مسألة قد بينا انها إذا طافت ثلاثة أشواط ثم حاضت
فإنه يبطل طوافها ثم أدركت الطهر قبل فوات المتعة صحت متعتها والا بطلت قاله الشيخ (ره) لما تقدم من الأحاديث اما ابن بابويه
(ره) فإنه قال إذا طافت ثلاثة أشواط أو أقل ثم حاضت جاز له البناء وتصح متعتها لما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن امرأة طافت ثلاثة أطواف أو أقل من ذلك ثم رأت وما قال تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى
رواه حريز عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال ابن بابويه وبهذا الحديث افتى دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق
عمن سأل أبا عبد الله (ع) عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال تم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة ولها
ان تطوف بين الصفا والمروة انها زادت على النصف وقد قضت متعتها فتستأنف بعد الحج وان هي لم تطف الا ثلاثة أشواط فلتستأنف
الحج فإذا أقام بها جمالها بعد الحج فلتخرج إلى الجعرانة والتنعيم فلتعتمر قال لان هذا الحديث اسناده منقطع والحديث الأول رخصة
ورحمه واسناده متصل مسألة لو حاضت في احرام الحج فإن كان قبل طواف الزيارة وجب عليها المقام بمكة حتى تطهر ثم تطوف
وتسعى فإن كان بعده قبل طواف النساء وكذلك ولا يجوز لها الخروج من مكة حتى تأتي بطواف النساء على طهر وان كانت قد طافت من
طواف النساء أربعة أشواط جاز لها الخروج من مكة لان في تخلفها من الحجاج ضرر عظيم وقد طافت معظمة فجاز لها الخروج قبل الاكمال
857

ويدل عليه ما رواه الشيخ عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر (ع) قال إذا طافت المراة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت
ان شاءت إذا ثبت هذا فإنه تودع من باب المسجد ولا يجوز لها دخوله لأنها حايض روى الشيخ عن حماد عن رجل قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول
إذا طافت المراة الحايض ثم أرادت ان تودع البيت فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد فلتودع البيت مسألة إذا عرفت المتعة من
عمرتها وخافت الحيض جاز لها تقديم طواف الحج ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي ومنع مالك منه واليه ذهب إليه ابن إدريس منا لنا ما رواه
الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه سأله رجل فقال اقضت؟؟ قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن يحيى الأزرق عن أبي
الحسن (ع) قال سألته عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر يصلح لها ان تجعل طوافها
طواف الحج قبل أن تأتي منى قال إذا خافت ان تضطر إلى ذلك فقلت ولأنها وبما تعذر عليها الطواف للحيض و (؟) (؟) عن الحاج
فلو لم يبح لها القديم لزم الضرر مسألة المراة إذا كانت عليلة جاز ان يطاف بها ولو كان على الحج زحام جاز لها ترك الاستلام ولو
حملت حتى تستلم كان أفضل رواه الشيخ عن محمد بن علي ميثم التميمي عن أبيه قال حججت بامرأتي وكانت قد أقعدت بصنعة عشرة سنة قال فلما
كان في الليل وضعتها في سق محمد وحملتها انا بجانب والخادم بالجانب الاخر قا ل فطفت بها طواف الفريضة بين الصفا والمروة واعتدت
به انا لنفسي ثم لقيت أبا عبد الله (ع) فوصفت له ما صنعته فقال قد أجزأ عنك وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كانت
المراة مريضة لا تفعل فليحرم عنها وعليها ما بقي على المحرم ويطاف بها أو يطاف عنها ويرمي عنها وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله (ع) عن امرأة حجت معها وهي حبلى ولم تحج قط زاحم بها حتى تستلم الحجر قال لا تضروا بها قلت فموضوع عنها قال كنا
نقول لا بد من اسلامها في أول سبع واحدة ثم رأينا الناس قد كثروا وحرصوا قال قال وسألت أبا عبد الله (ع) عن المراة يحمل في
المحمل ويستلم الحجر ويطوف بالبيت من غير مرض ولا علة وقال إني لأكره ذلك لها واما ان تحمل ويتسلم الحجر كراهية الزحام للرجل فلا
بأس به حتى إذا استلمت طافت ما شبه مسألة والمستحاضة يطوف بالبيت وتفعل ما تفعله الطهر من الصلاة فيه والسعي وغير ذلك
إذا فعلت ما تفعله المستحاضة لأنها حينئذ تكون بحكم الطاهر روى الشيخ في الحسن عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إن أسماء بنت عميس
(؟) بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله حين أرادت الاحرام من ذي الحليفة ان تحتشي بالكرسف والخرق وتهل بالحج
قال فلما قدموا نسكوا المناسك وقد نالها ثمانية عشر يوما فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله ان تطوف بالبيت وتصلي ولا تدخل الكعبة وعن
عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المستحاضة أيطأها زوجها وهل تطوف بالبيت قال بعد قرئها التي كانت
تحيض فيه وان كان قرؤها مستقيما فليأخذ به وان كان فيه خلاف فليحفظ بيوم أو يومين وليقبل ولتدخل كرسفا فإذا طهر على الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا اخر ثم يغتسل فإذا كان دم سائل فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة ثم تصلي صلاتين بغسل واحد وكل
شئ استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت إذا ثبت هذا فإنه يكره لها دخول الكعبة حسب ما تضمنه رواية يونس مسألة قد بينا
من حملها والطواف بها عنها وليها وليس عليها شئ للضرورة ولو كانت عليلة لا يفعل عند الاحرام أحرم عنها وليها وجنبها ما يجتنب
المحرم وتم احرامها وقد بينا فيما مضى انه ليس على النساء رفع الصوم بالتلبية ولا كشف الرأس ويجوز لها ليس المخيط والحرير على كراهية
ورخص لها في تظليل المحمل وليس عليها حلق ولا دخول البيت فإذا أرادت دخول البيت فلتدخله
إذا لم يكن زحام ولو زايلها الرجل
صلى أحدهما أولا فإذا فرغ صلى الاخر فهذا بناء على تحريم (؟) وقد سبق في باب الصلاة وينبغي ان يصلي الرجل أولا ثم المراة رواه
الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل والمراة يصيبان جمعا في المحمل قال لا ولكن يصلي الرجل وتصلي المراة
بعده مسألة قد بينا انه يجوز للمراة ان تخرج في حجة الاسلام سوا اذن لها زوجها أو منعها وكذا المطلقة سواء كانت
المطلقة رجعية أو باينة وكذا المتوفى عنها زوجها قال الشيخ (ره) إذا أحرمت المراة بالحج ثم طلقها زوجها وجبت عليها العدة
فإن كان الوقت ضيقا بحيث يخاف فوت الحج إذا أقامت فإنها يخرج ويقضي حجها ثم تعود ويقضي باقي العدة ان بقي عليها شئ
وان كان الوقت واسعا أو كانت محرمة بعمرة فإنها يقيم ويقضي عدتها ثم تحج ويعتمر وهذا القول منه (ره) ان كان في حجة الاسلام
فهو ممنوع بل الواجب عليها المضي فيها مطلقا سواء اتسع الوقت أو ضاق لقوله (ع) لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فإذا خرجن
فليخرجن قفلات؟؟ اي غير متطيبات ولأنها فيها بمنزلتها في صلب النكاح وان كان في حجة التطوع فهو حق اما المتوفى عنها زوجها فإنه يجوز
لها ان تخرج في الحج مطلقا وقال اخمد ليس لها ان تخرج في حجة الاسلام لنا ان الحج واجب على الفور في حق عامة المكلفين فيكون
كذلك في حق المتوفى عنها زوجها ولأنها معتدة فوجب عليها الخروج إلى الحج كالمطلقة وما رواه الشيخ عن داود بن الحصين عن أبي
858

عبد الله (ع) قال سألته عن المتوفى عنها زوجها قال الحج وان كانت في عدتها وفي الموثق عن زرارة قا ل سألت أبي عبد الله (ع) عن المتوفى
عنها زوجها الحج قال نعم وعن أبي هلال عن أبي عبد الله (ع) قال في الذي يموت عنها زوجها تخرج إلى الحج والعمرة ولا تخرج الذي يطلق لان
الله تعالى يقول لا يخرجن الا ان يكون طلقن في سفر إذا عرفت هذا فالمراد بالنهى ههنا عن الخروج المطلقة يعني به الخروج في حجة التطوع اما
في حجة الاسلام فلا لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال المطلقة تحج في عدتها وانما قلنا المراد بها حجة الاسلام
لما رواه منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المطلقة تحتج في عدتها وان كانت قد حجت فلا تحج حتى تنقضي عدتها وكذا إذا كان
الطلاق باينا فإنه يجوز لها ان تخرج في التطوع والواجب ما تقدم احمد فإنه احتج بان العدة فتفوت بخلاف الحج والجواب المنع من عدم فوات
الحج فإنه عندنا على الفور فهو إن لم يفت بمعنى يمكن استدراكه ولكنه يفوت تعجيل الواجب مسألة لو نذرت المراة الحج فإن كان
قبل العقد عليها أو بعده باذن زوجها كان حكمه حكم حجة الاسلام وان كان بعد العقد بغير إذن الزوج لم ينعقد نذره سواء دخل بها الزوج
أو لم يدخل لديها مؤنة المنافع المستحقة له منها فكانت كالعبد وقد مضى البحث في ذلك كله فصل روى ابن بابويه عن محمد بن مسلم عن أحدهما
(ع) قال سألته عن المحرمة إذا طهرت تغتسل رأسها بالخطمي فقال يجزيها الماء فصل وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا
إبراهيم (ع) عن رجل كان معه امرأة فقدمت مكة وهي لا تصلي فلم تطهر إلى يوم التروية فطهرت فطافت بالبيت ولم تسع بين الصفا و
المروة حتى نهضت إلى عرفات هل يعيد بذلك الطواف الأولى وبنى عليه فصل وروى ابن بابويه أيضا في الصحيح عن صفوان
عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن جارية لم تخص خرجت مع زوجها وأهلها فحاضت فاستحيت ان تعلم أحدنا وزوجها
حتى قضت المناسك وهي على تلك الحالة وواقعها زوجها ورجعت إلى الكوفة فقالت لأهلها قد كان من الامر كذا فقال عليها سوق
بدنة والحج من قابل وليس على زوجها شئ وهذه الرواية مناسبة للمذهب
الفصل الثاني في احكام العبد والصبيان
والكفار في الحج مسألة قد بينا فيما سلف الحج غير واجب على العبيد ولا من انعتق بعضه لثبوت الولاية
عليه وكذا الحكم في المدبر والمدبرة والمكاتب والمكاتبة وأم الولد ومن انعتق بعضه لا يختلف الحكم فيه ولا يجوز من واحد من هؤلاء ان
يحج الا باذن مولاه فإذا حج كانت حجته تطوعا لا فرضا ولا يجزيه عن حجة الاسلام لو انعتق ما لم يدركه العتق قبل الوقوف بالموقفين
والزوجة الأمة لا يجوز لها ان تحج الا باذن مولاها وزوجها معا فلو كره أحدهما وجب عليها الامتناع لأنها مملوكة فلا تحج بغير إذن سيدها وزوجة فلا يصح ان يحج الا باذن زوجها لان الحج ليس واجبا عليها اما من انعتق بعضه ومداه مولاه على أيام معينه يكون لنفسه قال
الشيخ (ره) لا يمتنع أن يقول ينعقد احرامه فيها ويصح حجه بغير إذن سيده وقد مضى البحث في ذلك كله مسألة احرام الصبي
عندنا صحيح واحرام العبد صحيح صحيح باذن مولاه أيضا وقد وقع الاجماع على العبد وخالفنا الشافعي في الصبي إذا عرفت هذا فلو بلغ الصبي
واعتق العبد فإن كان بعد فوات وقت الوقوف مضيا على الاحرام وكان الحج تطوعا ولا يجزي عن حجة الاسلام اجماعا وان كملا
قبل الوقوف يعين احرام كل واحد منهما بالفرض واجزاء عن حجة الاسلام وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة الصبي يحتاج إلى تجديد
احرام لان احرامه لا يصح عنده والعبد يمضي على احرامه تطوعا ولا ينقلب فرضا وقال مالك الصبي والعبد معا يمضيان في الحج و
يكون تطوعا وان كان البلوغ والعتق بعد الوقوف وقبل فوات وفيه بان يكملا قبل طلوع الفجر النحر رجعا إلى عرفات والمشعر
ان أمكنهما فان لم يمكنهما رجعا إلى المشعر ووقفا وقد أجزأتها ولو لم يعودا لم يجز هما عن حجة الاسلام فإنه يلزمهما الدم وان كانا متمتعين
وإن لم يكونا متمتعين ولم يلزمهما شئ وقال الشافعي عليه دم وقال في موضع آخر لا يتبين ان عليهما شئ لنا
قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى
الحج فما استيسر من الهدى والأصل براءة الذمة في حق غير الممتنع مسألة الكافر يجب عليه الحج لكن لا يصح منه بشرط تقدم الاسلام
كالمحدث يجب عليه الصلاة لكن لا تصح منه الا بشرط تقدم الطهارة فلو مر الكافر على الميقات مريدا للنسك فاحرم منه فان احرامه لا
ينعقد اجماعا لان الحج عبادة فلا يصح من الكافر كالصلاة إذا عرفت هذا فان مات على كفره فلا حكم له وان أسلم فإن كان بعد مضى
زمان الوقوف لم يجب عليه الحج لأنه أسلم بعد فوات وقته وما مضى حال كفره معفوا عنه وان أسلم قبل فوات الوقوف وجب عليه الحج
لامكانه ويتعين عليه في تلك السنة لأنه واجب على الفور خلافا وللشافعي وقد سلف فان لم يحرم جدد احراما ان تمكن الرجوع إلى
الميقات وجب والا من حيث تمكن ولآدم عليه عندنا خلافا للشافعي لان الاحرام الأول لا اعتداد به لوقوفه حال الكفر وبه قال
أبو حنيفة وأحمد بن حنبل احتج الشافعي بأنه جاوز الميقات مريدا للنسك وأحرم دونه ولم يعد إليه فوجب عليه الدم كالمسلم وهو ضعيف لأنه
مر على الميقات وليس من أهل النسك فإذا أحرم دونه لم يجب عليه الدم كما لو مر على الميقات مجنونا ولأنه ترك الاحرام حال الكفر وهو معفوا
عنه والإسلام يجب ما قبله فلا يجب الدم مسألة المخالف للإمامية من أهل القبلة إذا حج ثم استبصر فإن كان قد أتى بأركان الحج
859

وأفعاله صح حجه وأجزء عنه وان كان قد أحل بشئ من أركان الحج لم يجزه ذلك عن حجة الاسلام ووجب عليه قضاؤها ولا بعد لأنه مع
الاتيان بالأركان مسلم أتى بالحج على وجهه فكان مجزيا عنه ومخرجا عن عهدة التكليف كغيره من المسلمين واما مع الاخلال بشئ من الأفعال فلانه
لم يأت بالأركان وجب عليه إعادة الحج كغيره ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن يزيد بن معاوية العجلي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل
حج وهو لا يعرف هذه الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به وجب عليه حجة الاسلام وقد قضى فريضة فقال قد قضى فريضة ولو حج كان أحب
إلي وفي الحسن عن عمر بن أذينة قال كتبت إلى أبي عبد الله (ع) عن رجل حج ولا يدري ولا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة
به عليه حجة الاسلام وقد قضى قال قد قضى فريضة الله والحج أحب إلى مسألة الحج وإن لم يكن واجبا عليه الا نه يستحب اعادته
ندبا وتطوعا لمنع أكمل لعبادات أكمل الوجوه ويدل عليه قول أبي عبد الله (ع) في الحديثين المتقدمين والحج أحب إلى ولا يعارض ما
تقدم ما رواه الشيخ عن علي بن مهزيار قال كتب إبراهيم محمد بن عمران الهمداني إلى أبي جعفر (ع) اني حججت وانا مخالف وكنت صرورة قد خلت
متمتعا بالعمرة إلى الحج فكتب إليه أعد حجك وما رواه أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال الناصب إذا عرف فعليه الحج وان كان قد حج
لان ذلك محمول على من أخل أركان بعض الحج أو على حجة الاستحباب على ما تقدم وأيضا في طريق إحديهما سهل بن زياد وفي الاخر علي بن أبي
حمزة ويدل على الاستحباب ما تقدم من قوله والحج أحب إلى وما رواه الشيخ في الحسن عن عمر بن أذينة عن أبي عبد الله (ع) قال كتبت أسأله
عن رجل هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب لهذا الأمر ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضي عنه الحج الاسلام أو عليه ان يحج
من قابل قال الحج أحب إلى مسألة وكذلك باقي العبادات إذا أوقعها على وجهها الا يجب عليه قضاؤها عملا بالأصل الا الزكاة
روى الشيخ في الصحيح عن يزيد بن معاوية العجلي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه
بمعرفته والدينونة يجب عليه حجة الاسلام وقد قضى فريضة فقال قد قضى فريضته ولو حج لكان أحب إلي قال وسألته عن رجل حج وهو
في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب لهذا الأمر ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضي حجة الاسلام قال يقضي أحب إلى وقال كل عمل
عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يوجر عليه الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير مواضعها
لأنها لأهل الولاية واما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاؤه فرع روى ابن بابويه عن أبي عبد الله الخراساني عن أبي
جعفر الثاني (ع) قال قلت اني حججت حجتي هذه وقد من الله بمعرفتكم وعلمت ان الذي كنت فيه كان باطلا فما ترى في حجتي قال اجعل
هذه حجة الاسلام وتلك نافلة هذا الحديث محمول على أنه أخل بشئ من الواجبات مسألة قد بينا انه إذا أخل بالركن هنا ما
يعتقد أهل الحق ان الاخلال به مبطل للحج لا ما يعتقده الضال قد بينا انه ركن مسألة من شهد المناسك سكران فان لم
يحصل شيئا لم يجزيه الحج ووجبت عليه اعادته ان حصل ما يفعله وان أمكنه ان يأتي بها على وجهها متغفلا لها فالوجه صحة حجة اما
الشيخ (ره) فإنه أطلق القول وقال من شهد المناسك كلها ورتبها في مواضعها الا انه كان سكران فلا حج له وكان عليه إعادة الحج
من قابل والظاهر أن مراده التفصيل لأنه مع عدم التميز تكون كالمجنون لا قصد له والأفعال يشترط ايقاعها على وجهها من وجوه وجوب
أو ندب ومع التميز انه مسلم حج بشرايط الحج فكان مجزيا عنه ويؤيد ذلك ما رواه أبو علي بن راشد قال كتب إليه يسأله عن رجل
محرم سكر وشهد المناسك وهو سكران أيتم حجه على سكره فكتب لا يتم حجه
الفصل الثالث في حج النايب مسألة
الاستطاعة وتمكن مع الحج بنفسه وجب عليه ان يحج حجة الاسلام ولا يجوز له ان يستنيب فيه وهو قول كل من يحفظ عنه العلم لا خلاف بينهم فيه والحج
المندوبة كحجة السلام ان تمكن من فعلها مباشرة لم يجز له الاستنابة فيه أيضا لأنه واجب فأشبه حجة الاسلام ولا نعلم فيه خلافا هذا في الواجب
اما حج التطوع فإنه لا يخلو من أقسام ثلاثة أحدها ان يكون المستأجر لم يحج حجة الاسلام هل يجوز له ان يستنيب في التطوع عندي الجواز عملا
بعموم الأخبار الواردة لجواز الاستنابة في التطوع ولأنها عبادة لا تمنع من فعل الواجب فجاز فعلها ومنع من ذلك أحمد بن حنبل لان هذا
التطوع لا يجوز له فعله بنفسه فنيابته أولى وهو ضعيف لأنه انما لم يجز له فعله بنفسه لأنه يمنع من فعل الحج الواجب بخلاف ما إذا استأجر
وفعل هو الحج الواجب إذا ثبت هذا فإنه متى كان الاستيجار يمنعه من الاتيان بالحج الواجب بان يقصر نفقته بسبب دفع مال الإجارة فإنه لا
يجز الاستيجار اما لو لم يكن السرب مخلى فإنه ينبغي القول بجواز الاستيجار للتطوع مطلقا سواء قصرت نفقة الحج الواجب عنه أو لم يقصر لأنه
لا يجب عليه الحج حينئذ ثانيها ان يكون ممن قد أدى حجة الاسلام ثم عجز عن الحج التطوع بنفسه فإنه يجوز الاستنابة فيه اجماعا لان الحج عبادة
يجوز الاستنابة في فرضها فيجوز في نفلها كغيره من العبادات ثالثها ان يكون قد أدى حجة الاسلام وهو قادر على الحج بنفسه فإنه يجوز
له ان يستنيب أيضا عندنا ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يجوز وعن أحمد روايتان لنا انه حج غير واجب عليه
بنفسه فجاز له ان يستنيب فيه كالمغصوب احتج الشافعي بأنه حج تعذر عليه بنفسه فلا يجوز له النيابة فيه كالفرض والجواب بالفرق وهو
860

ظاهر فرع لو كان عاجزا عنه عجزا يرجي زواله كالمريض مرضا يرجى زواله والمحبوس جاز له ان يستنيب فيه لأنه حج لا يلزمه عجز عنه
بنفسه فجاز له ان يستنيب فيه كالشيخ والشافعي وان خالفنا في الأول فإنه وافقنا هنا وفوق في هذه الصورة بين الفرض والتطوع
لان الفرض عبادة العمر فلا يفوت بتأخيره عن هذا المقام والتطوع مشروع في كل عام فيفوت حج هذا العام بتأخيره ولان حج
الفرض لو فات في حياته قضى بعد موته بخلاف التطوع فإنه لا يقضي فيفوت ويجئ على أصلنا يجوز له الاستنابة لأنا جوزناها
مع القدرة فمع العجز أولى مسألة ولو كان عاجزا عن الحج الواجب بنفسه وأمكنه إقامة غيره ليحج عنه ففي وجوب الاستنابة قولان
أحدهما لا يجب وبه قال مالك والثاني لا يجب اختاره الشيخ (ره) وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقد تقدم البحث فيه لو لم يجد ما لا يقيم به
غيره سقط عنه بلا خلاف ولو وجد مالا ولم يجد من ينوبه لم يجب أيضا وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الاخر لا يسقط وجوب الحج ويقضي عنه
بعد موته لان امكان المسير عنده ليس شرطا في وجوب الحج وهو باطل لان الامر حينئذ يكون أمرا بغير المعذور ووجب القضاء تابع لوجوب الأداء
مسألة يصح الاستيجار للحج وتبرء ذمة من استأجره إذا كان ميتا أو ممنوعا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يصح وإذا
وقع على الأجير والمكتري ثواب النفقة فان بقي شئ يلزمه رده اما لو أوصى الميت بالحج عنه كان تطوعا من الثلث لنا خبر الخثعمية
التي أمرها النبي صلى الله عليه وآله بقضاء دين الحج عن والدها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن مسمع قال قلت لأبي
عبد الله (ع) أعطيت رجلا دراهم يحج بها عني ففضل منها شئ فلم يرده علي فقال هو له لعله ضيق على نفسه في النفقة وعن محمد بن
عبد الله القمي قال سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الرجل يعطى الحجة يحج بها ويوسع على نفسه فيفضل منها أيرده عليه قال لا هو له وعن عمار بن
موسى عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يأخذ الدنانير للحج ليحج بها عن رجل هل يجوز له ان ينفق منها في غير الحج قال إذا ضمن الحج فالدراهم
له يصنع بها ما أحب وعليه حجة لأنها عبادة يدخلها النيابة فجاز الاستيجار فيها مسألة يشترط في النايب الاسلام لأنها عبادة ويشترط
فيها النية وهي انما يصح من المسلم لاشتمالها على أفعال لا يصح من دون الاسلام ويشترط فيه العقل لان المجنون ليس اهلا للخطاب ولأنه
يتصف بما يوجب رفع القلم فلا حكم لفعله وكذا الصبي غير المميز سواء أحرم بنفسه أو أحرم به وليه نيابة عن غيره لان نية الولي انما يعتبر في
؟ الصبي للنص فلا يؤثر في غيره لأنه خلاف الأصل فيحتاج إلى نص ولم يثبت اما للمميز فالوجه انه لا يصح ثيابه أيضا لان حجة من نفسه و
؟ كان صحيحا لكنه شرطا للتمرين والاعتبار بفعل الطاعات فصح بالنسبة إلى ما يراد من تمرينه عليه الا انه مندوب يستحق به الثواب كما يستحق
المكلف فعل المندوبات لأنه غير مكلف لقوله (ع) رفع القلم عن ثلاثة ذكر أحدهم الصبي حتى يبلغ والثواب منوط بالتكليف مسألة
ويجوز ان يحج الرجل عن مثله اجماعا وعن المراة كذلك والمراة عن مثلها وعن الرجل في قول عامة أهل العلم لا خلاف بينهم فيه الا الحسن بن صالح
فإنه كره نيابة المرأة عن الرجل قال ابن المنذر هذه غفلة عن ظاهر السنة فان النبي صلى الله عليه وآله امر المراة ان تحج عن أبيها قال ابن عباس
روى عن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله ان فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع ان يثبت على الراحلة فأحج عنه قال
نعم وعن علي (ع) انه سئل عن شيخ بحد الاستطاعة قال يحج عنه وهو عام ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة عن أبي عبد
الله (ع) أنه قال تحج المراة عن أختها وعن أخيها وقال تحج المراة عن أبيها ولأنها عبادة يدخلها النيابة فاستوى فيه الرجل والمراة
مسألة وسواء كانت المراة أجنبية أو من أقارب الرجل فإنه يجوز لها ان تحج له مطلقا وسواء اخذت اجره أو لم تأخذ لأنها من أهل
النيابة فاستوى الجميع منهن فيه كالرجل ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) المراة تحج عن الرجل و
الرجل يحج عن المراة قال لا بأس وعن مصادف قال سألت أبا عبد الله (ع) بحج المرأة عن الرجل قال نعم إذا كانت فقيهة مسلمة وكانت
قد حجت رب امرأة خير من رجل إذا عرفت هذا فان المراة سواء كانت صرورة أو لم يكن فإنه يجوز لها ان تحج عن الرجل وللشيخ (ره) قولان أحدهما عدم الجواز إذ كانت صرورة ذكره في كتاب الاخبار لما تقدم في حديث مصادف فإنه جوز نيابتها بشرط ان تكون فقيهة لم تكن قد حجت
وهما معا شرطه فان الفقه بأفعال الحج شرط فكذا عدم كونها صرورة ولما رواه زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول بحج الرجل
الصرورة عن الرجل الصرورة ولا تحج المراة الصرورة عن الرجل الصرورة وعن سليمان بن جعفر قال سألت الرضا (ع) عن امرأة صرورة
حجت عن امرأة صرورة قال لا ينبغي ولنا عموم قوله (ع) بحج المراة عن أختها وأبيها ولأنه مكلفه تصح نيابتها إذا كانت قد حجت فتصح صرورة
كانت كالرجل والجواب عن لأول من احتجاج الشيخ (ره) ان الحديث يدل على مطلوبه من طريق المفهوم فلا يعارض العموم ومع
ذلك فإنه شرط فيه أن يكون فقيهة ولا ريب ان ذلك ليس شرط بل خرج مخرج الأول وعن الثاني ان النهى عنه على سبيل الكراهية جمعا بين
الأدلة وعن الثالث انه أول على الكراهية من الأول فان قوله (ع) لما ينبغي انما يستعمل غالبا فالكراهية ومع ذلك ففي طريقه أحمد بن
أثيم وهو ضعيف والحديث الثاني يرويه الفضل وهو ضعيف جدا مسألة من فقد الاستطاعة جاز له ان يحج عن غيره وإن لم
861

يحج حجة الاسلام سواء تمكن من الحج من غير؟ أو لم يقدر ذهب إليه علماؤنا وبه قال جعفر بن محمد (ع) رواه عنه الجمهور وبه قال
الحسن والنخعي وأيوب السجستاني ومالك وأبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين وقال الشافعي لم يحج حجة الاسلام ليس له ان يحج عن عمرة فان فعل وقع احرامه
عن حجة الاسلام عن نفسه وبه قال ابن عباس والأوزاعي واسحق وروى عن ابن عباس أيضا انه لا يقع عن نفسه ولاعن غيره بل يقع باطلا وهو
رواية عن أحمد وقال الثوري ان كان قادرا على أن يحج عن نفسه حج عن نفسه والا جاز له ان يحج عن غيره لنا ان النبي صلى الله عليه وآله جوز للخثعمية
ان تحج عن أبيها من غيرا ان يسألها أدت حجة الاسلام عن نفسها أم لا وترك الاستفصال عن الحال يبنى عموم الجواز ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن سعد بن أبي حلف قال سألت أبا الحسن موسى (ع) عن الرجل الضرورة يحج عن الميت قال نعم إذا لم يجد الضرورة ما يحج به عن
نفسه فإن كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزي عنه حتى يحج من ماله وهي تجزي عن الميت ان كان للضرورة مال فان لم يكن مال وفي الحسن عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل ضرورة مات ولم يحج حجة الاسلام وله مال قال يحج عنه ضرورة لا مال له وعن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع)
قال لا بأس ان يحج الضرورة عن الضرورة ولان هذا الوقت غير معين لفرضه فإذا اخره لسنة أخرى ترك الحج في هذه السنة جاز فتملك أداء
النفل فيه وأداء فرض غيره ولأنه عبادة تدخله النيابة فجاز ان يؤديه عن غيره من لم يسقط فرضه عن نفسه كالزكاة احتج المخالف بما روى ابن عباس
ان رسول الله صلى الله عليه وآله سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من شبرمة فقال قريب لي قال هل حججت
قط قال لا قال فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة ولان مطلق النية والنقل في هذا سواء ولو أطلق كان عن الفرض فكذا إذ نوى النفل
أو فرض غيره لان فرض غيره نفل في حقه ولأنه حج عن غيره قبل الحج عن نفسه فلم يقع عن الغير كما لو كان صبيا والجواب عن الأول انه حجة لنا
انه (ع) لم يقل له أنت حاج عن نفسك كما هو مذهب الشافعي بل قال حج عن نفسك كما هو مذهب الشافعي بل قال حج عن نفسك وهو
الاستيناف وكان ذلك في وقت كان يجوز فسخ الاحرام وعن الثاني بالمنع أولا من الاجزاء بالمطلق سلمنا لكن الظاهر من حال المراة انه انما يحل
هذه المساق لأداء الفرض الذي عليه فانصرف المطلق إليه وعن الثالث بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل ان قلنا إن المميز يصح ان يحج عن غيره و
بالفرق إن لم يقل بذلك لأنه في حق الصبي انما لم يصح في حقه لمعنى لم يوجد في البالغ فان صحة العلة ظهر الفرق ولا منعنا الحكم في الأصل ولا
يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عقبه قال كتبت إليه أسأله عن رجل ضرورة لم يحج قط حج عن ضرورة لم يحج قط أيجزي كل واحد منها
تلك الحجة من حجة الاسلام أولا بين لي ذلك يا سيدي انشاء الله فكتب (ع) لا يجوز ذلك قال الشيخ (ره) الوجه في هذه الرواية ان يحمل
على أنه إذا كان للضرورة مال فان تلك الحجة لا تجزي عنه كما تقدم في حديث سعد بن أبي خلف مفصلا فحملا الاطلاق عليه قال ويحتمل انه لا يجزي
ذلك عن الذي يحج إذا أيسر لان من حج من غيره ثم أيسر وجب عليه الحج لما رواه ادم بن علي عن أبي الحسن (ع) قال من حج من انسان ولم يكن
له مال يحج به أجزأت؟ حتى يرزقه الله ما يحج به ويجب عليه الحج وقد روى عن بكر بن صالح قال كتبت إلى أبي جعفر (ع) ان ابني معي وقد
امرته ان يحج عن أمة الا بعد أن يحج عن نفسه إذا ثبت هذا فان الآخرة يستحقها لأنه عقد صحيح وقال المانعون يجب والأجرة على المستأجر
لأنه لم يقع الحجة عنه فأشبه مسألة من فقد الاستطاعة وهو ضرورة ويمكن من الحج تطوعا جاز له ذلك ويقع على التطوع ذهب
إليه علماؤنا اجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري واسحق وابن المنذر وقال الشافعي عن حجة الاسلام وبه قال ابن عمر وانس وعن أحمد روايتان لنا انه نوى التطوع ولم ينوى الفرض فلا يقع عن الفرض لقوله (ع) اما الأعمال بالنيات وانما كل امر ما نوى ولأنها عبادة ينقسم نفلا و
فرضا فجاز ايقاع نفلها قبل فرضها كالصلاة ولأنه زمان لا يجب عليه الفرض فيه فجاز ايقاع النفل كما بعد الحج احتج المخالف بأنه أحرم بالحج
وعليه فرض فوجب ان يقع عن فرضه كما لو كان مطلقا والجواب بالمنع أولا من ثبوت الحكم في الأصل وثانيا بالفرق لان النفل والفرض متنافيان
لا يمكن اجتماعهما فيه أحدهما لا يجامع نية الاخر ولا فعله لوقوع الفعل بحسب النية بخلاف المطلق والفرض فان الفرض مركب على المطلق وقيد
الخصوصية فتنته لا تنافي نية الفرض مسألة ولو نوى فاقد الاستطاعة حجا منذورا عليه اجزاه عن النذز عندنا وعند الشافعي
عن حجة الاسلام ولنا ما تقدم من قوله (ع) الأعمال بالنيات وقد مضى البحث فيه وكذا اطلاق لو مات وعليه حجة الاسلام واخر المنذور
فاستؤجر رجل ليحج عنه المنذور فاحرم بها وقع على النذر عندنا وعند الشافعي عن حجة الاسلام ولو كان عليه حجة منذورة فاحرم
بحجة التطوع وقال الشافعي وقع عن المنذورة عندي في ذلك تردد والوجه ان النذر ان تعلق بزمان معين لم يجز ايقاع التطوع فيه
فان أوقعه بنية التطوع بطل ولم يجز النذر ولعدم القصد وإن لم يتعلق بزمان معين لم يقع عن المنذورة أيضا لعدم القصد وهل يقع
تطوعا فيه اشكال مسألة قد بينا التردد في جواز نيابة الصبي اما العبد المأذون له فإنه يجوز نيابته عن الحر خلافا لبعض الجمهور
لنا ان الحج غير واجب عليهما فجاز ان ينوب غيره كمن حج حجة الاسلام وكالضرورة العاجز احتج المخالف بأنه لم يسقط فرض الحج عن نفسه
862

فلم يجز له ان ينوب غيره كالحر والجواب انا قد بينا ان الحج غير الواجب عليه ولا اسقاط انما يكون بعد الثبوت في الحج الواجب اما التطوع فالمانعون
هناك جوزوا النيابة هنا لأنه من أهل التطوع دون الفرض ولا يمكن ان يقع الحجة التي مات فيها عن فرضه لأنه ليس من أهله فيثبت لمن
فعلت عنه وحينئذ لا يلزم رد ما أخذ منه كالحر إذا حج عن نفسه ثم استؤجر مسألة لا تجوز النيابة عن المخالف في الاعتقاد الا ان يكون
ابا النايب قاله الشيخان (ره) والدليل انما ينهض في الناصب لأنه كافر ونعني به من يظهر العداوة والشنان لأمير المؤمنين
(ع) والأئمة (عل) من بعده ويسبهم إلى ما يقدح في العدالة كالخوارج ومن صار عنهم ويدل عليه ما رواه الشيخ (ره) عن وهب بن عبد ربه عن أبي
عبد الله (ع) قلت الرجل الحج الناصب فقال لا قلت فإن كان أبي يقال ان كان أبوك فنعم اما المخالف الذي لا عناد عنده ولا يغضبه لأهل البيت
(عل) ففيه اشكال للاجماع على أن عباداته التي فعلها مجزية عنه الا الزكاة اما ابن إدريس (ره) فإنه منع من النيابة عن المخالف مطلق
سواء كان ابن النايب أو أجنبيا وادعى عليه الاجماع وان استثناء الشيخ (ره) للأب لرواية شاذة لا يعمل عليها ونحن لا يحقق الاجماع
هنا ولم نظفر في المنع بأكثر من هذه الرواية فان كانت شاذة فالاستثناء المستثنى منه ممنوعان وينبغي الجواز عملا بالأصل وان كان
معمولا بها وكيف سلم أحد الحكمين الذين اشتملت الرواية عليهما دون الآخر وهل هذا الا بحكم محض مسألة ويشترط في النيابة نية
النايب عن المنوب عنه بالنية أو الذكر لأنه فعل يحتمل وجوبها وصرفه إلى الفاعل أقرب فلا بد من مخصص لأنه لا ينصرف فعل النايب إلى
المنوب عنه الا كذلك ويستحب له ان يذكره في المواقف كلها باللفظ روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال قلت له ما يجب
على الذي يحج عن الرجل قال تسميه في المواطن والمواقف وهذا على جهة الأفضل دون الوجوب وان أجاب (ع) عن الوجوب في لفظ السائل تأكيد ا
للاستحباب عملا بالأصل وبما رواه عن مثنى عبد السلام عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يحج عن الانسان نذكره في جميع المواطن
كلها قال إن شاء فعل وان شاء لم يفعل الله يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكر عند الأضحية إذا ذبحها ويستحب له إذا أحرم عنه أن يقول
ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل يحج عن أخيه وعن أبيه أو عن رجل من الناس هل ينبغي له ان يتكلم بشئ قال نعم
يقول بعد ما يحرم اللهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو شعب فأجز فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه مسألة
لا يجوز الحج والعمرة عن حي الا باذنه سواء كان الحج فرضا أو نفلا لأنها عبادة يدخلها النايب فلم يجر عن الحي المكلف الا باذنه كالزكاة
ويجوز عن الميت مطلقا لان الاذن في طرفه ممتنع فلو وقف مطلق النيابة على الاذن لبطل الحج عن الميت لكن النبي صلى الله عليه وآله
امر الخثعمية بالحج عن والده الميت وان كان في حجة الاسلام جايزا كان في النفل أولى ولان ما جاز فعله في طرف الميت من فرض جاز
من نفل كالصدقة فحينئذ كلما يفعله النايب عن المنوب ما لم يؤمر به فإنه يصح في طرق الميت دون الحي ويقع عن فعله تطوعا ولو كان عليه حجة
الاسلام لم يجز عنه على ما سلف وانما يحصل له ثواب الحج لأنه لما تعذر وقوعه عن المنوب عنه وقع عن نفسه مسألة من استأجر
غيره ليحج عنه حجة السلام فمات النايب وان كان بعد الاحرام ودخول الحرم أحرم عن المنوب عنه وان كان قبل ذلك لم يجز اختاره في النهاية
والتهذيب وقال في الخلاف ان مات بعد الاحرام أجزء عن المنوب عنه وإلا فلا واقتصر الشيخ هنا على الاحرام واكتفى به في براءة
الذمة وهو اختيار ابن إدريس اما الشافعية فقالوا ان مات قبل الاحرام لم يجب له شئ من الأجرة ولم يجز عن المنوب عنه نص عليه
الشافعي وان مات بعد الاحرام والآتيان بأركان الحج اجمع وانما بقي عليه الرمي أو المبيت أيام منى ففيه قولان وان مات قبل أن يفعل
شيئا من الأركان ردوا ان كان بعد فعل بعضها فقولان لنا ان الحج ثابت في الذمة يتعين فلا يسقط عنها الا بالاتيان بأركانه و
اكمال أفعاله بمقتضى الدليل تركناه في صورة الاتيان بالاحرام ودخول الحرم لاجماع علماءنا فيبقى الباقي على الأصل وأيضا روى
الشيخ في الصحيح عن يزيد بن معاوية قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل خرج حاجا وهو حمل ونفقه وزاد فمات في الطريق
فقال إن كان صرورة فمات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام فيقول ثبت الاجزاء في حق المكلف نفسه فكذا في النايب لان فعله كفعل المنوب
عنه ولان الحج واجب في الموضعين بالسوية فيتساويان في المرئ وأيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألت
عن الرجل فيوصى بحجة فيعطي رجل دراهم ليحج بها عنه فيموت قبل أن يحج قال إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي عن الأول
مسألة لو مات بعد الاحرام ودخول الحرم فقد قلنا إنه يجزي عن المنوب عنه فيخرج عن العهدة فلا يجب على الورثة رد شئ من الأجرة
لأنه قد فعل ما أبرأ ذمة المنوب عنه فكان كما لو أكمل الحج ولو مات قبل أن دخل الحرم فهل يستحق المستأجر شيئا من الأجرة أم لا تردد الشيخ (ره)
فيه فتارة يقول تستعاد الأجرة منه بكمالها لأنها استحقت في مقابلة أفعال الحج ولم يفعل منها شيئا وتارة قال يستحق من الأجرة بقدر ما
عمل ويستعار ما بقي لأنه كما استوجبه كما أفعال الحج استؤجر على قطع المسافة وقوى الأخير اختاره ابن
إدريس ثم رجع عنه إلى الأول اما
الشافعية فقالوا ان مات قبل الاحرام لم يكن له شئ من الاسفتي الصيرفي وأبو سعيد الإصطخري في عام؟؟ وقد حضر الناس فأفتيا أن
863

لكل أجير بقدر علمه فقال بعض الشافعية انما أوجبناه وصحا لما وإياه من المصلحة ومنهم من قال إنها اجره لان المسافة لابد منها لتوصل بها إلى
النسك ويجب عليه فعلها وقد يلزمه المؤنة الكبيرة إذا قصد ذلك من المواضع المتباعدة ورد عليهم الأولون بان الأجرة انما يقابل المقصود بها
والأفعال الواقعة عن المستأجر واما التسبب إلى ذلك فلا كما لو استأجرت للبناء أو الحفر فقرب إليه آلتهما ولم يبين ولم يحفر فإنه لا يجب له من
الأجرة شئ وان مات بعد اكمال الأركان وبقي عليه الرمي والمبيت فإنه يلزمه الجيران وهل يسقط بشئ من الأجرة بقدر ما ترك فيه طريقان
أحدهما يجب قولا واحد والثاني قولان ولو مات بعد أن فعل ركني الاحرام والوقوف وبقي عليه الطواف والسعي فهل يستحق شيئا
من الأجرة اختلف قول الشافعي فيه على قولين أحدهما يستحق الأجرة لأنه استأجره بعمل معلوم فعمل بعضه فاستحق بقدر ما عمل كما
لو استأجره لنا عشرة أذرع فعمل بعضها والثاني لا يستحق شيئا لان ما أتى به لا يسقط عنه الفرض فلا يستحق به اجره كمن استأجر رجل
ليرد عبده الآبق فرده إلى بعض الطريق ثم هرب منه بخلاف ما إذا عمل بعض البناء لانتفاعه به وهذا ليس بجيد لان لأولئك ان يقولون
قلنا بالبناء فقد حصلت الفايدة بالعمل وهو سقوط الأفعال المتقدمة وإن لم يقل به فقد حصلت فايدة الثواب قالوا فان قلنا لا أجرة فلا
بحث ان أوجب الأجرة على أفعال الاحرام أو على ذلك مع غيره اختلفوا فقال بعضهم يقسط على العمل والمسير وان كان المسير بانفراده لا يقسط
عليه لأنه هنا تابع للأفعال ويجوز ان يتناول العقد شيئا على وجه التبعية لغيره وان كان لو انفرد لم يصح كأساس الفايت فإنه يصح بيعه
مع الدار تبعا وإن لم يصح بانفراده وكذا طي الابار ومنهم من قال يقسط على الأعمال لأنها المقصودة بخلاف السبب إليها ولو قابله عوض
لكان إذا انفرد تعلق به عوضه وقال أبو العباس ليست على قولين بل الموضع الذي قال فيه بالتقسيط على العمل خاصة انما هو فيما
إذا استأجره ليحصل له حجة ولم يعين المسير من بلده والموضع الذي قال فيه بالتقسيط على العمل خاصة انما
له حجه وقال يقسط على السير فيما إذا استأجره ليحصل له حجة من بلده ثم اختلف قول الشافعي فقال في
الجديد لا يبني على ما فعله الميت بل يستأنف لأنها عبادة يتعلق أولها بآخرها فلا يصح البناء عليه كالصوم والصلاة ولأنه لو جاز ذلك
لجاز ان يستأجر ابتداء شخصي يفعلان الحج وقال في القديم يبنى عليه فان المقصود وجود الأفعال الصبي يحرم عنه وليه ويأتي هي بما يتمكن
من الأفعال ويأتي الولي بالباقي ثم فرغ أصحابه على قوليه فقالوا ان قلنا بالجديد فان كانت الإجارة متعينة بفعله بطلت ورد
الأجرة على ما ذكرنا وان كانت في الذمة فإن كان وقت الحج باقيا بان يموت قبل فوات الوقوف استأجر ورثته من يحج في هذه السنة عن المستأجر فإن كان قد مات قبل وقت الوقوف فان الحج يتأخر إلى السنة الثانية فان اختار المستأجر فسخ لإجارة فعل لتأخرها
عنه وان اختار اقرارها استؤجر عنه في السنة الثانية من يحج عنه من مال الموروث فان قلنا بقوله القديم فان كانت الإجارة
معينة فسدت بموته ويكون المتولي لاتمامها المستأجر فيستأجر من يتمها وان كان قبل الوقوف استأجر من يحرم عنه من مكانه ويقف
ولا يجب الدم لأنه بناء على احرام أتى من الميقات وسقوط الدم هو الفرق هنا بين القولين فان على قوله الجديد إذا أحرم من مكانه
وجب الدم لان الاحرام لزم عنه من الميقات وان مات بعد الوقوف فالمستأجر يستأجر من يكمل الحج على ما يأتي بيانه وان كانت الإجارة
في الذمة فان ورثة الأجير يقيمون النسك فإن كان مات قبل الوقوف استأجروا من يحرم ويقف ويتم الحج وان كان بعد الوقوف فكذلك
وان كان وقت الوقوف باقيا وقد وقف الأول محرم ولا يقف ويأتي الباقي إذا ثبت هذا فإن كان وقت الوقوف باقيا فان الثاني
يحرم بالحج لان وقت الحج باق وان كان قد فات زمان الوقوف فقد فات وقت له الحج فظاهر قوله في القديم انه يحرم بالحج واختلف
أصحابه فيهم من قال يحرم بالحج وقال أبو إسحاق محرم بالعمرة ويأتي بالطواف والسعي ولا يأتي بالرمي لأنه ليس في العمرة رمى قال لان زمان
الحج قد فات ولا يجوز الاحرام بالحج قبل أشهره قال أبو حامد القول الأول يضعف لهذا الوجه وما قال أبو إسحاق أفسد لأنه يأتي بطواف
العمرة ولا يقع عن الحج أجاب الأولون بان منذ الاحرام يبنى عن احرام ابتداه في أشهر الحج وانما لا يجوز ابتداء للاحرام في غير أشهر الحج ولان
هذه الاحرام تابع للأفعال وهذه الأفعال الباقية يجوز في غير أشهر الحج ويلزم ابا اسحق أن يقول إنه إذا أحرم بالحج ووقت الوقوف لان احرام الحج
يوجب ذلك وهذا الفروع كلها ساقطه عندنا لأنا قد بينا انه إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزء عن المنوب عنه فاستحق الأجرة بكمالها
وان مات قبل ذلك لم يجز عنه وهل يستحق الاجر شيئا على ما تقدم من التردد وانما طولنا في هذا النقل عن الشافعية لما فيه من المباحث المفيدة
مسألة لو صد الأجير عن بعض الطريق قال الشيخان (ره) كان عليه ما اخذ بقدر نصيب ما بقي من الطريق الذي يؤدي فيه الحج
الآن ان يضمن العود لأداء ما وجب ونحن نقول إن كانت الإجارة وقعت على حجة في الذمة من غير تعيين الوقت واجب عليه الاتيان بها مرة
ثانية ولم يكن للمستأجر فسخ الإجارة وكانت الأجرة بكمالها للأجير وان كانت معينة فإنه رجع عليه بالمتخلف ولا يجب على المستأجر الإجارة
في قضاء الحج ثانيا بل له ان يمنح الإجارة واستأجر غيره وله ان يحسبه إلى ذلك لان الإجارة انما وقعت مطلقة استحق المستأجر عليه العمل ولا
864

يبرء الا به والتقدير لأنه غير متعين لوقت معين فيجب عليه الاتيان في العام المقبل ولا يجوز للمستأجر فسخ العقد لان الإجارة لازمة من الطرفين
وإذا وقعت معينه ولم يأت المؤجر بها كان للمستأجر فسخ العقد لأنه انما تناول السنة الأولى ولم يتناول غيرها
فلا يجب على المستأجر الاجر اما الرجوع
بالمختلف فلانه لم يأت بالفعل بكماله فلا يستحق كمال الأجرة إذا ثبت هذا فان الشيخ (ره) قال إذا أحصر الأجير تحلل بالهدى ولا قضاء عليه
لأنه لا دليل على وجوبه والمستأجر على ما كان عليه ان كان متطوعا كان بالخيار وان كان وجب عليه حجة الاسلام لزمه ان يستأجر من
ينوب عنه غير أنه يلزم الأجير ان يرد مقدار ما بقي من الطريق أو يمضى الحج مما يستأنفه ويتولاه بنفسه مسألة إذا أحصر الأجير جاز له
التحلل بالهدى عملا بعموم الآية ويقع ما فعله عن المستأجر لأنه قصد الفعل له وقال بعض الشافعية يقع عن المحصر وهو الظاهر من قول الشيخ
إذا ثبت هذا فالدم عليه ولو لم يتحلل وأقام على احرامه حتى فات الحج تحلل بعمرة ولا يستحق الأجرة على ما فعله من وقت الوقوف إلى التحلل
لان تلك الأفعال لم ينقلها للمستأجر بل يتحلل من احرامه اما فعله قبل ذلك فإنه يستحق به الأجرة عندنا وللشافعي قولان سلفا مسألة
لو أفسد الأجير حجة النيابة قال الشيخ (ره) وجب عليه قضاؤها عن نفسه وكانت الحجة باقية عليه ثم تنظر فيها وان كانت الحجة معينة انفسخت
الإجارة ولزم المستأجر ان يستأجر من ينوب عنه فيها وإن لم تكن معينة بل يكون في الذمة لم ينفسخ وعليه ان يأتي بحجة أخرى في المستقبل
عمن استأجره بعد أن يقضي الحجة التي أفسدها عن نفسه ولم يكن المستأجر فسخ هذه الإجارة عليه والحجة الأولى فاسدة لا يجزي عنه والثانية
قضاؤها عن نفسه وانما يقضي عن المستأجر بعد ذلك على ما بيناه هذا قوله (ره) في ط وفي في الخلاف نحوه قال إذا أحرم الأجير انعقد عمن أحرم
عنه قال فسد الأجير الحج انقلب عن المستأجر إليه وصار محرما بحجة عن نفسه فأفسده فعليه قضائها عن نفسه والحج باق عليه للمستأجر يلزمه ان
يحج عنه فيما بعد أن كانت الحجة في الذمة ولم يكن له فسخ هذه الإجارة ولأنه لا دليل على ذلك فان كانت معينة انفسخت الإجارة وكان
على المستأجر ان يستأجر من ينوب عنه ونحن نقول إن قلنا إن من حجه عن نفسه فأفسده كانت الأولى حة الاسلام والثانية عقوبة على ما
اختاره الشيخ (ره) برئت ذمة المستأجر بعد حج القضاء لأنها تجب على الفور ولو قبل الحجة الثانية مجزية لأنها قضاء الحجة الفاسدة كما أجزأت
عن الحاج نفسه كان وجها حسنا ويعضده ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطي رجلا
دراهم يحج بها عنه فيموت قبل أن يحج ثم أعطاه الدراهم غيره قال إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي عن لأول
قل فان ابتلى بشئ يفسد عليه حجة حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزي عن الأول قال نعم قلت لان الأجير ضامن قال نعم وعن إسحاق بن عمار
عن أبي عبد الله (ع) في رجل حج عن رجل فاخرج في حجة شئ يلزمه فيه الحج وكفارة قال هي عن الأول تامة وعلى هذا فلا حرج و
يمكن ان يوجه كلام الشيخ (ره) بأنه أتى بالحج على غير الوجه المأذون فيه لأنه انما اذن له في حج صحيح فأتى بفاسد فيقع عن الفاعل كما
لو اذن له في شراء عين بصفة فاشتراها بغير تلك الصفة فان الشراء يقع له دون الأول وإذا ثبت انه منقلب إليه فيقول انه قد فسد حجا ووقع
عنه فلزمه قضاؤه وهذا الذي ذهب إليه الشيخ (ره) اختيار الشافعي وهو أيضا قوى اما المزني فإنه قال لا قضاء عليه ولا على المستأجر
ويمضى عن المستأجر لان الاحرام انعقد عن المستأجر وصار أجيرا؟ ينافيه فلو قلنا يكون عنه لجوزنا انعقاد الاحرام عن شخص وانقلابه
إلى غيره وانما قلنا بعدم وجوب القضاء اما عليه فلان الحج فسد على غيره واما على المستأجر فلانه لم يفسد شيئا فسقط القضاء مطلقا وهو ضعيف
لأنا نقول يمكن انعقاده مراعي باكماله كما ينعقد صحيحا ثم ينقلب فاسدا كما يقع حج الصبى والعبد ندبا ثم ينقلب فرضا مع زوال عذرهما قبل
الوقوف مسألة إذا فعل الأجير شيئا يلزمه الكفارة به من محظورات الاحرام كانت عليه في ماله من الصيد واللباس والطيب لأنها
عقوبة على جناية صدرت عنه أو ضمان في مقابله اتلاف فاختصت بالجاني وجرى مجرى الأخير إذا جنا على انسان فحرق ثوبه لا يجب الأرش على
مستأجره وكذا ها هنا مسألة قد بينا ان عقد الإجارة عن الحج صحيح ويستحق به الأجرة ذهب إليه علماؤنا وبه قال مالك والشافعي
وقال أبو حنيفة واحمد لا يقدر عليه الإجارة بل يعطي رزقا لنا انه عمل مدخله النيابة فجاز عقد الإجارة عليه كتفريق الصدقة وغيرها
أو انه عمل معلوم يجوز اخذ الرزق عليه كتطريق الصدفة احتجا انه عمل من شرطه ان يكون فاعله من أهل المقربة فلا يجوز اخذ الأجرة
عليه كالصلاة والصوم وجوابه انه عكس علينا إذا ثبت هذا فنقول للأجير اجرته ويقع الحج المستأجر مسألة ويسقط به الفرض
عنه سواء كان حيا أو ميتا استأجر عنه وله وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز الأجرة على الحج فإذا فعل كانت الإجارة باطلة
فان فعل الأجير ولبى عن المستأجر وقع الحج عن الأجير ويكون للمكتري ثواب النفقة فان بقي مع الأجير
شئ كان عليه رده لنا ان الأصل جواز الإجازة فالمانع يحتاج إلى دليل وإذا جازت اجارته وقع الحج عن المستأجر واستحق الأجير
الأجرة ويدل عليه أيضا ما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله سمع رجل يقول لبيك عن شبرمة فقال ويحك من شبرمة قال أخ
لي أو صديق فقال النبي صلى الله عليه وآله حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة فقوله حج عن شبرمة يدل على الجواز خلافا لأبي حنيفة و
865

كذا في الخبر الخثعمية أمرها بالحج عن أبيها مسألة ولا يفتقر الإجارة إلى تعيين محل الاحرام سواء كان الحج عن حي أو ميت وسواء كان للبلد
ميقاتان أو ميقات واحد وللشافعي قولان قال في الأم انه شرط ونقله المزني أيضا عنه وقال في الاملاء انه ليس شرط واختلف الشافعية فقال بعضهم
انها ليست على قولين وانما هن على اختلاف حالين واختلفوا حينئذ فقال بعضهم الموضع الذي قال إنه شرط انما هو إذا كان ميقات الشرع في بلده
مختلف فيكون بين ميقاتين مختلفين والذي قال إنه ليس شرط فيما إذا كان له ميقات واحد وقال آخرون انما يشترط
بيان موضع الاحرام إذا كان للحج ورجع
عنه حيا فان له اختيارا في ذلك والموضع الذي قال لا يحتاج إذا كان ميتا لعدم اختياره وقال آخرون بل له في المسألة قولان لنا
ان المواقيت معينه لوضع الشرع لكل جهة فلا يجوز الاحرام عندنا قبلها ولا بعدها فاستغنى عن التعيين وانصرف الاطلاق إلى المعهود الشرعي
كما أنه لا يحتاج إلى بيان موضع الوقوف والطواف لعرف الشرع فيه وكذا إذا طلق المتبايعان الثمن وكان له عرف في العادة فإنه ينصرف الاطلاق
إليه كذلك ههنا احتجوا بان الفرض يختلف بذلك ويجب اختلاف يختلف الأجرة فإنه قد يتعلق الفرض بالاحرام قبل الميقات فيكون المعقود
عليه مجهولا فتبطل الإجارة مع عدم التعيين والجواب انه يبنى على جواز الاحرام قبل الميقات وقد بينا امتناعه فيه ويعضده ما رواه ابن
عباس عن النبي صلى الله عليه وآله انه هذه مع المواقيت لأهلها والكل آت أتى عليها من غير أهلها أراد حجا أو عمرة وهو يتناول النايب كما يتناول
النايب غيره إذا ثبت هذا فلو شرط عليه ان يحرم من قبل الميقات لم يلزمه ذلك خلافا للشافعي على ما مضى ولو عين له دون الميقات لم يصح
لأنه يجوز الميقات وهو غير محرم ذلك غير جايز اما الشافعي فإنه فرغ على عدم جوازه الاطلاق انه ان عين له الميقات أو قبله صح ولزم
وان عين دونه لم يصح لما قلنا وان أطلق بطلب الإجارة فان حج وقع عن المستأجر لأنه حج عنه باذنه وان كانت الإجارة فاسدة
إذا وكله في بيع شئ أو شرائه وكالة فاسدة فان البيع صحيح للاذن ويستحق أجرة المثل وان وقعت له موضعا قبل الميقات فاحرم دونه
فعندنا لا شئ عليه إذا كان احرامه من الميقات لان الشرط عندنا لا يصح وقال الشافعي عليه دم الا ان يعود إليه محرما كما إذا ترك الميقات
الشرعي وأحرم دونه وهو ضعيف لان الميقات الشرعي تعين يوضع الشرع وهذه الذي عينه المستأجر لا يجوز الاحرام منه فلا
يجب عليه الدم فان قالوا انه لو نذر الاحرام من موضع يعينه يعين قلنا إن جوزنا هذا النذر كان بعينه لحق الله تعالى وفي مثلنا
يتعين لحق المستأجر إذا ثبت هذا فلو نذر المستأجر ان يحج ويحرم من موضع معينه فإنه يتعين عند ذلك على اشكال تعدم فلو عجز
عن أداء هذه الحج فالوجه وجوب الاستنابة على هذه الهيئة فتستأجر من محرم عنه من ذلك الموضع فلو اخره الأجير وجب عليه العود ان تمكن
والاحرام من حيث التمكن قال الشافعي على أصله لو عين له موضعا فاحرم بعده لم يتمكن من الرجوع وجب الدم وهل يرد من
الأجرة بقدرة قولان أحدهما لا يرد شيئا لأنه قد حيره بالدم فصار ذلك كأنه فعله كما لو جنى على احرامه لصيد أو طيب وكفر لم يرد شينا من
الأجرة لنقصان الاحرام لأنه قد حير في الكفارة والثاني يرد لأنه استجره لعمل فأتى بدنه واخراج الدم لحق الله تعالى دون دون من المستأجر
بخلاف الجناية فإنها لا تنقص شيئا من عمله فلا يوجب سقوط شئ من الأجرة وعلى هذا تقوم أجرة الحج من الموضع المعين وأجرته من الموضع
الذي أحرم منه وينظر كم نقص فيسقط بقدر حبره من الأجرة مسألة لو استأجر ليحج عنه على طريق فعدل عنها وحج من غير
بلد الطريق وأتى بأفعال الحج اجزاه واستحق الأجرة لأنه أتى بالمقصود من الأفعال ووضع المسافة لأجل الأفعال وقد حصل بالمسافة
الأخرى فيكون مجزيه ولا يسقط من الأجرة شئ لأنه لم يحل بأمر مقصود ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز بن عبد الله قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أعطى رجلا حجته بحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد
تم حجة اما لو تعلق بالمسافة المعينة غرض مقصود وشرط المستأجر السفر بها فعدل عنها الأخير صح الحج وبرئت ذمتهما ويرجع المستأجر
على الأجير نسبة التفاوت من الطريق وقاله الشيخ (ره) لا يرجع عليه بشئ وفيه تردد مسألة ويجب على الأجير ان يأتي
بالنوع الذي شرط عليه واستؤجر لفعله فإذا استأجره للتمتع أو القران أو الافراد وجب عليه ان يأتي بالشرط ولا يعدل إلى غيره وهو منقول
عن علي بن رئاب منها وقال الشيخ (ره) إذا استأجره للقران فتمتع اجزاه وان أفرد لم يجزه ولو استأجر للتمتع فقرن أو أفرد لم يجزه وان
استأجره للافراد فتمتع أو قرن وتخلف هذه الصورة فيما يأتي في الحاصل انه اجتزأ بالمأتي به وان كان مخلفا لنا ان عقد الإجارة وقع على حج
معين فيجب الاتيان به اما الشيخ (ره) فاحتج على الاجتزاء بالتمتع بما رواه في الصحيح عن أبي بصير عن أحدهما (ع) في رجل أعطى
رجلا دراهم يحج عنه حجة مفردة فيجوز له ان يتمتع بالعمرة إلى الحج قال نعم انما خالف أبي الفضل والخبر والجواب انه محمول على الحج المندوب
إذ لو كان الحج واجب التعين عليه لصفته كاملة ولم يجز له العدول على ما تقدم وقد روى الشيخ عن الحسن بن محبوب عن علي (ع) في رجل أعطى
رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة قال ليس له ان يتمتع بالعمرة إلى الحج لا يخالف صاحب الدراهم قال الشيخ (ره) الوجه فيه أحد شيئين
أحدهما ان يكون مخيرا جايزا له اي الحجتين حج ولا يجب عليه أحدهما دون الاخر كما يجب عليه التمتع إذا حج عن نفسه والثاني ان يكون
866

الخبر الأخير فلا يعارض الخبار المسندة ونحن قد بينا ما عندنا
في ذلك إذا عرفت هذا فالذي يختاره انه كان الحج عليه واجبا فلا بد من تعيينه عليه فيجب على الأجير متابعته في شرطه وان كان غير واجب عليه وعلى من (؟)
المستأجر الاتيان بالأفضل وإن لم يضمنه العقد فإنه يجوز له العدول إلى الأفضل له لأنه كالمنطوق به مسألة إذا استأجره ليأتي
بنوع معين فأتى بغيره فعلى قول الشيخ (ره) إذا أتى بالتمتع كان له الأجرة لأنه زاده على ما امر به واما على ما اخترناه فان علم منه التخير
فإنه يستحق الأجرة بأي الأنواع اي وإن لم يعلم منه ذلك فان الحج يقع عن المنوب عنه بنية النايب واما الأجرة ففي استحقاقها اشكال من حيث إنه تبرع بفعل ذلك النوع فلا يستحق به اجرا كما لو عمل له عملا لم يأذن له فيه بخلاف ما إذا علم قصد التخيير فإنه حينئذ يقصد حجا مطلقا
لا معينا فاستحق الأجرة لأنه بأي الأنواع اي يكون قد فعل المأذون فيه لان المعلوم من القصد كالمنطوق هذا ما تخلص لنا على ربنا
اما الشافعي فإنه قال إذا استأجره للتمتع فقرن فقد زاده خيرا لأنه أحرم بالحج من الميقات وكان قد شرط عليه ان يحرم بالحج من مكة
وهو بناء على أصله في تفسير القران قال ولا يلزمه رد شئ من الأجرة لما خف عنه من العمل يتداخل النسكين لأنه مجزي في الشرع عن
العبادتين ولو استأجره القران فأفرد فان الحج يجزي عن المحجوج عنه ويلزمه ان يرد من الأجرة بقسط عمرة وليس له ان يأتي بعمرة بعد
التحلل من الحج لأنه عين له وقت العمرة بان يأتي بها في أشهر الحج فإذا فات ذلك الوقت كان عليه ان يرد الأجرة قال ولو استأجره ليقرن فتمتع
فإنه يقع النسكان عنه لأنه أتى بهما وخالف قوله في الاحرام بالحج من مكة وقد امره ان يحرم من الميقات الا انه أفرد فعلى كل واحد من النسكين فلا
يستحق لهذه الزيادة شيئا لان الفعل الواحد يقوم مقامها ولهذا قلنا لو امره بالتمتع فأتى بالقران لم يسقط شئ من الأجرة وقال أبو
حامد يجب عليه دم لتركه الاحرام من الميقات ويجب على المستأجر دم لان القران الذي رضى به يتضمنه قال أصحاب الشافعي هذا يؤدي إلى ايجاب
الدمين عن شئ واحد لان دم التمتع جيران لترك الاحرام من الميقات مسألة إذا اذن له في التمتع فتمتع وجب على الأجير دم التمتع
قاله الشيخ (ره) لأنه من أن مضمون العقد وقال الشافعي دم النسك يجب على المستأجر لأنه رضى بوجوب الدم لنا انه استأجره
لايقاع التمتع المستلزم للأم وكان الدم على الأجير كما لو استأجر للخياطة وجب على الأجير اعداد الآلة ولان التمتع وقع من الأجير مباشرة فيجب
عليه التمتع لقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى إذا ثبت هذا فلو استأجره للتمتع وشرط الهدى على المستأجر صح ولزم لأنه
شرط سايغ تضمن عقدا لازما وكان لازما اما الشافعي فان الدم عنده على المستأجر قال ولو شرط على الأجير لم تصح الإجارة لان ذلك
في معنى بيع وإجارة وفي ذلك قولان الا انه ها هنا يفسد قولا واحدا الا ان البيع فيها غير مضبوط بالصفة ولا متعين ونحن نمنع كونه بيعا على ما يأتي
قال الشيخ (ره) ولو استأجره للقران فقرن كان هدى السياق الذي باعتباره يكون قارنا على الأجير أيضا لتضمن الإجارة ذلك ولو شرط
الهدى على المستأجر كان جايزا فقال الشافعي الدم على المستأجر ولو شرطه على الأجير بطل العقد على ما تقدم ولو استأجره ليفرد فتمتع اقرن
فلزوم الهدى ها هنا للأجير أظهر لان احتجاج الشافعي هناك لا يتأتى إذا لم يأذن له في المسألة لو استأجره للحج من العراق مثلا
فوصل الأجير الميقات فاحرم عن نفسه بالعمرة ثم فعل مناسكها وأحل ثم حج عن المستأجر فإن كان قد خرج من الميقات الذي وقت له وهو
ميقات العراق وأحرم منه للحج ثم فعل بقية المناسك صح حجه اجماعا لأنه أتى بالمأمور به على وجهه فكان مجزيا وإن لم يخرج إلى الميقات
وانما أحرم من مكة فإن كان احرامه من مكة لعدم تمكنه من الرجوع إلى الميقات أو لم يتمكن ويجب عليه الدم لاخلاله بالاحرام من الميقات
ويجب عليه الدم في ماله ويرجع عليه بقدر ما ترك ما بين الميقات ومكة قال أبو حنيفة وأصحابه يرد جميع الأجرة احتج الشيخ (ره) بأنه
استأجره على أن يحج من ميقات بلده فإذا حج من غيره فقد فعل غير ما امر به واجزاؤه عنه يحتاج إلى دليل فاما مع التعذر فلا خلاف في
اجزائه ايجاب الدم عليه يحتاج إلى دليل واحتج الشافعي بأنه قد أتى بحج صحيح وانما أخل مما يجيره الدم فلا يسقط اجرته واحتج أبو حنيفة
بأنه أدى السفر غير المأمور به وفعل الحج من غير سفر ونحن ننازع الشيخ ههنا ونقول ان كان قد استأجره للحج مطلقا من غير تعيين الميقات
وقد أتى به فاستحق الاجر مطلقا كما قال الشافعي اللهم الا ان نقول إن الاستئجار مطلقا ينصرف إلى الاحرام من العراق مثلا فيكون حكمه حكم
ما إذا عين الميقات فيقول ان تعين الميقات عندك ليس بشرط بل ينصرف إلى أحد المواقيت الشرعية التي من جملتها مكة وكذا جوزت العدول عن الطريق
الذي شرط عليه سلوكها فان تضمن الشرط الاحرام من ميقات أهل تلك الطريق سلمنا ان الميقات يتعين لكنا نقول لم قلت إن مع التعين لا
يجزيه الحج لو أخل به مع التمكن وهل هذا الا بمنزلة من استؤجر على عملين فعل أحدهما فإنه ينبغي ان يسقط من الأجرة نسبة ما عمله سلمنا
لكن ينبغي أن لا يجزيه إن لم يتمكن لأنه فرط بالاحرام من وقته مع تمكنه من الاتيان به وصرفه إلى نفسه والوجه عندي حينئذ اجزاء الحج
مطلقا وردت التفاوت كما قال الشافعي ان عين له الميقات وإلا فلا اما كلام أبي حنيفة فهو ضعيف لان الواجب عليه الحج فقد فعله
867

إذا عرفت هذا ففي رد التفاوت حينئذ اشكال من وجهين أحدهما ان يقال حجة من العراق أحرم بها من الميقات كم يستحق الفاعل فإذا قيل
ما به فيقال حجه من العراق أحرم بها من مكة كم يستحق الفاعل فإذا قيل يسعى رجع المستأجر بالعشر الثاني ان يقال حجة من العراق وحجه من
مكة ويؤخذ من الأجرة بقدر التفاوت لان سفره كان لنفسه والأقرب الأول لأنا لا نعلم أن سفره كان لنفسه ولأنه لو عاد إلى الميقات وأحرم
منه استحق جميع الأجرة وقفت على الأفعال وقد حصلت مسألة الإجارة على الحج على ضربين معينة وفي الذمة فالمعينة أن يقول
له استأجرتك لتحج عني بكذا وكذا فههنا يتعين على الأجير فعلها مباشرة ولا يجوز له ان يستنيب غيره لان الإجارة وقفت على فعله
بنفسه ولو قال على أن يحج عني بنفسك كان تأكيدا لان إضافة الفعل إليه في الصورة الأولى تكفى في ذلك فلو استأجر النايب غيره
لم تنعقد الأجرة ولو استعانه بغيره في الحج عن المستأجر صح الحج عنه ولم يستحق الحاج أجرة ولا المستأجر الأول واما التي في الذمة بان يستأجره
وليحصل له حجة فيقول استأجرتك لتحصل لي حجة وقد يكون قصده يحصل النيابة مطلقا سواء كانت الحجة الصادرة عنه من الأجير أو من غيره
قال هذا صحيح ويجوز للأجير يستنيب فيها لأنه كالمأذون له في فعل ما استؤجر عنه لغيره وكان ذلك كما لو
صرح له بالاستنابة ويدل عليه ما رواه
عمر بن عيسى عن الرضا (ع) قلت ما يقول في الرجل يعطي الحجة فيدفعها إلى غيره قال لا بأس ولا يجوز صرف هذه الرواية إلى المعينة ولأنه فعل
ما شرط عليه فاستحق الأجرة كما لو باشر الفعل فرع لو امره بالاستيجار لم يكن له ان يحج عن نفسه لأنه غير مأذون له فيه مسألة
إذا استأجر ليحج عنه فان عين السنة المتصلة بالعقد صح اجماعا بشرط ان يكون الأجير تمكن من التلبس بالاحرام في أشهر الحج اما لو لم يتمكن من الاتيان
به في تلك السنة فإنه يكون باطلا كمن استأجر غيره وهو بالعراق في مشهد ذي الحجة ليحج عنه في تلك السنة فإنه يتعذر على الأجير فعله (؟)
الإجارة لأنه عقد على ما لا يمكن فعله إذ لا يصح شرعا اما لو استأجره وهو متمكن من الاتيان بها في تلك السنة فإنه تصح الإجارة
سواء وقع العقد في أشهر الحج أو في غير أشهر وإذا عقد في غير أشهر الحج أو احتاج إلى التقدم بالشروع بان يكون البلاد القاصية أو استأجره
ماشيا ويكون المشاة يخرجون قبل أشهر الحج وقال الشافعي لا يجوز لنا يقع في غير شهر الحج الا مع الاحتياج إلى التلبس والسعي قبل أشهره
كالبعيد والماشي لان العقد من شرطه أيضا له بالعمل لأنه يفتقر إلى امكان التسليم والتسبب إليه في الحال ونحن نمنع ذلك على ما يأتي
في باب الإجارة انشاء الله إذا ثبت هذا فان فعل الأجير الحج في السنة المعينة برئت ذمته فان لم يفعل بطلت الإجارة لأنها تعينت بهذه
السنة ولم يفعل فيها فيبطل كما لو استأجر دارا أشهرا معينا فلم يسلمها حتى فات الشهر مسألة ولو استأجره مطلقا بان يقول استأجرتك
ليحج عني ولم يعين زمانا فإنه يصح لأنها إجارة على فعل معلوم وكانت صحيحة إذا ثبت هذا فإنها يقتضي التعجيل والآتيان بها على
الفور فلو اخرها الأجير لم ينفسخ الإجارة لأنها وقعت في الذمة فلا يبطل بالتأخير وليس للمستأجر الفسخ مع التأخير سوى اقتصر الأجير
مال الإجارة أولم يقتضيها وسواء كان المستأجر حيا مغصوبا أو وصى ميت وقال بعض الشافعية ان كان المستأجر وصى ميت أو
حي كما عن ميت أو وارثه لم يكن له الفسخ لأنه لا منفعة به في فسخه لأنه لا يجوز له التصرف في الأجرة وان كان المستأجر حيا مغصوبا جاز
له الفسخ لأنه ينتفع بالأجرة وينصرف فيها إلى السنة القابلة وليس بمعتمد لأنها عقد صحيح لازم من الطرفين فتجدد الفسخ يحتاج إلى
دليل ولم يثبت وليس جواز الفسخ لنفع المستأجر أولى من عدمه بعد لزومه وتلك الإجارة لنفع الأجير إذا ثبت هذا فان الأجير يجب
عليه الاتيان بالحج في أول أوقات الامكان فإذا أحرم في السنة الثانية عن المستأجر صح حجة عمن استأجره ما ان لو عين له سنة بعد
سنة الإجارة فإنه يصح عندنا كمن يستأجر غيره ليحج عنه في العام الثاني أو الثالث خلافا للشافعي على ما يأتي مسألة قال الشيخ
(ره) إذا اخذ الأجير حجة عن غيره لم يكن له ان يأخذ حجة أخرى حتى يقضي التي اخذها ونحن نقول إن استأجر الأول السنة معينة
لم يكن له ان يوجر نفسه بغير تلك السنة يعينها لان فعله صار مستحقا للأول فلا يجوز صرفه إلى غيره وان استأجره الأول مطلقا فان
استأجره الثاني للسنة الأولى ففي صحة الإجارة نظر أقربه عدم الجواز لأنه وان كانت الإجارة الأولى غير معينة بزمان لكن يجب
اتيانها في السنة الأولى فلا يجوز حينئذ صرف العمل فيها إلى غيره وان استأجره للسنة الأولى عملا بالأصل السالم عن معارضة تصادم
العقدين في سنة واحد مسألة لا يجوز لحاضري مكة المتمكن من الطواف الاستنابة فيه لأنه عبادة بدنية يمكن الاتيان
بها مباشرة فلا يجوز الاستنابة فيها كالحج ولو كان غايبا جاز له ان يستنيب فيه لأنه حينئذ غير متمكن من الطواف وكان كالعاجز عن الحج
ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي نجران عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قلت الرجل يطوف عن الرجل وهما
مقيمان بمكة قال لا ولكن يطوف عن الرجل وهو غايب قلت وكم قدر الغيبة قال عشرة أميال وكذا يجوز للحاضر غير المتمكن من الطواف
لعدم تمكنه من الطهارة بان يكون مريضا لا يستمسك الطهارة قاله يطاف عنه ولو استمسك طيف عنه به اما مع تمكنه من الطهارة
فلانه يمكن ان يطاف به وليس الطواف ماشيا شرطا فان الراكب يجوز طوافه كالماشي وقد طاف النبي صلى الله عليه وآله راكبا ناقته ولا
868

فرق بين ان يكون الحامل انسانا أو غيره ويدل عليه ما تقدم في حديث محمد بن هشيم التميمي عن أبيه قد حملت زوجتي في شق المحل انا في جانب
والخادم في جانب وطفت بها طواف الفريضة واعتددت به لنفسي ثم أعرضت ذلك على أبي عبد الله (ع) فقال أجزأ عنك اما المبطون
فإنه يطاف عنه لعدم تمكنه من الطهارة وكذا المغمى عليه لعدم تمكنه منها ومن النية المشترطة في الطواف لما تقدم ولما رواه حريز بن عبد
الله عن أبي عبد الله (ع) قال المريض والمغمى عليه يرمي عنه ويطاف عنه وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الكبير
يحمل ويطاف به والمبطون برمي عنه ويطاف عنه وقد سلف البحث في ذلك مسألة قد بينا ان الأجير يملك الأجرة بالعقد
إذا ثبت هذا فإنه يستحب له ان يعيد فاضل الأجرة غير مؤنته ليكون قصد الحج القربة لا العوض وليس ذلك بلازم لما رواه مسمع عن أبي عبد الله (ع) قلت أعطيت الرجل دراهم يحج بها عني ففضل منا شئ فلم يرده علي قال هو له ولعله ضيق على نفسه وعن محمد بن عبد الله القمي عن الرضا (ع)
قال سألته (ع) عن رجل يعطي الحجة يحج بها فيفضل منها أيردها قال لا هو له وان عقد الإجارة تسبب لتلك الأجرة مع الاتيان بالفعل
المشروط وقد وجد السبب فيوجد السبب وكذلك يستحب للمستأجر ان يتم للأجير لو أعوزته الأجرة لما فيه من المساعدة على الطاعة للمؤمن
والتعاون على البر والتقوى والرفق على أفضل العبادات وليس واجب عملا بالأصل اما أبو حنيفة فإنه منع من الأجرة فيكون الأجير نايبا
محضا وما يدفع إليه من المال لكونه نفقه لطريقه فلو مات أو أحصر أو ضل الطريق أو صد لم يلزمه الضمان
لما اتفق عليه لأنه انفاق باذن
صاحب المال فأناب عنه نايب اخر فإنه يحج من حين بلغ النايب الأول لأنه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه قلم يكن عليه الانفاق دفعة أخرى
ويرد النايب ما فضل معه من المال ولا يسرق لا يقتر على نفسه ولا يمشي ولا يدعوا إلى طعامه ولا يتفضل اما لو أعطاه قال يحج حج بهذه كان له ان
يتوسع فيها وان فضل شئ فهو له ولو سلك النايب طريقا يمكنه سلوك أقرب منه كان الفاضل من النفقة في ماله وان تعجل عجله يمكنه تركها
فكذلك فان أقام بمكة أكثر من مدة القصر بعد امكان السفر للرجوع اتفق من ماله انه غير مأذون فيه فاما من لا يمكنه الخروج قبل ذلك فله
النفقة لأنه مأذون فيه وله نفقة الرجوع وان مرض في الطريق فعاد فله نفقة رجوعه ولان لزمته حصل بغير تفريطه فأشبه بالوقوع
عليه الطريق أو صد وان قال خفت ان أمرض فرجعت فعليه الضمان لأنه مجرد وهم وهذه الفروع قد يتأتي على مذهبنا فيما إذا استنابه من عقد
إجارة مسألة قد بينا ان الاستيجار على الحج صحيح فيشترط فيه العلم بالعوض ويقين مقداره كالإجارة فلو قال له حج على بنفسك
كانت الأجرة باطلة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة الأجرة صحيحة لنا ان الأجرة مجهولة فلا ينعقد الأجرة معها وكذا البحث لو قال حج
عني بما شئت وإذا أفسدت الإجارة فان حج عنه وجب له أجرة المثل وصحة الحجة عن المستأجر فروع الأول لو قال أول من يحج
عني فله مائة كانت جمعا له صحيحة وقال المزني الأجرة فاسدة وله أجرة المثل احتج الشيخ بأنه شرط وخير محض ولا مانع يمنع فيكون صحيحا
ولقول النبي صلى الله عليه وآله المؤمنون عند شروطهم الثاني لو قال حج عني واعتمر بمائة قال الشيخ أنه يكون صحيحا فهي
حج أو اعتمر استحق المائة وقال الشافعي الإجارة باطلة لأنها مجهولة فان حج أو اعتمر استحق أجرة المثل احتج الشيخ (ره) بأنه يجز
بين الحج والعمرة بأجرة معلومة وليس بمجهول ومانع يمنع منه فمن ادعى المنع فعليه الدلالة والوجه أن يقول إن كان هذا عقد إجارة فالقول
ما قاله الشافعي العقد باطل فان حج استحق أجرة المثل والاستدلال من الطرفين ما تقدم الثالث إذا استأجر اثنان شخصا ليحج عنهما حجة
واحدة فاحرم عنهما لا يصح احرامه عنهما ولا عن واحد منهما لان الحجة الواحدة لا يقع عن شخصين وليس أحدهما أولى بها من صاحبه ولا ينعقد عن نفسه
لأنه لم ينوها فيه بل عنها فانقلابها إليه يحتاج إلى دليل هذا قول الشيخ (ره) قال وعدم صحتهما عنهما وعن واحد منهما بلا خلاف ولا
يصح عندنا احرامه عن نفسه ولا ينقلب الاحرام إليه وقال الشافعي ينقلب الاحرام إليه واستدل الشيخ (ره) بما تقدم من الاحتياج إلى دليل وبان
شرطه الاحرام النية فإذا لم ينو عن نفسه فقد تجرد عن نية فلا يقع مجزيا لقوله (ع) لا عمل الا بنية ولو قيل إن كانت الحجة مندوبة صح لأنه
طاعة يصح النيابة فيها عن واحد فيصح عن اثنين ويؤيده ما رواه الشيخ عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا الحسن موسى (ع) عن الرجل شرك
في حجة الأربعة والخمسة من مواليه قال إن كانوا ضرورة جميعا فلهم اجر ولا يجزي عنهم من حجة الاسلام والحجة للذي حج وهذه الرواية
توافق بقول الشافعي من انقلاب الحجة إلى الندب اما لو كانت الحجتان واجبتين فإنه لا تصح الواحدة عنهما قولا واحدا مسألة
إذا أحرم الأجير عن نفسه وعمن استأجره قال الشيخ (ره) لا ينعقد الاحرام عنهما ولا عن واحد منهما وقال الشافعي ينعقد عن نفسه ولا يصح
عن غيره لنا ان من شرط الاحرام النية فإذا لم ينو عن نفسه لم يصح عنه كما لا يصح عن المستأجر وتحقيقه ان مجامعة غيره في النية ان كان
مبطلا للنية اشترك في النايبين ولم ينعقد عن واحد منهما لتجرد الفعل عن النية وإن لم يكن مبطلا لم يتحصص الوقوع بالأجير احتج
الشافعي بان لاحرام ينعقد ولا يصح عن غيره فيقع عن نفسه كالصرورة والجواب المنع من انعقاد الاحرام مسألة إذا استأجره للحج
عنه في سنة معينة فحصلت شرايط الحج من الاستطاعة في تلك السنة بعد عقد الإجارة وكان صرورة انصرف الزمان إلى حج النيابة دون
869

حجة الاسلام لأنها مستحقة في ذلك الزمان قبل حصول الشرايط فيصرف الزمان إليها فهو في الحقيقة غير متمكن من حجة الاسلام لعدم الزمان فلو
أحرم عن نفسه لم ينفع عن نفسه وهل يضع عن المستأجر فيه اشكال ينشأ من عدم القصد إليه مع اشتراطه ومن الرواية التي رواها ابن أبي حمزه
وعن أبي عبد الله (ع) في رجل أعطى رجلا مالا ليحج به عنه فحج عن نفسه فقال هي عن صاحب المال اما لو كان عقد الإجارة غير معين
بل في الذمة فإنه يجوز الحج عن نفسه على اشكال مسألة لو أحرم النايب عمن استأجره ثم نقل الحج إلى نفسه لم يصح فإذا أتم الحج
الأجرة وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني صحة النقل لأنه (ع) سمع ملبيا عن شبرمة فقال (ع) حج عن نفسك ثم عن شبرمة
لنا ان ما فعله وقع عن المستأجر فلا يصح العدول بها بعد ايقاعها لان أفعال الحج استحقت لغيره بالنية الأولى والنقل لا يصح فيتم الحجة
لمن ابتدأ بالنية له وحينئذ يستحق الأجرة لامتثال الشرط مسألة إذا استأجره ليحج عنه فاعتمر أو ليعتمر عنه فحج له قال الشيخ (ره) لا
يقع على المستأجر سواء كان حيا أو ميتا ولا يستحق شئ من الأجرة وقال الشافعي ان كان المنوب حيا وقعت عن الأجير وان كان ميتا وقعت
عن المنوب ولا يستحق شيئا من الأجرة على كل حال احتج الشيخ بأنه لم يفعل ما استؤجر له بل خالف فيحتاج الاجزاء إلى دليل مع المخالفة
والأقرب عندي انها يقع عن المنوب سواء كان حيا أو ميتا لأنه نسك نوى به صرفه إلى غيره فينصرف إليه نعم لا يستحق الأجرة لأنه متبرع
بفعله إذا التقدير انه لم يأذن له بل في غيره والأجرة وقعت في مقابله ما لم يفعل فترجع إلى المستأجر وقول الشافعي باطل لما بينا من
جواز النيابة عن الحي وقول الشيخ ضعيف لان المتبرع تصح نيابته لكن لا يستحق أجرة مسألة إذا حصر الأجير يتحلل بالهدي
على ما قلناه ولا قضاء عليه لأنه ليس في ذمته حج يأتي به وسعى المستأجر على ما كان عليه ان كان الحج واجبا وجب عليه ان يستأجر من
يأتي به والا كان تطوعا ولو فاته الموقفان بتفريط منه لزمه التحلل بعمرة لنفسه ويعيد الأجرة ان كان الزمان معينا وإن لم يكن
بتقربه قال الشيخ (ره) يستحق أجرة المثل إلى حين الفوات ولو قيل له من الأجرة بنسبته ما فعله من أفعال الحج ويستعاد الباقي كان
وجها ولو أفسد الحج وجب عليه القضاء على ما تقدم ولو أفسد القضاء وجب عليه ان يأتي بقضاء اخر كما لا يجب على المنوب لو فعل ذلك
مسألة قد بينا ان الضرورة ويجوز ان ينوب بشرط عدم الاستطاعة وليس له ذلك معها إذا ثبت هذا فإنه إذا حج عن غيره ولم يكن
مستطيعا صح الحج واجزاء عن المنوب على ما بيناه أولا فإذا وجد النايب بعد ذلك الاستطاعة وجب عليه ان يحج عن نفسه حجة الاسلام
ولا يجزيه ما فعله عن غيره لأنها حجة وقعت عن غيره فلا يجزي عنه كما لو حج عن نفسه فإنه لا تجزي عن غيره ويدل عليه ما رواه آدم بن
علي عن أبي الحسن (ع) قال من حج عن انسان ولم يكن له مال يحج به أجزأت عنه حتى يرزقه الله ما يحج به ويجب عليه الحج ولا يعارض
ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال حج الضرورة يجزي عنه وعمن حج عنه لان المراد به ما دام مفسرا
فإنه يجزي عنه فإذا أيسر وجب عليه الحج ولان المنوب لو تجدد له المكنة وجب عليه الحج بنفسه على ما تقدم فالنايب أولى وقد روى الشيخ عن
عمرو بن الياس قال حججت مع أبي وانا صرورة فقلت أحب ان اجعل حجتي عن أمي فإنها قد ماتت فقال لي حتى اسأل لك أبا عبد الله (ع) فقال
الياس لأبي عبد الله (ع) وانا اسمع جعلت فداك ان ابني هذا ضرورة وقد ماتت أمه فأوجب ان يجعل حجة لها أفيجوز ذلك له فقال أبو عبد الله (ع)
يكتب له ولها ويكتب له ثواب اجر البر وهذه الرواية لا تدل على الاجزاء فان كتبه الثواب لا يعطي السقوط وحينئذ يحتمل انها تجزي عن أمه ويجب عليه
هو الحج في ماله لنفسه لرواية سعد بن أبي خلف عن الكاظم (ع) وقد سلف هذا إذا نوى الحجة عن والدته واما ان نواها عنه وعنها قال الشيخ (ره)
يجزي عنه ويستحق هو ثواب الحج ولا يسقط عنه الفرض لرواية علي بن حمزة عن الكاظم (ع) في الرجل يشترك في حجة الأربعة والخمسة
من مواليه فقال إن كانوا ضرورة جميعهم فلهم اجر ولا يجزي عنه الذي حج عنهم من حجة الاسلام والحجة للذي حج وروى ابن بابويه عن
جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) في رجل ليس له مال حج عن رجل أو أحجه غيره ثم أصاب بالأهل عليه الحج فقال يجزي عنهما وفي
هذه الرواية نظر والأولى تأويلها وروى ابن بابويه عن البزنطي عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل فقطع عليه الطريق فأعطاه رجل
حجة أخرى يجوز له فقال جايز وذلك محسوب الأول والاخر وما كان يسعه غير الذي فعل إذا وجد من يعطيه الحجة وهذه الرواية أيضا
قابله للتأويل لان احتساب الحجة للأول والاخر في الثواب لا يدل على الاجزاء عنهما معا وقد روى ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن إسماعيل قال
أمرت رجلا ان يسأل أبا الحسن (ع) عن الرجل يأخذ من رجل حجة فلا يكفيه اله ان يأخذ من رجل اخر حجة أخرى فيتسع بها ويجري عنها
جميعا أو تركها جميعا إن لم تكف إحديهما فذكر أنه قال أحب إلى أن يكون خالصة الواحد فان كانت لا يكفيه فلا يأخذه ويدل على المطلوب
من عدم الاجزاء بالنسبة إليها مسألة من وجب عليه أحد النسكين لا غير جاز له ان ينوب غيره في النسك الاخر ويفعل هو ما وجب
عليه عن نفسه كمن وجب عليه العمرة جاز له ان يحج عن غيره وكذا لو وجب عليه الحج لا غير جاز له ان يعتمر عملا بالأصل ولا يجب عليه رد شئ من
الأجرة لأنه امتثل ما استؤجر له وأتى به فيخرج عن العهدة وكذا من لم يجب عليه أحد النسكين جاز له ان يوجه نفسه عن شخصين
870

لأدائهما فلو استأجره واحد للعمرة وآخر للحج جاز ذلك إذا ثبت هذا فان القران عندنا عبادة عن سياق الهدى مع الاحرام والجمهور فسروه باقران
احرام العمرة بإحرام الحج وهو تفسير بعض علمائنا فلو جوزناه على هذا التفسير فاستأجره شخص للحج وآخر للعمرة وأذنا له في القران جاز لأنه نسك
مشروع مأذون فيه فيخرج به عن العهدة ولو قرن من غير اذنهما فالوجه الجواز أيضا ويقع عنها وقال بعض الجمهور ويرد من نفقة كل واحد
منهما نصفها لأنه جعل السفر عنهما بغير اذنهما ولو اذن له أحدهما دون الاخر رد على من لم يأمره النصف وقال آخرون منهم إذا لم يأذنا ضمن
الجميع لأنه امر بنسك مفرد ولم يأت به فكان مخالفا كما لو امره بالحج فاعتمر والجواب انه أتى بما امر به وانما خالف في الصفة لا في الأصل فأشبه
من امر بالتمتع فقرن مسألة قد بينا انه يستحب ان يذكر النايب المنوب في جميع الأفعال عند الاحرام والتلبية والطواف والسعي و
الموقفين والذبح والرمي وجميع المناسك وإن لم يذكر وكان نية الحج عند أجزأت ولا نعلم فيه خلافا وكذا يستحب لمن طاف عن غيره ان
يذكره عند الطواف روى بن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من
إخوانك فائت الحجر الأسود قل بسم الله اللهم تقبل من فلان وروى البيزنطي قال سال رجل أبا الحسن (ع) عن الرجل يحج عن رجل اسميه
قال الله لا يخفى عليه حافية وسئل يحيى الأزرق أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلح له ان يطوف عن أقاربه فقال إذا قضاء مناسك الحج
فليصنع ما شاء الفصل الرابع في احكام الحج عن الميت والوصية في الحج وفيه بحثان الأول مسألة
من وجد الاستطاعة ويمكن من الحج ولم يفعله حتى مات وجب عليه ان يخرج من يحج عنه من صلب تركته ذهب إليه علماؤنا وبه قال الحسن و
طاوس والشافعي وأحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة ومالك يسقط بالموت فان وصى بها فهي من الثلث وبه قال الشعبي والنخعي لنا ما رواه الجمهور
عن ابن عباس ان امرأة سالت النبي صلى الله عليه وآله من ابنها مات ولم يحج قال حجي عن ابنك وعنه ان امرأة نذرت ان تحج فماتت فأتى
أخوها النبي صلى الله عليه وآله فسأله عن ذلك فقال أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فاقضوا الله فهو أحق بالقضاء
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قدر الرجل على ما يحج به ثم وقع ذلك وليس له ينقل
بقدرة الله به فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام وان كان مؤسرا وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو امر بقدرة الله فيه كان عليه
ان يحج عنه من ماله ضرورة لا مال له وقال يقضي عن الرجل حجة الاسلام من جميع ماله وعن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن الرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها وهو مؤسر فقال يحج عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك ولأنه مستحق عليه
يصح الوصية به فلا يسقط بالموت كحقوق الآدميين احتجوا بأنها عبادة وجب عليه في حال حياته فتسقط بموته كالصلاة ولأنه عبادة
بدنية فيسقط بالموت كالصلاة والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل سلمنا لكن الفرق ظاهر فان الصلاة لا يدخلها النيابة بخلاف
الحج إذا ثبت هذا فإنه يخرج من صلب المال فإنه دين مستقر فكان من جميع المال كدين الادمي والبحث في العمرة كالبحث في الحج فان من لم
يعتمر عمرة الاسلام مع تمكنه ثم مات فإنه يقضي عنه من جميع التركة لأنها واجبة وقد امر النبي صلى الله عليه وآله با زرين ان يحج
عن أبيه ويعتمر الأول يستحب ان يحج عنه من بلده والواجب الاستيجار من الميقات سواء كثرت لتركه أو قلت وهو اختيار الشيخ
(ره) في الخلاف والمبسوط وبه قال الشافعي وابن المنذر وقال الشيخ في النهاية يستأجر من بلده واختار ابن إدريس ولو قصرت التركة استؤجر
من الميقات وبه قال أحمد بن حنبل لنا ان الواجب انما هو الحج وقطع المسافة ليس مرادا لذاته وانما وجب توصلا لأداء الحج إذ لا يمكن الا به
وما يتوقف عليه الواجب فهو واجب ولان الاحرام من دون الميقات غير واجب بل لا يجوز احتج ابن إدريس بتواتر اخبارنا على ذلك ولان
الحج وجب على الميت من بلده ويلزمه نفقة طريقه فمع الموت لا تسقط النفقة وهذا خطأ اما التواتر فانا لم نقف في هذه المسألة
على رواية أصحابنا فضلا عن الروايات المتواترة سواء ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن رئاب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أوصى ان يحج
عنه حجة الاسلام فلم يبلغ جميع ما تركه الا خمسين درهما قال يحج عنه من بعض المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله من قرب وفي الصحيح
عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) فان أوصى ان يحج عنه حجة الاسلام ولم يبلغ ماله ذلك فيحج عنه من المواقيت لكن دلالة هذين الحديثين
على مطلوبه ضعيف واما وجوب الحج من بلد الميت فغلا لان وجوبه ليس لذاته بل لان الاتيان بأفعال الحج مباشرة لا يمكن الا بقطع المسافة فإنها
أوجب عليه قطعها الا ترى أنه لو كان حاضر ببعض المواقيت لا يسقط الحج تم انشاء الحج لأجزأه ولم يجب عليه ابتداء الحج من بلده وكذا نايبه ولو وجب عليه الحج
من بلده ولان المعنى عليه أو المجنون أو الفقير في بلده إذا وصلوا في بعض المواقيت ثم زالت أعذارهم ووجب عليهم الحج يجب عليهم الرجوع إلى منازلهم
وانشاء السفر منها وذلك لا يقوله محتمل بل الواجب عليهم وانشاء الاحرام من الميقات فعلنا ان ابتداء الحج ليس من البلد وأيضا فان أحد
من العلماء لم يوجب على الحاج انشاء الحج من بلده مسألة ولو كان عليه دين فان (؟) التركة بهما صرف فيهما ما يقوم هما والفاضل
يكون ميراثا وان قصرت التركة قسمت على جزء المثل الحج من الميقات على الدين بالتخصيص وهو قول الشافعي وفي الأخرى يعدم دين
871

الادمي لأفعاله صرورة ولا صرورة لله تعالى والثالث تقدم دين الله تعالى لقوله (ع) للخثعمي دين الله أحق ان يقضي اما احمد فإنه ذهب إلى أنه
يقضي الحج من مال الميت قال فإن كان عليه دين ولم يف التركة قسمت بالحصص وصرف نصيب الحج إلى من يحج من أقرب المواقيت لقوله (ع)
إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم ولأنه قدر على أداء بعض الواجب فلزمه كالزكاة وفي رواية أخرى يسقط كما ذهب إليه الشافعي في أحد أقواله
لنا انهما دينان واجبان وليس أحدهما بالتقديم أولى من الاخر فوجب قسمة التركة عليهما كما لو كانا لآدميين مسألة لو كان عليها حجة
الاسلام وأخرى منذورة قال الشيخ (ره) يخرج حجة الاسلام من أصل المال والمنذورة من الثلث وقال ابن إدريس يخرجان معا من صلب المال
وهو الأقوى عندي لنا انهما واجبان تساويا في شغل الذمة وجوب أدائها لو كان حيا واشتراكهما في كون كل واحد منهما دين فتساويا
في القضاء كالدينين احتج الشيخ بما رواه ضريس بن أعين قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل عليه حجة الاسلام ونذر في شكر ليحج رجل فمات
الرجل الذي نذر قبل أن يحج حجة الاسلام وقبل ان يفي بنذره فقال إن كان ترك مالا حج عنه حجة الاسلام من جميع ماله ويخرج من ثلاثة ما يحج به عن
النذر وإن لم يكن ترك مالا لا يقدر حجة الاسلام حج عنه حجة الاسلام ما ترك وحج عنه وليه النذر فإنما هو دين عليه فروع
الأول لو نذر الحق مطلقا فالوجه وجوب القضاء عنه من الميقات كحجة الاسلام أو ما لو عين الموضع الذي ينشأ منه السفر للحج
فإنه يتعين ويقضي عنه من حيث وجب عليه مع المكنة ومع ضيق التركة يقضي من أقرب الأماكن الثاني لو لم يخلف مالا بقي بحجة الاسلام
والمنذورة معا ويفي بأحدهما فالأقرب صرفه إلى حجة الاسلام لأنها وجبت بأصل الشرع ولرواية ضريس ولأنه لا يمكن صرفها إلى غيرها
والأولوية لحج النذر فتعين حجة الاسلام الثالث إذا صرفت التركة إلى حجة الاسلام فهل يجب على الولي قضاء النذر أم لا الوجه عدم
الوجوب عملا بالأصل لرواية ضريس في قول أبي عبد الله (ع) فليحج عنه وليه ما نذر انما هو جهة الاستحباب دون الوجوب لما رواه الشيخ في
الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل نذر لله لان عافا الله ابنه من وجعه ليحج به إلى بيت الله الحرام فعافى الله الابن
ومات الأب فقال الحجة على الأب يؤديها عنه بعض ولده قلت هي واجبة على الابن من ثلاثة أو يتطوع ابنه
فيحج عن أبيه مسألة
من وجب عليه الحج فخرج لأدائه فمات في الطريق فقال له الشيخ (ره) ان مات قبل أن يبلغ الحرم فعلى وليه ان يقضى عنه من تركته فان مات
بعد دخوله الحرم اجزائه ذلك والأقرب أن يقول هذا التفصيل ثابت في حق من وجب عليه الحج قبل عامه واستقر في ذمته وفرط في أدائه فإنه
يجب ان يقضي عنه من أصل تركته إن لم يدخل الحرم محرما ولا يقضي لو أحرم ودخل الحرم اما لم يجب عليه قبل ذلك وانما وجب عليه في العام
الذي خرج لأدائه ثم مات في الطريق فإنه لا يقضي عنه لعدم تمكنه من الأداء وشرط الوجوب امكان الفعل وإذا انتفى وجوب الأداء انتفى
وجوب القضاء لا يقال إنه قد وجب عليه الأداء ولهذا لو اخر عد عاصيا لأنا نقول انا بينا بموته عدم وجوبه عليه وهذا متفرع على مسألة
أصولية هي ان الامر من شرطه انتفا علم الامر بامتناعه أم لا اما الشيخ (ره) فقد استدل بما رواه في الصحيح عن يزيد بن معاوية العجلي
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل خرج حاجا ومعه حمل ونفقة زاد فمات في الطريق فقال إن كان في ضرورة فمات في الحرم
فقد أجزأت عنه الحجة الاسلام وان مات قبل أن يحرم هو صرورة جعل حمله وزاده ونفقته في حجة الاسلام فان فضل من ذلك شئ فهو
لورثته قلت أرأيت ان كانت الحجة تطوعا فمات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون حمله ونفقته وما ترك قال لورثته الا ان يكون
عليه دين فيقضي أو يكون أوصى بوصية فينفد ذلك لمن أوصى ويجعل ذلك من الثلث ونحن نقول إن هذه الرواية كما يحتمل عدم سبق وجوب
الحج يحتمل أيضا سبقه على السواء ولا دلالة فيه على إحدى الامرين دون الأخرى مسألة يستحب للانسان ان يحج عن أبويه ميتين
كانا أو حيين عاجزين بلا خلاف لان النبي صلى الله عليه وآله امر ابا رزين فقال حج عن أبيك واعتمر وسالت امرأة النبي صلى الله عليه وآله
عن أبيها مات ولم يحج قال حجي عن أبيك ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال
سألته برجل عن تحج عن أبيه التمتع قال نعم المتعة له والحج عن أبيه وعن الحرث بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان أمي ماتت
ولم يحج قال حج عنها فإنها لك ولها وعن بشر النبال قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان والدتي توفت ولم يحج قال حج عنها رجل أو
امرأة قالت أيهم أحب إليك قال رجل أحب إلى وسأل أبو عبد الله (ع) عن رجل مات وله ابن فلم يدر حج أبوه أم لا قال يحج عنه فإن كان
أبوه قد حج كتب لأبيه نافلة وللابن فريضة وإن لم يكن حج أبوه كتبت لأبيه فريضة وللابن نافلة إذا ثبت هدا فإنه إذا تبرع
الابن أو غيره بالحج عن الميت برئت ذمة الميتة من حجة الاسلام مسألة وإذا حج عن غيره وصل ثواب ذلك إليه وحصل للحاج
ثواب عظيم لما روى الجمهور عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حج الرجل عن والديه يقبل منه ومنهما واستبرت
أرواحهما في السماء وكتب عند الله يسرا وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من حج عن أبويه أو قضاء عنهما مغرما
بعث يوم القيمة من الأبرار وعن حماد قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من حج عن أبويه أو أمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر
872

حجج ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان أبي قد حج وان والدتي قد حجت
وان أخوي قد حجا وإن أردت أن أدخلهم في حجتي كأني قد أحببت ان يكونوا معي فقال اجعلهم معك فان الله عز وجل جاعل لهم حجا ولك
حجا ولك أجرا يصليك إياهم وقال (ع) يدخل على الميت في قبر الصلاة والصوم والحج والصدقة والعتق والاخبار في ذلك كثيرة قال
أحمد بن حنبل وينبغي ان يبدأ بالحج عن الأم إذا كان تطوعا أو كان واجبا عليهما ولو لم يكن الحج
وكان واجبا على الأب بدأ به لان الأم
مقدمه في البر قال أبو هريرة جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال
ثم من قال أبوك أما إذا كان الحج واجبا على الأب دونها فإنها ينبغي ان يبدأ لأنه واجب فيكون أولى من التطوع البحث الثاني
في احكام الوصية بالحج مسألة من وجب عليه الحج وفرط فيه ثم عجز عن أدائه لنفسه أو نيابة وجب عليه ان يوصي به لأنه حق واجب
ودين ثابت فيجب الوصية به كغيره من الديون قال الله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية ولو لم يوصى بمعنى انه لا يفعل عنه بعد وفاته وحسابه
على الله تعالى بلقاء والحج في ذمته أما إذا أوصى اخرج من الثلث ويكون تطوعا لا يسقط به الفرض وكذا نقول في الزكوات والكفارات وجزاء الصيد كل ذلك يقسط وجب
على ورثته ان يخرجوا من صلب ماله ما يحج به عنه لأنه دين فلا يسقط عن ذمته ترك الوصية به خلافا لأبي حنيفة فإنه قال يسقط بوفاته
فلا يفعل عنه بوجه لنا خبر الخثعمية ويؤيده ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يموت ولم
يحج حجة الاسلام ولم يؤمر بها وهو مؤسر فقال يحج منه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك مسألة ولو لم يكن عليه حج واجب فأوصى
ان يحج عنه تطوعا صحة الوصية وأخرجت من الثلث ذهب إليه علماؤنا وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني بطلان الوصية لنا قوله
تعالى فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ولنا عبادة تصح الوصية بها واجبة فتصح مندوبة مسألة ولو لم
يوص بحجة الاسلام مع وجوبها عليه فقد قلنا إنه يجب ان يخرج من صلب ماله ما يستأجر به عنه ولو لم يخلف شئ استحب للورثة قضاؤها
عنه وتبرء بذلك ذمته وكذا لو خلف مالا وتبرع بها بعض ورثته أو أجنبي لان الذمة تبرأ مع العوض فكذا بدونه لان الواجب هو
الحج عنه وقد حصل ويدل على ما رواه عمار بن عمير قال قلت لأبي عبد الله (ع) بمعنى عنك انك قلت لو أن رجلا مات ولم يحج حجة الأسلم
فأحج عنه بعض أهله أجزأه ذلك عنه فقال اشهد على أنه حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه أتى رجل فقال يا رسول الله ان أبي مات
ولم يحج حجة الاسلام فقال حج عنه فان ذلك يجزي عنه وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قال ولم يكن
له مال ولم يحج حجة الاسلام فأحج عنه بعض إخوانه هل يجزي عنه أو هي ناقصة قال بل هي حجة تامة ولان النبي صلى الله عليه وآله
امر الخثعمية بالحج عن أبيها ولم يستفصل لما سألته فيدل على العموم مسألة إذا أوصى بحجة الاسلام ولم يعين المقدار انصرف إلى
أجرة المثل فلان الوصية يجب العمل بها مع الاحتياط للورثة فيكون ما جرت العادة به كالمنطوق به هو المراد من أجرة المثل ولأنه لو وكله
في بيع أو شراء ولم يعين الثمن انصرف إلى ثمن المثل عادة فكذا هنا واما خروجها من الأصل فلانه دين وقد سلف البحث فيه يدل عليه ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل مات فأوصى ان يحج عنه قال إن كان صرورة فمن جميع المال
وان كان تطوعا فمن ثلاثة اما لو عين المقدار فإن كان بقدر أجرة المثل فلا بحث يخرج من صلب المال وان كان أكثر من الأجرة المثل
اخرج مقدار أجرة المثل من صلب المال والزايد من الثلث لأنه ضمن وصية شئ أحدهما واجب والاخر تطوع فيخرج الواجب من الأصل والتطوع
من الثلث وان كان أقل من أجرة المثل وجب على الورثة اكمال الأجرة من التركة كما لو لم يوص مسألة ولو مات ولم يخلف شيئا سواء
قدر ما يحج به عنه وكان عليه حجة الاسلام صرف في الحج ولا شئ للوارث لأنه دين ولا ارث الا بعد قضائه ويدل عليه ما رواه الشيخ عن
علي بن رئاب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أوصى ان يحج عنه حجة الاسلام فلم يبلغ جميع ما ترك الا خمسين درهما قال يحج عنه
من بعض المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله من قرب ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
(ع) قال من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يترك الا بقدر نفقة الحج فورثته أحق بما ترك ان شاءوا واحتجوا عنه وان شاءوا أكلوا لأنا نقول بموجبه
أو يحتمل ان يكون الميت لم يجب عليه حجة الاسلام فان الحديث لم يتضمن وجوب الحج على الميت بل إنه مات ولم يحج فجاز ان يكون عدم الوجوب
كما جاز ان يكون معه مسألة من أوصى بحج وغيره فإن كان الجميع واجبا اخرج من أصل المال وإن لم يف قسم بالحصص وإن لم
يكن الجميع واجبا اخرج من الثلث فان وفي الثلث بالجميع عمل بمقتضى وصيته وإن لم يف بذلك بدأ أوصى به أولا بقي ها هنا شئ واحد وهو
أنه يكون الجميع واجبا ولا نفي المال به فإنه يبدأ بالحج لأنه دين الله فيكون أحق بالقضاء لقوله (ع) للخثعمية فدين الله أحق ان يقضي
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار قال قال إن امرأة هلك فأوصيت بثلثها يتصدق به عنها ويحج عنها ويعتق عنها
فلم يسع المال فسألت أبا حنيفة وسفيان الثوري قال كل واحد منهما انظر إلى رجل قد حج فقطع به فتقوى ورجل قد سعى في فكاك رقبه
فبقي عليه شئ العتق ويتصدق بالتقية فأعجبني هذا القول وقلت لقوم يعني أهل المراة اني قد سألت فتريدون المال أسأل لكم من هو أوثق
873

من هؤلاء قالوا نعم فسألت أبا عبد الله (ع) عن ذلك فقال ابدأ بالحج فان الحج فريضة وما بقي فضعه في النواقل قال فاتيت أبا حنيفة
قلت اني سألت فلانا فقال كذا وكذا فقال هذا والله الحق فاخذ به والقى هذه المسألة على أصحابه وقعدت لحاجة لي بعد انصرافه قسمتهم
يتطارحونها فقال بعضهم بقول أبي حنيفة الأول محطاة من كان سمع هذا وقال سمعت هذا عن أبي حنيفة منذ عشرين من سنته مسألة
لو أوصى ان يحج عنه ولم يعين الميراث قال الشيخ (ره) وجب ان يحج عنه ما بقي من ثلاثة شئ والتحرير أن يقول إن لم يعلم منه
إرادة التكرار حج عنه مرة واحدة لأنه القدر المعلوم وما عداه منفي بالأصل ولان الامر بمجرده لا يقتضي التكرار ولان الأصل بقاء
التركة على الورثة ان علم إرادة التكرار حج عنه مقدار الثلث احتج الشيخ بما رواه عن محمد بن الحسين أنه قال لأبي جعفر (ع)
جعلت فداك قد اضطررت إلى مسألتك فقال؟ فقلت سعد بن سعد أوصى حجوا عني ولم يسم شيئا ولا يدري كيف ذلك فقال حج
عنه ما دام له مال وعن محمد بن الحسين بن أبي خالد قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل أوصى ان يحج عنه منهما فقال يحج عنه ما
بقي من ثلاثة شئ ونحن نحمل هاتين الروايتين على ما إذا علم منه التكرار ولم يعين المرات مسألة لو أوصى ان يحج عنه
كل سنة بشئ معلوم يقصر نصيب سنتين فما زاد بسنة واحدة لأنه انتقل بالوصية عن تلك الورثة ووجب صرفه فيما عينه الموصى
بقدر الامكان ولا طريق الا ما ذكرناه فتعين ويدل عليه ما رواه الشيخ عن علي بن مهزيار قال كتب إليه علي بن محمد بن الحصين ان ابن عمى أوصى
ان يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة وليس يكفي فما تأمر في ذلك فكتب (ع) يجعل حجتين حجته فان الله تعالى عالم بذلك وقد روى ابن
بابويه قال كتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد (ع) أعلمك ان مولاك علي بن مهزيار أوصى ان يحج عنه من ضيعه صير ربعها لا الحجة في
كل سننه بعشرين دينارا وكذلك أوصى عدة مواليك في حجتين فكتب (ع) يجعل قلت حج حجتين انشاء الله تعالى مسألة
لو حصل عند انسان مال اليتيم وديعة وكان على الميت حجة الاسلام مستقرة وعلى ان الورثة لا يؤدون الحج جاز ان يقطع أجرة الحج
ويدفع إلى الورثة ما بقي لان الحج دين على الميت فلا يستحق الوارث الا ما يفضل عنه فتعين خروج ملكهم عن مقدار أجرة الحج فلا يجوز صرفها
إليهم مع العلم بالتفريط ويدل عليه ما رواه الشيخ عن يزيد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل استودع عني مالا
فهلك وليس لولده شئ ولم يحج حجة الاسلام قال حج عنه وما فضل فاعطهم فصل روى ابن بابويه قال كتب
عمر بن سعيد الساباطي
إلى أبي جعفر (ع) يسأله عن رجل أوصى إليه رجل ن يحج عن ثلاثة رجال فيحل له ان يأخذ لنفسه حجة منها فوقع بخطه وقراءة حج عنه
انشاء الله تعالى فان ذلك مثل أجرة ولا ينقص من أجرة ولا يقص من أجرة شينا انشاء الله مسألة إذا أوصى ان يحج عنه حجة واجبة
من نذر أو قضاء أو حجة الاسلام فلا يخ اما أن لا تعين الأجير والأجرة ويعينهما معا أو يعين أحدهما دون الاخر فان لم يعين شيئا منهما
حج عنه بأقل ما يوجد من يحج عنه من الميقات وان عنهما معا فقال أحجوا عني فلانا بمائة أعطي فلان أجرة المثل من أصل المال والزايد من
الثلث فان رضى الموضي له فلا بحث والا استؤجر غيره بالمعين ان ساوى أجرة المثل أو كان وان زاد فالوجه ان الزيادة للوارث لأنه أوصى
بها لشخص معين بشرط الحج ولم يفعل الموصي له فيكون للوارث ولا شئ للموصي له لأنه اما وصى له بشرط قيامه بالحج ولا فرق بين
ان يكون وارثا أو غير وارث وان عين الأجير دون الأجرة فقال حجوا عني فلا يذكر مبلغ الأجرة فإنه يحج عنه بأقل ما يوجد من يحج
عنه فان وصى للأجير بذلك وقام به لم يكن للولي العدول عنه إلى غيره لأنه مخالف للوصية وإن لم يعيد ذلك ولم يقم به كان على الولي
ان يحج عنه بأقل ما يوجد من يحج عنه وان عين الأجرة دون الأجير فإن كان مساويا لأجرة المثل صرفه الوارث إلى من شاء ممن يقوم
بالحج وكذا ان كان انقص وان كان أزيد كان ما يساوي أجرة المثل من الأصل والزايد من الثلث وكذا البحث في التطوع الا ان الواجب يكون
من أصل المال والتطوع من الثلث مسألة قد بينا ان الواجب الاستيجار من الميقات والاستيجار من بلد الميت مستحب فلو أوصى
ان يحج عنه من بلد الميت مستحب فلو أوصى ان يحج عنه من بلده وان وسع الثلث ذلك اخرج وان ضاق عنه اخرج أجرة الحج من الميقات
من أصل المال وما زاد من الثلث ولو أوصى بجهة تطوع أخرجت من الثلث فان لم يبلغ الثلث بالحج عنه من موضعه حج عنه من بعض
الطريق وان بلغ ما يحج به عنه من بلده حج عنه منه وإن لم يسع الثلث للحج أصلا صرف في وجوه البر لأنه بالوصية خرج عن ملك
الورثة ولا يمكن صرفه في الطاعة التي عينها الموصى فيصرف إلى غيرها من الطاعات وقيل يصير ميراثا لأنه لم يوص به في غير الحج وصرفه
في الحج غير ممكن فكان للورثة وليس بمعتمد مسألة إذا أوصى بالحج فاستؤجر شخص أو استأجره ليحج عنه فان دحل الأجير فاشترط
عليه استحق الأجرة وان خالف قال الشيخ (ره) يستحق أجرة المثل ولو قيل لا أجرة له كان وجها
المقصد الثاني
في حج النذور والعمرة وفي زيارات الحج والمزار وفيه مباحث الأول في حج النسك
مسألة النذر والعهد واليمين أسباب في وجوب الحج إذا تعلقت به بلا خلاف قال الله تعالى يوفون بالنذر وقال أوفوا
874

بالعقود ولا خلاف بين المسلمين في ذلك ويشترط في صحة النذر والعهد واليمين أمران كمال العقد والحرية اما كمال العقد فلان الصبي
والمجنون ومن غلب على عقله يمره أو سكر أو ما شاء به ذلك لا ينعقد نذره بلا خلاف لأنه منوط بالنقل واما الحرية فلان العبد لا ينعقد نذره الا
باذن مولاه فلو نذر كان لمولاه ان يفسخ النذر لان أوقاته مستحقة فلا يجوز له صرفها إلى غيره الا باذنه ولو اذن له مولاه في النذر انعقد نذره
ولم يكن لمولاه بعد ذلك منعه منه ويجب عليه اعانته على أدائها بالحمولة ان احتاج إليها لأنه السبب في ذمته وكذا البحث في أم الولد والمكاتب
والمدبر والعتق بعضه مسألة وذات البعل لا ينعقد نذرها الا باذن زوجها لان أوقاتها مشغولة بحقوقه فلا يصرف إلى غيره كالعبد
فان نذرت لم ينعقد نذرها ولو اذن لها الزوج في النذر صح ولزم ووجب على الزوج تخليتها للحج كالعبد وكذا البحث في المطلقة رجعيا
لأنها بحكم الزوجة اما المطلقة باينا والمتوفى عنها زوجها فإنها مالكه لأمرها يجوز لها الحج تطوعا بغير إذن الزوج فالنذر له أولى
والأمة إذا كانت زوجة لم ينعقد نذرها الا باذن الزوج والسيد معا حتى لو اذن لهما أحدهما ومنعها الاخر لم ينعقد نذرها لان لكل
منهما حقا في جميع أوقاتها مسألة وإذا صح النذر لزم الاتيان بما نذره ثم لا يخلو اما ان ينذر الحج مطلقا أو مقيدا بزمان
فان نذره مطلقا كأنه له الاتيان به متى شاء ويستحب له فعله في أول أوقات الامكان وان كان معينا بوقت تعين يجب تعيينه ووجب
عليه الحج فيه فان أهمله وجب عليه قضاؤه فيما بعد ووجب عليه كفارة خلف النذر وان كان فواته لعذر أو لمانع منعه من الحج كعدو أو مرض
أو غير ذلك فإنه لا يلزمه فيما بعد لان النذر تعلق بتلك السنة وقد فات وقد ثبت ان الامر لا يستعقب القضاء الا بأمر جديد ولم يوجد
مسألة لو نذر ان يحج وعليه حجة الاسلام فان قصد بالنذر غير حجة الاسلام لم يتداخلا وان قصد بها حجة الاسلام تداخلا
وان أطلق فقولان أحدهما قال الشيخ (ره) في النهاية إذا حج بنية النذر اجزاء عن حجة السلام والثاني قال في الجمل والمبسوط والخلاف
لا يجزي إحديهما على الأخرى وهو الوجه عندي لنا انهما فرضان اختلف سببهما فلا يجزي أحدهما عن الاخر كما لو عين في نذره المغايرة
أو لو كان عليه حجة القضاء احتج الشيخ (ره) بما رواه في الصحيح عن رفاعة بن موسى قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نذر ان يمشي إلى
بيت الله الحرام فمشى هل يجزيه عن حجة الاسلام قال نعم والجواب يحتمل ان يكون النذر تعلق يكفيه الحج لا به نفسه ونحن نقول به فننه إذا نذر ان يحج
حجة الاسلام ماشيا وجب عليه لان المشي في نفسه طاعة فصح تعلق النذر به لأنه مشقة في طاعة فاستحق به الثواب ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح
عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال يا عبد الله بشئ من المشي ولا أفضل مسألة إذا نذر حجة وأطلق فقد بينا انها لا
تداخل حجة الاسلام وكذا لو عين في نذره المغايرة فلو حج بنية النذر لم يجز عن حجة الاسلام في الموضعين
عندنا ووافقنا الشيخ (ره)
في الثاني دون الأول وقد سلف ولو حج بنية حجة الاسلام لم يجزه عن النذر في الموضعين اما عندنا فظاهر لتغايرهما واما الشيخ (ره)
فلانه ذهب إلى أنه إذا حج بنية حجة الاسلام وهو ظاهر ولا عن النذر أو قيد بالمغايرة اما لو حج بنية النذر في الثاني قال
الشيخ (ره) لا يجزيه عن حجة الاسلام وهو ظاهر ولا عن النذر أيضا لان الواجب عليه تقديم حجة السلام على النذر مسألة
لو نذر الحج ماشيا وجب عليه لأنه طاعة فيصح نذره بلا خلاف لقوله (ع) من نذر ان يطيع الله فليطعه ولحديث رفاعة لأبي عبد الله
(ع) ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبيدة الحذاء قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل نذر ان يمشي إلى مكة حافيا
فقال إن رسول الله (ص) خرج حاجا فنظر إلى امرأة يمشي بين الإبل فقال من هذه فقالوا أخت عقبة بن عامر نذرت ان تمشي
إلى مكة حافية قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عتبة انطلق إلى أختك فمرة فلتركب فان الله غني عن مشيها وحفاها قال فركبت
لان ذلك حكاية حال فلا عموم انما تناول صورة واحدة فلعل النبي صلى الله عليه وآله علم من حال المراة العجز عن المشي فأمرها بالركوب
مسألة قال الشيخ (ره) ناذر المشي ان احتاج إلى عبور نهر قام في السفينة وهل قوله هذا على الوجوب أو على الاستحباب فيه تردد
ينشأ من أن المشي بجميع القيام والحركة إذا تعذر أحدهما لم يسقط الاخر لما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه (عل) ان
عليا (ع) سئل عن رجل نذر ان يمشي إلى البيت فمر بالمعبر قال ليقسم في المعبر قائما حتى يجوز والامر للوجوب ومن أن نذر المشي ينصرف
إلى ما يصح المشي فيه فيكون مواضع العبور مستثنى بالعادة فلا يتعلق النذر به مطلقا والأخير أقرب والرواية محموله على الاستحباب
ووجوب القيام من دون الحركة ممنوع مسألة إذا نذر المشي فركب طريقه اختيارا أعاد لان لان الوجوب تعلق بصفة ولم يأت بها مع
امكانها فيجب عليه اعادتها لان فعل الواجب لا يخرج عن العهدة ولو ركب بعض الطريق قال الشيخ (ره) يقضي ويمشي ما ركب و
ويركب ماشيا وهو قول ابن عمر وابن الزبير وقال ابن إدريس يقضي ماشيا لاخلاله بالصفة المشترطة وهو جيد اما لو عجز فإنه يركب
اجماعا لان العجز مسقط للوجوب لان التكليف مشروطه بالقدرة إذا عرفت هذا قال الشيخ (ره) إذا ركب مع العجز ساق هديا بدنه
كفارة عن ركوبه وبه قال الشافعي في أحد القولين واحمد في إحدى الروايتين وأوجب أبو حنيفة الهدى مع العجز والقدرة وقال المفيد (ره)
875

لا يسوق شيئا وهو القول الاخر للشافعي والرواية الثانية عن أحمد وقال بعض أصحابنا لا يخلو النذر اما ان يكون معينا أو مطلقا فإن كان معينا فان
ركب مع القدرة قضاء وكفر لخلف النذر وان كان مع العجز لم يجزه بشئ وان كان النذر مطلقا وجب القضاء فيما بعد والكفارة وهذا
قول جيد لنا ان مع الاطلاق ولم يتعين الزمان الذي ركب فيه للحج ولم يأت بما نذره فيجب عليه فعله لان ما فعله غير المنذور فلا يخرج
به عن العهدة ومع التعيين إذا ركب مع القدرة يكون قد خالف النذر صحت عليه كفارة خلف النذر وإذا ركب مع العجز لم يكن عليه
شئ لان العجز مسقط لأصل الحج لوجه العجز نحوه فلصفة أولى احتج الشيخ (ره) بما رواه في الصحيح عن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع)
رجل نذر ان يمشي إلى بيت الله وعجز على أن يمشي قال فليركب وليسوق بدنه فان ذلك يجزي عنه إذا عرف الله منه الجهد وعن ذريح المحاربي
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يتخلف ليحجن ماشيا فعجز عن ذلك ولم يطفه فقال فليركب فليسوق الهدى وأبو حنيفة أوجب الهدى
مطلقا وأقله شاة لأنه خلل واقع في الحج فينحر بالهدى والجواب عن الحديثين انهما محمولان على الاستحباب ويؤيده رواية عبيدة الحذاء عن الباقر
(ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله امر أخت عقبة بن عامر بالركوب ولم يوجب عليها شيئا ولو كان واجبا لبنيه وروى الشيخ في الصحيح عن
رفاعة بن موسى قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل نذر ان يمشي إلى بيت الله قال فليمش قال قلت فإنه تعب قال فإذا تعب ركب ولو كان الهدى واجبا
لم يسع الركوب بمجرد التعب بل به والهدى فلا يجوز التعليق على التعب خاصة وقول أبي حنيفة ضعيف لأنا نمنع الاخلال بشئ من أفعال الحج
فان الاخلال ما يمشي ليس اخلالا بشئ من أفعال الحج ولو سلم فلا يسلم ان كل اخلال موجب للخبر ان يدفع الدلالة إذا عرفت هذا
فلو أخل بالمشي مع القدرة فعندي في بطلان الحج تردد لان المشي ليس مؤثرا في المشي ولا هو من صفاته بحيث يبطل بفواته بل أقصى ما في النيات
انه من أخل بمشي منذور مقدور على فعله فيجب عليه كفارة خلف النذر ويكون حجة صحيحا وفيه اشكال مسألة روى ابن بابويه عن إسماعيل بن
همام المكي عن أبي الحسن الرضا (ع) عن أبيه (ع) قال قال أبو عبد الله (ع) في الذي عليه المشي إذا رمى الجمرة زار البيت راكبا مسألة لو نذر
الحج وجب عليه بالنذر دون العمرة ولو نذر العمرة وجبت عليه دون الحج لان الأصل براءة الذمة وفعل كل واحد منهما يصح دون صاحبه فلا يجب بالنذر
الا ما تعلق به وكذا يجب بالنذر ما تعلق به النذر من (؟) الواحدة أو التكرار بحسب القصد ويوجبه النذر وذلك ظاهر ولو نذر الحج وعليه حجة
الاسلام قضاهما معا ويبدء بحجة الاسلام ولو مات استؤجر عنه لأدائهما من أصل المال ويجوز ان يستأجر اثنان لأدائهما في عام
واحد ولو لم يخلف مالا سوى ما يكفي حجة الاسلام استؤجر لها واستحب لوليه ان يقضي عنه النذر ولو نذر الحح لو أفسد حجه وهو مغصوب قبل
يجب ان يستنيب لأنه حج وجب عليه وعجز عن إذا به فكان عليه الاستنابة كحجة الاسلام وقد مضى البحث في ذلك كله وحكم اليمنين والعهد
حكم النذر في كون كل واحد منهما سبب في ايجاب الحج إذا تعلق به
البحث الثاني في العمرة مسألة العمرة واجبة مثل
الحج على مكلف حاصل فيه شرايط الحج بأصل الشرع ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال علي (ع) وعمر وابنه وابن عباس وزيد بن أرقم وسائر
الصحابة ومن التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطا وطاوس ومجاهد والحسن البصري وابن سيرين والشعبي ومن الفقهاء الثوري و
اسحق وقال ابن مسعود انها ليست واجبة وهو مذهب مالك وأبي ثور وأصحاب الرأي وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان لنا قوله و
أتموا الحج والعمرة لله والأصل في الامر الوجوب ولأنه عطفها على الحج بالواو فيكون مساوية له في الوجوب قضية للعطف وما رواه الجمهور
عن النبي صلى الله عليه وآله قال حج عن أبيك واعتمر لما سأله أبو زرين فقال إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الطعن وعن
الضبي بن معبد قال أتيت عمر فقلت له اني سلمت ولاني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأهللت بهما فقال عمر هديت لسنة نبيك ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ في الصحيح عن زارة بن أعين فقال قلت لأبي جعفر (ع) الذي يلي الحج في الفضل قال العمرة المفردة ثم تذهب حيث شاء وقال العمرة واجبة
على الخلق بمنزلة الحج لان الله تعالى يقول وأتموا الحج والعمرة لله ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا مخالف لهم الا ابن مسعود على اختلاف عنه
احتج المخالف بما رواه جابر ان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن العمرة أواجبة هي قال لا وان يعتمر فهو أفضل وعن طلحة انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول الحج جهاد والعمرة تطوع نسك غير موقت فلم يكن واجبا كالطواف المجرد والجواب ان حديث جابر ضعفه الشفعي قال
الترمذي قال الشافعي هو ضعيف لا يقوم بمثله الحجة وليس في العمرة شئ ثابت بأنها تطوع وقال ابن عبد البر أو هي ذلك ما شاء ببد؟؟ لا
يصح ولا يقوم بمثله الحجة ثم هو محمول على العهود وهو العمرة التي قضوها خير أحصروا في الحديبية والغياث على الطواف باطل لان الاحرام
من شرط العمرة بخلاف الطواف إذا ثبت هذا فان وجوبها كوجوب الحج في العمرة من مرة واحدة وهي واجبة على أهل مكة وغيرهم وقد
سلف البحث في ذلك كله مسألة تجزي عمرة التمتع عن العمرة المفردة وهو قول العلماء كافة روى الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي
عبد الله (ع) قال إذا تمتع الرجل بالعمرة فقد مضى ما عليه من فريضة العمرة وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد الله (ع)
قول الله عز وجل وأتموا الحج والعمرة لله يكفي الرجل إذا تمتع بالعمرة إلى الحج مكان تلك العمرة المفردة قال كذلك امر رسول الله صلى الله عليه وآله
876

أصحابه وبه لأنه أتى بالعمرة متقدمة فيكون مجزيه عن المفردة ويؤكد ذلك أيضا ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا لحسن
(ع) عن العمرة أواجبة وهي قال نعم قلت ثمن تمتع يجزي عنه قال نعم مسألة إذا دخل مكة بعمرة مفردة في غير أشهر الحج لم يجز له
ان يمتع بها إلى الحج فإذا أراد التمتع اعتمر عمرة أخرى في أشهر الحج جاز له ان يقضيها ويخرج إلى بلده أو اي موضع شاء والأفضل ان يقيم
حتى يحج ويجعلها متعه روى الشيخ (ره) في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحج
ثم يرجع إلى أهله وعن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم رجع إلى بلاده قال لا بأس
وان حج من عامه وأفرد الحج فليس عليه دم ان الحسين (ع) خرج قبل التروية إلى العراق وكان معتمرا ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن
عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال من دخل مكة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجة فليس له ان يخرج حتى يحج مع الناس ورواه موسى بن القسم
قال أخبرني بعض أصحابنا انه سئل أبا جعفر (ع) في عشرين من شوال فقال إني أريد ان أفرد عمرة هذا الشهر فقال له أنت مرتهن بالحج فقال
له الرجل ان المدينة منزلي ومكة منزلي ولى فيهما أهل وبينهما أموال فقال له أنت مرتهن بالحج فقال له الرجل فان لي ضياعا حول مكة و
احتاج إلى الخروج إليها قال يخرج حلالا ويرجع حلالا إلى الحج قال الشيخ (ره) انهما محمولان على أحد أمرين اما الاستحباب أو على من
كانت عمرته متعة فإنه لا يجوز له ان يخرج لأنه مرتهن بالحج وليس في الحديثين انها كانت عمرة مفردة أو متمتعا بها ويؤكد ما ذكرناه ما رواه
الشيخ عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) من أين افترق المتمتع والمعتمر فقال إن المتمتع مرتبط بالحج والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث
شاء وقد اعتمر الحسين (ع) في ذي الحجة وراح يوم التروية إلى العراق والناس يروحون إلى مني فلا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج
وقد روى الشيخ عن وهب بن حفص عن علي (ع) قال قد سأله أبو بصير وانا حاضر عمن أهل بعمرة في أشهر الحج له ان يرجع قال ليس في أشهر الحج
عمرة يرجعه فيها إلى أهله ولكنه يجلس بمكة حتى يقضي حجة لأنه انما أحرم لذلك فقوله (ع) لأنه انما أحرم لذلك اي للحج وهو إشارة
إلى من أحرم بالعمرة التمتع بها ليس له الخروج من مكة حتى يقضي مناسك الحج وقد ظهر مما يقدم ان من اعتمر في أشهر الحج عمرة التمتع ليس ان
يخرج من مكة حتى يقضى المناسك لأنه مرتبط بالحج وقال (ع) دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه كما أنه لا يجوز الخروج
من مكة لمن تلبس بالحج كذا لا يجوز لمن تلبس بالعمرة التمتع بها ويدل عليه ما رواه الشيخ عن تحته عن أبي جعفر (ع) قال إذا دخل المعتمر مكة
غير متمتع فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وصلى الركعتين خلف مقام إبراهيم (ع) فليلحق باهله انشاء فقال إنها أنزلت العمرة
المفردة المتعة لان المتعة دخلت في الحج ولم يدخل العمرة المفردة في الحج قال الشيخ (ره) انما لم تدخل العمرة المفردة في الحج إذ وقعت في أشهر
الحج ومتى كان الامر كذلك فهي غير مجزيه عن المتعة مسألة ويستحب ان يقيم الانسان في كل شهر من قال علماؤنا وبه قا ل علي (ع)
وابن عمر وابن عباس وانس وعايشة وعطا وطاوس وعكرمة والشافعي واحمد وكره العمرة في السنة مرتين الحسن البصري وابن سيرين
ومالك والنخعي لنا ما رواه الجمهور عن عايشة انها اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي صلى الله عليه وآله
عمرة مع قرانها وعمرة بعد حجها وقال
النبي صلى الله عليه وآله العمرة إلى العمرة كفارة لما بينها قال علي (ع) في كل شهر مرة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال كان علي (ع) يقول لكل شهر عمرة وفي الصحيح عن يونس بن يعقوب قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول كان علي (ع) لكل شهر عمرة لأنها طاعة فاستحب تكرارها في السنة كالصلاة احتج المخالف بان النبي صلى الله عليه وآله لم يفعله
والجواب عدم الفعل قد يكون لمانع غير انتفاء الاستحباب ويعارض ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال والعمرة
في كل سنة وفي الصحيح عن حريز وزرارة عن أبي جعفر (ع) قال لا يكون عمرتان في سنة لان المراد بذلك العمرة المتمتع بها اما القبول فلا
بأس مسألة ويستحب في كل عشرة أيام عمرة مع التمكن وبه قال عطا وأحمد بن حنبل لأنها زيارة للبيت فاستحب تكرارها في الشهر
الواحد روى الشيخ عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل يدخل مكة في السنة المرة والمرتين وأربعة كيف يصنع قال
إذا دخل فليدخل ملبيا وإذا خرج فليخرج محلا وقال ولكل شهر عمرة فقلت يكون أقل فقال يكون أقل فقال يكون لكل عشرة أيام عمرة
ثم قال وحقك لقد كان في عامي هذا السنة ست عمر قلت لم ذلك قال كنت مع محمد بن إبراهيم بالطايف فكان كلما دخل دخلت معه روى ابن بابويه
رسول الله صلى الله عليه وآله اعتمر ثلث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة إذا عرفت هذا فقد قيل إنه يحرم ان يكون بين العمرتين أقل من عشرة
أيام وقيل يكره وهو الأقرب مسألة وجميع وقت السنة صالح للمبتولة وأفضل ما يكون في رجب وهي يلي الحج في الفضل
رواه ابن بابويه في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) انه سئل اي العمرة أفضل عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان فقال
لا بل عمرة في رجب أفضل إذا ثبت هذا فإنه إذا أحرم بالعمرة في اخر أيام رجب فقد أدركه العمرة في رجب رواه ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أحرمت وعليك من رجب يوما وليلة في عمرتك رجبية إذا عرفت هذا فلا يجوز العمرة في جميع
877

أيام السنة ولا يكره في وقت من أوقاتها روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال عمرة في رمضان تعدل حجة وروى عنه انه اعتمر في شوال
وفي ذي القعدة واعتمرت عايشة من التنعيم ليلة المخصب وهي ليلة ألبي يرجعون فيها من مني إلى مكة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق
بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) السنة اثنى عشر شهرا يعتمر بكل شهر عمرة وعن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسى (ع) قال لكل شهر
عمرة قال فقلت له أيكون أقل من ذي الذي قال لكل عشرة أيام عمرة وعن أبي الجارود عن أحدهما (ع) قال سألته عن العمرة بعد الحج في ذي الحجة
وقال حسن ولان الحج عبادة لها تحريم وتحليل فكان من حسبها عبادة غير موقتة كالصلاة إذا ثبت هذا فان العمرة لا يكره في جميع أيام السنة
وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة يكره في خمسه أيام يوم عرفة يوم النحر وأيام التشريق وقال أبو يوسف يكره في أربعة أيام
يوم النحر وأيام التشريق لنا ان كل وقت صالح لها كغير هذه الأيام وان كل وقت لا يكره فيه القران بين الحج والعمرة لا يكره فيه افراد العمرة
بالاحرام كما قيل يوم عرفه احتجوا بما روى عن عايشه انها قالت السنة كلها وقت للعمرة الا خمسة أيام يوم عرفه ويوم النحر وأيام التشريق
وانها عبادة غير موقتة فانقسم وقتها إلى مكروه وغيره كالصلاة التطوع والجواب عن الأول انه محمول على ما إذا كانت متلببا بإحرام
الحج وعن الثاني لان التطوع كان فيه ما هو موقت بخلاف العمرة ولان اعتبار العمرة بالطواف المجرد أولى من اعتباره بالصلاة مسألة
قد بينا انه لا يجوز ادخال الحج على العمرة ولا العمرة إلى الحج إذ كان قد أحرم بالحج وحده بل كا واحد منهما له حكم نفيه فان أحرم بالعمرة التي
يتمتع بها إلى الحج فضاق عليه الوقت أو حاضت المراة جعله حجة مفردة ومضى فيه وان أحرم بالحج مفردا ثم أراد التمتع جاز له ان يتحلل ثم؟
الاحرام بعد ذلك الحج فيصير متمتعا فاما ان يحرم بالحج فيصير متمتعا فاما ان يحرم بالحج قبل أن يفرغ من مناسك العمرة أو بها قبل أن يفرغ
من مناسكه فإنه لا يجوز على حال وخالف في ذلك جميع الفقهاء فقالوا يجوز ادخال الحج على العمرة وفي العكس خلاف لنا قوله تعالى وأتموا
الحج والعمرة لله ولا يمكن اتمامها معا دفعة فوجب على التعاقب فروع الأول لو فرق بين الحج والعمرة في احرامه ولم ينعقد احرامه الا
بالحج قاله الشيخ (ره) قال فإنه أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويحل ويجعله متعة جاز ذلك ويلزم الدم اما التمتع
إذا أحرم بالحج مكة فإنه يلزمه الدم اجماعا ولو خرج إلى الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه الدم وخالف فيه الفقهاء كافة لنا قوله تعالى
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وهو عام الثاني قد بينا انه إذا أحرم بالحج ودخل مكة جاز له ان يفسخه ويجعله عمرة يتمتع
بها وخالف جميع الفقهاء في ذلك فقالوا انه منسوخ لنا ان النبي صلى الله عليه وآله امر من لم يستوي الهدى بالفسخ ومن يدعى الفسخ يحتاج
إلى دليل الثالث قد بينا ان وقت العمرة التي يتمتع بها إلى الحج هي أشهر الحج فلو أحرم بها في غير أشهر الحج وفعل بقية أفعال العمرة
في أشهر الحج لا يكون متمتعا ولا يلزمه دم وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر قال يلزمه التمتع وبه قال أبو حنيفة لنا انه لم يفعل جزء العمرة
في أشهر الحج فلا يصدق عليه فعلها في أشهره الشرايع لو أحرم بعمرة فأفسدها ثم أحرم بالحج فللشافعية وجهان أحدها ينعقد ويكون فاسدين
والثاني لا ينعقد لأنه لم يظن على احرام الحج ما يفسده حتى يكون فاسدا أو لا يجوز ان يكون صحيحا ومقارنة فاسدا مسألة
ميقات العمرة هو ميقات الحج لمن كان خارجا من المواقيت إذا قصد مكة اما أهل مكة أو من فرغ الحج ثم أراد الاعتماد فإنه يخرج إلى أدنى الحل
وينبغي ان يكون أحد المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وآله انه اعتمر ثلث عمرة متفرقات كلها في ذي القعدة عمرة أهل منها من عسفان
وهي عمرة الحديبية وعمرة القضاء أحرم فيها من الحجة وعمرة أهل فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطايف عن غزاه خيبر وقد مضى البحث
في ذلك كله مسألة فقد بينا انه لا يجوز له ان يحرم الا بنسك واحد فلو أهل بحجتين أو بحج ثم ادخل عليه اخر أو بعمرتين أو بعمرة
ثم ادخل عليها أخرى انعقد لواحد لا غير وبه قال الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة ينعقد بهما فان أتوجه لعمل أحدهما أو يقضي
الاخر ووجب عليه قضاؤها وقال أبو يوسف ويقضي عقيب الاحرام لأنه أحرم بنسكين فان عقد بهما كما لو أحرم بحج وعمرة لنا انهما عبادتان
لا يصح المضي فيهما ولا يصح الاحرام بهما كالصلاتين وقياسه باطل لأنا نمنع الحكم في الأصل على ما تقدم سلمنا لكن الحج والعمرة يصح المعنى
فيهما عنده بخلاف صورة النزاع مسألة شرايط وجوب العمرة شرايط وجوب الحج ومع الشرايط يجب في العمرة واحدة وقد
يجب بالنذر واليمين والعهد والاستيجار والافساد فلو أفسد عمرة التطوع أو الواجبة وجب عليه فضاؤها وكذا يجب بالفوات أيضا
فان من فاته الحج يجب عليه ان يتحلل بعمرة مفردة ويقضيه في العام المقبل ان كان الحج واجب أولا استحب القضاء ويجب أيضا بالدخول إلى مكة
فانا قد بينا انه لا يجوز له الدخول إلى مكة الا محرما اما بالعمرة أو بالحج مع انتفاء العذر وعدم تكرر الدخول ويتكرر وجوبها بحسب السبب وقد مضى
ذلك كله مسألة وصورة العمرة ان يحرم بالميقات الذي يسوغ له الاحرام منه ثم يدخل مكة فيطوف ويصلي ركعتيه ثم يسعى بين
الصفا والمروة ويقضي ثم إن كانت العمرة عمرة التمتع فقد أحل من كل شئ أحرم منه ويجب عليه الاتيان بعد ذلك بالحج وان كانت عمرة مبتولة
طاف السعي والتقصير والحلق طواف النساء ليحللن له ويصلى ركعتيه والمتمتع بها يجب عليه من ليس من أهل مكة وحاضر بها والمفردة يجب على أهل
878

مكة وحاضريها ولا يصح الأول الا في أشهر الحج وتسقط المفردة معها وتصح الثانية في جميع أيام السنة وأفضل ما وقع في رجب ولو أحرم بالمفردة
ودخل مكة جاز ان ينوى المتمتع ويلزمه دمه ولو كان في غير أشهر الحج لم يجز ولو دخل مكة متمتعا لم يجز له الخروج حتى يأتي بالحج لأنه مرتبط به
نعم لو خرج بحيث لا يحتاج إلى استيناف احرام جاز ولو خرج فاستأنف عمرة تمتع بالأخيرة ويجوز الاعتماد في كل شهر وأقله في كل عشر أيام وقال
السند المرتضى (ره) يجوز في كل يوم لأنها زيادة ويتحلل من المفردة بالتقصير والحلق أفضل وإذا قصر أو حلق حل له كل شئ الا النساء
فإذا أتى بطواف النساء حل له النساء وهو واجب في المفردة بعد السعي على كل معتمر من رجل أو امرأة أو خصى وخنثى وصبي وهي واجبة
على الفور كالحج وقد مضى بيان ذلك كله والتمتع إذا فاته عمرة المتمتعة وجب عليه ان يعتمر بعد الحج عمرة مبتولة و
ينبغي له ان يعتمر إذا أمكن الموسى رأسه وان اخره إلى استقبال الشهر جاز رده الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن المعتمر بعد الحج وهو الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله عايشه وقال أبو عبد الله (ع) قد جعل الله في
ذلك فرجا للناس وقالوا قال أبو عبد الله (ع) المتمتع إذا فاتته العمرة أقام إلى هلال المحرم أعمر فاخرت عنه مكان عمرة المتعة
فاما إذا فرغ المعتمر من طوافه وسعيه انشاء قصر وانشاء حلق والحلق أفضل مسألة والتقصير متعين في عمرة التمتع لأنه
يوجر الحلق إلى مني والحلق أفضل في المفردة يدل على ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال المعتمر عن
مفردة إذا فرغ من طواف الفريضة وصلى الركعتين خلف المقام والسعي بين الصفا والمروة حلق أو قصر وسألته عن العمرة المبتولة فيها
الحلق قال نعم وقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في العمرة المبتولة اللهم اغفر للمحلقين فقيل يا رسول الله وللمقصرين فقال للمقصرين
ويدل على وجوب طواف النساء بعد ما تقدم ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن أبي البلاد قال كتب إلى أبي الحسن موسى (ع) أسأله عن العمرة المفردة
على صاحبها طواف النساء فجاء الجواب نعم هو واجب لابد منه مسألة ولا يجب في العمرة هدى فلو ساق هديا نحوه قبل أن يحلق بفناء الكعبة
بالموضع المعروف بالحرورة روى ابن بابويه في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال من ساق هديا وهو
معتمر نحر هديه عند المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحرورة مسألة لو جامع قبل السعي فسدت حجته وعمرته ووجب عليه قضاؤها
والكفارة بدنة روى ابن بابويه عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة
ثم يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا والمروة قال قد أفسدت عمرته وعليه بدنه ويقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى
الميقات الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله لأهله فيحرم منه ويعتمر وروى علي بن رئاب عن يزيد العجلي عن أبي جعفر (ع) انه يخرج
إلى بعض المواقيت فيحرم منه ويعتمر مسألة من وجب عليه العمرة لا يجوز له ان يعتمر عن غيره كالحج وينبغي إذا أحرم المعتمر ان يذكر
في دعائه انه يحرم بالعمرة المفردة وإذا دخل الحرم قطع التلبية
البحث الثالث في الزيارات مسألة من أحدث حدثا في غير الحرم
فالتجأ إلى المحرم ضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقام عليه الحد لقوله تعالى ومن دخله كان امنا ولو أحدث في الحرم قوبل فيه بجنايته
لأنه هتك حرمته فتقابل بمثل فعله ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل
قتل رجلا في الحل ثم دخل الحرم قال لا يقتل ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يباع ولا يؤدى حتى يخرج من الحرم فيؤخذ فيقام عليه الحد قال قلت
رجل قتل رجلا في الحرم وسرق في الحرم فقال يقام عليه الحد وصفار له لأنه للحرم حرمه وقد قال الله عز وجل فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم يعني في الحرم وقال لا عدوان الا على الظالمين
وروى الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله
عز وجل ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم فقال كل الظلم فيه الحاد حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت ان يكون الحادا فلذلك
كان الفقهاء يكرهون سكني مكة مسألة لا ينبغي لأهل مكة ان يمنعوا الحاج شيئا من دورها ومنازلها والوجه عندي في ذلك
الكراهية روى الشيخ في الصحيح عن الحسين بن أبي العلاء قال ذكر أبو عبد الله (ع) هذه الآية سواء العاكف فيه والباد فقال كانت
مكة ليس على شئ منها باب وكان أول من علق عليه بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان وليس ينبغي لاحد ان يمنع الحاج شيئا من الدور و
منازلها وعن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال ليس ينبغي لأهل مكة ان يجعلون على دورهم أبوابا وذلك أن الحاج ينزلون
معهم في ساحة الدار حتى يقضوا حجهم مسألة يكره ان يرفع أحد بناء فوق الكعبة لما فيه من التعظيم لبيت الله تعالى ويؤيد ذلك
ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال لا ينبغي لاحد ان يرفع بناء قوق الكعبة مسألة لقطة الحرم لا
يجوز اخذها فان اخذه عرفه سنة فان جاء (؟) والا نحر الاخذ بين احتفاظه لصاحبه كما يحفظه الأمانة وبين الصدقة عن صاحبه بشرط
الضمان إن لم يرض بذلك صاحبه قال الشيخ (ره) وله قول آخر انه لا ضمان عليه مع الصدقة بعد التعريف اما المنع من الاخذ فلانه مال
الغير فلا يتصرف فيه الا بإذنه ولما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار قال سألت أبا جعفر (ع) عن لقطة الحرم فقال لا تمس ابدا حتى يجئ
879

صاحبها فاخذها قلت فإن كان له مال كثير قال فإنه لم يأخذها الا مثلك فليعرفها واما التعريف فلما تقدم ولما يأتي واما الصدقة به مع
الضمان فلما رواه الشيخ عن علي بن أبي حمزة قال سالت العبد الصالح (ع) عن رجل وجد دينارا في الحرم فاخذه قال يئس ما صنع ما كان ينبغي
له يأخذه قلت ابتلى بذلك قال يعرفه قلت فإنه قد عرفه فلم يجد له باغيا قال يرجع به إلى بلده فيتصدق به على أهل بيته من المسلمين فان جاء
طالبه فهو ضامن ولان الصدقة تصرف في مال الغير بغير اذنه فيكون له ووجه الاجزاء انه مأمور بالصدقة وقد فعل فلا يكون عليه الضمان
اما لقطة غير الحرم فإنها تعرف سنة فان جاء صاحبها اخذها والا فهي كسبيل ماله رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله
(ع) عن اللقطة ونحن يومئذ بمنى قال اما بأرضنا هذه فلا تصح واما عندكم فان صاحبها الذي يجدها يعرفها سنة في كل مجمع ثم هي
كسبيل ماله وعن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قا اللقطة لقطتان لقطة الحرم تعرف سنة فان وجدت لها طالبا والا تصدقت
بها ولقطة غيرها تعرف سنة فان لم يجد صاحبها فهي كسبيل ماله وسيأتي البحث في ذلك انشاء الله تعالى في باب اللقطة مسألة
يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالات وهي التي يعتدي بقدرة الانسان خاصة لأنها محرمة فيكره بالحج عليها ويدل على ذلك ما رواه
الشيخ عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالات مسألة يستحب
لمن حج على طريق العراق ان يبدأ أولا بزيارة النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة ثم يمضى إلى مكة لأنه ربما حصل له عائق من المضي إليه
روى الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبال الحسن (ع) عن المحرم بالمدينة في البدأة وفي الرجعية قال لا بأس بذلك
ايه كان وفي رواية غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه قال سألت أبا جعفر (ع) ابدأ بالمدينة أو بمكة قال ابدأ بمكة واختم بالمدينة
فإنه أفضل قال الشيخ (ره) انه محمول على من حج على طريق العراق جمعا بين الاخبار مسألة إذا ترك الناس الحج وجب على
الامام اخبارهم على ذلك لأنه واجب فيجب عليه الامر به والاخبار عليه مع المخالفة ولو تركوا زيارة النبي صلى الله عليه وآله قال الشيخ
(ره) يخبرهم الامام عليها ومنع ابن إدريس من وجوب ذلك لأنها مستحبة فلا يجب اخبارهم عليها ونحن نقول إن ذلك يدل على
الجفاء وهو محرم فيخبرهم الإمام (ع) لذلك مسألة يكره الصلاة في طريق مكة في أربعة مواضع البداء وذات الصلاصل
وضجنان ووادي السفرة وقد مضى رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال اعلم أنه تكره الصلاة في ثلاثة أمكنة
من الطريق البيداء هي ذات الجيش وذات الصلاصل وضجنان قال ولا بأس ان يصلي بين الظواهر وهي الجواد جواد الطريق و
يكره ان يصلي في الجواد مسألة يستحب الاتمام في الحرمين المكة والمدينة ما دام مقيما وإن لم ينو المقام عشرة أيام ولو
تصر لم يكن عليه شئ وكذا يستحب الاتمام في مسجد الكوفة والحاير على ساكنها السلام روى الشيخ (ره) عن إبراهيم بن شيبه قال
كتبت إلى أبي جعفر (ع) أسأله عن اتمام الصلاة في الحرمين فكتب إليه كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجب اكثار الصلاة
في الحرمين فأكثر وأتم وعن عثمان بن عيسى قال سألت أبا الحسن (ع) من اتمام الصلاة والصيام في الحرمين فقال أتمها ولو
صلاة واحدة وعن مسمع عن أبي إبراهيم (ع) قال كان أبي يرى لهذين الحرمين مالا يرى بغيرهما ويقول إن الاتمام فيهما
من الامر المذخور وعن عمر بن رياح قال قلت لأبي الحسن (ع) أقدم مكة أتم أو اقصر قال أتم قلت وامن المدينة فأتم الصلاة أو اقصر
قال أتم وفي الصحيح عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) قال قال لي إذا دخلت مكة فأتم يوم تدخل وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن
الحجاج قال سألت أبا عبد الله (ع) التمام بمكة والمدينة قال أتم وإن لم تصل فيهما الا صلاة واحدة وقد روى الشيخ (ره)
في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت الرضا (ع) عن الصلاة بمكة والمدينة يقصر أو تمام قال قصر على ما لم تعزم مقام
عشرة أيام وعن علي بن حديد قال سألت الرضا (ع) فقلت ان أصحابنا اختلفوا في الحرمين فبعضهم من يقصر وبعضهم من وانا ممن يتم
على رواية قد رواها أصحابنا في التمام وذكرت عبد الله بن جندب انه كان تم قال لي لا يكون التمام الا ان يجمع على إقامة عشرة أيام وصلى
النوافل ما شئت قال ابن حديد وكان محبتي ان تأمرني بالتمام قال الشيخ (ره) هذان يحتملان أمرين أحدهما ان التقصير بوجه إلى من لا يعرف
على مقام عشرة أيام إذا اعتقد وجواب الاتمام فيهما فان الاتمام ليس بواجب بل هو بمندوب الثاني ان من حصل بالحرمين ينبغي له
ان يعزم على مقام عشرة أيام ويتم الصلاة فيهما وان كان يعلم أنه لا يقيم أو يكون في عزمه الخروج من الغدو يكون هذا مما يختصر به
هذان الموضعان ويتميزان به من سائر البلدان قال وهذا هو المعتمد عندي فاستدل عليه بما رواه عن محمد ين إبراهيم الحصيني قال استأمرت
أبا جعفر (ع) في الاتمام والتقصير قال إذا دخلت الحرمين فانو عشرة أيام وأتم الصلاة فقلت له اني أقدم بمكة قبل يوم التروية
أو يومين أو ثلاثة قال انو عشرة أيام وأتم الصلاة قال الشيخ (ره) ونية المقام عشرة أيام مستحبة واستدل بما رواه علي بن
880

يقطين قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن التقصير بمكة فقال أتم وليس بواجب الا اني أحب لك مثل الذي أحب لنفسي وعن الحسن بن مختار عن أبي إبراهيم
(ع) قال قلت له انا إذا دخلنا المدينة نتم أو نقصر قال إن قصرت فذاك فان تممت فهو خير يزداد ويدل على استحباب الاتمام بجامع الكوفة والحاير ما
رواه الشيخ عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع) أنه قال من مخزون علم الله الاتمام في أربعة مواطن حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله
وحرم أمير المؤمنين (ع) وحرم الحسين (ع) وعن زياد الفيدي قال أبو الحسن (ع) يا زياد أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك
ما أكره لنفسي أنتم الصلاة في الحرمين والكوفة وعند قبر الحسين (ع) والاخبار في ذلك كثيرة وقد مضى البحث فيه مسألة قد بينا
انه ينبغي للامام ان يخبر الناس على الحج وعلى زيارة النبي صلى الله عليه وآله إذا تركوا هما ويجوز لهم ان ينفق عليهم من مال بيت المسلمين إذا لم يكن لهم
مال لأنه مساعدة على الطاعة فكان مشروعا ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمار بن حفص بن البختري وهشام بن سالم وحسين الأخمشي
وحماد وغير واحد ومعوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قالوا لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي ان يخبرهم على ذلك وعلى المقام عنده
ولو تركوا زيارة النبي لكان على الوالي ان يخبرهم على ذلك فان لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين
مسألة من جعل جاريته أو عبده هديا لبيت الله تعالى بيع وصرف في الحاج والزايرين روى ذلك الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر
عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة قال من مناديا يقم على الحجر فينادي الا من قصرت نفقته أو قطع
أو نفد طعامه فليأت فلان بن فلان وأمره ان يعطي أولا فأولا حتى ينفد ثمن الجارية مسألة يجوز ان يستدين الانسان الحج إذا
كان له مال بقي به لو مات ولو لم يكن له مال كره له الاستدانة روى الشيخ عن معاوية بن وهب عن غير واحد قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني
رجل ذو دين أفأدين وأحج فقال نعم هي أفضى للدين وعن محمد بن أبي عمر عن حفيده قال جاني
سدير الصيرفي فقال أبا عبد الله (ع) يقرأ عليك
ويقول لك مالك لا تحج استقرض وحج وهذا الحديثان وان كانا باطلا فهما يقتضيان الاستدانة مطلقا لكن التفصيل أولى لما رواه عبد
الملك بن عتبه قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل عليه دين يستقرض ويحج قال إن كان له وجه مال فلا بأس وعلي بن موسى البكر الواسطي
قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يستقرض ويحج قال إن كان خلف ظهره ما ان حدث به حدث أدى عنه فلا بأس وعن عيسى بن أبي منصور
قال قال لي جعفر بن محمد (ع) يا عيسى ان استطعت ان تأكل الخبز والملح ويحج في كل سنة فافعل وقد روى البرقي عن شيخ رفع الديث
إلى أبي عبد الله (ع) قال قال له يا فلان ذلك النفقة في الحج تنشط للحج ان يكثر النفقة في الحج فيمن الحج مسألة روى الفضل بن عمر
عن أبي عبد الله (ع) قال من ركب زايله ثم وقع منها فمات دخل النار قال الشيخ الوجه في هذا الحديث ما ذكره جعفر بن محمد بن علي بن بابويه
(ره) من أنه كان من عادة العرب إذا أراد النزول رموا بنفوسهم على الزامله من غيره تعلق شئ منها ونهى النبي صلى الله عليه وآله وقال
من فعل ذلك ومات دخل النار وفي رواية محمد بن أبي عمير عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (ع) قال من ركب زامله فليوص قال الشيخ (ره)
هذا الخبر انما يدل على الحث على الوصية وانما خص بهذا الموضع لما اشتمل عليه من الخطر لما يلحق الانسان من النوم والسهو فلا يامن ان
يقع فيهلك مسألة يستحب لمن انصرف من الحج العزم على العود وسؤال الله تعالى ذلك لأنه من اظم الطاعات وأشقها فانغرم عليها
طاعة ويكره ترك العزم روى الشيخ عن محمد بن أبي حمزة رفعه قال من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد قرب اجله ودنا عذابه وعن الحسن بن
علي عن أبي عبد الله قال إن يزيد بن معاوية حج فلما انصرف قال إذا جعلنا نافلا يمسنا فلا يعود بعدها منيبا للحج والعمرة ما يقينا فنقص الله
عمرة وأماته اجله مسألة ويستحب الدعاء للقادم بما رواه الشيخ عن عبد الوهاب الصباح عن أبيه قال لقى مسلم مولى أبي عبد الله (ع)
صدقة الأحدب وقد قدم مكة فقال له مسلم الحمد لله الذي يسير سبيلك وهدى دليلك وأقدمك بحال عافية وقد يصح الحج وأعاد على السعة تقبل
الله منك واخلف عليك نفقتك وجعلها حجة مبرورة ولذنوبك طهورا فبلغ ذلك أبو عبد الله (ع) فقال له كيف قلت لصدقة فأعاد عليه
فقال من علمك بهذا فقلت جعلت فداك مولاي أبو الحسن (ع) فقال له نعم ما تعلمت إذا لقيت أخا من إخوانك فقال له هكذا فان الهدى
ينادي وإذا لقيت هؤلاء فقل لهم ما تقولون مسألة ينبغي للحاج الانتظار وللحايض حتى يقضي مناسكها لان الاتمام
واجب والتفرد فيه
ضرر عليها روى الشيخ عن موسى بن عامر عن العبد الصالح (ع) قال أميران وليسا بأميرين صاحب الجنازة ليس لمن تبعها المن يرجع حتى يأذن
له وامرأة حجت مع قوم فاعتلت بالحيض فليس لهم ان يرجعوا ويدعوها حتى تأذن لهم مسألة الطواف لمن جاور بمكة أفضل من
الصلاة ما لم يجاور ثلث سنين فان جاورها لو كان من أهل مكة كانت الصلاة أفضل روى ذلك الشيخ (ره) في الصحيح عن حريز
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الطواف نعني أهل مكة فيمن جاورها أفضل أو الصلاة فقال الطواف للمجاورين أفضل والصلاة لأهل
مكة والقاطنين بها أفضل من الطواف وفي الصحيح عن أبي عمير عن حفص بن البختري وحماد وهشام عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قام
الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل وإذا أقام سنتين خلط من هذا وهذا فإذا أقام ثلث سنين فالصلاة أفضل مسألة ينبغي
881

لأهل مكة ان يتشبهوا بالمحرمين في ترك لبس المخيط لان ذلك شعار المسلمين في ذلك الوقت والمكان روى ذلك الشيخ (ره) عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي لأهل مكة ان يلبسوا القميص وان يتشبهوا بالمحرمين شعثا غبرا وقال ينبغي للسلطان ان يأخذهم بدلك
مسألة الأيام المعدودات عشر ذي الحجة والمعدودات أيام التشريق روى ذلك الشيخ في الصحيح عن حماد بن عيسى قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول قال أبي قال علي (ع) اذكروا الله في أيام معدودات قال عشر ذي الحجة وأيام معلومات قال أيام التشريق مسألة وصرف المال
في الحج المفروض أفضل من الصدقة به علي ولد فاطمة (عه) ان الحج واجب والصدقة ندب وروى ذلك الشيخ (ره) في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن امرأة أوصت وان ينظر قدر ما يحج به قبل فإن كان الفضل ان يوضع في فقراء ولد فاطمة (عه) وضع
فيهم وان كان الحج أفضل حج به عنها فقال إن كان عليها حجة مفروضة فليجعل ما أوصت به في حجتها أحب إلى من أن يقسمه في فقراء ولد فاطمة
(عه) مسألة قد بينا انه يستحب ان يحج الانسان عن والديه ووالده وان كان المحجوج عنه مملوكا ويجب عليه الحج لم يحج عنه
لان ثواب ذلك يصل إليه رواه الشيخ عن عبد الله بن سليمان قال سمعت أبا عبد الله وسألته عن امرأة فقالت إن ابنتي بوقت ولم يكن لها
بأس فأحج عنها قال نعم قلت إنها كانت مملوكة فقال لا عليك بالدعاء فإنه يدخل عليها كما يدخل البيت الهدية مسألة دخول
الكعبة للنساء مستحب وليس بواجب ويتأكد في حقهن كالرجال ويدل على الاستحباب ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد
الله (ع) قال سئل عن دخول النساء الكعبة فقال ليس عليهن فان فعلن فهو أفضل مسألة يكره المجاورة بمكة ويستحب لمن أدى
مناسكه الخروج منها رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال ينبغي للرجل ان يقيم بمكة سنة قلت كيف يصنع قال
يتحول عنها مسألة من اخرج شيئا من حصاة المسجد كان عليه رده رواه الشيخ في الصحيح عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله (ع) اخرج من المسجد في ثوبي حصاة قال تردها واطرحها في مسجد اما ثياب الكعبة فقد روى الشيخ انه ينبغي لمن يصل إليه ان يتخذها للمصاحف
أو الصبيان إذا المجدة للبركة رواه عن عبد الملك بن عتبه قال سألت أبا عبد الله (ع) عن شئ يصل إلينا من صباب الكعبة هل يصح لنا
ان يلبس شيئا منها فقال يصلح للصبيان والمصاحف والمخدة ينبغي بذلك البركة انشاء الله مسألة لا ينبغي للمؤسر المتمكن ترك الحج
أكثر من خمس سنين لأنه طاعة عظيمة فيستحب المداومة عليها روى الشيخ عن ذريح عن أبي عبد الله (ع) قال من مضت له خمس سنين
فلم يعد إلى ربه وهو مؤسرا به المحروم وعن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان رجلا أساءني في الحج وكان ضعيف الحال
فأشرت عليه أن لا يحج قال ما أخافك ان تمرض قال فمرضت سنة مسألة ويستحب الطواف عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن
الأئمة (عل) روى الشيخ عن موسى بن القسم قال قلت لأبي جعفر الثاني (ع) فان أردت أن أطوف عنك وعن أبيك فقيل لي ان الأوصياء
لا يطاف عنهم فقال بلى طف ما أمكنك فان ذلك جايز ثم فلت له بعد ذلك ثلث سنين اني كنت استأذنتك في الطواف عنك وعن
أبيك فأذنت لي في ذلك فطفت عنك ما شاء الله ثم وقع في قلبي شئ فعلمت به قال وما هو قلت طفت يوما عن رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال ثلث مرات صلى الله على رسول الله واليوم الثاني عن أمير المؤمنين (ع) ثم طفت يوم الثالث عن الحسن (ع) والرابع عن
الحسين (ع) والخامس عن علي بن الحسين (ع) والسادس عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) والسابع عن جعفر بن محمد (ع)
والثامن عن أبيك موسى (ع) والتاسع عن أبيك علي (ع) والعاشر عنك يا سيدي وهؤلاء الذين أدين الله بولايتهم فقال أدين
والله تدين بالدين الذي لا يقبل من العباد غيره قلت ربما طفت عن أمك فاطمة (عه) وربما لم أطف فقال استكثر من هذا فإنه
أفضل ما أنت عامله انشاء الله مسألة قد بينا إذا حج عن غيره برئت ذمة من حج عنه وحصل للنايب ثواب عظيم روى الشيخ عن
عبد الله بن سنان قال كنت عند أبي عبد الله (ع) إذا دخل عليه رجل فأعطاه ثلثين دينارا ليحج بها عن إسماعيل ولم يترك شيئا من العمرة
إلى الحج الاشتراط عليه حتى اشترط عليه ان يسعى في وادي محسر ثم قال يا هذا إذا أنت فعلت هذا كان لإسماعيل حجة بما أنفق من ماله و
كانت تسع بما أنفقت من إسماعيل بدنك مسألة يكره الخروج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل أن يصلي الظهر والعصر
بهما روى ذلك الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد قال سمعته يقول من خرج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل أن يصلي الظهر والعصر
نودي من خلفه لا ضحاك الله مسألة المسلم إذا حج وهو مستبصر ثم ارتد صح حجة ولم يجب اعادته لأنه أدى ما
عليه وانتقل الامر
فيكون محرما ويؤيده ما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال من كان مؤمما فحج وعمل في ايمانه ثم اصابته في ايمانه
فتنة فكفر ثم تاب وامن قال قال يحسب له كل عمل صالح عمله في ايمانه ولا يبطل منه شئ مسألة قد بينا انه من عجز عن الحج مع وجوبه عليه
ان يحج رجلا عنه ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي حفص سلمه عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) ان رجل أتى عليا (ع) ولم يحج قط
فقال إن كنت كثير المال وفرطت في الحج حتى كبرت سني قال تستطيع الحج قال لا فقال له علي (ع) إن شئت فجهز رجلا ثم ابعثه يحج
882

عنك وقد تقدم اخبار كثيرة في ذلك أيضا ولو أعطى الضرورة ما يستعين به على الحج من الزكاة لم يكن به بأس لأنه مساعدة له على الطاعة
فكان سايغا لأنه من سبيل الله ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الضرورة يحج من الزكاة قال
نعم وينبغي للتمكن ان يعطي من يحج عنه تطوعا إجارة على ذلك لما تقدم من الاخبار حلافا لأبي حنيفة وقد سلف البحث فيه ويؤيده
ما رواه الشيخ عن سلمان بن الحسين كاتب علي بن يقطين قال أحصيت لعلي بن يقطين من وافا عنه في عام خمسمائة وخمسين رجلا
أقل من أعطاه سبعمائة وأكثر من عطا عشرة الف ومن أعطى غيره مال يحج به عنه فحج عن نفسه أعاد الأجرة على صاحبها ووقعت الحجة عن
من حج لان النية توجهت إليه فكانت الحجة عنه ولم يفعل ما قوطع عليه فلا يستحق اجره كمن استؤجر ليحج عن زيد فجج عن عمرو قد روى الشيخ
عن ابن أبي عمر عن ابن أبي حمزه والحسن بن عثمان عن أبي عبد الله (ع) في رجل أعطى رجلا مالا ليحج عن نفسه قال هي عن صاحب المال
ولو فعل ما يوجب الكفارة كانت الكفارة على الأجير لأنه الجاني ويؤيده ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في
رجل حج عن رجل فاجترح في نفسه شيئا يلزمه فيه الحج من قابل أو كفارة قال هي للأول تامة وعلى هذا ما اجترح ولو مات الأجير
في الطريق بعد الاحرام ودخول الحرم اجزاه وإلا فلا لما تقدم ورواه الشيخ عن علي بن حمزة والحسين بن يحيى عمن ذكره عن أبي عبد الله
(ع) في رجل أعطى رجلا مالا يحج به فمات قال إن كان في منزله قبل أن يخرج فلا يجزي عنه وان مات وفي الطريق فقد أجزأ عنه
وعن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) في رجل حج عن اخر ومات في الطريق قال قد وقع اجره على الله ولكن يوصى فان قدر على؟
يركب من رجل ويأكل زاده فعل فلو اخذ الأجير فأنفقه وجب عليه الحج عملا بصحة العقد ولو عجز عما يحج به وقدر على المشي وجب عليه روى
الشيخ عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) في رجل اخذ دراهم رجل ليحج عنه فأنفقها فلما حضر اوان الحج يقدر الرجل على شئ
فلا يحتاج ويحج عن صاحبه كما ضمن سبيل إذ لم يقدر قال إن كان له عند الله حجة اخذها منه فجعلها للذي اخذ منه الحجة مسألة
من كان غير مختتن وجب عليه الاختتان إذا كان بالغا ولو وجب عليه الحج وقدم الاختتان عليه رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون عن أبي
عبد الله (ع) في الرجل الذي يسلم ويريد ان يختتن وقد حضر الحج أو يختتن قال لا يحج حتى يختتن مسألة لا بأس
بالقران في طواف النافلة على ما بيناه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال طفت مع أبي جعفر (ع) ثلاثة عن أسبوع فرنها
جميعا وهو اخذ بيدي ثم خرج فنحى ناحية وصلى ستة وعشرين ركعة وصليت معه ويستحب ان يطوف ثلث مائه وستين أسبوعا
رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يستحب ان يطوف ثلث مائه وستين أسبوعا عدد أيام السنة فان لم يستطيع
فما قدرت عليه من الطواف ويستحب أيضا الشرب من ماء زمزم واهداؤه روى الشيخ عن عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وآله
يستهدي من ماء زمزم وهو بالمدينة فصول في هذا الباب روى الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يخرج إلى جدة قال يدخل بغير احرام وعن أبي بكير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) انه خرج إلى الربذة يشيع أبا جعفر
ثم دخل مكة حلا فصل وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال يطوف المراة بالبيت وهي منتقبة فصل
لو نسي الاحرام وأتى باقي المناسك صح حجة على ما بيناه رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه قال سألته عن رجل خرج متمتعا إلى
عرفات ونسي ان يحرم يوم التروية بالحج حتى دخل إلى بلدة ما حاله قال إذا قضى المناسك كلها فقد تم حجة وسألته عن رجل نسي الاحرام
بالحج فذكر وهو بعرفات ما حاله قال اللهم على كتابك وسنة نبيك قد تم احرامه فصل روى الشيخ في الصحيح عن جعفر بن البختري
عن أبي عبد الله (ع) في المجاور بمكة يخرج إلى أهله ثم يرجع إلى مكة بأي شئ يدخل فقال إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع وان
كان أقل من ستة أشهر فله ان يتمتع وعن الحسن بن عثمان وغيره عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال من أقام بمكة خمسة أشهر فليس له ان يتمتع وقد
بينا ما في هذا فيما تقدم وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال من أقام بمكة سنة فهو بمنزلة أهل مكة وفي الصحيح عن حماد بن عثمان
عن أبي عبد الله (ع) في حاضري المسجد الحرام قال ما دون الأوقات إلى مكة فصل روى الشيخ عن عمرو بن حريث الصيرفي قال قلت لأبي
عبد الله (ع) وهو بمكة من أين أهل بالحج فقال إن شئت من رحلك وإن شئت من المسجد وإن شئت من الطريق فصل قد بينا
انه يجوز للمتمتع تقديم الطواف والسعي للحج رواه الشيخ في الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن المتمتع يقدم طوافه
وسعيه في الحج فقال فما سيان قدمت أو أخرت وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل يتمتع ثم
يهل بالحج ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى قال لا بأس وكذا البحث في القارن
والمفرد على ما رواه الشيخ
عن حماد بن عثمان عن ابن أبي عمير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن مفرد الحج يعمل طوافه أو يؤخره قال هو والله سواء عجله أو اخره
وفي الموثق عن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن مفرد الحج يقدم طوافه أو يؤخره قال يقدمه فقال رجل اي (؟) لكن شيخي لم يكن
883

يفعل ذلك كان إذا أقدم أقم نفح حتى إذا راح الناس إلى مني راح معهم قال فقلت له ومن شيخك فقال علي ابن الحسين فسألته عن الرجل
فإذا هو أخو علي بن الحسين لامه فصل المشي مع القدرة أفضل من الركوب إذا لم يضعفه عن أداء الواجب ولو أضعفه كان الركوب
أفضل روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال ما عبد الله بشئ أشد من المشي ولا أفضل وفي الصحيح عن
الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن فضل المشي فقال عن الحسن بن علي (ع) قاسم ربه ثلث مرات حتى نعلا ونعلا ويوما ويوما ودينارا
ودينارا وحج عشرين حجة ماشيا على قدميه وعن محمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيري عن أبي عبد الله (ع) قال ما عبد الله بشئ أفضل من
المشي وقد روى الشيخ عن رفاعة قال سألت أبا عبد الله (ع) رجل الركوب أفضل المشئ لان رسول الله صلى الله عليه وآله ركب و
سئل سيف التمار أبا عبد الله (ع) اي شئ أحب إليك يمشي أو تركب فقال تركبون أحب إلي فان ذلك أقوى على الدعاء والعبادة
وهذان الخبران المحمولان على من يضعفه المشي عن الوظايف الشرعية نفلها وفرضها ويدل عليه مفهوم قوله (ع) فان ذلك أقوى على
العبادة والدعاء ويحمل على ما يركب ويسبق إلى مكة فيكثر من العبادة هناك قبل وصول المشاة فما رواه الشيخ عن هشام بن سالم قال قال دخلت
على بي عبد الله (ع) انا وعنبسة بن مصعب وبضعه عشر من أصحابنا فقلنا جعلنا الله فداك أيهما أفضل المشي أو الركوب فقال ما عبد الله
بشئ أفضل من المشي قلنا أيهما أفضل يركب إلى مكة فعجل فيقيم بها إلى أن يقدم الماشي ويمشي فقال الركوب أفضل ما يحمل ما يساق معه
المحامل ليركب إذا احتاج فان المشي له أفضل لما رواه الشيخ في الموثق عن عبد الله بن بكير قال قلت لأبي عبد الله (ع) انا نريد الخروج
إلى مكة فقال لا تمشوا واركبوا فقلت أصلحك الله انه بلغنا ان الحسن بن علي حج عشرين حجة ماشيا فقال إن الحسن بن علي (ع)
كان يمشي ويساق معه محامله ورجاله فصل إذا حج ماشيا انقطع المشي برمي الجمرة رواه الشيخ عن جميل قال قال أبو عبد الله (ع)
إذا حججت ماشيا فرميت الجمرة فقد انقطع المشي ولأنه حينئذ يكون قد أكمل أفعال الحج فيسقط عنه ما أوجب عليه فصل الحرم أفضل
من عرفة روى الشيخ في الصحيح عن حفص وهشام بن الحكم انهما سئلا أبا عبد الله (ع) أيهما أفضل الحرم أو عرفه فقال الحرم فقيل كيف لم يكن عرفات
في الحرم قال هكذا جعلها الله فصل ويوم عرفة شريف يستحب فيه الغسل روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال
اليوم المشهود ويوم عرفه وعن عبد الرحمن بن سبابه قال سألت أبا عبد الله (ع) عن غسل يوم عرفه في الأمصار فقال اغتسل أينما كنت ويستحب
أيضا فيه الصلاة مائة ركعة روى الشيخ عن إبراهيم بن أبي البلاد قال حدثني أبو بلال المكي قال رأيت أبا عبد الله (ع) بعرفة أتى بخمسين
فواه وكان يصلي بقل هو الله أحد وصلى مائة ركعة بقل هو الله أحد وختمها باية الكرسي فقلت له جعلت فداك ما رأيت أحدا منكم صلى
هذه الصلاة ههنا فقال ما شهد هذا الموضع نبي ولا وصى نبي الا صلى هذه الصلاة ويستحب التعريف فيه الأمصار فيجمع المؤمنون ويدعون
إلى الله تعالى فإنه عظيم البركة رواه الشيخ عن طلحة بن زيد عن أبيه عن علي (ع) قال لا عرفة الا بمكة ولا بأس ان يجتمعون الأمصار يوم عرفة
يدعون الله وينبغي الا يقف الانسان فيه الا بوضوء لما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سالت عن الرجل هل
يصلح له ان يقف بعرفات على غير وضوء قال لا يصلح الا وهو على وضوء فصل ولا بأس بالنظر إلى فرج المراة والجارية بعد الحلق روى
الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي (ع) قال سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته بمعنى بعد ما حلق ولم يطف بالبيت
ولم يسع اطرحي ثوبك ونظر فرجها ما عليه قال لا شئ عليه إذا لم يكن غير النظر فصل المملوك إذا تمتع باذن مولاه وجب عليه الصوم
وان ذبح عنه مولاه اجزاه رواه الشيخ في الصحي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المملوك المتمتع فقال عليه
ما على الحرام أضحية واما صوم فصل من أوجب عليه بدنه أجزأ بقرة الا ان يعني بدنه من الإبل رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه
عن علي (عل) قال في الرجل يقول على بدنه قال يجزي عنه بقرة الا ان يكون عني بدنه من الأصل ولو وجب عليه بدنه في فداء ولم يجد كان
عليه سبع شياة فان لم يجد صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله لما رواه الشيخ عن داود النوفلي عن أبي عبد الله في الرجل يكون عليه
بدنه واجبه في فداء مال إذا لم يجد بدنه فسبع شياة فان لم يقدر صيام ثمانية عشر بمكة أو في منزله فصل لا يجزي المهزول في النسك
وقد تقدم ويؤيده ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صدقة رغيف خير من نسك مهزول ويكره ان يطعم المشرك لحوم الأضاحي لأنها استحبت لمؤنة الفقراء فلا يستعين بها غير المسلم روى الشيخ عن ابن سنان عن أبي عبد الله
(ع) انه كره ان يطعم المشرك لحوم الأضاحي فصل من عقص شعره أو لبده وجب عليه الحلق ولا يجزي به التقصير قاله الشيخ (ره)
وقد سبق البحث فيه واستدل بما رواه في الصحيح عن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله (ع) إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج والعمرة
فقد وجب عليه الحلق وقد روى الشيخ عن حفص عن أبي عبد الله (ع) قال حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثله فصل روى الشيخ عن
زرارة عن أبي جعفر (ع) قال من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له فقلت لأبي جعفر (ع) رأيت
أن كان له هل بالعراق
884

وأهل بمكة قال فلينتظر أيها الغالب عليه فهو من أهله فصل روى الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد قال سألت أبا الحسن (ع) عن الحرم
واعلامه فقال إن ادم (ع) لما هبط على أبي فليس شكا إلى ربه الوحشة وانه لا يسمع ما كان يسمع في الجنة وانزل الله عز وجل ياقوتة
حمراء في موضع البيت وكان يطوف بها وكان قد بلغ ضوئها موضع الاعلام فعلمت الاعلام على ضوئها فجعله الله حرما
فصل روى الشيخ عن علي بن عيسى الرفاعي رفعه إلى أمير المؤمنين (ع) انه سئل عن الوقوف في الحل لم يكن في الحرم فقال لان
الكعبة بيته والحرم بابه فلما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون قيل له فالمشعر الحرام لم صار في الحرم قال لأنه لما اذن لهم بالدخول
وقفهم بالحجاب لثاني فلما طال تضرعهم بها اذنه لهم بتقريب قربانهم فلما قضوا تفثهم يطهروا بها من الذنوب التي كانت حجابا بينهم
وبينه اذن لهم بالزيارة على الطهارة فقيل له لم حرم الصيام أيام التشريق فقال لان القوم زاروا الله تعالى وهم في ضيافته ولم يحمل نصف
ان يصوم أضيافه قيل له فالتعلق بأستار الكعبة لأي معنى هو قال مثله مثل رجل له عند آخر حياته ودنت فهو يتعلق بثوبه ويتضرع
إليه ويخضع له ان يتجافى عن ذنبه فصل لا بأس بالصلاة هناك والمراة قائمة أو جالسه بين يديه لما رواه الشيخ في الحسن عن
معاوية قال قلت لأبي عبد الله (ع) أقوم أصلي بمكة والمراة بين يدي جالسة أو مارة قال لا بأس انما سميت مكة لأنه هتك فيه الرجال
والنساء روى الشيخ عن معاوية قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الحطيم فقال هو ما بين الحجر الأسود وبين الباب وسألته لم يسم الحطيم فقال
لان الناس يحطم بعضهم بعضا فصل روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول ليس ينبغي لاحد ان
يأخذ ترمه ما حول البيت وان اخذ من ذلك شيئا رده فصل روى الشيخ عن ذريح عن أبي عبد الله (ع) قال من مات ولم يحج حجة
الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجه يجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليست يهوديا أو نصرانيا وقال من مضيت له خمس
حجج ولم يعد إلى ربه هو مؤسر انه لمحروم فصل روى الشيخ عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن محمد بن جعفر عن أبيه قال قال رسول
الله صلى الله عليه وآله يأتي على الناس زمان يكون فيه حج الملوك نزهة وحج الأغنياء تجارة وحج المساكين مسألة فصل
روى الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن محرم انكسرت ساقه اي شئ حاله وأي شئ قال هو حلال من
كل شئ فقلت من النساء والثياب والطيب فقال نعم من جميع ما يحرم على المحرم وقال اما بلغك قول الله عز وجل وعلى حيث (؟)
بقدرك الذي قدرت على قلب أصلحك الله ما يقول في الحج قال لابد ان يحج من قابل قلت أخبرني عن المحصور والمصدود هما سواء قال
لا قلت فأخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله حين رده المشركون قضا عمرته فقال لا ولكنه اعتمر بعد ذلك وعن الفضل بن يونس قال سألت أبا
الحسن (ع) عن رجل عرض له سلطان فاخذه يوم عرفه قبل قبل أن يعرف فبعث به إلى مكة فحبسه فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع
قال يلحق يجمع ثم ينصرف إلى مني ويرمي ويذبح ولا شئ عليه قلت فان ظلي عنه يوم الثاني كيف يصنع قال هذا مصدود عن الحج ان كان
دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا وسعى أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة وان كان دخل بمكة مقرنا للحج فليس عليه
ذبح ولا حلق فصل روى السيخ عن خالد بن زياد القلانسي عن أبي عبد الله (ع) قال قال علي بن الحسين (ع) تسبيحة بمكة أفضل من خراج العراقين ينفق في سبيل الله وقال من ختم القران بمكة لم يمت حتى يرى رسول لله صلى الله عليه وآله ويرى منزله من الجنة فصل
روى الشيخ في الصحيح عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في من أحدث في المسجد الحرام متعمدا قال يضرب رأسه ضربا
شديدا ثم قال ما يقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا قال يقتل فصل روى الشيخ عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن
أعين عن أبي عبد الله (ع) قال إن امرأة تطوف وخلفها رجل فأخرجت ذراعها قال بيده حتى وضعها على ذراعها فأثبت الله
يده في ذراعها قطع الطواف وأرسل إلى الأمير واجتمع الناس فأرسل إلى الفقهاء فجعلوا يقولون قطع يده فهو الذي جنى الجناية فقال
ههنا أحد من ولد مخمد رسول الله صلى الله عليه وآله قال نعم الحسين بن علي قدم الليلة فأرسل إليه فدعاه فقال انظر بالعباد من؟؟ فاستقبل الكعبة
ورفع يديه فمكث طويلا يدعو ثم جاء إليها حتى خلص يده من يدها فقال الأمير لا نقاصه بما صنع فقال لا فصل روى ابن بابويه
عن عبد الله بن جعفر الحميري قال سالت محمد بن عثمان بن العمري (ر) عنه فقت له أرأيت صاحب هذا الامر فقال نعم واخر عهدي به عند
بيت الله الحرام وهو يقول اللهم أنجز لي ما وعدتني قال محمد بن عثمان (ره) رأيته صلى الله عليه وآله متعلقا بأستار الكعبة في المستجار
وهو يقول اللهم انتقم لي من أعدائك وروى أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله أقام بالمدينة عشر
ستين لم يحج ثم انزل الله عليه واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق فامر المؤذنون ان يؤذنوا بأعلى أصواتهم
ان رسول الله صلى الله عليه وآله يحج من عامه هذا فعلم من حضر المدينة وأهل العود إلى والاعراب فاجتمعوا بحج رسول الله صلى الله عليه وآله وانما
885

كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيضعونه ويصنع شيئا فيصنعوه فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في أربع بقين من ذي القعدة
فلما انتهى إلى ذي الحليفة فرأيت الشمس اغتسل ثم خرج حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة فصلى فيه الظهر فاحرم بالحج مفردا وخرج حتى انتهى إلى البيداء
عند ميل الأول نصف الناس سماطين فلبى بالحج مفردا وساق الهدى ستة وستين أو أربع وستين حتى انتهى إلى
مكة في سلخ أربع من ذي الحجة
فطاف بالبيت سبعة أشواط ثم صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم (ع) ثم عاد إلى الحجر فاستلمه وقد كان استلمه في أطول طوافه ثم قال إن الصفا والمروة
من شعائر الله فابدؤا بما بدأ الله به وان المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شئ صنعه المشركون فأنزل الله تعالى ان الصفا والمروة
من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ثم أتى الصفا فصعد عليها واستقبل الركن اليماني فحمد الله وأثنى عليه ودعا
مقدار ما يقرأ سورة البقرة مسترسلا ثم انحدر إلى المروة فوقف عليها كما وقف على الصفا حتى فرغ من سعيه ثم اتاه جبرئيل (ع) وهو على
المروة فامره يأمر الناس ان يحلوا الا سايق هدى فقال رجل انحل ولم يفرغ من مناسكنا فقال نعم قال فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وآله بالمروة بعد فراغه من السعي توجه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن هذا جبرئيل (ع) وأومى بيده إلى خلفه يأمرني ان امر من لم يسق
هديا ان يحل ولو استقبلت من أمري مثل ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ولكني سقت الهدى ولا ينبغي لسايق الهدى ان يحل حتى يبلغ
الهدى محله قال قال لي رجل من القوم ليخرجن حجاجا وشعرنا نفطر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اما انك لم تؤمن بها ابدا فقال له
سراقة بن مالك بن خثعم الكناني يا رسول الله علمتنا ديننا كانا خلقنا اليوم فهذا الذي امرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله بل هو للأبد إلى يوم القيمة وقدم علي (ع) من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو بمكة فدخل على فاطمة
فهي قد أخلت فوجد ريحا طيبا ووجد عليها مضبوعة فقال ما هذا يا فاطمة فقالت أمرنا بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج علي (ع)
على رسول الله صلى الله عليه وآله مستفتيا محرشا على فاطمة (عه) فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني رأيت فاطمة (عه) وعليها ثياب مصبوغة
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله انا أمرت الناس بذلك فأنت يا علي بها أهللت قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله اهلالا كاملا
إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله كن على احرامك مثلي وأنت شريكي في هديي قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة بالبطحاء هو وأصحابه
ولم نزل الدور فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس امر الناس ان يغسلوا ويهلوا بالحج وهو قول الله تعالى أنزله على نبيه واتبعوا ملة
إبراهيم فخرج النبي صلى الله عليه وآله مهلين بالحج حتى اتوا منى فصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ثم غدا والناس معه وكانت قريش تفيض من
المزدلفة وهي جميع ويمنعون الناس ان يفيضوا منها فاقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وقريش يرجوا إفاضته من حيث كانوا يفيضون فأنزل الله على نبية
ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفر الله يعني إبراهيم وإسماعيل واسحق (عل) وإفاضتهم منها ومن كان بعدهم فلما رأت قريش ان فيه
رسول الله صلى الله عليه وآله قد مضت كأنه دخل في أنفسهم شئ للذي كانوا يرجون الإفاضة من مكانهم حتى أتاها إلى نمرة وهي بطن عرفة بحيال الأراك فضرب
قبته وضرب الناس أخبيتهم عندها فلما زالت الشمس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه فرشه وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس
وأمرهم ونهاهم ثم صلى الظهر والعصر باذان وإقامتين ثم مضى إلى لموقف فوقف به فجعل الناس يبتدرون احقاف ناقته يقفون إلى
جانبيها فجاءها ففعلوا مثل ذلك فقال يا أيها الناس انه ليس موضع احقاف ناقتي الموقف ولكن هذا كله وأومى بيده إلى الموقف ففرق الناس
ففعل مثل ذلك بمزدلفة فوقع حتى وقع القرض قرص الشمس ثم أفاض وأمر الناس بالدعة حتى إذا انتهى إلى المزدلفة وهي المشعر الحرام
فصلى المغرب والعشاء الآخرة باذان واحد وإقامتين ثم أقام حتى صلى فيها الفجر ضعفا بني هاشم بالليل وأمرهم أن لا يرموا الجمرة جمرة
العقبة حتى تطلع الشمس فلما أضاء له النهار وأفاض حتى انتهى إلى مني فرمى جمرة العقبة وكان الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا وستين
أو ستا وستين وجاء علي (ع) بأربعة وثلاثين أو ستة وثلثين فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله ستا وثلثين بدنه ونحر علي (ع) أربعا وثلثين
بدنه وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله ان يؤخذ من اكل بدنه منها جزء من لحم ثم يطرح في برمة ثم يطبخ فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي (ع) منها و
حسنا من مرقها ولم يعط الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلايدها وتصدق به وحلق رأسه وزار البيت ورجع إلى منى فقام بها حتى كان اليوم الثالث من أيام التشريق ثم رمى الجمار ونفر حتى انتهى إلى الأبطح فقالت له عايشة يا رسول الله صلى الله عليه وآله ترجع نساؤك بحجة وعمرة معا وارجع بحجة
فأقام بالأبطح وبعث عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فأهلت بعمرة ثم جاءت فطافت بالبيت وصلت ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) وسعت بين الصفا
والمروة ثم أتت النبي صلى الله عليه وآله فلا تحل من يومه ولم يدخل المسجد ولم يطف بالبيت ودخل من أعلى مكة من عقبة المدينين وخرج من أسفل مكة من
ذي طوى فصل وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الذي كان على بدن رسول الله صلى الله عليه وآله ناحية بن جندب
الخزاعي الأسلمي والذي حلق رأس النبي صلى الله عليه وآله يوم الحديبية خراش بن أمية الخزاعي والذي حلق رأس النبي صلى الله عليه وآله في حجته معمر بن عبد الله بن حارثة بن
نصر بن عوشج بن عدي بن كعب قال ولما كان في حجة رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يحلقه قالت قريش ان معمر اذن رسول الله صلى الله عليه وآله في يدك
886

وفي يدك الموسى فقال معمر والله اني لأعده فضلا من الله عظيما علي قال وكان معمرين عبد الله (؟) حل لو سول الله صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا
معمر ان الرجل الليلة يسترخى فقال معمر بابي أنت وأمي لقد سددته كما كنت أشده ولكن نقص من حربي مكاني منك يا رسول الله صلى الله عليه وآله أراد أن يستدل
بي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت فعل
البحث الرابع في المزار وفيه فصول الأول في زيارة النبي صلى الله عليه وآله وبيان فضلها
ونسبه وموضع قبره (ع) رسول الله صلى الله عليه وآله هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد الرسل وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله كنيته أبو القاسم
ولد بمكة يوم الجمعة سابع عشر شهر ربيع الأول في عام الفيل وبعث في يوم السابع والعشرين من رجب وله صلى الله عليه وآله أربعون سنة وقبض بالمدينة
مسموما يوم الاثنين لليلتين بقينا من صفر سنة عشرين من الهجرة وهو ابن ثلث وستين سنة أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن
كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب قبره صلى الله عليه وآله بالمدينة في حجره التي توقى فيها وكان قد أسكنها في حياته صلى الله عليه وآله عايشة بنت أبي بكر فلما قبض رسول
الله صلى الله عليه وآله اختلف أهل بيته ومن حضر من أصحابه في الموضع الذي ينبغي دفنه فيه فقال بعضهم يدفن بالبقيع وقال آخرون
يدفن في صحن المسجد وقال أمير المؤمنين (ع) ان الله لم يقبض نبيه الا في أطهر البقاع فينبغي ان يدفن في البقعة التي قبض فيها فاتفقت
الجماعة على قوله ودفن في حجرته صلى الله عليه وآله مسألة وفي زيارته صلى الله عليه وآله فضل كثير روى الشيخ بإسناده عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه (ع) عن علي (ع)
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من زار قبري بعد موتي كمن هاجر إلي في حيوتي وإن لم يستطيعوا فابعثوا إلي بالسلام فإنه يبلغني وعن صفوان بن
سليمن عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله قال من زارني في حيوتي كان في جواري يوم القيامة وفي الصحيح عن ابن أبي نجران قال سألت أبا جعفر الثاني (ع) عمن
زار النبي صلى الله عليه وآله قاصدا قال له الجنة وعن ابن محبوب عن ابان السيروسى عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اتاني زايرا
كنت شفيعه يوم القيمة وعن أبي يحيى الأسلمي عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أتى مكة حاجا ولم يزرني
إلى المدينة حياته يوم القيمة ومن اتاني زايرا وجبت له شفاعتي ووجبت له الجنة وعن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما لمن زار
رسول الله صلى الله عليه وآله قال كمن زار الله فوق عرشه قال الشيخ (ره) معناه ان الزايرة من الثواب العظيم كمن رفعه الله إلى سمائه وأدناه عن عرشه واراه من خاصة
ملكه ما يكون به توكيل كرامته وليس على ما يظنه العامة من مقتضى التشبيه مسألة وصفة زيارته صلى الله عليه وآله ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حتى تدخلها ثم تأتي قبر النبي صلى الله عليه وآله فسلم على
رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يقوم عند الأسطوانة المتقدمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة ومنكبك الأيسر
إلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي القبر فإنه موضع رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وتقول اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله
واشهد انك رسول الله وانك محمد بن عبد الله اشهد انك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل الله وعبدت الله حتى أتاك
اليقين بالحكمة والموعظة الحسنة وأديت الذي عليك من الحق وانك قد رأفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين فبلغ الله بك أفضل
شرف محل المكرمين الحمد لله الذي استنقذ بك من الشرك والضلالة اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك الصالحين
وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين على محمد عبدك ونبيك وأمينك
وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك اللهم اعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به
الأولون والآخرون اللهم انك قلت ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما
واني اتيتك مستغفرا تائبا من ذنوبي واني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ليغفر ذنوبي وان كانت له حاجة فاجعل قبر النبي صلى الله عليه وآله
خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك وسئل حاجتك فإنك اجزى ان تقضى إن شاء الله تعالى مسألة إذا فرغ من زيارته صلى الله عليه وآله يستحب له ان يأتي
المنبر فيمسحه ويمسح ومانيته وان يصلي بين القبر والمنبر ركعتين فان فيه روضه من رياض الجنة روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال
أبو عبد الله (ع) إذا فرغت من الدعاء عند القبر فات المنبر فامسح بيدك وجدير مانيته؟؟ وهما السفلا وان فامسح عينيك ووجهك
فإنه يقال له شفاء العين وقم عنده واحمد الله واثن عليه وسئل حاجتك من الدعاء عند القبر فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال
ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ومنبري على نزعه من نزع الجنة والنزعة هي الباب الصغير ثم يأتي مقام النبي صلى الله عليه وآله
فصلى فيه ما بدا لك فإذا دخلت المسجد فصل على النبي صلى الله عليه وآله وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك وكثر من الصلوات في مسجد الرسول
صلى الله عليه وآله مسألة ثم يأتي مقام جبرئيل (ع) وتدعوا بما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال ائت مقام جبرئيل (ع) وهو تحت الميزاب فاه كان مقامه إذا استأذن عن النبي صلى الله عليه وآله فقل أسئلك اي جواد كريم اي قريب اي
بعيد ان ترد على نعمتك قال وذلك مقام لا يدعو فيه حايض يستقبل القبلة ثم يدعو بدعاء الدم الا رأت الطهر انشاء الله تعالى مسألة و
يستحب وداعه (ع) عند الخروج من المدينة لما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا أردت أن تخرج من
887

المدينة فاغتسل ثم ائت قبر النبي صلى الله عليه وآله بعدما تفرغ من حوائجك فودعه فاصنع مثل ما صنعت عند دخولك وقل اللهم لا تجعله
اخر العهد من زيارة قبر نبيك قال توفيتني قبل ذلك فاني اشهد في مماتي على ما اشهد عليه في حيوتي لا إله الا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك
والزيارات كثيرة ذكرها أصحابنا في كتب مفردة مسألة مكة حرم الله والمدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وآله والكوفة
حرم أمير المؤمنين (ع) روى الشيخ عن حسان بن مهران قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول مكة حرم الله والمدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وآله
والكوفة حرمي لا يريدها جبار يجوز فيه الا قصمه الله وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول
الله صلى الله عليه وآله ان مكة حرم الله وحرم إبراهيم (ع) وان المدينة حرمي ما بين لابيتها حرم لا يقصد شجرها وهو ما بين ظل عاير إلى ظل
وغير ليس صيدها كصيد مكة توكل هذا ولا يوكل ذاك وهو يريد قال الشيخ (ره) المراد ان المدينة لا يحرم
صيد البريد إلى البريد وهو طل
وغير منها ويحزم ما بين الحرمين وبها يتميز عن حرم مكة لان صيد حرم مكة حرام في جميعه بخلاف حرم المدينة لما رواه في الصحيح عن عبد الله بن
سنان قال قال أبو عبد الله (ع) يحرم من الصيد صيد المدينة ما بين الحرمين مسألة ويستحب المجاورة بالمدينة روى الشيخ عن
الحسن بن الجهم عن أبي الحسن (ع) ان المقام بها أفضل من المقام بمكة وعن محمد بن عمرو الزيات عن أبي عبد الله (ع) قال من مات
في الدينة بعثه الله عز وجل في الأمين يوم القيمة منهم يحيى بن حبيب وأبو عبد الله الحذاء وعبد الرحمن بن الحجاج هذا من كلام محمد بن
عمرو ابن سعيد الزيات وروى ابن بابويه قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة قال اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة
وأشد وبارك في ضياعها ومدها وأنفد حماها إلى الجحفة مسألة ويستحب الاكثار من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله فان الصلاة فيه تعدل الف صلاة في غيره من المساجد الا المسجد الحرام رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة في مسجدي مثل الف صلاة في غيره الا المسجد الحرام وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت
ابن أبي يعفور أبا عبد الله (ع) كم أصلي فقال صل ثمان ركعات عند زوال الشمس فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال الصلاة
في مسجدي كألف في غيره الا المسجد الحرام فان صلاة في مسجد الحرام تعدل الف صلاة في مسجدي ونحوه روى في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله
(ع) والاخبار في ذلك كثيرة ويكره النوم في المسجد ويتأكد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ومسجد الحرام لأنه لا يأمن الجنابة
فيه روى الشيخ عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الجنب يجلس في المسجد قال ولكن يمر فيه الا المسجد الحرام ومسجد
المدينة قال وروى أصحابنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا ينام في مسجدي أحد ولا يجتنب فيه وقال إن الله أوحى إلي ان اتخذ مسجدا
طهورا أن لا يحل لاحد ان يجنب فيه الا انا وعلي والحسن والحسين (ع) قال ثم امر بسدها وترك باب علي (ع) فيتكلموا في ذلك فقال
ما انا أمرت لسد أبوابكم وتركت باب علي (ع) ولكن الله امر بسدها وترك باب على مسألة ويستحب لمن أقام بالمدينة ثلاثة
أيام ان يصومها للحاجة ويكون معتكفا فيها لا يخرج من المسجد الا الضرورة ويكون هذا الأيام الأربعاء والخميس والجمعة ويصلي
ليلة الأربعاء عند الأسطوانة أبي لبابه وهي أسطوانة التوبة ويقيم عندها يوم الأربعاء ويأتي ليلة الخميس الأسطوانة التي يلي مقام رسول
الله صلى الله عليه وآله ومصلاه ويصلي عندها ويصلي ليلة الجمعة عند مقام النبي صلى الله عليه وآله روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صحت أول يوم الأربعاء ويصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة
أبي لبابه وهي أسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها حتى نزل عذره من السماء ويعقد عندها يوم الأربعاء ثم يأتي ليلة الخميس
التي يليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ومصلاه ليلة الجمعة فيصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة وان استطعت أن لا يتكلم
بشئ في هذه الأيام الا مالا بذلك منه ولا يخرج من المسجد الا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل فان ذلك مما يعد فيه الفضل ثم
احمد الله واثن عليه في يوم الجمعة وصل على النبي صلى الله عليه وآله وسل حاجتك وليكن فيما يقول اللهم ما كانت لي إليك من حاجة
شرعت انا في طلبها والتماسها لو لم أشرع سألتكها أو لم أسألكها فاني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة صلى الله عليه وآله في قضاء
حوائجي صغيرها وكبيرها فإنك حرى ان يقضي حاجتك انشاء الله تعالى مسألة ويستحب لمن جاء إلى المدينة النزول بالمعرس
والاستراحة والصلاة فيه روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لي في المعرس معرس النبي صلى الله عليه وآله
إذا رجعت إلى المدينة فمر به فأنزل وانح وصل فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله فعل ذلك قلت فان لم يكن وقت صلاة قال فأقم
قلت لا يقيمون أصحابي قال فصل ركعتين ارمضه وقال انما سمى المعرس إذا رجعت إلى المدينة ليس إذا بدأت وعن علي بن أسباط قال قلت لعلي بن
موسى (ع) ان ابن الفضل بن يسار روى عنك وأخبرنا عنك بالرجوع إلى المعرس ولم يكن عرسنا ورجعنا إليه فأي شئ يصنع قال تصلي و
تضطجع ليلا وقد كان أبو الحسن يصلي فيه ويقعد فقال محمد بن علي بن فضال قال مررت فيه في غير وقت صلاة بعد العصر قال قد سئل
888

أبو الحسن (ع) عن ذلك فقال صل فيه فقال له حسن بن علي بن فضال اني مررت به ليلا أو نهارا فعرس وانما التعرس بالليل فيقال نعم
ان مررت به ليلا أو نهارا فعرس فيه لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك مسألة يستحب اتيان المساجد كلها بالمدينة
مثل مسجد قبا ومشربه أم إبراهيم ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح ومسجد الفضيح وقبور الشهداء كلهم وتأتي قبر حمزة بأحد ولا يتركه إلا عند الضرورة
روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) لا تدع اتيان المشاهد كلها مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى
من أول يوم ومشربه أم إبراهيم ومسجد الفضيح وقبور الشهداء ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح قال وبلغت ان النبي صلى الله عليه وآله كان
إذا أتى قبور الشهداء قال السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وليكن فيما يقول عند مسجد الفتح يا صريخ المكروبين ويا مجيب المضطرين
اكشف همي وغمي وكربي كما كشفت عن نبيك همه وغمه وكربه كفيته هول عدوه في هذا المكان وعن عقبة بن خالد قال سألت أبا عبد الله (ع)
انا نأتي المساجد التي حول المدينة قبابها ابدا قال ابدا بقبا فصل فيه وأكثر فإنه أول مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله في هذه
العرصة ثم ائت مشربة أم إبراهيم فصل فيه فهو مسكن رسول الله صلى الله عليه وآله ومصلاه ثم مسجد الفضيح
وصل فيه فقد صلى فيه
نبيك فإذا مضيت هذا الجانب ائت أحد فبدأت بالمسجد الذي دون الحرة فصليت فيه ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب فسلمت عليه ثم
مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت السلام عليكم يا أهل الديار أنتم لنا فرط وانا بكم لاحقون ثم تأتي المسجد الذي في المكان
الواسع إلى جنب الجبل عن يمينك حين تدخل أحدا فتصلى فيه فعنده خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى أحد حيث لقى المشركين فلم يرحلوا حتى حضرت
الصلاة فيصلى فيه ثم مرابضا حتى ترجع فيصلي عند قبور الشهداء ما كتب الله لك ثم امض على وجهك حتى تأتي مسجد الأحزاب فتصلي عنده
وتدعو فيه فان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا فيه يوم الأحزاب وقال يا صريخ المكروبين ويا مجيب المضطرين ويا مغيب المهمومين
اكشف همي وكربي وغمي فقد ترى حالي وحال أصحابي مسألة ومسجد غدير خم موضع شريف فيه نصب رسول الله صلى الله عليه وآله
عليا (ع) إماما للأنام واظهر فيه شرفه وعظم منزلته عند الله وقربه منه واخذ له البيعة على المسلمين كافة في حجة الوداع فيستحب
الصلاة فيه والاكثار عن الدعاء روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن الصلاة في مسجد خم بالنهار
وانا مسافر فقال صل فيه فان فيه فضلا وقد كان أبي يأمر بذلك وعن ابان عن أبي عبد الله (ع) قال يستحب الصلاة في مسجد الغدير
لان النبي (ص) أقام فيه أمير المؤمنين (ع) وهو موضع أظهر الله فيه الحق وروى ابن بابويه عن حسان الجمال قال
حملت أبا عبد الله (ع) من المدينة إلى مكة فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر في ميسرة المسجد فقال ذلك موضع قدم رسول الله صلى الله عليه وآله
حيث قال من كنت مولاه فعلى مولاه ثم نظر إلى الجانب الاخر وقال ذلك موضع فسطاط المنافقين فلما رأوه رافع يديه قال بعضهم انظروا
إلى عينيه يدوران كأن عين مجنون فنزل جبرئيل (ع) بهذه الآية وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون
انه لمجنون وما هو الا ذكر للعالمين
الفصل الثاني في زيارة فاطمة (ع) وفيها فضل كثير وثواب جزيل روى
الشيخ عن زيد بن عبد الملك عن أبيه عن جده قال دخلت علي فاطمة (عه) فبدأتني بالسلام قالت ما غلا بك قلت طلب قالت أخبرني
أبي وهو ذا هو انه من سلم عليه وعلى ثلاثة أيام أوجب الله له الجنة قلت لها في حياته وحياتك قالت نعم وبعد موتنا مسألة واختلف
الرواية في موضع قبرها (عه) لأنها دفنت ليلا فروى أنها دفنت في الروضة بين القبر والمنبر لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال بين قبري و
منبري روضة من رياض الجنة فهي مدفونة هناك وروى أنها دفنت في بيتها فلما زاد بنو أمية المسجد صار من حملة المسجد وروى أنها مدفونة في البقيع قال الشيخ (ره) الروايتان الأوليتان كالمتغايرتين والأفضل عندي ان يزور الانسان من الموضعين جميعا فإنه يجوز
به اجرا عظيما واما من قال إنها دفنت في البقيع فبعيد من الصواب قال ابن بابويه والصحيح عندي انها دفنت في بيتها مسألة وصفة
زيارتها ما رواه الشيخ عن المحمد العريضي قال حدثني أبو جعفر ذات يوم قال إذا صرت إلى قبر جدتك فقل ما يمتحنه امتحنك الذي خلقك قبل أن
يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة وزعمنا انا لك أولياء ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله عليه وآله وأتى به وصيه
فانا نسألك ان كنا صدقناك الا لحقتينا بتصديقنا بهما بشراء أنفسنا لأنا قد اطهرنا بولايتك قال الشيخ (ره) هذه الزيارة
وجدتها مروية لفاطمة (عه) وذكر أصحابنا (ره) زيارة أخرى والزيارات هناك كثيرة فلتطلب من موضعها الفصل
الثالث في زيارة أمير المؤمنين (ع) ونسبه وموضع قبره علي بن أبي طالب عبد المطلب بن هاشم بن
عبد مناف أمير المؤمنين وصى سول الله صلى الله عليه وآله سيد الوصيين وكنيته أبو الحسن ولد بمكة في نفس الكعبة يوم الجمعة ثلث
عشر ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلثين سنة وقبض (ع) قتلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين
من الهجرة وله يومئذ ثلث وستون منه وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف هو أول هاشمي ولد في الاسلام من هاشميين وقبره
889

بالغري من نجف الكوفة (ع) مسألة وفي زيارته فضل كثير وثواب جزيل روى الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال بينما
الحسين بن علي (ع) في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وقع رأسه فقال يا أباه مال من زارك بعد موتك فقال يا بني من اتاني زائرا بعد
موتي فله الجنة ومن أتاك ابا ك زايرا بعد موته فله الجنة ومن أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة
وعن إسماعيل الصيمري عن أبي عبد الله (ع) قال من زار أمير المؤمنين (ع) ماشيا كتب الله له بكل خطوة حجة فان رجع ماشيا كتب له بكل
خطوة حجتان وعمرتان وعن عبد الله بن طلحة الهمداني عن أبيه قال دخلت على أبي عبد الله (ع) فقال يا عبد الله بن طلحة ما تزور في قبر أبى
حسين قال بلى انا لنأتيه قال تأتوا به كل جمعة قلت لا قال فتأتوا به كل شهر قلت قال لا قال ما أخفاكم ان زيارته تعدل حجة وعمرة وزيارة
أبي علي (ع) تعدل حجتين وعمرتين وعن الحسن بن محمد بن مالك عن أخيه جعفر عن رجاله يرفعه قال كنت عند الصادق (ع) وقد ذكر أمير
المؤمنين (ع) فقال ابن مارد لأبي عبد الله (ع) لمن زار جدك أمير المؤمنين (ع) قال يا بن مارد ما زار جدي عارفا بحقه كتب
الله بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة والله يا بن مارد ما تطعم النار قدما تغيرت في زيارة أمير المؤمنين (ع) ماشيا كان أو راكبا يا بن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب وعن عمار بن زيد عن أبي عامر السامي واعظ أهل الحجاز قال اتيت أبا عبد الله (ع) فقلت له
يا بن رسول الله ما لمن زار قبر أمير المؤمنين (ع) وعمر تربته قال يا عامر حدثني عن أبي عن أبيه عن جده الحسين عن علي (ع) ان البني صلى الله عليه وآله
قال له والله ليقتلن بأرض العراق وتدفنونها قلت يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها فقال لي يا أبا
الحسن ان الله جعل
قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها وان الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحن إليكم وتحمل المذلة
والأذى فيكم فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله ومودة منهم لرسوله يا علي أولئك المخصوصون بشفاعتي الواردون
حوضي وهم زوار عندي في الجنة يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس ومن زار قبوركم
عدل ذلك له ثواب سبعين حجة بعد حجة الاسلام وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه فأبشر وابشر أوليائكم ومحبتكم
من النعيم وقرة العين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ولكن حثالة من الناس يعرون زوار قبوركم بزيارتكم
كما تعير الزانية بزناها أولئك شرار أمتي لا نالتهم شفاعتي ولا يردون حوضي والاخبار المنقولة في هذا المعنى أكثر من أن يحصى اقتصرنا
منها نحن على هذا طلبا للإيجاز مسألة وله (ع) زيارات كثيرة منقولة يذكر منها نحو ههنا زيارة واحدة رواها الشيخ عن موسى بن
عليان عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين (ع) فتوض واغتسل وامش على هنيئتك وقل الحمد لله
الذي أكرمني بمعرفة رسول اله صلى الله عليه وآله ومن فرض طاعته رحمه منه وتطولا منه علي بالايمان الحمد لله الذي سيرني في بلاده
وحملني على دابته وطوى لي البعيد ودفع عني المكروه حتى أدخلني حرم أخي رسوله فأريته في عافية الحمد لله الذي جعلني من زوار قبر وصي رسوله صابرا
بمحبتك من عنده الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله اشهد أن لا إله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله جاء بالحق
من عنده واشهد ان عليا عبده وأخو وصي رسوله (ع) ثم تدنو من القبر وتقول السلام من الله على محمد امين الله على رسالته وعزايم
امره ومعدن الوحي والتنزيل الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله الشاهد على الخلق السراج المنير والسلام عليه و
رحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته المظلومين أفضل وأجمل وارفع وأشرف ما صليت على أنبيائك وأصفيائك اللهم
صل على أمير المؤمنين (ع) عبدك ورسولك وخير خلقك بعد نبيك وأخي رسولك الذي بعثته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت
من خلقك والدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعد لك وفضل فضلك من خلقك بعلمك والسلام عليك ورحمة الله
وبركاته اللهم صل على الأئمة من ولده القوامين بأمره من بعده المطهرين الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك وحفظه على سرك وشهداء
على خلقك واعلاما لعبادك وصل عليهم جميعا ما استطعت السلام على خالصة الله من خلقه السلام على المؤمنين الذين أقاموا امرك
وزاروا أولياء الله وخافوا مخوفهم السلام على ملائكة الله السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا حبيب حبيت الله
السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا حجة الله السلام عليك يا عمود الدين ووارث علم الأولين
والآخرين وصاحب المقدم والصراط المستقيم اشهد انك قد أقمت الصلاة واتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر واتبعت
الرسول وتلوت الكتاب حق تلاوته وأوفيت بعهد الله وجاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ولرسوله وجدت بنفسك صابرا مجاهدا
عن دين الله موفيا لرسول الله طالبا ما عند الله راغبا فيما وعد الله من رضوانه مضيت للذي كنت عليه شاهدا وشهيدا ومشهودا فجزاك
الله عن رسوله وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء فلعن الله من قتلك ولعن الله من تابع على قتلك ولعن الله من خالفك ولعن الله
من افترى عليك وظلمك وغضبك ومن بلغه ذلك فرضى به انا إلى الله منهم بري لعن الله أمة خالفتك وأمة جحدتك ولا تبك و
890

أمة تظاهرت عليك وأمة قتلتك وأمة خذلتك وجادت عنك الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد الواردين اللهم العن قتلة أنبيائك
وأوصيائك بجميع لعناتك واصلهم حر نارك والعن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والغزى والجبت والطاغوت وكل
ند يدعو من دون الله وكل محدث مفتري اللهم العنهم وأشياعهم واتباعهم ومحبيهم وأوليائهم لعنا كثيرا اللهم العن قتلة الحسين ثلثا اللهم
عذبهم عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين وضاعف عليهم عذابك لما شاقوا ولات امرك واعد لهم عذابا لم تحله بأحد من خلقك
اللهم وادخل على قتله أنصار رسولك وأنصار أمير المؤمنين وعلى قتلة الحسين وأنصار الحسين وقتلة من قتل في ولاية آل محمد (عل) أجمعين
عذابا مضاعفا في أسفل درك الجحيم لأنه يخفف عنهم وهم فيه مبلسون ملعونون ناكسوا رؤوسهم قد عاموا للندامة والخزي الطويل لقتلهم
عترة نبيك ورسلك واتباعهم من عبادك الصالحين اللهم والعنهم في مستتر السر وظاهر العلانية وأسمائك وارضيك اللهم اجعل لي لسان
صدق في أوليائك وأحب إلى مشهدهم ومشاهدهم حتى تلحقني بهم وتجعلني لهم في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين واجلس عند رأسه وقل سلام الله
وسلام ملائكته المقربين والمسلمين بقلوبهم والناطقين بفضلك والشاهدين على انك صادق صديق عليك يا مولاي
صلى الله على روحك وبدنك طهر طاهر مطهر واشهد يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء واشهد انك حبيب الله وانك
باب الله وانك وجه الله الذي منه يؤتي وانك سبيل الله وانك عبد الله وأخو رسوله اتيتك وافدا لعظيم حالك ومنزلك
عند الله وعند رسوله متقربا إلى الله بزيارتك طالبا خلاص رقبتي متعوذا بك من نار استحقها بما جنيت على نفسي اتيتك انقطاعا
إليك والي ولدك الخلف الصالح من بعدك على تركته الحق فقلبي لكم متبع ونصرتي لكم معدة انا عبد الله ومولاك
وفي طاعتك الوافد إليك التمس بذلك كمال المنزلة عبد الله وأنت ممن امرني الله بصلته وحثني على بره ودلني على فضله وهداني
لحبه ورغبتي في الوفادة وألهمني طلب الحوايج من عنده أنتم أهل بيت سعد من تولاكم ولا يخيب من اتاكم ولا
يخير من هداكم ولا
يسعد من عاداكم لا أجد أحدا افرغ إليه خير إلي منكم أنتم أهل بيت الرحمة ودعايم الدين وأركان الأرض والشجرة الطيبة اللهم لا
تخيب توجهي إليك برسولك والى رسولك ولا ترد استشفاعي بهم إليك اللهم انك مننت على بزيارة مولاي وولايته ومعرفته
فاجعلني من ينصره وممن ينتصر به ومن على ينصرني لديك في الدنيا والآخرة اللهم إني أحيا على ما حيى عليه علي بن أبي طالب وأموت
على ما مات عليه علي بن أبي طالب (ع) مسألة وإذا أردت وداعه فقل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأستودعك الله
وأسترعيك الله وأقر السلام امنا بالله وبالرسول وما جاء به ودعيت إليه ودلت عليه فاكتبنا مع الشاهدين اللهم لا تجعله اخر العهد بيني وبين زيارته إياه فان توفيتني قبل ذلك فاني اشهد مع الشاهدين في مماتي على ما شهدت في حيوتي اشهد انهم الأئمة كذا وكذا واشهد
ان قاتلهم وخاذلهم مشركون وان من رد عليهم في درك الجحيم اشهد من حاربهم لنا أعداء ونحن منهم براء وانهم حزب الشيطان وعلى
من قتلهم لعنة الله ولعنة الملائكة والناس أجمعين ومن شرك فيهم ومن سره قتله اللهم إني أسئلك الصلاة والتسليم ان تصلي على محمد وآل
محمد وتسميهم ولا تجعله اخر العهد من زيارته فان جعلته فاحشرني مع هؤلاء المسلمين الأئمة اللهم وذلل قلوبنا لهم بالطاعة
والمناصحة والمحبة وحسن الموازرة والتسليم
الفصل الرابع في زيارة أبى محمد (ع) ونسبه وموضع قبره ومولده
هو الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) الامام الزكي أحد سيدي شباب أهل الجنة كنيته أبو محمد ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة اثنين من الهجرة وقبض
بالمدينة مسموما في صفر سنة تسع وأربعين من الهجرة وكان سنه (ع) يومئذ سبعا وأربعين سنة أمه سيدة نساء العالمين فاطمة بنت
محمد (عه) ودفن بالبقيع من المدينة الرسول صلى الله عليه وآله مسألة وفي زيارته فضل كثير قال رسول الله صلى الله عليه وآله للحسن (ع) من
زارني حيا أو ميتا أو زار باك حيا أو ميتا أو زار أخاك حيا أو ميتا أو زارك حيا أو ميتا كان حقا على استنقذه يوم القيمة وصفة
الزيارة ما رواه محمد بن يزيد بياع السابري رفعه قال كان محمد بن الحنيف يأتي قبر الحسن (ع) فيقول السلام عليك يا بقية المؤمنين و
ابن أول المسلمين وكيف لا يكون كذلك وأنت سبيل الهدى وخلف السقي خامس أصحاب الكسا (؟) بدأ الرحمة وربيت في حجة الاسلام
ورضعت من ثدي الايمان طبت حيا وطبت ميتا غير أن الأنفس غير طيبه لفراقك ولا شاكه في الجنان لك ثم يلتفت للحسن (ع)
ويقول السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى أبي محمد السلام وإذا ودعه وقف على قبره قال السلام عليك يا بن رسول الله السلام
عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته استودعك الله واسترعيك واقرا عليك السلام امنا بالله وبالرسول وبما جئت به
ودلت عليه اللهم اكتبنا مع الشاهدين ثم تسأل الله حاجتك ولا تجعله اخر العهد منك وادع بما أحببت انشاء الله تعالى
الفصل الخامس في زيارة أبي عبد الله الحسين (ع) وموضع قبره هو الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الامام الشهيد
891

سيدي شباب أهل الجنة ولد بالمدينة اخر شهر ربيع الأول سنة ثلث من الهجرة وقبض (ع) بكربلاء من ارض العراق قتيلا يوم الاثنين
وقيل يوم الجمعة وقيل يوم السبت العاشر من المحرم قبل الزوال منه أحد وستين من الهجرة وله يومئذ ثمان وخمسون سنة وأمه سيدة
نساء العالمين فاطمة بنت محمد (ع) وقبره بالطف بكربلاء نينوى ذي القاصرية في قرى النهروان مسألة وفي زيارته فضل
كثير روى الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال مروا شيعنا بزيارة الحسين (ع) فان اتيانه يزيد في الرزق ويمد في العمر و
يدفع السوء واتيانه مفترض على كل مؤمن يقر بالإمامة من الله وعن عبد الرحمن بن كثير قال قال أبو عبد الله (ع) لو أن
أحد حج الله لم يزر الحسين بن علي (ع) لكان تاركا حقا من حقوق رسول الله صلى الله عليه وآله لان حق الحسين فريضة من الله واجبة
على كل مسلم وعن علي بن رباب عن أبي عبد الله (ع) قال حق الله تعالى على الفتى ان يأتي قبر الحسين (ع) في السنة مرتين وحق على
الفقير ان يأتيه في السنة مرة وعن القسم بن عبد الله عن الرضا (ع) عن أبيه (ع) قال قال الصادق (ع) ان أيام زايري الحسين بن
علي (ع) لا يعد آجالهم وعن قدامة بن مالك عن أبي عبد الله (ع) قال من أراد زيارة قبر الحسين (ع) لا أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا
سمعة محت ذنوبه كما يمحص الثوب في الماء فلا يبقى عليه دنس ويكتب له بكل خطوة حجة وكل ما رفعت قدمه عمرة وعن محمد بن الحكم عن أبي
الحسن (ع) قال من أتى قبر الحسين (ع) عارفا بحقه في السنة ثلث مرات امن من الفقر مسألة ويستحب زيارته في يوم عرفه والأعياد
روى الشيخ عن بشير الدهان قال قلت لأبي عبد الله (ع) ربما فاتني الحج فاعرف عند قبر الحسين (ع) عارفا بحقه فقال أحسنت يا بشير أيما مؤمن
أتى قبر الحسن (ع) عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات وعشرين غزوة مع نبي
مرسل أو امام ومن أقام في يوم عيد كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة مع نبي مرسل أو امام عدل قلت وكيف لي بمثل الموقف فنظر شبه
الغضب ثم قال يا بشير ان المؤمن إذا أتى قبر الحسين (ع) يوم عرفه وغسل من الغراء ثم توجه إليه كتب الله له بكل خطوة حج بمناسكها
ولا اعلمه الا قال وغزوة مسألة ويستحب زيارته (ع) أول يوم من رجب روى الشيخ عن بشير الدهان عن جعفر بن محمد (ع)
قال من زار قبر الحسين (ع) أول يوم من رجب غفر الله له البتة ويستحب زيارته في النصف من رجب والنصف من شعبان روى الشيخ عن أحمد بن أبي
نصر البزنطي قال سألت أبا الحسن الرضا (ع) في اي شهر يزور الحسين (ع) قال في النصف من رجب والنصف من شعبان وعن
أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال من أحب ان يصافحه مائتا الف نبي وعشرون الف نبي وعشرين الف نبي فليزر الحسين (ع) في النصف
من شعبان فان أرواح النبيين يستأذن في زيارته فيؤذن لهم ويستحب زيارته في ليلة القدر روى الشيخ عن أبي الصباح الكناني
عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان ليلة القدر وفيها يفرق كل امر حكيم نادي مناد تلك الليلة من بطنان العرش ان الله تعالى غفر
لمن أتى قبر الحسين ع) في هذه الليلة وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال قال أبو عبد الله (ع) من زار قبر الحسين (ع) في
ليلة من ثلث غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قلت اي الليالي جعلت فداك قال ليلة الفطر أو ليلة الأضحى أو ليلة النصف من شعبان
ويستحب زيارته في يوم عاشورا روى الشيخ في الصحيح عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال من زار قبر أبا عبد الله (ع) يوم عاشورا
عارفا بحقه كان كمن زار الله تعالى في عرشه وعن حريز عن أبي عبد الله (ع) من زار قبر الحسين (ع) يوم عاشورا وجبت له الجنة و
يستحب زيارته يوم الأربعين من مقتله (ع) وهو العشرون من صفر وروى الشيخ عن أبي محمد العسكري أنه قال علامات المؤمن خمس صلاة
الإحدى والخمسين وزيارة يوم الأربعين والتختم في اليمين وتعفر الجبين والجهر بسم الله الرحمن الرحيم ويستحب زيارته في كل شهر روى
الشيخ عن داود بن فرقد قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما لمن زار الحسين (ع) في كل شهر من الثواب قال له من الثواب ثواب مائة الف شهيد قتل
شهداء بدر مسألة وصفة زيارته ما رواه الشيخ عن الحسن بن يونس قال كنت انا ويونس بن ظبيان والفضيل بن عمرو ابن
سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد الله (ع) وكان المتكلم يونس بن ظبيان وكان أكبرنا سنا فقال له جعلت فداك إذا أردت زيارة
الحسين (ع) كيف اصنع وكيف أقول قال له اغتسل على شاطي الفرات وتلبس ثياب الطاهرة ثم امش حافيا فإنه في حرم من حرم الله
تعالى وحرم رسول صلى الله عليه وآله وعليك بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم لله كثيرا والصلاة على محمد وأهل بيته حتى
تصير إلى باب الحاير ثم يقول السلام عليك يا حجة الله وابن حجته السلام عليك يا ملائكة الله وزوار قبر نبي الله ثم أخط عشر خطأ
ثم قف وكبر ثلثين تكبيرة ثم امش إليه حتى تأتيه من قبل وجهه واستقبل بوجهك وجهه وتجعل القبلة بين كتفيك ثم قل السلام عليك
يا حجة الله وابن حجته السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره السلام عليك يا وتر الله
الموتور في السماوات والأرض اشهد ان دمك سكن في الجلد واقشعرت له أظلة العرش ويبكى له جميع الخلايق وبكت له السماوات السبع
والأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ومن في الجنة والنار من خلق ربنا وما برأ وما لا أبرأ اشهد انك حجة الله وابن حجته
892

واشهد انك قتيل الله وابن قتيله واشهد انك ثار الله وابن ثاره واشهد انك وتر الله الموتور في السماوات والأرض واشهد انك قد بلغت
ونصحت ووفيت وجاهدت في سبيل ربك ومضيت الذي كنت عليه شهيد أبرأ ومستشهدا ومشهودا انا عبدك ومولاك في طاعتك
الوافد إليك التمس كمال المنزلة عند الله وثبات القدم في الهجرة إليك والسبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي
أمرت بها من أراد الله بدء بكم وبكم يبين الله الكذب وبكم تباعد الزمان (؟) وبكم فتح الله وبكم يختم وبكم يمحو ما يشاء وبكم يثبت
وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم برء كل مؤمن بطلب وبكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها وبكم ينزل السماء مطرها
ورزقها وبكم يكشف الله الكرب وبكم ينزل الله الغيث وبكم يمسح لأرض التي يحمل أبدانكم ويستقل حبالها عن مراسيها إلى إرادة الرب
في مقاديره يهبط إليكم ويصدر من بيوتكم والصادر عما فعل من احكام الجهاد لعنت أمة قتلتك وأمة قتلتكم وأمة خالفتكم وأمة جحدت ولايتكم
وأمة ظاهرت عليكم وأمة شهدت ولم تشهد الحمد لله الذي جعل النار مأواهم وبئس الورد المورود وبئس الورد الواردين الحمد لله
رب العالمين وصلى الله عليك يا أبا عبد الله أبرأ إلى الله ممن خالفك برئ ثم يقوم فيأتي أبيه عليا (ع) وهو عند
رجليه فتقول السلام عليك يا بن رسول الله السلام عليك يا بن علي أمير المؤمنين السلام عليك يا بن الحسين السلام عليك
يا بن خديجة وفاطمة صلى الله عليك لعن الله أمة قتلك ثلثا انا لله منهم برئ ثلثا ثم يقول فيومي بيدك إلى الشهداء ويقول
السلام عليكم فزتم والله فزتم والله فزتم فليت اني معكم فأفوز فوزا عظيما ثم تدور فيجعل قبر أبي عبد الله (ع) بين يديك
فصل ست ركعات وقد تمت زيارتك وإن شئت فانصرف فإذا أردت وداعه فقل السلام عليك يا با عبد الله أنت لي جنة من
العذاب وهذا اوان انصرافي غير راغب عنك ولا مستبدل بك ولا مؤثر عليك غيرك ولا زاهد في قربك حدث بنفسي للحدثان
وتركت الأهل والأوطان فكن لي يوم حاجتي وفقري وفاقتي يوم لا ينفع عني والدي ولا ولدي ولا حميمي ولا قريبي اسأل الله الذي قدره على فراق مكانك
أن لا يجعله اخر العهد مني ومن رجوعي واسأل الله الذي أبكى عليك غني ان يجعله سندا واسأل الذي بلغني إليك من رحلي وأهلي
ان يجعله ذخرا لي واسأل الله الذي أراني مكانك وهداني للتسليم عليك ولزيارة آبائك الصالحين ان يوردني حوضهم ويرزقني مرافقتهم
في الجنان مع آبائك الصالحين السلام عليك يا صفوة الله وابن صفوته السلام على محمد بن عبد الله حبيب الله وصفوته وأمينه
ورسوله. وسيد النبيين السلام على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين وقائد الغر المحجلين السلام على الأئمة الراشدين
السلام على الأئمة المهديين السلام على من في الحاير منكم ورحمة الله وبركاته السلام على ملائكة الله الباقين المقسمين الذين هم
بأمر ربهم قائمون السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين والحمد لله رب العالمين ثم تزور العباس وتودعه بالمنقول الفصل
السادس في زيارة أئمة البقيع (عل) وفي البقيع من الأئمة (عل) الحسن بن علي (ع) وعلي بن الحسين زين
العابدين كنية أبو محمد ولد بالمدينة سنة ثلث وثلثين من الهجرة وقبض (ع) بالمدينة سنة
سبعة وخمسون وأمه شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى وقبره بالبقيع ومحمد بن علي بن الحسين باقر علم الأولين والآخرين كنيته
أبو جعفر ولد بالمدينة سنة سبع وخمسين من الهجرة وقبض بالمدينة سنة أربع عشرة ومائه وكانت سنه يومئذ سبعا وخمسين سنة
أمه أم عبيدة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب وهو هاشمي من هاشميين علوي من علويين وقبره بالبقيع وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين
(ع) الصادق كنيته أبو عبد الله (ع) ولد بالمدينة سنة ثلث وثمانين من الهجرة وقبض بالمدينة في شوال سنة ثمان وأربعين
ومائه وله يومئذ خمس وستون سنة وأمه فروة بنت القسم بن محمد النجيب بن أبي بكر وقبره بالبقيع مع أبيه وجده وعمه الحسن بن علي
(عل) مسألة وفي زيارتهم فضل كثير قال الصادق (ع) من زارني غفرت له ذنوبه ولم يمت فقيرا وعن العسكري (ع)
من زار جعفرا وأباه لم يسأل عنه ولم يصبه سقم ولم يمت مبتلا وعن الحسين بن علي الوشا قال سمعت الرضا (ع) يقول لكل امام عهد
في عنق أوليائهم وشيعتهم وان مات الوفا بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا لما رغبوا
فيه كان أئمتهم شفعائهم يوم القيمة مسألة إذا اتيت القبر الذي بالبقيع واجعله بين يديك ثم يقول وأنت على غسل السلام عليكم
أئمة الهدى السلام عليكم أهل التقوى السلام عليكم الحجة على أهل الدنيا السلام عليكم القوام في لبرية بالقسط السلام عليكم
أهل الصفوة السلام عليكم أهل النجوى اشهد انكم قد بلغتم ونصحتم وصيرتم في اذن الله وكذبتم واسى إليكم فغفرتم واشهد انكم الأئمة
الراشدون المهديون وان طاعتكم مفروضة وان قولكم الصدق وانكم دعوتم فلم تجابوا وأمرتم فلم يطاعوا وانكم دعائم الدين وأركان
الأرض ولم تر الوبقين الله بتسبيحكم في أصلاب كل مطهر وينقلكم من أرحام المطهرات لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ولم يسترك
فيكم فتن الأهواء طبتم وطاب نيتكم من بكم عليكم ديان الدين فجعلكم في بيوت اذن ان يرفع ويذكر فيها اسمه وجعل صلاتنا عليكم
893

رحمة لنا وكفارة لذنوبنا إذ اختاركم لنا وطيب خلقنا بما من به علينا من ولايتكم وكنا عنده مسمين بعلمكم مقرين بفضلكم معترفين
بتصديقنا إياكم هذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقر بما جنى ورجى بمقامه الخلاص وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى
فكونوا لي شفعاء فقد وفدت إليكم إذا رغبت عنكم أهل الدنيا واتخذوا آيات الله هزوا واستكبروا عنها يا من هو ذاكر لا يسهو ودايم لا يلهو
ويحيط بكل شئ لك المن بما وفقتني وعرفتني ما تبني عليه إذ صد عنه عبادك وجحدوا معرفتهم واستخفوا بحقهم ومالوا إلى سواهم وكانت إليه لك
ومنك على مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به فلك الحمد وإن كنت عندك في مقامي مذكورا مكتوبا ولا تحرمني ما رجوت ولا تخيبني فيما دعوت
راع نفسك بما أحببت ثم تصلى ثمان ركعات انشاء الله فإذا أردت وداعهم فقف على قبورهم عليهم السلام وقل السلام عليكم أئمة الهدى ورحمة
الله وبركاته استودعكم الله واقرأ عليهم السلام امنا بالله وبالرسول وبما جئتم به ودللتم عليه واكتبنا مع الشاهدين ثم ادع كثيرا واسأله
أن لا يجعله اخر العهد من زيارتهم الفصل السابع في زيارة الكاظم (ع) ومولده وموضع قبره هو موسى بن جعفر بن محمد بن
علي بن الحسين عليهم السلام الإمام الكاظم العبد الصالح كنيته أبو الحسن ويكني أبا إبراهيم ويكنى ابا على ولد بالأبواء سنة ثمان وعشرين مائة
من الهجرة وقبض قتيلا بالسم ببغداد في حبس سندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائه من الهجرة وكان سنه يومئذ خمسا وخمسين سنة وأمه أم ولد يقال
لها حميدة البربرية وقبره ببغداد من مدينة السلام في المبرة المعروفة بقريش وفي زيارته فضل كثير روى الشيخ عن الحسين بن علي الوشاء عن الرضا عليه السلام قال سألته
عن زيارة قبر أبي الحسن عليه السلام مثل زيارة قبر الحسين عليه السلام قال نعم وعن الحسين بن محمد القمي قال قال لي الرضا عليه السلام من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر
رسول الله صلى الله عليه وآله وقبر أمير المؤمنين عليه السلام إلا أن لرسول الله صلى الله عليه وآله ولأمير المؤمنين عليه السلام فضلهما والاخبار في ذلك كثيرة مسألة
فإذا أردت زيارته (فقل) ما رواه الشيخ عن محمد بن عيسى عمن ذكره عن أبي الحسن قال يقول ببغداد السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا حجة الله السلام عليك
يا نور الله في ظلمات الأرض السلام عليك يا من بدأ الله في شأنه أتيتك عارفا بحقك لأعدائك فشفع لي عند ربك ادع الله وسال حاجتك وتسلم بهذا على أبي جعفر محمد
فإذا أردت وداعه فقف على القبر [وقل] السلام عليك يا مولاي يا أبا الحسن ورحمة الله وبركاته استودعك الله وأقرأ عليك السلام آمنا بالله وبالرسول وما جئت به
ودللت عليه اللهم فاكتبنا مع الشاهدين الفصل الثامن
في زيارة علي الرضا (ع) ومولده وموضع قبره وهو علي بن موسى بن جعفر (ع) الإمام الرضا ولى المؤمنين كنيته أبو
القاسم ويكنى أبا الحسن ولد بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائه من الهجرة وقبض (ع) بطوس من أراضي خراسان في سنة ثلاثة و
مائتين وهو يومئذ ابن خمس وخمسين سنة وأمه أم ولد يقال لها أم البنين وقبره بطوس في سناباد في الموضع المعروف بالمشهد من
ارض (؟) مسألة وفي زيارته فضل كثير روى الشيخ (ره) في الصحيح عن علي بن مهزيار قال قلت لأبي جعفر (ع) جعلت فداك
زيارة الرضا (ع) أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين (ع) قال زيارة أبي أفضل وذلك أن أبا عبد الله (ع) يزوره كل الناس وأبي لا يزور الا الخواص
من الشيعة وعن يحيى بن سليمان المازني عن أبي الحسن موسى (ع) قال من زار قبر ولدي عليا كان عند الله كسبعين حجة مبرورة قال قلت سبعين حجة
قال نعم وسبعين الف حجة قال قلت له سبعين الف حجة قال رب حجة لا يقبل من زاره وبات عنده ليلة كمن زار الله في عرشه قال
نعم إذا كان يوم القيمة كان على عرش الله أربعة من الأولين وأربعة من الآخرين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عل) واما الآخرين محمد وعلي و
الحسن والحسين (عل) ثم يمد القمطار ويقعد معنا وزاد قبور الأئمة الا ان أعلاهم درجهم وأقربهم حيوة زوار قبر ولدي علي وعن أحمد بن أبي
نصر قال قرأت في كتاب أبي الحسن (ع) بخطه أبلغ شيعتي ان زيارتي تعدل عند الله الف حجة والف عمرة متقبلة كلها قال لأبي جعفر الف حجة
قال اي والله الف حجة لمن يزوره عارفا بحقه وعن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال قال الرضا (ع) من زارني على بعد داري ومزاري أثبته يوم
القيمة في ثلث مواطن حتى أخلفت من أهوالها إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا وعند الصراط والميزان والأخيار في ذلك كثيرة مسألة
وصفة زيارته ما ذكره محمد بن الحسن بن الوليد القمي في كتاب الجامع قال إذا أردت زيارة قبر الرضا (ع) فاغتسل وقل اللهم طهرني وطهر
قلبي واشرح لي صدري واجر على لساني مدحتك والثناء عليك فإنه لا قوة الا بك اللهم اجعله في طهر وشفاء ونورا ويقول حين تخرج
بسم الله والي الله والى بن رسول الله صلى الله عليه وآله حسبي الله توكلت على الله اللهم إليك توجهت واليك قصدت وما عندك أردت
فإذا خرجت فقل على باب دارك اللهم إليك وجهت وجهي وعليك خلفت أهلي ومالي وما خولتني وبك ما وثقت فلا تخيبني يامن لا يخيب
من اراده ولا يضيع من حفظه صل على محمد وآله وأهل بيته واحفظني بحفظك فإنه لا يضيع من حفظت وإذا وصلت فاغتسل وادعوا
عنده والبس أطهر ثيابك وامش حافيا بسكينة ووقار وتكبير وتهليل وتسبيح وتحميد وقصر خطاك وقل حين تدخل بسم الله وعلى
ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اشهد أن لا إله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله وان عليا ولى الله ثم سر حتى تقف على قبره و
استقبل وجهه بوجهه واجعل القبلة بين كتفيك وقل اشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فإنه سيد
الأولين والآخرين وانه سيد الأنبياء والمرسلين اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وسيد خلقك أجمعين صلاة لا
يطيق أحصاها غيرك اللهم صل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت
من خلقك والدليل على من بعثته برسالتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك والمهيمن على ذلك كله والسلام عليك
ورحمة الله وبركاته اللهم فصل على فاطمة بنت نبيك وزوجة وصي نبيك وأم السبطين الحسنين سيدي شباب أهل الجنة الطهر الطاهر
المطهر النقية الرضية الزكية سيدة نساء أهل الجنة أجمعين صلاة لا يقوى على احصائها غيرك اللهم صل على الحسن والحسين سبطي
نبيك وسيدي شباب أهل الجنة العالمين في خلقك والدالين على من بعث برسالتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك من خلقك
894

اللهم صل على علي بن الحسين عبدك القائم في خلقك ودليل على من بعثت برسالاتك وديان الدين بعدلك سيد العابدين اللهم صل على
محمد بن علي عبدك وخليفتك باقر علم النبيين اللهم صل على جعفر بن محمد الصادق وولي دينك وحجتك على خلقك أجمعين اللهم صل
على موسى بن جعفر عبدك الصالح ولسانك الناطق في خلقك بحكمتك والحجة على بريتك اللهم صل على علي بن موسى الرضا المرتضى عبدك
وولى القائم بعدلك الداعي إلى دينك ودين آبائك الصادقين صلاة لا يقوى على احصائها غيرك اللهم صل على محمد بن علي التقي الرضي
صلاة لا يحصيها غيرك اللهم صل على علي بن محمد عبدك وحجتك على عبادك صلاة لا يقوى على احصائها غيرك اللهم صل على الحسن بن
علي بن العامل بأمرك القائم بحقك وحجتك المودي عن نبيك وشاهدك على خلقك المخصوص بكرامتك الداعي إلى كتابك وطاعة رسول
الله صلى الله عليه وآله اللهم صل (على؟) حجتك ووليك القائم في خلقك صلاة تامة باقية تعجل بها فرجه وتنصره وتجعلنا معه في الدنيا
والآخرة اللهم إني أتقرب إليك بحبهم وأوالي وليهم وأعادي عدوهم فارزقني بهم خير الدنيا والآخرة واصرف عني بهم شر الدنيا والآخرة و
اكفني أهوال يوم القيمة ثم تجلس عند رأسه وتقول السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا حجة الله السلام عليك يا نور الله في
ظلمات الأرض السلام عليك يا عمود الدين السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك
يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك يا وارث موسى كليم الله السلام عليك يا وارث عيسى روح الله السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله
السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين السلام عليك يا وارث الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة السلام عليك يا وارث علي بن
الحسين زين العابدين السلام عليك يا وارث محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين السلام عليك يا وارث جعفر بن محمد الصادق البار
الأمين السلام عليك يا وارث موسى بن جعفر السلام عليك يا أيها الصديق الشهيد السلام عليك يا أيها الوصي التقي اشهد انك قد أقمت
الصلاة واتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وعبدت الله حتى أتاك اليقين السلام عليك يا أبا الحسن ورحمة الله وبركاته انه حميد
مجيد ثم بكت على القبر وتقول اللهم إليك صمدت من أرضي وقطعت الأرض رجاء رحمتك فلا تخيبني ولا تردني بعد قضاء حوائجي وارحم
تقلبي على قبر ابن نبيك بابي وأمي أنت اتيت زايرا وافدا عايدا مما جنيت على نفسي واحتطبت على ظهري فكن لي شفيعا إلى الله يوم فقري وفاقتي
فلك عند الله مقام محمود وأنت عند الله وجيها ثم رفع يدك اليمنى ويبسط اليسرى على القبر وتقول اللهم إني أتقرب إليك بحبهم وبولايتهم
اتولى اخرهم كما توليت ابراكم وابرأ من كل وليجة دونكم اللهم العن الذين بدلوا دينك غيروا نعمتك وجحدوا
آياتك وسخروا بآياتك وحملوا الناس على أكتاف آل محمد اللهم إني أتقرب إليك باللعنة والبراءة منهم في الدنيا والآخرة فارحمني ثم يقول عند رجليه صلى الله عليك يا أبا
الحسن صلى الله على روحك وبدنك وأنت الصادق المصدق لعن الله من قتلك بالأيدي والألسن ثم تحول نحو رأسه وصل ركعتين يقرا في إحديها
يس وفي الأخرى الرحمن وتجهد في الدعاء فإذا أردت وداعه فقل السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته أنت لنا جنة من العذاب
وهذا اوان انصرافي عنك غير راغب ولا مستبدل بك ولا مؤثر عليك ولا زاهد في قربك قد حدث بنفسي للحدثان وتركت الامل والأوطان إلى
اخر الوداع الذي ذكرناه في وداع الحسين (ع) ثم يقول استودعك الله واسترعيك إلى اخر الدعاء أيضا الفصل التاسع
في زيارة محمد الجواد (ع) وموضع قبره وهو محمد بن علي بن موسى بن جعفر (عل) الجواد كنيته أبو جعفر ولد في المدينة في شهر رمضان سنة خمسة
وتسعين ومائة من الهجرة وقبض (ع) ببغداد في اخر ذي القعدة سنة عشرين ومأتين وله يومئذ خمس وعشرون سنة وأمه أم ولد يقال
خير زنان كانت من أهل بيت مارية القبطية ودفن ببغداد في مقابر قريش في ظهر جده موسى (ع) مسألة وفي زيارته فضل
كثير روى الشيخ عن إبراهيم بن عقبة قال كتبت إلى أبي الحسن الثاني (ع) أسأله عن زيارة أبي عبد الله (ع) وزيارة أبي الحسن وأبي جعفر
فكتب إلى أبو عبد الله (ع) المقدم وهذا اجمع وأعظم اجرا مسألة فإذا أردت زيارته فقل ما رواه الشيخ عن محمد بن عيسى عمن ذكره عند أبي الحسن (ع) قال يقول ببغداد إلى اخر الزيارة التي ذكرناها للكاظم (ع) فإذا أردت وداعه فقل السلام عليك يا مولاي
يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته استودعك الله واقرا عليك السلام امنا بالله ورسوله وبما جئت به ودلت عليه الفلهم فاكتبنا مع
الشاهدين ثم تسأله أن لا تجعله اخر العهد منك وادع بما شئت وقبل القبر وصنع خدك عليك نشاء الله تعالى الفصل العاشر
في زيارة أبي الحسن علي بن محمد (ع) موضع قبره ومولده وقبر ولده وزيارته وعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر (عل) الامام المنتجب
كنيته أبو الحسن الهادي ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنى عشر ومأتين من الهجرة وقبض بسر من رأى في رجب سنة أربع وخمسين و
مأتين وله يومئذ أدى وأربعين سنة وتسعة أشهر وأمه أم ولد يقال لها سمانه وقبره بسر من رأى في داره مسألة وفي ذلك الموضع
أيضا ولده الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري الامام بالهادي ولد بالمدينة في ربيع الاخر سنة اثنين وثلاثين ومأتين وقبض بسر من رأى
لثمان خلون من ربيع الأول سنة ستين ومأتين وله يومئذ ثمان وعشرين سنة وأمه أم ولد يقال لها حديث وقبره إلى جانب قبر أبيه (ع)
895

في البيت الذي دفن فيه أبوه بداره بسر من رأى مسألة وفي زيارتهما (ع) فضل كثير روى الشيخ عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله
(ع) ما لمن زار أحدا منكم قال كمن زار رسول اله صلى الله عليه وآله وعن أبي هاشم الجعفري قال قال أبو محمد الحسن بن علي (عل) قبري بسر من رأى أمان لأهل الجانبين مسألة فإذا أردت زيارتهما فاغتسل وقف بظاهر الشباك واجعل وجهك تلقاء القبلة وقل السلام عليكما يا ولي الله السلام
عليكما يا حجتي الله السلام عليكما يا نور الله في ظلمات الأرض السلام عليكما يا من بدأ لله فيكما أتيتكما عارفا بحقكما معاديا لأعدائكما مواليا
لأوليائكما مؤمنا بما أتيتما به كافرا بما كفرتما به محققا لما حققتما مبطلا لما أبطلتما اسئل ربي ربكم ان تجعل حظي من زيارتكما الصلاة على
محمد وأهل بيته وان يرزقني موافقتكما في الجنان مع ابائكم الصالحين وأسأله ان يعتق رقبتي من النار ويرزقني شفاعتكما ومصاحبتكما ولا
يفرق بيني وبينكما ولا تسلبني حبكما وحب آبائكما الصالحين ولا يجعله اخر العهد منكما ومن زيارتكما وان يحشرني معكما في الجنة برحمته اللهم ارزقني
وقوفي على علتهما اللهم العن ظالمي آل محمد حقهم وانتقم منهم والآخرين وضاعف عليهم العذاب الأليم انك على كل شئ قدير اللهم عجل فرج وليك وابن
وليك اجعل فرجا مع فرجهم يا أرحم الراحمين فإذا ودعتها فقل السلام عليكما يا ولي الله استودعكما الله واقرا عليكما السلام امناء الله و
بالرسول بما جئتما به ودللتما عليه اللهم اكتبنا مع الشاهدين ثم اسئل الله العود إليهما الوداع بما أحببت الفصل الحادي عشر في زيارة
القائم (ع) رواه الشيخ عن السعيد بن القسم بن روح رحمه الله تسلم على رسول الله وعلى أمير المؤمنين (ع) بعده وعلى خديجة الكبرى وعلى فاطمة
الزهراء وعلى الحسن والحسين وعلى الأئمة واحدا واحدا إلى صاحب الزمان ثم تقول السلام عليك يا فلان بن فلان اشهد انك باب الموتى
أديت عنه وأديت إليه ما خالفته ولا خالفته عليه قمت خاصا وانصرفت سابقا جئتك عارفا بالحق الذي أنت عليه وانك ما جئت في التأدية والسعادة
السلام عليك من باب ما أوسعه وفي سفير ما أمكنك ومن ثقة ما أمكنك اشهد ان الله اختصك بنوره حتى عاينت الشخص فأذنت عنه وأديت إليه
ثم ترجع فتبتدي بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صاحب كالزمان ويقول بعد ذلك جئتك مخلصا موحدا لله وموالات أولياءه والبراءة من أعدائهم
ومن الدين خالفوك يا ولي الله وبك اللهم توجهي وبهم إلى الله توسلي ثم تدعو وتسأل الله بما تحب والزيارات المنقولة في هذه المواضع كثيرة
لم نذكر ها هنا لان الكتاب لم يوضع لذلك ولها كتب مفردة الفصل الثاني عشر في زيارات هذا الباب مسألة يستحب زيارة
سلمان (ره) فيقول السلام عليك يا عبد الله سلمان السلام عليك يا تابع صفوة الرحمن السلام عليك يامن لا يتميز من أهل بيت الايمان السلام
عليك يامن خالف حزب الشيطان السلام عليك يامن نطق بالحق ولم يخف صولة السلطان السلام عليك يامن تأبد عبدة الأوثان السلام
عليك يا خير من تبع الوصي زوج سيدة النسوان السلام عليك يامن جاهد في الله مع النبي صلى الله عليه وآله والوصي أبي السبطين السلام عليك
يامن صدق فكذبه أقوام السلام عليك يامن قال له سيد الخلق من الإنس والجان أنت منا أهل البيت لا يدانيك انسان السلام عليك يامن تولى
امره عند وفاته أبو الحسنين جوزت عنه بكل احسان السلام عليك فقد كنت على خير الأديان السلام عليك ورحمة
الله وبركاته اتيتك
يا عبد الله زائرا قاضيا فيك حق الامام لبلائك في الاسلام فاسئل الله الذي خصك بصدق ومتابعة الخيرين الفاضلين ان يحييني حياتك
وان يميتني مماتك ويحشرني محشرك وعلى انكار ما أنكرت ومنابذة من أنبذت والرد على من خالفت الا لعنة الله على الظالمين من الأولين و
الآخرين فكن يا أبا عبد الله شاهدا إلي بهذه الزيارة عند امامي وامامك صلى الله عليه وآله جمع الله بيني وبينكم في مستقر رحمته انه ولى ذلك
والقادر عليه انشاء الله وهو قريب مجيب وصلى الله على خيرته من خلقه محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
مسألة ويستحب زيارة المؤمنين روى الشيخ عن علي بن عثمان الرازي قال سمعت أبا الحسن (ع) يقول من لم يقدر على زيارتنا فليزر
صالحي إخوانه يكتب له ثواب زيارتنا ومن لم يقدر ان يصلنا فليصل صالحي إخوانه يكتب له ثواب صلتنا وروى الشيخ (ع) في الصحيح عن محمد بن
أحمد بن يحيى قال لعبد فمشيت مع ابن بلال إلى قبر محمد بن إسماعيل بن بزيع قال فقال لي علي بن بلال قال صاحب هذا القبر عن الرضا (ع) من أتى
قبر أخيه المؤمن من اي ناحية يضع يده وقرأ انا أنزلناه سبع مرات امن من الفرغ الأكبر مسألة وصفة زيارتهم ما رواه الشيخ
عن عمر بن أبي المقدام عن آبائه قال مررت مع أبي جعفر (ع) بالبقيع فمرونا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشيعة فقلت لأبي جعفر (ع) جعلت فداك هذا قبر رجلا من الشيعة قال فوقف عليه قم قال اللهم ارحم غربته وصل حدته وانس وحشته واسكن إليه من رحمتك
رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك وألحقه بمن كان يتولاه ثم قرأ انا أنزلناه سبع مرات وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا
عبد الله (ع) كيف أضع يدي على قبر المسلمين فأشار بيده إلى الأرض وهو مقابل القبلة مسألة
لو تعذر الزيارة صعد على منزله وزار الإمام (ع) من أعلى داره رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عمن رواه قال قال أبو عبد
الله (ع) إذا بعدت بأحدكم السبعة وتأت به الدار فليعل على منزله وليصل ركعتين وليؤم بالسلام إلى قبورنا فان ذلك يصل
إلينا ويسلم على الأئمة (عل) من بعيد كما يسلم عليهم من قريب غير انك لا يصح أن يقول اتيتك زائرا بل يقول موضعه قصدتك
896

بقلبي زائرا إذا عجزت عن حضور مشهدك وجهت إليك سلامي لعلمي بأنه يبلغك صلى الله عليك فاشفع لي
عند ربك جل وعزو تدعو بما أحببت مسألة قال المفيد (ره) ان أردت زيارة
الامامين بسر من رأى فقف بظاهر الشباك قال الشيخ (ره) هذا الذي ذكره من
المنع من دخول الدار هو الأحوط فان الدار ملك الغير فلا يجوز
التصرف فيها الا باذنه ولو أن أحدا يدخلها لم يكن
مأثوما خصوصا إذا ناول في ذلك ما
روى عنهم (عل) من أنهم
جعلوا شيعتهم
في حل من مالهم وذلك على عمومه تم الجزء الخامس من كتاب منتهى المطلب
في تحقيق المذهب ويتلوه في الجزء السادس بعونه الله تعالى و
حسن توفيقه الكتاب السادس في الجهاد وسيرة الامام
وحكم الرباط والامر بالمعروف والنهى عن
المنكر تحريرا في يوم التاسع عشر
من شهر شوال المكرم
سنة 1317
بسم الله الرحمن الرحيم
الكتاب السادس في الجهاد وسيرة الامام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وفيه مقاصد الأول: فيمن يجب عليه وفيه
مباحث. الأول: في وجوب الجهاد. مسألة: لما بعث النبي صلى الله عليه وآله بالتوحيد والتبليغ نزل عليه جبرئيل (عليه السلام فقال
له اقرأ قال وما اقرأ قال اقرأ باسم ربك الذي خلق ففزع من ذلك وخاف على نفسه فمضى إلى خديجة رضي الله عنها فأخبرها الخبر فقال زملوني ودثروني
فنزل عليه يا أيها المزمل ويا أيها المدثر قم فانذر وربك فكبر ثم نزل عليه وانذر عشيرتك الأقربين رتب الله تعلى له الانذار فامره بتكليف أهله أولا
فقال وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ثم كلفه إنذار العشيرة الذين هم أعم من الأهل بقوله وانذر عشيرتك الأقربين ثم عم التكليف بقوله
لتنذر أم القرى ومن حولها ثم زاد التعميم بقوله وما أرسلناك الا كافة للناس وقال وانذر الناس فلما كلفه أولا بإنذار العشيرة اتبعه عليا و
خديجة وفاطمة عليهم السلام وجماعة على الاسلام وفرض الله تعالى الصلاة بمكة ثم اذن لهم بالهجرة منهم من هاجر إلى المدينة وهاجر النبي صلى الله عليه وآله
إلى المدينة ثم فرض الله تعالى الصوم بعد سنتين من الهجرة وفرض الحج في السنة السادسة بقوله وأتموا الحج والعمرة لله وقيل في سنة خمس
واما الزكاة: فقيل أوجبها بعد الصوم وقيل قبله. واما الجهاد: فلم تؤذن له بمكة فلما هاجر امره الله تعالى كتب عليكم القتال وهو
كره لكم الآية وقد كثرت الآيات الواردة في القران لوجوب الجهاد. مسألة: والجهاد من أعظم أركان الاسلام به يتم نظام العالم
وحفظ الشرايع والأديان وقد ورد في القران الكريم آيات لا يحصى كثرة دلالة على وجه وجوب الجهاد روى الجمهور عن ابن معسود قال سالت النبي
صلى الله عليه وآله اي الأعمال أفضل قال الصلاة في أوقاتها قلت ثم قال بر الوالدين قلت ثم اي قال الجهاد في سبيل الله تعالى ومن طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام كتب الله الجهاد على الرجال والنساء لجهاد الرجال ان يبذل
ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل الله وجهاد المرأة ان تصبر على ما ترى من آذى زوجها وعشيرته وقد اجمع المسلمون كافة على وجوب الجهاد
. البحث الثاني: في فضله: وفيه ثواب كثير واجر عظيم قال الله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي النصرة والمجاهدون
في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدون بأموالهم وأنفسهم درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين
على القاعدين اجرا عظيما وروى الجمهور عن سهيل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال والذي نفسي بيده الغزوة في سبيل الله أو
روحة خير من الدنيا وما فيها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن وهب عن أبيه عن جعفر عن أبيه (عليهم السلام قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله
ان جبرائيل عليه السلام أخبرني بأمر قرت به عيني وفرح به قلبي قال الا يا محمد من غزا غزوة في سبيل الله من أمتك فما أصاب قطرة من السماء أو صدع
897

الا كانت له شهادة يوم القيامة وعن أبي عبد الله (عليه السلام قال الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرايض وعن السكوني عن أبي جعفر عن أبيه عن
ابائه عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال فوق كل ذي بر بر حتى يقتل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر وفوق كل
عقوق عقوق حتى يقتل أحد أبويه فليس فوقه عقوق وعن عثمان بن مظعون قال قلت يا رسول الله ان نفسي تحدثني بالسياحة وان الحق بالجبال
فقال يا عثمان لا يفعل فان سياحة أمتي الغزو والجهاد وعن ابان ن أبي عبد الله (عليه السلام قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله الخير كله في السيف
وتحت ظل السيف ولا ينعم الناس الا بالسيف والسيوف مقاليد الجنة والنار وعن وهب عن جعفر عن أبيه (عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله)
للجنة باب يقال لها باب المجاهدين بمضمونة إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون بسيوفهم والجمع في الموقف والملائكة تزجر فمن
ترك الجهاد ألبسه الله ثوب الذل وفقرا في المعيشة ومحقا في دينه ان الله عزل وجل أعز أمتي بسنابك خيولها ومركز رماحها والاخبار في ذلك كثيرة
البحث الثالث في كيفية وجوبه: وهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين وهو في الابتداء كفرض
الأعيان ويجب على الجميع لكن يفارقه بان فرض الأعيان لا يسقط بفعل البعض بخلاف الواجب على الكفاية فان الصلاة والصوم والزكاة والحج
لا يسقط عن أحد لفعل غيره وغسل الميت والصلاة عليه يسقط بفعل البعض وكذا الجهاد أيضا ذهب إليه علمائنا أجمع وهو قول عامة
العلماء وحكى عن سعيد بن المسيب أنه قال الجهاد واجب على الأعيان لقوله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون
في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وهو يدل على انتفاء الاثم
على القاعد ولو كان واجبا عليه مع جهاد غيره لا يستحق الاثم ولان رسول الله (صلى الله عليه وآله كان يبعث سراياه إلى الغزو ويقيم هو وأصحابه
احتج المخالف بقوله تعالى انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ثم لا تنفروا يعذبكم عذابا أليما وقال تعالى
كتب عليكم القتال وروى أبو هريرة ا ن النبي (صلى الله عليه وآله قال من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو ما ت على شعبة من النفاق والجواب عن
الآية من وجوه. أحدها: ما روي عن ابن عباس أنه قال إنها منسوخة بقوله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة. الثاني: يحتمل
انه أراد استنفرهم النبي صلى الله عليه وآله إلى غزوة تبوك فكانت اجابتهم انها غير واجبة ولهذا هجر النبي صلى الله عليه وآله كعب بن مالك وأصحابه
الذين خلفوا حتى تاب الله عليهم بعد ذلك. الثالث: انا نقول بموجب الآية والأدلة فيها لان الجهاد في الابتداء واجب على الأعيان لاستحالة
تكليف غير المعين وعدم أولوية المعين فلم يبق الا تكليف الجميع نعم انه يسقط بفعل البعض ولهذا لو لم يفعله أحد اشتركوا جميعهم في العقاب و
لو لم يعم الوجوب لاستحقوا بأسرهم العقاب. واما الحديث: فانا نقول بموجبه لان الجهاد إذا وجب فمن ترك وترك العزم عليه فعل حراما لان العزم
من احكام الدين. مسألة: ومعنى الكفاية في الجهاد ان يتخصص له قوم يكفون في قتالهم اما بان يكونوا ندا مستعدين للحرب ولهم ارزاق
على ذلك على ما يأتي أو يكونوا قد أعدوا أنفسهم له تبرعا بحيث إذا قصدهم العدو وحصلت المتعة لهم قال الشيخ رحمه الله والقدر الذي يسقط به فرض
الجهاد عن الباقين ان يكونوا على طرف من أطراف بلاد الاسلام قوم يكونوا اكفاء لمن يليهم من الكفار وعلى الامام ان يغزو بنفسه
أو بسراياه في سنة دفعه حتى لا يعطل الجهاد الا ان يعلموا خوفا فيكثر من ذلك. مسألة: كان الفرض في عهد النبي (صلى الله عليه وآله الجهاد في زمان
ومكان دون اخر. اما الزمان: فإنه كان جايزا في جميع السنة الا في الأشهر الحرم وهي رجب وذي القعدة وذي الحجة لقوله تعالى فإذا انسلخ
الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم. واما المكان: فان الجهاد كان شايعا في جميع البقاع الا الحرم فان الابتداء
بالقتال فيه كان محرما لقوله تعالى ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلونكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم إذا عرفت هذا فان أصحابنا قالوا ان التحريم القتال
في أشهر الحرم باق إلى الآن لم ينسخ في حق من يرى للأشهر الحرم من حرمة واما من لا يرى لها حرمة فإنه يجوز قتاله فيها وذهب جماعة
من الجمهور إلى انهما منسوخات بقوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وبعث النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى الطايف
ففتحها في ذي القعدة وقال تعالى وقاتلوهم حتى تكون فتنة اما تحريم القتال في المسجد الحرام فإنه منسوخ. مسألة: لما نزل قوله
تعالى ألم تكن راض الله واسعة فتهاجروا فيها وجه النبي صلى الله عليه وآله المهاجرة على من يضعف عن إظهار شعائر الاسلام واعلم أن
الناس في الهجرة على أقسام ثلاثة. أحدها: من تجب عليه وهو من أسلم في بلاد الشرك وكان مستضعفا فيهم لا يمكنه إظهار دينه ولا
عذر لهم من مرض وغيره لقوله تعالى ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا ألم تكن ارض ا لله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم
وساءت مصيرا. الثاني: من لا تجب عليه لكن يستحب له المهاجرة وهو من أسلم بين المشركين وله عشيرة تحميه عن المشركين ويمكنه إظهار
دينه ويكون امنا على نفسه مع مقامه بين ظهرانيهم المشركين كالعباس وعمر ولهذا بعث النبي صلى الله عليه وآله يوم الحديبية إلى أهل مكة
عثمان لان عشيرته كانت أقوى بمكة وانما يجب على المهاجرة لتمكنه من إظهار دينه وعدم مبالاته بهم وانما
استحب له لان فيه تكثير لعددهم
واختلاطاتهم. الثالث: من لا تحب عليه المهاجرة ولا يستحب له وهو من كان عذر يمنعه من المهاجرة من مرض أو عدو يمنعه أو غير ذلك فلا
898

جناح عليه لقوله تعالى الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ولأنهم غير متمكنين وكانوا بمنزلة المكرهين فلا اثم عليهم
ولو تجددت له القدرة وجبت عليه المهاجرة إذا ثبت هذا فان الهجرة باقية ما دام الشرك باقيا لوجود المقتضي وهو الكفر الذي يعجز معه عن
إظهار شعائر الاسلام ولما روي عن النبي صلى هلله عليه وآله أنه قال لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها واما ما روي
عن علي عليه السلام أنه قال لا هجرة بعد الفتح فله تأويلان أحدهما انه أراد لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح كانت أفضل منها
بعد الفتح وكذا الاتفاق لقوله تعالى لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا
الثاني: انه أراد لا هجرة من مكة لأنها صارت دار الاسلام ابدا.
البحث الرابع فيمن يجب عليه وشرائط وجوبه: مسألة:
الذكورة شرط في وجوب الجهاد فلا تجب على المراة اجماعا لما روت عايشة عن النبي صلى الله عليه وآله قالت قلت يا رسول الله هل على النساء
جهاد فقال جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين عليه السلام كتب الله الجهاد
على الرجال والنساء فجهاد الرجال ان يبذل ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل الله وجهاد المراة ان تصبر على ما ترى من اذى زوجها وعشيرته و
التفضيل في معنى الجهاد بينهما قاطع للشركة ولأنها ليست من أهل القتال لضعفها وجودتها ولهذا لم يسهم لها من الغنيمة ولا نعلم فيه
خلافا. فرع: الخنثى المشكل لا يجب عليه الجها د لان الذكورة شرط الوجوب ومع الشك في الشرط يحصل الشك في الشروط مع أن الأصل
العدم اما من التحق بالرجال فإنه يجب عليه الجهاد لأنه ذكر. مسألة: البلوغ شرط في وجوب الجهاد فلا يجب على الصبي اجماعا روي ابن عمر
قال عرضت على رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة بدر وانا بن ثلاثة عشر سنة فردني وقال لأنه غير مكلف ولأنه ضعيف البنية فيسقط
عنه ولا نعلم فيه خلافا. مسألة: العقل شرط في الوجوب فلا يجب على المجنون اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله كان تابع
الحر على الاسلام والجهاد والعبد على الاسلام دون الجهاد ولأنه عبادة يتعلق بها قطع المسافة فلا يجب على العبد كالحج وكذا لا
يجب على المدبر وأم الولد والمكاتب والمشروط ومن انعتق بعضه لعدم الشرط في حقهم كلهم اما الاسلام فيتعلق شرطا عندنا لان الكفار غير
مخاطبون بفروع العبادات. فرع: لو اخرج الامام عبيد باذن ساداتهم والنساء والصبيان جاز لحصول النفع بهم في اتيان المياه ومداواة
الجرحى ومعالجتهم والطبخ وما يحتاجون إليه من المداواة وكان النبي صلى الله عليه وآله يخرج معه أم سليم وغيرها اما المجنون فلا يخرج
لعدم الانتفاع به. مسألة: ويسقط فرض الجهاد عن الشيخ الكبير لعجزة وضعف قوته عن الحرب قال الله تعالى ليس على الضعفاء
ولا على المرضى ولا على الدين لا يجدون ما ينفقون حرج وكذا يسقط فرض الجهاد عن الأعمى اجماعا قال الله تعالى ليس على الأعمى
حرج ولان الجهاد متعذر عليه واما الأعور فإنه يجب عليه لامكانه منه ويسقط أيضا فرض الجهاد بالعجز إذا كان يمنع من المشي أو الركوب
كالمرض لقوله تعالى ولا على الأعرج حرج ولو كان به حرج يسير يمكنه معه الركوب والمشي وانما عليه شدة العدو فإنه يجب عليه
الجهاد لتمكنه منه فكان الأعور واما المريض فقسمان أحدهما ان يكون مرضه شديد كالبرضام والحمى الشديدة وأشباههما فإنه يسقط
عنه فرض الجهاد لعجزة عنه قال الله تعالى ولا على المريض حرج وقوله ليس على الضعفاء ولا على المرضى الثاني ان يكون مرضه يسيرا
كوجع الضرس والصداع اليسير وحمى يوم يتمكن معه من الجهاد فإنه يجب عليه لتمكنه منه. مسألة: ولو احتاج إلى نفقة وعجز
عنها سقط عنه فرض الجهاد لقوله تعالى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا ثبت هذا فان كانت المسافة قصيرة لا يحتاج
معها إلى الحمولة لم يجب عليه حتى يكون له دار ونفقة عياله في غيبته وسلاح يقاتل به ولا يعتبر الراحلة لقرب السقر وان كانت
المسافة طويلة اعتبر مع ما ذكرناه وجود الراحلة لحاجته إليها لقوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم
تفيض من الدمع حرقا لا يجدون ما ينفقون والضابطة في اسقاط الجهاد ولأجل عدم الراحلة هو الحاجة إليها سواء قصرت المسافة أو طالت
والشيخ (ره) اعتبر المسافة مسافة التقصير وليس بمعتمد بل الضابطة ما قلناه نحن. مسألة: قد بينا ان الجهاد يجب على الكفاية فإذا قام به من فيه
كفاية وعنى به يسقط عن الباقين ولا يجب على غيرهم الا ان يعينه الامام لاقتضاء المصلحة أو قصور القائمين عن الدفع بحيث لا يحصل
الدقع الا بالاجتماع أو عينة على نفسه بالنذر أو بالاستيجار فيجب عليه حكما ولا يكفي فيه غيره ومن تعين عليه الجهاد وجب ان
يخرج بنفسه أو يستأجر غيره عنه لحصول المقصود به. مسألة: الجهاد قد يكون للدعاء إلى الاسلام وقد يكون للدفع بان يدهم المسلمون
عدو فالأول لا يجوز الا باذن الإمام العادل ومن يأمره الامام. الثاني: يجب مطلقا وقال احمد يجب الأول مع كل امام بر أو فاجر لما ان الداعي
يجب ان يكون بشرايط الامام أو منصوبا من قبله لأنه العارف بشرايط الاسلام وله الولاية المطلقة وما رواه الشيخ عن أبي عمرو
الزبيدي عن أبي عبد الله (عليه السلام قال قلت له أخبرني عن الدعاء إلى الله عز وجل والجهاد في سبيله أهو قوم لا يجل الا لهم ولا يقوم به
الا من كان منهم أو هو مباح لكل من وجد الله تعالى ومن برسوله صلى الله عليه وآله من كان كذا فله ان يدعو إلى الله عز وجل إلى
899

طاعته وان يجاهد في سبيل الله فقال ذلك لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك الا من كان منهم فقال في أثناء الحديث ولا يكون داعيا إلى الله
تعالى من امر بدعاء مثله إلى التوبة والحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يأمر بالمعروف من قد امر ان يؤمر به ولا ينهي عن المنكر من قد
امر ان ينهى عنه فمن كان قد ثبت فيه شرايط الله عز وجل التي قد وصف بها أهلها من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وهو مظلوم فهو مأذون
له في الجهاد وفي الحديث طويل وعن أبي حمزة الثمالي قال قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلام أقبلت على الحج وتركت الجهاد فوجدت الحج ألين عليك
والله تعالى يقول إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة الآية فقال له علي بن الحسين عليه السلام أقر ما بعدها فقراء النائبون الآية فقال علي بن
الحسين عليه السلام إذا ظهر هؤلاء لم يؤثر الجهاد شيئا عن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له رأيت في المنام اني قلت لك ان القتال
مع غير الامام مفروض الطاعة حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير فقلت نعم هو كذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام هو كذلك احتج بما روي
أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله قال الجهاد واجب عليكم مع كل امر برا أو فاجرا وعن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث
من أصل الايمان الكف عمن قال لا اله الا ا لله لا يكفر بذنب ولا يخرجه من الاسلام بعمل والجهاد مان منذ بعثني الله تعالى إلى أن يقاتل اخر أمتي
الرجال والايمان بالايذان ولان ترك الجهاد مع الفجار ويفضي إلى قطع الجهاد وظهور الكفار على المسلمين وقال الله تعالى ولو دفع الناس
الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع الآية والجواب عن الأول ان أبا هريرة مطعون في حديثه ولهذا أدبه عمر على كثرة حديثه فلو لم يكن في محل
التهمة لما فعل به ذلك عمر انا نقول إن أحد فرعي الجهاد يجب مع كل بر وفاجر وعن الثاني انا نقول بموجبه فان وجوب الجهاد دائم ما قامت
الشريعة لكم وجوبها لا يخرجها عن اشتراطها بأمور أخرى عن الثالث: بان الجهاد للدفع عن الضرر كاف في كف الفجار على أن الامام الفاجر
ليس محلا لأمانة فكيف يسوغ جعله رئيسا مطلقا على المسلمين كافة وربما واطئ الكفار وحصل للمسلمين ضرر ولا يمكن تداركه
اما القسم الثاني: من أنواع الجهاد فإنه يجب مطلقا فإنه متى وهو المسلمون والعياذ بالله عدو يخشى منه على بيضة الاسلام
وجب على المسلمين كافة النفور إليهم ودفعهم سواء كان الداعي على جهادهم برا أو فاجرا لان دفع الضرر لا يحصل الا به فيجب فكذا لو كان
المسلم في راض العدو من الكفار ساكنا بينهم بأمان حتى دهمهم عدو من المشركين وخشي على نفسه إذا تخلف جاز معاونة الكفار ومساعدتهم
ويكون قصد بذلك الدفع عن نفسه لا معاونة المشركين رواه الشيخ عن طلحة ين زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل دخل ارض
الحرب بأمان فغزا القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون قال على المسلم ان يمنع نفسه ويقاتل على حكم الله وحكم رسوله واما ان يقاتل
الكفار على حكم الجور وسببهم فلا يحل له ذلك وكذا من خشي على نفسه مطلقا أو ماله إذا غلب السلامة جاز ان يجاهد
مسألة: من وجب عليه الجهاد يتخير ان يخرج بنفسه ويجاهد وبين ان يستأجر غيره ليجاهد عنه وتكون الإجارة صحيحة ولا يلزمه رد الأجرة ذهب إليه
علمائنا وقال الشافعي لا ينعقد الإجارة ويجب عليه رد الأجرة إلى صاحبها لما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله من جهز غازيا
كان له مثل اجره ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن وهب عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام سئل عن الأجعال للغز فقال لا
بأس فيه أن يغزو الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل ولان القصد من الجهاد وهو معاونة المسلمين وحراستهم ليحصل بفعله مباشرة أو يستنيب
فيتساويان ولأنها عبادة فجاز عقد الإجارة فيها ولزم كالحج ولأنه يجوز اخذ الرزق عليها من بيت المال فجاز ان يأخذ عليها إجارة
ولأنه من فروض الكفايات فيجري نه فعل غيره ولان الضرورة قد تعدوا إلى الاستيجار فيكون مشروعا كغيره من الإجارات واحتج الشافعي بأنه
يتعين بحضور الصف للجهاد إذا تعين عليه الفرض لم يجز له ان يفعله عن غيره كما لو كان عليه حج الاسلام لا يجوز له ان يحج عن غيره والجواب
المنع أولا من التعيين والنقض بالحج فإنه إذا حضر مكة يتعين عليه الاحرام ومع هذا جاز ان يقع الاحرام المتعين عليه عن غيره فكذا هنا
فروع: الأول: لو عينه الامام للخروج لم يجز الاستنابة لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله وأولو ا
الامر منكم. الثاني: لا يجوز لمن وجب عليه الجهاد ان يجاهد عن غيره بجعل فان فعل وقع عنه ووجب عليه رد الجعل إلى صاحبه لأنه قد تعيين
عليه فلا يجوز له ان ينوب غيره فيه كالحج. الثالث: قال الشيخ رحمه الله للنايب ثواب الجهاد وللمستأجر ثواب النفقة واما ما يأخذه
أهل الديوان من الأرزاق فليس بأجرة لهم يجاهدون لأنفسهم ويأخذون حقا جعله الله لهم فان كانوا رصدوا أنفسهم للقتال وأقاموا
في الثغور فهم أهل الفئ لهم سهم من الفئ يدفع إليهم وان كانوا مفتحين في بلادهم يغزون إذا خفوا فهؤلاء أهل الصدقات يدفع إليهم
سهمهم منها. الرابع: يستحب إعانة المجاهدين ومساعدتهم ففيها فضل كثير من السلطان والعوام وكل واحد ويستحقون به الثواب لما روي
عن النبي صلى الله عليه وآله قال من تجهز غازيا أو حاجا أو معتمرا أو خلفه في أهله فله مثل اجره عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال قال رسول
الله صلى الله عليه وآله من بلغ رسالته فإنه كان كمن أعتق رقبة وهو شريكه. مسألة: قد بينا ان الجهاد واجب على الكفاية
ويتعين على المكلف بأمور أحدها تعين الامام الثاني النذر وشبهه الثالث الاستيجار الرابع عدم الاكتفاء بغيره الخامس إذا التقاء
900

الرجعان وتقابل الفئتان. اما الأول: فلأن الامام إذا استنفر قوما وجب عليهم النفور معه لقوله تعالى با أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم
انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض الخ وقال النبي صلى الله عليه وآله إذا استنفرتم فانفروا. واما الثاني:
فلما يأتي من وجوب ما
يتعلق به النذر من الطاعات. واما الثالث: فلان عقد الإجارة لازم على ما تقدم. واما الرابع: فانا قد بينا معنى وجوب الكفاية وانه متى
قام به من قيامه يغني سقط عن الباقين والا لم يسقط. واما الخامس: فلقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا فاثبتوا وقال
الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أو لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار الآية. مسألة: قد بينا الاعتبار بسقط فرض الجهاد
فلو بذل له ما يحتاج إليه وجب عليه الجهاد حالا لأنه بالبذل متمكن كالحج إذا بدل المعمر كفايته فيه فإنه يجب فيه فإنه يجب عليه لأنه تمسك
بالبذل كذا هنا ولو كان على سبيل الأجرة لم يجب لان وجوب الجهاد مشروط باليسار ولا يجب على المكلف تحصيل شروط الوجوب كالنصاب
في الزكاة ولو عجز عن الجهاد بنفسه وكان مؤسرا فهل يجب عليه إقامة غيره أم لا فيه قولان أحدهما الوجوب كالحج والثاني السقوط بعدم
المكنة والأقرب الاستحباب ولو كان قادرا فجهز غيره سقط عنه فرض الجهاد ما لم يتعين عليه.
البحث الخامس: في اشتراط اذن
الأبوين وصاحب الدين. مسألة: من عليه دين لم يحل حاله من أمرين أحدهما ان يكون الدين حالا والاخر ان يكون
مؤجلا فإن كان حالا فلا يخلو اما ان يكون متمكنا من أدائه أو لا يكون فإن كان متمكنا منه لم يجز له الخروج إلى الجهاد الا باذن صاحب
الدين الا ان ترك وفاه أو يقيم به كفيلا يرتضى به أو يوثقه برهن وإن لم يكن متمكنا منه هل يجوز له ان يخرج بغير إذن صاحب الدين أم لا قال
قوم نعم له ذلك وبه قال مالك وقال الشافعي وأحمد بن حنبل ليس له ذلك ولصاحب الدين منعه من الغزو والأول أقرب لنا انه لا يتوجه له المطالب ولا
حبسه من اجله فلم يمنع من الغزو كما لو لم يكن عليه دين احتجوا بان الجهاد يقصد عنه الشهادة التي يفوت بها النفس فيفوت الحق بفواتها وروي
عن النبي صلى الله عليه وآله ان رجلا جاء إليه فقال يا رسول الله ان قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا تكفر عني خطاياي قال نعم الا الدين فان جبرئيل
عليه السلام قال لي ذلك والجواب ان الشهادة غير معلومة ولا مظنونة فلا ترك لاجلها ما هو أعظم أو كان الاسلام والرواية نحن نقول بموجبها
لان من فرط في قضاء دينه بالجهاد أو القتل في سبيل الله ويدل على التفريط انه استثناه من الخطايا ولا ريب ان تأخير الدين للمعسر
ليس بخطية اما الدين المؤجل وهل لصاحبه منعه منه أم لا قال مالك ليس له المنع وقال الشافعي واحمد له المنع والاحتجاج من الفريقين ما
تقدم والوجه ما قاله مالك. فروع: الأول: لو تعين على المدين الجهاد وجب عليه الخروج فيه سواء كان الدين حالا أو مؤجلا
مؤسرا كان أو معسرا اذن له غريمه أم لم يأذن لان الجهاد تعلق بعينه وكان مقدما على ما في ذمته كساير فروض الأعيان. الثاني:
لو ترك وفاء أو أقام كفيلا مليا جاز له الغزو سواء اذن له صاحب الدين أو لم يأذن لان المانع وهو فوات الدين زائل هنا ولان
عبد الله بن حزام ابا جابر بن عبد الله خرج إلى أحد وعليه دين كثير فاستشهد فقضاه عن ابنه جابر بعلم النبي صلى الله عليه وآله ولم يذمه
ولم ينكر فعله بل مدحه وقال ما زال الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه. الثالث: إذا تعين عليه الجهاد جاز له الخروج مطلقا على
ما بينا لكن يستحب له أن لا يتعرض لمضان القتل بان يبارز أو يقف في أول المقاتلة لما فيه من التغرير لفوات الحق. مسألة: من له
أبوان مسلمان لم يجاهد طوعا الا بإذنهما ولهما منعه وبه قال أهل العلم كافة روي ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال جاء رجل
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله جاهد فقال ألك أبوان قال نعم ففيها فجاهد وفي رواية حيث أتى برك الحجرة وتركت
أبوي يبكيان قال ارجع إليهما فاضحكهما كما أبكيتهما وعن أبي سعيد الخدري ان رجلا هاجر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله
هل لك أهل باليمن أحد قال نعم أبواي قال هل اذنا لك قال لا قال فارجع فاستاذنهما فان اذنا لك جاهد والا فبرهما ولان طاعة الأبوين
فرض عين والجهاد فرض كفاية وفرض العين مقدم على فرض الكفاية. مسألة: لو كانا كافرين جاز له مخالفتهما والخروج إلى
الجهاد مع كراهيتهما وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل وقال الثوري ولا يغزو الا بإذنهما لنا ان النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج معه
من التمايم إلى الجهاد من كان له أبوان كافران من غير استيذان كأبي بكر وغيره وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان مع النبي صلى الله عليه وآله
يوم بدر وأبوه كان رئيس المشركين يو مئذ قتل ببدر وأبو عبيدة قتل أباه في الجهاد ولأنهما كافران فلا ولاية لهما على المسلم ولأنه يسوغ
له قتلهما فترك قبول قولهما أولى احتج الثوري بعموم الاخبار والجواب ما ذكرناه خاص فيكون مقدما والتخصيص العام. مسألة:
ولو كان الجهاد متعينا عليه بإحدى أسباب التعيين السابقة وجب عليه الخروج من غير اذن أبويه المسلمين ولو منعاه لم يجز له التخلف ولا
يجوز لهما منعه وكذا كل الفرائض ليس لهما منعه لان فرض عين وكان تركه معصية ولا طاعة لاحد في معصية الله تعالى وكذا باقي القرايض
كالحج والجمعة مع الشرايط لقوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ولم يشترط اذنهما ولا نعرف في ذلك خلافا
فروع: الأول: حكم لاحد الأبوين حكم لهما معا لان طاعة كل منهما فرض كما أن طاعتهما فرض. الثاني: لو كان أبواه رقيقين
901

فعموم كلام الشيخ (ره) يقتضي ان لهما المنع كالحرين عملا بالعموم ولأنهما أبوان مسلمان فكانا كالحرين وقبل لا اعتبار بإذنهما لأنه لا ولاية لهما. الثالث:
لو كانا مجنونين لم يكن بهما اعتبار ولا اذن لهما لعدم امكان استيذانهما. الرابع: لو سافر لطلب العلم أو التجارة استحب له استيذانهما وان لا
يخرج من دونهما ولو منعاه لم يحرم عليه مخالفتهما وفارق الجهاد لان الغالب فيه الهلاك وهذا الغالب منه السلامة. مسألة: لو
خرج في جهاد تطوعا بإذنهما فمنعاه منه بعد سيره وقيل وجوبه كان عليه ان يرجع لان لهما منعه في الابتداء وكا في الأثناء كساير الموانع
الا ان يخاف على نفسه في الرجوع أو يحدث له عذر من مرض أو ذهاب نفقته ويجوز ذلك فان أمكنه الإقامة في الطريق ولا مضي مع الجيش
فإذا حضر الصف تعين عليه بحضوره ولم يبق لهما اذن ولو جافى الاذن بعد وجوبه عليه وتعينه لم يؤثر رجوعهما ولو كانا كافرين
فأسلما ومنعاه فإن كان بعد وجوبه وتعينه عليه لم يعتد بمنعمهما وان كان قبله وجب عليه الرجوع مع المكنة وكذا البحث في الغريم إذا
اذن للمدين في الجهاد ثم رجع عن الاذن ولو اذن له والداه وشرطا عليه أن لا يقاتل فحضر القتال تعين عليه ولم يعتد
بشرطهما لأنه صار واجبا عليه فلا طاعة لهما في تركه ولو خرج بغير اذنهما فحضر القتال ثم بدا له الرجوع لم يجر ذلك. مسألة: قد
بينا انه لا جهاد على العبد وان اذن له مولاه صح والا لم يجز ولو اذن له ثم رجع عن الاذن كان حكمه حكم رجوع الأبوين وقد سلف
والمراة لا جهاد عليها ويجوز لها ان تخرج لمعونة المسلمين على ما قلناه بشرط اذن الزوج لها في ذلك فقد سلف. مسألة: لو خرج
إلى الجهاد ولا عذر له فتجدد العذر فإن كان قبل أن يلتقيا الرجعان كان كوجوده قبل خروجه ان كان العذر في نفسه كالمرض وشبهه يجز في
الرجوع والمضي وان كان في غيره مثل ان يرجع صاحب الدين الحال في اذنه والأبوان فيه أو مسلم الأبوان لم يمنعا به فوجب عليه الرجوع
الا ان يخاف على نفسه وان حدث بعد التقاء الزحفين فإن كان العذر في نفسه قال الشيخ (ره) كان له الانصراف وهو أحد قولي الشافعي
لأنه لا يمكنه القتال فكان له الانصراف وقال في الاخر ليس له الانصراف لأنه كان مخيرا قبل التقاء الزحفين فوجب ان يتعين بعد التقاء الزحفين
ولا جامع هنا ولو كان العذر في غيره كرجوع الغريم والأبوين قال الشيخ (ره) ليس له الرجوع لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم
فئة فاثبتوا ولأنه رجوعه وبما كان فيه كثير المسلمين فلا يجوز له الرجوع وهو أحد قولي الشافعي فقال في الاخر له الرجوع ان الثبات
فرض وحق الغريم فرض وهو السابق وكان أولى وليس بجيد لان الغريم أسقط حقه من المنع. مسألة: ويستحب له ان يتجنب قبل
أبيه المشرك لقوله تعالى وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفا وكف النبي صلى الله عليه وآله
حذيفة عن قتل أبيه ويجوز له قتله ولو ظهر منه ما لا يجوز التصبر عليه جاز قتله كسب الله تعالى ورسوله والأئمة عليهم السلام فقد
روي أن ابا عبيدة قتل أباه حين سمعه سب رسول الله صلى الله عليه وآله لم قتله قال سمعته يسبك فسكت عنه.
البحث السادس: في الرباط. مسألة:
الرباط فيه فضل كثير وثواب جزيل ومعناه الإقامة عند الشعر لحفظ المسلمين واصله من رباط الخيل لان هؤلاء يربطون خيولهم كل قوم بعد
آخرين فسمي المقام بالثغر رابطا وإن لم يكن خيل وفضله متفق عليه روي سلمان رحمه الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول
رياط الخيل ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه فان مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل واجري عليه رزقه وأمن الفتان وعن فضالة بن عبيد
ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال كل ميت يختم على عمله الا المرابط في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان الفترة
مسألة: وللرباط طرفان في القلة والكثرة فطرف القلة ثلاثة أيام وطرف الكثرة أربعون يوما فان جاوز الأربعين كان جهادا
وثوابه ثواب المجاهدين ولم يكن رباطا اما طرف القلة فاختار الشيخ رحمه الله تعلى وهو قول علمائنا وقال احمد لا طرف له في القلة لنا ان مفهومه
انما يصدق بثلاثة أيام غالبا فان المختار في الثغر أو من اقامه به ساعة ميلا لا يقال له في العرف انه مرابط ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن
مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الرباط ثلاثة أيام وأكثره أربعون يوما فإذا جاز ذلك فهو جهاد واما طرف الكثرة
فمتفق عليه لما قدمناه من حديث زرارة ومحمد بن مسلم عنها عليهما السلام وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال تمام الرباط أربعون يوما
مسألة: وانما يستحب المرابط استحبابا مؤكدا في حال ظهور الإمام عليه السلام اما في حال عيبته فإنها مستحبة أيضا استحبابا غير
مؤكد لأنها لا تتضمن قتالا بل حفظا واعلاما وكانت مشروعة حال الغيبة وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا لشدة الحاجة هناك
وكثرة أنفع بمقامه وكل موضع يعقل للمسلمين يستحب للرجل ان يعتمر به وبأهله وروي عن يونس بن أبي الحسن عليه السلام في حديث قال فليرابط
ولا يقاتل قلت مثل قزوين وعسقلان والديلم وما أشبه هذه الثغور قال نعم وروى الجمهور عن الأوزاعي قال أتيت المدينة فسألت من
فيها من العلماء فقيل محمد بن المنذر ومحمد بن كعب الفرطي ومحمد بن علي بن عبد الله بن العباس ومحمد بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر عليهم السلام
فقلت والله لابد ان به لهم قبلهم إليه فدخلت إليه فأخذ بيدي فقال من أين إخواننا أنت قلت من أهل الشام قال من أيهم قلت من أهل دمشق قال حدثني
أبي عن جدي عن رسول الله قال يكون للمسلمين ثلاث معاقل فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي يكون لعمق أنطاكية دمشق ومعقلة
902

من الرجال بيت المقدس ومعقلهم من يأجوج ومأجوج طور سيناء إذا ثبت هذا فان رابط حال ظهور الإمام باذنه وسوغ له القتال
جاز له ذلك وان كان متسترا أو لم يسوغ له المقابلة لم يجز له القتال ابتداء بل يحفظ الكفار من الدخول إلى بلاد الاسلام ويعلم المسلمين
بأحوالهم وإرادة دخولهم إليهم ان أرادوا ذلك ولا يبدهم بالقتال فان قاتلوهم جاز له قتالهم ويقصد بذلك الدفاع عن نفسه وعن
الاسلام ولا يقصد به الجهاد. مسألة: يكون له نقل الأهل والدابة إلى الثغور المخوفة لجواز استيلاء الكفار عليهم وظفر العدو
بالذراري والنسوان مع ضعفهم عن الهرب والحرب أو احتاجوا إليهما ولو عجز عن المرابطة بنفسه فرابط فرسه
وغلامه أو جاريته وأعان المرابطين
فان له في ذلك ثواب عظيم وينبغي لأهل الثغور ان يجتمعوا في المساجد الصلاة لأنه ربما جاءهم الكفار دفعة فخافوا لسبب كثرتهم ويستحب
الحرس في سبيل الله قال ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله) يقول عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت
تحرس في سبيل الله أفضل من الف ليلة قيام ليلها وصيام نهارها وعن سهيل بن الحنظلة انهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم
حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية قال من يحرسنا الليلة قال انس بن مريد العنوي انا يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال فاركب
فركب فرسا له فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ولا تعرف من قتلك الليلة فلما
أصبحنا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مصلاه فركع ركعتين ثم قال هل جئتم فارسكم قالوا لا فنودي بالصلاة فجاء رسول
الله صلى الله عليه وآله يصلي وهو يلتفت إلى الشعب حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله صلاته وسلم قال أبشروا قد جاء فارسكم
فإذا بتوقد قد جاء حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وآله فقال إني انطلقت حتى كنت في أعلا هذا الشعب حيث امر ني رسول الله
صلى الله عليه وآله فلما أصبحت اطلعت الشعبين كلاهما فنظرت فلم أر أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هل نزلت الليلة قال
لا الا مصليا أو قاضي حاجة فقال لرسول الله (صلى الله عليه وآله قد أوجب فلا عليك أن لا يعمل بعدها. مسألة: لو نذر
المرابطة وجب عليه الوفاء به سواء كان الامام ظاهرا أو مستترا لأنه طاعة قد نذرها فيجب عليه الوفاء به كغيره من الطاعات عير انه لا يبدء العدو
بالقتال ولا يجاهدهم الا على وجه الدفع عن الاسلام والنفس لان البداءة بالقتال انما يجوز مع اذن الامام لقول أبي عبد الله عليه السلام
يرابط ولا يقاتل فان خاف على بيضة الاسلام والمسلمين قتاله فيكون قاله لنفسه لا للسلطان لان في درس الاسلام درس ذكر
محمد صلى الله عليه وآله إذا عرفت هذا فلو نذر ان يصرفه شيئا من ماله إلى المرابطين في حال ظهور الإمام وجب عليه الوفاء به وان
كان في حال استتاره قال الشيخ (ره) لا يجب الوفاء بالنذر بل يصرفه في وجوه البر وقال ابن إدريس يجب عليه الوفاء به اما الشيخ (ره)
فله ان يحتج بما رواه علي بن مهزيار قا ل كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام اني كنت نذرت نذرا منذ سنين ان اخرج
إلى ساحل من السواحل البحر ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة نحو مرابطهم بحدوده وغيرها من سواحل البحر افترى جعلت فداك
انه يلزمني الوفاء به أولا يلزمني افتدى للخروج إلى ذلك الموضع بشئ من أبواب البر لأصير إليه انشاء الله فكتب إليه بخطه وقر انه ان
كان سمع منك نذرك أحد المخالفين فالوفاء به ان كنت تخاف شنعته الا فاصرفنا ما قويت من ذلك في أبواب البر وقضاء الله وإياك
لا تجب وترضاه احتج ابن إدريس بأنه منذر في طاعة فيجب الوفاء به ولان النذر ان بطل لم يجب صرف المال في البر وان صح لزمه
صرفه في جهته المعينة في النذر وقول ابن إدريس قوى ثم قال الشيخ (ره) الا ان يخاف الشنعة من تركه فيجب عليه صرفه
إلى المرابطة وهو استناد إلى رواية ابن مهريار. مسألة: لو اجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة فإن كان اللوام بظاهر أوجب عليه
الوفاء به لأنها إجارة على فعل طاعة فصحت ولزمت كما لو استأجر للجهاد ولو كان في حالة الامام واستتاره الإمام عليه السلام قال الشيخ
يلزمه الوفاء به ويرد عليه ما اخذه فان لم يجد فعلى ورثته فان لم يكن له ورثة لزمه الوفاء به ومنع ابن إدريس ذلك وأوجب عليه الوفاء به ولزوم
الإجارة في الحالين وهو الوجه عندي غير أنه لا يقصد الجهاد الدعاء إلى الاسلام لأنه مخصوص بالامام أو من يأذن له الامام بل يقصد الدفاع
عن نفسه عن الاسلام ومتى قتل المرابط شهيدا وثوابه ثواب الشهداء وفي رواية عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
جعلت فداك ما يقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور قال فقال الويل يتعجلون قبله في الدنيا وقبلة في الآخرة والله ما الشهداء
الا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم وهي غير معارضة للما قلناه لأنها تدل بمفهومها على أن المراد من رابط وهو على غير الاعتقاد
الذي ينبغي.
المقصد الثاني: في بيان من يجب جهاده وكيفية الجهاد وفيه مباحث: الأول من جيب جهاده:
الذي يجب جهادة أصناف ثلاثة. الأول: البغاة على المسلمين من أهل الاسلام. الثاني: أهل الذمة وهم اليهود والنصارى والمجوس إذا أخلوا
بشرايط أهل الذمة. الثالث: من عدا هؤلاء من أصناف الكفار قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا
بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى امر الله وقال تعالى وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا
903

باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
وقال تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقال تعالى فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فهذا الآيات تدل
على وجوب جهاد الأصناف التي ذكرنا وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال من أعطى اما ضعيفه يده وثمرة قلبه فليعطه
ما استطاع فان جاء اخر فنازعه فاضربوا عنق الاخر روى أبو بريدة قال كان النبي (صلى الله عليه وآله إذا بعث أمير على سريته أو جيش
امره بتقوى الله في خاصته وبمن معه من المسلمين وقال إذا التقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فإنهم ان أجابوك
فاقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى الاسلام فان أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم فان هم أبوا فادعهم إلى عطاء الجزية فان أجابوك فاقبل منهم
وكف عنهم فان أبوا فاستعن بالله عليهم قاتلهم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال سال رجل عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام وكان السائل متعجبا قال له أبو جعفر عليه السلام بعث الله محمد صلى الله عليه وآله بخمسة أسباب ثلاثة
منها شاهرة لا نعمة الا ان تضع الحرب أوزارها حتى مطلع الشمس من معه بها فيومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل وسيف
منها مكفوف وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا انا السيوف ثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب قال الله تعالى اقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم فهؤلاء لا يقبل منهم الا القتل أو الدخول في الاسلام والسيف الثاني على أهل الذمة قال الله تعالى قاتلوا الذين لا
يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر وهؤلاء لا يقبل منهم الا الجزية أو القتل والسيف الثالث سيف على مشركي العجم يعني الترك
وا لخزر والديلم قال الله تعالى فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فهؤلاء لا يقبل منهم الا القبل أو الدخول في الاسلام ولا يحل لنا
نكاحهم ما داموا في الحرب واما السيف المكفوف على أهل البغي والتأويل قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
إلى قوله حتى تفيئ إلى امر الله فلما نزلت هذه الآية قال ر سول الله صلى الله عليه وآله ان منكم من يقاتل خاصف النعل يعنى أمير المؤمنين (عليه السلام قال عمار بن ياسر قابلت هذه الرواية مع رسول الله
صلى الله عليه وآله ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغون الشعبات من هجر لعلمنا انا على الحق وانهم لعلى الباطل وكانت السترة
عن أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة يوم فتح مكة فإنه لم يسب لهم ذرية وقال من أغلق بابه
والقى سلاحه أو دخل دار أبي سفيان فهو امن كذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام فيهم لا تسبوا لهم ذرية ولا تتموا على جريح ولا تتبعوا مدبرا
ومن أغلق بابه والقى سلاحه فهو امن واما السيف المغمود الذي يقام به القصاص قال الله تعالى النفس بالنفس الآية فسله إلى أولياء
المقتول حكم إلينا فهذه السيوف التي بعث الله تعالى نبيه صلى الله على واله فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها واحكامها
فقد كفر بما انزل الله تعالى على محمد صلى الله عليه وآله. مسألة: كل من يجب جهاده فالواجب على المسلمين النفور إليهم اما لكفرهم
أو لقتلهم إلى الاسلام فان بدوا القتال وجب جهادهم بحسب المكنة وأقله كل عام مرة لان الجزية تجب على
أهل الذمة كل عام وهي بدل النصر فكذلك مبدلها وهو الجهاد فيجب في كل عام مرة ولان تركهم أكثر من ذلك يوجب تقويتهم
وظهور شوكتهم ولو اقتضت المصلحة التأخير عن ذلك جاز نظرا إلى المصلحة وذلك بان يكون المسلمين ضعف في عدد أو عدة أو يكون
الامام منظر المد ولتعيين به على جهادهم أو يكون الطريق إليهم ممنوعا أو لا علف فيها أو لا ماء بها أو يعلم الامام من العدو الرغبة
في الاسلام ان اخر قتالهم ويعلم ان قتالهم ينفرهم عن ذلك أو غير ذلك من المصالح فيجوز تأخير الجهاد وتركه حال بهدنة وبغير
هدنة فان النبي صلى الله عليه وآله) صالح قريشا عشر سنين واخر قتالهم حتى نقضوا عهده واخر قتال قبايل العرب بغير هدنة
وكما أنه يجوز التأخير عن الجهاد في كل عام فكا يجوز المهادنة الا الامام ومن يأذن له على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. مسألة: وانما
يجوز قتال المشركين بعد دائهم إلى محاسن الاسلام من التزامهم بشرايعه فان فعلوا والا قوتلوا والداعي انما يكون الامام أو
من نصبه لحديث بريدة عن النبي (صلى الله عليه وآله انما كان إذا بعث أمير قال إذا ألقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث
خصال فان هم أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم وادعهم إلى الاسلام فان أجابوك فاقبل منهم الحديث ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ (ره) عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى اليمن فقال يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه إلى وأيم الله لان يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه يا علي ولان الغرض من الحرب هو ادخالهم في الاسلام وانما يتم بالدعاء إليه. مسألة: وصورة الدعاء ان يطلب منهم الانقياد إلى الالتزام
بالشريعة والعمل بها والإسلام وما تعبدنا الله تعالى به ويستحب ان يدعوهم لما رآه الشيخ عن سليمان بن داود النقري عن سفيان عن الزهري
904

قال دخل رجل من قريش على علي بن الحسين عليه السلام فسأله كيف الدعوة إلى الدين فقال يقول بسم الله أدعوك إلى الله والى دينه جماعة أمران أحدهما
معرفة الله والاخر العمل برضوان الله وان معرفة ا لله ان تعرف بالوحدانية والرأفة والرحمة والعزة والعلم والقدرة والعلو علس كل شئ وانه المانع
الضاد القاهر لكل شئ الذي لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وانه ما جاء
به هو حق من عند الله وما سواه هو الباطل فإذا أجابوا إلى ذلك فلهم ما للمؤمنين وعليهم ما على المؤمنين.
مسألة: والكفار على قسمين
أحدهما بلغتهم الدعوة وعرفوا ببعثة الرسول صلى الله عليه وآله وانهم مكلفون بتصديقه والاخر لم تبلغهم الدعوة فالثاني لا يجوز قتالهم الا بعد الدعاء إلى الاسلام و
محاسنه واظهار الشهاد تين والاقرار بالتوحيد والعدل والنبوة وإقامة جميع الشرايع الاسلام فان أجابوا والا قتلوا لقوله لعلي عليه السلام
يا علي لا يقاتل أحد حتى تدعو والأول يجوز قتالهم ابتداء من غير أن يدعوهم الامام إلى الاسلام لأنه معلوم عندهم أو قد بلغتهم دعوة النبي
وعلموا انه يدعوهم إلى الايمان والاقرار به وان من لم يقبل منه قاتله ومن قبل منه فهؤلاء حرب للمسلمين مثل الروم والترك والزنج والخزر
وغيرهم من أصناف الكفار الذي بلغتهم الدعوة وسواء كان الكافر الذي بلغته الدعوة حربيا أو ذميا فإنه يجوز قتاله ابتداء من غير دعاء لان النبي أغار على بني المصطلق وهم غازون آمنون وإبلهم تسقي على الماء قال سلمة بن الأكوع أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله فغزونا ناسا من المشركين فبينا
والدعاء أفضل لما رواه الجمهور ان النبي امر عليا عليه السلام حين أعطاه الراية يوم خيبر وبعثه إلى قتالهم وهم ممن بلغته الدعوة
ودعا سلمان أهل فارس ودعا علي عليه السلام عمر بن ود العامري فلم يسلم مع بلوغه الدعوة من طريق
الخاصة ما رواه الشيخ عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما بعث النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى أهل اليمن قال يا علي لا يقاتل أحدا حتى يدعوه وهو عام. فرع: لو نذر انسان
قتل واحد من الكفار وقبل بلوغ الدعوة إليه أساء ولا قود عليه ولا دية عملا بالأصل هذا اختيار الشيخ (ره) وبه قال أبو حنيفة واحمد قال
بان الغضبان المالكي هو قياس قول مالك وقال الشافعي يجب ضمانه لأنه كافر أصلي محقون الدم لحرمته فوجب ضمانه كالذمي والجواب الفرق
فان الذي قد التزم القبول الجزية فحرم قتله اما ههنا فلم يعلم ذلك منه فلا يجب الضمان لأنه كافر لا عهد له فلا يجب ضمانه كالحربي. مسألة:
الكافر على أصناف ثلاثة أحدها من له كتاب وهم اليهود والنصارى لهم التوارة والإنجيل فهؤلاء يطلب منهم أحد الامرين اما الاسلام أو الجزية
فان أسلموا فلا بحث وان امتنعوا وبذلوا الجزية اخذت منهم وأقروا على دينهم بلا خلاف قال الله تعالى الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم
الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ودين الحق أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون الثانية: من لهم شبهه
كتاب وهم المجوس فإنه قد كان لهم نبي قتلوه وهؤلاء حكمهم حكم أهل الكتاب ان أسلموا والا طلب منهم الجزية فان بذلوها أقروا على
دينهم واخذت منهم بلا خلاف أيضا لقوله عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب الثالثة: من لا كتاب له ولا شبهه كتاب كعقيدة الأوثان والنيران
ومن لا دين له يتدين وبالجملة كل من عد الأصناف الثلاثة من الكفار فإنه لا يقبل منهم الا الاسلام فان أجابوا والا قتلوا ولو بذلوا
الجزية لم يقبل منهم ذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الراويتين وقال أبو حنيفة يقبل من العرب الا الاسلام وهو
رواية عن أحمد وحكى عن مالك ان الجزية يقبل من الجميع الا الكفار والا كفار قريش اما عموم قوله تعالى اقتلوا المشركين كافة وعموم قوله
عليه السلام أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله خرج عنهما أهل الذمة لقوله تعالى من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية
عن يد وهم صاغرون والمجوس لقوله عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب فيبقى ما عداهما على مقتضى العموم ولان الصحابة توقفوا في اخذ
الجزية من المجوس هجروا حتى روي لهم عبد الرحمن بن عوف قوله (عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب وثبت عندهم ان النبي صلى الله عليه وآله اخذ
الجزية من مجوس هجر وإذا كان الحال من له كتاب هذا دل على أنهم لم يقبلوا الجزية ممن سواهم بطريق الأولى ولا ن قوله عليه السلام سنوا
بهم سنة أهل الكتاب يقتضي تخصيص أهل الكتاب بأخذ الجزية إذا لو شاركهم غيرهم لم يختص الإضافة بهم ولان كفرهم أغلظ وأشد لانكارهم الصانع وبرسله اجمع
ولم يكن لهم شبهة فلا يساوون من له كتاب واعتراف بالله تعالى كالمرتد احتج أبو حنيفة بأنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق فأقروا
بالجزية كاهل الكتاب والمجوس احتج مالك بقوله عليه السلام في حديث بريدة إذا بعث أمير المؤمنين على جيش أو بسرية قال له إذا التقيت عدوك فادعهم
إلى إحدى ثلاث خصال من جملتها الجزية وهو عام في شرك ولأنهم كفار فيقبل منهم الجزية كالمجوس والجواب عن الأول بالفرق بين المقاس
والمقيس عليه فان أهل الكتاب لهم كتاب يتدينون والمجوس لهم شبه كتاب روى الشيخ عن أبي يحيى الواسطي قال سئل أبو عبد الله (ع) عن المجوس
فقال كان لهم نبي قتلوه وكتاب أحرقوه اتاهم نبيهم بكتابهم في اثنا عشر جلد ثور وكان يقال له جاء هامت والشبهة يقوم مقام الحقيقة
فيما بنعي على الاحتياط فحرمت دماؤهم للشبهة بخلاف من لا كتاب له ولا شيه كتاب ويمنع اقرارهم على دينهم بالاسترقاق وحديث بريدة مخصوص
باهل الذمة إذا ثبت هذا فإن كان المشركون ممن لا يؤخذ منهم الجزية قان الأمير يعرض عليهم الاسلام فان أسلموا حقنوا دمائهم وأموالهم
وان أبوا قاتلهم وسبى ذراريهم ونسائهم وأموالهم وقسمها على ما يأتي وان كانوا ممن يؤخذ منهم الجزية دعاهم إلى الاسلام فان أجابوا كف عنهم
905

وان أبوا دعاهم إلى اعطاء الجزية فان بذلوها قبل منهم وان امتنعوا قاتلهم وسبى ذراريهم ونسائهم وغنم أموالهم وقسمها على المستحقين. البحث
الثاني في المقاتلين مع الامام. مسألة: قد بينا انه يجب على كل مكلف حر ذكر غيرهم ولا مريض ولا أعرج الجهاد على الكفاية
ويتعين إذا عينه الإمام العادل هذا إذا كان الجهاد للدعاء إلى الاسلام أما إذا كان للدفع بان يدهم المسلمين عدو يخشى فيهم على بيضة الاسلام فإنه يجب
على كل متمكن الجهاد سواء اذن الامام أو لم يأذن للدفع عن النفس والإسلام ويجب على المقل والمكثر التعسر ولا يجوز لاحد التخلف الا مع الجاجة
إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال ومن يمنعه الامام من الخروج أو القتال لقوله تعالى انفروا خفافا وثقالا وقوله عليه السلام إذا
استنفرتم فانفروا وقد ذم الله تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب بقوله يستأذن فريق منهم المشي يقولون ان بيوتنا
عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرار وإذا ثبت هذا فان أمكن استخراج اذن الامام في الخروج إليهم وجب اذنه لأنه اعرف وأمر الحرب موكول
إليه لعلمه بكثرة العدو وقلته ومكان العدو وكيده فيرجع إليه لأنه أحوط للمسلمين ولو لم يكن استيذانه لغيبته ومفاجآت العدو لم يجب
استيذانه ووجب الخروج إلى القتال. مسألة: إذا نودي بالنفر والصلاة فإن كان العدو بعيد ممكن الجمع بين الصلاة والخروج
صلوا ثم خرجوا ولو كان بالقرب بحيث يخشى من التأخير بالصلاة خرجوا وصلوا على ظهور دوابهم وكان النفر أولى من الصلاة جماعة وقد
نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله غسيل الملائكة وهو جنب يعنى حنظلة بن الراهب ولو كانوا في الصلاة أتموها ولو كان خطبة الجمعة
أتموها ولو نادى الامام بالصلاة جامعة لأمر يحدث فيتشاوروا فيه لم يتخلف أحد لعذر ولا ينبغي ان ينفر الخيل ان عن حقيقة الامر
ولا ينبغي لهم ان يخرجوا مع قد بد معروف بالهرب وتضييع المسلمين لاشتماله على الضرر الذي لا يتدارك وينبغي ان يخرجوا مع من له ثقة
ونظر على المسلمين ولو كان القائد معروفا بشرب الخمر أو غيره من المعاصي وهو شجاع جاز النفور معه لقوله عليه السلام ان الله ليؤيد هذا الدين
بالرجل الفاجر هذا كله مع الحاجة إلى النفير من غير ا الإمام العادل اما مع عدم الحاجة فلا يجوز على حال. مسألة: ولا ينبغي
للامام ان يخرج معه من يخذل الناس ويثبطهم عن الغزو ويزيدهم في الخروج إليه في القتال كمن يقول الحر شديد أو البرد والمشقة
شديدة ولا يؤمر هزيمة هذا الجيش ولا المرجف وهو الذي يقول هلكت سرية المسلمين ولا مدد لهم ولا طاقة بالكفار والكفار أكثر
منكم ولهم قوة ومدد وصبر لا يقوى بهم أحد ولا يثبت بهم مقاتل ولا يجوز ذلك معين من المسلمين بالتجسس للكفار ومكاتبتهم باخبار
المسلمين واطلاعهم على عوراتهم وأبوا جاسوسهم والامر يوقع العداوة بين المسلمين ويسعى بينهم بالفساد لقوله تعالى ولكن كره الله
انبعاثهم فيثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ولان فيهم ضررا على
المسلمين فيلزم الامام منعهم من الخروج لو خرج واحد من هؤلاء لم يسهم له ولا يوضح أو ضحية وان أظهر مؤنته المسلمين لأنه أظهره
نفاقا والسهم انما يستحقه من يعاون المسلمين ولو كان الأمير أحد هؤلاء لم يخرج الناس معه لأنه إذا كان متبوعا من استصحابه والثاني
أولى لأنه ضرره أكثر. مسألة: قد بينا انه يجوز استصحاب النساء لمداوات الجرحى ومعالجتهم وغيرهم ذلك من المصالح إذا ثبت
هذا فإنما يستحب اخراج العجائز اما لثواب فيكره اخراجهن إلى ارض العدو لأنه لا لا فايدة لهن في الحرب لاستيلاء الخير عليهن والا يؤمن
ظفر المشركين بهن فينالون منهن الفاحشة وقد روى جشوح بن زياد عن جدته أم أبيه انها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة
حنين سادسة ست نسوة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله فبعث إلينا فجئنا مريبا فيه الغضب فقال مع من خرجن فقلنا يا رسول الله خرجنا
يعزل الشعر ويعنى به في سبيل الله ومعانة الجرحى وتناول السهام ويبقى السويق قال فهو حتى إذا فتح الله خيرا أسهم لنا كما أسهم للرجال
فقلت لها يا جد ة ما كان ذلك قالت هن اما العجائز والطاعن في السن إذا كان فيهن نفع كسعي الماء ومعالجة الجرحى فلا بأس به وان أم سلمة
وسبية بن كعب يغزون مع النبي صلى الله عليه وآله يسقي الماء ومعالجة جرحا وقال انس كان النبي صلى الله عليه وآله يغزو بأم سلمة
ونسوة معها من الأنصار ويسقين الماء ويداوين الجرحى ولو احتاج إلى اخراج الشابة منهن جاز اخراجها فان النبي صلى الله عليه وآله
خرج بعايشة في غزوات وهذا مخصوص بالأمير اما الرعية فتشتد الكراهية في حقهم. مسألة: يجوز للامام ان يستعين باهل
الذمة في الحرب الكفار بشرطين. أحدهما: ان يكون في المسلمين قلة وحاجة إليهم. والثاني: بان يكون ممن يؤمنوا لما رواه ابن عباس
ان النبي صلى الله عليه وآله استعان بيهودي سقاع ووضع لهم واستعان بصفوان بن أمية على حرب هو اذن قبل اسلامه اما مع فقد أحد الشرطين فلا
يجوز لقوله عليه السلام انا لا نستعين بالمشركين على المشركين وانما أراد به عليه السلام مع فقد أحد الشرطين ولأنهم مع عدم الحاجة إليهم
مغضوب عليهم فلا تحصل النصرة بهم ومع عدم امنهم لا يجوز استصحابهم لأنا منهم الخاذل والمرجف من المسلمين فمن الكفار أولى إذا ثبت هذا فان
الشافعي وافقنا على ذلك ومنع ابن المنذر من الاستعانة بالمشركين مطلقا وعن أحمد روايتان لما روته عايشة قالت خرج النبي صلى الله عليه وآله
إلى بدر حتى إذا كان بالحرة الوتر أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه حواء ونحوه فسره المسلمون فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله جئت لاتبعك
906

وأجيب معك فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أتؤمن بالله ورسوله قال لا قال فارجع فلن نستعين لمشرك ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى إذا كان بالبيداء أدركه ذلك الرجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أتؤمن بالله ورسوله قال نعم قال فانطلق وعن
حبيب قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله انا ورجل من قومي وهو يريد غزوة ولم يسلم فقلنا انا نستحي ان يشهد قومنا مشهدا لا
يشهد معهم قال فأسلما قلنا لا قال فانا لا نستعين بالمشركين على المشركين قال فأسلمنا وشهدنا معه ولأنه غير مأمون على
المسلمين فأشبه الجدل والجواب على الحديثين انهما محمولان على حالة الاستعباء أو على من خذل ولا يؤمن أو أن النبي صلى الله عليه وآله
إذا قال لك أسلموا فقال (عليه السلام) مريدا به إحدى الحالتين من غير ايضاح حتى يسلم أو أن يكون منسوخا فإنه (عليه السلام استبعد ذلك
ببني قينقاع إذا ثبت هذا فإنه عليه السلام يوضح لهم ولا يبلغ بهم فهم المجاهدين المسلمين. مسألة: ينبغي لامام عليه السلام ان يرفق بأصحابه
في السير وسيرتهم سير أضعفهم لئلا يشق عليهم الا مع الحاجة فيجوز كما جد النبي صلى الله عليه وآله في السير جدا شديدا خبر بلغه قول عبد الله بن ا بي
ليخرجن الأعز منها الأذل فلا يميل الأمير مع موافقته في المذهب والنسب على مخالفته فيه لئلا يكسر قلوب غيرهم لونه عند الحاجة فينبغي
ان يستشير أصحابه من ذوي الرأي لقوله تعالى وشاورهم في الامر ويتخير لأصحابه المنازل الجيدة وموارد الماء ومواضع العشب ويجمل
من نفقة دابته إذا كان معه أو مع أصحابه فضل ولو خاف رجل اخر لموت دابته قيل بجب عليه بذل فضل مركوبه له ليهدي به صاحبه كما يجب
عليه بذل فاضل الطعام للمضطر وتخليصه من عدوه ولا بأس بالعقبة بان يكون الفرس الواحد لشخصين يتعاقبان عليه لما فيه ممن المعونة و
الارفاق.
البحث الثالث في كيفية القتال. مسألة: الجهاد موكول إلى نظر الامام واجتهاده ويلزم الرعية
طاعته كما يراه وينبغي له ان يبدأ بالترتيب قوم على أطراف البلاد رجالا يكفون من ما ر أيهم من المشركين وما من يعمل حصون لهم وحفر
خنادق وجميع ما فيه مصلحة لهم ليجز ثبوتها من المشركين ويحفظوا المسلمين وينبغي له ان يجعل في كل ناحية
أمير يقلد ه امر الحرب وتدبير الجهاد
يكون ذا أمانة ورفق ونصح للمسلمين ورأي في التدبير وعقل وقوة وشجاعة ومكايدة العدو لأنه لا يؤمن على الأطراف من المشركين
فوجب حرا ستهم بما ذكرناه ولو احتاجوا إلى المد استحب للامام ترغيب الناس في المقام عندهم والتردد إليهم كل وقت ليأمنوا فساد المشركين
ويستغنوا ما يأخذونه بالجيوش الكثيرة والأموال العظيمة فان رآه الامام بالمسلمين فلا يحتاج معها إلى المهادنة
كان الأفضل لأنه واجب على الكفاية والاكثار فيستحب. مسألة: وينبغي للامام ان يبدأ بالقتال من يليه من المشركين لقوله تعالى
يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ولان الأقرب أكثر ضررا في قتال دفع الضرر عن المقاتل وعمن رآه والاشتغال عنه فالعبد
يمكنه من انتهاز الفرصة في المسلمين لاستغنائهم عنه وقد روي الشيخ عن عمران بن عبد الله القمي عن جعفر بن محمد عليه السلام في قول الله
عز وجل قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وقال الديلم إذا ثبت هذا فإن كان الا بعد أشد خطرا أو أعظم ضررا كان الابتداء بقتاله أولى ولو كان
عربيا وأمكنه الفرصة من الأبعد أو كان الأقرب مهادنة أو وضع من قاتله مانع جازت البداءة به أيضا لكونه موضع الحاجة إذا عرفت هذا
فان الامام تربص بالمسلمين إذا كان منهم قلة وضعف ويؤخر الجهاد حتى يشتد امر المسلمين فإذا اشتدت شوكتهم وجب عليه المبادرة إلى
الجهاد. مسألة: إذا التقتا الفئتان وجب الثبات وحرم الفرار لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار
وقال يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا وقد وعد النبي صلى الله عليه وآله الفرار من الزحف من الكباير إذا عرفت هذا فإنما يجب الثبات
بأمرين. أحدهما: أن لا يزيد الكفار على الضعف من المسلمين فإذا زادوا لم يجب الثبات لقوله تعالى الآن خفف عنكم وعلم فيكم
ضعفا فإن كان منكم مائة صا برة يغلبوا مأتين وهذا خبر في الصورة وأمر في المعنى لأنه لو كان خبر حقيقيا لم يكن رد من عليه الواحدة بالعشر إلى
غلبة الاثنين تحقيقا ومتى لم يزيدوا على الضعف وجب الثبات للآية وقد كان بالواجب ثبات الواحد للعشرة قال ابن عباس من فر من اثنين فقد فر ومن
فز من ثلاثة فما فر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسن ين صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان يقول من فر من رجلين في القتال
فر من الزحف ولو قصد التحرف للقتال أو المتخير فإنه ما لم يكن فارا من الزحف كان سايغا المعنى التحرف للقتال ان يتجاوز إلى موضع يكون
أمكن للقتال كاستدبار الشمس أو الريح أو يرتفع عن هابط أو يمضي إلى موارد المياه من المواضع العطش أو يفر من بين أيديهم لينقض
صفوفهم أو ينفر من الخيالة من الرجالة أو لتجد فيهم فرصة أو ليستند إلى حبل أو غير ذلك من الأسباب أو المصالح التي عادة إلى حيل أو غير
ذلك من الأسباب أو المصالح التي جرت عادة أهل الحرب بها واما التحيز إلى فئة من المسلمين ليكون معهم فيقوى بهم على
907

عدوهم سواء بعدت المسافة أو قصرت وسواء كانت الفئة قليلة أو كثيرة عملا بالعموم. فروع، الأول: لو غلب على ظنه الهلاك لم يجز الفرار
لقوله تعالى إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار وقيل يجوز لقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والأول أقوى لقوله تعالى
إذا لقيتم الذين فئة فاثبتوا. الثاني: لو غلب على ظنه الأسر فالأولى ان يقاتل حتى يقتل ولا يسلم نفسه للأسر فيفوز بثواب الله تعالى ودرجة
الشهادة ويسلم من حكم الكفار عليه بالتعذيب والاستخدام والفتنة. الثالث: لو زاد المشركون على الضعف من المسلمين لم يجب الثبات
اجماعا ولو غلب على ظن المسلمين الظفر استحب لهم الثبات لما فيه من المصلحة ولا يجب لأنهم لا يؤمنون العطب ولان الحكم الجواز الفرار علق على
مظنته وهو كون المسلمين أقل من نصف العدو ولهذا لزمهم الثبات إذا كانوا أكثر من النصف ولو غلب على ظنهم الهلاك فيه. الرابع: لو
زاد المشركون على النصف وغلب على الظن العطب قيل لا يجب الانصراف إذا آمنوا معه لقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقيل لا يجب
لان لهم غرضا في الشهادة وهو حسن وكذا القول فيمن قصده رجل فغلب على ظنه انه ان ثبت له قبله فعليه الهرب ولو غلب على ظنهم الهلاك
في الانصراف والثبات فالأولى لهم الثبات لينالوا الشهادة وهم مقبلون على القتال صابرون عليه ولا يكونون من المولين و
لجواز ان يغلبوا لقوله تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين وهل يجب فيه اشكال. الخامس: لو انفرد
اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات لان الثبات للضعف انما يجب إذا تعذر المسلمون فيقوى كل واحد منهم لصاحبه اما مع انفراد المسلم
فقد يزداد ضعفا فلهذا لم يجب وقيل يجب وعليه دلت رواية حسن بن صالح عن الصادق عليه السلام قد مرت. السادس: لو قدم العدو إلى بلد
جاز لأهله التحصن منهم وان كانوا أكثر من النصف ليلحقهم المدد والنجدة ولا يكون ذلك فرارا ولا توليا لان الفرار انما يكون بعد اللقاء
وكذا التولي ولو لقوهم خارج الحصن جاز لهم التحصن إلى الحصن للاستثناء في الآية ولو غزو فذهب دوابهم فليس عدوا لجواز الفرار
لان القتال ممكن للرجال ولو تخيروا إلى الحيل ليقاتلوا فيه وهم رجاله جاز لأنه تحرف لقتال ولو تلف سلاحهم والتجأوا إلى مكان يمكنهم
القتال فيه بالحجارة والتستر بالصخرة ونحوها جاز ولو ولوا (ح) لا بينة القتال بالحجارة والخشب ففي لحوق الاسم بهم نظر لأنهم لا يقدرون في هذه
الحالة على الدفع. السابع: لو القى الكفار نارا في سفينة فيها مسلمون فاشتعلت فيها فان غلب على ظنهم السلامة بالمقام أقاموا وان
غلب بالالقاء بالماء ألقوا أنفسهم وان استوى الأمران قال الأوزاعي هما متساويان فاختر أيهما شئت وقال بعض الجمهور يلزمهم المقام لأنهم إذا رموا
أنفسهم في الماء كان موتهم بفعلهم وان أقاموا فموتهم بفعل غيرهم والأول أقرب. الثامن: ينبغي للامام ان يتقدم إلى من يأمره على الجيش بتقوى
الله والرفق للمسلمين وان لا يحملهم على مهلكة ولا يكلفهم ثقب حصن يخاف من سقوطه عليهم ولا دخول
مطمورة يخشى من قبلهم تحتها فان
فعل شيئا من ذلك فقد أساء ويستغفر الله تعالى ولا يجب عليه عقل ولا دية ولا كفارة إذا أصيب أحد منهم بطاعته لأنه فعله باختياره
ومعرفته فلا يكون ضامنا. مسألة: وينبغي للوالي إذا بعث سرية ان يوصيهم لما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار قال
أظنه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه
ثم يقول سيروا بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تعلوا ولا تميلوا ولا تعذروا ولا تقتلوا شيخا
فانيا ولا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرة الا ان تضطروا إليها واما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظرا رجل من المشركين فهو
جاز حتى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في دينكم فان أبى فأبلغوه مأمنه ثم استعينوا بالله عليه وعن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال إن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد بعث أمير له على سرية امره بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ثم في أصحابه عامة ثم يقول
اغزوا بسم الله وبالله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولا تميلوا ولا تعذروا ولا تفعلوا ولا تقتلوا وليدا ولا مسنا في شاهق ولا تحرقوا
النخل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعا لأنتم لا تدرون لعلكم تخرجون إليه ولا تعقروا البهائم ما يؤكل لحمه الا ما
بدا لكم من اكله وإذا لقيتم من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإنهم أجابوكم إليها فاقبل منهم وكف عنهم وادعهم إلى الاسلام فان
فعلوا قبل منهم وكف عنهم وان أبوا ان يهاجروا اخبارهم وديارهم وأبوا ان يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة اعراب المؤمنين يجرى عليهم
ما يجرى على اعراب المؤمنين ولا يجري لهم الفئ بالقسمة شيئا الا ان يجاهد وافي سبيل الله فان أبوا هاتين فادعوا إلى اعطاء الجزية
عن يد وهم صاغرون فان أعطوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم فان أبوا فاستعن بالله عليهم وجاهدهم في الله حق جهادة وإذا حاصرت
أهل الحضر فان أرادوا ان ينزلوا على حكم الله فلا شرط لهم ولكن أنزلهم على حكمي ثم اقضي فيهم بما بعد لما شئتم فإنكم ان أنزلتموهم لم تدروا
واطلبوا حكم الله فيهم أم لا فإذا حاصرتم أهل حصن فأرادوك ان تنزل على ذمة الله وذمة رسوله فلا تنزلهم ولكن أنزلهم على ذمتكم
وذمم ابائكم واخوانكم فلن لم يجزوا ذمتكم وذمم ابائكم واخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن يخفروا ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله
مسألة: إذا ترك الامام على بلد جاز له محاصرته بمنع السائلة دخولا وخروجا بلا خلاف وقال الله تعالى اقتلوا
908

المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم وحاصر النبي صلى الله عليه وآله أهل الطايف شهرا ولأنهم ربما رغبوا في الاسلام وعرفوا
محاسنة ويجوز ان ينصب عليهم المنجنيق ويرميهم بالحجارة ويهدم الحيطان والحصون والقلاع لان النبي صلى الله عليه وآله نصب على أهل الطايف
منجنيقا ويجوز أيضا نصب الغزاوة ويرمي الرجال ويهدم به الحصون ويقتل الكفار ولان أكثر ما فيه أنه بقتلهم غسله وذلك جايز على ما يأتي
ويجوز نصب المنجنيق والرمي بالحجارة وان كان فيهم نساء أو صبيان لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه نصب على أهل الطايف المنجنيق
وكان فيهم نساء وصبيان ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال كتبت إلى بعض إخواني ان يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن مدينة
من مداين الحرب هل يجوز ان يرسل عليهم الماء أو يحرقون بالنيران أو يرمون بالمنجنيق حتى يقتلوا فيهم ا لنساء والصبيان والشيخ الكبير والأسارى من
من المسلمين والتجار فقال يفعل ذلك ولا بمسك عنهم هؤلاء ولا دية عليهم ولا كفارة ولأنه في محل الضرورة وكان سايغا ونهى النبي صلى الله عليه وآله
قتل النساء والصبيان ومصرف إلى قتلهم لأنه رماهم بالمنجنيق بالطايف. مسألة: لو كان فيهم أسارى مسلمون وخاف
الامام وأصحابه إن لم يرموهم نزل المشركون إليهم؟ وانهم جاز الرمي لأنه في محل الضرورة أو حفظ معه المسلمين أولى ويدل عليه
حديث حفص بن غياث وإن لم يكن خوف ولا هناك ضرورة إلى الرمي نظر المسلمون فان كانوا نفرا يسيرا جاز رمي المشركين لان الظاهر أنه يصيب غيرهم
لكنه يكون مكروها لأنه بما قتل مسلما من ضرورة وان كان المسلمين كثيرين لم يجز رميهم لان الظاهر أنه يصيبهم ولا يجوز قتل المسلمين
لغير ضرورة ولو لم يكن المشركين أحد من المسلمين جاز الرمي مطلقا بكل حال. مسألة: يجوز تخريب حصونهم وبيوتهم لقوله تعالى يخربون
بيوتهم بأيديهم أيدي المؤمنين ولأنه إذا جاز التخريب بيوتهم هذا إذا غلب على ظنه الحاجة إلى ذلك فإنه لا يمكنهم الا بتخريب منازلهم اما لو لم
يحتج إلى ذلك فالأولى لا يفعله ولو فعله جاز لان النبي صلى الله عليه وآله خرب حصون بني النظير وخيبر وهدم ديارهم اما القاء النار إليهم وقذفهم بها
ورميهم بالنفط فإنه جايز مع الحاجة إليه في قول أكثر أهل العلم خلافا لبعضهم لما ان أبا بكر امر بتحريق أهل الردة وفعله خالد بن الوليد بأمره و
من طريق الخاصة رواية حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام احتج المخالف لما رواه حمزة الأسلمي ان رسول الله صلى الله عليه وآله امره على
سرية قال فخرجت فيها فقال إن اخذتهم فلانا فأحرقوه بالنار فوليت فناداني فرجعت فقال إن أخذتم فلانا فاقتلوه ولا تحرقوه فإنه لا يعذب بالنار
الا رب النار فالجواب انه غير دال محل النزاع لان الواجب عندنا قبل الأسير بالسيف اما حرقه فلا يجوز وليس النزاع فيه بل في فتح بلادهم
بالنار. مسألة: وكذا يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل من رمي الحيات القواتل الهم والعقارب وكلما فيه ضرر عليهم وكذا يجوز
تغريقهم بالماء وفتح الفتوق عليهم لكن يكره مع القدرة عليهم بغير خلافا لبعضهم فإنه منع والبحث فيه كما في القاء النار وهل يجوز القاء السم
في بالأدهم الأولى الكراهية ومنع الشيخ (ره) احتج عليه بما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (ان النبي صلى الله عليه وآله نهى
ان يلق السم في بلاد المشركين ولنا انه سبب في الظفر فجاز فعله كالنار والمنجنيق والنهي محمول على
الكراهية. مسألة: ويكره قطع
الشجر والنخل ولو احتاج إليه جاز في قول عامة أهل العلم ومنع منه احمد لقوله تعالى ما قطعتم من لبنة أو تركتموها قائمة فباذن
الله قال ابن عباس اللبنة النخلة غير الجعرور وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قطع الشجر بالطايف ونخلهم قطع النخل نجد وقطع شجر بني
المصطلق وأحرق اما الكراهية فللمكان فملكهم أرضهم تضييعا على المسلمين وما رواه الشيخ في الحسن عن أبي حمزة الثمالي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا بسم الله
إلى قوله ولا تقطعوا شجرا الا ان تضطروا إليها وفي حديث سعد بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال ولا تحرقوا
النخل ولا تغرقوا بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعا لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه. مسألة: ويكره تبيت العدو
عارين ليلا وانما يلاقون بالنهار ولو احتاجوا إلى ذلك فعلوه بهم روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله شن الغارة على بني المصطلق ليلا
ولأنه في مجل ا لحاجة ولان الغرض قتلهم جاز التبييت لأنه بلغ في احتياط المسلمين واما الكراهية فإنما يثبت مع عن التبييت لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله
إذا طرق العدو ليلا لم يغز حتى يصبح ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عباد بن صهيب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ما
يبيت رسول الله صلى الله عليه وآله عدوا قط ليلا إذا ثبت هذا فإنه يستحب القتال بعد الزوال لأنه ربما يحضر وقت الصلاة الظهر فلا يمكنهم
أدائها بخلاف العشائين لأنهم بالليل ينكفون عن القتال ولما رواه الشيخ عن بكير بن العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام لا يقاتل
حتى تزول الشمس وتفتح أبواب السماء وتقبل الرجمة وينزل النصر ويقول هو أقرب إلى الليل واجد وان يقل القتل ويرجع الطلب ويغلب المهزوم. مسألة:
ولا ينبغي قتل دوابهم في غير حال الحرب لمقاطعتهم ولا فساد عليهم سواء خفيا اخذهم أو لم يخف وبه قال الأوزاعي والليث والشافعي وأبو ثور
وقال أبو حنيفة ومالك يجوز لان فيه غبطا لهم واضعافا لقوتهم فأشبه قتلها حال قتالهم لما رواه الجمهور عن أبي بكر قال في وصيته لزيد بن
أبي سفيان حين بعثه أمير على القتال ولا تعقرن شجرا مثمرا ولا دابة عجماء ولا شاة الا لمالكيه وعن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عن قتل
909

شئ من الدواب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام وصيته النبي صلى الله عليه وآله ولا
تعقروا البهائم ما يؤكل لحمه الا ما لا بد لكم من اكله ولأنه حيوان ذو حرمة فلا يجوز قتلها لمغايظة الكفار كالنساء والصبيان واما في حال
الحرب فيجوز فيها قتل المشركين بدوابهم كيف كان لأنها حالة يجوز فيها قتل الصبيان والنسوة والأسارى من المسلمين فالدواب أولى ولأنه يتوصل
بقتل بهايمهم إلى قتلهم وهربهم وقد عقر حنظلة بن راهب فرس أبي سفيان يوم أحد فرمت به فخلصه ابن مسعود ولا نعرف في جواز ذلك خلافا.
فروع: يجوز عقود الدواب للأكل مع الحاجة إليه إذا كان مما لا يتخذ الا للأكل كالدجاج والحمام وما أشبه ذلك
من أصناف الطيور بالاجماع لأنه كالطعام فجاز تناوله ولو كان مما يحتاج إليه للقتال جاز ذبحه عند الحاجة إليه خلافا لبعض
الجمهور لنا ان فيه اضعافا لهم دعوى الحاجة إليه فكان سايغا كحال الحرب ولو كان مما يحتاج إليه في القتال كالغنم والبقر فإنه يجوز ذبحها و
عن أحمد روايتان إحداهما المنع لنا أن هذا الحيوان مثل الطعام في الأكل والقوت فكان مثله في اباحته وإذا ذبح الحيوان اكل لحمه وليس له
الانتفاع بجلده بل يرد إلى الغنم فلانه حيوان معظم مأكول فأبيح اكله كالطير والحديث لمسعود بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله
ولا تعقروا البهائم ما يؤكل لحمه الا ما لابد لكم منه اكله والاستثناء على الجواز احتج احمد بما روى متغلب بن الحكم قال
قال أصبنا غنما للعدو فانتهبناها فنصبنا قدورنا فمر بنا النبي صلى الله عليه وآله بالقدور وهي تغلي فامر بها فكبت فأكفيت ثم قال لهم ان الهيبة
لا يحل ولأنها حيوانات يكثر قيمتها وينسخ الفس؟؟ الغانمين بها ويمكن حملها إلى دار الاسلام والجواب ان الحديث مخصوص بمنزلة هذية لا
يحل نهيب ماله لا مطلقا وكثرة القيمة لا تمنع من ذبحها للحاجة كما لو اذن الامام. الثاني: لو اذن الامام في ذبحها جاز اجماعا وكذا
لو قسمها لما روى معا وقال غزونا مع النبي صلى الله عليه وآله خيبر فأصبنا غنما قسما النبي طائفة وجعل قيمة ما في الغنم
. الثالث: لو عجز المسلمون عن سياقة واخذ جاز ذبحه والانتفاع به مع الحاجة وعدمها لانتفاع المسلمين بها وإن لم يكن لهم حاجة فيها. الرابع: لو غنم المسلمون خيل المشركين ثم أدركهم المشركون وخافوا ان يأخذوها من أيديهم لم يحز قتلها ولا عقرها لما قلناه اما لو كانوا
رجاله عاو على خيل قد كلت وخافوا ان يستردوها فيركبوها ويظفرون بهم فإنه يجوز لهم قتلها للحاجة. مسألة: لو تترس الكفار بنسائهم
وصبيانهم فان كانت الحرب ملتحمة جا ز قتالهم ولا يقصد قتل الصبي ولا المراة بل قتل من خلفهم ولا يكف عنهم لأجل الترس لما رواه الشيخ
عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام هل يجوز ان يرسل عليهم الماء أو يحرقون بالنار أو يرمون بالمنجنيق حتى يقلبوا وفيهم النساء
والصبيان والشيخ الكبير والأسارى المسلمين والتجار وقال يفعل ذلك بهم ولا بمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم ولا كفارة ولان تركهم
يؤدي إلى قتل المسلمين لأنهم يرمونهم ولا يرميهم المسلمون ولان قتل النساء والصبيان منع منه مع الانفراد ولان في الكف عنهم
تعطيلا للجهاد ولأنهم منى ما أراد المسلمون الجهاد ترسوا عنهم أما إذا لم يكن الحرب ملتحمة فإن كان المشركون في حصن متحصنين أو كانوا من وراء
خندق كامنين عن القتال قال الشيخ (ره) يجوز رميهم والأولى بجنبهم وللشافعي قولان أحدهما لا يجوز رميهم لأنه لا حاجة إلى قتل
النساء والصبيان والثاني برميهم لأنه يؤدي إلى تعطيل الجهاد والأقرب عندي اعتبار الحاجة فان وجدت جاز رميهم ولا كره ويكون سايغا
لان النبي صلى الله عليه وآله رماهم بالمنجنيق وفيهم النساء والصبيان. فروع: الأول: ولو تترسوا بمسلم فان لم يكن الحرب
قايمة لو يجز الرمي وكذا لو أمكنت القدرة عليهم بدون الرمي أو امن شرهم فلو خالفوا ورموا كان الحكم فيه كالحكم في غير هذا المكان ان كان
القتل عمدا فالقود والكفارة على قاتله وان كان خطأ فالدية على العاقلة والكفارة عليه لان فعل لك في غير حاجة ولو كان حال
التحام الحرب جاز رميهم ويقصد بالرمي المشركين لا المسلمين للضرورة إلى ذلك فهذا إذ ا دعت الضرورة إلى رميهم بان يخاف منهم لو تركوا
ولم يخف منهم لكن لا يقدر عليهم الا بالرمي فالأولى القول أيضا وبه قال الشافعي وقال الليث والأوزاعي لا يجوز فيهم لنا ان تركهم يقتضي
إلى تعطيل الجهاد بقوله تعالى ولو رجال مؤمنون الآية قال الليث بترك فتح الحصين بقدر على فتخير أفضل من قتل مسلم بغير
حق وقال الأوزاعي كيف يرمون من لا يؤديه انما يرمون أطفال المسلمين وهو ضعف لما بينا والآية محمولة على غير حال التحام الحرب. فروع:
الأول: إذا رمى فأصاب مسلما ولم يعلم أنه مسلم والحرب قايمة فلا دية عليه لأنه مأمور بالرمي ولانا لو أوجبنا الدية أدى إلى بطلان الجهاد
جملة لأنه يجوز ان يكون كل رجل يقصد مسلما فيمتنع من الرمي. الثاني: لو علمه مسلما ورمي قاصدا المشركين ولم يمكنه ولم يمكنه التوفي فاصابه
وقتله فلا قود عليه لعدم القصد ولا يجب الدية أيضا عندنا وهو قول الشافعي وقول أبي حنيفة واحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى
يجب عليه الدية وهو الاخر للشافعي لما قوله تعالى وان كان من قوم عدوكم وهو مؤمن فتحرير رقية مؤمنة ولم يذكر الدية فلا يكون
واجبة عليه ولان ايجاب الضمان يستلزم ابطال الجهاد ولا ذمي حكمه فاشتبه ماذا لم يعلمه ويؤديه حديث حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام احتج المخالف
بقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ولأنه قتل مغصوبا بالايمان والقاتل من أهل الضمان فأشبه ما لو
910

لم يتترس والجواب عن الآية انها عامة والآية التي تلوناها خاصة فتكون متقدمة عليه وعن الثاني الفرق بين الترس وعدمه اجماعا فيكون الحكم
مستند إلى الفارق. الثالث: هل يجب الكفارة بقتل هذا المسلم مع العلم باسلامه وعدم العلم الذي نص عليه الشيخ (ره) انه يجب الكفارة
وبه قال أحمد بن حنبل قال أبو حنيفة لا يجب الكفارة أيضا وهو رواية لنا قوله تعالى وان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة
مؤمنة ولأنه قتل معصوم الدية بالايمان والقاتل من أهل الضمان فوجب عليه الكفارة احتج المخالف بأنه جوز الرمي وان غلب على ظنه ان
يصير فإذا اصابه لم يتعلق الكفارة كمباح الدم والجواب الفرق ان مباح الدم لا جيب توقيته وهذا يجب توقيته فافترقا. مسألة: لا يجوز قتل
صبيان المشركين اجماعا ولا نسائهم والمجانين منهم روى الجمهور عن يونس بن مالك ان النبي قال انطلقوا بسم الله
وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تقتلوا شيخا كبيرا فانيا ولا صغيرا ولا امرأة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في
الحسن عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه
ثم يقول لهم سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تعلوا ولا تميلوا ولا تعذروا ولا تقتلوا شيخا فانيا
ولا صبيا ولا امرأة وأيما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جان حتى أن يسمع كلام الله فان تبعكم فأخوكم
في دينكم وان بغت فاستعينوا بالله عليه وأبلغوا به وما منه ولأنهم ليسوا من أهل المحاربة فلا ينبغي قتلهم. فروع: لو قاتلت المراة
لم يجز قتلها الا مع الاضطرار عملا بعموم النهي اما مع الضرورة فيجوز قتلها اجماعا للضرورة ولما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله
بامرأة مقتولة يوم الخندق فقال من قتل هذه فقال رجل ا نا يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال لم قال نازعتني فأتم سيفي فسكت ولو أسرت لم يجز
قتلها لنهيه صلى الله عليه وآله من قتل النساء والولدان ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو انكشفت لهم
جاز رميها روى عكرمة قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وآله أهل الطايف أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها فقال ها هي دونكم فارموها
فرماها رجل من المسلمين فما أخطأ ذلك منها فيجوز النظر إلى فرجها للحاجة إلى الرمي. مسألة: الشيخ من أهل الحرب على أقسام
أربعة. أحدها: ان يكون له رأي وقتال فيجوز قتله اجماعا. الثاني: ان يكون فيه قال ولا رأي له فيجوز قتله أيضا. الثالث: ان يكون له رأي ولا
قتال فيه فيجوز قتله أيضا اجماعا لان دريد بن القيمة قتل يوم خيبر وكان عمره مائة وخمسون سنة وكان له معرفة الحرب وكان المشركون يحملونه معهم
في قفص حديد ليعرفهم كيفية القتال فقتله المسلمون ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وآله. الرابع: أن لا يكون فيه قتال ولا رأي له كالشيخ الفاني
فهذا لا يجوز قتله عندنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري والليث والأوزاعي وأبو ثور وقال أحمد بن حنبل يقتل وبه قال المزني وأبو إسحاق و
الشافعي قولان لنا قوله عليه السلام لا تقتلوا شيخا فانيا ولأنه ضرر فيه من حيث المخاصمة ومن حيث المشورة ولأنه ليس من أهل القتال
فلا يقتل كالمرأة وقد أوما النبي صلى الله عليه وآله إلى هذه العلة في المراة فقال ما بالها قتلت وهي لا تقاتل احتجوا بعموم قوله تعالى اقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال اقتلوا المشركين واستبقوا شيوخهم هم الصبيان
قال ابن المنذر ولا اعرف حجة في ترك قتل الشيوخ يستثنى بها عن عموم قوله تعالى اقتلوا المشركين ولأنه كافر لا نفع في حياته
فيقتل كالشاب والجواب عن الأول انه مخصوص النساء والصبيان أجمعا فكذا الشيخ لهم لان في معناهما وعن الثاني ان المراد بالشيخ
الذي فيهم قوة القتال أو معونة على التدبير لرمي ا وتدبر جمعا بين الأحاديث وان حديثنا أخص يتناول الشيخ
الفاني وحديثهم أعم
لأنه يتناول الشيخ مطلقا. فروع: الأول: الرهبان وأصحاب الصوامع يقتلون ان كانوا شيوخا لهم قوة أو رأي وكذا لو كانوا
شبانا قتلوا كغيرهم الا من كان شيخا فانيا عاد م الرأي للعموم قال الشيخ (ره) وقد روى أن هؤلاء لا يقتلون. الثاني:؟ والأعمى
الذين لا انتفاع بهما في الحرب الأولى الحاقهما بالشيخ الفاني لأنها ليسا من أهل القتال فأشبههما المراة. الثالث: العبيد ان قاتلوا
مع ساداتهم قتلوا وإلا فلا لأنهم يصيرون رقيقا للمسلمين بالسبي فحكمهم حكم النساء والصبيان ولقول النبي (صلى الله عليه وآله أدركوا
خالدا فرده لا يقتل ذرية ولا عسيفا وهم العبيد. الرابع: لو قاتل من ذكرناه جاز قتلهم الا النساء الا لضرورة على ما تقدم ويؤيده
ما رواه حفص عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب الا ان تقاتل
فان قاتلت أيضا فامسك عنها ما أمكنك ثم قال وكذلك المقعد من أهل الذمة والشيخ الفاني والمراة والولدان وكذا الشيوخ والصبيان
لما تقدم والسكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليم السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال اقتلوا المشركين واستحيوا شيوخهم و
صبيانهم اما مع الضرورة إلى قتل النساء فإنه جايز فان النبي صلى الله عليه وآله قتل يوم قريظة امرأة ألقت على محمد بن مسلم ووقف
على امرأة مقتولة فقال ما بالها قتلت وهي لا يقاتل. الخامس: المريض يقتل إذا كان بحالة لو كان صحيحا لقاتل لان ذلك بمنزلة الاجهاض
الجريح اما لو؟ من؟ فالوجه أنه يكون بمنزلة؟ لأنه لا يخاف منه ان يصير إلى حال يقاتل فيها. السادس: الفلاح الذي لا يقاتل
911

يقتل أيضا لأنه يمكنه القتال لأنه يطلب منه الاسلام وبه قال الشافعي وخالف فيه أحمد بن حنبل لنا ما تقدم وقوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم
احتجوا بقول عمر بن الخطاب اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبوا لكم الحرب والجواب ان قول عمر ليس بحجة في نفسه فضلا إذا عارض القرآن
مسألة: إذا حاصر الامام حصنا لم يكن له الانصراف عنه الا بأحد أمور خمسة. الأول: ان يسلموا فيحرز بالاسلام دمائهم وقولهم
وأموالهم لقول النبي صلى الله عليه وآله وأمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم
الا بحقها. الثاني: ان يبذلوا مالا على الترك لهم فإن كان جزية وهم من أهلها قبلت منهم لقوله تعالى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
وإن لم يكن جزية فان كانوا حربين اعتبرت المصلحة فان وجد الامام من المصلحة قبوله قبله منهم وإلا فلا. الثالث: ان يفتحه ويملكه
ويقهرهم عليه. الرابع: ان يرى أن من المصلحة الانصراف عنهم اما بان يتقرر بالمسلمون بالإقامة أو بان يحصل الياس منه أو لتحصيل مصلحة
يقول بالإقامة مع الحاجة إليها كما روي أن النبي صلى الله عليه وآله حاصر أهل الطايف فلم ينل منهم شيئا فقال انا قاتلون انشاء الله تعالى
غدا فقال المسلمون ولم يفتحه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اغدوا على القتال فغدوا عليه فأصابهم الجراح فقال لهم رسول
الله صلى الله عليه وآله انا قاتلون غذا فأعجبتهم ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله. الخامس: ان ينزلوا على حكم حاكم فيجوز كما روي أن
النبي صلى الله عليه وآله لما حاصر بني قريظة رضوا بان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأجابهم إلى ذلك. مسألة: لا يجوز التمثيل
بالكفار ولا تعذيبهم ولا الغلول منهم لقول أبي عبد الله عليه السلام في حديث أبي حمزة الثمالي الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا بسم ا لله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله
لا تعلوا ولا تميلوا ولا تعدوا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة الحديث وكذا في حديث مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام
عن رسول الله صلى الله عليه وآله قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله ولا تقدروا ولا تفعلوا ولا تميلوا وكذا في حديث جميل بن رواحة
الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام.
البحث الرابع في المبارزة. مسألة: المبارزة مشروعة غير مكروهة في قول
عامة أهل العلم الا الحسن البصري فإنه لم يعرفها وكرهها لنا لما رواه الجمهور ان عليا عليه السلام بارز يوم خيبر فقتل مرحبا وبارز عمر بن ود العامري
يوم الخندق فقتله وبارز حمزة وعلي عليه السلام يوم بدر عبيدة بن الحارث يوم بدر باذن رسول الله صلى الله عليه وآله وبارز سيرين بن لقمة فقتل
سلبه اثنى عشر ألفا فنقله أباه مسعدة لو يزل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يبارزون في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ولم ينكر
ذلك منكر فكان اجماعا ولا اعتداد بخلاف الحسن البصري وكان أبو ذر يقسم ان قوله تعالى هذان خصمان اختصموا نزلت في الذين بارزوا يوم
بدر وهم حمزة وعلي عليه السلام وعبيدة بارز عتبة وشيبة والوليد بن عتبة وقال أبو قتادة بارزت رجلا يوم خيبر فقتلته ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى ان يبارزه فقال له أمير المؤمنين عليه السلام
ما منعك ان تبارزه فقال كان فارس العرب وخشيت ان يقتلني فقال أمير المؤمنين عليه السلام فإنه بغى عليك ولو بارزته لقتله ولو؟
لهذا الباغي وقال أبو عبد الله عليه السلام ان الحسن بن علي عليه السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم أمير المؤمنين عليه السلام فقال لان عدت
إلى مثلها لعاقبتك ولان دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنك اما علمت أنه بغي. مسألة: وينبغي للمسلم أن لا يطلب المبارزة
الا باذن الامام إذا أمكن وبه قال الثوري واسحق وأحمد بن حنبل ورخص فيها مطلقا من غير اذن الامام مالك والشافعي وابن المنذر ولنا ان
الامام اعلم من شانه وشان المشركين ومن يصلح للمبارزة ومن لا يصلح لها وربما حصل للمسلمين ضرر بذلك فإنهم إذا انكسر صاحبهم
كسر قلوبهم فينبغي ان يفوض النظر في ذلك إلى الامام لمختار المبارزة من يرتضيه لها فيكون أقرب إلى الظفر واحفظ لقلوب المسلمين و
كسر قلوب المشركين ويؤيده ما رواه الجمهور ان عليا عليه السلام وحمزة وعبيدة استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ عن عمرو بن جميع دفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام انه سأله عن المبارزة يوم صفين بغير إذن الإمام فلا با س به ولكن لا يطلب ذلك الا باذن
الامام احتجوا بما رواه قتادة بارزت رجلا يوم خيبر فقتلته ولم يعلم أنه استأذن النبي صلى الله عليه وآله والجواب من وجهين. أحدهما:
انه حكاية حال لا عموم لها ولا يتناول الاستيذان وعدمه على الجمع بل على البدل ولا اختصاص لأحدهما دون الاخر فلا دلالة فيه بل الاستيذان
أولى لما عرف من حال الصحابة من متابعتهم للرسول صلى الله عليه وآله خصوصا في كيفية الحرب. الثاني: انه غير محل النزاع لان المتنازع
فيه أنه هل ينبغي ان يطلب المسلم المبارز ة أن لا والحديث دل على المبارزة فجاز ان يكون أبو قتادة فعلها بعد سؤال المشرك لا لطلب
أبا قتادة لها. مسألة: يجوز المبارزة بغير إذن الإمام على ما تضمنته الروايات منها في قول علي عليه السلام لما سئل عن المبارزة بين الصفين بغير إذن ا لامام قال لا بأس ولكن لا يطلب ذلك الا باذن الامام ومنها انكار علي عليه السلام على بعض بني هاشم لما دعا إلى
البراز فامتنع فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ما منعك ان يبارز الحديث ومنها قوله عليه السلام للحسن عليه السلام لما دعى رجلا إلى البراز لئن عدت
912

لا عاقبتك ولان دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لا عاقبتك ا ذا ثبت هذا فقد ظهرت ان طلب المبارزة ممنوع منه بغير إذن الإمام وفعلها سايغ
من دون اذنه حرام أو مكروه كلاهما يلوحان من كلام الشيخ (ره (والذي تدل الاخبار عليه التحريم. مسألة: ولو خرج علج بطلب
البراز استحب لمن فيه القوة ويعلم من نفسه الطاقة به مبارزته باذن الامام ويستحب للامام ان يأذن له في ذلك لان فيه ترك الخروج إلى كثيرا
للمسلمين وفي الخروج رد على المسلمين واظهارا لقوتهم وشجاعتهم إذا ثبت هذا فان المبارزة حكما ينقسم أقسام واجبة ومستحبة ومكروهة ومباحة
فالواجبة إذا الزم الامام بها والمستحبة ان يخرج المشرك فيطلب المبارزة فيستحب للذي لقوة من المسلمين الخروج إليه والمكروهة ان يخرج الضعيف
من المسلمين الذي لا يعلم من نفسه المقاومة فيكره له المبارزة لما فيه من كسر بقتله ظاهرا والمباحة ان يخرج ابتداء فيبارز لا يقال من ضعيف
القوة قد جوز له الدخول في القتال من غير كراهة فكيف كره له المبارزة لأنا نقول الفرق بينهما ظاهر فان المسلم هنا يطلب الشهادة ولا
ترقب منه الغلبة بخلاف المبارزة فإنه يطلب من الظفر والغلبة فإذا قتل كسر ذلك في المسلمين. مسألة: إذا خرج المشرك وطلب
البراز جاز لكل أحد رميه وقتله لأنه مشرك لا أمان له ولا عهد الا ان يكون العادة بينهم جارية ان من خرج يطلب المبارزة لا يعرض
له فيجري ذلك مجرى الشرط إذا ثبت هذا فان خرج إليه أحد يبارزه بشرط لا يغنيه عليه سواء وجب الوقاء له بالشرط لقوله عليه السلام
المؤمنون عند شروطهم فان انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخنا بالجراح جاز قتاله لان المسلم إذا صار إلى هذه الحالة فقد أقصى
القتال ولان المشرك شرط الأمان ما دام في القتال وقد زال شرط المشرك أن لا يقاتل حتى يرجع إلى صفه وجب الوفاء له الا
يترك المسلم قتاله أو يثخنه بالجراح فيتبعه ليقتله أو يخشى عليه منه فيمنع ويدفع عن المسلم ويقاتل ان امتنع من الكف عنه الا
بالقتال لأنه تقض الشرط وأبطل أمانه بمنعهم من ابعاده ولو أعان المشركون صاحبهم كان على المسلمين معونة صاحبهم ويقاتلون
مع من أعان عليه ولا يقاتلونه لأنه ليس النقض من جهته فإن كان قد شرط الا يقاتل غير مبارزة وجب الوفاء له فان استجر أصحابه وأعانوه
فقد نقض أمانه ويقاتل معهم ولو منعهم فلم يمتنعوا فأمانه باق فلا يجوز قتاله ولكن يقاتل أصحابه هذا إذا أعانوه بغير فوله ولو سكت
ولم ينههم عن معونته فقد نقض أمانه لان سكوته يدل على الرضا بذلك اما لو استحثهم فإنه يجوز قتاله مطلقا. فرع: لو طلب المشرك
المبارزة ولم يشترط جاز معونة قرنه ولو شرط الا يقاتله غيره وجب الوفاء له فان فر المسلم فطلبه الحربي جاز دفعه عنه على ما قلناه سواء فيه
المسلم مختار أو لاثخانه بالجراح ويجوز لهم معاونة المسلم مع اثخانه على ما قلناه وقال الأوزاعي ليس لهم ذلك وان أثخن ذلك بالجراح
قيل له فيخاف المسلمون على صاحبهم قال وان لان المبارزة انما تكون هكذا ولكن لو؟ بينهما دخيل سبيل العلج جاز لنا ما رواه الجمهور
ان حمزة وعليا عليه السلام أعانا عبيدة بن الحارث على قتل شبية بن ربيعة حين أثخن عبيدة ولو لم يطلبه المشرك لم يجز محاربته لأنه لم
ينقض شرطا وقيل يجوز قتاله ما لم يشترط الأمان حتى يعود إلى فئته. مسألة: يجوز المخادعة في الحرب ويجوز للمبارز ان يخدع
قرينه ليتوصل بذلك إلى قتله اجماعا روى الجمهور ان عمرو بن ود بارز عليا عليه السلام فقال عمرو ما أحب قتلك يا ابن أخي فقال علي عليه السلام لكني
أحب ان أقتلك فغضب عمرو واقبل عليه فقال علي عليه السلام ما برزت لأقاتل اثنين فالتفت عمرو فوثب عليه علي عليه السلام فضربه فقال عمرو خدعتني
فقال علي عليه السلام خدعة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهم السلام ان عليا عليه السلام كان يقول إن
يخطفني الطير أحب إلي ان أقول على رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يقل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إن الحرب خدعة
يقول متكلما مما أردتم وعن مسعدة بن صدقة قال حدثني شيخ من ولد عدي بن حاتم عن جده عدي بن حاتم وكان مع علي عليه السلام في
غزوته ان علي عليه السلام قال يوم التقى هو ومعاوية وأصحابه ثم قال اخرقوا له انشاء الله تعالى خفض بها صوته وكنت منه قريبا فقلت
يا أمير المؤمنين انك حلفت علي ما قلت ثم استثنيت لما أردت بذلك فقال إن الحرب خدعة وانا عند المؤمنين غير كذوب فأردت أن
أحرص لكيلا يفشلوا ولكن يطمعوا فيهم فافهم بأنك تنفع بها بعد اليوم انشاء الله واعلم أن الله عز وجل قال لموسى عليه السلام حيث
أرسله إلى فرعون اتياه فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وقد علم أنه لا يتذكر ولا يخشى ولكن ليكون ذلك أحرص لموسى على
الذهاب. مسألة: قد بينا انه يكره تبييت العدو وانما يلاقون بالنهار ويستحب ان يبدأ القتال بعد الزوال ويكره قبله
الا مع الحاجة ويكره ان يعرقب الدابة وان وقعت به ذبحها ولا يعرفها لما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليه السلام
قال أول من عرقب الفرس في سبيل الله جعفر بن أبي طالب عليه السلام ذو الجناحين عرقب فرسه ولو ثبت هذا الحديث الثاني لكان منسوخا بالأول
ويكره أيضا المبارزة بغير إذن الإمام وقيل يحرم والأول أقوى ويستحب إذا ندب إليها الامام ويجب إذا لزم
المقصد الثالث:
في عقد الأمان وفيه مباحث: الأول: في الجواز. مسألة: عقد الأمان عبارة عن ترك القتال
إجابة لسؤال الكفار بالامهال وهو جايز اجماعا قال الله تعالى وإذا أحد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه
913

مأمنه وروى الجمهور عن ا لنبي صلى الله عليه وآله انه ممن المشركين يوم الحديبية وقصد معه الصلح أو من طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله يسعى بذمتهم أدناهم قال لو أن جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين
فأشرف رجل فقال اعطوني الأمان حتى القى صاحبكم فانظره فأعطاه الأمان أدناهم وجب على أفضلهم الوفاء به ولا خلاف بين المسلمين في ذلك
مسألة: وانما يجوز عقد الأمان مع اعتبار المصلحة فلو اقتضت المصلحة ترك الأمان وان لا يجابوا إليه لم يفعل وسواء في ذلك
عقد الأمان لمشرك واحد أو لجماعة كثيرة فإنه جايز مع المصلحة ولا نعلم فيه خلافا. مسألة: ومن طلب الأمان يسمع كلام الله ويعرف
شرايع الاسلام وجب ان يعطى الأمان ثم يرد مأمنه ولا نعلم فيه خلافا لقوله تعالى وان أحد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه
مأمنه قال الأوزاعي هي يوم القيامة إذا عرفت هذا فإنه يجوز عقد الأمان للرسول مع الكفار وللمستأمن لان النبي صلى الله عليه وآله
كان يامن رسول المشركين وجاءه رسل سليمة فقال لو أن الرسل يقتله كما ولان الحاجة داعية إلى المراسلة ولو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت
المصلحة الناشية من المراسلة إذا ثبت هذا فإنه يجوز عقد الأمان لهما مطلقا ومقيدا بزمان معين طويل أو قصير اعتبارا بالمصلحة ونظرا
إلى تحصيلها.
البحث الثاني: في العاقد. مسألة: يجوز للامام عقد الصلح اجماعا لان أمور الحرب موكولة إليه كما كانت موكولة
إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو مكلف بتكليفه صلى الله عليه وآله فيجوز ان يعقد أمانا كما جاز للنبي صلى الله عليه وآله ذلك وهو اجماع
إذا عرفت هذا فان عقد الأمان منوط بنظره فان رأى من المصلحة عقد الأمان لو اخذ عقده وكذا لو أن يعقد الأمان له أهل حصن
أو قرية أو بلد أو إقليم أو لجمع الكفار يجب ما يراه من المصلحة فلا نعلم فيه خلافا لان ولايته عامة على المسلمين كافة وكذا يجوز عقد الأمان
لنا يب الامام في ولايته جميعهم وآحادهم وما في غير ولايته فهو كآحاد الرعايا لان ولايته على أولئك دون غيرهم اما آحاد الرعية
فيصح أمان الواحد منهم للواحد من المشركين والعدد اليسير منهم والعاقلة الغافلة والحصن الصغير لعموم قوله عليه السلام يسعى بذلتهم أذنابهم
وما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن وقال هو من المؤمنين ولان المقتضى
لجواز أمانه لواحد وهو استمالته مع امن ضرره موجود في العدد اليسير اما العدد الكثير من المشركين فلا يجوز للواحد من المسلمين عقد الأمان
معهم ولا أهل البلد ولا إقليم لان في ذلك تعطيلا للجهاد على الامام وتقوية للمشركين. مسألة: ويصح عقد الأمان من الحر والعبد سواء
في ذلك المأذون له في الجهاد وغير المأذون ذهب إليه علمائنا وبه قال الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل واسحق وأكثر أهل العلم
وهو مروي عن علي عليه السلام وعمر بن الخطاب وقال أبو حنيفة لا يصح أمان العبد الا ان يكون مأذونا له في القتال لنا لما رواه الجمهور عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال ذمة المسلمين واحدة يسعى فيها أدناهم فمن أحصر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه حرف
ولا عدل وعن فضل بن يزيد الرقاشي قال جهز عمر بن الخطاب جيشا فكنت فيه فحضرنا موضعا قريبا انا نفتحهما اليوم وجعلنا يغدوا ويروح فيبقى
عبدا منا فراضهم وراضوه فكتب لهم الأمان في صحيفة وشهدها على سهم فرمى بها إليهم فخرجوا فكتب إلى عمر بن الخطاب بذلك
فقال العبد المسلم رجل من المسلمين ذمته ذمتهم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام جاز أمان
عبد مملوك لأهل حصن وقال هو من المؤمنين ولأنه مسلم مكلف فصح أمانه كالحر ولان اعطاء الأمان منوط بالمصالح للمسلمين وهو
من جملتهم فيصح أمانه كغيره من المسلمين الأحرار واحتجوا بأنه لا بجب عليه الجهاد فلا يصح أمانة؟ ولأنه مجلوب من دار الحرب فلا يؤمن ان ينظرهم
في تقديم مصلحتهم والجواب انهما منقوضان بالمراة والمأذون له. مسألة: ويصح أمان المراة بلا خلاف لان أم هاني قالت يا رسول الله
اني اجرت أرحامي وأعلقت عليهم وان ابن أمي أراد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قد أجرنا من أجرت يا أم هاني وانما يجير على
المسلمين أدناهم وأجارت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أمان العاص بن الزبير فأمضاه رسول الله صلى الله عليه وآله. مسألة: لا ينعقد
أمان المجنون لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاث المجنون حتى يفيق وكذا الصبي لا ينعقد أمانه سواء كان مميزا أو لم يكن وبه قال الشافعي وأبو حنيفة
وقال مالك واحمد يصح أمان المراهق لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ ولأنه غير مكلف ولا يلزمه بقوله حكم فلا يلزم غيره
كالمجنون احتج احمد لعموم الحديث وهو قوله عليه السلام انما يجبر على المسلمين أدناهم ولأنه مسلم مميز فيصح أمانه كا لبالغ والجواب عن الأول ان اسلامه
ليس بحقيقي وانما هو تمرين ولا يستحق به ثواب فلا يندرج تحت المسلمين والمراد منه الحقيقي وعن الثاني فالفرق فان البالغ يصح عقوده من البيوع
والمعاملات بخلاف الصبي فكذا عقد الأمان على انا نمنع التشارك في الاسلام على ما بينا. مسألة: يصح أمان الأسير إذا عقده غير مكره وبه
قال الشافعي وأحمد بن حنبل وكذا يجوز أمان التاجر والأجير في الحرب وقال الثوري لا يصح اما ان أحدا منهم لما لعموم الحديث ولا هم مسلمون
فصح أمانهم كغيرهم من آحاد المسلمين. مسألة: ولا ينعقد أمان المكره اجماعا لأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح أمانه زائل
العقل بنوم أو سكر أو اغماء أو جنون أو صغير لان كلامه غير معتبر ولا يثبت به حكم لا في حق الغير ولأنه لا يعرف المصلحة من غيرها فلا
914

اعتداد بقول أحد كالجنون ولا ينعقد أمان الكافر وان كان يعتاد لان النبي قال ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فجعل
الذمة للمسلمين فلا يحصل لغيرهم ولان الكافر متهم على الاسلام وأهله فأشبه الحربي ولأنه منوط المصلحة المسلمين والكافر ليس باهل
النظر فيها. مسألة: إذا انعقد الأمان وجب الوفاء به بحسب ما شرط فيه من وقت وغيره اجماعا ما لم يكن متضمنا لما يخالف الشرط
ولا نعلم فيه خلافا روي الشيخ عن أبي عبد الله بن سليمان قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ما من رجل امن رجلا على ذمته ثم قاله جاء
يوم القيامة يحمل لواء الغدر ولو انعقد فاسدا لم يجب الوفاء به بلا خلاف وذلك كأمان الصبي والمجنون والكافر وغيرهم ممن لا يقبل لهم ذمام
أو ككان الذمام متضمنا بشرط لا يسوغ الوفاء به وفي هذه الحالات كلها يجب رد الخرق إلى مأمنه ولا يجوز قتله لأنه اعتقد صحة الامام و
هو معذور ولأنه غير عارف باحكام الاسلام وكذا كل حربي دخل دار الاسلام بشبهة الامام كمن سمع لفظا فيعتقده أمانا أو يصحب رفقة
فينويها أمانا وكذا لو طلبوا الأمان وقال لهم المسلمون لا بذمتكم واعتقدوا انهم أمنوهم فإنهم في جميع ذلك يردون إلى مأمنهم ولا
يجوز قتلهم لأنهم اعتقدوا صحة الأمان فكانوا آمنين حتى يرجعوا إلى مأمنهم ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد الحكيم عن أبي عبد الله عليه السلام
وأبي الحسن عليه السلام) قالا لو أن قوما حاصروا مدينة فسألهم الأمان فقالوا لا تظنوا انهم قالوا نعم فنزلوا إليهم كانوا آمنين
البحث الثالث: في العبارة والوقت: مسألة: وقد وردف ي الشرع عبارتان إحداهما أجرتك والثانية أمنتك قال الله تعالى
وان أحد من المشركين استجارك فاجره وقال النبي صلى الله عليه وآله أجرنا من أجرت وامنا من امنت وقال من دخل دار أبي سفيان فهو امن
ومن أغلق عليه بابه فهو امن فبأي اللفظين أتى انعقد الأمان وكذا لفظ يدل على هذا المعنى صريحا كقوله أذممتك أو أنت في ذمة الاسلام
وكذا كناية علم بها ذلك من قصد العاقد سواء كان بلغة العرب أخرى فلو قال بالفارسية مترس فهو امن اما قوله لا بأس عليك ولا تخف
ولا تذهل أو لا تحزن أو ما شاكل ذلك فان علم من قصده الأمان كان أمانا لان المراعى وهو القصد دون اللفظ وإن لم يقصد ذلك الأمان
لم يكن أمانا غير أنهم إذا سكتوا إلى ذلك وأخلوا لم يتعرض لهمم لأنه شبهة ويردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا وكذا الحكم إذا أومى مسلم
إلى مشرك بما يوهمه انه أمان فركن إلى ذلك ودخل دار الاسلام كان حكمه ما قدمناه وهذا كله لا نعلم فيه خلافا. فرعان: الأول:
لو قال له قف أو قم أو الق سلاحك فليس أمانا خلافا لبعض الجمهور وقال الأوزاعي لو ادعى الكافر انه أمان أو قال انما وقفت لندائك فهو امن وإن لم يدع ذلك فليس بأمان لما انه لفظ لا يشعر منه الأمان ولا يستعمل فيه دايما إذ استعماله غالبا للارهاب والتخويف فلم
يكن أمانا كقوله لأقتلنك إذا عرفت هذا فإنه يرجع إلى المتكلم فان قال أردت الأمان فهو أمان وان قال لم أرده سئل الكافر فان قال اعتقدته
أمانا رد إلى مأمنه ولم يجز قتله وإن لم يعتقده أمانا كما لو أشار إليهم وأعتقده أمانا. الثاني: لو أشار المسلم إليهم بما يرونه أمانا
وقال أردت له الأمان فهو أمان وان قال لم أرد منه الأمان فالقول قوله لأنه أبصر بنيته فرجع إليه فيها ولو خرج الكفار من حصنهم
إلى الاسلام بناء على هذه الإشارة وتوهمهم انها أمان لم يجز قتلهم وردوا إلى مأمنهم ولو مات المسلم ولم يتبين أو غاب كانوا آمنين و
يردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا الا ان يجدد لهم الوالي أمانا وانما جوزنا عقد الأمان بالإشارة بخلاف الطلاق وسائر العقود
لان الذمام ينبغي حقها حقن الدماء كما علينا حقن دم المجوسي المشبهة في الكتاب وإن لم يكن أهل كتاب. مسألة: ووقت الأمان قبل
الأسر فيجوز عقده لآحاد المشركين قبل الأسر اجماعا وهل يجوز لآحاد المسلمين عقد الأمان بعد الأسر قال علمائنا لا يصح وبه قال الشافعي
وأكثر أهل العلم وقال الأوزاعي يصح عقده بعد الأسر لما انه قد ثبت للمسلمين حق استرقاقه فلا يجوز ابطاله ولان المشرك إذا وقع في
الأسر يتخير الامام فيه من أشياء يأتي ذكرها ومع الامن يبطل التخيير فلا يجوز ابطال ذلك عليه احتج مخالف بان زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أجازت زوجها بالعباس بن ربيع بعد اسره فأجاز النبي صلى الله عليه وآله أمانها وابن عمر بن الخطاب هرمزان بعد الأسر والجواب عن الأول
ان زينب انما جاز أمانها لإجازة الرسول صلى الله عليه وآله ذلك وعن الثاني انه الرئيس فكان له الامر. مسألة: يجوز للامام ان يؤمن الأسير
بعد الاستيلاء عليه بالأسر لان النبي صلى الله عليه وآله أجاز أمان زينب لزوجها أبي العاص بن الربيع وامن عمر الهرمزان بعد الأسر
ولان الامام ان يمن عليه ويطلقه والأمان دون ذلك بخلاف آحاد المسلمين فإنه لا يجوز لهم ذلك بل انما يجوز قتل الأسير ما دام
على الامتناع وان حصل في مضيق أو في حصن ولحقهم المسلمون فإنه يصح الأمان لأنه لم يحصل بل هو بعد الامتناع. مسألة: لو أقر المسلم انه امن المشرك نظر فإن كان في وقت يصح منه انشاء الأمان كما لو أقر قبل الأسر صح اقراره وقبل منه اجماعا وان كان في وقت
لا يصح منه انشاء الأمان ولا يملكه بعد الأسر فلا يملك الاقرار ولو قامت له بينة أمنه قبل الأسر ثبت حكم الأمان ولو شهد جماعة
من المسلمين انهم أمنوه فالوجه انه لا يثبت لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم قاله الشيخ (ر ه) وبه قال الشافعي وقال بعض الجمهور يقبل لأنهم
عدول من المسلمين غير متهمين شهدوا به فوجب ان يقبل كما لو شهدوا على غيرهم انه أمنه اما لو شهد بعضهم ان بعض الاخر أمنه قبلت شهادتهم
915

اجماعا إذا كانوا بصفة الشهود ولو شهد وا حد انني أمنته فعلى قول الشيخ (ره) لا يقبل لما ذكره من العلة وعلى قول بعض الجمهور يقبل كما لو قال الحاكم
بعد عزله كنت حكمت على فلان بحق فإنه يقبل قوله ولأنه يقبل أمانة فيقبل خبره كالحاكم في حال ولايته وهذا الأخير يتمشى على قول الأوزاعي من أنه يصح له
انشاء الأمان بعد الأسر والوجه ما قاله الشيخ (ره) لأنه ليس له ان يؤمنه في الحال فلم يقبل اقراره بما كما لو أقر بحق على غيره. مسألة:
لو جاء مسلم بمشرك فادعى انما اسره وادعى الكافر انه أمنه فالقول قول المسلم لأنه يعضد بالأصل وهو إباحة دم الحربي وعدم الأمان وقيل يقبل
قول الأسير لأنه يحتمل صدقه وحقن دمه فيكون هذا أشبه تمنع من قبله وقيل يرجع إلى من يعضده لظاهره فإن كان الكافر ذا قوة ومعه سلاحه فالظاهر
صدقه وان كان ضعيفا مسلوبا سلاحه فالظاهر كذبه والوجه الأول ولو صدقه المسلم قال أصحاب الشافعي لا يقبل منه لأنه لا يقدر على أمانه ولا يملكه
فلا يقبل اقراره به وقيل يقتل لأنه كافر لم يثبت اسره ولا نازعه فيه منازع فقبل قوله في الأمان. فرع: لو أشرف جيش الاسلام على ظهور
فاستندم الخصم جاز مع نظر المصلحة ولو استندوا بعد حصولهم في الأسر فاذن لم يصح على ما قلناه ولو ادعى الحربي الأمان فأنكر المسلم فالقول
قول المسلم على ما بينا لان الأصل عدم الأمان واباحته دم المشرك ولو حيل بينه وبين الجواب بموت أو اغماء لم يسمع دعوى الحربي وفي الحالين
يرد إلى مأمنه ثم هو حرب.
البحث الرابع: في الاحكام. مسألة: قد بينا ان من عقد أمانا لكافر وجب عليه الوفاء
به ولا يجوز له العدول فان نقضه كان غادرا اثما ويجب على الامام منعه عن النقض ان عرف بالأمان إذا ثبت هذا فلو عقد الحربي الأمان
أسكن في دار الاسلام ووجب الوفاء له ويدخل ماله تبعا في الأمان وإن لم يذكره لان الأمان يقتضي الكف عنه واخذ ماله ادخال الضرر عليه
وذلك يقتضي الأمان وهو عين سايغ ولا نعلم فيه خلافا ولو شرط الأمان لما له كان ذلك تأكيدا. فروع: الأول: لو دخل حربي
دار الاسلام بغير أمان ومعه متاع فالوجه انه حرب ولا أمان له في نفسه ولا في ماله انه لم يوجد أمان فيهما اما لو اعتقد الكافر ان دخوله
بمتاعه إلى سبيل التجارة اما إن لم يكن أمانا رد إلى مأمنه وقال بعض الجمهور لو كان معه متاع وقد جرت العادة بدخولهم إلينا تجار بغير أمان
لم يعرض لهم وهو حسن بشرط اعتقاد الكفار انه أمان اما مطلقا فلا. الثاني: لو ركب القوم في البحر فاستقبلهم فيه تجار مشركون من
ارض العدو ويريدون بلاد الاسلام وقال بعض الجمهور لم يعرضوا لهم ولا يقاتلوهم وفيه نظر. الثالث: من دخل من أهل الحرب بتجارة
إلى دار الاسلام يعتقد انه أمان فهو امن حتى يرجع إلى مأمنه على ما بيناه ويعامل بالبيع والشراء ولا يسأل عن شئ وإن لم يكن له معه
تجارة وقال جئت مستأمنا فالوجه انه لا يقبل منه ويكون الامام مخيرا فيه وبه قال الأوزاعي والشافعي ولو كان ممن ضل الطريق أو حملته
الريح في المركب إلينا قيل يكون فينا وقيل يكون لمن اخذه. مسألة: لو دخل الحربي في دار الاسلام بأمان فقد قلنا إنه يدخل ماله
في الأمان تبعا وكذا لو شرط الأمان لما له إذا ثبت هذا فلو عاد إلى دار الحرب فإن كان التجارة أو لرسالة أو تنزه في نية العود إلى دار الاسلام
فالأمان باق لأنه باق على نية الإقامة في دار الاسلام فهو كالذمي إذا دخل كذلك وان كان للاستيطان بدار الحرب والكون بها بطل الأمان في
نفسه وماله لأنه بدخوله دار الاسلام واخذه الأمان ثبت الأمان في ماله الذي معه فإذا بطل في نفسه لمعنى لم يوجد في المال وهو الدخول
في دار الحرب بقي الأمان في ماله لان المقتضى للابطال مختص بالنفس دون المال فيختص لبطلانه بما دونه لا يقال الأمان في المال حصل
على سبيل التبعية لأمان النفس وقد بطل المتبوع فيبطل التابع بعينه للتبعية لأنا نقول إنه ثبت له الأمان بمعنى وجد فيه وهو ادخاله
معه وهو يقتضي ثبوت الأمان له وإن لم يثبت في نفسه كما لو بعثه مع مضارب له أو وكيل فإنه يثبت الأمان ولم يثبت في نفسه ولم يوجد فيه
هاهنا ما يقتضي بعض الأمان فيه فيبقى على ما كان عليه عملا بالاستصحاب السالم عن المزمل اما لو اخذه معه إلى دار الحرب فإنه ينتقض الأمان فيه
كما ينتقض الأمان فيه كما يتقض الأمان في نفسه لوجود المبطل فيهما معا. فروع: الأول: لو طلبه صاحب بعث به إليه تحقيقا للأمان فيه
وان تصرف فيه ببيع أو هبة وغيرهما صح تصرفه. الثاني: لو مات في دار الحرب وقيل انتقل إلي وارثه فإن كان الوارث مسلما ملكه ملكا
صحيحا وان كان حربيا انتقل إليه أيضا انتقض الأمان فيه وبه قال أبو حنيفة وقال المزني لا يبطل الأمان بل يكون باقيا وقال أحمد بن حنبل
وقال للشافعي قولان لنا انه أمان الكافر ولا أمان بيننا وبينه في نفسه ولا في ماله فيكون كساير أموال أهل الحرب احتج المخالف بان الأمان حق لازم
متعلق بالمال فإذا انتقل إلى الوارث انتقل بحقه كساير الحقوق من الرهن والضمان والشفعة والجواب يمنع ملازمته للمال لان الأمان
تعلق بصاحبه وقد مات فيزول الأمان المتعلق به. الثالث: إذا مات فقد قلنا إنه يزول اما ماله وحكمه ينتقل إلى الامام خاصة
من الفئ لأنه لم يؤخذ بالسيف ولم يرجف عليه بخيل ولا ركاب فهو بمنزلة ميراث من لا وارث له ونقل المزني عن الشافعي أنه يكون غنيمة
وليس بجيد لأنه لم يؤخذ بالقهر والغلبة. الرابع: إذا مات في دار الحرب فقد قلنا إنه ينتقض الأمان بانتقاله إلى وارثه إذا ثبت هذا
فإنه بموته ينتقل إلى وارثه سواء كان الوارث في دار الاسلام أو في دار الحرب إذا انتقل صار للامام على قلناه
وقال الشافعي
في إحدى الوجهين لا ينتقل إلى وارثه في دار الاسلام لأنه مع اختلاف الدارين يسقط الميراث وليس بجيد وكذا الذمي إذا مات وله ولد
916

في دار الحرب كان ميراثه لهما ولو كان له ولد في دار الاسلام صار ماله ولو كان في دار الحرب انتقل ماله إليه أو صار فينا. الخامس: لو دخل
دار الاسلام فعقد أمانا لنفسه ثم مات عندنا وله مال فإن كان له وارث مسلم انتقل إليه وملكه وان كان له وارث كافر في دار الحرب
انتقل المال إليه وصار فينا لأنه مال للكافر لا أمان بيننا وبينه فيكون فينا كما قلناه في الأول وقال بعض الشافعية يرد إلى وارثه واختلفوا على طريقين أحدهما
منهم من قال فيه قولان كما لو مات في دار الحرب ومنهم من قال هنا يرد قولا واحدا لأنه إذا رفع إلى دار الحرب فقد بطل أمانة وههنا مات وأمانه باق إذا
ثبت هذا فإنه ينتقل إلى الامام لأنه لم يرجف عليه بخيل ولا ركاب وكذا لو لم يكن له وارث. السادس: لو كان للحربي أمان فترك أمانه انتقض الأمان
ولحق بدار الحرب فان الأمان باق في ماله على ما قلناه فان رجع ليأخذ ماله جاز سبيه وقال بعض الشافعية لا يجوز ويكون أمانه ثابتا لأنا
لو سبيناه أبطلنا ملكه فأسقطنا حكم الأمان في ماله وليس بجيد لان ثبوت الأمان لماله لا يثبت له الأمان كما لو دخل في دار الاسلام
بأمان ثم خرج إلى دار الحرب فان الأمان باق في المال دونه كما لو دخل باذن وهو في دار الحرب بان الأمان لا يثبت له لو دخل دار الاسلام
ويثبت لماله. السابع: إذا اشترى الحربي الذي لماله أمان لم يزل الأمان عن ماله ثم لا يخلو اما ان يمن على الامام أو يسرقه أو يفاديه أو يقتله فان
قتله انتقل إلى وارثه المسلم ان كان والا فإلى الحربي وصار فينا على ما قلناه وان فأداه أو من عليه رد ماله إليه وان استرقه زال ملكه عنه
لان المملوك لا يملك شيئا وصار فينا وان أعتق بعد ذلك لم يرد إليه وكذا لو مات لم يرد على ورثته سواء كانوا مسلمين أو كفارا لأنه لم يترك
شيئا. مسألة: إذا دخل المسلم ارض العدو بأمان فسرق شيئا وجب عليه رده على أربابه لأنهم أعطوه الأمان بشرط ان يترك
خيانته لهم وامنه إياهم من نفسه وإن لم يكن ذلك مذكورا في اللفظ فإنه معلوم من حيث المعنى ولو أسر المشركون مسلما ثم أطلقوه بأمان على أن
يقيم في دارهم وترك خانتهم حرمت عليه أموالهم بالشرط ولا يجوز له المقام مع المكنة على المهاجرة هذا إذا أمنوه وإن لم يؤمنوه
ولكن استرقوه واستخدموه كان له الهرب واخذ ما أمكنه من مالهم لأنهم قهروه على نفسه ولم يملكوه بذلك فجاز له قهرهم ولو أطلقوه على
مال لم يجب الوفاء به لان الحر لا قيمة له ولو دخل المسلم دار الحرب بأمان فاقترض من حربي مالا وعاد إلينا ودخل صاحب المال بأمان كان
عليه رده إليه لان مقتضى الأمان الكف عن أموالهم ولو اقترض حربي من حربي مالا ثم دخل إلينا بأمان كان عليه رده إليه لان الأصل
وجوب الرد ولا دليل على براءة ذمته منه. فروع: الأول: لو تزوج الحربي بحربية وأمهرها مهرا وجب عليه رده عليها وكذا لو أسلما
معا وترافقا إلينا فانا نلزم الزوج المهر ان كان مما يصح للمسلمين تملكه والا وجب عليه قيمته. الثاني: لو تزوج الحربي بحربية ثم
أسلم الحربي خاصة والمهر في ذمته لم يكن للزوجة مطالبه به لأنها أهل حرب ولا أمان لها على هذا المهر وكذا لو ماتت ولها ورثة
كفار لم يكن لهم أيضا المطالبة به لما مر في الزوجة ولو كان الورثة مسلمين كان لهم المطالبة به. الثالث: لو ماتت الحربية ثم أسلم
الزوج بالمهر وليس للحربي المطالبة به وكذا لو أسلمت قبله ثم ماتت طالبه وارثها المسلم دون الحربي. الرابع: إذا دخل المسلم أو
الحربي دار الحرب مستأمنا فخرج بمال من مالهم اشترى به شيئا لم يتعرض له سواء كان مع المسلم أو لذي أمانه معهم وللحربي أمان
ولو دفع الحربي إلى الذي في دار الاسلام شيئا وديعة كان في أمان اجماعا. مسألة: إذا خلى المشركون أسيرا مسلما من أيديهم أو استخلفوه
على أن يبعث عليهم فداء عنه أو يعود إليهم مالهم فإن كان ذلك كرها لم يلزمه الوفاء لهم برجوع ولا فدية لهم اجماعا لأنه يكره فلا يلزمه
ما أكره عليه لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه وإن لم يكره على ذلك بل شرطه لهم مختار لم يجب الوفاء
بالمال وبه قال الشافعي وقال عطاء والحسن والزهري والنخعي والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل يجب الوفاء به لنا انه حر لا يستحقون بدله
فلا يجب الوفاء بشرطه ولان الوفاء به تقوية للمشركين ومعونة لهم احتجوا بقوله تعالى وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولان في الوفاء
مصلحة للأسارى في العذر مفسدة في حقهم لأنهم لا يؤمنون بعد والحاجة داعية إليه فلزمه الوفاء والجواب عن الأول انه ليس على اطلاقه
اجماعا بل المعتبر فيه المصلحة الدينية وهو الجواب على الثاني إذا ثبت هذا فلو عجز عن المال لم يجز الرجوع إليهم سواء كان امرأة أو رجلا اما للمراة
قد اجمعوا على تحريم رجوعها إليهم واما الرجل فعندنا كذلك وبه قال الحسن البصري والنخعي والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين
وفي الأخرى يلزمه الرجوع وبه قال عثمان بن عفان والزهري والأوزاعي لنا ان الرجوع إليهم معصية فلا يلزمه بالشرط كما لو كان امرأة
وكما لو شرط قتل مسلم أو شرب خمر احتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله عاهد قريشا على رد من جاءه مسلما والجواب المنع ذلك.
البحث الخامس: من يدخل في الأمان ومن لا يدخل. مسألة: إذا فادى المشركون بالأمان فقد بينا انه ينبغي للامام ان يؤمنهم
الا إذا رأى المصلحة بترك أمانهم فلا يلتفت إليهم إذا ثبت هذا فلو طلبوا أمانا لأنفسهم كانوا مأمونين على أنفسهم ولو طلبوا الأمان
لأهليهم فقالوا أمنوا أهلينا فقال المسلمون أمناهم فهم فئ وأهلهم آمنون لأنهم طلبوا الأمان لأهلهم ولا يذكروا أنفسهم
صريحا ولا كناية فلا يتناولهم الأمان اما لو قالوا يخرج على أن تراوضكم في الأمان على أهلينا فقالوا لهم اخرجوا فهم آمنون و
917

أهليهم لأنهم بأمرهم بالخروج للمراوضة على الأمان أمنوهم ولهذا لو لم يتفق بينهم امر كان عليهم ان يردوهم إلى مأمنهم ولا يؤمنوا لهم سبي
مسألة: لو قالوا أمنونا على ذريتنا فأمنوهم فهم آمنون وأولادهم وأولاد أبنائهم وان سلفوا لعموم اسم الذرية
جميع هؤلاء وهل يدخل أولاد البنات في ذلك الوجه دخولهم لقوله تعالى ومن ذريته داود إلى قوله تعالى وعيسى ولم يكن ابن أبيه ولان الذرية
اسم الفرع المتولد من الأصل الأب والأم أصلان في انجاب الولد بل التولد والتفرع من جانب الأم أرجح لان ماء الفحل يصير متعهد (كان في جمعهما)
وانما يتولد الولد منها بواسطة ماء الفحل ولو قالوا أمنونا على أولادنا فهل تدخل أولاد البنات كما تدخل أولاد الذكور فيه بحث يأتي
في باب الوصايا إن شاء الله تعالى. مسألة: ولو قالوا أمنونا على أخواتنا ولهم اخوة وأخوات فهم آمنون لان اسم الاخوة عند الاطلاق
يتناول الذكور والإناث عند الاجماع قال الله تعالى وان كانوا اخوة رجالا ونساءا هذا من حيث الاستعمال وفي أصل الوضع
الصيغة للذكور الا ان العرب عند الاجماع غلبوا الذكور على الإناث فأطلقوا اسم الذكور على الكل اما الأخوات بانفرادهن فلا يدخلن
في الأمان لان الإناث بانفرادهن لا يتناولهن اسم الذكور وكذا لو قالوا أمنونا على أبنائنا دخل فيه الذكور والإناث ولا يتناول
الإناث بانفرادهن الا إذا كان المضاف إليه أب القبيلة والمراد به النسبة إلى القبيلة ولو تقدم من المستأمن لفظ يدل على طلب الأمان لهن
انصرف الأمان إليهن ولو كان بلفظ الذكور كما لو قال ليس لي الا هؤلاء البنات والأخوات فأمنوني على بني أو على اخوتي فالإناث آمنات
مسألة: ولو قالوا أمنونا على أبنائنا ولهم اباء وأمهات دخلوا جميعا في الأمان لان اسم الاباء يتناول الاباء والأمهات فان
الأمهات تسمى اباء قال الله تعالى ولأبويه لكل واحد منها السدس وقال وورثه أبواه وكذا لو كان ل أب وأمهات شتى لتناول الاسم
والجميع من حيث الاستعمال وهل يدخل الأجداد في ذلك قال أبو حنيفة لا يدخلون لان اسم الأب لا يتناول الأجداد حقيقة ولا بطريق التبعية
لأنهم أصول الاباء يختصون باسم خاص فلا يتناولهم اسم الاباء على وجه الاتباع لفروعهم والوجه دخولهم لان الأب يطلق عليه من حيث إنه
أب الأب والإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة والصدق على سبيل التبعية في الاستعمال ولا ينحصر في التبعية في الوجود. مسألة: لو قالوا
أمنونا على أبنائنا دخل فيه أبناء الأبناء أيضا لان الابن يتناول ابن الابن لأنه طلب الأمان مضافا إليه بالبنوة الا انه
ناقض في الإضافة والنسبة إليه لأنه لا يضاف إليه بواسطة الابن لأنه متفرع ومتولد عنه بواسطة الابن والإضافة الناقضة كافية في اثبات
الأمان لأنه يحتاط في اثباته لان موجبه حرمة الاسترقاق والشبهة ملحقة بالحقيقة في موضع الاحتياط بخلاف الوصية فان الشبهة فيها غير
كافية في الاستحقاق لثبوت مزاحمة الوارث. مسألة: هذا كله انما هو بلسان العرب فالحكم متعلق به ما استعماله لكنا قد بينا ان صيغة
الأمان يكفي فيها اي لغة كان فهو كان بعض اللغات يتناول بعض ما أخرجناه في بعض هذه الصور وطلب اللغة دخل فيه ما أخرجناه كذا لو
اعتقد المشرك دخول من أخرجناه في الأمان حتى خرج بهم لم يجز التعرض لهم لأنهم دخلوا إلينا بشبهة الأمان فيردون إلى مأمنهم ثم يصيرون
حربا. البحث السادس: في الأمان بالرسالة والكتابة. مسألة: ينبغي لأمير العسكر إذا أراد إنفاذ رسولا
ان يختار لرسالته رجلا مسلما أمينا عدلا ولا يختار خاينا ولا ذميا ولا حربيا مستأمنا لأنه ركون إليه وقد قال تعالى ولا تركنوا إلى الذين
ظلموا ولأنه في حق المسلمين ولهذا أنكر عمر بن الخطاب على أبي موسى الأشعري لما امره ان يأمر كاتبه ان يدخل المسجد ليقرأ كتابه فقال إن
كاتبي لا يدخل المسجد فقال أجنب هو؟ فقال لا ولكنه نصراني فقال عمر سبحان الله اتخذت بطانة من دون المؤمنين اما سمعت قوله
تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم حبا اي لا يقصرون في فساد أموالكم ولا نعرف في ذلك خلافا وينبغي ان
يكون بصيرا بالأمور عارفا لمواقع أداء الرسالة لأنه ربما يرى مصلحة لم ينبه الأمير عليها فيفعل بحسبها. مسألة: إذا أرسل
الأمير رسولا مسلما فذهب الرسول إلى امين المشركين فبلغه الرسالة ثم قال له اي ن أرسل على لساني إليك الأمان ولأهل ملتك فافتح
الباب ثم ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير وقوله بمحضر من المسلمين فلما فتحوا ودخل المسلمون وشرعوا في السبي قال لهم أمير المشركين ان
رسولكم أخبرنا ان أميركم أمننا وشهد أولئك المسلمون على مقالته كانوا آمنين ولا يجوز سلبهم لان التميز بين الحق والاحتيال متعذر
في حق المبعوث إليه إذ لا طريق له إلى الوقوف إلى حقيقة الرسالة وانما يتمكن من الاعتماد على خبر الرسول فيجعل ما أخبر به الرسول فإنه حق وصدق
بعد ما يثبت رسالته لئلا تودي إلى الغرور في حقهم وهو حرام كما لو قال لهم الأمير ان هذا رسولي ثم اتاهم بأمان لكانوا آمنين فكذا هنا
مسألة: لو أرسل الأمير إليهم من يخبرهم انه امنهم ثم رجع إليه فأحضره انه قد أدى الرسالة فهم آمنون وإن لم يكن يعلم المسلمون
التبلغ لان الواجب هو البناء على الظاهر لا يمكن الوقوف على حقيقة والظاهر أن الرسول بعد ما دخل إليهم انه لا يخرج الا بعد التبليغ
ولان وقل الرسول يتحمل الصدق فيثبت شبه التبليغ والأمان فيتحقق بشبهه ولو كتب من ليس برسول كتابا فيه أمانهم وقرأ عليهم وقال إني رسول
الأمير إليكم لم يكن أمانا من جهته لأنه ليس للواحد من المسلمين ان يؤمن حصنا كثيرا ولا من جهة الامام لأنه ليس برسوله ولا غرور هنا لان
918

التقصير من جانبهم حيث عولوا على قول مجهول لم يعتقد بشهادته أحد من المسلمين ولا باعتبار الرسالة من الأمير في وقت من الأوقات والأمير غير متمكن
من الاحتراز مثل هذا لأنه لا يعرف المفصل حتى يأمنه من الافتعال ولو ناداهم من صف المسلمين مسلم وهم قليلون فيصح أمان الواحد بهم اني
رسول الأمير إليكم وانه أمنكم وأنتم آمنون كان ذلك أمانا من جهته لان من يملك الأمان إذا أخبر عمن يملك الأمان أمانا صحيحا أما إذا
كان صدقا فظاهر لأنه يكون من جهة المخبر واما ان ككان كذبا فإنه يكون أمانا من جهة المخبر. مسألة: وهذا الأمان مع
اقتضاء المصلحة سايغ على ما يأتي بشروط نذكرها إذا ثبت هذا فلو امنهم المسلمون لم يعتق رجلا لينبذ إليهم ويخبرهما انهم قد نقضوا
العهد فجاء الرسول وذكر أنه أعلمهم لم يعرض لهم ويكونون آمنين حتى يعلمون بذلك شاهدين لأنه قد جاء لهم خبر داير بين الصدق والكذب وهو
ليس بحجة في بعض العهد وان كان حجة في الأمان والفرق بينهما ان؟ يتعلق به إباحة السبي واستحلال الأموال والفروج والدماء
ولا لا يثبت مع الشبهة وخبر الواحد لا ينفك عن الشبهة اما الأمان فيتعلق به حفظ الأموال وحراسة الأنفس وحصن الدماء
وحرمة السبي والفروج وهو يثبت مع الشبهة فلو أعاد المسلمون عليهم فقالوا لم يبلغنا خبر رسولكم فالقول قولهم لأنهم أنكروا هذا الأمان والأصل
بقصدهم فيصار إلى قولهم لان في وسع الامام ان يرسل إليهم رسولا ويشهد عليهم شاهدين ويسرهما معه اما لو كتب الامام إليهم نقض العهد
وسيره مع رسوله وشاهدين فقراء بالعربية فاحتاجوا إلى ترجمان فترجم لهم بلسانهم وشهد الآخران عليهم ثم ادعوا ان الترجمان
لم يخبرهم بنقض العهد بل أخبرنا ان الامام قد زاد في مدة الأمان لم يلتفت إليهم لان الامام اتي بما في وسعه من الاخبار بالنقض والشهادة
وانما التقصير من قبلهم حيث اختاروا المترجم خاينا الا ان يعلم من حضر من المسلمين ان الترجمان قد خانهم فيقبل قولهم حالا. مسألة: قد
بينا ان الرسول امين للحاجة الداعية إلى المراسلة التي لا يتم الا بأمان وسلمهم ولو تقدم فلو جاز الامام ان يكون الرسول قد رأى عورة المسلمين
يدل عليها العدو جاز منعه من الرجوع وكذا يمنع الساحر لو انكشف على عورة ينبغي اخفاؤها عن المشركين ويجعل عليها حرسا يحرسونها نظرا
للمسلمين ودفعا للعقبة عنهم ولو حضر قال واحتاج الامام إلى شغل الحرس وخاف انقلابهما جاز له ان يعتدهما حتى ينقضي الشغل للضرورة؟
للضرورة فيقدر بقدرها ولو لم يخف الامام منهما أبعدهما فان خاف من اللصوص فينبغي ان يرسل معهما من مبلغهما مأمنهما لقوله تعالى
ثم أبلغه مأمنه ويجوز الاستيجار عليه من بيت المال وكذا مؤنتهما يكون من بيت المال في الموضع الذي يمنعهما من الرجوع لان ذلك كله لمصلحة المسلمين. البحث السابع:
في الأمان على حصن. مسألة: إذا حضر المسلمون حصنا فناداهم رجل آمنون افتح الحصن جاز ان يعطوه أمانا ولا نعلم فيه
خلافا فإذا أمنوه لم يكن لهم نقض أمانه فان أشكل الذي أعطى الأمان وادعا كل واحد من أهل الحصن فان عرف صاحب الأمان
عمل على ما عرف وإن لم يعرف لم يقبل واحد منهم لاحتمال صدق كل واحد وقد حصل أشباه المحرم من المحلل فيما لا ضرورة إليه فكان الكل حرام
كما لو اشتبهت الأخت بالأجنبيات قال الشافعي ويحرم استرقاقهم لما ذكرنا في القتل فان استرقاق من لا يحل استرقاقه محرم وقال بعض
الجمهور يقرع فيخرج صاحب الأمان فيسترق الباقون لان الحق الواحد وقد اشتبه فيقرع بينهم كما لو أعتق عبدا من عشرة عبيد ثم
اشتبه ويخالف القتل لان الاحتياط في الدم أبلغ من الاحتياط في الاسترقاق قال الأوزاعي لو أسلم واحد من أهل الحصن قبل فتحه فاسترق
علينا ثم أشكل فادعى كل واحد منهم انه الذي أسلم سعى كل واحد منهم في قيمة نفسه وترك له عشر قيمته. مسألة: لو قال اعقدوا
الأمان على حصني على أن افتح لكم فأمنوه على ذلك فهو امن وأهل الحصن آمنون قالت الحنفية أموالهم كلها في الأمان بشرط
فتح الباب لا يدخل فيه الأموال بالتنصيص ولا التبعية للنفوس لان لم يبق للمسلمين حكم فايدة في فتح الباب وانما قصد بذلك التوسل إلى (استئمان)
أموالهم ولو قال اعقدوا لي الأمان على أهل حصني على أن أدلكم على طريق موضع كذا فقبلوا ففتحوا الباب فجمع النفوس والأموال يدخل في الأمان
لان شرط الأمان هنا جزاء على الدلالة على فتح الباب فيكون كلامه بيانا انه أيديهم له ليتمكنوا في الفرار في حصنه مع أهل الحصن فيدخل
الأموال تبعا للنفوس لأنه لا يمكنهم المقام فيه الا بالمال بخلاف الصورة الأولى لان في اشتراط فتح الباب دلالة على أن الذين يتناولهم الأمان غير
مقرين بالسكني في الحصن وانما يدخل الأموال في الأمان لان التمكين من المقام يكون بالأموال وإذا انعدم السكنى لم يدخل الأموال في الأمان
ولو قال اعقدوا لي الأمان على أن يدخلوا فيه فيصلوا دخل الأموال في الأمان لان في هذا تصريحا بفايدة فتح الباب وهو الصلاة فيه دون
ارجاع أهله وقد دعت المسلمون في الصلاة في ذلك المكان اما لينتقل الخبر بان المسلمون صلوا جماعة في الحصن الفلاني فيدخل الرعب في
قلوب المشركين أو ليكونوا قد عبدوا الله تعالى في مكان لا يعبد في ذلك المكان أهله ومكان العبادة شاهد للمؤمن يوم القيامة ول قال أمنوني
قلعتي أو مدينتي فأمنوه دخل المال والأنفس فيه وان كان تنصيص الأمان انما هو عليهما لا غير لان المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة
والمدينة على ما كانتا عليه عرفا ويكون هو (المتصرف والمنقلب) وليس غرضه ابقاء غير القلعة أو المدينة مع افناء أهلها ونهب الأموال. مسألة:
لو قال أمنوني على ألف درهم من مالي على أن افتح لكم الحصن فهو امن على ما طلب ويكون الباقي؟ أو لم يف ماله بالألف لم يكن له زيادة على ماله
919

ولو لم يكن له دراهم ولكنه كان له عروض أعطى من ذلك ما يساوي ألفا لأنه شرط في الأمان جزاء من ماله والأموال كلها جنس واحد في صفة المالية
اما لو قال علي ألف درهم من دراهمي كان لغوا لأنه شرط جزء من دراهم ولا دراهم له فلا يضاف الأمان محلا فيكون لغوا. البحث الثامن:
في الحكم. مسألة: إذا حضر الامام بلدا جاز ان يعيد عليهم ان ينزلوا على حكمه فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه ولا نعلم
فيه خلافا لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله لما حضر بني قريظة رضوا بان ينزلوا على حكم سعيد بن معاذ فأقرهم على ذلك إذا عرفت هذا فهل
يجوز للامام انزالهم على حكم الله عالي الذي رواه علمائنا المنع وهو مروي عن محمد بن الحسن وقال أبو
يوسف يجوز ذلك لنا لما رواه الجمهور
عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا كان بعض جيشا أو سرية أوصاهم بتقوى الله تعالى إلى أن قال إذا حاصرتم حصنا أو مدينة فأرادوكم
ان تنزلوا على حكم الله فلا تنزلوهم فإنكم لا تدرون ما حكم الله تعالى فيهم ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم ما رأيتم ومن طريق الخاصة
عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك ان تنزلوا على حكم الله
فلا تنزلهم ذلك أنزلهم على حكمي ثم اقضي بينهم بعد لما شئتم فإنكم ان أنزلتموهم على حكم الله لم تدروا أتصيبوا حكم الله فيهم أم لا ولان
حكم الله تعالى في الرجال القتل والمن أو الاسترقاق أو المعادات وفي النساء الاسترقاق أو المن فيكون مجهولا فكان الانزال على حكم
مجهول فكان باطلا احتج أبو يوسف بان حكم الله تعالى معلوم لأنه في حق الكفرة القتل في المقاتلين والاسترقاق في ذراريهم والاستغناء
في أموالهم ثم تأول الحديثين اللذين بلوناهما كما في زمن لم يكن الاحكام مستقرة والنسخ كان متصورا فان الوحي منزل في كل وقت
وينسخ حكم يحكم فمن الجايز ان يكون الانزال على حكم قد نسخ فاما الآن فقد استقرت الشريعة ولا ينسخ وعرف حكم الله تعالى فجاز الانزال عليه
والجواب ان حكم الله تعالى معلوم في حق قوم متعين دفع الظهور عليهم اما في حق قوم ممتنعين تركوا صنعتهم باختيارهم مجهول.
مسألة: ويجوز ان نزلوا على حكم الامام احكم بعض أصحابه ولا نعلم فيه خلافا فيحكم فيه بما يرى لان النبي صلى الله عليه وآله
لما حضر بني قريظة رضوا بان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأجابهم الرسول صلى الله عليه وآله إلى ذلك فحكم عليهم بقتل رجالهم وسبي ذراريهم فقال له النبي صلى الله عليه وآله
لقد حكمت بما حكم الله تعالى فوق سبعة أرفعة يعني سبع سماوات قال الجليل الرفيع اسم سما هذه الدنيا ويقال كل واحد رفيع للأخرى
فهي أرفعة. مسألة: ويشترط في الحكم شروط سبعة ان يكون حرا مسلما بالغا عاقلا ذكرا فقيها عدلا فلا يجوز ان يكون عبدا
لأنه ليس مظنة للفراغ في النظر في أمور المسلمين وكيفية القتال وما يتعلق به من المصالح الاشتغال فيه في خدمة مولاه ولا يجوز ان
يكون كافرا لأنه لا نظر له في حق المسلمين ولا يؤمن عليهم ولا يجوز ان يكون صبيا لخفاء الأمور المنوطة بالحرب عنه ولا يجوز ان يكون مجنونا لعدم
قصده وعدم تعقله بمزايا الأمور ولا يجوز ان يكون امرأة لقصور نظرها وقلة معرفتها بموقع الحروب ومصالحه ولا يجوز ان يكون جاهلا
بما حكم فيه لجواز ان يحكم فيهم بما لا يسوغ شرعا العمل به فيجب تركه حكمه فيبطل فايدة الحكم ولا يجوز ان يكون فاسقا لأنه ظالم فلا يجوز الركون
إليه لقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ولا يشترط ان يكون فقيها في كل المسائل عارفا بجميع الاحكام لان سعد بن معاذ أجاز النبي
(صلى الله عليه وآله بحكمه ولم نعلم أنه كان عالما بجميع الاحكام بل إن يكون عارفا بما يتعلق بهذا الحكم ولا يجوز فيه ويعتبر له ويجوز ذلك
فروع " الأول: يجوز ان يكون الحاكم أعمى وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة لا يجوز لنا ان المقصود راية دون
بصره وذلك شئ لا يحتاج فيه إلى الروية فعدم البصر لا يضر في مسئلتنا احتج أبو حنيفة بأنه لا يصلح للقضاء فلا يكون حاكما هنا و
الجواب الفرق بان القاضي لا يستعين عن البصر لاحتياجه إلى معرفة المدعي والمدعى عليه والشاهد والمشهود له والمقر والمقر له بخلاف
المتنازع لان القصد معرفة المصلحة في أحد أقسام الحكم والتقدير حصوله على انا نمنع الحكم في الأصل وسيأتي. الثاني: لو نزلوا على حكم
محدود في حدث وتاب لم يكن به بأس وقال أبو حنيفة لا يجوز لنا انه مسلم عدل بالتوبة وحدث فيه الشرايط لان التقدير لذلك فيجوز ان يكون
حكما كغير المحدود. الثالث: لو نزلوا على حكم أمير معهم مسلم جاز وقال أبو حنيفة لا يجوز لأنه مقصود معهم فكان كالمملوك لنا
انه عدل عارف فجاز ان يكون حكما كغيره والقهر ترفع بالرد إليه اما لو كان حسن الرأي فيهم كره القبول وكذا لو حكموا رجلا مسلما أسلم
عندهم وهو حسن الرأي فيهم أو حكموا رجلا مسلما عندنا وهو حسن الرأي فيهم أيضا كره ذلك في التهمة في طرفه لكنه يكون جايزا إذا جمع الصفات
المشروطة في الحاكم. الرابع: لو نزلوا على حكم رجل غير معين وأسندوا اليقين إلى ما يختاروا به لأنفسهم من أهل العسكر قبل ذلك منهم
ثم ينظر فان اختاروا من يجوز ان يكون حاكما قبل منهم وان اختاروا من لا يجوز ان يكون حاكما كالصبي والعبد والفاسق لم يجز اعتبار للانتهاء
بالابتداء وقال الشافعي لا يجوز اسناد الاختيار إليهم لأنهم ريما اختاروا من لا يصلح لذلك والأول مذهب أبي حنيفة وعندي فيهما
تردد اما لو جعلوا اختيار التعيين إلى الامام فإنه يجوز اجماعا لان لا يختار الا من يصلح للحكم. الخامس: يجوز ان يكون الحاكم
اثنين اجماعا كما جاز الواحد فان اتفقا على الحكم جاز ولو مات إحداهما لم يحكم الاخر الا بعد الاتفاق عليه أو يتفق على غيره ولو اختلفا
920

لم يمض الحكم حتى يتفقا ولو اختلفت الفئتان فقالت إحديهما يحكم وقالت الأخرى لا يحكم بهذا لم يجز ان يحكما حتى يتفقوا عليهما وكذا يجوز ان يكون الحاكم أكثر
من اثنين اجماعا. السادس: لو نزلوا على حكم اثنين أحدهما مسلم والاخر كافر لم يجز لان الكافر لا حكم له ولا يركن إليه لا بالاستقلال
ولا بالحرمة. السابع: لو اتفقوا على حاكم يجتمع فيه الشرايط فمات قبل الحكم لم يحكم فيهم غيره الا إذا اتفقوا عليه فان لم يتفقوا على من
يقوم مقامه وطلبوا حكما لم يصلح لم يجز وردوا إلى مأمنهم الثامن: لو رضوا بتحكيم من لم يجتمع فيه الشرايط ورضى به الجيش ونزلوا على ذلك
البناء ثم بان انه لا يصلح لم يحكم ويردون إلى مأمنهم كما كانوا ويكونون على الحصار لأنهم نزلوا على هذا الشرط وقد بينا بطلانه
فيردون إلى موضعهم حتى يرضوا بحكم من يجوز ان يكون حكما. مسألة: ويتبع ما يحكم به الحاكم مشروعا ولا يمضي الحكم الا
يما يكون الحظ فيه للمسلمين ثم ينظر فان حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرية وغنيمة المال نفذ ذلك اجماعا لان سعد بن معاذ
حكم في حكم بني قريظة بذلك فقال النبي صلى الله عليه وآله لقد حكم بحكم الله من فوق سبع أرفعة ولان حكم باسترقاق الرجال وسبي النساء والولدان
واخذ الأموال جاز أيضا وان حكم بالمن وترك السبي بكل حال جاز أيضا إذا رآه خطأ لأنه قد يكون مصلحة للمسلمين وكما يجوز
للامام ان يمن على الأسارى إذا رآه مصلحة فكذا يجوز للحاكم وان حكم بات يقيد وعقد الذمة ويؤدوا الجزية جز ولزمهم ان ينزلوا
على حكمه في ذلك قال الشيخ (ره) لأنهم رضوا بحكمه وحكم ما يجوز فيلزمهم لغيره من الاحكام وبه قال الشافعي في أحد الوجهين وفي الاخر
لا يلزمهم ذلك لان عقد الذمة عقد معاوضة فلا يثبت الا بالتراضي ولهذا لم يجز للامام ان يجز الأسير على اعطاء الجزية والجواب
الفرق بان الأمير لم يرض يما ينقله الامام وهؤلاء قد رضوا بحكمه وان حكم عليهم بالفداء جاز لأنه يجوز للامام فكذا للحاكم ولو حكم بان
على الذمة قال بعض الجمهور لا يجوز لان الامام لا يملك المن على الذرية لا أسبق فكذلك الحاكم وقيل بالجواز لأنهم لو منعوا السبي بخلاف
من سبى فإنه يصير رقيقا بنفس السبي وان حكم بالاسترقاق نفذ حكمه لأنه إذا نفذ حكمه بالقتل نفذ حكمه بالاسترقاق لأنه أخف من حكم على من أسلم بالاسترقاق ومن أقام على الكفر بالقتل فلو جاز أراد أن يسترق بعد ذلك من أقام على الكفر بالقتل جاز فلة أراد أن يسترق بعد ذلك من أقام على
الكفر لم يكن له ذلك لأنه لم يدخل هذا الشرط وان أراد أن يمن عليه جاز لأنه ليس فيه ابطال شئ شرط بل فيه اسقاط ما كان شرطا
من القتل ولو حكم بالقتل واخذ الأموال وسبي النساء وأراد أن يمن على الرجال أو على بعضهم جاز لان يبعد الحكم على بني قريظة يقتل
الرجال ثم إن ثابت بن قيس الأنصاري سأل النبي صلى الله عليه وآله ان يهب له الزبير بن باطا اليهودي من قرنطة ففعل بخلاف مال الغنيمة إذا إجازة
المسلمون فا ن ملكهم قد استقر عليه. مسألة: إذا نزلوا ما يحكم به الحاكم فان سلموا قبل حكمه عصموا أموالهم ودماهم وذراريهم
من الاستغنام والقتل والسبي لأنهم أسلموا وهم أحرار ولم يسرقوا أموالهم لم يقسم فلم يجز استرقاقهم ولا استغنام مالهم ولو أسلموا بعد الحكم
عليهم فإن كان قد حكم بقتل الرجال وسبي الذراري ونهب الأموال مضى الحكم عليهم الا القتل فإنهم لا يقتلون لمن أسلم فقد عصم دمهم لقوله (عليه السلام
أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا دماهم ولو أراد الامام استرقاقهم بعد الاسلام لم يجز لأنهم ما نزلوا على
هذا الحكم بل وجب القتل عليهم بالحكم وقد سقط بالاسلام وقال بعض الجمهور يجوز استرقاقهم كما لو أسلموا بعد الأسر وليس بجيد لان
الأسير قد ثبت الامام استرقاقه ويكون المال على ما حكم فيه من الاستغنام ويسترق الذرية وإذا حكم بقتل الرجال أو سبي النساء والذرية
واخذ المال كان غنيمة ويجب فيه الخمس لأنه لعدو يقهر بالسيف ولو نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب الله تعالى والقرآن كره ذلك ولان هذا
الحكم ليس بمنصوص في كتاب الله تعالى فيحصل الاختلاف. فروع: الأول: لو دخل الحربي إلينا بأمان فقال له الامام ان رجعت
إلى دار الحرب والا حكمت عليك أهل الذمة فأقام سنة جاز ان يأخذ منه الجزية وان قال له اخرج إلى دار الحرب فان أقمت عندنا صرت نفسك
ذميا فأقام سنة قم قال أقمت قبل قول ولم يجز اخذ الجزية منه بل يرد إلى أمانه لان الأصل براءة الذمة قال الشيخ (ره) وان قلنا إن
يصير ذميا كان قويا لأنه خالف الامام. الثاني: لو حكم الحاكم بالرد لم يجز لأنه غير مشروع وقد قلنا إن الحكم الحاكم يشترط فيه
المشروعية. الثالث: لو اتفقوا على حكم اجتمعت فيه الشرايط جاز له ان يحكم اجماعا على ما تقدم ولا يجب عليه الحكم سواء قبل الحكم أو لم
يقبله بل يجوز له ان يخرج بنفسه من الحكومة لأنه دخل باختياره فجاز ان يخرج باختياره. الرابع: لو حكم الحاكم بما لا يجوز لم يقبل
على ما تقدم فلو حكم بعد ذلك بالجايز فالوجه نفوذه لان الحكم الأول وقع فاسدا لا اعتبار له في نظر الشرع فلا يخرج عن الحكومة
كما لو وكله في بيع سلفة بألف فباعها بخمسمائة ثم باعها بألف فإنه يجوز وقال أبو حنيفة لا يجوز حكمه بعد ذلك استصحابا. الخامس:
لو كانوا اشترطوا في الصلح إن لم يحكم فلان في ذلك بلغتمونا إلى مأمننا ثم حكم فلان بان يبلغوا إلى مأمنهم جاز ويكون مروها لأنهم
ما رضوا بالصلح الا بهذا الشرط فإذا لم يف بهذا كان عذرا منا والتجرد عن العذر واجب وانما قلنا إنه مكروه لما فيه من أعاديهم حربا علينا
بعد تركهم ذلك باختيار منهم.
المقصد الرابع: في الغنائم: الغنيمة في الفائدة المكتسبة سواء اكتسب برأس مال
921

كالأرباح التجارات والزراعات وغيرهما أو اكتسب بالقتال والمحاربة والقسم الأول مضى البحث فيه والكلام هنا يقع في القسم الثاني وأقسامه ثلاثة ما ينقل
ويحول كالأمتعة والأقمشة والذهب والفضة والحيوان وغير ذلك وما لا ينقل ولا يحول كالأراضي والعقارات وما هو سبي كالأطفال والنساء
فليبحث عن احكام هذه الأقسام وببيع ذلك بالحث عن كيفية القسمة والجعائل؟ وغير ذلك مما هو مختص بهذا الباب بعون الله تعالى
وهنا أبحاث.
البحث الأول: فيما ينقل ويحول. مسألة: قد بينا ان الغنيمة شاملة لما يغنم بالقهر والغلبة من أموال
المشركين ولما يغنم بالمعاش والربح وعند الجمهور الغنيمة اسم للمعنى الأول والوضع تساعدنا على الشمول للمعنين معا واما الفئ فهو مشتق
من فاء يفيئ إذا رجع والمراد به في قوله تعالى ما أفاء الله على رسوله الآية الا به ما حصل ورجع عليه من غير قتال ولا انحاف بخيل ولا ركاب
وما هذا حكمه فهو للرسول عليه السلام خاصة ولما قام مقامه بعده من الأئمة بعده (عليه السلام ليس لغيرهم في ذلك نصيب والغنيمة مشتقة من
الغنم وهو المستفاد مطلقا على ما بينا وما يؤخذ بالفزع مثل ان نزل المسلمون على حصن أو قلعة فيهرب أهله ويتركون أموالهم
فيه فزعا منهم فإنه يكون من جملة الغنايم التي يخمس وأربعة أخماس للمقاتلة كالغنائم وقال الشافعي ان ذلك من جلمة الفيئ لان القتال
ما حصل فيه قال الشيخ (ره) والأقوى إذا عرف هذا فان الغنيمة كانت محرمة فيما تقدم من الأديان وكانوا يجمعون الغنيمة فينزل نار من السماء
فيأكلها فلما أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه وآله أنعم عليه فجعل ماله خاصة قال الله تعالى يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله
والرسول وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أجراني الخمس ولم يحل لاحد قبلي وحلت لي الغنائم وقال عليه السلام أعطيت خمسا لم يعطهن
أحد قبلي وذكر فيها أحلت له الغنائم إذا ثبت هذا فان النبي كان مختصا بالغنائم لقوله تعالى يسألونك عن الأنفال
قل الأنفال لله والرسو ل واتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم نزلت يوم بدر لما يتنازعوا في الغنائم فلما نزلت قسمها رسول الله صلى الله عليه وآله
وادخل معهم جماعة لم يحضروا الوقعة لأنها كانت له عليه السلام يصنع بها ما شاء ثم نسخ ذلك وجعلت الغنائم خاصة أربعة أخماسها
والخمس الباقي في المستحقة قال الله تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شئ فان لله خمسة الآية فأصاب الغنيمة إليهم وجعل الخمس للأصناف التي عددها
المغايرين للغانمين فدل على أن الباقي لهم وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الغنيمة لمن شهد الواقعة ولا نعلم فيه خلافا
مسألة: ما يحويه العسكر مما ينقل ويحول ينقسم إلى ما يصح تملكه والى ما لا يصح تملكه للمسلمين كالخمور والخنازير وهذا القسم
لا يكون غنيمة لأنه غير مملوك اما ما يصح تملكه للمسلمين فإنه يصير غنيمة ويختص به الغانمون اجماعا بعد الخمس الجعايل فيقسم الخمس ستة
أقسام ثلاثة منها للنبي صلى الله عليه وآله وهي الآن للإمام عليه السلام وأربعة أخماس الباقية يكون للمقاتلة خاصة على ما يأتي من كيفية القسمة
اما الأشياء المباحة في الأصل كالصيود والأحجار والأشجار في دار الاسلام إذا وجد في دار الحرب ولم يكن عليه اثر يملك لهم فإنه لواجده
ولا يكون غنيمة لأنه لم يملكه بالقهر الغلبة ولو وجد شئ من ذلك عليه اثر ملك كالطير المقصوص والأشجار المقطوعة والأحجار المنحوتة
أو كان موسوما فإنه غنيمة بناء على الظاهر لأنه دلالة على ثبوت يدهم عليه ولو وجد في دار الحرب شئ يحتمل ان يكون للمسلمين و
لأهل الحرب كالخيمة والسلاح فالوجه ان حكمه حكم اللقطة وقيل يعرف سنة ثم يلحق بالغنيمة ذهب إليه الشيخ في المبسوط وهو اختيار احمد ولو وجد
في الصحراء وتدا منحوتا كان البحث دليلا على أنه مملوك ولو عرفه المسلمون كان لهم وإن لم يعرفوه فهو غنيمة لان الظاهر أنه لهم لأنه
في دارهم فان ادعا واحد من المسلمين فالوجه ان عليه إقامة البينة إذا عرفت هذا فان الشافعي وافقنا على أن ما يجده المسلم في دار الحرب مما
هو مباح الأصل ولا اثر عليه لمالك يكون لواجده ووافقنا أيضا مكحول عليه والأوزاعي وقال أبو حنيفة والثوري لا يختص به الواجد بل يكون
للمسلمين كافة لنا انه لوجده من دار الاسلام ملكه فإذا أخذه من دار الحرب كان ملكا له كالشئ اليسير احتجوا بأنه مال ذو قيمة مأخوذ من ارض
الحرب بظهر المسلمين وكان غنيمة كالمطعومات والجواب المنع من كونه غنيمة لان التقدير انه لا مالك له اما لو وجد صيدا في أرضهم
واحتاج إلى اكله أو وجد ما يحتاج إلى الانتفاع به مما ليس بمملوك فإنه له ولا ترده اجماعا لأنه لو وجد طعاما مملوكا للكفار به كان له
اكله إذا احتاج إليه فما يأخذ من الصيود والمباحات أولى. فروع: الأول: لو اخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم
كالمش والأدوية فهو أحق له اجماعا ولو صارت له قيمة ينقله أو معالجة فكذلك به وبه قال أحمد بن حنبل ومكحول والأوزاعي والشافعي وقال
الثوري إذا أجابه إلى دار الاسلام دفعه إلى المقسم وان عالجه فصار له لمن أعطى بقدر عمله فيه ودفع في المقسم لنا انه مباح وكان مملوكا لواحد
وقد تقدم وليس الغنيمة انما صارت له بعلمه أو نقله فلم يكن غنيمة حال اخذه له فكان كما لو اخذه ما لا قيمة له. الثاني: لو ترك صاحب المقسم
شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله فهو له كان جايزا أو يصير لاخذه وبه قال مالك وخالف بعض الجمهور فيه لنا انه إذا لم يجد من يحمله ولم يقدر على
حمله بمنزلة ما لا قيمة له وانما حصلت له القيمة بحمله إلينا فلم يكن غنيمة. الثالث: لو وجد في أرضهم وكان ركازا فإن كان في موضع بقدر
عليه بنفسه فهو كما لو وجده في دار الاسلام يخرج منه الخمس والباقي له وإن لم يقدر على الا بجماعة المسلمين فإن كان في مواتهم قال الشافعي يكون
922

كما لو وحد في دار الاسلام والا فهو غنيمة وقال مالك والأوزاعي والليث واجده وغنيمة سواء كان في مواتهم أو غير مواتهم لأنه مال مشرط ظهر عليه
بقوة جيش من المسلمين فكان غنيمة كالأموال الظاهرة. مسألة: لا يجوز تصرف في شئ من الغنيمة قبل الا ما لا بدله منه كالطعام
وعلف الدواب وقد اجمع العلماء على جواز التصرف في الطعام وعلف دواب الا من شذ ويه قال سعيد بن المسيب وعطا والحسن البصري والشعبي والثوري
والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي وقال الزهري لا يؤخذ الا باذن الامام لنا ما رواه الجمهور عن نافع بن أبي عمر قال
كنا نصيب العسل والفواكه في مغازينا فيأكله ولا نرفعه وعن عبد الله بن أبي أوفى قال أصبنا طعاما يوم خيبر وكان الرجل يأخذ منه مقدار ما يكفيه
ثم ينصرف وكتب صاحب جيش أسامة أبي عمرانا أصبنا أرضا كثيرة الطعام والعلف وكرهت ان انعدم في كل شئ من ذلك وكتب عمر دع الناس
يعلفون ويأكلون فمن باع منهم شيئا بذهب أو فضة ففيه خمس الله وسهام المسلمين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة عن أبي
عبد الله عليه السلام في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير السرية ولا يقطعوا شجرة ولا يحرقون زرعا لأنكم لا تدرون لعلكم
تحتاجون إليه ولا يعقرون البهائم ما يؤكل لحمة ما لا بد لكم اكله ولو لم يكن التناول سايغا لما سوغ له الزرع على اطلاقه ولان الحاجة يسند
إليه وفي المنع منه مضرة عظيمة بالمسلمين ويداويهم لتعسر نقل الطعام والعلف من بلد الاسلام ولا يجدون بدار الحرب ما يشرونه ولو وجدوه
لو يوجد الثمن ولا يمكن قسمته ما يجد بالواحد منهم ولو قسم لم يحصل للواحد معهم شئ ينتفع به ولا يدفع به حاجته فكان مباحا احتج الزهري
بأنه مال مغنوم فلم يجز اخذه بغير إذن الإمام كساير الأموال والجواب بالفرق من حيث الحاجة والضرورة وعدمهما. فروع: الأول:
قد بينا انه يجوز التناول من الطعام والعلف مع الحاجة إليها على قدر الحاجة وهل يجوز مع عدم الحاجة أم لا والوجه عندي انه لا يجوز ويدل عليه مفهوم
قوله عليه السلام لا يعقرون من البهائم ما يؤكل الا ما لا بد لكم من اكله ولأنه مال مغنوم بين جماعة فلا يجوز التناول منه الا مع الحاجة كالسلاح والثياب قال بعض الجمهور يجوز التناول منه مطلقا مع الحاجة وغيرها
للغني والفقير وان عمر سوغ الأكل ولم يعقله بالحاجة ولأنه يتعذر عليهم حمل الطعام والعلف مدة اقامتهم في دار الحرب لما فيه من الحرج و؟
مبهمة يتعذر فلو لم يجز التناول لصار الامر على الغانمين فيبقى على الإباحة الأصلية لمكان الضرورة ومتى بقي على الإباحة الأصلية للضرورة
يجوز للغني والفقير. الثاني: الحيوان المأكول هل يجوز ذبحه للأكل اما مع الحاجة فيجوز واما مع عدهما فعلى ما مضى إذا ثبت
هذا فهل يجب عليه القيمة مع القول بالجو. از قيل يجب عليه بنذر لخلاف الطعام وفيل لا يجب لأنه يتغذى يه فكان كالطعام وهو الأقرب لأنه لولا
ذلك لما ساغ ذبحه وجرى مجرى غيره من الأموال ويدل على الجواز مع الحاجة قوله عليه السلام ولا يعقرون البهائم ما يؤكل لحمه الا ما لا بد لكم
من اكله. الثالث: إذا ذبحت الانعام للأكل رد جلودها إلى المغنم ولم يجز استعمالها لأنه ليس مما يدعو الحاجة إليه مع الاشتراك الغانمين فيها
فيرد إليهم فإنه ليس بطعام فلا يثبت فيه الترخيص كغيره من الأموال الغنيمة ولو استعمل الجلود في السقاء أو بعل أو شراك وجب رده في المغنم وعليه أجرة
المثل للمدة التي أقام في يده والأرش ما ينقص من اجزائه بالاستعمال لأنه مضمون مع تلفه فيضمن اجزاءه ولو زادت القيمة بالصيغة لم يكن لأنه متعمدا
الرابع: يجوز تناول ما عدا الطعام والعلف واللحم واستعماله ولا الانفراد به لقوله عليه السلام أدر الخيط والمخيط فان الغلول عار وشنار
يوم القيامة. الخامس: الدهن المأكول يجوز استعماله في الطعام عند الحاجة لأنه طعام فأشبه الحنطة والشعير ولو كان غير مأكول فاحتاج
إلى أن يدهن به دابته من جرب أو عقر لم يكن له ذلك الا بالقيمة فاله الشافعي لأنه مما يعم الحاجة إليه ولا هو طعام ولا علف وقال بعض
الجمهور يجوز لهم استعماله لان الحاجة إليه في اصلاح بدنه ودابته كالحاجة إلى العلف. السادس: يجوز ان يأكل ما يتداوى به أو يشربه كالجلاب
والسكنجبين وغيرهما عند الحاجة لأنه من الطعام وقال أصحاب الشافعي ليس له تناوله لأنه ليس من القوت ولا يصلح به القوت ولأنه لا يباح مع عدم
الحاجة إليه فلا يباح مع الحاجة إليه كالطعام والوجه الجواز لأنه محتاج إليه فأشبه الفواكه وقولهم يبطل بالفاكهة. السابع: لا يجوز ان
يغسل ثوبه بالصابون لأنه ليس بطعام ولا علف وانما يراد للتحسين والتزيين لا للضرورة فلا يكون في معنى الطعام والعلف فلا يثبت الترخص
فيه. الثامن: لا يجوز الانتفاع بجلودهم ولا اتخاذ النعل منها ولا الجرب ولا الخيوط والحبل وبه قال الشافعي ورخص مالك في المثل
تتخذ من الشعر والنعل والخف من جلود البقر لنا أنه قال مغنوم فلا يختص به بعض الغانمين كغيره من الطعام ولأنه روى أن قيس بن أبي الحازم
قال إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله بكنبة؟؟ شعر من المغنم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا نعمل الشعر فهبنا لي قال نصيبي منها لك والظاهر أنه
لو كان سايغا لما خصص النبي صلى الله عليه وآله العطية بنصيبه صلى الله عليه وآله ولأنه مال مغنوم لا يدعو الحاجة العامة إلى اخذه فلم يجز كالثياب وغيرها. التاسع:
الكتب التي لهم ان كانت مما ينتفع به مثل كتب الطب والأدب فهي غنيمة وان كانت مما لا ينتفع بها مثل التوراة والإنجيل فان أمكن الانتفاع
بجلودها أو ورقها بعد الغسل غسل وكانت الغنيمة لا يختص بها الاخذ وإلا فلا. العاشر: جوارح الصيد كالفهود والبراءة غنيمة يشترك
فيها الغانمون وكذا ان كانت كلابا للصيد ان قلنا بجواز بيعها ولو لم يرغب فيها أحد من الغانمين جاز إرسالها واعطائها غير الغانمين
ولو رغب فيها بعض الغانمين وقعت اله ولا يحتسب عليه من نصيبه لأنه لا قيمة لها وان رغب فيها الجميع قسمت ولو تعددت القسمة وزعوا
923

في الجيدة منها أقرع بينهم ولو وجدوا خنازير قتلوها لعدم الانتفاع با وحصول الأذى منها ولو وجدوا خمرا أراقوها ولو كان لطروقه قيمة اخذوها
وكانت غنيمة. الحادي عشر: لا يجوز لبس الثياب ولا ركوب دابة من المغنم لما رواه وريق بن ثابت الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب الدابة من المسلمين حتى إذا عجفها ردها فيرد من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من
في المسلمين حتى إذا خلقه رده فيه ولأنه مغنوم فلا يختص به أحد بعد غيره. الثاني عشر: لو كان للغازي دابة ورقيق جاز ان يعطيهم مما
يجوز له الأكل منه سواء كانوا للغنيمة أو للتجارة لدعوى الحاجة إليه ولو كان معه براءة أو صورة لم يكن له ان يطعمها من المغنم لأنه لا حاجة به إليها
بخلاف الخيل لأنها محتاج إليها. مسألة: إذا جمعت الغنايم ويثبت يد المسلمين عليها وفيها طعام وعلف لا يجز لاحد اخذه الا لضرورة اما عندنا
فظاهر لأنا انما أبحنا له الاخذ قبل استيلاء يد المسلمين عليها مع الضرورة فبعد الاستيلاء أولى وعند المخالف فلأنهم أباحوه قبل جمعه لأنه لم
يثبت فيه ملك للمسلمين بعد فأشبه المباح من الحطب والحشيش فإذا جمعت وخيرت ثبت فيها فخرجت عن المباحات وصارت ملكها
لهم محضا فلم يجز الأكل منها الا مع الضرورة وهو أن لا يجدوها ما لكونه فيجوز لهم التناول منه لان حفظ النفس واجب سواء خيرت في دار
الحرب أو في دار الاسلام وقال بعض الجمهور ان خيرت في دار الحرب جاز الأكل منها كما يجوز قبل الحيازة ولان دار الحرب مظنة الحاجة لتعذر
نقل المراة إليها بخلاف دار الاسلام وهو عندي حسن وان كان لا يخلو من بعد فان ما ثبت عليه بد المسلمين وتحقق ملكهم له لا ينبغي اخذه
الا برضاهم كساير الاملاك ولان الحيازة في دار الحرب يثبت الملك كالحيازة في دار الاسلام ولهذا يجوز قسمة
وثبت فيه احكام الملك
. مسألة: لو فضل معه من الطعام فضلة فادخله دار الاسلام رده إلى المغنم كثيرا كان أو قليلا اما الكثير فالاجماع على وجوب رده لا نعلم
فيه خلافا ان ما أبيح له من ذلك هو ما يحتاج إليه في دار الحرب فإذا اخذه على وجه تفضل منه فقد اخذ ما يحتاج إليه لزمه رده عملا بالأصل
المقتضي للتحريم لأنه مشترك بين الغانمين كساير المال خرج عنه ما دعت الحاجة إليه فيبقى الزايد على التحريم ولهذا لم يسغ له بيعه اما اليسير فإنه
يجب رده أيضا وهو أحد قولي الشافعي ومذهب أبي ثور وأبي حنيفة وابن المنذر واحدى الروايتين عن أحمد وقال مالك يكون مباحا ولا يجب رده
إلى المغنم وبه قال الأوزاعي وعطاء الخراساني ومكحول والشافعي في القول الاخر وهو الرواية الأخرى عن أحمد لما قوله صلى السلام ردوا الخيط و
المخيط ولأنه من مال الغنيمة لم يبيح فلا يباح في دار الاسلام كالكثير احتجوا بقول الأوزاعي أدركت الناس يقدمون بالقديد فيهديه بعضهم
إلى بعض لا ينكر امام ولا عامل ولا جماعة لأنه أبيح إمساكه عن القيمة فأبيح في دار الاسلام كمباحات دار الحرب والجواب عن الأول انه حكاية
حال فلا عموم لها فيجوز يناولها للمتفق عليه دون المختلف فيه وعن التأني بالفرق وهو ظاهر. مسألة: إذا أجاز المسلمون الغنايم وجمعوها
في دار الحرب أو في دار الاسلام وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا جوزوها في دار الحرب لا يملك وانما يملك بعد احرازها في دار الاسلام
وليس بمعتمد ولهذا يجوز القسمة في دار الحرب على ما يأتي إذا ثبت هذا فان مع الحيازة للغنيمة ثبت لكل واحد حق الملك وقيل لا يملك
الا باختيار التملك وهو اختيار أبي إسحاق الشيرازي واستدل عليه بأنه لو قال واحد منهم أسقطت حقي سقط ولو كان قد ملك لم يزل ملكه بذلك
كما لو قال الوارث أسقطت حقي في الميراث لم يسقط لثبوت الملك له واستقراره فيه نظرا لأنه بالحيازة زال ملك الكفار عنها ولا يزول الا إلى
المسلمين نعم ملك كل واحد منهم ليس بمستقر في شئ بعينه أو جزء مشاع بل للامام ان يعني نصيب كل واحد بغير اختياره بخلاف سائر الاملاك
المشتركة التي يتوقف تملك الغير فيها على الاختيار فالحاصل انه ملك ضعيف. مسألة: من غل عن الغنيمة شيئا رده إلى المغنم ولا يحرق
رحله به قال ممالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي وقال الحسن البصري وفقهاء الشام منهم المكحول الأوزاعي انه يحرق رحله الا المصحف
وما فيه روح وبه قال أحمد بن حنبل لما نقل ان النبي صلى الله عليه وآله لم يحرق رحل الغال روى عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان
إذا أصاب غنيمة امر بلالا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر فقال يا رسول الله هذا فيئ لنا أصبنا
من الغنيمة فقال سمعت بلالا ينادي ثلاثا قال نعم قال فما منعك ان تجئ به فاستعذر فقال كن أنت تجئ به يوم القيامة فلن اقبله عنك ولان احراق
المتاع عقوبة لم يثبت لها نظر في الشرع في صورة من الصور ولا عقوبة السارق القطع اما حرق المتاع ولأنه إضاعة للمال وقد نهي
رسول الله صلى الله عليه وآله عن إضاعة المال احتجوا بما روى صالح بن محمد بن زايدة قال دخلت مع مسلمة ارض الروم فأتى برجل قد غل
فسأ ل سالما عنه فقال سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعة واضربوه
قال فوجدنا في متاعه مصحفا فسئل سالما عنه فقال بعه وتصدق بثمنه والجواب عن المنع من الحديث فإنه لم يثبت عندنا ذلك إذا عرفت هذا
فان المصحف لا يحرق اجماعا لحرمته وكذا الحيوان لان النبي نهى ان يعذب بالنار الا رب النار لحرمة الحيوان في نفسه ولا نعلم فيه
خلافا. فروع: الأول: لا يحرق إلى الدابة كالسرج وغيره اما عندنا فظاهر لأنه يحرق شئ من متاعه على ما قلنا واما عند احمد فلانه
يحتاج إليه للانتفاع ولأنه تابع لما لا يحرق فأشبه جلد المصحف وكيسه وقال الأوزاعي بحرق سرجه وليس بجيد لأنه ملبوس حيوان
924

فأشبه بثياب الغال. الثاني: لا يحرق ثياب الغال التي عليه اجماعا لأنه لا يجوز تركه عريانا. الثالث: لا يحرق ما غل من الغنيمة اجماعا لأنه من غنيمة المسلمين بل يرد إلى الغنم اجماعا. الرابع: لا يحرق سلاحه لأنه يحتاج إليه القتال وهو منفعة للمسلمين عامة ولا يعقبه لأنه مما لا يحرق
عادة. الخامس: جميع ما قلناه انه لا يحرق فإنه لصاحبه الا المغنوم فإنه يرد إلى الغنيمة ولذلك ما أبقت النار من حديد أو غيره فإنه لصاحبه لان
ملكه كان ثابتا على قبل الاحراق فيستصحب الحكم يعتقد ان المزيل والمعاقبة باحراق المتاع لا يخرج المملوك مما لا يحرق عن ملكه. السادس:
لو كان معه شئ من كتب الأحاديث والعلم لا يحرق اما عندنا فظاهر واما عند المخالفة فلانه يقع يعود إلى الدين وليس القصد بالاحراق اصراره
في دينه بل الاصرار به في شئ من الدنيا. السابع: لو لم يحرق رجله حتى اتحدت بمتاع اخر أو رجع إلى بلده لم يحرق منه شئ وعندنا لما تقدم
وقال احمد يحرق ما كان معه حال الغلول وقد تقدم بطلانه. الثامن: لو مات لم يحرق رحله اجماعا اما عندنا فلما تقدم واما عند احمد
فلانه عقوبة فيسقط بالموت كالحدود ولان الموت ناقل للمال إلى الورثة فاحراقه عقوبة على غير الحال فلا يكون مشروعا. التاسع:
لو باع متاعه أو وصيته أو نقله عنه لم يحرق اما عندنا فظاهر واما عند احمد فلانه انتقل إلى غيره فأشبه ما لو انتقل بالموت عنه إلى الوارث
وقيل ينقص البيع والهبة ويحرق لأنه تعلق به حق سابق على البيع والهبة ولأنه تعلق به حق سابق على البيع والهبة فيقدم كالقصاص
في حق الجاني وهو فاسد الأصل. العاشر: لو كان الغال صبيا لم يحرق متاعه اجماعا واما عندنا فظاهر واما عندهم فلان الاحراق عقوبة وليس
الصبي من أهلها فأشبه الحد. الحادي عشر: لو كان الغال عبدا لم يحرق متاعه اجماعا اما عندنا فظاهر واما عند المخالفة فان المتاع لسيده فاحراقه
عقوبة للسيد بجناية عبده وذلك غير سايغ ولو استهلك ما عليه فهو في رقبته لأنه في جنايته. الثاني عشر: لو غلت المراة أو ذمي لم يحرق
متاعا عندنا وقال احمد يحرق متاعها لأنهما من أهل العقوبة ولهذا قطعا في السرقة ويحد في الزنا وهو مبني على
الأصل الفاسدة
فيكون فاسد. الثالث عشر: لو أنكر المغلول وذكر أنه اتباع ما يبده لم يحرق متاعه اجماعا اما عندنا فبالأصل واما عند احمد فلان الأصل
عدم الغلول ولو ثبت الغلول بالاقرار أو البينة لم يحرق متاعه عندنا وعند احمد يحرق إذا شهد عدلان لان وقد مضى فساده. الرابع عشر:
لا يحرم الغال سهمه من الغنيمة سواء كان صبيا أو بالغا وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الرواية الأخرى يحرم سهمه وقال الأوزاعي ان كان
صبيا حرم سهمه لنا ان سبب الاستحقاق وهو حضور الحرب قائم والفلول لا يصلح معارضا كغيره من أنواع الفسوق ولم يثبت حرمانه بخبر ولا
قياس فيبقى على حالة الاستحقاق. الخامس عشر: إذا اخذ سهمه لم يحرق اجماعا اما عندنا فظاهر واما عند احمد فلانه ليس من رحله
مسألة: إذا تاب الغال قبل القسمة وجب رد ما عليه في الغنم اجماعا لأنه حق لغيره فيجب عليه رده إلى أربابه ولو تاب بعد القسمة وكذلك وبه
قال الشافعي وقال مالك إذا تاب بعد القسمة أدى خمسه إلى الامام وتصدق بالباقي وبه قال الحسن البصري والزهري والأوزاعي والثوري
والليث وأحمد بن حنبل لنا انه مال لغيره فيجب رده إلى أربابه كما لو تاب قبل القسمة احتج المخالف بما رواه صفوان بن عمر وقال غزا الناس
الروم وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فغل رجل مائة دينار فلما قسمت الغنائم ويعرف الناس بدم فاتي عبد الرحمن فقال قد غللت
مائة دينار فاقبضها قال قد يعرف الناس فلن اقبضها حتى يوافي الله بها يوم القيامة فتي معاوية فذكر له فقال له مثل ذلك
فخرج وهو يبكي فمر بعبد الله بن الشاعر فقال ما يبكيك فأخبره فقال إنا لله وإنا إليه راجعون أمطيعي أنت يا عبد الله قال نعم قال فانطلق إلى معاوية
فقل له خذ مني خمسك واعطه عشرين دينارا وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش فان الله تعالى يعلم؟ ومكانهم وان الله
يقبل التوبة عن عباده فقال معاوية حسبي والله لئن أكون أصبته بهذا أحب إلي من أن يكون مثل كل شئ أمسكت والجواب ان فعل معاوية
ليس بحجة إذا عرفت هذا فان يمكن الامام من قسمته بين العسكر فعل لأنه حقهم وإن لم يتمكن ليعرفهم وكثرتهم وقلة المغلول فالوجه عندي
اختيار مالك لان تركه يصنع له وتعطيل لمنفعته التي حلولها ولا يتحقق به شئ من اسم الغال وفي الصدقة به نفع لمن يصل إليه من
المساكين وما يحصل من اجر الصدقة يحصل إلى صاحبه فيذهب به الاثم عن الغال فيكون أولى. مسألة: من سرق من الغنيمة شيئا
فإن كان له نصيب من الغنيمة وسهمه منها فإن كان يقدر نصيبه أو أزيد بما لا يبلغ نصاب القطع لم يجب عليه القطع لأنه وإن لم يملكه لكن الشبهة
الحاصلة له بالشركة درأت عنه الحد وان زاد عن نصيبه بمقدار النصاب الذي يجب فيه القطع وجب عليه القطع لأنه سارق فيدخل تحت قوله تعالى
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما هذا إذا لم يعزل منه الخمس ولو عزل الامام الخمس ثم يسرق ولم يكن من أهل الخمس فإن كان من الخمس
وجب القطع مطلقا وان كان من أربعة الأخماس كان الحكم فيه ما تقدم وللشافعي وجهان أحدهما إذا سرق أربعة الأخماس
ما يزيد على نصيبه بمقدار النصاب وجب القطع عملا بالآية ولأنه لا شبهة له فيه والثاني لا يقطع لأنه حقه لم يتعين فلكل جزء مشترك بينه وبينهم
فكان كالمال المشترك والأصل عندنا ممنوع إذ يجب القطع عندنا في السرقة من المال المشترك وسيأتي مع أنه قول الشافعي به رواية عندنا لكن
التفصيل أولى. فروع: الأول: لو كان السارق عبدا فهو كالحر لأنه يرضخ له فإن كان ما سرقه أزيد فما يرضح بمقدار النصاب ووجب القطع
925

وإلا فلا وكذا المراة. الثاني: لو سرق عبد الغنيمة منها لم يقطع لأنه زيادة ضرر بالغانمين نعم يؤدب حتما لمادة الفساد. الثالث: لو كان
السارق ممن لم يحضر الوقعة فلا نصيب له منها فيقطع ولو كان أحد الغانمين أب السارق لم يقطع الا إذا أراد ما سرقه من نصيب ولده بمقدار النصاب
لان مال الولد في حكم ماله ولو كان السارق ممن له سهم في الخمس وسرق منه أو من الغنيمة قبل تخميسها فان الحكم ما قدمناه من أنه ان سرق أزيد من
نصيبه بمقدار النصاب قطع وإلا فلا ولو لم يكن من أهل الخمس ولا من قدمناه قطع بكل حال وكذا لو كان من أهل الخمس وسرق من أربعة الأخماس
ولا نصيب له فيها فإنه يقطع إذا بلغ النصاب ولو كان السارق سيد عبد في الغنيمة كان حكمه حكم من له نصيب لان مال العبد للسيد وبهذه الاحكام قال
الشافعي وأبو حنيفة وزاد الشافعي الابن إذا سرق وللأب منهم سهم في الغنيمة أو أحد الزوجين وزاد أبو حنيفة إذا كان لذي رحم محرم منه فيها حق لم يقطع
والبحث فيه ساتي إن شاء الله تعالى. الرابع: الغال هو الذي يكتم ما اخذ من الغنيمة ولا يطلع الامام ولا يضعه مع الغنيمة وقد تقدم الحكم فيه ولا ينزل
منزلة السارق في القطع الا ان يغل على وجه السرقة فان الفول اخذ مال لا حافظ له ولا يطلع عليه غالبا والسرقة اخذ مال محفوظ إذا ثبت هذا
فان السارق لا يحرق رحله عندنا كما في الغال وقيل يحرق رحله كالغال لأنه في معناه وقد سلف. الخامس: لا يجوز وطي الجارية من المغنم
وسيأتي البحث فيه في فصل الأسارى إن شاء الله تعالى. مسألة: قد بينا ان الغنيمة حق للمقاتلة من المسلمين فلو باع أحد الغانمين غيره شيئا منها
فإن كان المشتري من الغانمين أيضا لم يصح البيع لعدم الاختصاص وقيل يصح بيعه في قدر نصيبه وليس بصحيح اما أولا فلانه لا نعلم وقوعه في المستحقين
له يجوز ان يسهمه الامام غيره واما ثانيا فلانه نصيبه مجهول إذا ثبت هذا فإنه يقر في يد المشتري وليس للمشتري رده إلى البايع ولا يجوز
للبايع قهره عليه لأنه أمانة في يده لجيمع المسلمين وإن لم يكن من الغانمين لم يقر يده عليه ولا نصيب له فيه إذا عرفت هذا فلو كان المبيع
طعاما وقد قلنا إنه يجوز للمسلمين تناول الطعام فهل يصح البيع أم لا الوجه انه لا يصح بيعه لان الضرورة المبيحة انما سوغت التناول اما البيع
فلا وإذا لم يصح البيع فإن كان المشتري من الغانمين كان أحق به من البايع لثبوت يده حكما عليه ولا يكون سايغا حقيقة بل هو معاوضة مباح بمباح
وانتقال من يد إلى يد فما حصل في يد كل واحد منهما يكون أحق بالتصرف فيه فعلى هذا لو باع أحدهما الاخر صاعين من طعام بصاح منه من مال
الغنيمة كان جايزا لأنه ليس مع في الحقيقة ولو كان المشتري من غير الغانمين لم يقر يد عليه لأنه لا يصيبه له في الغنيمة. فروع: الأول:
لو اقرض غانم من الغانمين طعاما أو علفا في بلاد العدو كان سايغا وليس بقرض حقيقة لأنه لم يمكنه الأول وانما كان مباحا له التصرف
فيه ويؤيده عليه فإذا أقرضه صار يد الغير فيكون الثاني أحق باليد. الثاني: هل يعيد المقترض القرض للمقرض أم لا قال الشيخ (ره) ليس
عليه رده فان المردود عليه أحق به لثبوت يده عليه. الثالث: لو خرج الغانم الأول إلى بلا د الاسلام لم يكن للمقترض رده عليه بل يرده إلى المغنم
لأنه انما اذن له في الأكل منه ما دام في دار الحرب وقد خرج إلى بلاد الاسلام فيرد على المغنم. الرابع: لو خرج المقترض من دار الحرب و
الطعام في يده رده إلى المغنم أيضا على ما قلناه وفيه خلاف بين الجمهور ولا يرده إلى المقترض الأول لأنه حصول في دار الاسلام صار كالغنيمة
الخامس: لو أقرضه الغانم لمن لا سمع له في الغنيمة لم يصح قرضه واستعيد من القابض وكذا لو باعه منه لأنه اخذ ملك غيره وكذا لو جاء رجل
من غير الغانمين فاخذ من الطعام الغنيمة لم يقر يده عليه لأنه لا يصيب له فيه وعليه ضمانه ولو باعه من غير الغانمين بطل البيع واستعيد ولو باعه من
غانم كان الغانم أولى به ولا يكون بيعا صحيحا. السادس: يجوز للامام ان يبيع من المغنم شيئا قبل القسمة لمصلحة فلو عاد الكفار واخذوا
البيع من المشتري في دار الحرب فإن كان بتفريط من المشتري مثل ان خرج به من العسكر وجده فضمانه عليه وان حصل بغير تفريط منه فالتف منه
أيضا وهو قول الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى ينفسخ البيع ويكون من ضمان أهل الغنيمة فإن كان المشتري قد وزن الثمن استعاده
والا سقط لنا انه مال مقبوض أبيح لمشتريه وكان ضمانه عليه كما لو اخذ من دار الاسلام وان التلف في يد المشتري فلا يرجع بالضمان على غيره
كغيره من المبيعات ولان أحد العدول نوع من التلف فلا يضمنه البايع كساير أنواع التلف ولان نماه للمشتري فضمانه عليه لقوله عليه السلام
الحراج بالضمان احتج احمد بان القبض لم يكمل لان المال في دار الحرب غير محرز وكونه على خطر من العدو والجواز الحرز ليس شرطا في البيع
السابع: إذا قسمت الغنائم في دار الحرب جاز لكل من اخذ سهمه التصرف عنه كيف شاء بالبيع وغيره فلو باع بعضهم شيئا فتلفت
المشتري عليه لم يضمنه البايع على ما تقدم ولأحمد روايتان وقد سلف البحث معه. الثامن: يجوز لأمير الجيش ان يشتري من مال الغنيمة
شيئا قبل القسمة وبعده وقال احمد ليس له ذلك لأنه مباحا وليس بمعتمد لأنه يندفع الجبال بأخذ بالقيمة العدد.
البحث الثاني: في أحكام الأسارى: الأسارى على ضربين بين ذكور وإناث والذكور بالغون وأطفال والنساء والأطفال وهم من لم يبلغ خمسة عشر سنة من الذكور
يملكون بالسبي ولا يجوز قتلهم بلا خلاف لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان وكان عليه السلام يسترقهم إذا سباهم
ولو أشكل الصبي في البلوغ وعدمه اعتبر بالانبات فإن كان قد انبت الشعر الخشن على عانته حكم ببلوغه وإن لم ينبت ذلك جعل من
جملة الذرية لان سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بهذا واجازه النبي صلى الله عليه وآله ورواه الشيخ عن أبي البحتري عن جعفر عن أبيه عليهم السلام
926

قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله عرضهم يومئذ على البغايات فمن وجده انبت قتل ومن لم يجده انبت ألحقه بالذراري. مسألة:
والبالغون ان أسروا قبل مضي الحرب وانقضاء القتال يخير الامام بين قتلهم وبين قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف و ح يتركون حتى ينزفون بالدم
ويموتون ولا يجوز ابقائهم ولا استرقاقهم ولا معادلتهم وان أسروا بعد أن وضعت الحرب أوزارها وانقضى القتال تخير الامام بين المن والفداء
والاسترقاق والخيار إلى الامام فإنه أعرف بمصلحة المسلمين ولا يجوز له قتلهم ح بل يخير بين ان يمن عليه فيطلقه وبين ان يفاديه على مال فيدفعه
الأسير إليه ويخلص به رقبته من العبودية وبين ان يسترقه ويستعبده ذهب إلى ذلك علمائنا أجمع وقال الشافعي يتخير الامام بين أربعة وانما يتخير بين القتل والأسر والفداء
والمن لا غير وقال أبو يوسف لا يجوز المن ويجوز الفداء بالرجال دون الأموال وفي رواية عن مالك انه يتخير بين القتل والمن والفداء
ولا يجوز الاسترقاق وهو أحد الروايات عن أحمد وبه قال الأوزاعي وأبو ثور وقال مالك أيضا في رواية أخرى انه لا يجوز المن بغير فداء
وحكى عن الحسن البصري وعطاء وسعيد بن جبير كراهة قتل الأسارى وقالوا من عليه وفاؤه ولا نعلم أحدا منهم قال بالتفصيل الذي ذكرناه لنا
على جواز المن والفداء قوله تعالى وإما منا بعد وإما فداء (وقد) من رسول الله صلى الله عليه وآله على ثمامة بن أثال وأبي غيره الشاعر وأبي العاص بن
الربيع وقال في أسارى بدر لو كان مطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء الحي لأطلقتهم له وفاء وفي أسارى بدر وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا كل
رجل بأربع مائة وفادى يوم بدر رجلا برجلين واما تسويغ القتل فبعموم قوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وان النبي صلى الله عليه وآله
قتل رجال بني قريظة وهم بين ست مائة وسبع مائة وقتل يوم بدر النصر بن الحارث والسرقية؟؟ ابنته؟؟ محمد ولأنه صعوا (بحينه)؟؟ * من فوقها والفحل فحل مقرن * ما كان ضرك (وضنت)؟؟ وربما * من الفتى وهو (الغيظ)؟؟
المحتق؟؟ * العفو أقرب من (قبت) قرابة * وأحقهم ان كان عتق معتق * (فليمض) النضر لو فاديته * لو كان مسمع هبت؟؟ أو ينطق فقال صلى الله عليه وآله لو سمعت هذه الأبيات ما قتلته وهو يدل على
تسويغ القتل والمن معا وروى الجمهور ان صلى الله عليه وآله قتل عقبة بن أبي مغيط صبرا وقتل ابا عرة يوم أحد ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لم يقتل رسول الله
صلى الله عليه وآله رجلا صبرا قط غير رجل واحد عقبة بن أبي مغيط وطعن ابن أبي خلف فمات بعد ذلك ولان كل خصلة من هذه الخصال قد يكون أصلح من غيرها في بعض الأسرى فان ذا القوة امكانه في المسلمين قتل
أنفع في المسلمين وبقاؤه ضرر عليهم والضعيف ذا المال الكثير لا قدرة له على الحرب ففداؤه أصلح للمسلمين ومنهم من هو حسن الرأي في
الاسلام ويرجى سلامه فالمن عليه أولى وقد يكون للمسلمين فيه نفع ان يطلق أسراهم ويدفع عنهم فإذا أطلق ومن عليه كان أولى من قتله
ومنهم من يحصل بخدمته نفع ويأمن ضرره كالنساء والصبيان فاسترقاقه أولى والامام اعلم بهذا المصالح فكان النظر إليه في ذلك كله واما الذي
يدل على التفصيل الذي ذكرناه فلان الأسير قيل يقضي الحرب لا يؤمن شره فتعين قتله اما بعد انقضاء الحرب والاستظهار عليهم فشره مأمون فتعين اطلاقه على أحد الوجوه
التي ذكرناها ويؤيده ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعت أبي يقول إن للحرب حكمين إذا كانت قائمة لم
يضع أوزارها ولم يعجز أهلها فكل أسير اخذ في تلك الحال فان الامام فيه بالخيار ان شاء ضرب عنقه وان شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير
حسم وتركه يتشحط بدمه حتى يموت فهو قول الله عز وجل انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ان يقتلوا أو
يصلبوا أو تقطع أيديهم من خلاف أو ينفوا من الأرض إلى اخر الآية الا ترى أنه التخيير الذي خير رسول الله صلى الله عليه وآله والامام على شئ واحد وهو
الكل وليس على أشياء مختلفة فقلت لجعفر بن محمد عليه السلام قول الله تعالى أو ينفوا من الأرض قال ذلك للطلب ان يطلب الخيل حتى يهرب فإذا هرب اخذته الخيل
حكم عليه ببعض الاحكام التي وضعت لك والحكم الاخر إذا وضعت الحرب أوزارها والحق أهلها فكل أسير اخذ على تلك الحالة فكان في أيديهم
فالامام فيه بالخيار ان شاء من عليه وان شاء فاداهم أنفسهم وان شاء استعبدهم فصاروا عبيدا واحتج مالك بأنه لا مصلحة في المن بغير عوض
وانما يجوز للامام فعل ما فيه مصلحة واحتج عطاء بقوله تعالى فشد الوثاق فاما منا بعده واما فداء فيخيره بعد الأسر بين هذين لا غير واحتج
أبو حنيفة بقوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم بعد قوله فاما منا واما فداء لان اية المن نزلت بمكة واية القتل نزلت بالمدينة
في اخر سورة نزلت براءة فيكون ناسخا ولان فيه إعانة وتقوية لأهل الحرب وضرورته حربا علينا بسبب المال والجواب عن الأول انا قد بينا انه
قد يكون المصلحة في المن والمفادات فيكون سائغا وعن الثاني انه تخير الأسير إذا اخذ بعد انقضاء الحرب وعن الثالث بالمنع من (الذبح)
فان العام والخاص إذا تعارضا خصص العام بالخاص وعمل بالعام في غير صورة الخاص وعمل بالخاص في صورته وعن الرابع ان الإعانة
منتفية لأنا سوغنا ذلك بعد الاستظهار عليهم بالقتل. مسألة: والتخيير الذي ذكرناه ثابت في كل أصناف الكفار سواء كانوا ممن
يقر على دينه بالجزية كاهل الكتاب أو لا يقرون كاهل الحرب من عبدة الأوثان وبه قال الشافعي وقال الشيخ (ره) ان أسر رجل بالغ
فإن كان من أهل الكتاب أو ممن له شبه كتاب فالامام يخير فيه على ما مضى بين الأشياء الثلاثة وان كان من عبدة الأوثان فان الامام مخير
فيه بين المفادات والمن ويسقط الاسترقاق وبه قال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية وعن أحمد روايتان كالقولين وقال أبو حنيفة
927

يجوز في العجم دون العرب لأنه كافر أصلي فجاز استرقاقه كالكتابي وما تقدم في حديث طلحة بن زيد فإنه عام في كل أسير احتج الشيخ (ره) بأنه لا يجوز
له اقرارهم بالحرية فلا يجوز لهم اقرارهم بالاسترقاق والجواب المنع من الملازمة ويبطل بالنساء والصبيان فاته
يجوز استرقاقهم اجماعا ولا يقرون بالحرب. فرع: هذا التخيير تخيير مصلحة أو اجتهاد لا تخيير شهوة فمتى رأس الامام المصلحة في خصلة من هذه
الخصال تعينت عليه ولم يجز العدول عنه ولو تساوت المصالح فالوجه التخيير للامام حال تخيير شهوة وقيل القتل أولى. مسألة: إذا أسلم الأسير بعد الأسر سقط القتل اجماعا سواء اخذ قبل انقضاء الحرب أو بعده ولا نعلم فيه خلافا لقوله صلى الله عليه وآله أمرت ان
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموني في دماهم وأموالهم الا بحقها وروى الشيخ عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي
عن الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئا إذا ثبت هذا فهل يسقط القتل ويصير رقا أم لا للشافعي
قولان أحدهما انه يسترق بنفس الاسلام وبه قال أحمد بن حنبل وفي الاخر يتخير الامام بين المن والفداء والاسترقاق وهو قول الشيخ (ره)
بان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أسروا رجلا من بني عقيل فأوبقوه وطرحوه في الحرم فمر به النبي صلى الله عليه وآله فقال يا محمد علي
ما حدر وأجرت سايقة الحاج فقال اخذت بجريرة خلفائك من ثقيف وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من المسلمين ومضى النبي صلى الله عليه وآله
فناداه يا محمد فقال له ما شانك فقال إني مسلم فقال لو قلتها وأنت تملك امرك لأفلحت كل الفلاح وفاد به النبي صلى الله عليه وآله
الرجلين ولو صار رقيقا لم يفاد به ولأنه قبل الاسلام متخير بين أربعة أشياء والإسلام يقتضي حقن الدم فينبغي التخيير بين الثلاثة
عملا بالاستصحاب احتج الشافعي بأنه أسير يحرم قتله فيجب استرقاقه كالمراة والجواب الفرق فان النساء يسترقن بالسبي بخلا ف الرجال فإنه يتخير فيه الامام
قبل الاسلام فكذا بعده وأيضا فإنه لو لم يسلم لجا ز للامام ان يمن عليه فيطلقه فبعد الاسلام أولى لأنه يناسب الاكرام والتعظيم لا الإهانة
بالاسترقاق فكيف يكون حال مع المقتضي للاكرام أو دون حاله مع المقتضى للإهانة. فروع: الأول: إذا ثبت انه لا يسترق بنفس
السلام فان الامام مخير فيه بين المن والمفاداة والاسترقاق فان اي هذه الثلاثة اختار جاز اما عند الشافعي في أحد قوليه فا نه نفس الاسلام يسترق ويكون للمسلمين ولا يمن عليه ولا يفاد به الا نادرا الغانمين لا نه صار مالا لهم. الثاني: إذا اختار الامام ان يفادي
به مالا أو رجالا جاز فان فا داه بالرجال جاز بشرط ان يكون له عشيرة يمنعه منهم لم يجز رده إليهم وانما فلنا بجواز ان يفادي به
بالمال والرجال لأنه يتخلص بذلك من الاسترقاق. الثالث: المال الذي يفادي به يكون غنيمة للغانمين ولا يقال الغانمون لا حق لهم
في الأسير لان الامام مخير فيه فكيف يكون لهم حق في بدله
لأنا نقول لا نسلم ان الغانمين لا حق لهم في الأسير ويخير الامام اما هو فيما
يتعلق بمصلحة المسلمين في الأسير لأنه لم يصر مالا فإذا صار مالا يتعلق حق الغانمين به لأنهم أسروه وقهروه وهذا كثير النظاير قان من
عليه الدين إذا قتل عمدا لم يكن لأرباب الدين حق على القاتل فان اختار الورثة المال ورضى به القاتل تعلق حقهم حالا فيه. الرابع:
لو أسلم الأسير قبل أن يقع في الأسر لم يحجز قتله اجماعا لما تقدم ولا استرقاقه ولا المفادات به لأنه أسلم قبل أن يحصل مقهورا بالسبي
فلا يثبت فيه التخيير وسواء أسلم في حصن محصورا أو مصبورا أو رمى نفسه في بئر لأنه لم يحصل في أيدي الغانمين بعد ويكون دمه
محقونا لا سبيل لاحد عليه بالقتل والاسترقاق ويخفى ماله من الاستغنام وذريته من الأسر اما التابعون من أولاده فحكمهم حكم الكفار
ولا يكون اسلامه غاصا لهم لان كل بالغ حكم نفسه ويدل على ذلك ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب وظهر عليه المسلمون بعد ذلك فقال اسلامه اسلام لنفسه ولولده الصغار وهم أحرار وماله ومتاعه ورفيعه له فاما الولد الكبار فهم فئ للمسلمين الا ان يكونوا أسلموا قبل ذلك واما الدور والأرضون فهي
فئ ولا يكون له لان الأرض هي ارض حرمة لم يجز فيها حكم أهل الاسلام وليس بمنزلة ما ذكرناه لان ذلك يمكن اختياره واخراجه
إلى دار الاسلام. مسألة: إذا أسر المشرك وله زوجة لم يؤسره المسلمون فالزوجة باقية عملا بالاستصحاب ولان النبي صلى الله عليه وآله
سبى يوم بدر سبعين رجلا من الكفار فمن على بعضهم وفادى بعضا فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم هذا مذهب علمائنا أجمع وبه قال أكثر
العلماء وقال أبو حنيفة يفسخ النكاح لافتراق الزوجين في الدار وطرق الملك على أحدهما فانفسخ النكاح كما لو سبيت المراة وحدها
والجواب ان الملك لم يحصل بنفس الأسر بل باختيار الامام له إذا ثبت هذا فان من عليه الامام أو فأداه فالزوجية على حالها
وان استرقه الامام انفسخ النكاح ولو أسر الزوجان معا انفسخ النكاح عندنا وبه قال مالك والثوري والليث والشافعي وأبو ثور
وقال أبو حنيفة لا ينفسخ وبه قال الأوزاعي وأحمد بن حنبل لما قوله عالي والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم والمحصنات من المزوجات
الا ما ملكت ايمانكم بالسبي قال أبو سعيد الخدري نزلت هذا الآية في سبي أوطاس وقال ابن عباس الا ذوات الأزواج من المسبيات
ولان النبي قال في سبي أوطاس لا توطأ حاملا حتى تضع ولا حايل حتى تحيض فأباح الوطي بعد وضع الحايل أو استبرائها
928

الحائل ولو كان نكاحهن باقيا لم يبح الوطي ولان ملك الرقبة أولى من النكاح فإذا وطئ عليه إزالة ولأنه استولى على محل حق الكافر
فزال ملكه كما لو سباها وحدها احتج أبو حنيفة بان الرق لا يمنع ابتداء النكاح فلا يقطع استدامته كالعتق والجواب البحث في استدامة
الملك وهو عندنا موجب لفسخ النكاح والفرق واقع بين ابتداء واستدامة على ما سيأتي اما لو أسرت الزوجة وحدها فان النكاح
ينفسخ اجماعا ولا نعلم فيه خلافا لقوله تعالى والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم وروى أبو سعيد الخدري قال أصبنا سبايا يوم
أوطاس ولهن أزواج في قومهن فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فنزلت والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم إذا ثبت
هذا فبينوا سبي زوجها بعدها بيوم لا ينفسخ النكاح وليس بمعتمد ولان المتقضي للفسخ وهو السبي موجود ففسخ النكاح كما لو؟
الصبي بعد شهر. فروع: الأول: لا فرق في انفساخ النكاح إذا سببا بين ان يسبيها رجل واحد أو رجلان والوجه انه إذا سباهما رجل واحد وملكهما معا لان النكاح باق وله فسخه وكذا لو بيعا من واحد. الثاني: لو كان الأسير طفلا انفسخ النكاح في حال
كما قلنا في حق المرأة ليجد الملك بأسره بخلاف البالغ. الثالث: لو كان الزوجان مملوكين قيل لا ينفسخ النكاح لعدم حدوث رق فيهما لأنه
كان ثابتا قبل السبي والموجه ان الغانم متخير كما لو بيعا عليه. مسألة: إذا أسلم الحربي في دار الحرب حقن ماله ودمه وأولاده الصغار
من الصبي والمال المعصوم هنا انما هو ما ينقل ويحول فإنه فئ المسلمين ولو دخل دار الاسلام فأسلم فيها وله أولاد صغار في دار
الحرب صاروا مسلمين ولم يجز سبيهم وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة ما كان في يده من ماله ورقيقه
ومتاعه وولده الصغار ترك له وما كان بدار الحرب جاز سبيهم لما انه مسلم فتبعه الصغار من أولاد ه في الاسلام كما لو كانوا معه في الدار
وماله مال مسلم فلا يجوز استغنامه كما لو كان في دار الاسلام ويؤيده ما تقدم من حديث حفص بن غياث عن الصادق عليه السلام ان من
اسلامه اسلام لنفسه ولولده الصغار وهم أحرار وماله ومتاعه ورقيقه له احتج أبو حنيفة بأنه لم يثبت اسلامهم باسلامه لاختلاف الدار
بينهم ولهذا إذا سبي الطفل وأبواه في دار الكفر لم يتبعهما ويتبع شانه في الاسلام والجواب ان اختلاف الدار لا يقضي ما ذكره ويمنع
تبعية السبي للثاني لبان البالغ له حكم نفسه ولهذا لم يقل أحد بنه يتبع السابق في الاسلام بخلاف الصغير. فروع: الأول: لو أسلم
وله حمل تبعه في الاسلام وحقن دمه من القتل والاسترقاق ولو تثبت الزوجة وهي حامل وقد أسلم أبوة أو كانت الحربية حاملا من مسلم
بوطي مباح كانت رقا دون ولدها منه فإنه يكون بحكمه أبيه مسلما حرا وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يحكم برقه مع أمه لنا
انه محكوم بحريته واسلامه كالأب على ما تقدم فلا يجوز استرقاقه كالمولود احتج أبو حنيفة بان الامام سوي الرق إليها بالسبي فيحكم
برقه مع أمه لان ما سرى إليه العتق سرى إليه الرق كساير أعضاءها والجواب الفرق بان الأعضاء لا ينفرد بحكم على الأصل بخلاف الحمل
الثاني: لو أسلم الحربي في دار الحرب وله عقارا فيها وظهر عليها المسلمون وغنموها سلمت عليه أمواله المنقولة دون الأرضين و
العقارات فإنها تكون غنيمة وبه قال أبو حنيفة وقال مالك والشافعي قولا واحدا لا يكون غنيمة بل يكون له لنا انهما تبعة في دار الحرب فجاز
اغتنامها كما لو كانت لحربي احتجوا بأنه مال مسلم فأشبه ما لو كانت في دار الاسلام لا يصح استغنامها
بخلاف دار الحرب. الثالث: لو استأجر المسلم من حربي ارضه في دار الحرب صحت الإجارة فلو غنمها المسلمون كانت غنيمة وكانت المنافع
للمستأجر لأنه ملكها بالعقد فلا يبطل بتجديد الملك بالاستغنام كما لو باع المؤجر ما أحجره لأنه ابطال حق لمسلم سابق على الغنيمة لا يقال
قد أحصرتم استرقاق الحربي إذا غنمت وان كان زوجها قد أسلم وفي استرقاقها ابطال حق زوجها المسلم لأنا نقول جواز استرقاقها
من حيث إنها كافرة لا أمان لها فجاز استرقاقها كما لو لم يسلم زوجها ولان منفعة النكاح فارقت منفعة الأموال فإنها لا يضمن
باليد ولا يجوز اخذ العوض عنها بخلاف حق الإجارة. الرابع: لو كان له حمل من زوجة كافرة فقد بينا انه إذا أسلم عصم الحمل
من الاسترقاق ويجوز استرقاق الزوجة وللشافعي وجهان أحدهما هذا الكلف لو لم تكن زوجته مسلم الثاني لا يسترق لأنه فيه ابطال
حقه وقد تقدم. الخامس: لو كان المسلم عبد ذمي فأعتق على وجه يجوز فيه عتق المسلم للكافر اما بالنذر وإن لم يجوزه أو مطلقا ان
جوزنا عتقه بغير نذر فلحق العبد بدار الحرب ثم أسر فهل يجوز استرقاقه أم لا فيه وجهان أحدهما الجواز عملا باطلاق الاذن في
الاسترقاق والثاني المنع لان المسلم عليه حق الولاء واسترقاقه يقتضي ابطاله عنه فلا يجوز استرقاقه كما لو ابق وهو مملوك. السادس:
لو كان الذي في دار الاسلام عبد ذمي فأعتقه فان لحق بدار الحرب فاسر جاز استرقاقه عندنا اجماعا وللشافعي وجهان
أحدهما هذا والثاني المنع لنا ان سيده لو لحق بدار الحرب جاز استرقاقه بعده أولى وسقط حقه ملحوق معتقه بدار الحرب احتج بان
حق الذمي تعلق به وهو الولاء فأشبه المسلم والجواب الفرق فان المسلم لو لحق بدار الحرب لم يجز استرقاقه بخلاف الذمي. مسألة:
929

إذا أسلم عبد الحربي أو أمته في دار الحرب ثم أسلم مولاهم فان خرج إلينا قبل مولاه فهو حر وان خرج بعده فهو على الرقية ومن الناس
من لم يشترط الخروج قبل مولاه والأول أصح قال الشيخ (ره) وان قلنا إنه يصير حرا على كل حال كان قويا وروى الجمهور عن ابن
عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعتق العبيد إذا جاز وقيل مواليهم وعن أبي سعيد الأعشم قال قضى رسول الله صلى الله عليه وآله
في العبد وسيده بغير مضى إذا حرج من دار الحرب قبل سيده انه حر فان خرج سيده بعده لم يرد عليه وقضى ان السيد إذا
خرج قبل العبد ثم خرج العبد على سيده وعن الشعبي عن رجل من ثقيف قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله ان يرد علينا أبا بكر
وكان عبدا لنا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو محاصر ثقيف فأسلم فأبى ان يرده علينا وقال هو طليق الله ثم طليق رسوله صلى الله عليه وآله
فلم يرده علينا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن السكوني عن حعفر عن ابائه عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه وآله حيث حاصر أهل الطايف
قال أيما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حر وأيما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد ولأنه بخروجه إلينا قبل مولاه يكون قد
قهره على نفسه فيكون قد ملكها لان القهر يقتضي التملك فكان حرا أما إذا خرج مولاه إلينا قبله فان العبد يكون قد رضى
ببقائه في العبودية حيث لم يقهره على نفسه بالخروج فكان باقيا على الرق. فروع: الأول: لو خرج إلينا قبل
مولاه مسلما ملك نفسه لما قلناه ولو كان سيده صبيا أو امرأته ولم يسلم حتى غنمت وقد جاءت يعني جاز ان يمتلك مولاه
وكذا لو أسر سيده وأولاده واخذها له وخر ج إلينا فهو حر والمال له والسبي رقيقة ولو لم يخرج قبل مولاه فان أسلم مولاه كان باقيا
على الرقية له وان يسلم حتى غنم المسلمون العبد كان غنيمة للمسلمين كافة. الثاني: لو أسلمت أم ولد الحربي وخرجت إلينا عتقت
لأنها بالقهر ملكت نفسها على ما قلناه واستبرأت نفسها وهو قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة يروح ان شاءت من غير استبراء وأهل
العلم كافة على خلافه فإنها أم ولد منكوحة للمولى أعتقت فلا يجوز لها ان يتزوج بعد الاستبراء كما لو كانت لذمي. الثالث:
لو أسلم العبد ولم يخرج إلينا فان بقي مولاه على الكفر حتى غنم المسلمون انتقل إلى المسلمين وزال ملك مولاه عنه وان أسلم مولاه
كان باقيا على ملكيته ولو عقد لنفسه اما ما لم يقر المسلم على ملكه لقوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
وكذا حكم المدبر والمكاتب المشروط والمطلق وان الولد الحكم في ذلك كل على السواء. مسألة: إذا سيمت المرأة وولدها الصغير كره التفريق بينهما بل ينبغي للامام ان يدفعهما إلى واحد فإن لم يبلغ (أسهم) بينهما ودفعهما إليه واستعاد الفاضل أو يجعلها في (الخمس)
فإن لم يفعل باعهما ورد ثمنهما في المغنم وقال بعض أصحابنا لا يجوز التفرقة والأقرب الكراهة لان للمالك التسلط على ملكه
بالبيع وغيره من أنواع التصرفات السايغة والمنع من التفرقة قصر للعام على بعض موارده من غير دليل وأطبق الجمهور على المنع
من التفرقة وبه قال مالك في أهل المدينة والأوزاعي في أهل الشام والليث في أهل مصر والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي
لما رواه أبو أيوب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم
القيامة ولان في ذلك من الاضرار بالولد والحديث غير دال على التحرم مندفع. فروع: الأول: لو رضيت الأم بالتفرقة
كره ذلك أيضا لما فيه من الاضرار بالولد ولان المراة قد رضيت بما فيه ضررها ثم تغيير قلبها بعد ذلك فتندم. الثاني: حكم
البيع هذا الحكم فيكره للمالك ان يفرق بين الأم والولد فينبغي له إذا أراد بيع أحدهما باع الاخر وفي أصحابنا من منع من ذلك
والوجه الكراهة وسيأتي البحث فيه أن شاء الله تعالى. الثالث: قال الشيخ (ره) يجوز التفريق بين الولد والوالد ومنه من ذلك
أبو حنيفة والشافعي وقال بعض أصحابه يجوز كما قاله الشيخ رحمه الله وبه قال مالك والليث لما انه ليس من
أهل الحضانة بنفسه
ولان الأصل الجواز ولم يرد فيه نص بالبيع ولا مضى النص ولان الأم أشفق من الأب فافترقا احتجوا بأنه أحد الأبوين فلم
يجز التفريق بينهما كالأم والجواب بعد تسليم الأصل بالفرق وقد تقدم. الرابع: المكروه انما هو التفرقة بين الأم والولد
الصغير فإذا بلغ سبع سنين أو ثمان سنين جارت التفرقة بينهما قال الشيخ (ره) وقال بعض علمائنا إذا استغنى الولد عن
الأم جازت التفرقة وبالأول قال مالك والشافعي في أحد قوليه وبالثاني قال الأوزاعي والليث بن سعد وقال
أبو ثور إذا كان يلبس ثيابه وحده ويتوضأ وحده لأنه إذا كان كذلك استغنى عن أمه وقال الشافعي في القول الاخر لا يجوز
التفريق بينهما إلى أن يبلغ وبه قال أحمد بن حنبل وأصحاب الرأي واحتجوا بما روى عن عباد بن الصامت ان النبي صلى الله عليه وآله
قال لا يفرق بين الوالدة وولدها فقيل إلى متى قال حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية ولان ما دون البلوغ مولى عليه فأشبه
الطفل احتج الشيخ (ره) بأنه في يد والحال يستغني عن الامام فلا يبقى له حاجة إليها فينبغي الضرر بالتفريق ولأنه حال
يخير الغلام بين أمه؟ صار كذلك ولأنه يجوز التفريق بينهما يتخير الغلام فجار بيعه وقسمته. الخامس: يجوز التفرقة بين البالغ
930

وأمه في قول عامة أهل العلم وعن أحمد روايتان إحداهما المنع لنا ما رواه ان سلمة بن الأكوع أتى بامرأة وابنتها (فبعله) أبو بكر
وابنتها فاستوهبها منه النبي صلى الله عليه وآله فوهبها ولم ينكر التفريق بينهما ولو لم يكن سايغا لأنكروه ولان النبي صلى الله عليه وآله
هديت إليه مارية وأختها شيرين فامسك مارية ووهب شيرين لحسان بن ثابت ولان الأحرار يتفرقون بعد الكبر
فان المراة يزوج أمها فالرق أولى احتج احمد بعموم الخبر المقتضي لتحريم التفريق ولان الوالدة يتضرر بمفراقة ولدها الكبير
فلا يجوز التفرقة كالصغير والجواب عن الأول ان عموم الحديث مخصوص بما تلوناه من الأحاديث وعن الثاني ان ضرر
الأم بالمفارقة لا اعتبار به ولهذا ساغ قتله إذا كان مشركا. السادس: لو فرق بينهما بالمنع فندنا انه مكروه فلا بحث
وعند الشيخ يحرم فلو باع قال الشيخ يصح البيع وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا ينعقد البيع وبه قال احمد لنا انه عقد ويدخل
تحت قوله تعالى أوفوا بالعقود ولان الأصل الصحة والنهي لا يقتضي الفساد في المعاملات وان النهي عن هذا العقد لا لمعنى
فالمعقود عليه فأشبه البيع في وقت النداء احتج المخالف بما رواه أبو داود في سننه ان عليا عليه السلام فرق بين الأم وولدها فرد النبي صلى الله عليه وآله
البيع والجواب المنع من الحديث. مسألة: قال الشيخ (ره) لا يفرق بين الولد والجدة أم الأم لأنها بمنزلة الأم في الحضانة
وقال أكثر الجمهور لا يفرق بين الولد والجد للأب أيضا وكذا الجد له أو الجد للأم لأنهما بمنزلة الأبوين فان الجدات والجدة أم ولهذا
يقومان مقامها في استحقاق الحضانة والميراث فقاما مقامهما في تحريم التفريق ونحن نقول بالكراهية في الجميع. فروع: الأول:
قال الشيخ (ره) يجوز التفريق بين الأخوين والأختين وبه قال مالك والليث بن سعد والشافعي وابن المنذر وقال أحمد بن حنبل
لا يجوز وبه قال أصحاب الرأي لنا ان الأصل الجواب ولأنها قرابة لا يمنع الشهادة معلم يحرم التفريق كقرائة ابن العم احتجوا بما روي
عن علي عليه السلام قال وهب لي رسول الله صلى الله عليه وآله غلامين أخوين فبعث أحدهما فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله
ما فعل غلاماك فأخبرته فقال رده ولان ذو رحم محرمة فلم يجز التفريق بينهما كالولد والوالد والجواب بعد الاقرار ولا لمعنى الفريق والعبارة
يضعف بالفارق من قوة السبعة وكثرة الضرر في مقاربة الأبوين دون الاخوة. الثاني: قال الشيخ (ره) يجوز التفريق
بين ان يخرج من عمود الدين من فوق وأسفل مثل الاخوة وأولادهم والأعمام وأولادهم وسائر الأقارب وهو قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة لا يجوز
التفرقة بينه وبين كل ذي رحم محرم كالعمة مع ابن أختها والخالة مع ابن أختها ان الأصل من البيع والتفريق والقياس على الأبوين
باطل لأنهم أقرب. الثالث يجوز التفرقة بينه وبين الرحم غير المحرم ولا نعلم فيه خلافا لعدم النص وامتناع قياسه على
المنصوص مع قيام الفارق وكذا يجوز التفريق بين الولد وأمه من الرضاع وأخته منه بالاجماع ولان قرابة الرضاع لا توجب عتق أحدهما
على صاحبه ولا نفقة ولأمر أتى فلم يمنع التفريق كالصداقة. الرابع: يجوز التفرقة بينهما في العتق فيعتق الأم دون الولد وبالعكس
وكذا يجوز التفريق في الفداء ولا نعلم فيه خلافا لان العتق لا تفرقة فيه في المكان والفداء تخليص كالعتق. الخامس:
لو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر وحسبوا عليه بنصيبه بناء على أنهم أقارب يحرم التفريق بينهم فبان انه لا نسب منهم وجب عليه رد المفصل
الذي فيهم على المغنم لان قيمتهم يزيد بذلك فان من اشترى اثنين عليان أحدهما أم لا يحل له الجمع بينهما في الوطي ولا التفرقة بينهما فبدل
قيمتها لذلك فإذا أظهر ان إحداهما أجنبية من الأخرى أبيح له وطيهما وبيع أحدهما دون الأخرى فيكون القيمة فرد الفضل كما لو اشتراها فوجد
معها حليا وكا لو اخذ دراهم فبانت أكثر مما حسب عليه. السادس: قال الشيخ (ره) لو جبت جارية جناية وتعلق أرش الجناية
برقبتها ولها ولد صغير لم يتعلق الأرش به فان فداها السيد فلا كلام وان امتنع لم يجز بيعها دون ولدها لان فيه تفريقا بينهما لكنهما
يباعان ويعطى المجني عليه ما يقابل قيمة جاريته ذات ولد والباقي يعطى للسيد فيقال كم قيمة الجارية ولها ولد دون ولدها فيقال مائة فيقال
كم قيمة ولدها فيقال خمسون فيحصلها ثلثا الثمن والولد الثلث فان وفي الثلثان بالأرش وإلا فلا شئ له غيره وان كان أكثر به والفضل
على السيد قال (ره) ولو كانت الجارية حاملا فان فداها السيد فلا بحث وان امتنع لم يجز بيعها ان كانت حاملا ويعتبر حتى يضع
ويكون الحكم كما لو كان منفصلا وان كانت حاملا بمملوك جاز بيعها معا على ما مضى إذا كان الولد منفصلا. السابع: قال (ره)
لو باع جارية حاملا إلى أجل فأفلس المشتري وقد وضعت ولدا مملوكا من زنا أو زوج فهل له الرجوع فيها دون ولدها فيه وجهان
أحدهما ليس له لأنه تفريق بينها وبين ولدها ويكون الخيار بين ان يعطي قيمة ولدها ويأخذها وبين ان يدع ويتصرف مع الغرماء بالثمن
والثاني له الرجوع فيهما لان ذلك ليس تفرقة فإنهما يباعان معا وينفرد هو بحصتها قال ولو ابتاع جارية فاتت بولدها مملوك في
يد المشتري وعلم بيعها لم يكن له ردها بالعيب لأنه تفريق بينهما وبين ولدها ولا يلزمه ر د الولد لأنه ملكه ويسقط الرد ويكون له الأرش
وان علم بالعيب وهي حامل كان مخيرا بين ردها وبين الأرش. مسألة: إذا سبى من لم يبلغ صار رقيقا في الحال اما ان يسبى مع
931

أبويه أو مع أحدهما أو منفردا فالأقسام ثلاثة. الأول: ان يسبى مع أبوية الكافرين فإنه يكون على دينهما وبه قال أبو حنيفة وقال مالك
والشافعي وقال الأوزاعي يكون مسلما لنا قوله عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة وانما أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه وهما مع احتج
الأوزاعي بان السابي يكون أحق به فإنه يملكه بالسبي ويزول عنه وينقطع ميراثهما منه وميراثه منهما فيكون تابعا له في الاسلام
كما لو انفرد السابي به والجواب المنع من الأصل وسيأتي وملك السابي لا يمنع ابتاعه لأبويه الا ترى أنه لو كان المسلم عبد وانه كافران ويزوجه
منهما فان الولد يكون كافرا وان كان المالك مسلما. الثاني: ان يسبى منفردا عن أبويه قال الشيخ (ره) يتبع حكمه السابي في الاسلام
وهو قول الجمهور كافة لان الكفر انما يثبت لع تبعا للأبوية وقد انقطعت تبعيته لهما لانقطاعه عنهما واخراجه عن دارهما ومصيره إلى دار
الاسلام تبعا لسابيه المسلم فكان تابعا له في دينه قال الشيخ (ره) وحكمه لا تباع الا من مسلم فان تبع من كافر بطل البيع. الثالث:
أو يسبى مع أحد أبويه وقد حكم الشيخ (ره) بأنه يتبع أحد أبويه في الكفر وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين
وقال في الأخرى يحكم باسلامه وبه قال الأوزاعي وقال مالك ان يسبى مع أبويه تبعه وان سبى مع أمه تبع السابي في الاسلام احتج الشيخ (ره) بأنه لم ينفرد عن أحد أبويه فلم يحكم باسلامه كما لو سبى معهما احتج احمد بقوله صلى الله عليه وآله كل مولود يولد على الفطرة
وانما أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه وهو يدل من حيث المفهوم على أنه لا يبتع أحدهما لان الحكم مبني على سببين لا يثبت بأحدهما
والتهويد يثبت بهما فإذا كان معه أحدهما لم يهوده ولا يتبع سابيه منفردا فيتبعه مع أحد أبويه كما لو أسلم أحد الأبوين فالجواب
عن الأول انه لا دلالة في الحديث الا من حيث المفهوم الضعيف وهو غير حجة وعن الثاني بالمنع من قول انه يتبع السابي. فرع:
قال الشيخ (ره) لو مات أبو الطفل المسبي معهما لم يحكم باسلامه وجاز بيعه على المسلمين ويكره بيعه على الكافر لأنه يحكم الكافر فجاز
بيعه على الكافر وقال احمد لو مات أبواه أو أحدهما حكم باسلامه واحتج بان النبي صلى الله عليه وآله قال كل مولود يولد على الفطرة وانما
أبواه يهودانه وينصرانه أو يمجسانه وهو بدل على أنه لو ماتا أو مات أحدهما حكم باسلامه لان العلة إذا عدمت فعدمت المعلول احتج
الشيخ (ره) انه مولودين كا فرين فإذا ماتا أو مات أحدهما لم يحكم باسلامه كما لو كانا في دار الحرب ولأنه كافر أصلي فلم يحكم باسلامه
بموت أبويه كالبالغ. مسألة: الحميل هو الذي يجلب من بلد الشرك فان جلب منهم قوم يعارفوا بينهم بما يوجب التوارث
قبل قولهم بذلك سواء كان ذلك قبل العتق أو بعده ويورثون على ذلك لأنه لا يمكن إقامة البينة من المسلمين على صحة
أنسابهم وسواء كانت النسبة لوالدين والولد أو من يتقرب بهما لأنه يتعدى ذلك إلى غيرهم ولا يقبل اقرارهم به إذا عرفت هذا فان الشافعي
قال إذا اخذ الطفل م بلاد الشرك كان رقيقا وهو حق فإذا أعتقه السابي بعد عتقه وثبت له الولاء عليه فان أقر هذا المعتوق
بنسب بطلت فان اعترف بنسب أو وجد أخ أو ابن عم لم يقبل منه الا بنسبه لأنه يبطل حق مولاه بذلك وهو حسن قال الشافعي
ولو أقر بولد ففيه ثلاثة أوجه. أحدها: لا يقبل اقراره لأنه يبطل حق المولى من الولاء ويقدم المقر به في الميراث. الثاني:
يبل لأنه يملك ان يستولد فملك الاقرار بالولد. الثالث: ان المنكر ان يكون له ولد بعد عتقه قيل لأنه يملك الاسلام
بعد عتقه ولا يملكه قبل ذلك. مسألة: لو أسر المشرك ولم يكن مع المسلم ما يركبه وعجز المشرك عن المشي لم يجب لأنه لا
يدري المسلم ما حكم الامام فيه ويؤيده ما رواه الشيخ عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام
قال لا يحل للأسير ان تزوج في أيدي المشركين مخافة ان يلد له؟ ولده كفارا في أيديهم وقال إذا اخذت أسيرا فعجز عن المشي
ولم يكن معك محمل فأرسلوا فلا يقبله فإنك لا تدري ما حكم الامام فيه. فروع: الأول: لو نذر المسلم بقتل الأسير كان
كان هدرا لأنه كافر لا يجب بقتله كفارة ولا دية وبهذا قال الشافعي وقال الأوزاعي يجب عليه الدية لأنه تعلق حق الغانمين
به ولهذا للامام ان يفاديه بالمال ويكون لهم والجواب الحق انما يتعلق بالبدل فإنه حر لا؟ لهم فيه ويعارض بأنه يباح الدم لكفره فلا
يجب بقتله الضمان كالمرتد. الثاني: يجب ان يطعم الأسير ويسعى وان أريد قبله بعد لحظة لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا قال هو الأسير وقال الأسير
يطعم وان كان يقدم للقتل وقال إن عليا عليه السلام كان يطعم من جلد في السجن من بيت مال المسلمين وعن سليمان بن خالد قال سالت
عن الأسير فقال طعام الأسير على من أسر وان كان يريد قتله من الغد فإنه ينبغي ان يطعم ويسقى ويرفق به من كا كافرا
أو غيره. الثالث: يكره قتل من يجب قتله صبرا من الأسير وغيره ومعناه يحبس للقتل فان أريد قتله قتل على غير ذلك الوجه رواه
الشيخ في الصحيح عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله رجل صبرا قط غير رجل واحد
عقبة بن أبي معيط وطعن بن أبي خلف فمات بعد ذلك. مسألة: إذا انقضت الحرب وخيرت الغنائم فقد ملك كل واحد من
932

الغانمين نصيبا من الغنيمة مشاعا وقد بينا الخلاف فيه فان بعض الشافعية يذهب إلى أنه لا يملك الا باختيار التملك وقد يلف إذا
ثبت هذا فلو وطي واحد من الغانمين جارية من المغنم قبل القسمة عالما بالتحريم درئ عنه من الحد بمقدار نصيبه فيها ويقام عليه
الحد بمقدار نصيب باقي الغانمين سواء قلوا أو كثروا وبوجوب الحد قال مالك وأبو ثور وقال الأوزاعي كل من سلف من علمائنا بقول
عليه أو في الحدين مائة جلدة وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل لا حد عليه لنا قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد
منهما مائة جلدة وهو زان لان التقدير انه عالم ولأنه وطي في غير ملكه عامدا عالما بالتحريم فلزمه الحد كما لو وطي جارية غيره
وانما قلنا بسقوط الحد بمقدار نصيبه لأنه لا يكن زانيا باعتبار وطيه وطيه ملكه كالجارية المشتركة احتجوا بان فيها شبهة الملك فلم
يجد عليه الحد كوطي جارية له فيها شريك والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل على ما يأتي. فروع: الأول: لو وطئها
جاهلا بالتحريم سقط عنه الحد اجماعا لان الشركة شبهة والتقدير عدم عليه بالتحريم فيسقط عنه الحد لقوله عليه السلام ادرؤا
الحدود بالشبهات اما مع العلم فقد بينا وجوب الحد ويسقط عنه بمقدار نصيبه سواء أقل النصيب أو كثر وعند الشافعي
يسقط أيضا ويجب التعزير ولا يبلغ به إلى الحد وقد سلف البحث معه. الثاني: قال الشيخ (ره) لا يجب عليه المهر لعدم الأداء على
شغل الذمة به مع ثبوت البراءة الأصلية وقال الشافعي يجب عليه المهر لأنه وطي في غير ملكه سقط فيه الحد عن الواطي فوجب
المهر كوطي الأب جارية ابنه وقال بعض الجمهور ويسقط عنه من المهر قدر نصيبه كما لو وطي جارية مشتركة وأبطل بانا لو أسقطنا
نصيبه فاخذنا الباقي وطرحناه في المغنم ثم قسمناه على الجميع وهو فيهم عاد إليه سهم من حصة غيره ولان قدر حصته قد لا يكون
السلم به لعلة المهر وكثرة الغانمين ولو اخذناه وقسمناه باقراره على غيره لم يمكن والجواب عن كلام الشافعي ي المنع من ثبوت الشركة
. الثالث: إذا قلنا بسقوط المهر فلا يجب وان أوجبناه ثم قسمت الغنيمة فجعلت الجارية في نصيبه ثم يسقط المهر لان ملكه
؟ عليها بعد القسمة بها ووجوب المهر حصل بالوطي السابق على القسمة فلا يسقط بتحديد الملك كما لو وطي جارية غيره ثم اشتراها
الرابع: إذا أحبلها قال الشيخ (ره) يكون حكم ولدها حكمها فيكون له منه بقدر نصيبه من القسمة ويقوم بقية سهم الغانمين
وينظر فان كانت القيمة قدر حقه فقد استوفي حقه وان كان أقل أعطي تمام حقه وان كان أكثر رد الفضل ويلحق به الولد لحوقا
صحيحا لان شبهة وتكون الجارية أم ولد لان الاشتقاق يقتضيه وبهذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة يكون الولد رقيقا
ولا يلحق بسببه لنا انه وطي شبهة للنصيب فكان الولد حرا ولحق به بسببه ولان الشبهة يلحق النسب في الأب إذا وطي جارية أبيه فهاهنا أولى احتج
أبو حنيفة بان الغانمين يملكون بالقسمة وقد صادف وطيه في غير ملكه فأشبه الزنا والجواب لا نعلم أن الغانمين انما يملكون بالقسمة بل بنفس
الاستغنام قدر نصيب منها وما ذكره بتبعيض بوطي الأب جارية الابن. الخامس: قال الشيخ (ره) هذه الجارية يصير أم ولده في الحال
وبه قال أحمد بن حنبل وقال الشافعي لا يصير أم ولد في الحال لأنها ليست ملكا له فإذا ملكها بعد ذلك فهل يصير أم ولده في الحال
لنا انه وطي يلحق به النسب بشبهة الملك فيصير أم ولد له كوطي جارية بن الابن غير مملوكة للواطي ومع هذا يصير أم ولد له وأيضا
يمنع ان الملك لا يثبت في الغنيمة الا بعد القسمة فانا قد بينا انه يثبت في القسمة بمجرد الاستغنام. السادس: قال الشيخ (ره)
تقوم هذه الجارية عليه ويلزم سهم الغانمين وبه قال احمد وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني لا يقوم عليه لأنها ليست أم ولد عند
لنا انها صارت أم ولد على ما تقدم فوجب عليه قيمتها لأنه أخرجها من الغنيمة بفعله وقوتها على الغانمين فلزمته القيمة كما لو قتلها أولا
يجوز قسمتها بين الغانمين لأنه لا يجوز بيعها لأنها حملت بحر فقومت عليه بعض الشافعية إذا لم يجز تقويمها عليه قلنا ممنوع لأنها قومت
عليه لأنه منع باحبالها من بيعها. السابع: إذا قومت عليه نظر في قدر القيمة والنصيب فإن كان نصيبه بقدر القيمة حسب عليه
منه وقد استوفى حقه وان كان أقل أعطى تمام حقه وان كان أكثر رد الفضل. الثامن: قال الشيخ (ره) إذا وضعت نظر فان كانت
قومت عليه قبل الوضع فلا يقوم عليه الولد انما يقوم إذا وضعت وفي هذا الحال وضعته في ملكه وان كانت بعد لم يقوم عليه
فومت هي والولد معا بعد الوضع وأسقط منه نصيبه وعذ الباقي للغانمين لأنه منع من رفه بشبهته بالوطي اما حمد ففيه روايتان
أحدهما انه يلزمه فيه حيين الوضع يطرح للمغنم لأنه فوت رقه فأشبه ولد المغرور والثانية لا ضمان عليه لقيمته لان ملكها حين علقت
ولم يثبت ملك الغانمين في الولد بحال فأشبه ولد الأب من جارية ابنه إذا وطيها ولأنه معتق حين علوقه ولا قوله
حال والحق ما قال
الشبخ لأنها قبل التقويم ملك الغانمين ولا نسلم فسمة من حين علوقه وبعد التقويم ولدت على ملكه فكان الولد ولا قيمة عليه للغانمين
التاسع: إذا وطي بعد القسمة فان قلنا إنه بها يملك الغانم سواء رضى بما عينه له الامام ولم يرض فإن كان قد عينها له كان وليه مصادقا لملكه وحكمه حكم من وطي جاريته وان كان قد عينها لغيره وجب عليه ما يجب على من وطي جارية غيره من الحد والمهر وكان الولد
933

رقيقا لمولاها هذا إذا كان عالما بالتحريم وإن لم يكن عالما بالتحريم بان يتوهم ان يعني الامام غير يلحق في التمليك فوطي كان شبهة
في سقوط الحد وان قلنا إنه يملك بعد الاختيار فإذا وطي قبل اختيار التملك فالحكم فيه على ما مضى فيمن وطي جارية المغنم قبل القسمة
لأنها انما يتعين ملكه بالاختيار وان كان بعد الاختيار فان وطي ما حصل في نصيبه واختيار بملكه فقد وطي في ملكه وكان كساير ملاكه
وان وطيها حصل لغيره فهو كما لو وطي أمة غيره وان كان قد وطي جارية مشترك بينه وبين غيره كان الحكم فيه كما لو وطي جارية بينه
وبين شريكه. العاشر: لو وطيها وهو معسر قال الشيخ (ره) قومت عليه مع ولدها واستسعى في نسب الباقين وإن لم يسع في ذلك
كان له من الجارية مقدار نصيبه والباقي للغانمين ويكون الولد حرا بمقدار نصيبه والباقي يكون مملوكا لهم والجارية يكون أم ولد وان
ملكها فيما بعد قال بعض الجمهور إذا وطيها وهو معسر كان في ذمته قيمته ويصير أم ولد لأنه استيلاء وجعل بعضها أم ولد فيجعلها جميعها
أم ولد كاستيلاء جارية الابن وقال آخرون يجب عليه قدر حصته من الغنيمة ويعتبر ذلك المصدر أم ولد والباقي رقيق للغانمين
لان كونها ان ولد انما يثبت بالسراية في ملك غيره فلم يسر في حق المسلم فالاعتاق. الحادي عشر: لو وطي الأب جارية من المغنم و
ليس له نصيب فيها بل لولده كان الحكم فيه كما لو وطي الابن. مسألة: لو كان في الغنيمة من معتق على بعض الغانمين كالأب والولد
مثلا قال الشيخ (ره) الذي يقتضيه المذهب أن يقول إن ينعتق منه نصيبه منه ويكون الباقي للغانمين وبه قال احمد وقال الشافعي
لا ينعتق عليه لا كله ولا بعضه وهو مقتضى قول أبي حنيفة لنا ما تقدم من أن الملك يثبت للغانمين بالاستيلاء التام وقد وجد ولان ملك
الكفار زال ولا يزول الا على المسلمين وهو أحدهم فيكون له نصيب مشاع من الغنيمة على ذلك النصيب احتج الشافعي بأنه لم يحصل الملك لان للامام ان يعطيه حصته من غيره فيصيبه غير متميز من الغنيمة قال الشيخ (ره) الأول أقوى إذا عرفت هذا فان الشيخ (ره) لما قال ينعتق
نصيبه قال لا يلزمه قيمة ما يبقى للغانمين لان الأصل براءة الذمة ولا دليل على شغلها والقياس على العتق باطل لأنه هناك انما يجب عليه التقويم
لان المعتق منه إذا ثبت هذا فلو جعل الامام في نصيبه أو نصيب جماعة هو أحدهم فإنه ينعتق نصيبه قولا واحدا وهل يجب عليه شراء حصص الباقين
فيه اشكال أما إذا رضى بالقسمة فالأقرب القويم عليه لأنه ملكه برضاه هذا إذا كان موسرا ولو كان معسرا أعتق قدر نصيبه ولم يقوم عليه الباقي. فرع:؟؟ منفردا به قال بعض أصحاب الشافعي لا ينعتق عليه لان الأسر لا يصير رقيقا بالاسترقاق بل باختيار الامام لان الامام حق
الاختيار ان شاء قتله وان شاء استرقه وان شاء من عليه وان شاء فأداه فان اختار الامام (استرقاقه) عتق على السابي أربعة أخماسه وقو م
الخمس عليه ان كان موسرا وان كان معسرا رق الباقي وإن لم يخير التملك كان أربعة أخماس بمصالح المسلمين وخمسه لأهل الخمس قال ولو أن
حربيا يباع من المسلمين امرأته وقد قهرها جاز ولو باع أباه وابنه بعد قهرهما لم يجز لأنه إذا قهر زوجته ملكها فيصح بيعها وإذا قهر أباه
أو ابنه ملكه فيعتق عليه فلا يجوز. فرع: لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة فإن كان ممن لم ينسب فالرق كالرجل مثل استرقاقه
لم يعتق لأنه عليه السلام قال لا عتق الا في ملك والتقدير انه لم يثبت الملك حال العتق فكان العتق باطلا وان كان ممن يملك كالصبي والمراة فالوجه
عندنا انه يعتق عليه قدر حصته ويسري عل ى الباقي فيقوم عليه ويطرح باقي القيمة في المغنم هذا إذا كان موسرا وان كان معسرا عتق عليه قدر نصيبه
لأنه موسر بقدر حصته من الغنيمة فإن كان بقدر حصته من الغنيمة عتق ولم يأخذ شيئا وان كان دون حقه أخذنا في نصيبه وان
كان أكثر عتق قدر نصيبه ولو عتق عبدا اخر وفضل من حقه عن الأول بشئ عتق بقدره من الثاني وإن لم يفضل شئ كان عتق الثاني باطلا
البحث الثالث: في احكام الأرضين: الأرضون أربعة أقسام أحدها يملك بالاستغنام ويؤخذ قهرا بالسيف فإنها تكون للمسلمين
قاطبة فلا يختص بها المقاتلة بل يشاركهم غير المقاتلة من المسلمين وكما لا يختصون بها كذلك لا يفضلون بل هي للمسلمين قاطبة ذهب إليه
علمائنا أجمع وبه قال مالك وقال الشافعي انها تقسم بين الغانمين كساير الأموال وبه قال انس بن مالك والزبير وبلال وقال قوم
ان الامام يخير بن القسمة والوقف على المسلمين ورواه الجمهور عن علي عليه السلام وعمر وبه قال الثوري وقال أبو حنيفة الامام مخير
بين ثلاثة بين قسمتها ودفعها وان يقر أهلها ويضرب عليهم الخراج يسيرا حقا على رقبة الأرض لا يسقط بالاسلام لنا ما رواه
الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه فتح اذن ولم يقسمهما ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حماد بن عيسى قال رواه إلى
بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأول عليه السلام في حديث طويل والأرض التي اخذت عنوة بخيل وركاب فهي موقوفة
متروكة في أبدي من يعمرها ويحبسها ويقوم عليها على صلح ما يصالحهم الامام على قدر طاقتهم من الخراج أو النصف أو الثلث أو
الثلثان وعلى قدر ما يكون لهم صالحا ولا يضر بهم فإذا خرج منها بما بدأ فاخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقي
سيحا ونصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح فاخذه الوالي فوجهه في الوجه الذي وجهه الله تعالى له على ثمانية أسهم للفقراء والمساكين و
العاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ثمانية أسهم يقسم بينهم في
مواضعهم بقدر ما
934

يسعون في سنتهم بلا ضيق ولا تعسير فان فضل من ذلك شئ رد إلى الوالي وان نقص من ذلك شئ
ولم يكتفوا به كان على الوالي ان يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا ويوجد بعد ما يبقى من العسر فيقسم بين الوالي وبين شركائه
الذين هم عمال الأرض وأكرتها فيدفع إليهم نصيبهم على ما صالحهم عليه ويأخذ الباقي فيكون ذلك ارزاق أعوانه على دين الله تعالى وفي مصلحة
بنا بيوته من يفوته الاسلام ويفوته الدين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير الحديث
احتج الشافعي بان النبي صلى الله عليه وآله قسم خيبر على ثمانية عشر سهما ولان الأرض يملك عنهم بالعقد فيملك بالاغتنام كالمنقول
والجواب عن الأول يمنع النقل فقد روى أنه عليه السلام قسم نصف خيبر وترك نصفها ومع الاضطرار في النقل يطرح الجميع خصوصا
مع ما نقلناه أولا وعن الثاني بالفرق فان الأرض ملك متأبد ونفعها دائم مفارقة الأمتعة المنقولة. مسألة: وهذه الأرض
المأخوذة بالسيف عنوة الامام لمن يقوم بعمارتها بما تراه من النصف أو الثلث وعلى المقبل اخراج مال القبال وحق الرقبة وفيما
يفضل في يده إذا كان نصاب العشر أو نصف العشر وهذا من الأرضين لا يصح التصرف فيها بالبيع والشراء والوقف وغير ذلك للامام
ان ينفله من ينفل إلى غيره إذا انقضت مدت ضمانه وله التصرف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المنفلين وارتفاع هذه الأرض ينصرف إلى المسلمين
بأجمعهم والى مصالحهم وليس للمقاتلة خصوصا الا ما يحويه العسكر وروى الشيخ عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر قال وما اخذ بالسيف
فذلك إلى الامام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر قبل سوادها وبياضها يعنى أرضها ونخلها والناس
يقولون لا يصلح قبالة الأرض والنخل وقد قيل إن رسول الله صلى الله عليه وآله حسر على المسلمين سوى قبالة الأرض العشر ونصف العشر
في حصصهم وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال وما اخذ بالسيف فذلك للامام يقبله الذي يرى كما صنع
رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر قبل أرضها ونخلها والناس يقولون لا يصلح قبالة الأرض والنخل إذا كان البياض أكثر من السواد
وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر وعليهم وحصصهم العشر وعن مصعب بن يزيد الأنصاري قال استعمل أمير المؤمنين عليه السلام على أربعة
(ريباس) المداين البهقباذات ونهر شوشتر ونهر حويز ونهر الملك راوي ان اصنع كل جريب زرع غليط درهما ونصفا وعلى كل جريب زرع
رقيق ثلثي درهم وعلى كل جريب كرم عشرة دراهم وعلى كل جريب الباستين التي يجمع النخل والشجر
عشرة الدراهم وأمرني ان القي كل نخل شاذ عن الذي المادة والطريق وابن السبيل ولا اخذ منه شيئا واني ان أضع على الدهاقين الذين
يركبون البراذين وهميون بالذهب على رجل منهم ثمانية وأربعين درهما وعلى أوساطهم والبحار فيهم على كل رجل أربعة
وعشرين درهما وعلى أسفلهم وفقرائهم اثنى عشر درهما على كل انسان منهم قال فحلمتها ثمانية عشر الف ألف درهم. القسم الثاني
من الأرضين: ارض من أسلم أهلها عليها طوعا من قتل بنفوسهم من غير قتال فيترك في أيديهم ملكا لهم يصح لهم التصرف
فيها بالبيع والشراء والوقف وسائر أنواع التصرف إذا عمروها وقاموا بعمارتها ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر زكاة إذا
بلغ النصاب فان تركوا عمارتها وتركوها خرابا كانت للمسلمين قاطبة وجاز للامام ان يقبلها ممن يعمرها بما يراه من النصف أو الثلث أو
الربع وكان على المتقبل بعد اخراج حق القبالة ومؤنة الأرض إذا بقي معه النصاب العشر أو نصف العشر ثم على الامام ان يعطي أربابها
حق الرقبة روى الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال من قال ذكرنا لأبي الحسن الرضا عليه السلام الكوفة وما وضع عليها من الخراج وما
صار فيها أهل بيته فقال من أسلم طوعا تركت ارضه في يده واخذ منه العشر مما سقت السماء والأنهار ونصف العشر مما كان بالوشا
فيما عمروه منها وما لم يعمروا منها اخذ الامام فضل ممن يعمر وكان للمسلمين وعلى المتقبلين في حصصهم العشر ونصف العشر وليس
في أقل من خمسة أوساق شئ من الزكاة. القسم الثالث: ارض الصلح وهي كل ارض صالح أهلها عليها وعلى ارض الحرب
يلزمهم ما يصالحهم الامام عليهم من نصف أو ثلث أو غير ذلك وليس عليهم غير ذلك فإذا أسلم أربابها كان حكم أرضهم حكم ارض من
أسلم طوعا ابتداء ويسقط عنهم الصلح لأنه جزية وقد سقطت بالاسلام ويصح لأربابها التصرف فيها بالبيع والشراء والهبة وغير ذلك
وللامام ان يزيد أو ينقص ما صالحهم عليه بعد انقضاء مدة الصلح حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها ولو باعها المالك
من مسلم صح وانتقل ما عليها إلى ذمة البايع هذا إذا صولحوا على أن الأرض المسلمين وعلى أعناقهم الجزية كان حكمها حكم الأرض
المفتوحة عنوة عامرها للمسلمين ومواتها للامام. القسم الرابع: ارض الأنفال: وهي كل ارض انجلا أهلها عنها وتركوها
أو كانت أمواتا لغير المالك فأحييت أو كانت أجاما وغيرها مما لا يزرع فاستحدث مزارع فإنها كلها للامام خاصة ليس لأحد فيها نصيب
وكان له التصرف والهبة والبيع والشراء حيث ما يراه وكان له ان يتقبلها ما يراه من نصف أو ثلث أو ربع ويجوز له نزعها من يد متقبلها
إذا انقضى مدة الضمان الا ما أحييت بعد موتها فان من أحياها أولى بالتصرف فيها إذا يقبلها بما يتقبلها غيره فان أبى ذلك كان للامام
935

للامام نزعها من يده ويتقبلها لمن يراه وعلى المتقبل بعد اخراج مال القبالة فيما يحصل في حصته العشر أو نصف العشر قال الشيخ (ره)
وكل موضع أوجبنا فيه العشر من أقسام الأرضين إذا خرج الانسان مؤنة عياله لسنه وجب عليه فيما بقي بعد ذلك الخمس
لأهله روى الشيخ في الصحيح عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له ما يقول الله يسألونك عن الأنفال قل الأنفال
لله والرسول وهي ارض انجلا أهلها من غير أن يحمل عليها خيل ولا ركاب ولا رجال فهي نفل الله والرسول وفي الحسن عن محمد بن
مسلم عن أبي عبد الله عليه السلم انه سمعه يقول إن الأنفال ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم فإن كان
من ارض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفئ والأنفال لله والرسول فما كان لله فهو للرسول وبعضه حيث يجب. مسألة: قد بينا ان الأرض مأخوذة عنوة لا يختص بها العاملون بل هي للمسلمين قاطبة ان كانت محياة وقت الفتح ولا يصح بيعها ولا هبتها ولا وقفها
بل تصرف الامام حاصلها في المصالح مثل سد الثغور ومعاونة الغزاة وبناء القناطير ويخرج منها ارزاق القضاء والولاة وصاحب
الديوان وغير ذلك من مصالح المسلمين واما الموات منها وقت الفتح فهي للامام خاصة ولا يجوز لاحد احياؤها الا باذنه ان كان
موجودا ولو تصرف فيها من غير اذنه كان على المتصرف طسقها ويملكها عند غيبته من غير اذن لما رواه حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا
عن العبد الصالح أبي الحسن الأول عليه السلام قال وليس لمن قاتل شئ من الأرضين ثم قال الأرض الذي اخذت عنوة بخيل وركاب
فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها ويحسنها ويقول عليها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج النصف أو الثلث
أو الثلثان وعلى قدر ما يمون لهم صالح ولا يضربهم ثم قال وكل ارض لم يوجد عليها بخيل ولا ركاب ولكن صولحوا عليها وأعطوا
بأيديهم على غير قتال وله رؤوس الجبال ويطوف الأودية والآجام وكل ارض مسبية لا وارث لها وله صوافي الملوك مما كان في أيديهم
من غير وجه الغصب لان المغصوب كله مردود ويدل على أن المحيى للموات في عنقه عليه السلام كله بالاحياء ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن
يزيد قال سمعت رجلا من أهل الخيل يسال أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اخذ أرضا مواتا تركها أهلها فيعمرها وأكرى انهارها
وبني فيها بيوتا وغرس فيها نخلا وشجرا قال فقال أبو عبد الله عليه السلام كان أمير المؤمنين يقول من أحيا أرضا من المؤمنين
فهي له وعليه طسقها يؤديه إلى الامام في حال الهدية فإذا ظهر القائم عليه السلام فليوطئ نفسه على أن يأخذ منه. مسألة:
قد بينا ان أرض الخراج وهي المأخوذة عنوة بالسيف إذا كان محيا لا يجوز بيعها ولا هبتها ولا وقفها لأنها ارض المسلمين قاطبة
وقفا عليهم فلا يتخصص بها أحد على وجه التملك لرقبة الأرض انما يجوز التصرف فيها ويؤدي حق القبالة إلى الامام ويخرج أيضا
بالزكاة منها مع اجماع الشرايط وإذا تصرف فيها أحد بالبناء والغرس صح له بيعها على معنى انه يتبع ماله فيها من الآثار وحق الاختصاص
بالتصرف ولا بالرقبة لأنها ملك المسلمين قاطبة روى الشيخ عن صفوان بن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام كيف ترى في شراء أرض الخراج
قال ومن يتبع ذلك هي ارض المسلمين قال قلت الذي هي في يده قال وضع الخراج المسلمين ماذا ثم قال لا بأس اشتر حقه منها
ويحول حق المسلمين عليه ولعله يكون أقوى عليها واملا بخراجها وعن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الشراء من
ارض اليهود والنصارى فقال ليس بأس قد ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر فخارجهم على أن يترك الأرض بأيديهم يعملونها و
يعمرونها فلا أرى بها بأسا لو أنك اشتريت منها وانما قوما أحبوا شيئا من الأرض وعملوها أحق بها هي لهم وفي الحسن عن حريز
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل مسلم اشترى أرضا من أراضي الخراج فقال أمير المؤمنين عليه السلام
مالنا وعليه ما علينا مسلما كان أو كافرا له ما لأهلنا عليه وعلى ما عليهم. مسألة: قد بينا ان الأرض الخربة والموات ورؤس الجبال
وبطون الأودية والآجام من الأنفال يختص بها الامام ليس لأحد التصرف فيها الا باذنه وان كان ظاهرا أو كان غايبا جاز للشيعة
التصرف فيها بمجرد الاذن منهم عليه السلام روي الشيخ عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الأنفال فقال ما كان من
الأرضين باد أهلها وفي غير ذلك الأنفال هو لنا وقال في سورة الأنفال فيها سوغ الانف وقال ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى
فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء وقال الفئ ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دماء أو قتل والأنفال
مثل ذلك هو بمنزلته وعن سماعة بن مهران قال سألته عن الأنفال فقال كل أر ض خربة أو شئ كانت يكون للملوك فهو خالص للامام
ليس للناس فيها سهم قال ومنها البحرين لم يرجف عليها بخيل ولا ركاب وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول الفئ
والأنفال ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة الدماء وقوم صولحوا أو أعطوا بأيديهم وما كان من ارض خربة أو بطون أودية
فهي كله الفئ فهذا لله ولرسوله فما كان فيه فهو لرسوله يضعه حيث شاء وهو الامام بعد الرسول صلى الله عليه وآله وقوله ما فاء الله
على رسوله منهم فما وجفتم عليه من خيل ولا ركاب قال الا ترى هو هذا واما قوله ما فاء الله على رسوله من أهل القرى فهذا بمنزلة
936

المغنم كان اي يقول ذلك وليس فيها غير سهم من سهم الرسول وسهم القربى لم يحس شركاء الناس فيما بقي ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن
محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام) قول وسئل عن الأنفال فقال كل قرية ملكها أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله
عز وجل نصفها لرسول الله صلى الله عليه وآله ما كان لرسول الله فهو للامام لان في طريقه محمد بن خالد البرقي وقد
قال النجاشي عنه انه كان ضعيفا في الحديث. مسألة: الظاهر من الذهب ان النبي فتح مكة بالسيف ثم انهم
بعد ذ لك وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وقال الشافعي انه عليه السلام فتحها صلحا بان قدر لهم قبل دخول
وهو منقول عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن ومجاهد لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأهل مكة ما تروني صانعا بكم قالوا
أخ كريم وأين أخ كريم فقال أقول كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين أنتم الطلقاء ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر قال ذكرنا إلى الكوفة إلى أن قال أهل الطايف أسلموا
وجعلوا عليهم العشر ونصف العشر وان أهل مكة دخلها رسول الله صلى الله عليه وآله عنوة وكلفوا أسرى في يده فأعتقهم فقال
اذهبوا فأنتم الطلقاء احتج الشافعي بما رواه عبد الله بن عباس قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله بمخر الظهران قال العباس قلت
والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بمهر الظهران قال العباس قلت والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بمهر الظهران قال العباس قلت والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وآله عنوة قبل أن
يأتوه ويستأمنوه انه لهلاك قريش فجلست على نقله رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي أجد ذا حاجة يأتي إلى مكة فيخبرهم بمكان
رسول ا لله صلى الله عليه وآله فيخرجوا إليه ليستأمنوه قال الأسير فسمعت كلام أبي سفيان ويزيد بن ورقاء وحكم بن خدام وقد خرجوا
يتجسسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله قد اتاكم بما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من المسلمين قال فما تأمرني قال تركب عجز هذه البغلة
فاستأمن لك رسول الله صلى الله عليه وآله ليضربن عنقك فأردفه وخرج به يركض
به بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فكلما مررنا من نيران المسلمين قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وآله على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى مررنا بعمر فقال الحمد لله الذي أمكنني منك بغير عهد ولا عقد ثم اشتد نحو النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أبو سفيان
عدو الله قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عقد فقال العباس يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني قد اجرته فقال اذهب فقد أمناه حتى يغدو به با
الغداة فرجع إلى منزله فلما اضحى عاد به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعقد الأمان على أهل مكة على أن من القى سلاحه فهو امن ومن
أغلق بابه فهو امن ومن تعلق بأستار الكعبة فهو امن فقال العباس رضي الله عنه يا رسول الله (صلى الله عليه وآله ان ابا سفيان فهو امن وعن انس بن سعد بن أبي
وقاص ان النبي صلى الله عليه وآله أمن الناس كلهم الا ستة نفر أبي حنظلة وعبد الله بن سعد بن أبي السرج ومقيس بن صانه و
الحرث بن نفيل وقيسي كانتا لعبد الله بن سعد ولان النبي صلى الله عليه وآله يقسم أمواله ولا أراضيهم والجواب بعد تسليم ما ذكروه
من الحديث ان الأرضين والدور انما لم يقسمه لأنها عندنا لجميع المسلمين لا يختص بمن عليهم لها مراعاة للمصلحة لان الامام ان يفعل ذلك. مسألة:
ارض السواد هي الأرض المغنومة للمسلمين قاطبة الفرس التي فتحها عمر بن الخطاب وهي سواد العراق وحده في العرض متى ينقطع الحال علوان إلى طرف
القادسية التفصيل يعذب من ارض العرب من نجوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة فاما الغربي
الذي يليه البصرة فإنما هو اسلامي مثل شط عثمان بن أبي العاص وما كانت شباخا ومواتا فأحياها عثمان بن أبي
العاص وسميت هذه الأرض سواد الآن الجيش لما خر جوا من البادية واد هذا الأرض والتفاف شجرها سموها السواد كذلك
وهذه الأرض فتحت عنوة فتحها عمر بن الخطاب بعث إليها بعد فتحه ثلاثة أنفس عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا وابن معسود قاضيا
وواليا على بيت المال وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض وفرض لهم في كل يوم شاط تنظرها مع السواقط لعمار وشطوها
للآخرين وقال ما أرى قرنة يوجد منها كل يوم شاة الا سريع في خرابها وفتح عمار بن حنيف ارض الخر اج واختلفوا في مثلها
فقال الساحل اثنان وثلاثون الف الف جريب وقال أبو عبيدة ستة ثلاثون الف الف جريب ثم ضرب على كل جريب نخل عشرة
دراهم وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم وعلى الحنطة أربعة دراهم وعلى الشعير درهمين ثم تجب بذلك إلى عمر فأقضاه وروى أن
ارتفاعا كان في عهد عمر مائة وستين الف ألف درهم فلما كان في زمن الحجاج رجع إلى ثمانية عشر الف ألف درهم فلما ولي عمر بن
عبد العزيز رجع إلى ثلاثين الف ألف درهم في سنة وفي الثانية بلغ ستين الف ألف درهم فقال لو عشت سنة أخرى لرددتها
ما كان في أيام عمر فمات تلك السنة ولما أفضي الامر إلى أمير المؤمنين عليه السلام قضى ذلك لأنه لم يمكنه ان يخالف ويحكم بما يجب عنده
937

فيه قال الشيخ (ره) الذي يفيضه المذهب ان هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس وأربع الأخماس الباقية يكون للمسلمين قاطبة الغانمين وغيرهم سواء في ذلك ويكون للامام النظر فيها ويقبلها ويضمنها بما شاء ويأخذ أرباعها ويصرفه
في مصالح المسلمين وما ينويهم من سد الثغور ولعوقة؟؟ المجاهدين وبناء القناطر وغير ذلك من المصالح وليس للغانمين في هذه الأراضي
على وجه التخصيص شئ بل هم والمسلمين فيه سواء ولا يصح بيع شئ من هذه الأرضين ولا هبة ولا معاوضة ولا يملكه ولا وقفه ولا رهنه ولا
اجارته ولا؟ ولا يصح ان يبني دورا ولا منازل ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يمنع الملك ومتى فعل شئ من ذلك
كان التصرف باطلا وهو باق على الأصل قال (ره) وعلى الراوية التي رواها أصحابنا ان كل عسكر أو فرقة عرب بغير امر الامام فغنمت
يكون الغنيمة للامام خاصة يكون هذه الأرضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول الا ما فتح أيام أمير المؤمنين عليه السلام ان صح شئ من ذلك
يكون للامام خاصة من جملة الأنفال التي له خاصة لا يشرك فيها غيره إذا ثبت هذا قال الشافعي وافق علي ما نقله الشيخ (ره) من قدر الخراج وقال أبو حنيفة الا في الحنطة والشعير فإنه قال يؤخذ من الحنطة قفيز ودرهمان ومن الشعير درهم وقال
أحمد بن حنبل يؤخذ من كل واحد منهما قفيز ودرهم لما رواه أبو هريرة ان النبي (صلى الله عليه وآله قال منعت العراق قفيزها ودرهما ومعناه
كمتع. مسألة: إذا انزل الامام على بلد محاصر دارا والصلح على أن يكون البلد لهم وكانوا من أهل الكتاب جاز ان يصالحهم بشروط
ثلاثة أحدها ان يبذلوا الجزية والثاني ان يجري عليهم احكام المسلمين والثالث أن لا يجتمعوا مع مشترك على قتال المسلمين فإذا بذلوا
ذلك عقد معهم الصلح ولزم ما داموا على الشرط ويكون أرضهم ملكا لهم يصح لهم التصرف فيها بالبيع والشراء والإجارة وغير ذلك على
ما قدمناه ويجوز للمسلم استيجارها منهم لأنها ملك له فجاز له ان يكرمها كما يجوز له ان يوجر فرسه فإذا اجرها كانت الأجرة والخراج
عليه ولو باعها من مسلم صح البيع وبه قال أبو حنيفة والشافعي وقال مالك لا يصح البيع لأنه يؤدي إلى اسقاط الخراج عنها وذلك
لا يجوز لأنه حق المسلمين وهو خطأ لأنه لا يسقط بل ينتقل ما كان على الأرض إلى رقبة ولان ما جاز بيعه من الكافر جاز بيعه
من المسلم كغيره من الاملاك هذا ثبت هذا فان اشتراها المسلم انتقل ما كان عليها من الخراج إلى رقبة الذي لأنه كان يوجد عن رقبة
وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يكون متعلقا بالأرض لان عنده لا يسقط بالاسلام ونحن قدمنا ذلك فيما مضى وسيأتي
تتمة كلامه فيه. مسألة: كل ارض ترك أهلها عمارتها كان للامام نقلها إلى من يقوم بها وعليه طسقها لأربابها لأنه مصلحة
لهم فكان سايغا وكل ارض مما سابقا فعمرها وأحياها كان أحق بها إذا لم يكن لها مالك معروف فإن كان لها مالك معروف
وجب عليه طسقها لمالكها. فرع: إذا استأجر المسلم دار حربي ثم فتحت تلك الأرض لم يبطل الإجارة لان حق المسلمين ولأنها من
الغنايم.
المقصد الخامس: في كيفية قسمة الغنيمة وفيه مباحث: الأول: في الجعايل. مسألة:
يجوز للامام ان يجعل جعلا لمن يدل على مصلحة من مصالح المسلمين مثل طريق سهل أو ماء في مغازة أو قلعة يفتحها أو مال يأخذه
أو عدو (يدل) عليه أو ثغر يدخل منها ولا نعلم فيه خلافا في مصلحة فجاز فكأجرة الدليل وقد استأجر النبي صلى الله عليه وآله في الهجرة من دلهم
على الطريق ويستحق المجعول في الجعل بنفس الفعل الذي جعل الجعل سواء كان مسلما أو كافرا لقوله تعالى أوفوا بالعقود ولأنه
شرط فيدخل تحت قوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم إذا ثبت هذا فالجعالة لا يخلوا اما ان يكون مما في يده أو من مال أهل الحرب
فان كانت مما في يده وجب ان يكون معلومة لأنها عقد على ما في ملكه فلا يصح ان يكون مجهولا لأنه غرر والنبي صلى الله عليه وآله نهى
عنه وان كانت من مال المشركين جازان يكون معلوما وأن يكون مجهولا جهالة لا يمنع التسليم ولا يقتضي إلى التنازع وذلك بان
يقول من دلنا على قلعة الفلانية فله جارته منها أو حاربه فلان لان النبي صلى الله عليه وآله جعل للسوية الثلث أو الربع مما غنموا
وهو مجهول لا ن الغنيمة مجهولة فخبرها مجهول ولان الحاجة تدعوا إليه ولا نعلم فيه خلافا. مسألة: الجعالة انما يجب الحاجة
لان الغنيمة يستحقها الغانمون فلا يصرف إلى غيرهم الا مع الحاجة ثم لا يخلو الجعالة اما ان يكون مما في يده بان قال من دلنا
على ثغر ا لقلعة فله كذا فإنه يجب عليه دفع الجعل بنفس الدلالة ولا يتوقف على فتح القلعة لأنه جعل ما قوطع عليه فاستحق العوض
المبذول له في مقابلة وان كان من مال الغنيمة بان قال من دلنا على ثغر القلعة فله الجارية المغنية منها أو جارية مطلقا فإنه
انما يتسحق الجارية بالدلالة والفتح معا لان جعالة شئ منها مقتضي شرايط فتحها حكما وإن لم يذكر (شرطا) يحلف ما إذا جعل له جعلا مما في
يده لان الجعل لم يتضمن اشتراط الفتح وقال بعض الشافعية إذا لم يصح وخص له وليس بمعتمد. مسألة: لو اشترط جارية معينة
من القلعة ثم فتحت لم يحل اما ان يفتح صلحا أو عنوة فان فتحت صلحا الا انه لن يستغني الجارية اخذت الجارية وسلمت عليه
ما بان تفضيله إذا فتحت عنوة وان كان المصالح قد استثنى جماعة من أهله يختارهم فاختار الجارية منهم فالصلح صحيح خلافا لأبي
938

إسحاق من الشافعية فإنه قال لا يفسد لان الجارية مستحقة للدال وليس بجيد لأنه يمكن امضاؤه بالتراضي إذا ثبت هذا فان اختار الدال
قيمتها مضى الصلح وسلم إليه القيمة لتعذر تسليم العين إليه وان أبى فاختار صاحب القلعة دفعها إلى الدال وانعقد قيمتها وقعت الجارية إلى
الدال وسلمه إلى صاحب القلعة قيمتها ويكون الجارية مجرى دفع وكان الصلح ماضيا وان أبي كل واحد منهما فسخ الصلح لتعذر امضائه
لان الحق للدال سابقا ولا يمكن الجمع بينه وبين الصلح ولصاحب القلعة ان يصحن قلعته كما كانت من غير زيادة هذا اختيار الشيخ (ره)
وهو مذهب الشافعي ولو قيل يمضي الصلح ويدفع إلى المجعول جارية فأسلمت قبل الفتح كان حسنا وقوله (ره) ان حق المبدول له العين
أسبق سلم الا المفسدة في فسخ الصلح أعظم لان ضرر ذلك يعود على الجيش كله وربما عاد على غيره من المسلمين أيضا بان يتعذر فسخ هذا
(العقد) بعد ذلك ويتضرر المسلمون بذلك ولا يجوز جعل هذه المضرة العظيمة لدفع ضرر يسير عن واحد فان ضرر صاحب العين انما
هو في فوات غير الجعل ولا ريب في أن الضرر يتفاوت عن الشئ وتسميته قليلة جدا خصوصا بالنسبة ان شخص واحد ومراعاة حق المسلمين
يدفع الضرر الكثير عنهم أولى من دفع الضرر اليسير عن واحد منهم أو من غيرهم ولهذا قلنا من وجد متاعه من المسلمين قبل القسمة
اخذه وان وجده بعدها اخذ القيمة (لأنه) يؤدي إلى ضرر الغانمين ببعض القسمة أو حرمان من وفع ذلك في سهمه. مسألة: لو فتحت
القلعة عنوة أو صلحا أو لم يكن الجارية داخلة في الهدنة نظر فان كانت الجارية باقية على الكفر سلمت إليه عملا بالشرط وان كانت قد
أسلمت قبل الصلح والأسر فإنها قد عصمت نفسها باسلامها ولا يجوز استرقاقها حكم فلا يدفع إلى الدال فتحها
لان النبي صلى الله عليه وآله
صالح أهل مكة عام الحديبية على أن من جاء منهم مسلما رده إليهم فلما جاءت مسلمات منعه الله تعالى من ردهن وأمره برد مهورهن على
أزواجهن ويبيح ما كان عقده عليه السلام من الهدنة ولو أسلمت بعد الاسترقاق سلمها حكما لا يصيبها من الاسترقاق هم لا يخلوا المجعول
له اما ان يكون مسلما أو كافرا فإن كان مسلما سلمت إليه عملا بالشرط السالم عن معاوضة الجزية والكفر ان كان كافرا لم يسلم
إليه لكن يدفع إليه قيمتها لان الكافر لا يملك المسلم وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر لم يسلم عليه ويطالب بإزالة ملكه لان الكافر
لا يستديم ملك المسلم وهذان القولان مبنيان على أن الكافر هل يصح منه شراء المسلم أم لا وسيأتي البحث في ذلك أن شاء الله تعالى فروع
الأول: لو كانت الجعالة جارية فماتت قبل الظفر أو بعده قال الشيخ (ره) لم يدفع إليه قيمتها لان الشرط أقضى امكان تسليمها
والتسليم غير ممكن فلا يجب له العوض كما لو فتح القلعة وهو أحد قولي الشافعي وقال في الاخر يدفع إليه القيمة لأنه قد يعذر
تسليمها فأشبه ما إذا أسلمت والأول أقوى لأنه علق حقه على شئ معين وتلف من غير تفريط وسقط حقه كالوديعة
وفارق المسلمة لان تسليمها ممكن لكن الشرع منع منه. الثاني: لو كان الدليل جماعة كانت الجارية بينهم كما لو قال من رد
عبدي فله الف فرده جماعة استحق الألف وكانت الجماعة كالواحد. الثالث: لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الامام وما عزم عليه من
قصدهم وبذكر أحواله فإنه لا يقتله بذلك لما روى أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى قريش يخبرهم بقصد النبي صلى الله عليه وآله اما عم ابا عم
فاعله الله تعالى فانفذ بعلي عليه السلام والزبير والمقداد (ره) حلف المراة التي حملت الكتاب وكانت خبية في عفصتها فاخذ الكتاب فقال
النبي صلى الله عليه وآله ما حملك على هذا يا خاطب فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله لا يعجل علي فاني كتب أمرا ملصقا في قريش فلم أكن من أنفسها وان قريشا
لهم بابها قوامات يجمعون بها أهلكم بمكة فأحببت اذن فهي ذلك أن اتحد عنهم يزاحمون بها قرأ هي والله مأتي ولا ارتداد فقال النبي صلى الله عليه وآله
صدقكم فقال عمر دعني اضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه قد شهد بدرا وما يدريك ان الله تعالى اطلع
على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. مسألة: لو بعث الامام أو نايبه وقت دخوله ولد الحرب للغزو وسرية (تغير) على
العدو ويجعل لهم الربع بعد الخمس جاز ذلك فما ذلك فما قدمت به السرية يخرج خمسه والباقي يعطى السرية منه ما جعل لهم من الربع
وهو خمس اخر ثم يقسم الباقي بين الجيش والسرية أيضا وكذلك إذا فعل (في) دار الحرب مع الجيش فانفذ سرية (تغير) وجله لهم الثلث بعد الخمس جاز
فإذا أقدمت السرية بشئ اخرج خمسه ثم أعطي السرية ثلث ما بقي ثم قسم الباقي بين الجيش والسرية معه وبهذا قال أحمد بن حنبل والحسن البصري و
الأوزاعي وقال عمر بن شعيب كذلك لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ذهب مالك وسعيد بن المسيب إلى أنه لا نفل الا من الخمس وقال الشافعي
يخرج من خمس الخمس لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان ينفلهم إذا خرجوا بادين) الربع وسفلهم إذا فعلوا الثلث وعن
حبيب بن مسلمة الفهري قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله نفل الربع في البدء والثلث في الرجعة وعن رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال ينفل الربع والخمس والثلث بعد الخمس إذا فعل وعن عبادة بن الصامت ان النبي صلى الله عليه وآله كان ينفل في البدء الربع وفي
العود الثلث ولان الحاجة قد تدعوا إليه ولان فيه مصلحة للمسلمين فكان سايغا كالسب احتج عمرو بن شعيب بقوله تعالى يسألونك
عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول فخصته بها وهذا الاحتجاج ضعيف لان ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وآله ينسب للأئمة بعده
939

اجماعا ما لم يقم دليل على تخصيصه اما الشافعي فقد احتج على قوله بما رواه عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث سرية فيها عبد الله بن
عمر فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهامهم اثنى عشر بعيرا ويعلو بعيرا بعيرا ولو أعطاهم من أربعة الأخماس التي هي لهم لم يكن نفلا وقال من
سهامهم قيل عليه ان هذا حجة عليه لان بغير اثنى عشر يكون جزء من ثلاثة عشر وخمس الخمس جزء من خمسة وعشرين وجزء من ثلاثة عشر أكثر
فلا يتصور أحد الشئ من أقل منه ويحققه ان الاثني عشر إذا كانت أربعة أخماس فالبعير منها ثلث الخمس فكيف يتصور اخذ ثلث الخمس من
خمس الخمس وهذا محال فيعين ان يكون ذلك من غيره وبالجملة فالذي ذكره الشافعي مستنبط محتملا فلا يعارض الظاهر. مسألة:
وانما يستحق هذا النفل بالشرط السابق فلن لم يكن الامام أو الوالي على الجيش شرط نفلا لم يكن لاحد فضل عن سهمه لان الأصل مساواة غره له وانما يسوغ للامام السبيل مع
الحاجة إليه وهو ان يكون بالمسلمين قلة وبالمشركين كثرة ولهم شوكة فيشترط الامام لمن ينفل مصلحة تحريضا لهم على القتال ولو كانوا
مستظهرين عليهم فلا حاجة به فان أكثر مغازي رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن فيها أنفال فعليه انه انما ينفعل ذلك عند الحاجة ولا
من سهم المصالح فلا يدفع الا عند المصلحة فإذا رأى الامام أن لا ينفل فعل وان رأى أن ينفلهم دون الثلث والربع فله ذلك اجماعا لأنه جاز
له الترك التنفيل مطلقا جاز ان يجعل لهم شيئا يسيرا وهل يجوز له ان ينفل أكثر من الثلث والربع قال الشافعي نعم يجوز ذلك وقال الأوزاعي
لا يجوز وهو قول مكحول وأكثر الجمهور واحتج الشافعي بان النبي صلى الله عليه وآله نفل مرة الثلث ومرة الربع وفي حديث ابن عمر نفل نصف
السدس هذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يتجاوزه الامام فيكون ذلك موكولا إلى نظر الامام واحتج المانعون بان نفل النبي صلى الله عليه وآله
انتهى إلى الثلث فينبغي أن لا يتجاوز واحتجاج الشافعي غير ناهض لأنه دل على أنه ليس لأهل النفل حد وانه يجوز ان ينفل أقل من الثلث
والربع وهو وفاق ومع ذلك فان قوله ناقض إلى من خمس خمس. مسألة: ولو شرط لهم الامام زيادة على الثلث رووا
إليه على القول ولزم الوفاء به على قول الشافعي إذا ثبت هذا فقد قيل في البداءة والرجعة تأويلان أحدهما ان البدئة أولى سيرته و
الرجعة الثانية والثاني ان البدئة السرية عند دخول الجيش إلى دار الحرب والرجعة عند دخول الجيش وهو أظهر الوجهين وانما زادهم في
الرجعة للمشقة فان الجيش في البداءة رد للسرية به بايع لها والجيش مستريح والعدو خائف وربما كان عاد أو في الرجعة لا رد للسرية لانصراف الجيش
والعدو مستيقظ على حد وإذا عرفت هذا فإنه كما يجوز التنقل للسرية كذا يجوز لبعض الجيش لئلا به أو لمكروه ويحمله دون سائر الجيش فلو بعث
الامام سرية فبعضهم مالي يسير وبعضهم مم لا نصيب كان للوالي ان بعض الدين جاؤوا بشئ دون الآخرين مع الشرط وقال احمد هنا يجوز
من غير شرط والوجه الأول. مسألة: ولو قال الأمير من طلع هذا الحصن أو هذم هذا الطود أو نقب هذا النقب كذا فله كذا أو من جاء
بأسير فله كذا فهو جايز في قول عامة العلماء ذكره مالك ذلك ولم يره وقال لا يقل الا بعد احراز القسمة لما قوله عليه السلام من قتل قتيلا فسلبه فلان
فيه مصلحة وتحريضا على القتال فكان جايزا كاستحقاق الغنيمة وزيادة السهم للفارس واستحبين؟؟ الثلث احتج مالك بان القتال هذا الوجه انما
هو للدنيا ولان النبي صلى الله عليه وآله انما قال من قتل قتيلا فله سلبه بعد أن يرد القتال وأحرزت الغنايم والجواب عن الأول بأنه منقوض بالسلب
واستحقاق السهم من الغنيمة سهم الفارس وعن الثاني ان قول النبي صلى الله عليه وآله ذلك ثابت الحكم فيما يأتي من الغزوات بعد
تلك الغزاة التي وقع القول فيها. مسألة: قد بينا انه انما يجوز التقبل في موضع الحاجة وان المصلحة للمسلمين معتبرة فان لم يكن فيه فايدة
للمسلمين لم يجز لأنه انما يخرج على وجه المصلحة فاعتبرت الحاجة فيه كأجرة الجمال والحافظ إذا عرفت هذا فنقول ان النفل لا يختص بنوع من المال
وقال الأوزاعي لا نفل في الدراهم والدنانير لان القابل لا يستحق النفل فيها وكذا غيره والوجه الأول اما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وآله جعل
لهم الثلث والربع وهو عام في كل مغنوم ولأنه نوع من المال فجاز التنفيل منه كغيره من الأموال وحجته ضعيفة لان المقاتل انما نفل
السلب وليس الدراهم والدنانير من السلب فلهذا لم يستحق غير ما جعل له. فروع: الأول: لو قال من رجع إلى الساقة فله دينار جاز
لان في الرجوع إليهم منفعة وكذا لو قال من يعمل في سياقة الغنم فله دينار نظرا إلى المصلحة. الثاني: لو نزل الامام والجيش في قرية و
معهم الدواب والسبي والمتاع ومنه الناس من جمعهم الكسل من غير خوف من العدو فقال الامام من جاء بعشرة أثواب فله ثوب ومن جاء
بعشرة رؤوس فله رأس فالوجه الجواز نظرا إلى المنفعة بالجمع. الثالث: لو بعث سريه ونفلها الثلث أو الربع فدفع النفل إلى بعضهم
وخصه به أو جاء بعضهم بشئ فخصه به ونفله به ولم يأت بعضهم بشئ فله ينفله قبل شارك من نفل لان هؤلاء انما اخذوا
بقوة هؤلاء ولأنهم استحقوا النفل على وجه الإشاعة بينهم بالشرط السابق فلم يختص به واحد منهم كالغنيمة اما لو خص بعض الجيش بنفل لغاية
أو يجعل له فان يقول من جاء بعشرة أرؤس فجاء واحد منهم بعشرة دون الجيش فإنه يختص بالنفل دون غيره لان النبي صلى الله عليه وآله لما
خص القاتل بالسلب اختص به لأنه جعل تحريضا على القتال وحثا على فعل ما يحتاج المسلمون إليه ليحل كفلة فعله رغبة فيما جعل له فلو لم يختص
به فاعله ما خاطر بنفسه في فعله وانتفت المصلحة بالنفل فوجب الاختصاص بالفاعل لذلك ينفله فاختصاصه بثواب الآخرة. الرابع:
940

إذا نفل الامام السرية استوى الفارس والراجل في النفل الا ان يفضل بعضهم بالغنيمة فيستحق قدر المسمى لان النفل شئ يوضح لهم الامام
باعتبار بلادهم وغناهم فتعين في النفل اطلاق القسمة وكذلك الغنيمة وهذا لو قال من قتل قتيلا فله سلبه نفله فارس وراجل تساويا
في سلب وكذا لو بعث الأمير قوما من أهل الذمة سرية ونفل لهم الربع مما أصابوا اشتركوا فيه بالسوية كما في حق المسلمين. الخامس: لو بعث الامام
سريته عليهم أمير ونفلهم بالثلث بعد الخمس ثم إن أمير السرية نفل يوما منهم لفتح الحصن أو للمبادرة بغير إذن الإمام نظر فان نفلهم من حصة
السرية أو من سهامهم بعد النفل جاز ولو لم ينفلهم من سهم العسكر لم يجز لأنه أمير على السرية لا على العسكر فينفذ بتقبله على السرية فما هو
حقهم لا على العسكر وهذا إذا خرج الجيش مع السرية اما لو لم يخرج الجيش جاز بتقبله لان الغنيمة كلها للسرية ولا يشاركهم الجيش لاختصاص
السرية بالنصاب والجهاد. السادس: لو بعث أمير السرية من سريته ونفل لهم أقل من النفل الأول أو أكثر فهو جايز من حصة أصحاب السرية لان
حصة العسكر على ما تقدم الا ان يكون أمير العسكر إذا له في التنفل فصح يكون ثانيا عن الأمير فنفله جايز للسرية الثانية في خمس العسكر
وجاز نفل السرية الثانية انهم بمنزلة سرية صدرت من جيش في دار الحرب وقد نفلهم أمرهم. السابع: لو قيد رجل من السرية فقام هناك
بعضهم لطلبه وبعضهم ذهب حتى أصاب الغنايم ثم رجعوا إلى أصحابهم ووجدوا المقصود فكلهم شركاء في النفل لأنهم فارقوا العسكر حملة أو حرزوا
المصاب بالعسكر فكانوا بمنزلة ما لو باشر القتال بعضهم وبعضهم كان ردا لهم ولو أصاب الرجل المقصود غنايم والذين أقاموا انتظار ه غنايم
والسرية لذلك ثم العفو بالفعل من جميع ذلك بينهم بالسرية كما لو لم يعترفوا لأنهم أشركوا في احراز المصاب بالعسكر ول ان السرية (قسمت)
سريتين وبعدت إحداهما عن الأخرى بحيث لا يقدر أحدهما على عون الأخرى ثم أصابت كل سرية غنيمة أو أصابت إحديهما دون الأخرى
فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسوية ولو لم يلتفوا الا عند العسكر فلكل فريق النفل لما أصابوا خاصة ولو أصابت السرية الغنايم ثم لم
يقدروا على الرجوع إلى العسكر فخرجوا إلى دار الاسلام من موضع اخر قيل يكون الغنيمة كلها لهم يقسم على
سهام الغنيمة لأنهم يفردوا
بالاحراز إلى دار الاسلام وهو سبب في التملك وإذا صارت الغنيمة كلها لهم بطلب التنفيل. الثامن: لو قال الامام من اخذ شيئا فهو له فللشافعي
قولان أحدهما الجواز وبه قال أبو حنيفة والثاني لا يجوز قال الشافعي في الأم ذهب بعض الناس إلى جوازه ولا أرى في الأثر ما يدل عليه ولو
ذهب إليه ذهب كان له تأويل احتج أبو حنيفة بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال يوم بدر من اخذ شيئا فهو له احتج الشافعي بان من أجاز
ذلك أسقط حق أهل الخمس من خمس جزء من الغنيمة لم يجز للامام ان يشرط اسقاطه كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين وأجاب عن الحديث
بان غنايم أهل بدر لم يكن للغانمين وانما نزلت الآية بعدها ولهذا قسم رسول الله صلى الله عليه وآله لمن لم يحضرها. مسألة: لو بعث
سريتين أحدهما عنه والأخرى بسره ولعل إحديهما الثلث والأخرى الربع فما أصابوا كان جايزا الا ان السبيل للترغيب وهو يختلف باختلاف
الطريق في القرب والبعد والعفونة والخوف والأمن واختلاف المبعوث إليهم في القوة والضعف فجاز تفاوتهم في النفل نظرا إلى المصلحة إذا ثبت هذا
فلو ذهب رجل ممن بعثه الامام في سرية الربع مع سرية الثلث قيل لا شئ له لأنه خرج في السرية التي خرج عنها بغير إذن الإمام والتي اذن له
بالخروج فيها لم يخرج واستحسن أبو حنيفة ان يجعل له مع سريته الثلث مقدار ما سمي من له وهو الربع اما لو ضل رجل من إحدى السريتين الطريق
ووقع في السرية الأخرى فذهب معهم فأصابت الغنيمة فالوجه ان يشاركهم فإن كان ممن جعل لهم الامام الثلث أو الربع اخذ من السرية
التي وقع فيها لا من التي خرج معها. مسألة: لو بعث الامام سرية ونفلهم الربع ثم أرسل أخرى وقال لهم الحقوا بأصحابكم
فما أصبتم فأنتم شركاؤهم فلحقوا السرية الأولى وكانوا قد غنموا معهم غنيمة أخرى جميعا فنفل الغنيمة الثانية لهم جميعا و
هل الغنيمة الأولى للسرية الأولى لان حق المنفلين يتأكد في المصاب فلا يثبت حق للسرية في الغنيمة الأولى فلا يملك
الامام اشتراك الثانية فيما أصاب الأولى لأنه يتضمن ابطال حق المتأكد وحق السرية الأولى لم يثبت على وجه الخصوص في الغنيمة الثانية
حتى لحق بها الثانية لن يثبت حق السريتين بإصابتهما فصح الاشتراك هذا إذا أخرت السرية الثانية عن الأولى بالتنفيل أو اخر معظمهم أو
أميرهم لحق بها الثانية ولو لم يخيروهم قال أبو حنيفة تكون الغنيمتان للأولى لان الشركة مشتمل على الضرر والغرور بالأولى فلا يصح الا بعد العلم.
مسألة: ذكر ابن الجنيد قال لو غنمت السرية المنفلة فأحاط بها العسكر فاتخذهم المسلمون شركوهم في النفل ما لم يحرروه في
العسكر. فرع: قد بينا انه يصح التنفيل المجهول فلو قال للامر من جاء بشئ فله منه طائفة فجاء رجل بمتاع نفله الامام على ما يراه
من المصلحة ولو قال من جاء بشئ فله منه قليل أو يسير أو شئ منه فله ان يعطيه ممن أصاب أقل من النصف لان القليل واليسير
يتناول ما دون النصف لان نصفه ما يكون يسيرا وكذا الشئ ويفهم من الغالب العلة كما لو قال قليلا ولو قال من جاء بشئ
فله جزؤه فله ان ينفله النصف وما دونه دون ما فوقه لان الجزء اسم للبعض منه إلى النصف يقال جزء من جزئين ويقال الأكثر من النصف جزءان
من ثلاثة فدل على أن ما زاد على النصف لا يكون جزءا له ولو قال من جاء بشئ فله سهم رجل كان له ان يعطيه سهم راجل للفارس لأنه المتعين.
941

ولو قال من جاء بألف درهم فله ألفا درهم فجاء بألف لم يكن له أكثر من الف ولو قال من جاء بالأسير فله الأسير والألف لزمه دفعها قاله محمد بن الحسن
والفرق انه في الأول قصد تحصيل المال لا غير فلا يعطيه الا ما أصاب والثاني مقصوده (كسر) شوكتهم. فرع: قال ابن الجنيد ولو قال
من جاء بأسير فله مائة درهم كان ذلك من الغنيمة أو في رقبة الأسير أو ثبت في مال المسلمين. مسألة: لو قال من أصاب ذهبا أو فضة فهو له
فأصاب (سيفا) محلا بأحدهما كان الذهب والفضة دون السيف والجنس لأنهما مغايران والجعل انما وقع بأحدهما ولو أصاب فإنما ينزع فضة
للغنيمة وكان الخاتم له ولو أصاب أبوابا فيها مسامير فضة لو نزعت أملكت الأبواب قال محمد بن الحسن لا شئ له لان المسمار معتب في الباب فصار
كالمستهلك ولو قال من أصاب قزا فهو له فأصاب جبة فيها قز محشوة به فلا شئ له لان الحشو معتب في الجبة والمعيب لا غيره له اما لو قال من أصاب
ثوب قز فهو له فأصاب رجل جبة بطانتها ثوب قز أو ظهار فله الثوب والقز والاخر غنيمة ولو قال من أصاب جبة حرير فهو له فأصاب جبة ظواهرها
ظهارتها وبطانتها فهي له فكذا لو كانت الظهارة حرير اما لو كانت البطانة حرير فلا شئ له. مسألة: لو ظهر مشرك على سور الحصن
يقاتل المسلمين فقال الامام من صعد السطح فاخذه فهو له وخمسمائة درهم فصد رجل فأخذه لزمه دفعه ودفع خمسمائة درهم عملا بالشرط
ولو سقط الرجل من السور إلى الأرض فبادر إليه رجل فقتله خارج الحصن لم يكن له شئ لأنه لم يفعل ما شرط عليه لان قصد الأمير من أهذا التنفيل
إظهار جلادته وجزائه بالصعود على السطح ولم يؤخذ اما لو رماه رجل فطرحه من السور فهل يستحق النفل قال محمد بن الحسن يستحق ذلك
بان المقصود ليس هو الصعود بل فعل يؤثر في السقوط لاظهار كسر شوكتهم وعندي فيه نظر اما لو صعد إليه فسقط من كان على السور داخل
الحصن فقتله فله النفل لأنه أصاب المطلوب وزيادة ولو التقى الصفان قال الأمير من جاء برأس فله كذا انصرف إلى رؤوس الرجال دون الصبيان
اما لو انهزم الكفار فقال من جاء برأس فله كذا فجاء رجل بسبي أو برأس فله النفل ولو جاء برأس فقيل انه كان ميتا في العدو وقال الآتي
به انا قتلته قيل يحلف ويعطى النفل لان قطع الرأس سبب في الموت حقيقة وموته بدونه غير معلوم ولو جاء برأس لا يعلم هل هو رأس مسلم
أو كافر لم يعط شيئا حتى يعلم أنه رأس كافر لان الاستحقاق يتعلق برأس المشرك ولو جاء برأس فقال اخر انا قتلته وقال الأول بل انا القاتل
فالقول قول الآتي به مع اليمين لأنه ادعى عليه معنى لو أقر به لزمه فإذا جحد وجب احلافه فلو نكل عن اليمين لم يكن له نفل فهل يستحق المدعي
النفل فيه تردد ينشأ من أن يكون له اقرار بان هذا المدعي قتله وهذا اقرار بابطال حق نفسه واثبات الحق للمدعي واقراره حجة في حقه
لا في غيره من أن الحق ثابت له يكون الرأس في يده فإذا نكل عن اليمنين فقد جعل ما له من الحق إلى المدعي وله هذه الولاية فصار ذلك للمدعي.
مسألة: لو قال الأمير من دخل من باب هذه المدينة أو هذه الحصن فله ألف درهم فاقتحم قوم من المسلمين فدخلوها استحق كل واحد
منهم ألفا لأنه شرط لكل داخل بخلاف قول من دخل فله الربع فدخل عشرة فلهم الربع الواحد لان الربع اسم لجزء وواحد من المال وهو مصرف
غير متعدد ولو دخل واحدهم واحدا اشتركوا في النفل لان الاستحقاق متعلق بالدخول حال قيام الخوف ولو قال من خل عليه جارية لا غير
ثبت لكل واحد منهم قيمة جارية وسط اما لو قال من دخل فله جارية من جواريهم وليس هناك الا جارية واحدة كان لهم ما وجد لا غير للفرق
بين الجارية المضافة إلى الحصن وبين الجارية المطلقة ول قال من دخل الحصن أولا فله ثلاثة ومن دخل ثانيا فله اثنان ومن دخل ثالثا كان له واحدة فدخلوا على التعاقب كان لكل واحد ما سماه لان التفاوت في النفل مع التفاوت في الخوف جايز إذ خوف الأول أشد من الثاني ولو دخلوا جماعة
واحدة بطل نفل الأول والثاني وكان لهم جميعا نفل الثالث لان الأول هو المتقدم والثاني هو من تقدمه واحد ولم يأخذ فبطل نفلهما
لانعدام الشرط وهو التفرد والمسابقة في الدخول والثالث أو أسبقه اثنان كان ثالثا وإذا أقاربه اثنان كان ثالثا أيضا لان خوف الثالث
فيما إذا قاربه اثنان فوق خوف اثنان إذا تقدمه اثنان فيكون فعل أشق فاستحقاقه أولى ولو دخل اثنان أو مرة بطل نفل الأول ونفل الثاني
يكون يهما لان صفة الأولوية انعدمت بالمقاربة بخلاف الثاني فإنه يصدق مع المسبوقية والمقارنة ولو قال من دخل هذا الحصن أولا
من المسلمين فله كذا فدخل ذمي ثم مسلم استحق النفل لأنه جعل النفل موصوفا بهذه الصفة فلا يمنع أولية الذي كالبهيمة لو دخلت أولا
اما لو قال من دخل منكم خامسا فله درهم فدخل خمسة معا استحق كل واحد النفل لأنه أوجب النفل للخامس وكل واحد منهم يصدق عليه انه خامس
ولو دخلوا على التعاقب الخامس اخرهم فاستحق النفل خاصة.
البحث الثالث: في السلب. مسألة: يجوز للامام ان يجعل
للقاتل سلب المقتول ولا نعلم فيه خلافا لأنه قد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وآله خص القاتل بسلب المقتول روى أبو قتادة قال خرجنا
مع رسول الله صلى الله عليه وآله عام خيبر فلما التقينا رأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدبرت حتى اتيته من ورائه
فضربته بالسيف على حبل عاتقه ضرية فأدركه الموت ثم إن الناس رجعوا قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قتل قتيلا له عليه بينة
فله سلبه فقمت فقلت من يشهد لي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله مالك يا أبا قتادة فأقصصت عليه القصة فقال رجل من القوم
942

صدق يا رسول الله صلى الله عليه وآله سلب ذلك الرجل عندي فارضه منه وقال أبو بكر لاها الله إذ لا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسول الله
ليعطيكم سليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله صدق فأسلمه إليه قال فأعطانيه وعن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر من
قتل قتيلا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فاخذ أسلابهم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الله بن ميمون عن جعفر عن
أبيه عليه السلام قال أتى علي عليه السلام بأسير يوم صفين فما منعه على الا قتلك اني أخاف الله رب العالمين فخلى سبيله وأعطى سلبه للذي جابه واخذ
الآتي السلب فالقاتل أولى ولان فيه مصلحة عظيمة ينشأ من التخصيص لما فيه من التحريض على القتال وكثرة الجهاد فكان سايغا
ولا نعرف فيه خلافا. مسألة: وانما يستحق القاتل السلب بشرط ان يخصه الامام به ويشرط له وبه قال أبو حنيفة والثوري
ومالك واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى يخص به القاتل سواء قال الامام ذلك أو لم يقل وبه قال الأوزاعي الليث والشافعي واسحق
وأبو عبيدة وأبو ثور واختاره ابن الجنيد معا لنا ما رواه الجمهور عن عوف بن مالك ان مردنا أمتعتهم فقيل علما فاخذها خالد بعض
سلبه وأعطاه بعضه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله لا تعطيه يا خالد وعن سرحين بن علقمة فقال ما رددت رجلا يوم القادسية و
اخذت سلبه فأثبت به سعد أصحابه قال إن هذه سلب سرحين من اثنى عشر ألفا وانا قد نقلناه إياه ولو كان حقا لم يحتج ان ينفله لا ن النبي صلى الله عليه وآله
دفع سلب أبي قتادة إليه من غير بينة ولا يمين ولان السلب إذا جعل له تحريضا على القتال قلا يسخطه الا بشرط الامام
كالنفل وهو إذا بعث سرية وشرط لها الثلث والربع احتجوا بما رواه أبو قتادة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر فلما التقينا كان للمسلمين
جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدبرت له حتى اتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضرية قال فاقبل علي فضمني
ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني ثم إن الناس رجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه
فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قتل قتيلا عليه بينة فله سلبه فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وآله ثالثا فقال مالك يا أبا قتادة فقصصت عليه القصة فقال رجل صدق يا رسول الله (صلى الله عليه وآله سلب ذلك القتيل
عندي فارضه مني فقال أبو بكر لاها الله اذن لا يعتمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وآله فيعطيك سلبه
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله صدق فأعطاه إياه ووجه الدليل انه فعله من غير شرط وأعطاه سلبه والجواب ليس في الحديث دلالة على عدم الشرط قبل ابتداء القتال فجاز ان يكون الرسول (صلى الله عليه وآله شرط ذلك ثم كرره بعد القتال. فرع: إذا شرط الامام السلب جاز
للقاتل اخذه وإن لم يأذن الامام لأنه استحقه بشرط الامام فلا يجب اعلامه نعم يستحب له ذلك وبه قال الشافعي
وابن المنذر سواء شرط له الامام
أو لم يشرط لان السلب عند هما يستحق بجعل النبي صلى الله عليه وآله) الأوزاعي وان ذهب إلى ذلك الا انه لم يسوغ اخذه الا باذن الامام لأنه
فعل يجتهد فيه فلم ينفذ امره فيه الا باذن الامام. مسألة: ويشترط في استحقاق الثلث ان يكون المقتول من القاتلة في الدين ويجوز قتلهم
فلو قتل صبيا أو امرأة أو شيخا فانيا ونحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه ولا نعلم فيه خلافا فالآن مثل هؤلاء منهي عنه فلا يستحق نفل اما لو قتل
أحد هؤلاء وهو مقاتل استحق سلبه لأنه يجوز مثله إذا كان يقاتل فيدخل تحت عموم الخبر. مسألة: يشترط في استحقاق الثلث ان
يكون المقتول ممتنعا فلو (قتل) أسيرا له أو لغيره أو من أثخن بالجراح وعجز عن المقاومة لم يستحق سلبه وبه قال الشافعي واحمد ومكحول وقال أبو ثور
وداود ويستحق سلبه على اي وجه قتله لما رواه الجمهور ان ابني عفرا (اثخنا)؟؟ ابا جهل يوم بدر فأجاز عليه عبد الله بن مسعود فجعل رسول
الله صلى الله عليه وآله سلبه لابني عفرا ولم يعط ابن مسعود شيئا لأنه لم يغرر بنفسه في دفع شره فأشبه بقية الغانمين احتج المخالف بعموم
الخبر والجواب انه محمول على القاتل على الامتناع. فروع: الأول: لو قطع رجل يدي رجل ورجليه وقتله اخر فالسلب للقاطع دون
القاتل لان القاطع هو الذي منه من المسلمين شده. الثاني: لو قطع رجل يده ورجليه ثم قتله اخر قال الشيخ (ره) السلب
للقاتل لا للقاطع لأنه لم يضر ممتنعا إذ يقطع اليدين يمتنع بالعدو وبالرجلين ويقطع الرجلين يمتنع بالمقاتلة باليدين فيرمي
بهما وقال بعض الجمهور يختص القاطع بالسلب لأنه عطله فأشبه القائل وليس بجيد لما قاله الشيخ قال بعضهم يكون غنيمة لان القاطع
لم يكن شر كله والقاتل قتله وهو مثخن بالجراح وهو ممنوع اما لو قطع يده ورجله من خلاف ثم قتله الاخر فالوجه التفصيل ان امتنع واكتفي
شر ه اجمع يقطع العضوين كان السلب للقاطع والا كان للقاتل. الثالث: لو عانق رجلا فقتله اخر فالسلب للقاتل وبه قال الشافعي
وقال الأوزاعي حق للمعانق لنا انه جعل السلب للقاتل والمعانق ليس قاتلا ولان القاتل كفى المسلمين شره فكان كما لو يعانقه غيره
. الرابع: لو كان الكافر مقبلا على رجل مقابلة فجاء اخر من ورائه فضربه فقتله فسلبه لقاتله لعموم الخبر وكيفية أبي قتادة. مسألة:
ويشترط في استحقاق السلب القتل أو الاثخان بالجراح يجعل معطلا في حكم المقتول فلو أسر رجلا لم يستحق سلبه سواء قتل الامام
أو لم يقتله وقال مكحول من أسر مشركا استحق بسببه وقال بعض الجمهور ان استيفاء الامام كان له فداؤه أو رقيه وسلبه لأنه كفي المسلمين شره لنا
943

ان المسلمين لما أسروا الأسرى يوم بدر فقتل النبي صلى الله عليه وآله عقبة والنضر بن الحرث واستبقى سايرهم فلم يعط من أسرهم اسلامهم ولا فداهم و
كان فداهم لهم غنيمة ولان النبي صلى الله عليه وآله جعل السلب للقاتل وليس الأسير يقاتل ولان جبره الامام ثابتة في الأسير ولو كان
لمن اسره كان امره إليه احتجوا بان الاسراء أصعب من القتل وقد كفى المسلمين شره والجواب ان يجعل القتل لا للأسر والتحقيق عندي للامام ان ينفل
من فعل مصلحة من المصالح شيئا فيجوز له ان ينفل من أسر مشركا بسلبه فيجوز حكم ذلك قد روى الشيخ عن عبد الله بن الميمون القداح عن جعفر
عن أبيه عليهم السلام ثم قال أتى علي عليه السلام بأسير يوم صفين فتابعه علي لا أقتلك اني أخاف الله رب العالمين فخلى سبيله وأعطى سلبه الذي جاء به
. مسألة: ويشترط في استحقاق السلب ان يفوز القاتل بنفسه في قتله بان يبارز إلى صف المشركين أو إلى مبارزة من مبارزهم فيكون له
السلب فلو لم يغرر بنفسه مثل ان يرمي بهما في صف المشركين فيقتل مشركا لم يكن له سلبه لان القصد منه التحريض على القتال ومبارزة
الرجال ولا يحصل الا بالتغرير. فروع: الأول: لو حمل جماعة من المسلمين على مشرك فقتلوه فالسلب في الغنيمة لأنهم باجتماعهم
لم يغرروا بأنفسهم في قتله. الثاني: لو اشترك في قتله اثنان مثل ان خرجاه فمات خرجهما أو ضرباه فقتلاه كان السلب لهما قال الشيخ (ره)
وعن أحمد روايتان هذا أحدهما وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والثانية تكون الغنيمة لما ان قوله من قتل قتيلا فله سلبه يتناول الاثنين
والواحد على حد واحد فلا وجه للتخصيص ولأنهما اشتركا في السلب احتج احمد بأنه انما يستحق السلب بالتغرير في قتله ولم يحصل بقتل
الاثنين فلم يستحق السلب ولان النبي صلى الله عليه وآله لم يشترك من اثنين في سلب والجواب عن الأول ان التغرير قد يحصل بالاثنين
كما يحصل بالواحد وكون النبي صلى الله عليه وآله لم يشرك بين اثنين في السلب لأنه لم يتفق الشرك في السبب. الثالث: لو اشترك
اثنان في ضربه وكان أحدهما أبلغ من الاخر قال بعض الجمهور يكون السلب له ان ابا جهل ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن غفر أو
أبناء النبي صلى الله عليه وآله) فأخبراه فقال كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاد بن عمرو بن الجموح. مسألة: وانما يستحق السلب بشرط ان
يقتله والحرب قائمة سواء قتله مقبلا أو مدبرا اما لو انهزم المشركون فقتله لم يستحق السلب بل كا ن غنيمة إذ لا تغرير حال بخلاف ما لو كانت الحرب قائمة
فقتله وهو مدبر فإنه يستحق السلب وان قتل منهزما لوجود التغرير ولان الحرب فر وكر ولان سلمة بن الأكوع قتل طليعة الكفار وهو منهزم
فقال النبي صلى الله عليه وآله من قتله قالوا ابن الأكوع قال له سلبه اجمع وهذا اختيار الشافعي وقال أبو ثور وداود لا يشترط قيام الحرب بل يستحق
القاتل السلب مطلقا لنا ان ابن مسعود وقف على أبي جهل فلم يعطه النبي صلى الله عليه وآله سلبه وأمر بقتل عقبة بن معيط والنضر بن
الحرث صبرا لم يعط سلبهما لمن قتلهما وقتل بني قريظة صبرا فلم يعط من قتلهم أسلابهم وانما أعطى السلب من قتل مبارزة لما فيه من
التغرير ولأنه يكفي المسلمين شره والمنهزم يعد انقضاء الحرب لا أثر ولم يغرر قاتله بنفسه في قتله فلا يستحق سلبه احتجاج بعموم الخبر ولحديث
سلمة بن الأكوع والجواب انه مخصوص بما ذكرناه والذي قلته سلمة بن الأكوع كان متحيزا إلى فئة وكذا البحث في القاتل حال قيام
الحرب وان كان المقتول منهزما لأنه متحيز إلى فئة وراجع إلى القتال. فرع: ان شرطنا في المبارزة اذن الامام لم يستحق القاتل
السلب الا مع اذن الامام في المبارزة وإن لم يشترط ذلك استحق السلب عملا بالعموم. مسألة: وانما يستحق القاتل السلب بشرط
ان يكون له نصيب من الغنيمة اما سهم أو رضح اما لو لم يكن له نصيب من الغنيمة والا وضح الامام له سببا في فلا يخلو اما ان يكون ذلك لارتياب
به وذلك بان يكون مثل عبد الله بن أبي أو يكون معنا من المسلمين أو يكون مرجفا فإنه لا يستحق السلب ان ترك السهم من حيث إنه
عار على المسلمين فلا يستحق السلب أيضا أو يكون النقص فيه كالمرأة والمجنون فالذي قواه الشيخ (ره) استحقاق السلب لعموم الخبر وهو
أحد قولي الشافعي وفي الأخرى انه لا يستحق السهم واستحقاقه اكد من استحقاق السلب بالاجماع على استحقاق السهم وقد وقع
الخلاف وفي الثلث فإذا انتفى استحقاق السهم المجمع عليه فانتفاء السلب المختلف فيه أولى. فروع: الأول: الصبي عندنا سهم
له على ما يأتي فلو قتل قتيلا استحق سلبه وللشافعي قولان. ا لثاني: من لا يستحق سهما ويستحق ان يرضح له كالعبد والمرأة والكافر
هل يستحق ا لسلب أم لا الأقوى انه يستحق عملا بالعموم ولأنه من أهل الغنيمة فاستحق السلب كصاحب السهم وللشافعي قولان أحدهما عدم
الاستحقاق لما تقدم من منعه السهم المجمع عليه في السلب المختلف فيه أولى والجواب ان السهم علق على المظنة ولهذا يستحق بالحضور
ويستوي فيه الفاعل وغيره والسلب يستحق بحقيقة الفعل وقد وجد منه فاستحقه كالمجهول له جعلا على ما فعل إذا فعله. الثالث:
العاصي بالقتال كمن يدخل بغير إذن الإمام أو ينهاه أبواه مع عدم تعيينه عليه لا يستحق السلب كالمخذل الا لأنه عاصي بفعله والامام
انما جعل السلب للقاتل قتلا مشروعا. الرابع: السيد إذا قتل قتلا استحق سلبه مولاه عملا بالعموم ولو خرج من غير اذنه قال بعض الجمهور
لا يأخذ العبد شيئا ولا مولاه لأنه عاص بقتاله فكان كالمخذل والعاصي الحر والوجه عندي استحقاق مولاه لان كل ما للعبد فهو لمولاه
ومع حرمانه السلب حرمان سيده ولم يصدر عنه معصية. مسألة: اختلف علماؤنا في السلب هل يخمس أم لا على قولين أحدهما يجب
944

فيه الخمس وبه قال ابن عباس والأوزاعي والمكحول والثاني لا يجب فيه الخمس وبه قال الشافعي وابن المنذر وابن حريز وأحمد بن حنبل وهو الأقوى وقال
إسحاق ان كان السلب كثير خمس وإلا فلا وهو قول عمر بن الخطاب لما رواه الجمهور عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قضاء في السلب للقاتل ولم يخمس احتج المخالف بالعموم في قوله تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شئ الآية ولأنه اخذ من الكفار على
وجه القهر فوجب ان يخمس كالغنيمة والجواب عن الأول المنع من كونه غنيمة سلمنا لكن يخص عموم القران بالسنة وعن الثاني بالفرق
فان القاتل هنا غرر بنفسه بخلاف أهل الغنيمة فلهذا وجب الخمس عليهم دون القاتل احتج إسحاق بما رواه ابن سيرين ان البراء بن مالك بارز
من زمان الفرار بالبحرين فطعنه فدق صلبه فاخذ سواريه وسلبه فلما صلى عمر الظهر أتى أبا طلحة في داره فقال انا كنا لا نخمس السلب ان سلب البراء
قد بلغ مالا وانا خامسه فكان أول سلب يخمس في الاسلام سلب البراء وقيل إنه بلغ ثلاثين الف والجواب انه حجة لنا فان قول عمر انا
كنا لا نخمس السلب يدل على أن ذلك جاز في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وان تخميسه امر حادث من عمر وأيضا قول الراوي كان أول سلب خمس
في الاسلام يدل على أن الرسول صلى الله عليه وآله لم يخمسه وكذا أبو بكر والحجة في فعل النبي صلى الله عليه وآله لا في فعل عمر. مسألة: السلب
يستحقه القاتل من أصل الغنيمة وبه قال الشافعي ومالك في إحدى الروايتين وفي الأخرى من خمس الخمس الذي هو سهم المصالح لما ان النبي
(صلى الله عليه وآله) جعل السلب للقاتل مطلقا ولم ينفل عنه انه جعل من خمس الخمس ولا احتسب به منه ولأنه (عليه السلام) لم يقدره ولم يستعلم فيه
ولو وجب احتسابه في خمس الخمس لوجب العلم بقدره وقيمته ولان سببه لا يفتقر إلى اجتهاد الامام فلم يكن من سهم المصالح كسهم الفارس والراجل
احتج مالك بان السلب استحقه القاتل للتحريض على القتال فكان من سهم المصالح كالنفل والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل. مسألة:
قد بينا انه يجوز للامام التفصيل مع اعتبار المصلحة فإذا جعل المجعول له ما قوطع عليه استحق النفل ويخمس عليه لان النبي صلى الله عليه وآله
قال لا نفل الا بعد الخمس ولعموم قوله تعالى واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه الآية ويستحقه المجعول له زائدا على السهم الراتب له ولا يتعدد
بقدر بل هو موكول إلى نظر الامام قل أو كثر والنفل يكون اما بان يبدل الامام من سهم نفسه الذي هو الأنفال أو يجعله من الغنيمة والأقرب
ان يجعله من أصل الغنيمة وقيل إن يكون من أربعة أخماس المقاتلة إذا ثبت هذا ولو جعل الامام نفلا لمن ينتدب إلى فعل مصلحة فابتدر
من يقوم بتلك المصلحة من غير نفل لم يكن للامام ان ينفل حكم لأنا قد بينا ان النفل انما يكون مع اعتبار الحاجة والمصلحة ولا حاجة هنا
إليه وكذا الوجود من ينتدب إلى ذلك الفعل ينفل أقل لم يكن له ان ينفل الأكثر الا ان يعلم الامام ان الطالبين للزيادة أنكى للعدو وأبلغ
فيما يزيده. مسألة: مال المشترك المقتول على قسمين أحدهما المنفصل عنه والثاني متصل به فالمنفصل عنه كالرجل والعبد والدواب التي
عليها أحماله والسلاح الذي ليس معه فإنه يكون غنيمة ولا يكون سلبه يختص بالقاتل بل يشترك فيه المسلمون لان مفهوم السلب لا يتناوله
واما المتصل به فعلى ضربين أحدهما ما يحتاج إليه في القتال كالثياب والعمامة والقلنسوة والدرج والمغفرة والبيضة والجوشن والسلاح والسيف والرمح والسكين فهذا كله من السلب يستحقه القاتل اجماعا الثاني ما لا يحتاج إليه القاتل وهو في يده وانما يتخذ للزينة أو غيرها كالتاج
والسوار والطوق الهميان الذي للنفقة والمنطقة فهل يكون سلبا أم لا تردد الشيخ (ره) فيه وقوى يجوز سلبا وللشافعي قولان واختيار
احمد انه سلب وهو الأقوى لأنه لابس له فهو سلب في الحقيقة فيدخل تحت عموم الخبر ولأنه ملبوس له فأشبه ثيابه احتج الشافعي لأنه لا يحتاج
إليه في القتال فأشبه المنفصل والجواب الحكم معلق على الاسم الذي يندرج فيه صورة النزاع دون صورة الشخص. فروع: الأول:
الدابة التي يركبها من السلب سواء كان راكبا لها أو نازلا عنها إذا كانت بيده وبه قال الشافعي وعن أحمد روايتان لما رواه الجمهور عن
عوف بن مالك قال خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة موتة ودافعني مددي من أهل اليمن فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس أشقر
على سرج مذهب وسلاح مذهب فجعل يغزي بالمسلمين وقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فرفعت فرسه فعلاه فقتله وجاز فرسه
وسلاحه فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فاخذ من السلب قال عوف قاتلته فقلت يا خالد اما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله
قضا بالسلب للقاتل قال بلى ولان الفرس يستبان بها في الحرب فأشبهت السلاح احتج احمد بان السلب ما كان على بدنه والدابة ليست كذلك
والجواب انه منقوض بالسيف والرمح والقوس فإنها من السلب وليست ملبوسة. الثاني: ما على الدابة من السرج ولجام وجميع آلاتها
الحلة التي على تلك الآلات من السلب لأنه تابع لها ويستعان به في القتال الثالث: الدابة اما يكون من السلب لو كان راكبا عليها اما لو كانت
في منزلة أو مع غيره أو منفصلة فإنها لا يكون من السلب كالسلاح الذي ليس معه ولو كان دابة راكبا عليها فصرعه عنها ثم قتله بعد نزوله
عنها فهي من السلب. الرابع: لو كان ماسكا بعنانها غير راكب عليها قال ابن الجنيد يكون من السلب وقال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين
وفي الأخرى ليست من السلب لما انه متمكن من القتال عليها فأشبهت ما في يده من السيف والرمح احتج احمد بأنه ليس راكبا عليها فأشبهت
ما لو كانت في يد غلامه. الخامس: الجنيب الذي يساق خلفه ليس من السلب لان يده ليست عليه اما لو كان راكبا دابة وفي يده جنب
945

له قال قال ابن الجنيد يكون من السلب وضع منه الجمهور حجة ابن الجنيد انه مما يستعان به على القتال ويده عليه فكان سلبا كالفرس المركوب احتج
المخالف انه لا يمكن ركوبها معا يكون سلبا وللشافعي كالقولين. السادس: يجوز سلب القتلى وتركهم عراة لان النبي صلى الله عليه وآله
قال في قتيل سلمة بن الأكوع له سلبه اجمع ومن قال قتل قتيلا فله سلبه إذا ثبت هذا فان ابن الجنيد (ره) قال اختار ان يجرد
الكافر في السلب وكرهه الثوري ولم يكره الأوزاعي للخبر احتج ابن الجنيد بان فيه كشف عورة إذا ثبت هذا فان أمير المؤمنين عليه السلام لم
يكن يأخذ سلبا عند مباشرته للحرب رواه ابن الجنيد. السابع: هل يفتقر المدعي للسلب إلى بينة بالفعل قال بعض الجمهور لا بد من البينة
ومنع من ذلك الأوزاعي والأول أقوى عندي لقول النبي صلى الله عليه وآله من قتل قتيلا له بينة عليه فله سلبه ولأنه يدع فيحتاج إلى البينة
للعموم احتج الأوزاعي ان النبي صلى الله عليه وآله قبل قول أبي قتادة والجواب انه عليه السلام انما قبل قوله لان خصمة أقر له فاكتفى باقراره إذا ثبت
هذا فهل يفتقر إلى شاهدين قال احمد لا بد من شاهدين وقال قوم من الجمهور يقبل شاهد ويمين لأنها دعوى في المال ويكن القول بأنه يقبل شاهد
بغير يمين لان النبي صلى الله عليه وآله قبل قول الذي شهد لأبي قتادة من غير يمين احتج احمد بان النبي صلى الله عليه وآله اعتبر البينة واطلاقها
يفتقر إلى شاهدين ولأنها دعوى للقتل فاعتبر شاهدان كقتل العمد. الثامن: لو قال الامام من اخذ شيئا فهو له في الشافعي قولان أحدهما
الجواز وبه قال أبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم بدر من اخذ شيئا فهو له والثاني المنع لان من أجاز ذلك سقط حق
أهل الخمس من خمسه ومن يستحق خمسه من الغنيمة لم يجز للامام ان يشترط اسقاطه كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين وتأول الخبر
بعد التسليم با ن غنايم بدر لم يكن للغانمين لان الآية نزلت بعدها ولهذا قسم رسول الله صلى الله عليه وآله لمن لم يحضرها اما الشيخ
(ره) أنه قال إذا قال الامام قبل لقاء العدو من اخذ شيئا فهو له بعد الخمس كان جايزا لأنه معصوم وفعله حجة. البحث
الثالث: الرضح. مسألة: النساء النساء إذا حضرت المعركة لم يسهم لهن وان احتج إليهن لمنفعة العسكر من الطبيخ ومداواة الجرحى
وغير ذلك بل يرضح لهن الامام ما يؤدي إليه اجتهاده ومعنى الرضح انه يعطي المرضوح له شيا من الغنيمة ولا يسهم لهم سهم كامل ولا
تقدير للرضخ بل هو موكول إلى نظر الامام فان أرى التسوية سوى وان رأى التفضيل فضل وهذا مذهب علمائنا أجمع وأكثر
أهل العلم منهم سعيد بن المسيب ومالك والثوري والليث والشافعي وإسحاق وأحمد بن حنبل هو مروي عن ابن عباس وقال الأوزاعي
يسهم للنساء لما رواه الجمهور عن بريد بن هره قال كتب نجده الحروري إلى ابن عباس (ره) سأله عن النساء هل كن يشهدن
الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهل كان يضرب لهن بهم فقال ابن عباس قد كن يشهدن فان الضرب لهن بهم فلا وعن
ابن عباس أيضا قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغدو بالنساء فتداوين الجرحى ويجدين من الغنيمة واما سهم فلم تضرب
بهن ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سماعة عن أحدهما عليهم السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج بالنساء في الحرب تداوين
الجرحى ولم يسهم لهن من الفئ شيئا ولكن نقلهن ولأنهن ليس من أهل القتال ولهذا لم يجب عليهن من فرضه ونهى عن قتل الحربيات ولأن المرأة ضعيفة يتولى
عليها الحور فلا يصلح لله قتال فلا يسهم لهن احتج المخالف بما رواه حشرح بن زياد عن جدته أم أبيه انها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
في غزوة خيبر سادسة سنة فلما فتح الله عليه خيبر أسهم لها كما أسهم للرجال قال قلت يا جداه ما كان ذلك السهم
قالت تمرا وعن ابن شبل
ان النبي صلى الله عليه وآله ضرب لسهلة بنت عاصم يوم حنين سهم فقال رجل من القوم أعطيت سهلة مثل سهمي والجواب عن الأول
انه يحتمل ان الراوي سها وقولها أسهم لي كما أسهم للرجال معناه قسم بيننا الرضح كما قسم الغنيمة بين الرجال والتساوي في القسمة
لا يلزم التساوي في المقدارين ولهذا كان النصيب تمرا ولو كان سهما ما اختص بالتمر وخيبر قسمت على أهل الحديبية وهم نفر معدودون
في غير حديث حده حشرح ولم يذكرن منهن ويحتمل انه أسهم لهن من التمر خاصة مثل سهم الرجال وعن الثاني ان في الحديث انها
ولدت فأعطاها النبي صلى الله عليه وآله لها ولولدها وعندنا المولود سهم له كالرجال. مسألة: والعبيد لا سهم لهم ولكن يرضح
لهم الامام ما يراه من المصلحة وان جاهدوا وبه قال أكثر العلماء وقال أبو ثور يسهم للعبد وهو مري عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والنخعي
وحكى عن الأوزاعي أنه قال ليس للعبيد سهم ولا رضح الا ان يحيوا بغنيمة فيرضخ لهم لنا ما رواه الجمهور عن يزيد بن هارون ان تجده
كتب إلى ابن عباس يسأله عن المراة والمملوك يحضران الفتح ألهما من المغنم شئ قال يجبران وليس لهما شئ وفي رواية قال ليس لهما شئ وقد
يرضح لهما وعن عمر مولى أبي اللحم قال شهدت خيبر مع سادتي فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبر اني مملوك فامر لي
بشئ من خرثى المتاع ولأنه ليس من أهل القتال ولا يجب عليه الجهاد فلا يسهم له كالمراة احتجوا بما رواه عن الأسود بن يزيد انه
شهد فتح القادسية عبيد فضرب لهم سهامهم ولان حرمة العبد في الدين كحرمة الحر وفيه من العبا مثل ما وجب فيه أن يسهم له في
الحر والجواب عن الأول بالمنع من الرواية أولا واحتمال ضرب الاسهام إلى الرضح ثانيا وعن الثاني بالفرق فان الحر يجب عليه الجهاد
946

والحرية مظنة الفراغ الموسع في النظر والفكر في مصالح المسلمين بخلاف العبد. فروع: الأول: لا فرق بين العبد المأذون في القتال وغير المأذون في عدم
الاسهام وليرضخ لهما قال ابن جنيد (ره) يسهم للعبد مأذون له وبه قال الأوزاعي وأبو ثور ونقله عنهما ابن الجنيد أيضا وليس
بجيد لأنه العبد لا يجب عليه الجهاد فلا يستحق سهما من الغنيمة كالنساء. الثاني: العبد إذا لم يأذن له مولاه في القتال لها سهم له
اجماعا ثم إن ذكره مولاه الغزو ولم يرضح له لأنه عاص بذلك وان عرف منه الإباحية استحق الرضخ كالمأذون. الثالث: المدبر
والمكاتب كالقن لأنهم عبيد. الرابع لو أعتق العبد (قيل) يقضي الحرب ولو قتل سيد المدبر قتل (قيل) يقتضي الحرب وهو يخرج
من الثلث عتق وأسهم له إذا كان حاضرا. الخامس: من نصفه حر قتل (قيل) يقضي الحرب ويرضخ له بقدر ما فيه من الرق ويسهم له بقدر ما فيه من الحرية لأنه
يمكن تنصيفه فيقسم كالميراث وقيل يرضح له لأنه ليس من أهل وجوب القتال فأشبه الرقيق. السادس: الخنثى المشكل يرضح له لان المقتضى
لاستحقاق السهم وهو الذكورة غير معلوم الثبوت في حقه فلا يترتب عليه الحكم ولان الجهاد غير واجب عليه فأشبه المراة وقيل له نصف سهم
ونصف الرضح والأول أقوى فلو انكشف حاله وعلم أنه رجل أتم له سهم الرجل سواء انكشف قبل يقضي الحرب أو عبد أو قبل القسمة أو بعدها
لأنه قد ظهر لنا استحقاقه للسهم وأعطى دون حقه فأشبه ما لو أعطى بعض الرجال دون حقه غلطا وفيه نظر. مسألة: ويسهم
للصبي إذا حضر لحرب سواء كان من أهل القتال أو لم يكن حتى أنه لو ولد بعد الحيازة اي قبل القسمة أسهم كالرجل المقاتل ذهب إليه علمائنا أجمع
وبه قال الأوزاعي وقال مالك يسهم له إذا قاتل وقدر عليه ومثله قد بلغ الفناء وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث واحمد
وأبو ثور لا سهم بل يرفع وعن القاسم وسالم ليس له لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه أسهم للصبيان بخيبر وأسهم أئمة
المسلمين كل مولود ولد في دار الحرب وروى الجوزجاني بإسناده عن ابن عطاء قال حدثتني جدتي كنا مع حبيب بن مسلم وكان السهم
الأمهات وأولادي في بطونهن ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر عن أبيه عن ابائه (عليه السلام ان عليا عليه السلام قال
إذا ولد المولود في ارض الحرب يقسم له مما أفاء الله عليهم ولأنه حر ذكر حضر القتال وله حكم المسلمين فيسهم له كالرجل ولان في اسهامه بقتاله
بعد البلوغ على الجهاد فيكون لطفا له فيجب ولأنه حال القتال معروض للتلف فصار كالمحارب احتجوا بما رواه الجورجاني بإسناده عن تميم بن
فزع المهري كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندرية في المرة الأخيرة فلم يقسم لي عمر من الفئ شيئا وقال غلام لم يحتلم حتى كاد يكون بين
قومي بين الناس من قريش في ذلك نايرة فقال بعض القوم فيكم أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فاسألهم ابا نصرة الغفاري
وعقبة بن عامر فقالا انظرا فإن كان قد انبت فأقسموا له فنظر إلي بعض القوم فإذا انا قد اتيت فقسم لي ولأنه ليس من أهل القتال فلم
يسهم له كالجواب عن الأول ان فعل رسول الله صلى الله عليه وآله هو الحجة وقد قلنا إنه عليه السلام قسم للصبيان في خيبر فلا اعتداد بحكم لمخالفته
عمر وعن الثاني بأنه وإن لم يكن من أهل القتال لكنه ممن يثبت في حقه المظنة وهي الحرية والذكورة. فرع: لا فرق بين الطفل
الصغير والمراهق عملا بالمقتضى وقد قلنا إنه لو ولد بعد يقضي الحرب وحيازة الغنائم قبل القسمة أسهم له لن المزاحم للسابئين في الاستحقاق
وجد قبل الغنيمة فشاركهم كالممنوع من الإرث إذا زال المانع قبل القسمة اما لو ولد بعد القسمة فإنه لا سهم له لان كل واحد من الغانمين
قد استقر ملكه على ما في يده بالقسمة فلا يزول عنه. مسألة: الكافر لا يسهم له بل يرضح له الامام لما يراه ذهب إليه علمائنا وبه قال مالك
وأبو حنيفة والشافعي وقال الثوري وإسحاق يسهم له كالمسلم وعن أحمد روايتان لما انه ليس من أهل الجهاد ولأنه لا يخلص ثلاثة للمسلمين
فلا يساويهم في الاستحقاق فاحتج المخالف بما رواه الزهري ان رسول الله صلى الله عليه وآله استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم وروى أن
صفوان بن أمية خرج مع النبي صلى الله عليه وآله يوم خيبر وهو على شركه فأسهم له وأعطاه من سهم المؤلفة ولان الكفر نقص في
الدين فلم يمنع استحقاق السهم كالفسق والجواب عن الأول يحتمل ان يكون الراوي سمى الرضح اسهاما وعن الثاني ان اسهامه من نصيب
المؤلفة عندنا جائز وذلك من سهم مستحق الزكاة لا من الغنيمة وعن الثالث بالفرق بين الفسق والكفر وهو ظاهر. فروع: الأول:
الكافر انما يستحق سهم المؤلفة والرضح إذا خرج إلى القتال باذن الامام ولو خرج بغير اذنه لم يسهم له ولا يرضح شيئا بلا خلاف لأنه غير مأمون
على الدين فهو كالمرجف. الثاني: لو غزا جماعة من الكفار بانفراد فغنموا كانت غنيمتهم للامام على ما يأتي ان الغنيمة المأخوذة بغير إذن الإمام
له خاصة قال بعض الجمهور غنيمتهم لهم ولا خمس فيها لأنه اكتساب لم يؤخذ على وجه الجهاد فكان كالاحتطاب والاحتشاش وفيل
فيه الخمس لأنه غنيمة قوم من أهل دار الاسلام فأشبه غنيمة المسلمين. الثالث: يجوز الاستعانة في الجهاد بالمشركين وبه قال الشافعي
وجماعة من أهل العلم وقال جماعة أخرى لا يستعان بهم وهو قول ابن المنذر وعن أحمد روايتان لما رواه الزهري ان رسول الله
صلى الله عليه وآله استعان بناس من اليهود في حربه وعن صفوان بن أمية انه خرج مع النبي يوم خيبر وأسهم له. الرابع:
يشترط ان يكون المستعان به من المشركين في الحرب حسن الرأي في لمسلمين مأمون الضرر ولو لم يكن مأمونا لم يجز الاستعانة به اجماعا لأنا
947

منعنا الاستعانة بغير المأمون من المسلمين كالمخذل والمرجف فالكافر أولى أما إذا كان مأمونا فإنه يجوز الاستعانة به على ما قلناه أولا خلافا
لأحمد احتج على عدم جواز الاستعانة مطلق بما روت عائشة قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بدر حتى إذا كان الوبر أدركه رجل
من المشركين كان يذكر منه جرأة ونجده فسر المسلمون به فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله جئت لاتبعك وأصيب معك فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله
أتؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال صلى الله عليه وآله فانطلق وعن عبد الرحمن بن حبيب قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يريد غزوة انا ورجل
من قومي ولم نسلم قال نسلم فقلنا نستحيي ان يشهد قومنا نشهد لا نشهده معهم قال فأسلمتا قلنا لا قال انا لا نستعين بالمشركين على المشركين
قال فأسلمنا وشهدنا معه ولأنه غير مأمون فأشبه المخذل والمرجف والجواب على الحديثين انهما وردا في واقعة فلا عموم لهما وحكمه يحتمل ان يكون
عليه السلام مستغنيا عن المشركين فسي تلك القضية أو انه عليه السلام علم عن حالهم الاسلام بالرد لهم فردهم ليسلموا وذلك مصلحة عظيمة أو
انه عليه السلام لم يكن عالم بحالهم من الأمانة وعدم الاضرار وعن الثاني بالفرق إذ التقدير ان الاستعانة انما يجوز إذا كان المشرك مأمونا
فلا يجوز قياس أحد النقيضين على صاحبه. مسألة: وليس للرضخ قدر معين بل هو مذكور إلى نظر الامام لكن لا يبلغ الفارس سهم فارس ولا
للراجل سهم راجل كما لا يبلغ بالتقدير حد ينبغي ان يفضل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم وكثرة النفع بهم فيفضل العبد المقاتل الشديد على من ليس كذلك
ويفضل المرأة المقاتلة والتي يسعى الماء أو تداوي الجرحى وتعني بالمجاهدين على من ليس كذلك وبالجملة تفاوت بينهم با لعطا بحسب تفاوت النفع بهم
ولا سوي بينهم لان السهم منصوص عليه غير موكول إلى الاجتهاد فلم يختلف كالحد والدية اما الرضح فإنه غير مقدر بل هو
مجتهد فيه تردد إلى الاجتهاد الامام فاختلف كالتغرير وقيمة العبد وغير ذلك. فروع: الأول قال الشيخ (ره) الرضح يكون من أصل
الغنيمة وللشافعي ثلاثة أقوال والثاني من أربعة الأخماس لأنهم يستحقون ذلك بحضورهم الواقعة فأشبهوا القائمين والثالث انه يرفع من سهم
المصالح لان مستحق الرضح ليس من أصحاب السهم ولا من أصحاب الخمس فلم يكن الدفع إليه عن وجه المصلحة وكان من سهم المصالح قال الشيخ (ره)
الأول أصح لأنهم يستحقون ذلك لمعاونة في تحصيل الغنيمة فهم بمنزلة البقالين والخياط يكون اجرهم من أصل الغنيمة ولو أعطاهم الامام
ذلك من ماله من الأنفال وخصه من الخمس جاز ذلك. الثاني: إذا استأجر الامام أهل الذمة للقتال جاز ولا يبين المدة غرر فربما زادت
مدة الحرب أو نقصت وعفي عن الجهالة هنا لموضع الحاجة فان لم يكن قتال لم يتسحق شيئا وان كان هناك قتال فان قاتلوا استحقوا الأجرة
وإن لم يقاتلوا ففي الاستحقاق تردد وينشأ من أنه منوط بالعمل ولم يوجد فلا استحقاق وانه يتسحق بالحضور لان الخصوم بمنزلة القاتل في
حق المسلم يستحق به السهم فكذا هنا والأول أقوى. الثالث: لو زادت الأجرة عن سهم أو الفارس ففيه احتمالان أحدهما انه يعطي ما يكون
رضحا من الغنيمة ولا يكون من سهم المصالح والثاني انه يدفع ذلك كله من الغنيمة لأنه جاز مجرى المؤنة والمؤنة لا يعتبر فيها النقصان عن السهم و
هو الأقوى عندي. الرابع: لو غز المرجف أو المخذل فلا شئ له ولو كان على فرس لم يسهم له والا للفرس. الخامس: لو غزا العبد بغير إذن
مولاه لم يرضح له شئ لأنه عاص بغزوه فصار كالمخذل والمرجف لول غزا الرجل بغير إذن الإمام أخطأ وان غنم مع العسكر كان سهمه للامام
على ما يأتي ولو غزى بغير إذن أبوية أو بغير إذن من له الدين عليه استحق السهم لتعيين الجهاد عليه بالحصن في الصف فانتفى العصيان بخلاف العبد
وفيه نظر. مسألة: قال الشيخ (ره) في النهاية والمبسوط ليس للأعراب من الغنيمة شئ وان قاتلوا مع المجاهدين بل يرضح لهم الامام
بحسب ما يراه من المصلحة ونعني بالاعراب من أظهر الاسلام ولم يضفه وصولح على اعقابه المهاجرة وترك النصيب قال ويجوز ان يعطيهم الامام
من سهم ابن السبيل من الصدقة لان الاسم يتناولهم ومنع ابن إدريس ذلك كل المنع وأوجب لهم النصيب وان يسهمهم الامام كغيرهم من المقاتلة
عملا بالعموم استضعافا للرواية اما الشيخ (ره) فقد عول في ذلك على ما رواه عبد الكريم بن عتبة الهاشمي
عن أبي عبد الله عليه السلام في
حديث المعزلة قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله انما صالح الاعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أن وهمه من عدوه وهم ان
يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في القسمة نصيب فان صح هذا الحديث عمل عليه والا فالأقوى مذهب ابن إدريس.
البحث الرابع:
في كيفية القسمة: مسألة: ما يبدأ الامام يدفع السلب إلى المقاتل ان يجعله له لان حقه متعلق بالعين دون
بقينة الغنيمة فإنها لا تعين لاحد ثم يخرج من الغنيمة بعد ذلك أجرة الجمال والحافظ والناقل والراعي لان ذلك من مؤنتها يؤخذ من
أصلها ثم يخرج منها الرضح ان قلنا إن الرضح من أصل الغنيمة على ما يأتي الخلاف فيه ثم يقسم فيفرد الخمس لأهله ويقسم الأربعة أخماس
بين الغانمين وتقدم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس لان مستحق الغنيمة وهم الغانمون حاضرون وأهل الخمس غايبون فتقدم الحاضرون ولان
الغانمين يعنى رجوعهم وانصرافهم إلى أوطانهم على قسمة الغنيمة وأهل الخمس في مواطنهم فكان الاستعمال بهم يعود إلى أوطانهم أولى ولان
الغانمون انما حصلت الغنيمة باجتهادهم ومحاربتهم فكانوا بمنزلة من استحقها بعوض وأهل الخمس حصلت لهم بغير سبب منهم فكان حق الغانمين
آكد فقدموا في الغنيمة. مسألة: وللامام ان يصطفي من الغنيمة ما يختاره من فرس وجواد أو ثوب مرتفع القيمة أو جارية حسناء أو سيف قاطع
948

أو غير ذلك ما لم يضر بالعسكر ذهب إليه علمائنا أجمع لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يصطفي من الغنائم الجارية والفرس
وما أشبهها في غزاة خيبر وغيرها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الكناني قال قال أبو عبد الله عليه السلام نحن قوم فرض الله تعالى طاعتنا لنا الأنفال
ولنا صفو المال عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صفو المال قال للامام يأخذ الجارية الحسناء والمركب الفارة والسيف القاطع و
الدرع قبل أن يقسم الغنيمة هذا صفو المال اما الجمهور فإنهم قالوا كان مختصا بالنبي صلى الله عليه وآله ويبطل بموته وليس بمعتمد لان
المقتضى في حق النبي وهو تحمله لانتقال غيره وانما دون الحقوق مؤنتهم مع قصور حقهم ثابت في حق الامام فيكون
المعلول ثابت إذا ثبت هذا فان البحث لقي ان الاصطفاء قبل الخمس أو بعده كالبحث فيما تقدم في الرضح. مسألة: فإذا اخرج الامام من الغنيمة
ما يتحاج إليه من الرضح والجعائل واجرة الحافظ والناقل وكل ما يحتجا الغنيمة من النفقة مدة بقائها قسم الباقي بين الغانمين
خاصة مما ينقل ويحول اما الأرضون والعقارات فقد بينا انها للمسلمين قاطبة وانما يختص الغانمون بالأموال الحاضرة فما ينقل ويحول فيقسم
ذلك بين الغانمين للراجل سهم وللفارس سهمان ولا خلاف بين العلماء في أن الرجل يستحق منهما واحد واختلفوا في الفارس فقال أكثر علمائنا
انه يستحق سهمين سهم له وسهم لفرسه وبه قال أبو حنيفة وقال ابن الجنيد من علمائنا للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسهم له وهو قول أكثر
العلماء ونقله الجمهور عن علي عليه السلام نقله أصحابنا انهم عنه وناولوه بما يأتي وبهذا قال عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وابن سيرين وحبيب بن أبي
ثابت ومالك ومن تبعه من أهل المدينة والثوري ومن رافقه من أهل مصر والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق و
أبو ثور وأبو يوسف ومحمد لما رواه الجمهور عن المقداد قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله سهمين سهم لي مسهم
لفرسي وعن مجمع بن جارية ان رسول الله صلى الله عليه وآله قسم خيبر على أهل الحديبية فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مسائل من السرد فيها كيف يقسم بينهم فقال للفارس سهمان
والراجل سهم ولأنه حيوان ذو سهم فلا يسهم أكثر من سهم واحد كالآدمي احتجوا بما رواه ابن عمران النبي صلى الله عليه وآله أسهم يوم خيبر
للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسله له وعن أبي رهم وأخيه انهما كانا فارسين يوم خيبر فأعطينا ستة أسهم أربعة أسهم لفرسهما وسهمين لهما وعن ابن
عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله أعطى الفارس ثلاثة أسهم وأعطى الراجل سهما ومن طريق الخاصة ما رواه إسحاق بن عمار عن أبي جعفر
عن أبيه (عليه السلام) ان عليا عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما والجواب عن هذه الأحاديث انها محمولة على صاحب الأفراس الكثيرة
جمعا بين الاخبار وتناسبا في المعنى ويؤيده ما رواه أبو البحتري عن جعفر عن أبيه صلى الله عليه وآله ان عليا كان يسهم للفارس ثلاثة أسهم
سهمين لفرسه وسهما له ويجعل للراجل سهما. فروع: الأول: ظهر مما قلناه ان للرجال سهما بلا خلاف وللفارس سهمين على خلاف اما
ذو الأفراس الكثيرة فإنه يسهم له ثلاثة أسهم لما تقدم ولو كان معه أفراس جماعة لم يسهم الا لفرسين لا غير فيسهم له ثلاثة أسهم
سهمان لخيله وبه قال أحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي لا سهم أكثر من فرس واحد لما رواه الجمهور عن الأوزاعي
ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسهم للخيل وكان لا سهم للرجل فوق فرسين وان كان معه عشرة أفراس وعن مكحول ان الزبير حضر
خيبر بفرسين فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله خمسة أسهم سهم له وأربعة لفرسيه وعن أزهر بن عبد الله بن عمر بن الخطاب كتب أبي عبيدة الجراح
ان يسهم للفرس سهمين وللفرسين أربعة أسهم ولصاحبها سهم فذلك خمسة أسهم وما كان فوق الفرسين معايب وعن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ عن الحسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام إذا كان مع الرجل أفرس في غزو لم يسهم الا لفرسين منها
ولا ن الحاجة ماسة إلى الفرس الثانية فان استدامة الركوب على واحد يضعفها ويمنع عن المحاربة فيسهم له كالأول بخلاف الثالث وما زاد
عليه للاستفتاء عنه احتجوا بما رواه ابن عمر ان الزبير حضر خيبر ومعه أفراس فلم يسهم له النبي صلى الله عليه وآله غير فرسين ويحتمل ان يكون
قد أسهمه سهمين لفرسين كما ذهب إليه فتوهم ابن عمر فإنه سهم فرس واحد كما ذهب الشافعي وعن الثاني
بالفرق الذي بيناه من أساس
الحاجة إلى الفرس الثانية دون الزايد. الثاني: قد بينا ان العبد يرضح له فان غزا العبد باذن مولاه على رضح للعبد وأسهم الفرس
وكان السهم لسيده لان ا لسيد هو المالك للفرس فاستحق السهم فإن كان معه فرسان أسهم سهم فرسين ورضح ولهذا قال أحمد بن حنبل وقال
أبو حنيفة والشافعي لا يسهم للفرس لأنه تحت من لا يسهم له فلم يسهم له كما لو كان تحت (مجاهد) لنا انه فرس حضر الوقعة وخوصم عليه فاستحق مالكه
السهم كما لو كان الراكب هو السيد إذا عرفت هذا فان الرضخ والسهم معا للسيد لأنه المالك للعبد والفرس وسوى حضر السيد القتال أو غايب و
الفرق بينه وبين المخذل ان المخذل لا يستحق شيئا بالحضور ففرسه أولى لعدم الاستحقاق. الثالث: لو غزى الصبي على فرس أسهم له ولفرسه
على ما بيناه من أن الصبي يستحق السهم فكذا فرسه وفيه خلاف بيننا وبين الجمهور. الرابع: لو غزت المراة والكافر على فرس لها فالوجه انهما
يرضخان أريد من رضح الرجل من صفتهما وأقل من سهم الفارس لأنا قد بينا انه لا يبلغ الرضخ للفارس سهم فارس ولان سهم الفرس له
949

فإذا لم يستحق بحضوره منهما ففرسه أولا بخلاف العبد فان الفرس هناك لغيره وهو السيد. الخامس: لو غزى المرجف والمخذل على فرس فلا شئ
له ولا لفرسه لما تقدم ولو غزا العبد بغير إذن مولاه لم يرضح له لأنه عاص. مسألة: لو استعاد فر سا ليغزو ففعل أسهم له وللفرس ويكون
سهم الفرس للمستعير وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى ان السهم للمالك وبه قال بعض الحنيفية وقال بعضهم لا يسهم للفرس
لما نه يتمكن من الغزو عليه شرعا وعقلا فأشبه المستأجر ولأنه فرس قاتل عليه من يستحق بهما وهو مالك لنفعه فاستحق سهم الفرس كالمستأجر
ولان سهم الفرس مستحق بمنفعته وهي للمستعير باذن المالك احتج احمد بأنه من غاية فأشبه ولده واحتج الآخرون بان مالكه لا يستحق شيئا فكذا
فرسه كالمخذل والمر جف والجواب عن الأول بالفرق فان النماء والولد غير مأذون له فيه بخلاف الغزو المأذون فيه وعن الثاني بالفرق فان المخذل
والمرجف لا يستحقان سهما بالحضور للخذلان والارجاف بخلاف المستعير فان صاحب الفرس لو حضر لا يستحق سهما وانما السهم للغيبة
فلا جامع للاختلاف في العلة. فروع: الأول: لو استعار فرسا لغيره لغزو فغزا عليه استحق السهم له واما سهم الفرس فالبحث فيه كالمغصوب
لأنه غاصب حكما. الثاني: لو استأجر فرسا ليغزو عليه فغزا عليهم فسهم الفرس للمستأجر بلا خلاف لأنه مستحق نفعه بالأجرة استحقاقا لازما
فكان السهم له كالمالك ولو استأجر لغير الغزو فغزا عليه سقط منهم الفرس لأنه كالغاصب. الثالث: لو كان المستأجر أو المستعير ممن لا سهم له
كالمرجف والمخذل أو له رضح كالمراة والعبد كان حكمه حكم فرسه المملوكة وقد تقدم بيانه. الرابع: لو غصب فرسا فقاتل عليها لم يسهم
إلا عن نفسه واما سهم الفرس فإن كان صاحبه حاضرا في الحرب كان السهم له وإلا فلا شئ له وقال بعض الحنفية لا سهم للفرس وهو قول
بعض الشافعية وقال بعضهم سهم للغاصب وعليه أجرة الفرس لمالكه وقال احمد يسهم للمالك وأطلق لما انه مع الحضور قاتل على فرسه من يستحق
السخم فاستحق السهم كما لو كان مع صاحبه وإذا ثبت هذا ان للفرس بهما ثبت لمالكه لان النبي صلى الله عليه وآله جعل للفارس سهما ولصاحبه
سهما وما كان للفرس كان لمالكه اما مع الغيبة فالغاصب لا يملك منفعة الفرس والمالك لم يحضر فلا يستحق سهما ولا يستحق فرسه
سهما اما الشافعية فقالوا ان الفرس كالآلة فكان الحاصل بها لمستعملها كما لو غصب سيفا فقاتل به أو قدوما فاحتطب به والجواب الفرق
فان السيف والقدوم لا شئ عليهما كالفرس جعل النبي صلى الله عليه وآله سهما ولما لم يكن الفرس اهلا للملك كان السهم لمالكها ولان
السهم مستحق بنفع الفرس ونفعه لمالكه فوجب ان يكون ما يستحقه له إذا ثبت هذا فان الغاصب يجب عليه أجرة المثل سواء كان صاحبه
حاضرا أو لا لأنه نصرف في مال غيره بغير اذنه فكان عليه اجرته. الخامس: لو كا ن الغاصب ممن لا سهم له كالمرجف والمخذل فعندنا ان سهم
الفرس لمالكه ان كان حاضرا وإلا فلا شئ له وقال بعض الجمهور ان حكم فرسه لان الفرس يتبع الفارس في حكمه فيتبعه إذا كان مغصوبا
قياسا على فرسه وليس بمعتمد لان النقص في الراكب والجناية منه فاختص المنع به وبتوابعه كفرسه التابعة بخلاف المغصوب فإنه لغيره فلا ينقص
سهمها فينقص سهمه فكذا البحث لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس مولاه. السادس: لو غزا جماعة على فرس واحدة بالتناوب
قال ابن الجنيد يعطى لكل واحد سهم راجل ثم يفرق بينهم سهم فرس واحدة وهو حسن. مسألة: إذا ثبت انه سهم للفارس
سهمان وسهم له وسهم لفرسه فإنه يسهم له ذلك سواء كان فرسه عتقا أو برذونا أو مقرفا أو سجينا فالعتيق الذي أبوه وأمه عربيان
عتيقان كريمان والبرذون ما كان أبوه وأمه عجمين والمقرف الذي أبوه برذونا وأمه عتيقة والهجين هو الذي ابن عتيق وأمه عجمية قال
هند بنت النعمان بن بشر وما هند الا مهرة عربية سليلة أفراس يحللها فان ولدت مهرا كريما فبالحري فان يكن اقراف لما أنجب الفحل إذا عرفت
هذا فان سهم الفرس يستحق بكل واحدة من هذه وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة والأوزاعي لا سهم للبرذون ويسهم للمفرق والهجين سهم
واحد وعن أحمد روايات أحدها انه يسهم لما عدا العربي سهم واحد وهو قول الحسن البصري الثانية انه يسهم له مثل سهم العربي كقول الشافعي
وبه قال عمر بن عبد العزيز والثوري الثالثة انها ان أدركت العراب ادراك العراب أسهم لها مثل الفرس العربي وإلا فلا الرابعة أن لا سهم لها
وعن أبي يوسف روايتان إحديهما انه يسهم له سهم واحد لما فهم من اطلاق الروايات ان النبي صلى الله عليه وآله كان يسهم للفرس سهما أو سهمين
على اختلاف الروايات وهو عام في كل فرس ولأنه حيوان ذو سهم فاستوى فيه الفارة وغيره كالآدميين احتجوا بأنه البرذون ليس له كر
وفر فلا سهم له كالبعير أو لا سهم ل كالعربي لقصوره في النفع عنه ولما روى عن أبي موسى وانه كتب إلى عمر بن الخطاب انا قد وجدنا بالعراق خيلا
عراضا فما ترى في سهماتها فكتب إليه تلك الروايتين فما قارب العتاق منها جعل منها فاجعل له سهما واحدا والغ ما سوى ذلك وعن مكحول ان البني صلى الله عليه وآله
أعطى الفرس العربي سهمين وأعلى الهجر سهما والجواب عن الأول ما بينا من عدم اعتبار التفاضل في السهام بشدة البلاء في الحرب
وقياسهم يبطل بالشجاع وغير الشجاع ولان البرذون اكد واصبر فقد فضل عليه باعتبار قصر عنه باعتبار اخر فتساويا وعن الثاني
ان فعل عمر لا حجة فيه مع مخالفته لفعل الرسول صلى الله عليه وآله وقد بينا ان النبي صلى الله عليه وآله أسهم للفارس مطلقا وعن الثالث
بما تقدم من أن الفرس انما يستحق صاحبها سهما واحدا سواء كان عربيا أو برذونا فهو حجة لنا. مسألة: لو غزا في غير الخيل
950

من الإبل والبغال والحمير والفيل وغير ذلك ألم يسهم لأكثر من سهم وأجل ولا يسهم لركوبه قال العلماء وهو قول عامة أهل العلم ومذهب الفقهاء
في القديم والحديث وحكى عن البصري أنه قال يسهم للإبل خاصة وعن أحمد روايتان أحدهما انه يسهم للبعير سهم واحد ولصاحبه سهم اخر الثانية
ان عجز عن ركوب الخيل فركب البعير أسهم له ثلاثة أسهم سهمان لبعيره وسهم له وان أمكنه الغزو على الفرس لم يسهم لبعيره لما انه لم ينقل عن
النبي صلى الله عليه وآله لسهام غير الخيل من البهائم وقد كان معه يوم بدر سبعون بعيرا ولم ينفك (عمرانه) عليه السلام من استصحاب الحمر
بل كانت هي الغالب على دوابهم ولو لسهم لها لنقل وكذلك لم ينقل عن أحد من الأئمة عليهم السلام بعده سهام الإبل ولا غير الخيل من الدواب ولان
الفرس أقدر يتميز بالفر والكر والطلب والهرب بخلاف الإبل فإنها لا تصلح لذلك فأشبهت البغال والحمير احتجوا بقوله تعالى فما أوجفتم عد من خيل ولا ركاب الركاب الإبل ولأنه حيوان يجوز المسابقة عليه بعوض فالسهم له كالفرس والجواب عن الأول انه لا دلاله له في الآية على سهام
الركاب وعن الثاني بان الجامع لا يصلح للغلبة لمنقصته بالبغال والحمير فروع الأول لا خلاف في أنه لو غزى على غير الخيل لا يسهم مركوبه
وان عظم غنائه وقامت مقام الخيل الثاني يسهم للخيل مع حضورها الواقعة وإن لم يقاتل عليها والا احتج إليها في القتال
كما يسهم لها مع الغزو عليها ولا نعلم فيه خلافا يعتد به لأنه أحصرها للقتال وقد يحتاج إليها وقد لزمته عليها مؤنة فكان السهم مستحقا كالمقاتل عليها ولأنها حيوان ذو سهم حضر الواقعة فاستحق السهم بمجرد حضوره كالآدمي الثالث لو كانت الغنيمة
من فتح حصن أو مدينة أو غير ذلك كانت القسمة فيها كالقسمة من غنايم دار الحرب وبه قال الشافعي قال الوليد بن مسلم سالت الأوزاعي
عن اسهام الخيل من غنايم الحصون فقال كانت الولات من قبل عمر بن عبد العزيز لا يسهمون من الحصون ويحملون الناس كلهم على وجه حتى ولى عمر بن عبد العزيز فأنكر ذلك وأمر باسهامها
من فتح الحصون وها هو الصحيح لان النبي صلى الله عليه وآله سهم غنائم خيبر للفارس ثلاث أسهم وللرجل سهمين وهي حصون ولان الحاجة قد تدعو إلى الخيل بان ينزل أهل الحصون فتقابلوا خارجة
كما يسهم في غير الحصن الرابع: لو حاربوا في السفن وفيهم الرجال وأصحاب الخيل وغنموا كانت الغنيمة بينهم كما لو غنموا في البر
للراجل سهم وللفارس سهمين سواء حاربوا على الخيل أو استفتوا عنها كما قلنا وأولا قد بينا عدم المخالف فيه ويؤيد ذلك أيضا ما رواه الشيخ
عن حفص بن غياث قال كتب إلى بعض إخواني ان أسأل أبا عبد الله عليه السلام عن مسائل من السيرة فسألته وكتبت بها إليه فكان فيما سألته
عن سرية كانوا في سفينة فقاتلوا وغنموا وفيهم من معه الفرس وانما قاتلوا في السفينة ول م يركب صاحب الفرس فرسه كيف يقسم الغنيمة فقال
للفارس سهمان وللراجل سهم فقلت ولم يركبوا ولم يقاتلوا على أفراسهم فقال أرأيت لو كانوا في عسكر أفيقدم الرجالة غطاء فيضمنوا كيف أقسم بينهم لم اجعل للفارس سهمين وللراجل سهم وهم الذين غنموا دون الفرسان قلت فهل يجوز للامام ان ينفل فقال له ان ينفل قبل القتال فاما بعد القتال
والغنيمة فلا يجوز ذلك لان الغنيمة قد أحرزت.
مسألة: ينبغي للامام ان يتعاهد خيل المجاهدين من التي تدخل دار
الحرب ويتفقدها ويعيرها فيأذن في استصحاب ما يصلح للقتال ويمنع من استصحاب ما لا يصلح له لأنه كل وضرر وذلك كالحطم وهو الذي
تنكسر من الهزال والقحم بفتح القاف وسكون الحاء وهو الكبير المسن الهرم الفاني والصرع بفتح الصاد والراء وهو الصغير الضعيف الذي
لا يمكن القتال عليه ولا يجحف وهو المهزول والرازح وهو الذي لا حراك به من الهزل إذا ثبت هذا فلو ادخل فرس من هذه في دار
الحرب هل يسهم له أم لا قال الشيخ (ره) يسهم له وهو قول ابن إدريس منا وبه قال الشافعي وقال ابن جنيد منا لا سهم له وبه قال مالك
وأحمد بن حنبل وهو قول الشافعي أيضا وقال أبو إسحاق من الشافعية ليس المسألة على قولين للشافعي وانما هي على اختلاف حالين فما يكن القتال
على والطلب والهرب يسهم له ما لا يكمن ذلك عليه لا يسهم له احتج الشيخ (ره) بعموم الاخبار ولان كل جنس يسهم له فإنه يستوي
فيه القوي والضعيف كالآدمي احتج ابن الجنيد بأنه لا ينتفع به فلم يسهم له كالرجل المخذل وعندي في ذلك تردد. فروع: الأول:
المريض يسهم له إذا لم يخرج بمرضه عن كونه من أهل الجهاد كالزمن والأشل فهل سهم له أم لا قال الشيخ (ره) يسهم له عندنا سواء
كان مرضا يمنع الجهاد أو لم يمنع كالطفل وقيل لا سهم له لأنه لم يبق من أهل الجهاد. الثاني: لو نكس الفرس بصاحبه في
حملة ا ومبارزة أو سرية أسهم له ولم يمنع ذلك من الاسهام وكذا لو اصابه وخرج من العدو أسهم له. الثالث: إذا استأجر أجيرا
للحرب فقد بينا جوازه فلو دخلا معا الحرب أسهم للأجير والمستأجر سواء كانت الأجرة في الذمة أو معينه ويستحق مع ذلك الأجرة
لأنه قد حضر والاسهام يستحق بالحضور ولو لم يحضر المستأجر استحق المؤجر السهم والأجرة. مسألة: إذا دخل دار الحرب
فارسا ثم ذهب فرسه قبل أن يقضي الجرب وهو راجل لم يسهم لفرسه وبالجملة الاعتبار بكونه فارسا وقف على الحيازة للغنائم ولا بدخوله
المعركة ولو دخل دار الحرب راجلا فأحوزت الغنيمة وهو فارس فله سهم فارس وبه قال الشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو
ثور وابن عمر وقال أبو حنيفة الاعتبار بدخول دار الحرب فان دخل فارسا فله سهم فارس وان نفق فرسه قبل القتال وان دخل
راجلا فله سهم راجل وان استعار فرسا فقاتل عليه وعنه رواية أخرى كقولنا انه حيوان يسهم له فاعتبر وجوده حالة القتال
951

فسهم له مع الوجود فيه ولا يسهم له مع العدم كآدمي وأيضا استحقاق أسهم حال يقضي الحرب لقوله عليه السلام الغنيمة لمن شهد الواقعة ولأنها
حال التي يحصل فيها الاستيلاء الذي هو سبب المالك بخلاف ما قبل ذلك فان الأموال بيد أربابها ولا نعلم هل يتملكها بالقهر أو لا وأيضا
لو وجد مدد في تلك الحالة استحق السهم وكذا لو انقلب أسير فلحق بالمسلمين لو أسلم كافر وقاتلوا استحق السهم ولو مات بعض المسلمين قبل الاستيلاء
لم يستحق شيئا فدل ذلك على أن الاعتبار بحالة الاحراز فوجب اعتباره دون غيره احتج أبو حنيفة بأنه دخل الحرب بنية القتال فلا
يتغير سهمه بذهاب دابته أو حصول دابة أخرى كما لو كان ذلك بعد القتال والجواب بين ما قيل القتال ما بعده سبق فلا يتم القياس
مسألة: لو دخل الحرب فارسا فمات فرسه بعد تقضي الحرب وقيل حيازة الغنايم للشافعي قولان مبنيان على تلك الغنيمة بل يستحق
بانقضاء الحرب وبالحيازة وسيأتي البحث في ذلك أن شاء الله تعالى وكذا لو وهب فرسه أو اعاره أو باعه البحث في ذلك كل واحد قال الشيخ (ره)
هذا إذا كان الحرب في دار الكفر أما إذا كانت في درار الاسلام فلا خلاف انه لا يسهم الا للفرس الذي يحضر القتال. مسألة: من مات من
الغزاة أو قيل نظر كان قبل حيازة الغنيمة ويقضي القتال فلا سهم له وان مات بعد ذلك فسهمه لورثته وبه قال أحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة ان مات
قبل احراز الغنيمة في دار الاسلام أو قسمتها في دار الحرب فلا سهم له وقال الشافعي وأبو ثور ان حضر القتال أسهم له سوى مات قبل حيازة الغنيمة
أو بعدها وإن لم يحضر فلا سهم له ونحوه وقال مالك والليث بن سعد لما انه إذا مات قبل حيازة الغنيمة فقد مات قبل ملكها وثبوت اليد
عليها فلم يستحق شيئا وان مات بعده فقد مات بعد الاستيلاء عليها في حال لو قسمت صحت قسمتها وملك سهمه فيه فيستحق السهم كما لو مات
بعد احرازها في دار الاسلام وإذا استحق السهم انتقل إلى ورثته كغيره من الحقوق احتج أبو حنيفة بان ملك المسلمين لا يتم عليها الا بذلك والجواب
المنع لنا بالاستيلاء والحيازة يملكوها واحتج الشافعي بقوله عليه السلام الغنيمة لمن شهد الوقعة والجواب القول بموجبه فان من قتل قبل يقضي
لم يشهد الوقعة بكاملها وهذا الجواب وان استنبطناه فلا يخلو من تعسف وكلام الشلا يخلو من قوة. مسألة: ولا يجوز تفضيل بعض
الغانمين في الغنيمة على بعض بل يقسم الامام الغنيمة للفارس سهمان وللراجل سهم ولذي الأفراس ثلاثة أسهم سوى من حاربوا أولا إذا حضروا الحرب
لا للارجاف والتحديل لا يفصل فارسا عن فارس لشدة بلائه ولا راجلا عن راجل لكثرة حربه وذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال الشافعي و
أحمد بن حنبل وقال مالك يجوز ان يفضل بعض الغانمين ويعطي من لم يحضر الواقعة وقال أبو حنيفة يجوز ان يفضل ولا يعطي من لم يحضر
الوقعة لما قوله تعالى واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه أضاف الباقي إلى الغانمين فيختصون به ويستوون فيه عملا بظاهر الآية
ولان النبي صلى الله عليه وآله قسم للفارس سهمين وثلاثة على تفاوت أحوالهم في كثرة الخيل وللراجل سهما ويستوي بينهم ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وقد سئل من قسم بيت المال فقال أهل الاسلام
هم أبناء الاسلام استوى بينهم في العطاء وفضايلهم بينهم ومن الله احملهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد منهم وصلاحه في
الميراث على اخر ضعيف منقوض وقال هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وآله في بدر وأمره وقد قال غيرنا أقدمهم في العطايا
قد فضلهم الله بسوابقهم في الاسلام قد أصابوا ذلك فأنزلهم على مواريث ذي الأرحام وبعضهم أقرب من بعض وأوفوا نصيبا
لقربه من الميت وانما ورثوا برحمهم ولذلك كان عمر يفعله ولأنهم اشتركوا في الغنيمة على سبيل السوية كساير الشركاء احتج
مالك بان النبي صلى الله عليه وآله أعطى من غنيمة بدر من لم يشهدوا احتج أبو حنيفة بقوله صلى الله عليه وآله من اخذ شيئا فهو له
والجواب عن الأول والثاني واحد وهو انه ورد في قضية بدر وغنايم بدر لم يكن للغانمين وانما نزلت الآية بعدها ولهذا قسم
رسول الله صلى الله عليه وآله) لمن لم يحضرها. فرع: لو قال الامام من اخذ شيئا فهو له قال الشيخ (ره) يجوز لأنه معصوم
وفعلة حجة ونحن نقول لا يجب مع فعل المعصوم وانما الخلاف في نايبه وخليفته على الحرب إذا قال ذلك هل يكون سايغا أم لا
وعليه الشيخ لا يتناوله وللشافعي قولان أحدهما الجواز لان النبي (صلى الله عليه وآله) قال في يوم بدر من اخذ شيئا فهو له ولأنهم على
هذا غزوا ورضوا به والثاني لا يجوز لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقسم الغنايم للراجل سهما وللفارس سهمين ولان ذلك
يقضي في الاشتغال بالنهب واحراز الأموال عن القتال وربما ظفر العد بهم ولان الاغتنام سبب لاستحقاقهم لها على سبيل التساوي
فلا يزول ذلك بقول الامام كساير الاكتسابات قال وقضية بدر منسوخة فإنهم اختلفوا فيها فأنزل الله تعالى يسألونك عن
الأنفال قل الأنفال لله وللرسول. مسألة: الغنيمة يستحق بالحضور قبل الغنيمة فلو غنموا المسلمون ثم لحق مدد فإن كان
قبل أن يقضي الحرب أسهم له اجماعا وان كان يقضي الحرب والقسمة لم يسهم لهم اجماعا وان كان بعد تقضي الحرب وحيازة الغنيمة قبل القسمة
أسهم لهم عندنا وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا سهم لهم وبه قال احمد لنا ما رواه الجمهور عن الشعبي ان
عمر كتب إلى سعيدا سهم لمن
أتاك قبل أن انتفقا قبل فارس ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال كتب إلي بعض إخواني ان اسئل أبا عبد الله (ع)
952

عن مسائل من السير فسألته وكتبت بها إليه فكان فيما سالت أخبرني عن الجيش إذا غزوا ارض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش اخر قبل أن
يخرجوا إلى دار الاسلام ولم يلقوا عدوا حتى يخرجوا إلى دار الاسلام فهل يشاركونهم فيها فقال نعم ولأنهم اجمعوا على الغنيمة في دار الحرب
فأسهم له كما لو حضروا القتال ولان تمام ملكها بتمام الاستيلاء وهو قسمتها فمن جاء قبل ذلك فقد أدركها قبل تملكها فاستحق فيها
سهما كما لو جاء في أثناء الحرب احتج المخالف بما رواه أبو هريرة ان أبان بن سعيد بن العاص وأصحابه قدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر بعد أن
فتحها فقال ابان أقسم لنا يا رسول الله فقال رسول الله اجلس يا ابان ولم يقسم له رسول الله صلى الله عليه وآله
عن طارق بن شهاب ان أهل البصرة غزونها فايد ثم أهل الكوفة فكتب في ذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب عمر ان الغنيمة لمن شهد الوقعة ولأنهم
لحقوهم بعد تقضي الحرب فلم يشاركوهم كالأسير والجواب عن الحديثين انهما حكاية حال لا عموم لها فلعل المدد جاء بعد القسمة إذ هو محتمل
القسمين ولا يمكن شموله لهما فلا دلالة فيه حكما وعن الثاني بالفرق فان الأسير عصير القتال وسيأتي البحث فيه. مسألة: إذا لحق الأسير
بالمسلمين فإن كان بعد تقضي الحرب وقسمت الغنيمة لم يسهم له اجماعا لان المدد لحق بهم حال لم يسهم فكذا الأسير وان لحق بهم قبل انقضاء
الحرب فقاتل مع المسلمين استحق السهم عندنا وهو قول الجمهور ولا نعلم فيه خلافا لأنه مسلم حضر الوقعة وقاتل لمعاونة المسلمين فاستحق
السهم كغيره من المجاهدين وإن لم يقاتل أسهم له أيضا قاله الشيخ (ره) وهو أحد قولي الشافعي والقول الثاني لا سهم له وبه قال أبو حنيفة
لنا انه لو قاتل لاستحق السهم اجماعا وكل من يستحق السهم مع القتال يستحقه مع عدمه إذا حضر الوقعة كغير الأسير احتجوا بأنه حضر ليتخلص من القتل
والأسير لا للقتال فلم يستحق السهم كالمرأة والجواب انه يتبعض عليه بما لو قاتل فأيضا فان الاعتبار بالحضور مع كونه من أهل القتال لا بالقتال
وقد وجدت العلة فيثبت الحكم ولو لحقهم بعد انقضاء الحرب قبل حيازة الغنيمة فإنه يسهم له عندنا لما تقدم من أن كل ممن حضر الوقعة من
المسلمين قبل قسمة الغنيمة فإنه يسهم له الا ما استثناه وكذا لو لحقهم بعد تقضي القتال وحيازة الغنيمة فإنه يسهم له أيضا لما
قلناه. مسألة: إذا دخل قوم تجار أو ضياع مع المجاهدين دار الحرب مثل باعة العسكر كالخباز والبقال والشيراز والثوا والخياط والبيطار
وغيرهم من اتباع العسكر لم يخل حالهم من أمرين اما ان يقصد الجهاد مع التجارة أو الصناعة أو لا فان قصدوا الامرين معا أسهم لهم لقوله
عليه السلام الغنيمة لمن حضر الوقعة وإن لم يقصدوا الجهاد فلا يخلو اما ان يجاهدوا أو لا فان جاهدوا أسهم لهم وإن لم يجاهدوا قال الشيخ (ره)
لم يسهم لهم بحال لأنهم لم يدخلوا للجهاد بل للتجارة وقال النبي صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات ولو اشتبه الحال ولم يعلم لأي شئ
حضروا قال الشيخ (ره) الظاهر أنهم يسهم لهم لا نهم حضروا الاسهام يستحق بالحضر واما الشافعي فعنده قولان أحدهما الاسهام والثاني
عدمه واختلف أصحابه في موضع القولين فمنهم من القولان فيهم إذا لم يقاتلوا ولو قاتلوا استحقوا قولا واحدا كالأسير ومنهم من قال
القولان فيهم إذا قاتلوا وإن لم يقاتلوا لم يستحقوا قولا واحدا ومنهم من قال القولان قال سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا وقال أبو حنيفة
ان قاتلوا استحقوا وإن لم يقاتلوا لم يستحقوا وهم قريب من مذهبنا. مسألة: الجيش إذا خرج من بلد غازيا فبعث الامام
منه سرية فغنمت السرية شاركهم الجيش فيها ولو غنم الجيش شاركهم السرية في غنيمتهم فيفرد للسرية وهو قول العلماء كافة الا الحسن البصري
فإنه حكى أنه قال جميعا بما غنمت لنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله لما غزا هوازن بعث سرية من الجيش قبل أوطاس فغنمت السرية
فاشترك النبي صلى الله عليه وآله بينهما وكان ينفل بالبداء الربع وفي الرجعة الثلث وهو دليل على اشتراكهم فيما سواء ذلك لأنهم لو اختصموا بما
غنموا لما كان ثلثه نفلا ولأنهم جيش واحد كل واحد منهم رد لصاحبه فيشتركون كما لو غنم أحد جاء به الجيش احتج المخالف بقوله صلى الله عليه وآله
الغنيمة لمن شهد الوقعة والجواب ان المراد بحضور الوقعة الحضور حكما وحقيقة جمعا بين الدليلين. فروع: الأول:
لو بعث الامام من جيش سريتين ا لي جهة واحدة فغنمتا اشترك الجيش والسريتان في الغنيمة لما تقدم ولا نعلم فيه خلا فا. الثاني:
لو بعث السريتين إلى جهتين فغنمتا قال الشيخ (ره) يتشارك الجيش والسريتان في الغنيمتين وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون منهم لا
يشارك السريتان وكل واحد منهما مع الجيش كالجيش الواحد فاما أحدهما مع الأخرى فكالمنفرد ين لا يقاسم إحديهما الأخرى لا ن أحدهما
ليست رد للأخرى وكل واحدة منهما رد الجيش والجيش رد لهما وله انهما من جيش واحد فاشتركوا كما لو أنفقت الجهة ولو احتاجت كل
واحدة منهما إلى نصرة الأخرى لنصرتها وكل واحد منهما من جهة الجميع جيش واحد. الثالث: لو بعث الامام سرية وهو مقيم
ببلد الاسلام فغنمت السرية اختصت بالغنيمة ولا يشاركهم في الغنيمة وكذا لو بعث جيشا وهو مقيم ببلده. الرابع: لو بعث سريتين
وهو مقيم ببلده أو بعث جيشين فكل واحد منهما يختص بما غنمة لان كل واحد من السريتين انفردت بالغزو والغنيمة بخلاف ما لو بعث
السريتين من الجيش الواحد لان الجيش رد لكل واحدة منهما فكانت كل واحدة رد للأخرى وفي هذه الصورة ليس ههنا جيش واحد يجمعهما
بل كل منهما جيش بانفراده ولو اجتمعت السريتان في موضع واحد فغنمتا كانتا جيشا واحدا. الخامس: لو بعث الأمير لمصلحة الجيش رسولا أو دليلا
953

أو طليعة أو جاسوسا لينظر عدوهم وسائر اخبارهم فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ثم رجع إليهم للشافعي وجهان
أحدهما انه لا سهم له لأنه
لم يحضر الاغتنام والثاني يشركهم لأنه كان في مصلحتهم وخاطر بنفسه بما هو أكثر من الثبات في الصف فوجب ان يشركهم والذي يقتضيه مذهبنا انه يسهم
له لان القتال ليس عندنا شرطا في استحقاق السهم بل يغنم كل من حضر القتال وقد تقدم البحث فيه. السادس: لو غنم أهل الكتاب نظر في
ذلك فإن كان الامام اذن له في الدخول إلى دار الحرب كان الحكم على ما شرطه وإن لم يكن اذن لهم كانت غنيمتهم للامام عندنا لان كل من غزا بغير إذن الإمام
إذا غنم كانت غنيمته للامام عندنا اما الشافعي فإنه قال إن كان الامام اذن لهم في الدخول إلى دار الحرب كان الحكم ما شرط وإن لم
يأذن لهم احتمل وجهين أحدهما انه تبرعه ويرضخ لهم لأنهم لا يستحقون منهما في الغنيمة والثاني يقرون عليه كما لو غلب بعض المشركين على بعض. السابع:
قال ابن الجنيد إذا وقع النفير فخرج أهل المدينة متقاطرون فانهزم العدو وهم أوائل المسلمين كان كل من خرج أو (بهتا) للخروج أو أقام
في المدينة من المقاتلة لحراستها من مكيدة العدو شركاء في الغنيمة وكذلك لو حاصرهم العدو فباشروا حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا وغنموه
إذا كانوا مشتركين في المعونة لهم والحفظ للمدينة وأهلها فإن كان الذين هزموا العدو قد لقوه على ثماني فراسخ من المدينة فقاتلوه
أو غنموا كان الغنيمة لهم دون من كان في المدينة الذي لم يعاونوهم جارحا. مسألة: واختلف علمائنا في أولية موضع القسمة
فقال الشيخ (ره) يستحب القسمة في ارض العدو ويكره تأخيرها الا لعذر من خوف المشركين أو التمكن في الطريق أو قلة العلف أو انقطاع
مسرة قال ابن الجنيد الاخبار إلينا لا يقسم الا بعد الخروج من دار الحرب ويجوز ويجوز القسمة في دار الحرب قال مالك والأوزاعي والشافعي
واحمد وأبو ثور وابن المنذر وقال أصحاب الرأي لا يقسم الا في دار الاسلام لنا على جواز القسمة في دار الحرب ما رواه الجمهور عن أبي إسحاق العراقي
قال قلت الأوزاعي هل قسم رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا من الغنايم بالمدينة قال لا اعلمه انما كان الناس يبيعون غنائمهم ويقسمونها
في ارض عدوهم ولم يفعل رسول ا لله صلى الله عليه وآله عن غزاة قط أصاب فيها غنيمة الا خمسه وقسمه من قبل أن يفعل ذلك غزاة بني المطلق هو
اذن وخيبر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ (ره) في مبسوطه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قسم غنايم بدر بشعب من شعاب الصفرا قريب من
بدر وكان ذلك دار حرب ولان كل موضع جاز فيه الاغتنام جازت فيه القسمة كدار الاسلام ولان الملك ثبت في الغنايم بالقهر والاستيلاء
التمام ولا يحصل ذلك لا باحرازها في دار الاسلام ولو قسمه أساء القاسم وجازت قسمته لأنها مسألة ينفذ حكم الحاكم فيها إذا وافق قول بعض
المجتهدين ولان كل واحد من الغانمين ان يستند بالطعام والعلف في دار الحرب والجواب عن الأول التمام موجود لأنا أثبتنا أيدينا عليها حقيقة
وقهرناهم (ونفيناهم) عنها فثبت به الملك كالمباحات ولهذا لا ينفذ عن عتق الكافر في العبيد الذين حصلوا في الغنيمة عنده فدل على زوال ملكهم عنها وانما يزول إلى مالك إذ ليست الا الغانمين وعن الثاني بالفرق فان حالة قيام الحرب لم يثبت للغانمين فيها
حق التملك فلم يجز القسمة. فروع: الأول: احتجاج ابن الجنيد على مذهبه بان رسول الله صلى الله عليه وآله انما قسم غنايم حنين و
الطايف بعد خروجه من ديارهم إلى الجعرانة لا تدل على مطلوبه لأنه حكاية حال لا عموم لها فجاز ان يقع ذلك لعذر كما قلناه أولا
الثاني: قال ابن الجنيد لو صارت دار أهل الحرب دار ذمة يجرى فيها احكام المسلمين فأراد الوالي قسمتها فكان فعل كما فعل رسول
الله صلى الله عليه وآله بغير عناء خيبر قبل أن يرحل عنهم. الثالث: قال لو غزى المشركون المسلمين فهزمهم المسلمون وغنموهم قسموا
غنايمهم مكانهم ان اختاروا ذلك قبل ادخالها المدن ولو كان المشركون بادية أو متنقلة ولا دار لهم فغزاهم المسلمون فغنموهم كان قسمتها
إلى الوالي ان شاء قسمها مكانه وان شاء قسم بعضها واخر بعضها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله المغنم بخيبر. مسألة: لا ينبغي للامام
ان يقيم الحد في ارض العدو بل يؤخر حتى يعود إلى دار الاسلام ثم يقيم الحد لئلا يحمل المحدود الغنيمة فيدخل إلى دار الحرب ولا يسقط
بذلك الحد عنه سواء كان الامام مع العسكر أو لم يكن وان رأى الوالي من المصلحة تقديم الحد جاز ذلك سواء كان مستحق الحد أسيرا أو
أسلم فيهم ولم يخرج إلينا أو خرج من عندنا للتجارة وغيرها اما لو (لم يخف) فإنه يقتص منه في دار الحرب ان قتل عمدا لان المقتضى لايجاب
القصاص موجود والمانع من التقديم هو خوف اللحاق بالعدو وهو مفقود فثبت الحكم وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحدود وبهذا قال
مالك والشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجب عليه القصاص ولا يحد الا ان يكون معه إماما أو نايب مع الامام لنا عموم الامر با
بالحد والقصاص ولان كل موضع حرم فيه الزنا وجب فيه حد الزنا كذا دار الاسلام احتج أبو حنيفة بأنه مع غيبة الامام ونائبه لا بد للامام
عليه فلا يجب عليه الحد بالزنا كالحربي والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل أولا وبالفرق ثانيا فان الحربي غير ملتزم باحكام الاسلام
بخلاف المسلم إذا ثبت هذا فقد بينا انه ينبغي للامام ان تأخر الحد عليه حتى يرجع إلى دار الاسلام وبه قال أبو حنيفة واحمد وقال الشافعي
ومال لا يؤخر ذلك لنا ما رواه ان عمر كتب إلى امراء الاخبار لا تقتصوا الحدود في دار المشرك حتى يرجعوا إلى دار الاسلام
لان المحدود ربما التحق بدار الحرب احتج الشافعي ان كل موضع وجب فيه الحد وجب اقامته فيه كدار الاسلام والجواب الفرق بما ذكرناه. مسألة:
954

المشركون لا يملكون مال المسلمين بالاستغناء فإذا أغار المشركون على المسلمين فأخذوا دارهم وعبيدهم وأموالهم ثم ظفر بهم المسلمون
فأخذوا منهم ما كانوا اخذوه منهم فان أولادهم يردون إليهم بعد أن يقيموا البينة ولا يسترقون اجماعا واما العبيد والأموال فان
أربابها إذا أقاموا البينة به قبل القسمة رجعت إلى أربابها بأعيانها ولا يغرم الامام للمقاتلة عوضه شيئا في قول
عامة العلماء اما ان جاؤوا
بالبينة بعد القسمة ففيه قولان لعلمائنا. أحدهما: ان يرد على أربابه ويرد الامام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال اختاره الشيخ
في المبسوط وابن إدريس وبه قال أبو بكر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وربيعة والشافعي وابن المنذر. الثاني: يكون للمقاتلة ويعطي
الامام أربابها أثمانها اختاره الشيخ في الغاية وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي ومالك وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين
وفي الأخرى لا حق لصاحبه فيه بحال ونقله الجمهور عن علي عليه السلام وعمر والليث وعطاء والنخعي والحق الأول لنا ما رواه الجمهور عن أبي عمرو انه
ذهب فرس له فاخذه العدو فظهر عليه المسلمون فرد على في زمن النبي صلى الله عليه وآله وعنه ان غلاما ابق على العدو وظهر عليه المسلمون
فردوه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ابن عمر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن الترك يعبرون على المسلمين فيأخذن أولادهم يسرقونهم منهم أيرد عليهم قال نعم والمسلم حق المسلم والمسلم أحق بماله أين ما وجده
ولان من لا يملك رقبة غيره بالقهر لا يملك ماله به كالمسلم احتج الشيخ (ره) بما رواه هشام عن بعض أصحاب أبي عبد الله
عليه السلام في السبي يأخذ العدو من المسلمين في القتل من أولاد المسلمين أو من مماليكهم ثم إن المسلمين بعد قاتلهم فظفروا بهم فسبوهم
واخذوا منهم ما اخذوا من مماليك المسلمين وأولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين فكيف يصنع فيهما كانوا اخذوا من أولاد المسلمين
فلا يقام في سهام المسلمين ولكن يرد إلى أمه أو إلى أخيه أو إلى وليه بشهود واما المماليك فإنهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون ويعطى
مواليهم قيمت أثمانهم من بيت مال المسلمين احتج أبو حنيفة بما روى تميم بن طرفة ان الكافر أصابوا بعيرا لنا فاشتراه منهم رجل فأخرجه
إلى دار الحرب فعزله صاحبه وخاصمه رسول الله صلى الله فقال إن شئت اخذت بثمن الذي اشتراه والا فهو له وعن ابن عباس ان
ان رجلا وجد بعيرا له كان المشركون أصابوه فقال له النبي صلى الله عليه وآله انا أصبته قبل أن يقسمه فهو لك وان أصبته بعد ما قسم اخذته
بالقيمة ولأنه انما امتنع اخذه له بغير شئ ليلا يفضي إلى حرمان اخذه من الغنيمة ويضع الثمن على المشتري وحقهما عمر بالثمن فيرجع صاحب
المال في عين ماله بمنزلة مشتري (الشقص) المشفوع ولان القهر سبب يملك به المسلم على الكافر فملك به الكافر على المسلم كالبيع والجواب
عن الأول انه الرواية مرسلة فلا يعارض روايتنا الصحيحة وعن الحديثين الآخرين انهما معارضان بما قدمناه من روايات الجمهور وعن الثالث
بالفرق بينه وبين منع سبب يشتركان في إباحة القهر ههنا محظور وسلم أبو حنيفة انه لا بملك الكافر. مسألة: روى الشيخ (ره) عن
جميل عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل كان له عبد فادخل دار المشرك ثم اخذ سبيا إلى دار الاسلام فقال إن وقع عليه قبل القسمة
فهو له وان جرت عليه القسمة فهو أحق به بالثمن وهذه الرواية تعضد قول الشيخ (ره) الا انها مرسلة وروى في الحسن الحلبي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل لقيه العدو فأصابوا منه مالا أو متاعا ثم إن المسلمين أصابوا بعد ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل فقال إذا
كانوا أصابوا قبل أن يحرزوا متاع الرجل رد عليه وان كانوا أصابوه بعد ما أحرزوه فهو فئ المسلمين وهو أحق بالشفعة قال الشيخ (ره) في
كتاب الاستبصار والذي اعمل عليه انه أحق يعني ماله على كل حال وهذه الأخبار كلها على ضرب من التقية واستدل عليه بما رواه الحسن بن
محبوب في كتاب المشيخة عن علي بن رباب عم طرمال عن أبي جعفر (ره) قال سأل عن رجل كانت له جارية فاغر عليها المشركون فأخذوها
منه ثم إن المسلمين بعد غزوهم فاخذوها فيما غنموا منهم فقال إن كانت في الغنايم فأقام البينة ان المشركين أغاروا عليهم فاخذوها
منه ردت عليه فان كانت اشتريت وأخرجت من المغنم فاصابتها ردت عليه برستها وأعطي الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه
فان لم يصبها حتى تفرقت النس وقسموا الغنايم فأصابها بعد قال يأخذها من الذي هو في يده إذا أقام ويرجع الذي هي
في يده على أمير الجيش بالثمن. فروع: الأول: قد بينا انه إذا جاء صاحب العين قبل القسمة كان أحق بها ولا يغرم الامام لأهل
الغنيمة شيئا ولا نعرف فيه خلافا الا الزهري قال لا يرد إليه وهو للجيش ونحوه قال عمرو بن دينار واحتجا بان الكفار ملكوه باستيلائهم
فصار غنيمة كتساو أموالهم وهو خطأ فانا قد بينا ان الكفار لا يملكون مال المسلم بالاستغنام وهو معارض بما تلوناه من الأحاديث
. الثاني: إذا اخذ المال أحد الرعية نهبه أو سرقه أو باعه شئ فصاحبه أحق به بغير شئ قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة
لا يأخذه الا بالقيمة لما ما روى الجمهور ان قوما أغاروا على سرج النبي صلى الله عليه وآله فأخذوا ناقته وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أياما
ثم خرجت في بعض الليل قالت فما وضعت يدي على ناقة الا دعت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثم توجهت إلى المدينة و
نذرت ان نجاني الله عليها ان انحرها فلما قدمت المدينة استعرف الناقة فإذا هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله فاخذها فقلت
955

يا رسول الله اني نذرت ان انحرها فقال بين ما حار بينها لا نذر في معصية وفي رواية لا نذر فيما لا يملك ابن ادم ولأنه لم يحصل في يده بعوض
ولا يتعين الامام له فبقي على رقبة احتج أبو حنيفة بأنه صار ملك الواحد بعينه فأشبه ما لو قسم والجواب المنع من المقدمة الأولى. الثالث: لو اشترى
المسلم من العدو بطل الشراء فكان لصاحبه اخذه بغير شئ وقال احمد ليس لصاحب اخذه الا بثمنه لنا انا قد بينا ان المشرك لا يملك مال المسلم بالاستغنام
فالبيع المترتب على يد المشرك باطل احتج بما رواه الشعبي قال أغار أهل حلولا على العرب وأصابوا سبايا من سبايا المغرب ورقيقا ومتاعا
ثم إن السايب من الأقرع عامل عمر غزاهم ففتح ماه فكتب إلى عمر في سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم قد اشتراه التجار من أهل ماه فكتب عليه
عمر ان المسلم لا يحويه ولا يحل له فإنها رجل من المسلمين أصاب متاعه ورقيقه بعينه فهو أحق به وان اصابه في أيدي التجار بعد ما قسم فلا
سبيل الله وانما امرأ اشتراه التجار فإنه يرد عليهم رؤس أموالهم فان الحر لا يباع ولا يشترى والجواب قد تقدم فيما مضى ان فعل عمر ليس بحجة
. الرابع: لو علم الأمير بمال المسلم قبل القسمة فقسمته وجب رده وكان صاحبه أحق به بغير شئ لان القسمة وقعت باطلة من أصلها
الخامس: إذا ابق عبد لمسلم اي دار الحرب يأخذه لم يملكوه فأخذه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال مالك واحمد وأبو يوسف ومحمد يملكوه
وقد تقدم دليلنا على أموال المسلمين لا يملك بالاستغنام والقهر واما أبو حنيفة فإنه يفرق بين الآبق وسائر الأموال بان الآبق إذا
صار في دار الحرب زالت يد المولى عنه فصار في يد بعينه فلا يملكونه بالأحد. السادس: لو أسلم المشرك الذي في يده المال اخذ منه
بغير قيمة ولو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو نهبه أو اشتراه ثم أخرجه إلى دار الاسلام فصاحبه أحق به لا يلزمه قيمته فان أعتقه من هو في يده
أو تصرف فيه ببيع أو هبة أو غير ذلك فسد جميع تصرفه لأنه صرف في ملك غيره بغير اذنه فيكون باطلا. السابع: لو غنم المسلمون من المشركين
شيئا عليه علامة المسلمين فلم يعلم صاحبه فهو غنيمة بقاء على ظاهر الحكم باليد بهذا قال الثوري والأوزاعي فإنهما قالا في المصحف يحصل
في الغنايم يباع وقال الشافعي يوقف حتى يجئ صاحبه ولو وجد شئ موسوم عله (حبس) في سبيل قال الثوري يقسم ما لم يأت صاحبه
وقال الشافعي يرد كما كان لأنه قد عرف مصرفه وهو الجيش فهو بمنزلة ما لو عرف صاحبه وعندي في ذلك نظر ولو أصيب غلام في بلاد
الشرك فقال (لعلا؟) في بلاد الاسلام ففي قبول قوله من غير بينة تردد وكذا البحث لو عرف المشرك بما في يده مسلم لكن الوجه هنا القبول
قبل الاستغناء وفيما بعد نظر. الثامن: من لو كان المالك الموجود في يد الكافر اخذ من المسلمين وكان في يد المسلم على سبيل الإجارة
والعارية لغيره من المسلمين ثم وجده المستأجر أو المستعير كان له المطالبة به قبل القسمة وبعدها لأنا قد بينا ان الملك لم يزل عن المسلم بالاستغنام
قاد نزول توابعه اما أبو حنيفة فإنه قال ليس له الاذن لأنه لا من له في العين لا ملكا ويدا بل حقه في الحفظ وقد بطل بخروجه عن مالك
المولى ونحن قد بينا فساد الأصل. التاسع: إذا دخل حربي دار الاسلام بأمان فاشتري عبدا مسلما ثم لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون
كان باقيا على ملك البايع لأن الشراء فاسد فان الكافر لا يملك المسلم فيرد على المالك ويرد المسلم عليه الثمن الذي اخذه
لأنه في أمان ولو تلف العبد كان للسيد القيمة ويراد ان الفعل. العاشر: لو أسلم الحربي في دار الحرب وله مال وعقار أو دخل مسلم
دار الحرب واشتراها عقارا ومالا ثم غزاهم المسلمون فظهر على ماله وعقاره لم يملكوه وكان باقيا عليه ان كان المال مما ينقل ويحول
اما العقار فإنه غنيمة وبه قال الشافعي ومالك واحمد في غير العقار انه كغيره وقال أبو حنيفة العقار يغنم واما غيره
فإن كان في يده أو يد مسلم أو ذمي لم يغنم وان كان في يد حربي غنم لنا انه مال مسلم فلا يجوز اغتنامه كما لو كان في دار الاسلام
وقد مضي البحث في ذلك. الحادي عشر: إذا حرز المشركون جارية رجل مسلم فوطئها المحرز ثم ظهر المسلمون عليها كانت هي وأولادها
لمالكها لما تقدم من بقاء الملك بعد الاستغنام ولو أسلم عليه المشرك لم يزل مالك الجارية غن أولاده الا ان يسلم ثم يطأها بعد الاسلام ظنا
منه انه يملكها ثم يحمل بعد الاسلام فان الولد يكون هنا لسيد الجارية الا انه يقوم على الأب ويؤخذ منه قيمته ويلزم الواطي عقرها لمولاه
لأنه وطأ مملوكة غيره. الثاني عشر: إذا أسر الامام قوما من أهل الكتاب ونساءهم وذراريهم فسألوه ان يخلهم ونساءهم وذراريهم باعطاء
الجزية لم يكن له ذلك في النساء والذراري لأنهم بالأسر صاروا غنيمة وملكوا بالسبي واما الرجال فالحكم فيهم وقد مضى من أنهم إذا
أسروا بعد انقضاء الحرب تخيير بين المن عليهم والمفادات واسترقاق وان كان قبله وجب عليه قبله. مسألة: قد بينا انه لا يجوز الفرار إذا
كان العدو على الضعف من المسلمين أو أقل فان فروا قبل الغنيمة لم يكن لهم نصيب من الغنيمة ما لو يعودوا قبل القسمة لأنهم عصوا بالفرار
وتركوا الدفع عنها وأيضا فإنهم لم يملكوها ما دامت الحرب قائمة ولو فروا بعد القسمة لو يؤتوا في ملكهم الحاصل بالقسمة لأنهم ملكوا ما حازوا
وبالقسمة فلا يزول ملكهم بالهرب ولو هربوا قبل القسمة الا انهم ذكروا انهم ولو منحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة فالوجه ان لهم سهامهم
فيما غنموا قبل الفرار ولا شئ لهم فيما غنموا بعد أن ولوا لم يتحقق القسمة.
البحث الخامس: في لواحق هذا الباب. مسألة:
قد بينا انه يجوز الاستيجار للجهاد وبه قال أحمد بن حنبل وقال الشافعي لا يجوز ولا تنعقد الإجارة لنا ما رواه الجمهور عن عبد الله بن عمر قال
956

قال رسول الله صلى الله عليه وآله للغازي أجرة والجاعل عمل أجرة واجر الغازي وعنه عليه السلام قال مثل الذين يفرون من أمتي ويأخذون الجعل
وينفرون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ اجرها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن وهب عن جعفر عن أبيه عليه السلام
ان عليا عليه السلام سأل عن الأجعال للغزو فقال لا بأس به ان يغزوا الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل ولأنه امر لا يختص فاعله ان يكون من أهل الذمة
فصح الاستيجار عليه كبناء المساجد ولو لم يتعين عليه الجهاد فجاز هذا فإذا حضر الأجير الحرب استحق الأجرة بالعقد واستحق السهم بالحضور ولو حضر
المستأجر أيضا استحق بهما اخر لقوله عليه السلام الغنيمة لمن شهد الوقعة وعن أحمد روايتان أحدهما هذا والثانية انه لا يسهم للأجير لان غزوه بعوض
فكأنه واقع من غيره فلا يستحق شيئا وهو ضعيف ومنقوض بالمرصد للقتال وقد سلف البحث في ذلك كله.
مسألة: لو كان له أجير فشهد
معه الوقعة لم يخل حاله من أمرين أحدهما ان يكون قد استأجر مدة معلومة لخدمة أو لغيرها فالأولى إذا حضر الأجير الوقعة
استحق السهم اجماعا لأنه حضر الوقعة وهو من أهل القتال وانما في ذمته حق لغيره فلا يمنعه من استحقاق السهم كما لو كان عليه دين
والثاني مقتضى المذهب فيه أنه ان خرج باذن المستأجر تسحق السهم بالحضور وإلا فلا لأنه حكم عاص بالجهاد فلا يستحق به سهما اللهم
الا ان يتعين عليه فإنه يستحق السهم إذا ثبت هذا فان السهم يملكه في الصورة التي قلنا باستحقاقه لها ليس للمؤجر عليه سبيل وللشافعي
في الثاني أقوال ثلاثة أحدها انه يستحق السهم لقول النبي صلى الله عليه وآله الغنيمة لمن حضر الواقعة ولان الأجرة يستحق بالتملك من المنفعة
والسهم يستحق بحضور الوقعة وقد وجد الثاني انه يرضح له ولا يسهم له لأنه قد حضر الوقعة مستحق المنفعة فوجب أن لا يسهم له كالعبد
والثالث يجب الأجير من ترك الأجرة والاسهام وبين العكس لانت كل واحد من الأجرة والسهم يستحق بمنافعه ولا يجوز ان يستحقهما
لمعنى واحد فإنهما طلب استحقه قال ويكون الأجرة التي يخير بينهما وبين السهم الأجرة التي يقابل هذا القتال ويعللها قبل القتال فيقال له
ان أردت الجهاد فاقصده واخرج الأجرة وإن أردت الأجرة فاطرح الجهاد ويقال بد القتال ان كنت قصدت الجهاد أسهم لك وتركت الأجرة
وإن كنت قصدت الخدمة أعطيت الأجرة دون السهم. فرع: إذا استؤجر للخدمة في الغزو ولو أكرى دوابه له ويخرج معهما وشهد الواقعة
استحق السهم وبه قال الليث ومالك وابن المنذر وقال الأوزاعي وإسحاق لا يسهم له وعن أحمد روايتان لنا قوله عليه السلام الغنيمة لمن شهد
الوقعة ولحديث سلمة بن الأكوع انه كان الأجير الطلحة حين أدرك عبد الرحمن بن عتيبة حين أغار شرح على رسول الله صلى الله عليه وآله
فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله سهم الفارس والراجل. فرع: لو اجر لنفسه لحفظ الغنيمة أو سوق الدواب التي من المغنم أو رعيها
جاز ذلك وحلت له الأجرة لأنه اجر نفسه لحاجة المسلمين ونفعهم فحلت له اجرته ولا يجوز له ركوب دابة المغنم الا إذا شرط ذلك في
الإجارة. اخر: لو د قع إلى المستأجر فرسا يغزو عليها فالوجه انه لا يملكها بذلك وقال احمد يملكها به لنا ان الأصل به الملك على
ربه وعدم زواله عنه الا بسبب وحمله على الفرس كا يحتمل العارية فينبغي الأصل سليما عن المعارض. مسألة: لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدو ولم يخل حاله من أمرين أحدهما ان يشتريه باذنه يلزمه دفع ما اراده المشتري إلى البايع من الثمن اجماعا
لأنه باذنه صار نايبا عنه في الشراء ووكيلا في ابتياع نفسه فيجب عليه دفع الثمن كغيره من الوكلاء والثاني انه يشتريه بغير اذنه فهذا لا
يجب على الأسير دفع الثمن إلى المشتري وبه قال الثوري والشافعي وابن المنذر وقال مالك يجب عليه دفع الثمن كالأول وبه قال الحسن
البصري والنخعي والزهري وأحمد بن حنبل لنا انه ينزع بالعطية ولم يأذن له فيما أداه فلا يجيب عليه دفع العوض كما لو عمر داره وقضاء دينه
بغير امره احتج المخالف بما رواه الشعبي قال أغار أهل ماه وأهل حلولا على المغرب فأصابوا السبايا من سبايا العرب فكتب الثابت بن الأقرع
إلى عمر في سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم قد اشتراه التجار من أهل ماه فكتب به عمر انما رجل أصاب رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به من غيره وان
اصابه في أيدي التجار بعد ما اقتسم فلا سبيل إليه وانما جرا اشتر آه التجار فإنه يرد السهم رؤس أموالهم فان الحر لا يباع ولا يشترى فحكم التجار
برؤس أموالهم وان الأسير يجب عليه فداء نفسه ليتخلص من حكم الكفار فإذا أناب عنه غيره في ذلك وجب عليه قضاؤه كما لو قضاء
الحاكم عنه حقا امتنع من أدائه والجواب عن الأول ان يكون التجار اشتروه بإذنهم على أن قول عمر ليس بحجة وعن الثاني بالفرق
بين الامرين فان للحاكم الولاية على المماطل بالحبس بالبيع والأداء وغير ذلك بخلاف التاجر وهو ظاهر. فرع: لو اذن له في الشراء
وأداء الثمن ثم اختلفا في قدره فالقول قول المشتري لنا ان الأسير منكر والقول قول المنكر مع يمينه ولان الأسير منكر الزيادة والأصل
براءة ذمته منها فرجح قوله بالأصل احتج الأوزاعي بأنهما اختلفا في فعله وهو أعلم به والجواب المنع من ذلك وانما اختلفا في القدر
المأذون فيه وهو فعل الأسير فهو أعلم. مسألة: أهل الحرب إذا استولوا على أهل الذمة فسبوهم واخذوا أموالهم ثم قدر
عليهم المسلمون وجب ردهم إلى ذمتهم ولا يجوز استرقاقهم وهو قول عامة العلماء لا نعلم فيه مخالفا لان ذمتهم باقية لم ينقضوها
فكانوا على أصل الحرية إذا ثبت هذا كانت أموالهم بحكم أموال المسلمين في حرمتها قال علي عليه السلام انما بذلوا الجزية ليكون دمائهم
957

كدمائنا وأموالهم كأموالنا فما علم صاحبهم قبل القسمة وجب ردها اليد وان علم بعد القسمة فهي على ما تقدم من الخلاف في أموال المسلمين
لان عصمة أموالهم ثابتة كثبوت عصمة مال المسلمين وهل يجب فداؤهم قال بعض الجمهور نعم يجب مطلقا سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا
وهو قول عمر بن عبد العزيز والليث لأنا ألزمناه حفظهم بمعاهدهم واخذ الجزية منهم فلزمنا القتال عنهم والقيام معهم فإذا عجزنا عن
ذلك وأمكنا تخليتهم بالفدية وجب كمن يحزم عليه اتلاف شئ فتلفه فان يغرمه وقال قوم منهم لا يجب فداؤهم الا ان يكونوا قد
استعان بهم الامام في قتاله فسبق لان أسرهم كان بمعنى من جهة والقولان عندنا ضعيفان إذا عرفت هذا فإنما يجب ما ذكرناه من الاحكام
لو كانوا على شرايط الذمة الآتية اما لو لم يكونوا على الذمة فإنهم يكونوا بمنزلة الحربيين يسترقون بالسبي. فرع: يجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة روى ابن الزبير انه سال الحسن بن علي عليه السلام على من فكاك الأسير قال على الأرض الذي يقاتل عليها وقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله اطعموا الجايع وعودوا المريض وفكوا (العابي) وروى حنا ن ابن أبي (جبلة) ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال إن على المسلمين في فهم ان يفادوا أسيرهم ويعودوا عن غازيهم وكتب عليه السلام كتابا بين المهاجرين والأنصار ان يعقلوا معاقلهم
وان يكفوا عامهم بالمعروف وقد قاد النبي صلى الله عليه وآله رجلين من المسلمين برجل اخذه من بني عقيل. البحث السادس: في ا قسام
الغزاة. مسألة: الغزاة على ضربين المطوعة وهم اللذين إذا انطلقوا غرو وإذا لم ينطلقوا اشتغلوا بمعايشهم واكتسابهم
فهؤلاء لهم سهم من الصدقات وإذا غنموا في بلاد الحرب يشاركوا الغانمين وأسهم لهم والثاني هم الذين أرصدوا أنفسهم للجهاد فهؤلاء لهم
من الغنيمة الأربعة الأخماس ويجوز عندنا ان يعطوا أيضا من الصدقة من سهم ابن السبيل لدخولهم تحته والتخصيص يحتاج إلى دليل
مسألة: ينبغي للامام ان يتخذوا الديوان وهو اسم للافتراء الذي فيه أسماء القبايل قبيلة قبيلة ويكتب عطايا هم ويجعل لكل
قبيلة عريضا ويجعل لهم علامة بينهم ويعقد لهم الولية روى الزهري عن النبي صلى الله عليه وآله عرف عام خيبر على كل عشرة عريفا و
جعل يوم فتح مكة للمهاجرين وللأفراس شعارا وللخروج شعارا عملا بقوله تعالى وجعلناكم شعوبا وقبايل لتعارفوا إذا عرفت
هذا فان الامام متى أراد القسمة عليهم قدم الأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فالأقرب يقدم بني هاشم على بني عبد المطلب ثم
يقدم بني عبد شمس على بني نوفل لان عبد شمس وهاشم من الأبوين ونوفل أخوه من الا ب ثم يسوي بين عبد العزى وعبد الدار لأنهما اخوة عبد مناف
على جميع العرب فإذ ا فرغ من الأنصار بداء بالعرب فإذا فرغ من العرب قسم من العجم وهذا على الاستحباب دون الوجوب. مسألة:
قال الشيخ (ره) ذرية المجاهدين إذا كانوا احياء يعطون على ما تقدم فإذا مات المجاهد أو قتل أو ترك ذرية أو قرابة فإنهم يعطون
كفايتهم من بيت المال لا من الغنيمة فإذا بلغوا فان أرصدوا نفوسهم للجهاد كانوا بحكمهم وان اختاروا غيره خيروا ما يختارونه وتسقط إعانتهم
وهكذا الحكم في المرا ة لا شئ لها وللشافعي في اعطاء الذرية والنساء بعد موته قولان أحدهما انهم يعطون لأنه إذا لم يعط ذريته لم يعده تجرد
تقيته للقتال فإنه يخاف على ذريته من الضياع لا نا لا نعطيه الا ما يكفيه لا ما بدخولهم والثاني انهم لا يعطون لأنا انما يعطيهم بتعا للمجاهدين لا
انهم من أهل الجهاد فإذا مات انتفت تبعيتهم للمجاهدين فلم يستحقون شيئا من الفئ. مسألة: ويحصي الامام المقاتلة وهم الذين
بلغوا الحلم فيحصا فرسانهم ورجالهم ليفرق عليهم على قدر كفايتهم ويحصي أيضا الذرية وهم الذين لم يبلغوا الحلم ويحصا النساء لان
قدر كفايتهم انما يعلم بذلك قال ابن عمر عرضت على رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد وانا ابن أربعة عشر سنة فردني وعرضت عليه يوم
الخندق وانا ابن خمسة عشر سنة فاجزني ويفضل الفارس على الراجل إذا عرفت هذا فإنما يقسم عليهم في السنة مرة واحدة لان الجزية والخراج
ومنتقل الأراضي التي يحل عنها المشركون انما يكون في السنة مرة واحدة فكل القسمة ويعطي المولود ويحسب مؤنته من كفايته أبيه الا انه
يغرره بالعطاء وكلما زادت سنة زادت في عطاء أبيه ويعطى كل قوم منهم قدر كفايتهم بالنسبة إلى بلادهم لاختلاف الاشعار في البلدان ويجوز
ان يفضل بعضهم على بعض في العطاء من سهم في سبيل الله تعالى وابن السبيل لا من الغنيمة ونقل الجمهور عن علي عليه السلام انه سوى بينهم
في العطاء واخرج العبيد فلم يعطهم شيئا لأنهم استووا في سبب الاستحقاق وهو انهم منتسبون للجهاد فصاروا بمنزلة الغانمين قال الشيخ
(ره) وليس للأعراب من الغنيمة شئ وقد تقدم واختاره الشافعي أيضا ويجب على من استنهضه الامام للجهاد النفور معه على ما تقدم لأنه اعلم
بمصالحه وأوقات الجهاد. مسألة: إذا مرض واحد من أهل الجهاد فإن كان مرضا يرجى زواله كالحماء والصداع فإنه لا يخرج به عن كونه
من أهل الجهاد ولا يسقط عطاؤه لأنه كالصحيح وان كان مرضا لا يرجى زواله كالزمن والافلاج خرج به عن المقاتلة وهل يسقط عطاؤه
مبني على البحث في الذرية يعد موت المجاهد وقد سلف إذا ثبت هذا فلو مات المجاهد بعد حول الحول واستحقاق السهم كان لورثته المطالب
بسهمه قاله الشيخ (ره) لأنه استحقه بحول الحول والمجاهدون معينون بخلاف أولاد الفقراء لان الفقراء غير معينين فلا يستحقون
958

بحول الحول وللامام ان يصرف إلى من شاء منهم بخلاف المجاهدين وللشافعي قول آخر انه انما يستحق إذا مات بعد أن صار الحال إلى يد الوالي لان الاستحقاق
انما هو بحصول المال لا بمعنى الزمان. مسألة: قال الشيخ (ره) ما يحتاج الكراع وآلات الحرب إليه يؤخذ من بيت المال من أموال المصالح
وكذلك رزق الحكام وولاة الاحداث وغير ذلك من وجوه الولايات فإنهم يعطون من المصالح والمصالح يخرج من ارتفاع الأراضي
المفتوحة عنوة ومن سهم سبيل الله ومن جملة ذلك ما يلزمه فيما يختصه من الأنفال والفئ وهو جنايات من لا عقل له ودية من لا يعرف ناقله
وغير ذلك مما يذكروه ويقول إنه يلزم من بيت المال. مسألة: إذا كتب بعض المسلمون إلى المشركين (يخبرونهم) الامام ما عزم عليه من قصد بهم
ويعرفهم أحواله فإنه لا يقبل بذلك لما روي أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى قريش يخبرهم بقصد البني صلى الله عليه وآله إياهم فاعلمه الله
تعالى ذلك فأنفذه بعلي عليه السلام والمقداد والزبير خلف المرأة الذي حملت الكتاب وكانت قد خبته في عقصها فاخذ الكتاب فقال النبي
صلى الله عليه وآله ما حملك على هذا يا خاطب فقال يا رسول الله لا تعجل علي فاني كنت امرأ ملصقا في قريش وإن لم أكن في نفسها وان قريشا
لهم بها قرابات يجمعون بها أهليهم بمكة فأخشيت إذ فاتني ذلك أن اتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي والله ما بي كفر ولا ارتداد فقال
النبي صلى الله عليه وآله صدقكم فقال عمر دعني اضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وآله قد شهد بدرا وما يدريك ان الله
تعالى اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم إذا عرفت هذا فان الامام يعزره بحسب حاله وما
يقتضيه نظر الامام ولا يسهم من
الغنيمة الا ان يتوب تحصيل الغنيمة. مسألة: إذا اهدى المشرك هدية إلى الامام أو إلى رجل من المسلمين والحرب قائمة قال الشافعي
يكون غنيمة لان ما اهدى ذلك من خوف الجيش وان اهدى إليه قبل أن يرتحلوا من دار الاسلام لم يكن غنيمة وانفرد بها واختار هذا القول محمد بن
الحسن وقال أبو حنيفة يكون للمهدي إليه على كل حال وهو رواية عن أحمد وهو الأقرب عندي لأنه خص بها فأشبه إذا كان في دار الاسلام
مسألة: قوله تعالى ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون اعترض بعض المبطلين بأنه ليس بظاهر على جميع الأديان فان
الروم والهند وغيرهم ظاهرون في بلادهم وهو خطأ لوجوه أحدها انه يحتمل ان يكون المراد إظهاره على الأديان بالحجة والبرهان فان
المعجزة دالة على صدقه وعلى نسخ غيره من الأديان الثاني يحتمل انه سيكون ذلك في زمن المهدي عجل الله فرجه الشريف وقد روي أن للنبي صلى الله عليه وآله
أحاديث كثيرة تدل عليه كقوله انه ينزل في اخر الزمان عيسى بن مريم عليه السلام فيأمر بقتل الخنزير وكسر الصليب وقوله عليه السلام
ودبت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وستبلغ ملك أمتي ما روى لي منها والثالث انه أراد بلاد العرب وموضع ظهوره عليه السلام
وقد فعل الله تعالى فإنه لم يبق في جزيرة العرب أحد من أهل الأديان الرابع انه ظاهر على جميع الأديان فإنه لا (ثغر) من الصعود الا والمسلمون ظاهرون فيه
على عدوهم.
المقصد السادس: في أحكام أهل الذمة وفيه مباحث. الأول: في وجوب الجزية ومن
يؤخذ منه. مسألة: الجزية هي الوظيفة المأخوذة من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الاسلام في كل عام وهي فعلة من جري يجزى
إذا قضى الله تعالى واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ويقول العرب جزيت وهي إذا قضيته إذا عرفت هذا فالجزية
واجبة بالنص والاجماع قال ا لله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون
دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وروى الجمهور عن المغيرة بن شعبة أنه قال لجند كسرى
يوم نهاوند أمرنا رسو ل الله صلى الله عليه وآله إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وعن منعه من المسلمين
خيرا وقال له إذا التقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى أحد خصال ثلاثة ادعهم إلى الاسلام فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم
فان أبوا فادعهم إلى اعطاء الجزية فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فان أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم ومن طريق الخاصة ما
رواه الشيخ عن مصعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن النبي صلى الله عليه وآله كان انما أراد أن يبعث أميرا على سرية
امره بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ثم في أصحابه إلى أن قال وإذا ألقيت عدوك من المشركين فادعوهم إلى أحد ثلاثة فإنهم
أجابوكم إليها فاقبل منهم وكف عنهم ادعوهم إلى الاسلام وادعوهم إلى الهجرة بعد الاسلام فان فعلوا فاقبل منهم و
كف عنهم وان أبوا ان يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا ان يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة اعراب المؤمنين ويجزى عليهم ما يجرى
على اعراب المؤمنين ولا يجزي لهم في القسمة شيئا الا ان يجاهدوا في سبيل الله فان أبوا هاتين فادعهم إلى اعطاء الجزية وهم صاغرون
فات أعطوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم وا ن أبوا فاستعن عليهم بالله وجاهدهم في الله حق جهاده ولا خلاف بين المسلمين في
أخذ الجزية على الاجمال.
مسألة: ويعقد الجزية لكل كتابي عاقل بالغ ذكر ونعني بالكتابي من له كتاب حقيقة وهم اليهود والنصارى
ومن له شيه كتاب وهو المجوس فيؤخذ من هؤلاء الأصناف الثلاثة بلا خلاف بين العلماء الا سلم في ذلك في قديم الوقت وجدبه
959

فان الصحابة اجمعوا على ذلك وعمل به الفقهاء القدماء ومن بعدهم إلى زماننا هذا من أهل الحجاز والعراق والشام والمصر وغيرهم من أهل الأصقاع
في جميع الأزمان عملا بالآيات الدالة على اخذ الجزية والأحاديث المتقدمة وفعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك وأخذ من الجزية من مجوسي نجران
وبعث النبي صلى الله عليه وآله معاذ إلى اليمن فامره ان يأخذ من كل حاكم دينار أو عدله مغافرى وهو اجماع. مسألة: ويؤخذ الجزية من أهل
الكتابين التوراة والإنجيل فأهل التوراة هم اليهود وأهل الإنجيل هم النصارى وقد كانت النصرانية في الجاهلية في ربيعة وعنان وبعض قضاعة
واليهودية في حمير وبني كنانة وبني الحرث بن كعب وكندة والمجوسية في تميم وعبادة الأوثان والزندقة في قريش وهي حبيبة إذا عرفت
هذا فان اليهود بأجمعهم والنصارى كلهم يؤخذ منهم الجزية على الشرايط الآتية سواء كان من المبذلين أو غير المبذلين لعموم الآية و
سواء كانوا عربا أو عجما في قول علمائنا أجمع وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي واحمد وأبو ثور وابن المنذر وقال أبو يوسف لا يؤخذ الجزية
من العرب لعموم الآية لان النبي صلى الله عليه وآله بعث خالد بن الوليد إلى دومة الجندل واخذ أكيدر دومة وهو رجل من غسان وكندة من
العرب وصالحوا على اخذ الجزية واخذ الجزية من نصارى نجران وهم عرب وأمر معاذ ان يأخذ الجزية من أهل اليمن وهم كانوا عربا قال ابن المنذر ولم
يلتقيان قوما من العجم كانوا باليمن أحد معاد أو لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث الأمير ويوصيه بان يدعوهم إلى الاسلام
فان أبوا دعاهم إلى اعطاء الجزية فان أبوا قاتلهم من غير أن يخص عجما بذلك دون عرب وأكثر ما غزى النبي صلى الله عليه وآله العرب والاجماع
على ذلك فان اليهود والنصارى من العرب سكنوا في زمن الصحابة والتابعين في بلاد الاسلام ولا يجوز اقرارهم فيها بغير جزية. مسألة:
ويؤخذ الجزية ممن دخل في دينهم من الكفار ان كانوا قد دخلوا ا فيه قبل النسخ والتبديل ومن نسله وذراريه ويقرون بالجزية ولو ولدوا نقل
الشيخ وان دخل في دينهم بعد النسخ لم يقبل منهم الا الاسلام ولا يؤخذ منهم الجزية ذهب إليه علمائنا وبه قال
الشافعي وقال المزني
يقر على دينه ويقبل منهم الجزية مطلقا لنا قوله عليه السلام من يدل دينه فاقتلوه فهو عام ولأنه انتقل إلى مذهب باطل فلا يقبل منه كالمسلم
إذا ارتد ولأنه لا يبقي دينا غير الاسلام فلا يقبل منه لقوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلا يقبل منه احتج المزني بقوله تعالى
ومن يتولهم منكم فإنه منهم والجواب المراد بذلك المشاركة في الاسم والكفر وبالإقرار على اعتقاده إذا عرفت هذا فلا فرق بين ان يكون
المنتقل إلى دينهم ابن كتابيين أو ابن وثنيين أو ابن كتابي ووثني في التفصيل الذي فصلناه فلو ولد بين أبوين أحدهما يقبل منه الجزية والاخر لا يقبل منه الجزية ففي
قبول الجزية منه تردد إذا ثبت هذا فان ذبابيح أهل الكتاب ومناكحهم على تفصيل ما يأتي يجوز عندنا وسيأتي الخلاف في بيانه
. مسألة: والمجوس منهم من اخذ منهم الجزية كما قلناه في اليهود والنصارى بلا خلاف بين علماء الاسلام في ذلك وروى الجمهور عن عبد الرحمن بن عوف قال اشهد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب وروى الشافعي باسناده إلى
فروة بن نوفل الأشجعي قال غلام يؤخذ الجزية من المجوس وليس باهل كتاب فقام إليه المستور فاخذ بلحيته فقال عدو الله أتطعن على أبي
بكر وعمر وعلي أمير المؤمنين عليه السلام يعني عليا عليه السلام قد اخذوا منهم الجزية فذهب به إلى القصر فخرج علي عليه السلام فخلوا في ظل القصر فقال انا
اعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه وان ملكهم مكر فوقع على بنته وأخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته فلما
احتج جاءوا يقيمون عليه الحد فامتنع منهم ودعا أهل مملكته وقال تعلمون دينا خيرا من دين أبيكم ادم وقد ذكر أنه نكح بنيه بناته وانا على دين
ادم قال فتابعه قوم وقاتلوا الذين يخالفونه حتى قتلوهم فأصبحوا وقد أسرى بكتابهم ورفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في
صدروهم فهم أهل كتاب وقد اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وأراه قال وعمر منهم الجزية ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ
عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا قال سال أبو عبد الله عليه السلام عن المجوس أكان لهم نبي قال نعم اما بلغك كتاب النبي صلى الله عليه وآله
إلى أهل مكة أسلموا والا فابداء بكم بحرب فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وآله اخذ منا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان فكتب إليهم النبي
صلى الله عليه وآله اني لست اخذ الجزية الا من أهل الكتاب فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه عليه السلام زعمت أنك لا تأخذ الجزية الا من أهل الكتاب
ثم اخذت الجزية من مجوس هجر فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ان المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكتاب أحرقوه اتاهم نبيهم
بكتابهم باثني عشر الف جلد ثور إذا ثبت هذا فان الروايات متظاهرة على أنهم قد كان لهم كتاب فيكونون أهل كتاب وبه قال الشافعي وقال
أبو حنيفة واحمد لا كتاب لهم لنا ما تقدم في حديث علي عليه السلام احتجوا بقوله عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب والجواب يحتمل ان يكون
المراد باهل الكتاب من له كتاب باق أو لأنهم كانوا يعرفون كتابي اليهود والنصارى دون المجوس إذا عرفت هذا فان ذبايحهم عندنا لا تحل
كذبايح اليهود والنصارى وقال آخرون لا يحل نكاحهم وادعوا الاجماع عليه قال إبراهيم الحربي خرق أبو ثور الاجماع في ذلك وسيأتي البحث
فيه أن شاء الله تعالى. مسألة: ولا يقبل من غير الأصناف الثلاثة من سائر فرق الكفار الا الاسلام فلو بدلوا الجزية لم يقبل منهم كعبادة الأوثان
والأصنام والأحجار والنيران والشمس وغير ذلك من غير اليهود والنصارى والمجوس من العرب والعجم وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يقبل
960

من جميع الكفار الا العرب وقال احمد يقبل من جميع الكفار الا عبدة الأوثان من العرب وقال مالك انها تقبل من الجميع الا مشركي قريش
اما انهم ارتدوا وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز انها تقبل من جميعه لنا قوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وهو عام خرج
منهم اليهود والنصارى بمعنى والمجوس لمشابهتهم فيه فيبقى الباقي على الأصل وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أمرت ان
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماهم وأموالهم الا بحقها وهو عام خص منه أهل الكتاب للآية
والمجوسي لقوله عليه السلام سنوا بهم أهل الكتاب على ما قلناه فيبقى الباقي على العموم ومن طريق الخاصة ما رواه
الشيخ عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال سال رجل عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام وكان السائل من محبينا فقال له أبو جعفر
عليه السلام بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهدة شاهرة لا تغمد الا ان تضع الحرب أوزارها ولن تضع الحرب أوزارها
حتى تطلع الشمس من مغربها امن الناس كلهم في ذلك اليوم فيومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل أو كسب في ايمانها خيرا
وسيف منها مغلوف وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا واما السيوف الثلاثة الساهرة فسيف على مشركي قريش قال الله تعالى اقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا يعني فان آمنوا فإخوانكم في الدين فهؤلاء لا يقبل منهم الا القتل والدخول
في الاسلام فأموالهم وذراريهم سبي على ما سبي رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه سبا وعفا وقيل الفداء والسيف الثاني على
أهل الذمة قال الله تعالى وقولوا للناس حسنا نزلت في أهل الذمة ثم نسخها قوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا
يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون بدين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ومن كان منهم
في دار الاسلام فلم يقبل منه الا الجزية أو القتل ومالهم في ذراريهم سبي فان قبلوا الجزية حرم علينا سبيهم وأموالهم وحلت لنا مناكحتهم
ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم ولم يحل لنا نكاحهم ولا يقبل منهم الا الجزية والقتل والسيف الثالث سيف على مشركي
العجم يعني الترك والخزر والديلم قال الله تعالى في أول السورة التي يذكر فيها الذين يقص قضاياهم قال فضرب
الرقاب حتى إذا أثخنتموهم
فشدوا الوثاق فاما منا بعد السبي واما فداء يعني المفاداة بينهم وبين الاسلام فهؤلاء لن يقبل منهم الا القتل أو الدخول في الاسلام
ولا يحل لنا نكاحهم ما داموا في الحرب واما السيف الملفوف فسيف أهل البغي والتأويل قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا
فأصلحوا بينهم الآية إلى قوله تعالى حتى تفئ إلى امر الله فلما نزلت هذا الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان منكم من يقاتل بعدي على التأويل
كما قاتلتم على التنزيل فسال النبي صلى الله عليه وآله من هو فقال خاصف النعل يعني أمير المؤمنين عليه السلام وقال عمار بن ياسر قابلت
هذا الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربوها حتى يبلغوا بنا السعيات في بحر لعلمنا اننا على الحق
وانهم على الباطل وكانت السبي فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل يوم الفتح مكة فإنه لم يسب لهم
ذرية وقال من أغلق بابه والقى سلاحه ودخل دار أبي سفيان فهو امن وكذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يستولهم وزيد ولا يتموا على
جريح ولا يتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه والقى سلاحه ودخل دار فهو آمن واما السيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص قال الله تعالى النفس
بالنفس الآية فله إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا فهذه السيوف الذي بعث الله بها إلى نبيه صلى الله عليه وآله فمن جحدها أو جحد واحدا منهما
أو سبي من يسرها واحكامها فقد كفر بما انزل الله على محمد صلى الله عليه وآله ولأنهم أهل كتاب ولا يساوون غيرهم من الكفار واحتج أبو حنيفة
بأنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق فأقروا بالجزية كاهل الكتاب واما العرب فلا يقبل منهم لأنهم رهط النبي صلى الله عليه وآله فلا يقرون
على غير دينه واحتج الأوزاعي ان النبي صلى الله عليه وآله لما يبعث السرية ويوصيهم بالدعاء إلى الاسلام أو الجزية وهو علة في كل كافر والجواب
عن الأول بالفرق لان أهل الكتاب لهم حرمة بكتابهم بخلاف غيرهم من الكفار واما العرب فقد بينا انهم كانوا يهودا أو نصارى أو مجوسا
قبلت منهم الجزية وإلا فلا فحكمهم لا فرق بين العرب والعجم لان الجزية توجد بالدين لا بالنسب وعن الثالث باحتمال ان تكون الوصية في أهل الذمة
دون غيرهم. مسألة: وعلماء اليهود والنصارى والمجوس لا يقرون بالجزية ولا يقبل منهم الا الاسلام وان كان لهم
كتاب كمصحف إبراهيم وصحف ادم وإدريس وزبور داود عليه السلام وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخرى يقرون بالجزية لنا انها ليست كتبا
منزلة على ما قبل وانما هي وحي يوحى كما روى عن النبي صلى الله عليه وآله قال امرني جبرئيل عليه السلام ان امر أصحابي ان يرفعوا أصواتهم بالتلبية
فجرى مجرى السنن سلمنا انها منزلة لكنها قد اشتملت على مواعظ لا غير وليس فيها احكام مشروعة فلم يكن لها حرمة الكتب المشروعة احتج
المخالف بقوله تعالى من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وهم أهل كتاب ولان المجوس يقرون ولم يثبت لهم كتاب بل شبه كتاب فأقروا
هؤلاء مع ثبوت الكتاب لهم حقيقة أولى والجواب عن الأول ان الأم في الكتاب هنا للعهد اجماعا والمراد به حكم التوارة والإنجيل وعن
الثاني انهم ملحقون بقوله على السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب قال أبو إسحاق من الشافعية ولو أسلم منهم اثنان وشهدوا بان لهم كتابا يتمسكون به
961

ثبت لهم جزية ذلك وهو بناء على الأصل الفائت. مسألة: قال ابن الجنيد الصابئين يؤخذ منهم الجزية ويقرون عليها كاليهود
والنصارى وهو أحد قولي الشافعي بناء على أنهم من أهل الكتاب وانما يخالفونهم في فروع المسائل لا في أصولهم قال أحمد بن حنبل انهم جنس من النصارى
وقال أيضا انهم يستوون فيهم مع اليهود وقال مجاهد هم من أهل اليهود والنصارى وقال السدي من أهل الكتاب وكذا ان (مرة) ومتى كانوا
كذلك قبلت منهم الجزية وقد قيل إنهم يقولون ان الفلك حي ناطق وان الكواكب السبعة السيارة آلهة ومتى كان الحال كذلك لم يقروا على دينهم
بالجزية وكذلك تؤخذ الجزية من جميع النصارى من اليعقوبية والنسطورية والفرنج والروم والأرمن وغيرهم ممن يدين بالإنجيل
وينسب إلى عيسى عليه السلام والعمل بشريعته عملا بالعمومات. مسألة: بنو تغلب بن وآيل من العرب من ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى
النصرانية من العرب وانتقل أيضا من العرب قبيلتان أديان وهم بنوح وبهرا فصارت القبائل الثلاثة من أهل الكتاب يؤخذ منهم الجزية كما يؤخذ
من غيرهم وبه قال علي وعمر بن عبد العزيز وقال أبو حنيفة لا يؤخذ منهم الجزية بل يؤخذ منهم الصدقة مضاعفة فيؤخذ من كل عشرين دينار
دينار وكل مائتي درهم عشرة دراهم ومن كل ما يحسب فيه نصف العشر الخمس وبه قال الشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن
صالح بن حي وأحمد بن حنبل لنا انهم أهل كتاب فيدخلون في عموم الامر يأخذ الجزية من أهل الكتاب احتجوا بان هذه القبايل دعاهم عمر بن
الخطاب إلى اعطاء الجزية فأبوا وامتنعوا وقالوا نحن عرب لا نؤدي الجزية فخذ منا الصدقة كما تأخذ من المسلمين فامتنع عمر في ذلك
فلحق بعضهم بالروم فقال لهم النعمان بن عروة ان القوم لهم بأس وشدة فلا تعن عدول بهم وخذ منهم الجزية باسم الصدقة فبعث عمر في طلبهم
وردهم وضعف عليهم الصدقة واخذ من كل خمس من الإبل شاتين واخذ مكان العشر الخمس ومكان نصف العشر العشر والحق
ان يحتمل عمر فعل ذلك لأنه عرف حصول الأذى للمسلمين فصالحهم على هذا المقدار على أن لا يؤذوا المسلمين ولا ينفرد أولادهم
مع أنه كان يأخذ جزية الصدقة وزكاة وأيضا فان عمر ليس بحجة وأيضا هذا الفعل مخالف مذهب المستدلين به لأنه يؤدي
إلى أن يأخذ من الواحد أقل من دينار بان يكون صدقته أقل من ذلك وأيضا يلزم ان يكون بعض أهل الكتاب مقيما في بلاد الاسلام
على التأبيد بغير عوض إذ من لا زرع له ولا ماشية منهم حكم وقد روى الجمهور عن عمر بن عبد العزيز انه لم يقبل من نصارى بني تغلب الا
الجزية وقال لا والله الا الجزية والا فقد أذنتكم في الحرب وروى عن علي على السلام قال لئن تفرعب؟؟ لبني تغلب ليكون لي فيهم رأى لأقتلن
مقاتليهم ولأسبين ذراريهم فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم. فروع: الأول: إذا ثبت ان المأخوذ
جزية فلا تؤخذ الا ممن يؤخذ منه الجزية فلا يؤخذ من الصبيان والمجانين والنساء وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة انها صدقة
تؤخذ مضاعفة من مال يؤخذ منه الزكاة ولو كان مسلما وبه قال أحمد بن حنبل لنا ما تقدم ان المأخوذ جزية حقيقة فلا تؤخذ الا ممن توجد له الجرية ولان
عمر بن الخطاب قال لهؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم وقال النعمان بن زرعة خذ منهم الجزية باسم الصدقة ولأنهم أهل الذمة فكان الواجب عليهم
جزية الصدقة كغيرهم من أهل الذمة ولان المأخوذ منهم مال اخذ لحق ماءهم ومسكنهم فكان جزية كما لو اخذ باسم الجزية وعلى هذا البحث يكون المأخوذ
منهم معروفا إلى من ينصرف إليه الجزية على ما يأتي احتج أبو حنيفة بأنهم سألوا عمر ان يأخذ منهم كما يأخذ من المسلمين فأجابهم بعد الامتناع. الثاني:
لو بذل التغلبي أداء الجزية ويحط عنه الصدقة قبل منه لان المأخوذ عندنا انما هو من الجزية لا الصدقة اما من اعتقد ان المأخوذ منه صدقة فقالوا
ليس لهم ذلك لان الصلح وقع على هذا فلا تغير وهو خطأ لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وهذا قد أعطى اما الحربي من القبيلتين فإنه
إذا بذل الجزية قبلت منه لقوله عليه السلام ادعهم على عطاء الجزية فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ولأنه كتابي باذل الجزية فيقبل منه كغيره.
الثالث: لو أراد الامام نقض صلحهم وتجديد الجزية عليهم جاز عندنا لان ذلك موكول إلى نظر الامام ومنع منهم بعض الجمهور لان
عقد الذمة على التأييد؟ وهو ممنوع منع ان عمر بن عبد العزيز نقضه ما فعل عمر بن الخطاب. الرابع: قد بينا ان الجزية يؤخذ من كل
كتابي على الاطلاق إذا لزم شرايط الذمة لا فرق بين بني تغلب وغيرهم عندنا اما الذين فرقوا فقال بعضهم ان حكم من تنصر من تنوخ أو
يهود من كنانة وحمير أو تمجس من تميم حكم بن تغلب واختاره الشافعي لأنهم من العرب فأشبهوا بني تغلب لما قوله تعالى حتى يعطوا الجزية
وهو عام وبعث النبي صلى الله عليه وآله معاذ إلى اليمن واخذ من كل عام دينارا وهم عر واخذ الجزية من نصراني نجران وهم أولاد بني الحرث
كعب قال الزهري أول من أعطى الجزية أهل نجران وكانوا نصارى واخذ الجزية من أكيد ودومة وهو عربي. مسألة: ولا يحل ذبح بني
تغلب ولا مناكحتهم كغيرهم من أهل الذمة عندنا على ما قلنا اما من أباح اكل ذبايح أهل الذمة فقال الشافعي لا يباح اكل ذبايح أهل الذمة
كافة ونقله الجمهور كافة عن علي عليه السلام وبه قال عطا وسعيد بن جبير والنخعي وقال أبو حنيفة تحل ذبايحهم وبه قال الحسن البصري والشعبي
والزهري والحكم وحماد وإسحاق وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن علي عليه السلام من التحريم وقال عليه السلام انهم لم يتمسكوا من دينهم الا
بشرب الخمور ومن طريق الخاصة عن إسماعيل بن جابر قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام لا تأكل ذبايحهم ولا تأكل في آنيتهم يعني أهل الكتاب وفي
962

الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذبايح نصارى العرب هل توكل فقال كان علي عليه السلام ينهى عن اكل ذبايحهم وصيدهم وقال لا يذبح
لك يهودي ولا نصراني أضحيتك وعن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام ولا تأكل ذبيحة نصراني العرب احتجوا بقوله تعالى وطعام الذين
أوتوا الكتاب أحل لكم والجواب انه ليس بعام وسيأتي البحث فيه ا ن شاء الله تعالى. مسألة: وما يذكره بعض أهل الذمة وهم أهل خيبر من سقوط
الجزية عنهم لان معهم كتابا من النبي صلى الله عليه وآله باسقاطها عنهم لا يلتفت إليهم في ذلك عملا بالعموم ولم ينقل ذلك أحد من
المسلمين فلا تعويل على قولهم قال أبو عباس بن شريح ذكر انهم طولبوا بذلك فاخرجوا كتابا ذكروا انه بخط علي عليه السلام كتبه عن رسول
الله صلى الله عليه وآله وكان فيه شهادة سعد بن معاذ ومعاوية وتاريخه بعد موت سعد وقبل اسلام معاوية فاستدل بذلك على بطلانه. مسألة:
قد بينا ان الجزية انما تؤخذ من الأصناف الثلاثة اليهود والنصارى والمجوس إذا التزموا بشرايط الذمة الآتية فإذا غزا الامام قوما
فادعوا انهم أهل كتاب سألهم فان قالوا دخلنا وادخل اباؤنا قبل نزول القران في دينهم اخذ منهم الجزية وشرط عليهم نبذ العهد والمقاتلة
ان بان كذبهم ولا يكلفون البينة على ذلك ويقرون بأخذ الجزية فان بان كذبهم انتقض العهد ووجب قتالهم ويظهر كذبهم بان يعرفوا
بأجمعهم انهم عباد وثن ولو اعترف بعضهم بذلك وأنكر الآخرون انتقض عهد المعترف خاصة دون غيره ولو شهدوا على الآخرين بذلك
لم يقبل شهادتهم لان الكافر مردود القول ولو أسلم منهم اثنان وعدلوا ثم اشهدوا انهم ليسوا من أهل الذمة انتقض العهد وقوتلوا
. فرع: لو دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب قبل نزول القران وله ابنان صغير وكبير فاما على عبادة الأوثان ثم جاء الاسلام ونسخ كتابهم فان
الصغير إذا بلغ وقال إني علي دين أبي بذل الجزية أقروا اخذ الجرية لأنه تبع أباه في الدين لصغره واما الكبير فان أراد أن يتم على دين أبيه ويبذل
الجزية لم يقبل منه لان له حكم نفسه ولا يصح دخوله في الدين بعد نسخه ولو دخل أبوهما في دين أهل الكتاب ثم مات ثم جاء الاسلام
وبلغ الصبي اختار دين أبيه ببذل الجزية أقر عليه لأنه تبعه في الدين فلا يسقط بموته واما الكبير فلا يقر بحال لان حكمه منفرد. مسألة:
وفي سقوط الجزية عن الفقير منهم لعلمائنا قولان أشهرهما انهما تسقط اختاره الشيخ رحمه الله بل ينظر إلى وقت يساره ويؤخذ منه
حال ما قرر عليه في كل عام فقره وبه قال المزني وهو أحد قولي الشافعي فقال المفيد وبن الجنيد لا جزية عليه وهو قول الاخر للشافعي وبه قال احمد
لنا عموم قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد يعني حتى يلزموا بالاعطاء وهو عام ولأنه كافر مكلف فلا يعقد له الذمة بغير عوض كالعين و
لقوله عليه السلام لمعاذ خذ من كل حال دينار وهو عام ولان عليا عليه السلام وظف على الفقير دينار احتج
المخالف بان الجزية حق تجب بحلول
الحول فلا يجب على الفقير كالزكاة والفطر والجواب ان الفرق ثابت في الزكاة والفصل انما أوجب على طريق المساواة والجزية وجبت بحقن
الدم والمساكنة ولا فرق بين الفقير والغني في ذلك إذا ثبت هذا فان للامام يعقد لهم الذمة على الجزية وتكون في ذمته فإذا أيسر طولب
بها وقال بعض الشافعية لا يقر الا باعطائها فان يمحل الجزية في اخر الحول والا رده إلى دار الحرب وليس بمعتمد. مسألة: وتسقط الجزية عن الصبي وهو قول عامة أهل العلم لا نعرف فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله قال معاذ خذ من كل عالم دينار
أو عدله معافري وهو يدل بمفهومه على سقوط الجزية عن غير البالغ ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال كتبت إلى بعض
إخواني ان اسئل أبا عبد الله عليه السلام عن مسائل من اليسر فسألته وكتبت بها إليه فكان فيما سألته أخبرني عن النساء كيف سقطت الجزية
عنهن ورفعت عنهن فقال لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب الا ان يقاتل وان قاتلت أيضا
فامسك عنها ما أمكنك ولم يخف خلافا فلما نهى عن قتلهن في دار الحرب كان ذلك في دار الاسلام أولى ولو امتنعت ان تؤدي الجزية لم
يمكنك قتلها فلما يمكن قتلها رفعت الجزية عنها ولو امتنع الرجال وأبوا ان يؤدوا الجزية كانوا ناقضين العهد وحلت دمائهم وقتلهم لان
قتل الرجال مباح في دار الشرك وكذلك العقد من أهل الذمة والشيخ الفاني والمراة والولدان في أهل الحرب من أجل ذلك رفعت
عنهم الجزية ولا ن الجزية انما يؤخذ لحقن الدماء المباحة والسبي محقون الدم فلا يجزيه عليه فروع: الأول: الصبي إذا بلغ
بالاتيان أو الاحتلام أو بلغ خمسة عشر سنة وكان من أهل الذمة طولب بالاسلام أو بدل الجزية فان امتنع منهما صار حربا فان اختار
الجزية عقد معه الامام على حسب ما يقتضيه نظره ولا اعتبار بجزية أبيه فإذا حال الحول عليه من وقت العقد اخذ منه ما شرط عليه. الثاني: لو كان هذا الصبي ابن عابد وثن وبلغ طولب بالاسلام لا غير فان امتنع صار حربيا لما بينا ان الجزية اي يؤخذ من أهل الكتاب
الثالث: لو بلغ الصبي منزلا لم ينزل الحجر عنه ويكون ماله في يد وليه ولو أراد عقد الأمان بالجزية أو المصير إلى دار الحرب كان
له ذلك وليس لوليه منعه عنه لان الحجر لا يتعلق بحقن دمه واباحته هل بماله كما لو أسلم وارتد اما لو أراد أن يعقد أمانا ببذل الجزية
كثيرة فالوجه عندي ان لوليه عن ذلك صحة لان حقن دمه يمكن بالقتل. الرابع: لو صالح الامام قوما على أن يؤدوا الجزية عن
أبنائهم غير ما يدفعون من أنفسهم فان كانوا يدفعون الزائد من أموالهم جاز ذلك ويكون ذلك زيادة في جزيتهم وان كان من أموال
963

أولادهم لم يجز لأنه تضييع لأموالهم فيما ليس بواجب عليهم. الخامس: لو بلغ سفيها لم يسقط عنه الجزية ولا يقر في دار الاسلام بغير عوض
لعموم الآية فان اتفق هو ووليه على بذل الجزية وعقدها جاز وان اختلف قدم قوله لما قلناه وإن لم يعقد أمانا ابتدأناه إلى دار الحرب وصار حربيا
. السادس: الامام إذا عقد الذمة لرجل دخل هو وأولاده الأصاغر وأمواله في أمان فإذا بلغ أولاده لم يدخلوا في ذمة أبيهم وجزيته الا بعقد مستأنف
وبه قال الشافعي وقال احمد يدخلون فيه بغير عقد ولنا ان الأب عقد الذمة لنفسه وانما دخل أولاده الصغار لمعنا الصغر فإذا بلغوا زال
المقضى للدخول احتجوا بأنه عقد دخل فيه الصغير فإذا بلغ لزمه كالاسلام والجواب ان الفرق بينهما فان الاسلام لعلو؟ على غيره من الأديان التزم به بخلاف
الكفر إذا ثبت هذا فإنه يعقد له الأمان ولا اعتبار بجزية أبيه من حين البلوغ ولا اعتبار بجزية أبيه على ما قلناه فإن كان أول حول أقاربه استوفى ما ضرب عليه في
آخر الحول معهم وان كان في أثناء الحول عقد له الذمة فإذا جاء أصحابه وجاء الساعي فإذا أعطى بقدر ما مضى من حوله اخذ منه وان امتنع حتى يحول
عليه الحول لم يلزم بالأخذ. السابع: لو كان أحد الأبوين وثنيا فإن كان الأب لحق به ولم يقبل منه الجزية بعد البلوغ بل يقهر على الاسلام فان
امتنع رد إلى مأمنه في دار الحرب وصار حربا لان دينه دين أبيه وان كانت الأم لحق بالأب وأقره في دار الاسلام بأخذ الجزية. مسألة: ويسقط عن
المجنون المطبق اجماعا لقوله صلى الله عليه وآله رفع عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق ولما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد عن أبي عبد
الله عليه السلام قال جرت بالسنة الا تؤخذ الجزية من المعتوه ولا من المغلوب على عقله ولأنه محقون الدم فإنه لا أعتقا د فلا مقتضي لوجوب الجزية
فرع: لو كان جنونه غير مطبق لم يخل من أحوال ثلاثة. أحدها: ان يكون جنونه غير مضبوط مثل ان يفيق بياض أيام أو من يوم فهذا
(يعلم) حاله بالأغلب لان ضبط أوقات إفاقته غير ممكن. الثاني: ان يكون مضبوطا مثل ان يجن يوما ويفيق يومين أو أقل من ذلك أو أكثر لأنه
مضبوط ففيه احتمالان أحدهما ان يعتبر بالأغلب كالأول وهذا اختيار إلى تعيينه لان اعتبار في الأصول بالأغلب الثاني يلفق أيام إفاقته لأنه لو كان
مفيقا في الكل وجبت الجزية فإذا وجدت الإفاقة في بعض الحول وجب فيما تجب به لو انفرد وعلى هذا الاحتمال يحتلم ان يلفق أيامه فان أكملن حولا
اخذت منه لأنه اخذها قيد ذلك اخذ الجزية قبل كمال الحول فلم يجز كالصحيح الثالث يؤخذ منه في اخر كل حول بعقد ما أفاق وكذا الاحتمالان
لو كان نحن ثلاث الحول ويفيق ثلاثة أو بالعكس اما لو استوت إفاقته وجنونه مثل من يجن يوما ويفيق يوما أو يجز نصف الحول ويفيق نصفه
فان إفاقته تلفق لتعذر الاعتبار والأغلب هنا لعدم فتعين الاحتمال الاخر. الثالث: ان يجن نصف الحول ثم نصف إفاقة مستمرة
أو يفيق نصفه ثم يجن جنونا مستمرا فعليه في الأولى من الجزية بقدر ما أفاق من الحول إذا استمرت الإفاقة بقدر الحول وفي الثاني لا جزية
عليه لأنه لم يتم الحول مفيقا. مسألة: ولا تؤخذ الجزية من النساء وهو مذهب عامة العلماء روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لمعاذ خذ
من كل حالم دينار وهو تخصيص الذكور فيبقى الباقي على أصالة براءة الذمة وكتب عمر بن الخطاب إلى امراء الاخبار ان اضربوا الجزية ولا تضربوها
على النشاء والصبيان ولا تضربوها الا على من جرت عليه الموسى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام
في تقليل سقوطي الجزية عن النساء فقال لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان ولان الجزية يؤخذ لحقن الدماء والنساء
يحقنون فلا جزية عليهم ولا نعرف فيه خلافا فروع: الأول: لو بذلت امرأة حربية عرفها الامام أن لا جزية عليها فان ذكرت
انها تعلم ذلك وطلبت دفعه البناء جاز اخذه ويكون هبة لا جزية ويلزم على شروط الهبة لو شرطت ذلك على نفسها لم يلزمها وجاز
له الرجوع فيه فيما لها ان ترجع في الهبة ولا ينتقض ذلك بما لو التزم الرجل بأكثر مما قدره الامام عليه من الجزية لأن المرأة لا يجب عليها الجزية فما
يدفعه ليس بجزية يلزمها بالالتزام اما الرجل الذي دفعه انما هو جزية ولا حد لها بأكثر مما قدر عليه لزمه. الثاني: لو بعثت امرأة من
دار الحرب فطلبت ان يعقد لها وتصير إلى دار الاسلام فكنت من ذلك وعقد لها الذمة بشرط التزام احكام الاسلام ولا يؤخذ
منها شئ الا ان يتبرع به بعد معرفتها أنه لا شئ عليها ولان اخذ منها شئ على غير ذلك رد عليها لأنها بذلته معتقدة انه عليها وانه لا تحقق
الا به فأشبه من أدى مالا إلى من يعتقد انه له فتبين انه ليس له. الثالث: لو كان في حصن رجالا ونساء وصبيانا فامتنع الرجال
من أداء الجزية وبذلوا ان يصالحوا على أن الجزية على النساء والولدان لم يجز ذلك؟ النساء والصبيان قال والمال لا يؤخذ منه
الجزية ولا يجوز اخذ الجرية ممن لا يجب عليه ويترك من يجب عليه فان صالحهم على ذلك بطل الصلح ولا يلزم النساء شئ ولا؟ النساء ذلك ودعوا
ان يؤخذ منهن الجزية ويكون الرجال في أمان لم يصح ولو قتل الرجال أو لم يكن في الحصن سوا النساء فطلبوا عقد الذمة بالجزية والوجه
عندي عدم جواز ذلك ويتوصل إلى فتح الحصن ويسبين لأنهن أموال المسلمين وقال الشيخ رحمه الله يلزمه عقد الذمة لهن على أن يجري عليهن
احكام الاسلام ولا يؤخذ منهن شيئا فان اخذ منهن شيئا رد عليهن. الرابع: لو دخلت الحربية دار الاسلام بأمان للتجارة لم يكن عليها
ان تودي شيئا الا ان تختار هي لان الاختيار في ذلك المكان مباح لها وكذا الإقامة فيه على التأبيد بغير عوض بخلاف الرجل ولو طلب
دخول الحجار على أن يؤدي سبب جاز ذلك لأنه ليس لها دخول الحجار على ما يأتي البحث فيه. مسألة: ويؤخذ الجزية من الشيخ الفاني
964

والزم من ماله الشيخ رحمه الله وهو إحدى قولي قولي الشافعي وفي الثاني لا يؤخذ منهم الجزية وهذا عنده تفريع على جواز قتلهم والشيخ رحمه الله أوجب
الجزية عليهم وان جاز استنفارهم عملا بعموم الآية وفي رواية حفص عن أبي عبد الله عليه السلام انها سقط عن العقد والشيخ الفاني والمرأة والولدان
وقد سلف قال الشيخ رحمه الله ولذلك إذا وقعوا في الأسر جاز للامام قتلهم اما الأعمى لا فالوجه مساواته لهما. مسألة: وتؤخذ من أهل الصوامع والرهبان
وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر لا جزية عليهم لنا عموم الامر بأخذ الجزية وقد فرض عمر بن عبد العزيز على رهبان الديارات الجزية على كل راهب
دينارين ولأنه كافر صحيح فأدر على أداء الجزية فوجب اخذها منه كالشماس احتجوا بأنهم محقونون بدون الجزية فلا يجب كالنساء
ولأنهم لا كسب لهم فأشبهوا الفقراء والجواب عن الأول يمنع المقدمة الأولى وعن الثاني بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل. مسألة: و
اختلف علمائنا في ايجاب الجزية على المملوك فالمشهور عدم وجوبها عليه ذهب إليه الشيخ رحمه الله وهو قول الجمهور كافة وقال آخرون لا
يسقط عنهم الجزية احتج الشيخ رحمه الله بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا جزية على العبد ولان العبد مال فلا يؤخذ منه
الجزية كغيره من الحيوان احتج الآخرون بما رواه الجمهور عن علي عليه السلام قال لا تشتروا رقيق أهل الذمة ولا مما في أيديهم لأنهم أهل خراج
يتبع بعضهم بعضا ولا يقرن أحدكم بالصغار وبعد ذا نفذه إليه منه ومعناه انه نهى عن شراء رقيق أهل الذمة لأنه إن لم يود عنهم سقط بعض
الجزية بغير سبب وان أدى عنهم لحقه الصغار ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الدرداء عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال سألته عن مملوك نصراني
لرجل مسلم عليه جزية قال نعم قلت فنؤدي عنه مولاه المسلم الجزية قال نعم انما هو ماله يقيد به إذا اخذ يؤدي عنه قال ابن الجنيد في كتاب النبي
صلى الله عليه وآله لمعاذ وعمر بن حزام خذ الجزية من العبد ولأنه مشرك فلا يجوز ان يستوطن دار الاسلام بغير عوض كالحر ولان سيده
لو كان مشركا لم يكن من الإقامة الا بعقد الذمة فالعبد أولى ولأنه من أهل الجهاد فلا يسقط عنه الجزية لأنها عوض حقن الدم وهو
مباح الدم. فروع: الأول: لا فرق بين ان يكون العبد لمسلم أو ذمي ان قلنا بوجوب الجزية عليه ويؤديها مولاه عنه وبعض الجمهور
فرق بينهما لان عبد المسلم لأنما يؤخذ من مولاه فيؤدي إلى اخذ الجزية من المسلم وهو ضعيف لأنه يؤديها عن حقن دم العبد وقد يملك
الباقر عليه السلام ذلك نص على اخذها من مولاه. الثاني: لو كان نصفه حرا ونصفه رقا وجب اخذ الجزية عنه فيؤدي هو قدر نصيبه من
الحرية ويؤدي مولاه قدر نصفه من الرقية ان قلنا بوجوب الجزية على المملوك والا وجب عليه بقدر الجزية لا غير لأنه حكم يتخير الحلف بالجزية والرق
فيقسم على قدرها كالإرث. الثالث: لو أعتق لم يخل حاله من أحد أمرين اما ان كيون حربيا أو من أهل الكتاب فإن كان حربيا لم يقر بالجزية بل يقعر على الاسلام ويرد إلى دار الحرب قاله الشافعي وقال ابن الجنيد منا لا يمكن في اللحوق بدار الحرب بل يسلم ويحبس لان
في لحوقه بدار أهل الحرب بعونه لهم على المسلمين ودلالة على عوراتهم وان كان من أهل الكتاب لم يقر في دار الاسلام الا ببذل الجزية
أو يسلم فان لم يفعل رد إلى مأمنه بدار الحرب عند الشافعي وحبس عند ابن الجنيد وبالجملة يلزمه الجزية بعد العتق لما يستقبل وهو
مذهب عامة العلماء الا ما روى عن أحمد بن حنبل أنه قال يقر بغير جزية سواء كان المعتق له مسلما أو كافرا وما روى عن مالك انه لا جزية
عليه ان كان المعتق مسلما والصحيح الأول لما بينا ان الجزية تؤخذ منه لو كان رقا فاخذها منه إذا كان حرا أولى وللعموم الامر بأخذ الجزية
ولأنه حر مكلف موسى من أهل القتل فلا يقر في دار الاسلام بغير عوض كالحر الأصلي احتج المخالف بان الولاء شعبة من الرق وهو ثابت
عليه وهو غلط لما تقدم.
البحث الثاني: في مقدار الجزية. مسألة: واختلف علمائنا في أن الجزية هل فيها شئ مقدر
يجوز تغييره أم لا على أقوال ثلاثة. أحدها: ان فيها مقدرا وهو ما قدره علي عليه السلام الفقير اثنى عشر درهما وعلى المتوسط أربعة
وعشرون وعلى الغني ثمانية وأربعون في كل سنة وبهذا قال أبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين. الثانية: انها متعذرة في طرف
القلة دون الكثرة فلا يؤخذ من كل كتابي أقل من دينار واحد ولا مقدر في طرف الزيادة بل ذلك موكول إلى نظر الامام وهو مذهب ابن
الجنيد منا واحمد في إحدى الروايات. الثالثة: انها غير مقدرة لا في طرف القلة ولا في طرف الكثرة بل هي منوطة بما يراه الامام من المصلحة وهو الحق
عندي واليه ذهب الشيخان وابن إدريس وأكثر علمائنا وهو قول الثوري واحمد في الرواية الثالثة وقال الشافعي انها مقدرة بدينار في حق الغني
والفقير لا يجوز النقصان منه ويجوز الزيادة عليها ان بذلها الذمي وقال مالك هي مقدرة في حق الغني بأربعين درهما وفي المتوسط
بعشرين درهما وفي حق الفقير بعشرة دراهم لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه امر معاذ ان يأخذ ممن كان حالم دينار أو
صالح أهل نجران على الفي أحد النصف في صفر والنصف في رجب وضع علي عليه السلام الغني ثمانية وأربعين درهما وعلى المتوسط أربعة
وعشرين وعلى الفقير اثنى عشر درهما وكذلك فعل عمر بن الخطاب وصالح عمر بني تغلب على مثل ما على المسلمين من الصدقة وهذا يدل على عدم التقدير
فيه وانها موكولة إلى نظر الامام والا لما اختلف المقادير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن وابن بابوية في الصحيح عن زرارة
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي ان يجوز إلى غيره فقال
965

ذلك إلى الامام يأخذ من كل انسان منهم ما شاء على ما قدر يطيق انما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا فالجزية يؤخذ منهم على قدر
ما يطيعون له ان يا خذهم به حتى يسلموا فان الله عز وجل قال حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وكيف يكون صاغرا ولا يكرث لما يؤخذ
منه حتى يجد ولا لما أحد منه فينا لم لذلك فيسلم ولأنها عوض فلا يتقدر بقدر كالأجرة احتج أبو حنيفة بان عليا عليه السلام وضعها كذلك
وعمر أيضا ولم ينازعهما أحد من الصحابة فكان اجماعا احتج ابن الجنيد بان عليا عليه السلام زاد على ما قرره رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينقص
منه قدر على أن الزيادة موكولة إلى نظر الامام دون النقصان لو كان جايزا لأمر النبي صلى الله عليه وآله معاذا به واحتج الشافعي بان
النبي صلى الله عليه وآله امر معاذا ان يأخذ من كل حالم دينارا ولم يفصل بين الغنى والفقير والجواب عن الأول بان ذلك لرأي رآه علي عليه السلام و
مصلحة اقتضت ما فعله لأنه مقدر ولا يجوز الزيادة عليه ولا النقصان عنه وعن الثاني بذلك وأيضا عن الثالث يجوز ان يكون النبي صلى الله عليه وآله
علم من أحوال من بعث معاد إليهم الطاقة لذلك فامره به والجواب عن الرابع. مسئلة: يجب الجزية باخر الحول ويجوز أخذها
سلفا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ما دله ويطالب بها عقيب العقد ويجب الثانية في أول الحول الثاني وهذا لنا انه مال يتكرر بتكرر الحول ويؤخذ
في اخر كل حول فلا يجب بأوله كالزكاة ولأنه احتج أبو حنيفة بقوله تعالى حتى يعطوا الجزية والجواب المراد بها التزام اعطائها لا نفس الاخذ ولا اعطاء
حقيقة ولهذا يحرم قتالهم بمجرد بذل الجزية قبل اخذها اجماعا. مسألة: وتؤخذ الجزية مما ينشر من أموالهم من الايمان والعروض على
قدر يمكنهم ولا يلزمهم الامام بمعنى من ذهب أو ذهب وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله لما بعث معاذا إلى اليمن امره ان يأخذ من كل حالم
دينارا أو عدله معافري واخذ النبي صلى الله عليه وآله من نصارى نجران الفي حلة وروى عن علي صلى الله عليه وآله انه كان يأخذ الجرية من كل ذي صنعة من
متاعه فكان يؤخذ من صاحب الأثر اثرا ومن صاحب المال ماله ومن صاحب (الحبال حبالا) ثم يدعوا الناس فيعطيهم الذهب والفضة فيغنمونه ثم يقول
خذوا واقتسموا فيقولون لا حاجة لنا فيه فيقول أخذتم خياره وتركتم شراره ليحمله إذا ثبت هذا فان بذلوا الجزية والتزموا بشرايط الذمة
حرم قتالهم لقوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر إلى قوله تعالى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فجعل عطاء الجزية
غاية لقتالهم فإذا بذلوها حرم قتالهم ولان النبي صلى الله عليه وآله قال ادعهم إلى الاسلام فان أبوا فادعهم إلى اعطاء الجزية فان
أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ولا نعلم في ذلك خلافا. مسألة: ولا يتداخل الجزية بل إذا اجتمعت عليه جزيتين أو أكثر استوفى
منه اجمع وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يتداخل لنا انه حق مال جيب في اخر كل حول فلا يتداخل كالدية والزكاة واحتج بأنها عقوبة
فيتداخل كالحدود والجواب الفرق بما تقدم. مسألة: ويتخير الامام في وضع الجزية على إن شاء على رؤوسهم ان شاء على أرضهم وهل يجوز
له ان يجمع بينتهما فيأخذ منهم عن رؤوسهم شيئا قال الشيخان وابن إدريس لا يجوز ذلك بل إن يأخذ من أيهما شاء وقال أبو الصلاح
يجوز الجمع بينهما وهو الأقوى عندي لنا ان الجزية عن مقدره وفي طرفي الزيادة والنقصان بل هي موكولة إلى نظر الامام
فجاز له ان يأخذ من أرضيهم ورؤسهم كما يجوز له ان يضعف الجزية الني على رؤوسهم في الحول الثاني ولان ذلك سبب بالصغار احتج الشيخان
بما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أرأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من ارض الجزية ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم
لما عليها في ذلك شئ موظف فقال كان عليهم أجازوا على أنفسهم وليس للامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس
على أموالهم شيئا وان شاء ففي أموالهم وليس على رؤوسهم شئ فقلت هذا الخمس فقال انما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله
وعن محمد بن مسلم قال سالت عن أهل الذمة ماذا عليهم فيما يحقنون به دمائهم وأموالهم قال الخراج فان اخذ من رؤوسهم الجزية
ولا سبيل على أراضيهم وان اخذ من أراضيهم فلا سبيل على رؤوسهم والجواب نحن نقول بموجب الحديثين ونحملهما على ما إذا صالحهم على
قدر فإن شاء اخذه من رؤوسهم ولا شئ له حكم على أراضيهم وبالعكس ليس فيهما دلالة على المنع من المصالحة على أن يأخذ من رؤوسهم و
وأراضيهم ابتداء. مسألة: ويجوز ان يشترط عليهم في عقد الذمة ضيافة من يمر بهم من المسلمين ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله
اضرب على نصارى ايلمة ثلاثمائة دينار أو كانوا ثلاثمائة نفس في كل سنة وان يضيفوا من (مر بهم) من المسلمين ثلاثة أيام ولا يغش مسلما
وشرط على نصارى نجران اقرار بثلاثة وعشرين ليلة فيما دونها من عايريه ثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين درعا مضمونة إذا كان
حدث باليمين وشرط عمر بن الخطاب على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة وان يصلحوا القناطر فان قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم دمه
وشرط على بعض أهل الجزية ارزاق المسلمين مدين وثلاثة أفساط زيت لكل انسان على أهل الذمة يعني الشام وعلى أهل مصر لكل
انسان أردب وشنا من ورك وعسل وعلى أهل العراق يعني السواد خمسة عشر صاعا لكل انسان ولان الحاجة تدعو إليه لأنهم ربما
امتنعوا من مبايعة المسلمين معاقدة لهم واضرارا بهم فإذا اشترطت الضيافة عليهم امن ذلك. فروع: الأول: لو لم يشترط الضيافة
عليهم لم يكن واجبة وبه قال الشافعي وقال بعض الجمهور يجب بغير شرط لنا ان الأصل عدم الوجوب ولان الأصل الجزية لا يثبت الا بالالتزام
966

والضيافة أولى. الثاني: يجب ان يكون الضيافة زائدة على أهل ما يجب عليهم من الجزية وهو أحد قولي الشافعي وفي القول الثاني
انما يحتسب من الدينار الذي هو جزية قدر الجزية عنده لنا ان النبي صلى الله عليه وآله شرط على نصارى إيلة الضيافة زيادة على الدينار
والدينار عنه مقدار الجزية الذي هو مقدار الجزية والزياد وعليه ولان النقصان منه ولأنه لو شرط عليه الضيافة من الجزية حتى لم تمر به أحد من المسلمين
خرج بغير جزية وهو باطل. الثالث: إذا اشترط الضيافة وجب ان تكون معلومة بان يكون عدد من يطعمونه من المسلمين في كل
سنة معلوما ويكون أكثر الضيافة لكل أحد ثلاثة أيام لان النبي صلى الله عليه وآله قال الضيافة ثلاثا وما زاد صدقة والأقرب عندي
جواز الزيادة على ذلك مع الشرط والتراضي فيقال لهم يضيفون في كل سنة خمسين يوما أو أقل أو أكثر في كل يوم عشرة مساكين
من المسلمين أو أكثر وتعين القوت قدرا وجنسا لكل رجل كذا وكذا رطلا من خبز وتعين لادم من لحم وسمن وزيت ويشرح ويكون
قدره معلوما وتعين علف الدواب من الشعير والتبن وألقيت لكل دابة شئ معلوم فان شرط الشعير قدره بمقدار معين وإن لم يشترط الشعير
بل شرط العلف فالوجه انه لا يدخل فيه الشعير بل التبن والحشيش ولا تكلفوا الذبيحة ولا ضيافتهم ما دفع من طعامهم الا مع الشرط. الرابع:
ينبغي ان يكون الضيافة على قدر الجزية فيكثرها على الغني ويقللها على الفقير ويوسطها على المتوسط ولا تسووا أساوي بينهم في الضيافة
لان ذلك ارفق لهم. الخامس: ينبغي ان يكون نزول المسلمين في فواضل منازلهم وفي بيعهم وكنايسهم ويؤمرون بان يوسعوا أبواب
البيع والكنايس وان يعملوها لما يختارهم من المسلمين فيدخلونها ركبانا قان لم يسعهم بيوت الأغنياء نزلوا في بيوت الفقراء ولا
ضيافة عليهم وإن لم يسعهم لم يكن لهم اخراج أرباب المنازل منهما ولو كثروا فمن سبق إلى منزل كان أحق به قال الشيخ رحمه الله ولو قلنا
باستعمال القرعة كان أحوط ولو جاؤوا مجتمعين استعمل القرعة. السادس: إذا شرطنا عليهم الضيافة فان وقف بها فلا بحث وان
امتنع بعضهم أجبر عليه وان امتنع الجميع قهروا عليه فان لم يكن الا بالمقاتلة قوتلوا فان قاتلوا انتقضت العهد
وحرموا الذمة فان طلبوا أمنه بعد ذلك العقد على أقل ما يراه الامام ان يكون لجزية لهم لزمه اجابتهم ولا يتعين ذلك بدينار أو أقل أو أكثر عندنا. مسألة:
ومع أداء الجزية لا يؤخذ شئ منهم سواها سواء اتجروا في بلاد الاسلام أو لم يتجروا والا في في الأرض الحجاز على ما سيأتي البحث فيه وبه قال الشافعي
وقال احمد إذا خرج من بلده إلى اي بلد كان في بلاد الاسلام تاجر اخذ منه نصف العشر لنا قوله تعالى حتى يعطوا الجزية جعل إباحة الدم
ممتدا إلى اعطاء الجزية وما بعد الغاية يخالف ما قبلها وقوله عليه السلام ادعهم إلى الجزية فإذا أطاعوك فاقبل منهم كف عنهم ومن طريق الخاصة
ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية أيؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيئا سواء الجزية قال لا احتجوا بقول
النبي صلى الله عليه وآله ليس على المسلمين عشورا انما العشور على اليهود والنصارى ولان عمر بن الخطاب بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل
على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون فيها في كل عشرين درهما درهما والجواب عن الأول بجواز اطلاق العشر على الجزية أو يكون محمولا على
المتبحرين بأرض الحجاز على ما يأتي وعن الثاني باحتمال ان يكون ذلك قدر جزيتهم على أنه ليس بحجة. مسألة: واختلف في الصغار فقال
ابن الجنيد الصغار عندي هو ان يكون مشروطا عليهم وقف العقد ان يكون احكام المسلمين جارية عليهم إذا كانت الخصومات بين المسلمين وبينهم
أو تحاكموا إلينا في خصوماتهم وان تؤخذ منهم وهم قيام على الأرض وقال الشيخ رحمه الله الصغار هو التزام احكامنا وجريانها عليهم وقال الشافعي
هو ان يطأطئ رأسه عند التسليم فيأخذ المستوفي بحسبه ويضرب في لهازمه إذا عرفت هذا فينبغي أن لا يشترط عليهم في اخذها ولا يعدلون إذا
عثروا عن آدابها فان علي بن أبي طالب عليه السلام استعمل رجلا من عكرا فقال له على رؤس الناس لا تدعوا لهم درهما من الخراج وشدد عليه القول
ثم قال الغني عند انتصاف النهار فاتاه فقال إني كنت أمرتك بأمر واني أتقدم إليك الآن فان عصيتني نزعتك لأبيعن لهم في خراجهم
عمارا أو لا تقره ولا كسوة شيئا ولا صف ارفق بهم وقدم سعيدا بن عامر بن حذيم فعلاه عمر بالدرة فقال سبق سيلك مطرك ان تعاقب تصبر وان
تعفوا نشكر وان تستغيث نغيث فقال عمر ما على المسلم الا هذا مالك تبطي الخراج فقال امرتنا أن لا نزيد على أربعة دنانير فلسا
نزيدهم على ذلك ولكنا نؤخرهم إلى علائمهم قال عمر لا عزلتك ما حييت. مسألة: إذا مات الذي بعد الحول لم يسقط عنه الجزية واخذت
من تركته وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة تسقط وهو قول عمر بن عبد العزيز وعن أحمد روايتان لنا انه مال استقر وجوبه عليه
في حال حياته فلا يسقط بالموت كساير الديون احتج أبو حنيفة بأنها عقوبة فسقطت بالموت كالحدود والجواب لا نسلم انها عقوبة وان
استلزمته العقوبة به وانما هي معاوضة لأنها وجبت لحقن الدماء والمساكنة والحد يسقط بالموت لفوات محله وتعذر استيفاءه بخلاف الجزية
. فروع: الأول: لو مات في أثناء الحول ففي مطالبته بالقسط ننظر أقربه المطالبة وبه قال ابن الجنيد لان الجزية معاوضة عن
المساكنة وحقن الدم وانما أوجبنا المطالبة ارفاقا ولو لم يمت لم يطالب في أثناء السنة مع عقد العهد على اخذها في اخر السنة لان
الالتزام بالشرط واجب. الثاني: يقدم الجزية على وصاياه والوجه مساواتها للدين ويؤخذ من تركته الجزية وودي الادمي بالتقسيط
967

ولو لم يخلف شيئا و. لو مات قل الحول لم يؤخذ من تركته شئ أيضا. الثالث: لو أفلس كان الامام عن بما يضرب مع الغرماء بقدر الجزية لأنها وجبت
في ذمته كساير الديون. الرابع: قد بينا انه يجوز استيلاف الجرية مع المصلحة قال ابن الجنيد يجوز اخذها سلفا وبعد انقضاء السنة والأجل
إلى أن يكون واجبا لما مضى وحصلت لذمي به الذمة فلو مات الذمي وكانت الجزية قد استسلفت منه عن السنة المقبلة رد على ذريته بقدر ما بقي
من السنة. مسألة: إذا أسلم الذمي قبل أداء الجزية فإن كان في أثناء الحول سقطت عنه الجزية اجماعا منا وان أسلم بعد حلول الحول
ففيه قولان أحدهما يسقط عنه أيضا ذهب الهى الشيخان وابن إدريس وأكثر علمائنا وبه قال مالك والثوري وأبو عبيدة واحمد وأصحاب الرأي و
الثاني لا تسقط اختاره الشيخ رحمه الله في الخلاف وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر لنا قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم
صاغرون أوجب اعطاء الجزية حال الصغار وهؤلاء يثبت في حق المسلم فلا يثبت الجزية في حقه أيضا ولقوله تعالى قل للذين كفروا ان
ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وهو عام وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ليس على المسلم جزيته وعن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال لا ينبغي للمسلم ان يؤدي الخراج يعني الجزية وروي ان ذميا أسلم فطولب بالجزية وقيل انما أسلمت يعودا قال إن في الاسلام
معاذا دفع إلى عمر فقال إن في الاسلام معاذا فكتب أن لا يؤخذ منه الجزية ولان الجزية صغار فلا يؤخذ منه كما أسلم قبل الحول ولان
الجزية عقوبة يجب بسبب الكفر فيسقطها الاسلام كالقتل احتج الشافعي بأنها دين استحقه صاحبه واستحق المطالبة به في حال الكفر
فلا يسقط بالاسلام كالخراج وغيره من الديون والجواب الفرق فإنها عقوبة بسبب الكفر وصغار بخلاف الدين. فروع: الأول:
لا فرق بين ان يسلم لتسقط عنه الجزية أو يسلم لا لذلك وفرق الشيخ في التهذيب فأوجب الجزية على التقدير الأول دون الثاني قال
كما لو زنا الذمي بالمسلمة فان القتل لا يسقط عنه باسلامه لان الغالب عن الظن انه انما أسلم ليسقط عن نفسه القتل فكذا ا لجزية إذا
أسلم ليدفعها عن نفسه لم يقبل وإذا أسلم لغير ذلك كان اسلامه مقبولا والأقرب الأول والفرق ثابت بين الزنا والجزية. الثاني:
لو أسلم في أثناء الحول سقطت عنه الجزية وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني تؤخذ منه القسط اما ما تقدم من سقوطها بعد الحول فالتقسيط
في الأثناء أولى. الثالث: لو استسلفت الامام منه الجزية ثم أسلم في أثناء الحول رد عليه قسط باقي الحول وهل يرد لما معنا الأقرب
عدمه والفرق بين ان يأخذ منه وان لا يأخذ ظاهر لتحقيق الصغار للمسلم في الثاني دون الأول.
البحث الثالث: فيما يشترط
على أهل الذمة. مسألة: لا يجوز عقد الذمة المؤبدة الا بشرطين أحدهما أن لا يلتزموا اعطاء الجرية عن يد وهم صاغرون وفي حديث
النبي صلى الله عليه وآله فادعهم إلى أداء الجزية فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ولا نعلم فيه خلافا إذا ثبت هذا فان عقد الذمة والهدنة
لا يصلح الا من الامام أو نائبه بلا خلاف نعلمه لان ذلك يتعلق بنظر الامام وما يراه من المصلحة وهو عقد مؤبد فلا يجوز لغير الامام ولا
نائبه فعله إذا عرفت هذا فلو شرط عليهم في عقد الذمة شرطا فاسدا مثل ان يشترط أن لا جزية عليهم أو إظهار المنكر أو سكناهم بالحجاز أو ادخالهم
الحرم والمساجد وعدم الالتزام باحكام الاسلام لم يصح الشرط اجماعا وهل يفسد العقد بفساد الشرط فيه احتمال ينشأ من أنه عقد جرى على هذا
الشرط الفاسد فيبطل ببطلانه قضية الشرط ولأنه بدون الشرط غير مرضي فكأنه غير معقود عليه ومن انه شرط فاسد فلا يفسد بفساده العقد كالشروط
في المضاربة والبيع. مسألة: وينبغي للامام ان يشترط عليهم كل ما فيه نفع للمسلمين ورفعتهم كما شرطه عمر فقد روي أنه كتب أهل الجزيرة إلى عبد
الرحمن بن غنيم انا حين قدمنا بلادنا طلبنا الأمان أمان أنفسنا وأهل ملتنا على انا شرطنا لك على أنفسنا أن لا تحدث في مدينتنا كنيسة ولا فيما حولنا ديرا ولا فلانه ولا صومعة
راهب ولا يجد ما ضرب من كنايسنا ولا ما كان منها في حبطط؟؟ للمسلمين ولا يمنع كنايسنا من المسلمين ان ينزلوها في الليل والنهار وان
أبوابها للمارة وابن السبيل ولا في منازلنا جاسوسا وان لا تكتم امر من المسلمين وان لا نضرب نواقيسنا الا ضربا خفيا في جوف كنايسنا
ولا تظهر عليها صليبا ولا نرفع أصواتنا في الصلاة ولا في القراءة في كنايسنا فيما يحضره المسلمون ولا يخرج
صليبا ولا كتابنا في سوق المسلمين وان لا يخرج ما عندنا ولا نتغابن ولا نرفع أصواتنا مع أصواتهم ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين وان لا نجاورهم بالخنازير ولا نبيع
الخمور ولا نظهر شركا ولا نرغب في ديننا ولا ندعوا إليه أحد ولا نتخذ شيئا من الرقيق الذين جرت عليهم سهام المسلمين وان لا نمنع أحدا
من أقربائنا ان أراد الدخول في الاسلام وان نلزم ذممنا حيث مساكننا وان لا نتشبه بالمسلمين في ليس قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا
فرق شعر ولا في مراكبهم ولا نتكلم بكلامهم ولا نكنى بكناهم وان يجز مقاديم رؤسنا ولا يفرق نواصينا ونشد الزنانير على أوساطنا
ولا ينقش خواتيمنا بالعربية ولا نركب السروج ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله ولا نتقلد السيف وان نوقر المسلمين في مجالسهم
ونرشد الطريق ونقوم لهم عن المجالس إذا أرادوا المجالس ولا نطلع عليهم في منازلهم ولا نعلم أولادنا القران ولا نشارك أحد منا
مسلما في تجارة الا ان يكون إلى المسلم امر التجارة وان نضيف كل مسلم عابري سبيل ثلاثة أيام ونطعمه من أوسط ما نجد ضمنا ذلك
أنفسنا وذرارينا وأزواجنا ومساكننا وان نحن غيرنا أو خالفنا ان ما شرطنا على أنفسنا وقبلنا الأمان عليه فلا ذمة لنا وقد حل
968

منك ما لا يحل لأهل المعاندة والشقاق فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عمر بن الخطاب فكتب لهم عمر ان امض لهم ما سألوا والحق منه
حرفين اشترطهما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم أن لا يشتروا من سبايانا ومن حرب مسلم عمدا فقد خلع عهده فانفذ عبد الرحمن بن غنم
ذلك وأقر من أقام من الروم في مداين الشام على هذا الشرط قال ابن الجنيد رحمه الله واختار ان يشترط عليهم عند عقد الذمة له أن لا
يظهروا سبا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا لاحد من أنبياء الله وملائكته ولا سب أحدا من المسلمين ولا يطعنوا في شئ من الشرايع
التي رسمها أحد من الأنبياء ولا يظهروا شركهم في عيسى والعزير عليهم السلام ولا يرعوا خنزيرا في شيئا من أمصار المسلمين ولا يمثلوا ببهيمة ولا
يذبحوها الا من حيث نص لهم في كتبهم على ذبحها ولا يقربوها لصنم ولا لشئ من المخلوقات ولا يربوا مسلما ولا يعاملوه في بيع ولا إجارة
ولا مساقاة ولا مزارعة معاملة لا يجوز للمسلمين ولا سقوا مسلما خمرا ولا يطعموه محرما ولا يقاتلوا مسلما ولا يعاونوا ناغبا؟؟ ولا ينقلوا
اخبار المسلمين إلى أعدائهم ولا بد لوا على عوراتهم لولا يجبوا من بلاد المسلمين شيئا الا واليهم فان فعلوا كان للوالي اخراجه من أيديهم ولا ينكحوا
مسلمة بعقد ولا غيره ويشترط عليهم أيضا كما قلنا إنه ليس بجايز لهم فعله كدخول الحرم وسكنى الحجاز وغيره ثم
يقال فمن دخل شيئا من ذلك فقد نقض عهده وأحل ذمة وماله وبرئت ذمة الله وذمة رسوله والمؤمنين. مسألة: جمله ما يشترط
على أهل الذمة ينقسم إلى ستة أقسام. أحدها: يجب شرطه ولا يجوز تركه ولا أمران. أحدها: سقوط الجزية عليهم والثاني التزام حكم الاسلام
ولا بد من ذكر هذين الامرين معا لفظا ونطقا ولا يجوز الاخلال بهما ولا بأحدهما فان أغفل أحدهما لم ينعقد الجرية ولا نعلم فيه خلافا
لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقد بينا ان الصغار وهو التزام احكام المسلمين واجراؤها عليهم ولرواية ابن غياث
عن أبي عبد الله عليه السلام ولو منع الرجال فأبوا ان يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دمائهم وقتلهم. الثاني: لا يجب شرطه لكن
الاطلاق يقتضيه وهو أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان من الغرم على حرب المسلمين أو امداد المشركين والمعاونة لهم على حرب المسلمين لان اطلاق
الأمان يقتضي ذلك فإذا فعلوه نقضوا الأمان لأنهم إذا قاتلونا وجبت علينا قتالهم وهو ضد الأمان وهذا القسمان ينتقض بمخالفتهما
سواء شرطنا ذلك في العقد أم لم يشترط. الثالث: ما ينبغي اشتراط ما يجب عليهم الكف عنه وهو سبعة أشياء ترك الزنا بالمسلم وعدم اجارتها
باسم النكاح وان لا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يقطع عليه الطريق ولا يرى المشركين عنيا ولا يعين على مسلم بدلالة أو بكتبه كتابا إلى أهل
الحرب باخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم ولا يقتلوا مسلما ولا مسلمة فان فعلوا شيئا من ذلك وكان تركه مشترطا في العقد نقضوا
العهد وإلا فلا ثم إن أوجب ما فعلوه حد أحدهم الامام وإن لم يوجبه عذرهم بحسب ما يراه وللشافعي قولا اخر انه لا يكون نقضا للعهد شرطا
مع الشرط لان كما لا يكون فعله نقضا إذا لم يشترط لم يكن نقضا وان شرط كاظهار الخمر والخنزير والجواب المنع من الكلية وثبوت الحكم في
الأصل أيضا وقال أبو حنيفة لا ينتقضوا العهد الا بالامتناع إلى الامام على وجه يتعذر معه اخذ الجزية منهم وهو خطأ لان الامام
وقع على هذا الشرط فيبطل ببطلانه ولان عمر بن عبد العزيز رفع إليه رجل قد أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا فقال ما على هذا صالحناكم فامر به
فصلب في بيت المقدس ورفع أبي عبيدة الجراح برجل استكره امرأة مسلمة على الزنا فقال ما على هذا صالحناكم وضرب عنقه ولان فيه
ضررا على المسلمين فإذا شرط عليهم كانوا بمخالفته ناقضين للعهد كمنع الجزية وحربهم للمسلمين بخلاف إظهار الخمر والخنزير ان قلنا انهم لا ينقضون
دماهم باظهاره لأنه ضرر فيه على المسلمين. الرابع: ما فيه غضاضة على المسلمين وهو ذكر ربهم أو كتابهم أو دينهم بسوء فلا يخلو اما ان ينالوا فالسبب
أو بدونه فان سبوا الله تعالى أو رسوله وجب قتلهم وكان ذلك نقضا للعهد قاله الشيخ رحمه الله وان ذكروهما بما دون السب أو ذكروا دين الاسلام أو كتابا
الله تعالى بما لا ينبغي فإن كان قد شرط عيهم الكف عن ذلك كان ذلك نقضا للعهد وإلا فلا وقال أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية لا يجب ذلك
لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقال بعضهم من شتم منهم النبي صلى الله عليه وآله قيل حلالا لان النبي صلى الله عليه وآله لم يؤمن
ابن حنظل والستر وقتلهما. الخامس: ما يتضمن المنكر ولا ضرر على المسلمين فيه وهو أن لا يجددوا كنيسة ولا بيعة في دار الاسلام ولا يرفعوا أصواتهم
بكتبهم ولا يضربوا الناقوس ولا يعلوا أبنيتهم على بناء المسلمين وان لا يظهروا الخمر والخنزير في دار الاسلام
فهذا كله يجب عليهم الكف عنه
سواء شرط عليهم أو لم يشرط فان عقد الذمة يقتضيه فان خالفوا ذلك لم يجل اما ان يكون مشروطا عليهم انتقض ذمامهم وإن لم يكن مشروطا
عليهم لم ينتقض دماهم بل يجب عليهم بما يقابل جنايتهم من حد أو تعزير وقال الشيخ رحمه الله لا يكون نقضا للعهد سواء شرط عليهم أو لم يكن و
وبه قال الشافعي لنا ما رواه الجمهور في كتاب عمر ان نحن خالفنا فقد حل لك مناما يحل لك من أهل المعاندة والشقاق وقال عمر من ضرب
مسلما عمدا فقد خلع عهدة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ رحمه الله وابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الجزية على أن لا يأكلوا الربا ولا يأكلوا لحم الخنزير ولا نكحوا الأخوات ولا بنات
الأخ فمن فعل ذلك منهم برئت من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وقال ليست لهم اليوم ذمة لأنه عقد منوط بشرط فمتى لم يوجد
969

الشرط زال حكم العقد كما لو امتنع من التزام قول الجزية أم الشافعية فاختلفوا في التعليل فقال بعضهم انما لا يكون نقضا لأنه لا
ضرر على المسلمين منه وقال آخرون لا يكون نقضا لأنهم يتدينون به إذا ثبت هذا فكل موضع قلنا ينتقض عهدهم فأول ما يعمل انه
انه لا يستوفي منه موجب الحرم ثم بعد ذلك يتخير الامام بين القتل والاسترقاق والمن والفداء ويجوز له ان يردهم إلى مأمنهم في دار الحرب
ويكونوا حربا لنا بفعل من ذلك ما يراه صلاحا للمسلمين هكذا قال الشيخ رحمه الله وللشافعي قولان أحدها انه يرد إلى مأمنه لأنه دخل دار
الاسلام بأمان فوجب رده كما لو دخل بأمان والثاني ان يكون للامام قتله واسترقاقه لأنه كافر لا أمان له فأشبه الحربي المتلصص وهو الأقرب
عندي لأنه هذا فعل لا ينافي الأمان بخلاف من أنه صبي فإنه يعتقد انه أمان. السادس: التميز بين المسلمين وينبغي للامام ان يشترط
عليهم في عقد الذمة التميز عن المسلمين في أربعة أشياء في لباسهم وشعورهم وركوبهم وكناهم أم لباسهم فهو ان يلبسوا ما يخالف لونه سائر
ألوان الثياب فعادة اليهود العلي وعادة النصارى الأدكن وتكون هذا في ثوب واحد لا في جميعها ليقع الفرق وما حدهم ثمد الزنانير في أوساطهم ان
كان نصرانيا فوق الثياب وإن لم يكن نصرانيا ألزمه بعلامة أخرى كخرقة يجعلها فوق عمامته أو قلنسوة يخالف لونها لونها ويجوز ان يلبسوا
العمامة والطيلسان فان لبسوا قلانسي شذر وفي رأسها علما ليخالف قلانسي القضاة وينبغي ان يختم في رقبته خاتم رصاص أو نحاس أو حديد
أو يضع فيه جلجلا أو جرسا ليمتاز به عن المسلمين في الحمام وكذلك يأمر نسائهم تلبس شئ يفرق بينهن وبين المسلمات من شد الزنانير ويجب الإزار
ويختم في رقبتهن وبغير أحد الخفين بان يكون أحدهما احمر والاخر ابيض لا يمنعون من لبس فاخر الثياب لان التمييز يحصل بما ذكرناه واما الشعور
فإنهم لا يفرقون شعورهم لان النبي صلى الله عليه وآله فرق شعره ويحذفون مقاديم رؤوسهم ويجرون شعورهم واما الركوب فلا يركبون الخيل
لأنه غر ويركبون ما سواها بغير سرج ويركبون عرضا رجلاه إلى جانب وظهر إلى اخر ويمنعون تقليد السيوف وعملا الصلاح واتخاذه واما الكنى
فلا يتكنوا بكنى المسلمين كأبي القاسم وأبي عبد الله وأبي محمد وأبي الحسن وأشباهها ولا يمنعون من الكنى بالكلية فان النبي صلى الله عليه وآله
حين دخل على سعد بن عبادة قال ما ترى ما يقول أبو الجناب وقال لأسقف نجران أسلم ابا الحرث. مسألة: قد بينا من انتقض
أمانه يتخير الامام فيه بين المن أو القتل أو الاسترقاق أو الفداء فان أسلم قبل أن يختار الامام فيه شيئا سقط عنه ذلك كله الا ما يوجب الحد أو
الحقود واستعاد ما اخذ قال الشيخ رحمه الله فان أصحابنا رووا ان اسلامه لا يسقط عنه الحد وجهته انه حق يثبت في ذمته فلا يسقط بالاسلام كالدين
ولو أسلم بعد أن استرقه الامام لم ينفعه اسلامه في ترك الاسترقاق وكذا المفاداة فاما المستأمن وهو المعاهد في عرف الفقهاء فهو الذي يكون له أمان
بغير دمه فيجوز للامام ان يؤمنه دون الحول بعوض وغير عوض ولو أراد أن يتم حولا وجب عليه العوض فإذا عقد له الأمان فان خاف منه الامام
الخيانة بان يؤدي للمشركين عبثا أو يدلهم على عورة فان للامام ان ينبذ إليه الأمان ويرده إلى دار الحرب لقوله تعالى واما تخافن من قوم
خيانة فانبذ إليهم على سواء بخلاف أهل الذمة فإنه لا ينقض ديتهم بخوف الخيانة الا لتزامهم باحكام الاسلام من الحدود وغيرها
فيكون ذلك مانعا لهم عن الخيانة والمعاهدون لا يلزمهم حد ولا عقوبة ولا زاجر لهم عن الخيانة فح فجاز لتأييد عهدهم مع خنزير الجناية.
مسألة: ينبغي للامام إذا عقد الذمة ان كتب أسماؤهم وأسماء ابائهم وعدوهم وبحليهم فيقول فلان بن فلان الطويل أو القصير الاسم ولون
الأبيض ارجع العينين افتى الانف مقرون الجانبين ان كانوا كذلك والا فيضده ويعرف على كل عشرة منهم عريفا لحفظ من يدخل فيهم
ومن يخرج عنهم مثل ان يبلغ صغيرا أو يفق مجنونا أو تقدم غائب أو يسلم واحد أو يموت أو بعثت ويخرج جزيتهم وان تولى ذلك بنفسه
كان جايزا. مسألة: إذا عقد لهم الذمة عصموا أنفسهم وأموالهم وأولادهم الأصاغر من القتل والسبي والنهب ما داموا على الذمة
لا يتعرض لكنائسهم وخمورهم وخنازيرهم ما لم يظهروها وإذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم تخير الحاكم بين الحكم عليهم وبين ردهم إلى حاكمهم وسيأتي ومن
أراق مسلم لهم خمرا أو قتل خنزيرا فإن كان من نظائرهم فلا شئ عليهم والا وجب عليه قيمته عند مستحليه وسيأتي الخلاف فيه أن شاء الله تعالى
مسألة: ولا يجوز اخذ الجزية مما لا يسوغ للمسلمين تملكه كالخمر والخنزير اجماعا ويجوز اخذها من ثمن ذلك فإذا باع الذمي
خمرا أو خنزيرا على ذمي وقبض الثمن جاز اخذه من الجزية لا نا عقدنا معهم الذمة على دينهم بدينهم ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم ولحم خنازيرهم وميتتهم قال عليهم الجزية في أموالهم يؤخذ
منهم من ثمن لحم الخنزير أو الخمر فكلما اخذوا منهم من ذلك نور وذلك عليهم وثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم. مسألة: إذا مات
الامام وقد ضرب لما قرره من الجزية ابدا معينا إذا شرط الدوام وجب على القايم يعده امضاء ذلك بلا خلاف لان ما فعله الامام الأول لابد وأن يكون
صوابا لأنه معصوم عندنا فلا يجوز مخالفتهم ولو قرره نايبهم ثم مات المنوب فإن كان ما قرره الأول صوابا وجب اتباعه والا فسخه القائم مقامه
إذا ثبت فان هذا فان الناس ينظر في عقدهم فإن كان صحيحا أقرهم عليه لأنه مؤبد وان كان فاسدا غيره إلى القيمة لأنه منصوب لمصالح المسلمين
ومراعاة أمورهم وامضائها على ما يسوغ في الشرع لم ينظر فإن كان ما عقده الأول ظاهرا معلوما اتبع وإن لم يكن معلوما فان
970

شهد مسلمان عدلان بذلك عمل عليه وإن لم يشهد استدعائهم وسألهم ولا يقبل شهادة بعضهم على بعض فان اعترفوا بالجزية وكانت دون الواجب
عليهم لم يلتفت إليهم وطالبهم بالواجب فان بدلوه وان ردهم إلى مأمنهم وان عرفوا بالواجب أقرهم عليهم وان أهمتهم في الزايد حلفهم ولو قيل
باستيناف العقد معهم لان عقد الأول لم يثبت عنده فصار كالمعدوم كان حسنا.
البحث الرابع: في احكام المساكن
والأبنية والمساجد. مسألة: لا يجوز لأهل الحرب ان يدخلوا بلاد الاسلام الا باذن الامام لأنه قد يستقر المسلمون
بدخولهم لجواز ان يكون جاسوسا فيعمل اخبارهم ويشتري سلاحا للمشركين ويجوز للامام ان يأذن لهم في الدخول لمصلحة من أداء
رسالة يعقد هدية وأمان إلى مدة أو ليقل ميسره يحتاج إليهما المسلمون بعوض وغير عوض للحاجة إلى ذلك وأما إذا كان تاجرا لا يحتاج المسلمون
إلى تجارته كالبر والعطور وغير ذلك لم يأذن له الا بعوض يشترط عليه بحسب ما يراه الامام من مصلحة من قليل أو كثير سواء كان عشر أموالهم أو لم يكن ولو اذن لهم
بغير عوض لمصلحة جاز ذلك إلى اجتهاده ولو اذن لهم في الدخول مطلقا ولم يشترط العوض ولا عدمه وللشافعي قولان أحدهما انه ليس له ان
يطالبهم بالعوض لأنه لم يشترطه عليهم فلم يستحق كما لو اذن لهم بغير عوض والثاني يؤخذ منهم العشر لان مطلق الاذن يحمل على العهود في الشرع وقد
اخذ عمر منهم فيؤخذ ذلك وقوى الشيخ رحمه الله تعالى الأول وهو جيد عملا ببراءة الذمة وعدم المعارض وقال أبو حنيفة ينظر الامام فان كانوا
يأخذون من المسلمين إذا دخل عليهم العشر اخذ منهم مثله وإن لم يأخذوا شيئا لم يعشرهم لأنهم إذا فعلوا ذلك فقد رضوا به فقال احمد يؤخذ منهم
العشر مطلقا لان عمر اخذ العشر ولم ينقل انه شرط ذلك عليهم واشتهر ذلك بين الصحابة وعمل به الخلفاء بعده فكان اجماعا ونحن نمنع ذلك مطلقا إذا
عرفت هذا فإن كان الامام قد شرط عليهم شرطا دائما بان يأخذ منهم كل سنة العشر أو أقل أو أكثر اخذ منهم بحسب ما شرطه والا اخذ منهم كل
وقت ما يراه مصلحة وانما يأخذ من شرطه عليه وقال بعض الجمهور يؤخذ من كل حربي صغيرا كان أو كبيرا ذكرا أو أنثى وقال بعضهم لا يأخذ الا في كل سنة مرة واحدة
وعندنا انه لا يتقدر بقدر لأنا من أن يدخلوا فإذا جاء وقت السنة لم يدخلوا فيتعذر الاخذ منهم إذا ثبت هذا فان دخل الحربي بغير أمان فقال اتيت
برسالة قبل قوله لتعذر إقامة البينة على ذلك ولأنه يحتمل الصدق وقال الرسول لا يجوز فعلنا التحريم وحقنا دمه ولو قال إني مسلم قال الشيخ
رحمه الله لا يقبل قوله الا ببينة لأنه مما يمكن إقامة البينة عليه وقال بعض الشافعية يقبل قوله كما لو قال اتيت رسولا والأول أقوى للفرق بإقامة
البينة عليه في الأول دون الثاني وان دخل ولم يدع شيئا من ذلك كان للامام قتله واسترقاقه واخذ ماله لأنه حربي ودخل بغير أمان
ولا عهد وهذا بخلاف الذمي إذا دخل ارض الحجاز بغير إذن لان الذمي محقون الدم فيستصحب الحكم فيه بخلاف الحربي. مسألة: ولا يجوز لمشرك
دمي أو حربي سكنى الحجاز اجماعا لما رواه ابن عباس قال أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة أشياء قال اخرجوا المشركين من جزيرة العرب
وأخبروا الوفد بنحو ما كنت أخبرهم وسكت عن الثالث أو قال السبب الثالث وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يجتمع دينان في جزيرة العرب وقال
عليه السلام لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب إذا ثبت هذا فالمراد بجزيرة العرب في هذه الأحاديث الحجاز خاصة ومعنى الحجاز مكة والمدينة واليمامة وخيبر وينبع وفدك ومخالفيها
وسمي الحجاز لأنه حجز بين نجد وتهامة وجزيرة العرب عبارة عما بين عدن إلى ريف العراق طولا وبين جدة السواحل إلى طواف الشام عرضا قاله الأصمعي
وأبو عبيدة وقال أبو عبيدة هي من جعفر أبي موسى إلى الثمن طولا ومن رمل تبريز إلى منقطع السماوة عرضا قال الخليل انما قيل لها جزيرة العرب
لان بحر الحبش وبحر فارس والفرات قد أحاطت بها ونسبت إلى العرب لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها وانما قلنا إن المراد بجزيرة العرب الحجاز
خاصة لأنه لولا ذلك لوجب اخراج أهل الذمة من اليمن وليس ذلك بواجب ولم يخرجهم عمر من اليمن وهي من جزيرة العرب وانما أوصى النبي
صلى الله عليه وآله باخراج أهل نجران من جزيرة العرب لأنه صلى الله عليه وآله صالحهم على ترك الرياء فنقضوا العهد. فروع: الأول:
يجوز لهم دخول الحجاز باذن الامام للتجارة ويجوز للامام ان يأذن لهم في مقام ثلاثة أيام لا غير وقال ابن الجنيد إذا اذن لتجار أو رسلا ان
يدخل الحجار لم يطلق لاحد منهم ان يقيم أكثر من المدة التي يخرج بها المسافر إلى حد المقيم إذا ثبت هذا فإذا أقام في موضع ثلاثة أيام انتقل عنه
إلى بلد اخر وانما يأذن الامام في ذلك إذا كان فيه مصلحة من حل البرة وغيرها. الثاني: لو دخل واحد منهم بغير إذن الإمام فإن كان عالما
عزره ولا يقتل ولا يسترق كما قلنا في أهل الحرب لان هؤلاء لهم ذمة وان كان جاهلا عزره في ذلك ونهاه عما يستقبل. الثالث: لو دخل
باذن وأقام ثلاثة أيام جاز ان ينتقل إلى غيره من بعض مواضع الحجاز أيضا وهكذا في كل بلاد الحجاز لأنه ما مانع منه. الرابع: لو مرض
بالحجاز جازت له الإقامة لان المريض يشق عليه الانتقال من بلد إلى بلد ولو مات دفن في مكانه لأنه إذا جاز له الإقامة للمرض فالموت أولى
الخامس: يجوز الاجتياز في ارض الحجاز باذن وغير اذن قال الشيخ رحمه الله لان لا دليل على التحريم مع
أصالة الإباحة قال فان اجتاز فيها لم يتمكن
من المقام أكثر من ثلاثة أيام. السادس: لو كان له دين على رجل فأراد الإقامة لاقتضائه لم يكن له ذلك بل يوكل في قبضه. السابع:
قال الشيخ رحمه الله لا يمنعون من كون بحر الحجاز لان البحر ليس بموضع الإقامة دلالة حرمة يبعث النبي صلى الله عليه وآله منه ولو كان بحر الحجاز
جزاير وجبال منعوا من سكناها وكذا الحكم في سواحل بحر الحجاز لأنها في حكم البلاد. مسألة: ولا يجوز دخول الحرم لا اجتيازا ولا
971

استيطانا قاله الشيخ رحمه الله وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يجوز له دخول الحرم والإقامة فيه مقام المسافر ولا يستوطنوه قال ويجوز
لهم دخول الكعبة قوله تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام والمراد بذلك الحرم لقوله تعالى وان خفتم عيلة يريد (صرايبا صر)؟؟ الحرب
دون المسجد ولقوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وانما أسرى به من بيت أم هاني من خارج المسجد احتج أبو حنيفة
بان المنع من الاستيطان لا يمنع الدخول والتصرف كالحجاز والجواب لم يستدل يمنع استيطان الحجاز على المنع من حول الحرم بل استدللنا بالآية على أن
الفرق واقع فان الله تعالى منع من الدخول إلى الحرم مع الأذان في الحجاز فان هذه الآية نزلت واليهود بخيبر والمدينة وغيرهما من الحجاز ولم يمنعوا من
الإقامة فيه لا بعد ذلك ولان الحرم أشرف من غيره من ارض الحجاز لتعلق النسك به وان تحريم صيده وشجره والملتجي إليه فلا يتم القياس إذا ثبت هذا فان قدم
ثمره لأهل الحرم منع من الدخول وان أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحل ويبايعوا فيه ولو جاء رسولا إلى الامام بعث إليه من يسمع رسالته ويخرج
بها الامام ولو منع من أداء الرسالة الا مشافهة خرج إليه الامام من الحرم ليسمع كلامه ولا يأذن له في الدخول ولو دخل الحرم بغير إذن الإمام عالما بعدم
جوازه عزره الامام وان كان جاهلا عذره فان عاد عزره فان عرض في الحرم نقله منه ولو مات لم يدفنه فيه بخلاف الحجاز لحرمة الحرم عليه فان دفن
في الحرم قال الشيخ رحمه الله لا ينبش وترك على حاله لان المنع من النبش ورد عاما وقال الشافعي ينبش ويخرج إلى الحل الا ان ينقطع فان يقطع فات اخراجه فتعذر
فرع: لو صالحهم الامام على دخول الحرم بعوض قال الشيخ رحمه الله جاز له ذلك ووجب عليه دفع العوض الذي وافقه عليه وان كان خليفة الامام
ووافقه على عوض فاسد بطل المسمى وله أجرة المثل ومنع الشافعي من ذلك كله وأبطل الصلح قال فان دخلوا إلى الموضع الذي صالحهم عليه لم يرد
العوض لأنه حصل لهم ما صالحهم عليه فإنما أوجب ما صالحهم عليه لأنه لا يمكنهم الرجوع إلى العوض المثل فلزمهم المسمى وان كان الصلح فاسدا
ولو دخلوا إلى بعض ما صالحهم على دخوله أخرجهم وكان عليهم العوض بقدره. اخر: لو صالح الامام الرجل والمراة على الدخول إلى الحجاز
بعوض جاز لان المراة كالرجل في المنع ولو صالح المراة على سكنى دار الاسلام غير الحجاز بعوض لم يلزمها ذلك لان لها المقام فيها بغير عوض
بخلاف الحجاز. مسألة: المساجد على ثلاثة أقسام المسجد الحرام وقد وقع الاجماع على أنه لا يجوز لمشرك ذمي أو حربي دخوله لقوله
تعالى يا أيها الذين آمنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والثاني مساجد الحجاز غير الحرم والثالث سائر المساجد بالبلدان و
حكمها واقع وقد وقع الخلاف فيه فمذهب أهل البيت عليهم السلام منعهم من الدخول فيه باذن مسلم وبغير اذنه ولا يجوز للمسلم ان يأذن في ذلك وهو
إحدى الروايتين عن أحمد والرواية الأخرى يجوز لهم الدخول باذن المسلم وهو قول أكثر الجمهور لنا انه مسجد فلا يجوز لهم الدخول إليه كالحرم
ولقوله عليه السلام جنبوا مساجدكم النجاسة وقد قال الله تعالى انما المشركون نجس ولان المنع كان مشهورا بين المسلمين فان ابا موسى دخل على عمر
ومعه كتاب قد كتب فيه حساب عمله فقال له عمر دع الذي كتبته ليقرأه قال إنه لا يدخل المسجد قال ولم لا يدخل المسجد قال لأنه نصراني فسكت عمر وهذا
اتفاق بينهم على عدم دخولهم المساجد وفيه دلالة على شهرة ذلك بينهم وتقرره عندهم وأيضا فإنهم لا ينفكون من حديث الجنابة والحيض
والنفاس ولان هذه الاحداث يمنع من المقام في المسجد فحديث الشرك أولى ولأنهم ليسوا من أهل المساجد ولان منعهم من الدخول
فيه اذلال ولان وقد أمرنا بذلك احتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله انزل رقد نصف المسجد وشد تمامه من أذيال الحنفي في سارية من سواري
المسجد وقدم عمر بن وهب فدخل المسجد والنبي صلى الله عليه وآله فيه لنفسك به فرزقه الله الاسلام والجواب لو سلمنا ذلك لكان في صدر
الاسلام قبل قوة المسلمين. مسألة: إذا قدم قوم من المشركين إلى الامام أنزلهم في فضول منازل المسلمين وإن لم يكن لهم فضول منازل
جاز ان ينزلهم في دار الضيافة ان كانت وإن لم تكن أسكنهم في أفنية الدور والطرقات ولا يمكنهم من الدخول في المساجد بحال قال ابن
الجنيد لا يستحب ان يخلى بين أهل الذمة وبين الدخول في كل مكان يتساوى فيه المقيم والمسافر في اتمام الصلاة كمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله
وغيره قال وقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان ينادي كل يوم لا تبيتن بالكوفة يهودي ولا نصراني ولا مجوسي الحقوا بالحيرة
وزواوة. مسألة: البلد التي ينفذ فيها حكم الاسلام على أقسام ثلاثة أحدها ما انشاءه المسلمون وأحدثوه وخطوه كالبصرة و
بغداد والكوفة فلا يجوز احداث كنيسة فيها ولا بيعة ولا بيت لصلاتهم ولا صومعة راهب بلا خلاف لما روى عن ابن عباس أنه قال
اما مصر مصره العرب فليس لاحدى أهل الذمة ان يبني فيه بيعة وما كان قبل ذلك فحق على المسلمين ان يقر لهم في حديث اخر أيما مصر مصر به
النبي صلى الله عليه وآله فليس للعجم ان يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا به خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا ولان هذا البلد للمسلمين
وهو ملك لهم فلا يجوز لهم ان يبنوا فيه مجامع الكفر فاما ما وجد من البيع والكنايس في هذه البلاد مثل كنيسة الروم في بغداد فإنها كانت
من قبل لأهل الملة فأقرت على حالها الثاني يجوز اقرارهم عليها ولا يهدم لقول ابن عباس أيما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب
فنزلوه فان للعجم ما في عهدهم ولان الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئا من الكنايس وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله
أن لا يهدموا بيعة ولا كنيسة ولا بيت نار ولحصول الاجماع عليه فإنها موجودة في بلاد المسلمين من غير تكبر الثالث ما فتح صلحا وهو
972

على وجهين أحدهما ان يصالحهم الامام ان الأرض لهم ويأخذ منهم الخراج عليها فهي مما يجوز اقرارهم على بيعهم وكنايسهم وبيوت نيرانهم
ومجتمع عبادتهم واحداث ما شاؤوا في ذلك فيها وان شاؤوا إظهار الخمور فيها والخنازير وضرب الناقوس كيف شاؤوا لان الملك لهم يمنعون
من الأشياء الستة التي قدمناها من الزنا بالمسلمين واللواط وافتتان المسلم على دينه وقطع الطريق وأبوا عن المشركين واعانتهم على المسلمين
الثاني ان يصالحهم على أن الأرض للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا بسكناهم فيها والحكم في البيع والكنايس على ما يقع عليه الصلح فان شرط لهم اقرارهم
على البيع والكنايس وعلى احداث ذلك وانشائه جاز لأنه إذا جاز ان يصالحهم على أن يكون بأجمعها لهم جاز على أن يكون بعض الأرض بطريق
الأولى وان شرط عليهم أن لا يحدثوا شيئا أو يخربوها جاز ذلك أيضا ولو لم يشترط شيئا لم يجز لهم تجديد شئ لان الأرض للمسلمين وإذا
شرط لهم التجديد والاحداث فينبغي ان يعين مواضع البيع والكنايس إذا ثبت هذا فكان موضع لا يجوز لهم احداث شئ فيه إذا أحدثوا فيه جاز نقضه
ويجزيه كل موضع لهم اقراره لا يجوز هدمه فلو انهدم هل يجوز لهم اعادته تردد الشيخ رحمه الله في المبسوط وفي ذلك وقال الشافعي يجوز لهم اعادته
وبه قال أبو حنيفة وقال ابن أبي هريرة لا يجوز لهم ذلك وهو قول ابن سعيد الإصطخري وعن أحمد روايتان احتج الشافعي انهم يقرون عليها و
بناؤها كاستدامتها ولهذا يجوز تشييد حيطانها ورمم ما سعب منها ولانا قررنا على التقضية فلو منعناهم من العمارة لخربت واحتج الآخرون
بأنه احداث للبيع والكنايس في دار الاسلام فلم يجز كما لو ابتداء بناؤها ولقول النبي صلى الله عليه وآله لا يبنين الكنيسة في الاسلام ولا تجدد ما
ضرب منها وهذا الخلاف رمم ما سعب لأنه أيقام استدامة هذا احداث إذا عرفت هذا فقد وقع الاتفاق على جواز ما سغب منها واصلاحه
مسألة: دور أهل الذمة على أقسام ثلاثة أحدها دار محدثة الثاني دار مبتاعة الثالث دار محدودة فالمحدثة هو ان يشتري عرصة يستأنف
منها بيتا فليس له ان يعلو على بناء المسلمين اجماعا لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ولان في ذلك ريبة
على المسلمين وأهل الذمة ممنوعون من ذلك ولهذا منعناهم من صدور المجالس وهل يجوزان يساوي بناء المسلمين قال الشيخ رحمه الله ليس له ذلك
بل يجب ان يقصر عنه وللشافعي وجهان أحدهما هذا والثاني انه يجوز ذلك لنا قوله عليه السلام الاسلام يعلوا ولا يعلى عليه ولا يتحقق على الاسلام
بالمساواة ولانا منعناهم من المساواة للمسلمين في اللباس والمركوب فكذا هنا احتجوا بأنه ليس المستطيل من المسلمين على المسلمين والجواب القول بموجبه
لكنا نقول إنه كما يمنع من الاستطالة يمنع في المساواة لما تقد م واما الدار المبتاعة فإنها تترك على حالها من العلو ان كانت أعلى من بناء المسلمين
لأنه هكذا ملككها ولا يجب هدمها لأنها لم يبنها وانما بناها المسلمون فلم يعمل على المسلمين شيئا وكذا لو كان الذمي دارا عالية فاشترى
المسلم دارا إلى جانبها اقصر منها فإنه لا يجب على الذمي هدم علوه اما لو انهدمت دار الذمي العالية فأراد تجديدها لم يجز له العلو على المسلم اجماعا
ولا المساواة على الخلاف وكذا لو انهدم ما على لها وارتفع فإنه لا يكون له اعادته ولو سعت منه شئ ولم ينهدم جاز له رمه واصلاحه لأنه
استدامة وابقاء لا تجديد واما المحدودة فكالمحدثة سواء وقد تقدم إذا عرفت هذا فإنه لا يجب ان يكون اقصر من بناء المسلمين بأجمعهم في ذلك
البلد وانما يلزمه ان يقصره عن بناء محلته. مسألة: لا ينبغي تصدير أهل الذمة في المجالس ولا يبدأ بهم في السلام لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال لا تبدؤوا اليهود والنصارى وإذا التقيتم أحدهم في الطريق فاضطررتم إذا أضيقها وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال انا عادون عدا
فلا تبدؤهم بالسلام فان سلموا عليكم فقولوا عليكم وعن عايشة قالت دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا السام عليكم فقالت عائشة ففهمتها فقلت وعليكم السام
واللعنة والسخط فقال عليه السلام مهلا يا عايشة فان الله تعالى يحب الرفق في الأمور كلها فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله لم تسمع ما قالوا فقال قولي وعليكم
إذا ثبت هذا فان كيفية الرد كما نقل عنه عليه السلام وهو أن لا يزيد قوله وعليكم. مسألة: مصرف الجزية مصرف الغنيمة سواء للمجاهدين
وكذلك ما يؤخذ منهم على وجه المعاوضة لدخول بلاد الاسلام لأنه مأخوذ من أهل الشرك وروي الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
قال سألت عن سير الامام في الأرض التي فتحت بعد رسول الله عليه السلام فقال إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق يسره فهم امام لسائر
الأرضين وقال إن ارض الجزية لا ترفع عنهم الجزية عطاء المهاجرين والصدقات لأهلها الذين سمى الله في كتابه ليس لهم في الجزية ثم قال اما وسع
العدل ان الناس يسعون إذا عدل منهم وتنزل السماء ورقها ويخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى ولأنه مال اخذ بالقهر والغلبة فيكون مصرفه المجاهدين كالغنيمة
في دار الحرب.
المقصد السابع: في المهادنة واحكامها وتبديل أهل الذمة دينهم ونقض العهد والحكم من المعاهدين
والمهادنين وفيه مباحث. مسألة: الهدنة والمواعدة والمعاهدة ألفاظ مترادفة معناها وضع القتال وترك
الحرب إلى مدة بعوض وغير عوض وهي مشروطة بالنص والاجماع قال الله تعالى براءة من الله ورسوله إلى اللذين عاهدتم من المشركين
وقال تعالى فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم وقال تعالى وان جنحوا للسلم فاجنح لها وروى الجمهور عن هارون وسور بن محرمة ان النبي
صالح سهيل بن عمرو لخدمة على وضع القتال عنه سنين ولان الحاجة قد تدعو إلى ذلك لضعف المسلمين على المقاومة وعادتهم
ان يقوى المسلمون ولا خلاف في جواز ذلك إذا ثبت هذا فإنها يجوز المهادنة مع المصلحة للمسلمين اما لضعفهم عن المقاومة
973

فينظر الامام قوتهم واما لرجاء الاسلام من المشركين واما لبذل الجزية منهم والتزام احكام الاسلام اما لو لم يكن لمصلحة للمسلمين في س المهادنة بان
بان يكون في المسلمين قوة وفي المشركين ضعف ويخشى قوتهم واجتماعهم إن لم يبادروهم بالقتال فإنه له مهادنتهم والحال هذه لوجود الضرر للمسلمين ولا نعلم فيه
خلافا. مسألة: إذا اقتضت المصلحة مهادنتهم وجب ذكر المدة التي يهادنهم عليها ولا يجوز له مهادنتهم مطلقا لان الاطلاق يقتضي التأييد و
التأييد باطل لان الشرط الامام الخيار لنفسه في النقص متى يشاء على ما يأتي من الخلاف وكذا لا يجوز إلى مدة مجهولة وإذا شرط مدة معلومة لم يجز ان
يشترط نقضها لمن شاء منها لأنه يقضي إلى ضد المقصود وهل يجوز ان يشترط للامام لنفسه دونهم قال الشيخ رحمه الله يجوز ذلك وبه قال ابن الجنيد و
الشافعي وقال بعض الجمهور لا يجوز لنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما فتح خيبر عنوة بقي حصن منها فصالحوه على أن يقرهم ما أقر الله تعالى
ففعل وفي رواية انه عليه السلام قال لهم نقركم ما شئنا ولأنه عقد شرع لمصلحة المسلمين فيتبع مظن المصلحة احتج المخالف بأنه عقد لازم فلا يجوز
اشتراطه بعضه كالبيع والجواب المنع من الحكم في الأصل والملازمة فان العقود اللازمة يدخلها الخيار عندنا على ما يأتي وهذا نوع من الخيار
إذا ثبت هذا فان الامام لو شرط لهم ان يقرهم ما أقرهم الله تعالى لم يجز الانقطاع الوصي بعد النبي صلى الله عليه وآله ويجوز له ان يشترط
ان يقرهم على ما شاء وتعلقه باختياره لأنه في معنى ذلك إذا عرفت هذا فلا فرق بين ان يطلق المدة بهذا الشرط وبين ان يعينها ويشترط أيضا
في الجواز. مسألة: إذا اقتضت المصلحة المهادنة وكان في المسلمين قوة لم يجز للامام ان يهادنهم أكثر من سنة اجماعا لقوله تعالى
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وهو عام الا ما خصه الدليل وقال تعالى ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون
والله معكم مقتضاه النهي عن ابتداء المسألة عن المراد عليه السلام الا انا خصصنا ما دون السنة لأدلة فيبقى الباقي على العموم إذا عرفت هذا
فإنه يجوز له ان يهادنهم أربعة أشهر فما دون اجماعا قال الله تعالى براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض
الربعة أشهر وكان في ذلك في أقوى ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند منصرفه من ترك وصالح صفوان بعد الفتح أربعة أشهر إذا
ثبت هذا فلو صالحهم مع قوة المسلمين أكثر من أربعة أشهر وأقل من سنة فيه تردد قال الشيخ رحمه الله الظاهر أنه لا يجوز وللشافعي قولان
أحدهما هذا والثاني الجواز احتج الشيخ بعدم الامر بالقتال في قوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين خرج منه أربعة
أشهر لتخصيص القران لها فيبقى الباقي على العموم احتج الشافعي بان المدة قصرت عن أقل الجزية فجاز العقد فيها كالأربعة الأشهر وعندي
ان المصلحة إذا اقتضت ذلك جاز وا لا فلا. مسألة: ولو لم يكن في المسلمين قوة واقتضت المصلحة مهادنتهم أكثر من سنة
لمكيدة ويتأتى فيها باعداد عدو يتقوى بها (لو بينا) استهزم؟؟ أو ليفزع لعدو هو أشد بكائه على المسلمين من الذي يهادنه إذا كان
بالمسلمين قلة وبالمشركين كثرة لا يمكنهم مقاومتهم فإنه يسوغ والحال هذه ان يصالحهم على الموادعة أكثر من سنة اجماعا وهل يتقدر
الزايد بقدر ما قال الشيخ وابن الجنيد بتقدر بعشر سنين فلا يجوز الزيادة عليها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
واحمد يجوز ذلك على ما يراه الامام احتج الشيخ رحمه الله بعموم قوله تعالى اقتلوا المشركين خرج منهم العشر السنين بمصالحة النبي صلى الله عليه وآله
لأنه عليه السلام جاء إلى المدينة ليعتمر لا ليقاتل وكان بمكة مسلمون مستضعفون فهادنهم حتى أظهر بمكة اسلامه وكثر المسلمون فيهم فيبقى الباقي
على العموم وقال الشعبي لم يكن في الاسلام فتح مثل صلح المدينة احتج أبو حنيفة بان عندي يجوز في العشر فجاز في الزيادة عليها كعقد الإجارة
ولأنه صالح مفوض إلى نظر الامام فلا ينعقد بالعشر كأداء الخراج إذا صالحهم عليه على غير مدة ولان المقتضي لتخصيص العموم
في العشر وهو اعتبار المصلحة في الصلح هو جعله في الأكثر فكان الحكم ثابتا وقول أبي حنيفة عندي قوى. مسألة: لو صالحهم
أكثر من عشر سمنين فان قلنا بصحة العقد فلا يجب وان قلنا بعد م جواز الزايد على العشر بطل الزايد خاصة وصح في العشر وللشافعي
قولان أحدهما هذا والثاني بطلان العقد في العشر أيضا بناء على تفريق الصفقة والشيخ رحمه الله وابن الجنيد ذهبا إلى الأول. مسألة: إذا
أراد الحربي ان يدخل دار الاسلام رسولا أو مستأمنا فإن كان لقضاء حاجة من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة يحتاج إليها فإنه
يجوز للامام ان يأذن له في الدخول بغير عرض أو بعوض على ما يراه من المصلحة يوم أو يومين أو ثلاثة وقال الشيخ رحمه الله وان أراد يقيم مدة
فالحكم فيه كالحكم في الامام إذا أراد أن يعقد الهدنة وهو مستظهر لان في ذلك نظر للمسلمين ومصلحة لهم فيجوز إلى أربعة أشهر
بلا زيادة وعندي انه يجوز إلى ستة بعوض وأكثر نظرا إلى المصلحة. مسألة: والهدنة ليست واجبة على كل تقدير سواء
كان بالمسلمين قوة أو ضعف لكنها جايزة لقوله تعالى وان جنحوا للسلم فاجنح لها وللآيات المتقدمة بل المسلم يتخير في فعل ذلك برخصة
ما تقدم وبقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وان شاء قاتل حتى يلقى الله شهيدا بقوله تعالى وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم
وبقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة وكذلك فعل سيدنا الحسين عليه السلام؟ والنفر الذين وجههم
النبي صلى الله عليه وآله إلى هذيل وكانوا عشرة فقاتلوا مئة حتى قتلوا ولم يغلب منهم أحد الا حبيب فإنه أسر واقبل بمكة وهادن رسول الله
974

صلى الله عليه وآله بهود يثرب عند ابتداء هجرته واختلف المسلمون في مهادنة النبي صلى الله عليه وآله يوم الحديبية فقال قوم ان ذلك كان مع استظهار المسلمين
على المشركين وقال آخرون بل كان المشركون مستظهرون وذكر ذلك ابن الجنيد رحمه الله. مسألة: ويجوز مهادنتهم على غير مال اجماعا
لان النبي صلى الله عليه وآله هادنهم يوم الحديبية على غير مال يأخذه نهم بلا خلاف لأنها إذا جازت على غير مال فعلى مال أولى اما لو صالحهم
على مال يدفعه المال إليهم فلا يخلو اما ان يكون لضرورة واصطلام مثل ان يكون في أيدي المشركين أسير مسلم يستهان به ويستخدم به
ويضرب فيجور للامام ان يبذل ويستنقذه من أيديهم لما فيه مصلحة باستنقاذ نفس مؤمنة من العذاب ويكون المسلمون في حصن
وقد أحاط بهم المشركون وأشرفوا على الظفر بهم أو كانوا خارجين من المصر وقد أحاط العدو بهم أو كان مستظهر عليهم فيجوز ان يبذل
لهم مال فقد أرسل صلى الله عليه وآله إلى عتيبة بن حصن وهو مع أبي سفيان يوم الأحزاب أرأيت ان جعلت
لك ثلث تمر الأنصار ان يرجع من معك من عطفان وتخذل بين الأحزاب فأرسل إليه عتيبة ان جعلت إلى الشطر فقلت فقال سعد بن معاذ
وسعد بن معاد زيادة وسعد بن عبادة يا رسول الله لقد كان يحرسونه في الجاهلية في عام السنة حول المدينة ما يطيق ان يدخلها فالآن حيث جاء
إليه بالاسلام نعطيهم ذلك فقال النبي صلى الله عليه وآله فنعم أداء لولا جواز ذلك لم يبذله النبي صلى الله عليه وآله رواه ابن الجنيد وروى أن
أبا بكر جعل للزرقان والأقرع خراج البحرين حيث ضمنا له الا يرجع من قومهما أحد وروى أن الحديث بن عمر والغطفاني رئيس عطفان
انفذ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إن جعلت لي شطر ثمار المدينة والا ملأتها عليك خيلا ورجالا فقال النبي صلى الله عليه وآله
حتى أشاور السعود يعني سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وسعد بن زيادة فشاورهم النبي صلى الله عليه وآله فقالوا يا نبي الله ان كان
هذا يأمر من السماء فتسليم الامر لله وان كان برأيك وهواك اتبعنا رأيك وهواك وإن لم يكن تامة من السماء ولا برأيك وهواك فوالله
ما كنا تعظيم في الجاهلية يسره ولا نمره الا شرى أو فرى فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالاسلام فقال صلى الله عليه وآله لرسوله أو يسمع
وجه الدلالة ان النبي صلى الله عليه وآله عرض عليهم ذلك ليعلم قوتهم من ضعفهم فلو لا جوازه عند الضعف لما عرضه عليهم وأما إذا لم يكن الجلاء حال ضرورة فإنه لا يجوز له بذل المال بل يجب القتال والجهاد لقوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر
إلى قوله تعالى حتى يعطوا الجزية ولان فيه صغارا وهوانا اما مع الضرورة فإنما صير إلى الصغار دفعا للصغار الأعظم منه من القتل والسبي
والأسر الذي يقضي إلى كف الذرية بخلاف حال غير الضرورة إذا ثبت هذا فهل بذل المال واجب أم لا الأقرب عدم وجوبه لما بينا من
جواب القتال لتلقى الله تعالى شهيدا وإذا بذل المال لم يملكه الاخذ لأنه يأخذ بغير حق فإذا ظفر بهم بعد ذلك اخذ منهم ورد إلى
موضعه إذا عرفت فإنه يجوز ان يهادنهم عند الحاجة على وضع شئ من حقوق المسلمين في أموال المهادنين كما شرط رسول الله
صلى الله عليه وآله ليفيف الا يعتبروا وانه لا يلح عليهم الا من أحبوا ولا يؤمن عليهم الا بعضهم وخطر صيد دوابهم وسحره بين فيما فعل ذلك
جلده ونزع ثيابه وكذلك لو رأى الامام مع قومه على العدوان ان يضع بعض ما يجوز تملكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم حفظ لأصحابه
ويحرز امر ذراير الحرب جاز كما شرط رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل دوحة الجندل وجعله لهم من نحل مصرهم والماء الدائم مثل
العيون والمعمور من بلادهم. مسألة: ولا يجوز عقد الهدنة ولا الذمة الا من الامام أو نايبه ولا نعلم فيه خلافا لان ذلك
يتعلق بنظر الامام وما يراه من المصلحة فلم يكن للرعية توليه ولان تجويز من غير الامام يتضمن ابطال الجهاد بالكلية أو إلى تلك الناحية
وفيه افتتان على الامام اما عقد الأمان فيجوز لآحاد الرعايا بان يأمنوا أحاد المشركين والعدد اليسير منهم لقوله صلى الله عليه وآله
المؤمنون بعضهم اكفاء بعض يتكافأ دماهم ويسعى ذمتهم أدناهم فان من آحاد الرعية أهل بلد أو إقليم أو صنع لم يصح في ذلك اجماعا وكذا
لو هادن أحد من الرعية بلد ا أو ضيعا لم يصح ذلك اجماعا لما تقدم فان دخل هؤلاء الذين هادنهم غير الامام أو نايبه إلى دار الاسلام
كان بمنزلة من جاء منهم وليس بيننا وبينهم عقد. مسألة: إذا عقد الهدنة وجب عليهم حمايتهم من المسلمين وهل الذمة لأنه
انهم ممن هوة في قبضته وتحت يده كما امن في يده منهم فان فايدة العقد هذا ولو تلف مسلم أو بعض أهل الذمة عليهم شيئا ضمنه ولا
يجب عليهم حمايتهم من أهل الحرب ولا حماية بعضهم من بعض لان الهدنة هي الالتزام الكف عنهم فقط لا مساعدتهم على عدوهم ولو أغار عليهم قوم من
أهل الحرب فسبوهم لم يجب عليه استعادتهم قال بعض الجمهور وليس للمسلمين شراؤهم لأنهم في عقدهم وهو اختيار الشافعي وقال أبو حنيفة
يجوز ذلك لأنه لا يجب ان يدفع عنهم ولا يحرم استرقاقهم. مسألة: الشروط المذكورة في عقد الهدنة قسمان صحيح وفاسد فصحيح
الشروط لازم لا خلاف مثل ان يشرط عليهم مالا أو معونة المسلمين عن حاجتهم وفاسد الشروط يبطل العقد مثل ان يشترط
رد النساء أو مهورهن أو رد السلاح المأخوذ منهم أو دفع المال إليهم مع عدم الضرورة الداعية إلى ذلك وان لهم نقض الهدنة
متى شاؤوا أو يشترط رد الصبيان والرجال فهذه الشروط كلها فاسدة يفسده عقد الهدنة كما يفسد عقد الذمة باقتران الشروط الباطلة
975

به كما قلنا إنه لو شرط التزام احكام المسلمين في أهل الذمة أو إظهار الخمور أو الخنازير أو يأخذ من الجزية أقل مما يجب عليهم ويجب على
من عقد معهم الصلح ابطاله ونقضه النبي صلى الله عليه وآله عقد الصلح يوم الحديبية على أن يرد إليهم كم من جاء منهم مسلما مهاجرا فمنعه
الله تعالى من ذلك ونهاه عنه لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الخ. مسألة: لو شرط الامام رد
من جاء مسلما من الرجال ثم جاء مسلم فأرادوا اخذه لم يخل الحال من أمرين اما ان يكون ذا عشيرة وقوة تحمية يمنعه من الافتتان والدخول
في دينهم أن لا يكون مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة في الدين أو النفس فالأول يجوز رده إليهم ولا يمنعهم منه
عملا بالشرط وعم
الضرر عليه متحقق إذ التقدير ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله رد ابا جندل بن سهل وأبا بصير في صلح الحديبية بمعنى انه لا
يمنعهم من اخذه إذا جاؤوا في طلبه ولا يجبره الامام على المعنى معهم وله ان يأمره في السير بالهرب منهم ويقاتلهم فان أبا بصير لما جاء
النبي صلى الله عليه وآله وجاء الكفار في طلبه قال له النبي صلى الله عليه وآله أن لا نصلح في ديننا العذر وقد علمت ما عاهدنا هم
عليه ولعل الله لك ان يجعل فرجا ومخرجا فلما رجع مع الرجلين قتل أحدهما في طريقه ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال
يا رسول الله قد وفى الله ذمتك قد رددتني إليهم وأنجاني منهم فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وآله ولم يلمه
بل قال ويل لهم مشعر حرب لو كان معه رجال فلما سمع ذلك أبو بصير لحق بساحل البحر إليه جندل بن سهل ومن معه من المستضعفين
بمكة فجعلوا لا يمر عير من قريش الا عرضوا إليها فاخذوها وقتلوا من معها فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وآله تناشده إليه
والرحمن ان يضمهم إليه ولا يرد أحدا جاءه وفعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك فعلى هذا يجوز امن أسلم من الكفار ان هجروا إلى جماعة
وناحية ويقتلون من قدروا عليه من الكفار ويأخذون أموالهم ولا يدخلون في الصلح الا ان يشترط الامام ذلك أن يضمهم إليه
باذن الكفار فيدخلون في الصلح فيحرم عليهم قتل الكفار والثاني ان يكون مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة فهذا لا يجوز اعادته عندنا
وبه قال الشافعي وأطلق احمد الجواز وهو خطأ ولهذا لم يوجب على من له قوة على إظهار شعاير المهاجرة عن بلاد الشرك وأوجبناها
على المستضعف. فروع: الأول: لو شرط في الصلح رد الرجال مطلقا لم يجز لأنه كما يتناول من يؤمن من افتتانه يناول من لا يؤمن
افتتانه. الثاني: لو جاء صبي ووصف الاسلام لم يرد لأنه لا يؤمن افتتانه عند بلوغه وكذا لو قدم مجنون لم يرده ولو بلغ
إلى مأمنهما وان كان مما يقر أهله التزمنا بالاسلام أو الجزية أو الرد إلى مأمنهما. الثالث: أو جاء عبد حكمنا بحريته لأنه قهر مولاه
على نفسه وقد تقدم ولو جاء سيده لم يرده إليه لأنه مستضعف لا يؤمن عليه الافتتان وهل يرد عليه فيه للشافعي قولان. مسألة:
ورد النساء المهاجرات إلينا عليهم حرام على الاطلاق ولا نعلم فيه خلافا لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات
إلى قوله فلا ترجعوهن إلى الكفار وروى أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمة فجاء أخونها يطلبونها فأنزل الله تعالى يا أيها
الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية فقال النبي صلى الله عليه وآله ان الله تعالى منع الصلح في النساء إذا ثبت هذا فلو
صالحهم الامام على رد من جاءهم من النساء مسلمة لو يجز الصلح ولو كان باطلا للآية والحديث وا لفرق بينها وبين الرجل من وجوه
أحدها لا يؤمن ان يزوجها وليها بكافر فينالها الثاني لضعفها لما افتتنت عن دينها الثالث انها لا يمكنها في الغاية الهرب والنجاة
بنفسها بخلاف الرجل. مسألة: لو طلبت امرأة أو صبية مسلمة الخروج من عند الكفار جاز لكل مسلم اخراجها ويعني عليه ذلك مع المكنة
لما فيه من استنقاذ المسلم وروى أن النبي صلى الله عليه وآله لما خرج من مكة دفعت ابنة حمزة على الطريق فلما مر بها علي بن أبي طالب عليه
الصلاة والسلام قالت يا بن يا بن عم إلى من تدعي فينا ولها فدفعها إلى فاطمة عليها السلام حتى قدم بها المدينة. مسألة: إذا
عقد الهدنة مطلقا فجاءهم انسان مسلم أو بأمان لم يجب رده إليهم ولا يجوز ذلك سواء كان حرا أو عبدا أو زجلا أو امرأة وقال
أصحاب الشافعي ان خرج العبد إلينا قبل اسلامه ثم أسلم لم يرد إليهم فان أسلم قبل خروجهم ثم خرج إلينا يصرحوا لأنهم في أمان منا
والهدنة يمنع من جواز القهر لنا انه من غير دار الاسلام خرج إلينا فلم يجب رده ولا رد شئ بدلا عنه كالحر من الرجال وكالعبد إذا
خرج قبل اسلامه واحتجاجهم بأنهم في أمان منا ضعيف لأنا انما أمناهم ممن هو في دار الاسلام الذين هم في قبضهم الامام اما من هو في دارهم
ومن ليس في قبضه فلا يمنع منه الا بدليل ولهذا لم يضمن النبي صلى الله عليه وآله أبا بصير بالرجل الذي قبله بما جاء في رده ولم ينكر عليه ذلك
ولما انفرد هو أبو جندل وأصحابهما عن النبي صلى الله عليه وآله في صلح الحديبية فقطعوا الطريق عنهم وقتلوا من قتل منهم واخذوا أموالهم
لم ينكر النبي صلى الله عليه وآله ذلك منهم ولم يأمرهم برد ما أخذوا ولا غرامة ما أتلفوا وهذا الذي أسلم كان في دارهم وفي قبضتهم وقهرهم على نفسه فصار
حدا كما لو أسلم بعد خروجه. مسألة: قد بينا انه متى شرط الامام في الهدنة رد النساء بطل العقد وكانت الهدنة فاسدة فاما إذا
976

أطلق الهدنة ثم جاءت امرأة مسلمة منهم أو جاءت كافرة ثم أسلمت فإنه لا يجوز ردها اجماعا لما مضى فان جاء أبوها أو جدها أو أخوها أو عمها
أو أحد أنسابها يطالبها لم يدفع إليه لقوله تعالى لا ترجعوهن إلى الكفار ولو طلبت أحدهم مهرها لم يدفع إليه أيضا ولا نعلم فيه خلافا ولو جاء
زوجها أو وكيله يطلبها لم يسلم إليه اجماعا للآية وان طلب مهرها ما لم يكن قد سلمه إليها فلا شئ لها بلا خلاف وان كان قد سلمه قال علمائنا
يرد إليه ما دفعه وهو أحد قولي الشافعي وفي القول الثاني لا يرد عليه وبه قال المزني وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل لنا قوله تعالى واتوهم ما
انفقوا ولان الهدنة يقتضي الكف عن أموالهم وبضع المرأة ملك له فإذا لم يكن رده عليه لاسلامها وجب رد بدله احتجوا بان بضع المراة
ليس بمال يدخل في الأمان ولهذا لو عقد الرجل الأمان لنفسه دخل فيه أمواله فلا تدخل فيه زوجته والجواب انه قياس ضعيف وفي مقابلة
النص فلا يكون مسموعا خصوصا مع معارضة فعل النبي صلى الله عليه وآله الدال على اعتبار النص في العموم والعمل به فان النبي صلى الله عليه وآله
ولا رد مهر من جاءت مسلمة في صلح الحديبية وادعاه النسخ باطل لم يثبت. فروع: الأول: قد بينا انه لو لم
يدفع الزوج إليها
مهرا لم يكن له المطالبة لشئ لقوله تعالى واتوهم ما انفقوا وهذا لم ينفق وكذا لو لم يسم مهرا. الثاني: لو سمى مهرا فاسدا أو
اقبضها إياه كالخمر والخنزير لم يكن له المطالبة به ولا بقيمته لأنه ليس بمال ولا قيمة له في شرعنا. الثالث: قال الشيخ رحمه الله انما يرد إليه ما
دفعه لو قدمت إلى بلد الامام أو بلد خليفته ومنع من ردها أما إذا قدمت من غير بلدهما وجب على المسلمين منعه من اخذها لأنه امر
معروف فإذا نع غير الامام وغير خليفته من ردها لم يلزم الامام ان يعطيهم شيئا سواء كان المانع من ردها العامة أو رجال الامام
لان الذي يعطيه الامام من المصالح ولا تصرف بغير الامام وخليفته فيه فإذا ثبت هذا فيقول الشيخ رحمه الله انه يدفع إليه المهر من سهم المصالح
لأنها قهرت الكفار على ما اخذته فملكته بالقهر وانما أوجبنا الرد من سهم المصالح للآية الرابع: إذا اتفقوا في العرس إذا أهدى إليها شيئا
أو أكرمها بمشاع لم يجب رده لأنه تطوع به فلا يرد عليه ولان هذا المرفوع ليس ببذل عن البضع الذي حيل بينه وبينه وانما هو هبة
محضة فلا يرجع إليه. الخامس: لو قدمت مجنونة نظر فان كانت قد أسلمت ثم جنت وقدمت إلينا لذلك لم يرد مهرها لأنها بحكم العاقلة
في تقويته بعضها ان كانت قد وصفت الاسلام وأشكل علينا الحال هل كان اسلامها حال عقلها أو جنونها فإنها لا ترد أيضا لاحتمال ان
يكون قد أسلمت عاقلة ولا يرد مهرها لاحتمال ان يكون وصف الاسلام وهي مجنونة فان أقامت وأقرت بالاسلام رد مهرها عليه و
ان أقرت بالكفر ردت عليه أو جاءت مجنونة ولم يجز عنها شئ لم يرد عليه لان الظاهر أنها انما جاءت إلى دار الاسلام لأنها أسلمت
ولا يرد مهرها للشك فيجوز ان يقين ويقول إنها لم تلد كافرة فتزوج إذا ثبت هذا فاما يتوقف عن ردها حتى تعنوا أو يبين أمرها
فان فاقت سهلت فان ذكرت انها أسلمت أعطى المهر ومنع منها ان ذكرت انها لم تزل كافرة ردت عليه إذا عرفت هذا فإنه ينبغي ان يحال بينهم وبينها حال حياتها الجواز ان يفيق
فيصدونها عن الاسلام في أول زمان إفاقتها. السادس: لو قدمت صغيرة ووصفت الاسلام لم يرد إليهم لئلا يفيق عند بلوغها
عن الاسلام وهل يجب رد المهر قال الشيخ رحمه الله لا يجب بل يوقف عن رده حتى يبلغ فان بلغت وأقامت على الاسلام والمهر وإن لم يقم
ردت هي وحدها وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني يجب لنا ان سلام ما غير محكوم بصحبته فلم يجب رد مهرها كالمجنونة إذا لم يعلم
هل أسلمت حال إفاقتها أو في حال جنونها احتج الشافعي بان وضعها الاسلام منع من ردها فوجب رد مهرها كالبالغة ثم فرق بينها وبين المجنونة
بان المنع في المجنونة للشك في اسلامها والمنع في الصغيرة لوصف الاسلام والجواب المنع من ذلك فان وصف الاسلام لا يحكم به
فيها وانما منعناه منها للشك في اثباتها عليه بعد بلوغها فإذا بلغت كان يثبت على الاسلام رددنا مهرها وان وصفت الكفر رددناها
. السابع: لو قدمت مسلمة ثم ارتدت وجب عليها ان تتوب فان لم تفعل حبست دائما وضربت أوقات الصلوات عندنا وقتلت عند
الجمهور على ما يأتي الخلاف فيه إذا ثبت هذا فان جاء زوجها وطلبها لم ترد عليه لأنها حكم لها بالاسلام أولا ثم ارتدت فوجب حبسها
ويرد عليه مهرها لأنا حلنا بينه وبينها بحبس اما القائلون بوجوب القتل فإنهم قالوا ان جاء قبل القتل ردت عليه مهرها لأنا حلنا بينه وبينها
بالقتل وان جاء بعد قتلها لم يرد عليه شئ لأنا لم يحل بينه وبينها عند مطالبته بها. الثامن: لو جاءت مسلمة وجاء زوجها وطلبها فمات
أحدهما فإن كان يوم المطالبة وجب رد المهر عليه لان الموت كان بعد الحيلولة فان كانت هي الميتة رد المهر عليه وان كان هو الميت رد
المهر على ورثته وان كان الموت قبل المطالبة فلا شئ له لان الحيلولة حصلت بالموت لا الاسلام. التاسع: لو قدمت مسلمة
فطلقها زوجها لم تخل من أحد أمرين أحدهما ان يكون الطلاق باينا والثاني ان يكون رجعيا فإن كان باينا أو خالفها فإن كان قبل
المطالبة لم يجب رد المهر إليه لان الحيلولة منه بالطلاق لا بالاسلام وان كان بعد المطالبة وجب لأنه قد استقر المهر له بالمطالبة والحيلولة
وان كان رجعيا لم يكن له المطالبة بالمهر لأنه أجراها إلى البيتوتة اما لو راجعها فإنه يرد عليه المهر مع المطالبة لان الرجعة له في الرجعي
وانما حال بينهما الاسلام. العاشر: لو جاءت مسلمة ثم جاء زوجها وأسلم نظر فان أسلم قبل انقضاء عدتها كان على النكاح لما
977

رواه الشيخ رحمه الله عن السكوني عن أبي حعفر عن أبيه عن علي عليه السلام ان امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها قال علي عليه السلام أمسلم قال لا فرق
بينهما ثم قال إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك وان انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمت فأنت خاطب من الخطاب وسيأتي البحث في ذلك
إذا ثبت هذا فإن كان قد اخذ مهرها قبل اسلامه ثم أسلم في العدة ردت إليه ووجب إليه رد مهرها إليها لان استحقاقه للمهر انما كان بسبب الحيلولة وقد
زالت أو أسلم بعد انقضاء عدتها لم يجمع بينهما وبانت منه ثم ينظر فإن كان قد طالب بالمهر قبل انقضاء عدتها كان له المطالبة لان الحيلولة
حصلت قبل اسلامه وإن لم يكن طالب قبل انقضاء العدة لم يكن له المطالبة بالمهر لأنه التزم حكم الاسلام وليس من حكم الاسلام المطالبة
بالمهر بعد البينونة ولو كانت غير مدخول بها وأسلمت ثم أسلم لم يكن له المطالبة بمهرها لأنه أسلم بعد البينونة وحكم الاسلام يمنع من وجوب
المطالبة في هذا الحال. الحادي عشر: لو قدمت أمة مسلمة إلى الامام صارت حرة لأنها قهرت مولاها على نفسها فزال ملكه عنها
كما لو قهر عبد حربي سيده الحربي فإنه يصير حرا والهدنة قد بينا انها انما يمنع من قبضه الامام من المسلمين وأهل الذمة إذا ثبت
هذا فان جاء سيدها يطلبها لم يدفع إليه لأنها صارت حرة ولأنها مسلمة لا تحل له فلا يجب ردها ولا رد قيمتها قال الشيخ رحمه الله وللشافعي
قولان هذا أحدهما لأنها بالقهر صارت حرة فلا يجب رد قيمتها كالحرة في الأصل والثاني ترد قيمتها عليه لان الهدنة اقتضت رد أموالهم
عليهم وهذه من أموالهم وقد سبق الجواب عنه إذا ثبت هذا فان جاء زوجها يطلبها لم يرد عليه لما مضى وان طلب مهرها فإن كان حرا رد
عليه وان كان عبدا لم يدفع إليه المهر حتى يحضر مولاه فيطالب به لان المال حق ولو حضر المولى دون العبد لم يدفع إليه شئ لان المهر يجب
للحيلولة بينها وبين الزوج فإذا حضر الزوج وطالب يثبت المهر للمولى فيعتبر حضورهما معا وعندي في وجوب رد المهر الأمة نظر. الثاني عشر:
إذا قدمت مسلمة إلى الامام فجاء رجل ادعا انها زوجته فان اعترفت له بالنكاح ثبت وان أنكرت عليه إقامة البينة وهي شاهدان
مسلمان عدلان ولا تقبل في ذلك شاهد وامرأتان ولا شاهد ويمين لأنه نكاح لا يثبت الا بشاهدين ذكرين. الثالث عشر: إذا ثبت النكاح
بالبينة أو باعترافها فادعى انه سلم إليها المهر فان صدقته ثبت له وان أنكرت كان عليه البينة ويقبل في ذلك شاهدان أو شاهد وامرأتان
أو شاهد ويمين لأنه مال ولا يقبل قول الكفار وفي النامين وان كثروا وإن لم يكن له بينة كان القول قولها مع اليمين. الرابع عشر:
لا اعتبار بما وقع عليه العقد بأقل الامرين من المقبوض وما وقع عليه العقد انما هو بما دفعه فإن كان المقبوض أقل من المسمى
لم يجب له الزيادة على ما قبضه وان كان المقبوض أكثر من المسمى كان الزايد هبة وقد قلناه انه لا يجب ردها إذا ثبت هذا فان اختلفا في المقبوض
كان عليه البينة لان الأصل عدم القبض فان لم يكن له بينة كان القول قولها مع اليمين قال الشيخ رحمه الله فان أعطيناه المهر بما ذكرناه فقامت
البينة بان المقبوض كان أكثر كان له الرجوع بالفضل وفي هذا الاطلاق نظر فان دفعنا إليه ما اعترفت به المرأة باليمين لم يكن له بعد ذلك
الرجوع بشئ. الخامس عشر: كل موضع قلنا فيه يجب فيه رد المهر فإنه يكون من بيت مال المسلمين المعد للمصالح لان ذلك من مصالح المسلمين
السادس عشر: قد قلنا إنه يجوز رد من له عشيرة تحميه من الافتتان من الرجال دون من لا عشيرة له فلو أطلق الصلح على الرد مطلقا
كان باطلا لان الاطلاق يقتضي رد الجميع وهو باطل فإذا بطل الصلح لم ترد من جاءنا منهم رجلا كان أو امرأة ولا ترد البدل عنها بحال
لان البدل استحق بشرط وهو مفقود هنا كما لو جاءنا من غير هدنة وإذا رد من له عشيرة لم يكرهه على الرجوع لأنه ليس للامام اخراج
مسلم من بلد إلى بلد من بلاد المسلمين فكيف إلى بلد الحرب بل ل لا يمنعه من الرجوع ان اختار ذلك فيقول لك في الأرض مراغم كثيرة وبيعة
ولا يمنع منه من جاء لرده ويوصيه بالهرب. السابع عشر: لو كان القادم عبدا فأسلم صار حرا فإذا جاء سيده يطلبه لم يجب رده ولا
رد ثمنه لأنه صار حرا بالاسلام ولا دليل على وجوب رد ثمنه. مسألة: إذا عقد الامام الهدنة ثم مات وجب على من بعده من الأئمة العمل
بموجب ما شرط الأول ان يخرج مدة الهدنة ولا نعلم فيه خلافا لأنه معصوم فعل مصلحة فوجب على القائم بعده تقريرها إلى وقت
خروج العهد. مسألة: إذا انزل الامام على بلد وعقد لهم صلحا على أن يكون البلد لهم ويضرب على أرضهم خراجا يكون بقدر الجزية
ويلزمون احكامها ويجريها عليهم كان ذلك جايزا أو يكون ذلك في الحقيقة جزية لا يحتاج إلى جزية الرؤس لأنا قد بينا ان الامام
الخيار في وضعها على رؤوسهم أو على أرضيهم فإذا أسلم واحد منهم سقط عنه ما ضرب على ارضه من الصلح وصارت الأرض عشرته
لان الاسلام يسقط الجزية بقوله عليه السلام لا تؤخذ الجزية من المسلم ولأنها اذلال وهو ينافي الاسلام وقد تقدم بيان ذلك فان شرط عليهم ان
يأخذ منهم العشر من زرعهم على أنه متى نقض ذلك عاقل ما يقتضي المصلحة ان يكون جزية كان جايزا كذلك انقلب في ظنه ان العشر
وفق الجزية كان جايزا وان غلب على ظنه ان العشر لا يفي بما توجبه المصلحة من الجزية لا يجوز ان يعقد عليه وان أطلق ولا يغلب على ظنه الزيادة
ولا النقصان قال الشيخ رحمه الله الظاهر من المذهب انه يجوز ذلك لأنه من فروض الامام واجتهاده فإذا فعله دل على صحته لأنه معصوم
. مسألة: قد بينا انه لو شرط الامام في عقد الهدنة ما لا يجوز كان العقد باطلا قال ابن الجنيد ولو كان بالمسلمين ضرورة أباحت لهم
978

شرطا في الهدنة فحدث للمسلمين ما لم يكن يجوز ذلك الشرط معه لم يجز عندي فسخ ذلك الشرط ولا الهدنة لأجل الحادث لقوله تعالى
أوفوا بالعقود ولأنه امر بالوفاء بالعهد وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله أبا بصير إلى المشركين بعد أن رجع إليه وأمره النبي صلى الله عليه وا له
حذيفة بن اليمان ان بفي المشركين بما اخذه عليه من أن لا يقاتل مع النبي (صلى الله عليه وآله يوم بدر وقد روي في بعض الحديث عن أبي
عبد الله عليه السلام ان حيا من العرب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله نسلم ولا نحني ولا نركع فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله
نعم ولكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فقالوا نعم فلما حضرت الصلاة أمرهم بالركوع والسجود فقالوا أليس قد شرطت لنا أن لا ننحني ولا نركع
فقال عليه السلام أليس قد أقررتم ان لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم قال ابن الجنيد وهذا ان صح
فموجب ان الشرط العام ماض على الخاص والشرط الأخير ناسخ للشرط الأول قال ولا يختار لاحد إذا كان مخيرا غير مضطر ان يشترط في
عقد ولا صلح بعقده ما لا نسخ الدين عقده فما هو وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل و
لا يجز عليه دلالة وقد روي أن ثقيف سألت رسول الله صلى الله عليه وآله ان يسطويها؟؟ الا يركعون ولا يسجدون (فمنعوا بالان)؟؟ سنة من
غير أن يعيدوها فلم يجبهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك قال بعض الجمهور وقد روي أن حكيم بن حزام قال يا ليت النبي صلى الله عليه وآله
على أن لا اخر الا قائما يعني انه لا يركع في الصلاة بل يقرأ ثم يسجد من غير ركوع وعن نصر بن عاصم ان رجلا منهم بايع النبي
صلى الله عليه وآله على أن يصلي طرفي النهار.
البحث الثاني في تبديل أهل الذمة دينهم. مسئلة: إذا انتقل ذمي
يقبل منه الجزية كاليهودي والنصراني والمجوسي إلى دين نفر أهل عليه بالجزية أيضا كما ينتقل اليهودي عن اليهودية إلى النصرانية أو إلى
المجوسية قال ابن الجنيد رحمه الله يقبل منه ذلك ولا يجب قتله بل يجوز اقراره بالجزية قبل الشيخ رحمه الله وهو الذي يقتضيه الظاهر من
المذهب لان الكفر عندنا كالملة الواحدة قال ولو قيل إنه لا يقر عليه لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه وهو عام ولقوله تعالى ومن يبتغ غير
الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو عام أيضا كان قويا فإذا فلنا بالظاهر من المذهب وانتقل إلى بعض المذاهب امر على جميع احكامه وان انتقل
إلى المجوسية فمثل ذلك غير أن أصلنا لا يجوز مناكحتهم بحال ولا اكل ذبايحهم ومن أجاز ذبايحهم من أصحابنا ينبغي أن يقول
انتقل إلى اليهودية والنصرانية اكل ذبيحته وان انتقل إلى المجوسية لا توكل ولا تناكح وإذا قلنا لا يقر على ذلك وهو الأقوى عندي فإنه يصير
مرتدا عن دينه. فرع: إذا قلنا إنه لا يقر عليه فبأي شئ يطالب منهم من يقول إنه يطالب بالاسلام لا غير لاعترافه ببطلان ما كان
عليه وما عدا دين الاسلام باطل ولا يقر عليه ومنهم من يقول إنه يطالب بالاسلام أو بدينه الأول قال الشيخ رحمه الله ولو قبل انه لا يقبل منه
الا الاسلام أو القتل كان قويا للآية والخبر فعلى هذا إن لم يرجع إلى الدين الذي خرج منه قيل ولم يتصل إلى دار الحرب لأنه فيه تقوية
لأهل الحرب وتكثيرا لعددهم. مسألة: ولو انتقل إلى دين لا يقر أهل عليه كاليهودي يصير وثنيا فإنه لا يقر عليه اجماعا واما الذي
يقبل منه فيه أقوال ثلاثة أحدها انه لا يقبل منه الا الاسلام وقواه الشيخ رحمه الله للآية والخبر لأنه اعترف ببطلان ما كان عليه وما عدا
دين الاسلام باطل في نفس الامر فلا يقر عليه كما لو ارتد عن الاسلام الثاني انه يقبل منه الاسلام أو الدين الذي كان عليه لأنه انتقل من دين
يقر أهله عليه إلى دين لا يقر أهله عليه فوجب ان يقبل منه الرجوع إليه كما لو انتقل عن الاسلام واستبعده ابن الجنيد وقال لا يقبل منه الا الاسلام كالقول الأول
لأنه بدخوله فيما لا يجوز اقراره عليه قد أباح دمه وصار حكمه حكم المرتد الذي لا يقبل منه غير الاسلام. الثالث انه يقبل منه الاسلام
والرجوع إلى دينه الأول أو الانتقال إلى دين يقر أهله عليه لان الأديان المخالفة لدين الاسلام ملة واحدة لان جميعها كفر وإذا كانت
ملتان يقر أهلها عليها كانتا سواء وهو أظهر الأقوال عند الشافعية ومنع ابن الجنيد من ذلك والشيخ رحمه الله استضعف هذا القول ومال إلى الأول قال فان أقام على الامتناع فحكمه ما قدمناه من وجوب القتل عليه قال الشيخ رحمه الله واما أولاده فان كانوا كبارا
يقروا على دينهم ولهم حكم نفوسهم وان كانوا صغارا نظر في الأم وان كانت على دين يقر أهله ببذل الجزية أقره ولده الصغير في دار
الاسلام سواء ماتت الأم أو لم يمت وان كانت على دين لا يقر أهله عليه كالوثنية وغيرها فإنهم يقرون أيضا لما سبق لهم من الذمة والأم
لا يجب عليها القتل. البحث الثالث: في نقض العهد. مسألة: إذا عقد الامام الهدنة بينه وبين المشركين وجب عليه الوفاء بما عقده
ما لم ينقضوها بلا خلاف فعله في ذلك لقوله تعالى أوفوا بالعقود وقوله تعالى وأتموا عليهم عهدهم إلى مدتهم وقال رسول الله صلى الله عليه وآله
من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء وفي عهد رسول
الله صلى الله عليه وآله إلى الأسر قال سحت بينك وبين عدوك قضية وعقدت لهم بها صلحا والنسبة بينك ذمة فحط عهدك بالوفاء
وذمتك بالأمانة واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت ولا يدعونك ضيف أقر لزمك فيه عهد الله على طلب نفسك لو نازعتك
979

على ضيق ترجوا انفراجه وفضل عاقبة خير من عذر مخاف بيعته وان تحيط بك من الله طلبه لا يسعك فيها دنياك ولا اخرتك والاجماع
وقع على ذلك ولأنه إذا لم يف بها لم يسكن إلى عده وقد يقع الحاجة إلى عقد الهدنة لمصلحة المسلمين فلو لم يجب الوفاء به لم
تندفع الحاجة. مسألة: ولو شرع المشركون في نقض العهد لم يحل أمان ان ينقضي الجميع أو البعض فان بعض الجميع العهد وجب
قبالهم ونفض عهدهم لقوله تعالى لما استقاموا لكم فان نقض بعضهم دون بعض نظرت فإن كان الباقون أنكروا ما فعله الناقضون
بقول أو فعل ظاهر واعتزلوهم وأرسلوا إلى الامام بانا منكرون مما فعلوا وانا مقيمون على العهد كان العهد باقيا في حقه وان سكتوا
على ما فعلوا الناقضون ولم يوجد انكار ولا يرى من ذلك كانوا كلهم ناقضين للعهد لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما هادن قريشا
كانت خزاعة في حزب النبي صلى الله عليه وآله وبنو بكر في حزب قريش فقتل رجل من بني بكر رجلا من خزاعة فسكتت قريش على ذلك
فصار رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قريش ففتح مكة ولان سكوتهم على ذلك يدل على الرضا به كما لو عقد بعضهم الهدنة مع سكوت
الباقين فإنه يكون عقدا لجميعهم لان سكوتهم رضائهم كذلك ههنا إذا ثبت هذا فإن كان النقض من الجميع غزاهم الامام وبينهم و
أغار عليهم ويصيروا أهل حرب ليس لهم عقد هدنة وان كان بعضهم دون بعض قضى الامام الناقضين دون الباقين على العهدان كانوا
متميزين للامام وان كانوا مختلطين أمرهم الامام بالتميز ليأخذ من نقض دون من لم ينقض ولو نقض بعضهم دون بعض ولم يتعينوا له
فمن اعترف انه نقض قبله ومن لم يتعرف بذلك لم يقتله وقبل قوله لأنه لا طريق إلى معرفة ذلك الا من قولهم. فرع: لو نقض العهد ثم
بانوا عنه قال ابن الجنيد أرى القبول منهم وكذلك فعل معقل بن قيس ببعض بني ناحية وكتب به عمر بن الخطاب إلى أهل رعاس من نجران
مسألة: إذا خاف الامام من خيانة المهادنين وعذرهم بسبب أو امارة دلته على ذلك جاز له نقض العهد قال الله تعالى
واما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء يعني أعلمهم بنقض عهدهم حتى تصير أنت وهم سواء في العلم
ولا يكفي وقوع ذلك
في قلبه حتى يكون عن امارة تدل على ما خافة ولا ينقض الهدنة بنشر الخوف بل للامام نقضها وهذا بخلاف الذمي إذا خيف منه الخيانة فان عقد
الذمة لا ينتقض بذلك لان عقد الذمة بعقد لحق أهل الكتاب بدليل انه يجب على الامام اجابتهم إليه وعقد الهدنة والأمان لمصلحة المسلمين لا
لحقهم فافترقا ولان عقد الذمة اكد لأنه عقد معاوضة ولأنه مؤيد بخلاف الهدنة والأمان ولهذا لو نقض بعض أهل الذمة وسكت الباقون
لم ينتقض عهدهم ولو كان في الهدنة انتقض ولان أهل الذمة قبضه الامام ويجب ولايته ولا يخشى الضرر كثيرا من بعضهم بخلاف أهل
الهدنة فان الامام يخاف منهم الغارة على المسلمين والضرر الكثير منهم للمسلمين. مسألة: إذا انقضت الهدنة لخوف الامام
ونبذ إليهم عهدهم فإنه يردهم إلى مأمنهم ثم يكونون حربا فان كانوا لم يرجوا حقهم جاز قتالهم بعد النبذ إليهم لأنهم في متعتهم كما كانوا
قبل العقد وان كانوا قد نزلوا فصاروا في عسكر المسلمين ردهم الامام إلى مأمنهم لأنهم دخلوا إلى مأمنهم فكان عليه ردهم إليه لأنه لو كان
ذلك لكان خيانة من المسلمين والله لا يحب الخائنين إذا ثبت هذا فإذا زال عقد الهدنة نظر فيما زال به فان لم يتضمن وجوب حق
عليهم مثل ان يأوي إليهم عينا أو يخبرهم بخبر المسلمين ويطلعهم على عوراتهم رده إلى مأمنه ولا شئ عليه وان كان يوجب حقا فإن كان
لآدمي كقتل نفس أو اتلاف مال استوفى منه وان كان لله تعالى محضا كحد الزنا أو الشرب أقيم عليه الحد أيضا عندنا خلافا للجمهور
وان كان مشرقا كالسرقة أقيم عليه عندنا وللجمهور قولان وسيأتي عملا بالعمومات. مسألة: قد بينا انه ينبغي للامام ان يغزو كل
سنة أقل ما يجب وان كان أكثر من ذلك كان أفضل ولا يجوز ترك ذلك أكثر من سنة الا لضرورة منها ان يقل عدد المسلمين ويكثر
المشركون فإنه يجوز تأخيره أو متوقع مجئ مدد بتقوى بهم أو يتعذر عليه الماء والعلف في طريقه ويؤخره حتى يتسع أو يرجوا ان
يسلم منهم قوم إذا بدا لهم بالقتال لم يسلموا أو لهذا اخر النبي صلى الله عليه وآله قتال قريش بهدنة واخر قتال أشد وطي وغيرهما
بلا هدنة فان هادنهم لاخذ المصالح وجب عليه الوفاء له منهم أيضا الوفاء حتى تنقضي المدة
فان نقضوا جاز ان نبذ إليه وينقض عهده كما فعل المسلمون باهل نجران لما أكلوا الربا الذي شرط عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله
قاله الا يأكلوا الربا وقد روي أن بني قريظة ظاهروا الأحزاب على حزب النبي صلى الله عليه وآله فكان ذلك نقضا منها ونكسا للعهد بين رسول
الله صلى الله عليه وآله وبينها استحل به قتالهم وان كانوا لم يقتلوا من أصحابه أحدا وضرب عنق حي بن حاطب منهم وان كعب بن الأشرف
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه منزله وأرسل إلى اليهود ان كنتم تريدون محمدا صلى الله عليه وآله وأصحابه
يوما من الدهر فالآن فإنه في منزلي فعجلوا الساعة وأتى جبرئيل عليه السلام بالخبر فخرج وأصحابه فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله انه قد كفروا بنقض العهد فوجه الله تعالى لمن قتله وقتل ان بني قينقاع كان سبب عذرهم ان امرأة من المسلمين جلست ان صايغ
يصوغ لها حليا فلما قامت فكشفت وهي لا تقصد نقضا حكومها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج إليهم وحاربهم وكان
980

سبب نكث اليهود ان رسول الله صلى الله عليه وآله شرط عليهم أن لا يكتموا شيئا ولا يغشوا شيئا فان فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فسال
ابن الحقيق ما فعل نبيكم فقالوا استهلكنا ما في حربنا فامر النبي صلى الله عليه وآله فاتوا المكان الذي فيه الآنية فاستشاروها ثم ضربت
أعناقهم فكان سبب نكث قريش ان حلفاءها بنو بكر وبنو على حلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله فأعانت قريش بني بكر بالكراع والسروج
فأباح رسول الله صلى الله عليه وآله قتالهم قال الشافعي ان الذي أعان على خزاعة ثلاثة نفر من قريش شهدوا قتالهم فغزا رسول الله
صلى الله عليه وآله قريشا بقدر ثلاثة نفر. مسألة: إذا عقد الامام الذمة للمشركين كان عليه ان يذب عنهم كل من لو قصد المسلمين
لزمه ان يذب عنهم ولو عقد الهدنة لقوم منهم كان عليه ان يكف عنهم من يجرى عليه احكام من المسلمين وهل الذمة وليس عليه ان يدفع
عنهم أهل الحرب ولا بعضهم عن بعض والفرق بينهما انعقد الذمة يقتضي جريان احكامنا عليهم فكانوا كالمسلمين والهدنة عقد أمان لا
يتضمن جرى الاحكام فاقتضى ان يأمر من جهته من يجرى عليه حكم دون غيره فان شرط الامام في عقد الذمة أن لا يدفع عنهم أهل
الحرب نظر فان كانوا ا في خوف بلاد الاسلام كان كالعراق أو في طرف بلاد الاسلام كان الشرط فاسدا لأنه يجب عليه ان يمنع أهل الحرب من دخول دار الاسلام فلا يجوز ان يشترط
خلاف وان كانوا في دار الحرب وبين بلاد الاسلام ودار الحرب كان الشرط جايزا لأنه لا يتضمن تمكين أهل الحرب من دار الاسلام إذا ثبت
هذا فمتى قصدهم أهل الحرب ولم يدفعهم عنه حتى مضى حول فلا جزية عليهم لان الجزية يستحق بالدفع فان سباهم أهل الحرب فعليه ان يسترد
ما سبي منهم من الأموال لان عليه حفظ أموالهم فإن كان في جملته خمرا أو خنزيرا لم يلزمه استيفاؤه لأنه لا يحل إمساكه. مسألة:
إذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة واخذوا أموالهم وظفر الامام باهل الحرب واستفد أموال الهدنة قال الشافعي يرده الامام عليهم
وكذا لو اشترى مسلم من أهل الحرب ما اخذوه من أهل الهدنة وجب رده عليهم احتج بأنه عهده منه فلا يجوز ما يتملك ان سبي منهم كاهل الذمة
وقال أبو حنيفة لا يجوز رد ما اخذه من أهل الحرب من أموالهم لأنه لا يجب عليه ان يدفعهم عنهم فلا يلزمه رد ما يستنقذه منهم كما لو أغار أهل
الحرب على أهل الحرب وقول أبو حنيفة لا يخلو من قوة.
البحث الرابع: في الحكم من المعاندين والمهادنين
مسألة: اتفق علماء السر ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل المدينة وادع اليهود كافة على غير جزية
منهم بنو قريظة والنظير والمصطلق لان
الاسلام كان ضعيفا بعد وفيهم نزل قوله تعالى وإذا جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وقبل انها نزلت في اليهود من بين اللذين ربنا لقوله تعالى وكيف
يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله وكان النبي صلى الله عليه وآله اخرج اية الرحمن من التوراة ورحمه مسألة: إذا تحاكم إلينا ذمي
مع مسلم أو مستأمن وجب على الحاكم ان يحكم بينهما على ما يتقضيه حكم الاسلام لأنه يجب علينا حفظ المسلم من ظلم الذمي وبالعكس ان يحاكم
بعض أهل الذمة مع بعض تخير الحاكم بين الحكم بينهم والاعراض عنهم وبه قال مالك وقال المزني يجب الحكم وللشافعي قولان لنا قوله تعالى فان جاؤوك فاحكم
بينهم أو أعرض عنهم وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال إن الحاكم إذا اتاه أهل التوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك
إليه ان شاء حكم بينهم وان شاء تركهم ولأنهما لا يعتقدان صحة الحكم فأشبها المستأمنين احتجوا بقوله تعالى وان احكم بينهم بما انزل الله والامر
للوجوب ولان دفع الظلم بينهم واجب على الامام والحكم بينهم دفع لذلك عنهم فلزمهم كالمسلمين والجواب في تلك الآية أخص والقياس باطل
لان المسلمين يعتقدون ان صحة الحكم اما لو ارتفع إلينا مستأمنان حربيان من غير أهل الذمة فإنه لا يجب على الحاكم الحكم بينهم اجماعا لأنه
لا يجب على الامام دفع بعضهم عن بعض بخلاف أهل الذمة ولان أهل الذمة اكر حرمته فإنهم يسكنون دار الاسلام على التأبيد. مسألة:
أحد الخصمى إلى الامام أعده على الاخر في كل موضع يلزم الحاكم الحكم بينهم فإذا استعدى خصمه وجب عليه إلى مجلس الحكم وروى الشيخ عن هارون بن حمزة عن أبي
عبد الله عليه السلام قال قلت رجلان من أهل الكتاب نصرانيان أو يهوديان كان بينهما فقضى بينهما حاكم من حكامها يجوز فاما الذي قضى
عليه ان يقبل وسال ان يرد إلى حكم المسلمين إذا ثبت هذا فان حكم بينهم وجب ان يحكم بحكم الاسلام لقوله تعالى وإذا حكمت فاحكم
بينهم بالقسط وقال تعالى وان احكم بينهم بما انزل الله إليك ولا تتبع أهوائهم. مسألة: إذا جاءت امرأة ذمي يستعدى على زوجها
الذمي في طلاق أو ظهار أو إيلاء يخير بينهم في الحكم والرد إلى أهل تحليهم ليحكموا بينهم فان حكم بينهم بمذهبهم حكم بحكم الاسلام ويمنعه
في الظهار من أن يقر بها حتى يكفر ولا يجوز له ان يكفر بالصوم لافتقاره إلى نية القربة ولا بالعتق لتوقعه على ملك المسلم وهو لا يتحقق في
طرفه الا ان يسلم في يده لو يريها بل بالاطعام. مسألة: يجوز للمسلم ان يأخذ مالا من نصراني مضاربة ولا يكره ذلك لان المسلم
لا ينصرف الا فيما يسوغ ويكره للمسلم ان يدفع إلى المشرك مالا مضاربة لان الكافر ينصرف بما لا يسوغ في الشرع وما لا يسوغ فان فعل صح القراض
وينبغي له إذا دفع إليه المال ان يشترط عليه ان ينصرف الا بما يسوغ في شرعنا فان شرطه عليه ذلك فابتاع خمرا فالشراء باطل سواء ما ابتاعه بغير المال
أو في الذمة لأنه خالف الشرط ولا يجوز له ان بقبض الثمن وإن لم يشترط عليه ذلك بل دفع إليه المال إليه مطلقا فابتاع ما لا يجوز ابتياعه في
في البيع باطل دفع الثمن فعليه الضمان أيضا لأنه ابتاع ما ليس بمباح عندنا واطلاق العقد يقتضى ان يبتاع لرب المال ما يملكه لرب المال
981

فإذا خالف ضمن إذا ثبت هذا فان باع المضارب ونص المال نظر فان علم رب المال انه نصرف في محظور أو خالط محظور ولم يجز له قبضه كما لو اختلط
أخيه باجتناب وان علم أنه غير مباح قبضه وان شك كثرة لكنه جايز. مسألة: إذا اكر نفسه من ذمي فان كانت الإجارة في الذمة صح لان الحق
ثابت في ذمته وان كانت معينة فاستأجره ليخدمه شهر أو يبني له شهرا صح أيضا ويكون أوقات العبادات مستثناة منها. مسألة: إذا
فعل أهل الذمة ما لا يجوز في شرع الاسلام فإن كان غير جايز في شرعهم أيضا كالزنا واللواط والسرقة والقتل كان الحكم في ذلك كالحكم بين
المسلمين في إقامة الحدود عقدوا الذمة بشرط ان يجرى عليهم احكام المسلمين وان كان ما يجوز في شرعهم كشرب الخمر واكل لحم الخنزير
ونكاح ذوات المحارم لم يتعرض لهم ما لم يظهروه ويكشفوه لأنا نقرهم عليه وترك النقض لهم فيه لأنهم عقدوا الذمة وبذلوا الجزية على هذا
فان أظهروا ذلك وأعلنوا منعهم الامام وأدبهم على إظهاره وقال الشيخ رحمه الله وقد روى أصحابنا انه يقيم عليهم الحدود بذلك وهو الصحيح
. مسألة: إذا جاء نصراني قد باع من مسلم خمرا أو اشترى من مسلم خمرا أبطلناه بكل حال تقابضا أو لم يتقابضا ورد بالثمن إلى
المشتري فإن كان مسلما استرجع الثمن وأريقت الخمر لأننا لا نقضي على المسلم به والخمر وجوزنا اراقتها لان الذمي عصى باخراجها إلى المسلم فيعاقب
بإراقتها عليها وان كان المشتري المشرك رددنا إليه الثمن والا ما مر الذمي برد الخمر بل يريقها لأنها ليست كمال الذمي. مسألة: إذا
أوصى مسلم الذمي يعيد مسلم لم يصح الوصية لا يدخل في ملك المشرك وقال بعض الناس تصح الوصية ويلزم اليد كما لو
ابتاعه والأول أصح وعلى التقدير الثاني لو أسلم وقبل الوصية صح وملكه بعد موت الموصى وعلى الوجه الأول لا يملكه وان أسلم في حياة
الموصى ان الوصية وقعت في الأصل باطلة ولو كان العبد مشركا فأسلم العبد قبل موت الموصي ثم مات فقتله الموصى له لم يملكه لأنه
الاعتبار في الوصية حال اللزوم وهي حالة الوفاة وعلى القول الثاني يملكه ويرفع يده عنه. مسألة: ويمنع المشرك من شراء المصاحف
اعزازا للقران فان اشترى لم يصح البيع وقال بعض الشافعية يملكه ويلزم بالفسخ والأول أشبه باعظام القران العزيز قال الشيخ رحمه الله
وهكذا الحكم الدفاتر التي فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله واثار السلف وأقاويلها حكمها حكم المصاحف سوء والأقوى عندي
للكراهة اما ما كتب النحو اللغة والشعر وباقي كتب الأدب فان شرائها جائزا لهم لأنه لا حرمة لها. مسألة: إذا أوصى الذمي بينا كنيسة أو بيعة أو
موضع لصلاتهم أو مجمع لعبادتهم كانت الوصية باطلة لأنها وصية في معصية الله تعالى فتكون باطلة بالاجماع وكذا لو أوصى ان يستأجر
خدما للبيعة والكنيسة أو يعمل صلبانا أو يشتري مصباحا أو يشتري أرضا فيوقف عليها أو ما كان في هذا المعنى فان الوصية باطلة فان أوصى الذي بيناه
كنيسة نزلها المادة من أهل الذمة أو من غيرهم أو رفعها على قوم يسكنونها أو جعل اجرتها للنصارى جازت الوصية لان نزولهم ليس بمعصية الا
ان بينا لصلواتهم وكذلك لو أوصى الرهبان والشمامسة بشئ فان الوصية جائزة لان صدقة التطوع عليهم جايزة وان أوصى ان يكون لنزول المارة
والصلاة وقد قيل يبطل الوصية في الصلاة وتصح في نزول المارة فيبنى كنسية بنصف الثلث لنزول المارة خاصة فان لم يكن ذلك بطلت
الوصية وقيل يبنى كنيسة بالثلث وتكون لنزول المارة ويمنعون من الاجماع للصلاة فيها وفي الوجهين قوة ولو أوصى بشئ ويكتب به التوراة
أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة كانت الوصية باطلة لأنها كتب محرفة مبدله قال الله تعالى يحرفون الكلم عن مواضعه و
قال الله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله وأيضا فإنها منسوخة فلا يجوز نسخها لأنها معصية و
الوصية بها باطلة وقد روي أنه صلى الله عليه وآله خرج يوما من داره فوجد في يد عمر صحيفة فقال ما هي فقال من التوراة فغضب عليه ورماها من
يده وقال لو كان موسى أو عيسى حيين لما وسعها الا ابتلى ما أوصى ان يكتب طب أو حساب ويوقف ذلك عليهم أو على غيرهم فإنه يجوز اجماعا لان
في ذلك منافع مباحة في الوصية بها جايزة إذا ثبت هذا فإنه يكره للمسلم أجرة رم ما يسستهدم من الكنايس أو البيع من بناء وتجارة وغير
ذلك وليس بمحرم لأنه قد بينا ان تجديدها سايغ لهم.
المقصد الثامن: في قتال أهل البغي: قال الله تعالى وان طائفتان
من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى امر الله فان فائت فأصلحوا بينهما بالعدل
وأقسطوا ان الله يحب المقسطين وقيل نزلت في رجلين اقتتلا وقيل في رهط عبد الله ابن أبي بن رواحة وذلك لان
النبي صلى الله عليه وآله كان يحطب فسارعه عبد الله بن أبي سلول المنافق فعاونه قوم وأعان عليه آخرون فأصلح النبي صلى الله عليه وآله
بينهم فنزلت هذه الآية والطائفتان الأوس والخزرج قالوا وفي هذه الآية خمس فوائد أحدها ان البغاة على الامام مؤمنون لأنه تعالى
سماهم مؤمنين وهذا عندنا باطل لأنا قد بينا في كتبنا الكلامية ان الإمامة أصل من أصول الايمان يبطل الاخلال بها والتسمية
على سبب المجاز بناء على الظاهر أو ما كانوا عليه أو على ما يعتقدونه كما في قوله تعالى وا ن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في
الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت فهم ينظرون وهذه صفة المنافقين اجماعا والثاني وجوب قتالهم لقوله تعالى فقاتلوا التي
تبغي وهذا صحيح عندنا والثالثة وجوب القتال إلى غاية مطلقا وتلك الغاية هي ان يفيئوا إلى أمر الله بتوبة أو غيرها وهذا صحيح
982

أيضا لقوله تعالى حتى تفيئ إلى امر الله ولان الجواز القتال هو خروجهم عن طاعة الامام بالعود إليها نزول المقتضى الرابعة قالوا ان المصلح إذا وقع
بينهم فلا تبعه على أهل البغي في نفس ولا مال لأنه ذكر الصلح اجراء كما ذكر أولا ولم يذكر تبعه فلو كانت واجبة لذكرها وهذا عندنا غير صحيح
لان قوله تعالى وأقسطوا دال عليها لان القسط هنا العدل وانما يتم العدل بإعادة ما اخذوا من مال وعوص ونفس سلمنا انه ليس
المراد من القسط ذلك لكن الضمان لم يتعلق الآية الا بالايجاب ولا بالاسقاط فلا دلالة للآية عليه ثم انا نوجبه بما تأتي من الأدلة. الخامس
قالوا دلت الآية على أن من كان عليه حق فمنعه بعد المطالبة به حل قتاله لأنه تعالى أوجب قتال هؤلاء البغاة لمنع حق فكل من منع حقا
وجب قتاله عملا بالعلة الثابت عليها بالمناسبة وهذا ليس بصحيح لان الحقوق تتفاوت فأعظمها حق الامام في التزام الطاعة الذي يتم
به نظام نوع الانسان فلا يلزم من. وجوب المحاربة على تقوية أعظم الحقوق وجوبها على تقويت أدناها ولان هذا خطاب الأئمة دون آحاد
الأئمة. مسألة: وقتال أهل البغي واجب بالنص والاجماع قال الله تعالى فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ
إلى امر الله وروى الجمهور عن عمرو بن سلمة بن الأكوع وأبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال من حمل علينا السلاح فليس منا وعنه عليه السلام
قال من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية وعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال من فارق الجماعة سرا فقد
خلع ربقة الاسلام من عنقه وعن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله قال من خلع من يده من طاعة الامام جاء يوم القيامة لا حجة له عند الله ومن مات
وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن خالد عن أبي البحتري عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال قال
علي عليه السلام القتال قتالان قال لأهل الشرك لا ينفر عنهم حتى يسلموا ان يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقتال أهل البغي لا ينفر عنهم حتى
يفيئوا إلى امر الله أو يقتلوا ولا خلاف بين المسلمين كافة في وجوب جهاد البغاة وقد قاتل أبو بكر بن أبي قحافة طائفتين قاتل أهل الردة
وهم قوم ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وآله وقاتل ما بغى على الزكاة وكانوا مؤمنين وانما منعوها بتأويل لان أبا بكر لما أقبلت على
قتالهم قال عمر كيف يقاتلهم وقال النبي صلى الله عليه وآله أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فان قالوها عصموا مني دماهم
وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله قال أبو بكر والله لأقرب بين ما جمع الله هذا من حقها لو منعوني منها فإنما يعطون
رسول الله صلى الله عليه وآله لقاتلهم عليها وإذا ساغ قتالهم مع كونهم مسلمين فقتال أهل البغي أولى لان توقف عمر عن قتالهم يدل
على اسلامهم ولأنهم لما أسروا قالوا والله ما كفرنا بعد اسلامنا وانما شححنا على أموالنا واحتجوا بان الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله خذ من أموالهم
صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم جعل النبي صلى الله عليه وآله سكنا لنا وليس صلاة ابن أبي قحافة سكنا
لنا وقاتل علي عليه السلام) ثلاث طوايف قاتل أهل البصرة يوم الجمل عايشة وطلحة والزبير وعبد الله بن الزبير وغيرهم وروى جعفر بن محمد عن
أبيه عليه السلام قال قال علي بن الحسين عليه السلام دخلت على مروان بن الحكم فقال ما رأيت أكرم عليه من أبيك ما هو إلا عن ركبنا
يوم الجمل ينادي مناديه لا يقتل مدبرا ولا يد فق على جريح وقاتل أهل الشام معاوية ومن تابعه وقاتل أهل النهروان الخوارج قال الشيخ
رحمه الله وهؤلاء كلهم محكوم عندنا بكفرهم لكن ظاهرهم الاسلام وعند الفقهاء مسلمون لكن قاتلوا الإمام العادل فان الإمامة كانت
لعلي عليه السلام بعد عثمان وتسميتهم بالبغاة عندنا وقال بعضهم ليس بذم ولا نقصان وهم أهل الاجتهاد واجتهدوا فأخطأوا بمنزلة طائفة خالفوا
من الفقهاء لأنهم من المؤمنين عندهم قاتلوا بتأويل سايغ وعندنا انهم كفار والأصل فيه أن باب الإمامة
عندنا من شرايط الايمان وقد بينا ذلك علم الكلام. مسألة: ويثبت حكم البغي بشرايط ثلاثة. أحدها: ان يكونوا في منعة وكثرة
يمكنهم كفهم وتفريق جمعهم الا بالاتفاق وتجهيز جيوش وقتال فاما ان كانوا نفرا يسيرا كالواحد والاثنين والعشرة وكيدها كيد ضعيف
فليسوا أهل البغي وكانوا قطاع طريق وذهب إليه الشيخ رحمه الله في المبسوط وابن إدريس وهو مذهب الشافعي لان عبد الله بن ملجم لعنه الله لما خرج عليا
صلوات الله عليه قال للحسن عليه السلام إذا انا برأت رأيت رأي فيه وان يثبت فلا تمثلوا به وقال بعض الجمهور تثبت لهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة
الإمامة قلوا أو كثروا وهو عندي قوي. الثاني: ان يخرجوا عن قبضة الامام منفردين عنه في بلد أو بادية اما لو كانوا معه وفي قبضته فليس أهل
بغي وروي ان عليا عليه السلام كان يخطب فقال رجل بباب المسجد لا حكم الا لله تعريضا لعلي عليه السلام انه حكم في دين الله فقال علي عليه السلام كلمة حق أريد
بها باطل لكم علينا ثلاث الا نمنعكم مساجد الله ان تذكروا اسم الله فيها ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا ولا نبدأكم بقتال وقوله عليه السلام
ما دامت أيديكم معنا يعنى لستم منفردين. الثالث: ان يكونوا على المبايعة بتأويل سايغ عندهم بان يقع لهم شبهة يعتقدوا عنها
الخروج على الامام فاما إذا لم يكن لهم تأويل سايغ ولو انفردوا وابنوا بغير شبهة فهم قطاع الطرق حكمهم حكم المجانين. مسألة: ولا
يشترط في كونهم أهل بغي ان ينصبوا لأنفسهم ما قابل كل من خرج على امام عادل ونكث بيعته وخالفه في احكامه فهو باغ وحكمه حكم البغاة
سواء نصبوا إماما لأنفسهم أو لا وقال بعض الشافعية ان نصب الإمام شرط لنا انه قد ثبت لأهل البصرة والنهروان حكم البغاة مع علي عليه السلام
983

اجماعا ولم يكونوا نصبوا إماما ولأنه تعالى أوجب قتالهم فلم يشترط نصب الإمام. مسألة: والإمامة يثبت عندنا بالنص وليس الطريق إليها
الاختيار ولا الاجماع بل لا يثبت الا بالنص من النبي صلى الله عليه وآله كما نص على علي صلى الله عليه وآله والأئمة من ولده الأحد عشر وقد بينا ذلك في
علم الكلام إذا ثبت هذا فكل من خرج على امام تثبت إمامته بالنص عندنا والاختيار عند الجمهور وجب قتاله اجماعا وانما وجب قتاله بعد
البعث إليه والسؤال عن سبب خروجه وايضاح ما عرض له من الشبهة وحلها له وكشف الصواب الا ان يخاف كلهم ولا يمكنه ذلك في حقهم أما إذا
أمكنه تعريفهم وجب عليه ان يعرفهم فإذا عرفهم فان رجعوا فلا بحث وإن لم يرجعوا قاتلهم لان الله تعالى امر بالصلح قبل الامر بالقتال
فقال فأصلحوا بينهما ولان القصد كفهم ودفع شرهم فإذا أمكن بمجرد القول كان أولى من القتال لما فيه من الضرر بالفريقين وروى أن عليا عليه السلام
لما أراد قتال الخوارج بعث إليهم عبد الله بن عباس يناظرهم فليس حلة حسنة ومضى إليهم فقال هذا علي بن أبي طالب عليه السلام ابن عم رسول
الله صلى الله عليه وآله وزوج فاطمة الزهراء عليها السلام وقد عرفتم فضله فما تنقمون منه قالوا ثلاثا ان حكم في دين الله تعالى وقل لم يسب فاما
ان يقتل ويسب أو لا يقبل ولا يسب إذا خرجت أموالهم حرمت دماؤهم والثالث محي اسمه من الخلافة فقال ابن عباس ان خرج عنها رجعتم
إليه قالوا نعم قال ابن عباس اما قولكم حكم في دين الله يغنون لحكمي بينه وبين معاوية وقد حكم الله في الدين فقال وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا
حكما من أهله وحكما من أهلها وقال يحكم به ذوا عدل منكم فحكم في أرنب قيمته درهم فبان يحكم في هذا الامر العظيم أولى فرجعوا عن هذا قال
واما قولكم كيف قتل ولم يسب فإنكم لو كان معه فوقع في سهمه عايشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وكيف يصنع وقد قال الله تعالى
ولا تنكحوا أزواجه من بعده ابدا قالوا رجعنا عن هذا قال وقولهم محى اسمه من الخلافة يعنون انه لما وقعت الواقعة بينه وبين معاوية كتب بينهم هذا ما وقف
عليه أمير المؤمنين عليه السلام معاوية قالوا لو كنت أمير المؤمنين ما نازعناك فمحى اسمه من الخلافة فقد محى رسول الله صلى الله عليه وآله اسمه من
النبوة لما قاضي سهيل بن عمرو بالحديبية كتب كتاب علي عليه السلام هذا ما قضى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله سهيل بن عمرو فقالوا لو كنت نيبا
ما خالفناك فقال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام امحه فلم يفعل فقال لعلي عليه السلام أرنيه فأراه إياه فمحاه النبي صلى الله عليه وآله
بإصبعه فرجع بعضهم وبقي منهم أربعة آلاف لم يرجعوا فقاتلهم علي عليه السلام فقتلهم فيثبت انه لا يبدون بالقتال حتى يعرض عليهم الإجابة
كمن لم يبلغه الدعوة. مسألة: الخوارج هم الذين يكفرون بالدين ويعتقدون ان من فعل كبيرة مثل شرب الخمر والزنا والقذف فقد كفر
وصار مخلدا بالنار ويكفرون عليا عليه السلام وعثمان وطلحة والزبير وكثير من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم لان من خرج معهم فهؤلاء
بغاة حكمهم حكم البغاة قاله أكثر الجمهور كأبي حنيفة والشافعي وجمهور الفقهاء وكثير من أهل الحديث ومالك يرى استتابهم فان تابوا
والا قتلوا على افسادهم لا على كفرهم وذهب جماعة من أهل الحديث إلى انهم كفار مرتدون حكمهم حكم المرتدين يباح دمائهم وأموالهم فان
تخيروا في مكان وكانت منعة وشوكة صاروا أهل حرب كساير الكفار وان كانوا في قبضة الامام استتابهم كاستتابة المرتدين فان تابوا والا
ضربت أعناقهم وكانت أموالهم فيئ لا يرثهم ذريتهم المسلمون لما روى أبو سعيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يخرج قوم يحقرون
صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرئون القران لا يجاوز حناجرهم يمرقون من ا لدين كما يمرق السهم من الرمية نظر في الفصل فلا يرى شيئا وينظر في الريش ويتمادى في الفوق وفي حديث اخر يخرج قوم في اخر الزمان احداث الانسان سفهاء الأحلام يقولون من خير قوم البرية يقرؤن
القران لا يتجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأين ما لقيتهم فاقتلهم فان قتلهم اجر لمن قتلهم يوم القيامة وقال رسول
الله صلى الله عليه وآله الخوارج كلاب أهل النار وعنه عليه السلام قال هم شر الخلق والخليقة لان أدركهم لأقتلنهم قتل عاد وقال لا يجاوز
ايمانهم حناجرهم وقال علي عليه السلام في قوله تعالى هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا قال هم أهل النهروان واحتج الآخرون بان عليا عليه السلام لما
قاتل أهل النهروان قال لأصحابه لا تبدوهم بالقتال وبعث إليهم أقيدونا بعبد الله بن حباب قالوا كلنا قبله فحينئذ استحل قتالهم لإقرارهم بما يوجب
القتل ونقل ابن عبد البر عن علي عليه السلام انه سئل عن أهل النهر أكفار هم قال من الكفر فروا وقال فمنافقون فقال إن المنافقين لا يذكرون
الله الا قليلا قيل فما هم قال هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا وبغوا علينا وقاتلونا فقتلناهم ولما جرحه ابن ملجم لعنه الله قال
للحسن عليه السلام أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره فان عشت فانا أولى بدمي وان مت فضربة كضربتي وقد روى الشيخ عن السكوني عن جعفر
عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال ذكرت الحروب عند علي عليه السلام قال لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من أهل النهروان قال لا يقاتلهم أحد بعدي
الا من أولى بالحق منه. مسألة: ويجب القتال لأهل البغي على كل من دينه ندبه الامام بقتالهم عموما أو خصوصا أو من نصبه
الامام والتأخير عن قتالهم كبيرة وهو واجب على الكفار إذا قام به البعض سقط عن الباقين ما لم يستنهضه الامام على التعيين فيجب
عليه ولا يكفيه قيام غيره كما قلنا في جهاد المشركين والفرار في حربهم كالفرار في حرب المشركين ويجب مضاربتهم حتى يفيئوا إلى
الحق ويرجعوا إلى طاعة الامام أو يقتلوا بلا خلاف في ذلك فإذا فاؤا حرم قتالهم لقوله تعالى حتى تفيئ إلى امر الله جعل عامة الإباحة
984

لقتالهم الرجوع إلى امر الله فيثبت التحريم بعدهما ولان المفضي لإباحة القتل هو الخروج عن طاعة الامام فان عادوا إلى الطاعة عدم المقتضى
ولا نعلم فيه خلافا وكذلك ان ألقوا السلاح وتركوا القتال اما لو انهزموا فإنه يجب قتالهم ان كان لهم فيه يرجعون إليها. مسئلة: قد بينا
ان الخوارج يعتقدون تكفير من أتى بكبيرة فإذا قوم ذلك واعتقدوا مذهبهم وطعنوا في الأئمة ولم يصلوا معهم وامتنعوا من الجماعات وقالوا لا
نصلي خلف امام الا انهم في قبضة الامام ولم يخرجوا عن طاعته فإنه لا يجوز قتلهم بمجرد ذلك ولم يكونوا بغاة ما داموا في قبضة الامام لما روي أن
عليا عليه السلام بينما يخطب إذ سمع مناديا ينادي من ناحية المسجد لا حكم الا لله كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث لا يمنعكم مساجد الله ان
تذكروه فيها اسم الله ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا ولا نبد لكم بقتال ولم يزد هذا وروى الشيخ ان ابن ملجم لعنه الله أتى الكوفة لقتل علي عليه السلام
فظن به فاتي به إلى علي عليه السلام فقيل له انه يريد قتلك فقال علي عليه السلام لا اقتل قبل أن يقتلني ولأنهم إذا كانوا في قبضه الامام يظهرون الاسلام
لم يجز ان يؤاخذوا مواطنهم كالمنافقين في زمن النبي صلى الله عليه وآله لما أظهروا الاسلام لم يؤاخذهم بباطنهم فإذا تقرر انهم لا يقتلون ما داموا
في قبضة الامام فان بعث الامام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا صاحبا للامام غير الوالي فعليهم القود لما روى أن عليا عليه السلام لما بعث عبد الله بن حباب عاملا على الخوارج
بالنهروان فقتلوه فأرسل إليهم ادفعوا إلينا قاتله لنقلته فلم يفعلوا وقالوا كلنا قتله فقال استسلموا نحكم عليكم فأبوا فسار إليهم فقاتلهم أو تاب
أكثرهم إذا ثبت انه يقتل قصاصا فهل يتحتم القصاص للشافعي وجهان أحدهما انه يتحتم لأنهم وان كانوا معه في البلد فقد شهروا السلاح معاندين فقتلوه
بهم كقطاع الطريق وهذا مذهبنا أيضا والثاني لا يتحتم ولولي الدم ان يعفوا عن القتل لأنهم لم يقصدوا بذلك حافة الطريق واخذ
الأموال فأشبه من قتل رجلا منفردا. مسألة: لو استعان أهل البغي بنسائهم وصبيانهم وعبيدهم في القتل وقاتلوا معهم أهل العدل
قوتلوا مع الرجال وان ابا القتل عليهم لان العادل يقصد بقتاله الدفع عن نفسه وماله زادت امرأة أو صبي قتل انسان كان له
قتالهما ودفعهما عن نفسه وان أتى على نفسهما كما قلنا في نساء أهل الحرب وصبيانهم. مسألة: ولو استعان أهل الغي بالمشركين ولم
يخل الحال من ثلاثة أحدها ان يستعينوا بالحرب والثاني ان يستعينوا باهل الذمة الثالث ان يستعينوا بالمستأمنين فان استعانوا
باهل الحرب وعقدوا لهم ذمة أو أمانا على هذا فان ما فعلوا باطل ولا ينعقد لهم أمان ولا يثبت لهم ذمة لان من شروط صحة عقد الذمة
والأمان ان يبذلوا الجزية ويجرى عليهم احكام المسلمين ولا يجتمعوا على قتال المسلمين فإذا كان شرط صحة عقد الذمة الامتناع
من قتال المسلمين بطل عقد الذمة ولأنه عقد لهم عقد ذمة مؤبدة فقاتلوا المسلمين انتقض عهدهم فبان لا يثبت لهم ذمة بهذا لشرط أولى إذا
ثبت هذا فان الامام وأهل العدل يقتلون المشركين مقبلين ومدبرين كالمنفردين من أهل البغي وإذا وقعوا في الأسر تخير الامام فيهم بين
المن والفداء والاسترقاق والنقل وليس لأهل البغي ان يتعرضوا لهم قال الشيخ رحمه الله من حيث إنهم بذلوا لهم الامام وان كان فاسدا
لزمهم الكف عنهم بسكونهم إليهم واعتمادهم على قولهم لا من حيث إن أمانهم صحيح واما ان استعانوا باهل الذمة فعاونوهم وقاتلوا معهم فان
الامام يراسلهم ويسألهم عن فعلهم فإذا ادعوا الشبهة المحتملة بان يقولوا جهلنا ذلك واعتقدنا ان الطايفة من المسلمين إذا طلبوا المعونة
جازت معونتهم وادعوا الاكراه على ذلك فان ذمتهم باقية ويقبل قولهم ولم يكن ذلك نقضا للعهد وإن لم يدعوا شيئا من ذلك فكذا إذا
قاتلوا مع أهل البغي احتج الشافعي بان أهل الذمة لا يعلمون الحق من الباطل فيكون ذلك شبهة لهم والجواب ان أهل الذمة يعتقدون بطلان
الطائفتين قال أبو إسحاق المروزي القولان نوعا على التقدير انه لم يكن قد شرط عليهم في عقد الذمة الكف عن القتال مطلقا فاما إذا شرط
عليهم ذلك نطقا فان قتالهم يكون نقضا قولا واحدا وهذا أيضا باطل لأنها قد بينا ان شرايط الذمة كف الأذى عن المسلمين إذا ثبت هذا
فانا بمجرد قتالهم مع أهل البغي من غير شبهة يجوز لنا قتالهم مقبلين ومدبرين ولو تلفوا أموالا وأنفسا ضمنوها عندنا اما الشافعي في
أحد قوليه فإنه لا يجعل القتال نقضا لهم فيكون حكمهم حكم أهل البغي في قتالهم مقبلين لا مدبرين واما ضمان الأموال فان
أهل الذمة يضمنونها عنده قولا واحدا واما أهل البغي فعنده قولان وفرق بينهما بأمرين أحدهما ان أهل البغي لهم شبهة ولا شبهة لأهل
الذمة الثاني ان أهل البغي أسقطنا عنهم الضمان في أحد القولين فلا يحصل لهم نفرة عند الرجوع إلى الحق واما أهل الذمة فلا بتحقق هذا المعنى فيهم
وعندنا نحن ان أهل الذمة وأهل البغي سواء في وجوب الضمان واما ان استعانوا بالمستأمنين فان اما نتهم ينتقض وصاروا بمثابة أهل الحرب الذين
لا أمان لهم إذا قاتلوا معهم ولو ا دعوا الاكراه قبل منهم بالبينة ولا يقبل بمجرد قولهم ودعواهم بخلاف أهل الذمة لان ا لذمة أقوى حكما ولهذا
جوزنا له ان يبد العقد لأهل العهد مع خوف الخيانة دون ا لذمة ولان الامام يلزمه ان يدفع عن أهل الذمة ولا يلزمه الدفع عن ذي العهد الموقف
مسألة: وللامام ان يستعين باهل الذمة على حرب أهل البغي وبه قال أصحاب الرأي وقال الشيخ رحمه الله في المبسوط ليس له ذلك وهو
خلاف ما عليه أصحاب الرأي وانما صار في هذا إلى تجريح الشافعي فإنه منع من ذلكم قال لان أهل الذمة يجوزون قبل أهل البغي مقبلين ومدبرين
وذلك لا يجوز وهو ممنوع على ما يأتي من تفصيل ا لكلام فيه اما لو استعان من المسلمين لمن ترى قتلهم مقبلين ومدبرين في موضع
985

لا يجوز ذلك فيهم لم يجر الا بأمرين أحدهما الا يجد من يقوم مقامهم والثاني ان يكون مع الامام عدة وقو ة متى علم منهم قتلهم مدبرين وان أمكنه
كف عنهم. مسألة: ويجوز للامام ان يستعين على أهل الحرب باهل الذمة وقد مضى ذلك فان رسول الله صلى الله عليه وآله
استعان من صفوان سبعين درعا عام الفتح وهرج معه إلى هوازن وكان مشركا واستعان بغيره من المشركين وانما يجوز بشرطين أحدهما
ان يكون حسن ا لرأى في الاسلام والثاني ان يكون مع الامام قوة يمكنه الدفع لو صار أهل الشرك الذين معه مع أهل الحرب في مكان واحد ان النبي صلى الله عليه وآله
هكذا فعل استعان بمن كان حسن الرأي في الاسلام لان هوازن غلبت في أول النهار وانهزم جيش النبي صلى الله عليه وآله فقال رجل غلبت وقتل محمد صلى الله عليه وآله
فقال له صفوان بن أمية بعثك الحجر لرب من قريش أحب إلينا من رب من هوازن ووقف رسول الله صلى الله عليه وآله وتراجع الناس. مسألة:
إذا افترق أهل البغي طائفتين ثم اقتتلوا فإن كان للامام قوة على قهرهما فعل وإن لم له معاونة أحدهما على الأخرى لان كل واحدة منهما على
خطأ والإعانة على الخطأ من غير حاجة خطأ إذا ثبت هذا فإنه يقاتلهما معا حتى يعودا إلى الطاعة وإن لم يتمكن من ذلك تركهما فقهرت إحداهما الأخرى دعاهما إلى الطاعة فان أبت قاتلهم وان علم من نفسه
الضعف عنهما وخاف من اجتماعهما عليه جاز له ان يضم إحديهما إليه ويقاتل الأخرى ويقصد كسر الأخرى ومنعها عن البغي لا معاونته
من يقاتل معهما كما يجوز له ان يستعين باهل الذمة على حربهم أو حرب المشركين وينبغي ان يقاتل مع التي هي إلى الحق أقرب فان استويا في التأويل
قاتل مع التي المصلحة أكثر بالقتال معها فان انهزمت الطائفة التي قاتلها ورجعت إلى طاعته وكف عنها ولم له قتال الطائفة الأخرى
التي ضمها إليها بعد أن يدعوها إلى طاعته لان فيمتنع لان ظنها إليه بجري إليه أمانة إياه. مسألة: ولا تقاتل أهل البغي بما يعم اتلافه كالنار
والمنجنيق والتفريق لان القصد لقتالهم فل جمعيتهم ورجوعهم إلى الطاعة والنار تهلكه ولان النار والمنجنيق والتفريق يقع على
من يقلل ومن لا تقاتل ولا يجوز قتل من لا يقاتل ولو احتاج أهل العدل إلى ذلك واضطروا إليه مثل ان يكون قد أحاط بهم البغاة من كل جانب
يخافون اصلاحهم ولا يمكنهم التخلص الا بالرمي بالنار والمنجنيق جاز ذلك فكذلك رماهم أهل البغي بالنار والمنجنيق فإنه يجوز لأهل العدل
رميهم بذلك أيضا قال أبو حنيفة أهل الحصن الخوارج واحتاج الامام رميهم بالمنجنيق فعل ذلك بهم ما كان لهم عسكر وما لم ينهزموا
وهو حسن. مسألة: إذا لم يكن دفع أهل البغي الا بالقتل وجب ولا يبقى على من قتلهم من اثم ولا ضمان مال ولا كفارة لأنه أمثل الامر وقيل
مباح الدم لقوله تعالى فاقتلوا التي تبغي وكذلك لا ضمان على أهل العدل فيما يقود من أموال أهل البغي حال الحرب لأنهم إذا لم يضمنوا الأنفس
فالأموال أولى لعدم الضمان ولو قتل العادل كان شهيدا لأنه قتل في قتال امر الله تعالى به ولا يغسل ولا يكفن ويصلى عليه عندنا لأنه شهيد
معركة امر بالقتال فأشبه معركة الكفار وقال الأوزاعي وابن المنذر ويغسل ويصلى عليه لان النبي صلى الله عليه وآله امر بالصلاة على من
قال لا إله إلا الله والجواب الأدلة فيما ذكرتم على تغسيله واما الصلاة عليه فانا نقول بها لان الصلاة على الشهيد عندنا واجبة وقد سلف
بيان ذلك. مسألة: قد بينا انما تبلغه أهل العدل مال مال الحرب فإنه لا ضمان عليه فيه لان الله تعالى أوجب القتال فكيف يتعصب وجوب
الضمان الذي هو عقوبة إذا ثبت هذا فان أتلف أهل العدل على أهل البغي مالا قبل الشروع في القتال وقيام الحرب أو بعد يقضي الحرب فإنه يكون
مضمونا لأهل العدل ليس لهم ذلك فكان اتلاف بغير حق فوجب عليه الضمان وكذلك لو أتلف أهل البغي مال أهل العدل أو نفسه قبل الشروع
في القتال أو بعد يقضي الحرب فإنه يضمنه اجماعا أما إذا أتلف أهل البغي مال أهل العدل حال القتال فإنه يكون مضمونا عندنا أيضا وهو قول مالك
واحد قولي الشافعي وفي الأخرى لا يكون مضمونا وبه قال أبو حنيفة واحمد لنا قوله تعالى فمن اعتدى عليكم
فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقوله تعالى وجزاء سيئة
مثلها ولأنها أموال معصومة أتلف بغير حق ولا ضرورة رفع مباح فوجب ضمانه كالذمي تلف في غير الحرب احتجوا بأنه لم ينقل عن علي عليه السلام
انه ضمن أحد من أهل البصرة ما أتلفوه وكذلك أهل الشام ولان ذلك ينفرهم عن طاعة الامام فأشبه أهل الحرب والجواب عن الأول لعله
عليه السلام ضمن ولم ينقل أو لم يحصل اتلاف مال أو جهل من أتلفه وعن الثاني بان عدم أهل الغرم يقضي كثرة بالفساد باتلاف أموال أهل العدل
مسألة: ولا ضمان على أهل العدل فيما يتلفونه من نفوس أهل البغي حال الحرب اجماعا واما ان كان قبل الحرب أو بعده فعليه الضمان
لان شرط قتلهم دعاء الامام إليه ويديه إلى قتالهم فمن فعل ذلك قبل دعاء الامام وجب عليه الضمان لأنه قتل نفسا معصومة اما أهل البغي إذا أتلفوا
نفسا من أهل العدل حالة الحرب أو قبله أو بعده فإنه يكون مضمونا عندنا بلا خلاف بيننا في ذلك وأطبق الجمهور على ذلك قبل الحرب فاختلفوا
فقال مالك مثل قولنا وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخرى لا ضمان عليهم وبه قال أبو حنيفة واحمد لنا قوله تعالى وكتبنا عليهم ان النفس بالنفس
والعين بالعين وقوله تعالى فمن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ولقول أبي بكر لأهل الردة تودون قتلانا ولا نؤدي قتلاكم ولان الخوارج
لما قتلوا عبد الله بن حباب أرسل إليهم علي عليه السلام افتدونا من عبد الله بن حباب ولأنها نفس معصومة فوجب الضمان على من أتلفها كقتل الحرب
وبعده ولأن الضمان يتعلق باهل البغي قبل الحرب وبعده فكذا حال الحرب لأنها أكثر الحالات معصية فلا يتعقب سقوط العقاب احتجوا بان عليا
عليه السلام لم ينقل عنه انه ضمن أحدا من أهل البصرة والشام لأنه ينفرهم عن الطاعة ولأنها طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل سايغ فلم تضمن ما أتلفت
986

على الأخرى كاهل العدل والجواب عن الأول قد تقدم وعن الثالث بمنع تحقق الجامع إذ التأويل باطل والقياس باطل للفرق وقولهم ان
أبا بكر رجع عن ذلك فان عمر قال له اما ان بدوا قتالنا فان قتلانا قتلوا في سبيل الله على امر الله بخروجهم على الله وانما الدنيا بلاغ ممنوع ولان قول
عمر ليس رجوعا انما هو ترك لما لهم في جنب الله قال الشيخ رحمه الله ولا خلاف ان الحرب إذا أتلف شيئا من أموال المسلمين ونفوسهم ثم أسلم فإنه
لا يضمن ولا يفاد به واما المرتدون فالحكم في تضمينهم على ما فصلناه في أهل البغي سواء ان أتلفوا قبل القتال أو بعده فعليهم الضمان وان أتلفوا
حال الحرب فكذلك عندنا وعند الشافعي وأبي حنيفة لا ضمان عليه وقد سلف إذا عرفت هذا فلا فرق عندنا بين الواحد والجمع من أهل البغي في التضمين و
بعض القائلين بعدم ضمان الجمع أوجب الضمان على الواحد إذا أتلف وفرق بينه وبين الجمع بالعسر يحصل للجمع بخلاف الواحد وهو عندنا
باطل بما تقدم. مسألة: أهل البغي قسمان أحدهما أن لا يكون لهم فئة يرجعون إليها رئيس يلتحقون إليه كاهل البصرة وأصحاب الجمل والثاني
ان يكون لهم فئة يرجعون إليها ورئيس يعتضدون به ويحبس لهم الجيوش كاهل الشام وأصحاب معاوية بصفين فالقسم الأول لا يجهز على جريحهم
ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم والقسم الثاني يجاز على جريحهم ويتبع مدبرهم ويقتل أسيرهم سواء كانت الهيئة حاضرة وغايبة قريبة
أو بعيدة ذهب إلى هذا التفصيل علمائنا أجمع وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة وأبو إسحاق من الشافعية وقال الشافعي لا يجاز على جريح الفريقين
معا ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم لنا ان لو لم نقلتهم لم تأمن عودهم وقتالهم وما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال سألته عن طائفتين
إحديهما باغية والأخرى عادلة فهزمت العادلة الباغية قال ليس لأهل العدل ان يتبعوا مدبرا ولا يقتلوا أسيرا ولا نحر على جريح وهذا
إذا لم يبق من أهل البغي أحد ولم يكن فئة يرجعون إليها فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فان أسيرهم يقتل ومدبرهم يتبع وجريحهم يجاز عليه
وعن عبد الله بن شريك عن أبيه قال لما هزم الناس يو م الجمل وقال أمير المؤمنين عليه السلام للمسلمين لا تتبعوا موليا ولا تجهزوا على جريح
ومن أغلق بابه امن من فلانه كان يوم صفين قتل المقبل والمدبر وأجاز على جريح فقال أبان بن تغلب لعبد الله بن شريك هذا سريان
مختلفان فقال إن أهل الجمل قتل طلحة والزبير وان معاوية كان قائما بعينه وكان قايدهم احتجوا بقول علي عليه السلام لا يدفق على جريح ولا
يتبع مدبر والجواب انا نقول بموجبه لأنا بينا انه عليه السلام انما قال ذلك في الفئة التي لا رئيس لهم ويلتحقون إليها إذا ثبت هذا فلا
نعلم خلافا بين أهل العلم فان أهل البغي إذا لم يكن لهم فئة ولا ينبغي له أن لا يجار على جريحهم ولا يقتل مدبرهم لا أسيرهم لان القصد
دفعهم وكفهم وقد حصل وروى الشيخ عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام ان عليا عليه السلام كتب إلى مالك وهو على مقدمة يوم
البصرة ولا تطعن في غير مقبل ولا يقتل مدبر ولا يجهز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن. مسألة: لو قتل انسان من أهل العدل من منع
من قتله ضمنه لأنه قتل معصوما لم يؤمن بقتله وهل يضمن منه للجمهور قولان أحدهما انه يجب له القصاص لأنه مكان معصوم والثاني لا يجب لأنه
مما يدرى بالشبهات والوجه عندي عدم القصاص للشبهة ولان عليا عليه السلام أدى عن قوم قتلوا مدبرين ويأت من بيت المال ولما روي عن أبي حمزة
الثمالي عن علي بن الحسين ان عليا عليهم السلام كتب إلى مالك يوم البصرة لا يطعن في غير مقبل ولا يقتل مدبر ولا تجر على جريح ومن أغلق
بابه فهو امن فاخذ الكتاب فوضعه بين يديه على المقريوس؟؟ قبل أن يقرأه اقتلوا حتى ندخلهم شطط البصرة ثم فتح الكتاب فقراه ثم امر
مناديا فنادى ما في الكتاب وفيه اشعار بقتلهم مدبرين ولم يقبل القصاص ولم قيل بالقصاص لأنه قتل مكاتبة معصوما فوجب القصاص لأهل
العدل كان وجها. مسألة: إذا وقع أسيرا من أهل البغي في يدي أهل العدل وكان شابا من أهل القتال جلد فإنه يحبس ويعرض عليه
المبايعة فان تابع على الطاعة والحرب قائمة قبل ذلك منه وأطلق وإن لم يبايع ترك في الجيش فإذا نقضت الحرب فان تابوا وطرحوا السلاح
وتركوا القتال أو ولو مدبرين إلى غير فئة أطلقناه وان ولو مدبرين إلى فئة ولا يطلق عندنا في هذه الحالة وقال بعضهم يطلق لأنهم
لا يتبع مدبرهم وقد بينا انه يتبع مدبرهم إذا ولو منهزمين وهل يجوز قتلهم الذي يقتضيه مذهبنا التفصيل الذي ذكرناه وهو انه
ان كان ممن له فئة فإنه يجوز قتله فان لم يكن له فئة فإنه لا يجوز قتله وبه قال أبو حنيفة لأنه في ذلك كثيرا لهم وقال الشافعي لا يجوز
قلته لما روى أين مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله يا ابن أم عبد ما يحكم من بغى من أمتي قلت الله ورسوله اعلم قال لا يتبع
مدبرهم ولا يجار على جريحهم ولا يقتل أسيرهم ولا يقيم فيهم والجواب انا قد بينا ان هذا حكم من لا فئة له يرجع إليها. فروع: الأول:
لو كان الأسير من غير أهل القتال كالنساء والصبيان والمراهقين والعبيد فان هؤلاء لا يقتلون وهل يطلقون أم لا فيه قولان أحدهما
انهم يطلقون لأنهم لا يطالبون بالبيعة لأنهم ليسوا من أهل الجهاد وانما يبايعون على الاسلام خاصة وقال آخرون يحسبون كالرجال الساب
لان في ذلك كسر لقلوبهم وقلا لجمعهم وكذا البحث في الزمن والشيخ الفاني. الثاني: لو أسر كل واحد من الفريقين أسارى من الاخر جاز فداء أسارى أهل العدل
بأسارى أهل البغي ولو أتى أهل البغي مفاداة الأسارى الذين معهم وحبسوهم جاز لأهل العدل حبس من معهم ليتوصلوا إلى تخليص أساراهم
بحبس من معهم وقال بعض الجمهور ولا يجوز حبسهم ويطلقون لان الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم. الثالث: لو قتل أهل
987

البغي أسارى أهل العدل جاز لأهل العدل قتل أساراهم إذا لم يكن لهم فئة فإنهم لا يقتلون بخيانة غيرهم قال الله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى. مسألة: قد وقع
الاجماع على أن مال أهل البغي الذي لم يحوه العسكر لا يخرج عن ملكهم ولا يجوز قسمته بحال واختلف علمائنا في أموالهم التي حواها العسكر
من سلاح وكراع وخيل وأثاث وغير ذلك من الأموال وقال الشيخ في النهاية والجمل يقسم من أهل العدل ويكون غنيمة للفارس سهمان
وللراجل سهم ولذي الأفراس ثلاثة أسهم وبه قال ابن الجنيد وقال الشيخ رحمه الله في المبسوط لا تحل أموالهم بل هي باقية على ملكهم ولا يجوز قسمتها
ولا استغنامها وبه قال السيد المرتضى رحمه الله وابن إدريس والجمهور عن ابن امامة قال شهدت صفين فكانوا لا يخرجون على جريح ولا يقتلون
قتلا وعن ابن معسود عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يتبع يديهم ولا يجاز على جريحهم ولا يقتل أسيرهم ولا يقسم فيهم وعن ابن قيس
ان عليا عليه السلام نادى يوم الجمل من عرف شيئا من ماله مع أحد فليأخذه وكان بعض الصحابة علي عليه السلام قد اخذ قدرا وهو يطبخ فيها فجاء صاحبها
ليأخذه فسأله الذي يطبخ فيها انها له حتى ينضج الطبيخ فابا فكبه؟؟ واحدها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن هارون بن الحكم قال لما هزمنا
علي عليه السلام بالبصرة رد على الناس أموالهم من أقام بينة أحلفه قال فقال له قايل يا أمير المؤمنين أقسم الفئ بيننا والسبي قال فلما كثروا عليه
قال أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهم فكفوا ولان قتال البغاة انما هو لدفعهم وكف أيديهم عن التعدي ورد هم إلى الحق لا بكفرهم فلا تستباح
أموالهم وهذا من حلمه ما يعم الخوارج من علي عليه السلام فإنه قالوا انه قاتل ولم يسب ولم يغنم فان حلت له دماؤهم فقال لهم ا بن عباس فتسبون
أمكم حتى عايشة لا تستحلون منها ما يستحلون من غيرها قال السيد المرتضى رحمه الله لا أعلم خلافا بين الفقهاء في ذلك يرجع الناس كلهم
في هذا ا لموضع إلى قضاء أمير المؤمنين عليه السلام في محاربي أهل البصرة وقد روى الشيخ رمحه الله عن عبد الرحمن بن الحجاج قال كان
أبو عبد الله عليه السلام يقول في قتال علي عليه السلام على أهل القبلة بركة ولو لم يقاتلهم علي لم يديه أحد بعده كيف سيرتهم احتج المخالف بسيرة علي عليه
السلام ولأنهم أهل قتال تحل أموالهم كاهل الحرب والحول قد بينا ان سيرة علي عليه السلام عدم الاستغنام والفرق بما قدمنا
مسألة: يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي ولا لسلاحهم بحال الا بحال الضرورة كما لو خاف بعض أهل العدل على نفسه وذهب سلاحه
فإنه يجوز ان يدفع إليه بسلاح يكون له معهم وكذلك ان خلف على نفسه ومكنه ان ينجو على دابة لهم جاز ولا يختص ذلك باهل البغي بل لو وجد ذلك
والحال هذه لأهل العدل جاز له استعماله كما يحوز استعمال طعام الغير عند خوف التلف وبهذا قال السيد المرتضى رحمه الله وللشافعي قال
الشيخ رحمه الله يجوز ذلك وبه قال أبو حنيفة حال قيام الحرب لنا انه مال مسلم فلا يجوز له الانتفاع به بغير اذنه من غير ضرورة كغير الكراع أو السلاح
احتج أبو حنيفة بأنه في حال الحرب يجوز له اتلاف نفوسهم وحبس السلاح والكراع عنهم فجاز الانتفاع به والجواب الفرق فان الحبس لا يستلزم الانتفاع كحبس الرجال فانا نحبسهم ولا نستعملهم واتلاف نفوسهم لدفعهم وهو لا يتحقق في السلاح والكراع. مسألة:
لا أعلم خلافا بين أهل العلم في أنه لا يجوز سبي ذراري الفريقين من أهل البغي أعني الذي لهم ويرجعون إليها والذين لا فئة لهم
ولا يملك نسائهم لأنهم مسلمون فلا يستباح ذراريهم ونسائهم. مسألة: إذا سئل أهل البغي الامام ان ينظرهم ويكف عنهم
وان سألهم ان ينظرهم ابدا لم يجز له ذلك لأنه لا يجوز ان يترك بعض المسلمين طاعة الإمام العادل وان بذلوا ان ينظروا مدة ذكروها
نظر الامام وكشف عن حالهم فان كانوا إنما سألوا ذلك ليجتمعوا ويأتيهم مدد عاجلهم ولم يجئهم إلى ذلك وان كانوا انما سألوا لينظروا
ويتفكروا ويعودوا إلى الطاعة انظرهم والشيخ رحمه الله ذكر انهم ان سألوا ان ينظرهم يوما أو نصف يوم انظرهم وانما ذكر التفصيل الذي
ذكرناه فيما زاد على ذلك الأول أقرب لجواز ان يكون باظهارهم يوما يلحقهم مدد منهم فيقووا على أهل العدل ولو بذلوا مالا على أن
ينظرهم في موضع ليس له انظارهم لم يجز ذلك لأنه ليس له اخذ المال في اقرارهم على ما لا يجوز له اقرارهم عليه ولو بذلوا له رهاين يسلمونها
عليه على أن ينظرهم منهم أو من أولادهم لم يجز ذلك أيضا لأنهم ربما قويت شوكتهم على أهل العدل وقهروهم واخذوا الرهاين ولأنهم
إذا قاتلوا لم يجز قتل الرهاين فلا فايدة حالا في اخذها ولو كان في أيديهم أسارى من أهل العدل فسألوا الكف على أن يطلقوا الأسارى
من أهل العدل وأعطوا بذلك رهاين من أولادهم قبل الامام ذلك واستظهر للمسلمين فان طلقوا الأسارى الذين عندهم أطلق
الامام رهاينهم لأنه لا يجوز له قبل غير القائل فإذا انقضت الحرب أطلق الرهاين ويخلى له الأسرى الا ان يخاف من اطلاق الرهاين شد
القوة ولو خاف الامام على أهل العدل الضعف عنهم فالوجه تأخيره إلى أن يمكنه القوة عليهم. مسألة: لو تعوذ أهل البغي عند
النكاية فيهم برفع المصاحف أو الدعوة إلى حكم الكتاب عبد ان دعوا إلى ذلك فأبوا عنهم الحرب الا بما يكون رجوعا إلى الحق و
اقرارا به مصرحا من غير تأويل والأصل في ذلك واقعة صفين فإنه لما اشتد القتال بين علي عليه السلام وبين معاوية قال معاوية لعمرو بن
العاص هل بقي عندكم من الخيل والمكايد شئ قال نعم ثم امر أصحاب معاوية حتى جعلوا المصاحف على رؤس الرماح وقال لعلي عليه السلام
ولأصحابه بيننا وبينكم كتاب الله تعالى فاعملوا به فقال أصحاب علي عليه السلام على حكم الله تعالى وكتابه ولو تركوا القتال فقال
988

لهم علي عليه السلام ان هذه المكيدة وحيلة فلم تقتلوا وقالوا كيف نقاتل قوما يدعوننا إلى العمل بكتاب الله تعالى وقالوا ان ساعدتنا والا قاتلناك
فساعدهم علي عليه السلام على ذلك مكرها واتفقوا على أن يبعثوا حكما من عندهم وحكما من عند معاوية وكان علي عليه السلام يعرف انه حيلة وكان لا
يرضى بذلك حلا اجتمع أصحابه وقال لا بد ان ينفق عليهم فوافقهم على ذلك ضرورة وكرها لا طوعا ورضاء فبعث معاوية عمرو بن العاص وكان
رأى علي عليه السلام ان يبعث ابن عباس رحمه الله لأنه قيل له انك رميت بداهية يعني عمرو بن العاص فابعث ابن عباس فإنه لا يعقد عقدة الا حلها ابن عباس
فأبى أهل اليمن وقالوا لا نحكم الا أبو موسى الأشعري واتفقوا عليه واكرهوا عليا عليه السلام على ذلك فلما اجتمعا تشاورا وتدبرا واتفقا على أن
يعزلا هذين ويترك الامر شورى وليسكن الفتنة فلما اتفقا على ذلك قال عمرو لأبي موسى الأشعري انك أكبر سنا فاصعد على المنبر واعزل عليا
عليه السلام عن الامارة فصعد وحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال إن هذه الفتنة قد طالت والصواب ان يعزل عليا عليه السلام ومعاوية عن
هذا الامر ويقلده غيرهما ثم اخرج خاتمة من إصبعه وقال قد أخرجت عليا عليه السلام من هذا الامر كما أخرجت هذا الخاتم من هذا الإصبع ونزل
ثم صعد عمرو المنبر وحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال إني أدخلت معاوية في هذا الامر كما أدخلت هذا الخاتم في هذا الإصبع فقال أبو موسى
الغدر الغدر فوقع التشويش بين المسلمين فقال طائفة الخوارج انا قد ارتددنا حيث جعلناك الحكم في أيديهما والله يقول إن الحكم إلا
لله قبلنا ورجعنا عن ذلك إلى الاسلام وقالوا لعلي عليه السلام انك قد ارتددت حيث تركت حكم الله تعالى واحدث بحكم الحكم وخرج علي عليه السلام
عامة أصحابه وكان مذهب الخوارج مبناه على تكفير كل مذهب. مسألة: ولو كان مع أهل البغي لا يقاتل قال بعض الجمهور لا
يجوز قتله من غير حاجة لقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم وللإجماع على تحريم قتل المسلم وانما خص من ذلك من حصل
لسنة الضرورة في قتله كاهل البغي والقبايل فينبغي ما عداه على العموم ولهذا حرم قتل مدبرهم وأسيرهم ولأنه مسلم لم يحتج
ا لي دفعه ولا صدر منه أحد الثلاثة فلا يحل دمه لقوله عليه السلام لا يحل دم امرء مسلم الا بإحدى ثلاثة وقال أصحاب الشافعي في إحدى الوجهتين
يجوز لان عليا عليه السلام نهى أصحابه عن قتل محمد بن طلحة وقال عليه السلام إياكم وصاحب البراق وكان حامل راية أبيه فقتله رجل وانشاء يقول
. شعر: (وأشعث قوام بآيات ربه) (قليل الأذى فيما ترى العين مسلم): (هتكت له بالرمح جيب قميصه) (فخر صريعا لليدين وللقسم)
: (على غير شئ ان ليس تابعا) (عليا ومن لم يتبع الحق ظلم): (يناشد لي خيم والرمح شاجر) (فهلا بلا حميم قبل التقدم) (لم يكن يقاتل فلم ينكر علي): (على قتله
لأنه صار لهم) مسألة: إذا غلب أهل البغي على بلد فجبوا الصدقات واخذوا الجزية واستفادوا الخراج قال الشافعي وأبو ثور من أصحاب الرأي يقع
ذلك موقعه فإذا أظهر أهل العدل بعد ذلك عليه لم يكن لهم مطالبتهم بإعادة ذلك ومذهبنا انه لا يقبل وقفه غير أن الامام ان يخير ذلك
لنا انهم اخذوه ظلما وعدوانا ولا يتعين في ايراد منهم كما لو غصبوهم مالا غير الجزية والصدقات ولان الخراج ثمن أو أجرة والجزية عوض عن المساكنة
وحقن الدم فلا يخرجون عن العهدة بتسليمها إلى غير المستحق كمن دفع أجرة دار إلى غير المالك احتجوا بان عليا عليه السلام لما ظهر على البصرة لم يطالب
بشئ مما جبره والجواب انا قد بينا للامام إجارة ذلك للضرورة والمشقة الحاصلة بالعود عليهم لأنه لو اخذ منهم مرة أخرى أدى ذلك إلى
الاضرار بالناس فلهذا أجاز علي عليه السلام ذلك خصوصا إذا أقاموا في البلاد سنين كثيرة واما الحدود فإذا أقاموها قال الشيخ رحمه الله لا
يعاد عليهم مرة أخرى للمشقة في ذلك. مسألة: إذا زالت أيدي أهل البغي عن البلد وملكه أهل العدل فطالبهم العادل بالصدقات
فذكروا انهم استوفوا منهم فان لم يجز الامام ذلك طالبهم مرة ثانية وان اجازه فهل يقبل قولهم بغير بينة فيه اشكال أقربه القبول لأنا قد بينا
في كتاب الزكاة ان رب المالك إذا ادعى ان زكاته قبضت من قبل قوله مؤهل يحتاج إلى اليمين قال بعض الشافعية لا بد من اليمين وجوبا
لأنه مدع لا يثبت دعواه بمجرد قوله وتكليف البينة مشقة فامتنع باليمين وقال بعضهم يحلف استحبابا لأنه لو ادعى الاخراج ببينة
قبل فكذا هنا وقال آخرون إذا ادعى خلاف الظاهر بان يدعي أنه قد باع النصاب في أثناء الحول ثم اشتراه فيه أو قال قد اخذ الزكاة مني
ساع فتلك فإنه يحلف وجوبا وان ادعى ما يوافق الظاهر بان يقول لم تحل الحول على مالي حلف استحبابا والوجه عندي في ذلك كله قبول
قوله كما قلنا في باب الزكاة فان قلنا بالأحلاف وجوبا فان حلف سقط الدعوى وان اخذت الزكاة منه لا بالنكول
بل مظاهر الوجوب عليه
وعندنا لا يمين عليه بحال وقد سلف اما لو ادعوا أداء الحاج قال الشيخ رحمه الله لا يقبل قولهم في ذلك بخلاف الزكاة لأنها تجب على سبيل المواساة
وأدائها عبادة فلهذا قبل قولهم في أدائها واما الخراج فإنه معاوضة لأنه ثمن أو أجرة فلم يقبل قولهم في أدائه كغيره من المعاوضات ولو ادعى
أهل الذمة أداء الجزية إلى أهل البغي قاضيا لم ينفذ قضاؤه مطلقا سواء حكم بحق أو بباطل لأنه فاسق بمجرد التولية ممن ليس له ذلك والعدالة
عندنا شرط في القضاء سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل وقال أبو حنيفة ان كان من أهل العدل فقد قضاؤه وان كان
من أهل البغي لم ينفذ وقال الشافعي ينفذ مطلقا سواء كان من أهل البغي أو من أهل العدل إذا كان ممن لا يستحل دماء أهل العدل ولا
أموالهم وان كان ممن يستحل ذلك لم ينفذ حكمه اجماعا لنا انه ليس من أهل العدالة فلا تثبت له ولاية شرعية إذا ثبت هذا فإذا حكم
989

حكم بحكم كان باطلا عندنا ولا ينفذ حكمه ولو كتب إلى قاض اخر بحكمه لا ينفذه وقال الشافعي ان تضمن حكمه مخالفة نص أو اجماع أو قياس ظاهر لا
يعارض له كان باطلا والا قبل ولو كتب بحكمه إلى قاض اخر أنفذه لكن يستحب له رده كسرا له وإهانة وبه قال أبو حنيفة لا تقبله. مسألة:
أهل البغي عندنا فاسق وبعضهم كفار إذا ثبت هذا فلا يقبل شهادتهم عندنا وان كان عدلا في مذهبه وقال أبو حنيفة يقبل شهادته
وهو فساق لان أهل البغي عنده فساق بخروجهم على الامام والبغي ولكن يقبل شهادتهم لان فسقهم من جهة الدين فلا ترد به الشهادة وقد
قبل شهادة الكفار بعضهم على بعض وسيأتي البحث فيه وأطبق الجمهور على قبول شهادتهم لنا قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق
بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة أوجب التثبت عند مجئ الفاسق فلا يكون قوله مقبولا وسيأتي البحث فيه أن شاء الله تعالى سواء في ذلك أن يشهد لهم أو عليهم و
سواء كان على طريق التدين أو لا على التدين وقال أكثر الجمهور قبل شهادته ان كان ممن لا يرى أنه يشهد لصاحبه بتصديقه مثل المطالبة فإنهم يعتقدون تحريم
الكذب والاقدام على اليمين الكاذبة فإذا كان لبعضهم حق على من يجحده ولا شاهد له به فذكر ذلك لبعض أهل دينه وحلف له انه صادق فيما
يدعيه فإذا حلف ساغ في دينه ان يشهد له بالحق مطلقا على ما صح عنده باليمين فمن كان هذا دينه واعتقاده لا يقبل شهادته لأنه لا يؤمن
ان يشهد على هذا المذهب لأنه شاهد زور فلا يقبل شهادته بوجه وعندنا لا يقبل شهادة أحد ممن خالف الحق من سائر الفرق على ما يأتي
مسألة: من قتل من أهل العدل في المعركة لا يغسل ولا يكفن ويصلى عليه عندنا ومن قتل أهل البغي لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه لأنه
كافر وقال مالك والشافعي واحمد يغسل ويكفن ويصلى عليه لقوله عليه السلام صلوا على من قال لا إله إلا الله ولأنهم مسلمون يثبت له حكم الشهادة
فيغسلون ويصلي عليهم والجواب عن الأول انما يمنع العموم لأنه يخرج منه عندهم الشهيد ولأنه من لم يعرف النبي صلى الله عليه وآله بالنبوة يخرج عن هذا مع
تناول اللفظ له وعن الثاني بالمنع من اسلامه وقال أصحاب الرأي إن لم يكن لهم فئة صلى عليهم وان كانت لهم فئة لم يصلى عليهم لأنه لا يجوز قتلهم
في هذا الحال فلم يصل عليهم كالكفار إذا ثبت هذا فلا فرق بين الخوارج وغيرهم في ترك الصلاة عليهم واما الشافعي وأبو حنيفة فإنهم لم يفرقا
بينهم بالصلاة عليهم وقال احمد لا يصلى على الخوارج وقال مالك لا يصلى على الباضية ولا القدرية ولا سائر أهل الأهواء والباضية
والنبهية والصفرية قيل نسبوا صفرية الحرورية نسبوا إلى ارض يقل لها حرور أو أحد أصنافهم كثيرة. مسألة: إذا ارتكب اي البغي في حال امتناعهم ما يؤخذ ثم قدم
عليهم أقيم فيهم الحدود وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وابن المنذر وأصحاب الرأي إذا امتنعوا بل إذا لم يجب الحد على أحد منهم ولا على من عندهم من ناجز
وأسير لنا عموم الآيات والأحاديث الدالة على وجوب الحد مطلقا وهو كما يتناول أهل العدل يتناول أهل البغي بل ثبوت الحد في حقهم أولى احتج
أبو حنيفة بأنهم خارجون عن دار الأمان فأشبهوا في دار الحرب والجواب إذ المنع من ثبوت الحكم في الأصل ان كان مسلما لأنه يوجب عليه الحد سواء
فعل الموجب في دار الحرب أو دار الاسلام غير انا نكرهه في دار الحرب فإذا جاء إلى دار الاسلام أقمنا عليه الحد وان كان كافرا منعنا المواساة يتحقق لا سلم
في أهل البغي ظاهرا ولأنه كل موضع يجب فيه العبادة في أوقاتها يجب الحدود فيه عند وجود أسبابها كدار أهل العدل. مسألة: قال الشيخ (ره)
يكره للعادل القصد في قتل أبيه الباغي أو ذي رحمه وهو قول أكثر العلماء وقال بعض الجمهور لا يكره له قتل ذي رحمه لنا قوله تعالى وان جاهداك
على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا روي أن أبا بكر أراد قتل أبيه يوم أحد فنهاه النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك وقال
دعه لئلى قتله غيره قال الشافعي كف النبي صلى الله عليه وآله ابا حذيفة بن عتية عن قتل أبيه الحربي فالنهي عن قتل الباغي إذا كان أولى المخالف
بأنه قتل بحق فأشبه إقامة الحدود والجواب الفرق بامكان الرجوع هنا بخلاف استيناف الحد فإنه يجب فان تاب وإذا ثبت هذا فان خالف وقتله
كان جايزا لأنه مباح الدم فجاز قتله كالكافر وروى أن ابا عبيد قتل أباه فقال النبي صلى الله عليه وآله لم قتلته قال سمعته يسبك فسكت صلى الله عليه وآله
ولم ينكر إذا عرفت هذا فان العادل إذا قتل الباغي لم يمنع من الميراث ان كان وارثه وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يرثه وعن أحمد
روايتان بالقولين لنا انه قتل بحق فلم يمتع الميراث كالقصاص والقتل في الحدود احتج المخالف بعموم قوله عليه السلام ليس لقاتل شئ والجواب
المراد بالقتل ظلما لا ارث القاتل قصاصا وحدا اجماعا ولو قتل الباغي العادل منع من الميراث وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يمنع من
الميراث لنا انه قتل بغير حق فلا يرثه كالقتال عمدا احتج أبو حنيفة بأنه قتله بتأويل فأشبه قتل العادل الباغي والجواب ان الفرق فان العادل
قتل الباغي بحق بخلاف العكس قال ابن المنذر إذا تعمد العادل قبل قرينه فقتل ابتداء لم يرثه فان قصد ضربه ليصير غير ممتنع فخرجه ومات
من هذا الضرب ورثه لأنه قتله بحق قال وهو أقرب إلى الأقاويل وقد بينا الحق عندنا في ذلك. مسألة: يجوز للعادل قصد الباغي
بالقتل وقال بعض الجمهور لا يجوز بل يقصد رفعهم وتفريق جمعهم تقليل أحدهم لنا انه محكوم بكفره فجاز قصده بالقتل كالحربي إذا ثبت
هذا فان ابن الجنيد (ره) قال لا يستحب ان يبدؤ ا إلى المسلمين أهل البغي بحرب وان كانوا قد استحقوا بفعلهم المتقدم القتل دون ان
يكونوا هم المبدون بالقتال لجواز حدوث إرادة التوبة ويتبين الحق بعد الجهل به لان أمير المؤمنين علهم السلام كان يقول في كل موطن لا يقاتل
990

القوم حتى بدؤوكم فإنكم بحمد الله على حجة وترككم اما هم حتى يبدؤكم حجة أخرى قال ولا يستحب اثبات أحد من هل البغي ولا قتاله عليه ولا غيره حتى
يبدوهم وقد وصى أمير المؤمنين عليه السلام مالك الأشتر (ره) فقال ولا تبدؤوا القوم بقتال الا ان يبدؤك حتى يلقاهم فتدعوهم وتسمع ولا
تجر بك شتائمهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم مرة واجعل على يمينك زيادا وعلى ميسرتك شريح وقف من أصحابك وسط ولا
تدنوا منهم دنو من يريد أن يثبت الحرب ولا يساعد بعد من شهاب الناس حتى أقدم عليك قال يستحب للوالي إذا أراد أن ينفذ سرية إلى عدو له
أو إلى وجه ينفذه ا ليه ان ينفر فيطاف الوالي في المساجد الجامعة وأسواق المسلمين ويأمر الناس بالدعاء وله بالتشديد والنصر على أعداء
المسلمين. مسألة: من سب الامام وجب قتله عندنا خاصة وكذا ساب النبي صلى الله عليه وآله لأنه كافر بذلك مرتد فيجب قتله وقال
الجمهور يستتاب ويعزر وسيأتي البحث في ذلك ولو عرضوا بالسب عذروا وهو إحدى قول الاخر لا يعذر ولان عليا كان يصلي صلاة فناداه رجل من الخوارج
لئن أشركت ليحبطن عملك وليكونن من الخاسرين فأجابه علي عليه السلام فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون وسمع قول
المنادي لا حكم الا لله يعني حكمت في دين الله ولم يعزره والأول أصح انه لو عرض بالقذف عذر وكذا لو عرض بالشتم والسب وجب ان يعذر ولأنه
لولا ذلك لأدى إلى التصريح بالسب. مسألة: الردة في اللغة خروج ترك حق كان المرتد عليه مقيما متمسكا به ثم ذلك الحق التروك منه عن
الملة بالكفر ومنه ترك حق على المقام على الملة كمنع الزكاة ونحو ذلك وفي اصطلاح الشرعي انما يطلق على القسم الأول إذا ثبت هذا فمانع الزكاة
ليس مرتد ويجب قتاله حتى يدفع الزكاة فان دفعها والا قتل هذا إذا منعها مع اعتقاد وجوبها عليه اما مع الاستحلال لتركها فإنه يكون مرتد لأنه
ترك ما علم من الدين ضرورة وثبوته عند بعض الجمهور أهل الردة قسمان بعد رسو ل الله صلى الله عليه وآله أحدهما كفروا بعد اسلامهم مثل مسلمة الكذاب وطليحة
والعيسى وأصحابهم وكانوا مرتدين بالخروج عن الملة بلا خلاف والثاني قوم منعوا الزكاة مع مقامهم على الاسلام وتمسكهم به فسموا أهل
ردة وقد بينا ان ذلك يطلق عليهم لغة لا شرعا. مسألة: إذا تلف المرتد حال ردته مالا أو نفسا يضمن ما تلف سواء يخيره أو اصره؟؟
في منعه أو لم يصروا وقال الشافعي لا ضمان عليه وبه قال احمد في الأنفس وقال في الأموال لقولنا لنا قوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا
عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقال تعالى النفس بالنفس وما رواه الجمهور عن أبي بكر أنه قال لأهل الردة حين رجعوا تردون علينا ما أخذتم
منا ولا نرد عليكم ما أخذنا منكم وان يدي قتلانا ولا ندي قتلاكم قالوا نعم يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله قال عمر لكما قلت كا قلت الا ان يدروا قبلي فلا
فلا لأنهم قوم قتلوا في سبيل الله واستشهدوا ولأنهم تلفوا بغير تأويل فأشبهوا أهل الذمة احتج الشافعي بان نفيهم يودي إلى يبصرهم عن الرجوع
إلى الاسلام فأشبهوا أهل البغي واحتج احمد بذلك في الأنفس والجواب ان المنع من التمييز يؤدي إلى كثرة الفساد على أن الحكم في الأصل ممنوع
وقد سلف ابن الجنيد (ره) قال بعض أصحابنا انه يسقط عنه ما أحدث في الردة والامتناع لان طليحة ارتد عن الاسلام وبينا وقتل ثابت بن
افرم؟؟ وعكاشة بن محصن ثم أسلم فلم نعلم أنه افتدى واحد منهما والثاني في ذلك نظر والحق عندنا نحن ما قدمناه من وجوب الضمان. مسألة:
إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله أو حرمه فله ان يقاتله دفعا عن نفسه بأقل ما يمكنه دفعه به بلا خلاف وان أدى ذلك على نفسه لقوله عليه السلام
من قتل دون ماله فهو شهيد ولو قتل اللص لم يجب على القاتل قود ولا دية ولا كفارة إذا ثبت هذا فهل يجب عليه ان يدفع عن نفسه بأقل
قال الشيخ (ره) الأقوى الوجوب وللشافعي قولان لنا قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم ولأنه قادر
على حفظ نفسه بفعله فيلزمه كما يجب عليه تناول الطعام والشراب احتج الشافعي بان عثمان بن عفان استسلم للقتل مع القدرة على
الدفع لأنه كان في داره أربعمائة مملوك فقال من القى سلاحه فهو حر فلم يقاتل أحد فقتل والأول أصح عندنا لان القتل فاض بوجوب
دفع الضرر عن النقس وفعل عثمان لو سلم لم يكن حجة إذا ثبت هذا انه يجب عليه ان يدافع عن نفسه وانه لا يجب عليه ان يدافع عن ماله بل يجوز له
الاستيلام فيه ولا أعلم فيه خلافا اما المراة فيجب عليها ان تدافع عمن أراد فرجها ولو قيل لم يكن له دية لأنه إذا جاز الدفع عن ماله الذي
يجوز تركه وإباحيته فدفع المراة عن نفسه وصيانتها عن الفاحشة التي لا تباح بحال أولى وانما وجب عليها ذلك لان التمكين منهما محرم
وفي ترك الدفع نوع من التمكين إذا ثبت هذا فلو أمكنه التخلص بالهرب وجب عليه لأنه مأمور بالدفع عن نفسه وفي الهرب يحصل ذلك بأسهل
طريق وللشافعي قول آخر انه لا يلزمه لان اقامته في مكانه مباح له فلا يلزمه ان ينصرف عنه لأجل غيره والجواب ان في الانصراف حفظ
النفس فوجب وكذا المضطر إلى اكل الطعام نجس كالميتة أو شراب نجس فإنه يجب عليه تناوله لحفظ الرمق وللشافعي وجهان هذا أحدهما والثاني
لا يلزمه لأنه (بنونا) النجاسة وهو غلط لان النجاسة حكم شرعي وقد عفى عنه فلا يتلف نفسه لذلك.
المقصد التاسع: في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ومباحثه ثلاثة. الأول: الامر هو طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء والنهي يقتضي
الامر ولا يشترط العلو وقد بينا ذلك في أصول الفقه والمعروف هو كل فعل حسن اختص بوصف زائد على حكمه إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه
والحسن هو القادر عليه التمكن مع العلم بحاله ان يفعله وأيضا ما لم يتمكن على صفة تؤثر في استحقاق الذم والقبح هو الذي ليس للتمكن
991

منه ومن العلم بفتحه ان يفعله أو الذي على صفة ما تأثير في استحقاق الذم والحسن شامل للواجب والندب والمباح والمكروه واما القبيح فإنه يتناول
الحرام خاصة وقد يطلق في العرف الحسن على ما يدخل في استحقاق المدح فيتناول الواجب والمندوب ولا غير إذا عرفت هذا فاعلم أن المعروف
يقسم إلى الواجب والمندوب والاخر بالواجب وبالندب ندب واما المنكر فهو القبيح فالنهي عنه واجب لا غير. مسألة: وفي الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر فضل كثير وثواب جزيل قال الله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر وقال تعالى لعن الذين
كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون وكانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا
يفعلون وروى الشيخ عن عبد الله بن محمد بن طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام ان رجلا من خثعم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا
رسول الله أخبرني ما أفضل الاسلام قال الايمان بالله قال ثم ماذا قال ثم صلة الرحم قال ثم ماذا قال الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر قال فقال الرجل فأي الأعمال أبغض إلى الله عز وجل قال الشرك بالله قال ثم قال ماذا قطيعة الرحم قال ثم ماذا قال الامر بالمنكر والنهي عن
المعروف وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله تعالى فمن نصرهما أعزه الله ومن
خذلهما خذله الله. مسألة: قد وردت النصوص الكثيرة بالزجر عن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ذلك قوله تعالى
لعن الذين كفروا من بني إسرائيل الآية وقوله تعالى لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس وقد روى الشيخ (ره)
عن أحمد بن محمد بن خالد بن عيسى عن محمد بن عرفة قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول لتأمرن بالمعروف ولتنهين عن المنكر أو ليستعملن عليكم
شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم وعن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر عليه السلام قال ويل لقوم يدينون الله بالمعروف والنهي وباسناده قال
قال أبو جعفر بئس القوم قوم يمنعون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن محمد بن عرفة قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول قال رسول
الله صلى الله عليه وآله أمتي إذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فباذن بوقاع من الله وعن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله
عليه السلان قال قال النبي صلى الله عليه وآله كيف بكم إذا فسدت نسائكم وفسق شبابكم ولم يأمر بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر فقال له أو يكون ذلك يا رسول
الله فقال نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف وقيل له يا رسول الله أو يكون ذلك فقال نعم وشر من ذلك فكيف بكم
إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من طلب مرضات الناس بما يسخط
الله كان حامده من الناس ذاما ومن امر بطاعة الله عز وجل عداوة كل عدو وحسد كل حاسد وبغي كل باغ وكان له عز وجل ناصرا وظهيرا
وفي الحسن عن ابن أبي عمير عن جماعة من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال ما قدمت أمة لم تأخذ لضعفها من قوتها بحقه غير مضيغ وعن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال لا تزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات
وسلط بغضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء وقال أمير المؤمنين عليه السلام من ترك انكار المنكر بقلبه ويده ولسانه فهو ميت
في الاحياء وقال الصادق عليه السلام لقوم من أصحابه انه قد حق لي ان اخذ البرئ منكم بالسقيم وكيف لا يحق لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم
القبيح فلا تنكر ون عليه ولا تهجرونه ولا تردونه حتى يتركه. البحث الثاني: في وجوبها وكيفية وجوبها والشرايط
مسألة: لا خلاف بين العقلاء كافة في وجوب الأمر بالمعروف الواجب والنهي عن المنكر قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا
على الاثم والعدوان وقال تعالى خذ العفو وأمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين وعن محمد بن عرفه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام لتأمرن بالمعروف
ولتنهن عن المنكر والامر للوجوب وعن أبي جعفر عليه السلام ويل لقوم لا يدينون إليه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن جابر عن أبي جعفر قال يكون في اخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مرائون معروف وينسلون حدثا سفها لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر الا إذا
آمنوا الضرر ويطلبون لأنفسهم الرخص والمقادير يتبعون زلات العلماء فساد عليهم يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال
ولو اضرب بالصلاة بساير ما يعملون من أموالهم وأثيابهم لرفضوها كما رفضوا ثم الفارض وأشعر فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فريضة عظيمة بها يقام الفرائض هناك بهم غضب الله عليهم فمنعهم بعفافه فيهلك الأبرار في دار الفجار والصغار في الكبار ان الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين فريضة عظيمة بها يقام الفرايض وتأمن المذاهب وتحلل المكاسب وترد المظالم
وتعمر الا رض وينصف من الأعداء ويستقيم الامر فأنكروا بقلوبكم وأطاعوا بألسنتكم وصلوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة
لائم فان اتعظوا إلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم انما السبيل على اللذين يظلم الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب اليم هنالك
فجاهدوهم بأبدانكم وابغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولا باغين ما لا ولا مرتدين بالظلم ظفرا حتى تفيئوا إلى امر الله ويمضوا إلى طاعته
قال أوحى الله تعالى إلى شعيب النبي على نبينا وعليه السلام اني أخذت من قومك مائة الف أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم
فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى الله عز وجل إليه داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي. مسألة: واختلف علمائنا
992

في وجهها هل هو عقلي أو سمعي فقال بعضهم انه واجب بالسمع لأنه معلوم من دين محمد صلى الله عليه وآله وقد ذكرنا الدلايل السمعية على وجوبها فقال
آخرون بالعقل والأول أقوى لأنها لو وجب بالعقل لما ارتفع معروف ولما وقع منكر وكان الله تعالى محلا بالواجب والثاني يقسمه باطل فالمقدم
مثله بيان الشرطية ان الأمر بالمعروف وهو الحمل على فعل المعروف والنهي عن المنكر وهو المنع منه ولو كانا واجبين بالفعل لكانا واجبين على الله
تعالى لان كل واجب عقلي فإنه يجب على كل مكلف من حصل فيه وجه الوجوب ولو وجب على الله تعالى لزم أحد الامرين واما بطلانهما فظاهر اما
الثاني فلانه تعالى حكيم لا يجوز عليه الاخلال بالواجب واما الأول فلانه يلزم الالحاح وبني على التكليف لا يقال هذا وزاد عليكم في
وجوبهما على المكلف لان الامر هو الحل والنهي هو المنع في اقصائهما الالحانين ما إذا صدرا من مكلف أو من الله
تعالى وذلك قول بابطال التكليف لأنا نقول الا نسلم انه يلزم الالحاح ولان منع المكلف لا يقتضي الامتناع أقصى ما في الباب أنه يكون
معربا ويجري ذلك مجرى الحدود في اللطيفة ولهذا يقع القبايح مع حصول الانكار وإقامة الحدود. مسألة: واختلف علمائنا في
وجوبهما على الأعيان أو على الكفاية فقال السيد المرتضى انهما واجبان على الكفاية وقال الشيخ أبو جعفر رحمه الله انهما واجبان على الأعيان
والأول عندي أقوى لنا ان الغرض منهما وقوع المعروف وارتفاع المنكر فمتى حصلا بفعل واحد كان الامر بغيرهما عبث احتج الشيخ
رحمه الله بقوله عليه السلام لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر وهو عام والجواب ان الامر قول الكل لكنه يسقط بفعل البعض. مسألة:
وشرايط وجوبها أربعة. أحدهما: ان يعلم المعروف معروفا والمنكر منكرا لنا من الغلط في الانكار والا مراد مع الجهل جاز ان يأمر بالمنكر
أو نهى عن معروف ولا خلاف في ذلك. الثاني: ان يجوز تأثر انكاره فلو غلب على ظنه أو علم أنه لا يؤثر لم يجب الأمر بالمعروف ولا
نهى عن منكر وقد جعل أصحابنا هذا شرط على الاطلاق والأولى ان يجعل شرطا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد واللسان دون القلب ويكون على اشتراط هذين الامرين ما رواه الشيخ عن سعدة بن الصدقة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر واجب هو على الأمة جميعا فقال انما هو على القوى المطاع العالم بالمعروف من المنكر إلا عن الضعيف الذين لا يهتدون
سبيلا قال سعدة سمعت أبا عبد الله عليه السلام سال عن الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله ان أفضل الجهاد كملة عدل عند سلطان
جائر معناه قال هذا على أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقتل منه وإلا فلا وعن ابن أبي عمير عن يحيى بن الطويل صاحب البصرة عن أبي
عبد الله عليه السلام قال قال انما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فسقط أو جاهل فيعلم فاما صاحب صيف وشرط فلا وعن داود
المزني قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا ينبغي للمؤمن ان يذل نفسه قلت له وكيف يذل نفسه قال يتعرض لما لا يطيق. الثالث:
ان يكون المأمور أو المنهي مصرا على الاستمرار فلو ظهرت منه الامارة والامتناع سقط الوجوب لان المقتضي للوجوب قد زال الشرط.
الرابع: أن لا يكون في الانكار مفسدة على الامر ولا على أحد من المؤمنين بطلبه فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى ماله أو إلى أحد من المسلمين سقط
الوجوب لقوله عليه السلام لا ضرر ولا ضرار ولما رواه الشيخ عن مفضل بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي يا مفضل من تعرض
لسلطان جائر فاصابه ما يليه لم يؤجر عليها ولم يرزق القر عليها. مسألة: ومراتب الانكار ثلاثة بالقلب واللسان واليد والأول
يجب وجوبا مطلقا وهو أول المراتب فإنه إذا علم أن فاعله ينزجر باظهار الكراهية وجب عليه ذلك وكذا لو عرف أنه لا يكفيه ذلك و
عرف الاكتفاء بالاعراض عنه والحجر وجب عليه لقول الصادق عليه السلام يقوم من أصحابه قد حق لي ان اخذ البرئ منكم بالسقيم وكيف لا يحق لي
ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى تركه إذا ثبت هذا فإذا انزجر الفاعل بالاعراض
والحجر لم يجب الزايد في الانكار لان الغرض عدم الوقوع فإذا حصل اقتصر عليه ولو لم يؤثر انتقل الا نكار باللسان بالعوض و
الزجر ويندرج في الانكار باليسير من القول إلى الأصعب روى الشيخ عن غياث بن إبراهيم قال كان أبو عبد الله عليه السلام إذا امر جماعة يختصمون لا يجوز لهم حتى يقول ثلاثا اتقوا الله يرفع بها صوته ولو لم ينزجر بذلك وافتقر إلى اليد مثل الضرب وما أشبه جاز له ذلك لما
رواه الشيخ عن يحيى بن الطويل عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما جعل الله عز وجل بسط اللسان وكف اليد ولكن جعلها يبسطان معا ويكفان
معا وقول أمير المؤمنين عليه السلام من ترك انكار المنكر بقلبه ويده ولسانه فهو ميت بين الاحياء وفي حديث جابر عن أبي عبد الله عليه السلام أنكروا بقلوبكم
وابغضوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم فان أبغضوا والى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم انما السبيل على الذين
يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب اليم هنالك فجاهدوهم بأموالكم وبقلوبكم الحديث. مسألة: ولو
افتقر إلى الخراج والقتل قال السيد المرتضى رحمه الله يجوز ذلك بغير إذن الإمام وقال الشيخ رحمه الله ظاهر من مذهب شيوخنا الامامية
ان هذا الجنس من الانكار لا يكون الا للأئمة أو لمن يأذن له الامام فيه قال رحمه الله وكان المرتضى (ره) يخالف فسي ذلك ويقول يجوز فعل ذلك
بغير اذنه لان ما يفعل باذنه يكون مقصودا وهذا بخلاف ذلك لأنه غير مقصود وانما قصده المدافعة والممانعة فان وقع ضرر فهو غير
993

مقصود وقد افتى الشيخ (ره) بذلك في كتاب الطيبان وكلام السيد عندي قوي.
البحث الثالث: في اللواحق. مسألة: لا يجوز لاحد إقامة
الحدود الا الامام ومن نصبه الامام لإقامتها ولا يجوز لاحد غيرهما اقامتها على حال وقد رخص في غيبة الامام ان يقيم الانسان الحد على مملوكه إذا لم يخف في
ذلك ضررا على نفسه وماله وغيره من المؤمنين وامن من بوايق الظالمين وقد رخص أيضا في حال الغيبة إقامة
الحد على ولده
وزوجته إذا امن الضرر ومنع منه ابن إدريس ذلك وسلمه في العبد وقد روي الشيخ عن جعفر بن غياث قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
من يقيم الحدود والسلطان أو القاضي فقال إقامة الحدود إلى من إليه الحكم إذا ثبت هذا فعل يجوز للفقهاء إقامة الحدود وفي حال الغيبة جزموا
به الشيخان عملا بهذه الرواية وعندي في هذه الرواية وعندي في ذلك توقف. مسألة: قد روي أن من استخلفه سلطان ظالم
على قوم وجعل إليه إقامة الحدود جز ان يقيمها عليهم على الكمال ويعتقد انه انما يفعل ما لم يتعدى الحق في ذلك وما هو مشروع في شرعة الاسلام فان تعدى من جعل إليه الحق لم يجز
له القيام به ولا لاحد معاونيه على ذلك أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر (ره) في النهاية ومنع ابن إدريس كل المنع وهو أولى لما يثبت
انه لا يجوز لاحد غير الامام أو من اذن له الامام إقامة الحدود إذا ثبت هذا فلو خاف الانسان على نفسه من ترك اقامتها جاز له ذلك
للتقية ما لم يبلغ قتل النفوس فان بلغ الخال ذلك لم يجز فعله ولا تقية فيها بلا خلاف. مسألة: لا يجوز الحكم بين الناس والقضاء
بينهم الا للامام أو من اذن له الامام وقد فرض الأئمة عليهم السلام ذلك إلى فقهاء سيئاتهم المأمونين المخلصين العاملين بالأحكام ومداركها الباحثين
ان يأخذ الشريعة القيمتين بنصب الأدلة والامارة وبالجملة من يستجمع شرايط الحكم الآتية فيما بعد لما رواه الشيخ (ره) عن عمر ين حنظلة قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة أو دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاء أيحل ذلك فقال من يحاكم
إلى الطاغوت فحكم به انما يأخذ صحة وان كان حقه ثابتا لأنه اخذ بحكم الطاغوت فقد امر الله عز وجل ان يكفر بها قلت كيف يصنعان قال انظروا إلى
من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فلترضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل
منه بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا راد على الله وهو على حد الشرك بالله عز وجل وعن أبي خديجة قال أبو عبد الله عليه السلام إياكم
ان يحاكموا بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فاني جعلته قاضيا فتحاكموا إليه فإذا ثبت
هذا فإنه ينبغي لمن عرف الاحكام ومأخذها من الشيعة الحكم والا فناله في ذلك اجر جزيل وثواب عظيم ما لم يخف في ذلك على نفسه ولا على أحد كان من أهل الايمان
وبان الضرر فيه وان خاف شيئا من ذلك لم يجز له التعرض له على حال. مسألة: إذا طلب أحد الخصمين المرافعة إلى قضاء الجور كان متعديا للحق
مرتكبا للآثام مخالفا للامام لأنه مساعد للظالم ومعاونه على الاثم والعدوان وقد روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع)
قال انما مؤمن قدم مؤمن في خصومة إلى قاض أو سلطان جاير وقضى عليه بغير حكم الله فقد شركه في الاسم وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع)
قول الله عز وجل في كتابه ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام فقال يا أبا بصير ان الله عز وجل قد بتحكم ان في الأمة حكاما
يجوزون اما انه لم يعن حكام العدل ولكنه على حكام الجور يا با محمد انه لو كان على رجل حق فدعوته إلى حكم أهل العدل فأبى عليك الا ان ترى
يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له كان ممن حاكم إلى الطاغوت وهو قول الله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك
وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال أيما رجل كان بينه وبين أخ له ممارات
في حق فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه (؟ وبينه؟) فأبى الا ان يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله تعلى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم
آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا ان يكفروا به الآية إذا عرفت هذا فإنه يجب على كل
متمكن منع الطالب لقضاء الجور ومناعه غريمته إلى المرافعة إلى قضاء الحق بلا خلاف. مسألة: وإذا ترافع إلى الفقيه العارف
بالأحكام الجامع لشرايط الحكم خصمان وجب عليه الحكم بينهما على مذهب أهل الحق ولا يجوز له ان بحكم بينهم بما يخالف الحق لقوله تعالى ومن لم
يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون وقد روى الشيخ عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول القاضي لو قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد ما بين السماء والأرض وفي الصحيح عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من حكم في درهم
بغير ما انزل الله عز وجل فهو كافر بالله العلي العظيم وعن عبد الله بن مسكان رفعه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من حكم في
الدرهمين حكم جور ثم أجبر عليه كان من أهل هذه الآية ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون وقلت كيف يجبر عليه قال يكون
له سوط وسجن ليحكم عليه فان رضى بحكومته والا ضربه بسوطه وحبسه في سجنه إذا ثبت هذا فلو اضطر إلى الحكم بمذهب أهل الخلاف بان يكون
قد اضطر أهل الولاية من قبلهم ولم يتمكن من ايقاع الحكم على الوجه الصحيح جاز له ذلك ما لم يبلغ الدماء فإنه لا بقي فيها على ما بينا
ويجتهد في مقيد الاحكام على الوجه الحق ما أمكن للضرورة الداعية إلى ذلك ولما رواه الشيخ عن عطاء بن السائب عن علي بن الحسين
عليهما السلام قال إذا كنت في أئمة جور فاقضوا على احكامهم ولا تشهروا أنفسكم فيقتلونكم وان تعاملتم باحكامنا كان خيرا لكم إذا عرفت
994

هذا فلو تمكن من الحكم بالحق وحكم بحكم أهل الخلاف كان باطلا وكان إثمه عظيما لما تقدم ولما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام
انه اشتكى عينه فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا علي عليه السلام يصيح فقال له النبي صلى الله عليه وآله أجزعا أم وجعا يا علي قال يا رسول الله ما وجعت
وجعا أشد منه قال يا علي ان ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر انزل معه صفودا من نار فيقبض روحه بها فيصيح جهنم فاستوى علي
عليه السلام جالسا فقال يا رسول الله أعد علي حديثك فقد انساني وجعي ما قلت فهل يصيب ذلك أحد من أمتك فقال نعم حكاما جايرين واكل مال اليتيم
وشاهد الزور. مسألة: وكما يجوز للفقهاء والصادقين بمدارك الاحكام وتفاصيلها الحكم بين الناس يجوز لهم
الافتاء بينهم ويجب
عليهم ذلك غيبة الاسلام إذا آمنوا الضرر ولم يخافوا على أنفسهم ولا أحد من المؤمنين قال الله تعالى ان الذين يكتمون ما أنزلنا
من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وقال تعالى فلولا نفر من كل فرقة
منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون وروى الشيخ عن يوسف بن جابر قال قال أبو جعفر
عليه السلام لعن رسول الله صلى الله عليه وآله من نظر إلى فرج امرأة لا يحل له ورجلا خان أخاه في امرأته ورجلا احتاج الناس إليه
ليتفقه فسألهم الرشواء إذا ثبت هذا فإنه يجب على المفتي ان يفتي عن معرفة لا عن تقليد وانما يحل له الفتيا بعد المعرفة بالأحكام
ومداركها والأصول والنحو المحتاج إليه في ذلك واللغة المحتاج إليه فيه ولا يحل له ان يفتي بغير علم لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبيدة
قال قال أبو جعفر عليه السلام من افتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنه الله وملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه
مسألة: ولو خاف على نفسه من الفتياء بالحق جاز له مع الضرر وخوفه من الافتاء بمذهب أهل الخلاف لهم أو لسكوت لأهل الضرورة
ولانا جوزنا الحكم على مذهب أهل الخلاف للضرورة فالفتيا أولى ويؤيده ذلك ما رواه الشيخ عن علي بن السندي عن أبيه قال سألت أبا
الحسن عليه السلام عن الرجل يأتيه من يسأله عن المسألة فيتخوف ان هو افتى بها ان تشيع عليه فسكت عنه أو تعينه بالحق أو تعينه بما لا يتخوف على
نفسه قال السكوت عنه أعظم اجرا وأفضل وعن عبد الله بن المغيرة عن معاد الهوى وكان أبو عبد الله عليه السلام يسمى النحوي قال قلت لأبي عبد الله
عليه السلام اني اجلس في المسجد فيأتيني الرجل فإذا عرفت أنه يخالفكم أخبره بقول غيركم وإذا كان ممن لا أدري أخبره بقولكم وقول غيركم فيختار
لنفسه وإذا كان ممن يقول بقولكم أخبرته بقولكم فقال رحمك الله فهكذا فاصنع. مسألة: قال الشيخ (ره) يجوز للفقهاء العارفين
إقامة الحدود في حال غية الامام كما لهم الحكم بين الناس مع الامن من ضرر سلطان الوقت ويجب على الناس مساعدتهم على ذلك لما
رواه الشيخ عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله (ع) قال سألته من يقيم الحدود السلطان أو القاضي فقال إقامة الحدود من إليه الحكم
وقد ثبت ان للفقهاء الحكم بين الناس فكذا لهم إقامة الحدود ولان تعطيل الحدود حال الغيبة الامام مع التمكن من استيفائها يقتضي
إلى الفساد فكان سايغا وهو قوي عندي. مسألة: ويجوز لفقهاء أهل الحق ان يجمعوا بالناس الصلوات كلها من الفرايض
الخمس والعيدين استحبابا مؤكدا مع عدم الخوف اما الجمعة فقال بعض أصحابنا يجوز لهم إقامة الجمع ويخطبون الخطبتين مع الخوف ومنع سلار
وابن إدريس من ذلك وأوجبوا الصلاة أربع ركعات وهو الأقرب وقد سلف في كتاب الصلاة. مسألة: لا يجوز لاحد ان يعرض
نفسه للتولي من قبل الظالمين الا ان يقطع ويعلم علما يقينا انه لا يتعدى الواجب ولا يرتكب القبيح ويتمكن من وضع الأشياء موضعها
ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فان علم أنه يخل بواجب أو يرتكب قبيحا أو غلب على ظنه ذلك فلا يجوز له التعرض بحال من الأحوال
مع الاختيار فان أكره على الدخول فيه واضطر به إلى التقية جاز له حال ذلك ويجتهد لنفسه من المظالم حسب ما أمكنه على ما قدمناه
فصول: في هذا الكتاب روى الشيخ عن زيد بن علي عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله للشهيد سبع خصال
من الله أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب والثانية يقع رأسه في حجر زوجته من الحور العين ويمسحان الغبار عن وجهه فيقولان مرحبا بك
ويقول هو مثل ذلك لهما والثالثة يكسى من كساء الجنة والرابعة يبتدره خزنة الجنة من كل ريح طيبة انهم يأخذ معهم والخامسة ان يرى منزله والسادسة
يقال لزوجته اسرح في الجنة حيث سالت والسابعة ان ينظر في وجه الله وانها الراحة لكل نبي وشبهه. فصل: ودعاء الغازي مستجاب لأنه
قد بذل نفسه في مرضات الله تعالى فلا يحجب دعاؤه ولا يحرم مطلوبه من كرم الأكرمين روى الشيخ عن عيسى بن عبد الله القمي عن أبي عبد
الله عليه السلام قال ثلاث دعوات مستجابة أحدهم الغازي في سبيل الله فانظروا كيف يخلفوه. فصل: ويستحب ابلاغ رسالة الغازي
لأنه في أعظم الطاعات روى الشيخ عن رسول الله صلى الله عليه ولبه قال من بلغ رسالة غاز كمن أعتق رقبة وهو شريكه في ثواب غزوته
فصل: روى الشيخ عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن قول أمير المؤمنين عليه السلام لألف ضربة
بالسيف أهون من موت على فراش فقال في سبيل الله. فصل: وروى الشيخ عن مسعدة بن صدقة قال حدثني من ليلى عن أبي عبد الله
بن عبد الرحمن السلمي قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ان الجهاد باب من أبواب فتحه الله لخاصة أولياءه وسوغهم كرامة منه ونعمة ذخرها والجهاد لباس
995

التقوى ودرع الله الحصينة وحصنه الوثيقة فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذلة وسلمه البلاء وفارق الرجاء وضرب على قلبه بالاشتباه
وثب بالصغار والعمى وسم الخسف ومنع النصف وأزيل الحق بتضييعه الجهاد وغضب الله بتركه نصرته وقد قال الله عز وجل في محكم كتابه ان تنصروا
الله ينصركم ويثبت اقدامكم. فصل: وروى الشيخ عن حفص بن غياث قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجهاد أسنة أم فريضة فقال
الجهاد على أربعة أوجه فجهادان فرض وجهاد سنة لا يقام الا مع فرض وجهاد سنة قاما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معصية الله
وهو من أعظم الجهاد ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار وفرض فاما الذي هو سنة لا يقام فان مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة
ولو تركوا الجهاد لاتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة عليه وجد أن تأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم واما الجهاد الذي
هو سنة أقامها الرجل جاهد في اقامتها وبلوغها بالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنها أحيى سنة قال النبي صلى الله عليه وآله
من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شئ. فصل: قد بينا انه يجوز الدفاع
عن المال بالمحاربة ويؤكده ما رواه الشيخ عن محمد بن زياد صاحب السابري البجلي عن أبي عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من قتل دون؟ اعقال /؟ فهو شهيد وعن ضريس عن أبي جعفر عليه السلام قال من حمل السلاح بالليل فهو محارب الا ان يكون
رجلا ليس من أهل الرسة وعن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال إذا دخل رجل يريد أهلك ومالك فابتدرته بالضربة
ان استطعت فان اللص محارب لله ورسوله فما تبعك فيه من شئ فهو علي وعن فزارة بن إبراهيم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام اللص يدخل
علي في بيتي يريد نفسي ومالي قال اقتل فاشهدوا الله ومن سمع ان دمه في عنقي وعن السكوني عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال إن
الله ليمقت السيد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل فصل: ويستحب اتخاذ الخيل وارتباطاتها استحبابا مؤكدا روي الشيخ عن ابن
طبور المتطيب قال سألني أبو الحسن عليه السلام اي شئ تركب قلت حمارا قال بكم ابتعته قلت ثلاث عشر دينارا قال إن هذا هو السرف ان تشتري
حمارا بثلاثة عشر دينارا وتدع برذونا قلت يا سيدي ان مؤنة البرذون أكثر من مؤنة الحمار فقال إن الذي تمون الحمار هو الذي يمون البرذون
اما تعلم من أن يرتبط دابة متوقعا أمرنا ويغيظ به عدونا وهو منسوب إلينا أدر الله رزقه وشرح صدره وبلغه أمله وكان عونا
على حوائجه وعن داود البرقي قال قال أبو عبد الله عليه السلام من اشترى دابة كان له ظهرها وعلى الله رزقها وعن عبد الله بن سنان
قال قال أبو عبد الله عليه السلام اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضي عليها الحوائج ورزقها على الله فصل: وروى الشيخ عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قتال الدابة على صاحبها ستة حقوق لا يحملها فوق طاقتها ولا يتخذ ظهروها مجالس يتحدث عليها ويبدأ
بعلفها إذا نزل ولا يمسها ولا يضربها في وجهها ولا يضربها فاها فإنها تسبح ويعرض عليها الماء إذا امر بها وعن درست عن أبي عبد
الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا عسرت الدابة تحت الرجل فقال لها نعست تقول تعني أعصانا للرب. فصل:
ولا بأس بضربها عند الحاجة وروى الشيخ عن علي بن إبراهيم الجعفري رفعه قال سال الصادق عليه السلام متى اضرب دابتي قال إذا لم
يسريحتك؟؟ كمسيرها إلى مردودها وعن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله اضربوها
على النقار ولا تضربوها على العثار. فصل: روى الشيخ عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
يقاتل دون ماله فقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد فقلنا له أيقاتل أفضل فقال إن لم
يقاتل دون ماله فقال يقاتل فلا بأس اما انا لو كنت لم تقاتل وتركته وعن حبيب الأسدي عن رجل عن علي بن الحسين عليهما السلام قال من اعتدى عليه في صدقه
ماله فقاتل فقتل فهو شهيد وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من قتل دون مظلمته فهو شهيد وعن أبي بصير عمن سمع عن علي بن الحسين عليهما السلام يقول وذكر الشهيد قال فقال بعضنا في المبطون
وقال بعضنا في الذي اكله السبع وقال بعضنا عن ذلك فذكرني الشهادة فقال انسان ما كنت أدرى ان الشهيد لا من قتل في سبيل الله فقال
علي بن الحسين عليهما السلام ان الشهداء اذن لقليل ثم قرء الآية الذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون والشهداء عن ربهم قال هذا لنا
ولشيعتنا. فصل: روى الشيخ عن هاشم بن المريد قال سمعت زيد بن علي يقول كان علي في حربه أعظم اجره مع قيامه مع رسول الله صلى الله عليه وآله
في حربه قال قلت وأي شئ تقول أصلحك الله قال فقال لي ان كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله تابعا ولم يكن الا اجر نفسه وكان
في هذا متبرعا وكان له اجر كل من تبعه. فصل: روى السكوني عن حعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من شهد أمرا فكرهم وان كمن عاب عن امر فرضيه كان كمن شهده. فصل: روى كرام عن أبي عبد الله عليه السلام قال أربع لأربع فواحدة للقتل
والهزيمة حسبنا الله ونعم الوكيل ان الله تعالى يقول إن الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله
ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء والاخر للمنكر والسوء وأفوض أمري إلى الله عز وجل فوقاه الله سيئات
996

ما مكروا وحاق بال فرعون سوء العذاب والثالثة للحرق والغرق ما شاء الله لا قوة الا بالله وذلك أنه يقول ولولا إذ دخلت جنتك قلت
ما شاء الله لا قوة الا بالله والرابعة للغم والهم لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين قال الله سبحانه فاستجبنا له ونجيناه
من الغم وكذلك ننجي المؤمنين. فصل: وصرف المال في الصدقة لذي الرحم أفضل من صرفه في الجهاد مع عدم الحاجة إليه روى
الشيخ عن موسى بن أبي الحسن الرازي عن الرضا عليه السلام قال أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بدينارين فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أريد ان احملها في
سبيل الله قال ألك ولدان أو أحدهما قال نعم قال اذهب فانفقهما على ولديك فهو خير لك ان تحملها في سبيل الله فرجع ففعل فاتاه
بدينارين آخرين قال قد فعلت هذا ديناران أريد ان احملها في سبيل الله قال ألك ولد قال نعم قال فاذهب فانفقهما على ولدك فهو
خير ان تحمل بهما في سبيل الله فرجع وفعل فاتاه بدينارين آخرين فقال يا رسول الله أريد ان احملها في سبيل الله قال ألك زوجة قال نعم قال انفقهما على زوجتك
فهو خير لك ان تحملها في سبيل الله فرجع وفعل فاتاه بدينارين آخرين فقال يا رسول الله وهذه ديناران أريد ان
احملهما في سبيل
الله فقال ألك خادم قال نعم قال فاذهب فانفقهما على خادمك فهو خير لك ان يحملها في سبيل الله فرجع ففعل واتاه بدينارين آخرين
فقال يا رسول الله اني أريد ان احملهما في سبيل الله قال احملهما واعلم انها ليست بأفضل من دنانيرك. فصل: وروى السكوني عن
جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء قال قل لقومك لا يلبسوا لباس أعدائي ولا يطعموا مطاعم أعدائي ولا يسلكوا مسالك
أعدائي فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي. فصل: وروى أبو حمزة الثمالي قال قال أبو عبد الله عليه السلام لن يبق الأرض ومن فيها متاعا لم
يعرف الحق من أهل الباطل انما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذ بلغت التقية الدم فلا تقية وأيم الله ان لو دعيتم لتنصرونا لفعلتم
انما ينبغي ولكانت التقية أحب إليكم من ابائكم وأمهاتكم ولو قد قام القيام ما احتاج إلى مسائلتكم عن ذلك ولا قام في كثير منكم من أهل النفاق
حد الله. فصل: روى يحيى بن العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام لا يقاتل حتى تزول الشمس ويقول ففتح أبواب
السماء ويقبل الرحمة وينزل اليسير ويقول هو أقرب إلى الليل وأوحد ان يقل القتل ويرجع الطالب ويغلب المهزوم. فصل: روى أبو
بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول خير الرفقاء أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير العساكر أربعة آلاف ولا يغلب عشرة الف من
من قتله وعن زيد بن علي عن ابائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا التقى المسلمان سيفهما على غير سنة القاتل و
المقتول في النار وقيل يا رسول الله انه القاتل فما بال المقتول قال لأنه أراد قتلا. فصل: وعن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي
الحسن عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال اركبوا وارموا وان ترموا أحب إلى من أن يركبوا ثم قال كل امر المؤمن وباطل الا
في ثلاث تأديبه الفرس ورميه عن قوسه وملاعبته امرأته فإنهن حق ان الله ليدخل بالسهم الواحد الثلاثة الجنة عاملة الخشب والمعوي؟؟ في سبيل الله والرامي به سبيل الله. فصل: روي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه السلام من سمع رجل ينادي
بالمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم. فصل: روي عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله لما نزلت الآية يا أيها الذين آمنوا
قو أنفسكم وأهليكم نارا حبس رجل من المسلمين يبكي انا قد عجزت عن نفسي لم كلفت أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حسبك
ان تأمرهم بما تأمر به نفسك وعن أبي بصير في قول الله عز وجل قو أنفسكم وأهليكم نارا فقلت كيف أقهم قال تأمرهم بما امر الله عز وجل
فان أطاعوك قد وقيتهم وان عصوك كنت قد قبضت ما عليك. فصل: روى أبو الحسن الأخمسي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال إن الله فوض إلى المؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه ان يكون ذليلا اما تسمع
الله تعالى يقول ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين فالمؤمن من يكون عزيزا ولا يكون ذليلا
قال إن المؤمن أعز من الخيل يستقل منه بالمعادن المؤمن لا يستقل دينه بشئ
وليقطع الكلام في القاعدة الأولى من هذا الكتاب في العبادات
حامدين الله تعالى ولتنقل بعون الله تعالى إلى القاعدة
الثانية في العقود مستعينين بالله
ومتوكل عليه وهو حسبنا
ونعم الوكيل
مباحث التجارة القاعدة الثانية في العقود وفيها كتب الكتاب الأول في التجارة وفيها مقاصد الأول في المقدمات وفيه فصول تمت الكتاب الجهاد في يوم
الثالث عشر من شهر صفر المظفر سنة 1319 من الهجرة النبوية على هاجرها الف سلام وتحية كتبه العبد الاثم الجاني ابن محمد علي محمد حسن الجرقادياني؟؟
997

بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة الثانية في العقود وفيها كتب الكتاب الأول في التجارة وفيه مقاصد الأول في المقدمات وفيه
فصول الأول في استحباب التجارة
لا نعلم خلافا في جواز طلب الرزق بالمعاش في الحلال قال الله تعالى فاسعوا في مناكبها
وكلوا من رزقه وروي ابن بابويه في الصحيح عن جميل بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله الله عز وجل ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار قال رضوان الله والجنة في الآخرة والسعة في الرزق والمعاش وحسن الخلف في الدنيا وعن دريح بن يزيد المحاربي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال نعم العون الدنيا على الآخرة وقال عليه السلام ليس منا من لا يرى دنياه لاخرته ولا اخرته لدنياه روي عن
العالم عليه السلام أنه قال اعمل لدنياك كأنك تعيش أبد ا واعمل لاخرتك كأنك تموت غدا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله نعم العون على تقوى
الله الغنى وروى عمر بن أذينة عن الصادق عليه السلام قال إن الله تبارك وتعالى لبحث الأعراف في طلب الرزق ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال
اللهم بارك لامتي في بكورها وروى حماد اللحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تكسلوا في طلب معايشكم فان ابائنا كانوا يركضون فيها ويطلبونها وقال
أبو جعفر عليه السلام اني أجدني أمقت الرجل يتعذر عليه طلب المكاسب فيلقى على قفاه ويقول اللهم ارزقني ويدع ان ينشر في الأرض ويلتمس من فضل الله
والذرة تخرج من حجرها يلتمس رزقها وقال أمير المؤمنين عليه السلام ان الله يحب التحرف الأمين وروى محمد بن عذافر عن أبيه قال دفع إلي أبي عبد الله عليه السلام
سبع مائة دينار وقال يا عذافر اصرفها في شئ ما وقال ما افعل هذا على شره مني ولكن أحببت ان يراني الله تبارك وتعالى متعرضا لفوايده
قال عذافر يجب فيها مائة دينار فقلت له في الطواف جعلت فداك قد رزق الله عز وجل فيها مائة دينار وقال أثبتها في رأس مالي وروى علي بن
حمزة قال رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في ارض له وقد استبقت قدماه في العرق فقلت له جعلت فداك أين الرجال فقال يا علي عمل باليد من هو خير
مني ومن أبي في ارضه فقلت من هو فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وآبائي عليهم السلام كلهم قد عملوا بأبدانهم وهو عمل
النبيين والمرسلين والصالحين وروى شريف بن سابق التغلبي عن الفضل بن أبي قرة الكوفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال أوحى الله
عز وجل إلى داود عليه السلام انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا قال فبكى داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إلى
الحديد ان لن لعبدي داود فالآن الله تعالى له الحديد فكان يعمل كل يوم ردعا يبعها بألف درهم يعلم عليه ثلاثة مائة وستين درعا
فباعها بثلاث مائة الف وستين ألفا واستغنى عن بيت المال كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج في المهاجرة في الحاجة قد كفها يريد أن
يراه الله يتعب نفسه في طلب الحلال وقال علي بن الحسين عليه السلام ان من سعادة المرء ان يكون متجره في بلاده ويكون له أولاد خلطاؤه وصالحون
ويكون له أولاد يستعين بهم وعن الفضل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني تركت التجارة قال لا تفعل افتح بابك وابسط بساطك
998

واسترزق الله ربك وقال سدير الصيرفي قلت لأبي عبد الله عليه السلام اي معي على الرجل في طلب رزقه فقال يا سدير إذا فتحت بابك وبسطت
بساطك فقد قضيت ما عليك قال علي عليه السلام كن لما ترجوا أرجى منك لما ترجو فان موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه الله
عز وجل ورجع نبيا وخرج ملكه سبا فأسلمت مع سليمان وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة فرجعوا مؤمنين وقال (ع) من اتاه الله
برزق لم يخط إليه برحله ولم يمد إليه يده ولم يتكلم فيه بلسانه ولم يشد إليه بنانه ولم يتعرض به كان ممن ذكره الله عز وجل في كتابه ومن يتق الله يجعل له
مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وقال الباقر عليه السلام المعونة تنزل من السماء على قدر المؤنة وقال الصادق عليه السلام عني بحجرك عن الظلم خير من نفر
يحملك على الاثم وقال عليه السلام لا خير فيمن لا يحب جمع المال من الحلال يكيف به وجهه ويقضي به دينه ويصل به رحمه وقال رسول الله صلى الله عليه وآله
من المروة استصلاح المال وقال الصادق عليه السلام اصلاح المال من الايمان وقال عليه السلام لا يصلح المرء المسلم الا بثلاث
النفقة في الدين والتقدير في المعيشة والصبر على النايبة وسئل معمر بن خلاد بالحسن عن الرضا عليه السلام عن حبس الطعام سنة فقال انا
انا افعله يعني بذلك احراز القوت وقال رسول الله صلى الله عليه وآله النفس إذا أحرزت قوتها استقرت وقال العالم عليه السلام ضمنت لمن
اقتصد لا يفتقر وسال إسحاق بن عمار أبا عبد الله عليه السلام عن أدنى الاسراف قال ثوب صونك فتبذله وفضل الاناء تهريقه وقذفك النوى
هكذا وهكذا وقال الصادق عليه السلام كفى بالمرء اثما ان يضيع من يعول قال النبي صلى الله عليه وآله ملعون ملعون من يضيع من يعول وروى عمر بن يزيد
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إياك والكسل والضجر فإنها مفتاح كل سوء انه من كسل لم يؤد حقا ومن ضجر لم يصبر على حق وروى هشام بن
سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب ويستسقي ويكنس وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز وروى الشيخ في
الصحاح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال ترك التجارة ينقص العقل وعن معاد بن كثير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني قد أبرت
فادع التجارة فقال إنك ان فعلت فقدت عقلك أو نحوه وقال عليه السلام لمعاذ بياع الأكسية يا معاذ أضعفت عن التجارة أم زهدت فيها قال
ما ضعفت عنها ولا زهدت فيها قال فمالك فقلت كنت انتظر امرك واذنك حين قبل الوليد وعندي مال كثير وهو في يدي وليس لاحد عندي
شئ ولا أراني اكله حتى أموت فقال لا تركها تحي فات تركها مذهبة للعقل اسع على عيالك وإياك ان يكونوا هم السعاة عليك وكان
أبو الحسن عليه السلام يقول لمضاف أعد إلى عزك يعني السوق وعن محمد الزعفراني عن أبي عبد الله عليه السلام من طلب التجارة استغنى عن الناس
قلت وان كان معيلا ان تسعة أعشار الرزق في التجارة وسئل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل وانا حاضر فقال ما حبسه عن الحج
فقل ترك التجارة وقل سعيه وكان متكاء فاستوى جالسا ثم قال لهم لا تدعوا التجارة فهو لو اتجر بارك الله لكم قال معاذ بن كثير لأبي
عبد الله (عليه السلام لقد هممت ان أعود إلى السوق وفي يدي شئ فقال إذا يسقط رأيك ولا يستعان بك على شئ وعن أبان بن سالم قال سال أبو عبد
الله عليه السلام يوما عن معاذ يباع الكرانيس وانا عنده فقيل ترك التجارة فقال علم الشيطان علم الشيطان من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله اعلم أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قدمت غير من الشام فاشترى منها واتجر فربح فيها ما قضى دينه وعن ابن عمار بن طيارة قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام انه قد ذهب مالي فتفرق ما في يدي وعيالي كثير فقال أبو عبد الله عليه السلام إذا قدمت فافتح باب حانوتك وابسط بساطك وامنع
ميزانك وتعرض لرزق ربك فلما ان قدم وفتح بابه وبسط بساطه وضع ميزانه فتعجب من حوله وجيرانه بان ليس في بيته قليل ولا
كثير من المتاع ولا عنده شئ قال فجاء رجل فقال اشتر لي ثوبا فاشترى له ثوبا فاخذ ثمنه فصار في يده وكذلك تضييع التجارة يأخذ بعضهم من بعض ثم جاء
رجل فقال فقال يا أبا عمار ان عندي عدلين كتابا فهل تشتريه بشئ واصبر بثمنه سنة فقال نعم أحمله وحسبي به قال فحمله إليه فاشتراه منه بتأخير
سنة فقال الرجل فذهب ثم اتاه من أهل سوقه فقال له يا أبا عمارة ما هذا العدل فقال هذا عدل اشتريته فقال فتبعني نصفه و
ا عجل لك بثمنه قال نعم فاشتراه منه وأعطاه نصف المتاع واخذ نصف الثمن وصار في يده الباقي إلى سنة فجعل يشتري بثمنه الثوب و
الثوبين ويشتري ويبيع حتى اثرى وعرض وجهه وصار معروفا وعن علي ين عبد العزيز قال قال أبو عبد الله عليه السلام ما فعل عمر بن مسلم
قلت جعلت فداك اقبل على العبادة وترك التجارة فقال ويحه اما علم أن بارك الطلب لا يستجاب له ان قوم من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله لما نزل ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب اغلقوا الأبواب واقبلوا على العبادة وقالوا قد كفينا
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله) فأرسل إليهم ما حملكم على صنعتم قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله تكفل الله عز وجل
بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال إنه من فعل ذلك لم يستجب الله له عليكم بالطلب اني لا يعصوا الرجل فاغر فاه
إلى ربه يقول ارزقني و
يترك الطلب وقال أمير المؤمنين عليه السلام اتجروا بارك الله لكم فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إن الرزق عشرة اجزاء التسعة
في التجارة واحد في غيرها وقال أمير المؤمنين عليه السلام فان فيها لكم غينا عما في أيدي الناس وقال الصادق عليه السلام لا تدعوا
التجارة فتموتوا اتجروا بارك الله فيكم وقال الصادق عليه السلام ثلاث يدعون فلا يستجاب لهم وقال يرد دعاؤهم رجل كان له مال كثير
999

يبلغ ثلاثين ألفا أو أربعين ألفا فأنفقه في وجوهه فيقول اللهم ارزقني فيقول الله تعالى ألم أرزقك ورجل أمسك عن الطلب فيقول اللهم
ارزقني فيقول ألم اجعل الصبي إلى الطلب ورجل كان عنده امرأة فيقول اللهم فرق بيني وبينها فيقول ألم اجعل ذلك إليك وقال عليه السلام
من سعادة المرء ان يكون القيم على عياله وقال أبو عبد الله عليه السلام لا يتعرضوا الحقوق فإذا ألزمتكم فاصبروا لها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله
الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله.
الفصل الثاني في آداب التجارة. مسألة: ينبغي للانسان
إذا أراد التجارة ان يبدي أولا فيتفقه في دينه ليعرف كيفية الاكتفاء ويميز بين صحيح العقود وفاسدها لان العقد الفاسد لا ينتقل به
الملك بل هو على ملكية الأول فيكون تصرفه في غير ملكه وسلم من الربا الموبق ولا يرتكب المآثم من حيث لا يعلم روى الشيخ عن طلحة بن زيد
عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من اتجر بغير علم ارتطم بالربا ومعنى ارتطم ارتكب فيه يقال رطمته في
الرجل فارتطم اي ارتكب وارتطم عليه امره إذا لم يقدر على الخروج منه وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لا تقعدن في السوق الا من يفعل
الشراء والبيع وكان عليه السلام يقول التاجر الفاجر في النار الا من اخذ وأعطى الحق وعن الأصبغ بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين
عليه السلام يقول على المنبر يا معشر الناس الفقه ثم المتجر والله للربا في هذه الأمة اخفى من دبيب النمل على الصفا شوبوا ايمانكم بالصدقة التاجر
فاجر والفاجر في النار الا من اخذ الحق وأعطى الحق وعن جابر عن أبي حعفر عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة عندكم
يعتدي كل يوم يكره من العصر يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ومع الدرة على عاقة فكان لها طرفان وكان تمشئ؟؟ السببية فيقول على
أهل كل سوق فينادي يا معشر التجار اتقوا الله عز وجل فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم وارغبوا إليه بقلوبهم وسمعوا بآذانهم فيقول
قدموا الاستخارة واتركوا بالسهو واقربوا من المباعي وتزينوا بالحكم وتناهوا عن اليمين وجانبوا الكذب وتحافوا عن الظلم وانصفوا
المظلومين ولا تقربوا الزنا وافوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين فيطوف في جميع الأسواق
بالكوفة ثم يرجع فيقعد للناس قوله عليه السلام قدموا الاستخارة معناه الدعاء بالخيرة في الأمور وقال الصادق عليه السلام من لم يتفقه في دينه
ثم اتجر تورط في شبهات ومعنى الورطة هلاك وقال أبو عبد الله عليه السلام اقبل الورط مطمئنة لا طريق فيها وأورطه وورطه توريطا
أي أوقع في ورطة فتورط هو فيها. مسألة: ينبغي للتاجر ان يسوي بين الناس في البيع والشراء فيكون الصبي عنده بمنزلة الكبير
والساكت بمنزلة المماكس والمستحق بمنزلة البصير المشاغب يعني المدقق في الأمور أدغم أحد القافين في الاخر وشدد القاف والمراد
بالصبي ما البالغ العاقل في أوائل بلوغه فان من لم يبلغ لا ينعقد بيعه وشرائه والبصير المارد به ان يكون من أهل البصيرة والجزء لا من بصر
الغبن وكل ذلك على جهة الاستحباب مع علمهم بالاشعار فإنه لا بأس ان بيعهم بغير الشعر الذي باع الاخر إذا عرف القيمة أما إذا كان المشتري
من غير أهل البصيرة ثم ظهر له الغبن كان الخيار على ما يأتي روى الشيخ عن حذيفة بن منصور عن قيس قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ان عامة
من يأتيني إخواني فحد لي من معاملتهم ما للاخوة إلى غيره فقال إن وليست أخاك فحسن وا قبيح بيع النصر المداقب؟؟ وعن عامر بن خزاعة
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل عنده بيع وسعره سعراء معلوما فمن سكت عنه ممن يشتري منه باعه بذلك السعر من ماكسه
فأبى ان يبتاع من زاده قال لو كان يريد الرجلين والثلاثة لم يكن يذلك بأس واما ان يفعله لمن أبى عليه وماكسه ويمنعه من لا يفعل
فلا تعجبني الا ان يبيعه واحدا. مسألة: إذا قال التاجر لغيره هلم أحسن إليك باعه من غير ربح وكذلك إذا عامله مؤمن
فيجتهد الا يربح عليه الا في حال الضرورة وهذا على جهة الاستحباب المؤكد روى الشيخ عن علي بن عبد الرحيم عن رجل عن أبي عبد الله
عليه السلام قال سمعته يقول إذا قال الرجل للرجل هلم أحسن بيعك يحرم عليه الربح وعن سليمان بن صالح بن شبلي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال ربح المؤمن ربا الا ان يشتري بأكثر من مائة درهم فاربح عليه قوت يومك أو تسريه؟؟ في التجارة فاربحوا عليه وارفقوا بهم لتحريم
الوارد في هذه الأحاديث محمول على شدة التغليظ في الربح على المؤمن الا انه حرام حقيقة. مسألة: إذا قال انسان للتاجر
اشتر لي متاعا لم يجز له ان تعطيه من عنده وان كان الذي عنده خيرا مما يجده الا بعد أن يبين له ان ذلك من عنده ومن خالص ماله لما
رواه الشيخ في الحسن عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قال الرجل اشتر لي فلا تعطه من عندك فإن كان الذي عندك خيرا
منه قال ابن إدريس (ره) وفقه ذلك أن التاجر صار وكيلا في الشراء ولا يجوز للوكيل ان يشتري لموكله من نفسه لان العقد يحتاج إلى
ايجاب وقبول ولا يصلح ان يكون موجبا قابلا فلأجل ذلك لم يصلح ان يشتريه من عنده وعندي ان في ذلك نظر ويأتي البحث فيه والأقرب
ان النهي عن ذلك انما هو للتهمة ويؤيده ما رواه ابن بابوية عن ميسرة قال قلت له يخسر الرجل فيقول تشتري لي فيكون ما عندي خير من
متاع السوق وقال إن امنت أن لا يتهمك فاعط من عندك وان خفت ان يتهمك فاشتر له من السوق. مسألة: يستحب للتاجر إذا باع
شيئا وطلب المشتري الإقالة الا ان يقبله وكذا إذا اشترى وطلب البايع الإقالة أقاله استحبابا مؤكدا لما فيه من خير قلب المؤمن
1000

ولما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال أيما عبد مسلم أقال مسلما في بيع أقال الله عز وجل عشرته يوم القيامة
مسألة: يستحب للتاجر اعطاء الراجح واخذ الناقص فلا يجوز اعطاء الناقص واخذ الراجح عن الحق الا يعلم من صاحبه قال
الله تعالى ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم يخسرون وروى الشيخ عن النوفلي عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال مر أمير المؤمنين عليه السلام عليه السلام على جارية قد اشترت لحما من قصاب وهي تقول زدني فقال أمير المؤمنين عليه السلام زدها
فإنه أعظم في البركة وفي الحسن عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يكون الوفاء حتى يرجح وعن حماد بن بشير عن
عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان وعن عبيد بن إسحاق قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني صاحب نخل فخبرني
بخبر انهى إليه من الوفاء فقال أبو عبد الله عليه السلام انو الوفاء على يدك وقد نويت الوفاء كنت من أهل الوفاء وان نويت
النقصان ثم توفيت كنت من أهل النقصان وعن إسحاق بن عمار قال قال من اخذ الميزان فنوى ان يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذ الا راجحا
ومن أعطى فنوى ان يعطي سواء لم يعط الا ناقصا إذا ثبت هذا فإنه يكره لمن لا يعرف الوزن ان يستعمله لجواز ان يعلم ناقصا ويأخذ راجحا
فيكون قد فعل محرما وروى الشيخ عن الحسن الخياط عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له رجل من نية الوفاء وهو إذا
كان لم يحصل ان يكيل قال فما يقول ولا توفي قال ها لا ينبغي له ان يكيل وفي حديث أمير المؤمنين عليه السلام لا
تقعد في السوق الا من يفعل الشراء والبيع. مسألة: يستحب المسامحة في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء والتساهل في ذلك
روى الشيخ عن حنان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله بارك الله على سهل البيع سهل الشراء سهل
القضاء سهل الاقتضاء روى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال انزل الله تعالى على بعص أنبيائه عليهم السلام للكريم فكارم
وللسمع فسامح وعند السلس (والسود) وقال علي عليه السلام سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله) يقول السماح وجه من الرباح قال عليه السلام
ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها. مسألة: يكره للتاجر ان يكون أول داخل إلى السوق لما رواه ابن بابوية عن المير المؤمنين عليه السلام
قال جاء اعرابي من بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وآله فسأله عن شر بقاع الأرض وخير بقاع الأرض فقال رسول الله صلى الله عليه وآله شر
بقاع الأرض الأسواق وهي ميدان إبليس يغدوا برأسه ويضع كرسيه وثبت ذريته فيبين مطفف في فقير أو طايش في ميزان أو سارق
في ذرع أو كاذب في سلعته فيقول عليكم برجل مات أبوه وأبوكم فلا يزال مع ذلك أول داخل واخر خارج ثم قال عليه السلام وخير بقاع الأرض المساجد
وأحبهم إلى الله عز وجل أولهم دخولا واخرهم خروجا إذا ثبت هذا فان حكمه حكم المسجد من سبق إلى مكانه منه كان أولى به حتى يقوم إلى الليل
رواه ابن بابوية عن علي عليه السلام قال سوق المسلمين مسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل وزاد الشيخ في الرواية وكان لا يؤخذ
على بيوت السوق كرا. مسألة: يستحب له إذا دخل السوق ان يسأل الله تعالى من خيرها وخير أهلها ويتعوذ بها من شرها وشر أهلها وروى
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله قال إذا دخلت سوقك فقل اللهم إني أسئلك من خيرها وخير أهلها وأعوذ بك
من شرها وشر أهلها اللهم إني أعوذ بك ان أظلم أو أظلم وأبغي أو يبغي علي أو أعتدي أو يعتدى علي اللهم إني أعوذ بك من شر إبليس وجنوده
وشر فسقة العرب والعجم وحسبي الله الذي لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وروى ابن بابويه عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال من دخل سوقا أو مسجدا فقال مرة واحدة اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له والله أكبر والحمد لله كثيرا
وسبحان الله بكرة وأصيلا ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وال محمد عدلت له حجة مبرورة وعن سدير قال قال
أبو جعفر عليه السلام يا أبا الفضل اما لك في السوق مكان يعقد فيه تعامل الناس قال قلت بلى قال اعلم أنه ما من رجل يغدو ويروح إلى مجلسه
لسوقه فيقول حين يضع رجله في السوق اللهم إني أسئلك خيرها وخير أهلها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها الا وكل الله عز وجل من
يحفظه ويحفظ عليه حتى رجع إلى منزلة فيقول له قد أجرتك من شرها وشر أهلها يؤيد هذا فإذا جلس مكانه حين يجلس فيقول اشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد ه ورسوله صلى الله عليه وآله اللهم إني أسئلك من فضلك حلالا طيبا وأعوذ بك
من أن أظلم أو أظلم وأعوذ بك من صفقة خاسرة ويمين كاذب فإذا قال ذلك الملك الموكل به أبشر مما في سوقك اليوم أحدا أوفر نصيبا
منك وسيئاتك ما قسم الله لك موفور حلالا مباركا فيه قال ابن بابوية وروى من ذكر الله عز وجل في الأسواق غفر له بعدد ما فيها من
فصيح وأعجم والفصيح ما يتكلم والأعجم ما لا يتكلم وقال الصادق عليه السلام من ذكر الله غفر له بعدد أهلها مسألة: يستحب لمن يشتري شيئا ان يكبر الله
ثلاثا وان يشهد الشهادتين فإنه أبرك فيما يشتر به وسئل الله تعالى ان يبارك له فيما يشتريه ويخير له فيما يبيعه وروى ابن بابوية في
الصحيح عن محمد بن مسلم قال قال أحدهما عليه السلام إذا اشتريت متاعا فكبر الله ثلاثا ثم قل اللهم إني اشتريته التمس من خيرك فاجعل لي في خيرا
اللهم إني اشتريته التمس فيه من فضلك فاجعل لي فيه فضلا اللهم إني اشتريته التمس فيه رزقك فاجعل لي فيه
رزقك ثم أعد كل واحدة
1001

منها ثلاثا مرات وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن ا بي عبد الله عليه السلام قال إذا ردت ان تشتري شيئا فقل يا حي يا قيوم
يا دائم يا رؤوف يا رحيم أسئلك بعونك وقدرتك وما أحاط به علمك ان تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقا وأوسعها فضلا
وخيرها عافية فإنه لا خير فيما لا عافية له قال وقال أبو عبد الله عليه السلام إذا اشتريت دابة أو رأسا فقل اللهم ارزقني أطولها حياة وأكثرها
منفعة وخيرها عافية وروى ابن بابوية عن عمر بن إبراهيم عن أبي الحسن عليه السلام قال من اشترى فليقم من جانبها الأيسر
ويأخذ ناصيتها بيده اليمنى ويقرأ على رأسها فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين واخر الحشر واخر بني إسرائيل قال ادعوا الله وادعوا
الرحمن واية الكرسي فان ذلك أمان لتلك ا لدابة من الآفات. مسألة: إذا تعسر عليه نوع من التجارة انتقل إلى غيرها فلعل الرزق
في المتنقل إليه روى الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام إذا نظر الرجل في تجارة فلن ير فيها شيئا فيتحول إلى غيرها إذا عرفت
هذا فلو حصل له في نوع التجارة الربح استحب له المقام عليه روى الشيخ عن بشير النبال عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زرقت
من شئ فألزمه وينبغي له إذا جاء الرزق في البيع ان يبيع سلعته ولا يطلب فيها الربح الكثير وروى الشيخ عن عبد الله بن سعيد الرعشي
قال كنت على باب شهاب بن عبد ربه فخرج غلام شهاب وقال إني أريد ان سال هشام الصيد لأني حديث السعلة والبضاعة قال
فاتيت هشام فسألته عن الحديث فقال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البضاعة والسلعة فقال نعم ما من أحد يكون عنده سلعة
أو بضاعة الا قبض الله عز وجل ربحه فان قبل ولا صرفه إلى عشره وذلك أنه رد على الله عز وجل وينبغي له أن لا يترك الشراء
وان كان غالبا روى الشيخ عن علي ين عقبة قال كان أبو الخطاب قتل ان يفسد وهو يحمل المسائل لأصحابنا ويجئ
بجواباتها روى عن أبي عبد الله عليه السلام قال اشتروا ان كان غاليا فان الرزق ينزل مع الشراء. مسألة: يكره ان يطلب الغاية
فيما يبيع ويشتري منه الربح ولا يطلب الاستقصاء في جميع أموره وأحواله ومعاملاته فقد روى حماد بن عثمان قال دخل إلى أبي عبد الله
عليه السلام رجل من أصحابه فشكى إليه رجلا من أصحابه فل ما يلبث ان جاء المشكو فقال له أبو عبد الله ما لأخيك فلان يشكوك فقال له يشكوني
ان استقصيت حقي قال فجلس مغضبا ثم قال كأنك إذا استقضيت لم لشئ أرأيتك ما حباك الله عز وجل فقال يخافون سوء الحساب
انما خافوا ان يجوز الله عليهم لا والله فخافوا الا الاستقضاء فسماه الله سوء الحساب فمن استقضى فقد أساء. الفصل الثالث
في المناهي المتعلقة بالابتياع وفيه بحثان البحث الأول في المناهي من حيث التأديب
مسألة: ينبغي ان يتجنب في تجارته خمسة أشياء مدع البايع وذم المشتري وكتمان العيوب اليمين على البيع والربا وبعض
هذه الماهيات على التحريم كالربا على ما سباتي لما رواه الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من باع واشتر ى فليحفظ خمسة خصال وإلا فلا يشتري ولا يبيع الربا والحلف وكتمان العيوب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى قال ابن إدريس
معنى مدح البايع لما يبيعه من الأمتعة وذم المشترى معناه ذم المشترى لما يشتريه وإن شئت جعلت البايع بمعنى المبيع فكأنه أراد ومدح المبيع لأنه قد يأتي
فاعل بمعنى مفعول قال الله تعالى لا عاصم اليوم من امر الله اي لا معصوم قال فاما ذم المشترى إن شئت قلت بفتح الراء فيكون الشئ المشترى قال
وكلاهما حسن وهذا الأخير لا تحتمله الرواية التي ذكرناها لان الصادق عليه السلام فسر معنى ذلك بالاحتمال الأول من الاحتمالين اللذين ذكرهما
ابن إدريس فاما كتمان العيوب مع العلم بها فحرام محظور بلا خلاف. مسألة: يكره السوم في المقابلة والبيع والشراء والرياضة في ذلك
ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأنه وقت التفرغ للعبادة والأدعية المستجابة واستدعاء الرزق من الرب تعالى ولما رواه الشيخ عن علي
بن ساباط رفعه قال نهي رسول الله صلى الله عليه وآله عن السوم ما بين الفجر إلى طلوع الشمس مسألة: ينبغي ان تجنب
مخالطة السفلة من الناس والأدنى منهم ولا يعامل من يشاء في خير روى الشيخ عن النوفلي عن أبي يحيى الا رزق قال قال أبو عبد الله عليه السلام
لا تخالطوا ولا تعاملوا الا من يشاء تأخيرا وعن طريق ابن ناصح قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا تخالطوا ولا تعاملوا الا من يشاء في خير
وفي الحسن عن حفص البحتري قال استقرض قهرمان لأبي عبد الله عليه السلام من رجل طعاما لأبي عبد الله عليه السلام فألح في التقاضي قال
له أبو عبد الله عليه السلام لم أنهلت ان تستقرض من لم يكن له مكان وعن الحسن بن مباح عن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إياكم
ومخالطة السفلة لان السفلة لا يؤل إلى خير قال ابن بابوية الاختيار في معنى السفلة هو الذي لا يبالي بما قال وما قيل له ومنها ان
السفلة من يضرب بالطنبور ومنها ان السفلة من لم يشر الاحسان ومن يسبق الإسائة والسفلة من ادعى الإمامة وليس لها باهل قال
وهذه كلها أوصاف السفلة من اجتمع فيه بعضها أو جميعها وجب اجتناب مخالطته. مسألة: يكره معاملة ذوي العاهات والمحارفين
فان ذوي العاهات أظلم شئ والمحارفين لا بركة معهم روى الشيخ عن ميسرة بن عبد العزيز قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام لا تعامل
ذا عاهة فإنهم أظلم شئ وقال عليه السلام احذروا معاملة أصحاب العاهات فإنهم أظلم شئ وعن الوليد بن صبيح قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام
1002

لا تشتر من محارف فان حرمته لا بركة فيها وقال أمير المؤمنين عليه السلام شاركوا من قبل عليه الرزق فإنه أجلب للرزق. مسألة: يكره
له معاملة الأكراد ومخالطتهم ويتجنب مبايعتهم ومشاركتهم ومناكحتهم لما رواه الشيخ عن أبي الربيع الشامي قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام
قلت إن عندنا قوما من الأكراد وانهم لا يزالون يجتنبون مخالطتهم ومبايعتهم فقال عليه السلام يا أبا ربيع لا تخالطوهم فان الأكراد
حي من احياء الجن كشف الله عنهم الغطاء فلا تخالطوهم وكذلك يكره معاملة أهل الذمة وقد سلف ذلك وروى ابن بابوية عن الصادق عليه السلام
قال لا تستعين بمجوسي ولو على أحد ولو على أحد قوائم شاتك وأنت تريد أن تذبحها مسألة: يكره له ان يدين متاعه بان يرى خيره ويكتم
ردية بل ينبغي ان يخلط جيده بردية ويكون كله ظاهرا إذا كان الردي والمعيب يرى ويظهر بالخلط أما إذا كان مما لا يرى
ولا يظهر مع الخلط فإنه لا يجوز ذلك ويكون حراما على ما يأتي وكذلك يكره الاستحطاط من الثمن بعد العقد واستحقاق الثمن بكماله
لقوله تعالى ولا تسئلوا الناس أشيائهم وسواء كان ذلك قبل التفرق أو بعده. مسألة: من باع بغير شئ لم يجز له ان يشتريه (له)
لنفسه وان زاد في قيمته على ما يطلب في الحال الا بعلم من صاحبه واذن من جهته قال ابن إدريس وقف ذلك أن الوكيل لا يجوز له ان يشتري
السلعة للموكل في بيعها من نفسه لان البيع يحتاج إلى ايجاب وقبول فيكيف يكون موجبا قابلا فاما الأب والجد من الولد الأصغر فقد
خرج بالاجماع وعندي في ذلك نظر. مسألة: يكره اليمين على البيع لما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام
قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم أحدهم رجل اتخذ الله عز وجل بضاعة لا يشتري الا بيمين ولا يبيع الا بيمين وعن الصادق عليه السلام إياكم
والحلف فإنه يمحق البركة وينفق السلعة.
البحث الثاني: في النواهي المحرمة. مسألة: الغش حرام بلا خلاف وحقيقته
اخفاء الردئ واظهار الجيد فيما لا يمكن معرفته كشوب اللبن بالماء لما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال ليس منا من غشنا وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل يبيع التمر يا فلان اما علمت أنه
ليس من المسلمين من غشهم وعن موسى بن موسى بن بكر قال كنا أبي الحسن عليه السلام فإذا دنانير معيوبة بين يديه فنظر إلى دينار فاخذه بيده
ثم قطعه بنصفين ثم قال القه في البالوعة حتى لا يباع شئ فيه غش وعن عيسى بن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام قال دخل رجل يبيع
الدقيق فقال إياك والغش فإنه من غش غش في ماله فان لم يكن له مال غش في أهله وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله ان يشاب اللبن بالماء للبيع وعن سعد الإسكافي عن أبي جعفر عليه السلام قال امر النبي صلى الله عليه وآله في سوق المدينة
بطعام فقال لصاحبه ما أرى طعامك الا طيبا وسئل عن سعره فأوحى الله إليه ان يدير إليه في الطعام فاخرج طعاما رديا فقال لصاحبه ما أراك
الا وقد جمعت خيانة وغشا للمسلمين إذا ثبت هذا فإنه يكره البيع في المواضع المظلمة التي تستر فيها العيوب لأنه نوع من الغش وروى الشيخ في
الحسن عن هشام بن الحكم قال كنت أبيع السابري في الظلال فمر بي أبو الحسن عليه السلام فقال يا هشام ان البيع في الظلال غش والغش لا يحل
مسألة: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يسوم الرجل على سوم أخيه رواه الجمهور عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال
الشيخ (ره) في النهاية إذا نادى المنادي على المتاع فلا يزيد في المتاع فإذا سكت المنادي وزاد حال انشاء وقال في المبسوط وأما السوم
على سوم أخيه فهو حرام لقوله عليه السلام لا يسوم الرجل على سوم أخيه إذا لم يكن المبيع في الزايد ة فإن كان كذلك لم يحرم الزايد وقال ابن إدريس
وهذه هو الصحيح دون ما ذكره في النهاية لان الزيادة حال النداء غير محرمة ولا مكروهة وانما الزيادة عنها عند الانتهاء وسكوت نفس
كل واحد من السعر على البيع بعد استقرار الثمن والاخذ والشروع في الايجاب والقبول وقطع الزايدة عند هذه الحال لا يجوز السوم
على سوم أخيه لقول الشيخ (ره) عول في ذلك على رواية الشعري عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول إذا نادى
المنادي فلس لك ان تزيد وإذا سكت فلك ان تزيد وانما يحرم الزيادة النداء ويحلها السكوت وهده الرواية ان صح سندها حملت على ما
إذا وقع السكوت عن الزيادة لا للشراء والتحقيق هنا ان نقول لا يخلو الحال من أربعة أقسام أحدها ان يوجد من البايع التصريح
بالرضا بالبيع فهذا يحرم السوم على غير المشتري هو الذي تناوله الظاهر من النهي. الثاني ان يظهر منه ما يدل على عدم الرضاء
بالبيع فهذا لا يحرم فيه الزيادة ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله باع فيما يزيد روى انس ان رجلا من الأنصار شكى إلى
النبي صلى الله عليه وآله الشدة والجهد فقال ما أبقى ذلك شئ فقال بل قدح وجلس فقال فاتني بهما فاتاه بهما فقال من يبتاعهما فقال رجل
اخذ بهما بدرهم فقال النبي صلى الله عليه وآله من يزد على درهم فأعطاه رجل درهمين وباعهما منه وقد اجمع المسلمون على ذلك فإنهم يبيعون
أمتعتهم في الأسواق بالمزايدة من غير تكبر. الثالث أن لا يوجد منه ما يدل على الرضاء ولا على عدمه فهنا أيضا يجوز السوم لان فاطمة بنت عيسى
حين ذكرت للنبي صلى الله عليه وآله ان معاوية وامامة خطباها فأمرها ان تنكح امامة مع أنه قد نهى عن الخطبة على خطبة أخيه كالنهي عن السوم
على سوم أخيه فما يباح اخذهما ويباح أفي الاخر الرابع ان يظهر ما يدل على الرضا من غير تصريح فالوجه هنا التحريم أيضا لعموم النهي خرج عنه
1003

ما خص بالأدلة فينبغي في هذه الصورة على مقتضى العموم وأيضا فقد وجد منه دليل الرضا فأشبه ما لو صرح به وبه قال أحمد بن حنبل لا يحرم لمساواة
استدلالا لحديث فاطمة بن قيس وهو غير دال على مطلوبه إذ لو يوجد منها أمان على الرضا اقتضاءا في الباب انها استشارت النبي صلى الله
عليه وآله في أمرها وليس ذلك دليلا على الرضا فكيف يحصل منه الرضا مع أنه عليه السلام قد نهاها بقوله لا (تقويتنا ينقل)؟؟ فلم يكن ففعل شيئا
لا بعد مراجعته عليه السلام. فروع: الأول: لو سام على سوم أخيه فعل حراما في الموضع الذي حكمنا بتحريمه فلو عقد معه البيع صح
ولا يضر في الملك تحريم السوم وبه قال الشافعي وبعض الجمهور أبطل البيع للنهي المقتضي للفساد والجواب المنع من اقتضاء النهي للفساد في المعاملات
كما قلنا في البيع والنداء. الثاني: السوم في اللغة الزيادة واصله مجاوزة الحد في السعر على الزيادة ومنه الإبل الساعية إلى الراعية لأنها
تجاوز حد الانبات للرعي. الثالث: روى الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب
السلعة أحق بالسوم. مسألة: وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يبيع بعضكم على بيع بعض ومعناه ان الرجلين إذا تبايعا
وعقد الايجاب والقبول فجاء رجل إلى المشتري في مدة الخيار فقال له انا أبيعك مثل هذه السلعة وبدون من هذا
الثمن أو ابتعتك خيرا منها بهذا الثمن أو بدونه أو عرض عليه سلعة يرغب فيها المشتري ففسخ البيع واشترى فهذا حرام لنهي النبي صلى الله عليه وآله
ولما فيه من الفساد والاضرار بالمفسدين والافساد عليهم وايقاع المنازعة بينهم وقد قال الله تعالى خير في كثير من
نجواهم الا من امر بصدقة أو اصلاح بين الناس وكذا البحث لو اشترى على شراء أخيه بان يأتي إلى البايع في زمن قبل لزوم
العقد فيدفع إليه في المبيع أكثر من الثمن الذي اشتري به لأنه في معنى النهي إذ المقتضى للنهي في البيع قائم في الشراء ولان أحد من المسلمين
لم يفرق بين الصورتين ولان الشراء يسمى بيعا فيدخل في النهي ولأنه عليه السلام نهى عن أن يخطب على خطبة أخيه وهو في معنى المخاطب إذا
ثبت هذا فلو خالف وعقد بعد أن فسخ البايع ويكون قد فعل محرما وبه قال الشافعي وقال بعض الجمهور يبطل البيع عملا
بالنهي المقتضي للفساد وهو ممنوع لأنا قد بينا ان النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد أيضا في المحرم وعرض سلعته للمشتري أو قوله للذي
فسخ البيع من اجله وهو سابق على البيع ولأنه إذا صح الفسخ الذي حصل به الضرر في البيع والمحصل للمصلحة أولى. مسألة: النجش بالنون
والجيم والشين المعجمتين منهي عنه حرام وهو ان يزيد السلعة من لا يريد شراءها وانما يقصد بذلك ان يقتدي به المقام فيظن انه لم يرد
فيها هذا القدر الا وهي هاوية فيغتر بذلك وهو محرم اجماعا قال البخاري الناجش اكل ربا وهو خداع باطل لا يحل وروى
ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن النجش وعن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال تلقوا الركبان ولا تبع
بعضكم على بعض ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد لأنه خداع ولأنه غش وقد نهى النبي صلى
الله عليه وآله روى ابن بابوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لزينب العطارة والجولاء إذا بعت فأحسني ولا تغشي فإنه أبقى وابقاء
المال وقال عليه السلام من غش المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة لأنهم أغش الناس للمسلمين. فروع: الأول: إذا اشترى مع النجش
فالشراء صحيح وبه قال مالك وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم وقال أحمد بن حنبل البيع باطل لنا ان النهي عادل الناجش لا على العاقد فلم
يؤثر في البيع ولان النهي لحق آدمي فلا يفسد البيع كالتلقي وبيع المعيب والمدلس بخلاف حق الله تعالى لان حق الادمي يكمن جبره
بالخيار. الثاني: ان كان في البيع غبن لم يجر العادة بمثله بجبر المشتري في الفسخ والامضاء لأنه حرام القول الصادق عليه السلام غبن
المؤمن حرام وفي رواية أخرى انه ربا فيكون محرما يثبت به الخيار اما ان كان الغبن فيما تجري العادة بثمنه فان الخيار ساقط والبيع
لازم. الثالث: فرق في ثبوت الخيار مع الغبن الفاحش بين ان يكون النجش بمواطاة البايع أولم يكن وبه قال احمد وقال أصحاب
الشافعي إن لم يكن ذلك بمواطات البايع وعلمه فلا خيار كما في تلقي الركبان احتجوا بان التفريط منه حيث اشترى ما لا يعرف قيمته والجواب النقض بالبيع
الرابع: لو قال البايع أعطيت في هذه السلعة كذا فصدقه المشتري فشراها بذلك ثم بان كذبه صح البيع وكان له الخيار أيضا
لأنه في معنى النجش. مسألة: بيع الطليحة فاسد ومعنى بيع الطليحة ان يخاف الرجل من السلطان ان يأخذ ملكه أو متاعه أو
غر السلطان فيواطي رجلا على أن يظهر انه اشتراه من لتحمي بذلك ولا يريد بيعا حقيقيا إذا عرفت محل النزاع فهذا عندنا باطل وبه
قال أبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة والشافعي انه صحيح لنا انها لم يوجد منها حقيقية البيع لأنها لم يقصداه واللفظ انما
يتم دلالته مع القصد وهما لم يقصد البيع فأشبها الهازلين احتجوا بان البيع تم بأركانه وشروطه خاليا من مقارنة مفسد فصح كما
لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقد البيع بغير شرط والجواب المنع من تتمة البيع من أركان البيع الايجاب والقبول المقترنين بالقصد ولم
يوجد. مسألة: ونهى النبي صلى الله عليه وآله ان يبيع حاضرا لباد والبادي هنا من يدخل البلدة من غير أهلها سواء كان
1004

بدويا أو من قرية أو بلد أخرى ومعناه ان يخرج الحاضر إلى البادي وقد جلب السلعة فيعرفه السعر ويقول انا أبيع لك فنهى النبي صلى الله عليه وآله
عن ذلك فقال دعوا الناس برزق الله بعضهم من بعض روى الجمهور عن ابن عباس قال نهى النبي صلى الله عليه وآله ان يتلقى الركبان
وان يبيع حاضرا لباد قال قلت لابن عباس ما قوله حاضرا لباد قال الا يكون له سمارا وعن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا بيع حاضر
لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عروة بن عبد الله عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لا يتلقى أحدكم تجارة خراجا من المصر ولا يبيع حاضرا لباد وذروا المسلمين يرزق الله بعضهم من بعض إذا ثبت هذا فالمعنى فيه أنه
متى ترك البدوي يبيع سلعته اشترى الناس برخص وتوسع عليهم السعر وإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع من بيعها الا سعر الذي ضاق على
الناس وقد أشار النبي (صلى الله عليه وآله في تعليله إلى هذا المعنى بقوله عليه السلام ذروا الناس يرزق الله
بعضهم من بعض قال ابن إدريس وجدت
بعض المصنفين قد ذكر في كتاب له قال نهى ان يبيع حاضر لباد فمعنى هذا النهي والله أعلم معلوم في ظاهر الخبر وهو الحاضر للبادي
يعنى متحكما عليه في البيع بالكره أو بالرأي الذي يغلب به عليه يريد أن ذلك نظر له أو يكون البادي يوليه عرض سلعته يضع دون رأيه أو ما أشبه
ذلك فاما ان دفع البادي سلعة إلى الحاضر ينشرها للبيع ويعرضها ويستقضي ثمنها ثم يعرفه مبلغ الثمن فيلي البادي البيع بنفسه أو ما مر
يلي ذلك بوكالته فذلك جايز وليس في هذا من ظاهر النهي شئ لان ظاهر النهي انما هو ان يبيع الحاضر للبادي
فإذا باع البادي بنفسه فليس هذا من ذلك لسبيل كما يتوهمه من قصر فهمه قال هذا اخر الكلام فاجتنب ايراده لتوقف عليه فإنه كلام محصل سديد
في موضعه والمعنى الذي ذكرناه نحن أولا انه مأخوذ من التعليل الوارد في الحديثين. فروع: الأول: للشيخ رحمه الله في النهي
قولان أحدهما لأنه الكراهة ذكره في النهاية وبه قال أحمد بن حنبل وأبو حنيفة وأصحابه والثاني في التحريم ذكره في المبسوط والخلاف وهو قول
ابن إدريس وبه قال طلحة بن عبد الله وابن عمير وأبو هريرة وانس وعمر بن عبد العزيز ومالك والليث والشافعي وفيه قوة لنا ان النهي ظاهر في
التحريم كما أن الامر ظاهر في الايجاب احتج الشيخ رحمه هلله بالأصل والجواب ان النهي ضرف عن الأصل. الثاني: انما يحرم بذلك بثلاث
شرايط أحدها ان يكون الحاضر فصد البادي ليتولى له الثاني ان يكون البادي جاهلا بالسعر لأنه داخل تحت التعليل من النبي صلى الله عليه وآله
من حيث المفهوم إذ الامر بالترك ليرزق الله بعضهم من بعض انما يكون مع الجهل بالسعر الثالث ان يكون قد جلب السعر
للبيع فلو جلبها لغير البيع فيحدث عليه الحاضر على البيع أو كان البادي عارفا بالقيمة لم يحصل التحريم وزاد أصحاب الشافعي شرطا اخر وهو
ان يكون بالناس حاجة إلى السلعة وضيق في تأخير بيعه. الثالث: إذا اجتمعت الشرايط كان الحاضر قد ارتكب فعل حرام ولا يبطل
البيع وبه قال الشافعي وقال احمد يبطل لنا ان الأصل الصحة والنهي لمعنى في غير المنهي عنه احتجوا بان النهي يدل على الف وا لجواب المنع
من الدلالة. الرابع: لو أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع له فالوجه الكراهية وبه قال مالك والليث وقال الأوزاعي
وابن المنذر لا بأس لنا به ان التعليل متناولة فيدخل تحت النهي. الخامس: لا بأس بالشراء للبادي وبه قال الحسن البصري واحمد
وقال نس بالمنع وعن مالك روايتان ان النهي غير متناول بلفظه ولا بمعناه الشراء فان النهي عن البيع انما هو للرفق باهل الحضر ليتسع
عليهم المسعى ويزول عنهم الضرر وليس ذلك في الشراء لهم لعدم ضررهم لعدم الغير للبادين بل هو دفع الضرر عنهم في الخلق في نظر الشرع
وعلى السواء فكلما شرع ما يدفع الضرر عن أهل الحضر لا يلزم ان يلزم أهل البدو الضرر. مسألة: وفي تلقي الركبان للشيخ قولان أحدهما
التي ذكره في المبسوط وقال ابن إدريس والثاني الكراهية فإنه في النهاية ومعناه ان يخرج أهل البلد قوم إلى الركبان الذين قارنوا
البلد فيشترون منهم أمتعتهم وأعواضهم قبل أن يعرفوا سعر البلد سوى انهم كانوا يتلقون الجلاب فيشترون منهم الأمتعة قبل أن تهبط
الأسواق فربما عيونهم عينا ظاهرا فيضروا بهم وباهل البلد أيضا لان الركبان إذا وصلوا باعوا أمتعتهم والذين يتلقونهم فلا يبيعونها سريعا
يتربصون بها السعر فهو في معنى مع الحاضر للبادي وروى الجمهور عن ابن عباس قال قال رسول الله عليه السلام لا تلقوا الركبان ولا
بيع حاضر لباد ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن منهال القصاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لا تلق ولا تشتر ما يتلقى ولا يأكل
منه وعن عروة بن عبد الله عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما لا يتلقى أحدهم تجارة خارجا من المصر ولا
يبيع حاضر لباد والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض إذا ثبت هذا فقد كرهه أكثر العلماء منهم عمرا بن عبد العزيز ومالك والليث
والأوزاعي والشافعي وإسحاق وعن أبي حنيفة انه لا بأس بالتلقي لنا ما تقدم من الأحاديث إذا عرفت هذا فهل هو حرام أو مكر وه الا
قوى التحريم عملا بالنهي الدال بظاهره عليه كما قلناه في بيع الحاضر للبادي. فروع: الأول: لو خاف وتلقى الركبان واشترى منهم
فالبيع صحيح في قول عامة العلماء وقال ابن عبد البر وعن أحمد رواية ان البيع فاسد لنا ما رواه أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله
قال لا تلقوا بجلب فمن تلقاه واشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار فإنما ثبت الخيار بالبيع الصحيح لان الأصل الصحة احتج احمد بالنهي
1005

الدال على الفساد والجواب قد بينا غير مرة انه لا يدل على الفساد في المعاملات ولان النهي لا لمعنى في البيع بل بعود إلى الضرب من الخديعة يمكن
استدراكها باثبات الخيار. الثاني: إذا ثبت الغين كان للمغبون الخيار مما لا يتغابن بمثله وقال أصحاب الرأي الا خيار لنا قوله عليه السلام
فمن تلقاه واشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار ولان اسقاط الخيار اضرار بالبايع. الثالث: لا خيار الا مع الغبن الفاحش
ولا يثبت بدونه وهو ظاهر مذهب الشافعي لأنه انما يثبت لأهل الحذيفة ودفع الضرر عن البايع ولا ضرر مع عدم الغبن وقال بعض
الجمهور ويثبت الخيار مع عدم الغبن عملا بظاهر الحديث وليس بجيد لان النبي صلى الله عليه وآله جعل له الخيار إذا أتى السوق
فيفهم منه انه أشار إلى معرفته بالغبن في السوق ولولا ذلك لكان له الخيار من حين البيع. الرابع: الخيار انما هو للبايع خاصة
قال أصحاب مالك انما هي عن تلقي الركبان لما يفوت به من الرفق باهل السوق لئلا يقطع عنهم بالاحلة؟؟ جلسوا في السوق من ابتغاء
فضل الله تعالى قال بعض الجمهور فان تلق استلق فاشتراها عرضت أهل السوق فيشتركون فيها فقال الليث بن سعيد يباع
في السوق وهو غلط لان مخالف لمدلول الحديث فان النبي صلى الله عليه وآله جعل الخيار للبايع إذا دخل السوق
وكون الخيار له
يدل على أن النهي عن التلقي لحقه لا لحق غيره ولان الجالس في السوق مساويا للمتلقي وانتفاء فضل الله فلا يتلقى بالحكمة يفسخ أحدهما
والحاق الضرر عن مثله. الخامس: الخيار في التلقي مع الغبن الفاحش وفي النجش معه قيل على الفور وقيل لا يسقط الا بالاسقاط
وهو أقرب لان أخص دل على ثبوت الخيار والأصل الاستصحاب ما لم يخرج الغبن عن ملكه. السادس: لو تلقى الركبان فباعهم
شيئا فهو بمنزلة لا شراء منهم ولهم الخيار إذا غبنهم يخرج عن العادة وهو أحد وجهي الشافعية والاخر الا خيار فيه وهو
الذي يقتضيه قول أصحاب مالك لان تعليل ذلك بما ذكرنا ه انما يتحقق في الشراء منهم لا للبيع لنا قوله عليه السلام لا تلقوا الركبان
أو البايع داخل فيه ولان المقتضى للنهي وهو الخديعة والغبن موجود في الشراء والبيع. السابع: لو خرج لما قصد الايقاع التلقي
فتلقي ركبا له الشراء والبيع وهو أحد وجهي الشافعي والليث والوجه الثاني للشافعية انه يحرم لنا انه يقصد التلقي فلم
يتناوله النهي احتجوا بان النهي عن التلقي للخديعة بالغبن وهو موجود سواء قصد التلقي أو لم يقصد. الثامن: لو تلقى الجلب
في أول السوق لم يكن به بأس لان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يتلقى السلع حتى يهبط بها السوق وهو يصدق على طرفه كصدقه
على وسط ولأنه في محل البيع والشراء فلم يدخل في النهي. التاسع: حد علمائنا التلقي بأربعة فراسخ فكرهوا التلقي إلى ذلك الحد
فان زاد على ذلك الحد فان زاد على ذلك كان تجارة وجلبا ولم يكن تلقيا وهو ظاهر لأنه يمضيه ورجوعه يكون مسافرا يجب عليه التقصير
فيكون سفرا حقيقيا ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ رحمه الله عن منهال القصاب قال قلت له ما حد التلقي قال دوحة وعنه عن أبي
عبد الله قال التلقي فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهي عن التلقي قلت قال ما دون غدوة أو روحة قلت وكم الغدوة والروحة قال
قال أربع فراسخ قال ابن أبي عمير واما فوق ذلك فليس بتلق ولا يفرق به بين علمائنا خلافا فيه.
مسألة: ونهي النبي صلى الله عليه وآله
عن الاحكام واختلف على قولين أحدهما التحريم اختاره الشيخ (ره) في الاستبصار وأبو الصلاح وابن إدريس وابن بابوية وبعض الشافعية
والاخر الكراهية ذهب إليه الشيخ (ره) في النهاية والمفيد في المقنعة وسلار وبعض الشافعية الأول عندي أقوى وهو قول الجمهور ويدل على
النهي ما رواه الجمهور عن أبي أسامة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يحتكر الطعام وعن سعيد بن المسيب ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال من احتكر فهو خاطي وخرج عمر بن الخطاب مع أصحابه فرأى طعاما كثيرا قد القي على باب مكة فقال ما هذا الطعام قالوا جلب إلينا فقال
بارك الله فيه وفيمن جلبه فقيل له انه قد احتكر فقال ومن احتكره قال فلان مولى عثمان وفلان مولاك فأرسل إليهما فقال ما حملكما على
احتكار طعام المسلمين قال الا نشتري بأموالنا ونبيع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من احتكر على المسلمين طعامهم
لم يمت حتى يضر به إليه بالجذام أو الافلاس قال الراوي فاما مولى عثمان فباعه وقال والله لا احتكره واما مولى عمر فلم يبعه فرأيته مجذوم
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال الجالب مرزوق والمحتكر ملعون ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن زياد عن أبي عبد الله عليه السلام
عن أبيه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحتكر الطعام الا خاطي وعن بن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله
صلى الله عليه وآله الجالب مرزوق والمحتكر ملعون وعن جهم بن جهم عن مغيث قال قال أبو عبد الله عليه السلام وقد تزيد السعر بالمدينكم؟؟ عندنا
من طعام قال قلت ما يكفينا أشهر كثيرة قال أخرجه وبعه قال قلت وليس بالمدينة طعام قال بعه فلما بعته قال اشتر مع الناس يوما
ويوم وقال يا مغيث اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا ونصفا حنطة وان الله يعلم اني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها ولكني أحب ان
يرني الله عز وجل قد أحسنت تقدير المعيشة وعن يونس بن يعقوب قال كان أبو الحسن عليه السلام يأمرنا إذا أدركت الثمرة
ان نخرجها فنبيعها ونشتري مع المسلمين يوما بيوم وعن الحسن عن علي عليه السلام قال من باع الطعام نزعت منه الرحمة ونهي أمير المؤمنين عليه السلام
1006

عن الحكرة في الأمصار وهذه الأخبار كما دلت على النهي دلت على الحرمة. فروع: الأول: الاحتكار وهو حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب
والسمن وقيل والملح فاما ما عدا ذلك فلا يتحقق فيه الاحتكار كالأدام والحلوى والعسل والزيت وأعلاف البهائم لان رسول الله صلى الله عليه وآله
نهي عن الحكرة في الطعام فدل بمفهومه على إباحة ذلك في غيره وكان سعيد بن المسيب وهو راوي حديث الاحتكار يحتكر الزيت
وكان يحتكر النوى والخيط والبرز ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس الحكرة الا في الحنطة والشعير
والتمر والزبيب والسمن قد روى ابن بابوية عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه قال ليس الحكر الا في الحنطة والشعير والتمر
والزبيب والسمن والزيت ولان ما عدا الأقوات المذكورة مما لا نعلم الحاجة إليها وقد يستغنى عن أكثرها فلم يتحقق الحكرة
كالثياب والحيوان. الثاني: قال ابن بابوية يتحقق الحكم بالزبيب عملا برواية غياث بن إبراهيم ولما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال وسألته عن الزيت فقال إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه ويدل بمفهومه على ثبوت الناس مع فقده عند غيره
والرواية حسنة والأولى ضعيفة الا ان عمل أكثر أصحابنا على انتفاء الحكرة فيه. الثالث: قال الشيخ (ره) في المبسوط تثبت الاحتكار في
الملح ولم يقف على حديث دال عليه ولعله نظر في ذلك إلى دعوى الحاجة إليه وامساس الضرورة له فصار كالطعام. الرابع: انما
يثبت الاحتكار في الأقوات المذكورة إذا استبقاها للزيادة في الثمن اما لو استبقاها لاستعمالها لا حكرة فيه. الخامس: قال
مالك والأوزاعي انما يثبت الاحتكار بشرط ان يشترط ولو جلب شيئا أو دخل في غلبة شيئا فأوجزه لم يكن محتكرا لقوله عليه السلام الجالب
مرزوق المحتكر ملعون ولان الجالب لا يضيق على أحد ولا يضربه بل ربما ينفع فان الناس إذا علموا ان عنده طعاما بعد البيع كان ذلك
معونا لقلوبهم على الصبر وأولى لهم من عدمه ويؤيده ذلك ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال الحكرة ان يمسك الطعام ليس
في المصر غيره فيحتكره. السادس: انما يتحقق الاحتكار المحرم أو المكروه على اختلاف الرأيين عند احتياج الناس إلى الطعام وعدم الباذل
والبايع سواء المحتكر فمتى تحقق الامام ذلك جبره على البيع وقال الشيخ (ره) في النهاية حده في الرخص أربعين يوما وفي الشدة أو البلاء
ثلاثة أيام لما رواه الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال الحكرة في الحصب أربعين يوما وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام فما زاد على
أربعين يوما في الحصب وصاحب ملعون وما زاد على العشرة على ثلاثة أيام فصاحبه ملعون لنا ما ورآه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال الحكرة ان يمسك طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره فإن كان في المصر طعام أو يباع فلا بأس ان يلتمس
بسلعته الفضل وعن صفوان عن أبي الفضل سلم الخياط قال قال أبو عبد الله عليه السلام ما عملك قلت خياط وربما قدمت على انفاق و
ربما قدمت على كساد فجلست قال فما يقول من قبلك فيه قلت يقولون محتكر قال يبيعه أحد غيرك قلت ما أبيع من الف جزاء قال لا بأس
انما كان ذلك رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام إياك ان يحتكر. السابع: على الامام ان يجبر المحتكرين على البيع وليس له ان يجبرهم
على التسعير بل يتركهم يبيعون كيف شاؤوا وبه قال أكثر العلماء وهو مذهب الشافعي وقال المفيد وسلار رحمهما الله للامام ان يسعر عليهم فيسعر
بسعر البلد وبه قال مالك لنا ما رواه الجمهور عن انس قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله غلا السعر
وسعر لنا فقال إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق واني أرجو ان القى عز وجل وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال فترك اجابتهم
إلى التسعير مع تعليله عليه السلام بالظلم دال على أنه ليس له ذلك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الله بن منصور عن أبي عبد الله
عليه السلام قال فقد الطعام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فاتاه المسلمون فقالوا يا رسول الله قد فقد الطعام ولم يبق شئ
منه الا عند فلان فمره يبع قال فحمد الله وا ثنى عليه ثم قال يا فلان ان المسلمين ذكروا ان الطعام قد فقد الا شيئا عندك فأخرجه
وبعه كيف شئت ولا تحبسه وعن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في تجار قدموا أرضا اشتركوا على أن لا يبيعوا
بيعهم الا بما أحبوا قال لا بأس بذلك وعن عبد الله بن حمزة عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
انه مر بالمحتكرين فامر بحركتهم ان يخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الابصار إليها فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله
الوقوت عليهم فغضب عليه السلام حتى غرف ذلك الغضب في وجهه فقال انا أقوم عليهم انما الشعر إلى الله عز وجل يرفعه إذا شاء و
يحفظه إذا شاء وروى ابن بابوية عن النبي صلى الله عليه وآله انه قيل له لو سعرت لنا سعر قال الأسعار تزيد وتنقص فقال عليه السلام ما كنت
لألقي الله ببدعة لم يحدث التي فيها شيئا فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض وإذا استنصحتم فانصحوا له ولان الأصل تحريم نقل
مال الغير عنه بغير اذنه ولأنه مال فلم يجز منعه من بيعه بما تراضيا عليه ولان فيه مفسدة لأنه ربما سمع الجالب بذلك فلا يقدم بسلعته
وربما سمع صاحب البضاعة بالاكراه على التسعير فحبس ماله عنده وكتمه فيحصل الاضرار بالجانبين جانب المالك في منع بيع سلعته
وجانب أهل البلد في منع الجلب إليهم احتجوا بان في ذلك اضرار بالناس فساغ التسعير لقوله عليه السلام لا ضرر ولا ضرار بان عمر مر بحاطب في
1007

السوق والمصلى وبين يديه غرا ر مال فيها زبيب فسأله عن سعرها فسعر له مدين بدرهم فقال له عمر قد حدثت بغير مقتلة من الطايف يحمل زبيبا وهم يعسرون
سعرك فاما ان ترفع في السعر واما ان تدخل زبيبك فتبيعه كيف شئت والجواب ان الضرر محقق مع التسعير على ما قلناه وفعل عمر لا حجة فيه على أنه خيره بين الرفع
في السعر وبين الزبيب في البلد كيف شاء وليس فيه دلالة على التسعير. الثامن: قال الشيخ (ره) في الاستبصار والاخبار عامة
في النهي على الاحتكار على كل حال وقد روى أن المحظور من ذلك هو انه إذا لم يكن في البلد طعام غير الذي عند المحتكر ويكون واحد فإنه يلزمه
اخراجه وبيعه بما يرزقه الله كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وينبغي ان يحمل هذه الأخبار المطلقة على هذه المقيدة روى الحلبي في الحسن عن أبي عبد
الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به هل يجوز فقال إن كان الطعام كثير البيع والناس فلا بأس وان كان الطعام قليلا فإنه يكره ان يحتكر الطعام ويترك الناس ليس
لهم طعام. مسألة: قد بينا الاستحطاط من الثمن قبل التصرف وبعده مكروه بعد القصد والاستحقاق الثمن بكماله وليس بجزم روى الشيخ
في الحسن عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه السلام قال اشتريت لأبي عبد الله عليه السلام جارية فلما ذهبت أنقدهم قلت استحفظهم قال لا
ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة وانما قلنا إن النهي للكراهية هنا ما رواه الشيخ عن معلى بن خنيس عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يشتري المتاع ثم يستوضع قال لا بأس به وأمرني فكلمت رجلا في ذلك وعن يونس بن بعقوب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يستوهب من الرجل الشئ بعد ما يشتري فيهب له هل يصلح له قال نعم. مسألة: روى عن النبي صلى الله عليه وآله
انه نهى عن بيعتين في بيعة وفسر بأميرين أحدهما ان يبيعه الشئ بثمن نقدا وبأكثر نسية وهذا لا يجوز لجهالة
الثمن فصار كمال وقال بعتك هذا العبد
أو هذا العبد وسيأتي البحث فيه وجوزه الشيخ (ره) وبه قال طاووس والحكم وحماد والثاني: ان يبيعه شئ بشرط ان يشتري منه اخر كما يقول
بعتك بعتك داري هذه بشرط ان تبيعني دارك ومنع ابن إدريس من ذلك وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأكثر العلماء عملا بالنهي المقتضي
للفساد وقال مالك يجوز وهو عندي قوي وسيأتي البحث فيه. مسألة: ونهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع حبل الحبلة بفتح الحاء غير المعجمة
والباء المنقطة تحتها نقطة واحدة وهو ان يبيع شيئا بثمن مؤجل إلى انتاج الناقة لان ذلك أجل مجهول فيكون عذر ونهى أيضا عن المجر بالميم
المفتوحة والجيم الساكنة تحتها نقطة واحدة والراء غير المعجمة وهو بيع ما في الأرحام وكره أبو عبيدة وقال ابن الأعرابي الذي
في بطن الناقة وقال المجر الربا والمجر العمار والمجر المحاقلة والمزابنة ونهى عن بيع عنب الفحل وهو نطفته ونهى عن الملاقح وهي ما في بطون الأمهات
والمضامين وهي ما في أصلاب الفحول ونهى عليه السلام أيضا عن لامسة والمنابذة والملابسة ان يبيعه شيئا ولا يشاهده على أنه متى
لمسه وقع البيع والمنابذة أن يقول نبذه إلى فقد اشتريته بكذا وقيل هي طرح الرجل ثوبه بالمبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه و
قبل أن ينبذه كل واحد منهما ثوبه ولم ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه ونهى عليه السلام عن بيع الحصاة فقيل ان معناه أن يقول ارم هذه الحصاة فعلى اي ثوب وقعت فهي ذلك بكذا وقيل هو أن يقول بعتك من هذه الأرض مقدار ما يبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا وقيل هو أن يقول
بعتك هذا بكذا على اني متى رميت الحصاة وجب البيع وهذا كله باطل على التفاسير لعدم انفكاكه من جهالة المبيع أو جهالة
الاجل.
البحث الثاني في ضروب الاكتساب وفيه مباحث البحث الأول فيما تحرم التكسب به وهو أنواع
الأول الأعيان النجسة مسألة: الأعيان قسمان طاهرة ونجسة والنجسة قسمان أحدهما ما هو نجس في نفسه وبالأصالة
كالخمرة والأنبذة والميتة والخنزير والدم والمني وغير ذلك من النجاسات التي عددناها والثاني ما ينجس بالمجاورة بالطاهر يأتي البحث
عنه والقسم الأول: من قسمي النجس يحرم بيعه وقد احتج العلماء كافة على تحريم بيع الميتة والخمر والخنزير بالنص والاجماع
قال الله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وتحريم الأعيان يستلزم تحريم وجوه الاستمتاع وروى الجمهور عن جابر
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في مكة يقول إن الله تعالى ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ومن
طريق الخاصة ما رواه الشيخ (ره) عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال سحت ثمن الميتة وثمن الكلب وثمن الخنزير ومهر البغي والرشا
في الحكم واجرة الكاهن وعن عمار بن مروان عن ا لباقر عليه السلام قال السحت أنواع كثيرة منها ثمن الخمر والنبيذ المسكر ولا خلاف بين
المسلمين في ذلك. مسألة: لا يجوز بيع السرجين النجس وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يجوز لنا انه مجمع على نجاسته
فلم يجز بيعه كالميتة وما رواه الشيخ عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال ثمن العذرة من السحت إماما ليس بجنس من العذرات
كعذرة الإبل والبقر والغنم فإنه لا بأس ببيعها لأنا غير ظاهرة ينتفع بها فجاز بيعها كغيرها ويؤيده ما رواه محمد بن مضارب عن أبي عبد الله
عليه السلام قال لا بأس ببيع العذرة إذا ثبت هذا فكل روث ما لا يوكل لحمه نجس حرام بيعه وشراؤه وثمنه اما البول فإن كان
بول ما لا يؤكل لحمه فكذلك حرام بيعه وثمنه وشراؤه لأنه نجس فكان الدم واما بول ما يؤكل لحمه فهو طاهر فيجوز بيعه قال
السيد المرتضى وادعى عليه الاجماع في النهاية بالمنع من الأبوال لها الا بول الإبل خاصة للاستشفاء. مسألة:
الخمر حرام نجس قد بيناه فيما سلف ويحرم بيعه وشراؤه واكل منه لا خلاف قال الله تعالى انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس
1008

من عمل الشيطان فاجتنبوه ولعن رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر وغارسها وحارسها وحاملها والمحمول إليه و
بايعها ومشتريها واكل ثمنها وعاصرها وساقيها وشاربها وكذا كل نبيذ وكل مسكر لأنه نجس على ما بيناه وكذا
الفقاع يحرم بيعه وثمنه وشربه كالخمر لأنه نجس كما قلناه وسئل عمار الساباطي أبا عبد الله عليه السلام عن
الفقاع فقال هو خمر وعن الوشاء عن الرضا عليه السلام قال كل مسكر حرام وكل خمر حرام والفقاع حرام ولا خلاف بين علماؤنا
اجمع. مسألة: اجزاء الميتة والخنزير وما يكون منهما حرام نجس لا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا أخذ ثمنه وكذا جلد الميتة قبل الدباغ
بلا خلاف بين العلماء كافة ولا بعد الدباغ عندنا وعند جماعة من الجمهور وعند آخرين يجوز والأصل انه هل
يطهر بالدباغ أن لا وقد بينا الحق في ذلك ولأنه لا يطهر بالدباغ وما شعر الخنزير فالحق عندنا انه يحرم استعماله لأنه نجس على
ما بيناه وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل من مواليك يحمل الحايل شعر الخنزير قال إذا فرغ فليغسل
يده وهذا الحديث ليس فيه دلالة على جواز الاستعمال لاحتمال ان يكون المعمول لكافر أو امره عليه السلام يغسل يده تدل على نجاسته
وعن برد الإسكاف قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام) عن شعر الخنزير يعمل به قال خذ منه فاغسله بالماء حتى تذهب ثلث الماء ويبقى
ثلثاه ثم اجعله في محارة جديدة ليلة باردة فان جمد فلا يعمل به وإن لم يجمد فليس عليه رسم فاعمل به واغسل يدك إذا مسيته عند كل
صلاة قلت ووضوي قال اغسل اليد كما تمس الكلب وهو غير دال على إباحة استعماله بل على نجاسته للامر بغسل اليد. مسألة:
وقد اجمع علماؤنا على تحريم بيع ما عدا كلب الصيد والماشية والزرع والحايط من الكلاب وعلى جوار بيع كلب الصيد واختلفوا في
الثلاث الباقية فقال الشيخ) ره) في النهاية والمفيد في المقنعة تحريم ثمن الكلب الا السلوقي وعني بالسلوقي كلب الصيد لان سلوقي قرية
باليمن أكثر كلابها معلمة فنسب الكلب إليها وسوغ في المبسوط في كتاب الإجارة بيعها وهو اختيار ابن إدريس
وهو الأقوى عندي
وقال الشافعي يحرم بيع الكلاب اجمع ولم يستثني شيئا وبه قال الحسن البصري وربيعة وحماد والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل
وداود الطاهري ورخص في ثمن كلب الصيد خاصة جابر بن عبد الله الأنصاري وعطار النخعي وجوز أبو حنيفة بيع الكلاب
اجمع واخذ أثمانها عنه رواية أخرى في الكلب العقور انه لا يجوز بيعه واختلف أصحاب مالك فمنهم من قال لا يجوز ومنهم من
قال الكلب المأذون في إمساكه يجوز بيعه ومكروه لنا على إباحة كلب الصيد ما رواه الجمهور عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله نهي
عن ثمن الكلب والسنور الا كلب الصيد ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الوليد القماري قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن ثمن
الكلب الذي لا يصيد فقال سحت واما الصيد فلا بأس وعلى إباحة الثلاثة الباقية ان لها دية وقيمة لو أتلفت على ما يأتي إن شاء الله
والدية يستلزم التملك المستلزم لجواز التصرف ولان الشيخ (ره) في المبسوط جواز اجارتها وجواز الإجارة لازم لصحة التملك
للبيع ولأنه يصح الانتفاع به ونقل اليد فيه والوصية به فيصح بيعه كالحمار احتج الشيخ (ره) يقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن ثمن
الكلب الذي لا يصيبه فقال سحت واحتج الشافعي بما رواه أبو مسعود الأنصاري ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ثمن الكلب
ومهر البغي وحلوان الكاهن وعن رافع بن جدع قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ثم الكلب خبث ومهر البغي خبيث
وكسب الحجام خبيث وعن ابن عباس قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهي عن ثمن الكلب فان جاء بطلب بالمؤلفة ترابا ولأنه حيوان
نجس العين فأشبه الخنزير والجواب يحمل النهي عن الكلب الذي ليس له أحد الأربعة فروع: الأول: يجوز إجارة الكلب و
هو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يحوز لنا انها منفعة مباحة فجازت المعاوضة عنها كبيع الحمار احتجوا بأنه حيوان محرم
بيعه فحرمت اجارته كالخنزير والجواب المنع من تحريم بيعه على ما سلف اما إجارة غير الكلاب الأربعة فإنها محرمة لعدم الانتفاع
به ولتحريم بيعه. الثاني: يجوز الوصية بالكلب الذي يباح فبيته وهو أحد الكلاب الأربعة وكذلك يصح هبته وقال بعض
الشافعية لا يصح لأنه نوع تمليك فكان باطلا كالبيع والجواب المنع من الحكم في الأصل. الثالث: لا خلاف في تحريم
قتل الكلب المعلم الإباحة فيه فيحرم اتلافه كالشاة فإذا أتلفه كان عليه الغرم قاله علمائنا أجمع وبه قال مالك
وعطاء وقالل الشافعي لا غرم فيه لنا انه أمسكه فيحرم اتلافه فيجب فيه الغرم كالشاة احتجوا بأنه يحرم بيعه فلا يحرم فيه
كالخنزير والجواب المنع من تحريم بيعه. الرابع: يباح اتلاف الكلب العقور لقول النبي صلى الله عليه وآله خمس من الدواب
كلهن فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحداة والعقرب والفارة والكلب العقور واما الكلب الأسود البهيم فقد أباح احمد قتله
وان كان معلما لأنه شيطان ولما روى عن النبي صلى الله عليه وآله قال لولا أن الكلب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا
منها كل اسود بهيم وروى مسلم أنه قال عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان. ا لخامس: يحرم أقساما
1009

عدا كلب الصيد والماشية والزرع روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من اتخذ كلبا الكلب الماشية أو زرع أو صيد
نقص من أجرة كل يوم ومن طريق الخاصة ما روي عنهم عليهم السلام انه من ربط إلى جنب داره كلبا نقص من عمله كل يوم قيراط والقيراط
كجبل أحد لأنه لا ينفك من النجاسة ويتعذر احتراز منه إذا ثبت هذا فلو اقتناه لحفظ البيوت والأقرب الإباحة وهو قول بعض
الشافعية وبعضهم حرم ذلك لنا ان له دية مقدر بالشرع على ما يأتي فيجوز اقتناؤه ولأنه فيه منفعة كمنفعة الكلب الماشية والزرع
من الحفظ والحراسة. السادس: يجوز تربية الجرو الصغير لاحد هؤلاء الأمور المطلوبة من الصيد وحفظ الزرع والماشية والحايط لأنه
قصد لذلك فيأخذ حكمه كما جاز بيع الصغير والدابة الصغيرة وإن لم ينتفع بهما الا فيما بعد ولأنه لولا ذلك لم يكن جعل كلب
للصيد إذ لا يصير معلما الا بالتعليم ولا يمكن تعليمه الا بتربيته واقتنائه مدة التعليم. السابع: لو اقتنا كلبا للصيد ثم ترك
الصيد مدة وهو يريد العودة إليه لم يحرم اقتناؤه في مدة تركه لعدم امكان التحرز من ذلك وكذا لو حصد الزارع زرعه
له إمساك الكلب إلى أن يزرع زرعا اخر وكذا لو هلكت ماشيته وأراد شراء غيرها فله إمساك كلها اما لو اقتنى من لا يصيد كلب
الصيد فالوجه الجوز لأنه عليه السلام استثنى كلب الصيد. الثامن: كل ما لا منفعة فيه من الأعيان النجسة يحرم اقتناؤه كالخنزير
لأنه ليس له منفعة فلم يحرز ولو كان فيه منفعة حكمية جاز اقتناؤه وان كان نجسا يحرم بيعه كالكلب والخمر للتحليل واما السرجين فإنه يمكن
الانتفاع به لتربيته للزرع فجاز اقتناؤه لكنه مكروه لما فيه من مباشرة النجاسة وكذا يحرم اقتناء المؤذيات كلها كالحيات والعقارب
والسباع لحصول الأذى منها. القسم الثاني: من قسم النجس وهو الأعيان الطاهرة بالأصالة إذا أصابها نجاسة فنجست بها لا
يخلو الحال فيها من أحد أمرين أحدهما ان يكون جامدا كالثوب وشبهه لهذا يجوز بيعه اجماعا لان البيع يتناول الثوب وهو ظاهر
في أصله يكمن الانتفاع به بإزالة النجاسة عنه وانما جاورته النجاسة والثاني ان يكون ما يعالج اما أن لا يطهر كالخل والدبس لهذا لا
يجوز بيعه اجماعا لأنه نجس لا يمكن تطهيره من النجاسة فلم يجز بيعه كالأعيان النجسة واما ان يطهر كالماء ففيه للشافعي وجهان أحدهما
انه لا يجوز بيعه لأنه نجس لا يمكن غسله ولا يطهر بالغسل فلا يجوز بيعه كالخمر والثاني يجوز بيعه لأنه يطهر بالماء فأشبه الثوب النجس
والاخر عندي أقوى وان كان رهنا فعندما لا يطهر بالغسل لكن يجوز الاستصباح به تحت الأظلة لهذا يجوز بيعه
للانتفاع به من الاستصباح تحت السماء وللشافعي في طهارته وجهان أحدهما انه يطهر بالغسل لان يمكن غسله بالماء فهو كالثوب
فيجوز بيعه على أحد الوجهين في الماء والثاني لا يطهر لأنه لا يمكن عصره من النجاسة فلا يطهر كالخل ولا يجوز بيعه
النوع الثاني ما يحرم ما قصد به. مسألة: يحرم بيع العنب ليعمل خمرا وكذلك العصير وبه قال
الشافعي واحمد وقال الثوري يجوز مع الحلال فمن شاء لنا قوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم
والعدوان وعن النبي صلى الله عليه وآله لعن في الخمر عشرة وقال ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله اتاه جبرئيل عليه السلام
فقال يا محمد ان الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمول إليه وشاربها وبايعها ومبتاعها وساقيها وأشار
إلى كل معاون عليها ومساعد فيها احتج المخالف بقوله تعالى وأحل الله البيع وحرم الربا ولان البيع تم بأركانه وشروطه فيكون مباحا و
يجوز الآية مخصوصة بأمور كثيرة فيختص منها محل النزاع للدليل ويمنع تمام البيع بأركانه وشروطه إذ من جملة الشروط ارتفاع
الموانع ولم ترفع. مسألة: وهل يجوز ان يباع على من يعلمه إذا لم يبعه لذلك نص أصحابنا على جوازه وهو قول الحسن البصري
وعطا والثوري ومنع منه احمد وكرهه الشافعي لنا انه عقد تم بشروطه وأركانه ولم يقرن به ما يبطل وكان سايغا بقوله تعالى وأحل
البيع لا يقال إنه يبيعه إياه منكر من فعل القبيح فيكون حراما باطلا لقبحه لأنا نقول التمكن من القبيح ليس بقبيح لان الله تعالى كمن الكفار
من الظالم من الكفر والظلم ولم يكن ذلك قبيحا والتحول بالكراهة حسن لا يأتين ان يكون فيه مساعدة على المعصية. مسألة: إذا
باع العصير والعنب بعمل خمرا كان البيع باطلا وقال الشافعي يصح لنا انه عقد على غيره لمعصية الله تعالى فلا يصح كإجارة الأمة للزنا
احتج بان التحريم لا يمنع صحة العقد كالتدليس في العيب والجواب الفرق ان المحرم في التدليس ليس هو الفعل وهو التدليس والتحريم هنا للعقد ولان التحريم هنا لحق
الله تعالى فاسد العقد كبيع درهمين بدرهم بخلاف التدليس فإنه حق آدمي. مسألة: قد بينا انه لا يجوز بيخ الخمر ولا التوكيل
في بيعه ولا في شراءه وهو قول عامة العلماء وقال أبو حنيفة يجوز للمسلم ان يؤكل ذميا في بيعها وشرائها لنا قوله عليه السلام في رواية
عايشة حرمت التجارة في الخمر وعن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله عام الفتح هو بمكة يقول إن الله ورسوله حرم بيع الخمر و
والميتة والخنزير والأصنام فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا
هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله قاتل الله اليهود ان الله تعالى حرم عليهم شحومها فحملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه ولان
1010

يد الوكيل يد الموكل ولأنها نجسة محرمة فحرم بيعها والتوكيل فيه كالميتة والخنزير ولأنه يحرم بيعه فيحرم التوكيل فيه كالخنزير. مسألة:
ويحرم إجارة السفن والمساكن للمحرمات واتخاذها للمساكن كان يوجر داره لبيع الخمر أو ليجعل كنيسة أو بيعة وأشباه ذلك وهو وفاق لما
تقدم في بيع العنب ليعمل خمرا لأنه بمنزلته ومساو له في علته ولما رواه الشيخ (ره) عن جابر قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل يؤجر بيته يبتاع فيه الحرام قال حرام اجره اما لو اجرها لمن يعمل ذلك لا على أن يعمله بل أجره مطلقا صح ذلك وحل له الأجرة كما قلناه
في بيع العنب ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن ابن أذينة قال كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن الرجل يواجر بنفسه ودابته ممن
يحمل فيها أو عليها الخمر أو الخنازير فقال لا بأس إذا ثبت هذا فلو اجر سفينة أو دابته ليحمل الخمر أمكن القول بصحته لان حملها ليس بحرام
لجواز ان يحمل ليجعل خلا اما حملها للشرب فإنه حرام والأجرة عليه باطلة. فرع: لا فرق في التجريم بين ان يكون البيت في السواد وغيره
وقال أبو حنيفة يجوز ذلك أجرة بيت لبيع الخمر والقمار ان كان في السواد وخالفه صاحباه في ذلك واختلف أصحابه في تأويل قوله لنا انه
فعل محرم فلم يجز إجارة عليه كإجارة عبده للفجور ولو اكترى ذمي من مسلم داره فأراد بيع الخمور فيها لم يكن لصاحب الدار منعه وبه قال أصحاب
الرأي وقال الثوري له منعه لنا انه بإجارته ملك منافعها والتصرف فيها بمثل هذا كما لو كان ملكه وكما أنه يجوز له بيع الخمر في ملكه وشراؤه
كذا هنا نعم لو اجره لذلك كان حراما عملا بعموم النهي. مسألة: يحرم بيع السلاح لأعداء الدين ومساعدتهم هو أو يعلمه لما
يتضمن من الفساد بالمعاونة على المسلمين ولما رواه الشيخ عن السراد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إني أبيع السلاح لا
تبعه في فتنة وعن السراج قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلحك الله ما يقول اني كنت احمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم
فلما عرفتي الله هذا الامر ضقت بذلك وقلت لا احمل إلى أعداء الله فقال لي احمل إليهم فان الله عز وجل يدفع عدونا
وعدوكم يعنى الروم فإذا كان الحرب بيننا فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك وعن أبي بكر الحضرمي قال دخلنا
على أبي عبد الله عليه السلام فقال له حكم السراج ما ترى فيما يحمل إلى الشام من السروج وأدواتها فقال لا بأس أنتم اليوم بمنزلة أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله إنكم في هدنة فإذا كانت المباينة حرم عليكم ان يحملوا إليهم السلاح والسروج فروع: الأول:
ظاهر هذه الأخبار يدل على تحريم المبايعة لهم عند قيام الحرب وعدم الهدنة وجواز بيعها حال الهدنة. الثاني: قال الشيخ (ره)
في النهاية يجوز ان يباع عليهم ما يمكن في آلة السلاح كالدروع والخفاف قال ابن إدريس الخفاف جمع خف وليس هو من السلاح
فان أراد الخفاف والجمع التخافيف فهي مزالة السلاح وقال الفارسي التاء زايدة في التخاف فعلى قول أبي علي
مع سقوط لنا يصير الخف
فيستقيم ان يكون من آلة الحرب وهذا التأويل الذي ذكره لا يكمن حمل كلام الشيخ (ره) عليه لان الشيخ عول في ذلك على رواية
محمد بن قيس الصحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الفئتين يلتقيان من أهل البغاة هل أبيعهما السلاح فقال بعهما ما مكنهما
الدروع والخفين ونحو هذا. الثالث: لا فرق بين الجميع أصناف آلة الحرب في ذلك ولا فرق بين ان يكون العدو كافرا أو مسلما
من أهل البغي أم لو باع آلة الحرب للظالم فالوجه فيه التفصيل فيقول ان يباعه ظالم كان حراما والا كان سايغا. والرابع:
روى الشيخ عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي القاسم الصقيل وولده قال كتبوا إلى الرجل الصالح جعلنا الله فداك انا قوم نعمل
السيوف ليس لنا معيشة ولا تجارة غيرها ونحن مضطرون وانما غلافها من جلود الميتة من البغال والحمير الأهلية لا يجوز في أعمالنا
غيرها أفيحل لنا عملها وشراؤها وبيعها ومسها بأيدينا وثيابنا ونحن نصلي في ثيابنا ونحن محتاجون إلى جوابك في هذه المسألة يا
سيدنا لضرورتنا إليها فكتب اجعل ثوبا للصلاة وكتب إليه جعلت فداك وقوايم السيف التي يسمى السفن اتخذتها من جلود
السمك فهل يجوز إلى العمل بها ولسنا نأكل لحومها فكتب لا بأس. مسألة: يحرم بيع الخشب لمن يعلمه صنما أو صليبا على أن لا يعلمه
كذلك ويكره انا ان الأول مساعدة على الحرام فيكون باطلا ولما رواه الشيخ في الحسن عن عمر بن أذينة قال كتبت إلى أبي عبد الله
عليه السلام أسأله عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذ منه مرابط فقال لا بأس به وعن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبيا فقال لا وعن
عمر بن حريث قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الثوب أبيعه يصنع للصلب والصنم قال لا واما الثاني فان المنع فما يمكن الانتفاع
به وقد حصل البيع شروط وان كان فيصح وانما يكون الاحتمال ان يعمل ذلك فيكون مفسدة فيه مشكوكة ولهذا قلنا بالكراهية دون
التحريم. مسألة: ويحرم على الأصنام والصلبان وغيرهما من هياكل العبادة المبتداء وآلات اللهو كالعود والزمر و
اللات القمار كالنرد والشطرنج الأربعة عشر وغيرها من اللات اللعب بلا خلاف بين علمائنا. النوع الثالث: ظاهره
محرم في نفسه الغناء. مسألة: عندنا حرام وأجرة المغنية حرام روى الجمهور عن أبي امامة عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال لا يجوز مع المغنيات ولا أثمانهن ولا كسبهن ولهذا يحمل على بيعهن واما ماليتهن الخاصة لغير الغناء فلا يبطل
1011

كما أن العصير لا يحرم بيعه لغير الخمر لصلاحيته الخمر ومن طريق الخاصة ما رآه الشيخ (ره) عن سعيد بن محمد الطاهري عن أبيه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سئل رجل عن بيع الجواري المغنيات فقال شراؤهن حرام وتعليمهن كفر واسماعهن نفاق وعن
الحسن بن علي الوشا قال سال أبو الحسن الرضا عليه السلام عن شراء المغنية فقال قد يكون للرجل جارية تلهيه وما ثمنها الا ثمن الكلب و
ثمن الكلب سحت والسحت في النار وعن طريق قابوس قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول المغنية ملعونة ملعون من اكل كسبها وعن
إبراهيم بن أبي البلاد قال أوصى إسحاق بن عمر عند وفاته بجوار له مغنيات ان يبيعهن ويحمل ثمنهن إلى أبي الحسن قال إبراهيم فبعت الجواري بثلاث
مائة ألف درهم وحملت ثمنه إليه فقلت له ان مولى لك يقال له إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جواريه مغنيات وحمل الثمن إليك وقد
بيعهن وهذا الثمن بثلاثمائة ألف درهم فقال لا حاجة لي فيه أن هذا سحت وتعليمهن كفر والاستماع منهن نفاق وثمنهن
سحت إذا عرفت هذا فقد روى الشيخ عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام أجرة المغنية التي تزف للعراس ليس به بأس ليست
بالتي تدخل عليها الرجل وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال مغنية التي تزق العرايس لا بأس بكسبها وعن أبي جعفر عليه السلام
قد سئلت عن كسب المغنيات فقال التي تدخل عليها الرجال حرام والتي تدعى إلى الأعراس ليس به شئ وهو قول الله تعالى ومن
الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله قال الشيخ (ره) الرخصة التي دلت هذه الأخبار عليها محمولة على من يتكلم
بالأباطيل ولا يعلب بالملاهي من العيدان وأشباهها ولا بالقصب وغير ه بل يكون من تزق العرايس ويتكلم عندها بإنشاد الشعر
والقول البعيد عن الفحش والأباطيل فاما ما عدا هؤلاء ممن تتغنين له بساير أنواع الملاهي فلا يجوز على حال سواء كان في
العرايس أو غيرها إذا ثبت هذا فان يعلم الغناء والأجر عليه حرام عندنا بلا خلاف لأنه فعل محرم فيحرم التوصيل عليه. مسألة:
يحرم أجرة النائحة بالأباطيل لأنه كذب وحرام واخذ الأجرة على الحرام حرام ويؤيده ما رواه الشيخ عن سماعة قال سئلته عن كسب
مغنية والنايحة فكرهه إذا ثبت هذا فلا بأس بكسب النائحة إذا لم يعتمد قول الأباطيل وان كان مكروها يشتد الكراهة مع الاشتراط
روى الشيخ في الصحيح عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي أبي عبد الله صلى الله عليه وآله يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا
النواد ب يندبني عشر سنين معنى أيام لنا ولقول البني صلى الله عليه وآله اكل له نادبة الا عمي الحمزة لا نادبة عليه وعن حنان بن سدير قال كانت امرأة معنا
في ا لحي ولها جارية نايحة فجاءت إلى أبي فقالت يا عم ان تعلم معيشتي من الله وهذه ا لجارية النائحة وقد أحببت ان سأل أبا عبد الله
عليه السلام عن ذلك فإن كان حلالا والا بعتها وأكلت بثمنها حتى يأتي الله بالفرج فقال لها أبي والله اني لأعظم أبا عبد الله عليه السلام
ان أسئلة هذه المسألة قال فلما قدمنا عليه اجرته انا بذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام قال أتشارط قلت والله ما أدري تشارط أم لا
قال قلت لها لا تشارط وتقبل كلما أعطيت وعن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال مات وليد بن المغيرة فقالت أم سلمة للنبي صلى الله عليه وآله
ان آل المغيرة قد أقاموا مناحة فاذهب إليهم فاذن لها فلبست ثيابها وتهيأت وكانت من حسنها كأنها جاز وكانت إذا قامت فأرخت
شعرها حلال جسدها وعند طرقه بخلخالها فندبت ابن عمها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت أبغي الوليد بن الوليد با
الوليد فتى العشرة حامي الحفيظة ماجد السمو إلى طلب الوتيرة قد كان عشا في السنن وجعفرا عدفا ويسره فما عاب عليها النبي صلى الله عليه وآله
ذلك ولا قال لها شيئا وعن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا بأس بأجرة النائحة التي ينوح على الميت. مسألة: القمار
حرام بلا خلاف بين العلماء وكذا ما يؤخذ منه قال الله تعالى انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم
تفلحون وانما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وفي
هذه الآية دلالة على تحريم الخمر والقمار من عشرة أوجه وقد روى الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الصبيان يلعبون بالجوز
والبيض ويقامرون فقال للقائل مننه فإنه حرام وعن السكوني عن أبي عبد ا لله عليه السلام قال كان منهي عن الجوز يجئ به الصبيان من
القمار ان يأكل وقال هو سحت وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال لما انزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وآله انما الخمر والميسر
والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان قيل يا رسول الله ما الميسر قال كل ما يقوم به حتى الكعاب والجوز فقيل ما الأنصاب
قال ما ذبحوا لآلهتهم وقيل فما الأزلام قال أقداحهم التي كانوا يستقسمون بها إذا ثبت هذا فان جميع أنواع القمار حرام من اللعب بالنرد
والشطرنج والأربعة عشر واللعب بالخاتم حتى لعب الصبيان بالجوز على ما تضمنته الأحاديث ذهب إليه علماؤنا اجمع وقال الشافعي يجوز
اللعب بالشطرنج وقال أبو حنيفة بقولنا لنا ما تقدم ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال من لعب بالشطرنج والنرد سرا
فكأنما غمس يده في دم الخنزير وقوله عليه السلام ما انا مردد ولا الدوسي والشطرنج لعب فكان محبينا احتج الشافعي بأنه فيه يستعبد الخاطر
فكان محمود وهو ضعيف. مسألة: العش بما لا يخفى حرام بلا خلاف وروى الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله
1012

عليه السلام قال ليس منا من غشنا وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما رجل يبيع التمر
يا فلان اما علمت أنه ليس من المسلمين من غشهم وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله مشاب اللبن
بالماء للبيع وقد سبق البحث فيه في ذلك تدليس الماشطة حرام وكذا تزيين الرجل لأنه نوع من الغش وقد روى الشيخ عن القاسم بن محمد عن علي
قال سئلته عن امرأة مسلمة تمشط العرايس لها معيشة غير ذلك وقد دخلها ضيق قال لا بأس ولكن لا تصل الشعر بالشعر وعن عبد الله بن الحسن
وقال سئلته عن الغرامل؟؟ قال وما الغرامل قلت صوف يجعل النساء في رؤوسهن قال إن كان صوفا فلا بأس به وان كان شعرا فلا خير فيه
من المواصلة أو الموتصلة. مسألة: روى الشيخ عن الحسنين بن مختار القلانسي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انما يجعل القلانسي يجعل
فيها القطن العتيق فيبيعها ولا يبين لهم ما فيها فقال إني لا أحب لك ان يبين ما فيها. مسألة: يحرم عمل الصور المجسمة واخذ
الأجرة عليه روى ابن بابوية عن الحسنين بن زيد عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله عن التصاوير وقال من صور صورة كلفه الله يوم القيامة ان ينفخ فيها وليس بنافخ ونهى ان يقطن
شئ من الحيوان على الخاتم وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انا نبسط على الوسائد فيها التماثيل ونفرشها قال لا بأس
لما يبسط منها ويفترش ويطاء انما يكره منها ما نصب على الحايط وعلى السرير. مسألة: معونة الظالمين انما يحرم حرام بلا خلاف
روى ابن بابوية عن الحسن بن زيد عن الصادق عليه السلام عن آبائه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الا من علق سوطا بين يدي
سلطان جاير جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من نار طوله سبعون ذراعا يطأ الله عليه في نار جهنم وبئس المصير و
روى الشيخ في الحسن عن ابن أبي يعفور قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له أصلحك الله انه
ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة فيدعي إلى البناء بينه أو النهي يكرهه أو لمسناه يصلحها قما يقول في ذلك فقال أبو عبد الله
عليه السلام ما أحب ان عقدت لهم عقدة أو ركبت لهم وكان ان لي ما بين لا بينها لا ولا مدة يعلم أن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق
من نار حتى يحكم الله بين العباد وعن جهم بن حميد قال قال أبو عبد الله عليه السلام اما نفاذ سلطان هؤلاء قال قلت لا قال فلم قلت
فرارا بديني قال قد عزمت على ذلك قلت نعم فقال الا سلم بذلك دينك وعن حميد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان وليت عملا
فهل لي من ذلك مخرج فقال ما أكثر ذلك المخرج فسر عليه قوله قلت فما ترى قال أرى ان تتقي الله عز وجل ولا تعود في الصحيح عن يونس
بن يعقوب قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام لا تعنهم على بناء مسجد والأحاديث في ذلك كثيرة. مسألة: الغيبة حرام وكذا
هجاء المؤمنين والكذب عليهم والنميمة والسعاية بالمؤمنين وسبهم وشمهم والسعي في القبيح ومدح من لا يستحق الذم وذم من يستحق
المدح والامر بشئ من ذلك وأخذ الأجرة عليه التثبيت بناء المؤمنين بلا خلاف قال الله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب
أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتا روى بن بابوية عن الحسن بن زيد عن الصادق جعفر بن محمد عن ابائه عليه
السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الغيبة والاستماع إليها وقال لا يدخل الجنة فتان يعني نماما وقال رسول الله
من اغتاب امرء مسلم بطل صومه ونقض وضوءه وجاء يوم القيامة يفوح منه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى به أهل الموقف وان مات
قبل أن يتوب مات مستحلا ما حرم الله تعالى الا من سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي اتاها ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فامتن به
أحبط الله عمله وتنبت وزر ولم يشكر له سعيه ثم قال عليه السلام بقول الله عز وجل حرمت الجنة على المنان والبخيل المفتان وهو
النمام وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تسب جارية لها وهي صائمة فدعا عليه السلام بطعام فقال لها كلي فقالت اني صائمة
فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ان الصوم ليس من الطعام والشراب فقط وكما يحرم الغيبة كذا يحرم الاستماع
إليها قال رسول الله صلى الله عليه وآله السامع للغيبة أحد المغتابين وروى ابن بابوية عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال الا
ومن تطاول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد الله عنه الف باب من الشر في الدنيا الآخرة فان هو لم يردها أو
هو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتاب سبعين مرة. مسألة: ويحرم حفظ كتب الضلال ونسخها لغير لنقص و
الحجة عليهم بلا خلاف وكذا يحرم نسخ التوراة والإنجيل وتعليمهما واخذ الأجرة على ذلك كله لان في ذلك مساعدة على الحق وتقوية الباطل بلا خلاف فيه. مسألة: يحرم تعلم السحر والشعوذة والكهانة والقيافة واخذ الأجرة عليه وتعليمه قال الله
تعالى ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما اشتروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون
وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال حد الساحر بالسيف وعن حاله قال كتب كتابا لحرو بن معاوية عم الأحنف
بقيس إذ جاءنا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته اقتلوا كل ساحر فقتلنا ثلاث سواحر في يوم وقتلت حفصة جارية لها سحرتها وقتل
1013

جندب بن كعب ساحر البحرين بيدي الوليد بن عتبة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن الجنيد عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال حد
الساحر ضربة بالسيف وعن أبي عبد الله عليه السلام قال الساحر كافر روى الشيخ عن إبراهيم بن هشام قال حدثني الشيخ من أصحابنا من الكوفيين
قال دخل عيسى بن سيقي؟؟ على أبي عبد الله عليه السلام وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر فقال له جعلت فداك انا رجل كانت
صناعتي على السحر وكنت اخذ عليه الأجرة وكان معاشي وقد حججت ومن الله علي بلقائك وقد تبت إلى الله عز وجل فهل لي شئ يؤثر بي
فقال أبو عبد الله عليه السلام حل ولا تعقد. فروع: الأول: السحر عقد ورد في وكلام يتكلم به أو مكنة أو يعمل شئ يؤثر في
دبن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له واختلف في أنه هل له حقيقة أم لا قال الشيخ (ره) لا حقيقة له وانما هو تخييل وهو
قول الشافعية وقال الشافعي له حقيقة وقال أصحاب أبو حنيفة ان كان شيئا يقبل إلى بدن المسحور كدخان ونحوه جاز ان يحصل
منه ما يؤثر في نفس المسحور من قتل أو مرض واخذ رجل عن امرأة فيمنعه وطيها أو يفرق بينهما أو يبغض أحدهما إلى الاخر
أو يحببه إليه قاما ان يحصل المرض أو الموت من غير أن يقتل إلى بدنه شئ فلا يجوز ذلك احتج الشيخ بقول تعالى يخيل إليه من سحرهم
انها تسعى واحتج الآخرون بقول تعالى قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر فاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في
العقد يعني الساحرات اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن عليه ولولا أن له حقيقة لما امر بالاستعاذة منه وقال تعالى
يعلمون السحر إلى قوله فيتعلمون منهما ما يفرق بين المرء وزوجه وروى الجمهور عن عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله
سحر
حتى يخيل إليه انه يفعل الشئ وما يفعله وانه قال لها ذات يوم أشعرت ان الله أفتاني فيما استفيته انه اتاني ملكان
فجلس أحدهما عند رأسي والاخر عند رجلي فقال ما وجع الرجل قال مطنوب قال من طنبه قال لسدين الأعصم في شط و
مشاطة في حق طله؟؟ ذكرني بين ذي اروان؟؟ رواه البخاري وخف الطلعة دعاؤها والمشاطة الشعر الذي يخرج من شعر
أو غيره إذا مشط فقد ثبت لهم سحرا وهذا القول عندي باطل والروايات ضعيفة خصوصا رواية عايشة لاستحالة
تطرق السحر إلى الأنبياء عليهم السلام. الثاني: لا خلاف بين العلماء كافة في تحريم تعلم السحر وتعليمه وهل يكفر أن لا الحق انه استحل
ذلك فقد كفر وإلا فلا وسيأتي البحث في ذلك وقال أبو حنيفة اعتقد ان الشياطين يفعل له ما يشاء فقد كفر وان اعتقد
انه يخيل له يكفر وقال الشافعي ان اعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب إلى كواكب السبعة وانها تفعل ما يلتمس أو اعتقد حل
السحر كفر والا فسق. الثالث: ان كان للسحر حقيقة فهو ما يعد في العرف سحرا مثل ما روى أن البخاري دعا السواحر فعجز في
إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش فلم يزل معها إلى امارة عمر بن الخطاب فامسكه انسان فقال خلني والا مت فلم يخله فمات
من ساعته وقيل إن بعض الامر اخذ ساحرة فجاء زوجها كأنه يحترق فقال قولوا لها تخل عني فقالت ائتوني بخيوط وثياب فاتوها
به فجلست على الباب وجعلت تعقد فطار بها الباب فلم يقدروا عليها فهذا وأمثاله ان يعقد الرجل المزوج فلا يطيق وطي
امرأته هو السحر المختلف فيه فاما الذي يقال من الغرم على المصروع ويزعم أنه مجمع الجن ويأمرها فتطيعه فلا يدخل تحت هذا الحكم وهو
عندي باطل لا حقيقة له وانما هو من الخرافات. الرابع: من تحل السحر فإن كان شئ من القران أو بشئ من الذكر والأقسام والكلام
المباح فلا بأس به لقول أبي عبد الله عليه السلام حل ولا يعقد وان كان بشئ من البحر فهو حرام وسوغه احمد
وسعيد بن المسيب لما انه سحر
فيحرم. الخامس: قتل الكاهن هو الذي له دمى من الجن يأتيه الاخبار ويقتل أيضا الا ان يتوب ويحرم عليه اخذ الأجرة لما روى
السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال السحت ثمن الميتة وثمن الكلب وثمن البغي والرشاء في الحكم واجرة الكاهن. السادس:
التنجيم حرام وكذا تعلم النجوم مع اعتقاد انها مدخلا في التأثر بالنفع والضرر وبالجملة من يعقد ربط الحركات
النفسانية والطبيعية بالحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية كافرا واخذ الأجرة على ذلك حرام اما من يتعلم على النجوم ليعرف
قدم سير الكواكب وبعده وأحواله من الربيع والخريف وغيرهما فإنه لا بأس به. السابع: الشعبذة وهو الحركات الخفية جدا التي
باعتبارها يخفى على الحسن ويعتقد ان الشئ هو شبيهه لسرعة انتقاله عنه إلى شبهه حرام بلا خلاف وكذا القيافة وكذلك ما يشابهه
في هذا الباب من النار والحيات والسيميار وغيرها. مسألة: لا يحل الخمر ولا اكل ثمنه وكل اكل ما ليس بمملوك للانسان ولا يصح تملكه
إياه ولا نعلم فيه خلافا لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى إلى رجل ثم عذر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستولى منه ولم يوفه ا جره. مسألة: يحرم بيع المصحف وبه قال أحمد بن حنبل وهو
قول ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وسعيد بن جبير وإسحاق وجوز بيع المصاحف الحسن البصري والحكم وعكرمة والشافعي وأصحاب
الرأي لنا ما ورآه ابن عمر أنه قال ورد ان الأيدي تقطع في بيعها واختاره ابن عباس ولم يوجد لهما في الصحابة
1014

مخالف فكان اجماعا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عثمان ابن عيسى عمن سمعه قال سئلته عن بيع المصاحف وشراؤها فقال لا تشتر كتاب
الله ولكن اشتر الحديد والجلود والدبور وقال اشتري منك هذا بكذا وبكذا وعن جراح المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال إني أبيع المصاحف
قال لا تبع الكتاب ولا تشتريه وبع الورق والأديم والحديد لأنه يشتمل على كلام الله فيجب تعظيمه وصيانته عن البيع والابدال وعن عبد
الله بن سلميان قال سألته عن من اشترى المصاحف فقال إذا أردت أن تشتري فقل اشتري منك ورقه وأديمه وعمل يدك وكذا و
كذا احتجوا بان البيع يقع على الجلد والورق وبيع ذلك جايز والجواب ان يقصد ذلك بالبيع كان حلالا وليس البحث فيه. فروع: الأول:
يجوز شراء الجلد والورق إذا أراد بيع المصحف ولا يحل كلام الله تعالى على ما قلنا لما تضمنت الأحاديث الدالة على تسويغ ذلك الثاني
لو اشترى الكافر مصحفا لم يصح البيع عندنا على أقوى القولين وبه قال الشافعي وقال أصحاب الرأي يجوز ذلك ويجبر على بيعه لنا
انه يحرم عليه استخدامه للتملك فيحرم عليه ابتداءه كساير المحرمات ولان النبي صلى الله عليه وآله نهي عن المسافر بالقران إلى
ارض العدو مخافة ان يناله أيديهم فلا يجوز تمكينهم من السبب لنيل ا يديهم إياه. الثالث: إذا اشترى المصحف فان عقد
البيع على الجلد والورق صح كالبيع والا كان قوام كالبيع والقول لأبي عبد الله عليه السلام لا تبع كتاب ولا تشتروا وجوز ذلك
أحمد بن حنبل لأنه استفاد للمصحف وبذله ماله فيه فكان جايزا والجواب في مساعدة على الحرام. الرابع: لا بأس بأخذ
الأجرة على كتابة القران لما رواه عبد الرحمن أو ابن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن أم عبد الله بن الحسن أرادت
ان يكتب مصحفا واشترت ورقا من عندها ودعت رجلا فكتب لها من غير شرط فأعطته حين فرغ خمس دنانير إذ انه لم يبع المصحف
الا حديثا. الخامس: روى الشيخ عن سماعة قال سئلته عن رجل يعشر المصاحف بالذهب فقال لا يصلح فقال إنها تحشى
فقال إنك ان تركته لله جعل الله لك مخرجا وعن محمد بن الوراق قال عرضت على أبي عبد الله عليه السلام كتابا فيه قران مختم
معشر بالذهب وكانت في اخر سورة بالذهب فأريته إياه فلم يعب فيه شيئا الا كتابة القران بالذهب فإنه قال لا يعجبني ان يكتب
الفران الا بالسود كما كتب أول مرة. مسألة: ويحرم السرقة والخيانة وبيعها واكل ثمنها بلا خلاف قال الله تعالى يا أيها
الذين آمنوا لا تأكلوا أنفسكم بينكم بالباطل وقال تعالى ولا تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون وروى الشيخ عن عمار بن مروان
قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول فقال كل شئ غل عن الامام فهو سحت وعن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال أربعة لا يجوز في أربعة الخيانة والغلول والسرقة والزنا لا يحوز في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صيام وعن أبي الجارود قال سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزني الرجل حتى يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حتى يسرق
وهو مؤمن ولا ينتهب الهبة ذات شرف حين يهبها وهو مؤمن قال ابن سنان قلت لأبي الجارود وما نهبه ذات يوم شرف قال
نحن ما صنع خاتم قال من اخذ شيئا فهو له وعن ابن بحران عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اشترى سرقة وهو
يعلم وقد اشترك في عارها واثمها. فروع: الأول: لو اشترى السرقة ولم يعلمها أحل له ذلك بلا خلاف لان التكليف يستدعي
العلم ويؤيده ما تقدم من قول أبي عبد الله عليه السلام عمن اشترى سرقة وهو يعلم فقد شرك في عارها واثمها وكذا ما رواه
جراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصح شراء السرقة والخيانة إذا عرفت هذا وقد ثبت ان التقييد بالوصف يقتضي النفي
عن المذكور وان قلنا بالمفهوم وعن إسحاق بن عمار قال سئلت عن الرجل يشتري من العالم وهو أظلم قال يشتري منه ما لا يعلم أنه ظلم
فيه أحد. الثاني: لو امتزجت السرقة بأعيان غيرها واشتبهت وباع السارق جاز (شراؤه وبيعه) ما لم يعلم أنها العين المسروقة
لان الأصل المباحة والملك لصاحب اليد لان يعلم المعارض ولما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سألت أحدهما
عليه السلام عن شراء
الخيانة والسرقة قال لا الا ان يكون قد اختلط معه غيره فاما السرقة بعينها فلا الا ان يكون من متاع السلطان فلا بأس بذلك
الثالث: قال الشيخ (ره) من وجد عند سرقة كان ضمانا لها إلا أن يأتي على شرائها بينة وعول في ذلك على ما رواه عمر السراج
عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يوجد عنده السرقة فقال هو غارم إذا لم يأت على بايعها شهود وقال ابن إدريس مقصود
(سحنا) انه ضامن مطلقا وانما الشرط في الرجوع وعدمه ذلك أنه ان كان عالما بأنها سرقة قوال البايع ذلك واشتراها كذلك لم
يكن له الرجوع على البايع بالغرامة وانه لم يعره وانما أعطاه ماله بغير عوض في مقابلته واما إن لم يعلم ذلك لا اعلمه البايع فنه
يرجع على البايع بما غرمه لأنه غره وليس عليه واما الضمان فلا بد منه سواء جاء بالبينة على شرائها أو لم يأت وهذا حسن. الرابع:
لا خلاف في تحريم الخيانة ووجوب أداء الأمانة قال الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وروى ابن بابوية
عن الحسن بن يزيد عن الصادق عليه السلام عن ابائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
1015

عن الخيانة وقال من خان أمانة في الدنيا ولم يردها إلى أهلها ثم أدركه الموت ما على غير ملتي ويلقى الله تعالى وهو عليه غضبان
وروى الشيخ عن حسنين بن معصب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ثلاثة لا عذر لاحد فيها أداء الأمانة إلى البر والفاجر وبر
الوالدين بر ان كانا بارين أو فاسقين والوفاء بالعهد للبر والفاجر وفي الصحيح عن محمد بن علي الحلبي قال استودعني رجل من موالي بني
مروان ألف دينار فغاب فلم أدر ما اصنع بالدنانير فاتيت أبا عبد الله عليه السلام فذكرت له وقلت له أنت أحق بها فقال لا الا ان
أبي كان يقول انما نحن بمنزلة هدنة نؤدي أمانتهم ونرد ضالتهم ونقيم الشهادة لهم وعليهم إذا تفرقت ا لأهواء ولم يسمع أحد المقام
وعن أبي ولاد عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان يقول أبي أربع من كن فيه كمل ايمانه ولو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم يقتضه ذلك
وقال وهو الصدقة وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق وعن موسى بن بكر عن أبي إبراهيم قال أهل الأرض مرحومون ما يخونون
وأدوا الأمانة وعملوا بالحق. الخامس: لو سرق مالا أو غصبه أو شرى ضيعة أو أمة لم يخل الحال من أمرين اما ان يشترى بعين
المال أو في الذمة وينفذ المال فان اشترى بعين المال كان البيع باطلا لبطلان أحد العوضين لان الأثمان عندنا يتعين
فلا يحصل الانتقال فإذا انصرف في الملك أو الجارية كان تعرفه حراما وان اشترى في الذمة ونفذ المال حل له التصرف في الصيغة
ووطي الجارية وكان وزر المال عليه لأنه لم يشتر بعين المال بل اشتراه في الذمة فوقع العقد صحيحا فوجب ترتب اثره عليه
ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن الحسن الصفار قال كتب أبي محمد عليه السلام رجل اشترى ضيعة أو خادما بمال اخذه من قطع
الطريق أو من سرقة هل تحل له ما قد خل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحل له ان يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو
قطع الطريق فوقع عليه السلام لا خير في شئ أصله حرام ولا يحل له استعماله وهذا يدل على هذا اما لو لم يقع الشراء بعين المال فان البيع
صحيح ويملك المشتري العين ويبقى عليه وزر المال كما قلناه لما رواه الشيخ في الموثق عن السكوني عن جعفر عليه السلام عن ابائه عليهم السلام
قال لو أن رجلا سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها امرأة فان الفرج حلال وعليه بيعه المال ولهذا الحديث محمول
على أن الاشتراء والاصداق وقع بالمساوي مقدارا وجنسا لا نفس المغصوب جميعا ين الأدلة فهذا وجه الجمع بين الحديثين و
عليه دلت الأصول دون ما جمع بينهما الشيخ في الاستبصار. السادس: لو حج بالمال المغصوب كان عاصيا وبرئت رقبته
ان كان قد وجب عليه بغير ذلك لكنه يعظمه نه حيث صرف الحرام في أعظم الطاعات روى الشيخ عن بكر عمن ذكره عن أبي
عبد الله عليه السلام قال إذا كسب الرجل مالا من غير حل ثم حج فلبى نودي لا لبيك ولا سعديك وان كان من حل فلي نودي
لبيك وسعديك. مسألة: الرشا في الاحكام سحت سواء حكم لباذله بالحق أو بباطل بلا خلاف روى الشيخ عن
سماعة قال سئلته عم المغلول فقال المغلول كل شئ غل من الامام واكل مال اليتيم وشبهه والسحت كثيرة منها كسب
الحجام واجر الزانية وثمن الخمور فاما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال السحت ثمن الميتة
وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغي والرشاء في الحكم واجر الكاهن وعن عمار بن مروان قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول
فقال كل شئ غل من الامام فهو سحت والسحت أنواع كثيرة منها أجور الفواجر وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البينة فاما
الرشاء في الحكم فان ذلك الكفر بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وآله. فصل: روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم
قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يرشوا الرجل الرشوة على أن يتحول من منزلة فيسكنه قال لا بأس. مسألة:
لا يجوز بيع تراب الصياغة فان بيع تصدق بثمنه ولا يملكه البايع لأنه أناس شتى وروى الشيخ عن الصايغ قال سئلت عن
التراب الصواغين وانا نبيعه قال اما تستطيع ان تستحل من صاحبه قال فقلت لا إذا أخبرته اتهمني قال بعه قلت بأي شئ تبعه
قال بطعام قلت بأي شئ اصنع به قال تصدق به اما لك واما لأهلك قلت إن كان ذا قربة يحتاج فاصله قال نعم. مسألة: التطفيف في الوزن والكيل حرام بلا خلاف وقال تعالى ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم
يخسرون وقد مضى البحث في ذلك. النوع الرابع: ما لا ينتفع به. مسألة: يحرم بيع ما لا ينتفع به كالحشرات
كلها كالفارة والحيات والعقارب والخنافس والجعلات وبنات وردان وسباع البهائم التي لا تصبح للاصطياد كالأسد
والذيب وما لا يوكل ولا يصار به من الطيور كالرخم والحداة والغراب لا يقع والأسود وبيعها كل هذا لا يحوز بيعه ولا اخذ ثمنه
لعدم الانتفاع به كذا يحرم بيع المسوخ برية كانت كالقرد والدب أو بحرية كانت كالجري والمارماهي والسلاحف والرفاف وكرهه
أحمد بن حنبل بيع القرد وقال الشافعي انما يحرم بيعه لا طاقة به واللعب فاما بيعه لمن ينتفع به كحفظ المتاع والدكان ونحوه فيجوز
كالصفر لنا انه من المسوخ فلا يجوز بيعه كغيره وما رواه الشيخ عن مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله
1016

نهى عن القرد ان يشترى أو يباع قد جوز ابن إدريس السباع كلها سواء كان مما يصطاد عليها ولا يصطاد كالأسد والذيب
والدب وغيرها بيعا لا نتفا بجلدها وهو حسن. مسألة: يجوز كل ما ينتقع به من الأعيان الملوكة انتفاعا مباحا
الا ما استثناه الشارع من الكلب والوقف والمدبر وأم الولد وغيره مما يأتي في مواضعه لان الملك سبب الاطلاق التصرف
والمنفعة للمباحة يجوز لها استيفاؤها فيجوز له اخذ عوارضها ويباح لغيره بذل ماله فيها توصلا إلى استيفائها ودفعا للحاجة بها
كساير المبيعات إذا ثبت هذا فجميع السباع التي يصاد بها وينتفع بها في الصيد ويجوز بيعها كالفهد والصقر والشاهين والعقاب
ويه قال الشافعي وقال الشيخ رحمه الله في النهاية لا يجوز وبه قال بعض الجمهور لنا انه حيوان طاهر أبيح اقتناؤه وفيه نفع مباح فأبيح
بيعه كالبغال والحمير وما رواه الشيخ عن عيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الفهود وسباع الطير هل يلتمس
للتجارة فيها قال نعم وهذا حديث صحيح لم نقف له على معارض فتعين العمل به احتجوا بأنها بحبسه فلا يجوز بيعها كالكلب والجواب المنع
من نجاستها وقد سلف. مسألة: وفي بيع الفيل قولان أحدهما التحريم والثاني الإباحة وهو الحق لنا انه غير طاهر ينتفع
بها وبجلدها وبعظمها فيسوغ بيعها تبعا لذلك ولأنه يجوز بيع عظام فكذا يجوز بيعه ورى الشيخ عن عبد الحميد بن سعد قال سئلت
أبا إبراهيم عليه السلام عن عظام الفيل يحمل بيعه وشراؤه للذي يجعل من الأمشاط فقال لا بأس قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط
مسألة: ويجوز بيع الخر وبه قال ابن عباس والحسن البصري وابن سيرين الحكم وحماد والثوري ومالك والشافعي وإسحاق و
أصحاب الرأي وكره أبو هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد ثمنه وعن أحمد روايتان لنا انه غير طاهرة ينتفع بها فجاز بيعها
كغيرها من المبيعات وما رواه محمد بن مسلم وعبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت قال ولا بأس
يثمن الهر. فروع: الأول: لو كان الفهد والصقر ونحوهما مما ليس بمعلم ولا يقبل التعليم فالوجه الجواز ببيعها عملا بالعموم
الرواية التي تلوناها عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال بعض الجمهور ولا يجوز بيعها لعدم الانتفاع بها اما لو كان
مما يمكن تعلمه فإنه يجوز بيعه قطعا لأنه ماله إلى النفع به فأشبه العبد الصغير. الثاني: ما يصاد عليه كالبومة التي تجعل سببا
لتجمع الطيور إليها فتصيده الصايد يجوز بيعه وفيه تردد ينشأ من المنفعة الحاصلة ببيعه وقد نهى عن تهذيب الحيوان وكذا
البحث في العلق وشبهه. الثالث: بيض ما لا يؤكل لحمه من الطيور ان كان مما لا ينتفع به كالغراب والحداة والرخم وأشباهها
لم يجز بيعها سواء كان طاهرا أو نجسا وان كان مما ينتفع به بان يصير فرخا جاز بيعه. الرابع: في بيع العلق التي ينتفع
بها كالتي توضع على وجه صاحب الكلف فتمص الدم والديدان الني تجعل في الشص للصيد تردد من حيث النفع الحاصل بها وكونها
من الحشرات التي ينتفع بها نادرا فأشبهت ما لا ينتفع فيه. الخامس: يجوز بيع دودة القز وبيضه وفي رواية عن أبي حنيفة
ان كان مع دود القز قز جاز بيعه وإلا فلا لنا ان الدود حيوان ينتفع به وهو طاهر يجوز قنيته للتملك ما يخرج منه فجاز بيعه
كالبهايم احتج بأنه لا ينتفع بعينه فصار كالحشرات والجواب المنع من عدم الانتفاع به لأنه مما يحصل به النفع من الإبريسم الذي
هو افخر الملابس بخلاف الحشرات. السادس: يجوز بيع النحل إذا شاهدها محبوسة بحيث يمكنه ان يقبضها وقال
أبو حنيفة لا يحوز بيعها منفردة لما ذكره في دود القز لنا انه حيوان يخرج من بطونها شراب فيه منافع للناس فجاز بيعها
كالبهايم والوجه جواز بيعها في كوراتها وخارجه عنها وعند بعض الجمهور لا يجوز في كواراتها لعدم امكان مشاهدة
الجميع ولأنها لا يخلو من العسل يكون بيعها مها وهو مجهول ونحن نمنع تعذر المشاهدة لامكانها إذا فتح الكوار وعرفت كثرته
من قلته وخفاء بعضه لا يمنع من صحة بيعه كما لو كان في انية وبعضه على بعض والعسل يدخل في البيع تبعا كاللبن في الضرع وكأساس
الحايط اما لو تعذرت مشاهدة النحل لكونه مستورا بافراضه؟؟ فإنه لا يجوز بيعه. السابع: يجوز بيع الماء والتراب والحجارة
وان كثر وجود المتحقق للمنفعة منها. الثامن: كلما أسقط الشارع منفعته لم يجز بيعه كآلات الملاهي وشبهها على ما بيناه
التاسع: لا يجوز بيع الترياق لان منفعته انما يحصل بالأكل وفيه لحوم الأفاعي والخمر فيحرم اكله فتذهب منفعته وكذا
لا يجوز التداوي والا سم الأفاعي اما السم من الحشايش والنبات فإن كان لا ينتفع به لم يجز بيعه وكذا ان كان مما يقتل قليله
لعدم نفعه وان تنفع به وأمكن التداوي بالقيل منه كالسقمونيا والأفيون فإنه يجوز بيعه لأنه ظاهر ينتفع به فأشبه غيره
من المأكولات. العاشر: وهل يجوز بيع لبن الآدميات فيه تردد بين الجواز والتحريم وبالجواز قال الشافعي ما قال أبو حنيفة
ومالك وعن أحمد روايتان احتج الشافعي بأنه لبن طاهر منتفع به فجاز بيعه كلبن الشاة ولأنه يجوز اخذ العوض عنه في إجارة
الطير فأشبه غيره من المنافع احتج أبو حنيفة لأنه مايع خارج من الادمي فلا يجوز بيعه كفضلات الانسان من العرق وشبهه
1017

ولأنه من آدمي فأشبه سائر اجزائه. الحادي عشر: ل وباعه دارا لا طريق إليها أو بيتا من دار لا مجاز له صح البيع ولأصحاب الشافعي
قولان هذا أحدهما والثاني لا يجوز لنا انه مملوك يجوز له اجارته والتصرف فيه بأنواع التصرف من الهبة وغيرها فيجوز بيعه احتجوا بأنه
لا يكمن الانتفاع به فلا يجوز بيعه كساير ما لا ينتفع به والجواب المنع من عدم الانتفاع به لأنه لا يمكنه ان يجعل له طريقا بان يشترى
من جاره أو يستأجر منه أو يستوهب فينتفع به. الثاني عشر: الأرض المفتوحة عنون لا يجوز بيعها لان المالك لها
المسلمون اجمع فيكون بمنزلة الموقف فرباع مكة وديارها ان قلنا انها فتحت عنوة لم يجز بيعها كأرض العراق ولا جاز بيعها وبعدم
الجواز قال أبو حنيفة ومالك والثوري وبالجواز قال طاووس والشافعي وابن المنذر وإسحاق والأصل في الخلاف ما قلناه من أنها
هل فتحت عنوة أو صلحا احتج الأولون يما روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال لي مكة لا يباع رباعها ولا يكرى بيوتها وعن مجاهد عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال مكة حرام بيع رباعها حرام اجارتها واحتج الشافعي ان النبي صلى الله عليه وآله قبل له أين نزل غدا قال
وهل نزل لنا عقيل من رباع يعني ان عقيلا باع رباع أبي طالب ولو كانت غير مملوكة لم يؤثر بيع عقيل شيئا وباع حكيم بن حزام دار الندوة
فقال ابن الزبير بعت عكرمة قريش فقال يا ابن أخي ذهبت المكارم الا (الغبوى)؟؟ ولان الصحابة كانت لهم دور بمكة وتناقلوها بالميراث اما اجارتها
فإنه يصح لان كل أحد الانتفاع ما في يده من الأراضي المفتوحة كالوقف. النوع الخامس ما يجب على الانسان فعله: يحرم
اخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم والصلاة عليهم لان ذلك واجب عليهم فلا يجوز لهم اخذ الأجرة على فعله كالفرائض. مسألة: يحرم اخذ الأجرة
على الأذان لأنه طاعة لله تعالى فلا يحل اخذ الأجرة عليه روى الشيخ عن عمر بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن ابائه عليهم السلام
انه اتاه رجل فقال والله يا أمير المؤمنين إني لأحبك في الله فقال له ولكني أبغضك لله قال له لأنك يبقى في الأذان وتأخذ تعليم
القران اجرا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من اخذ على تعليم القران اجرا كان حظه يوم القيامة إذا ثبت هذا فإنه
يجوز اخذ الرزق عليه من بيت المال وكذا القضاء يحرم اخذ الأجرة عليه وروى ابن بابوية في الصحيح عن عبد الله بن
سنان قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق فقال ذلك سحت إذا
ثبت هذا فإنه يجوز اخذ الرزق فيه من بيت المال على ما يأتي تفصيله وكذا الصلاة بالناس ويجوز اخذ الأجرة على عقد
النكاح. البحث الثاني: فيما يجوز التكسب به من المكروه في المباح. مسألة: يكره الصرف لان صاحبه لا
يكاد يسلم من الرباء روى الشيخ عن إسحاق ابن عمار قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته انه ولد لي غلام الا سميته محمد قال قلت
قد نقلت قال فلا تصرف محمدا فلا تشتمه جعلة الله قرة عين لك في حياتك وخلف صدق من بعدك قلت جعلت فداك فأي
الأعمال اصنعه قال إذا عدلته خمسة أشياء فصنعه حقه شئت لا تسلمه صرفيا فان الصيرفي لا يسلم من الربا ولا تسلمه بياع أكفان
فان صاحب الأكفان يسره الوباء إذا كان ولا تسلمه بياع طعام فإنه لا يسلم من الاحتكار ولا تسلمه جزارا فان الجزار يسلب
الرحمة ولا تسلمه نخاسا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال شر الناس من باع النخاس وهذا النهي على الكراهية لما روى
الشيخ عن سدير الصيرفي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام حديث بلغني عن الحسن البصري فإن كان حقا فانا لله وانا إليه راجعون
قال وما هو قلت بلغني ان الحسن كان يقول لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحايط صيرفي ولو تبقرت كبشه عطشا لم يستسقي
من دار صيرفي ماء وهو عملي وتجارتي وفيه نبت لحمي وهي منه حجتي وعمرتي فجلس ثم قال عليه السلام كذوب الحسن خذ سواء واعطه سواء
فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وامض إلى الصلاة اما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيار فه. مسألة: يكره بيع الأكفان
لان صاحبه لا يكاد يسلم من تمني موت الاحياء ولما تقدم من حديث إسحاق بن عمار ولما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن
عليه السلام قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله قد علمت ابني هذه الكتابة ففي اي شئ أسلمه لله
أبوك ولا تسلمه في خمس لا تسلم صايغا ولا قصابا ولا حناطا ولا نحاسا قال فقال يا رسول الله وما السبب قال الذي يبيع
الأكفان ويتمنى موت أمتي وللمولود من أمتي أحب إلى مما طلعت عليه الشمس وما الصايغ فإنه يعالج زين أمتي وما القصاب
فإنه يذبح حتى يذهب الرحمة من قلبه والحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي ولئن يلقى الله العبد سارقا أحب إلي من أن يلقاه
قد احتكر الطعام أربعين يوما واما النحاس فاني اتاني جبرئيل عليه السلام وقال يا محمد صلى الله عليه وآله شرار أمتك الذين يبيعون
الناس. مسألة: ويكره بيع الطعام لان صاحبه لا يكاد يسلم من الاحتكار ويكره بيع الرق أيضا على ما تقدم من قوله عليه السلام
شر الناس من باع الناس وهذا محمول على الكراهية لما رواه الشيخ عن ابن فضال قال سمعت رجلا سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام
فقال إني أعالج الرقيق فأبيعه الناس يقولون لا ينبغي له فقال الرضا عليه السلام وما يأمنه كل شئ يباع إذا اتقى الله عز وجل فيه العبد
1018

فلا بأس وكذا يكره اتخاذ الذبح والنحر صنعة لما فيه من سلب الرحمة من القلب وقد تقدم. مسألة: يكره الحياكة والنساجة لضعتها
وسقوط صاحبها عند الناس ولما رواه الشيخ عن أبي إسماعيل الصيقل الرازي قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ومعي ثوبان
فقال لي يا أبا إسماعيل تجيئني من قبلكم أثواب كثيرة وليس يجيئني مثل هذين الثوبين الذين تحملهما أنت قلت جعلت فداك تغزلهما أم إسماعيل
وأنسجهما انا فقال لي حايك أنت قلت نعم قال لا تكن حايكا قلت فما أكون قال كن صيقلا وكانت معي مائتا درهم فاشتريت بها سيوفا ومرايا عتقا
فقدمت بها الري وبعتها بربح كثير.
مسألة: كسب الحجام إذا لم يشترط حلال طلق فاما إذا اشترطه فإنه يكون مكروها وليس بمحظور
عملا بأصل الإباحة وبه قال ابن عباس وعكرمة وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي ونقله الجمهور عن الباقر
عليه السلام قال احمد انه حرام لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال احتجم النبي صلى الله عليه وآله وأعطى الحجام أجرة ولو علمه حراما لم يعطه وفي
لفظ لو علم خبيثا لم يعطه وقال عليه السلام أطعمه رفيقك ولو كان حراما لم يأمره بذلك ولان الحاجة تدعوا إليه فوجب ان يكون سايغا رفعا
للضرورة ولأنه عمل مباح فجاز اخذ العوض عليه كساير الصناعات ويؤيده من طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي
جعفر عليه السلام قال سئلته عن كسب الحجام فقال لا بأس به إذا لم يشترط وعن حنان بن سدير قال دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام ومعنا فرقد
الحجام فقال جعلت فداك اني اعمل عملا وقد سئلت عنه غير واحد والاثنين فزعموا أنه مكروه وانا أحب ان أسئلك فإن كان مكروها
انتهيت عنه وعملت خيرا من الأعمال فاني منته في ذلك في قولك قال وما هو قلت حجام قال كل من كسبك يا بزاخ وتصدق وحج منه
وتزوج فان نبي الله قد احتجم وأعطى الأجرة ولو كان حراما ما أعطاه قال جعلني الله فداك ان لي بيتا أكريه فما تقول في كسبه قال
كل كسبه فإنه لك حلال والناس يكرهونه قال حنان قلت لأي شئ يكرهونه وهو حلال قال ليعير الناس بعضهم بعضا وعن جابر عن أبي
جعفر عليه السلام قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وآله حجمه مولى لبني بياضة وأعطاه ولو كان حراما ما أعطاه فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وآله أين الدم قال شربته يا رسول الله فقال ما كان ينبغي لك ان تفعل وقد جعل الله لك حجابا من النار فلا تعدوا في الموثق
عن زرارة عن الباقر عليه السلام قال سئلته عن كسب الحجام فقال مكروه له ان يشارط ولا بأس عليك ان تشارطه وتماكسه وانما تكره له فلا بأس
عليك وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن كسب الحجام فقال لا بأس به قلت اجر التيوس قال إن كانت العرب يتغابن
به فلا بأس ولا يعارض عن ذلك ما رواه سماعة قال قال السحت أنواع كثيرة منها كسب الحجام واجر الزانية وثمن الخمر لأنه خبر مقطوع السند
لان سماعة لم يسنده إلى امام ومع ذلك ففي طريقة عثمان بن عيسى وهو واقفي وسماعة وهو قطعي وانما قلنا إنه مكروه لما تقدم ولما رواه
الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن كسب الحجام فقال لك ناضح فقال نعم
فقال علقه إياه ولا تأكله وعن رفاعة قال سألته عن كسب الحجام فقال خبيث وبقوله أطعمه رفيقك ولا دلالة فيهما على مطلوبة إذ قد يطلق
على المكروه اسم الخبيث لقربة من الحرام بالنسبة إلى المباح مجازا. مسألة: يكره اخذ الأجرة على ضرب الفحل من الإبل والبقر
والغنم للنتاج وان كان سايغا وبه قال الحسن البصري وأين سيرين ومالك وقال أصحاب الرأي لا يجوز وهو ظاهر مذهب الشافعي.
قول أبو نوير وابن المنذر لنا انه انتفاع مباح والحاجة تدعوا إلى ذلك كإجارة الضر للرضاع والبئر ليستسقى الماء ولأنها منفعة
يستباح بالدعارة فتستباح بالإجارة كساير المنافع احتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن عسيب الفحل ولان المقصود الماء الذي
يخلق منه الولد فيكون عقد الإجارة لا لاستبقاء عين فلم يجز والجواب النهي تناول البيع سلمنا لكنه لا يدل على التحريم وعن الثاني
بالنقض بإجارة البئر ليستسقى فيها الماء والضئر للارضاع. فروع: الأول: لو أعطى صاحب الفحل هذية وكرامة
لم يكن به بأس وبه قال الشافعي وقال احمد لا يجوز لنا ما رواه الجمهور عن انس ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا كان كراما فلا بأس
ولأنه سبب مباح فجاز الخذ الهدية عليه كالحجامة ولانا قد بينا جواز اخذ الأجرة فاخذ الهدية أولى. الثاني: ينبغي ان يوقع العقد
ويقدر المرة والمرتين فما زاد فقال بعض الجمهور يقع العقد على مدة وهو بعيد قالوا اكترى فحلا لاطراق ماشية كثيرة كفحل يتركه في
إبله أو غنمه فان مثل هذا يكترى مدة معلومة. الثالث: لو غصب فحلا فأنزاه إبله وجب عليه أجرة المثل وكان الولد
لصاحب الإبل. الرابع: روى الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن
(؟ الكسوف والكسوف؟) تصرف الناقة وولدها طفل الا ان يتصرف بولدها أو يذبح ونهي ان ينزوا حمارا على عشق وهذا ا لنهي على الكراهية
لا التحريم عملا بأصل الإباحة وبما رواه الشيخ عن هشام بن إبراهيم عن الرضا عليه السلام قال سألته عم الحمير ينز بها على الرمل لينتج البغال
أيحل ذلك قال نعم انزها. مسألة: يكره كسب الصبيان ومن لا يتجنب الحرام لأنه لا يسلم من الشهيد وروى الشيخ عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كسب الإماء فإنها إن لم تجده ريب الأمة وقد عرفت بصيغة يد ونهى عن
1019

كسب الغلام الصغير الذي يحسن صناعة فان لم يجد سرف. مسألة: يكره الأجرة على تعليم القران وليس بمحظور وعملا بالأصل الدال على الإباحة
وانها طاعة فيكون اخذ الأجرة عليها أو يؤيده ما رواه الشيخ عن الفضل بن أبي مرة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام هؤلاء يقولون ان كسب
المعلم سحت فقال كذبوا أعداء الله انما أرادوا لان لا يعلم القران ولو أن المعلم أعطاه رجل دينه ولده لكان المعلم مباحا ويدل على الكراهية
ما رواه الشيخ عن زيد بن علي عن أباه عليهم السلام انه اتاه رجل فقال با أمير المؤمنين والله إني لأحبك لله فقال له ولكني أبغضك لله قال ولم قال
لأنك تبغي في الأذان وتأخذ الأجرة على تعلم القران ولا دلالة في هذا على التحريم لاحتمال ان يكون السبب في البغضة انما هو اخذ الأجرة على الأذان وقد
بينا انه حرام وقد روى الشيخ عن إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام قال قلت إن لنا جارا يكتب وقد حالني ان أسئلك عن عمله قال مره إذا دفع
إليه الغلام أن يقول لأهله انما اعلمه الكتاب والحساب واتجر عليهم بتعليم القران حتى يطيب له كسبه وقد روى الشيخ عن كثير بن حسان المعلم قال
سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن التعليم فقال لا تأخذ على التعليم اجرا قلت الشعر والرسائل وما أشبه ذلك أشارط عليه قال نعم بعد أن يكون
الصبيان عندك سواء في التعليم لا يفضل بعضهم على بعض قال الشيخ رحمه الله لا تنافي بين هذا الحديث وبين الخبر الدال على إباحة
اخذ الأجرة لان الدال على التحريم محمول على أنه لا يجوز ان يشارط في التعليم القران اجرا معلوما والخبر للشيخ محمول على أنه إذا اهدى إليه
شئ وأكرم بتحفة جاز قبولها ويكون مباحا لما رواه المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال المعلم لا يعلم بالأجر ويقبل الهدية
إذا اهدى إليه وقد روى عن قتيبة الأعشى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني اقرئ القران فيهدي إلى الهدية فاقبلها قال لا قلت إن
لم أشارطه قال أرأيت لو لم تقرأه أكان يهدى ذلك قلت لا قال لا تقبله قال الشيخ رحمه الله وهذا الحديث الدال على منع الهدية
محمول على الكراهية وهذا؟ التأويل من الشيخ رحمه الله يعطي انه يرى التحريم مع الشرط ونحن نتوقف في ذلك. فروع: الأول:
لا بأس بأخذ الأجرة على تعليم الحكم والآداب من الاشعار والرسائل وغيرهما اما الفقه فان تعليمه واجب على الكفاية ففيه تفصيل و
ذلك أنه لا يعين للتعليم بان لا يوجد غير لم يجز له اخذ الأجرة عليه ولا أبيح له لذلك ولو قيل ذلك في القران أيضا كان وجيها لأنه يستحب
حفظ القران بحيث لا يبلغ إلى التواتر لئلا ينقطع الحجة وينفذ المعجزة. الثاني: يجوز استيجار ناسخ لنسخ الكتب فقه أو حديث أو شعر
مباح أو بخلاف وعندنا بلا خلاف فعلمه في ذلك. الثالث: بجوز له ان يستأجر له من يكتب له مصحفا في قول أكبر أهل العلم روى
ذلك عن جابر بن زيد ومالك بن دينار وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأبو ثور وأحمد بن المنذر وكره علقمة كتابة المصحف بالأجرة
لنا انه فعل مباح يجوز ان ينوب فيه الغير عن الغير فجاز اخذ الأجرة عليه ككتابة الحديث وما رواه الجمهور في الخبر أحق ما أخذتم عليه
اجر كتاب الله تعالى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال وان أم عبد الله بنت الحسن
أرادت ان تكتب مصحفا واشترت ورقا من عندها ودعت رجلا فكتب لها غير شرط فأعطته حين فرغ خمسين دينارا أو انه
لم تبع المصاحف الا حديثا وعن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت ما ترى ان أعطي على كتابته يعني القران اجرا
قال لا بأس. الرابع: يكره تعشير المصاحف بالذهب واخذ الأجرة عليه روى الشيخ عن سماعة قال سئلت عن رجل يعشر المصاحف بالذهب
فقال لا يصح فقال إنها معيشتي فقال إنك لو تركته جعل الله لك مخرجا وعن أبي أيوب الحرار عن محمد بن الوراق قال عرضت على أبي
عبد الله عليه السلام كتابة فيه قران مختم بعشرة الذهب وكان في اخر السورة بالذهب فأريته إياه فلم يعب منه شيئا الا كتابة القران بالذهب
فإنه قال لا يعجبني ان يكتب القران الا بالسواد كما كتب أول مرة وفي هذا الحديث دلالة على حمل الحديث الأول على الكراهية. الخامس:
يجوز اخذ الأجرة على نسخ جميع الكتب العلوم الدينية والدنياوية وعلى تعليم جميع الحكم والآداب وعلى نسخها وتخليدها الكتب ولا يجوز
نسخ كتب الكفر والضلال وتخليدها الكتب الا للاثبات على الخصوم والنقض له على ما قدمناه فيما مضى ويجوز اخذ الأجرة على الخطب
في الاملاك وعقود النكاح السادس: ينبغي للمعلم ان يسوي بين الصبيان في التعليم والاخذ عليهم ولا يفضل في
ذلك بعضهم على بعض لقول أبي عبد الله عليه السلام وقد سئل عن إباحة ذلك فقال نعم بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في الصبيان
في التعليم كما نفضل بعضهم على بعض هذا إذا استؤجر على التعليم لجميعهم على الاطلاق سواء تفاوت أجرتهم أو تساوت اما لو اجر نفسه بهذا
على تعليم مخصوص والاخر على تعليم مخصوص فإنه يجوز التفضيل على حسب ما وقع عليه عقد الإجارة. مسألة: يجوز الاستيجار
للختان وخفض الجواري (والداواه) دفع السلع وأخذ الأجرة عليه لا نعلم فيه خلافا لأنه فعل مأذون فيه شرعا يحتاج إليه ويضطر إلى
فعله فجاز الاستيجار عليه كساير الأعمال المباحة كذا عقد الاستيجار للكحل سواء كان الكحل من العليل أو الطبيب وقال بعض الجمهور
ان شرط على الطبيب لم يجز لان الإجارة لا يقتضي تمليك الأعيان والجواز انه شرط صحيح فكان سايغا إذا ثبت هذا فان استجارة الكحل
مدة ففعل استحق الأجرة سواء برأ أو لا قال مالك لا يستحق الأجرة حتى تبرء عينه وليس بمعتمد وسيأتي البحث فيه. فصل:
1020

روى الشيخ عن وهب عن الصادق عليه السلام عن أبيه على علي عليهم السلام قال لا تخفض الجارية حتى تبلغ سبع سنين وعن عمر بن ثابت
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كانت امرأة يقال لها ان طيبة تخفض الجواري فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها يا أم طيبة
إذا خفضت فاسمي ولا تجحفي فان اصفاء اللون عند الرجل وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما هاجرت النساء
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله هاجرت فيهن امرأة يقال لها أم حبيب وكانت خافضة الجواري فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله
قال لها يا أم حبيب العلم الذي كان في يدك هو في يدك اليوم قالت نعم يا رسول الله الا ان يكن حراما فنهاني عنه قال لا بل
حلال فادن مني حتى أعلمك قالت فدنوت منه فقال يا أم حبيب إذا أنت فعلت فلا تنهكي أن لا تستأصلي وأشمي فإنه أشرق الوجه وأحظى
عند الزوج قال وكان لام حبيب أخت يقال لها أم عطية وكانت مغنية يعني ماشطة فلما انصرفت أم حبيب إلى أختها أخبرتها بما قال لها
رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبلت أم عطية إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته بما قالت لها أختها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله
ادني مني يا أم عطية إذا أنت خفضت الجارية فلا تغسلن وجهها بالخرقة فان الخرقة تذهب بماء الوجه. مسألة: يكره ان
يؤجر الرجل نفسه لكل صنعة دنية مثل كسح الكنيف وأخذ الأجرة عليه لما في ذلك من السقوط والضعة وقد روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله
قال كسب الحجام خبيث وهذا أولى بالأخباث من كسب الحجام وعن ابن عباس ان رجلا حج ثم اتاه فقال له اني رجل اكنس فما
ترى في مكسبي فقال اي شئ تكنس فقال العذرة قال ومنه حججت ومنه تزوجت قال نعم قال أنت خبيث وما تزوجك خبيث و
لان فيه دناؤه فأشبه الحايك والحجام ولو اجر نفسه كذلك حلت الأجرة بلا خلاف فعله لان الحاجة داعية إليه ولا يندفع بدون إباحة الأجرة فوجب
اباحتها كالحجام. مسألة: إذا امره بشراء شئ لم يجز له ان يعطيه من عنده الا بعد أن يبين له ذلك وقد بيناه فيما سلف روى
الشيخ عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قال لك رجل اشتر لي فلا تعطه من عندك وان كان الذي عندك خيرا منه
وعن علي ابن النعمان وابن المعزا والوليد بن مدرك عن إسحاق قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول له ابتع لي
ثوبا فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد في السوق فيعطيه من عنده قال لا تقرير هذا ولا بدل نفسه ان الله عز وجل
يقول انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبينها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا
وان كان عنده خيرا مما يجد له في السوق فلا يعطه من عنده. مسألة: من دفع إلى غيره مالا يصرفه في المحاويج والفقراء
فان عين له شخصا لم يجز ان يتعداه ولا يخالف واعطاء غير من عين له اثم وكان عليه الضمان وإن لم يعين أحدا جاز له ان يعطى
من شاء فإن كان هو محتاجا أو فقيرا جاز له ان يأخذ مثل غيره مع عدم التعيين ولا يفضل نفسه في ذلك على غيره بل يأخذ مثل
ما يعطي غيره لأنه باطلاق الامر وعدم التعيين قد وكل الامر إليه وفرض إليه التعيين ولا فرق بينه وبين غيره في الاستحقاق إذا التقدير
ذلك فيجوز له التناول وانما معناه من اخذ الزايد لما يشتمل من الخيانة ويؤيد ذل كما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلته
عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في محاويج أو في مساكين وهو محتاج أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه قال لا يأخذ منه شيئا حتى يأذن
له صاحبه قال الشيخ رحمه الله هذا محمول على ما إذا عين له أقوام بأعيانهم وعلى جهة الأفضل لان الأولى أن لا يأخذ شيئا الا باذن
صاحبه وقد روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أعطاه رجل مالا ليضعه في المساكين وله عيال يحتاجون أيعطيهم منه
من غير أن يستأذن صاحبه قال نعم. مسألة: يجوز للرجل ان يؤجر نفسه لكل عمل مباح ينتفع به عملا بالأصل وبما رواه
الشيخ عن ابن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن الإجارة فقال صالح لا بأس به إذا تصح قدر طاقته فقد اجر موسى عليه السلام نفسه
واشترط فقال إن شئت ثمان وإن شئت عشرا وانزل الله تعالى فيه أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك ولا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن عمار
الساباطي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل تعجز فان هو أجر نفسه أعطي ما يصيب في تجارته فقال لا يؤجر نفسه ولكن يسترزق الله عز
وجل ويتجر فإنه إن اجر نفسه جعل الرزق على نفسه ولانا نقول بموجبه إذ التجارة أفضل من الإجارة قال الشيخ رحمه الله الوجه في كراهية ذلك لأنه مؤمن
أن لا يفضحه في عمله فيكون مأثوما وقد نبه عليه السلام في الخبر الثاني من قوله لا بأس إذا تضح قدر طاقته وهو حسن مسألة لا بأس
باجر القابلة لأنه مما يحتاج إليه فساغ العوض عنه كغيره من المباحات وكذا لا بأس بأجرة الماشطة لان فيه تزيين للمراة وتحنينا لها إلى زوجها
ما لم تفعل الحرام من الغش كوصل الشعر بالشعر ورسم الخدود وتحميرها ونقش الأيدي والأرجل قال ابن إدريس ان ذلك كله حرام
أما إذا لم يفعلن غشا فلا بأس به لما رواه الشيخ عن القاسم ين محمد عن علي عليه السلام قال سئلته عن امرأة مسلمة تمشط العرايس ليس لها
معيشة غير ذلك وقد دخلها ضيق قال لا بأس ولكم لا تصل الشعر بالشعر وعن ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال دخلت
ماشطة على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها تركت عملك أو قمت عليه فقالت يا رسول الله انا أعمله الا ان تنهاني عنه
1021

فأنتهي عنه فقال افعلي فإذا مشطت فلا تغسلي الوجه بالخرقة فإنه يذهب بماء الوجه ولا تصلي الشعر بالشعر مسألة: يكره الصياغة
والقضاء بما رواه الشيخ عن طلحة ين زيد عن جعفر قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إني أعطيت حالتي غلاما ونهينا ان
تجعله قصابا أو حجاما أو صايغا. فصل: روى الشيخ رحمه الله عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصياغ (الصناع)
إذا سهروا الليل كله فهو سحت وعن الشعري عن أبي عبد الله عليه السلام قال من بات ساهرا في كسب لم يعط العين حقها من النوم فكسبه ذلك
حرام وعندي ان ذلك تغليظا للكراهية لا انه حرام حقيقة. مسألة: إذا امتزج الحلال بالحرام فان تميز وجب
تخليص الحرام
ودفعه إلى أربابه مع وجودهم والصدقة به مع عدمهم وعدم وارثهم وإن لم يتميز مقدار ما اخرج خمسه وحل له الباقي ونص عليه علمائنا
وقد سلف ذلك ويؤيده ما رواه الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام فقال إني كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا و
حراما وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط علي فقال أمير المؤمنين عليه السلام تصدق بخمس مالك فان الله
عز وجل رضى من الأشياء بالخمس وسائر المال لك. فصل: روى الشيخ رحمه الله عن عبد الله بن القاسم الجعفري عن أبي عبد الله
عليه السلام قال تشوقت الدنيا إلى قوم حلالا فلو يريدوها فدرجوا ثم تشوقت إلى قوم حلالا وشبهة فقالوا لا حاجة لنا في الشبهة و
توسعوا في الحلال وتشوقت إلى قوم حرام وشبهة فقالوا لا حاجة لنا في الحرام وتوسعوا في الشبهة ثم تشوقت إلى قوم حراما محضا
فطلبوها فلن يجدوها والمؤمن يأكل في الدنيا بمنزلة المضطر وعن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أصاب مالا من عمل بني أمية
وهو يتصدق منه ويصل منه قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب وهو يقول إن الحسنات يذهبن بالسيئات فقال أبو عبد الله عليه السلام
ان الخطيئة لا يكفر بالخطيئة ولكن الحسنة تحت الخطيئة ثم قال إن كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا تعرف الحلال من الحرام فلا بأس
. مسألة: ولا بأس بأكل ما ينثر في الأعراس مع الإباحة اما باللفظ أو بشاهد الحال غير أنه يكره اخذه انتهابا وإن لم يعلم من قصد
مالكه الإباحة كان حراما عملا بالأصل الدال عل عصمة ممال الغير وجواز التصرف فيه بدون اذنه ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن إسحاق
بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الاملاك يكون والعروس فينثر على القوم فقال حرام ولكن كل ما أعطوك منه وفي الصحيح عن علي
بن جعفر عليه السلام قال سألته عن النثار من السكر واللوز وأشباهه أيحل اكله فقال يكره اكل ما انتهب وعن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال قال
علي عليه السلام لا بأس بنثر الجوز والسكر قال الشيخ رحمه الله لا ينافي هذا الخبر مع ما تقدم من الخبرين لان الذي تضمن هذا الخبر تجويز النثر و
ليس فيه أنه يجوز فيه اخذ ما ينثر ونهية والخبران الأولان فيهما كراهية ذلك لا تنافي فيهما فيهما على حال أقول والوجه الذي ذكر ان من حمل
الخبرين الأولين على المنع مع عدم التعميم بالإباحة على جواز التناول مع الإباحة أولى للاستجابة على الأصول وظهور الفايدة
دون ما ذكره الشيخ رحمه الله وكان ممكنا. مسألة: يجوز بيع جلود السباع من الفهد والنمر وغيرها مع التذكية للانتفاع
بها في غير الصلاة لأنها غير طاهرة ينتفع بها فجاز بيعها كغيرها من الطاهرات يؤيده ما رواه الشيخ عن أبي مجلد السراج قال كنت عند أبي
عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه معيب فقال بالباب رجلان فقال أدخلهما فدخلا فقال أحدهما اني رجل سراج أبيع جلود النمر فقال
مدبوغة قال نعم قال ليس به بأس وكذا يجوز بيع عظام الفيل لاتخاذ الأمشاط منها على ما قدمناه وقال ابن السراج انه مكروه و
لا اعرف المستند له. مسألة: يكره ركوب البحر للتجارة ويحرم مع ظهور امارة الخوف وكذا يحرم كل سفر يظهر الخوف لان دفع
الخوف واجب وترك الواجب حرام روى الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه كره ركوب البحر للتجارة وعن معلى بن حنيس عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يسافر فيركب البحر فقال يكره ركوب البحر للتجارة إن أبي كان يقول انك تضر بصلاتك هو ذا البأس يصيبون
ارزاقهم ومعايشهم وعن أبي بكر عن عبيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أبي يكره ركوب البحر في التجارة وعن حسين بن أبي العلا عن أبي
عبد الله عليه السلام ان رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام فقال أصلحك الله انا نتجر إلى هذه الجبال فتأتي منها أمكنة لا نقدر نصلي على الثلج قال
لقد ترضى ان تكون مثل فلان يرضى بالدرن ثم قال لا تطلب التجارة في ارض لا تستطيع ان تصلي إلا على الثلج مسألة: ولا بأس
بأجرة الدلال لأنه عمل مباح يحتاج إليه فجاز أخذ العوض عنه كغيره من الأعمال المباحة ولا نعرف فيه خلافا روى الشيخ عن ابن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام قال سأله أبي وانا حاضر فقال ربما أمرنا الرجل ان يشتري لنا الأرض أو الدار أو الغلام أو الخادم ويجعل له جعلا فقال أبو عبد الله
عليه السلام لا بأس به وعن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يريد أن يشتري دارا أو أرضا أو خادما ويجعل له جعلا قال
لا بأس به. مسألة: إذا استأجر الرجل أجيرا خاصا وهو ان يستأجره مدة من الزمان يعمل له لم يجز له ان يعمل لغيره شيئا الا باذن المستأجر
لأنه قد استحق منافعه في ذلك الزمان فلا يجوز له صرفها إلى غيره اما لو استأجره ليعمل له شه جار له ان يوجر نفسه لغيره ويعمل ما شاء لان الأول
لم يستوعب زمانه وإذا استحق في ذمته عملا خاصا وقد روى الشيخ عن إسحاق بن جابر عن العبد الصالح عليه السلام قال سئلته عن الرجل يستأجر
1022

الرجل باجر معلوم فيبعثه في ضيعة فيعطيه رجل اخر دراهم فيقول اشتر لي كذا وكذا وما ربحت فبيني وبينك قال إذا اذن له الذي استأجره فليس
به بأس. مسألة: ولا بأس بأخذ أجرة المراة عن الغزل لأنه فعل مباح يحتاج إليه فكان سايغا ولا نعرف فيه خلافا وروى الشيخ
عن أبي هريرة عن أم الحسن النخعية قال مر بي أمير المؤمنين عليه السلام فقال اي شئ تصنعين يا أم الحسن قالت أغزل قال فقال اما انه أجل الكسب
مسألة: قال الشيخ رحمه الله إذا مر الانسان بالتمر جاز له ان يأكل منها قدر كفايته ولا يحمل شيئا منها على حال قال ابن إدريس يجوز
ذلك من غير قصد اما معنى إلى التمرة للأكل بل كان الانسان مختارا في حاجته ثم امر بالثمار سواء كان اكل منها لأجل الضرورة أم غير ذلك
على ما رواه أصحابنا واجتمعوا عليه لان الاخبار في ذلك متواترة والاجماع منعقد منهم ولا نعتد بخبر شاذ أو خلاف من يعرف اسمه ونسبه
لأنه الحق مع غيره وهذا قول ابن إدريس وقد روى الشيخ رحمه الله عن محمد بن مروان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام امر بالتمرة فأكل منها قال
كل ولا تحمل قلت فإنهم قد اشتروها قال كل ولا تحمل قلت جعلت فداك ان التجارة قد التجارة قد اشتروها ونقدوا أموالهم قال اشتروا ما ليس لهم وعن
يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يمر بالبستان وقد حيط عليه أو لم يحط عليه هل يجوز ان يأكل من ثمر وليس يحمله على
الأكل من ثمره الا الشهوة وله ما يعينه عن الأكل من ثمرة وهل له ان يأكل منه من جوع قال لا بأس ان يأكل ولا يحمل ولا يفسد ويدل على
تحريم الحمل أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يوكل ويحمل
النخلة نعتها؟؟ وقوايمها وقد روى الشيخ رحمه الله عن مبروك ابن عبيد عن بضع أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يمر على
فراح الزرع يأخذ منه السنبلة قال لا قلت اي شئ سنبلة قال لو كان من يمر به يأخذ من سنبله كان لا يبقى شيئا هذا الحديث
يدل على تحريم التناول من الزرع والحديثان الأولان يدلان على إباحة التناول من الثمرة فان عملنا بهما خصصناهم بالثمرة
مع عدم العلم بكراهية المالك على الأقوى اما لو علم من صاحبه الكراهية فالوجه عندنا التحريم اما الزرع فالوجه عندي تحريم
التناول عملا بالرواية وبالأصل الدال على التحريم السالم عن المعارض. مسألة: ولا بأس بالزراعة وليس مكروهة
لكثرة الحاجة إليها وكثرة الضرورة المقتضية للإباحة وقد روى الشيخ عن يزيد بن هارون الواسطي قال سئلت جعفر بن محمد
عليهما السلام عن الفلاحين فقال هم الزارعون كنوز الله في ارضه وما في الأعمال أحب إلى الله من الزراعة وما بعث نبيا الا زراعا الا
إدريس عليه السلام فإنه كان خياطا وعن محمد بن خالد عن شبانة عن أبي عبد الله عليه السلام سأله رجل فقال جعلت فداك اسمع
قوما يقولون ان الزراعة مكروهة فقال ازرعوا واغرسوا فلا والله ما عمل الناس عملا أحل ولا أطيب منه والله ليزرعون
الزرع وليغرس المحل بعد خروج الدجال. مسألة: ولا بأس للرجل ان يأخذ الأجرة على بدرقة القوافل وحمايتها عملا
بالأصل ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن الحسن الصفار قال كتبت إليه رجل يبدرق القوافل من غير امر السلطان في
مواضع فخيف ويشارطونه على شئ مسمى ان يأخذ منهم إذا صاروا إلى الامن هل يحل له ان يأخذ منهم أم لا فوقع عليه السلام إذا
واجر نفسه شئ معروف واخذ حقه إن شاء الله تعالى. مسألة: ولا بأس بعمل اليهودي والنصراني فيما لا يحتاج فيه إلى الاسلام
كالخياطة والنساجة ثم إن باشر ا حدهما المعمول برطوبة وجب غسله بالمباشرة ولا فلا يدل عليه ما رواه إبراهيم بن
محمود قال قلت للرضا عليه السلام الخياط والقصاب يكونوا يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ ما يقول في
عمله قال لا بأس اما ما يحتاج فيه الاسلام كالذباحة فإنه يحرم عليه استعمال ما باشره من الأفعال فلا يحل اكل ذبيحته وسيأتي
البحث فيه والمراد بالقصاب في الحديث ليس من يباشر الذبح بل من يتولى القصابة بعد الذبح وقد روى الشيخ عن إبراهيم عن
محمود قال قلت للرضا عليه السلام الجارية النصرانية يخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية ولا تتوضأ ولا تغسل من جنابه قال لا بأس بغسل
يديها. مسألة: يجوز التجارة في الجارية النصرانية والمغنية بالبيع والشراء لأنهما عينان يملكان فصح اخذ العوض بحقهما كساير
الأعيان المملوكة ولا نعلم فيه خلافا روى الشيخ عن عبد الله بن الحسن الدينوري قال قلت لأبي الحسن عليه السلام جعلت فداك ما يقول في
النصرانية اشتريها وأبيعها من النصارى فقال اشتر وبع قلت فانكح فسكت عن ذلك قليلا ثم نظر إلي وقال شبه الاحفا هي لك حلال
قال قلت جعلت فداك فاشتري المغنية والجارية تحسن ان تغني أريد بها الرزق لا سوى ذلك قال اشتر وبع. مسألة: يكره للانسان
ان يبيع الملك ويستحب له شراؤه وروى الشيخ عن أبان بن عثمان قال دعاني جعفر عليه السلام فقال باع فلان ارضه فقلت نعم فقال مكتوب
في التوراة انه من باع أرضا أو مالا وليضعه في ارض وماء ذهب ثمنه محقا وعن وهب الحروي عن أبي عبد الله قال مشتري العقدة
مرزوق وبايعها ممحوق وعن مسمع قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان لي أرضا تطلب مني وترغبوني فقال لي يا أبا سيار اما
علمت أنه من ياع الماء والطين ولم يجعل ماله في الماء والطين ماله هباء قلت جعلت فداك اني أبيع بالثمن واشتري ما
1023

هو أوسع ابعث قال لا بأس. فصل: ورى الشيخ عن السكوني عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن علي عليه السلام قال قال رسول
الله صلى الله عليه وآله من غرس شجرا بديا أو حفر واديا أو أحيا أرضا ميتا فهي له قضاء من الله ورسوله. فصل روى
الشيخ عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن البستان يكون عليه المملوك أو أجير ليس له من البستان شئ فيتناول
الرجل من بستانه فقال إن كان بهذه المنزلة لا يملك من البستان شيئا مما أحب ان يأخذ منه شيئا. فصل: روى الشيخ
عن أبي حمزة قال دخلت على علي بن الحسين عليهم السلام وهو جالس على خرقة فقال يا جارية هات النمرقة. مسألة: إذا استأجر
الانسان مملوك غيره فأفسد لم يكن على مولاه الضمان بل يستسعى العبد في ذلك أو يرجع عليه بعد العتق عملا بالأصل الدال
على براءة ذمة السيد هذا قول الشيخ رحمه الله وقال ابن إدريس لا يستسعى العبد أيضا لأنه فيه اضرارا بالمالك وقد بينا ان المولى
لا يضمن جناية العبد واما الشيخ فقد استدل بما رواه في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل استأجر
مملوكا فيستهلك مالا
كثيرا فقال ليس على مولاه شئ وليس لهم ان يبيعوه ولكنه يستسعى وان عجز عنه ليس على مولاه شئ ولا على العبد شئ. فصل:
لا بأس بشراء الذهب وترابه قبل سبكه من المعدن لأنها عين مملوكة فساغ بيعها كغيرها من الأعيان لكن لا يباع بجنسها من الذهب
وكذا المعدن الفضة يجوز بيعه بغير الفضة ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن مصدق قال سئلت أبا الحسن عليه السلام من شراء الذهب
بترابه من المعدن قال لا بأس به. مسألة: نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا ان خصي الحيوان محرم قال والأولى عندي يحبب
ذلك وانه مكروه دون ان يكون محرما محظورا لأنه ملك الانسان يعمل به مما فيه الصلاح ما رواه في ذلك يحمل على
الكراهية دون الحظر. مسألة: قد بينا تحريم الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم وحملهم ودفنهم والصلاة عليهم وكذا
على الأذان والإقامة والصلاة بالناس اما ثمن الماء الذي يغتسل به الميت وثمن الكفن فلا بأس به لان المحرم هو الأجرة على التغسيل
والتكفين دون الماء والكفن وقد قال الشيخ رحمه الله إذا وجد الماء لغسل الميت بالثمن وجب شرائه من تركته فان لم يخلف شيئا لم يجب على
أحد ذلك واما حمل الموتى فإنما يحرم الأجرة عليه إذا كان إلى المواضع الذي يجب على من حضر الميت حمله إليها وهي ظواهر البلدان والحنانة
المعروفة بذلكم واما ما بعد ذلك من المواضع المعظمة والأمكنة الشريفة المقدسة كمشاهد الأئمة عليهم السلام فلا بأس بأخذ الأجرة
عليه لأنه ليس واجبا على المسلمين. مسألة: قد بينا الأصناف المحرمة من أنواع النجاسات وأكثر المكروه وقد تخلف أصناف
أجر مكروهة يأتي في أبوابها فما بقي بعد ذلك فمباح طلق بلا خلاف عملا بالأصل
البحث الثالث: في عمل السلطان
واخذ جوايز السلطان على ضربين أحدهما سلطان الحق العادل والاخر السلطان الجور الظالم فالأول يستحب خدمته ونيابته والعلم
من قبله والولاية منه وهو مندوب إليه مرغب فيه وقد يجب على المكلف بان يعين عليه ويدعو إليه فلا يجوز له مخالفته ويجب عليه
امتثال امره وطاعته فإذا تولى الانسان من السلطان العادل العادل ولأنه كان له في ذلك ثواب عظيم عليه طاعته في جميع ما يأمر به
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم إذا ثبت هذا فإنه يجوز له قبول الجوايز منه و
الرزق وليسوغ التصرف فيه بلا خلاف لأنه معصوم فلا يقع فعله الا حقا اما السلطان الجاير ولا يجوز الولاية منه مختارا الا
مع علم التمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقسمة الأخماس والصدقات على مستحقيها وصلة الاخوان ولا يكون في ذلك
مرتكبا للمآثم وعليه الظن بذلك أما إذا انتفى العلم والظن معا فلا يجوز الولاية من قبل الجاير بلا خلاف وروى الشيخ عن عمار عن أبي
عبد الله قال سئل عن عمل السلطان قال لا إلا أن لا يقدر على شئ يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حرفة
فان تعذر فصار عليه منه شئ فليبعث بخمسه إلى أهل البيت عليهم السلام وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ذكر عنده رجل من هذه
العصابة قد ولي ولاية قال فكيف صنعه إلى إخوانه قال قلت ليس عنده خير قال إن يدخلون فيما لا ينبغي لهم ولا يضعون إلى إخوانهم
خيرا وعن وليد بن صبيح قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاستقبلني زرارة خارجا من عنده فقال لي أبو عبد الله يا
وليد اما تعجب من زرارة سألني عن اعمال هؤلاء اي شئ كان يريد أقول له لا فيروي ذلك على ثم قال يا وليد متى كانت
الشيعة تسأل عن أعمالهم انما كانت الشيعة يقول وكل طعامهم ويشرب من شرابهم ويستظل بظلهم متى كانت الشيعة يسال عن هذا
وفي الحسن عن أبي بصير قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن أعمالهم فقال لي يا أبا محمد لا ولا مد ويعلم أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا الا أصابوا من دينه مثله أو حتى يصيبوا أم دينه مثله لو هم من أبي عمير راوي الحديث. مسألة:
وإذا علم التمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووضع الأشياء مواضعها جاز له التولي من قبل الجاير معتقدا انه يفعل
ذلك من قبل السلطان الحق لان في ولاية ح قياما بالمعروف ونهيا عن منكر فكانت جايزة روى الشيخ عن يونس بن عمار قال وصفت
1024

لأبي عبد الله عليه السلام من يقول بهذا الامر ممن يعمل مع السلطان فقال إذا ولوكم يدخلون عليكم المرافق وينفعونكم في حوائجكم قال
قلت منهم من لا يفعل ذلك منهم فابرؤا منه وبرء الله منه وعن زياد بن مسلم قال دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام فقال لي يا زياد
انك تعمل عمل السلطان قال قلت أجل أجد قال له قلت انا رجل لي مروة وعلى عيال وليس وراء ظهري شئ فقال لي يا زياد لان أسقط من خافق
فأتقطع قطعا أحب إلي من أن اتولى أحد منهم عملا وأطأ بساط رجل منهم الأعادي قلت لا أدري قال الا لتفريج كربة عن مؤمن أو فك
اسره أو قضاء دينه يا زياد أهون ما يصنع الله عز وجل ممن تولى هؤلاء ان يضرب عليه سرادقا من نار إلى أن يفرغ الله عز وجل من حساب الخلايق يا زياد فان وليت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك فواحدة بواحدة والله من وراء ذلك يا زياد ايمان رجل منكم
تولى لاحد منهم عملا ثم ساوى بينكم وبينهم فقولوا له أنت مستحل كذاب يا زياد إذا ذكرت مقدرتك على الناس فاذكر مقدرة الله عليك
عدا ونفاذ ما اتيت السهم عنهم وبقاء ما اتيت السهم عليك وعن علي بن يقطين قال قلت لأبي الحسن عليه السلام ما تقول في اعمال هؤلاء قال إن
كنت لابد فاعلا فاتق أموال الشيعة قال إبراهيم بن محمود راوي هذا الحديث فأجب على أنه كان تجبها من الشيعة علانية ويردها في السر و
عن الحسين بن الحسن الأنباري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال كتبت إليه أربع عشر سنة استأذنه في عمل السلطان فلما كان في اخر كتاب كتبت
إليه أذكر اني أخاف على خيط عنقي وان السلطان يقول رافضي ولسنا نشك في انك تركت عمل السلطان
للرفض فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام
فهمت كتابك وما ذكرت من الخوف على نفسك فان كنت تعلم انك إذا وليت لا عملك بما امر به رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تصير
أعوانك وكتابك أهل ملتك وإذا صار إليك شئ وأصيب به فقراء المؤمنين حتى يكون واحدا منهم كان زايدا وإلا فلا وعن مهران
بن محمد بن أبي نصر عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ما من جاير الا ومعه مؤمن يدفع الله عز وجل به عن المؤمنين وهو أقلهم
خطأ في الآخرة يعني أقل المؤمنين خطأ بصحة الخيار وعن محمد بن علي العبيدي قال كتب أبو عمر الحذاء إلى أبي الحسن عليه السلام وقرات الكتاب
والجواب بخطة يعلمه انه كان يختلف إلى بعض قضاة هؤلاء وانه صير إليه وقوفا ومواريث ولد العباس احياء وأمواتا وأجرى
عليه الأرزاق وانه كان يؤدي أمانة إليهم ثم إنه بعد عاهد الله تعالى الا يدخل لهم في عمل وعليه موته وقد تلف أكثر ما كان في يده وأخاف
ان ينكشف عليهم ما لا يخف وان ينكشف من الحال فإنه منتظر امرك في ذلك فما تأمر به فكتب إليه لا عليك ان تدخل معهم الله يعلم ونحن ما
أنت عليه مسألة: ولو لم يغلب على ظنه التمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يجز له الولاية من قبل الجاير الا ان يلزمه بذلك
ويقهره عليه فيجوز له حال الولاية دفعا للضرورة ولا يجوز ان يتعدى الحق ما أمكن فان اضطر إلى استعمال ما لا يجوز من ظلم مؤمن أو
قهره جاز ذلك للضرورة ما لم يبلغ الدماء فلا يجوز التقية فيها على حال وقد تقدم بيان ذلك ولو أمكنك دفع الجاير في عدم الولاية
وجب عليه ذلك فان لم يندفع الا يتحمل ضرر يسيرا استجب له تحمله ودفع التزامه عليه كما خاف على مال يسير اما لو خاف الضرر الكثير فإنه يجوز
له الدخول في الولاية كما لو خاف على ماله ونفسه أو بعض المؤمنين دفعا للضرورة بالترك. مسألة: جوايز السلطان لو علمت
حراما وجب دفعها إلى أربابها مع التمكن ومع عدمه يتصدق بها عنه ورى الشيخ عن علي بن أبي حمزة قال كان لي صديق من كتاب بني أمية
فقال استأذن علي أبي عبد الله عليه السلام فاستأذنت له فاذن له فلما ان دخل سلم وجلس ثم قال كلمة جعلت فداك اني كنت في ديوان
هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت في مطالبة فقال أبو عبد الله عليه السلام لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويحي
لهم الفئ وتقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا ولو تركهم الناس وما في أيديهم لما وجدوا شيئا الا ما وقع في أيديهم قال فقال
الفتى جعلت فداك فهل لي مخرج منه قال فقال إن قلت لك تفعل قال فاخرج من جميع ما كسبت من ديوانهم فمن عرفت من هم رددت
عليه ماله ومن لم تعرف تصدقت به وانا اضمن لك على الله الجنة قال قال فأطرق الفتى طويلا وقال له قد فعلت جعلت فداك قال ابن أبي
حمزة فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض الا خرج منه حتى سامه التي على يديه قال فقسمت له قسمة واشتريت
له ثيابا وبعثنا إليه نفقة قال فما انا عليه الا أشهر قلايل حتى مرض فكنا نعوده قال فدخلت يوما عليه وهو في الموت قال ففتح عينه ثم قال لي
يا علي وفد والله لي صاحبك قال ثم مات فتولينا امره فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فلما نظر إلي قال يا علي رقينا والله
لصاحبك قال فقلت صدقت جعلت فداك هكذا واليه قال لي عند موته. مسألة: ولو لم يعلم حراما جاز تناولها
وان كان المجير لها ظالما وينبغي له ان يخرج الخمس من جوايز الظالم ليطهر بذلك ماله لان الخمس يطهر المختلط بالحرام فيطهر ما لم يعلم فيه
الحرام به أولى وينبغي ان يصل إخوانه من الباقي بشئ ينتفع هو بالباقي ومن قبل جوايز الظالم الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن
جعفر وهو قول الحسن البصري ومكحول والزهري والشافعي وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه اشتري من يهودي طعاما
ومات ودرعه مرهونة وقد أخبر الله تعالى انهم أكالون للسحت وعن علي عليه السلام قال لا بأس بجوائز السلطان فإنما يعطيكم من الحلال
1025

أكثر مما يعطيكم من الحرام وقال لا تسأل السلطان شيئا وان أعطى فخذ فان ما في بيت المال من الحلال أكثر مما فيه من الحرام ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ
عن محمد بن مسلم وزرارة قالا سمعناه يقول جوايز العمال ليس بها بأس وعن أبي بكر الحضرمي قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعنده ابنه إسماعيل
فقال ما يمنع ابن أبي سمال ان يخرج سهام الشيعة فيكفونه ما يكفي الناس ويعطيهم ما يعطي الناس قال ثم قال لي لم تركت عطاك قال قلت مخافة
على ديني قال ما منع ابن أبي سمال ان يبعث إليك بعطائك اما علم أن لك في بيت المال نصيبا وعن يحيى ابن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام
عن أبيه عليه السلام ان الحسن والحسين عليهما السلام كان يقبلان جوايز معاوية وعن أبي عبد ا لله عليه السلام ما ترى في رجل يلي اعمال السلطان ليس له مكسب الا
من أعمالهم وانا امر به فأنزل عليه فيضيفني ونحن إلى وربما امر بي بالدراهم والكسوة وقد ضاق صدري من ذلك فقال لي كل واخذ منه ولك
المنهي وعليه الوزر وفي الصحيح عن أبي المعز قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده فقال أصلح الله امر بالعامل فيخيرني الدراهم اخذها
قال نعم قلت وأحج بها قال نعم حج بها وفي الصحيح عن الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل مسلم وهو في ديوان هؤلاء وهو يحب آل محمد صلى الله عليه وآله
ويخرج مع هؤلاء وفي بعثهم فتصل تحت رأيهم قال يبعثه الله على نيته قال وسئلته عن رجل مسكين دخل معهم رجاء ان يصيب سهم شيئا
بعثه الله به فمات في بعثهم قال بمنزلة الأجير انه انما يعطى الله لعبادة على نياتهم. مسألة: ولا بأس بمعاملة الظالمين وان كان مكروها
روى الشيخ رحمه الله عن محمد بن أبي حمزة عن رجل قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اشتري الطعام فيجيئني فيقول ظلموني فقال اشتره وفي الصحيح عن معاوية
بن وهب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اشترى من العامل الشئ وانا اعلم أنه يظلم فقال اشتر منه وعن داود بن زيد قال قلت لأبي الحسن عليه السلام اني
أخالط السلطان فيكون عند الجارية فيأخذونها والدابة القاهرة فيبعثون فيأخذوها ثم يقع لهم عندي المال فلس ان
اخذه قال خذ مثل ذلك
ولا ترد عليه وانما قلنا إنه مكروه لاحتمال ان يكون ما اخذوه ظلما أولى التجري عنه دفعا للشبهة المحتملة. مسألة: من يمكن الانسان
من ترك معاملة الظالمين والامتناع من جوائزهم كان الأولى له ذلك لما فيه من التنزه هذا إذا لم يكن حراما بعينه فلا يحل له أخذه بمعاوضة
وغيرها فان قبضه واعاده إلى المالك فان جهله أو تعذر الوصول إليه تصدق بها عنه ولا يجوز له اعادتها على غير مالكها مع الامكان
وإن لم يعلمه حراما ولا حلالا كان الأصل الحل فيجوز له اخذه من المعاملة عليه عملا بالأصل وان كان مكروها وكذا كل مال محتمل التصرف
الإباحة كمال المرائي وغيره من نظايره إذا ثبت هذا فان علمه حراما كان حراما ولا يقبل قول المشتري عليه في الحكم لان البايع معتضد
بالظاهر وهو ان الأصل ان ما في يد الانسان له وأما إذا علم أن في مال السلطان الظالم أو المرئي حلالا أو لم يتميز له فإنه يكره له معاملة
وقبول صلته لما فيه من الشبهة وسواء قل الحرام أو كثر ويقدر قلة الحرام أو كثرته يقل الشبهة ويكثر بعضده ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ولا يعلم أكثر الناس فمن اتقى الشبهات أسد دينه وعرضه ومن وقع
في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك ان يرتع الا لك ملك حمى وحمى الله محارمه روى الجمهور عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ولهذا مذهب أيضا وانما قلنا إنه مباح عملا بالأصل وبما رواه الشيخ
في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ يكون منه الحرام والحلال ابدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه وعن مسعدة
بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قتل نفسك وذلك مثل الثوب يكون
عليك قد اشتريته وهو سرقة أو المملوك عندك لعله حر قد باع نفسه أو جذع فبيع أو قهر أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك و
الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك وتقوم به البينة إذا عرفت هذا فالمشكوك فيه على ثلاثة اضرب. أحدها:
ما أصله الحظر كالذبيحة في بلد الكفار فلا يجوز شراؤها وان أمكن ان يكون ذابحها مسلما ما لم يوجد في يد مسلم ويخبر بأنها ذباحته
لان الأصل التحريم وعدم التذكية فلا تزول الا بتعيين أو ظاهر وسواء كان أهل البلد كفارا محضا أو فيهم مسلمون والأصل
فيه ما روى عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا أرسلت كلبك فخالط كلبا ثم يسم عليها فلا تأكل فإنك لا تدري انها قتله أما إذا
كان في بلد الاسلام فالظاهر اباحتها لان المسلمون لا يبيعون الا ما هو سايغ عندهم ظاهرا. الثاني: ما أصله الإباحة كالماء
المتغير إذا لم تعلم تغيره هل استند إلى نجاسة أو غيرها فهو ظاهر في الحكم لان الأصل الطهارة فلا يزول عنها الا يتعبن أو ظاهر و
الأصل فيه ما روى عبد الله بن زيد قال شكى إلى النبي صلى الله عليه وآله الرجل تحيل له في الصلاة انه يجد الشئ فلا ينصرف
حتى يسمع صوتا ويجد ريحا. الثالث: ما لا يعرف له الأصل كرجل في يده حرام وحلال ولا يعلم أحدهما بعينه فهذا هو الشبهة التي
الأولى تركها لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه وجد ثمرة ساقطة فقال لولا انى أخشى انها من الصدقة لأكلتها وهذا من باب
الورع ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن حديد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول اتقوا الله وصونوا أنفسكم بالورع وقوره
بالعصمة والاستغناء بالله عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان واعلم أنه من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه طلبا لما في يده أحمله
1026

الله ومقته عليه ونكله إليه فان هو غلب على شئ من دنياه فصار إليه منه شئ نزع الله البركة منه ولم يأجره على شئ ينفقه في حج ولا
عتق ولا بر. فصل: قد ذكرنا أنه لا يجوز له اخذ ما يعلمه حراما فان اضطر إلى اخذه وخاف عن رد جوائزهم وصلاتهم التي يعلمها ظلما
بأعيانها جاز له قبولها دفعا للضرر ويجب عليه ردها على أربابها ان عرفهم فان لم يعرفهم عرف بذلك المال واجتهد في طلبهم قاله ابن إدريس
قال وقد روى أصحابنا انه يتصدق به عنهم ويكون ضامنا إذا لم يرغبوا بما فعل والاحتياط حفظه والوصية به وقد روى أنه يكون
بمنزلة اللقطة قال وهذا بعيد عن الصواب لان الحاقه باللقطة يحتاج إلى دليل وليس هذا الوجه عندي بعيدا عن الصواب إذا قهره
على اخذه يبيح له الاخذ كاللقطة وعدم عرفانه بالمالك بصيرة بمنزلة اللقطة التي لا يعرف لها مالك فيعرفها فان عرف المالك والا تخير بين
التملك والصدقة مع الضمان على اشكال وان كان الأقوى فيه الصدقة. مسألة: يجوز للانسان ان يبتاع ما يأخذه سلطان
الجور وشبهه الزكوات من الإبل والبقر والغنم وما يأخذ عن حق الأرض من الخراج وما يأخذه بشبهة المقاسمة من الغلات على اختلافها وان
كان يعلم أنهم يغصبون أموال الناس ويأخذون ما لا يستحقون الا ان يعلم ويتقين له شئ منه بانفراده انه غصب فلا يجوز له ان يبتاعه
منه ويسوغ له مع عدم العلم بذلك لشدة الحاجة إلى الغلات ووقوع الضرر إليها وعدم امكان الانفكاك من ابتياعها مع أن أصلها
مع السلطان الجاير وهو المتولي لاخذ الانتفاع واحراز الغلات ويحصل الزارع ولو لم يكن مباحا لزم عدم الانفكاك من الحرام شخص
من الاشخاص في وقت من الأوقات ويدل على ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل ين صالح قال أراد وأبيع تمر عين إلى زياد فأردت أن اشتريه
ثم قلت حي استأذن أبا عبد الله عليه وآله فأمرت مصادفا يسأله فقال قل له يشتريه فان لم يشتره اشتراه غيره وعن إسحاق بن عمارة قال سئلت
عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم قال يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبيد عن أبي جعفر
عليه السلام قال سئلته عن الرجل منا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم أنه ما يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم
قال فقال ما الإبل والغنم الا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى يعرف الحرام بعينه قيل فما ترى في تصدق تحسا؟؟ فيه صدقات
أغنامنا يقول بعناها فيبيعناها فما ترى في شرائها منه قال إن كان اخذها وعزلها فلا بأس قيل له فما ترى في الحنطة والشعير يحسا القاسم
فيقسم لنا حقنا ويأخذ حنطة فتقول له مكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه فقال إن كان قبضه بكيل وأنتم خصومة فلا بأس بشرائه منه
بغير كيلا إذا ثبت هذا فإنه يجوز ابتياع ما يأخذه من الغلات باسم المقاسمة الأموال باسم الخراج عن الأرض ومن الانعام باسم الزكاة وقبول
هبة ولا يجب اعادته على أربابها وان عرف بعينه دفعا للضرورة. مسألة: إذا غضب ظالم لإنسان شيئا لم يمكن المظلوم من اخذه
أو اخذ عوضه جاز له ذلك وروى أنه تركه أفضل فان الظالم قد أودعه وديعة وفي جواز الاخذ من الوديعة بقدر ماله قولان لعلمائنا أحدهما
المنع لما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه ثم حلف ثم وقع له عندي مال فاخذه
لمكان مالي الذي اخذه وجوه واخلف عليه كما صنع قال إن خانك فلا تخنه ولا تدخل فيما عينه عليه وفي الصحيح عن ابن أخ الفضيل بن يسار قال كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام ودخلت امرأة وكنت أقرب القوم إليها فقالت لي أسأله فقلت عماذا فقالت إن ابني مات وترك مالا في يد
أخي فأتلفه ثم أفاد مالا ودعنيه فلي ان اخذ منه بقدر ما أتلف من شئ فأخبرته بذلك فقال لا قال رسول الله صلى الله عليه وآله أداء الأمانة
إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك والثاني الجواز لما رواه الشيخ عن داود بن رزين قال قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام اني أخالط السلطان فيكون
عندي الجارية فيأخذونها والدابة الفارهة فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي ان اخذه فقال خذ مثل ذلك ولا تزد عليه وعن جميل
بن دراج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر الذي جحده أيأخذه وإن لم يعلم
الجاحد بذلك قال نعم وعن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لي عليه دراهم فجحدني وحلف عليها أيجوز لي ان وقع له
قبلي دراهم ان اخذ منه بقدره حقي قال فقال نعم ولهذا قلت وما هو قال تقول اللهم اي لم اخذه ظلما ولا خيانة وانما اخذته مكان مالي
الذي اخذ مني لم أزد شيئا عليه وعن ابن عباس النصاف ان شهابا ما رآه في رجل ذهب له ألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم
قال أبو العباس فقلت له خذها مكان الألف ا لذي اخذ منك فأبى شهاب قال فدخل شهاب على أبي عبد الله عليه السلام فذكرته ذلك فقال
اما انا فأحب إلي ان تأخذ وتحلف وعن علي بن مهزيار قال أخبرني إسحاق ان موسى بن عبد الملك كتب إلى أبي جعفر عليه السلام فسأله عن
رجل دفع إليه مالا ليصرفه في بعض وجوه البر فلم يمكنه يصرف ذلك المال في الوجه الذي امره وقد كان له عليه مال بقدر هذا المال فسأله
هل يجوز لي ان اقبض مالي أو أرده عليه واقبضه فكتب اقبض مالك بما في يدك وعن علي ين سليمان قال كتبت إليه رجل غصب رجلا مالا أو
جارية ثم وقع عنده مالا بسبب وديعة أو قرض مثل ما خانه أو غصبه أيحل له حبسه عليه أم لا فكتب نعم يحل له ذلك أن كان بقدر حقه وان
كان أكثر فيأخذ منه ما كان عليه ويسلم الباقي إليه إن شاء الله قال الشيخ رحمه الله ولا تنافي بين هذه الأحاديث لان لكل منهما وجها
1027

فالذي أقوله ان من كان له على رجل مال فأنكره فاستحلفه على ذلك فحلف فلا يجوز له ان يأخذ من ماله شيئا على حال لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال من حلف فليصدق ومن حلف له فليرض من الله في شئ وأما إذا أنكره المال ولم يستحلفه عليه ثم وقع له عنده مال جاز له
ان يأخذ منه بقدر ماله بعد أن يقول الكلمات التي ذكرناها ومتى كان له مال فجحده ثم استودعه الجاحد مالا كره له ان يأخذ منه لان هذا يجري مجرى
الخيانة ولا يجوز له الخيانة على حال والذي قال الشيخ رحمه الله حسن وان الجواز أولى وان الكراهية ثابتة في الوديعة وان المنع مع الاستحلاف
. مسألة: إذا أودع الظالم شيئا فان عرف أنه له أو لم يعرف انه لغيره فإنه يجب عليه رده مع المطالبة لان الأصل انما في يد الانسان ملكه
قال الصادق عليه السلام ثلاث لا عذر فيها لاحد أداء الأمانة إلى البر والفاجر وبر الوالدين بارين كانا أو فاجرين ووفاء العهد للبر والفاجر وفي
الصحيح عن محمد بن الحلبي قال استودعني رجل من موالي بني مروان ألف دينار فغاب فلم أدر ما اصنع بالدنانير فاتيت أبا عبد الله عليه السلام فذكرت
ذلك له وقلت أنت أحق بها فقال لا لان أبي كان يقول انما نحن فيهم بمنزلة هدنة نودي أمانتهم ونرد ضالتهم ونقيم الشهادة لهم وعليهم فإذا انصرفت
الأهواء لم تسع أحدا بالمقام وعن محمد بن أبي جعفر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ألقوا الله عليكم بأداء الأمانة إلى من ائتمنكم فلو أن قاتل
على أداء الأمانة لأديتها إليه واما ان عرفت انها لغيره فإنه لا يجوز له ردها على الظالم لأنها ليست ملكه ويجب عليها ردها على صاحبها ان عرفه
وأمن الضرر فان ردها على الغاصب والحال ما ذكرناه وجب عليه الضمان لتفريطه بأداء مال الغير إلى غير مستحقه وإن لم يعرف صاحبها بعينه
تركها عنده إلى أن يعرفه أو يستعمل غير ما ذكرناه أولا ولا يردها على الظالم مع التمكن فان خاف على نفسه من منع الظالم منها في الحالين جاز
له درها إليه دفعا للضرورة. فرع: لو كانت مختلطة بما الغاصب فان بمنزلة منعه منها خاصة وسلم إليه ماله وإن لم يتميز وجب دفع الجميع
إلى الغاصب لأنه لا أولوية يمنع الظالم عن الوديعة رعاية لصاحبها على منعه عن ماله رعاية للغاصب.
البحث الرابع فيما يجوز
للرجل ان يأخذ من والده وبالعكس ولا يجوز للمراة ان تأخذ من مال زوجها مسألة
لا يجوز للولد ان يأخذ من مال والده شيئا على حال الا باذنه ورضاه سواء قل أو كثر لا مختار ولا مضطرا فان اضطر ضرورة يخاف معها التلف
جاز له ان يأخذ من ماله ما يمسك معه كما يتناول من الميتة هذا إذا كان الوالد بقدر كفايته ويقيم بواجب حقه لان الوالد يجب عليه نفقة الولد
مع يسار الوالد واعسار الولد سواء كان بالغا أو غير بالغ على ما يأتي لان الأصل عصمة مال الغير وعدم جواز التصرف فيه بغير اذنه المالك
قال الله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وروى الشيخ عن علي بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه السلام قال لا يصلح ان يأخذ الولد من مال والده
شيئا الا باذن والده وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال في كتاب علي عليه السلام لا يأخذ الولد من مال والده شيئا الا باذنه هذه مع
عدم الحاجة اما بايسار الولد وبانفاق الوالد أما إذا لم ينفق عليه فإنه يجبر على ذلك لان الأب يجب عليه نفقة الولد المعسر على ما يأتي فيرفع الولد امره
إلى الحاكم ليجبر الأب على ذلك فان لم يكن حاكم جاز للولد ان يأخذ من مال والده قدر كفايته على الاقتصار بالمعروف لأنه يجب على الوالد بذلك
هذا القدر إلى الولد فان امتنع جاز للولد اخذه كما قلناه في الدين ان امتنع من عليه الدين جاز من ماله بقدر دينه. مسألة: ولا يجوز للوالد ان يأخذ من مال ولده البالغ مع القناعة ولا مع اتفاق الولد عليه بالمعروف لان الأصل عصمة مال الغير وروى الشيخ
عن علي بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه السلام قال سئلته عن الرجل يأكل من مال ولده قال لا الا ان يضطر إليه فيأكل منه بالمعروف وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه قال يأكل منه ما شاء من غير سرف وهذا يدل على جواز التناول مع الحاجة
ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه قال يأكل منه فاما
الأم فلا تأكل منه الا فرضا على نفسها قال الشيخ رحمه الله هذه الأخبار دلت على جواز تناول الأب من مال الولد مع عدم الحاجة فاما مع
الحاجة فلا يحوز له التعرض له ومتى كان محتاجا وكان الولد ربما يحتاج إليه فليس له ان يأخذ من ماله شيئا وما ورد في الاخبار من الأحاديث الدالة على الاطلاق للتناول فإنه يحمل على هذا التقييد كما في رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل
يكون لولده مال فأحب ان يأخذ منه فليأخذ وان كانت أمه فما أحب منه ان تأخذ منه شيئا الا فرضا على نفسها قال رحمه الله
ويدل على التقييد أيضا ما رواه أبي العلا قال فقلت لأبي عبد الله عليه السلام ما يحل للرجل من مال ولده قال قوته بغير سرف
إذا اضطر إليه قال قلت له يقول رسول الله صلى الله عليه اله للرجل الذي اتاه فقدم أباه فقال أنت ومالك لأبيك فقال انما جاء
بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله هذا أبي قد ظلمني من ميراثي من أمي فأخبره ألب انه قد أنفقه الأب عليه وعلى نفسه فقال له أنت
ومالك لأبيك ولم يكن عند الرجل شئ فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يجلس الأب للابن وعن محمد بن سنان قال سئلته يعني أبا عبد الله عليه السلام ماذا يحل للوالد من مال ولده قال ما إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له ان يأخذ من ماله شيئا فان كانت
لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له ان يطأها الا ان يقومها قيمة بصير لولده قيمتها عليه ثم قال ويعلق ذلك. مسألة:
1028

قال الشيخ رحمه الله في النهاية إذا كان للولد مال ولم يكن لوالده جاز له ان يأخذ عنه ما يحج به حجة الاسلام واما حجة التطوع فلا يجوز له
ان يأخذ نفقتها من ماله الا باذنه وعول في ذلك على ما رواه سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيحج الرجل من مال ابنه وهو
صغير قال نعم يحج حجة الاسلام وينفق منه قال نعم بالمعروف ثم قال يحج منه وينفق منه ان مال الولد للوالد وليس للوالد ان ينفق من مال
والده الا باذنه ومنع ابن إدريس من ذلك وقال الشيخ رحمه الله ما يتضمن هذا الخبر منم ان للوالد ان ينفق من مال ولده محمول على ما قلناه من
الحاجة الداعية إليه وامتناع الوالد من القيام بالواجب اما ما دلت عليه الأخبار المتقدمة ولا يتضمن من أن يأخذ ما يحج به حجة الاسلام محمول على أن له ان يأخذ ما يحج به حجة الاسلام محمول على أن له ان يأخذ على وجه التعرض على نفسه إذا كان قد وجب عليه الحج فاما من لم يجب عليه فلا يلزمه
ان يأخذ من مال ولده وانما الحج عليه شرط وجوب المال على ما بيناه ومنع ابن إدريس من جواز الفرض أيضا لأنه لا يجب عليه الاستدانة
ليحج بها الا انه لو حج كانت الحجة مجزية عما وجب واستقر في ذمة غير أنه ما ورد عنه أصحابنا الا ان للوالد ان يشتري من مال ابنه الصغير من نفسه
بالقيمة العدل ولم يرد بان له نستقرض المال وقول ابن إدريس معتضد بالأصل الا ان جواز الافتراض قريب لقوله صلى الله عليه وآله أنت مالك
لأبيك مسألة إذا كان للولد جارية لم تكن وطئها ولا مسها بشهوة قال الشيخ رحمه الله يجوز للوالد ان يقوم جارية ولده على
نفسه قيمة عادلة ويضمن قيمتها في ذمته ويطأها بعد ذلك إذا لم يكن الابن قد وطئها ولامسها بشهوة وأطلق القول في ذلك وقيده في كتاب
الاستبصار بالولد الصغير فجوز للوالد تقويم جارية للولد فيها نصيب فليس له ان يطأها الا ان يقومها قيمة يصير لولده قيمتها عليه ثم قال و
يعلن ذلك قال سئلته عن الوالد يرد في مال ولده شيئا الا باذنه قال كان للرجل ولد صغار لهم جارية فأحب ان يقبضها فليقومها على نفسه قيمة
ثم بها ما شاء ان شاء وطي وان شاء باع وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال فإن كان له جارية فأراد أن ينكحها قومها على نفسه و
يعلن ذلك قال وإذا كان للرجل جارية فأبوه تملك بها ان يقع عليها ما لم يمسها الابن وعول في التقييد على أن الأصل عصمة مال الغير و
عدم جواز تصرف الغير فيه الا باذن مالكه اما الطفل الصغير فإنه يجوز للوالد التقويم عليه لأنه الولي عليه وهو القيم بأمره فجاز له الاقتراض من
ماله والتقويم قال الشيخ رحمه الله منا تضمنته الروايات المطلقة فإنها محمولة على أنه إذا كان الولد صغيرا لأنه الناظر في امره فكان بمنزلة الوكيل
على ما دلت عليه رواية ابن سنان واما رواية إسحاق بن عمار من أنه أحق بالجارية ما لم يمسها الابن فإنها يحتمل شيئين أحدهما ما لم يمسها
وان كان الابن صغيرا مولى عليه لأنه ان مسها الابن وهو غير بالغ حرمت على الأب والآخر انها تحمل على البالغ ومعنى انه ملكه بها انه الأولى
والأفضل للوالد ان يصير إلى ما يريد ولده وإن لم يكن ذلك واجبا ولا سببا للتملك الجارية وما رواه الحسن بن محبوب قال كتبت إلى أبي
الحسن الرضا عليه السلام السلام اني كنت وهبت ابنة جارية حيث زوجتها فلم تزل عندها في بيت زوجها فرجعت إلى هي والجارية أفيحل لي ان
أطأ الجارية قال قومها قيمة عدل ولتشهد على ذلك ثم إن شئت فطأها فمحمول على أنه يقومها برضاها لان البنت لا يجري مجرى الابن
في أنه تحريم الجارية على الأب في بعض الأوقات وطئها أو نظره منها ما لا يحل لغير المالك النظر إليه لأنه مفقود في البنت وكذا ينبغي ان يحمل
الرواية الصحيحة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام وله ان يقع على جارية ابنه الا إذا لم يكن الابن وقع عليها. مسألة: إذا كان
الأب معسرا وله أولاد موسرون بالغون أجبروا على الانفاق عليه ما يأتي سواء كان الوالد واحد أو أكثر بالسوية فإن كان أحدهم
معسرا سقط عنه ووجبت نفقته على الموسر منهم إذا ثبت هذا فان امتنعوا من الانفاق وتعذر الاجبار بان لا يكون هناك
حاكم يجبرهم على ذلك جاز له ان يأخذ من مالهم قدر كفايته بالمعروف وقد بيناه وإذا قاموا به لم يجز له ان يتعرض شئ من أموالهم الا بإذنهم
سواء اخذه قرضا أو غير قرض لان الأصل عصمة مال الغير وتحريمه بغير رضاه وان كانوا صغارا وله وكانوا موسرين أنفق الحاكم من
مالهم عليه واخذ هو منه قدر كفايته مع الحاجة والاعسار وان كان موسرا لم يجز له ان ينفق من مالهم شيئا الا على سبيل القرض وله
ان يقرض مال ولده الصغير لأنه الولي عليه ومنع ابن إدريس من ذلك. مسألة: الأم إذا كان لها ولد له مال لم يجز لها ان
تأخذ منه شيئا على حال الا باذنه ان كان بالغا ولا فلا وكذا الولد ليس له ان يأخذ من مالها شيئا الا باذنها فان كانت معسرة تحتاج إلى
النفقة وليس لها ما يمون به نفسها وللولد مال أجبر على الانفاق عليها ان كان بالغا وأنفق الحاكم من مال الولد ان كان صغيرا على
ما يأتي إذا ثبت هذا فهل يجوز لها الاقتراض من ماله قال الشيخ رحمه الله لنا انها أحد الأبوين فجاز لها الاقتراض من مال ولدها
كالاخر ولأنها أحد العمودين الذي يجب عليها الانفاق فجاز لها الاقتراض كالاخر وما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه قال يأكل منه فاما الأم فلا تأكل منه الا قرضا على نفسها وعن
ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون لولده مال فأحب ان يأخذ منه قال فليأخذ وان كانت أمه حية
مما أحب ان يأخذ منه شيئا الا قرضا على نفسها احتج ابن إدريس بالأصل والجواب انه انما يصار إليه مع عدم الدليل ونحن قد
1029

دللنا على جوازه. مسألة: لا يجوز للمراة ان تأخذ من مال زوجها شيئا قل أم كثر الا المأدوم اجماعا لان الأصل عصمة مال الغير وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفس منه وقال (ع) ان الله حرم بينكم دمائكم وأموالكم
كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا اما المأدوم فإنها يجوز لها ان تأخذ منه الشئ اليسير ويتصدق به ما لم يؤدي إلى
الضرر بالزوج أو لم يمنعها تصريح القول وهو قول علمائنا وعن أحمد روايتان إحداهما المنع ما رواه عن عايشة قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وآله ما أنفقت المراة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها اجرها وله مثله بما كسب ولها بما أنفقت وللخازن
مثل ذلك من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ولم يذكر اذنا وعن أسماء انها جاءت النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله ليس له
شئ الا ما دخل على (الوبر) فهل علي جناح ان ارضخ مما يدخل علي قال ارضخي ما استطعت ولا ترعي عليك وأنت امرأة النبي صلى الله عليه وآله
فقالت يا رسول الله أتأكل على أزواجنا وآبائنا فما تحمل لنا من أموالهم فقال الرطب ما كلته وبهديته ومن طريق الخاصة ما
رواه الشيخ عن أبي بكر قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عما يحل للمراة ان تتصدق به من مال زوجها بغير اذنه قال المأدوم ولان العادة قاضية
بالسماح بذلك والرضا يبذله وطيب النفس عنه فجرى صريح الاذن كما لو قدم طعامه للأكل فإنه يقوم مقام الاذن في تناوله احتج
احمد بما رواه أبو أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا ينفق المراة من بيتها الا باذن زوجها قيل يا رسول
الله ولا الطعام قال ذلك أفضل أموالنا ولان الأصل عصمة مال الغير والجواب عن الأول لضعف الرواية مع معارضتها لما تقدم من الأحاديث
وعن الثاني ان الأصل يصار إليه مع عدم الدليل على خلافه اما مع وجوده فلا. فروع: الأول: لو كانت في بيت الرجل من
يقوم مقام امرأته كجاريته أو ابنته أو أخته أو غلامه المتصرف في بيت سيده قال بعض الجمهور يكون حكمه حكم الزوجة لوجود المعنى فيه
والوجه عندي المنع من ذلك عملا بالأصل السالم عن معارضة النص والقياس ضعيف. الثاني: المرأة الممنوعة من التصرف في طعام
الرجل لا يجوز لها الصدقة بشئ من ماله وكذا المتصرفة فيه إذا منعها من الصدقة لان صريح الاذن أقوى دلالة عن العادة وشاهد الحال
. الثالث: روى الشيخ رحمه الله عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال سئلته عن المرأة إلها ان تعطي من بيت زوجها عن غير اذنه
قال لا الا ان يحللها وهو محمول على المنع مما يضر به أو يحمل على ما يعم اللفظ وشاهد الحال. مسألة: لا يجوز للرجل ان يأخذ من
مال زوجته شيئا الا باذنها عملا بالأصل الدال على عصمة مال الغير إذا ثبت هذا فإذا اباحته المال بحيث اباحته المال وان وهبته شيئا كان حلالا مطلقا روى
الشيخ عن سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فذاك امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به وقالت له حين دفعته
إليه أنفق منه فان حدث لك حادث فما أنفقت منه لك حلالا طيب وان حدث لي حادث فما أنفقت فيه لك حلال فقال أعد علي يا سعيد
فلما ذهبت أعيد عليه عرض فيها صاحبها وكان معي فأعاد عليه مثل ذلك فلما فرغ أشار بإصبع إلى صاحب المسألة وقال يا هذا ان
كنت تعلم أنها قد أوصيت بذلك اليد فيما بينها وبين الله تعالى فحلال طيب ثلاث مرات ثم قال يقول الله تعالى في كتابه فان طبن لكم عن
شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا. مسألة: ولو دفعت إليه مالا وشرطت له الانتفاع به صح له التصرف فيه فان شرطت له
شيئا من الربح ولها الباقي كان قراضا وان شرطت جميع الربح له كان قرضا عليه وان شرطت الربح لها بأجمعه كان بضاعة إذا عرفت
هذا فإذا دفعت إليه مالا ليتجر به كره له ان يشتري بذلك المال جارية يطأها لأنه يرجع بالعمر عليها روى الشيخ في الصحيح عن أبي عمير عن
هشام وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يدفع إليه امرأة المال فيقول اعمل به واصنع ما شئت اله ان يشتري الجارية ويطأها
قال لا ليس له ذلك وعن جعفر بن البختري عن الحسين بن منذر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام دفعت علي امرأتي مالا اعمل به فاشتري من مالها
بجارية أطأها فقال لا أرادت ان تقر عينك وتسخن عينها إذا عرفت هذا فلو أذنت في شراء الجارية للوطي زالت الكراهة قطعا.
خاتمة هذا المقصد وهي يشتمل على فصول: ينبغي ترك الحرص الكثير وان يسعى الانسان في طلب رزقه
قدر الحاجة لما في ذلك من الاشتغال عن الله تعالى روى الشيخ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله
صلى الله عليه وآله في حجة الوداع الا ان الروح الأمين بعث في روحي انه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها الله عز وجل وأجملوا في الطلب
لا تحملنكم استبطاء شئ من الرزق وان تطلبوه شئ من معصية الله تعالى فان الله تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى
الله عز وجل وصبر اتاه برزقه من حله ومن هتك حجاب الستر وعجل فاخذه من غير حله فضربه من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة
وعن ابن فضال عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال لكن طلب المعيشة فوق كسب المضيع ودون طلب الحريص الراضي من المطمئن
إليها ولكن انزل نفسك من ذلك بمنزلة النصف المنصف يرفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف وتكسب اما لا بد للمؤمن ان الذين أعطوا
المال ثم لم يشكروا والا مال لهم وعن جمهور عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا ما يقول اعملوا
1030

حلما يقينا ان الله تعالى لم يجعل العبد وان اشتد جهده وعظمت حيلته وكثرت مكايده ان سبق ما سمي له في الذكر الحكيم فلم يحل بين العبد في ضعفه
وقلة حيلته ان بلغ ما سمي له في الذكر الحكيم أيها الناس انه لن يزداد أمرا بغير الحدقة ولم ينقص له بغير الحدقة فالعالم بهذه المعاقل به أعظم الناس راحة
في منفعته والعالم بهذه المتأول له أعظم الناس شغلا في معرفة رب منعم عليه مستدرج بالاحسان إليه ورب معذور في الناس مصنوع له
فارفقه أيها الساعي من سعيك واقصر من عجلتك وابدر من سنة غفلتك وتفكر فيما جاء عن الله عز وجل عن لسان نبيه صلى الله عليه وآله
واحتفظ بهذه الحروف السبعة فإنها من قول الحي وعزائم الله في الذكر بحكمه انه ليس أحد ان يلقى الله عز وجل تحله من هذه الحلال الشرك بالله فيما
افترض عليه أو صفا غيظه بهلاك نفسه ويأمر بعمل بغيره واستنجح إلى مخلوق باظهار بدعه في دينه أو سره تحمده الناس يفعل المتجر المختال بما سعى
وصاحب الأبهة. فصل: روى الشيخ عن عبد الله بن سليمان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن الله تعالى وسع ارزاق الحمقى ويعسر للعقلاء
ليعلمون ان الدنيا ليس منال ما فيها ولا يعمل حيلة وعن أبي حمزة الثمالي قال ذكر عند علي عليه السلام غلاء السعر فقال وما على من غلاه ان غلا هو
عليه. فصل: قد بينا استحباب الطلب والسعي وقد يجب مع الحاجة إليه ولا ينبغي ترك التجارة روى الشيخ عن عمر بن يزيد قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام رجل قال لأقعدن في بيتي ولأصلين ولأصوم ولأعبدن ربي عز وجل فاما زرقي فسيأتيني قال أبو عبد الله
عليه السلام هذا أحد لثلاث الذين لا يستجاب لهم وعن أيوب أخي أديم يباع الهروي قال كنا جلوس عند أبي عبد الله عليه السلام إذ اقبل العلى بن كامل
فقال لأبي عبد الله عليه السلام ادعو الله عز وجل ان يرزقني في دعة فقال لا أدعوك طلب كما امر الله تعالى وعن معلى بن خنيس عن أبيه
قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل وانا عنده قيل اصابته الحاجة قال فما يصنع قيل في البيت يعبد ربه عز وجل قال فمن أين
قوته قيل من عند بعض إخوانه فقال أبو عبد الله عليه السلام والله الذي تقويه أشد عبادته منه وعن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قاتل من
طلب الدنيا استشفاقا على الناس وسعيا على أهله وتعطفا على جاره لقى الله عز وجل يوم القيامة وجهه مثل القمر ليلة البدر وعن أبي
جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعبادة سبعون حولا أفضلها طلب الحلال وعن هشام الصيدلاني قال أبو عبد الله عليه السلام
يا هشام ان رأيت الصفين قد التقيا فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم. فصل: روى الشيخ رحمه الله عن عبد الأعلى مولى الإمام قال
استقبلت أبا عبد الله عليه السلام في بعض طرق المدينة في يوم صايف شديد الحر فقلت جعلت فداك حالك عند الله عز وجل و
قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله فأنت تجهد نفسك في هذا اليوم فقال يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني به عن مثلك و
في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن محمد بن المنكدر كان يقول ما كنت أدري علي بن الحسين عليه السلام يدع خلفا
أفضل من علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليه السلام فأردت أن أعظه فوعظني فقالوا له أصحابه بأي شئ وعظك قال خرجت إلى
بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر محمد بن علي عليهم السلام وكان رحبا بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين
فقلت في نفسي سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا اما لأعظه فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي ينهي وهو ينصاب
عرقا فقلت أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاء اجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع
فقال لو جاءني الموت وانا في هذا الحال جاءني الموت وانما في هذه الحال جاءني وانا في طاعة الله عز وجل اكف فيها نفسي وعيالي عنك وغير
الناس فني كنت أخاف لو جاءني الموت وانا على معصية من معاصي الله عز وجل فقلت صدقت يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني
فصل: روى الشيخ في الصحيح عن أبي أسامة زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام أعتق الف مملوك من
كد يده. فصل: وروى إسماعيل بن مسلم قال قال أبو عبد الله عليه السلام ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال ولا تحريم الحلال
بل الزهد في فيها أن لا تكون بما في يدك أوثق بما عند الله عز وجل وهذا الحديث صحيح لان الله تعالى أنكر على من حرم الحلال فقال
قل من حرم زينة الله التي اخرج لعبادة والطيبات من الرزق وقال تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك وذلك ينافي الزهد و
قال روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله ين أبي يعفور قال قال رجل لأبي عبد الله عليه السلام انا لنطلب الدنيا ونحب ان نؤتي بها قال فقال تحب ان
يصنع بها ما قلنا عود بها على نفسي وعيالي واصل منها فأتصدق وأحج واعتمر فقال أبو عبد الله عليه السلام ليس هذا طلب الدنيا هذا
طلب الآخرة. فصل: روى الشيخ عن مسلم بن قيس الهلالي قال سمعت عليا عليه السلام يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال
منهومان لا يشبعان منهوم الدنيا ومنهوم علم فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم ومن تناولها من غير حلها هلك الا ان يتوب ويراجع
ومن أخذ العلم من أهله وعمل به تحيى ومن أراد الدنيا فهي حظه فصل روى الشيخ رحمه الله عن بن الجمهور وغيره من أصحابنا قال كان النجاشي وهو رجلا من الدهاقين عاملا على الأهواز وفارس فقال بعض أهل عمله لأبي عبد الله عليه السلام ان في ديوان النجاشي على خراجا
وهو فمن يدين بطاعتك فإن رأيت تكتب إليه كتابا فكتب إليه كتابا بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك يسرك الله فلما رود على الكتاب وهو في
1031

مجلسه فلما خلا ناوله الكتاب وقال هذا كتاب أبي عبد الله عليه السلام فقبله ووضعه على عينه ثم قال ما حاجتك فقال علي خراج في ديوانك فقال
كم هو قال على عشرة ألف درهم قال فدعا كاتبه فامره بأدائها عنه ثم اخرج مثله فامره ان يثبتها له القابل ثم قال له هل سررتك قال نعم قال فامر له
ألف درهم أخرى فقال له هل سررتك فقال نعم جعلت فداك فامر له بمركب ثم امر له بجارية وغلام وتحت ثياب في كل ذلك يقول هل سررتك
فكل ما قال نعم زاد قال له احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي فيه وارفع إلى جميع حوائجك قال
ففعل وخرج الرجل فصار أبي عبد الله بعد ذلك فحدثته بالحديث على جهته فجعل يسر بما فعله قال له الرجل يا ابن رسول الله فإنه قد سرك
ما فعل بي قال اي والله لقد سر الله ورسوله وعن أحمد بن زكريا الصيدلاني عن رجل من بني حنيفة من أهل بست وسجستان قال
رافقت أبا جعفر عليه السلام في السنة التي خرج فيها في أول خلافة المعتصم فقلت له وانا معه على المائدة وهناك جماعة من أولياء السلطان
ان أوليانا جعلت فداك رجل يتولاكم أهل البيت ويحبكم وعلى في ديوانه خراج فان رأيت جعلني الله فداك ان تكتب إليه بالاحسان
إلي فقال لا اعرفه فقلت جعلت فداك انه علي ما قلت من يحبكم أهل البيت وكتابك ينفعني عنده فاخذ القرطاس فكتب بسم الله الرحمن
الرحيم اما بعد فان موصل كتابي ذكر عنك مذهبا جميلا وان مالك من أعمالك ما أحسنت فيه فأحسن إلى إخوانك وعلم أن الله عز
وجل يسألك عن مثاقيل الذرة والخردل فلما وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد الله النيشابوري وهو الوالي فاستقبلني من المدينة
على فرسخين فدفعت إليه الكتاب فقبله ووضعه على عينيه ثم قال ما حاجتك فقلت خراج علي في ديوانك قال فامر بطرحه عني قال لا تؤد خراجا
ما دام لي عمل ثم سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم فامر لي ولهم بما تقوتنا وفضلا فما أديت في عمله خراجا ما دام حيا ولا قطعني صلته حتى مات
تم الجزو السادس من كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب ويتلوه الجزو السابع المقصد الثاني في عقد البيع وشروطه
والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد واله بحسب إشارة جناب عمدة التجار والأفاخم آقاي حاج
احمد آقا خلف أرشد حاج إبراهيم طاب ثراه كه باكمال سعى واهتمام جناب مغرى إليه
وجناب عمدة التجار آقاي حاج محمود آقا دامت بركاته ودر كارخانه
خودشان به زيور طبع رسيده في بيست وسيم
شهر ذي القعدة الحرام هزار وسيصد
وسى وسه هجري انا عبد الصمد
(1333)
1032