الكتاب: شرح اللمعة
المؤلف: الشهيد الثاني
الجزء: ٢
الوفاة: ٩٦٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: إشراف : السيد محمد كلانتر
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٨٧ - ١٩٦٧ م
المطبعة: مطبعة الآداب - النجف الأشرف
الناشر: منشورات جامعة النجف الدينية
ردمك:
ملاحظات: منشورات مكتبة الداوري - قم / مطبعة أمير - قم / الطبعة الأولى ١٤١٠ (نسخة أفست)

الروضة البهية
في شرح
اللمعة الدمشقية
1

نام كتاب: اللمعة الدمشقية 1 - 10
مؤلف: شهيد أول
ناشر: انتشارات داوري - قم
چاپ: چاپخانه أمير
نوبت چاپ: چاپ أول
تيراژ: 2000 دوره
تاريخ انتشار: 1410 ه‍. ق
2

منشورات
جامعة النجف الدينية
(10)
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: محمد بن جمال الدين مكي العاملي
(الشهيد الأول)
قدس سره
734 - 786
الجزء الثاني
3

تم الكتاب تصحيحا وتعليقا
بأشراف من: السيد محمد كلانتر
مطبعة الآداب في النجف الأشرف
1387 ه‍ - 1967 م
4

الروضة البهية
في شرح
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: زين الدين الجبعي العاملي
(الشهيد الثاني)
قدس سره
911 - 965
5

الإهداء
أن كان الناس يتقربون إلى الأكابر بتقديم مجهوداتهم فليس لنا
أن نتقرب إلى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة عصرنا
(الإمام المنتظر) عجل الله تعالى فرجه.
فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية، وإليك يا صاحب
الأمر وناموس الحقيقة أقدم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء كلمة
الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الأنجبين، دينا قيما
لا عوج فيه ولا أمتا.
ورجائي القبول والشفاعة في يوم لا ترجى إلا شفاعتكم أهل
البيت. عبدك للراجي
7

(عند الصباح يحمد القوم السري)
كان أملي وطيدا بالفوز فيما أقدمت عليه من مشروع في سبيل الهدف
الأقصى للدراسات الدينية (الفقه الإسلامي الشامل).
فأردت الخدمة بهذا الصدد لا زيل بعض مشاكل الدراسة والآن وقد حقق الله
عز وجل تلك الأمنية بإخراج الجزء الأول من هذا الكتاب الضخم إلى الأسواق.
فرأيت النجاح الباهر نصب عيني: انهالت الطلبة على اقتناءه بكل
ولع واشتياق.
فله الشكر على ما أنعم والحمد على ما وفق
بيد أن الأوضاع الراهنة، وما اكتسبته الأيام من مشاكل إنجازات
العمل وفق المراد أحرجتني بعض الشئ. فإن الطبعة بتلك الصورة المنقحة
المزدانة بأشكال توضيحية، وفي أسلوب شيق كلفتني فوق ما كنت
أتصوره من حساب وأرقام مما جعلتني أئن تحت عبئه الثقيل، ولا
من مؤازر أو مساعد.
فرأيت نفسي بين أمرين: الترك حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا،
أو الإقدام المجهد مهما كلف الأمر من صعوبات.
فاخترت الطريق الثاني واحتملت صعوباته في سبيل الدين، والإشادة
بشريعة (سيد المرسلين)، وإحياء آثار (أئمة الهدى المعصومين)
صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
فاتبعت بعون الله عز وجل (الجزء الأول) (بالجزء الثاني) بعزم
قوي، ونفس آمنة.
وكل اعتمادي على الله سبحانه وتعالى وتوسلي إلى صاحب الشريعة
الغراء وأهل بيته الأطهار عليهم صلوات الملك العلام.
ولا سيما ونحن في جوار سيدنا الكريم مولى الكونين (أمير المؤمنين)
عليه الصلاة والسلام.
فبك يا مولاي أستشفع إلى ربي ليسهل لنا العقبات ويؤمن علينا
التبعات أنه ولي ذلك والقادر عليه.
السيد محمد كلانتر
8

كتاب الزكاة
9

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزكاة (1)
وفصوله أربعة
(الأول تجب زكاة المال على البالغ العاقل) فلا زكاة على الصبي
11

والمجنون في النقدين إجماعا. ولا في غيرهما على أصح القولين (1).
نعم يستحب. وكذا (2) لو أتجر الولي، أو مأذونه للطفل واجتمعت
شرائط التجارة (3) (الحر). فلا تجب على العبد ولو قلنا بملكه، لعدم
تمكنه من التصرفات " بالحجر عليه، وإن أذن له المولى، لتزلزله، ولا فرق
بين القن (4)، والمدبر (5)، وأم الولد (6)، والمكاتب الذي لم يتحرر منه
شئ (7)، أما من تبعضت رقبته فيجب في نصيب الحرية بشرطه (8)
12

(المتمكن من التصرف) في أصل المال، فلا زكاة على الممنوع منه شرعا،
كالراهن غير المتمكن من فكه ولو ببيعه (1)، وناذر (2) الصدقة بعينه
مطلقا (3)، أو مشروطا، وإن لم يحصل شرطه على قول، والموقوف عليه (4)
بالنسبة إلى الأصل، أما النتاج فيزكى بشرطه، أو قهرا (5) كالمغصوب
والمسروق، والمجحود إذا لم يمكن تخليصه ولو ببعضه فيجب فيما زاد على
الفداء (6)، أو بالاستعانة ولو بظالم (7)، أو لغيبته بضلال (8)،
أو إرث (9) لم يقبض ولو بوكيله.
(في الأنعام) الجار يتعلق بالفعل السابق، أي تجب الزكاة بشرطها
في الأنعام (الثلاثة) الإبل والبقر والغنم بأنواعها، من عراب (10)،
13

وبخاتي (1) وبقر، وجاموس، ومعز، وضأن. وبدأ بها بالإبل للبداءة
بها في الحديث (2)، ولأن الإبل أكثر أموال العرب (3)، (والغلات
الأربع): الحنطة بأنواعها ومنها العلس (4) والشعير ومنه السلت (5)،
والتمر، والزبيب (والنقدين) الذهب والفضة.
و (يستحب) الزكاة (فيما تنبت الأرض من المكيل والموزون)،
واستثنى المصنف في غيره الحضر، وهو حسن، وروي (6) استثناء الثمار
أيضا، (وفي مال التجارة) على الأشهر رواية (7) وفتوى (وأو جبها
ابن بابويه فيه) استنادا إلى رواية (8)، حملها على الاستحباب طريق
الجمع بينها، وبين ما دل على السقوط، (وفي إناث (9) الخيل السائمة)
غير المعلوفة من مال المالك عرفا، ومقدار زكاتها (ديناران) كل واحد
مثقال (10) من الذهب الخالص، أو قيمته وإن زادت عن عشرة دراهم (11)
14

(عن العتيق) وهو الكريم من الطرفين (ودينار عن غيره) سواء كان
ردئ الطرفين وهو البرذون، بكسر الباء أم طرف الأم وهو الهجين،
أم طرف الأب وهو المقرف (1)، وقد يطلق على الثلاثة اسم البرذون.
ويشترط مع السوم أن لا تكون عوامل، وأن يخلص للواحد رأس
كامل ولو بالشركة كنصف اثنين، وفيهما خلاف (2)، والمصنف على
الاشتراط في غيره، فتركه هنا يجوز كونه اختصارا، أو اختيارا (ولا يستحب
في الرقيق والبغال والحمير) إجماعا، يشترط بلوغ النصاب، وهو المقدار
الذي يشترط بلوغه في وجوبها، أو وجوب قدر مخصوص منها (3).
(فنصب الإبل اثنا عشر) نصابا (خمسة) منها (كل واحد خمس)
من الإبل (في كل واحد) من النصب الخمسة (شاة) بمعنى أنه لا يجب
فيما دون خمس، فإذا بلغت خمسا ففيها شاة، ثم لا تجب في الزائد إلى أن
تبلغ عشرا ففيها شاتان، ثم لا يجب شئ في الزائد إلى أن يبلغ خمس
عشرة ففيها ثلاث شياه، ثم في عشرين أربع، ثم في خمس وعشرين خمس
15

ولا فرق فيها بين الذكر والأنثى، وتأنيثها هنا (1) تبعا للنص (2) بتأويل
الدابة، ومثلها الغنم (3) بتأويل الشاة.
(ثم ست وعشرون) بزيادة واحدة (ف‍) فيها (بنت مخاض) بفتح الميم،
أي بنت ما من شأنها أن تكون ماخضا أي حاملا. وهي ما دخلت
في السنة الثانية (ثم ست وثلاثون) وفيها (بنت لبون) بفتح اللام، أي بنت
ذات لبن (4) ولو بالصلاحية وسنها سنتان إلى ثلاث، (ثم ست وأربعون)
وفيها (حقة) بكسر الحاء، سنها ثلاث سنين إلى أربع فاستحقت الحمل،
أو الفحل، (ثم إحدى وستون فجذعة) بفتح الجيم والذال، سنها أربع سنين
إلى خمس، قيل: سميت بذلك لأنها تجذع مقدم أسنانها أي تسقطه،
(ثم ست وسبعون ففيها بنتا لبون، ثم إحدى وتسعون) وفيها (حقتان، ثم)
إذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ف‍ (في كل خمسين حقة، وكل أربعين بنت
لبون) وفي إطلاق المصنف الحكم بذلك بعد الإحدى وتسعين نظر (5)
16

لشموله ما دون ذلك، ولم يقل أحد بالتخيير قبل ما ذكرناه من النصاب،
فإن من جملته ما لو كانت مائة وعشرين فعلى إطلاق العبارة فيها ثلاث
بنات لبون وإن (1) لم تزد الواحدة، ولم يقل بذلك أحد من الأصحاب،
والمصنف قد نقل في الدروس وفي البيان أقوالا نادرة وليس من جملتها
ذلك، بل اتفق الكل على أن النصاب بعد الإحدى وتسعين لا يكون
أقل من مائة وإحدى وعشرين، وإنما الخلاف فيما زاد.
والحامل (2) له على الإطلاق أن الزائد عن النصاب الحادي عشر
17

لا يحسب إلا بخمسين كالمائة وما زاد عليها، ومع ذلك فيه حقتان وهو
صحيح. وإنما يتخلف في المائة وعشرين، والمصنف توقف في البيان في كون
الواحدة الزائدة جزء من الواجب، أو شرطا، من حيث اعتبارها في العدد (1)
نصا وفتوى (2)، ومن أن إيجاب بنت اللبون في كل أربعين يخرجها
فيكون شرطا لا جزءا، وهو الأقوى، فتجوز هنا (3) وأطلق عده
بأحدهما (4).
واعلم أن التخيير في عده بأحد العددين إنما يتم مع مطابقته بهما،
كالمائتين، وإلا تعين المطابق كالمائة وإحدى وعشرين بالأربعين، والمائة
والخمسين بالخمسين، والمائة وثلاثين بهما. ولو لم يطابق أحدهما تحرى
أقلهما عفوا مع (5) احتمال التخيير مطلقا (6).
(وفي البقر نصابان ثلاثون فتبيع) وهو ابن سنة إلى سنتين، (أو تبيعة)
مخير في ذلك، سمي بذلك. لأنه تبع قرنه أذنه، أو تبع أمه في المرعى
(وأربعون فمسنة) أنثى سنها ما بين سنتين إلى ثلاث. ولا يجزئ المسن
18

وهكذا أبدا يعتبر بالمطابق من العددين، وبهما مع مطابقتهما كالستين بالثلاثين،
والسبعين بهما، والثمانين بالأربعين. ويتخير في المائة وعشرين.
(وللغنم خمسة) نصب (أربعون فشاة، ثم مائة وإحدى وعشرون
فشاتان، ثم مائتان وواحدة فثلاث، ثم ثلثمائة وواحدة فأربع على الأقوى)،
وقيل: ثلاث، نظرا إلى أنه آخر النصب، وأن في كل مائة حينئذ شاة
بالغا ما بلغت. ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات ظاهرا، وأصحها سندا
ما دل على الثاني، وأشهرها بين الأصحاب ما دل على الأول.
(ثم) إذا بلغت أربعمائة فصاعدا (في كل مائة شاة) وفيه إجمال كما سبق
في آخر نصب الإبل، لشموله ما زاد عن الثلثمائة وواحدة ولم تبلغ الأربعمائة،
فإنه يستلزم وجوب ثلاث شياه خاصة، ولكنه اكتفى بالنصاب المشهور،
إذ لا قائل بالواسطة.
(وكلما نقص عن النصاب) في الثلاثة، وهو ما بين النصابين،
وما دون الأول، (فعفو) كالأربع من الإبل بين النصب الخمسة وقبلها
والتسع بين نصابي البقر، والتسع عشر بعدهما، والثمانين بين نصابي الغنم
ومعنى كونها عفوا، عدم تعلق الوجوب بها (1)، فلا يسقط بتلفها
بعد الحول شئ. بخلاف تلف بعض النصاب بغير تفريط، فإنه يسقط
من الواجب بحسابه (2)، ومنه تظهر فائدة النصابين (3) الأخيرين من الغنم
19

على القولين، فإن وجوب الأربع في الأزيد والأنقص يختلف حكمه مع
تلف بعض النصاب كذلك (1)، فيسقط من الواجب بنسبة ما اعتبر
من النصاب، فبالواحدة من الثلثمائة وواحدة، جزء من ثلثمائة جزء
وجزء (4) من أربع شياة، ومن الأربعمائة جزء من أربعمائة جزء
منها (3).
(ويشترط فيها) أي في الأنعام مطلقا (4) (السوم) وأصله الرعي
21

والمراد هنا الرعي من غير المملوك والمرجع فيه إلى العرف، فلا عبرة
بعلفها (1) يوما في السنة، ولا في الشهر، ويتحقق العلف بإطعامها
المملوك (2) ولو بالرعي كما لو زرع لها قصيلا (3)، لا ما استأجره
من الأرض لترعى فيها، أو دفعه إلى الظالم عن الكلأ وفاقا للدروس،
ولا فرق بين وقوعه لعذر، وغيره. وفي تحققه بعلف غير المالك لها على
وجه لا يستلزم غرامة المالك وجهان. من انتفاء (4) السوم، والحكمة (5)
وأجودهما التحقق (6) لتعليق الحكم على الاسم (7) لا على الحكمة، وإن
22

كانت مناسبة (1).
وكذا يشترط فيها أن لا تكون عوامل عرفا، ولو في بعض الحول
وإن كانت سائمة، وكان عليه أن يذكره (2) (والحول) ويحصل هنا (بمضي
أحد عشر شهرا هلالية) فيجب بدخول الثاني عشر وإن لم يكمل.
وهل يستقر الوجوب بذلك، أم يتوقف على تمامه قولان؟ أجودهما
الثاني، فيكون الثاني عشر من الأول (3)، فله استرجاع العين لو اختلت
الشرائط فيه مع بقائها (4)، أو علم القابض بالحال (5) كما في كل دفع
متزلزل، أو معجل، أو غيره مصاحب للنية (6).
23

(وللسخال (1)) وهي الأولاد (حول بانفرادها) إن كانت نصابا
مستقلا بعد نصاب الأمهات كما لو ولدت خمس من الإبل خمسا، أو أربعون
من البقر أربعين، أو ثلاثين، أما لو كان (2) غير مستقل ففي ابتداء
24

حوله مطلقا (1)، أو مع إكماله النصاب الذي بعده (2)، أو عدم ابتدائه
حتى يكمل الأول (3) فيجزي الثاني (4) لهما، أوجه. أجودها الأخير (5)
فلو كان عنده أربعون شاة فولدت أربعين لم يجب فيها شئ، وعلى
الأول (6) فشاة عند تمام حولها، أو ثمانون فولدت اثنين وأربعين فشاة
للأولى خاصة، ثم يستأنف حول الجميع بعد تمام الأول (7)، وعلى
الأولين (8) تجب أخرى عند تمام حول الثانية.
25

وابتداء حول السخال (بعد غنائها بالرعي)، لأنها زمن الرضاع
معلوفة من مال المالك وإن رعت معه، وقيده المصنف في البيان بكون
اللبن عن معلوفة، وإلا فمن حين النتاج، نظرا إلى الحكمة في العلف وهو
الكلفة على المالك. وقد عرفت ضعفه (1)، واللبن مملوك على التقديرين
وفي قول ثالث أن مبدأه النتاج مطلقا (2)، وهو المروي صحيحا (3)
فالعمل به متعين، (ولو ثلم (4) النصاب قبل) تمام (الحول)
ولو بلحظة (فلا شئ) لفقد الشرط، (ولو فر به (5)) من الزكاة على
الأقوى (6)، وما فاته به من الخير أعظم مما أحرزه من المال، كما ورد
26

في الخبر. (1)
(ويجزئ) في الشاة الواجبة في الإبل (2) والغنم (الجذع
من الضأن) وهو ما كمل سنه سبعة أشهر، (والثني من المعز) وهو ما كمل
سنه سنة، والفرق أن ولد الضأن ينزو (3) حينئذ، والمعز لا ينزو إلا
بعد سنة، وقيل: إنما يجذع كذلك إذا كان أبواه شابين، وإلا لم
يجذع إلى ثمانية أشهر، (ولا تؤخذ الربى) بضم الراء وتشديد الباء،
وهي الوالدة من الأنعام عن قرب إلى خمسة عشر يوما لأنها نفساء، فلا تجزي
وإن رضي المالك، نعم لو كانت جمع ربى لم يكلف غيرها، (ولا ذات
العوار) بفتح العين وضمها (4) مطلق العيب، (ولا المريضة) كيف
كان (5)، (ولا الهرمة) المسنة عرفا، (ولا تعد الأكولة) بفتح
الهمزة وهي المعدة للأكل، وتؤخذ مع بذل المالك لها لا بدونه (6)،
(ولا) فحل (الضراب) وهو المحتاج إليه لضرب الماشية عادة، فلو زاد
27

كان كغيره في العد (1) أما الإخراج فلا مطلقا (2)، وفي البيان أو جب
عدها مع تساوي الذكور والإناث، أو زيادة الذكور دون ما نقص
وأطلق (3).
(وتجزي القيمة) عن العين مطلقا (4)، (و) الإخراج من (العين
أفضل) وإن كانت القيمة أنفع، (ولو كانت الغنم)، أو غيرها من الغنم
(مرضى) جمع (فمنها (5)) مع اتحاد نوع المرض، وإلا لم يجز الأدون،
ولو ماكس المالك قسط وأخرج وسط يقتضيه، أو القيمة كذلك (6)
28

وكذا لو كانت كلها من جنس لا يخرج، كالربى. والهرم. والمعيب،
(ولا يجمع بين متفرق في الملك) وإن كان مشتركا، أو مختلطا (1)،
متحد المسرح (2) والمراح (3) والمشرع (4)، والفحل (5) والحالب (6)
والمحلب (7)، بل يعتبر النصاب في كل ملك على حدته، (ولا يفرق
بين مجتمع فيه) أي في الملك الواحد وإن تباعد بأن كان له بكل بلد
شاة (8).
29

(وأما النقدان - فيشترط فيهما النصاب والسكة)
وهي النقش الموضوع للدلالة على المعاملة الخاصة، بكتابة وغيرها (1)
وإن هجرت فلا زكاة في السبائك (2) والممسوح (3) وإن تعومل به،
والحلي، وزكاته إعارته استحبابا (4) ولو اتخذ المضروب بالسكة آلة
للزينة وغيرها لم يتغير الحكم، وإن زاده، أو نقصه (5) ما دامت المعاملة
به على وجهه ممكنة، (والحول) وقد تقدم (6) (فنصاب الذهب) الأول
(عشرون دينارا) كل واحد مثقال (7)، وهو درهم وثلاثة أسباع
درهم (8) (ثم أربعة دنانير) فلا شئ فيما دون العشرين، ولا فيما دون
30

أربعة بعدها. بل يعتبر الزائد أربعة أربعة أبدا (1)، (ونصاب الفضة)
الأول (مائتا درهم)، والدرهم نصف المثقال وخمسه (2)، أو ثمانية
وأربعون حبة شعير متوسطة، وهي ستة دوانيق (3)، (ثم أربعون درهما)
بالغا ما بلغ، فلا زكاة فيما نقص عنهما.
(والمخرج) في النقدين (ربع العشر) (4) فمن عشرين مثقالا نصف
مثقال، ومن الأربعة قيراطان (5) ومن المائتين خمسة دراهم (6)،
ومن الأربعين درهم، ولو أخرج ربع العشر من جملة ما عنده من غير أن
31

يعتبر مقداره مع العلم باشتماله على النصاب الأول أجزأ، وربما زاد خيرا (1)
والواجب الإخراج (من العين، وتجزي القيمة) كغيرهما (2).
(وأما للغلات) - الأربع (فيشترط فيها للتملك بالزراعة)
إن كان مما يزرع (3)، (أو الانتقال) أي انتقال الزرع، أو الثمرة
مع الشجرة، أو منفردة إلى ملكه (قبل انعقاد الثمرة) في الكرم (4)،
وبدو الصلاح، وهو الاحمرار، أو الاصفرار في النخل، (وانعقاد الحب)
في الزرع، فتجب الزكاة حينئذ على المنتقل إليه وإن لم يكن زارعا،
وربما أطلقت الزراعة على ملك الحب والثمرة على هذا الوجه (5).
وكان عليه أن يذكر بدو الصلاح في النخل لئلا يدخل في الانعقاد
مع أنه لا قائل بتعلق الوجوب فيه به (6)، وإن كان الحكم بكون الانتقال.
32

قبل الانعقاد مطلقا (1) يوجب الزكاة (2) على المنتقل إليه صحيحا (3)
إلا أنه في النخل خال عن الفائدة إذ هو كغيره من الحالات السابقة (4)
وقد استفيد من فحوى الشرط (5) أن تعلق الوجوب بالغلات، عند انعقاد
الحب والثمرة وبدو صلاح النخل، وهذا هو المشهور بين الأصحاب،
وذهب بعضهم إلى أن الوجوب لا يتعلق بها إلى أن يصير أحد الأربعة
حقيقة (6) وهو بلوغها حد اليبس الموجب للاسم؟. وظاهر النصوص
دال عليه (7).
33

(ونصابها) الذي لا تجب فيها بدون بلوغه، واكتفى عن اعتباره
شرطا بذكر مقداره تجوزا (ألفان وسبعمائة رطل) بالعراقي، أصله خمسة
أوسق، ومقدار الوسق ستون صاعا، والصاع تسعة أرطال بالعراقي،
ومضروب ستين في خمسة، ثم في تسعة تبلغ ذلك (1)، (وتجب) الزكاة
(في الزائد) عن النصاب (مطلقا) وإن قل بمعنى أن ليس له إلا نصاب
واحد، ولا عفو فيه.
(والمخرج) من النصاب وما زاد (العشر إن سقي سيحا) (2)
بالماء الجاري على وجه الأرض سواء كان قبل الزرع كالنيل (3)،
أو بعده، (أو بعلا) وهو شربه بعروقه القريبة من الماء، (أو عذيا)
بكسر العين (4)، وهو أن يسقى بالمطر، (ونصف العشر بغيره) (5)
بأن سقي بالدلو (6) والناضح (7) والدالية (8) ونحوها (9)، (ولو سقي
بهما فالأغلب) عددا مع تساويهما في النفع، أو نفعا ونموا، لو اختلفا (10)
34

وفاقا للمصنف، ويحتمل اعتبار العدد والزمان مطلقا (1)، (ومع التساوي)
فيما اعتبر التفاضل فيه. فالواجب (ثلاثة أرباع العشر) لأن الواجب
حينئذ في نصفه العشر، وفي نصفه نصفه (2)، وذلك ثلاثة أرباعه
من الجميع.
ولو أشكل الأغلب احتمل وجوب الأقل، للأصل (3)، والعشر (4)
للاحتياط، وإلحاقه بتساويهما لتحقق تأثيرهما (5)، والأصل عدم التفاضل (6)
وهو الأقوى.
واعلم أن إطلاقه الحكم بوجوب المقدر فيما ذكر يؤذن بعدم اعتبار
استثناء المؤنة (7)، وهو قول الشيخ رحمه الله، محتجا بالإجماع عليه منا،
ومن العامة، ولكن المشهور بعد الشيخ استثناؤها، وعليه المصنف في سائر
كتبه وفتاواه، والنصوص (8) خالية من استثنائها (9) مطلقا (10)، نعم
35

ورد استثناء حصة السلطان (1) وهو أمر خارج عن المؤنة وإن ذكرت
منها في بعض العبارات تجوزا، والمراد بالمؤنة ما يغرمه المالك على الغلة
من ابتداء العمل لأجلها وإن تقدم على عامها إلى تمام التصفية ويبس
الثمرة ومنها البذر، ولو اشتراه اعتبر المثل، أو القيمة، ويعتبر النصاب
بعد ما تقدم منها على تعلق الوجوب، وما تأخر عنه يستثنى ولو من نفسه (2)
ويزكي الباقي وإن قل، وحصة السلطان كالثاني (3)، ولو اشترى الزرع
أو الثمرة فالثمن من المؤنة، ولو اشتراها مع الأصل وزع الثمن عليهما،
كما يوزع المؤنة على الزكوي وغيره لو جمعهما (4)، ويعتبر ما غرمه
بعده، ويسقط ما قبله (5)، كما يسقط اعتبار المتبرع وإن كان غلامه
أو ولده.
36

(الفصل للثاني - إنما تستحب زكاة التجارة مع)
مضي (الحول) السابق، (وقيام رأس المال فصاعدا) طول الحول (1)
ولو طلب المتاع بأنقص منه وإن قل في بعض الحول (2) فلا زكاة،
(ونصاب المالية) وهي النقدان بأيهما بلغ إن كان أصله عروضا (3)
وإلا فنصاب أصله (4) وإن نقص بالآخر (5) وفهم من الحصر أن قصد
الاكتساب عند التملك ليس بشرط (6) وهو قوي، وبه صرح في الدروس
وإن كان المشهور خلافه، وهو خيرة البيان، ولو كانت التجارة بيد عامل
فنصيب المالك من الربح يضم إلى المال (7)، ويعتبر بلوغ حصة العالم
نصابا في ثبوتها عليه (8) وحيث تجتمع الشرائط (فيخرج ربع عشر
القيمة) كالنقدين (9).
37

(وحكم باقي أجناس الزرع) الذي يستحب فيه الزكاة (حكم
الواجب) في اعتبار النصاب والزراعة (1)، وما في حكمها، وقدر (2)
الواجب (3) وغيرها (4).
(ولا يجوز تأخير الدفع) للزكاة (عن وقت الوجوب) إن جعلنا
وقته ووقت الإخراج واحدا، وهو التسمية بأحد الأربعة (5)، وعلى
المشهور فوقت الوجوب مغاير لوقت الإخراج، لأنه بعد التصفية، ويبس
الثمرة، ويمكن أن يريد بوقت الوجوب وجوب الإخراج، لا وجوب
الزكاة، ليناسب مذهبه، إذ يجوز على التفصيل (6) تأخيره عن أول
وقت الوجوب إجماعا، إلى وقت الإخراج، أما بعده فلا (7) (مع
الإمكان)، فلو تعذر لعدم التمكن من المال، أو الخوف من التغلب (8)
أو عدم المستحق جاز التأخير إلى زوال العذر، (فيضمن بالتأخير) لا لعذر
وإن تلف المال بغير تفريط، (ويأثم) للإخلال بالفورية الواجبة، وكذا
الوكيل والوصي (9) بالتفرقة لها ولغيرها.
38

وجوز المصنف في الدروس تأخيرها لانتظار الأفضل، أو التعميم (1)
وفي البيان كذلك، وزاد تأخيرها لمعتاد الطلب منه بما لا يؤدي إلى الإهمال
وآخرون شهرا، وشهرين مطلقا (2) خصوصا مع المزية (3) وهو قوي
(ولا يقدم على وقت الوجوب) على أشهر القولين (إلا قرضا، فتحتسب)
بالنية (عند الوجوب بشرط بقاء القابض على الصفة) الموجبة للاستحقاق
فلو خرج عنها (4) ولو باستغنائه بنمائها (5) لا بأصلها (6)، ولا بهما (7)
أخرجت على غيره (8).
(ولا يجوز نقلها عن بلد المال إلا مع إعواز المستحق) فيه فيجوز
إخراجها إلى غيره مقدما للأقرب إليه فالأقرب، إلا أن يختص الأبعد
بالأمن، وأجرة النقل حينئذ على المالك (فيضمن) لو نقلها إلى غير البلد
39

(لا معه) أي لا مع الإعواز (وفي الإثم قولان) أجودهما وهو خيرة
الدروس العدم، لصحيحة هشام (1) عن الصادق عليه السلام، (ويجزئ)
لو نقلها، أو أخرجها في غيره على القولين (2)، مع احتمال العدم (3)
للنهي (4) على القول به.
وإنما يتحقق نقل الواجب مع عزله قبله (5) بالنية (6)، وإلا فالذاهب
من ماله لعدم تعيينه، وإن عدم المستحق، ثم إن كان المستحق معدوما
في البلد جاز العزل قطعا، وإلا ففيه نظر، من أن الدين لا يتعين بدون
قبض مالكه (7)، أو ما في حكمه مع الإمكان، واستقرب في الدروس
صحة العزل بالنية مطلقا (8)، وعليه (9) تبتني المسألة (10) هنا (11)، وأما نقل
40

قدر الحق بدون النية فهو كنقل شئ من ماله، فلا شبهة في جوازه (1)
مطلقا (2). فإذا صار في بلد آخر ففي جواز احتسابه (3) على مستحقيه
مع وجودهم في بلده على القول بالمنع (4) نظر، من (5) عدم صدق
النقل الموجب للتغرير بالمال، وجواز (6) كون الحكمة نفع المستحقين بالبلد
وعليه (7).
41

يتفرع ما لو احتسب القيمة في غير بلده، أو المثل من غيره (1).
(الفصل الثالث - في المستحق)
اللام للجنس أو الاستغراق، فإن المستحقين لها ثمانية أصناف (وهم
الفقراء والمساكين، ويشملهما من لا يملك مؤنة سنة) فعلا أو قوة، له
ولعياله الواجبي النفقة بحسب حاله في الشرف وما دونه. واختلف في أن
أيهما أسوأ حالا مع اشتراكهما فيما ذكر (2)، ولا ثمرة مهمة في تحقيق ذلك
للإجماع على إرادة كل منهما من الآخر حيث يفرد (3)، وعلى استحقاقهما
من الزكاة، ولم يقعا مجتمعين إلا فيها (4)، وإنما تظهر الفائدة في أمور
نادرة (5).
(والمروي) في صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السلام (أن المسكين
42

أسوأ حالا) لأنه قال: " الفقير الذي لا يسأل الناس، والمسكين أجهد
منه (1) " وهو موافق لنص أهل اللغة أيضا (2)، (والدار والخادم)
43

اللائقان بحال مالكهما كمية وكيفية (1) (من المؤنة)، ومثلهما ثياب التجمل
وفرس الركوب، وكتب العلم، وثمنها لفاقدها (2)، ويتحقق مناسبة
الحال في الخادم بالعادة (3)، أو الحاجة ولو إلى أزيد من واحد، ولو زاد
أحدها في إحداهما تعين الاقتصار على اللائق (4).
44

(ويمنع ذو الصنعة) اللائقة بحاله، (والضيعة) ونحوها من العقار
(إذا نهضت بحاجته) والمعتبر في الضيعة نماؤها لا أصلها في المشهور،
وقيل: يعتبر الأصل، ومستند المشهور ضعيف، وكذا الصنعة بالنسبة
إلى الآلات (1)، ولو اشتغل عن الكسب بطلب علم ديني جاز له تناولها
وإن قدر عليه لو ترك (2) نعم لو أمكن الجمع بما لا ينافيه تعين، (وإلا)
تنهضا بحاجته (تناول التتمة) لمؤنة السنة (لا غير) إن أخذها دفعة،
أو دفعات، أما لو أعطى ما يزيد دفعة صح كغير المكتسب، وقيل:
بالفرق (3) واستحسنه المصنف في البيان، وهو ظاهر إطلاقه هنا وتردد
في الدروس. ومن تجب نفقته على غيره غني مع بذل المنفق، لا بدونه
مع عجزه (4).
(والعاملون) عليها (وهم السعاة في تحصيلها) وتحصينها بجباية،
وولاية، وكتابة، حفظ، وحساب، وقسمة، وغيرها، ولا يشترط
فقرهم، لأنهم قسيمهم، ثم إن عين لهم قدر بجعالة، أن إجارة تعين،
وإن قصر ما حصلوه عن فيكمل لهم من بين المال، وإلا أعطوا
بحسب ما يراه الإمام.
(والمؤلفة قلوبهم - وهم كفار يستمالون إلى الجهاد) بالإسهام لهم
45

منها، (قيل) والقائل المفيد والفاضلان (1): (ومسلمون أيضا) وهم أربع
فرق، قوم لهم نظراء من المشركين إذا أعطي المسلمون رغب نظراؤهم
في الإسلام، وقوم نياتهم ضعيفة في الدين يرجى بإعطائهم قوة نيتهم،
وقوم بأطراف بلاد الإسلام إذا أعطوا منعوا الكفار من الدخول، أو رغبوهم
في الإسلام، وقوم جاوروا قوما تجب عليهم الزكاة إذا أعطوا منها
جبوها منهم وأغنوا عن عامل. ونسبه المصنف إلى القيل، لعدم اقتضاء
ذلك الاسم، إذا يمكن رد ما عدا الأخير إلى سبيل الله، والأخير إلى
العمالة. وحيث لا يوجب البسط، وتجعل الآية (2)، لبيان المصرف كما
هو المنصور (3) تقل فائدة الخلاف، لجواز إعطاء الجميع من الزكاة
في الجملة.
(وفي الرقاب) - جعل الرقاب ظرفا للاستحقاق تبعا للآية، وتنبيها
على أن استحقاقهم ليس على وجه الملك، أو الاختصاص كغيرهم (4)،
إذ يتعين عليهم صرفها في الوجه الخاص، بخلاف غيرهم، ومثلهم في سبيل الله
والمناسب لبيان المستحق التعبير بالرقاب وسبيل الله، بغير حرف الجر (5)
46

(وهم المكاتبون) مع قصور كسبهم عن أداء مال الكتابة، (والعبيد
تحت الشدة) عند مولاهم، أو من سلط عليهم، والمرجع فيها (1) إلى
العرف، فيشترون منها ويعتقون بعد الشراء، ونية الزكاة مقارنة لدفع
الثمن إلى البائع، أو للعتق (2)، ويجوز شراء العبد وإن لم يكن في شدة
مع تعذر المستحق مطلقا (3) على الأقوى، ومعه (4) من سهم سبيل الله
إن جعلناه كل قربة.
(والغارمون - وهم المدينون في غير معصية) ولا يتمكنون من القضاء
فلو استدانوا وأنفقوه في معصية منعوا من سهم الغارمين، وجاز من سهم
الفقراء إن كانوا منهم بعد التوبة، إن اشترطناها، أو من سهم سبيل الله
(و المروي) عن الرضا عليه السلام مرسلا (5) (أنه لا يعطى مجهول
الحال) فيما أنفق هل هو في طاعة أو معصية، وللشك في الشرط (6)،
وأجازه جماعة حملا لتصرف المسلم على الجائز، وهو قوي، (ويقاص
47

الفقير بها) بأن يحتسبها صاحب الدين عليه إن كانت عليه (1) ويأخذها مقاصة
من دينه وإن لم يقبضها المديون ولم يوكل في قبضها (2)، وكذا يجوز
لمن هي عليه دفعها إلى رب الدين كذلك، (وإن مات) المديون مع
قصور تركته عن الوفاء (3)، أو جهل الوارث بالدين (4)، أو جحوده
وعدم إمكان إثباته شرعا (6)، والأخذ منه مقاصة (7). وقيل: يجوز
مطلقا (8). بناء على انتقال التركة إلى الوارث، فيصير فقيرا (9) وهو
ضعيف (10) لتوقف تمكنه منها على قضاء الدين لو قيل به، (أو كان
واجب النفقة) أي كان الدين على من تجب نفقته على رب الدين، فإنه
48

يجوز مقاصته به منها (1)، ولا يمنع منها وجوب نفقته، لأن الواجب
هو المؤنة لا وفاء الدين، وكذا يجوز له الدفع إليه منها ليقضيه إذا كان
لغيره (2)، كما يجوز إعطاؤه غيره مما لا يجب بذله كنفقة الزوجة (3).
(وفي سبيل الله - وهو القرب كلها) على أصح القولين، لأن
سبيل الله لغة: الطريق إليه، والمراد هنا الطريق إلى رضوانه وثوابه،
لاستحالة التحيز عليه فيدخل فيه ما كان وصلة إلى ذلك، كعمارة المساجد
ومعونة المحتاجين، وإصلاح ذات البين وإقامة نظام العلم والدين، وينبغي
تقييده بما لا يكون فيه معونة لغني لا يدخل في الأصناف، وقيل: يختص
بالجهاد السائغ، والمروي الأول (4).
(وابن السبيل - وهو المنقطع به) في غير بلده، " (ولا يمنع غناه
في بلده مع عدم تمكنه من الاعتياض (5) عنه) ببيع، أو اقتراض
أو غيرهما (6)، وحينئذ فيعطى ما يليق بحاله من المأكول، والملبوس،
49

و المركوب، إلى أن يصل إلى بلده بعد قضاء الوطر (1)، أو إلى محل
يمكنه الاعتياض فيه، فيمنع حينئذ، ويجب رد الموجود منه وإن كان
مأكولا على مالكه، أو وكيله، فإن تعذر فإلى الحاكم، فإن تعذر صرفه
بنفسه إلى مستحق الزكاة. ومنشئ السفر مع حاجته إليه (2)، ولا يقدر
على ماله يبلغه، ابن سبيل (3) على الأقوى. (ومنه) أي من ابن السبيل
(الضيف)، بل قيل: بانحصاره فيه إذا كان نائيا عن بلده وإن كان
غنيا فيها، مع حاجته إلى الضيافة، والنية عند شروعه في الأكل، ولا يحتسب
عليه إلا ما أكل وإن كان مجهولا (4).
(ويشترط العدالة فيمن عدا المؤلفة) قلوبهم من أصناف المستحقين،
أما المؤلفة فلا، لأن كفرهم مانع من العدالة، والغرض منهم يحصل بدونها
أما اعتبار عدالة العامل فموضع وفاق، أما غيره فاشتراط عدالته أحد
الأقوال في المسألة، بل ادعى المرتضى فيه الإجماع، (ولو كان السفر)
من ابن السبيل (معصية منع) كما يمنع الفاسق في غيره (5)، (و)
لا تعتبر العدالة (في الطفل)، لعدم إمكانها فيه، بل (يعطى الطفل ولو كان
أبواه فاسقين) اتفاقا، (وقيل: المعتبر) في المستحق غير من استثني باشتراط
العدالة (6)، أو بعدمها (7) (تجنب الكبائر) دون غيرها من الذنوب
50

وإن أوجبت فسقا، لأن النص (1) ورد على منع شارب الخمر وهو
من الكبائر، ولم يدل على منع الفاسق مطلقا (2)، وألحق به غيره
من الكبائر للمساواة.
وفيه نظر لمنع المساواة (3)، وبطلان القياس، والصغائر إن أصر
عليها ألحقت بالكبائر، وإلا لم توجب الفسق، والمروءة (4) غير معتبرة
في العدالة هنا على ما صرح به المصنف في شرح الإرشاد فلزم من اشتراط
تجنب الكبائر اشتراط العدالة، ومع ذلك لا دليل على اعتبارها، والإجماع
ممنوع، والمصنف لم يرجح اعتبار، إلا في هذا الكتاب، ولو اعتبرت
لزم منع الطفل، لتعذرها منه، وتعذر الشرط غير (5) كاف
في سقوطه (6)، وخروجه بالإجماع موضع تأمل (7).
(ويعيد المخالف الزكاة لو أعطاها مثله)، بل غير المستحق مطلقا (8)
(ولا يعيد باقي العبادات) التي أوقعها على وجهها بحسب معتقده والفرق
51

أن الزكاة دين وقد دفعه إلى غير مستحقه، والعبادات حق الله تعالى
وقد أسقطها عنه رحمة كما أسقطها عن الكافر إذا أسلم، ولو كان المخالف
قد تركها أو فعلها على غير الوجه قضاها، والفرق بينه وبين الكافر قدومه
على المعصية بذلك، والمخالفة لله (1)، بخلاف ما لو فعلها على الوجه،
كالكافر إذا تركها.
(ويشترط) في المستحق (أن لا يكون واجب النفقة على المعطي)
من حيث الفقر أما من جهة الغرم. والعمولة. وابن السبيل. ونحوه
إذا اتصف بموجبه فلا (2) فيدفع إليه ما يوفي دينه (3)، والزائد عن نفقة
الحضر (4). والضابط أن واجب النفقة إنما يمنع من سهم الفقراء لقوت
نفسه مستقرا في وطنه، " (ولا هاشميا إلا من قبيله) وهو هاشمي مثله،
وإن خالفه في النسب، (أو تعذر كفايته من الخمس) فيجوز تناول قدر
الكفاية منها حينئذ، ويتخير بين زكاة مثله، والخمس مع وجودهما،
والأفضل الخمس، لأن الزكاة أوساخ في الجملة، وقيل: لا يتجاوز
من زكاة غير قبيله قوت بوم وليلة، إلا مع عدم اندفاع الضرورة به،
كأن لا يجد في اليوم الثاني ما يدفعها به، هذا كله في الواجبة، أما المندوبة
فلا يمنع منها، وكذا غيرها من الواجبات على الأقوى.
52

(ويجب دفعها إلى الإمام مع الطلب بنفسه، أو بساعيه) لوجوب
طاعته مطلقا (1) (قيل: وكذا) يجب دفعها (إلى الفقيه) الشرعي
(في) حال (الغيبة) لو طلبها بنفسه أو وكيله، لأنه نائب للإمام كالساعي
بل أقوى، ولو خالف المالك وفرقها بنفسه لم يجز، للنهي المفسد للعبادة (2)
وللمالك استعادة العين مع بقائها، أو علم القابض (3)، (ودفعها إليهم
ابتداء) من غير طلب (4) (أفضل) من تفريقها بنفسه، لأنهم أبصر
بمواقعها، وأخبر بمواضعها، (وقيل) والقائل المفيد والتقي (5): (يجب)
دفعها ابتداء إلى الإمام أو نائبه، ومع الغيبة إلى الفقيه المأمون، وألحق
53

التقي الخمس محتجين بقوله تعالى: " خذ من أموالهم صدقة "، والإيجاب
عليه يستلزم الإيجاب عليهم، والنائب كالمنوب (1) والأشهر الاستحباب.
(ويصدق المالك في الإخراج بغير يمين) لأن ذلك حق له كما هو
عليه (2)، ولا يعلم إلا من قبله، وجاز احتسابها من دين وغيره مما يتعذر
الإشهاد عليه (3)، وكذا تقبل دعواه عدم الحول، وتلف المال وما ينقص
النصاب، ما لم يعلم كذبه، ولا تقبل الشهادة عليه في ذلك (4) إلا مع
الحصر (5)،
54

لأنه نفي (1)، (ويستحب قسمتها على الأصناف) الثمانية لما فيه (2)
من فضيلة التسوية بين المستحقين (3)، وعملا بظاهر الاشتراك (4) (وإعطاء
جماعة من كل صنف) اعتبارا بصيغة الجمع (5)، ولا يجب التسوية بينهم،
بل الأفضل التفضيل بالمرجح (6).
(ويجوز) الدفع إلى الصنف (الواحد) والفرد الواحد منه، لما ذكرناه
من كونه (7) لبيان المصرف، فلا يجب التشريك، (و) يجوز (الإغناء)
وهو إعطاء فوق الكفاية (إذا كان دفعة) واحدة، لاستحقاقه حال الدفع
والغنا متأخر عن الملك فلا ينافيه، ولو أعطاه دفعات امتنعت المتأخرة
عن الكفاية.
55

(وأقل ما يعطى) المستحق (استحبابا (1) ما يجب في أول نصب
النقدين (2)) إن كان المدفوع منهما، و أمكن بلوغ القدر، فلو تعذر
كما لو أعطي ما في الأول لواحد سقط الاستحباب في الثاني، إذا لم يجتمع
منه نصب كثيرة تبلغ الأول. ولو كان المدفوع من غير النقدين، ففي
تقديره بأحدهما مع الإمكان وجهان (3)، ومع تعذره كما لو وجب عليه
شاة واحدة لا تبلغه يسقط قطعا، وقيل: إن ذلك على سبيل الوجوب (4)
مع إمكانه، وهو ضعيف.
(ويستحب دعاء الإمام أو نائبه للمالك) عند قبضها منه، للأمر به
في قوله تعالى: " وصل عليهم "، بعد أمره بأخذها منهم والنائب كالمنوب
وقيل: يجب لدلالة الأمر عليه، وهو قوي وبه قطع المصنف في الدروس
ويجوز بصيغة الصلاة للاتباع (5) ودلالة الأمر (6)، وبغيرها (7) لأنه
معناها لغة. والأصل هنا عدم النقل (8)، وقيل: يتعين لفظ الصلاة
56

لذلك (1) والمراد بالنائب هنا ما يشمل الساعي والفقيه، فيجب عليهما
أو يستحب، أما المستحق فيستحب له بغير خلاف.
(ومع الغيبة لا ساعي ولا مؤلفة إلا لمن يحتاج إليه) وهو الفقيه إذا
تمكن من نصب الساعي وجبايتها، وإذا وجب الجهاد في حال الغيبة واحتيج
إلى التأليف فيجوز بالفقيه وغيره، وكذا سهم سبيل الله لو قصرناه على
الجهاد، وأسقط الشيخ رحمه الله سهم المؤلفة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله
لبطلان التأليف بعده، وهو ضعيف.
(وليخص زكاة النعم المتجمل)، وزكاة النقدين والغلات غيرهم،
رواه عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام، معللا بأن أهل التجمل
يستحيون من الناس، فيدفع إليهم أجل (2) الأمرين عند الناس، (وإيصالها
إلى المستحي من قبولها هدية)، واحتسابها عليه بعد وصولها إلى يده،
أو يد وكيله، مع بقاء عينها.
(الفصل الرابع في زكاة الفطرة)
وتطلق على الخلقة وعلى الإسلام، والمراد بها على الأول زكاة الأبدان
مقابل المال، وعلى الثاني زكاة الدين والإسلام (3)،
57

ومن ثم وجبت على من أسلم قبل الهلال (1)، (ويجب على البالغ العاقل
الحر) لا على الصبي والمجنون والعبد، بل على من يعولهم إن كان
من أهلها (2)، ولا فرق في العبد بين القن والمدبر والمكاتب، إلا إذا
تحرر بعض المطلق فيجب عليه بحسابه (3)، وفي جزئه الرق والمشروط
قولان أشهرهما وجوبهما على المولى ما لم يعله غيره (4) (المالك قوت
سنته) فعلا، أو قوة، فلا تجب على الفقير وهو من استحق الزكاة لفقره
ولا يشترط في مالك قوت السنة أن يفضل عنه أصواع بعدد من يخرج
عنه، (فيخرجها عنه وعن عياله) من ولد، وزوجة، وضعيف.
(ولو تبرعا) (5).
والمعتبر في الضيف وشبهه صدق اسمه قبل الهلال ولو بلحظة، ومع
وجوبها عليه تسقط عنهم وإن لم يخرجها، حتى لو أخرجوها تبرعا بغير
إذنه لم يبرأ من وجبت عليه، وتسقط عنه لو كان بإذنه، ولا يشترط
في وجوب فطرة الزوجة والعبد العيلولة (6)، بل تجب مطلقا، ما لم يعلهما
غيره (7) ممن تجب عليه (8)، نعم يشترط كون الزوجة واجبة النفقة،
58

فلا فطرة للناشز والصغيرة.
(وتجب) الفطرة (على الكافر) كما يجب عليه زكاة المال، (ولا تصح
منه حال كفره)، مع أنه لو أسلم بعد الهلال سقطت عنه وإن استحبت
قبل الزوال، كما تسقط المالية لو أسلم بعد وجوبها (1)، وإنما تظهر الفائدة
في عقابه على تركها لو مات كافرا كغيرها من العبادات (2)، (والاعتبار
بالشروط عند الهلال) فلو أعتق العبد بعده، أو استغنى الفقير، أو أسلم
الكافر، أو أطاعت الزوجة لم يجب، (وتستحب) الزكاة (لو تجدد
السبب) الموجب (ما بين الهلال) وهو الغروب ليلة العيد (إلى الزوال)
من يومه.
(وقدرها صاع (3)) عن كل إنسان (من الحنطة، أو الشعير،
أو التمر، أو الزبيب، أو الأرز) منزوع القشر الأعلى، (أو الأقط) (4)
وهو لبن جاف، (أو اللبن) وهذه الأصول مجزية وإن لم تكن قوتا غالبا
أما غيرها فإنما يجزي مع غلبته في قوت المخرج، (وأفضلها التمر)
لأنه أسرع منفعة وأقل كلفة، ولاشتماله على القوت والإدام، (ثم الزبيب)
لقربه من التمر في أوصافه، (ثم ما يغلب على قوته) من الأجناس وغيرها.
(والصاع تسعة أرطال ولو من اللبن في الأقوى) هذا غاية لوجوب
الصاع، لا لتقديره (5)، فإن مقابل الأقوى إجزاء ستة أرطال منه،
59

أو أربعة، لا أن الصاع منه (1) قدر آخر (2)، (ويجوز إخراج القيمة
بسعر الوقت) من غير انحصار في درهم عن الصاع، أو ثلثي درهم،
وما ورد منها مقدرا منزل على سعر ذلك الوقت.
(وتجب النية فيها وفي المالية) من المالك، أو وكيله عند الدفع
إلى المستحق، أو وكيله عموما كالإمام ونائبه عاما، أو خاصا (3)،
أو خصوصا (4) كوكيله، ولو لم ينو المالك عند دفعها إلى غير المستحق (5)
أو وكيله الخاص فنوى القابض (6) عند دفعها إليه أجزأ، (ومن عزل
إحداهما) بأن عينها في مال خاص بقدرها بالنية، (لعذر) مانع من تعجيل
إخراجها، (ثم تلفت) بعد العزل بغير تفريط (لم يضمن)، لأنه بعد ذلك
بمنزلة الوكيل في حفظها، ولو كان لا لعذر ضمن مطلقا (7) إن جوزنا
العزل معه، وتظهر فائدة العزل في انحصارها في المعزول فلا يجوز التصرف
فيه، ونماؤه تابع (8)،
60

وضمانه كما ذكر (1)، (ومصرفها مصرف المالية) وهو الأصناف الثمانية.
(ويستحب أن لا يقصر العطاء) للواحد (عن صاع) على الأقوى،
والمشهور أن ذلك على وجه الوجوب، ومال إليه في البيان، ولا فرق
بين صاع نفسه ومن يعوله، (إلا مع الاجتماع) أي اجتماع المستحقين،
(وضيق المال) فيسقط الوجوب، أو الاستحباب، بل يبسط الموجود
عليهم بحسبه، ولا تجب التسوية وإن استحبت مع عدم المرجح، (ويستحب
أن يخص بها المستحق من القرابة والجار) بعده (2)، وتخصيص أهل الفضل
بالعلم والزهد وغيرهما، وترجيحهم في سائر المراتب.
(ولو بان الآخذ غير مستحق ارتجعت) عينا أو بدلا مع الإمكان،
(ومع التعذر تجزي إن اجتهد (3)) الدافع بالبحث عن حاله على وجه
لو كان بخلافه لظهر عادة، لا بدونه (4) بأن اعتمد على دعواه الاستحقاق
مع قدرته على البحث، (إلا أن يكون) المدفوع إليه (عبده) فلا يجزي
مطلقا (5)، لأنه لم يخرج عن ملك المالك.
وفي الاستثناء نظر، لأن العلة (6) في نفس الأمر مشتركة، فإن
61

القابض مع عدم استحقاقه لا يملك مطلقا وإن برئ الدافع، بل يبقى
المال مضمونا عليه، وتعذر الارتجاع مشترك (1)، والنص مطلق (2).
62

كتاب الخمس
63

كتاب الخمس
(ويجب في سبعة) أشياء:
(الأول - الغنيمة) وهي ما يحوزه المسلمون بإذن النبي، أو الإمام
عليهم السلام من أموال أهل الحرب بغير سرقة، ولا غيلة (1) من منقول
وغيره، ومن مال البغاة (2) إذا حواها العسكر عند الأكثر ومنهم المصنف
في خمس الدروس، وخالفه في الجهاد وفي هذا الكتاب. ومن الغنيمة فداء
المشركين وما صولحوا عليه. وما أخرجناه من الغنيمة بغير إذن الإمام
والسرقة والغيلة من أموالهم فيه الخمس أيضا لكنه لا يدخل في اسم الغنيمة
بالمعنى المشهور (3)، لأن الأول للإمام خاصة، والثاني لآخذه، نعم
هو غنيمة بقول مطلق (4) فيصح إخراجه منها، وإنما يجب الخمس في الغنيمة
(بعد إخراج المؤن) وهي ما أنفق عليها بعد تحصيلها بحفظ، وحمل،
ورعي، ونحوها، وكذا يقدم عليه الجعائل (5) على الأقوى.
65

(والثاني - المعدن) بكسر الدال وهو ما استخرج من الأرض مما كانت
أصله (1)، ثم اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها كالملح، والجص
وطين الغسل، وحجارة الرحى، والجواهر من الزبرجد، والعقيق،
والفيروزج، وغيرها.
(والثالث - الغوص)
أي ما أخرج به من اللؤلؤ، والمرجان، والذهب، والفضة التي ليس
عليها سكة الإسلام، والعنبر، والمفهوم منه (2) الإخراج من داخل الماء
فلو أخذ شئ من ذلك من الساحل، أو من وجه الماء لم يكن غوصا،
وفاقا للمصنف في الدروس، وخلافا للبيان. وحيث لا يلحق به يكون
من المكاسب (3). وتظهر الفائدة في الشرائط، وفي إلحاق صيد البحر
بالغوص، أو المكاسب وجهان، والتفصيل حسن، إلحاقا لكل بحقيقته (4).
(والرابع - أرباح المكاسب)
من تجارة، وزراعة، وغرس، وغيرها مما يكتسب من غير الأنواع
66

المذكورة قسيمها (1)، ولو بنماء (2)، وتولد، وارتفاع قيمة، وغيرها،
خلافا للتحرير حيث نفاه في الارتفاع.
(والخامس - الحلال المختلط (3) بالحرام)
(ولا يتميز، ولا يعلم صاحبه)
ولا قدره بوجه، فإن إخراج خمسه حينئذ يطهر المال من الحرام
فلو تميز كان للحرام حكم المال المجهول المالك حيث لا يعلم.
ولو علم صاحبه ولو في جملة قوم منحصرين فلا بد من التخلص منه
ولو بصلح، ولا خمس، فإن أبى قال في التذكرة: دفع إليه خمسه (4)
إن لم يعلم زيادته، أو ما يغلب على ظنه إن علم زيادته، أو نقصانه، ولو علم
قدره كالربع والثلث وجب إخراجه أجمع صدقة، لا خمسا (5)، ولو علم
قدره جملة، لا تفصيلا فإن علم أن يزيد على الخمس خمسه وتصدق بالزائد
ولو ظنا (6). ويحتمل قويا كون الجميع (7) صدقة.
67

ولو علم نقصانه عنه (1) اقتصر على ما يتيقن به البراءة صدقة (2)
على الظاهر، وخمسا في وجه، وهو أحوط، ولو كان الحلال الخليط
مما يجب فيه الخمس خمسه بعد ذلك بحسبه، ولو تبين المالك بعد إخراج
الخمس ففي الضمان له وجهان، أجودهما ذلك (3).
(السادس - الكنز)
وهو المال المذخور تحت الأرض قصدا في دار الحرب مطلقا (4)،
أو دار الإسلام ولا أثر له عليه، ولو كان عليه أثره فلقطة على الأقوى (5)
هذا إذا لم يكن في ملك لغيره ولو في وقت سابق، فلو كان كذلك عرفه
المالك، فإن اعترف به فهو له بقوله مجردا (6)، وإلا عرفه من قبله،
من بائع وغيره، فإن اعترف به، وإلا فمن قبله ممن يمكن، فإن تعددت
الطبقة وادعوه أجمع قسم عليهم بحسب السبب (7)، ولو ادعاه بعضهم
68

خاصة فإن ذكر سببا يقتضي التشريك سلمت إليه حصته خاصة (1)،
وإلا الجميع (2)، وحصة الباقي (3) كما (4) لو نفوه أجمع (5) فيكون
للواجد إن لم يكن عليه أثر الإسلام، وإلا فلقطة، ومثله الموجود في جوف
دابة (6) ولو سمكة مملوكة بغير الحيازة (7)، أما بها فلواجده، لعدم
قصد المحيز. (8)
69

إلى تملك ما في بطنها ولا يعلمه وهو (1) شرط الملك على الأقوى.
وإنما يجب في الكنز (إن بلغ عشرين دينارا) عينا، أو قيمة. والمراد
بالدينار المثقال (2) كغيره، وفي الاكتفاء بمائتي درهم (3) وجه احتمله
المصنف في البيان، مع قطعه بالاكتفاء بها في المعدن، وينبغي القطع
بالاكتفاء بها هنا، لأن صحيح البزنطي عن الرضا عليه السلام تضمن أن
ما يجب الزكاة منه في مثله ففيه الخمس، (قيل: والمعدن كذلك) يشترط
بلوغه عشرين دينارا، ونسبته إلى القيل تدل على توقفه فيه، مع جزمه
به في غيره، وصحيح البزنطي (4) دال عليه، فالعمل به متعين،
وفي حكمها (5) بلوغه مائتي درهم كما مر عند المصنف (6)، مع أن الرواية
هنا لا تدل عليه (7).
(وقال الشيخ في الخلاف: لا نصاب له)، بل يجب في مسماه
70

وهو ظاهر الأكثر، نظرا إلى الاسم (1) والرواية حجة عليهم (2)،
(واعتبر أبو الصلاح، التقي) الحلبي (3) (فيه دينارا كالغوص)، استنادا
إلى رواية قاصرة (4)، نعم يعتبر الدينار، أو قيمته في الغوص قطعا،
واكتفى المصنف عن اشتراطه فيه بالتشبيه هنا (5).
ويعتبر النصاب في الثلاثة بعد المؤنة التي يغرمها على تحصيله، من حفر
وسبك في المعدن، وآلة الغوص، أو أرشها، (6) وأجرة الغواص
في الغوص، وأجرة الحفر ونحوه في الكنز، ويعتبر النصاب بعدها (7)
مطلقا (8) في ظاهر الأصحاب، ولا يعتبر اتحاد الإخراج (9) في الثلاثة (10)
71

بل يضم بعض الحاصل إلى بعض وإن طال الزمان، أو نوي الإعراض،
وفاقا للمصنف، واعتبر العلامة عدم نية الإعراض، وفي اعتبار اتحاد
النوع (1) وجهان، أجودهما اعتباره في الكنز والمعدن، دون الغوص،
وفاقا للعلامة، ولو اشتراك جماعة اعتبر بلوغ نصيب كل نصابا بعد مؤنته.
(والسابع - أرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم)، سواء انتقلت إليه
بشراء، أم غيره، وإن تضمن بعض الأخبار (2) لفظ الشراء، وسواء
كانت مما فيه الخمس كالمفتوحة عنوة حيث يصح بيعها (3)، أم لا، وسواء
أعدت للزراعة، أم لغيرها، حتى لو اشترى بستانا، أو دارا أخذ منه
خمس الأرض، عملا بالأطلق (4)، وخصها في المعتبر بالأولى (5).
وعلى ما اخترناه فطريق (6) معرفة الخمس أن تقوم مشغولة بما فيها
بأجرة للمالك (7)، ويتخير الحاكم بين أخذ خمس العين، والارتفاع (8)
72

ولا حول هنا، ولا نصاب، ولا نية. ويحتمل وجوبها (1) عن الآخذ،
لا عنه، وعليه المصنف في الدروس، والأول (2) في البيان، ولا يسقط
ببيع الذمي لها قبل الإخراج وإن كان لمسلم، ولا بإقالة المسلم له في البيع
الأول (3)، مع احتماله هنا، بناء على أنها فسخ، لكن لما كان من حينه
ضعف (4).
(وهذه) الأرض (لم يذكرها كثير) من الأصحاب كابن أبي عقيل،
وابن الجنيد، والمفيد، وسلار، والتقي. والمتأخرون أجمع (5) والشيخ
من المتقدمين على وجوبه فيها، ورواه أبو عبيدة الحذاء في الموثق (6)
عن الباقر عليه السلام.
(وأوجبه أبو الصلاح في الميراث، والصدقة، والهبة)، محتجا بأنه
73

نوع اكتساب وفائدة، فيدخل تحت العموم (1)، (وأنكره ابن إدريس
والعلامة)، للأصل (2)، والشك في السبب، (والأول حسن)، لظهور
كونها غنيمة بالمعنى الأعم فتلحق بالمكاسب، إذ لا يشترط فيها (3)
حصوله (4) اختيارا، فيكون الميراث منه (5).
وأما العقود المتوقفة على القبول فأظهر، لأن قبولها نوع من الاكتساب
ومن ثم يجب القبول حيث يجب (6)، كالاكتساب للنفقة، وينتفي حيث
ينتفي (7) كالاكتساب للحج، وكثيرا ما يذكر الأصحاب أن قبول الهبة
ونحوها اكتساب، وفي صحيحة (8) علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني،
74

ما يرشد إلى الوجوب فيها، والمصنف لم يرجح هذا القول إلا هنا، بل اقتصر
في الكتابين (1) على مجرد نقل الخلاف، وهو يشعر بالتوقف.
(واعتبر المفيد في الغنيمة والغوص والعنبر) ذكره (2) بعد الغوص
تخصيص بعد التعميم (3)، أو لكونه أعم منه من وجه (4) لإمكان تحصيله
من الساحل، أو عن وجه الماء، فلا يكون غوصا كما سلف (عشرين دينارا
عينا، أو قيمة. والمشهور أنه نصاب للغنيمة)، لعموم الأدلة (5)،
ولم نقف على ما أوجب إخراجه لها منه، فإنه ذكرها مجردة عن حجة،
75

وأما الغوص فقد عرفت أن نصابه دينار، للرواية عن الكاظم (1) عليه السلام
وأما العنبر فإن دخل فيه (2) فبحكمه وإلا فبحكم المكاسب. وكذا كل
ما انتفى فيه الخمس من هذه المذكورات لفقد شرط (3) ولو بالنقصان
عن النصاب.
(ويعتبر) في وجوب الخمس في (الأرباح) إخراج (مؤنته ومؤنة
عياله) الواجبي النفقة وغيرهم حتى الضيف (مقتصدا) فيها أي: متوسطا
بحسب اللائق بحاله عادة، فإن أسرف حسب عليه ما زاد، وإن قتر (4)
حسب له ما نقص (5)، ومن المؤنة هنا الهدية والصلة اللائقان بحاله،
وما يؤخذ منه في السنة قهرا، أو يصانع به الظالم اختيارا (6)، والحقوق
اللازمة له بنذر، وكفارة، ومؤنة تزويج، ودابة، وأمة، وحج
واجب إن استطاع عام الاكتساب، وإلا وجب في الفضلات السابقة
على عام الاستطاعة (7)، والظاهر أن الحج المندوب، والزيارة، وسفر الطاعة
76

كذلك، والدين المتقدم والمقارن لحول الاكتساب من المؤنة، ولا يجبر
التالف من المال بالربح وإن كان في عامه (1).
وفي جبر خسران التجارة بربحها في الحول وجه قطع به المصنف
في الدروس (2)، ولو كان له ما آخر لا خمس فيه ففي أخذ المؤنة منه
أو من الكسب، أو منهما بالنسبة أوجه (3)، وفي الأول احتياط، وفي الأخير
عدل، وفي الأوسط قوة، ولو زاد بعد تخميسه زيادة متصلة أو منفصلة (4)
وجب خمس الزائد، كما يجب خمسه (5) مما لا خمس في أصله، سواء أخرج
الخمس أولا من العين، أم من القيمة (6)، والمراد بالمؤنة هنا مؤنة
السنة، ومبدؤها ظهور الربح، ويتخير بين تعجيل إخراج ما يعلم زيادته
77

عليها، والصبر به إلى تمام الحول، لا لأن الحول معتبر فيه، بل لاحتمال
زيادة المؤنة، ونقصانها، فإنها مع تعجيله تخمينية، ولو حصل الربح في الحول
تدريجا اعتبر لكل خارج حول بانفراده. نعم توزع المؤنة في المدة المشتركة
بينه، وبين ما سبق عليهما (1)، ويختص بالباقي (2)، وهكذا. وكما لا يعتبر
الحول هنا لا يعتبر النصاب، بل يخمس الفاضل وإن قل، وكذا غير
ما ذكر له نصاب (3)، أما الحول فمنفي عن الجميع (4). والوجوب
في غير الأرباح مضيق (5).
(ويقسم) الخمس (ستة أقسام) على المشهور (6) عملا بظاهر
78

الآية (1)، وصريح الرواية (2)، (ثلاثة) منها (للإمام عليه السلام)
وهي سهم الله ورسوله وذي القربى، وهذا السهم وهو نصف الخمس
(يصرف إليه إن كان حاضرا، أو إلى نوابه) وهم الفقهاء العدول الإماميون
الجامعون لشرائط الفتوى (3)، لأنهم وكلاؤه (4)، ثم يجب عليهم فيه
ما يقتضيه مذهبهم، فمن يذهب منهم إلى جواز صرفه إلى الأصناف (5)
على سبيل التتمة كما هو المشهور بين المتأخرين منهم يصرفه على حسب
ما يراه، من بسط، وغيره، ومن لا يرى ذلك يجب عليه أن يستودعه
له إلى ظهوره، فإذا حضرته الوفاة أو دعه من ثقة، وهكذا ما دام
(غائبا، أو يحفظ) أي يحفظه من يجب عليه بطريق الاستيداع كما ذكرناه
في النائب (6)، وليس له أن يتولي إخراجه بنفسه إلى الأصناف مطلقا (7)،
ولا لغير الحاكم الشرعي، فإن تولاه غيره ضمن (8)، ويظهر من إطلاقه
79

صرف حقه عليه السلام إلى نوابه أنه لا يحل منه حال الغيبة شئ لغير
فريقه (1). والمشهور بين الأصحاب ومنهم المصنف في باقي كتبه وفتاواه
استثناء المناكح والمساكين والمتاجر من ذلك، فتباح هذه الثلاثة مطلقا (2)
والمراد من الأول الأمة المسبية حال الغيبة وثمنها (3)، ومهر الزوجة
من الأرباح، ومن الثاني ثمن المسكن منها أيضا، ومن الثالث الشراء
ممن لا يعتقد الخمس، أو ممن لا يخمس، ونحو ذلك (4). وتركه هنا
إما اختصارا، أو اختيارا، لأنه قول لجماعة من الأصحاب، والظاهر
الأول (5)، لأنه ادعى في البيان إطباق الإمامية عليه، نظرا إلى شذوذ
المخالف.
(وثلاثة أقسام) وهي بقية الستة (لليتامى) وهم الأطفال الذين
لا أب لهم، (والمساكين)، والمراد بهم هنا ما يشمل الفقراء كما في كل
موضع يذكرون منفردين، (وأبناء السبيل) على الوجه المذكور في الزكاة
(من الهاشميين المنتسبين) إلى هاشم (بالأب)، دون الأم، ودون المنتسبين
80

إلى المطلب أخي هاشم على أشهر القولين.
ويدل على الأول استعمال أهل اللغة، وما خالفه يحمل على المجاز (1)
لأنه خير من الاشتراك، وفي الرواية عن الكاظم عليه السلام (2) ما يدل
عليه، وعلى الثاني (3) أصالة عدم الاستحقاق، مضافا إلى ما دل على عدمه
من الأخبار (4)، واستضعافا لما استدل به القائل منها، وقصوره
عن الدلالة (5).
81

(وقال المرتضى) رضي الله عنه: يستحق المنتسب إلى هاشم (و) لو
(بالأم)، استنادا إلى قوله صلى الله عليه وآله عن الحسنين عليهما السلام
هذان ابناي إمامان (1)، والأصل في الإطلاق الحقيقة، وهو ممنوع،
بل هو أعم منها ومن المجاز، خصوصا مع وجود المعارض (2).
وقال المفيد وابن الجنيد: يستحق المطلبي أيضا وقد بيناه (3).
(ويشترط فقر شركاء الإمام عليه السلام) أما المساكين فظاهر،
وأما اليتامى فالمشهور اعتبار فقرهم لأن الخمس عوض الزكاة ومصرفها
الفقراء في غير من نص على عدم اعتبار فقره (4) فكذا العوض، ولأن
الإمام عليه السلام يقسمه بينهم على قدر حاجتهم، والفاضل له والمعوز (5)،
عليه، فإذا انتفت الحاجة انتفى النصيب.
وفيه نظر بين (6)، ومن ثم ذهب جماعة إلى عدم اعتباره فيهم،
82

لأن اليتيم قسيم للمسكين في الآية، وهو يقتضي المغايرة (1) ولو سلم عدمه (2)
نظرا إلى أنها لا تقتضي المباينة فعند عدم المخصص يبقى العموم (3) وتوقف
المصنف في الدروس.
(ويكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم) وإن كان غنيا في بلده
بشرط أن يتعذر وصوله إلى المال على الوجه الذي قررناه في الزكاة (4)
وظاهرهم هنا عدم الخلاف فيه، وإلا كان دليل اليتيم آتيا فيه (5).
(ولا تعتبر العدالة) لإطلاق الأدلة (6)، (ويعتبر الإيمان) لاعتباره
في المعوض (7) بغير خلاف، مع وجوده (8)، ولأنه صلة وموادة،
والمخالف بعيد عنهما، وفيهما نظر (9)، ولا ريب أن اعتباره أولى.
83

وأما الأنفال فهي المال الزائد للنبي صلى الله عليه وآله والإمام عليه السلام
بعده على قبيلهما (1) وقد كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله في حياته
بالآية الشريفة (2)، وهي بعده للإمام القائم مقامه، وقد أشار إليها بقوله:
(ونفل الإمام عليه السلام) الذي يزيد به عن قبيله، ومنه سمي نفلا
(أرض انجلى عنها أهلها) وتركوها (3)، (أو سلمت) للمسلمين (طوعا)
من غير قتال كبلاد البحرين، (أو باد أهلها) أي هلكوا مسلمين كانوا
أم كفارا، وكذا مطلق الأرض الموات التي لا يعرف لها مالك.
(والآجام) بكسر الهمزة وفتحها مع المد جمع أجمة بالتحريك المفتوح
وهي الأرض المملوءة من القصب ونحوه، في غير الأرض المملوكة،
(ورؤوس الجبال، وبطون الأودية)، والمرجع فيهما إلى العرف،
(وما يكون بهما) من شجر، ومعدن، وغيرهما، وذلك في غير أرضه
المختصة به (4)، (وصوافي (5) ملوك) أهل (الحرب)،
84

وقطائعهم (1) وضابطه كل ما اصطفاه ملك الكفار لنفسه واختص به من الأموال
المنقولة وغيرها، غير المغصوبة، من مسلم، أو مسالم، (وميراث فاقد
الوارث) الخاص، وهو من عدا الإمام، وإلا فهو عليه السلام وارث
من يكون كذلك، (والغنيمة بغير إذنه) غائبا كان، أم حاضرا
على المشهور (2) وبه رواية (3) مرسلة إلا أنه لا قائل بخلافها ظاهرا.
والمشهور أن هذه الأنفال (4) مباحة حال الغيبة فيصح التصرف
في الأرض المذكورة بالإحياء، وأخذ ما فيها من شجر، وغيره.
نعم يختص ميراث من لا وارث له بفقراء بلد الميت وجيرانه، للرواية (5)،
وقيل: بالفقراء مطلقا (6)، لضعف المخصص، وهو قوي.
وقيل: مطلقا كغيره (7).
(وأما المعادن) الظاهرة والباطنة في غير أرضه عليه السلام (فالناس
85

فيها شرع (1)) على الأصح، لأصالة عدم الاختصاص، وقيل: هي
من الأنفال أيضا، أما الأرض المختصة به فما فيها من معدن تابع لها،
لأنه من جملتها، وأطلق جماعة كون المعادن للناس من غير تفصيل، والتفصيل
حسن، هذا كله في غير المعادن المملوكة تبعا للأرض، أو بالإحياء، فإنها
مختصة بمالكها (2).
86

كتاب الصوم
87

كتاب الصوم (وهو الكف) نهارا كما سيأتي التنبيه عليه (1) (عن الأكل والشرب
مطلقا) المعتاد منهما وغيره (2)، (والجماع كله) قبلا ودبرا، لآدمي
وغيره على أصح القولين (3)، (والاستمناء) وهو طلب الإمناء بغير
الجماع مع حصوله، لا مطلق طلبه (4) وإن كان محرما أيضا، إلا أن
الأحكام الآتية لا تجري فيه (5)، وفي حكمه النظر والاستمتاع بغير الجماع
والتخيل لمعتاده معه (6) كما سيأتي، (وإيصال الغبار المتعدي) إلى الحلق (7)
89

غليظا كان أم لا، بمحلل كدقيق، وغيره كتراب. وتقييده بالغليظ
في بعض العبارات ومنها الدروس لا وجه له، وحد الحلق مخرج الخاء
المعجمة، (والبقاء على الجنابة) مع علمه بها ليلا، سواء نوى الغسل (1)
أم لا، (ومعاودة النوم جنبا بعد انتباهتين) متأخرتين عن العلم بالجنابة
وإن نوى الغسل إذا طلع الفجر عليه جنبا، لا بمجرد النوم كذلك (2)،
(فيكفر من لم يكف) عن أحد هذه السبعة اختيارا في صوم واجب
متعين، أو في شهر رمضان مع وجوبه بقرينة المقام (3).
(ويقضي) الصوم مع الكفارة (لو تعمد الإخلال) بالكف المؤدي
إلى فعل أحدها.
والحكم في الستة السابقة قطعي، وفي السابع مشهوري، ومستنده
غير صالح (4)، ودخل في المتعمد الجاهل بتحريمها وإفسادها (5)،
وفي وجوب الكفارة عليه خلاف. والذي قواه المصنف في الدروس عدمه
وهو المروي (6)، وخرج الناسي فلا قضاء عليه، ولا كفارة، والمكره
90

عليه ولو بالتخويف فباشر بنفسه على الأقوى (1).
واعلم أن ظاهر العبارة كون ما ذكر تعريفا للصوم كما هو عادتهم،
ولكنه غير تام، إذ ليس مطلق الكف عن هذه الأشياء صوما كما لا يخفى (2)
ويمكن أن يكون تجوز فيه ببيان أحكامه (3)، ويؤيده أنه لم يعرف
غيره من العبادات، ولا غيرها في الكتاب غالبا (4) وأما دخله (5) من حيث
جعله كفا وهو أمر عدمي فقابل للتأويل بإرادة العزم على الضد (6) أو توطين
النفس عليه (7)، وبه يتحقق معنى الإخلال به إذ لا يقع الإخلال إلا بفعل
فلا بد من رده إلى فعل القلب (8)، وإنما اقتصر على الكف مراعاة لمعناه
91

اللغوي (1).
(ويقضي) خاصة من غير كفارة (لو عاد) الجنب إلى النوم ناويا
للغسل ليلا (بعد انتباهة) واحدة فأصبح جنبا، ولا بد مع ذلك من احتماله
للانتباه عادة، فلو لم يكن من عادته ذلك، ولا احتماله كان من أول نومه
كمتعمد البقاء عليها، وأما النومة الأولى فلا شئ فيها وإن طلع الفجر
بشرطية (2)، (أو احتقن بالمايع) في قول، والأقوى عدم القضاء بها
وإن حرمت، أما بالجامد كالفتائل فلا على الأقوى، (أو ارتمس) بأن
غمس رأسه أجمع في الماء دفعة واحدة عرفية (3) وإن بقي البدن (متعمدا)
والأقوى تحريمه من دون إفساد أيضا (4)، وفي الدروس أوجب به القضاء
والكفارة. وحيث يكون الارتماس في غسل مشروع يقع فاسدا مع التعمد
للنهي (5)، ولو نسي صح، (أو تناول) المفطر (من دون مراعاة ممكنة)
92

للفجر، أو الليل، ظانا حصوله (1) (فأخطأ) بأن ظهر تناوله نهارا.
(سواء كان مستصحب الليل) بأن تناول آخر الليل من غير مراعاة
بناء على أصالة عدم طلوع الفجر، (أو النهار) بأن أكل آخر النهار ظنا
أن الليل دخل فظهر عدمه، واكتفى عن قيد ظن الليل بظهور الخطأ،
فإنه يقتضي اعتقاد خلافه، واحترز بالمراعاة الممكنة عمن تناول كذلك (2)
مع عدم إمكان المراعاة كغيم، أو حبس، أو عمى، حيث لا يجد من يقلده (3)
فإنه لا يقضي، لأنه متعبد بظنه، ويفهم من ذلك أنه لو راعى فظن
فلا قضاء فيهما (4) وإن أخطأ ظنه، وفي الدروس استقرب القضاء
في الثاني (5)، دون الأول، فارقا بينهما باعتضاد ظنه بالأصل في الأول
وبخلافه في الثاني.
(وقيل) والقائل الشيخ والفاضلان: (لو أفطر لظلمة موهمة) أي
موجبة لظن دخول الليل (ظانا) دخوله من غير مراعاة، بل استنادا
إلى مجرد الظلمة المثيرة للظن (فلا قضاء)، استنادا إلى أخبار (6) تقصر
عن الدلالة، مع تقصيره في المراعاة (7)، فلذلك نسبه إلى القيل واقتضى
93

حكمه السابق، وجوب القضاء مع عدم المراعاة وإن ظن، وبه صرح
في الدروس، وظاهر القائلين (1) أنه لا كفارة مطلقا (2)، ويشكل
عدم الكفارة مع إمكان المراعاة، والقدرة على تحصيل العلم في القسم الثاني (3)
لتحريم التناول على هذا الوجه (4)، ووقوعه في نهار يجب صومه عمدا (5)
وذلك يقتضي بحسب الأصول الشرعية وجوب الكفارة (6)، بل ينبغي
وجوبها وإن لم يظهر الخطأ، بل استمر الاشتباه لأصالة عدم الدخول،
مع النهي (7) عن الإفطار (8).
وأما في القسم الأول (9) فوجوب القضاء خاصة مع ظهور الخطأ
متوجه، لتبين إفطاره في النهار، وللأخبار (10). لكن لا كفارة عليه،
94

لجواز تناوله حينئذ بناء على أصالة عدم الدخول، ولولا النص على القضاء
لأمكن القول بعدمه، للإذن المذكور، وأما وجوب الكفارة على القول
المحكي (1) فأوضح (2) وقد اتفق لكثير من الأصحاب في هذه المسألة عبارات
قاصرة عن تحقيق الحال جدا فتأملها، وعبارة المصنف هنا جيدة لولا إطلاق
عدم الكفارة.
واعلم أن المصنف نقل القول المذكور جامعا بين توهم الدخول
بالظلمة وظنه. مع أن المشهور لغة واصطلاحا أن الوهم اعتقاد مرجوح،
وراجحه الظن (3) وعباراتهم وقعت أنه لو أفطر للظلمة الموهمة وجب القضاء
ولو ظن لم يفطر أي لم يفسد صومه، فجعلوا الظن قسيما للوهم. فجمعه
هنا بين الوهم والظن، في نقل كلامهم، إشارة إلى أن المراد من الوهم
في كلامهم أيضا الظن، إذ لا يجوز الإفطار مع ظن عدم الدخول قطعا،
واللازم منه وجوب الكفارة، وإنما يقتصر على القضاء لو حصل الظن ثم
ظهرت المخالفة، وإطلاق الوهم على الظن صحيح أيضا، لأنه أحد معانيه
لغة، لكن يبقى في كلامهم سؤال الفرق بين المسألتين (4) حيث حكموا
مع الظن بأنه لا إفساد، إلا أن يفرق بين مراتب الظن فيراد من الوهم
95

أول مراتبه، ومن الظن قوة الرجحان، وبهذا المعنى صرح بعضهم،
وفي بعض تحقيقات المصنف على كلامهم أن المراد من الوهم ترجيح أحد
الطرفين لأمارة غير شرعية، ومن الظن الترجيح لأمارة شرعية، فشرك
بينهما في الرجحان، وفرق بما ذكره، وهو مع غرابته (1) لا يتم، لأن
الظن المجوز للإفطار لا يفرق فيه بين الأسباب المثيرة له. وإنما ذكرنا
ذلك (2) للتنبيه على فائدة جمعه هنا بين الوهم والظن، تفسيرا لقولهم.
واعلم أن قوله سواء كان مستصحب الليل أو النهار جرى فيه على قول
الجوهري، سواء علي قمت أو قعدت، وقد عده جماعة من النحاة منهم
ابن هشام في المغني من الأغاليط، وأن الصواب العطف بعد سواء بأم
بعد همزة التسوية فيقال (3): سواء كان كذا أم كذا كما قال تعالى:
" سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم (4)، سواء علينا أجزعنا أم صبرنا (5) "
" سواء عليهم أدعوتموهم أم أنتم صامتون (6) "، وقس عليه ما يأتي
من نظائره في الكتاب وغيره وهو كثير.
(أو تعمد القئ) مع عدم رجوع شئ منه إلى حلقه اختيارا (7)،
وإلا وجبت الكفارة أيضا، واحترز بالتعمد عما لو سبقه بغير اختياره،
96

فإنه لا قضاء مع تحفظه كذلك (1)، (أو أخبر بدخول الليل فأفطر)،
تعويلا على قوله.
ويشكل بأنه إن كان قادرا على المراعاة ينبغي وجوب الكفارة كما سبق
لتقصيره وإفطاره، حيث ينهى عنه (2)، وإن كان مع عدمه (3) فينبغي
عدم القضاء أيضا، إن كان ممن يسوغ تقليده له (4) كالعدل، وإلا
فكالأول (5). والذي صرح به جماعة أن المراد هو الأول.
(أو أخبر ببقائه) أي: ببقاء الليل (6) (فتناول) تعويلا على الخبر
(ويظهر الخلاف) حال من الأمرين (7)، ووجوب القضاء خاصة هنا
متجه مطلقا (8) لاستناده إلى الأصل (9)، بخلاف السابق (10)، وربما فرق
في الثاني بين كون المخبر بعدم الطلوع حجة شرعية كعدلين وغيره فلا يجب
القضاء معهما لحجية قولهما شرعا، ويفهم من القيد (11) أنه لو لم يظهر الخلاف.
97

فيهما لا قضاء، وهو يتم في الثاني، دون الأول، للنهي (1). والذي يناسب
الأصل فيه وجوب القضاء والكفارة، ما لم تظهر (2) الموافقة، وإلا فالإثم
خاصة (3). نعم لو كان في هذه الصور جاهلا بجواز التعويل على ذلك،
جاء فيه الخلاف في تكفير الجاهل، وهو حكم آخر.
(أو نظر إلى امرأة) محرمة (4) بقرينة. قوله (أو غلام فأمنى)
مع عدم قصده الإمناء، ولا اعتياده، (ولو قصد فالأقرب الكفارة، وخصوصا
مع الاعتياد، إذ لا ينقص عن الاستمناء بيده، أو ملاعبته)، وما قربه
حسن. لكن يفهم منه أن الاعتياد بغير قصد الإمناء غير كاف (5) والأقوى
الاكتفاء به، وهو ظاهره في الدروس. (6)
وإنما وجب القضاء مع النظر إلى المحرم مع عدم الوصفين، للنهي
عنه (7)، فأقل مراتبه الفساد، كغيره من المنهيات في الصوم، من الارتماس
والحقنة، وغيرهما، والأقوى عدم القضاء بدونهما كغيره من المنهيات (8).
98

وإن أثم، إذ لا دلالة للتحريم على الفساد، لأنه أعم، فلا يفسد إلا مع النص
عليه، كالتناول، والجماع، ونظائرهما. ولا فرق حينئذ بين المحللة، والمحرمة
إلا في الإثم، وعدمه (1).
(وتتكرر الكفارة) مع فعل موجبها (بتكرر الوطء مطلقا (2))
ولو في اليوم الواحد، ويتحقق تكرره بالعود بعد النزع (3)، (أو تغاير
الجنس) بأن وطئ وأكل والأكل والشرب غير أن (4)، (أو تخلل التكفير)
بين الفعلين، وإن اتحد الجنس والوقت، (أو اختلاف الأيام) وإن اتحد
الجنس أيضا، (وإلا يكن) كذلك، بأن اتحد الجنس في غير الجماع
والوقت، ولم يتخلل التكفير (فواحدة) على المشهور. وفي الدروس قطعا،
وفي المهذب إجماعا، وقيل: تتكرر مطلقا (5)، وهو متجه، إن لم يثبت
الإجماع على خلافه، لتعدد (6) السبب الموجب لتعدد المسبب، إلا ما نص
فيه على التداخل، وهو منفي هنا، ولو لوحظ زوال الصوم بفساده بالسبب
الأول، لزم عدم تكررها في اليوم الواحد مطلقا (7)، وله وجه، والواسطة
ضعيفة (8)، ويتحقق تعدد الأكل والشرب.
99

بالازدراد (1) وإن قل، ويتجه في الشرب اتحاده مع اتصاله وإن
طال للعرف.
(ويتحمل عن الزوجة المكرهة) على الجماع (الكفارة والتعزير) المقدر
على الوطي (2) (بخمسة وعشرين) سوطا (فيعزر خمسين)، ولا تحمل
في غير ذلك، كإكراه الأمة، والأجنبية، والأجنبي لهما (3)، والزوجة
له (4)، والإكراه على غير الجماع ولو للزوجة، وقوفا مع النص، (5)
وكون الحكم في الأجنبية أفحش لا يفيد أولوية التحمل، لأن الكفارة
مخففة للذنب، فقد لا يثبت في الأقوى كتكرار الصيد عمدا (6) نعم لا فرق
في الزوجة بين الدائم والمستمتع بها (7)، وقد يجتمع في حالة واحدة الإكراه
والمطاوعة، ابتداء واستدامة، فيلزمه حكمه، ويلزمها حكمها (8) ولا فرق
100

في الإكراه بين المجبورة، والمضروبة ضربا مضرا حتى مكنت على الأقوى (1)
وكما ينتفي عنها الكفارة ينتفي القضاء مطلقا (2)، (ولو طاوعته فعليها)
الكفارة والتعزير مثله.
(القول في شروطه) أي شروط وجوب الصوم وشروط صحته (3)،
(ويعتبر في الوجوب البلوغ والعقل) فلا يجب على الصبي والمجنون والمغمى
عليه، وأما السكران فبحكم العاقل في الوجوب، لا الصحة (4)، (والخلو
من الحيض والنفاس والسفر) الموجب للقصر، فيجب على كثيره (5)،
والعاصي به، ونحوهما (6)، وأما ناوي الإقامة عشرا، ومن مضى عليه
ثلاثون يوما مترددا، ففي معنى المقيم، (و) يعتبر (في الصحة التمييز (7))
وإن لم يكن مكلفا، ويعلم منه أن صوم المميز صحيح فيكون شرعيا (8)،
وبه صرح في الدروس، ويمكن الفرق بأن الصحة من أحكام الوضع
101

فلا يقتضي الشرعية (1)، والأولى كونه تمرينيا، لا شرعيا، ويمكن معه
الوصف بالصحة كما ذكرناه، خلافا لبعضهم، حيث نفى الأمرين (2)،
أما المجنون فينتفيان في حقه، لانتفاء التمييز، والتمرين فرعه. ويشكل
ذلك في بعض المجانين لوجود التمييز فيهم (3).
(والخلو منهما) من الحيض والنفاس، وكذا يعتبر فيهما الغسل
بعده (4) عند المصنف (5)، فكان عليه أن يذكره، إذ الخلو منهما
لا يقتضيه، كما لم يقتضه في شرط الوجوب إذ المراد بهما فيه نفس الدم
لوجوبه على المنقطعة وإن لم تغتسل (6)، (ومن الكفر)، فإن الكافر
102

يجب عليه الصوم كغيره، ولكن لا يصح منه معه (1). (ويصح
من المستحاضة، إذا فعلت الواجب من الغسل) النهاري، وإن كان واحدا
بالنسبة إلى الصوم الحاضر، أو مطلق الغسل بالنسبة إلى المقبل (2)، ويمكن
أن يريد كونه مطلقا شرطا فيه مطلقا (3)، نظرا إلى إطلاق النص (4)
103

والأول أجود، لأن غسل العشاءين لا يجب إلا بعد انقضاء اليوم فلا يكون
شرطا في صحته. نعم هو شرط في اليوم الآتي، ويدخل في غسل الصبح
لو اجتمعا. (1)
(ومن المسافر في دم المتعة (2)) بالنسبة إلى الثلاثة، لا السبعة،
(وبدل البدنة) وهو ثمانية عشر يوما للمفيض من عرفات قبل الغروب
عامدا، (والنذر المقيد به) أي: بالسفر إما بأن نذره سفرا، أو سفرا
وحضرا وإن كان النذر في حال السفر، لا إذا أطلق وإن كان الإطلاق
يتناول السفر، إلا أنه لا بد من تخصيصه (3) بالقصد منفردا، أو منضما،
خلافا للمرتضى رحمه الله حيث اكتفى بالإطلاق لذلك (4)، وللمفيد حيث
جوز صوم الواجب مطلقا (5) عدا شهر رمضان، (قيل) و القائل ابنا
بابويه: (وجزاء الصيد (6)) وهو ضعيف،
104

لعموم النهي (1)، وعدم ما يصلح للتخصيص (2).
(ويمرن الصبي)، وكذا الصبية على الصوم (لسبع) ليعتاده فلا يثقل
عليه عند البلوغ، وأطلق جماعة تمرينه قبل السبع وجعلوه بعد السبع مشددا
(وقال ابنا بابويه والشيخ) في النهاية يمرن (لتسع)، والأول أجود
ولكن يشدد للتسع، ولو أطاق بعض النهار خاصة فعل، ويتخير بين نية
الوجوب والندب، لأن الغرض التمرين على فعل الواجب، (3) ذكره
المصنف وغيره، وإن كان الندب أولى.
(والمريض يتبع ظنه) فإن ظن الضرر به أفطر، وإلا صام، وإنما
يتبع ظنه في الإفطار، أما الصوم فيكفي فيه اشتباه الحال (4)، والمرجع
في الظن إلى ما يجده ولو بالتجربة في مثله سابقا، أو بقول من يفيد قوله
الظن ولو كان كافرا، ولا فرق في الضرر بين كونه لزيادة المرض، وشدة
الألم بحيث لا يتحمل عادة، وبطء برئه، وحيث يحصل الضرر ولو بالظن
لا يصح الصوم، للنهي عنه (5) (فلو تكلفه مع ظن الضرر قضى).
105

(وتجب (1) فيه النية) وهي القصد إلى فعله (المشتملة على الوجه)
من وجوب، أو ندب، (والقربة) أما القربة فلا شبهة في وجوبها، وأما
الوجه ففيه ما مر (2)، خصوصا في شهر رمضان، لعدم وقوعه
على وجهين (3)، (وتعتبر (4)) النية (لكل ليلة) أي فيها، (والمقارنة
بها)، لطلوع الفجر (مجزئة) على الأقوى إن اتفقت، لأن الأصل في النية
مقارنتها للعبادة المنوية (5)، وإنما اغتفرت هنا للعسر (6)، وظاهر جماعة
تحتم إيقاعها ليلا. ولعله لتعذر المقارنة، فإن الطلوع لا يعلم إلا بعد
الوقوع، فتقع النية (7) بعده، وذلك غير المقارنة المعتبرة فيها، وظاهر
الأصحاب أن النية للفعل المستغرق للزمان المعين يكون بعد تحققه (8)، لا قبله
لتعذره كما ذكرناه، وممن صرح به المصنف في الدروس في نيات أعمال
الحج، كالوقوف بعرفة، فإنه جعلها مقارنة لما بعد الزوال فيكون هنا
106

كذلك، وإن كان الأحوط جعلها ليلا، للاتفاق على جوازها فيه (1).
(والناسي لها) ليلا (يجددها إلى الزوال) بمعنى أن وقتها يمتد إليه (2)
ولكن يجب الفور بها عند ذكرها، فلو أخرها عنه عامدا بطل الصوم.
هذا في شهر رمضان، والصوم المعين، أما غيره كالقضاء والكفارة والنذر
المطلق فيجوز تجديدها قبل الزوال وإن تركها قبله عامدا (3)، بل ولو نوى
الإفطار (4)، وأما صوم النافلة فالمشهور أنه كذلك، وقيل: بامتدادها
فيه إلى الغروب، وهو حسن، وخيرة المصنف في الدروس.
(والمشهور بين القدماء الاكتفاء بنية واحدة للشهر) شهر رمضان،
(وادعى المرتضى) في المسائل (الرسية (5) فيه الإجماع)، وكذا ادعاه
الشيخ [رحمه الله]، ووافقهم من المتأخرين المحقق في المعتبر، والعلامة
في المختلف، استنادا إلى أنه عبادة واحدة، (والأول) وهو إيقاعها لكل
ليلة (أولى)، وهذا يدل على اختياره الاجتزاء بالواحدة، وبه صرح
أيضا في شرح الإرشاد، وفي الكتابين (6) اختار التعدد.
وفي أولوية تعددها عند المجتزئ بالواحدة نظر، لأن جعله عبادة
107

واحدة يقتضي عدم جواز تفريق النية على أجزائها، خصوصا عند المصنف
فإنه قطع بعدم جواز تفريقها على أعضاء الوضوء، وإن نوى الاستباحة
المطلقة، فضلا عن نيتها لذلك العضو. نعم من فرق بين العبادات وجعل
بعضها مما يقبل الاتحاد والتعدد كمجوز تفريقها في الوضوء يأتي عنده هنا
الجواز، من غير أولوية، لأنها تناسب الاحتياط وهو منفي، وإنما الاحتياط
هنا الجمع، بين نية المجموع، والنية لكل يوم. ومثله يأتي عند المصنف
في غسل الأموات، حيث اجتزأ في الثلاثة بنية واحدة لو أراد الاحتياط (1)
بتعددها لكل غسل، فإنه لا يتم إلا بجمعها ابتداء. ثم النية للآخرين.
(ويشترط في ما عدا شهر رمضان التعيين) لصلاحية الزمان ولو بحسب
الأصل له، ولغيره (2)، بخلاف شهر رمضان، لتعينه شرعا للصوم (3)
فلا اشتراك فيه حتى يتميز بتعينه، وشمل ما عداه النذر المعين. ووجه
دخوله ما أشرنا إليه من عدم تعينه بحسب الأصل، والأقوى إلحاقه
بشهر رمضان، إلحاقا للتعيين العرضي بالأصلي، لاشتراكهما في حكم
الشارع به (4)، ورجحه (5) في البيان، وألحق به الندب (6) المعين
كأيام البيض، وفي بعض تحقيقاته مطلق المندوب، لتعينه شرعا في جميع
108

الأيام، إلا ما استثني (1)، فيكفي نية القربة وهو حسن. وإنما يكتفى
في شهر رمضان بعدم تعيينه بشرط ألا يعين غيره، وإلا بطل فيهما على
الأقوى (2)، لعدم نية المطلوب شرعا، وعدم وقوع غيره فيه، هذا
مع العلم، أما مع الجهل به (3) كصوم آخر شعبان بنية الندب، أو النسيان
فيقع عن شهر رمضان.
(ويعلم) شهر رمضان (برؤية الهلال) فيجب على من رآه وإن
لم يثبت في حق غيره، (أو شهادة عدلين) برؤيته مطلقا (4)، (أو شياع)
برؤيته وهو إخبار جماعة بها تأمن النفس من تواطئهم على الكذب ويحصل
بخبرهم الظن المتاخم للعلم، ولا ينحصر في عدد نعم يشترط زيادتهم
عن اثنين، ليفرق بين العدل وغيره (5)، ولا فرق بين الكبير والصغير
والذكر والأنثى والمسلم والكافر، ولا بين هلال رمضان وغيره، ولا يشترط
حكم الحاكم في حق من علم به، أو سمع الشاهدين، (أو مضي ثلاثين)
يوما (من شعبان لا) بالشاهد (الواحد في أوله)، خلافا لسلار رحمه الله
حيث اكتفى به فيه بالنسبة إلى الصوم خاصة (6)، فلا يثبت لو كان منتهى
109

أجل دين، أو عدة، أو مدة ظهار ونحوه. نعم يثبت هلال شوال بمضي
ثلاثين يوما منه تبعا وإن لم يثبت أصالة بشهادته (1).
(ولا يشترط الخمسون مع الصحو) كما ذهب إليه بعضهم، استنادا
إلى رواية (2) حملت على عدم العلم بعدالتهم، وتوقف الشياع عليهم،
للتهمة (3) كما يظهر من الرواية، لأن الواحد مع الصحو إذا رآه رآه
جماعة غالبا.
(ولا عبرة بالجدول) وهو حساب مخصوص مأخوذ من تسيير القمر
ومرجعه (4) إلى عد شهر تاما وشهر ناقصا، في جميع أيام السنة مبتدئا
110

بالتام من الحرم، لعدم ثبوته شرعا، بل ثبوت ما ينافيه (1)، ومخالفته
مع الشرع (2) للحساب أيضا، لاحتياج تقييده بغير السنة الكبيسية (3)،
أما فيها فيكون ذو الحجة تاما.
(والعدد) وهو عد شعبان ناقصا أبدا، ورمضان تاما أبدا وبه فسره
في الدروس، ويطلق على عد خمسة من هلال الماضي، وجعل الخامس
أول الحاضر (4)، وعلى عد شهر تاما.
111

1 - هلال - رمضان المبارك - يوم الأحد - مع جعله - تاما - فيكون آخره - يوم - الاثنين
2 - هلال - شوال - يوم - الثلاثاء - مع جعله - ناقصا - فيكون آخره - يوم - الثلاثاء
3 - هلال - ذي القعدة - يوم - الأربعاء - مع جعله - تاما - فيكون آخره - يوم - الخميس
4 - هلال - ذي الحجة - يوم - الجمعة - مع جعله - ناقصا - فيكون آخره - يوم - الجمعة
5 - هلال - محرم الحرام - يوم - السبت - مع جعله - تاما - فيكون آخره - يوم - الأحد
6 - هلال - صفر - يوم - الاثنين - مع جعله - ناقصا - فيكون آخره - يوم - الاثنين
7 - هلال - ربيع الأول - يوم - الثلاثاء - مع جعله - تاما - فيكون آخره - يوم - الأربعاء
8 - هلال - ربيع الثاني - يوم - الخميس - مع جعله - ناقصا - فيكون آخره - يوم - الخميس
9 - هلال - جمادى الأولى - يوم - الجمعة - مع جعله - تاما - فيكون آخره - يوم - السبت
10 - هلال - جمادى الثانية - يوم - الأحد - مع جعله - ناقصا - فيكون آخره - يوم - الأحد
11 - هلال - رجب المرجب - يوم - الاثنين - مع جعله - تاما - فيكون آخره - يوم - الثلاثاء
12 - هلال - شعبان المعظم - يوم - الأربعاء - مع جعله - ناقصا - فيكون آخره - يوم - الأربعاء
السنة الحاضرة
1 - هلال - رمضان المبارك - يوم - الخميس - مع جعله - تاما - فيكون آخره - يوم - السبت
112

وآخر ناقصا مطلقا (1)، وعلى عد تسعة وخمسين من هلال رجب (2)،
وعلى عد كل شهر ثلاثين. والكل لا عبرة به. نعم اعتبره بالمعنى الثاني جماعة
منهم المصنف في الدروس مع غمة الشهور (3) كلها مقيدا بعد سنة في الكبيسية
وهو موافق للعادة وبه روايات (4)، ولا بأس به. أما لو غم شهر وشهران
خاصة، فعدهما ثلاثين أقوى (5)، وفيما زاد نظر. من تعارض الأصل
والظاهر (6)، وظاهر الأصول ترجيح الأصل (7).
(والعلو) وإن تأخرت غيبوبته إلى بعد العشاء، (والانتفاخ)
وهو عظم جرمه المستنير حتى رؤى بسببه قبل الزوال، أو رؤى
رأس الظل فيه (8)، ليلة رؤيته.
113

(والتطوق) بظهور النور في جرمه مستديرا خلافا لبعض، حيث
حكم في ذلك بكونه الليلة الماضية (1).
(والخفاء ليلتين) في الحكم به بعدهما (2)، خلافا لما روي في شواذ
الأخبار من اعتبار ذلك كله.
(والمحبوس) بحيث غمت عليه الشهور (يتوخى) أي يتحرى شهرا
يغلب (4) (على ظنه) أنه هو، فيجب عليه صومه (فإن وافق)، أو ظهر
متأخرا، أو استمر الاشتباه (أجزأ وإن ظهر التقدم أعاد)، ويلحق ما ظنه
حكم الشهر في وجوب الكفارة في إفساد يوم منه، ووجوب متابعته وإكماله
ثلاثين، لو لم ير الهلال وأحكام العيد بعده من الصلاة والفطرة، ولو لم يظن
شهرا تخير في كل سنة شهرا مراعيا للمطابقة بين الشهرين (5).
(والكف) عن الأمور السابقة، (وقته من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب
114

الحمرة المشرقية) في الأشهر (1).
(ولو قدم المسافر) بلده، أو ما نوى فيه الإقامة عشرا، سابقة (2)
على الدخول، أو مقارنة، أو لاحقة قبل الزوال (3)، ويتحقق قدومه
برؤية الجدار، أو سماع الأذان في بلده وما نوى فيه الإقامة قبله، أما لو نوى
بعده فمن حين النية (4)، (أو برأ المريض قبل الزوال) ظرف للقدوم
والبرء، (ولم يتناولا شيئا) من مفسد الصوم (أجزأهما الصوم)، بل وجب
عليهما، (بخلاف الصبي) إذا بلغ بعد الفجر، (والكافر) إذا أسلم بعده
(والحائض، والنفساء) إذا طهرتا، (والمجنون والمغمى عليه، فإنه يعتبر
زوال العذر) في الجميع (قبل الفجر) في صحته ووجوبه (5)، وإن استحب
لهم الإمساك بعده، إلا أنه لا يسمى صوما (6).
(ويقضيه) أي صوم شهر رمضان (كل تارك له عمدا. أو سهوا،
أو لعذر) من سفر، أو مرض، وغيرهما (7)، (إلا الصبي والمجنون)
115

إجماعا، (والمغمى عليه) في الأصح (1)، (والكافر الأصلي)، أما العارضي
كالمرتد فيدخل في الكلية (2)، ولا بد من تقييدها (3) بعدم قيام غير
القضاء مقامه، ليخرج الشيخ والشيخة، وذو العطاش، ومن استمر به
المرض إلى رمضان آخر. فإن الفدية تقوم مقام القضاء.
(ويستحب المتابعة في القضاء)، لصحيحة عبد الله بن سنان (4)،
(ورواية عمار عن الصادق عليه السلام (5) تتضمن استحباب التفريق)،
وعمل بها بعض الأصحاب، لكنها تقصر عن مقاومة تلك (6)، فكان القول
الأول أقوى، وكما لا تجب المتابعة لا يجب الترتيب،، فلو قدم آخره أجزأه
وإن كان أفضل (7). وكذا لا ترتيب بين القضاء والكفارة وإن كانت صوما
مسائل:
الأولى - (من نسي غسل الجنابة قضى الصلاة والصوم في الأشهر)
أما الصلاة فموضع وفاق، وإنما الخلاف في الصوم، من حيث عدم اشتراطه
بالطهارة من الأكبر إلا مع العلم، ومن ثم لو نام جنبا أولا فأصبح يصح
صومه، وإن تعمد تركه طول النهار فهنا أولى ووجه القضاء فيه صحيحة
116

الحلبي (1) عن الصادق عليه السلام وغيرها (2)، ومقتضى الإطلاق (3)
عدم الفرق بين اليوم والأيام وجميع الشهر، وفي حكم الجنابة الحيض والنفاس
لو نسيت غسلهما بعد الانقطاع، وفي حكم رمضان المنذور المعين. ويشكل
الفرق على هذا بينه (4)، وبين ما ذكر من عدم قضاء ما نام فيه وأصبح.
وربما جمع بينهما بحمل هذا على الناسي، وتخصيص ذاك بالنائم عالما
عازما، فضعف (5) حكمه بالعزم، أو بحمله (6) على ما عدا النوم الأول
ولكن لا يدفع إطلاقهم (7)، وإنما هو جمع بحكم آخر، والأول أوفق (8)
بل لا تخصيص فيه لأحد النصين، لتصريح ذاك بالنوم عامدا عازما،
وهذا بالناسي.
ويمكن الجمع أيضا بأن مضمون هذه الرواية نسيانه الغسل حتى خرج
117

الشهر، فيفرق بين اليوم والجميع عملا بمنطوقهما (1)، إلا أنه يشكل بأن
قضاء الجميع يستلزم قضاء الأبعاض، لاشتراكهما في المعنى، إن لم يكن
أولى (2) ونسب المصنف القول إلى الشهرة دون القوة، وما في معناها،
إيذانا بذلك، فقد رده ابن إدريس والمحقق لهذا، أو لغيره (3).
(ويتخير قاضي) شهر (رمضان) بين البقاء عليه، والإفطار (ما بينه)
الضمير يعود إلى الزمان الذي هو ظرف المكلف المخير، وما ظرفية زمانية
أي: يتخير في المدة التي بينه حال حكمنا عليه بالتخيير، (وبين الزوال)
حتى لو لم يكن هناك بينة. بأن كان فيه، أو بعده فلا تخيير، إذ لا مدة
ويمكن عوده إلى الفجر بدلالة الظاهر (4) بمعنى تخييره ما بين الفجر والزوال
هذا مع سعة وقت القضاء.
أما لو تضيق بدخول شهر رمضان المقبل لم يجز الإفطار، وكذا
لو ظن الوفاة قبل فعله (5)، كما في كل واجب موسع، لكن لا كفارة
118

هنا بسبب الإفطار (1)، وإن وجبت الفدية مع تأخيره عن رمضان المقبل
واحترز بقضاء رمضان عن غيره، كقضاء النذر المعين، حيث أخل به
في وقته (2)، فلا تحريم فيه (3)، وكذا كل واجب غير معين كالنذر
المطلق والكفارة، إلا قضاء رمضان (4) ولو تعين لم يجز الخروج منه
مطلقا (5)، وقيل: يحرم قطع كل واجب، عملا بعموم النهي عن إبطال
العمل (6)، ومتى زالت الشمس حرم قطع قضائه، (فإن أفطر بعده
أطعم عشرة مساكين) كل مسكين مدا، أو إشباعه (فإن عجز)
عن الإطعام (صام ثلاثة أيام)، ويجب المضي فيه مع إفساده (7) والظاهر
تكررها بتكرر السبب كأصله (8).
(الثانية - الكفارة في شهر رمضان، والنذر المعين والعهد) في أصح
119

الأقوال فيهما (1) (عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام
ستين مسكينا)، وقيل: هي مرتبة بين الخصال الثلاث، والأول أشهر
(ولو أفطر على محرم) أي أفسد صومه به (مطلقا) أصليا كان تحريمه كالزنا
والاستمناء، وتناول مال الغير بغير إذنه، وغبار ما لا يجوز تناوله، ونخامة
الرأس إذا صارت في الفم (2)، أم عارضيا كوطء الزوجة في الحيض،
وماله النجس (فثلاث كفارات) وهي أفراد المخيرة سابقا مجتمعة على أجود
القولين، للرواية الصحيحة عن الرضا عليه السلام (3). وقيل: واحدة
كغيره، استنادا إلى إطلاق كثير من النصوص (4). وتقييدها بغيره (5)
طريق الجمع.
(الثالثة - لو استمر المرض) الذي أفطر معه في شهر رمضان (6)
(إلى رمضان آخر فلا قضاء) لما أفطره، (ويفدي عن كل يوم بمد)
من طعام في المشهور، والمروي (7)، وقيل: القضاء لا غير، وقيل:
بالجمع، وهما نادران، وعلى المشهور لا تتكرر الفدية بتكرر السنين (8)،
120

ولا فرق بين رمضان واحد وأكثر (1)، ومحل الفدية مستحق الزكاة
لحاجته (2) وإن اتخذ (3)، وكذا كل فدية، وفي تعدى الحكم إلى غير
المرض، كالسفر المستمر وجهان (4)، أجودهما وجوب الكفارة مع التأخير
لا لعذر، ووجوب القضاء مع دوامه (5).
(ولو برأ) بينهما، (وتهاون) في القضاء بأن لم يعزم عليه في ذلك
الوقت، أو عزم في السعة فلما ضاق الوقت عزم على عدمه (فدى وقضى
ولو لم يتهاون) بأن عزم على القضاء في السعة وأخر اعتمادا عليها فلما ضاق
الوقت عرض له مانع عنه (قضى لا غير) في المشهور.
121

والأقوى ما دلت عليه النصوص الصحيحة (1)، من وجوب الفدية
مع القضاء على من قدر عليه ولم يفعل حتى دخل الثاني سواء عزم عليه
أم لا، واختاره المصنف في الدروس، واكتفى ابن إدريس بالقضاء
مطلقا (2)، عملا بالآية (3)، وطرحا للرواية على أصله، وهو ضعيف (4).
(الرابعة - إذا تمكن من القضاء ثم مات، قضى عنه أكبر ولده
الذكور) وهو من ليس له أكبر منه، وإن لم يكن له ولد متعددون مع
بلوغه عند موته، فلو كان صغيرا ففي الوجوب عليه بعد بلوغه قولان (5)
ولو تعددوا وتساووا في السن اشتركوا فيه على الأقوى (6) فيقسط عليهم
بالسوية، فإن انكسر منه شئ (7) فكفرض الكفاية، ولو اختص أحدهم
بالبلوغ (8)، والآخر بكبر السن فالأقرب تقديم البالغ (9)، ولو لم يكن
122

له ولد بالوصف (1) لم يجب القضاء على باقي الأولياء وإن كانوا أولادا
اقتصارا فيما خالف الأصل على محل الوفاق (2)، وللتعليل بأنه في مقابل
الحبوة (3).
(وقيل: يجب) القضاء (على الولي مطلقا (4)) من مراتب الإرث
حتى الزوجين، والمعتق، وضامن الجريرة، ويقدم الأكبر من ذكورهم
فالأكبر (5)، ثم الإناث، واختاره في الدروس. ولا ريب أنه أحوط (6)
ولو مات المريض قبل التمكن من القضاء سقط. (7)
(وفي القضاء عن المسافر) لما فاته منه (8) بسبب السفر (خلاف
أقربه مراعاة تمكنه من المقام (9) والقضاء)
123

ولو بالإقامة في أثناء السفر (1) كالمريض (2)، وقيل: يقضي عنه مطلقا (3)
لإطلاق النص (4)، وتمكنه (5) من الأداء، بخلاف المريض، وهو ممنوع،
لجواز كونه ضروريا كالسفر الواجب، فالتفصيل أجود (6)، (ويقضي
عن المرأة والعبد) ما فاتهما على الوجه السابق (7) كالحر، لإطلاق النص (8)
ومساواتهما للرجل الحر في كثير من الأحكام، وقيل: لا، لأصالة البراءة
وانتفاء النص الصريح، والأول في المرأة أولى (9)،
124

وفي العبد أقوى (1)، والولي فيهما كما تقدم (2)، (والأنثى) من الأولاد
على ما اختاره (لا تقضي)، لأصالة البراءة. وعلى القول الآخر تقضي
مع فقده (3)، (و) حيث لا يكون هناك ولي، أو لم يجب عليه القضاء (4)
(يتصدق من التركة عن كل يوم بمد) في المشهور (5). هذا إذا لم يوص
الميت بقضائه، وإلا سقطت الصدقة حيث يقضي عنه. (6)
ويجوز في الشهرين (المتتابعين صوم شهر، والصدقة عن آخر)
من مال الميت على المشهور (7)، وهذا الحكم تخفيف عن الولي بالاقتصار
على قضاء الشهر، ومستند التخير رواية في سندها ضعف (8)، فوجوب
قضاء الشهرين أقوى. وعلى القول به (9)، فالصدقة عن الشهر الأول،
125

والقضاء للثاني لأنه مدلول الرواية (1)، ولا فرق في الشهرين بين كونهما
واجبين تعيينا كالمنذورين، وتخييرا (2) ككفارة رمضان، ولا يتعدى
إلى غير الشهرين، وقوفا مع النص (3) لو عمل به.
(الخامسة - لو صام المسافر) حيث يجب عليه القصر (عالما أعاد)
قضاء، للنهي المفسد (4) للعبادة، (ولو كان جاهلا) بوجوب القصر
(فلا إعادة)، وهذا أحد المواضع التي يعذر فيها جاهل الحكم، (والناسي)
للحكم، أو للقصر (5) (يلحق بالعامد)، لتقصيره في التحفظ. ولم يتعرض
له الأكثر مع ذكرهم له في قصر الصلاة بالإعادة في الوقت خاصة للنص (6)
والذي يناسب حكمها فيه (7) عدم الإعادة، لفوات وقته، ومنع تقصير
126

الناسي، ولرفع الحكم عنه (1)، وإن كان ما ذكره أولى (2)، ولو علم
الجاهل والناسي في أثناء النهار أفطرا وقضيا قطعا.
(وكلما قصرت الصلاة، قصر الصوم)، للرواية (3)، وفرق
بعض الأصحاب بينهما في بعض الموارد (4) ضعيف، (إلا أنه يشترط في)
قصر (الصوم الخروج قبل الزوال) بحيث يتجاوز الحدين (5) قبله، وإلا أتم
وإن قصر الصلاة على أصح الأقوال لدلالة النص الصحيح عليه،
ولا اعتبار بتبييت نية السفر ليلا.
(السادسة - الشيخان) ذكرا وأنثى (6) (إذا عجزا) عن الصوم
أصلا، أو مع مشقة شديدة (فديا) عن كل يوم (بمد، ولا قضاء عليهما)
لتعذره. وهذا مبني على الغالب من أن عجزهما عنه لا يرجى زواله، لأنهما
في نقصان، وإلا فلو فرض قدرتهما على القضاء وجب.
127

وهل يجب حينئذ الفدية معه؟ قطع به (1) في الدروس. والأقوى
أنهما إن عجزا عن الصوم أصلا فلا فدية ولا قضاء، وإن أطاقاه بمشقة
شديدة لا يتحمل مثلها عادة فعليهما الفدية، ثم أن قدرا على القضاء وجب
والأجود حينئذ ما اختاره في الدروس من وجوبها معه (2)، لأنها وجبت
بالإفطار أولا بالنص الصحيح (3)، والقضاء وجب بتجدد القدرة،
والأصل بقاء الفدية لإمكان الجمع، ولجواز أن تكون عوضا عن الإفطار
لا بدلا عن القضاء (4).
(وذو العطاش) بضم أوله. وهو داء لا يروي صاحبه، ولا يتمكن
من ترك شرب الماء طول النهار (المأيوس من برئه كذلك) يسقط عنه
القضاء، ويجب عليه الفدية عن كل يوم بمد، (ولو برأ قضى) وإنما ذكره
هنا لإمكانه حيث إن المرض مما يمكن زواله عادة، بخلاف الهرم.
128

وهل يجب مع القضاء الفدية الماضية؟ الأقوى ذلك، بتقريب ما تقدم (1)
وبه قطع في الدروس، ويحتمل أن يريد هنا القضاء من غير فدية، كما هو
مذهب المرتضى واحترز بالمأيوس (2) من برئه عمن يمكن برؤه عادة، فإنه
يفطر ويجب القضاء حيث يمكن كالمريض من غير فدية. والأقوى أن
حكمه (3) كالشيخين يسقطان عنه مع العجز رأسا. وتجب الفدية مع المشقة
(السابعة - الحامل المقرب، والمرضعة القليلة اللبن) إذا خافتا
على الولد (4) (تفطران وتفديان) بما تقدم، وتقضيان مع زوال العذر،
وإنما لم يذكر القضاء مع القطع بوجوبه، لظهوره حيث إن عذرهما آيل
إلى الزوال فلا تزيدان عن المريض (5)، وفي بعض النسخ وتعيدان بدل
وتفديان، وفيه تصريح بالقضاء، وإخلال بالفدية، وعكسه (6) أوضح
لأن الفدية لا تستفاد من استنباط اللفظ، بخلاف القضاء، ولو كان خوفهما
على أنفسهما فكالمريض تفطران وتقضيان من غير فدية، وكذا كل من خاف
على نفسه (7).
ولا فرق في ذلك (8) بين الخوف لجوع وعطش، ولا في المرتضع
129

بين كونه ولدا من النسب والرضاع، ولا بين المستأجرة والمتبرعة. نعم
لو قام غيرها مقامها (1) متبرعا، أو آخذا مثلها، أو أنقص امتنع الإفطار
والفدية من مالهما وإن كان لهما زوج والولد له والحكم بإفطارهما خبر معناه
الأمر، لدفعه الضرر (2).
(ولا يجب صوم النافلة بشروعه) فيه، لأصالة عدم الوجوب،
والنهي (3) عن قطع العمل مخصوص ببعض الواجب (4). (نعم يكره
نقضه بعد الزوال)، للرواية (5) المصرحة بوجوبه حينئذ المحمولة على تأكد
الاستحباب، لقصورها عن الإيجاب سندا وإن صرحت به متنا، (إلا لمن
يدعى إلى طعام) فلا يكره له قطعه مطلقا (6)، بل يكره المضي عليه،
وروي أنه (7) أفضل من الصيام بسبعين ضعفا، ولا فرق بين من هيأ
له طعاما، وغيره (8)،
130

ولا بين من يشق عليه المخالفة، وغيره (1) نعم يشترط كونه مؤمنا،
والحكمة ليست من حيث الأكل (2)، بل إجابة دعاء المؤمن، وعدم
رد قوله، وإنما يتحقق الثواب على الإفطار مع قصد الطاعة به لذلك
ونحوه (3)، لا بمجرده (4)، لأنه عبادة يتوقف ثوابها على النية.
(الثامنة - يجب تتابع الصوم) الواجب (إلا أربعة: النذر المطلق)
حيث لا يضيق وقته بظن الوفاة، أو طروء العذر المانع من الصوم،
(وما في معناه) من العهد واليمين.
(وقضاء) الصوم (الواجب مطلقا) كرمضان والنذر المعين وإن كان
الأصل متتابعا كما يقتضيه إطلاق العبارة وهو قول قوي، واستقرب
في الدروس وجوب متابعته كالأصل (5)، (وجزاء الصيد) وإن كان
بدل النعامة على الأشهر (6)، (والسبعة في بدل الهدي) في الأقوى،
وقيل: يشترط فيها المتابعة كالثلاثة، وبه رواية حسنة (7).
(وكل من أخل بالمتابعة) حيث تجب (لعذر) كحيض، ومرض،
131

وسفر ضروري (بني عند زواله)، إلا أن يكون الصوم ثلاثة أيام فيجب
استئنافها (1) مطلقا، كصوم كفارة اليمين، وكفارة قضاء رمضان،
وثلاث الاعتكاف، وثلاثة المتعة (2)، حيث لا يكون الفاصل العيد بعد
اليومين (3)، (ولا له) أي: لا لعذر (يستأنف إلا في ثلاثة) مواضع
(الشهرين المتتابعين) كفارة ونذرا، وما في معناه (بعد) صوم (شهر ويوم
من الثاني، وفي الشهر) الواجب متتابعا بنذر، أو كفارة على عبد بظهار
أو قتل خطأ (4) (بعد) صوم (خمسة عشر يوما، وفي ثلاثة المتعة) الواجبة
في الحج بدلا عن الدم (بعد) صوم (يومين ثالثهما العيد) سواء علم ابتداء
بوقوعه بعدهما، أم لا فإن التتابع يسقط في باقي الأولين مطلقا (5)،
وفي الثالث إلى انقضاء أيام التشريق.
(التاسعة - لا يفسد الصيام بمص الخاتم) وشبهه، وأما مص النواة
فمكروه، (وزق الطائر، ومضغ الطعام)، وذوق المرق، وكل ما لا يتعدى
إلى الحلق، (ويكره مباشرة النساء) بغير الجماع، إلا لمن لا يحرك ذلك
شهوته، (والاكتحال بما فيه مسك)، أو صبر (6)، (وإخراج الدم
132

المضعف، ودخول الحمام) المضعف، (وشم الرياحين (1) وخصوصا
النرجس) بفتح النون فسكون الراء فكسر الجيم، ولا يكره الطيب، بل
روي استحبابه للصائم وأنه تحفته (2)، (والاحتقان بالجامد) في المشهور
وقيل: يحرم، ويجب به القضاء، (وجلوس المرأة والخنثى في الماء)،
وقيل: يجب القضاء عليهما به، وهو نادر (3).
(والظاهر أن الخصي الممسوح كذلك)، لمساواته لهما في قرب المنفذ
إلى الجوف (4)، (وبل الثوب على الجسد)، دون بل الجسد بالماء،
وجلوس الرجل فيه وإن كان أقوى تبريدا (5)، (والهذر) وهو الكلام
بغير فائدة دينية، وكذا استماعه، بل ينبغي أن يصم (6) سمعه وبصره
وجوارحه بصومه، إلا بطاعة الله (7) تعالى، من تلاوة القرآن،
أو ذكر، أو دعاء.
(العاشرة - يستحب من الصوم) على الخصوص (أول خميس
من الشهر، وآخر خميس منه، وأول أربعاء من العشر الأوسط)
فالمواظبة (8) عليها.
133

تعدل صوم الدهر (1)، وتذهب بوحر (2) الصدر وهو وسوسته،
ويختص باستحباب قضائها لمن فاتته، فإن قضاها في مثلها أحرز، فضيلتهما (3).
(وأيام البيض) بحذف الموصوف أي أيام الليالي البيض وهي
الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر، سميت بذلك
لبياض لياليها أجمع (4) بضوء القمر. هذا بحسب اللغة، وروي (5)
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن آدم عليه السلام لما أصابته الخطيئة
اسود لونه فألهم صوم هذه الأيام فابيض بكل يوم ثلثه فسميت بيضا
لذلك، وعلى هذا فالكلام جار على ظاهره من غير حذف، (ومولد
النبي صلى الله عليه وآله)، وهو عندنا سابع عشر شهر ربيع الأول
على المشهور (6)، (ومبعثه (7) ويوم الغدير (8) والدحو) للأرض
134

أي بسطها من تحت الكعبة وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة.
(وعرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء) الذي هو عازم عليه في ذلك
اليوم كمية وكيفية. ويستفاد منه أن الدعاء في ذلك اليوم أفضل من الصوم
(مع تحقق الهلال)، فلو حصل في أوله التباس، لغيم، أو غيره كره
صومه، لئلا يقع في صوم العيد. (والمباهلة (1) والخميس والجمعة)
في كل أسبوع، (وستة أيام بعد عيد الفطر) بغير فصل متوالية، فمن
صامها مع شهر رمضان عدلت صيام السنة (2)، وفي الخبر أن المواظبة

(1) المائدة الآية 5.
(2) النحل الآية 85.
(3) المائدة الآية 60
135

عليها تعدل صوم الدهر (1)، وعلل في بعض الأخبار بأن الصدقة بعشر
أمثالها، فيكون رمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين، وذلك تمام السنة
فدوام فعلها كذلك يعدل دهر الصائم (2).
والتعليل وإن اقتضى عدم الفرق بين فعلها متوالية، ومتفرقة بعده
بغير فصل، ومتأخرة إلا أن في بعض الأخبار اعتبار القيد (3)، فيكون
فضيلة زائدة على القدر (4)، وهو إما تخفيف للتمرين السابق (5)،
أو عود إلى العبادة، للرغبة، ودفع احتمال السأم، (وأول ذي الحجة)
وهو مولد إبراهيم الخليل عليه السلام وباقي العشر غير المستثنى (6)، (ورجب
كله، وشعبان كله).
136

(الحادية عشر - يستحب الإمساك (1)) بالنية (2)، لأنها عبادة
(في المسافر والمريض بزوال عذرهما بعد التناول) وإن كان قبل الزوال،
(أو بعد الزوال) وإن كان قبل التناول (3)، ويجوز للمسافر التناول
قبل بلوغ محل الترخص وإن علم بوصوله قبله (4) فيكون إيجاب الصوم
منوطا باختياره كما يتخير بين نية المقام المسوغة للصوم، وعدمها، وكذا
يستحب الإمساك (لكل من سلف من ذوي الأعذار التي تزول في أثناء
النهار) مطلقا (5) كذات الدم، والصبي، والمجنون، والمغمى عليه،
والكافر يسلم.
(الثانية عشرة - لا يصوم الضيف بدون إذن مضيفه (6)) وإن جاء
نهارا ما لم تزل الشمس، مع احتماله مطلقا (6)، عملا بإطلاق النص (8)،
(وقيل: بالعكس أيضا) وهو مروي (9) لكن قل من ذكره، (ولا المرأة
والعبد)، بل مطلق المملوك، (بدون إذن الزوج والمالك، ولا الولد).
137

وإن نزل، (بدون إذن الوالد) وإن علا، ويحتمل اختصاصه بالأدنى (1)
فإن صام أحدهم بدون إذن كره.
(والأولى عدم انعقاده مع النهي)، لما روي (2) من أن الضيف
يكون جاهلا، والولد عاقا، والزوجة عاصية، والعبد آبقا (3) وجعله
أولى يؤذن بانعقاده، وفي الدروس استقرب اشتراط إذن الوالد، والزوج
والمولى في صحته، والأقوى الكراهة بدون الإذن مطلقا (4)، في غير
الزوجة والمملوك، استضعافا لمستند الشرطية، ومأخذ التحريم، أما فيهما (5)
فيشترط الإذن، فلا ينعقد بدونه، ولا فرق بين كون الزوج والمولى
حاضرين، أو غائبين، ولا بين أن يضعفه عن حق مولاه، وعدمه.
(الثالثة عشرة - يحرم صوم العيدين مطلقا (6)، وأيام التشريق)
وهي الثلاثة بعد العيد (لمن كان بمنى) ناسكا، أو غير ناسك، (وقيده
بعض الأصحاب) وهو العلامة رحمه الله (بالناسك) بحج، أو عمرة والنص (7)
مطلق، فتقييده يحتاج إلى دليل، ولا يحرم صومها على من ليس بمنى
إجماعا وإن أطلق تحريمها في بعض العبارات، كالمصنف في الدروس فهو
مراد من قيد (8)، وربما لحظ المطلق أن جمعها كاف عن تقييد كونها
138

بمنى، لأن أقل الجمع ثلاثة، وأيام التشريق لا تكون (1) ثلاثة إلا بمنى
فإنها في غيرها يومان لا غير، وهو لطيف (2).
(وصوم) يوم (الشك) وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث
الناس برؤية الهلال، أو شهد به من لا يثبت بقوله (3) (بنية الفرض)
المعهود وهو رمضان وإن ظهر كونه منه، للنهي (4)، أما لو نواه واجبا
عن غيره كالقضاء والنذر لم يحرم وأجزأ عن رمضان (5)، وأما بنية
النفل فمستحب عندنا وإن لم يصم قبله (6)، (ولو صامه بنية النفل أجزأ
إن ظهر كونه من رمضان)، وكذا كل واجب معين فعل بنية الندب،
مع عدم علمه (7)، وفاقا للمصنف في الدروس.
139

(ولو ردد) نيته يوم الشك، بل يوم الثلاثين مطلقا (1)، بين
الوجوب إن كان من رمضان، والندب إن لم يكن (فقولان أقربهما
الإجزاء)، لحصول النية المطابقة للواقع، وضميمة الآخر غير قادحة،
لأنها غير منافية (2)، ولأنه لو جزم بالندب أجزأ عن رمضان إجماعا،
فالضميمة المتردد فيها أدخل في المطلوب (3)، ووجه العدم اشتراط الجزم
في النية حيث يمكن، وهو هنا كذلك بنية الندب، ومنع كون نية الوجوب
أدخل على تقدير الجهل (4)، ومن ثم لم يجز لو جزم بالوجوب فظهر
مطابقا.
ويشكل بأن التردد ليس في النية، للجزم بها على التقديرين (5)،
وإنما هو في الوجه، وهو على تقدير اعتباره أمر آخر (6)، ولأنه مجزوم
به على كل واحد من التقديرين اللازمين على وجه منع الخلو (7)، والفرق
بين الجزم بالوجوب، والترديد فيه النهي عن الأول شرعا المقتضي للفساد
140

بخلاف الثاني (1).
(ويحرم نذر المعصية) بجعل الجزاء شكرا على ترك الواجب (2)،
أو فعل المحرم، وزجرا على العكس (3)، (وصومه (4)) الذي هو الجزاء
لفساد الغاية، وعدم التقرب به، (و) صوم (الصمت) بأن ينوي الصوم
ساكتا (5) فإنه محرم في شرعنا، لا الصوم ساكتا بدون جعله وصفا للصوم
بالنية (والوصال) بأن ينوي صوم يومين فصاعدا، لا يفصل بينهما بفطر
141

أو صوم يوم إلى وقت متراخ عن الغروب، ومنه أن يجعل عشاءه سحوره
بالنية (1)، لا إذا أخر الإفطار بغيرها، أو تركه ليلا.
(وصوم الواجب سفرا) على وجه موجب للقصر، (سوى ما مر)
من المنذور المقيد به، وثلاثة الهدي، وبدل البدنة، وجزاء الصيد
على القول (2). وفهم من تقييده بالواجب جواز المندوب وهو الذي
اختاره في غيره على كراهية، وبه روايتان يمكن إثبات السنة بهما (3).
وقيل: يحرم لإطلاق النهي في غيرهما (4)، ومع ذلك يستثني ثلاثة أيام
للحاجة بالمدينة المشرفة، قيل: والمشاهد كذلك (5).
(الرابعة عشرة - يعزر من أفطر في شهر رمضان عامدا عالما)
بالتحريم، (لا إن أفطر لعذر) كسلامة من غرق، وإنقاذ غريق، وللتقية
قبل الغروب (6)، وآخر رمضان وأوله، مع الاقتصار على ما يتأدى به
الضرورة، ولو زاد فكمن لا عذر له، (فإن عاد) إلى الإفطار ثانيا
142

بالقيدين (1) (عزر) أيضا، (فإن عاد) إليه ثالثا (بهما (2) قتل)،
ونسب في الدروس قلته في الثالثة إلى مقطوعة سماعة (3)، وقيل: يقتل
في الرابعة، وهو أحوط (4)، وإنما يقتل فيهما (5) مع تخلل التعزير
مرتين، أو ثلاثا، لا بدونه.
(ولو كان مستحلا) للإفطار أي معتقدا كونه حلالا، ويتحقق
بالإقرار به (قتل) بأول مرة (إن كان ولد على الفطرة) الإسلامية بأن
انعقد حال إسلام أحد أبويه، (واستتيب إن كان عن غيرها) فإن تاب
وإلا قتل. هذا إذا كان ذكرا، أما الأنثى فلا تقتل مطلقا (6) بل تحبس
وتضرب أوقات الصلاة إلى أن تتوب، أو تموت، وإنما يكفر (7) مستحل
الإفطار بمجمع على إفساده الصوم بين المسلمين بحيث صار ضروريا كالجماع
والأكل، والشرب المعتادين، أما غيره فلا على الأشهر (8). وفيه (9)
143

لو أدعى الشبهة الممكنة في حقه قبل منه، ومن هنا يعلم أن إطلاقه (1)
الحكم ليس بجيد.
(الخامسة عشرة - البلوغ الذي يجب معه العبادة الاحتلام) وهو
خروج المني من قبله مطلقا (2) في الذكر والأنثى ومن فرجيه في الخنثى،
(أو الإنبات) للشعر الخشن على العانة مطلقا (3)، (أو بلوغ (4)) أي
إكمال (خمس عشرة سنة) هلالية (في الذكر) والخنثى، (و) إكمال
(تسع في الأنثى) على المشهور، (وقال) الشيخ (في المبسوط وتبعه
ابن حمزة: بلوغها) أي المرأة (بعشر (5)، وقال ابن إدريس: الإجماع)
واقع (على التسع)، ولا يعتد بخلافهما، لشذوذه والعلم بنسبهما (6)، وتقدمه
عليهما وتأخره عنهما (7)، وأما الحيض والحمل للمرأة فدليلان على سبقه (8)،
144

وفي إلحاق اخضرار الشارب، وإنبات اللحية بالعانة قول قوي (1)، ويعلم
السن بالبينة والشياع، لا بدعواه والانبات بهما، وبالاختبار (2)، فإنه
جائز مع الاضطرار إن جعلنا محله من العورة، أو بدونه على المشهور (3)
والاحتلام بهما، (4) وبقوله، وفي قبول قول الأبوين، أو الأب
في السن وجه (5).
145

الاعتكاف
147

الاعتكاف
(ويلحق بذلك الاعتكاف)، وإنما جعله من لواحقه لاشتراطه به (1)
واستحبابه مؤكدا في شهر رمضان، وقلة (2) مباحثه في هذا المختصر
عما يليق بالكتاب المفرد، (وهو مستحب) استحبابا مؤكدا (خصوصا
في العشر الأواخر من شهر رمضان)، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله،
فقد كان يواظب عليه فيها (3)، تضرب له قبة بالمسجد من شعر،
ويطوى فراشه، وفاته عام بدر بسببها (4) فقضاها في القابل، فكان
صلى الله عليه وآله يقول: إن اعتكافها يعدل حجتين وعمرتين (5).
(ويشترط) في صحته (الصوم) وإن لم يكن لأجله، (فلا يصح
إلا من مكلف يصح منه الصوم، في زمان يصح صومه)، واشتراط
التكليف فيه مبني على أن عبادة الصبي تمرينا ليست صحيحة، ولا شرعية
وقد تقدم ما يدل على صحة صومه (6)، وفي الدروس صرح بشرعيته،
149

فليكن الاعتكاف كذلك، أما فعله من المميز تمرينا فلا شبهة في صحته كغيره (1)
(وأقله ثلاثة أيام) بينها ليلتان، فمحل نيته قبل طلوع الفجر. وقيل:
يعتبر الليالي فيكون قبل الغروب، أو بعده على ما تقدم (2)، (والمسجد
الجامع) وهو ما يجتمع فيه أهل البلد وإن لم يكن أعظم، لا نحو مسجد
القبيلة. (3)
(والحصر في الأربعة) الحرمين وجامع الكوفة والبصرة، أو المدائن
بدله، (أو الخمسة) المذكورة، بناء على اشتراط صلاة نبي، أو إمام
فيه (ضعيف)، لعدم ما يدل على الحصر، وإن ذهب إليه الأكثر،
(والإقامة بمعتكفه، فيبطل) الاعتكاف (بخروجه) منه وإن قصر الوقت
(إلا لضرورة) كتحصيل مأكول، ومشروب، وفعل الأول (4) في غيره
لمن عليه فيه غضاضة، قضاء حاجة، واغتسال واجب لا يمكن فعله
فيه (5)، ونحو ذلك (6) مما لا بد منه، ولا يمكن فعله في المسجد،
150

ولا يتقدر معها بقدر إلا بزوالها (1) نعم لو خرج عن كونه معتكفا بطل
مطلقا (2)، وكذا لو خرج ناسيا فطال (3)، وإلا رجع حيث ذكر،
فإن أخر بطل.
(أو طاعة كعيادة مريض) مطلقا (4)، ويلبث عنده بحسب العادة
لا أزيد، (أو شهادة) تحملا وإقامة، إن لم يمكن بدون الخروج، سواء
تعينت عليه، أم لا (5)، (أو تشييع مؤمن) وهو توديعه، وإذا أراد
سفرا إلى ما يعتاد عرفا (6)، وقيده بالمؤمن تبعا للنص (7)، بخلاف
المريض لا طلاقه (8)، (ثم لا يجلس لو خرج، ولا يمشي تحت الظل
اختيارا) قيد فيهما، أو في الأخير، لأن الاضطرار فيه أظهر (9)، بأن
151

لا يجد طريقا إلى مطلبه إلا تحت ظل.
ولو وجد طريقين إحداهما لا ظل فيها سلكها وإن بعدت (1)،
ولو وجد فيهما قدم أقلهما ظلا (2)، ولو اتفقا قدرا فالأقرب. والموجود
في النصوص هو الجلوس تحت الظلال، أما المشي فلا (3)، وهو الأقوى
وإن كان ما ذكره أحوط، فعلى ما اخترناه (4)، لو تعارض المشي في الظل
بطريق قصير، وفي غيره بطويل قدم القصير (5)، وأولى منه لو كان
القصير أطولهما ظلا (6)، (ولا يصلي إلا بمعتكفه) فيرجع الخارج لضرورة
إليه، وإن كان في مسجد آخر أفضل منه (7)، إلا مع الضرورة كضيق
الوقت، فيصليها حيث أمكن، مقدما للمسجد مع الإمكان، ومن الضرورة
152

إلى الصلاة في غيره إقامة الجمعة فيه دونه فيخرج إليها (1)، وبدون
الضرورة لا تصح الصلاة أيضا، للنهي (2) (إلا في مكة) فيصلي إذا
خرج لضرورة بها حيث شاء، ولا يختص بالمسجد (3).
(ويجب الاعتكاف بالنذر وشبهه) من عهد ويمين، ونيابة عن الأب
إن وجبت (4)، واستئجار عليه (5)، ويشترط في النذر، وأخويه إطلاقه
فيحمل على ثلاثة، أو تقييده بثلاثة فصاعدا، أو بما لا ينافي الثلاثة، كنذر
يوم لا أزيد (6)، وأما الأخيران فبحسب الملتزم (7) فإن قصر عنها
اشتراط إكمالها في صحته (8)، ولو عن نفسه (9)، (وبمضي يومين) ولو مندوبين
153

فيجب الثالث (على الأشهر)، لدلالة الأخبار عليه (1)، (وفي المبسوط)
يجب (بالشروع) مطلقا (2)، وعلى الأشهر يتعدى إلى كل ثالث على الأقوى
كالسادس والتاسع لو اعتكف خمسة وثمانية، وقيل: يختص بالأول خاصة (3)
وقيل في المندوب، دون ما لو نذر خمسة فلا يجب السادس، ومال إليه
المصنف في بعض تحقيقاته.
والفرق أن اليومين في المندوب منفصلان عن الثالث شرعا، ولما كان
أقله ثلاثة كان الثالث هو المتمم للمشروع (4)، بخلاف الواجب، فإن
الخمسة فعل واحد واجب متصل شرعا. وإنما نسب الحكم إلى الشهرة،
لأن مستنده من الأخبار غير نقي السند (5)، ومن ثم ذهب جمع إلى عدم
وجوب النفل مطلقا (6).
(ويستحب) للمعتكف (الاشتراط) في ابتدائه، للرجوع فيه عند
العارض (كالمحرم) فيرجع عنده، وإن مضى يومان، (وقيل): يجوز
اشتراط الرجوع فيه (مطلقا) فيرجع متى شاء، وإن لم يكن لعارض،
154

واختاره في الدروس، والأجود الأول. وظاهر العبارة يرشد إليه (1)،
لأن المحرم يختص شرط بالمعارض، إلا أن يجعل التشبيه في أصل الاشتراط (2)
ولا فرق في جواز الاشتراط بين الواجب وغيره، لكن محله في الواجب
وقت النذر وأخويه، لا وقت الشروع (3)، وفائدة الشرط في المندوب
سقوط الثالث لو عرض بعد وجوبه ما يجوز الرجوع، وإبطال الواجب
مطلقا (4).
(فإن شرط وخرج فلا قضاء) في المندوب مطلقا (5)، وكذا
الواجب المعين، أما المطلق فقيل: هو كذلك، وهو ظاهر الكتاب (6)
وتوقف في الدروس، وقطع المحقق بالقضاء، وهو أجود، (ولو لم يشترط
ومضى يومان) في المندوب (أتم) الثالث وجوبا، وكذا إذا أتم الخامس
وجب السادس، وهكذا كما مر (7)، (ويحرم عليه نهارا ما يحرم
155

على الصائم) حيث يكون الاعتكاف واجبا، وإلا فلا (1) وإن فسد
في بعضها (2)، (وليلا ونهارا الجماع) قبلا ودبرا، (وشم الطيب)،
والرياحين على الأقوى (3)، لورودها معه في الأخبار وهو مختاره
في الدروس، (والاستمتاع بالنساء) لمسا وتقبيلا وغيرهما (4)، ولكن
لا يفسد به الاعتكاف على الأقوى، بخلاف الجماع.
(ويفسده ما يفسد الصوم) من حيث فوات الصوم، الذي هو شرط
الاعتكاف، (ويكفر) للاعتكاف زيادة على ما يجب للصوم (5) (إن
أفسد الثالث) مطلقا (6)، (أو كان واجبا) وإن لم يكن ثالثا، (ويجب
بالجماع في الواجب نهارا كفارتان، إن كان في شهر رمضان) إحداهما
عن الصوم، والأخرى عن الاعتكاف، (وقيل): تجب (7) الكفارتان
بالجماع في الواجب (مطلقا (8))، وهو ضعيف. نعم لو كان وجوبه
156

متعينا بنذر وشبهه، وجب بإفساده كفارة بسببه (1)، وهو أمر آخر (2)
وفي الدروس ألحق المعين برمضان مطلقا (3)، (و) في الجماع (ليلا)
كفارة (واحدة) في رمضان وغيره، إلا أن يتعين بنذر وشبهه فيجب
كفارة بسببه أيضا (4) لإفساده، ولو كان إفساده بباقي مفسدات الصوم
غير الجماع وجب نهارا كفارة واحدة (5)، ولا شئ ليلا إلا أن يكون
متعينا بنذر وشبهه فيجب كفارته أيضا، ولو فعل غير ذلك (6) من المحرمات
على المعتكف كالتطيب والبيع والمماراة (7) أثم، ولا كفارة، ولو كان (8)
بالخروج في واجب متعين بالنذر وشبهه وجبت كفارته، وفي ثالث
المندوب الإثم والقضاء لا غير، وكذا لو أفسده بغير الجماع، وكفارة
الاعتكاف ككفارة رمضان في قول. وكفارة ظهار في آخر، والأول
أشهر، والثاني أصح رواية (9).
157

(فإن أكره المعتكفة) عليه (1) نهارا في شهر رمضان مع وجوب
الاعتكاف (فأربع)، اثنتان عنه، واثنتان يتحملهما عنها (على الأقوى)
بل قال في الدروس: إنه لا يعلم فيه مخالفا، سوى صاحب المعتبر،
وفي المختلف أن القول بذلك لم يظهر له مخالف، ومثل هذا هو الحجة (2)
وإلا فالأصل يقتضي عدم التحمل فيما لا نص عليه، وحينئذ فيجب عليه
ثلاث كفارات اثنتان عنه للاعتكاف والصوم، وواحدة عنها للصوم ولأنه
منصوص التحمل، (3) ولو كان الجماع ليلا فكفارتان عليه على القول
بالتحمل (4).
158

كتاب الحج
159

كتاب الحج
(وفيه فصول):
الأول - في شرائطه وأسبابه (يجب الحج على المستطيع) بما سيأتي
(من الرجال والنساء والخناثى (1) على الفور) بإجماع الفرقة المحقة (2)
وتأخيره كبيرة موبقة (3)، والمراد بالفورية ووجوب المبادرة إليه في أول
عام الاستطاعة مع الإمكان، وإلا ففيما يليه، وهكذا، ولو توقف
على مقدمات من سفر وغيره وجب الفور بها على وجه يدركه كذلك (4)
ولو تعددت الرفقة (5) في العام الواحد وجب السير مع أولاها (6) فإن
أخر عنها وأدركه مع التالية (7)، وإلا كان كمؤخره عمدا في استقراره
161

(مرة (1)) واحدة (بأصل الشرع، وقد يجب بالنذر وشبهه) من العهد
واليمين، (والاستئجار، والإفساد) فيتعدد بحسب وجود السبب.
(ويستحب تكراره) لمن أداه واجبا، (ولفاقد الشرائط) متكلفا،
(ولا يجزئ) ما فعله مع فقد الشرائط عن حجة الإسلام بعد حصولها (2)
(كالفقير) يحج ثم يستطيع، (والعبد) يحج (بإذن مولاه) ثم يعتق ويستطيع
فيجب الحج ثانيا.
(وشرط وجوبه البلوغ، والعقل، والحرية، والزاد، والراحلة)
بما يناسبه قوة، ضعفا، لا شرفا، ضعة فيما (3) تفتقر إلى قطع المسافة
وإن سهل المشي وكان معتادا له أو للسؤال (4)، ويستثنى له من جملة ماله
داره، وثيابه، وخادمه ودابته، وكتب علمه اللائقة بحاله (5)، كما وكيفا
عينا وقيمة (6)، (والتمكن من المسير) بالصحة، وتخلية الطريق، وسعة
الوقت (7).
(وشرط صحته الإسلام) فلا يصح من الكافر وإن وجب عليه،
(وشرط مباشرته مع الإسلام) وما في حكمه (8) (التمييز) فيباشر أفعاله
162

المميز بإذن الولي (1)، (ويحرم الولي عن غير المميز (2)) إن أراد
الحج به (ندبا) طفلا كان، أو مجنونا، محرما كان الولي، أم محلا،
لأنه يجعلهما محرمين بفعله، لا نائبا عنهما فيقول: اللهم إني أحرمت بهذا
إلى آخر النية، ويكون المولى عليه حاضرا مواجها له، ويأمره بالتلبية
إن أحسنها، وإلا لبى عنه، ويلبسه ثوبي الإحرام، ويجنبه تروكه،
وإذا طاف به أوقع به صورة الوضوء (3)، وحمله (4) ولو على المشي،
أو ساق به، أو قاد به، أو استناب فيه (5)، ويصلي عنه ركعتيه إن
نقص سنه عن ست (6)، ولو أمره بصورة الصلاة فحسن، وكذا القول
في سائر الأفعال، فإذا فعل به ذلك فله أجر حجة (7) (وشرط صحته
من العبد إذن المولى) وإن تشبث بالحرية كالمدبر والمبعض فلو فعله بدون
إذنه لغا (8)، ولو أذن له فله.
163

الرجوع قبل التلبس، لا بعده (1).
(وشرطه صحة الندب من المرأة إذن الزوج)، أما الواجب فلا،
ويظهر من إطلاقه (2)، أن الولد لا يتوقف حجه مندوبا على إذن الأب
أو الأبوين وهو قول الشيخ رحمة الله ومال إليه المصنف في الدروس وهو
حسن إن لم يستلزم السفر المشتمل على الخطر وإلا فاشتراط إذنهما أحسن (3)
(ولو أعتق العبد) المتلبس (4) بالحج بإذن المولى، (أو بلغ الصبي،
أو أفاق المجنون) بعد تلبسهما به صحيحا (5) (قبل أحد الموقفين صح
وأجزأ عن حجة الإسلام) على المشهور (6) ويجددان نية الوجوب بعد ذلك
أما العبد المكلف فبتلبسه به ينوي الوجوب بباقي أفعاله (7)، فالإجزاء
فيه أوضح.
164

ويشترط استطاعتهم له سابقا ولا حقا، لأن الكمال الحاصل أحد
الشرائط فالإجزاء من جهته (1). ويشكل ذلك في العبد إن أحلنا ملكه (2)
وربما قيل: بعدم اشتراطها فيه للسابق (3)، أما اللاحق فيعتبر قطعا،
(ويكفي البذل) للزاد والراحلة (في تحقق الوجوب) على المبذول له.
(ولا يشترط صيغة خاصة) للبذل من هبة، وغيرها من الأمور
اللازمة (4)، بل يكفي مجرده بأي صيغة اتفقت، سواء وثق (5) بالباذل
أم لا، لإطلاق النص (6)، ولزوم تعليق الواجب بالجائز يندفع، (7)
بأن الممتنع منه إنما هو الواجب المطلق، لا المشروط كما لو ذهب المال
قبل الإكمال، أو منع من السير ونحوه (8) من الأمور الجائزة (9) المسقطة
165

للوجوب الثابت إجماعا، واشترط في الدروس التمليك، أو الوثوق به،
وآخرون التمليك، أو وجوب بذله بنذر وشبهه، والإطلاق يدفعه (1).
نعم يشترط بذل عين الزاد والراحلة. فلو بذل له أثمانهما لم يجب القبول
وقوفا فيما خالف الأصل على موضع اليقين (2)، ولا يمنع الدين وعدم
المستثنيات (3) الوجوب بالبذل. نعم لو بذل له ما يكمل الاستطاعة اشترط
زيادة الجميع عن ذلك (4)، وكذا لو وهب مالا مطلقا (5)، أما لو شرط
الحج به فكالمبذول فيجب عليه القبول، إن كان عين الزاد والراحلة، (6)
خلافا للدروس (7)، ولا يجب لو كان ما لا غيرهما، لأن قبول الهبة
اكتساب وهو غير واجب له (8)، وبذلك (9) يظهر الفرق بين البذل
166

والهبة، فإنه إباحة يكفي فيها الإيقاع. ولا فرق بين بذل الواجب (1)
ليحج بنفسه، أو ليصحبه فيه فينفق عليه، (فلو حج به بعض إخوانه
أجزأه عن الفرض (2))، لتحقق شرط الوجوب (3).
(ويشترط) مع ذلك كله (4) (وجود ما يمون به (5) عياله الواجبي
النفقة، إلى حين رجوعه) والمراد بها هنا (6) ما يعم الكسوة ونحوها،
حيث يحتاجون إليها، ويعتبر فيها القصد بحسب حالهم، (وفي) وجوب
(استنابة الممنوع) من مباشرته بنفسه (بكبر، أو مرض، أو عدو قولان
والمروي) صحيحا (7) (عن علي عليه السلام ذلك)، حيث أمر شيخا
لم يحج، ولم يطقه من كبره أن يجهز رجلا فيحج عنه، وغيره من الأخبار
والقول الآخر عدم الوجوب، لفقد شرطه الذي هو الاستطاعة، وهو
ممنوع (9)، وموضع الخلاف ما إذا عرض المانع قبل استقرار الوجوب،
وإلا وجبت قولا واحدا. وهل يشترط في وجوب الاستنابة اليأس من البراء
167

أم يجب مطلقا وإن لم يكن مع عدم اليأس فوريا، ظاهر الدروس الثاني،
وفي الأول قوة (1). فيجب الفورية كالأصل حيث يجب (2)، ثم إن
استمر العذر أجزأ.
(ولو زال العذر)، وأمكنه الحج بنفسه (حج ثانيا) وإن كان
قد يئس منه، لتحقق الاستطاعة حينئذ، وما وقع نيابة إنما وجب للنص (3)
وإلا لم يجب لوقوعه قبل شرط الوجوب (4)، (ولا يشترط) في الوجوب
بالاستطاعة زيادة على ما تقدم (الرجوع إلى كفاية) من صناعة، أو حرفة (5)
أن بضاعة، أو ضيعة، ونحوها (6) (على الأقوى)، عملا بعموم النص (7)
وقيل: يشترط وهو المشهور بين المتقدمين لرواية أبي الربيع الشامي (8)
وهي لا تدل على مطلوبهم، وإنما تدل على اعتبار المؤنة ذاهبا، وعائذا،
ومؤنة عياله كذلك، ولا شبهة فيه.
(وكذا) لا يشترط (في المرأة) مصاحبة (المحرم) وهو هنا (9)
168

الزوج، أو من يحرم نكاحه عليها مؤبدا بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة
وإن لم يكن مسلما إن لم يستحل المحارم كالمجوسي (1).
(ويكفي ظن السلامة)، بل عدم الخوف على البضع، أو العرض (2)
بتركه (3)، وإن لم يحصل الظن بها، عملا بظاهر النص (4)، وفاقا
للمصنف في الدروس، ومع الحاجة إليه يشترط في الوجوب عليها سفره
معها (5)، ولا يجب عليه إجابتها إليه تبرعا، ولا بأجرة، وله طلبها
فتكون جزءا من استطاعتها (6)، ولو ادعى الزوج الخوف عليها، أو عدم
أمانتها (7) وأنكرته عمل بشاهد الحال مع انتفاء البينة، ومع فقدهما (8)
169

يقدم قولها، وفي اليمين نظر، من أنها لو اعترفت نفعه (1)، وقرب
في الدروس عدمه، وله حينئذ منعها باطنا (2) لأنه محق عند نفسه،
والحكم مبني على الظاهر.
(والمستطيع يجزيه الحج متسكعا) أي متكلفا له بغير زاد، ولا راحلة
لوجود شرط الوجوب وهو الاستطاعة، بخلاف ما لو تكلفه غير المستطيع
(والحج مشيا أفضل) منه ركوبا، (إلا مع الضعف عن العبادة، فالركوب
أفضل، فقد حج الحسن عليه السلام ماشيا مرارا، قيل: إنها خمس
وعشرون (3) حجة)، وقيل: عشرون رواه الشيخ في التهذيب (4)،
ولم يذكر في الدروس غيره (5)، (والمحامل تساق بين يديه) وهو أعلم
بسنة جده عليه الصلاة والسلام من غيره، ولأنه أكثر مشقة، وأفضل
170

الأعمال أحمزها (1) وقيل الركوب أفضل مطلقا (2)، تأسيا بالنبي
صلى الله عليه وآله فقد حج راكبا (3)، قلنا فقد طاف راكبا (4)،
ولا يقولون بأفضليته كذلك فبقي أن فعله صلى الله عليه وآله وقع لبيان
الجواز، لا الأفضلية. والأقوى التفصيل الجامع بين الأدلة بالضعف
عن العبادة، من الدعاء، والقراءة، ووصفها من الخشوع، وعدمه (5)
وألحق بعضهم بالضعف كون الحامل له على المشي توفير المال (6)، لأن
دفع رذيلة الشح (7) عن النفس من أفضل الطاعات، وهو حسن، (8)
ولا فرق بين حجة الإسلام وغيرها.
(ومن مات بعد الإحرام، ودخول الحرم أجزأ) (9)، عن الحج،
سواء مات في الحل، أم الحرم، محرما، أم محلا كما لو مات بين الإحرامين
171

في إحرام الحج، أم العمرة (1)، ولا يكفي مجرد الإحرام (2) على الأقوى
وحيث أجزأ لا يجب الاستنابة في إكماله، وقبله (3)، وتجب من الميقات (4)
إن كان مستقرا، (4) وإلا سقط، سواء تلبس، أم لا، (ولو مات
قبل ذلك وكان) الحج (قد استقر في ذمته) بأن اجتمعت له شرائط الوجوب
ومضى عليه بعده مدة يمكنه فيها استيفاء جميع أفعال الحج فلم يفعل (قضي
عنه) الحج (من بلده في ظاهر الرواية).
الأولى أن يراد بها الجنس، لأن ذلك ظاهر أربع روايات في الكافي
أظهرها دلالة رواية أحد بن أبي نصر عن محمد بن عبد الله قال: سألت
أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يموت فيوصي بالحج من أين يحج
عنه؟ قال عليه السلام لا: على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله، وإن
لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة (5)
وإنما جعله ظاهر الرواية لإمكان أن يراد بماله ما عينه أجرة للحج بالوصية،
فإنه يتعين الوفاء به مع خروج ما زاد عن أجرته من الميقات، من الثلث (6)
إجماعا (7)،
172

وإنما الخلاف فيما لو أطلق الوصية (1)، أو علم أن عليه حجة الإسلام
ولم يوص بها.
والأقوى القضاء عنه من الميقات خاصة، لأصالة البراءة من الزائد،
ولأن الواجب الحج عنه، والطريق لا دخل لها في حقيقته، ووجوب سلوكها
من باب المقدمة، وتوقفه على مؤنة فيجب قضاؤها عنه، يندفع بأن
مقدمة الواجب إذا لم تكن مقصودة بالذات لا تجب وهو هنا كذلك،
ومن ثم لو سافر إلى الحج لا بنيته، أو بنية غيره، ثم بدا له (3) بعد الوصول
إلى الميقات الحج أجزأ، وكذا لو سافر ذاهلا، أو مجنونا ثم كمل قبل
الإحرام، أو آجر نفسه في الطريق لغيره (4)، أو حج متسكعا بدون
الغرامة (5)، أو في نفقة غيره، أو غير ذلك (6) من الصوارف عن جعل
الطريق مقدمة للواجب، وكثير من الأخبار ورد مطلقا (7) في وجوب
173

الحج عنه، وهو لا يقتضي زيادة على أفعاله المخصوصة.
والأولى حمل هذه الأخبار (1) على ما لو عين قدرا، ويمكن حمل
غير هذا الخبر (2) منها على أمر آخر (3)، مع ضعف سندها، واشتراك
محمد بن عبد الله في سند هذا الخبر بين الثقة، والضعيف، والمجهول (4)
ومن أعجب العجب هنا أن ابن إدريس ادعى تواتر الأخبار بوجوبه من عين
البلد، ورده في المختلف بأنا لم نقف على خبر واحد فضلا عن التواتر،
وهنا جعله ظاهر الرواية، والموجود منها أربع فتأمل (5)، ولو صح هذا
الخبر لكان حمله على إطلاقه أولى، لأن ماله المضاف إليه يشمل جميع
ما يملكه، وإنما حملناه، لمعارضته للأدلة الدالة على خلافه، مع عدم صحة
سنده، ونسبة الحكم هنا إلى ظاهر الرواية فيه نوع ترجيح مع توقف،
ولكنه قطع به في الدروس.
وعلى القول به (فلو ضاقت التركة)، عن الأجرة من بلده (فمن
حيث بلغت) إن أمكن الاستئجار من الطريق، (ولو من الميقات) إن
174

لم تحتمل (1) سواه، وكذا لو لم يمكن بعد فوات البلد، أو ما يسع منه (2)
إلا من الميقات، لو عين كونها من البلد فأولى بالتعيين من تعيين مال يسعه
منه، ومثله ما لو دلت القرائن على إرادته (3)، ويعتبر الزائد من الثلث
مع عدم إجازة الوارث إن لم نوجبه من البلد ابتداء (4)، وإلا فمن الأصل
وحيث يتعذر من الميقات يجب من الأزيد ولو من البلد حيث يتعذر
من أقرب منه (5) من باب مقدمة الواجب حينئذ، لا الواجب في الأصل
(ولو حج) مسلما، (ثم ارتد، ثم عاد) إلى الإسلام (لم يعد)
حجه السابق (على الأقرب)، للأصل، والآية (6)، والخبر (7)،

(1) البقرة: الآية 217.
(2) الزلزلة: الآية 7.
175

وقيل: يعيد لآية الإحباط (1)، أو لأن المسلم لا يكفر (2)، ويندفع
باشتراطه بالموافاة عليه (3) كما اشترط في ثواب الإيمان ذلك (4)، ومنع
عدم كفره (5)، للآية المثبتة للكفر بعد الإيمان، وعكسه. وكما لا يبطل
مجموع الحج كذا بعضه مما لا يعتبر استدامته حكما كالإحرام (6) فيبنى عليه

(1) المائدة: الآية 5.
(2) الفرقان: الآية 23.
(3) النساء: الآية 137.
176

لو ارتد بعده (1)، (ولو حج مخالفا، ثم استبصر لم يعد إلا أن يخل بركن)
عندنا، لا عنده على ما قيده المصنف في الدروس (2)، مع أنه عكس
في الصلاة فجعل الاعتبار بفعلها صحيحة عنده، لا عندنا، والنصوص
خالية من القيد (3)، ولا فرق بين من حكم بكفره من فرق المخالفين،
وغيره في ظاهر النص (4).
ومن الإخلال بالركن حجه قرانا بمعناه عنده (5)، لا المخالفة في نوع
الواجب المعتبر عندنا (6)، وهل الحكم بعدم الإعادة لصحة العبادة في نفسها
بناء على عدم اشتراط الإيمان فيها، أم إسقاطا للواجب في الذمة كإسلام
الكافر (7) قولان، وفي النصوص (8) ما يدل على الثاني.
177

(نعم يستحب الإعادة، للنص (1))، وقيل: يجب، بناء على اشتراط
الإيمان المقتضي لفساد المشروط بدونه وبأخبار حملها على الاستحباب
طريق الجمع (2).
(القول في حج الأسباب (3)) بالنذر وشبهه والنيابة، (لو نذر الحج
وأطلق كفت المرة) مخيرا في النوع والوصف، إلا أن يعين أحدهما،
فيتعين الأول مطلقا (4)، الثاني إن كان مشروعا كالمشي، والركوب،
لا الحفاء (5) ونحوه (6)، (ولا يجزئ) المنذور (عن حجة الإسلام)
سواء وقع حال وجوبها (7)، أم لا، وسواء نوى به (8) حجة الإسلام
أم النذر أم هما، لاختلاف السبب المقتضي التعدد المسبب.
(وقيل) والقائل الشيخ ومن تبعه: (إن نوى حجة النذر أجزأت)
عن النذر وحجة الإسلام على تقدير وجوبها حينئذ، (وإلا فلا)، استنادا
178

إلى رواية (1) حملت على نذر حجة الإسلام، (ولو قيد نذره بحجة الإسلام
فهي واحدة) وهي حجة الإسلام، وتتأكد بالنذر بناء على جواز نذر
الواجب، وتظهر الفائدة في وجوب الكفارة مع تأخيرها عن العام المعين (2)
أو موته (3) قبل فعلها مع الإطلاق متهاونا. هذا إذا كان عليه حجة الإسلام
حال النذر، وإلا كان مراعى بالاستطاعة، فإن حصلت وجب بالنذر أيضا
ولا يجب تحصيلها هنا على الأقوى (4)، وقول قيده (5) بمدة معينة فتخلفت
الاستطاعة عنها بطل النذر.
(ولو قيد غيرها) أي غير حجة الإسلام (فهما اثنتان) قطعا، ثم
إن كان مستطيعا حال النذر، وكانت حجة النذر مطلقة (6)، أو مقيدة
بزمان متأخر عن السنة الأولى قدم حجة الإسلام، وإن قيده بسنة الاستطاعة
كان انعقاده مراعى بزوالها قبل خروج القافلة، فإن بقيت بطل، لعدم
القدرة على المنذور شرعا، وإن زالت انعقد، ولو تقدم النذر على الاستطاعة
ثم حصلت قبل فعله قدمت حجة الإسلام، إن كان النذر مطلقا،
179

أو مقيدا بما يزيد (1) عن تلك السنة، أو بمغايرها (2)، وإلا قدم النذر،
وروعي في وجوب حجة الإسلام بقاء الاستطاعة إلى الثانية (3).
واعتبر المصنف في الدروس في حج النذر الاستطاعة الشرعية، وحينئذ
فتقدم حجة النذر (4) مع حصول الاستطاعة بدعه وإن كان مطلقا (5)
ويراعى في وجوب حجة الإسلام الاستطاعة بعدها، وظاهر النص (6)
والفتوى كون استطاعة النذر عقلية، فيتفرع عليه ما سبق (7). ولو أهمل
حجة النذر في العام الأول، قال المصنف فيها (8) تفريعا على مذهبه:
وجبت حجة الإسلام أيضا (9). ويشكل بصيرورته حينئذ كالدين
180

فيكون من المؤنة، (وكذا) حكم (العهد واليمين، ولو نذر الحج ماشيا
وجب) مع إمكانه، سواء جعلناه أرجح من الركوب، أم لا على الأقوى (1)،
وكذا لو نذره راكبا. وقيل: لا ينعقد غير الراجح منهما، ومبدؤه بلد
الناذر على الأقوى، عملا بالعرب، إلا أن يدل (2) على غيره فيتبع.
ويحتمل أول الأفعال، لدلالة الحال (3) عليه، وآخره منتهى أفعاله
الواجبة، وهي رمي الجمار (4)، لأن المشي وصف في الحج المركب
من الأفعال الواجبة، فلا يتم إلا بآخرها. والمشهور وهو الذي قطع به
المصنف في الدروس أن آخره طواف النساء.
(ويقوم في المعبر) لو اضطر إلى عبوره، وجوبا على ما يظهر من العبارة
وبه صرح جماعة، استنادا إلى رواية تقصر، لضعف سندها عنه (5).
181

وفي الدروس جعله أولى، وهو أولى خروجا من خلاف من أوجبه (1)،
وتساهلا في أدلة الاستحباب. وتوجيهه بأن الماشي يجب عليه القيام وحركة
الرجلين، فإذا تعذر أحدهما لانتفاء فائدته بقي الآخر مشترك، لانتفاء
الفائدة فيهما (2)، وإمكان فعلهما بغير الفائدة.
(فلو ركب طريقه) أجمع، (أو بعضه قضى ماشيا) للإخلال
بالصفة (3) فلم يجز. ثم إن كانت السنة معينة فالقضاء بمعناه المتعارف،
ويلزم مع ذلك كفارة بسببه (4)، وإن كانت مطلقة فالقضاء بمعنى الفعل
ثانيا ولا كفارة، وفي الدروس لو ركب بعضه قضى ملفقا، فيمشي ما ركب
ويتخير فيما مشى منه، ولو اشتبهت الأماكن احتاط بالمشي في كل ما يجوز
فيه أن يكون قد ركب. وما اختاره هنا أجود (5)، (ولو عجز عن المشي
ركب) مع تعيين السنة، أو الإطلاق واليأس من القدرة ولو بضيق
وقته لظن الوفاة (6)،
182

وإلا توقع المكنة (1).
(و) حيث جاز الركوب (ساق بدنة)، جبرا للوصف الفائت،
وجوبا على ظاهر العبارة، ومذهب (2) جماعة، واستحبابا على الأقوى،
جمعا بين الأدلة (3)، وتردد في الدروس. هذا كله مع إطلاق نذر
الحج ماشيا أو نذرهما (4) لا على معنى جعل المشي قيدا لازما في الحج
بحيث لا يريد إلا جمعهما، وإلا سقط الحج أيضا مع العجز عن المشي.
(ويشترط في النائب) في الحج (البلوغ والعقل والخلو) أي خلو ذمته
(من حج واجب) في ذلك العام، (مع التمكن (5) منه ولو مشيا) حيث
لا يشترط فيه الاستطاعة (6) كالمستقر من حج الإسلام ثم يذهب المال،
183

فلا تصح نيابة الصبي (1)، ولا المجنون مطلقا (2)، ولا مشغول الذمة به
في عام النيابة للتنافي (3)، ولو كان في عام بعده (4) كمن نذره كذلك
أو استؤجر له صحت نيابته قبله، وكذا المعين (5) حيث يعجز عنه ولو مشيا
لسقوط الوجوب في ذلك العام، للعجز وإن كان باقيا في الذمة، لكن
يراعى في جواز استنابته ضيق الوقت، بحيث لا يحتمل تجدد الاستطاعة
عادة. فلو استؤجر كذلك (6)، ثم اتفقت الاستطاعة على خلاف العادة
لم ينفسخ (7)، كما لو تجددت الاستطاعة لحج الإسلام بعدها (8)، فيقدم
حج النيابة، ويراعى في وجوب حج الإسلام بقاؤها إلى القابل.
(والإسلام) إن صححنا عبادة المخالف، وإلا اعتبر الإيمان أيضا،
وهو الأقوى. وفي الدروس حكي صحة نيابة غير المؤمن عنه (9) قولا
184

مشعرا بتمريضه، ولم يرجح شيئا، (وإسلام المنوب عنه، واعتقاده الحق)
فلا يصح الحج عن المخالف مطلقا (1)، (إلا أن يكون أبا للنائب) وإن
علا للأب، لا للأم، فيصح وإن كان ناصبيا (2). واستقرب في الدروس
اختصاص المنع بالناصب، ويستثنى منه الأب (3). والأجود الأول،
للرواية (4)، والشهرة، ومنعه بعض الأصحاب مطلقا (5). وفي إلحاق
باقي العبادات به وجه (6)، خصوصا إذا لم يكن ناصبيا (7).
(ويشترط نية النيابة) بأنه يقصد كونه نائبا، ولما كان ذلك أعم
من تعيين من ينوب عنه نبه على اعتباره أيضا بقوله، (وتعيين المنوب عنه
قصدا) في نية كل فعل يفتقر إليها. ولو اقتصر في النية على تعيين
المنوب عنه، بأن ينوي أنه عن فلان أجزأ، لأن ذلك يستلزم النيابة
185

عنه (1)، ولا يستحب التلفظ بمدلول هذا القصد (2)، (و) إنما (يستحب)
تعيينه (لفظا عند باقي الأفعال)، وفي المواطن كلها بقوله: اللهم ما أصابني
من تعب، أو لغوب، أو نصب (3) فأجر فلان بن فلان، وأجرني
في نيابتي عنه. وهذا أمر خارج عن النية (4) متقدم عليها، أو بعدها،
(وتبرأ ذمته) أي ذمة النائب من الحج، وكذلك ذمة المنوب عنه. إن
كانت مشغولة (لو مات) النائب (محرما بعد دخول الحرم ظرف للموت
لا للإحرام، (وإن خرج منه) من الحرم (بعده) أي بعد دخوله ومثله
ما لو خرج من الإحرام أيضا كما لو مات بين الإحرامين، إلا أنه لا يدخل
في العبارة، لفرضه الموت في حال كونه محرما ولو قال بعد الإحرام،
ودخول الحرم شملهما (5)، لصدق البعدية بعدهما (6) وأولوية (7) الموت
186

بعده (1) منه (2) حالته (3) ممنوعة، (ولو مات قبل ذلك (4)) سواء
كان قد أحرم، أم لا لم يصح الحج عنهما، وإن كان النائب أجيرا وقد قبض
الأجرة (استعيد من الأجرة بالنسبة) أي بنسبة ما بقي من العمل المستأجر
عليه (5)، فإن كان الاستئجار على فعل الحج خالصة، أو مطلقا (6)،
وكان موته بعد الإحرام استحق بنسبته إلى بقية أفعال الحج، وإن كان
عليه وعلى الذهاب استحق أجرة الذهاب والإحرام، واستعيد الباقي، وإن
كان عليهما وعلى العود (7) فبنسبته إلى الجميع، وإن كان موته قبل
187

الإحرام، ففي الأولين (1) لا يستحق شيئا، وفي الأخيرين (2) بنسبة
ما قطع من المسافة إلى ما بقي من المستأجر عليه،
وأما القول بأنه يستحق مع الإطلاق بنسبة ما فعل من الذهاب
إلى المجموع منه ومن أفعال الحج والعود كما ذهب إليه جماعة، ففي غاية
الضعف، لأن مفهوم الحج لا يتناول غير المجموع المركب من أفعاله
الخاصة (3)، دون الذهاب إليه، وإن جعلناه مقدمة للواجب (4)،
والعود (5) الذي لا مدخل له في الحقيقة، ولا ما يتوقف عليها بوجه (6).
(ويجب على الأجير الإتيان بما شرط عليه) من نوع الحج ووصفه
(حتى الطريق مع الغرض) قيد في تعين الطريق بالتعيين. بمعنى أنه لا يتعين
به إلا مع الغرض المقتضي لتخصيصه، كمشقته وبعده، حيث يكون داخلا
188

في الإجارة (1)، لاستلزامها زيادة الثواب، أو بعد (2) مسافة الإحرام،
ويمكن كونه قيدا في وجوب الوفاء بما شرط مطلقا (3)، فلا يتعين النوع
كذلك إلا مع الغرض كتعيين الأفضل (4)، أو تعينه على المنوب عنه،
فمع انتفائه (5) كالمندوب والواجب المخير كنذر مطلق، أو تساوي منزلي
المنوب عنه في الإقامة يجوز العدول عن المعين إلى الأفضل، كالعدول
من الإفراد إلى القران، ومنهما إلى التمتع، لا منه إليهما (6)، ولا من القران
إلى الإفراد.
ولكن يشكل ذلك في الميقات، فإن المصنف وغيره أطلقوا (7)
تعينه بالتعيين، من غير تفصيل بالعدول إلى الأفضل وغيره، وإنما جوزوا
189

ذلك (1) في الطريق والنوع بالنص (2)، ولما انتفى في الميقات أطلقوا
تعينه به (3)، وإن كان التفصيل (4) فيه متوجها أيضا، إلا أنه لا قائل
به. وحيث يعدل إلى غير المعين مع جواره يستحق جميع الأجرة،
ولا معه (5) لا يستحق في النوع شيئا، وفي الطريق يستحق بنسبة الحج
إلى المسمى للجميع (6)، وتسقط (7) أجرة ما تركه من الطريق،
ولا يوزع (8) للطريق المسلوكة (9)، لأنه غير ما استؤجر عليه وأطلق
المصنف وجماعة (10) الرجوع عليه بالتفاوت بينهما، وكذا (11) القول في الميقات
190

ويقع الحج عن المنوب عنه في الجميع وأن لم يستحق في الأول (1) أجرة.
(وليس له الاستنابة إلا مع الإذن) له فيها (صريحا) ممن يجوز له
الإذن فيها كالمستأجر عن نفسه، أو الوصي، لا الوكيل، إلا مع إذن
الموكل له في ذلك، (أو إيقاع العقد مقيدا بالإطلاق)، لا إيقاعه مطلقا (2)
فإنه يقتضي المباشرة بنفسه، والمراد بتقييده بالإطلاق، أن يستأجره ليحج
مطلقا بنفسه، أو بغيره (3)، أو بما يدل عليه كأن يستأجره لتحصيل
الحج عن المنوب. وبإيقاعه مطلقا (4) أن يستأجره ليحج عنه، فإن هذا
الإطلاق يقتضي مباشرته، لا استنابته فيه. وحيث يجوز له الاستنابة يشترط
في نائبه العدالة، وإن لم يكن هو عدلا (5).
(ولا يحج عن اثنين في عام) واحد، لأن الحج وإن تعددت أفعاله
عبادة واحدة فلا يقع عن اثنين (6). هذا إذا كان الحج واجبا على كل
واحد منهما، أو أريد إيقاعه عن كل واحد منهما. أما لو كان مندوبا
191

وأريد إيقاعه عنهما، ليشتركا في ثوابه، أو واجبا (1) عليهما كذلك،
بأن ينذرا الاشتراك في حج (2) يستنيبان فيه كذلك (3) فالظاهر الصحة
فيقع في العام الواحد عنهما، وفاقا للمصنف في الدروس، وعلى تقدير
المنع لو فعله عنهما لم يقع عنهما، ولا عنه، أما استئجاره لعمرتين، أو حجة
مفردة، وعمرة مفردة فجائز، لعدم المنافاة (4).
(ولو استأجراه لعام) واحد (فإن سبق (5) أحدهما) بالإجارة
(صح السابق) وبطل اللاحق، (وإن اقترنا) بأن أوجباه معا فقبلهما،
أو وكل أحدهما الآخر، أو وكلا ثالثا فأوقع (6) صيغة واحدة عنهما (بطلا)
لاستحالة الترجيح من غير مرجح، ومثله ما لو استأجراه مطلقا (7) لاقتضائه
التعجيل، أما لو اختلف زمان الإيقاع (8) صح، وإن اتفق العقدان،
إلا مع فورية (9) المتأخر، وإمكان استنابة من يعجله فيبطل.
192

(وتجوز (1) النيابة في أبعاض الحج) التي تقبل النيابة (كالطواف)
وركعتيه (2)، (والسعي والرمي)، لا الإحرام، والوقوف، والحلق،
والمبيت بمنى (مع العجز) عن مباشرتها بنفسه، لغيبة (3)، أو مرض
يعجز معه ولو عن أن يطاف أو يسعى به (4). وفي إلحاق الحيض به
فيما يفتقر إلى الطهارة وجه (5)، وحكم الأكثر بعدولها إلى غير النوع
لو تعذر إكماله لذلك (6)، (ولو أمكن حمله في الطواف والسعي وجب)
مقدما على الاستنابة، (ويحتسب لهما) لو نوباه (7)، إلا أن يستأجره للحمل
193

لا في طوافه، أو مطلقا (1)، فلا يحتسب للحامل، لأن الحركة (2)،
مع الإطلاق قد صارت مستحقة عليه لغيره، فلا يجوز صرفها إلى نفسه،
واقتصر في الدروس على الشرط الأول (3).
(وكفارة الإحرام) اللازمة بسبب فعل الأجير موجبها (في مال
الأجير)، لا المستنيب، لأنه فاعل السبب، وهي كفارة للذنب اللاحق به (4)
(ولو أفسد حجه قضى في) العام (القابل)، لوجوبه بسبب الإفساد،
وإن كانت معينة بذلك العام (5)، (والأقرب الإجزاء) عن فرضه المستأجر
عليه، بناء على أن الأولى فرضه (6)، والقضاء عقوبة، (ويملك
الأجرة) حينئذ، لعدم الإخلال بالمعين، والتأخير في المطلق. ووجه عدم
الإجزاء في المعينة، بناء على أن الثانية فرضه ظاهر (7) للإخلال بالمشروط
وكذا في المطلق على ما اختاره المصنف في الدروس، من أن تأخيرها
عن السنة الأولى لا لعذر يوجب عدم الأجرة، بناء على أن الإطلاق
يقتضي التعجيل فيكون كالمعينة. فإذا جعلنا الثانية فرضه كان كتأخير
194

المطلق، فلا يجزئ ولا يستحق أجرة، والمروي (1) في حسنه زرارة
أن الأولى فرضه، والثانية عقوبة، وتسميتها حينئذ فاسدة مجاز (2)،
وهو (3) الذي مال إليه المصنف. لكن الرواية مقطوعة، ولو لم نعتبرها
لكان القول بأن الثانية فرضه أوضح (4)، كما ذهب إليه ابن إدريس.
وفصل العلامة في القواعد غريبا (5)، فأوجب في المطلقة (6) قضاء
الفاسدة في السنة الثانية، والحج عن النيابة بعد ذلك، وهو خارج
عن الاعتبارين (7)، لأن غايته أن تكون العقوبة هي الأولى، فتكون
الثانية فرضه، فلا وجه للثالثة، ولكنه بنى على أن الإفساد يوجب الحج
ثانيا، فهو سبب فيه كالاستئجار، فإذا جعلنا الأولى هي الفاسدة لم تقع
عن المنوب، والثانية وجبت بسبب الإفساد وهو خارج عن الإجارة
فتجب الثالثة. فعلى هذا ينوي الثانية عن نفسه، وعلى جعلها الفرض
195

ينويها عن المنوب، وعلى الرواية ينبغي أن يكون عنه، مع احتمال كونها
عن المنوب أيضا (1).
(ويستحب) للأجير (إعادة فاضل الأجرة) عما أنفقه في الحج
ذهابا وعودا، (والإتمام له) من المستأجر عن نفسه، أو من الوصي
مع النص، لا بدونه (2) (لو أعوز،) وهل يستحب لكل منهما إجابة
الآخر إلى ذلك (3) تنظر المصنف في الدروس، من أصالة البراءة (4)
ومن أنه معاونة على البر والتقوى (5) (وترك (6) نيابة المرأة الصرورة)
وهي التي لم تحج، للنهي عنه في أخبار (7)، حتى ذهب بعضهم إلى المنع
لذلك، وحملها على الكراهة طريق الجمع بينها وبين ما دل على الجواز،
(وكذا الخنثى الصرورة)، إلحاقا لها بالأنثى، للشك في الذكورية، ويحتمل
عدم الكراهة، لعدم تناول المرأة التي هي مورد النهي (8) لها.
(ويشترط علم الأجير بالمناسك) ولو إجمالا، ليتمكن من تعلمها تفصيلا
196

ولو حج مع مرشد عدل أجزأ، (وقدرته عليها) على الوجه الذي عين،
فلو كان عاجزا عن الطواف بنفسه، واستؤجر على المباشرة لم يصح،
وكذا لو كان لا يستطيع القيام في صلاة الطواف. نعم لو رضي المستأجر
بذلك حيث يصح منه الرضا (1) جاز، (وعدالته) حيث تكون الإجارة
عن ميت، أو من يجب عليه الحج، (فلا يستأجر فاسق)، أما لو استأجره
ليحج عنه تبرعا (2) لم تعتبر (3) العدالة، لصحة حج الفاسق، وإنما المانع
عدم قبول خبره (4)، (ولو حج) الفاسق عن غيره (أجزأ) عن المنوب
عنه في نفس الأمر، وإن وجب عليه استنابة غيره لو كان واجبا، وكذا
القول في غيره من العبادات كالصلاة والصوم والزيارة المتوقفة على النية (5).
(والوصية بالحج) مطلقا من غير تعيين مال (ينصرف إلى أجرة
المثل) وهو ما يبذل غالبا للفعل المخصوص، لمن استجمع شرائط النيابة
في أقل مراتبها (6) ويحتمل اعتبار الأوسط (7) هذا إذا لم يوجد من يأخذ
197

أقل منها، وإلا اقتصر عليه، ولا يجب تكلف تحصيله (1)، ويعتبر ذلك
من البلد، أو الميقات على الخلاف (2)، (ويكفي) مع الإطلاق (3)
(المرة إلا مع إرادة التكرار (4)) فيكرر حسب ما دل عليه اللفظ، فإن
زاد عن الثلث (5) اقتصر عليه، إن لم يجز الوارث، ولو كان بعضه،
أو جميعه واجبا فمن الأصل (6).
(ولو عين القدر والنائب تعينا) إن لم يزد القدر عن الثلث في المندوب (7)
وعن أجرة المثل في الواجب (8)، وإلا اعتبرت الزيادة من الثلث مع عدم
إجازة الوارث، ولا يجب على النائب القبول، فإن امتنع طلبا للزيادة
لم يجب إجابته، ثم يستأجر غيره (9) بالقدر إن لم يعلم إرادة تخصيصه
به، وإلا فبأجرة المثل إن لم يزد عنه. أو يعلم إرادته خاصة فيسقط
بامتناعه بالقدر، أو مطلقا (10)، ولو عين النائب خاصة أعطي أجرة مثل
198

من يحج مجزيا ويحتمل أجرة مثله (1) فإن امتنع منه، أو مطلقا استؤجر
غيره، إن لم يعلم إرادة التخصيص (2)، وإلا سقط.
(ولو عين لكل سنة قدرا) مفصلا كألف، أو مجملا كغلة بستان،
(وقصر كمل من الثانية فإن لم تسع) الثانية، (فالثالثة)، فصاعدا
ما يتمم (3) أجرة المثل، ولو بجزء وصرف الباقي مع ما بعده كذلك
ولو كانت السنون معينة ففضل منها فضلة لا تفي بالحج أصلا ففي عودها
إلى الورثة، أو صرفها في وجوه البر وجهان (4)، أجودهما الأول إن كان
القصور ابتداء، والثاني إن كان طارئا (5)، والوجهان آتيان فيما لو قصر
المعين لحجة واحدة، أو قصر ماله أجمع عن الحجة الواجبة، ولو أمكن
استنمائه (6)، أو رجي إخراجه في وقت آخر وجب مقدما على
199

الأمرين (1).
(ولو زاد) المعين للسنة عن أجرة حجة ولم يكن مقيدا بواحدة (حج)
عنه به (مرتين) فصاعدا إن وسع (في عام) واحد (من اثنين (2))
فصاعدا، ولا يضر اجتماعهما معا في الفعل في وقت واحد، لعدم وجوب
الترتيب هنا كالصوم بخلاف الصلاة (3). ولو فضل عن واحدة جزء
أضيف إلى ما بعده إن كان، وإلا ففيه ما مر (4) (والودعي) المال إنسان
(العالم بامتناع الوارث) من إخراج الحج الواجب عليه عنه (5) (يستأجر
عنه من يحج أو يحج) عنه (هو بنفسه) وغير الوديعة من الحقوق المالية
حتى الغصب بحكمها. وحكم غيره (6) من الحقوق التي تخرج من أصل
المال، كالزكاة والخمس والكفارة والنذر حكمه. والخير هنا معناه
الأمر (7)، فإن ذلك واجب عليه حتى لو دفعه إلى الوارث اختيارا ضمن (8)
ولو علم أن البعض يؤدي فإن كان نصيبه يفي به بحيث يحصل الغرض منه
200

وجب الدفع إليهم، وإلا استأذن من يؤدي مع الإمكان وإلا سقط (1).
والمراد بالعلم هنا ما يشمل الظن الغالب المستند إلى القرائن. وفي اعتبار
الحج من البلد أو الميقات ما مر (2) (ولو كان عليه حجتان إحداهما نذر
فكذلك) يجب إخراجهما فما زاد (إذ الأصح أنهما من الأصل) لاشتراكهما
في كونهما حقا واجبا ماليا ومقابل الأصح إخراج المنذورة من الثلث،
استنادا إلى رواية (3) محمولة على نذر غير لازم كالواقع في المرض (4)
ولو قصر المال عنهما تحاصتا فيه (5)، فإن قصرت الحصة (6) عن إخراج
الحجة بأقل ما يمكن ووسع الحج خاصة أو العمرة صرف فيه، فإن قصر
عنهما، (7) ووسع أحدهما، ففي تركهما والرجوع إلى الوارث، أو البر
على ما تقدم (8)، أو تقديم حجة الإسلام، أو القرعة أوجه (9) ولو وسع
201

الحج خاصة، أو العمرة فكذلك (1)، ولو لم يسع أحدهما فالقولان (2)،
والتفصيل آت (3) فيما لو أقر بالحجتين. أو علم الوارث أو الوصي كونهما
عليه (ولو تعددوا) من عنده الوديعة أو الحق، وعلموا بالحق وبعضهم
ببعض (وزعت) أجرة الحجة، وما في حكمها (4) عليهم بنسبة ما بأيديهم
من المال (5)، ولو أخرجها بعضهم بإذن الباقين، فالظاهر الإجزاء،
لاشتراكهم (6) في كونه مال الميت الذي يقدم إخراج ذلك منه على الإرث
ولو لم يعلم بعضهم بالحق تعين على العالم بالتفصيل (7)، ولو علموا به
ولم يعلم بعضهم ببعض فأخرجوا جميعا. أو حجوا فلا ضمان مع الاجتهاد (8)
202

على الأقوى ولا معه (1) ضمنوا ما زاد على الواحدة. ولو علموا في الأثناء
سقط من وديعة كل منهم ما يخصه من الأجرة (2)، وتحللوا ما عدا واحد
بالقرعة، إن كان بعد الإحرام (3)، ولو حجوا عالمين بعضهم ببعض
صح السابق خاصة، وضمن اللاحق فإن أحرموا دفعة وقع الجميع عن المنوب
وسقط من وديعة كل واحد ما يخصه من الأجرة الموزعة (4)، وغرم الباقي
وهل يتوقف تصرفهم على إذن الحاكم؟ الأقوى ذلك مع القدرة على إثبات
الحق عنده، لأن ولاية إخراج ذلك قهرا على الوارث إليه (5)،
ولو لم يمكن (6) فالعدم أقوى، حذرا من تعطيل الحق الذي يعلم
من بيده المال ثبوته، وإطلاق النص (7) إذن له (وقيل: يفتقر إلى إذن
الحاكم) مطلقا (8)، بناء على ما سبق (وهو بعيد) لإطلاق النص (9)
وإفضائه إلى مخالفته حيث يتعذر (10).
203

(الفصل الثاني: في أنواع الحج - وهي ثلاثة: تمتع) وأصله التلذذ
سمي (1) هذا النوع به، لما يتخلل بين عمرته وحجه من التحلل الموجب
لجواز الانتفاع والتلذذ بما كان قد حرمه الإحرام (2)، مع ارتباط عمرته
بحجه حتى أنهما كالشئ الواحد شرعا، فإذا حصل بينهما ذلك فكأنه
حصل في الحج (وهو فرض من نأى) أي بعد (عن مكة بثمانية وأربعين
ميلا من كل جانب على الأصح) للأخبار (3) الصحيحة الدالة عليه. والقول
المقابل للأصح اعتبار بعده باثني عشر ميلا. حملا للثمانية والأربعين
على كونها موزعة على الجهات الأربع، فيخص (4) كل واحدة اثني عشر.
ومبدأ التقدير منتهى عمارة مكة إلى منزله، ويحتمل إلى بلده مع عدم
سعتها جدا (5)، وإلا فمحلته. ويمتاز هذا النوع عن قسيميه (6) (أنه
يقدم عمرته على حجه ناويا بها التمتع)، بخلاف عمرتيهما فإنها مفردة
بنية (7).
(وقران وإفراد) ويشتركان في تأخير العمرة عن الحج وجملة
204

الأفعال (1). وينفرد القران (2) بالتخيير في عقد إحرامه بين الهدي
والتلبية، والإفراد بها (3) وقيل القران: أن يقرن بين الحج والعمرة بنية
واحدة، فلا يحل إلا بتمام أفعالهما مع سوق الهدي (4). والمشهور الأول
(وهو) أي كل واحد منهما (فرض من نقص عن ذلك المقدار) من المسافة
مخيرا بين النوعين، والقران أفضل (ولو أطلق الناذر) وشبهه للحج (5)
(تخير في الثلاثة) مكيا كان أم أفقيا (6) (وكذا يتخير من حج ندبا)
والتمتع أفضل مطلقا (7) وإن حج ألفا وألفا (8) (وليس لمن تعين عليه
نوع) بالأصالة أو العارض (9) (العدول إلى غيره، على الأصح) عملا
205

بظاهر الآية (1)، وصريح الرواية (2)، وعليه الأكثر. والقول الآخر
جواز التمتع للمكي، وبه روايات حملها على الضرورة طريق الجمع (3).
أما الثاني فلا يجزئه غير التمتع اتفاقا (إلا لضرورة) استثناء من عدم
جواز العدول مطلقا (4) ويتحقق ضرورة المتمتع بخوف الحيض المتقدم
على طواف العمرة، بحيث يفوت اختياري عرفة قبل إتمامها (5)،
أو التخلف (6) عن الرفقة إلى عرفة حيث يحتاج إليها، وخوفه (7)
من دخول مكة قبل الوقوف لا بعده ونحوه (8)، وضرورة المكي بخوف
206

الحيض المتأخر عن النفر (1) مع عدم إمكان تأخير العمرة إلى أن تطهر
وخوف (2) عدو بعده، وفوت الصحبة كذلك (3) (ولا يقع) وفي نسخة
لا يصح (الإحرام بالحج) بجميع أنواعه (أو عمرة التمتع إلا في) أشهر
الحج (شوال وذي القعدة وذي الحجة) على وجه يدرك باقي المناسك
في وقتها، ومن ثم ذهب بعضهم إلى أن أشهر الحج الشهران وتسع
من ذي الحجة لفوات اختياري عرفة اختيارا (4) بعدها. وقيل: عشر
لإمكان إدراك الحج في العاشر بإدراك المشعر وحده، حيث لا يكون (5)
فوات عرفة اختياريا، ومن جعلها الثلاثة نظر إلى كونها ظرفا زمانيا
لوقوع أفعاله في الجملة (6)، وفي جعل الحج أشهرا بصيغة الجمع
207

في الآية (1) إرشاد إلى ترجيحه. وبذلك يظهر أن النزاع لفظي (2)،
وبقي العمرة المفردة (3) ووقتها مجموع أيام السنة (ويشترط في التمتع
جمع الحج والعمرة لعام واحد) فلو أخر الحج عن سنتها صارت مفردة،
فيتبعها بطواف النساء (4). أما قسيماه فلا يشترط إيقاعهما (5) في سنة
في المشهور، خلافا للشيخ حيث اعتبرها (6) في القران كالتمتع (والإحرام
بالحج له) أي للتمتع (من مكة) من أي موضع شاء منها (وأفضلها
المسجد) الحرام (ثم) الأفضل منه (المقام، أو تحت الميزاب) مخيرا
بينهما (7) وظاهره تساويهما في الفضل. وفي الدروس الأقرب أن فعله
في المقام أفضل من الحجر تحت الميزاب، وكلاهما مروي (8) (ولو أحرم)
المتمتع بحجه (9) (بغيرها) أي غير مكة (لم يجز إلا مع التعذر المتحقق)
208

بتعذر الوصول إليها ابتداء (1)، أو تعذر العود إليها مع تركه بها نسيانا
أو جهلا لا عمدا (2) ولا فرق بين مروره على أحد المواقيت وعدمه (3)
(ولو تلبس) بعمرة التمتع (وضاق الوقت عن إتمام العمرة) قبل الإكمال
وإدراك الحج (4) (بحيض أو نفاس أو عذر) مانع عن الإكمال بنحو
ما مر (5) (عدل) بالنية من العمرة المتمتع بها (إلى) حج (الإفراد)
وأكمل الحج بانيا على ذلك الإحرام (وأتى بالعمرة) المفردة (من بعد)
إكمال الحج، وأجزأه عن فرضه كما يجزئ لو انتقل ابتداء للعذر. وكذا
يعدل عن الإفراد وقسيمه (6) إلى التمتع للضرورة. أما اختيارا فسيأتي
الكلام فيه. ونية العدول عند إرادته (7) قصد الانتقال إلى النسك
المخصوص متقربا.
(ويشترط في) حج (الإفراد النية) والمراد بها نية الإحرام بالنسك
المخصوص. وعلى هذا (8) يمكن الغنى عنها بذكر الإحرام، كما يستغنى
209

عن باقي النيات بأفعالها. ووجه تخصيصه (1) أنه الركن الأعظم باستمراره
ومصاحبته لأكثر الأفعال وكثرة أحكامه. بل هو في الحقيقة عبارة عن النية
لأن توطين النفس على ترك المحرمات المذكورة لا يخرج عنها (2)، إذ
لا يعتبر استدامته (3)، ويمكن أن يريد (4) به نية الحج جملة، ونية
الخروج من المنزل كما ذكره بعض الأصحاب. وفي وجوبها نظر (5) أقربه
العدم. والذي اختاره المصنف في الدروس الأول (وإحرامه) به
(من الميقات) وهو أحد الستة الآتية وما في حكمها (6) (أو من دويرة (7)
أهله، إن كانت أقرب) من الميقات (إلى عرفات) اعتبر القرب إلى عرفات
لأن الحج بعد الإهلال (8) به من الميقات لا يتعلق الغرض فيه بغير عرفات
بخلاف العمرة فإن مقصدها بعد الإحرام مكة. فينبغي اعتبار القرب فيها
إلى مكة، ولكن لم يذكره هنا (9)، وفي الدروس أطلق (10) القرب،
210

وكذا أطلق جماعة. والمصرح به في الأخبار الكثيرة (1) هو القرب إلى مكة
مطلقا (2) فالعمل به متعين، وإن كان ما ذكره هنا متوجها (3). وعلى
ما اعتبره المصنف من مراعاة القرب إلى عرفات فأهل مكة يحرمون
من منزلهم، لأن دويرتهم أقرب من الميقات إليها، وعلى اعتبار مكة
فالحكم كذلك (4)، إلا أن الأقربية لا تتم لاقتضائها المغايرة بينهما، ولو كان
المنزل مساويا للميقات أحرم منه (5)، ولو كان مجاورا بمكة قبل مضي
سنتين خرج إلى أحد المواقيت، وبعدهما يساوي أهلها (و) يشترط
(في القران ذلك) المذكور (6) في حج الإفراد (و) يزيد (عقده)
لإحرامه (7) (بسياق الهدي، وإشعاره) بشق سنامه من الجانب الأيمن،
ولطخه بدمه (إن كان بدنة، وتقليده إن كان) الهدي (غيرها) غير البدنة
(بأن يعلق في رقبته نعلا قد صلى) السايق (فيه ولو نافلة، ولو قلد الإبل)
211

بدل إشعارها (جاز).
(مسائل):
الأولى - (يجوز لمن حج ندبا مفردا العدول إلى) عمرة (التمتع)
اختيارا وهذه هي المتعة التي أنكرها (1) الثاني (لكن لا يلبي بعد طوافه
وسعيه) لأنهما محللان من العمرة في الجملة (2) والتلبية عاقدة للإحرام
فيتنافيان ولأن عمرة التمتع لا تلبية فيها بعد دخول مكة (فلو لبى) بعدهما
(بطلت متعته) التي نقل إليها (وبقي على حجه) السابق لرواية (3) إسحاق
ابن عمار عن الصادق عليه السلام ولأن العدول كان مشروطا بعدم التلبية
ولا ينافي ذلك (4) الطواف والسعي، لجواز تقديمهما للمفرد على الوقوف،
والحكم بذلك هو المشهور، وإن كان مستنده لا يخلو من شئ (5) (وقيل)
والقائل ابن إدريس (لا اعتبار إلا بالنية) إطراحا للرواية (6) وعملا
بالحكم الثابت (7) من جواز النقل بالنية، والتلبية ذكر لا أثر له في المنع
(ولا يجوز العدول للقارن) تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله حيث بقي
212

على حجه لكونه قارنا، وأمر من لم يسق الهدي بالعدول (1) (وقيل)
لا يختص جواز العدول بالإفراد المندوب (بل يجوز العدول عن الحج الواجب
أيضا) سواء كان متعينا أم مخيرا بينه وبين غيره كالناذر مطلقا (2)،
وذي المنزلين المتساويين، لعموم الأخبار الدالة على الجواز (3) (كما أمر به
النبي صلى الله عليه وآله من لم يسق من الصحابة) من غير تقييد بكون
المعدول عنه مندوبا أو غير مندوب (4) (وهو قوي) لكن فيه سؤال
الفرق (5) بين جواز العدول عن المعين اختيارا وعدم جوازه ابتداء،
بل ربما كان الابتداء أولى للأمر بإتمام الحج والعمرة لله (6)، ومن ثم
خصه بعض الأصحاب بما إذا لم يتعين عليه الإفراد وقسيمه كالمندوب والواجب
المخير جمعا بين ما دل على الجواز مطلقا (7)، وما دل على اختصاص كل

(1) البقرة: الآية 196.
213

قوم بنوع، وهو أولى (1) إن لم نقل بجواز العدول عن الإفراد
إلى التمتع ابتداء.
(الثانية - يجوز للقارن والمفرد إذا دخلا مكة الطواف والسعي)،
للنص على جوازه مطلقا (2)، (إما الواجب أو الندب) يمكن كون ذلك
على وجه التخيير، للإطلاق (3)، والترديد (4)، لمنع بعضهم من تقديم
الواجب، والأول مختاره في الدروس، وعليه (5) فالحكم مختص بطواف
الحج، دون طواف النساء، فلا يجوز تقديمه إلا لضرورة كخوف الحيض
المتأخر. وكذا يجوز لهما تقديم صلاة لطواف يجوز تقديمه كما يدل عليه
قوله (لكن يجددان التلبية عقيب صلاة الطواف) يعقدان بها الإحرام
لئلا يحلا.
(فلو تركاها أحلا على الأشهر)، للنصوص الدالة عليه (6). وقيل
214

لا يحلان إلا بالنية، وفي الدروس جعلها أولى (1)، وعلى المشهور ينبغي
الفورية بها عقيبها، ولا يفتقر إلى إعادة نية الإحرام، بناء (2) على ما ذكره
المصنف من أن التلبية كتكبيرة الإحرام لا تعتبر (3) بدونها، لعدم الدليل
على ذلك (4)، بل إطلاق هذا دليل على ضعف ذاك. ولو أخلا بالتلبية (5)
صار حجهما عمرة وانقلب تمتعا ولا يجزئ عن فرضهما، لأنه عدول اختياري
واحترز بهما عن المتمتع فلا يجوز له تقديمهما على الوقوف اختيارا، ويجوز
له تقديم الطواف وركعتيه خاصة مع الاضطرار كخوف الحيض المتأخر (6)
وحينئذ فيجب عليه التلبية، لإطلاق النص (7)، وفي جواز طوافه ندبا
وجهان (8) فإن فعل جدد التلبية كغيره (9).
(الثالثة - لو بعد المكي) عن الميقات (ثم حج على ميقات أحرم
215

منه وجوبا)، لأنه قد صار ميقاته بسبب مروره كغيره من أهل المواقيت
إذا مر بغير ميقاته، وإن كان ميقاته دويرة أهله (1)، (ولو كان له
منزلان بمكة)، أو ما في حكمها (2)، (وبالآفاق) الموجبة للتمتع (وغلبت
إقامته في الآفاق تمتع)، وإن غلبت بمكة، أو ما (3) في حكمها قرن،
أو أفرد، (ولو تساويا) في الإقامة (نخير) في الأنواع الثلاث.
هذا إذا لم يحصل من إقامته بمكة ما يوجب انتقال حكمه كما لو أقام
بمنزله الآفاقي ثلاث سنين، وبمكة سنتين متواليتين، وحصلت الاستطاعة
فيها فإنه حينئذ يلزمه حكم مكة، وإن كانت إقامته في الآفاق أكثر
لما سيأتي (4)، ولا فرق في الإقامة بين ما وقع منها حال التكليف وغيره
ولا بين ما أتم الصلاة فيها، وغيره (5)، ولا بين الاختيارية والاضطرارية (6)
ولا المنزل المملوك عينا ومنفعة، والمغصوب، ولا بين أن يكون بين المنزلين
مسافة القصر، وعدمه، لإطلاق النص (7) في ذلك كله، ومسافة السفر
إلى كل منهما لا يحتسب عليهما. ومتى حكم باللحوق بأحد المنزلين اعتبرت
216

الاستطاعة منه، لو اشتبه الأغلب منه تمتع (1).
(والمجاور بمكة) بنية الإقامة على الدوام، أو لا معها من أهل الآفاق
(سنتين ينتقل) فرضه (في الثالثة إلى الإفراد والقران، وقبلها) أي قبل
الثالثة (يتمتع). هذا إذا تجددت الاستطاعة في زمن الإقامة، وإلا
لم ينتقل (2) ما وجب من الفرض، والاستطاعة تابعة للفرض فيهما (3)
إن كانت الإقامة بنية الدوام، وإلا اعتبرت من بلده، ولو انعكس الفرض
بأن أقام المكي في الآفاق اعتبرت نية الدوام وعدمه (4) في الفرض
والاستطاعة، إن لم تسبق الاستطاعة بمكة كما مر (5)، كما يعتبر ذلك
217

في الآفاقي لو انتقل من بلد إلى آخر يشاركه في الفرض (1)، ولا فرق
أيضا بين الإقامة زمن التكليف وغيره (2)، ولا بين الاختيارية والاضطرارية
للإطلاق (3).
(ولا يجب الهدي على غير المتمتع) وإن كان قارنا، لأن هدي
القران غير واجب ابتداء (4) وإن تعين بعد الإشعار أو التقليد للذبح،
(وهو) أي هدي التمتع (نسك (5)) كغيره من مناسك الحج، وهي
أجزاؤه من الطواف، والسعي، وغيرهما، (لا جبران) لما فات من الإحرام
له (6) من الميقات على المشهور بين أصحابنا، و (للشيخ رحمه الله) قول:
218

بأنه جبران، وجعله تعالى من الشعائر (1)، وأمره بالأكل منه (2) يدل
على الأول (3).
وتظهر الفائدة فيما لو أحرم به من الميقات (4)، أو مر به بعد أن
أحرم من مكة، فيسقط الهدي على الجبران، لحصول الغرض، ويبقى
على النسك، أما لو أحرم من مكة وخرج إلى عرفات من غير أن يمر
بالميقات وجب الهدي على القولين وهو موضع وفاق.
(الرابعة - لا يجوز الجمع بين النسكين) الحج والعمرة (بنية واحدة)
سواء في ذلك القران، وغيره على المشهور (فيبطل كل منهما) للنهي (5)
المفسد للعبادة كما لو نوى صلاتين، خلافا للخلاف (6) حيث قال: ينعقد
الحج خاصة، وللحسن حيث جوز ذلك وجعله تفسيرا للقران مع سياق الهدي.
(ولا إدخال أحدهما على الآخر) بأن ينوي الثاني (قبل) إكمال

(1) الحج: الآية 22.
(2) الحج: الآية 36.
219

(تحلله من الأول) وهو الفراغ منه، لا مطلق التحلل (1)، (فيبطل الثاني
إن كان عمرة) مطلقا حتى لو أوقعها قبل المبيت بمنى ليالي التشريق،
(أو كان) الداخل (حجا) على العمرة (قبل السعي) لها، (ولو كان)
بعده و (قبل التقصير وتعمد ذلك فالمروي (2)) صحيحا عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام (إنه يبقى على حجة مفردة) بمعنى بطلان
عمرة التمتع، وصيرورتها بالإحرام قبل إكمالها حجة مفردة فيكملها ثم يعتمر
بعدها عمرة مفردة.
ونسبته إلى المروي يشعر بتوقفه في حكمه من حيث النهي (3)،
عن الإحرام الثاني، وبوقوع (4) خلاف ما نواه إن أدخل حج التمتع،
وعدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره، فبطلان الإحرام أنسب، مع أن
الرواية ليست صريحة في ذلك (5)، لأنه قال " المتمتع إذا طاف وسعى
ثم لبى قبل أن يقصر فليس له أن يقصر وليس له متعة (6) " قال
المصنف في الدروس يمكن حملها على متمتع عدل من الإفراد ثم لبى
بعد السعي، لأنه روي التصريح بذلك في رواية أخرى (7). والشيخ
220

رحمه الله حملها على المتعمد (1)، جمعا بينها، وبين حسنة عمار المتضمنة
" أن من دخل في الحج قبل التقصير ناسيا لا شئ عليه " (2).
وحيث حكمنا بصحة الثاني وانقلابه مفردا لا يجزي عن فرضه، لأنه
عدول اختياري ولم يأت بالمأمور به على وجهه (3)، والجاهل عامد (4).
(ولو كان ناسيا صح إحرامه الثاني) وحجه، ولا يلزمه قضاء التقصير
لأنه ليس جزء، بل محللا (5)، (ويستحب جبره بشاة)، للرواية (6)
المحمولة على الاستحباب جمعا (7)، ولو كان الإحرام قبل إكمال السعي
بطل ووجب إكمال العمرة. واعلم أنه لا يحتاج إلى استثناء من تعذر عليه
إتمام نسكه فإنه يجوز له الانتقال إلى الآخر قبل إكماله، لأن ذلك لا يسمى
إدخالا، بل انتقالا وإن كان المصنف قد استثناه في الدروس.
(الفصل الثالث - في المواقيت) واحدها ميقات. وهو لغة الوقت
المضروب للفعل، والموضع المعين له، والمراد هنا الثاني (8)، (لا يصح
الإحرام قبل الميقات إلا بالنذر وشبهه) من العهد واليمين (إذا وقع الإحرام
221

في أشهر الحج) هذا شرط لما يشترط وقوعه فيها، وهو الحج مطلقا (1)
وعمرة التمتع، (ولو كان عمرة مفردة لم يشترط) وقوع إحرامها في أشهر
الحج، لجوازها في مطلق السنة فيصح تقديمه على الميقات بالنذر مطلقا (2)
والقول بجواز تقديمه بالنذر وشبهه أصح القولين وأشهرهما، وبه أخبار (3)
بعضها صحيح فلا يسمع إنكار بعض الأصحاب له استضعافا لمستنده (4).
(ولو خاف مريد الاعتمار في رجب تقضيه جاز له الإحرام قبل
الميقات) أيضا، ليدرك فضيلة الاعتمار في رجب الذي يلي الحج في الفضل
وتحصل بالإهلال فيه (5) وإن وقعت الأفعال في غيره، وليكن الإحرام
في آخر جزء من رجب (6) تقريبا لا تحقيقا (7) (ولا يجب (8) إعادته
فيه (9)) في الموضعين (10) في أصح القولين، للامتثال المقتضي للإجزاء
222

نعم يستحب خروجا من خلاف من أوجبها (1).
(ولا) يجوز لمكلف (أن يتجاوز الميقات بغير إحرام) عدا ما استثني
من المتكرر، ومن دخلها لقتال، ومن ليس بقاصد مكة عند مروره
على الميقات، ومنى تجاوزه غير هؤلاء بغير إحرام (فيجب الرجوع إليه)
مع الإمكان، (فلو تعذر بطل) نسكه (إن تعمده) أي تجاوزه بغير إحرام
عالما بوجوبه ووجب عليه قضاؤه وإن لم يكن مستطيعا، بل كان سببه
إرادة الدخول، فإن ذلك موجب له (2) كالمنذور، نعم لو رجع (3) قبل
دخول الحرم فلا قضاء عليه، وإن أثم بتأخير الإحرام، (وإلا يكن) متعمدا
بل نسي، أو جهل، أو لم يكن قاصدا مكة ثم بدا له قصدها (أحرم
من حيث أمكن، ولو دخل مكة) معذورا ثم زال عذره بذكره وعلمه
ونحوهما (4) (خرج إلى أدنى الحل (5) وهو ما خرج عن منتهى الحرم
إن لم يمكنه (6) الوصول إلى أحد المواقيت، (فإن تعذر) الخروج
إلى أدنى الحل (فمن موضعه) بمكة، (ولو أمكن الرجوع إلى الميقات
وجب)، لأنه الواجب بالأصالة، وإنما قام غيره مقامه للضرورة،
ومع إمكان الرجوع إليه لا ضرورة، ولو كمل غير المكلف بالبلوغ والعتق
223

بعد تجاوز الميقات فمكن لا يريد النسك (1).
(والمواقيت) التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل الآفاق
ثم قال: هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن (2) (ستة ذو الحليفة)
بضم الحاء وفتح اللام (3) والفاء بعد الياء بغير فصل تصغير الحلفة بفتح
الحاء واللام واحد الحلفاء (4). وهو النبات المعروف (5) قاله الجوهري
أو تصغير الحلفة وهي اليمين (6) لتحالف قوم من العرب به. وهو ماء
على ستة أميال من المدينة. والمراد الموضع الذي فيه الماء. وبه مسجد
الشجرة، والإحرام منه أفضل وأحوط للتأسي (7)، وقيل: بل يتعين
منه لتفسير ذي الحليفة به في بعض الأخبار (8)، وهو جامع بينها (للمدينة.
والجحفة (9)) وهي في الأصل مدينة أجحف بها السيل، على ثلاث
مراحل من مكة (للشام) وهي الآن لأهل مصر (10)، (ويلملم) ويقال:
224

ألملم (1). وهو جبل من جبال تهامة (2) (لليمن. وقرن المنازل) بفتح
القاف فسكون الراء، وفي الصحاح بفتحهما، وأن أويسا منها، وخطأوه
فيهما، فإن أويسا يمني منسوب إلى قرن بالتحريك: بطن من مراد،
وقرن (3): جبل صغير ميقات (للطائف. والعقيق) وهو واد طويل يزيد
على بريدين (4) (للعراق وأفضله المسلخ) وهو أوله من جهة العراق.
وروي (5) أن أوله دونه بستة أميال، وليس في ضبط المسلخ شئ
يعتمد عليه. وقد قيل: أنه بالسين والحاء المهملتين واحد المسالح وهو المواضع
العالية وبالخاء المعجمة لنزع الثياب به (6)، (ثم) يليه في الفضل
(غمرة (7)) وهي في وسط الوادي، (ثم ذات عرق (8)) وهي آخره
إلى جهة المغرب، وبعدها عن مكة مرحلتان قاصدتان (9) كبعد يلملم
وقرن عنها (10).
(وميقات حج التمتع مكة) كما مر (11)، (وحج الإفراد منزله)،
225

لأنه أقرب إلى عرفات من الميقات مطلقا (1)، لما عرفت من أن أقرب
المواقيت إلى مكة مرحلتان هي ثمانية وأربعون ميلا وهي منتهى مسافة
حاضري مكة (كما سبق) من أن من كان منزله أقرب إلى عرفات فيمقاته
منزله ويشكل بإمكان زيادة منزله بالنسبة إلى عرفة والمساواة (2) فيتعين
الميقات فيهما وإن لم يتفق ذلك بمكة (3).
(وكل من حج على ميقات) كالشامي يمر بذي الحليفة (فهو له)
وإن لم يكن من أهله، ولو تعددت المواقيت في الطريق الواحد كذي الحليفة
والجحفة والعقيق بطريق المدني أحرم من أولها مع الاختيار، ومن ثانيها
مع الاضطرار، كمرض يشق معه التجريد وكشف الرأس، أو ضعف،
أوحر، أو برد بحيث لا يتحمل ذلك عادة، ولو عدل عنه (4) جاز التأخير
إلى الآخر اختيارا. ولو أخر إلى الآخر عمدا (5) أثم وأجزأ على الأقوى (6).
(ولو حج على غير ميقات كفته المحاذاة) للميقات. وهي مسامتته
226

بالإضافة إلى قاصد مكة عرفا إن اتفقت (1)، (ولو لم يحاذ ميقاتا أحرم
من قدر تشترك فيه المواقيت) وهو قدر بعد أقرب المواقيت من مكة وهو
مرحلتان كما سبق علما، أو ظنا (2)، في بر، أو بحر. والعبارة أعم
مما اعتبرناه، لأن المشترك بينهما يصدق باليسير (3)، وكأنه أراد تمام
المشترك (4)، ثم إن تبينت الموافقة، أو استمر الاشتباه أجزأ، ولو تبين
تقدمه قبل تجاوزه أعاده وبعده (5)، أو تبين تأخره وجهان من المخالفة (6)
وتعبده (7) بظنه المقتضي للإجزاء.
227

(الفصل الرابع: في أفعال (1) العمرة) المطلقة (2) (وهي الإحرام
والطواف والسعي والتقصير) وهذه الأربعة تشترك (3) فيها عمرة الإفراد
والتمتع، (ويزيد في عمرة الإفراد بعد التقصير طواف النساء) وركعتيه.
والثلاثة الأول منها أركان دون الباقي، ولم يذكر التلبية من الأفعال كما ذكرها
في الدروس، إلحاقا لها بواجبات الإحرام كلبس ثوبيه، (ويجوز فيها)
أي في العمرة المفردة (الحلق) مخيرا بينه، وبين التقصير، (لا في عمرة
التمتع)، بل يتعين التقصير، ليتوفر (4) الشعر في إحرام حجته المرتبط بها.
(القول في الإحرام - يستحب توفير شعر الرأس لمن أراد الحج)
تمتعا وغيره (من أول ذي القعدة وآكد منه) توفيره (عند (5) هلال
ذي الحجة) وقيل: يجب التوفير (6) وبالإخلال به دم شاة، ولمن أراد
العمرة (7) توفيره شهرا، (واستكمال التنظيف) عند إرادة الإحرام
(بقص الأظفار، وأخذ الشارب، والاطلاء (8)) لما تحت رقبته من بدنه
وإن قرب العهد به، (ولو سبق) الإطلاء على يوم الإحرام (أجزأ)
في أصل السنة وإن كانت الإعادة أفضل (ما لم يمض خمسة عشر يوما)
228

فيعاد (1).
(والغسل)، بل قيل بوجوبه، ومكانه الميقات إن أمكن فيه،
ولو كان مسجدا فقربه (2) عرفا، ووقته يوم الإحرام بحيث لا يتخلل
بينهما حدث، أو أكل، أو طيب، أو لبس ما لا يحل للمحرم، ولو خاف
عوز الماء (3) فيه قدمه في أقرب أوقات إمكانه إليه فيلبس ثوبيه بعده
وفي التيمم لفاقد الماء بدله قول للشيخ لا بأس به، وإن جهل مأخذه (4)
(وصلاة سنة الإحرام) وهي ست ركعات، ثم أربع، ثم ركعتان (5)
قبل الفريضة إن جمعهما، (والإحرام عقيب) فريضة (6) (الظهر،
أو فريضة) إن لم يتفق الظهر ولو مقضية إن لم يتفق وقت فريضة مؤداة
(ويكفي النافلة) المذكورة (عند عدم وقت الفريضة)، وليكن ذلك كله
بعد الغسل، ولبس الثوبين ليحرم عقيب الصلاة بغير فصل (7).
(ويجب فيه النية المشتملة على مشخصاته) من كونه إحرام حج،
أو عمرة تمتع، أو غيره، إسلامي أو منذور، أو غيرهما، كل ذلك (مع القربة)
التي هي غاية الفعل المتعبد به، (ويقارن بها) (8) قوله (لبيك اللهم
229

لبيك لبيك، إن الحمد والنعمة والملك لك، لا شريك لك لبيك)
وقد أوجب المصنف وغيره النية للتلبية أيضا وجعلوها مقدمة على التقرب
بنية الإحرام بحيث يجمع النيتين (1) جملة، لتحقق (2) المقارنة بينهما
كتكبيرة الإحرام (3) لنية الصلاة، وإنما وجبت النية للتلبية دون التحريمة
لأن أفعال الصلاة متصلة حسا وشرعا فيكفي نية واحدة للجملة كغير
التحريمة من الأجزاء بخلاف التلبية فإنها من جملة أفعال الحج وهي منفصلة (4)
شرعا وحسا، فلا بد لكل واحد من نية. وعلى هذا فكان إفراد التلبية
عن الإحرام وجعلها من جملة أفعال الحج أولى كما صنع في غيره (5)،
وبعض الأصحاب جعل نية التلبية بعد نية الإحرام وإن حصل بها فصل (6)
وكثير منهم لم يعتبروا المقارنة بينهما مطلقا (7). والنصوص خالية عن اعتبار
المقارنة، بل بضعها صريح في عدمها (8).
ولبيك نصب على المصدر، وأصله لبا لك أي إقامة، أو إخلاصا
من لب بالمكان إذا أقام به، أو من لب الشئ وهو خالصه. وثني
تأكيدا أي إقامة بعد إقامة وإخلاصا بعد إخلاص، هذا بحسب الأصل.
230

وقد صار موضوعا للإجابة وهي هنا جواب عن النداء الذي أمر الله تعالى
به (1) إبراهيم بأن يؤذن في الناس بالحج ففعل، ويجوز كسر إن (2)
على الاستئناف، وفتحها بنزع الخافض وهو لام التعليل، وفي الأول
تعميم (3) فكان أولى.
(ولبس ثوبي الإحرام) الكائنين (من جنس ما يصلي فيه) المحرم
فلا يجوز أن يكون من جلد، وصوف، وشعر، ووبر ما لا يؤكل لحمه
ولا من جلد المأكول مع عدم التذكية، ولا في الحرير للرجال، ولا في الشاف (4)
مطلقا (5)، ولا في النجس غير المعفو عنها في الصلاة، ويعتبر كونهما
غير مخيطين، ولا ما أشبه المخيط كالمحيط من اللبد (6)، والدرع المنسوج
كذلك (7)، والمعقود (8)، واكتفى المصنف (9) عن هذا الشرط بمفهوم
جوازه للنساء.

(1) الحج: الآية 27.
231

(يأتزر بأحدهما، ويرتدي بالآخر) بأن يغطي به منكبيه، أو يتوشح
به بأن يغطي به أحدهما، وتجوز (1) الزيادة عليهما، لا النقصان، والأقوى
أن لبسهما واجب، لا شرط في صحته، فلو أخل به اختيارا أثم وصح
الإحرام (2).
(والقارن يعقد إحرامه بالتلبية) بعد نية الإحرام، (أو بالإشعار،
أو التقليد) المتقدمين، وبأيهما بدأ استحب الآخر (3) ومعنى عقده بهما
على تقدير المقارنة (4) وأصح فبدونهما لا يصح أصلا، وعلى المشهور (5)
يقع ولكن لا يحرم محرمات الإحرام بدون أحدهما (6).
(ويجوز) الإحرام (في الحرير والمخيط للنساء) في أصح القولين (7)
على كراهة، دون الرجال والخناثى (8)، (ويجزئ) لبس (القباء)،
232

أو القميص (مقلوبا) بجعل ذيله على الكتفين، أو باطنه (1) ظاهره
من غير أن يخرج يديه من كميه، والأول أولى (2) وفاقا للدروس والجمع
أكمل. وإنما يجوز لبس القباء كذلك (3) (لو فقد الرداء) ليكون بدلا
منه، ولو أخل بالقلب، أو أدخل يده في كمه فكلبس المخيط (4)،
(وكذا) يجزئ (السراويل (5) لو فقد الإزار) من غير اعتبار قلبه (6)
ولا فدية في الموضعين (7).
(ويستحب للرجل)، بل لمطلق الذكر (8) (رفع الصوت بالتلبية)
حيث يحرم إن كان راجلا بطريق المدينة، أو مطلقا بغيرها (9)، وإذا
علت راحلته البيداء (10) راكبا بطريق المدينة، وإذا أشرف على الأبطح (11)
متمتعا (12)، وتسر المرأة والخنثى، ويجوز الجهر حيث لا يسمع الأجنبي
233

وهذه التلبية غير ما يعقد به الإحرام إن اعتبرنا المقارنة، وإلا جاز العقد
بها، وهو ظاهر الأخبار (1).
(وليجدد عند مختلف الأحوال) بركوب ونزول، وعلو وهبوط،
وملاقاة أحد ويقظة، وخصوصا بالأسحار، وأدبار الصلوات، (ويضاف إليها
التلبيات المستحبة) وهي لبيك ذا المعارج (2) الخ.
(ويقطعها المتمتع (3) إذا شاهد بيوت مكة) وحدها (4) عقبة
المدنيين إن دخلها من أعلاها، وعقبة ذي طوى إن دخلها من أسفلها
(والحاج إلى زوال عرفة، والمعتمر مفردة إذا دخل الحرم) إن كان
أحرم بها من أحد المواقيت، وإن كان قد خرج لها من مكة إلى خارج
الحرم، فإذا شاهد بيوت مكة إذ لا يكون حينئذ بين أول الحرم وموضع
الإحرام مسافة (5).
(والاشتراط (6) قبل نية الإحرام) متصلا بها بأن يحله حيث حبسه.
ولفظه المروي (7): " اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى
الحج على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله، فإن عرض
234

لي شئ يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي
اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري
ولحمي ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب
والطيب أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة ".
(ويكره الإحرام في) الثياب (السود)، بل مطلق الملونة بغير
البياض كالحمراء (والمعصفرة (1) وشبهها (2))، وقيدها في الدروس
بالمشبعة (3)، فلا يكره بغيره، والفضل في البيض من القطن، (والنوم
عليها) أي نوم المحرم على الفرش المصبوغة بالسواد، والعصفر وشبهها (4)
من الألوان، (والوسخة (5)) إذا كان الوسخ ابتداء، أما لو عرض
في أثناء الإحرام كره غسلها، إلا لنجاسة (6)، (والمعلمة) بالبناء
للمجهول، وهي المشتملة على لون آخر يخالف لونها حال عملها كالثوب
المحوك من لونين، أو بعده (7) بالطرز والصبغ.
(ودخول الحمام) حالة الإحرام، (وتلبية المنادي) بأن يقول له:
" لبيك " لأنه في مقام التلبية لله، فلا يشرك غيره، فيها بل يجيبه بغيرها
235

من الألفاظ كقوله يا سعد، أو يا سعديك.
(وأما التروك المحرمة (1) فثلاثون - صيد البر)، وضابطه الحيوان
المحلل الممتنع بالأصالة. ومن المحرم: الثعلب والأرنب والضب (2)
واليربوع (3) والقنفذ والقمل والزنبور والعظاءة (4)، فلا يحرم قتل
الأنعام وإن توحشت، ولا صيد الضبع (5) والنمر (6) والصقر (7)
وشبهها من حيوان البر، ولا الفأرة (8) والحية ونحوهما (9) ولا يختص
التحريم بمباشرة قتلها، بل يحرم (10) الإعانة عليه (11)، (ولو دلالة) عليها (11)،
236

(وإشارة) إليها بأحد الأعضاء وهي أخص من الدلالة (1).
ولا فرق في تحريمها على المحرم بين كون المدلول محرما ومحلا
ولا بين الخفية والواضحة (2)، نعم لو كان المدلول عالما به بحيث لم يفده (3)
زيادة انبعاث عليها فلا حكم لها (4)، وإنما أطلق المصنف صيد البر مع كونه
مخصوصا بما ذكر تبعا للآية (5)، واعتمادا على ما اشتهر من التخصيص (6).
(ولا يحرم صيد البحر، وهو ما يبيض ويفرخ (7) معا (فيه)،
لا إذا تخلف أحدهما وإن لازم الماء (8) كالبط، والمتولد بين الصيد
وغيره يتبع الاسم، فإن انتفيا عنه (9) وكان ممتنعا فهو صيد إن لحق
بأحد أفراده (10)، (والنساء بكل استمتاع) من الجماع ومقدماته (حتى
العقد)، (ولا) الشهادة عليه (11) وإقامتها وإن تحملها محلا أو كان
237

العقد بين محلين (1)، (والاستمناء) وهو استدعاء المني بغير الجماع،
(ولبس المخيط) وإن قلت الخياطة، (وشبهه) مما أحاط كالدرع المنسوج
واللبد المعمول كذلك (2)، (وعقد الرداء) وتخليله (3) وزره (4) ونحو
ذلك (5)، دون عقد الإزار ونحوه (6) فإنه جائز ويستثنى منه الهميان (7)
فعفي عن خياطته، (ومطلق الطيب) وهو الجسم ذو الريح الطيبة المتخذ
للشم غالبا (8) غير الرياحين كالمسك (9) والعنبر (10) والزعفران وماء الورد
وخرج بقيد الاتخاذ للشم ما يطلب منه الأكل، أو التداوي (11) غالبا
كالقرنفل (12)،
238

والدار صيني (1) وسائر الأبازير (2) الطيبة فلا يحرم شمه، وكذا
ما لا ينبت للطيب كالفوتنج (3) والحناء (4) والعصفر (5) وأماما يقصد
شمه من النبات الرطب كالورد (6) والياسمين (7) فهو ريحان.
والأقوى تحريم شمع أيضا (8). وعليه المصنف في الدروس وظاهره
هنا عدم التحريم، واستثنى منه الشيح (9) والخزامى (10) والإذخر (11)
والقيصوم (12) إن سميت ريحانا (13)، ونبه بالإطلاق على خلاف الشيخ
239

حيث خصه (1) بأربعة: المسك والعنبر والزعفران والورس (2) وفي قول
آخر له (3) بستة بإضافة العود (4) والكافور إليها. ويستثنى من الطيب
خلوق (5) الكعبة والعطر في المسعى، (6) (والقبض (7) من كريه
الرائحة)، لكن لو فعل فلا شئ عليه غير الإثم، بخلاف الطيب (8).
(والاكتحال بالسواد والمطيب)، لكن لا فدية في الأول، والثاني
من أفراد الطيب (9) (والأدهان (10)) بمطيب وغيره اختيارا ولا كفارة
في غير المطيب منه، بل الإثم، (ويجوز أكل الدهن غير المطيب) إجماعا
(والجدال، وهو قول لا والله وبلى والله)، وقيل: مطلق اليمين،
وهو خيرة الدروس. وإنما يحرم مع عدم الحاجة إليه فلو اضطر إليه
لإثبات حق، أو نفي باطل فالأقوى جوازه، ولا كفارة.
240

(والفسوق وهو الكذب) مطلقا (1) (والسباب (2)) للمسلم،
وتحريمهما ثابت في الإحرام وغيره، ولكنه فيه آكد كالصوم (3) والاعتكاف
ولا كفارة فيه سوى الاستغفار (4) (والنظر في المرآة) بكسر الميم
وبعد الهمزة ألف ولا فدية له، (وإخراج الدم اختيارا) ولو بحك الجسد
والسواك. والأقوى أنه لا فدية له (5)، واحترز بالاختيار عن إخراجه
لضرورة كبط (6) جرح، وشق دمل، وحجامة، وفصد عند الحاجة
إليها فيجوز إجماعا.
(وقلع الضرس) والرواية (7) مجهولة مقطوعة، ومن ثم أباحه
جماعة خصوصا مع الحاجة. نعم يحرم من جهة إخراج الدم، ولكن
لا فدية له، وفي روايته (8) أن فيه شاة، (وقص الظفر)، بل مطلق
إزالته، أو بعضه اختيارا، فلو انكسر فله إزالته (9). والأقوى أن فيه (10)
241

الفدية كغيره للرواية (1).
(وإزالة الشعر) بحلق ونتف وغيرهما مع الاختيار، فلو اضطر كما
لو نبت في عينه جاز إزالته ولا شئ عليه، ولو كان التأذي بكثرته، لحر،
أو قمل (2) جاز أيضا لكن يجب الفداء، لأنه محل المؤذي، لا نفسه (3)
والمعتبر إزالته بنفسه، فلو كشط (4) جلدة عليها شعر فلا شئ في الشعر،
لأنه غير مقصود بالإبانة.
(وتغطية الرأس للرجل) بثوب وغيره حتى بالطين والحناء والارتماس
وحمل متاع يستره، أو بعضه. نعم يستثنى عصام (5) القربة، وعصابة
الصداع وما يستر منه بالوسادة، وفي صدقه باليد وجهان (6)، وقطع
في التذكرة بجوازه، وفي الدروس جعل تركه أولى. والأقوى الجواز
لصحيحة معاوية بن عمار (7)، والمراد بالرأس هنا منابت الشعر حقيقة،
أو حكما (8). فالأذنان ليستأمنه، خلافا للتحرير.
242

(و) تغطية (الوجه)، أو بعضه (للمرأة)، ولا تصدق باليد (1)
كالرأس، ولا بالنوم عليه، يستثنى من الوجه ما يتم به (2) ستر الرأس
لأن مراعاة الستر أقوى، وحق الصلاة أسبق، (ويجوز لها سدل القناع (3)
إلى طرف أنفها بغير إصابة وجهها) على المشهور، والنص (4) خال
من اعتبار عدم الإصابة، ومعه (5) لا يختص بالأنف، بل يجوز (6)
الزيادة، ويتخير الخنثى بين وظيفة الرجل والمرأة فتغطي الرأس،
أو الوجه، ولو جمعت بينهما كفرت (8) (والنقاب (9)) للمرأة، وخصه
مع دخوله في تحريم تغطية الوجه تبعا للرواية (10)، وإلا فهو كالمستغنى عنه (11)
(والحناء للزينة)، لا للسنة سواء الرجل والمرأة، والمرجع فيهما (12)
إلى القصد، وكذا يحرم قبل الإحرام إذا بقي أثره إليه. والمشهور فيه
243

الكراهة، وإن كان التحريم أولى (1). (والتختم للزينة) لا للسنة والمرجع
فيهما إلى القصد أيضا (2).
(ولبس المرأة ما لم تعتده من الحلي، وإظهار المعتاد) منه (للزوج)
وغيره من المحارم (3)، وكذا يحرم عليها لبسه للزينة مطلقا (4) والقول
بالتحريم كذلك هو المشهور (5) ولا فدية له سوى الاستغفار.
(ولبس الخفين للرجل وما يستر ظهر قدميه) مع تسميته لبسا (6).
والظاهر أن بعض الظهر كالجميع إلا ما يتوقف عليه لبس النعلين (والتظليل
للرجل الصحيح سائرا) فلا يحرم نازلا إجماعا، ولا ماشيا إذا مر تحت المحمل
ونحوه (7).
244

والمعتبر منه (1) ما كان فوق رأسه، فلا يحرم الكون في ظل
المحمل عند ميل الشمس إلى أحد جانبيه. واحترز بالرجل عن المرأة والصبي
فيجوز لهما الظل اتفاقا، وبالصحيح عن العليل، ومن لا يتحمل (2) الحر
والبرد بحيث يشق عليه بما لا يتحمل عادة، فيجوز له الظل لكن تجب
الفدية، (ولبس السلاح اختيارا) في المشهور وإن ضعف دليله (3)،
ومع الحاجة إليه يباح قطعا، ولا فدية فيه مطلقا (4).
(وقطع شجر الحرم وحشيشه) الأخضرين، (إلا الإذخر (5)
وما ينبت (6) في ملكه، وعودي المحالة) بالفتح وهي البكرة الكبيرة (7)
التي يستقى بها على الإبل قاله الجوهري. وفي تعدي الحكم إلى مطلق
البكرة (8) نظر، من (9) ورودها لغة مخصوصة، وكون الحكم على خلاف
245

الأصل (وشجر (1) الفواكه)، ويحرم ذلك (2) على المحل أيضا، ولذا
لم يذكره في الدروس من محرمات الإحرام، (وقتل هوام الجسد) بالتشديد
جمع هامة (3)، وهي دوابه كالقمل والقراد، وفي إلحاق البرغوث (4)
بها قولان (5) أجودهما العدم. ولا فرق بين قتله مباشرة وتسبيبا كوضع
دواء يقتله، (ويجوز نقله) من مكان إلى آخر من جسده، وظاهر النص (6)
والفتوى عدم اختصاص المنقول إليه بكونه مساويا للأول، أو أحرز،
نعم لا يكفي ما يكون معرضا لسقوطه قطعا، أو غالبا.
(القول في الطواف - ويشترط فيه رفع الحدث) مقتضاه عدم صحته
من المستحاضة والمتيمم، لعدم إمكان رفعه في حقهما وإن استباحا العبادة
بالطهارة (7). وفي الدروس أن الأصح الاجتزاء بطهارة المستحاضة والمتيمم
246

مع تعذر المائية، وهو المعتمد، والحكم مختص بالواجب، أما المندوب فالأقوى
عدم اشتراطه بالطهارة وإن كان أكمل، وبه صرح المصنف في غير
الكتاب (1).
(و) رفع (الخبث)، وإطلاقه أيضا يقتضي عدم الفرق بين ما يعفى
عنه في الصلاة وغيره. وهو يتم على قول من منع من إدخال مطلق
النجاسة المسجد ليكون منهيا عن العبادة به (2)، ومختار المصنف تحريم
الملوثة خاصة فليكن هنا (1) كذلك، وظاهر الدروس القطع به. وهو
حسن، بل قيل: بالعفو عن النجاسة هنا مطلقا (4)، (والختان في الرجل)
مع إمكانه فلو تعذر وضاق وقته سقط، ولا يعتبر في المرأة، وأما الخنثى
فظاهر العبارة (5) عدم اشتراطه في حقه، واعتباره قوي، لعموم النص (6)
إلا ما أجمع على خروجه، وكذا القول في الصبي (7) وإن لم يكن مكلفا (8)
كالطهارة بالنسبة إلى صلاته، (وستر العورة) التي يجب سترها في الصلاة
ويختلف بحسب حال الطائف في الذكورة والأنوثة.
247

(وواجبه النية) المشتملة على قصده في النسك المعين من حج أو عمرة
إسلامي، أو غيره، تمتع، أو أحد قسيميه، والوجه على ما مر (1) والقربة
والمقارنة للحركة في الجزء الأول من الشوط (2)، (والبداءة بالحجر الأسود)
بأن يكون أول جزء من بدنه بإزاء أول جزء منه حتى يمر عليه كله
ولو ظنا (3). والأفضل استقباله (4) حال النية بوجهه للتأسي (5). ثم
يأخذ في الحركة على اليسار (6) عقيب النية. ولو جعله على يساره ابتداء (7)
جاز مع عدم التقية، وإلا فلا، (8) والنصوص (9) مصرحة باستحباب
الاستقبال، وكذا جمع من الأصحاب، (والختم به) بأن يحاذيه في آخر
شوطه، كما ابتدأ أولا (10) ليكمل الشوط من غير زيادة ولا نقصان.
(وجعل البيت على يساره) حال الطواف، فلو استقبله بوجهه،
248

أو ظهره (1) أو جعله على يمينه (2) ولو في خطوة من بطل، (والطواف
بينه وبين المقام (3)) حيث هو الآن، مراعيا لتلك النسبة من (4) جميع
الجهات، فلو خرج عنها (5) ولو قليلا بطل، وتحتسب (6) المسافة من جهة
الحجر (7) من خارجه وإن جعلناه خارجا من البيت. والظاهر أن المراد
بالمقام نفس الصخرة، لا ما عليه من البناء، ترجيحا للاستعمال الشرعي
على العرفي لو ثبت (8).
(وإدخال الحجر (9)) في الطواف للتأسي، والأمر به، لا لكونه
من البيت، بل قد روي (10) أنه ليس منه، أو أن بعضه منه، (11) وأما
249

الخروج عن شئ آخر خارج الحجر فلا يعتبر إجماعا (1)، (وخروجه
بجميع بدنه عن البيت (فلو أدخل يده في بابه حالته (2)، أو مشى
على شاذروانه (3) ولو خطوة، أو مس حائطه من جهته ما شيا بطل فلو أراد
مسه وقف حالته، لئلا يقطع جزء من الطواف غير خارج عنه.
(وإكمال السبع) من الحجر إليه شوط، (وعدم الزيادة عليها فيبطل
إن تعمده) ولو خطوة، ولو زاد سهوا فإن لم يكمل الشوط الثامن تعين
القطع، فإن زاد فكالمتعمد (4) وإن بلغه (5) تخير بين القطع وإكمال
أسبوعين، فيكون الثاني مستحبا (6)، ويقدم صلاة الفريضة (7) على السعي
ويؤخر صلاة النافلة.
(والركعتان خلف المقام) حيث هو الآن، أو إلى أحد جانبيه،
250

وإنما أطلق فعلهما خلفه تبعا لبعض الأخبار (1). وقد اختلفت عبارته في ذلك
فاعتبر هنا خلفه، وأضاف إليه أحد جانبيه في الألفية، وفي الدروس
فعلهما في المقام، ولو منعه زحام، أو غيره صلى خلفه، أو إلى أحد
جانبيه، والأوسط (2) أوسط، ويعتبر في نيتهما قصد الصلاة للطواف المعين
متقربا، والأولى إضافة الأداء، ويجوز فعل صلاة الطواف المندوب حيث
شاء من المسجد، والمقام أفضل.
(وتواصل أربعة أشواط فلو قطع) الطواف (لدونها بطل) مطلقا (3)
(وإن كان لضرورة، أو دخول البيت، أو صلاة فريضة ضاق وقتها (4))
وبعد الأربعة يباح القطع لضرورة، وصلاة فريضة ونافلة يخاف فوتها،
وقضاء حاجة مؤمن، لا مطلقا (5). وحيث يقطعه يجب أن يحفظ موضعه
ليكمل منه بعد العود، حذرا من الزيادة أو النقصان، ولو شك أخذ
بالاحتياط (6). هذا في طواف الفريضة. أما النافلة فيبني فيها لعذر
مطلقا (7)، ويستأنف قبل بلوغ الأربعة، لا له مطلقا (8)، وفي الدروس
أطلق البناء فيها مطلقا (9).
251

(ولو ذكر) نقصان الطواف (في أثناء السعي ترتبت صحته وبطلانه
على الطواف)، فإن كان نقصان الطواف قبل إكمال أربع استأنفهما (1)،
وإن كان بعده بنى عليهما وإن لم يتجاوز نصف السعي، فإنه تابع للطواف
في البناء والاستئناف، (ولو شك في العدد) أي عدد الأشواط (بعده)
أي بعد فراغه منه (لم يلتفت) مطلقا (2)، (وفي الأثناء يبطل إن شك
في النقيصة) كأن شك بين كونه تاما، أو ناقصا، أو في عدد الأشواط
مع تحققه عدم الإكمال، (ويبني على الأقل إن شك في الزيادة على السبع)
إذا تحقق إكمالها، إن كان على الركن (3) ولو كان قبله بطل أيضا
مطلقا (4) كالنقصان، لتردده بين محذورين: الإكمال (5) المحتمل للزيادة
عمدا. والقطع المحتمل للنقيصة، وإنما اقتصر عليه (6) بدون القيد لرجوعه
إلى الشك في النقصان، (وأما نفل الطواف فيبني) فيه (على الأقل مطلقا)
سواء شك في الزيادة، أم النقصان، وسواء بلغ الركن، أم لا. هذا
هو الأفضل، ولو بنى على الأكثر حيث لا يستلزم الزيادة (7) جاز
252

أيضا كالصلاة.
(وسننه - الغسل) قبل دخول مكة (من بئر ميمون) بالأبطح
(أو) بئر (فخ) (1) على فرسخ من مكة بطريق المدينة، (أو غيرهما (2)
ومضغ الإذخر) بكسر الهمزة والخاء المعجمة (ودخول مكة من أعلاها)
من عقبة المدنيين للتأسي (3)، سواء في ذلك المدني وغيره (حافيا) ونعله
بيده (بسكينة) وهو الاعتدال في الحركة (ووقار) وهو الطمأنينة
في النفس، وإحضار البال والخشوع.
(والدخول من باب بني شيبة) ليطأ هبل (4) وهو الآن في داخل
المسجد بسبب توسعته، بإزاء باب السلام عند الأساطين (بعد الدعاء
بالمأثور (5)) عند الباب، (والوقوف عند الحجر) الأسود، (والدعاء
253

فيه) أي في حالة الوقوف مستقبلا، رافعا يديه، (وفي حالات الطواف)
بالمنقول (1)، (وقراءة القدر، وذكر الله تعالى، والسكينة في المشي)
بمعنى الاقتصاد فيه مطلقا في المشهور (2)، (والرمل) بفتح الميم وهو
الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، دون الوثوب والعدو (ثلاثا)
وهي الأولى، (والمشي أربعا) بقية الطواف (على قول الشيخ) في المبسوط
في طواف القدوم خاصة، وإنما أطلقه (3) لأن كلامه الآن فيه (4)،
وإنما يستحب على القول به للرجل الصحيح، دون المرأة، والخنثى، والعليل
بشرط أن لا يؤذي غيره، ولا يتأذى به، ولو كان راكبا حرك دابته (5)
ولا فرق بين الركنين اليمانيين وغيرهما (6)، ولو تركه في الأشواط أو بعضها
لم يقضه (7).
(واستلام الحجر) بما أمكن من بدنه، والاستلام بغير همز المس
من السلام بالكسر وهي الحجارة بمعنى مس السلام، أو من السلام وهو
التحية (8)، وقيل: بالهمز من اللامة (9) وهي الدرع، كأنه اتخذه
254

جنة (1) وسلاحا، (وتقبيله) مع الإمكان، وإلا استلمه بيده، ثم قبلها
(أو الإشارة إليه) إن تعذر (2)، وليكن ذلك في كل شوط، وأقله
الفتح والختم (3).
(واستلام الأركان) كلها كلما مر بها خصوصا اليماني والعراقي،
وتقبيلهما للتأسي (4)، واستلام (المستجار في) الشوط (السابع) وهو بحذاء
الباب (5)، دون الركن اليماني بقليل، (وإلصاق البطن) ببشرته به
في هذا الطواف، لإمكانه (6)، وتتأدى السنة في غيره من طواف مجامع
للبس المخيط ولو من داخل الثياب (7)، (و) إلصاق بشرة (الخد به) أيضا.
(والدعاء وعده ذنوبه عنده) مفصلة، فليس من مؤمن يقر لربه
بذنوبه فيه إلا غفرها له إن شاء الله، رواه معاوية بن عمار (8) عن الصادق
عليه السلام، ومتى استلم حفظ موضعه بأن يثبت رجليه فيه، ولا يتقدم
بهما (9) حالته، حذرا من الزيادة في الطواف، أو النقصان.
255

(والتداني من البيت) وإن قلت الخطى، فجاز اشتمال القليلة على مزية
وثواب زائد عن الكثيرة. وإن كان قد ورد (1) في كل خطوة من الطواف
سبعون ألف حسنة، ويمكن الجمع بين تكثيرها والتداني، بتكثير الطواف (2)
(ويكره الكلام في أثنائه بغير الذكر والقرآن)، والدعاء والصلاة على النبي
صلى الله عليه وآله. وما ذكرناه يمكن دخوله في الذكر (2).
مسائل:
الأولى (كل طواف) واجب (ركن) يبطل (4) النسك بتركه
عمدا كغيره من الأركان (إلا طواف النساء)، والجاهل عامد، ولا يبطل
بتركه نسيانا لكن يجب تداركه (فيعود إليه وجوبا مع المكنة) ولو من بلده
(ومع التعذر). والظاهر أن المراد به المشقة الكثيرة وفاقا للدروس،
ويحتمل إرادة العجز عنه مطلقا (5) (يستنيب) فيه، ويتحقق البطلان
بتركه عمدا، وجهلا بخروج ذي الحجة قبل فعله إن كان طواف الحج
مطلقا (6)، وفي عمرة التمتع يضيق وقت الوقوف إلا عن التلبس بالحج
256

قبله (1)، وفي المفردة المجامعة للحج والمفردة عنه إشكال (2). ويمكن
اعتبار نية الإعراض عنه.
(ولو نسي طواف النساء) حتى خرج من مكة (جازت الاستنابة)
فيه (اختيارا) وإن أمكن العود لكن أو اتفق عوده لم يجز (3) الاستنابة
أما لو تركه عمدا وجب العود إليه مع الإمكان، ولا تحل النساء بدونه
مطلقا حتى العقد، ولو كان امرأة حرم عليها تمكين الزوج على الأصح (4)
والجاهل عامد كما مر (5)، ولو كان المنسي بعضا من غير طواف النساء
بعد إكمال الأربع جازت الاستنابة فيه (6) كطواف النساء.
(الثانية - يجوز تقديم طواف الحج وسعيه للمفرد)، وكذا القارن
(على الوقوف) بعرفة اختيارا، لكن يجددان التلبية عقيب صلاة كل طواف
كما مر (7)، (و) كذا يجوز تقديمهما (للمتمتع عند الضرورة) كخوف
الحيض، والنفاس المتأخرين، وعليه تجديد التلبية أيضا (8)، (وطواف
257

النساء لا يقدم لهما) (1))، ولا للقارن (إلا لضرورة. وهو) أي طواف
النساء (واجب في كل نسك) حجا كان، أم عمرة (على كل فاعل)
للنسك (إلا عمرة التمتع) فلا يجب فيها (2)، (وأوجبه فيها بعض الأصحاب)
وهو ضعيف (3)، فيشمل قوله كل فاعل، الذكر والأنثى، والصغير
والكبير، ومن يقدر على الجماع وغيره. وهو كذلك إلا أن إطلاق
الوجوب على غير المكلف مجاز، والمراد أنه ثابت عليهم حتى لو تركه
الصبي حرم عليه النساء بعد البلوغ حتى يفعله، أو يفعل عنه، (وهو
متأخر عن السعي)، فلو قدمه عليه عامدا أعاده بعده، وناسيا يجزئ،
والجاهل عامد.
(الثالثة - يحرم لبس البرطلة) بضم الباء والطاء وإسكان الراء
وتشديد اللام المفتوحة، وهي قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما (في الطواف)
لما روي (4) من النهي عنها معللا بأنها من زي (5) اليهود، (وقيل)
والقائل ابن إدريس واستقربه في الدروس: (يختص) التحريم (بموضع
تحريم ستر الرأس) كطواف العمرة، لضعف مستند التحريم (6). وهو
الأقوى، ويمكن حمل النهي على الكراهة بشاهد التعليل (7)، وعلى تقدير
258

التحريم لا يقدح في صحة الطواف، لأن النهي عن وصف خارج عنه (1)
وكذا لو طاف لابسا للمخيط.
(الرابعة - روي عن علي عليه السلام (2)) بسند ضعيف (في امرأة
نذرت الطواف على أربع) يديها ورجليها (أن عليها طوافين) بالمعهود (3)
وعمل بمضمونه الشيخ [رحمه الله]، (وقيل) والقائل المحقق: (يقتصر)
بالحكم (على المرأة)، وقوفا فيما خالف الأصل (4) على موضع النص،
(ويبطل في الرجل) لأن هذه الهيئة غير معتد بها شرعا، فلا ينعقد
في غير موضع النص، (وقيل) والقائل ابن إدريس: (يبطل فيهما (5))
لما ذكر، واستضعافا للرواية.
(والأقرب الصحة فيهما) للنص، وضعف السند منجبر بالشهرة
وإذا ثبت في المرأة ففي الرجل بطريق أولى (6). والأقوى ما اختاره
259

ابن إدريس (1) من البطلان مطلقا (2)، وربما قيل: ينعقد النذر،
دون الوصف ويضعف بعدم قصد المطلق (3).
(الخامسة - يستحب إكثار الطواف) لكل حاضر بمكة (ما استطاع
وهو أفضل من الصلاة تطوعا للوارد (4)) مطلقا (5)، وللمجاور (6)
في السنة الأولى، وفي الثانية يتساويان (7)، فيشرك بينهما، وفي الثالثة
تصير الصلاة أفضل كالمقيم (8)، (وليكن) الطواف (ثلثمائة وستين طوافا
فإن عجز) عنها (جعلها أشواطا) فتكون أحدا وخمسين طوافا، ويبقى
ثلاثة أشواط تلحق بالطواف الأخير، وهو مستثنى من كراهة القران (9)
260

في النافلة بالنص (1)، واستحب بعض الأصحاب إلحاقه (2) بأربعة أخرى
لتصير مع الزيادة طوافا كاملا، حذرا من القران. واستحباب ذلك (3)
لا ينافي الزيادة، وأصل القران في العبادة مع صحتها (4) لا ينافي الاستحباب (5)
وهو حسن وإن استحب الأمران (6).
(السادسة - القران) بين أسبوعين بحيث لا يجعل بينهما تراخيا،
وقد يطلق على الزيادة عن العدد مطلقا (7) (مبطل في طواف الفريضة،
ولا بأس به في النافلة، وإن كان تركه (8) أفضل)، ونبه بأفضلية تركه
على بقاء فضل معه، كما هو شأن كل عبادة مكروهة. وهل تتعلق الكراهة
261

بمجموع الطواف، أم بالزيادة؟ الأجود الثاني (1) إن عرض قصدها (2)
بعد الإكمال، وإلا (3) فالأول، وعلى التقديرين (4) فالزيادة يستحق
عليها ثواب في الجملة (5) وإن (6) قل.
(القول في السعي والتقصير - ومقدماته) كلها مسنونة (7) (استلام
الحجر) عند إرادة الخروج إليه (8)، (والشرب من زمزم، وصب
الماء منه عليه) من الدلو المقابل للحجر، وإلا فمن غيره (9)، والأفضل
استقاؤه بنفسه، ويقول عند الشرب، والصب: اللهم اجعله علما
نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء وسقم.
(والطهارة) من الحدث على أصح القولين. وقيل: يشترط ومن الخبث
أيضا، (والخروج من باب الصفا) وهو الآن داخل في المسجد كباب
262

بني شيبة، إلا أنه معلم (1) بأسطوانتين فليخرج من بينهما. وفي الدروس
الظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما أيضا.
(والوقوف على الصفا) بعد الصعود إليه حتى يرى البيت من بابه
(مستقبل الكعبة، والدعاء والذكر) قبل الشروع بقدر قراءة البقرة
مترسلا (2) للتأسي (3)، وليكن الذكر مائة تكبيرة، وتسبيحة، وتحميدة،
وتهليلة (4) ثم، الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله مائة.
(وواجبه النية) المشتملة على قصد الفعل المخصوص متقربا، مقارنة
للحركة وللصفا بأن يصعد عليه فيجزئ من أي جزء كان منه (5)، أو يلصق
عقبه به (6) إن لم يصعد، فإذا وصل إلى المروة ألصق أصابع رجليه بها
إن لم يدخلها (7) ليستوعب سلوك المسافة التي بينهما في كل شوط.
(والبدأة بالصفا، والختم بالمروة، فهذا شوط، وعوده) من المروة
إلى الصفا (8) (آخر فالسابع) يتم (على المروة، وترك الزيادة على السبعة
263

فيبطل لو زاد (عمدا)، ولو خطوة (والنقيصة (1) فيأتي بها) وإن طال
الزمان، إذ لا تجب الموالاة فيه (2)، أو كان دون الأربع، بل يبني
ولو على شوط، (وإن زاد سهوا تخير بين الإهدار (3)) للزائد، (وتكميل
أسبوعين) إن لم يذكر حتى أكمل الثامن، وإلا (4) تعين إهداره،
(كالطواف (5)). وهذا القيد (6) يمكن استفادته من التشبيه (7)،
وأطلق في الدروس الحكم وجماعة (8). والأقوى تقييده (9) بما ذكر،
وحينئذ (10) فمع الإكمال يكون الثاني (11) مستحبا. (ولم يشرع استحباب
السعي إلا هنا، (12))، ولا يشرع ابتداء مطلقا. (13)
264

(وهو) أي السعي (ركن يبطل) النسك (بتعمد تركه) وإن جهل
الحكم، لا بنسيانه بل يأتي به مع الإمكان، ومع التعذر يستنيب كالطواف
ولا يحل له ما يتوقف عليه من المحرمات حتى يأني به كملا (1) أو نائبه (2)،
(ولو ظن فعله فواقع (3)) بعد أن أحل بالتقصير، (أو قلم) ظفره
(فتبين الخطأ) وأنه لم يتم السعي (أتمه، وكفر ببقرة) في المشهور،
استنادا إلى روايات (4) دلت على الحكم (5). وموردها ظن إكمال السعي
بعد أن سعى ستة أشواط.
والحكم مخالف للأصول الشرعية من وجوه كثيرة: وجوب (6)
الكفارة على الناسي في غير الصيد، والبقرة (7) في تقليم الظفر أو الأظفار،
ووجوبها (8) بالجماع مطلقا (9)، ومساواته (10) للقلم، ومن ثم (11)
أسقط وجوبها بعضهم وحملها على الاستحباب، وبعضهم أوجبها (12) للظن
265

وإن لم تجب على الناسي، وآخرون تلقوها (1) بالقبول مطلقا (2).
ويمكن توجيهه (3) بتقصيره (4) هنا في ظن الإكمال، فإن من سعى
ستة يكون على الصفا فظن الإكمال مع اعتبار كونه على المروة تقصير،
بل تفريط واضح، لكن المصنف وجماعة فرضوها قبل إتمام السعي مطلقا (5)
فيشمل ما يتحقق فيه العذر كالخمسة. وكيف كان فالإشكال واقع.
(ويجوز قطعه لحاجة، وغيرها) قبل بلوغ الأربعة، وبعدها على المشهور
وقيل: كالطواف (6)، (والاستراحة في أثنائه) وإن لم يكن على رأس
الشوط مع حفظ موضعه، حذرا من الزيادة والنقصان.
(ويجب التقصير) وهو إبانة الشعر، أو الظفر بحديد ونتف،
وقرض، وغيرها (7) (بعده) أي بعد السعي (بمسماه) وهو ما يصدق
عليه أنه أخذ من شعر، أو ظفر. وإنما يجب التقصير متعينا (إذا كان
سعي (8) العمرة) أما في غيرها فيتخير بينه وبين الحلق (من الشعر)
266

متعلق بالتقصير، ولا فرق فيه بين شعر الرأس، واللحية، وغيرهما (1)
، (أو الظفر) من اليد، أو الرجل، ولو حلق بعض الشعر أجزأ وإنما يحرم
حلق جميع الرأس، أو ما يصدق عليه عرفا (2)، (وبه يتحلل من إحرامها)
فيحل له جميع ما حرم بالإحرام حتى الوقاع.
(ولو حلق) جميع رأسه عامدا عالما (فشاة)، ولا يجزئ عن التقصير
للنهي (3)، وقيل: يجزئ، لحصوله بالشروع، والمحرم متأخر. وهو
متجه مع تجدد القصد (4)، وناسيا، أو جاهلا لا شئ عليه، ويحرم
الحلق ولو بعد التقصير، (لو جامع قبل التقصير عمدا فبدنة للموسر،
وبقرة للمتوسط، وشاة للمعسر)، والمرجع في الثلاثة إلى العرف بحسب
حالهم ومحلهم (5)، ولو كان جاهلا أو ناسيا فلا شئ عليه.
(ويستحب التشبه بالمحرمين بعده) أي بعد التقصير بترك لبس المخيط
وغيره كما يقتضيه إطلاق النص (6) والعبارة (7)، وفي الدروس اقتصر
267

على التشبه بترك المخيط (وكذا) يستحب ذلك (1) (لأهل مكة
في الموسم (2)) أجمع أي موسم الحج، أوله وصول الوفود إليهم محرمين
وآخره العيد عند إحلالهم.
(الفصل الخامس - في أفعال الحج؟. وهي الإحرام، والوقوفان (3)
ومناسك منى (4)، وطواف الحج، وسعيه، وطواف النساء، ورمي
الجمرات، والمبيت بمنى) والأركان منها خمسة، الثلاثة الأول (5)،
والطواف الأول (6) والسعي.
(القول في الإحرام والوقوفين - يجب بعد التقصير الإحرام بالحج
على المتمتع) وجوبا موسعا، إلى أن يبقى للوقوف مقدار ما يمكن إدراكه
بعد الإحرام من محله (7)، (ويستحب) إيقاعه (يوم التروية) وهو الثامن
من ذي الحجة، سمي بذلك لأن الحاج كان يتروى الماء لعرفة من مكة
إذ لم يكن بها (8) ماء كاليوم،
268

فكان بعضهم يقول لبعض: ترويتم لتخرجوا (1) (بعد صلاة الظهر)،
وفي الدروس بعد الظهرين المتعقبين لسنة (2) الإحرام الماضية. والحكم مختص
بغير الإمام، والمضطر وسيأتي استثناؤهما (وصفته (3) كما مر (4))
في الواجبات والمندوبات والمكروهات (5).
(ثم الوقوف) بمعنى الكون (6) (بعرفة من زوال التاسع إلى غروب
الشمس مقرونا بالنية) المشتملة على قصد الفعل المخصوص، متقربا بعد تحقق
الزوال بغير فصل (7)، والركن من ذلك (8) أمر كلي وهو جزء من مجموع
الوقت بعد النية ولو سائرا (9)، والواجب الكل (10)، (وحد عرفة
269

من بطن عرنة (1)) بضم العين المهملة، وفتح الراء والنون (وثوية (2))
بفتح المثلثة، وكسر الواو، وتشديد الياء المثناة من تحت المفتوحة،
(ونمرة (3)) بفتح النون، وكسر الميم، وفتح الراء، وهي بطن عرنة
فكان يستغنى عن التحديد بها (4) (إلى الأراك (5)) بفتح الهمزة
(إلى ذي المجاز (6)). وهذه المذكورات حدود لا محدود (7) فلا يصح
الوقوف بها.
(ولو أفاض) من عرفة (قبل الغروب عامدا ولم يعد فبدنة (8)،
270

فإن عجز صام ثمانية عشر يوما) سفرا، أو حضرا، متتابعة (1)، وغير
متتابعة في أصح القولين، وفي الدروس أوجب فيها (2) المتابعة هنا (3)،
وجعلها (4) في الصوم أحوط، وهو (5) أولى. ولو عاد قبل الغروب
فالأقوى سقوطها (6) وإن أثم، ولو كان ناسيا، أو جاهلا فلا شئ عليه
إن لم يعلم بالحكم قبل الغروب، وإلا (7) وجب العود مع الإمكان، فإن
أخل به (8) فهو عامد (9). وأما العود بعد الغروب فلا أثر له.
(ويكره الوقوف على الجبل)، بل في أسفله بالسفح، (وقاعدا (10))
أي الكون بها قاعدا، (وراكبا)، بل واقفا، وهو الأصل (11) في إطلاق
الوقوف على الكون، إطلاقا لأفضل أفراده (12) عليه. (والمستحب
271

المبيت بمنى ليلة التاسع إلى الفجر) احترز بالغاية (1) عن توهم سقوط
الوظيفة بعد نصف (2) الليل كمبيتها (3) ليالي التشريق، (ولا يقطع
محسرا (4)) بكسر السين وهو حد منى إلى جهة عرفة (حتى تطلع
الشمس، والإمام (5) يخرج) من مكة (إلى منى قبل الصلاتين) الظهرين
يوم التروية ليصليهما بمنى، وهذا (6) كالتقييد لما أطلقه سابقا من استحباب
إيقاع الإحرام بعد الصلاة المستلزم لتأخر الخروج عنها (7)، (وكذا
272

ذو العذر) كالهم (1)، والعليل، والمرأة، وخائف الزحام (2)، ولا يتقيد
خروجه (3) بمقدار الإمام كما سلف (4)، بل له التقدم بيومين وثلاثة.
(والدعاء عند الخروج إليها) أي إلى منى في ابتدائه، (و) عند
الخروج (منها) إلى عرفة، (وفيها (5)) بالمأثور (6)، (والدعاء بعرفة)
بالأدعية المأثورة (7) عن أهل البيت عليهم السلام، خصوصا دعاء (8)
الحسين، وولده زين العابدين (9) عليهما السلام، (وإكثار الذكر لله
تعالى) بها، (وليذكر إخوانه بالدعاء، وأقلهم أربعون).
روى الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه قال رأيت عبد الله بن
جندب بالموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه. ما زال مادا يده
إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض، فما انصرف الناس
قلت: يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال: والله
273

ما دعوت فيه (1) إلا لإخواني، وذلك لأن (2) أبا الحسن موسى عليه السلام (3)
أخبرني أنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف
ضعف مثله، وكرهت (4) أن أدع مائة ألف ضعف (5) لواحدة (6)
لا أدري تستجاب (7)، أم لا (8).
وعن عبد الله بن جندب قال: كنت في الموقف فلما أفضت أتيت (9)
إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه وكان مصابا بإحدى عينيه وإذا عينه الصحيحة
حمراء كأنها علقة دم. فقلت له: قد أصبت بإحدى عينيك وأنا والله
مشفق على (10) الأخرى، فلو قصرت (11) من البكاء قليلا قال: لا والله
يا أبا محمد ما دعوت لنفسي اليوم دعوة (12)، قلت (13): فلمن دعوت
274

قال: دعوت لإخواني لأني سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من دعا
لأخيه بظهر الغيب وكل الله به ملكا يقول: ولك مثلاه، فأردت أن
أكون أنا (1) أدعو لإخواني، والملك (2) يدعو لي، لأني في شك
من دعائي لنفسي، ولست في شك من دعاء الملك لي (3).
(ثم يفيض) أي ينصرف. وأصله الاندفاع بكثرة، أطلق على الخروج
من عرفة لما يتفق فيه من اندفاع الجمع الكثير منه كإفاضة الماء، وهو
متعد، لا لازم، أي يفيض نفسه، (بعد غروب الشمس) المعلوم
بذهاب الحمرة المشرقية بحيث لا يقطع حدود عرفة حتى تغرب (إلى المشعر)
الحرام، (مقتصدا) متوسطا (في سيره داعيا إذا بلغ الكثيب (4) الأحمر)
عن يمين الطريق بقوله.
(اللهم ارحم موقفي، وزد في عملي، وسلم لي ديني، وتقبل مناسكي،
اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف، وارزقنيه أبدا ما أبقيتني (5)،
ثم يقف به)، أي يكون بالمشعر (ليلا إلى طلوع الشمس، والواجب
الكون) واقفا كان، أم نائما، أم غيرهما من الأحوال (بالنية) عند
وصوله. والأولى تجديدها بعد طلوع الفجر لتغاير الواجبين، فإن الواجب
الركني منه اختيارا المسمى فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس والباقي
275

واجب لا غير كالوقوف بعرفة (1).
(ويستحب إحياء تلك الليلة) بالعبادة، (والدعاء، والذكر والقراءة)
فمن أحياها لم يمت قلبه يوم تموت القلوب، (ووطء الصرورة (2)) المشعر
برجله)، ولو في نعل، أو ببعيره، قال المصنف في الدروس: والظاهر
أنه المسجد الموجود الآن، (والصعود على قزح) بضم القاف وفتح
الزاي المعجمة. قال الشيخ [رحمه الله]: هو المشعر الحرام، وهو جبل
هناك يستحب الصعود عليه، و (ذكر الله عليه)، وجمع (3) أعم منه.
مسائل:
(كل من الموقفين ركن) وهو مسمى الوقوف في كل منهما (يبطل
الحج بتركه عمدا، ولا يبطل) بتركه (سهوا) كما هو حكم أركان الحج
أجمع. (نعم لو سهى عنهما) معا (بطل)، وهذا الحكم مختص بالوقوفين (4)
وفواتهما أو أحدهما لعذر كالفوات سهوا.
(5) (ولكل) من الموقفين (اختياري، واضطراري، فاختياري عرفة
ما بين الزوال والغروب، واختياري المشعر ما بين طلوع الفجر، وطلوع
276

الشمس، واضطراري عرفة ليلة النحر) من الغروب إلى الفجر (واضطراري
المشعر) من طلوع شمسه (إلى زواله).
وله اضطراري آخر أقوى منه، لأنه مشوب بالاختياري، وهو
اضطراري عرفة ليلة النحر. ووجه شوبه اجتزاء المرأة به اختيارا والمضطر
والمتعمد مطلقا (1) مع جبره (2) بشاة والاضطراري المحض ليس كذلك (3)
والواجب من الوقوف الاختياري الكل (4)، ومن الاضطراري الكلي (5)
كالركن من الاختياري (6).
وأقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري والاضطراري ثمانية، أربعة
مفردة وهي كل واحد من الاختياريين (7) والاضطراريين (8)، وأربعة مركبة
277

وهي الاختياريان (1) والاضطراريان (2)، واختياري عرفة مع اضطراري
المشعر وعكسه.
(وكل أقسامه يجزي) في الجملة لا مطلقا (3)، فإن العامد يبطل
حجه بفوات كل واحد من الاختياريين (إلا الاضطراري الواحد) فإنه
لا يجزئ مطلقا (4) على المشهور، والأقوى إجزاء اضطراري المشعر وحده
لصحيحة (5) عبد الله بن مسكان عن الكاظم عليه السلام. أما اضطرارية
السابق (6) فمجزئ مطلقا (7) كما عرفت، ولم يستثنه (8) هنا، لأنه
278

جعله (1) من قسم الاختياري، حيث خص الاضطراري بما بعد طلوع
الشمس، ونبه على حكمه (2) أيضا بقوله: (ولو أفاض قبل الفجر عامدا
فشاة)، وناسيا لا شئ عليه. وفي إلحاق الجاهل بالعامد كما في نظائره،
أو الناسي قولان (3)، وكذا في ترك أحد الوقوفين (4).
(ويجوز) الإفاضة قبل الفجر (للمرأة والخائف (5))، بل كل
مضطر كالراعي والمريض، (والصبي مطلقا (6))، ورفيق المرأة (من غير
جبر (7))، ولا يخفى أن ذلك (8) مع نية الوقوف ليلا كما نبه عليه (9)
بإيجابه النية له عند وصوله (وحد المشعر ما بين الحياض (10) والمأزمين (11))
279

بالهمز الساكن، ثم كسر الزاي المعجمة وهو الطريق الضيق بين الجبلين،
(ووادي محسر) وهو طرف منى كما سبق (1)، فلا واسطة بين المشعر ومنى.
(ويستحب التقاط حصى الجمار منه)، لأن الرمي تحية لموضعه كما مر (2)
فينبغي التقاطه من المشعر، لئلا يشتغل عند قدومه بغيره (3)، (وهو
سبعون (4)) حصاة. ذكر الضمير لعوده على الملقوط المدلول عليه
بالالتقاط، ولو التقط أزيد منها احتياط، حذرا من سقوط بعضها،
أو عدم إصابته فلا بأس.
(والهرولة) وهي الإسراع فوق المشي ودون العدو، كالرمل (5)
(في وادي محسر) للماشي والراكب فيحرك دابته (6)، وقدرها
مائة ذراع، أو مائة خطوة، واستحبابها مؤكد حتى لو نسيها رجع إليها
وإن وصل إلى مكة، (داعيا) حالة الهرولة (بالمرسوم) وهو: اللهم
سلم عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني (7) فيمن تركت
280

بعدي (1).
(القول في مناسك منى (2)) - جمع منسك، وأصله موضع النسك
وهو العبادة، ثم أطلق اسم المحل على الحال. ولو عبر بالنسك كان هو
الحقيقة، ومنى بكسر الميم والقصر اسم مذكر منصرف قاله الجوهري،
وجوز غيره تأنيثه سمي به المكان المخصوص لقول جبرائيل عليه السلام
فيه لإبراهيم عليه السلام: تمن على ربك ما شئت (3).
ومناسكها (يوم النحر) ثلاثة (وهي رمي جمرة العقبة) التي هي
أقرب الجمرات الثلاث إلى مكة، وهي حدها من تلك الجهة (4)، (ثم
الذبح، ثم الحلق) مرتبا كما ذكر، (فلو عكس عمدا أثم وأجزأ وتجب
281

النية في الرمي) المشتملة على تعيينه (1)، وكونه في حج الإسلام،
أو غيره (2)، والقربة والمقارنة لأوله (3). والأولى التعرض للأداء (4)
والعدد (5)، ولو تداركه بعد وقته نوى القضاء.
(وإكمال السبع) فلا يجزي ما دونها ولو اقتصر عليه استأنف إن
أخل بالموالاة عرفا ولم يبلغ الأربع، ولو كان قد بلغها (6) قبل القطع
كفاه الإتمام، (مصيبة للجمرة) وهي البناء المخصوص، أو موضعه
وما حوله (7) مما يجتمع من الحصا، كذا عرفها المصنف في الدروس.
وقيل: هي مجمع الحصا دون السائل (8). وقيل: هي الأرض (9)،
ولو لم يصب لم يحتسب.
ولو شك في الإصابة أعاد، لأصالة العدم، ويعتبر كون الإصابة
(بفعله) فلا يجزي الاستنابة فيه اختيارا، وكذا لو حصلت الإصابة بمعونة
282

غيره (1)، ولو حصاة (2) أخرى، ولو وثبت حصاة بها (3) فأصابت
لم يحتسب الواثبة، بل المرمية إن أصابت، ولو وقعت على ما هو أعلى
من الجمرة ثم وقعت فأصابت كفى، وكذا لو وقعت على غير أرض
الجمرة، ثم وثبت إليها بواسطة صدم (4) الأرض، وشبهها.
واشتراط كون الرمي بفعله أعم من مباشرته بيده (5). وقد اقتصر
هنا وفي الدروس عليه، وفي رسالة الحج اعتبر كونه مع ذلك (6) باليد
وهو (7) أجود (بما يسمى رميا)، فلو وضعها، أو طرحها من غير رمي
لم يجز، لأن الواجب صدق اسمه (8)، وفي الدروس نسب ذلك (9).
283

إلى قول. وهو يدل على تمريضه (بما يسمى حجرا)، فلا يجزي الرمي
بغيره ولو بخروجه (1) عنه بالاستحالة، ولا فرق فيه بين الصغير والكبير
ولا بين الطاهر والنجس، ولا بين المتصل بغيره كفص الخاتم لو كان حجرا
حرميا، وغيره (2).
(حرميا)، فلا يجزي من غيره، ويعتبر فيه أن لا يكون مسجدا،
لتحريم إخراج الحصا منه المقتضي (3) للفساد في العبادة (بكرا) غير
مرمي بها رميا صحيحا، فلو رمي بها بغير نية، أو لم يصب لم يخرج
عن كونها بكرا، ويعتبر مع ذلك (4) كله تلاحق (5) الرمي فلا يجزي
الدفعة وإن تلا حقت الإصابة، بل يحتسب منها (5) واحدة، ولا يعتبر
تلا حق (7) الإصابة.
(ويستحب البرش (8)) المشتملة على ألوان مختلفة بينها (9) وفي كل
284

واحدة منها (1)، ومن ثم اجتزأ بها عن المنقطة (2)، لا كما فعل (3)
في غيره (4)، وغيره (5)، ومن جمع بين الوصفين (6) أراد بالبرش
المعنى الأول (7)، وبالمنقطة الثاني (8)، (الملتقطة) بأن يكون كل واحدة
منها مأخوذة من الأرض منفصلة، واحترز بها عن المكسرة من حجر
وفي الخبر التقط الحصى ولا تكسرن منها شيئا (9) (بقدر الأنملة)
بفتح الهمزة وضم الميم رأس الإصبع.
(والطهارة) من الحدث حالة الرمي في المشهور، جمعا بين صحيحة (10)
محمد بن مسلم الدالة على النهي عنه بدونها، ورواية (11) أبي غسان بجوازه
على غير طهر كذا علله المصنف وغيره، وفيه نظر، لأن المجوزة مجهولة
الراوي فكيف يأول الصحيح لأجلها (12)، ومن ثم ذهب جماعة من الأصحاب
285

منهم المفيد والمرتضى إلى اشتراطها (1)، والدليل (2) معهم. ويمكن
أن يريد طهارة الحصا فإنه مستحب أيضا على المشهور، وقيل: بوجوبه.
وإنما كان الأول (3) أرجح، لأن سياق أوصاف الحصا أن يقول:
الطاهرة (4)، لينتظم مع ما سبق منها (5)، ولو أريد الأعم منها (6)
كان أولى.
(والدعاء) حالة الرمي وقبله، وهي (7) بيده بالمأثور (8) (والتكبير
مع كل حصاة)، ويمكن كون الظرف (9) للتكبير والدعاء معا (وتباعد)
الرامي عن الجمرة (نحو خمس عشرة ذراعا) إلى عشر، (ورميها خذفا (10)
والمشهور في تفسيره أن يضع الحصاة على بطن إبهام اليد اليمنى ويدفعها
286

بظفر السبابة، وأوجبه جماعة منهم ابن إدريس بهذا المعنى، والمرتضى،
لكنه جعل الدفع بظفر الوسطى.
وفي الصحاح الخذف بالحصا الرمي بها بالأصابع، هو غير مناف
للمروي الذي فسروه به بالمعنى الأول (1)، لأنه قال في رواية البزنطي
عن الكاظم عليه السلام: تخذفهن خذفا، وتضعها على الإبهام وتدفعها
بظفر السبابة (1) وظاهر العطف (3) أن ذلك أمر زائد على الخذف (4)
فيكون فيه (5) سنتان: إحداهما رميها خذفا بالأصابع لا بغيرها وإن كان
باليد: والأخرى جعله بالهيئة المذكورة (6)، وحينئذ (7) فتتأدى سنة
الخذف برميها بالأصابع كيف اتفق، وفيه (8) مناسبة أخرى للتباعد بالقدر
المذكور، فإن الجمع بينه (9) وبين الخذف بالمعنيين السابقين بعيد وينبغي
287

مع التعارض (1) ترجيح الحذف، خروجا من خلاف موجبه
(واستقبال الجمرة هنا) أي في جمرة العقبة، والمراد باستقبالها كونه
مقابلا لها (2)، لا عاليا عليها كما يظهر من الرواية (3) ارمها من قبل
وجهها، ولا ترمها من أعلاها، وإلا فليس لها (4) وجه خاص يتحقق به
الاستقبال. وليكن مع ذلك مستدبرا القبلة.
(وفي الجمرتين الأخريين يستقبل القبلة، والرمي ماشيا (5))
288

من منزله، لا راكبا. وقيل: الأفضل الرمي راكبا، تأسيا (1) بالنبي
صلى الله عليه وآله ويضعف بأنه صلى الله عليه وآله وسلم رمى ماشيا
أيضا رواه (2) علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام.
(ويجب في الذبح) لهدي التمتع (جذع من الضأن) قد كمل سنه
سبعة أشهر. وقيل: ستة (أو ثني من غيره) وهو البقر والمعز ما دخل
في الثانية، ومن الإبل في السادسة، (تام الخلقة)، فلا يجزي الأعور
ولو ببياض على عينه، والأعرج والأجرب (3) ومكسور القرن الداخل (4)
ومقطوع شئ من الأذن، والخصي (5)، والأبتر (6)، وساقط الأسنان
لكبر وغيره (7)، والمريض، أما شق الأذن من غير أن يذهب منها
شئ وثقبها ووسمها، وكسر القرن الظاهر، وفقدان القرن والأذن خلقة
289

ورض (1) الخصيتين فليس بنقص، وإن كره الأخير (2)، (غير مهزول)
بأن يكون ذا شحم على الكليتين وإن قل.
(ويكفي فيه الظن) المستند إلى نظر أهل الخبرة، لتعذر العلم به
غالبا فمتى ظنه كذلك (3) أجزأ، وإن ظهر مهزولا، لتعبده بظنه،
(بخلاف ما لو ظهر ناقصا، فإنه لا يجزئ) لأن تمام الخلقة أمر ظاهر (4)
فتبين خلافه مستند إلى تقصيره. وظاهر العبارة أن المراد ظهور المخالفة
فيهما (5) بعد الذبح، إذ لو ظهر التمام قبله (6) أجزأ قطعا، ولو ظهر
الهزال قبله (7) مع ظن سمنه عند الشراء ففي إجزائه قولان أجودهما
الإجزاء، للنص (8)، وإن كان عدمه (9) أحوط، ولو اشتراه من غير
اعتبار (10)، أو مع ظن نقصه، أو هزاله لم يجز، إلا أن تظهر الموافقة (11)
قبل الذبح. ويحتمل قويا الإجزاء لو ظهر سمينا بعده، لصحيحة (12)
290

العيص ابن القاسم عن الصادق عليه السلام.
(ويستحب أن يكون مما عرف به) أي حضر عرفات وقت الوقوف
ويكفي قول بائعه فيه (1) (سمينا) زيادة على ما يعتبر فيه (2) (ينظر
ويمشي ويبرك (3) في سواد) الجار متعلق بالثلاثة على وجه التنازع (4)،
وفي رواية ويبعر في سواد (5)، إما بكون هذه المواضع وهي العين والقوائم
والبطن والمبعر سودا، أو بكونه ذا ظل عظيم لسمنه، عظم جثته بحيث
ينظر فيه ويبرك ويمشي مجازا في السمن، أو بكون رعى ومشى ونظر
وبرك وبعر في السواد، وهو الخضرة والمرعى زمانا طويلا فسمن لذلك (6)
قيل: والتفسيرات الثلاثة مروية (7) عن أهل البيت عليهم السلام (إناثا
من الإبل والبقر ذكرانا من الغنم) وأفضله الكبش (8) والتيس (9)
291

من الضأن والمعز.
(وتجب النية) قبل الذبح مقارنة له. ولو تعذر الجمع بينها (1)،
وبين الذكر (2) في أوله (3) قدمها (4) عليه (5)، مقتصرا منها (6)
على أقله جمعا بين الحقين (7) (ويتولانا (8) الذابح) سواء كان هو الحاج
أم غيره، إذ يجوز الاستنابة فيهما (9) اختيارا، ويستحب نيتهما (10)،
ولا يكفي نية المالك وحده.
(ويستحب جعل يده) أي الناسك (معه) مع الذابح لو تغايرا (11)
(و) يجب (قسمته بين الإهداء) إلى مؤمن، (والصدقة) عليه مع فقره
(والأكل) ولا ترتيب بينها (12)، ولا يجب التسوية (13)، بل يكفي من الأكل
292

مسماه، ويعتبر فيهما (1) أن لا ينقص كل منهما عن ثلثه. وتجب النية
لكل منها (2) مقارنة للتناول، أو التسليم إلى المستحق، أو وكيله ولو أخل
بالصدقة ضمن الثلث، وكذا الإهداء (3) إلا أن يجعله صدقة (4)،
وبالأكل (5) يأثم خاصة.
(ويستحب نحر الإبل قائمة قد ربطت (6) يداها) مجتمعتين (بين
الخف والركبة) ليمنع من الاضطراب، أو تعقل يدها اليسرى من الخف
إلى الركبة ويوقفها (7) على اليمنى، وكلاهما مروي (8) وطعنها
من) الجانب (الأيمن) بأن يقف الذابح على ذلك الجانب، يطعنها
في موضع النحر، فإنه (9) متحد. (10)
293

(والدعاء عنده) بالمأثور (1).
(ولو عجز عن السمين فالأقرب إجزاء المهزول، وكذا الناقص)
لو عجز عن التام، للأمر بالإتيان بالمستطاع (2) المقتضي امتثاله للإجزاء،
ولحسنة (3) معاوية بن عمار " إن لم تجد فما تيسر لك " وقيل: ينتقل
إلى الصوم لأن المأمور به هو الكامل فإذا تعذر انتقل إلى بدله وهو الصوم.
(ولو وجد الثمن دونه (4)) مطلقا (5) (خلفه (6) عند من
يشتريه ويهديه) عنه من الثقات إن لم يقم بمكة (طول (7) ذي الحجة)
فإن تعذر فيه (8) فمن القابل فيه (9)، ويسقط هنا (10) الأكل فيصرف
الثلثين في وجههما (11)، ويتخير في الثلث الآخر.
294

بين الأمرين (1)، مع احتمال قيام النائب مقامه (2) فيه (3) ولم يتعرضوا
لهذا الحكم (4).
(ولو عجز) عن تحصيل الثقة، أو (عن الثمن) في محله (5)
ولو بالاستدانة على ما في بلده، والاكتساب اللائق بحاله وبيع (6)
ما عدا المستثيات في الدين (صام) (7) بدله عشرة أيام (ثلاثة أيام
في الحج متوالية) إلا ما استثني (8) (بعد التلبس بالحج) (9) ولو
من أول ذي الحجة (10)، ويستحب السابع وتالياه (11) وآخر وقتها (12)
295

آخر ذي الحجة (وسبعة إذا رجع إلى أهله) حقيقة (1)، أو حكما كمن
لم يرجع، فينتظر مدة لو ذهب لوصل إلى أهله عادة (2)، أو مضي
شهر (3). ويفهم من تقييد الثلاثة بالموالاة دون السبعة (4) عدم اعتبارها (5)
فيها (6)، وهو أجود القولين، وقد تقدم (7).
(ويتخير مولى) المملوك (المأذون له) في الحج (بين الإهداء
عنه (8)، وبين أمره بالصوم)، لأنه (9) عاجز عنه (10) ففرضه الصوم
لكن لو تبرع المولى بالإخراج أجزأ، كما يجزي عن غيره (11) لو تبرع
عليه (12) متبرع، والنص (13) ورد بهذا التخيير. وهو دليل على أنه (14)
296

لا يملك شيئا، وإلا (1) اتجه وجوب الهدي مع قدرته (2) عليه (3)،
والحجر (4) عليه (5) غير مانع منه (6) كالسفيه.
(ولا يجزئ) الهدي (الواحد إلا عن واحد، ولو عند الضرورة)
على أصح الأقوال. وقيل: يجزئ عن سبعة وعن سبعين أولي (7) خوان (8)
واحد. وقيل: مطلقا (9) وبه (10) روايات (11) محمولة على المندوب (12)
297

جمعا (1) كهدي (2) القران قبل تعينه (3)، والأضحية فإنه يطلق
عليها (4) الهدي أما الواجب ولو بالشروع في الحج المندوب (5) فلا يجزئ
إلا عن واحد فينتقل مع العجز (6) ولو بتعذره (7) إلى الصوم.
(ولو مات) من وجب عليه الهدي قبل إخراجه (8) (أخرج)
عنه (9) (من صلب (10) المال) أي من أصله وإن لم يوص به (11)،
298

كغيره (1) من الحقوق المالية الواجبة (2)، (ولو مات) فاقده (3) (قبل
الصوم صام الولي)، وقد تقدم بيانه في الصوم (4) (عنه العشرة على قول)
لعموم (5) الأدلة بوجوب قضائه (6) ما فاته (7) من الصوم.
(ويقوى مراعاة تمكنه (8) منها (9)) في الوجوب. فلو لم يتمكن
لم يجب كغيره (10) من الصوم الواجب. ويتحقق التمكن في الثلاثة بإمكان
فعلها (11) في الحج، وفي السبعة بوصوله إلى أهله، أو مضي المدة
المشترطة (12).
299

إن أقام بغيره (1) ومضي مدة (2) يمكنه فيها الصوم، ولو تمكن
من البعض قضاه خاصة. والقول الآخر وجوب قضاء الثلاثة خاصة (3)،
وهو ضعيف.
(ومحل الذبح) لهدي التمتع (والحلق منى. وحدها من العقبة) وهي
خارجة عنها (إلى وادي محسر)، ويظهر من جعله حدا خروجه (4)
عنها (5) أيضا. والظاهر من كثير أنه (6) منها (7).
(ويجب ذبح هدي القران متى ساقه وعقد (8) به إحرامه) بأن
أشعره، أو قلده، وهذا (9) هو سياقه شرعا، فالعطف (10) تفسيري
وإن كان ظاهر العبارة تغايرهما (11)، ولا يخرج (12) عن ملك سائقه
300

بذلك (1)، وإن تعين ذبحه فله (2) ركوبه، وشرب لبنه ما لم يضر
به (3)، أو بولده، وليس له إبداله بعد سياقه المتحقق بأحد الأمرين (4).
(ولو هلك) قبل ذبحه، أو نحره بغير تفريط (لم يجب) إقامة
(بدله)، ولو فرط فيه (5) ضمنه (6)، (ولو عجز (7)) عن الوصول
إلى محله الذي يجب ذبحه فيه (ذبحه)، أو نحره (8) وصرفه في وجوهه (9)
في موضع عجزه (10)، (ولو لم يوجد) فيه (11) مستحق (أعلمه علاقة
الصدقة) بأن يغمس نعله في دمه، ويضرب بها (12) صفحة سنامه (13)
301

أو يكتب رقعة ويضعها عنده يؤذن (1) بأنه هدي، ويجوز التعويل عليها (2)
هنا في الحكم بالتذكية، وإباحة الأكل، للنص (3). وتسقط النية (4)
المقارنة لتناول المستحق. ولا تجب الإقامة عنده (5) إلى أن يوجد (6)
وإن أمكنت.
(ويجوز بيعه لو انكسر) كسرا يمنع (7) وصوله، (والصدقة بثمنه)
ووجوب (8) ذبحه في محله مشروط بإمكانه، وقد تعذر فيسقط والفارق
بين عجزه وكسره في وجوب ذبحه (8)، وبيعه (10) النص (11).
302

(ولو ضل فذبحه الواجد) عن صاحبه في محله (1) (أجزأ) عنه (2)
للنص (3). أما لو ذبحه في غيره (4)، أو عن غيره (5)، أو لا بنيته (6)
لم يجز، (ولا يجزي ذبح هدي التمتع) من غير صاحبه لو ضل، (لعدم
التعيين) للذبح، إذ يجوز لصاحبه إبداله قبل الذبح، بخلاف هدي القران
فإنه يتعين ذبحه بالإشعار، أو التقليد، وهذا هو المشهور.
والأقوى وهو الذي اختاره في الدروس الإجزاء (7)، لدلالة
الأخبار (8) الصحيحة عليه. وحينئذ (9) فيسقط الأكل منه، ويصرف
في الجهتين الأخريين، ويستحب لواجده تعريفه قبل الذبح وبعده ما دام
وقت الذبح باقيا، ليدفع عن صاحبه غرامة الإبدال (10).
303

(ومحله) أي محل ذبح هدي القران (مكة إن قربه (1)) بإحرام
(العمرة، ومنى (2) إن قرنه بالحج) ويجب فيه (3) ما يجب في هدي
التمتع على الأقوى. وقيل: الواجب ذبحه خاصة (4) إن لم يكن منذور
الصدقة، وجزم به (5) المصنف في الدروس، ثم جعل الأول (6) قريبا
وعبارته هنا تشعر بالثاني (7)، لأنه جعل الواجب الذبح وأطلق (8).
(ويجزي الهدي الواجب عن الأضحية) بضم الهمزة وكسرها
وتشديد الياء المفتوحة فيهما. وهي ما يذبح يوم عيد الأضحى تبرعا وهي
مستحبة استحبابا مؤكدا، بل قيل: بوجوبها على القادر، وروي (9)
استحباب الاقتراض لها وأنه دين مقضي، فإن وجب على المكلف هدي
أجزأ عنها (10) (والجمع) بينهما (أفضل) وشرائطها وسننها كالهدي.
304

(ويستحب التضحية بما يشتريه) وما في حكمه (1)، (ويكره بما يربيه)
للنهي عنه (2)، ولأنه يورث القسوة، (وأيامها) أي أيام الأضحية (بمنى
أربعة أولها النحر، وبالأمصار) وإن كان بمكة (ثلاثة) أولها النحر
كذلك (3). وأول وقتها من يوم النحر طلوع الشمس ومضي قدر صلاة
العيد والخطبتين بعده (4) ولو فاتت لم تقض، إلا أن تكون واجبة بنذر
وشبهه (5) (ولو تعذرت (6) تصدق بثمنها (7)) إن اتفق (8) في الأثمان
ما يجزي منها (9)، أو ما يريد إخراجه (10).
305

(فإن اختلفت (1)، فثمن موزع عليها (2)) بمعنى إخراج قيمة منسوبة إلى القيم
المختلفة بالسوية فمن الاثنين النصف، ومن الثلاث الثلث. وهكذا. فلو كان قيمة
بعضها مائة، وبعضها مائة وخمسين تصدق بمائة وخمسة وعشرين، ولو كانت
ثالثة بخمسين تصدق بمائة. ولا يبعد قيام (3) مجموع القيمة مقام
306

بعضها لو كانت (1) موجودة، وروي (2) استحباب الصدقة بأكثرها
وقيل: الصدقة (3) بالجميع أفضل، فلا إشكال حينئذ (4) في القيمة
(ويكره أخذ شئ من جلودها (5) وإعطاؤها (6) الجزار) أجرة.
أما صدقة إذا اتصف بها (7) فلا بأس، وكذا حكم جلالها (8) وقلائدها
تأسيا (9) بالنبي صلى الله عليه وآله، وكذا يكره بيعها وشبهه (10)
(بل يتصدق بها) (11) وروي (12) جعله (13) مصلى ينتفع به في البيت (14).
(وأما الحلق فيتخير بينه وبين التقصير، والحلق أفضل) الفردين
307

الواجبين تخييرا (خصوصا للملبد) (1) شعره وتلبيده هو أن يأخذ
عسلا وصمغا (2) ويجعله في رأسه، لئلا يقمل أو يتسخ (3) (والصرورة)
وقيل: لا يجزئهما إلا الحلق، للأخبار (4) الدالة عليه، وحملت على الندب
جمعا (5) (ويتعين على المرأة التقصير) فلا يجزئها الحلق، حتى لو نذرته
لغا، كما لا يجزي (6) الرجل في عمرة التمتع وإن نذره (7)، ويجب
فيه (8) النية المشتملة على قصد التحلل من النسك المخصوص متقربا،
ويجزي مسماه كما مر (9)، (ولو تعذر) فعله (في منى) في وقته (فعل
بغيرها (10)) وجوبا، (وبعث بالشعر إليها (11) ليدفن) فيها (مستحبا)
فيهما (12) من غير تلازم، فلو اقتصر على أحدهما تأدت سنته خاصة.
308

(ويمر فاقد الشعر الموسى (1) على رأسه) مستحبا إن وجد ما يقصر
منه غيره (2)، وإلا (3) وجوبا، ولا يجزي الإمرار مع إمكان التقصير
لأنه (4) بدل عن الحلق اضطراري، والتقصير قسيم اختياري، ولا يعقل
إجزاء الاضطراري مع القدرة على الاختياري. وربما قيل: بوجوب الإمرار
على من حلق في إحرام العمرة وإن وجب عليه التقصير من غيره لتقصيره
بفعل المحرم (5).
(ويجب تقديم مناسك منى) الثلاثة (6) (على طواف الحج فلو
أخرها (7)) عنه (8) (عامدا فشاة، ولا شئ على الناسي، ويعيد الطواف)
كل منهما العامد اتفاقا، والناسي على الأقوى. وفي إلحاق الجاهل بالعامد
والناسي قولان، أجودهما الثاني في نفي الكفارة، ووجوب الإعادة (9)،
309

وإن فارقه (1) في التقصير، ولو قدم السعي (2) أعاده (3) أيضا على الأقوى
ولو قدم الطواف أو هما (4) على التقصير فكذلك (5)، ولو قدمه (6)
على الذبح، أو الرمي ففي إلحاقه (7) بتقديمه (8) على التقصير خاصة
وجهان (9). أجودهما ذلك (10). هذا كله في غير ما استثني سابقا
من تقديم المتمتع لهما (11) اضطرارا وقسيميه (12) مطلقا (13).
(وبالحلق) بعد الرمي والذبح (يتحلل) من كل ما حرم الإحرام،
310

(إلا من النساء والطيب والصيد) ولو قدمه (1) عليهما. أو وسطه (2)
بينهما (3)، ففي تحلله (4) به (5) أو توقفه (6) على الثلاثة (7) قولان،
أجودهما الثاني (8)، (فإذا طاف) طواف الحج، (وسعى) سعيه (حل
الطيب)، وقيل: يحل بالطواف خاصة (9)، والأول (10) أقوى
للخبر (11) الصحيح.
هذا إذا أخر الطواف والسعي عن الوقوفين (12). أما لو قدمهما (13)
على أحد الوجهين (14) ففي حله (15) من حين فعلهما (16)، أو توقفه (17)
311

على أفعال منى وجهان (1). وقطع المصنف في الدروس بالثاني (2)،
وبقي من المحرمات النساء والصيد (فإذا طاف للنساء حللن له) إن كان
رجلا، ولو كان صبيا فالظاهر أنه كذلك (3) من حيث الخطاب الوضعي (4)
وإن لم يحرمن عليه حينئذ فيحرمن بعد البلوغ بدونه إلى أن يأتي (5)
به (6).
وأما المرأة فلا إشكال في تحريم الرجال عليها بالإحرام، وإنما الشك
في المحلل (7). والأقوى أنها كالرجل، ولو قدم طواف النساء على الوقوفين
ففي حلهن به، أو توقفه على بقية المناسك الوجهان (8)، ولا يتوقف المحلل
على صلاة الطواف عملا بالإطلاق (9)، وبقي حكم الصيد غير معلوم من العبارة
312

وكثير (1) من غيرها (2) والأقوى حل الإحرامي منه (3) بطواف النساء.
(ويكره له لبس المخيط قبل طواف الزيارة) وهو طواف الحج،
وقبل السعي أيضا، وكذا يكره تغطية الرأس، والطيب حتى يطوف للنساء.
(القول في العود إلى مكة للطوافين (4) والسعي - يستحب تعجيل
العود من يوم النحر) متى فرغ من مناسك منى (إلى مكة) ليومه، (5)
(ويجوز تأخيره (6) إلى الغد، ثم يأثم المتمتع) إن أخره (7) (بعده (8))
في المشهور. أما القارن والمفرد فيجوز لهما تأخيرهما (9) طول ذي الحجة لا عنه (10)، (وقيل: لا إثم) على المتمتع في تأخيره (11) عن الغد،
(ويجزئ طول ذي الحجة) كقسيميه (12). وهو الأقوى لدلالة الأخبار (13)
313

الصحيحة عليه (1)، واختاره المصنف في الدروس وعلى القول بالمنع
لا يقدح التأخير في الصحة وإن أثم.
(وكيفية الجميع (2) كما مر (3)) في الواجبات (4) والمندوبات،
حتى في سنن دخول مكة من الغسل، والدعاء، وغير ذلك (5) ويجزي
الغسل بمنى، بل غسل النهار ليومه (6)، و الليل لليلته (7) ما لم يحدث
فيعيده (8) (غير أنه هنا (9) ينوي بها) أي بهذه المناسك (الحج) أي
كونها (10) مناسكه، فينوي طواف حج الإسلام حج التمتع، أو غيرهما (11)
من الإفراد (12)، مراعيا للترتيب، فيبدأ بطواف الحج، ثم بركعتيه،
314

ثم السعي، ثم طواف النساء، ثم ركعتيه.
(القول في العود إلى منى - ويجب بعد قضاء مناسكه بمنى العود
إليها) هكذا الموجود في النسخ.
والظاهر أن يقال: بعد قضاء مناسكه بمكة العود إلى منى، لأن
مناسك مكة متخللة بين مناسك منى أولا وآخرا. ولا يحسن تخصيص
مناسك منى مع أن بعدها ما هو أقوى، وما ذكرناه (1) عبارة الدروس
وغيرها، والأمر سهل. وكيف كان فيجب العود إلى منى إن كان خرج
منها (للمبيت بها ليلا) ليلتين، أو ثلاثا كما سيأتي تفصيله (2)، مقرونا
بالنية المشتملة على قصده في النسك المعين بالقربة بعد تحقق الغروب،
ولو تركها (4) ففي كونه كمن لم يبت (4)، أو يأثم خاصة مع التعمد
وجهان: من (5) تعليق وجوب الشاة على من لم يبت، وهو حاصل بدون
النية، ومن (6) عدم الاعتداد به شرعا بدونها، (ورمي الجمرات الثلاث
نهارا) في كل يوم يجب مبيت ليلته.
(ولو بات بغيرها فعن كل ليلة شاة،) ومقتضى الإطلاق عدم الفرق
315

بين المختار، والمضطر في وجوب الفدية، وهو ظاهر الفتوى والنص (1)،
وإن جاز خروج المضطر منها لمانع خاص، أو عام، أو حاجة، أو حفظ
مال، أو تمريض (2) مريض، ويحتمل سقوط الفدية عنه (3)، وربما بني
الوجهان (4) على أن الشاة هل هي كفارة (5)، أو فدية (6) وجبران (7)
فتسقط على الأول (8) دون الثاني (9)، أما الرعاة وأهل سقاية العباس (10).
316

فقد رخص (1) لهم في ترك المبيت من غير فدية.
ولا فرق في وجوبها (2) بين مبيته بغيرها (3) لعبادة وغيرها (إلا أن
يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة) الواجبة، أو المندوبة مع استيعابه الليلة بها (4)
إلا ما يضطر إليه من أكل، وشرب، وقضاء حاجة، ونوم يغلب عليه
ومن أهم العبادة الاشتغال بالطواف والسعي، لكن لو فرغ منهما قبل الفجر
وجب عليه إكمالها (5) بما شاء من العبادة. وفي جواز رجوعه بعده (6)
317

إلى منى ليلا نظر: من (1) استلزامه فوات جزء من الليل بغير أحد
الوصفين، أعني المبيت بمنى وبمكة متعبدا، ومن (2) أنه تشاغل بالواجب
ويظهر من الدروس جوازه (3) وإن (4) علم أن لا يدرك منى إلا بعد
انتصاف الليل.
ويشكل بأن مطلق التشاغل بالواجب غير مجوز (5).
(ويكفي) في وجوب المبيت بمنى (أن يتجاوز) الكون بها (نصف
الليل) فله الخروج بعده منها ولو إلى مكة (6)، (ويجب في الرمي الترتيب)
بين الجمرات الثلاث (يبدأ بالأولى) وهي أقربها إلى المشعر تلي مسجد
الخيف (ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، ولو نكس (7)) فقدم مؤخرا (8)
(عامدا) كان، (أو ناسيا) بطل رميه أي مجموعه من حيث هو مجموع (9)
318

وأما رمي الأولى (1) فإنه صحيح. وإن تأخرت، لصيرورتها أولا، فيعيد
على ما يحصل معه الترتيب. فإن كان النكس محضا كما هو الظاهر (2)
أعاد على الوسطى (3) وجمرة العقبة وهكذا (4).
(ويحصل الترتيب بأربع حصيات) بمعنى أنه إذا رمى الجمرة
بأربع وانتقل إلى ما بعدها صح، وأكمل الناقصة (5) بعد ذلك (6)،
وإن كان (7) أقل من أربع استأنف التالية (8) وفي الناقصة (9) وجهان (10)
أجودهما الاستئناف أيضا (11)، وكذا لو رمى الأخيرة دون أربع، ثم
319

قطعه (1)، لوجوب الولاء.
هذا كله مع الجهل، أو النسيان، أما مع العمد فيجب إعادة
ما بعد التي لم تكمل مطلقا (2)، للنهي (3) عن الاشتغال بغيرها (4) قبل
إكمالها وإعادتها (5) إن لم تبلغ الأربع، وإلا (6) بنى عليها واستأنف الباقي
ويظهر من العبارة (7) عدم الفرق (8) بين العامد وغيره، وبالتفصيل (9)
قطع في الدروس.
(ولو نسي) رمي (جمرة أعاد على الجميع، إن لم تتعين (10))،
لجواز كونها (11) الأولى فتبطل الأخيرتان (12)، (ولو نسي حصاة) واحدة
320

واشتبه الناقص (1) من الجمرات (رماها (2) على الجميع (3))، لحصول (4)
الترتيب بإكمال الأربع، وكذا لو نسي اثنتين وثلاثا، ولا يجب الترتيب
هنا (5)، لأن الفائت من واحدة، ووجوب الباقي من باب المقدمة،
كوجوب ثلاث فرائض (6) عن واحدة مشتبهة من الخمس
. نعم لو فاته من كل جمرة واحدة، أو اثنتان، أو ثلاث وجب الترتيب
لتعدد (7) الرمي بالأصالة، ولو فاته ما دون أربع (8) وشك في كونه
من واحدة، أو اثنتين، أو ثلاث وجب رمي ما يحصل معه يقين البراءة
321

مرتبا لجواز (1) التعدد، ولو شك في أربع كذلك (2) استأنف الجميع.
(ويستحب رمي) الجمرة (الأولى عن يمينه) أي يمين الرامي
ويسارها (3) بالإضافة إلى المستقبل (4)، (والدعاء) حالة الرمي وقبله
بالمأثور (5)، (والوقوف عندها) بعد الفراغ من الرمي، مستقبل القبلة،
حامدا مصليا داعيا سائلا القبول، (وكذا الثانية) يستحب رميها عن يمينه
ويسارها، واقفا بعده كذلك (6)، (ولا يقف عند الثالثة) وهي جمرة
العقبة مستحبا (7)، ولو وقف لغرض فلا بأس.
(وإذا بات بمنى ليلتين جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال)،
لا قبله (إن كان قد اتقي الصيد والنساء) في إحرام الحج قطعا، وإحرام
العمرة أيضا إن كان الحج تمتعا على الأقوى (8). والمراد باتقاء الصيد
322

عدم قتله، وباتقاء النساء عدم جماعهن، وفي إلحاق مقدماته (1) وباقي
المحرمات المتعلقة بهن كالعقد (2) وجه (3). وهل يفرق فيه بين العامد
وغيره أوجه ثالثها (4) الفرق بين الصيد والنساء، لثبوت الكفارة فيه (5)
مطلقا (6)، دون غيره، (ولم تغرب عليه الشمس ليلة الثالث عشر بمنى).
(وإلا) يجتمع الأمران الاتقاء، وعدم الغروب، سواء انتفيا،
أم أحدهما (وجب المبيت ليلة الثالث عشر بمنى)، ولا فرق مع غروبها
عليه بين من تأهب للخروج قبله فغربت عليه قبل أن يخرج، وغيره،
ولا بين من خرج (7) ولم يتجاوز حدودها حتى غربت، وغيره (8).
نعم لو خرج منها قبله ثم رجع بعده (9) لغرض كأخذ شئ نسيه لم يجب
323

المبيت، وكذا لو عاد لتدارك واجب (1) بها، ولو رجع قبل الغروب
لذلك (2) فغربت عليه بها ففي وجوب المبيت قولان أجودهما ذلك (3).
(و) حيث وجب مبيت ليلة الثالث عشر وجب (رمي الجمرات) الثلاث
(فيه (4)، ثم ينفر في الثالث عشر، ويجوز قبل الزوال بعد الرمي).
(ووقته) أي وقت الرمي (من طلوع الشمس إلى غروبها) في المشهور
وقيل: أوله الفجر، وأفضله عند الزوال (ويرمي المعذور) كالخائف (5)
والمريض والمرأة والراعي (ليلا، ويقضي الرمي لو فات) في بعض الأيام
(مقدما على الأداء) في تاليه، حتى لوفاته رمي يومين قدم الأول (6)
على الثاني (7)، وختم بالأداء، وفي اعتبار وقت الرمي في القضاء قولان
أجودهما ذلك (8)، وتجب نية القضاء فيه. والأولى الأداء فيه (9) في وقته
والفرق (10) وقوع ما في ذمته أولا على وجهين،
324

دون الثاني (1).
(ولو رحل) من منى (قبله) أي قبل الرمي أداء وقضاء (رجع له)
في أيامه (2)، (فإن تعذر) عليه العود (استناب فيه (3) في وقته (4)
فإن فات استناب (في القابل (5)) وجوبا إن لم يحضر، وإلا وجبت
المباشرة. (ويستحب النفر في الأخير (6)) لمن لم يجب عليه والعود إلى مكة
لطواف الوداع (7) استحبابا مؤكدا، وليس واجبا عندنا (7) ووقته (9)
عند إرادة الخروج بحيث لا يمكث بعده إلا مشغولا بأسبابه. فلو زاد
عنه (10) أعاده، ولو نسيه حتى خرج استحب العود له (11)، وإن بلغ
325

المسافة (1) من غير إحرام، إلا أن يمضي له شهر، ولا وداع للمجاور.
ويستحب الغسل لدخولها، (والدخول من باب بني شيبة)، والدعاء
كما مر (2).
(ودخول الكعبة) فقد روي (3) أن دخولها دخول في رحمة الله
والخروج منها خروج من الذنوب وعصمة فيما بقي من العمر، وغفران
لما سلف من الذنوب، (خصوصا للصرورة (4))، وليدخلها بالسكينة
والوقار، آخذا بحلقتي الباب عند الدخول.
(والصلاة بين الأسطوانتين) اللتين تليان الباب (5) (على الرخامة
الحمراء).
ويستحب أن يقرأ في أولى الركعتين الحمد وحم السجدة (6)،
وفي الثانية بعدد آيها (7) وهي ثلاث أو أربع وخمسون
(و) الصلاة (في زواياها) الأربع، في كل زاوية ركعتين تأسيا (8)
بالنبي صلى الله عليه وآله، (واستلامها) أي الزوايا، (والدعاء (9)،
326

والقيام بين ركني الغربي واليماني، رافعا يديه، ملصقا به (1)، ثم كذلك (2)
في الركن اليماني، ثم الغربي، ثم الركنين الآخرين، ثم يعود إلى الرخامة
الحمراء فيقف عليها ويرفع رأسه إلى السماء ويطيل الدعاء، ويبالغ
في الخشوع، وحضور القلب.
(والدعاء عند الحطيم (3)) سمي به، لازدحام الناس عنده للدعاء
327

واستلام الحجر، فيحطم بعضهم بعضا، أو لانحطام الذنوب عنده، فهو
فعيل بمعنى فاعل، أو لتوبة الله فيه على آدم، فانحطمت ذنوبه، (وهو
أشرف البقاع) على وجه الأرض على ما ورد في الخبر عن زين العابدين
وولده الباقر عليهما السلام (1)، (وهو ما بين الباب والحجر) الأسود،
ويلي الحطيم في الفضل عند المقام (2)، ثم الحجر، ثم ما دنى من البيت (3).
(واستلام الأركان (4)) كلها، (والمستجار (5)، وإتيان زمزم
والشرب منها)، والامتلاء. فقد قال النبي صلى الله عليه وآله: ماء زمزم
328

لما شرب له (1) فينبغي شربه للمهمات الدينية، والدنيوية. فقد فعله
جماعة من الأعاظم لمطالب مهمة فنالوها، وأهمها طلب رضى الله والقرب
منه، والزلفى (2) لديه، ويستحب مع ذلك (3) حمله، وإهداؤه.
(والخروج من باب الحناطين) سمي بذلك لبيع الحنطة عنده،
أو الحنوط (4). وهو باب بنى جمع (5) بإزاء الركن الشامي، داخل
في المسجد كغيره، ويخرج من الباب المسامت له (6) مارا من عند الأساطين
إليه (7) على الاستقامة ليظفر به (8).
(والصدقة بتمر يشتريه بدرهم) شرعي، ويجعلها قبضة قبضة بالمعجمة
وعلل في الأخبار (9) بكونه كفارة لما لعله دخل عليه في حجة من حك
329

أو قملة سقطت، أو نحو ذلك. ثم إن استمر الاشتباه فهي صدقة مطلقة (1)
وإن ظهر له (2) موجب يتأدى بالصدقة فالأقوى إجزاؤها (3)، لظاهر
التعليل (4) كما في نظائره (5) ولا يقدح اختلاف الوجه (6) لابتنائه
على الظاهر، مع أنا لا نعتبره (7).
(والعزم على العود) إلى الحج، فإنه من أعظم الطاعات،
وروي (8)
330

أنه من المنشئات (1) في العمر، كما أن العزم على تركه مقرب (2)
للأجل والعذاب، ويستحب أن يضم إلى العزم سؤال الله تعالى ذلك (3)
عند الانصراف.
(ويستحب الإكثار من الصلاة بمسجد الخيف) لمن (4) كان بمنى
فقد روي (5) أنه من صلى به ماءة ركعة عدلت عبادة سبعين عاما،
ومن سبح الله فيه ماءة تسبيحة كتب له أجر عتق رقبة، ومن هلل (6)
الله فيه ماءة عدلت إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه ماءة عدلت خراج
العراقين (7) ينفق في سبيل الله، وإنما سمي خيفا، لأنه مرتفع عن الوادي،
وكل ما ارتفع عنه سمي خيفا.
331

(وخصوصا عند المنارة) التي في وسطه، (وفوقها (1) إلى القبلة
بنحو من ثلاثين ذراعا)، وكذا عن يمينها ويسارها وخلفها، روى
تحديده بذلك (2) معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام، (3)
وإن ذلك (4) مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه صلى فيه
ألف نبي، والمصنف اقتصر على الجهة الواحدة (5)، وفي الدروس أضاف
يمينها ويسارها كذلك (6)، ولا وجه للتخصيص (7). ومما يختص (8)
به (9) من الصلوات صلاة ست ركعات في أصل الصومعة (10).
(ويحرم إخراج من التجأ إلى الحرم بعد الجناية) بما يوجب حدا،
أو تعزيرا، أو قصاصا، وكذا لا يقام عليه فيه (11). (نعم يضيق
عليه في المطعم والمشرب) بأن لا يزاد منهما على ما يسد الرمق (12)
332

ببيع (1)، ولا غيره (2)، ولا يمكن من ماله زيادة على ذلك (3)،
(حتى يخرج) فيستوفى منه. (فلو جنى في الحرم قوبل) بمقتضى جنايته
(فيه)، لانتهاكه حرمة الحرم، فلا حرمة له، وألحق بعضهم به (4)
مسجد النبي - ومشاهد الأئمة عليهم السلام، وهو ضعيف المستند (5).
(الفصل السادس: في كفارات الإحرام)
اللاحقة بفعل شئ من محرماته (وفيه بحثان):
(الأول - في كفارة الصيد. ففي النعامة (6) بدنة) (7) وهي
من الإبل الأنثى (8) التي كمل سنها خمس سنين، سواء في ذلك كبير
النعامة وصغيرها، ذكرها وأنثاها، والأولى المماثلة بينهما في ذلك (9)
333

(ثم الفض) (1) أي فض ثمن البدنة لو تعذرت (على البر (2) وإطعام
ستين) مسكينا، (والفاضل) من قيمتها عن ذلك (3) (له، ولا يلزمه
الإتمام لو أعوز) (4)، ولو فضل منه (5) ما لا يبلغ مدا، أو مدين
دفعه إلى مسكين آخر وإن قل.
(ثم صيام ستين يوما) إن لم يقدر على الفض، لعدمه، أو فقره.
وظاهره عدم الفرق بين بلوغ القيمة على تقدير إمكان الفض الستين وعدمه (6)
وفي الدروس نسب ذلك إلى قول مشعرا بتمريضه. والأقوى جواز الاقتصار
على صيام قدر ما وسعت من الإطعام (7)، ولو زاد ما لا يبلغ القدر (8)
صام عنه يوما كاملا.
(ثم صيام ثمانية عشر يوما) لو عجز عن صوم الستين وما في معناها (9)
وإن قدر على صوم أزيد من الثمانية عشر، نعم لو عجز عن صومها (10)
334

وجب المقدور. والفرق (1) ورود النص (2) بوجوب الثمانية عشر لمن
عجز عن الستين الشامل لمن قدر على الأزيد فلا يجب. وأما المقدور من الثمانية
عشر فيدخل في عموم فأتوا منه ما استطعتم (3)، لعدم المعارض (4)،
ولو شرع في صوم الستين قادرا، عليها فتجدد عجزه بعد تجاوز الثمانية عشر
اقتصر على ما فعل وإن كان شهرا، مع احتمال وجوب تسعة حينئذ (5)
لأنها بدل عن الشهر المعجوز عنه.
(والمدفوع إلى المسكين) على تقدير الفض (نصف صاع) مدان
في المشهور، وقيل مد (6). وفيه قوة (7)، (وفي بقرة الوحش وحماره
بقرة أهلية) مسنة (8) فصاعدا، إلا أن ينقص سن المقتول عن سنها
335

فيكفي مماثله فيه (1)، (ثم الفض) للقيمة على البر لو تعذر، (ونصف
ما مضى) في الإطعام والصيام مع باقي الأحكام فيطعم ثلاثين، ثم يصوم
ثلاثين، ومع العجز تسعة.
(وفي الظبي والثعلب والأرنب شاة (2)، ثم الفض) المذكور لو تعذرت
الشاة، (وسدس ما مضى) فيطعم عشرة، ثم يصوم عشرة، ثم ثلاثة (3)
ومقتضى تساويها في الفض والصوم أن قيمتها لو نقصت عن عشرة لم يجب
الإكمال، ويتبعها الصوم (4). وهذا يتم في الظبي خاصة، للنص (5).
أما الآخران فألحقهما به جماعة تبعا للشيخ، ولا سند له ظاهرا. نعم ورد
فيهما (6) شاة، فمع العجز عنها (7) يرجع إلى الرواية العامة (8) بإطعام
عشرة مساكين لمن عجز عنها، ثم صيام ثلاثة. وهذا هو الأقوى،
وفي الدروس نسب مشاركتهما له إلى الثلاثة (9). وهو مشعر بالضعف.
وتظهر فائدة القولين في وجوب إكمال إطعام العشرة وإن لم تبلغها القيمة
336

على الثاني (1)، والاقتصار (2) في الإطعام على مد.
(وفي كسر بيض النعام لكل بيضة بكرة (3) من الإبل) وهي
الفتية (4) منها بنت المخاض (5) فصاعدا مع صدق اسم الفتى. والأقوى
إجزاء الكبر، لأن مورد النص البكارة وهي (6) جمع لبكر وبكرة
(إن تحرك الفرخ) في البيضة، (وإلا) يتحرك (أرسل فحولة (7) الإبل
في إناث) منها (بعدد البيض، فالناتج هدي) بالغ الكعبة (8)، لا كغيره
من الكفارات. ويعتبر في الأنثى صلاحية الحمل، ومشاهدة الطرق (9)،
وكفاية الفحل للإناث عادة، ولا فرق بين كسر البيضة بنفسه ودابته
ولو ظهرت فاسدة، أو الفرخ ميتا فلا شئ، ولا يجب تربية الناتج، بل
يجوز صرفه من حينه (10)، ويتخير بين صرفه في مصالح الكعبة ومعونة
الحاج كغيره من مال الكعبة (11).
337

(فإن عجز) عن الإرسال (فشاة عن البيضة) الصحيحة (1)، (ثم)
مع العجز عن الشاة (إطعام عشرة مساكين) لكل مسكين مد. وإنما أطلق (2)
لأن ذلك ضابطه حيث لا نص على الزائد، ومصرف الشاة والصدقة (3)
كغيرهما (4)، لا كالمبدل، (ثم صيام ثلاثة) أيام لو عجز عن الإطعام.
(وفي كسر كل بيضة من القطا (5) والقبج) بسكون الباء (6) وهو
الحجل (والدراج (7) من صغار الغنم إن تحرك الفرخ) في البيضة. كذا
أطلق (8) المصنف هنا وجماعة، وفي الدروس جعل في الأولين مخاضا (9)
من الغنم، أي من شأنها الحمل، ولم يذكر الثالث. والنصوص خالية
338

عن ذكر الصغير، والموجود في الصحيح منها (1) أن في بيض القطاة
بكارة (2) من الغنم، وأما المخاض فمذكور في مقطوعة (3)، والعمل
على الصحيح.
وقد تقدم أن المراد بالبكر (4) الفتي، وسيأتي أن في قتل القطا
والقبج والدراج حمل (5) مفطوم، والفتى (6) أعظم منه (7)، فيلزم
وجوب الفداء للبيض أزيد مما يجب في الأصل (8)، إلا أن يحمل الفتى
على الحمل فصاعدا، وغايته حينئذ تساويهما في الفداء. وهو سهل (9).
وأما بيض القبج والدراج فخال عن النص، ومن ثم اختلفت العبارات
فيها، ففي بعضها اختصاص موضع النص وهو بيض القطا، وفي بعض
339

ومنه الدروس إلحاق القبج، وفي ثالث إلحاق الدارج بهما، ويمكن إلحاق
القبج بالحمام في البيض، لأنه صنف منه (1).
(وإلا) يتحرك الفرخ (أرسل في الغنم بالعدد) كما تقدم (2) في النعام
(فإن عجز) عن الإرسال (فكبيض النعام). كذا أطلق الشيخ تبعا لظاهر
الرواية (3)، وتبعه الجماعة، وظاهره (4) أن في كل بيضة شاة، فإن
عجز أطعم عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام، ويشكل بأن الشاة
لا تجب في البيضة ابتداء (5)، بل إنما يجب نتاجها حين تولد (6) على تقدير
حصوله، وهو أقل من الشاة بكثير، فكيف يجب مع العجز، وفسره (7)
جماعة من المتأخرين منهم المصنف بأن المراد وجوب الأمرين الأخيرين (8)
دون الشاة.
وهذا الحكم هو الأجود، لا لما ذكروه (9)، لمنع كون الشاة أشق
340

من الإرسال (1)، بل هي أسهل على أكثر الناس، لتوقفه (2) على تحصيل
الإناث والذكور، وتحري (3) زمن الحمل ومراجعتها إلى حين النتاج،
وصرفه هديا للكعبة وهذه أمور تعسر على الحاج غالبا أضعاف الشاة،
بل لأن الشاة يجب أن تكون مجزئة هنا (4) بطريق أولى، لأنها أعلى قيمة
وأكثر منفعة من النتاج (5)، فيكون كبعض أفراد الواجب، والإرسال
أقله. ومتى تعذر الواجب انتقل إلى بدله، وهو هنا الأمران الآخران
من حيث البدل العام، لا الخاص، لقصوره (6) عن الدلالة، لأن
بدليتهما (7) عن الشاة يقتضي بدليتهما عما هو دونها قيمة بطريق أولى.
(وفي الحمامة وهي المطوقة (8) أو ما تعب (9) الماء) بالمهملة (10)
341

أي تشربه من غير مص كما تعب الدواب (1)، ولا يأخذه بمنقاره قطرة
قطرة كالدجاج والعصافير (2)،
وأو هنا يمكن كونه للتقسيم بمعنى كون كل واحد من النوعين حماما
وكونه للترديد، لاختلاف الفقهاء، وأهل اللغة في اختيار كل منهما (3)،
والمصنف في الدروس اختار الأول خاصة، واختار المحقق والعلامة الثاني
خاصة والظاهر أن التفاوت بينهما قليل، أو منتف (4)، وهو يصلح لجعل
المصنف كلا منهما معرفا (5)، وعلى كل تقدير فلا بد من إخراج القطا
والحجل من التعريف، لأن لهما كفارة معينة غير كفارة الحمام، مع مشاركتهما
له في التعريف كما صرح به جماعة.
وكفارة الحمام بأي معنى اعتبر (شاة على المحرم في الحل، ودرهم
على المحل في الحرم) على المشهور، وروي أن عليه فيه القيمة (6)، وربما
قيل: بوجوب أكثر الأمرين من الدراهم، والقيمة، أما الدرهم فللنص (7)
وأما القيمة فله (8)، أو لأنها تجب للمملوك في غير الحرم ففيه أولى.
342

والأقوى وجوب الدرهم مطلقا (1) في غير الحمام المملوك، وفيه الأمران
معا الدرهم لله، والقيمة للمالك، وكذا القول في كل مملوك بالنسبة إلى فدائه
وقيمته (2).
(ويجتمعان) الشاة والدرهم (على المحرم في الحرم)، الأول لكونه
محرما، والثاني لكونه في الحرم، والأصل عدم التداخل، خصوصا
مع اختلاف حقيقة الواجب (3).
(وفي فرخها حمل) بالتحريك من أولاد الضأن ما سنه أربعة أشهر
فصاعدا، (ونصف درهم عليه) أي على المحرم في الحرم، (ويتوزعان
على أحدهما) فيجب الأول على المحرم في الحل، والثاني على المحل
في الحرم بقرينة ما تقدم (4)، ترتيبا وواجبا، (وفي بيضها درهم وربع)
على المحرم في الحرم.
(ويتوزعان على أحدهما)، وفي بعض النسخ إحداهما فيهما (5)
أي الفاعلين، أو الحالتين فيجب درهم على المحرم في الحل، وربع على المحل
في الحرم. ولم يفرق في البيض بين كونه قبل تحرك الفرخ وبعده.
والظاهر أن مراده الأول، (6) أما الثاني (7) فحكمة حكم الفرخ
343

كما صرح به في الدروس، وإن كان إلحاقه به معا الإطلاق (1)،
لا بخلو من بعد، وكذلك لم يفرق بين الحمام المملوك وغيره، ولا بين
الحرمي وغيره.
والحق ثبوت الفرق كما صرح به في الدروس وغيره (2)، فغير
المملوك حكمة ذلك (3)، والحرمي منه (4)، يشتري بقيمته الشاملة للفداء
علفا لحمامه، وليكن قمحا للرواية (5)، والمملوك كذلك (6)، مع إذن
المالك، أو كون المتلف، وإلا وجب ما ذكر لله وقيمته السوقية للمالك.
(وفي كل واحد من القطا والحجل والدراج حمل مفطوم رعى)
قد كمل سنه أربعة أشهر، وهو قريب (7)، من صغير الغنم في فرخها،
ولا بعد في تساوي فداء الصغير والكبير كما ذكرناه (8).
وهو أولى (9) من حمل المصنف المخاض الذي اختاره، ثم على بنت
344

المخاض، أو على أن فيها (1) هنا مخاضا بطريق أولى، للإجماع (2)،
على انتفاء الأمرين.
وكذا مما قيل (3): من أن مبني شرعنا على اختلاف المتفقات،
واتفاق المختلفات، فجاز أن يثبت في الصغير زيادة على الكبير (4).
والوجه ما ذكرناه، لعدم التنافي بوجه. هذا على تقدير اختيار
صغير الغنم في الصغير كما اختاره المصنف، أو على وجوب الفتى كما اخترناه،
وحمله على الحمل وإلا بقي الإشكال (5).
(وفي كل من القنفذ والضب واليربوع جدي)
(6)، على المشهور.
وقيل: حمل فطيم (7)، والمروي (8)، الأول، وإن كان الثاني مجزء
بطريق أولى. ولعل القائل فسر به الجدي (9).
(وفي كل من القبرة) (10) بالقاف المضمومة ثم الباء المشددة بغير
345

نون بينهما، (والصعوة) وهي عصفور صغير له ذنب طويل يرمح به (1)
(والعصفور) بضم العين وهو ما دون الحمامة (2)، فيشمل الأخيرين،
وإنما جمعها تبعا للنص (3)، ويمكن أن يريد به العصفور الأهلي كما سيأتي
تفسيره به في الأطعمة، فيغايرهما (مد) من (طعام) وهو هنا (4)
ما يؤكل من الحبوب وفروعها، والتمر والزبيب وشبهها (5).
(وفي الجرادة (6) تمرة)، وتمرة خير من جرادة (7).
(وقيل كف من طعام) وهو مروي أيضا، فيتخير بينهما
جمعا (9) واختاره في الدروس، (وفي كثير الجراد شاة)، والمرجع
في الكثرة إلى العرف، ويحتمل اللغة فيكون الثلاثة كثيرا، ويجب لما
دونه (10) في كل واحدة تمرة، أو كف (11).
(ولو لم يمكن التحرز) من قتله، بأن كان على طريقه بحيث
346

لا يمكن التحرز منه إلا بمشقة كثيره لا تتحمل عادة، لا الإمكان الحقيقي (1)
(فلا شئ. وفي القملة) يلقيها عن ثوبه، أو بدنه وما أشبههما (2)،
أو يقتلها (كف) من (طعام) ولا شئ في البرغوث وإن منعنا قتله.
وجميع ما ذكر حكم المحرم في الحل، أما المحل في الحرم فعليه القيمة فيما
لم ينص على غيرها، ويجتمعان (3) على المحرم في الحرم، ولو لم يكن
له قيمة فكفارته الاستغفار.
(ولو نفر (4) حمام الحرم وعاد) إلى محله (فشاة) عن الجميع، (وإلا)
يعد (فعن كل واحدة شاة) على المشهور، ومستنده غير معلوم، وإطلاق
الحكم يشتمل مطلق التنفير وإن لم يخرج من الحرم، وقيده المصنف
في بعض تحقيقاته بما لو تجاوز الحرم، وظاهرهم أن هذا حكم المحرم
في الحرم، فلو كان محلا فمقتضى القواعد وجوب القيمة إن لم يعد،
تنزيلا له منزلة الإتلاف.
ويشكل حكمه (5) مع العود، وكذا حكم (6) المحرم لو فعل ذلك
في الحل، ولو كان المنفر (7) واحدة ففي وجوب الشاة مع عودها وعدمه
347

تساوي (1) الحالتين وهو بعيد.
ويمكن عدم وجوب شئ مع العود وقوفا فيما خالف الأصل على موضع
اليقين وهو الحمام (2)، وإن لم نجعله اسم جنس يقع على الواحدة (3).
وكذا الإشكال (4) لو عاد البعض خاصة وكان كل من الذاهب
والعائد واحدة. بل الإشكال في العائد وإن كثر، لعدم صدق عود الجميع
الموجب للشاة (5)، ولو كان المنفر (6)، جماعة ففي تعدد الفداء عليهم،
أو اشتراكهم فيه، خصوصا مع كون فعل كل واحد لا يوجب النفور
وجهان (7) وكذا (8) في إلحاق غير الحمام به، وحيث لا نص ظاهرا
ينبغي القطع بعدم اللحوق، فلو عاد فلا شئ، ولو لم يعد ففي إلحاقه
بالإتلاف نظر، لاختلاف الحقيقتين (9)، ولو شك في العدد بني على الأقل،
348

وفي العود على عدمه عملا بالأصل فيهما (1).
(ولو أغلق على حمام وفراخ وبيض فكالاتلاف، مع جهل الحال،
أو علم التلف) (2) فيضمن المحرم في الحل حمامة بشاة، والفرخ بحمل،
والبيضة بدرهم، والمحل في الحرم الحمامة بدرهم، والفرخ بنصفه، والبيضة
بربعه، ويجتمعان على من جمع الوصفين (3)، ولا فرق بين حمام الحرم
وغيره إلا على الوجه السابق (4).
(ولو باشر الإتلاف جماعة أو تسببوا) أو باشر بعض وتسبب
الباقون (فعلى كل فداء)، لأن كل واحد من الفعلين موجب له (5)،
وكذا لو باشر واحد أمورا متعددة يجب لكل منها الفداء، كما لو اصطاد
وذبح وأكل، أو كسر البيض وأكل أو دل على الصيد وأكل. ولا فرق
بين كونهم محرمين ومحلين في الحرم، والتفريق فيلزم كلا حكمه (6)،
فيجتمع على المحرم منهم في الحرم الأمران (7).
(وفي كسر قرني الغزال نصف قيمته، وفي عينيه، أو يديه،
349

أو رجليه القيمة، والواحد بالحساب) (1) ففيه (2) نصف القيمة،
ولو جمع (3) بينه وبين آخر من اثنين فتمام القيمة، وهكذا (4).
هذا هو المشهور ومستنده ضعيف (5)، وزعموا أن ضعفه منجبر
بالشهرة، وفي الدروس جزم بالحكم في العينين، و نسبه في اليدين والرجلين
إلى القيل.
والأقوى وجوب الأرش في الجميع، لأنه نقص حدث على الصيد
فيجب أرشه حيث لا معين يعتمد عليه (6).
(ولا يدخل الصيد في ملك المحرم بحيازة، ولا عقد، ولا إرث)،
ولا غيرها من الأسباب المملكة كنذره له. هذا إذا كان عنده.
أما النائي (7) فالأقوى دخوله في ملكه ابتداء اختيارا كالشراء
وغيره (8) كالإرث، وعدم (9) خروجه بالإحرام، والمرجع فيه
إلى العرف (10).
350

(ومن نتف ريشة من حمام الحرم فعليه صدقة بتلك اليد الجانية)،
وليس في العبارة أنه نتفها باليد حتى يشير إليها (1) بل هي (2) أعم،
لجواز نتفها بغيرها، والرواية (3) وردت بأنه يتصدق باليد الجانية وهي
سالمة من الإيراد (4)، ولو اتفق النتف بغير اليد جازت الصدقة كيف شاء
ويجزئ مسماها (5)، ولا تسقط (6) بنبات الريش، ولا تجزئ بغير
اليد الجانية (7).
ولو نتف أكثر من ريشة ففي الرجوع إلى الأرش عملا بالقاعدة،
أو تعدد الصدقة بتعدده وجهان (8) اختار ثانيهما المصنف في الدروس،
وهو حسن إن وقع النتف على التعاقب، وإلا فالأول أحسن إن أوجب
أرشا، وإلا تصدق بشئ، لثبوته بطريق أولى (9)، ولو نتف غير الحمامة،
أو غير الريش (10) فالأرش (11)، ولو أحدث ما لا يوجب الأرش
351

نقصا (1) ضمن أرشه، ولا يجب تسليمه باليد الجانية للأصل (2).
(وجزاؤه) أي جزاء الصيد مطلقا (3) يجب إخراجه (بمنى) إن
وقع (في إحرام الحج، وبمكة في إحرام العمرة)، ولو افتقر إلى الذبح
وجب فيهما (4) أيضا كالصدقة، ولا تجزئ الصدقة قبل الذبح، ومستحقه
الفقراء والمساكين بالحرم فعلا، أو قوة كوكيلهم فيه (5)، ولا يجوز
الأكل منه إلا بعد انتقاله إلى المستحق بإذنه، ويجوز في الإطعام التمليك
والأكل (6).
(البحث الثاني: في كفارة باقي المحرمات - في الواطئ) عامدا عالما
بالتحريم، (قبلا، أو دبرا قبل المشعر وإن وقف بعرفة) على أصح
القولين (7) (بدنة، ويتم حجه ويأتي به من قابل) فوريا إن كان الأصل
كذلك (8) (وإن كان الحج نفلا (9))، ولا فرق في ذلك بين الزوجة
والأجنبية، ولا بين الحرة والأمة، ووطء الغلام كذلك في أصح القولين (10).
352

دون الدابة في الأشهر (1).
وهل الأولى فرضه والثانية عقوبة، أو بالعكس قولان، والمروي (2)
الأول، إلا أن الرواية مقطوعة وقد تقدم (3).
وتظهر الفائدة في الأجير لتلك السنة، أو مطلقا (4)، وفي كفارة
خلف النذر وشبهه لو عينه بتلك السنة (5)، وفي المفسد (6) المصدود إذا
تحلل ثم قدر على الحج لسنته، أو غيرها.
(وعليها مطاوعة مثله (7)) كفارة وقضاء. واحترزنا بالعالم العامد
عن الناسي ولو للحكم، والجاهل (8) فلا شئ عليهما. وكان عليه تقييده (9)
وإن أمكن إخراج الناسي من حيث عدم كونه محرما في حقه، أما الجاهل
353

فآثم (1).
(ويفترقان (2) إذا بلغا موضع الحطيئة بمصاحبة ثالث) محترم (3)
(في) حج (القضاء) إلى آخر المناسك.
(وقيل): يفترقان (في الفاسد أيضا) من موضع الخطيئة إلى تمام
مناسكه وهو قوي مروي (4) وبه قطع المصنف في الدروس، ولو حجا
في القابل على غير تلك الطريق فلا تفريق، وإن وصل (5) إلى موضع
يتفق فيه الطريقان كعرفة، مع احتمال وجوب التفريق في المتفق منه،
ولو توقفت مصاحبة الثالث على أجرة، أو نفقة وجبت عليهما.
(ولو كان مكرها) لها (تحمل عنها البدنة لا غير) أي لا يجب عليه
القضاء عنها، لعدم فساد حجها بالإكراه، كما لا يفسد حجه لو أكرهته
وفي تحملها عنه البدنة (6)، وتحمل الأجنبي (7) لو أكرههما وجهان (8)
أقربهما العدم، للأصل، ولو تكرر الجماع بعد الإفساد تكررت البدنة
لا غير، سواء كفر عن الأول أم لا. نعم لو جامع في القضاء (9) لزمه
354

ما لزمه أولا، سواء جعلناها فرضه أم عقوبة، وكذا القول في قضاء القضاء.
(ويجب (1) البدنة) من دون الإفساد بالجماع (بعد المشعر إلى أربعة
أشواط من طواف النساء. والأولى) بل الأقوى (2) (بعد خمسة)
أي إلى تمام الخمسة، أما بعدها فلا خلاف في عدم وجوب البدنة. وجعله
الحكم أولى يدل على اكتفائه بالأربعة في سقوطها (3)، وفي الدروس قطع
باعتبار الخمسة، ونسب اعتبار الأربعة إلى الشيخ، والرواية (4)، وهي
ضعيفة. نعم يكفي الأربعة في البناء عليه (5) وإن وجبت (6) الكفارة،
ولو كان قبل إكمال الأربعة فلا خلاف في وجوبها.
(ولكن لو كان قبل طواف الزيارة) أي قبل إكماله وإن بقي منه
خطوة، (وعجز عن البدنة تخير بينها وبين بقرة، أو شاة). لا وجه
للتخيير بين البدنة وغيرها بعد العجز عنها، فكان الأولى أنه مع العجز
عنها يجب بقرة أو شاة، وفي الدروس أوجب فيه بدنة، فإن عجز فشاة
وغيره (7) خير بين البقرة والشاة، والنصوص خالية عن هذا التفصيل (8)
لكنه مشهور في الجملة على اختلاف ترتيبه (9).
355

وإنما أطلق (1) في بعضها الجزور، وفي بعضها الشاة.
(ولو جامع أمته المحرمة بإذنه محلا فعليه بدنة، أو بقرة، أو شاة،
فإن عجز عن البدنة والبقرة فشاة، أو صيام ثلاثة أيام) هكذا وردت
الرواية (2) وأفتى بها الأصحاب، وهي شاملة بإطلاقها ما لو أكرهها،
أو طاوعته، لكن مع مطاوعتها يجب عليها الكفارة أيضا بدنة، وصامت
عوضها ثمانية عشر يوما مع علمها بالتحريم، وإلا فلا شئ عليها.
والمراد بإعساره (3) الموجب للشاة، أو الصيام إعساره عن البدنة
والبقرة، ولم يقيد في الرواية (4) والفتوى الجماع بوقت فيشمل سائر (5)
أوقات إحرامهما التي يحرم الجماع بالنسبة إليه (6)، أما بالنسبة إليها فيختلف
الحكم كالسابق، فلو كان قبل الوقوف بالمشعر فسد حجها مع المطاوعة
والعلم، واحترز بالمحرمة بإذنه عما لو فعلته بغيره، فإنه يلغو فلا شئ عليهما
ولا يلحق بها الغلام المحرم بإذنه وإن كان أفحش (7)، لعدم النص،
وجواز اختصاص الفاحش (8) بعدم الكفارة عقوبة كسقوطها عن معاود
الصيد عمدا للانتقام.
356

(ولو نظر إلى أجنبية فأمنى) من غير قصد له ولا عادة (1) (فبدنة
للموسر (2)) أي عليه، (وبقرة للمتوسط، وشاة للمعسر)، والمرجع
في المفهومات الثلاثة إلى العرف.
وقيل: ينزل ذلك على الترتيب فتجب (3) البدنة على القادر عليها
فإن عجز عنها فالبقرة، فإن عجز عنها فالشاة، وبه قطع في الدروس،
والرواية (4) تدل على الأول، وفيها أن الكفارة للنظر، لا للإمناء (5)،
ولو قصده (6)، أو كان من عادته فكالمستمني وسيأتي (7).
(ولو نظر إلى زوجته بشهوة فأمنى فبدنة)، وفي الدروس جزور.
والظاهر إجزاؤهما (8)، (وبغير شهوة لا شئ) وإن أمنى، ما لم يقصده
أو يعتده (9)، (ولو مسها فشاة إن كان بشهوة وإن لم يمن، وبغير شهوة
لا شئ) وإن أمنى، ما لم يحصل أحد الوصفين (10)، (وفي تقبيلها بشهوة
جزور) أنزل، أم لا، ولو طاوعته فعليها مثله، (وبغيرها) أي بغير
357

شهوة (شاة) أنزل، أم لا، مع عدم الوصفين (1).
(ولو أمنى بالاستمناء، أو بغيره من الأسباب التي تصدر (2) عنه (3)
فبدنة).
وهل يفسد به الحج مع تعمده والعلم بتحريمه قيل: نعم، وهو
المروي (4) من غير معارض. وينبغي تقييده بموضع يفسده الجماع (5)
ويستثنى من الأسباب التي عممها ما تقدم (6) من المواضع التي لا توجب
البدنة بالإمناء وهي كثيرة.
(ولو عقد المحرم (7)، أو المحل لمحرم على امرأة فدخل فعلى كل
منهما) أي من العاقد والمحرم المعقود له (بدنة)، والحكم بذلك مشهور،
بل كثير منهم لا ينقل فيه خلافا. ومستنده رواية سماعة (8)، وموضع
الشك وجوبها على العاقد المحل (9)، وتضمنت أيضا وجوب الكفارة
على المرأة المحلة مع علمها بإحرام الزوج.
وفيه إشكال (10)، لكن هنا قطع المصنف في الدروس بعدم
358

الوجوب عليها.
وفي الفرق نظر (1)، وذهب جماعة إلى عدم وجوب شئ على المحل
فيهما سوى الإثم، استنادا إلى الأصل، وضعف مستند الوجوب أو بحمله
على الاستحباب، والعمل بالمشهور أحوط. نعم لو كان الثلاثة محرمين
وجبت على الجميع، ولو كان العاقد والمرأة محرمين خاصة وجبت الكفارة
على المرأة مع الدخول، والعلم بسببه، لا بسبب العقد وفي وجوبها على العاقد
الإشكال (2)، وكذا الزوج (3).
(والعمرة المفردة إذا أفسدها) بالجماع قبل إكمال سعيها، أو غيره (4)
(قضاها في الشهر الداخل (5)، بناء على أنه الزمان بين العمرتين)،
ولو جعلناه عشرة أيام اعتبر بعدها. وعلى الأقوى من عدم تحديد وقت
بينهما يجوز قضاؤها معجلا بعد إتمامها، وإن كان الأفضل التأخير وسيأتي
ترجيح المصنف عدم التحديد (6).
(وفي لبس المخيط وما في حكمه (7) شاة) وإن اضطر، (وكذا)
359

تجب الشاة (في لبس الخفين)، أو أحدهما، (أو الشمشك) بضم
الشين وكسر الميم (1)، (أو الطيب (2)، أو حلق الشعر) وإن قل مع صدق
اسمه (3)، وكذا إزالته بنتف ونورة وغيرهما. (4)
(أو قص الأظفار) أي أظفار يديه ورجليه جميعا (في مجلس،
أو يديه) خاصة في مجلس، (أو رجليه) كذلك (5)، (وإلا (6) فعن
كل ظفر مد (7))، ولو كفر لما لا يبلغ الشاة ثم أكمل اليدين، أو الرجلين
لم يجب (8) الشاة، كما أنه لو كفر بشاة لأحدهما ثم أكمل الباقي في المجلس
تعددت (9) والظاهر أن بعض الظفر كالكل (10)، إلا أن يقصه في دفعات
مع اتحاد الوقت (11) عرفا فلا يتعدد فديته.
(أو قلع شجرة من الحرم صغيرة) غير ما استثني (12)، ولا فرق هنا
360

بين المحرم والمحل (1)، وفي معنى قلعها قطعها من أصلها، والمرجع
في الصغيرة والكبيرة إلى العرف والحكم بوجوب شئ للشجرة مطلقا (2)
هو المشهور، ومستنده رواية مرسلة (3).
(أو أدهن بمطيب (4))، ولو لضرورة، أما غير المطيب فلا شئ
فيه، وإن أثم، (أو قلع (5) ضرسه) مع عدم الحاجة إليه في المشهور
والرواية به مقطوعة (6)، وفي إلحاق السن (7) به وجه بعيد، وعلى القول
بالوجوب لو قلع متعددا فعن كل واحد شاة وإن اتحد المجلس، (أو نتف
إبطيه) أو حلقهما
(وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين)، أما لو نتف بعض كل منهما
فأصالة البراءة تقتضي عدم وجوب شئ، وهو مستثنى من عموم إزالة
الشعر الموجب للشاة، لعدم وجوبها لمجموعه، فالبعض أولى (8).
(أو أفتى بتقليم الظفر فأدمى المستفتي)؟ والظاهر أنه لا يشترط كون
المفتي محرما، لإطلاق النص (9)، ولا كونه مجتهدا نعم يشترط صلاحيته
361

للإفتاء بزعم المستفتي، لتحقق الوصف (1) ظاهرا، ولو تعمد المستفتي
الإدماء فلا شئ على المفتي. وفي قبول قوله في حقه نظر (2)، وقرب
المصنف في الدروس القبول، ولا شئ على المفتي في غير ذلك (3)،
للأصل مع احتماله (4).
(أو جادل) بأن حلف بإحدى الصيغتين (5)، أو مطلقا (6) (ثلاثا
صادقا) من غير ضرورة إليه كإثبات حق، أو دفع باطل يتوقف عليه (7)
ولو زاد الصادق عن ثلاث ولم يتخلل التكفير فواحدة عن الجميع. ومع
تخلله فلكل ثلاث شاة (8).
(أو واحدة كاذبا (9)، وفي اثنتين كاذبا بقرة، وفي الثلاث) فصاعدا
(بدنة) إن لم يكفر عن السابق، فلو كفر عن كل واحدة فالشاة،
أو اثنتين فالبقرة والضابط اعتبار العدد السابق (10) ابتداء، أو بعد التكفير
فللواحدة شاة، وللاثنتين بقرة، وللثلاث بدنة.
(وفي الشجرة الكبيرة عرفا بقرة) في المشهور، ويكفي فيها وفي الصغيرة
362

كون شئ منها في الحرم سواء كان أصلها أم فرعها، ولا كفارة في قلع
الحشيش وإن أثم في غير الذخر وما أنبته الآدمي، ومحل التحريم فيهما (1)
الاخضرار، أما اليابس فيجوز قطعه مطلقا (2)، لا قلعه إن كان
أصله ثابتا.
(ولو عجز عن الشاة في كفارة الصيد) التي لا نص على بدلها (3)
(فعليه إطعام عشرة مساكين) لكل مسكين مد، (فإن عجز صام ثلاثة
أيام)، وليس في الرواية (4) التي هي مستند الحكم تقييد بالصيد فتدخل (5)
الشاة الواجبة بغيره من المحرمات (6).
(ويتخير بين شاة الحلق لأذى، أو غيره (7)، وبين إطعام عشرة)
مساكين (لكل واحد مد، أو صيام ثلاثة) أيام. أما غيرها (8) فلا ينتقل
إليهما إلا مع العجز عنها، إلا في شاة وطء الأمة فيتخير بينها وبين الصيام
كما مر (9).
(وفي شعر سقط من لحيته، أو رأسه) قل أم كثر (بمسه (10)
363

كف من طعام. ولو كان في الوضوء) واجبا أم مندوبا (فلا شئ) وألحق
به المصنف في الدروس الغسل وهو خارج عن مورد النص (1)، والتعليل (2)
بأنه فعل واجب فلا يتعقبه فدية يوجب إلحاق التيمم وإزالة النجاسة بهما (3)
ولا (4) يقول به.
(وتتكرر الكفارات بتكرر الصيد عمدا أو سهوا)، أما السهو فموضع
وفاق، وأما تكرره عمدا فوجهه صدق اسمه (5) الموجب له، والانتقام
منه (6) غير مناف لها، لإمكان الجمع بينهما. والأقوى عدمه (7) واختاره
المصنف في الشرح، للنص عليه (8) صريحا في صحيحة ابن أبي عمير مفسرا
به الآية، وإن كان القول بالتكرار أحوط. وموضع الخلاف العمد بعد

(1) المائدة: الآية 95.
364

العمد، أما بعد الخطأ، أو بالعكس (1) فيتكرر قطعا، ويعتبر كونه
في إحرام واحد، أو في التمتع مطلقا (2). أما لو تعدد في غيره تكررت (3).
(وبتكرر اللبس) للمخيط (في مجالس)، فلو اتحد المجلس لم يتكرر
اتحد جنس الملبوس، أم اختلف (4)، لبسها دفعة (5)، أم على التعاقب
طال المجلس، أم قصر، (و) بتكرر (الحلق في أوقات) متكثرة عرفا
وإن اتحد المجلس، (وإلا فلا) يتكرر.
وفي الدروس جعل ضابط تكررها في الحلق، واللبس، والطيب،
والقبلة تعدد الوقت، ونقل ما هنا عن المحقق ولم يتعرض لتكرر ستر ظهر
القدم والرأس.
والأقوى في ذلك (6) كله تكررها بتكرره مطلقا (7)، مع تعاقب
الاستعمال لبسا، وطيبا، وسترا، وحلقا، وتغطية للرأس (8) وإن اتحد
الوقت والمجلس، وعدمه (9) مع إيقاعها دفعة بأن جمع من الثياب جملة
ووضعها على بدنه وإن اختلفت أصنافها.
365

(ولا كفارة على الجاهل والناسي في غير الصيد)، أما فيه فتجب
مطلقا (1)، حتى على غير المكلف بمعنى اللزوم في ماله، أو على الولي (2).
(ويجوز تخلية الإبل (3)) وغيرها من الدواب (للرعي في الحرم)،
وإنما يحرم مباشرة قطعه (4) على المكلف محرما وغيره (5).
الفصل السابع: (في الإحصار والصد) أصل الحصر (6) المنع والمراد
به هنا منع الناسك بالمرض عن نسك يفوت الحج، أو العمرة بفواته مطلقا (7)
كالموقفين (8)، أو عن النسك المحلل على تفصيل يأتي، والصد بالعدو
وما في معناه (9)، مع قدرة الناسك بحسب ذاته على الإكمال، وهما (10)
يشتركان في ثبوت أصل التحلل بهما في الجملة، ويفترقان في عموم التحلل (11)
فإن المصدود يحل له بالمحلل كلما حرمه الإحرام، والمحصر ما عدا النساء،
وفي (12) مكان ذبح هدي التحلل فالمصدود يذبحه، أو ينحره حيث وجد
366

المانع، والمحصر يبعثه إلى محله بمكة ومنى. وفي (1) إفادة الاشتراط
تعجيل التحلل للمحصر، دون المصدود، لجوازه (2) بدون الشرط.
وقد يجتمعان على المكلف بأن يمرض ويصده العدو فيتخير في أخذ
حكم ما شاء منهما، وأخذ الأخف من أحكامهما (3)، لصدق الوصفين (4)
الموجب للأخذ بالحكم، سواء عرضا دفعة، أم متعاقبين (5).
(ومتى أحصر الحاج بالمرض عن الموقفين) معا، أو عن أحدهما
مع فوات الآخر أو عن المشعر مع إدراك اضطراري عرفة خاصة، دون
العكس (6). وبالجملة متى أحصر عما يفوت بفواته الحج، (أو) أحصر
(المعتمر عن مكة)، أو عن الأفعال بها وإن دخلها (بعث) كل منهما
(ما ساقه) إن كان قد ساق هديا، (أو) بعث (هديا، أو ثمنه (7))
إن لم يكن ساق. والاجتزاء بالمسوق مطلقا (8) هو المشهور، لأنه هدي
367

مستيسر (1).
والأقوى عدم التداخل إن كان السياق واجبا ولو بالإشعار، أو التقليد
لاختلاف الأسباب (2) المقتضية لتعدد المسبب، نعم لو لم يتعين ذبحه
كفى (3)، إلا أن إطلاق هدي السياق حينئذ عليه مجاز (4). وإذا بعث
وأعد نائبه وقتا معينا (لذبحه)، أو نحره.
(فإذا بلغ الهدي محله (5)، وهي منى إن كان حاجا، ومكة إن
كان معتمرا)، ووقت المواعدة (حلق، أو قصر (6) وتحلل بنيته (7)
إلا من النساء حتى يحج) في القابل، أو يعتمر مطلقا (8) (إن كان) النسك
الذي دخل فيه (واجبا مستقرا (9)، (أو يطاف عنه للنساء (10))
مع وجوب طوافهن في ذلك النسك (11) (إن كان ندبا)، أو واجبا غير

(1) بقرة: الآية 196.
368

مستقر بأن استطاع له في عامه (1).
(ولا يسقط الهدي) الذي يتحلل به (بالاشتراط) وقت الإحرام
أن يحله حيث حبسه كما سلف (2)، (نعم له تعجيل التحلل) مع الاشتراط
من غير انتظار بلوغ الهدي محله. وهذه فائدة الاشتراط فيه (3).
وأما فائدته في المصدود فمنتفية لجواز تعجيله التحلل بدون الشرط.
وقيل: أنها سقوط الهدي، وقيل: سقوط القضاء على تقدير وجوبه بدونه
والأقوى أنه تعبد شرعي (4)، ودعاء مندوب، إذ لا دليل على ما ذكروه (5)
من الفوائد.
(ولا يبطل تحلله) الذي أوقعه بالمواعدة (لو ظهر عدم ذبح الهدي)
وقت المواعدة ولا بعده، لامتثاله المأمور المقتضي لوقوعه مجزيا يترتب
عليه أثره (6)، (ويبعثه في القابل) لفوات وقته في عام الحصر (7)،
(ولا يجب الإمساك عند بعثه (8)) عما يمسكه المحرم إلى أن يبلغ محله
(على الأقوى)، لزوال الإحرام بالتحلل السابق، والإمساك تابع له.
369

والمشهور وجوبه لصحيحة معاوية بن عمار (1)، " يبعث من قابل ويمسك
أيضا، " وفي الدروس اقتصر على المشهور. ويمكن حمل الرواية على الاستحباب
كإمساك باعث هديه من الآفاق تبرعا (2).
(ولو زال عذره التحق (3)) وجوبا وإن بعث هديه (فإن أدرك،
وإلا تحلل بعمرة) وإن ذبح أو نحر هديه على الأقوى، لأن التحلل بالهدي
مشروط بعدم التمكن من العمرة، فإذا حصل انحصر فيه (4).
ووجه العدم (5) الحكم بكونه محللا قبل التمكن وامتثال الأمر
المقتضي له (6).
(ومن صد بالعدو عما ذكرناه) عن الموقفين ومكة (7) (ولا طريق
غيره) أي غير المصدود عنه، (أو) له طريق آخر ولكن (لا نفقة له)
تبلغه، ولم يرج زوال المانع قبل خروج الوقت (ذبح هديه) المسوق،
أو غيره (8) كما تقرر (9)، (وقصر، أو حلق وتحلل حيث صد حتى
من النساء من غير تربص)، ولا انتظار طوافهن، (ولو أحصر من عمرة
التمتع فتحلل فالظاهر حل النساء أيضا)، إذ لا طواف لهن بها حتى يتوقف
370

حلهن عليه ووجه التوقف عليه (1) إطلاق الأخبار بتوقف حلهن عليه
من غير تفصيل (2).
واعلم أن المصنف وغيره أطلقوا (3) القول بتحقق الصد والحصر
بفوات الموقفين ومكة في الحج والعمرة (4)، وأطبقوا على عدم تحققه
بالمنع عن المبيت بمنى ورمي الجمار، بل يستنيب في الرمي في وقته إن أمكن
وإلا قضاه في القابل. (5) وبقي أمور (6).
منها منع الحاج عن مناسك منى يوم النحر إذا لم يمكنه الاستنابة
في الرمي والذبح (7)، وفي تحققهما به (8) نظر. من إطلاق النص (9)
وأصالة البقاء (10). أما لو أمكنه الاستنابة فيهما فعل وحلق، أو قصر مكانه
وتحلل وأتم باقي الأفعال.
371

ومنها المنع عن مكة (1) وأفعال منى (2) معا، وأولى بالجواز هنا
لو قيل به ثم (3). والأقوى تحققه هنا (4) للعموم (5).
ومنها المنع عن مكة خاصة بعد التحلل بمنى. والأقوى عدم تحققه (6)
فيبقى على إحرامه بالنسبة إلى الصيد والطيب والنساء إلى أن يأتي ببقية
الأفعال، أو يستنيب فيها حيث يجوز (7)، ويحتمل مع خروج ذي الحجة
التحلل بالهدي، لما في التأخير إلى القابل من الحرج (8).
ومنها منع المعتمر عن أفعال مكة بعد دخولها. وقد أسلفنا (9) أن
حكمه حكم المنع عن مكة، لانتفاء الغاية بمجرد الدخول (10).
ومنها الصد عن الطواف خاصة فيها وفي الحج والظاهر أنه يستنيب
فيه كالمريض مع الإمكان، وإلا بقي على إحرامه بالنسبة إلى ما يحلله (11)
إلى أن يقدر عليه، أو على الاستنابة (12).
372

ومنها الصد عن السعي خاصة، فإنه محلل في العمرة مطلقا (1)،
وفي الحج على بعض الوجوه وقد تقدم (2)، وحكمه كالطواف (3)،
واحتمل في الدروس التحلل منه (4) في العمرة،، لعدم إفادة الطواف
شيئا (5)، وكذا القول في عمرة الإفراد لو صد عن طواف النساء.
والاستنابة فيه أقوى من التحلل (6)، وهذه الفروض يمكن في الحصر
مطلقا (7)، وفي الصد إذا كان خاصا (8)، إذ لا فرق فيه (9) بين العام
والخاص بالنسبة إلى المصدود، كما لو حبس (10) بعض الحاج ولو بحق
يعجز عنه (11)، أو اتفق له في تلك المشاعر من يخافه. ولو قيل بجواز
373

الاستنابة في كل فعل يقبل النيابة حينئذ (1) كالطواف والسعي والرمي
والذبح والصلاة كان حسنا، لكن يستثنى منه ما اتفقوا على تحقق الصد
والحصر به كهذه الأفعال (2) للمعتمر.
خاتمة (تجب العمرة على المستطيع) إليها سبيلا (بشروط الحج (3))
وإن استطاع إليها خاصة، إلا أن تكون عمرة تمتع فيشترط في وجوبها
الاستطاعة لهما معا، لارتباط كل منهما بالآخر، وتجب أيضا (4) بأسبابه
الموجبة له لو اتفقت لها كالنذر وشبهه والاستئجار والإفساد، وتزيد عنه (5)
بفوات الحج بعد الإحرام، ويشتركان (6) أيضا في وجوب أحدهما
تخييرا لدخول مكة لغير المتكرر، والداخل (7) لقتال، والداخل عقيب
إحلال من إحرام، ولما يمض شهر منذ الإحلال، لا الإهلال (8).
(ويؤخرها القارن والمفرد) عن الحج مبادرا بها على الفور وجوبا
كالحج. وفي الدروس جوز تأخيرها إلى استقبال المحرم (9)، وليس منافيا
374

للفور (1)، (ولا تتعين) العمرة بالأصالة (2) (بزمان مخصوص) واجبة
ومندوبة، وإن وجب الفور بالواجبة على بعض الوجوه (3) إلا أن ذلك
ليس تعيينا للزمان. وقد يتعين زمانها بنذر وشبهه، (وهي مستحبة مع قضاء
الفريضة (4) في كل شهر) على أصح الروايات (5).
وقيل: لا حد) للمدة بين العمرتين (وهو حسن)، لأن فيه جمعا
بين الأخبار الدال بعضها على الشهر (6)، وبعضها على السنة (7)، وبعضها
على عشرة أيام بتنزيل ذلك (8) على مراتب الاستحباب.
فالأفضل الفصل بينهما بعشرة أيام، وأكمل منه بشهر، وأكثر ما ينبغي
أن يكون بينهما السنة، وفي التقييد بقضاء الفريضة إشارة إلى عدم جوازها
ندبا مع تعلقها بذمته وجوبا، لأن الاستطاعة للمفردة ندبا يقتضي الاستطاعة
وجوبا غالبا (9)،
375

ومع ذلك (1) يمكن تخلفه لمتكلفها (2) حيث يفتقر إلى مؤنة لقطع المسافة
وهي مفقودة، وكذا (3) لو استطاع إليها وإلى حجتها ولم تدخل أشهر الحج
فإنه لا يخاطب حينئذ بالواجب فكيف يمنع من المندوب، إذ لا يمكن
فعلها واجبا، إلا بعد فعل الحج. وهذا البحث كله في المفردة (4).
376

كتاب الجهاد
377

كتاب الجهاد (1)
(وهو أقسام) جهاد المشركين ابتداء. لدعائهم إلى الإسلام. وجهاد
من يدهم (2) على المسلمين من الكفار بحيث يخافون (3) استيلائهم
على بلادهم، أو أخذ مالهم وما أشبهه (4) وإن قل، وجهاد من يريد
قتل نفس محترمة، أو أخذ مال، أو سبي حريم مطلقا (5)، ومنه جهاد
الأسير (6) بين المشركين للمسلمين دافعا عن نفسه. وربما أطلق على هذا
القسم (7) الدفاع، لا الجهاد، وهو أولى، وجهاد البغاة (8) على الإمام
379

والبحث هنا عن الأول، واستطرد (1) ذكر الثاني من غير استيفاء، وذكر
الرابع في آخر الكتاب (2)، والثالث في كتاب الحدود.
(ويجب على الكفاية) بمعنى وجوبه على الجميع إلى أن يقوم به
منهم (3) من فيه الكفاية، فيسقط عن الباقين. سقوطا مراعى باستمرار
القائم به إلى أن يحصل الغرض (4) المطلوب به شرعا، وقد يتعين بأمر
الإمام عليه السلام لأحد على الخصوص وإن قام به من كان فيه كفاية
وتختلف (5) الكفاية (بحسب الحاجة) بسبب كثرة المشركين، وقلتهم،
وقوتهم وضعفهم.
(وأقله مرة في كل عام) لقوله تعالى: " فإذا انسلخ الأشهر
الحرم فاقتلوا المشركين (6) " أوجب بعد انسلاخها (7) الجهاد وجعله (8)
شرطا فيجب كلما وجد الشرط، ولا يتكرر بعد ذلك بقية العام،
لعدم إفادة مطلق الأمر (9) التكرار.
380

وفي نظر يظهر من التعليل (1) هذا (2) مع عدم الحاجة إلى الزيادة
عليها في السنة، وإلا وجب بحسبها، وعدم العجز عنها فيها، أو رؤية الإمام
عدمه صلاحا. وإلا جاز التأخير بحسبه (3).
وإنما يجب الجهاد (بشرط الإمام العادل، أو نائبه) الخاص وهو
المنصوب للجهاد، أو لما هو أعم (4)، أما العام كالفقيه فلا يجوز له توليه
حال الغيبة بالمعنى الأول (5) ولا يشترط في جوازه (6) بغيره من المعاني
(أو هجوم (7) عدو) على المسلمين (يخشى منه على بيضة الإسلام (8))
وهي أصله ومجتمعه فيجب حينئذ (9) بغير إذن الإمام (10) أو نائبه.
381

ويفهم من القيد (1) كونه كافرا، إذ لا يخشى من المسلم على الإسلام
نفسه وإن كان مبدعا، نعم لو خافوا على أنفسهم وجب عليهم الدفاع (2)
ولو خيف على بعض المسلمين وجب عليه، فإن عجز وجب على من يليه
مساعدته، فإن عجز الجميع وجب على من بعد ويتأكد على الأقرب
فالأقرب كفاية (3).
(ويشترط) في من يجب عليه الجهاد بالمعنى الأول (4) (البلوغ والعقل
والحرية والبصر والسلامة من المرض) المانع من الركوب والعدو (5)،
(والعرج) البالغ حد الإقعاد، أو الموجب لمشقة في السعي (6) لا تتحمل
عادة، وفي حكمه الشيخوخة المانعة من القيام به، (والفقر) الموجب
للعجز عن نفقته ونفقة عياله، وطريقه، وثمن سلاحه، فلا يجب على الصبي
والمجنون مطلقا (7)، ولا على العبد وإن كان مبعضا، ولا على الأعمى
وإن وجد قائدا ومطية (8)، وكذا الأعرج. وكان عليه أن يذكر
الذكورية فإنها شرط فلا يجب على المرأة.
382

هذا في الجهاد بالمعنى الأول (1)، أما الثاني (2) فيجب الدفع
على القادر، سواء الذكر والأنثى، والسليم والأعمى، والمريض والعبد،
وغيرهم (3).
(ويحرم المقام في بلد المشرك لمن لا يتمكن من إظهار شعائر الإسلام)
من الأذان، والصلاة، والصوم، وغيرها، وسمي ذلك شعارا (4)، لأنه
علامة عليه، أو من الشعار الذي هو الثوب الملاصق للبدن فاستعير للأحكام
اللاصقة اللازمة للدين.
واحترز بغير المتمكن ممن يمكنه إقامتها لقوة، أو عشيرة تمنعه (5)
فلا تجب عليه الهجرة. نعم تستحب (6) لئلا يكثر سوادهم، وإنما يحرم
المقام مع القدرة عليها (7)، فلو تعذرت لمرض، أو فقر، ونحوه (8)
فلا حرج، وألحق المصنف فيما نقل عنه ببلاد الشرك بلاد الخلاف التي
لا يتمكن فيها المؤمن من إقامة شعائر الإيمان، مع إمكان انتقاله إلى بلد
يتمكن فيه منها.
383

(وللأبوين منع الولد من الجهاد) بالمعنى الأول (1) (مع عدم التعين)
عليه بأمر الإمام له، أو بضعف المسلمين عن المقاومة بدونه إذ يجب عليه
حينئذ (2) عينا فلا يتوقف على إذنهما كغيره من الواجبات العينية (3).
وفي إلحاق الأجداد بهما قول قوي (4) فلو اجتمعوا توقف على إذن
الجميع (5)، ولا يشترط حريتهما على الأقوى (6)، وفي اشتراط إسلامهما
قولان (7) وظاهر المصنف عدمه، وكما يعتبر إذنهما فيه يعتبر في سائر
الأسفار المباحة والمندوبة والواجبة كفاية مع عدم تعينه عليه، لعدم من فيه
الكفاية (8)، ومنه (9) السفر لطلب العلم، فإن كان واجبا عينا (10)
أو كفاية (11) كتحصيل الفقه ومقدماته مع عدم قيام من فيه الكفاية،
384

وعدم إمكان تحصيله في بلدهما، وما قاربه مما لا يعد سفرا على الوجه
الذي يحصل مسافرا لم يتوقف على أذنهما، وإلا توقف، (1) (والمدين) بضم
أوله وهو مستحق الدين (يمنع) المديون (الموسر) القادر على الوفاء
(مع الحلول) حال الخروج إلى الجهاد، فلو كان معسرا أو كان الدين
مؤجلا وإن حل قبل رجوعه عادة لم يكن له المنع، مع احتماله في الأخير (2).
(والرباط (3)) وهو الأرصاد (4) في أطراف بلاد الإسلام للإعلام
بأحوال المشركين على تقدير هجومهم (مستحب) استحبابا مؤكدا (دائما)
مع حضور الإمام وغيبته، ولو وطن (5) ساكن الثغر (6) نفسه على الإعلام
والمحافظة فهو مرابط (7)، (وأقله ثلاثة أيام) فلا يستحق ثوابه ولا يدخل
في النذر، والوقف والوصية للمرابطين بإقامة (8) دون ثلاثة، ولو نذره
وأطلق (9) وجب ثلاثة بليلتين بينها، كالاعتكاف.
(وأكثره أربعون يوما) فإن زاد ألحق بالجهاد في الثواب، لا أنه
385

يخرج عن وصف الرباط (1)، (ولو أعان بفرسه، أو غلامه) لينتفع
بهما من يرابط (أثيب)، لإعانته على البر، وهو (2) في معنى الإباحة
لهما على هذا الوجه، (ولو نذرها) أي نذر المرابطة التي هي الرباط المذكور
في العبارة (3)، (أو نذر صرف مال إلى أهلها وجب الوفاء) بالنذر (4)
(وإن كان الإمام غائبا)، لأنها لا تتضمن جهادا فلا يشترط فيها حضوره
وقيل: يجوز صرف المنذور للمرابطين في البر حال الغيبة، إن لم يخف
الشنعة (5) بتركه، لعلم المخالف (6) بالنذر، ونحوه (7). وهو ضعيف (8).
وهنا فصول - الأول فيمن يجب قتاله (9)
وكيفية القتال وأحكام الذمة
(يجب قتال الحربي) وهو غير الكتابي من أصناف الكفار الذين
لا ينتسبون إلى الإسلام (10) فالكتابي لا يطلق عليه اسم الحربي، وإن كان
386

بحكمه على بعض الوجوه (1)، وكذا فرق المسلمين (2) وإن حكم بكفرهم
كالخوارج، إلا أن يبغوا (3) على الإمام فيقاتلون من حيث البغي وسيأتي
حكمهم (4)، أو على غيره (5) فيدافعون كغيرهم (6)، وإنما يجب قتال
الحربي (بعد الدعاء إلى الإسلام) بإظهار الشهادتين، والتزام جميع أحكام
الإسلام (7)، والداعي هو الإمام، أو نائبه (8). ويسقط اعتباره في حق
من عرفه بسبق دعائه في قتال آخر، أو بغيره (9)، ومن ثم غزا النبي
صلى الله عليه وآله بني المصطلق (10)، من غير إعلام واستأصلهم (11)
نعم يستحب الدعاء حينئذ كما فعل علي عليه السلام بعمرو، وغيره (12)
مع علمهم بالحال، (وامتناعه) من قبوله. فلو أظهر قبوله ولو باللسان
387

كف عنه (1).
ويجب قتال هذا القسم (حتى يسلم أو يقتل)، ولا يقبل منه
غيره (2).
(والكتابي) وهو اليهودي والنصراني والمجوسي (3) (كذلك) يقاتل
حتى يسلم أو يقتل، (إلا أن يلتزم بشرائط الذمة) فيقبل منه (وهي
بذل الجزية، والتزام أحكامنا (4)، وترك التعرض للمسلمات بالنكاح (5))
وفي حكمهن الصبيان، (وللمسلمين مطلقا) ذكورا وإناثا (بالفتنة عن دينهم
وقطع الطريق) عليهم، وسرقة أموالهم، (وإيواء (6) عين المشركين)،
وجاسوسهم، (والدلالة على عورات المسلمين) وهو ما فيه ضرر (7)
عليهم كطريق أخذهم وغيلتهم (8) ولو بالمكاتبة (9) (وإظهار المنكرات
في) شريعة (الإسلام) كأكل لحم الخنزير، وشرب الخمر، وأكل الربا
388

ونكاح المحارم (في دار الإسلام).
والأولان (1) لا بد منهما في عقد الذمة، ويخرجون بمخالفتهما عنها
مطلقا (2). وأما باقي الشروط فظاهر العبارة أنها كذلك (3) وبه صرح
في الدروس. وقيل: لا يخرجون بمخالفتها إلا مع اشتراطها عليهم
وهو الأظهر (4).
(وتقدير الجزية إلى الإمام)، ويتخير بين وضعها على رؤوسهم،
وأراضيهم، وعليهما (5) على الأقوى (6)، ولا تتقدر بما قدره علي (7)
389

عليه الصلاة والسلام، فإنه منزل على اقتضاء المصلحة في ذلك الوقت.
(وليكن) التقدير (يوم الجباية) لا قبله، لأنه أنسب بالصغار (1)،
(ويؤخذ منه صاغرا) فيه إشارة إلى أن الصغار أمر آخر غير إبهام
قدرها عليه فقيل: هو عدم تقديرها حال القبض أيضا، بل يؤخذ منه
إلى أن ينتهي إلى ما يراه صلاحا. وقيل التزام أحكامنا عليهم مع ذلك (2)
أو بدونه. وقيل: أخذها منه قائما والمسلم جالس، وزاد في التذكرة
أن يخرج الذمي يده من جيبه (3) ويحني ظهره، ويطأطئ (4) رأسه:
ويصب ما معه في كفة الميزان، ويأخذ المستوفي (5) بلحيته ويضربه في لهزمتيه
وهما مجتمع اللحم بين الماضغ (6) والأذن.
(ويبدأ بقتال الأقرب) إلى الإمام، أو من نصبه، (إلا مع الخطر
في البعيد) فيبدأ به كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحارث بن
أبي ضرار (7) لما بلغه (8) أنه يجمع له وكان بينه (9) وبينه (10) عدو
390

أقرب، وكذا فعل بخالد بن سفيان الهزلي (1). ومثله (2) ما لو كان
القريب مهادنا.
(ولا يجوز الفرار) من الحرب (إذا كان العدو ضعفا (3) للمسلم
المأمور بالثبات أي قدره مرتين، (أو أقل إلا لمتحرف لقتال) أي منتقل
إلى حالة أمكن (4) من حالته التي هو عليها كاستدبار الشمس (5) وتسوية
اللامة (6)، وطلب السعة (7)، ومورد الماء، (أو متحيز) أي منضم
(إلى فئة) يستنجد (8) بها في المعونة على القتال، قليلة كانت أم كثيرة
مع صلاحيتها له (9)، وكونها غير بعيدة على وجه يخرج عن كونه
مقاتلا عادة.
391

هذا كله للمختار أما (1) المضطر كمن عرض له مرض، أو فقد
سلاحه فإنه يجوز له الانصراف.
(ويجوز المحاربة بطريق (2) الفتح كهدم الحصون (3) والمنجنيق (4)
وقطع الشجر) حيث يتوقف عليه (وإن كره) قطع الشجر وقد قطع
النبي (5) صلى الله عليه وآله أشجار الطائف، وحرق على بني النضير،
وخرب ديارهم (6).
(وكذا يكره إرسال الماء (7)) عليهم، ومنعه عنهم، (و) إرسال
(النار، وإلقاء السم (8)) على الأقوى إلا أن يؤدي إلى قتل نفس محترمة
فيحرم، إن أمكن بدونه، أو يتوقف (9) عليه الفتح فيجب (10) ورجح
المصنف في الدروس تحريم إلقائه مطلقا (11)، لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم
392

عنه، والرواية (1) ضعيفة السند بالسكوني.
(ولا يجوز قتل الصبيان والمجانين والنساء، وإن عاونوا إلا مع الضرورة)
بأن تترسوا بهم (2)، وتوقف (3) الفتح على قتلهم، (و) كذا (لا يجوز)
قتل (الشيخ الفاني) إلا أن يعاون برأي، أو قتال، (ولا الخنثى المشكل)
لأنه بحكم المرأة في ذلك (4).
(ويقتل الراهب (5) والكبير) وهو دون الشيخ الفاني، أو هو،
واستدرك الجواز بالقيد وهو قوله: (إذا كان ذا رأي، أو قتال) وكان
يغني أحدهما عن الآخر (6).
(و) كذا (يجوز قتل الترس (7) ممن لا يقتل) كالنساء والصبيان
(ولو تترسوا بالمسلمين كف) عنهم (ما أمكن، ومع التعذر) بأن لا يمكن
التوصل إلى المشركين إلا بقتل المسلمين (فلا قود، (8) ولا دية)، للإذن
393

في قتلهم حينئذ شرعا. (نعم تجب الكفارة) وهل هي كفارة الخطأ،
أو العمد وجهان: مأخذهما كونه (1) في الأصل غير قاصد للمسلم،
وإنما مطلوبه قتل الكافر، والنظر (2) إلى صورة الواقع، فإنه متعمد
لقتله. وهو أوجه. وينبغي أن تكون من بين المال، لأنه للمصالح وهذه
من أهمها، ولأن في إيجابها على المسلم إضرارا يوجب التخاذل (3) عن الحرب
لكثير.
(ويكره التبييت) وهو النزول عليهم ليلا، (والقتال قبل الزوال)،
بل بعده (4)، لأن أبواب السماء تفتح عنده، وينزل النصر، وتقبل
الرحمة. وينبغي أن يكون بعد صلاة الظهرين، (ولو أضطر) إلى الأمرين (5)
(زالت (6). وأن يعرقب (7)) المسلم (الدابة) ولو وقفت به (8)،
أو أشرف على القتل، ولو رأى ذلك (9) صلاحا زالت كما فعل جعفر
394

بمؤنة (1). وذبحها أجود (2) وأما دابة الكافر فلا كراهة في قتلها،
كما في كل فعل يؤدي إلى ضعفه، والظفر به.
(والمبارزة (3)) بين الصفين (من دون إذن الإمام) على أصح القولين
وقيل: تحرم (4)، (وتحرم إن منع) الإمام منها، (وتجب) عينا
(إن ألزم) بها شخصا معينا، وكفاية إن أمر بها جماعة ليقوم بها واحد
منهم (5)، وتستحب إذا ندب إليها (6) من غير أمر جازم.
(وتجب مواراة المسلم المقتول (7)) في المعركة، دون الكافر (فإن
اشتبه) بالكافر (فليوارى كميش الذكر) أي صغيره (8)، لما روي
من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قتلى بدر، وقال: لا يكون
ذلك إلا في كرام الناس (9)، وقيل: يجب دفن الجميع احتياط. وهو
حسن، والقرعة وجه (10) أما الصلاة عليه فقيل: تابعة للدفن (11) وقيل:
395

يصلى على الجميع ويفر المسلم بالنية. وهو حسن.
(الفصل الثاني - في ترك القتال، ويترك)
القتال وجوبا (لأمور أحدها الأمان) وهو الكلام وما في حكمه (1)
الدال على سلامة الكافر نفسا، ومالا إجابة لسؤاله ذلك (2)، ومحله (3)
من يجب جهاده، وفاعله (4) البالغ العاقل المختار، وعقده ما دل عليه
من لفظ، وكتابة، وإشارة مفهمة (5)، ولا يشترط كونه (6) من الإمام
بل يجوز:
(ولو من آحاد المسلمين (7) لآحاد الكفار). والمراد بالآحاد العدد
اليسير. وهو هنا العشرة فما دون (8)، (أو من الإمام أو نائبه (9)) عاما
أو في الجهة التي أذم فيها (10) (للبلد) وما هو أعم منه (11)، وللآحاد
396

بطريق أولى (1).
(وشرطه) أي شرط جوازه (أن يكون قبل الأسر) إذا وقع
من الآحاد، أما من الإمام فيجوز بعده، كما يجوز له المن عليه (2)،
(وعدم المفسدة). وقيل: وجود المصلحة (3) كاستمالة الكافر ليرغب
في الإسلام، وترفيه الجند (4)، وترتيب أمورهم، وقلتهم (5)، ولينتقل
الأمر منه إلى دخولنا دارهم فنطلع على عوراتهم، ولا يجوز مع المفسدة
(كما لو أمن (6) الجاسوس فإنه لا ينفذ (7))، وكذا من فيه مضرة (8)
وحيث يختل (9) شرط الصحة يرد الكافر إلى مأمنه، كما لو دخل بشبهة
الأمان مثل أن يسمع لفظا فيعتقده أمانا، أو يصحب رفقة (10) فيظنها
كافية، أو يقال له: لا نذمك فيتوهم الإثبات (11)، ومثله الداخل
397

بسفارة (1)، أو ليسمع كلام الله (2).
(وثانيهما - النزول (3) على حكم الإمام، أو من يختاره) الإمام.
ولم يذكر شرائط المختار اتكالا على عصمته المقتضية لاختيار جامع الشرائط
وإنما يفتقر إليها من لا يشترط في الإمام ذلك (4) (فينفذ حكمه) كما أقر
النبي صلى الله عليه وآله وسلم بني قريظة (5) حين طلبوا النزول على حكم
سعد بن معاذ فحكم فيهم بقتل الرجال، وسبي الذراري، وغنيمة المال،
فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لقد حكمت بما حكم الله تعالى به من فوق
سبعة أرقعة (6). وإنما ينفذ حكمه (ما لم يخالف الشرع) بأن يحكم
بما لاحظ (7) فيه للمسلمين، أو ما ينافي حكم الذمة لأهلها (8)،
(الثالث، والرابع - الإسلام وبذل الجزية) فمتى أسلم الكافر حرم
398

قتاله مطلقا حتى لو كان بعد الأسر الموجب للتخيير بين قتله وغيره (1)،
أو بعد تحكيم الحاكم عليه، فحكم بعده بالقتل (2)، ولو كان (3) بعد حكم
الحاكم بقتله وأخذ ماله وسبي ذراريه (4) سقط القتل (5) وبقي الباقي،
وكذا (6) إذا بذل الكتابي ومن في حكمه (7) الجزية وما يعتبر معها
من شرائط الذمة. ويمكن دخوله في الجزية، لأن عقدها لا يتم إلا به
فلا يتحقق بدونه (8).
(الخامس - المهادنة) وهي المعاقدة من الإمام عليه السلام أو من نصبه
لذلك (9) مع (10) من يجوز قتاله (على ترك الحرب مدة معينة) بعوض
وغيره بحسب ما يراه الإمام قلة، (وأكثرها عشر سنين) فلا تجوز (11)
الزيادة عنها مطلقا (12)، وكما يجوز أقل من أربعة أشهر إجماعا، والمختار
399

جواز ما بينهما على حسب المصلحة (1)، (وهي جائزة مع المصلحة
للمسلمين) لقلتهم، أو رجاء إسلامهم مع الصبر، أو ما يحصل (2) به
الاستظهار. ثم مع الجواز قد تجب (3) مع حاجة المسلمين إليها وقد تباح
لمجرد المصلحة التي لا تبلغ حد الحاجة، ولو انتفت انتفت الصحة (4).
(الفصل الثالث - في الغنيمة)
وأصلها المال المكتسب والمراد هنا (5) ما أخذته الفئة المجاهدة على سبيل
الغلبة، لا باختلاس (6) وسرقة، فإنه لآخذه (7)، ولا بانجلاء (8) أهله
عنه بغير قتال، فإنه للإمام، (وتملك النساء والأطفال بالسبي) وإن كانت
الحرب قائمة (والذكور البالغون يقتلون حتما، إن أخذوا والحرب قائمة
إلا أن يسلموا) فيسقط قتلهم، ويتخير الإمام حينئذ (9) بين استرقاقهم
والمن عليهم، والفداء.
وقيل: يتعين المن عليهم هنا، لعدم جواز استرقاقهم حال الكفر
400

فمع الإسلام أولى.
وفيه أن عدم استرقاقهم حال الكفر إهانة ومصير إلى ما هو أعظم
منه (1)، لا إكرام فلا يلزم مثله بعد الإسلام (2)، ولأن الإسلام لا ينافي
الاسترقاق (3)، وحيث يجوز قتلهم يتخير الإمام تخير شهوة (4) بين
ضرب رقابهم، وقطع أيديهم، وأرجلهم، وتركهم حتى يموتوا إن اتفق
وإلا أجهز عليهم (5).
(وإن أخذوا بعد أن وضعت الحرب أوزارها (6)) أي أثقالها
من السلاح وغيره وهو كناية عن تقضيها (لم يقتلوا ويتخير الإمام) فيهم
تخير نظر ومصلحة (7) (بين المن) عليهم (والفداء) لأنفسهم بمال حسب
ما يراه من المصلحة، (والاسترقاق) حربا (8) كانوا أم كتابيين.
وحيث تعتبر (9) المصلحة لا يتحقق التخيير إلا مع اشتراك الثلاثة
فيها على السواء، وإلا تعين الراجح واحدا كان أم أكثر (10). وحيث
401

يختار الفداء، أو الاسترقاق (فيدخل ذلك (1) في الغنيمة) كما دخل
من استرق ابتداء فيها من النساء والأطفال.
(ولو عجز الأسير) الذي يجوز للإمام قتله (عن المشي لم يجز قتله (2))
لأنه لا يدري ما حكم الإمام فيه بالنسبة إلى نوع القتل، ولأن قتله إلى الإمام
وإن كان مباح الدم في الجملة (3) كالزاني المحصن (4). وحينئذ (5)
فإن أمكن حمله، وإلا ترك للخبر (6). ولو بدر مسلم فقتله فلا قصاص،
ولا دية، ولا كفارة وإن أثم، وكذا لو قتله من غير عجز (7).
(ويعتبر البلوغ بالإنبات) لتعذر العلم بغيره من العلامات غالبا (8)
وإلا فلو اتفق العلم به بها (9) كفى، وكذا يقبل إقراره بالاحتلام كغيره (10)
ولو ادعى الأسير استعجال إنباته بالدواء فالأقرب القبول، للشبهة الدارئة
للقتل (11).
402

(وما لا ينقل ولا يحول) من أموال المشركين كالأرض والمساكن
والشجر (لجميع المسلمين) سواء في ذلك المجاهدون وغيرهم، (والمنقول)
منها (بعد الجعائل (1)) التي يجعلها الإمام للمصالح كالدليل على طريق،
أو عورة وما يلحق الغنيمة (2) من مؤنة حفظ ونقل وغيرهما (3)،
(والرضخ (4)) والمراد به هنا العطاء الذي لا يبلغ سهم من يعطاه لو كان
مستحقا للسهم (5) كالمرأة والخنثى والعبد والكافر إذا عاونوا، فإن الإمام
عليه السلام يعطيهم من الغنيمة بحسب ما يراه من المصلحة بحسب حالهم
(والخمس).
ومقتضى الترتيب الذكري أن الرضخ مقدم عليه، وهو أحد
الأقوال (6) في المسألة. والأقوى أن الخمس بعد الجعائل وقبل الرضخ،
وهو اختياره في الدروس، وعطفه هنا بالواو لا ينافيه، بناء على أنها
لا تدل على الترتيب (7) (والنفل) بالتحريك (8) وأصله الزيادة والمراد
هنا زيادة الإمام لبعض الغانمين على نصيبه شيئا من الغنيمة لمصلحة،
403

كدلالة (1)، وإمارة، وسرية، وتهجم على قرن (2)، أو حصن،
وتجسس حال (3)، وغيرها (4) مما فيه نكاية (5) الكفار.
(وما يصطفيه (6) الإمام لنفسه) من فرس فارة (7)، وجارية،
وسيف، ونحوها (8) بحسب ما يختاره، والتقييد بعدم الاجحاف ساقط
عندنا (9). وقد تقدم تقديم الخمس (10) وبقي عليه تقديم السلب (11)
المشروط للقاتل وهو ثياب القتيل، والخف وآلات الحرب، كدرع،
وسلاح، ومركوب، وسرج، ولجام، وسوار (12)، ومنطقة، وخاتم،
ونفقة معه، وجنيبة (13) تقاد معه، لا حقيبة (14) مشدودة على الفرس
بما فيها من الأمتعة، والدراهم، فإذا أخر جميع ذلك (يقسم) الفاضل
404

(بين المقاتلة ومن حضر) القتال ليقاتل (1) وإن لم يقاتل (حتى الطفل)
الذكر من أولاد المقاتلين (2)، دون غيرهم ممن حضر لصنعة، أو حرفة
كالبيطار (3)، والبقال، والسائس (4)، والحافظ إذا لم يقاتلوا (5)
(المولود بعد الحيازة وقبل القسمة).
(وكذا المدد الواصل إليهم) ليقاتل معهم فلم يدرك القتال (حينئذ)
أي حين إذ يكون وصوله بعد الحيازة وقبل القسمة (للفارس سهمان)
في المشهور. وقيل: ثلاثة (6)، (والراجل) وهو من ليس له فرس
سواء كان راجلا، أم راكبا غير الفرس (سهم، ولذي الأفراس (7))
وإن كثرت (ثلاثة) أسهم، (ولو قاتلوا في السفن) ولم يحتاجوا إلى أفراسهم
لصدق الأسهم (8)، وحصول الكلفة عليهم بها.
(ولا يسهم للمخذل) وهو الذي يجبن عن القتال، ويخوف عن لقاء
الأبطال، ولو بالشبهات الواضحة، والقرائن اللائحة، فإن مثل ذلك (9)
405

ينبغي إلقائه إلى الإمام، أو الأمير إن كان فيه صلاح (1)، لا إظهاره
على الناس، (ولا المرجف (2)) وهو الذي يذكر قوة المشركين وكثرتهم
بحيث يؤدي إلى الخذلان والظاهر أنه أخص من المخذل (3)، وإذا لم يسهم
له فأولى أن لا يسهم لفرسه، (ولا للقحم (4)) بفتح القاف وسكون الحاء
وهو الكبير الهرم (والضرع) بفتح الضاد المعجمة والراء (5) وهو الصغير
الذي لا يصلح للركوب، أو الضعيف (6).
(والحطم) بفتح الحاء وكسر الطاء وهو الذي ينكث (7) من الهزال (8)
(والرازح) بالراء المهملة ثم الزاء بعد الألف ثم الحاء المهملة قال الجوهري
هو الهالك هزالا (9)، وفي مجمل ابن فارس رزح أعيي. والمراد هنا
الذي لا يقوى بصاحبه على القتال، لهزال على الأول، وإعياء على الثاني
الكائن في الأربعة (10) (من الخيل). وقيل: يسهم للجميع، لصدق
406

الاسم (1). وليس ببعيد (2).
(الفصل الرابع - في أحكام البغاة (3))
من خرج على المعصوم من الأئمة عليهم السلام)
(فهو باغ واحد كان (4)) كابن ملجم - لعنه الله -، (أو أكثر)
كأهل الجمل، وصفين (5) (يجب قتاله) إذا ندب إليه الإمام (حتى يفيئ)
أي يرجع إلى طاعة الإمام، (أو يقتل)، وقتاله (كقتال الكفار)
في وجوبه على الكفاية، ووجوب الثبات له، وباقي الأحكام السالفة،
(فذو الفئة (6) كأصحاب الجمل ومعاوية (يجهز (7) على جريحهم،
ويتبع مدبرهم (8)، ويقتل أسيرهم، وغيرهم (9)) كالخوارج (يفرقون)
407

من غير أن يتبع لهم مدبر، أو يقتل لهم أسير، أو يجهز على جريح.
ولا تسبى نساء الفريقين (1)، ولا ذراريهم في المشهور (2) ولا تملك
أموالهم التي لم يحوها العسكر (3) إجماعا وإن كانت مما ينقل ويحول،
ولا ما حواه العسكر إذا رجعوا إلى طاعة الإمام. وإنما الخلاف في قسمة
أموالهم التي حواها العسكر مع إصرارهم.
(والأصح عدم قسمة أموالهم مطلقا (4)) عملا بسيرة علي عليه السلام
في أهل البصرة، فإنه أمر برد أموالهم فأخذت حتى القدر كفاها (5)
صاحبها لما عرفها ولم يصبر على أربابها (6).
والأكثر ومنهم المصنف في خمس الدروس على قسمته، كقسمة الغنيمة
عملا بسيرة علي عليه السلام المذكورة، فإنه قسمها أولا بين المقاتلين،
ثم أمر بردها، ولولا جوازه (7) لما فعله أولا.
وظاهر الحال وفحوى الأخبار (8) أن ردها على طريق المن،
408

لا الاستحقاق كما من النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كثير من المشركين
بل ذهب بعض الأصحاب إلى جواز استرقاقهم لمفهوم قوله مننت على أهل
البصرة كما من النبي صلى الله عليه وآله على أهل مكة (1)، وقد كان له
صلى الله عليه وآله وسلم أن يسبي فكذا الإمام وهو شاذ.
(الفصل الخامس - في الأمر بالمعروف)
وهو الحمل على الطاعة (2) قولا، أو فعلا (3) (والنهي عن المنكر)
وهو المنع (4) من فعل المعاصي قولا، أو فعلا (5). (وهما واجبان عقلا)
في أصح القولين (6)،
409

(ونقلا) إجماعا، أما الأول (1) فلأنهما لطف (2) وهو واجب على مقتضى
قواعد العدل، ولا يلزم من ذلك (3).
410

وجوبهما على الله تعالى اللازم (1) منه خلاف الواقع (2) إن قام به،
أو الإخلال بحكمه تعالى إن لم يقم (3) لاستلزام (4) القيام به على هذا
الوجه الإلجاء الممتنع (5) في التكليف، ويجوز اختلاف الواجب باختلاف
محاله (6) خصوصا مع ظهور المانع (7) فيكون الواجب في حقه تعالى
الإنذار والتخويف بالمخالفة، لئلا يبطل التكليف وقد فعل.
412

وأما الثاني فكثير في الكتاب والسنة كقوله تعالى " ولتكن منكم
أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر (1) " وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لتأمرن بالمعروف
ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم فيدعوا
خيار كم فلا يستجاب لهم (2) "، ومن طرق أهل البيت عليهم السلام
فيه ما يقصم (3) الظهور فليقف عليه من أراده في الكافي، وغيره (4).
ووجوبهما (على الكفاية) في أجود القولين، للآية السابقة (5) ولأن
الغرض شرعا وقوع المعروف، وارتفاع المنكر من غير اعتبار مباشر معين
فإذا حصلا ارتفع (6) وهو معنى الكفائي، والاستدلال على كونه عينيا
بالعمومات غير كاف للتوفيق (7)، ولأن الواجب الكفائي يخاطب به
جميع المكلفين كالعيني، وإنما يسقط عن البعض بقيام البعض فجاز خطاب
الجميع به، ولا شبهة على القولين في سقوط الوجوب بعد حصول المطلوب
413

لفقد شرطه الذي منه إصرار العاصي (1).
وإنما تختلف (2) فائدة القولين
في وجوب قيام الكل به قبل حصول الغرض وإن قام به من فيه الكفاية
وعدمه (3). (ويستحب الأمر بالمندوب والنهي عن المكروه) ولا يدخلان
في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأنهما واجبان في الجملة (4)
إجماعا، وهذان غير واجبين فلذا أفردهما عنهما (5) وإن أمكن تكلف
دخول المندوب في المعروف، لكونه (6) الفعل الحسن المشتمل على وصف
زائد على حسنه من غير اعتبار المنع من النقيض.
أما النهي عن المكروه فلا يدخل في أحدهما، أما المعروف
فظاهر (7)، وأما المنكر فلأنه الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه
أو دل (8) عليه والمكروه ليس بقبيح.
(وإنما يجبان مع علم) الآمر والناهي (المعروف والمنكر شرعا)
414

لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، والمراد بالعلم هنا المعنى الأعم (1)
ليشمل الدليل الظني المنصوب عليه شرعا، (وإصرار الفاعل، أو التارك)
فلو علم منه الإقلاع (2) والندم سقط الوجوب، بل حرم (3) واكتفي
المصنف في الدروس وجماعة في السقوط بظهور إمارة الندم، (والأمن
من الضرر) على المباشر، أو على بعض المؤمنين نفسا، أو مالا، أو عرضا
فبدونه (4) يحرم أيضا على الأقوى (5)، (وتجويز التأثير) بأن لا يكون
التأثير ممتنعا، بل ممكنا بحسب ما يظهر له من حاله.
وهذا يقتضي الوجوب ما لم يعلم عدم التأثير وإن ظن عدمه، لأن
التجوز (6) قائم مع الظن وهو حسن، إذ لا يترتب على فعله ضرر (7)
فإن نجمع (8)، وإلا (9) فقد أدى فرضه، إذ الفرض انتفاء الضرر (10)
415

واكتفى بعض الأصحاب في سقوطه بظن العدم (1)، وليس بجيد (2)،
وهذا بخلاف الشرط السابق فإنه يكفي في سقوطه ظنه (3)، لأن الضرر
المسوغ (4) للتحرز منه يكفي فيه ظنه. ومع ذلك (5) فالمرتفع مع فقد
هذا الشرط الوجوب، دون الجواز، بخلاف السابق.
(ثم يتدرج) المباشر (في الإنكار) فيبتدئ (بإظهار الكراهة)،
والإعراض عن المرتكب متدرجا فيه أيضا، فإن مراتبه كثيرة، (ثم القول
اللين) إن لم ينجع الإعراض، (ثم الغليظ) إن لم يؤثر اللين متدرجا
في الغليظ أيضا، (ثم الضرب) إن لم يؤثر الكلام الغليظ مطلقا (6)،
ويتدرج في الضرب أيضا على حسب ما تقتضيه المصلحة ويناسب مقام
الفعل، بحيث يكون الغرض تحصيل الغرض (7).
(وفي التدرج إلى الجرح والقتل) حيث لا يؤثر الضرب ولا غيره
من المراتب (قولان) أحدهما الجواز، ذهب إليه المرتضى وتبعه العلامة
في كثير من كتبه، لعموم الأوامر، وإطلاقها (8). وهو يتم في الجرح
دون القتل، لفوات معنى الأمر والنهي معه (9)، إذ الغرض ارتكاب
416

المأمور، وترك المنهي. وشرطه تجويز التأثير وهما منتفيان معه، واستقرب
في الدروس تفويضهما إلى الإمام وهو حسن في القتل خاصة (1).
(ويجب الإنكار (2) بالقلب) وهو أن يوجد فيه إرادة المعروف
وكراهة المنكر (على كل حال) سواء اجتمعت الشرائط أم لا، وسواء
أمر أو نهى بغيره من المراتب أم لا، لأن الإنكار القلبي بهذا المعنى
من مقتضى الإيمان ولا تلحقه مفسدة، ومع ذلك لا يدخل في قسمي الأمر والنهي
وإنما هو حكم يختص بمن اطلع على ما يخالف (3) الشرع بإيجاد (4)
الواجب عليه من الاعتقاد في ذلك (5) وقد تجوز كثير من الأصحاب
في جعلهم هذا القسم من مراتب الأمر والنهي (6).
(ويجوز للفقهاء حال الغيبة إقامة الحدود مع الأمن من الضرر) (7)
على أنفسهم وغيرهم من المؤمنين، (و) كذا يجوز لهم (الحكم بين الناس)
وإثبات الحقوق بالبينة واليمين وغيرهما (8) (مع اتصافهم بصفات المفتي
وهي الإيمان والعدالة ومعرفة الأحكام) الشرعية الفرعية (بالدليل) التفصيلي.
(والقدرة على رد الفروع) من الأحكام (إلى الأصول)، والقواعد
417

الكلية (1) التي هي أدلة الأحكام.
ومعرفة الحكم بالدليل يغني عن هذا، لاستلزامه له (2). وذكره
تأكيد، والمراد بالأحكام العموم بمعنى التهيؤ (3) لمعرفتها بالدليل إن لم
نجوز تجزي الاجتهاد، أو الأحكام المتعلقة بما يحتاج إليه من الفتوى والحكم
إن جوزناه (4). ومذهب المصنف جوازه وهو (5) قوي.
(ويجب) على الناس (الترافع إليهم) في ما يحتاجون إليه من الأحكام
فيعصي مؤثر (6) المخالف، ويفسق، ويجب عليهم أيضا ذلك (7) مع الأمن
(ويأثم الراد عليهم) لأنه كالراد على نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم
وأئمتهم عليهم الصلاة والسلام وعلى الله تعالى وهو على حد الكفر بالله
على ما ورد في الخبر (8)، وقد فهم من تجويز، ذلك للفقهاء المستدلين عدم
جوازه لغيرهم من المقلدين، وبهذا المفهوم صرح المصنف وغيره قاطعين
به من غير نقل خلاف في ذلك سواء قلد حيا أو ميتا. نعم يجوز لمقلد
الفقيه الحي نقل الأحكام إلى غيره، وذلك لا يعد إفتاء. أما الحكم
418

فيمتنع مطلقا (1) للإجماع على اشتراط أهلية الفتوى في الحاكم حال حضور
الإمام وغيبته.
(ويجوز للزوج إقامة الحد على زوجته) دواما، ومتعة، مدخولا
بها، وغيره، حرين، أو عبدين، أو بالتفريق (2)، (والوالد على ولده)
وإن نزل (والسيد على عبده) بل رقيقه مطلقا (3)، فيجتمع على الأمة
ذات الأب المزوجة ولاية الثلاثة (4)، سواء في ذلك الجلد والرجم
والقطع (5)، كل ذلك مع العلم بموجبه (6) مشاهدة، أو إقرارا من أهله (7)
لا بالبينة فإنها (8) من وظائف الحاكم.
وقيل يكفي كونها مما يثبت بها ذلك (9) عند الحاكم، وهذا الحكم (10)
في المولى مشهور بين الأصحاب لم يخالف فيه إلا الشاذ (11)، وأما الآخران
419

فذكرهما (1) الشيخ وتبعه جماعة منهم المصنف. ودليله (2) غير واضح.
وأصالة المنع تقتضي العدم. نعم لو كان المتولي (3) فقيها فلا شبهة في الجواز
ويظهر من المختلف أن موضع النزاع معه (4) لا بدونه.
(ولو اضطره السلطان إلى إقامة حد، أو قصاص ظلما، أو) اضطره
(لحكم مخالف) للمشروع (جاز) لمكان الضرورة، (إلا القتل فلا تقية فيه)
ويدخل في الجواز الجرح، لأن المروي (5) أنه لا تقية في قتل النفوس
فهو خارج (6)، وألحقه الشيخ بالقتل مدعيا أنه لا تقية في الدماء، وفيه
نظر (7).
420