الكتاب: الدروس
المؤلف: الشهيد الأول
الجزء: ٣
الوفاة: ٧٨٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ربيع الثاني ١٤١٤
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

الدروس الشرعية
في
فقه الإمامية
تأليف
الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي
(الشهيد الأول)
الجزء الثالث
تحقيق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة
1

الدروس الشرعية
في
فقه الإمامية
(ج 3)
المؤلف: شمس الدين الشيخ محمد بن مكي العاملي (الشهيد الأول)
الموضوع: فقه
تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
عدد الصفحات: 468
المطبوع: 1000
الطبعة: الأولى
التاريخ: ربيع الثاني 1414 ه‍
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

كتاب الأطعمة والأشربة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الأطعمة والأشربة
والنظر في أمور ثمانية:
أحدها: حيوان البر، ويحل من الإنسي الأنعام الثلاثة، ومن الوحشي
البقر والحمير والظباء والكباش الجبلية واليحامير.
ويكره الخيل والبغال والحمير الأهلية، وآكدها البغل، ثم الحمار، وقال
القاضي (1): تتأكد كراهة الحمار على البغل، ومال إليه ابن إدريس (2)، وقال
الحلبي (3): بتحريم البغل، وفي صحيحة ابن مسكان (4) النهي عن الثلاثة، إلا
لضرورة، وتحمل على الكراهية توفيقا بينها وبين أخبار الحل (5)، وقال ابن
إدريس (6) والفاضل (7) بكراهة الحمار الوحشي، والحلبي (8) بكراهة الإبل
والجواميس.

(1) المهذب: ج 2 ص 429 لكن ذكرهما بعنوان الكراهة ولا يفضل أحدهما في الكراهة.
(2) السرائر: ج 3 ص 98.
(3) الكافي في الفقه: ص 277.
(4) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 325.
(5) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الأطعمة المحرمة ج 16 ص 325.
(6) السرائر: ج 3 ص 101.
(7) التحرير: ص 159.
(8) الكافي في الفقه: ص 279.
5

والذي في مكاتبة أبي الحسن عليه السلام (1) في لحم حمير الوحش تركه
أفضل، وروي (2) في لحم الجاموس لا بأس به.
ويحرم الكلب والخنزير والسباع كلها، وهو كل ذي ظفر أو ناب يفرس (3)
وإن كان ضعيفا، كالأسد والنمر والفهد والذئب والثعلب والأرنب والضبع
والسنور وحشيا أو إنسيا، وابن عرس، والحشرات كالحية والفأرة والجرذ
والعقرب والخنفساء والصراصر وبنات وردان والقنفذ والضب واليربوع والوبر
والفنك والسمور والسنجاب والعظاء واللحكة والذباب (4) والقمل والبراغيث
والنمل (5).
وقد يعرض للمحلل التحريم بوطئ الإنسان، فيحرم لحمه ولم نسله، فإن
اشتبه قسم وأقرع حتى يبقى واحدة. وبالجلل باغتذاء عذرة الإنسان محضا،
فيحل بالاستبراء بأن يربط ويطعم علفا طاهرا، فالناقة أربعون يوما.
وألحق في المبسوط (6) البقرة بها، وقال الصدوق (7): للبقرة ثلاثون يوما،
والمشهور عشرون يوما. وللشاة عشرة، وقال الصدوق (8): عشرون، وابن
الجنيد (9) أربعة عشر، وفي المبسوط (10) سبعة، وللبطة خمسة أيام، وقال

(1) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 16 ص 33.
(2) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 16 ص 35.
(3) في (م): يفرس به.
(4) في (م) و (ق): والذبان.
(5) في (م) و (ز): والنحل والنمل.
(6) المبسوط: ج 6 ص 282.
(7) الفقيه: ج 3 ص 338.
(8) لم يذكر حكمها في المقنع والهداية وذكر في الفقيه عشرة أيام، انظر في الفقيه ج 3 ص 339.
(9) المختلف: ج 2 ص 676.
(10) المبسوط: ج 6 ص 282.
6

الصدوق (1) ثلاثة، وروي (2) ستة وللدجاجة ثلاثة، وقال الحلبي (3): خمسة.
وألحق الشيخ (4) شبه الدجاجة بها وما عداها لا مقدر فيه، فيستبرأ بما يزيل
عنه الجلل، وقال ابن الجنيد (5): يكره الجلال، وجعل حكم ما يأكل المحرم
حكمه.
ولو شرب المحلل خمرا ثم ذبح غسل لحمه، وحرم ما في باطنه، وقال ابن
إدريس (6): يكره.
وموثقة زيد الشحام (7) مصرحة بأنها إذا شربت خمرا حتى سكرت وذبحت
على تلك الحال لا يؤكل ما في بطنها.
ولو شربت بولا نجسا غسل ما في بطنها. ولو شرب المحلل لبن خنزيرة واشتد
حرم لحمه ولحم نسله وإن لم يشتد كره.
ويستحب استبراؤه بسبعة أيام، إما بعلف إن كان يأكله، وإما بشرب لبن
طاهر.
ولو شرب لبن امرأة واشتد كره لحمه.
وثانيها: حيوان البحر، ويحل منه السمك الذي له فلس وإن زال عنه
كالكنعت، ويحرم ما لا فلس له كالجري بكسر الجيم والمار ما هي والزهو
والزمار على الأظهر، وفي صحيح زرارة (8) عن الباقر عليه السلام كراهة الجري،

(1) الفقيه: ج 3 ص 339.
(2) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 7 ج 16 ص 357.
(3) الكافي في الفقه: ص 277.
(4) النهاية: ص 578.
(5) المختلف: ج 2 ص 676.
(6) السرائر: ج 3 ص 97.
(7) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 352.
(8) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 19 ج 16 ص 404.
7

وفي النهاية (1) تكره الثلاثة الأخيرة كراهية مغلظة، لصحيح محمد بن مسلم (2)
عن الصادق عليه السلام وفيها أيضا الجري.
ويعارضها أخبار (3) أكثر منها وأشهر وعمل الأصحاب، ويمكن حمل الإباحة
على التقية.
ويحرم الطافي وهو ما يطفو على الماء ميتا إذا علم أنه مات في الماء، ولو علم
أنه (4) مات خارج الماء حل. ولو اشتبه فالأقرب التحريم، وقال في المقنع (5):
إذا اشتبه السمك هل هو ذكي أم لا؟ طرح على الماء فإن استلقى على ظهره
فحرام، وإن كان على وجهه فذكي، واختاره الفاضل (6).
ولا فرق في الطافي بين ما مات بسبب، كحرارة الماء والعلق أو بغير سبب.
ولو وجدت سمكة في جوف أخرى مذكاة فالمروي عن علي
عليه السلام (7) حلهما، وللاستصحاب، ومنعه ابن إدريس (8)
ولو وجدت في جوف حية فالمروي عن الصادق عليه السلام (9) حلها إذا
طرحتها وهي تضطرب، ولم تنسلخ فلوسها، وإلا فلا.
وبيض السمك تابع. ولو اشتبه أكل الخشن دون الأملس والمنماع،
وأطلق كثير ذلك من غير اعتبار التبعية، وقال ابن إدريس (10): يحل مطلقا ما في

(1) النهاية: ص 576.
(2) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 331.
(3) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 15 ج 16 ص 334.
(4) في (م) و (ق): كونه مات.
(5) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 576.
(6) التحرير: ص 160.
(7) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب الذبائح ح 1 ج 16 ص 304.
(8) السرائر: ج 3 ص 100.
(9) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 342.
(10) السرائر: ج 3 ص 113.
8

جوف السمك، للأصل. وحل الصحناء بكسر الصاد والمد، واختاره
الفاضل (5).
وروى عمار (2) عن الصادق عليه السلام في الجري مع السمك في سفود
بالتشديد مع فتح السين يؤكل ما فوق الجري ويرمى ما سال عليه، وعليها ابنا
بابويه (3)، وطرد الحكم في مجامعة ما يحل أكله لما يحرم، وقال الفاضل (4): لم
يعتبر علماؤنا ذلك والجري طاهر، والرواية ضعيفة السند.
ويحرم جلال السمك حتى يستبرء يوما إلى الليل، وروي عن الرضا
عليه السلام (5) يوما وليلة، وهو أولى في ماء طاهر بغذاء طاهر.
والسلحفاة والضفدع والسرطان وجميع حيوان البحر ككلبه وخنزيره وشاته.
وإنما يحل السمك ذو الفلس، كالشبوط - بفتح الشين والتشديد - والربيثا
والأربيان - بكسر الهمزة - وهو أبيض كالدود، والطمر بكسر الطاء والطبراني
والإبلامي - بكسر الهمزة -، والرواية (6) بحل غير ذي الفلس محمولة على التقية.
[202]
درس
وثالثها: الطير، ويحل منه الحمام كله، كالقماري والدباسي والورشان
والحجل والدراج والقبج والكروان والكركي والقطا والطيهوج والدجاج
والعصافير والصعوة والزرازير، وكل ما غلب دفيفه صفيفه أو ساواه أو كان له

(1) المختلف: ج 2 ص 681.
(2) الكافي: باب اختلاط الحرام بغيره ح 1 ج 6 ص 262.
(3) الفقيه: ج 3 ص 340، والمختلف: ص 683.
(4) المختلف: ج 2 ص 683.
(5) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5 ج 16 ص 357.
(6) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 19 ج 16 ص 334.
9

قانصة أو حوصلة بتشديد اللام وتخفيفها أو صيصية بغير همز وإن أكل
السمك ما لم ينص على تحريمه.
وتكره الفاختة والقنبرة والهدهد والشقراق والصوام والصرد. وفي الخطاف
روايتان (1) أشهرهما وأصحهما الكراهية، ويعضده أنه يدف، وحرمه ابن
البراج (2) وابن إدريس (3) مدعيا الإجماع.
واختلف في الغربان فأطلق في النهاية (4) الكراهية، وفي الخلاف (5) يحرم
الغراب كله على الظاهر في الروايات، وفي الاستبصار (6) يحل كله، وفي
المبسوط (7) يحرم الكبير الأسود، الذي يسكن في (8) الجبال ويأكل الجيف
والأبقع.
ويباح غراب الزرع والغداف، الذي هو أصغر منه أغبر اللون كالرماد،
وحرم ابن إدريس (9) ما عدا الزاغ، وهو غراب الزرع الصغير.
وفي صحيح علي بن جعفر (10) عن أخيه عليه السلام لا يحل شئ من
الغربان زاغ ولا غيره.
وعورض بخبر زرارة (11) عن أحدهما أن أكل الغراب ليس بحرام، إنما

(1) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب الأطعمة المحرمة ج 16 ص 343.
(2) المختلف: ج 2 ص 678.
(3) السرائر: ج 3 ص 104.
(4) النهاية: ص 577.
(5) الخلاف: ج 3 ص 267.
(6) الاستبصار: ج 4 ص 66.
(7) المبسوط: ج 6 ص 281.
(8) هذه الكلمة غير موجودة في (م).
(9) السرائر: ج 3 ص 103.
(10) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3 ج 16 ص 329.
(11) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 328.
10

الحرام ما حرمه الله في كتابه، وفي خبر غياث (1) كراهة الغراب، لأنه فاسق،
وبه جمع الشيخ (2) بين الخبرين فحمل الأول على أنه ليس حلالا طلقا بل حلال
مكروه
ويحرم كل ذي مخلاب قوي، كالصقر والعقاب والشاهين والبازي
والباشق، أو ضعيف كالنسر والبغاث وهو ما عظم من الطير، وليس له مخلاب
معقف، وربما جعل النسر من البغاث - وهو مثلث الباء - وقال الفراء (3): بغاث
الطير شرارها وما لا يصيد منها والرخم والحداة.
ويحرم الخفاش والطاوس، وما كان صفيفه أكثر من دفيفه، وما خلا عن
القانصة والحوصلة والصيصية.
ويعتبر طير الماء بذلك أيضا، والبيض تابع، ولو اشتبه أكل ما اختلف
طرفاه دون ما اتفق.
ويحرم البق والزنابير، وكل مستخبث، والمجثمة وهي الطير والبهيمة تجعل
غرضا وترمى بالنشاب حتى تموت، والمصبورة وهي التي تجرح وتحبس حتى تموت.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله (4) عن قتل الخطاف والهدهد والصرد
والضفدع والنملة والنحلة، كذا رواه ابن الجنيد.
[203]
درس
ورابعها: الجامد، ويحرم منه الأعيان النجسة بالأصالة كالنجاسات، أو

(1) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2 ج 16 ص 328.
(2) التهذيب: ج 9 ص 19.
(3) كما في الصحاح: مادة (بغث) ج 1 ص 247.
(4) رواه في المختلف عن داود الرقي انظر في المختلف: ج 2 ص 679، ووسائل الشيعة: باب 17 من أبواب
الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 343.
11

بالعرض كالمتنجس بأحدها حتى يطهران قبل الطهارة.
والأصح نجاسة الكافر وإن كان ذميا، فينجس ما باشره من المائع أو
برطوبة، وروى زكريا بن إبراهيم (1) عن الصادق عليه السلام الأكل معهم
والشرب، وروى عنه إسماعيل بن جابر (2) الكراهية تنزها.
وروى عنه العيص (3) جواز مواكلتهم إذا كان من طعامك، ومواكلة
المجوسي إذا توضأ. وهي معارضة بأشهر (4) منها، مع قبولها التأويل.
ويحرم أكل الميتة واستعمالها، وكذا ما أبين من حي، والاستصباح بها.
ويجوز الاستصباح بما عرض له النجاسة تحت السماء خاصة تعبدا لا
لنجاسة دخانه، لاستحالته، وقال في المبسوط (5): يكره الاستصباح به مطلقا،
وقال: روى أصحابنا جوازه تحت السماء دون السقف، قال: وهذا يدل على
نجاسة دخانه، وأنكر ابن إدريس (6) ذلك وادعى الإجماع على تحريمه تحت
الظلال، وعلى طهارة دخانه ورماد الأعيان النجسة.
والروايات أكثرها مطلقة في جواز الاستصباح به، كصحيحة معاوية بن
وهب (7) عن الصادق عليه السلام، وفي صحيحة زرارة (8) عن الباقر
عليه السلام، فلذلك قوى الفاضل (9) الجواز ولو تحت الظلال ما لم يعلم أو يظن

(1) وسائل الشيعة: باب 72 من أبواب النجاسات ح 1 ج 2 ص 1092.
(2) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4 ج 16 ص 385.
(3) وسائل الشيعة: باب 53 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 383.
(4) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3 ج 16 ص 385.
(5) المبسوط: ج 6 ص 283.
(6) السرائر: ج 3 ص 122.
(7) وسائل الشيعة: باب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 374.
(8) وسائل الشيعة: باب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3 ج 16 ص 374.
(9) المختلف: ج 2 ص 686.
12

بقاء شئ من أعيان الدهن، فلا يجوز تحت الظلال.
وجوز الشيخ في النهاية (1) عمل جلد الميتة دلوا يستقى به الماء لغير الوضوء
والصلاة والشرب، وإن كان تجنبه أفضل، وابن البراج (2) قال: الأحوط تركه،
وابن حمزة (3) أطلق المنع من استعمال جلود الميتة، والصدوق (4) قال: لا بأس
بأن يجعل جلد الخنزير دلوا يستقى به الماء، وحرم الفاضل (5) ذلك كله.
وإذا اختلط اللحم المذكى بالميتة ولا طريق إلى تمييزه لم يحل أكله.
وفي جواز بيعه على مستحل الميتة قولان، فالجواز قول النهاية (6)، لصحيحة
الحلبي (7) عن الصادق عليه السلام، والمنع ظاهر القاضي (8) وفتوى ابن
إدريس (9).
وقال الفاضل (10): هذا ليس ببيع حقيقة، وإنما هو استنقاذ مال الكافر
برضاه. ويشكل بأن ماله محترم إذا كان ذميا إلا على الوجه الشرعي، ومن ثم
حرم الربا معه.
وقال المحقق (11): ربما كان حسنا إذا قصد بيع الذكي حسب، وتبعه

(1) النهاية: ص 586، ولكن عبارة النهاية هكذا: (دلو لغير وضوء الصلاة والشرب).
(2) المهذب: ج 2 ص 433.
(3) الوسيلة: ص 362.
(4) لم نعثر عليه في كتبه الموجودة لدينا والموجود في المقنع عكسه حيث قال في ص 35 من المقنع (وإياك أن تجعل جلد الخنزير دلوا به الماء)، ولكن العجيب أن العلامة نقلها نصا - كالموجود هنا - في المختلف: ج 2 ص 484.
(5) المختلف: ج 2 ص 684.
(6) النهاية: ص 587.
(7) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 370.
(8) المهذب: ج 2 ص 442.
(9) السرائر: ج 3 ص 113.
(10) المختلف: ج 2 ص 683.
(11) الشرائع: ج 3 ص 269.
13

الفاضل (1). ويشكل لجهالته (2)، وعدم إمكان تسليمه متميزا.
ولو وجد لحما مطروحا لا يعلم حاله فالمشهور - ويكاد أن يكون إجماعا - أنه
يطرح على النار، فإن انقبض فهو ذكي، وإن انبسط فهو ميتة، وتوقف فيه
الفاضلان (3)، والعمل بالمشهور، ويمكن اعتبار المختلط بذلك، إلا أن الأصحاب
والأخبار (4) أهملت ذلك.
ويحرم الطين كله، إلا قدر الحمصة من تربة الحسين عليه السلام بقصد
الاستشفاء، والأرمني للمنفعة.
وتحرم السموم القاتل قليلها وكثيرها، أما ما لا يقتل قليله، كالإفيون وشحم
الحنظل والسقمونيا فإنه يجوز تناوله، ولو بلغ في الكثرة إلى ظن القتل أو ثقل
المزاج وإفساده حرم كالدرهم من السقمونيا.
ونهى الأطباء عن استعمال الأسود منه الذي لا ينفرك سريعا، ويجلب من
بلاد الجرامقة، وعما جاوز الدانقين من الإفيون قالوا: والدرهمان منه تقتل،
والدرهم يبطل الهضم إذا شرب وحده، وقدروا المأخوذ من شحم الحنظل
بنصف درهم، وقالوا: إذا لم يكن في شجره الحنظل غير واحدة لا تستعمل لأنها
سم.
ويحرم من الذبيحة خمسة عشر: القضيب والأنثيان والطحال والدم والفرث
والفرج ظاهره وباطنه، والمثانة والمرارة والمشيمة والنخاع والعلباوان - بكسر
العين - وهما عصبان صفراوان من الرقبة إلى الذنب، والغدد ذات الأشاجع
وهي أصول الأصابع، والحدق وخرزة الدماغ على خلاف في بعضها.

(1) المختلف: ج 2 ص 683.
(2) في باقي النسخ: بجهالته.
(3) الشرائع: ج 3 ص 271 والتحريم: ج 2 ص 161.
(4) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب الأطعمة المحرمة ج 16 ص 369.
14

وتكره العروق والكلأ وأذنا القلب، وإذا شوى الطحال مع اللحم فإن لم
يكن مثقوبا أو كان اللحم فوقه فلا بأس، وإن كان مثقوبا واللحم تحته حرم
ما تحته من لحم وغيره، وقال الصدوق (1): إذا لم يثقب يؤكل اللحم إذا كان
أسفل، ويؤكل الجوذاب وهو الخبز.
ويكره أكل الثوم والبصل وشبهه لمريد دخول المسجد، أو في ليلة الجمعة،
وفي مرسلة زرارة (2) يعيد آكل الثوم ما صلاه، وهو على التغليظ للكراهية.
ويحل أن يستعمل من الميتة ما لا تحله الحياة، وهو أحد عشر: العظم
والظلف والسن والقرن والصوف والشعر والوبر بشرط الجز أو غسل موضع
الاتصال، والريش كذلك والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى والإنفحة واللبن
على الأصح، ورواية (3) التحريم ضعيفة، والقائل بها نادر، وحملت على التقية.
ويحرم استعمال شعر الخنزير والكلب وجميع ما أحل من الميتة منهما، فإن
اضطر إلى شعر الخنزير جاز استعمال ما لا دسم فيه، وغسل يده عند الصلاة.
ويزول عنه الدسم بأن يلقى في فخار ويجعل في النار حتى يذهب دسمه،
لرواية برد الإسكاف (4) عن الصادق عليه السلام.
قال الفاضل (5): يجوز استعماله مطلقا، أي عند الضرورة والاختيار،
وظاهره أنه لا يشترط إزالة الدسم، لإطلاق رواية سليمان الإسكاف (6).

(1) الفقيه: ج 3 ص 34، وكن يفهم هذا من مفهوم الرواية لا من منطوقه.
(2) وسائل الشيعة: باب 128 من أبواب الأطعمة المباحة ح 8 ج 16 ص 171.
(3) وسائل الشيعة: باب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 11 ج 16 ص 449.
(4) وسائل الشيعة: باب 58 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 16 ص 168.
(5) المختلف: ج 2 ص 684.
(6) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب النجاسات ح 3 ج 2 ص 1017.
15

[204]
درس
وخامسها: المائع، والحرام منه ثمانية:
كل مسكر كالخمر والنبيذ والبتع من العسل والنقيع من الزبيب والمرز من
الذرة والفضيح من التمر والبسر والجعة من الشعير - بكسر الجيم -.
والمعتبر في التحريم إسكار كثيره فيحرم قليله.
الثاني: الفقاع إجماعا، لقول الصادق عليه السلام (1) والرضا عليه السلام (2)
هو خمر مجهول فلا تشربه، وفي رواية (3) - شاذة - حل ما لم يغل منه ولم يضر آنيته
بأن يعمل فيها فوق ثلاث مرات، وهي تقية أو محمولة على ما لم يسم فقاعا كماء
الزبيب قبل غليانه.
ففي رواية صفوان (4) عن الصادق عليه السلام حل الزبيب إذا ينقع غدوة
وشرب بالعشي أو ينقع بالعشي ويشرب غدوة.
الثالث: العصير العنبي إذا غلى واشتد، وحده أن يصير أسفله أعلاه ما لم
يذهب ثلثاه أو ينقلب خلا.
ولا يحرم المعتصر من الزبيب ما لم يحصل فيه نشيش، فيحل طبيخ الزبيب
على الأصح، لذهاب ثلثيه بالشمس غالبا، وخروجه عن مسمى العنب،
وحرمه بعض مشايخنا المعاصرين، وهو مذهب بعض فضلائنا المتقدمين، لمفهوم
رواية علي بن جعفر (5) عن أخيه عليه السلام حيث سأله عن الزبيب يؤخذ

(1) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب الأشربة المحرمة ح 8 ج 17 ص 288.
(2) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب الأشربة المحرمة ح 11 ج 17 ص 289.
(3) وسائل الشيعة: باب 39 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2 ج 17 ص 305.
(4) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب الأشربة المحرمة ح 3 ج 17 ص 268.
(5) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2 ج 17 ص 236.
16

ماؤه فيطبخ حتى يذهب ثلثاه، فقال: لا بأس.
وأما عصير التمر فقد أحله بعض الأصحاب ما لم يسكر، وفي رواية عمار (1)
وسأل الصادق عليه السلام عن النضوح كيف يصنع به حتى يحل، قال: خذ
ماء التمر فاغله حتى يذهب ثلثاه.
ولا يقبل قول من يستحل شرب العصير قبل ذهاب ثلثيه في ذهابهما،
لروايات (2)، وقيل: يقبل على كراهية.
وبصاق شارب الخمر وغيره من النجاسات طاهر مع عدم التغير. وكذا
دمع المكتحل بالنجاسة إذا لم تكن النجاسة واردة على المحل النجس.
والربوب كلها حلال وإن شم منها رائحة المسكر.
ويكره الاستشفاء بمياه العيون الحارة الكبريتية، وما باشره الجنب
والحائض مع التهمة، وسؤر من لا يتوقى النجاسة.
الرابع: البول مما لا يؤكل لحمه. وفي بول ما يؤكل لحمه قول بالحل، واختاره
ابن الجنيد (3)، وهو ظاهر ابن إدريس (4) لطهارته، والأقوى التحريم
للاستخباث، إلا ما يستشفى به كأبوال (5) الإبل. وكذا باقي النجاسات المائعة
كالمني.
الخامس: فضلات الإنسان كبصاقه ونخامته، وفضلات باقي الحيوان (6)
وإن كانت طاهرة لاستخباثها، وقد ورد (7) رخصة في بصاق المرأة والابنة.

(1) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2 ج 17 ص 298.
(2) وسائل الشيعة: باب من أبواب الأشربة المحرمة ج 17 ص 233.
(3) المختلف: ج 2 ص 686.
(4) السرائر: ج 3 ص 125.
(5) في باقي النسخ: كبول.
(6) في باقي النسخ: الحيوانات.
(7) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ج 7 ص 71.
17

السادس: اللبن تابع اللحم في الحرمة والحل والكراهة، فيحرم لبن الكلبة
والهرة واللبوة والذيبة، ويحل لبن مأكول اللحم. ويكره لبن الأتن مائعا
وجامدا.
السابع: الدم المسفوح من كل حيوان حل أكله أو حرم. ويحرم أيضا دم
الضفادع والبراغيث وشبهها من غير المسفوح، إلا ما يتخلف في اللحم مما
لا يقذفه المذبوح فإنه حلال.
الثامن: كل مائع لاقته نجاسة قبل تطهيره، إذا قبل التطهير كالماء. وفي
قبول باقي المائعات للتطهير خلاف، فقيل: بقبولها الطهارة عند ملاقاة الكثير،
وتخلل أجزائها حتى الدهن، وهو بعيد. نعم لو استحال المضاف إلى المطلق
طهر.
ويجوز بيع الدهن النجس بالعرض بشرط إعلام المشتري.
ولو لاقت النجاسة السمن والعسل وشبههما في حال الجمود ألقيت النجاسة
وما يكتنفها.
وفي طهارة العجين النجس إذا خبز رواية (1)، والأولى المنع. نعم لو جعل
في الماء الكثير حتى تخلله لم يبعد طهارته.
ويحل الخمر إذا استحال خلا بعلاج أو غيره، سواء كان ما عولج به عينا
قائمة أو لا على الأقرب، وكذا يطهر إناؤه.
ويكره علاجه، أما لو عولج بنجس أو كان قد نجس بنجاسة أخرى لم يطهر
بالخلية. وكذا لو القي في الخمر خل حتى استهلك بالخل.
وإن بقي من الخمر بقية فتخللت لم يطهر الخل بذلك على الأقرب، خلافا

(1) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الماء المطلق ح 17 ص 129.
18

للنهاية (1)، تأويلا لرواية أبي بصير (2) لا بأس بجعل الخمر خلا إذا لم يجعل فيها
ما يقلبها.
ولو حمل ذلك على النهي عن العلاج، كما رواه (3) أيضا استغنى عن
التأويل.
وقال ابن الجنيد (4): يحل إذا مضى عليه وقت ينتقل في مثله العين من
التحريم إلى التحليل، فلم يعتبر البقية ولا انقلابها، وهما بعيدان.
وسأل أبو بصير (5) الصادق عليه السلام في الخمر يوضع فيه الشئ حتى
يحمض، فقال: إذا كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فلا بأس،
وعقل منه الشيخ (6) أن أغلبية الموضوع فيها عليها، فنسبها إلى الشذوذ، ويمكن
حمله على العكس فلا إشكال.
ولو وقع دم نجس في قدر وهي (7) على النار غسل الجامد وحرم المائع
عند الحليين (8)، وقال الشيخان (9): يحل المائع إذا علم زوال عينه بالنار. وشرط
الشيخ (10) قلة الدم، وبذلك روايتان (11) لم تثبت صحة سندهما مع مخالفتهما للأصل.

(1) النهاية: ص 593 592.
(2) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 4 ج 17 ص 296.
(3) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 7 ج 17 ص 297.
(4) المختلف: ج 2 ص 689.
(5) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2 ج 17 ص 296.
(6) تهذيب الأحكام، ج 9 ص 119.
(7) في باقي النسخ، وهي تغلي.
(8) السرائر: ج 3 ص 120 والمختلف: ج 2 ص 685.
(9) النهاية: ص 588، والمقنعة: ص 582.
(10) النهاية: ص 588.
(11) وسائل الشيعة: باب 44 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 و 2 ج 16 ص 376.
19

ولو وقع في القدر نجاسة غير الدم كالخمر لم يطهر بالغليان إجماعا، ويحرم
المرق.
وهل يحل الجامد كاللحم والتوابل مع الغسل؟ المشهور ذلك، سواء كان
الخمر قليلا أو كثيرا، وقال القاضي (1): لا يؤكل منه شئ مع كثرة الخمر،
واحتاط بمساواة القليل له، ولعله نظر إلى مسألتي الطحال والسمك، وليس
بذلك البعيد.
[205]
درس
لا يجوز الأكل من مال الغير بغير إذنه.
ويجوز الأكل من بيوت من تضمنته آية النور (2) بغير إذنه ما لم يعلم
الكراهية، سواء خشي عليه الفساد أم لا، ونقل ابن إدريس (3) تخصيص ذلك
بما خشي فساده، وهو تحكم. نعم لا يجوز أن يحمل منه شئ ولا إفساده.
وهل يشترط دخوله بإذنه؟ اشترطه ابن إدريس (4).
واختلف في الأكل من الثمرة الممرور بها، فجوزه الأكثر، ونقل في
الخلاف (5) فيه الإجماع.
ولا يجوز له الحمل ولا الإفساد ولا القصد، وتوقف بعض الأصحاب في
اطراد الحكم في الزرع، لمرسلة مروك (6) بالنهي عنه، وسد بعضهم باب الأخذ،

(1) المهذب: ج 2 ص 431.
(2) النور: 61.
(3) السرائر: ج 3 ص 124.
(4) السرائر: ج 3 ص 124.
(5) الخلاف: ج 3 ص 271.
(6) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب بيع الثمار ح 6 ج 13 ص 15.
20

لظاهر رواية الحسن بن يقطين (1)، وهو أحوط.
وقال ابن الجنيد (2): ليناد صاحب البستان والماشية ثلاثا ويستأذنه فإن
أجابه، وإلا أكل، وحلت عند الضرورة، وإن أمكن رد القيمة كان أحوط.
فرع:
الظاهر أن الرخصة ما دامت الثمرة على الشجرة، فلو جعلت في الخزين
وشبهه فالظاهر التحريم.
ولو نهى المالك حرم مطلقا على الأصح، ولو أذن مطلقا جاز. ولو علم منه
الكراهة فالأقرب أنه كالنهي.
هذا ولا يجوز أن يسقى الطفل شيئا من المسكر، وأما البهيمة فالمشهور الكراهة،
وسوى القاضي (3) بينهما في التحريم، ورواية أبي بصير (4) تدل على الكراهة في
البهيمة، وفي رواية عجلان (5) من سقى مولودا مسكرا سقاه الله من الحميم.
وقال الشيخ في النهاية (6): يكره الأسلاف في العصير، لإمكان طلبه وقد
تغير إلى حال الخمر، بل ينبغي بيعه يدا بيد. وناقشه ابن إدريس (7) في
التصوير، لأن المسلم فيه ليس عنبا فيطالبه بعصير فلا كراهة.
وأجيب بحمل ذلك على بيع عين شخصية مجازا، كما ورد (8) في السلف في

(1) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب بيع الثمار ح 7 ج 13 ص 15.
(2) المختلف: ج 2 ص 687.
(3) المهذب: ج 2 ص 433.
(4) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الأشربة المحرمة ح 5 ج 17 ص 246.
(5) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2 ج 17 ص 246.
(6) النهاية: ص 591.
(7) السرائر: ج 3 ص 131.
(8) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب السلف ح 4 ج 13 ص 61.
21

مسوك الغنم مع المشاهدة، أو على تعذر العصير حينئذ فيكون العقد معرضا
للتزلزل.
وروى عقبة (1) عن الصادق عليه السلام فيما إذا صب على عشرة أرطال من
عصير العنب عشرين رطلا ماء، ثم طبخ فذهب عشرون رطلا وبقي عشرة،
فقال: ما طبخ على الثلث فهو حلال، وليست بصريحة في المطلوب من السؤال،
لكنها ظاهرة فيه.
وروى ابن سنان عبد الله (2) عنه عليه السلام إذا طبخ العصير حتى يذهب
منه ثلاثة دوانيق ونصف، ثم يترك حتى يبرد فقد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه.
وروى الشيخ في التهذيب (3) أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن الخمر،
وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وساقيها وآكل ثمنها وشاربها وحاملها
والمحمولة إليه.
وعنه صلى الله عليه وآله (4) لا ينال شفاعتي من شرب المسكر، لا يرد علي
الحوض لا والله.
وتظافرت الأخبار (5) عنه صلى الله عليه وآله بأن من شرب المسكر لا (6)
تقبل صلاته أربعين يوما، وإن مات فيها مات ميتة جاهلية، وإن تاب تاب الله
عليه.

(1) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1 ج 17 ص 236.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الأشربة المحرمة ح 7 ج 17 ص 232.
(3) التهذيب: ج 9 ص 104.
(4) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الأشربة المحرمة ح 11 ج 17 ص 261.
(5) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2 و 3 ج 17 ص 258، ولكنه عن أبي عبد الله
عليه السلام لا عن النبي صلى الله عليه وآله.
(6) في باقي النسخ: لم تقبل.
22

وعنه صلى الله عليه وآله (1) مدمن الخمر كعابد وثن، مدمن الخمر يلقى الله
عز وجل يوم يلقاه كافرا، والمدمن هو الذي يشربها إذا وجدها.
وعن الصادق عليه السلام (2) مدمن الخمر كعابد وثن، و (3) تورثه ارتعاشا،
وتذهب بنوره، وتهدم مروته، وتحمله على أن يجسر على المحارم من سلك الدماء
وركوب الزنا، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه، والخمر لن تزيد شاربها
إلا كل شر.
وعن النبي صلى الله عليه وآله (4) من شرب الخمر فليس بأهل أن يزوج
إذا خطب، ولا يشفع إذا شفع، ولا يصدق إذا حدث، ولا يؤمن على أمانة، فمن
ائتمنه بعد علمه فليس له على الله ضمان ولا أجر ولا خلف.
وعن الباقر عليه السلام (5) لا يزال العبد في فسحة من الله عز وجل حتى
يشرب الخمر، فإذا شربها خرق الله عنه سرباله، وكان إبليس وليه وأخاه
وسمعه وبصره ويده ورجله، يسوقه إلى كل شر، ويصرفه عن كل خير.
[206]
درس
وسادسها النظر في الاضطرار: جميع ما ذكرناه من المحرمات مختص بحال
الاختيار، فلو خاف التلف أو المرض أو الضعف عن متابعة الرفقة مع الضرورة
إلى المرافقة أو عن الركوب مع الضرورة إليه، حل له تناول جميع ما ذكرناه على
التفصيل الآتي.

(1) وسائل الشيعة: باب 16 و 13 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2 و 10 ج 17 ص 266 و 255.
(2) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب الأشربة المحرمة ح 6 ج 17 ص 254.
(3) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الأشربة المحرمة ح 25 ج 17 ص 244، وفيه اختلاف كثير.
(4) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1 ج 17 ص 247.
(5) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الأشربة المحرمة ح 5 ج 17 ص 248.
23

ويجب عليه ذلك لوجوب حفظ نفسه.
ولا يشترط الإشراف على الموت، بل يباح إذا خيف ذلك.
ولا يترخص الباغي وهو الخارج على الإمام أو الذي يبغي الميتة، ولا
العادي وهو قاطع الطريق أو الذي يعدو شبعه.
ونقل الشيخ الطبرسي (1) أنه باغي اللذة وعادي سد الجوعة أو عاد
بالمعصية أو باغ في الإفراط وعاد في التقصير، وعلى التفسير بالمعصية لا يباح
للعاصي بسفره كطالب الصيد لهوا وبطرا، وتابع الجائر والآبق.
ولو أكره على الأكل فهو كخائف التلف، ولا يتجاوز قدر الضرورة وهو ما
يدفع التلف أو الإكراه.
ولو احتاج إلى الشبع للمشي أو العدو جاز. وكذا لو احتاج إلى التزود من
الحرام.
وليس له بيعه على مضطر آخر، بل يجب بذل الفاضل عنه.
ولا فرق بين ميتة الآدمي وغيره.
وليس له قتل مسلم، ولا ذمي، ولا معاهد، ولا عبده أو ولده.
وله قتل المرتد عن فطرة، والزاني المحض، والحربي وولده وزوجته الحربية.
نعم قتل الرجل أولى من قتل المرأة، والطفل مع القدرة عليه، وفي جواز اغتذائه
بلحم نفسه وجهان.
ويقدم طعام الغير على الميتة مع بذله إياه بثمن المثل مع القدرة عليه. ولو
طلب أزيد وكان قادرا عليه لم تجب الزيادة عند الشيخ (2)، ولو اشتراه به كراهة
لإراقة الدماء، لأنه كالمكره على الشراء.

(1) مجمع البيان: ج 1 ص 257.
(2) المبسوط: ج 6 ص 286.
24

وحينئذ لو امتنع المالك من بيعه حل قتاله، ولو قتل أهدر دمه. وكذا لو
تعذر عليه الثمن قهر الغير على طعامه وضمنه، ولا تحل له الميتة، ولو تعذر عليه
القهر أكل الميتة.
ومذبوح الكافر والناصب أولى من الميتة. وكذا ميتة مأكول اللحم أولى من
غيرها (1).
ومذبوح المحرم لحمه أولى من الميتة إذا كان تقع عليه الذكاة.
ويباح تناول المائعات النجسة لضرورة العطش وإن كان خمرا، مع تعذر
غيره.
وهل تكون المسكرات سواء، أو يكون الخمر مؤخرا عنها؟ الظاهر نعم،
للإجماع على تحريمه بخلافها.
ولو وجد خمرا وبولا أو ماء نجسا فهما أولى من الخمر، لعدم السكر بهما، ولا
فرق بين بوله وبول غيره، وقال الجعفي (2): يشرب للضرورة بول نفسه (3) لا بول
غيره.
وكذا يجوز التناول للعلاج كالترياق، والاكتحال بالخمر، للضرورة رواه
هارون بن حمزة (4) عن الصادق عليه السلام، وتحمل الروايات الواردة (5) بالمنع
من الاكتحال به (6) والمداواة على الاختيار.
ومنع الحسن (7) من استعمال المسكر مطلقا، بخلاف استعمال القليل من

(1) في باقي النسخ: وغيره.
(2) لا يوجد لدينا كتابه.
(3) في (م) و (ق): بوله.
(4) وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب الأشربة المحرمة ح 5 ج 17 ص 279.
(5) وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب الأشربة المحرمة ج 17 ص 278.
(6) لا توجد هذه الكلمة في باقي النسخ.
(7) لم نعثر عليه.
25

السموم المحرمة عند الضرورة، لأن تحريم الخمر تعبد، وفي الخلاف (1) لا يجوز
التداوي بالخمر مطلقا، ولا يجوز شربها للعطش، وتبعه ابن إدريس (2) في أحد
قوليه في التداوي وجوز الشرب للضرورة، ثم جوز في القول (3) الآخر الأمرين.
[207]
درس
وسابعها: الآداب منقولة من الأخبار.
يكره كثرة الأكل وربما حرم إذا أدى إلى الضرر، كما روي (4) أن الأكل
على الشبع يورث البرص.
ويكره رفع الجشاء إلى السماء، واستتباع المدعو إلى طعام ولده.
ويحرم أكل طعام لم يدع إليه للرواية (5)، وقيل: يكره.
ويكره الأكل متكئا، والرواية (6) بفعل الصادق عليه السلام ذلك لبيان
جوازه، ولهذا قال: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله متكئا قط.
وروى الفضيل بن يسار (7) جواز الاتكاء على اليد عن الصادق
عليه السلام وأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينه عنه، مع أنه في رواية (8)
أخرى لم يفعله، والجمع بينهما أنه لم ينه عنه لفظا، وإن كان يتركه فعلا. وكذا
يكره التربع حالة الأكل وفي كل حال.

(1) الخلاف: ج 3 ص 271.
(2) السرائر: ج 3 ص 126.
(3) السرائر: ج 3 ص 126.
(4) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 408.
(5) وسائل الشيعة: باب 63 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 402.
(6) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب آداب المائدة ح 5 ج 16 ص 413.
(7) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 415.
(8) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب آداب المائدة ح 6 ج 16 ص 414.
26

ويستحب أن يجلس على رجله اليسرى، ويكره الأكل باليسار والشرب،
وأن يتناول بها شيئا إلا مع الضرورة، والأكل ماشيا.
وفعل النبي صلى الله عليه وآله (1) ذلك مرة في كسرة مغموسة بلبن، لبيان
جوازه أو للضرورة.
والشرب بنفس واحد، بل بثلاثة أنفاس، وروي (2) ذلك إذا كان (3)
الساقي عبدا، وإن كان حرا فبنفس واحد.
وروي أن العب يورث الكباد - بضم الكاف - وهو وجع الكبد،
والشرب قائما.
ويستحب إجابة الداعي ولو على خمسة أميال. ولو دعاه المنافق أو الكافر
امتنع.
وتكره الإجابة في خفض الجواري.
وتستحب التسمية عند الابتداء وعلى كل لون، أو يقول بسم الله على أوله
وآخره والحمد لله عند الفراغ. ولو نسي التسمية فليقل عند الذكر بسم الله أوله
وآخره، ورخص في تسمية واحد عن الباقين وروي (5) عن الصادق
عليه السلام.
ويستحب تكرار الحمد في الأثناء لا الصمت، وأن يقول إذا فرغ الحمد لله
الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأيدنا وآوانا وأنعم علينا وأفضل الحمد لله يطعم ولا
يطعم.

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 421.
(2) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الأشربة المباحة ح 3 ج 17 ص 195.
(3) في باقي النسخ: إن كان.
(4) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الأشربة المباحة ح 1 ج 17 ص 188.
(5) وسائل الشيعة: باب 59 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 486.
27

ويستحب غسل اليد قبل الطعام، ولا يمسحها فإنه لا تزال البركة في
الطعام ما دامت النداوة في اليد، ويغسلها بعده ويمسحها.
وقال علي عليه السلام (1): غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في
العمر، وإماطة للغمر عن الثياب، ويجلو البصر.
وقال الصادق عليه السلام (2): من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في
سعة، وعوفي من بلوى جسده.
ويستحب جمع غسالة الأيدي في إناء لحسن الخلق، وبدأة صاحب الطعام
أولا ورفعه أخيرا. والابتداء في الغسل بمن على يمينه دورا.
وعن الصادق عليه السلام (3) يبدأ صاحب المنزل بالغسل الأول، ثم يبدأ
بمن على يمينه، وإذا رفع الطعام بدأ بمن على يساره، ويغسل هو أخيرا. والدعاء
لصاحب الطعام.
وليتحر ما كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وآله (4) طعم عندكم
الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة الأخيار.
وإذا حضر الطعام والصلاة فالأفضل أن يبدأ بها مع سعة وقتها، إلا أن
ينتظره غيره، لا مع ضيقه مطلقا.
ويستحب الاستلقاء بعد الطعام على قفاه، ووضع رجله اليمنى على
اليسرى، وما رواه العامة (5) بخلاف ذلك من الخلاف.
ويكره قطع الخبز بالسكين.

(1) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب آداب المائدة ح 6 ج 16 ص 471.
(2) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب آداب المائدة ح 5 ج 16 ص 471.
(3) وسائل الشيعة: باب 50 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 474.
(4) وسائل الشيعة: باب 59 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 486.
(5) كنز العمال: ح 41954 ج 15 ص 493.
28

ويحرم الأكل والشرب على مائدة يشرب عليها مسكر أو فقاع، وعداه
الفاضل رحمه الله (1) إلى الاجتماع للفساد (2) واللهو، وقال ابن إدريس (3) لا يجوز
الأكل من طعام يعصى الله به أو عليه.
ويكره نهك العظام أي المبالغة في أكل ما عليها فإن للجن منها (4) نصيبا،
فإن فعل ذهب من البيت ما هو خير منه (5).
وروي (6) كراهة إدمان اللحم، وأن له ضراوة كضراوة الخمر، وكراهة
تركه أربعين يوما، وأنه يستحب في كل ثلاثة أيام، ولو دام عليه أسبوعين
ونحوها لعلة أو في الصوم فلا بأس، ويكره أكله في اليوم مرتين، وأكله غريضا
يعني نيا أي غير نضيج - وهو بكسر النون والهمزة - وفي الصحاح (7) الغريض
الطري.
وعن الكاظم عليه السلام (8) اللحم ينبت اللحم، والسمك يذيب الجسد
والدباء - بضم الدال والتشديد والمد - وهو القرع يزيد في الدماغ، وكثرة أكل
البيض يزيد في الولد، وما استشفى مريض بمثل العسل، ومن أدخل جوفه لقمة
شحم أخرجت مثلها من الداء.
ويستحب الشرب في الأيدي، ومما يلي شفة الإناء لا مما يلي عروته أو
ثلمته، وإعداد الخلال للضيف والتخلل، وقذف ما أخرجه الخلال، وابتلاع

(1) القواعد: ج 2 ص 160.
(2) في (م): على الفساد، وفي (ق): إلى الفساد.
(3) السرائر: ج 3 ص 136.
(4) في (م) و (ق): منه.
(5) في باقي النسخ: من ذلك.
(6) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 32.
(7) الصحاح: ج 3 ص 1094.
(8) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب الأطعمة المباحة ح 7 ج 17 ص 56.
29

ما أخرجه اللسان [ويكره التخلل بقصب أو عود ريحان أو آس أو خوص أو
رمان] (1).
ويستحب البدأة (2) بالملح والختم به وروي (3) الختم بالخل، وتتبع ما يقع من
الخوان في البيت، وتركه في الصحراء ولو فخذ شاة.
وعن الحسن بن علي بن فاطمة عليهم السلام (4) في المائدة اثنتا عشرة
خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها، أربع منها فرض، وأربع منها سنة، وأربع
منها تأديب، فالفرض المعرفة (5) والرضا والتسمية والشكر، وأما السنة فالوضوء
قبل الطعام والجلوس على الجانب الأيسر والأكل بثلاث أصابع ولعق
الأصابع، وأما التأديب فالأكل مما يليك، وتصغير اللقمة، والمضخ الشديد،
وقلة النظر في وجوه الناس.
وعن الصادق عليه السلام (6) ينبغي للشيخ الكبير أن لا ينام إلا وجوفه
ممتلئ من الطعام، فإنه أهدى (7) لنومه وأطيب لنكهته.
ويستحب كثرة الأيدي على الطعام، وعرض الطعام على من يحضره من
إخوانه، فإن امتنع فشرب الماء فإن امتنع عرض عليه الوضوء.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله (8) من تكرمة الرجل لأخيه أن يقبل
تحفته وأن يتحفه بما عنده ولا يتكلف له شيئا.

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في (م) و (ق).
(2) في (م): والبدأ.
(3) وسائل الشيعة: باب 96 من أبواب آداب المائدة ح 3 و 4 ج 16 ص 523.
(4) وسائل الشيعة: باب 112 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 648.
(5) في باقي النسخ: فأما الفرض فالمعرفة.
(6) وسائل الشيعة: باب 48 من أبواب آداب المائدة ح 5 ج 16 ص 470.
(7) في (م): أهدأ.
(8) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 431.
30

وعن الصادق عليه السلام (1) هلك لامرئ احتقر لأخيه ما حضره وهلك
لامرئ احتقر من أخيه ما قدم إليه.
وروى هشام بن سالم (2) عنه عليه السلام إذا أتاك أخوك فأته بما عندك،
وإذا دعوته فتكلف له.
وقال عليه السلام (3): أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا.
وقال عليه السلام (4): إذا وسع علينا وسعنا وإذا قتر قترنا.
وقال عليه السلام (5): ليس في الطعام سرف.
وقال عليه السلام (6) لشهاب بن عبد ربه إعمل طعاما وتنوق فيه - أي
أحكمه - وادع عليه أصحابك، وكان عليه السلام (7) يجيد طعامه لإخوانه، وأولم
أبو الحسن عليه السلام (8) فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيام الفالوذج.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله (9) عن طعام وليمة يحضرها الأغنياء
ويترك الفقراء.
وقال الصادق عليه السلام (10): ما من عرس ينحر فيه أو يذبح إلا بعث الله
ملكا معه قيراط من مسك الجنة حتى يديفه فيه - بالدال المهملة - أي يسحقه.

(1) وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 431.
(2) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 432.
(3) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 437.
(4) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 444.
(5) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 444.
(6) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 447.
(7) ب 26 من أبواب آداب المائدة ح 22 ج 16 ص 538.
(8) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 451.
(9) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 446.
(10) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 451.
31

وقال عليه السلام (1): أن العرس تهب فيه رائحة الجنة لاتخاذه بحلال (2).
وقال الباقر عليه السلام (3): إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من
إخوانه حتى يرحل.
وقال (4) رسول الله صلى الله عليه وآله (5): الضيف يلطف أي يبر ليلتين
وفي الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما أدرك.
ونهى (6) أن يستخدم الضيف، وإذا نزل يعان ولا يعان على رحيله وليزود
ويطيب زاده.
وفي الضيافة أجر كثير قال رسول الله صلى الله عليه وآله (7): الصيف (8)
يجئ برزقه فإذا أكل غفر الله لهم.
وقال عليه السلام (9): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه،
ويستحب الأكل معه ليلقي (10) الحشمة.
وقال عليه السلام (11): اللهم بارك لنا في الخبز، وقال عليه السلام (12).

(1) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 452.
(2) في (م): الحلال، وفي (ق) لحلال.
(3) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 455.
(4) في باقي النسخ: وعن رسول الله.
(5) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 456.
(6) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 358.
(7) وسائل الشيعة: باب 39 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 458.
(8) غير موجودة هذه الكلمة في باقي النسخ.
(9) وسائل الشيعة: باب 40 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 460.
(10) في (م): ليكفي.
(11) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب مقدماتها ح 6 ج 12 ص 17.
(12) وسائل الشيعة: باب 79 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 505.
32

أكرموا الخبز فإنه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض، والأرض وما فيها.
ونهى الصادق عليه السلام (1) عن وضع الرغيف تحت القصعة، وقال
عليه السلام (2): في إكرام الخبز إذا وضع فلا تنظروا (3) غيره، ومن كرامته أن
لا يوطأ ولا يقطع.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله (4) عن شمه وقال (5): إذا أتيتم بالخبز
واللحم فابدؤا بالخبز.
وقال عليه السلام (6): صغروا رغفانكم فإنه مع كل رغيف بركة، ونهى
الصادق عليه السلام (7) عن قطعه بالسكين.
وعن الرضا عليه السلام (8) فضل خبز الشعير على البر كفضلنا على الناس،
ما من نبي إلا وقد دعى لأكل خبز الشعير وبارك عليه، وما دخل جوفا إلا
وأخرج كل داء فيه، وهو قوت الأنبياء وطعام الأبرار.
وروي (9) إطعام المسلول والمبطون خبز الأرز.
وفي السويق ونفعه أخبار (10) جمة، وفسره الكليني (11) بسويق الحنطة.

(1) وسائل الشيعة: باب 81 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 510.
(2) وسائل الشيعة: باب 83 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 511.
(3) في باقي النسخ: فلا ينتظر به.
(4) وسائل الشيعة: باب 85 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 512.
(5) وسائل الشيعة: باب 85 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 513.
(6) وسائل الشيعة: باب 86 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 513.
(7) وسائل الشيعة: باب 84 من أبواب آداب المائدة ح 5 ج 16 ص 512.
(8) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 17 ص 4.
(9) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب آداب المائدة ح 1 و 3 ج 17 ص 5.
(10) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الأطعمة المباحة ج 17 ص 5.
(11) الكافي: كتاب الأطعمة باب الأسوقة وفضل سويق الحنطة ج 6 ص 305.
33

وقال الصادق عليه السلام (1): سويق العدس يقطع العطش ويقوي المعدة،
وفيه شفاء من سبعين داء، ومن يتخم فليتغد وليتعش، ولا يأكل بينهما شيئا.
ويكره ترك العشاء لما روي (2) أن تركه خراب البدن، وقال الصادق
عليه السلام (3): من ترك العشاء ليلة السبت وليلة الأحد متواليين ذهبت (4)
منه قوة لم ترجع إليه أربعين يوما.
وقال عليه السلام (5): العشاء بعد العشاء الآخرة عشاء النبيين صلوات الله
عليهم.
وقال عليه السلام (6): مسح الوجه بعد الوضوء يذهب بالكلف - وهو شئ
يعلو الوجه كالسمسم أو لون بين الحمرة والسواد - ويزيد في الرزق، وأمر (7) بمسح
الحاجب، وأن يقول الحمد لله المحسن المجمل المنعم المفضل فلا ترمد عيناه.
ويكره مسح اليد بالمنديل وفيها شئ من الطعام تعظيما له حتى يمصها.
ويستحب الأكل مما يليه، وأن لا يتناول من قدام غيره شيئا.
وقال الصادق عليه السلام (8): أن الرجل إذا أراد أن يطعم فأهوى بيده
وقال بسم الله والحمد لله رب العالمين غفر الله له قبل أن تصير اللقمة إلى فيه.
وقال علي عليه السلام (9): لا تأكلوا من رأس الثريد وكلوا من جوانبه، فإن

(1) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 10.
(2) وسائل الشيعة: باب 46 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 466.
(3) وسائل الشيعة: باب 46 من أبواب آداب المائدة ح 4 ج 16 ص 467.
(4) في (م): ذهب.
(5) وسائل الشيعة: باب 47 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 468.
(6) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 478.
(7) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 478.
(8) وسائل الشيعة: باب 56 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 480.
(9) وسائل الشيعة: باب 65 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 494.
34

البركة في رأسه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله (1) يلطع القصعة - أي يمسحها ومن
لطع قصعة فكأنما تصدق بمثلها.
ويستحب الأكل بجميع الأصابع، وروي (2) أن رسول الله صلى الله عليه
وآله كان يأكل بثلاث أصابع، ويكره الأكل بإصبعين. ويستحب مص
الأصابع.
ولا بأس بكتابة سورة التوحيد في القصعة.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله (3) إذا أكل لقم من بين عينيه، وإذا
شرب سقى من عن يمينه.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام (4): كلوا ما يسقط من الخوان فإنه شفاء من
كل داء، وروي (5) أنه ينفي الفقر، ويكثر الولد، وذهب (6) بذات الجنب.
ومن وجد (7) كسرة فأكلها فله حسنة، وإن غسلها من قذر وأكلها فله
سبعون حسنة.
[208]
درس
وثامنها: منافع أطعمه مأثورة عنهم عليهم السلام.

(1) وسائل الشيعة: باب 67 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 496.
(2) وسائل الشيعة: باب 68 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 497.
(3) وسائل الشيعة: باب 71 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 498.
(4) وسائل الشيعة: باب 76 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 502.
(5) وسائل الشيعة: باب 76 من أبواب آداب المائدة ح 4 ج 16 ص 502.
(6) وسائل الشيعة: باب 76 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 501.
(7) وسائل الشيعة: باب 77 من أبواب آداب المائدة ح 3 ج 16 ص 504.
35

قد مر مدح الخبز، وروي (1) مدح لحم الضأن عن الرضا عليه السلام.
وروي (2) أن أكل اللحم يزيد في السمع والبصر، وأكله (3) بالبيض يزيد
في الباه، وأنه (4) سيد طعام (5) الدنيا والآخرة.
وعن الباقر عليه السلام (6) لحم البقر بالسلق يذهب البياض.
وعن علي عليه السلام (7) وقد قال: عمر أن أطيب اللحمان لحم الدجاج،
كلا تلك خنازير الطير إن أطيب اللحم لحم الفرخ قد نهض أو كاد ينهض.
وعن الكاظم عليه السلام (8) لحم القبج يقوي الساقين ويطرد الحمى.
وعن أبي الحسن عليه السلام (9) القديد لحم سوء يهيج كل داء.
عن الصادق عليه السلام (10) شيئان صالحان الرمان والماء الفاتر، وشيئان
فاسدان الجبن والقديد.
وعنه عليه السلام (11) ثلاث لا يؤكلن ويسمن استشعار الكتان والطيب
والنورة، وثلاث يؤكلن ويهزلن - بكسر الزاء - اللحم اليابس والجبن والطلع.
وعن الصادق عليه السلام (12) الجبن ضار بالغداة نافع بالعشي، ويزيد في

(1) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 27.
(2) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 26.
(3) وسائل الشيعة: باب 39 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 57.
(4) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الأطعمة المباحة ح 11 ج 17 ص 27.
(5) في باقي النسخ: سيد الطعام في الدنيا.
(6) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 28.
(7) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 30.
(8) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب الأطعمة المباحة ج 1 ج 17 ص 33.
(9) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 38.
(10) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 38.
(11) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب الأطعمة المباحة ح 5 ج 17 ص 38.
(12) وسائل الشيعة: باب 62 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 92.
36

ماء الظهر.
وعنه عليه السلام (1) الجبن والجوز إذا اجتمعا كانا دواء، وإذا افترقا
كانا داء، وروي (2) أن الجبن كان يعجبه عليه السلام.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام (3) أكل الجوز في شدة الحر يهيج الحر في
الجوف ويهيج القروح على الجسد، وأكله في الشتاء يسخن الكليتين ويمنع (4)
البرد.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله (5) يعجبه من اللحم الذراع، ويكره
الورك لقربها من المبال.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام (6) إذا ضعف المسلم فليأكل اللحم باللبن،
وفي رواية عن الصادق عليه السلام (7) أنه اللبن الحليب.
وعن النبي صلى الله عليه وآله (8) مدح الثريد، وعن الصادق
عليه السلام (9) أطفئوا نائرة الضغائن باللحم والثريد.
وعن أبي الحسن عليه السلام (10) فيمن شكا إليه مرضا فأمره بأكل
الكباب - بفتح الكاف -، قال الجوهري (11): هو الطباهج، وكأنه المقلى، وربما

(1) وسائل الشيعة: باب 63 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 93.
(2) وسائل الشيعة: باب 61 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 91.
(3) وسائل الشيعة: باب 65 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 94.
(4) في باقي النسخ: ويدفع.
(5) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 39.
(6) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 40.
(7) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 41.
(8) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب الأطعمة المباحة ح 5 ج 17 ص 46.
(9) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 47.
(10) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 48.
(11) الصحاح: ج 1 ص 208.
37

جعل ما يقلى على الفحم، وروي (1) أنه يزيل الصفرة ويذهب بالحمى، ومدح
الصادق عليه السلام (2) الرأس.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام (3) عليكم بالهريسة فإنها تنشط للعبادة
أربعين يوما، وشكى رسول الله صلى الله عليه وآله (4) إلى ربه وجع الظهر فأمره
بأكل الهريسة، وشكى نبي (5) الضعف وقلة الجماع فأمره بأكلها.
وروي (6) أنا وشيعتنا خلقنا من الحلاوة فنحن نحب الحلاوة.
ويكره الطعام الحار، لنهي النبي صلى الله عليه (7) وآله، والبركة في
البارد.
ويستحب لمن بات وفي جوفه سمك أن يتبعه بتمر أو عسل ليدفع الفالج،
وروي (8) أنه يذيب الجسد.
وشكا رجل (9) إلى أبي الحسن عليه السلام قلة الولد فقال: استغفر الله
وكل البيض بلا مقل، وروي (10) للنسل اللحم والبيض.
وروي (11) أن الخل والزيت طعام الأنبياء، وأنه كان أحب الصباغ إلى

(1) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 48.
(2) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 49.
(3) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 49.
(4) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 50.
(5) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 49.
(6) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 52.
(7) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب آداب المائدة ح 4 ج 16 ص 516.
(8) وسائل الشيعة: باب 38 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 56.
(9) وسائل الشيعة: باب 39 من أبواب الأطعمة المباحة ح 6 ج 17 ص 58، وفيه: (بالبصل).
(10) وسائل الشيعة: باب 39 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 57.
(11) وسائل الشيعة: باب 43 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 63.
38

رسول الله صلى الله عليه وآله الخل والزيت، والصباغ جمع صبغ - بالكسر - وهو
ما يصطبغ به من الأدام أي يغمس فيه الخبز، وكان أمير المؤمنين عليه السلام (1)
يكثر أكلهما، وعن النبي صلى الله عليه وآله (2) نعم الأدام الخل ما افتقر بيت
فيه خل.
وروي (3) أن يشد الذهن ويزيد في العقل ويكسر المرة ويحيي القلب
ويقتل دواب البطن ويشد الفم، ويقطع شهوة الزنا الاصطباغ به، وعين في
بعضها خل الخمر.
والمري أدام يوسف عليه السلام (4) لما شكا إلى ربه وهو في السجن أكل
الخبز وحده، فأمره أن يأخذا الخبز ويجعل في خابية ويصب عليه الماء والملح،
وهو المري.
وعن النبي صلى الله عليه وآله (5) كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة
مباركة.
وعن الصادق عليه السلام (6) الزيتون يطرد الرياح، ويزيد في الماء.
وما استشفى الناس (7) بمثل العسل وهو شفاء من كل داء.
والسكر ينفع (8) من كل شئ ولا يضر شيئا، وأكل سكرتين (9) عند النوم

(1) وسائل الشيعة: باب 43 من أبواب الأطعمة المباحة ح 9 ج 17 ص 64.
(2) وسائل الشيعة: باب 44 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 66.
(3) وسائل الشيعة: باب 44 و 45 من أبواب الأطعمة المباحة ج 17 ص 65 و 69.
(4) وسائل الشيعة: باب 46 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 70.
(5) وسائل الشيعة: باب 47 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 71.
(6) وسائل الشيعة: باب 48 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 و 4 ج 17 ص 72 و 73.
(7) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 و 8 ج 17 ص 73 و 74.
(8) وسائل الشيعة: باب 50 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 76.
(9) وسائل الشيعة: باب 51 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 79.
39

يزيل الوجع.
والسكر بالماء (1) البارد جيد للمريض، والسكر يزيل البلغم.
والسمن دواء (2) وخصوصا في الصيف، وروي (3) من بلغ الخمسين
لا يبيتن وفي جوفه شئ منه، ونهى (4) عنه الشيخ وأمر بأكل الثريد.
ومدح النبي صلى الله عليه وآله اللبن، وقال (5): إنه طعام المرسلين، ولبن
الشاة (6) السوداء خير من لبن الحمراء، ولبن البقرة الحمراء خير من لبن
السوداء، وروي (7) أن اللبن ينبت اللحم ويشد العضد، وعن أبي الحسن
عليه السلام (8) لماء الظهر اللبن الحليب والعسل.
وعن علي عليه السلام (9) ألبان البقر دواء وينفع (10) للذرب، وعن
رسول الله صلى الله عليه وآله (11) عليكم بألبان البقر فإنها تخلط من الشجر.
وعن أبي الحسن عليه السلام (12) في النانخواه إنها هاضومة.
وعن الصادق عليه السلام (13) نعم الطعام الأرز يوسع الأمعاء، ويقطع البواسير.

(1) وسائل الشيعة: باب 52 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 و 4 ج 17 ص 80 و 81.
(2) وسائل الشيعة: باب 53 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 81.
(3) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 82.
(4) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 82.
(5) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 83.
(6) وسائل الشيعة: باب 56 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 85.
(7) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب الأطعمة المباحة ح 6 ج 17 ص 84.
(8) وسائل الشيعة: باب 56 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 85.
(9) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 86.
(10) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 86.
(11) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 86.
(12) وسائل الشيعة: باب 58 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 87.
(13) وسائل الشيعة: باب 66 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 95.
40

وروي (1) أن الحمص بارك فيه سبعون نبيا، وإنه جيد لوجع الظهر.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام (2) أكل العدس يرق القلب ويسرع الدمعة.
وروي (3) أن أكل الباقلاء يمخ الساقين - أي يجري فيهما المخ ويسمنها (4)
ويزيد في الدماغ، ويولد الدم الطري، وأن أكله بقشره يدبغ المعدة.
وأن اللوبيا (5) تطرد الرياح المستبطنة، وأن طبيخ الماش يذهب بالبهق.
وروي (6) أن النبي وعليا والحسنين وزين العابدين والباقر والصادق
والكاظم عليهم الصلاة والسلام كانوا يحبون التمر، وأن شيعتهم تحبه، وأن
البرني (7) يشبع ويهني ويمري ويذهب بالعياء، ومع كل تمرة حسنة، وهو الدواء
الذي لا داء له. ويكره تقشير التمرة (8).
وروي (9) أن العنب الرازقي والرطب (10) المشان والرمان الأملسي من فواكه
الجنة.
وأن أكل (11) العنب الأسود يذهب الغم. وليؤكل العنب مثنى (12)،

(1) وسائل الشيعة: باب 67 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 و 4 ج 17 ص 97 و 98.
(2) وسائل الشيعة: باب 68 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 99.
(3) وسائل الشيعة: باب 69 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 3 ج 17 ص 100 و 101.
(4) في (م) و (ز): ويسمنهما.
(5) وسائل الشيعة: باب 70 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 2 ج 17 ص 101.
(6) وسائل الشيعة: باب 73 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 105.
(7) وسائل الشيعة: باب 73 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 105.
(8) في (م): الثمرة كما في الوسائل والمحاسن.
(9) وسائل الشيعة: باب 79 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 2 ج 17 ص 113 و 114.
(10) في باقي النسخ: ورطب.
(11) وسائل الشيعة: باب 83 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 117.
(12) وسائل الشيعة: باب 97 من أبواب آداب المائدة ح 1 ج 16 ص 523.
41

وروي (1) فرادى أمرأ وأهنأ، وروي (2) شيئان يؤكلان باليدين جميعا العنب والرمان.
والاصطباح (3) بإحدى وعشرين زبيبة حمراء تدفع الأمراض، وهو يشد
العصب (4)، ويذهب بالنصب، ويطيب النفس.
والتين (5) أشبه شئ بنبات الجنة، ويذهب الداء (6)، ولا يحتاج معه إلى
دواء، وهو يقطع (7) البواسير ويذهب النقرس.
والرمان (8) سيد الفواكه، وكان أحب (9) الثمار إلى النبي صلى الله عليه
وآله يمري الشبعان ويجزي الجائع، وفي كل رمانة (10) حبة من الجنة فلا يشارك
الأكل فيها، ويحافظ (11) على حبها بأسره، وأكله (12) بشحمه دباغ المعدة،
وأكله (13) يذهب وسوسة الشيطان، وينير القلب، ومدح رمان سوري (14)، وأكل
رمانة (15) يوم الجمعة على الريق تنور أربعين صباحا، والرمانتان ثمانون،

(1) وسائل الشيعة: باب 97 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 524.
(2) المحاسن: باب 120 ص 556.
(3) وسائل الشيعة: باب 98 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 523.
(4) وسائل الشيعة: باب 84 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 118.
(5) وسائل الشيعة: باب 95 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 چ 17 ص 133.
(6) في (م): بالداء.
(7) المكارم: ص 173.
(8) وسائل الشيعة: باب 85 من أبواب الأطعمة المباحة ح 11 ج 17 ص 120.
(9) وسائل الشيعة: باب 85 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 119.
(10) وسائل الشيعة: باب 99 من أبواب آداب المائدة ح 4 ج 16 ص 525.
(11) وسائل الشيعة: باب 100 من أبواب آداب المائدة ج 16 ص 526.
(12) وسائل الشيعة: باب 87 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 122.
(13) وسائل الشيعة: باب 85 من أبواب الأطعمة المباحة ح 8 ج 17 ص 120.
(14) وسائل الشيعة: باب 88 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 3 ج 17 ص 124.
(15) وسائل الشيعة: باب 102 من أبواب آداب المائدة ح 2 ج 16 ص 530.
42

والثلاث مائة وعشرون فلا وسوسة فلا معصية، ودخان عوده (1) ينفي الهوام.
والتفاح (2) ينفع من السم والسحر واللمم والبلغم، وأكله (3) يقطع
الرعاف، وخصوصا سويقه، وسويقه (4) ينفع من السم.
والسفرجل (5) يذكي ويشجع ويصفي اللون ويحسن الولد ويذهب الغم
وينطق آكله بالحكمة، وما بعث الله نبيا إلا ومعه رائحة السفرجل.
والكمثرى (6) يجلوا القلب ويدبغ المعدة، وخصوصا على الشبع.
والإجاص (7) يطفي الحرارة ويسكن الصفراء، ويابسه يسكن الدم ويسل
الداء.
ويؤكل الأترج (8) بعد الطعام، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يعجبه
النظر إلى الأترج الأخضر.
والغبيراء (9) تدبغ المعدة وأمان من البواسير ويقوي الساقين، وكان
رسول الله صلى الله عليه (10) وآله يأكل الرطب بالبطيخ.
* * *

(1) وسائل الشيعة: باب 88 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 124.
(2) وسائل الشيعة: باب 89 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 125.
(3) وسائل الشيعة: باب 90 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 126.
(4) وسائل الشيعة: باب 92 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 128.
(5) وسائل الشيعة: باب 93 من أبواب الأطعمة المباحة ج 17 ص 129.
(6) وسائل الشيعة: باب 96 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 133.
(7) وسائل الشيعة: باب 97 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 134.
(8) وسائل الشيعة: باب 99 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 و 4 ج 17 ص 136.
(9) وسائل الشيعة: باب 101 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 137.
(10) وسائل الشيعة: باب 102 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 138.
43

[209]
درس
في البقول وغيرها
يستحب أن يؤتى بالبقل الأخضر على المائدة تأسيا بأمير المؤمنين
عليه السلام (1).
وسبع ورقات (2) من الهندباء أمان من القولنج ليلته وعلى كل ورقة (3)
قطرة من الجنة، فليؤكل ولا ينفض، وهو يزيد (4) في الباه ويحسن الولد وفيه
شفاء (5) من ألف داء.
والباذروج (6) يفتح السدد ويشهي الطعام ويذهب بالسل ويهضم الطعام،
وكان يعجب أمير المؤمنين عليه السلام (7) والكراث (8) ينفع من الطحال فيؤكل
ثلاثة أيام: ويطيب النهكة، ويطرد الرياح، ويقطع البواسير، وهو أمان من
الجذام، وكان أمير المؤمنين عليه السلام (9) يأكله بالملح.
وعن النبي صلى الله عليه وآله (10) عليكم بالكرفس فإنه طعام إلياس

(1) وسائل الشيعة: باب 104 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 140.
(2) وسائل الشيعة: باب 106 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 143.
(3) وسائل الشيعة: باب 107 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 145.
(4) وسائل الشيعة: باب 105 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 141.
(5) وسائل الشيعة: باب 106 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 144.
(6) وسائل الشيعة: باب 109 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 148، وليس فيه (ويهضم
الطعام).
(7) وسائل الشيعة: باب 108 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 146.
(8) وسائل الشيعة: باب 110 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 2 ج 17 ص 149.
(9) المكارم: ص 178.
(10) وسائل الشيعة: باب 113 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 153.
44

واليسع ويوشع، وروي (1) أنه يورث الحفظ، ويذكي القلب، وينفي الجنون
والجذام والبرص.
ولا بقلة (2) أشرف من الفرفخ - بالخاء المعجمة وفتح الفائين - وهي بقلة
فاطمة عليها السلام والخس (3) يصفي الدم، والسداب يزيد في العقل. والجرجير (4) بقل بني
أمية، وهو مذموم.
والسلق (5) يدفع الجذام والبرسام - بكسر الباء -، وعن الصادق
عليه السلام (6) رفع عن اليهود الجذام بأكل السلق وقلع العروق، وروي (7) نعم
البقلة السلق، تنبت بشاطئ الفردوس، وفيها شفاء من الأوجاع كلها، وتشد
العصب، وتطهر الدم، وتغلظ العظم.
والكماة (8) من المن وماؤها شفاء العين.
والدبا (9) يزيد في العقل والدماغ، وكان يعجب النبي صلى الله عليه وآله.
وأصل الفجل (10) يقطع البلغم وورقه يحدر البول.
والجوز (11) أمان من القولنج والبواسير ويعين على الجماع.

(1) لم نعثر عليها في المصادر المتوفرة لدينا.
(2) وسائل الشيعة: باب 114 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 153.
(3) وسائل الشيعة: باب 115 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 2 ج 17 ص 154.
(4) وسائل الشيعة: باب 116 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 و 9 ج 17 ص 155.
(5) وسائل الشيعة: باب 117 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 158.
(6) وسائل الشيعة: باب 117 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 158.
(7) وسائل الشيعة: باب 117 من أبواب الأطعمة المباحة ح 8 ج 17 ص 159.
(8) وسائل الشيعة: باب 118 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 159.
(9) وسائل الشيعة: باب 120 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 و 3 و 4 ج 17 ص 161.
(10) وسائل الشيعة: باب 121 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 163.
(11) وسائل الشيعة: باب 122 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2 ج 17 ص 164.
45

والسلجم (1) - بالسين المهملة والشين المعجمة، وصحح بعضهم بالمهملة
لا غير - يذيب الجذام.
وكان النبي صلى الله عليه وآله (2) يأكل القثاء بالملح ويؤكل من أسفله
فإنه أعظم لبركته.
والباذنجان (3) للشاب والشيخ، وينفي الداء ويصلح الطبيعة.
والبصل (4) يزيد في الجماع ويذهب البلغم ويشد الصلب ويذهب الحمى
ويطرد (5) الوباء - بالقصر والمد -.
والصعتر (6) على الريق يذهب الرطوبة ويجعل للمعدة خملا - بسكون الميم -.
والتخلل (7) يصلح اللثة ويطيب الفم، ونهى (8) من التخلل بالخوص
والقصب والريحان فإنهما يهيجان عرق الجذام، وعن التخلل بالرمان والآس.
وغسل الفم (9) بالسعد - بضم العين - بعد الطعام يذهب علل الفم ويذهب
بوجع الأسنان.
والماء (10) سيد الشراب في الدنيا والآخرة، وطعمه طعم الحياة، ويكره

(1) وسائل الشيعة: باب 123 من أبواب الأطعمة المباحة ج 17 ص 164.
(2) وسائل الشيعة: باب 124 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 2 ج 17 ص 166.
(3) وسائل الشيعة: باب 125 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 ج 17 ص 167.
(4) وسائل الشيعة: باب 126 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 168.
(5) وسائل الشيعة: باب 127 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 169.
(6) وسائل الشيعة: باب 130 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 و 2 ج 17 ص 172.
(7) وسائل الشيعة: باب 104 من أبواب آداب المائة ج 16 ص 531.
(8) وسائل الشيعة: باب 105 من أبواب آداب المائدة ج 16 ص 533.
(9) وسائل الشيعة: باب 107 من أبواب آداب المائدة ح 2 و 3 ج 16 ص 536.
(10) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الأشربة المباحة ح 3 و 6 ج 17 ص 186.
46

الإكثار (1) منه، وعبه أي شربه بغير مص، ويستحب مصه.
وروي (2) من شرب الماء فنحاه وهو يشتهيه فحمد الله يفعل ذلك ثلاثا
وجبت له الجنة. وروي (3) بسم الله في المرات الثلاث في ابتدائه.
وعن الصادق عليه السلام (4) إذا شرب الماء يحرك الإناء ويقال يا ماء أن
ماء زمزم وماء الفرات يقرآنك السلام.
وماء زمزم (5) شفاء من كل داء، وهو دواء مما شرب له، وماء الميزاب (6)
شفاء للمريض، وماء السماء (7) يدفع الأسقام.
ونهى (8) عن أكل البرد، لقوله تعالى: (يصيب به من يشاء).
وماء الفرات (9) يصب فيه ميزابان من الجنة، وتحنيك الولد به يحببه إلى
الولاية، وعن الصادق عليه السلام (10) تفجرت العيون من تحت الكعبة.
وماء نيل مصر (11) يميت القلوب، والأكل في فخارها (12)، وغسل الرأس
بطينها يذهب بالغيرة ويورث الدياثة.

(1) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الأشربة المباحة ح 1 ج 17 ص 188.
(2) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الأشربة المباحة ح 1 ج 17 ص 198.
(3) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الأشربة المباحة ح 4 ج 17 ص 199.
(4) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الأشربة المباحة ح 5 ج 17 ص 199.
(5) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الأشربة المباحة ح 2 و 3 ج 17 ص 206.
(6) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب الأشربة المباحة ح 1 ج 17 ص 208.
(7) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب الأشربة المباحة ح 2 ج 17 ص 210.
(8) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب الأشربة المباحة ح 3 ج 17 ص 211.
(9) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب الأشربة المباحة ح 1 ج 17 ص 211.
(10) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الأشربة المباحة ح 4 ج 17 ص 207.
(11) وسائل الشيعة: باب 26 من أبواب الأشربة المباحة ح 3 ج 17 ص 215.
(12) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الأشربة المباحة ح 3 ج 17 ص 202.
47

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله (1) يعجبه الشرب في القدح الشامي
والشرب (2) في اليدين أفضل.
ومن شرب الماء (3) فذكر الحسين ولعن قاتله كتب الله له مائة ألف
حسنة، وحط عنه مائة ألف سيئة، ورفع له مائة ألف درجة، وكأنما أعتق مائة
ألف نسمة.
[210]
درس
ملتقط من طب الأئمة عليهم السلام
تستحب الحجامة في الرأس فإن فيها شفاء من كل داء (4)، وتكره الحجامة
في الأربعاء والسبت خوفا من الوضح، إلا أن يتبيغ به الدم أي يهيج فيحتجم
متى شاء، ويقرأ آية الكرسي، ويستخير الله، ويصلي على النبي وآله صلى الله
عليه وآله (5) وروي (6) أن الدواء في الحجامة والنورة والحقنة والقئ.
وروي (7) مداواة الحمى بصب الماء فإن شق فليدخل يده في ماء بارد.
ومن اشتد (8) وجعه قرأ على قدح فيه ماء الحمد أربعين مرة ثم يضعه عليه،
وليجعل المريض (9) عنده مكيلا فيه بر ويناول السائل منه بيده (10)، ويأمره أن

(1) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الأشربة المباحة ح 2 ج 17 ص 202.
(2) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الأشربة المباحة ح 1 ج 17 ص 205.
(3) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب الأشربة المباحة ح 1 ج 17 ص 216.
(4) وسائل الشيعة: باب 136 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4 ج 17 ص 181.
(5) نقلا بالمضمون، من طب الأئمة: ص 56، وقرب الإسناد: ص 162.
(6) طب الأئمة: ص 55.
(7) مكارم الأخلاق: ص 156.
(8) دعوات الراوندي: ص 189.
(9) طب الأئمة: ص 53.
(10) في (م): من يده.
48

يدعو له فيعافى إن شاء الله تعالى.
والاكتحال (1) بالأثمد - بكسر الهمزة والميم - عند النوم يذهب القذى
ويصفي البصر.
وأكل (2) الحبة السوداء شفاء من كل داء.
والحرمل (3) - بالحاء المهملة المفتوحة والراء المهملة والميم المفتوحة - شفاء من
سبعين داء، وهو يشجع الجبان ويطرد الشيطان.
والسنا - بالقصر - دواء (4)، وكذا الحلبة (5).
والريح الطيبة (6) تشد العقل، وتزيد في الباه.
والبنفسج (7) أفضل الأدهان. وقراءة القرآن (8) والسواك والصيام يذهبن.
النسيان، ويحددن الفكر.
والدعاء (9) في حال السجود يزيل العلل، ومسح اليد (10) على المسجد ثم
مسحها على العلة كذلك.
وعلم رسول الله صلى الله عليه وآله (11) عليا عليه السلام للحمى اللهم ارحم

(1) مكارم الأخلاق: ص 46.
(2) طب الأئمة: ص 51 و 68 نقلا بالمضمون.
(3) طب الأئمة: ص 68 نقلا بالمضمون.
(4) مكارم الأخلاق: 188.
(5) وسائل الشيعة: ب 132 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 175.
(6) وسائل الشيعة: ب 89 من أبواب آداب الحمام ح 9 ج 2 ص 441.
(7) طب الأئمة: ص 93.
(8) مكارم الأخلاق: ص 51 و 166.
(9) مصباح الكفعمي: ص 148.
(10) مصباح الكفعمي: ص 148.
(11) دعوات الراوندي: ص 193.
49

جلدي الرقيق وعظمي الدقيق وأعوذ بك من فورة الحريق يا أم ملدم - بكسر الميم
وفتح الدال - إن كنت آمنت بالله فلا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم ولا تفوري
من الفم وانتقلي إلى من يزعم أن مع الله إلها آخر فإني أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فقالها لها فعوفي من ساعته،
قال الصادق عليه السلام (1): ما فزعت إليه قط إلا وجدته.
وقال عليه السلام (2): يمر يده على الوجع ويقول: ثلاثا الله ربي حقا
لا أشرك به شيئا اللهم أنت لها ولكل عظيمة، وقال: للأوجاع كلها بسم الله
وبالله، كم من نعمة لله في عرق ساكن وغير ساكن على عبد شاكر وغير شاكر،
ويأخذ لحيته باليد اليمنى عقيب الصلاة المفروضة، ويقول: اللهم فرج عني
كربتي وعجل عافيتي واكشف ضري ثلاث مرات.
وروي (3) اجتناب الدواء ما احتمل البدن الداء، والتقصير (4) في الطعام
يصح البدن، ومن كتم (5) وجعا ثلاثة أيام من الناس وشكا إلى الله عز وجل
عوفي، ومن أخذ (6) السكر والرازيانج والإهليلج استقبال الصيف ثلاثة أشهر
في كل شهر ثلاثة أيام لم يمرض إلا مرضة الموت.
وروي (7) استعمال الإهليلج الأسود في كل ثلاثة أيام، وأقله في كل
جمعة، وأقله في كل شهر. وفي الإهليلج (8) شفاء من سبعين داء.

(1) لم نعثر على هذه الجملة في دعوات الرواندي.
(2) مكارم الأخلاق: ص 390.
(3) مكارم الأخلاق: ص 362.
(4) مكارم الأخلاق: ص 362.
(5) مكارم الأخلاق: 357.
(6) طب الأئمة: ص 50.
(7) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا.
(8) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا.
50

والصعتر (1) دواء أمير المؤمنين عليه السلام، وطين قبر الحسين عليه السلام (2)
شفاء من كل داء، والاكتحال بالأثمد سراج العين (3)، وليكن أربعا في اليمين
وثلاثا في اليسار عند النوم (4).
وتجوز المعالجة بالطبيب الكتابي، وقدح عند نزول الماء، ودهن الليل
يروي البشرة ويبيض الوجه.

(1) وسائل الشيعة: باب 130 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1 ج 17 ص 172.
(2) وسائل الشيعة: باب 59 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 ج 16 ص 395.
(3) مكارم الأخلاق: ص 46.
(4) مكارم الأخلاق: ص 46.
51

كتاب إحياء الموات
53

كتاب إحياء الموات
وعامر الأرض ملك لأربابه، ولو عرض له الموات لم يصح لغيرهم إحياؤه
إلا بإذنهم، ولو لم يعرفوا فهو للإمام. وكذا كل موات من الأرض لم يجر عليه
ملك أو ملك وباد أهله، سواء كان في بلاد الإسلام أو بلاد الكفر.
ونعني بالموات ما لا ينتفع به لعطلته إما لانقطاع الماء عنه أو لاستيلائه عليه
أو استيجامه مع خلوه عن الاختصاص.
ويشترط في تملكه بالإحياء أمور تسعة:
أحدها: إذن الإمام على الأظهر، سواء كان قريبا من العمران أم لا. وفي
غيبة الإمام يكون المحيي أحق بها ما دام قائما بعمارتها، فإن تركها فزالت آثاره
فلغيره إحياؤها على قول، وإذا حضر الإمام فله إقراره وإزالة يده.
وثانيها: أن يكون المحيي مسلما، فلو أحياها الذمي بإذن الإمام ففي
تملكه (1) نظر، من توهم اختصاص ذلك بالمسلمين.
والنظر في الحقيقة في صحة إذن الإمام له في الإحياء للتملك، إذ لو أذن
لذلك لم يكن بد من القول بملكه، وإليه ذهب الشيخ نجم الدين رحمه الله (2).

(1) في (م): ففي ملكه.
(2) الشرائع: ج 3 ص 271.
55

وثالثها: وجود ما يخرجها عن الموات فالمسكن بالحائط، والسقف بخشب
أو عقد، والحظيرة بالحائط، ولا يشترط نصب الباب فيهما، والزرع بعضد
الأشجار والتهيئة للانتفاع وسوق الماء أو اعتياد الغيث أو السيح.
ويحصل الإحياء أيضا بقطع المياه الغالبة، ولا يشترط الحرث ولا الزرع ولا
الغرس على الأقرب. نعم لو زرع أو غرس وساق الماء أو قطعة فهو إحياء.
وكذا لا يشترط الحائط والمسناة في الزرع. نعم يشترط أن يبين الحد بمرز
وشبهه.
وأما الغرس فالظاهر اشتراط أحد الثلاثة مصيرا إلى العرف، ولو فعل دون
ذلك واقتصر كان تحجيرا يفيد أولوية لا ملكا فلا يصح بيعه. نعم يورث عنه
ويصح الصلح عليه.
ولو أهمل الإتمام فللحاكم إلزامه بالإحياء أو رفع (1) يده، فلو امتنع أذن
لغيره فيها، وإن اعتذر بشاغل أمهل مدة يزول عذره فيها، فلو أحياها أحد في
مدة الإمهال لم يملك ويملك بعدها.
وعن الشيخ نجيب الدين بن نما (2) أن التحجير إحياء.
ويمكن حمله على أرض ليس فيها استيجام ولا ماء غالب وتسقيها الغيوث
غالبا فإن ذلك قد يعد إحياء، وخصوصا عند من لا يشترط الحرث ولا الزرع
والغرس، لأنهما انتفاع وهو معلول الملك فلا يكون سببا له كالسكنى.
والمحكم في هذا كله العرف، لعدم نص الشرع على ذلك واللغة.
ولو نصب بيت شعر أو خيمة في المباح فليس إحياء، بل يفيد الأولوية.
ورابعها: أن لا يكون مملوكا لمسلم أو معاهد، فلو سبق ملك واحد منهما لم
يصح الإحياء. نعم لو تعطلت الأرض وجب عليه أحد الأمرين إما الإذن لغيره.

(1) في (م): أو يرفع.
(2) لم نعثر عليه.
56

أو الانتفاع، فلو امتنع فللحاكم الإذن وللمالك طسقها على المأذون، فلو تعذر
الحاكم فالظاهر جواز الإحياء، مع الامتناع من الأمرين وعليه طسقها، والمحجر
في حكم المملوك على ما تقرر.
ومجرد ثبوت يد محترمة كاف في منع الغير من الإحياء، وإن لم يعلم وجود
سبب الملك. نعم لو علم إثبات اليد بغير سبب مملك ولا موجب أولوية فلا
عبرة به.
وموات الشرك كموات الإسلام، فلا يملك الموات بالاستيلاء وإن ذب
عنه الكفار، بل ولا يحصل به الأولوية، وربما احتمل الملك أو الأولوية تنزيلا
للاستيلاء كالاحياء أو كالتحجير والأقرب المنع، لأن الاستيلاء سبب في
تملك المباحات المنقولة أو الأرضين المعمورة، والأمران منتفيان هنا، وما لم
يذبوا عنه كموات المسلمين قطعا.
وخامسها: أن لا يكون مشعرا للعبادة كعرفة ومنى، ولو كان يسيرا لا يمنع
المتعبدين سدا لباب مزاحمة الناسكين، ولتعلق حقوق الخلق كافة بها، وجوز
المحقق نجم الدين (1) اليسير، لانتفاء ملك أحد، وعدم الإضرار بالحجيج.
فرع:
على قوله رحمه الله: لو عمد بعض الحاج لهذا المحيي ففي جواز وقوفه به ثلاثة
أوجه المنع مطلقا، لأنا بنينا على الملك والجواز مطلقا جمعا بين الحقين، والجواز
إن اتفق ضيق المكان والحاجة إليه. وربما احتمل على الوجهين الأخيرين جواز
إحياء الجميع إذ لا ضرر على الحجيج وليس بشئ.
وسادسها: أن لا يكون مما حماه النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام لمصلحة

(1) الشرائع: ج 3 ص 287.
57

كنعم الصدقة والجزية، فقد حمى رسول الله صلى الله عليه (1) وآله النقيع
- بالنون - لخيل المهاجرين. ولو حمى كل منهما لخاصته جاز عندنا.
وليس لآحاد المسلمين الحمى، إلا في أملاكهم فلهم منع الغير من رعى
الكلأ النابت فيها. ولو زالت المصلحة التي حمى لها الوالي فالأقرب جواز
الإحياء.
وفي احتياج خروجه عن الحمى إلى حكم الحاكم نظر، من تبعية السبب
وقد زال فيرجع إلى أصله من الإباحة، ومن أنه ثبت المنع بالحكم فلا يزول
بدونه.
ولا فرق بين ما حماه النبي والإمام لأن حماهما نص إذ لا يحكم الإمام
بالاجتهاد عندنا.
وهل للإمام الثاني إزالة ما حماه السابق لمصلحة زائدة مع بقاء المصلحة
المحمى لها؟ فيه وجهان: من أنها تعينت لجهة مستحقة فهي كالمسجد، ومن
زوال الملك في المسجد، بخلاف الحمى فإنه تابع للمصلحة، وقد يكون غيرها
أصلح منها.
[211]
درس
وسابعها: أن لا يكون حريما لعامر، فحريم الدار مطرح ترابها وكناستها،
ومصب مياهها وثلوجها، ومسلك الدخول والخروج إليها ومنها في صوب
الباب.
والظاهر الاكتفاء في الصوب بما يمكن فيه التصرف في حوائجه فليس له
منع المحيي عن كل الجهة التي في صوب الباب، وإن افتقر الأول في السلوك

(1) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب إحياء الموات ح 3 ج 17 ص 337.
58

إلى ازورار حذرا من التضيق للمباح.
وفي التقدير هنا بنصاب الطريق نظر، من التسمية، ومن توهم اختصاص
التقدير بالطريق العام، وله أن يمنع من يحفر بقرب حائطه في المباح بئرا أو نهرا
يضران بحائطه أو داره.
وحريم القرية مطرح القمامة والتراب والرمل ومناخ الإبل ومرتكض الخيل
والنادي وملعب الصبيان ومسيل المياه ومرعى الماشية ومحتطب أهلها بما جرت
العادة بوصولهم إليه، وليس لهم المنع مما بعد من المرعى والمحتطب بحيث
لا يطرقونه إلا نادرا، ولا المنع مما لا يضر بهم مما يطرقونه.
ولا يتقدر حريم القرية بالصيحة من كل جانب.
ولا فرق بين قرى المسلمين وأهل الذمة في ذلك.
وحريم الشرب مطرح ترابه، والمجاز على حافتيه، وحريم العين ألف ذراع في
الرخوة، وخمسمائة في الصلبة، فليس للغير استنباط عين أخرى في هذا القدر.
وروي (1) هذا التقدير في القناة لو أراد الغير إحداث قناة أخرى فإنه يتباعد
عنها في العرض ذينك.
وحريم بئر المعطن - بكسر الطاء - أربعون ذراعا، وهو ما يسقى منها الإبل
وشبهها، وبئر الناضح للزرع ستون ذراعا.
وقال ابن الجنيد (2): روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:
حريم بئر (3) الجاهلية خمسون ذراعا، والإسلامية خمسة وعشرون ذراعا.
وفي صحيح حماد بن عثمان (4) عن الصادق عليه السلام في العادية أربعون

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب إحياء الموات ح 5 ج 7 ص 339.
(2) نقله في مختلف الشيعة: كتاب الإجارة ج 2 ص 474.
(3) في (م) و (ق): البئر.
(4) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب إحياء الموات ح 1 ج 17 ص 338.
59

ذراعا، وفي رواية (1) خمسون ذراعا، إلا أن يكون إلى عطن أو إلى الطريق
فخمسة وعشرون.
وقال ابن الجنيد (2) حريم بئر (3) الناضح قدر عمقها ممرا للناضح، وحمل
الرواية بالستين على أن عمق البئر ذلك، وهذا الحريم مستحق، سواء كانت
البئر والعين مختصة، أو مشتركة بين المسلمين.
وروى الصدوق (4) أن حريم المسجد أربعون ذراعا من كل ناحية، وحريم
المؤمن في الصيف باع، وروي عظم الذراع. وأن حريم النخلة طول سعفها.
ولا حريم في الأملاك لتعارضها، فلكل أن يتصرف في ملكه بما جرت
العادة به وإن تضرر صاحبه ولا ضمان، كتعميق أساس حائطه وبئره
وبالوعته، واتخاذ منزله دكان حداد أو صفار أو قصار أو دباغ.
وحريم الطريق في المباح سبع أذرع، لروايتي مسمع (5) والسكوني (6)،
والقول بالخمس ضعيف.
فروع:
لو جعل المحيون الطريق أقل من سبع فللإمام إلزامهم بالسبع والملزم إنما هو
المحيي ثانيا في مقابلة الأول ولو تساوتا الزما، ولو زادوها على السبع واستطرقت
فهل يجوز للغير أن يحدث في الزائد حدثا من بناء وغرس؟ الظاهر ذلك، لأن

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب إحياء الموات ح 2 ج 17 ص 338.
(2) المختلف: ص 474.
(3) هذه الكلمة غير موجودة في (م).
(4) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب إحياء الموات ح 10 ج 17 ص 340.
(5) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب إحياء الأموات ح 6 ج 17 ص 339.
(6) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب إحياء الأموات ح 5 ج 17 ص 339.
60

حريم الطريق باق.
الثاني: لا فرق بين الطريق العام أو ما يختص به أهل قرى أو قرية في
ذلك. نعم لو انحصر أهل الطريق فاتفقوا على اختصاره أو تغييره أمكن الجواز،
والوجه المنع، لأنه لا ينفك من مرور غيرهم عليه ولو نادرا.
الثالث: لا يزول حرمة الطريق باستيجامها وانقطاع المرور عليها، لأنه يتوقع
عوده. نعم لو استطرق المارة غيرها وأدى ذلك إلى الإعراض عنها بالكلية أمكن
جواز إحياء الأولى، وخصوصا إذا كانت الثانية أحضر أو أسهل.
وثامنها: أن لا تكون الموات مقطعا من النبي أو الإمام، كما أقطع رسول الله
صلى الله عليه وآله (1) بلال بن الحرث العقيق، وأقطع الزبير (2) حضر فرسه
- بضم الحاء - وهو عدوه فأجراه حتى قام فرمى بسوطه فقال: أعطوه من حيث
وقع السوط، وأقطع الدور (3)، وأقطع وائل بن حجر (4) أرضا بحضرموت، وهذا
الإقطاع غير ملك، بل هو كالتحجير في إفادة الاختصاص.
وتاسعها: قصد التملك، فلو فعل أسباب الملك بقصد غير (5) التملك فالظاهر
أنه لا يملك. وكذا لو خلا عن قصد، وكذا سائر المباحات، كالاصطياد
والاحتطاب والاحتشاش، فلو أتبع ظبيا يمتحن قوته فأثبت يده عليه لا بقصد
التملك لم يملك، وإن اكتفينا بإثبات اليد ملك.
وربما فرق بين فعل لا تردد فيه، كبناء الجدران في القرية والتسقيف مع
البناء في البيت، وبين فعل محتمل كإصلاح الأرض للزراعة فإنه محتمل لغير

(1) سنن البيهقي: ج 6 ص 149.
(2) سنن البيهقي: ج 6 ص 144.
(3) نيل الأوطار: ج 6 ص 59.
(4) سنن البيهقي: ج 6 ص 144.
(5) في (م) و (ز): بغير قصد التملك.
61

ذلك، كالنزول عليها وإجراء الخيل فيها فتعتبر فيه النية، بخلاف غير
المحتمل.
ويكون وزان كوزان صريح اللفظ وكنايته، ويضعف بأن الاحتمال
لا يندفع ويمنع استغناء الصريح عن النية.
تتمة:
روي (1) أنه إذا كان بيده أرض تلقاها عن أبيه وجده ويعلم أنها للغير ولا
يعرفه أنه يتبع تصرفه فيها، وحملها ابن إدريس (2) على غير المغصوبة فتكون
كاللقطة فيملك التصرف فيها بعد التعريف، وقال بعضهم: تحمل على أنها
كانت مع أبيه وجده مستأجرة أو مستعارة، وقد أحدث فيها بناء وغرس، فيباع
البناء والغرس، لأنه في (3) آثار التصرف فيطلق عليه الاسم، والشيخ في
النهاية (4) على الرواية.

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 5 ج 12 ص 250.
(2) السرائر: ج 2 ص 380.
(3) في (م) و (ز): من.
(4) النهاية: ص 423.
62

كتاب المشتركات
63

كتاب المشتركات
وهي ثلاثة المياه والمعادن والمنافع.
أما الماء فأصله الإباحة، ويملك بالإحراز في إناء أو حوض وشبهه،
وباستنباط بئر أو عين أو إجراء نهر من المباح على الأقوى.
ولو كانوا جماعة ملكوه على نسبة عملهم لا على نسبة خرجهم، إلا أن يكون
تابعا للعمل.
ويجوز الوضوء والغسل وتطهير الثوب منه عملا بشاهد الحال، إلا مع
النهي.
ولا تجوز الطهارة من المحرز في الإناء، ومما يظن الكراهة فيه.
ولو لم ينته الحفر في العين أو النهر إلى الماء فهو تحجير.
ولو ضاق ماء النهر المملوك عن أربابه، قسم بينهم إما بالمهاياة أو بالإجراء،
فيوضع صخرة مستوية أو خشبة صلبة مستوية في مكان مستو، ويجعل فيها ثقب
مستوية على سهامهم، وليس لأحدهم عمل جسر ولا قنطرة إلا بإذن الباقين
إذا كان الحريم مشتركا.
ولو اختص أحدهم بالحريم من الجانبين وكان الجسر غير ضار بالنهر ولا
بأهله لم يمنع منهما، ولو كان النهر حائلا بينهم وبين عدوهم فلهم المنع.
65

ولا يشترط في ملك النهر ومائه المنتزع من المباح وجود ما يصلح لسده
وفتحه، خلافا لابن الجنيد (1).
ويقسم سيل الوادي المباح والعين المباحة على الضياع، فإن ضاق عن
ذلك وتشاحوا بدئ بمن أحيا أولا، فإن جهل فمن يلي فوهته - بضم الفاء
وتشديد الواو - فللزرع إلى الشراك وللشجر إلى القدم وللنخل إلى الساق، ثم
يرسل إلى المحيي ثانيا، أو إلى (2) الذي يلي الفوهة مع جهل السابق، ولو لم
يفضل عن صاحب النوبة شئ فلا شئ للآخر، بذلك قضى النبي صلى الله
عليه وآله (3) في سيل وادي مهزور - بالزاء أولا ثم الراء - وهو بالمدينة الشريفة.
ولو تساوى اثنان فصاعدا في القرب قسم بينهم، فإن ضاق عن ذلك
تهايوا، فإن تعاسروا أقرع بينهم، فإن كان الماء لا يفضل عن أحدهم سقى
الخارج بالقرعة بنسبة نصيبه منه. ولو تفاوتت أروضهم قسم بينهم بحسبها.
ولو احتاج النهر المملوك إلى حفر أو سد بثق، فعلى الملاك بنسبة الملك
فيشترك الجميع في الخرج إلى أن ينتهي إلى الأول، ثم لا يشاركهم، وكذا
الثاني وما بعده. أما مفيضه لو احتاج إلى إصلاحه (4) فعلى الجميع.
ويجوز بيع الماء المملوك وإن فضل عن حاجة صاحبه، ولكنه يكره وفاقا
للقاضي (5) والفاضلين (6)، وقال الشيخ في المبسوط (7) والخلاف (8): في ماء البئر

(1) المختلف: ج 2 ص 474.
(2) هذا الكلمة غير موجودة في (م) و (ق).
(3) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب إحياء الموات ح 1 ج 17 ص 334.
(4) في (م): إصلاح.
(5) المهذب: ج 2 ص 38.
(6) الشرائع: ص 289 والقواعد: ص 225.
(7) المبسوط: ج 3 ص 281
(8) الخلاف: ج 2 ص 224.
66

إن فضل عنه شئ وجب بذله لشرب السابلة والماشية لا لسقي الزرع وهو قول
ابن الجنيد (1)، لقوله عليه السلام (2): الناس شركاء في ثلاث الماء والنار
والكلأ.
ونهيه عن بيع الماء في خبر جابر (3)، ويحمل على الكراهية، فيباع كيلا
ووزنا ومشاهدة إذا كان محصورا، أما ماء البئر والعين فلا، إلا أن يريد به على
الدوام فالأقرب الصحة، سواء كان منفردا أو تابعا للأرض.
ولو حفر بئرا لا للتملك فهو أولى بها مدة بقائه عليها، فإذا تركها حل لغيره
الانتفاع بمائها، فلو عاد الأول بعد الإعراض فالأقرب أنه يساوي غيره.
ومياه العيون في المباح والآبار المباحة والغيوث والأنهار الكبار، كالفرات
ودجلة والنيل الناس فيها شرع.
[212]
درس
المعادن الظاهرة وهي التي لا يحتاج تحصيلها إلى طلب، كالياقوت والبرام
والقير والنفط والملح والكبريت والموميا وأحجار الرحى.
وطين الغسل من سبق إليها فهو أولى ولو أخذ زيادة عما يحتاج إليه، ولو
سبق اثنان أو جماعة وتعذرت القسمة أقرع.
ولا يملكها أحد بالإحياء، ولا يصير أولى بالتحجير، ولا بإقطاع السلطان.
والمعادن الباطنة، كالذهب والفضة تملك بالإحياء، وهو بلوغ نيلها
وما دونه تحجير.
ويجوز إقطاعها فيختص بها، وقيل: ينبغي الاقتصار في الإقطاع على ما يقدر

(1) المختلف: ج 2 ص 473.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب إحياء الموات ح 1 ج 17 ص 331.
(3) سنن البيهقي: ج 6 ص 15.
67

المقطع على عمله، ولو أهملها المحجر كلف أحد الأمرين إما الإتمام أو التخلية.
ولو أحيا أرضا مواتا فظهر فيها معدن ملكه وإن كان من المعادن الظاهرة،
إلا أن يكون ظهوره سابقا على إحيائه.
ولو كان إلى جانب المملحة أرض موات فاحتفر فيها بئرا وساق الماء إليه
ملكه.
ومن ملك معدنا ملك حريمه، وهو في منتهى عروقه عادة ومطرح ترابه
وطريقه.
ويصح الاستيجار على حفر ترابه، والجعالة عليه. وتصح الجعالة على تتبع
العرق لا الإجارة للجهالة.
ولو قال أعمل ولك نصف حاصله لم يصح إجارة، قيل: ولا جعالة، بل له
أجرة المثل. ويحتمل الصحة في الجعالة، بناء على أن الجهالة التي لا تمنع من
التسليم للعوض غير مانعة من الصحة.
ولو قال أعمل وما أخرجته فهو لك قال الشيخ (1): لا يصح، لأنها هبة
لمجهول فالمخرج للمالك ولا أجرة للعامل، لأنه عمل لنفسه. ويشكل مع جهالة
العامل بالحكم، وقيل: يكون ذلك إباحة للإخراج (2) والتملك، وأن للمالك
الرجوع في العين مع بقائها.
ولو قال أعمل فيه لنفسك شهرا وعليك ألف فالأشبه البطلان، للجهالة.
وبعض علمائنا يخص المعادن بالإمام عليه السلام، سواء كانت ظاهرة أو
باطنة، فتتوقف الإصابة منها على إذنه مع حضوره لا مع غيبته.
وقيل: باختصاصه في الأرض المملوكة له، والأول يوافق فتواهم بأن موات

(1) المبسوط: ج 3 ص 279.
(2) في (م): في الإخراج.
68

الأرض للإمام، فإنه يلزم من ملكها ملك ما فيها.
والمتأخرون على أن المعادن للناس شرع، إما لأصالة الإباحة، وإما لطعنهم
في أن الموات للإمام، وإما لاعترافهم به، وتخصيص المعادن بالخروج عن
ملكه، والكل ضعيف.
[213]
درس
في المنافع
وهي المساجد والمشاهد والمدارس والربط والطرق ومقاعد الأسواق.
فمن سبق إلى مكان من المسجد أو المشهد فهو أولى به، فإذا فارق بطل
حقه، إلا أن يكون رحله باقيا. ولا فرق بين قيامه لحاجة أو غيرها.
ولو توافي اثنان وتعذر اجتماعهما أقرع، ويتساوى المعتاد لبقعة معينة
وغيره، وإن كان اعتياد جلوسه لدرس أو تدريس.
فرع:
لو رعف المصلي في أثناء صلاته أو أحدث ففارق ففي أولويته بعوده إذا
كان للإتمام نظر، من أنها صلاة واحدة فلا يمنع من إتمامها، ومن تبعية الحق
للاستقرار، والأول أقرب، إلا أن يجد مكانا مساويا للأول أو أولى منه أما لو
فعل المنافي للاتمام فهو وغيره سواء إلا مع بقاء رحله.
وأما المدارس والربط فالسابق إلى بيت منها لا يزعج بإخراج ولا مزاحمة
شريك وإن طالت المدة، إلا أن يشترط الواقف أمدا فيخرج عند انتهائه،
ويحتمل في المدرسة ودار القرآن الإزعاج إذا تم غرضه من ذلك، ويقوي
الاحتمال إذا ترك التشاغل بالعلم والقرآن، وإن لم يشرطهما الواقف، لأن
موضوع المدرسة ذلك.
69

أما الرباط فلا غرض فيه فيستتم (1) فيجوز الدوام فيه.
ولو فارق ساكن المدرسة والرباط ففيه أوجه، الأول زوال حقه كالمسجد،
وبقاؤه مطلقا، لأنه باستيلائه جرى مجرى المالك، وبقاؤه إن قصرت المدة دون
ما إذا طالت، لئلا يضر بالمستحقين، وبقاؤه إن خرج لضرورة، كطلب مأربة
مهمة وإن طالت المدة، وبقاؤه إن بقي رحله أو خادمه، والأقرب تفويض ذلك
إلى ما يراه الناظر صلاحا.
وأما الطرق، ففائدتها في الأصل الاستطراق، ولا يمنع من الوقوف فيها إذا لم
يضر بالمارة، وكذا القعود.
ولو كان للبيع والشراء فليس للمار أن يخص بالممر موضع الجلوس إذا كان
له عنه مندوحة، لثبوت الاشتراك بين المار والقاعد، فإن فارق ورحله باق فهو
أحق به، وإلا فلا وإن تضرر بتفريق معامليه قاله جماعة، ويحتمل بقاء حقه،
لأن أظهر المقاصد أن يعرف مكانه ليقصده المعاملون. نعم لو طالت المفارقة
زال حقه، لأن الإضرار استند إليه.
وله أن يظلل لنفسه (2) بما لا يضر بالمارة، وليس له تسقيف المكان، ولا بناء
دكة ولا غيرها فيه. وكذا الحكم في مقاعد الأسواق المباحة.
وروى الصدوق (3) عن علي عليه السلام سوق المسلمين كمسجدهم فمن
سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل، وهذا حسن.
وليس للإمام إقطاعها، ولا يتوقف الانتفاع بها على إذنه.

(1) في خ ل الأصل: فيستمر.
(2) في باقي النسخ: على نفسه.
(3) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 13 ص 300.
70

كتاب اللقطة
71

كتاب اللقطة
اللقيط كل صبي أو صبية أو مجنون ضائع لا كافل له، ويسمى ملقوطا
ومنبوذا.
واختلاف اسميه باعتبار حاليه فإنه ينبذ أولا ويلتقط أخيرا، فلا يلتقط
البالغ العاقل. وفي التقاط المميز قول بالمنع، لامتناعه على (1) الضياع، والأقرب
الجواز، لعدم استقلاله بمصالحه.
ولو كان له أب وإن علا أو أم وإن تصاعدت أو ملتقط سابق، أجبر على
أخذه.
ولو التقطاه دفعة أقرع، والتشريك بينهما في الحضانة بعيد، لأنهما إن كلفا
الاجتماع تعسر، وإن تهايا قطعا ألفة الطفل فيشق عليه. نعم يجوز ترك أحدهما
للآخر، فيجب على الآخر الاستبداد به.
وإنما تتحقق القرعة مع تساويهما في الصلاحية، فيرجح المسلم على الكافر،
ولو كان الملقوط محكوما بكفره في احتمال، والحر على العبد والعدل على
الفاسق على الأقوى.
ويشكل ترجيح الموسر على المعسر والبلدي على القروي والقروي على

(1) في (ق) وفي (ز)، عن.
73

البدوي والقار على المسافر، والظاهر العدالة على المستور والأعدل على الأنقص،
نظرا إلى مصلحة اللقيط في إيثار الأكمل. نعم لا يقدم الغني على المتوسط إذ
لا ضبط لمراتب اليسار، ولا المرأة على الرجل، ولا من تخيره اللقيط وإن كان
مميزا.
ولو علم كون اللقيط مملوكا وجب دفعه إلى مولاه وإن كان كبيرا، فإن
تلف في يده أو أبق بغير (1) تفريط فلا ضمان في الصغير والمجنون، قيل، ولا في
الكبير، لأنه مال يخشى تلفه، فالملتقط حافظ له على مالكه، وهو مبني على
جواز التقاط الكبير، ومنعه الشيخ (2) ومنع أيضا من أخذ المراهق، لأنهما
كالضالة الممتنعة.
وينفق على اللقيط من ماله، وهو ما يوجد معه أو في دار هو فيها أو على دابة
يركبها أو في مهده أو تابوته أو يوقف على اللقطاء أو يوصي لهم به أو يوهب.
ويقبله الحاكم، ولا يقضي بما قاربه مما لا يدله عليه، ولا هو بحكم يده، إلا
أن يكون هناك أمارة قوية كالكتابة عليه، فإن العمل بها قوي.
ويجب في الانفاق من ماله إذن الحاكم، إلا أن يتعذر، ولو لم يكن له مال
أنفق عليه من بيت المال، فإن لم يكن وجب على المسلمين الانفاق عليه، إما
من الزكاة الواجبة أو من غيرها، وهو فرض كفاية على الأقرب، وتوقف
المحقق (3) هنا ضعيف.
فإن تعذر أنفق الملتقط، ورجع مع نيته، ومنع ابن إدريس (4) من الرجوع
لتبرعه، وهو بعيد، لوجوبه.

(1) في (م): من غير.
(2) المبسوط: ج 3 ص 328.
(3) الشرائع: ج 3 ص 285.
(4) السرائر: ج 2 ص 107.
74

ولو كان اللقيط عبدا وتعذر استيفاء النفقة بيع فيها. ولا يجوز بيعه لغير
ذلك، إلا مع المصلحة فيبيعه الحاكم.
فلو اعترف السيد بعتقه قبل البيع، قيل: لا يقبل لأنه إقرار في حق غيره،
وفي المبسوط (1) يقبل لأصالة صحة أخبار المسلم، ولأنه غير متهم إذ (2) يقول لا
أريد الثمن.
وحينئذ ليس له المطالبة بثمنه على التقديرين، إلا أن ينكر العتق بعد
ذلك.
ولو ادعى رقه فصدق اللقيط المدعي، فالأقرب القبول إذا كان أهلا
للتصديق. ولا يملك اللقيط بالتعريف وإن كان صغيرا.
ويشترط في الملتقط البلوغ والعقل والحرية والإسلام، فلو التقط الصبي أو
المجنون فلا حكم له، ولو التقط العبد فكذلك، لعدم تفرغه للحضانة، إلا أن
يكون بإذن المولى فيتعلق به أحكام الالتقاط دون العبد.
نعم لو خيف على الطفل التلف بالإبقاء، ولم يوجد سوى العبد وجب عليه
التقاطه، وإن لم يأذن المولى. والمكاتب والمبعض كالقن، لاشتغاله بالتكسب.
وأما الإسلام فهو شرط في التقاط المحكوم بإسلامه، كلقيط دار الإسلام أو
دار الحرب وفيها مسلم، فينتزع من يد الكافر لو التقطه فيهما حفظا لدينه، ومنعا
من سبيل الكافر عليه، وكلام المحقق (3) مشعر بالتوقف في ذلك، ووجهه أن
الغرض الأهم حضانته وتربيته وقد يحصل من الكافر.
وفي اعتبار عدالته قولان: من أن الإسلام مظنة الأمانة، ومن بعد الفاسق

(1) المبسوط: ج 3 ص 328 يمكن أن يستفاد منه وإن كان كلامه غير صريح في ذلك.
(2) في (م) و (ق): لأنه.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 284.
75

عنها، فربما ادعى رقه، والأول أقرب، وأولى منه بالجواز المستور الذي لا يعرف
بعدالة ولا فسق.
ولو رأى القاضي مراقبته ليعرف أمانته فله ذلك، بحيث لا يخالطه الرقيب
ولا يداخله فيؤذيه.
وفي اشتراط كونه حضريا قارا قول، حفظا لنسبه من الضياع، فينتزع من
البدوي ومريد السفر به على هذا، ويضعف انتزاعه من مريد السفر إذا كان
عدلا، ولو لم يوجد غيرهما لم ينتزع قطعا، وكذا لو كان الموجود كواحد منهما.
وفي اشتراط رشده نظر، من أن السفه لم يسلبه الأمانة، ومن أنه إذا لم
يأتمنه الشرع على ماله فعلى الطفل وماله أولى بالمنع، وهو الأقرب، لأن
الالتقاط إيتمان شرعي، والشرع لم يأتمنه.
ولا يشترط في الملتقط الغنى فيقر في يد الفقير، إذ نفقته ليست عليه.
ويجب الالتقاط على الأصح، لأنه تعاون ودفع ضرر، وقال المحقق (1):
يستحب تمسكا بالأصل، وحمل الآية (2) على الندب، وهو بعيد إذا خيف عليه التلف.
ووجوبه فرض كفاية، فلو تركه أهل ذلك البلد لحقهم أجمع الإثم.
ويستحب الإشهاد عند أخذه، ويتأكد في جانب الفاسق، وخصوصا
المعسر دفعا لادعاء رقه.
[214]
درس
في أحكام اللقيط
وفيه مسائل:
يجب حضانته بالمعروف، وهو القيام بتعهده على وجه المصلحة بنفسه أو

(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 285.
(2) المائدة: 2.
76

زوجته أو غيرهما.
والأولى ترك إخراجه من البلد إلى القرى، ومن القرية إلى البادية، لضيق
المعيشة في تينك، بالإضافة إلى ما فوقها، ولأنه أحفظ لنسبه، وأيسر لمداواته.
الثانية، لو احتاج الملتقط إلى الاستعانة بالمسلمين في الانفاق عليه رفع أمره
إلى الحاكم، ليعين من يراه، إذ التوزيع غير ممكن، والقرعة إنما تكون في
المنحصر.
ولا رجوع لمن تعين عليه الانفاق، لأنه يؤدي فرضا، وربما احتمل ذلك
جمعا بين صلاحه في الحال وحفظ مال الغير في المال، وقد أومي إليه الشيخ في
المبسوط (1)، ويتجه على قول المحقق (2) بالاستحباب الرجوع، ويؤيده أن مطعم
الغير في المخمصة يرجع عليه إذا أيسر.
ولو قلنا بالرجوع، فمحله بيت المال، أو مال المنفق عليه أيهما سبق أخذ
منه.
الثالثة: لو تنازع اللقيط والملتقط بعد بلوغه في الانفاق، حلف الملتقط في
أصله وقدر المعروف.
ولو تنازعا في تسليم ماله، حلف اللقيط مع عدم البينة.
ولو تنازعا في تلفه حلف الملتقط. وكذا في التفريط والتعدي.
الرابعة: حكم اللقيط في الإسلام تابع للدار كما مر، فلو بلغ وأعرب عن
نفسه بالكفر لم يحكم بردته على الأقرب، لضعف تبعية الدار، بخلاف من تبع
أبويه أو أحدهما في الإسلام ثم أعرب بالكفر بعد بلوغه فإنه مرتد، سواء انخلق
حال الإسلام، أو تجدد إسلام أحدهما بعد علوقه.

(1) المبسوط: ج 3 ص 338 - 339.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 285.
77

وربما فرق بينه وبين الأول، بأنه جزء من المسلم في الأول فيكون مسلما،
فبالكفر يصير مرتدا، بخلاف الثاني فإنه إنما حكم بإسلامه تبعا، والاستقلال
أقوى من التبع، لأنه انخلق من ماء كافر فإذا أعرب بالكفر لا يكون مرتدا،
ولهذا افترقا في قبول التوبة وعدمها.
والذي رواه الصدوق (1) عن علي عليه السلام إذا أسلم الأب جر الوالد إلى
الإسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام فإن أبى قتل، وهذا نص في
الباب.
الخامسة: المراد بدار الإسلام ما ينفذ فيه حكم الإسلام، فلا يكون بها كافر
إلا معاهدا، فلقيطها حر مسلم.
وحكم دار الكفر التي ينفذ فيها أحكام الإسلام كذلك إذا كان فيها مسلم
ولو واحدا.
أما دار كانت للمسلمين فاستولى عليها الكفار، فإن علم فيها مسلم فهي
كدار الإسلام وإلا فلا. وتجويز كون المسلم فيها مخيفا نفسه غير كاف في إسلام
اللقيط.
وأما دار الكفر فهي ما ينفذ فيها أحكام الكفار، فلا يسكن فيها مسلم إلا
مسالما ولقيطها محكوم بكفره ورقه، إلا أن يكون فيها مسلم ولو تاجرا إذا كان
مقيما. وكذا لو كان أسيرا أو محبوسا، ولا يكفي المارة من المسلمين
. السادسة: لو أقام كافر البينة ببنوته ثبتت. وكذا لو انفرد بدعواه ولا بينة،
وفي ثبوت كفره بذينك أوجه، ثالثها قول المبسوط (2) بثبوت كفره مع البينة لا
مع مجرد الدعوى، لأن البينة أقوى من تبعية الدار، ومجرد الدعوى مكافية للدار

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 152.
(2) المبسوط: ج 3 ص 344.
78

فيستمر كل منهما على حاله، ولا يكون دعوى الكافر مغيرة لحكم الشرع
بإسلامه.
ولو انفرد المسلم بدعوى لقيط دار الحرب حكم بنسبه وإسلامه وحريته،
وإن لم يكن بها مسلم. وأولى منه إذا ادعى بنوة المحكوم بإسلامه، فإن التحاق
نسبه مؤكد للحكم بالحرية والإسلام.
فرع:
لو وصف ولد الكافرين الإسلام لم يحكم بإسلامه عند الشيخ في
المبسوط (1)، ولكن يفرق بينه وبينهما، وقال في الخلاف (2): يحكم بإسلامه إذا
بلغ عشرا، فلو أعرب بالكفر حكم بردته، للرواية (3) بإقامة الحد عليه، ولقول
النبي صلى الله عليه وآله (4) كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما
اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه حتى يعرب عن لسانه فإما شاكرا وإما
كفورا، وهو قريب.
السابعة: لو تنازع بنوته اثنان فصاعدا ولا بينة أو كان لكل بينة فالمحكم (5)
القرعة إذا تساويا في الإسلام أو الكفر والحرية أو الرقية، ولو تفاوتا قوى الشيخ
في المبسوط (6) ترجيح دعوى المسلم والحر على الكافر والعبد، لتأيدهما بما سبق
من الحكم بهما، وفي الخلاف (7) لا ترجيح لعموم الأخبار فيمن تداعوا نسبا،

(1) المبسوط: ج 3 ص 344.
(2) الخلاف: ج 2 ص 248.
(3) الخلاف: ج 2 ص 248.
(4) الخلاف: ج 2 ص 248.
(5) في (م): فالحكم.
(6) المبسوط: ج 2 ص 350.
(7) الخلاف: ج 2 ص 249.
79

وتوقف فيه الفاضلان (1)، لتكافؤهما في الدعوى.
قلنا: قد بينا المزية. نعم لو كان اللقيط محكوما بكفره ورقه اتجه فيه
التوقف.
الثامنة: لو كان المدعي الملتقط فكغيره، لأنه يجوز أن يكون قد سقط منه أو
نبذه ثم عاد إلى أخذه.
ولا فرق بين أن يكون ممن يعيش له الأولاد وبين غيره، وتخيل أن غيره قد
نبذه تفاؤلا ثم يلتقطه، بخلاف من يعيش له فإنه لا حامل له على النبذ، فاسد،
لأن القوانين الشرعية لا تغير بمثل هذه الخيالات الوهمية.
ولو نازعه غيره فهما سواء إذ لا ترجيح لليد الطارئة في الأنساب. نعم لو لم
يعلم كونه ملتقطا، ولا صرح ببنوته فادعاه غيره فنازعه، فإن قال هو لقيط وهو
ابني فهما سواء، وإن قال هو ابني واقتصر ولم يكن هناك بينة على أنه التقطه
فالأقرب ترجيح دعواه، عملا بظاهر اليد.
التاسعة: اللقيط حر تبعا لدار الإسلام، وأصالة الحرية في بني آدم،
ولصحيحة حريز (2) عن الصادق عليه السلام المنبوذ حر، وعنه عليه السلام (3)
اللقيطة حرة فيجري عليه أحكام الأحرار في القصاص له من الأحرار، وحد
القذف الكامل، وعليه اليمين لو ادعى الغريم رقه لا على الغريم في الأقرب،
ودية جنايته خطأ على الإمام.
ولو جني عليه فله القصاص مع بلوغه أو الدية، ولو كانت نفسا فللإمام
ذلك، ولو كان طرفا وهو طفل قال الشيخ (4): لا يجوز للإمام الاستيفاء قصاصا

(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 288، وتذكرة الفقهاء: ج 2 ص 280.
(2) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب اللقطة ح 5 ج 17 ص 372.
(3) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب اللقطة ج 17 ص 372، في ذيل حديث 4.
(4) المبسوط: ج 3 ص 346.
80

ولا دية، كما لا يجوز للأب والجد، لأنه لا يعلم مراده وجوزه الفاضلان (1) مع
المصلحة.
العاشرة: لو أقر على نفسه بالرقية قبل إذا لم يعلم بغير الدار ولم يدعها أولا،
قيل: ولا تبطل تصرفاته السابقة على الإقرار، وهو حق فيما لم يبق أثره كالبيع والشراء.
أما النكاح فإنه إن كان قبل الدخول فسد وعليه نصف المهر، وإن كان
بعده فسد وعليه المهر فيستوفى مما في يده، وإلا تبع به بعد العتق، ولو كانت
المقرة الزوجة اللقيطة لم يحكم بفساد النكاح، لتعلقه بالغير، ويثبت للسيد أقل
الأمرين من المسمى وعقر الأمة.
الحادية عشرة: لا ولاية للملتقط على اللقيط بل هو سائبة يتولى من شاء.
ولو مات بغير وارث فميراثه للإمام، وقال الشيخان (2): لبيت المال، وحمله
ابن إدريس (3) على بيت مال الإمام، والمفيد (4) صرح بأنه لبيت مال المسلمين،
وقال الشيخ (5): ولاؤه للمسلمين وقد سبق في الميراث مثله، وقال ابن
الجنيد (6): لو أنفق عليه وتوالى غيره رد عليه النفقة، فإن أبى فله ولاؤه وميراثه،
وحمله الفاضل (7) على أخذ قدر النفقة من ميراثه.
[215]
درس
في لقطة الحيوان
ويسمى ضالة، فالبعير في الكلأ والماء لا يؤخذ وإن كان مريضا أو متروكا

(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 286، وتذكرة الفقهاء: ج 2 ص 277.
(2) المبسوط: ج 3 ص 347، والمقنعة: ص 648.
(3) السرائر: ج 2 ص 108.
(4) المقنعة: ص 648.
(5) النهاية: ص 323.
(6) المختلف: ج 1 ص 453.
(7) المختلف: ج 1 ص 453.
81

من جهد. وكذا لو وجد صحيحا في غير كلا ولا ماء، لامتناعه فيضمن أخذه
حتى يصل إلى مالكه أو إلى الحاكم مع تعذره، ثم الحاكم يرسله في الحمأ.
وإن رأى بيعه وحفظ ثمنه جاز، وإن وجد في غير كلا ولا ماء مع ضعفه
عن الامتناع جاز أخذه.
ويملكه الواجد إذا كان مالكه قد تركه لجهده، فلو أقام به البينة لم ينتزعه.
وكذا لو صدقه الملتقط.
ويلحق به الدابة والبقرة في الموضعين، وفي رواية مسمع (1) قضى أمير
المؤمنين عليه السلام في الدابة تترك في غير كلا ولا ماء لمن أحياها، وهذا
نص في الدابة، ولم يشرط الجهد، ولكن ظاهر الخبر ذلك.
أما الحمار، فقيل: بجواز (2) أخذه مطلقا، لعدم امتناعه من الذئب، وعدم
صبره عن الماء، والمحقق (3) منع من أخذه.
أما الشاة فيجوز أخذها في الفلاة، لعدم امتناعها فهي كالتالفة، فيتخير
الآخذ بين التملك فيضمن - وقيل: لا ضمان -، وبين احتفاظها أمانة، وبين
الدفع إلى الحاكم ولا ضمان فيهما، ثم الحاكم يحفظها أو يبيعها.
وهل يلحق بها صغار الحيوان؟ نص عليه في المبسوط (4)، وتوقف فيه
المحقق (5) نظرا إلى مورد النص، ولو أنفق لم يرجع به عند الشيخ (6).
وهل يجب تعريفها سنة؟ قوى الفاضل (7) عدمه، لقوله صلى الله عليه

(1) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب اللقطة ح 3 ج 17 ص 364.
(2) في (م): فقيل يجوز.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 289.
(4) المبسوط: ج 3 ص 320.
(5) شرائع الإسلام: ج 3 ص 289.
(6) المبسوط: ج 3 ص 320.
(7) تحرير الأحكام: كتاب اللقطة ج 2 ص 125.
82

وآله (1) هي لك أو لأخيك أو للذئب، ولم يذكر التعريف.
ولو أخذ الشاة من العمران احتبسها ثلاثة أيام، فإن لم يظهر مالكها باعها
وتصدق بثمنها، وضمن إن لم يرض المالك على الأقوى. وهل له تملكها مع
الضمان؟ جوزه ابن إدريس (2).
وله إبقاؤها بغير بيع فتكون أمانة، وكذا ثمنها. ولو أنفق عليها لم يرجع عند
الشيخ (3).
وهل يلحق بها غيرها؟ قال في المبسوط (4): ما كان في العمران وما يتصل
به على نصف فرسخ من الحيوان يجوز أخذه ممتنعا أو لا، ويتخير الآخذ بين
الانفاق تطوعا أو الدفع إلى الحاكم، وليس له أكلها، ومنع الفاضل (5) من
أخذها (6) في العمران عدا الشاة، إلا أن يخاف عليه النهب أو التلف.
وقال في النهاية (7): إذا أخذ شيئا يحتاج إلى النفقة رفع خبره إلى السلطان
لينفق عليه من بيت المال، فإن تعذر أنفق ورجع، وإن كان له ظهر أو در أو
خدمة كان بإزاء ما أنفق، وأنكر ابن إدريس (8) رجوعه إذا كان النفقة في
الحول لتبرعه، وجوز الفاضلان (9) الرجوع وأوجبا المقاصة.
ولا يجوز التقاط الممتنع بعدوه كالظباء والطيور، سواء كانت في الصحراء

(1) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب اللقطة ح 1 ج 17 ص 363.
(2) السرائر: ج 2 ص 107.
(3) النهاية: ص 324.
(4) المبسوط: ج 3 ص 320.
(5) المختلف: ج 2 ص 451.
(6) في (ق) و (ز): أخذ ما.
(7) النهاية: كتاب اللقطة ص 324.
(8) السرائر: ج 2 ص 110.
(9) شرائع الإسلام: ج 3 ص 290 والمختلف: ج 2 ص 452.
83

أو العمران، إلا أن يخاف ضياعها فالأقرب الجواز، لأن الغرض حفظها لمالكها
لا حفظها في نفسها، وإلا لما جاز التقاط الأثمان، لأنها محفوضة في نفسها
حيث كانت.
وينسحب الاحتمال في الضوال الممتنعة كالإبل وغيرها، وجوز الفاضل (1)
التقاط ذلك كله بنية الحفظ، وحمل الأخبار الناهية غن ذلك على الأخذ بنية
التملك، وفي المبسوط (2) جعل الأخذ للحفظ من وظائف الحكام. وعلى الجواز
فالظاهر أنه يرجع بالنفقة إذا نوى الرجوع وتعذر الحاكم.
وحينئذ الأقرب وجوب تعريفه سنة وجواز التملك بعده، وهو ظاهر ابن
إدريس (3) والمحقق (4)، ولم أقف على قول بالمنع من التعريف والتملك.
وعلى هذا يتجه جواز الأخذ إذا كان بنية التعريف والتملك بعد الحول،
ويحرم إذا كان بنية التملك في الحال، وعن علي عليه السلام (5) في واجد الضالة
إن نوى الآخذ أخذ الجعل فنفقت ضمنها، وإلا فلا ضمان عليه، وفيه دليل
على جواز أخذها.
وقال الفاضل (6): يجوز أخذ الآبق لمن وجده، ولا نعلم فيه خلافا، ولا
يضمن لو تلف بغير تفريط، ومنع من تملكه بعد التعريف، لأنه ينحفظ بنفسه
كضوال الإبل، وفيه إشعار بعدم جواز تملك الضالة، وهو حسن في موضع المنع
من أخذها.

(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 126.
(2) المبسوط: ج 3 ص 320.
(3) السرائر: ج 2 ص 103.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 290 و 295.
(5) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب اللقطة ح 1 ج 17 ص 369.
(6) المختلف: ج 1 ص 454.
84

وجوز المحقق (1) التقاط كلب الصيد، ويعرف سنة ثم يتملكه إن شاء
ويضمن، وفي المبسوط (2) حكم بالتعريف والتملك، ولم يصرح بجواز التقاطه.
ويمكن التفصيل بخوف ضياعه وعدمه فيجوز في الأول دون الثاني،
لامتناعه.
[216]
درس
في لقطة الأموال
لا يجوز التقاط ما ينحفظ بنفسه كأحجار الأرحية والحباب العظيمة
والقدور الكبيرة والسفن المربوطة قاله الفاضل (3)، لأنها كالإبل التي تمتنع
بنفسها، بل أولى قال: ولو كانت السفينة سائرة بغير ملاح جاز التقاطها.
وأخذ اللقطة في صورة الجواز مكروه، إلا أن يخاف تلفها أو التقاط من
يتلفها فلا كراهية، وحكم الحيوان كذلك، وقال الشيخ (4): إن كان أمينا
وهي في العمران والناس غير أمناء استحب له أخذها.
وقال ابن الجنيد ((5): لو أخذها حفظا لصاحبها عن أخذ من لا أمانة له
رجوت أن يؤجر، وظاهر الشيخين (6) التحريم، لما روي عن علي عليه السام (7)
إياكم واللقطة فإنها ضالة المؤمن، وهي من حريق النار.

(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 290.
(2) المبسوط: ج 3 ص 332.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 348، ص 27.
(4) المبسوط: ج 3 ص 321.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 450 ص 10.
(6) المقنعة: ص 648، والنهاية ونكتها: ج 2 ص 48.
(7) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب اللقطة ح 8 ج 17 ص 349.
85

وعن الباقر عليه السلام (1) لا يأخذ الضالة إلا الضالون، قلنا: قد روي إذا
لم يعرفوها، وعليه تحمل الرواية الأولى.
وتتأكد الكراهية فيما تقل قيمته وتكثر منفعته، كالعصا والوتد والشظاظ
والحبل والعقال وفي النعلين والإداوة والسوط، وقيل: تحرم الثلاثة، لرواية
عبد الرحمان (2) عن الصادق عليه السلام لا تمسه، وهو قول الحلبي (3) وظاهر
الصدوقين (4)، وكذا الخلاف (5) في لقطة الحرم.
والكراهية قوية إذا بلغت درهما، ولو نقصت عنه حل تناولها وملكت كما
تملك في الحل على الأقرب. وكذا ما يوجد في أرض لا مالك لها أو خربة باد
أهلها، وإن تجاوز الدرهم، وقيده في المبسوط (6) بانتفاء أثر الإسلام، وإلا
وجب تعريفه، وصحيحة محمد بن مسلم (7) مطلقة حيث قال: وإن كانت خربة
فأنت أحب بما وجدت، ويمكن حملها على الاستحقاق بعد التعريف فيما عليه أثر
الإسلام.
وباقي اللقطات إذا زاد عن الدرهم جاز التقاطه بنية التعريف حولا، فإذا
مضى تخير بين التملك والصدقة فيضمن فيهما، وبين الإبقاء أمانة، وهذا ينافي
تحريمها.
ولو أخذ قدر الدرهم من الحرم عرفه سنة، وتخير بين الصدقة والأمانة. وفي

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب اللقطة ح 5 ج 17 ص 348.
(2) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب اللقطة ح 2 ج 17 ص 363.
(3) الكافي: ص 350.
(4) نقله عن علي بن بابويه في المختلف ج 1 ص 450، وأورد في من لا يحضره الفقيه خبرا دالا عليه راجع
من لا يحضره الفقيه: باب اللقطة والضالة ح 9 ج 3 ص 188.
(5) الخلاف: ج 2 ص 245.
(6) المبسوط: ج 3 ص 320.
(7) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب اللقطة ح 2 ج 17 ص 354.
86

الضمان لو كره المالك الصدقة خلاف سبق في الحج.
ولا فرق بين الدينار المطلس وغيره، وقال الصدوقان (1): لو وجد في الحرم
دينارا مطلسا فهو له بلا تعريف، لرواية ابن غزوان (2)، ولا بين المحتاج وغيره،
وقال ابن الجنيد (3): إذا احتاج إليها تصدق بثلثها، وكان الثلثان في ذمته،
لرواية ابن رجاء (4)، والروايتان مهجورتان، وأباح سلار (5) وابن حمزة (6) قدر
الدرهم من اللقطة، والأظهر المنع.
ولو وجد في داره أو صندوقه شيئا لا يعرفه فهو له، إلا أن يتصرف فيهما غيره
فلقطة.
وكل عين لابقاء لها كالطعام فإنه يتخير بين دفعها إلى الحاكم وتقويمها على
نفسه ثم يعرفها (7)، ولو افتقر بقاؤها إلى مؤنة كالفاكهة تخير الواجد بين الدفع
إلى الحاكم، وبين توليه بنفسه.
ولا ضمان في اللقطة مدة الحول ولا بعده ما لم يفرط أو ينو التملك، وقيل:
يملكها بعد الحول بغير نية ولا اختيار ويضمن، وهو ظاهر النهاية (8) والمقنعة (9)
وخيرة الصدوقين (10)، وابن إدريس (11) ناقلا فيه الإجماع، وفي الخلاف (12) لا بد

(1) نقله علي بن بابويه في المختلف: ج 1 ص 448، وأورد في من لا يحضره الفقيه خبرا دلا عليه، من
لا يحضره الفقيه: باب اللقطة والضالة ح 18 ج 3 ص 190.
(2) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب اللقطة ح 1 ج 17 ص 368.
(3) المختلف: ج 1 ص 448.
(4) وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها ح 7 ج 9 ص 362.
(5) المراسم: ص 206.
(6) الوسيلة: ص 278.
(7) في (م): ثم تعريفها.
(8) النهاية: ص 320.
(9) المقنعة: ص 646.
(10) المختلف: ج 1 ص 448، المقنع (الجوامع الفقهية): ص 32 ص 9.
(11) السرائر: ج 2 ص 102 - 103.
(12) الخلاف: ج 2 ص 244.
87

من النية واللفظ فيقول قد اخترت تملكها، وفي المبسوط (1) تكفي النية،
والروايات (2) محتملة للقولين، وإن كان الملك بغير اختياره أشهر.
وتظهر الفائدة في اختيار الصدقة والنماء المتجدد والجريان في الحول
والضمان.
ثم هل يملكها بعوض يثبت في ذمته أو بغير عوض ثم يتجدد بمجئ
مالكها؟ في الروايات احتمال الأمرين، والأقرب الأول فيلحق بسائر الديون.
[217]
درس
التعريف واجب وإن نوى الحفظ، وفي المبسوط (3) لا يجب، إلا إذا نوى
التملك. ويشكل بأن التملك غير واجب فكيف يجب وسيلته.
ولا يملك قبل الحول إجماعا نوى أو لا. نعم يضمن بالنية، ولا تعود أمانته لو
رجع إلى نية الأمانة.
وزمانه النهار دون الليل. ويجب أن يكون عقيب الالتقاط إن أمكن.
وينبغي إكثاره أولا، ثم يجزي إقلال ما بعده، وأقله دفعة في الأسبوع.
وينبغي أن يعرف كل يوم مرة أو مرتين من الأسبوع الأول، ثم في الأسبوع مرة
ثم في الشهر مرة.
والضابط أن يتابع بينها بحيث لا ينسى اتصال الثاني بمتلوه. وليكن بالغداة
والعشي عند اجتماع الناس في الجمع والأعياد والأسواق وأبواب المساجد
والمشاهد.
وليكن في موضع الالتقاط، فإن التقط في برية عرف من يجده فيها وأتمه

(1) المبسوط: ج 3 ص 323.
(2) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب اللقطة ج 17 ص 349.
(3) المبسوط: ج 3 ص 322.
88

إذا حضر في بلده.
ولو سافر عقيب الالتقاط عرفه في سفره، وليقل من ضاع له شئ، وإن
قال ذهبا أو فضة جاز. وله أن يتولاه بنفسه ونائبه، والأجرة عليه وإن قصد
الأمانة.
ولو أخر التعريف عن الالتقاط فابتداء الحول من حين التعريف، وله
التملك بعده على الأقوى.
ولا ضمان بالتأخير إن كان لضرورة، وإن كان لا لها ففيه وجهان، أقربهما
عدم الضمان.
ولو مات الملتقط عرف الوارث، ولو كان في الأثناء بنى، ولو كان بعد
الحول وقبل نية التملك تملك الوارث إن شاء.
ثم إذا ادعاها مدع كلف البينة أو الشاهد واليمين.
ولا تكفي الأوصاف الخفية في الوجوب. نعم يجوز الدفع بها إذا ظن صدقه،
لإطنابه في الوصف أو لرجحان عدالته، ومنعه ابن إدريس (1) لوجوب حفظها
حتى تصل إلى مالكها، والواصف ليس مالكا شرعا، فعلى الأول لو دفعها ثم
ظهر مدع ببينة انتزعت من الواصف، فإن تعذر ضمن الدافع لذي البينة.
وله الرجوع على الواصف إذا لم يقر له بالملك، وللمالك الرجوع على
الواصف ابتداء فلا يرجع على الملتقط، سواء تلفت في يده أم لا.
ولو دفعها ببينة ثم أقام آخر بها بينة ورجح أحدهما بالعدالة أو الكثرة فهي
له، وإن تساويا فالقرعة. وكذا لو أقاماها ابتداء.
ولو خرجت القرعة للثاني انتزعها من الأول، وإن تلفت فبدلها ولا شئ
على الملتقط إن كان دفعها بحكم الحاكم، وإلا ضمن.

(1) السرائر: ج 2 ص 111.
89

أما لو دفع عوضها إلى الأول، ثم رجحت بينة الثاني فإنه يرجع على الملتقط
لا على الأول، ثم يرجع الملتقط على الأول وإن اعترف له بالملك لمكان البينة،
لتبين فساد الحكم، ولو اعترف له بالملك لا لأجل البينة لم يرجع عليه،
لاعترافه بالظلم من الثاني.
وهل يتعين على المتملك دفع العين مع ثبوت المالك أو يتخير بينها وبين
بدلها مثلا أو قيمة، قد يظهر من الروايات وكلام القدماء الأول، والأقرب
الثاني.
ولو عابت ضمن أرشها، ويجب قبوله معها على الأول وعلى الثاني أيضا على
الأقرب، والزيادة المتصلة للمالك، والمنفصلة للملتقط، أما الزوائد في الحول
فتابعة للعين.
ولو دفع اللقطة إلى الحاكم فباعها ولم يظهر المالك، وعرض الثمن على الملتقط
ليتملك ويتصدق.
[218]
درس
لو ظهر المالك في اللقطة المباحة كما دون الدرهم فالوجه وجوب الرد عليه
مع بقاء العين، ومع التلف نظر، من أنه تصرف شرعي فلا يتعقبه ضمان،
ومن ظهور الاستحقاق، وهو ظاهر ابن الجنيد (1) حيث أوجب ضمان العقال
والوتد والشظاظ مع التلف لو ظهر المالك، واختاره الفاضل (2)، وقال ابن
إدريس (3): لا يضمن ما نقص عن الدرهم، ولو ظهر المالك وجب رده عليه،
فنسبه في المختلف (4) إلى التناقض، ويمكن حمل كلامه على انتفاء الضمان مع

(1) المختلف: ج 1 ص 450.
(2) الخلاف: ج 2 ص 244.
(3) السرائر: ج 2 ص 101.
(4) المختلف: ج 1 ص 450.
90

تلف العين، ووجوب الرد مع بقائها.
ومن وجد عوض ثيابه أو مداسه فليس له أخذه، إلا مع القرينة الدالة على
أن صاحبها هو آخذ ثيابه بكونها أدون، وانحصار المشتبهين، ومع عدم القرينة
فهي لقطة.
ولقطة دار الحرب إذا كان فيها مسلم كغيرها، وإلا فهي للواجد من غير
تعريف.
وروى الكليني (1) عن الصادق عليه السلام فيمن اشترى من اللقطة بعد
التعريف حولا جارية بجارية، فوجدها ابنته ليس له إلا دراهمه، وليس له
البنت، وهي موافقة للأصل، لأن الملتقط ملك بعد الحول فقد اشترى بماله
لنفسه، وفي النهاية (2) لا يلزمه أخذها وإن أجاز شراؤها عتقت ولم يعتبر كون
الشراء بعد التعريف أو قبله.
ويشكل بأنها بعد التعريف والتملك ملك للملتقط فلا تؤثر الإجازة، ونازع
ابن إدريس (3) في صحة الإجازة بناء على بطلان عقد الفضولي، وهو غير متجه
في صورة الشراء بعد التملك ولو قلنا: بصحة عقد الفضولي.
نعم لو اشتراها بعين المال قبل الحول أو بعده ولما يتملك، وقلنا لا يملك
قهرا توجه كلام الشيخ وكلامه.
ولا فرق في إباحة تملك اللقطة بين الأثمان والعروض، ولا بين الغني
والفقير.
ولا يجوز التقاط السنبل وقت الحصاد، إلا بإذن المالك صريحا أو فحوى أو
إعراضه عنه. وكذا ما يعرض عنه من بقايا الثمار.

(1) الكافي: ج 5 ح 8 ص 139.
(2) النهاية: ص 321.
(3) السرائر: ج 2 ص 105.
91

وهل للمالك انتزاعه بعد الإعراض؟ يحتمل ذلك، لأنه ليس أبلغ من
الهبة التي يجوز الرجوع فيها. نعم لو تلفت العين فلا ضمان.
ويجوز التقاط المال لكل من له أهلية التكسب من صبي ومجنون وكافر
وفاسق، إلا في لقطة الحرم فحرام على الأربعة، لأنها أمانة محضة.
ويتولى الولي التعريف عن المولى عليه، ثم يفعل اللاحظ بعد الحول.
وفي جواز التقاط العبد بدون إذن السيد نظر، من رواية أبي خديجة (1)
لا يعرض لها المملوك - وهو خيرة ابن الجنيد - (2) ومن أهلية التكسب (3)، وهو
ظاهر جماعة ومصرح آخرين.
ويشكل على القول بعدم ملكه، وخصوصا على القول بتملكها قهرا بعد
الحول والتعريف، لانتفاء لازم الالتقاط فينتفي الملزوم، وأولى منه بالجواز
المكاتب.
ويتولى المولى التعريف إن أذن فيها أو رضي بها ويتبعه أحكامها.
ولا ضمان على السيد إن كان العبد أمينا، وإلا ضمن السيد بتركها في
يده، لتعديه عند الشيخ (4)، وقيل: لا ضمان للشك في وجوب حفظ مال الغير،
وخصوصا مع وجود يد متصرفة. نعم لو كان غير مميز اتجه ضمان السيد.
ولو تملكها العبد صح على القول بملكه، وإلا كان للسيد تملكها.
ولو أتلفها العبد ضمن إذا عتق.
ولو عتق وبيده لقطة فللمولى انتزاعها منه، لأنها من كسبه عند الشيخ (5)

(1) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب اللقطة ح 1 ج 17 ص 370.
(2) المختلف: كتاب الأمانات ج 2 ص 453.
(3) في (م) و (ز): التكسب وهو مشهور.
(4) المبسوط: ج 3 ص 325.
(5) المبسوط: ج 3 ص 325 - 326.
92

والفاضل في التذكرة (1)، وقال (2) في غيرها: للسيد أخذها إن عتق بعد الحول
لا قبله، لأنها لا تسمى كسبا، وهذا مخالف لاتفاقهم على أنها كسب من حين
الأخذ.
نعم لو قلنا: بعدم جواز التقاطه لم يكن للسيد أخذها مطلقا، لأنها قبل
عتقه كالملقاة، وبعده تصير في يد صالحة للالتقاط فيكون المعتق أولى بها من
السيد، وفيه قوة.
أما لقطة الحرم فجائز أخذها للعبد، لأنها أمانة، قال الفاضل (3): لا نعلم
فيه خلافا.
والمبعض إذا التقط في نوبة نفسه صح قطعا، ويملك بعد التعريف وإن
وافق وقت التمليك نوبة السيد، لأن المعتبر وقت حصول الكسب، فحينئذ إن
قلنا بالملك القهري أمكن تأخره هنا إلى نوبته.
ولا يجب الالتقاط، وإن خيف الضياع، ووثق من نفسه بعدم الخيانة، ولو
علم الخيانة حرم، ولو خاف كره. وكذا تتأكد الكراهية في حق الفاسق.
ولا يضم الحاكم إليه مشرفا على الأقرب.
ويستحب الإشهاد عليها، ويعرف الشهود بعض الأوصاف كالعدة
والوكاء والوعاء والعفاص، وليكونا عدلين فصاعدا لينزه نفسه عن الطمع فيها.
ويمنع وارثه من التصرف لو مات، وغرماؤه لو فلس.
ولا يعرف بجميع الأوصاف حذرا من مواطاة الشهود مدعيا بها.
ولا يبرأ برد اللقطة إلى موضعها، بل إلى المالك أو من قام مقامه أو
الحاكم.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 253.
(2) المختلف: ج 1 ص 452.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 254.
93

كتاب الجعالة
95

كتاب الجعالة
وهي لغة مال يجعل على عمل وشرعا صيغة دالة على الإذن في عمل
بعوض.
ولا يشترط فيها العلم، ولا تعيين المأذون مثل من رد عبدي فله كذا. وكما
يجوز مع الجهالة يجوز مع العلم مثل من خاط هذا الثوب فله كذا.
ولو رد أو خاط من غير أمر فلا شئ له في المشهور، وإن كان معروفا برد
الضوال، وكلام النهاية (1) والمقنعة (2) والوسيلة (3) مشعر باستحقاق من رد الآبق
والضالة من غير شرط، لرواية مسمع (4) عن الصادق عليه السلام أن النبي
صلى الله عليه وآله جعل في الآبق دينارا إذا وجد في مصره، وفي غير مصره
أربعة دنانير، والمتأخرون على الأول، وحمل الشيخ في المبسوط (5) الرواية بالنسبة
إلى المتبرع على الأفضل لا الوجوب. نعم لو لم يذكر عوضا وأمر بالرد فالأولى
العمل بالمقدر في الرواية، وألحق الشيخان (6) به البعير.

(1) النهاية: ص 323.
(2) المقنعة: ص 649.
(3) الوسيلة: ص 277.
(4) التهذيب: ج 6 ح 1203 ص 398.
(5) المبسوط: ج 3 ص 333.
(6) النهاية: ص 323، والمقنعة: ص 649.
97

قال المفيد: بذلك ثبتت السنة، وجعل قيمة الدينار عشرة دراهم، ووافق
ابن إدريس (1) على ذلك مع ترك اشتراط المالك وعدم تقدير العوض، ونسب
القائل بالاستحقاق لا مع أمر المالك إلى الخطأ.
ويكفي الإيجاب مع العمل في استحقاق الجعل وإن لم يقبل العامل لفظا.
ولو جعل لواحد فرد غيره فلا شئ للغير، ولو ردها من لم يسمع الصيغة
بقصد العوض فالأقرب الاستحقاق، إذا كانت الصيغة تشمله مثل من رد
عبدي فله كذا.
ولو قال من استوفى ديني على المسلم فله كذا لم يدخل الذمي، ويدخل في
رد العبد المسلم، لأن السبيل هنا ضعيف، إلا أن يكون الجعل عبدا مسلما أو
مصحفا، ويمكن الدخول فيثبت له قيمتهما، ويحتمل أجرة المثل. ولو رده الصبي
المميز أو المرأة استحقا.
وفي المجنون وغير المميز وجهان: من عدم تحقق القصد، ووقوع العمل.
ويشترط كون العمل محللا مقصودا غير واجب على العامل، فلو جعل على
الزنا أو على قذف ماء البئر فيه أو على الصلاة الواجبة لغا.
ويجوز الجمع في الجعالة بين المدة والعمل، مثل من رد عبدي من مصر في
شهر، بخلاف الإجارة. وكذا يجوز من رد عبدي أو أمتي ويستحق برد أيهما
كان.
وإذا عين الجعل اشترط كونه مما يملك، فلو جعل حرا أو خمرا بطل الجعل
ولا أجرة للعامل، إلا أن يتوهم الملك.
ولو جعل الذمي لمثله خمرا صح فإن أسلم أحدهما قبل القبض فالقيمة على
قول.

(1) السرائر: ج 2 ص 109.
98

ولو جعل ما لا تقع عليه المعاوضة كحبة حنطة أو زبيبة ففي استحقاق
المعين أو عدم استحقاق شئ وجهان.
ولو ظهر العوض مستحقا فأجرة المثل، ويحتمل مثله أو قيمته كالصداق
والخلع. ولو كان مجهولا فأجرة المثل قولا واحدا.
ولو لم يمنع الجهالة التسليم كثلث العبد المجهول، قيل: يصح، ولو كان
معلوما فأولى بالصحة، إلا أن يمنع الاستيجار على الإرضاع بجزء من المرتضع بعد
الفصال.
ولو جعل للرد من مسافة فرد من بعضها استحق بالنسبة. ولو جعل للرد من
بلد فرد من غيره استحق إن دخل في عمله، وإلا فلا.
وليس للعامل أن يوكل إلا مع الإذن، وله الاستعانة بغيره، فله العوض.
ولو قصد المعين التبرع على المالك فللمجعول له ما قابل عمله.
ولو قصد العوض لنفسه فلا عوض له، وقطع الفاضل (1) باستحقاق العامل
الجميع، لحصول غرض المالك. وكذا لو عمل المالك معه، وفي المبسوط (2) إذا
جاء به العامل وغيره فللعامل نصف الجعل وللآخر نصف أجرة المثل.
ولو قال من رد عبدي بصيغة العموم فوكل واحد آخر أو استأجره على رده
ففي استحقاق الجعل نظر، من إجرائه مجرى التوكيل في المباحات، ومن حمل
الإطلاق على المباشرة.
ولو جعل دينارا لمن رده فرده أكثر من واحد فهو لهم على رؤوسهم، ولو لم
يعين فلهم أجرة المثل كذلك. ولو عين لبعضهم فللمعين حصته منه، وللباقين
حصتهم من أجرة المثل.

(1) قواعد الأحكام: ج 1 ص 201.
(2) المبسوط: ج 3 ص 334.
99

والجعالة جائزة من طرف العامل مطلقا، ومن طرف المالك ما لم يتلبس
العامل، فإن تلبس فهي جائزة فيما بقي، وعليه فيما مضى بنسبته إلى الجميع، ولو
لم يعلم بالرجوع فله الجميع.
ولو جعل على الرد من مكان فانتهى إليه ولم يرد فلا شئ. وكذا لو مات
قبل الرد أو مات العبد في يده.
ولو جعل على خياطة ثوب فخاط بعضه احتمل وجوب حصته، ويقوى
الاحتمال لو مات أو شغله ظالم.
وليس للعامل حبس العبد لتسليم العوض، لأن الاستحقاق بالتسليم فلا
يتقدم عليه والعامل أمين، وخبر السكوني (1) وغياث (2) عن علي عليه السلام
يدل عليه، والخبر السالف في اللقطة فيه تفصيل، وقال الفاضل (3): لم أقف فيه
على شئ، والنظر يقتضي كونه أمينا.
وعلف الدابة ونفقة العبد على المالك على الأقوى.
ولو تنازعا في التفريط أو التعدي حلف العامل. ولو تنازعا في السعي
لتحصيله أو في ذكر الجعل فادعاه العامل، أو في تعيين العبد المجعول عليه، أو
البلد المأذون فيه حلف المالك.
ولو تنازعا في قدر الجعل قال ابن نما (4): يحلف المالك ويثبت مدعاه، وهو
قوي كالإجارة، لأصالة عدم الزائد.
واتفاقهما على العقد المشخص بالأجرة المعينة وانحصارها في دعواهما، فإذا
حلف المالك على نفي دعوى العامل ثبت مدعاه، لقضية الحصر، وقال

(1) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب كتاب العتق ح 1 ج 16 ص 53.
(2) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب كتاب العتق ح 3 ج 16 ص 54.
(3) لم نعثر عليه.
(4) لا يوجد لدينا كتابه.
100

الفاضلان (1): إذا حلف فأجرة المثل، إلا أن تزيد على ما ادعاه العامل، أو
تنقص عما ادعاه الجاعل، ويحتمل التحالف. ولو تنازعا في جنسه فالتحالف
أقوى.
ولو جعل لجماعة على عمل فصدر من كل واحد كصدوره من الجميع،
استحق كل واحد تمام الجعل، كقوله من دخل داري فله دينار، بخلاف غيره
كرد العبد فإن لهم جعلا واحدا. والله الموفق.

(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 166، وإرشاد الأذهان: ج 1 ص 431.
101

كتاب الغصب
103

كتاب الغصب
وتحريمه عقلي وإجماعي وكتابي وسني.
قال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (1) (ويل
للمطففين) (2) (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) (3).
وقال النبي صلى الله عليه وآله (4): إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، لا
يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه (5)، لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن
طيب نفس (6)، لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا لاعبا (7).
وهو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا، فلا يكفي رفع يد المالك
من دون إثبات يد الغاصب، فلو منعه من القعود على بساطه أو من إمساك
دابته المرسلة فاتفق التلف فلا ضمان، وللفاضل (8) وجه بالضمان وإن لم يسم غصبا.

(1) البقرة: 188.
(2) المطففين: 1.
(3) النساء: 10.
(4) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب القصاص في النفس ح 3 ج 19 ص 2.
(5) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب مكان المصلي ح 1 ج 3 ص 424.
(6) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب مكان المصلي ح 3 ج 3 ص 424.
(7) عوالي اللئالي: ح 107 ج 1 ص 224.
(8) التذكرة: ج 2 ص 376.
105

أما لو منعه من بيع متاعه في السوق فنقصت قيمته لم يضمن قطعا.
ولو سكن مع مالك الدار قهرا فهو غاصب للنصف عينا وقيمة، لاستقلاله
عليه، بخلاف النصف الذي بيد المالك.
ولو مد بمقود الدابة وصاحبها راكبها فلا استقلال، إلا مع ضعفه عن
المقاومة.
ويتحقق غصب العقار برفع يد المالك وإثبات يده. وكذا لو أثبت يده عليه
في غيبة المالك.
ولو أسكن غيره فيه جاهلا فالآمر غاصب، لأن يد المأمور كيده، والساكن
ليس بغاصب وإن ضمن المنفعة. وكذا لو سكن دار غيره غلطا أو لبس ثوبه
خطأ، فإنه يضمن وإن لم يكن غاصبا.
ولو فسر الغصب بأنه الاستيلاء على مال الغير بغير حق لكانا غاصبين.
ولو سكن الضعيف مع المالك القوي فهو ضامن للمنفعة، وفي كونه غاصبا
الوجهان.
وكذا لو رفع متاعا بين يدي المالك ككتاب، فإن قصد الغصب فهو
غاصب، وإن قصد النظر إليه ففي كونه غاصبا الوجهان.
وقولنا مال، ليخرج به ما ليس بمال، كالحر فإنه لا يتحقق فيه الغصبية فلا
يضمن، إلا أن يكون صغيرا أو مجنونا فيتلف بسبب،، كلدغ الحية ووقوع الحائط
فإنه يضمن في أحد قولي الشيخ (1)، وهو قوي.
ولو أثبت يده على مسجد أو رباط أو مدرسة على وجه التغلب ومع
المستحق فالظاهر ضمان العين والمنفعة، لتنزله منزلة المال.
والمنفعة مال، فلو آجر داره ثم استولى عليها كان غاصبا للمنفعة، ويخرج

(1) الخلاف: ج 2 ص 179.
106

منفعة البضع، سواء كان لحرة أو مملوكة، فإنها لا تضمن بغير التفويت، إلا في
مثل الرضاع والشهادة بالطلاق على وجه سلف.
وإضافة المال إلى الغير، ليخرج به مال نفسه، فإنه لو أثبت يده على مال
نفسه عدوانا كالمرهون في يد المرتهن فليس بغاصب، إلا أن ينزل استحقاق
المرتهن. منزلة المال، مع أنه لو تلف بعد التعدي ضمن قيمته أو مثله، وتكون
رهنا.
والتقييد بالعدوان، ليخرج به إثبات المرتهن والولي والوكيل والمستأجر
وشبهه أيديهم على مال الراهن والموكل والمولى عليه والمؤجر.
ثم أسباب الضمان غير منحصرة في الغصب، فإن المباشرة توجب الضمان
وهي إيجاد علة التلف كالأكل والإحراق والقتل والاتلاف، وكذلك
السبب، وهو فعل ملزوم العلة كحفر البئر.
ولو اجتمع المباشر والسبب فالحوالة على المباشر، إلا مع ضعفه بالإكراه أو
الغرور، كمن قدم طعاما إلى المغرور فأكله فقرار الضمان على الغار، فإن ضمن
المباشر رجع عليه.
ويضمن لو فتح رأس زق فسال ما فيه بنفسه أو بانقلابه أو تقاطره فيبتل
أسفله أو بإذابة الشمس أو انقلابه بالريح على الأقوى، أو فك قيد الدابة أو
العبد المجنون أو فتح قفص الطائر أو حل دابة فذهبا في الحال أو بعد مكث أو
قبض بالبيع الفاسد وشبهه أو استوفى منفعة الإجارة الفاسدة أو حفر بئرا في غير
ملكه أو طرح المعاثر في الطرق أو تجاوز قدر الحاجة من الماء أو النار أو علم
التعدي إلى مال الغير أو غصب دابة فتبعها الولد على الأصح، أو أخذ زوجي
خف فنقصت قيمة الباقي على الأقوى، أو أطعم المالك طعامه من غير شعوره أو
أودعه دابته المغصوبة أو أعاره إياها ولا يعلم، وتلفت في يده وأمر المالك بذبح
شاته فذبحها جاهلا.
107

ولو فتح مراحا للغنم فخرجت فأفسدت زرعا فضمان الزرع على فاتح المراح
بلا خلاف.
ولو فتح بابا على عبد محبوس فذهب في الحال ضمنه عند الشيخ (1)، ونقل
عن كل العامة عدم الضمان.
ولا فرق بين كونه عاقلا أو مجنونا، آبقا أو غيره، بالغا أو صبيا.
ولا يضمن لو فتح بابا على مال فسرق، أو دل سارقا على مال على الأقوى،
إلا أن يكون تحت يد الدال.
وتعاقب الأيدي العادية على العين يوجب تضمين كل واحد منهم، وقرار
الضمان على من تلفت في يده، فيرجع غيره عليه لو رجع.
ولو كان بينهم يد غير عادية فقرار الضمان على الغار، وللمالك إلزام
الجميع ببدل واحد.
وغصب الحامل غصب الحمل، أما حمل المبيع فاسدا أو المستام فلا ضمان
فيه، وقال الفاضل (2): يضمن الحمل في البيع الفاسد، ولعله أراد مع اشتراط
دخوله.
ويضمن الخمر والخنزير لو غصب من ذمي مستتر وإن كان الغاصب
مسلما، ولا شئ على الغاصب منه متظاهرا وإن كان كافرا، فيجب الرد على
المستتر، ولو تلفت فالقيمة وإن كان المتلف ذميا على قول الشيخ (3)، وقال
القاضي (4): يضمن بالمثل.
ولو غصب الخمر من مسلم فلا ضمان، ولو كانت محترمة حرم غصبها، فلو

(1) المبسوط: ج 3 ص 89.
(2) الإرشاد: ج 1 ص 445.
(3) المبسوط: ج 3 ص 100.
(4) المهذب: ج 1 ص 450.
108

تخللت في يد الغاصب فهي للمغصوب منه، وقال ابن الجنيد (1): يضمن الخمر
المغصوبة من المسلم بمثلها خلا، وأطلق، وهو بعيد.
ويتحقق غصب الكلب إذا كان أحد الأربعة فيضمن عينه ومنفعته.
ولو جحد المعار العارية أو الودعي الوديعة أو تعدى فهو غاصب. وكذا كل
أمين، لأنه أثبت يدا لنفسه وقد كانت نائبة عن الغير.
ولو خيف سقوط الحائط جاز أن يسند بجذع الغير، نقل الشيخ (2) فيه
الإجماع، وحينئذ الأقرب ضمان عينه وأجرته وإن انتفى الإثم.
[219]
درس
يجب رد المغصوب إلى مالكه إجماعا، ولقوله (3) صلى الله عليه وآله (4): على
اليد ما أخذت حتى تؤديه، وإن تعسر كالساجة في البناء واللوح في السفينة،
وإن أدى إلى خراب ملكه، لأن البناء على المغصوب لا حرمة له. ويضمن أرش
نقصانهما وأجرتهما.
ولو علم تعيبهما وإنه لا ينتفع بإخراجهما ضمنهما الغاصب بقيمتهما.
ولو خيف غرق الغاصب أو حيوان محترم أو مال لغير الغاصب لم ينتزع
اللوح، ولو كان المال للغاصب أو خشي غرق السفينة فالأقرب النزع، وقال
الشيخ (5): يؤخر إلى الساحل فيطالب بالقيمة إلى أن يسلم العين.
ولو خاط بالخيوط المغصوبة جرح حيوان له حرمة ضمنها ولم ينزع، إلا مع

(1) المختلف: ج 1 ص 459.
(2) المبسوط: ج 3 ص 86.
(3) في (م): لقوله.
(4) سنن البيهقي: ج 6 ص 95.
(5) المبسوط: ج 3 ص 87.
109

الأمن من التلف والشين. ولو مات الحيوان قيل: لا ينزع، للنهي (1) عن المثلة.
ولو أدخلت دابة رأسها في قدر واحتيج إلى كسرها ضمن مالكها إن فرط
أو لم يفرط أحدهما، وإن فرط صاحب القدر فهي هدر. ولو كان كسرها أكثر
ضررا من قيمة الدابة أو أرشها احتمل أن يذبح الدابة.
أما لو أدخل دينارا في محبرته وكانت قيمتها أكثر منه، ولم يمكن كسره لم
تكسر المحبرة، وضمن صاحبها الدينار مع عدم تفريط مالكه.
ولو دخلت زهرة اليقطين في إناء الغير فعظمت اعتبر التفريط، ومع انتفائه
يتلف أقلهما قيمة، ويضمن صاحب الآخر، وإن تساويا فالأقرب أن الحاكم
يخيرهما، فإن تمانعا فالقرعة.
ولو خلط المغصوب بغيره كلف التمييز إن أمكن، وإلا قسم إن كان مال
الغاصب أجود أو مساويا، وإن كان أردأ ضمن المثل، وفي المبسوط (2) لو خلطه
بالأجود ضمن المثل، وقال ابن إدريس (3): يضمن المثل وإن خلطه بالمساوي،
لاستهلاكه. هذا إذا خلطه بجنسه.
ولو خلطه بغيره ضمن المثل أو القيمة كالزيت بالسمن.
ويكلف فصل الصبغ إن قبل الزوال، سواء غصبه أو غصب الثوب.
ويضمن أرش المغصوب إن نقص، ولا يجب قبول القيمة على أحدهما، ولا
قبول الهبة.
ولو ارتفعت قيمة الصبغ أو الثوب أو قيمتهما وتعذر الفصل بيعا، وكان لكل
ما قابل ماله، وقال الفاضل (4): لصاحب الثوب المغصوب تملك الصبغ.

(1) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1063 / 3185.
(2) المبسوط: ج 3 ص 79.
(3) السرائر: ج 2 ص 482.
(4) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 447.
110

بالقيمة، لو تعذر فصله أو كان يهلك بالفصل.
ولو طلب الغاصب قلع صبغه أجيب عند الشيخ (1) وضمن الأرش، وقال
ابن الجنيد والفاضل: لا تجب إجابته لاستهلاكه، واستلزام التصرف في مال
الغير.
ولا يملك الغاصب العين بتغير صفاتها كطحن الحنطة وقصارة الثوب، ولا
باستحالتها كالبيضة تفرخ والحبة تصير شجرة على الأقوى، وللشيخ قول في
الكتابين: أن الزرع والفرخ للغاصب، وهو محجوج بفتواه بخلافه وفتوى من
سبقه.
ولو صاغ الجوهر حليا رده كذلك، وضمن الأرش إن نقص، ولو كسره
ضمن أرش الصحيح وإن كان بفعله. وكذا لو علم العبد صنعة أو علما ثم
نسيه ضمن (2) الغاصب.
ويكلف نقل المغصوب إلى بلد المالك وإن تضاعفت أجرته، ورد ما أخذه
السبيل من الأرض المغصوبة، وإن شق رده مع إمكانه، ولو تلف التراب ضمنه
بمثله منقولا إليها.
ولو رضي المالك ببقاء التراب المنتقل في مكانه، فليس للغاصب رده إلى
موضعه، إلا أن يشغل ملكه أو الشارع أو يخاف تلف شئ به.
ولو كان بقربه مباح يساوي ملك المالك في القرب فالأقرب أنه لا ينقله
إلى ملك المالك، لحصول (3) الغرض به.
ولو حفر فيها بئرا فله (4) طمها حذرا من الضمان بالتردي، ولو نهاه المالك لم

(1) المبسوط: ج 3 ص 77.
(2) في (م) و (ق): ضمنه.
(3) في (م): بحصول.
(4) هذه الكلمة غير موجودة في (م).
111

يطم ولا ضمان عليه، وقال الشيخ (1): يضمن ما لم يبرأه المالك، وعليه طم
الحفر بعد قلع غرسه، وأرش الأرض إن نقصت. ولو أغلى الزيت ضمن الناقص بالمثل. وكذا لو جبن اللبن أو اتخذ منه
سمنا أو زبدا.
ولو اتخذ من العصير طلاء أو من العنب زبيبا فهما للمالك، ويضمن المثل
في العصير والأرض في الزبيب إن نقص.
ولو صار العصير خمرا ضمن المثل، والأقرب وجوب دفع الخمر أيضا، فإن
عاد خلا ترادا ويضمن أرش النقص.
ولو تجددت فيه صفة ونقص أخرى لم ينجبر (2) بها، ولو عادت الناقصة جبر.
ولو تعيب غير مستقر كتعفن (3) الحنطة أو طحنها ردت العين وأرشها.
ويتجدد ضمان ما يأتي من العيب إذا لم يمكن إصلاحه ولا التصرف فيه، ولو
أمكنا فالأقرب انتفاء الضمان، لاستناده إلى تفريط المالك، وقال الشيخ (4):
متى لم يستقر العيب فهو كالمستهلك.
وكل موضع يتعذر رد العين وهي باقية يجب دفع بدلها إلى المالك ملكا لا
عوض له، فالنماء المنفصل له.
ولو عادت العين ترادا وجوبا مع التماس أحدهما، ولو تراضيا بالمعاوضة
جاز، وعلى الغاصب الأجرة في كل ماله أجرة، انتفع به أو لا. ولو استعمله
بماله أجرة زائدة عن أجرة المثل المطلقة لزمه الزائد.
ولو كان العبد يحسن صناعات ضمن أعلاها.

(1) المبسوط: ج 3 ص 73.
(2) في (ق) و (ز): لم يجبر.
(3) في (م) و (ق): كعفن.
(4) المبسوط: ج 3 ص 82.
112

ولو حبس حرا بعد استئجاره استقرت عليه الأجرة وقبله لا أجرة له. ولا
فرق بين استئجاره مدة (1) أو على عمل على الأقرب.
وفي ضمان أجرة العين مع دفع البدل وجهان.
ولو نقصت قيمة العين للسوق فردها بعينها فلا ضمان، لأنه غير مستقر.
والغاية الرغبات، وهي غير متقومة ولا معدودة من صفات العين،
والواجب رد العين على صفاتها.
ولو تلفت فعليه ضمان المثلي (2) وهو المتساوي الأجزاء والمنفعة المتقارب
الصفات بمثله، لقوله (3) تعالى: (بمثل ما اعتدى عليكم)، فإن تعذر فقيمته يوم
الإقباض، سواء تراخى تسليم المثل عن تلف العين أو لا، وسواء حكم حاكم
بقيمته أو لا، ولا يحكم بقيمته يوم الإعواز.
ولا ترد القيمة لو قدر على المثل بعدها، ولو خرج المثلي عن القيمة
باختلاف الزمان والمكان كالماء والجمد احتمل قويا قيمة المثل مشخصا بحالة
الغصب، ولو تعذر المثل إلا بأضعاف قيمته كلف الشراء على الأقرب.
والفاكهة الرطبة كالعنب والتفاح والرطب قيمته عند الشيخ (4).
ولو كان من ذوات القيم فعليه قيمته يوم التلف على قول الأكثر، والأعلى
من حين القبض إلى التلف أنسب لعقوبة الغاصب.
وأما زيادة القيمة بعد التلف، فإن قلنا: بضمان القيمي بمثله فهي
مضمونة، وإليها جنح المحقق (5)، وإن قلنا: بالقيمة فلا، وهو المشهور.

(1) في (ز): مدة معينة.
(2) في (ز): الضمان من المثل.
(3) البقرة: 194.
(4) المبسوط: ح 3 ص 99.
(5) شرائع الإسلام: ج 3 ص 240.
113

ولو ظفر المالك بالغاصب في غير بلد الغصب فله المطالبة بالمثل أو القيمة،
وإن (1) كان في نقله مؤنة أو كانت القيمة أزيد، وفي المبسوط (2): إذا اختلفت
القيمة فللمالك قيمته في بلد الغصب أو يصبر حتى يصل إليه.
[220]
درس
لو كان المغصوب عبدا أو أمة وجني عليه عند الغاصب ضمن أكثر الأمرين
من المقدر (3) الشرعي والسوقي على قول قوي، ولو مات لزمه قيمته وإن تجاوزت
دية الحر عند المتأخرين، خلافا للشيخ (4) مدعيا للإجماع.
ولا يجب تسليمه لو جني عليه بما فيه قيمته، بخلاف الجاني غير الغاصب،
والشيخ (5) سوى بينهما في الإمساك أو تمام القيمة، مع أنه قال (6): لو خصي
العبد رده وقيمة الخصيتين، لأنه ضمان مقدر، وقيل: يجب المقدر الشرعي لا
غير.
ولا فرق بين كون الجاني الغاصب أو غيره. نعم ليس على الجاني سوى
الشرعي.
ولو جنى العبد فعلى الغاصب ضمان الفائت بالجناية ولو طلب المجني عليه
الفداء وجب على الغاصب الفداء بأقل الأمرين من الأرش والقيمة.
ولو مثل به عتق عند الشيخ (7)، ولو أقعد أو عمي عتق وضمن الغاصب.

(1) في (ز): ولو.
(2) المبسوط: ج 3 ص 76.
(3) في (م): المقدار.
(4) الخلاف: ج 2 ص 168 مسألة 5.
(5) الخلاف: ج 2 ص 169 مسألة 9.
(6) المبسوط: ج 3 ص 64.
(7) الخلاف: ج 2 ص 168 مسألة 6.
114

ولو وطئ الأمة وهي جاهلة أو أكرهها حد وعليه المهر، خلافا
للخلاف (1) في المكره، وهو العشر أو نصفه على تقديري البكارة والثيوبة،
وقيل: مهر المثل، واختاره ابن إدريس (2).
وقصر العشر فيمن اشترى جارية فظهرت (3) حاملا بعد وطئها.
ويتعدد المهر بتعدد الإكراه. وكذا بتعدد الشبهة.
ولو اتحدت الشبهة فواحد، ولو كانت بكرا فعليه مع المهر أرش البكارة إن
قلنا بمهر المثل، وإن قلنا بالعشر فالظاهر التداخل.
ولو طاوعته عالمة قيل: بسقوط المهر، للنهي (4) عن مهر البغي، ويحتمل
ثبوته، لأن السقوط في الحرة مستند إلى رضاها.
ورضا الأمة لا يؤثر في حق السيد، وولده رق، إلا أن يجهل التحريم، أو
يكون هناك شبهة فهو حر، وعليه قيمته يوم سقط حيا، فلو سقط ميتا فلا شئ
إلا أن يكون بجناية.
ولو اشترى من الغاصب فللمالك الرجوع عليه بالدرك، عينا وبدلا وأجرة
وبضعا وولدا، ويستقر الضمان عليه مع علمه، وإلا فعلى الغاصب.
ولا فرق بين أن يستوفي المشتري المنافع أو لا، ولا بين ما حصل له منه نفع
وبين غيره على الأقرب، لغروره.
وللمالك الرجوع على الغاصب بذلك، إلا المهر فإن فيه وجهين: من حيث
أن منافع البضع لا يضمن باليد ولم يوجد منه (5) تفويت، ومن أنها منفعة غير
مضمونة.

(1) الخلاف: ج 2 ص 171 مسألة 16.
(2) السرائر: ج 2 ص 489.
(3) في (م) و (ز): فتظهر.
(4) سنن البيهقي: ج 6 ص 6.
(5) في (م) و (ق): فيه.
115

ولو تزوج من الغاصب جاهلا فللمالك الرجوع على الواطئ بالعقر وأجرة
الخدمة، ولا يرجع على الغاصب بالأجرة، لأن التزويج ولا يتضمن إباحة
الخدمة. نعم يرجع بما اغترمه مما لم يستوفه من المنافع.
وهل يرجع المشتري بالعقر على الغاصب؟ فيه وجهان، كرجوع المشتري
الجاهل بقيمة العين على الغاصب.
والذهب والفضة يضمنان بالمثل، سواء كان (1) تبرا أو مضروبا، إذا لم
يكن فيها (2) صنعة أو كانت محرمة، ولو كانت محللة وزادت بها القيمة ففيه
ثلاثة أوجه.
ضمان النقرة بالمثل والصنعة بالقيمة، ولا ربا لتغايرهما، ولهذا يضمن لو
أزيلت مع بقاء الأصل، ويصح الاستئجار عليها، ويشكل بعموم الربا.
الثاني: ضمانهما بالقيمة بغير الجنس ليسلم من الربا.
الثالث: ضمانهما بمثلها (3) مصوغة إن أمكنت المماثلة كالنقدين، وقال
الشيخ (4): يضمن الجوهران بنقد البلد، فإن اختلف المضمون والنقد أو اتفقا
وتساويا في الوزن والقيمة فلا بحث، وإن اختلفا قوم بنقد آخر.
ولو أتلف المنسوج من الحرير وشبهه قيل: يضمن الأصل بمثله، والصنعة
بقيمتها، والظاهر أنه يصير من ذوات القيم فيضمنه بالقيمة.
ولو غصب فحلا فأنزاه فالولد لصاحب الأنثى، وعليه الأجرة على الأقوى
وأرش نقصه، وفي المبسوط (5) لا أجرة لنهي النبي صلى الله عليه وآله (6) عن

(1) في (م): كانا.
(2) في باقي النسخ: فيهما.
(3) في (ق): بمثليهما.
(4) المبسوط: ج 3 ص 61.
(5) المبسوط: ج 3 ص 96.
(6) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب ما يكتسب به ح 14 ج 12 ص 65.
116

كسب الفحل.
ولو اختلفا في تلف المغصوب أو قيمته على الأقرب ما لم يدع ما يكذبه فيه
الحس، أو فيما عليه من الثياب والآلات، أو في صفة كمال في العين
كالصنعة، أو في تخلل الخمر عند الغاصب، أو في تجدد صفة كمال بفعله أو
فعل غيره، حلف الغاصب.
ولو اختلفا في رده أو في موته قبل رده (1) أو بعده أو في رد بدله مثلا أو
قيمة، حلف المالك.
ولو أقاما بينتين تساقطتا ويحلف المالك، وفي الخلاف (2) يجوز العمل
بالقرعة لتكافؤ الدعويين، وهو حسن بل واجب، وقال ابن إدريس (3): البينة
للغاصب لأنها تشهد بما يخفى.
ولو اختلفا في تقديم (4) العيب حلف الغاصب عليه، لأنه غارم قال (5)
الشيخ (6) وابن إدريس (7)، ولو قيل: يحلف المالك، لأن الأصل السلامة وعدم
التقدم كالبيع، كان وجها.
ولو اختلفا في العيب بعد موته أو انقطاع خبره حلف المالك عند الشيخ (8)،
والغاصب عند ابن إدريس (9)، والأول أصح.

(1) في باقي النسخ: الرد.
(2) الخلاف: ج 2 ص 177 مسألة 34.
(3) السرائر: ج 2 ص 481.
(4) في (م) و (ق): تقدم.
(5) في باقي النسخ: قاله.
(6) المبسوط: ج 3 ص 101 وص 104.
(7) السرائر: ج 2 ص 495.
(8) المبسوط: ج 3 ص 104.
(9) السرائر: ج 2 ص 495.
117

ولو ادعى بعد البيع أنه كان غاصبا، وأن العين انتقلت إليه الآن سمعت
بينته إذا لم يتقدم منه دعوى الملكية، وفي الجناية على الدابة الأرش، وفي
الخلاف (1) في عينها نصف القيمة وفيهما القيمة. وكذا كل ما فيه اثنان،
للرواية (2) والاجماع، ويمكن هنا وجوب أكثر الأمرين في العين وما فيه النصف.
ومركوب القاضي كغيره وإن صيره أبتر، لعدم النظر إلى خصوصية المنتفع.
وكذا لو أتلف وثيقة بمال أو خفا لا يصلح إلا لواحد.
ولو غصب ما ينقصه التفريق فتلف أحدهما ضمن قيمته ونقص الآخر.
ولو زرع الأرض فالزرع له وعليه الأجرة، وقال ابن الجنيد (3): يدفع إليه
المالك نفقته على الزرع والبناء وهو له، ورواه عن النبي صلى الله عليه
وآله (4)، ورواه الشيخ (5) أيضا في بعض أماليه.
ولو نقصت الأرض بترك الزرع كأرض البصرة ضمن، ولو زرع ضمن
الأجرة.
ولو استعمل الثوب فنقصت عينه اجتمعت عليه الأجرة والأرش على
الأقرب، ويحتمل ضمان أكثر الأمرين، لأنهما وجبا بسبب واحد، كما لو
اكترى ثوبا ليلبسه فنقص باللبس.
ولو غصب طفلا حتى كبر (6) أو شابا فشاخ أو جارية ناهدا فسقط ثدياها،
ضمن الأرش إن حصل نقص، وإن كان من ضرورات البقاء، كما أنه يضمنه
لو مات وإن كان متحقق الوقوع.
ولا يضمن من الصفات ما لا تزيد به القيمة كالسمن المفرط.

(1) الخلاف: ج 2 ص 168 مسألة 4.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 1 ج 19 ص 213.
(3) المختلف: ج 2 ص 456.
(4) سنن البيهقي: ج 6 ص 136.
(5) أمالي الشيخ: ج 2 ص 309 مسألة 32.
(6) في باقي النسخ: ولو غصبه طفلا فكبر.
118

كتاب الإقرار
119

كتاب الإقرار
وهو الإخبار الجازم عن حق لازم للمخبر.
وشرعه ثابت بالكتاب قال الله تعالى: (أأقررتم وأخذتم على ذلكم
إصري) (1)، (كونوا شهداء لله ولو على أنفسكم) (2)، (وآخرون اعترفوا
بذنوبهم) (3).
وبالسنة، قال النبي صلى الله عليه وآله (4) فإن اعترفت فارجمها، قولوا
الحق ولو على أنفسكم (5)، وبالإجماع.
ويتحقق بقوله له عندي أو علي أو في ذمتي أو قبلي بالعربية أو غيرها (6)
وكذا لو قال نعم أو أجل عقيب قول المدعي لي عليك مائة مثلا، وكذا صدقت
أو بررت أو أنا مقر لك به أو بدعواك أو لست منكرا لحقك، ويحتمل عدم
الإقرار فيه، لأن عدم الإنكار أعم من الإقرار فيه.

(1) آل عمران: 81.
(2) النساء: 135.
(3) التوبة: 102.
(4) صحيح البخاري: ج 8 ص 28.
(5) البحار: ج 77 ص 173.
(6) في باقي النسخ وغيرها.
121

ولو قال أنا مقر واقتصر أو أنا مقر به ولم يقل لك أو أقر على الأقوى فليس
بإقرار، لاحتمال الوعد، وليس الوعد بالإقرار إقرارا. وكذا لو قال عده أو اتزنه
أو زنه أو خذه، أو علق الإقرار بشرط ولو بمشية الله تعالى على الأقوى، إلا أن
يقصد التبرك، أو قال إن شهد فلان أو قدم أو رضي أو إذا جاء رأس الشهر
فلك كذا أو لك كذا إذا جاء رأس الشهر، وقيل: إن قدم المال، يلزم.
ولو (1) قال أليس لي عليك كذا فقال بلى فهو مقر، وفي نعم وجهان أقربهما
المساواة، لثبوتها عرفا وورودها لغة، كما بيناه في شرح الإرشاد.
ولو قال أجل فهو كنعم، وتردد الفاضل (2) في قوله أمهلني يوما أو ابعث من
يأخذه أو حتى أفتح الصندوق أو اقعد حتى تأخذ أو لا تدم التقاضي أو ما
أكثر تقاضيك أو لأقضينك.
ولو قال أسرج دابة فلان هذه فقال نعم أو قيل له غصبت ثوبي فقال
ما غصبت من أحد قبلك فليس بإقرار، قال الفاضل (3)، وكذا لو قال أخبرني
زيد أن لي عليك كذا فقال نعم، ويشكل بظهوره في الإقرار.
ولو طلب الشراء أو البيع أو الهبة وشبهها فهو إقرار، وفي اختصاص المخاطب
بملكه نظر، من احتمال كونه وكيلا والطلب منه جائز.
ولو قال آجرنيه فهو إقرار بالمنفعة، ويتوجه الاستفسار عن المالك فيهما إلا
مع القرينة، كقوله هذه الدار لي فيقول بعنيها أو آجرنيها.
ولو قال ملكتها منك فهو إقرار، وتوقف فيه الفاضل (4) لجواز كونه وكيلا في
بيعها، أما تملكها (5) على يده فليس بإقرار له.

(1) في (ق): فلو.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 145.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 409.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 145.
(5) في (ق): تمليكها.
122

ولو قال إن شهد لك فلان فهو صادق أو بار أو فلك علي قيل: يلزم
لامتناع الصدق مع البراءة، ويضعف بإمكان اعتقاد المخبر أن شهادته محال،
والمحال جاز أن يستلزم المحال، ويعارض بالإقرار المعلق على شرط ممكن، وربما
قيل: يلزم من كان عارفا دون غيره، والأصح المنع في الموضعين، وأظهر في المنع
(إن قال) (1) إن شهد صدقته أو أعطيتك.
ولو قال لي عليك مائة فقال قضيتكها أو أبرأتني منها فهو مقر، ولو قال
قضيتك منها خمسين فهو إقرار بالخمسين خاصة، لعود الضمير إلى المائة المدعاة.
ولو قال داري لفلان أو له نصف داري قيل: يبطل لامتناع اجتماع
مالكين مستوعبين، وقيل: يصح، لأن الإضافة تصدق بأدنى ملابسة، مثل ولا
تخرجوهن من بيوتهن، ومثل كوكب الخرقاء، ولهذا لو أتى بقوله بسبب صحيح أو
بحق واجب وشبهه لزم.
ولو قال له في ميراث أبي أو في ميراثي من أبي فهما سواء على القول الثاني،
ويصح الأول خاصة على القول الأول.
ولو قال له في مالي فهو كقوله له في داري، ويحتمل الفرق، لأن الباقي بعد
المقر به يسمى مالا فيصح إضافته إليه، بخلاف بعض الدار.
ولو قال له شركة في هذا المال فسره، ولو نقص عن النصف قبل، ولو قال
علي وعلى زيد كذا قبل تفسيره بأقل من النصف.
ولو قال علي وعلى الحائط أو قال علي أو على الحائط قوى بعضهم وجوب
الجميع عليه. ولو قال علي أو على زيد لم يكن مقرا، وفي الفرق نظر.
ولو أقر في مجلسين فصاعدا أو مرتين فصاعدا بقدر واحد لم يتعدد، وحمل على
تكرار (2) الأخبار مع اتحاد المخبر، إلا أن يذكر سببا مغايرا.

(1) ما بين القوسين غير موجود في باقي النسخ.
(2) في (م): تكرر.
123

ولو اختلف المقدار وجب الأكثر. ولو اختلف الجنس وجب الجميع، وكذا
لو اختلف الوصف، مثل له علي دينار مصري ثم يقول له علي دينار دمشقي،
ولو قال مغربي بعد قوله مصري وفسر المغرب بمصر احتمل القبول.
[221]
درس
لو قال له عندي دارهم وديعة قبل، وإن انفصل التفسير فيثبت فيها أحكام
الوديعة، وكذا لو قال دين.
ولو قال له عندي وديعة قبضها مني ضمن، ولو قال كان قبل، وأولى
بالقبول إذا قال كان له عندي وديعة وتلفت. نعم يلزم اليمين في الموضعين لو
أنكر المستحق.
ولو قال له علي ألف وديعة فالأقرب القبول، وتسمع دعوى التلف بغير
تفريط بعد ذلك، وقيل: بالمنع، لأن علي تدل على الثبوت في الذمة، وهو
يناقض التلف بغير تفريط. وكذا لو قال له علي ألف ثم أحضرها (1) وقال هي
وديعة فادعى المقر له تغايرهما والوجه (2) القبول كالأول.
ولو قال لك في ذمتي ألف ثم أحضرها وقال هي وديعة فادعى المقر له
التغاير ففيه وجهان مرتبان وأولى بالمنع، لأن علي مشتركة بين العين والذمة،
بخلاف الذمة فإنها لا تستعمل في العين، والوجه المساواة، لأن تسليمها
واجبة (3) في الذمة، ولأن المجاز ممكن واستعماله مشهور مع اعتضاده بالأصل
المقطوع به، وهو براءة الذمة، ولأن التفريط بجعلها في الذمة وإن كانت عينها
باقية.

(1) في (م)) و (ق): وأحضرها.
(2) في (ز): فالوجه.
(3) في (م) و (ق): واجب.
124

أما لو قال هذه بدلها وكانت وديعة فإنه يقبل للمطابقة.
ولو قال كانت وديعة أظن بقاءها وقد تبين لي تلفها لا بتفريط فلا ضمان
علي، فإن عللنا باحتمال التجوز صدق بيمينه، وإن عللناها باحتمال التفريط
أغرم.
ولو قال أو دعني ألفا فلم أقبضه وأقرضني فلم أقبله، قيل: يصدق مع
الاتصال، لأن العقد قد يطلق على الإيجاب مع قضية الأصل ووجود القرينة
وهي اتصال الكلام. وكذا لو قال باع مني فلم أقبل أو اشتريت منه فلم يوجب
إن جوزنا تقديم القبول، ويحتمل عدم القبول في الجميع جريا على حقيقة اللفظ
الشرعية.
ولو قال له علي ألف من ثمن خمر أو مبيع فاسد أو لم أقبضه أو إن سلم
سلمت قيل: يلزمه الألف اتصل اللفظ (1) أو انفصل.
ولو قال له علي ألف مؤجل فهو كقوله له علي ألف إذا جاء رأس الشهر
إذا نوى به الأجل فيقبل فيهما على قول قوي، لئلا ينسد باب الإقرار بالمؤجل.
نعم لو استند الأجل إلى القرض لم يقبل، إلا أن يدعي تأجيله بعقد لازم،
ولو أسند الأجل إلى تحمل العقل فالقبول أظهر، ومنهم من قطع به، وهو
ضعيف، لأنا نأخذ بأول كلامه وهو له علي ألف والباقي مناف، فإن سمع مع
الاتصال فلا فرق بينه وبين غيره، وإن لم يسمع فكذلك.
ولو قال اشتريت بخيار أو بعت أو كفلت بخيار ففيه الوجهان، وقطع
المتأخرون بعدم سماع الخيار.
ولو قال له هذه الدار سكنى أو هبة أو عارية أمكن قبول قوله حملا على بدل
الاشتمال.

(1) هذه بالكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
125

ولو أقر ثم ادعى المواطاة فله إحلاف المقر له على الاستحقاق لا على عدم
المواطاة، أما لو أقر بين يدي الحاكم ثم ادعاها لم تسمع. وكذا لو شهد الشاهد
بمشاهدة القبض.
ولو قال الأعجمي المقر بالعربية أو العربي المقر بالعجمية لم أفهم معناه قبل
مع الإمكان بيمينه.
والاقرار بالإقرار إقرار على قول، والاقرار بسبق اليد لا يخرجه عن الملك،
مثل أعرته فرسي واستعدتها أو أسكنته (1) داري وأخذتها أو خاط ثوبي ورده أو
غصبني عبدي فاستنقذته.
ولو قال أخذت من مالك وأنت حربي فقال بل بعد إسلامي، أو قال
جنيت عليك وأنت عبدي فقال بل بعد عتقي قيل: يقبل قول المقر، لأصالة
البراءة، ويحتمل المقر له إلغاء للمبطل.
ولو قيل: إن اتفقا على زمان الأخذ واختلفا في زمان الإسلام والعتق حلف
المقر، وإن انعكس حلف المقر له، وكذا لو أرسلا الدعويين كان وجها.
[222]
درس
يعتبر في المقر البلوغ والعقل والقصد والحرية والاختيار وجواز التصرف، فلا
يقبل إقرار الصبي بما ليس له فعله وإن أذن له الولي. ولو سوغنا لو الوصية
والصدقة والوقف قبل إقراره فيها.
ولو أقر بالبلوغ استفسر فإن فسره بالأمناء قبل مع إمكانه، ولا يمين عليه
حذرا من الدور.
ويمكن دفع الدور بأن يمينه موقوفة على إمكان بلوغه، والموقوف على يمينه هو

(1) في باقي النسخ: وأسكنته.
126

وقوع بلوغه فتغايرت الجهة. وكذا قيل: يقبل تفسير الجارية بالحيض، ويشكل
بأن مرجعه إلى السن، وإن فسره بالإنبات اعتبر، وإن فسره بالسن قال
الفاضل (1): يقبل إذا كان غريبا أو خامل الذكر.
ولو أقر المحتمل للبلوغ (2) أو باع أو نكح أو طلق ثم ادعى الصبي قيل: ولا
يمين عليه، ولو كان التداعي بعد البلوغ ففي تقديم قوله عملا بالأصل أو قول
الآخر عملا بالظاهر من الصحة وجهان.
وأما المجنون فإقراره لغو ولو كان يعتوره (3) قبل حال إفاقته بعد الوثوق بها،
ولو تنازعا في الجنون فكما تقدم، ولو لم يعهد (4) حالة جنون حلف نافيه.
وأما القصد فلا عبرة بإقرار النائم والساهي والغالط والسكران، قال ابن
الجنيد (5): إن كان سكره من شرب محرم اختار شربه ألزم بإقراره كما يلزم
بقضاء الصلاة، كأنه يجعله كالصاحي في الأحكام.
ولو ادعى المقر أحد هذه وأنكر المقر له فكدعوى الصبي، مع احتمال قوة
قول المقر له.
وأما العبد فلا يقبل إقراره بما (6) يتعلق بمولاه من نفسه أو ماله. نعم يتبع في
المال بعد العتق، وقيل: يتبع في الجناية أيضا. وكذا لو أقر بحد أو تعزير.
ولو كان مأذونا له في التجارة فأقر بما يتعلق بها قبل ويؤخذ مما في يده
والزائد يتبع به.

(1) تذكره الفقهاء: ج 2 ص 146.
(2) في (ق): البلوغ.
(3) في (ق): وإن كان يعتروه.
(4) في باقي النسخ: لم يعهد له.
(5) المختلف: ج 1 ص 441.
(6) في (ق): فيما.
127

ولو أقر بما له فعله كالطلاق قبل، ولا يقبل إقرار مولاه عليه مع تكذيبه، إلا
في حق المولى، فلو أقر بجناية عمدا على المكافئ وأنكر سلم إلى المجني عليه ولم
يقتص منه.
ولو اتفق موت مورثه بعد إقرار مولاه عليه بالجناية فك بقيمته (1)، ويتعلق
بها المجني عليه مع الإيعاب، ولا يتوجه هنا الفك بأقل الأمرين، لأن ذلك
وظيفة المولى.
وأما الاختيار فلا ينفذ إقرار المكره فيما أكره عليه، إلا مع ظهور أمارة
اختياره كأن يكره على أمر فيقر بغيره أو بأزيد منه، ولا فرق بين الإكراه على
الإقرار بالحد أو الجناية أو المال.
وأما الحجر فباقي أسبابه ثلاثة:
أحدها: المرض، ويمضي إقرار المريض مع برئه أو تصديق الوارث أو انتفاء
التهمة أو الخروج من الثلث، وقد مر.
وثانيها: السفه، ويقبل إقرار السفيه في غير المال، كالجناية الموجبة
للقصاص، والطلاق والنكاح إذا صح استقلاله. ولو أقر بما يوجب المال وغيره
قبل في غيره كالسرقة، ولا يلزم بعد زوال حجره ما أبطلناه قبله.
وثالثها: الفلس، ويمضي إقراره في غير المال مطلقا، وفي المال إذا لم يزاحم
المقر له الغرماء كالدين المؤجل، واللازم بمعاملة بعد الحجر. وفي إقراره بالعين أو
بما يوجب المزاحمة وجهان: من تعلق حق الغرماء بماله، ومن انتفاء التهمة وهو
قول الشيخ (2)، ووافقه ابن إدريس (3) في الدين وأبطل إقراره بالعين، ولو
اعتبرت هنا مع العدالة كان قولا، فينفذ إقراره مع عدالته وانتفاء التهمة ويرد

(1) في (ق): فكه بقيمة.
(2) المبسوط: كتاب المفلس ج 2 ص 250.
(3) السرائر: ج 2 ص 499.
128

بدون أحدهما.
ولو ادعى المقر أحد هذه الثلاثة وهي معهودة له فكدعوى الصبي، ولو لم
يعهد له حلف الآخر.
ولو ادعى الإكراه قبل مع البينة أو القرينة كالحبس والضرب والقيد
فيقبل بيمينه.
(ولو ادعى العبودية) (1) وهي معلومة قبله فلا ثمرة، إلا على القول بعدم تبعية
الإقرار بالجناية.
ولو ادعى المقر العبودية المستقرة فالأقرب قبول قوله، إذا لم يكن مشهورا
بالحرية ولا مدعيا لها، سواء نسبها إلى معين أو أبهم، مع احتمال عدم القبول
مع الإبهام. والمكاتب المشروط والمدبر وأم الولد كالقن.
ولا تعتبر العدالة في المقر، إلا إن قلنا بالحجر على الفاسق، أو كان مريضا
على ما سلف في الوصايا، أو على ما قلناه في المفلس، وقال الحلبي (2): تعتبر
الأمانة في المقر ابتداء بغير سبق دعوى عليه، وأنكره الفاضل (3).
[223]
درس
يعتبر في المقر له أمور ثلاثة:
الأول: أهلية التملك (4)، فلو أقر للملك أو للحائط بطل، ولو أقر للدابة
احتمل البطلان والاستفسار، ولو قال بسببها قيل: يكون للمالك، والأقرب
الاستفسار، فلو فسره بالجناية على شخص قبل وإن لم يعينه على الأقرب،

(1) ما بين القوسين غير موجودة في (ق).
(2) الكافي في الفقه: في فصل الإقرار ص 433.
(3) المختلف: ج 1 ص 441.
(4) في (ق): التمليك.
129

ويطالب بالتعيين، ويحتمل بطلان الإقرار، كما لو أقر لرجل مبهم كواحد من
خلق الله أو من بني آدم، وقوى الفاضل (1) في هذا القبول، ويطالبه الحاكم إياه
بالتعيين.
ولو أقر لعبد كان لمولاه ولمبعض (2) يكون بالنسبة.
ولو أقر لمسجد أو مدرسة وعزاه إلى سبب ممكن، كوصية أو وقف أو أطلق
صح، وإن ذكر سببا محالا ففي لغو السبب كقول الفاضل (3)، أو بطلان الإقرار
كما قاله ابن الجنيد (4) والقاضي (5)، وجهان.
ولو أقر لحمل فكذلك، فإن سقط ميتا بطل إن عزاه إلى وصية، وكان لباقي
الوارث إن عزاه إلى الإرث.
ولو تعدد الحمل اقتسماه بحسب السبب، فإن كان وصية فبالسوية، إلا
مع التفضيل كالذكر على الأنثى، والأول من التوأمين على الثاني، وإن كان
إرثا فعلى كتاب الله.
وإنما يستحق إذا وضع لدون ستة أشهر منذ (6) حين الإقرار، فلو وضع لأزيد
من سنة على قول، أو تسعة أشهر على آخر فلا استحقاق، وإن كان بين السنة
والستة أشهر (7) وكانت خالية من زوج أو مولى (8) استحق، وإلا فلا، ومال
الفاضلان (9) إلى الاستحقاق مطلقا، بناء على غالب العادة في الولادة للتام.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 150.
(2) في (ق): والمبعض.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 149.
(4) المختلف: ج 1 ص 442.
(5) جواهر الفقه: كتاب الإقرار ص 94 مسألة 347.
(6) في (ق)): من بدل منذ.
(7) في باقي النسخ: وستة الأشهر.
(8) في باقي النسخ: ومولى.
(9) شرائع الإسلام: ج 3 ص 153، وقواعد الأحكام ج 1 ص 278.
130

الثاني: أن لا يكذب المقر له، فلو أكذبه لم يعط، إلا أن يعود إلى التصديق،
إلا أن يتضمن تكذيبه إقرار لغيره أو عتقا، كما لو أقر له بعبد فأنكر فإن
الشيخ (1) يقول بعتقه، والفاضلان (2) يجعلانه على الرقبة المجهولة المالك، وهو
قريب، إلا أن يدعي العبد الحرية فلأقرب تحرره، لعدم المنازع.
الثالث: أن يكون ممن يملك الشئ المقر به، فلو أقر لمسلم بخنزير بطل،
وكذا بخمر، إلا أن يكون محرمة.
ولو أقر لكافر ببيع مصحف أو عبد مسلم بطل أيضا. ولو أقر له بمصحف أو
عبد مسلم ولم يسنده إلى البيع أمكن الصحة، لجواز أن يكون قد كتبه أو أسلم
العبد عنده، وتزال عنه يده بالطريق الشرعي.
ولو عين أحد السببين قبل قطعا.
ولو رجع المقر عن إقراره لم يسمع، سواء كان بعد رجوع المقر له أو قبله،
ويقبل الرجوع عما يوجب الرجم من الحدود.
والرجوع عن الطلاق بالإنكار رجعة، وفي جعل إنكار البيع مع الخيار
للمنكر فسخا نظر، من دلالة التضمن وفساد الإنكار، فيفسد ما يترتب عليه.
ولو رجع عن المقر له إلى غيره كما لو قال هذه الدار لزيد بل لعمرو، فإن
صدقه زيد فهي لعمرو، وإن كذبه أغرم لعمرو، وكذا غصبتها من زيد لا بل من
عمرو أو غصبتها من عمرو وهي لبكر أو هي لبكر وغصبتها من زيد أو هي
لزيد وغصبتها من عمرو أو غصبتها من زيد الغاصب من عمرو، وقيل: هنا
يجمع بين مقتضي الإقرارين، ولا غرم للثاني، لجواز كونها في يد أحدهما وملكها
للآخر.

(1) المبسوط: ج 3 ص 33.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 147 وتذكرة الفقهاء: ج 2 ص 149.
131

أما في المسألة الأولى فلا يمكن الجمع، وقال ابن الجنيد (1) في المسألة
الأولى: إن كان المقر حيا سئل عن مراده، وإن كان ميتا فهو مال متداع بين
زيد وعمرو، فإن انتفت البينة حلفا واقتسماها، وليس بذلك (2) البعيد، لأنه
نسب إقرار إليهما في كلام متصل، ورجوعه عن الأول إلى الثاني يحتمل كونه
عن تحقيق وتخمين، فالمعلوم انحصار الحق فيهما أما تخصيص أحدهما (3) فلا.
ولا يعتبر في المقر له الحياة، فلو أقر لميت وأطلق أو ذكر سببا ممكنا كالمعاملة
والجناية (4) في حال الحياة صح، ويكون المقر به تركة يقضي منها الكفن ثم
الدين ثم الوصية ثم الميراث، وإن ذكر سببا محالا كالمعاملة بعد الموت فهو
كتعقيب الإقرار بالمنافي، وإن ذكر الجناية عليه بعد الموت فالأقرب السماع،
ويصرف أرشها في وجوه البر.
ولو أقر لميت لم يعاصره سمع، لجواز تناسخ الحقوق.
ولو أقر لأي قبيلة منحصرة صح، وإن (5) كانوا غير محصورين كقريش وتميم
أمكن الصحة، ويصرف إلى من يوجد منهم، ويلزم منه صحة الإقرار لآدم جريا
على التناسخ، وفيه بعد، فإن قلنا به أمكن كونه لبيت المال، لأنه المعد لمصالح
بني آدم، ويشكل بخروج أهل الذمة حينئذ ولم أقف في ذلك على كلام.
ولا يشترط انحصار المقر له، فلو أقر للفقراء أو المساكين أو بني تميم صح،
ثم يستفسر، فإن كان مما يجب فيه التعميم عمم (6) بحسب الإمكان، وإن كان

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 442.
(2) في باقي النسخ: بذاك.
(3) في (ق): منهما أما التخصيص لأحدهما فلا.
(4) في باقي النسخ: والجناية.
(5) في باقي النسخ: ولو.
(6) في (ق): عممه.
132

من باب بيان المصرف كالزكاة صرف كما تصرف الزكاة، وإن كان مما
يستوعب فيه أهل البلد أعطي لمن في البلد، ولا يجب تتبع الغائب.
ولو أقر بالزكاة أو الخمس صرف في وجوهه، فلو رجع عن ذلك لم يسمع
وإن كان لا مدعي له.
[224]
درس
يعتبر في المقر به أمور أربعة:
الأول: كونه مما يملك، فلو أقر بحر للغير لم يصح وإن كان صغيرا تحت يده.
وكذا لو أقر بكلب هراش أو فضلة إنسان أو جلد ميتة، إلا أن يقربه للمستحل
فالأقرب الصحة.
ولو أقر بحبة حنطة أو قشر جوزة فالأقرب وجوب تسليمه إلى المقر له وإن لم
يعد مالا، فإن امتنع فالأقرب أنه لا يجبر، لعدم القصد إلى مثله.
ولو أقر بالخمر والخنزير للكافر صح وضمن قيمته، إن كان المقر مسلما وقد
تلف، ومثله إن كان المقر ذميا على ما سلف من الخلاف.
أما لو أقر الذمي بشراء ذمي منه خمرا أو إسلافه فيه أو إقراضه أو إصداقه
فإنه يقضى عليه به.
الثاني: كونه غير مملوك للمقر، فلو قال ملكي لفلان بطل، وكذا لو قال
داري على الخلاف.
ولو قال هو لفلان وهو ملكي إلى الآن فهو من باب تعقيب الإقرار بالمنافي،
ولو شهد الشاهدان أنه أقر له بدار هي ملك المقر إلى حين الإقرار لم تفد الشهادة
ملك المقر له.
الثالث: نفوذ الإقرار فيه، فلو أقر الموقوف عليه بالوقف الثابت شرعا لغيره
بطل، ولو أقر به ثم ثبت وقفه بطل إقراره.
133

وهل تسمع دعواه بعد إقراره؟ الأقرب نعم إذا ادعى عدم العلم بالوقف
وأمكن في حقه.
ولو أقر بأم الولد فالأقرب السماع تنزيلا على الاحتمال وإن بعد، ويمكن
اعتبار تصديقها أو طلب الاستفسار.
ولو أقر بالمكاتب للغير وصدقه المقر به قبل، وإن كذبه احتمل القبول إن
أطلق أو ذكر أنه كان ملكه قبل الكتابة، وحينئذ لا تبطل الكتابة مع تكذيب
العبد، وإن قال ملكته بعد الكتابة فهو من باب تعقيب الإقرار لمنافيه.
ولو أقر بالمرهون لم ينفذ في حق المرتهن، إلا مع التصديق فإن فك نفذ
الإقرار، وإن بيع غرم المقر بدله للمقر له، ويصح الإقرار بالدين كالعين، فلو
قال الدين الذي باسمي على زيد لبكر واسمي في الكتاب عارية وإرفاق قبل،
لجواز كونه وكيلا عنه في الإدانة والإجارة والبيع.
أما لو أقرت المرأة بصداقها، والوارث بدية المورث، والخالع ببذل الخلع،
فإن أسندوه إلى هذه الأسباب لغي الإقرار، وإن أطلقوا أو ذكروا سببا مملكا،
كانتقاله بالصلح أو الحوالة أو البيع أو الهبة عند من جوزها فالأقرب صحة
الإقرار.
الرابع: كون المقربة تحت يد المقر، فلو أقر بمال غيره للغير فهي شهادة.
ولو أقر بحرية عبد في يد الغير فكذلك، ولو صار المقر به إليه يوما نفذ
الإقرار، فلو اشترى العبد بإذن الحاكم أو بغير إذنه صح، وكان استنقاذا من
طرفه، وبيعا من طرف البائع، فلا يثبت فيه خيار المجلس ولا الحيوان
للمشتري، ويعتق بالشراء.
ثم إن كان قد أقر بأن العتق (1) عن صاحب اليد، أو بأنه حر من الأصل،

(1) في (ق): المعتق.
134

أو بأنه عتيق صاحب اليد، إلا أنه لا ولاء له عليه ضاع ماله.
ولو قدر على مقاصة الممسك فله ذلك في صورة كونه معتقا أو عالما
بالحرية، لا مع انتفاء الأمرين، وإن كان قد أقر بعتق الممسك وولائه ومات
العتيق بغير وارث فله أخذ قدر الثمن، لأنه إن كان صادقا فله المقاصة، وإن
كان كاذبا فالجميع له. وفيه إشكالان:
الأول: القول بعتقه بمجرد الشراء، لأن في ذلك ضررا على العبد، وربما
كان عاجزا عن التكسب فلا ينفذ إقراره في حقه، إلا أن يجعل إقراره بمثابة
عتقه مباشرة أو يصدقه العبد على الحرية.
الثاني: جواز المقاصة فإنه دفع مالا متبرعا به، فإذا استهلك مع التسليط
فلا ضمان، وقد يجاب بأن مثل هذا الدفع يرغب فيه للاستنقاذ ويكون ذلك
مضمونا على القابض بظلمه (1).
[225]
درس
إذا أقر بمال معين لزم فإن ادعى المقر له زيادة عليه فهي دعوى مستأنفة،
ولو عين الوزن انصرف إليه، وكذا الكيل، ولو أبهم انصرف إلى الوزن الغالب
والكيل الغالب، فلو تساوى أمران مختلفان في الأغلبية فسر المقر.
ولا تصرف الدراهم إلى الإسلامية، إلا مع علم قصد المقر.
ويصح الإقرار بالمبهم ويستفسر، فإن امتنع حبس حتى يبين.
ولو جن أو أغمي عليه ترقب زوال عذره. ولو مات عين الوارث.
ولو قال لا أعلم أو قال المقر أنسيت أمكن قبول تعيين المدعي بيمينه،

(1) في باقي النسخ: لظلمه.
135

قال (1) الفاضل (2): يشكل بما أنه لا يمين على المدعي إلا مع الرد، فيجب أقل
متمول حينئذ.
ولو فسر بعشرة فقال المقر له أردت عشرين لم تسمع دعوى الإرادة، إذ
لا يلزم من إرادته عشرين وجوبها في ذمته. نعم له الدعوى بها فيقبل قول المنكر
مع يمينه وعدم البينة.
ثم الألفاظ المبهمة كثيرة، ولنذكر منها خمسة عشر:
الأول: الشئ، وهو أعم من المال، فلو فسره بحد قذف أو حق شفعة قبل،
ولو فسر بالخمر أو السرجين (3) النجس لم يقبل، لأن له يستدعي الملك وذلك
ليس بمملوك، ويحتمل القبول، وهو قول الفاضل (4)، لصدق الشئ عليه،
وإمكان المنفعة وتحريم أخذه، لثبوت الاختصاص فيه، قال: وكذا يقبل لو فسره
بحبة حنطة أو دخن لتحريم أخذه على الغير، وقيل: لا يقبل، لأنه لا قيمة له.
ولا تصح الدعوى به، ومنع الفاضل (5) من عدم صحة الدعوى به.
أما لو فسره بما لا يباح اقتناؤه كالخنزير أو جلد الكلب والخمر غير المحترمة
فإنه لا يقبل، لأنه ليس فيه حق واختصاص.
أما لو فسره بما لا يباح الانتفاع به لم يقبل، وكذا لو فسره برد السلام،
والعيادة في مرضه، والتسميت عند عطاسه، وإن كان في الخبر حق المسلم على
المسلم أن يعوده إذا مرض، ويحييه إذا سلم ويسميه إذا عطس، لأنه لا يخبر عن
مثله عادة، واحتمل قبوله الفاضل (6) لهذا الخبر.

(1) في (ق): وقال.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 152.
(3) في باقي النسخ: والسرجين.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 151.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 151.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 152.
136

ولو قال غصبتك شيئا وفسره بنفسه لم يقبل، لما فسرنا الغصب به، ولو كان
عبدا لم يقبل لاقتضاء مفعول الفعل هنا المغايرة.
الثاني: المال، ويلزم تفسيره بما يتمول وإن قبل لا بغيره، كالكلب العقور
والخنزير والحشرات والسرجين النجس، ولو قبلناها في الشئ.
ولو كان المقر كافرا لكافر تبع معتقدهم في المالية، وجوز الفاضل (1) تفسير
المال بحبة الحنطة والتمرة، لأنهما مال وإن لم يتمول، إذ المال أعم من المتمول.
الثالث: اسما الأجناس، كالزيت والذهب والفضة، ويتشخص ذلك فيما
ذكره.
والقول قوله في وصفه وقدره مع يمينه (2). ولا فرق بين المعرف في ذلك
والمنكر، لامتناع الحمل على العموم هنا.
الرابع: صيغ الجمع، ويحمل على الثلاثة فصاعدا قلة كانت أو كثرة،
معرفة أو منكرة.
ولو قال له علي دراهم وفسرها بدرهم لا يقبل (3)، ولو فسرها بدرهمين
متأولا بمعنى الاجتماع أو أخبر أنه من القائلين بأن أقل الجمع اثنان فالأقرب
القبول.
الخامس: صيغ العدد إذا جردها عن المميز فله تفسيرها بما يصدق عليه
ذلك العدد كالألف والمائة، فلو قال له علي ألف ففسرها بحبات الدخن قبل،
ولو فسرها بشاة مأولا أن فيها ألف جزء لم يقبل.
ولو عطف عددا غير مميز على مميز بواسطة أو غير واسطة (4) لم يسر التمييز إلى

(1) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 152.
(2) في باقي النسخ: وقدره بيمينه.
(3) في باقي النسخ: لم يقبل.
(4) في (ق): بغير واسطة.
137

المعطوف، مثل له علي ألف درهم وعشرون ومائة أو ألف درهم وعشرون. أما
لو جعل التمييز في العدد الأخير فقد قال الشيخ (1): بسريانه إلى ما قبله، وإن تكثر
مثل له ألف ومائة وخمسة وسبعون درهما.
ولو قلنا: بسريانه، فلو قال (2) له علي مائة وله علي عشرون درهما لم يسر
لتغاير الجمل. وكذا لو قال له علي مائة دينار وخمسة وعشرون درهما لم يسر
الدرهم إلى المائة لتميزها، وفي سريانه إلى الخمسة الوجهان.
ولو قال له خمسة عشر درهما فالكل دراهم قطعا.
السادس: الإبهام في محتملات اللفظ بحسب الصلة، مثل له علي من واحد
إلى عشرة احتمل ثمانية، واختاره ابن إدريس (3)، وعشرة وتسعة، واختاره
الشيخ في الكتابين (4) باعتبار دخول الطرفين وعدمه.
ولو أراد مجموع الأعداد فهي خمسة وخمسون، وبيانه (5) أن يزاد على آخر
الأعداد واحد ويضرب المجموع في نصف العدد الأخير.
السابع: الإبهام للوصف، فلو قال له علي درهم ناقص أو زيف أو صغير
قبل تفسيره مع اتصال اللفظ لا مع الفصل، ولا يقبل في الزيف بالفلوس.
ولو قال له مال عظيم أو جليل أو نفيس أو خطير أو مال أي مال أو عظيم
جدا فسر بما يتمول، لأن كل مال عظيم خطره لكفر مستحله، وكذا لو قال
حقير.
ولو قال أكثر من مال فلان لزمه بقدره وزيادة.

(1) المبسوط: ج 3 ص 7.
(2) في باقي النسخ: وقال.
(3) السرائر: ج 2 ص 509.
(4) الخلاف: ج 2 ص 158 مسألة 22 المبسوط: ج 3 ص 27.
(5) في (م) و (ق)): وبأنه.
138

ولو ادعى جهل قدره حلف وفسر بما ظنه. ولو تأول بأن مال فلان حرام،
أو عين وما أقررت به حلال، أو دين والحلال والدين أكثر نفعا أو بقاء من
العين لم يقبل عند الشيخ (1)، ويقبل عند الفاضل (2) بيمينه.
ولو قال له علي أكثر من مائة لزمه مائة وأدنى زايدة.
ولو قال ماله علي أكثر من مائة، فإن ضم اللام في له فكالأول، وإن فتح
اللام ففي الإقرار بمائة أو بطلانه، لأنه لا يلزم من نفي الزائد (3) عليها ثبوتها،
وجهان.
ولو قال مال كثير قال الشيخ في الكتابين (4): يلزمه ثمانون درهما كالنذر،
وأنكره ابن إدريس (5) لبطلان القياس، ولاستعمال الكثير في القرآن لغير
ذلك، مثل فئة كثيرة ذكرا كثيرا، والشيخ يقول (6): هو عرف شرعي وتبعه
القاضي (7) وبه قال ابن الجنيد (8)، وجعل كم العظيم حكم الكثير.
[226]
درس
الثامن: الإبهام في الجزء، فلو قال له نصف فسر بنصف ما يتمول، ولو قال
له درهم ونصف قيل: ينصرف النصف إلى نصف الدرهم لقرينة العطف، ولو
قال له علي جزء من درهم فسر بما شاء وإن قل، ولو قال معظم درهم أو أكثره

(1) الخلاف: ج 2 ص 152 مسألة 2.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 151.
(3) في (ق): الزيادة بدل الزائد.
(4) الخلاف: ج 2 ص 149 مسألة 1، والمبسوط: ج 3 ص 6.
(5) السرائر: ج 2 ص 500.
(6) المبسوط: ج 3 ص 6.
(7) المهذب: ج 1 ص 405.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 442.
139

لزم نصف درهم وأدنى زيادة، وإليه الرجوع فيها.
ولو قال له قريب من درهم فالظاهر أنه كذلك، ويحتمل تفسيره بما شاء،
لأن القرب من الأمور الإضافية، فلا يتشخص بشئ بعينه.
ولو قال له جزء من مالي فسر بما شاء. وكذا نصيب أو قسط أو خط أو سهم
أو شئ ولا يحمل على الوصية، وقال ابن الجنيد (1): لو قال له في هذا العبد
شئ فله سدسه، وإن قال جزء فله سبعه، ولو قال (2) سهم فله ثمنه، كأنه
يحمله على الوصية، لاستقرار عرف الشرع بذلك.
التاسع: الإبهام بكذا، فلو قال له علي كذا فهو كقوله شئ.
ولو فسره بالدرهم رفعا أو نصبا أو جرا فالأقرب إنه واحد فالرفع على
البدل، والنصب على التمييز، والجر على الإضافة، ويحتمل في الجر بعض درهم،
ويفسره بما شاء، وقال في الخلاف (3): يلزمه مع النصب عشرون ومع الجر مائة،
بناء على أن كذا كناية عن العدد، وإن أقل العدد المفسر لمفرد منصوب
عشرون، وأقل العدد المفسر بمجرور مائة.
فلو قال كذا وكذا درهم رفعه أو نصبه أو جره فهو كالأول، وفي الخلاف (4)
لو نصب فأحد عشر.
ولو قال له كذا وكذا وفسره بالدرهم رفعا أو نصبا أو جرا، وقال مع
النصب أحد وعشرون، ويمكن حمله على من استقر في عرفه ذلك، أو على من
علم قصده وبدونهما لا وجه له.
العاشر: الإبهام بالعطف وشبهه، فلو قال له علي درهم ودرهم ودرهم فهي

(1) المختلف: ج 1 ص 442.
(2) في باقي النسخ: وإن قال.
(3) الخلاف: ج 2 ص 154 مسألة 8 و 11.
(4) الخلاف: ج 2 ص 154 مسألة 9.
140

ثلاثة، فلو قال أردت بالثالث تأكيد الثان قبل، لأن التأكيد قد يكون بتكرير
اللفظ بعينه، (والأصل براءة الذمة عن الزائد) (1)، ولو قال أردت به تأكيد
الأول لم يقبل، لعدم الواو في الأول ووجوده في الثاني والثالث، وللفصل بين
المؤكد والمؤكد.
ولو أتى بالواو في المعطوف أولا وبثم أو بالفاء في المعطوف ثانيا لم يقبل
دعوى التأكيد للتغاير.
ولو قال له درهم درهم درهم فواحد.
ولو قال له درهم فدرهم فإثنان. ولو قال أردت فدرهم لازم قبل بيمينه لو
خالفه المقر له.
ولو قال له درهم فوق درهم أو تحته أو معه أو فوقه وتحته ومعه أو قبله أو
بعده أو قبله وبعده فواحد، لاحتمال إرادته بالدرهم الزائد أنه للمقر، وفي
القبلية والبعدية يضعف الاحتمال، من حيث أنها ظاهرة في الوجوب. ولو فسر
قوله فوق درهم بالزيادة وتحته بالنقيصة قبل.
الحادي عشر: الإبهام بالظرفية وشبهها، فلو قال له زيت في جرة أو سمن في
عكة أو قماش في عيبة أو ألف في صندوق أو غصبته سفا في جفن أو حنطة في
سفينة أو دابة عليها سرج لم يدخل الظرف ولا السرج، وقال ابن الجنيد (2):
كل ما لا يوجد بغير ظرف كالسمن فإقراره به (3) إقرار بظرفه وليس بذلك،
وجعل الإقرار بالدابة إقرار بالسرج، بخلاف عبد عليه عمامة أو ثوب فإنه
يدخل، لأن له أهلية الإمساك.

(1) في ما بين القوسين غير موجودة في باقي النسخ.
(2) المختلف: ج 1 ص 442.
(3) في (م): فالاقرار به.
141

ولو قال له جرة فيها زيت إلى آخر الظروف فهو إقرار بالظرف خاصة على
الأقوى.
ولو قال له خاتم فيه فص أو فص على خاتم لم يدخل الفص في الأول ولا
الخاتم في الثاني.
ولو قال له جارية وجاء بها وهي حامل صح استثناء الحمل على الأقرب.
ولو قال له في هذا العبد ألف درهم وفسره بأنه وزن في ثمن نصفه ألف درهم
قبل وله النصف.
ولو قال واشتريت أنا النصف بدرهم لم يتغير الحكم. ولو قال له نقد عني
ألفا في ثمنه كان إقرارا بالإقراض.
ولو قال أرش جناية قبل، ولا يلزم الإتمام لو نقص العبد. ولو قال أوصي
له من ثمنه بألف بيع وصرف إليه ذلك إن احتمله.
ولو قال هو مرهون عنده على ألف احتمل القبول، لأنه تعريض (1) للبيع،
ويكون له في ثمنه ذلك.
الثاني عشر: الإبهام في الأعيان وشبهها، فلو قال (2) هذا الثوب أو هذا العبد
طولب بالتعيين، فلو أنكره المقر له حلف وانتزع الحكم ما أقر به أو أقره في يد
المقر، فلو عاد المقر له إلى التصديق سمع.
ولو قال علي ألف أو مائة احتمل المطالبة بالتعيين ولزوم الأول، ولو قال
مائة أو ألف احتمل لزوم الثاني، ولو قال دينار أو درهم طولب بالبيان.
الثالث عشر: الإبهام المستخرج بطريق استخراج المجهولات، وهو إنما يكون
معتبرا لو كان المقر عالما بذلك القدر وعبر عنه بتلك العبارة، فلو لقن

(1) في باقي النسخ: تعرض.
(2) في باقي النسخ: فلو قال له.
142

العامي الصيغة لم يترتب الحكم، ولو سمع من مقر صيغة (1) حكم بها عليه
ظاهرا.
ولو ادعى الجهالة وكان ممكنا في حقه احتمل قويا سماع دعواه، فلو قال
لزيد علي مال ونصف ما لعمرو ولعمرو علي مال ونصف ما لزيد فلكل منهما
أربعة، لأن لزيد شيئا ولعمرو (2) مال ونصف شئ فلزيد مال ونصف مال
وربع شئ يعدل شيئا، يسقط ربع شئ بربع شئ يبقى (3) مال ونصف مال
يعدل ثلاثة أرباع شئ، فالشئ مالان ولكل مال نصف فيكون أربعة، ثم
يسأل عن معدود الأربعة.
الرابع عشر: الإبهام الممكن استخراجه من غير حساب ولا رجوع إلى المقر،
كقوله له علي من الفضة بوزن هذا الصخرة أو بقدر ثمن عبد زيد أو بعدد وثيقة
بكر قبل، ورجع إلى ذلك في التفسير.
الخامس عشر: الإبهام من حيث العموم، فلو قال لزيد جميع ما تحت يدي أو
ينسب إلي صح الإقرار وأخذ به، فلو قال في شئ لم يكن هذا تحت يدي حال
الإقرار قبل قوله بيمينه.
ولو قال لا حق لي عندك أو في يدك ثم رأى في عنده شيئا فقال ما كنت
أعلم بهذا وهو لي سمعت دعواه، لإمكانه فيحلف المتشبث إن لم يكن للمدعي بينة.
[227]
درس
في الإضراب والاستثناء
لو قال له درهم بل درهم فواحد على الأقوى، ولو عين أحدهما وأبهم الآخر

(1) في (ق): صيغته.
(2) في باقي النسخ: فلعمرو.
(3) في (ق): فيبقى.
143

فكذلك على الأقوى، ولو عينهما فإثنان، ولو قال درهم بل درهمان فإثنان، وكذا
بالعكس، ولو قال له درهم بل دينار ثبتا معا، ولو قال ماله درهم بل درهمان
ثبتا، وكذا لكن درهمان. وقواعد الاستثناء ثمان:
الأولى: الاستثناء من الإثبات نفي وبالعكس، فعشره إلا واحد إن وردت
عقيب النفي فواحد إذا رفع، وعقيب الإثبات تسعة إذا نصب، ولو نصب
عقيب النفي فلا شئ، ولو رفع عقيب الإثبات فلا رفع، ويجب الجميع ويكون
إلا وصفا.
ولو قال ما اقترضت منه عشرة إلا خمسة أمكن وجوب الخمسة للنصب على
البدل، وعدم وجوب شئ للنصب على أصل الاستثناء، وقيل: إنه إذا قصد (1)
بالنفي سلب المركب وهو عشرة إلا خمسة فلا شئ عليه، وإن قصد سلب
العشرة لا غير، وقصد بالأنقص ذلك السلب لزم (2)، خمسة، وهذا التوجيه
يتمشى على تقدير النصب على الاستثناء أو على البدل، وربما جعل
الاحتمالان في مثل ماله عشرة إلا خمسة بالنصب، وهو بعيد، لأن قصد سلب
العشرة لا غير يقتضي الرفع على البدل.
الثانية: الاستثناء المتكرر بحرف عطف في حكم المستثنى الواحد فيخرج
الجميع أو يدخل الجميع، وكذا لو كان الثاني أكثر أو مساويا للأول وإن كان
بغير عطف.
أما لو انتفى العطف ونقص الثاني عن الأول فإنه يرجع إلى الاستثناء
الأول، فلو قال له علي عشرة إلا تسعة وعد إلى الواحد فخمسة، لأنا نأخذ
الجمل المنفية وهي الإفراد هنا، فنسقطها من المثبتة وهي الأزواج فيجب
الباقي.

(1) في باقي النسخ: إن قصد.
(2) في (م): لزمه.
144

ولو أنه لما وصل إلى الواحد قال إلا اثنين إلا ثلاثة إلى التسعة لزمه
واحد، لأنا نضم الأزواج إلى الأزواج تكون ثمانية وأربعين، والإفراد إلى
الإفراد تكون تسعة وأربعين، فإذا أسقطت الأول من الثاني بقي واحد.
ولو قال له عشرة إلا عشرة إلا أربعة صح الاستثناءان ولزمه أربعة، لأن
عشرة إلا أربعة ستة وهي المنفية ولولا الاستثناء الثاني بطل الأول.
ولو قال عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين فهي خمسة ولولا الواو لكانت تسعة،
وكذا لو قال إلا ثلاثة واثنين.
ولو قال عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة فهي ثلاثة، سواء وجد الواو أو لا. وكذا
عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة حملا على التأسيس لا على التأكيد.
الثالثة: الاستثناء المتردد، كقوله عشرة إلا خمسة أو ستة المخرج منه الأقل
أخذا بأول الإقرار، ويحتمل إخراج الأكثر اقتصارا على المتيقن، ويحتمل طلب
التعيين منه، فإن تعذر أخرج الأقل.
الرابعة: الاستثناء من الجنس حقيقة ومن غيره مجاز، فيحمل على الأول
. ولو أخبر عن إرادة المجاز فالأقوى القبول، فلو قال له ألف درهم إلا ثوبا
وأخبر عن إرادة الإخراج طولب بتفسير قيمة الثوب، فإن أبقى بعدها شيئا صح،
وإن استوعب بطل الاستثناء، ويحتمل بطلان التفسير فيفسر بما يبقى.
وتصوير هذا أن يكون له عليه ألف فيتلف صاحب الحق على المدين ثوبا
أو يدفع إليه ثوبا قضاء فيفسر على هذه الصورة.
ولو قال له علي ألف إلا درهما فهي دراهم. ولو أخبر عن إرادة غيرها
كالجوز قبل، فإن بقي شئ بعد الدرهم صح، وإن لم يبق فالأقرب بطلان
الاستثناء، ويلزمه ألف جوزة، فلو قال له ألف إلا واحدا كلف التفسير، فإن
فسر أحدهما تبعه الآخر، فلو قال أردت المنفصل قبل وروعي ما تقدم.
ولو قال له علي مال إلا مالا أو شئ إلا حمل على أقل متمول،
145

فيكون الأول زائدا على أقل متمول، وبالاستثناء نقص ذلك الزائد، وقال
بعض العامة: هذا مستوعب فيبطل الاستثناء، ويجب أقل متمول وهو موافقه في
الحكم ومخالفه في التقدير.
والفائدة أنه على التقدير الثاني لا يحتاج إلا تفسير اللفظ الثاني، بل يكفي
تفسير اللفظ الأول.
وعلى ما قررناه يطلب بتفسيرهما، ويترتب عليه الاستثناء من الجنس
وغيره واستغراق الاستثناء وعدمه، وعندي إن تخيل الاستغراق في هذا باطل،
لأن الشئ والمال من الألفاظ المتواطئة الصالحة للكثر والقليل، فجاز أن يكون
الشئ الأول مساويا وغير مساو.
[228]
درس
القاعدة الخامسة: الاستثناء المستغرق باطل، ولا يحمل على الغلط، ولو
ادعاه لم يسمع منه، ويجوز أن يكون الباقي أقل من المأخوذ على الأقوى وتقريره
في الأصول، فلو قال له عشرة إلا عشرة لزمه عشرة، ولو قال إلا تسعة فواحد.
السادسة: إذا تعقب الاستثناء جملا فالمتصور في الأصول العود إلا الأخيرة،
وربما حصلت قرينة توجب العود إلى الجميع.
ثم قد تتعدد الأعداد في المستثنى والمستثنى منه، فيحتمل حينئذ في المستثنى
الجميع، كما يحتمل في المستثنى منه العود إلا الجميع، فهنا أمثلة.
الأول: له عشرة دراهم وثوب إلا درهما، فإن جمعنا بين الجملتين كان
الدرهم مستثنى من الدراهم والثوب بعد أن يذكر قيمة الثوب، وربما جعل هذه
قرينة لعوده إلى الدراهم، لأن الاستثناء المنفصل مجاز، وهو معارض بأن العود
إلا الأبعد أشد محذورية من المجاز.
الثاني: له دينار وعشرة دراهم إلا ثوبا قيمته ثمانية، فإن جمعنا كانت
146

الثمانية موزعة على العشرة والدينار، وإن أعدناه إلى الأخير كان إقرارا بدينار
ودرهمين.
الثالث: له درهمان ودرهم إلا درهما، فإن جمعنا لزمه درهمان وهو ظاهر
للقرينة (1)، وإن لم يجمع لزمه ثلاثة لاستغراق الاستثناء
الرابع: له ثلاثة إلا درهمين ودرهما، إن جمعنا المستثنى لزمه ثلاثة، وإن لم
يجمع لزمه درهم.
الخامس: له ثلاثة إلا درهما ودرهمين إن جمعنا فثلاثة، وإن لم نجمع
فدرهمان.
السادس: له درهم ودرهم ودرهم إلا درهما ودرهما ودرهما يلزمه ثلاثة،
جمعنا بين الأعداد أو لم نجمع، لأنا إن جمعنا صار مستغرقا، وإن لم نجمع فالواحد
مستغرق الآخر.
السابع: له درهم ودرهم إلا درهما إن جمعنا فعليه درهم وإلا فدرهمان،
ورده الفاضل (2) بالتناقض للنص على الإفراد.
وإنما احتمل ذلك في الجميع، لأنه يجوز أن يراد به بعض أفراد (3) الدرهم،
كما يراد بالقوم من قولهم جاء القوم إلا زيدا من عدا زيد.
أو هو مدفوع بإمكان التجوز عن النصف بدرهم، لصحة قولنا له درهم إلا
نصفه، فكأنه استثنى من كل درهم نصفه ونصفا درهم درهم، على أن واو
العطف مثابة (4) ألف التثنية عند النحاة والأصوليين، فكأنه قال له درهمان إلا
درهما، ولا نزاع في صحته، وبه علل الشيخ في الخلاف (5)، ولأن الاستثناء من

(1) في (ق): القرينة.
(2) المختلف: ج 1 ص 440.
(3) في (م): بعض الأفراد، وفي (ق): بعض أفراده.
(4) في باقي النسخ: بمثابة.
(5) الخلاف: ج 2 ص 153.
147

العين صحيح عنده، مع قيام تخيل التناقض فيه، مثل له هذا الدرهم إلا
نصفه.
الثامن: إنما يجمع العدد المعرف ما لم يكن فيه إشارة، فلو أشار لم يجمع،
مثل له هذا الدرهم وهذا الدرهم إلا هذا الدرهم، فإنه يبطل الاستثناء قطعا.
وكذا لو قال له هذا العبد وهذا العبد وهذا العبد إلا هذا العبد وهذا العبد وهذا
العبد.
القاعدة السابعة: الاستثناء من الأعيان صحيح، سواء كان بأدوات
الاستثناء، كقوله له هذا الدار إلا هذا البيت أو هذا الخاتم إلا فصه، أو
بغيرها، كقوله له هذه الدار والبيت لي أو الخاتم له والفص لي.
ولو قال له هذه العبيد إلا هذا العبد خرج من الإقرار، ولو قال إلا واحدا
عين من شاء (1)، فلو ماتوا إلا واحدا فعينه صح، ومن أبطله لبعد موت الجميع
سوى المستثنى فهو متحكم، لأن التجويز قائم والتعيين إليه.
الثامنة: قد يكون الاستثناء مجهولا، وإلى معرفته طريق غير قول المقر فيرجع
إليه، مثل قوله له عشرة إلا قدر مال زيد أو إلا زنة هذه الصنجة.
ومثل المسائل الحسابية، كقوله لعمرو عشرة إلا نصف مال زيد ولزيد ستة
إلا ثلث ما لعمرو فلعمرو شئ فلزيد ستة إلا ثلث شئ فلعمرو عشرة وسدس
شئ إلا ثلاثة تعدل شيئا، فإذا جبرت وقابلت بقي سبعة تعدل خمسة أسداس
شئ، فالشئ ثمانية وخمسان وهي لعمرو ولزيد ثلاثة وخمس.
وإن شئت بدأت بزيد في العمل، فلزيد شئ فلعمرو عشرة إلا نصف
شئ فلزيد ستة وسدس شئ إلا ثلاثة وثلثا يعدل شيئا، وبعد الجبر والمقابلة
يبقى اثنان وثلثان يعدل خمسة أسداس شئ، فالشئ ثلاثة وخمس فهي لزيد

(1) في (م): عين ما شاء.
148

ولعمرو عشرة إلا نصف هذه وهو واحد وثلاثة أخماس، فإذا القي من عشرة بقي
ثمانية وخمسان.
[229]
درس
في الإقرار بالنسب
يشترط في صحة الإقرار به بلوغ المقر وعقله وعدم تكذيب الشرع له، فلا
عبرة بإقرار الصبي والمجنون ولا بإقرار من (1) التحق بالغير شرعا، سواء أقر ببنوته
أو إخوته أو غيرهما مما يغاير ذلك السبب الشرعي (2). وكذا المنفي عنه شرعا،
كولد الزنا وإن كان على فراشه، وولد اللعان وإن كان الابن يرثه.
ثم إن كان المقر به ولدا اشترط (3) مع ذلك خمسة شروط:
الأول: أن لا يكذبه الحس، فلو أقر ببنوة من هو في سنه أو أسن أو أصغر مما
تقضي العادة بأنه لا يلده بطل الإقرار ولو تصادقا.
فرع:
لو دخلت حربية دار الإسلام ومعها ولد فاستلحقه مسلم أو ذمي مقيم بدار
الإسلام لحق به، إلا أن يعلم عدم دخوله دار الحرب، وعدم خروجها إلى
دار الإسلام، وعدم مساحقتها لموطوءة فلا يلحق لتكذيب الحس إياه. ولا يكفي
إمكان إنفاذ الماء في قارورة إليها، لبعد وقوعه والانخلاق منه.
الثاني: أن لا ينازعه غيره، فلو تنازعا لم يثبت لأحدهما إلا بالبينة أو
القرعة.

(1) في باقي النسخ: ولا بالإقرار بمن.
(2) في (م) و (خ ل الأصل): النسب الشرعي.
(3) في باقي النسخ: اشترط فيه.
149

الثالث: التصديق إن كان أهلا له، كالحي، البالغ، العقل، ويسقط
اعتباره في طرف الميت والصغير والمجنون، ويثبت نسبه. ولا عبرة بالإنكار بعد
أهليته.
ولو طلب إحلاف المقر فليس له، لأن غايته استخراج تصديقه أو نكوله،
وكلاهما غير مسموع، لأنه لو نفى النسب الآن صريحا لم يقبل.
ولا يقدح في ذلك التهمة في استحقاق (1) مال الصغير وإرث الميت.
الرابع: أن يكون المقر أبا، فلو أقرت الأم فلا بد من التصديق على الأقرب،
لإمكان إقامتها البينة على الولادة.
والاقرار بالولد ليس إقرارا بزوجية الأم، وإن كانت معروفة بالحرية،
لاحتمال كونه عن شبهة أو نكاح فاسد.
الخامس: أن يكون ولدا للصلب، فلو أقر ببنوة ولد ولده فنازلا اعتبر
التصديق.
وإن كان المقر به غير الولد فله شرطان آخران:
أحدهما: أن لا يكذبه الحس، كما لو أقر بأخوة من يمتنع تولده من أبي المقر
وأمه لزيادة سن المقر به على سنهما أو مساواته.
وثانيهما: تصديق المقر به، فلو أكذبه فلا نسب، وإن صدقه توارثا، ولا
يتعدى التوارث إلى وارثهما، إلا مع التصادق، وقال في المبسوط (2): يتعدى
التوارث إلى أولادهما لا غير.
ثم هنا مسائل:
لو استلحق ولد إحدى أمتيه بعينه لحق به، ولو لم يعين ومات عين الوارث،

(1) في الأصل: استئناف.
(2) المبسوط: ج 3 ص 39.
150

فإن امتنع أقرع فيكون الآخر رقا، ولا يعرضان على القافة، ولا ينعتق نصف
كل واحد منهما.
الثانية: لو كان لأمته ثلاثة أولاد فأقر بأحدهم وعينه الحق به وكان
الباقيان رقا، سواء كان المعين الأكبر أو الأوسط أو الأصغر، فإن مات عين
الوارث، فإن امتنع فالقرعة فيعتق المقروع مطلقا، هذا على الرواية (1) المشهورة
بأن الأمة لا تصير فراشا بالوطئ.
وعلى الرواية الأخرى (2) بصيرورتها فراشا إن أقربا لأكبر لحق به مع
الأوسط والأصغر، وإن أقر بالأوسط لحق به مع الأصغر، وإن أقر بالأصغر لحقه
وحده، وحكم القرعة كذلك.
الثالثة: لو خلف ابنا فأقر بآخر شاركه ولم يثبت نسبه، فإن أقرا بثالث
وكانا عدلين ثبت نسبه، وإلا شارك.
ولو أقر بالثالث أحدهما أخذ فاضل نصيبه، ولو صدق الثالث الثاني فهو
شاهد فيثبت نسبه مع عدالته وعدالة الأول.
ولا يكفي في ثبوت النسب إقرار جميع الورثة من دون العدالة.
ولو كان له ابنان معلوما النسب فأقرا بثالث فأنكر أحدهما لم يلتفت إليه.
الرابعة: لو أقر الأخوان بابن وكانا عدلين ثبت نسبه وارثه.
وفي المبسوط (3) يثبت نسبه ولا يرث، لأنه لو ورث لحجب الأخوين
وخرجا عن الإرث فيبطل إقرارهما، لأنه إقرار ممن ليس بوارث، فيبطل
النسب، فيبطل الإرث، فيلزم منم صحة الإرث بطلانه، ومن بطلانه صحته
- ثم قال: - ولو قلنا يثبت الإرث (4) أيضا كان قويا، لأنه يكون قد ثبت

(1) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 1 ج 14 ص 563.
(2) وسائل الشيعة: باب 56 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 1 ج 14 ص 564.
(3) المبسوط: ح 3 ص 40.
(4) في باقي النسخ: الميراث.
151

بشهادتهما فيتبعه الميراث لا بالإقرار.
وحاصل (1) الدور يلزم من جعلهما مقرين، لا من جعلهما شاهدين، ونحن
نجعلهما شاهدين إذ العدالة هي المؤثرة لا الإرث عندنا، وإن انتفت العدالة
ورث خاصة، ولو كان معهما زوجة وصدقتهما دفعت نصف ما في يدها، وكذا لو
انفردت بالإقرار.
الخامسة: لو أقر الأخ بابنين دفعة وتصادقا ثبت الإرث وعزل الأخ، ولا
يثبت النسب، إلا مع العدالة، ولو تناكرا توارثا (2)، ولم يثبت النسب.
ولو أقر الأخ ببنوة أحد التوأمين لحقه الآخر، ولا اعتبار بإنكار أحدهما
صاحبه.
السادسة: لو أقر بمن هو أولى منه ثم بأولى منهما، فإن صدق (3) المقر به أولا
على الثاني دفع إليه ما في يده، وإن كذبه (4) أحلف واغرم المقر للمقر به ثانيا ما
أخذه الأول، سواء بقي وراثا غيره أم لا على الأشبه.
السابعة: لو أقر بمن هو أولى منه ثم أقر بمساويه، فإن صدقه اقتسما المال،
وإلا أغرم المقر للثاني قدر نصيبه. وكذا لو أقر بثالث ورابع وهكذا.
الثامنة: لو أقر بزوج لذات الولد أعطاه ربع ما في يده إن كان المقر ولدا،
وإن كان المقر بالزوج أحد الأبوين وكان الولد ابنا لم يدفع إليه شيئا، وإن
كان بنتا دفع الفاضل عن نصيبه وهو نصف الثمن.
التاسعة: لو أقر بزوجة لذي الولد دفع إليها ثمن ما في يده إن كان المقر
ولدا، وإن كان أحد الأبوين أوهما دفع الفاضل، ومنهما يعلم ما لو أقر بزوج أو

(1) في باقي النسخ: وحاصله.
(2) في باقي النسخ: ورثا.
(3) في (ق): صدقه.
(4) في باقي النسخ: فإن أكذبه.
152

زوجة لغير من له الولد (1).
العاشرة: لو أقر بزوجة ثم أقر بزوجة ثانية وتصادقا اقتسما الحصة أو كذا لو
أقر بثالثة ورابعة، وإن كذبته غرم مالها قدر نصيبها.
ولو أقر بخامسة ففي الغرم بها (2) بمجرد الإقرار، أو بتكذيبه نفسه في غيرها
نظر.
ولو كان الزوج مريضا وتزوج بعد الطلاق ودخل استرسل الإقرار، ولم
يقف عند حد إذا مات في سنته.
[230]
درس
الحادية عشرة: لو أقر للميتة بزوج ثان لم يقبل، وفي غرمه بمجرد إقراره، أو
بتكذيبه نفسه الوجهان.
ولو قلنا بالغرم فتأول كلامه بتزويجه إياها في عدة الأول ثم ماتت فظنت
أنه يرثها زوجان، وكان ممن يمكن في حقه الاشتباه فالأقرب القبول.
الثانية عشرة: لو أقر الوارث ظاهرا بمساو بالمتفق عليه.
الثالثة عشرة: لو استلحق المنفي باللعان غير صاحب الفراض، ففي ثبوت
نسبه وجهان: من عدم المنازع، ومن تمكن الشبهة.
ولو استلحق عبد الغير أو أمته ففي ثبوت نسبه مع التصديق، أو لا معه إذا
كان غير كامل نظر، من العموم، ومن أنه يمنع إرثه بالولاء.
ولو استلحق عبد نفسه الكبير وكذبه لم يثبت النسب، وفي عتقه نظر، من

(1) في باقي النسخ: ولد.
(2) في باقي النسخ: ففي الغرم لها.
(3) في (م): مع يمينه.
153

إقراره بموجبه، ومن أنه فرع ثبوت النسب الذي لم يثبت، ولو كان العبد مشهور
النسب فالنظر فيه أولى، بعدم العتق لالتحاقه بغيره شرعا.
الرابعة عشرة: لو تصادق البالغان على نسب، أما بنوة أو غيرها ثم رجعا
ففي قبول الرجوع نظر، من ثبوت النسب شرعا فلا يرتفع بالرجوع كالنسب
بالفراش، ومن أنه ثبت بمجرد الإقرار، فإذا رجعا إلى الإنكار بقي على ما كان
عليه، والأقرب القطع بعدم صحة الرجوع في نسب الولد، أما غيره ففيه
الوجهان.
الخامسة عشرة: لو قال هذا ولدي من الزنا، فهو من باب تعقيب الإقرار بما
ينافيه، فهل يؤخذ بأول كلامه فيلحق به (1)، أو بآخره فلا يثبت له حكم
النسب الشرعي؟ نظر.
السادس عشرة: لو أقر بأخ من الأب والأب وموجود فنفى ثبوته في موضع
يجوز النفي لم يتوارثا، وإن تصادقا. ولو مات الأب وهما على التصادق أو
استلحقه بعد موت أبيه ففي ثبوت نسبه وجهان، من حكم الشرع بنفي البنوة
فيمتنع ثبوت الأخوة التي هي فرعها، والأقرب أنه كاستلحاق ورثه الملاعن،
وكذا اللعان.
وربما علل بطلان الاستلحاق بأن فيه عارا على الأب، وشرط الوارث أن
يفعل ما فيه حظ المورث، وهو ضعيف، ورجح الفاضل (2) الإلحاق.
السابعة عشرة: لو قال هو أخي واقتصر ثم قال أردت أخوة الدين أو
الرضاع فالوجه القبول، لإمكانه، ووجه عدم القبول أنه خلاف الحقيقة.
الثامنة عشرة: قسم في المبسوط (3) الإقرار بالنسب إلى الإقرار بالنسب على

(1) في باقي النسخ: ويلحق به.
(2) المختلف: ج 1 ص 441.
(3) المبسوط: ج 3 ص 38.
154

نفسه والاقرار به على غيره، وعنى بالأول الإقرار بالولد وبالثاني الإقرار بمن
عداه، فإن المقر بالأخ مقر على الأب، والمقر بالعم مقر على الجد.
ولم يعتبر في الصغير التصديق بعد بلوغه في القسمين معا، بل لو أنكر البنوة
بعد بلوغه لم يقبل إنكاره، وظاهره أن الأخوة بعد بلوغه لم يسمع أيضا، والمشهور
اعتبار تصديق غير الولد بعد بلوغه.
التاسعة عشرة: لو أقر بأخ فكذبه المقر به ثم صدق بعد موت المقر ففي إرثه
نظر، من أن في إنكاره استحقاق الوارث غيره، ومن زوال المانع من ثبوت
الأخوة وهو التكذيب.
ولو أقر الأب ببنوة الكبير فكذبه فلما مات رجع إلى الاعتراف فالإشكال
بحاله ولو أقر الابن بأبوة رجل فأنكر فلما مات اعترف بالأبوة له فالإشكال هنا
أضعف، لأن الإقرار بالبنوة بعد الموت مسموع في الكبير والصغير عند
الأصحاب، بخلاف الإقرار بغيرها من النسب فينزل هذا الإقرار منزلة الإقرار
المبتدأ، والله الموفق [تم الجزء الأول بعون الله وحسن توفيقه، وصلى الله على
خير خلقه محمد النبي وآله وسلم، ويتلوه في الجزء الثاني كتاب المكاسب] (1).

(1) الظاهر أن ما بين المعقوفتين ليست من المصنف بل من النساخ لاختلاف النسخ فيها.
155

كتاب المكاسب
157

كتاب المكاسب
قال الله (1) تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم)، نزلت
في تجارة الحج، وقال (2): (وابتغوا من فضل الله).
وعن النبي (3) صلى الله عليه وآله أنه قال لقوم لما سمعوا قول الله
تعالى (4): (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) فكفوا
عن الطلب وأقبلوا على العبادة: من فعل ذلك لم يستحب له، عليكم بالطلب.
وقال صلى الله عليه (5) وآله: ألا إن الروح الأمين نفث في روعي أنه لا
تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ويراد به عدم
المبالغة في الطلب أو الطلب من وجه جميل.
كما روي عن الصادق (6) عليه السلام ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب
التضييع، ودون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن إليها.

(1) البقرة: 198.
(2) الجمعة: 10.
(3) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب مقدمات التجارة ح 7 ج 12 ص 15.
(4) الطلاق: 2.
(5) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 27.
(6) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب مقدمات التجارة ح 3 ج 12 ص 30.
159

وقال عليه السلام (1): أن في حكمة آل داود ينبغي للمسلم العاقل أن
لا يرى ظاعنا، إلا في ثلاث مرمة لمعاش أو تزود لعاد أو لذة في غير ذات محرم.
وقال عليه السلام (2): الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله.
وقال الكاظم (3) عليه السلام: إياك والكسل والضجر فإنهما يمنعانك
حظك من الدنيا والآخرة.
وعن الباقر عليه السلام (4): من تناول شيئا من الحرام قاصه الله به من
الحلال.
وقال النبي صلى الله عليه وآله (5): نعم العون على تقوى الله الغنى.
وقال صلى الله عليه وآله (6): من المروة إصلاح المال.
وقال أيضا صلى الله عليه وآله (7): أن النفس إذا أحرزت قوتها استقرت.
وقال عليه السلام (8): اللهم بارك لأمتي في بكورها، وإذا (9) أراد أحدكم
الحاجة فليبكر إليها وليسرع المشي إليها.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام (10): أن الله يحب المحترف الأمين.
وعن الكاظم عليه السلام (11) وقد عمل بيده في أرض له أن رسول الله.

(1) وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 40 وفيه اختلاف.
(2) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 42.
(3) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب مقدمات التجارة ح 5 ج 12 ص 37.
(4) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب مقدمات التجارة ح 3 ج 12 ص 28.
(5) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 16.
(6) وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب مقدمات التجارة ح 5 ج 12 ص 40.
(7) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب آداب التجارة ح 3 ج 12 ص 320.
(8) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب مقدمات التجارة ح 5 و 6 ج 12 ص 50.
(9) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب مقدمات التجارة ح 6 ج 12 ص 50.
(10) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب مقدمات التجارة ح 14 ج 12 ص 13.
(11) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب مقدمات التجارة ح 6 ج 12 ص 23.
160

صلى الله عليه وآله: عمل بيده وأمير المؤمنين عليه السلام، وهو من عمل النبيين
والمرسلين والصالحين.
وقال الصادق عليه السلام (1): إني أشتهي أن يراني الله عز وجل أعمل
بيدي وأطلب الحلال.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام (2): من أتاه الله برزق ولم يحط إليه برجله ولم
يمد إليه يده ولم يتكلم فيه بلسانه ولم يتعرض له كان ممن ذكره الله عز وجل (3)
(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله (4): أنه من طلب العلم تكفل الله
برزقه، وفسر بأن يعطف عليه قلوب أهل الصلاح.
وقال الصدق عليه السلام (5): إن الله تبارك وتعالى جعل أرزاق المؤمنين
من حيث لا يحتسبون، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه.
وقال عليه السلام (6): أبى الله عز وجل إلا أن يجعل رزق المؤمن من حيث لا يحتسب.
وكان أمير المؤمنين (7) عليه السلام كثيرا ما يقول: اعلموا علما يقينا أن الله
عز وجل لم يجعل للعبد وإن اشتد جهده وعظمت حيلته وكثرت مكائدته أن
يسبق ما سمى له في الذكر الحكيم ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته لن

(1) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب مقدمات التجارة ح 11 ج 12 ص 24.
(2) من لا يحضره الفقيه: باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح 3612 ج 3 ص 166.
(3) الطلاق: 65.
(4) كنز العمال: كتاب العلم ح 28700 ج 10 ص 139.
(5) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 32.
(6) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب مقدمات التجارة ح 5 ج 12 ص 33، وفيه اختلاف يسير.
(7) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب مقدمات التجارة ح 4 ج 12 ص 30.
161

يبلغ ما سمي له في الذكر الحكيم، فالعالم بهذا العامل به أعظم الناس راحة في
منفعته والعالم بهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرة.
وقال عليه السلام (1): كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن
عمران عليه السلام خرج يقتبس نارا لأهله فكلمه الله ورجع نبيا، وخرجت
ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام، وخرج سحرة فرعون يطلبون العز
لفرعون فرجعوا مؤمنين.
وقال الصادق عليه السلام (2): قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من
نفقة أحب إلى الله عز وجل من نفقة قصد، ويبغض الإسراف، إلا في الحج
والعمرة، فرحم الله مؤمنا كسب طيبا وأنفق قصدا وقدم فضلا.
[231]
درس
قد يجب التكسب إذا توقف تحصيل قوته وقوت عياله الواجبي النفقة عليه،
وقد يستحب إذا قص به المستحب، وقد يحرم إذا اشتمل على وجه قبيح، وهو
أقسام:
أحدها: ما حرم لعينه كالغناء فيحرم فعله وتعلمه وتعليمه واستماعه
والتكسب به، إلا غناء العرس إذا لم يدخل الرجال على المرأة ولم يتكلم
بالباطل، ولم تلعب بالملاهي، وكرهه القاضي (3)، وحرمه ابن إدريس (4)
والفاضل في التذكرة (5)، الإباحة أصح طريقا وأخص دلالة، والنياحة

(1) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب مقدمات التجارة ح 3 ج 12 ص 33.
(2) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1 ج 8 ص 106.
(3) المهذب: ج 1 ص 346.
(4) السرائر: ج 2 ص 222.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 582.
162

بالباطل وعمل الصور المجسمة قاله الشيخان (1)، وطرد القاضي (2) التحريم في
غير المجسمة، والحلبي (3) حرم التماثيل وأطلق.
وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام (4) لا بأس بما يبسط منها ويفترش
ويوطأ، إنما يكره منها ما نصب على الحائط وعلى السرير، وسأله عن الوسائد فيها
التماثيل والقمار.
وما يؤخذ به حرام حتى القمار بالجوز والبيض والخاتم والأربعة عشر والطير
وأحاديث القصاص والسمار المشتملة على الكذب والحضور في مجالس المنكر
لغير الإنكار أو الضرورة، وتزيين كل من الرجل والمرأة بزينة الآخر، والغش
الخفي كشوب اللبن بالماء وتدليس الماشطة لتزين الخد وتحميره والنقش في اليد
والرجل قاله ابن إدريس (5).
ووصل شعرها بشعر غيرها، وإعانة الظالم في الظلم لا في غيره من مهامه،
كالبناء والغرس والغسل والطبخ، والغيبة والكذب والسب لغير مستحقه
والنميمة والهجاء والذم لغير أهله والمدح في غير موضعه.
والغزل مع الأجنبية أي محادثتها ومراودتها والتشبيب بها معينة، وبالغلمان
مطلقا. ويجوز التشبيب بنساء أهل الحرب.
ويحرم نسخ الكتب المنسوخة وتعلمها وتعليمها وكتب أهل الضلال
والبدع، إلا لحاجة من نقض أو حجة أو تقية.
وترحم الكهانة والسحر بالكلام والكتابة والرقبة والدخنة بعقاقير الكواكب

(1) النهاية: ص 363 والمقنعة: ص 587.
(2) المهذب: ج 1 ص 344.
(3) الكافي في الفقه: ص 281.
(4) وسائل الشيعة: باب 94 من أبواب ما يكتسب به ح 4 ج 12 ص 220.
(5) السرائر: ح 2 ص 216.
163

وتصفية النفس والتصوير والعقد والنفث والأقسام والغرائم بما لا يفهم معناه
ويضر بالغير فعله، ومن السحر الاستخدام للملائكة والجن والاستنزال
للشياطين في كشف الغائب وعلاج المصاب.
ومنه الاستحضار بتلبس الروح ببدن متفعل، كالصبي والمرأة وكشف
الغائب عن لسانه، ومنه النيرنجيات، وهي إظهار غرائب خواص الامتزاجات
وأسرار النيرين.
ويلحق بذلك الطلسمات، وهي تمزيج القوى العالية الفاعلة بالقوى
السافلة المنفعلة ليحدث عنها فعل غريب، فعمل هذا كله والتكسب به حرام،
أما علمه (1) ليتوقى أو لئلا يعتريه فلا، وربما وجب على الكفاية ليدفع (2) المتنبئ
بالسحر. ويقتل مستحله، ويجوز حله بالقرآن والذكر والاقتسام لا به، وعليه
يحمل رواية العلا (3) بحله.
والأكثر على أنه لا حقيقة له بل هو تخيل، وقيل: أكثره تخائيل وبعضه
حقيقي، لأنه تعالى وصفه بالعظمة في سحرة فرعون.
ومن التخيل السيميا، وهي إحداث خيالات لا وجود لها في الحس للتأثير
في شئ آخر، وربما ظهر إلى الحس.
ويلحق به الشعبذة، وهي الأفعال العجيبة المترتبة (4) على سرعة اليد
بالحركة فيلتبس على الحس، وقيل: الطلسمات كانت معجزات لبعض
الأنبياء.

(1) في (م) و (ق): أما عمله.
(2) في (م) و (ق): لدفع.
(3) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 105، وفيه (عن عيسى بن شقفي)
(4) في (م): المرتبة.
164

أما الكيميا، فيحرم المسمى بالتكليس بالزئبق والكبريت والزاج
والتصدية والشعر والبيض والمرارة والادهان، كما يفعله متحشفو الجهال.
أما سلب الجواهر خواصها وإفادتها خواص أخرى بالدواء المسمى
بالأكسير، أو بالنار اللينة الموقدة على أصل الفلزات، أو لمراعاة نسبتها في الحجم
والوزن، فهذا مما لا يعلم صحته، وتجنب ذلك كله أولى وأحرى.
ويحرم القيافة والتكسب بها، سواء استعمل في إلحاق الأنساب، أو في قفو
الآثار إذا ترتب عليها حرام.
وتحرم بيع خط المصحف دون الآلة. ولا يحرم بيع كتب الحديث والعلم
المباح.
ويحرم اعتقاد تأثير النجوم مستقلة أو بالشركة، والأخبار عن الكائنات
بسببها، أما لو أخبر بجريان العادة أن الله تعالى يفعل كذا عند كذا لم يحرم، وإن
كره على أن العادة فيها لا يطرد، إلا فيما قل.
أما علم النجوم فقد حرمه بعض الأصحاب، ولعله لما فيه من التعرض (1)
للمحظور من اعتقاد التأثير، أو لأن أحكامه تخمينية.
وأما علم هيئة الأفلاك فليس حراما، بل ربما كان مستحبا، لما فيه من
الاطلاع على حكمة الله تعالى وعظم قدرته.
وأما الرمل والفأل ونحوهما فيحرم مع اعتقاد المطابقة لما دل عليه، لاستيثار
الله تعالى بعلم الغيب. ولا يحرم إذا جعل فالا، لما روي أن النبي صلى الله
عليه وآله (2) كان يحب الفال.
ويكره الطيرة - يفتح الياء - وهو التشاؤم بالشئ.

(1) في (ق): لتعريض.
(2) مسند أحمد ابن حنبل: ج 2 ص 332.
165

[232]
درس
وثانيها: ما حرم لغايته، كالعود والملاهي من الدف والمزمار والقصب
والرقص والتصفيق وآلات القمار، وهياكل العبادة المبتدعة كالصليب
والصنم.
وعمل السلاح وبيعه مساعدة لأعداء الدين، سواء كانوا كفارا أو بغاة،
وقيده ابن إدريس (1) بحال الحرب، وهو ظاهر الأخبار (2)، ويكره لامعها. وكذا
يكره بيع ما يكن، كالدرع والبيضة والخف والتجفاف - بكسر التاء - وهو الذي
يلبس الخيل.
ولو علم أن المخالف يستعين بالسلاح على قتال أهل الحب لم يكره، وهو
مروي عن أبي جعفر (3) عليه السلام في بيع السلاح على أهل الشام، لأن الله
يدفع بهم الروم.
والأقرب تحريم بيعه على قطاع الطريق وشبههم، وحيث حرمنا بيعه فهو
باطل.
وبيع العنب وما يتخذ منه المسكر ليعمل مسكرا، والخشب والحجر ليعمل
صنما أو وثنا أو صليبا أو آلة لهو، وفي رواية ابن حريث (4) المنع ممن يعمله،
وليس فيها ذكر الغاية، واختاره ابن إدريس (5) والفاضل (6)، لأن النبي صلى

(1) السرائر: ج 2 ص 216.
(2) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ما يكتسب به ج 12 ص 69.
(3) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 69.
(4) وسائل الشيعة: باب 41 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 127.
(5) السرائر: ج 2 ص 218.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 580.
166

الله عليه وآله (1) لعن عاصر الخمر.
وهكذا (2) يحرم بيع الثوب ليغطى به الصنم والصليب، وإجارة المساكن
والحمولات للمحرمات، إلا أن يقصد إراقة الخمر أو إتلاف الخنزير.
وثالثها: ما لا نفع مقصود منه للعقلاء، كالحشار وفضلات الإنسان.
ويجوز بيع دود القز وبزره والنحل مع انحصارها، ومشاهدة ما يرفع الجهالة
منها.
ولا يجوز بيع المسوخ إن قلنا بعدم وقوع الذكاة عليها، إلا الفيل لعظم
الانتفاع بعظمه.
أما السباع فما يصلح للصيد يجوز بيعه، كالفهد والهر والبازي. وقول
القاضي (3) بالصدقة بثمن الهرة ولا يتصرف فيه بغير الصدقة، متروك،
والرواية (4) مصرحة بإباحته (5).
وأما غيره كالأسد والنمر والنسر فالشيخان (6) على تحريم البيع والتكسب
بها، ونقل في المبسوط (7) الإجماع على ذلك في مثل الأسد والذئب، وقال ابن
الجنيد (8): لا يصرف ثمن ما لا يؤكل لحمه من السباع والمسوخ في مطعم
ولا مشرب، وابن إدريس (9) جوز ذلك تبعا للانتفاع بجلدها، بناء على وقوع

(1) وسائل الشيعة: باب 55 من أبواب ما يكتسب به ح 3 ج 12 ص 164.
(2) في باقي النسخ: وكذا.
(3) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا، ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 341.
(4) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب ما يكتسب به ح 3 ج 12 ص 83.
(5) في (م) و (ق): بالإباحة.
(6) المقنعة: ص 589 والنهاية: ص 364 وفي المبسوط: ج 2 ص 166.
(7) المبسوط: ج 2 ص 166.
(8) المختلف: ج 1 ص 340.
(9) السرائر: ج 2 ص 220.
167

الذكاة عليها.
وأما الكلاب فاتفقوا على جواز بيع الصائد، وقيده الشيخ (1) بالسلوقي
- بفتح السين وضم اللام - منسوب إلى قرية باليمن. وعلى منع بيع كلب الهراش،
واختلفوا في كلب الحائط والزرع والماشية، فمنع من بيعه في الخلاف (2) وتبعه
القاضي (3)، والوجه الجواز وفاقا لابن إدريس (4) وابن حمزة (5)، ولو قلنا بالمنع
من بيعها ففيها ديات على القاتل، سيأتي إن شاء الله تعالى.
ويجوز اقتناء الجرو للتعليم، ولو قبل الهراش التعليم جاز.
ولا يلحق كلب الماء بالبري، خلافا لابن إدريس (6).
ولا يجوز اقتناء الحيات والعقارب والسباع الضارية، والترياق المشتمل على
محرم، والسموم الخالية عن المنفعة.
ويجوز بيع لبن الأتن والمرأة لا الرجل والخنثى.
وليس الملك فاقد الطريق من قبيل ما لا ينتفع به فيجوز بيعه، ويكون
حكمه حكم المعيب، ولا القرد الحافظ من قبيل المنتفع به لندوره وعدم الوثوق.
ورابعها: الأعيان النجسة والمتنجسة غير القابلة للطهارة، وفي الفضلات
الطاهرة خلاف، فحرم المفيد (7) بيعها إلا بول الإبل، وجوزه الشيخ في
الخلاف (8) والمبسوط (9)، وهو الأقرب لطهارتها ونفعها.

(1) النهاية: ص 364.
(2) الخلاف: ج 2 ص 80 المسألة 302.
(3) كما نقله عنه في المختلف: ج 1 ص 341، ولكن صرح بالجواز في إجارة مهذبه: ج 1 ص 502.
(4) السرائر: ج 2 ص 220.
(5) الوسيلة: ص 248.
(6) السرائر: ج 2 ص 220.
(7) المقنعة: ص 587.
(8) المبسوط: ج 2 ص 167.
(9) الخلاف: ج 2 ص 82 مسألة 310.
168

[233]
درس
وخامسها: تعلق حق غير البائع به كما الغير، وما يختص به من الأشياء
وإن لم يملك، والوقوفات المطلقة.
ومن وجد عنده سرقة أو غصب فأقام بينه بالشراء اندفع عنه قرار الضمان
إن كان جاهلا، وتخير (1) مالكها في الرجوع على من شاء مع تلفها.
ويجوز للولي تقويم أمته المولى عليه وشراؤها، ولا يجوز مباشرتها قبل ذلك،
وقال الصدوق (2): يجوز للأب مباشرة جارية الابن ما لم يكن مسها، لخبر
إسحاق بن عمار (3)، ويحمل على فعل ذلك بطريقه الشرعي.
ويجوز التناول من مال الولد الصغير حيث تجب نفقة الأب، ومن مال
الكبير حيث يمتنع من الانفاق الواجب.
ولا يجوز تناول الأم من مال الولد شيئا، إلا بإذن الولي أو مقاصة. وليس
لها الاقتراض من مال الصغير، وجوزه علي بن بابويه (4) الشيخ (5)
والقاضي (6)، وربما حمل على الوصية.
ولو صالح الولي غريم اليتيم بدون حقه روعي الصلاح، ويبرأ المدعى عليه
إذا كان مقرا معسرا، ولو كان منكرا أو موسرا لم يبرأ.
ويجوز شراء ما يأخذ الجائر باسم الخراج والزكاة والمقاسمة، وإن لم يكن

(1) في باقي النسخ: ويتخير.
(2) علل الشرائع: ص 525.
(3) وسائل الشيعة: باب 79 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 198.
(4) المختلف: ج 2 ص 345.
(5) النهاية: ص 360.
(6) المهذب: ج 1 ص 349.
169

مستحقا له.
وتناول الجائزة منه إذا لم يعلم غصبيتها (1)، وإن علم ردت على المالك، فإن
جهله تصدق بها عنه، واحتاط ابن إدريس (2) بحفظها ولوصية بها، وروي أنها
كاللقطة، قال: وينبغي إخراج خمسها والصدقة على إخوانه منها، والظاهر أنه
أراد الاستحباب في الصدقة.
وترك أخذ ذلك من الظالم مع الاختيار أفضل، ولا يعارضه أخذ الحسنين
عليهما السلام (3) جوائز معاوية، لأن ذلك من حقوقهم بالأصالة.
ولا يجب رد المقاسمة وشبهها على المالك. ولا يعتبر رضاه.
ولا يمنع تظلمه من الشراء. وكذا لو علم أن العامل يظلم، إلا أن يعلم
الظلم بعينه.
نعم يكره معاملة الظلمة، فلا تحرم (4)، لقول الصادق عليه السلام (5): كل
شئ فيه حرام وحلال فهو حلال حتى يعرف الحرام بعينه.
ولا فرق بين قبض الجائر إياها أو وكيله، وبين عدم القبض، فلو أحاله بها
وقبل الثلاثة أو وكله في قبضها أو باعها، وهي في يد المالك أو في ذمته جاز
التناول، ويحرم على المالك المنع.
وكما يجوز الشراء يجوز سائر المعاوضات والهبة والصدقة والوقف، ولا يحل
تناولها بغير ذلك.
والأجير الخاص ليس له العمل لغير المستأجر في زمان الإجارة، بخلاف المطلق.

(1) في باقي النسخ: غصبها.
(2) السرائر: ج 2 ص 203.
(3) وسائل الشيعة: باب 51 من أبواب ما يكتسب به ح 4 ج 12 ص 157.
(4) في باقي النسخ: ولا تحرم.
(5) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 59، وفيه اختلاف.
170

وللزوجة التصدق بالمادوم من مال الزوج، إلا مع نهيه أو إضراره، وليس
لغيرها ذلك، ولا لها تناول غير ذلك، والمادوم ما يؤتدم به كالملح واللحم، وفي
تعديته إلى الخبز والفاكهة نظر.
والزوج يحرم عليه تنال شئ من مالها، إلا برضاها. ولو ملكته مالا كره
له التسري به. ويحتمل كراهة جعله صداقا لضرة إلا بإذنها.
ويجوز للوكيل أو الوصي في الدفع إلى قبيل إعطاء عياله إذا كانوا منهم،
والتفصيل إذا كانوا غير محصورين. وفي جواز أخذه لنفسه رواية صحيحة (1)،
وعليها الأكثر، وربما جعله الشيخ (2) مكروها، لرواية أخرى صحيحة (3) بالمنع.
والفضلات عند الصائغ كتراب الصياغة يجب دفعها إلى مالكها، فإن
جهل تصدق بها عينا أو قيمة. ولا يجوز تملكها ولو كان الصائغ مستحقا
للصدقة.
وفي رواية علي الصائغ (4) تصدق بالتراب أما لك أو لأهلك أو قريبك،
وأنه لو خاف من استحلال صاحبه التهمة جازت الصدقة.
ولا يجوز بيع الوقف، سواء كان على جهة عامة أو خاصة، وفي الحبس
والسكنى نظر، إذا لم يقترن بمدة، ومع اقترانها بالمدة المعلومة يجوز البيع. وكذا
لا تباع أم الولد، إلا فيما سلف.
ولا يجوز شراء المشتبه إذا كان أصله التحريم، كالذبيحة المطروحة أو التي
في يد الكافر، وكذا الجلد. ويجوز شراؤهما من المسلم، ومن المجهول حاله إذا
كان في بلد الإسلام.

(1) وسائل الشيعة: باب 84 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 206.
(2) الاستبصار: ب 281 في الرجل يعطي شيئا ليفرقه في المحتاجين و.. ج 3 ص 54.
(3) وسائل الشيعة: باب 84 من أبواب ما يكتسب به ح 3 ج 12 ص 206.
(4) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الصدف ح 1 ج 12 ص 485.
171

وأما المشتبه الذي أصله الإباحة فيجوز شراؤه، كالماء المتغير المشتبه استناد
تغيره إلى النجاسة، والمشتبه الذي لا يعرف له أصل كما في يد الظالم، والمعروف
بالخيانة والسرقة فيجوز شراؤه، وتركه أولى.
[234]
درس
وسادسها: ما يجب على المكلف فعله إما عينا كالصلاة اليومية، أو كفاية
كتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وفي فتاوي المرتضى (1) هذا
واجب على الولي فإذا استأجر عليه جاز، والوجه التحريم. أما ثمن الكفن والماء
والكافور فليس بحرام.
ولو استؤجر على ما زاد على الواجب من هذه جاز كالغسلات المندوبة،
والزيادة في الكفن وتعميق القبر والحمل إلى المشاهد الشريفة، فلو بذل له أجرة
تزيد عليه لم ترحم إذا كان هو المقصود.
ومن الواجب الذي يحرم أخذ الأجرة عليه تعليم الواجب عينا أو كفاية،
من القرآن العزيز والفقه والإرشاد، إلى المعارف الإلهية بطريق التنبيه.
ولا تحرم الأجرة على العلوم الأدبية والطب والحكمة.
وأما القضاء وتوابعه فمن الارتزاق من بيت المال. ويحرم عليه (2) الأجرة
والجعالة من المتحاكمين وغيرهما، وقال الباقر عليه السلام (3): الرشا في الحكم
كفر بالله وبرسوله.
وكذا تحرم الأجرة على وظيفة الإمامة، وإقامة الشهادة، وتحملها وإن قام

(1) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا، ونسبه إلى المرتضى أيضا في المسالك: ج 1 ص 166
(2) في باقي النسخ: وليحرم فيه.
(3) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 61.
172

غيره مقامه.
ولو أخذ الأجرة على ما زاد على الواجب من الفقه والقرآن جاز على
كراهية. ويتأكد مع الشرط ولا يحرم، لقول الصادق عليه السلام (1): لو أن
المعلم أعطاه رجل دية ولده كان مباحا، فلو استأجره لقراءة ما يهدي إلى ميت
أو حي لم يحرم، وإن كان تركه أولى.
ولو دفع إليه بغير شرط فلا كراهية، والرواية عن النبي صلى الله عليه
وآله (2)، وعن علي عليه السلام (3) يمنع الأجرة على تعليم القرآن يحمل على
الواجب، أو على الكراهية.
وكذا الرواية عن الباقر عليه السلام (4) أن رسول الله صلى الله عليه وآله
لعن من احتاج الناس إليه لتفقههم فسألهم (5) الرشوة.
ويجوز الاستئجار على عقد النكاح وغيره من العقود، وأما على تعليم الصيغة
وإلقائها على المتعاقدين فلا. وكذا تجوز الأجرة على الخطبة والخطبة في
الأملاك.
ويجوز الاستئجار على نسخ القرآن والفقه وتعليمه وإن تعين (6)، ونقل ابن
إدريس (7) إجماعنا على جواز أخذ الأجرة على نسخ القرآن وتعليمه، ورحمهما في
الاستبصار (8) مع الشرط، والرواية (9) بالنهي ضعيفة السند، والاجماع على جعله

(1) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 112.
(2) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب ما يكتسب به ح 7 ج 12 ص 113.
(3) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 113.
(4) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب آداب القاضي ح 5 ج 18 ص 163.
(5) في باقي النسخ: فيسألهم.
(6) في باقي النسخ: وإن تعين تعليمه.
(7) السرائر: ج 2 ص 223.
(8) الاستبصار: باب الأجر على تعليم القرآن ج 3 ص 65.
(9) وسائل الشيعة: ب 29 من أبواب ما يكتسب به ح 4 ج 12 ص 112.
173

مهرا يلزم منه حل الأجرة، ولو سلمت الرواية حملت على الكراهية.
والولاية عن العادل جائزة، بل مستحبة. وتجب مع الإلزام، أو عدم وجود
غيره.
ويحرم عن الجائر، إلا مع الإكراه فينفذ ما أكره عليه، إلا الدماء المحرمة.
قال الصادق عليه السلام (1): من سود أسمه في ديوان ولد سابع حشره الله
يوم القيامة خنزيرا.
ولو ظن القيام بالحق والاحتساب المشروع لم يحرم. ويجوز له إذا كان مجتهدا
إقامة الحدود، معتقدا أنه عن العادل.
ويستحب له تحمل الضرر اليسير في ترك الولاية. ولا يجوز تحمل الضرر
الكثير في نفسه أو بدونه أو من يجري مجراه من قريب ومؤمن، وجوز تحمله في المال
ولا يجب.
وهنا مسائل: تجوز المقاصة المشروعة من الوديعة على كراهية.
وينبغي له أن يقول اللهم إني لن آخذه ظلما ولا خيانة، وإنما أخذته
مكان مالي الذي أخذ مني، لم أزدد عليه شيئا، لرواية (2) أبي بكر الحضرمي.
وكذا يكره لأحد الشريكين إذا خانه الشريك مقابلته بفعله، إلا بإذنه
للرواية (3).
الثانية: لا يجوز بيع المشتركات قبل الحيازة، كالكلأ والماء والنار والحجارة والتراب، ويجوز بعده وإن كثر وجودها.

(1) وسائل الشيعة: باب 42 من أبواب ما يكتسب به ح 9 ج 12 ص 130.
(2) وسائل الشيعة: باب 83 من أبواب ما يكتسب به ح 4 ج 12 ص 203.
(3) وسائل الشيعة: باب 83 من أبواب ما يكتسب به ح 9 ج 12 ص 204.
174

ولا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة، ولا بيع ما بها من بناء وشجر وقت
الفتح. نعم لو جدد فيها شيئا من ذلك جاز بيعه، وربما قيل: يبيعها تبعا لآثاره.
وروى (1) أبو بردة جواز بيع أرض الخراج من صاحب اليد، والخراج على
المشتري، وفي رواية إسماعيل (2) بن الفضل إيماء إليه.
الثالثة: يجوز أخذ الأجرة على كتابة العلوم المباحة، ويكره على كتابة
القرآن مع الشرط، لفحوى الرواية (3).
ويكره كتابته بالذهب وتعشيره به، لرواية محمد الوراق (4)، قال
الصادق (5) عليه السلام: لا يعجبني أن يكتب إلا بالسواد، ولا يحرم ذلك على
الأقوى.
الرابعة: يحرم بيع الحر وشراؤه، ولا عبرة بإذنه ولو كان حربيا. نعم لو
أثبت يده عليه وباعه جاز، لحصول الرق حينئذ.
ويجوز إجارته وإجارة الحر نفسه للعمل المباح.
الخامسة: لو باع المصحف على كافر بطل على الأصح، وقيل، تصح وتزال
يده قهرا، ببيعة على مسلم. ويجوز بيع كتب السنن على الأقوى.
السادسة: يحرم التطفيف في الكيل والوزن، قل أم كثر. والأقرب أنه من
الكبائر لتوعد الله تعالى عليه.
السابعة: يحرم بيع بيض لا يحل أكله ولا ينتفع به، كبيض الرخم والحداء.
ويجوز بيع ما يؤكل أو ينتفع بفرخه، كبيض جوارح الطير على القول بجواز بيعها.

(1) وسائل الشيعة: باب 71 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه ح 1 ج 11 ص 118.
(2) وسائل الشيعة: باب 72 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه ح 4 ج 11 ص 120.
(3) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب ما يكتسب به ح 30 ج 12 ص 116.
(4) وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 117.
(5) نفس المصدر السابق
175

الثامنة: تحرم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة، ولا يحرم فعلهما لو أخذ
الأجرة، خلافا للقاضي (1). ويجوز الارتزاق من بيت المال.
التاسعة: الأقرب أنه لا يحرم خصي الحيوان غير الآدمي إذا كان فيه نفع
وفاقا لابن الجنيد (2) وابن إدريس (3) وخلافا للشاميين (4).
العاشرة: حرم الحلبي (5) الرمي عن قوس الجلاهق، ولا يعلم دليله، إلا
ما روى (6) (7) العامة، وقيده الفاضل (8) بطلب اللهو والبطر.
الحادية عشرة: لا يجوز سلوك طريق يغلب فيها تلف النفس مطلقا أو المال
المضر به، ولا أخذ الأجرة على تزويق المساجد وزخرفتها.
ويجوز بيع جلد غير المأكول إذا ذكي وكان مما يقع عليه الذكاة قبل دبغه
إجماعا، وإن حرمنا استعماله قبل دبغه.
الثانية عشرة: لا يجوز للأجير على عمل التقصير عما استؤجر له، ولو زاد عن
ذلك في الجودة كان أفضل، ولو خص بالزيادة بعض المستأجرين كره.
ومن ثم ينبغي للمعلم التسوية بين الصبيان، ويكره تفضيل بعضهم على
بعض في التعليم والأجرة، إلا مع الشرط، وقال ابن إدريس (9): إذا آجر نفسه
لتعليم مخصوص جاز التفضيل بحسبه، وأن استؤجر لتعليمهم مطلقا حرم

(1) المهذب: ج 1 ص 345.
(2) المختلف: ج 1 ص 341.
(3) السرائر: ج 2 ص 215.
(4) الكافي في الفقه: ص 281، والمهذب: ج 1 ص 345.
(5) الكافي في الفقه: ص 282.
(6) كنز العمال: ح 40675 ج 15 ص 222.
(7) في (ق): ما رواه.
(8) المختلف: ج 1 ص 342.
(9) السرائر: ج 2 ص 224.
176

التفضيل، وإن كان أجرة بعضهم أكثر، ورواية حسان (1) المعلم عن الصادق
عليه السلام تشعر بالكراهية.
الثالثة عشرة: يجوز بيع عظام الفيل، واتخاذ الأمشاط منها، فقد كان
للصادق (2) عليه السلام منه مشط، ولا كراهة فيه وفاقا لابن إدريس (3)
والفاضل (4)، وقال القاضي (5): يكره بيعها وعملها.
[235]
درس
في المناهي
وهي أقسام ثلاثة:
أحدها: ما نهي عنه لعينه فيفسد بيعه، كبيع حبل الحبلة أي نتاج النتاج،
أو البيع بأجل إلى نتاج النتاج.
والملاقيح، وهي ما في الأرحام، والمضامين وهي ما في الأصلاب.
والملامسة كالبيع في الظلمة من غير وصف، أو تعليق البيع على اللمس.
والمنابذة على تفسيري الملامسة، وقد تفسر بالمعاطاة، وهو ضعيف.
وبيع الحصاة، مثل بعتك ما تقع عليه حصاتك، أو ما بلغته حصاتك من
الأرض، أو يجعل نفس رمي الحصاة بيعا.
وبيعين (6) في بيعه، أما البيع بشرط الابتياع، وأما بثمنين نقدا أو

(1) وسائل الشيعة: باب 29 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 112.
(2) وسائل الشيعة: باب 37 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 123.
(3) السرائر: ج 2 ص 220.
(4) المختلف: ج 1 ص 342.
(5) المهذب: ج 1 ص 346.
(6) في باقي النسخ: وبيعتين.
177

نسيئة (1)، فالأقرب في الأول الصحة: ويحمل النهي على الكراهية.
والقرض يجر نفعا، كشرط رد الصحاح عن المكسرة.
وبيع المكره باطل، إلا أن يرضى بعد الإكراه. ولو خاف من ظالم فأقر
ببيعه كأن تلجئه فيحرم تملكه على المقر له.
ومن المناهي الربا، سواء كان في البيع، أو القرض، أو باقي المعاوضات
على الأصح.
وثانيها: ما نهي عنه لعارض فلا يفسد بيعه، كالنهي عن البيع على بيع
آخر وفسر بالزيادة على المشتري بعد تقدير (2) الثمن وإرادة العقد، ويأمر البائع
بالفسخ في زمن الخيار ليشتري منه بأزيد، وأمر المشتري به ليبيعه بأنقص أو
خيرا منه، وقال بتحريم الأمرين الشيخ (3) وابن إدريس (4)، وتوقف
الفاضل (5).
وقطع الفاضلان (6) بكراهية الدخول في السوم، ومنه البيع بعد نداء
الجمعة، وبيع المعتكف.
ومنه النجش، وهو رفع السعر ممن لا يريد الشراء للحض عليه، وكرهه قوم،
والأقرب التحريم، لأنه خديعة، ولا يبطل العقد، وقال ابن الجنيد (7): إذا كان
من البائع أبطله، وقال القاضي (8): يتخير المشتري، لأنه تدليس، وقطع في

(1) في باقي النسخ: ونسيئة.
(2) في باقي النسخ: بعد تقرر.
(3) المبسوط: ج 2 ص 160.
(4) السرائر: ج 2 ص 235.
(5) المختلف: ج 1 ص 347.
(6) المختلف: ج 1 ص 347 والشرائع: ج 2 ص 20.
(7) المختلف: ج 1 ص 346.
(8) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 346.
178

المبسوط (1) بأنه لا خيار إذا لم تكن بمواطاة للبائع (2)، وقوى عدم الخيار أيضا مع
مواطأته، وقيد الفاضلان (3) الخيار بالغبن كغيره من العقود.
ومنه تلقي الركبان لأربعة فراسخ فناقصا للبيع، أو الشراء عليهم، مع
جهلهم بسعر البلد. ولو زاد على الأربعة أو اتفق من غير قصد، أو تقدم بعض
الركب إلى البلد، أو السوق فلا تحريم.
وفي رواية منهال (4) لا تلق ولا تشتر مما يتلقى ولا تأكل منه، وهي حجة
التحريم، كقول الشاميين (5) وابن إدريس (6) وظاهر المبسوط (7)، وفي النهاية (8)
والمقنعة (9) يكره، حملا للنهي على الكراهية.
ثم البيع صحيح على التقديرين، خلافا لابن الجنيد (10).
ويتخير الركب، وفاقا لابن إدريس (11)، لما روي عن (12) النبي صلى الله
عليه وآله فيمن تلقى، فصاحب السلعة بالخيار، ومع الغبن يقوى ثبوته. والخيار
فوري.

(1) المبسوط: ج 2 ص 83.
(2) في (م) و (ق): لمواطاة البيع.
(3) الشرائع: ج 2 ص 22 وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 522.
(4) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب آداب التجارة ح 2 ج 12 ص 326.
(5) الكافي في الفقه: ص 360، وفيه: يكره، ولم نعثر على قول ابن البراج، ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 346.
(6) السرائر: ج 2 ص 237.
(7) المبسوط: ج 2 ص 160.
(8) النهاية: ص 375.
(9) المقنعة: ص 616.
(10) المختلف: ج 1 ص 346.
(11) السرائر: ج 2 ص 237.
(12) مستدرك الوسائل: باب 29 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 4 ج 13 ص 281. ونقله عنه في
الغنية.
179

ومنه الاحتكار، وهو حبس الغلات الأربع والسمن والزيت والملح على
الأقرب فيهما، توقعا للغلاء، والأظهر تحريمه مع حاجة الناس إليه، ومظنتها
الزيادة على ثلاثة أيام في الغلاء وأربعين في الرخص، للرواية (1)، فيجبر على
البيع حينئذ. ولا يسعر عليه إلا مع التشدد، لقول البني صلى الله عليه
وآله (2): إنما السعر إلى الله.
لا يسعر في الرخص قطعا، فيحرم فعله.
ومنه الغش بما يخفى كما سلف، وإخفاء العيب الباطن، والتدليس.
[236]
درس
وثالثها: ما نهي عنه نهي تنزيه فلا يحرم، كبيع الأكفان والرقيق والذباحة
والنحر صنعة والقصابة الحياكة والنساجة والحجامة بشرط، وأمر النبي صلى
الله عليه وآله (3) بصرف كسبها في علف الناضح.
وكذا كسب القابلة مع الشرط، وأجرة ضراب الفحل، وكسب الإماء إلا
مع الأمانة، كسب الصبيان، ومن لا ورع له، وركوب البحر للتجارة للتغرير
بالدين والنفس، ومعاملة الظلمة إلا لضرورة (4)، والسلفة والأدنين والمحارفين،
وذوي العاهات.
ومعاملة الأكراد ومجالستهم ومناكحتهم، وعلل ابن إدريس (5) بأنهم
لا بصيرة لهم لتركهم مخالطة الناس وذوي البصائر، ومعاملة أهل الذمة.

(1) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 312.
(2) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 317.
(3) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 71.
(4) في باقي النسخ: للضرورة.
(5) السرائر: ج 2 ص 233.
180

والربح على المؤمن، إلا أن يشتري بأكثر من مائة درهم فيربح عليه قوت
اليوم، أو يشتري للتجارة فيرفق به، أو للضرورة.
وروى علي بن سالم عن أبيه عن الصادق عليه السلام (1) لا بأس في غيبة
القائم عليه السلام بالربح على المؤمن، وفي حضوره يكون ربا. والربح على الموعود
بالإحسان، ودخول السوق أولا، وطلب الغاية في الثمن، ومدح المبيع وذمه من
المتعاقدين، وكتمان العيب الضاهر، واليمين على المبيع، وروي (2) كراهية الربح
المأخوذ باليمين، والسوم (3) ما بين طلع الفجر وطلوع الشمس، وإظهار (4) جيد
المتاع وإخفاء رديه إذا كان يظهر للحس.
والاستحطاط (5) بعد العقد، ويتأكد بعد الخيار، والنهي من النبي صلى
الله عليه وآله عنه للكراهة، لأنه روي عن الصادق عليه السلام قولا وفعلا، كما
روي عنه تركه قولا وفعلا، والبيع في (6) موضع يخفى فيه العيب، الاستقصاء في
الأمور، لقول الصادق عليه السلام (7): من استقصى فقد أساء.
والزيادة (8) وقت النداء، بل حال السكوت، وقال بن إدريس (9): لا يكره، وقال الفاضل (10): المراد السكوت مع عدم رضا البائع بالثمن.

(1) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب آداب التجارة ح 4 ج 12 ص 294 وفيه اختلاف يسير.
(2) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب آداب التجارة ج 12 ص 309.
(3) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب آداب التجارة ح 2 ج 12 ص 295.
(4) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب أحكام العيوب ج 12 ص 420.
(5) وسائل الشيعة: باب 44 من أبواب آداب التجارة ج 12 ص 333.
(6) وسائل الشيعة: ب 58 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 343.
(7) تحف العقول: ص 274.
(8) وسائل الشيعة: باب 49 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 337.
(9) السرائر: ج 2 ص 234.
(10) المختلف: ج 1 ص 347.
181

وسمسرة الحاضر للبادي، وفي المبسوط (1) لا يجوز فيما يضطر إليه الحاضر، وفي
الوسيلة (2) النهي عن بيع الحاضر للبادي في البدو لا في الحضر، وابن
إدريس (3) إنما يكره إذا تحكم عليه الحاضر فباع بدون رأيه، أو أكرهه على
البيع بغلبة الرأي، وليس بشئ، ولا خلاف في جواز السمسرة في الأمتعة
المجلوبة من بلد إلى بلد.
فرع:
الأقرب تعدي النهي إلى بيع البلدي للقروي، للمشاركة (4) في العلة المومأ
إليها، وإنما يكون ذلك مع جهل البدوي والقروي بالسعر، ولو اشترى لهما
فالأقرب الكراهة.
ومن المكروه الصرف والصياغة، وتولي الكيل والوزن لغير العارف بهما،
وطلب الحاجة من حديث النعمة والمخالف والسلطان، وشراء الوكيل من نفسه
وبيعه على نفسه، وروى هشام (5) وإسحاق (6) المنع من الشراء.
ولا بأس بالختان والخفض، ويكره الاستئصال في الخفض، فإن تركه
أشرق للوجه. وكذا يكره للماشطة غسل الوجه بالخرقة، لأنه يذهب بمائه.
وفي مكاتبة الصفار (7) لا بأس بأجرة البدرقة وإجارة الإنسان نفسه

(1) المبسوط: ج 2 ص 77.
(2) الوسيلة: ص 260.
(3) السرائر: ج 2 ص 237.
(4) في (ق): للمشارك له.
(5) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 288.
(6) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب آداب التجارة ح 2 ج 12 ص 289.
(7) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الإجارة ح 1 ج 13 ص 254.
182

للأعمال الدنية، وروى عمار (1) الكراهة مطلقا، وروى ابن سنان (2) لا بأس
بها لفعل موسى عليه السلام، وجمع الشيخ (3) بينهما بالكراهة لمن يخاف التقصير
دون غيره.
وعن الرضا عليه السلام (4) كل شئ يتقي فيه العبد ربه فلا بأس به، وكان
السؤال عن بيع الرقيق.
وقال الباقر عليه السلام (5): كان أهل الكهف صيارفة.
ويكره (6) الإنزاء على الناقة وولدها طفل إلا أن ينحر أو يتصدق به،
وإنزاء الحمار على العتيق، وانتهاب (7) نثار العرس، وبيع (8) الملك لغير ضرورة،
إلا أن يشتري خيرا منه.
[237]
درس
في آداب التجارة
وهي التفقه (9) فيما يتولاه، وتقديم (10) الاستخارة والسهولة والحلم وإيفاء
الكيل الوزن والاقتراب من المتبائعين بذلك أوصى علي عليه السلام.

(1) وسائل الشيعة: باب 66 من أبواب ما يكتسب به ح 3 ج 12 ص 176.
(2) وسائل الشيعة: باب 66 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 176.
(3) الاستبصار: كتاب المكاسب 29 في كراهية أن يواجر الإنسان لنفسه ج 3 ص 55.
(4) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب ما يكتسب به ح 5 ج 12 ص 96.
(5) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 99.
(6) وسائل الشيعة: باب 63 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 173.
(7) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب ما يكتسب به ج 12 ص 121.
(8) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب مقدمات التجارة ح 8 ج 12 ص 45.
(9) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 282.
(10) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 283.
183

والتسوية (1) بين المماكس وغيره، والإقالة (2) والتسامح (3) في البيع
والشراء، والاقتضاء (4) والقضاء، وروي (5) في التقاضي من الغريم أطل
الجلوس وألزم السكوت، وقبض (6) الناقص، وإعطاء الراجح، والمباكرة (7) في
طلب الرزق، والتكبير (8) ثلاثا، والشهادتان (9) عند الشراء، وسؤال (10) البركة
في الشراء، والخيرة (11) في البيع، والانتقال مما يعسر من أنواع التجارة إلى غيره،
وملازمة (12) ما بورك له فيه، وشراء العقار (13) وتفريقه في مواضع، ومعاملة (14) من
نشأ في خير، والزراعة (15) والغرس.
قال الصادق عليه السلام (16) ما في الأعمال شئ أحب إلى الله تعالى من
الزراعة وما بعث الله نبيا إلا زراعا إلا إدريس عليه السلام فإنه كان خياطا.

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 295.
(2) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 286.
(3) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب آداب التجارة ج 12 ص 287.
(4) وسائل الشيعة: باب 42 من أبواب آداب التجارة ج 12 ص 331.
(5) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الدين والقرض ح 2 ج 12 ص 100.
(6) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب آداب التجارة ج 12 ص 290.
(7) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب مقدمات التجارة ح 8 ج 12 ص 12.
(8) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب آداب التجارة ج 12 ص 303.
(9) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب آداب التجارة ح 3 و 4 ج 12 ص 303.
(10) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب آداب التجارة ح 2 و 3 ج 13 ص 304.
(11) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب آداب التجارة ح 6 و 8 ج 12 ص 305.
(12) وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب آداب التجارة ح 1 و 2 ج 12 ص 324.
(13) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب مقدمات التجارة ج 12 ص 44.
(14) وسائل الشيعة: باب 27 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 49.
(15) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب مقدمات التجارة ج 12 ص 24.
(16) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب مقدمات التجارة ح 3 ج 12 ص 25.
184

وتعلم (1) الصقل، والخروج (2) من البلد عند الإعسار، وإعلام (3) الأخ
بالعسر، والاقتصاد (4) في المعيشة، والإحسان (5) إلى الإخوان للمبتلى بعمل
السلطان، والرفق (6) في المعيشة، وإحراز (7) قوت السنة، وبدار الصانع (8)
والتاجر إلى الصلاة، وإعطاء (9) الصانع العين حظها من النوم، فروى
مسمع (10) أن سهرة الليل كله سحت. المكافأة (11) على الهدية، ومشاركة (12)
الجلساء فيها إذا كانت طعاما فاكهة أو غيرها، وتجنب التجارة (13) في بلد يوبق
فيه الدين أو يصلى (14) فيه على الثلج.
ويستحب التعرض للرزق وإن لم يكن له بضاعة كثيرة، فيفتح بابه
ويبسط بساطه.
ويستحب لطالب الرزق الرجوع بغير الطريق الذي خرج به، فإنه أرزق
له.

(1) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 100.
(2) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب مقدمات التجارة ح 13 ج 12 ص 13.
(3) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب مقدمات التجارة ح 11 ج 12 ص 12.
(4) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب مقدمات التجارة ج 12 ص 30.
(5) وسائل الشيعة: باب 46 من أبواب ما يكتسب به ح 11 ج 12 ص 141.
(6) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب مقدمات التجارة ح 7 ج 12 ص 42.
(7) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 320.
(8) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب آداب التجارة ح 2 ج 12 ص 298.
(9) وسائل الشيعة: باب 34 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 118.
(10) وسائل الشيعة: باب 34 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 118.
(11) وسائل الشيعة: باب 88 من أبواب ما يكتسب به ح 2 ج 12 ص 212.
(12) وسائل الشيعة: باب 92 من أبواب ما يكتسب به ح 1 و 2 ج 12 ص 218.
(13) الكافي: كتاب المعيشة باب ركوب البحر للتجارة ح 5 ج 5 ص 257.
(14) وسائل الشيعة: باب 68 من أبواب ما يكتسب به ح 1 ج 12 ص 179.
185

ويكره كثرة الفراغ والنوم والكسل والضجر والمنى ومباشرة دنيات الأمور
بنفسه، بل كبارها.
ومنها شراء العقار والرقيق والإبل والدوران في الأسواق بغير فائدة، وتولي
الصناعات للظلمة، والدخول في المريب، وائتمان شارب الخمر، واشتراط
النائحة أجرا، ولا بأس به مع عدم الشرط، وبيع المصحف، ويستحب شراؤه.
وأجلب شئ للرزق الصدق وأداء الأمانة.
وعن الصادق عليه السلام (1) من طلب التجارة استغنى إن تسعة أعشار
الرزق في التجارة.
وروي (2) أن التجارة تزيد في العقل، وتركها (3) ينقصه.
وعن الكاظم عليه السلام (4) أن الله أبي أن يجعل متجر المؤمن بمكة أو ربح
المؤمن بمكة، وأمر بالبيع في الطريق قبل قدومها.
ويكره للتاجر شكاية عدم الربح، واستقلال قليل الرزق فيحرم الكثير،
وحمل المال في الكم، لأنه مضياع.
ويستحب كتمان المال ولو من الإخوان، وقال الصادق عليه السلام (5):
اشتروا وإن كان غاليا، فإن الرزق ينزل مع الشراء.
ويستحب بدأة صاحب السلعة بالسوم.
والدعاء عند دخول السوق ويقول (6): اللهم إني أسألك من خيرها وخير

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب مقدمات التجارة ح 8 ج 12 ص 4.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب مقدمات التجارة ح 9 ج 12 ص 4.
(3) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 5.
(4) وسائل الشيعة: باب 57 من أبواب آداب التجارة ح 1 ج 12 ص 343 وليس فيه (أو ربح مؤمن
بمكة).
(5) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب مقدمات التجارة ح 1 ج 12 ص 9.
(6) في باقي النسخ: بقوله.
186

أهلها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها، فإذا جلس تشهد الشهادتين وصلى
على النبي وآله (1)، وقال: اللهم إني أسألك من فضلك حلالا طيبا، وأعوذ
بك من أن أظلم أو أظلم، وأعوذ بك من صفقة خاسرة ويمين كاذبة.
فإذا اشترى شيئا قال: ثلاثا اللهم إني اشتريته ألتمس فيه فضلك فاجعل
لي فيه فضلا، وثلاثا اللهم إني اشتريته ألتمس فيه رزقك فاجعل لي فيه رزقا.
وإذا طلب شراء دابة أو رأسا قال: اللهم قدر لي أطولها حياة وأكثرها
منفعة وخيرها عاقبة، وإن أراد جارية قال: ثلاثا اللهم إن كانت عظيمة
البركة فاضلة المنفعة ميمونة الناصية فيسر لي شراؤها، وإن كانت غير ذلك
فاصرفني عنها إلى الذي هو خير لي منها فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر
وأنت علام الغيوب.
وقال الصادق عليه السلام (2): من غش غش في ماله، فإن لم يكن له مال
غش في أهله.
وأمر الكاظم عليه السلام (3) بطرح دينار مغشوش بعد قطعه بنصفين في
البالوعة.
يستحب شراء الحنطة للقوت، ويكره شراء الدقيق، وأشد كراهية الخبز.
ويستحب كيل الطعام، والاقتصار على المعاش في بلده، فإنه من السعادة.

(1) في باقي النسخ: صلى الله عليه وآله.
(2) وسائل الشيعة: باب 86 من أبواب ما يكتسب به ح 7 ج 12 ص 209.
(3) وسائل الشيعة: باب 86 من أبواب ما يكتسب به ح 5 ج 12 ص 209.
187

كتاب البيع
189

كتاب البيع
قال الله جل جلاله (1): (وأحل الله البيع وحرم الربا).
وهو الإيجاب والقبول من الكاملين، الدالان على نقل العين بعوض مقدر
مع التراضي، فالإيجاب بعت (2) وشريت وملكت، والقبول ابتعت واشتريت
وتملكت وقبلت بصيغة الماضي، فلا يقع بالأمر والمستقبل.
ولا ترتيب بين الإيجاب والقبول على الأقرب وفاقا للقاضي (3).
ويشترط فيهما التطابق، فلو قال بعتك العبدين بألف فقال قبلت أحدهما
بنصفه لم يصح، وإن تساويا قيمة. وأولى بالبطلان ما لو قال بعتكما العبدين
بألف فقبل أحدهما بخمسمائة، لأن الإيجاب لم يقع للقابل، إلا على نصف
العبد قضية للإشاعة.
ولا يقدح تخلل آن أو تنفس أو سعال.
ولا يكفي الكتابة بإجارة أو خلع كتابة، ولا الاحتساب المتبوع
بالإيجاب، مثل بعني أو تبيعني فيقول بعتك، خلافا للقاضي (4).

(1) البقرة: 275.
(2) في (ق): بعتك.
(3) المهذب: ج 1 ص 350.
(4) المهذب: ج 1 ص 350.
191

وإشارة الأخرس المفهمة كاللفظ، ولا المعاطاة وإن كانت في المحقرات.
نعم يباح التصرف في وجوه الانتفاعات، ويلزم بذهاب إحدى العينين، ويظهر
من المفيد الاكتفاء بها مطلقا، وهو متروك.
ومن المعاطاة أن يدفع إليه سلعة بثمن يوافقه عليه من غير عقد، ثم تهلك
عند القابض فيلزم الثمن المسمى وشبهها اقتضاء المدين العوض عند النقد أو عن
عرض آخر فإن ساعره فذاك، وإلا فله سعر يوم القبض، ولا يحتاج إلى عقد.
وليس لهما الرجوع بعد التراضي.
ولا الكتابة حاضرا كان أو غائبا. ويكفي لو تعذر النطق مع الإشارة.
ويعني بكمال المتعاقدين بلوغهما وعقلهما، فعقد الصبي باطل وإن أذن له
الولي أو أجازه أو بلغ عشرا في الأشهر، وكذا عقد المجنون.
ولا فرق بين عقدهما على مالهما أو غيره بإذن مالكه أو غيره.
وفي معناه السكران واختيارهما، فعقد المكره باطل، إلا أن يرضى بعد
الإكراه. والأقرب أن الرضا كاف فيمن قصد إلى اللفظ دون مدلوله، فلو
أكره حتى أرتفع قصده لم يؤثر الرضا كالسكران.
وقصدهما، فلا ينعقد من الغافل والنائم والساهي والهازل والغالط.
وتملكها أو حكمه، كالأب والجد والوصي والوكيل والحاكم وأمينه والمقاص،
فبيع الفضولي غير لازم، إلا مع الإجازة فينتقل من حين العقد،
وأبطله الشيخ في الخلاف (1) والمبسوط (2) وبن إدريس (3)، لنهي النبي صلى
الله عليه وآله (4) عن بيع ما لا يملك، ويحمل على نفي اللزوم. ولو ضمه (5) إلى

(1) الخلاف: ج 2 ص 8.
(2) المبسوط: ج 2 ص 158.
(3) السرائر: ج 2 ص 274.
(4) عوالي اللئالي: من باب المتاجر ح 16 ج 2 ص 247
(5) في (ق): ولو ضم.
192

المملوك صح فيه، ووقف في الآخر.
ولو ترتبت العقود على العين والثمن فللمالك إجازة ما شاء، ومهما أجاز
عقدا على المبيع صح، وما بعده خاصة، وفي الثمن ينعكس ولا يقدح في ذلك
علم المشتري بالغصب.
ولو فسخ المالك أخذ العين وزوائدها ومنافعها، فإن هلكت رجع على من
شاء، والقرار على المشتري مع العلم، وعلى الغاصب مع الجهل، أو دعواه
الوكالة.
ويرجع بالثمن مع وجوده على كل حال، وكذا مع تلفه جاهلا إذا رجع عليه
المالك بالقيمة.
ولو زادت القيمة فالأقرب رجوعه بالزيادة أيضا. ولا يمنع (1) من الرجوع
انتفاعه بالخدمة واللبن والصوف، لمكان الغرور، خلافا للمبسوط (2).
والمعتبر بالقيمة يوم التلف على الأقرب. ولو اختلفا فيها حلف الغارم، وفي
النهاية (3) المالك.
ولا يشترط الإجازة في الحال، ولا كون المجيز حاصلا حين العقد، فتصح
إجازة الصبي والمجنون بعد الكمال، وكذا لو باع ملك غيره ثم انتقل إليه فأجاز.
ولو أراد لزوم البيع بالانتقال فهو بيع ما ليس عنده، وقد نهي (4) عنه. نعم لو
باعه موصوفا في الذمة يطابق ما عند الغير ثم ملكه ودفعه صح، وأطلق الحلبي (5)
صحة بيع ما ليس عنده، ويحمل على ذلك.

(1) في (ق): فلا يمنع.
(2) المبسوط: ج 2 ص 158.
(3) النهاية: ص 402.
(4) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 5 ح 12 ص 250.
(5) الكافي في الفقه: ص 359.
193

ولا يكفي في الإجازة السكوت عند عرضها، ولا الفورية، فله الإجازة ما لم
يرد.
ولو قبض الفضولي الثمن وقع للمالك (1) عند الإجازة قاله الشيخ (2)،
واشترط الفاضل (3) إجازة القبض، وهو حسن إن كان الثمن في الذمة.
وحكم البيع الفاسد استرداد العوضين أو بدلهما، ولا يوجبه إيصال
القبض، ويرجع صاحب العين بمنافعها المستوفاة. فلو (4) فاتت بغير استيفاء
فوجهان.
ولو زادت فللمالك، إلا أن يكون بفعل المشتري جاهلا فالزيادة له، عينا
كانت كالصبغ أو صفة كالصنعة، وقال ابن إدريس (5): إنما يرجع بالعين،
وقال ابن حمزة (6): ليس للبائع حق الرجوع بالمنافع المستوفاة، لأن الخراج بالضمان
ونقص بالغاصب، وقال الحلبي (7): إذا كان البيع فاسدا مما يصح التصرف فيه
للتراضي وهلكت العين في يد أحدهما فلا رجوع، ولعله أراد المعاطاة.
ويجوز للواحد تولي طرفي العقد. نعم يشترط في الوكيل الإعلام احتياطا.
[238]
درس
يشترط في العوضين أن يكونا معلومين، فلو باعه بحكم أحدهما أو ثالث
فسد.
* هامش) * (1) في (ق): دفعه إلى المالك.
(2) النهاية: ص 406.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 486.
(4) في (م): ولو.
(5) السرائر: ج 2 ص 242.
(6) لم نعثر عليه.
(7) الكافي في الفقه: ص 355.
194

وإن هلك ضمنه القابض بقيمته يوم التلف، وفي المقنعة (1) والنهاية (2) يوم
البيع، إلا أن يحكم على نفسه بالأكثر فيجب، أو يكون البائع حاكما فيحكم
بالأقل فيتبع، واختاره الشاميان (3)، وقال ابن إدريس (4): عليه الأعلى من يوم
القبض إلى التلف. وفي رواية رفاعة (5) بجواز (6) تحكيم المشتري فتلزمه القيمة.
ولا تكفي المشاهدة في الموزون، خلافا للمبسوط (7)، وإن كان مال السلم،
خلافا للمرتضى (8).
ولا قوله بسعر ما بعت مع جهالة المشتري، خلافا لابن الجنيد (9) حيث
جوزه وجعل للمشتري الخيار.
وجوز ابن الجنيد (10) بيع الصبرة مع المشاهدة جزافا بثمن جزاف مع تغاير
جنسين، ومال في المبسوط (11) إلى صحة بيع الجزاف، وفي صحيحة الحلبي (12)
كراهة بيع الجزاف.
ولو قال بعتكها كل قفيز بدرهم بطل مع الجهالة، وظاهر الشيخ (13) الصحة

(1) المقنعة: ص 607.
(2) النهاية: ص 402.
(3) الكافي في الفقه: ص 355.
(4) السرائر: ج 2 ص 249.
(5) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 1 ج 12 ص 271.
(6) في باقي النسخ: جواز.
(7) المبسوط: ج 2 ص 76.
(8) الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): ص 253.
(9) المختلف: ج 1 ص 385.
(10) المختلف: ج 1 ص 386.
(11) المبسوط: ج 2 ص 152.
(12) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 1 و 2 ج 12 ص 254.
(13) المبسوط: ج 2 ص 153.
195

مطلقا، أما لو قال بعتك قفيزا منها بدرهم فإنه يصح.
ولو استثنى من المبيع أو الثمن مجهولا بطل، ومنه أن يقول إلا ما يساوي
واحدا بسعر اليوم، وهما جاهلان به أو أحدهما. ولو قال إلا ما يخص واحدا من
هذا العقد صح، ونظر إلى ما تقرر عليه العقد، فلو كان الثمن أربعة صح في أربعة
أخماسها به.
ولو استثنى جزء من الثمن المقدر (1) صح واستخرج بالجبر، فلو قال بعشرة إلا
نصفه فهو ستة وثلثان. ولو عطف بالواو فهو عشرون، هذا إذا كانا عارفين حال
العقد بذلك كله.
ولو باعه بدينار غير درهم أو غير قفيز حنطة صح مع علم النسبة لا بدونها.
ولو باعه بدراهم من صرف عشرة بدينار صح مع علمهما.
ولو باعه بنصف دينار لزمه شق دينار، إلا أن يشتر صحيحا أو يتعارف.
ولو باع عبده وعبد موكله في عقد واحد صح، وقسط الثمن عليهما بحسب
القيمة يوم العقد، وأبطله الشيخ (2) والقاضي (3). ولو كانا مثليين صح.
ولو ضم ما لا يملك أو لا يصح (4) بيعه فالتقسيط كذلك.
وتعتبر قيمة الخمر والخنزير عند مستحليه منضما إلى ما يصح بيعه.
والأقرب جواز بيع الصوف والشعر على الظهر إذا أريد جزه في الحال، أو
شرط بقاؤه إلى أوان جزه، وشرط الشيخ (5) والشاميان (6) الضميمة فيه.

(1) في باقي النسخ: المقرر.
(2) المبسوط: ج 2 ص 86.
(3) المهذب: ج 1 ص 394.
(4) في (ق): ولا يصح.
(5) النهاية: ص 400.
(6) الكافي في الفقه: ص 356، والمهذب: ج 1 ص 382.
196

ولو باع الحمل منفردا لم يصح، ولو ضمه إلى الأم صح، وإلى غيرها يبطل
عند ابن إدريس (1)، وجوزه الشيخ (2)، لرواية إبراهيم الكرخي (3) في ضمه إلى
الصرف.
ولو باع اللبن في الضرع منفردا بطل، ولو ضمه إلى المحلوب صح عند
الشيخ (4) وأتباعه، لرواية سماعة (5)، وجوز الشيخ (6) ضم ما سيوجد إلى مدة
معلومة.
ولو قاطعه على اللبن مدة معلومة بعوض فكذلك عند الشيخ (7)، إلا باللبن
والسمن، وفي صحيح ابن سنان (8) جواز ذلك بالسمن إذا كانت حوالب.
وفي لزوم هذه المعاوضة نظر، وقطع ابن إدريس (9) بالمنع فيها، ولو قيل:
بجواز الصلح عليها كان حسنا، ويلزم حينئذ، عليه يحمل الرواية.
ولو اشترى التبن كل كر بدرهم قيل: كيله جاز، لصحيحة زرارة (10).
والمروي (11) جواز بيع سمك الأجمة مع القصب، ومنع المسألتين ابن
إدريس (12).

(1) السرائر: ج 2 ص 322.
(2) النهاية: ص 400.
(3) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 1 ج 12 ص 261.
(4) النهاية: ص 400.
(5) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 2 ج 12 ص 259.
(6) النهاية: ص 400.
(7) النهاية: ص 400.
(8) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 4 ج 12 ص 260.
(9) السرائر: ج 2 ص 321 - 322.
(10) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 1 ج 12 ص 267.
(11) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 2 ج 12 ص 263.
(12) السرائر: ج 2 ص 324.
197

ولا يكفي المكيال المجهول، والوزن المجهول، والمعدود إذا عسر عده جاز كيله
بمعدود.
ولو باع الأرض والثوب المشاهدين ولما يمسحا جاز، ويظهر من الخلاف (1)
المنع.
ولو أخبره بالقدر فنقص أو زاد تخير، فيأخذ بالحصة مع النقص إن شاء،
وقيل: في الأرض يأخذها بجميع الثمن، وروي (2) التوفية من الأرض المجاورة لها
إن كانت للبائع.
وما يفسد طعمه وريحه فالأولى (3) اعتباره أو وصفه، ولو خلا عنهما صح
ويتخير مع العيب، وكذا ما يفسد بالاختبار كالجوز والبيض والبطيخ.
ويثبت الأرش في التصرف بماله (4) بقية، ولو لم يكن له بقية بطل البيع من
حينه، ويحتمل من أصله فمؤنة نقله على المشتري على الأول وعلى البائع على
الثاني، ويسترد الثمن على التقديرين، وظاهر الجماعة بطلان البيع من أصله.
ولا فرق بين المبصر وغيره، وقال سلار (5): للمكفوف الرد وإن تصرف.
ولو تبرأ البائع من العيب في ما لا قيمة لمكسوره المعيب صح عند الشيخ (6)
وأتباعه، ويشكل بأنه أكل مال بالباطل، إذ لا عوض هنا.
ويجوز شراء المسك في فاره، وإن لم يفتق بإدخال خيط فيه، وفتقه أحوط،
ثم يتخير المشتري إن ظهر فيه عيب.

(1) الخلاف: ج 2 ص 2.
(2) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 361.
(3) في باقي النسخ: الأولى.
(4) في باقي النسخ: مع التصرف في ماله.
(5) المراسم: ص 180.
(6) النهاية: ص 392.
198

ولو باع المشاهد بعد مدة صح ويراعى البقاء على العهد، فإن اختلفا حلف
المشتري، لأصالة بقاء يده على الثمن، وقيل: البائع للاستصحاب.
ويجوز بيع العين الموصوفة، فيتخير من وصف له. ولو وصفها أجنبي تخيرا مع
عدم المطابقة.
ويكفي رؤية البعض فيما يدل على الباقي، وينبغي إدخاله في العقد، فيبطل
بدونه على الأقرب.
ولو رأى بعضا ووصف الباقي صح وتخير (1) في الجميع لو ظهر بخلافه،
وخيار الرؤية فوري.
ويجوز الإنذار للظروف بحسب العادة، ولو زاد أو نقص جاز برضاهما ولو
باعه السمن الموزون بظرفه كل رطل بدرهم فالأقرب الجواز.
[239]
درس
يشترط في المشتري الإسلام في شراء المصحف والرقيق المسلم، إلا أن
يكون ممن ينعتق عليه، أو شرط عليه العتق على الأقرب.
ولو أسلم عبد الكافر بيع عليه قهرا بثمن المثل، فلو لم يوجد راغب حيل
بينهما بمسلم حتى يوجد الراغب، ونفقته عليه، وكسبه له، ويجري فيه أحكام
العقد من الخيار والرد بالعيب فيه أو في ثمنه المعين، فيقهر على بيعه ثانيا.
والأقرب أنه لا يجوز إجارة العبد المسلم للكافر، سواء كانت في الذمة أو
معينة، وجوزها الفاضل (2) في الذمة، والظاهر أنه أراد إجارة الحر المسلم.
ويشترط في المبيع القدرة على تسليمه، فلو باع الطير في الهواء لم يصح، إلا

(1) في باقي النسخ: ووصف الباقي تخير.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 463.
199

مع اعتياد الرجوع، وكذا السمك في الماء، ولو كان يمكن تسليمه بعد مدة
بالاصطياد جاز، إذا كان معلوما محصورا.
ولو باع بعيرا شاردا أو ضالا بطل. ولو باع الآبق منفردا لم يصح، إلا على
من هو في يده.
ولو باعه منضما إلى ما يصح بيعه منفردا صح، ويكون الثمن بإزائه لو لم
يجده، وجوز المرتضى (1) بيعه منفردا لمن يقدر على تحصيله، وهو حسن.
ولا يجوز بيع الرهن، إلا برضا المرتهن.
ويجوز بيع الجاني خطأ أو شبيها، ويضمن المولى أقل الأمرين من قيمته
وأرش الجناية، ولو امتنع فللمجنى عليه أو وليه انتزاع العبد فيبطل البيع، وكذا
لو كان معسرا، وللمشتري الفسخ مع الجهالة، لتزلزل ملكه، ما لم يفده المولى.
ولو كانت الجناية عمدا فالأقرب الصحة، ويكون مراعي، فإن قتل بطل
البيع، وكذا لو استرق. ولو كانت طرفا واستوفى فباقيه مبيع، وللمشتري الخيار
مع جهله، ومنع الشيخ (2) من بيع الجاني عمدا.
ولو وجب قتل العبد برده عن فطرة أو محاربة فالأقرب المنع من صحة بيعه.
نعم لو تاب في المحاربة قبل القدرة عليه صح، وكذا يصح بيع المرتد لا عن
فطرة، ويكون مراعى بالتوبة.
وفي بيع بيوت مكة خلاف مبني على أنها فتحت عنوة أو صلحا، وعلى أن
حكمها حكم المسجد أم لا، ونقل في الخلاف (3) الإجماع على المنع من بيعها
وإجارتها، وهو مروي (4) عن النبي صلى الله عليه وآله.

(1) الإنتصار: ص 209.
(2) الخلاف: ج 2 ص 51.
(3) الخلاف: ج 2 ص 83.
(4) سنن البيهقي ج 5 ص ج 34.
200

ويشترط في المبيع الملك، فلا يقع على الحر، ولا على الكلأ قبل حيازته،
ولا على ما لم تجر العادة بتملكه كحبة حنطة، وإن لم يجز غصبها من مالكها،
فيضمن المثل لو تلفت، ويرددها إن بقيت:
ويشترط مغايرة المشتري للمبيع، فلو باع عبده نفسه فالأقرب البطلان. ولو
جعلنا الكتابة بيعا صح. نعم لو اشترى نفسه لغيره صح، وإن لم يتقدم إذن
السيد، وكذا لو باع نفسه بإذن السيد.
ويشترط تعيين المبيع، فلو باع (1) شاة من قطيع أو عبد من عبيد أو من
عبدين بطل، وكذا لو باعه قطيعا واستثنى منه شاة مبهمة.
ولو باعه ذراعا من ثوب معلوم المساحة وقصدا معينا، أو أن يختار أحدهما
ما شاء بطل، وإن قصد الإشاعة صح.
ولو قال بعتك عشرا من هنا إلى حيث يتم فالأقرب الصحة. ولو باعه
صاعا من متماثل الأجزاء صح. وكذا عشرة أطنان من القصب المتماثل،
ويبقى المبيع ما بقي من القدر، لحسنة (2) بريد بن معاوية.
ويجوز شراء جزء مشاع معلوم بالنسبة من معلوم القدر، تساوت أجزاؤه أو
اختلفت.
ولا يجوز بيع ما هو مشدود في الأقمشة، إلا أن يكون له بارنامج أي كتاب
بتفصيله، أو يذكر البائع ذلك، فإن طابق، وإلا تخير المشتري.
والطريق والشرب لو ضمهما البيع اشترط علمهما، فلو أبهما بطل. ولو شرط
عدمهما صح، وإن أطلق دخل الطريق، فإن اتحد صح، وإلا بطل.
ولو فقد تخير المشتري، وإن حفت بملك البائع وقال بحقوقها فله الممر من

(1) في باقي النسخ: فلو باعه.
(2) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 1 ج 12 ص 272.
201

جميع الجوانب، قضا للفظ.
ولو باعه بيتا من دار بحقوقه فكذلك، فيسلك من جميع جوانب الدار،
ويحتمل البطلان في الموضعين، لتنزيل الحقوق على القدر الضروري، وهو
يحصل في السلوك بجانب واحد، ولم يعين. ولو كان هناك طريق إلى الشارع أو
في ملك المشتري أمكن الاجتزاء به، وشمول الجميع.
ويجوز على كراهية بيع ماء النهر والمصنع والبئر، مع المحل وبدونه، وبيع
الجر (1) والروايا، والشراء بيعا وسلما بالفلوس، وبيع المعدن المملوك.
ولو أحيا أرضا فظهر فيها معدن ملكه تبعا، وأما بيع أم الولد والوقف فقد
سبق.
[240]
درس
في النقد والنسيئة
لا يجب تعين أحدهما في العقد، لأن مطلقه يحمل على النقد، فإن شرطه
تأكد، وأفاد التسليط على الفسخ، إذا عين زمان النقد فأخل المشتري به، وإن
شرط النسيئة افتقر إلى تعيين الأجل المضبوط، فلا يجوز التأقيت بمقدم الحاج،
وإدراك الثمار فيبطل العقد، ويجوز بالنيروز والمهرجان والفصح والفطير وشهور
العجم إذا عرفها المتعاقدان.
ولو باع بدينار نقدا وبدينارين إلى شهر فالمروي عن علي عليه السلام (2)
لزوم أقل الثمنين وأبعد الأجلين، وعليه جماعة، ويعارضه النهي (3) عن بيعين في

(1) في باقي النسخ: وبيع الحب.
(2) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب أحكام العقود ح 2 ج 12 ص 367.
(3) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب أحكام العقود ح 5 ج 12 ص 368.
202

بيعة وجهالة الثمن، ومن ثم أبطله في المبسوط (1) والحلبي (2) وسلار (3) وابن
حمزة (4) وابن إدريس (5) والفاضلان (6).
ولو باعه كذلك إلى أجلين فكالأول عند المفيد رحمه الله (7)، مع أنه حكم
بالنهي عن البيع في الموضعين، وجعله المرتضى (8) مكروها، وقال ابن
الجنيد (9): لا يحل، فإن هلكت السلعة فأقل الثمنين نقدا، وإن أخره المشتري
جاز، والأقرب الصحة، ولزوم الأقل، ويكون التأخير جائزا من جهة المشتري،
لازما من طرف البائع، لرضاه بالأقل فالزيادة ربا، ولأجلها ورد النهي (10)،
وهو غير مانع من صحة البيع.
فروع:
الأول: لو باعه بثمن واحد بعضه نقدا وبعضه نسيئة صح قطعا. وكذا لو
أجله نجوما معلومة. وكذا لو باعه سلعتين في عقد بثمن أحديهما نقدا والآخر (11)
نسيئة.

(1) المبسوط: ج 2 ص 161.
(2) الكافي في الفقه: ص 357.
(3) المراسم: ص 174.
(4) الوسيلة: ص 241.
(5) السرائر: ج 2 ص 287.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 546. وشرائع الإسلام: ج 2 ص 19.
(7) المقنعة: ص 595.
(8) الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية) ص 252.
(9) المختلف: ج 1 ص 361.
(10) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب أحكام العقود ج 12 ص 367.
(11) في باقي النسخ: والأخرى.
203

الثاني: لو تمادى الأجل إلى ما لا يبقى إليه المتبايعان غالبا كألف سنة ففي
الصحة نظر، من حيث خروج الثمن عن الانتفاع به، ومن الأجل المضبوط
وحلوله بموت المشتري، وهو أقرب.
الثالث: مبدأ الأجل من حين العقد، لا من حين التفرق.
ولو منعه البائع من قبض المبيع لم يقدح ذلك في مضي الأجل، هذا.
ويجوز شراء ما باعه نسيئة قبل الأجل مطلقا، وبده بغير جنس الثمن مطلقا،
وبجنسه مع التساوي، ومع الزيادة والنقصان فالأقرب الجواز، وفي النهاية (1):
لا يجوز شراؤه بنقصان عما باعه به.
ولو كان المبيع طعاما ثم اشتراه البائع بعد الأجل صح على كراهية،
لرواية (2) محمد الخياط.
ولو اشترى منه طعاما غيره بدراهم جاز زاد أو نقص، وقال في الخلاف (3):
لا يجوز الزيادة، لأدائه إلى بيع طعام بطعام بزيادة، ويضعف بأن العوض
دراهم لاطعام.
والعينية لغة وعرفا شراء العين نسيئة، فإن حل الأجل فاشترى منه عينا
أخرى نسيئة ثم باعها وقضاه الثمن الأول كان جائزا، ويكون عينة على عينة
ولو باعه بشرط القضاء منه بطل الشرط والبيع عند الشيخ (4)، أو الشرط وحده
على اختلاف قوليه، وصححهما الفاضل (5)، وقيل: العينية شراء ما باعه نسيئة،

(1) النهاية: ص 388.
(2) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب السلف ح 5 ج 13 ص 74، وفيه (عن محمد بن القاسم
الحناط).
(3) الخلاف: ج 2 ص 44.
(4) المبسوط: ج 2 ص 149.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 546.
204

وقال ابن إدريس (1): اشتقاقها من العين، وهو النقد، وفسرها بشراء عين نسيئة
ممن له عليه دين، ثم يبيعها عليه بدونه نقدا ويقضي الدين الأول.
ويجوز شراء الموصوف، وإن لم يكن عند البائع في الحال. ولا يشترط فيه
الأجل إذا كان عام الوجود، للنص (2)، ومنع ابن إدريس (3) ممنوع.
ولو قال له اشتري هذا المتاع من فلان وأربحك فيه فاشتراه صح، ولا يلزم
الآمر بالشراء، ولو كان قد قاطعه على ثمن معين.
وليس هذا من باب النهي عن بيع ما ليس عنده.
ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله ولا قبضه، ويجب عند الحلول. ولو امتنع
البائع أثم.
ولو هلك بعد تعيينه فمن ماله، ما لم يفرط فيه المشتري أو يتعدى، وللمشتري
التصرف فيه فيبقى في ذمته. وهذا حكم عام في كل ممتنع عن قبض حقه.
نعم يجب دفعه إلى الحاكم إن أمكن، وأوجب ابن إدريس (4) على الحاكم
القبض، ومنع من إجباره المستحق على قبضه أو إبرائه، وهو بعيد.
[241]
درس
فيما يدخل في المبيع
والضابط مراعاة مدلول اللفظ لغة أو عرفا أو شرعا، ولنذكر هنا ألفاظا
تسعة:
أحدها: الأرض والساحة والبقعة والعرصة، ولا يدخل فيه البناء ولا

(1) السرائر: ج 2 ص 205.
(2) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب أحكام العقود ح 1 ج 12 ص 374.
(3) السرائر: ج 2 ص 205.
(4) السرائر: ج 2 ص 288.
205

الشجر ولا الزرع، ولو قال بحقوقها على الأصح. نعم لو قال وما اشتمل عليه، أو
ما أغلق عليه بابها دخل ذلك كله، وأولى منه إذا اشترطه لفظا.
وحيث لا يدخل يبقى بحاله، فإن كان بناء أو غرسا تأبد، وإن كان زرعا
فإلى الحصاد. ولو كان يجز مرة بعد أخرى، فإن كان مجزوزا فهو للمشتري، وإلا
فالجزة الأولى للبائع والباقي للمشتري قاله الشيخ (1) والقاضي (2)، وأنكره
الفاضل (3) وجعله للبائع على كل حال ويبقى حتى يستقلع.
ولو شرط المشتري دخول الزرع جاز وإن كان سنبلا أو قطنا، تفتح أو لا،
وفي المبسوط (4): لا يصح السنبل والقطن للجهالة، مع أنه جوز بيع السنبل
والبذر مع الأرض، وفي المختلف (5): إن كان البذر تابعا دخل الشرط (6)، وإن
كان أصلا بطل، والوجه الصحة مطلقا.
ويدخل الأرض في ضمان المشتري بالتسليم وإن تعذر انتفاعه. نعم له
الخيار لو لم يعلم.
ويدخل المعدن على الأقرب، فلو جهله البائع تخير. وكذا البئر والعين
وماؤهما.
ولو ظهر فيها مصنع أو صخرة معدة لعصر الزيتون أو العنب فكذلك،
وللبائع الخيار مع عدم العلم.
والحجارة المدخولة تدخل، فإن أضرت بالغرس أو الزرع فللمشتري الخيار

(1) المبسوط: ج 2 ص 103.
(2) المهذب: ج 1 ص 376.
(3) المختلف: ج 1 ص 391.
(4) المبسوط: ج 2 ص 102.
(5) المختلف: ج 1 ص 391.
(6) في باقي النسخ: دخل بالشرط.
206

مع عدم العلم.
ولا يدخل الحجارة المدفونة، وعلى البائع نقلها وتسوية الحفر، فإن علم
المشتري فلا خيار، وإلا فله الخيار إن فات شئ من المنافع. وعلى البائع
المبادرة بالنقل، فلو تركها ولا ضرر فيه فلا خيار للمشتري. نعم له إلزامه
بالنقل.
ولو أراد تمليكها للمشتري لم يجب عليه القبول، ولا أجرة للمشتري عن
زمان النقل.
وثانيها: القربة والدسكرة والضيعة في عرف أهل الشام، ويتناول دورها
وطرقها وساحاتها، لا أشجارها ومزارعها، إلا مع الشرط، أو القرينة، أو
يتعارف ذلك كما هو الغالب الآن.
وثالثها: البستان والباغ، ويدخل فيه الشجر والأرض والجدار والبناء
الذي جرت العادة بكونه فيه دون غيره، والمجاز والشرب.
ولو باعه بلفظ الكرم تناول العنب لا غير، إلا مع قرينة غيره، وفي دخول
العريش وجهان، أقربهما دخول المثبت منه دائما أو أكثريا، دون المنقول دائما أو
أكثريا.
ولو باع واستثنى نخلة أو شجرة معينة فله المدخل والمخرج إليها ومدى
جرائدها من الأرض.
ورابعها: الدار وتشمل الأرض والبناء سفل أو علا، والحمام المعروف بها،
والمرافق كلها، والبئر والحوض وماؤهما، والطريق والأبواب المثبتة والرفوف
المثبتة والسلم المثبت، والدرج والمفاتيح. ولو استقل الأعلى لم يدخل، إلا
بالشرط أو القرينة، وعليه تحمل مكاتبة الصفار (1) إلى العسكري عليه السلام

(1) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب أحكام العقود ح 1 ج 12 ص 406.
207

بعدم دخول الأعلى.
ولا يدخل شجرها وما بها من آلة منقولة، ولو كانت مدفونة كالخابية أو
مثبتة كالرحى المنصوبة، وفي المبسوط (1): يدخل النخل والشجر في بيع الدار
والخواني المدفونة، لأنها كالخزائن والرحى المثبتة أعلاها وأسفلها، وهو قوله في
الخلاف (2)، ووافق في الخلاف (3) على الرحى، وهو أعلم بما قال. نعم لو
كانت الخابية مثبتة في الجدران قرب دخولها، ومنع في المبسوط (4) من دخول
ماء البئر في الدار، لأن له مادة مجهولة تمنع من صحة بيع فتمنع من دخوله،
وتبعه القاضي (5)، وخالفهما الفاضل (6).
وخامسها: السوق والخان، ويدخل فيهما الأرض والدكاكين وأبوابها
وطرقها ورفوفها المثبتة، وخزائنها وسقوفها وغرفها، ولو كان باب الدكان مما
ينقل فالأقرب دخوله، للعرف.
وسادسها: الشجر، ويدخل فيه الكبيرة والصغيرة والأغصان والعروق
والمجاز والشرب.
ولا تدخل الأرض، إلا مع الشرط أو القرينة. نعم تستحق البقاء مغروسة،
فلو انقلعت شجرة لم يكن له غرس أخرى، ولا استخلاف فروخها، إلا
بالشرط، قيل: ولا تدخل الفروخ، إلا بالشرط.
ولا تدخل الثمرة، إلا طلع النخل قبل التأبير، إذا كان إناثا وانتقل بالبيع،

(1) المبسوط: ج 2 ص 105.
(2) الخلاف: ج 2 ص 36.
(3) الخلاف: ج 2 ص 36.
(4) المبسوط: ج 2 ص 106.
(5) المهذب: ج 1 ص 377.
(6) المختلف: ج 1 ص 392.
208

ولو أبر لم يدخل. ولو أبر البعض فلكل حكمه، فإن عسر التمييز إصطلحا. ولا
فرق بين أن يؤبر بأبر أو باللواقح، وقال ابن حمزة (1): إذا باع الشجر قبل بدو
الصلاح فالثمرة للمشتري، وهو نادر.
وعلى المشتري تبقيتها إلى أوان البلوغ عرفا، وللبائع تبقيتها إذا لم يضر
بالأصول، ولو تضرر منعا، ولو تضرر أحدهما احتمل تقديم صاحب الثمرة وتقديم
المشتري، وهو خيرة الفاضل (2).
ولو انقطع الماء وتضرر الأصل ببقاء الثمرة يسيرا اغتفر، وإن كان كثيرا،
بأن خيف عليه الجفاف، أو نقص الحمل في القابل أجبر على القطع، ولا أرش
على المشتري، لأنه قطع مستحق. ويحتمل عندي الأرش، لأنه نقص دخل على
مال غيره لنفعه.
فرع:
لو ظنها المشتري غير مؤبرة فظهرت مؤبرة فله الفسخ عند الشيخ (3)، لفوات
بعض المبيع في ظنه، وأنكره الفاضل (4)، لعدم العيب وتفريطه، والوجه الأول،
لأن فوات بعض المبيع أبلغ من العيب، ولا تفريط، لأنه بنى على الأصل.
ولو ظنها البائع مؤبرة فظهرت غير مؤبرة فله الفسخ إن تصادقا على الظن.
ولو ادعى أحدهما على صاحبه علم الحال فأنكر احتمل إحلاف المنكر،
ويقضي بما ظنه، هذا. ولو ظهرت ثمرة بعد البيع فللمشتري.
ولا يدخل الورد وإن كان جنبذا في بيع الشجر، وكذا ورد الثمر.

(1) الوسيلة: ص 250.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 503.
(3) الخلاف: ج 1 ص 35.
(4) المختلف: ج 1 ص 392.
209

وسابعها: العبد والأمة، ويتناول ثيابه الساترة للعورة دون غيرها على
الأقوى، ولا يتناول ماله وإن قلنا بملكه، إلا مع الشرط فيراعي فيه العلم
والتحرز من الربا.
وثامنها: الكتاب، ويتناول أجزاؤه وجلده وخيوطه وما به من الأصول
والحواشي والأوراق المثبتة فيه.
ولا يدخل كيسه، ولا ما به من أوراق مفردة لا تتعلق به. وفي دخول ما
يعلم به نظر، أقربه الدخول للعرف.
ويدخل في بيع الدابة النعل، ولا يدخل الرحل والمقود، إلا بالشرط.
وتاسعها: الحمام، ويدخل بيوته وموقده وخزانة مائه وأحواضه ومسلخه
وبئره وماؤها، ولو كان ينتزع من مباح دخلت الساقية فيه.
والأقرب دخول قدره المثبتة، ولا يدخل سطله، ولا أقداحه، ولا وقوده (1)
ومآزره، وعليه تسليمه إليه مفرغا من الرماد وكثير القمامة.
[242]
درس
في القبض
وحكم العقد تقابض العوضين، إلا أن يشترط تأخير أحدهما أو تأخيرهما،
إذا كانا عينين أو أحدهما. ولو شرط تأخيرهما وهما في الذمة بطل، لأنه بيع
الكالئ بالكالئ.
فإن تنازعا في التقدم تقابضا معا، سواء كان هناك تعيين أو لا، وفي
المبسوط (2) والخلاف (3) يجبر البائع أولا، لأن الثمن تابع للمبيع، وبالقبض

(1) في (م) و (ق): ووقوده.
(2) المبسوط: ج 2 ص 123.
(3) الخلاف: ج 2 ص 67.
210

ينتقل الضمان إلى القابض إذا لم يكن له خيار، ويتسلط على التصرف بغير
تحريم ولا كراهية.
ويمنع البائع من فسخ البيع بتأخير الثمن، وبدونه الأقرب الكراهية في بيع
المكيل والموزون، وتتأكد في الطعام، وآكد منه إذا باعه بربح، ونقل في
المبسوط (1) الإجماع على تحريم بيع الطعام قبل قبضه، وقال الفاضل (2): لو قلنا
بالتحريم لم يفسد البيع، وحمل الشيخ (3) الإجارة والكتابة على البيع قائلا: إن
الكتابة والإجارة ضربان من البيع، وأنكره الفاضل (4)، ولأن المملوك ليس
مكيلا ولا موزونا، وهما محل الخلاف، للإجماع على جواز بيع غيرهما قبل
القبض.
ولو انتقل إليه بغير بيع كصلح أو خلع أو صداق أو عوض إجارة فلا
كراهية في بيعه قبل قبضه.
ولو أحال غريمه المسلم إليه على غريمه المسلم منه فهو كالبيع قبل القبض.
ولو دفع إليه مالا ليشتري به طعاما لنفسه بطل، ولو قال اشتر لي ثم اقبضه
لنفسك بني على القولين، ولو قال اقبضه لي ثم لنفسك بني على تولي طرفي
القبض، والأقرب جوازه، ولو كان أحد المالين قرضا صح.
ولو قبض أحد المتبائعين فباع، ثم تلف غير المقبوض لم يبطل البيع الثاني
وإن بطل الأول، وعلى البائع بذل ما باعه مثلا أو قيمة يوم تلف العين.
ولو اعتاض عن السلف قبل قبضه بني على القولين. ولو اعتاض عن
القرض أو المغصوب جاز.

(1) المبسوط: ج 2 ص 119.
(2) المختلف: ج 1 ص 393، وذكر في تذكرة الفقهاء: ص 472.
(3) المبسوط: ج 2 ص 81 - 82.
(4) المختلف: ج 1 ص 393 - 394.
211

ويعتبر قيمة العوض في المغصوب مكان الدفع وزمانه، وفي القرض مكان
القرض، وفي السلم مكان التراضي.
ولو امتزج المبيع قبل قبضه تخير المشتري في الفسخ، ومؤنة القسمة على
البائع لو لم يفسخ.
ولو بذل البائع للمشتري ما امتزج (1) لم يزل خياره، وقال الشيخ (2):
يزول. وكذا لو امتزجت اللقطة المبيعة والخرطة بغيرها، وقال الشيخ (3): ينفسخ
البيع مع عدم التمييز، إلا أن يسلم البائع الجميع، والوجه أنه كالأول.
ولو غصب المبيع قبل قبضه فله الفسخ، إلا أن يمكن إعادته في زمان
لا يفوت به غرض، ولو لم يفسخ لم تكن له مطالبة البائع بالأجرة على الأقرب.
نعم لو منعه البائع فعليه الأجرة.
ولو هلك المبيع قبل القبض فمن البائع (4)، ولو أبرأه المشتري من الضمان،
مع أن النماء المتجدد بين العقد والقبض للمشتري، وهو في يد البائع أمانة.
ولو أهلكه أجنبي فللمشتري الفسخ ومطالبة الأجنبي.
ولو كان المهلك البائع فالأقرب تخير المشتري بين الفسخ فيطالب بالثمن،
وعدمه فيطالب بالقيمة.
ولو تعيب من قبل الله تعالى، أو من قبل البائع فللمشتري الفسخ، وله
الأرش على الأقوى.
ولو كان من قبل أجنبي (5) فالأرش عليه للمشتري إن التزم، وللبائع إن

(1) في باقي النسخ: ما امتزج به.
(2) المبسوط: ج 2 ص 115.
(3) المبسوط: ج 2 ص 115.
(4) في (ق): فمن مال البائع.
(5) في (ق): الأجنبي.
212

فسخ. ولا إشكال في توزيع الثمن على العينين فصاعدا ولو تلف (1) بعضها، وله
الفسخ.
ولو أتلفه المشتري فهو قبض، ولو جنى عليه فالأقرب أنه قبض أيضا.
ولو قبض بعض المبيع وهلك الباقي فهو في ضمان البائع، وللمشتري
الفسخ للتبعيض. ولو تلف بعد قبض المشتري فهو من ماله، إلا أن يختص
بالخيار فيكون من البائع، مع أن النماء للمشتري. ولو رضي المشتري ببقائه في
يد البائع فهو قبض عند الحلبي (2).
ولو ظهر في المبيع أو الثمن زيادة يتفاوت بها المكاييل أو الموازين فهي
مباحة، وإلا فهي أمانة.
ولو ادعى البائع نقص الثمن، والمشتري نقص المبيع حلف الآخر إن حضر
المدعي الاعتبار، وإلا حلف، ويحتمل تقديم مدعي التمام إن اقتضى النقص
بطلان العقد، كالسلم والصرف بعد التفرق، وإلا فمدعي النقص. ولو حول
الدعوى إلى إنكار قبض الجميع قبل قول المنكر مطلقا.
والقبض في غير المنقول التخلية بعد رفع اليد، وفي الحيوان نقله، وفي المعتبر
كيله أو وزنه أو عده أو نقله، وفي الثوب وضعه في اليد، وقيل: التخلية مطلقا.
ولا بأس به في نقل الضمان لا في زوال التحريم، أو الكراهة عن البيع
قبل القبض. نعم لو خلي بينه وبين المكيل فامتنع حتى يكتاله (3) لم ينتقل إليه
الضمان، ولا يكفي الاعتبار الأول عن اعتبار القبض.
ويجب التسليم مفرغا، فلو كان فيه ما لا يخرج إلا بهدم وجب أرشه على
البائع.

(1) في (م): لو تلف.
(2) الكافي في الفقه: ص 355.
(3) في (ق): يكيله.
213

ولو وقبض بغير إذن البائع انتقل إليه الضمان، ولم يكن مانعا من فسخ
البائع للتأخير عن الثلاثة.
وأجرة المعتبر على البائع في المبيع، وعلى المشتري في الثمن.
وأجرة الدلال على آمره. ولو أمراه فالسابق، فإن اقترنا وكان الغرض تولية
طرفي العقد فعليهما، وكذا لو تلاحقا وكان مرادهما مجرد العقد. ولو منعنا من
تولية الطرفين امتنع أخذ أجرتين، وعليه يحمل كلام الأصحاب أنه لا يجمع (1)
بينهما لواحد.
ولا ضمان على الدلال، إلا مع التفريط، ويقدم قوله بيمينه في عدمه، وفي
التلف والقيمة، وقول المالك في عدم الرد. ولا درك على الدلال في استحقاق
المبيع أو الثمن أو تعيبهما.
ولو تبرع بالبيع والشراء فلا أجرة له وإن أجاز المالك.
[243]
درس
في الشرط
يجوز اشتراط سائغ في عقد البيع، فيلزم الشرط في طرف المشترط عليه، فإن
أخل به فللمشترط الفسخ. وهل يملك إجباره عليه؟ فيه نظر.
ولو شرط ما هو قضية العقد فمؤكد.
ولو شرط ما ينافيه، كعدم التصرف بالبيع والهبة والاستخدام والوطئ، أو
شرط البائع وطئ الأمة، أو تأخير تسليم المبيع إلى مدة غير معينة، أو شرط
المشتري تأخير الثمن كذلك، أو شرط كون الأمة ولودا، أو أن يرجع بالثمن إن
غصب منه، أو أن يكون تلفه من البائع متى تلف، أو شرط عدم الخسارة، بطل

(1) في (م): لا يجتمع.
214

وأبطل على الأقرب.
ويصح اشتراط تبقية الزرع إلى سنبله والثمرة إلى إيناعها.
ولو شرط المشتري انعقاد وإيناعها وصيرورة الزرع سنبلا وشبهه مما
ليس بمقدور، بطل وأبطل.
ويصح اشتراط عمل محلل معلوم مع الثمن أو المثمن وعقد بيع أو هبة أو
تزويج أو سلف أو قرض أو إقراض أو كتابة أو تدبير أو رهن أو ضمين على
الثمن أو المبيع في السلم أو شرط اشتمال المبيع على صفة كمال مقصودة أو
اشتمال الثمن عليها، ولو كانت غير مقصودة غالبا، لكن يتعلق بها غرض
المشتري كاشتراط الثيوبة صح.
ولو كانت غير مشروعة بطل، كما لو شرط جهله بالعبادة فظهر عالما.
ولو اشترط الكفر فظهر مسلما قال الشيخ (1): لا خيار له، لأن الإسلام (2)
يعلو ولا يعلى عليه، وقال ابن إدريس (3) والفاضل (4): له الخيار للمخالفة،
ولأنه يصح بيعه على الكافر، ولا يستغرق وقته في الخدمة، والصحيح الأول لما
قاله الشيخ. والأغراض الدنيوية لا تعارض الأخروية.
ولو باعه بأضعاف القيمة ليقرضه أو ليؤجل ما عليه صحا، وتوقف فيه
المحقق (5)، ولا وجه له.
ولو شرط طحن الطعام على البائع فالمروي (6) الجواز، ومنعه في المبسوط (7).

(1) المبسوط: ج 2 ص 130.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب موانع الإرث من الكفر ح 11 ج 17 ص 376.
(3) السرائر: ج 2 ص 357.
(4) المختلف: ج 1 ص 375.
(5) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا.
(6) المبسوط: ج 2 ص 194.
(7) المبسوط: ج 2 ص 194.
215

ويجوز اشتراط الجعودة والزجج في الأمة، والصيد في الفهد والكلب.
ولو شرط بيع المبيع على البائع بطل لا للدور، بل لعدم قطع نية الملك، ولو
شرط بيعه على غيره فالوجه الصحة.
ولو شرط رهنا أو ضمينا وجب التعيين بالمشاهدة أو الوصف، ويحتمل
صحة الإطلاق. ويحمل الرهن على حافظ الحق، والضامن على الموسر الباذل.
ولو شرط الإشهاد لم يفتقر إلى تعين الشهود، ولو عينهم لزم، ولا يلزمهم
التحمل.
ويجوز اشتراط رهن المبيع على ثمنه، ومنعه الشيخ (1). ولا يكفي عقد البيع
عن عقد الرهن، ولو جمع بينهما في عقد واحد وقدم الرهن بطل، وإن قدم البيع
مثل بعتك الدار بمائة وارتهنت العبد بها فقال اشتريت ورهنت ففيه وجهان،
أقربهما المنع، لعدم ثبوت الحق حال الرهن.
ولا يجوز اشتراط العتق عن البائع، ولا اشتراط الولاء له، ويجوز عن
المشتري، ويحمل مطلقه عليه، وكسبه قبل العتق للمشتري.
ولو انعتق قهرا لم يكف، وللبائع الفسخ والرجوع بالقيمة، وقيل: له الرجوع
بما يقتضيه شرط العتق، ويضعف بأن الشروط لا يوزع عليها الثمن. ولو نكل به
البائع عتق ولم يجز.
ولو أخرجه عن ملكه ببيع أو هبة أو وقف فللبائع فسخ ذلك كله.
ولو أسقط البائع الشرط جاز، إلا في العتق لعتق حق العبد وحق الله
تعالى به. ولو مات قبل العتق فالخيار بحاله.
ويجوز اشتراط حمل الجارية أو الدابة، فيفسخ لو ظهرت حائلا. ولو جعل
الحمل جزء من المبيع فالأقوى الصحة، لأنه بمعنى الاشتراط، ولا تضر الجهالة،

(1) المبسوط: ج 2 ص 235.
216

لأنه تابع.
ولو شرط أنها تحمل قال الشيخ (1) والقاضي (2): لم يجز البيع، إلا أن
تحمل، ولو لم تحمل فللمشتري فسخه وإمضاؤه، وأبطله الفاضل (3) وإن حملت،
لأنه غرر. وفي عبارتهما إشارة إلى صحة العقد وعدم لزومه، وإن كان غير جائز،
لأن الشرط غير معلوم الوقوع، ويلزمهما اطراده في كل شرط مجهول، وانتفاء
الفرق بين الشرط الصحيح والفاسد، إلا في جواز العقد وعدمه، وهو غريب.
وروى محمد بن مسلم (4) النهي عن مقاطعة الطحان على دقيق بقدر
حنطته، وعن مقاطعة العصار على كل صاع من السمسم بالشيرج المعلوم
مقداره، ووجهه الخروج عن البيع والإجارة.
ولو شرط البائع تملك العربون لو لم يرض المشتري بالبيع بطل العقد،
ووجب رده.
فروع:
الأول: لو قال بع من فلان بألف وهي علي وقصد الضمان صح ولا
يلزمه، فإن شرطه البائع ولما يضمن فله الفسخ، فلو (5) قال وعلي عشرة قال
الشيخ (6): يصح، وأبطله الفاضل (7) ذهابا إلى أن الثمن لا يكون على غير

(1) المبسوط: ج 2 ص 156.
(2) جواهر الفقه: ص 60.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 485.
(4) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الربا ح 3 ج 12 ص 440.
(5) في باقي النسخ: ولو.
(6) المبسوط: ج 2 ص 148.
(7) المختلف: ج 1 ص 400.
217

المشتري، ويمكن أن يقال: هو جعل للبائع لا من الثمن، كما لو قال طلق أو
أعتق وعلي ألف فإنه وافق على صحته.
الثاني: يجوز الجمع بين مختلفين، كمبيع وسلم وبيع وإجارة، وبين
مختلفات، ويقسط الثمن (1) إن احتيج إليه.
الثالث: لو صالح على الشرط بعوض صح إن لم يكن عتقا، ويلزم من
الطرفين. ولو شرط في عقد آخر سقوط هذا الشرط صح أيضا.
ولو شرط تأجيل الدين الحال لزم. وكذا لو شرط حلول المؤجل.
الرابع: لو شرط رهنا معينا أو ضمينا (2) فهلك الرهن أو مات الضمين،
فإن كان بعد الرهن والضمان لم يؤثر، وإن كان قبله فله الفسخ.
[244]
درس
في المرابحة وتوابعها
البيع بغير إخبار برأس المال مساومة، وهي أفضل من باقي الأقسام،
وبالأخبار مع الزيادة مرابحة، ومع النقيصة مواضعة، ومع المساواة تولية،
وإعطاء البعض تشريك.
ولو جهل في المرابحة قدر الربح أو الأصل أو الصرف أو الوزن بطل.
ويجب حفظ الأمانة بالصدق في الثمن والمؤن إن ضمها.
والإخبار عما طرأ من موجبات النقص، ولا يجب الإخبار بالغبن ولا
بالبائع، وإن كان زوجته أو ولده. نعم لو واطاه على الشراء ليخبر به كان غشا
حراما ولو باعه والحالة هذه تخير المشتري مع العلم المتجدد.

(1) في باقي النسخ: العوض.
(2) في باقي النسخ: أو ضمينا معينا.
218

وليقل بعتك بكذا وربح درهم، ولا يقل ربح العشرة درهم فيكره،
وللشيخ (1) قول بالتحريم، واختاره الشاميان (2).
ويجب الإخبار بالأجل، فلو أخل به فالمروي (3) أن للمشتري مثله، وفي
المبسوط (4) والخلاف (5) والسرائر (6) يتخير المشتري بين الفسخ، والأخذ بالثمن
حالا.
ولو اشترى أمتعة صفقة امتنع بيع بعضها مرابحة مطلقا، وقال ابن الجنيد (7)
والقاضي (8): يجوز فيما لا تفاضل فيه كالمعدود المتساوي،
والعبارة اشتريته بكذا وشبهه، ولو عمل فيه بنفسه قال وعملت فيه بكذا،
ولو استأجر عليه جاز أن يقول ذلك وأن يضمه ويقول تقوم علي أو رأس مالي
على الأصح، ومنع في المبسوط (9) من رأس مالي هنا.
ولو أخذ أرش الجناية لم يجب وضعها، بل الإخبار عما نقص بها.
ولا يضم المؤنة والكسوة والدواء. ويضم أجرة الدلال والكيال والحافظ
والمخزن.
ولو حط البائع عنه في زمن الخيار أسقطه عند الشيخ (10)، ولو زاده ألحقه

(1) النهاية: ص 389.
(2) الكافي في الفقه: ص 359. ولم نعثر عليه في المهذب وجواهر الفقه وذكره في المختلف: ج 1 ص 368.
(3) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب أحكام العقود ح 2 ج 12 ص 400.
(4) المبسوط: ج 2 ص 142.
(5) الخلاف: ج 2 ص 59.
(6) السرائر: ج 2 ص 291.
(7) المختلف: ج 1 ص 368.
(8) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا، ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 370.
(9) المبسوط: ج 2 ص 141.
(10) الخلاف: ج 2 ص 61.
219

عنده، بناء على أن المبيع إنما يملك بانقضاء الخيار، والمبنى ضعيف. وأطلق
القاضي (1) أن هبة شئ من الثمن يسقط في الإخبار.
ولو قوم على الدلال متاعا بغير عقد وجعل الزائد له لم يجز بيعه مرابحة، فإذا
باعه ملك الزائد عند الشيخين (2)، لصحيحة (3) محمد بن مسلم، وإن باعه
بالقيمة فلا شئ له، وإن نقص أتم الدلال، ولو بدأ الدلال بطلب التقويم،
فله الأجرة لا غير، وسوى الحليون (4) بين الأمرين في الأجرة، والأول أثبت، لأنه
جعالة مشروعة، وجهالة العوض غير ضائرة، لعدم إفضائه إلى التنازع.
وروى ابن راشد (5) في من اشترى جواري وجعل للبائع نصف ربحها بعد
تقويمها أنه يجوز، فإن أحيل المالك إحداها سقط حق البيع.
ومتى ظهر كذب المخبر تخير المشتري، سواء كان في جنس الثمن أو قدره أو
وصفه.
ولو ادعى البائع الغلط في الإخبار لم يسمع دعواه ولا بينه، إلا أن يصدقه
المشتري، وله إحلافه على عدم العلم. نعم لو قال اشتراه وكيلي وأقام بينة
سمع، وتردد فيه الشيخ (6).
والمواضعة كالمرابحة في الإخبار وأحكامه، ويضعف ووضعية كذا. ويكره
نسبته إلى المال.
ولو قال بعتك بمائة ووضيعة درهم من كل عشرة فالثمن تسعون، ولو قال

(1) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا، ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 370.
(2) النهاية: ص 390. المقنعة: ص 605.
(3) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب أحكام العقود ح 1 ج 12 ص 381.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 545، وشرائع الإسلام: ج 2 ص 42.
(5) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب بيع الحيوان ح 6 ج 13 ص 52.
(6) المبسوط: ج 2 ص 143.
220

لكل عشرة زاد عشرة أجزاء من إحدى عشر جزء من درهم.
وضابطه إضافة الوضيعة إلى الأصل ونسبتها إلى المجموع، ثم إسقاطها
فالباقي الثمن.
ولو قال وضيعة العشرة درهم احتمل الأمرين، نظرا إلى معنى الإضافة من
اللام، ومن وإن أثبتنا الإضافة الظرفية فهي كالتبعيضية، والشيخ (1) طرد
الحكم بالضابط في وضيعة درهم من كل عشرة، كأنه يجعل من لابتداء الغاية،
ويجعل العشرة سالمة للبائع.
وأما التولية، فهي البيع برأس المال، ويشترط فيه علمه، ولفظها كالبيع،
ولو قال وليتك العقد أجزأ، ولو قال وليتك السلعة احتمل الجواز.
والتشريك، هو أن يجعل له فيه نصيبا برأس ماله، وهو بيع أيضا. ولو أتى
بلفظ التشريك فالظاهر الجواز، فيقول أشركتك (2) في هذا المتاع نصفه بنصف
ثمنه.
وقد يتفق في مبيع واحد المرابحة وقسيماها، كما لو اشترى ثلاثة أثوابا
بالسوية، لكن ثمن أحدهم عشرون والآخر خمسة عشر والآخر عشرة ثم باعوه
بعد الإخبار بخمسة وأربعين، فهو مواضعة بالنسبة إلى الأول، وتولية بالنسبة إلى
الثاني، ومرابحة بالنسبة إلى الثالث. وكذا لو باعوه مساومة ولا يقسم على رأس
المال، هذا مع تعدد العقود.
ولو كان العقد واحدا بالخمسة والأربعين كان الثمن مقسوما على رأس
المال. ولو تشخص في العقد والواحد ثمن كل ثلاث فهو كالعقود المتعددة.

(1) الخلاف: ج 2 ص 60.
(2) في باقي النسخ: فيقول شركتك.
221

[245]
درس
في بيع الحيوان
كل حيوان مملوك أناسي وغيره يصح بيعه أجمع، وبيع جزء منه معلوم
مشاع لا معين، إلا مع وجود مانع، كالاستيلاد والوقف والإباق من غير
ضميمة، وعدم القدرة على التسليم.
ولو استثنى جزء معلوما منه صح مع الإشاعة. ولو استثنى الرأس والجلد
فالمروي (1) الصحة، فإن ذبحه فذاك، وإلا كان البائع شريكا بنسبة القيمة.
ولو شرط ذبحه فالأقوى (2) جواز الشرط إذا كان مما يقصد الذبح، فإن
امتنع فالأقرب تخير البائع بين الفسخ، وبين الشركة بالقيمة، وجوز سلار (3)
استثناء اللحم بالوزن، ومنعه ابن الجنيد (4) لتفاوته، والمرتضى (5) وابن
إدريس (6) بجواز استثناء الرأس والجلد.
ولا يتشاركان، ولو اشتركوا في حيوان بالأجزاء المعينة لغا الشرط، وكان
بينهم على نسبة الثمن.
ويصح بيع الحامل معه ومنفردة عنه، ولا يصح إفراده بالبيع عنها، وقال
الشيخ في المبسوط (7) والقاضي (8): ولا إفرادها عنه فيبطل البيع لو استثناه

(1) وسائل الشيعة: باب 22 من أبواب بيع الحيوان ح 2 ج 12 ص 49.
(2) في باقي النسخ: فالأقرب.
(3) المراسم: ص 178.
(4) المختلف: ج 1 ص 384.
(5) الإنتصار: ص 212.
(6) السرائر: ج 2 ص 355.
(7) المبسوط: ج 2 ص 156.
(8) جواهر الفقه: ص 60.
222

البائع، وكذا يبطل عند هما لو كان الحمل جزء، وهو بعيد.
ويصح بيع المرتد عن ملة لا عن فطرة على الأقوى، ولا يصح استثناء البائع
وطئ الجارية. نعم لو شرط تزويجها أو تحليلها أمكن الصحة.
ولو أطلق بيع الحامل دخل عندهما، خلافا للأكثر. وحيث يدخل في البيع
فهو مضمون تبعا لأمه، فلو أجهضت قبل القبض، أو في خيار المشتري فله
الرجوع بتفاوت ما بين الحمل والاجهاض.
ويدخل البيض في بيع البائض مع الإطلاق، ولو شرطه البائع لم يجز عند
الشيخ (1).
والآمر بشراء حيوان بشركته يملك نصفه بنصف الثمن، فإن نقد بإذنه
صريحا أو فحوى رجع عليه، وإلا فلا رجوع، وظاهر ابن إدريس (2) أن قضية
الأمر الإذن في النقد، وإلا لم يتحقق الشركة، وفيه منع ظاهر.
وروى الحلبي (3) في مشتري دابة يقول لآخر أنقد عني والربح بيننا،
يشتركان إذا نقد، ولو تلف في موضع ضمان المشتري فهو منهما.
ولو أراد الشركة بأقل من النصف أو الأكثر اتبع، فلو تنازعا في القدر، فإن
كان في الإرادة حلف الآمر، وإن كان في نية الوكيل حلف الوكيل إن نقص
عما يدعيه الموكل، وإن زعم الموكل أنه اشترى له الثلث فقال النصف احتمل
ذلك، لأنه أعرف، وتقديم الموكل، لأن الوكيل مدع زيادة، والأصل عدمها.
وحكم غير الحيوان حكمه في هذا الباب.
ولو قال الربح لنا ولا خسران عليك ففي صحيحة رفاعة (4) في الشركة في

(1) المبسوط: ج 2 ص 156.
(2) السرائر: ج 2 ص 349.
(3) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب أحكام الشركة ح 2 ج 13 ص 174، حيث رواه الصدوق عن الحلبي.
(4) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب أحكام الشركة ح 8 ج 13 ص 175.
223

جارية يصح، ورواه أبو الربيع (1)، ومنعه ابن إدريس (2)، لأنه مخالف لقضية
الشركة.
قلنا: لا نسلم أن تبعية المال لازم لمطلق الشركة، بل للشركة المطلقة.
والأقرب تعدي الحكم إلى غير الجارية من المبيعات. يملك الآدمي بالسبي ثم
التولد، وقد سبق من ينعتق عند الملك.
وإذا أقر مجهول الحرية بالعبودية قبل، ولا يقبل رجوعه، سواء كان المقر
مسلما أو كافرا لمسلم (3) أو كافر.
ولو أقر مالك العبد ببيعه ثم أنكر العبد البيع بعد موت البائع لم يقبل منه،
سواء كان عليه يد أم لا.
ويملك غير الآدمي من الحيوان بالاصطياد في الوحشي (4)، وباقي أسباب
الملك، وبالاستغنام والمعاوضة، والتولد في غيره والإرث.
[246]
درس
يستحب بيع المملوك إذا كره صاحبه، لرواية علي بن يقطين (5).
وتغيير اسمه عند الشراء، والأقرب إطراده في الملك الحادث. وروي (6)
كراهة التسمية بمبارك وميمون وشبهه.
ويستحب إطعامه حلوى، والصدقة عنه بأربعة دراهم. ويكره أن يريه ثمنه.

(1) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب أحكام الشركة ح 2 ج 13 ص 42.
(2) السرائر: ج 2 ص 351.
(3) في (م): مسلم.
(4) في باقي النسخ: ثم التولد.
(5) وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 48.
(6) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب أحكام الأولاد ح 5 ج 15 ص 123.
224

في الميزان (1)، حذرا من أنه لا يفلح رواه زرارة (2).
ويجوز النظر إلى وجه من يريد شراءها ومحاسنها. وهل له النظر إلى جسدها
من تحت الثياب، بل وإلى العورة؟ نظر أقربه مراعاة التحليل من المولى.
وفي رواية أبي بصير (3) لا بأس أن ينظر إلى محاسنها ويمسها ما لم ينظر إلى ما
لا ينبغي له النظر إليه.
ويكره وطئ ابنة الزنا بالملك أو العقد مخافة العار، والعقد أشد كراهة من
الملك، وحرمه ابن إدريس (4)، بناء على كفر ولد الزنا وتحريم الكافرة. وفي
المقدمتين منع.
ويكره الحج والتزويج من ثمن الزانية، وعن أبي خديجة (5) لا يطيب ولد
امرأة أمهرت مالا حراما أو اشتريت به إلى سبعة آباء.
واختلف في التفريق بين الأطفال وأمهاتهم إلى سبع سنين، وقيل: إلى بلوغ
مدة الرضاع، وفي رواية (6) سماعة (7) يحرم، إلا برضاهم، وأطلق المفيد (8)
والشيخ في الخلاف والمبسوط (9) التحريم وفساد العقد (10)، وهو ظاهر الأخبار (11)،

(1) في باقي النسخ: في كفة الميزان.
(2) وسئل الشيعة: باب 6 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 31.
(3) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 47.
(4) السرائر: ج 2 ص 353.
(5) وسائل الشيعة: باب 96 من أبواب ما يكتسب به ح 9 ح 12 ص 224.
(6) في (م) و (خ ل الأصل): ففي رواية.
(7) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب بيع الحيوان ح 4 ج 13 ص 42.
(8) المقنعة: ص 601.
(9) الخلاف: ج 2 ص 47. والمبسوط: ج 2 ص 127.
(10) في باقي النسخ: وفساد البيع.
(11) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب بيع الحيوان ج 13 ص 41.
225

وطرد الحكم في أم الأم، وابن الجنيد (1) طرده فيمن يقوم مقام الأم في الشفقة،
وأفسد البيع في السبايا، وكره ذلك في غيرهم، والحليون (2) على كراهية
التفرقة، وتخصيص ذلك بالأم، وهو فتوى الشيخ في العتق من النهاية (3).
واختلف في كون العبد يملك، فظاهر الأكثر ذلك، وفي النهاية (4) يملك ما
ملكه مولاه وفاضل الضريبة وأرش الجناية بمعنى جواز التصرف، وجواز تزويجه
منه وتسريه وعتقه، لا بمعنى ملك رقبة المال.
ولا يدخل في بيع الرقيق عند الأكثر، إلا بالشرط، سواء علم السيد (5) به
أم لا، وقال القاضي (6): مع علمه للمشتري، وقال ابن الجنيد (7): بذلك إذا
علم به وسلمه مع العبد.
ولو اشتراه وماله صح، ولم يشترط علمه، ولا التفصي من الربا إن قلنا
يملك، وإن أحلناه اشترطنا، ورواية زرارة (8) مصرحة بإطلاق جواز زيادة ماله
على ثمنه.
وروى فضيل (9) أنه لو قال لمولاه - يعني بسبعمائة - ولك علي ثلثمائة لزمه
إن كان له مال حينئذ، وأطلق في صحيحة الحلبي (10) لزوم الجعالة لبائعه، وقال

(1) المختلف: ج 1 ص 381.
(2) السرائر: ج 2 ص 347. شرائع الإسلام: ج 2 ص 59.
(3) النهاية: ص 410.
(4) النهاية: ص 410.
(5) في (م) و (ق): علم البائع.
(6) لم نعثر عليه في المهذب وذكره في المختلف: ج 1 ص 380.
(7) المختلف: ج 1 ص 380.
(8) وسائل الشيعة: باب 24 من أبواب العتق ح 3 ج 16 ص 28.
(9) وسائل الشيعة: باب 51 من أبواب العتق ح 1 ج 16 ص 55.
(10) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب بيع الحيوان ح 2 ج 13 ص 47.
226

الشيخ (1) وأتباعه: لو قال لأجنبي اشترني ولك علي كذا لزمه إن كان له مال
حينئذ، وهذا غير المروي، وأنكر ابن إدريس (2) ومن تبعه اللزوم وإن كان له
مال، بناء على أن العبد لا يملك، والأقرب ذلك في صورة الفرض. لتحقق
الحجر عليه من السيد، فلا يجوز جعله لأجنبي.
أما صورة الرواية فلا مانع منها على القولين، أما على أنه يملك فظاهر، وأما
على عدمه فأظهر.
ويجوز شراء سبي الظالم، وإن كان كله للإمام في صورة غزو السرية بغير
إذنه، أو فيه الخمس كما في غيرها. ولا فرق بين كون الظالم مسلما أو كافرا.
ولو اشترى حربيا من مثله جاز، ولو كان ممن ينعتق عليه قيل: كان
استنقاذا حذرا من الدور لو كان شراء. ولا يلحق به أحكام البيع بالنسبة إلى
المشتري، وروى ابن بكير (3) تسميته شراء.
وإذا هلك الرق في الثلاثة فمن مال البائع، إذا لم يحدث فيه المشتري
حدثا. والقول قوله بيمينه في عدم الحدث.
وفي رواية الحسين بن زيد عن الصادق عن النبي عليهم السلام (4) يحلف
على عدم الرضا به ويضمن البائع، وفيها دلالة على أنه لو رضي به كان من
ماله، وربما كان ذلك، لأن الرضا يسقط الخيار وإن لم يتلفظ به، ولا يعلم
ذلك إلا منه، فمن ثم توجهت اليمين، وقد يعلم منها سماع دعوى التهمة، وأنكره
المحقق في النكت (5) وضعف طريق الرواية. قلت: لأن في رجاله مجاهيل، وقد

(1) النهاية ونكتها: ج 2 ص 192.
(2) السرائر: ج 2 ص 344.
(3) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب بيع الحيوان ح 2 ج 13 ص 28، وفيه: عن ابن بكير عن اللحام
(4) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الخيار ح 4 ج 12 ص 52.
(5) النهاية ونكتها: ج 2 ص 193.
227

ذكره في التهذيب (1).
وفي صحيحة علي بن رئاب (2) إذا أحدث المشتري حدثا كنظر ما كان
حراما قبل الشراء أو لمسه فهو رضا منه، يبطل خياره، وذلك يدل على أن الرضا
به مبطل، ولكن الحدث دليل عليه، فإذا لم يكن عليه دليل مع تجويزه وجب
الأحلاف مع التماس البائع.
وروى علي بن يقطين (3) فيمن اشترى جارية وقال أجيئك (4) بالثمن إن
جاء إلى شهر، وإلا فلا بيع له، وهذا الحكم نادر.
[247]
درس
يجب استبراء الأمة على كل من البائع والمشتري بحيضة، فإن استرابت
فخمسة وأربعون يوما، وقال المفيد (5): ثلاثة أشهر.
ولو أخبر البائع الثقة باستبرائها سقط عن المشتري.
وإنما يحرم عليه (6) الوطئ دون مقدماته، للرواية الصحيحة عن محمد بن
بزيع (7)، وفي المبسوط (8) يحرم.
ولا استبراء في الصغيرة واليائسة وأمة المرأة والحائض، إلا زمان حيضها.
واستبراء الحامل بوضع الحمل، إلا أن يكون عن زنا فلا حرمة له، والمشهور أنه

(1) التهذيب: ج 7 ص 80.
(2) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 350.
(3) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الخيار ح 6 ج 12 ص 357.
(4) في (م): آجيك.
(5) المقنعة: ص 600.
(6) في باقي النسخ: وإنما يحرم فيه.
(7) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 5 ج 14 ص 503.
(8) المبسوط: ج 2 ص 140
228

يستبرئها بأربعة أشهر وعشرة أيام وجوبا عن القبل لا غير، وإن الوطئ بعدها
مكروه إلا أن تضع فيعزل، وإن أنزل كره بيع الولد، واستحب عزل قسط له
من ماله.
وكما يجب الاستبراء في بيع يجب في كل ملك زائل أو حادث بغيره من
العقود وبالسبي والإرث، وقصره ابن إدريس (1) على البيع، وأوجب استبراء أمة
المرأة، ولم يكتف بأخبار البائع، وهو ضعيف.
ولو تلفت (2) في زمان الاستبراء فمن مال صاحب اليد، إلا أن يكون الخيار
للمشتري فمن البائع.
ولو وضعت عند عدل فهلاكها من البائع، إلا أن يكون بعد قبض المشتري
ومضي الخيار.
ولا يجب وضعها عند العدل وإن كان حسنا (3)، ولو شرط الوضع لزم، إلا
أن يتفقا على غيره.
والنفقة على البائع مدة الاستبراء عند الشيخين (4)، والفاضل (5) تارة يقول
به بشرط الوضع عند عدل، وتارة يقول النفقة على المشتري، لأنها تابعة للملك.
ولو وطئ المشتري في مدة الاستبراء عزر مع العلم بالتحريم، ويلحق به
الولد، وفي سقوط الاستبراء حينئذ نظر، من عدم الخروج عن عهدته، وانتفاء
ثمرته، إذ لو ظهر ولد يمكن تجدده لحق به.
ولو وطئها أحد الشركاء حد بنصيب غيره مع العلم، ولحق به الولد، وعليه

(1) السرائر: ج 2 ص 346.
(2) في باقي النسخ: ولو تلف.
(3) في باقي النسخ: وإن كانت حسناء.
(4) المبسوط: ج 2 ص 140. ولم نعثر عليه في المقنعة ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 381.
(5) المختلف: ج 1 ص 381.
229

قيمة نصيب الشريك يوم وضع حيا، وتصير أم ولد فعليه قيمتها يوم الوطئ،
ويسقط منها بقدر نصيبه، وفي رواية ابن سنان (1) عليه أكثر الأمرين من قيمتها
يوم التقويم وثمنها، واختاره الشيخ (2). ففي دخول أرش البكارة في المهر نظر،
وجمع الفاضل (3) بينهما.
ولو ظهر استحقاق الأمة المبتاعة وجب العقر أما العشر أو نصفه على
تقديري البكارة والثيوبة، أو مهر المثل على خلاف، وقيمة الولد إن سقط حيا،
وأجرة مثلها. ويرجع على البائع مع جهله أو ادعاء الإذن بجميع ذلك على
الأصح.
ولو كان علما بالاستحقاق والتحريم فهو زان، وولده رق، وعليه المهر إن
أكرهها.
ولو اشترى عبدا موصوفا في الذمة فدفع إليه عبدين ليختار فأبق أحدهما،
ففي رواية محمد بن مسلم (4) يرتجع نصف الثمن، فإن وجده تخير، وإلا كان
الباقي بينهما، وعليها الأكثر، وهو بناء على تساويهما في القيمة ومطابقتهما
للوصف (5)، وانحصار حقه فيهما.
وعدم ضمان المشتري هنا، لأنه لا يزيد على المبيع المعين الهالك في مدة الخيار،
فإنه من ضمان البائع، والحليون (6) على ضمان المشتري الآبق كالمقبوض
بالسوم، غير أن ابن إدريس (7) قيد الضمان بكونه مورد العقد، فلو لم يكن

(1) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 45.
(2) المبسوط: ج 2 ص 129.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 496.
(4) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 44.
(5) في (ق): الوصف.
(6) السرائر: ج 2 ص 350. المختلف: ج 1 ص 382.
(7) السرائر: ج 2 ص 350.
230

المعقود عليه فلا ضمان.
ويشكل إذا هلك في زمن الخيار، واستخرج في الخلاف (1) من الرواية
جواز بيع عبد من عبدين، وليست صريحة فيه، وجوزه الفاضل (2) إذا كانا
متساويين من كل وجه.
فروع على الرواية:
لو تعدد العبيد ففي انسحاب الحكم احتمال، فإن قلنا به وكانوا ثلاثة مثلا
فأبق واحد فات ثلث المبيع، فيرتجع ثلث الثمن، ويحتمل هنا عدم فوات شئ،
لبقاء محل الاختيار، أما لو كانتا أمتين أو عبدا وأمة فإن الحكم ثابت.
الثاني: لو فعل ذلك في غير العبد كالثوب وتلف أحد الثوبين أو الثياب
ففيه الوجهان، وقطع الشيخ (3) بأنا لو جوزنا بيع عبد من عبدين لم يلحق به
الثوبين، لبطلان القياس.
الثالث: لو هلك أحد العبدين احتمل انسحاب الحكم، ويتخير
التنصيف، إذ لا يرجى العود هنا.
[248]
درس
روى أبو خديجة عن الصادق عليه السلام (4) في المملوكين المأذونين يبتاع
كل منهما الآخر فالحكم للسابق، وإن اشتبه وكانا في القوة سواء حكم لأقرب
الطريقين، فإن تساويا بطل البيعان، وروي (5) القرعة مع التساوي، وهو مبني

(1) الخلاف: ج 2 ص 17.
(2) المختلف: ج 1 ص 382.
(3) الخلاف: ج 2 ص 17.
(4) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 46.
(5) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب بيع الحيوان ح 2 ج 13 ص 46.
231

على الشراء لأنفسهما إذا ملكنا العبد، أو الشراء بالإذن وقلنا ينعزل المأذون
لخروجه عن الملك، إلا أنه يصير فضوليا، فيلحقه أحكام (1) الإجازة. ولو كانا
وكيلين وقلنا بعدم الانعزال صحا معا.
وفي النهاية (2) لو علم الاقتران أقرع، ورده ابن إدريس (3)، بأن القرعة
لاستخراج المبهم ومع الاقتران لا إبهام، بل يبطلان، وأجاب المحقق رحمه الله (4)
بجواز ترجيح أحدهما في نظر الشرع فيقرع، ويشكل بأن التكليف منوط بأسبابه
الظاهرة، وإلا لزم التكليف بالمحال. وليس كالقرعة في العبيد، لأن الوصية
بالعتق، بل نفس العتق قابل للابهام، بخلاف البيع وسائر المعاوضات.
وروى (5) مسكين فيمن اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردها على
البائع، فإن فقد استسعت، وعليها الشيخ (6) وأتباعه، وقال الحليون (7):
لا تستسعي، لأنها ملك الغير وتدفع إلى الحاكم ليوصلها إلى أربابها.
والأقرب المروي (8)، تنزيلا على أن البائع يكلف بردها إلى أهلها، أما
لأنه السارق، أو لأنه ترتبت يده عليها. واستسعاؤها جمعا بين حق المشتري
وحق صاحبها.
والأصل فيه أن مال الحربي في الحقيقة وبالصلح صار محترما احتراما
عرضيا، فلا يعارض ذهاب مال محترم في الحقيقة.

(1) في باقي النسخ: فيلحقه إمكان.
(2) النهاية: ص 412.
(3) السرائر: ج 2 ص 352.
(4) شرائع الإسلام: ج 2 ص 60.
(5) وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 50.
(6) النهاية: ص 414.
(7) السرائر: ج 2 ص 356، شرائع الإسلام: ج 2 ص 61.
(8) وسائل الشيعة: باب 88 من أبواب نكاح العبيد والإماء ج 14 ص 590.
232

وروى ابن أشيم (1) فيمن دفع إلى مأذون ألفا ليعتق نسمة ويحج عنه بالباقي
فاعتق أباه وأحجه بعد موت الدافع، فادعى وارثه ذلك، وزعم مولى المأذون
ومولى الأب أنه اشتراه بماله، تمضي الحجة، ويرد رقا لمولاه حتى يقيم الباقون
بينة وعليها الشيخ (2)، وقدام الحليون (3) مولى المأذون لقوة اليد وضعف السند،
وحملها على إنكار مولى الأب البيع ينافي منطوقها، وفي النافع (4) يحكم بإمضاء
ما فعله المأذون، وهو قوي إذا أقر بذلك، لأنه في معنى الوكيل، إلا أن فيه طرحا
للرواية المشهورة.
وقد يقال: أن المأذون بيده مال المولى الأب وغيره، ويتصادم الدعاوي
المتكافئة يرجع إلى أصالة بقاء الملك على مالكه، ولا يعارضه فتواهم بتقديم
دعوى الصحة على الفساد، لأن دعوى الصحة هنا مشتركة بين متقابلين
متكافئين فتساقطا، وهذا واضح لا غبار عليه.
وروى محمد بن قيس (5) في وليدة باعها ابن سيدها فاستولدها المشتري
بنزعها الأب وولدها، وللمشتري أخذ البائع ليجيز أبوه البيع، وهي قضية علي
عليه السلام في واقعة، ولعل ذلك استصلاح منه عليه السلام، وفيها دلالة على
أن عقد الفضولي موقوف، وعلى أن الإجازة كاشفة.
وفي تقريراته عليه السلام (6) عدم رد الشاة التي تأكل الذبان لما قال
شريح: لبن طيب بغير علف.

(1) وسائل الشيعة: باب 25 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 53.
(2) النهاية: ص 414.
(3) السرائر: ج 2 ص 357، شرائع الإسلام: ج 2 ص 60.
(4) مختصر النافع: ص 133.
(5) وسائل الشيعة: باب 88 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 1 ج 14 ص 591.
(6) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أحكام العيوب ح 8 ج 12 ص 413.
233

[249]
درس
في بيع الثمار
لا يجوز بيع الثمار قبل ظهورها عاما واحدا إجماعا، والمشهور عدم جوازه أزيد
من عام، ولم يخالف فيه إلا الصدوق (1)، لصحيحة يعقوب بن شبيب (2)،
وحملت على عدم بدو الصلاح.
ولو باعها قبل ظهورها منضمة احتمل ابن إدريس (3) جوازه ولو عاما
واحدا، ثم أفتى بالمنع، وهو الأصح. والجواز رواية سماعة (4).
ولو ظهرت ولما يبدو صلاحها، وباعها أزيد من عام أو مع الأصل أو
بشرط القطع أو مع الضميمة صح، وكذا لو بيعت على مالك الأصل في أحد
قولي الفاضل (5)، ووجه الصحة أنه كالجمع بينهما في عقد، ويضعف بعدم العقد
هنا على الجميع، والمنع اختيار الخلاف (6).
وبدون واحد من هذه الشروط مكروه على الأقوى جمعا بين الأخبار، وقال
سلار (7): إن سلمت الثمرة لزم البيع، وإلا رجع المشتري بالثمن (8)، والحاصل
للبائع.

(1) من لا يحضره الفقيه: باب المزارعة والإجارة ح 3903 ج 3 ص 249.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب بيع الثمار ح 8 ج 13 ص 4، وفيه (عن يعقوب بن شعيب) بدل
شبيب.
(3) السرائر: ج 2 ص 360.
(4) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب بيع الثمار ح 1 ج 13 ص 9.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 502.
(6) الخلاف: ج 2 ص 38.
(7) المراسم: ص 177.
(8) في (ق): استرجع المشتري الثمن.
234

فرع على اشتراط بدو الصلاح:
لو أدرك بعض البستان جاز بيع الجميع، ولو ضم إليه بستانا آخر منعه
الشيخ (1)، لظاهر رواية (2) عمار، والوجه الجواز، لرواية إسماعيل (3) بن
الفضل، واعتضادها بالأصل هذا.
ويجوز اشتراط المتجدد من الثمرة في تلك السنة، وفي غيرها مع حصر
السنين، سواء كان المشترط من جنس البارز، أو غيره. ولو شرط ضم ما يتجدد
من بستان آخر عاما أو عامين احتمل الجواز.
ولا يحمل مطلق البيع قبل الصلاح على القطع، بل يصح على قول أو
يراعى، ويبطل على آخر.
وبدو الصلاح في الثمرة زهوه أي تلونه، وفي العنب انعقاد حصرمه لا ظهور
عنقوده وإن ظهر نوره، وفي باقي الثمار انعقاد حبه بعد نثر ورده، وروى أبو
بصير (4) اشتراط الأمن من الآفة.
ويجوز بيع الثمرة الظاهرة والخفية في قشر أو قشرين، وبيع الخضروات بعد
انعقادها، وإن لم يتناه عظمها لقطة أو لقطات معلومة، وبيع ما يجز كالرطبة
والبقل جزة وجزات، وما يخرط كالحناء والتوت والآس خرطة وخرطات،
والمرجع في اللقطة والجزة والخرطة إلى العرف.
ولو باع الجزة الثانية أو الخرطة الثانية أو الثالثة جاز عند ابن حمزة (5)

(1) المبسوط: ج 2 ص 114.
(2) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب بيع الثمار ح 5 ج 13 ص 8.
(3) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب بيع الثمار ح 2 ج 13 ص 8.
(4) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب بيع الثمار ح 12 ج 13 ص 5.
(5) الوسيلة: ص 253.
235

ويشكل بالجهالة فيبطل، إلا بالتبعية كما قاله الفاضل (1).
ومنع الشيخ (2) من بيع البطيخ والقثاء والخيار والباذنجان بعد ظهوره قبل
بدو الصلاح، إلا بشرط القطع، والوجه الجواز. ويحمل الإطلاق على بدو
الصلاح.
ويجوز بيع الزرع قائما وحصيدا، بارزا كان أو لا، وبيع سنبله خاصة، ومنع
الصدوق من بيع الزرع قبل السنبل، إلا مع القصل، والوجه الجواز.
والحصاد على المشتري، وكذا لو باعه قصيلا، ولو أبى قصله البائع أو تركه
بأجرة، وكذا الثمرة بشرط الصرام.
ولو باعها مطلقا وجب تبقيتها إلى أوان أخذها عرفا من بسر أو رطب أو تمر
أو عنب أو زبيب أو طلاء. ولو اضطرب العرف فالأغلب، ومع التساوي
يحتمل وجوب التعيين، والحمل على أقل المراتب، لأنه المتيقن، وعلى أعلاها
صيانة لمال المشتري، واستثناء البائع الثمرة كذلك.
والسقي لكل منهما جائز ما لم يتضرر، أو لو تقابلا رجحت مصلحة المشتري،
ويحتمل ترجيح مالك الثمرة، مشتريا كان أو بائعا. نعم يقتصر على الضروري،
فإن تنازعا حكم بالعرف. ولو منع أحدهما الآخر من السقي فهلك ماله أو
نقص ضمن.
ولو اشترى نخلا بشرط قطعه جذوعا وجب الفور، إلا أن يشترط التأخير إلى
أجل معين فيجب، ويسقى لو افتقر إليه.
ولو أخره عن وقت الوجوب فأثمر فالثمر (3) للمشتري، وعليه أجرة الأرض،

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ض 502.
(2) المبسوط: ج 2 ص 114.
(3) في باقي النسخ: فهو للمشتري.
236

وأجرة مالكها إن سقاه وراعاه.
ولم يشترط المعظم إذن المشتري، واشترطه ابن إدريس (1)، ورواية
الغنوي (2) مطلقة.
ولا تدخل الثمرة قبل التأبير في بيع الأصل في غير النخل، ولا في النخل، إلا
أن ينتقل بالبيع، وطرد الشيخ (3) الحكم في المعاوضات، ووافق على عدم دخوله
في غيرها كالهبة.
ورجوع البائع في عين ماله عند التفليس وفي دخول الورد قبل انعقاد الثمرة
في بيع الأصول خلاف، فأدخله الشيخ (4) في ظاهر كلامه، ومنعه الفاضل (5)،
وأدخل الشيخ (6) أيضا الجنبذ في بيع شجر الورد، وتبعه القاضي (7) وابن
حمزة (8)، ومنع الحليون (9) ذلك، وهو قوي.
[250]
درس
تفسد بيع المزابنة، وهي بيع الثمرة بالتمر وإن لم يكن منها، خلافا
للخلاف (10)، والأقرب تعديته إلى سائر الثمار، وكذا المحاقلة، وهي بيع السنبل

(1) السرائر: ج 2 ص 366.
(2) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب بيع الثمار ح 2 ج 13 ص 17.
(3) المبسوط: ج 2 ص 100.
(4) المبسوط: ج 2 ص 102.
(5) المختلف: ج 2 ص 377.
(6) المبسوط: ج 2 ص 103.
(7) المهذب: ج 1 ص 375.
(8) الوسيلة: ص 250.
(9) السرائر: ج 2 ص 363.
(10) الخلاف: ج 2 ص 41.
237

من الحنطة والشعير بالحب من جنسه وإن لم يكن منه، خلافا للشيخ (1).
ويجوز بيع العرية، بأن يقدر عند بلوغها تمرا ويباع بقدره، وهي نخلة واحدة
في دار الغير في رواية السكوني (2)، وقال اللغويون والجمهور: أو بستانه فيشتري
ثمرتها مالكهما أو مستأجرهما أو مستعيرهما بتمر من غيرها مقدر موصوف حال
وإن لم يقبض في المجلس، خلافا للمبسوط (3)، وطرد الحكم بوجوب التقابض
في المجلس في الربويات.
ولا يشترط المطابقة في الخرص للواقع، بل يكفي الظن.
ولا يجوز المفاضلة حين العقد، ولا يمنع من صحة بيعها بلوغ النصاب. ولا
يجوز بتمر منها، لئلا تتحد الثمن والمثمن، وقيل: يجوز رخصة.
ولا يكفي المشاهدة في التمر المجعول ثمنا. ولو أعرى محتاجا نخلة - أي جعل
له ثمرتها عامها - ثم اشترى المعري ثمرتها منه بتمر جاز على الأقرب.
ولو فضل مع الفقير تمر فاشترى به تمر نخلة ليأكله رطبا فالأقرب جوازه،
ولو اشترى أزيد من نخلة فالأجود المنع، ويظهر من ابن إدريس (4) ولا عرية في
غير النخل.
وجوز ابن الجنيد (5) بيع ما المقصود منه مستور، كالجزر والثوم والبصل،
ومنعه جماعة، والأقوى الأول. تحكيما للعرف، وأولى بالجواز الصلح.
ويجوز تقبيل الشريك بحصة مصاحبة من الثمرة بخرص معلوم وإن كان
منها، وهو نوع من الصلح لا بيع، وقراره مشروط بالسلامة.

(1) المبسوط: ج 2 ص 117.
(2) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب بيع الثمار ح 1 ج 13 ص 25.
(3) المبسوط: ج 2 ص 118.
(4) السرائر: ج 2 ص 369.
(5) لم نعثر عليه (في المختلف) وذكره الفاضل في قواعد الأحكام لا يجوز بيع منه منور..
238

وللبائع استثناء حصة مشاعة من الثمرة، وأرطال معلومة، فيحمل على
الإشاعة، حتى لو تلف شئ سقط من الثنيا بحسابه (1) إذا كان بغير تفريط في
الموضعين، أما لو استثنى ثمر شجرات بعينها فلا. وقد يفهم من هذا التوزيع
تنزيل شراء صاع من الصبرة على الإشاعة.
ولو باعه صبرة من الثمرة بأخرى من جنسها أو غيره من غير اعتبار بطل،
وإن تطابقا عنده أو لم يتمانعا، وجعله الشيخ (2) مراعى بالتطابق مع تساوي
الجنس وعدم الممانعة مع اختلافه، وهو من باب الاكتفاء بالمشاهدة.
وهلاك الثمرة بعد القبض - وهو التخلية - من مال المشتري إن لم يكن الخيار
مختصا به، وقبله من البائع، إلا أن يكون بسبب المشتري.
ولو أتلفها البائع فللمشتري تغريمه (3) المثل وفسخ البيع. ولو أتلفها أجنبي
قبل القبض فله الفسخ أيضا وإلزام الأجنبي، فإن فسخ طالب البائع الأجنبي.
ولو تجددت تمرة أو لقطة للبائع قبل القبض ولا تمييز فللمشتري الفسخ
وإن بذل له البائع الجميع أو ما شاء على الأقوى، ولو كان بعد القبض
إصطلحا.
وما يتجدد من القصل بعد قطعه للبائع، إلا أن يقع الشراء على الأصول.
وما ينبت من الحب المشتري سنبله للمشتري، لا لرب الأرض.
ولو اشترى ثمرة بشرط القطع فتركه حتى أينع فله وعليه الأجرة، ولا شركة
عندنا، وقال الشيخ (4) وابن إدريس (5): وإن كانت الأرض خراجية فعلى

(1) في باقي النسخ: مقابلها.
(2) المبسوط: ج 2 ص 119.
(3) في (ق): تغريم.
(4) المبسوط: ج 2 ص 126.
(5) السرائر: ج 2 ص 366.
239

المشتري الخراج دون الأجرة، وإن كانت عشرية فعليه الأجرة والزكاة.
والمروي في القصيل (1) يتركه مشتريه حتى يسنبل إن عليه طسق الأرض.
ولا يجوز بيع البذر الكامن، ولو صولح عليه جاز. ويجوز لمشتري الثمرة بيعها
قبل قبضها بجنس الثمن وغيره، زاد أو نقص.
ولو اشترى ورق التوت أو ثمرته لم يستتبع أحدهما الآخر.
ولو اشترى الأصل لم يتبع الثمرة، وفي تبعية الورق نظر، وكذا ورق الخيار
والآس، وكذا قضيب ما اعتيد قضيبه كالخلاف. وحيث قلنا بالتبعية يتربص
به إلى أوان أخذه عرفا.
ولو باع الأصل وقلنا بدخول الورق فاستثناه البائع، فهو كاستثناء البائع
الطلع قبل التأبير، فمقتضاه تبقيته إلى أوان بلوغه.
ولا يعتبر هنا اشتراط القطع، ولو اعتبرناه في شراء الطلع، لأن ذلك ليس
بملك متجدد، بخلاف الشراء، قيل: بيع الأصل سبب في زوال الملك،
واستثناؤه سبب في التدارك، فهو كالحادث.
قلنا: السبب في الزوال هو البيع المطلق لا مطلق البيع، وليس المشرف على
الزوال ولما يزل كالزائل العائد، لأنه تقدير لما لا وجود له بمنزلة الموجود.
وروى يعقوب بن شعيب (2) إذا اشترى ثمرة وفي نيتهما فسخ المشتري إن لم
يرتضيها بعد صرامها لا يصلح، وظاهره الكراهية.
وفي حسنة الحلبي (3) جواز بيع الثمرة بثمر من نفس الثمرة، والعنب بزبيب
كذلك، وهو نادر.

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب بيع الثمار ح 7 و 8 ج 13 ص 21 و 22.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب بيع الثمار ح 1 ج 13 ص 11.
(3) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب بيع الثمار ح 1 ج 13 ص 11.
240

وروى أبو بصير (1) اشتراط الأمن من الآفة في بيع الثمرة، وهو على الندب.
وروى سماعة (2) جواز بيع الثمرة قبل خروج طلعها مع الصميمة، وهو
متروك.
ويجوز بيع الكلأ المملوك، وليس لمشتريه بيع ما اشتراه بشرط الرعي مع
المشتري. ويجوز بأكثر، ولو كان قد عمل فيه جاز، والظاهر أنه على الكراهية،
مع أن الراوي سماعة. نعم يشترط تقدير ما يرعاه بما يرفع الجهالة.
ولو أعطى الزارع نصف بزره ونصف نفقته على الشركة جاز، ويكون بيعا
إن كان قد ظهر، وإلا صلحا.
[251]
درس
في النزاع والإقالة
إطلاق الكيل والوزن يحمل على المتعارف في بلد العقد، فإن تعدد
فالأغلب، فإن تساويا وجب التعيين فيبطل بدونه، ولو عينا غير المتعارف لزم.
والبحث في النقد كذلك.
ولو تنازعا في النقد المعين تحالفا، ولو ادعى أحدهما النقد الغالب قيل:
يرجح.
ولو تنازعا في قدر الثمن حلف البائع مع بقاء المبيع، والمشتري مع تلفه على
الأشهر، ونقل الإجماع عليه في الخلاف (3)، والرواية (4) مرسلة، وقال ابن

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب بيع الثمار ح 12 ج 13 ص 5.
(2) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب بيع الثمار ح 1 ج 13 ص 9.
(3) الخلاف: ج 2 ص 65.
(4) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب أحكام العقود ح 1 ج 12 ص 383.
241

الجنيد (1): يحلف المشتري إن كانت في يده أو أحدث فيه حدثا، ويحلف البائع
إن كان في يده، ويتخير المشتري بين الأخذ به أو الترك، وقال الحلبي (4):
يتحالفان إن تنازعا في البيع أو الثمن قبل التقابض ويفسد البيع، ولم يتعرض لما
بعد القبض، وقال ابن إدريس (3): يحلف صاحب اليد، واحتمل الفاضل (4)
التحالف مطلقا، وحلف المشتري مطلقا، وهما نادران.
ولو تنازعا في قدر المبيع حلف البائع، وفي تعيينه يتحالفان، وكذا في تعيين
الثمن المعين أو في جنسه أو في تعيين العوضين، كقوله بعتك العبد بالدار فيقول
بعتني الجارية بالبستان.
وعليها يحمل قول النبي صلى الله عليه وآله (5) إذا اختلف المتبائعان تحالفا
وترادا.
واختلاف الورثة كالمتبائعين، وربما قيل: يحلف ورثة البائع في المبيع
وورثة المشتري في الثمن، جريا على قاعدة تقديم المنكر، وقصرا للرواية على
موردها.
فروع:
الأول: لو تخالفا في زمان الخيار المشترك تحالفا، ويحتمل العدم، لأنهما
يملكان الفسخ، والوجه الأول ما لم يفسخ أحدهما.
والغرض من اليمين نكول الكاذب ودوام العقد بإحلاف الصادق، فإن

(1) المختلف: ج 1 ص 395.
(2) الكافي في الفقه: ص 355.
(3) السرائر: ج 2 ص 283.
(4) قواعد الأحكام: ج 1 ص 154.
(5) سنن البيهقي: ج 5 ص 333.
242

حلفا فالفسخ أمر ضروري شرع، لتعذر إمضاء العقد. وعليه يتفرع التحالف في
عقد المضاربة، ويجري التحالف في سائر العقود الجارية على هذا النمط.
الثاني: البادي باليمين من يتفقان عليه، فإن اختلفا عين الحاكم، ثم
يحلف (1) على النفي خاصة، فإن نكل أحدهما حلف الآخر على الإثبات، ولو
جمع بين النفي والاثبات في اليمين فالأقرب منعه، لأن موضع الإثبات بعد
النكول، ولو نكلا عن اليمين فكحلفهما.
الثالث: إذا حلفا أو نكلا احتمل أن ينفسخ العقد، إذ إمضاؤه على وفق
اليمين متعذر، وعلى وفق أحدهما تحكم، ويحتمل أن يتزلزل فيفسخه المتعاقدان
أو أحدهما، أو يرضى أحدهما بدعوى الآخر، أو يفسخه الحاكم إذا يئس من
توافقهما وامتنعا من فسخه، لئلا يطول النزاع.
وعلى الانفساخ ينفسخ من حينه لا من أصله، فالنماء لمن كان مالكا، وعلى
الفسخ من حين إنشائه، ثم إن تقاربا على الفسخ أو فسخه الحاكم انفسخ
ظاهرا وباطنا، وإن بدر أحدهما، فإن كان المحق فكذلك، وإلا انفسخ ظاهرا.
الرابع: في منع كل منهما من التصرف فيما وصل إليه بعد التنازع تردد، من
قيام الملك، وتوقع زواله فهو كالزائل، وأولى بعدم الجواز بعد التحالف لتأكد
سبب الزوال، ولو قلنا بالانفساخ منع قطعا.
الخامس: لو تحالفا بعد هلاك العين ضمن مثلها أو قيمتها يوم الهلاك على
الأقرب. ولو عابت فأرشها ولو أبق فالقيمة للحيلولة، ثم يترادان إذا عاد، وإن
رهن أو آجر أو كوتب فالعقود باقية، وينتقل إلى القيمة في المكاتبة، وفي الرهن
والإجارة وجهان، مبنيان على الحمل على الكتابة أو الإباق.
ولو رضي صاحب العين بتأخير الأخذ إلى فك الرهن أو فراغ الإجارة

(1) في (ق): ثم الحلف.
243

احتمل إجابته، إن تسلم العين وأسقط الضمان وجوزناه، وإلا لم يجب.
السادس: لو تنازعا في قدر الثمن بعد الإقالة أو الفسخ بخيار حلف البائع.
السابع: لو تنازعا في النقد والنسيئة أو قدر الأجل أو اشتراط رهن أو
ضمين على المبيع أو الثمن حلف المنكر.
الثامن: لو تنازعا في الصحة والفساد حلف مدعي الصحة، ولو ادعى
الصغر أو السفه أو الجنون وقد كان موصوفا بهما احتمل إحلافه، لأنه أعرف،
وإحلاف الآخر ترجيحا للصحة، ولو كان مدعي النقض الآخر فإحلاف
مدعي الصحة هنا أوجه، كما لو قال المشتري للبائع بعتني في صغرك وادعى
البائع البلوغ.
وأما الإقالة فهي فسخ وليست بيعا في حق المتبائعين ولا غيرهما، سواء
كانت قبل القبض أم لا، وسواء كان المبيع عقارا أم غيره، فلا يثبت بها شفعة
ولا خيار المجلس، ويصح في الجميع والبعض وإن كان سلما، ومع قيام السلعة
أو تلفها، ويغرم المثل أو القيمة.
ولا تصح الإقالة بزيادة في الثمن أو نقص، ولا يسقط بها أجرة الدلال
والكيال والوزان والناقد.
وصورتها أن يقولا تقايلنا أو تفاسخنا أو أقلتك فيقبل الآخر، ولو التمس منه
الإقالة فقال أقلتك ففي اعتبار قبول الملتمس هنا نظر، من قيام الالتماس مقامه،
ومن عدم علمه بإجابته. نعم لو بدأه فقال أقلتك اعتبر قبول الآخر قطعا، وفي
الاكتفاء بالقبول الفعلي هنا احتمال.
244

كتاب السلف والسلم
245

كتاب السلف والسلم
وهو العقد على مضمون في الذمة، موصوف بمال معلوم، مقبوض في المجلس
إلى أجل معلوم.
وشرعيته إجماع، وآية الدين (1) نزلت فيه عند ابن عباس (2)، وعليه
النص (3).
وصيغة الإيجاب من السلم أسلمت إليك أو أسلفتك كذا في كذا إلى
كذا، والقبول من المسلم إليه قبلت وشبهه، والإيجاب من المسلم إليه بالبيع
والتمليك أو أسلمت منك كذا، وينعقد البيع بلفظ السلم على الأقرب، ويلحق
السلم أحكام البيع كلها (4).
ويختص بشروط ستة:
الأول: ذكر الجنس، وهو اللفظ الدال على الحقيقة النوعية هنا كالحنطة
والشعير، والوصف وهو الفارق بين أصناف ذلك النوع كالصرابة، والحداثة
فيبطل السلم مع الإخلال بهما أو بأحدهما. ولو تعذر الوصف بطل أيضا
كاللحم والخبز والنبل المنحوت، ولا يمنع مسيس النار من السلم إذا أمكن
الوصف.

(1) البقرة: 282.
(2) تفسير ابن عباس: ص 40.
(3) صحيح البخاري: ج 3 ص 111.
(4) في باقي النسخ: بأسرها.
247

والمعتبر الأوصاف التي يختلف الثمن بها بما لا يتغابن بمثله.
ولا يجب الاستقصاء، فلو استقصى وأدى إلى عسر الوجود بطل، وإلا
صح.
ولا يشترط ذكر السلامة من العيب فإن الإطلاق يحمل عليه. نعم ذكره
مستحب.
ويكفي في كل وصف أقل ما يطلق عليه، قيل: ويجب ذكر الجودة أو
الرداءة بالإجماع، وفيه نظر.
ولا يجوز اشتراط الأجود، أما الأردأ ففيه وجهان: من عدم الوقوف على
غايته، ومن أن طلب أردى مما يحضر عيب، فيكفي فيه أن يكون في المرتبة
الثانية من الردئ، وهذا القدر معلوم.
ويصح السلم في الحب والتمر واللبن والشحم والطيب والثوب والرقيق
والذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس بنوعيه والحيوان واللآلي الصغار
دون الكبار والياقوت والفيروزج الزبرجد، لعدم ضبطها، وعظم الاختلاف
باختلاف أوصافها، والأقرب جواز السلم في العقيق وشبهه من الجواهر التي
لا يتفاوت الثمن باعتبارها تفاوتا بينا.
ويجوز السلم في الأدوية البسيطة والمركبة إذا علم المتعاقدان بسائطها. وكذا
في المختلطة المقصودة الأجزاء، كالعتابي من القطن والحرير والخز الذي فيه
الحرير، ولو لم يعلم قدر الخليطين إذا كان ذلك عرفا مطردا، ولو اضطرب
وجب معرفة قدرهما.
ولو كان الخليط غير مقصود كالأنفحة في الجبن والماء في الخل لم يضر
جهالته وإن كان خل الزبيب والتمر، لأنه يتبين بذكر حموضة الخل وحدته
ونفوده، وليس دهن الورد والبنفسج من المختلطة، لأن تزويجه بالمجاورة.
ولنذكر مما يعم البلوى به ثلاثة عشر:
248

أحدها: الرقيق، فيذكر فيه الذكورة والأنوثة والنوع واللون والسن والقد
كالطويل والقصير والربعة، ولو قدر (1) بالأشبار كالخمسة أو الستة احتمل
المنع، لإفضائه إلى العسر (2).
ويحتمل وجوب ذكر الكحل والدعج والزجج وتكلثم الوجه في الجارية
وكونها خميصة ريانة اللمس ثقيلة الردف أو أضداد ذلك، لتفاوت الثمن به وعدم
عزته. والأقرب وجوب تعيين البكارة أو الثيوبة في الأمة، فلو أطلق بطل.
ولا يشترط ذكر الملاحة، فلو ذكرها روعي العرف، ويحمل على أقل
درجة، ويحتمل البطلان، لعدم انضباطها فإن مرجعها إلى الاستحسان والشهرة
المختلفين باختلاف الطباع.
ولا يجب التعرض لآحاد الأعضاء لعدم تفاوت الثمن فيه، وربما أدى إلى
عزة الوجود. وكذا لو شرط الولد مع الأم المقصود بها التسري.
ولو قصد بها الخدمة كالزنجية جاز، لقلة التفاوت، وأولى بالجواز اشتراط
كونها حاملا، سواء كانت حسناء أو شوهاء، ومنع في المبسوط (3) منه، لعدم
إمكان ضبط ووصفه، ومنع ابن الجنيد (4) من اشتراط الحمل في الحيوان كله،
والوجه الجواز. ولا يجب وصف الحمل، لأنه تابع.
وثانيها: الإبل، فيذكر السن كالثني والذكورة والأنوثة، واللون كالأسود
والأحمر، والصنف كالعرابي والبخاتي، والنتاج إذا كان معروفا عام الوجود
كالعبادي.
وثالثها: الخيل، فيذكر الذكورة والأنوثة والسن والنوع كالعربي والتركي،

(1) في (ق): قدره.
(2) في باقي النسخ: العزة.
(3) المبسوط: ج 2 ص 176.
(4) المختلف: ج 1 ص 367.
249

واللون، ولو ذكر السيئات كالأغر والمحجل واللطيم جاز وإن لم يجب ذكرها.
ورابعها: البقر والحمير، ويتعرض فيه للسن والنوع والذكورة والأنوثة واللون
والبلد.
وخامسها: الطير، ويتعرض فيه للنوع واللون، وكبر الجثة أو صغرها، لأن
سنها غير معلوم، وكل ما يعلم سنه يرجع فيها إلى البينة، فإن فقدت فإلى السيد
إن كان رقيقا صغيرا: وإلى الرقيق إن كان بالغا، فإن فقد فإلى ظن أهل
الخبرة.
وسادسها: زوائد الحيوان، كاللبن واللبأ والسمن والزبد والرايب والصوف
والشعر والوبر، فيتعرض في اللبن للنوع كالماعز والمرعى، وإن قصد به الجبن أو
الكشك احتمل ذكر الزمان بالصفاء والغيم فإن لهما أثرا بينا في ذينك عند أهله،
ويلزم عند الإطلاق حليب يومه وفي اللبأ ذلك ويزيد في اللون والطبخ أو
عدمه.
وفي السمن النوع كالبقري واللون والحداثة أو العتاقة، وفي الجبن كل
ذلك (1) والرطوبة واليبوسة، وكذا القريش والأقط، وربما وجب في القريش
ذكر اليومي أو غيره، لتفاوته بذلك، وفي الزبد جميع ما تقدم، ويتعرض في
الصوف والشعر والوبر للنوع والزمان والطول والقصر والنعومة والخشونة
والذكورة والأنوثة لو ظهر (2) لهما تأثير في الثمن.
[252]
درس
وسابعها: الثياب، ويذكر فيه النوع والبلد والعرض والصفاقة والغلظ

(1) في (م): كذلك.
(2) في باقي النسخ: إن ظهر.
250

والنعومة وأضدادها. ولا يجوز ذكر الوزن لعسره.
وله الخام عند الإطلاق، وإن ذكر المقصور جاز، فإن اختلفت البلدان ذكر
بلد القصارة، كالبعلبكي والقبطي والروسي.
ويجوز اشتراط المصبوغ فيذكر لونه وإشباعه أو عدمه. ولا فرق بين المصبوغ
بعد نسجه أو قبله على الأقوى، ومنعه الشيخ (1) إذا صبغه (2) بعد غزله، لأن
الصبغ مجهول، ولأنه يمنع من معرفة الخشونة والنعومة.
وفي وجوب ذكر عدد الخيوط نظر أقربه ذلك، لاشتهاره بين أهله وتأثيره في
الثمن.
وثامنها: الحرير والكرسف والكتان، ويذكر فيها البلد واللون والنعومة أو
الخشونة، ويختص الحرير بالغلظ أو الدقة.
ويجوز السلف في جوز القز، فيذكر اللون والطراءة أو اليبس والبلد، وأبطله
الشيخ (3) إذا كان فيه دود، لأن الحي يفسد بالخروج، والميت لا يصح بيعه.
قلنا: هو كنوى التمر في بلد لا قيمة له فيه.
والكرسف بوجوب ذكر حلجه أو عدمه، وقيل: يحمل الإطلاق على عدمه،
وهو بعيد، إلا مع القرينة.
ولو أسلف في الغزل وجب ذكر ما سلف واشتراط الغلظ أو الدقة. ولو
أسنده إلى غزل امرأة بعينها بطل.
وتاسعها: الحبوب والفواكه والثمار، فيذكر في الحنطة البلد والحداثة والعتق
واللون والكبر أو الصغر والصرابة أو ضدها.
ولا يشترط ذكر حصاد عام أو عامين، وإن ذكره جاز، وفي الشعير

(1) المبسوط: ج 2 ص 177.
(2) في باقي النسخ: إذا صبغ.
(3) المبسوط: ج 2 ص 182.
251

والقطنية ذلك كله.
وفي التمر، البلد والنوع والكبر والصغر والحداثة أو العتاقة واللون إن اختلف
النوع، وفي الرطب ذلك كله، إلا العتاقة، ويجب الفارق (1)، ولو شرط المنصف
أو المذنب لزم.
وفي الزبيب، البلد والنوع والكبر والصغر واللون إن اختلف نوعه والمزيت
أو غيره، وله الجاف من التمر والزبيب الخالي عن الحثالة. ولا يجب تناهي
الجفاف.
وفي الفواكه، البلد والنوع والطراوة أو ضدها واللون إن اختلف.
وفي الجوز، الصنف والكبر والصغر والبلد والحديث أو العتيق، وله منزوع
القشرة العليا، وكذا اللوز.
وفي الطلا، البلد والنوع والحديث أو العتيق واللون والصفا والقوام، ويجب
كونه مما ذهب ثلثاه فصاعدا، خاليا من الثقل غير المعتاد، وإن ضم إليه ظروفه
اشترط كونها مما يصح فيه السلم، فلو كانت من أدم احتمل المنع لعسر وصفه،
والأقرب الجواز، لعدم تعلق الغرض بجميع أوصافه.
وفي السيلان والصفر (2)، البلد والنوع والقوام، وفي الدبس ذلك. ولا يمنع
منه مسيس النار، ويجوز السلم في المصفر من الرطب والتمر، ويوصف بوصفيهما.
وعاشرها: العسل، فيذكر فيه البلد والزمان واللون، ويحتمل الإطلاق على
المصفى لا الشهد، ويحمل المصفى على ما لم تمسه النار، إلا أن يشترط ذلك.
وحادي عشرها: الخشب والحطب، فيذكر النوع واليبس والرطوبة والطول
والثخن، ولا يجبان في الحطب. نعم يذكر فيه الغلظ أو الدقة والوزن، وفي

(1) كذا في النسخ والمنقول عنه في الحدائق (المتعارف)، ج 20 ص 9.
(2) كذا في النسخ والمنقول عنه في الحدائق (المعصر)، ج 20 ص 9.
252

خشب العريش ذلك، ويريد السمع أو العقد.
وثاني عشرها: الحجر واللبن والآجر، ففي الحجر النوع اللون والقدر والوزن
وللطحن يزيد الدقة أو الثخن والبلد، وفي اللبن القالب المشهور، والمكان الذي
يضرب فيه، وكذا في الآجر، ويزيد فيه اللون.
وثالث عشرها: الآنية، فيذكر النوع والشكل والقدر والطول والسمك
والسعة، وكونه مصبوبا أو مضروبا، والوزن، خلافا للشيخ (1). ومدار الباب على
الأمور العرفية، وربما كان العوام أعرف بها من الفقهاء وخط الفقيه البيان
الإجمالي.
[253]
درس
الشرط الثاني: التقدير بالكيل أو الوزن فيما يكال أو يوزن وفيما لا يضبط إلا
به، وإن جاز بيعه جزافا كالحطب والحجارة.
ويجوز السلف في المعدود الذي لا يعظم تفاوته بالعدد كالجوز واللون،
بخلاف الرمان والبيض فلا يجوز بغير الوزن. ولو جمع بين الوزن والعدد بطل،
وإن كان لبنا أو آجرا جاز عند الفاضل (2).
ولو أسلم في المكيل وزنا أو بالعكس فالوجه الصحة، لرواية (3) وهب عن
الصادق عليه السلام.
ويشترط في المكيال والصبخة العمومية، فلو أشار إلى قصعة أو صخرة
بطل، ولو عينا مدا أو صبخة من جملة المشهور لغا التعيين، ولا يبطل العقد في
الأصح. وكذا لو شرط في البيع، وله ملء المكيال وما يحتمله، بلا هز وزلزلة

(1) المبسوط: ج 2 ص 184.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 553.
(3) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب السلف ح 1 ج 13 ص 63.
253

ودق ولا وضع كف على جانبه، إلا أن يسمع به الدافع، أو يشترط (1) في العقد
إذا لم يتضمن الجهالة.
الشرط الثالث: أن يكون المسلم فيه دينا، لأنه موضوع لفظ السلم لغة
وشرعا، فلو أسلم في عين كان بيعا، ولو باع موصوفا كان سلما، نظرا إلى المعنى
في الموضعين.
وليس المانع من السلف في العين اشتراط الأجل الذي لا يحتمله العين،
لأن الأصح أنه لا يشترط الأجل. نعم يشترط التصريح بالحلول وعموم الوجود
عند العقد، ولو قصد الحلول ولم يتلفظا به صح أيضا.
ولو قصد الأجل اشترط ذكره فيبطل العقد بدونه. ولو أطلق العقد حمل على
الحلول.
ويشترط في الأجل التعيين بما لا يحتمل الجهالة. ويحمل الشهور على الأهلة
مهما أمكن، ويكمل المنكسر ثلاثين على الأقوى، ويلفق اليوم إذا وقع السلم في
أثنائه فيستوفي من آخره بقدر ما مضى قبل العقد، سواء كان ذلك اليوم المستوفي
منه أطول، أو أقصر، للتسامح في مثله.
ولو قال إلى سنة فالأجل آخرها، وتحمل على الهلالية إلى أن يعينا
الشمسية.
ولو قال إلى رجب أو الجمعة فالأجل أولهما، لصدق الاسم. ولو عين أول
رجب أو آخره حمل على أول جزء منه أو آخره لا على النصفين، ليبطل العقد.
ولو قال في رجب أو في الجمعة تجهل، وجوزه الشيخ (2) فيحمل على الجزء
الأول.

(1) في باقي النسخ: أو شرطه.
(2) الخلاف: ج 2 ص 88.
254

ويجوز التأجيل بشهور العجم إذا عرفناها، وبالنيروز والمهرجان إذا
علماهما، ويحتمل البطلان، لأنهما عبارتان عن يومي الاعتدالين بانتهاء
الشمس إلى أول نقطة من الحمل والميزان، وذلك لا يعلم، إلا من الرصدي
الذي لا يقبل قوله وحده، واجتماع من يفيد قوله العلم بعيد. وكذا الفصح
والخميس والفطير بشرط العلم عند العقد.
ولو أقت بالحصاد والصرام وشبههما بطل.
ولا يشترط في الأجل الوقع في الثمن، فلو أقت ببعض يوم جاز، ومنع ابن
الجنيد (1) من النقيصة عن ثلاثة أيام، وهو قول الأوزاعي (2).
ولا ينتهي في الكثرة إلى حد، ومنع ابن الجنيد (3) من ثلاث سنين،
للنهي (4) عن بيع السنين، ولعله للكراهة.
ولو قال إلى الخميس حمل على الأقرب. وكذا إلى ربيع أو جمادي، وإن
كان التعيين أولى.
الشرط الرابع: استناد المسلم فيه إلى ما لا يختل عادة. ولو أسنده إلى بستان
معين أو قرية قليلة بطل.
ولا يلحقه الإسناد إلى بلد معين بالعين، لأن القرينة حاصلة وإن كان
وجه القضاء متعينا، ولا يضر لعدم انحصاره.
[254]
درس
الشرط الخامس: قبض الثمن قبل التفرق فيبطل بدونه لو قبض البعض

(1) المختلف: ج 1 ص 364.
(2) المغني: ج 4 ص 330.
(3) المختلف: ج 1 ص 364.
(4) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب أحكام العقود ح 1 ج 12 ص 366.
255

صح فيه، ويتخير المسلم إليه. ولو فارقا المجلس مصطحبين ثم قبضا صح.
ولو بان المقبوض من غير الجنس أو مستحقا بطل، إلا أن يكون المجلس
باقيا، أو يكون الثمن معين.
ولو شرط كون الثمن مؤجلا بطل، لأنه من الكالئ بالكالئ، وإن قبض في
المجلس لقصر الأجل.
ولو شرط كونه من دين له عليه فالوجه الفساد وفاقا للشيخ (1)، ولو شرط
بعضه منه بطل فيه.
ولو أطلقا ثم تقابضا في المجلس فالظاهر الجواز، ويقع التقاص قهريا إن
كان الجنس والوصف واحدا، ويلزم منه كون مورد العقد دينا بدين، ويشكل
صحته.
ولو شرط تأجيل البعض بطل في الجميع، لجهالة ما يوازي المقبوض،
ويحتمل الصحة، ويقسط فيما بعد كبيع سلعتين، فيستحق إحداهما، وظاهر ابن
الجنيد (2) جواز تأخير قبض الثمن إلى ثلاثة أيام، وهو متروك.
الشرط السادس: القدرة على التسليم عند الأجل، فلا يضر العجز حال
العقد، ولا فيما بينهما، ولا يكفي وجوده في بلد لا يعتاد نقله إليه إلا نادرا، كهدية
أو مصادرة. ولو عين بلدا لم يكن وجوده في غيره وإن اعتيد نقله إليه.
ولو أسلم فيما يعسر وجوده عند الأجل مع إمكانه كالكثير من الفاكهة في
البواكير، فإن كان وجوده نادرا بطل، وإن أمكن تحصيله لكن بمشقة (3) فالوجه
الجواز، لإلزامه به مع إمكانه، ويحتمل المنع، لأنه غرر.

(1) النهاية: ص 398.
(2) المختلف: ج 1 ص 364.
(3) في باقي النسخ: لكن بعد مشقة.
256

فرع:
لو شرط نقل الفاكهة من بلد بعيد إلى بلده قبل وجودها في بلده صح، وإن
كان يبطل مع الإطلاق، ولا يجب عليه السعي فيها.
والفرق بينه وبين البواكير أنها مقصودة عند العقد، بخلاف تغاير البلدان،
ولو فرض قصد ذلك البلد صح هذا.
ولو انقطع عند الأجل لعارض لم ينفسخ العقد، لأن تناول الدفع هذه السنة
يقتضيه الأجل ومورد العقد إنما هو الذمة، بل يتخير وليس فوريا، بخلاف خيار
الغبن، لأن تأخيره انتظار وتأجيل، والأجل لا يلحق بعد العقد.
ولو صرح بالإمهال ففي بطلان خياره نظر، من تجدد الحق حالا فحالا فهو
كخيار المولى منها، ولأنه كتأخير الدين المؤجل، ومن أن الإمهال أحد شقي
التخيير وقد آثره، وأولى في الإبطال ما إذا قال أبطلت خياري، وقول ابن
إدريس (1) بعدم الخيار بتعذر المسلم فيه، نادر.
ويجري الخيار لو مات المسلم إليه قبل وجود المسلم فيه، ولو قبض البعض
تخير أيضا، وله أخذ ما قبض، والمطالبة بحصة غيره من الثمن. وفي تخيير المسلم
إليه حينئذ وجه قوي، لتبعيض الصفقة عليه. نعم لو كان الانقطاع بتفريطه فلا
خيار له.
ولو علم الانقطاع قبل الأجل ففي الخيار وجهان، كالحالف على أكل
الطعام غدا فيتلفه قبل الغد.
ولو كان يوجد في بلد آخر لم يجب نقله مع المشقة، ولا مع عدمها إذا كان
قد عين البلد، وإلا وجب.

(1) السرائر: ج 2 ص 319.
257

ولو اعتاض عن المسلم فيه بعد انقطاعه جاز إذا كان بغير جنس الثمن، أو
به مع المساواة، ويبطل مع الزيادة عند الأكثر، وهو في الرواية (1) أشهر، وقال
المفيد (2) والحليون (3): يجوز، وهو ظاهر مرسلة أبان (4)، ومكاتبة ابن فضال (5).
[255]
درس
في اللواحق
ولا تكفي المشاهدة في الثمن الذي شأنه الاعتبار، خلافا للمرتضى (6)،
وتوقف الفاضل (7) في الاكتفاء بها في المذروع، وقطع الشيخ (8) باشتراط ذرعه،
وليس بقوي، كما لا يشترط في البيع.
ويجوز كون الثمن نقدا وعرضا ما لم يؤد إلى الربا، ومنع الحسن (9) من جواز
إسلاف غير النقدين ضعيف، وكذا منع ابن الجنيد (10) من إسلاف عرض في
عرض إذا كانا مكيلين أو موزونين أو معدودين كالسمن في الزيت، ومنع (11)
من إسلاف الجارية.

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب السلف ح 9 ج 13 ص 70.
(2) المقنعة: ص 596.
(3) السرائر: ج 2 ص 310.
(4) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب السلف ح 5 ج 13 ص 69.
(5) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب السلف ح 8 ج 13 ص 70.
(6) الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): ص 253.
(7) قواعد الأحكام: ج 1 ص 134.
(8) المبسوط: ج 2 ص 170.
(9) المختلف: ج 1 ص 364.
(10) المختلف: ج 1 ص 365.
(11) المختلف: ج 1 ص 367.
258

ويجوز السلم في الجلود مع المشاهدة عند الشيخ (1)، قيل: وهو خروج عن
السلم، لأنه دين، ويمكن جعله من باب نسبة الثمرة إلى بلد.
واعتبار مشاهدة جميع الغنم يكفي عن الإمعان في الوصف، لعسره
واختلاف خلقته، وعدم دلالة الوزن على القيمة، والرواية (2) تدل على الجواز
إذا أسنده إلى غنم أرض معينة. ويحتمل الجواز فيما قطع قطعا متناسبا، كالنعال
السببية فيذكر الطول والعرض والسمك والوزن، والوجه المنع، لعدم تساوي
السمك غالبا، وهو أهم المراد منه.
وفي اشتراط ذكر مكان التسليم مع كون السلم مؤجلا أقوال ثالثها اشتراطه
إذا كان لحمله مؤنة، ورابعها ذكره إذا كانا في مكان قصدهما مفارقته،
والأقرب اشتراطه مطلقا.
ويجب قبض الموصوف عند الأجل أو الإبراء، فإن أبى قبضه الحاكم، فإن
تلف أو تعذر الحاكم فمن الممتنع.
ولو دفع أجود وجب القبول، خلافا لابن الجنيد (3)، لرواية سليمان بن
خالد (4) إذ شرط فيها طيب نفسيهما.
ولا يجب القبض قبل الأجل وإن انتفى الضرر عن المسلم، ولم يتعلق غرض
الدافع بغير البراءة.
ويجب خلو الحبوب من التراب والقشر غير المعتاد، وخلو الحنطة من الشعير،
إلا أن يذكر اختلاطهما به، ويعفى عن الحبات اليسيرة.
ولو أسلم في شاة لبون فله حلبها وتسليمها إلى المسلم.

(1) النهاية: ص 397.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب السلف ح 4 ج 13 ص 61.
(3) المختلف: ج 1 ص 367.
(4) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب السلف ح 8 ج 13 ص 67.
259

ويجوز السلم في السمك والجراد حيا وميتا ونيا ومطبوخا، وفي الصمغ
والطين الأرمني والحسيني عليه السلام سادجا ومعمولا سبحا وألواحا.
ولو أسلم حالا فسلم المبيع في المجلس ففي الاكتفاء به عن تسليم الثمن نظر،
من خروجه عن بيع الدين بمثله.
ولو أحال بالثمن فقبضه البائع قبل التفرق صح، وإلا فلا على الأقرب
فيهما. ولو أحال البائع على المشتري اشترط قبض المحتال في المجلس على الأصح،
ووجه الجواز أن الإحالة كالقبض.
ولو صالح البائع عن الثمن على مال فالأقرب الصحة واشتراط قبض مال
الصلح.
ويجوز اشتراط الرهن والضمين، وكل سائغ ولو كان أصواف نعجات، مع
التعيين على الأقرب.
ولو دفع أردا أو أزيد جاز في غير الربوي، وبطل فيه على الأقرب.
ولو تنازعا في قبض الثمن قبل التفرق أو بعده حلف مدعي الصحة، ولو
أقاما بينة بني على ترجيح الداخل والخارج، وقيل: يقدم بينة القبض لشهادتها
على الإثبات. ولو قال البائع قبضته ثم رددته إليك قبل التفرق فأنكر المسلم
حلف البائع.
ولو أسلم أحد الغريمين أو هما فالسلم بحاله، إلا أن يكون المسلم فيه خمرا أو
خنزيرا ولم يقبضا فيبطل.
ولو أسلم عرضا في عرض ثم جاء بالثمن وهو على الصفات وجب القبول،
ولو كانت أمة فلا عقر عليه بوطئها.
ويجوز تعدد المسلم فيه في العقد الواحد اختلف الأجل أو اتفق، فلو قبض
بعض الثمن وزع على الجميع.
260

ولا يجوز بيعه قبل حلوله ولو كان تولية. ولو صالح عليه قبل الحلول
فالأقرب (1) الإجزاء.
ولو وجد المشتري بالمقبوض عيبا فلا أرش، وله الرد والمطالبة بالسليم.

(1) في باقي النسخ: فالأقوى.
261

كتاب الخيار
263

كتاب الخيار
وأنواعه تسعة:
أحدها: خيار المجلس، لقوله صلى الله عليه وآله (1): البيعان بالخيار ما لم
يفترقا، إلا بيع الخيار أي خيار الشرط فإنه باق وإن تفرقا، أو بيع شرط فيه
تعجيل ثمرة الخيار، وهو التطابق على الالتزام في العقد.
وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (2) إذا صفق الرجل على البيع فقد
وجب وإن لم يفترقا، مأول بما ذكر أو بأن الوجوب بمعنى سببية الملك.
ويختص بالبيع بأنواعه، ويثبت لهما ما داما في المجلس أو فارقاه مصطحبين،
ولا عبرة بالحائل.
ويكفي في المفارقة المبطلة خطوة لصدقها بها، ويسقط باشتراط سقوطه في
العقد لا قبله، خلافا للخلاف (3) وبإيجابهما العقد، وإيجاب أحدهما ورضا
الآخر، وبقولهما أسقطنا خيار المجلس أو الخيار.
والعاقد عن اثنين له الخيار، ويبطل بما يبطل به خيار المتعاقدين،. ولو قال

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 345.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الخيار ح 7 ج 12 ص 347.
(3) الخلاف: ج 2 ص 3.
265

له اختر الإمضاء فقال اخترته بطل خيارهما، وإن اختار الفسخ انفسخ، وإن
سكت فخياره باق وخيار القائل على الأقوى، لعموم الخبر، وقد ثبت لأحدهما
الخيار، لأن المفهوم ضعيف، ولو قال له اختر الفسخ فالحكم ما تقدم وبقاء خيار
القائل هنا بسكوت المخاطب أولى، ولو قال اختر فالحكم كذلك.
ولو تصرف المشتري سقط خياره وحده، ولو تصرفا أو تعارض فسخ أحدهما
وإيجاب الآخر قدم جانب الفسخ.
ولو مات أحدهما أو ماتا فللوارث أو المولى، ولو جن أو أغمي عليه فللولي،
ولو خرس اعتمد على الإشارة أو الكتابة المفهمة، وإن تعذر الاستعلام فالأقرب
تخير الحاكم ما فيه المصلحة، وعبارة الشيخ (1) تخير الولي ولو تخير الولي ثم زال
العذر فلا نقض.
ولا عبرة بالتفرق كرها مع منعهما من التخاير، فإذا زال الإكراه فلهما
الخيار في مجلس الزوال بطوله عند الشيخ (2)، ولو لم يمنعا من التخاير بطل الخيار
ولزم العقد.
فروع:
أسقط الفاضل (3) الخيار في شراء القريب، أما المشتري فلعتقه عليه، ولأنه
وطن نفسه على الغبن، إذ المراد به العتق، أما البائع فلما ذكر، ولتغليب العتق،
ويحتمل ثبوت الخيار لهما، بناء على أن الملك بانقضاء الخيار وثبوته للبائع، لأن
نفوذ العتق لا يزيل حقه السابق.
وحينئذ يمكن وقوف العتق ونفوذه، فيغرم المشتري القيمة لو فسخ البائع،

(1) المبسوط: ج 2 ص 84.
(2) المبسوط: ج 2 ص 84.
(3) قواعد الأحكام: ج 1 ص 142.
266

ويجري مجرى التلف الذي لا يمنع من الخيار.
الثاني: لو اشترى العبد نفسه فكالأول عنده إن قلنا بجوازه كالكتابة.
الثالث: لو باع أو اشترى من ولده الصغير فالأقرب ثبوت الخيار، للعموم
وهو في قوة اثنين، ولو التزم به من جانب الطفل أو من جانبه فالطرف الآخر
باق.
الرابع: لا خيار في الإجارة والإقالة، لأنهما ليسا بيعا عندنا، وكذا الحوالة
والصلح على الأصح، والهبة بشرط الثواب واقتضاء العين عن الدين والقسمة
والشفعة.
الخامس: يثبت في بيع خيار الرؤية، ولا يمنعه اجتماع الخيارين، وكذا بيع
خيار الشرط والحيوان.
السادس: يثبت في الصرف تقابضا أولا، فإن التزما به قبل القبض
وجب التقابض، فلو هرب أحدهما عصى وانفسخ العقد، ولو هرب قبل
الالتزام فلا معصية، ويحتمل قويا عدم العصيان مطلقا، لأن للقبض مدخلا في
اللزوم فله تركه.
السابع: لو تناديا بالعقد على بعد مفرط صح العقد، ولهما الخيار على
الأقوى، وإن تقاربا بالتنقل، ووجه عدم الخيار أنه لا يجمعهما مجلس عرفا.
الثامن: لو تنازعا في التفرق حلف المنكر، ولو تنازعا في الفسخ وكانا قد
تفرقا قدم منكره. ولو قال أحدهما تفرقنا قبل الفسخ وقال الآخر فسخنا قبل
التفرق احتمل تقديم الأول، لأصالة بقاء العقد، وتقديم الثاني، لأنه يوافقه
عليه ويدعي فساده، والأصل صحته، ولأن الفسخ فعله.
[256]
درس
وثانيها: خيار الشرط، وهو جائز لهما ولأحدهما ولا يتقدر بالثلاثة. نعم
267

يشترط ضبطه بما لا يحتمل التفاوت.
ويجوز اشتراطه لأجنبي منفردا، فلا اعتراض عليه ومعهما أو مع أحدهما، فلو
خولف أمكن اعتبار فعله، وإلا لم يكن لذكره فائدة، وقال ابن حمزة (1) إن
رضي الأجنبي لزم وإن لم يرض تخير المشتري، ولم يشترط كونه عن المشتري.
ولو شرط الخيار لأحدهما أو في إحدى العينين بهما بطل، ويصح في جميع
العقود، إلا النكاح، ولا يصح في الإبراء والوقف والعتق على خلاف فيهما، ولا
في الطلاق، وقطع الشيخ (2) وابن إدريس (3) بمنعه في الصرف ناقلين الإجماع،
ومنع الفاضل (4) الإجماع واختلف قولاه في الضمان، ولم نعلم وجه المنع، مع
صحيحة ابن سنان (5) المسلمون عند شروطهم.
وجوز في المبسوط (6) والقاضي (7) وابن إدريس (8) دخوله، ودخول خيار
المجلس في الوكالة والعارية والوديعة والجعالة والقراض، وفي الخلاف (9) يدخل
فيها خيار الشرط ولا يدخل خيار المجلس إجماعا، والفاضل (10) لا يرى للخيارين
معنى، لأنهما عقود جائزة على الإطلاق، ويدفع باحتمال إرادتهم منع التصرف
مع الخيار.
ومنع في الخلاف (11) من دخول خيار الشرط في الصلح، وهو بعيد، وجوز
اشتراطه في القسمة (12) والكتابة (13) والسبق (14).

(1) الوسيلة: ص 238.
(2) المبسوط: ج 2 ص 79.
(3) السرائر: ج 2 ص 244.
(4) المختلف: ج 1 ص 351.
(5) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 353.
(6) المبسوط: ج 2 ص 82.
(7) المهذب: ج 1 ص 356.
(8) السرائر: ج 2 ص 246.
(9) الخلاف: ج 2 ص 5.
(10) المختلف: ج 1 ص 351.
(11) الخلاف: ج 2 ص 5.
(12) الخلاف: ج 2 ص 8.
(13) الخلاف: ج 2 ص 8.
(14) الخلاف: ج 2 ص 8.
268

فروع:
لو شرطا الخيار ولم يعينا مدة ففي فساد العقد أو الحمل على الثلاثة قولان،
ونقل في الخلاف (1) الإجماع على انصرافه إلى الثلاثة.
الثان: لو شرط الاستيمار صح، ولم يحتج إلى مدة عند الشيخ (2)، ويشكل
بالغرر.
الثالث: مبدؤه من العقد عند الفاضلين (3)، لأنه قضية اللفظ، ولئلا يلزم
الغرر، ومن التفرق عند الشيخ (4) وابن إدريس (5) حملا على التأسيس، وتفاديا
من اجتماع المثلين.
الرابع: يجوز اشتراط مدة متأخرة عن العقد، فيلزم بينهما. ولو شرط اللزوم
وقتا والخيار وقتا متعاقبين في مدة معينة احتمل الجواز. وهنا مسائل:
يجوز اشتراط ارتجاع المبيع عند رد الثمن مع تعيين المدة، فليس للبائع الفسخ
بدون رد الثمن أو مثله اشتراط (6)، ولا يحمل الإطلاق على العين. ولو شرطا رد
العين احتمل الجواز، والنماء للمشتري كما أن التلف منه، لرواية إسحاق بن
عمار (7).
فرع:
لو شرطا ارتجاع بعضه ببعض الثمن أو الخيار في بعضه ففي الجواز نظر، وكذا

(1) الخلاف: ج 2 ص 9.
(2) الخلاف: ج 2 ص 16.
(3) شرائع الإسلام: ج 2 ص 22. وإرشاد الأذهان: ج 1 ص 374.
(4) المبسوط: ج 2 ص 85.
(5) السرائر: ج 2 ص 247.
(6) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
(7) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 355.
269

لو وزعا الثمن نجوما ليرد في كل نجم بقسطه أو لا بقسطه.
ولو شرط المشتري ارتجاع الثمن إذا رد المبيع جاز، ويكون الفسخ مشروطا
برد المبيع، فلو فسخ قبله لغا.
ولو شرط الارتجاعين واتحد الوقت صحا قطعا، وإن تغاير الوقت احتمل
صحتهما فالسابق يرتجع، فإن ترك ارتجع الآخر.
الثانية: في تملك المبيع بالعقد أو بعد الخيار، بمعنى الكشف أو النقل
خلاف، مأخذه أن الناقل العقد، والغرض بالخيار الاستدراك وهو لا ينافيه،
أو أن غاية الملك التصرف الممتنع في مدة الخيار، وربما قطع الشيخ (1) بملك
المشتري إذا اختص بالخيار، وظاهر ابن الجنيد (2) توقف الملك على انقضاء
الخيار، فالنماء على النقل للبائع وعلى الآخرين للمشتري.
الثالثة: لو شرط الخيار فيمن ينعتق عليه فهو كما مر في خيار المجلس.
الرابعة: لصاحبه الفسخ والإمضاء في حضور الآخر وغيبته بحكم
الحاكم (3) وعدمه. نعم ثبوته يتوقف على الإشهاد مع النزاع، وقال ابن
الجنيد (4). يشترط في الخيار المختص في الفسخ والإمضاء الحضور أو الحاكم أو
الإشهاد، قال: وفي المشترك لا ينفذ الفسخ والإمضاء إلا بحضورهما، وقال ابن
حمزة (5): لا بد في المشترك من اجتماعهما على الفسخ أو الإمضاء، وفي
المبسوط (6) لا خلاف في جواز الإمضاء بغير حضور الآخر.
الخامسة: التصرف في مدة الخيار إيجاب من المشتري وفسخ من البائع، ولا

(1) الخلاف: ج 2 ص 10.
(2) المختلف: ج 1 ص 352.
(3) في (ق): في حكم الحاكم.
(4) المختلف: ج 1 ص 352.
(5) الوسيلة: ص 238.
(6) المبسوط: ج 2 ص 85.
270

يحتاج البائع إلى فسخ ولا المشتري إلى إيجاب، إلا في رواية السكوني (1) وفيها
إن أقامه في السوق ولم يبع فقد وجب عليه، وفي صحة عقد البائع وجهان، ولو
تعارضا قدم الفسخ.
وليس للبائع التصرف في مدة الخيار المختص بالمشتري، وفي جواز العكس
وتصرف كل منهما مع اشتراك الخيار وجهان. نعم يترتب عليه أثره، وفي
الخلاف (2) لا يأثم المشتري بالوطئ في زمن الخيار، ويمكن حمله على المختص به.
ولو وطئ في المشترك أو المختص بالبائع لم يمنع البائع من الفسخ، فإن
فسخ قال الشيخ (3) والقاضي (4): يرجع بقيمة الولد، والعقر على المشتري، بناء
على عدم الانتقال، وأنكراه ابن إدريس (5) والفاضل (6)، وزاد أن الأمة تصير
مستولدة فتدفع قيمتها، ومنع الشيخ (7) الاستيلاد إلا أن تعود إليه.
السادسة: لو تلف المبيع قبل قبض المشتري بطل البيع والخيار، وبعده لا
يبطل الخيار وإن كان التلف من البائع، كما إذا اختص المشتري بالخيار، فلو
فسخ البائع رجع بالبدل في صورة عدم ضمانه، ولو فسخ المشتري رجع بالثمن
وغرم البدل في صورة ضمانه، ولو أوجبه المشتري في صورة التلف قبل القبض لم
يؤثر في تضمين البائع القيمة أو المثل، وفي انسحابه فيما لو تلف بيده في خياره
نظر.

(1) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 359.
(2) الخلاف: ج 2 ص 11.
(3) الخلاف: ج 2 ص 11.
(4) المهذب: ج 1 ص 358.
(5) السرائر: ج 2 ص 248.
(6) المختلف: ج 1 ص 352.
(7) الخلاف: ج 2 ص 11.
271

السابعة: يجوز نقد الثمن وقبض المبيع في مدة الخيار بغير كراهة، والتعرض
للفسخ لا ينافيهما.
الثامنة: لا فرق في التصرف بين إتلاف العين أو نقلها عن الملك أو فعل
آثار الملك، كالاستخدام والمباشرة حتى القبلة واللمس بشهوة، بل النظر إلى
ما يحرم لغيره، لرواية علي بن رئاب (1)، ولو قبلت المشتري بإذنه فهو تصرف،
وكذا لو رضي به.
التاسعة: استثنى بعضهم من التصرف ركوب الدابة والطحن عليها وحلبها
إذ بها يعرف حالها للمختبر، وليس ببعيد، ولا إشكال في جواز اشتراطه مع بقاء
الخيار.
العاشرة: لو أعتق المشتري في خياره نفد العتق في الحال، لزوال الخيار،
وقال الشيخ (2): ينفد بعد مدة الخيار.
[257]
درس
وثالثها: خيار الحيوان، وهو وثلاثة أيام من حين العقد أو التفرق للمشتري
خاصة، وقال المرتضى (3): لهما، والرواية صحيحة (4)، إلا أن الشهرة رواية (5)
وفتوى، بل الإجماع يعارضها، ويحمل ذكر البائع فيها على التزامه بما يفعله
المشتري في الخيار، وربما حملت على ما إذا كان العوضان حيوانين ويسقط بما
تقدم، ولا فرق بين الأمة وغيرها، وقال الحلبي (6): الخيار في الأمة مدة الاستبراء.

(1) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 350.
(2) الخلاف: ج 2 ص 10.
(3) الإنتصار: ص 207.
(4) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الخيار ح 3 ج 12 ص 349.
(5) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الخيار ج 12 ص 348.
(6) الكافي في الفقه: ص 353.
272

ورابعها: خيار التأخير، فمن باع من غير تقابض لكمال العوضين ولا اشتراط
أجل فللبائع الخيار بعد ثلاثة في فسخ البيع.
فروع:
قيده في المبسوط (1) بشراء معين، فعلى هذا لو اشترى في الذمة لم يطرد
الحكم، سواء كان سلما أم غيره.
الثاني: لو تلف المبيع بعد الثلاثة فمن البائع إجماعا، وفي الثلاثة قولان،
فعند المفيد (2) وسلار (3) من المشتري، وعند الشيخ (4) والأكثر أنه من البائع،
وهو الأقوى، لرواية عقبة بن خالد (5)، وقال ابن حمزة (6): وهو ظاهر كلام
الحلبي (7) أنه من مال المشتري إن عرض عليه التسليم، وارتضاه الفاضل (8).
الثالث: لا خيار للمشتري بعد الثلاثة ولا فيها في ظاهر كلامهم، مع أنه
يلوح منه جواز تأخير الثمن إذ لم يحكموا بإجباره على النقد.
الرابع: لو قبضه المشتري بغير إذن البائع لم يتغير الحكم، ولو أذن له فعند
الشيخ (9) الحكم باق، وحكم بأنه لو تلف بعد الثلاثة هنا يكون من مال
البائع.

(1) المبسوط: ج 2 ص 78.
(2) المراسم: ص 176.
(3) المقنعة: ص 599.
(4) النهاية: ص 386.
(5) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 358.
(6) الوسيلة: ص 248.
(7) الكافي في الفقه: ص 353.
(8) المختلف: ج 1 ص 250.
(9) المبسوط: ج 2 ص 78.
273

الخامس: قال الصدوق (1) في شراء الأمة: إن جاء بالثمن إلى شهر، وإلا
فلا بيع له، لرواية علي بن يقطين (2)، وهي نادرة.
السادس: ظاهر الأكثر أن البائع يملك الفسخ والمطالبة بالثمن بعد الثلاثة،
وظاهر ابن الجنيد (3) والشيخ في المبسوط (4) بطلانه، والذي في الرواية لا بيع بعد
الثلاثة، وحمل على نفي اللزوم.
السابع: لو أحضر المشتري الثمن قبل الفسخ بعد الثلاثة، حكم الفاضل (5)
بعدم جواز الفسخ، لزوال سببه، ويحتمل جوازه، لوجود مقتضيه فيستصحب.
الثامن: لو شرطا الخيار أو أحدهما تغيرت الصورة عند الفاضل (6)، يحتمل
اطرادها، فلو اشترطه المشتري فسخ البائع بعد الثلاثة، ولو شرطاه وخرج الخيار
فكذلك.
التاسع: لو قبض الثمن ثم ظهر مستحقا أو بعضه فكلا قبض، ولو قبض
المبيع فلا خيار، وفي بعض كلام الشيخ (7) أن للبائع الفسخ متى تعذر الثمن،
وفيه قوة.
وخامسها: خيار ما يفسده المبيت، وهو ثابت للبائع عند انقضاء النهار،
ويتفرع عليه كثير مما سلف، والأقرب إطراد الحكم في كل ما يتسارع إليه
الفساد عند خوف ذلك، ولا يتقيد بالليل.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 203.
(2) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الخيار ح 6 ج 12 ص 357.
(3) المختلف: ج 1 ص 351.
(4) المبسوط: ج 1 ص 78.
(5) المختلف: ج 1 ص 351.
(6) المختلف: ج 1 ص 351.
(7) المبسوط: ج 2 ص 148.
274

ويكفي في الفساد نقص الوصف وقلة الرغبة، كما في الخضروات والرطب
واللحم والعنب وكثير من الفواكه.
وهل ينزل خوف فوات السوق منزلة الفساد؟ فيه نظر، من لزوم الضرر
بنقص السعر، ومن اقتضاء العقد اللزوم، والتفريط من البائع حيث لم يشترط
النقد.
[258]
درس
وسادسها: خيار الغبن، وهو ثابت في قول الشيخ (1) وأتباعه لكل من
المشتري والبائع، إذا غبن بما لا يتفاوت به الثمن غالبا وقت العقد، مع جهله
بالقيمة. ولا يتقدر الغبن بغير العرف.
ولو دفع الغابن التفاوت، أو بذل للمغبون من الزبون، أو تصرف فيه بما
لا يخرجه عن الملك، أو بما يخرجه إذا كان المغبون البائع لم يزل الخيار، وحينئذ
يلزمه قيمة الغبن لو فسخ، وليس للبائع فسخ البيع الثاني، مع احتماله
كالشفيع.
وربما قال المحقق في الدرس: بعدم خيار الغبن، ويظهر من كلام ابن
الجنيد (2)، لأن البيع مبني على المكايسة والمغالبة، ولم نقف فيه على رواية سوى
خبر الضرار (3) وتلقي الركبان (4)، وفي الخلاف (5) لم يستند إلى الإجماع ولا إلى
أخبار الأصحاب، وأكثر القدماء لم يذكروه، والأصح ثبوته وفوريته متى علم به

(1) المبسوط: ج 2 ص 87.
(2) المختلف: ج 1 ص 346.
(3) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب الخيار ج 12 ص 364.
(4) وسائل الشيعة: باب 36 من أبواب الخيار ج 12 ص 326.
(5) الخلاف: ج 2 ص 19.
275

وبحكمه، ويعذر مع الجهل بأحدهما.
وسابعها: خيار الرؤية، وهو ثابت في بيع الأعيان الشخصية مع عدم
المطابقة، فيتخير من وصف له، ولو وصف لهما وزاد ونقص تخير، أو تقدم
الفاسخ منهما، وهو فوري على الأصح، وكذا خيار الغبن. ولو شرطا رفعه فالظاهر
بطلان العقد للغرر، وكذا خيار الغبن.
ويحتمل الفرق بينهما، لأن الغرر في الغبن سهل الإزالة، بخلاف الرؤية
فيصح اشتراط رفع خيار الغبن، ولو شرطا رفع خيار التأخير جاز، ولو شرط
البائع إبداله إن لم يظهر على الوصف فالأقرب الفساد.
وثامنها: خيار التدليس، وفوات الشرط، سواء كان من البائع أو المشتري،
فيتخير عند فواته بين الفسخ والإمضاء بغير أرش، إلا في اشتراط (1) البكارة
فيظهر سبق الثيوبة فإن الأرش مشهور، وإن كانت رواية يونس (2) به مقطوعة.
ولو جعلنا الثيوبة عيبا كما يشعر به مهذب (3) القاضي (4) حيث أثبت
الأرش مع عدم شرط البكارة، وابن إدريس (5) اعترف بأنه تدليس وخير بين
الأرش والرد، وتبعه في المختلف (6).
ولو لم يعلم سبق الثيوبة فلا خيار، لأنها قد تذهب بالتعنيس والعلة
والنزوة، نعم لو ظهر ذلك في زمان خيار الحيوان أو خيار الشرط ترتب الحكم.
ومن التدليس التصرية في الشاة والناقة والبقرة على الأصح، ونقل فيه

(1) في (م): اشتراطه.
(2) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب أحكام العقود ح 1 ج 12 ص 418.
(3) في (ق): مذهب.
(4) المهذب: ج 1 ص 393.
(5) السرائر: ج 2 ص 304.
(6) المختلف: ج 1 ص 372.
276

الشيخ (1) الإجماع، وطرد ابن الجنيد (2) الحكم في الحيوان الآدمي وغيره، وليس
بذلك البعيد للتدليس، ويثبت باعتراف البائع أو نقص حلبها في الثلاثة عن
الحلب الأول، فلو تساوت الحلبات في الثلاثة أو زادت اللاحقة فلا خيار، ولو
زادت بعد النقص في الثلاثة لم يزل الخيار.
وللشيخ (3) وجه بثبوت الخيار بالتصرية وإن لم ينقص اللبن، لظاهر
الخبر (4)، وإذا ردها رد اللبن إن كان باقيا، ومثله أو قيمته إن كان تالفا،
وأرشه إن تعيب.
ولو اتخذ (5) منه جبنا أو سمنا فالظاهر أنه كالتالف (6)، وإن قلنا برده فله
ما زاد بالعمل.
وفي استرجاع اللبن المتجدد إشكال، يبني على أن الفسخ يرفع العقد من
أصله، أو من حينه، وقطع الشيخ (7) بعدم استرجاعه، لأنه حدث في ملكه
وقال: يرد عوض اللبن صاع من بر أو تمر، فإن تعذر فقيمته وإن أتت على قيمة
الشاة.
وتردد في وجوب قبول اللبن على البائع، وقطع ابن البراج (8) بعدم الوجوب
بل يتعين الصاع، وصوبه الفاضل (9) مع تغيير اللبن، مع اعترافه بعدم وقوفه على

(1) الخلاف: ج 2 ص 47.
(2) المختلف: ج 1 ص 372.
(3) المبسوط: ج 2 ص 125.
(4) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب الخيار 12 ص 360.
(5) في (م): وإن اتخذ.
(6) في باقي النسخ: كالتلف.
(7) المبسوط: ج 1 ص 125.
(8) المهذب: ج 1 ص 392.
(9) المختلف: ج 1 ص 372.
277

حديث من طرقنا، (وظاهر الشيخ وجود الأخبار بذلك) (1).
وفي التهذيب (2) روى الحلبي فيمن اشترى شاة فأمسكها ثلاثا ثم ردها،
يرد معها ثلاثة أمداد من طعام إن كان شرب لبنها، ولم يذكر المصراة، وكذا في
النهاية (3)، وأن كره ابن إدريس (4) إلا أن تكون مصراة.
فروع:
لو قلنا بقول ابن الجنيد (5) في تصرية الآدمية والأتان وفقد اللبن لم يجب
البر أو التمر، ولو أوجبناه في الشاة أو البقرة، لعدم النص وعدم الانتفاع به فيما
ينتفع بلبن المنصوص.
الثاني: الأقرب أن جنس ماء القناة والرحى وإرساله عند رؤية المشتري
كالتصرية في ثبوت الخيار.
الثالث: لو رضي بالتصرية فوجد بها عيبا بعد الحلب فله ردها عند
الشيخ (6) مع الصاع، مع اعترافه بعدم وقوفه على حديث من طرقنا.
ولو حلبها غير مصراة ثم اطلع على العيب فله ردها عند الشيخ (7) إن كان
اللبن باقيا، وإلا فلا لتلف بعض المبيع، أما اللبن الحادث فله، ولا يمنع حلبه
من الرد، ومنع الفاضل (8) من الرد في الصورة الأخيرة لمكان التصرف، ويحتمل

(1) ما بين القوسين غير موجودة في باقي النسخ.
(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 25.
(3) النهاية: ص 394.
(4) السرائر: ج 2 ص 300.
(5) المختلف: ج 1 ص 372.
(6) المبسوط: ج 2 ص 125.
(7) المبسوط: ج 2 ص 125.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 527.
278

المنع في الأول أيضا، لأن الحلب إنما يغتفر في الرد بالتصرية.
الرابع: لو علم المشتري بالتصرية فلا خيار، ولو علم بها بعد العقد قبل
الحلب تخير قاله الفاضل (1)، مع توقفه في ثبوت الخيار قبل الثلاثة لو حلبها.
الخامس: لو تصرف بغير الحلب فلا رد، ولا يثبت بالتصرية أرش.
السادس: تقييد الخيار بالثلاثة لمكان خيار الحيوان صرح به الشيخ (2)،
وروى (3) العامة الثلاثة لمكان التصرية، وتظهر الفائدة لو أسقط خيار الحيوان.
السابع: هذا الخيار على الفور إذا علم به، والظاهر امتداده بامتداد الثلاثة
إن كانت ثابتة، وإلا فمن حين العلم.
وتشبه التصرية في الرد مع التصرف بالوطئ ما لو ظهر حبل الأمة، ويرد
معها نصف عشر قيمتها، وقال الحلبي (4): العشر، وفصل ابن إدريس (5)
بالبكارة والثيوبة، وفي رواية جميل (6) يرد العشر، وفي أخرى (7) يرد شيئا، وفي
أخرى (8) يكسوها، وتأولهما الشيخ (9) بمطابقة نصف العشر، وربما حمل على
حبلها من السحق وشبهه.
ولو وطئ بعد العلم بالحبل تعين الأرش، ويظهر من التهذيب (10) جواز

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 526.
(2) الخلاف: ج 2 ص 45.
(3) السنن الكبرى: كتاب البيوع ج 5 ص 319.
(4) الكافي في الفقه: ص 358.
(5) السرائر: ج 2 ص 298.
(6) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام العيوب ح 3 ج 12 ص 416.
(7) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام العيوب ح 5 ج 12 ص 416.
(8) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام العيوب ح 6 ج 12 ص 417.
(9) المبسوط: ج 2 ص 127.
(10) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 62.
279

الرد، ويلزمه العشر عقوبة، وجعله محملا للرواية، وأكثر الأخبار مقيدة بعدم
العلم، وجوز الشيخ (1) في رواية النشر السهو من الكاتب.
قلت: والصدوق (2) ذكر رجالها وفيها نصف العشر، وقيد ابن الجنيد (3)
بكون الحمل من المولى، ويلوح من كلام النهاية (4). وحينئذ يتوجه لزوم الرد
للحكم ببطلان البيع، ويتوجه وجوب العقر.
ولو حمل على حمل لا يلزم منه بطلان البيع لم يلزم الرد، وأشكل وجوب
العقر، لأنها ملكه حال الوطئ، إلا أن نقول الرد يفسخ العقد من أصله، أو يكون المهر جبرا لجانب البائع، كما في لبن الشاة المصراة وغيرها عند الشيخ (5)،
والأخبار مطلقة في الحمل، وهو الأصح.
ولو كان العيب غير حبل ووطئ تعين الأرش (إجماعا إلا من
الجعفي) (6) (7). وكذا لو تصرف بغير الوطئ، وفي مقدماته نظر، من التنبيه، ومن
النص (8) على إسقاطها خيار الحيوان، ولأن الوطئ مجبور بالمهر، بخلاف
المقدمات.
ومن التدليس جعل الشعر الجعد سبطا، والوجه الأصفر أحمر والأسمر
أبيض، فإن شرط المشتري ذلك فله الخيار، وإلا ففيه للشيخ (9) تردد.

(1) الخلاف: ج 2 ص 47.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 107.
(3) المختلف: ج 1 ص 373.
(4) النهاية: ص 393.
(5) المبسوط: ج 2 ص 125.
(6) لم نعثر عليه.
(7) ما بين القوسين غير موجودة في (ق).
(8) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الخيار ح 1 ج 12 ص 350.
(9) المبسوط: ج 2 ص 129.
280

[259]
درس
وتاسعها: خيار العيب، بين الرد والأرش ما لم يتصرف بقطع الثوب أو
خياطته أو صبغه وشبه ذلك فيتعين الأرش.
وضابط العيب ما زاد على الخلقة أو نقص، للخبر (1) عن النبي صلى الله
عليه وآله كفوات عضو أو مرض كجنون وجذام وبرص وقرن - بسكون الراء -،
فهذه الأربعة يرد بها الرق.
ولو تجددت ما بين العقد وسنة ما لم يتصرف فالأرش. ومنه الحدب في الظهر
أو الصدر، والسلع، والإباق المتقدم على العقد، وعدم حيض من شأنها الحيض،
ويلوح من ابن إدريس (2) إنكار كونه عيبا، والرواية مصرحة بكونه عيبا، وعدم
شعر الركب، وهي قضية ابن أبي ليلى (3) مع محمد بن مسلم (4)، والدردي في
الزيت والسمن إذا زاد على المعتاد، والحبل في الأمة دون الدابة، والمرض
المستمر أو العارض كحمى يوم، والنجر في الرقيق، وبول الكبير في الفراش،
والزنا، ولم يجعل الشيخ (5) هذه الثلاثة عيبا والسرقة، والخيانة، والحمق (6)،
وشرب المسكر، والنجاسة في غير قابل التطهير، أو فيه إذا احتاج زوالها إلى
مؤنة، أو اقتضى نقصا في المبيع.
وعدم الختان في الكبير إذا لم يعلم جلبه من بلد الشرك، ولو كان صغيرا أو
أمة فليس بعيب، وقال الشيخ (4): عدم الختان ليس بعيب مطلقا، وكونه

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب أحكام العيوب ح 1 ج 12 ص 410.
(2) السرائر: ج 2 ص 304.
(3) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب أحكام العيوب ح 1 ج 12 ص 410.
(4) الخلاف: ج 2 ص 49.
(5) في باقي النسخ: والحمق البين.
(6) المبسوط: ج 2 ص 130.
281

لزينة، وكونه أعسر على الأقرب، واستحقاقه الحد أو التعزير المخوف أو القتل أو
القطع.
أما الكفر والغناء وعدم معرفة الصنائع، وكونه محرما أو صائما أو متزوجا أو
حجاما أو حائكا، أو كون الأمة متزوجة أو معتدة، فليس بعيب، ويقوى كون
الكفر عيبا وفاقا لابن الجنيد (1) والشيخ (2) في أحد قوليه.
فرع:
لو ظهر تحريم الأمة على المشتري بنسب أو رضاع أو مصاهرة ففي كونه عيبا
نظر، من نقص انتفاعه، وعدم صدق الحد عليه مع بقاء القيمة السوقية.
أما لو ظهرت الأمة بكرا والمشتري عاجزا عن الاقتضاض فلا رد هنا قطعا،
إلا مع الشرط، وقال الشيخ (3): لا رد وإن شرط، وهو بعيد.
ثم إطلاق العقد أو اشتراط الصحة يقتضي السلامة من العيب. ويسقط
خيار العيب بأمور أربعة:
أحدها: علم المشتري به قبل العقد.
وثانيها: أن يرضى به بعده غير مقيد بالأرش.
وثالثها: أن يتبرأ البائع منه مفصلا، وفي التبري مجملا كقوله برئت من
جميع العيوب قولان أشهرهما الاكتفاء، علم (4) البائع بالعيب أو لا.
فرعان:
هل يدخل العيب المتجدد بعد العقد وقبل القبض، أو في زمن خيار

(1) المختلف: ج 2 ص 374.
(2) المبسوط: ج 2 ص 130.
(3) الخلاف: ج 2 ص 49.
(4) في (ق): سواء علم.
282

المشتري؟ فيه نظر، من العموم، ومن أن مفهومه التبري من الموجود حال العقد.
نعم لو صرح بالبراءة من المتجدد صح.
الثاني: لو تبرأ من عيب فتلف به في زمن خيار المشتري، فالأقرب عدم
ضمان البائع، وكذا لو علم المشتري بالعيب قبل البيع (1) أو رضي به بعده
وتلف به في زمن خيار المشتري. ويحتمل الضمان، لبقاء علة الخيار المقتضي
لضمان العين معيبة، وأقوى إشكالا ما لو تلف به وبعيب آخر متجدد في
الخيار.
ورابعها: أن يتجدد بعد قبض المشتري في غير مدة الخيار للمشتري أو السنة
فيما مر، ولو تجدد قبل القبض أو في الخيار فللمشتري الرد.
وليس له إجبار البائع على الأرش عند الشيخ (2) ناقلا فيه عدم الخلاف،
ولو اصطلحا عليه جاز، وربما منع الإجماع، ولعله أراد به إجماع العامة، لأن
ضمان الكل يقتضي ضمان الجزء، إلا أن يقال: إن الثمن لا يتقسط على
الأجزاء فيمنع بالأرش في العيب السابق على العقد، أما الرد فيسقط. ويبقى
الأرش بأربعة:
أحدها: التصرف في المبيع علم بالعيب أو لا، كان التصرف ناقلا للملك
أو لا، مغيرا للعين أو لا، لازما أو لا، عاد إليه بعد خروج ملكه أو لا، وقال
الشيخ (3): إذا كان البيع قبل علمه بالعيب وعاد إليه فله رده، وقال (4): التدبير
والهبة لا يمنعان من الرد، لأن له الرجوع فيهما، بخلاف العتق، وسوى ابن
إدريس (5) بينهما.

(1) في (م): به قبل العقد.
(2) المبسوط: ج 2 ص 131.
(3) المبسوط: ج 2 ص 132.
(4) المبسوط: ج 2 ص 131.
(5) السرائر: ج 2 ص 299.
283

وجعل ابن حمزة (1) التصرف مانعا من الأرش إذا كان بعد العلم بالعيب،
والأرش بعد العتق للبائع، ولا يجب صرفه في الرقاب. وكذا لو قبله (2) البائع
فله أرش السابق.
وجوز الشيخ (3) ركوب الدابة في طريق الرد وحلبها وأخذ لبنها مع بقاء
الخيار، ومنعه الفاضل (4)، أما العلف والسقي والإحراز فليس بتصرف قطعا.
ولو نقلها من السوق إلى بلده، فإن كان قريبا عادة فكالعلف، وإن كان
بعيدا أو مشتملا على خطر فهو تصرف على تردد.
وثانيها: حدوث عيب عند المشتري مضمون عليه، إلا أن يرضى البائع
برده مجبورا بالأرش أو غير مجبور.
ولا يجبر البائع على الرد وأخذ الأرش، ولا يتخير المشتري بينه وبين المطالبة
بأرش السابق. ولو قبل البائع الرد لم يكن للمشتري الأرش بالعيب الأول عند
الشيخ (5).
ومن هذا الباب لو اشترى صفقة متعددا وظهر فيه عيب وتلف أحدهما، أو
اشترى اثنان صفقة فامتنع أحدهما من الرد فإن الآخر يمنع منه، وله الأرش،
سواء تعددت العين أو اتحدت، اقتسماها أم لا، وتردد في موضع من
الخلاف (6) للعموم وجريانه مجرى عقدين، وقطع في المبسوط (7) والشركة من

(1) الوسيلة: ص 256.
(2) في باقي النسخ: وكذا لو قتله.
(3) المبسوط: ج 2 ص 139.
(4) المختلف: ج 1 ص 375.
(5) المبسوط: ج 2 ص 131.
(6) الخلاف: ج 2 ص 64.
(7) المبسوط: ج 2 ص 140.
284

الخلاف (1) بجواز تفرقهما، وهو خيرة ابن الجنيد (2) وابن إدريس (3)
والقاضي (4)، ونفاه في النهاية (5) وهو قول المفيد (6) والحلبي (7).
ولو اشترى من اثنين فله الرد على أحدهما دون الآخر قطعا، وكذا لو اشتريا
صفقتين من واحد.
فرع:
لو جوزنا لأحد المشتريين الرد لم يجوزه لأحد الوراث عن واحد، لأن التعدد
طارئ على العقد، سواء كان الموروث خيار عيب أو غيره.
ومنه لو اشترى شيئين فصاعدا فظهر العيب في أحدهما فليس له رده
وحده، بل ردهما أو إمساكهما وأرش المعيب.
ولو اشترى حاملا وشرط الحمل أو قلنا بدخوله فوضعت ثم ظهر على العيب
فليس له إفرادها بالرد، لا لتحريم التفرقة، بل لاتحاد الصفقة. ولا فرق بين
الأمة والدابة.
ولو حملت إحداهما عند المشتري لا بتصرفه فالحمل له وإن فسخ، وترد الأم
ما لم ينقص بالحمل أو الولادة، وأطلق القاضي (8) أن الحمل عند المشتري يمنع
من الرد، لأنه إما بفعله أو إهماله المرعاة حتى ضربها الفحل وكلاهما تصرف.

(1) الخلاف: ج 2 ص 64.
(2) المختلف: ج 1 ص 374.
(3) السرائر: ج 2 ص 345.
(4) المهذب: ج 1 ص 393.
(5) النهاية: ص 409.
(6) المقنعة: ص 597.
(7) الكافي في الفقه: ص 355.
(8) المهذب: ج 1 ص 398.
285

وثالثها: إذا اشترى من ينعتق عليه فإنه ينعتق بنفس الملك ويتعين الأرش
هنا، ويمكن رد هذا الوجه إلى التصرف.
ورابعها: إسقاط الرد في موضع يملكه ويختار الأرش. ولا فرق بين قوله
اخترت الأرش أو أسقطت الرد، أما الأرش فيسقط ويبقى الرد في موضعين
يأتيان إن شاء الله تعالى.
فرع:
قال في المبسوط (1): لو وهب المشتري المعيب أو أبق من عنده فلا أرش له،
لأنه لم ييئس من رده. ثم إن عاد ملكه أو عاد الآبق رده وإلا أخذ أرشه،
وظاهره أن الأرش أنما يكون مع عدم القدرة على الرد، وأن الرد جائز مع هذا
التصرف، وفيهما مخالفة للمشهور.
[260]
درس
خيار العيب على التراخي، وله الفسخ بحضور البائع وغيبته، قبل القبض
وبعده.
ولو تنازعا في ذلك فإن كان الخيار باقيا فله إنشاء الفسخ، ويمكن جعل
إقراره إنشاء، وإن كان قد زال، كما لو تلفت العين افتقر المدعي إلى البينة،
ومع عدمها لا يثبت الفسخ، وله إحلاف الآخر إن أدعى علمه بالفسخ.
فرع:
إذا قضى بعدم الفسخ فهل للمشتري أرش؟ الوجه ذلك لئلا يخرج عن

(1) المبسوط: ج 2 ص 131.
286

الحقين، ويحتمل تقية مؤاخذة له بإقراره، ويحتمل أن يأخذ أقل الأمرين من
الأرش وما زاد على القيمة من الثمن إن اتفق، لأنه بزعمه يستحق استرداد الثمن
ورد القيمة، فيقع التقاص في قدر القيمة ويبقى قدر الأرش مستحقا على
التقديرين.
ثم الفسخ يقتضي رفع العقد من حينه، فالنماء المتجدد بين العقد والفسخ
للمشتري، لأن الخراج بالضمان.
ويشكل إذا كان المبيع مضمونا على البائع، كما لو كان بيده، أو في مدة
خيار المشتري بسبب الشرط، أو بالأصل كخيار الحيوان.
ولو جعلنا النماء تابعا للملك لا للضمان فلا إشكال أنه للمشتري على كل
حال، والشيخ (1) تارة يجعله تابعا للضمان، وتارة للملك (2).
ويجب على البائع الإعلام بالعيب الخفي على المشتري إن علمه البائع،
لتحريم الغش. ولو تبرأ من العيب سقط الوجوب، قال الشيخ (3): والإعلام
أحوط.
وكيفية معرفة الأرش أن يقوم صحيحا ومعيبا ويؤخذ من الثمن مثل نسبة
نقص المعيب عن الصحيح، لا تفاوت ما بين المعيب والصحيح كما قاله علي بن
بابويه (4) والمفيد (5)، لأنه قد يكون مساويا للثمن، وكأنهما بنيا على غالب
الأحوال من شراء الشئ بقيمته.
ولو اختلف المقومون انتزعت قيمة من المجموع نسبتها إليه بالسوية ففي

(1) المبسوط: ج 2 ص 126.
(2) المبسوط: ج 2 ص 126.
(3) المبسوط: ج 2 ص 126.
(4) المختلف: ج 1 ص 371.
(5) المقنعة: ص 597.
287

القيمتين يؤخذ نصفهما، وفي الثلاثة ثلثها وهكذا.
ويشترط في المقوم العدالة والمعرفة والتعدد والذكورة وارتفاع التهمة.
فروع:
لو زادت قيمة المعيب عن الصحيح كما في الخصي احتمل سقوط الأرش
وبقاء الرد لا غير. ويشكل مع حصول مانع من الرد كحدوث عيب أو تصرف،
فإن الصبر على العيب ضرار والرد ضرار.
(ولو تنازعا (1) في تقديم العيب وكان مشكلا حلف البائع، وإن علم تقدمه
بشاهد الحال فالأقرب انتفاء اليمين عن المشتري، ولو علم تأخره فالأقرب
انتفاء اليمين عن البائع ويجريان مجرى البينة. ولو تنازعا في التبري أو في الإعلام
حلف المشتري) (2).
الثاني: لو اشترى ربويا بجنسه وظهر عيب من الجنس فله الرد لا الأرش
حذرا من الربا، ومع التصرف فيه الإشكال.
ولو حدث عنده عيب آخر احتمل رده وضمان الأرش كالمقبوض بالسوم،
واحتمل الفسخ من المشتري أو من الحاكم، ويرتجع الثمن ويغرم قيمة ما حدث
عنده بالعيب القديم كالتالف من غير الجنس، والأول أقوى، لأن تقدير الموجود
معدوما خلاف الأصل.
الثالث: لو اختلف أحوال التقويم فالأقرب اعتبار يوم العقد، لأنه حين
الانتقال على الأصح. ومن قال بانقضاء الخيار يحتمل تقويمه حينئذ وهو
ضعيف، لأنا لو سلمنا ذلك فالتراضي والمعاوضة إنما هو حال العقد، وأما

(1) في (م): ثم لو تنازعا.
(2) ما بين القوسين غير موجودة في (ق).
288

اعتبار انتقال الضمان فأضعف، وقوى الشيخ اعتبار أقل الأمرين من قيمته يوم
العقد والقبض.
ثم لو تنازعا في سبق العيب حلف البائع ولو كان هناك قرينة تشهد
للمشتري وإفادة القطع فلا يمين وقرينة البائع كذلك.
ولو تنازعا في التبري أو في علم المشتري حلف، ولو أنكر البائع كون
المعيب مبيعه حلف، ولو صدق على أن مبيعه معيب وأنكر تعيين المشتري
حلف المشتري.
ولو تنازعا في تصرف المشتري أو حدوث عيب عنده حلف، ولو كان
العيب مشاهدا غير المحقق عليه فادعى البائع حدوثه والمشتري سبقه فكالعيب
المنفرد.
ولو ادعى البائع زيادة العيب عند المشتري وأنكر احتمل حلف المشتري،
لأن الخيار متيقن والزيادة موهومة، ويحتمل حلف البائع إجراء للزيادة مجرى
العيب الجديد.
ولو حدث في المبيع عيب غير مضمون على المشتري لم يمنع من الرد، فإن
كان قبل القبض أو في مدة خيار المشتري للشرط أو الأصل فله الرد ما دام
الخيار.
ولو خرج الخيار ففي الرد خلاف بين ابن نما وتلميذه المحقق، فجوزه ابن
نما (1)، لأنه من ضمان البائع، ومنعه المحقق (2)، لأن الرد لمكان الخيار وقد زال.
ولو كان حدوث العيب في مبيع صحيح في مدة الخيار، فالباب واحد (وقد
يثبت الخيار بالشركة. وتبعض الصفقة والإفلاس والوفاة مع الزيادة وغير ذلك

(1) لم نعثر عليه.
(2) شرائع الإسلام: ج 2 ص 36.
289

مما هو مذكور في مواضعه) (1)
لواحق:
لو أقر مشتري الأمة المزوجة عقدها فوطئها الزوج ثم ظهر بها عيب، فإن
كانت بكرا فلا رد وله الأرش، وإن كانت ثيبا احتمل ذلك، لأنه كتصرف
المشتري وهو مختار الفاضل (2)، واحتمل الرد، لأن مستند الوطئ إلى العقد
السابق من البائع وهو خيرة القاضي (3).
الثانية: الخلاف في أخذ الأرش في العيب الحادث في خيار المشتري،
كالخلاف في الحادث قبل قبضه وجزم (4) الشيخ في النهاية (5) والقاضي (6)
والحلبي (7) بجواز (8) الأرش هنا كما قالوا به ثم، وفيه قوة.
الثالثة: ظاهر المفيد رحمه الله (9) أن حدوث العيب عند المشتري لا يمنع من
الرد، ويشكل إذا كان غير مضمون على البائع.
الرابعة: جعل في الخلاف (10) قطع الثوب (11) أو صبغه وبيعه مانعا من
الأرش ولو كان باقيا، وقيل: للبائع استرداده ودفع قيمة الصبغ فلا أرش
للمشتري، وفيهما إشكال، وقطع الفاضل (12) بالأرش فيهما.

(1) ما بين القوسين غير موجودة في (ق).
(2) المختلف: ج 1 ص 372.
(3) المهذب: ج 2 ص 393.
(4) في باقي النسخ: فيلزم.
(5) النهاية: ص 393.
(6) المهذب: ج 2 ص 393.
(7) الكافي في الفقه: ص 358.
(8) في باقي النسخ: جواز.
(9) المقنعة: ص 597.
(10) الخلاف: ج 2 ص 57.
(11) في (م): وشقه.
(12) المختلف: ج 2 ص 374.
290

كتاب الربا
291

كتاب الربا
وهو حرام بالنص والاجماع ومن أعظم الكبائر، حتى أن الدرهم (1) منه
أشد من سبعين زنية بذات محرم.
ومحله المتساويان جنسا المقدران بالكيل أو الوزن إذا تفاوتا في القدر أو في
الحلول والتأجيل، وفي القرض (2) مع جر النفع.
وضابط الجنس شمول اللفظ الخاص كالتمر الشامل لجميع أصنافه،
والعنب والطعام الشامل للحنطة والشعير على الأظهر، لتظافر الأخبار (3)
الصحاح به الخالية عن المعارض.
وفيها أن الشعير من الحنطة والأصل وفرعه جنس كاللبن وما يعمل منه
والعنب والتمر وما يتخذ منهما، ولحم المعز والضأن جنس لشمول الغنم لهما،
والبقر والجاموس جنس، العراب والبخاتي جنس والطيور أجناس والحمام
كله جنس على الأقرب، وإنما يتصور الربا في الطير إذا بيع لحمه وزنا، وفي
اتحاد السمك أو اختصاص كل صنف خلاف، والشيخ (4) على الاتحاد، وهو

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الربا ح 1 ج 12 ص 422.
(2) في (ق): أو في القرض.
(3) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الربا ج 12 ص 437.
(4) النهاية: ص 376.
293

قوي، والدهن يتبع ما يعتصر منه.
وكل ما يتزوج به الخل من البنفسج والورد والبان فجنس، والخل المتخذ
من التمر يخالف خل الخمر، واللحم والشحم مختلفان، أما الألية والشحم
فالظاهر اتحادهما.
والجودة والرداءة والمصوغ والمكسر والصحة والعيب لا أثر لها في
الاختلاف. ولو اختلف الجنسان جاز التفاضل نقدا.
وفي النسيئة خلاف، فمنعه ابن الجنيد (1) والحسن (2) وهو ظاهر المفيد (3)
وسلار (4) والقاضي (5)، لقوله صلى الله عليه وآله (6): إنما الربا في النسيئة،
وقول الباقر عليه السلام (7): إذا اختلف الشيئان فلا بأس مثلين بمثل يدا بيد،
وجوزه الشيخ (8)، والمتأخرون على كراهية، لقوله صلى الله عليه وآله (9)، إذا
اتفق الجنسان مثلا بمثل واختلف فبيعوا كيف شئتم، وصحيحة الحلبي (10) تدل
على الكراهية.
وفي ثبوت الربا في المعدود قولان أشهرهما الكراهية، لصحيحة محمد بن

(1) المختلف: ج 1 ص 354.
(2) المختلف: ج 1 ص 354.
(3) المقنعة: ص 604.
(4) المراسم: ص 179.
(5) المهذب: ج 1 ص 363.
(6) كنوز الحقائق (في هامش الجامع الصغير): ص 75.
(7) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب الربا ح 1 ج 12 ص 442.
(8) النهاية: ص 377.
(9) عوالي اللآلي: ج 3 ص 221. وفيه هكذا (إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم).
(10) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الربا ح 4 ج 12 ص 438.
294

مسلم (1) وزرارة (2)، والتحريم خيرة المفيد (3) وسلار (4) وابن الجنيد (5)، ولم نقف
لهم على قاطع.
ولو تفاضل المعدودان نسيئة ففيه الخلاف، والأقرب الكراهية، وبالغ في
الخلاف (6) حيث منع من بيع الثياب بالثياب والحيوان بالحيوان نسيئة متماثلا
ولا متفاضلا، والعجب أنه قال مع ذلك: بكراهة بيع المتماثلين المتساويين
نسيئة، وأول كلامه بإرادة التحريم، لأن المسألة إجماعية.
ولا يجوز بيع اللحم بحيوان من جنسه على الأصح، وتجويز ابن إدريس (7)
ذلك شاذ.
وروى إسماعيل بن الفضل (8) كراهة أخذ الغنم من آخر، واشترط إبدال
ذكور ولدها بإناث أو بالعكس، ولو أبدل بعد الولادة فلا بأس. وكذا قال (9):
يكره أخذها على أن يدفع إليه في كل سنة من ألبانها وأولادها قدرا معينا.
وماله حالتا جفاف ورطوبة يباع مع اتفاق الحال، ولو اختلف الحال
فالمشهور منع بيع الرطب بالتمر متساويان ومتفاضلا، للرواية (10)، وقال في
الاستبصار (11) وتبعه ابن إدريس (12): يجوز متساويا على كراهية، لعدم التصريح

(1) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الربا ح 7 ج 12 ص 449.
(2) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الربا ح 4 ج 12 ص 448.
(3) المقنعة: ص 605.
(4) المراسم: ص 179.
(5) المختلف: ج 1 ص 353.
(6) الخلاف: ج 2 ص 22.
(7) السرائر: ج 2 ص 258.
(8) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب الربا ح 10 ج 12 ص 451.
(9) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب الربا ح 11 ج 12 ص 451.
(10) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الربا ح 1 ج 12 ص 445.
(11) الاستبصار: ج 3 ص 93.
(12) السرائر: ج 2 ص 261.
295

في الرواية. وأما العنب بالزبيب وغيره مما ينقص عند الجفاف، فبعض من منع
هناك جوز فيه متماثلا في القدر، ومتع منهما ابن الجنيد (1) والحسن (2) وابن
حمزة (3) والفاضل (4)، وهو أولى.
مسائل:
منع في النهاية (5) من بيع السمن بالزيت متفاضلا نسيئة، تعويلا على
روايات (6) قاصرة الدلالة ظاهرة في الكراهة، ومنع (7) فيها من بيع السمسم
بدهنه والكتان بدهنه، وتبعه ابن إدريس (8)، وجوزه الفاضل (9) مع
التساوي.
الثانية: يباع الدقيق بالحنطة وزنا احتياطا، عند الشيخ (10) وابن
إدريس (11) جزما، لأن الوزن أصل للكيل، وقال الفاضل (12): يباع أحدهما
بالآخر كيلا متساويين، لأن الكيل في الحنطة، والروايات الصحيحة (13)
مصرحة بالجواز في المتماثلين، وليس فيها ذكر العيار.

(1) المختلف: ج 1 ص 355.
(2) المختلف: ج 1 ص 355.
(3) الوسيلة: ص 253.
(4) المختلف: ج 1 ص 356.
(5) النهاية: ص 378.
(6) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب الربا ح 6 و 10 ج 12 ص 444.
(7) النهاية: ص 379.
(8) السرائر: ج 2 ص 261.
(9) المختلف: ج 1 ص 357.
(10) المبسوط: ج 2 ص 90.
(11) السرائر: ج 2 ص 259.
(12) المختلف: ج 1 ص 356.
(13) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الربا ج 12 ص 440.
296

الثالثة: لا يمنع الزوان والشيلم والقصل في الحنطة من التماثل إذا لم يزد عن
العادة، وكذا الشمع في العسل، والماء في الخل والخبز والطبيخ.
الرابعة: يجري الربا في الطين الأرمني، وأما الخراساني المأكول فبيعه
للأكل حرام، باعه بجنسه أو غيره، متماثلا أو متفاضلا، ولغير الأكل جائز،
فإن قضت العادة بكيله أو وزنه كان ربويا، وإلا فلا، وأطلق الشيخ (1)
والقاضي (2) تحريم بيع الطين المأكول.
الخامسة: لا يجري الربا في الماء وإن وزن أو كيل، لعدم اشتراطهما في صحة
بيعه نقدا، ولو أسلف ماء في ماء إلى أجل احتمل أن يكون ربويا، لاشتراط
الوزن حينئذ في المسلم فيه، وكذا الحجارة والتراب والحطب، ولا عبرة ببيع
الحطب وزنا في بعض البلدان، لأن الوزن غير شرط في صحته.
[261]
درس
قال الصادق عليه السلام (3): لا ربا إلا فيما يكال أو يوزن.
والمعتبر بالكيل والوزن في عهد النبي صلى الله عليه وآله، فما علم ذلك فيه
اتبع وجرى فيه الربا وإن تغير حاله بعد. ولا فرق بين أن يكون ذلك في بلده
عليه السلام أو في بلد آخر إذا أقر أهله عليه، وما لم يعلم حاله يتبع حالة
البلدان، فإن اختلف فالأقرب أن لكل بلد ما يغلب فيه، مصيرا إلى العرف
الخاص عند تعذر العام، وغلب الشيخان (4) وابن إدريس (5) وسلار (6) جانب

(1) المبسوط: ج 2 ص 90.
(2) المهذب: ج 1 ص 362.
(3) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب الربا ح 1 ج 12 ص 434.
(4) النهاية: ص 378. والمقنعة: ص 604.
(5) السرائر: ج 2 ص 260.
(6) السرائر: ص 179.
297

التقدير على جانب العدد أو الجزاف، أخذا بالأحوط.
والمعتبر هنا جنس المقدر، وإن لم يقدر لصغره كحبة حنطة، وما نقص عن
أرزة ذهبا أو لعظمه كزبرة حديد وإن كان بيع هذه وفرضها من غير اعتبار
جائز، أو المصنوع إن خرج عن الوزن كالثوب لم يكن ربويا.
ويخرج عن الربا ببيع كل من العوضين بثمن والتقاص وبالقرض كذلك
وبالبيع بالمساوي وهبة الزائد من غير شرط، وبالضميمة كمد عجوة ودرهم
بمدين أو درهمين أو بمدين ودرهمين أو بمد ودرهمين أو بمدين ودرهم.
والظاهر أنه لا يشترط فيهما قصد المخالفة، وكذا لو ضم غير ربوي.
ولا يشترط في الضميمة أن يكون ذات وقع، فلو ضم دينارا إلى ألف درهم
ثمنا لألفي درهم جاز، لرواية ابن الحجاج (1).
ويجوز بيع شاة ذات لبن بشاة مثلها وخالية، وبلبن من جنسها وغيرها،
وكذا دجاجة فيها بيضة بخالية ومشغولة وبيضة ولو أجرينا الربا في المعدود.
ويجوز التماثل بين الزبد واللبن والجبن، وبين الحليب والمخيض، وبين اللبن
والمصل والأقط والزبد بالزبد والأقط بالأقط والمصل بالمصل والسمن بالسمن.
ويحرم التفاضل في ذلك كله، والنسيئة مع اتحاد الجنس، ولو كان في أحد
العوضين ربوي غير مقصود اغتفر، كالدراهم (2) المموهة بالذهب والصفر
والرصاص المشتملين على الذهب والفضة.
ولا يجب التقابض قبل التفرق إلا في الصرف، وللشيخ (3) في العرية قول
باشتراط قبض الثمن في المجلس أو في موضع آخر مع الاصطحاب وقبض ما على
العرية بالتخلية قبل التفرق، وهو متروك.

(1) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب الصرف ح 1 ج 12 ص 466.
(2) في (ق): كالدار.
(3) المبسوط: ج 2 ص 118.
298

ولا ربا بين الزوجين دواما ومتعة على الأقرب، ولا بين الولد ووالده وإن
علا، ولا بين المولى وعبده إن قلنا بملك العبد، إلا أن يكون مشتركا.
ويجوز أخذ الفضل من الحربي لا إعطاؤه الفضل، وفي جواز أخذ الفضل من
الذمي خلاف أقربه المنع. ولا يجوز إعطاؤه الفضل قطعا.
وابن الجنيد (1) جوز أخذ الوالد الفضل من ولده، إلا أن يكون له وارث أو
عليه دين، فظاهره عدم جواز أخذ الولد الفضل، وإنه لو كان للولد وارث امتنع
الربا من جانبين، وهما ضعيفان، لأن مال الولد في حكم مال الوالد مطلقا.
والمعمول من جنسين إذا بيع بهما جاز أو بأحدهما مع زيادة تقابل الآخر.
ويجب على آخذ الربا رده بقيت العين أو تلفت، عالما بالتحريم أو جاهلا
عند المتأخرين، وقال الصدوق (2) والشيخ (3): يكفي الجاهل الانتهاء، للآية (4)،
وللرواية (5) عن الباقرين عليهما السلام، وهو المعتمد.
[262]
درس
إذا باع أحد النقدين بصاحبه فهو صرف يجري فيه الربا، مع اتحاد
الجنس.
ويجب فيه التقابض قبل التفرق فيبطل بدونه، ولو قبضا بعضا صح فيه وفيما
قابله، ولو فارقا المجلس مصطحبين حتى تقابضا جاز، ولو تقابضا جزافا ليزناه
في موضع آخر جاز الافتراق.

(1) المختلف: ج 1 ص 353.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 276.
(3) النهاية: ص 376.
(4) البقرة: 278.
(5) الكافي: ج 5 ص 145 ح 5 و 9.
299

ولو أقرضه بعد قبضه ثم أقبضه ثم أقرضه جاز وإن كان حيلة.
ولو وكل أحدهما أو وكلا في القبض اشترط قبض الوكيل قبل التفرق، ولو
كان وكيلا في العقد سقط اعتبار الموكل.
ولو اشترى المودع الوديعة اشترط قبض ثمنها في المجلس، فلو ظهر تلفها بطل العقد.
ولو اشترى منه أحد النقدين بالآخر ولما يقبضه ثم اشترى به نقدا آخر
بطل الشراء الثاني، ولو تفرقا بطل الأول أيضا، ومع قبض الأول يصح العقد
الثاني، وإن لم يتفرقا أو يتخايرا، لأن نفس العقد يبطل خيار المجلس، وقال ابن
إدريس (1): إن كان النقد المبتاع أولا معينا صح العقد الثاني إذا تقابضا في
المجلس، وإن كان في الذمة بطل الثاني، لأنه بيع دين بدين.
ولو أقبض عن النقد آخرا كان صرفا بعين وذمة، فيشترط القبض في
المجلس للعوض، ولا يضر كون المقتضي مؤجلا، لأن تراضيهما يسقط الأجل، وفي
المبسوط (2) اشترط لفظ البيع، فلو قبض ثمنه بغير بيع لم يكن صرفا وضمن، ولا
يصح التقابض عنده، وجوز التباري.
ولو اصطرفا بما في الذمم كان بيع دين بدين، ولو تهاترا احتمل الجواز، وقد
مر في الكتابة، وعلى قول الشيخ يحتمل المنع، وفي رواية عبيد بن زرارة (3)
إطلاق الجواز.
ولو اصطلحا أو تباريا جاز.
وفي صحيحة إسحاق بن عمار (4) وعبيد بن زرارة (5) يجوز تحويل النقد إلى

(1) السرائر: ج 2 ص 267.
(2) المبسوط: ج 2 ص 97.
(3) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الصرف ح 3 ج 12 ص 464.
(4) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الصرف ح 1 ج 12 ص 463.
(5) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الصرف ح 2 ج 12 ص 464.
300

صاحبه وإن لم يتقابضا، معللا بأن النقدين من واحد، وظاهره أنه بيع، وأن
ذلك توكيل المصير في القبض، وما في الذمة مقبوض، وعليه ابن الجنيد (1)
والشيخ (2)، واشترط ابن إدريس (3) القبض في المجلس، وهو نادر.
ولا يشترط في بيع النقد الذي في الذمة تشخيص ثمنه، خلافا لابن
إدريس (4) فرارا من بيع الدين بالدين. ورد بأن القبض في المجلس أخرجه عن
الغرر المانع من بيع الدين بمثله. نعم يشترط علم العوضين بالوصف الرافع
للجهالة.
والمغشوش من النقدين يباع بغيرهما أو بأحدهم مخالفا أو مماثلا، مع زيادة
تقابل الغش وإن لم يعلم قدر الغش إذا علم وزن المبيع.
وتراب أحد النقدين يباع بالآخر أو بعوض، ولو اجتمعا وبيعا بهما جاز.
وكذا تراب الصياغة، وتجب الصدقة بعينه أو ثمنه مع جهل أربابه.
والإناء المصوغ من الجوهرين أو الحلي منهما يباع بغيرهما أو بهما مع علم وزن
المبيع، وإن لم يعلم وزن كل واحد منهما إذا لم يمكن التخليص. ولو بيع بالجنس
الواحد لم يجز، إلا أن يقطع بزيادة الثمن، وقال الشيخ (5) وجماعة: يباع بالأقل
محافظة على طلب الزيادة.
والسيف والمركب المحليان بالنقد إن علم مقدار الحلية بيعت كيف كان
مع الخلاص من الربا، وإن جهلت ولم يمكن النزع إلا بضرر بيعت بغير جنسه،
أو به مع زيادة يقطع بها من جنسه، أو غير جنسه، وقال الشيخ (6): لو أراد بيعها

(1) المختلف: ج 1 ص 358.
(2) المبسوط: ج 2 ص 187.
(3) السرائر: ج 2 ص 266.
(4) السرائر: ج 2 ص 268.
(5) النهاية: 383.
(6) النهاية: ص 384.
301

بالجنس ضم إليها شيئا، فظاهره أن الضميمة إلى الحلية، ولعله أراد أن بيعها
منفردة لا يجوز، فيضم إليها المحلى أو شيئا آخر أو يضم إليها وإلى المحلى تكثيرا
للثمن من الجنس، وربما حمل على الضميمة إلى الثمن، وهو واضح.
وهنا مسائل:
قال في المبسوط (1): لو تخايرا قبل التقابض بطل الصرف، ومنعه
الفاضل (2) إذا لم يختر الفسخ.
الثانية: لو باع أحدهما ما قبضه على غير صاحبه قبل التفرق فالوجه الجواز
وفاقا للفاضل (3)، ومنعه الشيخ (4)، لأنه يمنع الآخر خياره، ورد بأنا نقول ببقاء
الخيار.
الثالثة: لو قبض زيادة عما له كان الزائد أمانة، سواء كان غلطا أو عمدا
وفاقا للشيخ (5)، ويجوز هبته له، وشراء معين أو موصوف به وشراء نقد من
جنسه أو غيره مع القبض في المجلس. ولو كانت الزيادة لاختلاف الموازين أو
الأوزان المعتادة فهي حل.
الرابعة: لو اشترى منه بنصف دينار حمل على الشق، إلا مع شرط غيره أو
اقتضاء العرف ذلك.
ولو اشترى مبيعا آخر بنصف فعليه شقان، فإن بذل له دينارا صحيحا زاده
خيرا.
ولو شرط في العقد الثاني إعطاء صحيح عنهما لم يجز عند الشيخ (6)، لزم

(1) المبسوط: ج 2 ص 96.
(2) المختلف: ج 1 ص 360.
(3) المختلف: ج 1 ص 360.
(4) المبسوط: ج 2 ص 96.
(5) المبسوط: ج 2 ص 97.
(6) المبسوط: ج 2 ص 98.
302

العقد الأول أولا. أما إذا لزم فلأن الزيادة تلحق بالأول، وهي زيادة صفة
منفردة عن العين، فتكون مجهولة فيفسد العقدان.
وأما إذا لم يلزم فالفساد في الثاني، لأنه استلحق (1) بالأول زيادة غير
ممكنة، وهي تقتضي جهالة الثمن الثاني، ويحتمل الجواز وفاقا للفاضل (2)، لأن
الزيادة في الحقيقة إنما هي في ثمن الثاني، وهي زيادة صفة مضافة إلى العين
فلا تكون مجهولة، ومنع الفاضل (3) جهالة الزيادة، لأن كون النصف من
الصحيح معلوم، وعلم قيمته غير شرط، لأن الصفة غير متقومة في نفسها، وعموم
المسلمون عند شروطهم يجوز إلحاقها بالأول لزم أو لا.
الخامسة: الثمن هو المقرون (4) بالباء هنا وفي غيره كذلك، ويحتمل أن
يكون هو النقد إذا كان أحد العوضين، وإلا فالمقرون بالباء.
وتظهر الفائدة في بيع حيوان بحيوان أو بيع نقد بحيوان، فلو ظهر النقد ثمنا
أو مثمنا من غير الجنس وكان معينا بطل العقد، لأن الأثمان تتعين بالتعيين
عندنا، ولو ظهر بعضه بطل فيه ويتخير في الباقي، وإن كان غير معين فله
الإبدال ما لم يفترقا.
وإن كان العيب من الجنس كخشونة الجوهر ورداءة السكة، فإن تعين
فليس له الإبدال ويتخير بين رده وبين الأرش إن اختلف الجنس، وإن اتحد
فله الرد لا غير، وإن لم يتعين فله الإبدال ما داما في المجلس، وإن تفرقا لم يجز
الإبدال على الأقرب وله الرد، وقال الشيخ (5) وابن حمزة (6): يتخير بين الفسخ

(1) في (ق): الحق.
(2) المختلف: ج 1 ص 360.
(3) المختلف: ج 1 ص 360.
(4) في باقي النسخ: ما قرن.
(5) المبسوط: ج 2 ص 95.
(6) الوسيلة: ص 243.
303

والإبدال والرضا مجانا، ولم يقيدا باتحاد الجنس، وفي المختلف (1) له الإبدال
دون الفسخ، لعدم التعيين، ويشكل بأنهما تفرقا قبل قبض البدل، وقال ابن
الجنيد (2): يجوز الإبدال ما لم يتجاوز يومين فيدخل في بيع النسيئة، ولم يقيد
بالتعيين وعدمه، وفي رواية إسحاق (3) عن الكاظم عليه السلام إشارة إليه.
ولو أراد الأرش بعد التفرق في المختلفين وجب كونه من غير النقدين، فلو
أخذه (4) من أحد النقدين لم يجز، ولو ظهر بعضه معيبا من الجنس اختص
بالحكم، وليس له إفراده بالرد، إلا مع رضاء صاحبه.
السادسة: روى أبو الصباح (5) جواز جعل إبدال درهم طازج بدرهم غلة
عوضا لصياغة خاتم، وحكم جماعة بجواز بيع درهم بدرهم مع شرط صياغة
خاتم، قال ابن إدريس (6): لأن الزيادة ليست عينا، ورد بأن الربا يحصل
بالزيادة الحكمية، وظاهرهم جواز التعدية إلى غير ذلك، فإن اعتمدوا على
الرواية فلا دلالة لهم فيها، والوجه المنع مطلقا، والرواية في الإجارة لا غير، فكان
العمل يجبر تفاوت ما بين الدرهمين إذ الطازج الخالص والغلة غيره.
السابعة: يجوز التعامل بالدراهم المغشوشة إذا كانت معلومة الصرف وإن
جهل غشها، وإن لم يعلم صرفها لم يجز إلا بعد بيان غشها، وعليه تحمل
الروايات (7)، وروى عمر بن يزيد (8) إذا جازت الفضة المثلين فلا بأس.

(1) المختلف: ج 1 ص 360.
(2) المختلف: ج 1 ص 361.
(3) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الصرف ح 2 ج 12 ص 465.
(4) في باقي النسخ: فلو أخذ.
(5) وسائل الشيعة: باب 13 من أبواب الصرف ح 1 ج 12 ص 480.
(6) السرائر: ج 2 ص 267.
(7) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الصرف ج 12 ص 472.
(8) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الصرف ح 3 ج 12 ص 472.
304

فرع: لو قبض مغشوشة على أنها جياد فله ردها ولو كانت تروج بالجياد على
الجهال، ويحرم إخراجها على الجاهل بحالها.
الثامنة، تحريم الربا يعم الآخذ والمعطي، لمعاونته على الحرام، ولقول
الصادق عليه السلام (1): الزائد والمستزيد في النار، ولو اضطر الدافع ولا
مندوحة فالأقرب ارتفاع التحريم في حقه.
التاسعة: روى زرارة (2) وغيره جواز بيع الدنانير بالدراهم نسيئة، وهي
متروكة معارضة بأشهر منها معتضدة بالفتوى.
العاشرة: لو كان له عليه أحد النقدين فدفع إليه الآخر قضاء ولم يحاسبه
احتسب بقيمته يوم القبض، لأنه حين الانتقال، وفي رواية إسحاق (3) لأنه
حبس منفعته عنه، ويجوز أن يقرضه دراهم، ويشترط نقدها بأرض أخرى،
للرواية (4).
الحادية عشرة: يجوز التعامل بالدراهم العددية وإن اشتملت على تفاوت
يسير إذا كانت معلومة الصرف، لرواية ابن الحجاج (5)، ولو أقبض عن العددية
وزينة جاز إذا قل التفاوت، ولو شرط المقرض ذلك وعلم التفاوت لم يجز، وهو
مروي (6).

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الصرف ح 1 ج 12 ص 456.
(2) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب الصرف ح 13 ج 12 ص 460.
(3) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الصرف ح 2 ج 12 ص 471.
(4) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الصرف ح 1 ج 12 ص 480.
(5) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب الصرف ح 1 ج 12 ص 466.
(6) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب الصرف ح 2 ج 12 ص 476.
305

الثانية عشرة: لو جمع بين الربوي وغيره في عقد جاز، فإن كان مشتملا على
أحد النقدين اشترط قبض ما يوازنه في المجلس.
الثالثة عشرة: لو باعه بدراهم صرف عشرة صح مع العلم، إلا مع الجهل،
ولو قال بدينار إلا درهما وكان معلوم النسبة صح، وإن كان مجهولها أو نسبة بما
سيتعامل به بطل، لقول علي عليه السلام (1): لعل الدينار يصير بدرهم.
الرابعة عشرة: يكره بيع دابة بأخرى، واشتراط زيادة على إحداهما، بل
يبيع كل منهما بثمن، ويجوز ذلك مع اختلاف الجنس.

(1) الشيعة: باب 23 من أبواب أحكام العقود ح 2 ج 12 ص 399.
306

كتاب الدين
307

كتاب الدين
عن النبي صلى الله عليه وآله (1) الدين هم بالليل ومذلة بالنهار، وعن علي
عليه السلام (2) مثله وزاد وقضاء في الدنيا وقضاء في الآخرة.
تعوذ النبي صلى الله عليه وآله (3) من الدين، ومن ثم كرهت الاستدانة.
ولا كراهة مع الضرورة، فقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله (4) والحسنان
عليهم السلام وعليم دين.
ولو كان له مال بإزائه خفت الكراهية، وكذا لو كان له ولي يقضيه وإن
لم يجب عليه قضاؤه، فزالت مناقشة ابن إدريس (5)، لأن عدم وجوب القضاء
لا ينافي وقوع القضاء.
ولا يجب الاستدانة للحج إذا لم يجب أو لم يكن له ما يرجع إليه، ولكنها
جائزة، خلافا لظاهر كلام ابن إدريس (6) في منع جوازها.

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الدين والقرض ح 3 ج 13 ص 77، ولكن الموجود فيه عن علي
عليه السلام، فراجع.
(2) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الدين والقرض ح 4 ج 13 ص 77.
(3) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الدين والقرض ح 6 ج 13 ص 77.
(4) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب الدين والقرض ح 1 ج 13 ص 79.
(5) السرائر: ج 2 ص 30.
(6) السرائر: ج 2 ص 30.
309

وقبول الصدقة للمستحق أولى من الاستدانة، وحرم الحلبي (1) الاستدانة
على غير القادر على القضاء.
ويجب نية القضاء فيعان عليه، وروي (2) أنه ينقض من المعونة بقدر قصور
النية.
ويكره للدين النزول على الغريم، فإن نزل فالاقامة ثلاثة فما دون، ويكره
الأزيد، وقال الحلبي (3): يحرم الزائد، وفي رواية سماعة (4) لا يأكل من طعامه
بعد الثلاثة.
ويجب على المديون الاقتصاد في النفقة، ويحرم الإسراف. ولا يجب التقتير،
وهل يستحب؟ الأقرب ذلك إذا رضي عياله.
ويستحب احتساب هدية الغريم من دينه، للرواية عن علي عليه السلام (5)،
ويتأكد فيما لم تجز عادته به.
ويجوز مطالبته مع عدم العلم بالإعسار (6)، فيجب عليه الخروج من الدين.
ولا يستثنى له إلا دار السكنى وثياب البدن والخادم وقوت يوم وليلة له (7)
ولواجب النفقة.
ولو فضل من الدار فضلة وجب بيعها، ولو كانت مثمنة ففي وجوب
الاستبدال بخسيسة تكفيه خلاف، وظاهر ابن الوليد (8) الوجوب، ولو باع أحد

(1) الكافي في الفقه: ص 330.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب الدين والقرض ح 3 ج 13 ص 86.
(3) الكافي في الفقه: ص 331.
(4) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب الدين والقرض ح 3 ج 13 ص 102.
(5) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب الدين والقرض ح 1 ج 13 ص 103.
(6) في (م): عدم علم الإعسار.
(7) في (م): وقوت يومه وليلته.
(8) الفقيه: ج 3 ص 190.
310

هذه جاز أخذ ثمنها. والرواية (1) تدل على استحباب منعه من بيع داره، وكراهة
أخذ ثمنها.
ولو التجأ إلى الحرم حرمت المطالبة، والرواية (2) تدل على تحريم المطالبة لو
ظفر به في الحرم من غير قصد الالتجاء، وقال علي بن بابويه (3): لو ظفر به في
الحرم لم تجز مطالبته، إلا أن يكون قد أدانه في الحرم.
وألحق الفاضل (4) والحلبي (5) مسجد النبي صلى الله عليه وآله والمشاهد
به، وفي المختلف (6) يكره المطالبة إن أدانه خارج الحرم، وإن أدانه فيه لم يكره،
وهو نادر.
ومنع بعض المتأخرين من فعل العبادة الموسعة المنافية في أول أوقاتها،
وحكم ببطلانها إذا طولب أو كانت زكاة أو خمسا أو لغير العالم به، وجوز ابن
حمزة (7) صلاة المطالب في أول الوقت.
ويجب التكسب لقضاء الدين على الأقوى بما يليق بالمديون، ولو كان إجارة
نفسه، وعليه تحمل الرواية عن علي عليه السلام (8).
ولو غاب المدين وجب نية القضاء والعزل عند أمارة الموت، وأطلق
الشيخ (9) وجوب العزل، وابن إدريس (10) عدم وجوبه، والإشهاد (11)

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الدين والقرض ج 13 ص 94.
(2) وسائل الشيعة: باب 26 من أبواب الدين والقرض ح 1 ج 13 ص 115.
(3) المختلف: ج 1 ص 410.
(4) المختلف: ج 1 ص 410.
(5) الكافي في الفقه: ص 331.
(6) المختلف: ج 1 ص 410.
(7) الوسيلة: ص 273.
(8) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام المضاربة ح 1 ج 13 ص 187.
(9) النهاية: ص 307.
(10) السرائر: ج 2 ص 37.
(11) في (م): عدم وجوب الإشهاد.
311

ولو يئس منه تصدق به عنه، وقال ابن إدريس (1): يدفعه إلى الحاكم، وإن
قطع على موته وانتفى الوارث كان للإمام، والحكم الثاني لا شك فيه، وأما
الأول فالحق فيه التخيير بينه وبين إبقائه في يده، أو الصدقة مع الضمان.
ولا يجوز مطالبة المعسر مع ثبوت إعساره أو علم المدين به، ولا حبسه. وله
الإنكار موريا ثم يقضي مع اليسار.
ولو حلف ظالما أو موريا ثم مات ورد المال وربحه أخذ المالك نصف الربح
والمال قاله الشيخ (2)، وحمله ابن إدريس (3) على المضاربة، لتعذر حمله على غير
ذلك.
وتقضى نفقة الزوجة استدانتها أو لا، أذن في الاستدانة أو لا. ولا تقضى
نفقة الأقارب مطلقا، إلا مع إذنه أو إذن الحاكم في الاستدانة، وأطلق
الشيخ (4) وجوب القضاء عن الزوجة لرواية السكوني (5)، وقال ابن إدريس (6):
يدفع إلى الزوجة ثم تقضي هي، وكأنه نزاع قريب (7).
ويجوز أن يقضي الدين من أثمان المحرمات إذا كان البائع ذميا مستترا،
ولو كان حربيا لم يصح، وكذا لو تظاهر، وإطلاق الشيخ (8) محمول على ذلك.
ولا تصح المضاربة بالدين للمديون ولا لغيره، لعدم تعيينه، فلو ضارب
وربح فالربح لصاحب المال، أما المديون إن كان هو العامل، أو المدين إن كان

(1) السرائر: ج 2 ص 37.
(2) النهاية: ص 307.
(3) السرائر: ص 35.
(4) النهاية: ص 307.
(5) التهذيب: ج 6 ص 194.
(6) السرائر: ج 2 ص 38.
(7) في (ق): لفظي.
(8) النهاية: ص 307.
312

غير العامل، إلا أن يشتري في الذمة، فيكون الربح له وعليه الإثم والضمان.
ولو بيع الدين وجب على المديون إقباض الغريم، وإن لم يأذن البائع في
الإقباض، وإن كان الثمن أقل في غير الربوي قاله المتأخرون، وروى محمد بن
الفضيل (1) وأبو حمزة (2) لا يدفع المديون أكثر مما دفع المشتري، ولا معارض لها،
وحمل على الضمان.
ولو كان الدين مؤجلا لم يجز بيعه مطلقا، وقال ابن إدريس (3): لا خلاف
في تحريم بيعه على من هو عليه، يلزم بطريق التنبيه تحريمه على غيره، وجوز
الفاضل (4) بيعه على من هو عليه فيباع بالحال لا بالمؤجل، ولو كان حالا جاز
بيعه بالعين والدين الحال لا بالمؤجل أيضا.
وتحل الديون المؤجلة بموت الغريم، ولو مات المدين لم يحل، إلا على رواية
أبي بصير (5)، واختارها الشيخ (6) والقاضي (7) والحلبي (8). ولو قتل فديته
كماله.
ولو كان عمدا لم يجز للورثة القصاص، إلا بعد أداء الدين على المشهور،
وقيده الطبرسي (9) ببذل القاتل الدية، وجوز الحليون (10) القصاص مطلقا.
ومن وجد عين ماله فله أخذها من تركة الميت إذا كان في المال وفاء، وإلا

(1) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الدين والقرض ح 3 ج 13 ص 100.
(2) وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الدين والقرض ح 2 ج 13 ص 99.
(3) السرائر: ج 2 ص 39.
(4) التذكرة: ج 2 ص 3.
(5) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الدين والقرض ح 1 ج 13 ص 97.
(6) النهاية: ص 310.
(7) لم نعثر عليه في كتبه الموجدة لدينا ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 413.
(8) الكافي في الفقه: ص 333.
(9) المختلف: ج 1 ص 413.
(10) السرائر: ج 2 ص 47، والمختلف: ج 1 ص 413.
313

فلا قاله الأصحاب، لرواية أبي ولاد (1).
ولو اقتسم الدين لم يجز، والحاصل لهم والتاوي عليهم، ولو اصطلحوا على ما
في الذمم بعضا ببعض فالأقرب جوازه.
ولو باع كل نصيبه بمال معين أو دين حال، وأحال به على الغريم الآخر
جاز. ولو أحال كل منهما صاحبه بماله على الغريم من غير سبق دين فالأقرب أنه
لا أثر له، لأنه توكيل في المعنى.
ولا يجوز بيع السهم من الزكاة أو الخمس أو الرزق على بيت المال قبل
قبضه، لعدم تعينه.
ولا يبطل الحق بتأخير المطالبة وإن طالت المدة، وروى يونس (2) من ترك
المطالبة بحق له عشر سنين فلا حق له، ومن عطل أرضا ثلاث سنين متوالية لغير
علة أخرجت من يده. وقال الصدوق (3): من ترك دارا أو عقارا أو أرضا في يد
غيره ولما يطالب ولم يخاصم عشر سنين فلا حق له، والسند ضعيف، والقول نادر.
ولا فرق في وجوب إنظار المعسر بين من أنفق في المعروف وغيره، وقال
الصدوقان (4): لو أنفقه في المعصية طولب وإن كان معسرا، وفيه بعد مع أن
المنفق في المعروف أوسع مخرجا بحل الزكاة له.
ولا يشترط في الحالف المعسر إعلام الغريم بالغرم على قضائه، خلافا
للحلبي (5)، وفي رواية مرسلة (6) للإمام أن يقضي (7) الديون ما خلا مهور

(1) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام الحجر ح 3 ج 13 ص 146.
(2) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب إحياء الموات ح 1 و 2 ج 17 ص 345.
(3) المقنع (الجوامع الفقهية): ص 31.
(4) المقنع (الجوامع الفقهية): ص 32، (والهداية الجوامع الفقهية): ص 63.
(5) الكافي في الفقه: ص 331.
(6) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب الدين والقرض ح 4 ج 13 ص 92.
(7) في باقي النسخ: الإمام يقضي.
314

النساء، وربما حمل على ما زاد على الضرورة.
[263]
درس
في مداينة العبيد
لا يجوز للعبد التصرف في نفسه وما في يده باكتساب إلا بإذن المولى، سواء
قلنا بملكه أم لا، فلو تصرف بغير إذنه وبغير رضا المستحق، فإن كان على آدمي
ففي رقبته، وإن كان على غيره تعلق بكسبه، وكذا ما يرضى به المستحق كالبيع
والاقراض بدون رضا السيد فيتبع به إذا أعتق.
ولو كوتب مطلقا أو مشروطا ففي التبعية نظر أقربه العدم. نعم لو تحرر من
المطلق شئ أمكن التبعية بقدره.
ولو اجتمع إذن السيد ورضا المستحق، فإن كان نكاحا فسيأتي إن شاء
الله تعالى، وإن كان غيره، فإن كان بيده مال تجارة تعلق بها، لأن موجب
الإذن في الالتزام الرضا بالأداء، وأقرب ذلك ما في يده. وهل يتعلق بكسبه
من احتطاب واحتشاش والتقاط؟ إشكال، لعدم تناول الإذن في التجارة.
إياه، وإنه بالإذن ضاهى الجزء المؤدى من كسبه.
ولو اشترى المأذون في التجارة طولب بالثمن وإن علم البائع كونه مأذونا،
بخلاف الوكيل لاقتضاء العرف جعل المأذون قائما مقام السيد فيما هو في يده،
إذ هو مستخدم عنه، بخلاف الوكيل فإنه عرضة للزوال بعزل نفسه، ولو طولب
السيد جاز ولا ينفك الحجر عنه بالإذن، فلو عين له نوعا من التجارة أو زمانا
اقتصر عليه، ويشتري بالنقد، إلا أن يعين له المولى النسيئة، وكذا البيع.
ولو اشترى في الذمة بإذنه وتلف الثمن قبل القبض ضمن المولى.
وليس له الاستدانة إلا مع الإذن، صريحا أو فحوى كضرورات التجارة.
315

ويقبل إقراره وإن كان لقرينة، ويؤخذ مما في يده، وقال القاضي (1): إذا
أذن له يوما فهو مأذون له أبدا حتى يحجر عليه، ويجوز عنده تعليق الإذن على
الصفة كدخول الشهر.
وليس له إجارة نفسه ولا التزويج، لأنه تصرف في رقبة ولم يؤذن له فيها.
وفي إجارة رقيقه ودوابه نظر، من أنها لا تسمى تجارة، ومن أن التاجر ربما
فعلها، وهو قريب، وقال القاضي (2): يؤجر نفسه ويستأجر غيره ويزارع
ويستأجر الأرض.
ويجوز له التوكيل لا الإذن لعبده في التجارة ليصير قائما مقامه، وليس له
اتخاذ دعوة.
وينعزل بالإباق لشهادة الحال، ويحتمل بقاء الإذن للاستصحاب.
ولا يكفي سكوت السيد في الإذن فيما سكت عنه ولا في غيره، وقال
القاضي (3): إذا لم ينهه فهو إذن في التجارة، وبالغ حتى قال: لو أذن له في
القصارة والصبغ (4) صار مأذونا في كل تجارة، وهو متروك.
ولا يشتري من ينعتق على سيده، ولو ركبته الديون لم يزل ملك السيد عما
في يده فيصرف في الديون، فإن فضل عليه شئ استسعى على قول الشيخ في
النهاية (5)، لصحيحة أبي بصير (6)، وفي المبسوط (7) يتبع به إذا تحرر، وفي رواية

(1) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا، ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 424.
(2) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا، ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 424.
(3) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا، ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 424.
(4) في باقي النسخ: أو الصيغ.
(5) النهاية: ص 311.
(6) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الدين والقرض ح 1 ج 13 ص 118.
(7) المبسوط: ج 2 ص 164.
316

عجلان (1) إن باعه السيد فعليه، وإن أعتقه فعلى المأذون في رواية ظريف (2)،
وعمل بها الفاضل في المختلف (3)، وحمل رواية أبي بصير على استدانته
للتجارة (4).
ولو ظهر استحقاق ما باعه المأذون رجع المشتري الجاهل عليه أو على مولاه،
وليس له معاملة سيده. ولا يثبت كونه مأذونا بقوله، بل لا بد من بينة أو شياع.
ويجوز أن يحجر عليه السيد وإن لم يشهد، وقال القاضي (5): لا بد من
إشاعته في سوقه وعلم الأكثر.
ولا يكفي علم الواحد والاثنين بل للواحد السامع الحجر معاملته، لعدم
تمام الحجر، وهو بعيد.
ولو قال حجر علي السيد لم يعامل وإن أنكر السيد الحجر، لأنه المتعاطي
للعقد.
ولو تصرف غير المأذون وقف على إجازة السيد، فإن أجاز ملك (6) المشتري
والمقترض، وإلا رجع فيه مالكه، فإن تلف تبع به إذا تحرر، وإلا كان ضائعا.
ولو استدان بإذنه أو إجازته الاستدانة لزم (7) المولى مطلقا، وفي النهاية (8) إن
أعتقه تبع به، وإلا كان على المولى، وبه قال الحلبي (9): إن استدان لنفسه، وإن
كان للسيد فعليه.

(1) وسائل الشيعة: باب 54 من أبواب العتق ح 1 ج 16 ص 57.
(2) وسائل الشيعة: باب 31 من أبواب الدين والقرض ح 2 ج 13 ص 118.
(3) المختلف: ج 1 ص 414.
(4) المختلف: ج 1 ص 414.
(5) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 424.
(6) في (م): ملكه.
(7) في (ق): أو أجاز لزم.
(8) النهاية: ص 311.
(9) الكافي في الفقه: ص 331 - 332.
317

[264]
درس
في القرض
وهو معروف أثبته الشارع إمتاعا للمحتاجين مع رد عوضه في غير المجلس
غالبا وإن كان من النقدين رخصة، وسماه الصادق عليه السلام (1) معروفا.
وهو أفضل من الصدقة العامة، حتى أن درهمها بعشرة ودرهم القرض
بثمانية عشر، لأن القرض يدر فيقرض دائما والصدقة تنقطع، وروي (2) أن
القرض مرتين بمثابة الصدقة مرة، وتحمل على الصدقة الخاصة كالصدقة على
الأرحام والعلماء والأموات.
وهو عقد إيجابه أقرضتك أو أسلفتك أو ملكتك، وعليك رد عوضه أو خذه
بمثله أو قيمته أو تصرف فيه أو انتفع به كذلك وشبهه، وقبوله قبلت وشبهه،
والأقرب الاكتفاء بالقبض، لأن مرجعه إلى الإذن في التصرف (فيكون
مضمونا) (3) وأهله أهل البيع.
ويجوز للولي إقراض مال الطفل عند المصلحة بالرهن، وإن تعذر فبغيره إذا
خاف التلف، وقبضه كقبضه. ولا يجب إقراض الموسر.
ويستحب للمقترض إعلام المقرض بإيساره أو إعساره، وحسن قضائه أو
مطله، ولا يكره إقراض حسن القضاء، وليس فيه خيار وإن شرطاه لغا.
ولا يجوز فيه اشتراط الزيادة في العين أو الصفة، سواء كان ربويا أم لا،
للنهي (4) عن قرض جر منفعة، فلو شرط فسد، ولم يفد الملك، ويكون مضمونا

(1) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب فعل المعروف ح 1 ج 11 ص 545.
(2) وسائل الشيعة: باب 8 من أبواب الدين والقرض ح 5 ج 13 ص 90.
(3) ما بين القوسين غير موجودة في باقي النسخ.
(4) مستدرك الوسائل: باب 19 من أبواب الدين والقرض ح 2 و 3 ج 13 ص 409.
318

مع القبض، خلافا لابن حمزة (1). نعم لو تبرع الأخذ برد أزيد عينا أو وصفا
جاز، لأن النبي صلى الله عليه وآله (2) أقرض بكرا فرد باذلا.
ويكره لو كان ذلك في نيتهما ولم يذكراه لفظا، وفي رواية أبي الربيع (3)
لا بأس.
ويجوز اشتراط رهن وضمين والإعادة في أرض أخرى، ولو أشرط فيه رهنا
على دين آخر أو كفيلا كذلك، فللفاضل (4) قولان أجودهما المنع، وجوز أن
يشترط عليه إجارة أو بيعا أو إقراضا، إلا أن يشترط بيعا أو إجارة بدون عوض
المثل.
وجوز الشيخ (5) اشتراط إعطاء الصحاح بدل الغلة وتبعه جماعة، وزاد
الحلبي (6) اشتراط العين من النقدين بدل المصوغ منهما، واشتراط الخالص بدل
الغش، وصحيحة يعقوب بن شعيب (7) في جواز دفع الطازجية بدل الغلة،
وقول الباقرين عليهما السلام (8) خير القرض ماجر منفعة محمول على التبرع.
ولو شرط المقرض أن يقرضه قرضا أو أن يأخذ الغلة عوض الصحاح لم
يفسد القرض، لأنه عليه لا له، ويحتمل في الأول المنع إذا كان له نفع كزمان
النهب والغرق.

(1) الوسيلة: ص 273.
(2) سنن البيهقي: ج 5 ص 351.
(3) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الصرف ح 4 ج 12 ص 477.
(4) التذكرة: ج 2 ص 6.
(5) النهاية: ص 312.
(6) الكافي في الفقه: ص 331.
(7) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الصرف ح 5 ج 12 ص 477.
(8) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب الدين والقرض ح 5 و 6 و 8 ج 13 ص 104 و 105.
319

ويملك بالعقد مع القبض، فله الامتناع من رد العين قاله الفاضلان (1)،
خلافا للمبسوط (2) والخلاف (3).
ويرد البدل مثلا أو قيمة، ولو رد العين في المثل وجب القبول، وكذا في
القيمي على الأصح، ونقل فيه الشيخ (4) الإجماع، ويحتمل وجوب قبولها إن
تساوت القيمة أو زادت وقت الرد، وإن نقصت فلا.
وهو عقد جائز من طرفيه، فلكل منهما الرجوع في الجميع والبعض في المجلس
وغيره.
ولو أقرضه متفرقا فله المطالبة بالجميع دفعة وبالعكس، وكذا للغريم دفع
المفرق دفعة، ولو دفع البعض وجب على المالك قبوله، ويطالب بالباقي في
الحال.
ولو قال أجلتك إلى شهر لم يتأجل، وكذا باقي الديون. نعم يستحب الوفاء
بالشرط.
وإطلاق العقد يقتضي الرد في مكانه، فلو شرطا غيره جاز، ولو دفع إليه في
غير مكانه على الإطلاق أو في غير المكان المشروط (5) لم يجب القبول، وإن كان
الصلاح للقابض ولا ضرر على المقترض.
ولو طالبه في غير هما لم يجب الدفع وإن كان الصلاح للدافع. نعم لو
تراضيا جاز مطلقا.
[265]
درس
إنما يصح القرض مع تملك المقرض أو إجازة المالك، وعلم العين

(1) الشرائع: ج 2 ص 68، والتذكرة: ج 2 ص 6.
(2) المبسوط: ج 2 ص 161.
(3) الخلاف: ج 2 ص 78.
(4) الخلاف: ج 2 ص 78.
(5) في باقي النسخ: المشترط.
320

بالمشاهدة فيما يكفي فيه، وبالاعتبار كيلا ووزنا أو عددا فيما شأنه ذلك.
ويجوز إقراض الخبز وزنا وعددا، إلا أن يعلم التفاوت فيعتبر الوزن.
ويجوز إقراض المثلي إجماعا، وكذا القيمي الذي يمكن السلف فيه. وفيما
لا يضبطه الوصف كالجواهر واللحم والجلد قولان، مع اتفاقهم على جواز إقراض
الخبز عملا بالعرف العام، ولا يجوز السلم فيه والمنع للمبسوط (1)، والجواز
للسرائر (2).
ثم المثلي يثبت في الذمة مثله والقيمي قيمته، ومال المحقق (3) إلى ضمانه
بالمثل أيضا.
وتظهر الفائدة فيما إذا وجد مثله من كل الوجوه التي لها مدخل في القيمة
ودفعه الغريم، فعلى قوله يجب قبوله، وعلى المشهور لا يجب. وفيما إذا تغيرت أسعار
القيمي، فعلى المشهور المعتبر قيمته يوم القبض، وعلى الآخر يوم دفع العوض،
وهو ظاهر الخلاف (4)، لأن النبي صلى الله عليه وآله (5) أخذ قصعة امرأة
كسرت قصعة أخرى، وحكم (6) بضمان عائشة إناء حفصة وطعامها بمثلهما.
قلنا: معارض بحكمه عليه السلام بالقيمة في معتق الشقص (7)، وحكاية
الحال لا تعم فلعله وقع بالتراضي.
فروع:
لو أقرضه المقدر غير معتبر لم يفد الملك وضمنه القابض، فإن تلف وتعذر

(1) المبسوط: ج 2 ص 161.
(2) السرائر: ج 2 ص 60.
(3) الشرائع: ج 2 ص 68.
(4) الخلاف: ج 2 ص 78.
(5) سنن البيهقي: ج 6 ص 96.
(6) سنن البيهقي: ج 6 ص 96.
(7) سنن البيهقي: ج 10 ص 273 و 277.
321

استعلامه فالصلح.
الثاني: لو شرط رهنا وسوغ للمرتهن الانتفاع به جاز، واستثنى في النهاية (1)
وطئ الأمة، ولعله أراد من غير تحليل، بل بمجرد الشرط والإذن السابق، وفي
المبسوط (2) جوزه وتبعه ابن إدريس (3) ومرادهما مع التحليل.
الثالث: يملك المقترض بالقبض على الأصح وهو قول الشيخ (4)، ولا يعتبر
التصرف في الملك، لأنه فرع الملك فيمتنع كونه شرطا فيه، ولأنه لا يتباعد عن
الهبة المملوكة بالقبض، وقيل: يملك بالتصرف بمعنى الكشف عن سبق الملك،
لأنه ليس عقدا محققا، ولهذا اغتفر فيه ما في التصرف، بل هو راجع إلى الإذن
في الإتلاف المضمون، والاتلاف يحصل بإزالة الملك أو العين فهو كالمعاطاة.
فعلى الأصح لو اقترض من ينعتق عليه عتق بالقبض وله وطئ الأمة وردها
ما لم تنقص أو تحمل، فلو ردها وتبين النقص استردت، وإن اتفقا على الأرش
جاز، ولو تبين الحمل منه رجعت إليه، وعليه قيمتها يوم القبض. وفي التراجع
في المنفعة والنفقة نظر أقره ذلك، وفي الخلاف (5) والمبسوط (6) لا نص لنا ولا
فتيا في إقراض الجواري، وقضية الأصل الجواز.
الرابع: لو أقرضه نصف دينار أو نصف عبد فرد إليه الدينار تاما أو العبد
تاما أو مثل الدينار لم يجب القبول وإن رضي بجعله أمانة، أما لو كان عليه
نصف آخر فإنه يجب.

(1) النهاية: ص 312.
(2) لم نعثر عليه في المبسوط، ولكن نقله عنه ابن إدريس في السرائر: ج 2 ص 63، والعلامة في المختلف:
ج 1 ص 415.
(3) السرائر: ج 2 ص 63.
(4) المبسوط: ج 2 ص 161.
(5) الخلاف: ج 2 ص 77.
(6) المبسوط: ج 2 ص 161.
322

الخامس: لو ظهر في العين المقرضة عيب فله ردها ولا أرش، فإن أمسكها
فعليه مثلها أو قيمتها معيبة.
وهل يجب إعلام المقترض الجاهل بالعيب؟ عندي نظر، من اختلاف
الأغراض وحسم مادة النزاع، ومن قضية الأصل. نعم لو اختلفا في العيب
حلف المقرض مع عدم البينة، ولو تجدد عنده عيب آخر منع من الرد، إلا أن
يرضى المقرض به مجانا أو بالأرش.
السادس: لو اشترى بالمعيب من المقترض صح الشراء، وعليه رد مثله أو
قيمته، ولو جهل المقرض العيب فله الفسخ إن اشترى بالعين، وإن اشترى في
الذمة طالبه بصحيح واحتسب المقرض المدفوع قضاء.
السابع: لو سقطت المعاملة بالدراهم المقرضة فليس على المقترض إلا
مثلها، فإن تعذر فقيمتها من غير الجنس حذرا من الربا وقت الدفع، لا وقت
التعذر، ولا وقت القرض، خلافا للنهاية (1)، وقال ابن الجنيد (2) والصدوق (3):
عليه ما ينفق بين الناس، والقولان مرويان (4)، إلا أن الأول أشهر.
ولو سقطت المعاملة بعد الشراء فليس على المشتري إلا الأولى، ولو تبايعا
بعد السقوط وقبل العلم فالأولى. نعم يتخير المغبون في فسخ البيع وإمضائه.
الثامن: لو أوصى المقرض بمال القرض للمقترض أو لغيره صح، ولو قال
إذا مت فأنت في حل أو برئ كان وصيته، ولو علق بأن قيل: يبطل. والفرق
تحقق مدلول إذا بخلاف إن، والأقرب العمل بقصده، فإن المدلول محتمل في
العبارتين.

(1) النهاية: ص 313.
(2) المختلف: ج 1 ص 415.
(3) المقنع (الجوامع الفقهية): ص 31.
(4) وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب الصرف ح 1 و 2 ج 12 ص 487 و 488.
323

التاسع: لو أسلم مقرض الخمر أو مقترضه سقط، والأقرب لزوم القيمة
بإسلام الغريم، ولو كان المقرض خنزيرا أو آلة لهو فالقيمة في الموضعين، وعلى
القول بضمان المثل فهو كالأول.
العاشر: لا يجب على المقرض إمهال المقترض إلى قضاء وطره وإن كان
قضية العرف ذلك، ولو شرط فيه الأجل لم يلزم.
ولو شرط تأجيله في عقد لازم قال الفاضل (1): يلزم تبعا للازم، ويشكل
بأن الشرط في اللازم يجعله جائزا فكيف ينعكس.
وفي رواية الحسين بن سعيد (2) فيمن اقترض إلى أجل ومات بحل، وفيها
إشعار بجواز التأجيل، ويمكن حملها على الندب.

(1) القواعد: ج 1 ص 156.
(2) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الدين والقرض ح 2 ج 13 ص 97.
324

كتاب الصلح
325

كتاب الصلح
قال النبي صلى الله عليه وآله (1): الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا
أحل حراما أو حرم حلالا.
والأقرب أنه أصل لا فرع البيع والهبة والإجارة والعارية والابراء كما في
المبسوط (2)، فعلى هذا يكون بيعا إن وقع ابتداء وبعد تنازع على جميع العين،
وإن وقع على بعضها بعد الإقرار فهو هبة، وإن وقع على دين بإسقاط بعضه فهو
إبراء، وعلى منفعة فهو إجارة.
ولو أقر له بالمنفعة ثم صالحه المقر له على الانتفاع فهو عارية، فيثبت أحكام
هذه العقود.
والأصح أنه يشترط العلم في العوضين إذا أمكن.
ويصح على الإقرار والإنكار مع سبق نزاع ولا معه، فيستبيح المدعي ما
يدفع إليه المنكر صلحا إن كان المدعي محقا، وإلا فهو حرام باطنا.
ولو صالح أجنبي المدعي عن المنكر صح عينا كان أو دينا أذن أو لا، لأنه
في معنى قضاء الدين. ويرجع عليه إن دفع المال بإذنه، سواء صالح بإذنه أم لا،

(1) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب أحكام الصلح ح 2 ج 13 ص 164.
(2) المبسوط: ج 2 ص 288.
327

وإلا فلا رجوع، لأنه متبرع قاله في المبسوط (1)، وتوقف الفاضل (2) في الرجوع
إذا صالح بغير إذنه وأدى بإذنه، وهو قوي، لأن الصلح يلزم المال الأجنبي، فلا
عبرة بالإذن، إلا أن نقول الصلح موقوف على رضا المدعى عليه.
والأقرب أنه إن صالح ليؤديه هو فلا عبرة بالإذن، وكذا لو صالح مطلقا
على احتمال، وإن صالح ليؤدي المدعى عليه توقف على إجازته، وإن صالح
لنفسه صح وانتقلت الخصومة إليه، فإن تعذر عليه انتزاع المصالح عليه فله
الفسخ، لعدم سلامة العوض. ولا فرق بين اعتراف المدعى عليه بالحق قبل
الصلح أو لا على الأقوى.
ولو ادعى الأجنبي أنه وكيل المدعى عليه في الصلح فصالحه المدعي صح،
فإن أنكر المدعى عليه وكالته حلف، وله إجازة العقد بعد حلفه وقبله.
ولو صالح عن غير الربوي (3) بنقيصة صح، ولو كان ربويا وصالح بجنسه
روعي أحكام الربا، لأنها عامة في المعاوضات على الأقوى، إلا أن نقول
الصلح هنا ليس معاوضة بل هو في معنى الإبراء، وهو الأصح، لأن النبي صلى
الله عليه وآله (4) قال لكعب بن مالك: اترك الشطر وأتبعه ببقيته، وروي
ذلك عن الصادق عليه السلام (5).
وينبغي أن يكون صورته صالحتك على ألف بخمسمائة، فلو قال بهذه
الخمسمائة ظهرت المعاوضة، والأقوى جوازه أيضا، لاشتراكهما في الغاية.
فرع:
الأقرب الافتقار إلى قبول الغريم هنا، وإن لم نشترط في الإبراء القبول

(1) المبسوط: ج 2 ص 290.
(2) التحريم: ج 1 ص 229.
(3) في (ق): على غير الربوي.
(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 444.
(5) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 443.
328

مراعاة للفظ.
ولا ريب أنه لو أقر له بعين وصالح على بعضها اشترط القبول، لأنه في معنى هبة الباقي، ويحتمل البطلان، لأنه يجعل بعض ملكه عوضا عن كل ملكه وهو
غير معقول، فإن جوزناه فليس له رجوع في القدر الباقي، وإن كان في معنى
الهبة، إلا أن نقول بالفرعية هذا.
ولو أتلف عليه ثوبا قيمته عشرة فصالح بأزيد أو أنقص فالمشهور الجواز،
لأن مورد الصلح الثوب، ويشكل على القول الأصح بضمان القيمي بقيمته
فيؤدي إلى الربا، ومن ثم منعه في الخلاف (1) والمبسوط (2).
ولو صالح عن ألف بمائة معينة وأبرأه من الباقي صح بلفظ الإبراء، فلو
استحقت المائة لم يكن له الرجوع في الإبراء، ولو ضم (3) الإبراء الصلح وقلنا
بجوازه فسد الصلح والابراء.
ولو كانت المائة غير معينة لم يبطل وطالب بمائة، والصلح لازم من طرفيه
لا ينفسخ، إلا بالتقايل أو ظهور الاستحقاق في أحد العوضين،
ولا يكون طلبه
إقرارا لصحته مع الإنكار.
ولو طلب البيع أو التمليك أو الهبة فهو إقرار في الجملة، وفي كونه إقرار
للمخاطب نظر، من احتمال وكالته حتى لو ادعى وكالته خرج، من كونه
مقرا له.
ويصح الصلح بعين أو منفعة أو بهما على متماثل أو مخالف.
ولو تعذر العلم بما صولح عليه جاز، كما في وارث يتعذر علمه بحصته، وكما

(1) الخلاف: ج 2 ص 128.
(2) المبسوط: ج 2 ص 304.
(3) في باقي النسخ: ولو ضمن.
329

لو (1) امتزج مالاهما بحيث لا يتميز، ولا يضر الجهالة، ورواية منصور بن
حازم (2) تدل عليه.
ولو كان تعذر العلم، لعدم المكيال والميزان في الحال ومساس الحاجة إلى
الانتقال فالأقرب الجواز.
ولو علم أحدهما وجب إعلام الآخر أو إيصال حقه إليه، فلو صالحه بدون
حقه لم يفد إسقاط الباقي، إلا مع علمه ورضاه، ورواية ابن أبي حمزة (3) نص
فيه.
ولا يشترط في مورد الصلح أن يكون مالا، فيصح عن القصاص، أما عن
الحد والتعزير والقسمة بين الزوجات فلا، ولو صالح عن القصاص بحر أو
بمستحق فهو فاسد علما أو لا، ولا يترتب عليه بطلان الحق ولا وجوب الدية على
الأصح، لأن الفاسد يفسد ما يضمنه.
وكل ما لا يصح الاعتياض عنه لا يصح الصلح عليه، لأنه من باب تحريم
الحلال أو تحليل الحرام، كصلح الشاهد ليشهد أو يكف أو امرأة لتقر بزوجيته
أو رجلا ليقر بزوجية امرأة.
وكذا لا يصح الصلح على الخمر والخنزير وما نهي عنه لعينه، ولا على ترك
القسم بين الزوجات، أو ترك الاستمتاع بهن، أو ترك التكسب بالبيع
والشراء والإجارة.
ولو جعل تزويج الأمة مصالحا عليه بطل، وإن جعله عوضا للصلح
فالأقرب الجواز، فإن زوجه لزم، وإلا فله الفسخ فيقول زوجتك فلانة بدفع

(1) في (ق): وكذا.
(2) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام الصلح ج 13 ص 165، ذيل الحديث 1.
(3) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام الصلح ح 2 ج 13 ص 166.
330

دعواك، فإن فسخ النكاح بمسقط المهر، كعيبها وردتها وإسلامها قبل الدخول
فالدعوى بحالها، ولو كان بمسقط نصفه كعنته وردته وطلاقه قبل الدخول
سقطت الدعوى في نصف المدعى به.
ولو ادعى دارا فأقر له بها فصالحه على سكنى المقر سنة صح، ولا رجوع إن
جعلناه أصلا وجوزناه بغير عوض، ولو أنكر فصالحه المدعى عليه على سكنى
المدعي سنة فهو أولى بعدم الرجوع، لأنه عوض عن دعواه، وكذا لو كان
الساكن المنكر، لأنه عوض عن حجوره.
ولو ظهر عيب في أحد العوضين جاز الفسخ ولا أرش هنا مع احتماله. ولو
ظهر غبن فاحش مع جهالة المغبون فالأقرب الخيار كالبيع وإن لم يحكم
بالفرعية.
ولو ادعيا عينا نصفين فصدق أحدهما وصالحه على مال، فإن كان سببها
موجبا للشركة، كالإرث والابتياع صفقة صح في الربع بنصف العوض ووقف
في الربع على إجازة الشريك، وإن كان غير موجب للشركة صح في النصف
بكل العوض.
ولو أقر لأحدهما بالجميع فله أن يدعيه الآن ما لم يكن قد سبق إقراره
لصاحبه ويخاصمه الآخر.
ولو صالح على المؤجل بإسقاط بعضه حالا صح إذا كان بغير جنسه،
وأطلق الأصحاب الجواز، أما لأن الصلح هنا معاوضة، أو لأن الربا يختص
بالبيع، أو لأن النقيصة في مقابلة الحلول، فلو ظهر استحقاق العوض أو تعيبه
فرده فالأقرب أن الأجل بحال، وقال ابن الجنيد (1): يسقط.
ولو ادعى على الميت ولا بينة فصالح الوصي تبع المصلحة، وأطلق ابن

(1) المختلف: ج 2 ص 476.
331

الجنيد (1) المنع.
[266]
درس
فيه مسائل:
لو صالح على النقد بنقد آخر لم يعتبر القبض في المجلس، لأن الصلح أصل
لا فرع البيع، وقال في المبسوط (2): يعتبر، وهو خيرة ابن الجنيد (3).
الثانية: لو اصطلح المتبايعان على الإقالة بزيادة من البائع في الثمن، أو
بنقيصة من المشتري صح عند ابن الجنيد (4) والفاضل في المختلف (5)،
والأصحاب على خلافه، لأنها فسخ لا بيع.
الثالثة: روى إسحاق بن عمار (6) في ثوبين أحدهما بعشرين والآخر
بثلاثين واشتبها، فإن خير ذو العشرين الآخر وقد أنصفه، وإلا بيعا وقسم الثمن
أخماسا، وعليها المعظم، وخرج ابن إدريس (7) القرعة، والفاضل (8) إن بيعا
مجتمعين فكذلك للشركة الإجبارية كما لو امتزج الطعامان، وإن بيعا منفردين
متساويين فلكل واحد ثمن ثوب، وإن تفاوتا فالأكثر لصاحبه، بناء على
الغالب.
ويلزم على هذا ترجيح أحد الأمرين من بيعهما معا أو منفردين، إذا الحكم

(1) المختلف: ج 2 ص 476.
(2) المبسوط: ج 2 ص 304.
(3) المختلف: ج 2 ص 476.
(4) المختلف: ج 2 ص 476.
(5) المختلف: ج 2 ص 476.
(6) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب أحكام الصلح ح 1 ج 13 ص 170.
(7) السرائر: ج 2 ص 69.
(8) المختلف: ج 2 ص 476.
332

مختلف، ويظهر أنه متى أمكن بيعهما منفردين امتنع الاجتماع، والرواية مطلقة
في البيع، ويؤيدها أن الاشتباه مظنة تساوي القيمتين، فاحتمال تملك كل
منهما لكل منهما قام فيهما بمثابة الشريكين.
فرع:
إن عملنا بالرواية ففي تعديها إلى الثياب والأمتعة والأثمان المختلفة نظر،
من تساوي الطريق في الجميع، وعدم النص، والأقرب القرعة هنا.
الرابعة: لو اصطلح الشريكان عند إرادة الفسخ على أن يأخذ أحدهما رأس
ماله والآخر الباقي ربح أو توى (1) جاز، للرواية الصحيحة (2)، ولو جعلا ذلك في
ابتداء الشركة فالأقرب المنع، لمنافاته موضوعها، والرواية لم تدل عليه.
الخامسة: لو كان معهما درهمان فادعاهما أحدهما وادعى الآخر اشتراكهما،
ففي الرواية (3) المشهورة للثاني نصف درهم وللأول الباقي، ويشكل إذا ادعى
الثاني النصف مشاعا فإنه يقوي القسمة نصفين ويحلف الثاني للأول، وكذا
كل مشاع.
ولو أودعه واحد دينارين وآخر دينار فضاع دينار واشتبه، ففي رواية
السكوني (4) لصاحب الدينار نصف دينار وللآخر الباقي، والعمل بها مشهور،
وهنا الإشاعة ممتنعة، ولو كان ذلك في أجزاء ممتزجة كان الباقي أثلاثا، ولم
يذكر الأصحاب في هاتين المسألتين يمينا، وذكر وهما في باب الصلح فجائز أن
يكون ذلك الصلح قهريا، وجائز أن يكون اختياريا، فإن امتنعا فاليمين،

(1) التوى: هو ذهاب مال لا يرجى لسان العرب ج 14 ص 106.
(2) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب أحكام الصلح ح 1 ج 13 ص 165.
(3) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب أحكام الصلح ح 1 ج 13 ص 169.
(4) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب أحكام الصلح ح 1 ج 13 ص 171.
333

والفاضل (1) في أحد أقواله يحكم في مسألة الوديعة بأن الدينارين الباقيين بينهما
أثلاثا كمختلط الأجزاء، وفيه بعد، ولو قيل: بالقرعة أمكن.
السادسة: لا يمنع الصلح على المنفعة من بيع العين على المصالح وغيره. نعم
يتخير المشتري لو جهل. وكذا لا يمنع من عتق العبد والمنفعة للمصالح، ولا
يرجع المعتق بها على المولى.
السابعة: يصح الصلح على الثمرة والزرع قبل بدو الصلاح وإن منعنا بيعهما،
لأصالة الصلح، ويجوز جعلهما عوضا عن الصلح على الأقوى.
ولو جعل العوض سقي الزرع والشجر بمائه بمدة معلومة فالأقوى الصحة،
وكذا لو كان معوضا، ومنع الشيخ من ذلك لجهالة الماء، مع أنه قائل بجواز بيع
ماء العين والبئر، وبيع جزء مشاع منه، وجواز جعله عوضا للصلح.
الثامنة: لو صالح عن ألف مؤجل بألف حال احتمل البطلان، لأنه في
معنى إسقاط الأجل وهو لا يسقط بإسقاطه. نعم لو دفعه إليه وتراضيا جاز،
وكذا لو صالح عن الحال بالمؤجل بطل زاد في العوض أو لا، إذ لا يجوز تأجيل
الحال، والفاضل (2) حكم بسقوط الأجل في الأولى وثبوته في الثانية عملا
بالصلح اللازم.
ولو صالحه (3) عن ألف حال بخمسمائة مؤجلة فهو إبراء من خمسمائة، ولا
يلزم الأجل، بل يستحب الوفاء به.
التاسعة: لو ادعى عليه عينا فأنكر ثم صالح على بعضها جاز عندنا. ولا
يتحقق هنا فرعية الهبة، لأنه بالنسبة إلى المدعى عليه ملك، وإن كان بالنسبة

(1) التذكرة: ج 2 ص 195.
(2) التذكرة: ج 2 ص 178.
(3) في باقي النسخ: ولو صالح.
334

إلى المدعي هبة.
العاشرة: لو ادعى عليه دينا فأنكر فصالحه على بعضه صح، عين مال
الصلح أو جعله في الذمة، لصحة الصلح على الإنكار، ولا يكون فرع الإبراء،
لعدم اعتراف المدعى عليه بالحق، فحينئذ لو رجع المدعى عليه إلى التصديق
طولب بالباقي.
335

كتاب تزاحم الحقوق
337

كتاب تزاحم الحقوق
يجوز فتح باب في الطريق النافذ وإحداث روشن وساباط ما لم يضر بالمارة،
ولا عبرة بمعارضة مسلم.
وقال في الخلاف (1) والمبسوط (2): لكل مسلم منعه، لأنه حق لجميع
المسلمين، ولأنه لو سقط شئ منه ضمن بلا خلاف، وهو يدل على عدم جوازه
إلا بشرط الضمان، ولأنه لا يملك القرار فلا يملك الهواء.
قلنا: الفرض عدم التضرر به فالمانع معاند، ولا تفاق الناس عليه في جميع
الأعصار والأمصار من غير نكر، ولا حاجة فيه إلى إذن الحاكم أيضا. نعم لو
أظلم بها الدرب منع على الأقوى.
فإن كان الطريق مما يمر عليه الحاج والقوافل اعتبر علو ذلك بحيث لا يصدم
الكنيسة على البعير، ولا يشترط أن لا يصدم رمحا منصوبا بيد فارس، لعدم
مساس الحاجة إليه ولسهولة إمالته.
والأقرب عدم جواز إحداث دكة فيه على باب داره وغيرها لأهل الدرب
وغيرهم، اتسع الطريق أو ضاق، لأن إحياء الطريق غير جائز، إذ هو مشترك

(1) الخلاف: ج 2 ص 125.
(2) المبسوط: ج 2 ص 291.
339

بين مارة المسلمين، فليس له الاختصاص المانع من الاشتراك.
وكذا لا يجوز الغرس فيه وإن كان هناك مندوحة، لأن الزقاق قد تصدم
ليلا وتزدحم فيه البهائم، ولأنه مع تطاول الأزمنة ينقطع أثر الاستطراق في
ذلك.
ويحتمل جوازه ما لم يتضرر به المارة من ذلك كالروشن والساباط،
ويضعف بأنهما في الهواء، بخلاف الدكة والشجرة.
فرع:
الفاضل (1) أفتى به وأمر بتأمله، لعدم وقوفه على نص فيه.
ولو خيف (2) من الروشن بالإشراف على جاره منع منه، وإن كان لا يمنع
من تعلية ملكه بحيث يشرف على جاره عندنا. والفرق أنه مسلط على ملكه
مطلقا، والروشن يشترط فيه عدم التضرر، لأن الهواء ليس ملكه.
وأما السكة المرفوعة أي المنسدة الأسفل فلا يجوز إحداث روشن ولا جناح
فيها، إلا بإذن جميع أهله، سواء كان في أسفلها أو أعلاها.
ولا فتح باب أدخل من بابه سد بابه أو لا. ويجوز له إخراج بابه، وإن لم
يسد الأول على قول.
ولو أذن أهل الأسفل في إدخال الباب فهل لأهل الأعلى المنع؟ فيه
إشكال، من عدم استطراقهم، ومن الاحتياج إليه عند ازدحام الدواب
والناس، وهو أقوى.
وكذ لا يجوز فتح باب لغير الاستطراق كالاستضاءة دفعا للشبهة على ممر

(1) التذكرة: ج 2 ص 182.
(2) في باقي النسخ: ولو تشرف.
340

الأوقات: ولا نصب ميزاب.
ولو أذنوا في ذلك كله جاز. ولهم الرجوع في الإذن، لأنه إعارة. أما لو
صولحوا على ذلك. بعوض فإنه لازم مع تعيين المدة، وإن كان بغير عوض بني
على أصالة الصلح أو فرعيته للعارية.
ويجوز إفراد الهواء بالصلح، وإن كان لا يفرد بالبيع بناء على الأصالة.
ويجوز فتح روزنة أو شباك وإن لم يأذنوا أو نهوا.
ولو كان في أسفل الدرب فضلة فهم متساوون فيها لارتفاقهم بها، وقال
متأخرو الأصحاب: إن ذا الباب الخارج إنما يشارك إلى موضع بابه، ثم
لا مشاركة حتى أن الداخل ينفرد بما بقي، ويحتمل التشارك في الجميع
كالفضلة، لاحتياجهم إلى ذلك عند ازدحام الأحمال ووضع الأثقال، فعلى
الأول ليس للخارج حق في المنع من الروشن وشبهه فيما هو أدخل منه، ويكفي
إذن من له فيه حق، وعلى الثاني لا بد من إذن الباقين، وهو عندي قوي.
ويجوز للأجنبي دخول السكة المرفوعة بغير إذن أهلها عملا بشاهد الحال،
والجلوس غير المضر بهم، ولو نهاه أحدهم حرم ذلك.
ولا يجوز منع الذمي من الطرق النافذة، لأنها وضعت وضعا عاما. ولو
كان له داران متلاصقتان إلى سكتين مرفوعتين فالأقوى أن له فتح باب بينهما
واستطراقهما.
وكل دار على ما كانت عليه في استحقاق الشفعة بالشركة في الطريق،
وظاهر الشيخ (1) اشتراك أهل الزقاقين في الدرب من الجانبين، وأولى بالجوز
إذا كان باباهما إلى طريقين نافذين أو فتح باب ذي السكة إلى الطريق، وكذا
يجوز العكس على الأقوى.

(1) المبسوط: ج 2 ص 291.
341

وليس لمن حاذى دار غيره في الطريق النافذ منع المحاذي من الروشن
والجناح ما لم تعتمد أطراف خشبه على ملك الآخر، فإن سقط فللمقابل
المبادرة، لإباحته في الأصل.
فروع:
لو جعل المقابل روشنا تحت روشن مقابله أو فوقه فهل للسابق منعه؟ لم
أقف فيه على كلام، وقضية الأصل عدم المنع، إلا أن يقال: لما ملك الروشن
ملك قراره وهواءه، وهو بعيد، لأنه مأذون في الانتفاع، وليس ملزوما للملك.
الثاني: لو كان في الدرب المرفوع مسجد أو مدرسة أو رباط أو سقاية
اشترط مع إذن أهلها في المرور عدم تضرر المسلمين أيضا، لتعلق حقهم به.
الثالث: يجوز عمل سرداب في الطريق النافذ إذ أحكم أزجه ولم يحفر
الطريق من وجهها، ولو كان في المرفوع لم يجز، وإن أحكم إلا بإذنهم، ومثله
الساقية من الماء إذا لم يكن لها رسم قديم، ومنع الفاضل (1) من عمل الساقية،
وإن أحكم الأزج عليها في النافذ. أما لو عملها بغير أزج فإنه يمنع منها إجماعا،
ويجوز لكل أحد إزالتها.
[267]
درس
في الجدار
أما الخاص فلمالكه التصرف فيه بما شاء من فتح كوة للاستضاءة، ووضع
الجذوع وغير ذلك حتى رفعه من البين. ويتخرج من هذا جوز إدخال الباب
بغير إذن الجار في المرفوعة.

(1) التذكرة: ج 2 ص 184.
342

ولو التمس جاره وضع جذعه على استحب له الإجابة.
وقوله صلى الله عليه وآله (1): من كان يؤمن بالله وليوم الآخر فلا يمنعن
جاره من أن يضع خشبة على جداره، محمول على التأكيد في استحباب
الإسعاف، ولو أسعفه فوضع قيل: جاز له الرجوع فينقضه، لأنه إعارة، ويحتمل
المنع من النقض للضرر الحاصل به، فإنه يؤدي إلى خراب ملك المستعير. نعم
تكون له الأجرة فيها بعد الرجوع، وفي المبسوط (2) لا رجوع حتى يخرج، لأن
البناء للتأبيد وللضرار.
ولو قلنا بالرجوع ففي غرمه الأرش وجهان: من استناد التفريط إلى المستعير،
ومن لحوق ضرره بفعل غيره.
ولو قلنا بالأرش فهل هو عوض ما نقصت الآلات بالهدم أو تفاوت ما بين
العامر والخراب؟ كل محتمل.
ولو انهدم الجدار أو زال المستعير نقضه فللمالك الرجوع قطعا، ولو سكت لم
يجز إعادته إلا بإذن جديد، سواء بناه بنقضه الأول أو بغيره.
ولو صالحه على الوضع بعوض معلوم إلى أجل معلوم جاز، فيشترط مشاهدة
الخشب أو وصفه بما يرفع الجهالة، ولو صالحه (3) على البناء على حائطه ذكر
سمك البناء وطوله.
ولو صالحه بغير عوض فهو كالصلح على بعض العين أو الدين مع الإقرار،
وعندي فيه توقف، إلا أن يجعله هبة أو إبراء، وقد مر.
فرع:
لو كان الجدار لمسجد وشبهه من الوقوف العامة لم يجز لأحد البناء عليه، ولا

(1) سنن البيهقي: ج 6 ص 68، وليس فيه (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر).
(2) المبسوط: ج 2 ص 292 و 297.
(3) في باقي النسخ: وكذا لو صالحه.
343

الوضع بغير إذن الحاكم قطعا، وليس له أن يأذن بغير عوض على الظاهر. ولو
أذن بعوض ولا ضرر على الوقف احتل الجواز، نظرا إلى المصلحة وعدمه، لأنه
تصرف في الوقف بغير موضعه (1)، ولأنه يثمر شبهة، وهذا أقوى.
وأما الجدار المشترك، فلا يجوز الانتفاع به في وضع أو أزج أو فتح كوة
- بضم الكاف وفتحها - إلا بإذن الجميع، وكذا ضرب الوتد، وسواء أضربهم
أو لا.
ويجوز الانتفاع بالاستناد إليه والاستظلال بظله لهم ولغيرهم، وكذا بالجدار
المختص عملا بشاهد الحال. نعم ليس له حك شئ من الآية حجرا كانت أو
آجرا أو لبنا، ولا الكتابة عليه، لأنه تصرف في ملك الغير بما هو مظنة الضرر.
وهل لمالك (2) الجدار منع المستند أو المستظل إذا كان المجلس مباحا؟
الأقرب المنع مع عدم التضرر، وحكم الفاضل (3) بأن له المنع من الاستناد،
لأنه تصرف.
ويجوز قسمة الجدار طولا وعرضا، وطوله امتداده من زاوية من البيت إلى
الزاوية الأخرى، أو من حد من أرض البيت إلى حد آخر من أرضه، وليس
المراد به ارتفاعه عن الأرض فإن ذلك عمقه.
والعرض هو السطح الذي يوضع عليه الجذوع، فلو كان طوله عشرة وعرضه
ذراعين واقتسماه في كل الطول ونصف العرض ليصير لكل واحد ذراع في طول
عشرة جاز، وكذا لو اقتسماه في كل العرض ونصف الطول بأن يصير لكل
واحد منهما طول خمس في عرض ذراعين.

(1) في باقي النسخ: بغير موضوعه.
(2) في (ق): وهل للمالك.
(3) التذكرة: ج 2 ص 185.
344

ثم القسمة بعلامة توضع جائزة في الأمرين، وبالنشر جائز في الثاني دون
الأول، إلا مع تراضيهما كما لو نقضاه واقتسما آلاته، والقرعة ممتنعة في الأول،
بل كل وجه لصاحبه ويجوز في الثاني.
ومتى تطرق ضرر عليهما أو على أحدهما وطلبه الآخر فهي قسمة تراض،
وإلا فهي قسمة إجبار، ولو طلبها المتضرر أجبر الآخر، وكذا يجوز قسمة عرصته
قبل البناء.
[268]
درس
لو انهدم الجدار واسترم لم يجب على الشريك الإجابة إلى عمارته، ولو هدمه
فعليه الإعادة (1) إن أمكنت المماثلة كما في جدران بعض البساتين والمزارع،
وإلا فالأرش، والشيخ (2) أطلق الإعادة، والفاضل (3) أطلق الأرش.
ولو بناه أحدهما بالآلة المشتركة كان بينهما، وفي توقفه على إذن الآخر مع
اشتراك الأساس احتمال قوي. ولو أعاده بآلة من عنده فالحائط ملكه،
والتوقف هنا على إذنه أقوى، ومنع الشيخ (4) من التوقف على إذن الآخر.
وله منع الآخر من الوضع عليه في الثانية دون الأولى. نعم للشريك مطالبته
بهدمه، قال الشيخ (5): أو يعطيه نصف قيمة الحائط ويضع عليه، والخيار بين
الهدم وأخذ القيمة للثاني.
وكذا لا يجب إجابة الشريك إلى عمارة الرحى المشتركة والنهر والدولاب

(1) في باقي النسخ: إعادته.
(2) المبسوط: ج 2 ص 303.
(3) القواعد: ج 1 ص 185.
(4) المبسوط: ج 2 ص 301.
(5) المبسوط: ج 2 ص 301.
345

والعلو والسفل في الدار.
ولو استحق إجراء مائه أو وضع بنائه أو جذوعه على ملك الغير فليس عليه
مساعدة المالك في عمارة المجرى، ويجب على المالك ذلك.
ولو احتاجت الساقية إلى إصلاح فعلى صاحبها، ولا يجبر صاحب السفل،
ولا العلو على بناء الجدار الحامل للعلو، ولا على جدار البيت، إلا أن يكون
ذلك لازما بعقد لازم (1).
ولو ملكا دارين متلاصقين (2) فليس لأحدهما مطالبة الآخر برفع جذوعه
عنه، ولا منعه من التجديد لو انهدم السقف إذا لم يعلما على أي وجه وضع،
لجواز كونه بعوض، ونقل فيه الشيخ (3) عدم الخلاف.
نعم لو ادعى أحدهما الاستحقاق ونفاه الآخر جزما احتمل حلف المنكر،
وعليه الفاضل (4)، وظاهر الشيخ أن على مدعي العارية البينة واليمين على
الآخر.
ولو انهدم الحائط المشترك بينهما فاصطلحا على أن يبنيا ويكون لأحدهما
أكثر مما كان له بطل الصلح، لأن فيه إيهاب ما لم يوجد قاله الشيخ (5).
ويمكن القول بالجواز مع مشاهدة الآلات أو الوصف ومشاهدة الأرض،
بناء على أن الصلح أصل وإن كان بغير عوض، إلا أن يجعل المانع منه عدم
وجود التالف الذي هو جزء صوري من الحائط، وعدم إمكان ضبطه.
ولكنه ضعيف، وإلا لما جاز الاستئجار على البناء المقدر بالعمل، أو نقول

(1) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
(2) في (م): متلاصقتين.
(3) المبسوط: ج 2 ص 298.
(4) القواعد: ج 1 ص 186.
(5) المبسوط: ج 2 ص 300.
346

الشارط على نفسه متبرع بما يخص شريكه من عمله، والشارط لنفسه غير متبرع
فيشترط له في مقابله قدرا من الملك.
ويحتمل جواز اشتراط تملك الأكثر من الآلات لا من الجدار بعد البناء،
لأنه تعليق ملك في عين، وهو ممتنع، لامتناع الأجل في الملك.
ولو انفرد أحدهما بالعمل وشرط لنفسه الأكثر من الآلة صح، وفي
التذكرة (1) أطلق جواز اشتراط الأكثر، لعموم المسلمون عند شروطهم، ويجري
مجرى الاستئجار على الطحن بجزء من الدقيق. وعلى الارتضاع بجزء من الرقيق
فإنه يملك في الحال، ويقع العمل فيما هو مشترك بينه وبين غيره، وعلى هذا
يملك الأكثر في الحائط مبنيا، وهو قوي.
ولو كان لأحدهما السفل وللآخر العلو لم يكن للأسفل منع الأعلى، من
وضع ما لا يتأثر به السقف من الأمتعة لو كان السقف له، ولو كان للأعلى لم
يكن له منع الأسفل من الاستكنان، وله منعه من ضرب وتد فيه، ولا يمنعه من
تعليق ما لا يتأثر به.
ولو جعل عوض الصلح عن الدعوى مجرى الماء في أرضه قدر المجرى طولا
وعرضا لا عمقا، لأن من ملك شيئا ملك قراره إلى تخوم الأرض.
ولو جعله إجراء الماء في ساقية محفورة مشاهدة جاز إذا قدرت المدة، قال
الشيخ (2): ويكون فرعا للإجارة وفي المجرى فرع البيع.
قال الشيخ (3): ولو كانت الساقية غير محفورة لم يجز الصلح على الإجراء،
لأن فيه استئجار المعدوم. ويشكل بإمكان تعين مكان الإجراء طولا وعرضا،
واشتراط حفره على مالك الأرض أو على المجرى ماؤه. نعم لو كانت الأرض

(1) التذكرة: ج 2 ص 187.
(2) المبسوط: ج 2 ص 310.
(3) المبسوط: ج 2 ص 310.
347

موقوفة أو مستأجرة لم يجز.
ولو صالحه على المدعى به على إجراء الماء من سطحه على سطح المدعى
عليه اشترط علم سطح المدعي. ولا فرق بين الإقرار بالمدعى به ثم الصلح،
وبين الإنكار، والشيخ (1) فرض المسألة مع الإقرار، كما هو مذهب بعض
العامة.
ويجوز الصلح على إزالة البنيان والجذوع عن ملكه، كما يجوز الصلح على
إثباتها ويجوز الصلح على قضاء الحاجة وطرح القمامة في ملك الغير، وتعيين المدة
كالإجارة.
ويجوز الصلح على الاستطراق، كما يجوز على إجراء الماء. ويشترط ضبط
موضع الاستطراق.
ولو باع الإجراء والاستطراق لم يجز، لأن موضع (2) البيع الأعيان، وكذا
يصح الصلح على حق الهوى لا البيع ولا الإجارة.
ومن استحق إجراء الماء في ملك غيره فليس له طروقه بغير حاجة، ولو
استرم الملك لم يجب على المستحق مشاركته في العمارة وإن كان بسبب الماء.
ولو سرت عروق الشجرة أو فروعها إلى ملك الغير فله عطفها إن أمكن،
وإلا فله قطعها من حد ملكه، ولا فرق بين أن يكون الفروع في ملكه أو هوائه،
ولا يحتاج إلى إذن الحاكم، كما له إخراج بهيمة تدخل إلى داره بدون إذنه. نعم
يأمر صاحبها بقطعها فإن امتنع قطعها هو.
ولو صالحه على إبقائها على الأرض أو في الهواء جاز مؤقتا لا مؤبدا، بعد
انتهاء الأغصان والعروق بحسب ظن أهل الخبرة أو تقدير الزيادة، وليس له

(1) المبسوط: ج 2 ص 311.
(2) في باقي النسخ: لأن موضوع.
348

إيقاد النار تحت الأغصان لتحترق بل القطع.
[269]
درس
في التنازع
وفيه مسائل:
لو ادعى دارا على اثنين فصدقه أحدهما فله نصيبه، فإن باعه عليه فللآخر
الشفعة إن تغايرت جهة ملكيهما، وإن اتحدت كالإرث فلا، لاعترافه ببطلان
البيع، ولو صالحه فلا شفعة قطعا إن جعلناه أصلا.
الثانية: لو تنازعا في جدار حائل بين داريهما، فإن كان متصلا بأحدهما
اتصال ترصيف أي تداخل الأحجار واللبن، أو كان له عليه قبة أو غرفة أو
سترة أو جذع على الأقوى، فهو صاحب اليد فعليه اليمين مع فقد البينة.
ونفى الشيخ (1) في الكتابين الترجيح بالجذوع، لأن كون الجدار سورا
للدارين دلالة ظاهرة على أنه في أيديهما، ووضع الجذع اختصاص بمزيد انتفاع،
كاختصاص أحد الساكنين بزيادة الأمتعة.
ولو كان اتصال مجاورة ولا اختصاص لأحدهما تحالفا واقتسماه نصفين
قال الشيخ (2): والقرعة قوي (3)، وكذا لو كان متصلا بهما أو جذوعهما عليه. ولا
عبرة بالكتابة والتزويق.
والوجه الصحيح من اللبن لو بناه بإنصاف اللبن والروازن والطين، وفي
الترجيح في الخص بمعاقد القمط قول مشهور مستند إلى النقل (4)، والأزج

(1) المبسوط: ج 2 ص 296، والخلاف: ج 2 ص 126.
(2) المبسوط: ج 2 ص 296.
(3) في باقي النسخ: والقرعة قوية.
(4) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب أحكام الصلح ح 2 ج 13 ص 173.
349

المقوس على الترصيف مرجح، وبالمجاورة لا ترجيح (1) به، والمسناة والمرزبين
الملكين كالجدار.
فرع:
لو بنى الجدار على جذع داخل طرفه في بناء أحدهما في الترجيح به نظر،
من أنه كالآس أو كالجزر. ولو اتفقا على ملكية الجذع لصاحب الجدار المولج
فيه فاحتمال اختصاصه أقوى.
الثالثة: لو تنازعا في الاس والجدار فأقام بينة بالجدار فهو ذو يد في الاس،
وكذا الشجرة مع المغرس.
والفرق بينهما وبين الجذع أن كون الجدار حائلا بين الملكين أمارة على
اشتراك اليد، ولا دلالة على اشتراك اليد في الآس والمغرس، فإذا ثبت الجدار
لأحدهما اختصت يده.
الرابعة: لو تنازع ذو الغرفة وذو البيت في جدرانه حلف ذو البيت، وقال
ابن الجنيد (2): هو بينهما، لأن حاجتهما إليه واحدة، وارتضاه في المختلف (3)، وفي
جدرانها يحلف ذو الغرفة لليد المختصة، وفي سقفها كذلك، وفي السقف المتوسط
يقوى الاشتراك مع حلفهما أو نكولهما، وإلا اختص بالحالف.
وفي المبسوط (4) يقسم بعد التحالف والقرعة أحوط، وتردد في الخلاف (5)
بين القرعة والتحالف، وقال ابن الجنيد (6) وابن إدريس (7): يحلف صاحب

(1) في (ق): لا يرجح.
(2) المختلف: ج 2 ص 478.
(3) المختلف: ج 2 ص 478.
(4) المبسوط: ج 2 ص 300.
(5) الخلاف: ج 2 ص 127.
(6) المختلف: ج 2 ص 477.
(7) السرائر: ج 2 ص 67.
350

الغرفة، لأنها لا يتصور بدونه، بخلاف البيت، واختاره في المختلف (1).
ولو لم يمكن إحداث السقف بأن كان أزجا ترصيفا حلف صاحب البيت
لاتصاله به.
الخامسة: لو كان على بيته غرفة يفتح بابها إلى آخر وتنازعا حلف صاحب
البيت لاتصالها به، ولو كان للآخر عليها يد بتصرف أو سكنى حلف، لأن يده
أقوى.
السادسة: لو تنازع صاحب الأعلى وصاحب الأسفل في عرصة الخان الذي
مرقاة في صدره فالأقرب القضاة بقدر الممر بينهما واختصاص صاحب (2)
الأسفل بالباقي، وربما أمكن الاشتراك في العرصة، لأن صاحب الأعلى لا
يكلف المرور على خط مستو، ولا يمنع من وضع شئ فيها، ولا من الجلوس
قليلا.
ولو كان مرقاة في دهليزه فالأقرب أن لا مشاركة للأسفل في العرصة، إلا
أن نقول في السكة المرفوعة باشتراك الفضلة بين الجميع، ويؤيده أن العرصة
يحيط بها الأعلى كما يحيط بها الأسفل. ولو كان المرقى في ظهره فاختصاص
صاحب الأسفل بالعرصة أظهر.
السابعة: لو تنازعا في المرقى ومحله فهو للأعلى، وفي الخزانة تحته بينهما.
ولو اتفقا على أن الخزانة لصاحب الأسفل فالدرجة كالسقف المتوسط بين
الأعلى والأسفل فيقضى بهما بينهما، ولا عبرة بوضع الأسفل آلاته وكيزانه تحتها.
ثم إذا تثبت الدرجة للأعلى فهو ذو يد في الآس.
الثامنة: لو تنازع راكب الدابة والمتشبث بلجامها فيها، فهما سواء عند

(1) المختلف: ج 1 ص 477.
(2) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
351

الشيخ في الخلاف (1) وأحد احتماليه في المبسوط (2) وعند ابن إدريس (3)،
والاحتمال الآخر اختصاص الراكب بيمينه واختاره الفاضلان (4)، وكذا
لابس الثوب وممسكه، وذو الحمل على الجمل وغيره، لأن الاستيلاء حاصل
منهم بالتصرف، والتشبث لا يقاومه.
ولا عبرة هناك بكون الراكب غير معتاد قينة الدواب وكون المتشبث
معتادا لذلك. ولو كان بيدهما ثوب وأكثره مع أحدهما فلا ترجيح به البتة،
لأن مسمى اليد حاصل لهما ولا ترجيح، أما الراكب واللابس فلهما مع اليد
التصرف.

(1) الخلاف: ج 2 ص 126.
(2) المبسوط: ج 2 ص 297.
(3) السرائر: ج 2 ص 67.
(4) الشرائع: ج 2 ص 126، والمختلف: ج 2 ص 477.
352

كتاب الشفعة
353

كتاب الشفعة
وهي لغة فعلة من شفع كذا بكذا إذا جعله شفعا به، فإن الشفيع يجعل
نصيبه شفعا بنصيب شريكه، وأصلها التقوية، لأن كلا من الوترين يقوى
بالآخر.
وشرعا حق ملك قهري يثبت بالبيع لشريك قديم على شريك حادث فيما
لا ينقل عادة مع قراره.
وثبوتها إجماعي، إلا من أبي الشعثاء جابر بن زيد، ولا يقدح خلافه مع
الطعن في عقيدته بالخروج.
ويثبت في الأرض بالأصالة، وفي المساكن والأشجار بالتبع.
ولو اشتركت غرفة بين اثنين واختص أحدهما بالسقف أو انتفى السقف
عنهما فلا شفعة فيها عند الفاضل (1)، لعدم قرارها ولو كان السقف للشريكين،
لأن ما في الهواء لإثبات له. ولو علل بأن آلات البناء إنما تثبت فيها الشفعة
تبعا للأرض ولا أرض هنا كان أوجه.
واختلف الأصحاب في المنقول فأثبتها فيه المرتضى (2) وهو ظاهر المفيد (3)

(1) القواعد: ج 1 ص 209، والتحرير: ج 2 ص 144.
(2) الإنتصار: ص 215.
(3) المقنعة: ص 218.
355

وقول الشيخ في النهاية (1) وابن الجنيد (2) والحلبي (3) والقاضي (4) وابن
إدريس (5)، وظاهر المبسوط (6) والمتأخرين نفيها فيه، وأثبتها الصدوقان (7) في
الحيوان والرقيق، والفاضل (8) في العبد، لصحيحة الحلبي (9)، ومرسلة
يونس (10) تدل على العموم، وليس ببعيد.
وعلى القول بنفيها عن المنقول لو ضمه إلى غير المنقول لم يشفع ولم يمنع،
ويؤخذ الآخر بالحصة من الثمن يوم العقد، وقال الشيخ (11): بدخول الثمرة في
الشفعة.
واحترزنا بالعادة ليدخل الدولاب فإنه وإن أمكن نقله، إلا أن العادة
بخلافه، فيثبت فيه الشفعة لا في حباله ودلائه المنقولة عادة، وإنما يثبت في
الدولاب تبعا للأرض.
ثم اختلفوا في إمكان القسمة على قولين مشهورين، فعلى اشتراطه فلا شفعة
فيما لا يمكن قسمته، كالحمام الصغير والعضائد الضيقة والنهر والطريق الضيقين،
وكذا الرحى، إلا أن يمكن قسمة تميز (12) أحجارها وبيتها.

(1) النهاية: 423.
(2) المختلف: ج 1 ص 402.
(3) الكافي في الفقه: ص 360.
(4) المهذب: ج 1 ص 354.
(5) السرائر: ج 2 ص 385.
(6) المبسوط: ج 3 ص 106.
(7) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص 34 والمختلف: ص 402.
(8) المختلف: ج 1 ص 402.
(9) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الشفعة ح 3 ج 17 ص 321.
(10) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الشفعة ح 2 ج 17 ص 321.
(11) المبسوط: ج 3 ص 107.
(12) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
356

فرع:
لو اشتملت الأرض على بئر لا يمكن قسمتها وأمكن أن تسلم البئر لأحدهما
مع قسمة الأرض ثبتت الشفعة في الجميع، قيل: وكذا لو أمكن جعل أكثر بيت
الرحى موازيا لما فيه الرحى.
ويلزم منه لو اشتملت الأرض على حمام أو بيت ضيق وأمكن سلامة
الحمام أو البيت لأحدهما إن ثبتت، وعندي فيه نظر، للشك في وجوب قسمة
ما هذا شأنه.
وإنما يثبت للشريك لا للجار، ونقل الشيخ (1) فيه الإجماع، خلافا لظاهر
الحسن وقدم عليه الخليط، وهو شاذ، ولا مع القسمة، إلا مع الاشتراك في
الطريق أو النهر اللذين يقبلان القسمة على الخلاف.
ولا يثبت لأزيد من شركين على الأشهر، ويكاد يكون إجماعا كما نقله ابن
إدريس (2)، وقول ابن الجنيد (3) بثبوتها مع الكثرة نادر، وكذا قول الصدوق (4)
بثبوتها في غير الحيوان مع الكثرة وفي الحيوان مع الشريك الواحد، لرواية (5)
عبد الله بن سنان. نعم بقول ابن الجنيد (6): روايات منها صحيحة منصور بن
حازم (7) ومال إليه الفاضل في المختلف (8)، والأولى حملها على التقية.

(1) الخلاف: ج 2 ص 181.
(2) السرائر: ج 2 ص 386.
(3) المختلف: ج 1 ص 403.
(4) من لا يحضره الفقيه: باب الشفعة ذيل ح 3377 ج 3 ص 79.
(5) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الشفعة ح 1 ج 17 ص 321.
(6) المختلف: ج 1 ص 403.
(7) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب الشفعة ح 1 ج 17 ص 318.
(8) المختلف: ج 1 ص 403.
357

ثم اختلف هذان في ثبوتها بحسب الرؤوس أو بحسب السهام،
فالصدوق (1) على الأول، وابن الجنيد (2) على الثاني.
ويجوز عنده قسمتها على الرؤوس، لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (3)
الشفعة على عدد الرجال.
ويشترط انتقال الحصة بالبيع، فلو انتقلت بغيره من الصلح والإجارة
والهبة والإرث والإصداق فلا شفعة، ونقل الشيخ (4) فيه الإجماع، وشذ قول ابن
الجنيد (5) بثبوتها في الموهوب بعوض أو غيره.
ولا يثبت الذمي على مسلم وإن كان البائع ذميا، وفي رواية السكوني (6)
ليس لليهود والنصارى شفعة، والظاهر أن المراد به على المسلم.
ويشترط كون الملك المأخوذ به مطلقا، فلو كان وقفا وبيع الطلق لم يستحق
صاحب الوقف شفعة، ونقل الشيخ في المبسوط (7) فيه عدم الخلاف، لنقص
الملك بعدم التصرف فيه، وقال المرتضى (8): للناظر في الوقف من إمام ووصي
وولي الأخذ بالشفعة، وقال ابن إدريس (9): ذلك حق إن كان الموقوف عليه
واحدا، وارتضاه المتأخرون.

(1) لم نعثر عليه في كتبه ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 404.
(2) المختلف: ج 1 ص 404.
(3) وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب الشفعة ح 5 ج 17 ص 322.
(4) المبسوط: ج 3 ص 111.
(5) المختلف: ج 1 ص 404.
(6) وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب الشفعة ح 2 ج 17 ص 320.
(7) المبسوط: ج 3 ص 145.
(8) الإنتصار: ص 221.
(9) السرائر: ج 2 ص 397.
358

وهو مبني على تملك الوقف، وإن هذا الملك الناقص مما ثبت (1) فيه
الشفعة. نعم لو بيع الوقف في صورة الجواز ثبت للآخر الشفعة قطعا.
واحترزنا بالشريك القديم عن المقارن، فلو اشتريا معا فلا شفعة، وكذا
لا شفعة للمتأخر على المتقدم.
فرع:
ولو ادعيا السبق ولا بينة سمع من السابق في الدعوى، أو من صاحب
اليمين لو ابتدر الدعوى، فإذا أنكر الدعي عليه حلف ثم تسمع دعوى للثاني
على الأول فيحلف مع الإنكار ويستقر الملك بينهما.
ولو نكلا فكذلك، ولو نكل المدعى عليه أولا حلف المدعي وأخذ نصيب
صاحبه، وسقطت دعوى صاحبه، لزوال ملكه، ولو نكل المدعى عليه ثانيا وهو
المدعي أولا حلف صاحبه وأخذ حصته، ولا يكفيه اليمين الأولى، لأنها على
النفي.
ولو أقام أحدهما بينة قضي له، ولو أقاما بينتين بني على الأعمال أو
التساقط، فعلى الأول يقرع، وعلى الثاني كما لو لم تكن بينة، والقرعة أقوى. ولو
أقام أحدهما بينة بالشراء من غير تاريخ فلا عبرة بها.
[270]
درس
يشترط قدرة الشفيع على الثمن، فلو اعترف بالعجز أو ماطل أو هرب فلا
شفعة.
ولو قال الثمن غائب فأمهلوني أجل ثلاثة أيام، ولو كان في بدل آخر أجل

(1) في (ق): كما ثبتت.
359

زمانا يسع ذهابه وإيابه وثلاثة، إلا أن يتضرر المشتري فيسقط.
ولا يجب على المشتري قبول الرهن أو الضامن أو العوض، وليدفع الثمن قبل
تسليم المبيع جبرا لقهر المشتري.
ولو سلمه ليحضر الثمن إلى مدة فماطل حتى انقضت فله الفسخ واسترداد
المبيع.
ولو كان المشتري غائبا فله الشفعة إذا علم، وإن تطاول زمانه ما لم يتمكن
من المطالبة في الغيبة بنفسه أو وكيله.
ولا عبرة بتمكنه من الإشهاد، فلا يبطل حقه بتمكنه من الإشهاد على
المطالبة ولما يشهد.
والمريض الذي لا يتمكن من المطالبة كالغائب، وكذا المحبوس ظلما أو
بحق يعجز عنه، ولو قدر عليه ولم يطالب بطلت.
وتثبت الشفعة للصبي والمجنون والسفيه فيطالب الولي مع الغبطة، فلو ترك
فلهم المطالبة بعد زوال المانع، والأقرب أن للولي ذلك أيضا، لبطلان الترك،
ولو أخذ لا مع الغبطة جاز لهم نقضها.
وتثبت للمفلس، وللغرماء منعه من بذل المال فيها، فإن مكنوه أو رضي
المشتري بذمته تعلق بالشقص حق الغرماء.
ويثبت للمكاتب بنوعيه، وليس للمولى الاعتراض عليه، بخلاف المأذون
فإن له منعه.
ويثبت للعامل، فإن ترك فللمالك الأخذ، وليس للمالك أخذ ما اشتراه
العامل بالشفعة، بل له فسخ المضاربة فيه، فإن كان فيه ربح ملك العامل
نصيبه، وإلا فله الأجرة، وللعامل أخذ الشقص الذي اشتراه في شركة نفسه
بالشفعة إن قلنا أن الوكيل يأخذ بها.
360

فروع:
الولي لاثنين لو باع نصيبا لأحدهما في شركة الآخر فله الأخذ للآخر، ولو
باع الولي نصيب المشترك بينه وبين المولى عليه فله الأخذ له، ولو باع نصيب
المولى عليه فله الأخذ لنفسه، وفي المختلف (1) نفي أخذ الولي لنفسه الشفعة،
وكذا الوكيل، لرضاهما بالبيع، ويضعف بأنه تمهيد طريق الشفعة.
ومنع الشيخ (2) من أخذ الوصي الشفعة، لكونه متهما بتقليل الثمن ليأخذه
لنفسه، ويضعف بأنه نسبة إلى الخيانة والأصل الأمانة. قال (3): وليس للوصي
الشراء لنفسه، وفيه منع، وجوز ذلك كله في الأب والجد، لأن شفقتهما كاملة.
ومنع الشيخ (4) أيضا من أخذ الوكيل، لاتهامه في تقليل الثمن، ولأنه لا يجوز
شراؤه من نفسه.
الثاني: لا شفعة للحمل، لأنه لا يملك ابتداء في غير الإرث والوصية، ولو
انفصل حيا فهل لوليه الأخذ أو له بعد كماله؟ نظر.
الثالث: المغمى عليه كالغائب وإن تطاول الإغماء، ولا ولاية عليه لأحد،
فلو أخذ له آخذ لغا الأخذ، وإن أفاق وأجاز ملك من حين الإجازة لا قبلها
فالنماء للمشتري قبلها.
الرابع: لو باع المكاتب شقصا على المولى ببعض مال الكتابة تثبت الشفعة
لشريكه، وإن كان مشروطا وفسخت كتابته فالأولى بقاء الشفعة اعتبارا بحال
البيع، ووجه زوالها خروجه عن كونه مبيعا.
الخامس: لو اشتمل البيع على خيار للبائع أو لهما قال الشيخ (5): لا شفعة،

(1) المختلف: ج 1 ص 409.
(2) المبسوط: ج 3 ص 158.
(3) المبسوط: ج 3 ص 158.
(4) المبسوط: ج 3 ص 158.
(5) المبسوط: ج 3 ص 123.
361

بناء على عدم انتقال المبيع، وهو قول ابن الجنيد (1)، وقال ابن إدريس (2):
تثبت، بناء على الانتقال فظاهره بطلان خيار البائع بالأخذ، وقال الفاضل (3):
أخذه مراعى، فإن فسخ البائع بطل الأخذ، وإلا صح، ولا أعلم به قائلا، قال
الشيخ (4): وإن اختص به المشتري ثبتت الشفعة.
وله المطالبة بها قبل انقضاء الخيار، ويلزم (5) على قول الفاضل أن تكون
المطالبة مراعاة.
ويمكن القول بأن الأخذ يبطل خيار المشتري، كما لو أراد الرد بالعيب
فأخذ الشفيع، ولأن الغرض الثمن وقد حصل من الشفيع، إلا أن يجاب بأن
المشتري يريد دفع الدرك عنه.
فرع:
لو كان الخيار للمشتري فباع الشفيع نصيبه فالشفعة للمشتري الأول. وفي
بقاء شفعة البائع لو باع قبل العلم وجهان، يأتيان إن شاء الله تعالى.
ولو كان الخيار للبائع أو لهما فالشفعة للبائع الأول عند الشيخ (6) وابن
الجنيد (7)، لأن المبيع لم ينتقل عنه، ومن قال بالانتقال فالشفعة للمشتري
الأول.
السادس: إنما يأخذ المشتري بالثمن الذي وقع عليه العقد، ولا يلزمه
الدلالة، ولا أجرة الناقد والوزان، ولا ما يزيده المشتري للبائع وإن كان في مدة

(1) المختلف: ج 1 ص 405.
(2) السرائر: ج 2 ص 386.
(3) المختلف: ج 1 ص 405.
(4) المبسوط: ج 3 ص 123.
(5) في (م): ويلزمه.
(6) المبسوط: ج 3 ص 123.
(7) الخلاف: ج 2 ص 188.
362

الخيار، ولا ما ينقصه البائع عن المشتري، وقال الشيخ (1): يلحق الزيادة
والنقيصة بالعقد في الخيار، بناء على مذهبه في الانتقال.
السابع: لو باع شقصا في المرض وحابى من وارث أو غيره، فإن خرج من
الثلث قدر المحاباة أخذ الشفيع بذلك الثمن، وكذا لو أجاز الوارث، ولو زاد ولم
يجز أخذ ما استقر عليه العقد بحصته من الثمن، ولو أراد المشتري الفسخ لتبعيض
الصفقة فللشفيع منعه.
الثامن: لو أخبر المشتري بقدر المبيع أو الثمن أو جنسه، وحلوله أو تأجيله، أو
أنه اشترى لنفسه أو لغيره أو بشركة غيره فترك الشفيع ثم تبين خلاف الخبر
فله الأخذ، إلا أن يكون في الأخبار بثمن من جنس فيظهر الثمن أكثر، فإنه إذا
لم يرغب بالأقل فبالأكثر أولى، وكذا لو تبين أن المبيع أكثر مع اتحاد الثمن.
[271]
درس
حق طلب الشفعة على الفور عند الشيخ (2) وأتباعه، فمتى علم وأهمل مع
القدرة بطلت، ونقل فيه الإجماع، وقال ابن بابويه (3) وابن الجنيد (4)
والمرتضى (5) - ناقلا للإجماع - وابن إدريس (6): لا يبطل بالتراخي.
ولم نظفر بنص قاطع من الجانبين، ولكن في رواية علي بن مهزيار (7) دلالة
ما على الفور، مع اعتضادها بنفي الضرار عن المشتري، لأنه إن تصرف كان

(1) المبسوط: ج 3 ص 108.
(2) المبسوط: ج 3 ص 108.
(3) المختلف: ج 1 ص 405.
(4) المختلف: ج 1 ص 405.
(5) الإنتصار: ص 219.
(6) السرائر: ج 2 ص 388.
(7) وسائل الشيعة: باب 10 من أبواب الشفعة ح 1 ج 17 ص 324.
363

معرضا للنقص، وإن أهمل انتفت فائدة الملك، قال المرتضى (1): يزول الضرر
بعرضه على الشفيع وبذله له فأما أن يتسلم أو يترك الشفعة، وفي هذا إلمام
بالفور، لأن له عرضه في الحال فإذا ترك بطلت، والوجه الأول، لما اشتهر من
قوله صلى الله عليه وآله (2): الشفعة كحل عقال، أي إن لم يبتدر فأت كالبعير
يحال عقاله.
ولا يمنع الفورية كون الثمن مؤجلا فيأخذ به في الحال ويؤديه عند الأجل.
ثم إن لم يكن مليا ألزم ضامنا للمال، وقال الشيخ (3) في أحد قوليه - وهو
خيرة ابن الجنيد - (4): بل يأخذ الثمن (5) حالا أو يؤخر الآخذ إلى الأجل،
ويكون هذا عذرا، فلا تبطل شفعته بسكوته عن الطلب، إذ لا فائدة فيه، ولا
بترك الإشهاد.
ولو مات المشتري حل ما عليه دون الشفيع، ولو مات الشفيع لم يحل.
ولو قلنا بالقول الأول بطلت بإهمال الطلب وحل بموت المشتري والشفيع،
إلا أنه لو مات المشتري لم يحل ما على الشفيع.
ولو زرع المشتري الأرض لغيبة الشفيع أو اشتراها مزروعة، قال الشيخ (6):
للشفيع التأخير إلى الحصاد، لئلا يبذل ثمنا ينفعه بإزاء ما لا ينفعه، وقيل: بل
يأخذ في الحال أو يترك محافظة على الفور، والتأخير في المسألتين قوي.
ومن العذر التأخير إلى الصبح، أو الطهارة والصلاة، والأكل والشرب،

(1) الإنتصار: ص 220.
(2) سنن البيهقي: ج 6 ص 108.
(3) المبسوط: ج 3 ص 112، والخلاف: ج 2 ص 183.
(4) لم نعثر عليه.
(5) في (م): يأخذ الثمن.
(6) المبسوط: ج 3 ص 159.
364

والخروج من الحمام، وإغلاق الباب، وله الأذان والإقامة، وشهادة الجماعة
والمشي مناديا، ولو كان المشتري عنده، ولم يمنعه اشتغاله عن مطالبته وترك
بطلت.
ولو أخبره مخبر لا يعمل بقوله فهو عذر، بخلاف المعصوم والعدلين أو مع
القرينة بالعدل، بل لو صدق الصبي والمرأة والفاسق لقرينة أو لا لها ولم يطالب
بطلت.
والأقرب أن النسيان وجهالة الشفعة وجهالة الفورية إعذار فيمن يمكن
ذلك في حقه، وإذا حضر بدأ بالسلام والدعاء المعتاد به.
وله السؤال عن كمية الثمن والشقص. ولو قال اشتريت رخيصا أو غاليا
وأنا مطالب بالشفعة بطلت، لأنه فضول.
وعدم العلم بالبيع عذر قطعا، فلو نازعه المشتري حلف الشفيع.
وليحرر الدعوى بتعيين الشقص وحدوده وقدر الثمن، فلو أنكر المشتري
ملكية الشفيع فالأولى القضاء للشفيع باليد، لأنها دلالة الملك ومسلطة على
البيع والتصرف، وللفاضل (1) قول بإلزامه بالبينة على الملك، لأن اليد المعلومة
لا تزال بالمحتمل، قلنا: معارض بمثله.
ولو قال المدعى عليه بالشفعة لم اشتره وإنما ورثته أو اتهبته حلف، إلا أن
يقيم الشفيع بينة بالابتياع، ويكفيه اليمين على نفي استحقاق الشفعة وإن أجاب
بعدم الشراء.
ولو أقامها فأقام الشريك بينة بالإرث، حكم الشيخ (2) بالقرعة، ويمكن
تقديم الابتياع إن شهدا بتملك البائع أو ثبوت يده، لأنه قد يخفى على بينة
الإرث.

(1) المختلف: ج 1 ص 406.
(2) المبسوط: ج 3 ص 129.
365

ولو ادعى الشريك الإيداع منه وقامت بينة الشفيع بالابتياع، فإن كانتا
مطلقتين، أو بينة الابتياع متأخرة التاريخ، أو مقيدة بأن البائع باع ما هو ملكه
ولم يقيد بينة الإيداع، قدمت بينة الشفيع.
ولو تأخرت بينة الإيداع، وشهدت بأن المودع أودع ملكه وأطلقت بينة
الابتياع قدمت بينة الإيداع، لتفردها بالملك، فإن حضر المودع وكذب المتشبث
ثبتت الشفعة، وإلا بطلت، ولو اتحد التأريخان وقيدنا بالملك فالوجه القرعة.
ولو قال المطالب بالشفعة اشتريته لزيد وصدقه زيد فالشفعة عليه، وإن
كذبه حكم بالشراء للمقر وأخذه الشفيع.
ولو قال زيد هو لي لم اشتره خاصمه الشفيع، ولو كان زيد غائبا فالأقرب
أخذ الشفيع والغائب على حجته.
ولو قال اشتريته لمن لي عليه ولاية فالظاهر ثبوت الشفعة، لأن من ملك
الشراء ملك الإقرار، وهو منقوض بالوكيل، فالأولى الاعتماد على أصالة صحة
أخبار المسلم، ولأنه يقبل إقراره بدين على المولى عليه، كما نص عليه في قوله
تعالى (1): (فليملل وليه بالعدل).
نعم لو قال أو لا هو للطفل ثم قال اشتريته له أمكن هنا عدم الشفعة،
لثبوت الملك بالأول فلا يقبل الآن ما يعارضه.
ولو كان شقص بيد حاضر فادعى شراءه من مالكه وصدقه الشريك ففي
أخذه نظر، من أنه إقرار من ذي اليد، وأنه إقرار على الغير، وكذا لو باع ذو اليد
مدعيا للوكالة وصدقه الشفيع.
وحيث قلنا: بجواز الآخذ فالغائب على حجته فإذا حضر وأنكر حلف
وانتزعه وأجرته ممن شاء منهما، ولا يرجع الشفيع على الوكيل ولو رجع عليه،

(1) البقرة: 282.
366

بخلاف ما لو رجع على الوكيل. والفرق استقرار التلف في يد الشفيع.
ولو أخذ الشفيع اعتمادا على دعوى الوكيل رجع عليه، لأنه غره. والوجه في
الأولى عدم رجوع أحدهما على الآخر، لاعتراف المرجوع عليه بظلم الراجع.
[272]
درس
لو عفى الشريك عن شفعته بطلت، وكذا لو صالح على (1) تركها على مال.
ويبطل أيضا بجهالة الثمن بأن يشتريه الوكيل ويتعذر علمه به، أو قال
المشتري أنسيته وحلف.
ويتلف الثمن المعين قبل قبضه على قول الشيخ (2)، وقوى بعضهم بقاءها،
وفصل بكون التلف قبل أخذ الشفيع أو بعده فيبطل في الأول دون الثاني، أو
ظهور استحقاقه ولم يجز مالكه، بخلاف الثمن غير المعين، وبخلاف ما لو دفع
الشفيع الثمن فظهر متسحقا فإنها لا تبطل به، إلا مع علمه باستحقاقه إذا
جعلناها فورية.
ولو أقر المتبائعان باستحقاق الثمن وأنكر الشفيع فله الأخذ، وعليه اليمين إن
ادعيا علمه.
ولو كان الثمن قيميا كالعبد والجوهر ففي استحقاق الشفعة قولان مشهوران،
وقال ابن الجنيد (3): يكلف الشفيع رد العين التي وقع عليها العقد إن شاء،
وإلا فلا شفعة له، ورواية هارون بن حمزة (4) فيها إلمام به، ورواية ابن رئاب (5)

(1) في باقي النسخ: وكذا لو صولح عن.
(2) المبسوط: ج 3 ص 153.
(3) المختلف: ج 1 ص 404.
(4) وسائل الشيعة: باب 2 من أبواب الشفعة ح 1 ج 17 ص 316.
(5) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب الشفعة ح 11 ج 17 ص 324.
367

فيها إلمام بالبطلان حتى يكون الثمن مثليا، وهو خيرة المختلف (1).
والأقرب إنه يؤخذ بقيمته يوم العقد، عملا بالعموم السالم عن معارض
صريح، فلو وجد البائع به عيبا فرده، فإن كان بعد أخذ الشفيع رجع بقيمة
الشقص على المشتري زادت عن الثمن أو لا، والأقرب إنه ليس للمشتري
الرجوع بالزيادة على الشفيع، لأنه أمر حدث بعد استقرار الملك بالثمن المعين.
وإن كان رده قبل أخذ الشفيع فقد تعارض حق الشفيع بالسبق وحق
البائع بعود الملك إلى أصله، وبإدخال الضرر عليه في فوات الشقص، والشفعة
وضعت لإزالة الضرر فلا تكون سببا في الضرر، وربما قيل: حق البائع أسبق
لاستناده إلى العيب المقارن للعقد، والشفعة ثبتت بعده فيكون أولى من
الشفيع، وعندي فيه نظر.
ولو أخذ البائع أرش الثمن رجع به المشتري على الشفيع إن كان أخذه
بقيمة الثمن معيبا، وإلا فلا، ولو ترك البائع الرد والأرش فلا رجوع للشفيع
بشئ، لأنه كإسقاط بعض الثمن. ولو عاد الشقص إلى ملك المشتري بعد أخذ
الشفيع لم يكن له رده على البائع، ولا للبائع أخذه قهرا.
ومن مبطلاتها بيع الشفيع نصيبه بعد علمه ببيع شريكه، ولو كان قبل
علمه لم يبطل عند الشيخ (2) اعتبارا بسبق الاستحقاق، وأبطلها الفاضلان (3)،
لزوال سبب الاستحقاق، ولأن الشفعة لإزالة الضرر ولا ضرر هنا، بل بالأخذ
يحصل الضرر على المشتري لا في مقابلة دفع الضرر عن الشفيع.
ومنها أن ينزل عن الشفعة قبل العقد، أو يأذن للبائع في البيع، أو يشهد

(1) المختلف: ج 1 ص 404.
(2) المبسوط: ج 3 ص 142.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 409، وشرائع الإسلام: ج 3 ص 263.
368

على البيع عند الشيخ (1) أو يبارك للمشتري فيه قاله في النهاية (2)، خلافا
للمبسوط (3)، لأن الدعاء له بالبركة يرجع إلى نفسه.
وقال الشيخان (4): لو عرض البائع الشقص على الشريك بثمن معلوم
فأبى، ثم باعه به أو بأزيد فلا شفعة له، لإيذانه بنفي الضرار عنه، ورواية جابر
عن النبي صلى الله عليه وآله (5) لا يحل له أن يبيعه حتى يعرضه على شريكه،
تؤذن بذلك، وخالف ابن الجنيد (6) وابن إدريس (7)، لأنه يزول عما لم يجب،
وتوقف في المختلف (8).
ولو ضمن العهدة للبائع أو المشتري أمكن بقاء حقه، لأنه تقرير للسبب،
ولأنه ليس أبلغ من النزول قبل العقد والوكالة لأحدهما.
وتجوز الحيلة على إسقاطها بإيقاع الهبة مع التعويض وبزيادة الثمن، ويبرئه
من الأكثر أو يعتاض عنه بالأقل أو يبيعه المشتري سلعة بأضعاف ثمنها، ثم
يشتري الشقص بذلك الثمن.
فروع:
لو قال للمشتري بعني الشقص أو هبني أو قاسمني فهو رضا مبطل للشفعة،
بخلاف صالحني على إسقاطها فإنه لا يبطلها، فإن صالحه وإلا فله المطالبة.

(1) النهاية: ص 424.
(2) النهاية: ص 424.
(3) المبسوط: ج 3 ص 142.
(4) المقنعة: ص 619 والنهاية: ص 425.
(5) سنن البيهقي: ج 6 ص 104.
(6) المختلف: ج 1 ص 407
(7) السرائر: ج 2 ص 393.
(8) المختلف: ج 1 ص 407.
369

الثاني: لو قال أخذت نصف الشقص خاصة بطلت، لأن العفو عن
البعض يبطلها، لأنها لا تتجزأ كالقصاص، وللضرر على المشتري، ويحتمل
أن يكون ذلك أخذا للجميع، لأن أخذ الجزء لا يتم إلا بأخذ الكل.
ولو اقتصر على قوله أخذت نصفه فوجهان مرتبان، وأولى بالبقاء، لأن أخذ
البعض لا ينافي أخذ الكل، إلا أن يؤدي إلى التراخي.
الثالث: لو جعل المتبائعان للشفيع الخيار فاختار اللزوم لم يبطل على
الأقرب، لأنه تمهيد الطريق، ويحتمل البطلان إن أبطلنا شفعة الوكيل في البيع
أو الشراء، لأن اختياره من تتمة العقد.
الرابع: لو كان الثمن عرضا قيميا وقلنا بثبوت الشفعة واختلفا في قيمته
عرض على المقومين، فإن تعذر لهلاكه وشبهه قدم قول المشتري في القيمة على
الأقرب، لأن الأصل بقاء ملكه إلا بقوله، ولو قال لا أعلم قيمته حلف ولا
شفعة.
الخامس: لو اختلف المتبائعان في الثمن فقد مر حلف البائع ويأخذ بما
ادعاه المشتري، ولو رجع المشتري إلى قول البائع لم ينفعه، إلا أن يصدقه
الشفيع.
ولو اختلف المشتري والشفيع في قدره حلف المشتري، لأنه أعرف بالعقد،
وقال ابن الجنيد (1): يحلف الشفيع، لأصالة البراءة، ولو أقاما بينة قال الشيخ:
تقدم بينة المشتري، أما لأنه الداخل، وأما لأن بينته تشهد بزيادة، وقال ابن
إدريس (2): بينة الشفيع، لأنه الخارج، واحتمل الفاضل القرعة.
السادس: لو باعه بمائة رطل حنطة فهل على الشفيع زنتها أو يكال فيوفى

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 406.
(2) السرائر: ج 2 ص 391.
370

مثل كيلها؟ يبنى على أن دفع الحنطة من الشفيع بإزاء حنطة المشتري أو بإزاء
الشقص، وعلى أن بيع الحنطة بها بالوزن هل يجوز أم لا؟ فإن قلنا بإزاء الشقص
أو جوزنا بيعها الوزن فعليه مائة رطل - وهو الأقوى - وإلا وجب الكيل.
[273]
درس
لا يملك الشفيع بالمطالبة، ولا يدفع الثمن مجردا عن قول حتى يقول أخذت
الشقص أو تملكته بالثمن وشبهه، ولا يحتاج إلى عقد جديد بينه وبين المشتري،
ولا إلى رضا المشتري، ولا يكفي قضاء القاضي من دون التسليم، وأولى منه
بالعدم إشهاد الشاهدين.
وليس في الأخذ خيار المجلس ولا غيره، ولو دفع الثمن وتلفظ بالأخذ ولما
يقبض المبيع ملك وله التصرف، ولا ينزل على الخلاف في بيع المشتري قبل
القبض لو قلنا بعموم الشفعة للمكيل والموزون.
ولو رضي المشتري بتأخير الثمن ملك بالأخذ وله التصرف أيضا.
ولا بد من معرفة قدر المبيع والثمن، ومشاهدة المبيع أو وصفه فيكون له خيار
الفسخ لو لم يطابق.
وهل للمشتري المنع من تسليم الثمن حتى يراه الشفيع؟ يحتمل ذلك، لأنه
لا يثق بالثمن قبل الرؤية.
ويجب على المشتري تمكينه من الرؤية بدخول العقار، ولو لم يعلم كميتها
بطل الأخذ، ولو قال أخذت مهما كان بمهما كان للغرر، ولا يبطل بذلك
شفعته. ولا يجب على المشتري دفع الشقص، إلا بعد قبض جميع الثمن.
ولو ضم المشفوع إلى غيره اختص المشفوع بالحكم ولا خيار للمشتري، لأن
تبعض الصفقة تجدد في ملكه. نعم لو كان قبل القبض أو في مدة خيار وقلنا
بعدم منعه الآخذ أمكن القول بالخيار، لأن هذا العيب مضمون على البائع.
371

وزوائد الشقص المنفصلة للمشتري والمتصلة للشفيع.
ولو باع شقصين من دارين وكان الشريك واحدا فله أخذهما وأخذ
أحدهما.
ولا تبطل الشفعة بالإقالة، ولا بالرد بالعيب، ولا بالتصرف، فإن تصرف
بنقل الملك فللشفيع إبطاله حتى الوقف، ولو كان بالبيع فله الأخذ بما شاء من
العقود، وكل عقد أخذ به صح ما قبله وبطل ما بعده.
والدرك على المأخوذ منه، فيرجع عليه الشفيع بالثمن لو ظهر استحقاق
الشقص. ولو تبين كون الشقص معيبا بعد أخذ الشفيع فله رده، وليس له
المطالبة بالأرش، إلا أن يكون المشتري قد أخذه من البائع، ولو كان الشفيع
عالما بالعيب فلا رد.
ولو أخذه الشفيع بجميع الثمن فالأقرب أن للمشتري الأرش مع جهله،
فيرجع به الشفيع. ولو اشتراه المشتري بالتبري من العيوب ولم يعلم الشفيع فله
الفسخ.
ولا يكلف المشتري أخذ الشقص من البائع وتسليمه إلا الشفيع، بل يخلى
بينه وبينه، ويكون قبضه كقبض المشتري، فالدرك عليه. ولا يملك الشفيع
فسخ البيع والأخذ من البائع.
ولو تلف المبيع في يد المشتري سقطت الشفعة، ولو أتلفه بعد المطالبة لم
يسقط فيطالبه بقيمته، ولو تلف بعضه أخذ الباقي إن شاء بحصته من الثمن، ولو
أتلفه المشتري بعد المطالبة ضمن النقص.
ولو كان الفائت مما لا يتقسط عليه الثمن كالعيب أخذ الشفيع بالجميع أو
ترك إذا لم يكن مضمونا على المشتري.
ولو انهدمت الدار فالنقص للشفيع، لأنها كانت مشفوعة كثباتها، فلا
يخرج الاستحقاق بنقلها.
372

والزوائد قبل الأخذ للمشتري وإن كان طلعا لم يؤبر، وقال الشيخ (1): هو
للشفيع لدخوله في البيع. والزرع قبل المطالبة يقر بغير آجرة، لأنه ليس عرقا
ظالما.
أما الغرس والبناء فلا يقران إلا برضاهما. ولا فرق بين أن يغرس أو يبني
في المشاع أو فيما تخير له بالقسمة.
وتتصور القسمة بأن لا يعلمه المشتري بالبيع، أو يكون الشفيع غائبا
فيقاسم وكيله أو الحاكم أو صبيا أو مجنونا فيقاسم وليه، فإن قلعه المشتري
فليس عليه أرش.
ولا تسوية الأرض عند الشيخ (2)، والفاضل في المختلف (3) أوجب الأرش،
لأنه نقص أدخله على ملك غيره لتخليص ملكه، لأنه تصرف في ملكه.
ويأخذ الشفيع بجميع الثمن إن شاء أو يدع، ولو لم يقلعه فللشفيع قلعه،
ويضمن ما ينقص من الغرس والبناء، ونفى الضمان في المختلف (4) وإذا أراد
الشفيع تملكه لم يقوم مستحقا للبقاء ولا مقلوعا، بل يقوم الأرض مشغولة
وخالية فالتفاوت قيمته، أو يقوم الغرس والبناء مقيدا باستحقاق الترك بأجرة
والأخذ بقيمته، وهذا لا يتم إلا على قول الشيخ (5) بأن الشفيع لا يملك قلعه
مجانا، وإنه يجاب إلى القيمة لو طلب تملكه، وهو مشكل.
[274]
درس
في اللواحق
وهي مسائل:

(1) المبسوط: ج 3 ص 118.
(2) المبسوط: ج 3 ص 118.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 408.
(4) المختلف: ج 1 ص 408.
(5) المبسوط: ج 3 ص 118.
373

المروي (1) أن الشفعة لا تورث، إلا أن الطريق ضعيف بطلحة بن زيد، ولم
ينعقد عليه الإجماع، ولا قول الأكثر، فإن المفيد (2) والمرتضى (3) وابن الجنيد (4)
أثبتوا أنها تورث، والشيخ القائل بالرواية (5) موافق لهم في الخلاف (6)، وآي
الإرث (7) عامة لا تنهض الرواية بتخصيصها.
الثانية: إرثها على حد المال، فلو عفوا إلا واحدا فله الجميع، وليس هذا
مبنيا على الكثرة، لأن مصدرها واحد، فحينئذ يقسم على السهام لا على
الرؤوس فللزوجة مع الولد الثمن. ويظهر من الشيخ (8) أنه مبني على الخلاف في
القسمة مع الكثرة، ورده في المختلف (9) بأن استحقاقهم عن مورثهم المستحق
للجميع، ونسبته إليهم بالإرث المقتضي للتوزيع بحسبه، ولك أن تقول هل
الوارث أخذ بسبب أنه شريك أم أخذه للمورث تقديرا ثم يخلفه فيه؟ فعلى
الأول يتجه القول بالرؤوس وعلى الثاني لا.
الثالثة: لو ادعى الشريك بيع نصيبه من آخر فأنكر حلف وتثبت الشفعة
للشريك على البائع مؤاخذة له بإقراره، وأنكره ابن إدريس (10)، لأنها تبع لثبوت
البيع والأخذ من المشتري. وهل للبائع إحلاف المشتري؟ يحتمل المنع لوصول

(1) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب الشفعة ح 1 ج 17 ص 325.
(2) المقنعة: ص 619.
(3) الإنتصار: ص 217.
(4) المختلف: ج 1 ص 406.
(5) تهذيب الأحكام: ب 14 في الشفعة ح 18 ج 7 ص 167.
(6) الخلاف: ج 3 ص 437.
(7) النساء: 7 وغيرها من نفس السورة.
(8) المبسوط: ج 3 ص 113.
(9) المختلف: ج 1 ص 408.
(10) السرائر: ج 2 ص 394.
374

الثمن إليه والثبوت ليجعل الدرك عليه، وهل للشفيع إحلاف المشتري أيضا؟
فيه الوجهان: من وصول الشقص إليه، ومن فائدة الدرك.
فرع:
لو أقر هذا البائع بقبض الثمن من المشتري بقي ثمن الشفيع لا يدعيه أخذ
فيحفظه الحاكم، فإن رجع المشتري إلى الإقرار بالبيع فهو له، وإلا فإن رجع
البائع عن قبض الثمن من المشتري فهو له.
الرابعة: لو بيع بعض دار الميت في دينه فلا شفعة لوراثة، إما لأن التركة
ملكه فالزائد ملكه، وإما لأن مجموع التركة على حكم مال المورث، وإنما ملك
بعد قضاء الدين فيكون ملك الوارث متأخرا، ولو قلنا بملك الوارث الزائد عن
قدر الدين احتمل الشفعة، لأنه شريك، كما لو كان شريكا قبل الموت وقلنا
بعدم ملكه للشقص مع الدين.
الخامسة: لو أوصى المشتري بالشقص لا يمنع حق الشفيع، فإذا أخذه
فالثمن للوارث، لزوال متعلق الوصية، ولو أوصى بشقص فباع شريكه بعد موت
الموصي وقبل قبول الموصى له ففي استحقاقه أو استحقاق الوارث وجهان،
مبنيان على أن القبول هل هو كاشف أو ناقل؟ وعلى الاستحقاق ليس له
المطالبة قبل القبول، وهل يكون ذلك عذرا في التأخير؟ الأقرب لا، وللوارث
المطالبة على الوجهين، لأصالة عدم القبول، فإن قبل الموصى له طالب حينئذ.
السادسة: لو تنازع المشتري والشفيع في الثمن فشهد البائع للمشتري لم
يقبل، لأنه يشهد على فعل نفسه، وإن شهد للشفيع احتمل القبول قبل
القبض، لأنه يقلل استحقاقه، ولا يقبل بعده، لأنه يقلل العهدة على نفسه.
السابعة: لو أنكر المشتري الشراء حلف، فإن نكل حلف الشفيع وأخذ
بالشفعة وسلم الثمن إلى المشتري إن رجع عن إنكاره، وإن أصر احتمل إقراره
375

في يد الشفيع وإجبار المشتري على قبوله، أو إبراء ذمة الشفيع أو صرفه (1) إلى
الحاكم فيجعله مع الأموال الضائعة، وهو الذي قواه الشيخ (2)، فإذا يئس من
صاحبه فلا نص لنا فيه، والمناسب للأصل الصدقة به، ويحتمل كونه لبيت المال
كقول العامة.
الثامنة: لا شفعة للمرتد عند العقد على المسلم، وفي ثبوتها على الكافر
إذا كان عن ملة نظر، من بقاء ملكه، ومن الحجر عليه، ولو ارتد بعد العقد
فكذلك، فلو عاد احتمل البطلان، لمنافاته البدار، واحتمل البقاء، لتوهم كون
الشبهة عذرا.
التاسعة: لو أقام المشتري بينة بالعفو وأقام الشفيع بينة بالأخذ قدم
السابق، فإن تعارضتا احتمل ترجيح المشتري، لأنه الخارج والمتشبث، وقد
تشهد بينته بما تخفى على بينة الآخذ، واحتمل ترجيح الشفيع، بناء على ترجيح
ذي اليد عند التعارض.
العاشرة: لا تقبل شهادة البائع بالعفو، أما قبل قبض الثمن فلأن له علقة
الرجوع بالإفلاس، وأما بعده فلتوقع التراد بأسبابه، ويحتمل القبول هنا
لانقطاع العلاقة.
ولو ادعى على أحد وارثي الشفعة العفو فشهد اثنان به قبل عفوهما لم تقبل
للتهمة، ولو كان بعده قبلت، ولو أعاد الشهادة المردودة بعد عفوهما لم يقبل
للتهمة السابقة.
الحادية عشرة: لو ادعى على شريكين في الشفعة العفو فحلف أحدهما
ونكل الآخر لا يرد اليمين على المشتري، إذ لا يستفيد به شيئا، ولو نكل الحاضر

(1) في باقي النسخ: وصرفه.
(2) المبسوط: ج 3 ص 120.
376

منهما ففي حلف المشتري وجهان: من توقع حلف الغائب إذا قدم فلا فائدة،
ومن اعتبار الحال، فلعل الآخر ينكل إذا حضر أو تصدق، وهذا أقوى.
الثانية عشرة: إذا أخذ الحالف من الشريك جميع الشقص، فإن صدق
صاحبه على عدم العفو قاسمه، وإن ادعى عليه العفو خاصمه، ولا يكون نكوله
الأول مسقطا.
[275]
درس
في فروع الكثرة عند من أثبتها من الأصحاب وكثير
منها يتأتى في وراث (1) الشريك الواحد
فلنشر إلى اثني عشر فرعا:
لو كان ملك بين أخوين ثم مات أحدهما عن ابنين فباع أحدهما نصيبه
فالشفعة بين العم وابن أخيه، لتحقق الشركة، ولا يختص بها ابن الأخ، من
حيث اختصاصهما بوراثة الأب دون العم، لأن اختلاف أسباب الملك لا
أثر لها.
الثاني: لو باع أحد الشريكين بعض نصيبه من رجل ثم باع الباقي من
آخر، فعلى المشهور للشريك الأخذ منهما أو يترك، وعلى الكثرة له أخذ نصيب
الأول والثاني، وفي مشاركة الأول له أوجه المشاركة، لأنه كان شريكا عند
العقد، وعدمها، لأن ملكه مستحق للشفعة فلا يكون سببا في استحقاقها.
والتفصيل إن عفا عنه شارك لقرار ملكه. ويشكل بأن القرار إنما حصل
بعد استحقاق الشريك الشفعة فلا يكون مقاوما للقار أولا، ويضعف بأن
حقيقة الملك سابقة.

(1) في باقي النسخ: في وارث.
377

الثالث: لو عفا بعض الشركاء فللباقين الأخذ للجميع أو الترك ولو كان
الباقي واحدا، وربما أمكن سقوط حقه لا غير، أو يقال: لا يصح عفوه، لأن
الشفعة لا تتبعض، وهو بعيد، وعفو ورثة الواحد مترتب على ذلك، ويحتمل
بطلان حقهم، لأنهم بمثابة المورث إذا عفا عن بعض حقه، وصرح في
المبسوط (1) بأن للآخرين الأخذ (2)، ولو قلنا: إنهم يأخذون لأنفسهم لا بخلافه
المورث فهم كالشركاء المتعددين.
الرابع: لو كان الشفعاء غيبا فحضر واحد أخذ الجميع أو ترك، فإذا حضر
آخر شاطر الأول، لأنه لا وثوق بأخذ الغائب، فإذا حضر ثالث أخذ من كل
منهما ثلث ما في يده، ويحتمل أن يقال: لمن بعد الأول الاقتصار على نصيبه،
لزوال تضرر المشتري.
الخامس: لو حضر أحد الشركاء وطلب التأخير إلى حضور الباقين احتمل
إجابته، لظهور عذره بتزلزل ملكه، وبذل كل الثمن في مقابلة ما لا يثق ببقائه
وعدمه، لأنه متمكن من أخذ الكل فكان مقصرا، وفي الأول قوة واختاره في
المبسوط (3).
السادس: لو حضر الثالث فلم يظفر إلا بأحد الآخذين فالأقرب أنه
يطالبه بثلث ما في يده خاصة، لأنه القدر الذي يستحقه، ويحتمل مشاطرته،
لأنه يقول أنا وأنت سواء في الاستحقاق ولم أظفر إلا بك.
السابع: لا مشاركة للثاني في غلة السابق، لأن ملكه متأخر عنها، وليس
للسابق الأخذ (4) بالنيابة عن الثاني، إذ لا وكالة ولا حكم له عليه. نعم لو

(1) المبسوط: ج 3 ص 114.
(2) في باقي النسخ: بأن الآخر له الأخذ.
(3) المبسوط: ج 3 ص 115.
(4) في باقي النسخ: أخذا.
378

كان وكيلا وأخذ بحق الوكالة له تحققت المشاركة.
الثامن: إذا جوزنا للثاني أخذ نصيبه، فحضر الثالث أخذ الثلث مما في يد
الثاني وضمه إلى ما في يد الأول وتشاطراه، فيقسم المشفوع على تسعة بيد الأول
ستة والثاني ثلاثة، فإذا أضيف سهم إلى الستة صارت سبعة لا نصف لها،
فتصير إلى ثمانية عشر.
ووجهه أن الثاني ترك سدسا كان له أخذه فقصر في حق نفسه، وحق
الثالث مشاع في الجميع وهو والأول لم يعفوا عن شئ فتساويا. ويحتمل أن لا
يأخذ الثالث من الثاني شيئا، بل يأخذ نصف ما في يد الأول فيقسم المشفوع
أثلاثا، بناء على أن فعل الثاني لا يعد عفوا عن السدس، وإلا لاتجه بطلان
حقه، لأن العفو عن البعض عفو عن الكل على الاحتمال السابق وإنما أخذ
كمال حقه.
وبالجملة إذا جعلناه مخيرا بين النصف والثلث وتخير الثلث لا يكون ذلك
عفوا عن السدس.
التاسع: لو حضر أحد الشركاء فأخذ وقاسم وكلاء الغائبين ثم حضر آخر
فله فسخ القسمة والمشاركة، ولا عبرة برد الحاضر فلمن جاء بعده الأخذ،
ودرك الجميع على المشتري وإن أخذ بعضهم من بعض.
العاشر: لو باع بعض الشركاء نصيبه من آخر فالشفعة بأجمعها للباقين ولا
شئ للمشتري، لأنه لا يستحق الإنسان على نفسه حقا، وفي المبسوط (1) له
لقيام السبب، بمعنى أنه يمنع الغير من أخذ نصيبه لا بمعنى الاستحقاق، ومال
إليه الفاضلان (2)، وتردد في الخلاف (3).

(1) المبسوط: ج 3 ص 113.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 257، وقواعد الأحكام: ج 1 ص 211.
(3) الخلاف: ج 3 ص 452.
379

الحادي عشر: لو باع واحد من اثنين فصاعدا في عقد واحد فللشفيع الأخذ
من الجميع ومن البعض، ولا يشاركه بعضهم، لعدم قديم الملك. ولو تعاقبت
العقود ففي الشركة الأوجه المتقدمة، واختار المحقق (1) الشركة مع العفو، وعلى
القول بعدم الكثرة للشفيع الأخذ من الجميع أو الترك، وللفاضل (2) قول بأن له
أخذهما وأخذ أحدهما، ويشكل بأنه يؤدي إلى كثرة الشركاء.
ولو باع اثنان من اثنين فهي بمثابة عقود أربعة، لتعدد العقد بالنسبة إلى
العاقد والمعقود له.
الثاني عشر: لو كانوا ثلاثة أحدهم غائب أخذ الحاضران الشقص، فلو
غاب أحدهما فحضر الغائب فله ثلث ما بيد الحاضر، ويقضي على الغائب
بثلث ما أخذ، ولا فرق عندنا بين حضوره وغيبته، ولو تعذر الأخذ من أحدهما
فكذلك.
ويحتمل أن يشاطر الباذل، لأنه لا مبيع الآن غير ما في يده، فلو بذل بعد
ذلك الممتنع أخذ منه الباذل سدس ما معه والآخر كذلك، فيكمل لكل واحد
منهم ثلث الشقص، وتصح من ثمانية وأربعين، ثم تطوى إلى ثلاثة.

(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 257.
(2) قواعد الأحكام: ج 1 ص 211.
380

كتاب الرهن
381

كتاب الرهن
وهو لغة الثبات والدوام، ومنه نعمة راهنة، واللغة الغالبة رهن وارهن
لغية.
وشرعا وثيقة للمدين يستوفى منه المال. وجوازه بالنص (1) والاجماع، ويجوز
سفرا وحضرا، والآية (2) خرجت مخرج الأغلب. ولا يجب الرهن.
وإيجابه رهنت ووثقت وهذا رهن عندك أو وثيقة. والقبول قبلت أو
ارتهنت وشبهه. ويكفي إشارة الأخرس.
ويجوز بغير العربية وفاقا للفاضل (3). ولا يجوز بلفظ الآتي. ولو قال خذه على
مالك أو بمالك فهو رهن.
ولو قال أمسكه حتى أعطيك مالك وأراد الرهن جاز، ولو أراد الوديعة أو
اشتبه فليس برهن، تنزيلا للفظ على أقل محتملاته، وهو لازم من طرف الراهن
خاصة. والفرق إنه يسقط حق غيره والمرتهن حق نفسه.
والقبض شرط فيه على الأصح، وخالف فيه الشيخ (4) في أحد قوليه وابن

(1) وسائل الشيعة: باب 1 من أبواب أحكام الرهن ج 13 ص 121.
(2) البقرة: 283.
(3) قواعد الأحكام: ج 1 ص 158.
(4) الخلاف: ج 2 ص 97.
383

إدريس (1) والفاضل (2)، مستمسكين (3) بعموم (4) الوفاء بالعقد، ويدفعه
خصوص الآية (5) فإنها دالة على الاشتراط، لاشتراط (6) التراضي في التجارة
والعدالة في الشهادة حيث قرنا بهما، وفي رواية محمد بن قيس (7) لا رهن إلا
مقبوضا، ويتفرع عليه.
فروع:
وقوعه من المرتهن أو القائم مقامه، ولو وكل الراهن ليقبضه من نفسه، أو
وكل عبده أو مستولدته فالأقرب الجواز.
الثاني: القبض هنا كما تقدم في المبيع من الكيل أو الوزن أو النقل في
المنقول والتخلية في غيره، ولو رهن ما هو في يد المرتهن صح، وفي افتقاره إلى
إذن جديد للقبض عن الرهن خلاف، فعند الشيخ (8) يفتقر، وحكي أنه لا بد
من مضي زمان يمكن فيه.
الثالث: لا بد فيه من إذن الراهن، لأنه من تمام العقد، فلو قبض من دون
إذنه لغا، فلو رهن (9) المشاع جاز وافتقر إلى إذن الشريك أيضا في المنقول
وغيره، وقال الشيخ (10): إنما يعتبر إذن الشريك في المنقول كالجوهر والسيف.

(1) السرائر: ج 2 ص 417.
(2) المختلف: ج 1 ص 416.
(3) في (ق): متمسكين.
(4) المائدة: 1.
(5) في (ق): كاشتراط.
(6) البقرة: 283.
(7) وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 123.
(8) المبسوط: ج 2 ص 202.
(9) في باقي النسخ: ولو رهن.
(10) المبسوط: ج 2 ص 204.
384

الرابع: لو كان مغصوبا في يده فارتهنه صح، وكفى القبض والضمان بحاله
على الأقرب حتى يقبضه الراهن، أو من يقوم مقامه أو يبرئه من ضمانه عند
الشيخ (1)، لأنه حقه فله إسقاطه، ولوجود سبب الضمان، ويحتمل المنع، لأنه
إبراء مما لم يجب.
الخامس: لو مات الراهن قبله أو جن أو أغمي عليه أو رجع في إذنه بطل،
وفي المبسوط (2): إذا جن الراهن وأغمي عليه أو رجع قبل القبض قبض
المرتهن، لأن العقد أوجب القبض، وهذا يشعر بأن القبض ليس بشرط، وإن
كان للمرتهن طلبه ليوثق به.
ولو مات المرتهن انتقل حق القبض إلى وراثه. والفرق تعلق حق الورثة
والديان بعد موت الراهن به فلا يستأثر به أحد، بخلاف موت المرتهن فإن
الدين باق فتبقى وثيقته.
ويحتمل البطلان فيهما، لأنه من العقود الجائزة قبل القبض، والصحة فيهما،
وفاقا للقاضي (3) والمبسوط (4) والفاضل (5)، لأن مصيره إلى اللزوم كبيع الخيار
أو لكون لازما بالعقد، ويحتمل عندهما الفرق بين الرهن المشروط وغيره. ولو
جن المرتهن أو أغمي عليه قام وليه مقامه.
ولا يجبر الراهن على الإقباض، سواء كان مشروطا أم لا. نعم يتخير المرتهن
في فسخ العقد لو امتنع من الإقباض، وفاقا لابن الجنيد (6) والفاضل (7)،

(1) المبسوط: ج 2 ص 204.
(2) المبسوط: ج 2 ص 199.
(3) المهذب: ج 2 ص 46.
(4) المبسوط: ج 2 ص 199.
(5) المختلف: ج 1 ص 420.
(6) المختلف: ج 1 ص 421.
(7) قواعد الأحكام: ج 1 ص 162.
385

وأوجب الشيخ (1) الإقباض مع الشرط.
السادس: يشترط فيه شروط العقد، من البلوغ والعقل وعدم الحجر، ولا
يشترط فيه الفورية، ولا يمتنع من جريان الحول بالنسبة إلى المالك قبل القبض.
والتصرف قبله من البيع والهبة والوقف والإصداق ناقض للرهن، محكوم
بصحته. ولو رهنه عند آخر تخير في إقباض أيهما شاء.
ولو وطئها فأحبلها بطل، بخلاف الوطئ المجرد والتزويج والإجارة والتدبير
فإنه لا يبطل، ويحتمل قويا في التدبير الإبطال لتنافي غايته وغاية الرهن،
وإشعاره بالرجوع.
السابع: لو انقلب خمرا قبل القبض بطل، ولو عاد خلا لم يعد الرهن،
بخلاف ما إذا انقلب بعد القبض فإنه يخرج ويعود بعود الخل، ولو قبضه خمرا لم
يعتد به. نعم لو صار خلا في يده أمكن اعتباره حينئذ إذا كان قبض الخمر
بإذن.
الثامن: لو حجر على الراهن للسفه أو الفلس فليس له الإقباض، ولو
أقبض لم يعتد به. والأقرب أن العبارة لا تبطل، فلو أقبض بعد زوال الحجر كان
ماضيا.
التاسع: لو تلف الرهن أو بعضه قبل القبض للمرتهن فسخ العقد المشروط
به، بخلاف التلف بعد القبض، وكذا لو تعيب.
العاشر: لو اختلفا في الإذن في القبض حلف الراهن، ولو اتفقا عليه
واختلفا في وقوع القبض تعارض الأصل والظاهر، ويمكن ترجيح صاحب اليد.
ولو قال رجعت في الإذن قبل أن تقبض لم يسمع منه، إلا ببينة أو تصديق
المرتهن، ولو ادعى عليه العلم بالرجوع فله إحلافه.

(1) المبسوط: ج 2 ص 199.
386

الحادي عشر: لا يشترط في القبض الاستدامة، فلو رده إلى الراهن فالرهن
بحاله، ولو كان مشتركا واتفقا على وضعه بيد أحدهما أو المرتهن أو عدل صح.
وإن تعاسروا عين الحاكم عدلا لقبضه وإجارته إن كان ذا أجرة، وقسمها
على الشريكين. ويتعلق الرهن بحصة الراهن من الجرة.
ولتكن مدة الإجارة لا تزيد عن أجل الحق، فلو زادت بطل الزائد، وتخير
المستأجر الجاهل، إلا أن يجبر المرتهن.
الثاني عشر: لو أقر الراهن بالقبض حكم عليه به، إلا أن يعلم عدمه مثل
أن يقول بمكة رهنته اليوم داري بمصر وأقبضته، لأن خرق العادة ملحق (1)
بالمحال. ولو رجع عن الإقرار الممكن لم يقبل.
ولو قال أقررت لإقامة الرسم أو لورود كتاب وكيلي أو ظننت أن القول
كاف حلف المرتهن على الأقوى. ولو أقام بينة على مشاهدة القبض فلا يمين.
[276]
درس
يشترط في الرهن كونه عينا مملوكة يصح قبضها ويمكن بيعها، فلو رهن
الدين لم يجز لاعتماده القبض والدين في الذمة لا ينحصر القبض فيه، ويحتمل
الصحة كهبة ما في الذمم، ويجتزئ بقبض ما يعينه المدين.
والعجب أن الفاضل (2) لم يشترط القبض في الرهن، وجوز هبة ما في الذمة
لغير من عليه، ومنع من رهن الدين.
ولا رهن المنفعة، لعدم إمكان بيعها، ولأن المنافع لابقاء لها فلا ينتفع بها
المرتهن، إلا خدمة المدبر وفاقا لجماعة، وقد سلف.

(1) في (م): يلحق.
(2) المختلف: ج 1 ص 420.
387

ولا رهن أحد العبدين أو العبيد لا بعينه للغرر، والظاهر أنه يعتبر علم
الراهن والمرتهن بالمرهون مشاهدة أو وصفا، وهو ظاهر الشيخ (1) حيث منع من
رهن الحق بما فيه للجهالة، وجوزه الفاضل (2) واكتفى بتمييزه عن غيره،
والشيخ (3) نقل الإجماع على بطلان رهن ما فيه ويصح رهن الحق عنده.
ولا رهن غير المملوك، إلا أن يجيزه المالك، ولو ضمه (4) إلى المملوك صح
فيه، ووقف في غيره على الإجازة.
وتصح الاستعارة للرهن، لأن التوثق بأعيان الأموال من المنافع، وليس
بضمان معلق بالمال، لأنه لو قال ألزمت دينك في رقبة هذا العبد بطل.
ولا استبعاد في اقتضاء العارية إلى اللزوم كالإعارة للدفن، إلا أن يقال:
المعير أناب المستعير في الضمان عنه في ذمته ومصرفه هذا العين، وفي المبسوط (5)
هو عارية.
وهنا مسائل:
لو قال ارهن عبدك على ديني من فلان صح، فإذا فعل فهو كما لو صدر من
المستعير، وهذه الاستعارة تلزم بقبض الرهن. نعم للمعير المطالبة بفكه في الحال
وعند الأجل في المؤجل، وفي المبسوط (6) له المطالبة بفكه قبل الأجل، لأنه
عارية، وتبعه الفاضل في التذكرة (7)، وفي غيرها ليس له، ولو لم يقبضه المرتهن
فللمعير الرجوع ولو جعلناه ضمانا، لأن الضمان لا يتم بدون القبض هنا.

(1) المبسوط: ج 2 ص 246.
(2) المختلف: ج 1 ص 423.
(3) الخلاف: ج 2 ص 110.
(4) في (م): ولو ضم.
(5) المبسوط: ج 2 ص 228.
(6) المبسوط: ج 2 ص 228.
(7) التذكرة: ج 2 ص 15.
388

الثانية: لا يجب على المستعير ذكر قدر الدين وجنسه ووصفه وحلوله أو
تأجيله إن جعلناه عارية، وإلا وجب، بناء على أن ضمان المجهول باطل، وفيه
خلاف يأتي إن شاء الله.
وعلى كل حال، لو عين أمرا فتخطاه الراهن فله الفسخ، إلا أن يكون ما
عدل إليه داخلا في الإذن، كالرهن على انقص قدرا، ويحتمل في الزيادة
صحته في المأذون فيه، لوجود المقتضي.
الثالثة: لو هلك في يد المستعير قبل الرهن فالأقرب انتفاء الضمان على
التقديرين، لعدم موجبه، ولو هلك عند المرتهن أو جنى فبيع في الجانية ضمنه
الراهن على القول بالعارية، لا على القول بالضمان قاله الشيخ (1)، مع أنه لو
دفع إليه مال ليصرفه إلى دينه ضمنه.
والفرق أن هذا اقتراض متعين للصرف، بخلاف المستعار فإنه قد
لا يصرف في القضاء، ويحتمل عدم ضمان الراهن على القول بالعارية، كأحد
قولي الفاضل (2)، لأنها أمانة عندنا، إلا أن نقول: الاستعارة المعرضة للتلف
مضمونة، وهو ظاهر المبسوط (3) والتذكرة (4)، ولا ضمان على المرتهن على
القولين.
الرابعة: ليس للمرتهن بيعه بدون إذن، إلا أن يكون وكيلا شرعيا أو وصيا
على القولين، فلو امتنع الراهن من الإذن أذن الحاكم، ويجب على الراهن بذل
المال، فإن تعذر وباعه ضمن أكثر الأمرين من قيمته وثمنه، ولو بيع بأقل من
قيمته بما لا يتغابن به بطل، وإن كان يتغابن به كالخمسة في المائة صح، وضمن

(1) المبسوط: ج 2 ص 229.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 270.
(3) المبسوط: ج 2 ص 229.
(4) التذكرة: ج 2 ص 15.
389

الراهن النقيصة على قول العارية، وعلى الضمان لا يرجع، لأن الضمان إنما
يرجع بما غرمه.
الخامسة: لو تبرع متبرع برهن ماله على دين الغير جاز، لأنه في معنى قضاء
الدين، ويلزم العقد من جهته بالقبض، فإن بيع فلا رجوع له على المدين.
ولو أذن له المالك في البيع والقضاء أو أذن في القضاء بعد البيع احتمل
رجوعه، لأنه ملكه إلى ذلك الوقت، وعدمه لتعينه للقضاء فهو كالمقضي. نعم
لو تبرع المدين بقضاء الدين صح قطعا، ولكن بناء الأول على القولين، فعلى
العارية يرجع عليه، وعلى الضمان لا يرجع كالضامن المتبرع.
[277]
درس
لا يصح رهن أرض الخراج، لأنها ليست مملوكة على الخصوص، ويصح
رهن ما بها من الشجر والبناء، ولو قلنا بملكها تبعا لهما صح رهنها.
ولا رهن الخمر والخنزير عند المسلم، وإن كان الراهن ذميا ووضعهما عند
ذمي.
ولا رهن المصحف والعبد المسلم عند الكافر، إلا أن يوضعا عند مسلم.
ولا رهن الوقف وإن اتحد الموقوف عليه، للمنع من صحة بيعه أو لعدم
ملكه أو تمام ملكه.
ورهن المدبر إبطال لتدبيره عند الفاضلين (1)، وعلى القول بجواز بيع الخدمة
فيصح في خدمته، وفي النهاية (2) يبطل رهن المدبر، وفي المبسوط (3) والخلاف (4)

(1) قواعد الأحكام: ج 1 ص 158 وشرائع الإسلام: ج 2 ص 76.
(2) النهاية: ص 433.
(3) المبسوط: ج 2 ص 213.
(4) الخلاف: ج 2 ص 102.
390

يصح ويبطل تدبيره، ثم قوى صحتهما، فإن بيع بطل التدبير، وإلا فهو بحاله،
وتبعه ابن إدريس (1)، وهو حسن.
ورهن ذي الخيار جائز، ويكون من البائع فسخا ومن المشتري إجازة عند
الفاضلين (2).
ولو رهن غريم المفلس عينه التي له الرجوع فيها قبله فالأجود المنع. وأولى
منه لو رهن الزوج نصف الصداق قبل طلاق غير الممسوسة.
ورهن الموهب في موضع يصح فيه الرجوع كرهن ذي الخيار.
ورهن المرتد عن غير فطرة جائز، ولو كان عنها ومات السلطان قيل: جاز،
وهو ظاهر الشيخ (3)، وأطلق ابن الجنيد (4) المنع، وللفاضل (5) قولان إلا أن
تكون أمة. ولو جهل المشتري (6) بحاله فله فسخ البيع المشروط به.
ويجوز رهن الجارية بولدها الصغير، ولا بحث فيه، وبدونه فيباعان معا إن
حرمنا التفرقة، ويكون للمرتهن ما قابلها. ثم إما أن يقوما جميعا ثم يقوم الولد
وحده، أو تقوم الأم وحدها ومع الولد، أو كل منهما وحده، لأن الأم تنقص
قيمتها إذا ضمت إليه لمكان اشتغالها بالحضانة، والولد تنقص قيمته منفردا
لضياعه.
ووجه تقويم الأم وحدها أن الرهن ورد عليها منفردة وهو قول الشيخ (7)
وكذا لو حملت بعد الارتهان، وقلنا بعدم دخول النماء المتجدد، أو كان قد شرطا

(1) السرائر: ج 2 ص 428.
(2) قواعد الأحكام: ج 1 ص 159. وشرائع الإسلام: ج 2 ص 77.
(3) المبسوط: ج 2 ص 211.
(4) المختلف: ج 1 ص 421.
(5) المختلف: ج 1 ص 421.
(6) في باقي النسخ: ولو جهل المرتهن.
(7) المبسوط: ج 2 ص 214.
391

عدم دخوله.
ويجوز رهن الجاني عمدا أو خطأ خلافا للخلاف (1) فيهما، وحق الجناية
مقدم، فإن افتكه المولى أو المرتهن، وإلا بيع في الجانية فالفاضل رهن.
ولو أقر المرهون بالجناية وصدقه المرتهن والراهن فكالجاني، وإن صدقه
الراهن خاصة لم ينفذ في حق المرتهن، ولا يمين عليه، إلا أن يدعي عليه العلم،
وإن صدقه المرتهن خاصة بطل الرهن خاصة (2)، إلا أن يعفو المجني عليه أو
يفديه أحد أو يفضل منه فضل عن الجناية، ويحتمل بقاء الرهن، لعدم صحة
إقرار المرتهن واعتراف الراهن بالصحة.
فروع:
لو بيع في الرهن لتكذيب المرتهن، ففي رجوع المجني عليه على الراهن
وجهان: من قضاء دينه به، ومن عدم نفوذ إقراره في حق المرتهن.
الثاني: لو جنى بعد الرهن قدمت الجانية في العمد والخطأ، فإن أفتك
فالرهن بحاله، ولو افتكه المرتهن على أن يكون له الرجوع على الراهن، وعلى أن
يكون العبد رهنا على مال الفك والدين الأول جاز.
الثالث: لو جنى على مولاه عمدا اقتص منه، ولا يجوز أخذ المال من المرتهن
في الخطأ والعمد، ولا افتكاكه، لأن المال ليس عليه مال، وإلا لزم تحصيل
الحاصل.
الرابع: لو جنى على مورث مولاه ثبت للمولى ما كان للمورث من القصاص
والافتكاك. ولو جنى على عبد مولاه فله القصاص، إلا أن يكون أبا المقتول.

(1) الخلاف: ج 2 ص 102.
(2) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.
392

وليس له العفو على مال، إلا أن يكون مرهونا عند غير مرتهن المجني عليه أو
عنده، واختلف الدينان فيجوز نقل ما قابل الجناية بدلا ن المجني عليه إلى
مرتهنه، هذا.
ولا يصح رهن السمك في المياه غير المحصورة، ولا الطير في الهواء، لعدم
إمكان القبض. نعم لو قضت العادة بعوده صح إذا قبض.
ولا رهن أم الولد في غير ثمنها، موسرا كان المولى أو معسرا، ولا في ثمنها مع
اليسار، ويجوز مع الإعسار، لجواز بيعها فرهنها أولى، وظاهر ابن الجنيد (1) جواز
رهنها مطلقا، ولم يستبعده الفاضل (2).
فرع:
لو رهنها فتجدد له اليسار انفسخ الرهن ووجب الوفاء، ويحتمل بقاؤه حتى
يوفي، لجواز تجدد إعساره قبل الإيفاء، ولعله أقرب.
[278]
درس
تدخل زوائد الرهن فيه، متصلة كانت أو منفصلة على المشهور، ونقل فيه
ابن إدريس (3) الإجماع، وخالف فيه الشيخ (4) في الكتابين وتبعه الفاضل (5)،
وهو منقول عن المحقق في الدرس، ولم نجد شاهدا على القولين، غير أن المعتمد
المشهور، والفاضل تمسك بروايتي إسحاق بن عمار (6) والسكوني (7)، ولا دلالة فيهما.

(1) المختلف: ج 1 ص 422.
(2) المختلف: ج 1 ص 422.
(3) السرائر: ج 2 ص 424.
(4) الخلاف: ج 2 ص 109. والمبسوط: ج 2 ص 237.
(5) قواعد الأحكام: ج 1 ص 164.
(6) وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب أحكام الرهن ح 6 ج 13 ص 126.
(7) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب أحكام الرهن ح 2 ج 13 ص 134.
393

نعم لو شرط انتفاء دخولها صح، ولو شرط دخولها زال الخلاف عندنا وإن
لم يصح رهن المعدوم، لأنها تابعة هنا. ولا فرق بين المتولد منها كالولد والثمرة،
وبين غيره ككسب العبد وعقر الأمة.
ونفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن، فإن أنفق تبرعا فلا رجوع، وإن
كان بإذن الراهن، أو الحاكم عند تعذره، أو أشهد عند تعذر الحاكم رجع بها
على الراهن.
ولو كان له منفعة كالركوب والدر فالمشهور جواز الانتفاع بهما، ويكون
بإزاء النفقة، وهو في رواية أبي (1) ولاد والسكوني (2)، وفي النهاية (3) إن انتفع
وإلا رجع بالنفقة، ومنع ابن إدريس (4) من الانتفاع، فإن انتفع تقاصا، وعليه
المتأخرون.
والروايتان ليستا صريحتين في المقابلة، ولا مانعتين من المقاصة. نعم تدلان
على جواز ذلك، وهو حسن، لئلا تضيع المنفعة على المالك. نعم يجب استئذانه
إن أمكن وإلا فالحاكم.
ولو رهن ما يسارع إليه الفساد قبل الأجل قطعا، وشرط بيعه عند الإشراف
عليه صح.
وإن شرط نفي البيع بطل، وإن أطلق بطل عند الشيخ (5) في الكتابين، لأن
الإطلاق يقتضي قبض الراهن عليه، وصح عند الفاضلين (6) ويباع ويجعل ثمنه

(1) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 134.
(2) وسائل الشيعة: باب 12 من أبواب أحكام الرهن ح 2 ج 13 ص 134.
(3) النهاية: ص 435.
(4) السرائر: ج 2 ص 425.
(5) المبسوط: ج 2 ص 216. والخلاف: ج 2 ص 104.
(6) قواعد الأحكام: ج 1 ص 159. وشرائع الإسلام: ج 2 ص 77.
394

رهنا للأصل.
ولو توهم فساده فهو أولى بالصحة ويباع عند الإشراف على الفساد.
ولو كان على دين حال أو مؤجل يحل قبل تسارع الفساد فلا مانع من
الصحة، وإن ظن الفساد قبل القبض بطل، وإن كان بعده لم ينفسخ العقد ولو
قلنا ببطلان رهنه مع عدم شرط البيع، لأن الطارئ لا يساوي المقارن.
ومن ثم يتعلق الرهن بالقيمة لو أتلف الرهن متلف وهي دين. ولا يجوز
رهن الدين ابتداء فحينئذ يباع ويتعلق بثمنه.
فروع:
لو اتفق المتراهنان على نقل الرهن عند الخوف من الفساد إلى عين أخرى
احتمل الجواز، لأن الحق لا يعدوهما، ويجري مجرى بيعه وجعل ثمنه رهنا،
ويحتمل المنع، لأن النقل لا يشعر بفسخ الأول، ويمتنع البدل مع بقاء الأول.
فإن قلنا: بجواز النقل هنا فهل يجوز في رهن قائم لم يعرض له نقص؟
وجهان مرتبان، وأولى بالمنع، لأن المعرض بالفساد يجب بيعه، فهو في حكم
الفائت، ونقل الحق إلى بدل الفائت معهود ولا فوات هنا.
الثاني: لو رهن نصيبه في بيت معين من جملة دار مشتركة صح، لأن رهن
المشاع عندنا جائز، فإن استقسم الشريك وظهرت القرعة له على ذلك البيت،
فهو كإتلاف الراهن يلزم قيمته، ولا يلحق بالتلف من قبل الله تعالى.
الثالث: لو نذر عتق العبد عند شرط (1) ففي صحة رهنه قبله وجهان. نعم
لبقاء الملك وأصالة عدم الشرط، ولا لأن سبب العتق سابق والشرط متوقع،
وعلى الأول لو وقع الشرط أعتق أو عتق وخرج عن الرهن.

(1) في (م): عند شرطه.
395

ولا يجب إقامة بدله إذا كان المرتهن عالما بحاله، وإلا فالأقرب الوجوب
هذا.
ولا كراهة في رهن الأمة. نعم يكره تسليمها إلى الفاسق وخصوصا
الحسناء، إلا أن تكون محرما له، وفي المبسوط (1) يكره رهن الأمة إلا أن توضع
عند امرأة ثقة.
ولو رهن الثمرة على الشجرة بعد بدو الصلاح أو قبله جاز، ومؤنة الإصلاح
على الراهن.
ولو اختلطت بالمتلاحق قبل القبض فالأقرب الفسخ، ولو كان بعده لم
ينفسخ، وكذا اللقطة من الخيار وحينئذ يصطلحان، وفي المبسوط (2) لو رهن
لقطة منه إلى أجل يحصل فيه الاختلاط بطل.
ولا تدخل الثمرة غير المؤبرة في رهن النخلة، إلا مع الشرط، لاختصاص
البيع بالنص.
ولو رهن الجدار أو الشجرة ففي دخول الآس أو المغرس وجه بعيد. نعم
يستحق بقاؤهما فيهما أبدا.
ولا تدخل الأرض في رهن الشجر وإن كانت قليلة لا ينتفع بها على حالها.
[279]
درس
يجوز اشتراط السائغ في الرهن دون غيره، كشرط عدم تسليمه وعدم بيعه،
أو توقفه على رضا الراهن أو أجنبي فيفسد ويفسد، وفي المبسوط (3) لا يفسد
الرهن.

(1) المبسوط: ج 2 ص 238.
(2) المبسوط: ج 2 ص 242.
(3) المبسوط: ج 2 ص 245.
396

ولو شرط الراهن على المؤجل الزيادة في الأجل صح عند الفاضل (1)،
خلافا للمبسوط (2) حيث أبطل الشرط والرهن.
ولو شرط في الرهن انتفاع المرتهن به جاز.
ولو شرط تملك الزوائد المنفصلة فسد وأفسد على الأقرب، لعدم تراضيهما
بدونه.
ولو شرط كونه مبيعا عند الأجل بطل، لأن البيع لا يكون معلقا. والرهن
لا يكون مؤقتا إلا بالوفاء. ويضمن بعد الأجل لا قبله، إلحاقا لفاسد البيع والرهن بالصحيح في الضمان وعدمه.
ويمنع الراهن من كل تصرف يزيل الملك كالبيع والهبة، أو ينافي حق
المرتهن كالرهن من آخر، أو يعرضه للنقص كالوطئ والتزويج، وفي رواية
الحلبي (3) يجوز وطؤها سرا، وهي متروكة، ونقل في المبسوط (4) الإجماع عليه. ولا
فرق بين المأمون حبلها لصغر أو يأس، وبين غيرها.
ولو وطئ لم يحد وعزر، إلا مع الشبهة، ولو حملت صارت مستولدة. ولا
قيمة على الراهن إن قلنا بعدم تبعية النماء في الرهن، ولو قلنا (5) بالتبعية
فكذلك، لأن الحر لا قيمة له، ولأن استحقاق المرتهن بواسطة ثبوت قيمته في
ذمة الراهن، وهو بعيد.
وفي بيعها أو وجوب إقامة بدلها تردد، من سبق حق الراهن، وعموم النهي
عن بيعها فيقام بدلها أو يتوقع قضاء الدين أو موت ولدها، ولو كانت مرهونة في

(1) قواعد الأحكام: ج 1 ص 161.
(2) المبسوط: ج 2 ص 235.
(3) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب أحكام الرهن ح 2 ج 13 ص 133.
(4) المبسوط: ج 2 ص 206.
(5) في باقي النسخ: وإن قلنا.
397

ثمن رقبتها فبيعها أوجه، وفي الخلاف (1) يلزم الموسر إقامة بدلها وتباع على
المعسر، وأطلق.
ولو وطئ المرتهن فهو زان إلا مع الشبهة، وعليه العقر، وإن طاوعته فلا
شئ، وولده رق مع العلم، ومع الجهل حر يفك (2) بقيمته.
ولو أذن له الراهن فلا مهر ولا قيمة عليه عند الشيخ (3)، وهو بعيد، إلا أن
يحمل على التحليل، لكن كلام الشيخ ينفيه، لأن الغرض من الرهن الوثيقة،
ولا وثيقة مع تسلط المالك على البيع والوطئ، وغيره من المنافع المعرضة للنقص
أو الإتلاف.
وليس له أن يوجره وإن كان الدين حالا، لأن الإجارة تقلل الرغبة فيه،
وإن كان مؤجلا والمدة لا تنقضي قبله فكذلك، وإن كانت تنقضي فالأقرب
البطلان للتعريض بالنقص وقلة الرغبة، وكذا يمنع من الإعتاق موسرا كان أو
معسرا، لأن يتضمن إبطال حجر لازم بفعل مالكه. ولا يلزم من نفوذه في حصة
الشريك نفوذه هنا، لقيام عتق حصته سببا في ذلك.
ولو انفك الرهن لم ينفذ العتق، لأنه لا يقع معلقا، وأولى منه إذا بيع في
الرهن ثم عاد إليه.
ولو أذن المرتهن في ذلك كله جاز، وكذا لا يتصرف فيه المرتهن، إلا بإذن
الراهن، أو إجازته، إلا العتق فإنه باطل إن لم يأذن.
وليس له إنزاء الفحل المرهون، سواء نقصت قيمته أم لا. وأما الإنزاء على
الأنثى، فإن كانت آدمية منع منه، وكذا غيرها على الأقوى، لأنه يعرضها

(1) الخلاف: ج 2 ص 99.
(2) في (م): يفكه.
(4) المبسوط: ج 2 ص 206.
398

للنقص، وقال الشيخ (1): ليس للمرتهن منعه من الإنزاء مطلقا.
وللراهن رعي الماشية وختن العبد وخفض الجارية، إلا أن يؤدي إلى
النقص، وتأبير النخل والمداواة مع عدم خوف الضرر، وكذا تجوز المداواة من
المرتهن.
وفي جواز تزويج الأمة أو العبد بدون إذن المرتهن للشيخ (2) قولان، وعلى
القول به لا يسلمها إلى الزوج بغير إذنه، وهو قريب، وكذا يجوز تدبيره، لأنه
لا ينافي الغرض، خلافا للشيخ (3).
ويمنع الراهن من الغرس، لأنه ينقص الأرض، ومن الزرع وإن لم ينقص به
الأرض حسما للمادة، فلو فعل قلعا عند الحاجة إلى البيع ولو حمل السيل نوى
مباحا فنبت، فليس له إلزامه بإزالته قبل حلول الدين، لعدم تعديه، فلو احتيج
إلى البيع قلع إن التمسه المرتهن، فإن بيعا معا ففي توزيع الثمن ما تقدم في بيع الأم
مع ولدها.
ولو شرط ضمان الرهن بطلا، ويحتمل صحة العقد ولا ضمان. ويجوز
اشتراط الوكالة للمرتهن والوصية ولوارثه ولأجنبي، ولا يملك الراهن فسخها.
ولو مات أحدهما انتقلت الرهينة دونها، إلا مع الشرط، واشتراط وضعه
على يد عدل فصاعدا، واشتراط وكالته في بيعه.
وليس للراهن عزله وللمرتهن عزله عن البيع، لأن البيع لحقه، ولهذا يفتقر
إلى إذنه عند حلول الأجل، ولا يفتقر إلى إذن الراهن.
ولو مات العدل أو فسق أو جن أو أغمي عليه زالت الأمانة والوكالة، وكذا
لو صار عدوا لأحدهما، لأن العدو لا يؤتمن على عدوه، فإن اتفقا على غيره، وإلا

(1) المبسوط: ج 2 ص 238.
(2) المبسوط: ج 2 ص 238.
(3) المبسوط: ج 2 ص 213.
399

استأمن الحاكم عليه.
ولو باع فالثمن بيده أمانة، فلو تلق فمن ضمان الراهن. ولو ظهر المبيع
مستحقا فالدرك عليه لا على العدل، إلا أن يعلم بالاستحقاق.
ولو اختلفا فيما يباع به بيع بنقد البلد بثمن المثل حالا، سواء كان موافقا
للدين، أو اختيار أحدهما، أم لا. ولو كان فيه نقدان بيع بأغلبهما، فإن تساويا
فبمناسب الحق، فإن بايناه عين الحاكم إن امتنعا من التعيين.
ولو كان أحد المتباينين أسهل صرفا إلى الحق تعين، وللعدل رده عليهما،
لأن قبول الوكالة جائز من طرف الوكيل أبدا، فإن امتنعا أجبرهما الحاكم، فإن
استترا نصب الحاكم عدلا يحفظه.
وليس له تسليمه إلى الحاكم، إلا مع تعذرهما، ولو دفعه إلى أحدهما ضمن
هو والمدفوع إليه، وقرار الضمان على من تلف في يده.
ولو أضطر العدل إلى السفر، أو أدركه مرض يخاف منه الموت، أو عجز عن
الحفظ وتعذر أسلمه إلى الحاكم، فإن تعذر فإلى عدل بشهادة عدلين.
ولا يجوز وضعه عند العبد إلا بإذن مولاه، وكذا المكاتب إذا كان مجانا،
ولو كان (1) بجعل أو أجرة لم يعتبر إذن المولى.
ويصح اشتراط رهن المبيع على الثمن وفاقا للفاضلين (2)، وأبطل الشيخ (3)
العقد به، لأنه شرط رهن ما لا يملك، إذ لا يملك المبيع قبل تمام العقد، ولأن
قضية الرهن الأمانة والبيع الضمان وهما متنافيان، وتبعه ابن إدريس (4)،
ويظهر من الخلاف (5) صحة البيع وفساد الشرط.

(1) في (م): وإن كان.
(2) المختلف: ج 1 ص 421. وشرائع الإسلام: ج 2 ص 77.
(3) المبسوط: ج 2 ص 235.
(4) السرائر: ج 2 ص 429.
(5) الخلاف: ج 3 ص 254.
400

[280]
درس
في المرهون به
وهو الحق الثابت في الذمة، وإن لم يستقر الذي يمكن استيفاؤه من الرهن
فلا يصح الرهن على غير الثابت، كثمن ما سيشتريه أو أجرة ما سيستأجره ومال
الجعالة قبل العمل وإن كان قد حصل البذل، والدية قبل استقرار الجناية وإن
حصل الجرح، ويجوز بعد الاستقرار في النفس والطرف، فإن كانت مؤجلة فبعد
الحلول على الجاني، أو على العاقلة في شبيه العمد والخطأ، ويجوز على الدين
المؤجل.
والفرق تعين المستحق عليه فيه، بخلاف العاقلة فإنه لا يعمل المضروب
عليه عند الحلول، ويحتمل قويا جوازه في الشبيه على الجاني، لتعينه.
ولو علل بأن الاستحقاق لم يستقر إلا بالحول في الجناية على الجاني
والعاقلة، إلا أنه ينتقض بالرهن على الثمن في الخيار، فالظاهر جواز أخذ الرهن
من الجاني كالدين المؤجل.
وفي جواز الرهن على الأعيان المضمونة، كالمغصوب والمستام والعارية
المضمونة وجهان، والجواز قوي.
ويجوز الارتهان على مال الكتابة على الأقوى وإن كانت مشروطة، وعلى
مال السبق والرمي إذ الأصح لزومهما، وعلى الثمن في مدة الخيار وإن كان
معرضا للزوال، فإن فسخ (1) بطل الرهن.
وهل يجوز مقارنة الرهن للدين فيه وجهان، فيقول بعتك الدار بمائة
وارتهنت العبد بها، فيقول قبلتهما أو اشتريت ورهنت. ولو قدم الرهن لم يجز.

(1) في (م): فإذا فسخ.
401

ويجوز الرهن على عهدة الثمن لو خرج مستحقا، وكذا المبيع والأجرة وعوض
الصلح إن جوزنا الرهن على الأعيان.
والضرر بحبس الرهن دائما مستند إلى الراهن، ولعلمهما إذا أمنه
الاستحقاق يتفاسخان.
والتقييد بإمكان الاستيفاء، ليخرج الإجارة المتعلقة بعين المؤجر كالأجير
الخاص، فإنه لو تعذر لم يستوف المنفعة من غيره فلا يرتهن على المنفعة.
ولو استأجره مطلقا جاز الارتهان على المنفعة لأنه مع تعذر العمل منه يباع
الرهن ويستأجر غيره.
ولو ارتهن المستأجر على مال الإجارة خوفا، من عدم العمل بموت وشبهه فهو
كالرهن على الأعيان المضمونة.
ولو رهن المرهون عند المرتهن جاز، فإن شرط كونه رهنا عليهما فالرهانة
الأولى باقية. ولا يشترط فسخ الرهن وجعله عليهما.
ولو لم يشترط الرهن الأول، فإن اتفقا على إرادة المجموع فكذلك، وإن
أطلقا ففي بطلان الأول تردد، وكذا لو رهنه عند أجنبي وأجاز المرتهن الأول.
وتجوز الزيادة في الرهن على الحق الواحد ويكونان رهنين.
ثم إن شرط في الرهن أن يكون على الحق وعلى كل جزء منه لم ينفسخ
ما دام من الحق شئ.
وإن شرط كونه رهنا عليه لا على كل جزء منه صح وانفسخ بأداء شئ
من الحق، وفي وجوب القبول هنا لبعض الحق تردد، من أدائه إلى الضرر
بالانفساخ، ومن قضية الشرط ووجوب قبض بعض الحق في غير ما يلزم منه
نقص في المالية كمال السلم وثمن المبيع.
وإن أطلق ففي حمله على المعنى الثاني أو الأول نظر، من التقابل بين
الأجزاء في المبيع فكذا الرهن، ومن النظر إلى غالب الوثائق، فإن الأغلب
402

تعلق الأغراض باستيفاء الدين عن آخره من الرهن، وهذا قوي، وقال في
المبسوط (1): إنه إجماع.
ويجوز لولي الطفل رهن ماله إذا افتقر إلى الاستدانة، لإصلاح مال استفياؤه
أعود أو لنفقته.
ويجوز الارتهان له إذا تعلق الغرض بأدائه ماله للنهب أو الغرق أو الحرق أو
خطر السفر المحتاج إليه أو بيعه نسيئة للمصلحة بزيادة الثمن وشبهه.
ويجوز تولي الولي طرفي الإيجاب والقبول لو وقع العقد بينه وبينه، ولا يكفي
أحد الشقين عن الآخر، وللمكاتب الارتهان والرهن مع الغبطة أو إذن السيد.
فروع:
إذا جوزنا الرهن على الأعيان المضمونة فمعناه الاستيفاء منه إن تلفت أو
نقصت أو تعذر الرد، وإلا فلا، وحينئذ كل ما صح ضمانه صح الرهن عليه
وبالعكس.
الثاني: الضمان للثمن في مدة الخيار مبني على القول بالانتقال بالعقد،
وإلا لم يجز. والفرق بينه وبين مال الجعالة قبل الرد أن سبب الاستحقاق في
الثمن البيع وقد تكامل، وسبب الاستحقاق في الجعالة العمل ولما يتكامل، ولو
قيل: بالتسوية في الجواز أمكن.
الثالث: لو قال بعتك الدار بمائة بشرط أن ترهني العبد بها فقال اشتريت
ورهنت وقال البائع ارتهنت صح قطعا، ولو لم يقبل ففيه وجهان (2) مبنيان على
مسألة المقارنة، فإن منعناها لعدم كمال سبب الرهن، أعني شقي البيع من

(1) المبسوط: ج 2 ص 202.
(2) في (م): فوجهان.
403

الإيجاب والقبول فهنا أولى، وإن جوزناها كالمبسوط (1)، لكون الرهن من
مصلحة البيع.
ويجوز اشتراطه فيه وتشريكه معه أولى احتمل الجواز هنا تحصيلا للمصلحة،
ولأنه في معنى الامتزاج، ويحتمل المنع، لأن شقي الرهن هناك موجودان،
بخلاف هذه الصورة فإنه لم يوجد إلا شق الإيجاب.
والاشتراط المقدم لا يعد قبولا، بل حكمه حكم الاستيجاب، بل أضعف
منه.
والرابع: لو فدى المرتهن الجاني وشرط ضم الفدية إلى الرهن، فقد تقدم
جوازه، لأن الحق لا يعدوهما، وقد اتفقا عليه.
ولو شرط في الرهن على الدين الثاني فسخ الأول ففي اشتراطه هنا بعد، لأن
المشرف على الزوال إذا استدرك كالزائل العائد، فالزوال ملحوظ فيه فيصح
الرهن عليه وعلى الدين السالف، ويحتمل المساواة، لأنه لما لم يزل فهو
كالدائم، والأصحاب لم يشترطوا الفسخ.
[281]
درس
في الأحكام
لا يشترط الأجل في دين الرهن ولا في الارتهان، فإن شرطه لزم، وإذا كان
حالا أو حل الأجل طالب بدينه، فإن امتنع الراهن من الإيفاء وكان المرتهن
وكيلا، أو العدل باع واستوفى دينه، فإن فضل منه شئ رده، وإن فضل عليه
شئ طالبه، وهو أولى من غرماء المفلس، وكذا من غرماء الميت على الأصح.
وفي رواية عبد الله بن الحكم (2) إذا قصر ماله عن ديونه فالمرتهن وغيره

(1) المبسوط: ج 2 ص 210.
(2) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 139.
404

سواء، وهي مهجورة، وفي رواية المروزي (1) كذلك، وهي مكاتبة.
ويجوز أن يبيع المرتهن على نفسه وولده إذا كان وكيلا، ويظهر من ابن
الجنيد (2) المنع، ومع عدم الوكالة يستأذن صاحبه، فإن تعذر فالحاكم، وقال
الحلبي (3): إذا تعذر إذن الراهن فالأولى تركه إلى حين يمكن استئذانه، لرواية
زرارة (4) وابن بكير (5)، ويحمل على الكراهية.
ولو امتنع الراهن من البيع والتوكيل فللحاكم بيعه، وله حبسه وتعزيره
حتى يبيع بنفسه.
والرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه إلا بتعد أو تفريط على الأشهر، ونقل
فيه الشيخ (6) الإجماع منا، وما روي (7) من التقاص بين قيمته وبين الدين محمول
على التفريط.
ولو هلك بعضه كان الباقي مرهونا.
وترك نشر المتاع المحتاج إلى النشر تفريط يوجب الضمان، خلافا
للصدوق (8)، وفي رواية أبي العباس (9) دلالة على قوله.
ولو اختلفا في تلفه حلف المرتهن مطلقا، وقال ابن الجنيد (10): إنما يحلف مع

(1) وسائل الشيعة: باب 19 من أبواب أحكام الرهن ح 2 ج 13 ص 139.
(2) المختلف: ج 1 ص 422.
(3) الكافي في الفقه: ص 335.
(4) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 124.
(5) وسائل الشيعة: باب 4 من أبواب أحكام الرهن ح 3 ج 13 ص 125.
(6) الخلاف: ج 2 ص 110.
(7) وسائل الشيعة: باب 5 و 6 و 7 من أبواب أحكام الرهن ج 13 ص 125 - 128.
(8) المقنع (الجوامع الفقهية): ص 32.
(9) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 131، ولكن ليس فيه دلالة أبدا.
(10) المختلف: ج 1 ص 422.
405

الجائحة الظاهرة أو ذهاب متاعه معه، لرواية أبي العباس (1).
ولو اختلفا في القيمة فالأكثر على حلف الراهن، لسقوط أمانة المرتهن
بتفريطه، وقال الحليون (2): يحلف المرتهن، للأصل.
والمعتبر بالقيمة يوم التلف، وقال ابن الجنيد (3): الأعلى من التلف إلى
الحكم عليه بالقيمة، ويلوح من المحقق (4) أن الاعتبار بقيمته يوم قبضها، بناء
على أن القيمي يضمن بمثله، وفي كلام ابن الجنيد (5) إيماء إليه.
ولو اختلفا في قدر الدين فالمشهور حلف الراهن، لصحيح محمد بن
مسلم (6)، وقال ابن الجنيد (7): يحلف المرتهن إذا لم يزد عن قيمة الرهن، لرواية
السكوني (8)، وحملها الشيخ على أن الأولى للراهن تصديقه.
ولو اختلفا في قدر المرهون حلف الراهن. ولو اختلفا في تعيينه فكذلك. ولو
كانا شرطا في عقد لازم تحالفا وبطلا.
ولو اختلفا في متاع فقال المالك وديعة وقال القابض رهن، فالمشهور حلف
المالك، سواء صدقه على الدين أم لا، وقال الصدوق (9): يحلف القابض،
وبالأول صحيح محمد بد مسلم (10)، وبالثاني موثق عباد بن صهيب (11)، وقال

(1) وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 131
(2) المختلف: ج 1 ص 422 وشرائع الإسلام: ج 2 ص 85.
(3) المختلف: ج 1 ص 417.
(4) شرائع الإسلام: ج 2 ص 85.
(5) المختلف: ج 1 ص 417.
(6) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 137.
(7) المختلف: ج 1 ص 417.
(8) وسائل الشيعة: باب 17 من أبواب أحكام الرهن ح 4 ج 13 ص 138.
(9) المقنع (الجوامع الفقهية): ص 32.
(10) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 136.
(11) وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب أحكام الرهن ح 3 ج 13 ص 137.
406

ابن حمزة (1): إن اعترف بالدين حلف القابض وإلا حلف المالك للقرينة،
والأول أقوى.
ولو اختلفا في متاع تلف هل هو وديعة أو دين؟ حلف المالك، لاقتضاء
ثبوت اليد الضمان، وقال ابن إدريس (2): يحلف المودع، للأصل، والأول
أقوى، لرواية إسحاق بن عمار (3)، وهذه المسألة استطرادية ذكرها في رهن
التهذيب (4).
ولو أذن المرتهن في العتق أو الوطئ ورجع قبل فعلهما فله ذلك، فإن لم يعلم
الراهن بالرجوع فلا أثر له، وكذا في البيع، وقال الشيخ (5): يبطل البيع، وإن لم
يعلم الراهن كالوكالة، والأصل ممنوع، وسيأتي إن شاء الله.
وينفسخ الرهن بالأداء والابراء والاعتياض والضمان وفسخ المرتهن. وتبقى
أمانة في يده، ولا يقبل قوله في رده إلا ببينة.
ولو كان له دينان برهنين فأدى عن أحدهما فسخ فيه دون الآخر، ولو كان
بأحدهما رهن فأدى عنه فليس للمرتهن إمساكه بالدين الحال.
ولو اختلفا في المصروف إليه حلف الراهن، فإن لم ينو شيئا قال الشيخ (6):
يصرفه الآن إلى ما شاء، وكذا لو أبرأه من غير تعيين، واختار الفاضل (7)
التوزيع.

(1) الوسيلة: ص 266.
(2) السرائر: ج 2 ص 437.
(3) وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 138.
(4) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 176.
(5) المبسوط: ج 2 ص 206.
(6) المبسوط: ج 2 ص 237.
(7) المختلف: ج 1 ص 422.
407

[282]
درس
في اللواحق
لو ارتهن (1) دار السكنى كره بيعها، للرواية (2).
ولو مات وعنده رهون، فإن علمت بعينها لواحد أو قامت بها بينة فذلك،
وإلا فهي كماله رواه العلاء عن أبي الحسن عليه السلام (3) ولو أتلف الرهن
فأخذ بدله انتقلت الرهانة إليه بغير عقد جديد، دون الوكالة والوصية، وكذا لو
أقر المرتهن بالدين لغيره.
ولو أسلم إليه في متاع وارتهن به ثم تقايلا بطل الرهن، وليس له إمساكه
على رأس المال، لعدم الارتهان عليه.
ولو مات المرتهن فللراهن الامتناع من استئمان الوارث، فإن اتفقوا على
أمين وإلا عين الحاكم.
ولا ينفسخ الرهن بالإجارة الصحيحة ولا الفاسدة وإن كان المستأجر
المرتهن. ويصح ارتهان العين المستأجرة عند المستأجر وغيره، ولكن يعتبر في
القبض إذنه. ولو أذن المرتهن للراهن في البيع قبل الأجل صح البيع، ويكون
الثمن رهنا إن شرطاه، وإلا فلا، وهو قريب من اتفاقهما على نقل الوثيقة إلى عين
أخرى.
ولو اختلفا في الاشتراط حلف الراهن، ولو اختلفا في النية لم يلتفت إلى
المرتهن.

(1) في (م): إذا رهن.
(2) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب أحكام الرهن ح 2 ج 13 ص 135.
(3) وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب أحكام الرهن ح 1 ج 13 ص 135، ولكن فيه (عن القلا) بدل
(عن العلاء).
408

ولو قال أذنت بشرط إن تعطيني حقي الآن وكان مؤجلا فالأقرب صحته،
فلو اختلفا في هذا الشرط حلف المرتهن عند الشيخ (1).
ولو كان إذن المرتهن في البيع بعد حلول الأجل كان الثمن رهنا وإن لم
يشترط ذلك، وكذا يقول الشيخ (2) في المسألة الأولى، لأن الأجل عنده لا يسقط
بهذا الشرط، لأنه قضية عقد الرهن.
ولو أذن الراهن للمرتهن في البيع قبل الأجل لم يجز للمرتهن التصرف في
الثمن حتى يحل، ولو رجع المرتهن في الإذن جاز، لعدم بطلان حقه.
ولو ادعى الرجوع حلف الراهن إن ادعى علمه، ولو صدقه على الرجوع
وادعى كونه بعد البيع وقال المرتهن قبله، فإن اتفقا على تعين وقت أحدهما
واختلفا في الآخر حلف مدعي التأخر عن ذلك الوقت، وإن أطلقا الدعوى أو
عينا وقتا واحدا حلف المرتهن، لتكافؤ الدعويين، فيتساقطان ويبقى استصحاب
الرهن سليما عن المعارض.
ومن عنده رهن وخاف جحود الراهن الدين أو وارثه فله المقاصة.
وليس للمرتهن تكليف الراهن بأداء الحق من غير الرهن وإن قدر عليه
الراهن، ولو بذل له الراهن الدين فليس له البيع، ولا يكلف المرتهن إحضار
الرهن قبل استيفاء الدين، وإن كان في مجلس الحكم، لقيام وثيقته إلى قضاء
دينه، ومؤنة الإحضار بعد القضاء على الراهن.
ولو قال الراهن للمرتهن بعه لنفسك لم يصح البيع، لأن غير المالك لا يبيع
لنفسه، بل يقول بعه لي أو بعه مطلقا على الأقوى، حملا على الصحيح.
ولا بد من الإذن في الاستيفاء، فإن قال استوفه لي ثم لنفسك صح على

(1) المبسوط: ج 2 ص 210.
(2) المبسوط: ج 2 ص 210.
409

الأقوى، فيحدث فعلا جديدا من كيل أو وزن أو نقل، لدلالة اللفظ عليه،
ويحتمل الاكتفاء بدوام اليد، كقبض الرهن أو الهبة من المودع والغاصب
والمستعير، وكذا لو قال اقبضه لي ثم اقبضه لنفسك أو ثم أمسكه لنفسك.
والأقرب جواز قبضه لنفسه بإذنه وإن لم يقبضه للراهن (1)، وإن كان
مكيلا أو موزونا أو طعاما. ولو كان الثمن غير مقدر بهما فالظاهر أنه لا إشكال
فيه، لصحة بيع ذلك قبل قبضه عندنا بغير اختلاف.
[283]
درس
لو رهنه بستانا واختلفا في تجدد بعض الشجر حكم بما يقتضيه الحس بغير
يمين، فإن أمكن الأمران حلف الراهن، للأصل. وإذا مات المرهون فمؤنة
تجهيزه على الراهن، لأنه في نفقته.
ويجوز للراهن علاج الدابة بما يراه البيطار.
ولو انفسخ الرهن وطالب به المرتهن وجب المبادرة إلا لضرورة، كإغلاق
الدرب وخوف الطريق أو الجوع الشديد أو تضيق وقت الصلاة الواجبة.
ولو اشترى المرتهن عينا من الراهن بدينه صح، وبطل الرهن، فإن تلفت
العين قبل القبض عاد الدين والرهن قاله في المبسوط (2).
قال (3): وكذا لو قبضه ثم تقايلا عاد الدين والرهن، كالعصير يصير خمرا ثم
يعود خلا.
ولو رهن الوارث التركة المستغرقة بالدين بني على الملك، فإن نفيناه لم

(1) في (م): الراهن.
(2) المبسوط: ج 2 ص 214.
(3) المبسوط: ج 2 ص 214.
410

يصح، وإن ملكناه ففي الصحة وجهان. نعم لأن تعلق الرهن أقوى، من حيث
أنه يعقد، ولا لأنها في معنى المرهونة، والوجهان حكاهما الشيخ (1) ساكتا
عليهما، فإن جوزناه فلا شئ للمرتهن إلا بعد الخلاص من الدين، لأنه أسبق
المتعلقين.
ولو أقر المتعاقدان بالقبض وأنكره العدل لم يؤثر في صحة العقد.
ولو أقر الراهن بوطئ الأمة وجاءت بولد يمكن إلحاقه به لحق به، ولا ينفسخ
الرهن إن كان الإقرار بعد القبض، وإن كان قبله انفسخ، إلا أن يكون في
ثمن رقبتها، وفي الخلاف (2) لا ينفسخ مطلقا، لأن أم الولد يصح بيعها في
الجملة، وقد يموت الولد.
ولو رهنه عصيرا فصار خمرا واختلفا في القبض هل كان قبل الخمر أو
بعده؟ قدم قول مدعي الصحة وإن كان الراهن، وتردد الشيخ (3) من البناء
على الظاهر، ومن أن القبض فعل المرتهن فيقدم قوله فيه.
ولو اختلفا في تقدم العيب حلف الراهن، إلا مع قرينة الحال بتقدمه فلا
يمين عليه، أو مع قرينة الحال بتأخره فيحكم به من غير يمين الراهن، وهذان
الفرعان مع اشتراط الرهن في البيع.
إلى هنا توقفت أنامله الكريمة من تأليف هذا السفر البارع
بسبب استشهاده قدس الله روحه الزكية
بيد الظلمة من أعداء آل محمد عليهم السلام

(1) المبسوط: ج 2 ص 249.
(2) الخلاف: ج 2 ص 99.
(3) المبسوط: ج 2 ص 214.
411