الكتاب: شرح اللمعة
المؤلف: الشهيد الثاني
الجزء: ٩
الوفاة: ٩٦٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: منشورات جامعة النجف الدينية
ردمك:
ملاحظات: منشورات مكتبة الداوري - قم / مطبعة أمير - قم / الطبعة الأولى ١٤١٠ (نسخة أفست)

الروضة البهية
في شرح
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: زين الدين الجبعي العاملي
(الشهيد الثاني)
قدس سره
911 - 965
الجزء التاسع
1

نام كتاب: اللمعة الدمشقية 1 - 10
مؤلف: شهيد أول
ناشر: انتشارات داورى - قم
چاپ: چاپخانه أمير
نوبت چاپ: چاپ أول
تيراژ: 2000 دوره
تاريخ انتشار: 1410 ه‍ ق
2

الاهداء
إن كان الناس يتقربون إلى الأكابر بتقديم مجهوداتهم فليس
لنا أن نتقرب إلى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة
عصرنا (الإمام المنتظر) عجل الله تعالى فرجه
فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية، وإليك يا صاحب
الأمر وناموس الحقيقة أقدم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء
كلمة الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الأنجبين
دينا قيما لا عوج فيه ولا أمتا
ورجائي القبول والشفاعة في يوم لا ترجى إلا شفاعتكم
أهل البيت
عبدك الراجي
3

(عند الصباح يحمد القوم السرى)
كان أملي وطيدا بالفوز فيما أقدمت عليه من مشروع في سبيل الهدف
الأقصى للدراسات الدينية (الفقه الاسلامي الشامل).
فأردت الخدمة بهذا الصدد لأزيل بعض مشاكل الدراسة والآن وقد
حقق الله عز وجل تلك الأمنية باخراج الجزء الأول من هذا الكتاب الضخم
إلى الأسواق.
فرأيت النجاح الباهر نصب عيني: انهالت الطلبة على اقتناءه بكل
ولع واشتياق.
فله الشكر على ما أنعم والحمد على ما وفق.
بيد أن الأوضاع الراهنة، وما اكتسبته الأيام من مشاكل إنجازات
العمل وفق المراد أحرجتني بعض الشئ.
فإن الطبعة بتلك الصورة المنقحة
المزدانة بأشكال توضيحية، وفي أسلوب شيق كلفتني فوق ما كنت
أتصوره من حساب وأرقام مما جعلتني أئن تحت عبئه الثقيل، ولا
من مؤازر أو مساعد.
فرأيت نفسي بين أمرين: الترك حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا،
أو الاقدام المجهد مهما كلف الأمر من صعوبات.
فاخترت الطريق الثاني واحتملت صعوباته في سبيل الدين، والإشادة
بشريعة (سيد المرسلين)، وإحياء آثار (أئمة الهدى المعصومين) صلوات
الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
فاتبعت بعون الله عز وجل (الجزء الثامن) (بالجزء التاسع) بعزم
قوي، ونفس آمنة.
وكل اعتمادي على الله سبحانه وتعالى وتوسلي إلى صاحب الشريعة
الغراء وأهل بيته الأطهار عليهم صلوات الملك العلام.
ولا سيما ونحن في جوار سيدنا الكريم مولى الكونين (أمير المؤمنين)
عليه الصلاة والسلام.
فبك يا مولاي أستشفع إلى ربي ليسهل لنا العقبات ويؤمن علينا
التبعات إنه ولي ذلك والقادر عليه.
السيد محمد كلانتر
4

بسم الله الرحمن الرحيم
تلك كلمة قيمة جاءت مشرفة تلقيناها بفخار وإكبار. شرفنا بها سماحة
شيخنا الوالد آية الله الشيخ مرتضى آل يس دام ظله.
أثنى سماحته دام ظله فيها على ما قمنا به من خدمات وما وفقنا الله
عليه من أعمال في سبيل الاسلام فكانت مثبتة مشجعة باعثة على نشاط
أوفر. ولا غرور فإنه العلم العلامة الخبير. والأب الروحي البار الكريم.
كما جاءت أيضا مرشدة ومنبهة إلى نقاط هي من الأهمية بمكان.
ونحن إذ نشكر سماحته دام ظله على هذا الافضال وهذا اللطف الجميل
ونقدر هذه الالتفاتة الكريمة نبشره باستعدادنا للقيام بكل وصاياه الحكيمة.
وجعلها في محل التنفيذ المباشر. ولذلك فقد قررنا تدريس مباحث الحدود
والقصاص والديات في (جامعة النجف الدينية) إلزاميا لما لمسناه من أهميتها
ومدخليتها في صميم التشريع الاسلامي العريض. وضرورة معرفة الطالب
الديني هذه المواد إلى جنب سائر الضرورات الدينية التي يجب على دارس
الفقه أن يعيها برعاية بالغة بلا مهل ولا كسل.
وأخيرا فأملنا الوطيد، ورجاؤنا الأكيد من سماحته دام ظله أن يجعلنا
دوما تحت إرشاداته ويتحفنا بوصاياه. وأكرم به من أب رؤوف.
كما كنا أزمعنا من ذي قبل على طبع الكتب الدراسية وعلى رأسها كتابا
(الرسائل والمكاسب) طبعة منقحة أنيقة مزدانة بتعاليق وفهارس ونحن بين
يدي الشروع إن شاء الله تعالى. ونستمد التوفيق من الله عز وجل.
السيد محمد كلانتر
5

بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي العلامة الحجة السيد محمد كلانتر دام تأييده
عليك مني أزكى التحيات مقرونة بأفضل الدعوات وأطيب التمنيات
وبعد فقد بلغني - ولله الحمد - أنكم على وشك الانتهاء من مهمتكم
الكبرى التي عنيتم بانجازها طوال هذه الأعوام الأربعة دون أن
يثنيكم عنها كلل أو ملل لا لشئ سوى ابتغاء وجه الله جل شأنه
فما أحراكم بالشكر الجزيل والثناء الجميل إزاء ما أنجزتموه بعون الله
وحسن توفيقه من العمل المبرور والسعي المشكور الذي سيظل شاهدا
لكم أبدا على ما بذلتموه من الجهود الجبارة في هذا السبيل.
وإني إذ أهنيكم بهذا النجاح الباهر الذي أحرزتموه فيما علقتموه
على هذا الكتاب الجليل أود أن أكرر رجائي الذي تقدمت به إليكم
قبل اليوم وهو المضي في معالجة كتب الدراسة بمثل ما عالجتم
به هذا الكتاب وبما أني من أولئك المعجبين جدا بتعليقاتكم الطيبة
ولا سيما ما يتعلق منها بأبواب المعاملات فإني أربأ بكم عن التقاعس
عن مثل هذا العمل الانساني في الرائع الذي تبنيتموه حسبة
الله تعالى وخدمة لإخوانكم طلاب العلوم الدينية الذين أصبحوا
يضمرون لكم في أنفسهم من الشكر والتقدير ما الله به عليم ولا شك
في أنكم كلما ضاعفتم الجهد في هذا المضمار ضاعف الله لكم الأجر
والثواب وحسبكم ذلك أجرا وذخرا ليوم لا يجزي فيه
إنسان إلا بما سعى.
وختاما أود أن أضم إلى رجائي إليكم رجاء آخر أتوجه
به إلى كل مشتغل بدراسة الفقه الاسلامي في أني
6

وسط كان من هذه الأوساط العلمية أن لا يهمل دراسة
الحدود والديات عندما ينتهي بدراسته إلى هاتين المادتين
الحيويتين لأن فيهما من التشريع السماوي الحكيم ما يزيد المسلم
بصيرة في عظمة الاسلام هذا الدين الإلهي العظيم الذي لم يغادر
صغيرة ولا كبيرة إلا وأخضعها لقانون من قوانينه القيمة التي
عجزت عن مجاراتها قوانين البشر رغم كل العقول المتفتحة التي
ساهمت في وضعها لأجل إسعاد هذا العالم فلم تجن منها
البشرية حتى اليوم إلا التعاسة والشقاء في كل مكان وفي
كل زمان لذلك فإن من الضروري لكل طالب ديني إذا أراد
أن يكون حاملا لرسالة الاسلام كاملة غير منقوصة أن يوجه
عنايته بعد انتهائه من دراسة الفقه في سائر مواده إلى
دراسة هاتين المادتين دراسة واعية وافية وأن لا يتجاوزهما
حتى يستوعبهما فهما وعلما فإن التوفر على مثل هذه الدراسة
هو بعض ما يلزم الطالب الذي يطلب العلم الديني لأجل الدين
وهذه نصيحتي إليه أضعها بين يديه راجيا أن لا يضرب عنها
صفحا كما لو كانت كلمة عابرة فإني لم أقصد من هذه النصيحة
إلا صلاحه ونجاحه والله تعالى من وراء القصد وهو الموفق
والمعين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
مرتضى آل ياسين
7

كتاب الحدود
9

كتاب الحدود (1)
(وفيه فصول)
(الأول في) حد (الزنا) (2) بالقصر لغة حجازية، وبالمد تميمية
11

(وهو) أي الزنا (إيلاج) أي إدخال الذكر البالغ العاقل في فرج
امرأة). بل مطلق أنثى قبلا أو دبرا (محرمة) عليه (1) (من غير عقد)
نكاح بينهما (ولا ملك) (2) من الفاعل للقابل (ولا شبهة) موجبة
14

لاعتقاد الحل (1) (قدر الحشفة) مفعول المصدر (2) المصدر (3) به (4)
ويتحقق قدرها (5) بايلاجها نفسها، أو إيلاج قدرها من مقطوعها وإن
15

كان تناولها (1) للأول لا يخلو من تكلف. في حالة كون المولج (عالما)
بالتحريم (مختارا) في الفعل.
فهنا قيود:
أحدها: الإيلاج. فلا يتحقق الزنا بدونه كالتفخيذ وغيره، وإن كان
محرما يوجب التعزير.
وثانيها: كونه من البالغ، فلو أولج الصبي أدب خاصة.
وثالثها: كونه عاقلا فلا يحد المجنون على الأقوى لارتفاع القلم عنه،
ويستفاد من اطلاقه عدم الفرق بين الحر والعبد، وهو كذلك وإن افترقا
في كمية الحد (2) وكيفيته.
ورابعها: كون الإيلاج في فرجها فلا عبرة بايلاجه في غيره من المنافذ
وإن حصل به الشهوة والانزال. والمراد بالفرج العورة كما نص عليه
الجوهري فيشمل القبل والدبر، وإن كان اطلاقه (3) على القبل أعلب.
وخامسها: كونها امرأة وهي البالغة تسع سنين، لأنها تأنيث المرء
وهو الرجل ولا فرق فيها (4) بين العاقلة والمجنونة والحرة والأمة الحية
والميتة، وإن كان الميتة أغلظ كما سيأتي، وخرج بها (5) إيلاجه في دبر
16

الذكر فإنه لا يعد زنا وإن كان أفحش وأغلظ عقوبة.
وسادسها: كونها محرمة عليه. فلو كانت حليلة بزوجية، أو ملك
لم يتحقق الزنا، وشملت المحرمة الأجنبية المحصنة والخالية من بعل، ومحارمه
وزوجته الحائض والمظاهرة، والمولى منها، والمحرمة (1) وغيرها (2)
وأمته المزوجة (3)، والمعتدة (4) والحائض ونحوها (5). وسيخرج بعض
هذه المحرمات.
وسابعها: كونها غير معقود عليها، ولا مملوكة، ولا مأتية بشبهة،
وبه (6) يخرج وطء الزوجة المحرمة لعارض مما ذكر (7). وكذا الأمة (8)
17

فلا يترتب عليه (1) الحد وإن حرم (2) ولهذا (3) احتيج إلى ذكره
بعد المحرمة، إذ لولاه (4) لزم كونه زنا يوجب الحد وإن كان (5) بالثاني
18

يستغنى عن الأول إلا (1) أن بذلك لا يستدرك القيد (2)، لتحقق الفائدة
19

مع سبقه والمراد بالعقد: ما يشمل الدائم والمنقطع (1)، وبالملك: ما يشمل
العين (2) والمنفعة كالتحليل (3) وبالشبهة (4): ما أوجب ظن الإباحة،
لا ما لولا المحرمية لحللت (5)
20

كما زعمه بعض العامة (1).
21

وثامنها: كون الإيلاج بقدر الحشفة فما زاد. فلو أولج دون ذلك
لم يتحقق الزنا كما لا يتحقق الوطء، لتلازمهما (1) هنا (2) فإن كانت الحشفة
صحيحة اعتبر مجموعها، وإن كانت مقطوعة أو بعضها اعتبر إيلاج قدرها
ولو ملفقا منها ومن الباقي، وهذا الفرد (3) أظهر في القدرية منها (4) نفسها.
وتاسعها: (5) كونه عالما بتحريم الفعل. فلو جهل التحريم ابتداء
لقرب عهده بالدين، أو لشبهة كما لو أحلته نفسها فتوهم الحل مع إمكانه
في حقه (6) لم يكن زانيا، ويمكن الغنى عن هذا القيد (7) بما سبق (8)
22

لأن مرجعه (1) إلى طروء شبهة. وقدم تقدم اعتبار نفيها (2) والفرق (3)
بأن الشبهة السابقة (4) تجامع العلم بتحريم الزنا كما لو وجد امرأة على فراشه
فاعتقدها زوجته مع علمه بتحريم وطء الأجنبية وهنا لا يعلم أصل تحريم
الزنا، غير (5) كاف في الجمع بينهما (6) مع إمكان إطلاق الشبهة (7)
على ما يعم الجاهل بالتحريم.
وعاشرها (8): كونه مختارا. فلو أكره على الزنا لم يحد على أصح
القولين في الفاعل وإجماعا في القابل. ويتحقق الاكراه بتوعد القادر المظنون
فعل ما توعد به (9) لو لم يفعل بما يتضرر به في نفسه، أو من يجري
23

مجراه كما سبق تحقيقه في باب الطلاق (1).
فهذه جملة قيود التعريف ومع ذلك فيرد عليه (2) أمور.
الأول: إنه لم يقيد المولج بكونه ذكرا فيدخل فيه (3) إيلاج الخنثى
قدر حشفته الخ (4) مع أن الزنا لا يتحقق فيه (5) بذلك (6)، لاحتمال
زيادته (7)، كما لا يتحقق به (8) الغسل، فلا بد من التقييد (9) بالذكر
ليخرج الخنثى.
24

الثاني: اعتبار بلوغه وعقله إنما يتم في تحقق زنا الفاعل (1)، وأما
في زنا المرأة فلا (2) خصوصا العقل، ولهذا (3) يجب عليها الحد بوطئهما (4)
25

لها وإن كان في وطء الصبي يجب عليها الجلد خاصة، لكنه حد في الجملة
بل هو الحد المنصوص في القرآن الكريم (1).
الثالث: اعتبار كون الموطوئة امرأة وهي كما عرفت مؤنث الرجل.
وهذا (2) إنما يعتبر في تحقق زناها.
أما زنا الفاعل فيتحقق بوطء الصغيرة كالكبيرة (3) وإن لم يجب
به (4) الرجم لو كان محصنا. فإن ذلك (5) لا ينافي كونه زنا يوجب
26

الحد كالسابق (1).
الرابع: إيلاج قدر الحشفة أعم من كونه من الذكر وغيره لتحقق
المقدار فيهما، والمقصود هو الأول (2) فلا بد من ذكر ما يدل عليه (3) بأن
يقول: قدر الحشفة من الذكر، ونحوه (4) إلا أن يدعى: أن التبادر
هو ذلك (5) وهو محل نظر (6).
الخامس: الجمع بين العلم، وانتفاء الشبهة غير جيد في التعريف (7)
27

كما سبق (1) إلا أن يخصص العالم بفرد خاص كالقاصد، ونحوه (2).
السادس: يخرج زنا المرأة العالمة (3) بغير العالم كما لو جلست على
فراشه متعمدة قاصدة للزنا مع جهله (4) بالحال فإنه يتحقق من طرفها
وإن انتفى عنه ومثله (5) ما لو أكرهته.
28

ولو قيل: إن التعريف لزنا الفاعل (1) خاصة سلم من كثير مما ذكر (2)
لكن يبقي فيه (3) الاخلال بما يتحقق به زناها
29

وحيث اعتبر في الزنا انتفاء الشبهة (فلو تزوج الأم (1)) أي أم
المتزوج (2) (أو المحصنة) المتزوجة (3) بغيره (ظانا الحل) لقرب عهده
من المجوسية، ونحوها من الكفر (4) أو سكناه (5) في بادية بعيدة عن
أحكام الدين (فلا حد) عليه للشبهة والحدود تدرء (6) بالشبهات.
(ولا يكفي) في تحقق الشبهة الدارئة للحد (العقد) على المحرمة
(بمجرده (7)) من غير أن يظن الحل إجماعا، لانتفاء معنى الشبهة (8)
حينئذ (9). ونبه بذلك (10) على خلاف أبي حنيفة حيث اكتفى به (11)
في درء الحدود، وهو (12) الموجب لتخصيصه البحث عن قيد الشبهة،
30

دون غيرها (1) من قيود التعريف.
(ويتحقق الاكراه) على الزنا (في الرجل) على أصح القولين (2)
31

(فيدرأ الحد عنه به (1). كما) يدرأ (عن المرأة بالاكراه لها)،
لاشتراكهما في المعنى (2) الموجب لرفع الحكم (3)، ولاستلزام عدمه (4)
في حقه التكليف بما لا يطاق.
وربما قيل بعدم تحققه (5) في حقه بناء على أن الشهوة (6) غير مقدورة
وأن (7) الخوف يمنع من انتشار العضو وانبعاث القوة.
32

ويضعف (1) بأن القدر الموجب للزنا هو تغيب الحشفة غير متوقف
على ذلك (2) كله غالبا لو سلم توقفه (3) على الاختيار، ومنع (4)
الخوف منه.
(ويثبت الزنا) في طرف الرجل والمرأة (بالاقرار به أربع مرات
مع كمال المقر) ببلوغه وعقله (واختياره وحريته، أو تصديق المولى له)
فيما أقر به (5)، لأن المانع من نفوذه (6) كونه إقرارا في حق المولى.
وفي حكم تصديقه (7) انعتاقه، لزوال المانع من نفوذه (8).
33

ولا فرق في الصبي بين المراهق وغيره في نفي الحد عنه بالاقرار.
نعم يؤدب لكذبه، أو صدور الفعل عنه، لامتناع خلوه (1) منهما
ولا في المجنون (2) بين المطبق ومن يعتوره الجنون أدوارا إذا وقع الاقرار
حالة الجنون.
نعم لو أقر (3) حال كماله حكم عليه.
ولا فرق في المملوك بين القن والمدبر، والمكاتب بقسميه (4) وإن
تحرر بعضه، ومطلق (5) المبعض وأم الولد، وكذا لا فرق في غير المختار (6)
بين من ألجئ إليه بالتوعد، وبين من ضرب حتى ارتفع قصده (7).
ومقتضى إطلاق اشتراط ذلك (8): عدم اشتراط تعدد مجالس الاقرار
34

بحسب تعدده (1). وهو أصح القولين، للأصل (2)، وقول (3) الصادق
عليه السلام في خبر جميل: (ولا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات (4)
من غير شرط التعدد (5). فلو اشترط لزم تأخر البيان (6).
وقيل: يعتبر كونه في أربعة مجالس، لظاهر خبر ماعز بن مالك
الأنصاري حيث أتى النبي صلى الله عليه وآله في أربعة مواضع والنبي صلى الله
عليه وآله يردده ويوقف عزمه بقوله: لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت
الحديث (7).
35



(1) بتقديم الجيم على الحاء من جح يجح وزان (ضرب يضرب): هي
المرأة الحامل المقرب التي قرب وضعها.
38

وفيه أنه لا يدل على الاشتراط وإنما وقعت المجالس اتفاقا، والغرض
43

من تأخيره (1) إتيانه بالعدد المعتبر.
44

(ويكفي) في الاقرار به (إشارة الأخرس) المفهمة يقينا كغيره (1)
ويعتبر تعددها (2) أربعا كاللفظ بطريق أولى (3)، ولو لم يفهمها (4) الحاكم
اعتبر المترجم، ويكفي اثنان، لأنهما شاهدان على إقرار (5)، لا على الزنا
(ولو نسب) المقر (الزنا إلى امرأة) معينة كأن يقول: زنيت بفلانة
(أو نسبته (6)) المرأة المقرة به (7) (إلى رجل) معين بأن تقول:
زنيت بفلان (وجب) على المقر (حد القذف) لمن نسبه إليه (بأول
45

مرة) (1)، لأنه قذف صريح، وايجابه (2) الحد لا يتوقف على تعدده.
(ولا يجب) على المقر (حد الزنا) الذي أقر به (إلا بأربع مرات)
كما لو لم ينسبه إلى معين (3)، وهذا (4) موضع وفاق، وإنما الخلاف
في الأول (5).
ووجه ثبوته (6) ما ذكر (7) فإنه قد رمى المحصنة أي غير المشهورة
بالزنا، لأنه (8) المفروض، ومن (9) أنه إنما نسبه إلى نفسه بقوله:
46

زنيت. وزناه (1) ليس مستلزما لزناها (2)، لجواز (3) الاشتباه عليها (4)
أو الاكراه. كما يحتمل المطاوعة وعدم الشبهة، والعام (5) لا يستلزم الخاص.
47

وهذا (1) هو الذي اختاره المصنف في الشرح. وهو متجه، إلا أن
الأول (2) أقوى إلا أن يدعي (3) ما يوجب انتفائه عنها كالاكراه والشبهة
عملا بالعموم (4).
ومثله (5) القول في المرأة وقد روي عن علي عليه السلام قال:
إذا سألت الفاجرة من فجر بك فقالت: فلان جلدتها حدين: حدا للفجور
وحدا لفريتها على الرجل المسلم (6) (و) كذا يثبت الزنا (بالبينة كما
48

سلف) في الشهادات من التفصيل (1).
(ولو شهد به (2) قل من النصاب) المعتبر فيه (3) ولو أربعة
رجال (4)، أو ثلاثة وامرأتان (5) أو رجلان وأربع نسوة (6) وإن ثبت
بالأخير (7) الجلد خاصة (حدوا) أي من شهد وإن كان واحدا (للفرية) (8)
وهي الكذبة العظيمة، لأن الله تعالى سمى من قذف ولم يأت بتمام الشهداء
49

كاذبا فيلزمه كذب من نسبه وجزم به (1) من غير أن يكون الشهداء كاملين
وإن كان صادقا في نفس الأمر. والمراد أنهم يحدون للقذف.
(ويشترط) في قبول الشهادة به (2) (ذكر المشاهدة) للايلاج
(كالميل في المكحلة) (3) فلا يكفي الشهادة بالزنا مطلقا (4) وقد
تقدم في حديث ما عزما ينبه عليه (5)، وروي أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
50

قال: (لا يرجم الرجل والمرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع
والايلاج، والادخال كالميل في المكحلة). (1)
وفي صحيحة الحلبي عنه قال: (حد الرجم أن يشهد أربعة أنهم
رأوه يدخل ويخرج) (2) وكذا لا يكفي دعوى المعاينة حتى يضموا
إليها قولهم: من غير عقد، ولا شبهة إلى آخر ما يعتبر (3). نعم تكفي
شهادتهم به (4) (من غير علم بسبب التحليل) بناء على أصالة عدمه (5)
(فلو لم يذكروا) في شهادتهم (المعاينة) على الوجه المتقدم (6) (حدوا)
للقذف، دون المشهود عليه (7)، وكذا (8) لو شهدوا بها ولم يكملوها
بقولهم: ولا نعلم سبب التحليل ونحوه.
(ولا بد) مع ذلك (9) (من اتفاقهم على الفعل
51

الواحد (1) في الزمان الواحد والمكان الواحد، فلو اختلفوا) في أحدها (2)
بأن شهد بعضهم على وجه مخصوص والباقون على غيره، أو شهد بعضهم
بالزنا غدوة والآخرون عشية، أو بعضهم في زاوية مخصوصة، أو بيت
والآخرون في غيره (حدوا للقذف).
وظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا بد من ذكر الثلاثة (3) في الشهادة
والاتفاق عليها (4)، فلو أطلقوا (5)، أو بعضهم (6) حدوا، وإن لم
يتحقق الاختلاف. مع احتمال الاكتفاء بالإطلاق، لإطلاق الأخبار
السابقة (7) وغيرها (8).
52

واشتراط (1) عدم الاختلاف حيث يقيدون بأحد الثلاثة.
وكذا يشترط اجتماعهم حال إقامتها دفعة بمعنى أن لا يحصل بين
الشهادات تراخ عرفا، لا بمعنى تلفظهم بها (2) دفعة وإن كان جائزا.
(ولو أقام بعضهم الشهادة في غيبة الباقي حدوا ولم يرتقب الاتمام)
لأنه لا تأخير في حد. وقد روي عن علي عليه السلام في ثلاثة شهدوا
على رجل بالزنا فقال علي عليه السلام: (أين الرابع فقالوا: الآن يجئ
فقال علي عليه السلام: حدوهم فليس في الحدود نظر ساعة) (3).
وهل يشترط حضورهم في مجلس الحكم دفعة قبل اجتماعهم
53

على الإقامة (1) قولان اختار أولهما (2) العلامة في القواعد، وثانيهما (3)
في التحرير. وهو الأجود، لتحقق الشهادة المتفقة (4)، وعدم ظهور
المنافي (5). مع الشك في اشتراط الحضور (6) دفعة، والنص (7) لا يدل
على أزيد من اعتبار عدم تراخي الشهادات (8).
ويتفرع عليهما (9) ما لو تلاحقوا واتصلت شهادتهم بحيث لم يحصل
54

التأخير. فعلى الأول (1) يحدون هنا بطريق أولى (2)، وعلى الثاني (3)
يحتمل القبول وعدمه. نظرا (4) إلى فقد شرط الاجتماع حالة الإقامة
دفعة، وانتفاء (5) العلة الموجبة للاجتماع وهي (6) تأخير حد القاذف
فإنه (7) لم يتحقق هنا. وحيث يحد الشاهد أولا قبل حضور أصحابه إما
55

مطلقا (1)، أو مع التراخي.
(فإن جاء الآخرون) بعد ذلك (2) (وشهدوا حدوا أيضا) لفقد
شرط القبول في المتأخر كالسابق (3).
(ولا يقدح تقادم (4) الزنا) المشهود به (في صحة الشهادة) للأصل
وما روي (5) في بعض الأخبار من أنه متى زاد عن ستة أشهر لا يسمع شاذ.
(ولا يسقط) الحد، ولا الشهادة (بتصديق الزاني الشهود ولا
بتكذيبهم) أما مع التصديق فظاهر (6) وأما مع التكذيب فلأن تكذيب
56

المشهود عليه لو أثر لزم تعطيل الأحكام (1) (والتوبة قبل قيام البينة)
على الزاني (تسقط الحد) عنه جلدا كان أم رجما على المشهور، لاشتراكهما
في المقتضي (2) للاسقاط، (لا) إذا تاب (بعدها) (3) فإنه لا يسقط
على المشهور، للأصل (4).
وقيل: يتخير الإمام في العفو عنه والإقامة. ولو كانت التوبة قبل
الاقرار فأولى بالسقوط، وبعده (5) يتخير الإمام في إقامته. وسيأتي.
(ويسقط) الحد (بدعوى الجهالة) بالتحريم، (أو الشبهة)
بأن قال: ظننت أنها حلت بإجارتها نفسها، أو تحليلها، أو نحو ذلك (6)
(مع إمكانهما) أي الجهالة والشبهة (في حقه) (7) فلو كان ممن لا يحتمل
جهله بمثل ذلك (8) لم يسمع (وإذا ثبت الزنا على الوجه المذكور (9)
وجب الحد) على الزاني (وهو أقسام ثمانية).
57

(أحدها (1): القتل بالسيف) ونحوه (2) (وهو للزاني بالمحرم)
النسسبي من النساء (كالأم والأخت) والعمة والخالة وبنت الأخ والأخت
أما غيره من المحارم بالمصاهرة كبنت الزوجة وأمها فكغيرهن من الأجانب
على ما يظهر من الفتاوى، والأخبار (3) خالية من تخصيص النسبي، بل
الحكم فيها (4) معلق على ذات المحرم مطلقا (5).

* (1) أي يكتفي بما أحدثته هذه الضربة في الزاني وإن لم تقض عليه.
62

أما من حرمت بالملاعنة والطلاق (1) وأخت الموقب (2) وبنته
وأمه فلا وإن حرمن مؤبدا.
وفي إلحاق المحرم بالرضاع بالنسب وجه مأخذه الحاقه في كثير
من الأحكام للخبر (3)، لكن لم نقف على قائل به والأخبار تتناوله.
وفي إلحاق زوجة الأب والابن وموطوءة الأب بالملك بالمحرم النسبي
قولان؟ من (4) دخولهن في ذات المحرم، وأصالة (5) العدم.
ولا يخفى أن الحاقهن (6) بالمحرم، دون غيرهن من المحارم بالمصاهرة (7)
تحكم.
نعم يمكن أن يقال: دلت النصوص (8) على ثبوت
63

الحكم (1) في ذات المحرم مطلقا (2) فيتناولهن (3) وخروج غيرهن (4)
بدليل آخر كالاجماع لا ينفي الحكم فيهن (5) مع ثبوت الخلاف (6) لكن
يبقى الكلام في تحقق الاجماع في غيرهن (7).
64

(و) كذا يثبت الحد بالقتل (للذمي إذا زنا بمسلمة) مطاوعة
أو مكرهة (1) عاقدا (2) عليها أم لا. نعم لو اعتقده حلالا بذلك (3)
لجهله بحكم الاسلام احتمل قبول عذره، لأن (4) الحد يدرء بالشبهة
وعدمه (5) للعموم (6)، ولا يسقط عنه القتل بإسلامه
65

(والزاني مكرها للمرأة) (1) والحكم في الأخبار (2) والفتوى معلق
66

على المرأة وهي كما سلف لا تتناول الصغيرة. ففي إلحاقها (1) بها هنا
نظر من (2) فقد النص، وأصالة العدم، ومن (3) أن الفعل أفحش
والتحريم فيها أقوى.
(ولا يعتبر الاحصان هنا (4)) في المواضع الثلاثة (5). لا طلاق
النصوص (6) بقتله، وكذا لا فرق بين الشيخ والشاب، ولا بين المسلم
67

والكافر، والحر والعبد، (1) ولا تلحق به المرأة لو أكرهته، للأصل (2)
مع احتماله (3).
(ويجمع له) أي للزاني في هذه الصور (4) (بين الجلد، ثم القتل
68

على الأقوى) جمعا بين الأدلة (1)، فإن الآية (2) دلت على جلد مطلق
الزاني، والروايات (3) دلت على قتل من ذكر (4)، ولا منافاة بينهما (5)
69

فيجب الجمع (1).
وقال ابن إدريس: أن هؤلاء (2) إن كانوا محصنين جلدوا، ثم
رجموا، وإن كانوا غير محصنين جلدوا، ثم قتلوا بغير الرجم جمعا بين
الأدلة (3).
70

وفي تحقق الجمع (1) بذلك مطلقا (2) نظر، لأن النصوص (3)
دلت على قتله بالسيف. والرجم يغايره، إلا أن يقال: إن الرجم أعظم
عقوبة (4) والفعل (5) هنا في الثلاثة أفحش. فإذا ثبت الأقوى (6) للزاني
المحصن بغير من ذكره (7) ففيه (8) أولى مع صدق أصل القتل به (9) وما (10)
71

اختاره المصنف أوضح في الجمع (1).
(وثانيها (2): الرجم ويجب على المحصن) بفتح الصاد (3) (إذا
زنا ببالغة عاقلة) حرة كانت أم أمة. مسلمة أم كافرة (والاحصان
إصابة البالغ العاقل الحر فرجا) أي قبلا (مملوكا له بالعقد الدائم،
أو الرق) متمكنا بعد ذلك منه بحيث (يغدو (4) عليه ويروح) (5) أي
يتمكن منه (6) أول النهار وآخره (إصابة معلومة) (7) بحيث غابت
الحشفة، أو قدرها في القبل (فلو أنكر) من يملك الفرج على الوجه
المذكور (8) (وطء زوجته صدق) بغير يمين (وإن كان له منها ولد
لأن الولد قد يخلق من استرسال المني) بغير وطء. فهذه قيود ثمانية:
72

أحدها: الإصابة أي الوطء قبلا على وجه يوجب الغسل فلا
يكفي مجرد العقد ولا الخلوة التامة، ولا إصابة الدبر، ولا ما بين
الفخذين، ولا في القبل على وجه لا يوجب الغسل، ولا يشترط الإنزال
ولا سلامة الخصيتين فيتحقق من الخصي ونحوه، لا من المحبوب (1)
وإن ساحق.
وثانيها: أن يكون الواطئ بالغا فلو أولج الصبي حتى غيب
مقدار الحشفة لم يكن محصنا وإن كان مراهقا.
وثالثها: أن يكون عاقلا. فلو وطء مجنونا وإن عقد عاقلا لم
يتحقق الاحصان ويتحقق بوطئه عاقلا وإن تجدد جنونه.
ورابعها: الحرية فلو وطء العبد زوجته حرة، أو أمة لم يكن
محصنا وإن عتق (2) ما لم يطأ بعده (3)، ولا فرق بين القن (4)
والمدبر (5) والمكاتب بقسميه (6)، والمبعض (7).
وخامسها: أن يكون الوطء بفرج فلا يكفي الدبر، ولا
التفخيذ، ونحوه كما سلف (8). وفي دلالة الفرج والإصابة على
73

ذلك (1) نظر (2)، لما تقدم من أن الفرج يطلق لغة على ما يشمل الدبر
وقد أطلقه عليه (3) فتخصيصه (4) هنا مع الإطلاق وإن دل عليه العرف
ليس بجيد.
وفي بعض نسخ الكتاب زيادة قوله قبلا بعد قوله فرجا وهو (5) تقييد
74

لما أطلق منه. ومعه (1) يوافق ما سلف.
وسادسها: كونه (2) مملوكا له بالعقد الدائم، أو ملك اليمين
فلا يتحقق (3) بوطء الزنا، ولا الشبهة وإن كانت بعقد فاسد (4)، ولا
المتعة (5).
75

وفي إلحاق التحليل بملك اليمين وجه (1)،
76

لدخوله (1) فيه من حيث الحل، وإلا (2) لبطل الحصر المستفاد من الآية
ولم أقف فيه (3) هنا على شئ.
وسابعها: كونه (4) متمكنا منه غدوا ورواحا. فلو كان بعيدا
عنه لا يتمكن منه (5) فيهما وإن تمكن في أحدهما (6) دون الآخر، أو
فيما بينهما، أو محبوسا لا يتمكن من الوصول إليه (7) لم يكن محصنا
77

وإن كان قد دخل قبل ذلك (1). ولا فرق في البعيد بين كونه دون
مسافة القصر وأزيد.
وثامنها: كون الإصابة معلومة، ويتحقق العلم بإقراره (2) بها
أو بالبينة، لا بالخلوة، ولا الولد، لأنهما أعم كما ذكر (3).
واعلم أن الإصابة أعم مما يعتبر منها (4)، وكذا الفرج (5) كما ذكر.
فلو قال: تغيب قدر حشفة البالغ الخ في قبل مملوك له الخ كان أوضح.
وشمل إطلاق إصابة الفرج ما لو كانت (6) صغيرة وكبيرة عاقلة ومجنونة وليس (7)
78

كذلك، بل يعتبر بلوغ الموطوئة كالواطئ (1) ولا يتحقق (2) فيهما
بدونه (3).
(وبذلك) المذكور كله (4) (تصير المرأة محصنة) أيضا. ومقتضى
ذلك (5) صيرورة الأمة والصغيرة محصنة، لتحقق إصابة البالغ الخ فرجا
مملوكا. وليس كذلك بل يعتبر فيها (6) البلوغ والعقل والحرية كالرجل
79

وفي الواطئ البلوغ دون العقل (1). فالمحصنة (2) حينئذ: المصابة حرة
بالغة عاقلة من زوج بالغ دائم في القبل بما يوجب الغسل إصابة معلومة.
فلو (3) أنكرت ذات الولد منه وطأه لم يثبت إحصانها وإن ادعاه (4)
80

ويثبت (1) في حقه. كعكسه. (2). وأما التمكن من الوطء فإنما يعتبر
في حقه (3) خاصة فلا بد من مراعاته (4) في تعريفها أيضا.
ويمكن أن يريد (5) بقوله: وبذلك تصير المرأة محصنة: أن الشروط المعتبرة فيه (6)
81

تعتبر فيها بحيث تجعل (1) بدله بنوع من التكلف (2) فتخرج الصغيرة
والمجنونة والأمة (3) وإن دخل حينئذ ما دخل في تعريفه (4).
(ولا يشترط في الاحصان الاسلام) فيثبت في حق الكافر والكافرة
82

مطلقا (1) إذا حصلت الشرائط (2). فلو وطء الذمي زوجة الدائمة تحقق
الاحصان (3). وكذا لو وطء المسلم زوجته الذمية حيث تكون دائمة (4).
(ولا عدم (5) الطلاق) فلو زنا المطلق (6)، أو تزوجت المطلقة (7)
عالمة بالتحريم، أو زنت رجمت (إذا كانت العدة رجعية)، لأنها
83

في حكم الزوجة وإن لم تتمكن هي من الرجعة كما لا يعتبر تمكنها من الوطء (1)
(بخلاف البائن)، لانقطاع العصمة به (2) فلا بد في تحقق الاحصان
بعده (3) من وطء جديد (4) سواء تجدد الدوام (5) بعقد جديد (6)
أم برجوعه (7) في الطلاق (8) حيث رجعت في البذل.
84

وكذا يعتبر وطء المملوك (1) بعد عتقه وإن كان مكاتبا (2).
(والأقرب الجمع بين الجلد الرجم في المحصن وإن كان شابا
جميعا بين دليل الآية (3)، والرواية (4).
85

وقيل: إنما يجمع بينهما (1) على المحصن إذا كان (2) شيخا
أو شيخة، وغيرهما (3) يقتصر فيه على الرجم.
وربما قيل بالاقتصار على رجمه (4) مطلقا.
والأقوى ما اختاره (5) المصنف، لدلالة الأخبار (6) الصحيحة
عليه. وفي كلام علي عليه السلام حين جمع للمرأة بينهما (7)، جلدتها
بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله (8). ومستند
86

التفصيل (1) رواية تقصر عن ذلك (2) متنا وسندا.
وحيث يجمع بينهما (فيبدأ بالجلد) أولا وجوبا لتحقق فائدته (3)
ولا يجب الصبر به حتى يبرأ جلده على الأقوى، للأصل (4) وإن كان

* بفتح النون والصاد من " نصف ينصف " من كان متوسط العمر
من الرجال والنساء. يقال: رجل نصف. أي متوسط العمر.
87

التأخير أقوى في الزجر. وقد روي (1) أن عليا عليه السلام جلد المرأة
يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة.
وكذا القول في كل حدين اجتمعا ويفوت أحدهما بالآخر فإنه يبدأ
بما يمكن معه الجمع، ولو استويا (2) تخير.
(ثم تدفن المرأة إلى صدرها، والرجل إلى حقويه) وظاهره (3)
كغيره:
إن ذلك على وجه الوجوب. وهو (4) في أصل الدفن حسن
للتأسي (5) أما في كيفيته (6) فالأخبار مطلقة، ويمكن جعل ذلك (7)
على وجه الاستحباب، لتأدي الوظيفة المطلقة بما هو أعم. وروى سماعة
88

عن الصادق عليه السلام قال: (تدفن المرأة إلى وسطها، ولا يدفن
الرجل إذا رجم إلا إلى حقويه) (1) ونفي في المختلف البأس عن العمل
بمضمونها (2).
وفي دخول الغايتين (3) في المغيا (4) وجوبا و (5) استحبابا نظر.
أقربه العدم فيخرج الصدر والحقوان عن الدفن، وينبغي على الوجوب (6)
إدخال جزء منهما من باب المقدمة (فإن فرا) (7) من الحفيرة بعد وضعهما
89

فيها (أعيدا إن ثبت) الزنا (بالبينة (1)، أو لم تصب الحجارة)
بدنهما (2) (على قول) الشيخ وابن البراج، والخلاف في الثاني (3)
90

خاصة، والمشهور عدم اشتراط الإصابة، للإطلاق (1) ولأن فراره (2)
بمنزلة الرجوع عن الاقرار وهو أعلم بنفسه ولأن الحد (3) مبني
على التخفيف.
وفي هذه الوجوه (4) نظر (5).
91

ومستند التفصيل (1) رواية (2) الحسين بن خالد عن الكاظم عليه السلام
92

وهو مجهول (وإلا) يكن ثبوته (1) بالبينة، بل بإقرارهما وإصابتهما الحجارة
على ذلك القول (2) (لم يعادا) اتفاقا. وفي رواية ما عز. أنه لما أمر
رسول الله صلى الله عليه وآله برجمه هرب من الحفيرة فرماه الزبير بساق
بعير فلحقه القوم فقتلوه، ثم أخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك (3) فقال: هلا
تركتموه إذ هرب يذهب فإنما هو الذي أقر على نفسه (4)، وقال صلى الله عليه وآله
أما لو كان علي حاضرا لما ضللتم، ووداه (5) رسول الله صلى الله عليه وآله
من بيت المال (6).
93

وظاهر الحكم بعدم إعادته سقوط الحد عنه فلا يجوز قتله حينئذ (1)
بذلك الذنب (2)، فإن قتل عمدا اقتص من القاتل (3)، وخطأ (4)
الدية. وفي الرواية (5) إرشاد إليه. ولعل ايداءه (6) من بيت المال
لوقوعه منهم خطأ مع كونه صلى الله عليه وآله قد حكمهم فيه (7)
94

فيكون (1) كخطأ الحاكم، ولو فر غيره (2) من المحدودين أعيد مطلقا (3)
(و) حيث يثبت الزنا بالبينة (يبدأ) برجمه (الشهود) وجوبا.
(وفي) رجم (المقر) يبدأ (الإمام عليه السلام) ويكفي في البداية
مسمى الضرب (وينبغي) على وجه الاستحباب (إعلام الناس) بوقت
الرجم ليحضروا، ويعتبروا، وينزجر من يشاهده ممن أتى مثل ذلك، أو
يريده (4)، ولقوله تعالى: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) (5)
ولا يجب (6) للأصل.
(وقيل) والقائل ابن إدريس والعلامة وجماعة: (يجب حضور
طائفة) عملا بظاهر الأمر (7). وهو الأقوى.
(و) اختلف في أقل عدد الطائفة التي يجب حضورها، أو يستحب
فقال العلامة والشيخ في النهاية: (أقلها واحد)، لأنه (8) أقل الطائفة
95

لغة فيحمل الأمر المطلق على أقله (1) لأصالة البراءة من الزائد. (2)
(وقيل) القائل ابن إدريس: أقلها (3) (ثلاثة) لدلالة العرف
عليه فيما إذا قيل: جئنا في طائفة من الناس، ولظاهر قوله تعالى:
(فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين
ولينذروا قومهم) (4) فإن أقل الجمع فيما دل عليه الضمير (5) ثلاثة
وليتحقق بهم الانذار (6)
(وقيل) والقائل الشيخ في الخلاف: (عشرة). ووجهه غير
واضح. والأجود الرجوع إلى العرف، ولعل دلالته (7) على الثلاثة فصاعدا أقوى.
(وينبغي كون الحجارة صغارا، لئلا يسرع (8) تلفه) بالكبار
وليكن مما يطلق عليه اسم الحجر. فلا يقتصر على الحصى، لئلا يطول
تعذيبه أيضا.
(وقيل: لا يرجم من لله في قبله حد)، للنهي عنه (9).
96

وهل هو للتحريم، أو الكراهة؟ وجهان؟ من (1) أصالة عدم التحريم،
ودلالة (2) ظاهر النهي عليه. وظاهر العبارة (3) كون القول المحكي
على وجه التحريم، لحكايته (4) قولا مؤذنا بتمريضه. إذا لا يتجه توقفه (5)
في الكراهة. وهل يختص الحكم (6) بالحد الذي أقيم على المحدود، أو مطلق
الحد (7)؟ إطلاق العبارة (8) وغيرها يدل على الثاني. وحسنة زرارة
عن أحدهما عليهما السلام قال: أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل قد
أقر على نفسه بالفجور فقال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه: اغدوا
غدا علي متلثمين فغدوا عليه المتلثمين فقال لهم: من فعل مثل فعله
فلا يرجمه فلينصرف (9) تدل على الأول (10)، وفي خبر آخر عنه (11) عليه السلام
97

في رجم امرأة أنه نادى بأعلا صوته يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى
عهد إلى نبيه صلى الله عليه وآله عهدا عهده محمد صلى الله عليه وآله
إلي بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد فمن كان لله عليه حد مثل ما عليها
فلا يقيم عليها الحد (1) وصدر (2) هذا الخبر يدل بإطلاقه على الثاني وآخره (3) يحتملهما
98

وهو (1) على الأول أدل، لأن ظاهر المماثلة (2) اتحادهما (3) صنفا.
مع احتمال إرادة ما هو أعم (4). فإن مطلق الحدود متماثلة في أصل (5)
العقوبة.
وهل يفرق بين ما حصلت التوبة منها (6)، وغيره؟ ظاهر
99

الأخبار (1) والفتوى ذلك، لأن ما تاب عنه فاعله سقط حق الله منه.
بناء على وجوب قبول (2) التوبة فلم يبق لله عليه حد.
ويظهر من الخبر الثاني (3) عدم الفرق، لأنه قال (4) في آخره:
فانصرف الناس ما خلا أمير المؤمنين الحسنين عليهم السلام، ومن البعيد
100

جدا أن يكون جميع أصحابه لم يتوبوا من ذنوبهم ذلك الوقت (1) إلا أن في طريق
الخبر (2) ضعفا (وإذا فرغ من رجمه) لموته (دفن إن كان قد صلي
عليه بعد غسله وتكفينه حيا) (3)، أو ميتا، أو بالتفريق (4) (وإلا)
يكن ذلك (جهز) بالغسل والتكفين والصلاة (ثم دفن). والذي دلت
عليه الأخبار (5) والفتوى أنه يؤمر حيا بالاغتسال والتكفين ثم يجتزى به
بعده، أما الصلاة فبعد الموت، ولو لم يغتسل غسل بعد الرجم، وكفن
101

وصلي عليه، والعبارة (1) قد توهم خلاف ذلك، أو تقصر عن المقصود
منها. (2)
(وثالثها (3) الجلد خاصة) مائة سوط (وهو حد البالغ المحصن إذا
زنا بصبية) لم تبلغ التسع، (أو مجنونة) وإن كانت بالغة شابا كان الزاني
أم شيخا (وحد (4) المرأة إذا زنا بها طفل) لم يبلغ (ولو زنا بها
المجنون) البالغ (فعليها الحد تاما) وهو الرجم بعد الجلد إن كانت محصنة
لتعليق الحكم (5) برجمها في النصوص (6)
102

على وطء البالغ مطلقا (1) فيشمل المجنون، ولأن الزنا بالنسبة إليها تام،
بخلاف زنا العاقل بالمجنونة. فإن المشهور عدم إيجابه الرجم (2)،
103

للنص (1)، وأصالة (2) البراءة.
104

وربما قيل بالمساواة (1)، اطراحا للرواية (2)، واستنادا إلى العموم (3)
ولا يجب الحد على المجنونة إجماعا.
(والأقرب عدم ثبوته (4) على المجنون)، لانتفاء التكليف الذي
هو مناط العقوبة الشديدة على المحرم، وللأصل (5). ولا فرق فيه (6)
بين المطبق وغيره إذا وقع الفعل منه حالته (7). وهذا هو الأشهر.
105

وذهب الشيخان وتبعهما ابن البراج إلى ثبوت الحد عليه (1) كالعاقل
من رجم وجلد، لرواية أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام قال:
إذا زنا المجنون أو المعتوه جلد الحد، وإن كان محصنا رجم.
قلت: وما الفرق بين المجنون والمجنونة، والمعتوه والمعتوهة؟
فقال: المرأة إنما تؤتى، والرجل يأتي، وإنما يأتي إذا عقل كيف
يأتي اللذة، وأن المرأة إنما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل
بها (2). وهذه الرواية مع عدم سلامة سندها مشعرة بكون المجنون حالة
الفعل عاقلا. إما لكون الجنون يعتريه أدوارا، أو لغيره (3) كما يدل عليه
التعليل (4) فلا يدل على مطلوبهم (5).
(ويجلد) الزاني (أشد الجلد) لقوله تعالى: (ولا تأخذكم
بهما رأفة)، وروي ضربه متوسطا (6)
106

(ويفرق) الضرب (على جسده، ويتقى رأسه ووجهه.
وفرجه) قبله ودبره، لرواية زرارة عن الباقر عليه السلام: (يتقى الوجه
والمذاكير) (1) وروي عنه عليه السلام قال: (يفرق الحد على الجسد
ويتقى الفرج والوجه) (2). وقد تقدم استعمال الفرج فيهما (3)، وأما
اتقاء الرأس فلأنه مخوف على النفس والعين، والغرض من الجلد ليس
هو إتلافه (4)، واقتصر جماعة على الوجه والفرج تبعا، للنص (5).
(وليكن الرجل قائما مجردا) مستور العورة (والمرأة قاعدة قد ربطت
ثيابها عليها) لئلا يبدو جسدها فإنه عورة، بخلاف الرجل (6) وروي ضرب
الزاني على الحال التي يوجد عليها. إن وجد عريانا ضرب عريانا، وإن وجدوا عليه
ثيابه ضرب وعليه ثيابه (7)، سواء في ذلك الذكر والأنثى، وعمل بمضمونها (8)
107

الشيخ وجماعة.
والأجود الأول (1). لما ذكرناه من أن بدنها عورة، بخلافه (2).
والرواية (3) ضعيفة السند.
(ورابعها (4) الجلد والجز) للرأس (والتغريب، ويجب) الثلاثة (5)
(على الزاني الذكر الحر غير المحصن وإن لم يملك) أي يتزوج من غير
أن يدخل، لإطلاق الحكم (6) على البكر. وهو شامل للقسمين (7)،
بل هو (8) على غير المتزوج أظهر، ولا طلاق قول الصادق عليه السلام
في رواية عبد الله بن طلحة (وإذا زنا الشاب الحدث السن جلد وحلق
رأسه ونفي سنة من مصره) (9). وهو عام فلا يتخصص، وإلا (10) لزم
تأخير البيان.
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة: (يختص التغريب بمن أملك)
108

ولم يدخل، لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (الذي
لم يحصن يجلد مائة جلدة ولا ينفى، والذي قد أملك ولم يدخل بها
يجلد مئة وينفى) (1)، ورواية محمد بن قيس عنه عليه السلام قال: (قضى
أمير المؤمنين عليه السلام في البكر، والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة
في غير مصرهما. وهما اللذان قد أملكا ولم يدخلا بها) (2).
وهاتان الروايتان مع سلامة سندهما (3) يشتملان على نفي المرأة
وهو (4) خلاف الاجماع على ما ادعاه الشيخ. كيف وفي طريق الأولى (5)
موسى بن بكير، وفي الثانية (6) محمد بن قيس وهو مشترك بين الثقة
109

وغيره، حيث يروي عن الباقر عليه السلام، فالقول الأول (1) أجود
وإن كان الثاني (2) أحوط من حيث بناء الحد على التخفيف (3).
(والجز حلق الرأس) أجمع، دون غيره كاللحية، سواء في ذلك
المربى (4) وغيره وإن انتفت الفائدة في غيره (5) ظاهرا.
(والتغريب نفيه عن مصره) بل مطلق وطنه (إلى آخر) (6)
قريبا كان أم بعيدا (7) بحسب ما يراه الإمام عليه السلام (8) مع صدق
اسم الغربة (9)، فإن كان غريبا غرب إلى بلد آخر غير وطنه (10) والبلد (11)
الذي غرب منه (عاما) هلاليا، فإن رجع إلى ما غرب منه قبل إكماله أعيد
110

حتى يكمل (1) بانيا على ما سبق وإن طال الفصل.
(ولا جز على المرأة، ولا تغريب)، بل تجلد مئة لا غير، لأصالة
البراءة، وادعى الشيخ عليه الاجماع وكأنه لم يعتد بخلاف ابن أبي عقيل
حيث أثبت التغريب عليها، للأخبار السابقة (2). والمشهور أولى بحال
المرأة وصيانتها. ومنعها من الاتيان بمثل ما فعلت.
(وخامسها (3) خمسون جلدة، وهي حد المملوك والمملوكة) البالغين
العاقلين (وإن كانا متزوجين، ولا جز، ولا تغريب على أحدهما) إجماعا،
لقوله عليه السلام: (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها) (4) وكان هذا (5)
كل الواجب. ولا قائل بالفرق (6).
111

وربما استدل بذلك (1) على نفي التغريب على المرأة، لقوله تعالى:
(فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) فلو ثبت التغريب
على الحرة لكان على الأمة نصفها.
(وسادسها (2) الحد المبعض وهو حد من تحرر بعضه فإنه يحد
من حد الأحرار) الذي لا يبلغ القتل (بقدر ما فيه من الحرية) أي
بنسبته إلى الرقية (ومن حد العبيد بقدر العبودية). فلو كان نصفه
حرا حد للزنا خمسا وسبعين جلدة: خمسين لنصيب الحرية، وخمسا
وعشرين للرقية، ولو اشتمل التقسيط على جزء من سوط كما لو كان
ثلثه رقا فوجب عليه ثلاثة وثمانون وثلث قبض على ثلثي السوط وضرب

* النساء: الآية 25.
112

بثلثه. وعلى هذا الحساب (1).
(وسابعها الضغث (2)) بالكسر وأصله الحزمة (3) من الشئ،
والمراد هنا القبض على جملة من العيدان ونحوها (4) (والمشتمل على العدد)
المعتبر في الحد (5) وضربه به دفعة واحدة مؤلمة بحيث يمسه الجميع (6)
113

أو ينكبس (1) بعضها على بعض فيناله ألمها، ولو لم تسع اليد العدد أجمع
ضرب به مرتين (2) فصاعدا إلى أن يكمل، ولا يشترط وصول كل واحد من العدد
إلى بدنه (3) (وهو حد المريض مع عدم احتماله (4) الضرب المتكرر)
متتاليا وإن احتمله في الأيام متفرقا (5).
(واقتضاء المصلحة التعجيل) (6).
114

ولو احتمل (1) سياطا خفافا فهي أولى من الضغث فلا يجب إعادته (2)
بعد برئه مطلقا (3). والظاهر الاجتزاء في الضغث بمسمى المضروب به (4)
مع حصول الألم به في الجملة وإن لم يحصل (5) بآحاده، وقد روي
أن النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك في مريض زان بعرجون (6) فيه
115

مئة شمراخ فضربه ضربة واحدة.
ولو اقتضت المصلحة تأخيره (1) إلى أن يبرأ ثم يقيم عليه الحد تاما
فعل. وعليه يحمل ما روي من تأخير أمير المؤمنين عليه السلام حد مريض
إلى أن يبرأ (2).
(وثامنها (3) الجلد) المقدر (و) معه (4) (عقوبة زائدة وهو
حد الزاني في شهر رمضان ليلا، أو نهارا) وإن كان النهار أغلظ حرمة
وأقوى في زيادة العقوبة (أو غيره من الأزمنة الشريفة) كيوم الجمعة
وعرفة، والعيد (أو في مكان شريف) كالمسجد، والحرم، والمشاهد
المشرفة (أو زنى بميتة (5) ويرجع في الزيادة إلى رأي الحاكم) الذي يقيم
الحد، ولا فرق بين أن يكون مع الجلد رجم (6) وغيره (7). ولو
كان الزنا لا جلد فيه، بل القتل عوقب قبله (8)، لمكان (9) المحترم
116

ما يراه. وهذا (1) لا يدخل في العبارة.
(تتمة - لو شهد لها أربع) نساء (بالبكارة بعد شهادة الأربعة بالزنا
قبلا فالأقرب درء الحد) أي دفعه (عن الجميع): المرأة والشهود بالزنا،
لتعارض الشهادات ظاهرا فإنه كما يمكن صدق النساء في البكارة يمكن
صدق الرجل في الزنا. وليس أحدهم أولى من الآخر فتحصل الشبهة الدارئة
للحد عن المشهود عليه، وكذا عن الشهود، ولا مكان عود البكارة.
وللشيخ قول بحد شهود الزنا للفرية. وهو بعيد، نعم لو شهدن
أن المرأة رتقاء، أو ثبت أن الرجل مجبوب حد الشهود، للقذف،
مع احتمال السقوط (2) في الأول، للتعارض، ولو لم يقيدوه بالقبل (3)
فلا تعارض (ويقيم الحاكم الحد) مطلقا (بعلمه)، سواء الإمام ونائبه،
وسواء علم بموجبه في زمن حكمه أم قبله (4)، لعموم قوله تعالى: الزانية
117

والزاني فاجلدوا (1). والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (2)،
ولأن العلم أقوى دلالة من الظن المستند البينة، وإذا جاز الحكم مع الظن
جاز مع العلم بطريق أولى، وخالف في ذلك (3) ابن الجنيد وقد سبقه
الاجماع (4) ولحقه (5)، مع ضعف متمسكه (6) بأن (7) حكمه بعلمه
118

تزكية لنفسه، وتعريض لها للتهمة، وسوء الظن به. فإن التزكية (1)
حاصلة بتولية الحكم، والتهمة حاصلة في حكمه بالبينة (2) والاقرار (3)
119

وإن اختلفت (1) بالزيادة والنقصان. ومثل هذا (2) لا يلتفت إليه
(وكذا) يحكم بعلمه (في حقوق الناس)، لعين ما ذكر (3)، وعدم
الفارق (4) (إلا أنه (5) بعد مطالبتهم) به كما في حكمه لهم بالبينة
والاقرار (6) (حدا كان) ما يعلم بسببه (أو تعزيرا)، لاشتراك الجميع (7)
في المقتضي (ولو وجد مع زوجته رجلا يزني بها فله قتلهما) فيما بينه
وبين الله تعالى (ولا أثم عليه) بذلك (8) وإن كان استيفاء الحد في غيره (9)
120

منوطا بالحاكم.
هذا (1) هو المشهور بين الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا. وهو (2)
مروي أيضا، ولا فرق في الزوجة بين الدائم، والمتمتع بها، ولا بين
المدخول بها وغيرها، ولا بين الحرة والأمة، ولا في الزاني بين المحصن
وغيره، لإطلاق الإذن (3) المتناول لجميع ذلك.
والظاهر اشتراط المعاينة (4) على حد ما يعتبر في غيره (5)، ولا
يتعدى إلى غيرها (6) وإن رحما، أو محرما اقتصارا فيما خالف الأصل (7)
121

على محل الوفاق (1). وهذا الحكم (2) بحسب الواقع كما ذكر (ولكن)
في الظاهر (يجب) عليه (القود) (3) مع إقراره بقتله، أو قيام البينة
به (4) (إلا مع) إقامته (5) (البينة) على دعواه (أو التصديق)
من ولي المقتول، لأصالة عدم استحقاقه (6) القتل، وعدم (7) الفعل المدعى.
وفي حديث (8) سعد بن عبادة المشهور لما قيل له: لو وجدت
122

على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال: كنت أضربه بالسيف
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: فكيف بالأربعة الشهود أن الله تعالى
123

جعل لكل شئ حدا، وجعل لمن تعدى ذلك الحد حدا (1).
(ومن تزوج بأمة (2) على حرة مسلمة ووطأها قبل الإذن) من الحرة
وإجازتها عقد (فعليه ثمن حد الزاني): اثنا عشر سوطا ونصف. بأن
يقبض في النصف (3) على نصفه (4).
وقيل: أن يضربه ضربا بين ضربين.
(ومن افتض بكرا بإصبعه) (5) فأزال بكارتها (لزمه مهر نسائها)
وإن زاد عن مهر السنة إن كانت حرة، صغيرة كانت أم كبيرة مسلمة أم
كافرة (ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها) لمولاها على الأشهر. وبه رواية (6)
124

في طريقها طلحة بن زيد، ومن ثم (1) قيل بوجوب الأرش.
وهو ما بين قيمتها بكرا وثيبا، لأنه (2) موجب الجناية على مال الغير
وهذا الحكم (3) في الباب عرضي، والمناسب (4) فيه الحكم بالتعزير
لإقدامه على المحرم.
وقد اختلف في تقديره (5) فأطلقه جماعة، وجعله بعضهم من ثلاثين
إلى ثمانين، وآخرون (6) إلى تسعة وتسعين، وفي صحيحة ابن سنان
عن الصادق عليه السلام في امرأة افتضت جارية بيدها (قال عليها المهر
وتضرب الحد) (7) وفي صحيحته أيضا أن أمير المؤمنين عليه السلام قضى
125

بذلك (1)، وقال: تجلد ثمانين (2).
(ومن أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه (3)، أو يبلغ
المئة) (4) والأصل فيه رواية محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام أن
أمير المؤمنين عليه السلام قضى في رجل أقر على نفسه بحد ولم يسم أي
حد هو قال: أمر أن يجلد حتى يكون هو الذي ينهى عن نفسه الحد (5)
وبمضمونها (6) عمل الشيخ وجماعة، وإنما قيده (7) المصنف بكونه لا يتجاوز
المئة، لأنها أكبر الحدود وهو حد الزنا.
وزاد ابن إدريس قيدا آخر (8) وهو أنه لا ينقص عن ثمانين نظرا
126

إلى أن أقل الحدود حد الشرب (1).
وفيه (2) نظر إذا حد القواد خمسة وسبعون، والمصنف والعلامة
وجماعة لم يحدوه (3) في جانب القلة كما أطلق (4) في الرواية، لجواز أن
يريد بالحد (5) التعزير ولا تقدير له (6) قلة، ومع ضعف المستند (7)
في كل واحد من الأقوال (8) نظر.
127

أما النقصان عن أقل الحدود فلأنه وإن حمل (1) على التعزير، إلا
أن تقديره (2) للحاكم، لا للمعزر (3) فكيف يقتصر على ما يبينه (4)،
128

ولو حمل (1) على تعزير مقدر وجب تقييده (2) بما لو وقف (3) على أحد
المقدرات منه (4)، مع أن إطلاق الحد على التعزير خلاف الظاهر (5)
واللفظ إنما يحمل على ظاهره (6)، ومع ذلك (7) فلو وقف (8) على عدد
لا يكون حدا كما بين الثمانين المئة أشكل قبوله (9) منه، لأنه (10) خلاف المشروع.
129

وكذا (1) عدم تجاوز المئة فإنه يمكن زيادة الحد عنها بأن يكون
قد زنا في مكان شريف أو زمان شريف ومع ذلك (2) فتقدير الزيادة (3)
على هذا التقدير (4) إلى الحاكم، لا إليه (5).
ثم يشكل بلوغ (6) الثمانين بالاقرار مرة، لتوقف حد الثمانين على الاقرار
مرتين، وأشكل منه (7) بلوغ المئة بالمرة والمرتين.
(وهذا) وهو بلوغ المئة (إنما يصح إذا تكرر) الاقرار (أربعا)
130

كما هو (1) مقتضى الاقرار بالزنا (وإلا (2) فلا يبلغ المئة). وبالجملة
فليس في المسألة (3) فرض يتم مطلقا (4)، لأنا إن حملنا الحد على ما يشمل
التعزير لم يتجه الرجوع إليه (5) في المقدار، إلا أن نخصه (6) بمقدار تعزير
من التعزيرات المقدرة (7). وحينئذ (8).
131

يتجه أن يقبل (1) بالمرة، ولا يبلغ الخمسة والسبعين (2)، وإن أقر مرتين
لم يتجاوز الثمانين (3)، وإن أقر أربعا جاز الوصول إلى المئة (4) وأمكن
القول بالتجاوز (5)،
132

لما ذكر (1)، مع أنه في الجميع (2) كما يمكن حمل المكرر (3) على التأكيد
لحد واحد. يمكن حمله على التأسيس (4) فلا يتعين كونه (5) حد زنا،
أو غيره (6)، بل يجوز كونه (7) تعزيرات متعددة، أو حدودا كذلك (8)
133

مبهمة، ومن القواعد المشهورة أن التأسيس أولى من التأكيد (1)، فالحكم
مطلقا (2) مشكل، والمستند (3) ضعيف.
ولو قيل بأنه مع الاقرار مرة لا يبلغ الخمسة والسبعين (4) في طرف
الزيادة، وفي طرف النقيصة (5) يقتصر الحاكم على ما يراه
134

كان (1) حسنا.
(وفي التقبيل) المحرم (والمضاجعة) أي نوم الرجل مع المرأة
(في إزار) أي ثوب (واحد)، أو تحت لحاف واحد التعزير بما دون
الحد) (2)، لأنه فعل محرم لا يبلغ حد الزنا، والمرجع في كمية التعزير (3)
إلى رأي الحاكم.
والظاهر أن المراد بالحد (4) الذي لا يبلغه هنا (5) حد الزنا، كما
ينبه عليه (6) في بعض الأخبار: إنهما يضربان مئة سوط غير سوط.
135

(وروى) الحلبي في الصحيح (1) عن الصادق عليه السلام ورواه (2)
غيره أيضا أنهما يجلدان كل واحد (مئة جلدة) حد الزاني، وحملت (3)
على ما إذا أضاف إلى ذلك (4) وقوع الفعل، جمعا (4) بين الأخبار (ولو
حملت (المرأة) ولا بعل (لها) ولا مولى (6) ولم يعلم وجهه (7)
(لم تحد)، لاحتمال كون بوجه حلال، أو شبهة (إلا أن تقر أربعا
136

بالزنا) فتحد لذلك (1)، لا للحمل (وتؤخر) الزانية الحامل (حتى تضع
الحمل) وإن كان من الزنا، وتسقيه اللباء (2)، وترضعه إن لم يوجد له
كافل ثم يقيم عليها الحد إن كان رجما، ولو كان جلدا فبعد أيام النفاس
إن أمن عليها التلف، أو وجد له (3) مرضع، وإلا (4) فبعده ويكفي
في تأخيره (5) عنها: دعواها الحمل، لا مجرد الاحتمال.
(ولو أقر) بما يوجب الحد (ثم أنكر سقط الحد إن كان مما يوجب
الرجم ولا يسقط غيره) (6) وهو الجلد وما يلحقه (7).
هذا (8) إذا لم يجمع في موجب الرجم بينه وبين الجلد، وإلا ففي
سقوط الحد مطلقا (9) بإنكاره (10) ما يوجب الرجم نظر، من إطلاق (11)
137

سقوط الحد الشامل للأمرين، ومن (1) أن الجلد لا يسقط بالانكار لو
انفرد (2) فكذا إذا انضم (3)، بل هنا (4) أولى لزيادة الذنب فلا يناسبه (5)
سقوط العقوبة مطلقا (6) مع ثبوت مثلها (7) في الأخف. والأقوى سقوط
الرجم دون غيره (8).
وفي إلحاق (9) ما يوجب القتل كالزنا بذات محرم، أو كرها (10)
قولان (11): من (12) تشاركهما في المقتضي وهو الانكار لما بني
138

على التخفيف، ونظر (1) الشارع إلى عصمة الدم، وأخذه (2) فيه
بالاحتياط. ومن (3) عدم النص عليه، وبطلان القياس (4).
(ولو أقر بحد ثم تاب تخير الإمام في إقامته عليه) والعفو عنه
(رجما كان) الحد (أو غيره) على المشهور، لاشتراك الجميع في المقتضي (5)
ولأن التوبة إذا أسقطت تحتم أشد العقوبتين (6)، فإسقاطها (7) لتحتم
الأخرى (8) أولى، ونبه بالتسوية (9) بينهما على خلاف ابن إدريس حيث
139

خص التخيير (1) بما إذا كان الحد رجما، وحتم إقامته (2) لو كان جلدا
محتجا بأصالة (3) البقاء، واستلزام (4) التخيير تعطيل الحد المنهي عنه
في غير موضع الوفاق (5)، وينبغي على قول ابن إدريس إلحاق ما يوجب
القتل (6) بالرجم، لتعليله بأنه (7) يوجب تلف النفس، بخلاف الجلد.
140

(الفصل الثاني)
(في اللواط) (1) وهو وطء الذكر. واشتقاقه من فعل
141

قوم لوط (1) (والسحق) وهو دلك فرج المرأة بفرج أخرى (والقيادة)
وسيأتي أنها الجمع بين فاعلي هذه الفواحش (2).
أما الأول (فمن أقر بإيقاب ذكر) (3) أي (4) إدخال شئ من
الذكر (5) في دبره ولو مقدار الحشفة. وظاهرهم هنا الاتفاق على ذلك
وإن اكتفوا ببعضها (6) في تحريم أمه وأخته وبنته في حالة كون المقر
(مختارا) غير مكره على الاقرار (أربع مرات) ولو في مجلس واحد
(أو شهد عليه أربعة رجال) عدول (بالمعاينة) للفعل كالزنا (7) (وكان)
143

الفاعل المقر، أو المشهود عليه (حرا بالغا عاقلا قتل).
واعتبار بلوغه عقله واضح، إذ لا عبرة بإقرار الصبي والمجنون،
وكذا لا يقتلان لو شهد عليهما به (1)، لعدم التكليف.
أما الحرية فإنما تعتبر في قبول الاقرار (2)، لأن إقرار العبد يتعلق
بحق سيده (3) فلا يسمع، بخلاف الشهادة عليه فإنه لا فرق فيها بينه
وبين الحر فيقتل (4) حيث يقتل، وكذا لو اطلع عليها (5) الحاكم،
وبالجملة فحكمه حكم الحر، إلا في الاقرار وإن كانت العبارة (6) توهم
خلاف ذلك.
ويقتل الفاعل (محصنا) كان (أو لا).
وقتله (إما بالسيف، أو الاحراق بالنار، أو الرجم) بالحجارة وإن لم يكن
(7) بصفة الزاني المستحق
للرجم (أو بإلقاء جدار عليه أو بإلقائه من شاهق) كجدار رفيع.
يقتل مثله.
144

(ويجوز الجمع بين اثنين منها) أي من هذه الخمسة بحيث يكون
(أحدهما الحريق)، والآخر أحد الأربعة بأن يقتل بالسيف، أو الرجم
أو الرمي به (1)، أو عليه (2) ثم يحرق زيادة في الردع.
(والمفعول به يقتل كذلك (4) إن كان بالغا عاقلا مختارا، ويعزر
الصبي) فاعلا ومفعولا.
(ويؤدب المجنون) كذلك (4)، والتأديب في معنى التعزير هنا (5)
وإن افترقا من حيث إن التعزير يتناول المكلف وغيره، بخلاف التأديب.
وقد تحرر من ذلك (6) أن الفاعل والمفعول إن كانا بالغين قتلا
حرين كانا أم عبدين أم بالتفريق. مسلمين كانا أم بالتفريق وإن كانا
صبيين أو مجنونين، أو بالتفريق أدبا، وإن كان أحدهما مكلفا والآخر غير
مكلف قتل المكلف وأدب غيره.
(ولو أقر به (7) دون الأربع لم يحد) كالاقرار بالزنا (8) (وغرر)
بالاقرار ولو مرة، ويمكن اعتبار المرتين (9).
145

كما في موجب كل تعزير (1) وسيأتي (2)، وكذا الزنا (3) ولم يذكره ثم (4).
(ولو شهد) عليه به (5) (دون الأربعة) أو اختل بعض الشرائط (6)
وإن كانوا أربعة (حدوا للفرية (7) ويحكم الحاكم فيه (8) بعلمه) كغيره
من الحدود، لأنه أقوى من البينة (9) (ولا فرق) في الفاعل والمفعول
(بين العبد والحر هنا) أي في حالة علم الحاكم، وكذا لا فرق بينهما (10)
146

مع البينة كما مر (1)، وهذا (2) منه مؤكد لما أفهمته عبارته (3) سابقا
من تساوي الاقرار والبينة في اعتبار الحرية.
147

(ولو ادعى العبد الاكراه) من مولاه عليه (1) (درء عنه الحد)
دون المولى (2)، لقيام القرينة (3) على ذلك، ولأنه (4) شبهة محتملة
فيدرأ الحد بها، ولو ادعى الاكراه من غير مولاه فالظاهر أنه كغيره (5)
148

وإن كانت العبارة تتناوله (1) بإطلاقها (ولا فرق) في ذلك (2) كله
(بين المسلم والكافر)، لشمول الأدلة (3) لهما (وإن لم يكن) الفعل)
149

(إيقابا كالتفخيذ أو) جعل الذكر (بين الأليين) بفتح الهمزة،
واليائين (1) المثناتين من تحت من دون تاء بينهما (فحده مئة جلدة)
للفاعل والمفعول مع البلوغ والعقل والاختيار كما مر (2) (حرا كان) كل
منهما، (أو عبدا. مسلما أو كافرا. محصنا أو غيره) على الأشهر،
150

لرواية سليمان بن هلال عن الصادق عليه السلام قال: (إن كان دون
الثقب فالحد، وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب بالسيف) (1).
والظاهر أن المراد بالحد الجلد.
(وقيل يرجم المحصن (2))، ويجلد غيره جمعا بين رواية العلاء بن الفضيل
عن الصادق عليه السلام أنه قال: حد اللوطي مثل حد الزاني. وقال:
إن كان قد أحصن رجم، وإلا جلد (3) وقريب منها رواية (4) حماد
ابن عثمان، وبين ما روي (5) من قتل اللائط مطلقا.
151

وقيل: يقتل مطلقا (1)، لما ذكر (2)، والأخبار من الطرفين (3)
152

غير نقية السند، والمتيقن المشهور (1)، والأصل عدم أمر آخر (2).
(ولو تكرر منه الفعل) الذي لا يوجب القتل ابتداء (3) (مرتين
مع تكرار الحد) عليه بأن حد لكل مرة (قتل في الثالثة)، لأنه كبيرة
وأصحاب الكبائر مطلقا (4) إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة،
لرواية يونس عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: (أصحاب الكبائر
كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة) (5).
(والأحوط) وهو الذي اختاره المصنف في الشرح قتله (في الرابعة)
لرواية أبي بصير (6) قال: قال (أبو عبد الله عليه السلام: الزاني إذا جلد
ثلاثا يقتل في الرابعة)، ولأن الحد مبني على التخفيف، وللاحتياط
في الدماء، وترجح هذه الرواية (7) بذلك (8)،
153

وبأنها (1) خاصة، وتلك (2) عامة. فيجمع بينهما (3) بتخصيص العام
بما عد الخاص (4). وهو الأجود ولو لم يسبق حده مرتين لم يجب
سوى الجلد مائة. (ولو تاب قبل قيام البينة سقط الحد عنه قتلا) كان
الحد (أو رجما أو جلدا) على ما فصل (5).
(ولو تاب بعده (6) لم يسقط الحد وكذا) (7) لو تاب
(مع الاقرار ولكن يتخير الإمام في المقر) قبل التوبة (بين العفو والاستيفاء
كالزنا.
(ويعزر من قبل غلاما بشهوة) بما يراه الحاكم، لأنه من جملة
المعاصي، بل الكبائر المتوعد عليه بخصوصه بالنار، فقد روي " أن من قبل
154

غلاما بشهوة لعنته ملائكة السماء، وملائكة الأرضين، وملائكة الرحمة،
وملائكة الغضب وأعد له جهنم وساءت مصيرا " (1) وفي حديث آخر
" من قبل غلاما بشهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " (2).
(وكذا) ويعزر (الذكران (3) المجتمعان تحت إزار واحد مجردين
وليس بينهما رحم) أي قرابة (من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين)
على المشهور
أما تحديده في جانب الزيادة (4) فلأنه ليس (5) بفعل يوجب الحد
كملا. فلا يبلغ به (6)، ولقول الصادق عليه السلام في المرأتين تنامان
155

في ثوب واحد فقال: تضربان فقلت: حدا قال: لا (1)، وكذا
قال في الرجلين (2)، وفي رواية ابن سنان عنه عليه السلام، " يجلدان
حدا غير سوط واحد " (3).
وأما في جانب النقيصة (4) فلرواية سليمان بن هلال عنه قال: يضربان
ثلاثين سوطا (5).
156

وطريق الجمع (1) الرجوع فيما بين الحدين إلى رأي الحاكم، والتقييد
بنفي الرحم بينهما (2) ذكره المصنف كغيره. تبعا للرواية (3).
ويشكل بأن مطلق الرحم لا يوجب تجويز ذلك (4)، فالأولى ترك
157

القيد (1)، أو التقييد بكون الفعل محرما (2).
(والسحق (3) يثبت بشهادة أربعة رجال) عدول، لا بشهادة
النساء منفردات، ولا منضمات (4) (أو الاقرار أربعا) من البالغة (5)
الرشيدة (6) الحرة المختارة (8) كالزنا (وحده مئة جلدة حرة كانت
158

كل واحدة منهما أو أمة. مسلمة أو كافرة. محصنة أو غير محصنة.
فاعلة أو مفعولة (1) و لا ينتصف (2) هنا في حق الأمة. ويقبل دعواها
إكراه مولاتها كالعبد، كل ذلك (3) مع بلوغها وعقلها. فلو ساحقت
المجنونة، أو الصغيرة أدبتا خاصة، ولو ساحقتهما بالغة حدت دونهما.
وقيل: ترجم (4) مع الاحصان، لقول الصادق عليه السلام:
(حدها حد الزاني) (5) ورد (6) بأنه أعم من الرجم فيحمل على الجلد
جمعا (7).
(وتقتل) المساحقة (في الرابعة لو تكرر الحد ثلاثا). وظاهرهم
159

هنا عدم الخلاف وإن حكمنا بقتل الزاني واللائط في الثالثة كما اتفق
في عبارة المصنف (1).
(ولو تابت قبل البينة سقط الحد) لا إذا تابت بعدها (ويتخير
الإمام لو تابت بعد الاقرار) كالزنا واللواط (2).
(وتعزر الأجنبيتان إذا تجردتا تحت إزار) بما لا يبلغ الحد (3)
(فإن عزرتا مع تكرار الفعل مرتين حدتا في الثالثة) (4) فإن عادتا (5)
عزرتا مرتين (6) ثم حدتا في الثالثة (7) (وعلى هذا) أبدا (8).
وقيل: تقتلان في الثالثة (9).
160

وقيل: في الرابعة (1). والمستند ضعيف (2) وقد تقدم: وجه
التقييد (3) بالأجنبيتين.
(ولو وطء زوجته فساحقت بكرا فحملت البكر فالولد للرجل)
لأنه مخلوق من مائه، ولا موجب لانتفائه عنه، فلا يقدح كونها (4)
ليست فراشا له، ولا يلحق بالزوجة (5) قطعا، ولا بالبكر (6) على الأقوى
161

(وتحدان): المرأتان حد السحق (1)، لعدم الفرق فيه (2) بين المحصنة
وغيرها (ويلزمها أي الموطوءة (3) ضمان (مهر المثل للكبر) لأنها
سبب في إذهاب عذرتها، وديتها (4) مهر نسائها، وليست كالزانية
المطاوعة (5)، لأن الزانية أذنت في الافتضاض، بخلاف هذه (6).
وقيل: ترجم الموطوءة استنادا إلى رواية (7) ضعيفة السند مخالفة
لما دل على عدم رجم المساحقة مطلقا (8) من الأخبار الصحيحة (9).
وابن إدريس نفى الأحكام الثلاثة (10).
162

أما الرجم فلما ذكرناه (1)، وأما إلحاق الولد بالرجل فلعدم ولادته
على فراشه (2) والولد للفراش، وأما المهر فلأن البكر بغي بالمطاوعة
فلا مهر لها (3). وقد عرفت جوابه (4).
163

(والقيادة (1): الجمع بين فاعلي (2) الفاحشة) من الزنا واللواط
والسحق (وتثبت بالاقرار مرتين من الكامل) بالبلوغ والعقل والحرية
(المختار) غير المكره، ولو أقر مرة واحدة عزر (أو بشهادة شاهدين) (3)
ذكرين عدلين (والحد) للقيادة (خمس وسبعون جلدة حرا كان) القائد
(أو عبدا. مسلما) كان (أو كافرا. رجلا) كان (أو امرأة).
(وقيل) والقائل الشيخ: يضاف إلى جلده أن (يحلق رأسه
ويشهر) في البلد (وينفى) عنه إلى غيره من الأمصار من غير تحديد
164

لمدة نفيه (بأول مرة) (1)، لرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام (2) ووافقه (3) المفيد على ذلك إلا أنه جعل النفي في الثانية (4)
(ولا جز على المرأة، ولا شهرة، ولا نفي) للأصل، ومنافاة النفي
لما يجب مراعاته من (5) ستر المرأة.
(ولا كفالة في حد) بأن يكفل لمن ثبت عليه الحد إلى وقت
متأخر عن وقت ثبوته (ولا تأخير فيه)، بل يستوفى متى ثبت،
ومن ثم (6) حد شهود الزنا قبل كمالهم (7) في مجلس الشهادة وإن كان
الانتظار يوجب كمال العدد (8) (إلا مع العذر) المانع من إقامته (9)
165

في ذلك الوقت (أو توجه ضرر به) (1) فتشرع الكفالة والتأخير إلى وقت
القدرة (ولا شفاعة في اسقاطه)، لأنه حق الله، أو مشترك (2) ولا شفاعة
في اسقاط حق الله تعالى. قال النبي صلى الله عليه وآله: لا كفالة في حد (3)
وقال أمير المؤمنين عليه السلام (لا يشفعن أحد في حد) وقال عليه السلام
ليس في الحدود نظرة ساعة (4).
(الفصل الثالث - في القذف)
(وهو الرمي بالزنا، أو اللواط مثل قوله: زنيت) بالفتح (أو
لطت، أو أنت زان أو لائط وشبهه) من الألفاظ الدالة على القذف
(مع الصراحة والمعرفة) أي معرفة القاذف (بموضوع اللفظ (5) بأي لغة كان)
وإن لم يعرف المواجه (6) معناه، ولو كان القائل جاهلا بمدلوله فإن
166

عرف أنه يفيد فائدة يكرهها المواجه عزر (1)، وإلا فلا (2) (أو قال
لولده الذي أقر به: لست ولدي) أو لست لأبيك، أو زنت بك
أمك، ولو لم يكن قد أقر به لكنه لا حق به شرعا بدون الاقرار فكذلك (3)
لكن له (4) دفع الحد باللعان، بخلاف المقر به فإنه لا ينتفي مطلقا (5)
(ولو قال لآخر) غير ولده: (زنا بك أبوك، أو يا ابن الزاني حد (6)
للأب) خاصة، لأنه (7) قذف له دون المواجه، لأنه (8) لم ينسب
إليه فعلا لكن يعزر له (9) كما سيأتي، لتأذيه به.
(ولو قال: زنت بك أمك، أو يا ابن الزانية حد للأم، ولو قال
يا ابن الزانيين فلهما (10)، ولو قال: ولدت من الزنا فالظاهر القذف
للأبوين)، لأن تولده إنما يتحقق بهما (11) وقد نسبه (12) إلى الزنا فيقوم
167

بهما ويثبت الحد لهما، ولأنه (1) الظاهر عرفا.
وفي مقابلة الظاهر كونه قذفا للأم خاصة، لاختصاصها بالولادة ظاهرا.
ويضعف (2) بأن نسبته (3) إليهما واحدة، والاحتمال قائم فيهما
بالشبهة (4) فلا يختص أحدهما به (5).
وربما قيل بانتفائه (6) لهما، لقيام الاحتمال (7) بالنسبة إلى كل واحد
وهو دارئ للحد إذا هو شبهة.
والأقوى الأول (8) إلا أن يدعي الاكراه، أو الشبهة في أحد
الجانبين فينتفي حده (9).
(ومن نسب الزنا إلى غير المواجه) كالأمثلة السابقة (فالحد للمنسوب
إليه ويعزر للمواجه إن تضمن شتمه وأذاه) كما هو الظاهر في الجميع.
168

ولو قال لامرأة: زنيت بك احتمل الاكراه فلا يكون قذفا لها)
لأن المكره غير زان، ومجرد الاحتمال (1) كاف في سقوط الحد، سواء
ادعاه القاذف أم لا، لأنه شبهة يدرء بها الحد.
(ولا يثبت الزنا في حقه (2) إلا بالاقرار أربع مرات) كما سبق (3).
ويحتمل كونه (4) قذفا، لدلالة الظاهر عليه (5)، ولأن (6) الزنا
فعل واحد يقع بين اثنين، ونسبة أحدهما إليه بالفاعلية، والآخر بالمفعولية.
169

وفيه (1) أن اختلاف النسبة (2) يوجب التغاير والمتحقق منه (3)
كونه هو الزاني.
والأقوى أنه (4) قذف لها، لما ذكر (5)، ولرواية (6) محمد بن
مسلم عن الباقر عليه السلام (والديوث والكشخان (7) والقرنان قد تفيد
170

القذف في عرف القائل (1) فيجب الحد للمنسوب إليه) (2) مدلول هذه
الألفاظ (3) من الأفعال، وهو أنه قواد على زوجته (4) أو غيرها
من أرحامه (5) (وإن لم تفد) (6) ذلك (في عرفه) نظرا إلى أنها (7)
لغة غير موضوعة لذلك (8)، ولم يستعملها أهل العرف فيه (9) (وأفادت
شتما) لا يبلغ حد النسبة إلى ما يوجب الحد (عزر) القائل كما في كل
171

شاتم بمحرم (1). والديوث الذي لا غيرة له قاله الجوهري.
وقيل: الذي يدخل الرجال على امرأته. قال تغلب: والقرنان
والكشخان لم أرهما في كلام العرب. ومعناه عند العامة مثل معنى الديوث
أو قريب منه.
وقيل: القرنان من يدخل على بناته، والكشخان من يدخل
على أخواته.
(ولو لم يعلم) القائل (فائدتها (2) أصلا) بأن لم يكن من أهل
العرف بوضعها لشئ من ذلك، ولا اطلع على معناها لغة (فلا شيء
عليه وكذا) القول (في كل قذف جرى على لسان من لا يعلم معناه) (3)
لعدم قصد شئ من القذف ولا الأذى وإن أفاد في عرف المقول له (4)
(والتأذي) (5) أي قول ما يوجب أذى المقول له من الألفاظ الموجبة
172

له (1) مع العلم بكونها (2) مؤذية وليست موضوعة للقذف عرفا ولا وضعا
(والتعريض) بالقذف دون التصريح به (يوجب التعزير)، لأنه محرم
(لا الحد) لعدم القذف الصريح (مثل قوله: هو ولد حرام) هذا
يصلح مثالا للأمرين (3)، لأنه يوجب الأذى وفيه تعريض بكونه ولد
زنا، لكنه (4) محتمل لغيره بأن يكون ولد بفعل محرم وإن كان من أبويه
بأن استولده حالة الحيض أو الاحرام عالما (5). ومثله (6) لست بولد
حلال، وقد يراد به (7) عرفا أنه ليس بطاهر الأخلاق، ولا وفي
بالأمانات والوعود، ونحو ذلك (8) فهو أذى على كل حال. وقد يكون (9)
تعريضا بالقذف.
(أو أنا لست بزان) هذا مثال للتعريض بكون المقول له أو المنبه
عليه زانيا، (ولا أمي زانية) تعريض بكون أم المعرض به زانية.
173

(أو يقول لزوجته: لم أجدك عذراء) أي بكرا فإنه تعريض
بكونها زنت قبل تزويجه وذهبت بكارتها (1) مع احتماله (2) غيره بأن
يكون ذهابها بالنزوة (3) أو الحرقوص (4) فلا يكون حراما. فمن ثم
كان (5) تعريضا، بل يمكن دخوله فيما يوجب التأذي مطلقا (6) وروي
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل قال لامرأته: لم أجدك عذراء
قال: (ليس عليه شئ، لأن العذرة تذهب بغير جماع) (7) وتحمل (8)
على أن المنفي الحد، لرواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال:
يضرب (9).
(وكذا يعزر بكل ما) أي قول (يكرهه المواجه)، بل المنسوب
إليه وإن لم يكن حاضرا، لأن ضابط التعزير فعل المحرم وهو غير مشروط
174

بحضور المشتوم (مثل الفاسق، وشارب الخمر وهو مستتر) بفسقه وشربه
فلو كان متظاهرا بالفسق لم يكن له حرمة (1).
(وكذا الخنزير والكلب والحقير والوضيع) والكفار والمرتد، وكل
كلمة تفيد الأذى عرفا، أو وضعا مع علمه بها فإنها توجب التعزير
(إلا مع كون المخاطب مستحقا للاستخفاف) به، لتظاهره بالفسق فيصح
مواجهته بما تكون نسبته إليه حقا، لا بالكذب (2).
وهل يشترط مع ذلك (3) جعله على طريق النهي (4) فيشترط
شروطه (5) أم يجوز الاستخفاف به مطلقا (6) ظاهر النص والفتاوى الثاني (7)
والأول (8) أحوط.
(ويعتبر في القاذف) الذي يحد (الكمال) بالبلوغ والعقل (فيعزر
الصبي) خاصة (ويؤدب المجنون) بما يراه الحاكم فيهما. والأدب في معنى
175

التعزير كما سلف (وفي اشتراط الحرية في كمال الحد) فيحد العبد والأمة
أربعين، أو عدم الاشتراط فيساويان (2) الحر (قولان) أقواهما وأشهرهما
الثاني (3)، لعموم (والذين يرمون المحصنات) (4) ولقول الصادق
عليه السلام في حسنة الحلبي: إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين جلدة) (5)
وغيرها من الأخبار (6). والقول بالتنصيف (7) على المملوك للشيخ
في المبسوط، لأصالة البراءة من الزائد، وقوله (8) تعالى (فإن أتين
بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) (9)
ولرواية القسم بن سليمان عنه (10).
ويضعف (11) بأن الأصل قد عدل عنه للدليل (12)،
176

والمراد بالفاحشة (1): الزنا، كما نقله المفسرون، ويظهر (2) من اقترانهن
بالمحصنات. والرواية (3) مع ضعف سندها وشذوذها لا تعارض الأخبار (4)
الكثيرة، بل الاجماع (5) على ما ذكره المصنف وغيره، والعجب أن المصنف
في الشرح (6) تعجب من المحقق والعلامة حيث نقلا فيها (7) قولين (8)
ولم يرجحا أحدهما (9) مع ظهور الترجيح (10). فإن القول بالأربعين (11)
177

نادر جدا ثم تبعهم (1) على ما تعجب منه هنا (2).
(ويشترط في المقذوف الاحصان) وهو يطلق على التزويج (3)
كما في قوله تعالى: (والمحصنات من النساء) (4). و (محصنات (5)
غير مسافحات) وعلى الاسلام (6). ومنه (7) قوله تعالى، (فإذا
أحصن) (8)، قال ابن مسعود: إحصانها إسلامها. وعلى الحرية (9)
ومنه قوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح
المحصنات) (10) وقوله تعالى: والمحصنات من المؤمنات و المحصنات
178

من الذين أوتوا الكتاب) (1)، وعلى اجتماع الأمور الخمسة (2)
التي نبه عليها هنا بقوله: (وأعني) بالاحصان هنا (البلوغ
والعقل. والحرية. والإسلام. والعفة فمن اجتمعت فيه) هذه الأوصاف
الخمسة (وجب الحد بقذفه (3)، وإلا) تجتمع (4) بأن فقدت جمع (5)
179

أو أحدها (1) بأن قذف صبيا (2)، أو مجنونا (3)، أو مملوكا (4)،
أو كافرا (5) أو متظاهرا بالزنا (6) (فالواجب التعزير) (7) كذا أطلقه (8)
المصنف والجماعة غير فارقين بين المتظاهر بالزنا وغيره (9). ووجهه (10)
180

عموم الأدلة. وقبح (1) القذف مطلقا، بخلاف (2) مواجهة المتظاهر به
بغيره من أنواع الأذى كما مر (3). وتردد المصنف في بعض تحقيقاته
في التعزير بقذف المتظاهر به (4). ويظهر منه الميل إلى عدمه (5) محتجا بإباحته (6)
استنادا إلى رواية البرقي عن أبي عبد الله عليه السلام: (إذا جاهر الفاسق
بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة) (7). وفي مرفوع محمد بن بزيع (من تمام
العبادة الوقيعة (8) في أهل الريب). ولو قيل بهذا (9) لكان حسنا.
(ولو قال لكافر أمه مسلمة: يا ابن الزانية فالحد لها) (10)،
181

لاستجماعها لشرائط وجوبه، دون المواجه (فلو) ماتت (1) أو كانت
ميتة (2) و (ورثها الكافر فلا حد)، لأن المسلم لا يحد للكافر
بالأصالة (3) فكذا بالإرث (4). ويتصور إرث الكافر للمسلم على تقدير
موت المسلم مرتدا عند الصدوق وبعض الأصحاب (5)، أما عند المصنف فغير
واضح وقد فرض (6) المسألة كذلك في القواعد، لكن بعبارة أقبل
من هذه للتأويل.
182

(ولو تقاذف المحصنان) بما يوجب الحد (عزرا) ولا حد
عن أحدهما، لصحيحة أبي ولاد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتي
أمير المؤمنين عليه السلام برجلين قذف كل واحد منهما صاحبه بالزنا
في بدنه فقال: يدرء عنهما الحد وعزرهما (1).
(ولو تعدد المقذوف (2) تعدد الحد، سواء اتحد القاذف، أو تعدد)،
لأن كل واحد (3) سبب تام في وجوب الحد فيتعدد المسبب (4).
(نعم لو قذف) الواحد (جماعة بلفظ واحد) بأن قال: أنتم
183

زناة ونحوه (واجتمعوا في المطالبة) له بالحد (فحد واحد، وإن افترقوا)
في المطالبة (فلكل واحد حد)، لصحيحة جميل عن أبي عبد الله عليه السلام
في رجل افترى على قوم جماعة قال: (إن أتوا به مجتمعين ضرب حدا
واحدا، وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا) (1).
وإنما حملناه (2) على ما لو كان القذف بلفظ واحد من أنه (3) أعم
جمعا بينه (4)، وبين صحيحة الحسن العطار عنه عليه السلام في رجل قذف
قوما جميعا قال عليه السلام: بكلمة واحدة؟ قلت: نعم قال: يضرب حدا
واحدا فإن فرق بينهم في القذف ضرب لكل واحد منهم حدا (5) بحمل
الأولى (6) على ما لو كان القذف بلفظ واحد، والثانية (7) على ما لو جاؤوا
به مجتمعين.
184

وابن الجنيد رحمه الله عكس فجعل القذف بلفظ واحد موجبا لاتحاد الحد
مطلقا (1)، وبلفظ متعدد (2) موجبا للاتحاد (3) إن جاؤوا مجتمعين،
وللتعدد (4) إن جاؤوا متفرقين، ونفى عنه (5) في المختلف البأس محتجا
بدلالة الخبر الأول (6) عليه. وهو (7) أوضح طريقا.
وفيه (8) نظر، لأن تفصيل الأول (9) شامل للقذف المتحد والمتعدد
185

فالعمل به (1) يوجب التفصيل فيهما.
والظاهر أن قوله (2) فيه: (جماعة) صفة (3) للقوم، لأنه (4) أقرب
وأنسب بالجماعة، لا للقذف، وإنما يتجه قوله (5) لو جعل (6) صفة
للقذف المدلول عليه (7) بالفعل، وأريد بالجماعة القذف المتعدد. وهو
بعيد جدا.
(وكذا الكلام في التعزير) فيعزر قاذف الجماعة بما يوجبه (8) بلفظ متعدد
186

متعددا (1) مطلقا (2)، وبمتحد (3) إن جاؤوا به متفرقين، ومتحدا (4)
إن جاؤوا به مجتمعين، ولا نص فيه (5) على الخصوص، ومن ثم أنكره
ابن إدريس وأوجب التعزير لكل واحد مطلقا (6) محتجا بأنه (7) قياس
ونحن نقول بموجبه، لأنه (8) قياس مقبول، لأن تداخل الأقوى (9)
187

يوجب تداخل الأضعف (1) بطريق أولى، ومع ذلك (2) فقول ابن إدريس
لا بأس به.
وبقي في هذا الفصل (" مسائل " حد القذف ثمانون جلدة) إجماعا،
ولقوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات إلى قوله: فاجلدوهم
ثمانين جلدة) (3)، ولا فرق في القاذف بين الحر والعبد على أصح
القولين، ومن ثم أطلق (4) (ويجلد) القاذف (بثيابه) المعتادة،
ولا يجرد كما يجرد الزاني، ولا يضرب ضربا شديدا، بل (حدا متوسطا،
دون ضرب الزنا، ويشهر) (5) القاذف (ليجتنب شهادته).
(ويثبت) القذف (بشهادة عدلين) ذكرين، لا بشهادة النساء
منفردات، ولا منضمات وإن كثرن (والاقرار مرتين من مكلف حر
مختار). فلا عبرة بإقرار الصبي، والمجنون، والمملوك مطلقا (6)، والمكره
عليه. ولو انتفت البينة والاقرار فلا حد ولا يمين على المنكر (7).
(وكذا ما يوجب التعزير) لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين عدلين،
أو الاقرار من المكلف الحر المختار (8).
188

ومقتضى العبارة (1) اعتباره (2) مرتين مطلقا. وكذا أطلق غيره (3)
مع أنه تقدم حكمه (4) بتعزير المقر باللواط دون الأربع الشامل للمرة،
إلا أن يحمل ذلك (5) على المرتين فصاعدا.
وفي (الشرائع) نسب اعتبار الاقرار به (6) مرتين إلى قول مشعرا
بتمريضه ولم نقف على مستند هذا القول (7).
(وهو) أي حد القذف (موروث) لكل من يرث المال:
من ذكر وأنثى لو مات المقذوف قبل استيفائه والعفو (8) عنه (إلا
للزوج والزوجة (9)، وإذا كان الوارث جماعة) فلكل واحد منهم المطالبة
189

به (1). فإن اتفقوا على استيفائه فلهم حد واحد، وإن تفرقوا في المطالبة
ولو عفى بعضهم (لم يسقط) عنه شئ (بعفو البعض)، بل للباقين
استيفائه كاملا (2) على المشهور.
(ويجوز العفو) من المستحق الواحد والمتعدد (بعد الثبوت كما يجوز
قبله) (3) ولا اعتراض للحاكم، لأنه حق آدمي تتوقف إقامته على مطالبته
ويسقط بعفوه، ولا فرق في ذلك (4) بين قذف الزوج لزوجته، وغيره،
خلافا للصدوق حيث حتم عليها استيفائه (5). وهو شاذ.
(ويقتل) القاذف (في الرابعة لو تكرر الحد ثلاثا) على المشهور،
خلافا لابن إدريس حيث حكم بقتله في الثالثة كغيره من أصحاب الكبائر،
وقد تقدم الكلام فيه (6)، ولا فرق بين اتحاد المقذوف، وتعدده هنا
(ولو تكرر القذف) لواحد (قبل الحد فواحد) ولو تعدد المقذوف
190

تعدد الحد (1) مطلقا (2) إلا مع اتحاد الصيغة كما مر (3).
(ويسقط الحد بتصديق المقذوف) على ما نسبه إليه من الموجب
للحد (والبينة) (4) على وقوعه منه (والعفو) (5) أي عفو المقذوف
عنه، (وبلعان الزوجة) (6) لو كان القذف لها. وسقوط الحد في الأربعة (7)
لا كلام فيه، لكن هل يسقط مع ذلك (8) التعزير؟ يحتمله، خصوصا
في الأخيرين (9)، لأن الواجب هو الحد وقد سقط والأصل عدم وجوب
غيره (10)، ويحتمل ثبوت التعزير في الأولين (11) لأن قيام البينة والاقرار
191

بالموجب لا يجوز القذف، لما تقدم (1) من تحريمه مطلقا (2)، وثبوت
التعزير به (3) للمتظاهر بالزنا فإذا سقط الحد بقي التعزير على فعل المحرم (4)
وفي الجميع (5)، لأن العفو عن الحد لا يستلزم العفو عن التعزير (6)،
وكذا اللعان (7)، لأنه بمنزلة إقامة البينة على الزنا (ولو قذف المملوك
فالتعزير (8) له، لا للمولى) فإن عفى لم يكن لمولاه المطالبة كما أنه
لو طالب فليس لمولاه العفو (و) لكن (يرث المولى تعزير عبده)
وأمته (لو مات) المقذوف (بعد قذفه) (9)، لما تقدم (10) من أن الحد
يورث، والمولى وارث مملوكه.
(ولا يعزر الكفار لو تنابزوا بالألقاب) أي تداعوا بألقاب الذم
(أو عير بعضهم بعضا بالأمراض) من العور والسرج وغيرهما،
192

وإن كان المسلم يستحق بها التعزير (1) (إلا مع خوف) وقوع (الفتنة)
بترك تعزيرهم على ذلك (2) فيعزرون حسما لها (3) بما يراه الحاكم.
(ولا يزاد في تأديب الصبي على عشرة أسواط، وكذا المملوك)، سواء
كان التأديب لقذف أم غيره.
وهل النهي عن الزائد على وجه التحريم أم الكراهة؟ ظاهره الأول
والأقوى الثاني، للأصل، ولأن تقدير التعزير إلى ما يراه الحاكم.
(ويعزر كل من ترك واجبا، أو فعل محرما) قبل أن يتوب
(بما يراه الحاكم، ففي الحر لا يبلغ (4) حده) أي مطلق حده.
فلا يبلغ (5) أقله وهو خمسة وسبعون. نعم لو كان المحرم من جنس ما يوجب
حدا مخصوصا كمقدمات الزنا (6) فالمعتبر فيه (7) حد الزنا. وكالقذف
بما لا يوجب الحد فالمعتبر فيه حد - القذف (8) (وفي) تعزير (العبد لا يبلغ
193

حده (1) كما ذكرناه.
(وساب النبي صلى الله عليه وآله، أو أحد الأئمة عليهم السلام
يقتل) ويجوز قتله لكل من اطلع عليه (ولو من غير إذن الإمام)
أو الحاكم (ما لم يخف) القاتل (على نفسه، أو ماله، أو على مؤمن)
نفسا أو مالا فينتفي الجواز، للضرر (2)، قال الصادق عليه السلام أخبرني
أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الناس في أسوة سواء من سمع
أحدا يذكرني بسوء فالواجب عليه أن يقتل من شتمني ولا يرفع إلى السلطان،
والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني (3).
وسئل عليه السلام عن من سمع يشتم عليا عليه السلام وبرء منه قال:
فقال لي: هو والله حلال الدم. وما ألف رجل منهم برجل منكم دعه (4).
وهو (5) إشارة إلى خوف الضرر على بعض المؤمنين.
وفي إلحاق الأنبياء عليهم السلام بذلك وجه قوي، لأن تعظيمهم
وكمالهم قد علم من دين الاسلام ضرورة. فسبهم ارتداد.
والحق في التحرير بالنبي صلى الله عليه وآله أمه وبنته من غير
تخصيص بفاطمة صلوات الله عليها.
ويمكن اختصاص الحكم بها عليها السلام، للإجماع على طهارتها
194

بآية التطهير. وينبغي تقييد الخوف على المال بالكثير المضر فواته. فلا يمنع
القليل الجواز وإن أمكن منعه الوجوب. وينبغي إلحاق الخوف على العرض
بالشتم ونحوه على وجه لا يتحمل عادة بالمال (1) بل هو أولى (2) بالحفظ.
(ويقتل مدعي النبوة) بعد نبينا صلى الله عليه وآله، لثبوت
ختمه للأنبياء من الدين ضرورة فيكون دعواهما كفرا.
(وكذا) يقتل (الشاك في نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله) أو
في صدقه (إذا كان على ظاهر الاسلام) احترز به (3) عن إنكار الكفار
لها (4) كاليهود والنصارى فإنهم لا يقتلون بذلك، وكذا غيرهم من فرق
الكفار (5) وإن جاز قتلهم بأمر آخر (6).
(ويقتل الساحر) وهو من يعمل بالسحر وإن لم يكن مستحلا
(إن كان مسلما ويعزر) الساحر (الكافر) قال النبي صلى الله عليه وآله:
(ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل) قيل: يا رسول الله
ولم لا يقتل ساحر الكفار. فقال: لأن الكفر أعظم من السحر، ولأن
195

السحر والشرك مقرونان (1). ولو تاب الساحر قبل أن يقام عليه الحد
سقط عنه القتل، لرواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام (أن
عليا عليه السلام كان يقول: من تعلم شيئا من السحر كان آخر عهده
بربه (2). وحده القتل إلا أن يتوب) وقد تقدم في كتاب البيع تحقيق معنى
السحر وما يحرم منه (3).
(وقاذف أم النبي صلى الله عليه وآله مرتد يقتل) إن لم يتب
(ولو تاب لم تقبل) توبته (إذا كان) ارتداده (عن فطرة) كما لا تقبل
توبته في غيره (4) على المشهور. والأقوى قبولها (5) وإن لم يسقط عنه
القتل. ولو كان ارتداده عن ملة قبل إجماعا. وهذا بخلاف ساب النبي
صلى الله عليه وآله فإن ظاهر النص (6) والفتوى وجوب قتله وإن تاب.
ومن ثم قيده (7) هنا خاصة، وظاهرهم أن ساب الإمام كذلك (8).
196

(الفصل الرابع)
(في الشرب) أي شرب المسكر، ولا يختص عندنا بالخمر،
بل يحرم جنس كل مسكر ولا يختص التحريم بالقدر المسكر منه (فما أسكر
جنسه) أي كان الغالب فيه الاسكار وإن لم يسكر بعض الناس لإدمانه
أو قلة ما تناول منه، أو خروج مزاجه عن حد الاعتدال (يحرم) تناول
(القطرة منه) فما فوقها.
(وكذا) يحرم (الفقاع) (1) وإن لم يسكر، لأنه عندنا بمنزلة
الخمر، وفي بعض الأخبار هو خمر مجهول (2). وفي آخر هو خمر استصغره
الناس (3) ولا يختص التحريم بتناولهما صرفا، بل يحرمان (ولو مزجا
بغيرهما) وإن استهلكا بالمزج.
(وكذا) يحرم عندنا (العصير) العنبي (إذا غلا) بأن صار)
أسفله أعلاه (واشتد) بأن أخذ في القوام وإن قل، ويتحقق ذلك بمسمى
الغليان إذا كان بالنار.
واعلم أن النصوص (4) وفتوى الأصحاب ومنهم
مصنف في غير هذه
197

العبارة مصرحة بأن تحريم العصير معلق على غليانه من غير اشتراط اشتداده.
نعم من حكم بنجاسته جعل النجاسة مشروطة بالأمرين (1).
والمصنف هنا جعل التحريم مشروطا بهما (2)، ولعله بناء على ما ادعاه
في الذكرى من تلازم الوصفين (3)، وأن الاشتداد مسبب عن مسمى
الغليان: فيكون قيد الاشتداد هنا مؤكدا.
وفيه نظر (4). والحق أن تلازمهما مشروط بكون الغليان بالنار
كما ذكرناه (5)، أما لو غلا وانقلب بنفسه فاشتداده بذلك غير واضح.
198

وكيف كان فلا وجه لاشتراط الاشتداد في التحريم (1)، لما ذكرناه
من إطلاق النصوص بتعليقه على الغليان (2)، والاشتداد وإن سلم
ملازمته (3) لا دخل له في سببية التحريم.
ويمكن أن تكون النكتة في ذكر المصنف له (4) اتفاق القائل
بنجاسته (5) على اشتراطه فيها، مع أنه لا دليل ظاهرا على ذلك (6)
مطلقا كما اعترف به المصنف في غير هذا الكتاب، إلا أن يجعلوا الحكم
بتحريمه (7) دليلا على نجاسته. كما ينجس العصير لما صار خمرا وحرم.
وحينئذ (8) فتكون نجاسته مع مع الاشتداد مقتضى (9)
199

الحكم بتحريمه معه (1)، لأنها مرتبة عليه. وحيث صرحوا باعتبار الاشتداد
في النجاسة وأطلقوا القول بالتحريم بمجرد الغليان لزم أحد الأمرين:
إما القول بعدم ترتب النجاسة على التحريم (2)، أو القول بتلازم
الاشتداد والغليان (3)، لكن لما لم يظهر للنجاسة دليل سوى التحريم
الموجب لظن كونه (4) كالخمر وغيره من الربوبات (5) المسكرات لزم
اشتراك التحريم والنجاسة في معنى واحد وهو الغليان مع الاشتداد، ولما
كانا (6) متلازمين كما ادعاه (7) لم يناف تعليق (8) التحريم على الغليان
200

تعليقه (1) على الاشتداد، للتلازم، لكن في التصريح بتعليقه (2) عليهما
تنبيه على مأخذ الحكم (3)، وجمع بين ما أطلقوه (4) في التحريم، وقيدوه (5)
201

في النجاسة.
وهذا (1) حسن لو كان صالحا لدليل النجاسة، إلا أن عدم دلالته (2)
أظهر. ولكن المصنف في البيان اعترف بأنه لا دليل على نجاسته (3) إلا
ما دل على نجاسة المسكر وإن لم يكن (4) مسكرا فرتب بحثه عليه (5).
(و) إنما يحرم العصير بالغليان إذا (لم يذهب ثلثاه به، ولا انقلب
خلا) فمتى تحقق أحدهما حل وتبعته الطهارة أيضا.
أما الأول (6) فهو منطوق النصوص.
وأما الثاني (7) فللانقلاب إلى حقيقة أخرى وهي مطهرة.
202

كما لو انقلب الخمر خلا مع قوة نجاسته (1) بالإضافة إلى العصير، ولو صار
دبسا قبل ذهاب الثلثين ففي طهره وجهان. أجودهما العدم، مع أنه (2)
فرض نادر. عملا بالاستصحاب (3) مع الشك في كون مثل ذلك مطهرا.
ويجب الحد ثمانون جلدة بتناوله) أي تناول شئ مما ذكر
من المسكر والفقاع والعصير. وفي إلحاق الحشيشة بها (4) قول حسن،
مع بلوغ المتناول، وعقله، واختياره، وعلمه (5) (وإن كان (6) كافرا
إذا تظاهر به) أما لو استتر، أو كان صبيا، أو مجنونا، أو مكرها،
أو مضطرا لحفظ الرمق، أو جاهلا بجنسه (7)، أو تحريمه (8) فلا حد
203

وسيأتي التنبيه على بعض القيود. ولا فرق في وجوب الثمانين بين الحر
والعبد على الأشهر، لرواية أبي بصير، وبريد بن معاوية، وزرارة
عن الصادق عليه السلام (1).
(وفي العبد قول) للصدوق (بأربعين) جلدة نصف الحر، ونفى
عنه في المختلف البأس. وقواه المصنف في بعض تحقيقاته، لرواية أبي بكر
الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام في مملوك قذف حرا.
قال: يحد ثمانين. هذا من حقوق المسلمين، فأما ما كان من حقوق
الله عز وجل فإنه يضرب نصف الحد.
قلت: الذي من حقوق الله ما هو.
قال: إذا زنى، أو شرب الخمر فهذا من الحقوق التي يضرب فيها
نصف الحد (2)، وحمله الشيخ على التقية، وروي يحيى بن أبي العلا
عنه عليه السلام: حد المملوك نصف حد الحر (3) من غير تفصيل (4).
وخصه (5) بحد الزنا.
والتحقيق أن الأحاديث من الطرفين غير نقية الاسناد وأن خبر التنصيف (6)
204

أوضح، وأخبار المساواة (1) أشهر.
(ويضرب الشارب) ومن في معناه (2) (عاريا) مستور العورة
(على ظهره (3) وكتفيه) وسائر جسده (ويتقى وجهه، وفرجه،
ومقاتله (4). ويفرق الضرب على جسده) غير ما ذكر (5) (ولو
تكرر الحد قتل في الرابعة)، لما رواه (6) الصدوق في الفقيه مرسلا أنه
يقتل في الرابعة، ولأن الزنا أعظم منه ذنبا، وفاعله يقتل في الرابعة كما مضى.
فهنا (7) أولى. وذهب الأكثر إلى قتله في الثالثة، للأخبار الكثيرة
الصحيحة (8) الصريحة في ذلك بخصوصه، وصحيحة يونس عن الكاظم
عليه السلام (9) يقتل (أصحاب الكبائر كلهم في الثالثة إذا أقيم عليهم الحد
205

مرتين). وهذا أقوى. والمرسل (1) غير مقبول مطلقا (2) خصوصا
مع معارضة الصحيح (3) ويمنع قتل الزاني في الرابعة وقد تقدم (4) (ولو
شرب مرارا) ولم يحد (فواحد) (5) كغيره مما يوجب الحد (ويقتل
مستحل الخمر إذا كان عن فطرة) ولا يستتاب، لأنه (6) مرتد من حيث
إنكاره ما علم من دين الاسلام ضرورة.
(وقيل): والقائل الشيخان: (يستتاب) شاربها عن فطرة. فإن
تاب، وإلا قتل. والأقوى الأول.
نعم لو كان عن ملة استتيب قطعا كالارتداد بغيره (7) فإن تاب،
وإلا قتل، وتستتاب المرأة مطلقا (8).
206

(وكذا يستتاب) الرجل (لو استحل بيعها فإن امتنع) من التوبة
(قتل) كذا أطلقه المصنف من غير فرق بين الفطري والملي، ولو باعها
غير مستحل عزر.
(ولا يقتل مستحل) شرب (غيرها) أي غير الخمر من المسكرات.
للخلاف فيه بين المسلمين. وهو (1) كاف في عدم كفر مستحله
وإن أجمعنا (2) على تحريمه.
وربما قيل بإلحاقه (3) بالخمر وهو نادر، وأولى بالعدم (4) مستحل
بيعه.
(ولو تاب الشارب) للمسكر (قبل قيام البينة) عليه (سقط الحد)
عنه (ولا يسقط) الحد لو كانت توبته (بعدها) أي بعد قيام البينة،
لأصالة البقاء (5). وقد تقدم مثله (6).
(و) لو تاب (بعد إقراره) بالشرب (يتخير الإمام)
بين إقامته (7) عليه، والعفو،
207

لأن التوبة إذا أسقطت تحتم (1) أقوى العقوبتين وهو القتل فإسقاطها (2)
لأدناهما أولى.
وقيل: يختص الحكم (3) بما يوجب القتل، ويتحتم هنا (4)
استيفاؤه (5) عملا بالأصل (6). والأول (7) أشهر.
(ويثبت) هذا الفعل (8) (بشهادة عدلين، أو الاقرار مرتين)
مع بلوغ المقر، وعقله، واختياره، وحريته (ولو شهد أحدهما بالشرب،
والآخر بالقئ قيل: يحد لما روي عن علي عليه السلام) في حق الوليد
لما شهد عليه واحد بشربها، وآخر بقيئها فقال علي عليه السلام: (ما قاءها
إلا وقد شربها) (9).
208

قال المصنف في الشرح (1): عليها فتوى الأصحاب ولم أقف فيه (2)
على مخالف، لكن العلامة جمال الدين بن طاوس قال في الملاذ: لا أضمن
درك طريقه (3). وهو مشعر بالتوقف (4)، وكذلك العلامة استشكل
الحكم في القواعد من حيث إن القئ وإن لم يحتمل إلا الشرب، إلا أن
مطلق الشرب لا يوجب الحد، لجواز الاكراه. ويندفع (5) بأن الاكراه
خلاف الأصل، ولأنه لو كان كذلك (6) لادعاه، ويلزم من قبول الشهادة
209

كذلك (1) قبولها لو شهدا معا بالقئ. نظرا إلى التعليل المذكور (2).
وقد يشكل ذلك (3) بأن العمدة في الأول (4) الاجماع كما ادعاه
ابن إدريس. وهو منفي في الثاني (5) واحتمال الاكراه يوجب الشبهة
وهي تدرء الحد وقد علم ما فيه (6). نعم (7) يعتبر إمكان مجامعة القئ
للشرب المشهود به، فلو شهد أحدهما أنه شربها يوم الجمعة، وآخر أنه
قاءها قبل ذلك، أو بعده بأيام لم يحد، لاختلاف الفعل (8) ولم يقم
على كل فعل شاهدان (9) (ولو ادعى الاكراه قبل)، لاحتماله فيدرأ
210

عنه الحد، لقيام الشبهة (إذا لم يكذبه الشاهد) بأن شهد ابتداء بكونه
مختارا، أو أطلق الشهادة بالشرب، أو القئ ثم أكذبه في الاكراه
لما ادعاه.
(ويحد معتقد حل النبيذ) المتخذ من التمر (إذا شربه) ولا يعذر
في الشبهة بالنسبة إلى الحد وإن أفادته درء القتل، لإطلاق النصوص
الكثيرة (1)، بحد شاربه كالخمر، وأولى بالحد لو شربه محرما له (2)
ولا يقتل أيضا كالمستحل (3) (ولا يحد الجاهل بجنس المشروب) فاتفق
مسكرا (أو بتحريمه (4)، لقرب إسلامه) أو نشوئه في بلاد بعيدة عن المسلمين
يستحل أهلها الخمر فلم يعلم تحريمه، والضابط إمكانه (5) في حقه.
(ولا من اضطره العطش (6) أو) اضطر إلى (إساغة اللقمة
211

بالخمر) بحيث خاف التلف بدونه (1).
(ومن استحل شيئا من المحرمات المجمع عليها) من المسلمين بحيث
علم تحريمها من الدين ضرورة (كالميتة، والدم، والربا، ولحم الخنزير)
ونكاح المحارم، وإباحة الخامسة (2) والمعتدة (3)، والمطلقة ثلاثا (4)
(قتل إن ولد على الفطرة) لأنه مرتد. وإن كان مليا استتيب. فإن تاب،
وإلا قتل، كل ذلك إذا لم يدع شبهة ممكنة في حقه، وإلا (5) قبل منه.
ويفهم من المصنف وغيره أن الاجماع (6) كاف في ارتداد معتقد
خلافه (7) وإن لم يكن معلوما ضرورة. وهو (8) يشكل في كثير من أفراده
على كثير من الناس.
212

(ومن ارتكبها (1) غير مستحل لها (عزر) إن لم يجب (2)
الحد كالزنا والخمر (3)، وإلا (4) دخل التعزير فيه. وأمثلة المصنف
مستغنية عن القيد (5) وإن كان العموم (6) مفتقرا إليه (ولو أنفذ الحاكم
213

إلى حامل لإقامة حد فأجهضت) (1) أي أسقطت حملها خوفا فديته)
أي دية الجنين (في بيت المال)، لأنه من خطأ الحكام في الأحكام وهو (2)
محله (وقضى علي عليه السلام في مجهضة خوفها عمر) حيث أرسل إليها
ليقيم عليها الحد: أن دية جنينها (على عاقلته) (3) أي عاقلة عمر،
214

لا في بيت المال (ولا تنافي بين الفتوى) بكون صدوره (1) عن إنفاذ
الحاكم في بيت المال، (والرواية) (2)، لأن عمر لم يكن حاكما شرعيا
وقد تسبب بالقتل خطأ فتكون الدية على عاقلته، أو (3) لأن عمر لم يرسل
إليها بعد ثبوت ما ذكر عنها. ولعل هذا (4) أولى بفعل علي عليه السلام
215

لأنه (1) ما كان في وقته يتجاهر بمعنى الأول (2)، ولا كان يقبل ذلك (3)
منه. خصوصا بعد فتوى جماعة من الصحابة بخلاف قوله عليه السلام (4): ونسبته (5)
216

إياهم إلى الجهل، أو الغش، وتعليله (1) بكونه قد قتله خطأ.
(ومن قتله الحد، أو التعزير فهدر) بالسكون أي لا عوض لنفسه،
سواء كان لله أم لآدمي، لأنه (2) فعل سائغ فلا يتعقبه الضمان، ولحسنة
الحلبي عن الصادق عليه السلام أيما رجل قتله الحد، أو القصاص فلا دية
له (3)، و (أي) (4) من صيغ العموم، وكذا (الحد) (5) عند بعض الأصوليين،
217

(وقيل): يضمن (في بيت المال). وهذا القول (1) مجمل
قائلا، ومحلا، ومضمونا فيه. فإن المفيد قال: يضمن الإمام دية المحدود
للناس، لما روي أن عليا عليه السلام كان يقول: من ضربناه حدا
من حدود الله فمات فلا دية له علينا، ومن ضربناه حدا في شئ
من حقوق الناس فمات فإن ديته علينا (2). وهذا القول (3) يدل على أن
الخلاف في حد الناس، وأن الضمان في بيت مال الإمام، لا بيت مال المسلمين
وفي الإستبصار: الدية في بيت المال (4)
218

جمعا (1) بين الأحاديث،
219

ويظهر من المبسوط: أن الخلاف (1) في التعزير، وصرح به غيره. بناء
على أن الحد مقدر، والتعزير اجتهادي.
وفيه (2) نظر، لأن التعزير ربما كان من إمام معصوم لا يفعل
بالاجتهاد الذي يجوز فيه الخطأ. والحق أن الخلاف فيهما (3) معا، وأن
عدم الضمان مطلقا (4) أوجه، لضعف مستمسك الضمان (5).
(ولو بان فسوق الشهود) بفعل يوجب القتل (بعد القتل ففي بيت
المال): مال المسلمين، دية المقتول (لأنه (6) من خطأ الحاكم) ولا ضمان
على الحاكم، ولا على عاقلته.
220

(الفصل الخامس في السرقة)
(ويتعلق الحكم) وهو هنا القطع (بسرقة البالغ العاقل) المختار
(من الحرز (1) بعد هتكه) وإزالته (2) (بلا شبهة) موهمة للملك
عارضه للسارق (3)، أو للحاكم (4)، كما ادعى السارق ملكه مع علمه (5)
باطنا بأنه ليس ملكه (ربع دينار) ذهب خالص مضروب بسكة المعاملة
(أو) مقدار (قيمته) (6) كذلك (7) (سرا) من غير شعور المالك
به (8) مع كون المال المسروق (من غير مال ولده) أي ولد السارق (9)
221

(ولا) مال (سيده) (1)، وكونه (غير مأكول في عام سنت) (2)
بالتاء الممدودة وهو الجدب والمجاعة، يقال: أسنت القوم إذا أجدبوا (3)
فهذه عشرة قيود. قد أشار إلى تفصيلها بقوله: (فلا قطع على الصبي
والمجنون) (4) إذا سرقا كذلك (5) (بل التأديب) خاصة وإن تكررت
منهما السرقة، لاشتراط الحد بالتكليف (6).
وقيل: يعفى عن الصبي أول مرة، فإن سرق ثانيا أدب، فإن عاد
ثالثا حكت أنامله حتى تدمي، فإن سرق رابعا قطعت أنامله،
فإن سرق خامسا قطع (7) كما يقطع البالغ.
ومستند هذا القول (8) أخبار كثيرة صحيحة (9) وعليه الأكثر،
222

ولا بعد في تعيين الشارع نوعا خاصا من التأديب، لكونه (1) لطفا
وإن شارك خطاب التكليف في بعض أفراده (2).
ولو سرق المجنون حال فاقته لم يسقط عنه الحد بعروض الجنون.
واحترزنا بالاختيار (3) عما لو أكره على السرقة فإنه لا يقطع. وشمل
إطلاق الشرطين (4) الذكر والأنثى، الحر والعبد إلا على وجه يأتي (5)،
والبصير والأعمى، والمسلم والكافر، لمسلم وكافر (6) إذا كان ماله محترما
(ولا) قطع (على من سرق من غير حرز) كالصحراء، والطريق والرحا (7)
والحمام، والمساجد، ونحوها من المواضع المنتابة (8)
223

والمأذون في غشيانها (1) مع عدم مراعاة المالك لماله (2) (ولا من حرز)
في الأصل (بعد أن هتكه غيره) بأن فتح قفله، أو بابه، أو نقب
جداره فأخذ هو. فإنه لا قطع على أحدهما، لأن المهتك (3) لم يسرق
والسارق لم يأخذ من الحرز (ولو تشاركا في الهتك) بأن نقباه ولو
بالتناوب عليه (فأخرج أحدهما المال قطع المخرج خاصة)، لصدق هتكه
الحرز (4) وسرقته منه، دون من شاركه في الهتك (5). كما لو انفرد
به (6) (ولو أخرجاه معا قطعا) إذا بلغ نصيب كل واحد نصابا، وإلا فمن
بلغ نصيبه النصاب (7)
224

وإن بلغ المجموع نصابين فصاعدا (1) على الأقوى (2).
وقيل: يكفي بلوغ المجموع (3) نصابا في قطع الجميع، لتحقق
سرقة النصاب وقد صدر عن الجميع فيثبت عليهم القطع. وهو ضعيف.
ولو اشتركا في الهتك ثم أخرج أحدهما المال إلى قرب الباب فأدخل الآخر
يده وأخرجه قطع (4)، دون الأول (5)، وبالعكس (6) لو أخرجه
الأول إلى خارجه فأمره فحمله الآخر.
ولو وضعه في وسط النقب، أو الباب فأخذه الآخر. ففي قطعهما،
أو عدمه عنهما؟ وجهان. أجودهما الثاني (7)، لانتفاء الاخراج من الحرز فيهما.
ووجه الأول (8) تحققه (9)
225

منهما بالشركة كتحقق الهتك بها (1) (ولا مع توهم الملك) أو الحل
فظهر غير ملك وغير حلال كما لو توهمه ماله فظهر غيره، أو سرق
من مال المديون الباذل بقدر (2) ماله معتقدا إباحة الاستقلال بالمقاصة.
وكذا لو توهم ملكه للحرز (3)، أو كونهما (4) أو أحدهما (5) لابنه.
(ولو سرق من المال المشترك ما يظنه قدر نصيبه)، وجواز
مباشرته القسمة (6) بنفسه (فزاد (7) نصابا فلا قطع) للشبهة (8) كتوهم
الملك فظهر عدمه فيه (9)
226

أجمع، بل هنا (1) أولى. ولو علم عدم جواز تولي القسمة كذلك (2)
قطع إن بلغ نصيب الشريك (3) نصابا، ولا فرق بين قبوله (4) القسمة
وعدمه على الأقوى.
(وفي السرقة) أي سرقة بعض الغانمين (من مال الغنيمة) حيث
يكون له نصيب منها (5) (نظر) منشؤه اختلاف الروايات. فروى (6)
محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام عن علي عليه الصلاة والسلام في رجل
227

أخذ بيضة من المغنم فقال: إني لم أقطع أحدا له فيما أخذ شرك. وروى (1)
عبد الرحمن ابن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين
عليه الصلاة والسلام قطع في البيضة التي سرقها رجل من المغنم. وروي
عبد الله بن سنان عنه عليه السلام أنه قال: ينظر كم الذي نصيبه؟ فإذا كان الذي
أخذ أقل من نصيبه عزر ودفع إليه تماما ماله، وإن كان الذي أخذ
مثل الذي له فلا شئ عليه (2)، وإن كان أخذ فضلا بقدر ربع دينار
قطع (3)، وهذه الرواية (4) أوضح سندا من الأولين (5)، وأوفق
228

بالأصول (1). فإن الأقوى أن الغانم (2) يملك نصيبه بالحيازة (3) فيكون
شريكا ويلحقه ما تقدم من حكم الشريك في توهمه حل ذلك (4)، وعدمه
وتقييد القطع (5) بكون الزائد بقدر النصاب. فلو قلنا بأن القسمة كاشفة
عن ملكه بالحيازة فكذلك، ولو قلنا بأن الملك لا يحصل إلا بالقسمة
اتجه القطع مطلقا (7)
229

مع بلوغ المجموع نصابا والرواية الثانية (1) تصلح شاهدا له. وفي إلحاق (2)
ما للسارق فيه حق كبيت المال (3). ومال الزكاة. والخمس (4) نظر
، واستقرب العلامة عدم القطع (5) (ولا فيما نقص عن ربع دينار، ذهبا
خالصا مسكوكا) بسكة المعاملة عينا، أو قيمة على الأصح.
230

وفي المسألة (1) أقوال نادرة: اعتبار دينار (2). وخمسه (3).
ودرهمين (4). والأخبار الصحيحة دلت على الأول (5).
231

ولا فرق فيه (1) بين عين الذهب، وغيره (2). فلو بلغ العين ربع دينار
وزنا غير مضروب ولم تبلغ قيمته قيمة المضروب فلا قطع، ولو انعكس
بأن كان سدس دينار (3) مصوغ قيمته ربع دينار قطع على الأقوى.
وكذا لا فرق بين علمه (4) بقيمته، أو شخصه، وعدمه (5)، فلو ظن (6)
المسروق فلسا فظهر دينارا، أو سرق ثوبا (7) قيمته أقل من النصاب
فظهر مشتملا على ما يبلغه (8) ولو معه (9) قطع على الأقوى، لتحقق
الشرط (10)، ولا يقدح عدم القصد إليه (11)
232

لتحققه (1) في السرقة إجمالا. وهو (2) كاف، ولشهادة الحال بأنه لو
علمه (3) لقصده: وشمل إطلاق العبارة (4) إخراج النصاب دفعة (5):
ومتعددا (6). وهو كذلك إلا مع تراخي الدفعات. بحيث لا يعد سرقة
واحدة، أو اطلاع المالك بينهما (7) فينفصل ما بعده، وسيأتي حكايته لهذا
المفهوم (8) قولا مؤذنا بعدم اختياره (ويعتبر اتحاد الحرز) فلو أخرج
233

النصاب من حرزين لم يقطع (إلا أن يشملهما ثالث) (1) فيكونان
في حكم الواحد.
وقيل: لا عبرة بذلك (2)، للعموم (3) (ولا في الهاتك) للحرز
(قهرا) أي هتكا ظاهرا، لأنه لا يعد سارقا، بل غاصبا، أو مستلبا (4).
(وكذا المستأمن) بالايداع (5)، والإعارة (6)، والضيافة (7)،
وغيرها (8) (لو خان لم يقطع)، لعدم تحقق الهتك (ولا من سرق
من مال ولده) وإن نزل (وبالعكس (9)) وهو ما لو سرق الولد مال
234

والده وإن علا (أو سرقت الأم) مال ولدها (يقطع) كل منهما، لعموم
الآية (1) خرج منه الوالد فيبقى الباقي (2). وقال أبو الصلاح رحمه الله (3):
لا تقطع الأم بسرقة مال ولدها كالأب، لأنها أحد الوالدين، و لاشتراكهما
في وجوب الاعظام. ونفى عنه في المختلف البأس، والأصح المشهور (4)
والجد للأم كالأم (5).
235

(وكذا) لا يقطع (من سرق المأكول المذكور) (1) في عام
المجاعة (وإن استوفى) باقي (الشرائط) (2) لقول الصادق عليه السلام
(لا يقطع السارق في عام سنت (3) يعني في عام مجاعة، وفي خبر آخر
كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يقطع السارق في أيام المجاعة (4). وعن
الصادق عليه السلام قال: لا يقطع السارق في سنة المحل في كل شئ
يؤكل مثل الخبز، واللحم، وأشباه ذلك (5). والمطلق في الأولين (6)
236

مقيد بهذا الخبر (1)، وفي الطريق ضعف وارسال (2). لكن العمل به (3)
مشهور ولا راد له.
وأطلق المصنف وغيره الحكم كذلك من غير تقييد بكون السارق
مضطرا إليه، وعدمه تبعا، لإطلاق النص (4). وربما قيده (5) بعضهم
بكونه مضطرا وإلا قطع، إذا لا دخل للجماعة مع غنى السارق. ولا بأس
به نعم لو اشتبه حاله (6) اتجه عدم القطع أيضا. عملا بالعموم (7)
237

وبهذا (1) يندفع ما قيل: إن المضطر يجوز له أخذه قهرا في عام المجاعة
وغيره، لأن (2)
238

المشتبه حاله لا يدخل في الحكم (1) مع أنا نمنع (2) من جواز أخذ
المضطر له قهرا مطلقا (3)، بل مع عدم إمكان إرضاء مالكه بعوضه (4)
كما سبق (5) وهنا (6) الثابت الحكم بكونه لا قطع إذا كان (7) مضطرا
مطلقا (8) وإن حرم عليه أخذه، فالفرق واضح. (9)
239

والمراد بالمأكول هنا (1) مطلق المأكول بالقوة (2) أو فعلا (3) كما ينبه
عليه المثال في الخبر (4) (وكذا) لا يقطع (العبد) لو سرق مال سيده
وإن انتفت عنه الشبهة (5)، بل يؤدب، أما لو سرق مال غيره فكالحر (6)
(ولو كان العبد من الغنيمة فسرق منها لم يقطع)، لأن فيه (7) زيادة
إضرار. نعم يؤدب بما يحسم (8) جرأته.
(هنا مسائل الأولى - لا فرق بين اخراج) السارق (المتاع بنفسه
أو بسببه مثل أن يشده بحبل) ثم يجر به من خارج الحرز (أو يضعه
240

على دابة) في الحرز ويخرجها به (1) (أو يأمر غير مميز) من صبي،
أو مجنون (باخراجه) فإن القطع يتوجه على الآمر، لا على الصبي والمجنون
لضعف المباشر في جنب السبب (2) لأنهما كالآلة له.
(الثانية - يقطع الضيف والأجير) إذا سرقا مال المضيف (3)
والمستأجر (مع الاحراز من دونه) أي دون كل منهما (4) على الأشهر.
وقيل: لا يقطعان مطلقا (5) استنادا إلى أخبار ظاهرة في كون المال
241

غير محرز (1) عنهما. فالتفصيل (2) حسن.
نعم لو أضاف الضيف ضيفا بغير إذن صاحب المنزل فسرق الثاني
قطع، لأنه (3) بمنزلة الخارج (وكذا) يقطع (الزوجان) أي كل
منهما بسرقة مال الآخر (مع الاحراز) عنه، وإلا (4) فلا.
(ولو ادعى السارق الهبة، أو الإذن له) من المالك في الأخذ (أو الملك (5)
حلف المالك ولا قطع)، لتحقق الشبهة بذلك (6) على الحاكم وإن انتفت (7)
242

عن السارق في نفس الأمر.
(الثالثة - الحرز) لا تحديد له شرعا فيرجع فيه إلى العرف وضابطه
(ما كان ممنوعا (1) بغلق أو قفل) وما في معناه (2) (أو دفن في العمران
أو كان (3) مراعى) بالنظر (على قول)، لقضاء العادة بإحراز كثير
من الأموال بذلك (4). وحكايته (5) قولا يشعر بتمريضه كما ذهب إليه (6)
جماعة، لقول علي عليه السلام: لا يقطع إلا من نقب بيتا، أو كسر
قفلا (7). وفي طريقه ضعف،
ويمكن أن يقال: لا يتحقق الحرز بالمراعاة إلا مع النظر إليه (8)
243

ومع ذلك (1) لا تتحقق السرقة، لما تقدم من أنها (2) لا تكون إلا سرا
ومع غفلته (3) عنه ولو نادرا لا يكون مراعيا له فلا يتحقق إحرازه بها (4)
فظهر أن السرقة لا تتحقق مع المراعاة وإن جعلناها حرزا.
وللشيخ قول بأن الحرز كل موضع لم يكن لغير المتصرف فيه الدخول
إليه إلا بأذنه، وينتقض (5) بالدار المفتحة الأبواب في العمران وصاحبها
ليس فيها (6). وقيل: ما يكون سارقه على خطر خوفا من الاطلاع
عليه، وينتقض (7) بذلك أيضا. وعلى الأول (8) تخرج المراعاة (9)
دون الثاني. (10).
244

والأولى الرجوع فيه (1) إلى العرف، وهو (2) يختلف باختلاف الأموال
فحرز الأثمان (3) والجواهر الصناديق المقفلة، والأغلاق (4) الوثيقة
في العمران. وحرز الثياب وما خف من المتاع (5) وآلات النحاس:
الدكاكين (6) والبيوت المقفلة في العمران، أو خزانتها (7) المقفلة وإن
كانت هي (8) مفتوحة.
والاصطبل حرز الدواب مع الغلق، وحرز الماشية في المرعى عين
الراعي على ما تقرر (9). ومثله (10) متاع البائع في الأسواق والطرقات،
واحترز بالدفن في العمران عما لو وقع خارجه فإنه لا يعد حرزا وإن
كان في داخل بيت مغلق، لعدم الخطر على سارقه، وعدم قضاء
245

العرف به (1).
(والجيب (2)، والكم (3) الباطنان حرز، لا الظاهران) والمراد
بالجيب الظاهر: ما كان في ظاهر الثوب الأعلى (4)، والباطن (5)
ما كان في باطنه، أو في ثوب داخل (6) مطلقا (7).
أما الكم الظاهر فقيل: المراد به ما كان معقودا في خارجه (8)،
246

لسهولة قطع السارق له (1) فيسقط ما في داخله ولو في وقت آخر (2)،
وبالباطن (3) ما كان معقودا من داخل كم الثوب الأعلى (4)، أو في الثوب
الذي تحته (5) مطلقا (6).
وقال الشيخ في الخلاف: المراد بالجيب الباطن: ما كان فوقه قميص
آخر، وكذا الكم (7) سواء شده (8) في الكم من داخل، أم من خارج (9).
وفي المبسوط: اختار في الكم عكس ما ذكرناه (10)، فنقل عن قوم
247

أنه إن جعلها (1) في جوف الكم وشدها من خارج فعليه القطع، وإن
جعلها (2) من خارج وشدها من داخل فلا قطع، قال (3): وهو الذي
يقتضيه مذهبنا. والأخبار (4).
248

في ذلك (1) مطلقة في اعتبار الثوب الأعلى والأسفل فيقطع
في الثاني (2)، دون الأول (3)، وهو (4) موافق للخلاف ومال إليه (5)
في المختلف وجعله المشهور، وهو (6) في الكم حسن.
أما في الجيب فلا ينحصر الباطن منه فيما كان فوقه ثوب آخر،
بل يصدق به (7) وبما كان في باطن الثوب الأعلى كما قلناه.
(الرابعة - لا قطع في سرقة الثمر على شجرة) وإن كان محرزا بحائط
وغلق (8)، لا طلاق النصوص الكثيرة بعدم القطع بسرقته (9)
249

مطلقا (1) (وقال العلامة) جمال الدين (ابن المطهر) رحمه الله وتبعه ولده فخر
المحققين: (إن كانت الشجرة داخل حرز فهتكه وسرق الثمرة قطع)
لعموم الأدلة (2) الدالة على قطع من سرق من حرز فتختص روايات (3)
الثمرة بما كان منها في غير حرز. بناء على الغالب من كون الأشجار
في غير حرز كالبساتين والصحارى. وهذا حسن مع أنه يمكن القدح
250

في الأخبار (1) الدالة على عدم القطع بسرقة الثمر، إذا ليس فيها (2) خبر
صحيح، لكنها كثيرة (3) والعمل بها مشهور، وكيف كان (4) فهو (5)
غير كاف في تخصيص ما عليه الاجماع (6) فضلا عن النصوص الصريحة
الصحيحة (7) ولو كانت (8) مراعاة بنظر المالك فكالمحرزة إن ألحقناه (9) بالحرز.
(الخامسة - لا يقطع سارق الحر وإن كان صغيرا)، لأنه لا يعد
مالا (فإن باعه قيل) والقائل الشيخ وتبعه العلامة: (قطع) كما يقطع
السارق، لكن لا من حيث إنه سارق، بل (لفساده في الأرض).
وجزاء المفسد القطع (10).
251

(لا حدا) (1) بسبب السرقة.
ويشكل (2) بأنه إن كان مفسدا فاللازم تخير الحاكم بين قتله، وقطع
يده ورجله من خلاف (3) إلى غير ذلك من أحكامه (4) لا تعيين القطع
خاصة (5).
وما قيل: من أن وجوب القطع في سرقة المال إنما جاء لحراسته (6)
وحراسة النفس أولى (7) فوجوب القطع فيه (8) أولى لا يتم (9) أيضا، لأن
252

الحكم (1) معلق على مال خاص (2) يسرق على وجه خاص (3):
ومثله (4) لا يتم في الحر. ومطلق صيانته (5) غير مقصودة في هذا الباب
كما يظهر من الشرائط (6)، وحمل النفس عليه (7) مطلقا لا يتم، وشرائطه (8)
لا تنتظم في خصوصية سرقة الصغير (9) وبيعه (10)
253

دون غيره (1) من تفويته (2)، وإذهاب أجزائه (3). فإثبات الحكم (4)
بمثل ذلك (5) غير جيد، ومن ثم (6) حكاه المصنف قولا.
وعلى القولين (7) لو لم يبعه لم يقطع، وإن كان عليه ثياب أو حلي
تبلغ النصاب، لثبوت يده (8) عليها. فلم تتحقق سرقتهما (9).
نعم لو كان صغيرا على وجه لا تتحقق له اليد اتجه القطع بالمال (10)
ومثله (11) سرقة الكبير بمتاعه وهو نائم، أو سكران، أو مغمى عليه،
أو مجنون (12).
(ويقطع سارق المملوك الصغير حدا) إذا بلغت قيمته النصاب،
وإنما أطلقه (13)
254

كغيره (1) بناء على الغالب (2) واحترز بالصغير عما لو كان كبيرا مميزا
فإنه لا يقطع بسرقته، إلا أن يكون نائما، أو في حكمه (3) أو أعجميا (4)
لا يعرف سيده من غيره، لأنه حينئذ كالصغير. (5)
ولا فرق بين القن والمدبر وأم الولد دون المكاتب (6)، لأن ملكه
غير تام، إلا أن يكون مشروطا (7) فيتجه الحاقه بالقن، بل يحتمل
في المطلق (8) أيضا إذا بقي منه ما يساوي النصاب لأنه في حكم المملوك
في كثير من الأحكام.
(السادسة - يقطع سارق الكفن من الحرز) ومنه القبر بالنسبة إليه (9)
لقول أمير المؤمنين عليه السلام: يقطع سارق الموتى (10) كما يقطع سارق
255

الأحياء (1)، وفي صحيحة حفص بن البحتري عن الصادق عليه السلام
حد النباش حد السارق (2).
وهل يعتبر بلوغ قيمة الكفن النصاب؟ قولان (3) مأخذهما إطلاق (4)
256

الأخبار هنا، واشتراط (1) مقدار النصاب في مطلق السرقة. فيحمل
هذا المطلق (2) عليه أو يحمل (4)
257

على إطلاقها تغليظا عليه (1)، لشناعة (2) فعله.
وقوله: (والأولى اشتراط بلوغ النصاب) يدل على ميله إلى عدم
الاشتراط (3) لما ذكرناه (4)، ولظاهر الخبر الصحيح المتقدم (5) فإنه
جعل حده حد السارق وهو (6)
258

أعم من أخذه النصاب وعدمه، بل (1) من عدم أخذه شيئا إلا (2) أنه
مخصوص بالأخذ إجماعا. فيبقى الباقي (3) على العموم.
259

وفيه (1) نظر، لأن تخصيصه (2) بذلك مراعاة (3) للجمع يقتضي
260

تخصيصه (1) بالنصاب. والخبر الأول (2) أوضح دلالة، لأنه (3) جعل
قطعه كقطعه، وجعله (4) سارقا فيعتبر فيه شروطه. وكذا قول علي
عليه الصلاة والسلام: إنا لنقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا (5).
261

وقيل: يعتبر النصاب في المرة الأولى (1) خاصة، لأنه بعدها (2)
مفسد.
والأظهر اشتراطه مطلقا (3).
(ويعزر النباش) سواء أخذ (4) أم لم يأخذ، لأنه فعل محرما
273

فيستحق التعزير (1) (ولو تكرر منه) النبش (وفات الحاكم (2) جاز
قتله) لمن قدر عليه من حيث إفساده. وقد روي أن عليا عليه الصلاة والسلام
أمر بوطء النباش بالأرجل حتى مات (3)، ولو سرق من القبر غير الكفن
فلا قطع، لأنه ليس بحرز له، والعامة من جملة الكفن المستحب فتعتبر
معه في القيمة (4) على الأقوى، لا كغيره (5) كما ذهب إليه العلامة (6)
استنادا إلى ما ورد في بعض الأخبار من أنها ليست من الكفن (7)،
274

لأن (1) الظاهر أنه (2) يريد أنها ليست من الكفن الواجب بقرينة ذكر
الخرقة الخامسة معها (3)، مع الاجماع على أنها (4) منه.
ثم الخصم للنباش: الوارث (5) إن كان الكفن منه، والأجنبي (6)
إن كان منه. ولو كان من بيت المال فخصمه الحاكم، ومن ثم (7)
275

لو ذهب الميت بسيل ونحوه (1) وبقي الكفن رجع إلى أصله (2).
(السابعة - تثبت السرقة (3) بشهادة عدلين) مفصلين لها بذكر
ما يعتبر في القطع من الشرائط (4)، (أو الاقرار مرتين (5) مع كمال
المقر) بالبلوغ، والعفل، ورفع الحجر بالسفه بالنسبة إلى ثبوت المال (6)،
والفلس (7) بالنسبة إلى تنجيزه (وحريته، واختياره) فلا ينفذ إقرار
276

الصبي (1) وإن كان مراهقا، ولا المجنون مطلقا (2)، ولا السفيه
في المال (3). ولكن يقطع، وكذا المفلس (4) لكن يتبع (5) بالمال بعد
زوال الحجر، ولا العبد بدون موافقة المولى، لتعلقه (6) بمال الغير، أما
لو صدقه (7) فالأقرب القطع وثبوت المال، وبدونه (8) يتبع بالمال إذا
أعتق وأيسر، ولا المكره فيهما (9).
(ولو رد المكره) على الاقرار (السرقة بعينها لم يقطع) على الأقوى،
لأن وجود العين في يده لا يدل على السرقة. والاقرار وقع كرها
فلا يعتد به.
وقيل: يقطع، لأن ردها قرينة السرقة كدلالة قئ الخمر على شربها
277

ولحسنة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام في رجل سرق
سرقة فكابر (1) عنها فضرب فجاء بها بعينها هل يجب عليه القطع؟
قال: نعم، ولكن لو اعترف ولم يجئ بالسرقة لم تقطع يده، لأنه
اعترف على العذاب (2).
ولا يخفى ضعف العمل بالقرينة (3) في هذا الباب.
والفرق (4) بين القئ والمجئ بالسرقة، فإن القئ يستلزم الشرب،
بخلاف المتنازع فيه (5) فإنه أعم منه.
وأما الخبر (6) فظاهر الدلالة، إلا أن إثبات الحكم به (7) مجردا
مشكل.
(ولو رجع) عن الاقرار بالسرقة اختيارا (8) (بعد الاقرار مرتين
278

لم يسقط الحد)، لثبوته بالاقرار السابق فلا يقدح فيه الانكار كغيره
من الحدود.
(ويكفي في الغرم) للمال المسروق (الاقرار به مرة) واحدة،
لأنه إقرار بحق مالي فلا يشترط فيه تعدد الاقرار، لعموم إقرار العقلاء
على أنفسهم جائز (1) وإنما خرج الحد بدليل خارج كقول الصادق عليه السلام
في رواية جميل: لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين (2).
(الثامنة - يجب) على السارق (إعادة العين) مع وجودها، وامكان
إعادتها (أو رد مثلها) إن كانت مثلية، (أو قيمتها) إن كانت قيمية
(مع تلفها)، أو تعذر ردها، ولو عابت ضمن أرشها، ولو كانت
ذات أجرة لزمه مع ذلك (3) أجرتها (ولا يغني القطع (4) عن إعادتها)،
لأنهما حكما متغايران: الإعادة لأخذ مال الغير عدوانا. والقطع حد عقوبة
على الذنب.
(التاسعة - لا قطع) على السارق (إلا بمرافعة الغريم له) وطلب
ذلك (5) من الحاكم (ولو قامت (6)) عليه (البينة) بالسرقة أو أقر
279

مرتين (فلو تركه) المالك (أو وهبه المال سقط) القطع، لسقوط
موجبه (1) قبل تحتمه (وليس له (2) العفو) عن القطع (بعد المرافعة)
وإن كان قبل حكم الحاكم به، لقول النبي صلى الله عليه وآله لصفوان بن
أمية حين سرق رداءه فقبض على السارق وقدمه إلى النبي صلى الله عليه وآله
ثم وهبه: (ألا كان ذلك قبل أن تنتهي به إلي) (3). وقال الصادق
عليه السلام: إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، وذلك قول الله
عز وجل: والحافظون لحدود الله (4)، فإذا انتهى إلى الإمام
فليس لأحد أن يتركه (5)، (وكذا لو ملك) السارق (المال) المسروق
(بعد المرافعة لم يسقط) القطع (ويسقط بملكه) له (قبله) (6) لما
ذكر (7).
280

(العاشرة - لو أحدث) السارق (في النصاب قبل الاخراج)
من الحرز (ما ينقص قيمته) عن النصاب بأن خرق الثوب، أو ذبح
الشاة (فلا قطع)، لعدم تحقق الشرط وهو اخراج النصاب من الحرز،
ولا كذا (1) لو نقصت قيمته بعد الاخراج وإن كان (2) قبل المرافعة.
(ولو ابتلع النصاب (3)) كالدينار واللؤلؤة (قبل الخروج فإن
تعذر اخراجه فلا حد)، لأنه كالتالف وإن اتفق خروجه بعد ذلك (4)
وإن لم يتعذر خروجه عادة قطع، لأنه (5) يجري مجرى إيداعه في وعاء
ويضمن المال على التقديرين (6)، وأرش النقصان (7).
(ولو أخرجه) أي أخرج النصاب (من الحرز الواحد مرارا)
بأن أخرج كل مرة دون النصاب واجتمع من الجميع نصاب (قيل: وجب
القطع) ذهب إلى ذلك القاضي ابن البراج، والعلامة في الإرشاد، لصدق
281

سرقة النصاب من الحرز فيتناوله عموم أدلة القطع (1)، ولقوله صلى الله عليه وآله
من سرق ربع دينار فعليه القطع (2). وهو (3) متحقق هنا.
وقيل: لا قطع مطلقا (4) ما لم يتحد الأخذ، لأصالة البراءة، ولأنه
لما هتك الحرز وأخرج أقل من النصاب لم يثبت عليه القطع، فلما عاد
ثانيا لم يخرج من حرز، لأنه (5) كان منبوذا قبله فلا قطع، سواء
اجتمع منهما (6) معا نصاب أم كان الثاني وحده نصاب من غير ضميمة (7).
282

وفرق العلامة في القواعد بين قصر زمان العود (1)، وعدمه (2)
فجعل الأول (3) بمنزلة المتحد، دون الثاني (4). وفصل في التحرير
فأوجب الحد إن لم يتخلل اطلاع المالك ولم يطل الزمان بحيث لا يسمى
سرقة واحدة عرفا (5). وهذا أقوى، لدلالة العرف على اتحاد السرقة
مع فقد الشرطين (6) وإن تعدد الاخراج. وتعددها (7) بأحدهما.
(الحادية عشرة - الواجب) في هذا الحد أول مرة (قطع الأصابع
الأربع) وهي ما عدا الابهام (من اليد اليمني ويترك له الراحة والابهام
هذا إذا كان له خمس أصابع.
أما لو كانت ناقصة اقتصر على الموجود من الأصابع وإن كانت
واحدة عدا الابهام (8)، لصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام قال:
قلت له: من أين يجب القطع؟ فبسط أصابعه وقال: من هاهنا (9)،
283

يعني من مفصل الكف (1). وقوله في رواية أبي بصير: القطع من وسط
الكف ولا يقطع الابهام (2)، ولا فرق بين كون المفقود خلقة، أو بعارض (3)
ولو كان له إصبع زائدة لم يجز قطعها. حملا على المعهود (4).
فلو توقف تركها (5) على إبقاء إصبع أخرى وجب (6). ولو كان على المعصم
كفان قطع أصابع الأصلية إن تميزت، وإلا فإشكال.
(ولو سرق ثانيا) بعد قطع يده (قطعت رجله اليسرى
من مفصل القدم، وترك العقب) يعتمد عليه حالة المشي، والصلاة،
لقول الكاظم عليه السلام: تقطع يد السارق، ويترك إبهامه، وصدر
راحته، وتقطع رجله ويترك له عقبه يمشي عليها (7).
والظاهر أنه لا التفات إلى زيادة الإصبع هنا (8)، لأن الحكم مطلق
284

في القطع من المفصل من غير نظر إلى الأصابع، مع احتماله (1)،
ولو كان له قدمان على ساق واحد فكالكف (2).
(وفي) السرقة (الثالثة) بعد قطع اليد والرجل (يحبس أبدا)
إلى أن يموت ولا يقطع من باقي أعضائه.
(وفي الرابعة) بأن سرق من الحبس، أو من خارجه لو اتفق
خروجه لحاجة، أو هرب به (يقتل).
(ولو ذهبت يمينه (3) بعد السرقة لم يقطع اليسار)، لتعلق الحكم (4)
بقطع اليمين وقد فاتت، أما لو ذهبت اليمين قبل السرقة بغيرها (5) ففي
قطع اليد اليسرى، أو الرجل (6) قولان. ولو لم يكن له يسار قطعت
رجله اليسرى. قطع به العلامة وقبله الشيخ. كما أنه لو لم يكن له رجل
حبس.
ويحتمل سقوط قطع غير المنصوص (7) مرتبا (8) وقوفا في التجري
285

على الدم المحترم على موضع اليقين (1)، ولأنه (2) تخط عن موضع النص
من غير دليل، ولظاهر قول علي عليه الصلاة السلام: إني لأستحي
من ربي أن لا أدع له يدا يستنجي بها، أو رجلا يمشي عليها (3) وسأل
عبد الله بن هلال أبا عبد الله عليه السلام عن علة قطع يده اليمني ورجله
اليسرى فقال: ما أحسن ما سألت إذا قطعت يده اليمني، ورجله اليمني
سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام. فإذا قطعت يده اليمني،
ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما (4).
(ويستحب) بعد قطعه (حسمه (5) بالزيت المغلي) إبقاء له (6)
286

وليس بواجب، للأصل (1). ومؤنته (2) عليه إن لم يتبرع به أحد
أو يخرجه (3) الحاكم من بيت المال.
(الثانية عشرة - لو تكررت السرقة) ولم يرافع بينها (فالقطع
واحد)، لأنه حد فتتداخل أسبابه لو اجتمعت كالزنا، وشرب الخمر
وهل هو (4) بالأولى، أو الأخيرة؟ قولان.
وتظهر الفائدة (5) فيما لو عفى من حكم بالقطع له (6). والحق
287

أنه يقطع على كل حال (1) حتى لو عفى الأول (2) قطع بالثاني (3)،
وبالعكس (4). هذا إذا أقر بها (5) دفعة، أو شهدت البينات
بها (6) كذلك.
(ولو شهدا عليه بسرقة، ثم شهدا عليه بأخرى قبل القطع فالأقرب
عدم تعدد القطع) كالسابق (7)، لاشتراكهما (8) في الوجه وهو كونه
حدا فلا يتكرر بتكرر سببه إلى أن يسرق بعد القطع.
وقيل: تقطع يده ورجله، لأن كل واحدة توجب القطع فتقطع
اليد للأولى، والرجل للثانية (9). والأصل عدم التداخل.
ولو أمسكت البينة الثانية حتى قطعت يده، ثم شهدت ففي
288

قطع رجله قولان أيضا وأولى بالقطع هنا (1) لو قيل به (2) ثم.
والأقوى عدم القطع أيضا (3)، لما ذكر (4)، وأصالة (5) البراءة
وقيام (6) الشبهة الموجبة لدرء الحد. ومستند القطع (7) رواية بكير بن
أعين عن الباقر عليه السلام (8) وفي الطريق ضعف (9).
289

الفصل السادس في المحاربة
(وهي تجريد السلاح برا أو بحرا، ليلا أو نهارا، لا خافة الناس
في مصر وغيره، من ذكر أو أنثى، قوي أو ضعيف) (1) من أهل الريبة
أم لا. قصد الإخافة أم لا (2) على أصح الأقوال، لعموم الآية (3)
290

المتناول لجميع من ذكر. وخالف ابن الجنيد فخص الحكم (1) بالرجال
بناء على أن الضمير (2) في الآية للذكور. ودخول الإناث فيهم مجاز (3).
وفيه (4) مع تسليمه (5) أن في صحيحة محمد بن مسلم (من شهر
السلاح) (6)، و (من) (7) عامة حقيقة للذكور والإناث. والشيخان (8)
حيث شرطا كونه (9) من أهل الريبة. وعموم النص (10) يدفعه، وأخذ (11)
291

(تجريد السلاح) تبع فيه الخبر، وإلا (1) فالأجود عدم اعتباره. فلو اقتصر
على الحجر. والعصا. والأخذ بالقوة فهو محارب، لعموم الآية (2)،
وشمل اطلاقه (3) كغيره الصغير والكبير، لعموم الأدلة (4).
ويشكل (5) في الصغير. فإن الحد مشروط بالتكليف خصوصا
القتل، وشرط ابن الجنيد فيه (6) البلوغ ورجحه المصنف في الشرح.
وهو حسن.
(لا الطليع) (7) للمحارب وهو الذي يرقب له من يمر بالطريق
فيعلمه به، أو يرقب له من يخاف عليه منه فيحذره منه (والردء) بكسر
الراء فسكون الدال فالهمز وهو المعين له في ما يحتاج إليه من غير أن يباشر
292

متعلق المحاربة فيما فيه أذى الناس، وإلا (1) كان محاربا.
(ولا يشترط) في تحقق المحاربة (أخذ النصاب)، ولا الحرز،
ولا أخذ شئ، للعموم (2).
(وتثبت) المحاربة (بشهادة ذكرين عدلين، وبالإقرار) بها
(ولو مرة) واحدة، لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، خرج منه
ما اشترط فيه التكرار (3) بدليل خارج، فيبقى غيره (4) على العموم
(مع كمال المقر) وحريته. واختياره.
(ولا تقبل شهادة بعض المأخوذين لبعض، للتهمة) (5). نعم
لو شهد اثنان على بعض اللصوص أنهم أخذوا مال غيرهما (6) وشهد
293

ذلك الغير على بعض آخر (1)، غير الأول (2) أنه أخذ (3) الشاهدين (4)
حكم بالجميع (5)، لعدم التهمة (6)، وكذا لو قال الشاهدان عرضوا
لنا جميعا وأخذوا هؤلاء خاصة (7).
(والحد) للمحارب (القتل، أو الصلب، أو قطع يده اليمنى
294

ورجله اليسرى) للآية الدالة بأو على التخيير (1) وإن احتملت غيره (2)
لما (3) روي صحيحا أن (أو) في القرآن للتخيير حيث وقع، ولحسنة جميل
بن دراج عن الصادق عليه السلام حيث سأله عن قوله تعالى: (إنما
جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية) وقال: أي شئ عليه
من هذه الحدود التي سمى الله عز وجل؟ قال عليه السلام: ذاك إلى
الإمام إن شاء قطع، وإن شاء صلب، وإن شاء نفى، وإن شاء قتل،
قلت: ينفى إلى أين؟ قال عليه السلام: ينفى من مصر إلى آخر
وقال: إن عليا عليه السلام نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة (4).
ومثله حسنة بريد، أو صحيحته عنه عليه السلام (5).
ولم يذكر المصنف هنا النفي (6) ولا بد منه، لأنه أحد أفراد الواجب
المخير في الآية، (7) والرواية (8) وليس في المسألة (9) قول ثالث يشتمل
295

على تركه. ولعل تركه سهو.
نعم لو قتل المحارب تعين قتله ولم يكتف بغيره من الحدود (1)،
سواء قتل مكافئا (2) أم لا (3)، وسواء عفى الولي أم لا. على ما ذكره
جماعة من الأصحاب. وفي بعض أفراده (4) نظر.
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة: إن ذلك (5) لا على جهة التخيير،
بل (يقتل إن قتل قودا) (6) إن طلب الولي قتله (7) (أو حدا) (8)
إن عفى عنه، أو لم يطلب (9)، (وإن قتل وأخذ المال قطع
296

مخالفا (1)، ثم قتل وصلب) مقتولا.
(وإن أخذ المال لا غير) قليلا كان أم كثيرا من حرز وغيره
(قطع مخالفا ونفي) ولا يقتل.
(ولو جرح ولم يأخذ مالا) ولا قتل نفسا ولو بسراية جراحته
(اقتص منه) بمقدار الجرح (ونفي).
(ولو اقتصر على شهر السلاح والإخافة) فلم يأخذ مالا ولم يقتل
ولم يجرح (نفي لا غير).
ومستند هذا التفصيل (2) روايات لا تخلو من ضعف في سند،
وجهالة، واختلاف في متن تقصر بسببه عن إفادة ما يوجب الاعتماد عليه (3)
ومع ذلك (4) لم يجتمع جميع ما ذكر من الأحكام في رواية منها (5)
وإنما يتلفق كثير منه (6) من الجميع (7)
297

وبعضه (1) لم نقف عليه في رواية، وبسبب ذلك (2) اختلف كلام الشيخ رحمه الله
أيضا ففي النهاية ذكر قريبا مما ذكر هنا، وفي الخلاف أسقط القطع
على تقدير قتله وأخذه المال ولم يذكر حكم ما لو جرح، ولكن يمكن
استفادة حكمه (3) من خارج. فإن الجارح عمدا يقتص منه مطلقا (4)
فالمحارب أولى، ومجرد المحاربة يجوز النفي وهي حاصلة معه (5).
لكن فيه (6) أن القصاص حينئذ (7) ليس حدا فلا وجه لادخاله (8)
في بابه، ولو لوحظ جميع ما يجب عليه (9) لقيل مع أخذه المال: أنه
يؤخذ منه عينه، أو مثله، أو قيمته مضافا إلى ما يجب عليه (10) وهو (11)
298

خروج عن الفرض، أو قصور في الاستيفاء (1).
وفي هذا التقسيم مع ذلك (2) تجاوز لما يوجد في الروايات (3)
وليس (4) بحاصر للأقسام، فإن منها (5) أن يجمع بين الأمور كلها (6) فيقتل
ويجرح آخر، ويأخذ المال (7). وحكمه (8) مضافا إلى ما سبق (9)
299

أن يقتص منه للجرح قبل القتل (1)، ولو كان (2) في اليد، أو الرجل
فقبل القطع أيضا، ومنها (3) ما لو أخذ المال وجرح، ومنها ما لو قتل
وجرح ولم يأخذ المال وحكمهما الاقتصاص للجرح (4) والقطع في الأولى (5)
والقتل في الثانية (6).
(ولو تاب) المحارب (قبل القدرة (7) عليه سقط الحد) من القتل
والقطع. والنفي (دون حق الآدمي) من القصاص في النفس. والجرح
والمال (وتوبته بعد الظفر) أي ظفر الحاكم به (لا أثر لها في اسقاط
حد (8) أو غرم) لمال (9)،
300

(أو قصاص) في نفس (1)، أو طرف (2) أو جرح، بل يستوفي منه
جميع ما تقرر.
(وصلبه على تقدير اختياره (3)، أو وجود مرتبته (4) في حالة
كونه (حيا (5) أو مقتولا على اختلاف القولين) فعلى الأول (6)،
الأول، وعلى الثاني (7) الثاني.
(ولا يترك) على خشبته حيا (8)، أو ميتا (9)، أو بالتفريق (10)
(أزيد من ثلاثة أيام) من حين صلبه ولو ملفقة (11).
والظاهر أن الليالي غير معتبرة. نعم تدخل الليلتان المتوسطتان تبعا
301

للأيام، لتوقفها عليهما، فلو صلب أول النهار وجب إنزاله عشية الثالث (1)
مع احتمال اعتبار ثلاث ليال مع الأيام بناء على دخولها (2) في مفهومها.
(وينزل) بعد الثلاثة أو قبلها (ويجهز) بالغسل، والحنوط،
والتكفين، إن صلب ميتا أو اتفق موته في الثلاثة، وإلا جهز (3)
عليه قبل تجهيزه.
(ولو تقدم غسله وكفنه) وحنوطه قبل موته (صلي عليه) بعد
إنزاله (ودفن).
(وينفى) على تقدير اختيار نفيه (4)، أو وجود مرتبته (5)
(عن بلده) الذي هو بها إلى غيرها (ويكتب إلى كل بلد يصل إليه
بالمنع من مجالسته، ومؤاكلته، ومبايعته) وغيرها من المعاملات إلى أن يتوب
فإن لم يتب استمر النفي إلى أن يموت (ويمنع من دخول بلاد الشرك
فإن مكنوه) من الدخول (قوتلوا حتى يخرجوه) وإن كانوا أهل
ذمة أو صلح.
(واللص محارب) بمعنى أنه بحكم المحارب في أنه (يجوز دفعه)
ولو بالقتال (ولو لم يندفع إلا بالقتل كان) دمه (هدرا) أما لو تمكن
302

الحاكم منه لم يحده حد المحارب مطلقا (1) وإنما أطلق عليه اسم المحارب
تبعا لإطلاق النصوص (2). نعم لو تظاهر بذلك (3) فهو محارب مطلقا (4)
وبذلك (5) قيده المصنف في الدروس. وهو حسن.
(ولو طلب) اللص (النفس (6) وجب) على المطلوب نفسه
(دفعه إن أمكن) مقتصرا فيما يندفع به على الأسهل فالأسهل، فإن لم يندفع
إلا بقتله فهدر (7) (وإلا) يمكن دفعه (وجب الهرب)، لأنه أحد
أفراد ما يدفع به عن النفس الواجب حفظها.
وفي حكم طلبه (8) النفس طلبه الفساد بالحريم (9) في وجوب دفعه
303

مع الامكان (1). ويفهم منه أنه لو اقتصر على طلب المال لم يجب دفعه
إن جاز. وسيأتي (2) البحث في ذلك كله.
(ولا يقطع المختلس) وهو الذي يأخذ المال خفية من غير الحرز
(ولا المستلب) وهو الذي يأخذه جهرا ويهرب مع كونه غير محارب
(ولا المحتال على) أخذ (الأموال بالرسائل (3) الكاذبة) ونحوها (4)
(بل يعزر كل واحد منهم بما يراه الحاكم)، لأنه فعل محرم لم ينص
الشارع على حده (5). وقد روى أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال
قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا أقطع في الدغارة (6) المعلنة وهي الخلسة
ولكن أعزره (7) وفي حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قطع (8)
304

من أخذ المال بالرسائل الكاذبة وإن حملته عليه الحاجة " (1) وحملها (2)
الشيخ على قطعه (3) حدا، لا فساده (4)، لا لأنه سارق، مع أن الرواية (5)
صريحة في قطعه للسرقة (ولو بنج غيره) أي أطعمه البنج (6) حتى ذهب
عقله، عبثا (7) أو لغرض (أو سقى (8) مرقدا وجنى (9)) على المتناول
بسببه (10) (شيئا ضمن) ما جناه (11) (وعزر) على فعله المحرم (12)
305

ويستثنى من ذلك (1) ما لو استعمله للدواء. فإنه جائز حيث يتوقف (2)
عليه، لمكان الضرر (3)، أو يكون (4) قدرا لا يضر بالمزاج.
(الفصل السابع - في عقوبات متفرقة)
(فمنها - إتيان البهيمة (5)) وهي ذات الأربع من حيوان البر والبحر.
وقال الزجاج: هي ذات الروح التي لا تميز سميت بذلك (6)
لذلك (7) وعلى الأول (8) فالحكم مختص بها (9) فلا يتعلق الحكم بالطير
306

والسمك ونحوهما (1) وإن حرم الفعل (2)، وعلى الثاني (3) يدخل. والأصل (4)
يقتضي الاقتصار على ما تحقق دخوله خاصة (5). والعرف يشهد له (6).
(إذا وطء البالغ العاقل بهيمة عزر واغرم ثمنها) وهو قيمتها حين
الوطء لمالكها إن لم تكن ملكا للفاعل (وحرم أكلها إن كانت مأكولة)
أي مقصودة بالأكل عادة (كالنعم) الثلاثة (7) (ونسلها) المتجدد بعد
الوطء (8)، لا الموجود حالته وإن كان حملا على الأقوى.
307

وفي حكمه (1) ما يتجدد من الشعر، والصوف، واللبن، والبيض
(ووجب ذبحها واحراقها) (2)، لا لكونه عقوبة لها (3)، بل إما لحكمة
خفية (4)، أو مبالغة في إخفائها لتجتنب (5) إذ يحتمل اشتباه لحمها بغيره
لولا الاحراق فيحل على بعض الوجوه (6).
(وإن كانت غير مأكولة) أصلا (7)، أو عادة والغرض الأهم
غيره (8) كالفيل. والخيل. والبغال. والحمير (لم تذبح) وإن حرم
لحمها على الأقوى (بل تخرج من بلد الواقعة) إلى غيره قريبا كان أم
بعيدا على الفور.
وقيل: يشترط بعد البلد بحيث لا يظهر فيه خبرها عادة، وظاهر
308

التعليل (1) يدل عليه، ولو عادت بعد الاخراج إلى بلد الفعل لم يجب
اخراجها، لتحقق الامتثال (2) (وتباع) بعد اخراجها، أو قبله إن لم
يناف (3) الفورية إما تعبدا (4)، أو لئلا يعير فاعلها بها (5)، أو
مالكها. (6)
(وفي الصدقة به) أي بالثمن الذي بيعت به، المدلول عليه (7)
بالبيع، عن المالك إن كان هو الفاعل، وإلا عن الفاعل (8) (أو إعادته
على الغارم) وهو المالك، لكونه غارما للبهيمة (9)، أو الفاعل، لكونه
309

غارما للثمن (1) (وجهان)، بل قولان (2) ووجه الأول (3) كون
ذلك (4) عقوبة على الجناية فلو أعيد إليه الثمن لم تحصل العقوبة، ولتكون
الصدقة مكفرة لذنبه (5).
وفيه (6) نظر، لأن العقوبة بذلك (7) غير متحققة، بل الظاهر
خلافها (8) لتعليل بيعها في الأخبار في بلد لا تعرف فيه كي لا يعير بها (9)
310

وعقوبة الفاعل حاصلة بالتعزير، وتكفير الذنب متوقف على التوبة وهي كافية
ووجه الثاني (1) أصالة بقاء الملك على مالكه (2)، والبراءة من
وجوب الصدقة. والأخبار خالية عن تعيين ما يصنع به (3)، وكذا
عبارة جماعة من الأصحاب.
ثم إن كان الفاعل هو المالك فالأصل (4) في محله، وإن كان غيره
فالظاهر أن تغريمه القيمة يوجب ملكه لها، وإلا لبقي الملك بغير مالك،
أو جمع للمالك بين العوض والمعوض (5) وهو غير جائز.
وفي بعض الروايات (ثمنها) (6) كما عبر المصنف (7) وهو (8) عوض
311

المثمن المقتضي لثبوت معاوضة، وهو (1) السر في تخصيص المصنف لهذه
العبارة (2).
وفي بعض الروايات (قيمتها) (3) وهي أيضا عوض. وهذا (4)
هو الأجود.
ثم إن كان (5) بمقدار ما غرمه للمالك أو أنقص فالحكم واضح (6)
312

ولو كان أزيد فمقتضى المعاوضة أن الزيادة له (1) لاستلزامها (2) انتقال الملك
إلى الغارم كما يكون النقصان عليه (3)، ويحتمل دفعها (4) إلى المالك،
لأن الحيوان ملكه (5) وإنما أعطي عوضه للحيلولة فإذا زادت قيمته كانت له
لعدم تحقق الناقل للملك، ولأن إثبات الزيادة للفاعل إكرام ونفع لا يليقان
بحاله (6).
وفي المسألة احتمال ثالث وهو الصدقة بالزائد (7) عما غرم وإن لم
نوجبها (8) في الأصل، لانتقالها (9) عن ملك المالك بأخذ العوض،
313

وعدم انتقالها (1) إلى ملك الفاعل، لعدم وجوب سبب الانتقال (2)،
ورد (3) ما غرم إليه لا يقتضي ملك الزيادة. فتتعين الصدقة.
ويدل على عدم ملكهما (4) عدم اعتبار إذنهما في البيع.
ويضعف (5) باستلزامه (6) بقاء الملك بلا مالك،
314

وأصالة (1) عدم انتقاله بعد تحققه في الجملة وإن لم يتعين (2)، وعدم
استئذانها (3) بحكم الشارع لا ينافي الملك كما في كثير من موارد المعاوضات
الاجبارية (4). وعلى تقدير انتقالها (5) إلى الفاعل ففي وقت الانتقال
وجهان.
315

أحدهما: إنه بمجرد الفعل (1)، لأنه السبب التام في الغرم (2)
فيكون هو الناقل، ولاعتبار (3) قيمتها عنده.
والثاني: كونه (4) وقت دفع العوض ليتحقق به (5) المعاوضة الاجبارية.
وتظهر الفائدة (6) فيما لو تلفت قبل دفع العوض. فعلى الأول (7)
يكون من مال الفاعل، وعلى الثاني (8) من مال المالك.
316

وفيما (1) جني عليها قبله. فالأرش (2) للفاعل على الأول (3)،
وللمالك على الثاني (4).
وأما مؤنتها بعد دفع العوض إلى زمن البيع في غير البلد وإرشها
ونماؤها فللفاعل (5) إن قلنا بملكه بدفع العوض، وكذا تلفها قبل البيع (6)
فإنه عليه (7) على كل حال.
واحترز بالبالغ العاقل عن الطفل والمجنون فلا يتعلق بهما جميع هذه
317

الأحكام (1) وإن تعلق بهما بعضها.
أما التحريم (2) فالظاهر تعلقه بمطلق الذكر كما سلف (3).
وأما الحد فينتفي عن غير المكلف (4) وإن أدب، ويلزم من
تحريمها (5): وجوب إتلافها، لئلا تشتبه كما هو الحكمة فيه فيستوي فيه
الجميع أيضا (6).
وبقي ما لا يقصد لحمه (7) واخراجه وهو (8) منفي في فعل
الصغير، لأن الحكم (9) معلق في النصوص على فعل الرجل (10)، وظاهر
318

الفتوى يوافقه (1).
وأما المجنون فإن الرجل (2) يتناوله، والتقييد (3) بالبالغ العاقل
يخرجه. ولعل اقتران الحكم (4) في النصوص المعبر فيها بالرجل بالحد
319

قرينه إرادة المكلف فيخرج المجنون، وهذا (1) أجود. وقوفا فيما خالف (2)
الأصل على موضع اليقين (3). أما وطء الخنثى فلا يتعلق به حكم وهو
وارد على تعبير المصنف - فيما سبق - الحكم بالتحريم على وطء الانسان (4).
ولا فرق في الموطوء (5) بين الذكر والأنثى ولا بين وطئ القبل والدبر.
ولو انعكس الحكم بأن كان الآدمي هو الموطوء فلا تحريم للفاعل (6)
ولا غيره من الأحكام (7)، للأصل.
وحيث يحكم بتحريم موطوء (8) الطفل والمجنون يلزمهما (9) قيمته
320

لأنه (1) بمنزلة الاتلاف، وحكمه (2) غير مختص بالمكلف فإن كان لهما
مال (3)، وإلا أتبعا به (4) بعد اليسار.
ولو كان المقصود منه (5) الظهر فلا شئ عليهما، إلا أن يوجب
نقص القيمة. لتحريم لحمه، أو لغيره (6) فيلزمها الأرش.
ولو كان الواطئ بالغا وبيع في غير البلد لغير العالم بالحال فعلم
احتمل قويا جواز الفسخ مع استلزامه نقص القيمة بالنسبة إلى العالم،
لأنه حينئذ عيب.
(والتعزير) الثابت على الفاعل (موكول إلى نظر الإمام عليه السلام)
أو من قام مقامه (7) كما في كل تعزير لا تقدير له شرعا. وقد
321

ورد (1) مطلقا في كثير من الأخبار.
(وقيل) والقائل الشيخ: إن قدره (2) (خمسة وعشرون سوطا)
لحسنة (3) عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام، ورواية (4)
إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام، والحسن بن خالد (5) عن الرضا
عليه السلام.
(وقيل): يحد (كمال الحد) مائة جلدة حد الزاني، لصحيحة
أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أتى بهيمة فأولج قال:
322

(عليه الحد (1))، وفي أخرى (2) (حد الزاني).
(وقيل: القتل) لصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام
في رجل أتى بهيمة قال: يقتل (3).
وجمع الشيخ في الإستبصار بين هذه الأخبار (4) بحمل التعزير (5)
على ما إذا كان الفعل دون الإيلاج، والحد (6) إذا أولج حد الزاني
323

وهو الرجم أو القتل إن كان محصنا، والجلد إذا لم يكن محصنا،
وبحمل أخبار (1) القتل على ما إذا تكرر منه الفعل ثلاثا مع تخلل التعزير
لما روي من قتل أصحاب الكبائر مطلقا (2) إذا أقيم عليهم الحد مرتين (3)
والتعزير يطلق عليه الحد (4). لكن يبقى على الثاني (5) خبر الحد (6)
منافيا للتعزير (7) بما دونه.
324

(ويثبت) هذا الفعل (1) (بشهادة عدلين، وبالإقرار مرة)
في جميع الأحكام (2) (إن كانت الدابة له)، لعموم إقرار العقلاء
على أنفسهم جائز (3) خرج منه (4) ما افتقر إلى التعدد (5) بنص خاص
فيبقى غيره (6)، (وإلا) تكن الدابة له (ف‍) الثابت بالاقرار مطلقا (7)
(التعزير) خاصة دون غيره من الأحكام المذكورة (8)، لأنه (9) إقرار
في حق الغير فلا يسمع (إلا أن يصدقه المالك) فتثبت باقي الأحكام،
لزوال المانع من نفوذه حينئذ. هذا (10) بحسب الظاهر.
أما في نفس الأمر (11)
325

فإن كانت له، هل يجب عليه (1) فعل ما ذكر من الذبح والاحراق؟ (2):
الظاهر ذلك (3)، لقولهم عليهم السلام في الرواية السابقة (4): إن كانت
البهيمة للفاعل ذبحت. فإذا ماتت أحرقت بالنار ولم ينتفع بها.
ولو لم تكن مأكولة ففي وجوب بيعها (5) خارج البلد وجهان.
أجودهما العدم، للأصل، وعدم دلالة النصوص عليه (6)، وللتعليل (7)
بأن بيعها خارجة ليخفى خبرها. وهو مخفي هنا (8).
ولو كانت لغيره (9) فهل يثبت عليه الغرم ويجب عليه التوصل
إلى إتلاف المأكولة بإذن المالك ولو بالشراء منه: الظاهر العدم (10)
نعم لو صارت ملكه بوجه من الوجوه (11) وجب عليه إتلاف المأكولة،
لتحريمها في نفس الأمر.
326

وفي وجوب كونه (1) بالذبح ثم الاحراق وجه قوي، ولو لم
تنتقل إلى ملكه لكن ذبحها المالك، أو غيره لم يحل للفاعل الأكل من لحمها
لعلمه بتحريمه. وكذا القول في نسلها، ولبنها (2)، ونحوه (3).
(ومنها (4) وطء الأموات) زنا ولواطا (وحكمه حكم الأحياء)
في الحد (5) والشرائط (6) (و) يزيد هنا أنه (تغلظ عليه العقوبة)
بما يراه الحاكم (إلا أن تكون) الموطوأة (زوجته)، أو أمته المحللة له (7)
(فيعزر) خاصة، لتحريم وطئها، ولا يحد لعدم الزنا إذ لم تخرج
بالموت عن الزوجية ومن ثم (9) جاز له تغسيلها.
(ويثبت) هذا الفعل (بأربعة) شهود ذكور (على الأقوى)
327

كالزنا واللواط، لأنه زنا ولواط في الجملة (1)، بل أفحش فيتناوله عموم
أدلة توقف (2) ثبوته على الأربعة.
وقيل: يثبت بشهادة عدلين، لأنه شهادة على فعل واحد يوجب
حدا واحدا كوطء البهيمة (3)، بخلاف الزنا واللواط بالحي فإنه يوجب
حدين (4) فاعتبر فيه الأربعة، لأنها (5) شهادة على اثنين.
وفيه (6) نظر، لانتقاضه بالوطء الاكراهي والزنا بالمجنونة فإنه كذلك (7)
328

مع اشتراط الأربعة إجماعا. والمتحقق (1) اعتبار الأربعة من غير تعليل،
بل في كثير النصوص ما ينافي تعليله (2)، وأن (3) توقف الزنا
على الأربعة، والقتل على الاثنين مع أنه (4) أعظم، دليل على بطلان
القياس (5).
329

والاقرار فرع الشهادة. فحيث اعتبرنا الأربعة (1) يثبت (2) بها
(أو إقراره أربع مرات) بشرائطها السابقة (3). ومن اكتفى
بالشاهدين اكتفى بالاقرار مرتين (4). وحيث ألحقنا الميت بالحي (5) فما
يثبت بشهادة النساء في الزنا بالحية يثبت هنا (6) على الأقوى، للعموم (7)
مع احتمال العدم (8) لقيام الشبهة الدارئة للحد، وما تقدم.
(ومنها (9) - الاستمناء) وهو استدعاء اخراج المني (10) (باليد)
أي يد المستمني (وهو) حرام (يوجب التعزير) بما يراه الحاكم لقوله
330

تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم)
إلى قوله: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) (1)
وهذا الفعل (2) مما وراء ذلك، وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه لعن
الناكح كفه (3). وفي معنى اليد اخراجه بغيرها من جوارحه. وغيرها (4)
مما عدا الزوجة، والمملوكة. وفي تحريمه بيد زوجته ومملوكته المحللة له
وجهان من (5) وجود المقتضي للتحريم وهو اخراج المني، وتضييعه (6)
بغير الجماع. وبه (7) قطع العلامة في التذكرة. ومن (8) منع كون ذلك
هو المقتضي، وعدم (9) تناول الآية والخبر له، إذا لم تخص (10) حفظ
331

الفرج في الزوجة، وملك اليمين بالجماع فيتناول محل النزاع. (1)
وفي تعدي التحريم (2) إلى غير أيديهما من بدنهما غير الجماع احتمال.
وأولى بالجواز هنا (3) لو قيل به ثم (4)، لأنه ضرب من الاستمتاع (5)
(وروي) بسند ضعيف عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
(أن عليا عليه السلام ضرب يده) أي يد رجل استمنى بيده (6)،
وفي الأخرى (7) عبث بذكره إلى أن أنزل (حتى احمرت) يده من الضرب
(وزوجه من بيت المال) وهو مع ما في سنده (8) حكم في واقعة مخصوصة
332

بما رآه، لا أن ذلك (1) تعزيره مطلقا.
(ويثبت) ذلك (2) (بشهادة عدلين والاقرار مرة) واحدة، لعموم
الخبر (3) إلا ما أخرجه الدليل من اعتبار العدد (4) وهو (5) هنا منفي.
وقال ابن إدريس يثبت بالاقرار مرتين وظاهره أنه لا يثبت بدونه (6)
فإن أراد ذلك (7) فهو ضعيف، لما ذكرناه (8).
(ومنها (9) - الارتداد. وهو الكفر بعد الاسلام أعاذنا الله مما
يوبق (10) الأديان) والكفر يكون بنية، وبقول كفر، وفعل مكفر (11)
333

فالأول (1) العزم على الكفر ولو في وقت مترقب. وفي حكمه (2) التردد
فيه. والثاني (3) كنفي الصانع لفظا، أو الرسل، وتكذيب رسول،
وتحليل محرم بالاجماع كالزنا، وعكسه (4) كالنكاح، ونفي وجوب مجمع
عليه (5) كركعة من الصلوات الخمس، وعكسه (6) كوجوب صلاة
سادسة يومية (7).
والضابط إنكار ما علم من الدين ضرورة. ولا فرق في القول بين
وقوعه (8) عنادا، أو اعتقادا، أو استهزاء حملا (9) على الظاهر ويمكن
رد هذه الأمثلة (10) إلى الأول (11).
334

حيث يعتقدها (1) من غير لفظ. والثالث (2) ما تعمده استهزاء (3)
صريحا بالدين، أو جحودا له (4) كإلقاء مصحف، أو بعضه في قاذورة (5)
قصدا، أو سجود لصنم.
ويعتبر فيما خالف الاجماع: كونه مما يثبت حكمه في دين الاسلام
ضرورة كما ذكر (6) لخفاء كثير من الاجماعيات على الآحاد (7)، وكون
الاجماع من أهل الحل والعقد من المسلمين فلا يكفر المخالف في مسألة
خلافية (8) وإن كان نادرا.
وقد اختلفت عبارات الأصحاب وغيرهم في هذا الشرط (9) فاقتصر
بعضهم على اعتبار مطلق الاجماع (10)، وآخرون على إضافة ما ذكرناه (11)
335

وهو الأجود، وقد يتفق للشيخ - رحمه الله - الحكم بكفر مستحل ما خالف إجماعنا
خاصة كما تقدم نقله (1) عنه في باب الأطعمة. وهو (2) نادر وفي حكم
الصنم ما يقصد به العبادة للمسجود له (3). فلو كان (4) مجرد التعظيم
مع اعتقاد عدم استحقاقه (5) للعبادة لم يكن كفرا، بل بدعة قبيحة وإن
استحق التعظيم بغير هذا النوع (6)، لأن (7) الله تعالى لم ينصب السجود
تعظيما لغيره.
336

(ويقتل) المرتد (إن كان) ارتداده (عن فطرة) (1) الاسلام
لقوله صلى الله عليه وآله: (من بدل دينه فاقتلوه) (2) وصحيحة محمد
ابن مسلم عن الباقر عليه السلام (من رغب (3) عن الاسلام وكفر بما
أنزل على محمد صلى الله عليه وآله بعد إسلامه فلا توبة له، وقد وجب
قتله، وبانت منه امرأته، ويقسم ما تركه على ولده) (4) وروى عمار
عن الصادق عليه السلام قال: (كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الاسلام
وجحد محمدا صلى الله عليه وآله نبوته وكذبه فإن دمه مباح لكل من سمع
ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتد فلا تقربه، ويقسم ماله على ورثته
وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله
ولا يستتيبه) (5) (ولا تقبل توبته) ظاهرا لما ذكرناه (6)، وللإجماع (7)
فيتعين قتله مطلقا (8). وفي قبولها باطنا قول قوي. حذرا من تكليف
ما لا يطاق لو كان مكلفا بالاسلام، أو خروجه عن التكليف (9) ما دام
337

حيا كامل العقل. وهو باطل بالاجماع. وحينئذ (1) فلو لم يطلع أحد
عليه (2)، أو لم يقدر على قتله (3)، أو تأخر قتله بوجه (4) وتاب
قبلت توبته فيما بينه وبين الله تعالى، وصحت عباداته ومعاملاته، وطهر
بدنه، ولا يعود ماله وزوجته إليه بذلك (5) عملا بالاستصحاب (6)،
ولكن يصح له تجديد العقد عليها بعد العدة، وفي جوازه (7) فيها وجه،
كما يجوز للزوج العقد على المعتدة عنه بائنا.
وبالجملة فيقصر (8) في الأحكام (9)
338

بعد توبته على الأمور الثلاثة (1) في حقه، وحق غيره وهذا (2) أمر آخر
وراء القبول (3) باطنا.
(وتبين منه (4) زوجته، وتعتد للوفاة) وإن لم يدخل على الأصح
لما تقدم (5) (وتورث أمواله) الموجودة حال الردة (بعد قضاء ديونه)
السابقة عليها (6) (وإن كان حيا باقيا (7)، لأنه في حكم الميت
339

في ذلك (1).
وهل يلحقه باقي أحكامه (2) من إنفاذ وصاياه السابقة على الردة،
وعدم قبوله التملك بعدها (3) نظر من (4) مساواته له في الأحكام،
وكونه (5) حيا ولا يلزم من مساواته الميت في جملة من الأحكام الحاقة به
مطلقا (6). ولو أدخلنا المتجدد في ملكه كالاحتطاب والاحتشاش صار
إرثا (7)، وعلى هذا (8) لا ينقطع إرثه ما دام حيا. وهو بعيد (9)
340

ومعه (1) ففي اختصاص وارثه عند ارتداده به (2) أو عند التكسب (3)
وجهان (4) ويعتبر في تحقق الارتداد البلوغ. والعقل. والاختيار.
(ولا حكم لارتداد الصبي. والمجنون. والمكره) لكن يؤدب
الأولان. والسكران في حكم المجنون فلا يرتد بتلفظه حالته بكلمة الكفر،
أو فعله (5) ما يوجبه، كما لا يحكم بإسلامه بكلمة الاسلام لو كان كافرا
وإلحاقه (6) بالصاحي في وجوب قضاء العبادات لا يوجب الحاقه به
341

مطلقا مع العلم بزوال عقله الرافع للخطاب.
وكذا لا حكم لردة الغالط. والغافل. والساهي. والنائم. ومن رفع
الغضب قصده وتقبل دعوى ذلك كله (2)، وكذا الاكراه مع القرينة
كالأسر.
وفي قبول دعوى عدم القصد إلى مدلول اللفظ مع تحقق الكمال نظر
من (3) الشبهة الدارئة للحد، وكونه (4) خلاف الظاهر.
(ويستتاب) المرتد (إن كان) ارتداده (عن كفر) أصلي
(فإن تاب، وإلا قتل، ومدة الاستتابة ثلاثة أيام في المروي) (5)
عن الصادق عليه السلام بطريق ضعيف. والأقوى تحديدها بما يؤمل معه (6)
عوده. ويقتل بعد اليأس منه (7) وإن كان من ساعته.
ولعل الصبر عليه ثلاثة أيام أولى رجاء لعودته. وحملا للخبر (8)
342

على الاستحباب.
(و) المرتد عن ملة (لا يزول ملكه عن أمواله إلا بموته) ولو بقتله
لكن يحجر عليه بنفس الردة عن التصرف فيها فيدخل في ملكه ما يتجدد
ويتعلق به الحجر وينفق عليه منه (1) ما دام حيا (و) كذا (لا) تزول
(عصمة نكاحه إلا ببقائه على الكفر بعد خروج العدة) التي تعتدها زوجته
من حين ردته (وهي عدة الطلاق) (2) فإن خرجت ولما يرجع بانت
منه (وتؤدى نفقة واجب النفقة) عليه من والد، وولد، وزوجة،
ومملوك (من ماله) إلى أن يموت (ووارثهما) أي المرتدين فطريا ومليا
ورثتهما (المسلمون، لا بيت المال) عندنا، لما تقدم (3) (ولو لم يكن)
لهما (4) (وارث) مسلم (فالإمام) ولا يرثهما الكافر مطلقا (5)، لأنهما
مرتبة فوق الكافر (6) ودون المسلم.
(والمرأة لا تقتل وإن كانت) ردتها (عن فطرة، بل تحبس
343

دائما، وتضرب أوقات الصلوات) بحسب ما يراه الحاكم (وتستعمل)
في الحبس (في أسوأ الأعمال (1)، وتلبس أخشن الثياب) المتخذة
للبس عادة (وتطعم أجشب الطعام) وهو ما غلظ منه. وخشن (2)
قاله ابن الأثير، ويعتبر فيه (3) عادتها فقد يكون الجشب حقيقة في عادتها
صالحا، وبالعكس (4) يفعل بها ذلك كله (إلى أن تتوب، أو تموت)
لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام وغيرها في المرتدة عن الاسلام
قال عليه السلام: (لا تقتل، وتستخدم خدمة شديدة، وتمنع عن الطعام والشراب
إلا ما يمسك نفسها، وتلبس أخشن الثياب، وتضرب على الصلوات (5))
وفي خبر آخر عنه عليه السلام (المرأة تستتاب فإن تابت، وإلا
حبست في السجن واضربها (6)) ولا فرق فيها (7) بين الفطرية
344

والملية. وفي إلحاق الخنثى بالرجل، أو بالمرأة وجهان تقدما في الإرث (1)
وأن الأظهر الحاقة بالمرأة (2).
(و لو تكرر الارتداد) والاستتابة من الملي (قتل في الرابعة)،
أو الثالثة على الخلاف السابق (3)، لأن الكفر بالله تعالى أكبر الكبائر وقد
عرفت أن أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة (4)، ولا نص هنا بالخصوص
والاحتياط في الدماء يقتضي قتله في الرابعة.
(وتوبته الاقرار بما أنكره) فإن كان الانكار لله، وللرسول فإسلامه
بالشهادتين ولا يشترط التبري من غير الاسلام وإن كان آكد، وإن كان
مقرا بهما منكرا عموم نبوته صلى الله عليه وآله لم تكف الشهادتان، بل لا بد من الاقرار
بعمومها (5) وإن كان بجحد فريضة علم ثبوتها من الدين ضرورة فتوبته
345

الاقرار بثبوتها على وجهها (1)، ولو كان (2) باستحلال محرم فاعتقاد
تحريمه (3) مع إظهاره (4) إن كان أظهر الاستحلال. وهكذا (5)
(ولا تكفي الصلاة) في إسلام الكافر مطلقا (6) وإن كان يجحدها،
لأن فعلها أعم من اعتقاد وجوبها فلا يدل عليه (7) وإن كان كفره بجحد
الإلهية، أو الرسالة وسمع تشهده فيها (8)، لأنه لم يوضع شرعا (9)
ثم للإسلام، بل ليكون جزء من الصلاة وهي (10) لا توجبه. فكذا
346

جزؤها (1)، بخلاف قولها (2) منفردة، لأنها (3) موضوعة شرعا له.
(ولو جن (4) بعد ردته) عن ملة (لم يقتل) ما دام مجنونا،
لأن قتله مشروط بامتناعه من التوبة ولا حكم (5) لامتناع المجنون، أما
لو كان عن فطرة قتل مطلقا (6).
(ولا يصح له تزويج ابنته) (7) المولى عليها، بل مطلق ولده (8)
لأنه محجور عليه في نفسه. فلا تثبت ولايته على غيره، ولأنه كافر وولاية
الكافر مسلوبة عن المسلم (9).
(قيل: ولا أمته) (10) مسلمة كانت الأمة أم كافرة، لما ذكر
347

في البنت (1)، واستقرب في التحرير بقاء ولايته عليها مطلقا (2) مع جزمه
في القواعد بزوالها (3) كالولد. وحكايته (4) هنا قولا يشعر بتمريضه.
نظرا إلى الأصل (5)، وقوة الولاية المالكية مع الشك في المزيل، وثبوت (6)
الحجر يرفع ذلك كله.
(ومنها (7) - الدفاع عن النفس والمال والحريم) وهو جائز
في الجميع مع عدم ظن العطب. وواجب في الأول والأخير (بحسب القدرة)
ومع العجز (8) يجب الهرب مع الامكان، أما الدفاع عن المال فلا يجب
348

إلا مع اضطراره إليه (1). وكذا يجوز الدفع عن غير من ذكر (2)
مع القدرة، والأقرب وجوبه مع الضرورة، وظن السلامة (معتمدا)
في الدفاع مطلقا (3) (على الأسهل) فالأسهل كالصياح، ثم الخصام،
ثم الضرب، ثم الجرح، ثم التعطيل (4)، ثم التدفيف (5).
(ودم المدفوع هدر حيث يتوقف) الدفاع على قتله، وكذا ما يتلف
من ماله (6) إذا لم يمكن بدونه.
(ولو قتل) الدافع (كان كالشهيد) في الأجر، أما في باقي
الأحكام من التغسيل والتكفين فكغيره (7) (ولا يبدأ (8) إلا مع العلم)
349

أو الظن (بقصده) ولو كف كف عنه. فإن عاد عاد، فلو قطع
يده مقبلا (1) ورجله مدبرا ضمن الرجل. فإن سرتا (2) ضمن النصف (3) قصاصا، أو دية (4)،
350

ولو أقبل بعد ذلك (1) فقطع عضوا ثالثا رجع الضمان إلى الثلث.
(ولو وجد مع زوجته، أو مملوكته، أو غلامه) أو ولده (من ينال
دون الجماع فله دفعه) بما يرجو معه الاندفاع كما مر (2) (فإن أتى الدفع
عليه، وأفضى إلى قتله) حيث لم يمكن دفعه بدونه (فهو هدر، ولو
قتله في منزله فادعى) القاتل (إرادة) المقتول) (نفسه، أو ماله) أو ما يجوز
مدافعته عنه (3) وأنه لم يندفع إلا بالقتل (فعليه البينة أن الداخل كان معه
سيف (4) مشهور مقبلا على رب المنزل) (5) وإن لم تشهد (6) بقصده
القتل، لتعذر العلم به (7) فيكتفى بذلك (8)
351

لدلالة القرائن عليه المرجحة لصدق المدعي.
(ولو اطلع على عورة قوم) ولو إلى وجه امرأة ليس بمحرم
للمطلع (فلهم زجره، فإن امتنع) (2) وأصر على النظر جاز لهم رميه
بما يندفع به، فإن فعلوا (فرموه بحصاة ونحوها فجني عليه كان هدرا)
ولو بدروه (3) من غير زجر ضمنوه (والرحم) الذي يجوز نظره
للمطلع (4) عليهم (يزجر لا غير (5) إلا أن يكون) المنظور امرأة
(مجردة (6) فيجوز رميه بعد زجره) كالأجنبي، لمساواته (7) له في تحريم
نظر العورة. ويجب التدرج في المرمي به (8) من الأسهل إلى الأقوى
على وجه ينزجر به، فإن لم يندفع إلا برميه بما يقتله فهدر. ولا فرق
352

بين المطلع من ملك المنظور وغيره (1) حتى الطريق، وملك الناظر،
ولو كان المنظور في الطريق (2) لم يكن له رمي من ينظر إليه، لتفريطه (3)
نعم له زجره، لتحريم نظره مطلقا (4) (ويجوز دفع الدابة الصائلة (5)
عن نفسه، فلو تلفت بالدفع) حيث يتوقف عليه (فلا ضمان) ولو لم تندفع
إلا بالقتل جاز قتلها ابتداء، ولا ضمان عليه (ولو أدب الصبي). بل
مطلق الولد الصغير (وليه، أو الزوجة زوجها فماتا ضمن ديتهما في ماله
على قول) جزم به في الدروس، لاشتراط التأديب بالسلامة.
ويحتمل عدم الضمان، للإذن فيه (6) فلا يتعقبه ضمان حيث لا تفريط (7)
كتأديب الحاكم (8) وكذا معلم الصبية (9) (ولو عض على يد غيره فانتزعها (10)
353

فندرت أسنانه) بالنون أي سقطت (فهدر) لتعديه (وله) أي للمعضوض
(التخلص) منه (باللكم (1). والجرح. ثم السكين. والخنجر) ونحوها (2) (متدرجا) في دفعه (3) (إلى الأيسر). فإن انتقل (4)
إلى الصعب مع إمكان ما دونه ضمن، ولو لم يندفع إلا بالقتل فعل،
ولا ضمان.
354

بسم الله الرحمن الرحيم
انتهى الجزء التاسع. ويليه الجزء العاشر إنشاء الله تعالى أوله (كتاب
الديات) مع الفهارس العامة ومواضيع الكتاب ومسائله.
تمت بعون الله عز وجل مقابلة الكتاب. وتصحيحه. واستخراج
أحاديثه. والتعليق عليه بقدر الوسع والامكان في اليوم الأحد الخامس من
شهر جمادي الأول سنة 1389 في بهو مكتبة (جامعة النجف الدينية)
العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) عجل الله تعالى له الفرج.
ولعمر الحق لا أرى ذلك إلا إفاضة من بركات صاحب هذا القبر
المقدس (العلوي) على من حل فيه آلاف التحية والثناء.
فشكرا لك يا إلهي على نعمك وآلائك. ونسألك التوفيق لإتمام الجزء
الأخير من هذا المشروع الديني. وبقية المشروعات الدينية النافعة. إنك
ولي ذلك. والقادر عليه.
جامعة النجف الدينية
السيد محمد كلانتر
355