الكتاب: رسالتان في الخراج
المؤلف: المحقق الأردبيلي
الجزء:
الوفاة: ٩٩٣
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: جمادي الثانية ١٤١٣
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

رسالتان
في
الخراج
تأليف
المحقق البارع الشيخ أحمد
" المقدس الأردبيلي "
1

رسالتان
في الخراج
المؤلف: المحقق البارع الشيخ أحمد المعروف ب‍ (المقدس الأردبيلي)
الموضوع: فقه
عدد الصفحات: 29 صفحة
تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ جمادى الثانية 1413 ه‍
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة من حياة المولى المقدس الأردبيلي " قدس سره "
ذكره - أول من ذكره من أرباب الرجال والتراجم السيد مصطفى التفرشي
(ت 1021) في " نقد الرجال " فقال: أحمد بن محمد الأردبيلي، أمره في الجلالة
والثقة والأمانة أشهر من أن يذكر، وفوق ما تحوم حوله عبارة كان متكلما فقيها عظيم
الشأن جليل القدر رفيع المنزلة، أورع أهل زمانه وأعبدهم وأتقاهم (1). ونقل قوله
الأردبيلي في " جامع الرواة " (2).
وذكره الحر العاملي (ت 1104) في القسم الثاني من " أمل الآمل " فقال:
كان عالما فاضلا مدققا عابدا ثقة ورعا، عظيم الشأن جليل القدر، معاصرا لشيخنا
البهائي. ثم نقل قول التفرشي أيضا (3).
وعلق عليه المولى عبد الله الأصفهاني في " رياض العلماء " يقول: أقول: قرأ
العقليات في بلدة شيراز على مولانا جمال الدين محمود، تلميذ مولانا جلال الدين
الدواني.. وحين ذهب إلى النجف الأشرف ترك العقليات واقتصر على النقليات
حتى أنا سمعنا من الشيوخ أنه حين كان السيد محمد (العاملي
صاحب المدارك) والشيخ حسن (العاملي صاحب المعالم) يقرأون عليه شرح المختصر
(في الأصول للعضدي) كان لا يرخصهما أن يقرءا عليه كل مسألة (يراها) باعتقاده

(1) نقد الرجال: 29.
(2) جامع الرجال: 1: 61.
(3) أمل الآمل 2: 23.
3

لا مدخلية لها في الدين، فيتجاوزان عن ذلك الموضع إلى مسألة أخرى نافعة (1).
أشهر ما عرف به:
إن أشهر وأكثر شئ وأقدس ما عرف به المقدس الأردبيلي هو ما اشتهر عنه من
تشرفه بلقاء الإمام الثاني عشر الحجة ابن الحسن المنتظر " عجل الله تعالى فرجه "
وأول من ذكره بهذا في كتابه هو المولى المجلسي " قدس سره " في موسوعته " بحار
الأنوار " في باب من رآه قريبا من زماننا، قال:
منها: ما أخبرني به جماعة عن السيد الفاضل مير علام قال: كنت في بعض
الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري " على مشرفها السلام " وقد ذهب كثير من
الليل. فبينا أنا أتجول هناك إذ رأيت شخصا مقبلا نحو الروضة المقدسة، فأقبلت
إليه فلما قربت منه عرفت أنه أستاذنا الفاضل العالم التقي الزكي مولانا أحمد
الأردبيلي " قدس الله روحه " (2) فأخفيت نفسي عنه حتى أتى الباب وكان مغلقا
فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة، فسمعته يتكلم كأنما يناجي أحدا، ثم
خرج وأغلق الباب.
فمشيت خلفه حتى خرج من الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة، فمشيت خلفه
بحيث لا يراني، حتى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين
عنده، ومكث طويلا، ثم رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري، وكنت خلفه.
فلما قرب من الحنانة (3) أخذني سعال لم أقدر على دفعه، فسعلت، فالتفت إلي
فعرفني وقال: أنت مير علام؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع ههنا؟ قلت: كنت معك
حيث دخلت الروضة المقدسة إلى الآن، وأقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني
بما جرى لك في هذه الليلة من البداية إلى النهاية. فقال: أخبرك، على أن لا تخبر به
أحدا ما دمت حيا: فلما توثق ذلك مني قال: كنت أفكر في بعض المسائل وقد

(1) رياض العلماء 1: 56.
(2) من هنا يبدو أنه إنما حدث بهذا بعد وفاة المقدس.
(3) الحنانة: موضع بين النجف والكوفة أقرب إلى النجف فيه مسجد.
4

أغلقت علي، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين وأسأله عن ذلك، فلما وصلت إلى
الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت، فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن
يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتا من القبر أن: إئت مسجد الكوفة وسل من
القائم عليه السلام فإنه إمام زمانك، فأتيت إلى المحراب وسألته عنها وأجبت. وها
أنا أرجع إلى بيتي (1).
ونقل هذا الخبر عن المولى المجلسي تلميذه السيد نعمة الله الجزائري في كتابه
" الأنوار النعمانية " (2). فقال: حدثني أوثق مشايخي علما وعملا: أنه كان لهذا
الرجل وهو المولى الأردبيلي تلميذ من أهل تفرش (3) اسمه: مير علام، وقد كان
بمكان من الفضل والورع، قال ذلك التلميذ:
كانت لي حجرة في المدرسة المحيطة بالقبة الشريفة، فاتفق أني فرغت من
مطالعتي وقد مضى جانب كثير من الليل، فخرجت من الحجرة أنظر في صحن
الحضرة، وكانت الليلة شديدة الظلام، فرأيت رجلا مقبلا على الحضرة الشريفة،
فقلت: لعل هذا سارق جاء ليسرق شيئا من القناديل، فنزلت وأتيت إلى قربه
فرأيته وهو لا يراني، فمضى إلى الباب ووقف، فرأيت القفل قد سقط وفتح له الباب
الثاني (الرواق) والثالث (الحرم) على هذا الحال، فأشرف على القبر فسلم، وأني
من جانب القبر رد السلام! فإذا هو يتكلم مع الإمام عليه السلام في مسألة علمية!
ثم خرج من البلد متوجها إلى مسجد الكوفة، فخرجت خلفه وهو لا يراني، فلما
وصل إلى محراب المسجد سمعته يتكلم مع رجل آخر بتلك المسألة. ثم رجع ورجعت
خلفه.
فلما بلغ إلى باب البلد أضاء الصبح فأعلنت له نفسي وقلت له: يا مولانا كنت
معك من الأول إلى الآخر، فأعلمني من كال الرجل الأول الذي كلمته في القبة؟

(1) بحار الأنوار 52: 174.
(2) الأنوار هنا جمع النور بفتح النون بمعنى الزهرة والكمامة والبرعم، ولذلك أضيفت إلى النعمان ملك
الحيرة، كما في شقائق النعمان. وليس جمع النور بمعنى الضوء حيث لا يناسب الإضافة.
(3) بلدة تبعد عن قم ثلاثين كيلو مترا إلى أراك.
5

ومن الرجل الآخر الذي كلمك في مسجد الكوفة؟ فأخذ علي المواثيق أني لا أخبر
أحدا بسره حتى يموت، ثم قال لي:
يا ولدي إن بعض المسائل تشتبه علي فربما خرجت في بعض الليل إلى قبر مولانا
أمير المؤمنين وكلمته في المسألة وسمعت الجواب، وفي هذه الليلة أحالني على مولانا
صاحب الزمان وقال لي: إن ولدنا المهدي هذه الليلة في مسجد الكوفة فامض إليه
وسله عن هذه المسألة، فكان ذلك الرجل هو المهدي عليه السلام.
ذكر ذلك السيد الجزائري ثم قال: هذه نبذة من أحواله فاعتبر أحواله الباقية!
كان عام الغلاء يقاسم الفقراء ما عنده من الأطعمة ويبقي لنفسه مثل سهم
واحد منهم، فاتفق أنه فعل في بعض السنين الغالية هكذا، فغضبت عليه زوجته
وقالت: تركت أولادنا في مثل هذه السنة يتكففون الناس؟! فتركها ومضى عنها
إلى مسجد الكوفة للاعتكاف!
فلما كان اليوم الثاني جاء رجل مع دواب حملها الطعام الطيب من الحنطة
الصافية والطحين الناعم، فقال: هذا بعثه إليكم صاحب المنزل وهو معتكف في
مسجد الكوفة!
فلما جاء المولى من اعتكافه أخبرته زوجته بأن الطعام الذي أرسلته مع الأعرابي
طعام حسن! فحمد الله تعالى. وما كان له خبر عنه.
وكان يتعمم كبيرة، فإذا طلب منه أحد عمامة أو مقنعة قطع له من
تلك العمامة (1).
ومن جملة ورعه:
ومن جملة ورعه: أنه كان يستأجر دابة من النجف ويأخذها من صاحبها يمضي
بها إلى زيارة الكاظمين والعسكريين عليهم السلام، فإذا أراد الرجوع ربما أعطاه بعض
أهل بغداد من الشيعة كتابا (رسالة) ليوصلها إلى بعض أهل النجف، فكان يضع

(1) الأنوار النعمانية 2: 302 تبريز.
6

الكتاب في جيبه ويمشي ويسوق الدابة من بغداد إلى النجف، ويقول: إن صاحب
الدابة لم يأذن لي في حمل هذا الكتاب على دابته (1).
والخبر بهذا التعبير قد يوهم تكرر الأمر مما يستبعد معه، ولكن معاصر السيد
الجزائري وزميله في الدراسة: السيد محمد صالح الخاتون آبادي (ت 1116) صهر
العلامة المجلسي، ذكر الخبر في كتابه " حدائق المقربين " فقال: " كان يخرج
من النجف الأشرف إلى زيارة الكاظمين عليهما السلام على دابة الكراء، فاتفق أنه
خرج في بعض أسفاره ولم يكن معه مكاري الدابة، فلما أراد أن يرجع من
الكاظمين أعطاه بعض أهل بغداد رقيمة (رسالة) ليوصلها إلى بعض أهل النجف،
فأخذها وجعلها في جيبه، ولكنه لم يركب بعد على الدابة فكانت هي تمشي قدامه
إلى النجف، وكان يقول: أنا لم أؤذن من المكاري بحمل ثقل هذه الرقيمة
(الرسالة).
قال: وحكوا أيضا: أنه كان إذا أراد الحركة إلى الحائر المقدس لأجل الزيارات
المخصوصة كان يحتاط في صلاته بالجمع بين القصر والتمام ويقول: إن طلب العلم
فريضة وزيارة الحسين عليه السلام سنة، فإذا زاحمت السنة الفريضة احتمل تعلق
النهي عن ضد الفريضة بها وصيرورتها من أجل ذلك - سفر معصية! مع أنه كان
لا يدع في ذهابه وإيابه مطالعة الكتب والتفكر في مشكلات العلوم مهما استطاع (2).
وما نقله السيد الجزائري من بذل المترجم من عمامته الكبيرة أيضا نقله معاصره
وزميله في الدراسة السيد الخاتون آبادي في " حدائق المقربين " بأدق مما نقله
الجزائري وقدم له مقدمة قال فيها: وكان يأكل ويلبس ما يصل إليه بطريق الحلال
رديا كان أم سنيا ويقول: المستفاد من الأحاديث الكثيرة وطريقة الجمع بين
الأخبار: أن الله يحب أن يرى أثر ما ينعمه على عباده عند السعة، كما يحب الصبر
على القناعة عند الضيق. فكان لا يرد من أحد شيئا، ومتى التمس أحد منه أن يلبس

(1) الأنوار النعمانية 2: 302 تبريز.
(2) روضات الجنات 1: 82 عن حدائق المقربين للسيد الخاتون آبادي صهر المولى المجلسي.
7

شيئا من الثياب النفيسة لبسها، وتكرر أنه أهديت إليه عمائم غالية فيلبسها ويخرج
بها إلى الزيارة، فإذا طلب شيئا منها أحد السائلين خرق منها قطعة لأجله، وهكذا،
حتى لا يبقى على رأسه عند عودته لبيته من تلك العمامة النفيسة سوى ذراعا
واحدا! (1).
ومن صبره على القناعة عند الضيق كان يلبس ما يصل إليه من طريق الحلال
ولو كان رديا أو رثا، حتى حكي أنه لرثاثة أثوابه أصابه بعض زوار النجف في
الطريق فلم يعرفه، فطلب منه أن يغسل ثياب سفره وقال: أريد أن تزيح عنها درن
الطريق وتجيئني بها. فتقبل منه ذلك وباشر بنفسه قصارتها وتبييضها إلى أن فرغ منها
فجاء بها إلى ذلك الرجل ليسلمها إياه، فاتفق أن عرفه الرجل في هذه المرة وجعل
الناس يوبخونه على ذلك العمل وهو يمنعهم عن الملامة ويقول: إن حقوق إخواننا
المؤمنين أكثر من أن يقابل بها غسل الثياب!.
ولعل العمامة والثياب النفيسة التي كانت تهدى إليه كانت من الشاه عباس
الصفوي فكان لا يرد من أحد شيئا حتى من الشاه الصفوي، بل يلبسها بالتماسه،
ولكنه بذلك يبدلها للسائلين بالتماسهم، فكأن يده كانت اليد المحللة بين السلطان
والناس.
قال الخونساري في " روضات الجنات ": كان الشاه عباس الصفوي يبالغ في
تعظيمه وتبجيله ويرسل إليه بكل جميل، وهو في ذلك يستدعي من جنابه أن يتوجه
إلى إيران، ويتحاشى الشيخ في جوابه عن قبول ذلك، ويؤكد على رضاه بما أنعم الله
عليه من التوفيق للمقام في النجف الأشرف (2) ولعل ذلك أيضا كان من تقدسه
واحتياطاته، وإن كان لم يحترز عن قبول هداياه.
* * *

(1) روضات الجنات 1: 82 عن حدائق المقربين للخاتون آبادي صهر المولى المجلسي.
(2) روضات الجنات 1: 83.
8

وساطاته وشفاعاته:
ولذلك كان يلجأ إليه أحيانا بعض المقصرين في خدمة الحكومة الصفوية
ويطلبون منه الوساطة والشفاعة فيشفع لهم، كما نقل الخونساري في " روضات
الجنات " عن كتاب " المقامات " الذي وضعه سيدنا الجزائري في شرح أسماء الله
الحسنى، قال: التجأ إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام رجل كان مقصرا في خدمة
الحكومة الصفوية، وطلب من الأردبيلي " نور الله ضريحه " أن يكتب إلى السلطان
الشاه عباس الأول يطلب منه أن لا يؤذيه، فكتب إليه بالفارسية ما ترجمته هكذا:
" ليعلم بأني الملك المستعار عباس! أن هذا الرجل وإن كان في أول أمره ظالما
فهو الآن يبدو مظلوما، فلو عفوت عن تقصيره لعل الله يعفو عن بعض تقصيراتك.
كتبه عبد سلطان الولاية: أحمد الأردبيلي " فأجابه الشاه:
" عباس يعرض عليكم: إن الخدمة التي أمرتم بها تقبلها وقدمها مع الامتنان،
فالرجاء أن لا ينسى (المولى) هذا المحب عن دعاء الخير. كتبه كلب عتبة علي
عليه السلام: عباس " (1).
بل كان أحيانا يتوسط لبعض فقراء السادة إليه أو إلى والده الشاه طهماسب
لإعانتهم، كما نقله الجزائري أيضا وقال: فلما وصلت الكتابة إليه قام وقرأها وقوفا
تعظيما لها، فلما رأى فيها وصفه بالأخوة من قبل الأردبيلي قال: إذا دفنتموني
فضعوا هذا الكتاب تحت رأسي، لاحتج به على منكر ونكير بأن المولى أحمد
الأردبيلي سماني أخا له. فأحضر كفنه ووضع الكتاب فيه (2).

(1) روضات الجنات 1: 85 هكذا بدون تاريخ، والتاريخ الرسمي لجلوس الشاه عباس سنة 996 بينما
يأتي أن وفاة الشيخ في 993 أي قبل جلوس الشاه عباس بثلاث سنين. ولكن المنشي الميرزا
إسكندر بيك المؤرخ الأول لأول عهد الصفوية ذكر في كتابه تاريخ عالم آرا العباسي: أن وفاة
الشاه السابق الشاه طهماسب كان في 984 وبعده تناثر الملك حتى توافقوا بعد فترة على ابنه الشاه
عباس فملك، وإنما تاريخ جلوسه الرسمي 996 وليس تاريخ تملكه. وبه يندفع الإشكال وينحل.
(2) روضات الجنات 1: 84، 85 عن المقامات للسيد الجزائري.
9

مشايخه:
مر عن الأفندي في " رياض العلماء ": أنه قرأ العقليات في بلدة شيراز على
مولانا:
1 جمال الدين محمود، تلميذ مولانا جلال الدين الدواني. والشرعيات على (1).
وعن تلمذته على جمال الدين محمود قال الخونساري في " روضات الجنات ":
كان شريكا في الدرس مع المولى عبد الله اليزدي (صاحب حاشية المولى عبد الله في
المنطق شرح تهذيب المنطق للتفتازاني) والمولى الميرزا جان الباغ نوي عند المولى
جمال الدين محمود الذي كان من تلامذة المولى جلال الدواني.
وقد قرأ في المنقول والمعقول على بعض تلامذة الشهيد الثاني وفضلاء المشاهد
المشرفة.
2 - وله الرواية عن السيد علي الصائغ من كبار تلامذة الشهيد المبرور، كما في
أول الأربعين للمجلسي (2).
تلامذته:
قال الأفندي في " رياض العلماء ": سمعت من مشايخنا أن له " قدس سره "
عشرة تلاميذ كلهم فضلاء علماء منهم:
1 الميرزا محمد الاسترآبادي.
2 المير فضل الله (ابن السيد محمد الاسترآبادي).
3 السيد محمد صاحب " المدارك ".
4 الشيخ حسن (صاحب المعالم) (3).

(1) رياض العلماء 1: 56 والنسخة ناقصة عن شيخه في الشرعيات.
(2) روضات الجنات 1: 82.
(3) رياض العلماء 1: 56، 57.
10

ومر عن المولى المجلسي وتلميذه السيد الجزائري، أن منهم:
5 المولى مير علام التفرشي الذي روي عنه لقاء المترجم بالحجة " عجل الله
فرجه " ونقل الخونساري في " روضات الجنات " أن المولى الميرزا محمد الاسترآبادي
سأل المولى أحمد المقدس عند وفاته عمن يستحق أن يرجع إليه بعده؟ فقال: أما في
الشرعيات فإلى المير علام، وأما في العقليات فإلى المير فضل الله (1) وكأنه أضاف
عن الخاتون آبادي.
6 - المولى عبد الله التستري (2) ولم نعثر على غيرهم.
مؤلفاته:
قال الأفندي في " رياض العلماء ": له:
1 - شرح " إرشاد الأذهان إلى أحكام الايمان " (للعلامة الحلي) وهو موجود
الآن من الأول إلى آخر مباحث الوقوف والصدقات، ثم لم يوجد فيما بين (كذا)
ويوجد من الصيد والذباحة إلى الآخر. وقد سمعنا من بعض الأفاضل أنه قد كتبه
ولكن لعسر الاطلاع على خطه لم يكتبه أحد من الناس إلى أن اندرس.
ونسب إليه مولانا سلطان حسين الاسترآبادي في كتاب " تحفة المؤمنين ".
2 - زبدة البيان.
3 - حاشية على إلهيات شرح التجريد، بسط الكلام فيه في بحث الإمامة، ونقل
الأدلة عن الفخر الرازي وأبطلها.
4 - رسالة فارسية في حرمة الخراج تنسب إليه.
5 - تعليقات على " قواعد الأحكام " للعلامة.
6 - تعليقات على " تذكرة الفقهاء " للعلامة في الفقه، رأيتهما بخطه على
الكتابين في مشهد الحسين عليه السلام.

(1) روضات الجنات 1: 80.
(2) روضات الجنات 1: 82.
11

7 - تعليقات على شرح المختصر للعضدي، رأيتها بخطه.
8 - رسالة فارسية في مناسك الحج مختصرة، رأيتها في دهخوارقان.
9 - رسالة فارسية في الإمامة، مبسوطة.
10 - حواشي كتاب كاشف الحق.
11 - رسالة إثبات الواجب.
12 - رسالة في عدم صحة قول الأصحاب بعدم خلو الزمان عن المجتهد، رأيتها
بخط الأمير شرف الدين الشولستاني، في استراباد، نقلا عن خط ولد المؤلف.
13 - رسالة في كون أفعال الله تعالى معللة بالأغراض، رأيتها في مازندران (1).
14 - حديقة الشيعة، ذكره الحر في " أمل الآمل " بعد أن ذكر له: آيات
الأحكام، وشرح الإرشاد وقال: كبير لم يتم (2) ولم ينص عليه المجلسي ولكنه عقد
المصباح الثالث من مصابيح كتابه بالفارسية: " عين الحياة " في ذم الصوفية، حيث
عدد من كتب في الرد عليهم قال: " وزبدة العلماء والمتورعين مولانا أحمد الأردبيلي "
وما يعرف عن الأردبيلي في الرد على الصوفية إنما هو في كتابه هذا: حديقة الشيعة.
ولم يذكره الأفندي في تعداد كتبه، ولكنه قال في ترجمة العطار: " قال محمد بن
غياث الدين في " تلخيص كتاب حديقة الشيعة " للمولى أحمد الأردبيلي بالفارسية "
ومثله في ترجمة عبد الله بن حمزة الطوسي (3) وذكره صاحب " الحدائق " في " لؤلؤة
البحرين " وقال: ذكره شيخنا عبد الله بن صالح وشيخنا العلامة الشيخ سليمان بن
عبد الله البحراني وغيرهم، فلا يلتفت إلى إنكار بعض أبناء هذا الوقت بأن الكتاب
ليس له وأنه مكذوب عليه (4) وقال الخونساري في " روضات الجنات ": ويدل
عليه أيضا ما يوجد في مجلده الثاني الذي يختص بفضائل الأئمة وإثبات إمامتهم

(1) رياض العلماء 1: 57.
(2) أمل الآمل 2: 57.
(3) مستدرك الوسائل 3: 395.
(4) لؤلؤة البحرين: 150.
12

بالدليل والبرهان من الحوالة إلى " زبدة البيان " ثم قال: ومن تصنيفاته:
15 تعليقات على خراجية الشيخ علي المحقق الكركي (1) وأضاف التبريزي
عن الطهراني:
16 استيناس المعنوية، في الكلام.
17 - أصول الدين. ومنها نسخة بالمكتبة الرضوية.
18 حاشية على شرح التجريد للقوشجي (2) ولعلها هي التي مر ذكرها عن
الأفندي.
خراجيات المترجم:
مر عن الأفندي في " رياض العلماء " أن له رسالة في حرمة الخراج بالفارسية.
وعن الخونساري في " روضات الجنات ": أن له تعليقات على خراجية الشيخ علي
المحقق الكركي.
وفي سنة 1313 طبعت خراجيات المحقق الكركي وردها للفاضل القطيفي
ودعم الرد للمترجم ورد الدعم للفاضل الشيباني ورد الرد للمترجم، وأعيد طبعها
بالأوفست سنة 1402 بقم المقدسة في مجموعة بعنوان " كلمات المحققين " وذكر
العلامة الطهراني خراجيتي المترجم في " الذريعة " (3).
وطبعت خراجية المترجم في دعم الفاضل القطيفي مع خراجيته الأخرى في رد
الفاضل الشيباني، مع كفاية الأصول للآخوند الخراساني سنة 1318 كما في
" ريحانة الأدب " (4).
والخراجيتان للمترجم عربيتان يبدو من أولاهما أنها الأولى، حيث قال الفاضل

(1) روضات الجنات 1: 83 و 84.
(2) ريحانة الأدب 5: 369 وفيه صورة للمقدس الأردبيلي رسمت بأمر الشاه عباس الصفوي.
(3) الذريعة 7: 144.
(4) ريحانة الأدب 5: 369.
13

الشيباني في ردها: إنه قد اشتهر أن مولانا أحمد الأردبيلي " سلمه الله تعالى وأبقاه "
يقول بتحريم الخراج، وقد سألني جماعة من أصحابه عن ذلك فقلت لهم: المناسب
أن يكتب مولانا في ذلك شيئا يدل على تحريمه. فبعد مدة ظهرت منه رسالة
محصلها: أن الخراج فيه شبهة. وأنا أنقل عبارته حرفا بحرف..
فكأن هذه الرسالة التي يردها التي تدل على " أن الخراج لا يخلو عن شبهة " هي
أولى رسائله، وهي في خمس صحائف من الطبعة القديمة من القطع المتوسط، فلما ردها
الفاضل الشيباني برسالة في أربع عشرة صحيفة من نفس القطع والطبع، أجابه
المترجم برسالة في ورقة واحدة بصفحتين قال في أولها: فائدة: الذي أظن تحريم
ما يأخذون في هذا الزمان بغير إذن الإمام عليه السلام مثل العشر الحاصل من
القرى..
هذا، فإن كانت له بعد هاتين الخراجيتين خراجية أخرى فارسية كما قاله
الأفندي، فلعلها كانت الثالثة بعد هاتين.
وفاته ومدفنه:
قال التفرشي في " نقد الرجال " توفي " رحمه الله " في شهر صفر سنة ثلاث
وتسعين وتسعمائة، في المشهد المقدس الغروي، على سكنه من الصلوات أشرفها
ومن التحيات أكملها (1) والتفرشي أول من نقل تاريخ وفاته وعليه عول من بعده:
الحر العاملي في " أمل الآمل " والبحراني في " لؤلؤة البحرين " والخونساري في
" روضات الجنات ".
ولم يعينوا محل دفنه، إلا أن السيد الأمين قال في " أعيان الشيعة ": دفن في
الحجرة التي عن يمين الداخل إلى الروضة المقدسة، كالعلامة الحلي المدفون في
الحجرة التي عن يسار الداخل، وكل من يدخل إلى الروضة أو يخرج لا بد أن يقرأ له
الفاتحة (2).

(1) نقد الرجال: 29.
(2) أعيان الشيعة 3: 80.
14

بينما كتب العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم في تعاليقه على " لؤلؤة
البحرين ":
دفن في الإيوان الذهبي العلوي، في حجرة خاصة به بجنب المنارة القبلية (1).
وهي عن يسار الداخل إلى الروضة من الإيوان لا اليمين، وعليه السيرة والتسالم.
والسلام عليه يوم ولد، ويوم مات، ويوم يبعث حيا.
محمد هادي اليوسفي الغروي

(1) لؤلؤة البحرين: 148.
15

[الرسالة الأولى]
بسم الله الرحمن الرحيم
إعلم وفقك الله لمرضاته أن الخراج لا يخلو عن شبهة، فإنه على ما فهم من
كلامهم، إنه كالأجرة المضروبة على الأرض التي فتحت عنوة وكانت عامرة
حين الفتح، وفي معناه المقاسمة، سواء كانت من عين حاصل الأرض كالثلث،
أو من النقد بل غيره أيضا.
وقيل: إنه مختص بالقسم الثاني والمقاسمة بالأول.
وقد يفرق بالمضروب على الأرض والمواشي وهي التي أخذت بالسيف
والغلبة مع النبي صلى الله عليه وآله، أو مع الإمام ونائبهما في الجهاد،
وإلا يكون فيئا لهما عليهما السلام على ما يفهم من عباراتهم وإن كان دليلهم لا
يخلو عن ضعف، إلا كلام المحقق في المعتبر (1) والنافع (2) فإنه يدل على تردده في
كون ما أخذه العسكر بغير إذنه فيئا وقالوا: وهذه الأرض للمسلمين قاطبة
فيكون حاصلها لهم، وأمرها إلى الإمام عليه السلام ويصرف حاصلها في مصالح
المسلمين من المساجد والقناطر والقضاة والأئمة والمؤذنين وسد الثغور والغزاة
وغيرها.
وينبغي كون ذلك بعد اخراج الخمس، لأنه من الغنيمة وكلام أكثر

* كذا والصحيح " يكن ".
(1) المعتبر / ص 296.
(2) المختصر النافع ص 64.
17

الأصحاب خال عنه ونبه عليه الشيخ إبراهيم - رحمه الله في نقض الرسالة
الخراجية للشيخ علي بن عبد العالي. وفي العبارة المنقولة عن المبسوط تصريح
بوجوب الخمس في هذه الأراضي (1).
واعلم أيضا أنه ما ثبت كون الأرض فتحت عنوة على الوجه المذكور إلا ما
ثبت في زمن النبي صلى الله عليه وآله كونه كذلك وأما غيره، فالعراق
وجد كونها مفتوحة عنوة في كثير من العبارات حيث فتحت في زمان الثاني بالقهر
وقيل: كان بإذن أمير المؤمنين عليه السلام وكان الحسنان عليهما السلام مع
العسكر، وقد منع ذلك، وذلك منقول عن فخر الفقهاء ووالده في التنقيح (2).
ويفهم ذلك من كلام المبسوط وإن يفهم منه خلافه أيضا (3) وبالجملة، ما ثبت
كونه كذلك.
نعم، فيما رواه الشيخ في الصحيح - على ما قيل " عن محمد الحلبي قال:
سئل أبو عبد الله عليه السلام عن السواد، ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين
الحديث " (4) دلالة على ذلك، مع أنه قد يكون للتقية على ما قيل، أو يكون له
عليه السلام جعلها كذلك تفضلا منه.
وأما ما سوى العراق مثل الشام، ونقل عن العلامة (5)، وخراسان إلى كرمان
وخوزستان وهمدان وقزوين وحواليها ونقل أنها خراجية عن القطب الراوندي في
الخراجية (6)، فقد علمت أن حليته موقوفة على تحقيق كون الأرض، التي يؤخذ
منها الخراج أخذت عنوة وكانت معمورة حينئذ ومضروب الخراج ولم يدع أحد

(1) المبسوط / ج 2 ص 66.
(2) لا يتوفر لدينا هذا الكتاب وقد نقل القطيفي هذا القول عن الفخر ووالده، راجع كلمات المحققين ص 281.
(3) المبسوط / ج 2 ص 34.
(4) نقل مضمونه في كتاب من لا يحضره الفقيه ج 3: ص 240 رقم 3879 والوسائل ج 12: ص 274 ح 4 و ج 17 ص 346 ح 1
والتهذيب ج 7: ص 147 ح 1.
(5) راجع التذكرة / ج 2 ص 402. (6) رسائل المحقق الكركي / المجموعة الأولى ص 266.
18

ملكيتها ولم تكن موقوفة لما سيجئ ودونه خرط القتاد إذ طريقه الخبر المتواتر أو خبر
الواحد الصحيح وليس شئ من ذلك بمعلوم ولا مظنون بظن معتبر.
ولا يمكن إثباته بكونها معمورة الآن، وأن الجائر يأخذ عنها الخراج، كما قال
الشيخ زين الدين في شرح الشرايع (1) حملا لفعل المسلمين على الصحة إذ الأصل
عدمه، وذلك قرينة ضعيفة. إذ الجائر يرى عدم تقييده لأخذه مال الناس،
ولدخوله فيما ليس له كالقتل وغير ذلك، فكيف يمكن حمل ذلك منه على الصحة؟
ولأنه يأخذ الخراج من غير محله وفوق الحق ومن غير رضى المتصرف، بل وقد
ينقص محصوله عن الخراج، ولا يتمكن من الترك، بل لو ترك الزراعة يؤخذ منه
الخراج، على أنهم صرحوا بأن أخذ الجائر غير جائز وأنه ظلم وحرام وهو آثم به،
فكيف يحكم على الصحة والإباحة ولا يعتبر شرعا في أخذ ما في أيدي الناس
الدالة على الملكية؟ وقد يدعى الملكية أيضا.
قال فيه في شرح قول المصنف: " والنظر فيها أي في الأرض المفتوحة عنوة إلى.
الإمام ": " هذا مع ظهوره وبسط يده، أما مع غيبته كهذا الزمان، فكل أرض
يدعي أحد ملكيتها بشراء أو إرث ونحوها ولا يعلم فساد دعواه تقر في يده
كذلك، لجواز صدقه، وحملا لتصرفه على الصحة، فإن الأرض المذكورة يمكن
تملكها بوجوه " (2) وذكر وجهين.
ثم على تقدير الثبوت فلا دليل يعتد به عليه، وإن كان ظاهر عبارات
الأصحاب يفيده، لكن الأخذ بمجرد ذلك من غير ظهور دليل: وثبوت إجماعهم
بحيث يقنع النفس به وإن ادعى الشيخ على ذلك الاجماع في الخراجية لما
يعلم في الاجماع ودعواه في هذا الزمان في مثل هذه المسألة مشكل، لأن الظاهر أن

(1) مسالك الأفهام في شرح شرائع الاسلام / ج 1 - ص 155.
(2) مسالك الأفهام في شرح شرائع الاسلام / ج 1، ص 155.
19

المال لمن في يده من غير أن يكون لأحد شيئا إذ ثبوت الخراج في أرضه من الإمام،
وقبوله على ذلك المقدار المقر الآن غير واضح وإن سلم أن أرضها مما يجب فيه
الخراج. فيكون هو غاصبا يلزمه أجرة المثل وليس بمعلوم كونها المقدار المقرر
المأخوذ باسمه.
ثم إن ذلك دين في ذمته فلا يمكن الأخذ إلا برضاه، ولا يتعين كون المأخوذ
لذلك إلا بأخذهم أو أخذ وكيلهم وهو متعذر حينئذ، فيكون ثابتا في ذمته
يوصي به إلى أن يصل إلى صاحبه أو الحاكم لو أمكن ويكون له ذلك، إذ
الإمام ناظر ولا يلزم من كون الحاكم نائبا عنه في الجملة كونه نائبا في ذلك، أو
يوصل هو إلى أهله أي يصرفه في مصالح المسلمين، أو يكون ساقطا سيما مع
الاحتياج، إذ هو من المسلمين، فقد يكون هذا من نصيبه حيث إن المفهوم من
كلام الشيخ علي - رحمه الله - أن الآخذ إنما يأخذه لأنه من بيت مال المسلمين
وللآخذ نصيب فيه وحصة، ولا شك أن ذا اليد أيضا كذلك.
ثم بعد ذلك كله كيف يصنع الآخذ بالخمس؟ وكيف يقسمه في هذا
الزمان من غير إذن الحاكم؟ وأي شئ يفعل بحصته عليه السلام ونجد أهل هذا
الزمان غافلا عن ذلك كله واعتمد ما في الرسالة الخراجية للشيخ علي وغيره
مع قوله " لا يجوز العمل بقول الميت بوجه "، ويفهم من كلامه دعوى الاتفاق
ودليله عليه عباراتهم المنقولة في الرسالة، ومعلوم أنها ليست عبارات جميعهم ولا
بعضهم الذي فيه من يظن كونه الإمام ولو بجهل النسب على ما قالوه، مع أنه
لا يفيد الظن، على أن أكثر العبارات التي فيها لا يخلو عن شئ كما ذكر في
نقضها، مع أن الأصحاب إنما جوزوا أخذ ما قبضه الجائر على ما يظهر من
كلامهم، فالإجماع على تقديره إنما يكون على ذلك لا مطلقا لأن بعض
الأصحاب صرح بعدم جواز التناول بغير ذلك.
ونقل في النقض أن السيد عميد الدين ابن عبد الحميد قال في شرحه
20

للنافع: " وإنما يحل بعد قبض السلطان أو نائبه - ولهذا قال المصنف: (1) ما يأخذه
باسم المقاسمة - فقيدة بالأخذ ".
ويفهم من الدروس أيضا ذلك، بل أخص منه على ما نقله فيه، إذ يفهم
عدم الجواز عنده إلا في المعاوضة حيث قال فيه: " وكما يجوز الشراء يجوز سائر
المعاوضات كالهبة والصدقة والوقف ولا يحل تناولها بغير ذلك ".
ومنه يعلم أن جواز التناول مطلقا ليس بمجمع عليه أيضا، بل فيه خلاف
حيث يفهم عدمه عند الشهيد وعند السيد المذكور وفي النافع أيضا على ما
فهمه.
وأما أدلتهم فهي بعض الأخبار ولا دلالة ظاهرة فيها وادعى النصوصية فيها
الشيخ علي وهي خبر أبي بكر الحضرمي الذي رواه الشيخ عنه، عن أبي عبد الله
عليه السلام وموضع الدلالة منه قوله عليه السلام: " ما منع ابن أبي سماك أن
يبعث إليك بعطائك، أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟ " (2).
وقال الشيخ علي فيها: " قلت: هذا نص في هذا الباب إلى قوله: حيث إنه
يستحق في بيت المال نصيبا، وقد تقرر في الأصول تعدي الحكم بالعلة
المنصوصة ".
قلت: الحديث غير معلوم الصحة وعدم ظهور الدلالة، إذ غايتها جواز قبول
الحضرمي في عطاء ابن أبي سماك لأن له في بيت المال نصيبا فهم بالقياس
جواز الأخذ منه لمن كان مثل الحضرمي في الاستحقاق من بيت المال، بأن يكون
من المصالح، فلم يدل على جواز أخذ الخراج من كل جائر مؤمنا وغيره لكل
أحد، سواء كان ممن يستحق من بيت المال أو لا.

(1) أي المحقق الأول رحمه الله.
(2) الوسائل ج 12 ص 157 باب 51 من أبواب ما يكتسب به ح 6 وأيضا في التهذيب ج 2، ح 102، و ج 6 ص 336 ح 54.
21

فالاستدلال بمثله في هذه المسألة لا يخلو عن إشكال وأشد منه تسميته
بالنص.
نعم يمكن الاستدلال به في الجملة على جواز أخذ الجوائز من الجائر كما
استدل به عليه العلامة في المنتهى (1) وليس بتام أيضا.
وأيضا صحيحة هشام الدالة على جواز شراء مال الصدقة من الجائر حتى
يعرف أنه حرام (2) ولا خفاء في عدم دلالتها على المدعى وهو ظاهر.
وأيضا ما روي أن الحسنين عليهما السلام قبلا جوائز معاوية (3) وعدم الدلالة ظاهر.
وأيضا صحيحة عبد الرحمن، حين قال له أبو الحسن عليه السلام: " ما لك
لا تدخل مع علي في شراء الطعام، إني أظنك ضيقا قال: قلت: نعم، فإن شئت
وسعت علي، قال: اشتره " (4) ومعلوم أن ليس فيه إلا الدلالة على جواز شراء
طعام كان عبد الرحمن ضيقا من شرائه، ولا يدل على جواز أخذ الخراج من كل
جائر لكل أحد بكل وجه وهو المدعى.
وأيضا صحيحة جميل بن صالح قال: " أرادوا بيع تمر عين أبي زياد، فأردت
أن أشتريه، فقلت: حتى أستأذن أبا عبد الله عليه السلام فأمرت مصادفا فسأله
فقال: قل له فليشتره فإنه إن لم يشتره اشتراه غيره " (5) وهي مثل ما قبلها في الدلالة
بل أقل، على أنه قد يكون صحتهما موقوفة على توثيق عبد الرحمن ومصادف.
ونقلهما الشيخ علي في الخراجية (6)، وقال: " وقد استدل بالأخير في المنتهى

(1) المنتهى / ج 2، ص 1026.
(2) الوسائل ج 12، ص 161 ح 5 كتاب التجارة، الكافي ج 5 ص 228 ح 2، التهذيب ج 6 ص 375 ح 215.
(3) الوسائل ج 12، ص 157 كتاب التجارة باب 51 من أبواب ما يكتسب به ح 4، و ص 159 ح 13، قرب الإسناد ص 45،
التهذيب ج 6، ص 337 ح 56.
(4) الوسائل ج 12، ص 161 كتاب التجارة باب 52 من أبواب ما يكتسب به ح 1 التهذيب ج 6 ص 336 ح 53.
(5) الوسائل ج 12، ص 162 كتاب التجارة باب 53 من أبواب ما يكتسب به ح 1، الكافي ج 5 ص 229 ح 5، التهذيب ج 6
ص 375، ح 213.
(6) رسائل المحقق الكركي / المجموعة الأولى ص 272.
22

على هذه الدعوى ثم اعترض الشيخ علي على نفسه بأن جواز الشراء لا يدل
على غيره، وأجاب أن حل الشراء يستلزم حل جميع أسباب النقل " وأنت
تعلم أنه غير واضح، إذ قد يكون جواز الشراء لحصول العوض وغير ذلك، ألا ترى
أن المكاتب يجوز له الشراء ولا يجوز له الهبة، وأيضا أجاب عن عدم لزوم جواز
الأخذ بأمر الجائر من جواز أخذ ما قبضه على تقدير تسليمه بنحو ذلك، وهو غير
ظاهر.
وبالجملة هذه المسألة في الغاية من الإشكال، حيث إنهم حكموا بها بهذه
الأدلة وقالوا: لا يجوز الأخذ إلا بإذن الجائر.
بل نقل الشيخ علي عن البعض " أنه لا يجوز السرقة والكتمان للزارع " مع
قولهم بعدم جواز الأخذ للجائر وأنه ظالم، فلا يجوز البيع منه حينئذ بل لا يمكن
تحقق البيع وكيف يجوز بيع مال المسلمين الذي الناظر فيه الإمام عليه السلام
ومصرفه بعض المصالح أخذه الظالم ظلما أن يشترى منه أو يتهب، إلا أن يقال
هذا استنقاذ لا بيع حقيقة ولا صدقة ولكن حينئذ شرط الإذن أو القبض غير
ظاهر. وكيف لا يجوز لمن في ذمته السرقة والكتمان؟ بل ينبغي، بل يجب عدم
جواز الاعطاء له إن أمكن، لأنه لا تبرأ ذمته على تقدير قدرته على المنع ولا يتعين
ما أخذ منه مالا للخراج والزكاة.
لكن ما جزم بهذا النقل، بل قال: أظن سماعا عن علي بن هلال. وما نقلوا
دليلا على عدم الجواز إلا بإذن الجائر والجواز به سوى ما مر. فلولا خوف خلاف
الاجماع لأمكن القول بعدم جواز البيع أيضا إذ ليس في الأخبار جواز بيع مال
الخراج المبحوث عنه.
نعم قد يوجد في بعض الأخبار جواز شراء الزكاة فيحتمل زكاة من المشتري
على طريق الاستنقاذ، وأن يكون المراد ممن عنده الزكاة لا عين الزكاة، وأن
يكون العامل مأذونا من الإمام عليه السلام وما كان معلوما ظاهرا للتقية، أو
23

يكون للتقية، أو قضية في واقعة فلا يتعدى وأمثالها كثيرة، وأن يكون لطفا من
الله تعالى تسهيلا للشريعة ونفيا للحرج على تقدير عدم ثبوت براءة الذمة
والضرورة واستحقاق الزكاة فيؤول كلام الأصحاب على بعض تلك الوجوه على
تقدير صحته مثل كون الآخذ من المصالح والمصرف أو الذي يقدر أن يأخذه و
يصرفه في مصرفه وغير ذلك وقد احتمل الشيخ إبراهيم في النقض كون الجائر
مخالفا بظن إمامته وكذا المعطي ويفهم من شرح الشرائع أيضا.
تمت الرسالة الخراجية لمولانا أحمد الأردبيلي رحمه الله في رابع شهر رجب
الأصب سنة 1313.
24

[الرسالة الثانية]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
فائدة
الذي أظن تحريم ما يأخذون في هذا الزمان بغير إذن الإمام عليه السلام مثل
العشر الحاصل من القرايا، فإن حله في الأصل واستحقاق المسلمين له على ما
يفهم من كلامهم رحمهم الله تعالى موقوف على كون تلك القرايا فتحت عنوة
بإذن الإمام عليه السلام، ومعمورة حينئذ، أو فتحت على أن الأرض
للمسلمين، وعلى عدم وقفيتها، وعدم دعوى من في يده ملكيتها، والحال أنهم
يأخذون من الوقف وممن يدعي الملكية، وعلى ثبوت المعاملة كالمزارعة من
الإمام عليه السلام أو نائبه مع من يؤخذ منه الخراج.
أما التوقف على الفتح عنوة بإذن والمعمورية حين الفتح فلأن كل ذلك
مصرح به في محله.
وأما على عدم دعوى ملكيتها فلأنهم صرحوا بأن كل من يدعي ملكية شئ
وهو تحت يده ولم يعلم فساده، يقبل قوله في أنه ملكه، بل مجرد اليد دليل الملكية
مع عدم العلم بالفساد. ولا شك في أنه يمكن صحة تملكه،
مع أنه صرح بذلك
25

الشهيد الثاني في شرح الشرائع (1) وذكر لاحتمال صحة تملكه وجهين.
وأما على ثبوت المعاملة، فإن حاصل القرية لزارعها إذا كان البذر له
ولا يجوز أخذ مال الغير إلا على وجه شرعي وليس بالفرض هناك ما يمكن إلا
مثل ذلك.
وأنت تعلم أن إثبات كل ذلك في زماننا هذا دونه خرط القتاد كيف؟!
وأسهله إثبات الفتح عنوة في العراق. مع أنه قال الشيخ في المبسوط: " وعلى
الرواية التي رواها أصحابنا إن كل عسكر أو فرقة غزت بغير إذن الإمام عليه
السلام فغنمت تكون الغنيمة للإمام عليه السلام خاصة (2) - تكون هذه الأرضون وغيرها
مما فتحت بعد الرسول صلى الله عليه وآله، إلا ما فتحت في أيام أمير
المؤمنين عليه السلام، إن صح شئ من ذلك، للإمام خاصة لا يشترك فيها غيره
عليه السلام " (3)، وقال الشيخ إبراهيم رحمه الله - في نقض الخراجية: " قال
السيد عميد الدين في شرح النافع وظاهره أنه حكاه عن شيخه فخر الدين: وأما
العراق فقيل إنه فتح عنوة فهو للمسلمين لا يباع ولا يوقف ولا يوهب ولا يملك،
لأن الحسن والحسين عليهم السلام كانا مع الجيش، وفتح بإذن علي عليه
السلام وقيل لم يفتح عنوة لأن الفتح عنوة هو الذي يكون بحضور الإمام أو نائب
الإمام أو إذن الإمام، وليس هنا شئ من ذلك، وكذلك قولهم إن الحسن
والحسين عليهما السلام كانا مع الجيش أيضا غير معلوم فلا يكون مفتوحا عنوة
فيكون للإمام عليه السلام، وهو المفتي به وكذا قال والده قدس الله سرهما،
انتهى ".
فلا يسمع دعوى الشهرة بل الاجماع في كون العراق فتحت عنوة.

(1) مسالك الأفهام / ص 155 ج 1.
(2) الوسائل ج 6 ص 369 ح 16 التهذيب ج 4 ص 135 ح 12.
(3) المبسوط / ج 2 ص 34.
26

والذي يوجد في كلام بعض الأصحاب من جواز أخذ ما أخذ الجائر باسم
الخراج، لا يدل على الاجماع، ويمكن أن يكون مع حصول الشرائط من الجائر
المخالف مع كون الآخذ مصرفا للخراج وأخذ ما يحتاج إليه، فلا يسمع دعوى
الاجماع في جواز أخذه مطلقا.
كيف؟! وتوقف مدعي الاجماع المحقق الثاني في جواز أخذه لغير من يكون
مصرفا للخراج مثل الغزاة والقضاة، والمدعي الآخر الشهيد الثاني تردد في شرح
الشرائع في جواز أخذه من الجائر الموافق (1).
ثم إن أغمضنا عن ذلك كله، كيف يجوز لواحد منا سواء كان مصرفا
للخراج أم لا أن يأخذ مالا كثيرا فوق ما يحتاج إليه هو لجميع المسلمين، بمعنى
أنه مال لمصالحهم العامة مثل المسجد والقنطرة، يصرفه وليهم فيها وهو الإمام
عليه السلام أو نائبه، بغير إذنهم وإذن وكيلهم ووليهم ويتصرف فيه كيف
شاء؟
وبالجملة معلوم عدم جواز التصرف في مال الناس إلا على الوجه الشرعي
المعلوم شرعيته عقلا ونقلا كتابا وسنة وإجماعا، وما رأيت دليلا منها يدل على
جواز أخذ واحد منا شيئا مما يأخذ الجائر باسم الخراج ولم نعلم هل لكل أحد
من المسلمين أو للفقراء المستحقين له أو للصالح في الجملة، بقدر الحاجة وفوقها
وهل الجائر هو المخالف أو الأعم وإن كان ظاهر ذلك العموم. ولهذا تردد في بعض
أفراده بعض المجتهدين المدعي للإجماع كما أشرنا إليه وذلك ليس بكتاب ولا سنة
ولا إجماع ولا برهان عقلي حتى يكون حجة بالنسبة إلى من يدعي الاستدلال
وكذا بالنسبة إلى مقلديه، كما عرفت.

(1) مسالك الأفهام / ص 155، ج 1 حيث قال.. لأن المسلمين بين قائل بأولوية الجائر وتوقف التصرف على إذنه وبين
مفوض الأمر إلى الإمام العادل. المعلق.
27

مع أنه فرع جواز تقليده وهو ظاهر، مع أنهم يدعون الاجماع على بطلان تقليد
الموتى، ومعلوم أن حله ليس مما يحتاج إلى الدليل ولا التقليد وهو ظاهر.
والعجب أن الآخذين الآن وإن كانوا غنيين عن هذا وفوق حاجتهم،
مستندهم كلام المحقق الثاني مع أنه يفهم من كلامه رحمه الله في مواضع، التردد
في جوازه لكل أحد مثل الغني وغير المصالح وأنه مع دعواه البرهان عليه ما
اكتفى بذلك في أخذه بل شارك أهل القرية في البذر واشترى بعض الأشجار
منهم صرح به في الخراجية.
وأعجب منه عدم جواز الأخذ إلا بإذن الجائر مع عدم جواز الأخذ له، وعدم
جواز التصرف في الحاصل إلا بعد القسمة وإخراج الحق الذي يطلبه ظلما. فما
علم جواز أخذ الخراج على الإطلاق ولا لزومه على الزارع. نعم يلزم أجرة من
تصرف في أرض الخراجية إن ثبت فيكون دينا في ذمته يأخذه الوالي أو وكيله
يصرفه في مصالح المسلمين. والله أعلم بالصواب.
تمت هذه الرسالة الخراجية أيضا من تأليفات المولى الفاضل العالم المرحوم
المغفور الورع التقي مولانا أحمد الأردبيلي أسكنه الله تعالى في جنانه.
28