الكتاب: شرح اللمعة
المؤلف: الشهيد الثاني
الجزء: ٧
الوفاة: ٩٦٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: منشورات جامعة النجف الدينية
ردمك:
ملاحظات: منشورات مكتبة الداوري - قم / مطبعة أمير - قم / الطبعة الأولى ١٤١٠ (نسخة أفست)

منشورات
جامعة النجف الدينية
15
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: محمد بن جمال الدين مكي العاملي
(الشهيد الأول)
قدس سره
734 - 786
الجزء السابع
1

نام كتاب: اللمعة الدمشقية 10 1
مؤلف: شهيد أول
ناشر: انتشارات داورى - قم
چاپ: چاپخانة أمير
نوبت چاب: چاب أول
تيراژ: 2000 دوره
تاريخ انتشار: 1410 ه‍ ق
2

الروضة البهية
في شرح
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد: زين الدين الجبعي العاملي
(الشهيد الثاني)
قدس سره
911 - 965
3

الإهداء
إن كان الناس يتقربون إلى الأكابر بتقديم مجهوداتهم فليس لنا
أن نتقرب إلى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة عصرنا
(الإمام المنتظر) عجل الله تعالى فرجه
فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية، وإليك يا صاحب
الأمر وناموس الحقيقة أقدم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء كلمة
الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الأنجبين، دينا قيما
لا عوج فيه ولا أمتا
ورجائي القبول والشفاعة في يوم لا ترجى إلا شفاعتكم أهل
البيت. عبد الراجي
4

(عند الصباح يحمد القوم السري)
كان أملي وطيدا بالفوز فيما أقدمت عليه من مشروع في سبيل الهدف
الأقصى للدراسات الدينية (الفقه الإسلامي الشامل).
فأردت الخدمة بهذا الصدد لأزيل بعض مشاكل الدراسة والآن وقد حقق الله
عز وجل تلك الأمنية بإخراج الجزء الأول من هذا الكتاب الضخم إلى الأسواق.
فرأيت النجاح الباهر نصب عيني: انهالت الطلبة على اقتناءه بكل
ولع واشتياق.
فله الشكر على ما أنعم والحمد على ما وفق.
بيد أن الأوضاع الراهنة، وما اكتسبته الأيام من مشاكل إنجازات
العمل وفق المراد أحرجتني بعض الشئ. فإن الطبعة بتلك الصورة المنقحة
المزدانة بأشكال توضيحية، وفي أسلوب شيق كلفتني فوق ما كنت
أتصوره من حساب وأرقام مما جعلتني أئن تحت عبئه الثقيل، ولا
من مؤازر أو مساعد.
فرأيت نفسي بين أمرين: الترك حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا،
أو الإقدام المجهد مهما كلف الأمر من صعوبات.
فاخترت الطريق الثاني واحتملت صعوباته في سبيل الدين، والإشادة
بشريعة (سيد المرسلين)، وإحياء آثار (أئمة الهدى المعصومين)
صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
فاتبعت بعون الله عز وجل (الجزء السادس) (بالجزء السابع) بعزم
قوي، ونفس آمنة.
وكل اعتمادي على الله سبحانه وتعالى وتوسلي إلى صاحب الشريعة
الغراء وأهل بيته الأطهار عليهم صلوات الملك العلام.
ولا سيما ونحن في جوار سيدنا الكريم مولى الكونين (أمير المؤمنين)
عليه الصلاة والسلام.
فبك يا مولاي أستشفع إلى ربي ليسهل لنا العقبات ويؤمن علينا
التبعات إنه ولي ذلك والقادر عليه. السيد محمد كلانتر
5

شكر وتقدير
وافتنا تقاريظ جمة من أفذاذ أعلام العلم والتقى مقدرة هذا العمل
الذي قمنا به. والذي يعني بنشر المعارف الإسلامية على ضوء مذهب
(أهل البيت) صلوات الله عليهم أجمعين الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا.
وإخراج الفقه الإسلامي بصورته الجميلة على حسب ما بينه علماء
(أهل البيت) عليهم الصلاة والسلام الذين هم أدرى بما في البيت.
ونحن بدورنا نشكر تقديراتهم الفائضة ونرجو أن تكون المدة في
نشاطنا المتواصل إلى المستقبل إن شاء الله تعالى.
فإن كنا قد قمنا فيما مضى بإخراج أجزاء من هذا الكتاب القيم الثمين
(اللمعة الدمشقية) ونتواصل في نشر بقية أجزاءها في الحال إن شاء الله
نستعين الباري عز وجل أن يوفقنا فيما يأتي من مستقبل قريب لإخراج
كتاب ثمين آخر وهو كتاب (المكاسب) لشيخنا الأنصاري قدس الله نفسه.
وقد رتبناه على خمسة أجزاء.
المكاسب المحرمة. البيع جزءان. الخيارات جزءان.
ونرى من الواجب نشر ما كتبه سماحة شيخنا العلامة الكبير جهبذة
العلم أستاذ الفقاهة والأصول آية الله (الشيخ حسين الحلي) دام ظله.
فقد تفضل سماحته بتقريظ قيم أنيق يحق أن يزدان به هذا السفر الجليل
كما نتبرك بلمس سطوره وكلماته وحروفه. ولا غرو فإنها خرجت
من قريحة عالم رباني تحرر من زبارج هذه الحياة وزخارفها. فكانت الحقيقة
ومعارفها ضالته فوجدها وألفها وأعرض عن غيرها. وإليك نص التقريظ.
جامعة النجف الدينية السيد محمد كلانتر
في 5 / 9 / 1388
6

بسم الله الرحمن الرحيم
ولدنا العزيز الحجة السيد محمد كلانتر أيده الله وسدد خطاه
تحية مبتدئة بالسلام عليك مشفوعة بالدعاء والتوفيق لمناهج الإصلاح وكم لك منها مما نستوجب
الثناء المضاعف ويستحق التقدير اللائق لك ولكل من يقف موقفك المشكور وينتج كإنتاجك
العالي الغالي وبعد فقد وصلتني هديتك الأخيرة وهو الجزء السادس متمما للأجزاء الخمسة
السابقة من كتاب اللمعة الدمشقية وتصفحته كما تصفحت ما سبقه من الأجزاء
وكلها طراز واحد وإخراج كامل زاد في بهجتها وروعتها بما علقت عليها تعليقا وافيا
بحل مشكلاتها والإشارة إلى أسانيدها وتوضيح ما يوهم التعقيد فيها فارتأيت إكبارا لما رأيت
أن أخط لك هذه السطور معربا عما ملأ ضميري من الإعجاب وردده لساني من الشكر
والثناء مصنفا ذلك لجلائل أعمالك الخالدة وجهادك المتواصل في خدمة الدين والعلم
وطالما استطار بلبي واستنطقني هاتفا بالإطراء تشييدك بناء جامعة النجف
الدينية) في النجف الأشرف على أتم ما يقتضيه الإتقان وعلى أحسن ما ينبغي
أن تكون علمية من الروعة وعلى أكمل ما فرضته فيها من مناهج التدريس طلبة وأساتذة
وسهرك عليها بكل شفقة مهيبا بهم للجد المنهج والعمل المثمر وفقك الله ووفقهم وجزاك الله
خير جزاء المحسنين والسلام عليك ورحمة الله وبركاته (14) شعبان 1378
الأقل حسين الحلي
7

كتاب الغصب
9

كتاب الغصب (1)
11

(وهو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا) (1). والمراد
بالاستقلال: الإقلال (2) وهو الاستبداد به لا طلبه (3) كما هو الغالب في باب
13

الاستفعال، وخرج به (1) ما لا إثبات معه أصلا كمنعه (2) من ماله حتى
تلف، وما (3) لا استقلال معه كوضع يده (4) على ثوبه (5) الذي هو
لابسه فإن ذلك (6) لا يسمى غصبا.
وخرج بالمال الاستقلال باليد على الحر. فإنه لا تتحقق فيه الغصبية
فلا يضمن (7)، وبإضافة (8) المال إلى الغير ما لو استقل بإثبات يده
14

على مال نفسه عدوانا كالمرهون (1) في يد المرتهن، والوارث (2) على التركة
مع الدين فليس بغاصب وإن أثم (3)، أو ضمن (4)، وبالعدوان (5)
إثبات المرتهن، والولي، والوكيل، والمستأجر، والمستعير أيديهم على مال
الراهن، والمولى عليه، والموكل، والمؤجر، والمعير، ومع ذلك (6)
فينتقض التعريف في عكسه (7) بما لو اشترك اثنان فصاعدا في غصب بحيث
لم يستقل كل منهما باليد فلو أبدل الاستقلال بالاستيلاء لشمله، لصدق
الاستيلاء مع المشاركة.
15

وبالاستقلال (1) بإثبات اليد على حق الغير كالتحجير وحق المسجد (2)
والمدرسة والرباط ونحوه مما لا يعد مالا فإن الغصب متحقق (3)، وكذا
غصب ما لا يتمول عرفا كحبة الحنطة فإن يتحقق به (4) أيضا على ما اختاره
المصنف ويجب رده (5) على مالكه مع عدم المالية، إلا أن يراد هنا (6)
جنس المال، أو يدعى إطلاق المال عليه (7).
16

ويفرق بينه (1) وبين المتمول وهو (2) بعيد وعلى (3) الحر والصغير
والمجنون إذا تلف تحت يده بسبب. كلدغ الحية، ووقوع الحائط. فإنه
يضمن عند المصنف وجماعة كما اختاره في الدروس فلو أبدل المال بالحق
لشمل جميع ذلك.
وأما من ترتبت يده (4) على يد الغاصب جاهلا به، ومن سكن
دار غيره غلطا، أو لبس ثوبه (5) خطأ فإنهم ضامنون وإن لم يكونوا
غاصبين، لأن الغصب من الأفعال المحرمة في الكتاب (6)
17

والسنة (1) بل الإجماع (2)، ودليل العقل (3) فلا يتناول غير العالم وإن
شاركه في بعض الأحكام (4)، وإبدال (5) العدوان بغير حق ليتناولهم
من حيث إنهم ضامنون ليس بجيد، لما ذكرناه (6) وكذا (7) الاعتذار
18

بكونه بمعناه أو دعوى (1) الاستغناء عن القيد أصلا ليشملهم، بل الأجود
الافتقار إلى قيد العدوان الدال على الظلم.
وقد تلخص: أن الأجود في تعريفه أنه الاستيلاء على حق (2) الغير
عدوانا، وأن أسباب الضمان غير منحصرة فيه (3).
وحيث اعتبر في الضمان الاستقلال والاستيلاء (فلو منعه من سكنى
داره) ولم يثبت المانع يده عليها (أو) منعه (من إمساك دابته المرسلة)
كذلك (4) (فليس بغاصب لهما (5) فلا يضمن العين لو تلفت، ولا
الأجرة (6) زمن المنع، لعدم إثبات اليد الذي هو جزء مفهوم الغصب.
ويشكل (7) بأنه لا يلزم من عدم الغصب عدم الضمان، لعدم انحصار
19

السبب فيه (1)، بل ينبغي أن يختص ذلك (2) بما لا يكون المانع سببا
في تلف العين بذلك (3) بأن اتفق تلفها (4) مع كون السكنى غير معتبرة
في حفظها والمالك غير معتبر في مراعاة الدابة كما يتفق (5) لكثير من الدور
وللدواب، أما لو كان حفظه متوقفا على سكنى الدار ومراعاة الدابة لضعفها
أو كون أرضها مسبعة (6) مثلا. فإن المتجه الضمان (7) نظرا إلى كونه (8)
سببا قويا مع ضعف المباشر.
20

ومثله (1) ما لو منعه من الجلوس على بساطه فتلف أو سرق أو غصب (2)
الأم فمات ولدها جوعا وهذا (3) هو الذي اختاره المصنف في بعض
فوائده وإن أتبع هنا وفي الدروس المشهور (4).
أما لو منعه من بيع متاعه فنقصت قيمته السوقية مع بقاء العين وصفاتها
لم يضمن قطعا لأن الفائت ليس مالا بل اكتسابه (5).
(ولو سكن (6) معه قهرا) في داره (فهو غاصب للنصف) عينا
وقيمة (7)، لاستقلاله به (8)، بخلاف النصف الذي بيد المالك
21

هذا (1) إذا شاركه في سكنى البيت على الإشاعة من غير اختصاص بموضع معين،
أما لو أختص بمعين أختص بضمانه (2) كما لو أختص ببيت (3) من الدار
وموضع خاص من البيت الواحد (4)، ولو كان قويا مستوليا وصاحب
الدار ضعيفا بحيث اضمحلت يده معه احتمل قويا ضمان الجميع (5).
(ولو انعكس) الفرض بأن (ضعف الساكن (6)) الداخل على المالك
عن مقاومته ولكن لم يمنعه المالك مع قدرته (7) (ضمن) الساكن (أجرة
ما سكن) لاستيفائه منفعته بغير إذن مالكه.
(وقيل) والقائل المحقق والعلامة وجماعة: (ولا يضمن) الساكن
(العين)، لعدم تحقق الاستقلال باليد على العين الذي (8) لا يتحقق
الغصب بدونه (9). ونسبته (10) إلى القول يشعر بتوقفه فيه.
22

ووجهه (1) ظهور استيلائه على العين التي انتفع بسكناها. وقدرة (2)
المالك على دفعه لا ترفع الغصب مع تحقق العدوان.
نعم لو كان المالك نائيا (3) فلا شبهة في الضمان لتحقق الاستيلاء.
(ومد (4) مقود الدابة) بكسر الميم وهو الحبل الذي يشد بزمامها
أو لجامها (5) (غصب للدابة) وما يصحبها للاستيلاء عليها عدوانا (إلا أن
يكون صاحبها راكبا) عليها (قويا) على دفع القائد (مستيقظا) حالة
القود غير نائم فلا يتحقق الغصب حينئذ (6)، لعدم الاستيلاء.
نعم لو اتفق تلفها بذلك (7) ضمنها، لأنه جان عليها.
ولو لم تتلف هل يضمن منفعتها زمن القود؟ يحتمل قويا ذلك (8)،
لتفويتها بمباشرته وإن لم يكن غاصبا كالضعيف الساكن (9) ولو كان
23

الراكب ضعيفا عن مقاومته، أو نائما فلا ريب في الضمان، للاستيلاء
ولو ساقها قدامه بحيث صار مستوليا عليها لكونها تحت يده ولا جماح (1)
لها فهو غاصب، لتحقق معناه (2)، ولو تردت (3) بالجماح حينئذ،
أو غيره (4) فتلفت أو عابت ضمن (5) للسببية (6).
(وغصب الحامل غصب للحمل)، لأنه مغصوب كالحامل، والاستقلال
باليد عليه حاصل بالتبعية لأمه، وليس كذلك حمل المبيع فاسدا (7) حيث
لا يدخل في البيع، لأنه ليس مبيعا فيكون أمانة في يد المشتري، لأصالة
24

عدم الضمان، ولأنه تسلمه بإذن البائع. مع احتمال (1)، لعموم " على اليد
ما أخذت حتى تؤدي (2) ". وبه (3) قطع المحقق في الشرائع (ولو تبعها
الولد) (4) حين غصبها (ففي الضمان) للولد (قولان) مأخذهما عدم (5)
إثبات اليد عليه. وأنه (6) سبب قوي.
والأقوى الضمان وهو الذي قربه في الدروس.
(والأيدي المتعاقبة على المغصوب أيدي ضمان)، سواء علموا جميعا
بالغصب أم جهلوا أم بالتفريق، لتحقق التصرف في مال الغير بغير إذنه
فيدخل في عموم، على اليد ما أخذت حتى تؤدي، وإن انتفى الإثم عن الجاهل
بالغصب (فيتخير المالك في تضمين من شاء) منهم العين والمنفعة (أو) تضمين
(الجميع) بدلا واحدا بالتقسيط (7) وإن لم يكن (8) متساويا، لأن
جواز الرجوع على كل واحد بالجميع يستلزم جواز الرجوع بالبعض.
وكذا لو تقسيط ما يرجع به (9) على أزيد من واحد، وترك الباقين،
25

لما ذكر (1).
(ويرجع الجاهل منهم بالغصب) إذا رجع (2) عليه (على من غره)
فسلطه على العين، أو المنفعة ولم يعلمه بالحال (3)، وهكذا الآخر (4)
إلى أن يستقر الضمان على الغاصب العالم وإن لم تتلف العين في يده (5).
هذا (6) إذا لم تكن يد من تلفت (7) في يده يد ضمان كالعارية
المضمونة (8)، وإلا (9) لم يرجع على غيره، ولو كانت أيدي الجميع
26

عارية تخير المالك كذلك (1) ويستقر الضمان على من تلفت العين في يده
فيرجع غيره (2) عليه (3) لو رجع (4) عليه دونه (5)، وكذا يستقر
ضمان المنفعة على من استوفاها عالما.
(والحر لا يضمن بالغصب) عينا ومنفعة، لأنه ليس مالا فلا يدخل
تحت اليد (6).
هذا (7) إذا كان كبيرا عاقلا إجماعا، أو صغيرا فمات من قبل الله
تعالى، ولو مات بسبب كلدغ الحية، ووقوع الحائط ففي ضمانه قولان
27

للشيخ، واختار المصنف في الدروس الضمان، لأنه سبب الإتلاف،
ولأن الصغير لا يستطيع دفع المهلكات عن نفسه، وعروضها (2) أكثري
فمن ثم رجح (3) السبب.
والظاهر أن حد الصغير العجز عن دفع ذلك (4) عن نفسه حيث
يمكن الكبير دفعها عادة، لا عدم (5) التمييز، والحق به المجنون، ولو كان
بالكبير خبل (6)، أو بلغ مرتبة الصغير لكبر، أو مرض ففي إلحاقه (7)
به وجهان.
(ويضمن الرقيق) بالغصب، لأنه مال (ولو حبس الحر مدة)
لها أجرة عادة (لم يضمن أجرته إذا لم يستعمله)، لأن منافع الحر لا تدخل
تحت اليد (8) تبعا له، سواء كان قد استأجره لعمل فاعتقله ولم يستعمله أم لا.
28

نعم لو كان قد استأجره مدة معينة فمضت زمن (1) اعتقاله وهو
باذل نفسه للعمل استقرت الأجرة لذلك (2)، لا للغصب (بخلاف الرقيق)
لأنه مال محض ومنافعه كذلك (3).
(وخمر الكافر المستتر) بها (محترم يضمن بالغصب) مسلما كان
الغاصب أم كافرا، لأنها مال بالإضافة إليه (4) وقد أقر عليه (5) ولم تجز
مزاحمته فيه (6).
وكان عليه تأنيث ضمائر الخمر، لأنها مؤنث سماعي.
ولو غصبها من مسلم، أو كافر متظاهر فلا ضمان وإن كان قد اتخذها
للتخليل، إذ لا قيمة لها في شرع الإسلام. لكن هنا (7) يأثم الغاصب.
وحيث يضمن الخمر يعتبر (بقيمته عند مستحليه)، لا بمثله (8) وإن
كان بحسب القاعدة مثليا، لتعذر الحكم باستحقاق الخمر في شرعنا وإن
29

كنا لا نعترضهم (1) إذا لم يتظاهروا بها
ولا فرق في ذلك (2) بين كون المتلف مسلما أو كافرا على الأقوى.
وقيل: يضمن الكافر المثل، لإمكانه (3) في حقه من حيث إنه
مثلي مملوك له (4) يمكنه دفعه سرا.
ورد بأن استحقاقه كذلك (5) يؤدي إلى إظهاره (6) لأن حكم
المستحق (7) أن يحبس غريمه لو امتنع من أدائه وإلزامه (8) بحقه وذلك (9)
ينافي الاستتار.
(وكذا) الحكم في (الخنزير)، إلا أن ضمان قيمة الخنزير واضح
لأنه قيمي حيث يملك (10).
(ولو اجتمع المباشر) وهو موجد علة التلف كالأكل، والإحراق،
30

والقتل، والإتلاف (1)
31

(والسبب) (1) وهو فاعل ملزوم العلة كحافر
32

البئر (ضمن المباشر (1)، لأنه أقوى (إلا مع الإكراه، أو الغرور)
للمباشر (فيستقر الضمان في الغرور على الغار، وفي الإكراه على المكره)
لضعف المباشر بهما (2) فكان السبب أقوى كمن قدم طعاما (3) إلى المغرور
فأكله فقرار الضمان على الغار فيرجع المغرور عليه (4) لو ضمن (5).
هذا في المال أما في النفس فيتعلق (6) بالمباشر مطلقا، لكن هنا (7)
يحبس الآمر حتى يموت.
(ولو أرسل ماء في ملكه، أو أجج نارا فسرى إلى الغير) فأفسد
(فلا ضمان) على الفاعل (إذا لم يزد) في الماء والنار (عن قدر الحاجة
33

ولم تكن الريح) في صورة الإحراق (1) (عاصفة) بحيث علم، أو ظن
التعدي الموجب للضرر، لأن (2) الناس مسلطون على أموالهم، ولهم الانتفاع
بها كيف شاءوا.
نعم لو زاد (3) عن قدر حاجته فالزائد مشروط بعدم الضرر بالغير
ولو بالظن، لأنه (4) مناط أمثال ذلك جمعا بين الحقين (5) ودفعا للأضرار
المنفي (6)، (وإلا (7) ضمن).
وظاهر العبارة (8) أن الزائد عن قدر الحاجة يضمن به وإن لم يقترن
34

بظن التعدي.
وكذا (1) مع عصف الريح وإن اقتصر (2) على حاجته لكونه (3)
مظنة للتعدي. فعدم الضمان على هذا (4) مشروط بأمرين. عدم الزيادة
عن الحاجة. وعدم ظهور سبب التعدي كالريح فمتى انتفى أحدهما ضمن.
ومثله (5) في الدروس إلا أنه اعتبر علم المتعدي، ولم يكتف بالظن
ولم يعتبر الهواء فمتى علمه وإن لم يكن هواء ضمن وإن لم يزد عن حاجته
فبينهما (6) مغايرة، وفي بعض فتاويه اعتبر في الضمان أحد الأمور الثلاثة.
مجاوزة الحاجة. أو عصف الهواء. أو غلبة الظن بالتعدي. واعتبر جماعة
35

منهم الفاضلان (1) في الضمان اجتماع الأمرين معا. وهما: مجاوزة الحاجة
وظن التعدي، أو العلم به فمتى انتفى أحدهما فلا ضمان.
وهذا قوي وإن كان الأول (2) أحوط.
(ويجب رد المغصوب) على مالكه وجوبا فوريا إجماعا، ولقوله
صلى الله عليه وآله: على اليد ما أخذت حتى تؤدي (3)، (ما دامت
العين باقية) يمكنه ردها، سواء كانت على هيئتها يوم غصبها أم زائدة
أم ناقصة (ولو أدى رده إلى عسر، وذهاب مال الغاصب) كالخشبة
في بنائه، واللوح في سفينته، لأن البناء المغصوب لا حرمة له، وكذا
مال الغاصب في السفينة حيث يخشى تلفه، أو غرق السفينة على الأقوى.
نعم لو خيف غرقه (4)، أو غرق حيوان محترم، أو مال لغيره
لم ينزع إلى أن تصل الساحل (فإن تعذر) رد العين لتلف ونحوه (ضمنه)
الغاصب (بالمثل إن كان) المغصوب (مثليا) وهو المتساوي الأجزاء
والمنفعة المتقارب الصفات (5) كالحنطة، والشعير، وغيرهما من الحبوب،
36

والأدهان (وإلا) يكن مثليا (فالقيمة العليا من حين الغصب إلى حين
التلف)، لأن كل حالة زائدة (1) من حالاته (2) في ذلك الوقت مضمونة
كما يرشد إليه (3): أنه لو تلف حينئذ (4) ضمنها فكذا إذا تلف بعدها (5).
(وقيل) والقائل به المحقق في أحد قوليه على ما نقله المصنف عنه:
يضمن الأعلى من حين الغصب (إلى حين الرد) أي رد الواجب وهو
القيمة.
وهذا القول مبني على أن القيمي يضمن بمثله كالمثلي، وإنما ينتقل
إلى القيمة عند دفعها لتعذر المثل فيجب أعلى القيم إلى حين دفع القيمة،
40

لأن الزائد في كل آن سابق من حين الغصب مضمون تحت يده (1) ولهذا
لو دفع العين حالة الزيادة كانت للمالك فإذا تلفت في يده ضمنها (2).
وعلى القول المشهور من ضمان القيمي بقيمة ابتداء لا وجه لهذا القول (3)
(وقيل) والقائل به الأكثر على ما نقله المصنف في الدروس، إنما
يضمن (بالقيمة يوم التلف لا غير)، لأن الواجب (4) زمن بقائها إنما
هو رد العين، والغاصب مخاطب بردها حينئذ (5) زائدة كانت (6) أم
ناقصة من غير ضمان شئ من النقص إجماعا. فإذا تلفت وجبت قيمة العين
وقت التلف، لانتقال الحق إليها (7) حينئذ، لتعذر البدل.
ونقل المحقق في الشرائع عن الأكثر: أن المعتبر القيمة يوم الغصب،
بناء على أنه أول وقت ضمان العين.
ويضعف بأن ضمانها (8) حينئذ إنما يراد به (9) كونها لو تلفت (10)
41

لوجب بدلها (1)، لا وجوب قيمتها (2) إذ الواجب مع وجود العين منحصر
في ردها.
وفي صحيح (3) أبي ولاد عن أبي عبد الله عليه السلام في اكتراء
البغل، ومخالفة الشرط (4) ما يدل على هذا القول (5).
42

ويمكن أن يستفاد منه (1) اعتبار الأكثر منه (2) إلى يوم التلف.
43

وهو قوي عملا بالخبر الصحيح (1)، وإلا لكان القول بقيمته يوم
التلف مطلقا (2) أقوى.
وموضع الخلاف ما إذا كان الاختلاف بسبب اختلاف القيمة السوقية
أما لو كان لنقص العين، أو لتعيبها فلا إشكال في ضمان ذلك النقص (وإن
عاب) المغصوب ولم تذهب عينه (ضمن أرشه) (3) إجماعا، لأنه عوض
عن أجزاء ناقصة، أو أوصاف (4). وكلاهما مضمون، سواء كان النقص
من الغاصب أم من غيره، ولو من قبل الله تعالى، ولو كان العيب غير
44

مستقر بل يزيد على التدريج فإن لم يمكن المالك بعد قبض العين قطعه (1)
أو التصرف فيه. فعلى الغاصب ضمان ما يتجدد (2) أيضا، وإن أمكن (3)
ففي زوال الضمان (4) وجهان. من (5) استناده إلى الغاصب وتفريط (6)
المالك واستقرب المصنف في الدروس عدم الضمان.
45

(ويضمن (1)) أيضا (أجرته (2) إن كان له أجرة، لطول المدة)
التي غصبه فيها، سواء (استعمله أو لا)، لأن منافعه أموال تحت اليد (3)
فتضمن بالفوات (4)، والتفويت (5)، ولو تعددت المنافع فإن أمكن
فعلها جملة، أو فعل أكثر من واحدة وجب أجرة ما أمكن (6) وإلا (7)
كالخياطة، والحياكة، والكتابة فأعلاها (8) أجرة، ولو كانت الواحدة (9)
أعلى منفردة عن منافع متعددة يمكن جمعها ضمن (10) الأعلى.
(ولا فرق بين بهيمة القاضي، والشوكي (11) في ضمان الأرش) إجماعا
46

لعموم الأدلة (1)، وخالف في ذلك بعض العامة فحكم في الجناية على بهيمة
القاضي بالقيمة ويأخذ الجاني العين نظرا إلى أن المعيب لا يليق بمقام القاضي.
(ولو جنى على العبد المغصوب) جان غير الغاصب (فعلى الجاني أرش
الجناية) المقرر في باب الديات (وعلى الغاصب ما زاد عن أرشها من النقص
إن اتفق) زيادة فلو كانت الجناية مما له مقدر كقطع يده الموجب لنصف
قيمة شرعا فنقص بسببه (2) ثلثا قيمته فعلى الجاني النصف وعلى الغاصب
السدس الزائد من النقص، ولو لم يحصل زيادة (3) فلا شئ على الغاصب
بل يستقر الضمان على الجاني.
والفرق: (4) أن ضمان الغاصب من جهة المالية فيضمن ما فات منها
مطلقا (5)، وضمان الجاني منصوص (6)
47

فيقف عليه (1) حتى لو كان الجاني هو الغاصب فيما له مقدر شرعي
فالواجب عليه (2) أكثر الأمرين من المقدر الشرعي، والأرش، لأن
الأكثر إن كان هو المقدر فهو (3) جان، وإن كان هو الأرش فهو مال
فوته (4) تحت يده كغيره من الأموال لعموم على اليد ما أخذت حتى تؤدي
ولأن (5) الجاني لم تثبت يده على العبد فيتعلق (6) به ضمان المالية،
بخلاف الغاصب (7).
والأقوى عدم الفرق بين استغراق أرش الجناية القيمة (8)، وعدمه (9)
48

فيجتمع عليه رد العين والقيمة فما زاد (1).
(ولو مثل به) الغاصب (انعتق)، لقول الصادق عليه السلام: كل
عبد مثل به فهو حر (2)، (وغرم قيمته للمالك).
وقيل: لا يعتق بذلك (3)، اقتصارا فيما خالف الأصل (4) على موضع
الوفاق وهو تمثيل المولى، والرواية (5) العامة ضعيفة السند.
وأما بناء الحكم (6) على الحكمة في عتقه: هل هي عقوبة للمولى (7)
أو جبر للمملوك؟ فينعتق هنا على الثاني (8)
49

دون الأول (11) فهو رد للحكم (2) إلى حكمة مجهولة لم يرد بها نص (3)
والأقوى عدم انعتاق.
نعم لو أقعد، أو عمي عتق وضمن الغاصب (4)، لأن هذا
السبب غير مختص بالمولى إجماعا.
(ولو غصب) ما ينقصه التفريق (مثل الخفين، أو المصراعين (5)
أو الكتاب سفرين (6) فتلف أحدهما) قبل الرد (ضمن قيمته) أي قيمة
التالف (مجتمعا) مع الآخر ونقص الآخر. فلو كان قيمة الجميع عشرة
وقيمة كل واحد مجتمعا خمسة، ومنفردا ثلاثة. ضمن سبعة، لأن النقصان
الحاصل في يده مستند إلى تلف عين مضمونة عليه، وما نقص من قيمة
الباقي في مقابلة الاجتماع فهو بفوات صفة الاجتماع في يده، أما لو لم تثبت
يده على الباقي، بل غصب أحدهما ثم تلف في يده، أو أتلفه ابتداء
ففي ضمان قيمة التالف مجتمعا (7)
50

أو منفردا (1)، أو منضما (2) إلى نقص الباقي (3) كالأول (4) أوجبه.
أجودها الأخير (5)، لاستناد الزائد إلى فقد صفة وهي كونه مجتمعا حصل
الفقد منه (6).
(ولو زادت قيمة المغصوب بفعل الغاصب فلا شئ عليه) (7) لعدم
النقصان (ولا له)، لأن الزيادة حصلت في مال غيره (إلا أن تكون)
الزيادة (عينا) من مال الغاصب (كالصبغ فله قلعه)، لأنه ماله (إن
قبل الفصل) ولو بنقص قيمة الثوب جمعا بين الحقين (8) (و) نقص
الثوب ينجبر بأن الغاصب (يضمن أرش الثوب) ولا يرد أن قلعه يستلزم
التصرف في مال الغير بغير إذن وهو (9) ممتنع، بخلاف تصرف مالك
الثوب في الصبغ (10)، لأنه (11)
51

وقع عدوانا. لأن وقوعه (1) عدوانا لا يقتضي إسقاط ماليته (2)، فإن
ذلك (3) عدوان آخر، بل غايته أن ينزع (4) ولا يلتفت إلى نقص
قيمته (5)، أو اضمحلاله، للعدوان بوضعه (6).
ولو طلب أحدهما ما لصاحبه بالقيمة لم تجب إجابته (7) كما لا يجب
قبول هبته (8).
52

نعم لو طلب مالك الثوب بيعهما ليأخذ كل واحد حقه لزم الغاصب
إجابته، دون العكس (1).
(ولو بيع مصبوغا بقيمته مغصوبا) بغير صبغ (فلا شئ للغاصب)
لعدم الزيادة بسبب ماله (2).
هذا إذا بقيت قيمة الثوب بحالها. أما لو تجدد نقصانه (3) للسوق
فالزائد للغاصب، لأن نقصان السوق مع بقاء العين غير مضمون.
نعم لو زاد الباقي عن قيمة الصبغ كان الزائد بينهما على نسبة المالين (4)
53

كما لو زادت القيمة عن قيمتها (1) من غير نقصان، ولو اختلف قيمتها
بالزيادة والنقصان (2) للسوق فالحكم للقيمة الآن (3)، لأن النقص غير
مضمون في المغصوب للسوق (4) وفي الصبغ مطلقا (5)، فلو كان قيمة
كل واحد خمسة وبيع بعشرة إلا أن قيمة الثوب ارتفعت إلى سبعة، وقيمة
الصبغ انحطت إلى ثلاثة فلصاحب الثوب سبعة، وللغاصب ثلاثة وبالعكس (6).
(ولو غصب شاة فأطعمها (7) المالك جاهلا) بكونها شاته (ضمنها
الغاصب) له، لضعف المباشر (8) بالغرور فيرجع على السبب (9) وتسليطه (10)
54

المالك على ماله وصيرورته بيده على هذا الوجه لا يوجب البراءة، لأن
التسليم غير تام فإن التسليم التام تسليمه على أنه ملكه يتصرف فيه كتصرف
الملاك، وهنا ليس كذلك، بل اعتقد أنه للغاصب وأنه أباحه إتلافه
بالضيافة، وقد يتصرف بعض الناس فيها بما لا يتصرفون في أموالهم
كما لا يخفى.
وكذا الحكم (1) في غير الشاة من الأطعمة، والأعيان المنتفع بها
كاللباس (ولو أطعمها غير صاحبها) في حالة كون الآكل (جاهلا ضمن
المالك) قيمتها (من شاء) من الآكل، والغاصب، لترتب الأيدي كما
سلف (2) (والقرار) أي قرار الضمان (على الغاصب)، لغروره للآكل
بإباحته الطعام مجانا مع أن يده ظاهرة في الملك وقد ظهر خلافه.
(ولو مزج) الغاصب (المغصوب بغيره)، أو امتزج في يده بغير
اختيار (كلف قسمته (3)) بتمييزه (إن أمكن) التمييز (وإن شق)
كما لو خلط الحنطة بالشعير، أو الحمراء بالصفراء لوجوب رد العين حيث
55

يمكن (ولو لم يمكن) التمييز كما لو خلط الزيت بمثله، أو الحنطة بمثلها
وصفا (1) (ضمن المثل إن مزجه بالأردأ)، لتعذر رد العين كاملة،
لأن المزج في حكم الاستهلاك من حيث اختلاط كل جزء من مال المالك
بجزء من مال الغاصب وهو (2) أدون من الحق فلا يجب قبوله، بل
ينتقل إلى المثل.
وهذا (3) مبني على الغالب من عدم رضاه (4) بالشركة، أو قول
في المسألة (5).
والأقوى تخييره بين المثل، والشركة مع الأرش (6)، لأن حقه
في العين لم يسقط، لبقائها كما لو مزجها بالأجود، والنقص بالخلط يمكن
جبره بالأرش (وإلا) يمزجه بالأردأ، بل بالمساوي، أو الأجود (كان
شريكا) بمقدار عين ماله (7)، لا قيمته، لأن الزيادة الحاصلة صفة
حصلت بفعل الغاصب عدوانا فلا يسقط حق المالك مع بقاء عين ماله كما
لو صاغ النقرة (8) وعلف الدابة فسمنت.
56

وقيل: يسقط حقه من العين (1)، للاستهلاك فيتخير الغاصب بين
الدفع من العين، لأنه متطوع بالزائد، ودفع المثل.
والأقوى الأول (2).
(ومؤنة القسمة على الغاصب)، لوقوع الشركة بفعله تعديا.
هذا (3) كله إذا مزجه بجنسه، فلو مزجه بغيره كالزيت بالشيرج (4)
فهو إتلاف، لبطلان فائدته وخاصيته (5).
وقيل: تثبت الشركة هنا أيضا كما لو مزجاه بالتراضي، أو امتزجا
بأنفسهما، لوجود العين.
ويشكل (6) بأن جبر المالك على أخذه (7) بالأرش، أو بدونه إلزام
بغير الجنس في المثلي وهو خلاف القاعدة (8)، وجبر الغاصب (9)
إثبات لغير المثل عليه بغير رضاه، فالعدول إلى المثل أجود، ووجود
العين غير متميزة من غير جنسها كالتالفة.
57

(ولو زرع) الغاصب (1) (الحب (2)) فنبت (أو أحضن البيض)
فأفرخ (فالزرع والفرخ للمالك) على أصح القولين، لأنه عين مال المالك
وإنما حدث بالتغير اختلاف الصور (3)، ونماء الملك للمالك وإن كان
بفعل الغاصب.
وللشيخ قول بأنه (4) للغاصب تنزيلا لذلك منزلة الإتلاف، ولأن
النماء بفعل الغاصب. وضعفهما (5) ظاهر.
(ولو نقله إلى غير بلد المالك وجب عليه نقله) إلى بلد المالك
(ومؤنة نقله) وإن استوعبت أضعاف قيمته، لأن عاد بنقله فيجب عليه
الرد مطلقا (6) ولا يجب إجابة المالك إلى أجرة الرد مع إبقائه فيما انتقل
إليه، لأن حقه الرد، دون الأجرة (ولو رضي المالك بذلك المكان) الذي
نقله (7) إليه (لم يجب) الرد على الغاصب. لإسقاط المالك حقه منه (8)
فلو رده حينئذ كان له إلزامه برده إليه.
(ولو اختلفا في القيمة حلف الغاصب)، لأصالة البراءة من الزائد
ولأنه منكر ما لم يدع ما يعلم كذبه كالدرهم قيمة للعبد (9) فيكلف
58

بدعوى قدر يمكن، مع احتمال تقديم قول المالك حينئذ (1).
وقيل: يحلف المالك مطلقا (2). وهو ضعيف.
(وكذا) يحلف الغاصب (لو ادعى المالك) إثبات (صناعة (3)
يزيد بها الثمن)، لأصالة عدمها، وكذا (4) لو كان الاختلاف في تقدمها
لتكثر الأجرة، لأصالة عدمه (5)، (وكذا) يحلف الغاصب (لو ادعى
التلف) وإن كان (6) خلاف الأصل، لإمكان صدقه، فلو لم يقبل قوله
لزم تخليده الحبس لو فرض التلف، ولا يرد مثله (7) ما لو أقام المالك
بينة ببقائه مع إمكان كذب البينة، لأن ثبوت البقاء شرعا مجوز للإهانة
والضرب إلى أن يعلم خلافه ومتى حلف على التلف طولب بالبدل وإن كانت
العين باقية بزعم المالك، للعجز عنها بالحلف كما يستحق البدل مع العجز
عنها (8) وإن قطع بوجودها، بل هنا (9) أولى (أو ادعى) الغاصب
59

(تملك ما على العبد من الثياب (1)) ونحوها، لأن العبد بيده، ولهذا
يضمنه ومنافعه فيكون ما معه في يده فيقدم قوله في ملكه.
(ولو اختلفا في الرد حلف المالك)، لأصالة عدمه، وكذا لو ادعى
رد بدله مثلا، أو قيمة (2)، أو تقدم رده على موته (3) وادعى المالك
موته قبله (4)، لأصالة عدم التقدم (5) ولا يلزم هنا (6) ما لزم في دعوى
التلف، للانتقال (7) إلى البدل حيث يتعذر تخليص العين منه، لكن هل
ينتقل إليه (8) ابتداء، أو بعد الحبس والعذاب إلى أن تظهر أمارة عدم
إمكان العين نظر.
60

ولعل الثاني (1) أوجه، لأن الانتقال إلى البدل ابتداء (2) يوجب
الرجوع إلى قوله (3)، وتكليفه (4) بالعين مطلقا قد يوجب خلود حبسه (5)
كالأول (6)، فالوسط (7) متجه. وكلامهم هنا (8) غير منقح.
61

كتاب اللقطة
63

كتاب اللقطة (1)
65

(اللقطة) بضم اللام وفتح القاف اسم للمال الملقوط (1)،
أو للملتقط (2). كباب فعلة كهمزة ولمزة (3) أو بسكون القاف
اسم للمال (4) وأطلق على ما يشمل الإنسان تغليبا (5) (وفيه فصول).
الأول في اللقيط
(اللقيط) وهو فعيل بمعنى مفعول كطريح وجريح. ويسمى منبوذا.
واختلاف اسميه (6) باعتبار حالتيه إذا ضاع (7) فإنه ينبذ أولا أي يرمى
ثم يلقط (وهو إنسان ضائع لا كافل له) حالة الالتقاط (ولا يستقل بنفسه)
66

أي بالسعي على ما يصلحه ويدفع عن نفسه المهلكات الممكن دفعها عادة (1)
(فيلتقط الصبي والصبية) وإن ميزا على الأقوى، لعدم استقلالهما بأنفسهما
(ما لم يبلغا) فيمتنع التقاطهما حينئذ، لاستقلالهما، وانتفاء الولاية عنهما.
نعم لو خاف على البالغ التلف في مهلكة وجب إنقاذه كما يجب إنقاذ
الغريق، ونحوه، والمجنون بحكم الطفل وهو داخل في إطلاق التعريف وإن
لم يخصه في التفصيل وقد صرح بإدخاله في تعريف الدروس. واحترز بقوله:
لا كافل له، عن معلوم الولي، أو الملتقط (فإذا علم الأب، أو الجد)
وإن علا، والأم وإن صعدت (أو الوصي، أو الملتقط السابق) مع انتفاء
الأولين (2) (لم يصح) التقاطه (وسلم إليهم) وجوبا، لسبق تعلق الحق
بهم فيجبرون على أخذه.
(ولو كان اللقيط (3) مملوكا حفظ) وجوبا (حتى يصل إلى المالك)
أو وكيله ويفهم من إطلاقه (4) عدم جواز تملكه (5) مطلقا (6)، وبه (7)
67

صرح في الدروس.
واختلف كلام العلامة. ففي القواعد قطع بجواز تملك الصغير بعد
التعريف حولا. وهو قول للشيخ، لأنه مال ضائع يخشى تلفه، وفي التحرير
أطلق المنع من تملكه (1) محتجا (2) بأن العبد يتحفظ بنفسه كالإبل.
وهو (3) لا يتم في الصغير، وفي قول الشيخ قوة (4).
ويمكن العلم برقيته بأن يراه يباع في الأسواق مرارا قبل أن يضيع
ولا يعلم (5) مالكه، لا بالقرائن (6) من اللون وغيره، لأصالة الحرية.
(ولا يضمن) لو تلف، أو أبق (إلا بالتفريط) (7) للإذن في قبضه
شرعا فيكون أمانة. (8) (نعم الأقرب المنع من أخذه) أي أخذ المملوك
(إذا كان بالغا، أو مراهقا) أي مقاربا للبلوغ، لأنهما كالضالة الممتنعة
68

بنفسها، (بخلاف الصغير الذي لا قوة معه) على دفع المهلكات عن نفسه.
ووجه الجواز (1) مطلقا أنه مال ضائع يخشى تلفه، وينبغي القطع
بجواز أخذه إذا كان (2) مخوف التلف ولو بالإباق، لأنه (3) معاونة
على البر، ودفع لضرورة المضطر (4). وأقل مراتبه (5) الجواز. وبهذا (6)
يحصل الفرق بين الحر والمملوك، حيث اشترط في الحر الصغر، دون
المملوك، لأنه لا يخرج بالبلوغ عن المالية، والحر إنما يحفظ عن التلف،
والقصد من لقطته حضانته وحفظه فيختص (7) بالصغير، ومن ثم (8)
قيل: إن المميز لا يجوز لقطته.
(ولا بد من بلوغ الملتقط وعقله) فلا يصح التقاط الصبي والمجنون
بمعنى أن حكم اللقيط في يديهما ما كان عليه قبل اليد (9)، ويفهم من إطلاقه (10)
69

اشتراطهما، دون غيرهما: أنه لا يشترط رشده (1) فيصح من السفيه، لأن
حضانة اللقيط ليست مالا (2). وإنما يحجر على السفيه له (3)، ومطلق
كونه (4) مولى عليه غير مانع.
واستقرب المصنف في الدروس اشتراط رشده، محتجا بأن الشارع
لم يأتمنه على ماله فعلى الطفل وماله أولى بالمنع، ولأن الالتقاط إئتمان شرعي
والشرع لم يأتمنه.
وفيه نظر، لأن الشارع إنما لم يأتمنه على المال، لا على غيره، بل
جوز تصرفه في غيره (5) مطلقا، وعلى تقدير أن يوجد معه (6) مال
يمكن الجمع بين القاعدتين الشرعيتين وهما: عدم استئمان المبذر على المال.
وتأهيله (7) لغيره من التصرفات التي من جملتها الالتقاط والحضانة فيؤخذ
المال منه خاصة.
نعم لو قيل: إن صحة التقاطه يستلزم وجوب إنفاقه. وهو (8) ممتنع
من المبذر، لاستلزامه التصرف المالي (9)، وجعل التصرف فيه (10) لآخر
70

يستدعي الضرر على الطفل بتوزيع أموره، أمكن (1) تحقق الضرر بذلك (2)
وإلا (3) فالقول بالجواز أجود.
(وحريته) فلا عبرة بالتقاط العبد (إلا بإذن السيد)، لأن منافعه
له، وحقه (4) مضيق، فلا يتفرغ (5) للحضانة، أما لو أذن له فيه ابتداء
أو أقره عليه بعد وضع يده جاز وكان السيد في الحقيقة هو الملتقط والعبد
نائبه، ثم لا يجوز للسيد الرجوع فيه (6).
ولا فرق (7) بين القن، والمكاتب، والمدبر، ومن تحرر بعضه،
وأم الولد، لعدم جواز تبرع واحد منهم بماله، ولا بمنافعه إلا بإذن السيد
ولا يدفع ذلك (8) مهاياة المبعض وإن وفى زمانه المختص بالحضانة، لعدم
71

لزومها فجاز تطرق المانع (1) كل وقت.
نعم لو لم يوجد للقيط كافل غير العبد وخيف عليه التلف بالإبقاء
فقد قال المصنف في الدروس: إنه يجب حينئذ على العبد التقاطه بدون
إذن المولى. وهذا في الحقيقة لا يوجب إلحاق حكم اللقطة، وإنما دلت
الضرورة على الوجوب من حيث إنقاذ النفس المحترمة من الهلاك، فإذا
وجد من له أهلية الالتقاط وجب عليه انتزاعه منه (2) وسيده
من الجملة (3)، لانتفاء أهلية العبد له (4).
(وإسلامه إن كان اللقيط محكوما بإسلامه) لانتفاء السبيل للكافر
على المسلم، ولأنه لا يؤمن أن يفتنه (5) عن دينه فإن التقطه الكافر لم يقر
في يده، ولو كان اللقيط محكوما بكفره جاز التقاطه للمسلم، وللكافر،
لقوله تعالى: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض (6) (وقيل)
72

والقائل الشيخ والعلامة في غير التحرير: (وعدالته (1)، لافتقار الالتقاط
إلى الحضانة وهي استئمان لا يليق بالفاسق، ولأنه لا يؤمن أن يسترقه
ويأخذ ماله.
والأكثر على العدم، للأصل، ولأن المسلم محل الأمانة، مع أنه (2)
ليس استئمانا حقيقيا، ولانتقاضه (3) بالتقاط الكافر مثله، لجوازه (4)
بغير خلاف.
وهذا هو الأقوى، وإن كان اعتبارها أحوط. نعم لو كان له مال
فقد قيل: باشتراطها (5)، لأن الخيانة في المال أمر راجح الوقوع.
ويشكل (6). بإمكان الجمع (7) بانتزاع الحاكم ماله منه كالمبذر (8)
وأولى بالجواز التقاط المستور (9)، والحكم (10) بوجوب نصب الحاكم
73

مراقبا عليه (1) لا يعلم به إلى أن تحصل الثقة به، أو ضدها (2) فينتزع منه، بعيد.
(وقيل): يعتبر أيضا (حضره (3)، فينتزع من البدوي (4)
ومن يريد السفر به (5))، لأداء التقاطهما (6) له إلى ضياع نسبه بانتقالهما
عن محل ضياعه الذي هو مظنة ظهوره (7).
ويضعف (8) بعدم لزوم ذلك (9) مطلقا، بل جاز العكس (10)،
وأصالة عدم الاشتراط تدفعه (11)، فالقول بعدمه أوضح، وحكايته (12)
74

اشتراط هذين قولا يدل على تمريضه. وقد حكم في الدروس بعدمه،
ولو لم يوجد غيرهما (1) لم ينتزع قطعا، وكذا لو وجد مثلهما (2) (والواجب)
على الملتقط (حضانته بالمعروف) وهو تعهده، والقيام بضرورة تربيته
بنفسه، أو بغيره، ولا يجب عليه الإنفاق عليه من ماله ابتداء، بل من مال
اللقيط الذي وجد تحت يده، أو الموقوف على أمثاله، أو الموصى به لهم
بإذن الحاكم (3) مع إمكانه، وإلا أنفق بنفسه ولا ضمان.
(ومع تعذره (4) ينفق عليه من بيت المال) برفع الأمر إلى الإمام
لأنه معد للمصالح وهو (6) من جملتها، (أو الزكاة) من سهم الفقراء
والمساكين، أو سهم سبيل الله إن اعتبرنا البسط، وإلا فمنها (7) مطلقا
ولا يترتب أحدهما (8) على الآخر.
(فإن تعذر) ذلك (9) كله (استعان) الملتقط (بالمسلمين) ويجب
75

عليهم مساعدته بالنفقة كفاية، لوجوب إعانة المحتاج كذلك مطلقا (1) فإن
وجد متبرع منهم، وإلا كان الملتقط، وغيره ممن لا ينفق إلا بنية الرجوع
سواء (2) في الوجوب.
(فإن تعذر أنفق) الملتقط (ورجع عليه) بعد يساره (إذا نواه)
ولو لم ينوه كان متبرعا لا رجوع له، كما لا رجوع له لو وجد المعين المتبرع
فلم يستعن (3) به ولو أنفق غيره (4) بنية الرجوع فله (5) ذلك.
والأقوى عدم اشتراط الإشهاد في جواز الرجوع وإن توقف ثبوته (6)
عليه بدون اليمين، ولو كان اللقيط مملوكا ولم يتبرع عليه متبرع بالنفقة رفع
أمره إلى الحاكم لينفق عليه، أو يبيعه في النفقة (7)، أو يأمره به (8)،
فإن تعذر (9) أنفق عليه بنية الرجوع ثم باعه فيها (10) إن لم يمكن
76

بيعه تدريجا.
(ولا ولاء عليه للملتقط)، ولا لغيره من المسلمين، خلافا للشيخ
بل هو سائبة يتولى من شاء، وإن مات ولا وارث له فميراثه للإمام.
(وإذا خاف) واجده عليه التلف (وجب أخذه كفاية) كما يجب
حفظ كل نفس محترمة عنه (1) مع الإمكان، (وإلا) يخف عليه التلف
(استحب) أخذه، لأصالة عدم الوجوب مع ما فيه من المعاونة على البر.
وقيل: بل يجب كفاية مطلقا (2)، لأنه معرض للتلف، ولوجوب
إطعام المضطر، واختاره المصنف في الدروس.
وقيل: يستحب مطلقا (3)، لأصالة البراءة ولا يخفى ضعفه.
(وكل ما بيده) عند التقاطه من المال، أو المتاع كملبوسه، والمشدود
في ثوبه (أو تحته) كالفراش، والدابة المركوبة له (أو فوقه) كاللحاف،
والخيمة، والفسطاط التي لا مالك لها معروف (فله (4)، لدلالة اليد
ظاهرا على الملك.
ومثله (5) ما لو كان بيده قبل الالتقاط ثم زالت عنه لعارض كطائر
أفلت من يده، ومتاع غصب منه، أو سقط، لا ما بين يديه (6)،
77

أو إلى جانبه، أو على دكة هو عليها على الأقوى.
(ولا ينفق منه (1) عليه الملتقط، ولا غيره (إلا بإذن الحاكم) لأنه
وليه مع إمكانه، أما مع تعذره فيجوز للضرورة كما سلف (2).
(ويستحب الإشهاد على أخذه) صيانة (3) له، ولنسبه، وحريته (4)
فإن اللقطة (5) يشيع أمرها بالتعريف، ولا تعريف للقيط (6) إلا على وجه
نادر (7) ولا يجب (8)، للأصل.
(ويحكم بإسلامه إن التقط في دار الإسلام مطلقا (9)، أو في دار
الحرب وفيها مسلم) يمكن تولده منه وإن كان (10) تاجرا، أو أسيرا
(وعاقلته الإمام)، دون الملتقط إذا لم يتوال أحدا بعد بلوغه ولم يظهر
78

له نسب فدية جنايته خطأ عليه (1)، وحق قصاصه نفسا له (2)، وطرفا (3)
للقيط بعد بلوغه قصاصا ودية، ويجوز تعجيله (4) للإمام قبله كما يجوز
ذلك للأب، والجد على أصح القولين.
(ولو اختلفا): الملتقط واللقيط بعد البلوغ (في الإنفاق) فادعاه (5)
الملتقط وأنكره اللقيط، (أو) اتفقا على أصله، واختلفا (في قدره حلف
الملتقط في قدر المعروف)، لدلالة الظاهر (6) عليه وإن عارضه الأصل (7)
أما ما زاد على المعروف فلا يلتفت إلى دعواه (8) فيه، لأنه على تقدير
79

صدقه مفرط. ولو قدر عروض حاجة إليه (1) فالأصل عدمها (2).
ولا ظاهر يعضدها.
(ولو تشاح ملتقطان) جامعان للشرائط في أخذه قدم السابق إلى أخذه
فإن استويا (3) (أقرع) بينهما وحكم به (4) لمن أخرجته القرعة، ولا يشرك
بينهما (5) في الحضانة، لما فيه (6) من الإضرار باللقيط، أو بهما (7) (ولو ترك
أحدهما للآخر جاز)، لحصول الغرض فيجب على الآخر الاستبداد (8) به.
واحترزنا بجمعهما للشرائط عما لو تشاح مسلم وكافر، أو عدل وفاسق
حيث يشترط العدالة، أو حر وعبد فيرجح الأول بغير قرعة، وإن كان
80

الملقوط كافرا في وجه (1).
وفي ترجيح البلدي على القروي، والقروي على البدوي، والقار (2)
على المسافر، والموسر على المعسر، والعدل على المستور، والأعدل على
الأنقض قول (3). مأخذه النظر إلى مصلحة اللقيط في إيثار الأكمل.
والأقوى اعتبار جواز الالتقاط خاصة (4).
(ولو تداعى بنوته اثنان ولا بينة) لأحدهما، أو لكل منهما بينة
(فالقرعة)، لأنه (5) من الأمور المشكلة وهي (6) لكل أمر مشكل
(ولا ترجيح لأحدهما بالإسلام (7)) وإن كان اللقيط محكوما بإسلامه ظاهرا
(على قول الشيخ) في الخلاف، لعموم الأخبار (8) فيمن تداعوا نسبا،
لتكافؤهما في الدعوى. ورجح في المبسوط دعوى المسلم لتأييده بالحكم بإسلام
81

اللقيط على تقديره (1). ومثله (2) تنازع الحر والعبد مع الحكم بحرية اللقيط؟
ولو كان (3) محكوما بكفره، أو رقه أشكل (4) الترجيح. وحيث
يحكم به (5) للكافر يحكم بكفره على الأقوى للتبعية.
(و) كذا (لا) ترجيح (بالالتقاط (6))، بل الملتقط كغيره
في دعوى نسبه، لجواز (7) أن يكون قد سقط منه (8)، أو نبذه ثم عاد
إلى أخذه، ولا ترجيح لليد في النسب (9). نعم لو لم يعلم كونه (10) ملتقطا
82

ولا صرح ببنوته فادعاه غيره فنازعه (1)، فإن قال: هو لقيط وهو ابني
فهما سواء، وإن قال: هو ابني واقتصر (2) ولم يكن هناك بينة على أنه
التقطه فقد قرب في الدروس ترجيح دعواه عملا بظاهر اليد.
(الفصل الثاني في لقطة الحيوان)
(وتسمى ضالة، وأخذه في صورة الجواز مكروه) للنهي عنه
في أخبار (3) كثيرة المحمول على الكراهية جمعا (4) (ويستحب الإشهاد)
على أخذ الضالة (ولو تحقق التلف لم يكره (5)، بل قد يجب كفاية
إذا عرف مالكها، وإلا أبيح خاصة (والبعير وشبهه) من الدابة، والبقرة،
ونحوهما (إذا وجد في كلاء وماء) في حالة كونه (صحيحا) غير مكسور
ولا مريض، أو صحيحا ولو لم يكن في كلاء وماء (ترك)، لامتناعه (6)
83

ولا يجوز أخذه حينئذ (1) بنية التملك مطلقا (2).
وفي جوازه (3) بنية الحفظ لمالكه قولان. من (4) إطلاق الأخبار
بالنهي (5)، والإحسان (6) وعلى التقديرين (7) (فيضمن بالأخذ) حتى
يصل إلى مالكه، أو إلى الحاكم مع تعذره (8).
(ولا يرجع آخذه بالنفقة) حيث لا يرجح أخذه، لتبرعه بها (9)
أما مع وجوبه، أو استحبابه فالأجود جوازه (10) مع نيته، لأنه محسن،
ولأن إذن الشارع له في الأخذ مع عدم الإذن في النفقة ضرر وحرج
(ولو ترك (11) من جهد)، وعطب (12) لمرض أو كسر، أو غيرهما
(لا في كلاء وماء أبيح) أخذه وملكه الآخذ وإن وجد مالكه وعينه
84

قائمة في أصح القولين، لقول الصادق عليه السلام في صحيحة عبد الله بن
سنان: " من أصاب مالا، أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلت وقامت (1)
وسيبها (2) صاحبها لما لم تتبعه فأخذها غيره فأقام (3) عليها وأنفق نفقة
حتى أحياها من الكلال، ومن الموت فهي له، ولا سبيل له (4) عليها،
وإنما هي مثل الشئ المباح (5) "، وظاهره (6) أن المراد بالمال ما كان
من الدواب التي تحمل، ونحوها (7)، بدليل قوله: قد كلت وقامت
وقد سيبها صاحبها لما لم تتبعه.
والظاهر أن الفلاة المشتملة على كلاء، دون ماء، أو بالعكس بحكم
عادمتهما (8)، لعدم قيام الحيوان بدونهما، ولظاهر قول أمير المؤمنين عليه السلام
وإن كان تركها في غير كلاء، ولا ماء فهي للذي أحياها (9).
85

(والشاة في الفلاة) التي يخاف عليها فيها من السباع (تؤخذ)
جوازا، (لأنها لا تمتنع (1) من صغير السباع) فهي كالتالفة، ولقوله
صلى الله عليه وآله هي لك، أو لأخيك، أو للذئب (2) (وحينئذ (3)
يتملكها إن شاء. وفي الضمان) لمالكها على تقدير ظهوره، أو كونه معلوما
(وجه) جزم به المصنف في الدروس، لعموم قول الباقر عليه السلام:
" فإذا جاء طالبه رده إليه " (4). ومتى ضمن عينها ضمن قيمتها،
ولا ينافي ذلك (5) جواز تملكها بالقيمة على تقدير ظهوره (6) لأنه
ملك متزلزل.
ووجه العدم (7) عموم صحيحة ابن سنان السابقة (8)، وقوله (9)
صلى الله عليه وآله: هي لك إلى آخره فإن المتبادر منه (10) عدم
الضمان مطلقا (11)، ولا ريب أن الضمان أحوط.
86

وهل يتوقف تملكها على التعريف؟ قيل: نعم، لأنها مال فيدخل
في عموم الأخبار (1).
والأقوى العدم (2)، لما تقدم (3). وعليه (4) فهو سنة كغيرها (5)
من الأموال، (أو يبقها) في يده (أمانة) إلى أن يظهر مالكها (6)،
أو يوصله إياها إن كان معلوما (أو يدفعها إلى الحاكم) مع تعذر الوصول
إلى المالك، ثم الحاكم يحفظها، أو يبيعها.
(وقيل) والقائل الشيخ في المبسوط والعلامة وجماعة بل أسنده
في التذكرة إلى علمائنا مطلقا (7). (وكذا) حكم (كل ما لا يمتنع)
من الحيوان (من صغير السباع) بعدو، ولا طيران، ولا قوة، وإن كان
من شأنه الامتناع إذا كمل كصغير الإبل والبقر، ونسبه المنصف إلى القيل
87

لعدم نص عليه بخصوصه وإنما ورد على الشاة فيبقى غيرها على أصالة البقاء
على ملك المالك، وحينئذ فيلزمها حكم اللقطة فتعرف سنة، ثم يتملكها
إن شاء، أو يتصدق بها، لكن في قوله صلى الله عليه وآله: هي
لك، أو لأخيك، أو للذئب إيماء إليه (1) حيث إنها لا تمتنع من السباع،
ولو أمكن امتناعها بالعدو كالضباء (2)، أو الطيران لم يجز أخذها مطلقا (3)
إلا أن يخاف ضياعها، فالأقرب الجواز بنية الحفظ للمالك.
وقيل بجواز أخذ الضالة مطلقا (4) بهذه النية (5). وهو حسن،
لما فيه من الإعانة، والإحسان وتحمل أخبار النهي (6) على الأخذ بنية
التملك والتعليل بكونها (7) محفوظة بنفسها غير كاف في المنع (8)، لأن
الأثمان (9)
88

كذلك حيث كانت مع جواز التقاطها بنية التعريف وإن فارقتها (1) بعد
ذلك (2) في الحكم.
(ولو وجدت الشاة في العمران) وهي التي لا يخاف عليها فيها
من السباع، وهي ما قرب من المساكن (احتبسها) الواجد (ثلاثة أيام)
من حين الوجدان (فإن لم يجد صاحبها باعها وتصدق بثمنها) وضمن
إن لم يرض المالك على الأقوى، وله إبقائها بغير بيع، وإبقاء ثمنها أمانة
إلى أن يظهر المالك، أو ييأس منه، ولا ضمان حينئذ (3) إن جاز أخذها
كما يظهر من العبارة (4) والذي صرح به غيره عدم جواز الأخذ شئ
من العمران، ولكن لو فعل لزمه هذا الحكم (5) في الشاة.
وكيف كان فليس له تملكها مع الضمان على الأقوى، للأصل (6)،
وظاهر النص (7) والفتوى عدم وجوب التعريف حينئذ (8)،
89

وغير (1) الشاة يجب مع أخذه تعريفه سنة كغيره من المال، أو يحفظه
لمالكه من غير تعريف، أو يدفعه إلى الحاكم.
(ولا يشترط في الآخذ (2)) باسم الفاعل شئ من الشروط المعتبرة
في آخذ اللقيط (3)، وغيرها (إلا الأخذ) بالمصدر بمعنى أنه يجوز التقاطها
في موضع الجواز للصغير، والكبير، والحر، والعبد، والمسلم، والكافر،
للأصل (4) (فتقر يد العبد) على الضالة مع بلوغه، وعقله، (و) يد (الولي
على لقطة غير الكامل) من طفل، ومجنون، وسفيه كما يجب عليه (5)
حفظ ماله، لأنه لا يؤمن على إتلافه، فإن أهمل الولي ضمن، ولو افتقر
إلى تعريف تولاه الولي ثم يفعل بعده (6) الأولى للملتقط من تملك وغيره.
(والإنفاق) على الضالة (كما مر) في الإنفاق على اللقيط من أنه
مع عدم بيت والحاكم ينفق ويرجع مع نيته على أصح القولين لوجوب
حفظها ولا يتم (7) إلا بالإنفاق، والإيجاب إذن من الشارع فيه (8)
فيستحقه (9) مع نيته.
90

وقيل: لا يرجع هنا (1)، لأنه إنفاق على مال الغير بغير إذنه فيكون
متبرعا. وقد ظهر ضعفه، ولا يشترط الإشهاد على الأقوى، للأصل
(ولو انتفع) الآخذ بالظهر (2)، والدر (3)، والخدمة (4) (قاص) (5)
المالك بالنفقة، ورجع ذو الفضل (6) بفضله.
وقيل: يكون الانتفاع بإزاء النفقة مطلقا (7). وظاهر الفتوى جواز
الانتفاع لأجل الإنفاق، سواء قاص أم جعله عوضا (ولا يضمن) الآخذ
91

الضالة حيث يجوز له أخذها (إلا بالتفريط) والمراد به (1) ما يشمل التعدي (2)
(أو قصد التملك (3)) في موضع جوازه، وبدونه (4) ولو قبضها في غير
موضع الجواز ضمن مطلقا (5)، للتصرف في مال الغير عدوانا.
(الفصل الثالث في لقطة المال)
غير الحيوان مطلقا (6) (وما كان منه (7) في الحرم حرم أخذه)
بنية التملك مطلقا (8) قليلا كان أم كثيرا، لقوله تعالى: " ألم يروا أنا
92

جعلنا حرما آمنا (1)، (وللأخبار (2) الدالة على النهي عنه مطلقا (3)
وفي بعضها عن الكاظم عليه السلام " لقطة الحرم لا تمس بيد، ولا رجل
ولو أن الناس تركوها لجاء صاحبها وأخذها " (4). وذهب بعضهم
إلى الكراهة مطلقا (5) استضعافا لدليل التحريم، أما في الآية (6) فمن حيث
الدلالة، وأما في الخبر (7) فمن جهة السنة. واختاره (8) المصنف في الدروس
وهو أقوى.
(و) على التحريم (لو أخذه حفظه لربه (9)، وإن تلف بغير
تفريط لم يضمن)، لأنه يصير بعد الأخذ أمانة شرعية.
93

ويشكل ذلك (1) على القول بالتحريم، لنهي (2) الشارع عن أخذها
فكيف يصير أمانة منه (3)، والمناسب للقول بالتحريم ثبوت الضمان مطلقا (4)
(وليس له تملكه) قبل التعريف، ولا بعده (بل يتصدق به بعد التعريف)
حولا عن مالكه، سواء قل أم كثر، لرواية علي بن حمزة عن الكاظم
عليه السلام قال: سألته عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه قال:
" بئس ما صنع ما كان ينبغي له أن يأخذه " قال: قلت قد ابتلى بذلك قال
" يعرفه " قلت: فإنه قد عرفه فلم يجد له باغيا فقال: " يرجع إلى بلده
فيتصدق به على أهل بيت من المسلمين فإن جاء طالبه فهو له ضامن " (5).
وقد دل الحديث بإطلاقه على عدم الفرق بين القليل، والكثير
في وجوب تعريفه مطلقا، وعلى تحريم الأخذ (6)، وكذلك (7) على ضمان
المتصدق لو كره المالك، لكن ضعف سنده (8) يمنع ذلك كله.
94

والأقوى ما اختاره المصنف في الدروس من جواز تملك ما نقص
عن الدرهم، ووجوب تعريف ما زاد كغيره.
(وفي الضمان) لو تصدق به بعد التعريف وظهر المالك فلم يرض
بالصدقة (خلاف) منشؤه من (1) دلالة الخبر السالف على الضمان،
وعموم قوله صلى الله عليه وآله: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي (2) "
ومن (3) إتلافه مال الغير بغير إذنه، ومن (4) كونه أمانة قد دفعها بإذن
الشارع فلا يتعقبه الضمان، ولأصالة (5) البراءة. والقول بضمان ما يجب
تعريفه (6) أقوى (ولو أخذه بنية الإنشاد) والتعريف (لم يحرم) وإن كان
95

كثيرا، لأنه محسن والأخبار (1) الدالة على التحريم مطلقة وعمل بها (2)
الأكثر مطلقا ولو تمت (3) لم يكن التفصيل جيدا
(ويجب تعريفه حولا على كل حال) قليلا كان أم كثيرا أخذه
بنية الإنشاد أم لا، لإطلاق الخير السالف (4) وقد عرفت ما فيه (5) (وما كان
في غير الحرم يحل منه (6)) ما كان من الفضة (دون الدرهم) أو ما كانت
قيمته دونه لو كان من غيرها (7) (من غير تعريف)، ولكن لو ظهر
مالكه وعينه باقية وجب رده عليه على الأشهر وفي وجوب عوضه مع تلفه
قولان: مأخذهما: أنه (8) تصرف شرعي فلا يتعقبه ضمان. وظهور (9)
الاستحقاق.
(وما عداه) وهو ما كان بقدر الدرهم أو أزيد عينا، أو قيمة (يتخير
الواجد فيه بعد تعريفه حولا) عقيب الالتقاط مع الإمكان متتابعا بحيث
96

يعلم السامع أن التالي تكرار لمتلوه (1)، وليكن (2) في موضع الالتقاط
مع الإمكان إن كان بلدا، ولو كان برية عرف من يجده فيها (3) ثم
أكمله (4) إذا حضر في بلده، ولو أراد السفر قبل التعريف في بلد الالتقاط
أو إكماله (5) فإن أمكنه الاستنابة فهي أولى، وإلا (6) عرفه في بلده بحيث
يشتهر خبره، ثم يكمله (7) في غيره، ولو أخره عن وقت الالتقاط اختيارا
أثم واعتبر الحول من حين الشروع، ويترتب عليه (8) أحكامه مطلقا (9)
على الأقوى (10) ويجوز التعريف (بنفسه، وبغيره)، لحصول الغرض
بهما، لكن يشترط في النائب العدالة والاطلاع على تعريفه المعتبر شرعا
إذ لا يقبل إخبار الفاسق (بين الصدقة به) على مستحق الزكاة لحاجته،
97

وإن اتحد (1) وكثرت (والتملك بنيته (2)).
(ويضمن) لو ظهر المالك (فيهما (3)) في الثاني (4) مطلقا،
وفي الأول (5) إذا لم يرض بالصدقة، ولو وجد (6) العين باقية. ففي
تعيين (7) رجوعه بها لو طلبها، أو تخير الملتقط بين دفعها، ودفع البدل
مثلا، أو قيمة قولان (8).
98

ويظهر من الأخبار الأول (1)، واستقرب المصنف في الدروس الثاني (2)
ولو عابت (3) ضمن أرشها ويجب (4) قبوله معها على الأول. وكذا (5)
على الثاني على الأقوى، والزيادة المتصلة للمالك، والمنفصلة للملتقط (6)
99

أما الزوائد قبل نية التملك فتابعة للعين (1).
والأقوى أن ضمانها لا يحصل بمجرد التملك، أو الصدقة، بل بظهور
المالك سواء طالبه أم لم يطالب، مع احتمال توقفه (2) على مطالبته
أيضا، (3) ولا يشكل بأن استحقاق المطالبة يتوقف على ثبوت الحق، فلو
توقف ثبوته (4) عليه لدار، لمنع (5) توقفه على ثبوت الحق، بل
على إمكان ثبوته. وهو هنا كذلك (6).
100

وتظهر الفائدة (1) في عدم ثبوته (2) دينا في ذمته قبل ذلك فلا يسقط
عليه (3)
101

ماله لو أفلس، ولا يجب الإيصاء به (1) (ولا يعد مديونا (2)،
ولا غارما بسببه، ولا يطالبه به (3) في الآخرة لو لم يظهر في الدنيا إلى غير
ذلك (4) (وبين إبقائه) في يده (أمانة) موضوعا في حرز أمثاله (5).
(ولا يضمن) ما لم يفرط هذا إذا كان مما لا يضره البقاء كالجواهر
(ولو كان مما لا يبقى) كالطعام (قومه على نفسه)، أو باعه وحفظ ثمنه
102

ثم عرفه، (أو دفعه إلى الحاكم) إن وجده (1) وإلا تعين عليه الأول (2)
فإن أخل به فتلف، أو عاب ضمن، ولو كان (3) مما يتلف على تطاول
الأوقات لا عاجلا كالثياب تعلق الحكم بها عند خوف التلف (4).
(ولو افتقر إبقاؤه إلى علاج) كالرطب المفتقر إلى التجفيف (أصلحه
الحاكم ببعضه) بأن يجعل بعضه عوضا عن إصلاح الباقي، أو يبيع بعضه
وينفقه عليه وجوبا، حذرا من تلف الجميع ويجب على الملتقط إعلامه
بحاله (5) إن لم يعلم، ومع عدمه (6) يتولاه بنفسه، حذرا من الضرر بتركه.
(ويكره التقاط) ما تكثر منفعته وتقل قيمته مثل (الإداوة) بالكسر
وهي المطهرة (7) به (8) أيضا (والنعل) غير الجلد، لأن المطروح
منه (9) مجهولا ميتة، أو يحمل على ظهور إمارات تدل على ذكاته (10)
103

فقد يظهر من المصنف في بعض كتبه التعويل عليها (1) وذكره (2)
هنا مطلقا تبعا للرواية. ولعلها (3) تدل على الثاني (والمخصرة) بالكسر وهي
كل ما اختصره الإنسان بيده فأمسكه من عصي، ونحوها (4) قاله الجوهري
والكلام فيها إذا كانت جلدا كما هو الغالب كما سبق (5) (والعصا) وهي
104

على ما ذكره الجوهري أخص من المخصرة وعلى المتعارف (1) غيرها
(والشظاظ) بالكسر خشبة محددة الطرف تدخل في عروة الجوالقين (2)
ليجمع بينهما عند حملها على البعير. والجمع أشظة (3) (والحبل والوتد)
بكسر وسطه (والعقال) بالكسر وهو حبل يشد به قائمة البعير.
وقيل: يحرم بعض هذه (4) للنهي عن مسه.
(ويكره أخذ اللقطة) مطلقا (5) وإن تأكدت في السابق (6) لما
روي (7) عن علي عليه السلام " إياكم واللقطة فإنها ضالة المؤمن وهي من
حريق النار " وعن الصادق عليه السلام " لا يأكل الضالة إلا الضالون " (8)
105

وحرمها بعضهم، لذلك (1) وحمل النهي (2) على أخذها بنية عدم
التعريف، وقد روي في الخبر الثاني (3) زيادة إذا لم يعرفوها (خصوصا
من الفاسق والمعسر)، لأن الأول (4) ليس أهلا لحفظ مال الغير بغير
إذنه، والثاني يضر بحال المالك إذا ظهر وقد تملك (5)، وإنما جاز
مع ذلك (6)، لأن اللقطة في معنى الاكتساب (7)، لا استئمان محض.
هذا (8) إذا لم يعلم خيانته (9)، وإلا (10) وجب على الحاكم انتزاعها
106

منه حيث لا يجوز له التملك (1)، أو ضم مشرف إليه (2) من باب
الحسبة، ولا يجب ذلك (3) في غيره (ومع اجتماعهما) أي الفسق والاعسار
المدلول عليهما بالمشتق منهما (4)، (تزيد الكراهة) لزيادة سببها.
(وليشهد) الملتقط (عليها) عند أخذها عدلين (مستحبا) تنزيها
لنفسه عن الطمع فيها، ومنعا لوارثه من التصرف لو مات، وغرمائه (5)
لو فلس (ويعرف (6) الشهود بعض الأوصاف) كالعدة (7)،
والوعاء (8)، والعفاص (9)، والوكاء (10)، لا جميعها حذرا من شياع
107

خبرها فيطلع عليها من لا يستحقها فيدعيها ويذكر الوصف.
(والملتقط) للمال (من له أهلية الاكتساب) وإن كان غير مكلف
أو مملوكا (و) لكن يجب (أن يحفظ الولي ما التقطه الصبي) كما يجب
عليه حفظ ماله، ولا يمكنه منه (1)، لأنه لا يؤمن عليه، (وكذا
المجنون) (2) فإن افتقر إلى تعريف عرفه (3) ثم فعل لهما ما هو الأغبط
لهما من التملك، والصدقة، والإبقاء أمانة (4).
(ويجب تعريفها) أي اللقطة البالغة درهما فصاعدا (حولا) كاملا
وقد تقدم، وإنما أعاده ليرتب عليه قوله: (ولو متفرقا) وما بعده (5)
ومعنى جوازه (6) متفرقا أنه لا يعتبر وقوع التعريف كل يوم من أيام
108

الحول، بل المعتبر ظهور أن التعريف التالي تكرار لما سبق، لا للقطة
جديدة فيكفي التعريف في الابتداء كل يوم مرة، أو مرتين، ثم في كل
أسبوع، ثم في كل شهر مراعيا لما ذكرناه (1)، ولا يختص تكراره أياما
بأسبوع (2) وأسبوعا ببقية الشهر، وشهرا ببقية الحول: وإن كان
ذلك (3) مجزيا، بل المعتبر أن لا ينسى كون التالي تكرارا لما مضى،
لأن الشارع لم يقدره (4) بقدر فيعتبر فيه (5) ما ذكر، لدلالة العرف عليه (6).
109

وليس المراد بجوازه متفرقا أن الحول يجوز تلفيقه لو فرض ترك
التعريف في بعضه (1)، بل يعتبر اجتماعه في حول واحد، لأنه المفهوم
منه شرعا (2) عند الإطلاق خلافا لظاهر التذكرة حيث اكتفى به (3).
وبما ذكرناه من تفسير التفرق صرح في القواعد. ووجوب التعريف ثابت
(سواء نوى) الملتقط (التملك (4) أو لا) في أصح القولين، لإطلاق
الأمر به (5) الشامل للقسمين، خلافا للشيخ حيث شرط في وجوبه نية
التملك، فلو نوى الحفظ لم يجب (6).
ويشكل (7) باستلزامه (8) خفاء اللقطة، وبأن التملك غير واجب
فكيف تجب وسيلته (9) وكأنه أراد به الشرط (10).
(وهي أمانة) في يد الملتقط (في الحول وبعده) فلا يضمنها لو
110

تلفت بغير تفريط (1) (ما لم ينو التملك فيضمن) (2) بالنية وإن
كان (3) قبل الحول، ثم لا تعود أمانة لو عاد إلى نيتها (4) استصحابا (5)
لما ثبت ولم تفد النية الملك في غير وقتها (6)، لكن لو مضى الحول
مع قيامه بالتعريف وتملكها حينئذ (7) بني بقاء الضمان، وعدمه
على ما سلف (8) من تنجيز الضمان، أو توقفه على مطالبة المالك.
(ولو التقط العبد عرف بنفسه، أو بنائبه) كالحر (فلو أتلفها)
قبل التعريف: أو بعده (ضمن بعد عتقه) ويساره كما يضمن غيرها (9)
من أموال الغير التي يتصرف فيها من غير إذنه (ولا يجب على المالك
111

انتزاعها منه) قبل التعريف وبعده (وإن لم يكن) العبد (أمينا) لأصالة
البراءة من وجوب حفظ مال الغير مع عدم قبضه (1) خصوصا مع وجود
يد متصرفة (2).
وقيل: يضمن (3) بتركها في يد غير الأمين، لتعديه (4).
وهو ممنوع.
نعم لو كان العبد غير مميز فقد قال المصنف في الدروس: إن المتجه
ضمان السيد نظرا إلى أن العبد حينئذ (5) بمنزلة البهيمة المملوكة يضمن
مالكها ما تفسده من مال الغير مع إمكان حفظها.
وفيه نظر، للفرق بصلاحية ذمة العبد لتعلق مال الغير بها، دون
الدابة، والأصل براءة ذمة السيد من وجوب انتزاع مال غيره وحفظه.
نعم لو أذن له في الالتقاط اتجه الضمان مع عدم تمييزه، أو عدم
أمانته إذا قصر (6) في الانتزاع قطعا، ومع عدم التقصير (7) على احتمال
من حيث إن يد العبد يد المولى.
(ويجوز للمولى التملك بتعريف العبد) مع علم المولى به (8)، أو
112

كون العبد ثقة ليقبل خبره، وللمولى انتزاعها منه قبل التعريف وبعده
ولو تملكها العبد بعد التعريف صح على القول بملكه، وكذا (1) يجوز
لمولاه مطلقا.
(ولا تدفع) اللقطة إلى مدعيها وجوبا (2) (إلا بالبينة) العادلة
أو الشاهد واليمين (لا بالأوصاف وإن خفيت) (3) بحيث يغلب الظن
بصدقه، لعدم اطلاع غير المالك عليها غالبا كوصف وزنها، ونقدها
ووكائها، لقيام الاحتمال (4).
(نعم يجوز الدفع بها) (5) وظاهره كغيره جواز الدفع بمطلق
113

الوصف (1)، لأن (2) الحكم ليس منحصرا في الأوصاف الخفية وإنما
ذكرت (3) مبالغة وفي الدروس شرط في جواز الدفع إليه ظن صدقه
لإطنابه (4) في الوصف، أو رجحان عدالته وهو (5) الوجه، لأن
114

مناط أكثر الشرعيات الظن، ولتعذر (1) إقامة البينة غالبا، فلولاه (2)
لزعم عدم وصولها إلى مالكها كذلك (3).
وفي بعض الأخبار (4) إرشاد إليه، ومنع ابن إدريس من دفعها
115

بدون البينة، لاشتغال الذمة بحفظها (1)، وعدم ثبوت كون الوصف حجة.
والأشهر الأول (2) وعليه (3).
(فلو أقام غيره) أي غير الواصف (بها (4) بينة) بعد دفعها
إليه (5) (استعيدت منه)، لأن البينة حجة شرعية بالملك، والدفع
بالوصف إنما كان رخصة وبناء (6) على الظاهر (فإن تعذر) انتزاعها
116

من الواصف (ضمن الدافع) لذي البينة مثلها، أو قيمتها (ورجع)
الغارم (على القابض) بما غرمه، لأن التلف في يده (1)، ولأنه عاد
إلا أن يعترف الدافع له (2) بالملك فلا يرجع لو رجع عليه (3)
لاعترافه (4) بكون الأخذ منه ظلما، وللمالك الرجوع على الواصف
القابض ابتداء فلا يرجع على الملتقط، سواء تلفت في يده (5) أم لا.
ولو كان دفعها إلى الأول بالبينة ثم أقام آخر بينة حكم (6) الرجوع
117

بأرجح البينتين عدالة، وعددا (1) فإن تساويا أقرع، وكذا لو أقاماها
ابتداء (2)، فلو خرجت القرعة للثاني انتزعها (3) من الأول، وإن تلفت
فبدلها مثلا، أو قيمة ولا شئ على الملتقط إن كان دفعها بحكم الحاكم
وإلا ضمن (4).
ولو كان الملتقط قد دفع بدلها لتلفها ثم ثبتت للثاني رجع (5)
118

على الملتقط، لأن المدفوع إلى الأول ليس عين ماله (1)، ويرجع الملتقط
على الأول بما أداه إن لم يعترف له بالملك، لا من حيث البينة، أما
لو اعترف لأجلها لم يضر، لبنائه (2) على الظاهر وقد تبين خلافه (3).
(والموجود في المفازة) وهي البرية (4) القفر والجمع المفاوز قاله
ابن الأثير في النهاية.
ونقل الجوهري عن ابن الأعرابي أنها سميت بذلك تفاؤلا بالسلامة
وللفوز (والخربة) التي باد أهلها (أو مدفونا في أرض لا مالك لها)
ظاهرا (يتملك من غير تعريف) وإن كثر (إذا لم يكن عليه
أثر الإسلام) من الشهادتين، أو اسم سلطان من سلاطين الإسلام
ونحوه (5)، (وإلا) يكن كذلك بأن وجد عليه أثر الإسلام (وجب
التعريف)، لدلالة الأثر على سبق يد المسلم فتستصحب.
وقيل: يملك مطلقا (6)، لعموم صحيحة (7) محمد بن مسلم أن للواجد
119

ما يوجد في الخربة، ولأن أثر الإسلام قد يصدر عن غير المسلم (1) وحملت
الرواية (2) على الاستحقاق بعد التعريف فيما عليه الأثر (3). وهو (4)
بعيد، إلا أن الأول (5) أشهر.
ويستفاد من تقييد الموجود في الأرض التي لا مالك لها بالمدفون عدم
اشتراطه (6) في الأولين، بل يملك ما يوجد فيهما (7) مطلقا، عملا بإطلاق
النص (8)، والفتوى، أما غير المدفون في الأرض المذكورة (9) فهو لقطة.
هذا (10) كله إذا كانت في دار الإسلام، أما في دار الحرب
120

فلواجده مطلقا (1).
(ولو كان للأرض) التي وجد مدفونا فيها (مالك عرفه فإن
عرفه) أي ادعى أنه له دفعه إليه من غير بينة، ولا وصف (وإلا)
يدعيه (فهو للواجد) مع انتفاء أثر الإسلام، وإلا فلقطة كما سبق (2)
ولو وجده في الأرض المملوكة غير مدفون فهو لقطة، إلا أنه يجب تقديم
تعريف المالك فإن ادعاه فهو له كما سلف، وإلا عرفه.
(وكذا لو وجده في جوف دابة عرفه مالكها) كما سبق (3) لسبق
يده، وظهور كونه من ماله دخل في علفها: لبعد وجوده في الصحراء
واعتلافه، فإن عرفه المالك، وإلا فهو للواجد، لصحيحة عبد الله بن
جعفر قال: كتبت إلى الرجل (5) أسأله عن رجل اشترى جزورا،
أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم، أو دنانير
أو جوهرة لمن تكون؟ فقال: فوقع عليه السلام عرفها البائع فإن لم يكن
121

يعرفها فالشئ لك رزقك الله إياه (1)، وظاهر الفتوى، والنص (2)
عدم الفرق بين وجود أثر الإسلام عليه، وعدمه.
والأقوى الفرق (3)، واختصاص الحكم (4) بما لا أثر عليه،
وإلا (5) فهو لقطة جمعا بين الأدلة (6)، ولدلالة (7) أثر الإسلام على يد
122

المسلم سابقا (أما ما يوجد في جوف السمكة فللواجد)، لأنها إنما ملكت
بالحيازة، والمحيز إنما قصد تملكها (1) خاصة، لعدم علمه بما في بطنها
فلم يتوجه قصده إليه (2) بناء على أن المباحات إنما تملك بالنية والحيازة
معا، (إلا أن تكون) السمكة (محصورة في ماء تعلف) (3) فتكون
كالدابة (4)، لعين ما ذكر (5). ومنه (6) يظهر أن المراد بالدابة:
الأهلية كما يظهر من الرواية (7)، فلو كانت وحشية لا تعتلف من مال
المالك فكالسمكة (8)، وهذا (9) كله إذا لم يكن أثر الإسلام عليه،
123

وإلا فلقطة كما مر (1)، مع احتمال عموم الحكم (2) فيهما (3) لإطلاق
النص (4) والفتوى.
(والموجود في صندوقه، أو داره)، أو غيرهما من أملاكه
(مع مشاركة الغير له) في التصرف فيهما محصورا، أو غير محصور
على ما يقتضيه إطلاقهم (لقطة) أما مع عدم الحصر فظاهر، لأنه بمشاركة
غيره لا يدل بخصوصه فيكون لقطة، وأما مع انحصار المشارك فلأن المفروض
أنه لا يعرفه فلا يكون له (5) بدون التعريف.
ويحتمل قويا كونه له مع تعريف المنحصر (6)، لأنه بعدم اعتراف
المشارك يصير كما لا مشارك فيه (ولا معها) أي لا مع المشاركة (حل)
للمالك الواجد، لأنه من توابع ملكه المحكوم له به.
124

هذا (1) إذا لم يقطع بانتفائه عنه (2)، وإلا (3) أشكل الحكم
بكونه له، بل ينبغي أن يكون لقطة (4)، إلا أن كلامهم هنا (5) مطلق
كما ذكره المصنف (6)، ولا فرق في وجوب تعريف المشارك هنا بين
ما نقص عن الدرهم، وما زاد، لاشتراكهم في اليد بسبب التصرف
ولا يفتقر مدعيه منهم (7) إلى البينة، ولا الوصف، لأنه مال لا يدعيه
أحد، ولو جهلوا جميعا (8) أمره فلم يعترفوا به ولم ينفوه، فإن كان
الاشتراك في التصرف خاصة فهو للمالك منهم، وإن لم يكن فيهم مالك
فهو للمالك، وإن كان الاشتراك في الملك والتصرف فهم فيه سواء.
(ولا يكفي التعريف حولا في التملك) لما يجب تعريفه (بل لا بد)
بعد الحول (من النية) للتملك وإنما يحدث التعريف حولا تخير الملتقط
125

بين التملك بالنية، وبين الصدقة به (1)، وبين إبقائه في يده أمانة (2)
لمالكه.
هذا (3) هو المشهور من حكم المسألة (4)، وفيها قولان آخران
على طرفي النقيض (5).
أحدهما دخوله (6) في الملك قهرا من غير احتياج إلى أمر زائد
على التعريف، لظاهر قول الصادق عليه السلام: فإن جاء لها طالب،
وإلا فهي كسبيل ماله (7)، والفاء (8) للتعقيب، وهو قول ابن إدريس
ورد بأن كونها (9) كسبيل ماله لا يقتضي حصول الملك حقيقة (10).
126

والثاني افتقار ملكه إلى اللفظ الدال عليه بأن يقول: اخترت تملكها
وهو قول أبي الصلاح وغيره، لأنه معه (1) مجمع على ملكه. وغيره (2)
لا دليل عليه.
والأقوى الأول (3)، لقوله عليه السلام: " وإلا فاجعلها في عرض
مالك " (4). وصيغة أفعل (5) للأمر، ولا أقل من أن يكون للإباحة (6)
فيستدعي (7) أن يكون المأمور به مقدورا بعد التعريف، وعدم مجئ
127

المالك ولم يذكر اللفظ (1) فدل الأول (2) على انتفاء الأول، والثاني (3)
على انتفاء الثاني وبه (4) يجمع بينه (5)، وبين قوله عليه السلام: كسبيل
128

ماله، وإلا (1) لكان ظاهره الملك القهري، لا كما رد (2) سابقا.
والأقوال الثلاثة (3) للشيخ.
129

كتاب إحياء الموات
131

كتاب إحياء (1) الموات (2)
(وهو) أي الموات من الأرض (مالا ينتفع به) منها (لعطلته (3)
أو لاستيجامه (4)، أو لعدم الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه) ولو جعل
هذه الأقسام أفرادا لعطلته، لأنها (5) أعم منها كان أجود ولا فرق
بين أن يكون قد سبق لها إحياء ثم ماتت، وبين موتها ابتداء على ما يقتضيه
الإطلاق (6) وهذا (7) يتم مع إبادة أهله بحيث لا يعرفون ولا بعضهم
133

فلو عرف المحيي لم يصح إحياؤها على ما صرح به المصنف في الدروس
وسيأتي إن شاء الله تعالى ما فيه.
ولا يعتبر في تحقق موتها العارض ذهاب رسم العمارة رأسا، بل
ضابطة العطلة وإن بقيت آثار الأنهار، ونحوها، لصدقه عرفا معها (1)
خلافا لظاهر التذكرة (2)، ولا يلحق ذلك (3) بالتحجير حيث إنه (4)
لو وقع ابتداء كان تحجيرا، لأن (5) شرطه بقاء اليد، وقصد العمارة.
وهما (6) منتفيان هنا، بل التحجير مخصوص بابتداء الإحياء، لأنه (7)
بمعنى الشروع فيه حيث لا يبلغه (8) فكأنه قد حجر على غيره بأثره
أن يتصرف فيما حجره بإحياء، وغيره.
134

(و) حكم الموات أن (يتملكه من أحياه) إذا قصد تملكه
(مع غيبة الإمام عليه السلام) سواء في ذلك المسلم، والكافر، لعموم
" من أحيا أرضا ميتة فهي له (1) ". ولا يقدح في ذلك (2) كونها
للإمام عليه السلام على تقدير ظهوره (3)، لأن ذلك (4) لا يقصر عن
حقه (5) من غيرها (6) كالخمس، والمغنوم بغير إذنه (7)، فإنه بيد الكافر
والمخالف على وجه الملك حال الغيبة، ولا يجوز انتزاعه منه فهنا (8) أولى.
(وإلا) يكن الإمام عليه السلام غائبا (افتقر) الإحياء (إلى إذنه)
إجماعا، ثم إن كان مسلما ملكها بإذنه، وفي ملك الكافر مع الإذن
قولان، ولا إشكال فيه لو حصل (9) إنما الإشكال في جواز إذنه له
135

نظرا إلى أن الكافر هل له أهلية ذلك أم لا. والنزاع قليل الجدوى (1).
(ولا يجوز إحياء العامر (2) وتوابعه كالطريق) المفضي إليه (3)
(والشرب) بكسر الشين وأصله الحظ (4) من الماء. ومنه (5)
قوله تعالى: لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم (6)
والمراد هنا النهر وشبهه المعد لمصالح العامر (7)، وكذا غيرهما (8)
من مرافق العامر وحريمه (ولا) إحياء (المفتوحة عنوة) بفتح العين
أي قهرا وغلبة على أهلها كأرض الشام، والعراق وغالب بلاد الإسلام
(إذ عامرها) حال الفتح (للمسلمين) قاطبة بمعنى أن حاصلها يصرف
في مصالحهم لا تصرفهم فيها كيف اتفق كما سيأتي (وغامرها) بالمعجمة
وهو خلاف العامر بالمهملة قال الجوهري: وإنما قيل له: غامر، لأن
الماء يبلغه فيغمره. وهو فاعل بمعنى مفعول كقولهم سر كاتم، وماء
136

دافق (1)، وإنما بني على فاعل ليقابل به العامر.
وقيل: الغامر من الأرض ما لم يزرع مما يحتمل (2) الزراعة،
وما لا يبلغه الماء من موات الأرض لا يقال له: غامر نظرا إلى الوصف
المتقدم (3)، والمراد هنا أن مواتها مطلقا (4) (للإمام عليه السلام)
فلا يصح إحياؤه بغير إذنه مع حضوره، أما مع غيبته فيملكها المحيي، ويرجع
الآن في المحيى منها والميت في تلك الحال (5) إلى القرائن. ومنها (6)
ضرب الخراج والمقاسمة، فإن انتفت (7) فالأصل يقتضي عدم للعمارة (8)
فيحكم لمن بيده منها شئ بالملك أو ادعاه، (وكذا كل ما) أي موات
من الأرض (لم يجر عليه ملك المسلم) فإنه للإمام عليه السلام فلا يصح
إحياؤه إلا بإذنه مع حضوره ويباح في غيبته. ومثله (9) ما جرى عليه
137

ملكه ثم باد أهله.
(ولو جرى عليه ملك مسلم) معروف (فهو له ولوارثه بعده)
كغيره من الأملاك (ولا ينتقل عنه بصيرورته مواتا) مطلقا (1)، لأصالة
بقاء الملك وخروجه يحتاج إلى سبب ناقل وهو (2) محصور وليس منه (3)
الخراب.
وقيل: يملكها المحيي بعد صيرورتها مواتا ويبطل حق السابق، لعموم
من أحيا أرضا ميتة فهي له (4)، ولصحيحة (5) أبي خالد الكابلي عن الباقر
عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام إن الأرض لله
يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين (6). إلى أن قال:
فإن تركها وأخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها، أو أحياها
فهو أحق بها من الذي تركها (7)، وقول الصادق عليه السلام: أيما رجل
أتى خربة بائرة فاستخرجها، وكرى (8) أنهارها، وعمرها فإن عليه
138

فيها الصدقة، فإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها وتركها وأخربها
ثم جاء بعد يطلبها فإن الأرض لله، ولمن عمرها.
وهذا هو الأقوى، وموضع الخلاف (1) ما إذا كان السابق قد ملكها
بالإحياء. فلو كان قد ملكها بالشراء ونحوه (2) لم يزل ملكه عنها إجماعا
على ما نقله العلامة في التذكرة عن جميع أهل العلم.
(وكل أرض أسلم عليها أهلها طوعا) كالمدينة المشرفة، والبحرين
وأطراف اليمن (فهي لهم) على الخصوص يتصرفون فيها كيف شاؤوا
(وليس عليهم فيها سوى الزكاة مع) اجتماع (الشرائط) المعتبرة فيها.
وهذا إذا قاموا بعمارتها، أما لو تركوها فخربت فإنها تدخل في عموم
قوله (3):
(وكل أرض ترك أهلها عمارتها فالمحيي أحق بها) (4) منهم
لا بمعنى ملكه لها بالإحياء، لما سبق من أن ما جرى عليها ملك مسلم
لا ينتقل عنه بالموت فبترك العمارة التي هي أعم من الموت أولى، بل بمعنى
استحقاقه التصرف فيها ما دام قائما بعمارتها (وعليه طسقها) (5) أي أجرتها
(لأربابها) الذين تركوا عمارتها.
139

أما عدم خروجها عن ملكهم فقد تقدم (1)، وأما جواز إحيائها
مع القيام بالأجرة فلرواية (2) سليمان بن خالد وقد سأله عن الرجل يأتي
الأرض الخربة فيستخرجها (3) ويجري أنهارها ويعمرها ويزرعها فماذا
عليه؟ قال: الصدقة (4) قلت: فإن كان يعرف صاحبها قال: فليؤد
إليه حقه، وهي (5) دالة على عدم خروج الموات به عن الملك أيضا، لأن
نفس الأرض حق صاحبها (6)، إلا أنها (7) مقطوعة السند ضعيفة
فلا تصلح (8)، وشرط في الدروس إذن المالك في الإحياء، فإن
تعذر (9) فالحاكم، فإن تعذر (10) جاز الإحياء بغير إذن، وللمالك
140

حينئذ (1) طسقها. ودليله (2) غير واضح.
والأقوى أنها إن خرجت عن ملكه (3) جاز إحياؤها بغير أجرة
وإلا امتنع التصرف فيها بغير إذنه (4). وقد تقدم ما يعلم منه (5)
خروجها عن ملكه، وعدمه (6).
نعم للإمام عليه السلام تقبيل المملوكة الممتنع أهلها من عمارتها بما شاء
لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم (7).
141

(وأرض الصلح التي بأيدي أهل الذمة) وقد صالحوا النبي صلى الله
عليه وآله، أو الإمام عليه السلام على أن الأرض لهم (فهي لهم) عملا
بمقتضى الشرط (عليهم الجزية) ما داموا أهل ذمة. ولو أسلموا صارت
كالأرض التي أسلم أهلها عليها طوعا ملكا (1) لهم بغير عوض، ولو وقع
الصلح ابتداء على الأرض للمسلمين كأرض خيبر (2) فهي كالمفتوحة
149

عنوة (1).
(ويصرف الإمام عليه السلام حاصل الأرض المفتوحة عنوة) المحياة
حال الفتح (في مصالح المسلمين) الغانمين وغيرهم كسد الثغور، ومعونة
الغزاة، وأرزاق الولاة.
هذا (2) مع حضور الإمام، أما مع غيبته فما كان منها بيد الجائر
153

يجوز المضي معه في حكمه فيها (1) فيصح تناول الخراج والمقاسمة منه (2)
بهبة، وشراء، واستقطاع، وغيرها (3) مما يقتضيه حكمه شرعا (4).
وما يمكن استقلال نائب الإمام به وهو الحاكم الشرعي فأمره إليه يصرفه
في مصالح المسلمين كالأصل (5).
(ولا يجوز بيعها) أي بيع الأرض المفتوحة عنوة المحياة حال الفتح
لأنها للمسلمين قاطبة من وجد منهم ذلك اليوم، ومن يتجدد إلى يوم
القيامة، لا بمعنى ملك الرقبة، بل بالمعنى السابق. وهو صرف حاصلها
في مصالحهم.
(ولا هبتها، ولا وقفها، ولا نقلها) بوجه من الوجوه المملكة
لما ذكرناه من العلة (6). (وقيل) والقائل به جماعة من المتأخرين ومنهم
المصنف وقد تقدم في كتاب البيع (7) اختياره له: (إنه يجوز) جميع
154

ما ذكر من البيع والوقف وغيره (بتعا لآثار المتصرف) من بناء، وغرس
ويستمر الحكم ما دام شئ من الأثر باقيا، فإذا زال رجعت الأرض
إلى حكمها الأول (1).
ولو كانت ميتة حال الفتح، أو عرض لها الموتان (2) ثم أحياها
محي، أو اشتبه حالها حالته (3)، أو وجدت في يد أحد يدعي ملكها
حيث لا يعلم فساد دعواه فهي كغيرها من الأرضين المملوكة بالشرط
السابق (4) يتصرف بها المالك كيف شاء بغير إشكال. (وشروط الاحياء)
المملك للمحيي (ستة: انتفاء يد الغير) عن الأرض الميتة، فلو كان عليها
يد محترمة لم يصح إحياؤها لغيره لأن اليد تدل على الملك ظاهرا إذا لم يعلم
انتفاء سبب صحيح (5) للملك أو الأولوية (6)، وإلا (7) لم يلتفت إلى اليد.
155

(وانتفاء ملك سابق) للأرض قبل موتها (1) لمسلم (2)، أو مسالم
فلو كانت مملوكة لأحدهما لم يصح إحياؤها لغيره (3) استصحابا للملك
السابق وهذان الشرطان (4) مبنيان على ما سبق من عدم بطلان الملك (5)
بالموت مطلقا (6) وقد تقدم (7) ما فيه من التفصيل المختار (8).
(وانتفاء كونه حريما لعامر)، لأن مالك العامر استحق حريمه،
لأنه من مرافقه ومما يتوقف كمال انتفاعه عليه (9)، وسيأتي تفصيل الحريم
(وانتفاء كونه مشعرا) أي محلا (للعبادة) كعرفة، والمشعر
ومنى ولو (10) كان يسيرا لا يمنع المتعبدين، سدا (11) لباب مزاحمة
156

الناسكين، ولتعلق حقوق الناس كافة بها (1) فلا يسوغ تملكها مطلقا (2)
لأدائه إلى تفويت هذا الغرض الشرعي (3).
وجوز المحقق اليسير منه (4)، لعدم الاضرار مع أنه (5) غير ملك
لأحد. وهو (6) نادر وعليه (7) لو عمد بعض الحاج فوقف به (8)
لم يجز، للنهي عن التصرف في ملك الغير، لأنا بنينا عليه (9) وهو (10)
مفسد للعبادة التي هي عبارة عن الكون ومن ضرورياته (11) المكان.
157

وللمصنف تفريعا عليه (1) وجه بالجواز (2) جمعا بين الحقين (3)
وآخر (4) بالتفصيل بضيق المكان فيجوز (5)، وبسعته (6) فلا، واثبات (7)
158

الملك مطلقا (1) يأباهما، وإنما يتوجهان (2) لو جعله مشروطا بأحد
الأمرين (3).
(أو مقطعا) من النبي صلى الله عليه وآله، أو الإمام عليه السلام
لأحد المسلمين، لأن المقطع له يصير أولى من غيره كالتحجير (4) فلا
يصح لغيره التصرف بدون إذنه (5) وإن لم يفد ملكا (6)، وقد
روي (7) أن النبي صلى الله عليه وآله أقطع بلال بن الحرث العقيق وهو
واد بظاهر المدينة واستمر تحت يده إلى ولاية عمر، وأقطع (8) الزبير بن
العوام حضر فرسه بالحاء المهملة المضمومة والضاد المعجمة وهو
159

عدوه مقدار ما جرى فأجرى فرسه حتى قام (1) أي عجز عن التقدم
فرمى بسوطه طلبا للزيادة على الحضر فأعطاه من حيث وقع السوط،
وأقطع صلى الله عليه وآله غيرهما مواضع أخر.
(أو محجرا) أي مشروعا في إحيائه شروعا لم يبلغ حد الاحياء
فإنه بالشروع يفيد أولوية لا يصح لغيره التخطي إليه، وإن لم يفد ملكا
فلا يصح بيعه (2). لكن يورث ويصح الصلح عليه، إلا أن يهمل
الإتمام، فللحاكم حينئذ إلزامه به (3)، أو رفع يده عنه، فإن امتنع
أذن لغيره في الاحياء، وإن اعتذر بشاغل أمهله مدة يزول عذره فيها،
ولا يتخطى (4) غيره إليها ما دام مهملا.
وفي الدروس جعل الشروط (5) تسعة، وجعل منها (6) إذن الإمام
مع حضوره، ووجود (7) ما يخرجها عن الموات بأن يتحقق الاحياء
160

إذ لا ملك قبل كمال العمل المعتبر فيه، وإن أفاد الشروع تحجيرا لا يفيد
سوى الأولوية كما مر. وقصد (1) التملك فلو فعل أسباب الملك بقصد غيره (2)
أولا مع قصد (3) لم يملك كحيازة سائر المباحات من الاصطياد، والاحتطاب
والاحتشاش.
والشرط الأول (4) قد ذكره هنا في أول الكتاب (5).
والثاني يلزم من جعلها (6) شروط الاحياء مضافا إلى ما سيأتي
من قوله: والمرجع في الاحياء إلى العرف (7) الخ.
161

والثالث (1) يستفاد من قوله في أول الكتاب: يتملكه من أحياه
إذ التملك يستلزم القصد إليه فإن الموجود في بعض النسخ يتملكه بالتاء بعد
الياء، ويوجد في بعضها يملكه. وهو (2) لا يفيد.
ويمكن استفادته (3) من قوله بعد حكمه برجوعه إلى العرف (4):
لمن أراد الزرع، ولمن أراد البيت فإن الإرادة لما ذكر (5)، ونحوه
تكفي في قصد التملك وإن لم يقصده (6) بخصوصه.
وحيث بين أن من الشرائط أن لا يكون حريما لعامر نبه هنا
على بيان حريم بعض الأملاك بقوله: (وحريم العين ألف ذراع) حولها
من كل جانب (في) الأرض (الرخوة، وخمسمائة في الصلبة) (7)
162

بمعنى أنه ليس للغير استنباط (1) عين أخرى في هذا القدر. لا المنع
من مطلق الاحياء (2). والتحديد بذلك (3) هو المشهور رواية (4).
وفتوى. وحده (5) ابن الجنيد بما ينتفي معه الضرر، ومال إليه العلامة
في المختلف استضعافا للمنصوص (6)، واقتصارا (7) على موضع الضرر
وتمسكا بعموم نصوص (8) جواز الاحياء، ولا فرق بين العين المملوكة
163

والمشتركة بين المسلمين. والمرجع في الرخاوة، والصلابة إلى العرف.
(وحريم بئر الناضح) وهو (1) البعير يستقى عليه للزرع،
وغيره (2) (ستون ذراعا) من جميع الجوانب، ولا يجوز إحياؤه (3) بحفر
بئر أخرى، ولا غيره (4) (و) حريم بئر (المعطن) واحد المعاطن
وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب قاله الجوهري، والمراد البئر التي
يستقى منها لشرب الإبل (أربعون ذراعا) من كل جانب كما مر.
(وحريم الحائط مطرح آلاته) من حجر، وتراب، وغيرهما
على تقدير انهدامه لمسيس الحاجة إليه عنده (5) (وحريم الدار مطرح ترابها
ورمادها، وكناستها (6)، (وثلوجها، ومسيل مائها) حيث يحتاج إليهما.
(ومسلك الدخول والخروج في صوب الباب) إلى أن يصل إلى الطريق
أو المباح (7) ولو بإزورار (8) لا يوجب ضررا كثيرا، أو بعدا (9)
164

ويضم إلى ذلك (1) حريم حائطها بما سلف. وله منع من يحفر بقرب
حائطه بئرا، أو نهرا، أو يغرس شجرة تضر بحائطه أو داره وكذا
لو غرس في ملكه، أو أرض أحياها ما تبرز أغصانه، أو عروقه
إلى المباح ولو بعد حين لم يكن لغيره إحياؤه (2) وللغارس منعه (3) ابتداء.
هذا (4) كله إذا أحيا هذه الأشياء (5) في الموات: أما الأملاك
المتلاصقة فلا حريم لأحدها على جاره، لتعارضها فإن كل واحد منها
حريم بالنسبة إلى جاره ولا أولوية، ولأن من الممكن شروعهم في الاحياء
دفعة فلم يكن لواحد على آخر حريم.
(والمرجع في الاحياء إلى العرف)، لعدم ورود شئ معين فيه
من الشارع (كعضد (6) الشجر) من الأرض (وقطع المياه الغالبة) عليها (7)
165

(والتحجير) حولها (1) (بحائط) من طين، أو حجر (أو مرز)
بكسر الميم وهو جمع التراب حول ما يريد إحياءه من الأرض ليتميز
عن غيره (أو مسناة) (2) بضم الميم وهو نحو المرز، وربما كان أزيد
منه ترابا.
ومثله (3) نصب القصب والحجر، والشوك، ونحوها حولها (4)
(وسوق الماء) إليها حيث يحتاج إلى السقي (أو اعتياد الغيث).
كل ذلك (5) (لمن أراد الزرع والغرس) بإحياء الأرض.
وظاهر هذه العبارة أن الأرض التي يراد إحياؤها للزراعة لو كانت
مشتملة على شجر والماء مستول عليها لا يتحقق إحياؤها إلا بعضد شجرها
وقطع الماء عنها، ونصب حائط وشبهه (6) حولها، وسوق ما يحتاج إليه
من الماء إليها إن كانت مما تحتاج إلى السقي به (7) فلو أخل أحد هذه
لا يكون إحياء، بل تحجيرا، وإنما جمع بين قطع الماء وسوقه إليها لجواز
أن يكون الماء الذي يحتاج إلى قطعه غير مناسب للسقي بأن يكون وصوله
166

إليها على وجه الرشح (1) المضر بالأرض من غير أن ينفع في السقي ونحو ذلك (2)
وإلا فلو كان كثيرا يمكن السقي به كفى قطع القدر المضر منه وإبقاء
الباقي للسقي.
ولو جعل الواو في هذه الأشياء بمعنى أو كان كل واحد منها كافيا
في تحقيق الاحياء، لكن لا يصح في بعضها، فإن من جملتها سوق الماء
أو اعتياد الغيث، ومقتضاه أن المعتاد لسقي الغيث لا يتوقف إحياؤه
على شئ من ذلك (3).
وعلى الأول (4) لو فرض عدم الشجر، أو عدم المياه الغالبة
لم يكن مقدار ما يعتبر في الاحياء مذكورا (5) ويكفي كل واحد مما يبقى
على الثاني (6). وفي الدروس اقتصر على حصوله (7) بعضد الأشجار
والتهيئة للانتفاع، وسوق الماء، أو اعتياد الغيث، ولم يشترط الحائط
والمسناة، بل اشترط أن يبين الحد بمرز وشبهه (8)، قال: ويحصل
167

الاحياء أيضا بقطع المياه الغالبة. وظاهره (1) الاكتفاء به عن الباقي (2)
أجمع، وباقي عبارات الأصحاب مختلفة في ذلك (3) كثيرا.
والأقوى الاكتفاء بكل واحد من الأمور الثلاثة السابقة (4) مع سوق
الماء حيث يفتقر إليه (5)، وإلا (6) اكتفى بأحدها خاصة، هذا إذا
لم يكن المانعان الأولان (7)، أو أحدهما موجودا، وإلا (8) لم يكتف
بالباقي (9) فلو كان الشجر مستوليا عليها والماء كذلك لم يكف الحائط، وكذا
أحدهما (10) وكذا لو كان الشجر (11) لم يكف دفع الماء، وبالعكس (12)
لدلالة العرف على ذلك كله.
أما الحرث والزرع فغير شرط فيه قطعا، لأنه انتفاع بالمحيى
168

كالسكنى لمحيي الدار.
نعم لو كانت الأرض مهيأة للزراعة والغرس لا يتوقف إلا على الماء
كفى سوق الماء إليها مع غرسها، أو زرعها، لأن ذلك يكون بمنزلة
تميزها بالمزر، وشبهه (وكالحائط) ولو بخشب، أو قصب (لمن أراد)
بإحياء الأرض (الحظيرة) المعدة للغنم ونحوه أو لتجفيف الثمار أو لجمع
الحطب والخشب والحشيش وشبه ذلك، وإنما اكتفى فيها (1) بالحائط
لأن ذلك (2) هو المعتبر عرفا فيها (3) (و) كالحائط (مع السقف)
بخشب، أو عقد (4)، أو طرح (5) بحسب المعتاد (إن أراد للبيت)
واكتفى في التذكرة في تملك قاصد السكنى بالحائط (6) المعتبر في الحظيرة
وغيره (7) من الأقسام التي يحصل بها الاحياء لنوع مع قصد غيره الذي
169

لا يحصل به.
وأما تعليق (11) الباب للحظيرة والمساكن فليس بمعتبر عندنا لأنه للحفظ
لا لتوقف السكنى عليه.
(القول في المشتركات)
بين الناس في الجملة وإن كان بعضها مختصا بفريق خاص. وهي
أنواع ترجع أصولها إلى ثلاثة: الماء، والمعدن، والمنافع، والمنافع ستة: المساجد
والمشاهد، والمدارس، والرباط، والطرق، ومقاعد الأسواق، وقد أشار
إليها (2) المنصف في خمسة أقسام.
(فمنها المسجد) وفي معناه المشهد (3) (فمن سبق إلى المكان منه فهو
أولى به) ما دام باقيا فيه. (فلو فارق) ولو لحاجة كتجديد طهارة
170

أو إزالة نجاسة (بطل حقه) وإن كان ناويا للعود (إلا أن يكون رحله)
وهو شئ من أمتعته ولو سبحته (1) وما (2) يشد به وسطه، وخفه (3)
(باقيا) في الموضع (و) مع ذلك (ينوي العود). فلو فارق لا بنية
العود سقط حقه وإن كان رحله باقيا.
وهذا الشرط (4) لم يذكره كثير. وهو (5) حسن، لأن الجلوس
يفيد أولوية فإذا فارق بنية رفع الأولوية سقط حقه منها (6)، والرحل
لا مدخل له في الاستحقاق (7) بمجرده مع احتماله (8)، لإطلاق النص (9)
171

والفتوى، وإنما تظهر الفائدة (1) على الأول لو كان رحله لا يشغل
من المسجد مقدار حاجته في الجلوس والصلاة (2)،
172

لأن ذلك (1) هو المستثنى على تقدير الأولوية. فلو كان كبيرا يسع ذلك
فالحق باق (2) من حيث عدم جواز رفعه بغير إذن مالكه،
173

وكونه (1) في موضع مشترك كالمباح، مع احتمال سقوط حقه مطلقا (2)
على ذلك التقدير (3) فيصح رفعه (4) لأجل غيره (5) حذرا من تعطيل بعض
المسجد ممن لا حق له.
ثم على تقدير الجواز (6) هل يضمن الرحل رافعه يحتلمه، لصدق
التصرف وعدم المنافاة بين جواز رفعه، والضمان. جمعا بين الحقين (7)،
ولعموم (8)
174

على اليد ما أخذت حتى تؤدي، وعدمه (1) لأن لا حق له فيكون تفريغه
منه بمنزلة رفعه من ملكة (2).
ولم أجد في هذه الوجوه كلاما يعتد به، وعلى تقدير بقاء الحق
لبقائه (3)، أو بقاء رحله (4) فأزعجه (5) مزعج فلا شبهة في إثمه.
وهل يصير أولى منه (6) بعد ذلك يحتمله (7)، لسقوط (8) حق
الأول بالمفارقة، وعدمه (9)، للنهي فلا يترتب عليه (10) حق.
175

والوجهان (1) آتيان في رفع كل أولوية، وقد ذكر (2) جماعة
من الأصحاب: أن حق أولوية التحجير لا يسقط بتغلب غيره، ويتفرع
على ذلك (3) صحة صلاة الثاني (4)، وعدمه (5)، واشترط المصنف
في الذكرى في بقاء حقه (6) مع بقاء الرحل أن لا يطول المكث،
وفي التذكرة استقرب بقاء الحق مع المفارقة لعذر كإجابة داع، وتجديد
وضوء، وقضاء حاجة، وإن لم يكن له رحل.
(ولو استبق اثنان) دفعه إلى مكان واحد (ولم يمكن الجمع)
بينهما (7) (أقرع)، لانحصار الأولوية (8) فيهما، وعدم إمكان الجمع
176

فهو (1) لأحدهما إذ منعهما معا باطل (2)، والقرعة لكل أمر مشكل
مع احتمال العدم (3)، لأن القرعة لتبيين المجهول عندنا المعين في نفس
الأمر، وليس كذلك هنا (4).
وقد تقدم (5) أن الحكم بالقرعة غير منحصر في ما ذكر (6)،
وعموم (7) الخبر يدفعه والرجوع إليها (8) هنا هو الوجه، ولا فرق
في ذلك (9) كله بين المعتاد لبقعة معينة، وغيره، وإن كان اعتياده لدرس
177

وإمامة، ولا بين المفارق في أثناء الصلاة، وغيره، للعموم (1).
واستقرب المصنف في الدروس بقاء أولوية المفارق في أثنائها (2)
اضطرارا، إلا أن يجد (3) مكانا مساويا للأول (4)، أو أولى منه (5)
محتجا بأنها صلاة واحدة فلا يمنع من إتمامها.
ولا يخفى ما فيه (6).
(ومنها (7) المدرسة، والرباط فمن سكن بيتا منهما)، أو أقام
بمكان مخصوص (8) (ممن له السكنى) بأن يكون متصفا بالوصف المعتبر
178

في الاستحقاق (1)، إما في أصله (2) بأن يكون مشتغلا بالعلم في المدرسة
أو يحسب الشرط بأن تكون موقوفة على قبيلة مخصوصة، أو نوع
من العلم (3)، أو المذاهب (4) ويتصف الساكن به (5) (فهو (6)
أحق به وإن تطاولت المدة، إلا مع مخالفة شرط الواقف) بأن يشترط
الواقف أمدا فينتهي.
واحتمل المصنف في الدروس في المدرسة، ونحوها الإزعاج (7)
إذا تم غرضه من ذلك، وقوى الاحتمال (8) إذا ترك التشاغل بالعلم
وإن لم يشترط الواقف، لأن موضوع المدرسة ذلك (9) (وله أن يمنع
من يشاركه)، لما فيها (10) من الضرر (إذا كان المسكن) الذي أقام به
(معدا لواحد) فلو أعد لما فوقه لم يكن له منع الزائد عنه إلا أن
يزيد عن النصاب المشروط.
(ولو فارق) ساكن المدرسة والرباط (لغير عذر بطل حقه)
179

سواء بقي رحله أم لا، وسواء طالت مدة المفارقة أم قصرت لصدقها (1)
وخلو المكان الموجب لاستحقاق غيره إشغاله.
ومفهومه (2): أنه لو فارق لعذر لم يسقط حقه مطلقا (3).
ويشكل (4) مع طول المدة، وأطلق الأكثر (5) بطلان حقه بالمفارقة.
وفي التذكرة أنه إذا فارق أياما قليلة لعذر فهو أحق، وشرط بعضهم
بقاء الرحل، وعدم طول المدة.
وفي الدروس ذكر في المسألة (6) أوجها:
زوال حقه (7) كالمسجد. وبقاؤه مطلقا (8)، لأنه باستيلائه جرى
مجرى المالك. وبقاؤه إن قصرت المدة، دون ما إذا طالت، لئلا يضر
بالمستحقين، وبقاؤه إن خرج لضرورة وإن طالت المدة، وبقاؤه إن بقي
رحله، أو خادمه، ثم استقرب تفويض الأمر إلى ما يراه الناظر (9) صلاحا.
والأقوى أنه مع بقاء الرحل وقصر المدة لا يبطل حقه، وبدون
الرحل يبطل، إلا أن يقصر الزمان بحيث لا يخرج عن الإقامة عرفا.
180

ويشكل الرجوع إلى رأي الناظر مع إطلاق النظر إذ ليس له إخراج
المستحق اقتراحا فرأيه حينئذ فرع الاستحقاق وعدمه.
نعم لو فوض إليه (1) الأمر مطلقا (2) فلا إشكال.
(ومنها (3) الطرق وفائدتها) في الأصل (الاستطراق والناس
فيها شرع) (4) بالنسبة إلى المنفعة المأذون فيها (ويمنع من الانتفاع بها
في غير ذلك) المذكور وهو الاستطراق (مما يفوت به (5) منفعة المارة)
لا مطلقا (6) (فلا يجوز الجلوس) بها (للبيع والشراء)، وغيرهما
من الأعمال، والأكوان (إلا مع السعة حيث لا ضرر) على المارة لو مروا
في الطريق بغير موضعة، وليس لهم حينئذ تخصيص الممر بموضعه إذا كان
لهم عنه مندوحة، لثبوت الاشتراك على هذا الوجه، وأطباق الناس
على ذلك في جميع الأصقاع ولا فرق في ذلك بين المسلمين وغيرهم، لأن
لأهل الذمة منه (7) ما للمسلمين في الجملة (8).
181

(فإذا فارق) المكان الذي جلس فيه للبيع، وغيره (بطل حقه)
مطلقا (1)، لأنه (2) كان متعلقا بكونه (3) فيه وقد زال (4) وإن كان
رحله باقيا، لاختصاص ذلك (5) بالمسجد، وأطلق المصنف في الدروس
وجماعة بقاء حقه مع بقاء رحله، لقول أمير المؤمنين: عليه السلام: " سوق
المسلمين كمسجدهم " (6) والطريق على هذا الوجه (7) بمنزلة السوق،
ولا فرق مع سقوط حقه على التقديرين (8) بين تضرره بتفرق معامليه (9) وعدمه.
واحتمل في الدروس بقاءه (10) مع الضرر، لأن أظهر المقاصد
أن يعرف مكانه ليقصده المعاملون. إلا مع طول زمان المفارقة (11)،
182

لاستناد الضرر حينئذ إليه.
وفي التذكرة قيد بقاء حقه مع الرحل ببقاء النهار. فلو دخل الليل
سقط حقه محتجا بالخبر السابق (1) حيث قال فيه: فمن سبق إلى مكان
فهو أحق به إلى الليل.
ويشكل (2) بأن الرواية تدل بإطلاقها على بقاء الحق إلى الليل،
سواء كان له رحل أم لا.
والوجه بقاء حقه مع بقاء رحله ما لم يطل الزمان، أو يضر بالمارة
ولا فرق في ذلك (3) بين الزائد عن مقدار الطريق شرعا، وما دونه،
إلا أن يجوز إحياء الزائد فيجوز الجلوس فيه مطلقا (4).
وحيث يجوز له الجلوس يجور التظليل عليه بما لا يضر بالمارة،
183

دون التسقيف، وبناء (1) دكة، وغيرها (2)، إلا على الوجه المرخص
في الطريق مطلقا (3) وقد تقدم (4). وكذا الحكم (5) في مقاعد الأسواق
المباحة، ولم يذكرها المصنف هنا، وصرح في الدروس بالحاقها (6) بما
ذكر في حكم الطريق.
(ومنها (7) المياه المباحة) كمياه العيون في المباح (8)، والآبار
المباحة (9)، والغيوث، والأنهار الكبار كالفرات، ودجلة، والنيل،
والصغار التي لم يجرها مجر بنية التملك (10). فإن الناس فيها شرع
(فمن سبق إلى اغتراف شئ منها فهو أولى به، ويملكه مع نية التملك)
184

لأن المباح لا يملك إلا بالاحراز والنية ومقتضى العبارة (1) أن الأولوية
تحصل بدون نية التملك، بخلاف الملك (2)، تنزيلا للفعل (3) قبل النية
منزلة التحجير (4)، وهو (5) يشكل هنا بأنه إن نوى بالاحراز الملك
فقد حصل الشرط (6)، وإلا (7) كان كالعابث لا يستفيد أولوية.
(ومن أجرى منها) أي من المياه المباحة (نهرا) بنية التملك
(ملك الماء المجرى فيه) على أصح القولين، وحكي عن الشيخ إفادته
الأولوية خاصة استنادا إلى قوله صلى الله عليه وآله: الناس شركاء
في ثلاث: النار، والماء، والكلاء (8)، وهو محمول على المباح منه
دون المملوك إجماعا.
(ومن أجرى عينا) بأن أخرجها من الأرض وأجراها على وجهها
(فكذلك) يملكها مع نية التملك، ولا يصح لغيره أخذ شئ من مائها
185

إلا بإذنه، ولو كان المجري جماعة ملكوه على نسبة عملهم، لا على نسبة
خرجهم، إلا أن يكون الخرج تابعا للعمل (1). وجوز في الدروس
الوضوء، والغسل، وتطهير الثوب منه (2) عملا بشاهد الحال، إلا مع النهي
ولا يجوز ذلك (3) مع المحرز في الإناء، ولا مما يظن الكراهية فيه
مطلقا (4).
ولو لم ينته الحفر في النهر، والعين إلى الماء بحيث يجري فيه فهو
تحجير يفيد الأولوية كما مر (5).
(وكذا) يملك الماء (من احتقن شيئا من مياه الغيث، أو السيل)
لتحقق الاحراز مع نية التملك كإجراء النهر (6).
ومثله (7) ما لو أجرى ماء الغيث في ساقية، ونحوها (8) إلى مكان بنية
التملك، سواء أحرزها (9) فيه أم لا حتى لو أحرزها في ملك الغير
186

وإن كان غاصبا للمحرز فيه، إلا إذا أجراها (1) ابتداء في ملك الغير
فإنه لا يفيد ملكا مع احتماله (2)، كما لو أحرزها (3) في الآنية المغصوبة
بنية التملك.
(ومن حفر بئرا ملك الماء) الذي يحصل فيه (بوصوله إليه) أي
إلى الماء إذا قصد التملك (ولو قصد الانتفاع بالماء والمفارقة فهو أولى به
ما دام نازلا عليه) فإذا فارقه بطل حقه، فلو عاد بعد المفارقة ساوى
غيره على الأقوى، ولو تجرد عن قصد التملك والانتفاع فمقتضى القواعد
السابقة عدم الملك والأولوية معا كالعابث.
(ومنها (4) المعادن (5)) وهي قسمان: ظاهرة وهي التي لا يحتاج
تحصيلها إلى طلب كالياقوت، والبرام (6)، والقير، والنفط، والملح،
والكبريت، وأحجار الرحا، وطين الغسل، وباطنة (7) وهي المتوقف
ظهورها على العمل كالذهب، والفضة، والحديد، والنحاس، والرصاص،
والبلور، والفيروزج (فالظاهرة لا تملك بالاحياء لأن إحياء المعدن إظهاره
187

بالعمل، وهو غير متصور في المعادن الظاهرة لظهورها، بل بالتحجير
أيضا (1)، لأنه (2) الشروع بالاحياء، وإدارة (3) نحو الحائط إحياء للأرض
على وجه لا مطلقا، بل الناس فيها شرع، الإمام وغيره.
(ولا يجوز أن يقطعها السلطان العادل (4)) لأحد على الأشهر،
لاشتراك الناس فيها.
وربما قيل: بالجواز (5) نظرا إلى عموم ولايته (6)، ونظره.
(ومن سبق إليها فله أخذ حاجته) أي أخذ ما شاء وإن زاد عما
يحتاج إليه، لثبوت الأحقية بالسبق، سواء طال زمانه (7) أم قصر.
(فإن توافيا عليها) دفعة واحدة (وأمكن القسمة) بينهما (وجب
قسمة الحاصل) بينهما، لتساويهما في سبب الاستحقاق، وإمكان الجمع
188

بينهما فيه (1) بالقسمة، وإن (2) لم يمكن الجمع بينهما للأخذ
من مكان واحد
هذا (3) إذا لم يزد المعدن عن مطلوبهما، وإلا أشكل القول بالقسمة
لعدم اختصاصها (4) به (5) حينئذ، (وإلا) يمكن القسمة بينهما لقلة
المطلوب (6)، أو لعدم قبوله لها (أقرع)، لاستوائهما في الأولوية
189

وعدم إمكان الاشتراك (1)، واستحالة (2) الترجيح فأشكل المستحق
فعين بالقرعة، لأنها لكل أمر مشكل (3) فمن أخرجته القرعة أخذه أجمع
ولو زاد عن حاجتهما ولم يمكن أخذهما دفعة لضيق المكان فالقرعة أيضا (4)
وإن أمكن القسمة. وفائدتها (5) تقديم من أخرجته في أخذ حاجته.
ومثله (6) ما لو ازدحم اثنان على نهر، ونحوه (7) ولم يمكن
190

الجمع (1)، ولو تغلب أحدهما على الآخر أثم وملك هنا (2)، بخلاف
تغلبه على أولوية التحجير، والماء الذي لا يفي بغرضهما (3). والفرق (4):
إن الملك مع الزيادة لا يتحقق، بخلاف ما لو لم يزد.
(و) المعادن (الباطنة تملك ببلوغ نيلها) (5) وذلك هو إحياؤها
191

وما دونه تحجير، ولو كانت على وجه الأرض، أو مستورة بتراب يسير
لا يصدق معه (1) الاحياء عرفا لم يملك بغير الحيازة كالظاهرة.
هذا (2) كله إذا كان المعدن في أرض مباحة، فلو كان في أرض مملوكة
فهو بحكمها، وكذا لو أحيا أرضا مواتا فظهر معدن فإنه يملكه وإن كان
ظاهرا إلا أن يكون ظهوره سابقا على إحيائه (3).
وحيث يملك المعدن يملك حريمه وهو منتهى عروقه عادة، ومطرح
ترابه، وطريقه، وما يتوقف عليه عمله (4) إن عمله عنده (5)، ولو كان
المعدن في الأرض المختصة بالإمام عليه السلام فهو له تبعا لها، والناس
في غيره (6) شرع على الأقوى. وقد تقدم الكلام في باب الخمس (7).
192

كتاب الصيد والذباحة
193

كتاب الصيد (1) والذباحة (2)
وفيه فصول ثلاثة
(الأول في آلة الصيد يجوز الاصطياد) بمعنى إثبات (3) الصيد
وتحصيله (بجميع آلاته) التي يمكن تحصيله بها من السيف، والرمح،
والسهم، والكلب، والفهد (4)، والبازي (5)، والصقر (6) والعقاب (7)
195

والباشق (1)، والشرك (2)، والحبالة (3)، والشبكة (4)، والفخ (5)
والبندق (6)، وغيرها (7) (و) لكن (لا يؤكل منها) أي من الحيوانات
المصيدة المدلول عليها (8) بالاصطياد (ما لم يذك) بالذبح بعد إدراكه
حيا (فلو أدركه) بعد رميه (ميتا)، أو مات قبل تذكيته لم يحل
(إلا ما قتل الكلب المعلم) دون غيره على أظهر (9) الأقوال،
196

والأخبار (1).
ويثبت تعليم الكلب بكونه (بحيث يسترسل) أي ينطلق (إذا
أرسل وينزجر) ويقف عن الاسترسال (إذا زجر) عنه، (ولا يعتاد
أكل ما يمسكه) من الصيد (ويتحقق ذلك الوصف) وهو الاسترسال
والانزجار، وعدم الأكل (بالتكرار على هذه الصفات) الثلاث مرارا
يصدق بها (2) التعليم عليه عرفا. فإذا تحقق كونا معلما حل مقتوله،
وإن خلا عن الأوصاف (3) إلى أن يتكرر فقدها (4) على وجه يصدق
عليه زوال التعليم عرفا، ثم يجرم مقتوله، ولا يعود (5) إلى أن يتكرر
197

اتصافه بها (1) كذلك وهكذا (2).
(ولو أكل نادرا، أو لم يسترسل نادرا لم يقدح) في تحقق التعليم
عرفا، ولا في زواله (3) بعد حصوله. كما لا يقدح حصول الأوصاف
له نادرا (4)، وكذا لا يقدح شربه (5) الدم.
(ويجب) مع ذلك (6) بمعنى الاشتراط (7) أمور: (التسمية)
لله تعالى من المرسل (عند إرساله) الكلب المعلم. فلو تركها عمدا
حرم (8) ولو كان نسيانا حل (9)، إن لم يذكر قبل الإصابة، وإلا
اشترط استدراكها عند الذكر ولو مقارنة لها (10)، ولو تركها جهلا
198

بوجوبها ففي الحاقه بالعامد، أو الناسي وجهان. من (1) أنه عامد
ومن (2) أن الناس في سعة مما لم يعلموا، وألحقه المصنف في بعض
فوائده بالناسي.
ولو تعمد تركها (3) عن الإرسال ثم استدركها قبل الإصابة ففي
الاجزاء قولان. أقربهما الاجزاء، لتناول الأدلة له مثل ولا تأكلوا
مما لم يذكر اسم الله عليه (4) فكلوا مما أمسكن عليكم (5)
واذكروا اسم الله عليه (6)، وقول الصادق عليه السلام: كل
مما قتل الكلب إذا سميت عليه (7)، ولأنه (8) أقرب إلى الفعل
المعتبر في الذكاة فكان (9) أولى.
ووجه المنع دلالة بعض الأخبار (10).
199

على أن محلها (1) الإرسال، ولأنه (2) إجماعي، وغيره (3) مشكوك فيه
ولا عبرة بتسمية غير المرسل.
ولو اشترك في قتله كلبان معلمان اعتبر تسمية مرسليهما. فلو تركها أحدهما
أو كان أحد الكلبين غير مرسل، أو غير معلم لم يحل، والمعتبر
من التسمية هنا (4). وفي إرسال السهم، والذبح، والنحر ذكر الله المقترن
بالتعظيم (5)، لأنه المفهوم منه كأحد التسبيحات الأربع.
وفي اللهم اغفر لي وارحمني، أو صل على محمد وآله قولان.
أقربهما الاجزاء، دون ذكر الله مجردا (6) مع احتماله (7)، لصدق الذكر
وبه قطع الفاضل.
وفي اشتراط وقوعه بالعربية قولان. من (8) صدق الذكر.
200

وتصريح (1) القرآن باسم الله العربي.
والأقوى الاجزاء، لأن المراد من الله تعالى في الآية الذات، لا الاسم.
وعليه (2) يتفرع ذكر الله تعالى بأسمائه المختصة به (3) غير الله.
فعلى الأول (4) يجزي، لصدق الذكر، دون الثاني (5)، ولكن
هذا (6) مما لم ينبهوا عليه (وأن يكون المرسل مسلما، أو بحكمه)
كولده المميز غير البالغ ذكرا كان، أو أنثى. فلو أرسله الكافر لم يحل
وإن سمى، أو كان ذميا على الأصح، وكذا الناصب (7) من المسلمين
والمجسم (8) أما غيرهما من المخالفين ففي حل صيده الخلاف الآتي
في الذبيحة، ولا يحل صيد الصبي غير المميز، ولا المجنون، لاشتراط
201

القصد (1)، وأما الأعمى فإن تصور فيه قصد الصيد حل صيده، وإلا فلا.
(وأن يرسله للاصطياد) فلو استرسل من نفسه، أو أرسله
لا للصيد فصادف صيدا فقتله لم يحل وإن زاده (2) إغراء. نعم لو زجره
فوقف ثم أرسله حل.
(وأن لا يغيب الصيد) عن المرسل (وحياته (3) مستقرة) بأن
يمكن أن يعيش ولو نصف يوم فلو غاب كذلك (4) لم يحل، لجواز
استناد القتل إلى غير الكلب، سواء وجد الكلب واقفا عليه أم لا، وسواء
وجد فيه أثرا غير عضة الكلب أم لا، وسواء تشاغل (5) عنه أم لا،
وأولى منه (6) لو تردى من جبل، ونحوه (7) وإن لم يغب فإن
202

الشرط موته بجرح الكلب حتى لو مات بإتعابه (1)، أو غمه (2) لم يحل.
نعم (3) لم علم انتفاء سبب خارجي، أو غاب (4) بعد أن صارت
حياته غير مستقرة وصار في حكم المذبوح، أو تردى (5) كذلك حل.
ويشترط مع ذلك (6) كون الصيد ممتنعا (7)، سواء كان وحشيا (8)
أم أهليا، فلو قتل غير الممتنع من الفروخ، أو الأهلية لم يحل.
(ويؤكل أيضا) من الصيد (ما قتله السيف، والرمح والسهم
وكل ما فيه نصل) (9) من حديد، سواء خرق أم لا حتى لو قطعه
203

بنصفين اختلفا أم اتفقا تحركا أم لا حلا، إلا أن يكون ما فيه الرأس
مستقر الحياة فيذكى ويحرم الآخر (1). (والمعراض (2)) ونحوه من السهام
المحددة التي لا نصل لها (إذا خرق اللحم) فلو قتل معترضا لم يحل
دون المثقل (3) كالحجر، والبندق فإنه لا يحل وإن خرق وكان (4)
البندق من حديد.
والظاهر أن الدبوس (5) بحكمه إلا أن يكون محددا بحيث يصلح
للخرق وإن لم يخرق.
(كل ذلك (6) مع التسمية) عند الرمي، أو بعده قبل الإصابة،
ولو تركها عمدا أو سهوا، أو جهلا فكما سبق (7) (والقصد) إلى الصيد فلو وقع
السهم من يده فقتله، أو قصد الرمي لا له فقتله، أو قصد خنزيرا فأصاب
204

ظبيا، أو ظنه خنزيرا فبان ظبيا لم يحل.
نعم لا يشترط قصد عينه (1) حتى لو قصد فأخطأ فقتل صيدا آخر
حل. ولو قصد محللا ومحرما حل المحلل.
(والإسلام) أي إسلام الرامي، أو حكمه كما سلف (2) وكذا
يشترط موته بالجرح، وأن لا يغيب عنه وفيه حياة مستقرة وامتناع
المقتول كما مر (3).
(ولو اشترك فيه (4) آلتا (5) ملسم وكافر (6)) أو قاصد (7)
وغيره، أو مسم (8)، وغيره. وبالجملة فآلة جامع (9) للشرائط،
وغيره (10) (لم يحل (11) إلا أن يعلم أن جرح المسلم) ومن بحكمه (12)
205

(أو كلبه) (1) لو كانت الآلة كلبين فصاعدا (هو القاتل) خاصة
وإن كان الآخر معينا على إثباته (2) (ويحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة)
لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه (3)، (و) لكن (لا يحرم الصيد
بها) (4) ويملكه الصائد (وعليه أجرة الآلة)، سواء كان كلبا أم سلاحا.
(ويجب عليه غسل موضع العضة) من الكلب جمعا بين نجاسة
الكلب، وإطلاق الأمر (5) بالأكل.
وقال الشيخ: لا يجب (6)، لإطلاق الأمر (7) بالأكل منه (8)
من غير أمر بالغسل وإنما يحل المقتول بالآلة مطلقا (9) إذا أدركه ميتا،
206

أو في حكمه (1).
(ولو أدرك ذو السهم، أو الكلب الصيد) مع إسراعه إليه حال
الإصابة (وحياته مستقرة ذكاه، وإلا) يسرع (2) أو لم يذكه (حرم
إن اتسع الزمان لذبحه) فلم يفعل (3) حتى مات، ولو قصر الزمان
عن ذلك (4) فالمشهور حله وإن كانت حياته مستقرة، ولا منافاة بين
استقرار حياته، وقصور الزمان عن تذكيته مع حضور الآلة، لأن استقرار
الحياة مناطه الإمكان (5)، وليس كل ممكن بواقع، ولو كان عدم إمكان
ذكاته لغيبة الآلة التي تقع بها الذكاة، أو فقدها بحيث يفتقر إلى زمان
طويل عادة فاتفق موته فيه (6) لم يحل قطعا.
(الفصل الثاني في الذباحة)
غلب العنوان (7) عليها مع كونها أخص مما يبحث عنه
207

في الفصل، فإن النحر وذكاة السمك، ونحوه (1) خارج عنها (2)
تجوزا في بعض الأفراد، أو أشهرها، ولو جعل العنوان الذكاة كما فعل
في الدروس كان أجود، لشموله (3) الجميع (ويشترط في الذابح الإسلام،
أو حكمه) وهو طفله المميز فلا تحل ذبيحة الكافر مطلقا، وثنيا كان
أم ذميا سمعت تسميته أم لا على أشهر الأقوال.
وذهب جماعة إلى حل ذبيحة الذمي إذا سمعت تسميته.
وآخرون إلى حل ذبيحة غير المجوسي مطلقا (4) وبه (5) أخبار
208

صحيحة معارضة (1) بمثلها فحملت (2) على التقية، أو الضرورة.
(ولا يشترط الإيمان) (3) على الأصح، لقول علي أمير المؤمنين
عليه السلام: " من دان بكلمة الإسلام، وصام فذبيحته لكم حلال
إذا ذكر اسم الله عليه " (4) ومفهوم الشرط أنه إذا لم يذكر اسم الله عليه
209

لم يحل.
وهل يشترط مع الذكر اعتقاد وجوبه (1) قولان: من (2) صدق
ذكر اسم الله عليه، وأصالة (3) عدم الاشتراط. ومن اشترطه (4) اعتبر
إيقاعه (5) على وجه كغيره (6) من العبادات الواجبة.
والأول (7) أقوى. وحيث لم يعتبر الايمان صح مع مطلق الخلاف (8).
(إذا لم يكن بالغا حد النصب) لعدواة أهل البيت عليهم السلام
فلا تحل حينئذ (9) ذبيحته، لرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
210

قال: " ذبيحة الناصب لا تحل (1) "، ولارتكاب (2) الناصب خلاف
ما هو المعلوم من دين النبي صلى الله عليه وآله ثبوته ضرورة (2) فيكون
كافرا فيتناوله ما دل على تحريم ذبيحة الكافر.
ومثله (4) الخارجي والمجسم.
وقصر جماعة الحل على ما يذبحه المؤمن، لقول الكاظم عليه السلام
لزكريا بن آدم: " إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي
أنت عليه وأصحابك، إلا في وقت الضرورة إليه " (5). ويحمل (6)
على الكراهة بقرينة الضرورة فإنها (7) أعم من وقت تحل فيه الميتة.
ويمكن حمل النهي الوارد في جميع الباب (8) عليه (9) عليها (10)
211

جمعا (1) ولعله (2) أولى من الحمل على التقية والضرورة.
(ويحل ما تذبحه المسلمة، والخصي)، والمجبوب، (والصبي المميز)
دون المجنون، ومن لا يميز، لعدم القصد (والجنب) (3) مطلقا
(والحائض) والنفساء، لانتفاء المانع مع وجود المقتضي للحل (4)؟
(والواجب في الذبيحة أمور سبعة الأول أن يكون) فري
الأعضاء (بالحديد) مع القدرة عليه، لقول الباقر عليه السلام: لا ذكاة
إلا بالحديد (5) (فإن خيف فوت الذبيحة) بالموت، وغيره (6)،
(وتعذر الحديد جاز بما يفري الأعضاء من ليطة) (7) وهي القشر
الأعلى للقصب المتصل به (أو مروة (8) حادة) وهي حجر يقدح النار
(أو زجاجة) مخير في ذلك من غير ترجيح. وكذا ما أشبهها من الآلات
212

الحادة غير الحديد، لصحيحة زيد الشحام عن الصادق عليه السلام قال:
اذبح بالحجر، والعظم، وبالقصبة، وبالعود إذا لم تصب الحديدة
إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (1) وفي حسنة عبد الرحمان بن
الحجاج عن الكاظم عليه السلام قال: سألته عن المروة والقصبة والعود
نذبح بها إذا لم نجد سكينا فقال: إذا فري الأوداج فلا بأس بذلك (2).
(وفي الظفر والسن) متصلين (3) ومنفصلين (4) (للضرورة قول
بالجواز) لظاهر الخبرين السالفين (5). حيث اعتبر فيهما قطع الحلقوم،
وفري الأوداج ولم يعتبر خصوصية القاطع. وهو (6) موجود فيهما،
ومنعه (7) الشيخ في الخلاف محتجا بالإجماع، ورواية رافع بن خديج
أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه
فكلوا ما لم يكن سنا، أو ظفرا وسأحدثكم عن ذلك. أما السن فعظم،
213

وأما الظفر فمدى الحبشة (1) والرواية عامية (2)، والإجماع (3) ممنوع.
نعم يمكن أن يقال مع اتصالهما (4): إنه يخرج عن مسمى الذبح
بل هو (5) أشبه بالأكل، والتقطيع، واستقرب المصنف في الشرح المنع
منهما (6) مطلقا.
وعلى تقدير الجواز (7) هل يساويان غيرهما مما يفري غير الحديد،
أو يترتبان على غيرهما مطلقا (8) مقتضى استدلال المجوز بالحديثين الأول (9)
214

وفي الدروس استقرب الجواز بهما مطلقا (1) مع عدم غيرهما (2) وهو (3)
الظاهر من تعليقه الجواز بهما هنا على الضرورة، إذ لا ضرورة مع
وجود غيرهما.
وهذا هو الأولى.
(الثاني استقبال القبلة) بالمذبوح، لا استقبال الذابح. والمفهوم
من استقبال المذبوح الاستقبال بمقاديم بدنه. ومنه (4) مذبحه.
وربما قيل بالاكتفاء باستقبال المذبح خاصة، وصحيحة محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الذبيحة فقال: استقبل
بذبيحتك القبلة (5) الحديث تدل على الأول (6).
هذا (7) (مع الإمكان) ومع التعذر لاشتباه الجهة، أو الاضطرار
215

لتردي الحيوان، أو استعصائه (1)، أو نحوه (2) يسقط (ولو تركها (3)
ناسيا فلا بأس) للأخبار الكثيرة (4).
وفي الجاهل وجهان، وإلحاقه بالناسي حسن، وفي حسنة محمد بن
مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ذبح ذبيحة فجهل أن
يوجهها إلى القبلة قال: كل منها (5).
(الثالث التسمية) عند الذبح (وهي أن يذكر اسم الله تعالى)
كما سبق (6)، فلو تركها عمدا فهي ميتة إذا كان معتقدا لوجوبها،
وفي غير المعتقد (7)
216

وجهان (1)، وظاهر الأصحاب التحريم، لقطعهم (2) باشتراطها من غير
تفصيل.
واستشكل (3) المصنف ذلك، لحكمهم بحل ذبيحة المخالف على الإطلاق
ما لم يكن ناصبا، ولا ريب أن بعضهم لا يعتقد وجوبها.
ويمكن دفعه (4) بأن حكمهم بحل ذبيحته من حيث هو مخالف،
وذلك (5) لا ينافي تحريمها من حيث الإخلال بشرط آخر (6).
217

نعم يمكن أن يقال: بحلها منه (1) عند اشتباه الحال عملا بأصالة
الصحة (2)، وإطلاق (3) الأدلة، وترجيحا للظاهر (4) من حيث رجحانها
عند من لا يوجبها، وعدم (5) اشتراط اعتقاد الوجوب، بل المعتبر فعلها (6)
كما مر (7) وإنما يحكم بالتحريم مع العلم بعدم تسميته وهو حسن.
218

ومثله (1) القول في الاستقبال (ولو تركها ناسيا حل) للنص (2)
وفي الجاهل الوجهان (3) ويمكن إلحاق المخالف الذي لا يعتقد وجوبها
بالجاهل (4)، لمشاركته في المعنى خصوصا المقلد منهم.
(الرابع اختصاص الإبل بالنحر) وذكره في باب شرائط الذبح
استطراد أو تغليب لاسم الذبح على ما يشمله (5) (وما عداها) (6)
من الحيوان القابل للتذكية غير ما يستثنى (7) (بالذبح، فلو عكس)
فذبح الإبل، أو جمع بين الأمرين (8)، أو نحر ما عداها مختارا (9)
219

(حرم) ومع الضرورة كالمستعصي يحل كما يحل طعنه (1) كيف اتفق،
ولو استدرك الذبح بعد النحر (2)، أو بالعكس (3) احتمل التحريم،
لاستناد موته إليهما (4)، وإن كان كل منهما (5) كافيا في الازهاق
لو انفرد.
وقد حكم المصنف وغيره باشتراط استناد موته إلى الذكاة خاصة (6)
وفرعوا عليه (7) أنه لو شرع في الذبح فنزع آخر حشوته (8) معا فميتة
220

وكذا (1) كل فعل لا تستقر معه الحياة وهذا (2) منه والاكتفاء (3)
بالحركة بعد الفعل المعتبر أو خروج الذم المعتدل كما سيأتي.
(الخامس قطع الأعضاء الأربعة) في المذبوح (وهي المرئ)
بفتح الميم والهمزة آخره (وهو مجرى الطعام) والشراب المتصل بالحلقوم (4)
(والحلقوم) بضم الحاء (وهو للنفس) أي المعد لجريه فيه (والودجان
وهما عرقان يكتنفان الحلقوم). فلو قطع بعض هذه لم يحل وإن بقي
يسير (5).
وقيل: يكفي قطع الحلقوم، لصحيحة زيد الشحام عن الصادق
221

عليه السلام، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (1)، وحملت على الضرورة
لأنها وردت في سياقها (2) مع معارضتها (3) بغيرها.
222

ومحل الذبح الحلق تحت اللحيين (1)، ومحل النحر وهدة اللبة (2)
(و) لا يعتبر فيه قطع الأعضاء بل (يكفي في المنحور طعنه في وهدة
اللبة) وهي ثغرة النحر بين الترقوتين، وأصل الوهدة المكان المطمئن وهو
المنخفض، واللبة بفتح اللام وتشديد الباء المنحر، ولا حد للطعنة طولا
وعرضا، بل المعتبر موته بها خاصة.
(السادس الحركة بعد الذبح أو النحر) ويكفي مسماهما في بعض
الأعضاء كالذنب والأذن، دون التقلص (3) والاختلاج (4) فإنه قد
يحصل في اللحم المسلوخ (أو خروج الدم المعتدل) وهو الخارج بدفع
لا المتثاقل (5)، فلو انتفيا (6) حرم، لصحيحة الحلبي على الأول (7)
ورواية الحسين بن مسلم على الثاني (8).
223

واعتبر جماعة اجتماعهما (1) وآخرون الحركة وحدها، لصحة
روايتها (2)، وجهالة الأخرى (3) بالحسين.
وهو (4) الأقوى. وصحيحة الحلبي وغيرها (5) مصرحة بالاكتفاء
في الحركة بطرف العين، أو تحريك الذنب، أو الأذن من غير اعتبار
أمر آخر (6).
224

ولكن المصنف هنا وغيره من المتأخرين اشترطوا مع ذلك (1) أمرا آخر (2)
كما نبه عليه (3) بقوله: (ولو علم عدم استقرار الحياة حرم) ولم نقف لهم
فيه على مستند. وظاهر القدماء كالأخبار (4) الاكتفاء بأحد الأمرين
أو بهما (5) من غير اعتبار استقرار الحياة. وفي الآية إيماء إليه (6) وهي
قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم " إلى قوله:
" إلا ما ذكيتم " (7)، ففي صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام في تفسيرها (8)
225

فإن أدركت شيئا منها (1) وعين تطرف (2)، أو قائمة تركض،
أو ذنبا يمصع فقد أدركت ذكاته فكله (3) ومثلها أخبار كثيرة (4).
قال المصنف في الدروس: وعن يحيى (5) أن اعتبار استقرار الحياة
ليس من المذهب. ونعم ما قال. وهذا (6) خلاف ما حكم به هنا.
226

وهو (1) الأقوى. فعلى هذا (2) يعتبر في المشرف على الموت، وأكيل
السبع، وغيره الحركة بعد الذبح وإن لم يكن مستقر الحياة. ولو اعتبر
معها (3) خروج الدم المعتدل كان أولى.
(السابع متابعة الذبح حتى يستوفي) قطع الأعضاء، فلو قطع
البعض وأرسله ثم تممه (4)، أو تثاقل بقطع البعض (5) حرم إن لم يكن
في الحياة استقرار (6)، لعدم (7) صدق الذبح مع التفرقة كثيرا، لأن
الأول (8) غير محلل، والثاني (9)
227

يجري مجرى التجهيز (1) على الميت.
ويشكل (2) مع صدق (3) اسم الذبح عرفا مع التفرقة كثيرا.
228

ويمكن (1) استناد الإباحة إلى الجميع. ولولاه (2) لورد مثله مع التوالي
واعتبار (3) استقرار الحياة ممنوع، والحركة اليسيرة الكافية مصححة
فيهما (4) مع أصالة الإباحة إذا صدق اسم الذبح.
وهو الأقوى (و) على القولين (5) (لا تضر التفرقة اليسيرة) التي
لا تخرج عن المتابعة عادة.
(ويستحب نحر الإبل قد ربطت أخفافها) (6) أي أخفاف يديها
229

(إلى آباطها) (1) بأن يربطها معا (2) مجتمعين من الخف إلى الآباط
وروي (3) أنه يعقل يدها اليسرى من الخف إلى الركبة ويوقفها
على اليمنى.
وكلاهما حسن (واطلقت أرجلها، والبقر تعقل يداه ورجلاه
ويطلق ذنبه، والغنم تربط يداه ورجل واحدة) وتطلق الأخرى
(ويمسك صوفه، وشعره، ووبره حتى يبرد) وفي رواية حمران بن
أعين إن كان من الغنم فأمسك صوفه، أو شعره: ولا تمسكن يدا
ولا رجلا (4). والأشهر الأول (5).
(والطير يذبح ويرسل) ولا يمسك، ولا يكتف (6) (ويكره
أن تنخع الذبيحة) وهو أن يقطع نخاعها قبل موتها وهو الخيط الأبيض
الذي وسط الفقار بالفتح ممتدا من الرقبة إلى عجب الذنب بفتح العين
230

وسكون الجيم وهو أصله (1).
وقيل: يحرم، لصحيحة الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
لا تنخع الذبيحة حتى تموت فإذا ماتت فانخعها (2)، والأصل في النهي
التحريم. وهو الأقوى، واختاره في الدروس. نعم لا تحرم الذبيحة
على القولين (3) (وأن يقلب السكين) بأن يدخلها تحت الحلقوم وباقي
الأعضاء (فيذبح إلى فوق)، لنهي الصادق عليه السلام عنه (4) في رواية
حمران بن أعين (5)، ومن ثم (6) قيل بالتحريم، حملا للنهي عليه (7)
وفي السند (8) من لا تثبت عدالته. فالقول بالكراهة أجود.
(والسلخ (9) قبل البرد) لمرفوعة محمد بن يحيى عن الرضا عليه السلام،
إذا ذبحت الشاة وسلخت، أو سلخ شئ منها قبل أن تموت فليس يحل
أكلها (10).
231

وذهب جماعة منهم المصنف في الدروس والشرح إلى تحريم الفعل (1)
استنادا إلى تلازم تحريم الأكل، وتحريم الفعل (2)، ولا يخفى منعه (3)
بل عدم دلالته (4) على التحريم والكراهة.
نعم يمكن الكراهة من حيث اشتماله على تعذيب الحيوان على تقدير
شعوره (5)، مع أن سلخه قبل برده يستلزمه (6)، لأنه (7) أعم
232

من قبلية الموت. وظاهرهم أنهما (1) متلازمتان. وهو (2) ممنوع،
ومن ثم (3) جاز تغسيل ميت الإنسان قبل برده، فالأولى تخصيص الكراهة
بسلخه قبل موته.
(وإبانة الرأس عمدا) حالة الذبح، للنهي عنه في صحيحة محمد بن
مسلم عن الباقر عليه السلام: " لا تنخع، ولا تقطع الرقبة بعد ما تذبح " (4)
(وقيل) والقائل الشيخ في النهاية وجماعة (بالتحريم)، لاقتضاء
النهي له مع صحة الخبر (5). وهو الأقوى، وعليه (6) هل تحرم
الذبيحة؟ قيل: نعم، لأن الزائد عن قطع الأعضاء يخرجه عن كونه ذبحا
شرعيا فلا يكون مبيحا.
ويضعف (7) بأن المعتبر في الذبح قد حصل (8) فلا اعتبار بالزائد
233

وقد روى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام حيث سئل عن ذبح
طير قطع رأسه أيؤكل منه؟ قال: نعم ولكن لا يتعمد قطع رأسه (1).
وهو نص، ولعموم قوله تعالى: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه.
فالمتجه تحريم الفعل، دون الذبيحة فيه، وفي كل ما حرم سابقا (2).
ويمكن أن يكون القول (3) المحكي بالتحريم متعلقا بجميع ما ذكر
مكروها، لوقوع الخلاف فيها (4) أجمع، بل قد حرمها المصنف
في الدروس إلا قلب السكين فلم يحكم فيه بتحريم، ولا غيره، بل اقتصر
على نقل الخلاف.
(وإنما تقع الذكاة على حيوان طاهر العين غير آدمي، ولا حشار)
وهي ما سكن الأرض من الحيوانات كالفأر، والضب، وابن عرس
(ولا تقع على الكلب والخنزير) إجماعا (ولا على الآدمي وإن كان
كافرا) إجماعا، (ولا على الحشرات) على الأظهر، للأصل (5) إذ
لم يرد بها نص.
(وقيل: تقع) (6) وهو شاذ.
234

(والظاهر وقوعها على المسوخ والسباع)، لرواية محمد بن مسلم (1)
عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن سباع الطير، والوحش حتى ذكر
القنافذ، والوطواط، والحمير، والبغال، والخيل فقال: ليس الحرام
إلا ما حرم الله في كتابه وليس المراد نفي تحريم الأكل، للروايات
الدالة على تحريمه (2)، فبقي عدم تحريم الذكاة، وروى حماد بن عثمان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
عزوف (3) النفس وكان يكره الشئ ولا يحرمه فأتي بالأرنب فكرهها
235

ولم يحرمها (1). وهو محمول أيضا على عدم تحريم ذكاتها (2)، وجلودها
جمعا بين الأخبار (3)، والأرنب من جملة المسوخ ولا قائل بالفرق
بينهما (4).
236

وروى سماعة قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال: أما اللحوم
فدعها، وأما الجلود فاركبوا عليها، ولا تصلوا فيها (1). والظاهر
أن المسؤول (2) الإمام. ولا يخفى بعد هذه الأدلة (3).
نعم قال المصنف في الشرح: إن القول الآخر (4) في السباع
لا نعرفه لأحد منا، والقائلون بعدم وقوع الذكاة على المسوخ أكثرهم
عللوه بنجاستها.
وحيث ثبت طهارتها في محلة توجه القول بوقوع الذكاة عليها إن تم
ما سبق (5) ويستثنى من المسوخ (6) الخنازير، لنجاستها، والضب،
237

والفأر، والوزغ، لأنها من الحشار، وكذا ما في معناها (1).
وروى الصدوق باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام أن المسوخ
من بني آدم ثلاثة عشر صنفا: القردة. والخنازير، والخفاش. والذئب،
والدب. والفيل. والدعموص. والجريث. والعقرب. وسهيل. والزهرة
والعنكبوت. والقنفذ (2)، قال الصدوق رحمه الله: والزهرة وسهيل
دابتان وليستا نجمين. ولكن سمي بهما النجمان كالحمل والثور. قال:
والمسوخ جميعها لم تبق أكثر من ثلاثة أيام ثم ماتت وهذه الحيوانات
على صورها سميت مسوخا استعارة. وروي عن الرضا عليه السلام
زيادة الأرنب، والفأرة، والوزغ، والزنبور (3)، وروي إضافة
الطاووس (4).
والمراد بالسباع: الحيوان المفترس كالأسد، والنمر، والفهد، والثعلب
والهر.
(الفصل الثالث في اللواحق وفيه مسائل)
(الأولى ذكاة السمك المأكول: إخراجه من الماء حيا)، بل إثبات
اليد عليه خارج الماء حيا وإن لم يخرجه منه كما نبه عليه بقوله: (ولو
238

وثب (1) فأخرجه حيا، أو صار خارج الماء) بنفسه (فأخذه حيا حل
ولا يكفي) في حله (نظره) قد خرج من الماء حيا ثم مات على أصح
القولين، لقول أبي عبد الله عليه السلام في حسنة الحلبي: إنما صيد
الحيتان أخذه (2)، وهي (3) للحصر. وروي علي بن جعفر عن أخيه
موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت
على الجد (4) من النهر فماتت هل يصلح أكلها؟ فقال: إن أخذتها قبل
أن تموت ثم ماتت فكلها، وإن ماتت قبل أن تأخذها فلا تأكلها (5).
وقيل: يكفي في حله خروجه من الماء، وموته خارجه، وإنما
يحرم بموته في الماء، لرواية سلمة بن أبي حفص عن أبي عبد الله عليه السلام
أن عليا صلوات الله عليه كان يقول في صيد السمك: إذا أدركها الرجل
وهي تضطرب، وتضرب بيديها، ويتحرك ذنبها، وتطرف بعينها فهي
ذكاته (6)، وروى زرارة قال: قلت: السمكة تثب من الماء فتقع
239

على الشط فتضطرب حتى تموت فقال: كلها (1)، ولحله (2) بصيد
المجوسي مع مشاهدة المسلم كذلك (3). وصيده (4) لا اعتبار به وإنما
الاعتبار بنظر المسلم.
ويضعف (5) بأن سلمة مجهول، أو ضعيف (6)، ورواية زرارة
مقطوعة مرسلة (7). والقياس (8) على صيد المجوسي فاسد، لجواز كون
240

سبب الحل أخذ المسلم، أو نظره مع كونه (1) تحت يد إذ لا يدل
الحكم (2) على أزيد من ذلك، وأصالة عدم التذكية مع ما سلف (3)
تقتضي العدم (4).
(ولا يشترط في مخرجه الاسلام) على الأظهر (لكن يشترط
حضور المسلم عنده يشاهده) قد أخرج حيا ومات خارج الماء (في حل
أكله)، للأخبار الكثيرة الدالة عليه. منها صحيحة الحلبي قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن صيد الحيتان وإن لم يسم فقال: لا بأس به
وسألته عن صيد المجوس السمك آكله؟ فقال: ما كنت لآكله حتى أنظر
إليه (5). وفي رواية أخرى له عنه عليه السلام أنه سئل عن صيد المجوس
للحيتان حين يضربون عليها بالشباك، ويسمون بالشرك (6) فقال:
241

لا بأس بصيدهم إنما صيد الحيتان أخذها (1)، ومطلق الثاني (2) محمول
على مشاهدة المسلم له جمعا (3)، ويظهر من الشيخ في الإستبصار المنع
242

منه (1) إلا أن يأخذه المسلم منه حيا، لأنه (2) حمل الأخبار على ذلك،

(1) أي الأخبار الدالة على كفاية إخراج السمك من الماء حيا وإن كان المخرج
مجوسيا.
(2) هذه الجملة من كلام (الشيخ) رحمه الله أي ويدل على هذا الحمل
وهو أخذ المسلم الصيد من المجوسي حيا.
243

ومن (1) المفيد وابن زهرة المنع من صيد غير المسلم له مطلقا (2) إما لاشتراط
الاسلام في التذكية. وهذا (3) منه، أو لما في بعض الأخبار (4)
من اشتراط أخذ المسلم له منهم حيا فيكون إخراجهم له (5) بمنزلة وثوبه
من الماء بنفسه إذا أخذه المسلم.
والمذهب هو الأول (6) والقول في اعتبار استقرار الحياة بعد إخراجه
كما سبق (7)،
244

والمصنف في الدروس مع ميله إلى عدم اعتباره (1) ثم جزم باشتراطه (2) هنا.
(ويجوز أكله حيا)، لكونه مذكى باخراجه (3) من غير اعتبار
موته بعد ذلك (4)، بخلاف غيره من الحيوان فإن تذكيته مشروطة بموته
بالذبح، أو النحر، أو ما في حكمهما (5).
وقيل: لا يباح أكله حتى يموت كباقي ما يذكى، ومن ثم لو رجع
إلى الماء بعد إخراجه فمات فيه لم يحل، فلو كان مجرد إخراجه كافيا
لما حرم بعده (6).
ويمكن خروج هذا الفرد (7) بالنص (8)
245

عليه، وقد علل فيه (1) بأنه مات فيما فيه حياته. فيبقى ما دل على أن
ذكاته إخراجه، خاليا عن المعارض.
(ولو اشتبه الميت) منه (بالحي في الشبكة وغيرها حرم الجميع)
على الأظهر، لوجوب اجتناب الميت المحصور الموقوف على اجتناب الجميع
ولعموم قول الصادق عليه السلام: ما مات في الماء فلا تأكله فإنه مات فيما
كان فيه حياته (2).
وقيل: يحل الجميع إذا كان (3) في الشبكة، أو الحظيرة مع عدم
تمييز الميت، لصحيحة الحلبي (4) وغيرها (5) الدالة على حله مطلقا (6)
246

بحمله (1) على الاشتباه جمعا (2).
وقيل: يحل الميت في الشبكة، والحظيرة وإن تميز، للتعليل (3)
في النص بأنهما لما عملا (4) للاصطياد جرى ما فيهما مجرى المقبوض باليد.
(الثانية ذكاة الجراد أخذه حيا) باليد، أو الآلة (ولو كان الآخذ
له كافرا) إذا شاهده المسلم كالسمك. وقول ابن زهرة هنا كقوله
247

في السمك (1).
(إذا استقل بالطيران) وإلا لم يحل، وحيث أعتبر في تذكيته أخذه
حيا. (فلو أحرقه قبل أخذه حرم)، وكذا لو مات في الصحراء،
أو في الماء قبل أخذه وإن أدركه بنظره، ويباح أكله حيا وبما فيه
كالسمك (ولا يحل الدبا) بفتح الدال مقصورا وهو الجراد قبل أن يطير
وإن ظهر جناحه جمع دباة بالفتح أيضا.
(الثالثة ذكاة الجنين ذكاة أمه) هذا لفظ الحديث النبوي (2)
وعن أهل البيت عليهم السلام مثله (3).
والصحيح رواية وفتوى أن ذكاة الثانية مرفوعة خبرا عن الأولى
فتنحصر ذكاته (4) في ذكاته، لوجوب انحصار المبتدأ في خبره فإنه (5)
248

أما مساو، أو أعم (1) وكلاهما يقتضي الحصر (2). والمراد بالذكاة هنا
السبب المحلل للحيوان (3) كذكاة السمك والجراد (4). وامتناع (5)
249

ذكيت الجنين إن صح فهو محمول على المعنى الظاهري وهو فري الأعضاء
المخصوصة، أو يقال (1): إن إضافة المصادر تخالف إضافة الأفعال
للاكتفاء فيها بأدنى ملابسة، ولهذا (2) صح، لله على الناس حج
البيت، وصوم رمضان (3)، ولم يصح حج البيت، وصام رمضان (4)
بجعلهما فاعلين.
وربما أعربها (5) بعضهم بالنصب على المصدر أي ذكاته كذكاة
250

أمه فحذف الجار ونصب (1) مفعولا وحينئذ (2) فتجب تذكيته
كتذكية أمه.
وفيه من التعسف (3) مخالفة لرواية الرفع. دون العكس (4)،
لإمكان (5) كون الجار المحذوف " في " أي داخلة في ذكاة أمه جمعا بين
251

الروايتين (1)، مع أنه (2) المرافق لرواية أهل البيت عليهم السلام وهم
أدرى بما في البيت وهو (3) في أخبارهم كثير صريح فيه (4) ومنه قول
الصادق عليه السلام وقد سئل عن الحوار (5) تذكى أمه أيؤكل
بذكاتها؟ فقال: إذا كان تاما ونبت عليه الشعر فكل (6)، وعن الباقر
عليه السلام أنه قال في الذبيحة تذبح وفي بطنها ولد قال: إن كان تاما
فكله فإن ذكاته ذكاة أمه وإن لم يكن تاما فلا تأكله (7) وإنما يجوز أكله
بذكاتها (إذا تمت خلقته)، وتكاملت أعضاؤه، وأشعر، أو أوبر كما دلت
عليه الأخبار (8) (سواء ولجته الروح أو لا، وسواء أخرج ميتا أو)
أخرج (حيا غير مستقر الحياة)، لأن غير مستقرها بمنزلة الميت، ولإطلاق
252

النصوص (1) بحله إذا كان إذا كان تاما (ولو كانت) حياته (2)
(مستقرة ذكي)، لأنه حيوان حي فيتوقف حله على التذكية، عملا
بعموم النصوص (3) الدالة عليها (4) إلا ما أخرجه الدليل الخاص (5).
وينبغي في غير المستقر ذلك (6)، لما تقدم من عدم اعتبارها (7)
في حل المذبوح.
هذا (8) إذا اتسع الزمان لتذكيته. أما لو ضاق عنها ففي حله
وجهان. من (9) إطلاق الأصحاب وجوب تذكية ما خرج مستقر الحياة.
253

ومن (1) تنزيله منزلة غير مستقرها لقصور زمان حياته، ودخوله (2)
في عموم الأخبار الدالة على حله بتذكية أمه إن لم يدخل مطلق الحي (3).
ولو لم تتم خلقته (4) فهو حرام واشترط جماعة مع تمام خلقته
أن لا تلجه الروح، وإلا افتقر إلى تذكيته مطلقا (5) والأخبار (6) مطلقة
والفرض (7) بعيد، لأن الروح لا تنفك عن تمام الخلقة عادة.
وهل تجب المبادرة إلى إخراجه بعد موت المذبوح أم يكفي إخراجه
المعتاد بعد كشط (8) جلده عادة، إطلاق الأخبار (9) والفتوى يقتضي
254

العدم. والأول (1) أولى.
(الرابعة ما يثبت في آلة الصياد) من الصيود المقصودة بالصيد
يملكه لتحقق الحيازة والنية. هذا (2) إذا نصبها بقصد الصيد كما هو الظاهر
لتحقق قصد التملك. وحيث (يملكه) يبقى ملكه عليه (ولو انفلت
بعد ذلك) (3) لثبوت ملكه فلا يزول بتعذر قبضه، كإباق العبد،
وشرود الدابة، ولو كان انفلاته باختياره ناويا قطع ملكه عنه، ففي خروجه
عن ملكه قولان. من (4) الشك في كون ذلك مخرجا عن الملك مع تحققه
فيستصحب (5) ومن (6) كونه بمنزلة الشئ الحقير من ماله إذا رماه مهملا له
255

ويضعف (1) بمنع خروج الحقير عن ملكه بذلك (2) وإن كان
ذلك إباحة لتناول غيره. فيجوز الرجوع فيه ما دام باقيا.
وربما قيل بتحريم أخذ الصيد المذكور (3) مطلقا (4) وإن جاز
أخذ اليسير من المال (5)، لعدم (6) الإذن شرعا في إتلاف المال مطلقا (7)
256

إلا أن تكون قيمته يسيرة (1).
(ولا يملك ما عشش في داره، أو وقع في موحلته (2)، أو وثب
إلى سفينته)، لأن ذلك (3) لا يعد آلة للاصطياد، ولا اثباتا لليد.
نعم يصير أولى به من غيره. فلو تخطى الغير إليه فعل حراما،
وفي ملكه (4) له بالأخذ قولان. من (5) أن الأولوية لا تفيد الملك
فيمكن تملكه بالاستيلاء، ومن (6) تحريم الفعل فلا يترتب عليه حكم الملك
شرعا. وقد تقدم (7) مثله في أولوية التحجير، وأن المتخطي لا يملك.
وفيه (8) نظر.
257

ولو قصد ببناء الدار احباس الصيد، أو تعشيشه، وبالسفينة وثوب
السمك، وبالموحلة توحله ففي الملك به وجهان. من (1) انتفاء كون
ذلك (2) آلة للاصطياد عادة، وكونه (3) مع القصد بمعناه. وهو
الأقوى، ويملك الصيد بإثباته بحيث يسهل تناوله وإن لم يقبضه بيده،
أو بآلته.
(ولو أمكن الصيد التحامل) بعد أصابته (عدوا، أو طيرانا
بحيث لا يدركه إلا بسرعة شديدة فهو باق على الإباحة) (4)، لعدم
تحقق إثبات اليد عليه ببقائه على الامتناع وإن ضعفت قوته (5، وكذا (6)
لو كان له قوة على الامتناع بالطيران والعدو فأبطل أحدهما خاصة، لبقاء
الامتناع في الجملة المنافي لليد (7).
258

(الخامسة لا يملك الصيد المقصوص (1)، أو ما عليه أثر (2)
الملك)، لدلالة القص، والأثر على مالك سابق، والأصل بقاؤه (3).
ويشكل (4) بأن مطلق الأثر إنما يدل على المؤثر. أما المالك فلا (5)
لجواز وقوعه من غير مالك، أو ممن (6)
259

لا يصلح للتملك، أو ممن (1) لا يحترم ماله. فكيف يحكم بمجرد الأثر (2)
لمالك محترم (3) مع أنه (4) أعم والعام (5) لا يدل على الخاص (6).
وعلى المشهور (7) يكون مع الأثر لقطة (8)، ومع عدم الأثر فهو
لصائده وإن كان أهليا كالحمام، للأصل (9) إلا أن يعرف مالكه
فيدفعه إليه.
260

كتاب الأطعمة والأشربة
261

كتاب الأطعمة والأشربة (1)
(إنما يحل من حيوان البحر سمك له فلس (2) وإن زال عنه)
في بعض الأحيان (كالكنعت) (3) ويقال: الكنعد بالدال المهملة ضرب
من السمك له فلس ضعيف يحتك بالرمل فيذهب عنه ثم يعود (ولا يحل
الجري) بالجيم المكسورة فالراء المهملة المشددة المكسورة، ويقال: الجريث
بالضبط الأول (4) مختوما بالثاء المثلثة (والمار ما هي) بفتح الراء فارسي
معرب وأصلها حية السمك (والزهو) بالزاي المعجمة فالهاء الساكنة
(على قول) الأكثر. وبه أخبار (5) لا تبلغ حد الصحة. وبحلها
263

أخبار (1) صحيحة حملت على التقية.
ويمكن حمل النهي (2) على الكراهة كما فعل الشيخ في موضع
264

من النهاية إلا أنه رجع في موضع آخر وحكم بقتل مستحلها (1). وحكايته
قولا مشعرة بتوقفه مع أنه (2) رجح في الدروس التحريم. وهو الأشهر.
(ولا السلحفاة) بضم السين المهملة، وفتح اللام فالحاء المهملة
الساكنة. والفاء المفتوحة. والهاء بعد الألف (والضفدع) بكسر الضاد
والدال مثال خنصر (والصرطان) بفتح الصاد والراء (وغيرها)
من حيوان البحر وإن كان جنسه في البر حلالا سوى السمك المخصوص (3)
(ولا الجلال من السمك) وهو الذي اغتذى العذرة محضا حتى نما بها
كغيره (4) (حتى يستبرأ بأن يطعم علفا طاهرا) مطلقا (5) على الأقوى
(في الماء) الطاهر (يوما وليلة) روي (6) ذلك عن الرضا عليه السلام
265

بسند ضعيف، وفي الدروس أنه يستبرأ يوما إلى الليل ثم نقل الرواية (1)
وجعلها (2) أولى.
ومستند اليوم رواية (3) القاسم بن محمد الجوهري، وهو ضعيف
أيضا. إلا أن الأشهر الأول (4). وهو المناسب ليقين البراءة (5)،
واستصحاب (6) حكم التحريم إلى أن يعلم المزيل.
ولولا الاجماع على عدم اعتبار أمر آخر في تحليله (7) لما كان
ذلك (8) قاطعا للتحريم، لضعفه (9) (والبيض تابع) للسمك في الحل
والحرمة.
(ولو اشتبه) بيض المحلل بالمحرم (أكل الخشن، دون الأملس)
وأطلق كثير ذلك (10) من غير اعتبار التبعية.
266

(ويؤكل من حيوان البر الأنعام الثلاثة) الإبل. والبقر. والغنم.
ومن نسب (1) إلينا تحريم الإبل فقد بهت (2). نعم هو مذهب
الخطابية (3) لعنهم الله (وبقر الوحش. وحماره. وكبش الجبل)
267

ذو القرن الطويل (والضبي، واليحمور) (1).
(ويكره الخيل، والبغال، والحمير الأهلية) في الأشهر (2) (وآكدها)
كراهة (البغل) لتركيبه من الفرس والحمار. وهما مكروهان فجمع (3)
268

الكراهتين (ثم الحمار) (1).
(وقيل) والقائل القاضي (بالعكس) (2) آكدها كراهة الحمار
ثم البغل، لأن المتولد من قوي الكراهة وضعيفها أخف كراهة من المتولد
من قويها خاصة.
وقيل: بتحريم البغل. وفي صحيحة (3) ابن مسكان النهي عن الثلاثة
إلا لضرورة، وحملت (4) على الكراهة جمعا (5).
(ويحرم الكلب (6) والخنزير (7) والسنور (8) بكسر السين وفتح
269

النون (وإن كان) السنور (وحشيا، والأسد (1)، والنمر (2)) بفتح
النون وكسر الميم (والفهد (3)، والثعلب (4)، والأرنب (5)، والضبع (6))
270

بفتح الضاد فضم الباء (وابن آوى (1)، والضب (2)، والحشرات (3)
كلها كالحية (4)، والفأرة (5)، والعقرب (6)، والخنافس (7)، والصراصر (8)
وبنات وردان (9) بفتح الواو مبنيا على الفتح، (والبراغيث (10)،
271

والقمل (1)، واليربوع (2)، والقنفذ، (3)، والوبر (4)) بسكون الباء
جمع وبرة بالسكون قال الجوهري: هي دويبة أصغر من السنور طحلاء
اللون لا ذنب لها ترجن (5) في البيوت.
(والخز) (6). وقد تقدم في باب الصلاة (7) أنه دويبة بحرية
ذات أربع أرجل تشبه الثعلب وكأنها اليوم مجهولة، أو مغيرة الاسم،
أو موهومة وقد كانت في مبدأ الاسلام إلى وسطه كثيرة جدا.
(والفنك) بفتح الفاء والنون دابة يتخذ منها الفرو.
(والسمور) (8) بفتح السين وضم الميم المشددة.
272

(والسنجاب (1) والعظاءة) بالظاء المشالة (2) ممدودة مهموزة.
وقد تقلب الهمزة ياء قال في الصحاح: هي دويبة أكبر من الوزغة والجمع
العظاء ممدودة.
(واللحكة) بضم اللام وفتح الحاء نقل الجوهري عن ابن السكيت
أنها دويبة شبيهة بالعظاءة تبرق زرقا وليس لها ذنب طويل مثل ذنب
العظاءة، وقوائمها خفية.
(ويحرم من الطير ما له مخلاب) (3) بكسر الميم (كالبازي (4) والعقاب) (5)
بضم العين (والصقر) (6) بالصاد تقلب سينا قاعدة في كلمة فيها قاف
أو طاء، أو راء، أو غين، أو خاء كالبصاق، والصراط، والصدغ،
273

والصماخ (والشاهين (1) والنسر (2)) بفتح أوله، (والرخم (3) والبغاث)
بفتح الموحدة وبالمعجمة المثلثة جمع بغاثة كذلك طائر أبيض بطئ الطيران
أصغر من الحدأة (4) بكسر الحاء والهمز.
وفي الدروس أن البغاث ما عظم من الطير وليس له مخلاب معقف
قال: وربما جعل النسر من البغاث وهو مثلث الباء، وقال الفراء:
بغاث الطير شرارها، وما لا يصيد منها.
(والغراب الكبير الأسود) الذي يسكن الجبال والخربات (5)،
ويأكل الجيف.
(والأبقع) أي المشتمل على بياض وسواد مثل الأبلق في الحيوان (6).
والمشهور أنه صنف واحد وهو المعروف بالعقعق (7) بفتح عينيه.
وفي المهذب جعله صنفين: أحدهما المشهور. والآخر أكبر منه حجما،
274

وأصغر ذنبا.
ومستند التحريم فيهما صحيحة (1) علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام
بتحريم الغراب مطلقا (2) ورواية (3) أبي يحيى الواسطي أنه سأل الرضا
عليه السلام عن الغراب الأبقع فقال: إنه لا يؤكل، ومن أحل
لك الأسود.
(ويحل غراب الزرع) المعروف بالزاغ (4) (في المشهور وكذا
الغداف (5) وهو أصغر منه إلى الغبرة ما هو) (6) أي يميل إلى الغبرة
275

يسيرا) ويعرف بالرمادي لذلك (1). ونسب (2) القول بحل الأول (3)
إلى الشهرة، لعدم دليل صريح يخصصه، بل الأخبار منها (4) مطلق
في تحريم الغراب بجميع أصنافه كصحيحة (5) علي بن جعفر عن أخيه
موسى عليهما السلام أنه قال: لا يحل شئ من الغربان زاغ ولا غيره. وهو (6)
نص، أو مطلق (7) في الإباحة كرواية زرارة عن أحدها أنه قال:
إن أكل الغراب ليس بحرام إنما الحرام ما حرم الله في كتابه (8) لكن
276

ليس في الباب حديث صحيح غير ما دل على التحريم (1). فالقول به (2)
متعين ولعل المخصص (3) استند إلى مفهوم حديث أبي يحيى (4)،
لكنه (5) ضعيف.
ويفهم من المصنف القطع بحل الغداف الأغبر، لأنه أخره
277

عن حكاية المشهور (1)، ومستنده (2) غير واضح مع الاتفاق على أنه
من أقسام الغراب (3).
(ويحرم) من الطير (ما كان صفيفه) حال طيرانه، وهو أن يطير
مبسوط الجناحين من غير أن يحركهما (أكثر من دفيفه) بأن يحركهما
حالته (4) (دون ما انعكس (5)، أو تساويا فيه) أي في الصفيف
والدفيف، والمنصوص (6) تحريما وتحليلا داخل فيه، إلا الخطاف (7)
278

فقد قيل بتحريمه مع أنه يدف. فبذلك ضعف القول بتحريمه.
(و) كذا (يحرم ما ليس له قانصة) وهي للطير بمنزلة المصارين (1)
لغيرها (2) (ولا حوصلة) بالتشديد والتخفيف (3)، وهي ما يجمع فيها
الحب وغيره من المأكول عند الحلق (ولا صيصية) بكسر أوله وثالثه
مخففا، وهي الشوكة التي في رجله موضع العقب، وأصلها شوكة الحائك
التي يسوي بها السداة، واللحمة.
والظاهر أن العلامات متلازمة (4)، فيكتفى بظهور أحدها.
وفي صحيحة عبد الله بن سنان قال: سأل أبي أبا عبد الله عليه السلام وأنا
أسمع ما تقول في الحبارى فقال: إن كانت له قانصة فكله، قال وسأله
عن طير الماء فقال: مثل ذلك (5).
وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كل ما دف،
ولا تأكل ما صف (6) فلم يعتبر أحدهما الجميع، وفي رواية سماعة
عن الرضا عليه السلام كل من طير البر ما كان له حوصلة، ومن طير
279

الماء ما كانت له قانصة الحمام، لا معدة كمعدة الإنسان، وكل
ما صف فهو ذو مخلب وهو حرام، وكل ما دف فهو حلال، والقانصة
والحوصلة يمتحن بها من الطير ما لا يعرف طيرانه، وكل طير مجهول (1)
280

وفي هذه الرواية (1) أيضا دلالة على عدم اعتبار الجميع، وعلى أن
العلامة (2) لغير المنصوص على تحريمه وتحليله، (والخشاف) (3) ويقال
له: الخفاش والوطواط (والطاووس) (4).
(ويكره الهدهد) (5) لقول الرضا عليه السلام: (6) نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله عن قتل الهدهد، والصرد (7)
281

والصوام (1) 7 والنحلة (2)، وروى علي بن جعفر قال: سألت
أخي موسى عليه السلام عن الهدهد وقتله وذبحه فقال: لا يؤذى
ولا يذبح فنعم الطير هو (3)، وعن الرضا عليه السلام قال: في كل
جناح هدهد مكتوب بالسريانية آل محمد خير البرية (4).
(وللخطاف) (5) بضم الخاء وتشديد الطاء وهو الصنونو (أشد
كراهة) من الهدهد، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: استوصوا
بالصنينات خيرا يعني الخطاف فإنهن آنس طير الناس بالناس (6)،
بل قيل بتحريمه، لرواية داود الرقي قال: بينا نحن قعود عن أبي عبد الله
عليه السلام إذ مر رجل بيده خطاف مذبوح فوثب إليه أبو عبد الله
عليه السلام حتى أخذه من يده ثم دحا (7) به الأرض: فقال عليه السلام
282

أعالمكم أمركم بهذا أم فقيهكم؟! أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله
عليه وآله نهى عن قتل الستة منها الخطاف (1).
وفيه (2) أن تسبيحه قراءة الحمد لله رب العالمين ألا ترونه يقول:
ولا الضالين، والخبر (3) مع سلامة سنده لا يدل على تحريم لحمه (4).
ووجه الحكم بحله (5) حينئذ (6) أنه يدف فيدخل في العموم (7)
وقد روي حله (8) أيضا بطريق ضعيف.
(ويكره الفاختة (9) والقبرة (10)) بضم القاف وتشديد الباء مفتوحة
283

من غير نون بينهما، فإنه لحن من كلام العامة، ويقال: القنبراء بالنون لكن
مع الألف بعد الراء ممدودة، وهي في بعض نسخ الكتاب، وكراهة القبرة
منضمة إلى بركة (1) بخلاف الفاختة (2) روى سليمان الجعفري عن الرضا
عليه السلام قال: لا تأكلوا القبرة، ولا تسبوها، ولا تعطوها الصبيان
يلعبون بها فإنها كثيرة التسبيح لله تعالى، وتسبيحها، لعن الله مبغضي
آل محمد (3). وقال: إن القنزعة (4) التي على رأس القبرة من مسحة
سليمان بن داود على نبينا وآله وعليه السلام في خبر طويل (5)،
وروى أبو بصير أن أبا عبد الله عليه السلام قال لابنه إسماعيل وقد رأى
في بيته فاختة في قفص تصيح: يا بني ما يدعوك إلى إمساك هذه الفاختة
أو ما علمت أنها مشومة؟ أو ما تدري ما تقول؟ قال إسماعيل: لا
284

قال: أنما تدعو على أربابها فتقول: فقدتكم فقدتكم. فأخرجوها (1).
(والحبارى) (2) بضم الحاء وفتح الراء، وهو اسم يقع على الذكر
والأنثى واحدها وجمعها (أشد كراهة) منهما (3).
ووجه الأشدية غير واضح، والمشهور في عبارة المصنف وغيره أصل
الاشتراك فيها (4)، وقد روى المسمعي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الحبارى فقال: فوددت أن عندي منه فآكل حتى أتملأ (5).
285

(ويكره) أيضا (الصرد) بضم الصاد وفتح الراء (والصوام) (1)
بضم الصاد وتشديد الواو، قال في التحرير: إنه طائر أغبر اللون.
طويل الرقبة أكثر ما يبيت في النخل. وفي الأخبار النهي عن قتلهما في جملة
الستة (2)، وقد تقدم بعضها (3).
(والشقراق) بفتح الشين وكسر القاف وتشديد الراء وبكسر الشين
أيضا، ويقال: الشقراق كقرطاس، والشرقراق بالفتح والكسر والشرقرق
كسفرجل: طائر مرقط (4) بخضرة وحمرة وبياض. ذكر ذلك كله في القاموس
وعن أبي عبد الله عليه السلام تعليل كراهته (5) بقتله الحيات. قال:
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يوما يمشي فإذا شقراق قد انقض
286

فاستخرج من خفه حية (1).
(ويحل الحمام كله كالقماري) بفتح القاف وهو الحمام الأزرق
جمع قمري بضمه منسوب إلى طير قمر (2) (والدباسي) بضم الدال
جمع دبسي بالضم منسوب إلى طير دبس (3) بضمها.
وقيل: إلى دبس الرطب بكسرها، وإنما ضمت الدال مع كسرها
في المنسوب إليه في الثاني (4)، لأنهم يغيرون في النسب كالدهري بالضم
مع نسبته إلى الدهر بالفتح، وعن المصنف أنه (5) الحمام الأحمر.
(والورشان) بفتح الواو والراء وعن المصنف أنه الحمام الأبيض.
287

(ويحل الحجل (1) والدراج) (2) بضم الدال وتشديد الراء.
(والقطا) (3). بالقصر جمع قطاة (والطيهوج) وهو طائر
طويل الرجلين والرقبة من طيور الماء.
(والدجاج) مثلث الدال والفتح أشهر.
(والكروان) (4) بفتح حروفه الأول.
(والكركي) (5) بضم الكاف واحد الكراكي.
(والصعو) (6) بفتح الصاد وسكون العين جمع صعوة بهما.
288

(والعصفور الأهلي) الذي يسكن الدور.
(ويعتبر في طير الماء) وهو الذي يبيض ويفرخ فيه (1) (ما يعتبر
في البري من الصفيف، والدفيف، والقانصة، والحوصلة، والصيصية) (2)
وقد تقدم ما يدل عليه (3).
(والبيض تابع) للطير (في الحل والحرمة) فكل طائر يحل أكله
يؤكل بيضه، وما لا فلا (4)، فإن اشتبه (5) أكل ما اختلف طرفاه (6)
واجتنب ما اتفق (7).
(وتحرم الزنابير) جميع زنبور (8) بضم الزاء بنوعيه الأحمر والأصفر
(والبق (9) والذباب) (10) بضم الذال واحدة ذبابة بالضم أيضا،
289

والكثير (1) ذبان بكسر الذال والنون أخيرا (والمجثمة) بتشديد المثلثة (2)
مكسورة (وهي التي تجعل غرضا) (3) للرمي (وترمى بالنشاب (4)
حتى تموت، والمصبورة وهي التي تجرح وتحبس حتى تموت صبرا)
وتحريمها واضح، لعدم التذكية مع إمكانها. وكلاهما (5) فعل الجاهلية
وقد ورد النهي (6) عن الفعلين مع تحريم اللحم.
(والجلال وهو الذي يتغذى عذرة الإنسان محضا) لا يخلط غيرها
إلى أن ينبت عليها لحمه، ويشتد عظمه عرفا (حرام حتى يستبرأ
على الأقوى)، لحسنة (7) هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لا تأكلوا لحوم الجلالة، وهي التي تأكل العذرة وإن أصابك
من عرقها فاغسله.
وقريب منها حسنة (8) حفص وفي معناهما (9) روايات أخر ضعيفة.
290

(وقيل) والقائل ابن الجنيد: (يكره) لحمها وألبانها خاصة (1)
استضعافا للمستند (2)، أو حملا لها (3) على الكراهة. جمعا بينها (4)،
وبين ما ظاهره الحل.
وعلى القولين (5) (فتستبرأ الناقة بأربعين يوما والبقرة بعشرين).
وقيل: كالناقة (6)، (والشاة بعشرة).
وقيل: بسبعة.
ومستند هذه التقديرات كلها ضعيف (7) والمشهور منها (8) ما ذكره
291

المصنف، وينبغي القول بوجوب الأكثر (1)، للإجماع على عدم اعتبار
أزيد منه (2)، فلا تجب الزيادة، والشك (3) فيما دونه فلا يتيقن زوال
التحريم، مع أصالة بقائه (4) حيث ضعف المستند. فيكون ما ذكرناه (5)
طريقا للحكم (6).
وكيفية الاستبراء (بأن يربط الحيوان) والمراد أن يضبط على وجه
يؤمن أكله النجس (ويطعم علفا طاهرا) من النجاسة الأصلية (7)
والعرضية (8) طول المدة (9) (وتستبرأ البطة ونحوها) من الطيور الماء
(بخمسة أيام، والدجاجة وشبهها) مما في حجمها (بثلاثة) أيام.
292

والمستند ضعيف (1) كما تقدم (2)، ومع ذلك (3) فهو خال
عن ذكر الشبيه لهما.
(وما عدا ذلك) (4) من الحيوان الجلال (يستبرأ بما يغلب على الظن)
زوال الجلل به عرفا، لعدم ورود مقدر له شرعا، ولو طرحنا تلك
التقديرات (5) لضعف مستندها كان حكم الجميع كذلك (6).
(ولو شرب) الحيوان (المحلل لبن خنزيرة واشتد) بأن زادت
قوته، وقوي عظمه، ونبت لحمه بسببه (حرم لحمه ولحم نسله) ذكرا
كان أم أنثى (وإن لم يشتد كره).
هذا هو المشهور، ولا نعلم فيه مخالفا، والمستند أخبار كثيرة لا تخلو
من ضعف (7).
293

ولا يتعدى الحكم (1) إلى غير الخنزير عملا بالأصل (2) وإن ساواه
في الحكم (3)، كالكلب مع احتماله (4)، وروي (5) أنه إذا شرب لبن
آدمية حتى اشتد كره لحمه.
(ويستحب استبراؤه) على تقدير كراهته (بسبعة أيام) إما بعلف
إن كان يأكله، أو بشرب لبن طاهر.
(ويحرم) من الحيوان ذوات الأربع، وغيرها على الأقوى الذكور
والإناث (موطوء الإنسان ونسله) المتجدد بعد الوطئ، لقول الصادق
عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن البهيمة التي تنكح
فقال: حرام لحمها وكذلك لبنها (6)، وخصه العلامة بذوات الأربع
اقتصارا فيما خالف الأصل (7) على المتيقن (8).
294

(ويجب ذبحه وإحراقه بالنار) إن لم يكن المقصود منه (1) ظهره (2)
وشمل إطلاق الإنسان الكبير والصغير، والعاقل والمجنون. وإطلاق النص (3)
يتناوله أيضا.
أما بقية الأحكام (4) غير التحريم فيختص البالغ العاقل كما سيأتي
إن شاء الله تعالى مع بقية الأحكام في الحدود، ويستثنى من الانسان
الخنثى فلا يحرم موطوؤه، لاحتمال الزيادة (5).
(ولو اشتبه) (6) بمحصور (7) (قسم) (8) نصفين (وأقرع)
295

بينهما بأن تكتب رقعتان في كل واحدة اسم نصف منهما (1)، ثم يخرج (2)
على ما فيه المحرم (3) فإذا خرج (4) في أحد النصفين قسم كذلك (5)
296

وأقرع. وهكذا (1) (حتى تبقى واحدة) فيعمل بها ما عمل بالمعلومة
ابتداء (2)، والرواية (3) تضمنت قسمتها نصفين أبدا (4) كما ذكرناه،
وأكثر العبارات (5) خالية منه حنى عبارة المصنف هنا (6)، وفي الدروس
وفي القواعد: قسم قسمين، وهو (7) مع الإطلاق أعم من التنصيف.
297

ويشكل التنصيف أيضا لو كان العدد فردا (1)، وعلى الرواية (2)
يجب التنصيف ما أمكن (3) والمعتبر منه (4) العدد، لا القيمة. فإذا
كان (5) فردا جعلت الزائدة (6) مع أحد القسمين.
(ولو شرب المحلل خمرا) ثم ذبح عقيبه (لم يؤكل ما في جوفه)
من الأمعاء، والقلب، والكبد (ويجب غسل باقيه) وهو اللحم على المشهور
والمستند ضعيف (7)، ومن ثم كرهه (8) ابن إدريس خاصة. وقيدنا
ذبحه بكونه عقيب الشرب تبعا للرواية (9)، وعبارات الأصحاب مطلقة (10)
(ولو شرب بولا غسل ما في بطنه وأكل) من غير تحريم،
298

والمستند مرسل (1)، ولكن لا راد له (2)، وإلا (3) لأمكن القول
بالطهارة فيهما (4) نظرا إلى الانتقال (5) كغيرهما من النجاسات.
وفرق (6) مع النص بين الخمر، والبول: بأن الخمر لطيف
299

تشربه الأمعاء فلا يطهر بالغسل وتحرم (1)، بخلاف البول فإنه لا يصلح
للغذاء، ولا تقبله الطبيعة (2).
وفيه (3): أن غسل اللحم إن كان لنفوذ الخمر فيه كما هو الظاهر
لم يتم الفرق بينه (4) وبين ما في الجوف، وإن لم تصل إليه (5) لم يجب
300

تطهيره، مع أن ظاهر الحكم (1) غسل ظاهر اللحم الملاصق للجلد،
وباطنه المجاور للأمعاء. الرواية (2) خالية عن غسل اللحم.
(وهنا مسائل):
(الأولى تحرم الميتة) أكلا واستعمالا (3)
(إجماعا وتحل منها)
عشرة أشياء متفق عليها، وحادي عشر مختلف فيه (وهي (4) الصوف
والشعر. والوبر. والريش. فإن) جز (5) فهو طاهر، وإن (قلع
غسل أصله) المتصل بالميتة، لاتصاله برطوبتها (6) (والقرن والظفر
والظلف (7) والسن) والعظم ولم يذكره المصنف ولا بد منه، ولو أبدله
301

بالسن (1) كان أولى، لأنه (2) أعم منه إن لم يجمع بينهما (3) كغيره (4).
وهذه (5) مستثناة من جهة الاستعمال.
وأما الأكل فالظاهر جواز ما لا يضر منها (6) بالبدن، للأصل (7)
302

ويمكن دلالة إطلاق العبارة (1) عليه، وبقرينة (2) قوله: (والبيض
إذا اكتسى القشر الأعلى) الصلب، وإلا (3) كان بحكمها.
(والإنفحة) (4) بكسر الهمزة وفتح الفاء والحاء والمهملة وقد تكسر
الفاء. قال في القاموس: هي شئ يستخرج من بطن الجدي الراضع
أصفر فيعصر في صوفة فيغلظ كالجبن فإذا أكل الجدي فهو كرش (3)
303

وظاهر أول التفسير يقتضي كون الإنفحة هي اللبن المستحيل في جوف
السخلة فتكون من جملة ما لا تحله الحياة (1).
وفي الصحاح الإنفحة كرش الحمل، أو الجدي ما لم يأكل. فإذا
أكل فهي كرش، وقريب منه ما في الجمهرة، وعلى هذا (2) فهي مستثناة
مما تحله الحياة وعلى الأول (3) فهو طاهر وإن لاصق الجلد الميت، للنص (4)
304

وعلى الثاني (1) فما في داخله (2) طاهر قطعا، وكذا ظاهره بالأصالة.
وهل ينجس (3) بالعرض بملاصقة الميت وجه. وفي الذكرى: الأولى
تطهير ظاهرها (4)، وإطلاق النص (5) يقتضي الطهارة مطلقا (6).
نعم يبقى الشك في كون الإنفحة المستثناة هل هي اللبن المستحيل (7)
أو الكرش (8) بسبب اختلاف أهل اللغة. والمتيقن منه ما في داخله (9)
305

لأنه (1) متفق عليه.
(واللبن) في ضرع الميتة (على قول مشهور) بين الأصحاب
ومستنده روايات.
منها صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن الإنفحة تخرج من الجدي الميت قال: لا بأس به. قلت: اللبن يكون
في ضرع الشاة وقد ماتت قال: لا بأس به (2)، وقد روي نجاسته
صريحا في خبر آخر (3)، ولكنه ضعيف السند، إلا أنه (4) موافق
للأصل من نجاسة المائع بملاقاة النجاسة. وكل نجس حرام. ونسبة (5)
306

القول بالحل إلى الشهرة تشعر بتوقفه فيه، وفي الدروس جعله (1) أصح
وضعف (2) رواية التحريم، وجعل القائل بها (3) نادرا، وحملها (4)
على التقية.
(ولو اختلط الذكي) من اللحم وشبهه (5) (بالميت) ولا سبيل
إلى تمييزه (اجتنب الجميع، لوجوب اجتناب الميت) ولا يتم إلا به (6)
فيجب.
وفي جواز بيعه على مستحل الميتة قول مستنده صحيحة الحلبي (7)
وحسنته (8) عن الصادق عليه السلام، ورده (9) قوم، نظرا إلى إطلاق
307

النصوص (1) بتحريم بيع الميتة، وتحريم ثمنها، واعتذر العلامة عنه (2)
بأنه ليس ببيع في الحقيقة وإنما هو استنقاذ مال الكافر برضاه، ويشكل (3)
بأن مستحليه من الكفار من لا يحل ماله كالذمي، وحسنه (4) المحقق
مع قصد بيع الذكي حسب، وتبعه العلامة أيضا، ويشكل (5) بجهالته
وعدم إمكان تسليمة متميزا (6).
308

فإما أن يعمل بالرواية (1) لصحتها من غير تعليل (2)، أو يحكم
بالبطلان (3).
(وما أبين من حي يحرم أكله واستعماله كأليات الغنم) لأنها بحكم
الميتة (ولا يجوز الاستصباح بها تحت الماء)، لتحريم الانتفاع بالميتة
مطلقا (4) وإنما يجوز الاستصباح بما عرض له النجاسة من الأدهان، لا بما
نجاسته ذاتية.
(الثانية تحرم من الذبيحة خمسة عشر) شيئا: (الدم والطحال)
بكسر الطاء (والقضيب) وهو الذكر (والأنثيان) وهما: البيضتان
(والفرث) وهو الروث في جوفها (والمثانة) بفتح الميم وهو مجمع البول
(والمرارة) بفتح الميم التي تجمع المرة الصفراء بكسرها معلقة مع الكبد
كالكيس (والمشيمة) بفتح الميم بيت الولد، وتسمى الغرس بكسر الغين
المعجمة. وأصلها مفعلة (5) فسكنت الياء، (والفرج) الحياء ظاهره
وباطنه، (والعلباء) بالمهملة المكسورة فاللام الساكنة فالباء الموحدة
فالألف الممدودة عصبتان عريضتان ممدودتان من الرقبة إلى عجب الذنب
(والنخاع) مثلث النون الخيط الأبيض في وسط الظهر ينظم خرز السلسلة
309

في وسطها وهو الوتين الذي لا قوام للحيوان بدونه. (والغدد) بضم
الغين المعجمة التي في اللحم وتكثر في الشحم (وذوات الأشاجع) وهي
أصول الأصابع التي يتصل بعصب ظاهر الكف، وفي الصحاح: جعلها
الأشاجع بغير مضاف (1)، والواحد أشجع (وخرزة الدماغ) بكسر
الدال وهي المخ الكائن في وسط الدماغ شبه الدودة بقدر الحمصة تقريبا
يخالف لونها لونه، وهي تميل إلى الغبرة (والحدق) يعني حبة الحدقة
وهو الناظر من العين لا جسم العين كله.
وتحريم هذه الأشياء أجمع ذكره الشيخ غير المثانة فزادها ابن إدريس
وتبعه جماعة منهم المصنف. ومستند الجميع غير واضح، لأنه روايات (2)
يتلفق من جميعها ذلك. بعض رجالها ضعيف. وبعضها مجهول،
والمتيقن منها (3) تحريم ما دل عليه دليل خارج كالدم. وفي معناه الطحال (4)
وتحريمهما (5) ظاهر الآية (6)، وكذا ما استخبث منها (7) كالفرث
والفرج، والقضيب، والأنثيين، والمثانة، والمرارة، والمشيمة، وتحريم
310

الباقي يحتاج إلى دليل، والأصل يقتضي عدمه. والروايات (1) يمكن
الاستدلال بها على الكراهة، لسهولة خطبها (2)، إلا أن يدعى استخباث
الجميع (3).
وهذا (4) مختار العلامة في المختلف، وابن الجنيد أطلق كراهية بعض
هذه المذكورات ولم ينص على تحريم شئ، نظرا إلى ما ذكرناه (5)،
واحترز بقوله: من الذبيحة، عن نحو السمك والجراد. فلا يحرم
منه شئ من المذكورات (6): للأصل وشمل ذلك (7) كبير الحيوان
المذبوح كالجزور، وصغيره كالعصفور.
ويشكل الحكم بتحريم جميع ما ذكر (8) مع عدم تمييزه (9)،
311

لاستلزامه (1) تحريم جميعه، أو أكثره، للاشتباه (2).
والأجود. اختصاص الحكم (3) بالنعم، ونحوها (4) من الحيوان
الوحشي، دون العصفور، وما أشبهه (5).
(ويكره) أكل (الكلأ) بضم الكاف وقصر الألف جمع كلية
وكلوة بالضم فيهما.
والكسر لحن عن ابن السكيت (6) (وأذنا القلب
312

والعروق، ولو ثقب الطحال مع اللحم وشوي حرم ما تحته) من لحم
وغيره، دون ما فوقه، أو مساويه (ولو لم يكن مثقوبا لم يحرم) ما معه
مطلقا (1) هذا هو المشهور، ومستنده رواية (2) عمار الساباطي
عن أبي عبد الله عليه السلام وعلل فيها (3) بأنه مع الثقب يسيل الدم
من الطحال إلى ما تحته فيحرم، بخلاف غير المثقوب، لأنه في حجاب
لا يسيل منه.
315

(الثالثة يحرم تناول (1) الأعيان النجسة) (2) بالأصالة كالنجاسات
وأما بالعرض (3) فإنه وإن كان كذلك إلا أنه يأتي (4) (و) كذا يحرم
(المسكر) مائعا كان أم جامدا وإن اختصت النجاسة بالمائع بالأصالة (5)
ويمكن أن يريد هنا بالمسكر المائع بقرينة الأمثلة، والتعرض (6) في هذه
المسألة للنجاسات وذكره (7) تخصيص بعد تعميم (كالخمر) (8) المتخذ
316

من العنب (والنبيذ) المسكر من التمر (والبتع) بكسر الباء وسكون
التاء المثناة أو فتحها نبيذ العسل (والفضيخ) بالمعجمتين من التمر والبسر
(والنقيع) من الزبيب (والمزر) بكسر الميم فالزاء المعجمة الساكنة
فالمهملة نبيذ الشعير، ولا يختص التحريم في هذه بما أسكر، بل يحرم
(وإن قل).
(وكذا) يحرم (العصير العنبي إذا غلا) بالنار وغيرها بأن صار
320

أعلاه أسفله ويستمر تحريمه (حتى يذهب ثلثاه، أو ينقلب خلا)
ولا خلاف في تحريمه، والنصوص (1) متظافرة به، وإنما الكلام في نجاسته
فإن النصوص (2) خالية منها، لكنها (3) مشهورة بين المتأخرين (ولا
يحرم) العصير من (الزبيب وإن غلا على الأقوى)، لخروجه عن مسمى
العنب (4)، وأصالة (5) الحل واستصحابه (6)،
321

خرج منه (1) عصير العنب إذا غلا بالنص (2) فيبقى غيره (3) على الأصل.
وذهب بعض الأصحاب إلى تحريمه (4)، لمفهوم رواية علي بن جعفر
عن أخيه موسى عليهما السلام حيث سأله عن الزبيب يؤخذ ماؤه فيطبخ
حتى يذهب ثلثاه، فقال: لا بأس (5)، فإن مفهومه التحريم قبل ذهاب
الثلثين، وسند الرواية والمفهوم ضعيفان (6) فالقول بالتحريم أضعف،
أما النجاسة فلا شبهة في نفيها.
(ويحرم الفقاع) وهو ما اتخذ من الزبيب والشعير حتى وجد فيه
322

النشيش (1) والحركة، أو ما أطلق عليه (2) عرفا، ما لم يعلم انتفاء خاصيته (3)
ولو وجد في الأسواق ما يسمى فقاعا حكم بتحريمه وإن جهل أصله،
نظرا إلى الاسم (4)، وقد روى علي بن يقطين (5) في الصحيح عن الكاظم
عليه السلام قال: سألته عن شرب الفقاع الذي يعمل في السوق ويباع
ولا أدري كيف يعمل، ولا متى عمل أيحل علي. أن أشربه؟ فقال:
لا أحبه (6)، وأما ما ورد في الفقاع بقول مطلق (7) وأنه بمنزلة الخمر
فكثير لا يحصى (8).
323

(والعذرات) بفتح المهملة فكسر المعجمة (والأبوال النجسة) (1)
صفة للعذرات والأبوال، ولا شبهة في تحريمها نجسة كمطلق النجس، لكن
مفهوم العبارة (2) عدم تحريم الطاهر منها (3) كعذرة وبول ما يؤكل لحمه
وقد نقل في الدروس تحليل بول المحلل عن ابن الجنيد وظاهر ابن إدريس،
ثم قوي التحريم للاستخباث.
والأقوى جواز ما تدعو الحاجة إليه منه (4) إن فرض له نفع.
وربما قيل: إن تحليل بول الإبل للاستشفاء إجماعي، وقد تقدم
حكمه (5)
324

بتحريم الفرث من المحلل، والنقل (1) عن ابن الجنيد الكراهية كغيره
من المذكورات.
ويمكن أن تكون النجسة صفة للأبوال خاصة حملا للعذرة المطلقة
على المعروف منها لغة وعرفا وهي عذرة الانسان فيزول الاشكال (2) عنها
ويبقى الكلام في البول (وكذا) يحرم (ما يقع فيه هذه النجاسات
من المائعات) لنجاستها بقليلها وإن كثرت (3)، (أو الجامدات إلا بعد
325

الطهارة) استثناء (1) من الجامدات، نظرا إلى أن المائعات لا تقبل
التطهير كما سيأتي (وكذا) يحرم (ما باشره الكفار) من المائعات،
والجامدات برطوبة (2) وإن كانوا ذمية.
(الرابعة يحرم الطين) بجميع أصنافه، فعن النبي صلى الله عليه وآله:
من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه (3)، وقال الكاظم عليه السلام:
أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير إلا طين قبر الحسين
عليه السلام فإن فيه شفاء من كل داء، وأمنا من كل خوف (4) فلذا
قال المصنف: (إلا طين قبر الحسين عليه السلام) فيجوز الاستشفاء منه
(لدفع الأمراض) الحاصلة (بقدر الحمصة) المعهودة المتوسطة (فما دون)
ولا يشترط في جواز تناولها أخذها بالدعاء وتناولها به، لإطلاق النصوص (5)
وإن كان أفضل.
326

والمراد بطين القبر الشريف تربة ما جاوره من الأرض عرفا،
وروي (1) إلى أربعة فراسخ، وروي ثمانية (2)، وكلما قرب منه (3)
كان أفضل، وليس كذلك التربة المحترمة منها (4) فإنها مشروطة بأخذها
من الضريح المقدس، أو خارجه (5) كما مر مع وضعها عليه، أو أخذها
بالدعاء، ولو وجد تربة منسوبة إليه عليه السلام حكم باحترامها حملا
على المعهود (6).
(وكذا) يجوز تناول الطين (الأرمني) لدفع الأمراض المقرر عند
327

الأطباء نفعه منها (1) مقتصرا منه على ما تدعو الحاجة إليه بحسب قولهم (2)
المفيد للظن، لما فيه من دفع الضرر المظنون، وبه رواية حسنة (3)،
والأرمني طين معروف يجلب من أرمينية يضرب لونه إلى الصفرة، ينسحق
بسهولة. يحبس الطبع والدم (4)، وينفع البثور (5) والطواعين (6) شربا
وطلاء " وينفع في الوباء (7) إذا بل بالخل واستنشق رائحته، وغير ذلك
من منافعه المعروفة في كتب الطب.
(الخامسة يحرم السم) بضم السين (كله) بجميع أصنافه جامدا
كان، أم مائعا إن كان يقتل قليله، وكثيره (ولو كان كثيره يقتل)
دون قليله كالأفيون (8) والسقمونيا (9) (حرم) الكثير القاتل، أو الضار
(دون القليل) هذا (10) إذا أخذ منفردا، أما لو أضيف إلى غيره فقد
328

لا يضر منه الكثير كما هو معروف عند الأطباء (1). وضابط المحرم
ما يحصل به الضرر على البدن، وإفساد المزاج.
(السادسة يحرم الدم المسفوح) أي المنصب من عرق بكثرة من سفحت
الماء إذا أهرقته (وغيره كدم القراد (2) وإن لم يكن) الدم (نجسا)،
لعموم حرمت عليكم الميتة والدم (3) ولاستخباثه (أما ما يتخلف
في اللحم) مما لا يقذفه المذبوح (فطاهر من المذبوح) حلال، وكان، عليه (4) أن
يذكر الحل، لأن البحث إنما هو فيه (5)، ويلزمه (6) الطهارة إن لم يذكرها معه.
واحترز بالمتخلف في اللحم عما يجذبه النفس إلى باطن الذبيحة فإنه
حرام نجس، وما يتخلف في الكبد والقلب طاهر أيضا، وهل هو (7)
حلال كالمتخلف في اللحم وجه؟
329

ولو قيل بتحريمه (1) كان حسنا، للعموم (2).
ولا فرق في طهارة المتخلف في اللحم بين كون رأس الذبيحة
منخفضا عن جسدها، وعدمه، للعموم (3) خصوصا بعد استثناء ما يتخلف
في باطنها في غير اللحم.
(السابعة الظاهر: أن المايعات النجسة غير الماء) كالدبس وعصيره
واللبن والأدهان وغيره (لا تطهر) بالماء وإن كان كثيرا (ما دامت
كذلك) أي باقية على حقيقتها (4) بحيث لا تصير باختلاطها بالماء الكثير
ماء مطلقا، لأن الذي يطهر بالماء شرطه وصول الماء إلى كل جزء
من النجس، وما دامت متميزة كلها أو بعضها لا يتصور وصول الماء
إلى كل جزء نجس، وإلا (5) لما بقيت كذلك.
330

هذا (1) إذا وضعت في الماء الكثير، أما لو وصل الماء بها (2)
وهي في محلها فأظهر في عدم الطهارة قبل أن يستولي (3) عليها أجمع،
لأن (4) أقل ما هناك أن محلها نجس، لعدم (5) إصابة الماء المطلق له
331

أجمع فينجس (1) ما اتصل به منها وإن كثر (2)، لأن شأنها (3) أن
تنجس بإصابة النجس لها مطلقا (4).
وتوهم طهارة محلها (5)، وما لا يصيبه الماء منها بسبب أصابته لبعضها
332

في غاية البعد، والعلامة في أحد قوليه أطلق الحكم بطهارتها (1)، لممازجتها (2)
المطلق وإن خرج عن إطلاقه، أو بقي اسمها، وله قول آخر بطهارة الدهن
خاصة إذا صب في الكثير (3)، وضرب فيه حتى اختلطت أجزاؤه
به (4)، وإن اجتمعت (5) بعد ذلك على وجهه.
وهذا القول متجه على تقدير فرض اختلاط جميع أجزائه (6) بالضرب
ولم يخرج الماء المطلق عن إطلاقه.
333

وأما الماء (1) فإنه يطهر اتصاله بالكثير ممازجا له (2) عند المصنف
أو غير ممازج على الظاهر (3) سواء صب في الكثير (4)، أو وصل
الكثير به ولو في آنية ضيقة الرأس مع اتحادهما (5) عرفا، أو علو
الكثير (6).
(وتلقي النجاسة وما يكتنفها ويلاصقها من الجامد) كالسمن والدبس
في بعض الأحوال (7). والعجين والباقي طاهر على الأصل، ولو اختلفت
أحوال المائع كالسمن في الصيف والشتاء فلكل حالة حكمها (8). والمرجع
334

في الجمود والميعان إلى العرف، لعدم تحديده شرعا (1).
(الثامنة تحرم البان الحيوان المحرم لحمه) كالهرة والذئبة واللبوة (2)
(ويكره لبن المكروه لحمه كالأتن) بضم الهمزة والتاء وبسكونها جمع
أتان بالفتح: الحمارة ذكرا أو أنثى، ولا يقال في الأنثى: أتانة (3).
(التاسعة المشهور) بين الأصحاب بل قال في الدروس: إنه كان
أن يكون إجماعا (استبراء (4) اللحم المجهول ذكاته) لوجدانه مطروحا
(بانقباضه (5) بالنار) عند طرحه فيها (فيكون مذكى، وإلا) ينقبض
بل انبسط واتسع وبقي على حاله (فميتة). والمستند رواية شعيب
عن الصادق عليه السلام في رجل دخل قرية فأصاب بها لحما لم يدر أذكي
هو أم ميت قال: فاطرحه على النار فكلما انقبض فهو ذكي وكلما انبسط
فهو ميت (6)، وعمل بمضمونها المصنف في الدروس، وردها العلامة
335

والمحقق في أحد قوليه، لمخالفتها (1) للأصل. وهو عدم التذكية، مع أن
في طريق الرواية ضعفا (2).
336

والأقوى تحريمه مطلقا (1)، قال في الدروس تفريعا على الرواية (2):
ويمكن اعتبار المختلط (3) بذلك، إلا أن الأصحاب والأخبار (4) أهملت
ذلك. وهذا الاحتمال (5) ضعيف، لأن (6) المختلط يعلم أن فيه ميتا
337

يقينا، مع كونه (1) محصورا. فاجتناب الجميع متعين (2)، بخلاف
ما يحتمل كونه (3) بأجمعه مذكى فلا يصح حمله عليه (4) مع وجود
الفارق (5).
وعلى المشهور (6) لو كان اللحم قطعا متعددة فلا بد من اعتبار كل
قطعة على حدة، لإمكان كونه من حيوان متعدد، ولو فرض العلم
بكونه (7) متحدا جاز اختلاف حكمه بأن يكون قد قطع بعضه منه
قبل التذكية.
ولا فرق على القولين (8) بين وجود محل التذكية ورؤيته مذبوحا
أو منحورا، وعدمه (9)، لأن الذبح والنحر بمجردهما لا يستلزمان الحل
338

لجواز تخلف بعض الشروط (1). وكذا (2) لو وجد الحيوان غير مذبوح
ولا منحور. لكنه مضروب بالحديد في بعض جسده، لجواز كونه قد
استعصى فذكي كيف اتفق حيث يجوز في حقه ذلك (3)، وبالجملة
فالشرط إمكان كونه مذكى على وجه يبيح (4) لحمه.
(العاشر لا يجوز استعمال شعر الخنزير) كغيره (5) من أجزائه
مطلقا وإن حلت من الميتة غيره. ومثله (6) الكلب (فإن اضطر إلى استعمال
339

شعر الخنزير استعمل ما لا دسم فيه، وغسل يده) بعد الاستعمال، ويزول
عنه الدسم بأن يلقى (1) في فخار، ويجعل في النار حتى يذهب دسمه
رواه (2) برد الإسكاف عن الصادق عليه السلام.
وقيل: يجوز استعماله مطلقا (3)، لإطلاق رواية (4) سليمان الإسكاف
لكن فيها أنه يغسل يده إذا أراد أن يصلي، والاسكافان (5) مجهولان،
فالقول بالجواز (6) مع الضرورة حسن، وبدونها ممتنع، لإطلاق (7)
تحريم الخنزير الشامل لموضع النزاع (8) وإنما يجب غسل يده مع مباشرته
340

برطوبة كغيره من النجاسات.
(الحادية عشر لا يجوز) لأحد (الأكل من مال غيره) ممن
يحترم ماله وإن كان كافرا، أو ناصبيا، أو غيره من الفرق (1) بغير
إذنه، لقبح التصرف في مال الغير كذلك (2)، ولأنه أكل مال بالباطل (3)
ولقوله صلى الله عليه وآله: المسلم على المسلم حرام دمه، وماله،
وعرضه (4) (إلا من بيوت من تضمنته الآية) وهي قوله تعالى:
ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم، أو بيوت آبائكم، أو
بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو
بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت
خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم (5)، فيجوز الأكل
من بيوت المذكورين مع حضورهم، وغيبتهم (إلا مع علم الكراهة)
ولو بالقرائن الحالية بحيث تثمر الظن الغالب بالكراهة، فإن ذلك (6)
كاف في هذا ونظائره، ويطلق عليه (7) العلم كثيرا.
341

ولا فرق بين ما يخشى فساده في هذه البيوت، وغيره، ولا بين
دخوله بإذنه، وعدمه. عملا بإطلاق الآية (1)، خلافا لابن إدريس
فيهما (2)،
ويجب الاقتصار على مجرد الأكل. فلا يجوز الحمل، ولا إطعام
الغير، ولا الإفساد بشهادة الحال (3)، ولا يتعدى الحكم (4) إلى غير
البيوت من أموالهم، اقتصارا فيما خالف الأصل على مورده (5)، ولا
إلى تناول غير المأكول (6) 9، إلا أن يدل عليه (7) الأكل بمفهوم الموافقة
كالشرب من مائه، والوضوء به، أو يدل عليه (8) بالالتزام كالكون
بها حالته.
342

وهل يجوز دخولها لغيره (1)، أو الكون بها بعده (2) وقبلة؟ نظر
من (3) تحريم التصرف في مال الغير إلا ما استثنى. ومن (4) دلالة القرائن
على تجويز مثل ذلك من المنافع التي لا يذهب من المال بسببها شئ حيث
جاز إتلافه بما ذكر (5).
والمراد ببيوتكم: ما يملكه الآكل (6)، لأنه (7) حقيقة فيه.
ويمكن أن تكون النكتة فيه (8) مع ظهور إباحته الإشارة إلى مساواة
ما ذكر (9) له من الإباحة، والتنبيه على أن الأقارب المذكورين والصديق
ينبغي جعلهم كالنفس في أن يحب لهم ما يحب لها، ويكره لهم ما يكره لها
كما جعل بيوتهم كبيته (10).
343

وقيل: هو بيت الأزواج والعيال.
وقيل: بيت الأولاد، لأنهم لم يذكروا في الأقارب، مع أنهم أولى
منهم بالمودة والموافقة، ولأن ولد الرجل بعضه (1)، وحكمه حكم نفسه (2)
وهو وماله لأبيه (3) فجاز نسبة بيته إليه. وفي الحديث، إن أطيب
ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه (4).
والمراد بما ملكتم مفاتحه ما يكون عليها وكيلا، أو قيما (5) يحفظها
وأطلق على ذلك ملك المفاتيح، لكونها في يده وحفظه، روى ذلك ابن
أبي عمير مرسلا عن الصادق عليه السلام.
وقيل (6): هو بيت المملوك والمعني في قوله: أو صديقكم
344

بيوت صديقكم على حذف المضاف (1)، والصديق يكون واحدا وجمعا،
فلذلك جمع البيوت (2).
ومثله (3) الخليط، والمرجع في الصديق إلى العرف، لعدم تحديده
شرعا، وفي صحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام قلت:
ما يعني بقوله: أو صديقكم قال: هو والله الرجل يدخل بيت صديقه
فيأكل بغير إذنه (4)، وعنه عليه السلام من عظم حرمة الصديق أن
جعل له من الإنس والتفقد والانبساط وطرح الحشمة بمنزلة النفس والأب
والأخ والابن (5)، والمتبادر من المذكورين (6) كونهم كذلك بالنسب
وفي إلحاق من كان منهم كذلك (7) بالرضاع وجه من حيث إن الرضاع
لحمه كلحمة النسب (8)، ولمساواته (9) له في كثير من الأحكام، ووجه
345

العدم كون المتبادر النسبي منهم ولم أقف فيه (1) على شئ نفيا وإثباتا
والاحتياط التمسك بأصالة الحرمة في موضع الشك (2)، والحق بعض
الأصحاب الشريك في الشجر، والزرع، والمباطخ (3) فإن له الأكل
من المشترك (4) بدون إذن شريكه مع عدم علم الكراهة محتجا (5) بقوله تعالى:
" إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " (6).
وفيه (7) نظر لمنع تحقق التراضي مطلقا (8) وجعلها (9) صفة للتجارة
يقتضي جواز الأكل من كل تجارة (10) وقع فيها التراضي بينهما. وهو (11)
346

معلوم البطلان.
وألحق المصنف وغيره الشرب من القناة المملوكة، والدالية (1)،
والدولاب (2)، والوضوء، والغسل عملا بشاهد الحال. وهو حسن
إلا أن يغلب على الظن الكراهة.
(الثانية عشر إذا انقلب الخمر خلا حل)، لزوال المعنى
المحرم (3)، وللنص (4) (سواء كان) انقلابه (بعلاج، أو من قبل
نفسه) وسواء كانت عين المعالج به باقية فيه (5) أم لا، لإطلاق النص (6)
والفتوى بجواز علاجه بغيره، وبطهره يطهر ما فيه من الأعيان وآلته،
لكن يكره علاجه بغيره (7)، للنهي عنه في رواية (8) أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام. ولا أعلم لأصحابنا خلافا في ذلك (9)
347

في الجملة، وإن اختلفوا في بعض أفراده (1). ولولا ذلك (2) لأمكن
استفادة عدم طهارته بالعلاج من بعض النصوص (3) كما يقوله بعض
العامة (4)، وإنما تطهر النجاسة الخمرية. فلو كان نجسا بغيرها ولو بعلاجه
بنجس كمباشرة الكافر له لم يطهر بالخلية، وكذا لو ألقي في الخل خمر
حتى استهلكه الخل، أو بالعكس (5) على الأشهر،
(الثالثة عشرة لا يحرم شرب الربوبات وإن شم منها ريح المسكر
كرب التفاح)، ورب السفرجل، والأترج، والسكنجبين (وشبهه
لعدم إسكاره) قليله وكثيره، (وأصالة حله) وقد روى الشيخ وغيره
عن جعفر بن أحمد المكفوف قال: كتبت إليه يعني أبا الحسن الأول
عليه السلام أسأله عن السكنجبين، والجلاب، ورب التوت، ورب التفاح
ورب الرمان فكتب حلال (6).
(الرابعة عشرة يجوز عند الاضطرار تناول المحرم) من الميتة
والخمر وغيرهما (عند خوف التلف) بدون التناول (7) (أو) حدوث
(المرض) أو زيادته (أو الضعف المؤدي إلى التخلف عن الرفقة مع ظهور
أمارة العطب) على تقدير التخلف.
348

ومقتضى هذا الاطلاق (1) عدم الفرق بين الخمر وغيره من المحرمات
في جواز تناولها عند الاضطرار، وهو (2) في غير الخمر موضع وفاق،
أما فيها فقد قبل بالمنع مطلقا (3) وبالجواز (4) مع عدم قيام غيرها مقامها.
وظاهر العبارة ومصرح الدروس جواز استعمالها (5) للضرورة مطلقا (6)
حتى للدواء كالترياق والاكتحال، لعموم الآية (7) الدالة على جواز
تناول المضطر إليه (8)، والأخبار (9) كثيرة في المنع من استعمالها مطلقا
حتى الاكتحال، وفي بعضها إن الله تعالى لم يجعل في شئ مما حرم دواء
ولا شفاء وإن من اكتحل بميل من مسكر كحله الله بميل من نار (10)
349

والمصنف حملها (1) على الاختيار، والعلامة على طلب الصحة (2)،
لا طلب السلامة من التلف، وعلى ما سيأتي (3) من وجوب الاقتصار
على حفظ الرمق هما (4) متساويان ولو قام غيرها (5) مقامها وإن كان محرما
قدم عليها (6) لإطلاق النهي الكثير عنها (7) في الأخبار (8).
(ولا يرخص الباغي (9) وهو الخارج على الإمام العادل عليه السلام.)
350

(وقيل: الذي يبغي الميتة) أي يرغب في أكلها، والأول أظهر،
لأنه (1) معناه شرعا (ولا العادي وهو قاطع الطريق).
(وقيل: الذي يعدو شبعه) أي يتجاوزه (2)، والأول (3) هو
الأشهر، والمروي (4) لكن بطريق ضعيف مرسل.
ويمكن ترجيحه (5) على الثاني بأن تخصيص آية الاضطرار عاد خلاف
الأصل، فيقتصر فيه على موضع اليقين، وقاطع الطريق عاد في المعصية
في الجملة فيختص (6) به.
351

ونقل الطبرسي (1)
352

أنه (1) باغي اللذة، وعادي (2) سد الجوعة، أو عاد بالمعصية (3) أو باغ
في الافراط (4) وعاد في التقصير (5).
353

(وإنما يجوز) من تناول المحرم (ما يحفظ الرمق) وهو بقية الروح
والمراد وجوب الاقتصار على حفظ النفس من التلف، ولا يجوز التجاوز
إلى الشبع مع الغنى عنه، ولو احتاج إليه (1) للمشي، أو العدو، أو إلى
التزود منه لوقت آخر جاز (2) وهو حينئذ من جملة ما يسد الرمق.
وعلى هذا (3) فيختص خوف المرض السابق (4) بما يؤدي إلى التلف
ولو ظنا، لا مطلق المرض، أو يخص هذا (5) يتناوله للغذاء الضروري،
لا للمرض. وهو (6) أولى (ولو وجد ميتة وطعام الغير فطعام الغير
أولى إن بذله) مالكه (بغير عوض أو بعوض هو) أي المضطر (قادر
عليه) في الحال، أو في وقت طلبه سواء كان بقدر ثمن مثله أم أزيد
على ما يقتضيه الإطلاق (7) وهو (8) أحد القولين.
354

وقيل: لا يجب بذل الزائد عن ثمن مثله (1) وإن اشتراه به (2)
كراهة (3) للفتنة ولأنه (4) كالمكره على الشراء، بل له (5) قتاله لو امتنع
من بذله ولو قتل (6) أهدر دمه، وكذا لو تعذر عليه (7) الثمن.
والأقوى وجوب دفع الزائد مع القدرة (8)، لأنه غير مضطر حينئذ
355

والناس مسلطون على أموالهم (وإلا) يكن كذلك بأن لم يبذله مالكه
أصلا، أو بذله بعوض يعجز عنه (أكل الميتة) إن وجدها.
وهل هو (1) على سبيل الحتم، أو التخيير بينه، وبين أكل طعام
الغير على تقدير قدرته على قهره عليه (2)؟ ظاهر العبارة الأول (3).
وقيل بالثاني (4)، لاشتراكهما حينئذ (5) في التحريم. وفي الدروس
إنه مع قدرته على قهر الغير على طعامه بالثمن، أو بدونه (6) مع تعذره
لا يجوز له أكل الميتة، بل يأكل الطعام ويضمنه لمالكه، فإن تعذر عليه
قهره أكل الميتة. وهو حسن، لأن تحريم مال الغير عرضي، بخلاف
الميتة (7) وقد زال (8) بالاضطرار فيكون أولى من الميتة.
وقيل: إنه حينئذ (9) لا يضمن الطعام، للإذن في تناوله شرعا
356

بغير عوض.
والأول (1) أقوى جمعا بين الحقين (2) وحينئذ (3) فاللازم مثله
أو قيمته، وإن كان يجب بذل أزيد (4) لو سمح به المالك.
والفرق (5) أن ذلك (6) كان على وجه المعاوضة الاختيارية وهذا (7)
على وجه إتلاف مال الغير بغير إذنه، وموجبه شرعا هو المثل أو القيمة.
357

وحيث تباح (1) له الميتة فميتة المأكول (2) أولى من غيره، ومذبوح
ما يقع عليه الذكاة (3) أولى منهما، ومذبوح الكافر والناصب أولى
من الجميع (4).
(الخامسة عشرة يستحب غسل اليدين) معا وإن كان الأكل
بإحداهما (قبل الطعام وبعده) فعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
أوله ينفي الفقر وآخره ينفي الهم (5)، وقال علي عليه السلام: غسل
اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر وإماطة للغمر (6) عن الثياب ويجلو
في البصر (7) وقال الصادق عليه السلام: من غسل يده قبل الطعام وبعده
عاش في سعة، وعوفي من بلوى جسده، (8) (ومسحهما بالمنديل) ونحوه
358

(في الغسل الثاني) وهو ما بعد الطعام (دون الأول) فإنه لا تزال البركة
في الطعام ما دامت النداوة في اليد.
(والتسمية عند الشروع) في الأكل، فعن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: إذا وضعت المائدة حفتها أربعة آلاف ملك فإذا قال العبد:
بسم الله. قالت الملائكة: بارك الله عليكم في طعامكم ثم يقولون للشيطان:
أخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم فإذا فرغوا فقالوا: الحمد لله قالت
الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدوا شكر ربهم. وإذا لم يسموا قالت
الملائكة للشيطان: أدن يا فاسق فكل معهم فإذا رفعت المائدة ولم يذكروا
اسم الله عليها قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم عز وجل (1)
(ولو تعددت الألوان) ألوان المائدة سمى (على كل لون) منها
روي (2) ذلك عن علي عليه السلام وواقعته مع ابن الكواء (3) مشهورة
359

وروي التسمية على كل إناء (1) على المائدة وإن اتحدت الألوان (ولو نسيها)
أي التسمية في الابتداء (تداركها في الأثناء) عند ذكرها، روي أن
الناسي يقول: بسم الله على أوله وآخره (2) (ولو قال) في الابتداء
مع تعدد الألوان والأواني: (بسم الله على أوله وآخره أجزأ) عن التسمية
عن كل لون وآنية وروي (3) إجزاء تسمية واحدة من الحاضرين على المائدة
عن الباقين عن الصادق عليه السلام رخصة.
(ويستحب الأكل باليمين اختيارا)، ولا بأس باليسرى مع الاضطرار
360

فعن الصادق عليه السلام لا تأكل باليسرى وأنت تستطيع (1)، وفي رواية
أخرى لا يأكل بشماله ولا يشرب بها ولا يتناول بها شيئا (2).
(وبدأة صاحب الطعام) بالأكل لو كان معه غيره (وأن يكون
آخر من يأكل) ليأنس القول ويأكلوا، روي (3) ذلك من فعل النبي
صلى الله عليه وآله معللا بذلك (4) (ويبدأ) صاحب الطعام إذا أراد
غسل أيديهم (في الغسل) الأول بنفسه (ثم بمن عن يمينه) دورا إلى
الآخر (وفي) الغسل (الثاني) بعد رفع الطعام يبدأ بمن عن يساره، ثم
يغسل هو أخيرا روي (5) ذلك عن الصادق عليه السلام معللا ابتدائه أولا
لئلا يحتشمه (6)
361

أحد، وتأخيره (1) آخرا بأنه أولى بالصبر على الغمر وهو بالتحريك
ما على اليد من سهك (2) الطعام وزهمته (3) وفي رواية (4) أنه يبدأ بعد
الفراغ بمن على يمين الباب حرا كان أو عبدا (ويجمع غسالة الأيدي في إناء)
واحد لأنه يورث حسن أخلاق الغاسلين، والمروي عن الصادق عليه السلام
اغسلوا أيديكم في إناء واحد تحسن أخلاقكم (5) ويمكن أن يدل (6)
على ما هو أعم من جمع الغسالة فيه.
(وأن يستلقي بعد الأكل) على ظهره (ويجعل رجله اليمنى
على رجله اليسرى) رواه البزنطي (7) عن الرضا عليه السلام ورواية العامة
362

بخلافه (1) من الخلاف.
(ويكره الأكل متكئا ولو على كفه)، لأن النبي صلى الله عليه وآله
لم يأكل متكئا منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبضه، روي (2) ذلك عن الصادق
عليه السلام، (وروى) الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام (عدم
كراهة الاتكاء على اليد) في حديث طويل آخره لا والله ما نهى رسول الله
صلى الله عليه وآله عن هذا قط (3) يعني الاتكاء على اليد حالة الأكل
وحمل على أنه لم ينه عنه لفظا وإلا فقد روي عنه عليه السلام
أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يفعله كما سلف (4). وحمل فعل الصادق
عليه السلام على بيان جوازه (وكذا يكره التربع حالته) (5) بل في جميع
الأحوال، قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا جلس أحدكم على الطعام
فليجلس جلسة العبد ولا يضعن أحدكم إحدى رجليه على الأخرى ويتربع
فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها (6).
(و) كذا يكره (التملي من المأكل) قال الصادق عليه السلام
363

إن البطن ليطغى من أكلة وأقرب ما يكون العبد من الله تعالى إذا خف
بطنه، وأبغض ما يكون العبد إلى الله إذا امتلأ بطنه (1) (وربما كان
الافراط) في التملي (حراما) إذا أدى إلى الضرر فإن الأكل على الشبع
يورث البرص وامتلاء المعدة رأس الداء (والأكل على الشبع وباليسار)
اختيارا (مكروهان) وقد تقدم (2)، والجمع (3) بين كراهة الامتلاء
والشبع تأكيد للنهي عن كل منهما بخصوصه في الأخبار (4)، أو يكون
الامتلاء أقوى (5)، ومن ثم (6) أردفه بالتحريم على وجه (7)،
دون الشبع.
ويمكن أن يكون بينهما (8)
364

عموم وخصوص من وجه بتحقق (1) الشبع خاصة بانصراف نفسه وشهوته
عن الأكل وإن لم يمتلئ بطنه من الطعام والامتلاء (2) دونه بأن يمتلي بطنه
ويبقى له شهوة إليه، ويجتمعان (3) فيما إذا امتلأ وانصرفت شهوته عن الطعام
حينئذ (4).
هذا (5) إذا كان الآكل صحيحا، أما المريض ونحوه فيمكن انصراف
شهوته عن الطعام ولا يصدق عليه أنه حينئذ (6) شبعان كما لا يخفى،
365

ويؤيد ما ذكرناه من الفرق (1) ما يروى من قوله صلى الله عليه وآله
عن (2) معاوية: لا أشبع الله له (3) بطنا (4) مع أن امتلاءه (5) ممكن
وما روي عنه (6) أنه كان يأكل بعد ذلك ما (7) يأكل ثم يقول:
366

ما شبعت ولكن عييت (1).
(ويحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شئ من المسكرات) خمرا
وغيره (والفقاع) لقول النبي صلى الله عليه وآله: ملعون من جلس
على مائدة يشرب عليها الخمر (2) وفي خبر آخر طائعا (3)، وباقي
المسكرات بحكمه (4)، وفي بعض الأخبار تسميتها (5) خمرا، وكذا
الفقاع (6)
367

(وباقي المحرمات) (1) حتى غيبة المؤمن على المائدة ونحوها (يمكن
إلحاقها بها) كما ذهب إليه العلامة لمشاركتها لها (2) في معصية الله
تعالى، ولما في القيام عنها (3) من النهي عن المنكر. فإنه يقتضي
الاعراض عن فاعله وهو (4) ضرب من النهي الواجب، وحرم ابن إدريس
الأكل من طعام يعصى الله به (5) أو عليه (6)، ولا ريب أنه (7) أحوط.
وأما النهي (8) بالقيام فإنما يتم مع تجويزه (9) التأثير به واجتماع
368

باقي الشروط (1) ووجوبه حينئذ (2) من هذه الحيثية (3) حسن، إلا
أن إثبات الحكم (4) مطلقا مشكل إذ لا يتم وجوب الانكار مطلقا (5)
فلا يحرم الأكل مطلقا (6) وإلحاق غير (7) المنصوص به قياس.
369

ولا فرق بين وضع المحرم، أو فعله (1) على المائدة في ابتدائها
واستدامتها (2)، فمتى (3) عرض المحرم في الأثناء وجب القيام حينئذ (4)
كما أنه لو كان ابتداء حرم الجلوس عليها (5) وابتداء الأكل منها (6).
والأقوى: أن كل واحد من الأكل منها والجلوس عليها (7) محرم
برأسه وإن انفك عن الآخر.
370

بسم الله الرحمن الرحيم
(انتهى الجزء السابع ويليه الجزء الثامن أنشأ الله تعالى) أوله (كتاب الإرث)
تمت بعون الله تعالى مقابلة الكتاب وتصحيحه. واستخراج أحاديثه.
والتعليق عليه حسب الحاجة واللزوم في ليلة الجمعة 33 شعبان المعظم 1388
في بهو مكتبة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة)
عجل الله تعالى لصاحبه الفرج.
فشكرا لك يا إلهي على نعمك وآلائك، ونسألك التوفيق لإتمام بقية أجزائه
إنك ولي ذلك والقادر عليه.
عبدك
السيد محمد كلانتر
طبع هذا الجزء وبقية الأجزاء في:
مطبعة الآداب في النجف الأشرف
1388 هج‍ 1968 م
372