الكتاب: حاشية السندي على النسائي
المؤلف: ابن عبد الهادي
الجزء: ٥
الوفاة: ١١٣٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

حاشية السندي على سنن النسائي
الجزء الخامس
دار الكتب العلمية
1

كتاب الزكاة
قوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن كان بعثه إليها في ربيع الأول قبل حجة الوداع وقيل في آخر سنة تسع
عند منصرفه من تبوك وقيل عام الفتح سنة ثمان واختلف هل بعثه واليا أو قاضيا فجزم الغساني بالأول
وابن عبد البر بالثاني واتفقوا على أنه لم يزل عليها إلى أن قدم في عهد عمر فتوجه إلى الشام فمات بها
2

قوما أهل كتاب أي اليهود فقد كثروا يومئذ في أقطار اليمن فادعهم إلى أن يشهدوا الخ أي فادعهم
بالتدريج إلى ديننا شيئا فشيئا ولا تدعهم إلى كله دفعة لئلا يمنعهم من دخولهم فيه ما يجدون فيه من كثرة
مخالفته لدينهم فإن مثله قد يمنع من الدخول ويورث التنفير لمن أخذ قبل على دين آخر بخلاف من لم يأخذ
على آخر فلا دلالة في الحديث على أن الكافر غير مكلف بالفروع كيف ولو كان ذاك مطلوبا للزم أن
3

التكليف بالزكاة بعد الصلاة وهذا باطل بالاتفاق وهذا الحديث ليس مسوقا لتفاصيل الشرائع بل لكيفية
الدعوة إلى الشرائع إجمالا وأما تفاصيلها فذاك أمر مفوض إلى معرفة معاذ فترك ذكر الصوم والحج لا
يضر كما لا يضر ترك تفاصيل الصلاة والزكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم الظاهر أن المراد
من أغنياء أهل تلك البلدة وفقرائهم فالحديث دليل لمن يقول بمنع نقل الزكاة من بلدة إلى بلدة ويحتمل أن
المراد من أغنياء المسلمين وفقرائهم حيثما كانوا فيؤخذ من الحديث جواز النقل فاتق دعوة المظلوم
أي فلا تظلمهم في الاخذ خوفا من دعائهم عليك وفيه أن الظلم ينبغي تركه للكل وإن كان لا يبالي بالمعاصي
لخوفه منه وأنه منفرد عن سائر المعاصي بما فيه من خوف دعوة المظلوم وقد جاء في بعض الروايات فإنها
ليست بينها وبين الله حجاب أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع يمنعها والمراد أنها مقبولة وإن كان
عاصيا كما جاء في الحديث عند أحمد مرفوعا دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه وإسناده
صحيح قال بن العربي هذا الحديث وإن كان مطلقا فهو مقيد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث مراتب
اما أن يعجل له ما طلب واما أن يؤخر له أفضل منه وأما أن يدفع عنه من السوء مثله وهذا كما قيد مطلق
قوله تعالى أمن يجيب المضطر إذا دعاه بقوله تعالى فيكشف ما تدعون إليه ان شاء ذكره السيوطي قوله
(ومن عددهن لأصابع يديه يريد أن ضمير عددهن لأصابع يديه أن لا آتيك يريد انه كان كارها
له ولدينه صلى الله تعالى عليه وسلم الا إن الله تعالى من عليه واني كنت أمرا الخ الظاهر أن كان
زائده والمراد أني في حال لا أعقل شيئا الخ وليس المراد أنه كان في سالف الزمان كذلك ومقصوده أنه
4

ضعيف الرأي عقيم النظر فينبغي للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يجتهد في تعليمه وافهامه بما بعثك
ما استفهامية والجملة بيان السؤال أسلمت وجهي إلى الله أي جعلت ذاتي منقادة لحكمه وسلمت جميع
ما يرد على منه تعالى فالمراد بالوجه تمام النفس وتخيلت التخلي التفرغ أراد التبعد من الشرك وعقد
القلب على الايمان أي تركت جميع ما يبعد من دون الله وصرت عن الميل إليه فارغا ولعل هذا كان بعد
أن نطق بالشهادتين لزيادة رسوخ الايمان في القلب ويحتمل أن يكون هذا إنشاء الاسلام لأنه في معنى
الشهادة بالتوحيد والشهادة بالرسالة قد سبقت منه بقوله الا ما علمني الله ورسوله أو أن هذا الكلام يتضمن
الشهادة بالرسالة لما في أسلمت وجهي من الدلالة على قبوله جميع أحكامه تعالى ومن جملة تلك الأحكام
أن يشهد الانسان لرسوله بالرسالة ففيه أن المقصود الأصلي هو إظهار التوحيد والشهادة بالرسالة بأي
عبارة كانت والله تعالى أعلم قوله اسباغ الوضوء شطر الايمان في رواية مسلم الطهور شطر الايمان
5

وذكروا في توجيهه وجوها لا تناسب رواية الكتاب منها أن الايمان يطهر نجاسة الباطن والوضوء
يطهر نجاسة الظاهر وهذا ان تم يفيد أن الوضوء شطر الايمان كرواية مسلم لا أن اسباغه شطر الايمان
كما في رواية الكتاب مع أنه لا يتم لأنه يقتضى أن يجعل الوضوء مثل الايمان وعديله لا نصفه أو شطره
وكذا غالب ما ذكروا والأظهر الأنسب لما في الكتاب أن يقال أراد بالايمان الصلاة كما في قوله تعالى
وما كان الله ليضيع ايمانكم الكلام على تقدير مضاف أي إكمال الوضوء شطر اكمال الصلاة وتوضيحه أن
إكمال الصلاة باكمال شرائطها الخارجة عنها وأركانها الداخلة فيها وأعظم الشرائط الوضوء فجعل إكماله نصف
إكمال الصلاة ويحتمل أن المراد الترغيب في إكمال الوضوء وتعظيم ثوابه حتى كأنه بلغ إلى نصف ثواب
الايمان والله تعالى أعلم والحمد لله تملأ بالتاء الفوقانية باعتبار الكلمة وظاهره أن الاعمال تتجسد
عند الوزن والتسبيح والتكبير يملا بالافراد أي كل منهما أو مجموعهما وفي بعض النسخ يملآن بالتثنية
والظاهر أن هذا يكون عند الوزن كما في عديله ولعل الاعمال تصير أجساما لطيفة نورانية لا تتزاحم
بعضها ولا تزاحم غيرها كما هو المشاهد في الأنوار إذ يمكن أن يسرج ألف سراج في بيت واحد مع أنه يمتلئ
نورا من واحد من تلك السرج لكن كونه لا يزاحم يجتمع معه نور الثاني والثالث ثم لا يمتنع امتلاء البيت
من النور جلوس القاعدين فيه لعدم المزاحمة فلا يرد أنه كيف يتصور ذلك مع كثرة التسبيحات والتقديسات
6

مع أنه يلزم من وجود واحد أن لا يبقى مكان لشخص من أهل المحشر ولا لعلم آخر متجسد مثل تجسد
التسبيح وغيره والله تعالى أعلم والصلاة نور لعل لها تأثيرا في تنوير القلوب وانشراح الصدور
برهان دليل على صدق صاحبها في دعوى الايمان إذ الاقدام على بذل المال خالصا لله لا يكون الا من
صادق في ايمانه والصبر ضياء أي نور قوي فقد قال تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا
ولعل المراد بالصبر الصوم وهو لكونه قهرا على النفس قامعا لشهوتها له تأثير عادة في تنوير القلب بأتم
7

وجه حجة لك ان عملت به أو عليك ان قرأته بلا عمل به والله تعالى أعلم قوله ثم أكب
أي سقط على ماذا حلف أي على التعين ان لم يبين نعم ظهر من قرائن الأحوال أنه من الأمور الشديدة
الهائلة ما من عبد وفيه أن مرتكب الصغائر إذا أتى بالفرائض لا يعذب إذ لا يناسب أن يقال يمكن
8

أن يكون هذا بعد خروجه من العذاب إذ يأبى عنه ادخل بسلام وهو الموافق لقوله تعالى ان تجتنبوا
كبائر ما تنهون عنه الآية وأن الكبائر المخلة لدخول الجنة ابتداء هي الموبقات السبع والله تعالى أعلم
قوله هل على من يدعى من تلك الأبواب الاستفهام ههنا بمعنى النفي كما في قوله تعالى هل جزاء الاحسان
9

الا الاحسان وأما قوله فهل يدعى فهو استفهام تحقيق قوله الأكثرون أموالا من قال الخ استثناء
من هذا الحكم وفيه أنه يصح رجع الضمير إلى الحاضر في الذهن ثم تفسيره للمخاطب إذا سأل عنه ومعنى
الا من قال هكذا أي الا من تصدق من الأكثرين في جميع الجوانب وهو كناية عن كثرة التصدق فذاك ليس
من الأخسرين وقوله قال اما بمعنى تصدق وقوله هكذا إشارة إلى حثية في الجوانب الثلاث أي تصدق في
جميع جهات الخير تصدقا كالحثى في الجهات الثلاث أو بمعنى فعل أي الا من فعل بماله فعلا مثل الحثى
في الجهات الثلاث وهو كناية عن التصدق العام في جهات الخير وحثيه صلى الله تعالى عليه وسلم بيان للمشار
10

إليه بهكذا والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال تطؤه بأخفافها راجع للإبل لان الخف
مخصوص بها كما أن الظلف وهو المنشق من القوائم مختص بالبقر والغنم والظباء والحافر مختص بالفرس
والبغل والحمار والقدم للآدمي ذكره السيوطي في حاشية الترمذي وتنطحه بقرونها راجع للبقر وتنطحه
المشهور في الرواية كسر الطاء ويجوز الفتح نفدت بكسر الفاء واهمال الدال أو بفتحها واعجام الذال
قوله الا جعل أي ماله والظاهر جميع المال لا قدر الزكاة فقط شجاع بالضم والكسر الحية الذكر
وقيل الحية مطلقا أقرع لا شعر على رأسه لكثرة سمه وقيل هو الأبيض الرأس من كثرة السم وهو
يفر منه كان هذا في أول الأمر قبل أن يصير طوقا له ما بخلوا به ظاهره أنه يجعل قدر الزكاة طوقا له لأنه
الذي بخل به وظاهر الحديث أنه الكل ويمكن أن يقال المراد في القرآن ما بخلوا بزكاته وهو كل المال والله
تعالى أعلم بحقيقة الحال ثم لا تنافي بين هذا وبين قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة الآية إذ يمكن
11

أن يجعل بعض أنواع المال طوقا وبعضها يحمى عليه في نار جهنم أو يعذب حينا بهذه الصفة وحينا بتلك الصفة
والله تعالى أعلم قوله لا يعطى حقها أي لا يؤدي زكاتها والجملة صفة إبل في نجدتها ورسلها قيل
النجدة الشدة أو السمن والرسل بالكسر الهينة والثاني أي يعطي وهي سمان حسان يشتد عليه اخراجها
فتلك نجدتها ويعطى في رسلها وهي مهازيل وفي النهاية والأحسن والله تعالى أعلم أن المراد بالنجدة الشدة
والجدب وبالرسل الرخاء والخصب لان الرسل اللبن وإنما يكثر في حال الرخاء والخصب والمعنى أنه
يخرج حق الله حال الضيق والجدب وحال السعة والخصب وهذا هو الموافق للتفسير الذي في الحديث
12

وهو ظاهر كأغذ ما كانت بغين معجمة وذال معجمة مشددة أي أسرع وأنشط وأسره بالسين
المهملة وتشديد الراء أي كأسمن ما كانت من السر وهو اللب وقيل من السرور لأنها إذا سمنت سرت
الناظر إليها وروى وآشره بمد الهمزة وشين معجمة وتخفيف راء أي أبطره وأنشطه يبطح على بناء
المفعول أي يلقى على وجهه بقاع القاع المكان الواسع قرقر بفتح القافين المكان المستوي
كان مقداره خمسين ألف سنة أي على هذا المعذب والا فقد جاء أنه يخفف على المؤمن حتى يكون أخف
13

عليه من صلاة مكتوبة فيرى سبيله اما إلى الجنة أو إلى النار كما في مسلم عقصاء هي الملتوية
القرنين ولا عضباء هي المكسورة القرن قوله لما توفي على بناء المفعول وكذا استخلف
أي جعل خليفة وكفر أي منع الزكاة وعامل معاملة من كفر أو ارتد لانكاره افتراض الزكاة قيل إنهم
حملوا قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة على الخصوص بقرينة ان صلاتك سكن لهم فرأوا أن ليس
لغيره أخذ زكاة فلا زكاة بعده كيف تقاتل الناس أي من يمنع من الزكاة من المسلمين حتى يقولوا
14

اما أن يحمل على أنه كان قبل شرع الجزية أو على أن الكلام في العرب وهم لا يقبل منهم الجزية والا
فالقتال في أهل الكتاب يرتفع بالجزية أيضا والمراد بهذا القول إظهار الاسلام فشمل الشهادة له صلى الله
تعالى عليه وسلم بالرسالة والاعتراف بكل ما علم مجيئه به من فرق بالتشديد أو التخفيف أي من قال بوجوب
الصلاة دون الزكاة أو يفعل الصلاة ويترك الزكاة فإن الزكاة حق المال أشار به إلى دخولها في قوله
صلى الله تعالى عليه وسلم الا بحقه ولذلك رجع عمر إلى أبي بكر وعلم أن فعله موافق للحديث وأنه قد وفق
به من الله تعالى عقالا هو بكسر العين الحبل الذي يعقل به البعير وليس من الصدقة فلا يحل له القتال
فقيل أراد المبالغة بأنهم لو منعوا من الصدقة ما يساوي هذا القدر لحل قتالهم فكيف إذا منعوا الزكاة كلها
وقيل قد يطلق العقال على صدقة عام وهو المراد ههنا ما هو أي سبب رجوعي إلى رأى أبي بكر الا
أن رأيت الخ أي لما ذكر أبو بكر من قوله فإن الزكاة حق المال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال قوله
في كل أربعين لعل هذا إذا زاد الإبل على مائة وعشرين فيوافق الأحاديث الاخر
15

لا يفرق إبل عن حسابها أي تحاسب الكل في الأربعين ولا يترك هزال ولا سمين ولا صغير ولا كبير نعم العامل
لا يأخذ الا الوسط مؤتجرا بالهمزة أي طالبا للاجر وقوله وشطر إبله المشهور رواية سكون الطاء من
شطر على أنه بمعنى النصف وهو بالنصب عطف على ضمير آخذوها لأنه مفعول وسقط نون الجمع للاتصال
أو هو مضاف إليه الا أنه عطف على محله ويجوز جره أيضا والجمهور على أنه حين كان التغرير بالأموال
جائزا في أول الاسلام ثم نسخ فلا يجوز الآن أخذ الزائد على قدر الزكاة وقيل معناه أنه يؤخذ منه الزكاة
وان أدى ذلك إلى نصف المال كأن كان له ألف شاة فاستهلكها بعد أن وجبت عليه فيها الزكاة إلى أن
بقي له عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الألف وإن كان ذلك نصفا للقدر الباقي ورد بأن اللائق
بهذا المعنى أن يقال انا آخذوا شطر ماله لا آخذوها وشطر ماله بالعطف كما في الحديث وقيل والصحيح أن يقال
وشطر ماله بتشديد الطاء وبناء المفعول أي يجعل المصدق ماله نصفين ويتخير عليه فيأخذ الصدقة من خير النصفين
عقوبة وأما أخذ الزائد فلا ولا يخفى أنه قول يأخذ الزيادة وصفا وتغليطا للرواة بلا فائدة والله تعالى أعلم
16

عزمة من عزمات ربنا أي حق من حقوقه وواجب من واجباته قوله أوسق بفتح الألف
وضم السين جمع وسق بفتح واو أو كسرها وسكون سين والوسق ستون صاعا والمعنى إذا خرج من الأرض
أقل من ذلك في المكيل فلا زكاة عليه فيه وبه أخذ الجمهور وخالفهم أبو حنيفة وأخذ بإطلاق حديث فيما
سقته السماء العشر الحديث خمس ذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة والرواية المشهورة
بإضافة خمس وروى بتنوينه على أن ذود بدل منه والذود من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من
لفظه وإنما يقال في الواحد بعير وقيل بل ناقة فإن الذود في الإناث دون الذكور لكن حملوه في الحديث
على ما يعم الذكر والأنثى فمن ملك خمسا من الإبل ذكورا يجب عليه فيها الصدقة فالمعنى إذا كان الإبل
أقل من خمس فلا صدقة فيها خمس أواق كجوار جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء ويقال
17

لها الوقية بحذف الألف وفتح الواو وهي أربعون درهما وخمسة أواق مائتا درهم والله تعالى أعلم قوله إن
هذه فرائض الصدقة أي هذه الصدقات المذكورة فيما سيجئ هي المفروضات من جنس الصدقة
فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي أوجب أو شرع أو قدر لان ايجابها بالكتاب الا أن
18

التحديد والتقدير عرفناه ببيان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم التي أمر الله بلا واو وكذا في أبي داود
فهي بدل من التي الأولى وفي صحيح البخاري بواو العطف على وجهها أي على هذه الكيفية المبينة في
هذا الحديث فلا يعط أي الزائد أو فلا يعطه الصدقة أصلا لأنه انعزل بالجور بنت مخاض بفتح الميم
والمعجمة المخففة التي أتى عليها الحول ودخلت في الثاني وحملت أمها والمخاض الحامل أي دخل وقت حملها وان لم
تحمل فابن لبون ذكر بن اللبون هو الذي أتى عليه حولان وصارت أمه لبونا بوضع الحمل وتوصيفه بالذكورة
مع كونه معلوما من الاسم اما للتأكيد وزيادة البيان أو لتنبيه رب المال والمصدق لطيب رب المال
نفسا بالزيادة المأخوذة إذا تأمله فيعلم أنه سقط عنه ما كان بإزائه من فضل الأنوثة في الفريضة الواجبة
عليه وليعلم المصدق أن سن الذكورة مقبولة من رب المال في هذا النوع وهذا أمر نادر وزيادة البيان
في الامر الغريب النادر ليتمكن في النفس فضل تمكن مقبول كذا ذكره الخطابي حقه بكسر المهملة
وتشديد القاف هي التي أتت عليها ثلاث سنين ومعنى طروقه الفحل هي التي طرقها أي نزا عليها والطروقة
19

بفتح الطاء فعولة بمعنى مفعولة جذعة بفتح الجيم والذال المعجمة هي التي أتى عليها أربع سنين
ففي كل أربعين بنت لبون الخ أي إذا زاد بجعل الكل على عدد الأربعينات والخمسينات مثلا إذا
زاد واحد على العدد المذكور يعتبر الكل ثلاث أربعينات وواحد والواحد لا شئ فيه وثلاث أربعينات
فيها ثلاث بنات لبون إلى ثلاثين ومائة وفي ثلاثين ومائة حقة لخمسين وبنتا لبون لأربعين وهكذا ولا
يظهر التغيير الا عند زيادة عشر فإذا تباين الخ أي اختلف الأسنان في باب الفريضة بأن يكون
المفروض سنا والموجود عند صاحب المال سنا آخر فإنها تقبل منه الحقة الضمير للقصة والمراد
أن الحقة تقبل موضع الجذعة مع شاتين أو عشرين درهما حمله بعض على أن ذاك تفاوت قيمة ما بين الجذعة
والحقة في تلك الأيام فالواجب هو تفاوت القيمة لا تعيين ذلك فاستدل به على جواز أداء القيم في الزكاة
والجمهور على تعيين ذلك القدر برضا صاحب المال والا فليطلب السن الواجب ولم يجوزوا القيمة
20

ومعنى استيسرتا له أي كانتا موجودتين في ماشيته مثلا ثلاث شياه بالكسر جمع شاة هرمة
بفتح فكسر أي كبيرة السن التي سقطت أسنانها ولا ذات عوار بفتح وقد تضم أي ذات عيب ولا
تيس الغنم أي فحل الغنم المعد لضرابها اما لأنه ذكر والمعتبر في الزكاة الإناث دون الذكور لان الإناث
أنفع للفقراء واما لأنه مضر بصاحب المال لأنه يعز عليه وعلى الأول قوله الا أن يشاء المصدق
بتخفيف الصاد وكسر الدال المشددة وهذا هو المشهور أي العامل على الصدقات والاستثناء متعلق
21

بالأقسام الثلاث ففيه إشارة إلى التفويض إلى اجتهاد العامل لكونه كالوكيل للفقراء فيفعل ما يرى فيه
المصلحة والمعنى لا تؤخذ كبيرة السن ولا المعيبة ولا الكيس الا أن يرى العامل أن ذلك أفضل للمساكين
فيأخذه نظرا لهم وعلى الثاني اما بتخفيف الصاد وفتح الدال المشددة أو بتشديد الصاد والدال معا وكسر
الدال أصله المتصدق فأدغمت التاء في الصاد والمراد صاحب المال والاستثناء متعلق بالأخير أي لا
يؤخذ فحل الغنم الا برضا المالك لكونه يحتاج إليه ففي أخذه بغير اختياره اضرار به ولا يجمع بين
متفرق معناه عند الجمهور على النهي أي لا ينبغي لمالكين يجب على مال كل منهما صدقة وما لهما متفرق
بأن يكون لكل منهما أربعون شاة فتجب في مال كل منهما شاة واحدة أن يجمعا عند حضور المصدق
فرارا عن لزوم الشاة إلى نصفها إذ عند الجمع يؤخذ من كل المال شاة واحدة وعلى هذا قياس ولا يفرق
بين مجتمع بأن يكون لكل منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما عند الاجتماع ثلاث شياه أن يفرقا
ما لهما ليكون على كل واحد شاة واحدة فقط والحاصل أن الخلط عند الجمهور مؤثر في زيادة الصدقة
ونقصانها لكن لا ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك فرارا عن زيادة الصدقة ويمكن توجيه النهي إلى المصدق أي
ليس له الجمع والتفريق خشية نقصان الصدقة أي ليس له أنه إذا رأى نقصانا في الصدقة على تقدير الاجتماع
أن يفرق أو رأى نقصانا على تقدير التفرق أن يجمع وقوله خشية الصدقة متعلق بالفعلين على التنازع
أو بفعل يعم الفعلين أي لا يفعل شئ من ذلك خشية الصدقة وأما عند أبي حنيفة لا أثر للخلطة فمعنى الحديث
عنده على ظاهر النفي على أن النفي راجع إلى القيد وحاصله نفي الخلط لنفي الأثر أي لا أثر للخلطة والتفريق
في تقليل الزكاة وتكثيرها أي لا يفعل شئ من ذلك خشية الصدقة إذ لا أثر له في الصدقة والله تعالى أعلم
وما كان من خليطين الخ معناه عند الجمهور أن ما كان متميزا لاحد الخلطين من المال فأخذ الساعي
من ذلك المتميز يرجع إلى صاحبه بحصته بأن كان لكل عشرون وأخذ الساعي من مال أحدهما يرجع
22

بقيمة نصف شاة وإن كان لأحدهما عشرون وللآخر أربعون مثلا فأخذ من صاحب عشرين يرجع
إلى صاحب أربعين بالثلثين وان أخذ منه يرجع على صاحب عشرين بالثلث وعند أبي حنيفة يحمل
الخليط على الشريك إذ المال إذا تميز فلا يؤخذ زكاة كل الا من ماله وأما إذا كان المال بينهما على
الشركة بلا تميز وأخذ من ذلك المشترك فعنده يجب التراجع بالسوية أي يرجع كل منهما على صاحبه بقدر
ما يساوي ماله مثلا لأحدهما أربعون بقرة وللآخر ثلاثون والمال مشترك غير متميز فأخذ الساعي
عن صاحب أربعين مسنة وعن صاحب ثلاثين تبيعا وأعطى كل منهما من المال المشترك فيرجع صاحب
أربعين بأربعة أسباع التبيع على صاحب ثلاثين وصاحب ثلاثين بثلاثة أسباع المسنة على صاحب أربعين
واحدة بالنصب على نزع الخافض أي بواحدة أو هي صفة والتقدير بشاة واحدة الا أن يشاء
ربها أي فيعطى شيئا تطوعا وفي الرقة بكسر الراء وتخفيف القاف الفضة الخالصة مضروبة كانت
23

أولا قوله إذا هي أي الإبل لم يعط على بناء المفعول أو الفاعل ومن حقها أن تحلب بحاء
مهملة والظاهر أن المراد والله تعالى أعلم من حقها المندوب حلبها على الماء لمن يحضرها من المساكين وإنما
خص الحلب بموضع الماء ليكون أسهل على المحتاج من قصد المنازل وذكره الداودي بالجيم وفسره
بالاحضار إلى المصدق وتعقبه بن دحية وجزم بأنه تصحيف ألا لا يأتين أي ليس لأحدكم أن يأخذ
البعير ظلما أو خيانة أو غلولا فيأتي به يوم القيامة رغاء بضم الراء وغين معجمة صوت الإبل
يعار بتحتية مضمومة وعين مهملة صوت المعز كنز أحدهم أي ما يجب فيه الزكاة من المال
ولم يؤد زكاته شجاعا بضم الشين وهو منصوب على الخبرية وكتابته بلا ألف كما في بعض النسخ
24

مبني على عادة أهل الحديث في كتابة المنصوب بلا ألف أحيانا حتى يلقمه من ألقمه حجرا أي
أدخله في فمه قوله إذا كانت رسلا لأهلها رسلا بكسر الراء بمعنى اللين وكذا ما كان من الإبل والغنم
من عشر إلى خمس وعشرين والظاهر أنه أراد به المعنى الأول أي إذا اتخذوها في البيت لأجل اللبن وأخذ
الترجمة من مفهوم في كل إبل سائمة ويحتمل على بعد أنه أراد الثاني أي إذا كانت دون أربعين فأخذ
من قوله من كل أربعين أنه لا زكاة فيما دون أربعين لكن هذا مخالف لسائر الأحاديث وقد تقدم حمل
25

الحديث على ما يندفع به التنافي بين الأحاديث والله تعالى أعلم قوله أن يأخذ أي في الجزية من كل
حالم أي بالغ عدله بفتح العين أو كسرها ما يساوى الشئ قيمة معافر بفتح الميم برود باليمن
تبيعا ما دخل في الثانية مسنة ما دخل في الثالثة قوله عجل بكسر العين ولد البقر تابع
26

تبع أي أمه ولذلك يسمى تبيعا جذع بفتحتين أي ذكر أو جذعة أي أنثى قوله جماء
هي التي لا قرن لها وماذا حقها ظاهره الحق الواجب الذي فيه الكلام لكن معلوم أن ذلك الحق
الواجب هو الزكاة لا المذكور في الجواب فينبغي أن يجعل السؤال عن الحق المندوب وتركوا السؤال
عن الواجب الذي كان فيه الكلام لظهوره عندهم اطراق فحلها أي اعارته للضراب وإعارة دلوها
لاخراج الماء من البئر لمن يحتاج إليه ولا دلو معه يقضمها بفتح الضاد المعجمة من القضم بقاف
وضاد معجمة الاكل بأطراف الأسنان الفحل أي الذكر القوي بأسنانه
27

قوله أن لا نأخذ راضع لبن أي صغيرا يرضع اللبن أو المراد ذات لبن بتقدير المضاف أي ذات راضع لبن والنهي
على الثاني لأنها من خيار المال وعلى الأول لان حق الفقراء في الأوساط وفي الصغار اخلال بحقهم وقيل
المعنى أن ما أعدت للدر لا يؤخذ منها شئ ثم في نسخ الكتاب راضع لبن بدون من وفي رواية أبي داود من
راضع لبن بكلمة من وهي زائدة وقد نقل السيوطي عبارة الكتاب بمن في الحاشية والله تعالى أعلم كوماء
أي مشرفة السنام عالية قوله فآتاه بالمد فصيلا مخلولا أي مهزولا وهو الذي جعل في أنفه
خلال لئلا يرضع أمه فتهزل اللهم لا تبارك فيه أي ان ثبت صدقته تلك والله تعالى أعلم قوله
30

قال اللهم صل الخ لقوله تعالى وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم قوله قال أرضوا مصدقيكم
علم صلى الله تعالى عليه وسلم أن عامليه لا يظلمون ولكن أرباب الأموال لمحبتهم بالأموال يعدون
الاخذ ظلما فقال لهم ما قال فليس فيه تقرير للعاملين على الظلم ولا تقرير للناس على الصبر عليه
وعلى إعطاء الزيادة على ما حده الله تعالى في الزكاة قوله بسم الله الرحمن الرحيم إذا أتاكم المصدق بتخفيف الصاد وتشديد
الدال المكسورة وهو العامل فليصدر أي يرجع
31

قوله عن مسلم بن ثفنة بمثلثة وفاء ونون مفتوحات وقيل كسر الفاء قالوا هو خطأ من وكيع والصواب مسلم بن شعبة
قوله استعمل بن علقمة أبي بالإضافة إلى ياء المتكلم على عرافة قومه بكسر العين أي القيام بأمورهم
ورياستهم أن يصدقهم من التصديق أي يأخذ منهم الصدقات يقال له سعد بفتح أوله وقيل بكسره اختلف في
صحبته لنشبر من شبرت الثوب أشبره كنصر في شعب بكسر الشين واد بين جبلين والشعاب بكسر
الشين جمعه فاعمد من عمد كضرب والمضارع لاحضار تلك الهيئة ممتلئة محضا وشحما أي سمينة كثيرة
اللبن والمحض بحاء مهملة وضاد معجمة هو اللبن والشافع الحابل بالباء الموحدة أي الحامل إلى عناق
بفتح العين والمراد ما كان دون ذلك معتاط قيل هي التي امتنعت عن الحمل لسمنها وهو لا يوافق
32

ما في الحديث الا أن يراد بقوله وقد حان ولادها الحمل أي أنها لم تحمل وهي في سن يحمل فيه مثلها قوله
منع بن جميل الخ أي منعوا الزكاة ولم يؤدوها إلى عمر ما ينقم بكسر القاف أي ما ينكر أو يكره
الزكاة الا لأجل أنه كان فقيرا فأغناه الله فجعل نعمة الله تعالى سببا لكفرها أدراعه جمع درع
الحديد وأعتده بضم المثناة الفوقية جمع عتد بفتحتين هو ما يعده الرجل من الدواب والسلاح وقيل
الخيل خاصة وروى بالموحدة جمع عبد والأول هو المشهور ولعلهم طالبوا خالدا بالزكاة عن أثمان
الدروع والاعتد بظن أنها للتجارة فبين لهم صلى الله تعالى عليه وسلم أنها وقف في سبيل الله فلا زكاة فيها
أو لعله أراد أن خالدا لا يمنع الزكاة ان وجبت عليه لأنه قد جعل أدراعه وأعتده في سبيل الله تبرعا وتقربا
إليه تعالى ومثله لا يمنع الواجب فإذا أخبر بعد الوجوب أو منع فيصدق في قوله ويعتمد على فعله والله تعالى
33

أعلم فهي عليه الظاهر أن ضمير عليه للعباس ولذلك قيل أنه ألزمه بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره
وأنبه لذكره وأنفى للذم عنه والمعنى فهي صدقته ثابتة عليه سيصدق بها ويضيف إليها مثلها كرما وعلى هذا
فما جاء في مسلم وغيره فهي على محمول على الضمان أي أنا ضامن متكفل عنه والا فالصدقة عليه ويحتمل أن
ضمير عليه لرسول الله وهو الموافق لما قيل إنه صلى الله تعالى عليه وسلم استسلف منه صدقة عامين أو هو عجل
صدقة عامين إليه صلى الله تعالى عليه وسلم ومعنى على عندي لا يقال لا يبقى حينئذ للمبتدأ عائد لأنا نقول
ضمير فهي لصدقة العباس أو زكاته فيكفي للربط كأنه قيل فصدقته على الرسول وقيل في التوفيق بين الروايتين
أن الأصل على وهاء عليه ليست ضميرا بل هي هاء السكت فالياء فيها مشددة أيضا وهذا بعيد مستغنى عنه
بما ذكرنا والله تعالى أعلم قوله مثله سواء أي هذه الرواية مثل السابقة وسواء تأكيد للمماثلة قوله
أقتل على بناء المفعول كأنه شكى أن العامل شدد عليه في الاخذ وكاد يفضي ذلك إلى قتل رب المال
بعده صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه إذا كان الحال في وقته ذاك فكيف بعده وحاصل الجواب أن الزكاة
شرعت لتصرف في مصارفها ولولا ذاك لما أخذت أصلا وليست مما لا فائدة في أخذها فليس لرب المال
أن يشدد في الاعطاء حتى يفضي ذاك إلى تشديد العامل ويحتمل أن هذا الشاكي هو العامل يشكو شدة
34

أرباب الأموال في الاعطاء حتى يخاف أن يؤدي ذاك إلى القتل ومعنى بعدك أي بعد غيبتي عنك وذهابي
إلى أرباب الأموال وحاصل الجواب أنه لولا استحقاق المصارف لما أخذنا الزكاة بل تركنا الامر
إلى أصحاب الأموال والنظر للمصارف يدعو إلى تحمل المشاق فلا بد من الصبر عليها وهذا الوجه أنسب
بترجمة المصنف وموافقة لفظ الحديث للوجهين غير خفية قوله ليس على المسلم في عبده ولا فرسه
حملوها على مالا يكون للتجارة ومن يقول بالزكاة في الفرس يحمل الفرس على فرس الركوب وأما ما أعد
35

للنماء ففيه عنده صدقة على الوجه المبين في كتب الفروع
36

قوله قد عفوت عن الخيل والرقيق أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه وهذا لا يقتضي سبق
وجوب ثم نسخه من كل مائتين أي مائتي درهم ولذلك قال وليس فيما دون مائتين زكاة والله تعالى أعلم
37

باب زكاة الحلى
بضم حاء وكسر لام وتشديد تحتية جمع حلى بفتح حاء وسكون لام كثدي وثدي والجمهور على أنه لا زكاة
فيها وظاهر كلام المصنف على وجوبها فيها كقول أبي حنيفة وأصحابه وأجاب الجمهور بضعف الأحاديث
قال الترمذي لم يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شئ لكن تعدد أحاديث الباب
وتأييد بعضها ببعض يؤيد القول بالوجوب وهو الأحوط والله تعالى أعلم قوله مسكتان بفتحات
أي سواران والواحد مسكة بفتحات والسوار من الحلى معروف وتكسر السين وتضم وسورته السوار
38

بالتشديد أي ألبسته إياه قوله له زبيبتان تثنية زبيبة بفتح الزاي وموحدتين قيل هما النكتتان السوداوان
فوق عينيه وقيل نقطتان يكتنفان فاه وقيل غير ذلك أو يطوقه بفتح أوله وتشديد الطاء والواو
المفتوحتين أي يصير له ذلك الشجاع طوقا قوله بلهزمتيه بكسر اللام والزاي بينهما هاء ساكنة
في صحيح البخاري يعني شدقيه وقال في الصحاح هما العظمان الناتئان في اللحيين تحت الاذنين وفي الجامع
39

هما لحم الاذنين الذي يتحرك إذا أكل الانسان قوله لا يحل في البر بكسر الحاء أي لا يجب ومنه
40

قوله تعالى أم أردتم أن يحل عليكم غضب أي يجب على قراءة الكسر ومنه حل الدين حلولا وأما
الذي بمعنى النزول فبضم الحاء ومنه قوله تعالى أو تحل قريبا من دارهم قوله فيما سقت السماء أي
المطر من باب ذكر المحل وإرادة الحال والمراد مالا يحتاج سقيه إلى مؤنة والبعل بموحدة مفتوحة
وعين مهملة ساكنة ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقى السماء ولا غيرها بالسواني
جمع سانية وهي بعير يستقى عليه والنضح بفتح فسكون هو السقي بالرشا والمراد ما يحتاج إلى مؤنة
41

الآلة واستدل أبو حنيفة بعموم الحديث على وجوب الزكاة في كل ما أخرجته الأرض من قليل وكثير
والجمهور جعلوا هذا الحديث لبيان محل العشر ونصفه وأما القدر الذي يؤخذ منه فأخذوا من حديث
ليس فيما دون خمس أوسق صدقة وهذا أوجه لما فيه من استعمال كل من الحديثين فيما سيق له والله
تعالى أعلم قوله بالدوالي جمع دالية آلة لاخراج الماء قوله إذا خرصتم الخرص تقدير ما على
النخل من الرطب تمرا وما على الكرم من العنب زبيبا ليعرف مقدار عشره ثم يخلى بينه وبين مالكه
ويؤخذ ذلك المقدار وقت قطع الثمار وفائدته التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها وهو جائز عند
الجمهور خلافا للحنفية لافضائه إلى الربا وحملوا أحاديث الخرص على أنها كانت قبل تحريم الربا ودعوا
الثلث من القدر الذي قررتم بالخرص وبظاهره قال أحمد وإسحاق وغيرهما وحمل أبو عبيدة الثلث
42

على قدر الحاجة وقال يترك قدر احتياجهم ومشهور مذهب الشافعي وكذا مذهب مالك أن لا يترك لهم
وقال ابن العربي المتحصل من صحيح النظر يعمل بالحديث وقال الخطابي إذا أخذ الحق منهم مستوفى
أضر بهم فإنه يكون منه الساقطة والهالكة وما يأكله الطير والناس وقيل معنى الحديث أن لم يرضوا
بخرصكم فدعوا لهم الثلث والربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا لكم حقه وتتركوا الباقي إلى أن يجف فيؤخذ
حقه لا أنه يترك لهم بلا خرص ولا إخراج وقيل اتركوا لهم ذلك لتصدقوا منه على جيرانهم ومن
يطلب منهم لا أنه لا زكاة عليهم في ذلك والله تعالى أعلم قوله الجعرور بضم جيم وسكون عين
مهملة وراء مكررة ضرب ردئ من التمر يحمل رطبا صغارا لا خير فيه ولون حبيق بضم الحاء
المهملة وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية وقاف نوع ردئ من التمر منسوب إلى رجل اسمه ذاك
الرذالة بضم الراء واعجام الذال الردئ قوله صالح بن أبي عريب بفتح العين المهملة وكسر
43

الراء قوله وقد علق رجل وكانوا يعلقون في المسجد ليأكل منه من يحتاج إليه قنا حشف
القنا بالكسر والفتح مقصور هو العذق بما فيه من الرطب والقنو بكسر القاف أو ضمها وسكون
النون مثله والحشف بفتحتين هو اليابس الفاسد من التمر وقنا حشف بالإضافة وفي نسخة قنو حشف
فجعل يطعن في القاموس طعنه بالرمح كمنع ونصر ضربه يأكل حشفا أي جزاء حشف فسمى
الجزاء باسم الأصل ويحتمل أن يجعل الجزاء من جنس الأصل ويخلق الله تعالى في هذا الرجل شهاء
الحشف فيأكله فلا ينافي ذلك قوله تعالى ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم والله تعالى أعلم قوله في طريق
مأتى كمرمى أي مسلوك فعرفها أمر من التعريف فإن جاء صاحبها أي فهو المطلوب والا
أي وان لم يجئ فلك أي فهي لك قال السيوطي نقلا عن بن مالك في هذا الكلام حذف جواب
الشرط الأول وحذف فعل الشرط بعد إلا وحذف المبتدأ من جملة الجواب للشرط الثاني والتقدير فإن
جاء صاحبها أخذها والا يجئ فهي لك وظاهر الحديث أنه يملكها الواجد مطلقا وقد يقال لعل
السائل كان فقيرا فأجابه على حسب حاله فلا يدل على أن الغنى يملك وفيه أنه كم من فقير يصير غنيا
فالاطلاق في الجواب لا يحسن الا عند إطلاق الحكم فليتأمل وما لم يكن في طريق مأتى الخ قال
الخطابي يريد العادي الذي لا يعرف مالكه وفي الركاز بكسر الراء وتخفيف الكاف آخره زاي
44

معجمة من ركزه إذا دفنه والمراد الكنز الجاهلي المدفون في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لكثرة
نفعه وسهولة أخذه قوله العجماء هي البهيمة لأنها لا تتكلم وكل مالا يقدر على الكلام فهو أعجم
جرحها بفتح الجيم على المصدر لا غير وهو بالضم اسم منه وذلك لان الكلام في فعلها لا فيما حصل
في جسدها من الجرح وان حمل جرحها بالضم على جرح حصل في جسد مجروحها يكون الإضافة
بعيدة وأيضا الهدر حقيقة هو الفعل لا أثره في المجروح فليتأمل جبار بضم جيم وخفة موحدة
أي هدر قال السيوطي والمراد الدابة المرسلة في رعيها أو المنفلتة من صاحبها والحاصل أن المراد ما لم يكن
معه سائق ولا قائد من البهائم إذا أتلف شيئا نهارا فلا ضمان على صاحبها والمعدن بكسر الدال
45

والمراد أنه إذا استأجر رجلا لاستخراج معدن أو لحفر بئر فانهار عليه أو وقع فيها إنسان بعد أن كان
البئر في ملك الرجل فلا ضمان عليه وتفاصيل المسائل في كتب الفروع قوله نحل هو ذباب العسل
والمراد العسل واديا كان فيه النحل ولى بكسر لام مخففة على بناء الفاعل أو مشددة على بناء
المفعول وإلا فإنما هو ذباب غيث أي والا فلا يلزم عليك حفظه لان الذباب غير مملوك فيحل
لمن يأخذه وعلم أن الزكاة فيه غير واجبة على وجه يجبر صاحبه على الدفع لكن لا يلزم الامام حمايته
46

الا بأداء الزكاة والله تعالى أعلم قوله فرض أي أوجب والحديث من أخبار الآحاد فمؤداه الظن
فلذلك قال بوجوبه دون افتراضه من خص الفرض بالقطعي والواجب بالظني زكاة رمضان هي
صدقة الفطر ونصبها على المفعولية وصاعا بدل منها أو حال أو على نزع الخافض أي في زكاة رمضان
والمفعول صاعا على الحر والعبد على بمعنى عن إذ لا وجوب على العبد والصغير كما في بعض الروايات
إذ لا مال للعبد ولا تكليف على الصغير نعم يجب على العبد عند بعض والمولى نائب فعدل
بالتخفيف أي قالوا إن نصف صاع من بر ساوى في المنفعة والقيمة صاعا من شعير أو تمر فيساويه في
الاجزاء فالمراد أي قاسوه به وظاهر هذا الحديث أنهم إنما قاسوه لعدم النص منه صلى الله تعالى عليه
وسلم في البر بصاع أو نصفه والا فلو كان عندهم حديث بالصاع لما خالفوه أو بنصفه لما احتاجوا إلى
القياس بل حكموا بذلك ولعل ذلك هو القريب لظهور عزة البر وقلته في المدينة في ذلك الوقت فمن
الذي يؤدي صدقة الفطر منه حتى يتبين به حكمه أنه صاع أو نصفه وأما حديث أبي سعيد فظاهره أن
بعضهم كانوا يخرجون صاعا من بر أيضا لكن لعله قال ذلك بناء على أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
شرع لهم صاعا من غير البر ولم يبين لهم حال البر فقاس عليه أبو سعيد حال البر وزعم أنه ان ثبت من
أحد الاخراج في وقته للبر لا بد أنه أخرج الصاع لا نصفه أو لعل بعضهم أدى أحيانا البر فأدى صاعا
بالقياس فزعم أبو سعيد أن المفروض في البر ذلك وبالجملة فقد علم بالأحاديث أن إخراج البر لم يكن
47

معتادا متعارفا في ذلك الوقت فقد روى بن خزيمة في مختصر المسند الصحيح عن بن عمر قال لم يكن
الصدقة على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة وروى
البخاري عن أبي سعيد كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام
وكان طعامنا يومئذ الشعير والزبيب والأقط والتمر والله تعالى أعلم قوله من المسلمين استدلال
بالمفهوم فلا عبرة به عند من لا يقول به ولذا يوجب في العبد الكافر بإطلاق النصوص
48

قوله لم نؤمر به ولم ننه عنه وكنا نفعله الظاهر أن المراد سقط الامر به لا إلى نهى بل إلى إباحة والامر
49

في ذاته حسن ففعل الناس لذلك وهذا بناء على اعتبار بقاء الامر السابق أمرا جديدا واعتبار رفع ذلك
البقاء رفع الامر فقيل لم نؤمر به ولذا استدل به من قال إن وجوب زكاة الفطر منسوخ وهو إبراهيم بن
عليه وأبو بكر بن كيسان الأصم وأشهب من المالكية وابن اللبان من الشافعية قال الحافظ بن حجر
وتعقب بأن في إسناده راويا مجهولا وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لاحتمال الاكتفاء بالامر
الأول لان نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر ومنهم من أول الحديث الدال على الافتراض فحمل
فرض على معنى قدر قال بن دقيق العيد وهو أصله في اللغة لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب والحمل
عليه أولى وبالجملة فهذا الحديث يضعف كون الافتراض قطعيا ويؤيد القول بأنه ظني وهذا هو مراد
الحنفية بقولهم أنه واجب والله تعالى أعلم قوله أو نصف صاع من قمح هو بفتح القاف وسكون
50

الميم البر قوله رضي الله تعالى عنها من سلت بضم المهملة وسكون اللام ومثناة نوع من الشعير يشبه البر قوله أو صاعا من أقط
51

بفتح فكسر اللبن المتحجر قوله الرب عز وجل صاعا من طعام أو صاعا من شعير ظاهره أنه أراد بالطعام
البر لكن قد عرفت توجيهه قوله فيما علم الناس من التعليم من سمراء الشام أي القمح الشامي
الا تعدل أي تساويه في المنفعة والقيمة وهي مدار الاجزاء فتساويه في الاجزاء أو المراد تساويه
في الاجزاء قوله أو صاعا من دقيق ح هذه زيادة من سفيان بن عيينة وهي وهم منه فأنكروا عليه
هذه الزيادة فتركها قوله لا نخرج غيره هذا يدل على ما حققنا أنهم ما كانوا يخرجون البر والله تعالى أعلم
52

قوله المكيال مكيال أهل المدينة أي الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات وتجب
إخراج صدقة الفطر به صاع المدينة وكانت الصيعان مختلفة في البلاد والوزن وزن أهل مكة
أي وزن الذهب والفضة فقط والمراد أن الوزن المعتبر في باب الزكاة وزن أهل مكة وهي الدراهم التي
54

العشرة منها بسبعة مثاقيل وكانت الدراهم مختلفة الأوزان في البلاد وكانت دراهم أهل مكة هي الدراهم
المعتبرة في باب الزكاة فأرشد صلى الله تعالى عليه وسلم إلى ذلك بهذا الكلام وقيل إن أهل المدينة أهل
زراعات فهم أعلم بأحوال المكيال وأهل مكة أصحاب تجارات فهم أعلم بالموازين والله تعالى أعلم قوله
فأعلمهم من الاعلام تؤخذ من أغنيائهم الخ الظاهر أن الضميرين لهم فيفهم منه المنع عن النقل
لكن يحتمل جعل الضميرين للمسلمين فلذلك ما جزم المصنف في الترجمة والله تعالى أعلم وكرائم
أموالهم أي خيارها فإن الحق يتعلق بالوسط قوله قال رجل أي من بني إسرائيل كما في مسند
55

أحمد فالاستدلال به مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يظهر النسخ لأتصدقن هي من باب
الالتزام كالنذر فصار الصدقة واجبة فصح الاستدلال به في صدقة الفرض فأصبحوا أي القوم الذين
كان فيهم ذلك المتصدق تصدق على بناء المفعول وهو أخبار بمعنى التعجب أو الانكار اللهم لك
الحمد على سارق أي لأجل وقوع الصدقة في يده دون من هو أشد حالا منه أو هو للتعجب كما يقال
سبحان الله فأتى على بناء المفعول أي فأرى في المنام ورؤيا غير الأنبياء وإن كان لا حجة فيها لكن
هذه الرؤيا قد قررها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فحصل الاحتجاج بتقريره صلى الله تعالى عليه وسلم
فلعل أن تستعف به من زناها ظاهره أنه أعطى لعل حكم عسى فأقيم أن مع المضارع موضع
الاسم والخبر جميعا ههنا وأدخل ان في الخبر فيما بعد ويمكن أن يجعل ان مع المضارع اسم لعل ويكون
56

الخبر محذوفا أي يحصل ونحوه قوله بغير طهور بضم الطاء من غلول بضم الغين المعجمة
والمراد الحرام والحديث قد تقدم في كتاب الطهارة قوله من طيب أي حلال وقد يطلق على
المستلذ بالطبع والمراد ههنا هو الحلال وجملة لا يقبل الله الخ معترضة لبيان أنه لا ثواب في غير الطيب
لا أن ثوابه دون هذا الثواب إذ قد يتوهم من التقييد أنه شرط لهذا الثواب بخصوصه لا لمطلق الثواب
فمطلق الثواب يكون بدونه أيضا فذكر هذه الجملة دفعا لهذا التوهم ومعنى عدم قبوله أنه لا يثيب عليه
ولا يرضى به بيمينه المروي عن السلف في هذا وأمثاله أن يؤمن المرء به ويكل علمه أي العليم
الخبير وقيل هو كناية عن الرضا به والقبول وإن كانت تمرة ان وصلية أي ولو كانت الصدقة شيئا
57

حقيرا فتربوا عطف على أخذها أي تزيد تلك الصدقة كما يربي والتشبيه يعتبر بين لازم الأول
وبين هذا أي يربيها الرحمن كما يربى فلوه بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو أي الصغير من
أولاد الفرس فإن تربيته تحتاج إلى مبالغة في الاهتمام به عادة والفصيل ولد الناقة وكلمة أو للشك من
الراوي أو التنويع والله تعالى أعلم قوله لا شك فيه أي في متعلقه والمراد تصديق بلغ حد اليقين
بحيث لا يبقى معه أدنى توهم لخلافه والا فمع بقاء الشك لا يحصل الايمان أو ايمان لا يشك المرء في
حصوله له بأن يتردد هل حصل له الايمان أم لا والوجه هو الأول والله تعالى أعلم لا غلول
بضم الغين أي لا خيانة منه في غنائمه طول القنوت أي ذات طول القنوت أي القيام قيل مطلقا
وقيل في صلاة الليل وهو الأوفق بفعله صلى الله تعالى عليه وسلم قال جهد المقل بضم الجيم أي قدر
ما يحتمله حال من قل له المال والمراد ما يعطيه المقل على قدر طاقته ولا ينافيه حديث خير الصدقة
58

ما كان عن ظهر غنى لعموم الغني للقلى وغنى اليد من هجر أي هجرة من هجر وعقر جواده
أي فرسه والمراد قتل من صرف نفسه وماله في سبيل الله قوله إلى عرض ماله بضم العين المهملة
وسكون الراء أي جانبه وظاهر الأحاديث أن الاجر على قدر حال المعطي لا على قدر المال المعطى فصاحب
الدرهمين حيث أعطى نصف ماله في حال لا يعطى فيها الا الأقوياء يكون أجره على قدر همته بخلاف
الغنى فإنه ما أعطى نصف ماله ولا في حال لا يعطى فيها عادة ويحتمل ان يقال لعل الكلام فيما إذا
59

صار إعطاء الفقير الدرهم سببا لاعطاء ذلك الغني تلك الدراهم وحينئذ يزيد أجر الفقير فإن له مثل أجر
الغني وأجر زيادة درهم لكن لفظ الحديث لا يدل على هذا المعنى ولا يناسبه والله تعالى أعلم قوله
فيجئ بالمد أي من أجرة العمل قوله أبو عقيل بفتح العين لغني عن صدقة هذا أي
الذي جاء بالصاع ومراد المنافقين أن أحدا لا يعطى فتكلموا فيمن أعطى القليل بهذا الوجه وفيمن
أعطى الكثير بأنه مراء قوله إن هذا المال خضرة بفتح الخاء وكسر ضاد وحلوة بضم
مهملة أي كفاكهة أو كبقلة يرغب فيها لحسن لونها وطيب طعمها فأنث لذلك بطيب نفس أي بلا
سؤال ولا طمع أو بطيب نفس المعطى وانشراح صدره بإشراف نفس أي تطلع إليه وتطمع فيه
60

وهو أيضا يحتمل الوجهين نفس الآخذ أو المعطي كالذي يأكل أي لا ينقطع شهاؤه فيبقى في
حيرة الطلب على الدوام ولا يقضي شهواته التي لأجلها طلبه واليد العليا المشهور تفسرها بالمنفقة
وهو الموافق للأحاديث وقيل عليه كثيرا ما يكون السائل خيرا من المعطي فكيف يستقيم هذا التفسير
وليس بشئ إذ الترجيح من جهة الاعطاء والسؤال لا من جميع الوجوه والمطلوب الترغيب في التصدق
والتزهيد في السؤال ومنهم من فسر العليا بالمتعففة عن السؤال حتى صحفوا المنفقة في الحديث بالمتعففة
والمراد العلو قدرا وعلى الوجهين فالسفلى هي السائلة اما لأنه أتكون تحت يد المعطي وقت الاعطاء
61

ولكونها ذليلة بذل السؤال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال قوله وابدأ أي في الاعطاء بمن
تعول أي بمن عليك مؤنته وما بقي منهم فتصدق به على الغير أمك بالنصب أي أعطها أو لا
ثم أدناك أي الأقرب إليك نسبا وسببا قوله عن ظهر غنى أي بما يبقى خلفها غنى لصاحبه قلبي
كما كان للصديق رضي الله تعالى عنه أو قال بي فيصير الغني للصدقة كالظهر للانسان وراء الانسان فإضافة
الظهر إلى الغنى بيانية لبيان أن الصدقة إذا كانت بحيث يبقى لصاحبها الغنى بعدها اما لقوة قلبه أو لوجود
شئ بعدها يستغنى به عما تصدق فهو أحسن وان كانت بحيث يحتاج صاحبها بعدها إلى ما أعطى ويضطر
إليه فلا ينبغي لصاحبها التصدق به والله تعالى أعلم قوله تصدق به على نفسك أي اقض به حوائج نفسك
62

قوله ثم قال تصدقوا أي في الجمعة الثانية كما تقدم في أبواب الجمعة بذة بفتح فتشديد ذال معجمة أي سيئة أن
تفطنوا في القاموس فطن به واليه وله كفرح ونصر وكرم وانتهره أي منعه من العنود إلى مثل ذلك وهو
الاعطاء مع حاجة النفس مع قلة الصبر قوله مولى آبي اللحم بمد الهمزة كان يأبى اللحم ولا يأكله وقيل
63

ما يأكل ما ذبح للأصنام أن أقدد لحما أي أقطعه فأطعمته منه أي أعطيته الاجر بينكما
أي أن رضيت بذلك يحل له إعطاء مثل هذا مما يجري فيه المسامحة وليس المراد تقرير العبد على أن يعطى
بغير رضا المولى والله تعالى أعلم قوله على كل مسلم أي يتأكد في حقه ندبه لا أنه واجب
يعتمل يكتسب الملهوف بالنصب صفة ذا الحاجة أي المكروب المحتاج فإنها أي الامساك
64

عن الشر والتأنيث للخبر قوله إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها محمول على ماذا عملت برضاه
بإذن صريح أو بإذن مفهوم من اطراد العرف كاعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به هذا
إذا علمت أن نفس الزوج كنفوس غالب الناس في السماحة وان شكت في رضاه فلا بد من صريح
الاذن وأما إعطاء الكثير فلا بد فيه من صريح الاذن أيضا والخازن الذي بيده حفظ الطعام
أو نحوه وربما هو الذي يباشر الاعطاء كل واحد منهما أي من الزوج والزوجة وهما الأصل
65

والخادم تابع فترك ذكره ثم المماثلة في أصل الاجر وقدره قولان والله تعالى أعلم قوله عز وجل لامرأة عطية
أي من مال الزوج والا فالعطية من مالها لا يحتاج إلى اذن عند الجمهور قوله عن فراس بكسر
الفاء وراء خفيفة وسين مهملة قوله اجتمعن عنده قال السيوطي زاد بن حبان لم يغادر منهن واحدة
66

فقلن وفي رواية بن حبان فقلت بالمشاة وهذا يفيد أن عائشة هي السائلة أيتنا في رواية
البخاري أينا بلا تاء وهو الأفصح لحوقا نصب على التمييز أطولكن بالرفع على أنه خبر مبتدأ
محذوف أي أسرعكن لحوقا بي ولم يقل طولا كن لان اسم التفضيل إذا أضيف يجوز فيه ترك المطابقة
يذر عنها أي يقدرن بذراع وفي رواية البخاري فأخذوا قصبة يذرعونها بتذكير الضمير وهو من
تصرف الرواة والصواب ما هنا فكانت سودة الخ كذا وقع في رواية أحمد وغيره لكن نص غير
واحد أن الصواب زينب بنت جحش فهي أول نسائه لحوقا وتوفيت في خلافة عمر وبقيت سودة
67

إلى أن توفيت في خلافة معاوية قال الحافظ السيوطي قلت عندي أنه وقع في رواية المصنف تقديم
وتأخر وسقط لفظة زينب وأن أصل الكلام فأخذن قصبة فجعلن يذر عنها فكانت سودة أطولهن يدا
أي حقيقة وكانت أسرعهن لحوقا به زينب وكان ذلك من كثرة الصدقة فأسقط الراوي لفظة زينب
وقدم الجملة الثانية على الأولى والحاصل أنهن فهمن ابتداء ظاهر الطول ثم عرفن بموت زينب أول أن
المراد بطول اليد كثرة العطاء والله تعالى أعلم قوله الله تبارك وتعالى أي الصدقة أفضل مبتدأ وخبر ان تصدق
68

أي تتصدق بالتاءين فحذفت إحداهما تخفيفا ويحتمل أن يكون بتشديد الصاد والدال جميعا شحيح
قيل الشح بخل مع حرص وقيل هو أعم من البخل وقيل هو الذي كالوصف اللازم ومن قبيل الطبع
تأمل بضم الميم العيش أي الحياة فإن المال يعز على النفس صرفه حينئذ فيصير محبوبا وقد
قال تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قوله وهو يحتسبها يريد أجرها من الله بحسن
69

النية وهو أن ينوي به أداء ما وجب عليه من الانفاق بخلاف ما إذا أنفق ذاهلا قوله من يشتريه
مني من لا يرى بيع المدبر منهم من يحمله على أنه كان مدبرا مقيدا بمرض أو بمدة كعلمائنا ومنهم
من يحمله على أنه دبره وهو مديون كأصحاب مالك والأول بعيد والثاني يرده آخر الحديث والأقرب أن
هذا الحديث دليل الجواز من غير معارض قوى يحوج إلى تأويله قوله إن مثل المنفق المتصدق
أي المنفق على نفسه وأهله المتصدق في سبل الخير فإن البخل يمنع الامرين جميعا فلذلك جمع بينهما وقد
70

جاء الاقتصار على أحدهما لكونهما كالمتلازمين عادة جبتان بضم جيم وتشديد موحدة تثنية جبة
وهو ثوب مخصوص أو جنتان بنون بدل باء تثنية جنة وهي الدرع وهذا شك من الراوي
وصوبوا النون لقوله من حديد وتواسعت عليه الدرع وغير ذلك نعم إطلاق الجبة بالباء على الجنة بالنون
مجازا غير بعيد فينبغي أن يكون الجنة بالنون هو المراد في الروايتين من لدن ثديهما بضم المثلثة
وكسر الدال المهملة وتشديد الياء جمع ثدي بفتح فسكون إلى تراقيهما بفتح مثناة من فوق وكسر
قاف جمع ترقوة وهما العظمان المشرفان في أعلى الصدر وهذا إشارة إلى ما جبل عليه الانسان من الشح
ولذلك جمع بين البخيل والجواد فيه وأما قوله اتسعت عليه الدرع ففيه إشارة إلى ما يفيض
الله تعالى على من يشاء من التوفيق للخير فيشرح لذلك صدره أو مرت أي جاوزت ذلك المحل
وهذا شك من الراوي حتى تجن بضم أوله وكسر الجيم وتشديد النون من أجن الشئ إذا ستره
بنانه بفتح الموحدة ونونين الأولى خفيفة أي أصابعه وتعفوا أثره أي تمحو أثر مشيه بسبوغها
وكمالها كثوب من يجر على الأرض إشارة إلى كمال الاتساع والاسباغ والمراد أن الجواد إذا هم بالنفقة
اتسع لذلك بتوفيق الله تعالى صدره وطاوعته يداه فامتدتا بالعطاء والبذل والبخيل يضيق صدره وتنقبض
يده من الانفاق في المعروف واليه أشار بقوله قلصت أي انقبضت
71

كل حلقة بسكون اللام يوسعها أي يحكي هيئة توسعة البخيل تلك الجنة فلا تتسع أي قائلا
فلا تتسع بتوسعة البخيل والله تعالى أعلم قوله حتى تعفى أثره بتشديد الفاء للمبالغة أي تعفو
72

قوله ثم دعوت به أي بذلك الشئ فنظرت إليه أنه أي قدر قالت نعم تصديق وتقرير
لما بعد الاستفهام من النفي أي ما أريد ذلك بل أريد أن يعطيني الله تعالى من غير علمي بذلك ضرورة
أن الذي يدخل بعلم الانسان محصور ورزق الله أوسع من ذلك فيطلب منه تعالى ان يعطي بلا حصر
ولا عد وحاصل الاستفهام اما تريدين تقليل الصدقة ورزق الله وحاصل الجواب أنها ما تريد ذلك
بل تريد التكثير فيهما قال مهلا أي استعملي الرفق والتأني في الأمور واتركي الاستعجال المؤدي
إلى أن تطلبي علما لا فائدة في علمه لا تحصي صيغة نهي المؤنث من الاحصاء والياء للخطاب أي
73

لا تعدي ما تعطي فيحصى بالنصب جواب أي حتى يعطيك الله أيضا بحساب ولا يرزقك من غير
حساب والمراد التعليل قوله ما أدخل على الزبير قيل ما أعطاني قوتا لي وقيل بل المراد أعم لكن
المراد إعطاء ما علمت فيه بالاذن دلالة أرضخ من باب فتح والرضخ براء وضاد معجمة وخاء كذلك
العطية القليلة ولا توكي بضم المثناة من فوق وكسر الكاف صيغة نهي المخاطبة من الايكاء بمعنى الشد
والربط أي لا تمنعي ما في يدك فيوكي بالنصب فيشدد الله عليك أبواب الرزق وفيه أن السخاء
74

يفتح أبواب الرزق والبخل بخلافه قوله ولو بشق تمرة بكسر الشين المعجمة أي نصفها قوله
فأشاح بوجهه أي صرف وجهه كأنه يراها ويخاف منها أو جد على الايصاء باتقائها إذ اقبل إلينا
في خطابه فإن المشيح يطلق على الخائف والجاد في الامر والمقبل عليك قوله عامتهم من مضر أي
غالبهم من مضر بل كلهم اضراب إلى التحقيق ففيه أن قوله عامتهم كان عن عدم التحقيق واحتمال
أن يكون البعض من غير مضر أول الوهلة فتغير أي انقبض فدخل لعله لاحتمال أن يجد
75

في البيت ما يدفع به فاقتهم فلعله ما وجد فخرج والأرحام ولعله قصد بذلك التنبيه على أنهم من
ذوي أرحامكم فيتأكد لذلك وصلهم تصدق رجل قيل هو مجزوم بلام أمر مقدرة أصله ليتصدق
وهذا الحذف مما جوزه بعض النحاة قلت الواجب حينئذ أن يكون يتصدق بياء تحتية بل تاء فوقية ولا وجه
لحذفها فالوجه أنه صيغة ماض بمعنى الا مذكر بصورة الاخبار مبالغة وبه اندفع قوله إنه لو كان ماضيا
لم يساعد عليه قوله ولو بشق تمرة لان ذلك لو كان اخبارا معنى وأما إذا كان أمرا معنى فلا فليتأمل حتى رأيت
كومين ضبط بفتح الكاف وضمها قال بن السراج هو بالضم اسم لما كوم وبالفتح المكان المرتفع
كالرابية قال عياض فالفتح ههنا أولى لان مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية يتهلل يستنير ويظهر عليه
أمارات السرور كأنه مذهبة ذكروا أن الرواية في النسائي بضم ميم وسكون ذال معجمة وفتح
هاء ثم موحدة قال القاضي عياض وهو الصواب ومعناه فضة مذهبة أي مموهة بالذهب فهذا أبلغ في حسن
الوجه وإشراقه أو هو تشبيه بالمذهبة من الجلود وهي شئ كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيه
خطوطا وضبط بعضهم بدال مهملة وضم الهاء بعدها نون قالوا هو إناء الدهن من سن في الاسلام الخ
أي أتى بطريقة مرضية يقتدى به فيها كما فعل الأنصاري الذي أتى بصره فله أجرها أي أجر عملها
76

والله تعالى أعلم قوله الذي يعطاها على بناء المفعول ونائب الفاعل ضمير الموصول والمنصوب
77

للصدقة والمعنى الذي يراد أن يعطى الصدقة قوله اشفعوا تشفعوا على بناء المفعول من التشفيع
أي تقبل شفاعتكم أحيانا فتكون سببا لقضاء حاجة المحتاج فإن قصدتم ذلك يكون لكم أجر على الشفاعة
وفي رواية صحيحة اشفعوا تؤجروا وهو أظهر قوله الرب عز وجل عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم قال إن الرجل الخ اللفظ صريح في الرفع لكن السوق يقتضي أن قوله إن الرجل
ليسألني الخ من قول معاوية وإنما المرفوع لشفعوا تؤجروا وهو الموافق لما في بعض روايات
أبي داود وهو مقتضي سوق روايته المشهورة وسوقها أقوى في اقتضاء الوقف والله تعالى أعلم قوله
وان من الغيرة بفتح الغين المعجمة ومن الخيلاء بضم خاء معجمة والكسر لغة وفتح ياء ممدود
78

الاختيال في الريبة بكسر الراء أي مواضع التهمة والتردد فتظهر فائدتها وهي الرهبة والانزجار
وان لم تكن ريبة تورث البغض والفتن اختيال الرجل بنفسه أي اظهاره الاختيال والتكبر في نفسه
بأن يمشي مشي المتكبرين قال الخطابي هو أن يقدم في الحرب بنشاط نفس وقوة قلب لا يجبن وعند
الصدقة قيل هو أن يهزه سجية السخاء فيعطيها طيبة بها نفسه من غير من ولا استكثار وإن كان
كثيرا بل كلما يعطى فلا يعطيه الا وهو مستقل له قوله ولا مخيلة بمعنى الخيلاء قوله كالبنيان
بضم الباء الموحدة أي كالحائط والمراد أن من شأن المؤمن أن يكون على الحق الذي هو مقتضى الايمان
ويلزم منه توافق المؤمنين على ذلك الحق وتناصرهم وتأييد بعضهم لبعض الذي يعطى ما أمر به من
79

غير زيادة أو نقصان فيه بهوى طيبة بها بالصدقة نفسه أي يكون راضيا بذلك قال ذلك
إذ كثيرا مالا يرضى الانسان بخروج شئ من يده وإن كان ملكا لغيره أحد المتصدقين أي
يشارك صاحب المال في الصدقة فيصيران متصدقين ويكون هو أحدهما هذا على أن الرواية بفتح
القاف وهو الذي صرحوا به نعم جواز الكسر على أن اللفظ جمع أي هو متصدق من المتصدقين قوله
الجاهر بالقرآن قد سبق الحديث قوله لا ينظر الله أي نظر رحمة أولا والا فلا يغيب أحد
عن نظره والمؤمن مرحوم بالآخرة قطعا العاق لوالديه المقصر في أداء الحقوق إليهما المترجلة التي
تتشبه بالرجال في زيهم وهيئاتهم فأما في العلم والرأي فمحمود والديوث وهو الذي لا غيرة له على أهله
80

لا يدخلون الجنة لا يستحقون الدخول ابتداء والمدمن الخمر أي المديم شربه الذي مات بلا توبة
قوله لا يكلمهم الله الخ كناية عن عدم الالتفات إليهم بالرحمة والمغفرة المسبل من الاسبال بمعنى
الارخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم والمنفق
بتشديد الفاء أي المروج سلعته بكسر السين مبيعه قوله ولو بظلف الظلف بكسر الظاء المعجمة
81

للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل والخف للبعير والمقصود المبالغة قوله الا دعى له أي للمولى
شجاع بالرفع على أنه نائب الفاعل لدعى أو بالنصب على أنه حال مقدم كما في بعض النسخ ولا عبرة
بالخط ونائب الفاعل هو فضله الذي منع أي دعى له فضله شجاعا بتلمظ يدير لسانه عليه ويتبع
أثره وعلى تقدير رفع شجاع فضله بالرفع بدل منه بناء على ما قالوا إن المبدل منه ليس في حكم التنحية حتى
جوزوا ذلك في قوله تعالى وجعلوا لله شركاء الجن فقالوا الجن بدل من شركاء مع أنه لا معنى لقوله
وجعلوا لله بدون شركاء أو هو خبر محذوف أي هو فضله ويجوز أن ينصب بتقدير أعنى والله
تعالى أعلم قوله من استعاذ الخ حاصله من توسل بالله في شئ ينبغي أن لا يحرم ما أمكن ومن أتى
بلا مدأى فعل معروفا حال كونه واصلا إليكم أو بالمد أعطاكم المعروف والى لتضمين معنى الوصول أو الاحسان
82

بالمثل بل بأحسن قوله وإني كنت امرأ كان زائدة أو بمعنى صار قوله بما بعثك ما استفهامية وقد
سبق الحديث قريبا محرم أي حرم الله تعالى على كل مسلم تعرض بكل مسلم بكل وجه الا ما إباحة الدليل
أخوان أي هما أي المسلمان أو يفارق أي إلى أن يفارق فالمضارع منصوب بعد أو بمعنى
إلى أن وحاصله أن الهجرة من دار الشرك إلى دار الاسلام واجب على كل من آمن فمن ترك فهو عاص
يستحق رد العمل والله تعالى أعلم قوله رجل أخذ كناية عن مداومة الجهاد معتزل منفرد عن
الناس يدل على جواز العزلة إذا خاف الفتنة في شعب بكسر الشين المعجمة ويعتزل شرور الناس
83

قيل ينبغي أن يقصد به تركهم عن شره الذي يسأل بالله على بناء الفاعل أي الذي يجمع بين
القبيحين أحدهما السؤال بالله والثاني عدم الاعطاء لمن يسأل به تعالى فما يراعي حرمة اسمه تعالى
في الوقتين جميعا وأما جعله مبنيا للمفعول فبعيد إذ لا صنع للعبد في أن يسأله السائل بالله فلا وجه للجمع
بينه وبين ترك الاعطاء في هذا المحل والوجه في إفادة ذلك المعنى أن يقال الذي لا يعطى إذا سئل بالله ونحوه والله
تعالى أعلم قوله فرجل أي فأحدهم معطى رجل فتخلفه أي مشى خلفه وقوم أي والثاني قارئ
قوم مما يعدل به أي يساويه يتملقني أي يتضرع لدي بأحسن ما يكون وقد تقدم الحديث
84

قوله بهذا الطواف الباء زائدة في خبر ليس ترده اللقمة أي يرد على الأبواب لأجل اللقمة أو
أنه إذا أخذ لقمة رجع إلى باب آخر فكأن اللقمة ردته من باب إلى باب والمراد ليس المسكين المعدود
في مصارف الزكاة هذا المسكين بل هذا داخل في الفقير وإنما المسكين المستور الحال الذي لا يعرفه
أحد الا بالتفتيش وبه يتبين الفرق بين الفقير والمسكين في المصارف وقيل المراد ليس المسكين الكامل
الذي هو أحق بالصدقة وأحوج إليها المردود على الأبواب لأجل اللقمة ولكن الكامل الذي لا يجد
الخ فما المسكين قيل ما تأتي كثيرا لصفات من يعقل كقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء
وعليه هذا الحديث ولا يفطن له على بناء المفعول مخففا فيتصدق بالنصب جواب النفي وكذا
85

فيسأل قوله الاكلة بضم الهمزة اللقمة قوله إن لم تجدي الخ أي ينبغي أن لا يرجع عن
الباب محروما قوله والعائل الفقير المزهو كالمدعو أي المتكبر قوله الحلاف أي كثير
86

الحلف لترويج مبيعه قوله الساعي أي الكاسب الذي يكسب المال على الأرملة أي لأجل التصدق
عليها والمسكين عطف على الأرملة من لا زوج لها من النساء قوله بذهيبة تصغير الذهب
للإشارة إلى تقليله وفي نسخة بلا تصغير بتربتها أي مخلوطة بترابها بن علاثة بضم عين مهملة
وتخفيف لام ومثلثة صناديد قريش أي أشرافهم والواحد صنديد بكسر الصاد قال أي النبي
صلى الله تعالى عليه وسلم اعتذارا كث اللحية أي غليظها مشرف الوجنتين أي مرتفعهما
والوجنة مثلث الواو أعلى الخد غائر العينين أي ذاهبهما إلى الداخل ناتئ بالهمزة أي مرتفع الجبين
87

أيأمنني أي الله حيث بعثني رسولا إليهم فإن مدار الرسالة على الأمانة ان من ضئضئ الخ أي
منعه عن القتل ثم ذكر هذه القضية ليعلم أن وقوع هذا الامر الشنيع من الرجل غير بعيد ففي
الحديث اختصار والضئضئ بضادين معجمتين مكسورتين بينهما همزة ساكنة وآخره همزة هو الأصل
يريد أنه يخرج من نسله وعقبه كذا ذكره السيوطي قلت الوجه أن يقال من قبيلته إذ لا يقال لنسل
الرجل أنه أصله الا أن يقال بناء على اعتبار الإضافة بيانية والخروج منه خروج من نسله والله تعالى أعلم
لا يجاوز حناجرهم أي حلقهم بالصعود إلى محل القبول أو بالنزول إلى القلوب ليفقهوا يمرقون
أي يخرجون وظاهره أنهم كفرة وبه يقول أهل الحديث أو بعضهم لكن أهل الفقه على إسلامهم
فالمراد الخروج من حدود الاسلام أو كماله من الرمية بفتح راء وتشديد ياء هي الصيد المرمى لأنه ذاته
مرمية قتل عاد أي قتلا عاما مستأصلا كما قال تعالى فهل ترى لهم من باقية
88

قوله تحملت حمالة بفتح الحاء ما يتحمله الانسان عن غيره من دية أو غرامة أي تكفلت مالا لاصلاح ذات
البين قال الخطابي هي أن يقع بين القوم التشاجر في الدماء والأموال ويخاف من ذلك الفتن العظيمة فيتوسط
الرجل فيما بينهم يسعى في ذات البين ويضمن لهم ما يترضاهم بذلك حتى يسكن الفتنة قوله أقم
أي كن في المدينة مقيما ان الصدقة أي المسألة لها كما في الرواية السابقة ألا لاحد ثلاثة أي لا تحل
الا لصاحب ضرورة ملجئة إلى السؤال كأصحاب هذه الضرورات والله تعالى أعلم قواما بكسر
القاف أي ما يقوم بحاجته الضرورية أو سدادا بكسر السين ما يكفي حاجته والسداد بالكسر كل شئ
سددت به خللا والشك من بعض الرواة والظاهر أن هذا قلب من بعض الرواة والا فهذه الغاية إنما
يناسب الثاني وللغاية التي تجئ هناك تناسب الأول وقد جاءت الروايات كذلك كرواية مسلم وغيره
جائحة أي آفة فاجتاحت أي استأصلت ماله كالغرق والحرق وفساد الزرع حتى يشهد أي
89

أصابته فاقة إلى أن ظهرت ظهورا بينا وليس المراد حقيقة الشهادة بل الظهور والمقصود بالذات أنه ان
أصابته فاقة بالتحقيق ذوي الحجى بكسر الحاء المهملة العقل سحت بضمتين أو سكون الثاني
حرام قوله إنما أخاف أي ما أخاف عليكم الفقر وإنما أخاف عليكم الغنى أو يأتي الخير أي
المال لقوله تعالى ان ترك خيرا فكيف يترتب عليه الشر حتى يخاف منه تكلم بضم حرف المضارعة
من التكليم الرحضاء بضم الراء وفتح الحاء المهملة وضاد معجمة ممدودة هو عرق يغسل الجلد لكثرته
قوله أشاهد السائل وفي نسخة أفشاهد السائل الخ يريد التمهيد للجواب عن شاهد السائل أي عما اعتمد
90

السائل عليه في سؤاله بتقدير نفس الشاهد حتى يجيب عنه أي أشاهد السائل هذا وهو أنه لا يأتي الخير بالشر
مما ينبت الربيع قيل هو الفصل المشهور بالانبات وقيل هو النهر الصغير المنفجر عن النهر الكبير
أو يلم بضم الياء وكسر اللام أي يقرب من القتل ثم الموجود في نسخ الكتاب ان مما ينبت الربيع
يقتل أو يلم بدون كلمة ما قبل يقتل وهو اما مبنى على أن من في مما ينبت تبعيضية وهي اسم عند البعض
فيصح أن يكون اسم ان ويقتل خبر ان أو كلمة ما مقدرة والموصول مع صلته اسم ان والجار والمجرور
أعنى مما ينبت خبره وقوله الا آكلة الخضر كلمة الا بتشديد اللام استثنائية والآكلة بمد الهمزة
والخضر بفتح خاء وكسر ضاد معجمتين قيل نوع من البقول ليس من جيدها وأحرارها وقيل هو كلا
الصيف اليابس والاستثناء منقطع أي لكن آكلة الخضرة تنتفع بأكلها فإنها تأخذ الكلأ على الوجه الذي
ينبغي وقيل متصل مفرغ في الاثبات أي يقتل كل آكلة الا آكلة الخضر والحاصل أن ما ينبته الربيع خير
لكن مع ذلك يضر إذا لم تستعمله الآكلة على وجهه وإذا استعملت على وجهه لا يضر فكذا المال
والله تعالى أعلم بحقيقة الحال إذا امتدت خاصرتاها أي شبعت استقبلت عين الشمس تستمرئ
بذلك فثلطت بفتح المثلة واللام أي ألقت رجيعها سهلا رقيقا خضرة بفتح فكسر أي كبقلة
خضرة في المنظر حلوة أي كفاكهة حلوة في الذوق فلكثرة ميل الطبع يأخذ الانسان بكل وجهه
فيؤديه ذلك إلى الوجه الذي لا ينبغي فيهلك ان أعطى منه اليتيم الخ أي بعد أن أخذه بوجهه
والى هذا القيد أشار بذكر يقتضيه في المقابل فلا بد في الخبر من أمرين أحدهما تحصيله بوجهه والثاني
صرفه في مصارفه وعند انتفاء أحدهما يصير ضررا وعلى هذا فقد ترك مقابل المذكور ههنا فيما بعد أعنى
91

والذي يأخذه بغير حقه أي أو لا يستعمله بعد أخذه بحقه في مصارفه ففي الكلام صيغة الاحتباك
وقد يقال فيه إشارة إلى الملازمة بين القيدين فلا يوفق المرء للصرف في المصارف الا إذا أخذه بوجهه
قلما يصرف في غير مصارفه والله تعالى اعلم قوله الله عز وجل ثنتان أي ففيها أجران فهذا حث على التصدق
92

على الرحم والاهتمام به قوله صلى الله عليه وسلم تصدقن الظاهر أنه أمر ندب بالصدقة النافلة لأنه خطاب بالحاضرات
وبعيد أنهن كلهن ممن فرض عليهن الزكاة وكأن المصنف حمله على الزكاة لان الأصل في الامر الوجوب
ولو من حليكن بضم حاء وكسر لام وتشديد تحتية على الجمع وجوزوا فتح الحاء وسكون اللام
على أنه مفرد قلت الافراد يناسب الإضافة إلى الجمع الا ان يحمل على الجنس ولا دلالة فيه على وجوب
الزكاة في الحلى وان حملنا الحديث على الزكاة لان الأداء من الحلى لا يقتضى الوجوب فيها خفيف
ذات اليد أي قليل المال ولا تخبر من نحن أي بلا سؤال والا فعند السؤال يجب الاخبار فلا يمكن
المنع عنه ولذلك أخبر بلال بعد السؤال أجر القرابة أي أجر وصلها قوله لان يحتزم بفتح اللام
93

والكلام من قبيل وأن تصوموا خير لكم أي ما يلحق الانسان بالاحتزام من التعب الدنيوي خير مما
يلحقه بالسؤال من التعب الأخروي فعند الحاجة ينبغي له أن يختار الأول ويترك الثاني والله تعالى أعلم
قوله مزعة لحم بضم ميم وحكى كسرها وفتحها وسكون زاي معجمة وعين مهملة القطعة اليسيرة
من اللحم والمراد أنه يجئ ذليلا لا جاه له ولا قدر كما يقال له وجه عند الناس أوليس له وجه أو أنه يعذب
في وجهه حتى يسقط لحمه أو أنه يجعل له ذلك علامة يعرف به والظاهر ما قيل أنه جازاه الله من جنس
ذنبه فإنه صرف بالسؤال ماء وجهه عند الناس قوله عن بسطام بكسر الموحدة وحكى فتحها قال
94

بن الصلاح أعجمي لا ينصرف ومنهم من صرفه قوله على أسكفة الباب بهمزة مضمومة وسكون
سين مهملة وضم كاف وتشديد فاء عتبته ما في المسألة من الضرر أو الاثم قوله
أسأل على تقدير
حرف الاستفهام والمراد أسأل المال من غير الله المتعال والا فلا منع للسؤال من الله تعالى بل هو المطلوب
فتسأل الصالحين أي القادرين على قضاء الحاجة أو أخيار الناس لأنهم لا يحرمون السائلين ويعطون
ما يعطون عن طيب نفس والله تعالى أعلم قوله إذا نفد بكسر الفاء واهمال أي فرغ ما يكون
ما موصولة لا شرطية والا لوجب يكن بحذف الواو والفاء في قوله فلن أدخره لتضمن المبتدأ معنى
الشرط أي ليس أحبسه عنكم ولا أن فرد به دونكم ومن يستعفف يعفه من شرطية هنا وفيما بعد
95

والفعلان مجزومان أي من يطلب العفاف وهو ترك السؤال يعطه الله العفاف ومن يتصبر
أي تكلف في تحمل مشاق الصبر وفي التعبير بباب لتكلف إشارة إلى أن ملكة الصبر تحتاج
في الحصول إلى الاعتبار وتحمل المشاق من الانسان يصبره الله من التصبير أي جعله صابرا
قوله من يضمن لي واحدة أي خصلة واحدة يريد من يديم على هذه الخصلة فله الجنة في مقابلتها
أن لا يسأل الناس شيئا أي من مالهم والا فطلب ماله عليهم لا يضر الله تعالى أعلم
96

جاءت أي مسألته خموشا بضم أوله منصوب على الحال وهو مصدر أو جمع من خمش الجلد قشره
بنحو عود أو كدوحا مثل خموشا وزنا ومعنى وأو للشك من بعض الرواة وماذا يغنيه أي
ما الغنى المانع عن السؤال وليس المراد بيان الغنى الموجب للزكاة أو المحرم لاخذها من غير سؤال
97

قوله صلى الله عليه وسلم لا تلحفوا في المسألة من ألحف أو لحف بالتشديد أي ألح عليه قوله سرحتني بتشديد
الراء أي أرسلتني أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء أي أربعون درهما قوله فقالت لي أي أهلي
98

والتأنيث لان المراد المرأة أو لان الأهل جمع معنى فولى بتشديد اللام أي أدبر وهو مغضب
بفتح الضاد أي موقع في الغضب انك تعطى من شئت أي لا تعطى في المصارف وإنما تتبع فيه
مشيئتك أن لا أجد أي لأجل أن لا أجد وله أوقية أو عدلها هذا يدل على أن التحديد بخمسين
درهما ليس مذكورا على وجه التحديد بل هو مذكور على وجه التمثيل للقحة بفتح اللام على أنها
لام ابتداء واللقحة بفتح اللام أو كسرها الناقة القريبة العهد بالنتاج أو التي هي ذات لبن قوله لا تحل
الصدقة أي سؤالها والا فهي تحل للفقير وإن كان قويا صحيح الأعضاء إذا أعطاه أحد بلا سؤال
مرة بكسر ميم وتشديد راء أي قوة سوى صحيح الأعضاء
99

قوله فقلب بتشديد اللام جلدين بفتح جيم وسكون لام أي قويين ان شئتما أي أعطيتكما كما في رواية
وهذا يدل على أنه لو أدى أحد إليهما يحل لهما أخذه ويجزئ عنه والا لم يصح له أن يؤدي إليهما بمشيئتهما فقوله
ولاحظ فيها الضمير للصدقة على تقدير المضاف أي في سؤالها أو للمسألة المعلومة من المقام مكتسب
أي قادر على الكسب قوله كدوح بضمتين أي اثار القشر ترك أي الكدوح أو السؤال
وهذا ليس بتخيير بل هو توبيخ مثل قوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ذا سلطان قال
الخطابي هو ان يسأله حقه من بيت المال الذي في يده أو شيئا ظاهره انه عطف على ذا سلطان ولا
100

يستقيم إذ السؤال يتعدى إلى مفعولين الشخص والمطلوب المحتاج إليه وذا سلطان هو الأول وترك الثاني
للعموم وشيئا ههنا لا يصلح أن يكون الأول بل هو الثاني الا أن يراد بشيئا شخصا ومعنى لا يجد منه
أي من سؤاله بدا وهو تكلف بعيد فالأقرب أن يقال تقديره أو يسأل شيئا الخ وحذف ههنا المفعول
الأول لقصد العموم أو يقدر يسأل ذا سلطان أي شئ كان أو غيره شيئا لا يجد منه بدا فهو من عطف
101

شيئين على شيئين الا أنه حذف من كل منهما ما ذكر مماثله في الآخر من صنعة الاحتباك والله تعالى أعلم
قوله لا أرزأ بتقديم الراء المهملة على الزاي المعجمة آخره همزة أي لا آخذ من أحد شيئا وأصله النقص
102

قوله بعمالة بضم العين المهملة أي رزق العامل إذا أعطيت على بناء المفعول قوله ألم أخبر على
بناء المفعول والمراد الاستفهام عن متعلق الاخبار لا عنه نفسه تعمل على عمل أي تسعى عليه فتعطى
على بناء المفعول عمالة بضم العين أي أجرة إني أردت بضم التاء الذي أردت بفتح التاء
103

فتموله أي إذا أخذت فإن شئت أبقه عندك مالا وإن شئت تصدق به فلا تتبعه أي من أتبع مخففا أي فلا
تجعل نفسك تابعة له ناظرة إليه لأجل أن يحصل عندك إشارة إلى أن المدار على عدم تعلق النفس بالمال لا
على عدم أخذه ورده على المعطى والله تعالى أعلم قوله تلي من الولاية غير مشرف من
104

الاشراف أي غير طامع
105

قوله إنما هي أوساخ الناس قال النووي تنبيه على العلة في تحريم الزكاة عليهم وأن التحريم
لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم كما قال الله
تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها فهي كغسالة الأوساخ قوله من أنفسهم
أي أنه يعد واحدا منهم فحكمه كحكمهم فينبغي أن لا تحل الزكاة لابن أخت هاشمي كما لا تحل لهاشمي
ولإفادة هذا المعنى ذكر المصنف هذا الحديث ههنا قال النووي استدل به من يورث ذوي الأرحام وأجاب
106

الجمهور بأنه ليس في هذا اللفظ ما يقتضى توريثه وإنما معناه أنه بينه وبينهم ارتباط وقرابة ولم يتعرض
للإرث وسياق الحديث يقتضي أن المراد أنه كالواحد منهم في افشاء سرهم بحضرته ونحو ذلك
قوله وان مولى القوم منهم أي فلا تحل لك لكونك مولانا قوله بسط يده أي أكل قوله
ولاءها بفتح الواو أي لأنفسهم اشتريها أي مع ذلك الشرط كما في رواية وهو الذي يقتضيه
107

الظاهر لان مواليها كانوا يأبون الشراء بدون هذا الشرط فكيف يتحقق منهم الشراء بدونه نعم يلزم
منه أن يفسد البيع لأنه شرط في نفع لاحد العاقدين ومثله مفسد وأيضا هو من باب الخداع فتجويزه
مشكل ولا مخلص الا بالقول بأن للشارع أن يخص من شاء بما يشاء فيمكن أنه خص هذا البيع بالجواز
ليبطل عليهم الشرط بعد وجوده للمبالغة في الانزجار والله تعالى أعلم وقوله هو لها صدقة فالظاهر
أن صدقة بالرفع خبر ولها بمعنى في حقها متعلق بها قال بن مالك يجوز في صدقة الرفع على أنه خبر
هو ولها صفة صدقة فصارت حالا والنصب على الحال أو يجعل لها الخبر انتهى فليتأمل قوله
وكان زوجها حرا أي حين خيرت فالتخيير للعتق لا لكون الزوج عبدا وبه قال علماؤنا
وما جاء أنه كان عبدا فمحمله أن الراوي ما علم بعتقه فزعم بقاءه على الحال الأولى ومن أثبت الحرية
فمعه زيادة علم فيقبل والله تعالى أعلم قوله فأضاعه أي بترك القيام بالخدمة والعلف ونحوها
أبتاعه أي أشتريه انه بائعه اسم فاعل أي يبيعه برخص بضم راء وسكون خاء ضد الغلاء
فان العائد أي بالفعل الاختياري بخلاف ما إذا رده الإرث فلا يسمى صاحبه عائدا والحاصل أن
108

ما أخرجه الانسان لله فلا ينبغي لان يجعل لنفسه بفعل اختياري ولا ينتفض بنكاح الأمة المعتقة فإنه
من باب زيادة الاحسان فليتأمل ثم هذا الكلام لا يفيد التحريم أو عدم الجواز إذ لم يعلم عود الكلب
في قيئه بحرمة أو عدم جواز ولكن تفيد أنه قبيح مكروه بمنزلة المكروه المستقذر طبعا والله تعالى أعلم
قوله فتؤدى على بناء المفعول والله تعالى أعلم
109

كتاب مناسك الحج
قوله في كل عام أي هو مفروض على كل انسان مكلف في كل سنة أو هو مفروض عليه مرة واحدة
لو قلت نعم لوجبت الخ أي لوجب الحج كل عام وهذا بظاهره يقتضي أن أمر افتراض الحج كل
عام كان مفوضا إليه حتى لو قال نعم لحصل وليس بمستبعد إذ يجوز أن يأمر الله تعالى بالاطلاق ويفوض
أمر التقييد إلى الذي فوض إليه البيان فهو ان أراد أن يبقيه على الاطلاق يبقيه عليه وان أراد أن يقيده
بكل عام يقيده به ثم فيه إشارة إلى كراهة السؤال في النصوص المطلقة والتفتيش عن قيودها بل ينبغي
العمل باطلاقها حتى يظهر فيها قيد وقد جاء القرآن موافقا لهذه الكراهة ذروني أي اتركوني من
السؤال عن القيود في المطلقات ما تركتكم عن التكليف في القيود فيها وليس المراد لا تطلبوا مني
العلم ما دام لا أبين لكم بنفسي واختلافهم عطف على كثرة السؤال إذ الاختلاف وان قل يؤدي
إلى الهلاك ويحتمل أنه عطف على سؤالهم فهو أخبار عمن تقدم بأنه كثر اختلافهم في الواقع فأداهم إلى
110

الهلاك وهو لا ينافي أن القليل من الاختلاف مؤد إلى الفساد فإذا أمرتكم الخ يريد أن الامر
المطلق لا يقتضي دوام الفعل وإنما يقتضي جنس المأمور به وأنه طاعة مطلوبة ينبغي أن يأتي كل
انسان منه على قدر طاقته وأما النهي فيقتضي دوام الترك والله تعالى أعلم قوله لا تسمعون سماع
قبول ولا تطيعون ان سمعتم وقوله لا تطيعون كالتتميم للأول والتأكيد له أو لبيان أن الطاعة
تنتفي أصالة لتعذرها أو تعسرها لا لاستلزام انتفاء السمع انتفاءها والله تعالى أعلم قوله ولا الظعن
بفتحتين أو سكون الثاني والأولى معجمة والثانية مهملة مصدر ظعن يظعن بالضم إذا سار وفي المجمع
الظعن الراحلة أي لا يقوى على السير ولا على الركوب من كبر السن قال السيوطي قال الإمام أحمد
111

ولا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا ولا أصح منه ولا يخفى أن الحج والعمرة عن الغير
ليسا بواجبين على الفاعل فالظاهر حمل الامر على الندب وحينئذ ففي دلالة الحديث على وجوب العمرة
خفاء لا يخفى والله تعالى أعلم قوله الحجة المبرورة قيل هي التي لا يخالطها إثم مأخوذ من البر
وهو الطاعة وقيل هي المقبولة المقابلة بالبر وهو الثواب ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان
ولا يعاود المعاصي وقيل هي التي لا رياء فيها وقيل هي التي لا يعقبها معصية وهما داخلان فيما قبلهما ليس
لها جزاء الا الجنة أي دخولها أولا والا فمطلق الدخول يكفي فيه الايمان وعلى هذا فهذا الحديث من
أدلة أن الحج يغفر به الكبائر أيضا لحديث رجع كيوم ولدته أمه بل هذا الحديث يفيد مغفرة ما تقدم من
الذنوب وما تأخر والله تعالى أعلم والعمرة إلى العمرة قيل يحتمل أن تكون إلى بمعنى مع أي العمرة
112

مع العمرة أو بمعناها متعلقة بكفارة أي تكفر إلى العمرة ولازمة أنها تكفر الذنوب المتأخرة والله تعالى
أعلم قوله وفد الله ثلاثة في القاموس وفد إليه وعليه يفد وفدا ورد وفي الصحاح وفد فلان على
الأمير أي ورد رسولا فهو وافد والجمع وفد مثل صاحب وصحب فالمعنى السائرون إلى الله القادمون عليه
من المسافرين ثلاثة أصناف فتخصيص هؤلاء من بين العابدين لاختصاص السفر بهم عادة والحديث اما
بعد انقطاع الهجرة أو قبلها لكن ترك ذكرها لعدم دوامها والسفر للعلم لا يطول غالبا فلم يذكروا السفر
إلى المساجد الثلاثة المذكورة في حديث تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد ليس بمثابة السفر إلى الحج
113

ونحوه فترك ويحتمل أن لا يراد بالعدد الحصر والله تعالى أعلم قوله جهاد الكبير أي هما بمنزلة الجهاد
لفاعلهما وكل هؤلاء المذكورين يمكن لهم الوصول إليهما قوله فلم يرفث بضم الفاء ولم يفسق
بضم السين الرفث القول الفحش وقيل الجماع وقال الأزهري الرفث اسم لكل ما يريده الرجل من المرأة
والفسق ارتكاب شئ من المعصية والظاهر أن المراد نفي المعصية بالقول والجوارح جميعا وهو المراد بقوله
تعالى فلا رفث ولا فسوق والله تعالى أعلم رجع كيوم ولدته أمه أي صار أو رجع من ذنوبه أو فرغ
من الحج وحمله على معنى رجع إلى بيته بعيد وقوله كيوم ولدته أمه خبر على الأول أو حال على الوجوه الأخر
بتأويل كنفسه يوم ولدته أمه إذ لا معنى لتشبيه الشخص باليوم وقوله كيوم يحتمل الاعراب والبناء على الفتح
والله تعالى أعلم قوله فنجاهد بالنصب جواب العرض ولكن هو بالتخفيف حرف استدراك أو
114

بالتشديد على خطاب النسوة أو حرف استدراك فليتأمل قوله تابعوا بين الحج والعمرة أي اجعلوا
أحدهما تابعا للآخر واقعا على عقبة أي إذا حججتم فاعتمروا وإذا اعتمرتم فحجوا فإنهما متابعان الكير
بكسر الكاف كير الحداد المبني من الطين وقيل زق ينفخ به النار فالمبني من الطين كور والظاهر أن المراد
ههنا نفس النار على الأول ونفخها على الثاني والخبث بفتحتين ويروى بضم فسكون هو الوسخ والردئ
115

الخبيث قوله دون الجنة أي سواها قوله أكنت قاضيه أي الدين فاقضوا الله أي دينه
فهو أي الله أحق بالوفاء ظاهره أن حق الله يقدم على حق العبد عند الاجتماع والله تعالى أعلم قوله
116

من خثعم بفتح معجمة وسكون مثلثة ففتح مهملة غير منصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث لكونه
117

اسم قبيلة أدركت أبي شيخا كبيرا يفيد أن افتراض الحج لا يشترط له القدرة على السفر وقد قرر صلى الله تعالى
عليه وسلم ذلك فهو يؤيد أن الاستطاعة المعتبرة في افتراض الحج ليست بالبدن وإنما هي بالزاد والراحلة والله
118

تعالى أعلم قوله رديف هو الراكب خلف آخر قوله فحول وجهه من الشق الآخر أي فحول
الفضل وجهه من الشق الآخر إلى شق الخثعمية ينظر إليها أو كلمة من بمعنى إلى وضمير حول للنبي صلى
الله تعالى عليه وسلم ويحتمل أن المراد بالشق الآخر هو شق الخثعمية سمى آخر لكون الفضل كان ناظرا
119

قبل ذلك إلى غير شقها والله تعالى أعلم قوله أنت أكبر ولد أبيك فحج عنه يريد أن الأكبر أحق
بتخليص ذمة الأب من غيره قوله ولك أجر قال النووي معناه بسبب حملها له وتجنيبها إياه
120

ما يجتنبه المحرم وفعل ما يفعله قوله بالروحاء بفتح الراء الممدود اسم موضع قالوا رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم أي وأصحابه من المحفة بكسر الميم وحكى فتحها وتشديد الفاء مركب من
مراكب النساء كالهودج الا أنها لا تقبب كما يقبب الهودج كذا في الصحاح قوله في خدرها بكسر
121

الخاء المعجمة أي سترها قوله من ذي القعدة بفتح القاف وكسرها لا نرى الا الحج حكاية لحال
غالب القوم والا فكان فيهم من نوى العمرة بل قد جاء أنها كانت محرمة بعمرة أن يحل أي يجعل
نسكه عمرة والجمهور على أن هذا لا يجوز اليوم وأحمد على الجواز قوله يهل من أهل أي يحرم وهو
خبر بمعنى الامر فإن خبر الشارع آكد في الطلب من الامر والمراد أنه لا يؤخر عن ذي الحليفة والا فالتقديم
عند الجمهور جائز وذي الحليفة بالتصغير موضع معلوم من الجحفة بتقديم الجيم على الحاء المهملة
الساكنة من قرن فتح فسكون وغلطوا الجوهري في قوله أنه بفتحتين من يلملم بفتح المثناة من
تحت وفتح اللامين بينهما ميم ساكنة قوله أين تأمرنا أن نهل إلى قوله يهل وجه كونه جواب الامر
122

ما تقدم من أن خبر الشارع بمعنى الامر قوله بن بهرام بفتح الموحدة وكسرها ولأهل
العراق ذات عرق وقد جاء في بعض الروايات العقيق أيضا والمشهور أن عمر هو الذي عين لهم
123

ذات عرق من غير أن يبلغه الحديث فإن صح هذا الخبر فهذا من موافقة عمر الصواب في الاجتهاد والله
تعالى أعلم قوله وقت أي حدد وعين للاحرام بمعنى أنه لا يجوز ا لتأخير عنه لا بمعنى أنه لا يجوز
التقديم عليه وقال هن لهن أي لأهلهن الذي قررت لأجلهم فيما سبق ولكل آت أتى عليهن من
غير أهلهن أي لكل مار عليهن من غير أهلهن الذي قررت لأجلهم قيل هذا يقتضي أن الشامي إذا مر
بذي الحليفة فميقاته ذو الحليفة وعموم ولأهل الشام الجحفة يقتضي أن ميقاته الجحفة فهما عمومان
متعارضان قلت إنه لا تعارض إذ حاصل العمومين أن الشامي المار بذي الحليفة له ميقاتان أصلي
وميقات بواسطة المرور بذي الحليفة وقد قرروا أن الميقات ما يحرم مجاوزته بلا احرام لا ما لا يجوز
تقديم الاحرام عليه فيجوز أن يقال ذلك الشامي ليس له مجاوزة شئ منها بلا احرام فيجب عليه أن يحرم
من أولهما ولا يجوز التأخير إلى آخرهما فإنه إذا احرم من أولهما لم يجاوز شيئا منها بلا احرام وإذا أخر إلى آخرهما
فقد جاوز الأول منهما بلا احرام وذلك غير جائز له وعلى هذا فإذا جاوز هنا بلا احرام فقد ارتكب حرامين
بخلاف صاحب ميقات واحد فإنه إذا جاوزه بلا احرام فقد ارتكب حراما واحدا والحاصل أنه لا تعارض
في ثبوت ميقاتين لواحد نعم لو كان معنى الميقات مالا يجوز تقديم الاحرام عليه لحصل التعارض وبهذا ظهر اندفاع
التعارض بين حديث ذات عرق والعقيق أيضا دون الميقات أي داخله حيث ينشئ أي يهل
حيث ينشئ السفر من أنشأ إذا أحدث يفيد أنه ليس لمن كان داخل الميقات أن يؤخر الاحرام عن أهله
يأتي ذلك الحكم على أهل مكة أي فليس لأهل مكة أن يؤخروا الاحرام عن مكة ويشكل عليه
قول علمائنا الحنفية حيث جوزا لمن كان داخل الميقات التأخير إلى آخر الحل ولأهل مكة إلى آخر الحرم
124

من حيث أنه مخالف للحديث ومن حيث أن المواقيت ليست مما يثبت بالرأي
125

قوله لمن أراد الحج والعمرة يفيد بظاهره أن الاحرام على من يريد النسكين لا من يريد مكة ومر بهذه المواقيت
وبه يقول الشافعي وفيه إشارة إلى أن هذه المواقيت مواقيت للحج والعمرة جميعا لا للحج فقط فيلزم أن تكون
مكة لأهلها ميقاتا للحج والعمرة جميعا لا للحج فقط كما عليه الجمهور واعتمار عائشة من التنعيم لا يعارض هذا
وهذا الايراد لصاحب الصحيح محمد بن إسماعيل البخاري على الجمهور قوله مبدأه بفتح الميم وضمها
والباء ساكنة فيها أي ابتداء حجه وهو منصوب على الظرفية كذا ذكره عياض في شرح مسلم قوله
126

في المعرس بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة ثم سين مهملة عن ستة أميال من المدينة كذا
ذكره السيوطي والتقدير لا يخلو عن نظر أتى على بناء المفعول أي أرى في المنام قوله فلتغتسل
127

أي للتنظيف الظاهري لا للتطهير فلذلك شرع مع النفاس قوله إلا أنها لا تطوف بالبيت أي أصالة
وأما السعي فيتأخر تبعا للطواف إذ لا يجوز تقديمه لان الحيض والنفاس يمنعان عنه أصالة قوله
بالابواء بفتح الهمزة وسكون موحدة ومد جبل بين الحرمين بين قرني البئر هما قرنا البئر المبنيان على
جانبيها أو هما خشبتان في جانبي البئر لأجل البئر وقوله كيف كان لا يخلو عن اشكال لان الاختلاف
بينهما كان في أصل الغسل لا في كيفيته فالظاهر أن إرساله كان للسؤال عن أصله الا أن يقال أرسله
128

ليسأله عن الأصل والكيفية على تقدير جواز الأصل معا فلما علم جواز الأصل بمباشرة أبي أيوب سكت
عنه وسأل عن الكيفية لكن قد يقال محل الخلاف هو الغسل بلا احتلام فمن أين علم بمجرد فعل أبي
أيوب جواز ذلك الا أن يقال لعله علم ذلك بقرائن وأمارات والله تعالى أعلم وقوله فطأطأه أي
خفضه قوله أو بورس بفتح فسكون نبت أصفر طيب الريح يصبغ به قوله لا يلبس بفتح
الباء ولا البرنس بضم الباء والنون كل ثوب رأسه منه ولا العمامة بكسر العين الا لمن استثناء
129

مما فهم أنه لا يجوز الخفان لمحرم الا لمن لا يجد ولو كان من ظاهره لوجب ترك اللام أي لا يلبس محرم
خفين الا من لا يجد ثم الجواب غير مطابق للسؤال ظاهر لان السؤال عما يجوز لبسه لا عما لا يجوز
وفي الجواب ما لا يجوز والجواب أنه عدل عن بيان الملبوس الجائز إلى بيان غير الجائز لان غير الجائز
منحصر وأما الجائز فلا ينحصر فبين غير الجائز ليعرف أن الباقي جائز والله تعالى أعلم قوله وهو
ينزل عليه على بناء المفعول بالجعرانة بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء وقد تكسر العين
وتشدد الراء فأشار إلى عمر أي لعلمه بأني أتمنى رؤيته في تلك الحال أن تعال أن تفسيرية
وتعال بفتح اللام فأتاه رجل أي فقد أتاه رجل والجملة بيان لعلة الوحي لان الرجل جاءه بعد الوحي
متضمخ بطيب بالرفع صفة رجل أي يفوح منه رائحة الطيب فالطيب كان بجسده وكان لابس
130

جبة فلذلك أمره صلى الله تعالى عليه وسلم بغسل الطيب مع الامر بنزع الجبة لما احتاج إلى غسله بعد النزع
إذا نزل بسبب سؤاله يغط بغين معجمة مكسورة وطاء مهملة مشددة والغطيط صوت النائم
المعروف لذلك أي لما طرأ عليه وقت الوحي فسرى بسين مضمومة وراء مشددة وتخفف
مكسورة أي كشف عنه ما طرأه حالة الوحي وأما الطيب فاغسله أمره بذلك اما الخصوص الطيب
الذي كان وهو الخلوق كما جاء به التصريح في روايات فإنه منهي عنه لغير المحرم أيضا أو لحال الاحرام
وعلى التأني فاستعماله صلى الله تعالى عليه وسلم الطيب قبل الاحرام مع بقائه بعد الاحرام ناسخ لهذا
131

الحديث لان هذا الحديث كان أيام الفتح واستعماله صلى الله تعالى عليه وسلم الطيب كان في حجة
الوداع قوله القمص بضمتين جمع قميص الله عز وجل ولا زعفران قال السيوطي منصرف لأنه ليس فيه
الا الألف والنون فقط قوله السراويل لمن لا يجد إزارا الخ أخذ بإطلاقه أحمد وهو أرفق وحمل
الجمهور هذا لحيث على حديث بن عمر فقيدوه بالقطع حملا للمطلق على المقيد وأجاب أحمد بأن حديث
بن عمر كان قبل هذا الاطلاق وقد يقال قد جاء التقييد في روايات بن عباس في لخف كما سيجئ في
الكتاب نعم التقييد في الإزار ما جاء في شئ من الأحاديث لا في حديث بن عمر ولا في حديث بن عباس
فليتأمل وبالجملة فالمحل محل كلام وأما قوله والخفين فالظاهر والخفان لكونه مبتدأ الا أن يقال كان في
الأصل ولبس الخفين ثم حذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله من الجر وهو جائز وارد على قلة
132

والله تعالى أعلم قوله ولا تنتقب المرأة الحرام أي المحرمة والنقاب معروف للنساء لا يبدو منه
الا العينان القفازين بالضم والتشديد تلبسه نساء العرب في أيديهن يغط الأصابع والكف والساعد من البرد
133

قوله إني لبدت من التلبيد وهو أن يجعل المحرم صمغا أو غيره ليتلبد شعره أي يلتصق
بعضه ببعض فلا يتخلله الغبار ولا يصيبه الشعث ولا القمل وإنما يفعله من يطول مكثه في الاحرام
فلا أحل من الاحرام من الحج يوم النحر قوله يهل من الاهلال وهو رفع الصوت بالتلبية
قوله قبل أن يحل من الاحلال أو الحل أي قبل أن يحل كل الحل بالطواف والمراد قبل أن يطوف
136

وقولها بيدي متعلق بطيبت قوله لحرمه حين أحرم قال النووي ضبطوه بضم الحاء وكسرها
والضم أكثر ولم يذكر الهروي وآخرون غيره وأنكر ثابت الضم على المحدثين وقال الصواب الكسر
والمراد به الاحرام قوله يعني ليس له بقاء يحتمل أن الضمير لطيب الناس أي طيبكم الذي تستعملونه
عند الاحرام ليس له بقاء بخلاف طيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فهو كان باقيا بعد الاحرام
137

كما سيجئ أو لطيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والتفسير على زعم الراوي الا فقد تبين خلافه وهي أرادت
بقوله ليس يشبه طيبكم أي كان أطيب من طيبكم أو نحو هذا لا ما فهم الراوي والله تعالى أعلم قوله وحين
يريد أن يزور البيت الظاهر أن الواو زائدة أي ولحله حين يريد
الخ أو التقدير وكان لحله حين يريد أن يزور الخ والله تعالى أعلم قوله إلى وبيص الطيب هو البريق وزنا ومعنى وصاده مهملة
قوله في مفرق بفتح ميم وكسر راء هو المكان الذي يفرق فيه الشعر في وسط الرأس قوله
138

في مفارق جمع مفرق قيل ذكرته بصيغة الجمع تعميما لجوانب الرأس التي يفرق فيها الشعر وأحاديث
الباب أدل دليل على جواز استعمال طيب قبل الاحرام يبقى جرمه بعده وعليه الجمهور ومن لا يقول به
يدعى الخصوص ولكن الخصائص لا تثبت الا بدليل والعموم الأصل والله تعالى أعلم
139

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم ادهن بأطيب دهن يجده للطحاوي والدارقطني بالغالية الجيدة
140

قوله لان أطلي يقال طليته بكذا إذا لطخته واطليت افتعلت منه إذا فعلته بنفسك فالتشديد ههنا
أظهر وان خففت تقدر المفعول أي نفسي بالقطران بفتح فكسر معروف واللام في لان أطلي مفتوحة
وهو مبتدأ خبره أحب ينضخ طيبا بالخاء المعجمة أي يفوح أو بالمهملة أي يترشح قوله أن يزعفر
الرجل أي يستعمل الزعفران في البدن أو مطلقا ولا اختصاص لهذا الحديث بحالة الاحرام نعم إطلاقه
141

يشمل حالة الاحرام أيضا بل حالة الاحرام أولى والله تعالى أعلم قوله وعليه مقطعات قال النووي
بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وقال في النهاية أي ثياب قصار لأنها قطعت عن بلوغ التمام وقيل
المقطع من الثياب المفصل على البدن أي الذي يفصل أولا على البدن ثم يخاط من قميص وغيره وما لا يقطع
منها كالأزر والأردية متضمخ بالضاد والخاء المعجمتين أي متلطخ بخلوق بفتح خاء معجمة
142

آخره قاف طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره قوله الرب عز وجل وهو مصفر بتشديد الفاء
المكسورة مستعمل للصفرة في لحيته وتلك الصفرة هي الخلوق قوله أن يضمدهما بضاد معجمة وميم
مكسورة أي يلطخهما بصبر بفتح صاد مهملة وكسر موحدة في الأشهر معلوم قوله لو استقبلت من أمري
ما استدبرت أي علمت في ابتداء شروعي ما علمت الآن من لحوق المشقة بأصحابي بانفرادهم بالفسخ حتى توقفوا
وترددوا وراجعوه لما سقت الهدى حتى فسخت معهم قاله حين أمرهم بالفسخ فترددوا وجعلتها أي النسك
143

والتأنيث باعتبار المفعول الثاني أعني عمرة لكونه كالخبر في المعنى أو لجعلت الحجة ثيابا صبيغا أي
مصبوغة وهو فعيل بمعنى المفعول فلذلك ترك التاء محرشا في النهاية أراد بالتحريش هنا ذكر ما يوجب
عتابه لها قوله فاقعصته أي قتلته الراحلة قتلا سريعا قوله خارجا رأسه ووجهه قيل كشف
144

الوجه ليس لمراعاة الاحرام وإنما هو لصيانة الرأس من التغطية كذا ذكره النووي وزعم أن هذا
التأويل لازم عند الكل قلت ظاهر الحديث يفيد أن المحرم يجب عليه كشف وجهه أيضا وان الامر
بكشف وجه الميت لمراعاة الاحرام نعم من لا يقول بمراعاة احرام الميت يحمل الحديث على الخصوص
ولا يلزم منه أن يؤول الحديث كما زعم النووي والله تعالى اعلم قوله افراد الحج المحققون قالوا في نسكه
صلى الله تعالى عليه وسلم أنه القران وقد صح ذلك من رواية اثني عشر من الصحابة بحيث لا يحتمل
التأويل وقد جمع أحاديثهم بن حزم الظاهري في حجة الوداع له وذكره حديثا حديثا قالوا وبه يحصل
الجمع بين أحاديث الباب أما أحاديث الافراد فمبنية على أن الراوي سمعه يلبي بالحج فزعم أنه مفرد
بالحج فأخبر على حسب ذلك ويحتمل أن المراد بإفراد الحج أنه لم يحج بعد افتراض الحج عليه الا حجة
145

واحدة وأما أحاديث التمتع فبنيه على أنه سمعه يلبي بالعمرة فزعم أنه متمتع وهذا لا مانع منه لأنه لا مانع من
افراد نسك بالذكر للقارن على أنه قد يختفي الصوت بالثاني ويحتمل أن المراد بالتمتع القران لأنه من الاطلاقات
القديمة وهم كانوا يسمون القرآن تمتعا والله تعالى أعلم وقيل معنى أفرد أو تمتع أنه أمر به فان الآمر بالشئ
يسمى فاعلا وأما أحاديث القران فلا تحتمل مثل هذا التأويل قوله الرب عز وجل موافين لهلال ذي الحجة أي قرب
طلوعه لخمس بقين من ذي القعدة من أوفى عليه أشرف قوله لا نرى بفتح النون أي لا نعتقد وقيل بضم
النون والمراد لا ننوي الا الحج لكونه المقصود الأصلي في الخروج أو لان الغالبين فيهم ما نووا الا الحج
والله تعالى أعلم قوله الصبي بن معبد هو بضم صاد مهملة وفتح باء موحدة وتشديد ياء قوله مكتوبين
على لعله أخذ من قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله أنهما مفروضان على الانسان هريم بالتصغير
146

العذيب تصغير عذب اسم ماء لبني تميم على مرحلة من كوفة ما هذا بأفقه من بعيره أي ان عمر منع من الجمع
واشتهر ذلك المنع وهو لا يدري به فهو والبعير سواء في عدم الفهم يا هناه أي يا هذا وأصله هن ألحقت
الهاء لبيان الحركة فصار ياهنة وأشبعت الحركة فصارت ألفا فقيل يا هناه بسكون الهاء ولك ضم الهاء قال
الجوهري هذه اللفظة تختص بالنداء هديت على بناء المفعول وتاء الخطاب أي هداك الله بواسطة من
أفتاك أو هداك من أفتاك فإن قلت كان عمر يمنع عن الجمع فكيف قرره على ذلك بأحسن تقرير قلت كأنه
يرى جواز ذلك لبعض المصالح ويرى أنه جوز للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لذلك فكأنه كان يرى أن من
147

عرض له مصلحة اقتضت الجمع في حقه فالجمع في حقه سنة والله تعالى أعلم قوله عن علي بن الحسين
هو زين العابدين كما في فتح الباري قوله ألم تكن تنهى على صيغة الخطاب وتنهى على بناء المفعول
148

أي أني أنهى الناس جميعا عن الجمع كما كان عمر ينهاهم وأنت فكيف لك أن تفعل وتخالف أمر الخليفة
فأشار علي إلى أنه لا طاعة لاحد فيما يخالف سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لمن علم بها والله تعالى
أعلم قوله أمره من التأمير أي جعله أميرا وقرنت أي جمعت بين الحج والعمرة هذا وأمثاله
من أقوى الأدلة على أنه كان قارنا لأنه مستند إلى قوله والرجوع إلى قوله عند الاختلاف هو الواجب
خصوصا لقوله تعالى فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول وعموما لان الكلام إذا كان في حال
أحد وحصل فيه الاختلاف يجب الرجوع فيه إلى قوله لأنه أدرى بحاله وما أسند أحد ممن قال بخلافه إلى قوله
فتعين القرآن والله تعالى أعلم قوله ثم لم ينزل فيها أي في النهي عن هذه الخصلة وهي الجمع قال فيهما رجل
149

أي عمر فإنه كان ينهى عن الجمع كعثمان قوله لبيك حجة وعمرة هذا أصرح الكل ولا يمكن
الخلاف بعده أصلا قوله ما تعدونا الا صبيانا أي كأنكم ما تأخذون بقولنا لعدكم إيانا صبيانا حينئذ
150

قوله تمتع اعلم أن التمتع عند الصحابة كان شاملا للقران أيضا واطلاقه على ما يقابل القران
اصطلاح حادث وقد جاء أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان قارنا فالوجه أن يراد بالتمتع ههنا في شأنه
صلى الله تعالى عليه وسلم القران توفيقا بين الأحاديث والمعنى انتفع بالعمرة إلى أن حج مع المجمع بينهما
في الاحرام ومعنى قوله بدأ بالعمرة أنه قدم العمرة ذكرا في البلية فقال لبيك عمرة وحجا فلما
قدم أي قارب دخول مكة فقد جاء أنه قال لهم بسرف من كان منكم أهدى أي سواء كان قارنا أو معتمرا
وبه أخذ أئمتنا وأحمد وليقصر من التقصير ولم يأمر بالحلق مع أنه أفضل ليبقى الشعر للحج إذا
رجع إلى أهله تفسير لقوله تعالى وسبعة إذا رجعتم وفيه أن ليس المراد إذا فرغتم من النسك كما قاله
علماؤنا ولا يخفى أن هذا مرفوع لا من قول بن عمر ثم خب بفتح خاء معجمة وتشديد موحدة
151

أي مشى مشيا سريعا مع تقارب الخطا وهو المعنى بالرمل قوله إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا أي ارتحلوا
معه ملبين بالعمرة ليعلم أنكم قدمتم السنة على قوله وأنه لا طاعة له في مقابلة السنة فلم ينههم أي بعد
أن سبق بينه وبين على ما سبق وعلم أن عليا وأصحابه ما انتهوا عن ذلك بقوله وقيل هذا رجوع من
عثمان عن النهي عن المتعة ويبعده آخر الحديث أخبر على بناء المفعول وكان عليا أراد أن يعيد
معه الكلام ليرجع عن النهي والحاصل أن عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما كانا يريان أن التمتع في وقته
صلى الله تعالى عليه وسلم كان بسبب من الأسباب وتركه أفضل وعلي كان يراه أنه السنة أو أفضل
والله تعالى أعلم
152

قوله إلا من جهل أمر الله أي حكمه وشرعه قال ذلك اعتمادا على نهي عمر وأنه لا ينهى
عن المشروع وصنعناها معه أي وكان نهى عمر بتأول قوله رويدك بضم الراء أي أخر
فلعل فتياك تخالف ما أحدث عمر فيغضب عليك قد فعله أي فلا نهى عنه لذاته بل لان الناس
لا يؤدون حق الحج لأجله أن يظلوا بفتح الياء والظاء وتشديد اللام معرسين من أعرس إذا
دخل بامرأته عند بنائها والمراد ههنا الوطئ أي ملمين بنسائهم وضمير بهن للنساء بقرينة المقام في
الأراك بفتح الهمز شجر معروف ولعله أريد ههنا أراك كان بقرب عرفات يريد أن الأفضل للحاج
أن يتفرق شعره ويتغير حاله والتمتع في حق غالب الناس صار مؤديا إلى خلافة فنهيتهم لذلك والله تعالى
أعلم قوله وانها لفي كتاب الله أي فاعلم تأويل الكتاب والسنة وان النهي عنها لا يخالف الكتاب
153

والسنة إذ لا يظن به أنه قصد به إظهار مخالفته للكتاب والسنة قوله إني قصرت من التقصير وفي
رواية أنه قصر لحجته قال بن حزم في حجة الوداع له وهذا مشكل يتعلق به من يقول أنه صلى الله
تعالى عليه وسلم كان متمتعا والصحيح الذي لا يشك فيه والذي نقله الكواف أنه صلى الله تعالى عليه
وسلم لم يقصر من شعره شيئا ولا أحل من شئ من احرامه إلى أن حلق بمنى يوم النحر ولعل معاوية
عني بالحجة عمرة الجعرانة لأنه قد أسلم حينئذ ولا يسوغ هذا التأويل في رواية من روى أنه كان في
ذي الحجة أو لعله قصر عنه عليه الصلاة والسلام بقية شعر لم يكن استوفاه الحلاق بعد قصره معاوية
على المروة يوم النحر وقد قيل إن الحسن بن علي أخطأ في إسناد هذا الحديث فجعله عن معمر وإنما
المحفوظ أنه عن هشام وهشام ضعيف قلت لكن كلام أبي داود في سننه يدفع هذا الجواب حيث بين
أن الحسن بن علي ليس بمنفرد بهذا الحديث بل معه محمد بن يحيى أيضا والله تعالى أعلم قوله فمشطتني
بالتخفيف أي سرحت شعر رأسي وأصلحته بذلك أي بالتمتع فليتئد بتاء مشددة بعدها همزة
154

افتعال من التؤدة أي ليتأن ولا يتعجل بالمضي على فتيانا فأتموا أي فاقتدوا به وخذوا بقوله واتركوا
قولنا ان خالف قوله قال تعالى وأتموا الحج أي واتمام كل بإتيانه بسفر جديد أو باحرام جديد
لا يجعل أحدهما تابعا للآخر لم يحل أي والمتمتع قد يحل إذا لم يكن تمتعه على وجه القران
والحاصل أن الجمع بين القرآن والسنة قد أداه إلى النهي عن التمتع والقران جميعا فيحصل حينئذ الاتمام
والحل يوم النحر لا قبله والله تعالى أعلم قوله قال فيها أي في النهي عن المتعة قائل برأيه فلا عبرة له
في مقابلة صريح السنة والله تعالى أعلم قوله تسع حجج بكسر الحاء المهملة وبجيم مكررة أي تسع
سنين ثم أذن من التأذين والايذان أي نادى وأعلم والمراد أمر بالنداء فنادى المنادي ويحتمل على
بعد أن يقرأ على بناء المفعول حاج أي خارج إلى الحج يلتمس أي يقصد ويطلب والافراد
155

بإفراد كل لفظا يأتم بتشديد الميم أي يقتدى ويفعل ما يفعل تفسير للاقتداء والمراد يفعل مثل
ما يفعل كما في رواية أبي داود ينزل القرآن الخ هو حث على التمسك بما أخبر به عن فعله
لا ننوي الا الحج أي أول الأمر وقت الخروج من البيوت والا فقد أحرم بعض بالعمرة أو هو خبر عما كان
عليه حال غالبهم أو المراد أن المقصد الأصلي من الخروج كان الحج وان نوى بعض العمرة قوله غير أن
لا تطوفي كلمة لا زائدة أو هو استثناء مما يفهم أي لا فرق بينك وبين المحرم غير أن لا تطوفي قوله
منيخ من أناخ حيث حج كأنه بمعنى حين حج من استعارة ظرف المكان للزمان
156

ففلت بالتخفيف أي أخرجت ما فيه من القمل قوله وامكث حراما كما أنت أي ابق محرما على ما أنت
عليه من الاحرام قيل ما فائدة قوله كما أنت وقوله وامكث محرما يغني عنه قلت كأنه صرح بذلك تنبيها
على أن ما عليه احرام ليتبين بذلك أن الاحرام المبهم احرام شرعا وهذا مطلوب مهم فيحتاج إلى زيادة
157

التنبيه والله تعالى أعلم قوله قد نضحت البيت أي طيبته بنضوح بفتح النون ضرب من الطيب
تفوح رائحته قوله عام نزل الحجاج بابن الزبير أي جاء يقاتله من قبل مروان فقيل له أي
لابن الزبير قتال بالرفع فاعل كائن ان يصدوك أي يمنعوك عن البيت إذا أصنع إذا من
الحروف الناصبة للفعل المضارع وأصنع منصوب بها كما صنع من التحلل حين حصر بالحديبية
ولذلك أوجب أو لا عمرة لكونه صلى الله تعالى عليه وسلم كان حين الاحصار معتمرا ثم حين لاحظ
أن أمر الحج والعمرة واحد أوجب الحج مع العمرة وأهدى بفتح الهمزة فعل ماض من الاهداء
بقديد بالتصغير
158

بطوافه الأول أي بأول طواف طافه بعد النحر والحلق فإنه ركن الحج عندهم لا الذي طافه حين
القدوم وإن كان هو المتبادر من اللفظ فإنه للقدوم وليس بركن للحج لكن بعض روايات
159

حديث بن عمر يبعد هذا التأويل ويقتضي أن الطواف الذي يجزئ عنهما هو الذي حين
160

القدوم ففي بعضها ثم قدم أي مكة فطاف لهما طوافا واحدا وفي بعضها ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا
فلم يحل حتى حل منهما جميعا وفي بعضها وكان يقول أي بن عمر لا يحل حتى يطوف طوافا واحدا
يوم يدخل مكة وفي بعض فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعا وبين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه
ورأي أنه مجزئ عنه وأهدى وفي بعض ثم طاف لهما طوافا واحدا بالبيت وبين الصفا والمروة لم
يحل منهما حتى أحل منهما لحجه يوم النحر وفي بعض ثم انطلق يهل بهما جميعا حتى قدم مكة فطاف بالبيت
وبالصفا والمروة ولم يزد على ذلك ولم ينحر ولم يحلق حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأي أنه
قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول وكل هذه الروايات في الصحيح والنظر في هذه الروايات
يبعد ذلك التأويل لكن القول بأنه ما كان يرى طواف الإفاضة مطلقا أو للقران أيضا قول بعيد بل
قد ثبت عنه طواف الإفاضة مرفوعا فاما أنه لا يرى طواف الإفاضة للقارن ركن الحج بل يرى أن
الركن في حقه هو الأول والإفاضة سنة أو نحوها وهذا لا يخلو عن بعد أو أنه يرى دخول طواف العمرة
في طواف القدوم للحج ويرى أن طواف القدوم من سنن الحج للمفرد الا أن القارن يجزئه ذلك عن
سنة القدوم للحج وعن فرض العمرة وتكون الإفاضة عنده ركنا للحج فقط وقيل المراد بالطواف
السعي بين الصفا والمروة ولا يخفى بعده أيضا فإن مطلق اسم الطواف ينصرف إلى طواف البيت سيما
وهو مقتضى الروايات والله تعالى أعلم قوله والرغباء بفتح الراء مع المد وبضمها مع القصر وحكى
161

الفتح والقصر كالسكرى من الرغبة ومعناه الطلب في المسألة قوله مر أصحابك أمر ندب عند الجمهور
وأمر وجوب عند الظاهرية أن يرفعوا إظهارا لشعار الاحرام وتعليما للجاهل ما يستحب له في
ذلك المقام قوله أهل أي أول الهلال في دبر الصلاة أي ركعتي الاحرام قال الترمذي
وهو الذي يستحبه أهل العلم قلت فإنهم حملوا اختلاف الصحابة في موضع الاحرام على الاختلاف
162

بحسب العلم بأن الناس لكثرتهم ما تيسر لكلهم الاطلاع على تمام الحال فبعضهم اطلعوا على تلبيته
دبر الصلاة وبعضهم على تلبيته عند الاستواء على الراحلة وبعضهم على تلبيته حين استواء الراحلة على
البيداء فزعم كل أن ما سمعه أول تلبيته وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم أحرم بها فنقل الامر على وفق ذلك
وكان الامر أنه أحرم من بعد الفراغ من الصلاة في مسجد ذي الحليفة والله تعالى أعلم قوله الذي
تكذبون فيها هكذا في النسخة التي كانت عندي بتذكير الموصول وكأنه لاعتبار أنه المكان وأما
التأنيث فهو الأصل ثم رأيت أن التأنيث في غالب النسخ فلعله المعتمد ومعنى تكذبون فيها في شأنها ونسبة
الاحرام إليها بأنه كان من عندها ما أهل أي ما رفع صوته بالتلبية الا من مسجد ذي الحليفة أي
حين ركب لا حين فرغ من الركعتين فإن بن عمر كان يظن الاهلال عند الركوب والله تعالى أعلم
163

قوله أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي بالمدينة بعد الهجرة فتدارك أي تدافع الناس أي
دفع بعضهم بعضا إلى الخروج أو تزاحموا عند الخروج واستثفري أي شدي محل الدم بثوب قوله
أقبلنا أي أقبل غالبنا وفيهم جابر
164

بسرف بكسر الراء عركت حاضت حل ماذا أي حل أي حرمة فإن بالاحرام يحصل حرم
متعددة الحل كله أي حل الحرم كلها ان هذا أمر كتبه الله أي قدره من غير اختيار العبد فيه
فلا عتب على العبد به فاغتسلي لاحرام الحج قد حللت من حجتك وعمرتك صريح في أنها كانت
قارنة وأن القارن يكفيه طواف الحج من النسكين إني أجد في نسفي أي حيثما اعتمرت عمرة مستقلة
كسائر الأمهات ليلة الحصبة بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين أي ليلة الإقامة بالمحصب بعد
النفر من منى
165

قوله في حجة لوداع بفتح الواو وكسرها قوله فأهللنا أي بعضنا وفيهم كانت عائشة
فقال انقضي رأسك بضم القاف وضاد معجمة أي حلي ضفره وامتشطي لعل المراد بذلك
هو الاغتسال لاحرام الحج كما وقع التصريح بذلك في رواية جابر ودعى العمرة قال علماؤنا
أي اتركيها واقضيها بعد وقال الشافعي أي اتركي العمل للعمرة من الطواف والسعي لا أنها
تترك العمرة أصلا وإنما أمرها أن تدخل الحج على العمرة فتكون قارنة وعلى هذا فتكون عمرتها
من التنعيم تطوعا لا قضاء عن واجب ولكن أراد أن يطيب نفسها فأعمرها وكانت قد سألته ذلك ليحصل
لها عمرة مستقلة كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وقال الخطابي الا أن قوله انقضى رأسك وامتشطي
لا يشاكل هذه القضية ولو تأوله متأول على الترخيص في نسخ العمرة كما أذن لأصحابه في نسخ الحج لكان
له وجه وأجاب الكرماني بأن نقض الرأس والامتشاط جائز في الاحرام بحيث لا ينتف شعرا وقد
يتأول بأنها كانت معذورة وقيل المراد بالامتشاط تسريح الشعر بالأصابع لغسل الاحرام بالحج ويلزم
166

منه نقضه هذه مكان عمرتك ظاهر في أن الثانية قضاء عن الأولى كما قال علماؤنا لكن قد يقال لو كان
قضاء لعلمها أو لا لتنوي لا أخبر به بعد الفراغ فليتأمل قال الزركشي المشهور رفع مكان على الخبر أي
عوض عمرتك التي تركتها ويجوز النصب على الظرف وقال بعضهم لا يجوز غيره والعامل محذوف تقديره
هذه كائنة مكان عمرتك أو مجعولة مكانها فطاف الذين أهلوا بالعمرة أي لركن العمرة ثم طافوا
طوافا آخر أي لركن الحج فإنما طافوا أي للركن طوافا واحدا والا فقد ثبت أن الكل طافوا
طوافين طافوا حين القدوم بمكة وطافوا للإفاضة لكن الذين أحرموا بالعمرة فطوافهم الأول ركن العمرة
والثاني ركن الحج وأما الذين جمعوا فطوافهم الأول سنة القدوم والثاني ركن الحج والعمرة جميعا عند
167

من يقول بدخول أفعال العمرة في الحج وقيل بل المراد بالطواف السعي بين الصفا والمروة والله تعالى
أعلم قوله إن ضباعة بضم المعجمة وتخفيف الموحدة أن تشترط ومن لا يقول بالاشتراط
يدعى الخصوص بها والله تعالى أعلم قوله الشرط بين الناس أي هو مثل الشرط بين الناس فيجوز
أو الشرط بين الناس لا بين العبد وربه تعالى فلا يجوز وعلى هذا فمراده بذكر الحديث أنه يعلم الحديث
وتأويله بأنه مخصوص بها والله تعالى أعلم ومحلى بفتح ميم وكسر الحاء أي مكان تحللي
168

قوله ينكر الاشتراط لا دليل فيه لمن ينكر لجواز أن يكون إنكار أتى عن عدم الاطلاع على نقيضه
ومعرفة أن الحكم مخصوص بها حسبكم أي كافيكم ولا معارضة بينه وبين جواز الاشتراط قوله
169

في بضع عشرة مائة اعرابه كاعراب خمس عشرة أي في ألف ومئات فوقه وأشعر الاشعار أن
يطعن في أحد جانبي سنام البعير حتى يسيل دمها ليعرف أنها هدى ويتميز ان خلطت وعرفت إذا ضلت
ويرتدع عنها السراق ويأكلها الفقراء ان ذبحت في الطريق لخوف الهلاك وهو جائز عند الجمهور ومن
أنكر فلعله أنكر المبالغة لا أصله والله تعالى أعلم قوله بدنه بضم فسكون جمع وبفتحتين مفرد
170

قوله ثم سلت أي أزاله بأصبعه فلما استوت به أي راحلته وهي غير التي أشعرها قوله
فافتل من فتل كضرب ثم لا يجتنب أي بعد أن يبعث بتلك الهدايا إلى مكة فالمرء يبعث الهدى
إلى مكة لا يحرم عليه ما يحرم على المحرم كما زعم بن عباس ومراد عائشة الرد عليه قوله قبل أن
يبلغ التقييد بذلك لكونه محل الخلاف وأما بعد بلوغ الهدى محله فلا يقول بن عباس أيضا بقاء الحرمة
171

قوله من عهن بكسر فسكون الصوف المصبوغ ألوانا قوله قد حلوا بعمرة أي بجعل نسكهم عمرة
قوله أماط عنه أي أزال عنه فلما استوت به البيداء هذا يفيد أنه أهل حين استواء الراحلة
على البيداء وهذا خلاف ما تقدم عن بن عباس أنه أهل بعد الصلاة فلعله تحقق عنده الامر بعد هذا
172

فرجع عنه إلى ما تحقق عنده والله تعالى أعلم قوله غنما أي حال كون الهدى غنما والحديث صريح
173

في جواز تقليد الغنم فلا وجه لمنع من منع ذلك قوله ثم لا يحرم من أحرم أي لا يصير محرما قوله
بعث بالهدى أي بعث أحدهم بالهدى والحديث يدل على أن الذي يبعث بالهدى مخير بين أن يصير
174

محرما وبين أن يبقى حلالا قوله مع أبي بالإضافة إلى ياء المتكلم تريد أبا بكر رضي الله عنه وعنها
(2793) حتى ينحر الغاية لبيان الدوام وذلك لأنه لا قائل بالحرمة بعد هذه الغاية فإذا لا حرمة إلى هذه الغاية
فلا حرمة أصلا وهو المطلوب قوله قالت ولا نعلم الحاج يحله من أحل أي يجعله حلالا خارجا
عن الاحرام بالكلية حتى في حق النساء رضي الله تعالى عنها الا الطواف بالبيت أي طواف الإفاضة وأما الحلق فلا
يحله بالكلية قوله ويخرج بالهدى على بناء المفعول أي يخرج من يبعث معه الهدى بالهدى
175

قوله ويلك كلمة بمعنى الدعاء بالهلاك وقد لا يراد بها الحقيقة بل الزجر وهو المراد ههنا والله تعالى أعلم
176

قوله إذا ألجئت على بناء المفعول أي اضطررت وهل بعد أن ركب اضطرارا له المداومة على
الركوب أو لا بد من النزول إذا رأى قوة على المشي قولان وقد يؤخذ من قوله حتى يجد ظهرا ترجيح
القول الأول وقد يمنع ذلك بأنها ليست غاية لمداومة الركوب عليها بل هي غاية لجواز الركوب كلما ألجئ
إليه أي له أن يركب كلما ألجئ إلى أن يجد ظهرا فليتأمل قوله ولا نرى بضم النون وفتحها وهو
أقرب أي لا نعزم ولا ننوي والمراد بعض القوم أي غالبهم كما تقدم مرارا ألا ترى إلى قولها طفنا مع
أنها ما طافت لكونها حاضت وجملة طفنا حال أي قد طفنا وجواب لما أمر رسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم وهذا هو دليل النسخ وقد قال به أحمد والظاهرية والجمهور على أن النسخ كان مخصوصا بالصحابة
قال أو ما كنت كأنه استفهم تقريرا والا فقد علم به قبل انها حاضت ويحتمل أنه نسي والله تعالى
177

أعلم قوله أهللنا أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أصحاب بالنصب على الاختصاص وقد سبق
مرار أن المراد الغالب ومذاكيرنا تقطر من المني يريد قرب العهد بالجماع لأبركم أي أطوعكم الله
ولولا الهدى أي معي ولو استقبلت الخ أي لو علمت في ابتداء شروعي ما علمت الآن من
لحوق المشقة بأصحابي بانفرادهم بالفسخ حتى توقفوا وترددوا وراجعوا لما سقت الهدى حتى فسخت
178

معهم قال حين أمرهم بالفسح فترددوا عمرتنا هذه أي التي في أيام الحج أو التي فسخنا الحج بها
والجمهور على الأول وأحمد والظاهرية على الثاني قوله بل لنا خاصة أي التمتع عام لكن فسخ الحج
بالعمرة خاص وبه قال الجمهور ومن يرى الفسخ عاما يرى أن هذا الحديث لا يصلح للمعارضة قوله
كانت لنا رخصة أي بوصف الفسخ والا فلا خصوص
179

قوله كانوا يرون الضمير لأهل الجاهلية لا للصحابة كما يوهمه كلام بعضهم لقوله ويجعلون المحرم
صفر وليس هذا من شأن الصحابة قال السيوطي وهذا من تحكمات أهل الجاهلية الفاسدة وقوله ويجعلون
المحرم صفر قال السيوطي نقلا عن النووي وهو مصروف بلا خلاف وحقه أن يكتب بالألف لأنه
منصوب لكنه كتب بدونها يعني على لغة ربيعة أي لغة من يقف على المنصوب بلا ألف فإن الخط
مداره على الوقف ولا بد من قراءته منونا وفي المحكم كان أبو عبيدة لا يصرفه ومعنى يجعلون يسمون
وينسبون تحريمه إليه لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم فتضيق بذلك أحوالهم وهو المراد بالنسئ إذا برأ
بفتحتين وهمزة وتخفيف الدبر بفتحتين الجرح الذي يكون في ظهر البعير أي زال عنها الجروح
التي حصلت بسبب سفر الحج عليها
180

وعفا الوبر أي كثر وبر الإبل الذي قلعته رحال الحج وانسلخ صفر قال النووي هذه الألفاظ
كلها تقرأ ساكنة الآخر موقوفا عليها لان مرادهم السجع الحل كله أي حل يحل له فيه جميع ما يحرم
على المحرم حتى جماع النساء وذلك تمام الحل قوله وكان فيمن لم يكن معه الهدى هكذا في صحيح
مسلم وبهذا الاسناد ولكن في صحيح بإسناد آخر وكان طلحة بن عبيد الله فيمن ساق الهدى فلم يحل
قوله دخلت العمرة في الحج من جوز الفسخ يقول دخلت نية العمرة في نية الحج بحيث أن من
نوى الحج صح له الفراغ منه بالعمرة ومن لا يجوز الفسخ يقول حلت في أشهر الحج وصحت بمعنى دخلت
في وقت الحج وشهوره وبطل ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم حل العمرة في أشهر الحج أو دخل
181

أفعال العمرة في أفعال الحج فلا يجب على القارن الا احرام واحد وطواف واحد وهكذا ومن لا يقول
بوجوب العمرة يقول إن المراد أنه سقط افتراضها بالحج فكأنها دخلت فيه وبعض الاحتمالات
لا يناسب المقام والله تعالى أعلم قوله تخلف أي تأخر عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يناولوه
سوطه أي وقد نسيه كما في رواية أو سقط عنه كما في أخرى وجمع بينهما بأن أريد بالسقوط النسيان
أو العكس تجوزا ثم شد أي حمل عليه وأبى بعضهم أي امتنعوا عن الكل طعمه بضم
فسكون أي طعام والمقصود بنسبة الطعام إليه تعالى قطع التسبب عنهم أي فلا اثم عليكم والا فكل الطعام
مما يطعم الله تعالى عبده فافهم والله تعالى أعلم
182

قوله حتى إذا كانوا أي في الطريق أو في أثناء ذلك بين الرفاق الرفاق ككتاب جمع الرفقة مثلثة
الراء وسكون الفاء وهي جماعة توافقهم في السفر بالاثاية بضم الهمزة وحكى كسرها ومثلثة موضع
بطريق الجحفة إلى مكة بين الرويثة بالتصغير والعرج بفتح العين المهملة وسكون الراء وجيم قرية
جامعة على أيام من المدينة حاقف بمهملة ثم قاف ثم فاء أي نائم قد انحنى في نومه وقيل أي واقف
منحن رأسه بين يديه إلى رجليه وقيل الحاقف الذي لجأ إلى حقف وهو ما انعطف من الرمل لا يريبه
183

من راب يريب أو أراب أي لا يتعرض له ولا يزعجه قوله بن جثامة بجيم مفتوحة ثم ثاء مثلثة مشددة
بالابواء بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد أو بودان بفتح الواو وتشديد الدال المهملة هما
مكانان بين الحرمين ما في وجهي من الكراهة أما انه أي الشأن وفي نسخة أنا وعلى النسختين
فهمزة ان مكسورة للابتداء الا أنا بفتح الهمزة أي لأنا حرم بضمتين أي محرمون والتوفيق
بين هذا وما تقدم أن هذا قد صيد له أو هذا في الحمار الحي وما سبق فيما لم يصد له وكون هذا كان حيا
184

مما لا يوافقه الروايات والله تعالى أعلم قوله عام الحديبية بهذا تبين أن تركه الاحرام ومجاوزته
الميقات بلا احرام كان قبل أن تقرر المواقيت فإن تقرير المواقيت كان سنة حج الوداع كما روى عن أحمد
أن نقتطع قال السيوطي بضم أوله أي يقطعنا العدو عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أرفع بتشديد الفاء
المكسورة أي أكلفه السير السريع شأوا بالهمز أي قدر عدوه وهو قائل من القيلولة بالسقيا
185

بضم السين موضع قوله فاضلة أي قطعة فاضلة أي فضلة وبقية قوله فاختلست أي
سلبت فأشفقوا أي خافوا هل أشرتم الخ يدل على أنهم لو أشاروا أو أعانوا لما كان لهم أن يأكلوا
186

قوله صيد البر أي مصيده حلال أي وأنتم حرم كما في رواية الترمذي وغيره وهو بضمتين
جمع حرام بمعنى المحرم أو يصاد قال السيوطي في حاشية أبي داود كذا في النسخ والجاري على
قوانين العربية أو يصد لأنه معطوف على المجزوم وذكر في حاشية الكتاب نقلا عن الشيخ ولي الدين
هكذا الرواية بالألف وهي جائزة على لغة قلت والوجه نصب يصاد على أن أو بمعنى الا أن فلا اشكال
قوله عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي قال الشيخ ولي الدين قد تبع النسائي على هذا بن حزم وسبقهما
إلى تضعيفه يحيى بن معين وغيره لكن وثقه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن عدي وغيرهم وأخرج له
الشيخان في صحيحيهما وكفى بهما فوجب قبول خبره وقد سكت أبو داود على خبره فهو عنده حسن أو
187

صحيح قوله جناح أي اثم والحدأة بكسر حاء مهملة وفتح دال بعدها همزة كعنبة أخس
الطيور تخطف أطعمة الناس من أيديهم والفأرة بهمزة ساكنة وتسهل العقور بفتح
العن مبالغة عاقر وهو الجارح المفترس قوله الأبقع هو الذي في ظهره أو في بطنه بياض وقد أخذ
188

القيد طائفة وأجاب غيرهم بأن الروايات المطلقة أصح قوله عكاز بضم عين وشدة كاف عصا
ذات حديدة إلا يطفئ من الاطفاء عن قتل الجنان بكسر الجيم وتشديد النون هي الحيات التي تكون
في البيوت واحدها جان هو الدقيق الخفيف إلا ذا الطفيتين هو بضم طاء وسكون فاء الخطان الأبيضان
على ظهر الحية والأبتر القصير الذنب يطمسان البصر أي يخطفان بما فيهما من الخاصية وقيل يقصدان
189

البصر باللسع قوله وهو حرام أي والحال أن القائل حرام أي محرم أي داخل في الحرم قوله والفويسقة
هي الفأرة تصغير فاسقة لخروجها من جحر على الناس وافسادها قوله الله تعالى في الحرم بفتحتين أي حرم مكة
190

أو بضمتين جمع حرام أي في المواضع المحرمة قوله عن الضبع بفتح معجمة وضم موحدة حيوان معروف
فأمرني أي أمر إباحة رخصة أصيد هي أي أفي قتلها جزاء قوله وهو محرم بهذا أخذ علماؤنا
191

فجوزوا نكاح المحرم قوله لا ينكح بفتح الياء أي لا يعقد لنفسه ولا يخطب كينصر من الخطبة بكسر
الخاء وهذا يمنع تأويل النكاح في الحديث بالجماع كما قيل ولا ينكح بضم الياء أي لا يعقد لغيره
وكل منها يحتمل النهي والنفي بمعنى النهي وغالب أهل الحديث والفقه أخذوا بهذا الحديث ورأوا أن
حديث بن عباس وهم لما جاء عن ميمونة ورافع خلافه فرجحوا حديث ميمونة ورافع لكون ميمونة
صاحبة الواقعة فهي أعلم بها من غيرها ورافع كان سفيرا بين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبينها
وابن عباس كان إذ ذاك صغيرا ولكون حديثهما أوفق بالحديث القولي الذي رواه عثمان رضي الله تعالى
عنه وقالوا ولو سلم أن حديث بن عباس يعارض حديث ميمونة يسقط الحديثان للتعارض ويبقى حديث
192

عثمان القولي سالما عن المعارضة فيؤيد به ولو سلم أن حديث بن عباس لا يسقط ولا يعارضه حديث
ميمونة ورافع فلا شك أنه حكاية فعل يحتمل الخصوص وحديث عثمان قول نص في التشريع فيؤخذ به
قطعا على مقتضى القواعد وقال بعضهم بل حديث بن عباس أرجح سندا فقد أخرجه الستة فلا يعارضه
شئ من حديث ميمونة ورافع والأصل في الافعال العموم فيقدم على حديث عثمان أيضا فيؤخذ به دون
غيره والله تعالى أعلم قوله احتجم وهو محرم تجوز الحجامة للمحرم عند كثير بلا حلق شعر لكن
سيجئ أنه احتجم في الرأس والحجامة لا تخلو عادة عن حلق فالأوفق بالحديث أن يقال بجواز حلق
موضع الحجامة إذا كان هناك ضرورة والله تعالى أعلم قوله من وثء بفتح واو وسكون مثلثة
193

آخره همزة والعامة تقول بالياء وهو غلط وجع يصيب اللحم ولا يبلغ العظم أو وجع يصيب العظم من غير
كسر قوله وسط رأسه قال السيوطي بفتح السين أي متوسطة بلحى جمل بفتح لام وحكى كسرها
194

وسكون مهملة وجمل بفتحتين وهو موضع بين الحرمين قوله أو انسك بضم السين أي اذبح أي ذلك
بتشديد الياء لبيان التخيير وأنه يجوز كل واحد مع القدرة على الآخر قوله وتصدق فيه اختصار أي افعل
التصدق أو ما يقوم مقامه قوله فوقصته الوقص كسر العنق ولا تمسوه بطيب من المس والباء للتعدية
195

قوله ولا تمسوه طيبا من الامساس قوله فأقعصه أي قتله قتلا سريعا والتذكير بملاحظة الإبل
196

قوله وأنه لفظه بعيره أي رماه قوله أقبل رجل حراما قال الامام النووي هكذا هو
في معظم النسخ حراما وفي بعضها حرام وهذا هو الوجه والأول وجهه أن يكون حالا وقد جاءت الحال
من النكرة على قلة فوقص على بناء المفعول وألبسوه ثوبيه من الالباس
197

وقوله إني قد أوجبت عمرة إن شاء الله للتبرك فلا يضر في الايجاب أو هو شرط لما بعده والله تعالى أعلم
قوله من عرج أو كسر الخ كسر على بناء المفعول وعرج بكسر الراء على بناء الفاعل في الصحاح بفتح الراء
إذا أصابه شئ في رجله فجعل يمشي مشية العرجان وبالكسر إذا كان ذلك خلقة وفي النهاية إذا صار أعرج
أي من أحرم ثم حدث له بعد الاحرام مانع من المضي على مقتضى الاحرام غير احصار العدو
بأن كان أحد كسر رجله أوصار أعرج من غير صنيع من أحد يجوز له أن يترك الاحرام وان لم يشترط
198

التحلل وقيده بعضهم بالاشتراط ومن يرى أنه من باب الاحصار لعله يقول معنى حل كاد أن يحل قبل
أن يصل إلى نسكه بأن يبعث الهدى مع أحد يواعده يوما بعينه يذبحها فيه في الحرم فيتحلل بعد الذبح
قوله بذي طوى اسم موضع بقرب مكة حين يقدم متعلق بكان ينزل على أكمة بفتحات
دون الجبل وأعلى من الرابية وقيل دون الرابية بنى على بناء المفعول قوله فأصبح بالجعرانة
199

أي فرجع إلى الجعرانة ليلا فأصبح بها كبائت فيها أي كأنه بات بالجعرانة ليلا وما خرج منها من
بطن سرف بكسر الراء قوله كأنه سبيكة فضة بالإضافة في القاموس سبيكة كسفينة القطعة المذوبة
المراد تشبيهه صلى الله تعالى عليه وسلم بالقطعة من الفضة في البياض والصفاء والله تعالى أعلم قوله
التي بالبطحاء أي مما يلي المقابر السفلى أي التي تلي باب العمرة قوله دخل مكة أي يوم الفتح
200

ولواؤه أبيض قوله وعليه المغفر بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء هو المنسوج
من الدرع على قدر الرأس أي على رأسه المغفر فلا تعارض بينه وبين حديث وعليه عمامة سوداء
إذ يحتمل أن تكون العمامة فوق المغفر أو بالعكس أو كان أول دخوله على رأسه المغفر ثم أزاله ولبس
العمامة بعد ذلك والله تعالى أعلم بن خطل بفتحتين وقد أجاز صلى الله تعالى عليه وسلم في قتله حيث
كان لكونه كان يؤذيه والله تعالى أعلم قوله عن أبي العالية البراء بالتشديد لأنه كان يبرى النبل
201

قوله في عمرة القضاء قيل هي عمرة كانت قضاء عما صد عنها عام الحديبية وقيل بل القضاء بمعنى المقاضاة
والمصالحة فإنه صالح عليها كفار قريش اليوم نضربكم في النهاية سكون الباء من نضربكم من جائزات
الشعر وموضعها الرفع قلت نبه على ذلك لئلا يتوهم أن جزمه لكونه جواب الامر فإن جعله جوابا
فاسد معنى ولعل المراد نضربكم أن نقضتم العهد وصددتموه عن الدخول والا فلا يصح ضربهم لمكان العهد على تنزيله أي لأجل تنزيله بمكة أي نضربكم حتى ننزله بمكة وقيل المراد تنزيل القرآن يزيل الهام
بالتخفيف الرأس عن مقيله أي موضعه مستعار من موضع القائلة ويذهل بضم الياء أي يجعله
ذاهلا فقال له عمر الخ كأنه رأى أن الشعر مكروه فلا ينبغي أن يكون بين يديه صلى الله تعالى عليه
202

وسلم وفي حرمه تعالى ولم يلتفت إلى تقرير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لاحتمال أن يكون قلبه مشتغلا
بما منعه عن الالتفات إلى الشعر أسرع فيهم أي في التأثير في قلوبهم من نضح النبل بنون
وضاد معجمة وحاء مهملة من الرمي بالسهم أي فيجوز للمصلحة والله تعالى أعلم قوله حرمه الله أي
حكم بكونه حرما يومئذ وان ظهر بين الناس بعد ذلك على لسان الأنبياء ولما كان إبراهيم أول نبي أظهر
ذلك بعد الطوفان أو مطلقا قيل حرمه إبراهيم بحرمة الله أي بتحريمه والحاصل أن تحريمه منتسب
إلى الله تعالى على الدوام فلا بد من مراعاته لا يعضد على بناء المفعول أي لا يقطع ولا ينفر
203

بتشديد الفاء على بناء المفعول أي لا يتعرض له بالاصطياد وغيره ولا يلتقط على بناء الفاعل
لقطته بضم لام وفتح قاف أو بسكونه الا من عرفها من التعريف قيل أي على الدوام ليحصل
به الفرق بين الحرم وغيره والا لا يحسن ذكره ههنا في محل ذكر الاحكام المخصوصة بالحرم الثابتة له
بمقتضى التحريم ومن لا يقول بوجوب التعريف على الدوام يرى أن تخصيصه كتخصيص الاحرام
بالنهي عن الفسوق في قوله فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال مع أن النهي عام
وحاصله زيادة الاهتمام بأمر الاحرام وبيان أن الاجتناب عن الفسوق في الاحرام آكد فكذا
التخصيص ههنا لزيادة الاهتمام بأمر الحرم وأن التعريف في لقطته متأكد ولا يختلي على بناء
المفعول خلاه بفتح خاء معجمة وقصر وحكى بمد هو الرطب من النبات الا الإذخر بهمزة
مكسورة وذال معجمة نبت معروف طيب الرائحة وجوز فيه الرفع على البدل والنصب على الاستثناء
ولم يرد العباس ان يستثني بل أراد أن يلقن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك بل أراد أن يلتمس
منه ذلك وأما استثناؤه صلى الله تعالى عليه وسلم فأتى بوحي جديد أو لتفويض من الله تعالى إليه مطلقا
أو معلقا بطلب أحد استثناء شئ من ذلك والله تعالى أعلم قوله وأحل لي ساعة مقتضاه أنه ليس لأحد
بعده صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقاتل بمكة ابتداء مع استحقاق أهلها القتال وعليه بعض الفقهاء
إذ خصوص الحرمة بمكة وخصوص حل القتال به صلى الله تعالى عليه وسلم إنما يظهر حينئذ والا فبدون
204

استحقاق الأهل لا يحل القتال في غير مكة أيضا ومعنى الاستحقاق لو جوزنا في مكة لغيره صلى الله
تعالى عليه وسلم لم يبق للاختصاص معنى والله تعالى أعلم قوله يبعث البعوث بضم الموحدة جمع
بعث بمعنى المبعوث أي يرسل الجيوش لقتال عبد الله بن الزبير سنة إحدى وستين وكان عمرو أمير
المدينة من جهة يزيد بن معاوية فكتب إليه أن يوجه إلى بن الزبير جيوشا حين امتنع عن بيعته وأقام
بمكة فبعث بعثا أحدثك بالجزم جواب الامر الغد بالنصب أي ثاني يوم الفتح وضمير سمعته
ووعاه للقول أي حفظه قلبي وضمير أبصرته للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وتكفيك الضمير
مع ظهور القرينة لا يضر والمقصود المبالغة في تحقيق حفظه ذلك القول وأخذه عنه عيانا وقوله حين
تكلم يحتمل التعلق بما قبله وبما بعده إن مكة الخ معناه أن تحريمها بوحي الله تعالى وأمره
205

لا أنه اصطلح الناس على تحريمها بغير امره أن يسفك بكسر الفاء وحكى ضمها أي يسيله يعضد
بضم الضاد هو المشهور عند أهل الحديث قيل والصحيح الكسر أي يقطع وإنما أذن على بناء
الفاعل أو المفعول والحاصل أن استدلاله باطل بوجهين من جهة الخصوص وعدم البقاء وقد عادت
حرمتها الخ كناية عن عود حرمتها بعد تلك الساعة كما كانت قبل تلك الساعة فلا اشكال بأن الخطبة
كانت في الغد من يوم الفتح وعود الحرمة كان بعد تلك الساعة لا في الغد فما معنى اليوم ولا بأن
أمس هو يوم الفتح وقد رفعت الحرمة فيه فكيف قيل كحرمتها بأمس ويحتمل أن يقال اليوم ظرف
للحرمة لا للعود ومعنى كحرمتها أي كرفع حرمتها أي العود كالرفع حيث كان كل منهما بأمره تعالى والله
تعالى أعلم قوله يغزو هذا البيت أي يقصده بالهدم وقتل الأهل بالبيداء هي المفازة التي لا شئ
206

فيها ولعل المراد ههنا هي المفازة التي بقرب المدينة المشهورة بهذا الاسم بين الناس قوله البعوث
بضم الباء أي الجيوش قوله يكون لهم أي يصير لهم ذلك المحل قبورا بلا عذاب والحاصل أن الموت
والخسف يشملهم ظاهرا لكن حالهم بعد ذلك كحال المؤمن في قبره لا كحال من خسف به استحقاقا
قوله ليؤمن من أم بتشديد الميم إذا قصد والنون ثقيلة للتأكيد أي ليقصدن هذا البيت جيش
207

قوله خمس فواسق المشهور الإضافة وروى بالتنوين على الوصف وبينهما في المعنى فرق دقيق ذكره
بن دقيق لان الإضافة تقتضي الحكم على خمس من الفواسق بالقتل أشعر التخصيص بخلاف الحكم في
غيرها بطريق المفهوم وأما التنوين فيقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى وقد يشعر بأن الحكم
مترتب على ذلك وهو القتل معلل بما جعل وصفا وهو الفسق فيقتضي ذلك التعميم لكل فاسق
من الدواب وهو ضد ما اقتضاه الأول من المفهوم من التخصيص قوله فابتدرناها أي سبق كل منا
صاحبه إلى قتلها وفيه أن حية غير البيوت تقتل ولو كان حرما
208

قوله فأضرمنا أوقدنا وقاها فيه أخبار بأنها سلمت مما فعلوا من اضرام النار وغيره وتسمية فعلهم شرا
للمشاكلة أو المراد بالشر ما هو ضرر في حق الغير قوله الفويسق تصغير فاسق وهو تصغير تحقير
ويقتضي زيادة الذم
209

قوله بحرام الله أي بتحريمه الا لمنشد من أنشد أي الا لمعرف قد سبق الخلاف أنه هل يلزم دوام
التعريف أو يكفي التعريف سنة كسائر البلاد مجربا أي ذا تجربة قوله استقبال الحاج استدل
عليه بقول بن رواحة خلوا بني الكفار لدلالته على أنهم استقبلوه والحديث قد مضى
211

قوله أغيلمة تصغير أغلمة والمراد الصبيان ولذلك صغرهم قوله يفعل هذا أي الرفع في غير
محله أو الرفع عند رؤية البيت وذلك لان اليهود أعداء البيت فإذا رأوه رفعوا أيديهم لهدمه وتحقيره
212

وليس المراد أن اليهود يزورونه ويرفعون الأيدي عنده بذلك والله تعالى أعلم قوله مكانا في دار
يعلى الخ أشار في الترجمة إلى أن وجهه أن البيت كان يرى من ذلك المكان والله تعالى أعلم قوله صلاة
في مسجدي الخ قد تقدم الحديث في كتاب المساجد قوله الا المسجد الكعبة هكذا في النسخة التي
213

عندي بتعريف المسجد باللام والذي في باب المساجد الا مسجد الكعبة بالإضافة وهو الأظهر ووجه
هذه النسخة أن يجعل بدلا بتقدير مضاف أي مسجد الكعبة قوله ألم ترى خطاب للمرأة
وجزمه بحذف النون أي ألم تعلمي أن قومك بكسر الكاف يريد قريشا لولا حدثان المشهور
كسر الحاء وسكون الدال وقيل يجوز بالفتحتين أي لولا قرب عهدهم بالكفر يريد أن الاسلام
لم يتمكن في قلوبهم فلو هدمت لربما نفروا منه لأنهم يرون تغييره عظيما لئن كانت عائشة الخ قيل
ليس هذا شكا في سماع عائشة فإنها الحافظة المتقنة لكنه جرى على ما يعتاد في كلام العرب من الترديد
214

للتقرير والتعيين قلت هو ما سمع من عائشة بلا واسطة فيمكن أنه جوز الخطأ على الواسطة فشك لذلك
على أن خطأ عائشة ممكن وبالجملة فسماع عائشة عند بن عمر ليس قطعيا فالتعليق لإفادة ذلك والله تعالى
أعلم ما أرى بضم الهمزة أي ما أظن استلام الركنين أي مسحهما والسين فيه أصلية وهو افتعال
من السلام وهي الحجارة يقال استلم أي أصاب السلام وهي الحجارة كذا ذكره السيوطي الحجر بكسر
الحاء المهملة وسكون الجيم هو الموضع المسمى بالحطيم لم يتم على بناء الفاعل من التمام أو على بناء المفعول
من الاتمام على قواعد إبراهيم أي القواعد الأصلية التي بنى إبراهيم البيت عليها فالركنان اللذان يليان
الحجر ليسا بركنين وإنما هما بعض الجدار الذي بنته قريش فلذلك لم يستلمهما النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
قوله حداثة عهد بفتح الحاء أي قربه خلفا بفتح خاء معجمة وسكون لام أي بابا من خلفه مقابلا
لهذا الباب الذي من قدام قوله حديث عهد كذا روى بالإضافة وحذف الواو في مثل هذا والصواب
215

حديث عهد ورد بأنه من قبيل ولا تكونوا أول كافر به فقد قالوا تقديره أول فريق كافر أو فوج كافر
يريدون أن هذه الألفاظ مفردة لفظا وجمع معنى فيمكن رعاية لفظها ولا يخفى أن لفظ القوم كذلك
وأجيب أيضا بأن فعيلا يستوي فيه الجمع والافراد قوله فهدم على بناء المفعول ما أخرج منه من
الحجر وألزقته أي ألصقت بابه بالأرض بحيث ما بقي مرتفعا عن وجهها كأسنمة الإبل
جمع سنام متلاحكة أي متلاصقة شديدة الاتصال قوله يخرب من التخريب قالوا هذا التخريب
عند قرب القيامة حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول الله الله ذو السويقتين تثنية سويقة وهي تصغير
الساق وهي مؤنثة فلذلك ظهرت التاء في تصغيرها وإنما صغر الساقين لان الغالب على سوق الحبشة الدقة
216

قوله واجاف أي رد الباب عليهم مليا بفتح الميم وكسر اللام وتشديد الياء أي زمانا طويلا قوله
ودنا خروجه أي قرب خروجه من الكعبة وحدث بمعنى أحدث أي فعل وأبدى في الكعبة
شيئا أي فأردت أن أحققه ركعتين هذا يقتضي أن بلالا ذكر له كم صلى وقوله ونسيت أن أسأله كم صلى
217

يفيد أنه ما ذكر له ذلك فالظاهر أن تعيين كون الصلاة الركعتين كان من بن عمر بناء على الاخذ بالأقل إذ
أقل الصلاة النهارية أن تكون ركعتين والله تعالى أعلم قوله في وجه الكعبة أي في محاذاة الباب قوله
ولم يصل قيل علم أسامة بذلك لكونه كان مشغولا فما اطلع على الصلاة فأخبر بحسب ذلك والمثبت
مقدم هذه الإشارة إلى الكعبة المشرفة أو جهتها وعلى الثاني الحصر واضح وعلى الأول باعتبار من كان داخل
المسجد أو من كان بمكة والله تعالى أعلم قوله حديث عهدهم برفع عهدهم على الفاعلية وليس عندي
218

يفيد أن كلا من الامرين مانع من ذلك
220

قوله كان يقود بن عباس أي حين كف بصره عند الشقة بضم الشين المعجمة وتشديد القاف
بمعنى الناحية الذي يلي الحجر بفتحتين أي الحجر الأسود والموصول صفة الركن مما يلي الباب
أي باب البيت أي التي بين الحجر والباب أما أنبئت على صيغة الخطاب وبناء المفعول أي أخبرت
قوله أن مسحهما يحطان بالتثنية والضمير للركنين والعائد إلى المسح مقدر أي به وفي نسخة يحط
بالافراد وهو أظهر فهو أي الطواف كعدل رقبة أي مثل اعتاق رقبة في الثواب والكاف زائدة
والعدل يجوز فيه فتح العين وكسرها والله تعالى أعلم
221

قوله بخزامة بكسر الخاء هي حلقة من شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير وإنما منعه عن ذلك
وأمره بالقود باليد لأنه إنما يفعل بالبهائم وهو مثلة والترجمة تؤخذ من الامر لكونه كلاما قوله
في نذر أي لأجل نذر نذره قوله صلاة أي كالصلاة في كثير من الاحكام أو مثلها في الثواب
أو في التعليق بالبيت فأقلوا أي فلا تكثروا فيه الكلام وإن كان جائزا لان مماثلته بالصلاة يقتضي
ان لا يتكلم فيه أصلا كما لا يتكلم فيها فحين أباح الله تعالى فيه الكلام رحمة منه تعالى على العبد فلا أقل
222

من أن يكثر فيه ذلك والله تعالى أعلم قوله يا بني عبد مناف تقدم الحديث في مباحث أوقات الصلاة
قوله إذا أقيمت الصلاة ففيه أن الاحتراز عن طواف النساء مع الرجال مهما أمكن أحسن حيث
أجاز لها في حال إقامة الصلاة التي هي حالة اشتغال الرجال بالصلاة لا في حال طواف الرجال والله تعالى أعلم
223

قوله على بعير يرون أنه كان للزحام أو لنوع مرض فقد جاء الأمران ولا ينبغي ذلك بلا عذر لان
الواجب طواف الانسان بالقران وهذا حقيقة للمركب ويضاف إلى الانسان بالمجاز فلا يجوز بلا ضرورة
بمحجنه بكسر الميم معروف قوله ينهى عن ذلك أي يقول الطواف يوجب التحليل فمن أراد
البقاء على احرامه فعليه أن لا يطوف والحاصل أنه كان يرى الفسخ الذي أمر به صلى الله تعالى عليه وسلم
الصحابة أحرم بالحج قد جاء منه أنه تمتع بالعمرة وهذا الجواب يقتضي أنه أراد بالتمتع القران
224

فليتأمل والله تعالى أعلم قوله لما قدم يريد أنه لا يأتي أهله اقتداء به صلى الله تعالى عليه وسلم
في ذلك واتيانا للنسك على الوجه الذي أتى به هو صلى الله تعالى عليه وسلم قوله) لولا أن معي الهدى
لأحللت فهم منه أن المانع هو الهدى لا الجمع فصاحب الجمع كالمتمتع والمفرد يجوز له الفسخ ان قلنا
225

بعمومه للصحابة ولمن بعدهم كما عليه البعض قوله فطاف طوافا واحدا أي للركن وقد تقدم البحث
في حديث بن عمرو في أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم طاف للقدوم والإفاضة قطعا والله تعالى أعلم
قوله أن يصد على بناء المفعول وكذا أن صددت
226

قوله بك حفيا أي معتنيا بشأنك بالتقبيل والمسح والكلام وإن كان خطابا للحجر فالمقصود
اسماع الحاضرين ليعلموا أن الغرض الاتباع لا تعظيم الحجر كما كان عليه عبدة الأوثان فالمطلوب تعظيم
أمر الرب واتباع نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم قوله كيف يقبل ذكر في حديث وان رآه خاليا قبله
ثلاثا قيل ترجم المصنف رحمه الله تعالى في سننه الكبرى بقوله كم يقبله وهو الأليق قلت وكأنه راعى
ههنا أنه قبله إذا رآه خاليا فعده كيفية ولما كان دلالة الحديث على الكمية ظاهرة دون الكيفية صار
227

ترجمة الكيفية أوفق بدأ به لان دأبه رحمه الله تعالى التنبيه على الدقائق فليتأمل والله تعالى أعلم قوله ثم مضى
على يمينه أي أخذ في الطواف من يمين نفسه أو يمين البيت يعني أنه بدأ من يمين البيت إذ الحجر الأسود
في يمينه فإذا بدأ به فقد بدأ باليمين ويمين البيت إنما يظهر للمحاذاة للباب إذ الباب بمنزلة الوجه فما كان
في يسار المحاذي فهو يمين البيت على قياس من يحاذي وجه انسان فيسار المحاذي يمين من يحاذيه والأقرب
هو الأول وهو أن المراد يمين الطائف والله تعالى أعلم
228

فقال واتخذوا الخ للتنبيه على أن فعله تفسير لهذه الآية قوله يرمل الثلاث الرمل بفتحتين
اسراع المشي مع تقارب الخطا وهو الخبب وهو دون العدو والوثوب من باب نصر قوله فإنه
يسعى أي يسرع وقد يجئ السعي بمعنى المشي مطلقا كما في قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله سجدتين
أي ركعتين من تسمية الشئ باسم الجزء قوله استلم هو افتعال من السلام بمعنى التحية أو السلمة
229

بكسر اللام بمعنى الحجر ومعناه على هذا لمس الحجر أو تناوله ونظيره اكتحل من الكحل بمعنى الحجر
المخصوص ومعنى اكتحل أصاب الكحل والمراد بالركن الأسود الحجر الأسود وأطلق عليه اسم الركن
بعلاقة الحلول ولذلك وصف بالأسود وتعلق استلم على التقرير الثاني مبني على التجريد مثل أسرى بعبده ليلا
يخب من باب نصر والجملة بيان كيفية الطواف قوله من الحجر إلى الحجر أي في تمام دورة
الطواف قوله وهنتهم روى بالتخفيف وبالتشديد أضعفتهم يثرب بالفتح غير منصرف
230

فاطلع بالتخفيف أي أوقفه الله تعالى عليه وأن يمشوا صريح في أنه لا رمل بين الركنين وهو معارض
بما تقدم من قول جابر رمل من الحجر إلى الحجر وهو اثبات فلذا أخذ به الناس ويحتمل أن يكون
قول بن عباس رخصة في حق بعض الضعاف ناحية الحجر بكسر مهملة وسكون أي لا في ناحية
الركنين فلذلك جوز المشي في ناحية الركنين لهؤلاء بفتح اللام قال الشيخ عز الدين فكان ذلك ضربا
من الجهاد قال وعلته في حقنا تذكر نعمة الله تعالى على نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بالعزة والقوة بعد ذلك
قوله إن زحمت على بناء المفعول وكذا أو غلبت أي فهل لي أن أتركه فأشار بن عمر إلى أن
231

طالب السنن ينبغي له أن يبعد هذا السؤال من نفسه فإنه شأن من يريد ترك السنن وإنما ينبغي له أن
يعرف أنه سنة ثم يسعى في تحصيله مهما أمكن من غير وقوع في المحارم كإيذاء المسلمين وإذا أراد ذلك
فلا يمنعه الزحام وغيره من تحصيله على وجهه قوله الا الركنين اليمانيين هو تغليب والمراد الأسود
واليماني وهو بالتخفيف وقد يشدد قوله من نحو متعلق بالولي أي يليه من ناحية دور الجمحيين
232

بضم الجيم وفتح الميم وكسر الحاء بعدها باء مشددة قوله على بعير أي راكبا عليه بمحجن بكسر
ميم وسكون حاء مهملة هو عصا معوج الرأس وفعله الطواف على البعير محمول على عذر كما جاء قوله
وتقول الخ أي تطوف عريانة وتنشد هذا الشعر وحاصله اليوم أي يوم الطواف أما أن ينكشف
كل الفرج أو بعضه وعلى التقديرين فلا أحل لحد أن ينظر إليه قصدا تريد أنها كشفت الفرج لضرورة
الطواف لا لإباحة النظر إليه والاستمتاع به فليس لأحد أن يفعل ذلك والله تعالى أعلم
233

قوله يؤذن من التأذين بمعنى النداء مطلقا والايذان ولا يطوف بالجزم على النهي لفظا ويحتمل أنه
نفى معنى النهي قوله الأنفس مؤمنة أي فمن يردها فليؤمن عهد فأجله أو أمده هو شك إلى أربعة
أشهر قلت والذي في الترمذي عن علي من كان بينه وبين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته
ومن لا مدة له فأربعة أشهر قلت وهو الموافق لقوله تعالى فسيحوا في الأرض أربعة أشهر إلى قوله
الا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا الآية وبه ظهر أن في هذه الرواية اختصارا مخلا
والله تعالى أعلم قوله حتى صحل ضبط بكسر الحاء أي ذهب حدته
234

قوله سبعة بضمتين أي سبع الطواف وليس بينه الخ ظاهره أنه لا حاجة إلى السترة في مكة وبه قيل
ومن لا يقول به يحمله على أن الطائفين كانوا يمرون وراء موضع السجود أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع قوله
نبدأ بما بدأ الله به يفيد أن بداية الله ذكرا يقتضي البداية عملا والظاهر أنه يقتضي ندب البداية عملا
لا وجوبها والوجوب فيما نحن فيه من دليل آخر فرقى بكسر القاف
235

حتى تصوبت أي تسفلت
236

قوله شرب من ماء زمزم وهو قائم هذا مخصوص بمورده وقيل فعله لبيان الجواز وقيل بل لضرورة فإنه
ما وجد محلا للقعود هناك والله تعالى أعلم قوله الذي يخرج منه على بناء المفعول أي الباب المعهود
237

بالخروج منه قوله إنما كان ناس من أهل الجاهلية لا يطوفون أي فجاء القرآن بنفي الاثم لرد ما زعموا من الاثم
لا لإفادة أنه مباح وليس بواجب فكانت أي الطواف بينهما والتأنيث
باعتبار الخبر والمراد ثابتا بالسنة أنه مطلوب في الشرع فليس مما لا مبالاة بتركه قوله أن لا يطوف
أي بأن لا يطوف أو في ألا يطوف بتقدير حرف الجر من أن لو كانت كما أولتها أي لو كان
المراد بالنص ما تقول وهو عدم الوجوب لكان نظمه فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما تريد
أن الذي يستعمل للدلالة على عدم الوجوب عينا هو رفع الاثم عن الترك وأما رفع الاثم عن
الفعل فقد يستعمل في المباح وقد يستعمل في المندوب أو الواجب أيضا بناء على أن المخاطب
يتوهم فيه الاثم فيخاطب نفي الاثم وإن كان الفعل في نفسه واجبا وفيما نحن فهي كذلك فلو كان
المقصود في هذا المقام الدلالة على عدم الوجوب عينا لكان الكلام اللائق بهذه الدلالة أن يقال فلا
جناح عليه أن لا يتطوف بهما قبل أن يسلموا متعلق بما بعده
238

مناة الطاغية مناة اسم صنم والطاغية صفة ويجوز الإضافة على معنى مناة الفرقة الطاغية وهم
الكفار عند المشلل بضم أوله وفتح المعجمة ولامين الأولى مفتوحة مشددة اسم موضع يتحرج
أي يخاف الحرج قد سن أي شرع وجوبا
239

قوله ويدعو بين ذلك أي بين مرات هذا الذكر
240

وليشرف على بناء الفاعل أي ليكون مرفوعا من أن يناله أحد غشوه أي ازدحموا عليه
وكثروا قوله بن جمهان بضم الجيم قوله إن أمشي عومل معاملة الصحيح أو الياء للاشباع
241

قوله الا قال وأنا شيخ كبير أي الا قوله وأنا شيخ كبير فإن سعيد بن جبير لم يذكره قوله ليرى
من الاراءة قوله الا شدا أي عدوا
242

قوله انصبت قدماه بتشديد الباء أي انحدرتا بالسهولة حتى وصلتا إلى بطن الوادي
243

قوله وأصحابه أي الذين وافقوه في القران وقيل بل مطلقا والصحابة كانوا ما بين قارن ومتمتع
وكل منهما يكفيه سعي واحد وعليه بني المصنف ترجمته والله تعالى أعلم
244

قوله في عمرته قالوا عمرة الجعرانة فإنه أسلم حينئذ قوله في أيام العشر أي عشر ذي الحجة قد
أنكروا هذا لظهور أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما حل إلا في منى وعلى تقدير صحته قد سبق توجيهه فليتأمل
هناك قوله ما يفعل من أهل بالحج وأهدى حاصل هذه الترجمة والتي ستجئ أن الذي أهدى
لا يفسخ ولا يخرج من احرامه الا بالنحر حاجا أو معتمرا والله تعالى أعلم
245

قوله ومن أهل بحجة فليتم حجه هذا بظاهره يقتضي أنه ما أمرهم بفسخ الحج بالعمرة بل أمرهم
بالبقاء عليه مع أن الصحيح الثابت برواية أربعة عشر من الصحابة هو أنه أمر من لم يسق الهدى بفسخ
الحج وجعله عمرة من جملتهم عائشة رضي الله عنها وحينئذ لا بد من حمل هذا الحديث على من ساق الهدى
وبه تندفع المنافاة بين الأحاديث والله تعالى أعلم قوله من القيام أي فليثبت على احرامه أو الإقامة أي
فليبق في حاله فلا ينتقل عنها ثابتا على احرامه لكن قولها فأقام على احرامه يؤيد الثاني والله تعالى اعلم
246

قوله بالعرج بفتح فسكون اسم موضع ثوب بالصبح بتشديد الواو على بناء المفعول أي أقيم
بالصبح أو بناء الفاعل أي أقام الصبح فسمع الرغوة ألخ في المجمع هو بالفتح للمرة من الرغاء وبالضم
الاسم وضبط في بعض النسخ الأولى بالفتح والثانية بالكسر على أنها للحالة والهيئة
247

قوله تحت سرحة بفتح فسكون هي الشجرة العظيمة ونفح بيده بالحاء المهملة أي رمى وأشار بيده
يقال له السربة ضبط بضم السين وفتح الراء المشددة سر أي قطعت سررهم يعني ولدوا
تحتها قوله ففتح الله أسماعنا أي لسماع خطبته حيثما كنا حتى أن كنا أي أن الشأن بحصى
الخذف أي بالحصى الذي يرمى به بين الإصبعين والمقصود بيان القدر
249

قوله رضي الله تعالى عنهما فمنا الملبي ومنا المكبر الظاهر أنهم يجمعون بين التلبية والتكبير فمرة يلبي هؤلاء ويكبر آخرون
ومرة بالعكس فيصدق في كل مرة أن البعض يكبر والبعض يلبي والظاهر أنهم ما فعلوا ذلك الا لأنهم
وجدوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فعل مثله ثم رأيت أن الحافظ بن حجر ذكر ما هو صريح في ذلك
قال عند أحمد وابن أبي شيبة والطحاوي من طريق مجاهد عن معمر عن عبد الله قال خرجت مع رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة الا أن يخالطها بتكبير فالأقرب للعامل
أن يأتي بالذكرين جميعا لكن يكثر التلبية ويأتي بالتكبير في أثنائها والله تعالى أعلم
250

قوله لاتخذناه أي يوم النزول ليلة الجمعة لعل المراد بها ليلة السبت فأضيفت إلى الجمعة لاتصالها
بها والمراد أنها نزلت يوم الجمعة في قرب الليلة فالله تعالى جمع لنا فيه بين عيدين عيد الجمعة وعيد عرفات من
غير تصنع منا رحمة علينا فله المنة والفضل قوله أكثر من أن يعتق أي أكثر من جهة الاعتاق وبملاحظته
فليست من هذه تفضيلية وإنما التفضيلية من التي في قولها من يوم عرفة
251

وانه ليدنو أي بالرحمة إلى الخلائق قوله الله عز وجلان يوم عرفة أي لمن كان بعرفة يوم النحر وأيام التشريق أي
مطلقا وقوله عند سرادقه هو بضم السين قيل الخيمة وقيل هو الذي يحيط بالخيمة وله باب يدخل منه إلى
الخيمة وقيل هو ما يمد فوق البيت
252

قوله فسطاطه هو بالضم والكسر ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق وبهذا ظهر منشأ
الخلاف بين العلماء في التلبية في عرفات وظهر أن الحق مع أي الفريقين من بغض علي أي لأجل
بغضه أي وهو كان يتقيد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضا له
253

قوله يصلي الصلاة لوقتها أي بلا ضرورة وقد استدل به من لا يقول بالجمع في السفر والأقرب
أنه نفي فلا يعارض الاثبات
254

قوله الحمس بضم الحاء وسكون الميم جمع أحمس لأنهم تحمسوا في دينهم أي تشددوا ثم
أفيضوا أي ادفعوا أنفسكم أو مطاياكم أيها القريش من حيث أفاض الناس أي غيركم وهو
عرفات والمقصود أي ارجعوا من ذلك المكان ولا شك أن الرجوع من ذلك المكان يستلزم الوقوف
فيه لأنه مسبوق به فلزم من ذلك الامر بالوقوف من حيث وقف الناس وهو عرفة قوله فقال أني
رسول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إليكم الخ إرساله صلى الله تعالى عليه وسلم الرسول بذلك
لتطييب قلوبهم لئلا يتحزنوا ببعدهم عن موقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويروا ذلك نقصا
في الحج أو يظنوا أن ذلك المكان الذي هم فيه ليس بموقف ويحتمل أن المراد بيان أن هذا خير مما
كان عليه قريش من الوقوف بمزدلفة وانه شئ اخترعوه من أنفسهم والذي أورثه إبراهيم هو الوقوف
255

بعرفة والله تعالى أعلم قوله فحدثنا أن نبي الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال أي فحدثنا طويلا من
جملته هذا قوله الحج عرفة قيل التقدير معظم الحج وقوف يوم عرفة وقيل إدراك الحج إدراك
وقوف يوم عرفة والمقصود أن إدراك الحج يتوقف على إدراك الوقوف بعرفة فقد تم حجه أي
أمن من الفوات والا فلا بد من الطواف قوله فجالت به الناقة في مشارق عياض جالت به
256

الفرس أي ذهبت عن مكانها ومشت وهو رافع يديه أي يجتذب بها رأسها إليه ليمنعها من
السرعة في السير لا تجاوزان رأسه بالنزول عنه إلى ما تحته على هينته بكسر الهاء أي سكينته
ولعل المراد أن ذلك كان إذا لم يجد فجوة والا فقد جاء وإذا وجد فجوة نص قوله يكبح راحلته
من كبحت الدابة إذا جذبت رأسها إليك وأنت راكب ومنعتها من سرعة السير إن ذفراها ذفرى
البعير بكسر الذال المعجمة أصل أذنه وهما ذفريان والذفري مؤنثة وألفها للتأنيث أو للالحاق قادمة
الرحل أي طرف الرحل الذي قدام الراكب ليس في ايضاع الإبل أي اسراعها في السير ومنه
أوضع البعير إذا حمله على سرعة السير قوله لما دفع الدفع متعد لكن شاع استعماله بلا ذكر المفعول
في موضع رجع لظهوره أي دفع نفسه أو مطيه حتى أنه يفهم منه معنى اللازم وقيل سمى الرجوع من
257

عرفات ومزدلفة دفعا لان الناس في مسيرهم ذاك مدفوعون يدفع بعضهم بعضا شنق ناقته بفتح
نون خفيفة من حد ضرب أي ضم وضيق زمامها يقال شنق البعير إذا كففت زمامه وأنت راكبه قوله
وهو كاف من الكف
258

قوله يسير العنق أي السير الوسط المائل إلى السرعة فجوة بفتح فاء وسكون جيم
الموضع المتسع بين الشيئين نص أي حرك الناقة ليستخرج أقصى سيرها قوله إلى الشعب
بكسر الشين الجبل بين الطريقين المصلى أي المحل الذي تحسن فيه الصلاة هذه الليلة للحاج
أمامك قدامك قوله فقلت يا رسول الله الصلاة قال أبو البقاء الوجه النصب على تقدير أتريد الصلاة
أو أتصلي الصلاة وقال القاضي عياض هو بالنصب على الاغراء ويجوز الرفع بإضمار فعل أي حانت الصلاة
أو حضرت الصلاة أمامك بالرفع مبتدأ وخبر والمراد موضع الصلاة كما في المصلى أمامك لم يحل
259

بضم الحاء أي لم يفكوا ما على الجمال من الأدوات قوله لم يسبح بينهما أي لم يتنفل بين الصلاة ولا على
أثر واحدة منهما ولا عقب واحدة منهما لا عقب الأولى ولا عقب الثانية هذا تأكيد بالنظر إلى الأولى
تأسيس بالنظر إلى الثانية فليتأمل قوله ليس بينهما سجدة أي صلاة نافلة قوله بإقامة واحدة
260

وقد جاء في نفس حديث بن عمر ما يفيد الجمع بإقامتين لحديث جابر فالوجه الاخذ به كما عليه الجمهور
واختاره الطحاوي وغيره من علمائنا قوله أقبلنا نسير حتى بلغنا ظاهره أنه ما نزل لكن المراد أنه
ما صلى في سباق قريش بضم السين أي فيمن سبق منهم إلى منى قوله في ضعفه أهله أي في الضعفاء
261

من أهله وهو جمع ضعيف قبل هو غريب قوله أن تغلس من التغليس وهو السير بغلس أي آخر الليل
قوله الله تعالى امرأة ثبطة بفتح المثلثة وكسر الموحدة أو سكونها وطاء مهملة أي ثقيلة بطينة قوله ما رأيت
رسول الله الخ هذا الحديث من مشكلات الأحاديث وقد تكلمت عليه في حاشية صحيح البخاري
262

وأبى داود والصحيح في معناه أن مراده ما رأيته صلى صلى الله تعالى عليه وسلم صلاة لغير وقتها المعتاد لقصد
تحويلها عن وقتها المعتاد وتقريرها في غير وقتها المعتاد لما في صحيح البخاري من روايته رضي الله تعالى عنه
أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان وهذا معنى وجيه
ويحمل قوله قبل ميقاتها على هذا الميقات المعتاد ويقال على أنه غلس تغليسا شديدا يخالف التغليس المعتاد
لا أنه صلى قبل أن يطلع الفجر فقد جاء في حديثه وحديث غيره أنه صلى بعد طلوع الفجر وعلى هذا المعنى لا يرد
شئ سوى الجمع بعرفة ولعله كان يرى ذلك للسفر والله تعالى أعلم قوله من صلى صلاتنا إلى قوله فقد تم حجه
أي أمن من الفوات على أحسن وجه وأكمله والا فأصل التمام بهذا المعنى بوقوف عرفة كما تقدم فيما سبق
وأيضا شهود الصلاة مع الصلاة ليس بشرط للتمام عند أحد قوله فلم يدرك أي على أحسن وجه قوله
لم أدع حبلا بحاء مهملة مفتوحة وموحدة ساكنة هو المستطيل من الرمل وقيل الضخم منه وقيل
263

الحبال من الرمل كالجبال في غير الرمل وقيل الحبال ما دون الجبال في الارتفاع ليلا أو نهارا يدل على
أن الجمع بين جزء من النهار وجزء من الليل ليس بشرط بل لو أدرك جزءا من النهار وحده لكفى في حصول
الحج فقد تم قد سبق معناه وقضى تفثه أي أتم مدة ابقاء النفث أعني الوسخ وغيره مما يناسب المحرم
فحل له أن يزيل عنه التفث بحلق الرأس وقص الشارب والأظفار وحلق العانة وإزالة الشعث والدرن والوسخ
مطلقا قوله من جاء ليلة جمع أي جاء عرفات
264

أيام منى ثلاثة أي سوى يوم النحر وإنما لم يعد يوم النحر من أيام منى لأنه ليس مخصوصا بمنى بل فيه مناسك
كثيرة قوله أشرق صيغة أمر من الاشراق وقوله ثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون التحتية
265

وبالراء جبل عظيم بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى وهو منادى بتقدير يا ثبير أي لتطلع الشمس
عليك حتى نفيض إلى منى
266

قوله كان يسير ناقته بالتشديد والمراد سيرا وسطا معتادا قوله أوضع أي أجرى جمله
قوله ومحسر بكسر السين المشددة
267

قوله فلم يزل يلبي أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حتى رمى أي شرع في رمى الجمرة أو فرغ منه
قولان قوله القط لي صيغة أمر من لقط كنصر وإنما هلك بتخفيف اللام متعد بمعنى
أهلك وقد جاء متعديا كما في القاموس كما جاء لازما وهو الأكثر والفاعل الغلو بالرفع
268

قوله وهو كاف من الكف بحصى الخذف الخذف بخاء وذال معجمتين رمى الانسان بحصاة
ونحوها من بين سبابتيه من باب ضرب
269

قوله وهو محرم يدل على جواز الاستظلال للمحرم وعلى أن الركوب كان يوم النحر قوله لا ضرب
الخ تعريض للأمراء بأنهم أحدثوا هذه الأمور وإليك إليك اسم فعل أي تبعد وتنح قوله خذوا
مناسككم أي تعلموها مني واحفظوها وهذا لا يدل على وجوب المناسك وإنما يدل على وجوب
270

الاخذ والتعلم فمن استدل به على وجوب شئ من المناسك فدليله في محل النظر فليتأمل قوله أغيلمة
تصغير أغلمة والمراد الصبيان ولذلك صغرهم ونصبه على الاختصاص على حمرات جمع حمر جمع
تصحيح يلطح من اللطح بالحاء المهملة الضرب الخفيف أبيني بضم همزة وفتح موحدة وسكون مثناة
من تحت ثم نون مكسورة ثم ياء مشددة قيل هو تصغير ابني كأعمى وأعيمى وهو اسم مفرد يدل على
الجمع أو جمع بن مقصورا كما جاء ممدودا بقي أن القياس حينئذ عند الإضافة إلى ياء المتكلم أبيناي
271

فكأنه رد الألف إلى الواو على خلاف القياس ثم قلب الواو ياء وأدغم الياء في الياء وكسر ما قبله
ويحتمل أن يكون مقصور الآخر لا مشدده فالامر أظهر والله تعالى أعلم قوله أمر إحدى يدل
على أنه تخصيص والحكم عموما أن يكون الرمي بعد طلوع الشمس قوله لا حرج ظاهره أنه
لا عقوبة ولا دم ولا اثم ومن يوجب الدم يؤوله بأن المراد لا اثم لأنه فعل خطأ ولا اثم في الخطأ
272

قوله في البيتوتة أي في شأنها أو في تركها
273

قوله لا تقولوا سورة البقرة كره أن تضاف السورة إلى البقرة ورده إبراهيم النخعي بأنه جاء وورد
في كلام بن مسعود فيحمل على أنه صار اسما والله تعالى اعلم
274

قوله وبعضنا يقول رميت بست الخ الظاهر أن الامر مبني على التسامح وقيام الأكثر مقام الكل
275

قوله التي تلي المنحر منحر الظاهر أن المراد قرب الجمار إلى المسجد وحينئذ توصيفها بأنها تلي المنحر
لا يخلو عن خفاء والله تعالى أعلم
276

قوله أفطيب هو أي لا شك في كونه طيبا فالطيب قبل الطواف حلال إذا حلق والله تعالى أعلم
(تم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الجهاد)
277