الكتاب: حاشية السندي على النسائي
المؤلف: ابن عبد الهادي
الجزء: ٤
الوفاة: ١١٣٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

حاشية السندي على سنن النسائي
الجزء الرابع
دار الكتب العلمية
بيروت - لبنان
1

كتاب الجنائز
قوله لا يتمنين أحد منكم الموت نهى بنون الثقيلة قيل وان أطلق النهي عن تمني الموت فالمراد منه
المقيد كما في حديث أنس لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه في نفسه أو ماله لأنه في معنى التبرم عن
قضاء الله في أمر يضره في الدنيا وينفعه في أخراه ولا يكره التمني لخوف في دينه من فساد اما محسنا بكسر
الهمزة بتقدير يكون أي لا يخلو المتمني اما يكون محسنا فليس له أن يتمنى فإنه لعله يزداد خيرا بالحياة وأما
مسيئا فكذلك ليس له أن يتمنى فإنه لعله أن يستعتب أي يرجع عن الإساءة ويطلب رضا الله تعالى بالتوبة
وجملة اما محسنا الخ بمنزلة التعليل للنهي ويمكن أن يكون اما بفتح الهمزة والتقدير اما إن كان محسنا فليس
له التمني لأنه لعله يزداد بالحياة خيرا فهو مثل قوله تعالى فأما إن كان من المقربين والله تعالى أعلم. قوله
2

احيني من الاحياء أي أبقني على الحياة قال العراقي لما كانت الحياة حاصلة وهو متصف بها حسن
الاتيان بما أي ما دامت الحياة متصفة بهذا الوصف ولما كانت الوفاة معدومة في حال التمني لم يحسن أن
يقول ما كانت بل أتى بإذا الشرطية فقال إذا كانت أي إذا آل الحال إلى أن تكون الوفاة بهذا الوصف
قوله ألا لا يتمنى خبر بمعنى النهي فإن كان لا بد متمنيا الموت فليقل أي فلا يتمن صريحا بل
3

يعدل عنه إلى التعليق بوجود الخير فيه. قوله وقد اكتوى في بطنه سبعا أي يحمل ما جاء من النهي
عن الكي على التنزيه.
قوله هاذم اللذات بالذال المعجمة بمعنى قاطعها أو بالمهملة من هدم البناء والمراد
الموت وهو هادم اللذات أما لان ذكره يزهد فيها أو لأنه إذا جاء ما يبقى من لذائذ الدنيا شيئا والله تعالى
أعلم. قوله فقولوا خيرا أي ادعو له بالخير لا بالشر وأدعو بالخير مطلقا لا بالويل ونحوه والامر
4

للندب ويحتمل أن المراد أي فلا تقولوا شرا فالمقصود النهي عن الشر لا الامر بالخير وأعقبني من
الاعقاب أي أبدلني وعوضني منه أي في مقابلته عقبى كبشرى أي بدلا صالحا. قوله لقنوا
موتاكم المراد من حضره الموت لا من مات والتلقين أن يذكر عنده لا أن يأمره به والتلقين بعد الموت
قد جزم كثيرا أنه حادث والمقصود من هذا التلقين أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله ولذلك إذا قال مرة
5

فلا يعاد عليه الا ان تكلم بكلام آخر قوله موت المؤمن بعرق الجبين قيل هو لما يعالج من شدة الموت
فقد تبقى عليه بقية من ذنوب فيشدد عليه وقت الموت ليخلص عنها وقيل هو من الحياء فإنه إذا جاءت البشرى
مع ما كان قد اقترف من الذنوب حصل له بذلك خجل وحياء من الله تعالى فعرق لذلك جبينه وقيل يحتمل أن
6

عرق الجبين علامة جعلت لموت المؤمن وان لم يعقل معناه قوله حاقنتي في القاموس الحاقنة المعدة وما بين
الترقوتين وحبل العاتق أو ما سفل من البطن وذاقنتي بذال معجمة الذقن وقيل طرف الحلقوم وقيل ما يناله
الذقن من الصدر. قوله كشف الستارة أي كانت عند كشف الستارة وبسببه حتى كأنها نفس
كشف الستارة أن يرتد أي يرجع عن ذلك المقام ويتأخر السجف بكسر المهملة وسكون الجيم
7

وهو الستر. قوله يا ليته مات بغير مولده لعله صلى الله تعالى عليه وسلم لم يرد بذلك يا ليته مات بغير
المدينة بل أراد يا ليته كان غريبا مهاجرا بالمدينة ومات بها فإن الموت في غير مولده فيمن مات بالمدينة
كما يتصور بأن يولد في المدينة ويموت في غيرها كذلك يتصور بأن يولد في غير المدينة ويموت بها فليكن
التمني راجعا إلى هذا الشق حتى لا يخالف الحديث حديث فضل الموت بالمدينة المنورة إلى منقطع أثره
أي إلى موضع قطع أجله فالمراد بالأثر الأجل لأنه يتبع العمر ذكره الطيبي قلت ويحتمل أن المراد
إلى منتهى سفره ومشيه في الجنة متعلق بقيس وظاهره أنه يعطى له في الجنة هذا القدر لأجل موته غريبا
وقيل المراد أنه يفسح له في قبره بهذا القدر ودلالة اللفظ على هذا المعنى خفية والله تعالى أعلم. قوله إذا
حضر المؤمن على بناء المفعول أي حضره الموت أخرجي الخطاب للنفس فيستقيم هذا الخطاب
مع عموم المؤمن للذكر والأنثى مرضيا عنك بكسر الكاف على خطاب النفس إلى روح الله
بفتح الراء رحمته وريحان أي طيب كأطيب ريح المسك حال أي حال كونه مثل أطيب ريح
المسك وقيل صفة مصدر أي خروجا كخروج أطيب ريح المسك فلهم اللام المفتوحة للابتداء وهم
مبتدأ خبره أشد وقيل يجوز أن تكون اللام جارة والتقدير لهم فرح هو أشد فرحا على توصيف الفرح
بكونه فرحا على المجاز يقدم من القدوم ماذا فعل فلان على بناء الفاعل والمراد ما شأنه وحاله
8

فإذا قال أي في الجواب أما أتاكم أي أنه مات ذهب به على بناء المفعول إلى أمه الهاوية
أي أنه لم يلحق بنا فقد ذهب به إلى النار والهاوية من أسماء النار وتسميتها أما باعتبار أنها مأوى صاحبها
كالأم مأوى الولد ومفزعه ومنه قوله تعالى فأمه هاوية بمسح هو بكسر الميم كساء معروف وقال النووي
هو ثوب من الشعر غليظ معروف. قوله فقد هلكنا لكون الموت مبغوضا إلى النفس بالطبع وليس
أي ليس المراد بالذي تذهب إليه الباء زائدة أي ما تفهم أنت من الاطلاق ولكن المراد التقييد
بحالة الاحتضار حين يبشر المؤمن بخير والكافر ينذر بشر طمح كمنع أي امتد وعلا وحشرج
9

كدحرج في النهاية الحشرجة الغرغرة عند الموت وتردد النفس واقشعر الجلد أي قام شعره. قوله
10

ان أبا بكر قبل من التقبيل. قوله بالسنح بضم السين والنون وقيل بسكونها موضع بعوالي
المدينة مسجى بفتح جيم مشددة كمغطى وزنا ومعنى ببرد حبرة بوزن عنبة على الوصف أو الإضافة
وهو برد يمان لا يجمع الله عليك موتتين رد لما زعم عمر أنه يرجع إلى الدنيا بأنه لو رجع لمات ثانيا
وهو عند الله أعلى قدرا من أن يجمع له موتتين فقدمتها أي مت لك الموتة فالضمير وقع منصوبا
11

على المصدرية قوله وقد مثل على بناء المفعول مخففا أو مشددا على أن التشديد للمبالغة وهي أنسب
بالمقام أي فعل به ما يغير الصورة سجى بتشديد الجيم أي غطى صوت باكية أي امرأة باكية
فلا تبكي نفى بمعنى النهي أو فلم تبكي هو شك من الراوي هل نهى أو استفهام والمراد أن هذا الجليل
القدر الذي تظله الملائكة لا ينبغي أن يبكي عليه بل يفرح له بما صار إليه قوله فقضت أي الأجل
أي ماتت ولكنها أي بكائي والتأنيث للخبر والمراد أن البكاء بلا صوت رحمة وبصوت منكر
12

ففرق بين بكائي وبكائك فلا يؤخذ حكم أحدهما من الآخر تنزع على بناء المفعول. قوله من
ربه ما أدناه الجار والمجرور متعلق بحسب المعنى بقوله أدناه أي أي شئ جعله قريبا من ربه والصيغة
للتعجب تنعاه أي تخبر بموته قوله قد غلب على بناء المفعول أي غلبه الموت وشدته وكذا
قوله قد غلبنا عليك أي تقديره تعالى غالب علينا في موتك والا فحياتك محبوبة لدينا لجميل سعيك
في الاسلام والخير فصحن النساء من الصياح فإذا وجب أي مات أي الممنوع هو البكاء بعد
13

الموت لا في قربه باكية أي امرأة باكية وتخصيص المرأة لان البكاء شأنها أو نفس باكية ان
كدت مخففة أي ان الشأن جهازك بفتح الجيم وكسرها ما يحتاج إليه في السفر والمراد تممت
جهاز آخرتك وهو العمل الصالح بالموت أوقع أجره أي أثبت وأوجب بمقتضى الوعد عليه
أي على عمله فهو متعلق بالاجر أو على ذاته الكريمة فهو متعلق بأوقع المطعون الذي قتله الطاعون
والمبطون الذي قتله البطن وصاحب الهدم بفتحتين البناء المنهدم وصاحب ذات الجنب في
النهاية هي الدملة الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل وقلما يسلم صاحبها وصاحب
الحرق بفتحتين النار وصاحب النار من قتلته النار بجمع بضم الجيم بمعنى المجموع وجوز
كسر الجيم وهي التي تموت وفي بطنها ولد وقيل هي التي تموت بكرا فإنها ماتت مع شئ مجموع فيها غير
14

منفصل عنها من حمل أو بكارة. قوله لما أتى نعى بفتح نون فسكون عين وتشديد ياء أي خبر
موتهم جلس أي في المسجد يعرف فيه الحزن أي يظهر في وجهه الحزن وهو بضم فسكون
أو بفتحتين والجملة حال من صئر الباب بكسر صاد مهملة أي الشق الذي كان بالباب فاحث
من حثى يحثو أي ارم قيل يؤخذ من هذا أن التأديب يكون بمثل هذا ونحوه وهذا إرشاد عظيم قل
من يتفطن له أرغم الله أنف الابعد تضجر منه ما تركت أي من التعب بفاعل أي ما أمرك به
15

على وجهه. قوله ببكاء أهله عليه أي إذا تسبب فيه ورضى به في حياته. قوله ببكاء
الحي أي القبيلة والأهل والمراد بالحي ما يقابل الميت. قوله لا تنوحوا نهى من ناحت المرأة
تنوح أي لا تبكوا علي بالصياح والمدح لم ينح على بناء المفعول. قوله أخذ على النساء أي أخذ
منهن العهد أن لا ينحن أي بأن لا ينحن من النوح أسعدننا أي وافقتنا على النياحة واسعاد
النساء في المناحات هو أن تقوم امرأة فتقوم معها للموافقة والمعاونة على مرادها وكان ذلك فيهن عادة
16

فإذا فعلت إحداهما بالأخرى ذلك فلا بد لها أن تفعل بها مثل ذلك مجازاة على فعلها. قوله أكان
يعذب يريد إنكار ذلك وأنه بعيد من الوقوع فلذلك رد عليه عمران بقوله كذبت أنت والا فصورته
استفهام وهو إنشاء فلا يصلح للتكذيب. قوله وهل بفتح الواو وكسر الهاء أي غلط ونسي ان
صاحب القبر ليعذب أي بذنوب ولا تزر الخ أي فكيف يعذب الميت ببكاء غيره بعد أن مات
وانقطع عمله أصلا فاستبعدت عائشة الحديث لأنها رأته مخالفا للقرآن لكن الحديث صحيح فقد جاء بوجوه
فالوجه محمله على ما إذا تسبب لذلك بوجه أو رضى به حالة الحياة فبذلك يندفع التدافع بينه وبين الآية
والله تعالى أعلم
17

قوله إن الله يزيد الكافر فحملت الميت على الكافر وأنكرت الاطلاق وقد جاء فيه الزيادة كقوله
تعالى زدناهم عذابا فوق العذاب وقوله فلن نزيدكم الا عذابا لكن قد يقال زيادة العذاب بعمل الغير
أيضا مشكلة معارضة بقوله ولا تزر الخ فينبغي أن تحمل الباء في قوله ببعض بكاء أهله على المصاحبة
لا السببية وتخصيص الكافر حينئذ لأنه محل للزيادة والله تعالى أعلم. قوله رأى ركبا بفتح فسكون
أي جماعة راكبين على بصهيب أي أحضره عندي لا تبك خاف أن يفضي بكاؤه إلى البكاء بعد الموت
18

والا فالحديث في البكاء بعد الموت. قوله فإن العين دامعة فيه أن بكاءهن كان بدمع العين لا بالصياح
فلذلك رخص في ذلك وبه يحصل التوفيق بين أحاديث الباب والله تعالى أعلم بالصواب
19

قوله ليس منا أي من أهل طريقتنا. قوله من حلق أي رأسه أو لحيته لمصيبة ولا خرق أي ثوبه ولا
سلق بالتخفيف أي رفع صوته بالبكاء عند المصيبة
20

قوله قبض أي قارب القبض ونفسه تتقعقع القعقعة حكاية صوت الشن اليابس إذا حرك شبه البدن
بالجلد اليابس الخلق وحركة الروح فيه بما يطرح في الجلد من حصاة أو نحوها. قوله عند الصدمة
مرة من الصدم وهو ضرب شئ صلب بمثله ثم استعمل في كل مكروه حصلت بغتة والمعنى الصبر الذي
يحمد عليه صاحبه ويثاب عليه فاعله بجزيل الاجر ما كان منه عند مفاجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك
والله تعالى أعلم.
22

قوله أحبك الله دعاء له بزيادة محبة الله له صلى الله تعالى عليه وسلم يريد أنه يحب ولده حبا شديدا
يطلب لك مثله من الله تعالى ففقده أي الابن أو الأب وهو الأليق بما سيجئ في آخر باب الجنائز
في الكتاب وقوله فقال أي فقال له حين لقيه في الطريق ما يسرك بتقدير همزة الاستفهام أي أما يسرك
قوله بصفيه أي بمحبه الخاص وهو الولد بثواب متعلق بقوله لا يرضى دون الجنة أي سواها فجزاؤه
الجنة أي دخولها أولا ويلزم منه مغفرة الذنوب أجمع صغيرة أو كبيرة. قوله احتسب ثلاثة أي طلب أجر
23

مصيبتهم منه تعالى بالصبر عليها. قوله يتوفى له على بناء المفعول الحنث بكسر حاء مهملة وسكون
نون أي الذنب والمراد أنهم لم يحتلموا وظاهر الحديث أن هذا الفضل مخصوص بمن مات أولاده صغارا
وقيل إذا ثبت هذا الفضل في الطفل الذي هو كل على أبويه فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه
24

السعي ووصل له منه المنفعة وتوجه إليه الخطاب بالحقوق قلت يأبى عنه. قوله بفضل رحمته إياهم
أي بفضل رحمة الله للأولاد إذ لا يلزم في الكبير أن يكون مرحوما فضلا أن يرحم أبوه بفضل رحمته
نعم قد جاء دخول الجنة بسبب الصبر مطلقا كما في حديث فان الله لا يرضى لعبده المؤمن الحديث وقد تقدم
آنفا والله تعالى أعلم. قوله فتمسه النار المشهور عندهم نصب فتمسه على أنه جواب النفي لكن يشكل
ذلك بأن الفاء في جواب النفي تدل على سببية الأول للثاني قال تعالى لا يقضى عليهم فيموتوا وموت
الأولاد ليس سببا لدخول النار بل سبب للنجاة عنها وعدم الدخول فيها بل لو فرض صحة السببية فهي
غير مرادة ههنا لان المطلوب أن من مات له ثلاثة ولد لا يدخل بعد ذلك النار الا تحلة القسم وعلى تقدير
كونه جوابا يصير المعنى فاسدا قطعا إذ لازمه أن موت ثلاثة من الولد لا يتحقق لمسلم قطعا وأنه لو تحقق
لدخل ذلك المسلم النار دائما الا قدر تحلة القسم فالوجه الرفع على أن الفاء عاطفة للتعقيب والمعنى أنه بعد
موت ثلاثة ولد لا يتحقق الدخول في النار الا تحلة القسم وأقرب ما قيل في توجيه النصب أن الفاء بمعنى
الواو المفيدة للجمع وهي تنصب المضارع بعد النفي كالفاء والمعنى لا يجتمع موت ثلاثة من الولد ومس
النار الا تحلة القسم وللعلماء ههنا كلمات بعيدة تكلمت على بعضها في حاشية صحيح البخاري الا تحلة القسم
25

بفتح المثناة وكسر المهملة وتشديد اللام أي ما ينحل به اليمين قال الجمهور المراد بذلك قوله تعالى وان منكم
الا واردها قوله لقد احتظرت بحظار شديد الخ بفتح حاء مهملة وتسكر هو ما يجعل حول البستان
من قضبان والاحتظار فعل الحظار أي قد احتميت بحمى عظيم من النار يقيك حرها. قوله نعى زيدا
الخ أي أخبر بموتهم وفيه أن الاخبار بموت أحد جائز والذي من النهي عن النعي ليس المراد به هذا
وإنما المراد نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها تذرفان بكسر الراء أي تسيلان. قوله
26

النجاشي قيل هو بفتح نون أو كسرها وعلى الأول تخفف الياء أو تشدد وعلى الثاني التشديد لا غير
قوله إذ بصر بامرأة ضم الصاد والباء للتعدية مثل بصرت بما لم يبصروا به فترحمت إليهم أي
ترحمت ميتهم وقلت فيه رحم الله ميتكم مفضيا ذلك إليهم ليفرحوا به وعزيتهم من التعزية أي أمرتهم
بالصبر عليه بنحو أعظم الله أجركم الكدى بضم ففتح مقصورا جمع كدية بضم فسكون وهي الأرض
الصلبة قيل أراد المقابر لأنها كانت في مواضع صلبة والحديث يدل على مشروعية التعزية وعلى جواز خروج
النساء لها حتى يراها جد أبيك ظاهر السوق يفيد أن المراد ما رأيت أبدا كما لم يرها فلان وأن هذه
27

الغاية من قبيل حتى يلج الجمل في سم الخياط ومعلوم ان المعصية غير الشرك لا تؤدي إلى ذلك فأما أن
يحمل على التغليظ في حقها واما أن يحمل على أنه علم في حقها أنها لو ارتكبت تلك المعصية لأفضت بها
إلى معصية تكون مؤدية إلى ما ذكر والسيوطي رحمه الله تعالى مشربه القول بنجاة عبد المطلب فقال لذلك
أقول لا دلالة في هذا الحديث على ما توهمه المتوهمون لأنه لو مشت امرأة مع جنازة إلى المقابر لم يكن ذلك
كفرا موجبا للخلود في النار كما هو واضح وغاية ما في ذلك أن يكون من جملة الكبائر التي يعذب صاحبها ثم
يكون آخر أمره إلى الجنة وأهل السنة يؤولون ما ورد من الحديث في أهل الكبائر من أنهم لا يدخلون
الجنة بأن المراد لا يدخلونها مع السابقين الذين يدخلونها أولا بغير عذاب فغاية ما يدل عليه الحديث المذكور
هو أنها لو بلغت معهم الكدى لم تر الجنة مع السابقين بل يتقدم ذلك عذاب أو شدة أو ما شاء الله تعالى من
28

أنواع المشاق ثم يؤول أمرها إلى دخول الجنة قطعا ويكون عبد المطلب كذلك لا يرى الجنة مع السابقين
بل يتقدم ذلك الامتحان وحده أو مع مشاق أخر ويكون معنى الحديث لم ترى الجنة حتى يجئ الوقت الذي
يرى فيه عبد المطلب فترينها حينئذ فتكون رؤيتك لها متأخرة عن رؤية غيرك مع السابقين هذا مدلول
الحديث على قواعد أهل السنة لا معنى له غير ذلك على قواعدهم والذي سمعته من شيخنا شيخ الاسلام شرف
الدين المناوي وقد سئل عن عبد المطلب فقال هو من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الدعوة وحكمهم في المذهب
معروف انتهى كلام السيوطي رحمه الله تعالى والله تعالى أعلم. قوله فقال أي للنساء الحاضرات
وكانت فيهم أم عطية أو أكثر من ذلك بكسر الكاف قيل خطاب لام عطية قلت بل رئيستهن سواء
كانت هي أو غيرها ويدل الحديث على أنه لا تحديد في غسل الميت بل المطلوب التنظيف لكن لا بد من
مراعاة الايتار فآذنني بمد الهمزة وتشديد النون الأولى من الايذان ويحتمل أن يجعل من التأذين والمشهور
الأول حقوه بفتح الحاء والكسر لغة في الأصل معقد الإزار ثم يراد به الإزار للمجاورة أشعرنها
من الاشعار أي اجعلنه شعارا وهو الثوب الذي يلي الجسد وإنما أمر بذلك تبركا وفيه دلالة على أن
التبرك بآثار أهل الصلاح مشروع وقوله عكاشة بضم فتشديد كاف ثم قال ما قالت استفهام
للتعجب من قولها فعدم الانكار عليها دليل للجواز عمرت على بناء المفعول من التعمير وفيه معجزة
29

له صلى الله تعالى عليه وسلم. قوله ثلاثة قرون قيل أراد ههنا الشعور وكل ضفيرة من ضفائر الشعر
قرن وجعلن ضفيرتين من القرنين وواحدة من الناصية. قوله ابدأن بميامنها خبر بمعنى الامر
30

قوله فقبر ليلا أي من غير أن يعلم به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويصلى عليه غير طائل أي غير جيد فزجر أي
نهى أن يقبر الانسان ليلا أي قبل أن يصلى عليه هو صلى الله تعالى
عليه وسلم فالمقصود هو التأكيد في مراعاتهم حضوره وصلاته على الميت صلى الله تعالى عليه وسلم ولى
أحدكم أخاه أي أمر تجهيزه وتكفينه فليحسن كفنه قيل بسكون الفاء مصدر أي تكفينه فيشمل
الثوب وهيئته وعمله والمعروف الفتح قال النووي في شرح المهذب هو الصحيح قال أصحابنا والمراد
33

بتحسينه بياضه ونظافته وسبوغه وكثافته لا كونه ثمينا لحديث النهي عن المغالاة انتهى. قوله فإنها أطهر وأطيب
لأنه يظهر فيها أدنى وسخ فيزال
34

قوله في ثلاثة أثواب في طبقات بن سعد ازار ورداء ولفافة سحولية بضم أوله أو فتحه نسبة
إلى قرية باليمن. قوله ليس فيها قميص الخ الجمهور على أنه لم يكن في الثياب التي كفن فيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم قميص ولا عمامة أصلا وقيل ما كان القميص والعمامة من الثلاثة بل كانا زائدين
على الثلاثة قال العراقي وهو خلاف الظاهر قلت بل يرده حديث أبي بكر في كم كفن رسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم فقالت عائشة في ثلاثة أثواب فقال أبو بكر لثوب عليه كفنوني فيه مع ثوبين آخرين وهو حديث صحيح
35

قوله يمانية بالتخفيف وأصله يمنية بالتشديد نسبة إلى اليمن لكن قدمت إحدى الياءين ثم قلبت ألفا
أو حذفت وعوض منها بألف على خلاف القياس كرسف بضم كاف وسين مهملة معا بينهما راء
ساكنة القطن قولهم أي قول الناس أي ذكر لها أن الناس يقولون أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كفن
في ثوبين وبرد حبرة الحبرة كالعنبة ما كان مخططا من البرد اليمانية وقولهم برد حبرة بالإضافة أو
التوصيف ولكنهم أي الناس الحاضرين على التكفين فآذنوني بمد الهمزة أي اعلموني
36

أصلي عليه استئناف وليس بجواب أمر والا لكان أصل بلا ياء الا أن يقال الياء للاشباع أو لمعاملة
المعلل معاملة الصحيح وهو تكلف بلا حاجة نهاك الله استشكل بأن نزول قوله تعالى ولا تصل على أحد منهم
كان بعد أجيب بأن عمر فهم من قوله فلن يغفر الله لهم منع الصلاة عليهم فأخبره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن لا منع
فإن قلت كيف لعمر أن يقول أو يعتقد ذلك وفيه اتهام للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بارتكاب المنهي عنه قلت لعله
جوز للنسيان والسهو فأراد أن يذكره ذلك ويمكن أن يقال قوله نهاك ذكره على وجه الاستفسار والسؤال
كما يدل عليه رواية أليس الله نهاك ليتوسل به إلى فهم ما ظنه نهيا وأما ما يشعر به بعضهم أن النهي كان متحققا لان
الصلاة استغفار للميت وقد نهى صلى الله تعالى عليه وسلم عن الاستغفار للمشركين بقوله تعالى ما كان
للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين فليس بشئ إذ لا يلزم من كون الميت منافقا أن يكون مشركا
والظاهر أن الحكم كان في حق المشركين هو النهي وفي حق المنافقين التخيير ثم نزل المنع والنهي والله
37

تعالى أعلم. قوله وقد وضع الخ هذا الحديث مخالف للحديث السابق فإنه صريح في أنه حضر الصلاة عليه
وأعطاه القميص قيل ورواية بن عباس عن عمر كما ذكرها الترمذي وصححها أشد صراحة في ذلك ففيها
دعى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه إلى أن قال ثم صلى عليه ومشى معه فقام
على قبره حتى فرغ منه فإنه صريح في أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان مع الجنازة إلى أن أتى به القبر
وهذا الحديث يفيد أنه جاء بعد ذلك وألبسه القميص بعد وقد تكلف بعضهم في التوفيق بما لا يدفع
الايراد بالكلية والله تعالى أعلم. قوله الا قميص عبد الله بن أبي ففيه أنه إنما ألبسه قميصه مكافأة
لقميص أعطاه العباس. قوله لم يأكل من أجره شيئا كناية عن الغنائم التي تناولها من أدرك زمن
38

الفتوح أينعت بفتح الهمزة وسكون التحتية وفتح النون أي نضجت يهدبها بفتح أوله وكسر
الدال المهملة أي يجتنيها وقيل بتثليث الدال المهملة. قوله اغسلوا المحرم ظاهره أن المراد كل محرم
وكونه جاء في مخصوص لا يضر إذ العبرة لعموم اللفظ ومن لا يرى عموم الحكم يحمل اللام على العهد أي
ذلك المحرم الذي هو مورد الكلام ويرى أن الحكم مخصوص به ولا يخفى أن الأصل هو العموم وإن كان
اللفظ مخصوصا فلا بد لمدعي الخصوص من دليل وما ذكروا من حديث ينقطع عمل الميت لا يصلح
له فليتأمل ثم ظاهر الحديث أنه يكفن فيما يغسل فيه من الثوبين ولا تمسوه بضم التاء وكسر الميم
من الامساس ولا تخمروا أي لا تغطوا. قوله أطيب الطيب أي من أطيب الطيب كما في الرواية
39

الآتية. قوله حتى صف الناس فيه تكرار الصلاة إذ يستبعد من الصحابة دفنها بلا صلاة والصلاة
على القبر بعد الصلاة على الميت ومن لم ير ذلك يحمل على الخصوص
40

قوله قال قدموني كان يعتقد أنهم يسمعون قوله فيقول لهم ذلك أو أنه تعالى يجري على لسانه ذلك
ليخبر عنه رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم للناس فتحصل الفائدة بواسطة ذلك الاخبار والله تعالى أعلم
قوله إذا وضعت الجنازة يحتمل أن المراد بالجنازة الميت أي إذا وضعت الميت على السرير ويحتمل أن
المراد بها السرير أي إذا وضع على الكتف والأول أولى لقوله بعد ذلك فإن كانت صالحه فإن المراد هناك
الميت ويؤيده حديث أبي هريرة إذا وضع الرجل الصالح على سريره كذا قيل قلت بل هو المتعين إذ على الثاني يكون
قوله فاحتملها الرجال على أعناقهم تكرارا ولا يمكن جعله تأكيدا إذ لا يناسبها الفاء فليتأمل نعم ضمير
احتملها بالسرير أنسب إذ هو المحمول أصالة والميت تبعا لكن يكفي في صحة إرادة الميت كونه محمولا
تبعا ويحتمل أن يكون المراد بالضمير السرير بالاستخدام قالت قدموني قيل يحتمل أن القائل
الروح أو الجسد بواسطة رد الروح إليه قوله يسمع صوتها الخ يدل على أنه قول بلسان المقال
لا بلسان الحال ولو سمعها أي صوت النفس الغير الصالحة لصعق أي يغشى عليه من شدة ذلك
41

الصوت فإنه يصيح بصوت منكر وأما الصالح فبخلافه وقيل يحتمل الصعق من صوت الصالح أيضا لكونه غير
مألوف قلت وهذا مبني على أن المراد لو سمعه أحيانا والا فلو سمعه على الدوام لما بقي غير مألوف والله تعالى أعلم
أسرعوا بالجنازة ظاهره الامر للحملة بالاسراع في المشي ويحتمل الامر بالاسراع في التجهيز وقال النووي
الأول هو المتعين لقوله فشر تضعونه عن رقابكم ولا يخفى أنه يمكن تصحيحه على المعنى الثاني بأن يجعل الوضع عن
الرقاب كناية عن التبعيد عنه وترك التلبس به فخير تقدمونها إليه الظاهر أن التقدير فهي خير أي الجنازة
بمعنى الميت لمقابلته بقوله فشر فحينئذ لا بد من اعتبار الاستخدام في ضمير إليه الراجع إلى الخير ويمكن
42

أن يقدر فلها خير أو فهناك خير لكن لا تساعده المقابلة والله تعالى أعلم. قوله رويدا أي أمهلوا
ولا تسرعوا يدبون أي يبطئون في المشي المربد بكسر ميم وفتح باء موضع بالبصرة وأهوى
أي مد يده إلى السوط ليسوقهم به خلوا أي المضيق نرمل من باب نصر رملا بفتحتين
أي نسرع في المشي. قوله رضي الله تعالى عنهما إذا مرت بكم جنازة فقوموا قال القاضي عياض اختلف الناس في هذه
43

المسألة فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي القيام منسوخ وقال أحمد وإسحاق وبعض المالكية هو مخير
واختلفوا في قيام من يشيعها عند القبر فقال جماعة من الصحابة والسلف لا يقعد حتى توضع قالوا
والنسخ إنما هو في قيام من مرت به ولهذا قال به الأوزاعي ومحمد بن الحسن وقال النووي المشهور
في مذهبنا أن القيام ليس مستحبا وقالوا هو منسوخ بحديث على واختار المتولي من أصحابنا أنه مستحب
وهذا هو المختار فيكون الامر به للندب والقعود بيانا للجواز ولا تصح دعوى النسخ في مثل هذا لان
النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر أه‍. قوله حتى تخلفه بضم تاء وتشديد
لام أي تتجاوزه وتجعله خلفها ونسبة التخليف إلى الجنازة مجازية والمراد تخليف حاملها والله تعالى أعلم
44

قوله إنه من أهل الأرض أي أهل الذمة وسمى أهل الذمة بأهل الأرض لان المسلمين لما فتحوا
45

البلاد أقروهم على عمل الأرض وحمل الخراج. قوله إن للموت فزعا أي فلا ينبغي الاستمرار على
الغفلة على رؤية الميت فالقيام لترك الغفلة والتشمير للجد والاجتهاد في الخير وفي بعض النسخ ان الموت فزع
أي ذو فزع أو هو من باب المبالغة ومعنى قوله فإذا رأيتم الجنازة فقوموا أي تعظيما لهول الموت وفزعه
لا تعظيما للميت فلا يختص القيام بميت دون ميت. قوله ولم يعد بعد ذلك من العود واستدل به
الجمهور على النسخ قوله. قال بن عباس نعم ثم جلس أي ترك القيام لها
46

قوله فكره أن يعلو رأسه هذا تأويل وقع في خاطر الحسن والا فمقتضى الأحاديث أنه كان لتعظيم أمر الموت
وقد جاء به الامر أيضا ان يقال هذا مما انضم إلى دواعي القيام أيضا وكانت الدواعي متعددة والله تعالى
أعلم. قوله إنما قمنا للملائكة لا معارضة إذ يجوز تعدد الاغراض والعلل فيكون القيام مطلوبا تعظيما
47

لامر الموت والملائكة جميعا وغير ذلك والله تعالى أعلم. قوله ابن حلحلة بمهملتين مفتوحتين
ولامين الأولى ساكنة والثانية مفتوحة قوله مستريح ومستراح منه الواو بمعنى أو والتقدير هذا
الميت أو كل ميت اما مستريح أو مستراح منه أو بمعناها على أن هذا الكلام بيان لمقدر يقتضيه الكلام
48

كأنه قال هذا الميت أو كل ميت أحد رجلين فقال مستريح ومستراح منه وقال السيوطي الواو فيه بمعنى
أو وهي للتقسيم وقال أبو البقاء في اعرابه التقدير الناس أو الموتى مستريح أو مستراح منه قلت ولا يخفى
ما فيه من عدم المطابقة بين المبتدأ والخبر فليتأمل. قوله من نصب الدنيا هو التعب وزنا ومعنى
وأذاها من عطف العام على الخاص كذا ذكره السيوطي قلت وما أشبهه بعطف المتساويين
والعبد الفاجر قيل يحتمل أن المراد الكافر أو ما يعمه والعاصي وكذا المؤمن يحتمل أن يراد به
التقى خاصة ويحتمل كل مؤمن قلت والظاهر عموم المؤمن وحمل الفاجر على الكفار لمقابلته بالمؤمن إذ
محل التأويل هو الثاني لا الأول فإن التأويل في الأول من قبيل نزع الخف قبل الوصول إلى الماء
ولذلك حمله المصنف على الكافر كما نبه عليه بالترجمة الثانية يستريح منه العباد الخ إذ يقل الأمطار ويضيق
في الأرزاق بشؤم معاصيه مع أنه قد يظلم أيضا ويوقع الناس في الاثم وغير ذلك. قوله أوصاب
الدنيا جمع وصب بفتح الواو والمهملة معا ثم موحدة وهو دوام الوجع ويطلق أيضا على فتور البدن
49

قوله مر بجنازة على بناء المفعول وكذا فأثنى وقوله خيرا بالنصب على المصدر أي ثناء حسنا أنتم
شهداء الله قيل الخطاب مخصوص بالصحابة لأنهم كانوا ينطقون بالحكمة بخلاف من بعدهم وقيل بل
المراد هم ومن كانوا على صفتهم في الايمان وقيل الصواب أن ذلك يختص بالثقات والمتقين وقال
النووي قيل هذا مخصوص بمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ثناؤهم مطابقا لأفعاله فهو من أهل الجنة
والصحيح أنه على عمومه واطلاقه وأن كل مسلم مات فألهم الله الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك
50

دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا إذ العقوبة غير واجبة فالهام الله تعالى
الثناء عليه دليل على أنه شاء المغفرة له وبهذا يظهر فائدة الثناء والا فإذا كانت أفعاله مقتضية للجنة لم
يكن للثناء فائدة قلت ولعله لهذا جاء لا تذكروا الموتى الا بخير والله تعالى أعلم. قوله شهد له أربعة
51

ظاهره العموم كما اختاره النووي والله تعالى أعلم. قوله لا تذكروا هلكاكم الا بخير قيل لعله
ما نهى عن الثناء بالشر فيمن قال في حقه وجبت كما تقدم لخصوص النهي عن السب بغير المنافق
والكافر والمتظاهر بفسق وبدعة وأما هؤلاء فلا يحرم ذكرهم بالشر للتحذير عن طريقهم والاقتداء
52

بآثارهم والتخلق بأخلاقهم فلعل الذي ما نهى عنه فيه كان من هؤلاء قوله فإنهم قد أفضوا أي
وصلوا إلى ما قدموا من التقديم أي لأنفسهم من الاعمال والمراد جزاؤها أي فلا ينفع سبهم
فيهم كما ينفع سب الحي في النهي والزجر حتى لا يقع في الهلاك نعم قد يتضمن سبهم مصلحة الحي كما إذا
كان لتحذيره عن طريقهم مثلا فيجوز لذلك كما تقدم. قوله يتبع الميت أي إلى القبر أهله أي
عادة إذا كان له أهل وكذا ماله أي عبيده ويبقى واحد عمله أي معه فينبغي أن يهتم بصلاحه
لا بصلاحهما قوله على الميت ظاهره الوجوب لكن حمله العلماء على مطلق التأكد يعوده
أي يزوره ويسأل عن حاله ويشهده أي يحضر جنازته ويصلي عليه ويشمته من التشميت
وهو أن يقول يرحمك الله إذا عطس أي رحمه الله وينصح له أي يريد له الخير في جميع أحواله
وهو المراد بقوله إذا غاب أو شهد إذ الأحوال لا تخلو عن غيبة وحضور والمقصود أنه لا يقصر
53

النصح على الحضور كحال من يراعي الوجه بل بنصح لأجل الايمان فيسوى بين السر والاعلان والله تعالى أعلم
قوله وابرار القسم بفتحتين هو الحلف وفي بعض النسخ ابرار المقسم بضم ميم وسكون قاف وكسر
سين وهو الحالف وابراره تصديقه بمعنى أنه لو حلف أحد على أمر وأنت تقدر على جعله بارا فيه كما لو
أقسم أن لا يفارقك حتى تفعل كذا فافعل وعن المياثر جمع مئثر بكسر ميم وسكون همزة هي وطاء
محشو يترك على رحل البعير تحت الراكب والحرمة إذا كان من حرير أو أحمر كذا قيل والقسية
54

بفتح قاف وتشديد سين وياء وقد تقدم. قوله كان له من الاجر قيراط وهو عبارة عن ثواب
معلوم عند الله تعالى عبر عنه ببعض أسماء المقادير وفسر بجبل عظيم تعظيما له وهو أحد بضمتين
55

ويحتمل أن ذلك العمل يتجسم على قدر جرم الجبل المذكور تثقيلا للميزان. قوله الراكب خلف
الجنازة أي اللائق بحاله أن يكون خلف الجنازة والماشي حيث شاء أي من اليمين واليسار والقدام
والخلف فإن حاجة الحمل قد تدعو إلى جميع ذلك والطفل بعمومه يشمل من استهل ومن لا وبه أخذ
أحمد وغيره لكن الجمهور أخذوا بحديث جابر الطفل لا يصلي عليه حتى يستهل ترجيحا للنهي عن الحل
56

عند التعارض. قوله إن أخاكم أي النجاشي وفيه الصلاة على الغائب والمسألة مختلف فيها بين الفقهاء
وظاهر الحديث لمن جوز وغيرهم يدعون الخصوص تارة وحضور الجنازة بين يديه صلى الله تعالى عليه
وسلم أخرى والله تعالى أعلم. قوله طوبى قيل هو اسم الجنة أو شجرة فيها وأصلها فعلى من الطيب
وقيل فرح وقرة عين وهذا تفسير له بالمعنى الأصلي ولم يدركه أي لم يدرك أوانه بالبلوغ أو غير
ذلك أي بل غير ذلك أحسن وأولى وهو التوقف خلق الله الخ قال النووي أجمع من يعتد به
57

من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة والجواب عن هذا الحديث
أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة
قلت وقد صرح كثير من أهل التحقيق أن التوقف في مثله أحوط إذ ليست المسألة مما يتعلق بها عمل
ولا عليها إجماع وهي خارجة عن محل الاجماع على قواعد الأصول إذ محل الاجماع
هو ما يدرك بالاجتهاد دون الأمور المغيبة فلا اعتداد بالاجماع في مثله لو تم على قواعدهم فالتوقف أسلم على أن الاجماع لو
تم وثبت لا يصح الجزم في مخصوص لان ايمان الأبوين تحقيقا غيب وهو المناط عند الله والله تعالى
اعلم. قوله الله أعلم بما كانوا عاملين ظاهره أنه تعالى يعاملهم بما لو عاشوا لعملوه وتمسك به من
58

قال إنهم في مشيئته تعالى وهو منقول عن حماد وابن المبارك وإسحاق ونقله البيهقي في الاعتقاد عن
الشافعي قال بن عبد البر وهو مقتضى منع مالك وصرح به أصحابه وقال النووي الصحيح أنهم في الجنة
لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وإذا كان لا يعذب العاقل لكونه لم تبلغه الدعوة فلان
لا يعذب غير العاقل من باب أولى قال البيضاوي الثواب والعقاب ليسا بالاعمال والا لزم أن يكون
الذراري لا في الجنة ولا في النار بل الموجب لهما هو اللطف الرباني والخذلان الإلهي المقدر لهم في الأزل
فالواجب فيهم التوقف فمنهم من سبق القضاء بأنه سعيد حتى لو عاش عمل بعمل أهل الجنة ومنهم بالعكس
قلت والى التوقف مال كثير وأجابوا عما استدل به النووي بأن الآية محمولة على عذاب الدنيا عذاب
59

استئصال كما هو المناسب بسياقها وسباقها والله تعالى أعلم. قوله عن بن عباس قال سئل النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم عن ذراري المشركين الخ قال الحافظ بن حجر لم يسمع بن عباس هذا الحديث من
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بين ذلك أحمد من طريق عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال كنت
أقول في أولاد المشركين هم منهم حتى حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فلقيته
فحدثني عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال ربهم أعلم بهم هو خلقهم وهو أعلم بما كانوا عاملين فأمسكت
عن قولي ذكره السيوطي قوله أهاجر معك أي أسكن معك مهاجرا غنم كسمع قسم
60

بكسر القاف بمعنى النصيب ما على هذا الخ أي ما آمنت بك لأجل الدنيا ولكن آمنت لأجل أن
أدخل الجنة بالشهادة في سبيل الله أرمى على بناء المفعول أن تصدق الله هو بالتخفيف من الصدق
في الموضعين من باب نصر أي ان كنت صادقا فيما تقول وتعاهد الله عليه يجزك على صدقك بإعطاء ما تريده
فصلى عليه فهذا يدل على الصلاة على الشهيد. قوله فصلى على أهل أحد أي في آخر عمره فهذا يحمل
على الخصوص عند الكل وحمله على الدعاء تأويل بعيد بحيث يقرب أن يسمى تحريفا لا تأويلا والله
61

تعالى أعلم. قوله أني فرط لكم بفتحتين أي أتقدمكم لاهئ لكم وفيه أن هذا توديع لهم وأنا
شهيد عليكم يحمل كلمة على في مثله على معنى اللام أي شهيد لكم بأنكم آمنتم وصدقتموني وفيه تشريف
لهم وتعظيم والا فالامر معلوم عنده تعالى والله تعالى أعلم قوله في ثوب واحد قال المظهري في شرح
المصابيح المراد بالثوب الواحد القبر الواحد إذ لا يجوز تجريدهما بحيث تتلاقى بشرتهما ونقله غير واحد
وأقروه عليه لكن النظر في الحديث يرده بقي أنه ما معنى ذلك والشهيد يدفن بثيابه التي كانت عليه فكان
هذا فيمن قطع ثوبه ولم يبق على بدنه أو بقي منه قليل لكثرة الجروح وعلى تقدير بقاء شئ من الثوب
السابق فلا اشكال لكونه فاصلا عن ملاقاة البشرة وأيضا قد اعتذر بعضهم عنه بالضرورة وقال بعضهم
جمعها في ثوب واحد هو أن يقطع الثوب الواحد بينهما شهيد على هؤلاء أي لهم بأنهم بذلوا أرواحهم
لله ولم يصل عليهم من يقول بالصلاة على الشهيد يرى أن معناه ما صلى على أحد كصلاته على حمزة
62

حيث صلى عليه مرارا وصلى على غيره مرة والله تعالى أعلم قوله أحصنت أي تزوجت فلما
أذلقته بالذال المعجمة أي بلغت منه الجهد حتى قلق فأدرك على بناء المفعول ولم يصل عليه
لئلا يغتر به العصاة. قوله أحسن إليها أوصى بذلك لأنها تابت ولان أهل القرابة قد يؤذون بذلك
لما لحقهم من العار فشكت بتشديد الكاف على بناء الفاعل ونصب الثياب أو على بناء المفعول
ورفع الثياب أي جمعت ولفت لئلا تنكشف في تقلبها واضطرابها ثم صلى عليها ليعلم أنها ماتت تائبة
63

فالامام مخير أن جادت من الجود كأنها تصدقت بالنفس لله حيث أقرت لله بما أدى إلى الموت
قوله فجزأهم بتشديد الزاي وتخفيفها وفي آخره همزة أي فرقهم أجزاء ثلاثة وهذا مبني على تساوي
قيمتهم وقد استبعد وقوع ذلك من لا يقول به بأنه كيف يكون رجل له ستة أعبد من غير بيت ولا مال
ولا طعام ولا قليل أو كثير وأيضا كيف تكون الستة متساوية قيمة قلت يمكن أن يكون فقيرا حصل له
العبيد في غنيمة ومات بعد ذلك عن قريب وأيضا يجوز أنه ما بقي بعد الفراغ من تجهيزه وتكفينه وقضاء ديونه
الا ذلك وأما تساوي كثير في القيمة فغير عزيز وبالجملة أن الخبر إذا صح لا يترك العمل به بمثل تلك
الاستبعادات والله تعالى أعلم قوله غل أي خان في الغنيمة قبل القسمة ما يساوي درهمين أي
64

قدرا يساوي درهمين أو كلمة ما نافية قوله صلوا على صاحبكم كان لا يصلي أولا على المديون الذي
ما ترك وفاء تحذيرا من الدين ثم لما توسع الله تعالى عليه كان يؤدي الدين ويصلي عليه بالوفاء أي هذا العهد
مقرون بالوفاء بمعنى عليك أن تفي به واستدل به من يقول بصحة الكفالة عن الميت والله تعالى أعلم
65

قوله بمشاقص جمع مشقص بكسر ميم وفتح قاف نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض أما أنا
فلا أصلى عليه قال النووي أخذ بظاهره من قال لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه وهو مذهب الأوزاعي
وأجاب الجمهور بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله وصلت عليه
الصحابة وهذا كما ترك صلى الله تعالى عليه وسلم في أول الأمر الصلاة على من عليه دين زجرا لهم عن
66

التساهل في الاستدانة وعن اهمال وفائها وأمر أصحابه بالصلاة عليه فقال صلوا على صاحبكم. قوله من
تردى أي سقط يتردى أي من جبال النار إلى أوديتها خالدا مخلدا ظاهره يوافق قوله تعالى
ومن يقتل مؤمنا متعمدا الآية لعموم المؤمن نفس القاتل أيضا لكن قال الترمذي قد جاءت الرواية بلا
ذكر خالدا مخلدا أبدا وهي أصح لما ثبت من خروج أهل التوحيد من النار قلت إن صح فهو محمول
على من يستحل ذلك أو على أنه يستحق ذلك الجزاء وقيل هو محمول على الامتداد وطول المكث كما
ذكروا في الآية والله تعالى أعلم ومن تحسى آخره ألف أي شرب وتجرع والسم بفتح السين وضمها
وقيل مثلثة السين دواء قاتل يطرح في طعام أو ماء فينبغي أن يحمل تحسى على معنى أدخل في باطنه ليعم
الأكل والشرب جميعا ثم انقطع على شئ خالد يقول ليس هذا من متن الحديث بل هو من كلام الراوي
عن خالد أي أن خالدا يقول انقطع شئ من متن الحديث بعد قوله ومن قتل نفسه بحديدة وهذا الانقطاع
اما بسقوط لفظ أو بالتردد فيه أنه أي لفظ يجأ بهمزة في آخره مضارع وجأته بالسكين إذا ضربته بها
67

قوله أخر عني أي كلامك أو نفسك أو بمعنى تأخر. قوله الا في المسجد ظاهر في الجواز في المسجد
نعم كانت عادته صلى الله تعالى عليه وسلم خارج المسجد
68

فالأقرب أن يقال الأولى أن تكون خارج المسجد مع الجواز فيه والله تعالى أعلم. قوله فصلوا عليها أي ليلا وهذا هو المقصود في الترجمة وهذا الحديث
نص في التكرار وقد سبق جواب من ينكر ذلك عنه قوله نعى للناس أي أخبرهم بموته. قوله سمعت
69

شعبة يقول الساعة الخ الظاهر أنه بيان كيفية تحملهم الحديث لكن في الكلام اختصار وكان أصله
70

كنا عند باب أبي الزبير منتظرين لخروجه ونقول الساعة يخرج أبو الزبير من البيت والله تعالى أعلم
قوله فقام في وسطها أي محاذاة وسطها وهو بسكون السين وفتحها بمعنى فلذا جوز الوجهان وقد فرق
بعضهم بينهما. قوله مما يلي القوم أي في الجانب الذي فيه الامام والقوم وراءه أي جهة القبلة
71

السنة إطلاق الصحابي السنة حكمه الرفع عندهم قوله أحسن شئ عيادة بالنصب على التمييز أي
أحسن الناس من حيث العبادة. قوله فكبر عليها خمسا قالوا كانت التكبيرات على الجنائز مختلفة
72

أولا ثم رفع الخلاف واتفق الامر على أربع الا أن بعض الصحابة ما علموا بذلك فكانوا يعملون
بما عليه الامر أولا والله تعالى أعلم. قوله وزوجا خيرا من زوجه هذا من عطف الخاص على
العام على أن المراد بالأهل ما يعم الخدم أيضا وفيه إطلاق الزوج على المرأة قيل هو أفصح من الزوجة
73

فيها قال السيوطي قال طائفة من الفقهاء هذا خاص بالرجل ولا يقال في الصلاة على المرأة أبدلها زوجا
خيرا من زوجها لجواز أن تكون لزوجها في الجنة فإن المرأة لا يمكن الاشتراك فيها والرجل يقبل ذلك
قوله فلما بينهما أي للفرق الذي بينهما بعلو الثاني على الأول فهو بفتح اللام للابتداء وتخفيف ما
على أنها موصولة قوله وصغيرنا وكبيرنا المقصود في مثله التعميم فلا يشكل بأن المغفرة مسبوقة
74

بالذنوب فكيف تتعلق بالصغير ولا ذنب له. قوله سنة وحق هذه الصيغة عندهم حكمها الرفع لكن
في إفادته الافتراض بحث نعم ينبغي أن تكون الفاتحة أولي وأحسن من غيرها من الأدعية ولا وجه
للمنع عنها وعلى هذا كثير من محققي علمائنا الا أنهم قالوا يقرأ بنية الدعاء والثناء لا بنية القراءة والله تعالى أعلم
75

قوله الا شفعوا فيه بالتشديد أي قبلت شفاعتهم فيه. قوله ولتحسن شفاعتكم من الحسن أي
لتكن شفاعتكم على وجه حسن لائق. قوله أربعون فسره بذلك لما جاء في بعض الروايات تفسيره
76

بذلك العدد والله تعالى أعلم. قوله ثم قعد أي ترك القيام فهو منسوخ
77

قوله ولم يلحد من ألحد أو لحد كمنع على بناء المفعول أو الفاعل أي الحفار وفي بعض النسخ ولما يلحد
ولما بمعنى لم والجملة حال وقوله فجلس جواب لما بالفاء على أنها زائدة كان على رؤوسنا الطير كناية عن
السكون والوقار لان الطير لا يكاد يقع الا على شئ ساكن قوله زملوهم بتشديد الميم أي لفوهم وغطوهم
بدمائهم في ثيابهم الملطخة بالدم من غير غسل ليس كلم بفتح فسكون الجرح والمراد به العضو الجريح
لقوله يكلم على بناء المفعول أو المراد معناه ويكلم بمعنى يعمل ويفعل يدمى كيرضى
78

قوله عبد الله بن معية بالتصغير ويقال عبيد الله بالتصغير أيضا السوائي بضم المهملة وتخفيف الواو
العامري حديثه مرسل قوله حيث أصيبا يحتمل أن المراد منع النقل إلى أرض أخرى أو الدفن في خصوص
البقعة التي أصيبا فيها والله تعالى أعلم قوله إن عمك هو أبو طالب ولا تحدثن نهى من الاحداث
79

أي لا تفعلن فاغتسلت مبني على أنه غسله وأن من يغسل الميت ينبغي له أن يغتسل ويحتمل أن يخص
ذلك بالكافر لقوله تعالى إنما المشركون نجس لكن الأحاديث تقتضي العموم نعم لو قيل إن اغتساله من جهة
المواراة وموارا الكافر توجب الغسل لنجاسته لكان له وجه والله تعالى أعلم قوله الحدوا من لحد
كمنع أو ألحد قوله والشق لغيرنا في المجمع لأهل الكتاب والمراد تفضيل اللحد وقيل قوله لنا أي لي
80

والجمع للتعظيم فصار كما قال ففيه معجزة له صلى الله تعالى عليه وسلم أو المعنى اختيارنا فيكون تفضيلا له وليس
فيه النهي عن الشق فقد ثبت أن في المدينة رجلين أحدهما يلحد والآخر لا ولو كان الشق منهيا عنه لمنع
صاحبه قلت لكن في رواية أحمد والشق لأهل الكتاب والله تعالى أعلم. قوله الحفر علينا الخ
كان مرادهم أن يرخص لهم بأدنى حفر فمنعهم عن ذلك وأمرهم بالاعماق والاحسان ووقع النقل عنهم
بالجمع وأعمقوا من الاعماق وأحسنوا من الاحسان بمعنى الاكمال في الحفر. قوله قطيفة
حمراء المشهور أنه فرشها بعض مواليه صلى الله تعالى عليه وسلم من غير علم الصحابة بذلك وقال
81

السيوطي زاد بن سعد في الطبقات قال وكيع هذا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم خاصة وله عن الحسن
أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بسط تحته شمل قطيفة حمراء كان يلبسها قال وكانت أرض ندية
وله من طريق أخرى عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم افرشوا لي قطيفتي في لحدي
فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء قوله أو نقبر من باب نصر وضرب لغة ثم حمل كثير
على صلاة الجنازة ولعله من باب الكناية لملازمة بينهما ولا يخفى أنه معنى بعيد لا ينساق إليه الذهن من
لفظ الحديث قال بعضهم يقال قبره إذا دفنه ولا يقال قبره إذا صلى عليه والأقرب أن الحديث يميل
إلى قول أحمد وغيره ان الدفن مكروه في هذه الأوقات بازغة أي طالعة ظاهره لا يخفى طلوعها
وحين يقوم قائم الظهيرة أي يقف ويستقر الظل الذي يقف عادة عند الظهيرة حسب ما يبدو فان
الظل عند الظهيرة لا يظهر له سويعة حركة حتى يظهر بمرأى العين أنه واقف وهو سائر حقيقة والمراد
عند الاستواء وحين تضيف بتشديد الياء المثناة بعد الضاد المعجمة المفتوحة وضم الفاء صيغة المضارع
82

أصله تتضيف بالتاءين حذفت إحداهما أي تميل. قوله جهد شديد بفتح الجيم أي مشقة شديدة وحكى ضمها
83

الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افرشوا لي قطيفتي في لحدي فإن الأرض لم تسلط على
84

قوله فإن صلاتي له رحمة من هنا قد أخذ الخصوص من ادعى ذلك وهذه دلالة غير قوية والله تعالى أعلم
قوله على قبر منتبذ أي منفرد بعيد عن القبور
85

قوله على جنازة بن الدحداح بدالين وحاءين مهملات ويقال أبو الدحداح كما في بعض نسخ الكتاب
معرورى بضم ميم وفتح الراءين بعد الثانية ألف المراد مالا سرج عليه. قوله إن يبنى على القبر قيل يحتمل
أن المراد البناء على نفس القبر ليرفع عن أن ينال بالوطئ كما يفعله كثير من الناس أو البناء حوله
أو يزاد عليه بأن يزاد التراب الذي خرج منه أو بأن يزاد طولا وعرضا عن قدر جسد الميت
أو يجصص قال العراقي ذكر بعضهم أن الحكمة في النهي عن تجصيص القبور كون الجص أحرق
86

بالنار وحينئذ فلا بأس بالتطيين كما نص عليه الشافعي قلت التطيين لا يناسب ما ورد من تسوية القبور
المرتفعة كما سبق وكذا لا يناسب بقوله أن يبنى عليه والظاهر أن المراد النهي عن الارتفاع والبناء مطلقا
وافراد التجصيص لأنه أتم في أحكام البناء فخص بالنهي مبالغة أو يكتب عليه يحتمل النهي عن
الكتابة مطلقا ككتابة اسم صاحب القبر وتاريخ وفاته أو كتابة شئ من القرآن وأسماء الله تعالى ونحو
ذلك للتبرك لاحتمال أن يوطأ أو يسقط على الأرض فيصير تحت الأرجل قال الحاكم بعد تخريج هذا
الحديث في المستدرك الاسناد صحيح وليس العمل عليه فإن أئمة المسلمين من الشرق والغرب يكتبون
على قبورهم وهو شئ أخذه الخلف عن السلف وتعقبه الذهبي في مختصره بأنه محدث ولم يبلغهم النهي
والله تعالى أعلم قوله عن تقصيص القبور بمعنى التجصيص أو يبني عليه من عطف الفعل على
المصدر بتقدير ان وكذا أو يجلس عليها أحد قيل أراد القعود لقضاء الحاجة أو للاحداد والحزن بأن
87

يلازمه ولا يرجع عنه أو أراد احترام الميت وتهويل الامر في القعود عليه تهاونا بالميت والموت أقوال
وروى أنه رأى رجلا متكئا على قبر فقال لا تؤذ صاحب القبر قال الطيبي هو نهي عن الجلوس عليه
لما فيه من الاستخفاف بحق أخيه وحمله مالك على الحدث لما روى أن عليا كان يقعد عليه وحرمه
أصحابنا وكذا الاستناد والاتكاء كذا في المجمع قلت ويؤيد الحمل على ظاهره ما جاء من النهي عن وطئه
قوله فسوى أي جعل متصلا بالأرض أو المراد أنه لم يجعل مسنما بل جعل مسطحا وان ارتفع عن
الأرض بقليل والله تعالى أعلم. قوله عن أبي الهياج بفتح الهاء وتشديد الياء المثناة من تحت وآخره
جيم اسمه حيان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء المثناة من تحت ليس له في الكتب الا هذا الحديث
الواحد كذا ذكره السيوطي قوله مشرفا بكسر الراء من أشرف إذا ارتفع قيل والمراد هو الذي بنى
عليه حتى ارتفع دون الذي أعلم عليه بالرمل والحصا والحجر ليعرف فلا يوطأ ولا فائدة في البناء عليه
فلذلك نهى عنه وذهب كثير إلى أن الارتفاع المأمور إزالته ليس هو التسنيم على وجه يعلم أنه قبر والظاهر
88

أن التسوية لا تناسب التسنيم ولا صورة أي صورة ذي روح الا طمستها طمسها أمحاها بقطع
رأسها وتغيير وجهها ونحو ذلك والله تعالى أعلم قوله نهيتكم الخ فيه جمع بين الناسخ والمنسوخ والاذن
بقوله فزوروها قيل يعم الرجال والنساء وقيل مخصوص بالرجال كما هو ظاهر الخطاب لكن عموم علة
التذكير الواردة في الأحاديث قد تؤيد عموم الحكم الا ان يمنع كونه تذكرة في حق النساء لكثرة غفلتهن
والله تعالى أعلم ما بدا بلا همز أي ظهر لكم الا في سقاء أي قربة في الأسقية أي
الظروف والا لا يصح المقابلة قوله ولا تقولوا هجرا بضم الهاء أي ما لا ينبغي من الكلام فإنه
89

ينافي المطلوب الذي هو التذكير. قوله فبكى وأبكى الخ كأنه اخذ ما ذكر في الترجمة من المنع عن
الاستغفار أو من مجرد أنه الظاهر على مقتضى وجودها في وقت الجاهلية لا من قوله بكى وأبكى إذ لا
يلزم من البكاء عند الحضور في ذلك المحل العذاب أو الكفر بل يمكن تحققه مع النجاة والاسلام أيضا
لكن من يقول بنجاة الوالدين لهم ثلاث مسالك في ذلك مسلك أنهما ما بلغتهما الدعوة ولا عذاب على
من لم تبلغه الدعوة لقوله تعالى وما كنا معذبين الخ فلعل من سلك هذا المسلك يقول في تأويل الحديث
أن الاستغفار فرع تصوير الذنب وذلك في أوان التكليف ولا يعقل ذلك فيمن لم تبلغه الدعوة فلا حاجة
إلى الاستغفار لهم فيمكن أنه ما شرع الاستغفار الا لأهل الدعوة لا لغيرهم وان كانوا ناجين وأما من
يقول بأنهما أحييا له صلى الله تعالى عليه وسلم فآمنا به فيحمل هذا الحديث على أنه كان قبل الاحياء وأما
من يقول بأنه تعالى يوفقهما للخير عند الامتحان يوم القيامة فهو يقول بمنع الاستغفار لهما قطعا فلا حاجة
له إلى تأويل فاتضح وجه الحديث على جميع المسالك والله تعالى أعلم. قوله كلمة منصوبة على الحال
90

أو بتقدير أعني أو مرفوعة على حذف المبتدأ أي هي كلمة أحاج أشفع وأشهد كما أشفع وأشهد لغيرك
من المسلمين الذين ماتوا بالمدينة ونحوهم كما جاء كنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا ما لم أنه صيغة
المتكلم على بناء المفعول من النهي. قوله فنزلت وما كان استغفار والنازل في واقعه أبي طالب ما
قبل ذلك وهو قوله تعالى ما كان للنبي الخ فلا منافاة قوله لما كانت ليلتي التي هو عندي أي ليلة من
جملة الليالي كان فيها عندها انقلب أي رجع من صلاة العشاء
91

الا ريثما ظن بفتح راء وسكون ياء بعدها مثلثة أي قدر ما ظن رويدا أي برفق وتقنعت إزاري
كذا في الأصول بغير باء وكأنه بمعنى لبست إزاري فلذا عدي بنفسه فأحضر من الاحضار بحاء مهملة وضاد
معجمة بمعنى العدو فليس الا أن اضطجعت أي فليس بعد الدخول مني الا الاضطجاع فالمذكور اسم ليس
وخبرها محذوف حشيا بفتح حاء مهملة وسكون شين معجمة مقصور أي مرتفعة النفس متواترته كما يحصل
للمسرع في المشي رابية أي مرتفعة البطن لتخبرني بفتح لام ونون ثقيلة مضارع للواحدة المخاطبة من
الاخبار فتكسر الراء ههنا وتفتح في الثاني فأنت السواد أي الشخص فلهزني بزاي معجمة في آخره
92

واللهز الضرب بجمع الكف في الصدر وفي بعض النسخ فلهدني بالدال المهملة من اللهد وهو الدفع الشديد
في الصدر وهذا كان تأديبا لها من سوء الظن أن يحيف الله عليك ورسوله من الحيف بمعنى الجور
أي بأن يدخل الرسول في نوبتك على غيرك وذكر الله لتعظيم الرسول والدلالة على أن الرسول لا يمكن
أن يفعل بدون اذن من الله تعالى فلو كان منه جور لكان بإذن الله تعالى له فيه
وهذا غير ممكن وفيه دلالة على أن القسم عليه واجب إذ لا يكون تركه جورا الا إذا كان واجبا وقد وضعت بكسر التاء
لخطاب المرأة أهل الديار أي القبور تشبيها للقبر بالدار في الكون مسكنا المستقدمين أي
المتقدمين ولا طلب في السين وكذا المستأخرين إن شاء الله للتبرك أو للموت على الايمان قوله
في أدناه في قربه ولا مخالفة بين الحديثين لجواز تعدد الواقعة. قوله كلما كانت ليلتها أي في آخر
93

عمره بعد حجة الوداع والله تعالى أعلم متواعدون غدا أي كان كل منا ومنكم وعد صاحبه حضور
غد أي يوم القيامة ومواكلون أي متكل بعضهم على بعض في الشفاعة والشهادة والله تعالى أعلم
قوله فرط بفتحتين أي متقدمون زائرات القبور قيل كان ذاك حين النهي ثم أذن لهن حين نسخ
النهي وقيل بقين تحت النهي لقلة صبرهن وكثرة جزعهن قلت وهو الأقرب إلى تخصيصهن بالذكر
واتخاذ المسجد عليها قبل أن يجعلها قبلة يسجد إليها كالوثن وأما من اتخذ مسجدا في جوار صالح أو صلى
94

في مقبرة من غير قصد التوجه نحوه فلا حرج فيه وقال جماعة بالكراهة مطلقا والسرج جمع سراج
والنهي عنه لأنه تضييع مال بلا نفع ويشبه تعظيم القبور كاتخاذها مساجد قوله لان تجلس بفتح
اللام مبتدأ خبره خير حتى تحرق من الاحراق وضميره للجمرة ثيابه بالنصب وتفسير الجلوس
95

والخلاف فيه قد تقدم والله تعالى أعلم قوله مساجد أي قبلة للصلاة يصلون إليها أو بنوا مساجد
عليها يصلون فيها ولعل وجه الكراهة أنه قد يفضي إلى عبادة نفس القبر سيما في الأنبياء والأحبار
قوله لقد سبق هؤلاء شرا كثيرا أي سبقوه حتى جعلوه وراء ظهورهم ووصلوا إلى الخير والكفار
بالعكس يا صاحب السبتيتين بكسر السين نسبة إلى السبت وهو جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ
منها النعال أريد بهما النعلان المتخذان من السبت وأمره بالخلع احتراما للمقابر عن المشي بينها بهما أو لقذر
بهما أو لاختياله في مشيه قيل وفي الحديث كراهة المشي بالنعال بين القبور قلت لا يتم الا على بعض الوجوه
المذكورة. قوله التسهيل في غير السبتية يريد أن قوله إنه ليسمع قرع نعالهم يدل على جواز المشي
96

في المقابر بالنعل إذ لا يسمع قرع النعل إلا إذا مشوا بها والحديث المتقدم يدل على عدم الجواز فينبغي
رفع التعارض لحمل هذا على غير السبتية توفيقا بين الحديثين أنت قد عرفت أن دلالة الحديث المتقدم
على عدم الجواز إنما هي على بعض الوجوه وكذا قد يبحث في دلالة هذا الحديث على الجواز بأن
يقال لا يلزم من ذلك جواز مشيهم بها فإنه يجوز أنه ذكر ذلك صلى الله تعالى عليه وسلم على عادات
الناس ولا يلزم من هذه الحكاية من غير إنكار تقرير مشيهم بها سيما إذا سبق منه النهي الذي تقدم
فعلى تقدير تسليم دلالة الحديث المتقدم على النهي لا يعارضه هذا الحديث ولا يدل على خلافه والله
تعالى أعلم. قوله فيقعدانه من الاقعاد في هذا الرجل أي في الرجل المشهور بين أظهركم ولا
يلزم منه الحضور وتركهما ما يشعر بالتعظيم لئلا يصير تلقينا وهو لا يناسب موضع الاختيار. قوله
97

كنت أقول كما يقول الناس يريد أنه كان مقلدا في دينه للناس فلم يكن منفردا عنهم بمذهب
فلا اعتراض عليه حقا كان ما عليه أو باطلا لا دريت أي لا حققت بنسك أمر الدين ولا
تليت أي ولا تبعت من حقق الامر على وجهه أي تقليد غير المحق لا ينفع وإنما ينفع تقليد أهل
التحقيق ففيه أن تقليد أهل التحقيق نافع والله تعالى أعلم وقيل أصله تلوت بالواو بمعنى قرأت الا أنه
قلبت الواو للازدواج بين أذنيه أي على وجهه. قوله من يقتله بطنه قيل هو أن يقتله الاسهال
98

وقيل الاستسقاء قيل الوجود شاهد أن الميت بالبطن لا يزال عقله حاضرا وذهنه باقيا إلى حين موته
فيموت وهو حاضر العقل عارف بالله قوله يفتنون أي يمتحنون بسؤال الملكين في القبور كفى
ببارقة السيوف أي بالسيوف البارقة من البروق بمعنى اللمعان والإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف
أي ثباتهم عند السيوف وبذلهم أرواحهم لله تعالى دليل ايمانهم فلا حاجة إلى السؤال والله تعالى أعلم
99

قوله ضمة القبر وضغطته بفتح الضاد المعجمة عصره وزحمته قيل والمراد التقاء جانبيه على جسد
الميت قال النسفي يقال أن ضمة القبر إنما أصلها أنها أمهم ومنها خلقوا فغابوا عنها الغيبة الطويلة فلما
ردوا إليها ضمتهم ضمة الوالدة غاب عنها ولدها ثم قدم عليها فمن كان لله مطيعا ضمته برأفة ورفق ومن كان
عاصيا ضمته بعنف سخطا منها عليه لربها
100

قوله هذا الذي تحرك له العرش زاد البيهقي في كتاب عذاب القبر يعني سعد بن معاذ
وزاد في دلائل النبوة قال الحسن تحرك له العرش فرحا بروحه وروى أحمد والبيهقي من حديث عائشة
عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجيا ما نجا منها سعد بن معاذ
قوله في عذاب القبر أي في السؤال في القبر ولما كان السؤال يكون سببا للعذاب في الجملة ولو في حق
بعض عبر عنه باسم العذاب فالمراد بالتثبيت في الآخرة هو تثبيت المؤمن في القبر عند سؤال الملكين إياه
101

قوله فسر بذلك على بناء المفعول من السرور والمراد أزيل عنه ما لحقه من الغم والحزن باحتمال أن يكون
الميت مؤمنا معذبا في القبر ويحتمل أن يقال لجواز السرور بعذاب عدو الله من حيثية عداوته مع الله تعالى
أن لا تدفنوا أي لولا خشية أن يفضي سماعكم إلى ترك أن يدفن بعضكم بعضا أن يسمعكم من الاسماع
عذاب القبر أي الصوت الذي هو أثره والا فالعذاب لا يسمع والله تعالى أعلم
102

قوله من فتنة المحيا هو بالقصر مفعل من الحياة أريد به الحياة وبالممات الموت. قوله فذكر الفتنة الخ
الفتنة هي الامتحان والاختبار والمراد ههنا سؤال الملكين روى أحمد في كتاب الزهد وأبو نعيم في الحلية عن
طاوس قال أن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا وكانوا يستحبون أن يطعموا عنهم تلك الأيام
103

ضج المسلمون ضجة أي صاحوا صيحة سكنت بالنون بعد الكاف أو التاء قريبا قيل وجه الشبه بين
الفتنتين الشدة والهول والعموم قوله فارتاع الارتياع الفزع والمراد أنه صار ذلك الكلام عنده بمنزلة خبر
لم يسبق به علم ويكون شنيعا منكرا ثم رده بقوله إنما تفتن اليهود الخ بناء على أنه ما أوحى إليه قبل ومقتضى الظاهر
أنه لو كان لأوحى إليه فليس هذا من باب الانكار بمجرد عدم الدليل بل لقيام أمارة ما على العدم أيضا فيه أنه يجوز
104

إنكار مالا يثبت الا بدليل إذا لم يقم عليه دليل وظهر امارة ما على عدمه وإن كان حقا ولا اثم بانكاره. قوله
دخلت يهودية عليها الظاهر أن هذه الواقعة غير الأولى وهي متأخرة عنها فهذه الواقعة كانت بعد أن أوحى
إليه وأما قوله دخلت عليها عجوزتان الخ فذاك عين هذه الواقعة الا انه وقع الاقتصار على ذكر الواحدة
أحيانا وجاء ذكرهما أخرى. قوله ولم أنعم من أنعم أي لم تطب نفسي بذلك لظهور كذب اليهود
105

وافترائهم في الدين وتحريفهم الكتاب. قوله بحائط بستان سمع حال بتقدير قد في كبير أي فيما يثقل
عليهما الاحتراز عنه بلى أي بل فيما يثقل بناء على اتخاذهما عادة وبعد الاعتياد يصعب الاحتراز وإن كان
قبل ذلك لا يصعب فصح الايجاب والسلب جميعا وللناس فيه كلام كثير يمشي أي بين الناس
بالنميمة الباء للمصاحبة ويحتمل أنها للتعدية أي يجري النميمة لعله أن يخفف أن زائدة تشبيها لكلمة
لعل بعسى وضمير لعله للعذاب أو للشأن وضمير يخفف للعذاب البتة إن كان على بناء المفعول ويجوز
أن يكون مبنيا للفاعل فضميره للفعل والمفعول محذوف وكذا ضمير لعله يجوز أن يكون للفعل. قوله
106

فمن أهل الجنة أي فيعرض عليه من مقاعد أهل الجنة أو فمقعده من مقاعد أهل الجنة حتى يبعثه الله وبعد
107

البعث ينقطع العرض ويتحقق الدخول. قوله قيل هذا مقعدك حتى يبعثك الله يحتمل أن الإشارة إلى
القبر أي القبر مقعدك إلى أن يبعثك الله إلى المقعد المعروض وحتى غاية للعرض أي يعرض عليك إلى البعث ثم
بعد البعث تدخله ثم هذا القول يعم أهل الجنة والنار كما في الرواية الثانية والتخصيص بأهل النار وقع من
الرواة والله تعالى أعلم قوله إنما نسمة المؤمن هي بفتحتين الروح والمراد روح المؤمن الشهيد كما
جاء في روايات الحديث طائر ظاهره ان الروح يتشكل ويتمثل بأمر الله تعالى طائرا كتمثل الملك
بشرا ويحتمل أن المراد أن الروح يدخل في بدن طائر كما في روايات قال السيوطي في حاشية أبي داود إذا
فسرنا الحديث بأن الروح يتشكل طيرا فالأشبه أن ذلك في القدرة على الطيران فقط لا في صورة الخلقة
لان شكل الانسان أفضل الاشكال. قلت هذا إذا كان الروح الانساني له شكل
في نفسه ويكون على شكل الانسان واما إذا كان في نفسه لا شكل له بل يكون مجردا وأراد الله تعالى أن يتشكل ذلك المجرد لحكمة ما فلا
يبعد أن يتشكل أول الأمر على شكل الطائر أما على الثاني فقد أورد عليه الشيخ علم الدين العراقي أنه لا يخلو أما
أن يحصل للطير الحياة بتلك الأرواح أولا والأول عيما تقوله التناسخية والثاني مجرد حبس للأرواح
وتسجن وأجاب السبكي باختيار الثاني ومنع كونه حبسا وتسجنا لجواز أن يقدر الله تعالى في تلك الأجواف
من السرور والنعيم مالا يجده في الفضاء الواسع ولهذا الكلام بسط ذكرته في حاشية أبي داود تعلق في
شجر الجنة هكذا في بعض النسخ بثبوت قوله تعلق وسقط في بعضها وهو بضم اللام وقيل أو بفتحها ومعناه
108

تأكل وترعى. قوله ليرينا بفتح اللام مصارعهم أي المحال التي قتلوا فيها والضمير للكفرة
بالأمس أي من يوم القتل تكلم من التكليم ما أنتم بأسمع أي يسمعون كسماعكم. قوله
109

جيفوا بتشديد الياء على بناء الفاعل كما هو مقتضى ظاهر الصحاح أي صاروا جيفا منتنة والجيفة بكسر
110

الجيم جيفة الميت إذا أنتن فهو أخص من الميتة. قوله وهل ابن عمر بكسر الهاء أي غلط وزنا ومعنى
كذا قاله السيوطي إنك لا تسمع الموتى الحديث لا يقتضي أنه المسمع لهم بل يقتضي أنهم يسمعون فليكن
المسمع لهم في تلك الحالة هو الله تعالى لا هو صلى الله تعالى عليه وسلم على أنه يمكن أن الله تعالى أحياهم فلا يلزم
أسماع الموتى بل الاحياء كما قال قتادة وأيضا الآية في الكفرة والمراد أنك لا تجعلهم منتفعين بما يسمعون
منك كالموتى والحديث لا يخالفه ولا يثبت الانتفاع للميت وبالجملة فالحديث صحيح وقد جاء بطريق فتخطئته
غير متجهة والله تعالى أعلم. قوله كل ابن آدم أي جمع أجزائه وأعضائه والقضية جزئية بالنظر
111

إلى أفراد بن آدم ضرورة أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء الا عجب الذنب هو
بفتح مهملة وسكون جيم أصل الذنب وظاهر الحديث أنه يبقى قيل هو عظم لطيف هو أول ما يخلق من
الآدمي ويبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه وهذا هو الموافق لما روى بن أبي الدنيا عن أبي سعيد
الخدري قيل يا رسول الله وما هو قال مثل حبة خردل وقال المظهري أراد طول بقائه لا أنه لا يبلي أصلا
لأنه خلاف المحسوس وقيل أمر العجب عجب فإنه آخر ما يخلق وأول ما يخلق يخلق الأول بفتح الياء
أي يصير خلقا والثاني بضمها منه خلق ومنه يركب أي أول ما خلق من الانسان هو ثم إن الله تعالى
يبقيه إلى أن يركب الخلق منه تارة أخرى وعلى ما قال المظهري ثم يعيده أولا ليخلق منه تارة أخرى والله
تعالى أعلم. قوله كذبني من التكذيب أي أنكرت ما أخبرت به من البعث وأنكرت قدرتي عليه
بأعز بأثقل بل الكل على حد سواء يمكن بكلمة كن هذا بالنظر إليه تعالى وأما بالنظر إلى عقولهم وعادتهم
فآخر الخلق أسهل كما قال تعالى وهو أهون عليه فلا وجه للتكذيب أصلا وأما شتمه أي ذكره أسوأ
كلام وأشنعه في حقي وان كانت الشناعة في الأول أيضا موجودة بنسبة الكذب إلى اخباره والعجز إليه
تعالى عن ذلك علوا كبيرا لكنها دون الشناعة في هذا يظهر ذلك إذا نظر الناظر إلى كيفية تحصيل الولد
112

والمباشرة بأسبابه مع النظر إلى غاية نزاهته تعالى ولذلك قال تعالى تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق
الأرض وتخر الجبال هذا والله تعالى أعلم. قوله حين حضرته الوفاة ظرف للقول المتأخر لا للاسراف
المتقدم اسحقوني قيل روى اسحكوني واسهكوني والكل بمعنى وهو الدق والطحن ثم اذروني
من أذراه أي أطاره في الريح في البحر لتتفرق الاجزاء بحيث لا يكون هناك سبيل إلى جمعها فيحتمل
أنه رأى أن جمعه يكون حينئذ مستحيلا والقدرة لا تتعلق بالمستحيل فلذلك قال فوالله لئن قدر الله
فلا يلزم أنه نفى القدرة فصار بذلك كافرا فكيف يغفر له وذلك لأنه ما نفى القدرة على ممكن وإنما فرض
غير المستحيل مستحيلا فيما لم يثبت عنده أنه ممكن من الدين بالضرورة والكفر هو الأول لا الثاني
ويحتمل أن شدة الخوف طيرت عقله فما التفت إلى ما يقول وما يفعل وأنه هل ينفعه أم لا كما هو المشاهد
في الواقع في مهلكة فإنه قد يتمسك بأدنى شئ لاحتمال أنه لعله ينفعه فهو فيما قال وفعل في حكم المجنون
وأجاب بعض بأن هذا رجل لم تبلغه الدعوة وهذا بعيد والله تعالى أعلم أد أمر من الأداء. قوله ملاقوا
113

الله بالبعث للحساب والجزاء غرلا بضم الغين المعجمة وسكون راء جمع أغرل وهو الذي لم يختن
أي يحشرون كما خلقوا لا يفقد منهم شئ قلت كان هذا في سلامة الأعضاء لا في الطول والعرض والله تعالى
أعلم. قوله وأول من يكسى إبراهيم هذه خصوصية ولا يلزم منه أن يكون أفضل من نبينا صلى الله
تعالى عليه وسلم قيل لأنه جرد عن الثياب في سبيل الله حين ألقى في النار فقال تعالى يا نار كوني بردا وسلاما
على إبراهيم والله تعالى أعلم. قوله فكيف بالعورات أي تنكشف العورات وينظر بعضهم إلى عورة
114

بعض يغنيه عن النظر إلى غيره فضلا عن العورة. قوله يحشر الناس يوم القيامة ظاهره أنه حشر
الآخرة وغالب العلماء على أنه حشر في الدنيا وهو آخر أشراط القيامة وهذا هو المناسب لما سيجئ من
115

القيلولة والبيتوتة ونحوهما فيحمل قوله يوم القيامة على معنى قرب يوم القيامة أو بعد زمان آخر العلامات
116

من يوم القيامة مجازا إعطاء للقريب من الشئ حكم ذلك الشئ. قوله ويسعون من السعي أي يجرون
في الأرض من شدة المشي الآفة أي آفة الموت بذات القتب أي بالناقة وهذا لا يناسب الآخرة
والقتب بفتحتين للجمل كالاكاف لغيره قوله فيؤخذ بهم ذات الشمال أي طريق النار لعلهم الذين
117

ارتدوا بعده صلى الله تعالى عليه وسلم من أصحاب مسيلمة ونحوهم. قوله فيقعده من أقعد. قوله أرسل
ملك الموت الخ لم يرد تسميته في حديث مرفوع وورد عن وهب بن منبه أن أسمعه عزرائيل رواه أبو الشيخ
في العظمة ذكره السيوطي صكه لطمه فقأ بهمزة في آخره أي شق متن ثور بفتح ميم وسكون
118

مثناة من فوق هو الظهر ثم مه هي ما الاستفهامية حذفت ألفها وألحق بها هاء السكت أي ماذا أن يدنيه
من الادناء أي يقربه رمية بفتح الراء أي قدر رمية فلو كنت ثم بفتح المثلثة وتشديد الميم أي هناك تحت
119

الكثيب بالمثلثة وآخره موحدة بوزن عظيم الرمل المجتمع وفيه اشكال من حيث أنه كيف لموسى أن يلطم ملك
الموت الذي جاءه من الله تعالى ليقبض روحه ومن حيث أنه يفيد أن موسى ما كان معتقدا للموت والفناء له بل كان
يعتقد البقاء له أو يظنه فانظر إلى قول الملك عبد لا يريد الموت وانظر إلى قوله أي رب ثم مه حتى إذا علم أنه بالآخرة
الموت قال فالآن والناس ما ذكروا في تأويله ما يدفع الايراد بتمامه بل ولا يفي ببعضه والأقرب أن الحديث
من المشتبهات التي يفوض تأويلها إلى الله تعالى لكن ان أول فأقرب التأويل أن يقال كأن موسى ما علم
أولا أنه جاءه بإذن الله بسبب اشتغاله بأمر من الأمور المتعلقة بقلوب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلما
سمع منه أجب ربك أو نحوه وصار ذلك قاطعا له عما كان فيه ولم ينتقل ذهنه بما استولى عليه من سلطان
الاشتغال أنه جاء بأمر الله حركه نوع غضب وشدة حتى فعل ما فعل ولعل سر ذلك إظهار وجاهته عند
الملائكة الكرام فصار ذلك سببا لهذا الأصل وأما قول الملك لا يريد الموت فذاك بالنظر إلى ظاهر ما
فعل من المعاملة وأما قوله ارجع إليه فقل الخ فلعل ذلك لنقله من حالة الغضب إلى حالة اللين ليتنبه بما فعل
وأما قول موسى ثم ماذا فلعله لم يكن لشك منه في الموت بالآخرة بل لتقرير أنه لا يستبعد الموت حالا إذا
كان هو آخر الامر مآلا وكون الموت آخر الامر معلوم عنده فلم يكن ما وقع منه لاستبعاده الموت
حالا وذلك لأنه حين انتقل إلى حالة اللين علم أن ما وقع منه لا ينبغي وقوعه منه وكذا علم أن ما جاء به الملك عنده
من قوله يضع يده الخ بمنزلة الاعتراض عليه بأنه يستبعد الموت أو يريد الحياة حالا فأراد بهذا الاعتذار
عما فعل وقرر أن الذي فعله ليس لاستبعاده الموت حالا إذ لا يجئ ذلك ممن يعلم أن الموت هو آخر امره
فصار كأنه قال إن الذي فعله إنما فعله لامر آخر كان من مقتضى ذلك الوقت في تلك الحالة التي كان فيها والله تعالى أعلم
كتاب الصيام
المشهور بينهم تقديم الزكاة على الصوم وذكرها في جنب الصلاة والواقع في كثير من نسخ النسائي
120

تقديم الصوم فمن قدم الزكاة فقد راعى قوله تعالى أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ومن قدم الصوم فلعله
راعى أول حديث في الباب ففيه تقديم الصوم على الزكاة وذكره في جنب الصوم ومع ذلك لا يخلو عن
مناسبة معنوي من حيث أن كلا من الصلاة والصوم عبادة بدنية بخلاف الزكاة فإنها عبادة مالية والله
تعالى أعلم. قوله ثائر الرأس أي منتشر شعره حال لأنه في معنى النكرة لكون الإضافة لفظيه
والحديث قد تقدم في أول كتاب الصلاة قوله نهينا في القرآن بقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا
لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم والمراد بقوله عن شئ أي غير ضروري لما فيه من احتمال أن
يكون من تلك الأشياء أن يجئ الرجل العاقل الخ فإنه لكونه من أهل البادية لا يعلم بالمنع فيسأل
ولكونه عاقلا يسأل عما يليق السؤال عنه فبالذي خلق الخ الباء للقسم أي أقسمك به قال ذلك
121

لزيادة التوثيق والتثبيت كما يؤتى بالتأكيد لذلك ويقع ذلك في أمر يهتم بشأنه ولم يقل ذلك لاثبات النبوة
بالحلف فإن الحلف لا يكفي في ثبوتها ومعجزاته صلى الله تعالى عليه وسلم كانت مشهورة معلومة فهي
ثابتة بتلك المعجزات قوله آلله بمد الهمزة للاستفهام كما في قوله تعالى آلله أذن لكم. قوله بين
ظهرانيهم أي بينهم قد أجبتك هذا بمنزلة الجواب بنحو أنا حاضر ونحوه
122

اللهم كأنه بمنزلة با الله أشهد بك في كون ما أقول حقا
123

قوله أيكم ابن عبد المطلب نسبه إلى جده لكونه كان مشهورا بين العرب وأما أبوه صلى الله تعالى
عليه وسلم فقد مات صغيرا فلم يشتهر بين الناس اشتهار جده المرتفق أي المتكئ على وسادة فاني آمنت
أخبار عما تقدم له من الايمان أو هو إنشاء للايمان والله تعالى أعلم
124

قوله أجود الناس أي على الدوام أجود ما يكون قال بن الحاجب الرفع
أجود هو الوجه لأنك ان جعلت في كان ضميرا يعود إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن أجود
بمجرده خبرا لأنه مضاف إلى ما يكون وهو كون ولا يستقيم الخبر بالكون عما ليس بكون ألا ترى
أنك لا تقول زيد أجود ما يكون فيجب أن يكون اما مبتدأ خبره قوله في رمضان والجملة خبر أو بدلا
من ضمير في كان فيكون من بدل اشتمال كما تقول كان زيد عمله حسنا وان جعلته ضمير الشأن تعين
رفع أجود على الابتداء والخبر وان لم يجعل في كان ضمير تعين الرفع على أنه اسمها والخبر في رمضان
حين يلقاه جبريل قيل يحتمل أن يكون زيادة الجود بمجرد لقاء جبريل أو بمدارسة آيات
القرآن لما فيه من الحث على مكارم الأخلاق والثاني أوجه كيف والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم على
مذهب أهل الحق أفضل من جبريل فما جالس الأفضل الا المفضول قلت قراءة النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم القرآن في صلاة الليل وغيرها كانت دائمة ويمكن أن يكون لنزول جبريل عن الله تعالى كل
ليلة تأثير أو يقال يمكن أن تكون مكارم الأخلاق كالجود وغيره في الملائكة أتم لكونها جبلية وهذا
لا ينافي أفضلية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام باعتبار كثرة الثواب على الاعمال أو يقال إنه زيادة
الجود كان بمجموع اللقاء والمدارسة أو يقال أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يختار الاكثار في الجود
في رمضان لفضله أو لشكر نزول جبريل عليه كل ليلة فاتفق مقارنة ذلك بنزول جبريل والله تعالى
أعلم من الريح المرسلة أي المطلقة المخلاة على طبعها والريح لو أرسلت على طبعها لكانت في
غاية الهبوب. قوله أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال في الأطراف كذا رواه أبو بكر بن
125

السني عن النسائي عن محمد بن إسماعيل فحسب ولم يذكر فيه البخاري وفي نسخة هو أبو
بكر الطبراني. قوله من لعنة تذكر وكان المراد أنه ما كان يلعن على كثرة لان من
يكثر اللعنة تذكر لعنته ومن يقل تنسى لعنته ان حصل منه مرة اتفاقا والله تعالى أعلم
قوله فتحت أبواب الجنة أي تقريبا للرحمة إلى العباد ولهذا جاء في بعض الروايات أبواب الرحمة وفي
بعضها أبواب السماء وهذا يدل على أن أبواب الجنة كانت مغلقة ولا ينافيه قوله تعالى جنات عدن
مفتحة لهم الأبواب إذ ذلك لا يقتضي دوام كونها مفتحة قوله غلقت أبواب النار أي تبعيدا للعقاب عن
العابد وهذا يقتضي أن أبواب النار كانت مفتوحة ولا ينافيه قوله تعالى حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها
لجواز أن يكون هناك غلق قبيل ذلك وغلق أبواب النار لا ينافي موت الكفرة في رمضان وتعذيبهم
بالنار فيه إذ يكفي في تعذيبهم فتح باب صغير من القبر إلى النار غير الأبواب المعهودة الكبار وصفدت
الشياطين بضم المهملة وكسر الفاء المشددة أي شددت وأوثقت بالاغلال وفي رواية وسلسلت وهو
بمعناه ولا ينافيه وقوع المعاصي إذ يكفي في وجود المعاصي شرارة النفس وخباثتها ولا يلزم أن تكون
كل معصية بواسطة شيطان والا لكان لكل شيطان شيطان ويتسلسل وأيضا معلوم أنه ما سبق إبليس
126

شيطان آخر فمعصيته ما كانت الا من قبل نفسه والله تعالى أعلم
127

الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الاغواء وتزيين الشهوات قال الزين بن المنير والأول أوجه
إذ لا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره وأما الرواية التي فهيأ أبواب الرحمة وأبواب
السماء فمن تصرف رواته وأصله أبواب الجنة بدليل ما يقابله وهو غلق أبواب النار وقال القرطبي
بعد أن رجح حمله على ظاهره فان قيل فكيف ترى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا
فلو صدفت الشياطين لم يقع ذلك فالجواب أنها إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على
شروطه وروعيت آدابه أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لاكلهم والمقصود تقليل
الشرور منهم فيه وهذا أمر محسوس فان وقوع ذلك فيه أقل من غيره لا لا يلزم من تصفيد
128

جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لان لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات
القبيحة والشياطين الانسية (وتغل فيه مردة الشياطين) وقال عياض يحتمل أن الحديث
على ظاهره وحقيقة وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته وكمنع
الشياطين من أذي المؤمنين ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين
129

قوله وينادي مناد الخ فإن قلت أي فائدة في هذا النداء مع أنه غير مسموع للناس قلت قد علم الناس
به بأخبار الصادق وبه يحصل المطلوب بأن يتذكر الانسان كل ليلة بأنها ليلة المناداة فيتعظ بها يا باغي الخير
معناه يا طالب الخير أقبل على فعل الخير فهذا أوانك فإنك تعطى جزيلا بعمل قليل ويا طالب الشر أمسك
وتب فإنه أوان التوبة قوله لا يقولن أحدكم صمت رمضان فذكر رمضان بلا شهر دليل على جواز إطلاقه
كذلك والنهي ليس راجعا إليه وإنما هو راجع إلى نسبة الصوم إلى نفسه فيه كله مع أن قبوله عند الله تعالى
في محل الخطر. قوله لا بد من غفلة أي فيعصي في حال الغفلة بوجه لا يناسب الصوم فكيف يدعى بعد
130

ذلك الصوم لنفسه. قوله تعدل حجة أي تساويها ثوابا لا في سقوط الحج عن الذمة عند العلماء
قوله فاستهل على هلال رمضان على بناء الفاعل أي تبين هلاله أو المفعول أي رؤى هلاله كذا
ذكر الوجهين في الصحاح وقوله هكذا أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يحتمل أن المراد به
أنه أمرنا أن لا نقبل شهادة الواحد في حق الافطار أو أمرنا أن نعتمد على رؤية أهل بلدنا ولا نعتمد
131

على رؤية غيرهم والى المعنى الثاني تميل ترجمة المصنف وغيره لكن المعنى الأول محتمل فلا يستقيم
الاستدلال إذ الاحتمال يفسد الاستدلال وكأنهم رأوا أن المتبادر هو الثاني فبنوا عليه الاستدلال والله
تعالى أعلم. قوله فقال رأيت الهلال قبول خبر الواحد محمول على ما إذا كان بالسماء علة تمنع أبصار
الهلال وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم له أتشهد الخ تحقيق لاسلامه وفيه أنه إذا تحقق إسلامه وفي السماء
غيم يقبل خبره في هلال رمضان مطلقا سواء كان عدلا أم لا حرا أم لا وقد يقال كان المسلمون يومئذ
كلهم عدولا فلا يلزم قبول شهادة غير العدل الا أن يمنع ذلك لقوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبأ الآية والله
تعالى أعلم قوله أذن في الناس من التأذين أو الايذان والمراد مطلق النداء والاعلام. قوله في
اليوم الذي يشك فيه أي في أنه من رمضان أو من شعبان
132

صوموا أي صوم الفرض وأفطروا أي لا تفطروا قبله بلا عذر مبيح وانسكوا من نسك
من باب نصر والمراد الحج أي الأضحية فان غم بضم فتشديد ميم أي حال بينكم وبين الهلال غيم رقيق
فإن شهد شاهدان أي ولو بلا علة والا فمع العلة يكفي الواحد في رمضان كما تقدم وقد مال إلى الاخذ
بهذا الاطلاق بعض المتأخرين من أصحابنا كالجمهور وهو الوجه واشتراط الجم الغفير بلا غيم لا يخلو عن خفاء
133

من حيث الدليل والله تعالى أعلم. قوله فاقدروا له بضم الدال وجوز كسرها أي قدروا له تمام العدد
الثلاثين وقد جاء به الرواية فلا التفات إلى تفسير آخر. قوله لا تصوموا أي بنية الفرض ولا تفطروا
134

بلا عذر قوله من يتقدم الشهر أي يستقبله بالصوم وفيه أن محمل الحديث الفرض فلا اشكال بهذا الحديث
بنية النفل والله تعالى أعلم. قوله لا تقدموا الشهر أصله لا تتقدموا بالتاءين حتى تروا الهلال قبله أي قبل الصوم
ولا تستقبلوا الشهر الخ من لا يرى الكراهة بنية النفل يحمل هذا وأمثاله على ما إذا كان بنية الشك أو
135

بنية رمضان قوله غيايه بغين معجمة وتحتيتين بينهما ألف ساكنة هي السحابة
136

قوله فلبث تسعا وعشرين أي بلا دخول عليهن ثم دخل عليهن فقلت أي حين دخل آليت أي حلفت
شهرا فيه اختصار يوضحه سائر الروايات أي أن لا تدخل علينا شهرا وجعل شهرا للايلاء لا يساعده
النظر في المعنى الشهر التعريف للعهد أي هذا الشهر وهذا يقتضي أن الشهر كان بالهلال لا بالأيام وكأنه
خفي الهلال على الناس وعلم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم به بقول جبريل كما سيجئ فلذلك اعترضت عائشة
بما اعترضت فبين لها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حقيقة الامر لكن مقتضى العد أن الشهر كان على
الأيام الا أن يقال زعمت عائشة أن الشهر ثلاثون وان رؤى الهلال قبل ذلك وهذا بعيد والله تعالى أعلم
قوله أفشته أي أظهرته موجدته غضبته. قوله الشهر تسع أي ذلك الشهر أو المراد الشهر
137

أحيانا يكون كذلك. قوله ونقص في الثالثة والمراد أن ذلك الشهر أو الشهر أحيانا يكون تسعا وعشرين
138

وهكذا كل ما جاء من هذا القبيل والله تعالى أعلم. قوله الشهر يكون إلى قوله ويكون ثلاثين أي أحيانا
كذا وأحيانا كذا والمقصود أنه إذا كان مختلفا فالعبرة برؤية الهلال قوله أمية أي منسوبة إلى الام
139

باعتبار البقاء على الحالة التي خرجنا عليها من بطون أمهاتنا في عدم معرفة الكتابة والحساب فلذلك ما
كلفنا الله تعالى بحساب أهل النجوم ولا بالشهور الشمسية الخفية بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية لكنها
مختلفة كما بين بالإشارة مرتين كما في كثير من الروايات فالعبرة حينئذ للرؤية والله تعالى أعلم. قوله فإن
في السحور بفتح السين ما يتسحر به من الطعام والشراب وبالضم أكله والوجهان جائزان ههنا وتوصيف
140

الطعام بالبركة باعتبار ما في أكله من الأجر والثواب والتقوية على الصوم وما يتضمنه من الذكر والدعاء
141

في ذلك الوقت. قوله قال هو النهار الا أن الشمس لم تطلع الظاهر أن المراد بالنهار هو النهار الشرعي
والمراد بالشمس الفجر والمراد أنه في قرب طلوع الفجر حيث يقال أنه النهار نعم ما كان الفجر طالعا. قوله
(2153) الا هنيهة بالتصغير أي قدر يسير
142

قوله كلاهما لا يألو عن الخير أي لا يقصر عنه بل يطلب ويجتهد فيه ولكون كلا مفرد اللفظ صح إليه رجوع
الضمير المفرد يؤخر الصلاة أي صلاة المغرب
144

قوله إنها أي ان هذا الطعام أو التسحر والتأنيث باعتبار الخبر أعطاكم الله أي ندبكم إليه أو خصكم
145

بإباحته دون أهل الكتاب قوله إن فصل ما بين صيامنا الفصل بمعنى الفاصل وما موصولة واضافته من إضافة
الموصوف إلى الصفة أي الفارق الذي بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر والاكلة بضم
الهمزة اللقمة وبالفتح للمرة وان كثر المأكول كالغداء قيل والرواية في الحديث بالضم والفتح صحيح وقيل
الرواية المشهورة الفتح والسحر بفتحتين آخر الليل والأكلة بالضم لا تخلو عن إشارة إلى أنه يكفي اللقمة في
حصول الفرق قيل وذلك لحرمة الطعام والشراب والجماع عليهم إذا ناموا كما كان علينا في بدء الاسلام ثم
146

نسخ فصار السحور فارقا فلا ينبغي تركه قوله إذا نام قبل أن يتعشى لا مفهوم لهذا القيد بل المراد أنه ولو قبل
أن يتعشى فلو نام بعد أن يتعشى يحرم عليه بالأولى وقوله حتى انتصف النهار أي فمضى على صومه حتى انتصف النهار
147

قوله هو سواد الليل أي المذكور من الخيطين سواد الليل وبياض النهار. قوله ويرجع قائمكم
المشهور أنه من الرجع المتعدي وقائمكم بالنصب أي يرد قائمكم إلى حاجته قبل الفجر وليس الفجر أن يقول
هكذا أي ليس ظهور الفجر أن يظهر هكذا. قوله لا تقدموا قبل الشهر بصيام هو من التقديم بحذف
إحدى التاءين وهو نهي وقوله قبل الشهر بصيام هو من التقدم والباء في بصيام للتعدية وقد حمل هذا النهي
كثير من العلماء على أن يكون بنية رمضان أو لتكثير عدد صيامه أو لزيادة احتياطه بأمر رمضان أو على
148

صوم يوم الشك ولا يخفى أن قوله في بعض الروايات ولا يومين لا يناسب الحمل على صوم الشك إذ لا
يقع الشك عادة في يومين والاستثناء بقوله الا رجل الخ لا يناسب التأويلات الاخر إذ لازمه جواز صوم
يوم أو اثنين قبل رمضان لمن يعتاده لا بنية رمضان مثلا وهذا فاسد والله تعالى أعلم أتى ذلك اليوم
أي يوم عادته على صيامه أي مع صيام رمضان متصلا به. قوله لا يتقدمن أي لا يستقبلن. قوله
149

كان يصل شعبان برمضان أي يصومهما لكن يحمل شعبان على غالبه. قوله يصوم أي يستمر
على الصوم حتى لا يفطر أي في هذا الشهر أو عامة شعبان أو بمعنى بل أي بل غالبه. قوله تفطر
في رمضان أي للحيض فما تقدر أن لاحتمال أن يريدها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما
150

يصوم في شعبان أي فكانت تقدر أن تقضي فيه بسبب كثرة صيامه فيه وأيضا قد ضاق الوقت فتعين
عليها الصيام بل كان يصومه كله أي يصومه بحيث يصح أن يقال فيه أنه يصومه كله لغاية قلة المتروك
بحيث يمكن أن لا يعتد به من غاية قلته. قوله حتى نقول قد صام أي قد داوم عليه. قوله ولا صام
شهرا كاملا قط أي بالتحقيق وأما شعبان فكان يصوم كله بالتأويل كما سبق فلا منافاة
151

قوله والله ان صام بكسر الهمزة للنفي أي ما صام
152

قوله ويتحرى أي يقصد ويراه أولى وأحرى قوله فتنحى أي احترز عن أكله وقال اعتذارا
عن ذلك اني صائم الذي يشك فيه أي في أنه من رمضان أو من شعبان بأن يتحدث الناس برؤية الهلال
فيه بلا ثبت وحمل علماء الحديث على أن يصوم بنية رمضان شكا أو جزما وأما إذا جزم بأنه نفل فلا كراهة
وقال بعضهم بالكراهة مطلقا والحكم بأنه عصى تغليظ على تقدير القول بالكراهة والله تعالى أعلم. قوله
لتفطرن من الافطار هات الآن ما عندك من الحجة
153

قوله ايمانا واحتسابا نصبهما على العلة أي يكون الداعي إلى القيام الايمان بالله أو تفضيل
154

رمضان وطلب الثواب من الله تعالى. قوله يرغب الناس من الترغيب بعزيمة أمر فيه بالإضافة
أي من غير أن يأمرهم بقطع أمر وحكم فيه من افتراض وندب نعم الترغيب على هذا الوجه يستلزم الندب
قوله من غير أن يأمرهم بعزيمة أي افتراض
155

قوله خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه أي طهر من الذنوب كطهارته يوم ولدته أمه لا كخروجه منها يوم
ولدته أمه إذ لا ذنب عليه في ذلك اليوم حتى يخرج منه ثم ظاهره الشمول للكبائر والتخصيص في مثله بعيد
قوله وسننت بصيغة المتكلم أي ندبت لكم وإنما قال لكم إذ هو نفع محض لا ضرر فيه أصلا فمن
158

فعل نال أجرا عظيما ومن ترك فلا اثم عليه قوله الصوم لي وأنا أجزي به قد ذكروا له معاني لكن الموافق
للأحاديث أنه كناية عن تعظيم جزائه وأنه لا حد له وهذا هو الذي تفيده المقابلة في حديث ما من حسنة عملها بن آدم
الا كتب له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف الا الصيام فإنه لي وأنا أجزى به وهذا هو الموافق لقوله تعالى إنما
يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وذلك لان اختصاصه من بين سائر الأعمال بأنه مخصوص بعظيم لا نهاية لعظمته
ولاحد لها وأن ذلك العظيم هو المتولي لجزائه مما ينساق الذهب منه إلى أن جزاءه مما لا حد له ويمكن أن يقال
على هذا معنى قوله لي أي أنا منفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيفه وبه تظهر المقابلة بينه وبين قوله كل عمل ابن
آدم له الا الصيام هو لي أي كل عمله له باعتبار أنه عالم بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالا لما بين الله تعالى
فيه الا الصوم فإنه الصبر الذي لا حد لجزائه جدا بل قال إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب ويحتمل
أن يقال معنى قوله كل عمل بن آدم له الخ أن جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية والخدمة فتكون
لائقة له مناسبة لحاله بخلاف الصوم فإنه من باب التنزه عن الأكل والشرب والاستغناء عن ذلك
فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب تبارك وتعالى وأما حديث ما من حسنة عملها ابن آدم الخ فيحتاج على
هذا المعنى إلى تقدير بأن يقال كل عمل بن آدم جزاؤه محدود لأنه له أي على قدره الا الصوم فإنه لي فجزاؤه
غير محصور بل أنا المتولي لجزائه على قدري والله تعالى أعلم حين يفطر من الافطار أي يفرح حينئذ
159

طبعا وان لم يأكل لما في طبع النفس من محبة الارسال وكراهة التقييد وحين يلقى ربه أي ثوابه
160

على الصوم لخلوف فم الصائم بضم المعجمة واللام وسكون الواو هو المشهور وجوز بعضهم فتح المعجمة
أي تغير رائحته أطيب عند الله من ريح المسك أي صاحبه عند الله بسببه أكثر قبولا ووجاهة
وأزيد قربا منه تعالى من صاحب المسك بسبب ريحه عندكم وهو تعالى أكثر اقبالا عليه بسببه من اقبالكم
161

على صاحب المسك بسبب ريحه
162

قوله يدع شهوته وطعامه لأجلي تعليل لاختصاصه بعظيم الجزاء جنة بضم الجيم وتشديد النون
أي وقاية وستر من النار أو مما يؤدي العبد إليها من الشهوات قوله فلا يرفث بضم الفاء وكسرها
163

آخره ثاء مثلثة والمراد بالرفث الكلام الفاحش ولا يصخب بفتح الخاء المعجمة أي لا يرفع صوته
ولا يغضب على أحد فإن شاتمه الخ أي خاصمه باللسان أو اليد فليقل اني صائم أي فليعتذر عنده
من عدم المقابلة بأن حاله لا يساعد المقابلة بمثله أو فليذكر في نفسه أنه صائم ليمنعه ذلك عن المقابلة بمثله
164

قوله عليك بالصوم أي الشرعي فإنه المتبادر فإنه لا مثل له في كسر الشهوة ودفع النفس الامارة
والشيطان أو لا مثل له في كثرة الثواب كما سبق ويحتمل أن المراد بالصوم كف النفس عما لا يليق وهو التقوى
كلها وقد قال تعالى ان أكرمكم عند الله أتقاكم. قوله فإنه لا عدل بكسر العين أو فتحها أي لا مثل له
165

قوله لامر الصوم فعاد إلى بالجواب الأول تعظيما لامره وأنه يكفي والله تعالى أعلم
166

قوله الصوم جنة ما لم يخرقها كيضرب أي فتلك الجنة تقيه ما لم يخرقها كشأن جنة القتال فقوله ما لم يخرقها
167

متعلق بمقدر يقتضيه المقام والمراد الخرق بالغيبة كما يدل عليه رواية الدارمي قوله فلا يجهل بفتح الهاء
أي لا يفعل شيئا من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك جهل بكسر الهاء. قوله لا يدخل
فيه أحد غيرهم لا ينافيه ما جاء في بعض الاعمال أن صاحبه يفتح له تمام أبواب الجنة إذ يجوز أن لا يدخل
من هذا الباب ان لم يكن من الصائمين ويجوز أن لا يفعل أحد ذلك العمل الا وفقه الله لاكثار الصوم بحيث
يصير من الصائمين شرب أي عند الباب ومتصلا بالدخول ولعل من يدخل من الأبواب الأخر
لم يشرب عند الدخول متصلا به والله تعالى أعلم
168

قوله من أنفق زوجين في سبيل الله أي تصدق به في سبيل الخير مطلقا أو في الجهاد كما هو المتبادر هذا
خير أي عمل الذي فعلت خير تشريفا وتعظيما لعمله أو هذا الباب خير لدخولك منه تعظيما له ما على أحد الخ
أي ليس له ضرورة إلى أن يدعى من جميع الأبواب إذ الباب الواحد يكفي لدخوله الجنة قوله ونحن شباب
بفتح الشين جمع شاب لا نقدر على شئ أي على زواج للفقر بالباءة بالمد والهاء على الأفصح يطلق
169

على الجماع والعقد والظاهر أن المراد ههنا العقد وضمير فإنه يرجع إليه على أن المراد به الجماع بطريق
الاستخدام وتذكيره لملاحظة المعنى ويحتمل أن المراد الجماع والمراد عليكم أن تجامعوا النساء بالوجه
المعلوم شرعا أغض أحبس وأحصن وأحفظ فعليه بالصوم قيل الامر لا يكون الا للمخاطب
فلا يجوز عليه بزيد وأما فعليه بالصوم فإنما حسن لتقدم الخطاب في أول الحديث عليكم بالباءة كأنه
قال من لم يستطع منكم فالغائب في الحديث في معنى المخاطب فإنه أي الصوم له للفرج وجاء بكسر
الواو والمد أي كسر شديد يذهب شهوته والمراد التشبيه قوله من استطاع منكم الباءة يحتمل أن المراد
ههنا الجماع أو العقد بتقدير المضاف أي مؤنه وأسبابه أو المراد هي المؤن والأسباب اطلاقا للاسم على ما
170

يلازم مسماه فليتزوج أمر ندب عند الجمهور. قوله ذا طول بفتح الطاء أي سعة
171

قوله في سبيل الله يحتمل أن المراد به مجرد إصلاح النية ويحتمل أن المراد به أنه صام حال كونه غازيا والثاني هو
المتبادر زحزح الله وجهه أي بعده سبعين خريفا أي مسافة سبعين عاما وهو كناية عن حصول البعد العظيم
172

قوله مسيرة مائة عام والتوفيق بحمل أحد العددين أو كليهما على التكثير أو أنه تعالى زاد للصوم الاجر
174

فأتم مائة بعدما كان سبعين والله تعالى أعلم قوله ليس من البر الخ بكسر الباء أي من الطاعة والعبادة
وظاهره أن ترك الصوم أولى ضرورة أن الصوم مشروع طاعة فإذا خرج عن كونه طاعة فينبغي أن لا
يجوز ولا أقل من كون الأولى تركه ومن يقول أن الصوم هو الأولى في السفر يستعمل الحديث في مورده
أي ليس من البر إذا بلغ الصائم هذا المبلغ من المشقة وكأنه مبني على تعريف الصوم للعهد والإشارة إلى
175

مثل صوم ذلك الصائم نعم الأصل هو عموم اللفظ لا خصوص المورد لكن إذا أدى عموم اللفظ إلى تعارض
الأدلة يحمل على خصوص المورد كما ههنا وقيل من في قوله ليس من البر زائدة والمعنى ليس هو البر بل قد
يكون الافطار أبر منه إذا كان في حج أو جهاد ليقوى عليه والحاصل أن المعنى على القصر لتعريف الطرفين
وقيل محمل الحديث على من يصوم ولا يقبل الرخصة. قوله ليس من البر أن تصوموا أي مثل صوم
176

صاحبكم هذا. قوله ذكر الرجل أي المجهول الذي في السند. قوله قد ظلل بتشديد اللام الأولى
على بناء المفعول أي جعل عليه شئ يظله من الشمس لغلبة العطش عليه وحر الصوم حتى بلغ كراع
الغميم بضم الكاف والغميم بفتح الغين المعجمة اسم واد أمام عسفان فدعا بقدح من ماء بعد العصر
فيه دليل على جواز الفطر للمسافر بعد الشروع في الصوم ومن يقول بخلافه فلا يخلو قوله عن اشكال
قوله ادنيا من الادناء والمعنى قربا أنفسكما من الطعام فقال ارحلوا لصاحبيكم أي قال لسائر
177

الصحابة المفطرين ارحلوا لصاحبيكم أي لأبي بكر وعمر لكونهما صائمين أي شدوا الرحل لهما على البعير
اعملوا من العمل أي عاونوهما فيما يحتاجان إليه والمقصود أنه قررهما على الصوم فهو جائز أو أنه
أشار إلى أن صاحب الصوم كل على غيره فهو مكروه والله تعالى أعلم. قوله) فقال انتظر الغداء أي
امكث حتى يحضر الغداء فكل معنا ادن من الدنو حتى أخبرك عن المسافر أي أنت مسافر وقد
وضع الله عن المسافر صوم الفرض بمعنى وضع عنه لزومه في تلك الأيام وخيره بين أن يصوم تلك الأيام
178

وبين عدة من أيام أخر فكيف صوم النفل ونصف الصلاة أي من الرباعية لا إلى بدل بخلاف الصوم
179

قوله وعن الحبلى والمرضع أي إذا خافتا على الحبل والرضيع أو على أنفسهما ثم هل وضع إلى قضاء
180

أو فداء أولا إلى قضاء ولا فداء الحديث ساكت فكل من يقول ببعضه لا بد له من دليل
181

يقال أنس بن مالك هو غير أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قوله فسقط الصوام
كحكام جميع صائم أي ما قدروا على قضاء حاجتهم ذهب المفطرون بالاجر أي حصل لهم بالإعانة في سبيل
182

الله من الاجر فوق ما حصل للصائمين بالصوم بحيث يقال كأنهم أخذوا الاجر كله والله تعالى أعلم. قوله الصيام
في السفر كالافطار في الحضر أي كالافطار في غير رمضان فمرجعه إلى أن الصوم خلاف الأولى أو في رمضان
فمدلوله أنه حرام والأول هو أقرب ومع ذلك لا بد عند الجمهور من حمله على حالة مخصوصة كما إذا أجهده الصوم
والله تعالى أعلم. قوله أتى قديدا بضم القاف على التصغير موضع قريب من عسفان
183

فشرب أي بعد العصر فأفطر أي بعدما أصبح صائما قوله (2290) حتى أتى عسفان بضم فسكون قرية قريبة
من مكة فشرب نهارا ثم أفطر أي داوم على الأقطار إلى مكة قوله يصوم ويفطر أي فيجوز الوجهان
184

قوله قال إن ثم ذكر الخ فقال ثم ذكر بعد ان كلمة معناه معنى ما ذكرت في أن شئت صمت الخ
185

ثم ظاهر الحديث جواز الامرين من غير ترجيح لأحدهما لا للصوم ولا للافطار والله تعالى أعلم
قوله أسرد بضم الراء أي أتابعه. قوله اني رجل أسرد الصيام هو بصيغة المتكلم نظرا إلى المعنى
186

والا فالظاهر يسرد لأنه صفة لرجل وليس بخبر آخر والا لم يبق في قوله رجل فائدة فتأمل قوله (هي رخصة)
187

الضمير للافطار والتأنيث باعتبار الخبر والكلام جاء على اعتقاد السائل فلا يلزم أن ظاهره ترجيح
الافطار حيث قال فحسن وقال في الصوم فلا جناح عليه والله تعالى أعلم قوله ذكر الاختلاف على
أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة قيل ضبطه الامام النووي في أماكن من شرح مسلم قطعة
قطعة بكسر القاف واسكان المهملة وضبطه في التقريب بضم القاف وفتح المهملة. قوله لا يعيب
من العيب أي لا ينكر الصائم على المفطر افطاره دينا ولا المفطر على الصائم صومه فهما جائزان قوله
188

حتى إذا كان بالكديد بفتح الكاف وكسر الدال المهملة مكان بين عسفان وقديد قال عياض
اختلفت الروايات في الموضع الذي أفطر فيه صلى الله تعالى عليه وسلم والقصة واحدة وكلها متقاربة
189

والجميع من عمل عسفان انتهى قلت ففي آخر كلامه إشارة إلى وجه التوفيق والله تعالى أعلم. قوله لما
نزلت هذه الآية وعلى الذين يطيقونه الخ سببها أنه شق عليهم رمضان فرخص لهم في الأقطار مع
القدرة على الصوم فكان يصوم بعض ويفتدى بعض حتى نزل قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهذه
الآية هي المرادة بقوله حتى نزلت الآية بعدها وقيل الناسخة قوله تعالى وأن تصوموا خير لكم وفيه أنه
190

يدل على أن الصوم خير من الافتداء فهذا يدل على جواز الافتداء فلا يصلح ناسخا له بل هو من جملة المنسوخ
والله تعالى أعلم. قوله يكلفونه أي يعدونه مشقة على أنفسهم ويحملونه بكلفة وصعوبة في الكشاف
وغيره من التفاسير أن هذا المعنى مبنى على قراءة بن عباس وهي يطوقونه تفعيل من الطوق ثم ذكروا
عنه روايات أخر ثم ذكروا أنه يصح هذا المعنى على قراءة يطيقونه أي يبلغون به غاية وسعهم
وطاقتهم وعلى هذا لا حاجة إلى تقدير حرف النفي على القراءة المشهورة
والمشهور أنه على القراءة المشهورة يقدر حرف النفي والله تعالى أعلم ليست بمنسوخة أي الآية على هذا المعنى ليست منسوخة وجملة
ليست منسوخة معترضة بين تفسير الآية الا الذي يطيق قد يؤخذ منه الإشارة إلى التوجيه المشهور
وهو تقدير لا للقراءة المشهورة على هذا المعنى لا يشفى على بناء المفعول. قوله أحرورية أنت بفتح
حاء وضم راء أولى أي خارجية وهم طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر وهو موضع
قريب من الكوفة وكان عندهم تشدد في أمر الحيض شبهتها بهم في تشددهم في أمرهم وكثرة مسائلهم
191

وتعنتهم بها وقيل أرادت أنها خرجت عن السنة كما خرجوا عنها ولعل عائشة زعمت أن سؤالها تعنت
لظهور الحكم عند الخواص والعوام فتغلظت في الجواب والله تعالى أعلم بالصواب. قوله إن كان
هي مخففة أي أن الشأن واحد الكونين زائد والله تعالى أعلم. قوله فاتموا بقية يومكم فيه دليل على
الترجمة فإنه بالاتمام لمن أكل ومن لم يأكل قوله أهل العروض ضبط بفتح العين يطلق على مكة
والمدينة وما حولهما قوله أذن من التأذين بمعنى النداء أو الايذان والمصنف حمل الحديث على صوم
النفل لان صوم عاشوراء ليس بفرض ولكن استدل صاحب الصحيح على عموم الحكم وذلك لان
192

الأحاديث تدل على افتراض صوم عاشوراء من جملتها هذا الحديث فإن هذا الاهتمام يقتضي الافتراض
وعلى هذا فالحديث ظاهر في جواز الصوم بنية من نهار في صوم الفرض وما قيل أنه إمساك لا صوم مردود
بأنه خلاف الظاهر فلا يصار إليه بلا دليل نعم قد قام الدليل فيمن أكل قبل ذلك وما قيل أنه جاء في
أبي داود انهم أتموا بقية اليوم وقضوه قلنا هو شاهد صدق لنا عليكم حيث خص القضاء بمن أتم بقية
اليوم لا بمن صام تمامه فعلم أن من صام تمامه بنية من نهار فقد جاز صومه لا يقال يوم عاشوراء منسوخ
فلا يصح به استدلال لأنا نقول دل الحديث على شيئين أحدهما وجوب صوم عاشوراء والثاني أن الصوم
الواجب في يوم بعينه يصح بنية من نهار والمنسوخ هو الأول ولا يلزم من نسخه نسخ الثاني ولا دليل
على نسخه أيضا بقي فيه بحث وهو أن الحديث يقتضي أن وجوب الصوم عليهم ما كان معلوما من الليل
وإنما علم من النهار وحينئذ صار اعتبار النية من النهار في حقهم ضروريا كما إذا شهد الشهود بالهلال يوم
الشك فلا يلزم جواز الصوم بنية من النهار بلا ضرورة وهو المطلوب والله تعالى أعلم. قوله وقد أهدى
إلى حيس هو شئ يتخذ من تمر وسمن وغيرهما فخبأت له منه أي أفردت له منه حصة وتركته
مستورا عن أعين الاغيار أدنيه أمر من الادناء أي قربيه وهذا يدل على جواز الفطر للصائم تطوعا
بلا عذر وعليه كثير من محققي علمائنا لكنهم أوجبوا القضاء كما يدل عليه حديث صوما يوما مكانه وهذا
الحديث وإن كان ظاهره عدم القضاء لكنه ليس صريحا فيه وكذا حديث أم هانئ لا يدل على عدم
193

القضاء فهذا القول غير بعيد دليلا والله تعالى أعلم. قوله ثم دار على الثانية ظاهره انه في ذلك اليوم
194

والرواية السابقة صريحة في خلاف ذلك والله تعالى أعلم قوله تطعمينيه من الاطعام. قوله وقد
فرضت الصوم أي نويت وقد يؤخذ منه أنه يلزم بالنية مع الشروع هو أو بدله وهو القضاء والله تعالى
195

أعلم قوله من لم يبيت من بيت بالتشديد إذا نوى ليلا أي من لم ينو ليلا وقد رجح الترمذي وقفه
وعلى تقدير الرفع فالاطلاق غير مراد فحمله كثير على صيام الفرض لأنه المتبادر وبعضهم على غير
المتعين شرعا كالقضاء والكفارة والنذر المعين والله تعالى أعلم. قوله من لم يجمع من الاجماع أي من لم ينو
196

والعزيمة أجمعت الرأي وأزمعته وعزمت عليه بمعنى
197

قوله أيام البيض أي أيام الليالي البيض التي يكون القمر فيها من المغرب إلى الصبح
198

قوله بل كان يصله برمضان أي بل كان يصومه كله فيصله برمضان والمراد الغالب كما سبق والله تعالى أعلم
199

قوله أكثر صياما منه لشعبان صياما منصوب على التمييز ولا وجه لجره كما قيل
200

قوله كان يصوم شعبان كله أي أكثره وقيل أحيانا يصوم كله وأحيانا أكثره وقيل معنى كله أنه لا يخص أوله
بالصوم أو وسطه أو آخره بل يعم أطرافه بالصوم وإن كان بلا اتصال الصيام بعضه ببعض قوله وهو شهر ترفع
الاعمال فيه إلى رب العالمين قيل ما معنى هذا مع أنه ثبت في الصحيحين أن الله تعالى يرفع إليه عمل الليل قبل عمل
201

النهار وعمل النهار قبل عمل الليل قلت يحتمل أمران أحدهما أن أعمال العباد تعرض على الله تعالى كل
يوم ثم تعرض عليه أعمال الجمعة في كل اثنين وخميس ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان فتعرض عرضا
بعد عرض ولكل عرض حكمة يطلع عليها من يشاء من خلقه أو يستأثر بها عنده مع أنه تعالى لا يخفى عليه
من أعمالهم خافية ثانيهما أن المراد أنها تعرض في اليوم تفصيلا ثم في الجمعة جملة أو بالعكس. قوله كان
يتحرى صيام الاثنين والخميس أي يقصدهما ويراهما أحرى وأولى
202

قوله وقلما يفطر يوم الجمعة أي يصومه مع يوم الخميس لا أنه يصومه وحده فلا ينافي ما جاء من النهي عنه لكونه
محمولا على صوم الجمعة وحدها والله تعالى أعلم. قوله يتحرى فضله أي يراه ويعتقده وقوله يعني شهر رمضان
الخ يدل على أن قوله الا هذا اليوم فيه اختصار أي وهذا الشهر والله تعالى أعلم. قوله أين علماؤكم أي حتى
204

يصدقوني فيما أقول وهذا يدل على أنه بلغه من بعض خلاف ما يقول والله تعالى أعلم. قوله من صام
الأبد فلا صام قيل هذا إذا صام أيام الكراهة أيضا والا فلا منع. قوله فلا صام ولا أفطر أي ما
صام لقلة أجره وما أفطر لتحمله مشقة الجوع والعطش وقيل دعاء عليه زجرا له عن ذلك وقيل بل لا
يبقى له حظ من الصوم لكونه يصير عادة له ولا هو مفطر حقيقة فلاحظ له من الافطار وقيل النهي إنما
205

هو إذا صام أيام الكراهة ولا نهى بدون ذلك
206

قوله سئل عن صومه فغضب يحتمل أنه ما أراد إظهار ما خفي من عبادته بنفسه فكره لذلك سؤاله
207

أو أنه خاف على السائل في أن يتكلف في الاقتداء بحيث لا يبقى له الاخلاص في النية أو أنه يعجز بعد ذلك
قوله قيل للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم رجل يصوم الدهر أي ذكر له رجل يصوم الدهر فعلى هذا
رجل نائب الفاعل وما بعده صفته ويحتمل أن قيل بمعناه ورجل مبتدأ وما بعده صفته والخبر محذوف
أي ما حكمه وددت أنه لم يطعم الدهر أي وددت أنه ما أكل ليلا ولا نهارا حتى مات جوعا والمقصود
بيان كراهة عمله وأنه مذموم العمل حتى يتمنى له الموت بالجوع أكثر أي هو أكثر من الحد الذي ينبغي
وأما قوله في النصف أنه أكثر فهو بناء على النظر إلى أحوال غالب الناس فإنه بالنظر إلى غالبهم يضعف ويخل في إقامة
الفرائض وغيره والا فهو صوم داود وقد جاء أنه أحب الصيام بما يذهب وحر الصدر بفتحتين قبل غشه
ووساوسه وقيل حقده وقيل ما يحصل في القلب من الكدورات والقسوة وينبغي ان يراد ههنا الحاصلة بالاعتياد
208

على الأكل والشرب فإن شرع الصوم لتصقيل القلب فكأنه أشار إلى أن هذا القدر يكفي في ذلك ويحتمل أن
يقال طالب العبادة لا يطمئن قلبه بلا عبادة فأشار إلى أن القدر الكافي في الاطمئنان هذا القدر والباقي زائد
عليه والله تعالى أعلم قوله أو يطيق ذلك أحد كأنه كرهه لأنه مما يعجز عنه في الغالب فلا يرغب
فيه في دين سهل سمح ذلك صوم داود عليه السلام أي وصوم داود أفضل الصيام وكأنه تركه لتقريره ذلك
مرارا أطيق ذلك أي أقدر عليه مع أداء حقوق النساء فمرجع هذا إلى خوف فوات حقوق النساء فان
209

إدامة الصوم يخل بحظوظهن منه والا فكان يطيق أكثر منه فإنه كان يواصل قوله ولم يفتش لنا كنفا بفتحتين
قيل هو بمعنى الجانب والمراد أنه لم يقربها قال صم يومين وأفطر يوما إلى قوله صم أفضل الصيام صيام داود
الظاهر أن هذه الرواية لا تخلو عن تحريف من الرواة فإن عبد الله كان يستزيد والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان
يزيد له وهذا الترتيب لا يناسب ذلك كما لا يخفى والله تعالى أعلم قوله فوقع لي أي شدد على في القول
210

قوله هجمت له العين أي غارت ودخلت في موضعها ونفهت بكسر الفاء أي تعبت وكلت ولا يفر
إذا لاقى كأنه إشارة إلى أن هذا الصوم لا يضعف جدا بل قد يبقى معه القوة إلى هذا الحد وإن كان كثير
منهم يضعفون والله تعالى أعلم. قوله حتى قال في خمسة أيام أي اقرأ القرآن في خمسة أيام
214

قوله فألقيت له وسادة أدم هي بكسر الواو المخدة وأدم بفتحتين الجلد ربعة بفتح فسكون
أو بفتحتين أي متوسطة لا كبيرة ولا قصيرة حشوها الحشو ما يحشى بها الفرش وغيرها ليف
ليف النخل بالكسر معروف
215

قلت يا رسول الله أي زد لي لا صوم فوق صوم داود شطر الدهر قال الحافظ بن حجر بالرفع
على القطع أي على تقدير المبتدأ ويجوز النصب على إضمار فعل والجر على البدل من صوم داود قال ويجوز
216

في قوله صيام يوم الحركات الثلاث ثم ظاهر الحديث أن صوم داود أفضل الصيام مطلقا أي سواء بكراهة
صوم الدهر أم لا ثم الأحاديث تفيد كراهة صوم الدهر وما جاء من تقريره صلى الله تعالى عليه وسلم لمن قال إني
رجل أسرد الصوم لا يدل على خلاف إذ لا يلزم من السرد كونه يصوم الدهر بتمامه فليتأمل
217

قوله شهر الصبر هو شهر رمضان وأصل الصبر الحبس فسمى الصوم صبرا لما فيه من حبس النفس عن الطعام
والشراب والجماع
218

فقد صام الدهر ثم قال صدق الخ هذا مبني على أن رمضان لا يحسب صومه بعشرة وإنما يحسب غيره وما جاء
من أتبع رمضان ستا من شوال فقد صام الدهر أو نحو ذلك مبني على أن صوم رمضان أيضا يحسب بعشرة
والله تعالى أعلم
219

(كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر يوم الاثنين من أول الشهر والخميس الذي يليه ثم الخميس
الذي يليه) في الحديث الذي بعده أول خميس والاثنين قال الشيخ ولى الدين اختلاف هذه الروايات
يدل على أن المقصود كون هذه الأيام الثلاثة واقعة في اثنين وخمسين أو بالعكس على أي وجه كان
220

قوله يأمر بصيام ثلاثة أيام أول خميس واثنين واثنين هذا يدل على أنه كان يأمر بتكرار الاثنين
وقد سبق من فعله أنه كان يكرر الخميس فدل المجموع على أن المطلوب إيقاع صيام الثلاثة في هذين اليومين
اما بتكرار الخميس أو بتكرار الاثنين والوجهان جائزان والله تعالى أعلم. قوله وأيام البيض أي أيام
الليالي البيض بوجود القمر طول الليل وفي الحديث اختصار مثل وخيرها صيام أيام البيض وأيام البيض
كذا وكذا وذكر بعضهم أن الحكمة في صومها أنه لما عم النور لياليها ناسب أن تعم العبادة نهارها
وقيل الحكمة في ذلك أن الكسوف يكون فيها غالبا ولا يكون في غيرها وقد أمرنا بالتقرب إلى الله تعالى
221

بأعمال البر عند الكسوف. قوله فصم الغر أي البيض الليالي بالقمر
قوله وجدتها تدمى كترضى أي تحيض
(تم الجزء الرابع ويليه الجزء الخامس وأوله كتاب الزكاة)
222