الكتاب: شرح سنن النسائي
المؤلف: جلال الدين السيوطي
الجزء: ٥
الوفاة: ٩١١
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

سنن النسائي
بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي
الجزء الخامس
دار إحياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

كتاب الزكاة
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه
إليها في ربيع الأول وقبل حجه صلى الله عليه وسلم وقيل في آخر سنة تسع عند منصرفه من
تبوك وقيل عام الفتح سنة ثمان واختلف هل بعثه واليا أو قاضيا فجزم الغساني بالأول وابن
2

عبد البر بالثاني واتفقوا على أنه لم يزل عليها إلى أن قدم في عهد عمر فتوجه إلى الشام فمات بها
رضي الله عنه انك تأتي قوما أهل كتاب كان أصل دخول اليهود في اليمن في زمن أسعد وهو
تبع الأصغر حكاه بن إسحاق في أوائل السيرة فإذا جئتهم الخ لم يقع في هذا الحديث ذكر
الصوم والحج مع أن بعث معاذ كان في أواخر الامر وأجاب بن الصلاح بأن ذلك تقصير من
بعض الرواة وتعقب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث لاحتمال الزيادة
والنقصان وأجاب الكرماني بأن اهتمام الشرع بالصلاة والزكاة أكثر وبأنهما إذا وجبا على
المكلف لا يسقطان عنه أصلا بخلاف الصوم فإنه قد يسقط بالفدية والحد فإن الغير قد يقوم
مقامه كما في المغصوب ويحتمل أنه حينئذ لم يكن شرع قولا الشيخ سراج الدين البلقيني إذا
كان الكلام في بيان الأركان لم يخل الشارع منها بشئ كحديث بن عمر بني الاسلام على خمس
فإذا كان في الدعاء إلى الاسلام اكتفى بالأركان الثلاثة الشهادة والصلاة والزكاة ولو كان بعد
وجوب فرض الصوم والحج كقوله تعالى فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة في موضعين
من براءة مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج قطعا وحديث بن عمر أيضا أمرت أن أقاتل
الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وغير ذلك
من الأحاديث قال والحكمة في ذلك أن الأركان الخمسة اعتقادي وهو الشهادة وبدني وهو الصلاة
ومالي وهو الزكاة فاقتصر في الدعاء إلى الاسلام عليها ليفرع الركعتين الآخرين عليها فإن الصوم
بدني محض والحج بدني ومالي وأيضا فكلمة الاسلام هي الأصل وهي شاقة على الكفار
والصلاة شاقة لتكررها والزكاة شاقة لما في جبلة الانسان من حب المال فإذا دعى المرء
3

لهذه الثلاث كان ما سواها أسهل عليه بالنسبة إليها فاتق دعوة المظلوم أي تجنب الظلم
لئلا يدعو عليك المظلوم زاد في الرواية الآتية فإنها ليس بينها وبين الله حجاب أي ليس
لها صارف يصرفها ولا مانع يمنعها والمراد أنها مقبولة وإن كان عاصيا كما جاء في حديث
أبي هريرة عند أحمد مرفوعا دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه وإسناده
صحيح قال بن العربي هذا الحديث وإن كان مطلقا فهو مقيد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث
4

مرات إما أن يعجل له ما طلب وإما أن يدخر له أفضل منه وإما أن يدفع عنه من السوء مثله
وهذا كما قيد مطلق قوله تعالى أمن يجيب المضطر إذا دعاه بقوله تعالى ويكشف ما تدعون إليه
إن شاء عن جده أبي سلام عن عبد الرحمن بن غنم أن أبا مالك الأشعري حدثه رواه مسلم
من طريق أبي سلام عن أبي مالك بإسقاط عبد الرحمن بن غنم فتكلم فيه الدارقطني وغيره وقال
النووي يمكن أن يجاب عن مسلم بأن الظاهر من حاله أنه علم سماع أبي سلام لهذا الحديث من أبي
مالك فيكون أبو سلام سمعه من أبي مالك وسمعه أيضا من عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك فرواه
مرة عنه ومرة عن عبد الرحمن عنه وأبو مالك اسمه الحرث بن الحرث وقيل عبيد وقيل عمر وقيل
كعب بن عاصم وقيل عبيد الله وقيل كعب بن كعب وقيل عامر بن الحرث وأبو سلام بالتشديد اسمه
ممطور اسباغ الوضوء شطر الايمان قال النووي أصل الشطر النصف واختلف العلماء
5

فيه فقيل معناه أن الايمان يجب ما قبله من الخطايا وكذلك الوضوء لا يصح الا مع الايمان
وصار لتوقفه على الايمان في معنى الشطر وقيل المراد بالايمان هنا الصلاة كما قال الله تعالى وما
كان الله ليضيع ايمانكم والطهارة شرط في صحة الصلاة فصارت كالشطر وليس يلزم في الشطر أن
يكون نصفا حقيقيا وهذا القول أقرب الأقوال ويحتمل أن يكون معناه أن الايمان تصديق
بالقلب وانقياد بالظاهر وهما شطران للايمان والطهارة متضمنة للصلاة فهي انقياد في الظاهر
وقال في النهاية إنما كان كذلك لان الايمان يطهر نجاسة الباطن والوضوء يطهر نجاسة الظاهر
والحمد لله تملأ الميزان قال النووي معناه أعظم أجرها وأنه يملا الميزان وقد تظاهرت نصوص
القرآن والسنة على وزن الاعمال وثقل الميزان وخفتها والتسبيح والتكبير يملا السماوات
والأرض قال النووي يحتمل أن يقال لو قدر ثوابهما جسما لملا ما بين السماوات والأرض
وسبب عظم فضلهما ما استملا عليه من التنزيه لله بقوله سبحان الله والتفويض والافتقار إلى الله
بقوله الحمد لله وقال القرطبي الحمد راجع إلى الثناء على الله تعالى بأوصاف كماله فإذا حمد الله تعالى
6

حامد مستحضر معنى الحمد في قلبه امتلأ ميزانه من الحسنات فإذا أضاف إلى ذلك سبحان الله
الذي معناه تبرئة الله وتنزيهه عن كل مالا يليق به من النقائص ملأت حسناته وثوابها زيادة على
ذلك ما بين السماوات والأرض إذ الميزان مملوء بثواب التحميد وذكر السماوات على جبة
الاعتناء على العادة العربية المراد أن الثواب على ذلك كثير جدا بحيث لو كان أجساما لملا ما
بينهما والصلاة نور قال النووي معناه أنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر
وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به وقيل معناه أن أجرها يكون نورا لصاحبها يوم القيامة
وقيل إنها سبب لاشراق أنوار المعارف وانشراح القلب ومكاشفات الحقائق لفراغ القلب فيها
وإقباله إلى الله بظاهره وباطنة وقد قال الله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة وقيل معناه أنها
تكون نورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة ويكون في الدنيا أيضا على وجهه إليها بخلاف من لم يصل
والزكاة برهان قال النووي قال صاحب التحرير معناه يفزع إليها كما يفزع إلى البارهين كما أن
العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله وقال غيري صاحب التحرير معناه أنها حجة على ايمان فاعلها
فإن المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها فمن تصدق استدل بصدقته على صحة ايمانه وقال في
النهاية البرهان الحجة والدليل أي أنها حجة لطالب الاجر من أجل أنها فرض يجازى الله به وعليه
وقيل هي دليل على صحة ايمان صاحبها لطيب نفسه بإخراجها وذلك لعلاقة ما بين النفس والمال
وقال القرطبي أي برهان على صحة ايمان المتصدق أو على أنه ليس من المنافقين الذين يلمزون
المطوعين من المؤمنين في الصدقات أو على صحة محبة المتصدق لله تعالى ولما لديه من الثواب إذ
آثر محبة الله وابتغاء ثوابه على ما جبل عليه من حب الذهب والفضة حتى أخرجه لله تعالى
والصبر ضياء قال النووي معناه الصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى النائبات وأنواع
المكاره في الدنيا والمراد أن الصبر محمود لا يزال صاحبه مستضيئا مهتديا مستمرا على الصواب
وقال القرطبي رواه بعض المشايخ والصوم ضياء بالميم ولم تقع لنا تلك الرواية على أنه يصح أن
7

يعبر بالصبر عن الصوم وقد قيل ذلك في قوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة فإن تنزلنا على
ذلك فيقال في كون الصبر ضياء كما قيل في كون الصلاة نورا وحينئذ لا يكون بين النور والضياء
فرق معنوي بل لفظي والأولى أني قال أن الصبر في هذا الحديث غير الصوم بل هو الصبر
على العبادات والمشاق والمصائب والصبر عن المخالفات والمنهيات كاتباع هوى النفس والشهوات
وغير ذلك فمن كان صابرا على تلك الأحوال متثبتا فيها مقابلا لكل حال بما يليق به ضاءت له
عواقب أحواله وصحت له مصالح أعماله فظفر بمطلوبه وحصل من الثواب على مرغوبه كما قيل
وقل من جد في أمر يحاوله واستعمل الصبر إلا فاز بالظفر
والقرآن حجة لك أو عليك قال النووي أي تنتفع به إن تلوته وعملت به وإلا فهو حجة
عليك وقال القرطبي يعني أنك إذا امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه كان حجة لك في المواقف
التي تسئل منه عنه كمسألة الملكين في القبر والمسألة عند الميزان وفي عقاب الصراط وان لم
يمتثل ذلك احتج به عليك ويحتمل أن يراد به أن القرآن هو الذي ينتهي إليه عند التنازع في
المباحث الشرعية والوقائع الحكمية فبه تستدل على صحة دعواك وبه يستدل عليك خصمك
8

من أنفق زوجين قال في النهاية الأصل في الزوج الصنف والنوع من كل شئ ومن كل
شيئين مقترنين شكلين كانا أو نقيضين فهما زوجان وكل واحد منهما زوج يريد من أنفق
صنفين من ماله من شئ من الأشياء أي من صنف من أصناف المال فرسين أو بعيرين أو
عبدين قال القاضي عياض وقيل يحتمل أن يكون هذا الحديث في جميع أعمال البر من صلاتين
أو صيام يومين والمطلوب تشفيع صدقته بأخرى في سبيل الله قيل هو على العموم في جميع
وجوه الخير وقيل هو مخصوص بالجهاد قال القاضي عياض والأول أصح وأظهر دعى من
أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير قال النووي قيل معناه لك هنا خير ثواب وغبطة وقيل معناه
هذا الباب فيما نعتقده خير لك من غيره من الأبواب لكثرة ثوابه ونعيمه فيقال فادخل منه
ولا بد من تقدير ما ذكرناه أن كل مناد يعتقد أن ذلك الباب أفضل من غيره فمن كان من أهل
الصلاة الحديث قال النووي قال العلماء معناه من كان الغالب عليه في عمله وطاعته ذلك وقال
القاضي عياض قد ذكر هنا من أبواب الجنة الثمانية أربعة أبواب باب الصلاة وباب الصدقة
وباب الصيام وباب الجهاد وقد ورد في حديث آخر باب التوبة وباب الكاظمين الغيظ والعافين
9

عن الناس وباب الراضين فهذه سبعة أبواب جاءت في الأحاديث وجاء في حديث السبعين ألفا الذين
يدخلون الجنة بغير حساب أنهم يدخلون من الباب الأيمن فلعله الباب الثامن وقال بن بطال
فإن قلت النفقة إنما تكون في باب الجهاد والصدقة فكيف تكون في باب الصوم والصلاة قلت
عنى بالزوجين نفسه وماله والعرب تسمى ما يبدله الانسان من النفس نفقة يقول فيما يعلم من
الصنعة أنفقت فيها عمري فأتعاب الجسم في الصوم والصلاة انفاق من باب الريان قال
العلماء سمى باب الريان تنبيها على أن العطشان بالصوم في الهواجر سيروى وعاقبته إليه وهو مشتق
من الري الا من قال هكذا وهكذا وهكذا المراد جميع وجوه المكارم والخير
10

وتنطحه بكسر الطاء ويجوز الفتح كلما نفدت أخراها قال النووي ضبطناه بالدال المهملة
وبالمعجمة وفتح الفاء وكلاهما صحيح الا جعل له طوقا في عنقه شجاع قال في النهاية هو بالضم وصف
لحية الذكر وقيل هو الحية مطلقا وقال القاضي عياض قيل الشجاع من الحيات التي تواثب الفارس
والراجل ويقوم على ذنبه وربما بلغ رأس الفارس يكون في الصحارى أقرع قال في النهاية
هو الذي لا شعر له على رأسه يريد حية قد تمعط جلد رأسه لكثرة سمه وطول عمره وقال القاضي
11

عياض قيل هو الأبيض الرأس من كثرة السم وقيل نوع من الحيات أقبحها منظرا وقال وظاهر
هذه الرواية أن ماله صير وخلق على صورة الشجاع ويحتمل أن الله تعالى خلق الشجاع لعذابه قال
وقيل خص الشجاع بذلك لشدة عداوة الحيات لبني آدم أيما رجل كانت له إبل لا يعطى حقها
أي لا يؤدى زكاتها في نجدتها ورسلها قال في النهاية النجدة الشدة وقيل السمن والرسل
بالكسر الهينة والتأني وقال الجوهري أي الشدة والرخاء يقول يعطى وهي سمان حسان يشتد
عليه اخراجها فتلك نجدتها ويعطى في رسلها وهي مهازيل مقاربة وقال الأزهري معناه الا من
أعطى في إبله ما يشق عليه فتكون نجدة عليه أي شدة ويعطى ما يهو ن عليه عطاؤه منها مستهينا
على رسله قال الأزهري وقال بعضهم في رسلها أي بطيب نفس منه وقيل ليس للهزال فيه معنى لأنه
ذكر الرسل بعد النجدة على جهة التفخيم للإبل فجرى مجرى قولهم الا من أعطى في سمنها وحسنها
ووفور لبنها وهذا كله يرجع إلى معنى واحد فلا معنى للهزال لان من بذل حق الله من المضنون
به كان إلى إخراجه ما يهون عليه أسهل فليس لذكر الهزال بعد السمن معنى قال صاحب النهاية
والأحسن والله أعلم أن يكون المراد بالنجدة الشدة والجدب وبالرسل الرخاء والخصب لان
الرسل اللبن وإنما يكثر في حال الرخاء والخصب فيكون المعنى أنه يخرج حق الله في حال الضيق
والسعة والجدب والخصب لأنه إذا أخرج حقها في سنة الضيق والجدب كان ذلك شاقا عليه فإنه
12

اجحاف وإذا أخرجها في حال الرخاء كان ذلك سهلا عليه ولذلك قيل في الحديث يا رسول الله
ما نجدتها ورسلها قال في عسرها ويسرها فسمى النجدة عسرا والرسل يسرا لان الجدب عسر
والخصب يسر فهذا الرجل يعطى حقها في حال الجدب والضيق وهو المراد بالنجدة وفي حال
الخصب والسعة وهو المراد بالرسل فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت بالغين والذال
المعجمتين أي أسرع وأنشط أغذ يغذ اغذاذا أسرع في السير وأسره بالسين المهملة وتشديد
الراء قال في النهاية أي كأسمن ما كانت وأوفره من سر كل شئ وهو لبه ومخه وقيل هو من السرور
لأنها إذا سمنت سرت الناظر إليها قال وروى وآشره بمد الهمزة وشين معجمة وتخفيف الراء
أي أبطره أو أنشطه يبطح لها أي يلقى على وجهه بقاع قرقر بفتح القافين هو المكان الواسع
المستوي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال القرطبي قيل معناه لو حاسب فيه غير الله
سبحانه وقال الحسن قدر بن السمان مواقفهم للحساب كل موقف ألف سنة وفي الحديث أنه
13

ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة فيرى سبيله زاد مسلم اما إلى
الجنة واما إلى النار ليس فيها عقصاء هي الملتوية القرنين ولا عضباء هي المكسورة
14

القرن لو منعوني عقالا قال في النهاية أراد به الحبل الذي يعقل به البعير الذي يؤخذ في الصدقة
لان على صاحبها التسليم وإنما يقع القبض بالرباط وقيل أراد ما يساوى عقالا من حقوق الصدقة
وقيل إذا أخذ المتصدق أعيان الإبل قيل أخذ عقالا وإذا أخذ أثمانها قيل أخذ نقدا وقيل أراد
بالعقال صدقة العام يقال أخذ المصدق عقال هذا العام إذا أخذ منهم صدقته وبعث فلان على عقال
بني فلان إذا بعث على صدقاتهم واختاره أبو عبيد وقال هو أشبه عندي بالمعنى وقال الخطابي إنما
يضرب المثل في مثل هذا بالأقل لا بالأكثر وليس بسائر في لسانهم أن العقال صدقة عام
15

من أعطاها مؤتجرا أي طالبا للاجر ومن أبي فإنا آخذوها وشطر ماله قال في النهاية قال الحربي
غلط الراوي في لفظ الرواية إنما هو وشطر ماله أي يجعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق
فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة لمنعه الزكاة فأما مالا يلزمه فلا وقال الخطابي في قول الحربي
لا أعرف هذا الوجه وقيل معناه أن الحق مستوفي منه غير متروك وان تلف شطر ماله كرجل كان له
ألف شاة فتلفت حتى لم يبق له إلا عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الألف وهو شطر ماله
الباقي وهذا أيضا بعيد لأنه قال إنا آخذوها وشطر ماله ولم يقل انا آخذوا شطر ماله وقيل إنه
كان في صدر الاسلام يقع بعض العقوبات في الأموال ثم نسخ كقوله في التمر المعلق من خرج
بشئ منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة وكقوله في ضالة الإبل المكتوبة غرامها ومثلها معها
وكان عمر يحكم به فغرم حاطبا ضعف ثمن ناقة المزني لما سرقها رقيقة ونحروها وله في الحديث
نظائر وقد أخذ أحمد بن حنبل بشئ من هذا وعمل به وقال الشافعي في القديم من منع زكاة ماله
أخذت وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه واستدل بهذا الحديث وقال في الجديد لا يؤخذ إلا الزكاة
لا غير وجعل هذا الحديث منسوخا وقال كان ذلك حيث كانت العقوبات في المال ثم نسخت
ومذهب عامة الفقهاء أن لا واجب على متلف شئ أكثر من مثله أو قيمته
16

عزمة من عزمات ربنا أي حق من حقوقه وواجب من واجباته خمس ذود بفتح المعجمة
وسكون الواو بعدها مهملة قال الزين بن المنير أضاف خمس إلى ذود وهو منكر لا يقع على المذكر
والمؤنث وأضافه إلى الجمع لأنه يقع على المفرد والجمع وأما قول بن قتيبة أنه يقع على الواحد فقط فلا يدفع
ما نقله غيره أنه يقع على الجمع والأكثر على أن الذود من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من
لفظه وقال أبو عبيد من الثنتين إلى العشرة قال وهو مختص بالإناث وقال سيبويه يقول ثلاث
ذود لان الذود مؤنث وليس باسم كسر عليه مذكر وقال القرطبي أصله ذاد يذود إذا دفع شيئا
فهو مصدر فكأنه من كان عنده دفع عن نفسه معرة الفقر وشدة الفاقة والحاجة وأنكر
17

بن قتيبة أن يراد بالذود الجمع وقال لا يصح أن يقال خمس ذود كما لا يصح أن يقال خمس ثوب
وغلطة العلماء في ذلك لكن قال أبو حاتم السجستاني تركوا القياس في الجمع فقالوا خمس ذود
لخمس من الإبل كما قال ثلاثمائة على غير قياس قال القرطبي وهذا صريح في أن للذود واحدا من
لفظه والأشهر ما قاله المتقدمون أنه لا يطلق على الواحد حدثنا حماد بن سلمة قال أخذت هذا
الكتاب من ثمامة بضم المثلثة قال الحافظ بن حجر صرح إسحاق بن راهويه في مسنده
بأن حمادا سمعه من ثمامة وأقرأه الكتاب فانتفى تعليل من أعله بكونه مكاتبه إن أبا بكر
كتب لهم أي لما وجه أنسا إلى البحرين عاملا على الصدقة إن هذه فرائض الصدقة التي
فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين قال الحافظ بن حجر ظاهر في رفع الخبر إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وليس موقوفا على أبي بكر وقد صرح برفعه في رواية إسحاق في مسنده
ومعنى فرض هنا أوجب أو شرع يعني بأمر الله وقيل معناه قدر لان إيجابها ثابت بالكتاب
ففرض النبي صلى الله عليه وسلم لها بيان للمجمل من الكتاب بتقدير الأنواع لا التي
18

أمر الله عز وجل بها رسوله صلى الله عليه وسلم كذا وقع هنا وفي سنن أبي داود بحذف
الواو على أن التي بدل من التي الأولى وفي صحيح البخاري بواو العطف فمن سئلها من المسلمين
على وجهها أي على هذه الكيفية المبينة في هذا الحديث ومن سئل فوق ذلك فلا يعط
أي من سئل زائدا على ذلك في سن أو عدد فله المنع ونقل الرافعي الاتفاق على ترجيحه وقيل
معناه فليمنع الساعي وليتول هو إخراجه بنفسه لان الساعي بطلب الزيادة يكون متعديا وشرطه
أن يكون أمينا طروقة الفحل بفتح الطاء أي مطروقة فعلوة بمعنى مفعلوة والمراد أنها بلغت
19

أن يطرقها الفحل وهي التي أتت عليها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة جذعة بفتح الجيم
20

والمعجمة وهي التي أتت عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة إلا أن
يشاء ربها إلا أن يتبرع متطوعا ولا يؤخذ في الصدقة هرمة بفتح الهاء وكسر الراء هي الكبيرة التي سقطت
أسنانها ولا ذات عوار فتح العين المهملة وضمها أي معيبة وقيل بالفتح العيب وبالضم
العور ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق اختلف في ضبطه فالأكثر على أنه بالتشديد والمراد
المالك وهو اختيار أبي عبيد وتقدير الحديث لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلا ولا يؤخذ
التيس وهو فحل الغنم الا برضا المالك لكونه يحتاج إليه ففي أخذه بغير اختياره اضرار به وعلى
هذا فالاستثناء مختص بالثالث ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد وهو الساعي وكأنه يشير بذلك
إلى التفويض إليه في اجتهاده لكن يجرى مجرى الوسيل فلا يتصرف بغير المصلحة وهذا قول
الشافعي في البويطي ولفظة ولا تؤخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة الا أن يرى المصدق أن ذلك
أفضل للمساكين فيأخذ على النظر ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة
21

قال الشافعي هو خطاب للمالك من جهة وللساعي من جهة فأمر كل واحد أن لا يحدث شيئا
من الجمع والتفريق خشية الصدقة فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل
والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر فمعنى قوله خشية الصدقة أي خشية أن
تكثر الصدقة أو خشية أن تقل الصدقة فلما كان محتملا للامرين لم يكن الحمل على أحدهما
بأولى من الآخر فحمل عليهما معا لكن الأظهر حمله على المالك ذكره في فتح الباري وما كان
من خليطين اختلف في المراد بالخليط فقال أبو حنيفة هو الشريك واعترض بأن الشريك
قد لا يعرف عين ماله وقد قال أنهما يتراجعان بينهما بالسوية وقال بن جرير لو كان تفريقهما
22

مثل جمعهما في الحكم لبطلت فائدة الحديث وإنما نهى عن أمر لو فعله كانت فيه فائدة قبل النهي
قال ولو كان كما قال أبو حنيفة لما كان لتراجع الخليطين بينهما سواء معنى وقال الخطابي معنى
التراجع أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل منهما عين
ماله فيأخذ المصدق من أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة وهي
تسمى خلطة الجوار فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة قال الزركشي
ناقصة بالنصب خبر كان وشاة تمييز وواحدة وصف لها قال الكرماني واحدة اما منصوب بنزع
الخافض أي بواحدة واما حال من ضمير ناقصة وروى بشاة واحدة بالجر وفي الرقة بكسر
الراء وتخفيف القاف وهي الفضة الخالصة مضروبة كانت أو غير مضروبة قيل أصلها
23

الورق فحذفت الواو وعوضت الهاء وقيل يطلق على الذهب والفضة بخلاف الورق ومن
حقها أن تحلب على الماء بحاء مهملة أي لمن يحضرها من المساكين وإنما خص الحلب
بموضع الماء ليكون أسهل على المحتاج من قصد المنازل وذكره الداوي بالجيم وفسره بالاحضار
إلى المصدق وتعقبه بن دحية وجزم بأنه تصحيف رغاء بضم الراء وغين معجمة صوت
الإبل يعار بتحتية مضمومة وعين مهملة صوت المعز ورواه الفزار بمثناة فوقة ورجحه
بن التين وقال الحافظ بن حجر وليس بشئ ويكون كنز أحدهم قال الإمام أبو جعفر
الطبري الكنز كل شئ مجموع بعضه على بعض سواء كان في بطن الأرض أم على ظهرها زاد
صاحب العين وغيره وكان مخزونا وقال القاضي عياض اختلف السلف في المراد بالكنز
24

المذكور في القرآن والحديث فقال أكثرهم هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد فأما مال
خرجت زكاته فليس بكنز وقيل الكنز هو المذكور عن أهل اللغة ولكن الآية منسوخة
بوجوب الزكاة واتفق أئمة الفتوى على القول الأول أنا كنزك زاد بن حبان الذي
تركته بعدك فلا يزال حتى يلقمه أصبعه لابن حبان فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيمضغها
25

ثم يتبعه سائر جسده أمره أن يأخذ من كل حالم قال في النهاية يعين الجزية أراد بالحالم من
بلغ الحلم وجرى عليه حكم الرجال سواء احتلم أم لا أو عدله بالكسر والفتح معافريا
26

هي برود باليمن منسوبة إلى معافر قبيلة بها والميم زائدة جماء هي التي لا قرن لها يقضمها
27

القضم بقاف وضاد معجمة الكل بأطراف الأسنان
28

ان في عهدي أن لا نأخذ راضع لبن قال في النهاية أراد بالراضع ذات الدر واللبن وفي الكلام
مضاف محذوف تقديره ذات راضع فأما من غير حذف فالراضع الصغير الذي هو بعد يرضع ونهيه
عن أخذها لأنها خيار المال ومن زائدة كما يقول لا يأكل من الحرام أي لا يأكل الحرام وقيل هو أن
يكون عند الرجل الشاة الواحدة أو اللقحة قد اتخذها للدر فلا يؤخذ منها شئ كوماء أي
مشرفة السنام عالية فصيلا مخلولا أي مهزولا وهو الذي جعل في أنفه خلال لئلا يرضع أمه فتهزل
30

إذا أتاكم المصدق بتخفيف الصاد وهو العامل فليصدر أي يرجع
31

ممتلئة محضا وشحما أي سمينة كثيرة اللبن والمحض بحاء مهملة وضاد معجمة هو اللبن
32

ما ينقم بكسر القاف أي ما ينكر أو يكره بن جميل قال الحافظ لم أقف على اسمه في كتب الحديث
وفي تعليق القاضي حسين أن اسمه عبد الله إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله أي ما ينقم شيئا من منع
الزكاة إلا بكفر النعمة فكأن غناه أداه إلى كفر نعمة الله أدراعه بمهملات جمع درع وهي
الزردية وأعتده بضم المثناة جمع عتد بفتحتين قيل ما يعد الرجل من الدواب والسلاح
33

وقيل الخيل خاصة وروى بالموحدة جمع عبد والأول هو المشهور فهي عليه صدقة ومثلها
معها قيل ألزمه صلى الله عليه وسلم بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى
للذم عنه والمعنى فهي صدقة ثابتة عليه سيتصدق بها ويضيف إليها مثلها كرما ودلت رواية
34

مسلم على أنه صلى الله عليه وسلم التزم بإخراج ذلك عنه لقوله فهي على لأنه استسلف منه صدقة
عامين وجمع بعضهم بين رواية على ورواية عليه بأن الأصل رواية على ورواية عليه مثلها
35

إلا أن فيها زيادة هاء السكت حكاها بن الجوزي عن بن ناصر
36

قد عفوت عن الخيل والرقيق أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه
37

مسكتان المسكة بالتحريك السوار
38

له زبيبتان تثنية زبيبة بفتح الزاي وموحدتين وهما الزبدتان اللتان في الشدقين وقيل النكتتان
السوداوان فوق عينيه وقيل نقطتان يكتنفان فاه وقيل هما في حلقه بمنزلة زنمتي العنز وقيل لحمتان
على رأسه مثل القرنين وقيل نابان يخرجان من فيه يطوقه بفتح أوله وفتح الواو الثقيلة أي
يصير له ذلك الثعبان طوقا بلهزمتيه بكسر اللام والزاي بينهما هاء ساكنة قال في الصحاح
هما العظمان الناتئان في اللحيين تحت الاذنين وفي الجامع هما لحم الخدين الذي يتحرك إذا أكل الانسان
39

فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا قال في النهاية هو ما شرب من
النخيل بعروقه من الرض من غير سقى سماء ولا غيرها قال الأزهري هو ما ينبت من النخل
في أرض يقرب ماؤها فرسخت عروقها في الماء واستغنت عن ماء السماء والأنهار العشر
قال القرطبي أجمع العلماء على الاخذ بهذا الحديث في قدر ما يؤخذ واستدل أبو حنيفة بعمومه
على وجوب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض من الثمار والرياحين والخضر وغيرها قال القرطبي
والحكمة في فرض العشر أنه يكتب بعشرة أمثاله وكأن المخرج للعشر تصدق بكل ماله وما سقى
بالسواني جمع سانية وهي الناقة التي يستقي عليها أو النضح أي ما يسقى بالدوالي
41

والاستسقاء والنواضح الإبل التي يستقى عليها واحدها ناضح الله عز وجل وفيما سقى بالدوالي جمع
الدلاء وهي جمع الدلو وهو المستقى به من البئر إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث
فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع قال في فتح الباري قال بظاهره الليث وأحمد وإسحاق وغيرهم وفهم منه
42

أبو عبيد في كتاب الأموال أن القدر الذي يأكلونه بحسب احتياجهم إليه فقال بترك قدر
احتياجهم وقال مالك وسفيان لا يترك لهم شئ وهو المشهور عن الشافعي قال بن العربي والمتحصل
من صحيح النظر أن يعمل بالحديث وقدر المؤنة ولقد جربنا فوجدناه في الأغلب مما يؤكل رطبا
وحكى أبو عبيد عن قوم أن الخرص كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لكونه كان يوفق من
الصواب لما لا يوفق له غيره الرب عز وجل الجعرور ولون حبيق هما نوعان من التمر رديئان الرذالة بضم
43

الراء إعجام الذال الردئ فإن جاء صاحبها وإلا فلك فيه حذف جواب الشرط من
44

الأول وحذف فعل الشرط بعد أن لا والمبتدأ من جملة الجواب الاسمية والتقدير فإن جاء
صاحبها أخذها وإن لا يجئ فهي لك ذكره بن مالك العجماء هي البهيمة سميت عجماء لأنها
لا تتكلم رحمه الله جرحها جبار أي هدر والمراد الدابة المرسلة في رعيها أو المنفلتة من صاحبها
والبئر جبار يتأول بوجهين بأن يحفر الرجل بأرض فلاة للمارة فيسقط فيها إنسان فيهلك
وبأن يستأجر الرجل من يحفر له البئر في ملكه فتنهار عليه فإنه لا يلزم شئ من ذلك والمعدن
جبار هم الاجراء في استخراج ما في بطون الأرض لو انهار عليهم المعدن لا يكون على المستأجر غرامة
45

فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة رمضان على الحر العبد والذكر والأنثى
صاعا من تمر قيل أنه منصوب على أنه مفعول ثان وقيل على التمييز وقيل خبر كان محذوفا
47

وقيل على سبيل الحكاية
48

عن قيس بن سعد بن عبادة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر
قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله استدل به من قال
49

أن وجوب زكاة الفطر نسخ وهو إبراهيم بن علية وأبو بكر بن كيسان الأصم وأشهب
من المالكية وابن اللبان من الشافعية قال الحافظ بن حجر وتعقب بأن في إسناده راويا مجهولا
وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لاحتمال الاكتفاء بالمر الأول لان نزول فرض
لا يوجب سقوط فرض آخر ومنهم من أول قوله فرض على معنى قدر قال بن دقيق العيد
وهو أصله في اللغة لكن نقل عن عرف الشرع إلى الوجوب فالحمل عليه أولى
50

من سلت بضم المهملة وسكون اللام ومثناة نوع من الشعير
51

من سمراء الشام أي القمح الشامي
52

المكيال مكيال أهل المدينة الوزن وزن أهل مكة قال الخطابي معنى هذا الحديث أن الوزن
الذي يتعلق به حق الزكاة وزن أهل مكة وهي دار الاسلام قال بن حزم وبحثت عنه غاية
البحث من كل من وثقت بتمييزه وكل اتفق لي على أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون
حبة وثلاثة أعشار حبة من حب الشعير المطلق والدرهم سبعة أعشار المثقال فوزن الدرهم سبعة
وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة فالرطل مائة وواحد وثمانية وعشرون درهما
54

بالدرهم المذكور وكرائم أموالهم أي خيارهم قال رجل زاد أحمد في مسنده من بني إسرائيل
55

الله لك الحمد على سارق أي على تصدقي عليه عن أبي المليح بفتح الميم اسمه عامر وقيل زيد
وقيل عمير عن أبيه اسمه أسامة بن عمير له صحبة ولم يرو عنه غير ابنه أبي المليح ان الله
56

عز وجل لا يقبل صلاة بغير طهور قال الشيخ ولي الدين هو هنا بضم الطاء على الأشهر لان
المراد به المصدر ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله عز وجل الا الطيب جملة
معترضة بين الشرط والجزاء المقدر 7 ما قبله الا أخذها الرحمن عز وجل بيمينه وان كانت تمرة
فتربو في كف الرحمن قال المازري هذا الحديث وشبهه إنما عبر به على ما اعتادوا في خطابهم
ليفهموا عنه فكنى عن قبول الصدقة باليمين وعن تضعيف أجرها بالتربية وقال القاضي عياض
لما كان الشئ الذي يرتضى ويعز يتلقى باليمين ويؤخذ بها استعمل في مثل هذا استعير للقبول
والرضا كما قال الشاعر تلقاها عرابة باليمين قال وقيل عبر باليمين هنا عن جهة القبول
والرضا إذ الشمال بضده في هذا قال وقيل المراد بكف الرحمن هنا وبيمينه كف الذي تدفع إليه
الصدقة واضافتها إلى الله إضافة ملك واختصاص لوضع هذه الصدقة فيها لله عز وجل قال وقد
قيل في تربيتها وتعظيمها حتى تكون أعظم من الجبل أن المراد بذلك تعظيم أجرها وتضعيف
ثوابها قال ويصح أن يكون على ظاهره وأن يعظم ذاتها ويبارك الله تعالى فيها ويزيدها من فضله
57

حتى تثقل في الميزان وهذا الحديث نحو قول الله تعالى يمحق الله الربا ويربى الصدقات كما
يربى أحدكم فلوه بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو المهر لأنه يفلى أي يعظم وقيل هو كل
فطيم من ذات حافر والجمع أفلاء كعدو وأعداء وقال أبو زيد إذا فتحت الفاء شددت الواو وإذا
كسرتها سكنت اللام كجد وضرب به المثل لأنه يزيد زيادة بينة جهد المقل قال في النهاية بضم
58

الجيم أي قدر ما يحتمله حال القليل المال
59

فتصدق أبو عقيل بفتح العين وجاء انسان بشئ أكثر منه هو عبد الرحمن
بن عوف جاء بأربعة آلاف أو ثمانية آلاف ان هذا المال خضرة حلوه قال الزركشي
تأنيث الخبر تنبيه على أن المبتدأ مؤنث والتقدير أن صورة هذا المال أو يكون التأنيث
للمعنى لأنه اسم جامع لأشياء كثيرة والمراد بالخضرة الروضة الخضراء أو الشجرة الناعمة
والحلوه المستحلاة الطعم بإشراف نفس أي تطلع إليه وتطمع فيه
60

واليد العليا المنفقة واليد السفلى السائلة قال القرطبي هذا نص يدفع الخلاف في التفسير لكن
أدعى أبو العباس اللاني في أطراف الموطأ أن هذا التفسير مدرج في الحديث وصرح في رواية
عند العسكري في الصحابة أنه من كلام بن عمر والأكثر رووا المنفقة بفاء وقاف ورواه
61

بعضهم المتعففة بتاء وعين وفاءين وقيل إنه تصحيف خير الصدقة ما كان عن ظهر غني
أي ما وقع من غير محتاج إلى ما تصدق به لنفسه أو من تلزمه نفقته قال الخطابي لفظ الظهر يزاد
62

في مثل هذا اشباعا للكلام والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الانسان من ماله بعد أن يستبقي منه
قدر الكفاية ولذلك قال بعده وابدأ بمن تعول وقال البغوي المراد غنى يستظهر به على النوائب التي
تنوبه والتنكير في قوله غنى للتعظيم هذا هو المعتمد في معنى الحديث وقيل المراد خير الصدقة ما أغنيت
به من أعطيته عن المسألة وقيل عن للسببية والظهر زائد أي خير الصدقة ما كان سببها غني
في المتصدق سمعت عميرا مولى آبي اللحم قال النووي هو بهمزة ممدودة وكسر الباء قيل لأنه
63

كان لا يأكل اللحم وقيل لا يأكل ما ذبح للأصنام واسمه عبد الله وقيل خلف وقيل الحويرث الغفاري
وهو صحابي استشهد يوم حنين روى عنه عمير مولاه فقال يطعم طعامي بغير أن آمره قال الاجر
بينكما قال النووي هذا محمول على أن عميرا تصدق بشئ لظن أن مولاه يرضى به ولم يرض به
مولاه فلعمير أجر لان ماله أتلف عليه ومعنى الجر بينكما أي لكل منكما أجر وليس المراد أن
أجر نفس المال يتقاسمانه قال فهذا الذي ذكرته من تأويله هو المعتمد وقد وقع في كلام بعضهم
مالا يرضى من تفسيره على كل مسلم صدقة زاد في رواية البخاري كل يوم قال
النووي قال العلماء المراد صدقة ندب وترغيب لا إيجاب والزام يعتمل بيده الاعتمال افتعال من العمل
الملهوف قال النووي هو عند أهل اللغة يطلق على المتحسر وعلى المضطر وعلى المظلوم
قال يمسك عن الشر فإنها صدقة قال النووي معناه فإنها صدقة على نفسه كما في غير هذه
64

الرواية والمراد أنه إذا أمسك عن الشر لله تعالى كان له أجر على ذلك كما أن للمتصدق بالمال
أجرا إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كان لها أجر وللزوج مثل ذلك وللخازن مثل ذلك
ولا ينقص كل واحد منهما من أجر صاحبه شيئا قال النووي معنى الحديث أن المشارك في الطاعة
مشارك في الاجر ومعنى المشاركة أن له أجرا كما لصاحبه أجر من غير أن يزاحمه في أجره والمراد
المشاركة في أصل الثواب فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب وإن كان أحدهما أكثر ولا يلزم أن
يكون مقدار ثوابهما سواء بل قد يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون عكسه فإذا أعطى المالك
لامرأته أو لخازنه أو لغيرهما مائة درهم أو نحوها ليوصلها إلى مستحق الصدقة على باب داره
65

أو نحوه فأجر المالك أكثر وان أعطاه رغيفا أو رمانة أو نحوهما مما ليس له كبير قيمة ليذهب
به إلى محتاج مسافة بعيدة بحيث يقابل مشى الذاهب إليه بأجره تزيد على الرمانة والرغيف فأجر
الوكيل أكثر وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلا فيكون مقدار الاجر سواء وأشار القاضي
عياض إلى أنه يحتمل أيضا أن يكون سواء مطلقا لان الاجر فضل من الله تعالى ولا يدرك
بقياس ولا هو بحسب الاعمال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والمختار الأول قال ولا بد في الزوجة
والخازن من اذن المالك في ذلك فإن لم يكن اذن أصلا فلا أجر لهم بل عليهم وز بتصرفهم في مال
غيرهم بغير اذنه قلت ولهذا عقب المصنف هذا الحديث لا يجوز لامرأة عطية الا بإذن زوجها
قال النووي والاذن ضربان أحدهما الإذن الصريح في النفقة والصدقة والثاني الاذن المفهوم
من اطراد العرف كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به واطراد العرف فيه وعلم
بالعرف رضا الزوج به فإنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم وهذا إذا علم رضاه بالعرف وعلم أن
نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك والرضا به فإن اضطرب العرف وشك في رضاه
أو علم شحه بذلك لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه قال وهذا كله مفروض
في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة فإن زاد على المتعارف لم يجز عن فراس بكسر
الفاء وراء خفيفة وسين مهملة عن عائشة أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعن
66

عنده زاد بن حبان لم يغادر منهن واحدة فقلن في رواية بن حبان فقلت بالمثناة وهو
يفيد أن عائشة هي السائلة أيتنا بك أسرع في رواية البخاري أينا بلا تاء وهو الأفصح قال
صاحب الكشاف وشبه سيبويه تأنيث أي بتأنيث كل في قولهم كلهن قال الكرماني أي ليست
بفصيحة لحوقا نصب على التمييز فقال أطولكن مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف
أي أسرعكن لحوقا بي قال الكرماني فان قلت القياس ان يقال طولا كن بلفظ الفعلي قلت جاز
في مثله الافراد والمطابقة لمن أفعل التفضيل له يدا نصب على التمييز فأخذن قصبة فجعلن
يذر عنها أي يقردن بذراع كل واحدة منهن وفي رواية البخاري فأخذوا قصبة يذرعونها بضمير
جمع الذكور وهو من تصرف الرواة والصواب ما هنا فكانت سودة أسرعهن به لحوقا
فكانت أطولهن يدا كذا وقع أيضا في رواية أحمد وابن سعد والبخاري في التاريخ الصغير
والبيهقي في الدلائل قال بن سعد قال لنا محمد بن عمر يعني الواقدي هذا الحديث وهل في سودة
وإنما هو في زينب بنت جحش فهي أول نسائه لحوقا وتوفيت في خلافة عمر وبقيت سودة
إلى أن توفيت في خلافة معاوية في شوال سنة أربع وخمسين وقال الحافظ أبو علي الصيرفي ظاهر
هذا أن سودة كانت أسرع وهو خلاف المعروف عند أهل العلم أن زينب أول من مات من
الأزواج ثم نقله عن مالك والواقدي وقال بن الجوزي هذا الحديث غلط من بعض الرواة
ولم يعلم بفساده الخطابي فإنه فسره وقال لحوق سودة به من أعلام النبوة وكل ذلك وهم وإنما
67

هي زينب كما في رواية مسلم وقال النووي أجمع أهل السير أن زينب أول من مات من أزواجه
وسبقه إلى نقل الاتفاق بن بطال قال الحافظ بن حجر يعكر عليه ما رواه البخاري في تاريخه
بإسناد صحيح عن سعيد بن أبي هلال قال ماتت سودة في خلافة عمر وجزم الذهبي في التاريخ
الكبير بأنها ماتت في آخر خلافة عمر وقال بن سيد الناس أنه المشهور وقال بن حجر لكن الروايات
كلها متظافرة على أن القصة لزينب وتفسيره بسودة غلط من بعض الرواة قال وعندي أنه من
أبي عوانة فقد خالفه في ذلك بن عيينة عن فراس قال بن رشد والدليل على ذلك أن سودة كان لها
الطول الحقيقي ومحط الحديث على الطول المجازي وهو كثرة الصدقة وذلك لزينب بلا شك لأنها
رضي الله عنها كانت قصيرة وكانت وفاتها سنة عشرين قلت وعندي أنه وقع في رواية المصنف
تقديم وتأخير وسقط لفظة زينب وأن أصل الكلام فأخذن قصبة فجعلن يذر عنها فكانت سودة
أطولهن يدا أي حقيقة وكانت أسرعهن به لحوقا زينب وكان ذلك من كثرة الصدقة فاسقط
الراوي لفظة زينب وقدم الجملة الثانية على الجملة الولي قال القرطبي معاه فهمنا ابتداء ظاهره
فلما ماتت زينب علمنا أنه لم يرد باليد العضو وبالطول طولها بل أراد العطاء وكثرته فاليد هنا
استعارة للصدقة والطول ترشيح لها قال رجل يا رسول الله قال الحافظ بن حجر يحتمل
أن يكون أبا ذر ففي مسند أحمد والطبراني ما يقتضي ذلك أي الصدقة أفضل مبتدأ وخبر
قال أن تصدق ضبطه الكرماني بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين وتشديدها على
68

إدغام إداهما في الأخرى وأنت صحيح شحيح قال صاحب المنتهى الشح بخل مع حرص
وقيل هو أعم من البخل وقيل هو الذي كالوصف اللازم ومن قبيل الطبع تأمل العيش
بضم الميم أي تطمع بالغنى وفي رواية البخاري تأمل الغنى وتخشى الفقر زاد البخاري ولا
تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان إذا أنفق الرجل
على أهله وهو يحتسبها كان له صدقة قال النووي معناه أراد بها الله عز وجل فلا يدخل فيه من
69

أنفقها ذاهلا قال وطريقه في الاحتساب أن يتفكر أنه يجب عليه الانفاق على الزوجة وأطفال
أولاده والمملوك وغيرهم ممن تجب نفقتهم وأن غيرهم ممن ينفق عليه مندوب إلى الانفاق عليهم
فينفق بنية أداء ما أمر به وقد أمر بالاحسان إليهم أعتق رجل من بني عذرة عبد له من دبر
اسم المعتق أبو مذكور واسم العبد يعقوب إن مثل المنفق المتصدق والبخيل كمثل رجلين
عليهما جبتان أو جنتان الأول بموحدة تثنية جبة وهو ثوب مخصوص والثاني بالنون تثنية جنة
70

وهي الدرع وهذا شك من الراوي قال القاضي عياض وصوابه جنتان بالنون بلا شك كما في الرواية
الأخرى قال ويدل عليه في الحديث نفسه قوله ولزمت كل حلقة موضعها وفي الحديث الآخر
جنتان من حديد قلت وقوله في هذا الحديث اتسعت عليه الدرع وهو بمهملات من لدن
ثديهما بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد الياء جمع ثدي إلى تراقيهما بمثناة فوق أوله
وقاف جمع ترقوة حتى تجن بكسر الجيم وتشديد النون أي تستر قال عياض ورواه
بعضهم تحز بالحاء المهملة والزاي وهو وهم بنانه بفتح الموحدة نونين الأولى خفيفة أي
أصابعه قال عياض ورواه بعضهم بالمثلثة تحتية وموحدة جمع ثوب وهو وهم قال الحافظ بن
حجر هو تصحيف وتعفو أثره قال النووي أي تمحو أثر مشيه بسبوغها وكمالها قال وهو
تمثيل لنماء المال بالصدقة والانفاق والبخل بضد ذلك وقيل هو تمثيل لكثرة الجود
71

والبخل وأن المعطى إذا أعطى انبسطت يداه بالعطاء وتعود وإذا أمسك صار ذلك
عادة له وقيل معنى تعفو أثره أي تذهب بخطاياه وتمحوها وقيل ضرب المثل بهما لان المنفق
يستره الله بنفقته ويستر عوراته في الدنيا والآخرة كستر هذه الجنة لابسها والبخل كمن لبس
جنة إلى ثدييه فبقي مكشوفا بادي العورة مفتضحا في الدنيا والآخرة قلصت أي انقبضت
كل حلقة بسكون الام أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوسعها فلا تتسع يشير بيده
قال القاضي عياض هذا تمثيل منه صلى الله عليه وسلم بالعيان للمثل الذي ضربه قال وفيه جواز
لباس القمص ذوات الجيوب في الصدور ولذلك ترجم عليه البخاري باب جيب القميص من عند
الصدر لأنه المفهوم من لباس النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة وهو لباس أكثر الأمم
وكثير من الزعماء والعلماء من المسلمين بالشرق وغيره ولا يسمى عند العرب قميصا
إلا ما كان له جيب وقال الخطابي هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للمتصدق والبخيل
72

فشبههما برجلين أراد كل واحد منهما يلبس درعا يستر به من سلاح عدوه يصبها على رأسه
ليلبسها والدرع أول ما تقع على الصدر والثديين إلى أن يدخل الانسان يديه في كمها فجعل
المنفق كمثل من لبس درعا سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه وجعل البخيل كمثل
رجل غلت يداه إلى عنقه كلما أراد لبسها اجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته والمراد أن الجواد
إذا هم بالصدقة انفسح لها صدره وطابت نفسه فتوسعت في الانفاق والبخيل إذا حدث نفسه
بالصدقة شحت نفسه فضاق صدره وانقبضت يداه ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون
لا تحصى فيحصى الله عليك قال الكرماني الاحصاء العد قالوا المراد منه عد الشئ للتبقية
73

والادخار ترك الانفاق في سبيل الله وإحصاء الله تعالى يحتمل وجهين أحدهما أنه يحبس عنك
مادة الرزق ويقلله بقطع البركة حتى يصير كالشئ المعدود والاخر أنه يناقشك في الآخرة عليه
وقال النووي هذا من مقابلة اللفظ باللفظ للتجنيس كما قال الله تعالى ومكروا ومكر الله ومعناه
يمنعك كما منعت ويقتر عليك كما قترت ليس لي شئ إلا ما أدخل على الزبير قال النووي هذا
محمول على ما أعطاها الزبير لنفسها بسبب نفقة وغيرها أو مما هو ملك الزبير ولا يكره الصدقة
منه بل يرضى بها على عادة غالب الناس ارضخي الرضخ براء وضاد وخاء معجمتين العطية
القليلة ولا توكي فيوكى الله عليك يقال أوكى ما في ساقه إذا شده بالوكاء وهو الخيط
74

الذي يشد به رأس القربة وأوكى علينا أي بخل أي لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك
فتنقطع مادة الرزق عنك فأشاح بوجهه قال في النهاية المشيح الحذر والجاد في الامر وقيل
المقبل إليك المانع لما وراء ظهره فيجوز أن يكون أشاح أحد هذه المعاني أي حذر النار كأنه
75

ينظر إليها أو جد على الايصاء باتقائها أو أقبل إلينا في خطابه حتى رأيت كومين من طعام
قال عياض والنووي ضبط بفتح الكاف وضمها قال بن سراج هو بالضم اسم لما كوم وبالفتح
المكان المرتفع كالرابية قال القاضي عياض فالفتح هنا أولى لان مقصوده الكثرة والتشبيه
بالرابية كأنه مذهبه قال في النهاية هكذا جاء في سنن النسائي وبعض طرق مسلم بالذال
76

المعجمة والباء الموحدة والرواية الدال والنون فإن صحت الرواية فهو من الشئ المذهب وهو
المموه بالذهب ومن قولهم فرس مذهب إذا علت حمرته صفرة والأنثى مذهبة وإنما خص
الأنثى بالذكر لأنها أصفى لونا وأرق بشرة وأما على الرواية الأخرى فالمدهنة تأنيث المدهن
وهو نقرة في الجبل يجتمع فيه المطر شبه وجهه لاشراق السرور عليه بصفاء الماء المجتمع في الحجر
والمدهنة أيضا ما يجعل فيه الدهن فيكون قد شبه بصفاء الدهن وقال النووي ضبطوه بوجهين
أحدهما وهو المشهور وبه جزم القاضي عياض والجمهور مذهبه بذال معجمة وفتح الهاء وبعدها
باء موحدة والثاني ولم يذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين غير مدهنة بدال مهملة وضم الهاء
وبعدها نون وشرحه الحميدي في كتابه غريب الجمع بين الصحيحين فقال هو وغيره ممن فسر
هذه الرواية إن صحت المدهن الاناء الذي يدهن فيه وهو أيضا اسم للنقرة في الجبل الذي يستنقع
فيها ماء المطر فشبه صفاء وجهه الكريم بصفاء هذا الماء وبصفاء الدهن والمدهن وقال القاضي
عياض في المشارق وغيره من الأئمة هذا تصحيف والصواب بالذال المعجمة والباء الموحدة
وهو المعروف في الروايات وعلى هذا ذكر القاضي وجهين في تفسيره أحدهما معناه فضة مذهبة
فهو أبلغ في حسن الوجه وإشرافه والثاني شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود وجمعها
77

مذاهب وهو شئ كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيه خطوطا مذهبة يرى بعضها إثر
بعض ومن الخيلاء هي بالضم والكسر الكبر والعجب والاختيال الذي يحب الله
78

عز وجل اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة قال في النهاية أما الصدقة فأن تهزه
أريحية السخاء فيعطي طيبة بها نفسه فلا يستكثر كثيرا ولا يعطى منها شيئا إلا وهو مستقل
وأما الحرب فأن يتقدم فيها بنشاط وقوة ونخوة وعدم جبن ولا مخيلة هي بمعنى الخيلاء
الخازن الأمين الذي يعطى ما أمر به طيبة به نفسه قال هذه الأوصاف شروط الحصول
79

هذا الثواب فينبغي أن يعتنى بها ويحافظ عليها أحد المتصدقين قال النووي هو بفتح القاف
على التثنية ومعناه له أجر متصدق وقال الحافظ بن حجر ضبط في جميع الروايات بفتح القاف
قال القرطبي ويجوز الكسر على الجمع أي هو متصدق من المتصدقين والمرأة المترجلة قال
في النهاية هي التي تتشبه بالرجال في زيهم وهيآتهم فأما في العلم والرأي فمحمود والديوث
80

بالمثلثة هو الذي لا يغار على أهله وقيل هو سرياني معرب ولو بظلف محرق الظلف بكسر
81

الظاء المعجمة للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل والخف للبعير يتلمظ فضله أي يدير لسانه
82

عليه ويتبع أثره
83

يتملقني قال في النهاية الملق بالتحريك الزيادة في التودد والدعاء والتضرع فوق ما ينبغي
84

ليس المسكين الذي ترده الاكلة والاكلتان بضم الهمزة أي اللقمة واللقمتان
قال النووي معناه المسكين الكامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة وأحوج إليها ليس هو هذا
الطواف وليس معناه نفي أصل المسكنة عنه بل معناه نفي كمال المسكنة قالوا فما المسكين
قال النووي هكذا الرواية وهو صحيح لان ما تأتي كثيرا لصفات من يعقل كقوله تعالى فانكحوا
ما طاب لكم من النساء ولا يفطن له فيتصدق عليه بالنصب
85

والعائل المزهو أي الفقير المتكبر
86

علقمة بن علاثة بضم العين المهملة وتخفيف اللام ومثلثة صناديدهم العظماء
والاشراف والرؤس الواحد صنديد بكسر الصاد مشرف الوجنتين تثنية وجنة مثلث
87

الواو وهي أعلى الخد إن من ضئضئ هذا قوما بضادين معجمتين مكسورتين بينهما همزة
ساكنة وآخره همزة هو الاضل ويقال ضئضئ بوزن قنديل يريد أنه يخرج من نسله وعقبه
يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة حيث تراه ناتئا من
خارج الحلق قال القاضي عياض فيه تأويلان أحدهما معناه لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون
بما تلو منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف والثاني
معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا تتقبل يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم أي
يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق به شئ منه من الرمية
هي الصيد المرمي فعيلة بمعنى مفعولة وقيل هي كل دابة مرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد
88

أي قتلا عاما مستأصلا كما قال تعالى فهل ترى لهم من باقية تحمل حمالة هي بالفتح ما يتحمله
الانسان عن غيره من دية أو غرامة مثل أن يقع حرب بين فريقين يسفك فيه الدماء فيدخل
بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين قواما من عيش بكسر القاف أي ما يقوم
بحاجته الضرورية أو سدادا من عيش بكسر السين أي ما يكفي حاجته جائحة هي الآفة
89

التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها وكل مصيبة عظيمة وفتنة مثيرة جائحة من ذوي الحجا
أي العقل الله تبارك وتعالى الرحضاء بضم الراء وفتح الحاء المهملة وضاد معجمة ممدودة هو عرق يغسل
90

الجلد لكثرته إن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم أي يقرب من الهلاك إلا كلمة الاستثناء
آكلة الخضر بالمد وكسر الضاد نوع من البقول فثلطت بالمثلثة أي ألقت رجيعها
سهلا رقيقا قال في النهاية ضرب في هذا الحديث مثلين أحدهما للمفرط في جمع الدنيا والمنع من
حقها والآخر للمقتصد في أخذها والنقع بها فقوله إن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم مثل للمفرط
91

الذي يأخذ الدنيا بغير حقها وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول فتستكثر الماشية منه
لاستطابتها إياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حد الاحتمال فتنشق أمعاؤها من ذلك فتهلك
أو تقارب الهلاك وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنعه مستحقها قد تعرض للهلاك
في الآخرة بدخول النار وفي الدنيا بأذى الناس له وحسدهم إياه وغير ذلك من أنواع الأذى
وأما قوله إلا آكلة الخضر فإنه مثل للمقتصد وذلك أن الخضر ليس من أحرار البقول وجيدها
التي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره فتحسن وتنعم ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج
البقول ويبسها حيث لا تجد سواها فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تستمرئها فضرب
آكلة الخضر من المواشي مثلا لما يقتصر في أخذ الدنيا وجمعها ولا يحمله الحرص على أخذها
بغير حقها فهو ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضر ألا تراه قال أكلت حتى إذا امتلأت
خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة عين
الشمس تستمرئ بذلك ما أكلت فإذا ثلطت زال عنها الحبط وأنما تحبط الماشية لأنها تملأ
بطونها ولا تثلط ولا تبول فتنتفخ أجوافها فيعرض لها المرض فتهلك
92

تصدقن ولو من حليكن قال النووي وهو بفتح الحاء وسكون اللام مفرد وأما الجمع فيقال بضم الحاء
وكسرها وكسر اللام وتشديد الياء لان يحتزم أحدكم بحزمة حطب على ظهره قال الكرماني
93

اللام إما ابتدائية أو جواب قسم محذوف فيبيعها بالنصب ما يزال الرجل يسأل حتى يأتي
يوم القيامة ليس في وجهه مزعة بضم الميم وسكون الزاي وعين مهملة القطعة اليسيرة من اللحم
وحكى كسر الميم وفتحها قال الخطابي يحتمل وجوها أن يأتي يوم القيامة ذليلا ساقطا لا جاه له
ولا قدر كما يقال لفلان وجه عند الناس فهو كناية وأن يكون قد نالته العقوبة في وجهه فعذب
حتى سقط لحمه على معنى مشاكلة عقوبة الذنب مواضع الجناية من الأعضاء كقوله صلى الله عليه
وسلم رأيت ليلة أسرى بي قوما تقرض شفافهم فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هم الذين يقولون
مالا يفعلون وأن يكون ذلك علامة له وشعارا يعرف به وان لم يكن من عقوبة مسته في وجهه
وقال بن بطال جازاه الله من جنس ذنبه حين بذل كماء وجهه وعنده الكفاية وإذا لم يكن اللحم
فيه فتؤذيه الشمس أكثر من غيره وأما من سأل مضطرا فيباح له السؤال ويرجى له أن يؤجر
عليه إذا لم يجد عنه بدا بسطا بكسر الموحدة وحكى فتحها قال بن الصلاح أعجمي لا ينصرف
94

ومنهم من صرفه على أسكفه الباب بهمزة قطع مضمومة وسكون السين وضم الكاف وتشديد
الفاء عتبة الباب السفلى حتى إذا نفد بكسر الفاء واهمال الدال أي فرغ ما يكون عندي من
خير فلن أدخره عنكم أي لن أحبسه وأخبأه وأمنعكم إياه منفردا به عنكم ومن يستعفف
يعفه الله زاد في رواية البخاري ومن يستغن يغنه الله قال التيمي أي من يطلب العفاف وهو
95

ترك المسألة يعطيه الله العفاف ومن يطلب الغنى من الله يعطه وقال بعضهم معناه من طلب من
نفسه العفة عن السؤالي ولم يظهر الاستغناء يعفه الله أي يصيره عفيفا ومن ترقى من هذه المرتبة
إلى ما هو أعلى وهو إظهار الاستغناء عن الخلق يملا الله قلبه غنى لكن أن أعطى شيئا لم يرده
96

خموشا أي خدوشا أو كدوحا الخدوش وكل أثر من خداش أو عض فهو كدح
97

ولا لذي مرة بكسر الميم هي القوة والشدة سوى هو الصحيح الأعضاء
99

فرأهما جلدين بفتح الجيم وسكون اللام أي قويين
100

فمن أخذه بسخاوة نفس قال الزركشي أي بطيب نفس من غير حرص عليه وقال في فتح الباري أي
بغير شره ولا إلحاح أي من أخذه بغير سؤال وهذا بالنسبة إلى الآخذ ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي
أي سخاوة نفس المعطي أي انشراحه بما يعطيه ومن أخذ بإشراف نفس هو تطلعها إليه وتعرضها له
وطمعها فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع قال الزركشي يعني من به الجوع الكاذب كلما ازداد أكلا
أزداد جوعا وقال النووي قيل هو الذي به داء لا يشبع بسببه وقيل يحتمل أن المراد تشبيهه بالبهيمة الراعية
واليد العليا خير من اليد السفلى الأرجح أن العليا هي المعطية والسفلى هي السائلة كما تقدم
في حديث بن عمر وتظافرت بذلك الروايات وعليه الجمهور وقيل السفلى هي الآخذة سواء كان
101

بسؤال أم بغير سؤال وقيل السفلى المانعة وذكر الأديب جمال الدين بن نباته في كتابه مطلع
الفوائد في تأويل الحديث معنى آخر فقال اليد هنا هي النعمة فكأن المعنى أن العطية الجزيلة خير
من العطية القليلة وهذا حث على المكارم بأوجز لفظ ويشهد له أحد التأويلين في قوله ما أبقت
غنى أي ما حصل به غنى للسائل كمن أراد أن يتصدق بألف فلو أعطاها لمائة إنسان لم يظهر
عليهم الغنى بخلاف ما لو أعطاها لرجل واحد وهو أولى من حمل اليد على الجارحة لان ذلك
لا يستمر إذ فيمن يأخذ خير عند الله ممن يعطي قال الحافظ بن حجر وكل هذه التأويلات المتعسفة
تضمحل عند الأحاديث المصرحة بالمراد فأولى ما فسر الحديث بالحديث لا أرزأ بتقديم
الراء على الزاي لا آخذ من أحد شيئا وأصله النقص عن بن الساعدي المالكي قال القاضي
102

عياض الصواب بن السعدي كما في الرواية الأخرى واسمه قدامة وقيل عمرو وإنما قيل له
السعدي لأنه استرضع في بني سعد بن أبي بكر وأما الساعدي فلا يعرف له وجه وابنه عبد الله من
الصحابة وهو قرشي عامري مكي من بني مالك بن حنبل بن عامر بن لؤي رضي الله تعالى عنه عن حويطب بن
عبد العزى بضم الحاء المهملة أخبرني عبد الله بن السعدي أنه قدم على عمر بن الخطاب
قال عياض والنووي وغيرهما هذا الحديث فيه أربعة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض
وهم عمرو بن السعدي وحويطب والسائب وقد جاء جملة من الأحاديث فيها الأربعة صحابيون
بعضهم عن بعض وأربعة تابعيون بعضهم عن بعض عمالة بضم العين اسم أجرة العامل
103

الله تبارك وتعالى ومالا فلا تتبعه نفسك قال النووي معناه ما لم يوجد فيه هذا الشرط لا تعلق النفس به
104

إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس قال النووي تنبيه على العلة في تحريمها عليهم وأنه لكرمتهم
وتنزيههم عن الأوساخ ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير أموالهم ونفوسهم كما قال تعالى صدقة
تطهرهم وتزكيهم بها فهي كغسالة الأوساخ بن أخت القوم منهم قال النووي استدل به من يورث
ذوي الأرحام وأجاب الجمهور بأنه ليس في هذا اللفظ ما يقتضي توريثه وإنما معناه أن بينه
106

وبينهم ارتباطا وقرابة ولم يتعرض للإرث وسياق الحديث يقتضي أن المراد أنه كالواحد منهم
في إفشاء سرهم بحضرته ونحو ذلك
107

هو لها صدقة قال بن مالك يجوز في صدقة الرفع على أنه خبر هو ولها صفة قدمت فصارت
حالا والنصب على الحال ويجعل لها الخبر حملت على فرس أفاد بن سعد في الطبقات أن
اسمه الورد وأنه كان لتميم الداري فأهداه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه لعمر فأضاعه الذي
كان عنده أي يترك القيام بالخدمة والعلق ونحوها
108

لا تعد في صدقتك سمى شراءه برخص عودا في الصدقة من حيث أن الغرض منها ثواب
الآخرة فإذا اشترها برخص فكأنه آثر عرض الدنيا على الآخرة وصار راجعا في ذلك المقدار
الذي سومح فيه
109

كتاب مناسك الحج
عن أبي سنان بكسر المهملة بعدها نون اسمه يزيد وقيل ربيعة
110

أبي رزين العقيلي أنه قال يا رسول الله أن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن بفتح
العين وسكونها لغتان مشهورتان قال فحج عن أبيك واعتمر قال الإمام أحمد لا أعلم في إيجاب العمرة
حديثا أجود من هذا ولا أصح منه قال الشيخ ولي الدين العراقي في هذا رد علي بن بشكوال حيث قال في
111

مهماته في حديث أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال أبوك في النار أنه أبو رزين العقيل فإن مقتضاه أن
أباه كان كافرا محكوما له بالنار وهذا الحديث يدل على أنه مسلم مخاطب بالحج الحجة المبرورة
ليس لها جزاء الا الجنة قال النووي معناه أنه لا يقتصر لصاحبها من الجزاء على تكفير بعض
ذنوبه لا بد أن يدخل الجنة قال والأصح الأشهر أن الحج المبرور الذي لا يخالطه إثم مأخوذ من
البر وهو الطاعة وقيل هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما
كان ولا يعاود المعاصي وقيل هو الذي لا رياء فيه وقيل هو الذي لا يتعقبه معصية وهما داخلان
فيما قبلهما قال القرطبي الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة وأنه الحج الذي وقت أحكامه
ووقع موقعا لما طلب من المكلف على وجه الأكمل والعمرة إلى العمرة قال بن التين
يحتمل أن يكون إلى بمعنى مع أي العمرة مع العمرة كفارة لما بينهما أشار بن عبد البر إلى
أن المراد تكفير الصغائر دون الكبائر قال وذهب بعض علماء عصرنا إلى تعميم ذلك ثم بالغ
112

في الانكار عليه قال في فتح الباري واستشكل بعضهم كون العمرة كفارة مع أن اجتناب الكبائر
يكفر فماذا تكفر العمرة والجواب أن تكفير العمرة مقيد بزمنها وتكفير الاجتناب عام لجميع
113

عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية من حج هذا البيت فلم يرفث بضم الفاء قال عياض هذا من
قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق والجمهور على أن المراد في الآية الجماع قال الحافظ بن حجر والذي
يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك واليه نحا القرطبي قال الأزهري الرفث اسم جامع
لكل ما يريده الرجل من المرأة وكان بن عباس يخصه بما خوطب به النساء وقال غيره الرفث
الجماع ويطلق على التعريض به وعلى الفحش في القول ولم يفسق أي لم يأت سيئة ولا معصية
رجع كيوم ولدته أمه قال الحافظ بن حجر أي بغير ذنب وظاهره غفران الصغائر والكبائر
والتبعات وهو من أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرداس المصرح بذلك قال الطيبي الفاء
في قوله فلم يرفث عاطفة على الشرط وجوابه رجع أي صار والجار والمجرور خبر له ويجوز أن
114

يكون حالا أي صار مشابها لنفسه في البراءة عن الذنوب في يوم ولدته أمه قال لا ولكن
أحسن الجهاد وأجمله حج مبرور قال في فتح الباري اختلف في ضبط لكن فالأكثر بضم
الكاف خطاب للنسوة قال القابسي وهو الذي تميل إليه نفسي وفي رواية بكسر الكاف وزيادة
115

ألف قبلها بلفظ الاستدراك وسماه جهادا لما فيه من مجاهدة النفس
116

من خثعم بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلثة بعدها عين مهملة مفتوحة غير منصرف للعلمية
ووزن الفعل حي من بجيلة
117

رديف يقال ردفته ركبت خلفه على الدابة وأردفته أركبته خلفي
119

فأخرجت امرأة صبيا من المحفة بكسر الميم وحكى فتحها فقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر قال
النووي معناه بسبب حملها له وتجنيبها إياه ما يجتنبه المحرم وفعل ما يفعله المحرم خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة بفتح القاف وكسرها قاله القاضي تاج الدين
121

السبكي في الترشيح يهل بضم أوله يرفع صوته بالتلبية
122

هشام بن بهرام بفتح الموحدة وكسرها وقت حكى الأثرم عن أحمد أنه سئل في أي سنة
وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت فقال عام حج لأهل المدينة ذا الحليفة بالمهملة
والفاء مصغر قال النووي بينها وبين المدينة ستة أميال ووهم من قال بينهما ميل واحد وهو
بن الصباغ وهو أبعد المواقيت من مكة فقيل الحكمة في ذلك أن معظم أمورهم في المدينة قيل
رفقا بأهل الآفاق لان أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكة الجحفة بضم الجيم وسكون
المهملة قرية خربة بينها وبين مكة خمس مراحل أو ست ورابغ قريب منها وسميت الجحفة لان السيل
يجحف بها ذات عرق بكسر العين وسكون الراء وقاف سمى بذلك لان فيه عرقا وهو
الجبل الصغير وهي أرض سبخة تنبت الطرفاء بينها وبين مكة مرحلتان وهي الحد الفاصل
123

بين نجد وتهامة يلملم بفتح التحتية واللام وسكون الميم بعدها لام مفتوحة ثم ميم مكان
على مرحلتين من مكة ويقال ألملم بالهمزة هو والأصل والياء تسهيل وحكى بن السيد فيه يرمرم
براءين بدل اللامين ولأهل نجد هو اسم لعشرة مواضع والمراد منها هنا التي أعلاها تهامة
واليمن وأسفلها الشام والعراق وهو في الأصل كل مكان مرتفع قرنا قال في النهاية يقال له
قرن المنازل وقرن الثعالب وكثير ممن لا يعرف يفتح راءه وإنما هو بالسكون وممن ضبطه
بالفتح صاحب الصحاح وغلطوه قال في فتح البارئ وبالغ النووي فحكى الاتفاق على تخطئته
124

في ذلك لكن حكى عياض من تعليق القابسي أن من قاله بالاسكان أراد الجبل ومن قاله بالفتح
أراد الطريق والجبل المذكور بينه وبين مكة مرحلتان من جهة المشرق وحكى الروياني عن بعض
قدماء الشافعية أن المكان الذي يقال له قرن موضعان أحدهما في هبوط وهو الذي يقال له قرن المنازل
والاخر في صعود وهو الذي يقال له قرن الثعالب لكثرة ما كان يأوي إليه من الثعالب قال فظهر
قرن الثعالب ليس من المواقيت
125

حتى أن أهل مكة يهلون منها هذا خاص بالحاج وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل
قال المحب الطبري لا أعلم أحدا جعل مكة ميقات للعمرة فتعين حمله على القارن
126

في المعرس بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة ثم سين مهملة على ستة أميال من المدينة
بالبيداء قال في النهاية البيداء المفازة لا شئ بها وهي هنا اسم موضع مخصوص بقرب المدينة
127

وأكثر ما تردو يراد بها هذه وقال أبو عبيد البكري البيداء هذه فوق علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي
الأبواء بفتح الهمزة وسكون الباء والمد جبل بين مكة والمدينة وعنده بلد ينسب إليه بين قرني
البئر قال في النهاية هما المبنيان على جانبيها فإن كانتا من خشب فهما زرنوقان
128

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب قال لا يلبس القميص الخ
قال النووي قال العلماء هذا من بديع الكلام وجزله لان ما لا يلبس منحصر فحصل التصريح به
وأما الملبوس الجائز فغير منحصر فقال لا يلبس كذا أي يلبس ما سواه وقال البيضاوي سئل
129

عما يلبس فأجاب بما لا يلبس ليدل بالالتزام من طريق المفهوم على ما يجوز وإنما عدل
عن الجواب لأنه أحصر وأخصر وفيه إشارة إلى أن حق السؤال أن يكون عما لا يلبس لأنه
الحكم العارض في الاحرام المحتاج لبيانه إذ الجواز ثابت بالأصل معلوم بالاستصحاب فكان الأليق
السؤال عما لا يلبس قال غيره هذا يشبه أسلوب الحكيم ويقرب منه قوله تعالى يسألونك ماذا ينفقون
قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين فعدل عن جنس المنفق وهو المسؤول عنه إلى ذكر المنفق
عليه لأنه أهم ولا زعفران بالتنوين لأنه منصرف إذ ليس فيه الا الألف والنون فقط قال الشيخ
عز الدين بن عبد السلام إنما أمر الناس بالخروج عن المخيط وغيره مما صنعوا في الحج ليخرج
الانسان عن عادته والفه فيكون ذلك مذكرا له لما هو فيه من عبادة ربه فيشتغل الرب عز وجل بالجعرانة
130

قال في النهاية هي موضع قريب من مكة وهي بتسكين العين والتخفيف وقد تكسر وتشدد
الراء وقال صاحب المطالع أصحاب الحديث يشددونها وأهل الأدب يخطئونهم ويخففونها وكلاهما
صواب يغط بغين معجمة مكسورة وطاء مهملة مشددة قال في النهاية الغطيط الصوت الذي
يخرج مع نفس النائم وهو ترديده حيث لا يجد مساغا وقد غط يغط غطا وغطيطا ومنه حديث نزول
الوحي فسرى عنه بسين مضمومة وراء مشددة وتخفف قال في النهاية أي كشف عنهما هو
فيه من مكابدة نزول الوحي وقد تكررت في الحديث وخاصة في ذكر نزول الوحي وكلها بمعنى
الكشف والإزالة يقال سروت الصوت وسريته إذا خلعته والتشديد فيه للمبالغة ووقع عند أبي حاتم في
تفسيره والطبراني في الأوسط أن الآية التي نزلت عليه حينئذ قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله آنفا
131

بالمد أي الآن الا أحد لا يجد نعلين قال بن المنير فيه استعمال أحد في الاثبات وقد خصوه
بضرورة الشعر وسوغه كونه بعقب نفي
132

ولا تلبس القفازين قال في النهاية هو بالضم والتشديد شئ تلبسه نساء العرب أيديهن يغطي
الأصابع والكف والساعد من البرد ويكون فيه قطن محشو وقيل هو ضرب من الحلى تتخذه المرأة ليديها
133

يهل ملبدا الاهلال رفع الصوت بالتلبية والتلبيد أن يجعل المحرم في رأسه صمغا أو غيره
ليتلبد شعره أي يلتصق بعضه ببعض فلا يتخلله الغبار ولا يصيبه الشعث ولا القمل وإنما
يفعله من يطول مكثه في الاحرام
136

طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم قال النووي ضبطوا لحرمه بضم
الحاء وكسرها والضم أكثر ولم يذكر الهروي وآخرون غيره وأنكر ثابت الضم على المحدثين وقال
الصواب الكسر والمراد بحرمه الاحرام بالحج ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف
بالبيت المراد به طواف الإفاضة
137

لقد كان يرى وبيص الطيب هو البريق وزنا ومعنى وصاده مهملة في مفارق رسول الله
صلى الله عليه وسلم جمع مفرق بفتح الميم وكسر الراء وهو المكان الذي يفترق فيه الشعر في
وسط الرأس قيل ذكرته بصيغة الجمع تعميما لجوانب الرأس التي يفرق فيها الشعر وهو محرم
أدعى بعضهم أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم قاله المهلب وأبو الحسن بن القصار وغيرهما
من المالكية لان الطيب من دواعي النكاح فنهى الناس عنه وكان هو أملك الناس لإربه ففعله
ورجحه بن العربي بكثرة ما ثبت له من الخصائص في النكاح وقد ثبت عنه أنه قال حبب إلى
النساء والطيب وقال المهلب إنما خص بذلك لمباشرته الملائكة لأجل الوحي
139

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم ادهن بأطيب دهن يجده للطحاوي
والدارقطني بالغالية الجيدة
140

ينضح طيبا قال في النهاية وهو بالحاء المهملة أي يفوح والنضوح بالفتح ضرب من الطيب تفوح رائحته
وأصل النضح الرشح فشبه كثرة ما يفوح من طيبة بالرشح وروى بالحاء المهملة وقيل هو بالخاء المعجمة فيما
141

ثخن من الطيب وبالمهملة فيما رق كالماء وقيل بالعكس وقيل هما سواء وعليه مقطعات
قال النووي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وقال في النهاية أي ثياب قصار لأنها قطعت
عن بلوغ التمام وقيل المقطع من الثياب كل ما يفصل ويخاط من قميص وغيره وما لا يقطع منها
كالازر والأردية متضمخ بالضاد والخاء المعجمتين أي متلطخ بخلوق بفتح المعجمة
142

طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره ان يضمدهما بالصبر بكسر الموحدة
ويجوز اسكانها أي يجعله عليهما ويداويهما به وأصل اضمد الشد يقال ضمد رأسه وجرحه
إذا شده بالضماد وهي خرقة يشد بها العضو المؤف ثم قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره وان
لم يشد لو استقبلت من أمرى ما استدبرت أي لو علمت من أمري في الأول ما علمت في الآخر
143

فانطلقت محرشا قال في النهاية أراد بالتحريش هنا ذكر ما يوجب عتابه لها ولا تخمروا
وجهه ورأسه قال النووي أما تخمير الرأس في حق المحرم الحي فمجمع على تحريمه وأما وجهه
فقال مالك وأبو حنيفة هو كرأسه وخالف الشافعي والجمهور وقالوا لا إحرام في وجهه بل له تغطيته
وإنما يجب كشف الوجه في حق المرأة وأما الميت فمذهب الشافعي وموافقيه أنه يحرم تغطية
رأسه دون وجهه كما في الحياة ويتأول هذا الحديث على أن النهى عن تغطية وجهه ليس لكونه
وجها إنما هو صيانة للرأس فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه ولا بد من تأويله لان مالكا
وأبا حنيفة وموافقيهما يقولون لا يمنع من ستر رأس الميت والشافعي وموافقوه يقولون يباح ستر
الوجه فتعين تأويل الحديث
144

فإنه يبعث يوم القيامة يلبي قال النووي معناه على الهيئة التي مات عليها ومعه علامة لحجه
وهي دلالة لفضيلته كما يجئ الشهيد يوم القيامة وأوداجه تشخب دما
145

العذيب اسم ماء بني تميم على مرحلة من الكوفة مسمى بتصغير العذب وقيل سمي به لأنه طرف أرض
العرب من العذبة وهي طرف الشئ
146

ياهناه أي يا هذا وأصله هن ألحقت الهاء لبيان الحركة فصار ياهنة وأشبعت الحركة
فصارت ألفا فقيل ياهناه بسكون الهاء ولك ضم الهاء قال الجوهري هذه اللفظة تختص بالنداء
147

رضي الله تعالى عنها لبيك عمرة وحجا قال أبو البقاء النصب بفعل محذوف تقديره أريد أو نويت
148

فمشطتني بالتخفيف قال صاحب الافعال مشط الرأس مشطا أي سرحه فليتئد أي ليتأن
154

ولا يعجل لبيك اللهم لبيك قال بن المنير مشروعية التلبية تنبيه على اكرام الله تعالى لعباده
بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام لب
بالمكان إذا قام به فالملبي يخبر عن اقامته وملازمته لعبادة الله عز وجل وثنى هذا المصدر لتدل
التثنية على الكثرة فكأنه يقول تلبية بعد تلبية أبدا وليس المراد مرتين فقط لقوله عز وجل
ثم ارجع البصر كرتين المراد كرة بعد كرة أبدا ما استطعت وإذا كان المعنى في التلبية الاخبار بالملازمة
على العبادة فهل المراد كل عبادة الله أي عبادة كانت أو العبادة التي هو فيها من الحج الأحسن عند
المفسرين الثاني دون الأول للاهتمام بالمقصود قال ثم يعلم أن الاخبار بالملازمة على العبادة لا يصح
في العبادة الماضية وإنما يصح الوعد في المستقبلات قال ويظهر من هذا رجحان مذهب مالك
في كونه شرع التلبية إلى آخر المناسك لأنه إذا بقي له شئ من الرمي أو غيره كان من جنس الوعد
بالملازمة عليه لأنه عبادة وغير مالك وهو الشافعي قطعها قبل ذلك قال وقوله لا شريك لك
تقديره لا شريك لك في الملك ان الحمد والنعمة لك بكسر الهمز على الاستئناف ويفتح على
التعليل والكسر أجود عند الجمهور قال ثعلب من كسر فقد عم ومن فتح فقد خص وتعقب بأن
159

التقييد ليس في الحمد وإنما هو في التلبية وقال الخطابي لهج العامة بالفتح وحكاه الزمخشري عن
الشافعي وقال بن عبد البر المعنى عندي واحد لان من فتح أراد لبيك لان الحمد لك على كل حال
وقال بن دقيق العيد الكسر أجود لأنه يقتضي أن تكون الإجابة مطلقة غير معللة وأن الحمد
والنعمة لله على كل حال والفتح يدل على التعليل فكأنه يقول أجبتك بهذا السبب والمشهور
في قوله والنعمة النصب قال عياض ويجوز الرفع على الابتداء ويكون الخبر محذوفا والتقدير أن
الحمد لك والنعمة مستقرة قال بن الأنباري قال الكرماني وحاصله أن النعمة والشكر على النعمة
كليهما لله تعالى وكذا قوله والملك يجوز فيه الوجهان قال بن المنير قرن الحمد والنعمة وأفرد
الملك لان الحمد متعلق النعمة ولهذا يقال الحمد لله على نعمه فكأنه قال لا حمد الا لك لأنه لا نعمة
160

الا لك وأما الملك فهو مستقل بنفسه ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لأنه صاحب الملك
161

إذا استوت به الناقة قائمة نصب على الحال وانبعثت أي سارت ومضت ذاهبة
163

الله تبارك وتعالى ليلة الحصبة بمهملتين وموحدة بوزن الضربة أي ليلة المبيت بالمحصب بعد النفر من منى
165

انقضى رأسك بضم القاف والضاد المعجمة أي حلى ضفره وامتشطي وأهلي بالحج ودعى
العمرة قال الشافعي انه أمرها بأن تدع عمل العمرة وتدخل عليها الحج فتكون قارنة الا أن تدع العمرة
نفسها وعلى أن اعتمارها من التنعيم تطييب لنفسها ليحصل لها عمرة منفردة مستقلة كما حصل لسائر
أمهات المؤمنين قال الخطابي الا أن قوله انقضى رأسك وامتشطي لا يشكل هذه القضية ولو تأوله متأول
على الترخيص في فسخ العمرة كما أذن لأصحابه في فسخ الحج لكان له وجه وأجاب الكرماني بأن نقض
الرأس والامتشاط جائزان في الاحرام بحيث لا ينتف شعرا وقد يتأول بأنها كانت معذورة وقيل المراد
بالامتشاط تسريح الشعر بالأصابع لغسل الاحرام بالحج ويلزم منه نقضه
166

هذه مكان عمرتك قال الزركشي المشهور رفع مكان على الخبر أي عوض عمرتك التي تركتها
لأجل حيضتك ويجوز النصب على الظرف وقال بعضهم لا يجوز غيره والعامل محذوف تقديره هذه
كائنة مكان عمرتك أو مجعولة مكانها
167

ضباعة بضم الضاد المعجمة وتخفيف الباء الموحدة ومحلى بكسر الحاء أي مكان تحللي
قيل كان هذا من خصائص ضباعة
168

وسلت الدم بمهملة ولام ومثناة أي أماطه بأصبه
170

ولم تحلل أنت بكسر اللام
172

ولا نرى الا الحج بضم النون أي نظن
177

كانوا يرون بضم أوله والمراد أهل الجاهلية وذلك من تحكماتهم المبتدعة ويجعلون المحرم صفر
قال النووي هو مصروف بلا خلاف وحقه أن يكتب بالألف لأنه منصوب لكنه كتب بدونها
يعني على لغة ربيعة ولا بد من قراءته منونا وفي المحكم كان أبو عبيدة لا يصرفه ومعنى يجعلون
يسمون وينسبون تحريمه إليه لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم فتضيق بذلك أحوالهم وهو المراد
بالنسئ يقولون إذا برأ بفتحتين وهمزة وتخفف الدبر بفتحتين الجرح الذي يكون
في ظهر البعير يقال دبر يدبر دبرا وقيل هو أن يقرح خف البعير يريدون أن الإبل كانت تدبر
180

بالسير عليها إلى الحج وعفا الوبر أي كثر وبر الإبل الذي حلقته رحال الحج وانسلخ صفر
قال النووي هذه الألفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر موقوفا عليها لان مرادهم السجع أي الحل
قال الحل كله أي حل يحل له فيه جميع ما يحرم على المحرم حتى غشيان النساء وذلك تمام الحل
181

بالاثاية بضم الهمزة وحكى كسرها ومثلثة موضع بطريق الجحفة إلى مكة والعرج بفتح العين
وسكون الراء وجيم قرية جامعة من عمل الفرع على أميال من المدينة ظبي حاقف بمهملة ثم قاف
ثم فاء أي نائم قد انحنى في نومه لا يريبه أحد أي لا يتعرض له أحد ولا يزعجه
183

انا لم نرده عليك الا أنا حرم ان الأولى مكسورة ابتدائية والثانية مفتوحة على تقدير لام التعليل
184

وخشينا أن نقتطع بضم أوله أي يقطعنا العدو عن النبي صلى الله عليه وسلم أرفع فرسي بتشديد
الفاء المكسورة أي أكلفه السير السريع شأوا بالهمزة أي قدر عدوه وهو قائل من القيلولة
185

بالسقيا بضم السين موضع فاضلة أي فضلة
186

صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم قال الشيخ ولي الدين هكذا رواية يصاد بالألف
وهي جائزة على لغة ومنه قول الشاعر
إذا العجوز غضبت فطلق ولا ترضاها ولا تملق
وقال الآخر ألم يأتيك والانباء تنمى عمرو بن أبي عمر وليس هو بالقوي في الحديث قال
الشيخ ولي الدين قد تبع النسائي على هذا بن حزم فقال خبر جابر ساقط لأنه عن عمرو وهو ضعيف
وقد سبقهما إلى تضعيفه يحيى بن معين وغيره لكن وثقه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم
187

وابن عدي وغيرهم وأخرج له الشيخان في صحيحيهما فوجب قبول خبره وقد سكت أبو داود على
حديثه هذا فهو عنده اما حسن أو صحيح وصححه الحاكم في المستدرك وقال إنه على شرط الشيخين ولكن
المطلب بن عبد الله بن حنطب لم يخرج له واحد من الشيخين في صحيحه وهذا يدل على أن الحاكم
لا يريد بكونه على شرطهما أن يكون رجال إسناده في كتابيهما كما ذكره جماعة لأنه لا يجهل كون
الشيخين لم يخرجا للمطلب فدل على أن مراده أن يكون رواية في كتابيهما أو في طبقة من أخرجا له
نعم أعل الترمذي هذا الحديث بالانقطاع بين المطلب وبين جابر فقال إنه لا يعرف له سماع منه
وكذا قال أبو حاتم وقال البخاري لا أعرف للمطلب سماعا من أحد من الصحابة الا قوله حدثني من
شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وقال الدارمي مثله خمس ليس على المحرم في قتلهن جناح
قال النووي واختلفوا في المعنى في ذلك فقال الشافعي المعنى في جواز قتلهن كونهن مما لا يؤكل فكل
مالا يؤكل وهو متولد من مأكول وغيره فقتله جائز للمحرم ولا فدية عليه وقال مالك المعنى فيهن كونهن
مؤذيات فكل مؤذ يجوز للمحرم قتله ومالا فلا والحدأة مقصور بوزن عنبة والفأرة بهمزة
والكلب العقور قال النووي اختلف العلماء في المراد به فقيل هو الكلب المعروف وقيل كل ما يفترس
لان كل مفترس من السباع يسمى في اللغة كلبا عقورا ومعنى العقور العاقر الجارح والغراب الأبقع
188

هو الذي في ظهره أو بطنه بياض وقد أخذ بهذا القيد طائفة وأجاب غيرهم بأن الروايات
المطلقة أصح ونهى عن قتل الجنان بكسر الجيم وتشديد النون هي الحبات التي تكون في البيوت
واحدها جان وهو الدقيق الخفيف إلا ذا الطفيتين تثنية طفية وهي في الأصل خوصة المقل شبه
الخطين اللذين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل والأبتر أي القصير الذنب
189

خمس من الدواب لا جناح في قتلهن على من قتلهن في الحرم والاحرام قال النووي اختلفوا
190

في ضبط الحرم هنا فضبطه جماعة من المحدثين بفتح الحاء والراء الحرم المشهور وهو حرم مكة
191

والثاني بضم الحاء والراء ولم يذكر القاضي عياض في المشارق غيره قال هو جمع حرام كما قال تعالى
192

وأنتم حرم قال والمراد به المواضع المحرمة قال النووي والفتح أظهر من وثء بفتح الواو
193

وسكون المثلثة هو وهن في الرجل دون الخلع والكسر يقال وثئت رجله فهي موثوءة وثأتها
أنا وقد تترك الهمزة احتجم وسط رأسه بفتح السين أي متوسطة وهو ما فوق اليافوخ بلحى
جمل هو بفتح اللام وحكى كسرها وسكون المهملة وبفتح الجيم والميم موضع بين مكة والمدينة
وقيل عقبة على سبعة أميال من السقيا وقيل ماء وقال البكري هي بئر جمل التي ورد ذكرها في
حديث أبي جهم ووهم من ظنه فك الجمل الحيوان المعروف وأنه كان آلة الحجم ذكره في فتح
الباري ويروى بلحيي جمل بصيغة التثنية قال الشاعر
لولا رسول الله ما زرنا ملل ولا الرثيات ولا لحيي جمل
194

لفظه بعيره أي رماه فوقص وقصا قال في النهاية الوقص كسر العنق وقصت عنقه
197

أقصها وقصا ووقصت به راحلته كقولك خذ الخطام وخذ بالخطام ولا يقال وقصت العنق نفسها
198

ولكن يقال وقص الرجل فهو موقوص
199

البراء بالتشديد لأنه كان يبرى النبل
201

اليوم نضربكم قال في النهاية سكون الباء من نضربكم من جائزات الشعر وموضعها الرفع يزيل الهام
عن مقيله قال في النهاية الهام جمع هامة وهي أعلى الرأس ومقيله موضع مستعار من موضع
202

القائلة من نضح النبل بنون وضاد معجمة وحاء مهملة يقال نضحوهم بالنبل إذا رموهم
هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض لا معارضة بين هذا وبين حديث ان
إبراهيم حرم مكة لان المعنى أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس وكانت قبل ذلك عند
الله حراما أو أول من أظهره بعد الطوفان وقال القرطبي معناه ان الله حرم مكة ابتداء من غير
سبب ينسب لأحد ولا لأحد فيه مدخل قال ولأجل هذا أكد المعنى بقوله ولم يحرمها
الناس والمراد أن تحريمها ثابت بالشرع لا مدخل للعقل فيه أو المراد أنها من محرمات الله
فيجب امتثال ذلك وليس من محرمات الناس يعني في الجاهلية كما حرموا أشياء من عند أنفسهم
فلا يسوغ الاجتهاد في تركه وقيل معناه أن حرمتها مستمرة من أول الخلق وليس مما اختصت
به شريعة النبي صلى الله عليه وسلم فهو حرام بحرمة الله أن بتحريمه وقيل الحرمة الحق
أي حرام بالحق المانع من تحليله لا يعضد شوكه بضم أوله وفتح الضاد المعجمة أي
لا يقطع ولا ينفر صيده بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة قيل هو كناية عن الاصطياد وقيل
203

على ظاهره قال النووي يحرم التنفير وهو الازعاج عن موضعه ولا يختلى أي لا يقطع
خلاه بالخاء المعجمة والقصر وحكى مده وهو الرطب من النبات قال العباس أي بن
عبد المطلب إلا الإذخر يجوز فيه الرفع على البدل مما قبله والنصب قال بن مالك وهو
204

المختار لكون الاستثناء وقع متراخيا عن المستثنى منه فبعدت المشاكلة بالبدلية ولكون الاستثناء
أيضا عرض في آخر الكلام ولم يكن مقصودا والإذخر نبت معروف طيب الريح له أصل مندفن
وقضبان دقاق وذاله معجمة وهمزته مكسورة زائدة قال في فتح الباري لم يرد العباس أن يستثنى
هو وإنما أراد أن يلقن النبي صلى الله عليه وسلم الاستثناء وقوله صلى الله عليه وسلم في جوابه
إلا الإذخر هو استثناء بعض من كل لدخول الإذخر في عموم ما يختلى واختلف هل قاله باجتهاد
أو وحي وقيل كان الله فوض له الحكم في هذه المسألة مطلقا وقيل أوحى إليه قبل ذلك أنه ان طلب
أحد استثناء شئ من ذلك فأجب سؤاله رحمه الله عن أبي شريح اسمه خويلد بن عمرو على المشهور
وهو خزاعي كعبي أنه قال لعمرو بن سعيد أي بن العاص المعروف بالأشدق وهو
يبعث البعوث جمع بعث بمعنى مبعوث من إطلاق المصدر على المفعول والمراد به الجيوش التي
جهزها يزيد بن معاوية لقتال عبد الله بن الزبير الغد من يوم الفتح بالنصب أي ثاني يوم
الفتح أن يسفك بها دما بكسر الفاء وحكى ضمها أي يسيله ولا يعضد بها شجرة قال
205

بن الجوزي أصحاب الحديث يقولونه بضم الضاد وقال لنا بن الخشاب هو بكسرها وروى
ولا يخضد بالخاء المعجمة بدل العين المهملة وهو راجع إلى معناه فإن أصل الخضد الكسر
ويستعمل في القطع وإنما أذن لي بفتح أوله والفاعل الله ويروى بضمه بالبناء للمفعول
206

الوزغ الفويسق تصغير فاسق وهو تصغير تحقير يقتضي زيادة الذم
209

ألم ترى يقال للمرأة رأيت ترين وحذف النون علامة للجزم ومعناه ألم ينبه علمك ولم تعرفي
لولا حدثان بكسر الحاء مصدر حدث يحدث والخبر هنا محذوف وجوبا أي موجود
214

استلام الركنين مسحهما والسين فيه فاء الفعل وهو افتعال من السلام وهي الحجارة يقال
استلم أي أصاب السلام وهي الحجارة إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم أي أن الركنين
اللذين يليان الحجر ليسا بركنين وإنما هما بعض الجدار الذي بنته قريش فلذلك لم يستلمهما النبي صلى الله
عليه وسلم وجعلت له خلفا بفتح الخاء وسكون اللام وفاء أي بابا من خلفه يقابل هذا الباب الذي هو
من قدام لولا أن قومك حديث عهد كذا روى بالإضافة وحذف الواو وقال المطرزي
215

لا يجوز حذف الواو في مثل هذا والصواب حديثو عهد كأسنمة الإبل جمع سنام متلاحكة
أي شديدة الملاءمة ذو السويقتين تثنية سويقة وهي تصغير الساق وهي مؤنثة فلذلك ظهرت
216

التاء في تصغيرها وإنما صغر الساقي لان الغالب على سوق الحبشة الدقة والحموشة وأجاف الباب
أي رده عليه
217

بخزامة كانت في أنفه بكسر الخاء هي حلقة من شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير كانت
بنو إسرائيل تخرم أنوفها وتخرق تراقيها ونحو ذلك من أنواع التعذيب فوضعه عن هذه
الأمة ثم أمره أن يقوده بيده وجهه أن القود بالأزمة إنما يفعل بالبهائم وهو مثلة
222

إنك حجر لا تضر ولا تنفع الا بإذن الله قال الطبري إنما قال عمر ذلك لان الناس كانوا حديثي
227

عهد بعبادة الأصنام فخشي عمر أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم الأحجار كما كانت
العرب تفعل في الجاهلية فأراد أن يعلم الناس أن استلامه الحجر اتباع لفعل رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا أن الحجر ينفع ويضر بذاته كما كانت الجاهلية تعتقده في الأوثان وقد روى الحاكم من
حديث أبي سعيد أن عمر رضي الله عنه لما قال هذا قال له علي بن أبي طالب انه يضر وينفع وذكر
أن الله تعالى لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في رق وألقمه الحجر قال وسمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى يوم القيامة بالحجر وله لسان ذلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد وسنده
ضعيف عن جابر قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دخل المسجد فاستلم الحجر
ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم أتى المقام قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام
يجعل الطائف البيت عن يساره ويبدأ بالحجر الأسود لان الحجر إذا استقبل البيت من ثنية كدى من
باب بني شيبة تبقى في ركن البيت على يسارك وهو يمين البيت لأنك إذا قابلت شخصا فيمينه يسارك
ويساره يمينك والذي يلاقيك من البيت هو وجهه لان فيه بابه وباب البيت أي بيت كان هو وجه لذلك
البيت والأدب أن لا يؤتى الأفاضل الا من قبل وجوههم ولأجل ذلك كان الابتداء بتثنية كدى
والأصل في كل قربة يصح فعلها باليمين واليسار أن لا تفعل الا باليمين كالوضوء وغيره فإذا ابتدأ
228

بالحجر وجعل البيت على يساره كان قد ابتدأ باليمين والوجه معا فيجمع بين الفاضلين الكريمين
ولو ابتدأ بالحجر وجعل البيت على يمينه ترك الابتداء بالوجه ويمين البيت جميع الحائط الذي بعد
229

الحائط الذي فيه البيت ويسار البيت الحائط الذي يقابله ودبر البيت الحائط الذي يقابل الحائط الذي
فيه الباب يخب بضم الخاء المعجمة أي يعدو وهنتهم روى بالتخفيف وبالتشديد
230

أضعفتهم يثرب بالفتح غير منصرف فأمر أصحابه أن يرملوا وأن يمشوا ما بين الركنين
وكان المشركون من ناحية الحجر فقالوا لهؤلاء أجلد من كذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام
231

فكان ذلك ضربا من الجهاد قال وعلته في حقنا تذكر النعمة التي أنعمها الله على رسوله وأصحابه
232

بالعزة بعد الذلة وبالقوة بعد الضعف حتى بلغ عسكره عليه الصلاة والسلام سبعين ألفا
يستلم الركن بمحجن بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم وميمه زائدة والمعنى أنه
233

يرمي بمحجنه إلى الركن حتى يصيبه
234

شرب من ماء زمزم وهو قائم هو لبيان الجواز وقيل أن الشرب من ماء زمزم من غير قيام يشق
237

لارتفاع ما عليها من الحائط لو كانت كما أولتها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما هذا من بديع
فقهها لان ظاهر الآية رفع الجناح عن الطائف بالصفا والمروة وليس هو بنص في سقوط الوجوب
فأخبرته أن ذلك محتمل ولو كان نصا في ذلك لقال فلا جناح عليه أن لا يطوف لان هذا يتضمن
سقوط الاثم عمن ترك الطواف ثم أخبرته أن ذلك إنما كان لان الأنصار تحرجوا أن يمروا بذلك
238

الموضع في الاسلام فأخبروا أن لا حرج عليهم لمناة الطاغية مناة اسم صنم كان نصبه عمرو بن
لحي بالمشلل فيجر بالفتحة والطاغية صفة لها قال الزركشي ولو روى بكسر الهاء بالإضافة لجاز
ويكون الطاغية صفة للفرقة الطاغية وهم الكفار عند المشلل بضم أوله وفتح المعجمة ولامين
الأولى مفتوحة مشددة هي الثنية المشرفة على قديد يتحرج أي يخاف الحرج
239

إن الناس غشوه أي ازدحموا عليه وكثروا
241

الا شدا أي عدوا
242

سرحة هي الشجرة العظيمة سر تحتها سبعون نبيا أي قطعت سررهم يعني أنهم ولدوا
تحتها فهو يصف بركتها
249

الحج عرفة قال الشيخ عز الدين عبد السلام في أماليه فإن قيل أي أركان الحج أفضل قلنا الطواف
لأنه يشتمل على الصلاة وهو مشبه بالصلاة والصلاة أفضل من الحج والمشتمل على الأفضل
أفضل فإن قيل قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة يدل على أفضلية عرفة لان التقدير معظم الحج
وقوف عرفة فالجواب أن لا نقدر ذلك بل نقدر أمرا مجمعا عليه وهو إدراك الحج وقوف عرفة
فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه قال القاضي أبو الطيب
256

في تعليقه أي قارب التمام عز وجل في ايضاع الإبل يقال وضع البعير يضع وضعا وأوضعه راكبه
أيضاعا إذا حمله على سرعة السير شنق ناقته يقال شنقت البعير أشنقه شنقا إذا كففته بزمامه
257

وأنت راكبه يسير العنق بفتحتين ضرب من سير الدواب طويل ونصبه على المصدر النوعي
كرجعت القهقرى فجوة بفتح الفاء متسع بين الشعبتين مال أي عدل إلى الشعب
بكسر الشين الطريق بين الجبلين فقلت يا رسول الله الصلاة وقال أبو البقاء الوجه النصب على
تقدير تريد الصلاة أو أتصلي الصلاة وقال القاضي عياض هو بالنصب على الاغراء ويجوز الرفع
على إضمار فعل أي حانت الصلاة أو حضرت قال الصلاة أمامك بالرفع مبتدأ وخبر
259

في ضعفه أهله قال بن مالك في توضيحه جمع ضعيف على ضعفه غريب ومثله خبيث وخبثة
261

كانت امرأة ثبطة بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكونها وطاء مهملة أي ثقيلة بطيئة وروى
بطينة وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها قال النووي المراد به قبل وقتها المعتاد لا قبل طلوع الفجر
لان ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين والغرض أن استحباب الصلاة في أول الوقت في هذا
اليوم أشد وآكد وقال أصحابنا معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان في غير هذا اليوم يتأخر عن أول
طلوع الفجر إلى أن يأتيه بلال وفي هذا اليوم لم يتأخر لكثرة المناسك فيه فيحتاج إلى المبالغة
262

في التبكير ليتسع له الوقت لم أدع حبلا بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة قال في النهاية
263

هو المستطيل من الرمل وقيل الضخم منه وجمعه حبال وقيل الحبال من الرمل كالحبال في غير
الرمل وقال الخطابي الحبال ما دون الجبال في الارتفاع وقضى تفثه بفتح المثناة الفوقية
264

والفاء ومثلثة قال في النهاية هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حصر كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط
وحلق العانة وقيل اذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا ويقولون أشرق ثبير بلفظ الامر
لتطلع عليك الشمس وثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون التحتية وبالراء جبل عظيم بالمزدلفة
265

على يسار الذاهب منها إلى منى هذا هو المراد وللعرب جبال أخر اسم كل منها ثبير وهو منصرف
ولكنه بدون التنوين لأنه منادى مفرد معرفة قال الإمام محمد بن الحسن للعرب أربعة جبال أسماؤها
ثبير وكلها حجازية قال الخطابي كان أهل الجاهلية يقولون أشرق ثبير كيما نغير أي لتطلع عليك
الشمس كي ندفع ونفيض فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل الطلوع ويقال أشرق
الرجل إذا دخل في وقت الشروق إ
266

أغيلمة قال الخطابي هو تصغير الغلمة وكان القياس غليمة لكنهم ردوه إلى أفعلة فقالوا
أغيلمة كما قالوا أصيبية في تصغير صبية وقال الجوهري الغلام جمعه غلمة وان كانوا لم يقولوه
على حمرات جمع حمرة جمع تصحيح فجعل يلطح أفخاذنا قال أبو داود اللطح الضرب
اللين وقال في النهاية هو الضرب الخفيف بالكف وجعل هذه من أفعال باب المقاربة من القسم
الذي للشروع أبيني قال في النهاية اختلف في هذه اللفظة فقيل هو تصغير ابني كأعمى
وأعيمي وهو اسم مفرد يدل على الجمع وقيل إن ابنا يجمع على أبناء مقصورا وممدودا وقيل هو تصغير
بن وفيه قال بن الحاجب في أماليه قوله صلى الله عليه وسلم أبيني لا ترموا جمرة العقبة الأولى
أن يقال أنه تصغير بني مجموعا وكان أصل بني بنيون أضفته إلى ياء المتكلم فصار بنيوى في الرفع
وبنيي في النصب والجر فوجب أن تقلب الواو ياء وتدغم على ما هو قياسها في مثل قولك ضاربي
وكذلك النصب والجر ولذلك كان لفظ ضاربي في الأحوال الثلاث سواء كرهوا اجتماع الياءات
والكسرة فقلبوا اللام إلى موضع الفاء فصار ابيني وليس في هذا الوجه الا قلب اللام إلى موضع
الفاء وهو قريب لما ذكرناه من الاستثقال في قلب الواو المضمومة همزة وهو جائز قياسا وهذا
أولى من قول من يقول إنه تصغير أبناء رد إلى الواحد وروعي مشاكلة الهمزة لأنه لو كان تصغيره
لقيل أبيناي ولم يرد إلى الواحد لان أفعالا من جمع القلة فتصغر من غير رد كقولك أجيمال وهو
أيضا أولى من قول من قال أنه جمع ابنا مقصور على وزن افعل اسم جمع للأبناء صغر وجمع بالواو
والنون لأنه لا يعرف ذلك مفردا فلا ينبغي أن يحمل الجمع عليه ولأنه لا يجمع أفعل اسما جمع التصحيح
(تم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الجهاد)
271