الكتاب: حاشية السندي على النسائي
المؤلف: ابن عبد الهادي
الجزء: ٢
الوفاة: ١١٣٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: المكتبة العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

حاشية الامام السندي على سنن النسائي
الجزء الثاني
المكتبة العلمية
بيروت لبنان
1

كتاب الأذان
قوله بدء الأذان بالهمز في آخره أي ابتداؤه قوله فيتحينون أي يقدرون حينها ليأتوا إليها فيه
والحين الوقت وليس ينادى بها أحد قيل كلمة ليس بمعنى لا النافية وهي حرف فلا اسم لها ولا خبر وقيل
بل فيها ضمير الشأن أو اسمها أحد قد أخر فتكملوا أي المسلمون اتخذوا بكسر الخاء على صيغة
الامر ناقوسا هي خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها والنصارى يعلمون بها أوقات الصلاة بل
قرنا أي ينفخ فيه فيخرج منه صوت يكون علامة للأوقات كما كانت اليهود يفعلونه وهذا هو الذي يسمى
بوقا بضم الباء وقال عمر الخ حمل النداء ههنا على نحو الصلاة جامعة لا على الأذان المعهود لان ظاهر
2

الحديث أن عمر قال ذلك وقت المذاكرة والأذان المعهود إنما كان بعد الرؤيا وعلى هذا فادراج المصنف
الحديث في الباب لان هذا النداء كان من جملة بداءة الأذان ومقدماته وقيل يمكن حمله على الأذان المعهود
باعتبار أن في الكلام تقديرا للاختصار مثل فافترقوا فرأى عبد الله بن زيد الأذان فجاء إلى النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم فقص عليه رؤياه فقال عمر أولا تبعثون الخ ويرد عليه أن عمر حضر بعد أن سمع صوت ذلك
الأذان على ما يفيده حديث عبد الله بن زيد رائي الأذان فلا يصح بالنظر إلى ذلك الأذان أن عمر قال أولا
تبعثون رجلا وقد يجاب بأنه يجوز أن يكون عمر في ناحية من نواحي المسجد حين جاء عبد الله بن زيد
برؤيا الأذان عنده صلى الله تعالى عليه وسلم فلما قص الرؤيا سمع الصوت حين ذلك فحضر عنده صلى الله
تعالى عليه وسلم وأشار بقوله أو لا تبعثون رجلا إلى أن عبد الله لا يصلح لذلك فابعثوا رجلا آخر يصلح
له والله تعالى أعلم قوله (627) أن يشفع الأذان محمول على التغليب والا فكلمة التوحيد مفردة في آخره
وكذا قوله يوتر الإقامة محمول على التغليب أو معناه أن يجعل على نصف الأذان فيما يصلح للانتصاف
فلا يشكل بتكرر التكبير في أولها ولا بكلمة التوحيد في آخرها والله تعالى أعلم قوله (628) كان الأذان
3

أي كانت كلمات الأذان مكررة والإقامة مفردة نظرا إلى الغالب كما سبق قوله (629) قال الله أكبر الله أكبر
أشهد الخ ظاهره أن التكبير مرتان كسائر الكلمات لكن سيجئ ضبط عدد الكلمات فيظهر منه
أن التكبير أربع مرات ثم هذا الحديث صريح في الترجيع والثابت في أذان بلال عدمه فالوجه القول
بجواز الامرين قوله (630) تسع عشرة كلمة الخ هذا العدد لا يستقيم الا على تربيع التكبير في أول الأذان
والترجيع والتثنية في الإقامة وقد ثبت عدم الترجيع في أذان بلال وأفراد الإقامة فالوجه جواز الكل
4

والله تعالى أعلم قوله (632) مقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي زمان رجوعه بتقديم القاف على الفاء
متنكبون أي معرضون يقال نكب عن الطريق إذا عدل عنه وتنكب أي تنحى وأعرض
فظلنا بكسر لام أولى أي فكنا نحكيه أي صوت المؤذن ونهزأ به أي نحكيه استهزاء به
5

فسمع أي وقت الحكاية الصوت أي صوتنا بالأذان حتى وقفنا بتقديم القاف على الفاء
ثم قال ارجع فامدد صوتك هذا صريح في أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أمره بالترجيع فسقط
ما توهمه النفاة أنه كرره له تعليما فظنه ترجيعا فأعطاني صرة استدل به بن حبان على الرخصة في
أخذ الأجرة وعارض به الحديث الوارد في النهي عنه ورده بن سيد الناس بأن حديث أبي
محذورة متقدم على إسلام عثمان بن أبي العاص الراوي لحديث النهي فحديثه متأخر والعبرة بالمتأخر
فإنها واقعة يتطرق إليها الاحتمال بل أقرب الاحتمالات فيها أن يكون من باب التأليف
6

لحداثة عهده بالاسلام كما أعطى يومئذ غيره من المؤلفة قلوبهم ووقائع الأحوال إذا تطرق
إليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الاجمال قوله وبرك بتشديد الراء أي قال بارك
الله عليك أو فيك أو لك في الأولى من الصبح أي في المناداة الأولى وفي نسخة في الأول أي
7

في النداء الأول والمراد الأذان دون الإقامة والله تعالى أعلم قوله فأذنا في المجمع أي ليؤذن أحدكما
ويجيب الآخر اه يريد أن اجتماعهما في الأذان غير مطلوب لكن ما ذكر من التأويل يستلزم الجمع بين
الحقيقة والمجاز فالأولى أن يقال الاسناد مجازي أي ليتحقق بينكما أذان وإقامة كما في بنو فلان قتلوا والمعنى
يجوز لكل منكما الأذان والإقامة أيكما فعل حصل فلا يختص بأكبر كالإمامة وخص الأكبر بالإمامة
لمساواتهما في سائر الأشياء الموجبة للتقدم كالأقرئية والأعلمية بالنسبة لمساواتها في المكث والحضور
عنده صلى الله تعالى عليه وسلم وذلك يستلزم المساواة في هذه الصفات عادة والله تعالى أعلم قوله شببة
بالفتحات جمع شاب قوله رفيقا من الرفق أو من الرقة
9

قوله بادر أي كل منهم أرادوا أن يسبقوا غيرهم بالاسلام بإسلام أهل حوائنا الحواء بكسر الحاء المهملة
والمد بيوت مجتمعة من الناس على ماء أي ذهب بأن أهل قريتنا أسلموا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم رجع من
عنده فلما قدم قريته قوله يؤذن بليل أي الأذان المعروف في الشرع إذ هو المتبادر من إطلاق اللفظ
الشرعي وأيضا لا يحسن قوله فكلوا واشربوا الا حينئذ وهذا الامر للإباحة والرخصة وبيان بقاء الليل
بعد أذان بلال قوله (639) الا أن ينزل هذا ويصعد هذا يريد قلة ما بينهما من المدة لا التحديد قوله
10

ليوقظ من الايقاظ نائمكم بالنصب ليتأهب للصلاة بالغسل ونحوه قالوا سبب ذلك أن الصلاة
كانت بغلس فيحتاج تحصيلها إلى التأهب من الليل فوضع له الأذان قبيل الفجر لذلك ويرجع المشهور
أنه من الرجع المتعدى المذكور في قوله تعالى إنه على رجعه لقادر لا من الرجوع اللازم ومنه قوله تعالى
فإن رجعك الله وقوله عز من قائل ثم ارجع البصر كرتين ويحتمل أن يكون من الارجاع وهو الموافق
لما قبله لفظا وعلى الوجهين قائمكم بالنصب ويحتمل أن يكون من الرجوع اللازم وقائمكم بالرفع
لكنه لا يوافق ما قبله والمراد بالقائم المتهجد وذلك لينام لحظة ليصبح نشيطا أو يتسحر أن أراد الصيام
وليس أي ظهور الفجر الصادق أن يقول أي أن يظهر هكذا أشار به إلى هيئة ظهور الفجر
11

الكاذب والقول أريد به فعل الظهور وإطلاق القول على الفعل شائع قوله (643) فجعل يقول أي يفعل
فهو من إطلاق القول على الفعل وجملة ينحرف يمينا وشمالا بيان له وهذا الانحراف يكون بالحيعلة
لابلاغ النداء إلى الطرفين قوله والبادية أي الصحراء لأجل الغنم فارفع صوتك أي بالأذان
أي ولا تخفضه ظنا منك أن الرفع للاحضار وليس هناك أحد يقصد احضاره فإنه لا يسمع مدى
صوت بفتح ميم وخفة مهملة مفتوحة بعدها ألف أي غاية صوته وفي نسخة مد صوت المؤذن بفتح
ميم وتشديد دال أي تطويله والمراد أن من سمع منتهى الصوت أو مده يشهد له فكيف من سمع الأذان
سماعا بينا وهذه الشهادة لاظهار شرفه وعلو درجته والا فكفى بالله شهيدا سمعته أي قوله لا يسمع
12

مدى صوت المؤذن الخ وقيل بل المعنى سمعت ما قلت لك بخطاب لي قلت والمراد مضمون ما قلت لك ولو
كان بغير طريق الخطاب والله تعالى أعلم قوله بمدى صوته وفي نسخة بمد صوته قيل معناه بقدر
صوته وحده فإن بلغ الغاية من الصوت بلغ الغاية من المغفرة وإن كان صوته دون ذلك فمغفرته على قدره
أو المعنى لو كان له ذنوب تملأ ما بين محله الذي يؤذن فيه إلى ما ينتهي إليه صوته لغفر له وقيل يغفر له من
الذنوب ما فعله في زمان مقدر بهذه المسافة قوله (646) ويصدقه من سمعه أي يشهد له يوم القيامة أو يصدقه
يوم يسمع ويكتب له أجر تصديقهم بالحق من صلى معه أي إن كان إماما أو مع امامه إن كان مقتديا
بإمام آخر لحكم الدلالة لكن هذا يقتضي أن يخص بمن حضر بأذانه والأقرب العموم تخصيصا للمؤذن
13

بهذا الفضل وفضل الله أوسع والله تعالى أعلم قوله (647) كنت أؤذن ولعله أذن له صلى الله عليه وسلم
أيام حجة الوداع أو في وقت آخر والله تعالى اعلم والتثويب هو العود لي الاعلام بعد الاعلام وقول
المؤذن الصلاة خير من النوم لا يخلو عن ذلك فسمى تثويبا قوله (649) قال آخر الأذان كأنهم ضبطوه
14

لئلا يتوهم تربيع التكبير بالقياس على الأول أو تثنية كلمة معنى التوحيد بالقياس على غالب الكلمات
ولعل أفراد كلمة التوحيد في الأذان لموافقة معنى التوحيد والله تعالى أعلم قوله مطيرة أي ذات مطر
صلوا في رحالكم أذن لهم في ترك الحضور لا إيجاب لذلك فقوله حي على الصلاة نداء بالحضور لمن
يريد ذلك فلا منافاة بين مؤداهما قوله (654) أذن بالصلاة الظاهر أنه أتم الأذان وقال بعد الفراغ منه
ألا صلوا ويحتمل أنه قال ذلك بعد حي على الفلاح وعلى الأول يقال كان هذا القول أحيانا في الوسط
وأحيانا بعد الفراغ يقول أي بأن يقول أو يقول تفسير ليأمر وقيل مقدر في الكلام بعده قوله
بالقصواء كالحمراء اسم ناقته صلى الله تعالى عليه وسلم فرحلت بتشديد الحاء على بناء المفعول
15

قوله (656) دفع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي نزل من عرفة وأصله دفع مطيه للنزول ثم اشتهر
16

في النزول قوله (660) صلى كل واحدة منهما بإقامة ظاهره تعدد الإقامة وما سبق يدل على وحدتها فلا
يخلو الحديث عن نوع اضطراب قوله (661) قبل أن ينزل في القتال ما نزل أي من صلاة الخوف قوله
(662) عن أربع صلوات يوم الخندق لا ينافي ما تقدم لامتداد الوقعة فيمكن أن يكون كل منهما في يوم
17

على أن المعنى أنهم شغلوه صلى الله عليه وسلم حتى اجتمع أربع صلوات وذلك لان العشاء كانت في الوقت
وحينئذ يمكن أن يكون المغرب في الوقت لكنها كانت في آخر الوقت والعشاء في أولها والله تعالى أعلم
قوله عصابة بكسر العين أي جماعة قوله (664) فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة لعل محمله
18

ما إذا كان الكلام وغيره مباحا في الصلاة والله تعالى أعلم قوله (665) فقال مثل قوله أي وافقه في كلمات
الأذان لكن فيما يصلح للموافقة لأنه في حي على الصلاة بمثله يعد استهزاء أو عازب أي بعيد غائب
19

عن أهله قوله (666) يعجب ربك كيسمع أي يرضى منه ويثيبه عليه في رأس شظية الجبل بفتح الشين
وكسر الظاء المعجمتين وتشديد الياء المثناة التحتية قطعة مرتفعة في رأس الجبل وأدخلته الجنة أي
حكمت به أو سأدخله الجنة قوله الحديث أي أذكره بتمامه ولم يذكره ههنا لكنه يذكره في أبواب
20

من الصلاة مفرقا والله تعالى أعلم قوله (668) الا أنك إذا قلت قد قامت الصلاة قالها مرتين الظاهر
قلتها بالخطاب والموجود في نسختنا قالها بالغيبة وهو اما على الالتفات أو على حذف الجزاء وإقامة علته
مقامه أي كررت لان مؤذن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قالها مرتين وأما قوله فإذا سمعنا الخ
فلعل مراده أن بعضهم كان أحيانا يؤخرون الخروج إلى الإقامة اعتمادا على تطويل قراءته صلى الله تعالى
عليه وسلم والله تعالى أعلم قوله (669) ثم أقيما أخذ منه أن كلا منهما يقيم لنفسه ويلزم منه أن يكون الأذان
21

كذلك وهو بعيد وأنت قد عرفت توجيه الحديث فيما سبق على وجه لا يرد عليه شئ ولا يلزم منه
ما أخذه والله تعالى أعلم قوله (670) وله ضراط حقيقته ممكنة فالظاهر حمله عليها ويحتمل أن المراد به شدة
نفاره حتى لا يسمع التأذين قيل لان من يسمع يشهد للمؤذن يوم القيامة فيهرب من السماع لأجل
ذلك فإذا قضى على المفعول أو الفاعل والضمير للمنادى أقبل أي فوسوس كما في رواية مسلم
إذا ثوب من التثويب على بناء المفعول أو الفاعل والمراد أي أقيم فإنه اعلام بالصلاة ثانيا يخطر
بفتح ياء وكسر طاء أي يوسوس بما يكون حائلا بين الانسان وما يقصده ويريد إقبال نفسه عليه مما
يتعلق بالصلاة من خشوع وغيره وأكثر الرواة على ضم الطاء أي يسلك ويمر ويدخل بين الانسان ونفسه
فيكون حائلا بينهما على المعنى الذي ذكرنا أولا حتى يظل بفتح الظاء أي يصير ان بكسر الهمزة نافية
22

قوله (672) واقتد بأضعفهم عطف على مقدر أي فأمهم واقتد بأضعفهم وقيل هو عطف على الخبرية السابقة
بتأويل أمهم وعدل إلى الاسمية دلالة على الدوام والثبات وقد جعل فيه الامام مقتديا والمعنى كما أن
الضعيف يقتدي بصلاتك فاقتد أنت أيضا بضعفه واسلك له سبيل التخفف في القيام والقراءة بحيث
كأنه يقوم ويركع على ما يريد وأنت كالتابع الذي يركع بركوعه والله تعالى أعلم واتخذ الخ
محمول على الندب عند كثير وقد أجازوا أخذ الأجرة والله تعالى أعلم قوله (673) فقولوا مثل ما يقول
23

الا في الحيعلتين فيأتي بلا حول ولا قوة الا بالله لحديث عمر وغيره فهو عام مخصوص وهذا هو الذي
يؤيده النظر في المعنى لان إجابة حي على الصلاة بمثله يعد استهزاء وهذا التخصيص قد صرح به علماؤنا
الحنفية أيضا وعلى هذا فيجوز أن يكون مثل هذا التخصيص مستثنى من قولهم لا يجوز التخصيص الا
بالمقارن لان هذا التخصيص مما يؤيده العقل ولانقل جميعا ثم طريق القول المروي أن يقول كل كلمة
عقب فراغ المؤذن منها لا أن يقول الكل بعد فراغ المؤذن من الأذان والله تعالى أعلم قوله (675) فكبر
اثنتين أي في المرتين ليوافق روايات الأذان والله تعالى أعلم
24

قوله صلى الله عليه عشرا قال الترمذي قالوا صلاة الرب تعالى الرحمة قلت وهو المشهور فالمراد أنه تعالى
ينزل على المصلى أنواعا من الرحمة والالطاف وقد جوز بعضهم كون الصلاة بمعنى ذكر مخصوص فالله
25

تعالى يذكر المصلى بذكر مخصوص تشريفا له بين الملائكة كما في الحديث وان ذكرني في ملا ذكرته
في ملا خير منهم لا يقال يلزم منه تفضيل المصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حيث يصلي الله
تعالى عليه عشرا في مقابلة صلاة واحدة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأنا نقول هي واحدة بالنظر
إلى أن المصلى دعا بها مرة واحدة فلعل الله تعالى يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك ما لا يعد
ولا يحصى على أن الصلاة على واحد بالنظر إلى حاله وكم من واحد لا يساويه ألف فمن أين التفضيل
الوسيلة قيل هي في اللغة المنزلة عند الملك ولعلها في الجنة عند الله تعالى أن يكون كالوزير عند الملك
بحيث لا يخرج رزق ومنزلة الا على يديه بواسطته أن أكون أنا هو من وضع الضمير المرفوع
موضع المنصوب على أن أنا تأكيد أو فصل ويحتمل أن يكون أنا مبتدأ خبره هو والجملة خبر أكون والله
تعالى أعلم حلت عليه أي نزلت عليه وفي نسخة له واللام بمعنى على ولا يصح تفسير الحل بما يقابل
الحرمة فإنها حلال لكل مسلم وقد يقال بل لا تحل الا لمن أذن له فيمكن أن يجعل الحل كناية عن حصول
الاذن في الشفاعة له ثم المراد شفاعة مخصوصة والله تعالى أعلم قوله (679) حين يسمع المؤذن أي يقول
أشهد أن لا إله إلا الله فقوله وأنا أشهد عطف على قول المؤذن أي وأنا أشهد كما تشهد ربا تمييز
أي بربوبيته
26

قوله (680) رب هذه الدعوة بفتح الدال هي الأذان ووصفها بالتمام لأنها ذكر الله ويدعو بها
إلى الصلاة فيستحق أن توصف بالكمال والتمام ومعنى رب هذه الدعوة أنه صاحبها أو المتمم لها والزائد
27

في أهلها والمثيب عليها أحسن الثواب والآمر بها ونحو ذلك الصلاة القائمة أي التي ستقوم والفضيلة
المرتبة الزائدة على مراتب الخلائق المقام المحمود كذا في رواية النسائي باللام ورواية البخاري
وغيره بالتنكير ونصبه على الظرفية أي ابعثه يوم القيامة فأقمه المقام أو ضمن أبعثه معنى أقمه أو على أنه
مفعول به ومعنى ابعثه اعطه الا حلت له كذا في رواية أبي داود والترمذي بإثبات الا وفي رواية البخاري
بدون الا وهو الظاهر وأما من فينبغي أن يجعل من قوله من قال استفهامية للانكار فيرجع إلى النفي وقال بمعنى يقول أي
ما من أحد يقول ذلك الا حلت له ومثله من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه وهل جزاء الاحسان الا الاحسان
وأمثاله كثيرة والله تعالى أعلم قوله (681) لمن شاء ذكره دلالة على عدم وجوبها والمراد بالأذانين الأذان والإقامة
كما أشار إليه المصنف في الترجمة وهذا الحديث وأمثاله يدل على جواز الركعتين قبل صلاة
المغرب بل ندبهما والله تعالى أعلم
28

قوله (682) فيبتدرون السواري أي يتسارعون ويستبقون إليها للاستتار بها عند الصلاة وهم كذلك
أي في الصلاة يريد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يراهم ويقرهم على تلك الحالة ولا ينكر عليهم
ولم يكن بين الأذان والإقامة شئ أي وقت كثير يريد أنهم كانوا يسرعون في الركعتين لقلة ما بين
الأذان والإقامة من الوقت والله تعالى أعلم قوله قطعة أي قطع المسجد بالمشي أي خرج منه
عصى أبا القاسم كأنه علم أن خروجه ليس لضرورة تبيح له الخروج كحاجة الوضوء مثلا ثم هو
29

محمول على الرفع لان مثله لا يعرف الا من جهته صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (685) يسلم بين كل ركعتين
الخ هذا صريح في جواز الوتر بواحدة وعلى جواز الاضطجاع بعد ركعتي الفجر بل ندبه قوله (686) حتى
استثقل أي صار ثقيلا بغلبة النوم عليه ولم يتوضأ لان نومه صلى الله تعالى عليه وسلم ما كان
حدثا لأنه لا ينام قلبه
30

قوله (687) فلا تقوموا لعل النهي عن قيام لانتظار الامام قائما وأما القيام من مكان إلى آخر لأجل تسوية
الصفوف ونحوه فغير منهى عنه ثم هذا الحديث يدل على جواز الإقامة قبل رؤية الامام فادخاله في هذه
الترجمة خفي فليتأمل والله تعالى أعلم
كتاب المساجد
قوله (688) من بنى مسجدا يذكر الله فيه على بناء المفعول والجملة في موضع التعليل كأنه قيل بني ليذكر الله
تعالى فيه فهذا في معنى ما جاء يبتغي وجه الله بيتا للتعظيم أي عظيما وإسناد البناء إلى الله مجاز والبناء
31

مجاز عن الخلق والاسناد حقيقة قال بن الجوزي من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيدا من
الاخلاص قوله (689) من أشراط الساعة أي علامات قربها أن يتباهى يتفاخر في المساجد في
بنائها وهذا الحديث مما يشهد بصدقه الوجود فهو من جملة المعجزات الباهرة له صلى الله عليه وسلم
قوله (690) قال أربعون عاما قالوا ليس المراد بناء إبراهيم للمسجد الحرام وبناء سليمان للمسجد الأقصى
فان بينهما مدة طويلة بلا ريب بل المراد بناؤهما قبل هذين البناءين والأرض لك مسجد أي ما دامت
32

على الحالة الأصلية التي خلقت عليها وأما إذا تنجست فلا والله تعالى أعلم قوله (691) الا مسجد الكعبة
اختلف في معنى هذا الاستثناء فقيل معناه ان الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم أفضل من الصلاة
في المسجد الحرام بدون ألف صلاة ونقل بن عبد الرحمن عن جماعة أهل الأثر أن معناه أن الصلاة
في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد المدينة ثم أيده بما أخرجه من حديث بن عمر مرفوعا
صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره الا المسجد الحرام فإنه أفضل منه بمائة صلاة ذكره
السيوطي في حاشية الترمذي قوله البيت أي الكعبة فأغلقوا عليهم أي باب البيت
33

أول من ولج أي دخل اليمانيين بتخفيف الياء الأخيرة أفصح من التشديد نسبة إلى اليمن قوله (693) حكما
يصادف حكمه أي يوافق حكم الله تعالى والمراد التوفيق للصواب في الاجتهاد وفصل الخصومات بين الناس
فأوتيه على بناء المفعول من الايتاء ونائب الفاعل ضمير مستتر لسليمان والضمير المنصوب لمسؤله أن
لا يأتيه أي لا يجيئه ولا يدخله أحد لا ينهزه لا يحركه أن يخرجه من الاخراج أو الخروج والظاهر أن
في الكلام اختصارا والتقدير أن لا يأتيه أحدا لا يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه وقوله أن يخرجه
من خطيئته كيوم ولدته أمه بدل من تمام هذا الكلام المشتمل على الاستثناء الا أنه حذف الاستثناء
34

لدلالة البدل عليه فليتأمل والله تعالى أعلم قوله (694) آخر المساجد أي آخر المساجد الثلاثة المشهود لها
بالفضل أو آخر مساجد الأنبياء أو أنه يبقى آخر المساجد ويتأخر عن المساجد الآخر في الفناء أي
35

فكما أنه تعالى شرف آخر الأنبياء شرف كذلك مسجده الذي هو آخر المساجد بأن جعل الصلاة
فيه كألف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام والله تعالى أعلم قوله (695) ما بين بيتي المراد البيت المعهود
وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره صلى الله تعالى عليه وسلم وفي رواية الطبراني ما بين المنبر وبيت
عائشة وفي رواية البزار ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة قيل على ظاهره وأنه قد نقل
من الجنة وسينقل إليها وقيل المراد أن العبادة فيها سبب مؤد إلى روضة من رياض الجنة قوله (696) رواتب
في الجنة جمع راتبة من رتب إذا انتصب قائما أي ان الأرض التي هو فيها من الجنة فصارت القوائم
مقرها الجنة أو أنه سينقل إلى الجنة والله تعالى أعلم قوله تمارى تجادل أسس بنيت قواعده
من أول يوم من أيام بنائه هو مسجدي هذا هذا نص في أن المراد بالمسجد المذكور في القرآن
36

مسجده صلى الله تعالى عليه وسلم لا مسجد قباء كما زعمه أصحاب التفسير لكونه أوفق للقصة قوله
(698) راكبا وماشيا أي راكبا أحيانا وماشيا أخرى قوله (699) كان له عدل عمرة العدل بالكسر والفتح
بمعنى المثل وقيل بالفتح ما عادله من جنسه وبالكسر ما ليس من جنسه وقيل بالعكس قلت والأقرب أن
الفتح في المساوي حتما والكسر في المساوي عقلا إذ الحسى يدرك بفتح العين والعقلي بالفكر المحتاج إلى
خفض العين وغمضها وهذا مثل العوج والعلاقة فهما بالفتح في المبصرات وبالكسر في المعقولات
وهذا مبني على ما قالوا أن الواضع الحكيم لم يهمل مناسبة الألفاظ بالمعاني قضاء لحق الحكمة وعلى هذا
فالأقرب في الحديث كسر العين وبه ضبط في بعض النسخ المصححة والله تعالى أعلم والمعنى كان فعله
المذكور مثل عمرة له إذ كان من الاجر مثل أجر عمرة وعلى الأول عدل عمرة بالنصب وعلى الثاني
بالرفع فليفهم وروى الترمذي عن أسيد بن حضير مرفوعا الصلاة في مسجد قباء كعمرة وكلامه يفيد
أنه صحيح والله تعالى أعلم قوله (700) لا تشد الرحال الخ نفى بمعنى النهي أو نهى وشد الرحال كناية عن
37

السفر والمعنى لا ينبغي شد الرحال والسفر من بين المساجد الا إلى ثلاثة مساجد وأما السفر للعلم وزيارة
العلماء والصلحاء وللتجارة ونحو ذلك فغير داخل في حيز المنع وكذا زيارة المساجد الاخر بلا سفر
كزيارة مسجد قباء لأهل المدينة غير داخل في حيز النهي والله تعالى أعلم قوله (701) ان بأرضنا بيعة
بكسر الباء معبد النصارى أو اليهود واستوهبناه أي سألناه أن يعطينا من فضل طهوره بفتح
الطاء والظاهر أن المراد ما استعمله في الوضوء وسقط من أعضائه الشريفة ويحتمل أن المراد ما بقي في
الاناء عند الفراغ من الوضوء وانضحوا بكسر الضاد أي رشوا وفيه من التبرك بآثار الصالحين مالا
38

يخفى فإنه لا يزيد الا طيبا الظاهر أن المراد أن فضل الطهور لا يزيد الماء الزائد الا طيبا فيصير
الكل طيبا والعكس غير مناسب فليتأمل قال دعوة حق يدل على تصديقه وايمانه ولعله لما آمن
بأول ما سمع دعوة الحق ألحقه تعالى برجال الغيب تلعة بفتح فسكون مسيل الماء من أعلى الوادي
وأيضا ما انحدر من الأرض وتلاع بالكسر جمعه والله تعالى أعلم قوله (702) في عرض المدينة
بضم العين المهملة الجانب والناحية من كل شئ في حي بتشديد الياء أي قبيلة من بني النجار
اسم قبيلة وهم أخواله عليه الصلاة والسلام كأني أنظر أي الآن استحضارا لتلك الهيئة رديفة
هو الذي يركب خلف الراكب والمراد أنه كان راكبا خلف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهما على بعير
واحد وهو الظاهر أو على بعيرين لكن أحدهما يتلو الآخر بفناء بكسر فاء ومد أي طرح رحله عند
39

داره مرابض الغنم جمع مربض أي مأواها أمر على بناء الفاعل أو المفعول ثامنوني أي
أعطوني حائطكم بالثمن والحائط البستان إذا كان محاطا الا إلى الله أي من الله أولا نرغب بثمنه
ليخرج ما فيها من عظام المشركين وصديدهم ويبعد عن ذلك المكان تنظيفا وتطهيرا له عضادتيه بكسر
عين مهملة وضاد معجمة وعضادتا الباب خشبتاه من جانبيه يرتجزون يتعاطون الرجز وهو قسم من
الشعر تنشيطا لنفوسهم ليسهل عليهم العمل وهم يقولون وفي نسخة وهو يقول وهو الظاهر وأما
الأول ففيه نسبة قوله إلى الكل لكونه رئيسهم ولرضاهم بقوله والله تعالى أعلم قوله (703) لما نزل على
بناء المفعول أي نزل به مرض الموت
40

فطفق أي جعل خميصة هي كساء له أعلام فإذا أعتم أي احتبس نفسه عن الخروج وقيل أي
سخن بالخميصة وأخذ بنفسه من شدة الحر وهو كذلك أي في تلك الحالة ومراده بذلك أن يحذر أمته أن يصنعوا
بقبره ما صنع اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم من اتخاذهم تلك القبور مساجد أما بالسجود إليها تعظيما لها أو بجعلها
قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها قيل ومجرد اتخاذ مسجد في جوار صالح تبركا غير ممنوع ثم استشكل
ذكر النصارى في الحديث بأن نبيهم عيسى عليه السلام وهو إلى الآن ما مات أجيب بأنه كان فيهم أنبياء
غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول أو المراد بالأنبياء في الحديث الأنبياء وكبار أتباعهم ويدل عليه
رواية مسلم قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أو المراد بالاتخاذ أعم من أن يكون على وجه الابتداع
أو الاتباع فاليهود ابتدعت والنصارى اتبعت ولا ريب أن النصارى تعظم قبور جمع من الأنبياء الذين
تعظمهم اليهود قوله كنيسة بفتح الكاف أي معبدا للنصارى فيها تصاوير صور ذوي الأرواح
41

ان أولئك قيل بكسر الكاف لان الخطاب لمؤنث وقد تفتح قلت كأن الفتح لتوجيه الخطاب إلى
كل ما يصلح له لا لتوجيهه إليهما وأنت خبير بأن مقتضى توجيه الخطاب إليهما أن يقال أولئكما لا أولئك
بالكسر وعند الافراد ينبغي الفتح بتوجيه الخطاب إلى كل ما يصلح له فليتأمل تيك الصور بكسر التاء
المثناة من فوق وسكون التحتية أي تلك الصور شرار الخلق بكسر الشين المعجمة أي لأنهم ضموا
إلى كفرهم الاعمال القبيحة فهم أقبح الناس عقيدة وعملا قوله فرجل بكسر الراء وسكون الجيم
أي قدم والمراد خطوة تكتب على بناء المفعول وضميره للرجل حسنة بالنصب مفعول ثان
للكتابة لتضمينها معنى الجعل تمحو سيئة أي أن كانت والا فكل الخطوات تكتب حسنات والله تعالى أعلم
قوله (706) فلا يمنعها الحديث مقيد بما علم من الأحاديث الاخر من عدم استعمال طيب وزينة فينبغي
42

أن لا يأذن لها إلا إذا خرجت على الوجه الجائز وينبغي للمرأة أن لا تخرج بذلك الوجه للصلاة في
المسجد الا على قلة لما علم أن صلاتها في البيت أفضل نعم إذا أرادت الخروج بذلك الوجه فينبغي أن
لا يمنعها الزوج وقول الفقهاء بالمنع مبني على النظر في حال الزمان لكن المقصود يحصل بما ذكرنا من
التقييد المعلوم من الأحاديث فلا حاجة إلى القول بالمنع والله تعالى أعلم قوله (707) فلا يقربنا أي المسلمين
في مساجدنا ظاهر التقييد يقتضي أن قربهم في الأسواق غير منهي عنه ويؤيده التعليل لان المساجد
محل اجتماع الملائكة دون الأسواق وكان المقصود مراعاة الملائكة الحاضرين في المساجد للخيرات
والا فالانسان لا يخلو عن صحبة ملك فينبغي له دوام الترك لهذه العلة والله تعالى أعلم قوله (708) إذا وجد
ريحهما من الرجل أي في المسجد فأخرج على بناء المفعول أي تأديبا له على ما فعل من الدخول
43

في المسجد مع الرائحة الكريهة والله تعالى أعلم قوله إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح الخ ظاهره
أن المعتكف يشرع في الاعتكاف بعد صلاة الصبح ومذهب الجمهور أنه يشرع من ليلة الحادي والعشرين
وقد أخذ بظاهر الحديث قوم إلا أنهم حملوه على أنه يشرع من صبح الحادي والعشرين فرد عليهم الجمهور
بأن المعلوم أنه كان صلى الله تعالى عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر ويحث أصحابه عليه وعدد العشر
عدد الليالي فيدخل فيها الليلة الأولى والا لا يتم هذا العدد أصلا وأيضا من أعظم ما يطلب بالاعتكاف
أدراك ليلة القدر وهي قد تكون ليلة الحادي والعشرين كما جاء في حديث أبي سعيد فينبغي له أن يكون
معتكفا فيها لا أن يعتكف بعدها وأجاب النووي عن الجمهور بتأويل الحديث أنه دخل معتكفا وانقطع
فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف بل كان قبل المغرب معتكفا لا ينافي
جملة المسجد فلما صلى الصبح انفرد اه ولا يخفى ان قولها كان إذا أراد أن يعتكف يفيد أنه كان
يدخل المعتكف حين يريد الاعتكاف لا أنه يدخل فيه بعد الشروع في الاعتكاف في الليل وأيضا
المتبادر من لفظ الحديث أنه بيان لكيفية الشروع في الاعتكاف وعلى هذا التأويل لم يكن بيانا لكيفية
الشروع ثم لازم هذا التأويل أن يقال السنة للمعتكف أن يلبث أول ليلة في المسجد ولا يدخل في
المعتكف وإنما يدخل فيه من الصبح والا يلزم ترك العمل بالحديث وعند تركه لا حاجة إلى التأويل
والجمهور لا يقول بهذه السنة فيلزمهم ترك العمل بالحديث وأجاب القاضي أبو يعلى من الحنابلة بحمل
الحديث على أنه كان يفعل ذلك في يوم العشرين ليستظهر ببياض يوم زيادة قبل يوم العشر قلت وهذا
الجواب هو الذي يفيده النظر في أحاديث الباب فهو أولى وبالاعتماد أحرى بقي أنه يلزم منه أن يكون
السنة الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارا باليوم الأول ولا بعد في التزامه وكلام الجمهور
لا ينافيه فإنهم ما تعرضوا له لا اثباتا ولا نفيا وإنما تعرضوا لدخول ليلة الحادي والعشرين وهو حاصل
غاية الأمر أن قواعدهم تقتضي أن يكون هذا الامر سنة عندهم فلنقل به وعدم التعرض ليس دليلا على
44

العدم ومثل هذا الايراد يرد على جواب النووي مع ظهور مخالفته للحديث فضرب له على بناء المفعول
أو الفاعل بتأويل الامر خباء بكسر خاء ومد هو أحد بيوت العرب من وبر أو صوف ولا يكون
من شعر ويكون على عمودين أو ثلاثة البر يردن بمد الهمزة مثل آلله أذن لكم والاستفهام للانكار
وآلبر بالنصب مفعول يردن أي ما أردن البر وإنما أردن قضاء مقتضى الغيرة والله تعالى أعلم قوله
(710) في الأكحل بفتح همزة وسكون كاف وفتح حاء هو عرق الحياة في اليد إذا قطع لم يرق الدم
فضرب عليه أي له أو لان الخيمة تعلوه تعدى بعلي قوله (711) يحمل أمامة حال من فاعل خرج
45

وهي صبية يحملها أي عادة والجملة اعتراضية فصلى عطف على خرج وكانت الصلاة
بجماعة كما جاء صريحا وهي شأن الفرائض فعلم به جواز هذا الفعل في الفرض وبه قال
الجمهور لكن بلا ضرورة لا يخلو عن كراهة وفعله صلى الله تعالى عليه وسلم كان لضرورة
أو لبيان الجواز وروى عن المالكية عدم الجواز في الفرائض قال النووي ادعى بعض
المالكية أن هذا الحديث منسوخ وبعضهم أنه من الخصائص وبعضهم أنه كان لضرورة وكل ذلك
دعاوى باطلة مردودة لا دليل لها وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع لان الآدمي طاهر وما في
جوفه معفو عنه وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى يتيقن النجاسة والاعمال في الصلاة
لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك وإنما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
ذلك لبيان الجواز قوله ثمامة بضم مثلثة وتخفيف بن أثال بضم همزة بعدها مثلثة آخره
46

لام بلا تشديد طاف على بعير قد جاء أنه فعل ذلك لمرض أو لزحام قيل هو من خصائصه صلى الله
تعالى عليه وسلم إذ يحتمل أن يكون راحلته عصمت من التلويث كرامة له فلا يقاس عليه غيره وذلك
لان المأمور به بقوله تعالى وليطوفوا طواف الانسان فلا ينوب طواف الدابة منابه الا عند الضرورة
بمحجن بكسر ميم وسكون حاء وفتح جيم ونون عصا محنية الرأس وزاد مسلم ويقبل المحجن قوله
(714) عن التحلق أي جلوسهم حلقة قيل يكره قبل الصلاة الاجتماع للعمل والمذاكرة ليشتغل بالصلاة
وينصب للخطبة الذكر فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك وقيل النهي عن التحلق إذا عم
المسجد وعليه فهو مكروه وغير ذلك لا بأس به وقيل نهى عنه لأنه يقطع الصفوف وهم مأمورون
بتراص الصفوف وما جاء عن بن مسعود كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا استوى على المنبر
استقبلناه بوجوهنا رواه الترمذي يحتمل على أنه بالتوجه إليه في الصفوف لا بالتحلق حول المنبر وما جاء
47

عن أبي سعيد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جلس يوما على المنبر وجلسنا حوله رواه البخاري
يمكن حمله على غير يوم الجمعة وعن البيع الخ أي مطلقا من اختصاصه بيوم الجمعة قوله (715) عن تناشد
الاشعار أي المذمومة وما جاء فيحمل على المحمود كما يشير إليه ترجمة المصنف في الباب الثاني ولما
كان الغالب في الشعر المذموم أطلق النهي وقيل النهي محمول على التنزيه وما جاء فهو محمول على بيان الجواز
قوله (716) وهو ينشد من أنشد فلحظ أي نظر إليه بطرف العين نظرا يفيد النهي عنه قوله ينشد
48

ضالة من نشدتها إذا طلبتها من باب نصر لا وجدت يحتمل أنه دعاء عليه فكلمة لا لنفي الماضي
ودخولها على الماضي بلا تكرار في الدعاء جائز وفي غير الدعاء الغالب هو التكرار كقوله تعالى فلا صدق
ولا صلى ويحتمل أن لا ناهية أي لا تنشد وقوله وجدت دعاء له لاظهار أن النهي منه نصح له إذا الداعي
لخير لا ينهي الا نصحا لكن اللائق حينئذ الفصل بأن يقال لا وجدت لان تركه موهم الا أن يقال
الموضع موضع زجر فلا يضر به الايهام لكونه إيهام شئ هو آكد في الزجر قوله (718) مر رجل بسهام
يتصدق بها كما في مسلم خذ بنصالها جمع نصل بفتح فسكون حديدة السهم والرمح والسيف أي لئلا
يخرج أحد وكذا حكم السوق كما جاء صريحا في الحديث قوله فذهبنا أي أردنا أو شرعنا فجعل
49

أي جعلنا في طرفيه وقام وسطه شبك أي جمع بين أصابع يديه وجعلهما بين ركبتيه في الركوع
والتشهد وهذا الفعل يسمى تطبيقا وهو منسوخ بالاتفاق في أول الاسلام وكذا قيام الامام في الوسط
إذا كان اثنان يقتديان به منسوخ وكأن بن مسعود ما بلغه النسخ والله تعالى أعلم لكن يشكل حينئذ
استدلال المصنف على جواز التشبيك في المسجد إذ لا دليل في المنسوخ الا أن يقال نسخه من حيث
كونه سنة الركوع مثلا لا يستلزم نسخ كونه جائزا في المسجد فإذا ثبت الجواز في وقت لزم بقاؤه إلى
أن يظهر ناسخ الجواز فليتأمل قوله (721) واضعا إحدى رجليه فهذا يدل على جواز ذلك وما جاء
50

من النهي يحمل على ما إذا خاف به كشف العورة قوله (723) وكفارتها دفنها أي سترها في تراب
المسجد ومفاده أنه ليس بخطيئة لتعظيم المسجد والا لما أفاد الدفن شيئا بل لتأذى الناس به وبالدفن يندفع
التأذي وقد وقع التصريح به في حديث رواه أحمد بإسناد حسن من تنخم في المسجد فليغيب نخامته
أن يصيب جلد مؤمن أو ثوبه فيؤذيه وروى أحمد والطبراني بإسناد حسن من تنخع في المسجد فلم
يدفنه فسيئة وان دفنه فحسنة فلم يجعله سيئة الا بقيد عدم الدفن وفي حديث مسلم وجدت في مساوي
أعمال أمتي نخاعة تكون في المسجد لا تدفن وزعم بعض أنه لتعظيم المسجد فقال إن اضطر إلى ذلك
كان البصاق فوق البواري والحصر خيرا من البصاق تحتها لان البواري ليست من المسجد حقيقة ولها
حكم المسجد بخلاف ما تحتها وهذا بعيد بالنظر إلى الأحاديث والأقرب عكس ذلك لان التأذي في البواري
أكثر من التأذي فيما تحتها بمنزلة الدفن لها والله تعالى أعلم قوله (724) قبل وجهه إذا صلى أي أنه يناجيه
51

ويقبل عليه تعالى في تلك الجهة وهو تعالى من هذه الحيثية كأنه في تلك الجهة فلا يليق القاء البصاق فيها
قوله (725) رأى نخامة قيل هي ما يخرج من الصدر وقيل النخاعة بالعين من الصدر وبالميم من الرأس وقال
يبصق عن يساره ظاهر الاطلاق يعم المسجد وغيره بل الواقعة كانت في المسجد كما يدل الحديث فيدل
52

على أن الحكم ليس معللا بتعظيم المسجد والا لكان اليمين واليسار سواء بل المنع عن تلقاء الوجه للتعظيم
بحالة المناجاة مع الرب تعالى وعن اليمين للتأدب مع ملك اليمين كما يفهم من الأحاديث خلوقا بفتح
خاء معجمة طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب قوله (729) أبواب رحمتك تخصيص
الرحمة بالدخول والفضل بالخروج لان الدخول وضع لتحصيل الرحمة والمغفرة وخارج المسجد هو محل
طلب الرزق وهو المراد بالفضل والله تعالى أعلم قوله فليركع إطلاقه يشمل أوقات الكراهة وغيرها
53

وبه قال الشافعي ومن لا يقول به يخصه بغير أوقات الكراهة والامر للندب كما تدل عليه الترجمة الثانية
في الكتاب ويتأدي ذلك بصلاة الفرض أيضا فلا يبقى تخصيص الحديث بما إذا لم تقم المكتوبة
والله تعالى أعلم قوله وصبح بتشديد الباء أي نزل صباحا بالمدينة حين رجع من الغزوة وفي الحديث
اختصار جاءه المخلفون المذكورون في قوله تعالى وجاء المعذرون من الاعراب إلى آخر ما ذكر من
حالهم بضعا بكسر الباء أي عددا دون العشرة حتى جئت الخ أخذ منه المصنف أنه جلس
بلا صلاة ومن قوله فمضيت أنه خرج بلا صلاة وهو محتمل فليتأمل المغضب اسم مفعول من
أغضب إذا أوقع في الغضب (731) ما خلفك بتشديد اللام ابتعت ظهرك أي اشتريت مركبك تجد
54

على فيه تغضب على لأجله قوله فنمر على المسجد أي فالخروج قصدا إلى المسجد غير لازم
في صحة الصلاة نعم الاجر يختلف به والله تعالى أعلم قوله (733) في مصلاه لفظ الحديث يعم المسجد
وغيره وكان المصنف حمله على الخصوص للرواية التي بعدها فإن فيه ما يقتضي الخصوص في الجملة وعلى كل
تقدير فالمراد بقعة صلى فيها فقط أو تمام المسجد مثلا والأول هو الظاهر ويحتمل الثاني أيضا ما لم
يحدث من أحدث أي لم ينقض وضوءه ظاهره عموم النقض لغير الاختياري أيضا ويحتمل
الخصوص اللهم الخ بيان لصلاة الملائكة بتقدير تقول
55

قوله (735) في أعطان الإبل جمع عطن وهو مبرك الإبل حول الماء قالوا ليس علة المنع نجاسة المكان
إذ لا فرق حينئذ بين أعطان الإبل وبين مرابض الغنم مع أن الفرق بينهما قد جاء في الأحاديث وإنما
العلة شدة نفار الإبل فقد يؤدي ذلك إلى بطلان الصلاة أو قطع الخشوع وغير ذلك والله تعالى أعلم
قوله مسجدا الخ حمله على العموم لكن مقتضى الأحاديث أن يخص هذا العموم فالاستدلال به في محل النظر
56

قوله فتتخذه أي موضع صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم فنضحته بماء أي ليتلين وعند مالك لدفع
الشك وإزالة احتمال النجاسة قوله (738) على الخمرة بضم الخاء سجادة من حصير ونحوه قوله (739) وقد
امتروا من الامتراء أي جرى كلامهم في شأن المنبر مم أي من أي شجرة عوده أي عود
57

المنبر أن مري أن تفسيريه لما في الارسال من معنى القول
أن يعمل لي أعوادا أي يجمعها ويصورها ويرتبها على وجه يمكن الجلوس عليها من طرفاء الغابة
موضع قريب من المدينة والطرفاء نوع من الشجر ثم جاء بها أي بالأعواد وكذا سائر الضمائر
58

تعود إلى الأعواد رقى بكسر القاف أي صعد صلى عليها أي على تلك الأعواد وكانت صلاته
على الدرجة العليا من المنبر ذكره في فتح الباري وإنما صلى ليراه الناس كلهم بخلاف ما إذا كان على
الأرض فإنه يراه بعض دون بعض ثم نزل عن درجات المنبر ومشى إلى ورائه حتى صار بحيث يكون
رأسه وقت السجود متصلا بأصل المنبر فسجد كذلك والقهقرى بالقصر المشي إلى خلف ثم عاد
إلى درجات المنبر بعد القيام من السجدة الثانية وهذا العمل القليل لا يبطل الصلاة وقد فعله صلى الله
59

تعالى عليه وسلم لبيان كيفية الصلاة وجواز هذا العمل فلا اشكال ويفهم منه ان نظر المقتدى إلى أمامه
جائز لتأتموا أي لتقتدوا ولتعلموا من التعلم أي العلم والله تعالى أعلم قوله (740) يصلي على
حمار قد اتفقوا على جوازها خارج البلدة ونجاسة الحمار لا تمنع ذلك قوله ما نعلم أحدا الخ
الحديث في مسلم وغيره قال الدارقطني هذا غلط من عمرو وإنما المعروف يصلي على راحلته وبعيره
والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس ورده النووي بأن عمرا ثقة نقل شيئا محتملا فلعله كان
الحمار مرة والبعير مرة أو مرات لكن قد يقال أنه شاذ مخالف لرواية الجمهور في البعير والراحلة والشاذ
من أقسام المردود وهو المخالف لرواية الجماعة والله تعالى أعلم
60

كتاب القبلة
قوله فاستقبلوها روى بفتح الباء على الخبر وكسرها على الامر وقد تقدم ترجيح الكسر وكانت
61

وجوههم إلى الشام وهو غير القبلة حينئذ الا أنهم ما علموا بذلك واعتمدوا على الدليل المنسوخ
الذي هو دليل ظاهر أوليس بدليل عند التحقيق فكل من خفي عليه جهة القبلة فصلى إلى جهة أخرى اعتمادا
على دليل ظاهر أو هو ليس بدليل عند التحقيق فحكمه حكم هؤلاء يميل إلى القبلة إذا علم بها وما صلى
قبل العلم فذاك صحيح والله تعالى أعلم قوله (746) مثل مؤخرة الرحل بالهمزة وتركها لغة قليلة ومنع منها
بعضهم وكسر الخاء وتخفيفها لغة في آخرته بالمد وكسر الخاء الخشبة التي يستند إليها راكب البعير قوله
يركز يغرز الحربة بفتح الحاء المهملة وسكون الراء دون الرمح عريضة النصل قوله فليدن
أمر من الدنو بمعنى القرب لا يقطع جملة مستأنفة بمنزلة التعليل أي لئلا يقطع الشيطان بأن يحمل
على المرور من يقطع عليه صلاته حقيقة عند قوم كالمرأة والحمار والكلب الأسود وخشوعا عند آخرين
62

ويحتمل ان المراد بالشيطان هو الكلب فقد جاء في الحديث انه شيطان قوله الحجي بحاء مهملة
وجيم مفتوحتين أي حاجب الكعبة نحوا من ثلاثة أذرع فعلم منه أنه ينبغي أن يجعل بينه وبين السترة
63

هذا القدر قوله (750) مثل آخرة الرحل أي قدره فإنه يقطع الخ وظاهر الحديث أن مرور هذه الأشياء
يبطل الصلاة وبه قال قوم والجمهور على خلافه فلذلك أوله النووي وغيره بأن المراد بالقطع نقص الصلاة
لشغل القلب بهذه الأشياء وليس المراد ابطالها ثم رد النووي دعوى نسخ الحديث وقال القرطبي هذا
مبالغة في الخوف على قطعها بالشغل بهذه المذكورات فإن المرأة تفتن والحمار ينهق والكلب يخوف
فيشوش المتفكر في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة فلما كانت هذه الأمور آيلة إلى القطع جعلها قاطعة
قلت شغل القلب لا يرتفع بمؤخرة الرحل إذ المار وراء مؤخرة الرحل في شغل القلب قريب من
المار في شغل القلب أن لم يكن مؤخرة الرحل فيما يظهر فالوقاية بمؤخرة الرحل على هذا المعنى غير ظاهر
والله تعالى أعلم الكلب الأسود شيطان حمله بعضهم على ظاهره وقال إن الشيطان يتصور بصورة الكلاب
السود وقيل بل هو أشد ضررا من غيره فسمى شيطانا وعلى كل تقدير لا اشكال بكون مرور الشيطان نفسه
لا يقطع الصلاة لجواز أن يكون القطع مستندا إلى مجموع الخلق الشيطاني في الصورة الكلبية والله تعالى أعلم
قوله (751) المرأة الحائض يحتمل أن المراد ما بلغت سن الحيض أي البالغة وعلى هذا فالصغيرة لا تقطع
والله تعالى أعلم قوله (752) على أتان بالمثناة أنثى الحمار ترتع ترعى ولا دلالة في الحديث على أن مرور الحمار
64

لا يقطع لما تقرر أن سترة الامام سترة القوم فلا يتحقق المرور المضر في حق الامام والقوم الا إذا مرت
بين يدي الامام ما بينه وبين السترة ولا دلالة لحديث بن عباس على ذلك قوله كليبة بالتصغير
وحمارة بالتاء وهي لغة قليلة والأفصح حمار بلا تاء للذكر والأنثى فلم يزجرا أو لم يؤخرا هما على
بناء المفعول ولا دلالة في الحديث على المرور بين المصلى والسترة ولا على أن الكلبة كانت سوداء وكذا
في دلالة الأحاديث اللاحقة على أن المرور لا يقطع بحث فهذه الأحاديث لا تعارض حديث القطع أصلا
قوله (754) على حمار لعل الحمار مر وراء السترة إذ لا دلالة للفظ على أنه مر بينه وبين السترة فنزلوا
أي من كان على الحمار ففرع بفاء وراء وعين مهملة وفي الراء يجوز التخفيف والتشديد أي حجز
وفرق ولو سلم مرور الجاريتين بين يديه أي بينه وبين السترة فالجواب أن الذي يقطع الصلاة مرور
البالغة لأنها المتبادرة من اسم المرأة ويدل عليه رواية المرأة الحائض كما تقدم والله تعالى أعلم قوله
65

انسللت أي خرجت بتأن وتدريج وهذه الجملة مستأنفة كأنه قيل لها فماذا تفعلين قالت انسللت
الخ ثم لا دلالة فيه على أنها مرت بين يديه قوله (756) ماذا عليه أي من الاثم أو الضرر لكان أن
يقف أربعين خيرا له أي لكان الوقوف خيرا له من المرور عنده ولهذا علق بالعلم والا فالوقوف
خير له سواء علم أولم يعلم وخير في بعض النسخ بلا ألف كما في نسخ أبي داود والترمذي ومسلم وفي
بعضها بألف كما في نسخ البخاري قيل هو مرفوع على أنه اسم كان وأنت خبير بأن القواعد تأبى ذلك
لان قوله أن تقف بمنزلة الاسم المعرفة فلا يصلح أن يكون خبرا لكان ويكون النكرة اسما له بل أن
مع الفعل يكون اسما لكان مع كون الخبر معرفة متقدمة مثل قوله تعالى وما كان قولهم الا أن قالوا
وله نظائر في القرآن وكذا المعنى يأبى ذلك عند التأمل فالوجه أن اسم كان ضمير الشأن والجملة مفسرة
للشأن أو أن خيرا منصوب على أنه خبر كان وترك الألف بعده من تسامح أهل الحديث فإنهم كثيرا
ما يتركون كتابة الألف بعد الاسم المنصوب كما صرح به النووي والسيوطي وغيرهما في مواضع والله
تعالى أعلم قوله (757) فلا يدع أي فلا يترك بل يدفعه ما استطاع كما في رواية فليقاتله حملوه على أشد
66

الدفع واستعمله بعض قليل على ظاهره واللفظ معهم إذ أقسام الدفع كلها مندرجة في الدفع ما استطاع
قوله بحذائه أي بحذاء البيت وبين الطواف بضم طاء وتشديد واو قلت لكن المقام يكفي
سترة وعلى هذا فلا يصلح هذا الحديث دليلا لمن يقول لا حاجة في مكة إلى سترة فليتأمل قوله (760) لا تصلوا
إلى القبور بالاستقبال إليها لما فيه من التشبه بعبادتها ولا تجلسوا عليها الظاهر أن المراد بالجلوس
67

معناه المتعارف وقيل كناية عن قضاء الحاجة والله تعالى أعلم قوله (761) إلى سهوة بمهملة بيت صغير
منحدر في الأرض قليلا وقيل هو الصفة بين يدي البيت وقيل شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشئ
وسائد جمع وسادة قوله (762) ويحتجرها بالليل أي يتخذها كالحجرة لئلا يمر عليه مارو يتوفر
خشوعه ففطن له بفتح الطاء أي علموا به اكلفوا بفتح اللام من كلف بكسر اللام أي تحملوا
من العمل ما تطيقونه على الدوام والثبات لا تفعلونه أحيانا وتتركونه أحيانا لا يمل بفتح الميم أي
لا يقطع الاقبال بالاحسان عنكم حتى تملوا في عبادته أي والاكثار قد يؤدي إلى الملال وإن أحب الخ
68

عطف على قوله فإن الله لا يمل أي أن الاحب من الاعمال ما داوم عليه صاحبه والمكثر قل ما يداوم
فلا يكون عمله ممدوحا عنده تعالى ثم ترك مصلاه ذلك الخ أي خوفا من حرصهم على ذلك أولا
ثم عجزهم عنه آخرا أثبته ثم داوم عليه
69

قوله أو لكلكم ثوبان قاله إنكارا على السائل لظهور الامر بحيث لا يمكن الشك من عاقل
في جواز الصلاة في ثوب واحد نعم ذكر العلماء أن الأحسن الصلاة في ثوبين ان تيسر وهذا أمر
آخر والله تعالى أعلم قوله طرفيه أي طرفي الثوب والعاتق بين المنكبين إلى أصل العنق
قوله زره بتقديم المعجمة على المهملة المشددة من باب نصر والمراد اربط جيبه لئلا تظهر عورتك
ثم صل فيه قوله (766) عاقدين أزرهم حال من فاعل يصلون والأزر بضم فسكون جمع ازار للنساء
اللائي يصلين وراء الرجال لا ترفعن رؤوسكن من السجود وذلك لئلا ينكشف من عورات الرجال
70

شئ عند السجود لضيق الإزار فيقع نظر النساء عليه قوله فدعوني أي نادوني مفتوقة أي
مخروقة مشقوقة يظهر منها العورة ألا تغطي أي خذ من كل منها شيئا واشتر به ثوبا يستر عورته
والاست بكسر الهمزة من أسماء الدبر والله تعالى أعلم قوله مرط بكسر وسكون كساء قوله
(769) ليس على عاتقه منه شئ أي إذا كان واسعا وذلك لأنه ان وضع على عاتقه منه شيئا يصير كالإزار
71

جميعا ويكون أستر وأجمل بخلافه إذا لم يضع قوله (770) فروج حرير بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة
آخره جيم وجوز ضم أوله وتخفيف الراء هو قباء مشقوق من خلف فلبسه قبل تحريم الحرير أو
كان مخلوطا بغيره وعلى الأول يحتمل أن يكون نزعه لكراهته وقوله لا ينبغي ابتداء لتحريمه ويحتمل
أنه من باب كراهته للزينة الكثيرة في هذه الدار قبل التحريم وهو الوجه على التقدير الثاني والله تعالى أعلم
قوله (771) شغلتني أعلام هذه هذا مبني على أن القلب قد بلغ من الصفاء عن الأغيار الغاية حتى يظهر فيه أدنى
شئ يظهر لك ذلك إذا نظرت إلى ثوب بلغ في البياض الغاية والى ما دون ذلك فيظهر في الأول من أثر الوسخ
مالا يظهر في الثاني والله تعالى أعلم إلى أبي جهم أي الذي أهدى تلك الخميصة إليه صلى الله تعالى عليه وسلم
ولما خاف عليه أن ينكسر خاطره برد الهدية قال وائتوني بأنبجانيه بفتح همزة وسكون نون وكسر باء
72

ويروى فتحها وياء مشددة للنسبة بعد النون وهي كساء غليظ لا علم له والله تعالى أعلم قوله حمراء من
73

لا يرى لبس الأحمر يحملها على المخططة وهو المروي من رواه الحديث
74

كتاب الإمامة
قوله (777) قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس الباء للتعدية وفيه تقديم أهل الفضل والعلم في الإمامة الصغرى
والكبرى جميعا وأنهم فهموا من تقديم أبي بكر في الصغرى تقديمه في الكبرى أيضا بعد بيان عمر لهم ذلك
وليس ذلك لقياس الكبرى على الصغرى حتى يقال أنه قياس باطل بل لان الصغرى يومئذ كانت من وظائف
الامام الكبير فتفويضها إلى أحد عند الموت دليل على نصبه للكبرى فليتأمل وأن الأعلم مقدم على الأقرأ لأنه
صلى الله تعالى عليه وسلم قدم أبا بكر دون أبي مع قوله أقرؤكم أبي كذا قالوا قوله البراء بالتشديد والمد
كان يبرى النبل قوله فعض على شفتيه أي إظهارا للكراهة لفعله ولا تقل أني صليت أي خوفا من
75

الفتنة قوله واجعلوها أي الصلاة معهم سبحة بضم سين وسكون باء موحدة أي نافلة وفيه جواز الصلاة
مع أئمة الجور لأنهم الذين من شأنهم التأخير على هذا الوجه قوله أقرؤهم أي أكثرهم قرآنا وأجودهم
قراءة فأقدمهم هجرة أما لان القدم في الهجرة شرف يقتضي التقديم أو لان من تقدم هجرته فلا يخلو غالبا
عن كثرة العلم بالنسبة إلى من تأخر بالسنة حملوها على أحكام الصلاة ولا تؤم الرجل بصيغة
الخطاب ونصب الرجل والخطاب لمن يصلح له والمراد بالسلطان محل السلطان وهو موضع يملكه الرجل
أوله فيه تسلط بالتصرف كصاحب المجلس وامامه فإنه أحق من غيره وإن كان أفقه لئلا يؤدي ذلك إلى
التباغض والخلاف الذي شرع الاجتماع لرفعه والتكرمة الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراش أو
سرير مما يعد لا كرامة وهي تفعله من الكرامة الا أن يأذن لك قيل متعلق بالفعلين وقيل بالثاني فقط
فلا يجوز الإمامة لصاحب البيت وان أذن وفي هذا الحديث جوابان النسخ بامامة أبي بكر مع أن أقرأهم أبي
وكان أبو بكر أعلمهم كما قال أبو سعيد ودعوى أن الحكم مخصوص بالصحابة وكان أقرؤهم أعلمهم لكونهم
يأخذون القرآن بالمعاني وبين الجوابين تناقض لا يخفى ولفظ الحديث يفيد عموم الحكم والله تعالى أعلم
76

قوله (783) لا يؤم الرجل على بناء المفعول وفيه أن الوالي مقدم مطلقا
77

قوله ليصلح من الاصلاح فحبس على بناء المفعول أو الفاعل أي حبسه الاصلاح يمشي في الصفوف
وفي مسلم فخرق أي الصفوف ولعله لما رأى من الفرجة في الصف الأول وقيل هذا جائز للامام مكروه لغيره في
التصفيق أي في ضرب كل يده بالأخرى اعلاما لأبي بكر بحضوره صلى الله تعالى عليه وسلم لا يلتفت في
صلاته لما غلب عليه من الخشوع والحضور يأمره أن يصلي أي مكانه أماما فرفع يدل على أن
رفع اليدين بالدعاء في الصلاة مشروع فحمد الله أي على أمر التكريم فإنه علم أن الامر بذلك تكريم منه
ولذلك تأخر والا فلا يجوز ترك امتثال الامر للتأدب إن كان الامر للوجوب مثلا فصلى بالناس أخذ
منه أن الامام الراتب إذا حضر بعد أن دخل نائبه في الصلاة يتخير بين أن يأتم به أو يؤم هو ويصير النائب
مأموما من غير أن يقطع الصلاة ولا يبطل شئ من ذلك صلاة أحد من المأمومين والأصل عدم الخصوصية
خلافا للمالكية وفيه جواز احرام المأموم قبل الامام وأن الامام قد يكون في بعض صلاته إماما وفي بعضها
مأموما ولا يخفى أنه لا بد حينئذ من اعلام النائب للامام الراتب عدد ما صلى من الركعات وما بقي ومحل
ما وصل إليه في قراءة الفاتحة أو السورة ثم يلزم فراغ المتقدمين قبل فراغ الامام فيما إذا جاء الراتب بعد
78

الركعة الأولى والله تعالى أعلم نابكم عرضكم إنما التصفيق للنساء أي مشروع لهن فعله إذا نابهن شئ
كما يدل عليه روايات الحديث أو هو من أفعال النساء ولعبهن فلا يليق لاحد أن يفعله في الصلاة فقوله
من نابه على الأول يحمل على الرجال وعلى الثاني يعم الرجال والنساء والأول مختار الجمهور بشهادة
الأحاديث والثاني مختار المالكية تصلي للناس أي إماما لهم والا فالصلاة لله ويحتمل أن تكون
اللام بمعنى الباء قوله متوشحا متلحفا بثوبه وهو أن يعقد طرفي الثوب على صدره
79

قوله (787) فلا يصلين أي الزائر قوله (788) أن عتبان بكسر العين قوله إنها أي القصة تكون المظلمة أي توجد
80

الظلمة فكان تامة قوله (789) وأنا بن ثمان سنين وفي رواية أبي داود بن سبع وفيه دليل على
إمامة الصبي للمكلفين ومن لا يقول به يحمل الحديث على أنه كان بلا علم من النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم فلا حجة فيه والله تعالى أعلم قوله (790) حتى تروني قال العلماء سبب النهي أن لا يطول عليهم
القيام ولأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه قوله نجي فعيل من المناجاة أي مناج ولعله كان أمرا
81

ضروريا أو فعل ذلك لبيان الجواز ويؤخذ منه أن الفصل بين الإقامة والشروع لا يضر بالصلاة
والله تعالى أعلم قوله (792) إذا قام في مصلاه ذكر ظاهره قبل ان يشرع في الصلاة مكانكم أي الزموه
ولعله ما أراد القيام وإنما أراد الاجتماع وعدم التفرق ولو بالقعود ينطف بضم الطاء المهملة وكسرها
أي يقطر رأسه بالرفع فاعل والله تعالى أعلم قوله (793) فجعل يشق الناس أي صفوفهم اما لأنه يجوز
للامام ذلك أو لأنه رأى فرجه فيا صف الأول كما تقدم وصفح من التصفيح بمعنى التصفيق لا يمسك
عنه على بناء المفعول أي رأى التصفيق مستمرا غير منقطع فأومأ بالهمزة أي أشار بالمضي في الصلاة
82

مكانه ليؤتم به أي ليقتدى به بالوجه المشروع وقوله فإذا ركع الخ بيان لذلك قوله تأخرا عن الصفوف
من بعدكم من الصف الثاني وغيره والخطاب لأهل الصف الأول أو من بعدكم من اتباع الصحابة والخطاب
للصحابة مطلقا يتأخرون عن الصفوف المتقدمة حتى يؤخرهم الله عن رحمته أو جنته
83

قوله يسمعنا من الاسماع كان يسمع الناس التكبير ويعلمهم الانتقال إلى حال قوله (799) ثم قام فصلى بيني
وبينه كان هذا الكلام كلام واحد منهما فقال كل أنه صلى بيني وبينه يشير به إلى صاحبه وهذا الحديث يدل على
84

أن الامام يقوم بحذائهما لا يتقدمهما قوله (800) يحملنا على بعير بالجزم جواب أمر مقدر أي احملهما
يحملنا مثل قوله تعالى قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة أي قل لهم أقيموا يقيموا ووطب بفتح
واو وسكون طاء هو زق يكون فيه سمن ولبن وهو جلد الجذع فما فوقه وجمعه أو طاب أي فبعثني
ببعير لركوبهما ووطب من لبن للزاد وجعلني دليلا لهما في اخفاء الطريق هو مصدر أخفى كما هو
المضبوط أي في طريق تخفيهما على الناس ولو جعل اسم تفضيل من الخفاء لكان له وجه ثم هذا الحديث
يدل على تأخر الاثنين عن الامام وعليه عمل أهل العلم ولهم فيه أحاديث أخر أقوى من هذا وحملوا
الحديث السابق على أنه لعله صلى الله تعالى عليه وسلم فعل لضيق المكان أحيانا أو على النسخ. قوله
(801) أن جدته قيل صميره لإسحاق ومليكة هي أم سليم أم أنس ومليكة جدة أنس والله تعالى أعلم
وقوله فأصلي لكم بالنصب على أنه جواب الامر أو بالرفع لخفاء السببية وفي بعض النسخ فلا صلى
لكم بكسر اللام ونصب المضارع والفاء زائدة أي قوموا الأصلي أماما لكم أو بتقدير فذلك القيام لأصلي
لكم فنضحته أي ليلين أو لدفع الشك
85

قوله (802) وما هو أي الذي في البيت
86

قوله (806) فقال لي هكذا أي فعل بي هكذا وقوله فأخذ برأسي الخ تفسير لذلك الفعل قوله يمسح مناكبنا أي
ليعلم به تسوية الصف لا تختلفوا بالتقدم والتأخر في الصفوف كما يدل عليه روايات الحديث فتختلف
بالنصب على أنه جواب النهي أي اختلاف الصفوف سبب لاختلاف القلوب بجعل الله تعالى كذلك
ليلني بكسر لامين وخفة نون بلا ياء قبلها ويجوز اثبات الياء وتشديد النون على التأكيد والولي القرب
والمراد بالبيان ترتيب القيام في الصفوف أولو الأحلام ذو والعقول الراجحة واحدها حلم بالكسر
لان العقل الراجح يتسبب للحلم والأناة والتثبت في الأمور والنهى بضم نون وفتح هاء وألف جمع
87

نهية بالضم بمعنى العقل لأنه ينهى صاحبه عن القبيح ثم الذين يلونهم أي يقربون منهم في هذا
الوصف قيل هم المراهقون ثم الصبيان المميزون ثم النساء فجبذني أي جرني فنحاني بتشديد الحاء
أي بعدني عن الصف الأول لا يسؤك الله دعاء بأن يؤمنه تعالى من السوء أهل العقد بضم
العين وفتح القاف قال في النهاية يعني أصحاب الولايات على الأمصار من عقد الألوية للأمراء وروى
العقدة يريد البيعة المعقودة للولاة آسى بمد الهمزة آخره ألف أي ما أحزن
88

قوله فعدلت بتشديد الدال على بناء المفعول أي سويت قوله يقوم من التقويم أي يسوى كما يقوم
القداح بكسر القاف جمع قدح بكسر قاف فسكون دال سهم قبل أن يراش وقيل مطلقا والأقرب أن يقوم على
بناء المفعول من التقويم وجعله على بناء الفاعل وجعل ضميره للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعيد
خارجا أي لتقدم لتقيمن من الإقامة بنون التوكيد والخطاب للجمع والمراد بالإقامة تسويتها
واخراجها عن الاعوجاج والمعنى لا بد من أحد الامرين اما إقامة الصفوف منكم أو إيقاع الخلاف من
89

الله تعالى في قلوبكم فيقل المودة ويكثر التباغض والمراد بالوجوه في الحديث القلوب كما في رواية وذلك
لان الاختلاف في القلوب بالتباغض والتعادي ينشأ منه الاختلاف في الوجوه بأن يدبر كل صاحبه
والله تعالى أعلم قوله (811) يتخلل الصفوف أي يدخل خلالها على الصفوف المتقدمة أي على
الصف المتقدم في كل مسجد أو في كل جماعة فالجمع باعتبار تعدد المساجد أو تعدد الجماعات أو المراد
الصفوف المتقدمة على الصف الأخير فالصلاة من الله تعالى تشمل كل صف على حسب تقدمه
الا الأخير فلا حظ له منها لفرات التقدم والله تعالى أعلم
90

قوله (813) اني لأراكم من خلفي الخ الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يراهم بعينه على خرق العادة
فيرى بها بلا مقابلة فإن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضو مخصوص ولا مقابلة
ولا قرب وإنما تلك الأمور عادية يجوز حصول الادراك مع عدمها عقلا وقيل كانت له عين خلف ظهره
يرى من وراءه وأنها لا يحجبها ثوب وقيل بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته كما تنطبع في المرآة فيرى
أمثلتهم فيشاهد أفعالهم ثم قيل هذا الكلام أعني فوالذي نفسي بيده الخ تعليل للامر أي أمرتكم بذلك
لما علمت من حالكم من التقصير في ذلك بسبب اني أراكم من خلفي الخ قلت ويحتمل أنه قال ذلك
تحريضا للضعفاء على التسوية بناء على اخلالهم بها بسبب الغيبة عن نظره إذ كثير من الضعفاء يهتمون
في الحضور ما لا يهتمون في الغيبة ويحتمل أن بعض المنافقين كانوا لا يهتمون بأمر الصفوف فقيل لهم
91

ولا يخلوا بأمر الصفوف والله تعالى أعلم قوله وتراصوا أي تلاصقوا حتى لا يكون بينكم
فرجة من رص البناء إذا لصق بعضه ببعض قوله (815) راصوا صفوفكم بانضمام بعضكم إلى بعض على
السواء وقاربوا بينها أي اجعلوا ما بين كل صفين من الفصل قليلا بحيث يقرب بعض الصفوف
إلى بعض وحاذوا بالأعناق قيل الظاهر أن الباء زائدة والمعنى اجعلوا بعض الأعناق في مقابلة بعض
الحذف بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين الغنم الصغار الحجازية واحدها حذفة بالتاء قوله (816)
عند ربهم أي في محل قربه وقبوله
92

قوله (817) يصلي على الصف الأول ثلاثا أي يدعو لهم بالرحمة ويستغفر لهم ثلاث مرات كما
فعل بالمحلقين والمقصرين والظاهر أنه دعا لهم أعم من أن يكون بلفظ الصلاة أو غيره
ويحتمل خصوص لفظ الصلاة أيضا والله تعالى أعلم قوله (819) وصل صفا بأن كان فيه فرجة
فسدها أو نقصان فأتمه والقطع بأن يقعد بين الصفوف بلا صلاة أو منع الداخل من الدخول في الفرجات
مثلا والله تعالى أعلم قوله (820) خير صفوف الرجال أي أكثرها أجرا وشرها أي أقلها أجرا
93

وفي النساء بالعكس وذلك لان مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على الرجل
والرجل على المرأة ثم هذا التفصيل في صفوف الرجال على إطلاقه وفي صفوف النساء عند الاختلاط
بالرجال كذا قيل ويمكن حمله على إطلاقه لمراعاة الستر فتأمل والله تعالى أعلم قوله فدفعونا أي
الناس من الزحام نتقي هذا أي القيام بين السواري لقطع السواري الصف قوله السقيم أي
المريض والضعيف جبلة أو لقرب مرض
94

قوله (824) في تمام أي مع تمام الأركان والركوع والسجود أي لم يكن تخفيفه يفضي إلى
اختلال في الأركان قوله فأوجز أي أخفف في القراءة وغيرها كراهية أن أشق
بالتطويل على أمه على تقدير حضورها الجماعة ويحتمل أن هذا إذا كان عالما بحضور
الام فإنها إذا سمعت بكاء الولد وهي في الصلاة يشتد عليها التطويل وربما يؤخذ منه أن الامام يجوز له
مراعاة من دخل المسجد بالتطويل ليدرك الركعة كما له أن يخفف لأجلهم ولا يسمى مثله رياء بل هو
إعانة على الخير وتخليص عن الشر والله تعالى أعلم قوله (826) ويؤمنا بالصافات لرغبة المقتدين به في
سماع قراءته وقوتهم على التطويل بحيث يكون هذا بالنظر إليهم تخفيفا فرجع الامر إلى أنه ينبغي له
95

أن يراعي حالهم قوله (827) حامل أمامة بضم الهمزة وقد سبق الحديث قوله (828) ألا يخشى أي فاعل هذا
الفعل حقيق بهذه العقوبة فحقه أن يخشى هذه العقوبة ولا يحسن منه ترك الخشية ولإفادة هذا المعنى
أدخل حرف الاستفهام للانكار على عدم الخشية وليس فيه دلالة على أن من يفعل ذلك تلحق به هذه
العقوبة قطعا والله تعالى أعلم قوله وكان أي البراء غير كذوب أي حتى يتوهم منه أنه كذب في
تبليغ الأحكام الشرعية وفيه أن الكذب في الاحكام لا يتأتى عادة الا من كذوب يبالغ في الكذب
والمقصود التوثق بما حدث ثم سجدوا أي فحق المقتدى أن يتأخر عن امامه في الافعال لا أن يقارنه
وأيضا المقارنة قد تؤدي إلى تقدم المقتدى على الامام وذلك بالاتفاق منهى عنه قوله (830) أقرت الصلاة
96

بالبر والزكاة وروى قرت أي استقرت معها وقرنت بها أي هي مقرونة بالبر وهو الصدق وجماع
الخير ومقرونة بالزكاة في القرآن مذكورة معها وقيل أي قرنت بهما وصار الجميع مأمورا به فأرم القوم
روى بالزاي المعجمة وتخفيف الميم أي أمسكوا عن الكلام والرواية المشهورة بالراء وتشديد الميم أي سكتوا ولم
يجيبوا وقد خشيت أي خفت أن تبكعني بفتح مثناة وسكون موحدة أي توبخني بهذه الكلمة وتستقبلني
بالمكروه وسنتنا أي ما يليق بنا من السنة وما ينبغي لنا من الطريق يجبكم جواب الامر أي يستجب لكم
يسمع الله بالجزم جواب أي يستجب لكم فتلك بتلك أي فزيادة امامكم أولا في السجود
منجبرة بزيادتكم عليه في السجود آخرا فيصير سجودكم كسجود الامام أو زيادتكم آخرا في السجود
97

في مقابلة زيادة امامكم عليكم السجود أولا والله تعالى أعلم قوله (831) عملت على ناضح لي من النهار
الناضح من الإبل الذي يستقى عليه يريد أنه صاحب عمل شديد في النهار ومن كان كذلك لا يطيق القيام
الطويل بالليل أفتان كعلام مبالغة الفاتن أي أقاصد أن توقع الناس في الفتنة والمشقة على وجه الكمال
يعني أن هذا العمل لا يفعله الا من يقصد الفتنة بالناس قوله (832) الله تعالى فصرع عنه على بناء المفعول أي
سقط عن ظهرها فجحش بتقديم الجيم على الحاء المهملة على بناء المفعول قشر وخدش جلده فصلينا
98

وراءه قعودا بعد أن قاموا فأشار لهم بالقعود فصلوا جلوسا أجمعون بالرفع على أنه تأكيد لضمير
الفاعل في قوله صلوا وروى أجمعين بالنصب قل السيوطي في حاشية أبي داود نصبه على الحال وبه
يعرف أن رواية أجمعون بالرفع على التأكيد من تغيير الرواة لان شرطه في العربية تقدم التأكيد
بكل اه قلت وهذا الشرط فيما يظهر ضعيف وقد جوز غير واحد خلاف ذلك فالوجه جواز الرفع
على التأكيد وقال البدر الدماميني نصب على الحال أي مجتمعين أو على أنه تأكيد لجلوسا وكلاهما لا يقول
به البصريون لان ألفاظ التأكيد معارف قلت ذلك ان سلم فما دام تأكيدا وإذا جعل حالا يكون بمعنى
مجتمعين فلا تعريف فليتأمل فالوجه صحة الوجهين أعني الرفع والنصب وقد جاءت الرواية بهما ثم ظاهر
الحديث وجوب الجلوس إذا جلس الامام وأكثر الفقهاء على خلافة وادعوا نسخة بحديث مرضه صلى
الله عليه وسلم الذي توفي فيه وقالوا قد أم الناس فيه جالسا والناس كانوا وراءه قياما وهو آخر الامرين
ولذلك عقب المصنف هذا الحديث بحديث المرض والله تعالى أعلم قوله يؤذنه من الايذان بمعنى
الاعلام أسيف كحزين لفظا ومعنى متى يقوم هكذا بالرفع بثبوت الواو في بعض النسخ وفي بعضها
يقم بالجزم وحذف الواو وهو الأظهر لكون متى من أدوات الشرط الجازمة للمضارع ووجه الرفع أنها
أهملت حملا على إذا كما تعمل إذا حملا على متى لا يسمع من الاسماع أو السماع والأول أظهر
وأشهر فلو أمرت عمر كلمة لو للتمني أو للشرط والجواب مقدر أي لكان أولى صواحبات يوسف
أي مثلهن في كثرة الالحاح
99

فلما دخل في الصلاة وجد أي فلما دخل في أن يصلي بالناس أي في منصب الإمامة
وتقرر إماما لهم واستمر على ذلك أياما وجد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من نفسه
خفة في بعض تلك الأيام أو لما دخل في الصلاة في بعض تلك الأيام وجد صلى الله تعالى عليه وسلم
من نفسه خفة وليس المراد أنه حين دخل في تلك الصلاة التي جرى في شأنها الكلام وجد في أثنائها خفة
من نفسه فلا ينافي هذه الرواية الروايات الآخر لهذا الحديث يهادي على بناء المفعول أي يمشي
بينهما معتمدا عليهما في المشي تخطان لأنه لا يقدر على فعلهما لضعفه حسه بكسر الحاء وتشديد
السين أي نفسه المدرك بحس السمع فذهب أي أراد وقصد فأومأ بهمزة في آخره أي أشار
أن قم كما أنت قائم أي كن قائما مثل قيامك والمراد ابق على ما أنت عليه من القيام وأن تفسيريه
لما في الايماء من معنى القول حتى قام عن يسار أبي بكر جالسا أي ثبت عن يساره جالسا والناس
يقتدون بصلاة أبي بكر من حيث أنه كان يسمع الناس تكبيره صلى الله تعالى عليه وسلم واستدل
الجمهور بهذا الحديث على نسخ حديث إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا لكن قد جاء عن عائشة وأنس أن
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه رواه الترمذي وصححه وروى
بن خزيمة في صحيحه وابن عبد البر عن عائشة قالت من الناس من يقول كان أبو بكر المقدم بين يدي
رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الصف ومنهم من يقول كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
المقدم وهذا يفيد الاضطراب في هذه الواقعة ولعل سبب ذلك عظم المصيبة فعلى هذا فالحكم بنسخ ذلك
الحكم الثابت بهذه الواقعة المضطربة لا يخلو عن خفاء والله تعالى أعلم
100

قوله ألا بتخفيف اللام للعرض والاستفتاح لما ثقل بضم القاف أي اشتد مرضه فقال الفاء زائدة
إذ الفاء لا تدخل على جواب لما أصلي الهمزة للاستفهام دعوا أي اتركوا لي في المخضب بكسر
ميم وسكون خاء وفتح ضاد معجمتين ثم الموحدة المركن لينوء بنون مضموم ثم واو ثم همزة أي ليقوم بمشقة
عكوف مجتمعون يا عمر صل بالناس كأن أبا بكر رضي الله عنه رأى أن أمره بذلك كان تكريما منه له
والمقصود أداء الصلاة بإمام لا تعيين أنه الامام ولم يدر ما جرى بينه صلى الله تعالى عليه وسلم وبين بعض
101

أزواجه في ذلك والا لما كان له تفويض الإمامة إلى عمر وأمرهما أي الرجلين اللذين معه أعرض
من العرض أسمت من التسمية أي أذكرت لك اسمه قوله اختلاف نية الإمام والمأموم يريد
اقتداء المفترض بالمتنفل قوله يؤمهم ظاهر ترجمة المصنف أن الاختلاف مطلقا حاصل على الوجهين
فليتأمل أصحاب نواضح هي الإبل التي يستقى عليها يريد أنهم أصحاب عمل فدلالة هذا الحديث
102

على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل واضحة والجواب عنه مشكل جدا وأجابوا بما لا يتم وقد بسطت الكلام
فيه في حاشية بن الهمام قوله (837) صلاة الجماعة أي صلاة كل واحد من الجماعة والفذ المنفرد وقد تقدم
الحديث مع بيان التوفيق بين رواياته
103

قوله أشهد بهمزة الاستفهام ان هاتين أي العشاء والصبح والإشارة إليهما لحضور الصبح واتصال
العشاء بها مما تقدم
104

على مثل صف الملائكة أي على أجر أو فضل هو مثل أجر صف الملائكة أو فضله وظاهره
أن الملائكة أكثر أجرا وفضلا من بني آدم فليتأمل لابتدرتموه أي سبق كل منكم على
آخر لتحصيله أزكى أي أكثر أجرا وأخذ منه المصنف الترجمة قوله وما كانوا أكثر
أي قدر كانوا أكثر فذلك القدر أحب مما دونه قوله (844) فصففنا خلفه وكانوا جماعة فعلم منه جواز
105

النافلة بجماعة قوله (846) لو عرست من التعريس وهو النزول آخر الليل وجواب لو محذوف أي لكان
أحسن أو هي للتمني ما ألقيت على بناء المفعول على بالتشديد نومة نائب الفاعل مثلها
أي مثل النومة التي ألقيت اليوم والاضمار بقرينة الحضور فآذن من الايذان بمعنى الاعلام إذا التأذين
لا يتعدى إلى المفعول وقوله فأذن من التأذين قوله (847) استحوذ عليهم أي استولى عليهم وحولهم
106

إليه القاصية أي الشاة المنفردة عن القطيع البعيدة منه قيل المراد أن الشيطان يتسلط على من يخرج
عن عقيدة أهل السنة والجماعة والأوفق بالحديث أن المنفرد ما ذكره السائب أي يتسلط على من
يعتاد الصلاة بالانفراد ولا يصلي مع الجماعة والله تعالى أعلم قوله هممت أي قصدت فيحطب
أي فيجمع ثم آمر بالصلاة ليظهر من حضر ممن لم يحضر ثم أخالف إلى رجال أي آتيهم من
خلفهم أو أخالف ما أظهرت من إقامة الصلاة ذاهبا إلى رجال لآخذهم على غفلة فأحرق من التحريق
أو الاحراق أو مرماتين بكسر الميم الأولى أو فتحها قيل المرماة ظلف الشاة وقيل سهم صغير يتعلم
107

به الرمي وهو أحقر السهام وأرذلها أي لو دعى إلى أن يعطى سهمين من هذه السهام لأسرع الإجابة
وقيل غير ذلك والمقصود أن أحد هؤلاء المتخلفين عن الجماعة لو علم أنه يدرك الشئ الحقير من متاع
الدنيا لبادر إلى حضور الجماعة لأجله ايثارا للدنيا على ما أعده الله تعالى من الثواب على حضور الجماعة
وهذه الصفة لا تليق بغير المنافقين والله تعالى أعلم قوله (849) حيث ينادي بهن أي في المساجد مع
الجماعات وأنهن من سنن الهدى أي طرقها ولم يرد السنة المتعارفة بين الفقهاء ويحتمل أنه أراد تلك
108

السنة بالنظر إلى الجماعة لضللتم وفي رواية أبي داود لكفرتم وهو على التغليظ أو على الترك تهاونا
وقلة مبالاة وعدم اعتقادها حقا أو لفعلتم فعل الكفرة وقال الخطابي أنه يؤدي إلى الكفر بأن تتركوا
شيئا فشيئا حتى تخرجوا عن المسألة نعوذ بالله منه نقارب بين الخطا أي تحصيلا لفضلها وينبغي
أن يكون اختيار أبعد الطرق مثله لكن لا يخفى أن فضل الخطا لأجل الحضور في المسجد والصلاة فيه
والانتظار لها فيه فينبغي أن يكون نفس الحضور خير منه فليتأمل والله تعالى أعلم يهادي على بناء
المفعول أي يؤخذ من جانبيه يتمشى به إلى المسجد من ضعفه وتمايله قوله (850) فلما ولى أي أدبر
فأجب أمر من الإجابة أي أجب النداء وأتبعه بالفعل ظاهره وجوب الجماعة لا بمعنى أنها واجبة
109

في الصلاة حتى تبطل الصلاة بدونها بل بمعنى أنها واجبة على المصلى يأثم بتركها قال النووي أجاب الجمهور عنه
بأنه سأل هل له رخصة في ترك الجماعة مع إدراك فضلها وقد علم أن حضور الجماعة يسقط بالعذر إجماعا
وأما كونه رخص أولا ثم منع فبوحي جديد نزل في الحال أو لتغيير اجتهاد أن جوز الاجتهاد
للأنبياء كقول الأكثر ويحتمل أنه رخص أولا بمعنى أنه لا يجب عليك الحضور ثم أمره بالإجابة ندبا
قوله (851) فحي هلا بالتنوين وجاء بالألف بلا تنوين وسكون اللام وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة فحي بمعنى
أقبل وهلا بمعنى أسرع وجمع بينهما للمبالغة والله تعالى أعلم قوله (852) فذهب لحاجته وأمر غيره أن
110

يؤم بهم واعتذر إليهم بالحديث قوله (853) إذا حضر العشاء بفتح العين في الموضعين طعام آخر النهار
ويفهم منه أن تقديم الطعام إذا حضر عنده لا إذا وجده مطبوخا فقط وقيدوا بما إذا تعلق به نفسه وله
حاجة إليه والا يقدم الصلاة والله تعالى أعلم قوله (855) كتب الله له مثل أجر من حضرها ظاهره أن
أدراك فضل الجماعة يتوقف على أن يسعى لها بوجهه ولا يقصر في ذلك سواء أدركها أم لا فمن أدرك
جزأ منها ولو في التشهد فهو مدرك بالأولى وليس الفضل والاجر مما يعرف بالاجتهاد فلا عبرة بقول
111

من يخالف قوله الحديث في هذا الباب أصلا قوله فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم رجع
ظاهره أن المجلس كان في غير المسجد وعلى هذا ينبغي ان سمع الأذان يعيد الصلاة ويحتمل أن المراد
فقام أي إلى الصلاة ثم رجع أي فرغ عنها والأقرب أن موضع المجلس من المسجد كان غير موضع
الصلاة وعلى هذا فالمجلس كان في المسجد وهو الأظهر الأوفق بالروايات والله تعالى أعلم وقوله إذا
جئت على الأول معناه أي جئت إلى محل ما سمعت فيه النداء وعلى الثاني ظاهر فصل مع الناس
112

أي ادراكا لفضل الجماعة قوله (858) في مسجد الخيف أي مسجد مني وحجة الوداع فلا يمكن أن يتوهم
نسخ هذا الحكم ترعد تضطرب وترجف وهو على بناء المفعول من الارعاد فرائصهما جمع
فريصة وهي لحمة ترتعد عند الفزع والكلام كناية عن الفزع فصليا معهم هذا تصريح في عموم الحكم
في أوقات الكراهة أيضا ومانع عن تخصيص الحكم بغير أوقات الكراهة لاتفاقهم على أنه لا يصح استثناء
المورد من العموم والمورد صلاة الفجر فإنها أي التي صليتما مع الامام أو التي صليتما في الرحل وقد
قال بكل طائفة والأحاديث مختلفة ولذلك قال جماعة الامر في ذلك إلى الله ما شاء منهما يجعل فرضا
يجعله فرضا والآخر نفلا والله تعالى أعلم قوله (859) يؤخرون الصلاة عن وقتها ظاهره الاخراج عن
113

الوقت وعليه حمله المصنف وقيل المراد الاخراج عن الوقت المندوب قوله (860) على البلاط هو موضع
معروف بالمدينة يصلون أي على البلاط لا في المسجد وابن عمر قد صلى قبلهم في المسجد هذا على
ما فهمه المصنف من أن الحديث يدل عليه الترجمة لا تعاد الصلاة في يوم مرتين ظرف لما يفهم
من الكلام أي فلا تصلى مرتين لا لتعاد والا لجاز الإعادة مرة وهذا لا يناسب المقام وقد جاء في رواية
أبي داود لا تصلوا مرتين قال البيهقي ان صح هذا الحديث يحمل على ما إذا صلاها مع الامام فلا يعيد
قلت والى هذا التأويل أشار المصنف في الترجمة بل زاد عليه أن تكون الصلاة مع الامام في المسجد قال
البيهقي وفي رواية لا تصلوا مكتوبة في يوم مرتين فالمراد أي كلتاهما على وجه الفرض ويرجع ذلك إلى أن
الامر بالإعادة اختيار وليس بحتم عليه وعند كثير من العلماء إذا صلى مع الامام وقد صلى قبل ذلك في
البيت ينوي مع الامام نافة فلا اشكال عليهم هنالك نعم يلزم عليهم الاشكال فيما قالوا فيه بالإعادة
كالمغرب بمزدلفة فإنه إذا صلاها في الطريق يعيدها بمزدلفة فتأمل وقال الخطابي وقوله لا تعاد الخ أي
إذا لم تكن عن سبب كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون فيصلى معهم ليدرك فضيلة الجماعة توفيقا بين
الأحاديث ورفعا للاختلاف بينها قوله (861) إذا أتيتم الصلاة أي خرجتم إليها وأردتم حضورها
وليس المراد ظاهره لأنه لا يناسب قوله فلا تأتوها وأنتم تسعون والمراد بالسعي الاسراع البليغ وقد يطلق
114

على مطلق المشي كما في قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله فلا تنافي بين الآية والحديث في الذهاب إلى الجمعة
تمشون المشي وإن كان يعم السعي لكن التقييد بقوله عليكم السكينة خصه بغيره ولولا التقييد صريحا
لكفى المقابلة في إفادته قوله ينحدر أي ينزل يسرع من الاسراع ويحمل على ما دون السعي
كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى في الترجمة أف لك خطاب للساعي بعد موته استحضارا لصورته
حين مر بقبره أو لعله كشف عنه فرآه وخاطبه فكبر ذلك في ذرعي الذرع الوسع والطاقة والمراد
فعظم وقعه وجل عندي وفي رواية فكسر ذلك من ذرعي أي ثبطني عما أردته والحاصل أنه ظن أن
الخطاب معه فثقل عليه أحدثت من الاحداث وهو استفهام وقوله ما ذاك أي أي استفهام هذا وأي
شئ يقتضيه أففت من التأفيف أي قلت لي أف لك ومقتضاه أني فعلت شيئا يقتضى التأفيف فغل
بمعنى الخيانة فدرع بضم دال مهملة وكسر راء مشددة أي ألبس عوضها درعا من نار
115

قوله المهجر أي المبادر إلى الصلاة قبل الناس يهدي من الاهداء أو المراد به التصدق بها تقربا
إلى الله تعالى وقيل الاهداء إلى الكعبة لكن لا يناسبه الدجاجة والبيضة إذ اهداؤهما إلى الكعبة
غير معهود البدنة بفتحتين والدجاجة بفتح الدال وكسرها وضمها وقيل بالفتح
للحيوان وبالكسر للناس أي جعل اسما للناس قوله (865) فلا صلاة نفي بمعنى النهي مثل
116

قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فلا ينبغي الاشتغال لمن حضر الإقامة الا بالمكتوبة
ثم النهي متوجه إلى الشروع في غير تلك المكتوبة لمن عليه تلك المكتوبة وأما إتمام المشروعة قبل
الإقامة فضروري لا اختياري فلا يشمله النهي وكذا الشروع خلف الامام في النافلة لمن أدى المكتوبة
قبل ذلك فلا ينافي الحديث ما سبق من الاذن في الشروع في النافلة خلف الامام لمن أدى الفرض والله
تعالى أعلم قوله يصلي أي يشرع فيها فقال أتصلي أي وهو تغير للمشروع قاله على وجه
الانكار ولا يخفى أن مورده سنة الفجر فلا وجه للقول بأنها مستثناة والحديث في غيرها قوله (868) أيهما
صلاتك أي التي جئت لأجلها إلى المسجد وقصد أدائها فيه فان كانت تلك الصلاة هي الفرض فهل
العاقل يؤخر مقصوده إذا وجد ويقدم عليه غيره وان كانت هي السنة فذاك عكس المعقول إذ البيت
أولى من المسجد في حق السنة وأيضا السنة للفرض فكيف تقصد هي دونه والمقصود الزجر واللوم
117

على ما فعل قوله (870) ويستأخر بعضهم ولعلهم المنافقون أو الجهلة من الاعراب والله تعالى أعلم ودلالة
الحديث على انفراد ذلك البعض غير ظاهرة قوله (871) زادك الله حرصا أي أن منشأ هذا الفعل هو
الحرص على العبادة وادراك فضل الامام والحرص على الخير مطلوب محبوب لكن لا تعد إلى مثل هذا
الفعل لأجله لان الحرص لا يستعمل على وجه يخالف الشرع وإنما المحمود أن يأتي به على وفق الشرع
118

وقوله لا تعد فهي من العود والظاهر أن المراد لا تعد إلى أن تركع دون الصف ثم تلحقه لكون الخطوة
والخطوتين وان لم تفسد الصلاة لكن التحرز عنها أولى وقيل لا تعد إلى أن تسعى إلى الصلاة سعيا بحيث
يضيق عليك النفس والله تعالى أعلم قوله (872) ألا تحسن من التحسين أو الاحسان كيف يصلي لنفسه
أي أن الصلاة له تنفعه فينبغي للعاقل أن يراعيها من ورائي تحتمل أنها جارة أو موصولة ولا دلالة
للحديث على الركوع دون الصف والله تعالى أعلم قوله (873) قبل الظهر ركعتين قد جاء قبل الظهر ركعتان
119

وأربع ركعات ولا اختلاف لجواز أنه فعل أحيانا هذا وأحيانا ذاك نعم الحديث القولي يؤيد الاخذ
بالأربع ويرجحه وهو حديث من ثابر على اثنتي عشرة ركعة ولذلك أخذ به علماؤنا والله تعالى أعلم
قوله (874) من ههنا أي من المشرق وأشار ثانيا إلى المغرب أي إذا كانت الشمس في جهة المشرق كما
كانت في جهة المغرب وقت العصر والمراد أنه يصلي وقت الضحى ركعتين وقبيل الزوال أربعا وتسمى
هذه الصلاة صلاة الأوابين بتسليم على الملائكة يريد التشهد كما قاله إسحاق بن إبراهيم ذكره الترمذي
وسمى تسليما لما فيه من قول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وهذا هو الظاهر ويؤيده الرواية
الثانية بجعل التسليم في آخره بحمل ذلك التسليم على تسليم الخروج والله تعالى أعلم
120

كتاب الافتتاح
قوله إذا افتتح التكبير في الصلاة لعل المعنى إذا ابتدأ في الصلاة بالتكبير فنصب التكبير بنزع الخافض
والحديث يدل على الجمع بين التسميع والتحميد وعلى رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه ومن
لا يقول به يراه منسوخا بما لا يدل عليه فإن عدم الرفع أحيانا ان ثبت لا يدل على عدم استنان الرفع
إذ شأن السنة تركها أحيانا ويجوز استنان الامرين جميعا فلا وجه لدعوى النسخ والقول بالكراهة والله
تعالى أعلم رفع اليدين إلى قوله ثم يكبر هذا صريح في تقديم الرفع على التكبير فالأوجه الاخذ به
121

وحمل ما يحتمله وغيره عليه والله تعالى أعلم قوله حاذتا أذنيه لا تناقض بين الافعال المختلفة لجواز
وقوع الكل في أوقات متعددة فيكون الكل سنة الا إذا دل الدليل على نسخ البعض فلا منافاة بين الرفع
إلى المكبين أو إلى شحمة الاذنين أو إلى فروع الاذنين أي أعاليهما وقد ذكر العلماء في التوفيق بسطا
لا حاجة إليه لكون التوفيق فرع التعارض ولا يظهر التعارض أصلا قوله يرفع بها صوته وقد جاء
122

في بعض الروايات يخفض بها صوته لكن أهل الحديث يرونه وهما وان رجحه بعض الفقهاء والله
تعالى اعلم قوله حيال أذنيه بكسر الحاء وتخفيف المثناة التحتية ولام أي تلقاءهما ثم مالك بن
الحويرث ووائل بن حجر ممن صلى مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم آخر عمره فروايتهما الرفع عند
الركوع والرفع منه دليل على بقائه وبطلان دعوى نسخه كيف وقد روى مالك هذا جلسة الاستراحة
فحملوها على أنها كانت في آخر عمره في سن الكبر فهي ليس مما فعلها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
قصدا فلا يكون سنة وهذا يقتضي أن يكون الرفع الذي رواه ثابتا لا منسوخا لكونه في آخر عمره
عندهم فالقول بأنه منسوخ قريب من التناقض وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم لمالك هذا
وأصحابه صلوا كما رأيتموني أصلي والله تعالى أعلم قوله فروع أذنيه أعاليهما وفرع كل شئ أعلاه
123

قوله مدا أي رفعا بليغا أو رفعا وهو مصدر من غير لفظ الفعل كقعدت جلوسا الا أنه على الأول للنوع وعلى
الثاني للتأكيد هنيهة بضم هاء وفتح نون وسكون ياء أي زمانا يسيرا والمراد السكوت قبل القراءة أو بعد
الفاتحة والحديث يدل على أن الناس تركوا بعض السنن وقت الصحابة فينبغي الاعتماد على الأحاديث والله تعالى أعلم
124

قوله (885) الله أكبر كبيرا أي كبرت كبيرا ويجوز أن يكون حالا مؤكدة أو مصدرا بتقدير تكبيرا كبيرا كثيرا
أي حمدا كثيرا ابتدرها اثنا عشر أي يريد كل منها أن يسبق على غيره في رفعها إلى محل العرض أو القبول
125

قوله قبض بيمينه الخ الأحاديث الدالة على أن السنة هي الوضع دون الارسال كثيرة شهيرة قوله (889) قلت
لأنظرن أي قلت في نفسي وعزمت على النظر والتأمل في صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم والرسغ وهو
مفصل بين الكف والساعد والمراد أنه وضع بحيث صار وسط كفه اليمنى على الرسغ ويلزم منه أن يكون بعضها
على الكف اليسرى والبعض على الساعد على فخذه وركبته أي وضع بحيث صار بعضها على الفخذ
126

وبعضها على الركبة حد مرفقه أي غاية المرفق على فخذه أي مستعليا على الفخذ مرتفعا عنه ثم قبض
اثنتين أي الخنصر والبنصر وحلق حلقه أي جعل الابهام والوسطى حلقة ثم رفع أصبعه أي
المسبحة وقد أخذ به الجمهور وأبو حنيفة وصاحباه كما نص عليه محمد في موطئه وغيره الا أن بعض مشايخ المذهب
أنكره ولكن أهل التحقيق من علماء المذهب نصوا على أن قولهم مخالف للرواية والدراية فلا عبرة به وأما
تحريك الإصبع فقد جاء في بعض الروايات فأخذ به قوم الا أن الجمهور ما أخذ به لخلو غالب الروايات عنه والله
تعالى أعلم قوله مختصرا اسم فاعل من الاختصار هو وضع اليد على الخاصرة وقيل هو أن يمسك بيده
مخصرة أي عصا يتوكأ عليها وقيل هو أن يختصر السورة فيقرأ من آخرها آية أو آيتين وقيل هو أن لا يتم
قيامها وركوعها وسجودها قوله (891) ضربة بيده بالنصب مفعول قال على أنه بمعنى فعل أن هذا الصلب
127

بالرفع على أنه خبر أن أو النصب على أنه صفة هذا والخبر محذوف أي رابني منك والمراد أنه شبه الصلب
لان المصلوب يمد يده على الجذع وهيئة الصلب في الصلاة أن يضع يديه على خاصرتيه ويجافي بين عضديه في
القيام قوله (892) رضي الله تعالى عنهما قد صف بين قدميه كان المراد قد وصل بينهما ولو راوح بينهما أي اعتمد على إحداهما
128

مرة وعلى الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما قوله وأنا من المسلمين كأنه كان يقول أحيانا
كذلك لارشاد الأمة إلى ذلك ولاقتدائهم به فيه والا فاللائق به صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا أول المسلمين
كما جاء في كثير من الروايات والله تعالى أعلم
129

قوله (897) ظلمت نفسي إظهار للعبودية وتعظيم للربوبية والا فهو مع عصمته مغفور له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر لو كان هناك ذنب وقيل بل المغفرة في حقه مشروطة بالاستغفار والأقرب أن الاستغفار
له زيادة خير والمغفرة حاصلة بدون ذلك لو كان هناك ذنب وفيه إرشاد للأمة إلى الاستغفار ومعنى
والشر ليس إليك أن الشر ليس قربا إليك ولا يتقرب به وقيل إنه لا ينسب إليك بانفراده فلا يقال خالق الشر
130

أنا بك وإليك أي وجودي بايجادك ورجوعي إليك أو بك أعتمد وإليك ألتجئ تباركت
أي تزايد خيرك وكثر قوله وبحمدك قيل الواو للحال والتقدير ونحن ملتبسون بحمدك وقيل
زائدة والجار والمجرور حالة ملتبسين بحمدك
131

(899) وتعالى جدك في النهاية أي علا جلالك وعظمتك قوله (901) وقد حفزه النفس بفتح الحاء المهملة والفاء
والزاي المعجمة والنفس بفتحتين أي جهده من شدة السعي إلى الصلاة وأصل الحفز الدفع العنيف وفي
النهاية الحفز الحث والاعجال
132

فأرم القوم بفتح راء مهملة وتشديد ميم أي سكتوا ويحتمل اعجام الزاي وتخفيف الميم أي أمسكوا عن الكلام
والأول أشهر رواية أي سكت القائل خوفا من الناس يبتدرونها أي كل منهم يريد أن يسبق على غيره
في رفعها إلى محل العرض أو القبول وجملة أيهم يرفعها حال أي قاصدين ظهور أيهم يرفعها والله تعالى
أعلم قوله (902) يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين أشار بالترجمة إلى أن المراد بالحمد لله الخ ليس
هذا اللفظ بل تمام السورة على الوجه الذي يقرأ فكأنه قال يستفتحون القراءة بالفاتحة فدخل فيه
البسملة ان قلنا إنها جزء من السورة لكن قراءة السورة يبدأ بها شرعا تبركا فلا دليل في الحديث لمن يقول
لا يقرأ البسملة أصلا نعم بقي البحث أنها تقرأ سرا أو جهرا وسيعرف حقيقته والله تعالى أعلم قوله
133

(904) إذ أغفى الاغفاء بالغين المعجمة النوم القليل في المجمع الاغفاء السنة وهي حالة الوحي غالبا ويحتمل
أن يريد به الاعراض عما كان فيه آنفا بالمد أي قريبا (907) بسم الله الرحمن الرحيم انا أعطيناك الكوثر
أراد أن ظاهر هذا الحديث أن البسملة جزء من السورة لأنه بين السورة بمجموع البسملة وما بعدها
ويحتمل أنها خارجة وبدأ السورة بها تبركا وعلى التقديرين ينبغي بداءة السورة بها وقراءتها معها نعم
لا يلزم منه الجهر بها فيختلج على بناء المفعول أي يجتذب ويقتطع قوله (905) صليت وراء أبي هريرة
134

فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم يدل على أن البسملة تقرأ في أول الفاتحة ولا يدل على الجهر بها وآخر
الحديث يدل على رفع هذا العمل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم قوله (906) فلم يسمعنا
من الاسماع وقوله فلم نسمعها بصيغة المتكلم مع الغير من السماع وهذه الأحاديث صريحة في ترك
الجهر بها والله تعالى أعلم قوله (909) فهي خداج بكسر الخاء المعجمة أي غير تامة فقوله غير تمام تفسير له
135

وهذا ليس بنص في افتراض الفاتحة بل يحتمل الافتراض وعدمه وكأنه لذلك عدل عنه أبو هريرة إلى
حديث قسمت الصلاة في الاستدلال على الافتراض وقوله في نفسك أي سرا ووجه الاستدلال
هو أن قسمة الفاتحة جعلت قسمة للصلاة واعتبرت الصلاة مقسومة باعتبارها ولا يظهر ذلك الا عند
لزوم الفاتحة فيها ثم لا يخفى ما في الحديث من الدلالة على خروج البسملة من الفاتحة وأخذ منه المصنف
أنها لا تقرأ وهو بعيد لجواز أن لا تكون جزءا من الفاتحة ويرد الشروع بالقراءة بها مع الفاتحة تبركا
فمن أين جاء أنها لا تقرأ فالحق أن مقتضى الأدلة أنها تقرأ سرا لا جهرا كما هو مذهب علمائنا الحنفية
وكونها لا تقرأ أصلا كمذهب مالك أو تقرأ جهرا كمذهب الشافعي لا تساعده الأدلة ولعل مراد المصنف
الاستدلال على عدم لزوم قراءتها والله تعالى أعلم
136

قوله (910) لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ليس معناه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب في عمره قط
أو لمن لم يقرأ في شئ من الصلوات قط حتى لا يقال لازم الأول افتراض الفاتحة في عمره مرة ولو خارج
الصلاة ولازم الثاني افتراضها مرة في صلاة من الصلوات فلا يلزم منه الافتراض لكل صلاة وكذا ليس
معناه لا صلاة لمن ترك الفاتحة ولو في بعض الصلوات إذ لازمة أنه بترك الفاتحة في بعض الصلوات تفسد
الصلوات كلها ما ترك فيها وما لم يترك فيها إذ كلمة لا لنفي الجنس ولا قائل به بل معناه لا صلاة لمن لم يقرأ
بالفاتحة من الصلوات التي لم يقرأ فيها فهذا عموم محمول على الخصوص بشهادة العقل وهذا الخصوص هو
الظاهر المتبادر إلى الافهام من مثل هذا العموم وهذا الخصوص لا يضر بعموم النفي للجنس لشمول
النفي بعد لكل صلاة ترك فيها الفاتحة وهذا يكفي في عموم النفي ثم قد قرروا أن النفي لا يعقل الا مع
نسبة بين أمرين فيقتضي نفي الجنس أمرا مستندا إلى الجنس ليتعقل النفي مع نسبته فإن كان ذلك الامر
مذكورا في الكلام فذاك والا يقدر من الأمور العامة كالكون والوجود أما الكمال فقد حقق المحقق
الكمال ضعفه لأنه مخالف للقاعدة لا يصار إليه الا بدليل والوجود في كلام الشارع يحمل على الوجود
الشرعي دون الحسي فمفاد الحديث نفي الوجود الشرعي للصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وهو
137

عين نفي الصحة وما قال أصحابنا أنه من حديث الآحاد وهو ظني لا يفيد العلم وإنما يوجب العمل فلا
يلزم منه الافتراض ففيه أنه يكفي في المطلوب أنه يوجب العمل ضرورة أنه يوجب العمل بمدلوله
لا بشئ آخر ومدلوله عدم صحة صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فوجوب العمل به يوجب القول بفساد
تلك الصلاة وهو المطلوب فالحق أن الحديث يفيد بطلان الصلاة إذا لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب نعم يمكن
أن يقال قراءة الإمام قراءة المقتدى كما ورد به بعض الأحاديث فلا يلزم بطلان صلاة المقتدى إذا ترك الفاتحة
وقرأها الامام بقي أن الحديث يوجب قراءة الفاتحة في تمام الصلاة لا في كل ركعة لكن إذا ضم إليه
قوله صلى الله تعالى عليه وسلم وافعل في صلاتك كلها للاعرابي المسئ صلاته يلزم افتراضها في كل
ركعة ولذلك عقب هذا الحديث بحديث الاعرابي في صحيح البخاري فلله دره ما أدقه والله تعالى أعلم
قوله فصاعدا ظاهره وجوب ما زاد على الفاتحة بمعنى بطلان الصلاة بدونه وقد اتفقوا أو غالبهم على
عدم الوجوب بهذا المعنى فلعلهم يحملونه على معنى فما كان صاعدا فهو أحسن والله تعالى أعلم نقيضا
صوتا كصوت الباب إذا فتح أبشر من الابشار أوتيتهما على بناء المفعول وكذا لم يؤتهما حرفا
138

منهما أي مما فيه من الدعاء الا أعطيته أي أعطيت مقتضاه والمرجو أن هذا لا يختص به بل
يعمه وأمته صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (913) ألم يقل الله الخ مطلق الامر وإن كان لا يفيد الفور
لكن الامر ههنا مقيد بقوله إذا دعاكم أي الرسول فيلزم الاستجابة وقت الدعاء بلا تأخير وضمير دعاكم
للرسول وذكر الله للتنبيه على أن دعاءه دعاء الله واستجابته له تعالى لا يلزم من وجوب استجابته
في الصلاة بقاء الصلاة وإنما لازمه رفع اثم الفساد قولك بالنصب أي أذكره والقرآن العظيم
عطف على السبع المثاني وإطلاق اسم القرآن على بعضه شائع قوله وهي مقسومة الخ أي وقال تعالى
139

هي مقسومة الخ قوله الطول بضم الطاء وفتح واو جمع الطولي الستة معلومة والسابعة هي سورة
التوبة وقيل غيرها والله تعالى أعلم قوله (917) قد خالجنيها أي نازعني القراءة والظاهر أنه قال نهيا وانكارا
140

لذلك نعم هو إنكار لما سوى الفاتحة دونها والله تعالى أعلم قوله (919) أنازع القرآن على بناء المفعول
والقرآن منصوب بتقدير في القرآن أي أحارب في قراءته كأني أجذبه إلى غيري وغيري يجذبه منى إليه
يحتمل أنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه والمنع مخصوص به ويحتمل أنه ورد في غير الفاتحة كما فيما
تقدم ويحتمل العموم فلا يقرأ فيما يجهر الامام أصلا لا بالفاتحة ولا غيرها لا سرا ولا جهرا وما جاء
عن أبي هريرة من قوله اقرأ بها يا فارسي يحمل على السر والله تعالى أعلم قوله (920) الله تعالى ألا بأم القرآن ظاهر
141

هذه الرواية إباحة القراءة بالفاتحة ولو جهر الامام فلعل من يمنع عنها يقول أن النهي يقدم على الإباحة
عند العارض ولا يخفي أن المعارضة حال السر مفقودة فالمنع حينئذ غير ظاهر حالة السر ولهذا مال محمد
وبعض المشايخ وغيرهم إلى قراءة الفاتحة حال السر ورجحه على القاري في شرح موطأ محمد ورأي أنه
الأحوط والله تعالى أعلم قوله (921) وإذا قرأ أي الامام فأنصتوا أي اسكتوا للاستماع وهذا لا يكون
الا حالة الجهر وهذا الحديث صححه مسلم ولا عبرة بتضعيف من ضعفه والمصنف أشار إلى أن هذا
الحديث تفسير للآية فيحمل عموم إذا قرأ القرآن على خصوص قراءة الإمام قوله (923) فالتفت إلي
142

أي أبو الدرداء والى هذا أشار المصنف بقوله إنما هذا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خطأ الخ
أي رفعه خطأ والصواب وقفه قوله يجزئني من الاجزاء أي يكفيني منه أي أقرؤه مقام القرآن ما دام
ما أحفظه والا فالسعي في حفظه لازم وهذا يدل على أن العاجز عن القرآن يأتي بالتسبيحات ولا يقرأ ترجمة القرآن
بعبارة أخرى غير نظم القرآن قوله (925) إذا أمن القارئ أخذ منه المصنف الجهر بآمين إذ لو أسر الامام بآمين
لما علم القوم بتأمين الامام فلا يحسن الامر إياهم بالتأمين عند تأمينه وهذا استنباط دقيق يرجحه ما سبق
من التصريح بالجهر وهذا هو الظاهر المتبادر نعم قد يقال يكفي في الامر معرفتهم لتأمين الامام بالسكوت
عن القراءة لكن تلك معرفة ضعيفة بل كثيرا ما يسكت الامام عن القراءة ثم يقول آمين بل الفصل
بين القراءة والتأمين هو اللائق فيتقدم تأمين المقتدى على تأمين الامام إذا اعتمد على هذه الامارة لكن
رواية إذا قال الامام ولا الضالين ربما يرجح هذا التأويل فليتأمل والأقرب أن أحد اللفظين من
143

تصرفات الرواة وحينئذ فرواية إذا أمن أشهر وأصح فهي أشبه أن تكون هي الأصل والله تعالى أعلم
144

قوله (931) بضعة وثلاثون بكسر الباء وقد تفتح من الثلاث إلى التسع والحديث يدل على جواز التحميد
للعاطس جهرا قوله (932) الرب عز وجل فسمعته وأنا خلفه ظاهره الجهر بآمين
145

فما نهنهها أي منعها وكفها عن الوصول إليه قوله (933) كيف يأتيك الوحي ظاهره أن السؤال عن كيفية
الوحي نفسه لا عن كيفية الملك الحامل له ويدل عليه أول الجواب لكن آخر الجواب يميل إلى أن المقصود بيان كيفية
الملك الحامل فيقال يلزم من كون الملك في صورة الانسان كون الوحي في صورة مفهوم متبين أول الوهلة فبالنظر
إلى هذا اللازم صار بيانا لكيفية الوحي فلذلك قوبل بصلصلة الجرس ويحتمل أن المراد للسؤال عن
كيفية الحامل أي كيف يأتيك حامل الوحي قوله في مثل صلصلة الجرس يأتيني في صوت متدارك
لا يدرك في أول الوهلة كصوت الجرس أي يجئ في صورة وهيئة لها مثل هذا الصوت فنبه بالصوت
الغير المعهود على أنه يجئ في هيئة غير معهودة فلذا قابله بقوله في صورة الفتى وعلى الوجهين فصلصلة
الجرس مثال لصوت الوحي والصلصلة بصادين مهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة صوت وقوع الحديد
بعضه على بعض والجرس بفتحتين الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدواب ووجه الشبه هو أنه صوت
متدارك لا يدرك في أول الوهلة فيفصم يضرب أي فيقطع عني حامل الوحي الوحي وقد وعيت
146

عنه أي حفظت عنه أي أجده في قلبي مكشوفا متبينا بلا التباس ولا اشكال فينبذه كيضرب أي
يلقيه إلى في صوت انسان والله تعالى أعلم
147

قوله يتمثل أي يتصور تعريف الملك للعهد أي جبريل المعروف بأنه حامل الوحي ورجلا نصبه
على المصدر أي مثل رجل أو الحال بتقدير هيئة رجل أو التمييز والتمثل ظهور الشئ في مثال غيره
والأرواح القوية يمكن ظهورها بإذن الله تعالى في صور كثيرة وأمثلة عديدة في حالة واحدة من غير أن يموت الجسم
148

الأصلي الذي هو ذو أجنحة كثيرة فلا يرد أن الجائي كان روح جبريل فينبغي أن يموت الجسم القديم
له لمفارقة الروح إياه والا فليس الجائي روح جبريل ولا جسمه فما معنى مجيئه بالوحي والله تعالى أعلم
قوله ليتفصد بالفاء وتشديد المهملة أي ليجدى ويسيل عرقا تمييز قوله يعالج يتحمل
يحرك شفتيه أي لكل حرف عقب سماعه من جبريل ثم تقرأه بالنصب عطف على جمعه
149

بتقديران فهو عطف الفعل على الاسم الصريح قوله (936) قلت كذبت يفهم منه أنه لا يأثم الرجل
بتكذيب الحق إذا ظهر له أمارة خلافه وبنى عليه التكذيب وأن القرآن ما لم يتواتر لا يكفر صاحبه
بالتكذيب فليتأمل ان القرآن أنزل على سبعة أحرف أي على سبع لغات مشهورة بالفصاحة وكأن
150

ذاك رخصة أولا تسهيلا عليهم ثم جمعه عثمان رضي الله تعالى عنه حين خاف الاختلاف عليهم في القرآن
وتكذيب بعضهم بعضا على لغة قريش التي أنزل عليها أولا والله تعالى أعلم قوله أعجل من حد
سمع أي آخذه وأجره وهو في الصلاة لببته بالتشديد يقال لببت الرجل تلبيبا إذا جعلت في عنقه
ثوبا وجررته به قوله أساوره أي أواثبه من سار إليه وثب
151

قوله (939) أضاة بني غفار الاضاة بوزن حصاة الغدير أن تقرئ أمتك من الأقراء ونصب أمتك
وجوز أنه من القراءة ورفع الأمة والمعنى أوفق بالأول إذ أمر أحد بفعل غيره غير مستحسن فليتأمل
معافاته بفتح التاء لأنه منصوب وهو مفرد لا جمع لا تطيق ذلك أي يومئذ لعدم ممارسة الناس
152

كلهم لغة قريش فلو كلفوا بالقراءة بها لثقل عليهم يومئذ بخلاف ما إذا مارسوا كما عليه الامر اليوم والله تعالى أعلم
قوله تخالف قراءتي أي يقرؤها قراءة تخالف قراءتي أو هو يخالف قراءتي وعلى الأول تخالف بالمثناة فوقية
وعلى الثاني بالتحتية من علمك من التعليم لا تفارقني نهى أو نفي بمعنى النهي
153

كلهن أي كل واحدة منهن شاف كاف أو مجموع من شاف كاف وأفرادهما على لفظ كل فإنه مفرد
مذكر والأول أظهر وبالمقصود أوفق والله تعالى أعلم قوله (941) رحمه اللهما حاك في صدري أي أثر شك في
صدري ولا وقع وقد جاء صريحا أنه وقع في صدره يومئذ شك عصمه الله تعالى منه ببركة نبيه صلى الله
تعالى عليه وسلم استزده أي اطلب من الله تعالى الزيادة على حرف واحد أو من جبريل بناء على أنه
واسطة قوله المعقلة في النهاية أي المشددة بالعقال أو التشديد فيه للتنكير قوله أن يقول
154

نسيت آية كيت بالتخفيف لما فيه من التشبه لفظا بمن ذمه الله تعالى بقوله كذلك أتتك آياتنا فنسيتها
وكذلك اليوم تنسى فالاحتراز عن مثل هذا القول أحسن بل هو نسي بالتشديد أي الله تعالى
قد أزال عن قلبه ما أزال فليقل نسيت بالتشديد لكونه أوفق بالواقع وأبعد من الوقوع في المكروه
استذكروا القرآن أي اذكروه واحفظوه وذكره بالسين للمبالغة تفصيا بالفاء والصاد المهملة
أي خروجا وتخلصا
قوله من النعم من عقله بضم عين وقاف جميعا وقد يسكن القاف جمع عقال بكسر العين وهو حبل صغير
يشد به ساعد البعير إلى فخذه وتذكير الضمير لان النعم يذكر ويؤنث ذكره النووي في شرح مسلم
قوله (944) في ركعتي الفجر المراد أنه يقرأ فيهما بالآيتين أو السورتين بعد الفاتحة الا أنه تركها الراوي
155

لظهورها قوله (946) أقرأ فيهما بأم الكتاب مبالغة في التخفيف ومثله لا يفيد الشك في القراءة ولا يقصد
به ذلك ولا دليل فيه لمن يقول بالاقتصار على الفاتحة ضرورة أن حقيقة اللفظ الشك في الفاتحة أيضا
وهو متروك بالاتفاق وعند الحمل على ما قلنا لا يلزم الاقتصار فالحمل على الاقتصار مشكل وقد ثبت خلافه
كما تقدم والله تعالى أعلم قوله (947) فالتبس عليه أي اشتبه عليه واستشكل وضميره للروم باعتبار أنه اسم
مقدار من القرآن لا يحسنون من الاحسان أو التحسين الطهور بضم الطاء وجوز الفتح على أنه
اسم للفعل والحمل على الماء لا يناسب المقام فإنما يلبس كيضرب أو من التلبيس أي يخلط وفيه تأثير
156

الصحبة وان الأكملين في أكمل الأحوال يظهر فيهم أدنى أثر والله تعالى أعلم قوله (950) الرب عز وجل والنخل باسقات
157

أي السورة المشتملة على هذه الآية فهو من إرادة الكل باسم الجزء قوله (952) فأمنا بهما ليبين بذلك أنهما
عظيمتان تقومان مقام سورتين عظيمتين كما هو المعتاد في صلاة الفجر قوله أبلغ أي أعظم في باب
الاستعاذة وكأن الوقت كان يساعد الاستعاذة والله تعالى أعلم قوله لم ير على بناء المفعول أي في
158

الاستعاذة والله تعالى أعلم قوله (955) ألم تنزيل قال علماؤنا لا دلالة فيه على المداومة عليهما نعم قد ثبتت
قراءتهما فينبغي للأئمة قرائتهما ولا يحسن المداومة على تركهما بالمرة وقد قال بعض الشافعية قد جاء في بعض الروايات
ما يدل على المداومة وعلى كل تقدير فالمداومة عليهما خير من المداومة على تركهما والله تعالى اعلم قوله توبة
أي لأجل التوبة شكرا أي على قبول التوبة وتوفيق الله تعالى إياه عليها فحين يجري في القرآن ذكر من
159

الله تعالى لتلك التوبة نشكره تعالى على تلك النعمة وكون السجدة للشكر لا يستلزم عدم الوجوب كما أنه لا
يستلزم الوجوب فينبغي الرجوع في معرفة أحد الامرين إلى خارج والله تعالى أعلم قوله (958) وسجد من
عنده أي من المسلمين والمشركين وكأن المشركين سجدوا تبعا للمسلمين وقد ذكروا في سببه قصة طويلة
والله أعلم بثبوتها قوله (960) فلم يسجد أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم استدل به من لا يرى السجود
في المفصل كمالك وحمل ما جاء في سجود النجم على النسخ لكونه كان بمكة أجيب بأن القارئ امام للسامع
160

فيجوز أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ترك السجود اتباعا لزيد لأنه القارئ فهو امام وترك زيد لأجل صغره
فلا دلالة في الحديث على عدم السجود وأجيب أيضا بأنه لعله على غير وضوء فأخره فظنه زيد أنه ترك بل لعل
معنى كلام زيد أنه لم يسجد في الحال بل أخره وأيضا بأن السجود غير واجب فلعله تركه أحيانا لبيان الجواز
وبالجملة فقد جاء عن أبي هريرة وغيره أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سجد في المفصل فالأخذ برواية المثبت
161

أولى من النافي لجواز أن النافي ما اطلع عليه وفي شرح الموطأ وقال بالسجود في المفصل الخلفاء الأربعة
والأئمة الثلاثة وغيرهم واستدل بعض المالكية بأن أبا سلمة قال لأبي هريرة لما سجد لقد سجدت في
سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها فدل هذا على أن الناس تركوه وجرى العمل بتركه ورده بن عبد
البر بأن أي عمل يدعى مع مخالفة المصطفى والخلفاء الراشدين بعده والله تعالى أعلم قوله (967) ووكيع
عن سفيان وكيع معطوف على سفيان والمراد به بن عيينة أو من روى عنه وكيع فالمراد به الثوري كما
أفاده في الأطراف قوله (968) يعني العتمة فسر بذلك لان العشاء قد يطلق على صلاة المغرب
162

قوله كل صلاة أي كل ركعة أو كل صلاة سرية وجهرية فما أسمعنا بفتح العين في الأول
وسكونها في الثاني أي يجهر فيما جهر ويخافت فيما خافت ولا يظن أن مواضع السر لا قراءة فيها قوله (971) بسم الله الرحمن الرحيم فنسمع
منه الآية أي يقرأ بحيث نسمع الآية من جملة ما قرأ وهذا يدل على أن الجهر القليل في السرية لا يضر
163

وعلى أن الجمع بين الجهر والسر لا يكره والله تعالى أعلم قوله يطولها لعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم
برغبة من خلفه في التطويل وعند ذلك يجوز التطويل والا فالتخفيف هو المطلوب للامام قوله يسمعنا
164

الآية كذلك كما أنه يقرأ يسمعنا الآية أحيانا قوله (975) وكان يطيل في الركعة الأولى يعينهم بذلك على
165

إدراك فضلها قوله بالسماء ذات البروج الخ ما جاء في اختلاف القراءة يحمل على اختلاف الأوقات
والأحوال فلا تنافي في أحاديث القراءة قوله (981) هلمي لي وضوءا بفتح الواو أي أحضري لي
166

ماء أتوضأ به من أمامكم أي من عمر بن عبد العزيز قوله (982) ويقرأ في المغرب بقصار المفصل الخ
المفصل عبارة عن السبع الأخير من القرآن أوله سورة الحجرات سمى مفصلا لان سورة قصار
كل سورة كفصل من الكلام قيل طواله إلى سورة عم وأوساطه إلى الضحى وقيل غير ذلك ثم يؤخذ من
هذا الحديث ومن حديث أبي هريرة الآتي في الباب الثاني ومن حديث رافع بن خديج كنا ننصرف
عن المغرب وان أحدنا ليبصر مواقع نبله أن عادته صلى الله تعالى عليه وسلم في المغرب قراءة السور القصار
167

فلعل ما سيجئ من قراءة السور الطوال في المغرب كان منه أحيانا لبيان الجواز قوله (984) وهو يصلي المغرب
قد جاء أنها صلاة العشاء وهي أنسب بسوق هذه القصة والحمل على تعدد الواقعة بعيد والله تعالى أعلم
قوله (985) ما صلى بعدها صلاة أي بالناس والله تعالى أعلم
168

قوله (989) أتقرأ في المغرب بقل هو الله أحد أي دائما بحيث كأنه اللازم ولا يجوز غيره فالانكار على
التزام القصار وفيه أنه ينبغي للامام أن يقرأ ما قرأه صلى الله تعالى عليه وسلم أحيانا تبركا بقراءته صلى
الله تعالى عليه وسلم واحياء لسنته وآثاره الجميلة فمحلوفه أراد بالمحلوف الله الذي لا يستحق الحلف
الا به والخبر محذوف أي الله قسمي
169

بأطول الطوليين يعني الانعام والأعراف وأطولهما الأعراف وصدق هذا الوصف على غير الأعراف
لا يضر لأنه عينها بالبيان قوله رمقت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي نظرت إليه وتأملت في قراءته
170

قوله (993) على سرية أي جعله أميرا على طائفة من الجيش فيختم بقل هو الله أحد أي يختم قراءته
بقراءة قل هو الله أحد أي يقرأ بقل هو الله أحد في آخر ما يقرأ من القرآن والحاصل أن النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم قرره على ذلك وبشره عليه بما بشره فعلم به جواز الجمع بين السور المتعددة في ركعة قوله
وجبت لا دلالة في الحديث على عموم الوجوب لكل قارئ الا بالنظر إلى أن الظاهر أن الوجوب
جزاء لقراءته فالظاهر عمومه لكل عامل عمله والله تعالى أعلم قوله (995) فذكر ذلك له كأنه عظم ذلك
ترديده هذه السور لتعدل أي تساوي ثلث القرآن أجرا
171

قوله عن منصور عن هلال بن يساف الخ في بعض النسخ قال أبو عبد الرحمن ما أعرف إسنادا أطول
من هذا ونقل عن السيوطي أنه قال فيه ستة من التابعين قال والمرأة هي امرأة أبي أيوب قوله فصلى
العشاء الآخرة الخ ظاهر صنيع المصنف يميل إلى أنه جمع بين رواية صلاة المغرب ورواية صلاة العشاء
172

بالحمل على تعدد القضية فلذلك استدل بكلتا الروايتين لكن وقوع مثل هذه القضية مرتين بعيد الا أن
يقال يحتمل أنه وقع من معاذ مرتين ثم رفع الواقعتان إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مرة والله تعالى أعلم
173

قوله (1002) قد شكاك الناس أي أهل كوفة وكان سعد أميرا من جهة عمر عليهم فجاؤوا عند عمر وشكوا سعدا فطلبه عمر
وقال له ذلك اتئد بتشديد التاء بعدها همزة مكسورة وقبلها همزة مفتوحة أي أتثبت ولا أتعجل وفي بعض النسخ
أمد بتشديد الدال كما في أبي داود أي أزيد وأطول وأحذف أي أخفف وما آلوا بهمزة ممدودة
أي لا أقصر في صلاة اقتديت بها وهي صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (1003) ما يحسن من
الاحسان أو التحسين لا أخرم من باب ضرب أي لا أنقص أركد من باب نصر أي أسكن
174

وأطيل القيام قوله (1004) اني لأعرف النظائر أي السور المتقاربة في الطول قوله هذا بفتح هاء
وتشديد ذال معجمة أي تسرع اسراعا في قراءته كما تسرع في انشاد الشعر والهذ سرعة القطع ونصبه
على المصدر وهو استفهام إنكار بحذف أداته يقرن بضم الراء أو كسرها
175

قوله وآل حم أي صاحب حم أي السورة المصدرة بحم قوله (1007) فلما جاء ذكر موسى أو عيسى أي جاء قوله
تعالى ثم أرسلنا موسى وأخاه أو ذكر عيسى وهذا شك من الراوي وعيسى مذكور في جنبه فلذا جمع بينهما
سعلة بفتح سين وسكون عين قيل أخذته بسبب البكاء ثم لا يخفى أن الاقتصار على بعض السورة
ههنا لضرورة فالاستدلال به على الاقتصار بلا ضرورة لا يتم فالأولى الاستدلال بقراءته صلى الله تعالى
عليه وسلم سورة الأعراف في المغرب حيث فرقها في ركعتين والله تعالى أعلم قوله (1008) وقف وتعوذ
176

عمل به علماؤنا الحنفية في الصلاة النافلة كما هو المورد قوله جسرة بفتح جيم وسكون سين بنت
دجاجة قال السيوطي بفتح دال وجيمين والمعروف أنها بالفتح في الحيوان وبالكسر في الانسان وهو
المضبوط في بعض النسخ المصححة والله تعالى أعلم قوله قام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي الليل حتى أصبح
177

كذا في بعض النسخ المصححة أي إلى أن دخل وقت الصبح وفي بعض النسخ حتى
إذا أصبح وعلى هذا فجواب إذا مقدر أي تركها أي الآية قوله (1011) رفع صوته ليتدبروه ويأخذوا عنه
ولا تجهر أي كل الجهر بقرينة الامر بالتوسط وقد يقال مقتضى الآية أن الجهر هو الاعلان البالغ
حده فليتأمل وابتغ بين ذلك سبيلا أي بين المذكور من الجهر والمخافتة ويحصل به الامر ان جميعا عدم
178

الاخلال بسماع الحاضرين والاحتراز عن سب أعداء الدين قوله (1013) وأنا على عريشي العريش كل
ما يستظل به ويطلق على بيوت مكة لأنها كانت عيدانا تنصب ويظلل عليها قوله (1014) يمد صوته مدا
أي يطيل الحروف الصالحة للإطالة يستعين بها على التدبر والتفكر وتذكير من يتذكر قوله (1015) زينوا
القرآن بأصواتكم أي بتحسين أصواتكم عند القراءة فإن الكلام الحسن يزيد حسنا وزينة بالصوت
الحسن وهذا مشاهد ولما رأى بعضهم أن القرآن أعظم من أن يحسن بالصوت بل الصوت أحق بأن
يحسن بالقرآن قال معناه زينوا أصواتكم بالقرآن هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا أنه
من باب القلب وقال شعبة نهاني أيوب أن أحدث زينوا القرآن بأصواتكم ورواه معمر عن منصور
عن طلحة زينوا أصواتكم بالقرآن وهو الصحيح والمعنى اشتغلوا بالقرآن واتخذوه شعارا وزينة قوله
179

(1017) ما أذن الله بكسر الذال أي استمع لشئ مسموع كاستماعه لنبي والمراد جنس النبي والقرآن
القراءة أو كلام الله مطلقا ولما كان الاستماع على الله تعالى محالا لأنه شأن من يختلف سماعه بكثرة
التوجه وقلته وسماعه تعالى لا يختلف قالوا هذا كناية عن تقريب القارئ واجزال ثوابه يتغنى
بالقرآن أي يحسن صوته به حال قراءته أو هو الجهر وقوله يجهر به تفسير له أو يلين ويرقق صوته
ليجلب به إلى نفسه والى السامعين الحزن والبكاء وينقطع به عن الخلق إلى الخالق جل وعلا قوله
(1018) يعني أذنه بفتح همزة وذال معجمة معا أي استماعه قوله (1019) لقد أوتي من مزامير آل داود وفي النهاية
180

شبه حسن صوته وحلاوة نغمته بصوت المزمار وداود هو النبي واليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة
والمراد بآل داود نفسه وكثيرا ما يطلق آل فلان على نفسه قوله (1022) ثم نعتت قراءته أي وصفت وبينت
بالقول أو بالفعل بأن قرأت كقراءته صلى الله تعالى عليه وسلم حرفا حرفا قال أبو البقاء نصبهما على
الحال أي مرتلة نحو أدخلتهم رجلا رجلا أي منفردين قوله (1023) حين يهوى كيضرب أي يسقط ويهبط
181

أني لأشبهكم صلاة الخ يقول لهم ذلك ترغيبا لهم فعل في مثلها قوله (1026) ثم لم يعد قد تكلم ناس في
ثبوت هذا الحديث والقوى أنه ثابت من رواية عبد الله بن مسعود نعم قد روى من رواية البراء لكن
التحقيق عدم ثبوته من رواية البراء فالوجه أن الحديث ثابت لكن يكفي في إضافة الصلاة إلى رسول
182

الله صلى الله تعالى عليه وسلم كونه صلى هذه الصلاة أحيانا وإن كان المتبادر الاعتياد والدوام فيجب
الحمل على كونها كانت أحيانا توفيقا بين الأدلة ودفعا للتعارض وعلى هذا فيجوز أنه صلى الله تعالى عليه
وسلم ترك الرفع عند الركوع وعند الرفع منه اما لكون الترك سنة كالفعل أو لبيان الجواز فالسنة هي
الرفع لا الترك والله تعالى أعلم قوله (1027) لا يقيم أي لا يعدل ولا يسوى والمقصود الطمأنينة في الركوع
والسجود ولذا قال الجمهور بافتراض الطمأنينة والمشهور من مذهب أبي حنيفة ومحمد عدم الافتراض
لكن نص الطحاوي في آثاره على أن مذهب أبي حنيفة وصاحبيه افتراض الطمأنينة في الركوع والسجود
وهو أقرب إلى الأحاديث والله تعالى أعلم قوله (1028) اعتدلوا في الركوع أي توسطوا فيه بين الارتفاع
والانخفاض وكذا توسطوا في السجود بين الافتراش والقبض بوضع الكفين على الأرض ورفع
183

المرفقين عنها والبطن عن الفخذ وبسط الكلب هو وضع المرفقين مع الكفين على الأرض قوله (1029)
فليؤمكم أحدكم أي ليقدم عليكم في القيام وليقم مقام الامام من القوم وليفرش كفيه على فخذيه
من افرش أي ليجعلهما كالفراش لهما أي ليضعهما على فخذيه في التشهد والظاهر أن مراده أنه لا يطبق في
التشهد إذا كانوا أكثر من ثلاثة وقوله فكأنما أنظر كلام يتعلق بالتطبيق أي رأيته صلى الله تعالى
عليه وسلم طبق فكأنما أنظر الخ والتطبيق هو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلها بين ركبتيه في الركوع
والتشهد وهو منسوخ بالاتفاق كما سيذكره المصنف وهذا الذي ذكرت هو مقتضى ظاهر هذه الرواية
المذكورة في هذا الكتاب لكن الظاهر أن فيه اختصارا ففي رواية مسلم وإذا كنتم أكثر من ذلك
فليؤمكم أحدكم وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليجنأ وليطبق بين كفيه فلكأني أنظر إلى
اختلاف أصابع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقوله ليجنأ بفتح الياء وسكون الجيم آخره همزة أي
ليركع وعلى هذا فمعنى ليفرش كفيه الخ أي ليفرش أحدكم ذراعيه أريد بالكف الذراع أي عند
الركوع وفيه اختصار أي ليطبق بين كفيه والله تعالى أعلم قوله (1030) رضي الله تعالى عنه فخالف بين أصابعنا أي بالتشبيك
184

قوله أمرنا على بناء المفعول
185

قوله (1036) وجافى بمرفقيه أي بعدهما من الجنب قوله (1038) جافى بين إبطيه لا بد من إضافة بين إلى متعدد فيتوهم أن ذلك
المتعدد ههنا إبطيه بالتثنية وليس كذلك بل إبطيه أحد طرفي المتعدد والطرف الثاني محذوف أي بين إبطيه وبين ما
يليهما من الجنب والمعنى بين كل من إبطيه وما يليهما من الجنب والحاصل أن المراد بإبطيه كل واحد منهما
فما بقي متعددا فلا بد من اعتبار أمر آخر يحصل بالنظر إليه التعدد وهذا معنى قول من قال أي ينحى
186

كل إبط عن الجنب الذي يليها ولو أبقى الكلام على ظاهره لم يستقم كما لا يخفى قوله اعتدل أي
توسط بين الارتفاع والانخفاض وفسره بقوله فلم ينصب رأسه ولم يقنعه ونصب الرأس معروف
والاقناع يطلق على رفع الرأس وخفضه من الأضداد والمراد ههنا الثاني وفي النهاية ووقع في بعض
النسخ فلم ينصب والمشهور فلا يصوب أي لم يخفضه جدا وعلى هذا فالاقناع بمعنى الرفع وكذا على ما في
بعض النسخ فلم يصب من صب الماء والمراد الانزال بحمل الاقناع على معنى الرفع
187

قوله (1040) عن القسي بفتح القاف وكسر السين المشددة نسبة إلى موضع ينسب إليه الثياب القسية وهي ثياب مضلعة
بالحرير تعمل بالقس من بلاد مصر مما يلي الفرماء وأن أقرأ وأنا راكع قيل ذلك لما في الركوع والسجود
من الذكر والتسبيح فلو كانت قراءة القرآن فيهما لزم الجمع بين كلام الله وكلام غيره في محل واحده كأنه
كره لذلك وفيه أن الركعة الأولى لا تخلو عن دعاء استفتاح فلزم من القراءة فيها الجمع فتأمل قوله (1042) ولا
أقول نهاكم لم يرد أنه نهى مخصوص به إذ الأصل في التشريع العموم بل أراد أن اللفظ ورد خطابا
له فقط ولم يخاطبه بلفظ عام يشمله وغيره نعم حكم الغير ثابت بعموم عن لبس القسي هو بضم
188

اللام مصدر لبس الثوب بكسر الباء المفدم بضم ميم وفتح فاء وتشديد دال مهملة مفتوحة في
النهاية هو الثوب المشبع حمرة كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته فهو كالممتنع من قبول
الصبغ قوله (1043) وعن لبوس بفتح لام مصدر لبس قوله كشف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
الستارة أي في آخر مرضه من مبشرات النبوة أي مما يظهر للنبي من المبشرات حالة النبوة وهي
بكسر الشين ما اشتمل على الخبر السار من وحي والهام ورؤيا ونحوها ولا يخفي ان الالهام للأولياء
189

أيضا باق فكأن المراد لم يبق في الغالب الا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أي المبشر بها أو يرى
غيره لأجله فعظموا الخ أي اللائق به تعظيم الرب فهو أولى من الدعاء وإن كان الدعاء جائزا أيضا
فلا ينافي أنه كان يقول في ركوعه اللهم اغفر لي فاجتهدوا في الدعاء أي أنه محل لاجتهاد الدعاء وأن
الاجتهاد فيه جائز بلا ترك أولوية وكذلك التسبيح فإنه محل له أيضا قمن بكسر ميم وفتحها أي
190

جدير وخليق قيل بفتح الميم مصدر وبكسرها صفة قوله (1048) سبوح قدوس في النهاية يرويان بالضم
والفتح وهو أقيس والضم أكثر استعمالا وهما من أبنية المبالغة والمراد بهما التنزيه وقال القرطبي هما
مرفوعان على أنهما خبر محذوف أي هو أو أنت وقيل بالنصب على إضمار فعل أي أعظم أو أذكر أو أعبد
رب الملائكة الروح قيل المراد به جبريل وقيل هو صنف من الملائكة وقيل ملك أعظم خلقة
قوله (1049) الجبروت والملكوت هما مبالغة الجبر وهو القهر والملك وهو التصرف أي صاحب القهر
والتصرف البالغ كل منهما غايته والكبرياء قيل هي العظمة والملك وقيل هي عبارة عن كمال الذات
191

وكمال الوجود ولا يوصف بها الا الله تعالى قوله (1050) لك ركعت أي لا لغيرك خضعت وإسناد خشع
أي تواضع وخضع إلى السمع وغيره مما ليس من شأنه الادراك والتأثر كناية عن كمال الخشوع والخضوع
أي قد بلغ غايته حتى كأنه ظهر أثره في هذه الأعضاء وصارت خاشعة لربها والمخ بالضم والتشديد
الدماغ والعصب بفتحتين أطناب المفاصل
192

قوله يرمقه كينصر أي ينظر إليه ولا يشعر أي الرجل بنظره صلى الله عليه وسلم لقد جهدت على
بناء الفاعل أي بذلت غاية وسعى أو على بناء المفعول أي أصابني التعب والمشقة بكثرة الإعادة ثم اركع
193

حتى تطمئن راكعا أي فلم يأمره بالتسبيح فيه فدل على عدم وجوب التسبيح فيه وأنه يصح بدونه
194

قوله (1060) قال اللهم ربنا ولك الحمد أي مع قوله سمع الله لمن حمده وإنما تركه لظهور أنه من وظائف
الامام وإنما الكلام في جمع التحميد معه
195

قوله يبتدرونها أي يستبقون في كتابتها يريد كل منهم أن يسبق صاحبه في ذلك قاصدين
أيهم يكتبها أولا أي سابقا وقبل الآخرين وضمير التأنيث لهذه الكلمة قوله (1063) فقولوا ربنا ولك
196

الحمد بالواو وقد جاء بدونها قالوا وبتقدير أنت ربنا أو الهنا ولك الحمد قوله (1064) يجبكم الله بالجزم
جواب الامر أي يستجب لكم وكذا قوله يسمع الله بمعنى يستجب لكم فتلك بتلك فتلك اللحظة
التي تقدمكم أمامكم مجبورة بتلك اللحظة التي تأخرتم عنه قوله وإذا رفع رأسه من الركوع كلمة إذا
197

مجردة عن الظرفية بمعنى الوقت أي كان وقت ركوعه ووقت رفعه رأسه منه ووقت سجوده قريبا من السواء
أي من المساواة قوله ملء السماوات تمثيل وتقريب والمراد تكثير العدد أو تعظيم القدر وملء
ما شئت من شئ بعد كالعرش والكرسي ونحوهما قال النووي ملء بكسر الميم وبنصب الهمزة بعد
198

اللام ورفعهما والأشهر النصب ومعناه لو كان جسما ملاها لعظمته انتهى قوله (1068) أهل الثناء
بالنصب على الاختصاص أو المدح أو بتقدير يا أهل الثناء أو بالرفع بتقدير أنت أهل الثناء وقوله
خير ما قال العبد أما مبتدأ خبره لا مانع الخ وجملة كلنا لك عبد معترضة أو خبر محذوف أي هذا
الكلام أي ما سبق من الذكر خير ما قال وقوله لا مانع دعاء مستقل وما في ما أعطيت يعم العقلاء
وغيرهم والجد البخت ومن في قوله منك بمعنى عند أو بمعنى بدل أي لا ينفع بدل طاعتك وتوفيقك
199

البخت والحظوظ وعلى هذا المعنى بفتح الجيم وهو المشهور على ألسنة أهل الحديث وجوز بعضهم
كسرها أي لا ينفع ذا الاجتهاد منك اجتهاده وعمله وإنما ينفعه فضلك قوله (1070) على رعل بكسر
الراء وسكون العين المهملة وذكوان بذال معجمة مفتوحة غير منصرف وعصية بضم عين
وفتح صاد وتشديد ياء عصت الله استئناف كأنه قيل لم دعا عليهم وضميره للكل وفي وصله
200

لفظا بعصية لفظا مناسبا المجانسة كما لا يخفى قوله هنيهة بالتصغير أي قدرا يسيرا يستدل به من
يقول بالقنوت سرا ولا دلالة فيه على ذلك لما علم أن قيامه بين الركوع والسجود بقدر الركوع والسجود
وكان يجمع بين التسميع والتحميد والله تعالى أعلم قوله أنج بفتح الهمزة من الانجاء اشدد
وطأتك بفتح الواو أصلها الدوس بالقدم سمى به الاهلاك لان من يطؤ على شئ برجله فقد استقصى في هلاكه
والمعنى خذهم اخذا شديدا انتهى ما ذكره السيوطي قلت الأقرب أن المراد ههنا العقوبة والاخذ كما
يدل عليه آخر الكلام لا الاهلاك كما يدل عليه أوله فليتأمل واجعلها أي الوطأة أو الأيام وان
لم يجر لها ذكر لدلالة سنين عليها كسني يوسف المراد القحط والتشبيه بسني يوسف لتشديد القحط
201

واستمراره زمانا واجراء سنين مجرى الجمع المذكر السالم في الاعراب بالواو والياء وسقوط النون بالإضافة
شائع قوله (1074) وضاحية مضر أي أهل البادية منهم وجمع الضاحية ضواحي قوله لأقربن من
التقريب أي لأقربن إلى أفهامكم بالبيان الفعلي صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم حيث أصلي كما صلى فخذوا
202

بصلاتي لتدركوا به صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم فمراده الحث على الاخذ بصلاته قوله (1077) رضي الله تعالى عنه ما على أحياء
جمع حي بمعنى القبيلة أي على قبائل من قبائل العرب قوله (1078) فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ
هذا يدل على أنه نسخ لعن الكافرين في الصلاة والظاهر أن أبا هريرة كان يحمله على لعن الكافر المعين
203

ويرى لعن مطلق الكفارين في الصلاة جائزا والله تعالى أعلم قوله (1080) فلم يقنت هذا يدل على أن القنوت
في الصبح كان أياما ثم نسخ أو أنه كان مخصوصا بأيام المهام والثاني أنسب بأحاديث القنوت واليه مال
أحمد وغيره انها أي القنوت أو الدوام عليه وتأنيث الضمير باعتبار الخبر قوله (1081) فأخذ قبضة
بفتح القاف أو ضمها أبرده من التبريد أحوله من التحويل لجبهتي أي لأضع عليها الجبهة وذلك
204

لشدة الحر وعلم من هذا جواز الفعل القليل قوله (1082) لقد ذكرني هذا قال ذكر لترك الناس تكبيرات
الانتقالات قوله (1083) في كل خفض ورفع أريد الغالب ولا فلا تكبير عند الرفع من الركوع قوله
(1084) أن لا أخر من الخرور وهو السقوط أي لا أسقط إلى السجود الا قائما أي أرجع من الركوع إلى
القيام ثم أخر منه إلى السجود ولا أخر من الركوع إليه وهذا هو المعنى الذي فهمه المصنف وقيل معناه لا
أموت الا ثابتا على الاسلام فهو مثل ولا تموتن الا وأنتم مسلمون وقيل معناه لا أقع في شئ من تجارتي
وأموري الا قمت به منتصبا له وقيل معناه لا أغبن ولا أغبن وبالجملة فالحديث مما أشكل على الناس فهمه وما أشار
205

إليه المصنف في معناه أحسن والله تعالى أعلم قوله (1088) وكان لا يفعل ذلك في السجود الظاهر أنه كان
يفعل ذلك أحيانا ويترك أحيانا لكن غالب العلماء على ترك الرفع وقت السجود وكأنهم أخذوا بذلك
206

بناء على أن الأصل هو العدم فحين تعارضت روايتا الفعل والترك أخذوا بالأصل والله تعالى أعلم قوله
(1089) وإذا نهض أي قام قوله (1090) يعمد أحدكم على حذف حرف الانكار أي أيعمد فيبرك بالنصب
جواب الاستفهام والمراد النهي عن بروك الجمل وهو أن يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه كما سيجئ
التصريح به في الرواية الآتية وقد أخذ به البعض والبعض أخذ بما سبق والأقرب أن النهي للتنزيه وما
سبق بيان الجواز فان قيل كيف شبه وضع الركبتين قبل اليدين ببروك الجمل مع أن الجمل يضع يديه قبل رجليه
قلنا لان ركبة الانسان في الرجل وركبة الدواب في اليد فإذا وضع ركبتيه أولا فقد شابه الجمل في البروك
207

كذا في المفاتيح قوله أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يسجد أمر على بناء المفعول وأن يسجد
على بناء الفاعل ويحتمل أن يعكس ويحتمل بناؤهما للفاعل على أن ضمير يسجد للمصلي على سبعة
أعضاء وفي بعض النسخ أعظم على تسمية كل عضو عظما وإن كان فيه عظام كثيرة ولا يكف أي
لا يضم ولا يجمع عند السجود شعره أو ثيابه صونا لهما عن التراب بل يرسلهما ويتركهما حتى يقعا إلى
الأرض فيكون الكل ساجدا والله تعالى أعلم قوله (1094) سبعة آراب بهمزة ممدودة أي أعضاء جمع إرب
208

بكسر فسكون قوله (1095) على جبينه وأنفه أشار به إلى أن المراد بالوجه في أعضاء السجدة الجبين والانف
فذكر هذا الحديث تفسيرا للحديث السابق قوله (1096) الجبهة والانف لكونهما من أجزاء الوجه فعدهما
بمنزلة عد الوجه عدتا واحدة من السبعة والا يلزم الزيادة على السبعة قوله (1097) على الانف أي إلى الانف
209

وما يتصل به من الجبهة ليوافق الأحاديث السابقة قوله (1098) أن يكفت كيضرب أي يضم ويجمع قوله
(1100) وقدماه منصوبتان هذا هو المراد بالسجود على القدمين وقد سبق شرح الحديث
210

قوله (1101) إذا أهوى هكذا في بعض النسخ وفي بعضها هوى أي سقط وهو أقرب وفتخ بالخاء
المعجمة أي لينها حتى تنثني فيوجهها نحو القبلة قوله (1102) فكانت يداه أي في السجود بحذاء الاذنين
211

قوله ورفع عجيزته أي عجزه والعجز مؤخر الشئ والعجيزة للمرأة فاستعارها للرجل قوله
جخى بجيم ثم خاء معجمة كصلى أي فتح عضديه وجافى عن جنبيه ورفع بطنه عن الأرض قوله
(1106) فرج بين يديه أي بينهما وبين ما يليهما من الجنب والا لا يستقيم قوله حتى يبدو فليس المتعدد
الذي يضاف إليه بين لفظ يديه بل هو أحد طرفي المتعدد والطرف الثاني محذوف وهذا معنى قول
المحقق بن حجر في شرح صحيح البخاري أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها قوله بين يدي
رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي قدامه ولو لم أكن في الصلاة لأبصرت إبطيه لأجل
212

التفريج أي لكني كنت وراءه في الصلاة أي فلم يمكن لأجل شغلها النظر والله تعالى أعلم قوله (1108) عفرة إبطيه
بضم مهملة أو فتحها وسكون فاء بياض غير خالص بل كلون وجه الأرض أراد منبت الشعر من الإبطين
بمخالطة بياض الجلد سواء الشعر وكأنه كان ينظر في الصلاة وهذا لا يضر حديث أبي هريرة السابق
لأنه مختلف حسب اختلاف الناس في الصلاة قوله حدثنا سفيان عن عبد الله بالتكبير وفي بعض
النسخ عبيد الله بالتصغير ونص النووي على أن الرواة عن النسائي اختلفوا فرواه عنه بعضهم بالتكبير
وبعضهم بالتصغير قال وهما صحيحان فعبد الله وعبيد الله اخوان وهما ابنا عبد الله بن الأصم وكلاهما
روى عن عمه يزيد بن الأصم قوله جافى يديه نحاهما عما يليهما من الجنب لو أن بهمة بفتح
فسكون الواحدة من أولاد الغنم يقال للذكر والأنثى والتاء للوحدة والبهم بلا تاء يطلق على الجمع قوله
213

(1110) اعتدلوا في السجود أي توسطوا بين الافتراش والقبض بوضع الكفين على الأرض ورفع المرفقين
عنها والبطن عن الفخذ وهو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة وأبعد من الكسالة انبساط
الكلب هو مصدر على غير لفظ الفعل كقوله تعالى والله أنبتكم من الأرض نباتا قوله عن نقر الغراب
هو تخفيف السجود بحيث لا يمكث فيه الا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله وافتراش السبع
214

وهو أن يبسط ذراعيه في السجود ولا يرفعهما عن الأرض كما يبسط السبع والكلب والذئب ذراعيه
والافتراش افتعال من الفرش وأن يوطن الخ أي أن يتخذ لنفسه من المسجد مكانا معينا
لا يصلي الا فيه كالبعير لا يبرك من عطنة الا في مبرك قديم وقيل معناه أن يبرك على ركبتيه
قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير قلت وهذا لا يوافق لفظ الحديث والله تعالى أعلم قوله (1113) ولا أكف
أي لا أضم في السجود احترازا عن التراب قوله (1114) ورأسه معقوص جمع الشعر وسط رأسه أولف
215

ذوائبه حول رأسه ونحو ذلك كفعل النساء إنما مثل هذا الخ أراد من انتشر شعره سقط على
الأرض عند سجوده فثياب عليه والمعقوص لم يسقط شعره فيشبه بمكتوف أي مشدود اليدين لأنهما
لا يقعان على الأرض في السجود قوله بالظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحر نصف النهار سجدنا
على ثيابنا الظاهر أنها الثياب التي هم لابسوها ضرورة أن الثياب في ذلك الوقت قليلة فمن أين لهم ثياب
216

فاضلة كهذا يدل على جواز أن يسجد المصلى على ثوب هو لابسه كما عليه الجمهور قوله حبي بكسر
الحاء أي حبيبي وعن لبس بضم اللام القسي بفتح قاف فتشديد سين مكسورة فياء مشددة
ثياب فيها أضلاع من حرير المفدمة بدال مهملة مشددة مفتوحة أي المتشبعة التي بلغت الغاية وقد
تقدم الحديث قوله معصوب أي مشدود بخرقة لما به من الوجع
217

قمن بفتح قاف وكسر ميم أو فتحها أي جدير خليق وقد تقدم الحديث قوله (1121) فحل شناقها بكسر الشين
المعجمة الخيط الذي تعلق به القربة أو الذي يشد به فمها وقوله اجعل في قلبي نورا الخ المراد بالنور أما الهداية
والتوفيق للخير وهذا يشمل الأعضاء كلها لظهور آثاره في الكل أو المراد ظاهر النور والمقصود أن يجعل الله تعالى
218

له في كل عضو من أعضائه نورا يوم القيامة يستضئ به في تلك الظلم ومن تبعه والله تعالى أعلم قوله يتأول
219

القرآن أي يراه معنى قوله تعالى فسبح بحمد ربك وعملا بمقتضاه قوله (1124) بعض جواريه
كأنها استبعدت اتيانه زوجة أخرى لمراعاته القسم سواء قلنا بوجوبه عليه صلى الله تعالى عليه وسلم أم لا
220

ويحتمل أنها أرادت باسم الجارية ما يعم الزوجة وهو الموافق لما سيجئ والله تعالى أعلم قوله (1126) أحسن
الخالقين أي المقدرين أو لو فرض هناك خالق آخر لكان أحسنهم خلقا والا فهل من خالق غير الله
221

لا إله إلا هو
222

قوله (1131) انه ذهب إلى بعض نسائه هذا مبني على عدم وجوب القسم عليه
223

قوله ثم آل عمران ظاهره عدم وجوب الترتيب وقوله لا يمر بآية تخويف أو تعظيم الا ذكره أي ذكر مقتضي
224

ذلك التخويف أو التعظيم قوله فحزرنا بحاء مهملة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة أي قدرنا وخمنا
قوله (1136) وعليك اذهب أو عليك السلام فهذا رد للسلام لكن وقع الاقتصار من بعض الرواة على
هذا القدر والا فقد جاء في بعض الروايات تاما ويحتمل أنه اقتصر على ذلك لبيان جواز الاقتصار على
ذلك وما جاء في بعض الروايات تاما فنقل من الرواة بالمعنى يرمق كينصر أي ينظر إلى صلاته ما عبت
225

على صيغة الخطاب وما استفهامية انها لم تتم الخ الضمير للقصة يسبغ من الاسباغ أي يكمل
ويقرأ ما تيسر ظاهره أن الفرض مطلق القرآن كما هو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا خصوص الفاتحة
كما هو قول الجمهور الا أن يحمل على الفاتحة لكونها المتيسرة عادة أو يقال أن الاعرابي لكونه جاهلا
عادة اكتفى عنه بما تيسر مطلقا والله تعالى أعلم قوله (1137) أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل الظاهر
226

أن ما مصدرية وكان تامة والجار متعلق بأقرب وليست من تفضيلية والمعنى شاهد كذلك فلا يرد أن اسم
التفضيل لا يستعمل الا بأحد أمور ثلاثة لا بأمرين كالإضافة ومن فكيف استعمل ههنا بأمرين فافهم
وخبر أقرب محذوف أي حاصل له وجملة وهو ساجد حال من ضمير حاصل أو من ضمير له والمعنى
أقرب أكوان العبد من ربه تبارك وتعالى حاصل له حين كونه ساجدا ولا يرد على الأول أن الحال لا بد
أن يرتبط بصاحبه ولا ارتباط ههنا لان ضمير هو ساجد للعبد لا لأقرب لأنا نقول يكفي في الارتباط
وجود الواو من غير حاجة إلى الضمير مثل جاء زيد والشمس طالعة فأكثروا الدعاء أي في السجود
قيل وجه الا قربية أن العبد في السجود راع لأنه أمر به والله تعالى قريب من السائلين لقوله تعالى وإذا سألك
عبادي عني الخ ولان السجود غاية في الذل والانكسار وتعفير الوجه وهذه الحالة أحب أحوال العبد كما
رواه الطبراني في الكبير بسند حسن عن بن مسعود ولان السجود أول عبادة أمر الله تعالى بها بعد خلق
آدم فالمتقرب بها أقرب ولان فيه مخالفة لإبليس في أول ذنب عصى الله به قال القرطبي هذا أقرب بالرتبة
والكرامة لا بالمسافة والمساحة لأنه تعالى منزه عن المكان والزمان وقال البدر بن الصاحب في تذكرته
في الحديث إشارة إلى نفي الجهة عن الله تعالى وأن العبد في انخفاضه غاية الانخفاض يكون أقرب إلى الله تعالى
قلت بني ذلك على أن الجهة المتوهم ثبوتها له تعالى جل وعلا جهة العلو والحديث يدل على نفيها والا فالجهة
السفلى لا ينافيها هذا الحديث بل يوهم ثبوتها بل قد يبحث في نفي الجهة العليا بأن القرب إلى العالي يمكن
حالة الانخفاض بنزول العالي إلى المنخفض كما جاء نزوله تعالى كل ليلة إلى السماء على أن المراد القرب مكانه
ورتبة وكرامة لا مكانا فلا تتم الدلالة أصلا ثم الكلام في دلالة الحديث على نفي الجهة والا فكونه تعالى
منزها عن الجهة معلوم بأدلته والله تعالى أعلم قوله بوضوئه بفتح الواو أي ماء الوضوء مرافقتك
227

بالنصب بتقدير أسألك مرافقتك أو غير ذلك يحتمل فتح الواو أي أتسأل ذلك وغيره أم تسأله وحده
وسكونها أي أسأل ذلك أم غيره هو ذاك أي المسؤول ذلك لاغير فأعني على نفسك أي على تحصيل
حاجة نفسك التي هي المرافقة والمراد تعظيم تلك الحاجة وأنها تحتاج إلى معاونة منك ومجرد السؤال مني
لا يكفي فيها أو المعنى فوافقني بكثرة السجود قاهرا بها على نفسك وقي أعني على قهر نفسك بكثرة السجود
كأنه أشار إلى أن ما ذكرت لا يحصل الا بقهر نفسك التي هي أعدى عدوك فلا بد لي من قهر نفسك بصرفها
عن الشهوات ولا بد لك أن تعاونني فيه وقيل معناه كن لي عونا في إصلاح نفسك وجعلها طاهرة مستحقة
لما تطلب فإني أطلب إصلاح نفسك من الله تعالى وأطلب منك أيضا اصلاحها بكثرة السجود لله فإن
السجود كاسر للنفس ومذل لها وأي نفس انكسرت وذلت استحقت الرحمة والله تعالى أعلم قوله
فسكت عني أي امسك عني الكلام مليا بتشديد الياء أي قدرا من الزمان
228

قوله منصت من الانصات أي ساكت مستمع أول من يجيز أي الصراط فيعرفون على بناء الفاعل
أو المفعول والضمير على الأول للملائكة والرسل وعلى الثاني لمن يريد أن يخرج أن النار بفتح أن بحذف اللام
أو بدل من العلامات وبالكسر على الاستئناف الحبة بكسر الحاء بزور البقول وقيل هو نبت صغير
ينبت في الحشيش فأما بالفتح فهي الحنطة والشعير ونحوهما وحميل السيل ما يحمله السبيل من النزور
229

والحشيش وغيرهما قوله (1141) بين ظهراني صلاته أي في أثناء صلاته أنه قد حدث أمر
كناية عن الموت أو المرض كل ذلك لم يكن أي ما وقع شئ مما قلتم ارتحلني اتخذني
راحلة له بالركوب على ظهري أن أعجله من التعجيل أو الاعجال وظهر منه أن تطويل سجدة
على سجدة لا يضر
230

قوله (1147) خوى بيديه بمعجمة واو مشددة من خوى بالتخفيف إذا خلا أي جافى بطنه عن الأرض ورفعها
وجافى عضديه عن جنبيه حتى يخوى ما بين ذلك وضح إبطيه بفتحتين أي بياض تحتهما وذلك لمبالغة
232

في رفعهما وتجافيهما عن الجنبين والوضح البيان من كل شئ
233

قوله (1151) فقعد في الركعة الأولى هذا الحديث يدل على ثبوت جلسة الاستراحة ومن لا يقول بها حملها
على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم فعلها في آخر عمره حين ثقل ولم يفعل قصدا والسنة ما فعله قصدا لا ما فعله
بسبب آخر لكن أورد عليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لمالك وأصحابه صلوا كما رأيتموني أصلي وأقل
ذلك أن يكون مستحبا وأيضا قد جاء الامر بها في بعض روايات حديث الاعرابي المسئ صلاته والله تعالى أعلم
234

قوله (1157) ان من سنة الصلاة قد قرروا أن هذا اللفظ في حكم الرفع أن تضجع من الاضجاع أي تفرش
235

قوله واستقباله بالرفع عطف على أن تنصب وكذا الجلوس قوله ثم أشار بأصبعه قد سبق حديث
الإشارة وأنها أخذ بها الجمهور من علمائنا وغيرهم وأن إنكار من أنكر من مشايخنا لا عبرة به قوله ثم أتيتهم
236

أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه من قابل في أيام البرد قوله (1160) عن علي بن عبد الرحمن المعافري هكذا
في أصول قيل وهو تحريف من النساخ والصواب المعاوى كما في مسلم بضم الميم وكسر الواو نسبة إلى بني معاوية من
الأنصار ذكره في المشارق وغيره قوله ورمى ببصره إليها أي التفت به إليها قوله (1162) إذا جلسنا
237

في الركعتين أي في رأس كل ركعتين من الصلاة الثنائية أو الرباعية وترك ذكر القعدة الأخيرة من
الثلاثية لقلتها وظهور أن حكمها كحكم غيرها من القعدات في هذا الذكر فلا يرد أن الحديث لا يشمل
القعدة الأخيرة من الرباعية ثم أن المصنف قدم تشهد بن مسعود لما صرحوا به من أنه أصح التشهدات
ثبوتا بالاتفاق فهو أحق بالاعتناء والله تعالى أعلم قوله علم من التعليم أو العلم وقوله فواتح الخير وخواتمه
كناية عن تمام الخير أعجبه إليه ظاهره عموم الدعاء ومن لا يقول به يخصه بالوارد أي أعجبه إليه من
الأدعية الواردة إذ كل دعاء لا يناسب الصلاة فخصوه بالوارد والله تعالى أعلم
238

قوله (1167) جوامع الكلم أي من جوامع الكلم للخيرات قوله كما يعلمنا القرآن أي يهتم بحفظنا إياه
239

قوله (1168) فإن الله هو السلام قال النووي أي ان السلام اسم من أسمائه
تعالى ولا يخفى أن مجرد كونه اسما من أسمائه تعالى لا يمنع عن كون السلام بمعنى آخر ثابت له تعالى أو مطلوب الاثبات له تعالى فلا يصح قوله فإن الله الخ بالمعنى
الذي ذكره علة للنهي الا أن يكون مبنيا على أن يكون السلام في قولهم السلام على فلان من أسمائه تعالى يعني
السلام حفيظ أو رقيب عليك مثلا والأقرب أن يقال معناه الله هو معطي السلامة فلا يحتاج إلى أن يدعى
له بالسلامة أو أنه تعالى هو السالم من الآفات التي لأجلها يطلب السلام عليه ولا يطلب السلام الا على من
يمكن له عروض الآفات فلا يناسب طلب السلام عليه تعالى
240

أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أيمن يقول حدثني
أبو الزبير عن جابر قال كان رسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد. الحديث) قال
ابن سيد الناس في شرح الترمذي قال ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أيمن قرأت بخط
أبى عبد الرحمن النسائي لا نعلم أحدا تابع أيمن على هذا الحديث وخالفه الليث في
اسناده وأيمن لا باس به والحديث خطا وقال الحاكم أيمن بن نابل ثقة تخرج حديثه في صحيح
البخاري ولم يخرج هذا الحديث إذ ليس له متابع عن أبي الزبير من وجه يصح وقال الدارقطني
في علله قد تابع أيمن على الثوري وابن جريج عن أبي الزبير (الرضف) براء وضاد معجمة وفاء
243

قوله (1176) في الركعتين كأنه على الرضف بفتح راء وسكون ضاد معجمة وفاء الحجارة المحماة الواحدة
الرضفة والمراد بقوله في الركعتين في جلوس الركعتين في غير الثنائية يدل عليه قوله حتى يقوم وكونه على
الرضف كناية عن التخفيف وحتى في قوله حتى يقوم للتعليل بقرينة الجواب بقوله ذاك يريد ولا يناسب
هذا الجواب كون حتى للغاية فليتأمل قوله (1177) فقام في الشفع الخ يدل على أن القعدة الأولى ليست
مما يبطل بتركها الصلاة بل يجزئ عنها سجود السهو
تم الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وأوله كتاب السهو
244