الكتاب: حاشية السندي على النسائي
المؤلف: ابن عبد الهادي
الجزء: ١
الوفاة: ١١٣٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

حاشية الإمام السندي على سنن النسائي
الجزء الأول
دار الكتب العلمية
بيروت لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
وبعد فهذا تعليق لطيف على سنن الامام الحافظ أبى عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر
النسائي رحمه الله تعالى يقتصر على حل ما يحتاج إليه القاري والمدرس من ضبط اللفظ وايضاح
الغريب والاعراب. رزق الله تعالى ختمه بخير ثم ختم الأجل بعد ذلك على أحسن حال آمين رب العالمين
2

قالوا شرط النسائي تخريج أحاديث أقوام لم يجمعوا على تركهم إذا صح الحديث باتصال الاسناد
من غير قطع ولا ارسال ومع ذلك فكم من رجل اخرج له أبو داود والترمذي تجنب النسائي اخراج
حديثه بل تجنب النسائي اخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين ولذلك قيل إن لأبي عبد الرحمن
شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم. وروى عن النسائي أنه قال لما عزمت على جمع السنن
استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشئ فوقعت الخيرة على تركهم
3

ولذلك ما اخرج حديث بن لهيعة والا فقد كان عنده حديثه ترجمة ترجمة. قال أبو جعفر بن الزبير أولى
ما أرشد إليه ما اتفق المسلمون على اعتماده وذلك الكتب الخمسة والموطأ الذي تقدمها وضعا ولم يتأخر
عنها رتبة. وقد قيل إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه
غيره قلت المراد غير الصحيحين.
وبالجملة فكتاب السنن للنسائي أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا
ضعيفا ورجلا مجروحا ويقاربه كتاب أبى داود وكتاب الترمذي ويقابله من الطرف الآخر كتاب
4

ابن ماجة فإنه تفرد فيه باخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث وبعض تلك
الأحاديث لا تعرف الا من جهتهم قال النسائي كتاب السنن أي الكبرى كله صحيح وبعضه معلول الا
انه لم يبين علته والمنتخب المسمى بالمجتبى صحيح وذكر بعضهم ان النسائي لما صنف السنن الكبرى
أهداه إلى أمير الرملة فقال له الأمير اكل ما في هذا صحيح قال لا قال فجرد الصحيح منه فصنف له المجتبى
وهو بالباء الموحدة وقيل ويقال بالنون أيضا وبالجملة فاطلاق اسم الصحيح على كتاب النسائي الصغير
5

وهو المشهور المقروء شائع وهو مبنى على تسمية الحسن صحيحا أيضا والضعيف نادر جد أو ملحق بالحسن
إذا لم يوجد في الباب غيره وهو أقوى عند المصنف وأبى داود من رأى الرجال والله تعالى اعلم قوله
تأويل قوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الآية يريد رحمه الله تعالى أن تمام ما يذكر في كتاب
الطهارة في هذا الكتاب بمنزلة باب الطهارة أو كتاب الطهارة في غيره وتمام الأبواب المذكورة في
الطهارة داخلة في هذه الترجمة وأما ما ذكر فيها من الحديث فأما أن مراده بذلك التنبيه أن الطهارة
تبدأ بغسل اليدين كما ذكره الفقهاء فإنهم عدوا البداءة بالغسل المذكور من سنن الوضوء واستدلوا عليه
بهذا الحديث وغيره لكن في دلالة هذا الحديث عليه بحث ظاهر إذ سوق الحديث المذكور ليس لإفادة
ابتداء الوضوء بغسل اليدين لا مطلقا ولا مقيدا بوضوء يكون بعد القيام من النوم إذ لا دلالة له على كون
الغسل للوضوء ليقع بداءته به وإنما هو لإفادة منع إدخال اليدين في الماء إذا لم تكن طهارتهما معلومة
أو إذا كانت نجاستهما مشكوكة قبل غسلهما ثلاثا ولا دلالة لذلك على أن الوضوء يبدأ بماذا نعم في
الباب أحاديث أخر تدل على أن الوضوء يبدأ بغسل اليدين ولو كانتا طاهرتين جزما كما في الوضوء على
6

الوضوء مثلا وأما مراده بالتبعية على أن الماء المطلوب للوضوء ينبغي أن يكون خاليا من شبهة النجاسة
فضلا عن تحققها وهذا أقرب إلى الحديث وإن كان الأول هو المشهور بين الفقهاء والله تعالى أعلم
قوله إذا استيقظ أحدكم من نومه الظاهر أن المقصود إذا شك أحدكم في يديه مطلقا سواء كان لأجل
الاستيقاظ من النوم أو لامر آخر الا أنه فرض الكلام في جزئي واقع بينهم على كثرة ليكون بيان الحكم
فيه بيانا في الكلى بدلالة العقل ففيه إحالة للاحكام إلى الاستنباط ونوطه بالعلل فقالوا في بيان سبب
الحديث أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالحجارة وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن حالة النوم
أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس فنهاهم عن إدخال يده في الماء فلا يغمس بالتخفيف من
باب ضرب هو المشهور ويحتمل أن يكون بالتشديد من باب التفعيل أي فلا يدخل في وضوئه بفتح
الواو أي الماء المعد للوضوء وفي رواية في الاناء أين الظرف الذي فيه الماء أو غيره من المائعات
قالوا هو نهي أدب وتركه إساءة ولا يفسد الماء وجعله أحمد للتحريم وقوله حتى يغسلها أي
7

ندبا بشهادة التعليل بقوله لان أحدكم لا يدري أين باتت يده لان غايته الشك في نجاسة
اليدين والوجوب لا يبني على الشك وعند أحمد وجوبا ولا يبعد من الشارع الايجاب لرفع الشك وفي
الحديث دلالة على أن الانسان ينبغي له الاحتياط في ماء الوضوء واستدل به على أن الماء القليل
يتنجس بوقوع النجاسة وان لم يتغير أحد أوصافه وفيه أنه يجوز أن يكون النهي لاحتمال الكراهة
لا لاحتمال النجاسة ويجوز أن يقال الوضوء بما وقع فيه النجاسة مكروه فجاء النهي عند الشك في
النجاسة تحرزا عن الوقوع فيه هذه الكراهة على تقدير النجاسة وأيضا يمكن أن يكون النهي بناء على
احتمال أن يتغير الماء بما على اليد من النجاسة فيتنجس فمن أي علم أنه يتنجس الماء بوقوع النجاسة
مطلقا والله تعالى أعلم ويؤخذ من هذا الحديث أن النجاسة الغير المرئية يغسل محلها لازالتها ثلاث
مرات إذ ما شرع ثلاث مرات عند توهمها الا لأجل أزالتها فعلم أن ازالتها تتوقف على ذلك ولا يكون
بمرة واحدة إذ يبعد أن ازالتها عند تحققها بمرة ويشرع عند توهمها ثلاث مرات لازالتها والله تعالى
أعلم قوله (2) يشوص فاه بالسواك بفتح الياء وضم الشين المعجمة وبالصاد المهملة أي يدلك الأسنان
8

بالسواك عرضا قوله (3) وهو يستن الاستنان استعمال السواك وهو افتعال من الأسنان أي يمره عليها
وطرف السواك بفتح الراء عأعأ بتقديم العين المفتوحة على الهمزة الساكنة وفي رواية البخاري
أع أع بتقديم الهمزة المضمومة على العين الساكنة وفي رواية أخ بكسر همزة وخاء معجمة وإنما
اختلفت الرواة لتقارب مخارج هذه الحروف وكلها ترجع إلى حكاية صوته صلى الله عليه وسلم إذا
جعل السواك على طرف اللسان يستاك إلى فوق
باب هل يستاك الامام بحضرة رعيته
كأنه أشار بخصوص الترجمة بالامام إلى أن الاستياك بحضرة الغير ينبغي أن يكون مخصوصا بمن
9

لا يكون ذاك مستقذرا منه لكونه إماما ونحوه والله تعالى أعلم قوله (4) سأل العمل أي طلب كل
منهما من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله عاملا على طرف قلت أي اعتذارا عن دخولهما معه مع
كونهما جاءا لطلب العمل تحت شفته أي حال كون السواك ثابتا تحت شفته قلصت أي حال
كون الشفة قد ارتفعت بوضع السواك تحتها قوله (5) الله تعالى مطهرة للفم بفتح الميم وكسرها لغتان والكسر
أشهر وهو كل آلة يتطهر بها شبه السواك بها لأنه ينظف الفم والطهارة النظافة ذكره النووي قلت
لا حاجة إلى اعتبار التشبيه لان السواك بكسر السين اسم للعود الذي يدلك به الأسنان ولا شك في
كونه آلة لطهارة الفم بمعنى نظافته ومرضاة بفتح ميم وسكون راء والمراد أنه آلة لرضا الله تعالى
باعتبار أن استعماله سبب لذلك وقيل مطهرة ومرضاة بفتح ميم كل منهما مصدر بمعنى اسم الفاعل أي
10

مطهر للفم ومرض للرب تعالى أو هما باقيان على المصدرية أي سبب للطهارة والرضا وجاز أن يكون
مرضاة بمعنى المفعول أي مرضي للرب انتهى قلت والمناسب بهذا المعنى أن يراد بالسواك استعمال العود
لا نفس العود أما على ما قيل أن اسم السواك قد يستعمل بمعنى استعمال العود أيضا أو على تقدير المضاف
ثم لا يخفى أن المصدر إذا كان بمعنى اسم الفاعل يكون بمعنى اسم الفاعل من ذلك المصدر لا من غيره
فينبغي أن يكون ههنا مطهرة ومرضاة بمعنى طاهر وراض لا بمعنى مطهر ومرض ولا معنى لذلك فليتأمل
ثم المقصود في الحديث الترغيب في استعمال السواك وهذا ظاهر قوله بن الحبحاب بحاءين مهملتين
مفتوحتين وباءين موحدتين الأولى ساكنة قوله وقد أكثرت عليكم أي بالغت في تكرير طلبه
11

منكم وفي هذا الاخبار ترغيب فيه وهذا بمنزلة التأكيد لما سبق من التكرير لمن علم به سابقا وبمنزلة
التكرير والتأكيد جميعا لمن لم يعلم به وفي بعض النسخ قد أكثرتم علي في السواك وهذا يقتضي أنهم
طلبوا منه إيجابه أو تخفيفه بأن يرفع تأكد ندبه عنهم أو أنهم عدوا ما قاله في شأنه كثيرا فقال لهم ذلك
إنكارا عليهم ذلك والله تعالى أعلم قوله (7) لولا أن أشق أي لولا خوف أن أشق فلا يرد أن لولا
لانتفاء الشئ لوجود غيره ولا وجود للمشقة ههنا لامرتهم أي أمر إيجاب والا فالندب ثابت
وفيه دلالة على أن مطلق الامر للايجاب بالسواك أي باستعماله لان السواك هو الآلة وقيل أنه يطلق
12

على الفعل أيضا فلا تقدير كذا ذكره الحافظ بن حجر في الفتح وفيه دلالة على أنه لا مانع من إيجاب
السواك عند كل صلاة الا ما يخاف من لزوم المشقة على الناس ويلزم منه أن يكون الصوم غير
مانع من ذلك ومنه يؤخذ ما ذكره المصنف من الترجمة ولا يخفى أن هذا من المصنف
استنباط دقيق وتيقظ عجيب فلله دره ما أدق وأحد فهمه قوله (8) قالت بالسواك ولا يخفى
أن دخوله البيت لا يختص بوقت دون وقت فكذا السواك ولعله إذا انقطع عن الناس للوحي
13

وقيل كان ذلك لاشتغاله بالصلاة النافلة في البيت وقيل غير ذلك والله تعالى أعلم قوله (9) الفطرة خمس
الفطرة بكسر الفاء بمعنى الخلقة والمراد ههنا هي السنة القديمة التي اختارها الله تعالى للأنبياء فكأنها أمر
جبلي فطروا عليها وليس المراد الحصر فقد جاء عشر من الفطرة فالحديث من أدلة أن مفهوم العدد غير
معتبر والاستحداد استعمال الحديدة في العانة وفي هذا الحديث قص الشارب وجاء في بعض الروايات
14

حلق وفي البعض أخذ الشارب وقد اختار كثير القص وحملوا الحلق وغيره عليه والله تعالى أعلم قوله
(13) فليس منا أي من أهل طريقتنا المقتدين بسنتنا المهتدين بهدينا ولم يرد خروجه من الاسلام نعم سوق
15

الكلام على هذا الوجه يفيد التغليظ والتشديد فلا ينبغي الاهمال قوله وقت من التوقيت أي عين
وحدد ومفاد الحديث أن أربعين أكثر المدة وقيل الأولى أن يكون من جمعة إلى جمعة قوله (15) أحفوا
الشوارب وأعفوا اللحى المشهور قطع الهمزة فيهما وقيل وجاء حفا الرجل شاربه يحفوه كاحفى إذا
استأصل أخذ شعره وكذلك جاء عفوت الشعر وأعفيته لغتان فعلى هذا يجوز أن تكون همزة وصل
16

واللحى بكسر اللام أفصح جمع لحية قال الحافظ بن حجر الاحفاء بالحاء المهملة والفاء الاستقصاء وقد
جاءت روايات تدل على هذا المعنى ومقتضاها أن المطلوب المبالغة في الإزالة وهو مذهب الجمهور ومذهب
مالك قص الشارب حتى يبدو طرف الشفة كما يدل عليه حديث خمس من الفطرة وهو مختار النووي قال
17

النووي وأما رواية أحفوا فمعناه أزيل واما طال على الشفتين قلت وعليه عمل غالب الناس اليوم ولعل
مالكا حمل الحديث على ذلك بناء على أنه وجد عمل أهل المدينة عليه فإنه رحمه الله تعالى كان
يأخذ في مثله بعمل أهل المدينة فالمرجو أنه المختار والله تعالى أعلم واعفاء اللحية توفيرها
وأن لا تقص كالشوارب قيل والمنهى قصها كصنع الأعاجم وشعار كثير من الكفرة فلا ينافيه
ما جاء من أخذها طولا ولا عرضا للاصلاح قوله أبعد أي تلك الحاجة أو نفسه عن أعين الناس
قوله المذهب مفعل من الذهاب وهو يحتمل أن يكون مصدرا أو اسم مكان وعلى الوجهين فتعريفه
18

للعهد الخارجي والمراد محل التخلي أو الذهاب إليه بقرينه أبعد فإنه اللائق بالابعاد وقيل بل صار في
العرف اسما لموضع التغوط كالخلاء ائتني بوضوء بفتح الواو قوله (18) إلى سباطة قوم السباطة
بضم السين المهملة وتخفيف الموحدة هي الموضع الذي يرمي فيه التراب والأوساخ وما يكنس من
المنازل وقيل هي الكناسة نفسها واضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك فهي كانت مباحة ويحتمل
الملك ويكون الاذن منهم ثابتا صريحا أو دلالة وقد افتقوا على أن عادته صلى الله عليه وسلم في حالة
البول القعود كما يدل عليه حديث عائشة فلا بد أن يكون القيام في هذا الوقت لسبب دعا إلى ذلك وقد
عينوا بعض الأسباب بالتخمين والله تعالى أعلم بالتحقيق فتنحيت عنه تبعدت على ظن أنه يكره
القرب في تلك الحالة كما عليه العادة فدعاني لا كون كالسترة عن نظر الاغيار إليه في تلك الحالة
19

قوله (19) رضي الله تعالى عنه إذا دخل الخلاء أي أراد دخوله والخلاء بالفتح والمد موضع قضاء الحاجة من الخبث
بضمتين جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة والمراد ذكران الشياطين وإناثهم وقد جاءت الرواية بإسكان
20

الباء في الخبث أيضا اما على التخفيف أو على أنه اسم بمعنى الشر وحينئذ فالخبائث صفة النفوس فيشمل
ذكور الشياطين وإناثهم والمراد التعوذ عن الشر وأصحابه قوله (20) وهو بمصر رواية الصحيحين
21

تفيد أن الامر كان بالشام ولا تنافي لامكان أنه وقع له هذا في البلدتين جميعا بهذه الكراييس بياءين
مثناتين من تحت يعني بيوت الخلاء قيل ويفهم من كلام بعض أهل اللغة أنه بالنون ثم الياء وكانت
تلك الكراييس بنيت إلى جهة القبلة فثقل عليه ذلك ورأي أنه خلاف ما يفيده الحديث بناء على أنه
فهم الاطلاق لكن يمكن أن يكون محمل الحديث الصحراء وإطلاق اللفظ جاء على ما كان عليه العادة
يومئذ إذ لم يكن لهم كنف في البيوت في أول الأمر ويؤيده الجمع بين أحاديث هذا الباب منها ما ذكره
22

المصنف ومنها ما لم يذكره ولذلك مال إليه الطحاوي من علمائنا والمسألة مختلف فيها بين العلماء
والاحتراز عن الاستقبال والاستدبار في البيوت أحوط وأولى والله تعالى أعلم قوله ولكن شرقوا
الخ أي خذوا في ناحية المشرق أو ناحية المغرب لقضاء حاجتكم وهذا خطاب الأهل المدينة ومن قبلته
على ذلك السمت والمقصود الارشاد إلى جهة أخرى لا يكون فيها استقبال القبلة ولا استدبارها وهذا
مختلف بحسب البلاد فللكل أن يأخذوا بهذا الحديث بالنظر إلى المعنى لا بالنظر إلى اللفظ قوله واسع
23

بن حبان بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة قوله ارتقيت أي صعدت على ظهر بيتنا جاء في رواية
مسلم وغيره على ظهر بيت حفصة فالإضافة مجازية باعتبار أنها أخته بل الإضافة إلى حفصة كذلك
لتعلق السكني والا فالبيت كان ملكا له صلى الله عليه وسلم على لبنتين تثنية لبنة بفتح اللام وكسر
الموحدة وتسكن مع فتح اللام وكسرها واحدة الطوب مستقبل بيت المقدس والمستقبل له يكون
مستدبرا للقبلة فيدل على الرخصة عما جاء عنه النهي وللمانع أن يحمل على أنه قبل النهي أو بعده
لكنه مخصوص به والنهي لغيره أو كان للضرورة والنهي عند عدمها إذ الفعل لا عموم له وأما أنه فعل
ذلك لبيان الجواز فبعيد وكيف ولم تكن رؤية بن عمر له صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة عن
قصد من بن عمر ولا عن قصد منه صلى الله عليه وسلم بل كانت اتفاقية من الطرفين ومثله لا يكون
24

لبيان الجواز والحاصل للكلام مساغ من الطرفين وهذه الحاشية لا تتحمل البسط والله تعالى أعلم
قوله (24) إذا بال أحدكم لا مفهوم لهذا القيد بل إنما جاء لان الحاجة إلى أخذه يكون حينئذ فإذا
25

كان الاخذ باليمين غير لائق عند الحاجة إليه فعند عدم الحاجة بالأولى قوله (29) بال قائما اعتاد البول قائما
ويؤيده رواية الترمذي ففيها من حدثكم أنه كان يبول قائما وكذا التعليل بقولها ما كان يبول الا جالسا
أي ما كان يعتاد البول الا جالسا فلا ينافي هذا الحديث حديث حذيفة وذلك لان ما وقع منه قائما كان نادرا
جدا والمعتاد خلافه ويمكن أن يكون هذا مبنيا على عدم علم عائشة بما وقع منه قائما والحاصل أن عادته
صلى الله عليه وسلم هو البول قاعدا وما وقع منه قائما فعلى خلاف العادة لضرورة أو لبيان الجواز وأجاب
26

بعضهم بترجيح حديث حذيفة بأن في حديث عائشة شريكا القاضي وهو متكلم فيه بسوء الحفظ وقول
الترمذي في حديث عائشة أنه أصح شئ في الباب لا يدل على صحته وتصحيح الحاكم له لا عبرة به لان تساهل
الحاكم في التصحيح معروف وقوله على شرط الشيخين غلط لان البخاري لم يخرج لشريك بالكلية ومسلم
خرج له استشهادا لا احتجاجا قلت والمصنف أشار إلى الجواب بوجه آخر وهو أن يحمل حديث عائشة على
البيت فإنها كانت عالمة بأحواله صلى الله عليه وسلم في البيت فالمعنى من حدثكم أنه بال قائما في البيت
لا تصدقوه ومعلوم أن حديث حذيفة كان خارج البيت وهو مراده بالصحراء في الترجمة فلا اشكال
أصلا والله تعالى أعلم قوله (30) كهيئة الدرقة أي شئ مثل هيئة الدرقة فالكاف بمعنى مثل مبتدأ والدرقة
بدال وراء مهملتين مفتوحتين الترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عصب فوضعها الخ
أي جعلها حائلة بينه وبين الناس وبال مستقبلا لها فقال بعض القوم قيل لعل القائل كان منافقا فنهى
27

عن الامر المعروف كصاحب بني إسرائيل نهى عن المعروف في دينهم فوبخه وهدده بأنه من أصحاب
النار لما عيره بالحياء وبأن فعله فعل النساء قلت والنظر في الروايات يرجح أنه كان مؤمنا الا أنه قال
ذلك تعجبا لما رآه مخالفا لما عليه عادتهم في الجاهلية وكانوا قريبي العهد بها كما تبول المرأة أي في
التستر وعليه حمله النووي فقال أنهم كرهوا ذلك وزعموا أن شهامة الرجال لا تقتضي التستر على هذا الحال
وقيل أو في الجلوس أو فيهما وكان شأن العرب البول قائما وقد جاء في بعض الروايات ما يفيد تعجبهم
من القعود نعم ذكر ما أصاب صاحب بني إسرائيل أنسب بالتستر صاحب بني إسرائيل بالرفع أو بالنصب
28

قوله (31) في كبير أي في أمر يشق عليهما الاحتراز عنه لا يستنزه بنون ساكنة بعدها زاي معجمة ثم هاء
أي لا يتجنب ولا يتحرز عنه كان يمشي أي بين الناس بالنميمة هي نقل كلام الغير بقصد الاضرار
29

والباء للمصاحبة أو التعدية على أنه يمشي بالنميمة ويشيعها بين الناس ثم دعا بعسيب بمهملتين بوزن
فعيل وهي جريدة لم يكن فيها خوص باثنين قيل الباء زائدة وهي حال فغرس قيل أي عند رأسه ثبت
ذلك بإسناد صحيح لعله أي العذاب يخفف على بناء المفعول أو لعله أي ما فعلت يخفف على بناء
الفاعل والمفعول محذوف أي العذاب ما لم ييبسا بفتح مثناة تحتية أولى وسكون الثانية وفتح
30

الموحدة أو كسرها أي العودان قيل المعنى فيه أنه يسبح ما دام رطبا فيحصل التخفيف ببركة
التسبيح وعلى هذا فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الأشجار وغيرها وكذلك ما فيه بركة كالذكر
وتلاوة القرآن من باب أولى ويؤيده ما جاء عن بعض الصحابة أنه أوصى بذلك وقيل بل هو أمر مخصوص
به ليس لمن بعده أن يفعل مثل ذلك والله تعالى أعلم قوله حكيمة الخ حكيمة وأميمة ورقيقة كلها
بالتصغير ورقيقة بقافين قوله قدح بفتحتين من عيدان اختلف في ضبطه أهو بالكسر والسكون
جمع عود أو بالفتح والسكون جمع عيدانه بالفتح وهي النخلة الطويلة المتجردة من السعف من أعلاه
31

إلى أسفله وقيل الكسر أشهر رواية ورد بأنه خطأ معنى لأنه جمع عود وإذا اجتمعت الأعواد لا يتأتى
منها قدح لحفظ الماء بخلاف من فتح العين فإن المراد حينئذ قدح من خشب هذه صفته ينقر ليحفظ
ما يجعل فيه قلت والجمعية غير ظاهرة على الوجهين وان حمل على الجنس يصح الوجهان الا أن يقال
حمل عيدان بالفتح على الجنس أقرب لأنه مما فرق بينه وبين واحدة بالتاء ومثله يجئ للجنس بل قالوا
إن أصله الجنس يستعمل في الجمع أيضا فلا اشكال فيه بخلاف العيدان بالكسر جمع عود وأجاب بعضهم
على تقدير الكسر بأنه جمع اعتبارا للاجزاء فارتفع الاشكال على الوجهين ثم قيل لا يعارضه ما جاء أن
32

الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول اما لان المراد أن ذلك إذا طال مكثه وما يجعل في الاناء لا يطول مكثه
غالبا أو لان المراد هناك كثرة النجاسة في البيت بخلاف ما في القدح فإنه لا يحصل به النجاسة لمكان آخر
قوله فانخنثت بنونين بينهما خاء معجمة وبعد الثانية ثاء مثلثة في النهاية انكسر وانثنى لاسترخاء
أعضائه عند الموت ولا يخفى أن هذا لا يمنع الوصية قبل ذلك ولا يقتضي أنه مات فجأة بحيث لا تمكن
منه الوصية ولا يتصور كيف وقد علم أنه صلى الله عليه وسلم علم بقرب أجله قبل المرض ثم مرض أياما
نعم هو يوصي إلى علي بماذا كان بالكتاب والسنة فالوصية بهما لا تختص بعلي بل يعم المسلمين كلهم
وإن كان المال فما ترك مالا حتى يحتاج إلى وصية إليه والله تعالى أعلم قوله (34) عن قتادة عن عبد الله
بن سرجس بفتح السين وسكون الراء وكسر جيم آخره سين مهملة غير منصرف للعلمية والعجمة
وسماع قتادة عن عبد الله بن سرجس أثبته أبو زرعة وأبو حاتم ونفاه أحمد بن حنبل
قوله في جحر بضم جيم وسكون حاء مهملة وهو ما يحتفره الهوام والسباع لأنفسها لأنه قد يكون
33

فيه ما يؤذي صاحبه من حية أو جن أو غيرهما قوله وما يكره من البول في الجحر الظاهر أن
ما موصولة مبتدأ والخبر مقدر أي لماذا إذ الظاهر أن السؤال عن سبب الكراهة يقال أنها أي جنس
الجحر ولذلك قال مساكن الجن بصيغة الجمع والتأنيث لمراعاة الخبر قوله (36) عن عبد الله بن مغفل
على وزن مفعول من التغفيل قوله في مستحمه بفتح الحاء وتشديد الميم أصله الموضع الذي يغسل
34

فيه بالحميم وهو الماء الحار ثم شاع في مطلق المغتسل والمراد أنه إذا بال ثم اغتسل فكثيرا ما يتوهم أنه
أصابه شئ من الماء النجس فذلك يؤدي إلى تطرق الشيطان إليه بالأفكار الرديئة والمراد بعامة الوسواس
معظمه وغالبه وقد حمل العلماء الحديث على ما إذا استقر البول في ذلك المحل وأما إذا كان بحيث
35

يجري عليه البول ولا يستقر أو كان فيه منفذ كالبالوعة فلا نهى والله تعالى أعلم قوله (37) فلم يرد عليه
السلام تأديبا له والمراد أخر الرد كما في الحديث الآتي والتأخير يكفي في التأديب ويحتمل أنه ترك
36

الرد أحيانا وأخره أحيانا على حسب اختلاف الناس في التأديب وغيره والله تعالى أعلم قوله (38) عن
حضين هو بضاد معجمة مصغر بن قنفذ بضم قاف وفاء بينهما نون ساكنة آخره ذال معجمة
قوله بن سنة بفتح سين مهملة وتشديد نون
37

قوله أن يستطيب أي يستنجي قوله (40) إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم كما يعلم الوالد ولده
ما يحتاج إليه مطلقا ولا يبالي بما يستحيا بذكره فهذا تمهيد لما يبين لهم من آداب الخلاء
إذ الانسان كثيرا ما يستحي من ذكرها سيما في مجلس العظماء يأمر بثلاثة أحجار أما لان
المطلوب الانقاء والايتار وهما يحصلان غالبا بثلاثة أحجار أو الانقاء فقط وهو يحصل غالبا بها
والرمة بكسر الراء وتشديد الميم هي العظم البالي والمراد ههنا مطلق العظم كما سبق ويحتمل
أن يقال العظم البالي لا ينتفع به فإذا منع عن تلويثه فغيره بالأولى قوله وقال له رجل زاد بن ماجة
من المشركين أي استهزاء حتى الخراءة بكسر خاء وفتح راء بعدها ألف ممدودة ثم هاء هو القعود
38

عند الحاجة وقيل هو فعل الحدث وأنكر بعضهم فتح الخاء لكن في الصحاح خرئ خراءة ككره
كراهة وهو يفيد صحة الفتح وقيل لعله بالفتح مصدر وبالكسر اسم وقيل المراد هيئة القعود للحدث
قلت وهذا المعنى يقتضي أن يكون بكسر الخاء وسكون الراء وهمزة كجلسة لهيئة الجلوس أجل بسكون
اللام أي نعم قال الطيبي جواب سلمان من باب أسلوب الحكيم لان المشرك لما استهزأ كان
من حقه أن يهدد أو يسكت عن جوابه لكن ما التفت سلمان إلى استهزائه وأخرج الجواب
مخرج المرشد الذي يرشد السائل المجد يعني ليس هذا مكان الاستهزاء بل هو جد وحق فالواجب
عليك ترك العناد والرجوع إليه قلت والقرب أنه رد له بأن ما زعمه سببا للاستهزاء
ليس بسبب له حتى المسلمون يصرحون به عند الأعداء وأيضا هو أمر يحسنه العقل عند معرفة تفضيله
فلا عبرة بالاستهزاء به بسبب الإضافة إلى أمر يستقبح ذكره في الاجمال والجواب بالرد لا يسمى باسم
أسلوب الحكيم فليتأمل بأقل من ثلاثة أي لأنه لا يفيد الانقاء عادة أو لان هذا العدد هو المطلوب
على اختلاف المذاهب والأقرب أن الانقاء والايتار مطلوبان جميعا والله تعالى أعلم قوله (42) قال
ليس أبو عبيدة ذكره الخ قال الحافظ ما حاصله أنه روى أبو إسحاق هذا الحديث عن أبي عبيدة
39

وعبد الرحمن جميعا لكن أبو عبيدة لم يسمع من أبيه بن مسعود على الصحيح فتكون روايته منقطعة
فمراد أبي إسحاق بقوله ليس أبو عبيدة ذكره أي لست أرويه الآن عنه وإنما أرويه عن عبد الرحمن
قوله الغائط هو في الأصل اسم للمكان المطمئن من الأرض ثم اشتهر في نفس الخارج من الانسان
والمراد ههنا هو الأول إذ لا يحسن استعمال الاتيان في المعنى الثاني هذه ركس بكسر الراء وسكون
40

الكاف أي نجس مردودة لنجاستها وفسره المصنف بطعام الجن وفي ثبوته في اللغة نظر قيل ليس فيه أنه
اكتفى بحجرين فلعله زاد عليه ثالثا لا يقال لم تكن الأحجار حاضرة عنده حتى يزيد والا لم يطلب من
غيره ولم يطلب من بن مسعود إحضار ثالث أيضا فيدل هذا على اكتفائه بهما لأنا نقول قد طلب من
بن مسعود أولا ثالثة وهو يكفي في طلب الثالث عند رمي الروثة ولا حاجة إلى طلب الجديد على أنه
جاء في رواية أحمد ائتني بحجر ورجاله ثقات أثبات وعلى تقدير أنه اكتفى باثنين ضرورة لا يلزم الرخصة
بلا ضرورة ولا يلزم أن لا يكون التثليث سنة فليتأمل قوله (43) إذا استجمرت أي استعملت الأحجار
الصغار للاستنجاء أو بخرت الثياب أو أكفان الميت والأول أشهر وعليه بنى المصنف كلامه فأوتر
يريد أن إطلاقه يشمل الاكتفاء بالواحد أيضا وقد يقال المطلق يحمل على المقيد في الروايات الأخر
سيما العادة تقتضيه والانقاء عادة لا يحصل بالواحد قوله بن قرط بضم القاف وسكون الراء وطاء
41

مهملة قوله فإنها تجزى قيل هو بفتح التاء كما في قوله تعالى لا تجزى نفس عن نفس شيئا أي تغني
عن الماء وارجاع الضمير إليه وإن لم يتقدم له ذكر لأنه مفهوم بالسياق قوله نحوي أي مقارب
لي في السن إداوة بكسر الهمزة اناء صغير من جلد
42

قوله (46) كان يفعله أي فهو أولى وأحسن ولم يرد أن الاكتفاء بالأحجار لا يجوز قوله (47) فلا يتنفس في الاناء
أي من غير ابانته عن الفم وهذا نهى تأديب لإرادة المبالغة في النظافة إذ قد يخرج مع النفس بصاق أو مخاط أو بخار
ردئ فيحصل للماء به رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره عن شربه ثم حين علمهم آداب حالة إدخال الماء في الجوف
علمهم آداب حالة إخراجه أيضا تتميما للفائدة وبهذا ظهر المناسبة بين الجملتين فلا يمس فتح الميم أفصح من ضمها
ولا يتمسح ولا يستنج كما في رواية والمقصود أن اليمين شريف فلا يستعمله في الأمور الرديئة
43

قوله (49) ويستقبل القبلة ظاهره أي حالة الاستنجاء لكن الرواية السابقة صريحة أن المراد الاستقبال
حال قضاء الحاجة والحديث واحد فالظاهر أن المراد ذلك واختلاف العبارات من الرواة ولذا جوز
كثير منهم الاستقبال حالة الاستنجاء وان منعوا منه حالة قضاء الحاجة وقالوا القياس فاسد لظهور الفرق
44

وقاس بعضهم ومنعوا في الحالتين والله تعالى أعلم قوله (50) دلك يده بالأرض أي مبالغة في تنظيفها
وإزالة للرائحة الكريهة عنها قوله طهورا بفتح الطاء أي ماء قوله هذا أشبه بالصواب أي كون
45

الحديث من مسند جرير أولي من كونه من أبي هريرة قيل في ترجيح النسائي رواية أبان على رواية
شريك نظر فإن شريكا أعلى وأوسع رواية وأحفظ وقد أخرج له مسلم في صحيحه ولم يخرج لابان على
أنه يمكن أن يكون الحديث من مسند جرير وأبي هريرة جميعا ويكون عند إبراهيم بالطريقين جميعا
والله تعالى أعلم باب التوقيت في الماء أي التحديد فيه بأن أي قدر يتنجس بوقوع النجاسات وأي قدر لا
قوله (52) وما ينوبه من ناب المكان وانتابه إذا تردد إليه مرة بعد أخرى ونوبة بعد نوبة وهو عطف على الماء
46

بطريق البيان نحو أعجبني زيد وكرمه قال الخطابي فيه دليل على أن سؤر السباع نجس والا لم يكن لسؤالهم عنه ولا لجوابه
إياهم بهذا الكلام معنى قلت وكذا على أن القليل من الماء يتنجس بوقوع النجاسة قلتين زاد
عبد الرزاق عن بن جريج بسند مرسل بقلال هجر قال بن جريج وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين
أو قربتين وشيئا فاندفع ما يتوهم من الجهالة لم يحمل الخبث بفتحتين أي يدفعه عن نفسه لا أنه يضعف
عن حمله إذ لا فرق إذا بين ما بلغ من الماء قلتين وبين ما دونه والحديث إنما ورد مورد الفصل والتحديد
بين المقدار الذي يتنجس وبين الذي لا يتنجس ويؤكد المطلوب رواية لا ينجس رواها أبو داود وغيره
قوله (53) لا تزرموه بضم تاء واسكان زاي معجمة وبعدها راء مهملة أي لا تقطعوا عليه البول يقال
زرم البول بالكسر إذا انقطع وأزرمه غيره فصبه عليه أخذ منه المصنف ان الماء لا ينجس وان
قل وذلك لان الدلو من الماء قليل وقد صب على البول فيختلط به فلو تنجس الماء باختلاط البول يلزم
أن يكون هذا تكثيرا للنجاسة لا إزالة لها وهو خلاف المعقول فلزم أن الماء لا يتنجس باختلاط النجس
وأن قل وفيه بحث أما أو لا فيجوز أن يكون صب الماء عليه لدفع رائحة البول لا لتطهير المسجد وتكون
47

طهارته بالجفاف بعد والطهارة بالجفاف قول لعلمائنا الحنفية وهو أقوى دليلا ولذا مال إليه أبو داود
في سننه واستدل عليه بحديث بول الكلاب في المسجد وأما ثانيا فيجوز أن يفرق بين ورود الماء
على النجاسة فيزيلها وبين ورود النجاسة عليه فتنجسه كما يقول به الشافعية وأما ثالثا فيمكن أن يقال
كانت الأرض رخوة فشربت البول لكن بقي بظاهرها أجزاء البول فحين صب عليه الماء تسفلت تلك الأجزاء
واستقر مكانها أجزاء الماء فحيث كثر الماء وجذب مرارا كذلك ظاهرها وبقي مستقلا
بأجزاء الماء الطاهرة فصب الماء إذا كان على هذا الوجه لا يؤدي إلى نجاسة بل يؤدي إلى طهارة ظاهر
الأرض فليتأمل قوله (56) فتناوله الناس أي بألسنتهم ولمسلم قالوا مه مه قلت أو أرادوا أن يتناولوه
بأيديهم فقد قاموا إليه وأهريقوا بفتح الهمزة وسكون الهاء أو فتحها أي صبوا تحقيق الكلمة
48

يطلب من كتب التصريف واللغة فإنما بعثتم أي بعث نبيكم على تقدير المضاف وقال السيوطي
إسناد البعث إليهم على طريق المجاز لأنه صلى الله عليه وسلم هو المبعوث بما ذكر لكنهم لما كانوا
في مقام التبليغ عنه في حضوره وغيبته أطلق عليهم ذلك أو هم مبعوثون من قبل بذلك أي مأمورون
وكان ذلك شأنه صلى الله عليه وسلم في حق كل من بعثه إلى جهة من الجهات يقول يسروا
ولا تعسروا قلت ويحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية فيكون
ذلك بمنزلة البعث ويصلح أن يكون هذا هو وجه ما قيل علماء هذه الأمة كالأنبياء والله تعالى أعلم قوله (57) في الماء
49

الدائم أي الذي لا يجرى ثم يتوضأ بالرفع أي ثم هو يتوضأ منه كذا ذكره النووي
وكأنه أشار إلى أنه جملة مستأنفة لبيان أنه كيف يبول فيه مع أنه بعد ذلك يحتاج إلى استعماله في اغتسال
أو نحوه وبعيد من العاقل الجمع بين هذين الامرين والطبع السليم يستقذره ولم يجعله معطوفا على جملة
لا يبولن لما فيه من عطف الاخبار على الانشاء قوله عطشنا بكسر الطاء الطهور بفتح الطاء
قيل هو للمبالغة من الطهارة فيفيد التطهير والأقرب أنه اسم لما يتطهر به كالوضوء لما يتوضأ به وله نظائر
فهو اسم للآلة الحل بكسر الحاء أي الحلال ميتته بفتح الميم قال الخطابي وعوام الناس يكسرونها
وإنما هو بالفتح يريد حيوان البحر إذا مات فيه ولما كان سؤالهم مشعرا بالفرق بين ماء البحر وغيره
أجاب بما يفيد اتحاد الحكم لكل بالتفصيل ولم يكتف بقوله نعم فهو اطناب في الجواب في محله وهذا
إشارة المرشد الحكيم قوله (60) سكت هنيهة بضم هاء وفتح نون وسكون ياء أي زمانا قليلا والمراد
بالسكوت لا يقرأ القرآن جهرا ولا يسمع الناس والا فالسكوت الحقيقي ينافي القول فلا يتأتى السؤال
50

بقوله ما تقول في سكوتك وهذا ظاهر معنى في زمانه وبين خطاياي أي بين أفعال لو فعلتها تصير
خطايا فالمطلوب الحفظ وتوفيق الترك أو بين ما فعلتها من الخطايا والمطلوب المغفرة كما فيما بعد نقني
بالتشديد أي طهرني منها بأتم وجه وآكده بالثلج أي بأنواع المطهرات والمراد مغفرة الذنوب
وسترها بأنواع الرحمة والالطاف قيل والخطايا لكونها مؤدية إلى نار جهنم نزلت بمنزلتها فاستعمل في
نحوها من المبردات ما يستعمل في اطفاء النار والبرد بفتح الراء حب الغمام وحيث التطهير من المعاصي
غسلا لها بهذه الآلات تشبيها له بالغسل الشرعي أفاد الكلام أن هذه الآلات تفيد الغسل الشرعي والا لما
51

حسن هذه الاستعارة مأخذ المصنف من الترجمة قوله (62) وأكرم نزله بضمتين أو سكون الزاي وهو
في الأصل قرى الضيف قوله فليغسله أي الاناء سبع مرات قال أبو البقاء مرات سبعا على
الصفة فلما قدمت الصفة وأضيف إلى المصدر نصبت نصب المصدر قلت إعطاء اسم العدد إلى المعدود
لا يحتاج إلى اعتبار هذا التكلف فإن ما بينهما من الملابسة يغني عن هذا ومعلوم أن الأصل في مثل هذا
العدد هو الإضافة إلى المعدود فكيف يقال هو خلاف الأصل ثم من لم يأخذ بظاهر هذا الحديث يعتذر
بأنه منسوخ لان أبا هريرة وهو راوي الحديث كان يفتى بثلاث مرات وعمل الراوي بخلاف مرويه
من أمارات النسخ والله تعالى أعلم
52

قوله (64) إذا ولغ يقال ولغ الكلب يلغ بفتح اللام فيهما أي شرب بطرف لسانه قوله فليرقه
يؤخذ منه تنجس الماء وأن الغسل لتطهير الاناء لا لمجرد التعبد وكذا يؤخذ ذلك من رواية
طهور إناء أحدكم بضم الطاء فإن كون الغسل طهورا يقتضي تنجس الاناء والظاهر أنه ما تنجس الا
بواسطة تنجس الماء قوله (66) تابع علي بن مسهر الخ قال بن عبد البر لم يذكره الحفاظ من أصحاب
الأعمش وقال بن منده لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه الا عن علي بن مسهر
بهذا الاسناد وقال الحافظ بن حجر قد ورد الامر بالإراقة أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعا
أخرجه بن عدي لكن في رفعه نظر والصحيح أنه موقوف وكذا ذكر الإراقة حماد بن زيد عن أيوب عن
53

بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا وإسناده صحيح أخرجه الدارقطني وغيره قوله (67) أمر بقتل الكلاب ثبت نسخ
هذا الامر وعفروه أي الاناء وهو أمر من التعفير وهو التمريغ في التراب الثامنة بالنصب على
الظرفية أي المرة الثامنة ومن لم يقل بالزيادة على السبع يقول أنه عد التعفير في إحدى الغسلات غسلة ثامنة
54

قوله (68) عن حميدة الأكثر على ضم حائها قوله فسكبت بتاء التأنيث الساكنة أي صبت أو على
صيغة التكلم ولا يخلو عن بعد وضوءا بفتح الواو فشربت منه أي أرادت الشرب أو شرعت فيه
فأصغى أي أمال ليست بنجس بفتحتين مصدر نجس الشئ بالكسر فلذلك لم يؤنث كما لم يجمع
في قوله تعالى إنما المشركون نجس والصفة منه نجس بكسر الجيم وفتحها ولو جعل المذكور في الحديث
55

صفة يحتاج التذكير إلى التأويل أي ليس بنجس ما يلغ فيه إنما هي من الطوافين الخ إشارة إلى علة
الحكم بطهارته وهي أنها كثيرة الدخول ففي الحكم بنجاستها حرج وهو مدفوع وظاهر هذا الحديث
وغيره أنه لا كراهة في سؤرها وعليه العامة ومن قال بالكراهة فلعله يقول إن استعمال النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم السؤر كان لبيان الجواز واستعمال غيره لا دليل فيه وفي مجمع البحار أن أصحاب أبي حنيفة
خالفوه وقالوا لا بأس بالوضوء بسؤر الهرة والله تعالى أعلم قوله ينهاكم أي الله وذكر الرسول لأنه
مبلغ فينبغي رفعه على الابتداء وحذف الخبر أي ورسوله يبلغ والجملة معترضة أي ينهاكم أي الرسول
وذكر الله للتنبيه على أن نهى الرسول نهى الله وجاء بصيغة التثنية أي ينهيانكم وهو ظاهر لفظا لكن فيه
اشكال معنى حيث نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الخطيب الذي قال ومن يعصهما والجواب أن
مثل هذا اللفظ يختلف بحسب المتكلم والمخاطب والله تعالى أعلم فإنها أي لحوم الحمر أو الحمر
رجس أي قذر وقد يطلق على الحرام والنجس وأمثالهما والظاهر أن المراد ههنا النجس فارجاع
الضمير إلى الحمر يؤدي إلى أن لا يطهر جلده بالدباغ أيضا والله تعالى أعلم قوله (70) أتعرق العرق بفتح
فسكون العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم أي كنت آخذ عنه اللحم بالأسنان حيث وضعت لبيان الحكم
56

أو للتأنيس وإظهار المودة يتوضئون التذكير للتغليب والاجتماع قيل كان قبل الحجاب وقيل بل هي
الزوجات والمحارم واستدلوا به على جواز استعمال الفضل لأنه قد يؤدي إلى فراغ المرأة قبل الرجل
أو العكس فيستعمل كل منهما فضل الآخر ومن هنا يؤخذ الترجمة الآتية من الحديث الذي ذكر لأجلها
قوله بمكوك بفتح ميم وتشديد كاف قيل المراد ههنا المد وإن كان قد يطلق على الصاع والمد بضم
57

فتشديد مكيال معروف قيل سمى بذلك لأنه يملا في الانسان إذا مدهما ومكاكي كأناسي جمعه
على ابدال الياء من الكاف الخيرة وادغامها في ياء الجمع قوله (75) إنما الاعمال بالنية أفردت النية
لكونها مصدرا ووجه الاستدلال أن الجار والمجرور خبر والظاهر من جهة القواعد تعلقه بكون عام
والمعنى أعمال المكلفين لا تتحقق ولا تكون الا بالنية وهذا يؤدي إلى أن وجود العمل يتوقف على النية
والواقع يشهد بخلافه فإن الوجود الحسي لا يحتاج إلى نية وأيضا الأنسب بكلام الشارع هو الوجود
الشرعي فلا بد من تقدير كون خاص هو الوجود الشرعي ومرجعه إلى الصحة أو الاعتبار فالمعنى الاعمال
لا تتحقق شرعا ولا تصح فلا تعتبر الا بالنية وعموم الاعمال تشمل الوضوء فيلزم أن لا يوجد الوضوء
شرعا ولا يتحقق الا بالنية وهو المطلوب وفيه بحث لان الاعمال أن أبقيت على عمومها يلزم أن لا توجد
58

المباحات بل والمحرمات شرعا ولا يعد فاعلها فاعلا شرعا الا بالنية وان خصت بالعبادات يتوقف الدليل
على اثبات أن الوضوء عبادة وقد يجاب بتخصيص الاعمال بالافعال الشرعية التي علم وجودها من
جهة الشارع والوضوء منها بلا ريب لكن ينتقض الدليل بنحو طهارة الثوب والبدن لتحققهما بلا نية
أيضا مع أنهما من الأمور الشرعية فالأحسن الجواب بإثبات أن الوضوء عبادة لورود الثواب عليه
لفاعله مطلقا في الأحاديث وكل ما هذا شأنه فهو عبادة وقد يقال أن أحاديث الثواب تكفي في اثبات
المطلوب من غير حاجة إلى ضم هذا الحديث لأنها تدل على أن الوضوء عبادة وقد أجمعوا على أن العبادة
لا تكون الا بالنية أو لأنهم اتفقوا على أن الثواب يتوقف على النية وقد علم أن الوضوء مطلقا يثاب عليه
فلزم أن الوضوء مطلقا يتوقف على النية والله تعالى أعلم بقي أن هذا الحديث هل هو مسوق لاشتراط النية
في العبادات أم لا والظاهر أنه غير مسوق لذلك كما صرح به القاضي البيضاوي في شرح المصابيح
وإن كان كلام الفقهاء وغيرهم على أنه مسوق له وذلك لان قوله وإنما لامرئ ما نوى أي ما نواه من خير
أو شر أو نية وكذا قوله فمن كانت هجرته الخ بالتفريع على ما تقدم بالفاء يأبى تخصيص النية بالنية الشرعية
ويقتضي أن المراد بالنية في الحديث مطلق القصد أعم من أن يكون نية خير أو شر قال القاضي النية
لغة القصد وشرعا توجه القلب نحو الفعل ابتغاء لوجه الله تعالى وامتثالا لامره وهي في الحديث محمولة
على المعنى اللغوي ليحسن تطبقه على ما بعده وتقسيمه بقوله فمن كانت هجرته الخ فالمعنى أن الاعمال
أي الأفعال الاختيارية لا توجد الا بالنية والقصد الداعي للفاعل إلى ذلك الفعل وإنما لامرئ
ما نوى أي ليس للفاعل من عمله الا نيته أو منويه أي الذي يرجع إليه من العمل نفعا أو ضرا هي النية
فإن العمل بحسبها يحسب خيرا وشرا ويجزى المرء على العمل بحسبها ثوابا وعقابا يكون العمل تارة
حسنا وتارة قبيحا بسببها ويتعدد الجزاء بتعددها وقوله لامرئ بمعنى لكل امرئ كما جاء في
الروايات وذلك لان إنما يتضمن النفي في أول الكلام والاثبات على آخر جزء منه فالنكرة صارت
59

في حيز النفي فتفيد العموم على أن النكرة في الاثبات قد يقصد بها العموم كما في قوله تعالى علمت نفس
ولا يخفى أنه يظهر على هذا المعنى تفريع فمن كانت هجرته على ما قبله أشد ظهورا والمراد أن من هجرته
إلى الله تعالى والى رسوله قصدا ونية فهجرته إليهما أجرا وثوابا ولهذا المعنى زيادة تفصيل ذكرناه في حاشية
الأذكار وصحيح البخاري والله تعالى أعلم
قوله (76) وحانت صلاة العصر أي والحال أنه قد حضرت صلاة العصر فالواو للحال بتقدير قد الناس
الوضوء بفتح الواو ههنا وفيما بعد ينبع بضم الباء ويجوز كسرها وفتحها أي يسيل ويجري قوله
بتور بفتح المثناة شبه الطست وقيل هو الطست يتفجر أي يخرج والبركة قال أبو البقاء بالجر
60

عطف على الطهور أي عطف الوصف على الشئ مثل أعجبني زيد وعلمه قال وصفه بالبركة لما فيه من
الزيادة والكثرة من القليل ولا معنى للرفع هنا قلت لا بعد في الاخبار بأن البركة من الله تعالى في مثل
هذا المقام دفعا لايهام قدره الغير عليه واعترافا بالمنة واظهارا للنعمة لقصد الشكر فلاوجه من منع الرفع
والله تعالى أعلم قوله (78) توضؤوا بسم الله أي متبركين أو مبتدئين به أو قائلين هذا اللفظ على أن الجار
والمجرور أريد به لفظه وعلى كل تقدير يحصل المطلوب وعدل عن الحديث المشهور بينهم في هذه المسألة
وهو لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه لما في إسناده من التكلم حتى توضؤوا من عند آخرهم أي
61

توضؤوا كلهم حتى وصلت النوبة إلى الآخر فمن بمعنى إلى وقيل كلمة من للابتداء والمعنى توضؤوا وضوءا
ناشئا من عند آخرهم وكون الوضوء نشأ من آخرهم في وصف التوضؤ يستلزم حصول الوضوء للكل
وهو المراد كناية والله تعالى أعلم قوله سكبت أي صببت قوله فتوضأ أي بن عباس لأجل
الاخبار بوضوء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مرة مرة فعلم به أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أحيانا
اكتفى بمرة في الوضوء
62

قوله (81) توضأ ثلاثا ثلاثا أخذ من إطلاقه تثليث المسح أيضا لكن إطلاق هذا الكلام فيما
إذا كان غسل الأعضاء ثلاثا والمسح مرة سائغ وهو يدفع الاستدلال والله تعالى أعلم قوله (82) فقرع
ظهري بعصا أي ضربه بها وليس المراد الضرب الشديد بل وضع العصا للاعلام فعدل
أي مال عن وسط الطريق إلى الناحية سطيحة هي من المزاد ما كان من جلدين سطح
أحدهما على الآخر وذكر من ناصيته شيئا أي ذكر أنه على شئ من الناصية وشئ من العمامة
63

قوله استوكف في النهاية أي استقطر الماء وصبه على يديه ثلاث مرات وبالغ حتى وكف منها
ثلاثا قلت هو من وكف البيت والدمع إذا تقاطر فلا دلالة للفظ على تخصيص اليدين فكأنهم أخذوا
ذلك من بعض الامارات والله تعالى أعلم قوله (84) عن حمران بضم فسكون قوله فأفرغ على يديه
أي صب الماء عليهما وظاهره أنه جمعهما في الغسل واحتمال التفريق بعيد واختار بعض الفقهاء التفريق
ثم مسح رأسه أي مرة كما يدل عليه ترك ذكر ثلاثا وقد رجح غير واحد من المحققين أن المرة هي
64

مقتضى الأدلة لا يحدث نفسه فيهما أي يدفع الوسوسة مهما أمكن وقيل يحتمل العموم إذ ليس هو
من باب التكليف حتى يجب دفع الحرج والعسر بل من باب ترتب ثواب مخصوص على عمل مخصوص
أي من باب الوعد على العمل فمن حصل منه ذلك العمل يحصل له ذلك الثواب ومن لا فلا نعم يجب أن
يكون ذلك العمل ممكن الحصول في ذاته وهو هنا كذلك فإن المتجردين عن شواغل الدنيا يتأتى منهم هذا
العمل على وجهه غفر له الخ حمله العلماء على الصغائر لكن كثيرا من الأحاديث يقتضي أن مغفرة
الصغائر غير مشروطة بقطع الوسوسة فيمكن أن يكون الشرط لمغفرة الذنوب جميعا والله تعالى أعلم
65

قوله ثم يستنثر قيل الاستنشاق هو إدخال الماء في أنفه بأن جذبه بريح أنفه والاستنثار إخراجه منه
بريحه بإعانة يده أو بغيرها بعد إخراج الأذى لما فيه من تنقية مجرى النفس ولما ورد أن الشيطان يبيت
على خيشومه وقيل الاستنثار تحريك النثرة وهي طرف الأنف وقيل الاستنشاق والاستنثار واحد والله
تعالى أعلم قوله أبن لقيط كفعيل بن صبرة بفتح فكسر أو سكون قوله أسبغ الوضوء
أي أكمله وبالغ فيه بالزيادة على المفروض كمية وكيفية بالتثليث والدلك وتطويل الغرة وغير
ذلك وبالغ في الاستنشاق زاد بن القطان في روايته والمضمضة وصححه والاقتصار على ذكر
هذه الخصال مع أن السؤال كان عن الوضوء أما من الرواة بسبب أن الحاجة دعتهم إلى نقل
البعض والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بين كيفية الوضوء بتمامها أو من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
بناء على أن مقصد السائل البحث عن هذه الخصال وأن أطلق لفظه في السؤال اما بقرينة حال أو وحي
66

أو الهام والله تعالى أعلم قوله (90) فليستنثر ثلاث مرات الامر في هذا الحديث وأمثاله عند العلماء
للندب لدليل لاح لهم وعند الظاهرية للوجوب على خيشومه بفتح خاء معجمة قيل أعلى الانف وقيل
كله وقال التوربشتي هو أقصى الانف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ ومبيت الشيطان أما حقيقة
لأنه أحد منافذ الجسم يتوصل منها إلى القلب والمقصود من الاستنثار إزالة آثاره وأما مجازا فإن ما ينعقد
فيه من الغبار والرطوبة قذرات توافق الشيطان فالمراد أن الخيشوم محل قذر يصلح لبيتوتة الشيطان
فينبغي للانسان تنظيفه والله تعالى أعلم قوله (91) هذا طهور بضم الطاء أي وضوءه صلى الله تعالى عليه
67

وسلم والإشارة إلى تمام ما فعله من الوضوء والاقتصار من الراوي قوله (92) فدعا بطهور بفتح الطاء
فقلنا أي في أنفسنا أو فيما بيننا ألا ليعلمنا من التعليم أو الاعلام فأتى على بناء المفعول
وطست بالجر عطف على اناء من الكف الخ أي فعل كلا منهما باليد اليمني التي أخذ بها الماء
وهذا لا يفيد اتحاد الماء لهما ولا معنى لحمل هذا الكلام على اتحاد الماء مرة واحدة تصريح بالوحدة
فهو هذا أي فليعلم هذا فإنه هو هذا فحذف الجزاء وأقيمت علته مقامه قوله فكفأ بالهمزة أي
68

أمال ذلك التور قوله هذا خطأ أي قول شعبة عن مالك بن عرفطة خطأ من شعبة وقد اتفق الحفاظ
على تخطئة شعبة في هذا الاسم كالترمذي وأبي داود وأحمد كما ذكره المصنف رحمهم الله تعالى قوله (95) أن
محمد بن علي هو محمد الباقر وعلى هو زين العابدين وعلى الثاني هو علي بن أبي طالب والحسين هو سبط
رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم قوله بوضوء هو بفتح الواو في الموضعين
69

الأولين فقربته من التقريب فغسل كفيه الفاء لتفسير البدلية أو للتعقيب ومعنى فبدأ فأراد البداءة
وهذان الوجهان هما المشهوران في قوله تعالى فنادى نوح ربه فقال رب فالفاء في فقال يحتمل الوجهين
ثم قام قائما أي قياما فهو مصدر على زنة الفاعل ويحتمل أنه حال مؤكدة مثل قوله تعالى ولا
تعثوا في الأرض مفسدين ناولني أي اعطني في اليد فعجبت أي من الشرب قائما إذ المعتاد
هو الشرب قاعدا وهو الوارد في الأحاديث ولذلك قال بعض العلماء بأن الشرب قائما مخصوص بفضل
الوضوء بهذا الحديث وبماء زمزم لما جاء فيه أيضا وفي غيرها لا ينبغي الشرب قائما للنهي والحق أنه
جاء في غيرها أيضا فالوجه أن النهي للتنزيه وكان لامر طبي لا لامر ديني وما جاء فهو لبيان الجواز والله
تعالى أعلم يقول أي على لوضوئه بضم الواو أي في شأن وضوئه وشرب بالجر عطف على وضوئه
قوله (96) صلى الله عليه وسلم حتى أنقاهما والانقاء عادة يكون بثلاث وقد جاء التصريح بذلك في الروايات السابقة فللإفادة
هذا المعنى ذكر المصنف هذا الحديث في هذه الترجمة ويحتمل أنه أراد غسل الذراعين ويحتمل أن مراده
70

التنبيه على أن المقصود الانقاء دون التثليث وهذا بعيد مخالف لقواعد الأصول لوجوب حمل المجمل على
المفصل وأقوال الفقهاء والله تعالى أعلم قوله (97) إلى المرفقين وبه تبين حد الغسل ثم ردهما هذا
71

الرد ليس بمسح ثان بل هو استيعاب للمسح الأول لتمام الشعر إذ العادة أن الشعر ينثني عند المسح
فالمسح الأول لا يستوعبه وبالرد يحصل الاستيعاب وهذا ظاهر لكن الراوي سمى هذا المسح مسحا
مرتين نظرا إلى الصورة كما سيجئ قوله (99) الذي أرى النداء قالوا هذا خطأ لان راوي حديث الوضوء
هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني وراوي الاذان هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه قوله ومسح
72

برأسه مرتين قد عرفت وجهه قوله (100) ثم أمرت أي اليد على الخدين ولعل ذلك لأنه قد تبقى عليهما
بقية الماء فيمر الانسان اليد الخالي عليهما أو إزالة له سيما في أيام البرد قوله كنت آتيها مكاتبا أي
والحال أني كنت مكاتبا وهذا مبني على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ولعله كان عبدا لبعض
أقرباء عائشة وأنها كانت ترى جواز دخول العبد على سيدته وأقربائها والله تعالى أعلم قوله (101) من
غرفة واحدة قيل هو بفتح غين وهو بالفتح مصدر للمرة من غرف إذا أخذ الماء بالكف وبالضم
المغروف أي ملء الكف قلت والوجه جواز الفتح والضم كما بهما القراءة في قوله تعالى الا من اغترف
غرفة بيده وصفة الوحدة على تقدير الفتح للتأكيد وعلى الضم للتأسيس وقيل هما بمعنى المصدر وقيل
بمعنى المغترف وهو القدر الصالح في الكف بعد الاغتراف وقيل المفتوح للمصدر للمرة والمضموم
73

اسم للقدر الحاصل في الكف بالاغتراف والله تعالى أعلم قوله بالسباحتين السباحة والمسبحة
الإصبع التي تلي الابهام سميت بذلك لأنها يشار بها عند التسبيح وهذا اسم إسلامي وضعوها مكان
السبابة لما فيه من الدلالة على المعنى المكروه قوله (103) خرجت الخطايا من فيه أي خرجت خطايا
فيه من فيه فاللام بدل من المضاف إليه أو للعهد بالقرينة المتأخرة وهكذا فيما بعد فلا يرد أن تمام
الخطايا إذا خرجت من فيه فماذا يخرج من سائر الأعضاء وقد حملوا الخطايا على الصغائر والمصنف
رحمه الله تعالى استدل بقوله حتى تخرج من أذنيه على أن الاذنين من الرأس لان خروج الخطايا منهما
بمسح الرأس إنما يحسن إذا كانا منه وعدل عن الحديث المشهور في هذه المسألة وهو حديث الأذنان
من الرأس لما قيل أن حمادا تردد فيه أهو مرفوع أم موقوف وإسناده ليس بقائم نعم قد جاء بطرق
عديدة مرفوعا فتقوى رفعه وخرج من الضعف لكن الاستدلال بما استدل به المصنف أجود وأولى
74

وهذا من تدقيق نظره رحمه الله تعالى نافلة له أي زائدة على ما تخرج به الخطايا عن أعضاء الوضوء
فيخرج بها سائر الخطايا والله تعالى أعلم قوله والخمار أي العمامة لان الرجل يغطي بها رأسه كما
أن المرأة تغطي الرأس بخمارها وقد اعتذر من لا يقول بالمسح على العمامة عن الحديث بأنه من أخبار
الآحاد فلا يعارض الكتاب لان الكتاب يوجب مسح الرأس ومسح العمامة لا يسمى مسح الرأس على
أنه حكاية حال فيجوز أن تكون العمامة صغيرة رقيقة بحيث ينفذ البلة منها إلى الرأس ويؤيده اسم
الخمار فإن الخمار ما تستر به المرأة رأسها وذاك يكون عادة بحيث يمكن نفوذ البلة منها إلى الرأس إذا كانت
75

البلة كثيرة فكأنه عبر باسم الخمار عن العمامة لكونها كانت لصغرها كالخمار على أن الحديث يحتمل
أن يكون قبل نزول المائدة والله تعالى أعلم قوله (107) فمسح ناصيته وعمامته أخذ به الشافعي فجوز
للاستيعاب مسح العمامة إذا مسح بعض الرأس وحمل أحاديث مسح العمامة مطلقا إذا لبس على طهارة
قوله تخلف أي عن العسكر بمطهرة بكسر الميم يحسر من نصر وضرب أي أراد أو شرع
أن يكشف عن ذراعيه فألقاه أي الكم بعد إخراج اليد من داخلة
76

قوله (109) فبرز لحاجته أي خرج إلى البراز بفتح الباء وهو الواسع من الأرض قال وصلاة الامام أي الخصلة
الثانية صلاة الامام قوله (110) ويل للعقب بفتح عين فكسر قاف مؤخر القدم والأعقاب جمعها والمعنى ويل
لصاحب العقب المقصر في غسلها نحو واسأل القرية أو العقب تختص بالعذاب إذا قصر في غسلها والحديث الثاني
يوضح المعنى والمراد بالعقب الجنس والجمع في الحديث الثاني لأنه جاء في قوم تسامحوا في غسل الرجلين ولا حاجة
77

إلى حمل الجمع على معنى التثنية والمراد ويل لأعقابهم أو أعقاب من يصنع صنيعهم قوله تلوح أي
تظهر مما آثره لباقي الرجل لأجل عدم مساس الماء إياها ومساسه لباقي الرجل أسبغوا الوضوء
فيه دليل على أن التهديد كان لتسامحهم في الوضوء لا لنجاسة على أعقابهم فيلزم من الحديث بطلان المسح
على الرجلين على الوجه الذي يقول به من يجوز المسح عليهما وهو أن يكون على ظاهر القدمين وهذا
ظاهر فتعين الغسل وهو المطلوب وأما القول بالمسح على وجه يستوعب ظاهر القدم وباطنه وكذا القول بأن
اللازم أحد الامرين أما الغسل وأما المسح على الظاهر وهم قد اختاروا الغسل فلزمهم استيعابه فورد الوعيد
لتركهم ذلك فهو مما لم يقل به أحد فلا يضر احتماله لبطلانه بالاتفاق والله تعالى أعلم قوله (112) ما استطاع إشارة
إلى شدة المحافظة على التيامن والطهور بضم الطاء ونعله أي لبس نعله وترجله أي تسريح شعره
78

قوله (114) وخلل بين الأصابع أي مبالغة في التنظيف واطلاقه يشمل أصابع اليدين والرجلين
79

باب حد الغسل
ذكر في حديث عثمان الدال على أن اليد إلى المرفق والرجل إلى الكعب أو الدال على أن الغسل يثلث دون المسح
باب الوضوء في النعل
أراد بالضوء غسل الرجل فإنه المتعارف في الوضوء دون المسح وقوله في النعل أي وقت لبس النعل
أي إذا كان الانسان لابس نعلين في رجلين يجب عليه غسل رجلين ولا يجوز له الاكتفاء بالمسح على
80

النعلين كما في الخفين قوله سبتية بكسر مهملة وسكون موحدة بعدها مثناة فوقية نسبة إلى السبت
والمراد التي لا شعر لها والسبت هو الحلق ومعنى يتوضأ فيها أي يتوضأ في حال لبسها والمتبادر منه أنه
يتوضأ الوضوء المعتاد في حال لبسها فاستدل به المصنف على غسل الرجلين دون المسح ولو كان الوضوء
حال لبسها له على الوجه المعتاد لذكر والله تعالى أعلم قوله بيسير أي بقليل والمراد أنه أسلم بعد
نزول مائدة ورأي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يمسح على الخفين حال إسلامه وعلم به أن المسح حكم باق
لا أنه منسوخ بمائدة كما زعمه من لا يقول به ولذلك يعجبهم حديث جرير وكل من تأخر إسلامه
بعد نزول مائدة والا فرؤيته قبل نزول مائدة لا يكفي في المطلوب وتأخر الاسلام لا يقتضي تأخر
الرؤية بقي أن حديث جرير من أخبار الآحاد فلا يعارض القرآن وغيره من أحاديث الباب يجوز
أن يكون قبل نزول مائدة فلا دلالة فيها على بقاء الحكم بعد نزولها الا أن يقال القرآن يحتمل المسح
على قراءة الجر فيحمل على مسح الخفين توفيقا بين الأدلة أو يقال تواتر عدم نسخه بعمل الصحابة بعده
صلى الله تعالى عليه وسلم فإن كثيرا منهم عملوا به ومثله يكفي في إفادة التواتر ونسخ النص والله تعالى أعلم
81

قوله (125) تخلف يا مغيرة هو وما بعده بصيغة الامر قوله (126) أن لا ننزع خفافنا ظاهره أن اعتبار
83

المدة من وقت اللبس لا من وقت المسح أو الحدث والله تعالى أعلم قوله (127) الا من جنابة أي لكن
ننزع من جنابة فالاستثناء منقطع أو معنى قوله من غائط وبول الخ أي من كل حدث الا من جنابة
فالاستثناء متصل قوله (129) ائت عليا فيه أنه ينبغي لأهل العلم إرشاد السائل إلى من كان أعلم بجوابه
فإنه أعلم بذلك مني لان المعتاد لبس الخفاف في الاسفار دون الحضر وعلى أعلم بحال السفر من
عائشة رضي الله تعالى عنهما يأمر أي أمر إباحة ورخصة لا أمر إيجاب
84

قوله (130) وهذا وضوء من لم يحدث فبين أن لغير المحدث أن يكتفي بالمسح موضع الغسل ولعل ما جاء
من مسح الرجلين من بعض الصحابة أحيانا ان صح يكون محله غير حالة الحدث والله تعالى أعلم قوله
(131) يتوضأ لكل صلاة أي يعتاد ذلك وإن كان قد يجمع بين صلاتين وأكثر بوضوء واحد أيضا ويحتمل
أن جواب أنس حسبما اطلع عليه ولعله لم يطلع على خلافه وإن كان ثابتا في الواقع نصلي الصلوات
أي المتعددة لا جميع صلوات اليوم ويحتمل المعنى الثاني لان القضية جزئية والله تعالى أعلم قوله
بوضوء بفتح الواو بالوضوء بضم الواو والظاهر أن المراد وضوء الصلاة لا غسل اليدين والمراد
بالامر أعم من أمر الوجوب والندب والقصر إضافي أي ما أمرت بالوضوء عند الطعام لا أمر ندب
ولا أمر وجوب فلا يشكل الحديث بالوضوء لطواف أو لمس مصحف
85

قوله لم تكن تفعله أي لم تكن تعتاده والا فقد ثبت أنه كان يفعله قبل ذلك أحيانا وقد فعله بالصهباء
أيام خيبر حين طلب الأزواد فلم يؤت الا بالسويق قال عمدا فعلته لما كان وقوع غير المعتاد
يحتمل أن يكون عن سهو دفع ذلك الاحتمال ليعلم أنه جائز له ولغيره قوله حفنة بفتح فساكن أي
ملء كف بها أي فعل بها نضح قيل هو الاستنجاء بالماء وعلى هذا معنى إذا توضأ أي أراد أن
يتوضأ وقيل رش الفرج بالماء بعد الاستنجاء ليدفع به وسوسة الشيطان وعليه الجمهور وكأنه يؤخره
86

أحيانا إلى الفراغ من الوضوء والله تعالى أعلم قوله (137) وأخرج بلال فضل وضوئه ظاهره أنه الذي
بقي في الاناء بعد الفراغ من الوضوء ويحتمل أنه المستعمل فيه والأخير هو الأظهر في الحديث الآتي
فابتدره الناس أي استبقوا إلى أخذه وركزت على بناء المفعول أي غرزت وفي نسخة ركز
أي بلال على بناء الفاعل العنزة بفتح مهملة ونون هي عصا أقصر من الرمح بين يديه أي قدامه
وراء العنزة وهذا يدل على أن مرور شئ وراء السترة لا يضر قوله وضوءه بفتح الواو والظاهر
أنه الماء المستعمل فهذا يدل على طهارة الماء المستعمل وحديث الخصوص غير مسموع لكون
87

الأصل هو العموم
باب فرض الوضوء
أي المفروض من الوضوء فالإضافة بيانية أو الوضوء المفروض فالإضافة من إضافة الصفة إلى
الموصوف عند من يجوزها قوله (139) لا يقبل الله قبول الله تعالى العمل رضاه به وثوابه عليه فعدم
القبول أن لا يثيبه عليه بغير طهور بضم الطاء فعل التطهير وهو المراد ههنا وبفتحها اسم للماء
أو التراب وقيل بالفتح يطلق على الفعل والماء فههنا يجوز الوجهان والمعنى بلا طهور وليس المعنى صلاة
ملتبسة بشئ مغاير للطهور إذ لا بد من ملابسة الصلاة بما يغاير الطهور ضد الطهور حملا لمطلق
المغاير على الكامل وهو الحدث من غلول بضم الغين المعجمة أصله الخيانة في خفية والمراد مطلق
الخيانة والحرام وغرض المصنف رحمه الله تعالى أن الحديث يدل على افتراض الوضوء للصلاة ونوقش
بأن دلالة الحديث على المطلوب يتوقف على دلالته على انتفاء صحة الصلاة بلا طهور ولا دلالة عليه بل على
انتفاء القبول والقبول أخص من الصحة ولا يلزم من انتفاء الأخص انتفاء الأعم ولذا ورد انتفاء
القبول في مواضع مع ثبوت الصحة كصلاة العبد الآبق وقد يقال الأصل في عدم القبول هو عدم الصحة
وهو يكفي في المطلوب الا إذا دل دليل على أن عدم القبول لامر آخر سوى عدم الصحة ولا دليل ههنا
والله تعالى أعلم قوله فأراه ثلاثا ثلاثا أي غير المسح فقد جاء في هذا الحديث أن المسح كان مرة
في رواية سعيد بن منصور ذكره الحافظ بن حجر في شرح البخاري قال فقوله فمن زاد على هذا الخ
من أقوى الأدلة على عدم العدد في المسح وأن الزيادة غير مستحبة ويحمل المسح ثلاثا ان ثبت على
الاستيعاب لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الأدلة انتهى وقد جاء في بعض روايات هذا
الحديث أو نقص والمحققون على أنه وهم لجواز الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين أساء أي في مراعاة
88

آداب الشرع وتعدى في حدوده وظلم نفسه بما نقصها من الثواب قوله (141) فإنه أمرنا أي
ايجابا أو ندبا مؤكدا أو أمر غيرهم ندبا بلا تأكيد فظهر الخصوص وكذا قوله ولا ننزى ان قلنا أن الانزاء
مكروه مطلقا فإن قلنا لا كراهة في حق الغير فالخصوص ظاهر وهو من الانزاء يقال نزى الذكر على
الأنثى ركبه وأنزيته أنا قيل سبب الكراهة قطع النسل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير لكن
ركوبه صلى الله تعالى عليه وسلم البغل ومن الله تعالى على عباده بقوله والخيل والبغال والحمير دليل على
عدم الكراهة أجيب بأنه كالصور فإن عملها حرام واستعمالها في الفرش مباح قوله (143) بما يمحو الله
به الخطايا أي يغفرها أو يمحوها من كتب الحفظة ويكون ذلك المحو دليلا على غفرانها الدرجات
89

أي منازل الجنة اسباغ الوضوء إتمامه بتطويل الغرة والتثليث والدلك على المكاره جمع مكره
بفتح الميم من الكره بمعنى المشقة كبرد الماء وألم الجسم والاشتغال بالوضوء مع ترك أمور الدنيا وقيل
ومنها الجد في طلب الماء وشرائه بالثمن الغالي وكثرة الخطأ ببعد الدار وانتظار الصلاة بالجلوس
لها في المسجد أو تعلق القلب بها والتأهب لها فذلكم الإشارة إلى ما ذكر من الاعمال الرباط
بكسر الراء قيل أريد به المذكور في قوله تعالى ورابطوا وحقيقته ربط النفس والجسم مع الطاعات وقيل المراد
هو الأفضل والرباط ملازمة ثغر العدو لمنعه وهذه الاعمال تسد طرق الشيطان عنه وتمنع النفس عن الشهوات
وعداوة النفس والشيطان لا تخفى فهذا هو الجهاد الأكبر الذي فيه قهر أعدى عدوه فلذلك قال الرباط
بالتعريف والتكرار تعظيما لشأنه قوله (144) في المساجد الأربعة لعل المراد بها مسجد مكة والمدينة ومسجد قباء
90

والمسجد الأقصى كما أمر أي أمر إيجاب فيحصل الثواب لمن اقتصر على الواجبات في الوضوء أو أمر
إيجاب أو ندب فيتوقف على المندوبات ولا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لجواز أن يراد بالامر مطلق
الطلب الشامل للايجاب والندب ما قدم من التقديم من عمل من ذنب قوله (145) رحمه الله فالصلوات الخمس
أي في حق ذلك الذي أتم الوضوء لما بينهن أي من الصغائر كما جاء (146) حتى يصليها يقتضي أن المراد
بالصلاة الأخرى هي الصلاة المتأخرة فهذه مغفرة للذنوب قبل أن يرتكبها ومعناها تقدير أنه يؤاخذ بما
يفعل والله تعالى أعلم
91

قوله (147) وغسلت رجليك إلى الكعبين فيه تصريح بأن وظيفة الرجلين هي الغسل لا المسح
اغتسلت أي صرت طاهرا من عامة خطاياك أي غالبها أي مما يتعلق بأعضاء الوضوء وهي
الغالبة فلذلك قيل عامة الخطايا والمراد بالخطايا الصغائر عند العلماء خرجت على صيغة الخطاب فإن
الخطايا إذا خرجت من الانسان فقد خرج الانسان منها لافتراق كل منهما على صاحبه فيجوز نسبة الخروج
إلى كل منهما كيوم ولدتك أمك قال الحافظ السيوطي بفتح يوم بناء لاضافته إلى جملة صدرها مبني قلت
البناء جائز لا واجب فيجوز الجر اعرابا والظاهر أن المعنى خرجت من الخطايا كخروجك منها يوم ولدتك
أمك وفيه أن الخروج من الخطايا فرع الدخول فيها فلا يتصور يوم الولادة وأيضا هذا يفيد مغفرة
الكبائر أيضا فإن الانسان يوم الولادة طاهر عن الصغائر والكبائر جميعا ولا يقول به العلماء والجواب
أنه متعلق بما يدل عليه خرجت أي صرت طاهرا من الخطايا أي الصغائر كطهارتك منها يوم ولدتك
أمك وهذا صحيح وحمل التشبيه على ذلك بأدلة غير بعيدة فليتأمل قوله لقد كبرت بكسر الباء قوله
92

(148) عبده ورسوله زاد الترمذي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت أي تعظيما
لعمله وإن كان الدخول يكون من باب غلب عليه عمل أهله إذ أبواب الجنة معدودة لأهل أعمال مخصوصة
كالريان لمن غلب عليه الصيام قوله (149) يا بني فروخ بفتح فاء وتشديد راء وخاء معجمة قيل هو من ولد
إبراهيم كثر نسله فولد العجم ما توضأت أي خوفا من سوء ظنكم بتغيير المشروع وفيه أن أسرار
العلم تكتم عن الجاهلين يبلغ الحلية بكسر مهملة وسكون لام وخفة ياء يطلق على السيما فالمراد
ههنا التحجيل من أثر الوضوء يوم القيامة وعلى الزينة والمراد ما يشير إليه قوله تعالى يحلون فيها من
93

أساور والله تعالى أعلم قوله (150) خرج إلى المقبرة بتثليث الباء والكسر قليل دار قوم بالنصب
على الاختصاص أو النداء أو بالجر على البدل من ضمير عليكم والمراد أهل الدار تجوزا أو بتقدير مضاف
إن شاء الله قاله تبركا وعملا بقوله ولا تقولن لشئ الآية أو لان المراد الدفن في تلك المقبرة أو الموت
على الايمان وهو ما يحتاج إلى قيد المشيئة بالنظر إلى الجميع وددت قال الطيبي فان قلت فأي اتصال
لهذا الوداد بذكر أصحاب القبور قلت عند تصور السابقين يتصور اللاحقون أو كوشف له صلى الله
تعالى عليه وسلم عالم الأرواح فشاهد الأرواح المجندة السابقين منهم واللاحقين أني رأيت أي
في الدنيا بل أنتم أصحابي ليس نفيا لإخوتهم ولكن ذكره مزية لهم بالصحبة على الاخوة فهم أخوة
وصحابة واللاحقون اخوة فحسب قال تعالى إنما المؤمنون اخوة وإخواني أي المراد بإخواني أو الذين
لهم أخوة فقط وأنا فرطهم بفتحتين أي أنا أتقدمهم على الحوض أهيئ لهم ما يحتاجون إليه كيف
تعرف أي يوم القيامة كأنهم فهموا من تمنى الرؤية وتسميتهم باسم الاخوة دون الصحبة أنه لا يراهم
94

في الدنيا فإنما يتمنى عادة ما لم يمكن حصوله ولو حصل اللقاء في الدنيا لكانوا صحابة وفهموا من قوله
أنا فرطهم أنه يعرفهم في الآخرة فسألوا عن كيفية ذلك أرأيت أي أخبرني والخطاب مع كل من
يصلح له من الحاضرين أو السائلين غر بضم فتشديد جمع الأغر وهو الأبيض الوجه محجلة
اسم مفعول من التحجيل والمحجل من الدواب التي قوائمها بيض بهم بضمتين أو سكون الثاني وهو
الأشهر للازدواج دهم والمراد سود والثاني تأكيد للأول غر الخ أي وسائر الناس ليسوا
كذلك اما لاختصاص الوضوء بهذه الأمة من بين الأمم وحديث هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي
إن صح لا يدل على وجود الوضوء في سائر الأمم بل في الأنبياء أو لاختصاص الغرة والتحجيل
وأنا فرطهم ذكره تأكيدا والله تعالى أعلم قوله (151) فأحسن الوضوء هو الاسباغ مع مراعاة الآداب
بلا اسراف يقبل الاقبال بالقلب أن لا يغفل عنهما ولا يتفكر في أمر لا يتعلق بهما ويصرف
نفسه عنه مهما أمكن والاقبال بالوجه أن لا يتلفت به إلى جهة لا يليق بالصلاة الالتفات إليها ومرجعه
الخشوع والخضوع فإن الخشوع في القلب والخضوع في الأعضاء قلت يمكن أن يكون هذا الحديث بمنزلة
95

التفسير لحديث عثمان وهو من توضأ نحو وضوئي الخ وعلى هذا فقوله أحسن الوضوء هو أن يتوضأ نحو ذلك
الوضوء وقوله في حديث عثمان لا يحدث نفسه فيهما هو أن يقبل عليهما بقلبه ووجهه وقوله في ذلك الحديث غفر له
الخ أريد به أنه يجب له الجنة ولا شك أن ليس المراد دخول الجنة مطلقا فإنه يحصل بالايمان بل
المراد دخولا أوليا وهذا يتوقف على مغفرة الصغائر والكبائر جميعا بل مغفرة ما يفعل بعد ذلك أيضا
نعم لا بد من اشتراط الموت على حسن الخاتمة وقد يجعل هذا الحديث بشارة بذلك أيضا والله تعالى أعلم
قوله الوضوء من المذي بفتح الميم وسكون ذال معجمة وتخفيف ياء أو بكسر ذال وتشديد ياء هو
الماء الرقيق اللزج يخرج عادة عند الملاعبة والتقبيل قوله مذاء بالتشديد والمد للمبالغة في كثرة
المذي لرجل جالس إلى جنبي الظاهر أن المراد أي في مجلسه صلى الله تعالى عليه وسلم فهذا يدل على
حضوره مجلس الجواب كما جاء في بعض الروايات وهذا يرد على من استدل بالحديث على جواز الاكتفاء
بالظن مع إمكان حصول العلم وفيه أنه ينبغي أن لا يذكر ما يتعلق بالجماع والاستمتاع عند الأصهار
قوله (153) إذا بنى الرجل إلى قوله فسل كان جواب إذا مقدر أي ماذا عليه ما أدرى فسل يغسل
مذاكيره هو جمع ذكر على غير قياس وقيل جمع لا واحد له وقيل واحده مذكار وإنما جمع مع أنه في الجسد
96

واحد بالنظر إلى ما يتصل به وأطلق على الكل اسمه فكأنه جعل كل جزء من المجموع كالذكر في حكم
الغسل وقد جاء الامر بغسل الأنثيين صريحا قبل غسلهما احتياطا لان المذي ربما انتشر فأصاب
الأنثيين أو لتقليل المذي لان برودة الماء تضعفه وذهب أحمد وغيره إلى وجوب غسل الذكر والأنثيين
للحديث قوله فأمرت عمارا لا منافاة بين الروايتين لجواز أمره كلا من عمار ومقداد قوله فلينضح
97

فرجه أي ليغسله قوله (158) أن الملائكة تضع الخ أي تضعها لتكون وطاء له إذا مشى
وقيل هو بمعنى التواضع له تعظيما له بحقه وقيل أراد بوضع الأجنحة نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران
وقيل أراد اظلالهم بها وعلى التقادير فالفعل غير مشاهد لكن بأخبار الصادق صار كالمشاهد ففائدته
إظهار تعظيم العلم بواسطة الاخبار ويحتمل أن الملائكة يتقربون إلى الله تعالى بذلك ففائدة فعلهم يكون
ذلك فائدة الاخبار إظهار جلالة العلم عند الناس والله تعالى أعلم وقوله الا من جنابة أي فمنها تنزع
98

ولكن لا تنزع من غائط ففي الكلام تقدير بقرينة قوله شكى الأقرب أنه على بناء المفعول والرجل
بالرفع على أنه نائب الفاعل وجملة يجد الشئ استئناف أو صفة للرجل على أن تعريفه للجنس وجعله
حالا بعيد معنى ويحتمل أن يقال نائب الفاعل الجار والمجرور والرجل مبتدأ والجملة خبره والجملة
استئناف بيان للشكاية كأنه قيل ماذا قيل في الشكاية فأجيب قيل الرجل يجد الخ وأما جعل شكا مبنيا
للفاعل والرجل فاعله فبعيد فإن اللائق حينئذ أن يكتب شكا بالألف وأن يكون قوله لا ينصرف بالخطاب
لا الغيبة ثم الغاية تدل على أنه إذا وجد ريحا أو سمع صوتا ينصرف لأجل الوضوء وهو المطلوب
والمقصود بقوله حتى يجد ريحا الخ أي حتى يتيقن بطريق الكناية أعم من أن يكون بسماع صوت
أو وجدان ريح أو يكون بشئ آخر وغلبة الظن عند بعض العلماء في حكم المتيقن فبقي أن الشك
لا عبرة به بل يحكم بالأصل المتيقن وان طرأ الشك في زواله والله تعالى أعلم قوله (161) فلا يدخل يده في
99

الاناء أي في الاناء الذي فيه ماء الوضوء ولذا جاء في بعض الروايات في الوضوء بفتح الواو فهذا يدل
علي أن الوقت وقت لادخال اليد في الوضوء وأخذ منه المصنف الترجمة قوله (162) إذا نعس بفتحتين
فلينصرف بإتمام الصلاة مع تخفيف لا بقطعها لعله يدعو على نفسه موضوع الدعاء له من غلبة
النعاس وأخذ منه المصنف أن النعاس لا ينقض الوضوء إذ لو كان ناقضا للوضوء لما منع الشارع عن
الصلاة بخشيته أن يدعو على نفسه بل وجب أن يذكر الشارع أنه لا تصح صلاته مع النعاس أو نحوه
لانتفاض وضوئه قوله (164) إذا أفضى أي وصل إليه الرجل بيده
100

أمارى أجادل من حرسه بفتحتين أي خدمه قوله (165) إلا مضغة بضم ميم وسكون ضاد معجمة
ثم غين معجمة أو بضعة بفتح موحدة وسكون ضاد معجمة ثم عين مهملة ومعناهما قطعة من اللحم وهو
شك من الراوي وصنيع المصنف يشير إلى ترجيح الاخذ بهذا الحديث حيث أخر هذا الباب وذلك لأنه بالتعارض
حصل الشك في النقض والأصل عدمه فيؤخذ به ولان حديث بسرة يحتمل التأويل بأن يجعل مس الذكر كناية عن
البول لأنه غالبا يرادف خروج الحدث منه ويؤيده أن عدم انتقاض الوضوء بمس الذكر قد علل بعلة
دائمة وهي أن الذكر بضعة من الانسان فالظاهر دوام الحكم بدوام علته ودعوى أن حديث قيس بن طلق
101

منسوخ لا تعويل عليه والله تعالى أعلم قوله مسني برجله ليوقظني ومعلوم أن ذاك كان مسابلا
شهوة فاستدل به المصنف على أن المس بلا شهوة لا ينقض وأما بالشهوة فالدليل على عدم الانتقاض أن
الأصل هو العدم حتى يظهر دليل الانتقاض للقائل به وهذا يكفي في القول بعدم النقض بل سيظهر
دليل العدم وهو حديث القبلة إذ القبلة لا تخلو عادة عن مس بشهوة والله تعالى أعلم قوله (167) غمز رجلي
لان رجلها كان في موضع سجوده صلى الله تعالى عليه وسلم فكان يعلمها بالغمز أنه يريد السجود ولا يخفى
ما فيه من المس والقول بأنه كان بحائل بعيد يحتاج إلى دليل قوله والبيوت يومئذ الخ اعتذار عنها
بأنها ما كانت تدري وقت سجوده لعدن المصباح والا لما احتاج صلى الله تعالى عليه وسلم إلى
الغمز كل مرة بل هي ضمت رجلها إليها وقت السجود قوله (169) أعوذ برضاك أي متوسلا
102

برضاك من أن تسخط علي وتغضب أعوذ بك منك أي أعوذ بصفات جمالك عن صفات جلالك
فهذا اجمال بعد شئ من التفصيل وتعوذ بتوسل جميع صفات الجمال عن صفات الجلال والا فالتعوذ من الذات
مع قطع النظر عن شئ من الصفات لا يظهر وقيل هذا من باب مشاهدة الحق والغيبة عن الخلق وهذا
محض المعرفة الذي لا يحيطه العباد لا أحصى ثناء عليك أي لا أستطيع فردا من ثنائك على شئ من
نعمائك وهذا بيان لكمال عجز البشر عن أداء حقوق الرب تعالى ومعنى أنت كما أثنيت على نفسك
أي أنت الذي أثنيت على ذاتك ثناء يليق بك فمن يقدر على أداء حق ثنائك فالكاف زائدة والخطاب في
عائد الموصول بملاحظة المعنى نحو انا الذي سمتني أمي حيدره ويحتمل أن الكاف بمعنى على والعائد إلى
الموصول محذوف أي أنت ثابت دائم على الأوصاف الجليلة التي أثنيت بها على نفسك والجملة على
الوجهين في موضع التعليل وفيه إطلاق لفظ النفس على ذاته تعالى بلا مشاكلة وقل أنت تأكيد
103

للمجرور في عليك فهو من استعارة المرفوع المنفصل موضع المجرور المتصل إذ لا منفصل في المجرور
وما في كما مصدرية والكاف بمعنى مثل صفة ثناء ويحتمل أن تكون ما على هذا التقرير موصولة أو
موصوفة والتقدير مثل ثناء أثنيته أو مثل الثناء الذي أثنيته على أن العائد المقدر ضمير المصدر ونصبه على
كونه مفعولا مطلقا وإضافة المثل إلى المعرفة لا يضر في كونه صفة نكرة لأنه متوغل في الابهام فلا
يتعرف بالإضافة وقيل أصله ثناؤك المستحق كثنائك على نفسك فحذف المضاف من المبتدأ فصار الضمير
المجرور مرفوعا والله تعالى أعلم قوله يقبل من التقبيل وهذا لا يخلو عن مس بشهوة عادة فهو
ودليل على أن المس بشهوة لا ينقض الوضوء قوله وإن كان مرسلا أي لان إبراهيم التيمي لم يسمع
من عائشة كما قاله أبو داود قلت والمرسل حجة عندنا وعند الجمهور وقد جاء موصولا عن إبراهيم عن
أبيه عن عائشة ذكره الدارقطني وبالجملة فقد رواه البزار بإسناد حسنه فالحديث حجة بالاتفاق ويؤيده
104

أحاديث المس السابقة والقول بأن عدم النقض بالمس من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم كما ذكره
بعض الشافعية يحتاج إلى دليل قوله توضؤوا الخ قد ثبت أن عمومه منسوخ أو مؤول بغسل اليد
والله تعالى أعلم قوله أثوار أقط جمع ثور بمثلثة بمعنى قطعة من الاقط بفتح فكسر هو اللبن الجامد
105

اليابس الذي صار كالحجر قوله (174) قال بن عباس أتوضأ أي اعتراضا على أبي هريرة في الوضوء مما
مسته النار قوله قال محمد القارئ يريد أن محمد بن بشار زاد في روايته لفظ القاري وأن عمر
بن علي أسقطها قيل وفي بعض النسخ قال حدثنا محمد القاري وأظنه خطأ والله تعالى أعلم قوله
مما غيرت النار أي مسته والمراد ما يعم الطبخ والشواء كما يدل عليه الروايات
106

قوله (182) أكل كتفا أي كتف شاة وهو بفتح فكسر
107

ولم يمس ماء كناية عن ترك الوضوء فكأنه ترك الوضوء فغسل اليدين لبيان الجواز قوله
(183) من غير احتلام للتنصيص على أن الجنابة الاختيارية لا تفسد الصوم فضلا عن الاضطرارية قوله
(185) كان آخر الامرين أي تحقق الامر أن الوضوء والترك لكن كان آخرهما الترك وهذا نص في
108

النسخ ولولا هذا الحديث لكانت الأحاديث متعارضة فليتأمل قوله فثرى بضم المثلثة وكسر الراء
المشددة أي بل بالماء قوله فأمره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي ما بعد أسلم كما هو الظاهر
وأما حمل أسلم على أنه أراد الاسلام فأمره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قبل أن يسلم ليوافق
الحديث الآتي فبعيد فالظاهر أنه أمر بالاغتسال إزالة لوسخ الكفر ودفعا لاحتمال الجنابة إذ الكافر لا
يخلو عن ذلك وهذا الاغتسال ندب عند الجمهور واجب عند أحمد لظاهر الامر والله تعالى أعلم قوله (189) إن ثمامة
109

بضم مثلثة وميم مخففة بن أثال بضم ومثلثة مخففة إلى نجل قيل بجيم ساكنة وهو
الماء القليل النابع وقيل هو الماء الجاري قلت أو بخاء معجمة جمع نخلة أي إلى بستان لان البستان لا يخلو
عن الماء عادة فما قيل الجيم هو الصواب ليس بشئ كيف وقد صرحوا أن الخاء رواية الأكثر وقال عياض
الرواية بالخاء وذكر بن دريد بالجيم ثم دخل المسجد الخ فقدم الاغتسال على الاسلام وهو وإن كان فيه
تعظيم الاسلام لكن تقديمه على الاغتسال أولي والله تعالى أعلم قوله (190) بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي اغتسل لعله أمره
110

بذلك لإزالة ما أصابه من تراب أو غيره والله تعالى أعلم قوله (191) بين شعبها بضم الشين المعجمة وفتح
العين المهملة أي نواحيها قيل يداها ورجلاها وقيل نواحي الفرج الأربع وضمير جلس للواطئ وضمير
شعبها للمرأة وأحيل التعيين إلى قرينة المقام ثم اجتهد كناية عن معالجة الايلاج والحديث يدل على
أن الانزال غير مشروط في وجوب الغسل بل المدار على الايلاج قوله (193) وإذا فضخت الماء بالفاء
111

والضاد والخاء المعجمتين أي دفقت والمراد بالماء المني على أنه تعريف للعهد بقرينة المقام وفيه أن المنى
إذا سأل بنفسه من ضعفه ولم يدفعه الانسان فلا غسل عليه والله أعلم قوله فسألت أي بواسطة
المقداد أو عمار كما سبق وقد بين سببه بأنه استحيا لمكان ابنته صلى الله تعالى عليه وسلم فاطمة فمن قال
يحتمل أنه سأل بنفسه أيضا مما يأباه الطبع السليم وعلى هذا فالخطاب في هذه الرواية والرواية السابقة
بالنظر إلى نقل الجواب بمعناه وذكر المني في الجواب لزيادة الإفادة والا فالجواب قد تم ببيان حال المذي
والله تعالى أعلم قوله (195) ما يرى الرجل أي من الحلم إذا أنزلت الماء نسبة الانزال إلى الانسان
نظرا إلى أن هذا الماء عادة لا ينزل الا باجتهاد من الانسان فصار انزالا منه قوله (196) ان الله لا يستحيي
من الحق تمهيد لسؤالها عما يستقبح اظهاره عادة وفيه أن سؤال العبد يشبه التخلق بأخلاق الله تعالى
112

نعم أي إذا رأت الماء كما جاء في روايات الحديث فيحمل المطلق على المقيد أف لك استحقارا لها
وانكارا عليها وأصل آلاف وسخ الأظفار وفيه لغات كثيرة مذكورة في محلها أشهرها تشديد الفاء وكسرها
للبناء والتنوين للتنكير والكاف ههنا وفيما بعد مكسورة لخطاب المرأة أو ترى المرأة قيل إنكار
عائشة وأم سلمة على أم سليم قضية احتلام النساء يدل على قلة وقوعه من النساء قال الحافظ السيوطي
قلت وظهر لي أن يقال أن أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا يقع لهن احتلام لأنه من الشيطان
فعصمن منه تكريما له صلى الله تعالى عليه وسلم كما عصم هو منه ثم بلغني أن بعض أصحابنا بحث
في الدرس منع وقوع الاحتلام من أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأنهن لا يطعن غيره لا يقظة
ولا نوما والشيطان لا يتمثل به فسررت بذلك كثيرا اه قلت وهذا لا ينافي الاستدلال به على قلة
113

الوقوع لأنه لو كان كثير الوقوع لما خفي عليهن عادة والله تعالى أعلم تربت يمينك أي لصقت
بالتراب بمعنى افتقرت وهي كلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب بل اللوم
ونحوه فمن أين يكون الشبه أي الشبه يكون من الماء فإذا ثبت الماء فخروجه ممكن إذا كثر
وفاض ولم يرد أن الشبه يكون من الاحتلام وأنه دليل عليه والشبه بفتحتين أو بكسر فسكون قوله
114

بسم الله الرحمن الرحيم فضحكت أم سلمة قيل في التوفيق يجوز اجتماع عائشة وأم سلمة في واحد فبدأت إحداهما
بالانكار وساعدتها الأخرى فأقبل صلى الله تعالى عليه وسلم عليهما بالانكار وكذا يجوز تعدد القضية
أيضا بأن نسيت أم سليم الجواب فجاءت ثانيا للسؤال وأرادت بالمجئ ثانيا زيادة التحقيق والتثبيت
والله تعالى أعلم ففيم أي فلم فكلمة في بمعنى اللام وفي نسخة فبم بالباء قوله (199) الماء من الماء
أي وجوب الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء الدافق فالأول الماء المطهر والثاني المني
وهذا الحديث يفيد الحصر عرفا أي لا يجب الغسل بلا ماء فينبغي أن لا يجب بالادخال أن لم
ينزل فيعارض حديث إذا قعد بين شعبها فالجمهور على أن حديث الماء من الماء منسوخ لقول أبي
115

بن كعب كان الماء من الماء في أول الاسلام ثم ترك بعده وأمر بالغسل إذا مس الختان الختان وقال
بن عباس حديث الماء من الماء في الاحتلام لا في الجماع واليه أشار المصنف في الترجمة توفيقا بين
الأحاديث لكن رد بأن مورد حديث الماء من الماء هو الجماع لا الاحتلام كما جاء في صحيح مسلم صريحا
والله تعالى أعلم قوله ماء الرجل الخ قيل ما ذكر في صفة الماءين إنما هو في غالب الامر واعتدال
الحال والا فقد يختلف أحوالهما للعوارض فأيهما سبق أي تقدم في الانزال أو غلب وكثر في المقدار
والضمير للماءين وعلى الأول لو جعل للرجل والمرأة لكان له وجه كان الشبه أي شبه الولد بالأب
أو الام في المزاج والذكورة والأنوثة وكان تامة أو ناقصة والخبر محذوف أي له أو الاسم الضمير والشبه
خبر بتقدير سبب الشبه أو صاحب الشبه فليتأمل قوله تستحاض على بناء المفعول وهذا الفعل من
الافعال اللازمة البناء للمفعول فزعمت أي قالت وهذا من استعمال الزعم في القول الحق
116

إنما ذلك بكسر الكاف على خطاب المرأة أي إنما ذلك الدم الزائد على العادة السابقة وذلك لأنه الدم
الذي اشتكته عرق أي دم عرق لا دم حيض فإنه من الرحم الحيضة بفتح الحاء أي دم الحيض
أو بالكسر حالة الحيض أو هيئته بمعنى أن يكون الدم على هيئته يعرف أنه دم حيض وقد جاء أن دم
الحيض يعرف فلعل بعض النساء تعرفة فاغسلي عنك الدم الظاهر أنه أمر بغسل ما على بدنها من
117

الدم فلا بد من تقدير أي واغتسلي وتركه اما من الرواة أو لظهور وجوب الاغتسال ويحتمل أن يقال
معناه واغسلي عنك أثر الدم وهو الجنابة أو نصب الدم بنزع الخافض أي للدم ولا يخفى بعد هذين
الاحتمالين وعلى الوجوه فالاستدلال به على وجوب الاغتسال للحيض بعيد وفي بعض النسخ فاغتسلي واغسلي
عنك الدم وعلى هذه النسخة يظهر الاستدلال والظاهر أنه قصد الاستدلال بالرواية الثانية والله تعالى
أعلم بحقيقة الحال قوله (203) إن هذه ليست بالحيضة ذكروا أنه بالفتح لا غير لان المراد اثبات الاستحاضة
ونفي الحيض فالمعنى أن هذا الدم ليس بحيض وإنما هو دم عرق والتأنيث أولا والتذكير ثانيا لمراعاة
الخبر قلت والفتح أظهر لكن يمكن الكسر على أن المعنى هذه الحالة أو هذه الهيئة ليست بحالة الحيض
أو هيئته ولكن هذا الدم دم عرق فالحالة حالة الاستحاضة فالاستدراك يحسن نظرا إلى لازمه فليتأمل
قوله (204) فكانت تغتسل لكل صلاة أي في غير أيام الحيض باجتهاد منها أو بحمل كلامه صلى الله تعالى
عليه وسلم على ذلك وهذا ظاهر هذا اللفظ لكن سيجئ ما يدل على أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
أمر بذلك في مركن هو بكسر ميم إجانة تغسل فيها الثياب
118

قوله ختنة بفتحتين أي أخت زوجته صلى الله تعالى عليه وسلم قوله ملآن وفي بعض النسخ ملاى
وكذا في مسلم جاء بالوجهين قال النووي وهما صحيح التذكير على اللفظ والتأنيث على المعنى لأنه إجانة قدر ما
كانت الخ أي قدر عادتك السابقة
119

قوله (208) كانت تهراق الدم على بناء المفعول من هراق ونصب الدم أو الرفع وأصل هراق
أراق بدلت الهمزة هاء ويقال يهريق بفتح الهاء لان الهاء موضع الهمزة ولو كانت الهمزة ثابتة
في المضارع لكانت مفتوحة ويقال إهراق يهريق بسكون الهاء جمعا بين البدل والأصل ونصب الدم
تشبيها بالمفعول وهو في المعنى تمييز الا أنه لا يطلق عليه اسم التمييز مراعاة لقواعد الاعراب وقيل هو
تمييز وتعريفه زائد والأصل يهراق دمها فأسند الفعل إلى ضمير المرأة مبالغة وجعل الدم تمييزا وقيل
يجوز تعريف التمييز لورود أمثاله كثيرا وقيل على إسقاط حرف الجر أي بالدماء أو على إضمار الفعل
أي يهريق الله تعالى الدم منها أو لما قيل يهراق كأنه قيل ما تهريق قال تهريق الدم والرفع على أنه بدل
من ضمير تهراق أو نائب الفاعل إن كان يهراق بلفظ التذكير فإذا خلفت ذلك من التخليف أي
جعلتها وراءها والمراد إذا مضت تلك الأيام والليالي ثم لتستثفر بمثلثة قبل الفاء والاستثفار أن
تشد ثوبا تحتجر به يمسك موضع الدم ليمنع السيلان ثم لتصلي كذا في نسختنا بإثبات الياء على الاشباع
120

أو على أنه عومل المعتل معاملة الصحيح والله تعالى أعلم قوله ركضة بفتح فسكون الضرب بالرجل كما تفعل
الدابة وقد جاء أنها ركضة من ركضات الشيطان فلعل معنى من الرحم أي في الرحم والمراد أن الشيطان ضرب
بالرجل في الرحم حتى فتق عرقها وقيل إن الشيطان وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها
فصار كأنها ركضة نالها من ركضاته في الرحم قوله قدر أقرائها أي حيضها وقوله التي صفة القدر
لتأويله بالمدة ولها بمعنى فيها قوله (211) رضي الله تعالى عنه بنت أبي حبيش بضم حاء مهملة وفتح موحدة وسكون مثناة
تحتية بعدها شين معجمة واسم أبي حبيش قيس فلذا كان فيما سبق بنت قيس ثم هذه الأحاديث كلها
مبنية على إطلاق القرء على الحيض ولهذا ذكره المصنف كما ذكره في بعض النسخ ليكون دليلا على أن
المراد بالقرء في القرآن الحيض والمحققون على أن القرء من الأضداد يطلق على الحيض والطهر قوله
121

(213) عرق عاند شبه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته وقيل العاند الذي لا يسكن فأمرت
122

على بناء المفعول والظاهر في مثله أن القائل والآمر هو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والحاصل أنها
أمرت بالجمع بين الصلاتين بغسل ففيه دلالة على الجمع لعذر والله تعالى أعلم قوله نفست على بناء
المفعول مرها أن تغتسل هذا الاغتسال كان للتنظيف لأجل الاحرام وليس هو من قبيل الاغتسال
من النفاس لان ذلك الاغتسال يكون عند انقطاع النفاس لا في أثنائه وحال قيامه فإنه لا ينفع حينئذ
وهذا الاغتسال المأمور به كان في ابتداء النفاس وحال قيامه فلا وجه لذكر هذا الحديث في هذا الباب
والله تعالى أعلم قوله يعرف أي معروف بين النساء ولعل المراد أن بعض النساء تعرفه والله تعالى
123

أعلم قوله (222) أي الليل أي أي طرفي الليل في الامر سعة بفتح السين أي حيث أباح لنا الامرين
وبين لنا نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك بتقديم الغسل مرة وتأخيره أخرى لكن قد يقال لا دلالة
في الحديث على جواز التأخير الذي فيه سعة لجواز أنه كان يغتسل أول الليل إذا كانت الجنابة أول الليل
125

ويغتسل آخره إذا كانت الجنابة آخره الا أن يقال يفهم التأخير بقرينة السؤال وبقرينة تقرير عائشة
السائل على قوله الحمد لله الخ فليتأمل قوله (223) كل ذلك مفعول لمقدر أي يفعل كل ذلك أو مبتدأ خبره
مقدر أي كل ذلك يفعله وجملة ربما الخ بيان له ومعنى كل ذلك أي كلا من الاغتسال أول الليل والاغتسال
آخره قوله (224) كنت أخدم من باب نصر ولني قفاك أي اجعله إلى مثل يولوكم الادبار فأستره
للمتكلم أي أستر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بقفاي قوله فسلمت يحتمل أنها سلمت على فاطمة
أو عليه صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى الثاني يكون دليلا على جواز السلام على المشتغل بالاغتسال
للتقرير من هذا على اعتبار الإشارة إلى الشخص الداخل وفيه دليل على جواز التكلم للمغتسل قوله
126

حزرته بمهملة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة أي قردته وخمنته قوله (228) وهو الفرق بفتحتين وجوز
سكون الثاني مكيال يسع ستة عشر رطلا قوله بمكوك بفتح ميم وتشديد كاف أي بمد ومكاكي
127

كأناسى قوله (230) يكفي من الغسل أي في الغسل من كان خيرا منكم يريد النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم قوله على أنه لا وقت أي لا حد وكأنه أخذ ذلك من قولها وهو قدر الفرق فإنه يدل
عرفا على أنه كلام تخميني لا تحقيقي فلو كان قدرا محدودا لما اكتفت بذلك بل بينت الحد وأنه
لا يجوز الزيادة عليه أو أخذ ذلك من أن الرواية السابقة تدل على أنه كان يغتسل وحده
بقدح هو قدر الفرق وهذه الرواية تدل على أنه هو وعائشة يغتسلان من قدر الفرق فينبغي
أن لا يكون الماء محدودا بحيث لا تجوز الزيادة عليه والنقصان منه والله تعالى أعلم
128

قوله (234) أنازع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الاناء أي أنا أجره إلى نفسي وهو صلى الله تعالى
عليه وسلم يجره إلى نفسه وهذا من حسن العشرة مع الأهل قوله سئلت على بناء المفعول إذا
كانت كيسة في المجمع أرادت حسن الأدب في استعمال الماء مع الرجل قلت فسرها الأعرج بقوله
لا تذكر فرجا ولا تباله والفرج معرفة في حيز النكرة يعم فرجها وفرج الزوج ولا تباله بفتح التاء أصله
تتباله بتاءين حذفت إحداهما من تباله الرجل إذا أرى من نفسه ذلك وليس به أي ولا تأتي بأفعال المرأة
البلهاء والابلة خلاف الكيس والمرأة بلهاء كحمراء من مركن بكسر الميم نفيض على أيدينا أي
129

نبدأ باليدين ولذا قالت حتى ننقيهما بضمير التثنية ثم نفيض عليها أي على أبداننا وارجاع الضمير
وان لم يجر لها ذكر لكونها معلومة واعتبار الأبدان شائع في مثل هذا الموضع والله تعالى أعلم قوله
أن يمتشط الخ أي عن الاكثار في الامتشاط والزينة بفضل المرأة قيل المراد بالفضل المستعمل
في الأعضاء لا الباقي في الاناء ويرده قوله وليغترفا جميعا وقيل بل النهي محمول على التنزيه وقد رأى بعضهم
أن معارض هذا الحديث أقوى قوله يبادرني فيه دليل على أن كل واحد منهما يريد أن يسبق
على صاحبه فلولا جاز استعمال الفضل لما قصد السبق لما فيه من افساد الماء على الآخر وبالجملة
130

فالجمهور على جواز استعمال فضل كل منهما الآخر والأدلة كثيرة وقد نسب إلى أحمد القول بعدم جواز
الفضل والله تعالى أعلم قوله (240) في قصعة أي من قصعة وهو بدل مما قبله والقصعة نوع من الاناء
وقوله فيها أثر العجين يدل على أن الطاهر القليل لا يخرج الماء عن الطهورية قوله (241) أشد ضفر رأسي
قال النووي بفتح ضاد وسكون فاء هو المشهور رواية أي أحكم فتل شعري وقيل هو لحن والصواب
ضمهما جمع ضفيرة كسفن جمع سفينة وليس كما زعمه بل الصواب جواز الآمرين والأول أرجح رواية
قال بن العربي يقرؤه الناس بإسكان الفاء وإنما هو بفتحها لأنه بسكون الفاء مصدر ضفر رأسه ضفرا
وبالفتح هو الشئ المضفور كالشعر وغيره والضفر نسج الشعر وإدخال بعضه في بعض قلت المصدر
يستعمل بمعنى المفعول كثيرا كالخلق بمعنى المخلوق فيجوز اسكانه على أنه مصدر بمعنى المضفور مع أنه
يمكن ابقاؤه على معناه المصدري لان شد المنسوج يكون بشد نسجه كما يشير إليه كلام النووي رحمه الله
تعالى أفأنقضه أي أيجب على شرعا النقض أم لا والا فهي مخيرة وما جاء في بعض الروايات أنه قال
لا فالمراد أنه لا يجب لا أنه لا يجوز إنما يكفيك أي في تمام الاغتسال لا في غسل الرأس فقط
والا لما كان لقوله ثم تفيضي معنى وعلى هذا فكلمة إنما تدل على عدم افتراض الدلك والمضمضة
131

والاستنشاق في الغسل أن تحثى بسكون الياء لأنها ياء الخطاب والنون محذوفة بالنصب ولا يجوز
نصب اياء ثم تفيضي في بعض النسخ تفيضين بإثبات النون وكأنه على الاستئناف وفي بعضها
الأول بالنون وكأنه على اهمال أن تشبيها لها بما المصدرية والله تعالى أعلم قوله (242) انقضى رأسك
وامتشطي أشار بالترجمة إلى أن المراد بذلك هو الاغتسال لاحرام الحج كما وقع التصريح بذلك في
رواية جابر والله تعالى أعلم قوله الا أشهب يريد أن أشهب رواه عن مالك عن هشام بن عروة
132

والمعروف إنما هو مالك عن بن شهاب فقط قوله (245) فيغسل ما على فخذيه أي من أثر المنى لئلا يكثر
133

بإفاضة الماء على البدن فيتلوث به البدن قوله (246) قال عمرو ولا أعلمه أي عطاء بن السائب الا قال الخ
ولا يخفى أن ظاهره غسل اليسرى مرة ثانية لا غسلهما كما في الترجمة فكأنه أشار بالترجمة إلى أن المراد
فيجمعهما في الغسل بقرينة الروايات المتقدمة والله تعالى أعلم قوله (247) كما يتوضأ للصلاة ظاهره أنه
يغسل الرجلين أيضا فكأنه يغسلهما أحيانا ويؤخرهما إلى الفراغ من الغسل أحيانا مراعاة
للمكان فيخلل بها أصول شعره لأنه أسهل لوصول الماء
134

قوله (248) حتى يصل إلى شعره كلمة حتى بمعنى كي أي كي يصل الماء إلى شعره ويستوعبه قوله (249) الرب عز وجل يشرب
رأسه من التشريب أو الاشراب أي يسقيه الماء والمراد به ما سبق من التخليل قوله (250) أما أنا فأفيض
135

الخ أما بفتح همزة وتشديد ميم وأفيض بضم الهمزة من الإفاضة وقسيم أما ما ذكره الناس الحاضرون
أي أما أنتم فتفعلون ما ذكرتم وفيه سنية التثليث في الإفاضة على الرأس وألحق به غيره فإن الغسل أولى
بالتثليث من الوضوء المبني على التخفيف في مجمع البحار قلت لكن بعض الأحاديث تدل على أنه كان
يقصد بالثلاث الاستيعاب مرة لا التكرار مرات كما قررناه في حاشية سنن أبي داود والله تعالى أعلم
ومعنى ثلاث أكف ثلاث حفنات ملء الكفين ذكره في المجمع وأكف بفتح همزة وضم كاف فمشددة
جمع كف قوله (251) فأخبرها كيف تغتسل أي بين لها كيفية الاغتسال فرصة بكسر فاء وسكون
راء وصاد مهملة أي قطعة من قطن أو صوف تقرض أي تقطع من مسك المشهور كسر الميم والمراد
الطيب المعلوم أي مطيبة من مسك فعلى هذا فمتعلق الجار خاص بقرينة المقام وأنكره بعض بأنهم ما كانوا
أهل وسع يجدون المسك فالوجه فتح الميم أي كائنة من جلد عليه صوف فمتعلق الجار عام وما جاء في بعض
الروايات فرصة ممسكة يحمل على الأول على أنها مطيبة بمسك وعلى الثاني على أنها خلق قد مسكت كثيرا
لا جديد قلت الأحاديث تفيد المعنى الأول حتى قد جاء في الاحداد ولا تمس طيبا الا إذا طهرت نبذة من
قسط أو أظفار فليتأمل فاستتر كذا أي حياء من أن يواجهها بذكر محل الدم سبحان الله تعجبا
136

من عدم فهمها المقصود قوله (252) لا يتوضأ بعد الغسل أي يصلى بعد الاغتسال وقبل الحدث بلا وضوء
جديد اكتفاء بالوضوء الذي كان قبل الاغتسال أو بما كان في ضمن الاغتسال والله تعالى أعلم بالحال
قوله غسله بضم الغين أي ماء الغسل على حذف المضاف وهو اسم للماء الذي يغتسل به فلا حاجة
إلى تقدير مضاف وقوله من الجنابة متعلق بفعل الاغتسال المفهوم في ضمنه فدلكها تنظيفا
137

لها تنحى تبعد عن مكانه بالمنديل بكسر الميم وظاهر هذا الحديث أنه غسل الرجلين مرتين
مرة لتتميم الوضوء ومرة لتنظيفهما عن أثر المكان الذي اغتسل فيه قوله (254) وجعل يقول أي يمسحه
عن البدن قوله توضأ تخفيفا للجنابة
138

قوله غسل يديه أي أحيانا يقتصر على ذلك لبيان الجواز وأحيانا يتوضأ لتكميل الحال
قوله أينام أي أيحسن له النوم فقوله إذا توضأ معناه يحسن له إذا توضأ والا فالوضوء عند الجمهور
مندوب لا واجب والامر عندهم محمول على الندب لدليل لاح لهم
139

قوله (260) الله تعالى أن تصيبه الجنابة من الليل أي في الليل مثله إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أو هي لابتداء
الغاية في الزمان أي ابتداء إصابة الجنابة الليل ذكره الولي العراقي توضأ أي ندبا وقال طائفة
بالوجوب واغسل ذكرك الواو لا تفيد الترتيب والعقل يقتضي تقديم غسل الذكر على الوضوء
140

قوله بن نجي بضم نون وفتح جيم وتشديد ياء وثقة النسائي ونظر البخاري في حديثه قوله لا تدخل
الملائكة حملت على ملائكة الرحمة والبركة لا الحفظة فإنهم لا يفارقون الجنب ولا غيره وحمل الجنب
على من يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لا من يؤخر الاغتسال إلى حضور الصلاة وأشار المصنف
بالترجمة إلى أن المراد من لم يتوضأ وبالجملة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ويطوف
على نسائه بغسل واحد ورخص في النوم بوضوء فلا بد من تخصيص في الحديث وحمل الكلب على غير
كلب الصيد والزرع ونحوهما وأما الصورة فهي صورة ذي روح قيل إذا كان لها ظل وقيل بل أعم
141

ومال النووي إلى إطلاق الحديث لكن أدلة التخصيص أقوى وأظهر والله أعلم قوله (262) أن يعود
أي إلى أهله بعد أن جامع توضأ أي بين الجماع الأول والعود زاد البيهقي فإنه أنشط للعود وقد حمله قوم
على الوضوء الشرعي لأنه الظاهر وقد جاء في رواية بن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة وأوله قوم بغسل
الفرج وقالوا إنما شرع الوضوء للعبادات لا لقضاء الشهوات ولو شرع لقضاء الشهوة لكان الجماع أولا
142

مثل العود فينبغي أن يشرع له والانصاف أنه لا مانع من الندب والجماع ينبغي أن يكون مسبوقا بذكر الله
مثل بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فلا مانع من ندب الوضوء له ثانيا تخفيفا
للجنابة بخلاف الأول فليتأمل قوله (263) طاف على نسائه أي دار وهو كناية عن الجماع بغسل واحد
وفي رواية في غسل والمعنى واحد أي يجامعهن ملتبسا ومصحوبا بنية غسل واحد وتقديره والا فالغسل
بعد الفراغ من جماعهن وهذا يحتمل أنه كان يتوضأ عقب الفراغ من كل واحدة منهن ويحتمل ترك
الوضوء لبيان الجواز ومحمله على عدم وجوب القسم عليه أو على أنه كان برضاهن وقال القرطبي يحتمل
143

أن يكون عند قومه من سفر أو عند تمام الدور عليهن وابتداء دور آخر أو يكون ذلك مخصوصا به
والا فوطئ المرأة في نوبة ضرتها ممنوع منه قوله (265) عن عبد الله بن سلمة بكسر اللام قوله ليس
الجنابة بالنصب على أن ليس من أدوات الاستثناء والمراد بعموم شئ ما يجوز العقل فيه القراءة من
الأحوال والا فحالة البول والغائط مثل الجنابة لكن خروجهما عقلا أغنى عن الاستثناء
144

قوله (267) فحدت عنه بكسر الحاء من حاد يحيد أي ملت عنه إلى جهة أخرى لا ينجس بفتح الجيم وضمها أي
الحدث ليس بنجاسة تمنع عن المصاحبة وتقطع عن المجالسة وإنما هو أمر تعبدي أو المؤمن لا ينجس أصلا
ونجاسة بعض الأعيان اللاصقة بأعضائه أحيانا لا توجب نجاسة الأعضاء نعم تلك الأعيان يجب الاحتراز
عنها فإذا لم تكن فما بقي الا أعضاء المؤمن فلا وجه للاحتراز عنها فكأنه قال لو كانت هناك نجاسة
لكانت تلك النجاسة في أعضاء المؤمن إذ ليس هناك عين نجسة لاصقة به والمؤمن لا ينجس بهذه الصفة
فلا نجاسة والله تعالى أعلم قوله فأهوى إليه أي مال إليه ومد يده نحوه ولا منافاة بين الروايتين فيمكن
أنه حين أهوى إليه حاد حذيفة بلا كلام ثم يوم جاء قال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك فقال حذيفة
اني جنب الخ قوله (269) الرب عز وجل فانسل عنه أي ذهب عنه في خفية
145

سبحان الله تعجب مما فعل واعتقد من نجاسة المؤمن قوله (70) ناوليني الثوب أي
من الحجرة إني لا أصلي كنابة عن الحيض فقال أنه أي الحيض أو الدم ليس في يدك
حتى يمنع عن إدخال اليد في المسجد قوله الخمرة بضم خاء معجمة وسكون ميم ما يصلي
عليه الرجل من حصير ونحوه من المسجد متعلق بقال أي قال وهو في المسجد ناوليني
الخمرة لان المناولة كانت من الحجرة كما سبق كذا يفهم من تقرير عياض وهذا مبني على اتحاد
القضية والأظهر تعددها وتعلق من بناوليني ولما كانت المناولة من المسجد أشد من مناولة من في المسجد
من الخارج اعتذرت بالحيض فيها كما اعتذرت به في المناولة من الخارج فليتأمل ولهذا زيادة إيضاح في
حاشيتنا على صحيح مسلم حيضتك بفتح الحاء أي الدم أو بكسرها أي نجاسة الحيض والفتح أشهر
146

وأظهر والله تعالى أعلم قوله (273) في حجر إحدانا بفتح الحاء وكسرها قيل حجر الثوب هو طرفة
المقدم والانسان يربي ولده في حجره واسم الحجر يطلق على الثوب والحضن إلى المسجد لا يقتضي
الدخول فيه والبسط يتأتى ممن هو في الخارج أيضا قوله (275) يومئ إلى رأسه أي يخرجه إلى وهي في
147

الحجرة قوله مجاور أي معتكف قوله أرجل من الترجيل بمعنى تسريح الشعر قوله طامث
بالمثلثة أي حائض وأنا عارك أي حائض العرق بضم عين وسكون راء العظم الذي أخذ منه
معظم اللحم وبقي عليه قليل فيقسم من الاقسام على بتشديد فيه أي في شأنه أي يقول
أقسمت عليك أن تبدئي به أو والله ابدئي به فأعترق منه يقال اعترقت العظم وعرقته وتعرقته إذا
أخذت عنه اللحم بأسنانك ويضع فمه حيث وضعت إظهارا للمودة وبيانا للجواز وفيه ما كان عليه
148

من اللطف بأهل بيته قوله (283) أنا مضطجعة بالرفع وقال الحافظ السيوطي ويجوز النصب قلت بعيد ههنا
وإنما شراح صحيح البخاري جوزوه في رواية البخاري بلفظ بينما أنا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
مضطجعة بناء على أن يكون الظرف خبرا ومضطجعة حالا فليتأمل في الخميلة بفتح خاء معجمة وكسر
ميم وهي القطيفة ذات الخمل وهو الهدب فانسللت خرجت بتدريج تقذرت بنفسها أن تضاجعه
وهي كذلك أو خشيت أن يصيب شئ من دمها وأن يطلب منها استمتاعا ثياب حيضتي بكسر الحاء
واختاره كثير أي الثياب التي أعددتها لألبسها حالة الحيض وجوز الفتح بمعنى الحيض كما جاء في رواية
والمعنى على تقدير مضاف أي الثياب التي ألبسها زمن الحيض أنفست بفتح نون وكسر فاء أي
أحضت وفي الولادة بضم النون وجوز بعضهم الضم فيهما قوله (284) في الشعار بكسر المعجمة وبالعين
150

المهملة الثوب الذي يلي الجسد لأنه يلي الشعر طامث بطاء مهملة وثاء مثلثة أي حائض فقوله حائض
ذكر تأكيدا ولم يعده بإسكان العين وضم الدال أي لم يجاوزه إلى غيره بل اتقصر عليه قوله
إحدانا أي إحدى نسائه ثم يباشرها أي فوق الإزار والمباشرة فوق الإزار لا يمكن أن تكون
جماعا حتى يقال كيف أطلقت المباشرة مع أن جماع الحائض حرام قوله (286) أن تتزر أي بأن تتزر
قيل صوابه تأتزر بهمزة وتخفيف تاء لا بتشديدها كما هو المشهور إذ الهمزة لا تدغم في التاء ولا يخفى
أنه منقوض باتخذ من أخذ قوله (287) عن بدية بضم موحدة وفتح دال مهملة وبياء مشددة يقول
ندبة بفتح نون ودال جميعا آخره موحدة وقيل بسكون الدال وحكى بضم النون وسكون الدال
151

قوله يباشر المرأة قال السيوطي أي يستمتع في غير الفرج أنصاف الفخذين والركبتين لعل
المراد تارة يبلغ أنصاف الفخذين وتارة الركبتين محتجزة به بزاي معجمة أي شادة له على حجزها وهو
وسطها قوله (288) ولم يجامعوهن في البيوت أي لم يصاحبوهن ولم يساكنوهن ولم يخالطوهن وليس
المراد الوطئ إذ لا يساعده قوله في البيوت فلا يناسب الواقع وكذا المراد بقوله ولا يجامعوهن في البيوت
152

والحديث تفسير للآية وبيان أن ليس المراد بالاعتزال مطلق المجانبة بل المجانبة مخصوصة أنجامعهن
طلبا للرخصة في الوطئ أيضا تتميما لمخالفة الأعداء فتمعر بالعين المهملة أي تغير فبعث في آثارهما
أي رسولا ليحضرا عنده فسقاهما اللبن إظهارا للرضا وزاد الدارقطني في العلل وقال لهما قولا اللهم
انا نسألك من فضلك ورحمتك فإنهما بيدك لا يملكهما أحد غيرك قوله أو نصف دينار قيل التخيير
يدل على أنه مستحب لكن هذا لو لم يكن أو للتقسيم إلى أن الاتيان في أول الحيض لكن روايات الحديث
ناظرة إلى التقسيم نعم في الحديث نوع اضطراب في التقدير ولذا قال النووي هذا الحديث ضعيف
باتفاق الحفاظ وكأنه لذلك قال كثير من العلماء أنه يستغفر الله ولا كفارة عليه قوله (290) لا نرى
قال السيوطي بضم النون أي لا نظن وهذا بالنظر إلى أن غالبهم ما أرادوا الا الحج أو المقصد الأصلي لهم
كان هو الحج والا فقد كان فيهم من اعتمر أولا ومنهم عائشة كما سبق فما كان أي النبي صلى الله
عليه وسلم بسرف بفتح مهملة وكسر راء موضع قريب من مكة وهو ممنوع من الصرف وقد يصرف
153

أنفست بفتح فكسر أو ضم فكسر كما تقدم أي أحضت كتبه الله أي فلا تقصير فيه منك حتى
تبكي غير أن لا تطوفي كلمة لا زائدة أو المقصود إخراج الطواف عما يقضي الحاج لا إخراج عدم
الطواف ويمكن ابقاء لا على معناها على أنه استثناء مما يفهم من الكلام السابق أي فلا فرق بينك وبين
الحاج غير أن لا تطوفي ثم المراد غير الطواف وما يتبعه من السعي لأنه لا يجوز تقديمه على الطواف
ولكونه تابعا لم يذكر والله تعالى أعلم قوله واستثفري بمثلثة قبل الفاء أي أمسكي موضع الدم عن
السيلان بثوب ونحوه وفي بعض النسخ استذفري بذال معجمة قبل الفاء بقلب الثاء ذالا قوله
(292) بنت محصن بكسر ميم وسكون حاء وفتح صاد مهملتين
154

قوله حكيه بضلع بكسر معجمة وفتح لام أي بعود في الأصل واحد أضلاع الحيوان أريد به العود
لشبهه به وقد تسكن اللام تخفيفا قال الخطابي وإنما أمر بحكه لينقلع المتجسد منه اللاصق بالثوب ثم
يتبعه الماء ليزيل الأثر وزيادة السدر للمبالغة والا فالماء يكفي وذكر الماء لأنه المعتاد ولا يلزم منه
أن غيره من المائعات لا تجزى كيف ولو كان لبيان اللازم لوجب السدر أيضا ولا قائل به قوله
(293) وكانت تكون في حجرها تكون زائدة قوله حتية بالمثناة أي حكيه ثم اقرصيه القرص
بالصاد المهملة الدلك بأطراف الأصابع والأظفار مع صب الماء حتى يذهب أثره ثم انضحيه أي
بقية الثوب بناء على أنه مشكوك كما يقول به مالك أو الموضع الأول منه لزيادة التنظيف وهو الظاهر
قوله (294) إذا لم ير فيه أذى أي أثر المنى وقد يستدل به على عدم طهارة المني والله تعالى أعلم
155

قوله (295) اغسل الجنابة أي أثرها وهو المنى أو أريد به المنى مجازا بقع الماء بضم موحدة وفتح قاف جمع بقعة
156

وهي القطعة المختلفة اللون قوله افرك الفرك دلك الشئ حتى ينقلع من باب نصر قوله في حجره
بتقديم حاء مفتوحة أو مكسورة على جيم ساكنة على ثوبه أي ثوب النبي صلى الله عليه وسلم وأغرب من قال من
157

المالكية على ثوب الصبي فنضحه من يرى وجوب الغسل يحمله على الغسل الخفيف ويحمل قوله ولم يغسله
على أنه لم يبالغ في غسله قوله يغسل أي بالمبالغة ويرش أي يغسل غسلا خفيفا وهذا تأويل الحديث
عند من يرى وجوب الغسل فيهما وهو تأويل بعيد قوله (305) من عكل بضم عين وسكون كاف اسم
158

قبيلة وسيجئ أنهم من عرينة بضم عين وفتح راء مهملتين بعدها ياء ساكنة والتوفيق أن بعضهم كانوا
من عكل وبعضهم من عرينة أهل ضرع أي أهل لبن ريف بكسر راء وسكون ياء أي أهل زرع
واستوخموا المدينة أي استثقلوها وكرهوا الإقامة بها فأمر لهم قال الحافظ بن حجر يحتمل أن تكون
اللام زائدة أو للتعليل أو لشبه الملك أو للاختصاص وليست للتمليك بذود بفتح معجمة آخره
مهملة أي جماعة من النوق وهو اسم جمع مخصوص بالإناث من الإبل لا واحد لها من لفظها وأبوالها
جمع بول واستدل به غير واحد كالمصنف على أن بول ما يؤكل لحمه طاهر ومن لم ير ذلك يحمله على
ضرورة التداوي ثم منهم من يرى الاستعمال للتداوي باقيا ومنهم من يرى أن ذلك إذا علم بالقطع ولا
سبيل إليه لغيره صلى الله تعالى عليه وسلم قلت فقول هؤلاء راجع إلى الخصوص وكانوا بناحية الحرة
159

بفتح حاء مهملة وتشديد راء أرض ذات حجارة سود والجملة معترضة الطلب بفتحتين أي الطالبين
لهم فسمورا بتخفيف الميم على بناء الفاعل والضمير للصحابة وجوز تشديد الميم أي كحلوها بمسامير
محماة قوله (306) من عرينة بالتصغير كما تقدم فاجتووا بالجيم أي كرهوا المقام فيها لعدم موافقة
160

هواءها لهم إلى لقاح بكسر لام أي نوق ذات ألبان قوله (307) عند البيت أي الكعبة وملا
161

أي جماعة وقد نحروا جزورا بفتح الجيم هو البعير ذكرا كان أو أنثى الا أن لفظة الجزور
مؤنث فقال بعضهم جاء في مسلم أنه أبو جهل هذا الفرث أي فرث الجزور المذبوحة وهي
جارية أي صغيرة واستدل بالحديث المصنف على طهارة فرث ما يؤكل لحمة ورد بأن الدم نجس وكان
معه دم كما في رواية واستدل آخرون على أن ما يمنع انعقاد الصلاة ابتداء لا يبطل الصلاة بقاء واعتذر
من لا يرى ذلك إما بأن هذا قبل نزول حكم النجاسة أو بأنه لعله ما علم في الصلاة بالنجاسة لاستغراقه
في شأن الصلاة ثم لعله أعادها والله تعالى أعلم في قليب بفتح القاف أي بئر لم تطو
162

قوله (308) فبصق فيه فلولا أنه طاهر ما فعل ذلك قوله (309) فلا يبزق بزق كبصق كلاهما من باب نصر بين يديه
تعظيما لجهة القبلة ولا عن يمينه تعظيما لملك الحسنات سيما في الصلاة التي هي من عظام الحسنات
والا فبزق وان لم يفعل ذلك فليفعل كما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقد بزق صلى الله تعالى
عليه وسلم في الثوب ثم رد بعضه على بعض قوله بالبيداء بفتح الموحدة والمد هي الشرف الذي
قدام ذي الحليفة في طريق مكة أو بذات الجيش قيل هي من المدينة على بريد بينها وبين العقيق
163

سبعة أميال والشك من بعض الرواة عن عائشة أو منها وقد جاء في حديث عمار أنها ذات الجيش بالجزم
عقد بكسر المهملة هي القلادة لي أي معي فاللام للاختصاص والا فهو كان لأسماء استعارته
منها (310) على التماسه لأجل طلبه أقامت برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الباء للتعدية ونسبة
الفعل إليها للسببية فجاء أبو بكر لم تقل أبي تنبيها على أنه ما راعي الأبوة في الغضب في الله يطعن
بضم العين في الطعن بنحو الرمح وهو الحسي وبالفتح الطعن بالقول في النسب وهو المعنوي وحكى فيهما
الضم والفتح أيضا إلا مكان رسول الله أي كون رأسه ووجوده على فخذي أسيد بن حضير
بالتصغير فيهما
164

بأول بركتكم بل هي مسبوقة بغيرها من البركات قوله (311) أبي جهيم بالتصغير بن
الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم قوله بئر الجمل بفتح جيم وميم موضع معروف بذلك
بالمدينة ومعنى من نحوه من جهته وقد أخو بعض علمائنا الحنفية كما صرح به في البحر من هذا الحديث
165

وأمثاله التيمم مع القدرة على الماء في الوضوء المندوب دون الواجب قوله (312) في سرية بفتح سين
وكسر راء وتشديد ياء أي في قطعة من الجيش فتمعكت تقلبت في التراب كأنه ظن أن إيصال
التراب إلى جميع الأعضاء واجب في الجنابة كايصال الماء وبه يظهر أن المجتهد يخطئ ويصيب ثم
نفخ فيها تقليلا للتراب ودفعا لما ظن أنه لا بد من الاكثار في استعمال التراب ثم مسح الخ
ظاهره الاكتفاء بضربة واحدة الا أن يقال التقدير ثم ضرب ومسح كفيه لكن هذا الوجه يرده
روايات هذا الحديث أو يقال الحديث لبيان كيفية المسح في تيمم الجنابة وبيان أنه كتيمم الوضوء وأما
الضربات فمعلومة من خارج فترك بعض الضربات لا يدل على عدمه في التيمم فقال أي عمر لعمار
نوليك من التولية أي جعلناك واليا على ما تصديت عليه من التبليغ والفتوى بما تعلم كأنه أراد أنه
ما يتذكر فليس له أن يفتى به لكن لك يا عمار أن تفتى بذلك والله تعالى أعلم ثم حق هذا الحديث أن
تجعل ترجمته التيمم للجنابة لكن ترجمته في نسختنا التيمم في الحضر مع أن هذه الترجمة قد سبقت أيضا
لكن ترجمة التيمم للجنابة ستجئ فليتأمل والله تعالى أعلم وكأنه أخذ هذه الترجمة من تيمم النبي صلى
166

الله تعالى عليه وسلم للتعليم قوله عرس من التعريس وهو نزول المسافر آخر الليل للاستراحة
والنوم بأولات الجيش بضم الهمزة جمع ذات ويقال لذاك الموضع ذات الجيش أيضا كما سبق
من جزع بفتح جيم وسكون معجمة خرز يماني ظفار بكسر أوله وفتحه مدينة بسواحل اليمن
وهو مبني على الكسر كقطام وروى أظفار لكنه خطأ ذكره صاحب النهاية فحبس على بناء المفعول
ورفع الناس أو الفاعل ونصب الناس وضميره للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم في ابتغاء أي لأجل
طلب عقدها ولم ينقضوا أي لم يسقطوا من نقض باب نصر فمسحوا بالحاء المهملة أو الخاء المعجمة
كما في بعض النسخ أي غيروا وبدلوا لكثرة التراب وأيديهم إلى المناكب أي من الظهور إلى
المناكب ولذلك عطف عليه قوله ومن بطون أيديهم إلى الآباط وهذا اما لأنه كان مشروعا كذلك
ثم نسخ أو لاجتهادهم وعدم سؤالهم فوقعوا فيه خطأ والله تعالى أعلم
167

قوله (316) وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى هو معطوف على قوله عن أبي مالك كما بينه في الأطراف قوله ربما
نمكث الشهر والشهرين أي في مكان فيصيبنا الجنابة لطول المكث ولا ماء ثمة أفنتيمم فإذا لم أجد الماء أي
وكنت جنبا فبين أن اجتهاده يقتضي تأخير الصلاة لا جواز التيمم للجنابة فتمرغت تقلبت أن كان مخففة
168

من الثقيلة أي أن الشأن اتق الله أي في ذكر أحكامه فلا تذكر الا عن تحفظ إن شئت كأنه رأى أن
أصل التبليغ قد حصل منه وزيادة التبليغ غير واجب عليه فيجوز له تركه ان رأى عمر فيه مصلحة
ولكن نوليك كأنه ما قطع بخطئه وإنما لم يذكره فجوز عليه الوهم وعلى نفسه النسيان والله تعالى
أعلم وهذا الحديث يفيد أن الاستيعاب إلى الذراع غير مشروط في التيمم قوله (317) عن التيمم أي للجنابة
فلم يدر ما يقول أي ويصلح جوابا له بل قال أنا أفعل كذا ويمكن أن الانسان يأخذ في خاصة نفسه بحكم فيه
شدة مع وجود ما هو أخف منه وعلى هذا فمن روى أنه قال للسائل لا تصل فكأنه أخذ ذلك من الفحوى
169

والله تعالى أعلم قوله (320) فقال أبو موسى أبو موسى كان قائلا بعموم التيمم للمحدث والجنب وابن
170

مسعود كان قائلا بخصوصه بالمحدث فجرى بينهما البحث فقال أبو موسى معترضا عليه أو لم تر عمر الخ
قيل لأنه أخبر عن شئ حضره معه ولم يذكره فجوز عليه الوهم كما جوز على نفسه النسيان قلت فتبع بن
مسعود عمر في ذلك فلعل من ترك الاخذ بظاهر حديث عمار تبع بن مسعود وبناؤهم على تجويز الوهم
عليه لا على التكذيب والله تعالى أعلم قوله (321) ولا ماء بفتح الهمزة على البناء أي معي موجود أي معك
أو مع القوم والجملة حال وهذا الحديث دليل على جواز التيمم للجنب بلا اشكال والصعيد فسره بعض
بالتراب وبعض بوجه الأرض مطلقا وان لم يكن عليه تراب فيجوزون التيمم وإن كان صخرا لا تراب
عليه قوله (322) وضوء المسلم بفتح الواو أي طهوره أطلق عليه اسم الوضوء مجازا لان الغالب في الطهور
171

هو الوضوء قوله (323) وليسوا على وضوء بضم الواو ثم الظاهر أن مراد المصنف بالترجمة أن من لم
يجد ماء ولا ترابا يصلي ولا يعيد ووجه استدلاله بالحديث تنزيل عدم مشروعية التيمم منزلة عدم التراب
بعد المشروعية إذ مرجعهما إلى تعذر التيمم وهو المؤثر ههنا قلت وهذا هو الموافق لظاهر قوله صلى الله
تعالى عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم أو كما قال إذ الصلاة على حالة غاية ما يستطيعه
الانسان في تلك الحالة وغير المستطاع ساقط ولا يسقط به المستطاع الا بدليل هو الموافق للقياس
والأصول فإن سقوط تكليف الشرط لتعذره لا يستلزم سقوط تكليف المشروط لا حالا ولا أصلا
كستر العورة وطهارة الثوب والمكان وغير ذلك فإن شيئا من ذلك لا يسقط به طلب الصلاة عن الذمة
ولا يتأخر بل يصلي الانسان ولا يعيد والطهارة كذلك بل تعذر الركن لا يسقط تكليف باقي الأركان
فكيف الشرط كما إذا تعذر غسل بعض أعضاء الوضوء لعدم المحل فإنه يغسل الباقي ولا يسقط الوضوء
وكما إذا عجز عن القراءة في الصلاة وكذا القيام وغيره قلت بل قد علم سقوط الطهارة تخفيفا بالنظر إلى
المعذور فالأقرب أنه يصلي ولا يعيد كما يميل إليه كلام المصنف وكذا كلام البخاري رحمه الله تعالى في
172

صحيحه والله تعالى أعلم قوله أصبت أي حيث عملت باجتهادك فكل منهما مصيب من هذه الحيثية
وإن كان الأول مخطئا بالنظر إلى ترك الصلاة بالتيمم والله تعالى أعلم
كتاب المياه
قال الله عز وجل وأنزلنا الخ قلت ما ذكر من أول الكتاب إلى هنا متعلق بتأويل قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا
أقمتم إلى الصلاة الآية وذلك لان الآية سيقت لبيان الوضوء والغسل والتيمم الذي يكون نائبا عنهما عند فقد
الماء وعدم القدرة على استعماله فما ذكر من أحاديث هذه الأبواب كلها بمنزلة البيان للآية فالآن يشرع
في أحاديث تتعلق بأحكام المياه وإن كان كثير من هذه الأحكام قد مضت في أحكام الطهارة أيضا لكن لما
كان ذكرها هناك تبعا ما اكتفى بذلك بل وضع هذا الكتاب لبيانها ليبحث عنها أصالة وصدر الكتاب
بآيات من القرآن تنبيها على أن الأحاديث المذكورة في الكتاب بمنزلة البيان لهذه الآيات وأمثالها هكذا
غالب أحاديث الاحكام بيان وشرح لآيات من القرآن ويظهر امتثاله صلى الله تعالى عليه وسلم لقوله
تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم والله تعالى أعلم قوله (325) ان الماء لا ينجسه شئ وفي رواية الترمذي
وأبي داود وابن ماجة ان الماء لا يجنب فمعنى قوله لا ينجسه على وفق تلك الرواية أنه لا ينجسه شئ من
جنابة المستعمل أو حدثه أي إذا استعمل منه جنب أو محدث فلا يصير البقية نجسا بجنابة المستعمل
أو حدثه وعلى هذا فهذا الحديث خارج عن محل النزاع وهو أن الماء هل يصير نجسا بوقوع النجاسة أم لا
173

وما يتعلق بهذه المسألة والله أعلم قوله أتتوضأ على صيغة الخطاب أو المتكلم مع الغير وقول النووي
الثاني تصحيف رده الولي العراقي في شرح أبي داود كما نقله السيوطي في حاشيته على أبي داود وبضاعة
بفتح الباء والضاد المعجمة وأجيز كسرها وحكى بالصاد المهملة والحيض بكسر الحاء وفتح الياء الخرق التي
يمسح بها دم الحيض والنتن ضبط بفتحتين قيل عادة الناس دائما في الاسلام والجاهلية تنزيه المياه
وصونها عن النجاسات فلا يتوهم أن الصحابة وهم أطهر الناس وأنزههم كانوا يفعلون ذلك عمدا مع عزة
الماء فيهم وإنما كان ذلك من أجل أن هذه البئر كانت في الأرض المنخفضة وكانت السيول تحمل
الأقذار من الطرق وتلقيها فيها وقيل كانت الريح تلقي ذلك ويجوز أن يكون السيل والريح تلقيان جميعا
وقيل يجوز أن المنافقين كانوا يفعلون ذلك (326) الماء طهور من يقول يتنجس القليل بوقوع النجاسة
يحمل الماء على الكثير بقرينة محل الخطاب وهو بئر بضاعة لا ينجسه شئ أي ما دام لا يغيره وأما
إذا غيره فكأنه أخرجه عن كونه ماء فما بقي على الطهورية لكونها صفة الماء والمغير كأنه ليس بماء
والله تعالى أعلم قوله فقلت أنتوضأ ظاهره أنه بصيغة الخطاب ولذا جزم النووي أنه الصواب
174

لكن يجوز أن يكون للمتكلم مع الغير أي أيجوز لنا التوضؤ منها وفيه من مراعاة الأدب مالا يخفى بخلاف
الخطاب وفي رواية الدارقطني أنا نتوضأ ذكره الولي العراقي فليتأمل
باب التوقيت في الماء
أي باب ما يدل على التحديد فيه وجودا وعدما وكذا جمع فيه من الأحاديث ما ذكر قبل هذا في
بابين في باب التوقيت وباب عدم التوقيت وشرح الأحاديث ودلالتها على المطلوب قد سبق قريبا
قوله لا تزرموه من أزرم أي لا تقطعوا عليه البول
175

قوله عطشنا من باب علم قوله والبرد بفتحتين
176

قوله (337) ما بالهم وبال الكلاب أي أمر الناس بقتل الكلاب أولا ثم نسخ ذلك الامر وقال ما بال
الناس وبال الكلاب أي ليس بين الفريقين ما يقتضي القتل ويحتمل أنه قال ذلك حين وجود
الامر بالقتل حثا لهم على ذلك أي ما لهم يراعون الكلاب ولا يقتلونها مع وجود الامر وقوله ورخص
177

أي في اقتنائه أو عدم قتله قوله (340) ليست بنجس بفتحتين وهو في الأصل مصدر ولذا لم يؤنث ولم
يجمع في قوله تعالى أنما المشركون نجس قوله العرق بفتح فسكون أي العظم الذي بقي عليه شئ
178

من اللحم وأتعرق أي آخذ بالأسنان قوله يتوضئون أي مع أنه يؤدي إلى فراغ بعضهم قبل بعض
فيبقى للآخر منهم الفضل فلولا جاز ذلك ما فعلوا قوله بمكوك بفتح فتشديد
179

كتاب الحيض والاستحاضة
قوله (348) لا نرى على بناء المفعول ويحتمل الفاعل غير أن لا تطوفي كلمة لا زائدة إذ الطواف هو
المستثنى من جملة ما يقضي الحاج وأخذ المصنف من الحديث أن الحيض يسمى نفاسا وهذا ظاهر وكذا
180

أخذ منه أن بدايته من حين خلق النساء لعموم بنات آدم كلها لكن شمول هذا الاسم لحواء خفي الا أن
يقال أنه صار اسما لنوع النساء كولد آدم لنوع الانسان حتى قالوا في حديث أنا سيد ولد آدم أن الاسم
يشمل آدم أيضا والله تعالى أعلم قوله فزعمت أي قالت
181

قوله واستثفري أي امسكي موضع الدم
182

قوله (356) فذكر شأنها على بناء المفعول ولكنها ركضة أي ركضة من ركضات الشيطان في الرحم
فلتغتسل عند كل صلاة ضعف النووي ثبوت الاغتسال عند كل صلاة مرفوعا كما في هذا الحديث
183

قوله وأمرت على بناء المفعول ولعل هذا الجمع فيمن نسيت أيام حيضها فلا تعرف الحيض من
الاستحاضة أو تعرف بأدنى علامة وهذا هو وجه قوله (361) تجلس أيام أقرائها في الحديث الآتي والله تعالى أعلم
184

قوله يعرف لعله يعرفه بعض النساء لقوة معرفتهن
185

قوله (368) رضي الله تعالى عنها كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا ظاهره أنهما ليسا من الحيض أصلا واليه يميل كلام المصنف في
الترجمة وهو الموافق لحديث فإنه دم أسود يعرف لكن الجمهور حملوه على ما إذا رأت ذلك بعد الطهر كما في رواية
أبي داود واليه أشار البخاري في الترجمة حيث قال باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض ومنهم من قال
أنهما حيض مطلقا وها مشكل جدا قوله (369) ولا يجامعوهن في البيوت أي ولا يصاحبوهن في البيوت
ما خلا الجماع ظاهره أنه يحل له الانتفاع بما تحت الإزار ما عدا الجماع كما قال محمد ووافقه قوم لكن
187

الجمهور على منعه والأول أقوى دليلا والثاني أحوط وأوفق باتباع النبي صلى الله عليه وسلم قوله (372) لم يعده
188

بسكون العين وضم الدال أي لم يزد عليه قوله واسع كأنها أرادت ما لا يقتصر على قدر
موضع الدم فقط قوله (376) عن بدية بضم موحدة وفتح دال وتشديد ياء والثاني ندبة بفتح نون ودال
189

آخر موحدة. قوله يبلغ أنصاف الفخذين أي تارة والركبتين أي أخرى قوله (377) وهي طامث أي
حائض عارك أي حائض فيقسم من أقسم بالله على بتشديد الياء فيه في شأنه وفي
190

البداية به قوله (381) في حجر أحدانا بتقديم الحاء المهملة المكسورة أو المفتوحة على الجيم قوله (382) أحرورية
أنت بفتح حاء مهملة فضم راء أي أخارجية وهم طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر
موضع قريب من كوفة وكان عندهم تشدد في أمر الحيض شبهتها بهم في تشددهم في الامر واكثارهم
في المسائل تعنتا وقيل أرادت أنها خرجت عن السنة كما خرجوا عنها وإنما شددت عليها لشهرة أمر
191

سقوط الصلاة عن الحائض ولا نؤمر بالقضاء ولو كان القضاء واجبا لامر به فهذا استدلال منها
بالتقرير وفيه أن الامر بالشئ ليس أمرا بقضائه إذا فات بعذر شرعي والله تعالى أعلم قوله فتبسطها
192

بلا دخول في المسجد وهو ممكن قوله (386) فيناولها رأسه بإخراج الرأس من المسجد إليها وفهي أن
إخراج البعض من المسجد لا يضر بالاعتكاف قوله يدني من الادناء أي يقرب إلى بتشديد
الياء رأسه بالنصب مفعول يدني قوله أرجل من الترجيل
193

قوله (390) الا قالت بأبا أصله بأبي بالياء أبدلت الياء ألفا والتقدير هو مفدى بأبي أو فديته بأبي أسمعت
بكسر التاء على خطاب المرأة لتخرج العواتق هو صيغة أمر باللام من الخروج جمع عاتق والعاتق
من النساء من بلغت الحلم أو قاربت أو استحقت التزويج أو هي الكريمة على أهلها أو ذوات
الخدور بالعطف هو المشهور والخدور بضم خاء معجمة ودال مهملة جمع خدر بكسر خاء وسكون
دال وهو ستر في ناحية البيت تقعد البكر وراءه والحيض بضم الحاء وتشديد الياء جمع حائض وهو
بالرفع عطف على العواتق وهذا هو المشهور عند أهل الحديث والشراح ويحتمل أن يكون بفتح وسكون
بالجر معطوفا على الخدور نعم الحيض في قوله وتعتزل الحيض جمع حائض لا غير الخير ذكر الخطبة
وتعتزل الحيض المصلي أي في وقت الصلاة وفيه أنه ليس لحائض أن تحضر محل الصلاة وقت
الصلاة والله تعالى أعلم قوله (391) قالت بلى أي بل طفت
194

قوله نفست على بناء المفعول والظرف متعلق بالحديث قوله (393) في وسطها أي في محاذاة وسطها
بفتحتين وعلم منه أن نفاسها لا يمنع الصلاة عليها مع أن الميت كالامام فلزم منه أن النفساء طاهر والمؤمن
لا ينجس والحديث أمر تعبدي والله تعالى أعلم (394) كانت تكون زائدة
195

قوله بضلع بكسر ضاد معجمة وفتح لام أي بعود بماء وسدر أي مبالغة والله تعالى أعلم
196

كتبا الغسل والتيمم
يريد البحث عنهما على وجه الاستقلال وذكر بعض ما فات من أبحاثهما والله تعالى أعلم
197

قوله (400) لو استطاع أن لا يرفع حديثا لم يرفعه تعظيما للنسبة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وخوفا من
أن يقع منه فيها خطأ فيقع في الكذب عليه والله تعالى أعلم ومقصود هشام أن وقف أيوب لا يضر
في الرفع إذا ثبت الرفع بطريق آخر على وجهه قوله (401) فلا يدخل الحمام هو بالتشديد بيت معروف
واللفظ نهى أو نفى بمعنى النهي ونهيهم عن ذلك لان الدخول فيه لا يخلو عن نظر بعض إلى عورة بعض
الا بمئزر بكسر ميم ثم معجمة ثم مهملة بمعنى الإزار ورخص به لأنه يؤمن به من كشف العورة ونظر
البعض إلى عورة آخرين وهذا لا يقتضي وجود الحمامات يومئذ في بلاد الاسلام فلا ينافي حديث ستفتح
لكم أرض العجم مما يفيد أنه لم يكن يومئذ ببلاد الاسلام حمام قوله والبرد بفتحتين
198

قوله (404) أيغتسل قبل أن ينام أي أيغتسل متصلا بالجنابة أو ينام بعد الجنابة ثم يغتسل وهذا هو المراد بما
سيجئ من قوله أيغتسل من أول الليل أو من آخره ولذلك قال يوم سمع الجواب الحمد لله الذي جعل في الامر سعة
199

والا فلو كان الاغتسال مع الجنابة الا ان الجنابة كنت تارة أول الليل وتارة آخره فلا سعة والله تعالى أعلم
قوله بالبراز بالفتح اسم للفضاء الواسع حليم لا يعجل بالعقوبة فلا يليق بالعبد أن يستدل بترك
العقوبة على فعل على رضاه به حيي بكسر أولى الياءين مخففة ورفع الثانية مشددة أي الله تعالى
تارك للقبائح ساتر للعيوب والفضائح يحب الحياء والستر من العبد ليكون متخلقا بأخلاقه تعالى فهو
تعريض للعباد وحث لهم على تحرى الحياء قوله فليتوار صيغة أمر باللام أي فليستتر بشئ وفي
بعض النسخ بثبوت الألف في آخره اما للاشباع أو لمعاملة المعتل معاملة الصحيح قوله (408) فلم يردها من
200

الإرادة قوله (409) يغتسل عريانا أي فالعرى في محل مأمون عن نظر الغير بمنزلة الستر وهذا مبني على أن شرع
من قبلنا شرع لنا خر عليه أي سقط عليه من فوق ولكن لا غنى بي عن بركاتك أي فأجمعه
لكونه من جملة بركاتك وظاهر الحديث أن الله تعالى كلمة بلا واسطة ويحتمل أن المراد بواسطة الملك
قوله (410) وهو الفرق بفتحتين وبسكون الثاني اناء معروف ولعل وجه الاستدلال أنه عند اجتماع شخصين
201

على اناء واحد لا يتميز أيهما أكثر أخذا وان كلا منهما أخذ أي قدر فلو كان في الماء حد مقدر لا يجوز
الاغتسال بدونه لما جاء الاجتماع المؤدي إلى الاشتباه وقد سبق تقدير آخر للاستدلال لكن هذا
التقرير أحسن وأولى والله تعالى أعلم
باب الرخصة في ذلك
أي أن ما ذكر من الاجتماع رخصة يجوز تركها بسبق أحدهما على الآخر كما يفهم من المبادرة قوله
(415) قد سترته أي فاطمة وترك ذكرها من الرواة فيها أثر العجين فخلط طاهر يسير بالماء لا يخرجه
202

عن الطهورية حين قضى غسله أي أتم وفرغ منه قوله (416) فإذا تور بيان للمشار إليه أي فنظرت
إلى المشار إليه فإذا هو تور فأفيض من الإفاضة قوله (417) لان أصبح بفتح اللام وأصبح بضم الهمزة
وهو مبتدأ خبره أحب مطليا يقال طليته بنورة أو غيرها لطخته بها وأطليت افتعلت منه إذا فعلته
بنفسك فيحتمل أن يكون مطليا بفتح الميم وسكون الطاء وتشديد الياء اسم مفعول من طليته أو بضم
الميم وتشديد الطاء وتخفيف الياء اسم فاعل من اطليت والثاني هو المضبوط وهو خبر أصبح إن كان
ناقصا أو حال من ضميره إن كان تاما بقطران بفتح فكسر دهن يستحلب من شجر يطلي به الأجرب
والكلام كناية عن صيرورته أجرب أنضخ بخاء معجمة أي يفور مني رائحة الطيب وقيل بحاء مهملة
وهو أقل من المعجمة وقيل بعكسه فقالت طيبت أي رد القول بن عمر ثم أصبح محرما أي
203

بعد أن اغتسل بقرينة أنه طاف على النساء وقد بقي أثر الطيب كما يعلم من رد عائشة قول بن عمر بذلك
وقد جاء صريحا أيضا فاستدل به المصنف على أن بقاء أثر الطيب لا يمنع صحة الاغتسال وهذا هو الظاهر
من هذا الحديث وقد جوز بعضهم أنه تطيب ثانيا بعد الاغتسال وما بقي من آثار الطيب بعد الاحرام
كان أثرا للثاني إذ بقاء أثر الأول بعد الاغتسال على وجه الكمال والسبوغ بعيد وجوز آخرون أن المراد
بالطواف دخوله صلى الله تعالى عليه وسلم عليهن لا الجماع فلا حاجة إلى فرض الاغتسال والله تعالى أعلم
قوله (418) هذه غسلة بالكسر أي كيفية الاغتسال للجنابة وصفته (419) ثم يفرغ من الافراغ أي يصب
204

قوله (420) أروى بشرته أي جعله مبلولا قوله (422) واتسقت الأحاديث أي اتفقت الأحاديث والمراد
205

حديث عائشة وحديث بن عمر فيفرغ من الافراغ قوله إن شاء فيه إشارة إلى أنه يفعله أحيانا ويتركه
أحيانا وكأنه حسب ما يقتضيه الوقت أو لبيان الجواز حتى ينقيها من الانقاء لم يمسح وقد
سبق أنه كان يتوضأ وضوءه للصلاة فأما أن يقال ذاك عموم يخص بهذا أو يقال لعله تارة يفعل هذا
وتارة ذاك لبيان الجواز وفيه أن المسح يحصل في ضمن الغسل وأن الضمني كاف في سقوط التكليف
وعلى هذا لو فرض أن الواجب مسح الرجلين كما يقول الرافضة فهو يتأدى بغسلهما دون العكس فالغسل
أحوط والله تعالى أعلم كان غسل بضم الغين قوله (423) رضي الله تعالى عنهما أنه قد استبرأ البشرة همزة في آخره أي
أوصل البلل إلى جميعها قوله (424) نحو الحلاب بكسر الحاء المهملة وتخفيف اللام وموحدة اناء يسع قدر
حلب ناقة بدأ بشق رأسه بكسر الشين أي نصفه وناحيته
206

فقال بهما من إطلاق القول على الفعل والحديث دال على أنه لا يقصد بالتثليث الكرار بل
الاستيعاب فلا دليل في تثليث الصب على الرأس لمن يقول بالتكرار في الغسل كما سبق والله تعالى أعلم
قوله فرصة بكسر فسكون أي قطعة من قطن أو صوف ممسكة بضم ميم ففتح ثانية ثم سين
مشددة مفتوحة أي مطلية بالمسك وقد سبق بيان أن هذا التفسير هو الصحيح
207

سبح من التسبيح أي قال سبحان الله فأخذتها بضم التاء من قول عائشة والله تعالى أعلم قوله
(428) ثم أفاض على رأسه وسائر جسده وهذا بإطلاقه لا يقتضي العدد والأصل عدمه أو المتبادر منه عند
عدم ذكر عدد المرة ولائه أو لو كان هناك تكرار لذكرت فحيثما ذكرت علم المرة والله تعالى أعلم
208

قوله ينضخ أي يفوح روى بالحاء المهملة والخاء المعجمة وأخذ منه المصنف وحده الاغتسال إذ العادة
أنه لو تكرر الاغتسال عدد تكرر الجماع لما بقي من أثر الطيب شئ فضلا عن الانتفاح والله تعالى
209

أعلم قوله أعطيت على بناء المفعول خمسا لم يرد الحصر بل ذكر ما حضره في ذلك الوقت مما
من الله تعالى به عليه ذكره اعترافا بالنعمة وأداء لشكرها وامتثالا لامر وأما بنعمة ربك فحدث لا افتخارا
لم يعطهن على بناء المفعول ورفع أحد أي من الأنبياء أو من الخلق نصرت على بناء المفعول
بالرعب بضم الراء وسكون عين أي بقذفه من الله في قلوب الأعداء بلا أسباب ظاهرية وآلات
عادية له بل بضدها فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم كثيرا ما يربط الحجر ببطنه من الجوع ولا يوقد النار
في بيوته ومع هذا الحال كان الكفرة مع ما عندهم من المتاع والآلات والأسباب في خوف شديد من
بأسه صلى الله تعالى عليه وسلم فلا يشكل بأن الناس يخافون من بعض الجبابرة مسيرة شهر وأكثر فكانت
210

بلقيس تخاف من سليمان عليه الصلاة والسلام مسيرة شهر وهذا ظاهر وقد بقي آثار هذه الخاصة في
خلفاء أمته ما داموا على حاله والله تعالى أعلم مسجدا موضع صلاة وطهورا بفتح الطاء والمراد
أن الأرض ما دام على حالها الأصلية فهي كذلك والا فقد تخرج بالنجاسة عن ذلك والحديث لا ينفي
ذلك والحديث يؤيد القول بأن التيمم يجوز على وجه الأرض كلها ولا يختص بالتراب ويؤيد أن هذا
العموم غير مخصوص قوله فأينما أدرك الرجل بالنصب الصلاة بالرفع وهذا ظاهر سيما في بلاد
الحجاز فإن غالبها الجبال والحجارة فكيف يصح أو يناسب هذا العموم إذا قلنا إن بلاد الحجاز لا يجوز
التيمم منها الا في مواضع مخصوصة فليتأمل قوله الشفاعة أي العظمى وكان النبي أي قبلي وفيهم
نوح فقد قال تعالى انا أرسلنا نوحا إلى قومه وآدم نعم قد اتفق في وقت آدم أنه ما كان على وجه الأرض
غير أولاده فعمت نبوته لأهل الأرض اتفاقا وكذا اتفق مثله في نوح بعد الطوفان حيث لم يبق الا من
211

كان معه في السفينة وهذا لا يؤدي إلى العموم وأما دعاء نوح على أهل الأرض كلها واهلاكهم فلا يتوقف
على عموم الدعوة بل يكفي فيه عموم بلوغ الدعوة وقد بلغت دعوته الكل لطول مدته كيف والايمان
بالنبي بعد بلوغ الدعوة وثبوت النبوة واجب سواء كان مبعوثا إليهم أم لا كايماننا بالأنبياء السابقين مع عدم
بعثتهم إلينا وفرق بين المقامين والله تعالى أعلم وقد سقطت من هذه الرواية الخصلة الخامسة وهي ثابتة في الصحيحين
وهي وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي وأما كون الأرض مسجدا وطهورا فهما أمر واحد متعلق بالأرض
212

قوله (433) ما كان في الوقت أي ما دام الرجل ثابتا في الوقت وهذا ظرف لعاد أصبت السنة أي
وافقت الحكم المشروع وهذا تصويب لاجتهاده وتخطئه لاجتهاد الآخر وفيه أن الخطأ في الاجتهاد
لا ينافي الاجر في العمل المبني عليه والظاهر ثبوت الاجر له ولمن قلده على وجه يصح سهم جمع أي
سهم من الخير جمع فيه أجر الصلاتين قوله (435) تذاكر على ومقداد وعمار فيه توجيه التوفيق بين
213

ما جاء أن عليا أمر المقداد تارة وأمر عمارا أخرى فليغسل ذلك منه أي ذكره ذكر بوجه الكناية
لظهور الامر بالقرينة
214

قوله (439) يغسل ذكره خبر بمعنى الامر فصح عطف قوله ثم ليتوضأ عليه وفي بعض النسخ هما
متوافقان قوله فلينضح أي فليغتسل قوله (442) صليت مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي بعد
ما توضأ وتوضأت كما جاء صريحا لكن المصنف نبه بالترجمة على أن هذا المختصر محمول على ذلك المطول
215

قوله نعس بفتحتين وعلم أن النعاس لا ينقض الوضوء وقد سبق تقريره قوله (445) إذا أفضى
قال السيوطي قال الفقهاء الافضاء لغة المس ببطن الكف
216

كتاب الصلاة
قوله (448) عند البيت أي الكعبة المشرفة إذ أقبل أحد الثلاثة ظاهر النسخة أن إذ بلا ألف وأن
الألف التالية متعلقة بما بعده وهو من الاقبال والمعنى أنه جاءه ثلاثة فأقبل منهم واحد إليه بين رجلين
حال من مقدر أي أقبل إلى واحد من الثلاثة والحال أني كنت بين رجلين قالوا هما حمزة وجعفر ويحتمل
أن يقرأ إذا قيل على أن الألف جزء من إذا وقيل من القول أي سمعت قائلا يقول في شأني هو أحد
الثلاثة بين الرجلين أي هو أوسطهم وقد جاء في رواية أنهم جاؤه وهم ثلاثة وفي رواية سمعت قائلا يقول
أحد الثلاثة بين الرجلين ولا منافاة بين الروايتين فالوجهان في كلام المصنف صحيحان لفظا ومعنى فأتيت
على بناء المفعول بطست بفتح طاء وسكون سين هو المعروف وحكى بعضهم كسر الطاء وهو اناء
معروف واللفظ مؤنث من ذهب لا شك أنه كان بإذنه تعالى فهو إذا مباح بل بأمره فهو واجب
فمن قال استعمال الذهب حرام فسؤاله ليس في محله حتى يحتاج إلى جواب ملاى بالتأنيث لتأنيث
217

الطست وفي نسخة ملآن بالتذكير لتأويله بالاناء حكمة وايمانا منصوبان على التمييز والمراد انها
كانت ممتلئة بشئ إذا أفرغ في القلب يزيد به ايمانا وحكمة فشق على بناء الفاعل أي الآتي أو على
بناء المفعول وكذا في الوجهين قوله فغسل وقوله ملئ إلى مراق البطن بفتح الميم وتشديد القاف هو
ما سفل من البطن ورق من جلده ثم أتيت على بناء المفعول فقيل أي قال أهل السماء الدنيا
لجبريل من هذا الفاتح ومن معك كأنه ظهر لهم ببعض الامارات أن معه أحدا وقد أرسل إليه
أي الرسول للاسراء لا بالوحي إذ بعيد أن يخفى عليهم أمر نبوته صلى الله تعالى عليه وسلم إلى هذه
المدة ونعم المجئ جاء قيل فيه تقديم وتأخير وحذف والأصل جاء ونعم المجئ مجيئة وقيل بل هو
من باب حذف الموصول أو الموصوف أي نعم المجئ الذي جاء أو مجئ جاء قلت من هو تنزيل نعم المجئ
منزلة خير مقدم كأنه قيل خير مقدم قدم ولا بعد في وجود استعمال لم يبحث عنه النحاة والله تعالى أعلم
فأتيت على بناء الفاعل أي مررت على آدم فمثل ذلك أي فجرى مثل ذلك أو فعلوا مثل ذلك
أو فقالوا مثله
218

بكى قيل ما يبكيك قالوا لم يكن بكاء موسى عليه الصلاة والسلام حسدا على فضيلة نبينا صلى الله
تعالى عليه وسلم وأمته فإن الحسد مذموم من آحاد المؤمنين وأيضا منزوع منهم في ذلك العالم فكيف
كليم الله الذي اصطفاه الله تعالى برسالته وكلامه بل كان أسفا على ما فاته من الاجر بسبب قلة اتباع قومه
وكثرة مخالفتهم وشفقته عليهم حيث لم ينتفعوا بمتابعته انتفاع هذه الأمة بمتابعة نبيهم وقيل بل أراد بالبكاء
تبشير نبينا صلى الله عليه وسلم وإدخال السرور عليه بأن أتباعه صلى الله تعالى عليه وسلم أكثر
ولعل تحصيل هذا الغرض بالبكاء آكد من تحصيله بوجه آخر ففيه إظهار أنه نال منالا يغبطه مثل
موسى والله تعالى أعلم وإطلاق الغلام لم يرد به استقصار شأنه فإن الغلام قد يطلق ويراد به القوى الطري
الشاب والمراد منه استقصار مدته مع استكمال فضائله واستتمام سواد أمته ثم رفع على بناء المفعول
أي قرب آخر ما عليهم أي ذلك الدخول آخر دخول يدوم عليهم ويبقى لهم فهو بالرفع خبر محذوف
أولا يعودون آخر أجل كتب عليهم فهو بالنصب ظرف وبهذا ظهر كثرة ما خلق الله تعالى من الملائكة
219

وهم كلهم أهل الرحمة والرضا فبه ظهر معنى سبقت رحمتي غضبي فإذا نبقها بفتح أو كسر فسكون
موحدة وككتف أي ثمرها وواحدته بهاء قلال بكسر القاف جمع قلة بالضم وهي الجرة وهجر
بفتحتين اسم موضع كان بقرب المدينة الفيلة بكسر فاء وفتح تحتانية جمع الفيل باطنان عن أبصار
الناظرين وهذا لا يستبعد عن قدرة القادر الحكيم الفاعل لما يشاء ثم فرضت على هو على بناء المفعول
وكأنه أراد بذلك تشريف نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وإظهار فضله حتى يخفف عن أمته بمراجعته
صلى الله تعالى عليه وسلم وما قالوا أنه لا بد للنسخ من البلاغ أو من تمكن المكلفين من المنسوخ فذلك
فيما يكون المراد ابتلاءهم ولعل من جملة أسرار هذه القضية رفع التهمة عن جناب موسى حيث بكى بألطف
وجه حيث وفقه الله تعالى من جملة الأنبياء لهذا النصح في حق هذه الأمة حتى لا يخطر ببال أحد أنه بكى
حسدا فهذا يشبه قضية رفع الحجر ثوبه دفعا للتهمة عنه كما ذكر الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا
كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها والله تعالى أعلم وان أمتك لن يطيقوا
ذلك كأنه علم ذلك من أنهم أضعف منهم جسدا وأقل منهم قوة والعادة أن ما يعجز عنه القوى
220

يعجز عنه الضعيف أن قد أمضيت تفسير للنداء لما فيه من معنى القول أو بأن قد أمضيت فريضتي
أي بحساب خمسين أجرا وخففت عن عبادي حيث جعلتها في العدد خمسا وأجزى من الجزاء
قوله (449) حتى أمر فيه إحضار لتلك الحالة البديعة فلذا عبر بالمضارع هي خمس عددا وخمسون
أجرا قد استحييت هذه الرواية تدل على أنه منعه الحياء عن المراجعة لاكون الخمس لا تقبل النسخ
وسيجئ ما يدل على أن كون الخمس لا تقبل النسخ منعه عن ذلك فالوجه أن يجعل الأمران مانعين
الا أنه وقع الاقتصار من الرواة على ذكر أحدهما والله تعالى أعلم قوله خطوها بفتح فسكون أي
221

تضع رجلها عند منتهى بصرها واستدل به أن يكون قطعها بين الأرض والأرض في خطوة واحدة لان
الذي في الأرض يقع بصره على السماء فبلغت سبع سماوات في سبع خطوات واليها المهاجر بفتح
الجيم بمعنى المهاجرة على أنه مصدر ولو كان اسم مكان لكان اللائق وهي المهاجر صليت بطور سيناء
وهذا أصل كبير في تتبع آثار الصالحين والتبرك بها والعبادة فيها ببيت لحم قال الحافظ السيوطي
بالحاء المهملة فقدمني من التقديم ثم صعد كعلم أي جبريل أو البراق أو على بناء المفعول والباء
على الوجهين للتعدية والجار والمجرور نائب الفاعل عن الثاني فغشيني بكسر الشين ضبابة كسحابة
وزنا ومعنى قيل هي سحابة تغشى الأرض كالدخان فخررت بخاء معجمة من ضرب ونصر أي سقطت
222

ثم رددت بصيغة المتكلم وفي نسخة ردت بصيغة التأنيث أي الصلوات وعلى الوجهين على بناء المفعول
وهذا بيان ما آل إليه الامر آخرا بعد تمام المراجعات وليس المراد أنه بسقوط العشر صارت خمسا
وأما قوله تعالى فارجع إلى ربك فمتعلق بسقوط العشر وأما قوله فسألته التخفيف فقال إني يوم خلقت الخ
فمعناه فسألت التخفيف فخفف عشرا وهكذا حتى وصلت إلى خمس فحين وصلت إلى خمس قال إني يوم
خلقت الخ وليس المراد أنه راجع بعد أن صارت خمسا فرد الله مراجعته بما يدل على أن الخمس لا يقبل
النسخ كما هو الظاهر لمخالفته لسائر الروايات مخالفة بينه فليتأمل صرى بكسر الصاد المهملة وفتح
الراء المشددة آخرها ألف مقصورة أي عزيمة باقية لا تقبل النسخ قوله أسرى على بناء المفعول
223

انتهى على بناء الفاعل أي السير أو المفعول في السماء السادسة قيل أصلها في السادسة ورأسها في
السابعة فلا ينافي هذا الحديث حديث أنس عرج على بناء المفعول فراش بفتح فاء هو طير معروف
بتهافت على السراج وخواتيم سورة البقرة كأن المراد أنه قرر له اعطاءها وأنه ستنزل عليك ونحوه
والا فالآيات مدنيات ويغفر على بناء الفاعل أي الله أو المفعول وهو معطوف على ما قبله بتقدير أن
أي وأن يغفر ومفعوله المقحمات بضم ميم وسكون قاف وكسر حاء أي الذنوب العظام التي تقحم
أصحابها في النار ولعل المراد أن الله تعالى لا يؤاخذهم بكلها بل لا بد أن يغفر لهم بعضها وان شاء غفر لهم
كلها وقيل المراد بالغفران أن لا يخلد صاحبها في النار أو المراد الغفران لبعض الأمة ولعله إن كان هناك
تأويل فما ذكرت أقرب والا فتفويض هذا الامر إلى علمه تعالى أولى والله تعالى أعلم
قوله (452) وأخرجا حشوه هكذا في نسختنا وهو بفتح فسكون أي ما في وسط بطنه وفي نسخة السيوطي
224

حشوته وهي بالضم والكسر الأمعاء ثم كبسا جوفه أي ستراه حكمة وعلما أي حال كونه
ذا حكمة وعلم قوله (453) أول ما فرضت الصلاة ركعتين هكذا في بعض النسخ وفي بعضها ركعتان بالرفع
والظاهر أن أول بالنصب ظرف وما مصدرية حينية والتقدير على نسخة نصب ركعتين كانت الصلاة
أول أوقاتها افتراضها ركعتين وعلى نسخة الرفع الصلاة أول أوقات افتراضها ركعتان ثم المراد هي
الصلاة المختلفة سفر أو حضرا فلا يشكل بصلاة المغرب والفجر وقوله فأقرت أي رجعت بعد نزول
القصر في السفر إلى الحالة الأولى بحيث كأنها كانت مقررة على الحالة الأصلية وما ظهرت الزيادة فيها
أصلا فلا يشكل بأن ظاهر قوله تعالى فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة يفيد أن صلاة السفر
قصرت بعد أن كانت تامة فكيف يصح القول بأنها أقرت وأيضا اندفع أن يقال مقتضى هذا الحديث
أن الزيادة على الركعتين لا يصح ولا يجوز كما في صلاة الفجر فكيف كانت عائشة تتمها في السفر فليتأمل
225

والله تعالى أعلم قوله (454) ركعتين ركعتين حال ليشمل جميع الصلوات الرباعية قوله (456) وفي الخوف
ركعة هذا على رأي من يرى أن اللازم في الخوف ركعة واحدة ولو اقتصر عليها جاز قوله (457) كيف
تقصر الصلاة أي بلا خوف مع أن الرخصة في القرآن مقيدة بالخوف وأشار بن عمر في الجواب
226

إلى أن النبي أعلم بالقرآن وقد أخذنا ببيانه صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (458) ثائر الرأس أي منتشر
شعر الرأس صفة رجل والإضافة لفظية فلا يمنع وقوعه صفة نكرة وقيل حال وهو بعيد لوقوعه حالا
عن نكرة محضة يسمع على بناء المفعول أو بالنون على بناء الفاعل وكذا قوله ولا نفهم دوى
صوته بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء وقيل وحكى ضم الدال وهو ما يظهر من الصوت ويسمع
عند شدته وبعده في الهواء تشبيها بصوت النحل عن الاسلام أي عن شرائعه خمس صلوات
بالرفع على أنه خبر محذوف أي هو هل على غيرهن أي من جنس الصلاة والا لا يصح النفي في
الجواب ضرورة أن الصوم والزكاة غيرهن الا أن تطوع حمله القائل بالوجوب بالشروع على أنه
استثناء متصل لأنه الأصل والمعنى الا إذا شرعت في التطوع فيصير واجبا عليك واستدل به على أن الشروع
موجب قلت لكن لا يظهر هذا في الزكاة إذا الصدقة قبل الاعطاء لا تجب وبعده لا توصف بالوجوب
فمتى يقال أنها صارت واجبة بالشروع فيلزم اتمامها فالوجه أن الاستثناء منقطع أي لكن التطوع
جائز أو وارد في الشرع ويمكن أن يقال أنه من باب نفي واجب آخر على معنى ليس عليك واجب
227

آخر الا التطوع والتطوع ليس بواجب فلا واجب غير المذكور والله تعالى أعلم ولعل الاقتصار على
المذكورات لأنه لم يشرع يومئذ غيرها أفلح ان صدق يدل على أن مدار الفلاح على الفرائض
228

والسنن وغيرها تكميلات لا يفوت أصل الفلاح بها قوله (459) صلوات خمس هكذا في بعض النسخ
فهو اما مرفوع بتقدير هي خمس أو جملتها خمس أو منصوب لكن حذف الألف خطأ على دأب كتابة
أهل الحديث فإنهم كثيرا ما يكتبون المنصوب بلا ألف وفي بعض النسخ خمسا بالألف وهو واضح
هل قبلهن أو بعدهن شيئا أي هل افترض قبلهن أو بعدهن شيئا قوله (460) ألا تبايعون رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم فيه حث لهم على ذلك وفي عنوان الرسالة تنبيه على أنها العلة الباعثة على ذلك
ولذلك عدل عن الضمير إلى الظاهر وأما الصلاة فيحتمل أن يكون منه صلى الله تعالى عليه وسلم ويحتمل
أن يكون من غيره فقدمنا من التقديم تعبدوا الله أي تطيعوه بما تطيقون من ذلك ولا تشركوا به
شيئا أي اخلاصا بلا رياء أو معنى تعبدوا الله توحدوه وجملة ولا تشركوا تأكيد له أن لا تسألوا أي
طمعا فيما عندهم والا فطلب الدين ونحوه والعلم ومثله غير داخل فيه والله تعالى أعلم
229

قوله (461) عز وجل خمس صلوات الظاهر أنه مبتدأ لتخصيصه بالإضافة خبره كتبهن أي أوجبهن وفرضهن وقد استدل بالعدد
على عدم وجوب الوتر لكن دلالة مفهوم العدد ضعيفة عندهم وقد يقال لعله استدل على ذلك بقوله
من جاء بهن الخ حيث رتب دخول الجنة على أداء الخمس ولو كان هناك صلاة غير الخمس فرضا لما رتب
هذا الجزاء على أداء الخمس قلت هذا منقوض بفرائض غير الصلوات فيتأمل لم يضيع من التضييع
استخفافا بحقهن احترازا عما إذا ضاع شئ سهوا ونسيانا أن يدخله من الادخال والمراد
الادخال أولا وهذا يقتضي أن المحافظ على الصلوات يوفق للصالحات بحيث يدخل الجنة ابتداء والحديث يدل
على أن تارك الصلوات مؤمن كما لا يخفى ومعنى عذبه أي على قدر ذنوبه ومعنى أدخله الجنة أي ابتداء بمغفرته
والله تعالى أعلم
230

قوله أرأيتم أي أخبروني لو أن نهرا بفتح الهاء وسكونها من درنه بفتحتين أي وسخة
فكذلك الخ ان قلت من أي التشبيه هذا التشبيه قلت هو من تشبيه الهيئة ولا حاجة فيه إلى تكلف اعتبار تشبيه
الاجزاء بالاجزاء فلا يقال أي شئ يعتبر مثلا للنهر في جانب الصلاة يمحو الله بهن الخطايا خصها العلماء
بالصغائر ولا يخفى أنه بحسب الظاهر لا يناسب التشبيه بالنهر في إزالة الدرن إذ النهر المذكور لا يبقى
من الدرن شيئا أصلا وعلى تقدير أن يبقى فابقاء القليل والصغير أقرب من ابقاء الكثير الكبير فاعتبار بقاء الكبائر
وارتفاع الصغائر قلب لما هو المعقول نظرا إلى التشبيه فلعل ما ذكروا من التخصيص مبني على أن للصغائر
تأثير في درن الظاهر فقط كما يدل عليه ما ورد من خروج الصغائر من الأعضاء عند التوضؤ بالماء بخلاف
الكبائر فإن لها تأثيرا في درن الباطن كما جاء أن العبد إذا ارتكب المعصية تحصل في قلبه نقطة سوداء
ونحو ذلك وقد قال تعالى بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وقد علم أن أثر الكبائر يذهبها التوبة التي
هي ندامة بالقلب فكما أن الغسل إنما يذهب بدرن الظاهر دون الباطن فكذلك الصلاة فتفكر
والله تعالى أعلم قوله (463) أن العهد أي العمل الذي أخذ الله تعالى عليه العهد والميثاق من المسلمين
كيف وقد سبق أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بايعهم على الصلوات وذلك من عهد الله تعالى الذي
بيننا وبينهم أي الذي يفرق بين المسلمين والكافرين ويتميز به هؤلاء عن هؤلاء صورة على الدوام
231

الصلاة وليس هناك عمل على صفتها في إفادة التميز بين الطائفتين على الدوام فقد كفر أي صورة
وتشبها بهم إذ لا يتميز الا المصلي وقيل يخاف عليه أن يؤديه إلى الكفر وقيل كفر أي أبيح دمه وقيل
المراد من تركها جحدا وقال أحمد تارك الصلاة كافر لظاهر الحديث والله تعالى أعلم قوله (465) ان أول
ما يحاسب به العبد أي في حقوق الله فلا يشكل بما جاء انه يبدأ بالدماء فإن ذاك في المظالم وحقوق
الناس بصلاته الباء زائدة تدل عليه الرواية الآتية فيكمل به نقص من الفريضة ظاهره أن
232

من فاتته الصلاة المكتوبة فصلى نافلة يحسب عنه النافلة موضع المكتوبة وقيل بل ما نقص من خشوع
الفريضة وآدابها يجبر بالنافلة ورد بأن قوله وسائر الأعمال كذلك لا يناسبه إذ ليس في الزكاة الا فرض
أو فضل فكما تكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك في الصلاة وفضل الله أوسع وكرمه أعم وأتم والله تعالى أعلم
233

قوله (468) يدخلني الجنة من الادخال أي يدخلني الله به أو يدخلني ذلك العمل على الاسناد المجازي
والمراد الدخول ابتداء والا فيكفي الايمان والمضارع مرفوع والجملة صفة عمل ويمكن جزم المضارع
بتقدير أي أن عملته أو على أنه جواب الامر وفيه بيان أنه 7 هي نفسه لاتيان ذلك العمل بحيث كان
الاخبار في حقه سببا لدخول الجنة تعبد الله بمعنى المصدر أو خبر بمعنى الامر والعبادة التوحيد
وجملة ولا تشرك تأكيد له أو الطاعة مطلقا وجملة ولا تشرك لبيان الاخلاص وترك الرياء وعلى الثاني
وقوله وتقيم الخ تخصيص بعد التعميم ذرها أمر له بأن يترك ناقته صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه حبسها
234

وقت السؤال والله تعالى أعلم قوله (469) وبذي الحليفة العصر ركعتين قصرها لأنه خرج حاجا إلى مكة
لا لان ذا الحليفة حد القصر كما توهم قوله بالهاجرة قال السيوطي هي اشتداد الحر نصف النهار قلت
كذلك قال أهل اللغة لكن المراد ههنا بعد الزوال فكان مرادهم نصف النهار وما يقاربه عنزة بمهملة
ونون مفتوحتين هي مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا وفي طرفها حديدة قوله (471) لن يلج بكسر اللام أي
235

لا يدخل وقوله صل لعل المراد به الدوام ولعله لا يوفق للمداومة الا من سبقت له هذه السعادة والله تعالى أعلم
قوله فآذني بالمد وتشديد النون بادغام نون الكلمة في نون الوقاية من الايذان بمعنى الاعلام أي أعلمني
فأملت من الاملاء أي ألقت على لأكتب وصلاة العصر بالعطف فالظاهر أنها غير الوسطى
وهو يخالف الحديث المرفوع الذي سيجئ الا أن يجعل العطف للتفسير والظاهر أن هذا كان من النبي
صلى الله تعالى عليه وسلم ذكره تفسيرا للآية فزعمت عائشة أنه جزء من الآية أو كان جزءا فنسخ وزعمت
بقاءه والله تعالى أعلم قوله (474) فقد حبط عمله بكسر الباء أي بطل قبل أريد به تعظيم المعصية لا حقيقة
236

اللفظ يكون مجاز التشبيه قلت وهذا مبني على أن العمل لا يحبط الا بالكفر لكن ظاهر قوله تعالى لا ترفعوا
أصواتكم الآية يفيد أنه يحبط ببعض المعاصي أيضا فيمكن أن يكون ترك العصر عمدا من جملة تلك المعاصي والله
تعالى أعلم قوله (475) كنا نحزر بحاء مهملة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة من نصر أي نقدر وفي الآخرتين
237

على نصف ذلك هذا يقتضي أنه كان يقرأ في الآخرتين أحيانا سوى الفاتحة أيضا هذا ثم ما جاء من الاختلاف
في قدر القراءة يحمل على اختلاف الأوقات قوله (478) من فاتته صلاة ظاهر العموم لكل وقيل الوقت
ذهاب الوقت مطلقا وقيل الوقت المختار وقيل ذهاب الجماعة وتر أهله وماله يروى بالنصب على
أن وتر بمعنى سلب وهو يتعدى إلى مفعولين وبالرفع على أنه بمعنى أخذ فيكون أهله هو نائب الفاعل
والمقصود أنه ليحذر من تفوتها كحذره من ذهاب أهله وماله وقال الداودي أي يجب عليه من الأسف
والاسترجاع مثل الذي يجب على من وتر أهله وماله اه قلت ولا يجب عليه شئ من الأسف أصلا
فليتأمل والوجه أن المراد أنه حصل له من النقصان في الآجر في الآخرة ما لو وزن بنقص الدنيا لما
وازنه الا نقصان من نقص أهله وماله والله تعالى أعلم ثم هذا الحديث غير داخل في ترجمة صلاة العصر
في السفر بل هذا بحث آخر وتحقيق ما يتعلق بهذا الحديث والله تعالى أعلم قوله (479) خالفه محمد بن
إسحاق قيل وجه مخالفة محمد بن إسحاق لليث أنه خالفه في السند فقال بن إسحاق سمعت نوفل بن معاوية
238

وقال الليث عن عراك بن مالك أنه بلغه أن نوفل بن معاوية وفي المتن فإن الأول وقفه على نوفل والثاني
رفعه قوله أعتم بفتح أي أخر العشاء أنه ليس أحد الخ أي هي مخصوصة بكم فاللائق بكم
أن تنتفعوا بها بالاشتغال بها والانتظار لها لان الانتظار كالاشتغال بها أجرا والله تعالى أعلم قوله
239

(485) يتعاقبون فيكم أي تأتي طائفة عقب طائفة ثم تعود الأولى عقب الثانية وضمير فيكم للمصلين أو
مطلق المؤمنين والواو في يتعاقبون لعلامة جمع الفاعل على لغة أكلوني البراغيث وليس بفاعل أو هو
ضمير مبهم بينه ملائكة بالليل أو قوله ملائكة بالليل مبتدأ خبره يتعاقبون فيكم تقدم عليه لفظا هذا
240

هو المشهور في مثله ورد بأن في هذا الحديث وقع اختصار من الرواة والأصل أن لله ملائكة يتعاقبون
فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار كما رواه البزار ثم يعرج الذين باتوا ليلا أو نهارا كما في رواية
ومقتضى اجتماعهم في الصلاتين أنه يختلف مجيئهم وذهابهم حسب اختلاف الناس في الصلاة والله تعالى
أعلم قوله (486) صلاة الجمع الإضافة لأدنى ملابسة أي صلاة أحدكم مع الجمع أي الجماعة أو بحذف
المضاف أي صلاة آحاد الجميع والا فليس المطلوب تفضيل صلاة المجموع على صلاة الواحد بل تفضيل
صلاة الواحد على صلاته باعتبار الحالين ثم إنه جاء في بعض الروايات بسبع وعشرين درجة فيحتمل
على أنه أوحى إليه أولا بخمس وعشرين ثم بسبع وعشرين تفضلا من الله تعالى حيث زاد درجتين
أو على أن المراد في أحد الحديثين التكثير دون التحديد والله تعالى أعلم كان مشهودا أي يشهده
241

الملائكة ويحضره ولا يخفي أن طائفة من الملائكة على البدلية تشهد الصلوات كلها وكلتا الطائفتين
لا يحضرون صلاة الفجر أو العصر بتمامهما أيضا لقولهم تركناهم وهم يصلون فكأنهم يشهدون القرآن
جميعا ثم تذهب طائفة عند تمام الركعة الثانية من الفجر أو الرابعة من العصر قبل الفراغ من الصلاة
فليتأمل والله تعالى أعلم قوله (488) بيت المقدس كمرجع أو كاسم المفعول من التقديس
242

وصرف على بناء المفعول أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعد ذلك ولظهور البعدية من السوق لم يقل ثم صرف
إلى القبلة اللام فيها للعهد والمراد القبلة المعهودة بين المسلمين وهي الكعبة المشرفة والا فقد كان بيت المقدس
قبلة لهم قال تعالى سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قوله وجه على بناء المفعول
أي أمر بأن يتوجه فانحرفوا إلى الكعبة أي انصرفوا إليها وهم في الصلاة لخبر الواحد وفيه نسخ القطعي
بالظني وقد قررهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك الا أن يمنع الظنية ويدعي أنه قد حفته أمارات
243

أدت إلى القطع وفيه أن ما عمل على وفق المنسوخ قبل العلم بالنسخ فهو صحيح وأن حكم الناسخ يثبت من
وقت العلم فينبغي أن لا يترك ما ثبت لاحتماله النسخ لان حكم النسخ لا يثبت الا من حين العلم وقبل الثابت
وهو حكم المنسوخ فليتأمل وينبغي أن يكون احتمال المعارض والتأويل مثله والله تعالى أعلم قوله يسبح
من التسبيح أي يصلي النافلة قبل بكسر القاف غير أنه أي لكنه وهذا يدل على عدم وجوب
الوتر قوله (491) يصلي على دابته أي النافلة قوله (492) حيثما توجهت به الباء للتعدية أو المصاحبة قوله
بقباء بضم القاف وهذا يذكر ويصرف وقيل يقصر ويؤنث ويمنع
244

فاستقبلوها بكسر الباء على أنه صيغة أمر وهو من كلام الآتي أو بفتح الباء على أنه صيغة ماض وهو حكاية
لحالهم قيل والظاهر هو الأول لان الثاني يغني عنه قوله فاستداروا الكعبة والله تعالى أعلم ثم هذا الاستقبال
يستلزم تقدم القوم على الامام الا أن يقال بأن الامام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخره ثم تحولت
الرجال حي صاروا خلفه ويلزم وقوع مشي كثير في أثناء الصلاة الا أن يقال كان وقوعه قبل التحريم أو لم
تتوال الخطا كذا قيل ومراده بقوله قبل التحريم أي قبل الشروع في الصلاة أو قبل أن يصير العمل في
الصلاة حراما والأول يأباه ظاهر لفظ الحديث والله تعالى أعلم قوله (494) الله تعالى أما ان جبريل أما بالتخفيف
حرف استفتاح بمنزلة ألا امام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بكسر الهمزة وهو حال لكون
اضافته لفظية نظرا إلى المعنى أو بفتح الهمزة وهو ظرف والمعنى يميل إلى الأول ومقصود عروة بذلك
أن أمر الأوقات عظيم قد نزل لتحديدها جبريل فعلمها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالفعل فلا ينبغي
التقصير في مثله اعلم أمر من العلم أي كن حافظا ضابطا له ولا تقله عن غفلة أو من الاعلام أي بين لي
245

حالة واسنادك فيه يحسب بضم السين من الحساب خمس صلوات كل واحدة منها مرتين تحديدا
لأوائل الأوقات وأواخرها وهو بالنصب مفعول يحسب أو صليت والله تعالى أعلم قوله يسأل
هو في الموضعين على بناء الفاعل (495) كما أسمعك من الاسماع قال أبو برزة كان أي رسول
الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولا يحب النوم قبلها لما فيه من تعريض صلاة العشاء على الفوات
ولا الحديث الخ لما فيه من تعريض قيام الليل بل صلاة الفجر على الفوات عادة وقد جاء الكلام بعدها
في العلم ونحوه مما لا يخل فلذلك خص هذا الحديث بغيره يذهب الذاهب بعد الفراغ منها كما يدل
عليه السياق لان الحديث مسوق لتحديد الوقت الذي يصلي فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حية
حياة الشمس اما ببقاء الحر أو بصفاء اللون بحيث لا يظهر فيه تغير أو بالامرين جميعا فيعرفه فإذا
246

كان هذا وقت الفراغ فيكون الشروع بغلس والله تعالى أعلم قوله زاغت أي زالت قوله (497) عن
خباب بمعجمة وموحدتين كعلام قوله حر الرمضاء كحمراء بضاد معجمة هي الرمل الحار لحرارة
الشمس فلم يشكنا من أشكى إذا أزال شكواه في النهاية شكوا إليه حر الشمس وما يصيب أقدامهم
منه إذا خرجوا إلى صلاة الظهر وسألوه تأخيرها قليلا فلم يجبهم إلى ذلك قال وهذا الحديث يذكره أهل
الحديث في مواقيت الصلاة لأجل قول أبي إسحاق لما قيل له في تعجيلها أي شكوا إليه في شأن التعجيل
قال نعم والفقهاء يذكرونه في السجود فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم
247

في السجود من شدة الحر فنهوا عن ذلك قلت وهذا التأويل بعيد والثابت أنهم كانوا يسجدون على
طرف الثوب وقال القرطبي يحتمل أن يكون هذا قبل أن يأمرهم بالابراد ويحتمل أنهم طلبوا زيادة تأخير
الظهر على وقت الابراد فلم يجبهم إلى ذلك وقيل معناه فلم يشكنا أي لم يحوجنا إلى الشكوى ورخص
لنا في الابراد وعلى هذا يظهر التوفيق بين الأحاديث قوله (498) إذا نزل منزلا أي قبيل الظهر لا مطلقا
كيف وقد صح عن أنس إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر وإن كان
بنصف النهار متعلق بما يفهم من السوق من التعجيل أي يعجل ولا يبالي بها وإن كانت بنصف النهار
والمراد قرب النصف إذ لا بد من الزوال والله تعالى أعلم بالحال قوله (499) أبرد بالصلاة من الابراد وهو
الدخول في البرد والباء للتعدية أي أدخلها في البرد وأخرها عن شدة الحر في أول الزوال فكان حد
248

التأخير غالبا أن يظهر الفئ للجدر قوله (500) فأبردوا عن الصلاة قيل كلمة عن بمعنى الباء أو زائدة وأبرد
متعد بنفسه بمعنى أدخل في البرد وقيل متعلقة بأبردوا بتضمين معنى التأخير ولا بد من تقدير المضاف
وهو الوقت فإن قدر مع ذلك مفعول أبردوا أعنى بالصلاة فالمعنى أدخلوها في البرد مؤخرين إياها عن
وقتها المعتاد وإن لم يقدر له مفعول يكون المعنى ادخلوا أنت في البرد مؤخرين إياها عن وقتها والله تعالى
أعلم من فيح جهنم أي شدة غليانها وانتشار حرها والجمهور حمله على الحقيقة إذ لا يستبعد مثله وقيل
خرج مخرج التشبيه والتقريب أي كأنه نار جهنم في الحر فاحذروها واجتنبوا ضرها قوله عن أبي
هريرة قال الخ الظاهر أن هذه الواقعة بمكة قبل إسلام أبي هريرة والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم
قال هذا الكلام لمن حضره يومئذ وأبو هريرة أخذ الحديث من بعض أولئك فالحديث مرسل صحابي لكن
مرسل الصحابي كالمتصل ويحتمل على بعد مجئ جبريل مرة ثانية بعد إسلام أبي هريرة ويكون الحديث
249

متصلا والله تعالى أعلم فصلى أي جبريل أو النبي عليهما الصلاة والسلام حين رأى أي النبي
صلى الله تعالى عليه وسلم أو جبريل الظل مثله أي قدر قامته ولم يكن في تلك الأيام فئ كما جاء أو
كان والمراد سوى فئ الزوال ضرورة أن المقصود تحديد الوقت وتعيينه وفئ الزوال لا يتعين زمانا
ولا مكانا فعند اعتباره في المثل لا يحصل التحديد أصلا ثم صلى به الظهر أي فرغ منها وأما
في العصر الأول فالمراد بقوله صلى شرع فيها وهذا لان تعريف وقت الصلاة بالمرتين يقتضي أن يعتبر
الشروع في أولى المرتين والفراغ في الثانية منهما ليتعين بهما الوقت ويعرف أن الوقت من شروع
الصلاة في أولى المرتين إلى الفراغ منها في المرة الثانية وهذا معنى قول جبريل الصلاة ما بين صلاتك
أمس وصلاة اليوم أي وقت الصلاة من وقت الشروع في المرة الأولى إلى وقت الفراغ في المرة الثانية
وبهذا ظهر صحة هذا القول في صلاة المغرب وان صلى في اليومين في وقت واحد وسقط ما يتوهم أن لفظ
الحديث يعطي وقوع الظهر في اليوم الثاني في وقت صلاة العصر في اليوم الأول فيلزم اما التداخل
في الأوقات وهو مردود عند الجمهور ومخالف لحديث لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت صلاة
أخرى أو النسخ وهو يفوت التعريف المقصود بامامة جبريل مرتين فإن المقصود في أول المرتين تعريف
أول الوقت وبالثانية تعريف آخره وعند النسخ لا يحصل ذلك على أن قوله والصلاة ما بين صلاتك الخ
تصريح في رد القول بالنسخ ثم قوله والصلاة ما بين صلاتك الخ يقتضي بحسب الظاهر أن لا يجوز
العصر بعد المثلين لكنه محمول على بيان الوقت المختار ففيما يدل الدليل على وجود وقت سوى الوقت
250

المختار يقول به كالعصر وفيما لم يقم دليل على ذلك بل قام على خلافه كالظهر حيث اتصل العصر بمضي
وقته المختار نقول فيه بأن وقته كله مختار وليس له وقت سوى ذلك والله تعالى أعلم قوله (503) كان قدر
صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الخ أي قدر تأخير الصلاة عن الزوال ما يظهر فيه قدر
ثلاثة أقدام للظل أي يصير ظل كل انسان ثلاثة أقدام من اقدامه فيعتبر قدم كل انسان بالنظر إلى ظله
والمراد أن يبلغ مجموع الظل الأصلي والزائد هذا المبلغ لا أن يصير الزائد هذا القدر ويعتبر الأصلي
سوى ذلك فهذا قد يكون لزيادة الظل الصلي كما في أيام الشتاء وقد يكون لزيادة الظل الزائد بسبب
251

التبريد كما في أيام الصيف والله تعالى أعلم قوله صلى معي هكذا في نسختنا ثبوت الياء والظاهر
حذفها وكان الياء الموجودة للاشباع وأما لام الكلمة فهي محذوفة أو هي لام الكلمة الا أن المعتل عومل
معاملة الصحيح وقد تكرر الوجهان في مواضع فكن على ذكر منهما فلعلي ما أعيد بعد ذلك والله تعالى
أعلم ثم هذا الحديث في وقت الظهر والعصر موافق لحديث امامة جبريل فيؤيد بطلان قول من يقول
بالنسخ فليتأمل قوله (505) والشمس في حجرتها أي ظلها في الحجرة لم يظهر الفئ أي ظلها لم يصعد
ولم يعل على الحيطان أو لم يزل قلت وهو الأظهر لان الغالب أن ظل الشمس يظهر على الحيطان قبل
المثل والله تعالى أعلم قوله (506) الله تبارك وتعالى وهم يصلون أي العصر ومعلوم أنهم صحابة ما يصلون في وقت لا ينبغي
252

التأخير إليه قوله (507) ويذهب الذاهب أي بعد الصلاة بقرينة السياق قوله محلقة اسم فاعل من
التحليق بمعنى الارتفاع أي مرتفعة قوله (509) حتى دخلنا على أنس بن مالك أي وبيته في جنب المسجد
وهذا يفيد تعجيل العصر بلا ريب قال النووي وإنما أخر عمر بن عبد العزيز الظهر رحمه الله تعالى
على عادة الامراء قبلة قبل أن تبلغه السنة في تقديمها فلما بلغته صار إلى التقديم ويحتمل أنه أخرها
لشغل وعذر عرض له وظاهر الحديث يقتضي التأويل الأول وهذا كان حين ولي عمر بن عبد العزيز
المدينة نيابة لا في خلافته لان أنسا رضى الله تعالى عنه توفي قبل خلافة عمر بن عبد العزيز بنحو تسع سنين
قوله عجلت من التعجيل
253

قوله تلك أي الصلاة المتأخرة عن الوقت وقوله فكانت بين قرني الشيطان كناية عن قرب الغروب
وذلك لان الشيطان عند الطلوع والاستواء والغروب ينتصب دون الشمس بحيث يكون الطلوع
والغروب بين قرنيه فنقر أربعا كأنه شبه كل سجدتين من سجداته من حيث أنه لا يمكث
254

فيهما ولا بينهما بنقر طائر إذا وضع منقاره يلتقط شيئا والله تعالى أعلم قوله فتقدم جبريل الخ
وكانت امامة جبريل بأمره تعالى فاقتداء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم به والناس اقتداء مفترض بمفترض فلا
يستقيم استدلال من استدل بالحديث على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل حتى وجبت أي غربت
255

حين انشق الفجر أي طلع ثم أتاه في اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصه
أي أتاه بحيث فرغ من الصلاة وقد كان ظل الرجل مثل شخصه بخلاف ما تقدم من العصر في
اليوم الأول فإنه شرع في الصلاة وكان ظل الشئ مثله وقد تقدم تحقيقه فنمنا ثم قمنا ظاهره
أن جابرا قد حضر هذه الصلاة لكن المشهور أن هذه الصلاة كانت بمكة قبل الهجرة فأما أن يقال
أن هذا الكلام كلام من سمع جابر الحديث عنه ثم ذكره جابر على وجه الحكاية أو نقول بتعدد
الواقعة كما ذكرت في حديث أبي هريرة وعلى الثاني فقول جابر يعلمه مواقيت يحمل على زيادة الايقان
والحفظ والله تعالى أعلم امتد الفجر أي طال ولعله ما انتظر الاسفار التام لتطويل القراءة فصلى
بحيث وقع الفراغ عند الاسفار فضبط آخر الوقت بالفراغ من الثانية كما ضبط أوله بالشروع في الأولى
والله تعالى أعلم
256

قوله (514) من أدرك ركعتين غالب الروايات من أدرك ركعة ومعنى فقد أدرك أي تمكن منه
بأن يضم إليها باقي الركعات وليس المراد أن الركعة تكفي عن الكل ومن يقول بالفساد بطلوع
الشمس في أثناء الصلاة يؤول الحديث بأن المراد أن من تأهل للصلاة في وقت لا يفي الا لركعة
وجب عليه تلك الصلاة كصبي بلغ وحائض طهرت وكافر أسلم وقد بقي من الوقت ما يفي ركعة
واحدة تجب عليه صلاة ذلك الوقت لكن رواية فليتم صلاته كما سيجئ تأتي هذا التأويل والله
257

تعالى أعلم قوله (518) رضي الله تعالى عنه لا صلاة بعد العصر الخ نفى بمعنى النهي مثل لا رفث ولا فسوق قوله (519) عند الفجر
أي عند طلوعه حين وقع أي حين غاب وسقط حاجب الشمس أي طرفها الذي بغيبته تغيب
الشمس كلها وأنعم أن يبرد أي أطال الابراد
258

قوله (520) يرمون ويبصرون من الابصار والحديث يدل على التعجيل وعلى أنه يقرأ فيها السور
القصار إذ لا يتحقق مثل هذا الا عند التعجيل وقراءة السور القصار فليتأمل قوله بالمخمص بميم
مضمومة وخاء معجمة مفتوحة ثم ميم مفتوحة مشددة اسم موضع
259

كان له أجره أي في هذه الصلاة أو في مطلق الصلاة أو في كل عمل والله تعالى
أعلم حتى يطلع الشاهد كناية عن غروب الشمس لان بغروبها يظهر الشاهد والمصنف حمله على
تأخير الغروب وهو بعيد لان غاية الأمر جواز التأخير لا وجوبه ولو حمل الحديث عليه لأفاد الوجوب فليتأمل
قوله (522) ما لم تحضر العصر يدل على أن أول وقت العصر كان معلوما عندهم بل ظاهر سوق هذه
الرواية أن أوائل كل الأوقات معلومات عندهم كأنها أمر معروف عنه وإنما سيق الحديث لتحديد
الأواخر والمراد بيان الوقت المختار ثور الشفق بالمثلثة أي انتشاره وثوران حمرته من ثار الشئ
يثور إذا انتشر وارتفع قوله (523) فلم يرد عليه شيئا أي لم يبين له الأوقات بالكلام بل أمره بالإقامة يومين
ليبين له بالفعل كما تقدم حين انشق الفجر أي طلع كأنه شق موضع طلوعه فخرج منه انتصف
النهار قال الشيخ ولي الدين هو على سبيل الاستفهام قلت فيحمل أن يكون بفتح الهمزة مثل اصطفى
260

البنات وأفترى أو بكسرها على أن حرف الاستفهام مقدر كما في قول القائل طلعت الشمس ثم يحمل
الحديث على بيان الوقت المختار نعم قد علم في البعض أنه ليس له وقت سوى الوقت المختار والله تعالى
أعلم قوله (524) وكان الفئ هو الظل بعد الزوال قدر الشراك بكسر الشين أحد سيور النعل التي
تكون على وجهها وظاهر هذه الرواية أن المراد الفئ الأصلي لا الزائد بعد الزوال ولذلك استثنى في وقت
261

العصر العنق بمهملة ونون مفتوحتين وقاف سير سريع ذكره السيوطي قلت لكن إلى التوسط أقرب
والله تعالى أعلم قوله (525) يصلي الهجير أي الظهر التي تدعونها تسمونها الأولى فإنها أول صلاة
صلاها جبريل للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم تدحض أي تزول حتى يرجع
262

الظاهر حين يرجع ولعل كلمة حتى وقعت موضع حين سهوا من بعض والله تعالى أعلم قوله سطح الفجر أي ارتفع وظهر
قوله سواء أي مساوية للغروب حال من مفعول صلاها
263

قوله بالهاجرة في الصحاح هو نصف النهار عند اشتداد الحر وفي القاموس هو من الزوال إلى العصر ولا
يخفى أن الأول لا يستقيم والثاني لا يفيد تعين الوقت المطلوب والظاهر أن المراد هو الأول على تسمية ما هو
قريب من النصف نصفا ولعل المطلوب أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها أي لا يؤخرها تأخيرا كثيرا فلا
ينافي الابراد ولعل تخصيص أيام الحر لبيان أن الحر لا يمنعه من أول الوقت فكيف إذا لم يكن هناك حر
إذا وجبت الشمس أي سقطت وغربت والعشاء الظاهر لفظا أنه عطف ومعنى أنه مبتدأ أو مفعول
لمحذوف أي عجل العشاء أحيانا وأخرها أحيانا وجملة كان إذا رآهم الخ بيان لحين التعجيل والتأخير والله
تعالى أعلم قوله (528) لسقوط القمر أي غيبته وكان هذا هو الغالب والا فقد علم أنه كان يعجل تارة
264

ويؤخر أخرى حسبما يرى من المصلحة ولان دلالة الحديث على بيان الشفق غير ظاهرة الا بوجه
بعيد فليتأمل قوله العتمة بفتحتين أي العشاء (531) رضي الله تعالى عنهما أو خلوا بكسر خاء معجمة وسكون لام أي
منفردا أعتم أي أخر الصلاة الصلاة بالنصب على الاغراء أو التقدير عجلها أو أخرها
265

فبدد بتشديد الدال أي فرق ثم على الصدغ بضم الصاد المهملة لا يقصر من التقصير أي لا يبطئ
ولا يبطش من نصر وضرب أي لا يستعجل الا هكذا أي بالتأخير إلى مثل هذا الوقت
ويفهم منه أن تأخير العشاء أحب من تعجيلها قوله (532) رقد النساء والولدان قيل أي الذين بالمسجد
قلت أو الذين بالبيوت بعد انتظارهم للأزواج ة والآباء الذين بالمسجد قوله أنه الوقت أي الاحب لولا أن
266

أشق على أمتي أي لامرتهم به قوله (535) ما ينتظرها غيركم أي فانتظاركم شرف مخصوص
بكم فلا تكرهوه إلى ثلث الليل فعلم منه آخر الوقت المرغوب (536) حتى ذهب عامة الليل أي غالبه
والمتبادر منه أنه صلى بعد أن ذهب من النصف الأخير أيضا شئ أنه لوقتها بفتح اللام قوله
267

ولولا أن تثقل بصيغة التأنيث أي الصلاة هذه الساعة أو التذكير أي التأخير لصليت بهم هذه
الساعة أي ليطول انتظارهم فيكثر بذلك انتفاعهم بهذه الصلاة
المخصوصة بهم لان المنتظر للصلاة
كالذي في الصلاة قوله (538) لم تزالوا في الصلاة التنكير للتعميم أي أي صلاة انتظرتموها فأنتم فيها ما دام
انتظرتموها ولولا ضعف الضعيف هو بضم أو فتح فسكون والسقم بضم فسكون أو بفتحتين ومقتضى
الموافقة أن يختار فيهما الضم مع السكون ثم السقم هو المرض والضعف أعم فقد يكون بدونه والله تعالى
أعلم قوله (539) إلى وبيص خاتمه قال السيوطي هو البريق وزنا ومعنى
268

قوله (540) ما في النداء أي الاذان كما في رواية والصف الأول أي من الخير والبركة كما في رواية ثم لم يجدوا
أي سبيلا إلى تحصيله بطريق الا أن يستهموا عليه أي بأن يستهموا عليه فالضمير في عليه راجع لما وقيل
للمذكور من النداء والصف الأول والاستفهام الاقتراع أي الا بالقرعة وفيه تجهيل للمتساهلين في هذا الامر
فلا يرد أنهم قد علموا بخبر الصادق وهم بسعة من تحصيله بلا استهام ومع هذا لا يحصلونه فكيف يصدق
الخبر بأنهم لو علموا لاستهموا التهجير أي التبكير إلى الصلوات مطلقا وقيل الاتيان إلى صلاة الظهر
في أول الوقت لان التهجير من الهاجرة لاستبقوا إليه أي سبق بعضهم بعضا إليه لا بسرعة في المشي
في الطريق فإنه ممنوع بل بالخروج إليه والانتظار في المسجد قبل الآخر ولو حبوا كما يمشي الصبي
269

أول أمره قوله (541) لا تغلبنكم الاعراب الخ أي الاسم الذي ذكر الله تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسم
العشاء والاعراب يسمونها العتمة فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم لما فيه من غلبة الاعراب عليكم بل
أكثروا استعمال اسم العشاء موافقة للقرآن فالمراد النهي عن اكثار اسم العتمة لا عن استعماله أصلا
فاندفع ما يتوهم من التنافي بين أحاديث البابين فإنهم يعتمون من أعتم إذا دخل في العتمة وهي
الظلمة وعلى بمعنى اللام أي يؤخرون الصلاة ويدخلون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحلبها والله تعالى
270

أعلم قوله أن كان كلمة أن مخففة من المثقلة أي أن الشأن كان الخ متلفعات بعين مهملة بعد
الفاء أي متلففات بأكسيتهن ما يعرفن أي حال الانصراف في الطرق لا في داخل المسجد كما زعمه
المحقق بن الهمام لان جملة ما يعرفن حال من فاعل ينصرف فيجب المقارنة بينهما من الغلس أي لأجل
271

الظلمة لا لأجل التلفع قوله (547) قريب منهم أي من أهل خيبر فأغار عليهم أي وقع عليهم وقاتلهم
خربت خيبر أي على أهلها وفتحت على المسلمين قاله تفاؤلا حين رأى في أيدي أهلها آلات الهدم
صباح المنذرين بفتح الذال والمخصوص بالذم محذوف أي صباحهم والضمير للقوم قوله (548) أسفروا
بالفجر من يرى أن التغليس أفضل يحمله على التأخير حين تبين وينكشف بحقيقة الامر ويعرف
يقينا طلوع الفجر أو يخصه بالليالي المقمرة لان أول الصبح لا يتبين فيها فأمروا بالاسفار احتياطا أو
على تطويل الصلاة وهو الأوفق بحديث ما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم أي للاجر وهو مختار الطحاوي
272

من علمائنا الحنفية والله تعالى أعلم قوله (552) بين صلاتيكم هاتين الظاهر أن المراد بهما الظهر والعصر
أي يصلي العصر بين ظهركم وعصركم والمقصود أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يعجل وإنهم يؤخرون
إلى أن ينفسح البصر أي يتسع وهذا آخر وقته صلى الله عليه وسلم ولا يلزم منه أنه أخر الوقت بمعنى
273

أنه لا يجوز بعده بل ذاك هو الذي يدل عليه حديث من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس
الحديث والله تعالى أعلم قوله (553) من أدرك من الصلاة ركعة الخ لا دلالة له على حكم من أدرك دون
الركعة الا بالمفهوم ولا حجة فيه عند من لا يقول به ولذلك يقول علماؤنا الحنفية القائلون بعدم المفهوم
أن من أدرك التحريمة في الوقت فقد أدرك الا في الصبح والجمعة لما عندهم من الدليل على ذلك والله
274

تعالى أعلم قوله (559) ومعها قرن الشيطان أي اقترانه أو أن الشيطان يدنو منها بحيث يكون طلوعها
بين قرني الشيطان وغرض اللعين أن يقع سجود من يسجد للشمس له فينبغي لمن يعبد ربه تعالى أن لا
يصلي في هذه الساعات احترازا من التشبيه بعبدة الشيطان في تلك الساعات أي الثلاث قوله (560) أو نقبر
275

فيهن من قبر الميت من باب نصر وضرب لغة وظاهر الحديث كراهة الدفن في هذه الأوقات وهو قول
أحمد وغيره ومن لا يقول به يؤول الحديث بأن المراد صلاة الجنازة على الميت بطريق الكناية للملازمة
بين الدفن والصلاة ولا يخفى أنه تأويل بعيد لا ينساق إليه الذهن من لفظ الحديث يقال قبره إذا دفنه
ولا يقال قبره إذا صلى عليه بازغة أي طالعة ظاهرة لا يخفى طلوعها وحين يقوم قائم الظهيرة
أي يقف الظل الذي يقف عادة عند الظهيرة حسبما يرى ويظهر فإن الظل عند الظهيرة لا يظهر له
حركة سريعة حتى يظهر بمرأى العين أنه واقف وهو سائر وحين تضيف بتشديد الياء بعد الضاد
المفتوحة وضم الفاء صيغة المضارع أصله تتضيف بالتاءين حذفت إحداهما أي تميل قوله وكان أي عمر
من أحبهم إلى جملة معترضة في البين
276

قوله لا يتحسر أحدكم هكذا في نسختنا بسين وراء بعد الحاء المهملة أي لا يتعجز ولا يتثقل
عن أداء الصلوات في الوقت اللائق بها فيصلي بسبب ذلك عند طلوع الشمس أو غروبها لأجل
تأخيرها عن الوقت اللائق بها وفي بعض النسخ لا يتحر براء بعد الحاء على أنه نهى من التحري
277

وهو المشهور في هذا الحديث ومعناه ظاهر وسيجئ تحقيقه أيضا قوله (567) حتى تبزغ الشمس
بزوغ الشمس طلوعها من حد نصر قوله (570) أوهم عمر هكذا في النسخ بالألف والصواب وهم بكسر الهاء
أي غلط أو بفتح الهاء أي ذهب وهمه إلى ما قال كما صرحوا في مثله وهو المشهور في رواية هذا الحديث يقال
أوهم في صلاته أو في الكلام إذا أسقط منها شيئا ووهم بالكسر إذا غلط ووهم بالفتح يهم إذا ذهب وهمه
الا أن يقال المراد ان الحديث كان مقيدا فأسقط القيد من الكلام نسيانا ثم تبع إطلاقه ومقصود عائشة أن عمر
كان يرى المنع بعد العصر مطلقا وهو خطأ والصواب أن الممنوع هو التحري بالصلاة في النهاية التحري هو
القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشئ بالفعل والقول فالمنهي عنه تخصيص الوقتين
المذكورين بالصلاة واعتقادهما أولى وأحرى للصلاة أو أرادت عائشة أن المنهي عنه هو الصلاة عند
الطلوع والغروب بخصوصهما لا بعد العصر والفجر مطلقا وعلى كل تقدير فقد وافق عمر على رواية الاطلاق
278

أصحابه فالوجه أن روايته صحيحة والاطلاق مراد والتقييد في بعض الروايات لا يدل على نفيه بل لعله كان
للتغليظ في النهي والله تعالى أعلم قوله (571) إذا طلع حاجب الشمس أي طرفها الذي يطلع أولا والمراد
ثانيا هو الطرف الذي يغيب آخرا والله تعالى أعلم قوله ما يكون الخ أي قربا يليق به تعالى
279

قيد رمح أي قدره وتسجر على بناء المفعول أي توقد فالأولى التصديق بأمثال هذا وترك الجدال
ثم لعل المقصود بيان أن الصلاة مباحة إلى طلوع الشمس والى الغروب في الجملة وهذا لا ينافي كراهة
النفل بعد أداء صلاة الفجر والعصر فليتأمل والله تعالى أعلم قوله (573) الا أن تكون الشمس الخ دلالة
الاستثناء على الجواز بالمفهوم وهو غير معتبر عند قوم ودلالة الاطلاق أقوى منه عند آخرين ويكفي
لصحته جواز بعض أفراد الصلاة كالقضاء وكأن القائلين بالاطلاق اعتمدوا بعض ما ذكرنا والله تعالى
280

أعلم قوله (574) السجدتين بعد العصر ادعى كثير منهم الخصوص لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم فاته
مرة ركعتان بعد الظهر فقضى بعد العصر ثم التزمهما والتزام القضاء مخصوص به قطعا وجوز بعضهم
281

الصلاة بعد العصر لسبب واستدلوا بالحديث عليه والله تعالى أعلم
282

قوله (582) كنا نصليها الخ والظاهر أن الركعتين قبل صلاة المغرب جائزتان بل مندوبتان ولم أر للمانعين جوابا شافيا
والله تعالى أعلم قوله (583) لا يصلي الا ركعتين خفيفتين أي قبل الفرض قوله قال حر وعبد قيل هما أبو بكر
وبلال ثم انته أمر من الانتهاء فما دامت أي وكذا انته ما دامت أي الشمس كأنها حجفة بتقديم
283

حاء مهملة على جيم مفتوحتين أي ترس في عدم الحرارة وامكان النظر حتى يقوم العمود على ظله
العمود خشبة يقوم عليها البيت والمراد حتى يبلغ الظل في القلة غايته بحيث لا يظهر الا تحت العمود
ومحل قيامه فيصير كأن العمود قائم عليه والمراد وقت الاستواء قوله (585) أية ساعة شاء الظاهر أن
المعنى لا تمنعوا أحدا دخل المسجد للطواف والصلاة عند الدخول أية ساعة يريد الدخول فقوله أية ساعة
ظرف لقوله لا تمنعوا لالطاف وصلى ففي دلالة الحديث على الترجمة بحث كيف والظاهر أن الطواف
والصلاة حين يصلي الامام الجمعة بل حين يخطب الخطيب يوم الجمعة بل حين يصلي الامام إحدى الصلوات
الخمس غير مأذون فيها للرجال والله تعالى أعلم قوله (586) إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما ظاهره
284

أنه كان يجمع بينهما في وقت العصر ومن لا يقول به يحمل قوله إلى وقت العصر على معنى إلى قرب وقت
العصر ويحمل الجمع على الجمع فعلا لا وقتا وهو أن يصلي الظهر في آخر وقته بحيث يتصل خروج الوقت
ودخول وقت العصر بفراغه ثم يصلي العصر في أول وقته والله تعالى اعلم قوله (588) وهو في زراعة
بفتح زاي معجمة وشدة راء مهملة التي تزرع حتى إذا كان بين الصلاتين ظاهره أنه جمع جمع تقديم
285

في آخر وقت الظهر ويحتمل أنه جمع فعلا وأما جمع التأخير فهذا اللفظ يأبى عنه والله تعالى أعلم فليصل
هذه الصلاة بضم الياء وتشديد اللام والمراد فليصل هكذا أو بفتح الياء وتخفيف اللام فليجمع هذه
الصلاة قوله ثمانيا أي ثماني ركعات أربع ركعات للظهر وأربع ركعات للعصر والأحسن في
تأويله أنه جمع فعلا لا وقتا فأخر الظهر إلى آخر وقته وعجل العصر في أول وقته وهو الأوفق بقوله أخر
الظهر وعجل العصر والله تعالى أعلم قوله الأولى أي الظهر فإنهم كانوا يسمون الظهر الأولى لكونها
أول صلاة صلى جبريل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثمان سجدات أي ثمان ركعات فأريد
بالسجدة الركعة باستعمال اسم الجزء في الكل
286

قوله (591) إلى الحمي بكسر حاء وفتح ميم وقصر ألف وفي بعض النسخ الحمى وهو بالفتح والتشديد والميم موضع بقرب
المدينة فحمة العشاء بفتح فاء وسكون حاء هي أول سواد الليل قوله سرف بفتح فكسر قوله (594) الله تعالى إذا
عجل كسمع والباء في به للتعدية وظاهر هذا الحديث هو الجمع وقتا لا فعلا
287

قوله (595) لما بها بفتح اللام أي للذي بها من المرض الشديد أو بكسر اللام أي هي في الشدة والتعب لما بها من
المرض يسايره يوافقه في السير وهو يحافظ على الصلاة الجملة حال قوله (596) حتى كاد الشفق أن يغيب
هذا صريح في الجمع فعلا إذا جد به السير الباء للتعدية أي جعله السير مجتهدا مسرعا قوله الا بجمع بفتح
فسكون أي بمزدلفة ولم يذكر عرفات وكأنه بناء على أنه يجمع هناك أحيانا لا دائما لما قال بعض
288

العلماء ان شرطه الامام الأعظم والله تعالى أعلم (597) فأسرع السير بالنصب مفعول أسرع وفاعله الضمير
حتى حانت أي حضرت الصلاة بالرفع أي حضرت أو بالنصب على الاغراء أي بتقدير أتريد
الصلاة أو أتصلي الصلاة كما قاله أبو البقاء ثم سلم واحدة أي تسليمه واحدة والاكتفاء بالواحدة
وارد وإن كان الغالب الاثنين قوله (599) أو حز به أمر أي نزل به مهم
289

قوله (602) لئلا يكون على أمته حرج أي لئلا يتحرج من يفعل ذلك من أمته والا فالجمع إذا حملناه
على الجمع فعلا كما سبق فهو جائز لهم على مقتضى تحديد الأوقات لان كلا من الصلاتين في وقتها
الا أن الأولى في آخر الوقت والثانية في أول الوقت
290

قوله بنمرة موضع بعرفة أمر بالقصواء كحمراء اسم ناقته صلى الله تعالى عليه وسلم ويقال
لكل ناقة مقطوعة الأذن قصواء قالوا ولم تكن ناقته مقطوعة الأذن
291

قوله جمع بين الصلاتين الا بجمع كأنه رضي الله تعالى عنه ما اطلع على جمع عرفة ولا على جمع السفر
قبل وقتها أي يعتاد الصلاة بعد طلوع الفجر بشئ ويومئذ صلى أول ما طلع ولم يرد أنه صلى قبل
الطلوع فإنه خلاف ما ثبت قوله (609) فلما أتى الشعب بكسر معجمة وسكون مهملة الطريق المعهودة
للحاج وقد ثبت أنه توضأ هناك بماء زمزم ولم يقل إهراق الماء أي موضع بال يريد أنه حفظ
اللفظ المسموع وراعاه في التبليغ وأنهم ما كانوا يحترزون عن نسبة البول ثم الحديث يدل على أن
الفصل القليل لا يضر بالجمع قوله (610) على وقتها أي في وقتها المندوب وبر الوالدين بكسر موحدة
292

وتشديد راء الاحسان وبر الوالدين ضد العقوق وهو الإساءة وتضييع الحقوق قوله (611) أقام الصلاة
أصله إقامة الصلاة لكن حذفت التاء تخفيفا كما في قوله تعالى وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة
قوله (612) قال نعم وبعد الإقامة وحدث الخ يريد أن الصلاة لا تسقط بذهاب الوقت بل تقضى ثم إن
قبل بخصوص القضاء بالمكتوبات يكون الحديث دليلا على وجوب الوتر عند عبد الله والا فلا
293

قوله (614) يرقد عن الصلاة الجملة صفة الرجل باعتبار أن تعريفه للجنس فهو في المعنى كالنكرة فيصح أن
يوصف بالجملة وجعلها حالا بعيد معنى أو يغفل بضم الفاء كفارتها يدل على أنه لا يخلو عن تقصير ما
بترك المحافظة لكن يكفي في محو تلك الخطيئة القضاء وما سيجئ أنه لا تفريط في النوم فبالنظر إلى الذات
قوله (615) أنه ليس في النوم تفريط ليس المراد أن نفس فعل النوم والمباشرة بأسبابه لا يكون فيه تفريط
أي تقصير فإنه قد يكون فيه تفريط إذا كان في وقت يفضي فيه النوم إلى فوات الصلاة مثلا كالنوم قبل
العشاء وإنما المراد أن ما فات حالة النوم فلا تفريط في فوته لأنه فات بلا اختيار وأما المباشرة بالنوم
فالتفريط فيها تفريط حالة اليقظة ولفظ اليقظة بفتحتين قوله حتى يجئ ظاهره أنه لا يجوز الجمع
وقتا بتأخير الأولى إلى وقت الثانية كما يقول علماؤنا الحنفية لكن قد يقال إطلاقه ينافي جمع مزدلفة
في الحج وهو خلاف المذهب وعند التقييد يمكن تقييده بما يخرجه عن الدلالة بأن يقال أن يؤخر
صلاة بلا مبيح شرعا وأيضا المراد بقوله حتى يجئ وقت الأخرى أي حتى يخرج وقت تلك الصلاة بطريق
الكناية لان الغالب أنه بدخول الثانية يخرج وقت الأولى وذلك لان خروج الأولى مناط للتفريط
ولا دخل فيه لدخول وقت الثانية وأيضا مورد الكلام صلاة الصبح والتفريط فيها يتحقق بمجرد الخروج
294

بلا دخول وقت أخرى فمضمون الكلام أن المذموم هو التأخير إلى خروج الوقت وإذا جاز الجمع في
السفر فلا نسلم خروج وقت الأولى بدخول وقت الثانية لان الشارع قرر وقت الثانية وقتالهما فكل
منهما في وقتها حينئذ والله تعالى أعلم قوله فليصلها أحدكم الخ أي ليصل الوقتية من الغد للوقت
ولما كانت الوقتية من الغد عين المنسية في اليوم باعتبار أنها واحدة من خمس كالفجر والظهر مثلا صح
رجع الضمير والمقصود المحافظة على مراعاة الوقت فيما بعد وأن لا يتخذ الاخراج عن الوقت والأداء في
وقت أخرى عادة له وهذا المعنى هو الموافق لحديث عمران بن الحصين أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى
بهم قلنا يا رسول الله الا نقضيها لوقتها من الغد فقال نهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم ولم يقل أحد
بتكرار القضاء والله تعالى أعلم قوله أقم الصلاة لذكري بالإضافة إلى ياء المتكلم وهي القراءة المشهورة
لكن ظاهرها لا يناسب المقصود فأوله بعضهم بأن المعنى وقت ذكر صلاتي على حذف المضاف أو المراد
بالذكر المضاف إلى الله تعالى ذكر الصلاة لكون ذكر الصلاة يفضي إلى فعلها المفضي إلى ذكر الله تعالى
295

فيها فصار وقت ذكر الصلاة كأنه وقت لذكر الله فقيل في موضع أقم الصلاة لذكرها لذكر الله وفي
296

بعض النسخ للذكرى بلام الجر ثم لام التعريف وآخره ألف مقصورة وهي قراءة شاذة لكنها أوفق
بالمقصود وهو الموافق لما سيجئ قلت للزهري هكذا قرأها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال
نعم والله تعالى أعلم قوله فأسرينا أي سرنا ليلا فذكر ليلة تأكيدا لذلك قوله فحبسنا على بناء
297

المفعول فقال ما على الأرض تبشيرا وتهوينا لما لحقهم من المشقة بفوات الصلاة قوله عرسنا
من التعريس أي نزلنا آخر الليل ليأخذ كل انسان الخ أي لنخرج من هذا المحل قوله (624) من يكلؤنا
بهمزة في آخره أي يحفظ لنا وقت الصبح لا نرقد جملة مستأنفة في محل التعليل فضرب على آذانهم
298

أي ألقى عليهم نوم شديد مانع عن وصول الأصوات إلى الآذان بحيث كأنه ضرب الحجاب عليها قوله
أدلج بالتخفيف أي سار أول الليل (625) ثم عرس بالتشديد أي نزل آخره
تم الجزء الأول من صحيح الامام النسائي ويليه الجزء الثاني وأوله كتاب الاذن
299