الكتاب: شرح سنن النسائي
المؤلف: جلال الدين السيوطي
الجزء: ٢
الوفاة: ٩١١
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: المكتبة العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

سنن النسائي
بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي
الجزء الثاني
دار إحياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الاذان
فيتحينون الصلاة قال عياض معناه يقدرون حينها ليأتوا إليها والحين الوقت من الزمان
2

ونحن عنه متنكبون يقال نكب عن الطريق إذا عدل عنه وتنكب أي تنحى وأعرض
5

ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شئ من فضة استدل به بن حبان على الرخصة في أخذ الأجرة
وعارض به الحديث الوارد في النهى عن ذلك قال بن سيد الناس ولا دليل فيه لوجهين
الأول حديث أبي محذورة هذا متقدم قبل إسلام عثمان بن أبي العاص الراوي لحديث النهى
6

فحديث عثمان متأخر بيقين الثاني أنها واقعة يتطرق إليها الاحتمال بل أقرب الاحتمالات فيها
أن يكون من باب التأليف لحداثة عهده بالاسلام كما أعطى حينئذ غيره من المؤلفة قلوبهم ووقائع
الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الاجمال فعلمني كما
7

تؤذنون الآن بها الله أكبر الله أكبر الخ قال بن العربي فائدة الاذان متعددة منها الاعلام
بالصلاة بذكر الله تعالى وتوحيده وتصديق رسوله وتجديد التوحيد فإنها ترجمة عظيمة من تراجم
لا يؤلفها الا الله وطرد الشيطان وقال القاضي عياض اعلم أن الاذان كلمات جامعة لعقيدة الايمان
ومشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات فابتدأ بإثبات الذات بقوله الله وما يستحقه من الكمال
والتنزيه عن أضدادها المضمنة تحت قوله الله أكبر فإن هذه اللفظة على قلة كلمها واختصار صيغتها
مشعرة بما قلناه لمتأمله ثم صرح بإثبات الربانية والإلهية ونفى ضدها من الشركة المستحيلة في حقه
وهذه هي عمدة الايمان والتوحيد المقدمة على سائر وظائفه ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة
لنبينا عليه الصلاة والسلام ورسالته لهداية الخلق ودعائهم إلى الله تعالى وهي قاعدة عظيمة بعد
الشهادة بالوحدانية وموضعها بعد التوحيد لأنها من باب الافعال الجائزة الوقوع وتلك المقدمات من
باب الواجبات وهنا كمل تراجم العقائد العقليات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه تعالى ثم دعا
إلى ما دعاهم إليه من العبادات فصرح بالصلاة ورتبتها بعد اثبات النبوة إذ معرفة وجوبها من
جهته عليه الصلاة والسلام لا من جهة العقل ثم دعا إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء في التنعيم المقيم
وفيه أشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء وهي آخر تراجم العقائد الاسلامية ثم كرر ذلك عند
8

إقامة الصلاة للاعلام بالشروع فيها وهو متضمن لتأكيد الايمان وتكرار ذكره عند الشروع في
العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلى فيها على بينة من أمره وبصيرة من ايمانه ويستشعر عظم ما دخل
9

فيه وعظمة حق من يعبده وجزيل ثوابه على عبادته أهل حوائنا الحواء بالكسر والمد بيوت
10

مجتمعة من الناس على ماء وليرجع قائمكم بفتح الياء وكسر الجيم المخففة يستعمل هكذا لازما ومتعديا
تقول رجع زيد ورجعت زيدا قال الحافظ بن حجر ومن رواه بالضم والتثقيل فقد أخطأ
والمعنى ليرد القائم المجتهد إلى راحلته ليقوم إلى صلاة الصبح نشيطا أو يكون له نية في الصيام
11

فيتسحر المؤذن يغفر له بمد صوته قال أبو البقاء الجيد عند أهل اللغة مدى صوته وهو
ظرف مكان وأما مد صوته فله وجه وهو يحتمل شيئين أحدهما أن يكون تقديره مسافة صوته
والثاني أن يكون المصدر بمعنى المكان أي ممتد صوته وفي المعنى على هذا وجهان أحدهما معناه أو كانت
ذنوبه تملأ هذا المكان لغفرت له وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم إخبارا عن الله تعالى لو جئتني
بقراب الأرض خطايا أي بملئها من الذنوب والثاني يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان مقدر بهذه
13

المسافة في ليلة مطيرة قال الكرماني فعيلة بمعنى الماطرة وإسناد المطر إلى الليلة مجاز إذ الليل ظرف
له لا فاعل وللعلماء في أنبت الربيع البقل أقوال أربعة مجاز في الاسناد أو في أنبت أو في الربيع
15

وسماه السكاكي استعارة بالكناية أو المجموع مجاز عن المقصود وذكر الإمام الرازي أنه المجاز
16

العقلي فإن قلت لم لا تجعلها فعيلة بمعنى المفعول أي ممطور فيها وحذف الجار والمجرور قلت لأنه
يستوي فيها المذكر والمؤنث ولا تدخل تاء التأنيث فيها عند ذكر موصوفها معها قال عبد الله
ان المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق قال بن سيد
17

الناس اختلف الروايات في الصلاة المنسية يوم الخندق ففي حديث جابر أنها العصر وفي حديث
18

بن مسعود أنها أربع قال القاضي أبو بكر بن العربي والصحيح إن شاء الله تعالى أن الصلاة
التي شغل عنها واحدة هي العصر ومنهم من جمع بين الأحاديث في ذلك بأن الخندق كانت وقعته
أياما فكان ذلك كله في أوقات مختلفة في تلك الأيام قال بن سيد الناس وهذا أولى من الأول
لان حديث أبي سعيد رواه الطحاوي عن المزني عن الشافعي حدثنا بن أبي فديك عن بن أبي
ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه وهذا إسناد صحيح جليل
أو عازب عن أهله أي بعيد
19

يعجب ربك قال في النهاية أي يعظم ذلك عنده ويكبر لديه علم الله تعالى أنه إنما
يتعجب الآدمي من الشئ إذا عظم موقعه عنده وخفي عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون
ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده وقيل معنى عجب ربك رضى وأثاب فسماه عجبا مجازا
وليس بعجب في الحقيقة والأول أوجه في رأس شظية الجبل بفتح الشين وكسر
20

الظاء المعجمتين وتشديد المثناة التحتية قطعة مرتفعة في رأس الجبل إذا نودي للصلاة
أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين قال عياض يمكن حمله على ظاهره لأنه جسم
متغذ يصح منه خروج الريح ويحتمل أنه عبارة عن شدة نفاره فإذا قضي النداء بالبناء
21

للمفعول ويروى بالبناء للفاعل على إضمار المنادي أقبل زاد في رواية مسلم فوسوس حتى
إذا ثوب بالصلاة أدبر بضم المثلثة وتشديد الواو المكسور قيل هو من ثاب إذا رجع وقيل من
ثوب إذا أشار بثوبه عند الفزع لا علام غيره والمراد بالتثويب هنا الإقامة عند الجمهور حتى
إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه قال القاضي عياض سمعناه من أكثر الرواة
بضم الطاء وضبطناه عن المتقنين بالكسر وهو الوجه ومعناه يوسوس وأما الضم فمن المرور أي
يدنو منه فيمر بينه وبين قلبه فيشغله لما لم يكن يذكر زاد مسلم من قبل إن يدري
بالكسر نافية بمعنى لا وروى بالفتح ووهاه القرطبي فإن قيل ما الحكمة في هرب الشيطان
عند سماع الأذان والإقامة دون سماع القرآن والذكر في الصلاة أجيب بأوجه منها أنه يهرب
حتى لا يسمع المؤذن فيشهد له يوم القيامة فإنه لا يسمع صوت المؤذن جن ولا أنس الا شهد له
وقيل لاتفاق الجميع على الاعلان بشهادة الحق وقال بن الجوزي على الاذان هيبة يشتد انزعاج
الشيطان بسببها لأنه لا يكاد يقع في الاذان رياء ولا غفلة عند النطق به بخلاف الصلاة فإن
النفس تحضر فيها فيفتح لها الشيطان أبواب الوسوسة وقال بن بطال يشبه أن يكون الزجر
عن خروج المؤمن من المسجد بعد أن يؤذن المؤذن من هذا المعنى لئلا يكون متشبها بالشيطان
22

الذي يفر عند سماع الاذان إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن قال بن سيد الناس
ظاهره أنه يقول مثله عقب فراغه لكن الأحاديث التي تضمنت إجابة كل كلمة عقبها دلت على
23

أن المراد المساواة
24

عن الحكيم بن عبد الله بضم الحاء وفتح الكاف حدثنا علي بن عياش بالياء التحتية
والشين المعجمة وهو الحمصي من كبار شيوخ البخاري ولم يلقه من الأئمة الستة غيره
وقد حدث عنه القدماء بهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده عنه ورواه علي بن المديني شيخ
26

البخاري مع تقدمه عن أحمد عنه أخرجه الإسماعيلي من طريقه حدثنا شعيب هو بن أبي
حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر ذكر الترمذي أن شعيبا تفرد به عن بن المنكدر فهو
غريب مع صحته قال الحافظ بن حجر وقد توبع بن المنكدر عليه عن جابر أخرجه الطبراني
في الأوسط من طريق أبي الزبير عن جابر من قال حين يسمع النداء يحتمل أن لا يتقيد
بفراغه وأن يتقيد به وهو الأظهر اللهم رب هذه الدعوة التامة بفتح الدال هي الاذان
وسميت تامة لكمالها وعظم موقعها وقال بن التين لان فيها أتم القول وهو لا إله إلا الله ورب
منادى ثان أو بدل لا صفة لان مذهب سيبويه أن اللهم لا يجوز وصفه والصلاة القائمة أي
التي ستقوم أي تقام وتحضر وقال الحافظ بن حجر إن المراد بالصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذ
وقال الطيبي من أوله إلى قوله محمد رسول الله هي الدعوة التامة والحيعلة هي الصلاة القائمة
ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة الدعاء وبالقائمة الدائمة من قام على الشئ إذا دام عليه وعلى هذا
فقوله والصلاة القائمة بيان للدعوة التامة آت محمدا الوسيلة فسرت في حديث عبد الله بن
عمرو بأنها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عبيد الله والفضيلة قال بن حجر أي المرتبة
الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفسيرا للوسيلة وابعثه المقام
المحمود كذا ورد هنا معرفا ورواه البخاري والترمذي منكرا الذي وعدته زاد
في رواية البيهقي انك لا تخلف الميعاد قال الطيبي المراد بذلك قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك
مقاما محمودا وأطلق عليه الوعد لان عسى من الله واقع كما صح عن بن عيينة وغيره وقال بن الجوزي
والأكثر على أن المراد به الشفاعة الا حلت له شفاعتي أي وجبت كما في رواية الطحاوي أو
27

نزلت عليه واللام بمعنى على ويؤيده رواية مسلم حلت عليه وقوله هنا وفي رواية الترمذي إلا يحتاج
إلى تأويل وفي رواية البخاري حلت بدونها وهي أوضح لان أول الكلام من قال وهو شرطية
وحلت جوابها ولا يقترن جزاء الشرط بالا وتأويلها أنه حمله على معنى لا يقول ذلك أحد الا
حلت وقد استشكل بعضهم جعل ذلك ثوابا لقائل ذلك مع ما ثبت أن الشفاعة للمذنبين وأجيب
بأن له صلى الله عليه وسلم شفاعات أخرى كادخال الجنة بغير حساب وكرفع الدرجات فيعطى
كل واحد ما يناسبه ونقل عياض عن بعض شيوخه أنه كان يرى اختصاص ذلك بمن قاله مخلصا
مستحضرا اجلال النبي صلى الله عليه وسلم لا من قصد بذلك مجرد الثواب ونحوه قال الحافظ
بن حجر وهو تحكم غير مرضي بين كل أذانين صلاة قال في النهاية يريد بها السنن الرواتب
28

التي تصلى بين الأذان والإقامة خرج رجل من المسجد بعد ما نودي بالصلاة فقال أبو هريرة
أما هذا فقد عصى أبا القاسم قال القرطبي هذا محمول على أنه حديث مرفوع إلى رسول الله
29

صلى الله عليه وسلم بدليل ظاهر نسبته إليه في معرض الاحتجاج به وكأنه سمع ما يقتضي تحريم
الخروج من المسجد بعد الاذان فأطلق لفظ المعصية
30

كتاب المساجد
من بنى لله مسجدا يذكر الله تعالى فيه زاد البخاري في روايته يبتغي فيه وجه الله بنى
الله له بيتا في الجنة إسناد البناء إلى الله تعالى مجاز قال بن الجوزي مكتب اسمه على المسجد الذي
31

يبنيه كان بعيدا من الاخلاص من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد أي يتفاخروا
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مسجد وضع أولا قال المسجد الحرام قلت ثم أي
قال المسجد الأقصى قلت وكم بينهما قال أربعون عاما قال القرطبي فيه اشكال وذلك أن المسجد
الحرام بناه إبراهيم عليه السلام بنص القرآن والمسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام كما أخرجه
32

النسائي من حديث بن عمر وسنده صحيح وبين إبراهيم وسليمان أيام طويلة قال أهل التاريخ
أكثر من ألف سنة قال ويرتفع الاشكال بأن يقال الآية والحديث لا يدلان على بناء إبراهيم
وسليمان لما بينا ابتداء وضعهما لهما بل ذاك تجديد لما كان أسسه غيرهما وبدأه وقد روى أن
أول من بنى البيت آدم وعلى هذا فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت
المقدس من بعده بأربعين عاما انتهى قلت بل آدم نفسه هو الذي وضعه أيضا قال الحافظ
بن حجر في كتاب التيجان لابن هشام ان آدم لما بنى الكعبة امره الله تعالى بالسير إلى بيت المقدس
وأن يبنيه فبناه ونسك فيه الصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه الا مسجد الكعبة
33

قال النووي اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيهما
أفضل فعند الشافعي رحمه الله معناه الا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في
مسجدي وعند مالك الا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف رضي الله تعالى عنه
لا ينهزه أي لا يحركه
34

ما بين بيتي ومنبري المراد أحد بيوته لا كلها وهو بيت عائشة الذي صار فيه
35

قبره وقد رواه الطبراني في الأوسط ما بين المنبر وبيت عائشة ورواه البزار بلفظ ما بين
قبري ومنبري روضة من رياض الجنة قيل هو على ظاهره وأنه روضة حقيقة بأن
ينقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة وقيل هو تشبيه محذوف الأداة أي كروضة في نزول
الرحمة وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر لا سيما في عده صلى الله عليه وسلم
وقيل هو مجاز والمعنى أن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة ونقل بن زيالة أن ذرع ما بين المنبر والبيت
الذي فيه القبر الآن ثلاثة وخمسون ذراعا وقيل أربع وخمسون وسدس وقيل خمسون الا ثلثي
ذراع تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال رجل هو مسجد
قباء وقال آخر هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
36

هو مسجدي هذا قال النووي هذا نص بأنه المسجد الذي أسس على التقوى المذكور في القرآن
ورد لما يقوله بعض المفسرين أنه مسجد قباء وقال العراقي في شرح الترمذي قد وردت أحاديث
تدل على أنه مسجد قباء وهذا الحديث أرجح وأصح وأصرح وقال بن عطية في تفسيره الذي
يليق بالقصة أنه مسجد قباء قال الا أنه لا نظر مع الحديث لا تشد قال الحافظ بن حجر بضم
37

أوله بلفظ النفي والمراد النهي عن السفر إلى غيرها الرحال بالمهملة جمع رحل وهو البعير
كالسرج للفرس وكني بشد الرحال عن السفر لأنه لازمة الا إلى ثلاثة مساجد استثناء مفرغ
والتقدير لا تشد إلى موضع مسجد الحرام بالجر على البدلية ويجوز الرفع على الاستئناف
وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة أي المسجد الحرام كما في رواية أخرى أي المحرم والمراد
به جميع الحرم على الصحيح ومسجدي هذا المراد به مسجد الصلاة خاصة لا كل الحرم
ومسجد الأقصى هو أيضا من إضافة الموصوف إلى الصفة والمراد به بيت المقدس وسمي
الأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافة قال الشيخ تقي الدين السبكي ليس في الأرض بقعة
لها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة وأما غيرها من البلاد
فلا تشد إليها لذاتها بل لزيارة أو جهاد أو علم أو نحو ذلك بيعتكم بكسر الباء
38

في عرض المدينة بضم العين المهملة لجانب والناحية من كل شئ ثامنوني بالمثلثة أي اذكروا لي
39

ثمنه لأشتريه منكم وكانت فيه خرب قال بن الجوزي المعروف فيه فتح الخاء المعجمة
وكسر الراء بعدها موحدة جمع خربة ككلم وكلمة وحكى الخطابي أيضا كسر أوله وفتح ثانيه
جمع خربة كعنب وعنبة عضادتيه بكسر المهملة وضاد معجمة خشبتان من جانبيه لما نزل
40

برسول الله صلى الله عليه وسلم بضم أوله وكسر الزاي نزل به الموت فطفق أي جعل
يطرح خميصة هي كساء له أعلام قال وهو كذلك أي في تلك الحال لعنة الله على
اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد استشكل ذكر النصارى فيه إذ نبيهم عيسى
عليه السلام وهو لم يمت وأجيب بأنه كان فيهم أنبياء أيضا لكنهم غير مرسلين كالحواريين
ومريم في قول أو ضمير الجمع في قوله أنبيائهم للمجموع من اليهود والنصارى أو المراد الأنبياء
وكبار أتباعهم فاكتفى بذكر الأنبياء يؤيده رواية مسلم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم
مساجد أو المراد بالاتخاذ أعم من أن يكون ابتداعا أو اتباعا فاليهود ابتدعت والنصارى
اتبعت ولا ريب أن النصارى تعظم قبور جمع من الأنبياء الذين يعظمهم اليهود ان أم حبيبة
اسمها رملة بنت أبي سفيان وأم سلمة اسمها هند بنت أبي أمية المخزومي
41

إن أولئك بكسر الكاف إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنو على قبره مسجدا قال البيضاوي
لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة
42

نحوها واتخذوها أوثانا لعنهم ومنع المسلمين من مثل ذلك فأما من اتخذ مسجدا في جوار
صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد
43

البر تردن بهمزة الاستفهام ممدودة أي الطاعة والعبادة يحمل أمامة
بنت أبي العاص أسمه لقيط وقيل المقسم وقيل القاسم وقيل مهشم وقيل هشيم وقيل
ماسر أسلم قبل الفتح وهاجر ورد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب وماتت معه
وأثنى عليه في مصاهرته وكانت وفاته في خلافة الصديق بن الربيع بن عبد العزى بن عبد
45

شمس صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه يضعها إذا ركع ويعيدها إذا قام
قال النووي رحمه الله ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ وبعضهم أنه من الخصائص
وبعضهم أنه كان لضرورة وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها وليس في الحديث
ما يخالف قواعد الشرع لان الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه وثياب الأطفال وأجسادهم
محمولة على الطهارة حتى تتيقن النجاسة والاعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت ودلائل
الشرع متظاهرة على ذلك وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لبيان الجواز ثمامة بضم
46

المثلثة بن أثال بضم الهمزة بعدها مثلثة آخره لام طاف في حجة الوداع على بعير قال
الحافظ بن حجر إنما فعل ذلك للحاجة إلى أخذ المناسك عنه ولذلك عده بعضهم من خصائصه
واحتمل أيضا أن يكون راحلته عصمت من التلويث حينئذ كرامة له فلا يقاس عليه غيره يستلم
الركن بمحجن زاد مسلم ويقبل المحجن وهو بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم ونون
47

عصا محنية الرأس ينشد ضالة بفتح أوله وضم الشين يقال نشدت الضالة فانا ناشد إذا
48

طلبتها وأنشدتها فأنا منشد إذا عرفتها من النشيد وهو رفع الصوت مر رجل بسهام في المسجد
زاد البخاري في رواية قد أبدى نصولها ولمسلم أن المار المذكور كان يتصدق بالنبل في المسجد قال الحافظ
بن حجر ولم أقف على اسمه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ بنصالها زاد البخاري كيلا
49

تخدش مسلما
50

البصاق في المسجد خطيئة قال الحافظ بن حجر في المسجد ظرف الفعل ولا يشترط
كون الفاعل فيه حتى لو بصق من هو خارجه فيه تناوله النهي وقال القاضي عياض أنما يكون خطيئة
إذا لم يدفنه وأما من أراد دفنه فلا ورده النووي فقال هو خلاف صريح الحديث وكفارتها
دفنها قال النووي قال الجمهور يدفنها في تراب المسجد رمله وحصبائه وحكى الروياني أن المراد
بدفنها إخراجها من المسجد أصلا فإن الله قبل وجهه إذا صلى قال بن عبد البر هو كلام خرج
51

على التعظيم لشأن القبلة نخامة قيل هي ما يخرج من الصدر وقيل النخاعة بالعين من الصدر
52

وبالميم من الرأس خلوقا بفتح الخاء المعجمة طيب معروف
53

ان الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث قيل المراد بالحدث
الريح ونحوه وقيل أعم من ذلك أي ما لم يحدث سوأ ويؤيده رواية مسلم ما لم يحدث فيه ما لم
يؤذ فيه على أن الثانية تفسير للأولى
55

نهى عن الصلاة في أعطان الإبل جمع عطن وهو مبرك الإبل حول الماء قال في النهاية لم ينه عن
الصلاة فيها من جهة النجاسة فإنها موجودة في مرابض الغنم وقد أمر بالصلاة فيها وإنما أراد أن
الإبل تزدحم في المنهل فإذا شربت رفعت رؤوسها ولا يؤمن من تقاربها وتفرقها في ذلك الموضع
56

فتؤذي المصلى عندها أو تلهيه عن صلاته أو تنجسه برشاش أبوالها على الخمرة بضم الخاء
المعجمة حصير ونسيجة خوص ونحوه سميت خمرة لان خيوطها مستورة بسعفها وفي النهاية
هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده ولا يكون خمرة الا في هذا المقدار قد امتروا
في المنبر قال الكرماني من الامتراء وهو الشك وقال الحافظ بن حجر من المماراة وهي المجادلة
إلى فلانة امرأة قد سماها سهل قال الحافظ بن حجر لا يعرف اسمها قال ووقع في الذيل
57

لأبي موسى المديني نقلا عن جعفر المستغفري أن اسمها علاثة بالعين المهملة والمثلثة قال أبو
موسى وصحف فيه جعفر أو شيخه وإنما هو فلانة ووقع عند الكرماني قيل اسمها عائشة قال
الحافظ بن حجر وأظنه صحف المصحف أن مري غلامك النجار قال الحافظ بن حجر اختلف
في اسمه على أقوال وأقربها ما رواه قاسم بن أصبغ وابن سعد في شرف المصطفى بسند فيه بن
لهيعة عن سهل بن سعد قال كان بالمدينة نجار واحد يقال له ميمون فذكر قصة المنبر وقيل اسمه
إبراهيم رواه الطبراني في الأوسط عن جابر بسند فيه متروك وقيل باقول رواه
عبد الرزاق بسند ضعيف منقطع وقيل بأقوم رواه أبو نعيم في المعرفة بسند ضعيف
وقيل صباح بضم المهملة وموحدة خفيفة وآخره مهملة ذكره بن بشكوال بسند
شديد الانقطاع وقيل قبيصة أو قبيصة المخزومي مولاهم ذكره عمر بن شبه في الصحابة بسند
مرسل وقيل كلاب مولى العباس رواه بن سعد في الطبقات عن أبي هريرة ورجاله ثقات
الا الواقدي وقيل مينا ذكره بن بشكوال بسند معضل وقيل تميم الداري رواه البيهقي عن بن
عمر بسند جيد لكن ليس فيه التصريح بأنه باشر عمله بل تبين من رواية بن سعد أنه لم يعمله
وإنما عمله كلاب مولى العباس قال الحافظ بن حجر وأشبه الأقوال بالصواب قول من قال
ميمون لكون الاسناد من طريق سهل بن سعد راوي الحديث وأما الأقوال الأخر فلا اعتداد بها
لوهائها ويبعد جدا أن يجمع بينها بأن النجار كانت له أسماء متعددة وأما احتمال كون الجميع
اشتركوا في عمله فمنع منه قوله كان بالمدينة نجار واحد الا أن يحمل على أن المراد بالواحد
الماهر في صناعته والبقية أعوانه فعملها من طرفاء الغابة بالمعجمة وتخفيف الموحدة موضع
من عوالي المدينة من جهة الشام وجزم بن سعد بأن عمل المنبر كان في السنة السابعة وفيه نظر
لذكر العباس وكان قدوم العباس بعد الفتح في آخر سنة ثمان وقدوم تميم سنة تسع وجزم بن
58

النجار بأن عمله كان سنة ثمان ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة
معاوية ست درجات روى الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف
قال بعث معاوية إلى مروان وهو عامله عي المدينة أن يحمل المنبر إليه فقلع فأظلمت المدينة
وفي رواية فكسفت الشمس حتى رأينا النجوم فخرج مروان فخطب فقال إنما أمرني أمير المؤمنين
أن أرفعه فدعا نجارا وكان ثلاث درجات فزاد ست درجات وقال إنما زدت فيه حين كثر الناس
قال بن النجار وغيره استمر على ذلك الا ما أصلح منه إلى أن احترق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين
وستمائة فاحترق فجدد المظفر صاحب اليمن سنة ست وخمسين منبرا ثم أرسل الظاهر بيبرس بعد
عشر سنين منبرا فأزيل منبر المظفر فلم يزل ذلك إلى سنة عشرين وثمانمائة فأرسل الملك
المؤيد شيخو منبرا جديدا ذكر ذلك الحافظ بن حجر وقد احترق مسجد المدينة أيضا بعد
ثمانين وثمانمائة فجدده الملك الأشرف قايتباي وعمل منبر جديد فأمر بها فوضعت الضمير
للأعواد ورقى بكسر القاف نزل القهقري بالقصر المشي إلى خلف فسجد في أصل
المنبر أي على الأرض إلى جنب الدرجة السفلى منه ولتعلموا بكسر اللام وفتح
المثناة الفوقية والعين المهملة وتشديد اللام الثانية أي لتتعلموا
59

كتاب القبلة
وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها قال القرطبي روى بفتح الباء على الخبر وبكسرها
61

على الامر مثل مؤخرة الرحل قال في النهاية هي بالهمزة والسكون لغة قليلة في آخرته وقد
62

منع منها بعضهم ولا تشدد رضي الله تعالى عنها مثل آخرة الرحل بالمد الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور
البعير يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود قال القرطبي هذا مبالغة في الخوف على
63

قطعها بالشغل بهذه المذكورات فإن المرأة تفتن والحمار ينهق والكلب يروع فيتشوش المتفكر
في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة فلما كانت هذه الأمور آيلة إلى القطع جعلها قاطعة الكلب
الأسود شيطان حمله بعضهم على ظاهره وقال إن الشيطان يتصور بصورة الكلاب
السود وقيل لما كان الأسود أشد ضررا من غيره وأشد ترويعا كان المصلى إذا رآه أشغل عن
صلاته فانقطعت عليه لذلك أتان بالمثناة أنثى الحمار ترتع أي ترعى
64

وحمارة هي لغة قليلة والأصح حمار بغير تاء للمذكر والأنثى ففرع بينهما بفاء وراء مخففة
65

وعين مهملة أي حجز بينهما وفرق
66

سهوة بمهملة بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع والخزانة وقيل هو
الصفة تكون بين يدي البيت وقيل شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشئ اكلفوا من العمل
ما تطيقون بفتح اللام يقال كلفت بهذا الامر أكلف به إذا أولعت به وأحببته فإن الله
لا يمل حتى تملوا بفتح الميم في الفعلين والملال استثقال الشئ ونفور النفس عنه بعد محبته وهو
محال على الله تعالى باتفاق قال الإسماعيلي وجماعة من المحققين إنما أطلق هذا على جهة المقابلة
اللفظية مجازا كما قال تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها وأنظارها قال القرطبي وجه مجازه أنه تعالى
68

لما قطع ثوابه عمن قطع العمل ملالا عبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشئ باسم سببه
وقال الهروي معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه وهذا كله بناء
على أن حتى على بابها في انتهاء الغاية وما يترتب عليها من المفهوم وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل
معناه لا يمل الله إذا مللتم وهو مستعمل في كلام العرب يقولون لا يفعل كذا حتى يبيض القار
أو حتى يشيب الغراب ومنه قولهم في البليغ لا ينقطع حتى ينقطع خصومه لأنه لو انقطع حين
ينقطعون لم يكن له عليهم مزية وهذا المثال أشبه من الذي قبله لان شيب الغراب ليس ممكنا
عادة بخلاف الملال من العابد وقال المازري قيل إن حتى هنا بمعنى الواو فيكون التقدير لا يمل
وتملون فنفى عنه الملال وأثبته لهم قال وقيل حتى بمعنى حين والأول أليق وأحرى على القواعد
وأنه من باب المقابلة اللفظية وقال بن حبان في صحيحه هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب
أن يعرف القصد مما يخاطب به الا بها وهذا رأيه في جميع المتشابه وإن أحب الاعمال إلى الله
أدومه قال بن العربي معنى المحبة من الله تعالى تعلق الإرادة بالثواب أي أكثر الاعمال
ثوابا أدومها وان قل قال النووي لان بدوام القليل يستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والاخلاص
والاقبال على الله بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع
أضعافا كثيرة وقال بن الجوزي إنما أحب الدائم لمعنيين أحدهما أن التارك للعمل بعد الدخول
فيه كالمعرض بعد الوصول فهو متعرض لهذا ولهذا أورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم
نسيها وإن كان قبل حفظها لا تتعين عليه والثاني أن مداوم الخير ملازم الخدمة وليس من لازم
69

الباب في كل يوم وقتا ما كمن لازم يوما كاملا ثم انقطع فروج حرير بفتح الفاء وتشديد
الراء المضمومة وآخره جيم وحكى أبو زكريا التبريزي عن أبي العلاء المعري جواز ضم أوله
وتخفيف الراء قال في النهاية هو القباء الذي فيه شق من خلفه اذهبوا بها إلى أبي جهم اسمه
عامر وقيل عبيد بن حذيفة بن غانم وائتوني بأنبجانيه قال في النهاية المحفوظ بكسر الباء ويروى
بفتحها يقال كساء أنبجاني منسوب إلى منبج المدينة المعروفة وهي مكسورة الباء ففتحت في النسب
72

وأبدلت الميم همزة وقيل أنها منسوبة إلى موضع اسمه أنبجان وهو أشبه والأول فيه تعسف وهو كساء
يتخذ من الصوف وله خمل ولا علم له وهو من أدون الثياب الغليظة قال وإنما بعث الخميصة إلى
أبي جهم لأنه الذي أهداها له وإنما طلب منه الانبجاني لئلا يؤثر رد الهدية في قلبه والهمزة فيه
زائدة في قول وقال القاضي عياض يروى بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء وكسرها
وبتشديد الباء وتخفيفها
73

كتاب الإمامة
عن أبي العالية البراء بالتشديد والمد كان يبرى النبل واسمه زياد بن فيروز وقيل
75

كلثوم واجعلوها معهم سبحة بضم السين واسكان الموحدة أي نافلة تكرمته هي
الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراش أو سرير مما يعد لا كرامه وهي تفعلة من الكرامة
76

إنما التصفيق للنساء قال القرطبي ويروى التصفيح وهما بمعنى واحد قاله أبو علي البغدادي
وهو أن تضرب بأصبعين من اليد اليمنى في باطن الكف اليسرى وهو صفحها وصفح كل شئ
جانبه وقيل التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على الأخرى وبالتصفيق الضرب بباطن إحداهما
على باطن الأخرى وقيل التصفيح بأصبعين للتنبيه وبالقاف بالجميع للهو واللعب
79

إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني قال العلماء النهي عن القيام قبل أن يروه لئلا يطول
عليهم القيام ولأنه قد يعرض له عارض فيستأخر بسببه نجى فعيل من المناجاة أي مناج
81

مكانكم بالنصب أي الزموا ينطف رأسه بضم الطاء المهملة وكسرها أي يقطر
82

لا تختلفوا فتختلف قلوبكم قال في النهاية أي إذا تقدم بعضهم على بعض في الصفوف تأثرت قلوبهم
وفشا بينهم الخلف ليليني منكم قال النووي هو بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون
ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد أولو الأحلام والنهى أي ذوو الألباب والعقول
واحدها حلم بالكسر فكأنه من الحلم الأناة والتثبت في الأمور وذلك من شعائر العقلاء وواحد
87

النهي نهية بالضم سمي العقل بذلك لأنه ينهى صاحبه عن القبيح وقال النووي أولو الأحلام
هم العقلاء وقيل البالغون والنهى بضم النون العقول فعلى قول من يقول أولو الأحلام العقلاء يكون
اللفظان بمعنى فلما اختلف اللفظ عطف أحدهما على الآخر تأكيدا وعلى الثاني معناه البالغون العقلاء
وقال أبو علي الفارسي يجوز أن يكون النهى مصدرا كالهدى وأن يكون جمعا كالظلم ثم الذين يلونهم
قال النووي معناه الذين يقربون منهم في هذا الوصف أهل العقد بضم العين وفتح القاف قال في
النهاية يعني أصحاب الولايات على الأمصار من عقد الألوية للأمراء وروى العقدة يريد البيعة
المعقودة للولاة
88

كما تقوم القداح جمع قدح وهو السهم لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين
وجوهكم أي ان لم تقيموا المراد بذلك اعتدال القائمين لها على سمت واحد ويراد به أيضا
89

سد الخلل الذي في الصفوف واختلف في الوعيد المذكور فقيل هو على حقيقته والمراد
به تشويه الوجه بتحويل خلقه عن وضعه بجعله موضع القفا أو نحو ذلك وقيل مجاز
ومعناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب كما تقول تغير وجه فلانا على
أي ظهر لي من وجهه كراهية لان مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم واختلاف
الظواهر سبب لاختلاف البواطن ويؤيده رواية أبي داود ليخالفن الله بين قلوبكم
90

فوالذي نفسي بيده اني لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي قال المحققون الصواب المختار
أنه محمول على ظاهره وأن هذا الابصار إدراك حقيقي خاص به صلى الله عليه وسلم انخرقت له
فيه العادة قال بن المنير لا حاجة إلى تأويله لأنه في معنى تعطيل لفظ الشارع من غير ضرورة
وقال القرطبي حمله على ظاهره أولى لان فيه زيادة كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم وكذا نقل
عن الإمام أحمد وغيره ثم إن ذلك الادراك يجوز أن يكون برؤية عينه انخرقت له العادة فيه أيضا
وكان يرى بها من غير مقابلة لان الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضو
مخصوص ولا مقابلة ولا قرب وإنما تلك الأمور عادية ويجوز حصول الادراك مع عدمها
عقلا وقيل كانت له عين خلف ظهره يرى بها من وراءه دائما وقيل كانت بين كتفيه عينان
مثل سم الخياط يبصر بهما ولا يحجبهما ثوب ولا غيره وقيل بل كانت صورهم تنطبع في حائط
91

قبلته كما تنطبع في المرآة فيرى أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم خير صفوف الرجال أولها
93

يعني أكثرها أجرا وشرها آخرها يعني أجرا
94

ألا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الامام زاد أبو داود والامام ساجد أن
يحول الله رأسه رأس حمار واختلف في معنى هذا الوعيد فالأرجح أنه على ظاهره
96

وقيل هو مجاز عن البلادة وقال بن بزيزة يحتمل أن يراد بالتحويل المسخ أو تحويل
الهيئة الحسنة أو المعنوية أو هما معا فأرم القوم قال في النهاية الرواية المشهورة بالراء
وتشديد الميم أي سكتوا ولم يجيبوه يقال أرم فهو مرم ويروى بالزاي وتخفيف الميم
وهو بمعناه لكن الازم الامساك عن الطعام والكلام خشيت أن تبكعني بها
97

يقال بكعت الرجل بكعا إذا استقبلته بما يكره
98

أسيف أي سريع البكاء والحزن وقيل هو الرقيق
99

يهادي بين الرجلين أي يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايله
100

لينوء أي لينهض
101

الفذ أي الواحد الفرد
103

استحوذ عليهم الشيطان أي استولى عليهم وحولهم إليه
106

فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية قال في النهاية هي المنفردة عن القطيع
البعيدة منه يريد أن الشيطان يتسلط على الخارج من الجماعة وأهل السنة ثم
أخالف إلى رجال قال في النهاية أي آتيهم من خلفهم أو أخالف ما أظهرت من إقامة
الصلاة وأرجع إليهم فآخذهم على غفلة أو يكون بمعنى أتخلف عن الصلاة بمعاقبتهم فأحرق
عليهم بيوتهم قال بن سيد الناس اختلف العلماء في الصلاة التي أراد رسول الله صلى الله عليه
وسلم احراق بيوت المتخلفين عنها ما هي فقيل هي صلاة العشاء وقيل العشاء أو الفجر
وقيل الجمعة وقيل كل صلاة والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين
لشهد العشاء قال في النهاية المرماة ظلف الشاة وقيل ما بين ظلفيها وتكسر ميمه وتفتح وقيل
107

المرماة بالكسر السهم الصغير الذي يتعلم به الرمي وهو أحقر السهام وأرذلها أي لو دعى إلى أن
يعطى سهمين من هذه السهام لأسرع الإجابة قال الزمخشري وهذا ليس بوجيه ويرفعه قوله في
الرواية الأخرى لو دعى إلى مرماتين أو عرق وقال أبو عبيد وهذا حرف لا أدري ما وجهه
الا أنه هكذا يفسر بما بين ظلفي الشاة يريد به حقارته وقال بن سيد الناس قال الأخفش
المرماة لعبة كانوا يلعبونها بنصال محددة يرمونها في كوم من تراب فأيهم أثبتها في الكوم غلب
قال وهو ضربه عليه الصلاة والسلام مثلا أن أحد هؤلاء المتخلفين عن الجماعة لو علم أنه يدرك
الشئ الحقير والنزر اليسير من متاع الدنيا أو لهوها لبادر إلى حضور الجماعة ايثارا لذلك على
ما أعده الله تعالى له من الثواب على شهود الجماعة وهو صفة لا يليق بغير المنافقين وقال في النهاية
ذكره بعض المتأخرين فقال مرماتين خشبتين وقال الخشب الغليظ والخشب اليابس من
الخشب والمرمات ظلف الشاة لأنه يرمى به هذا كلامه قال والذي قرأناه وسمعناه وهو المتداول
بين أهل الحديث مرماتين حسنتين من الحسن والجودة لأنه عطفهما على العرق السمين وقد
108

فسره أبو عبيد ومن بعده من العلماء ولم يتعرضوا إلى تفسير الخشب في هذا الحديث قال وقد
حكيت ما رأيت والعمدة عليه عن أبي هريرة قال جاء أعمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال النووي وهو بن أم مكتوم فقال أنه ليس لي قائد يقودني إلى الصلاة فسأله أن يرخص
له أن يصلي في بيته فأذن له فلما ولى دعاه فقال له أتسمع النداء بالصلاة قال نعم قال فأجب
109

قال النووي في هذا الحديث دلالة لمن قال الجماعة فرض عين وأجاب الجمهور عنه بأنه سأل هل
له رخصة في أن يصلي في بيته وتحصل له فضيلة الجماعة بسبب عذره قيل لا ويؤيد هذا أن
حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين وأما ترخيصه له ثم رده وقوله فأجب فيحتمل أنه
بوحي نزل في الحال ويحتمل أنه تغير اجتهاده صلى الله عليه وسلم إذا قلنا بالصحيح وقول
الأكثرين أنه يجوز له الاجتهاد ويحتمل أنه رخص له أولا وأراد أنه لا يجب عليك الحضور إما
للعذر وإما لان فرض الكفاية حاصل بحضور غيره وأما للامرين ثم ندبه إلى الأفضل فقال
الأفضل لك والأعظم لاجرك أن تجيب وتحضر فأجب عن بن أم مكتوم اسمه عمرو
وقيل عبد الله قال فحي هلا قال في النهاية هي كلمتان جعلتا كلمة واحدة فحي بمعنى أقبل وهلا
110

بمعنى أسرع
111

ترعد فرائصهما جمع فريصة وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف قاله في النهاية
وقال بن سيده الفريصة لحمة عند نغض الكتف في وسط الجنب عند منبض القلب وهما فريصتان
ترعدان عند الفزع فإنها لكما نافلة قال بن سيد الناس قال بن سيده النافلة الغنيمة والنافلة
113

العظيمة والنافلة ما يفعله الانسان مما لا يجب عليه وهو من ذلك فدرع الآن مثلها من نار
115

بضم الدال المهملة وكسر الراء المهملة المشددة أي البس عوضها درعا من نار
116

وزادك الله حرصا ولا تعد بفتح أوله وضم العين من العود أي إلى أن تركع دون الصف
118

حتى تقوم في الصف وقيل معناه لا تعد إلى أن تسعى إلى الصلاة سعيا بحيث يضيق عليك النفس
وقيل لا تعد إلى الابطاء وقال البيضاوي يحتمل أن يكون عائدا إلى المشي إلى الصف في الصلاة
فإن الخطوة والخطوتين وان لم تفسد الصلاة لكن الأولى التحرز عنها
119

كتاب الافتتاح
حيال أذنيه أي تلقاءهما فروع أذنيه أعاليهما وفروع كل شئ أعلاه
123

والرسغ وهو مفصل بين الكف والساعد
126

نهى أن يصلي الرجل مختصرا أي وهو واضع يده على خصره ان هذا الصلب قال
في النهاية أي شبه الصلب لان المصلوب يمد يده على الجزع وهيئة الصلب في الصلاة أن يضع
يديه على خاصرتيه ويجافي بين عضديه في القيام
127

ولو راوح بينهما قال في النهاية هو أن يعتمد على إحداهما مرة وعلى الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل
128

منهما اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد استعارة للمبالغة في التنظيف من الذنوب
129

والشر ليس إليك قال النووي هذا مما يجب تأويله لان مذهب أهل الحق أن كل
المحدثات فعل الله وخلقه سواء خيرها وشرها وفيه خمسة أقوال أحدها معناه لا يتقرب به إليك
قاله الخليل بن أحمد والنضر بن شميل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة
والأزهري وغيرهم والثاني حكاه الشيخ أبو حامد عن المزني معناه لا يضاف إليك على انفراده
لا يقال يا خالق القردة والخنازير ويا رب الشر ونحو هذا وإن كان خالق كل شئ ورب كل شئ
وحينئذ يدخل الشر في العموم والثالث معناه والشر لا يصعد إليك وإنما يصعد الكلم الطيب
والعمل الصالح والرابع معناه والشر ليس شرا بالنسبة إليك فإنك خلقته لحكمة بالغة وإنما
هو شر بالنسبة إلى المخلوقين والخامس حكاه الخطابي أنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان
130

عداده فيهم أو ضموه إليهم وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام هذا إشارة إلى عظم جلاله
وعزة سلطانه من جهة أن الملوك بأسرهم غالب التقرب لهم بالشرور وإيثار أغراضهم على سائر
الاغراض والله سبحانه وتعالى لسعة رحمته ونفوذ مشيئته لا يتقرب إليه بشر بل هو سبب ابعاد
فالتقدير في الحديث والشر ليس مقربا إليك ولا بد من حذف لأجل خبر ليس فيقدر هنا خاصة
أنابك وإليك قال النووي أي توفيقي بك والتجائي وانتمائي إليك تباركت أي استحققت
الثناء وقيل ثبت الخير عندك وقال بن الأنباري تبارك العباد بتوحيدك استغفرك وأتوب
إليك قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام فإن قيل هذا وعد بطلب المغفرة لان معنى أستغفرك
أطلب من الله تعالى المغفرة لان استفعل لطلب الفعل فهذا وعد بأنا سنطلب منه ولا يلزم من
الوعد بالطلب حصول المطلوب الذي هو الطلب وكذا أتوب إليك وعد بالتوبة لا أنه توبة في
نفسه فالجواب أن هذا ليس وعدا ولا خبرا بل هو إنشاء والفرق بين الخبر والانشاء أن الخبر
هو الدال على أن مدلوله قد وقع قبل صدوره أو يقع بعد صدوره والانشاء هو اللفظ الدال على
أن مدلوله حصل مع آخر حرف منه أو عقب آخر حرف منه على الخلاف بين العلماء في ذلك
131

سبحانك اللهم وبحمدك قال الخطابي أخبرني بن خلاد قال سألت الزجاج عن دخول
الواو في وبحمدك فقال معناه وبحمدك سبحانك وتعالى جدك أي علا جلالك وعظمتك
إذ جاء رجل فدخل المسجد وقد حفزه النفس قال النووي بفتح حروفه وتخفيفها أي ضغطه
132

لسرعته فأرم القوم بفتح الراء وتشديد الميم أي سكتوا
133

نزلت علي آنفا بالمد أي قريبا فيختلج العبد يجتذب ويقتطع
134

فهي خداج تفسيره قوله غير تمام قال في النهاية الخداج النقصان وإنما قال فهي
135

خداج والخداج مصدر على حذف المضاف أي ذات خداج أو يكون قد وصفها بالمصدر
نفسه مبالغة كقوله فإنما هي إقبال وادبار قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين
الحديث قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام يدل على أمور منها أن نستعين منها طلب
بلفظ الخبر والثاني أنه ما قدم إياك نعبد على إياك نستعين الا لكونه مما لله فيتقدم على
136

ما للعبد لأنه أشرف وليقع في قسم الله وإن كان قد قيل الاستعانة هي خلق القدرة على الفعل
وهو متقدم على الفعل فكان ينبغي أن يتقدم في اللفظ الا أن ما ذكرناه أولى لان تقديم
الأشرف قاعدة مشهورة وأنه يقع ما لله في النصف الذي لله أيضا فيناسبه والثالث أن البسملة
ليست من الفاتحة لأنها لو كانت منها لكانت آية بانفرادها لوجود الفاصلة فيها وإذا كانت آية يكون
حد القسمة بين العبد وبين الله مالك يوم الدين لكن النص على خلاف ذلك وقيل هذا ظاهر
النص ليس مرادا لان الصلاة ليست مقسومة بالاجماع بل قراءتها والقراءة أيضا ليست مقسومة
بالاجماع بدليل السورة التي مع الفاتحة بل بعض القراءة فيكون التقدير قسمت بعض قراءة
الصلاة وبعض قراءة الصلاة لا يستلزم الفاتحة فالمقسوم عندنا بعض الفاتحة ونحن نقول به اه
137

فصاعدا نصب على الحال بفعل واجب الاضمار نقيضا هو الصوت
138

السبع الطول بضم الطاء وفتح الواو جمع الطولى كالكبرى والكبر والفضلي والفضل خالجنيها
140

أي نازعنيها
141

فما نهنهها أي ما منعها وكفها عن الوصول إليه كيف يأتيك الوحي يحتمل
أن يكون المسؤول عنه صفة للوحي نفسه ويحتمل أن يكون صفة حامله أو ما هو أعم من ذلك
قال أحيانا نصب على الظرف وعامله يأتيني مؤخر عنه في مثل صلصلة الجرس
بصادين مهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة وهي في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على
146

بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين وقيل هو صوت متدارك لا يدرك في أول وهلة والجرس
الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدواب فإن قيل كيف شبه المحمود بالمذموم فإن صوت الجرس
مذموم لصحة النهي عنه والاعلام بأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس فالجواب أنه
لا يلزم في التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في كل صفاته بل يكفي اشتراكهما في صفة ما والمقصود
هنا بيان الحس فذكر ما ألف السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم وأخذ من هذا جواز تشبيه
الشعراء ريق المحبوبة ونحوه بالخمر واستدل عليه بقول كعب كأنه منهل بالراح معلول وقد
أنشده في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأقره والصلصلة المذكورة صوت الملك بالوحي قال
الخطابي يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يثبته أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد وقيل بل هو
صوت حفيف أجنحة الملك والحكمة في تقدمه أن يفرغ سمعه للوحي فلا يبقى فيه مكان لغيره
وهو أشده علي قال البلقيني سبب ذلك أن الكلام العظيم له مقدمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام
به وقال بعضهم إنما كان شديدا عليه ليستجمع قلبه فيكون أوعى لما سمع وقيل إنما كان ينزل
هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى
والدرجات فيفصم عني بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة أي يقطع وينجلي ما يغشاني
ويروى بضم أوله من الرباعي وأصل الفصم القطع وقيل الفصم بالفاء القطع بلا إبانة وبالقاف
القطع بإبانة
147

وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا التمثل مشتق من المثل أي يتصور واللام في
الملك للعهد أي جبريل وصرح به رواية بن سعد ورجلا منصوب نصب المصدر أي مثل رجل
أو الحال أي هيئة رجل أو التمييز قال المتكلمون الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أي
شكل أرادوا وقد سأل عبد الحق الصقلي امام الحرمين حين اجتمع به بمكة عن هذه وكيف
كان جبريل يجئ مرة في صورة دحية وجاء مرة في هيئة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد
الشعر وصورته الأصلية وله ستمائة جناح وكل جناح منها يسد الأفق فقال من قائل انه سبحانه
يفنى الزائد من خلقه ثم يعيده ومن قائل ان ذلك إنما هو تمثيل في عين الرائي لا في جسم جبريل
وهو الذي يعطيه قوله يتمثل قال وتحقيقه أن جبريل عبارة عن الحقيقة الملكية الخاصة
وملك لا يتغير بالصور والقوالب كما أن حقيقتنا لا تتغير بها ألا ترى ان الجسم يتغير ويفنى مع
أن الأرواح لا تتغير كما أنها في الجنة تركب على أجسام لطيفة نورانية ملكية تنعكس الأبدان
الآدمية الكثيفة هناك إلى عالم الكمال الجسماني على نحو الأجسام الملكية الآن فحقيقة جبريل
كانت معلومة عند النبي صلى الله عليه وسلم مجعولة في أي قالب كان قلت ولهذا ورد في حديث
مجيئه وسؤاله عن الايمان ما جاني قط إلا وأنا أعرفه إلا أن يكون هذه المرة ثم قال ومن هذا فهم
السر المودع في عصا موسى كيف كانت تارة ثعبانا فاتحا فاه وأخرى شمعة ومرة شجرة صورتها
مثمرة وأخرى سميرا يحادثه إذا استوحش فتارة عود وأخرى ذو روح وانحطت مرة على فرعون
وجعلت تقول يا موسى مرني بما شئت ويقول فرعون أسألك بالذي أرسلك إلا أخذتها
فيأخذها فتعود عصا وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ سراج الدين البلقيني
ما ذكره إمام الحرمين لا ينحصر الحال فيه بل يجوز أن يكون الآتي هو جبريل بشكله الأصلي
إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته ومثل ذلك القطن إذا
148

جمع بعد أن كان منتفشا فإنه بالنفش يحصل له صورة كبيرة وذاته لم تتغير وهذا على سبيل
التقريب والحق أن تمثل الملك رجلا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلا بل معناه أنه
ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه والظاهر أيضا أن القدر لا يزول ولا يفنى
بل يخفى على الرائي فقط فيكلمني قال الحافظ بن حجر وقع في رواية البيهقي من طريق
القعنبي عن مالك فيعلمني بالعين بدل الكاف والظاهر أنه تصحيف فقد وقع في الموطأ رواية
القعنبي بالكاف وكذا للدارقطني في حديث مالك من طريق القعنبي وغيره فأعي ما يقول
زاد أبو عوانة في صحيحه وهو أهون على وإن جبينه ليتفصد عرقا بالفاء وتشديد المهملة
مأخوذ من الفصد وهو قطع العرق لإسالة الدم شبه جبينه بالعرق المقصود مبالغة في كثرة العرق
وعرقا تمييز وحكى العسكري بالتصحيف عن بعض شيوخه أنه قرأه ليتقصد بالقاف قال العسكري
فإن ثبت فهو من قولهم تقصد الشئ إذا تكسر وتقطع ولا يخفى بعده قال الحافظ بن
حجر وقد وقع في هذا التصحيف أبو الفضل بن طاهر فرده عليه المؤتمن الساجي بالفاء قال
فأصر على القاف
149

لببته بردائه قال في النهاية يقال لببت الرجل إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره
وجررته به وأخذت بتلبيب فلان إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت على نحره
والتلبيب مجمع ما في موضع اللبب من ثياب الرجل فكدت أساوره أي أواثبه أقاتله
151

إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف والمراد به أكثر من ثلاثين قولا حكيتها في
الاتفاق والمختار عندي أنه من المتشابه الذي لا يدري تأويله اضاة بني غفار قال في النهاية
152

الاضاة بوزن الحصاة الغدير وجمعها أضى وأضاء كأكم وآكام
153

ما حاك في صدري أي ما أثر الإبل المعقلة قال في النهاية أي المشدودة بالعقال والتشديد فيه
للتكثير بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي قال القرطبي اختلف في متعلق هذا
154

الذم فقيل هو على نسبة الانسان لنفسه النسيان إذ لا صنع له فيه فالذي ينبغي له أن يقول أنسيت مبنيا للمفعول
وهو مردود بقوله إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وقبل كان هذا الذم خاصا بزمنه صلى الله عليه وسلم
لأنه كان من ضروب النسخ نسيان الآية كما قال تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها تفصيا بالفاء
155

والصاد المهملة أي خروجا يقال تفصيت من الامر تفصيا إذا أخرجت منه وتخلصت
156

بأطول الطوليين قال في النهاية بأطول السورتين الطويلتين وبعضهم يقول بطول وهو خطأ فاحش
170

فإن الطول الحبل ولا مدخل له ولا معنى له هنا انها لتعدل ثلث القرآن المختار في هذا أيضا
171

أنه من المتشابه وعليه أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وكذا حديث الفاتحة تعدل ثلثي القرآن
وآية الكرسي ربع القرآن ونحو ذلك وحديث الفرائض نصف العلم ومنهم من خاض في تأويل
ذلك أخبرنا محمد بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن
ربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن بن أبي ليلى عن امرأة عن أبي أيوب عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال قل هو الله أحد ثلث القرآن قال أبو عبد الرحمن ما أعرف إسنادا أطول من هذا
172

فيه ستة من التابعين أولهم منصور والمرأة هي امرأة أبي أيوب
173

أتئد قال في النهاية اتأد في فعله وقوله إذا تأنى وتثبت ولم يعجل وأصل التاء فيها واو أحذف
أي أخفف ولا أطيل) لا أخرم أي لا أترك اركد أي أسكن وأطيل القيام
174

قال رجل عند بن مسعود هو مهيك بن سنان البجلي سماه مسلم في رواية قرأت المفصل في ركعة هو
من ق إلى آخر القرآن على الصحيح وسمي مفصلا لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة قال هذا بفتح الهاء
وتشديد الذال المعجمة أي سردا وإفراطا في السرعة وهو منصوب على المصدر وهو استفهام
إنكار بحذف الأداة وهي ثابتة في رواية مسلم كهذا الشعر قال ذلك لان تلك الصفة كانت
عادتهم في إنشاد الشعر لقد عرفت النظائر قال الحافظ بن حجر أي السور المتماثلة في المعاني
كالمواعظ والحكم والقصص لا المتماثلة في عدد الآي لما سيظهر عند تعيينها قال قال المحب الطبري
كنت أظن أنها متساوية في العدد حتى اعتبرتها فلم أجد فيها شيئا متساويا يقرن بضم الراء
وبكسرها فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين سورتين في ركعة زاد في رواية أبي داود
على تأليف بن مسعود الرحمن والنجم في ركعة واقتربت والحاقة في ركعة والذاريات والطور
في ركعة والواقعة ون في ركعة وسأل والنازعات في ركعة وعبس وويل للمطففين في ركعة
والمدثر والمزمل في ركعة وهل أتى ولا أقسم في ركعة وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة
175

وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة جسرة بفتح الجيم وسكون السين المهملة بنت
177

دجاجة بفتح الدال وجيمين
178

ما أذن الله أي ما استمع أذنه بفتح الهمزة والذال المعجمة أي استماعه لقد
أوتي هذا من مزامير آل داود عليه السلام قال في النهاية شبه حسن صوته وحلاوة نغمته
بصوت المزمار وداود هو النبي واليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة وآل مقحمة قيل معناه
180

هذا الشخص قراءة مفسرة حرفا حرفا قال أبو البقاء نصبهما على الحال أي مرتلة نحو
181

أدخلتهم رجلا رجلا أي مفردين
184

طبق يديه الخ قال بن العربي كان الناس في صدر الاسلام يطبقون أيديهم ويشبكون أصابعهم
ويضعونها بين أفخاذهم ثم نسخ ذلك وأمروا برفعها إلى الركب
185

فلم ينصب رأسه ولم يقنعه أي لم يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره قال في النهاية والمشهور في
187

الرواية فلم يصوب رأسه أي لم يخفضه عن علي قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول
نهاكم قال بن العربي هذا دليل على منع نقل الحديث بالمعنى واتباع اللفظ قال ولا شك في أن نهيه
لعلي نهى لسواه لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الواحد ويريد الجماعة في بيان الشرع وقال
القرطبي هذا لا يدل على خصوصيته بهذا الحكم وإنما أخبر بكيفية ترجمة صيغة النهي الذي سمعه
وكان صيغة النهي الذي سمعه لا تقرأ القرآن في الركوع فحافظ حالة التبليغ على كيفية ما سمع حالة
التحمل وهذا من باب نقل الحديث بلفظه كما سمع ولا شك أن مثل هذا اللفظ مقصور على المخاطب من
حيث اللغة ولا يتعدى إلى غيره إلا بدليل من خارج إما عام كقوله عليه الصلاة والسلام حكمي على
الواحد كحكمي على الجميع أو خاص في ذلك كقوله نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا وعن
188

لبس القسي بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة نسبة إلى موضع ينسب إليه الثياب القسية
وهي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقس من بلاد مصر مما يلي الفرماء وعن لبس المقدم بالفاء
والدال المهملة قال في النهاية هو الثوب المشبع حمرة كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته
فهو كالممتنع من قبول الصبغ مبشرات النبوة ما يبدو منها
189

قمن بفتح الميم وكسرها أي خليق وجدير قال في النهاية من فتح الميم لم يثن ولم يجمع لأنه
190

مصدر ومن كسر ثنى وجمع وأنث لأنه وصف سبوح قدوس قال في النهاية يرويان بالضم والفتح
وهو أقيس والضم أكثر استعمالا وهو من أبنية المبالغة والمراد بهما التنزيه وقال القرطبي هما
مرفوعان على خبر المبتدأ المضمر تقديره هو وقد قيل بالنصب على إضمار فعل أي أعظم أو اذكر
أو اعبد رب الملائكة والروح قيل المراد به جبريل وقيل صنف من الملائكة وقيل
ملك أعظم خلقه الجبروت فعلوت من الجبر وهو القهر والملكوت قال في النهاية هو
اسم مبنى من الملك كالجبروت والرهبوت من الجبر والرهبة والكبرياء قال في النهاية هي
191

العظمة والملك وقيل هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى
192

من وافق قوله قول الملائكة قال القرطبي يعني في وقت تأمينهم ومشاركتهم في التأمين ويعضده
196

قوله وقالت الملائكة في السماء آمين فتلك بتلك قال القرطبي هذا إشارة إلى أن حق
الامام السبق فإذا فرغ تلاه المأموم معقبا والباء في بتلك للالصاق يسمع الله لكم أي يستجيب
197

لك الحمد ملء السماوات الخ قال الخطابي هو تمثيل وتقريب والمراد تكثير العدد حتى لو قدر
ذلك أجساما ملا ذلك كله وقال غيره المراد بذلك التعظيم كما يقال هذه الكلمة تملأ طباق
الأرض وقيل المراد بذلك اجرها وثوابها وملء بالنصب حال أي مالئا ويجوز فيه الرفع من
شئ بعد قال القرطبي بعد ظرف قطع عن الإضافة مع إرادة المضاف إليه وهو السماوات
والأرض فبنى على الضم لأنه أشبه حرف الغاية الذي هو منذ والمراد بقوله من شئ العرش
198

والكرسي ونحوهما مما في مقدور الله تعالى) أهل الثناء بالنصب على الاختصاص أو منادى
حذف حرف ندائه والمجد هو غاية الشرف وكثرته خير ما قال العبد مبتدأ وكلنا لك
عبد جملة معترضة بين المبتدأ وخبره والعبد جنس العباد العارفين بالله تعالى فكأنه قال أولى
ما يقوله العباد العارفون بالله تعالى هذه الكلمات لما تضمنته من تحقيق التوحيد وتمام التفويض
وصحة التبري من الحول والقوة ولا ينفع ذا الجد منك الجد قال القرطبي رواه الجمهور بفتح
الجيم في اللفظين وهو بمعنى الحظ والبخت ومعناه لا ينفع من رزق مالا وولدا وجاها دنيويا شئ
من ذلك عندك وهذا كما قال تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وحكى عن
الشيباني في الحرفين كسر الجيم وقال معناه لا ينفع ذا الاجتهاد والعمل منك اجتهاده وعمله قال
القرطبي وهذا خلاف ما عرفه أهل النقل ولا نعلم من قاله غيره وضعفه وقال غيره المعنى الذي
أشار إليه الشيباني صحيح ومراده أن العمل لا ينجي صاحبه وإنما النجاة بفضل الله ورحمته كما
199

جاء في الحديث لن ينجي أحدا منكم عمله رعل بكسر الراء وسكون العين المهملة وذكوان
200

بذال معجمة مفتوحة غير منصرف اشدد وطأتك على مضر بفتح الواو وأصلها الدوس بالقدم
سمى بها الاهلاك لان من يطؤ على شئ برجله فقد استقصى في هلاكه والمعنى خذهم أخذا شديدا
قال في النهاية فكان حماد بن سلمة يرويه وطدتك والوطد الاثبات والغمز في الأرض واجعلها
عليهم سنين الضمير للوطاة أو للأيام وإن لم يجر لها ذكر لدلالة سنين عليها كسني يوسف
201

جاء على لغة العالية من اجراء سنين مجرى الجمع السالم في الاعراب بالواو والياء وسقوط النون
202

عند الإضافة ووجه التشبيه غاية الشدة عن حكيم قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
لا أخر الا قائما قال في النهاية معناه لا أموت الا متمسكا بالاسلام ثابتا عليه يقال قام فلان على الشئ
إذا ثبت عليه وتمسك به وقيل معناه لا أقع في شئ من تجارتي وأموري الا قمت به منتصبا له
وقيل معناه لا أغبن ولا أغبن قلت وهذه الأقوال خارجة عما جنح إليه المصنف حيث ترجم على
205

الحديث باب كيف يخر للسجود على سبعة أعظم قال النووي أي أعضاء فسمى كل عضو
209

عظما وإن كان فيه عظام كثيرة ونهى أن نكفت الشعر والثياب بفتح النون وكسر الفاء
210

قال في النهاية أي نضمها ونجمعها من الانتشار يريد جمع الثياب باليدين عند الركوع والسجود
وفتخ أصابع رجليه بفاء ومثناة فوقية وخاء معجمة قال في النهاية أي نصبها وغمز مواضع
211

المفاصل وثناها إلى باطن الرجل وأصل الفتخ اللين جخى بجيم ثم خاء معجمة أي فتح عضديه
212

وجافاهما عن جنبيه ورفع بطنه عن الأرض بهمة بفتح الموحدة الواحدة من أولاد الغنم
213

يقال للذكر والأنثى والجمع بهم ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب قال القرطبي هو
مصدر على غير صدره وفعله ينبسط لكن لما كان انبسط من بسط جاء المصدر عليه كقوله تعالى والله
أنبتكم من الأرض نباتا عن نقرة الغراب قال في النهاية يريد تخفيف السجود وأنه لا يمكث
فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله وافتراش السبع هو أن يبسط ذراعيه في
السجود ولا يرفعهما عن الأرض كما يبسط السبع والكلب والذئب ذراعيه والافتراش
214

افتعال من الفرش وأن يوطن الرجل المقام أي المكان للصلاة كما يوطن البعير قال
في النهاية قيل معناه أن يألف الرجل مكانا معلوما من المسجد مخصوصا به يصلي فيه كالبعير
لا يأوي من عطن الا إلى مبرك دمث قد أوطنه واتخذه مناخا وقيل معناه أن يبرك على ركبتيه
215

قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير بالظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحر نصف
216

النهار شناقها بكسر المعجمة الخيط والسير الذي تعلق به القربة والخيط الذي يشد به فمها
ثم توضأ وضوءا بين الوضوءين يعني لم يسرف ولم يقتر اللهم اجعل في قلبي نورا واجعل
في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من تحتي نورا واجعل من فوقي نورا قال
218

الشيخ عز الدين بن عبد السلام اعلم أن النور عبارة عن أجسام قام بها عرض لكنه ليس مرادا
هنا لكنه يعبر بالنور عن المعارف وبالظلمات عن الجهل من مجاز التشبيه لان المعارف
والايمان تنبسط لها النفوس ويذهب الغم عنها بها ويبشر بالنجاة من المعاطب تشبيها كما
يتفق لها ذلك في النور الحقيقي وتغتم بالجهالات وتنقبض وتخاف الهلاك تشبيها كما يتفق لها
ذلك في الظلمات فلما تشابها عبر بأحدهما عن الآخر الا أن هذا يصح جوابا عن القلب وأما
في سائر ما ذكر فليس كذلك لان المعارف مختصة بالقلب الا أنما عداه مما ذكر تتعلق
به التكاليف أما العصب والشعر والدم فمن جهة الغذاء وأما اللسان فمن جهة الكلام والبصر من
جهة النظر وكذلك ينظر في سائرها ويثبت له من التكاليف ما ينسابه إذا تقرر ذلك فاعلم أن
التكليف فرع عن العلم بالله والايمان به فمن لم يكن له ذلك لا يوقع شيئا من القرب وإذا كانت
مسببة عن الايمان والمعارف الذي هو النور المجازي فسماها نورا من باب إطلاق السبب على
المسبب فالمراد بالنور الذي في القلب غير النور الذي في غيره وقال القرطبي هذه الأنوار التي
دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن تحمل على ظاهرها فيكون معنى سؤاله أن يجعل الله تعالى
له في كل عضو من أعضائه نورا يوم القيامة يستضئ به في تلك الظلم هو ومن تبعه والأولى أن
يقال هي مستعارة للعلم والهداية وقال النووي قال العلماء سأل النور في أعضاءه وجهاته
والمراد بيان الحق وضياؤه والهداية إليه فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته
وحالاته وجملته في جهاته الست حتى لا يزيغ شئ منها عنه يتأول القرآن قال القرطبي معناه
219

تمثيل ما آل إليه معنى القرآن في قوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح تبارك الله أحسن الخالقين
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في أماليه هذا ونحو أرحم الرحمين وأحكم الحاكمين مشكل
لان أفعل لا يضاف إلا إلى جنسه وهنا ليس كذلك لان الخلق من الله تعالى بمعنى الايجاد
ومن غيره بمعنى الكسب وهما متباينان والرحمة من الله إن حملت على الإرادة صح المعنى لأنه
يصير إرادة من سائر المريدين وإن جعلت من مجاز التشبيه وهو أن معاملته تشبه معاملة الراحم
صح المعنى أيضا لان ذلك مشترك بينه وبين عباده وأن أريد إيجاد فعل الرحمة كان مشكلا
إذ لا موجد إلا الله تعالى قال وأجاب السيف الآمدي بأن معناه أعظم من تسمى بهذا الاسم
قال الشيخ وهذا مشكل لأنه جعل التفاضل في غير ما وضع اللفظ بإزائه وهذا يساعد المعتزلة
221

ويصح على مذهبهم لان الفاعلين عندهم كثيرون
222

أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد قال القرطبي هذا أقرب بالرتبة والكرامة لا بالمسافة
226

لأنه منزه عن المكان والمساحة والزمان وقال البدر بن الصاحب في تذكرته في الحديث إشارة إلى نفي
الجهة عن الله تعالى وأن العبد في انخفاضه غاية الانخفاض يكون أقرب ما يكون إلى الله تعالى
227

مليا بالتشديد قال في النهاية هي طائفة من الزمان لا حد لها
228

كما تنبت الحبة قال في النهاية بكسر الحاء بزور البقول وحب الرياحين وقيل هو نبت
229

صغير ينبت في الحشيش فأما الحبة بالفتح فهي الحنطة والشعير ونحوهما
230

خوى بمعجمة وواو مشددة أي جافى بطنه عن الأرض ورفعها وجافى عضديه عن جنبيه حتى
تخوى ما بين ذلك وضح إبطيه أي بياضهما
232

أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أيمن يقول حدثني
أبو الزبير عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد الحديث قال
ابن سيد الناس في شرح الترمذي قال بن عساكر في تاريخه في ترجمة أيمن قرأت بخط
أبي عبد الرحمن النسائي لا نعلم أحدا تابع أيمن على هذا الحديث وخالفه الليث في
إسناده وأيمن لا بأس به والحديث خطأ وقال الحاكم أيمن بن نابل ثقة تخرج حديثه في صحيح
البخاري ولم يخرج هذا الحديث إذ ليس له متابع عن أبي الزبير من وجه يصح وقال الدارقطني
في علله قد تابع أيمن علي الثوري وابن جريج عن أبي الزبير الرضف براء وضاد معجمة وفاء
243

الحجارة المحماة على النار واحدها رضفة
244