الكتاب: شرح سنن النسائي
المؤلف: جلال الدين السيوطي
الجزء: ١
الوفاة: ٩١١
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

سنن النسائي
بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي
الجزء الأول
دار إحياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الذي لا تحصى مننه والصلاة والسلام على رسوله محمد الذي أشرقت أنواره وسننه
هذا الكتاب الخامس مما ودعت بوضعه على الكتب الستة وهو تعليق على سنن الحافظ
" أبي عبد الرحمن النسائي " على الصحيحين وسنن أبي داود وجامع الترمذي
وهو بذلك حقيق إذ له منذ صنف أكثر من ستمائة سنة ولم يشتهر عليه من شرح ولا تعليق، وسميته
" زهر الربي على المجتبى " والله تعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه سالما عن الرياء والخطل وشبهه
2

مقدمة
قال الحافظ أبو الفضل بن طاهر في شروط الأئمة: كتاب أبي داود والنسائي ينقسم على ثلاثة
أقسام. الأول الصحيح المخرج في الصحيحين. الثاني صحيح على شرطهما وقد حكى أبو عبد الله
ابن منده أن شرطهما اخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم إذا صح الحديث باتصال
الاسناد من غير قطع ولا ارسال فيكون هذا القسم من الصحيح الا أنه طريق دون طريق
ما أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما بل طريقة طريق ما ترك البخاري ومسلم من الصحيح
لما بينا أنهما تركا كثيرا من الصحيح الذي حفظاه. القسم الثالث أحاديث أخرجاها من غير
قطع منهما بصحتها وقد أبانا علتها بما يفهمه أهل المعرفة وإنما أودعا هذا القسم في كتابيهما
لأنه رواية قوم لها واحتجاجهم بما فأورداها وبينا سقمها لتزول الشبهة وذلك إذا لم يجدا له
طريقا غيره لأنه أقوى عندهما من رأى الرجال وقال ابن الصلاح حكى أبو عبد الله بن منده
أنه سمع محمد بن سعد البارودي بمصر يقول كان من مذهب أبي عبد الله النسائي أن يخرج عن كل
من لم يجمع على تركه. قال الحافظ أبو الفضل العراقي وهذا مذهب متسع قال الحافظ أبو الفضل
ابن حجر في نكته على ابن الصلاح ما حكاه عن البارودي أن النسائي يخرج أحاديث من لم
يجمع على تركه فإنه أراد بذلك اجماعا خاصا وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من
متشدد ومتوسط. فمن الأولى شعبة وسفيان الثوري وشعبة أشد منه. ومن الثانية يحيى القطان
وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى أشد من عبد الرحمن. ومن الثالثة يحيى بن معين وأحمد بن حنبل
ويحيى أشد من أحمد. ومن الرابعة أبو حاتم والبخاري وأبو حاتم أشد من البخاري فقال النسائي
لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه فأما إذا وثقه بن مهدي وضعفه يحيى القطان
3

مثلا فإنه لا يترك لما عرف من تشديد يحيى ومن هو مثله في النقل، قال الحافظ ابن حجر
وإذا تقرر ذلك ظهر أن الذي يتبادر إلى الذهن من أن مذهب النسائي في الرجال مذهب متسع
ليس كذلك فكم من رجل أخرج له أبو داود والترمذي تجنب النسائي اخراج حديثه بل تجنب
النسائي اخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين فحكى أبو الفضل بن طاهر قال سعد بن علي
الريحاني عن رجل فوثقه فقلت له ان النسائي لم لم يحتج به فقال يا بنى ان لأبي عبد الرحمن شرطا
في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم وقال أحمد بن محبوب الرملي سمعت النسائي يقول
لما عزمت على جمع السنن استخرت الله في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض
الشئ فوقعت الخيرة على تركهم فتركت جملة من الحديث كنت أعلم أنها عنهم. قال الحافظ
أبو طالب أحمد بن نصر شيخ الدارقطني من يصبر على ما يصبر عليه النسائي كان عنده حديث
ابن لهيعة ترجمة ترجمة فما حدث عنه بشئ، قال الحافظ ابن حجر وكان عنده عاليا عن قتيبة
عنه ولم يحدث به لا في السنن ولا في غيرها. وقال أبو جعفر بن الزبير أولى ما أرشد إليه ما اتفق
المسلمون على اعتماده وذلك الكتب الخمسة والموطأ الذي تقدمها وضعا ولم يتأخر عنها رتبة
وقد اختلفت مقاصدهم فيها وللصحيحين فيها شغوف وللبخاري لمن أراد التفقه مقاصد جميلة
ولأبي داود في حصر أحاديث الاحكام واستيعابها ما ليس لغيره وللترمذي في فنون الصناعة
الحديثية ما لم يشاركه غيره وقد سلك النسائي أغمض تلك المسالك وأجلها، وقال أبو الحسن
المعافري إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه
غيره وقال الإمام أبو عبد الله بن رشيد كتاب النسائي أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفا
وأحسنها ترصيفا وكان كتابه جامعا بين طريقي البخاري ومسلم مع حظ كثير من بيان العلل
وفى الجملة فكتاب السنن أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ورجلا مجروحا ويقاربه
كتاب أبى داود وكتاب الترمذي ويقابله من الطرف الآخر كتاب بن ماجة فإنه تفرد فيه باخراج
4

أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث وبعض تلك الأحاديث لا تعرف
الا من جهتهم مثل حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك والعلا بن زيد وداود بن المحبر وعبد الوهاب
ابن الضحاك وإسماعيل بن زياد السكوني وعبد السلام بن يحيى أبى الجنوب وغيرهم. وأما
ما حكاه ابن طاهر عن أبي زرعة الرازي أنه نظر فيه فقال لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا
مما فيه ضعف فهي حكاية لا تصح لانقطاع سندها وان كانت محفوظة فلعله القدر وقد حكم
أبو زرعة على أحاديث كثيرة منه بكونها باطلة أو ساقطة أو منكرة وذلك محكى في كتاب العلل
لأبي حاتم وقال محمد بن معاوية الأحمر الراوي عن النسائي قال النسائي كتاب السنن كله صحيح
وبعضه معلول الا أنه لم يبين علته والمنتخب المسمى بالمجتبى صحيح كله وذكر بعضهم أن النسائي
لما صنف السنن الكبرى أهداه إلى أمير الرملة فقال له الأمير أكل ما في هذا صحيح قال لا قال فجرد
الصحيح منه فصنف " المجتبى " وهو بالباء الموحدة قال الزركشي في تخريج الرافعي ويقال بالنون
أيضا وقال القاضي تاج الدين السبكي سنن النسائي التي هي احدى الكتب الستة هي الصغرى
لا الكبرى وهي التي يخرجون عليها الرجال ويعملون الأطراف وقال الحافظ أبو الفضل بن
حجر قد أطلق اسم الصحة على كتاب النسائي أبو علي النيسابوري وأبو أحمد بن عدي وأبو علي
بن السكن وأبو بكر الخطيب وغيرهم وقال الخليلي في الارشاد في ترجمة بعض الرواة
الدينوريين سمع من أبى بكر بن السني صحيح أبى عبد الرحمن النسائي وقال أبو عبد الله بن
منده الذين خرجوا الصحيح أربعة البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وقال السلفي الكتب
الخمسة اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب. قال النووي مراده أن معظم كتب الثلاثة سوى
الصحيحين يحتج به وقال الزركشي في نكته على ابن الصلاح تسمية الكتب الثلاثة صحاحا اما
5

باعتبار الأغلب لان غالبها الصحاح والحسان وهي ملحقة بالصحاح والضعيف منها ربما التحقق
بالحسن فاطلاق الصحة عليها من باب التغليب.
كتاب الطهارة
أخبرنا قتيبة قال بعضهم هو لقب واسمه يحيى وقيل علي حدثنا سفيان هو بن عيينة
عن الزهري اسمه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب عن أبي سلمة
هو بن عبد الرحمن بن عوف قيل اسمه عبد الله وقيل إسماعيل وقيل اسمه كنيته قال مالك بن
أنس كان عندنا رجال من أهل العلم اسم أحدهم كنيته منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن قال الشيخ
ولي الدين العراقي وهو أحد الفقهاء السبعة على قول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النووي
6

اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو ثلاثين قولا أصحها عبد الرحمن بن صخر وقال الحافظ بن
حجر في الإصابة هذا بالتركيب وعند التأمل لا تبلغ الأقوال عشرة خالصة ومرجعها من جهة
صحة النقل إلى ثلاثة عمير وعبد الله وعبد الرحمن وقال البغوي حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا أبو إسماعيل
المؤدب عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة واسمه عبد الرحمن قال بن حجر وأبو إسماعيل
صاحب غرائب مع أن قوله واسمه عبد الرحمن بن صخر يحتمل أن يكون من كلام أبي صالح
أو من كلام من بعده وأخلق به أن يكون أبو إسماعيل الذي تفرد به والمحفوظ في هذا قول
محمد بن إسحاق قال لي بعض أصحابنا عن أبي هريرة كان اسمى في الجاهلية عبد شمس بن صخر
فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن وكنيت أبا هريرة لأني وجدت هرة فحملتها
في كمي فقيل لي أبو هريرة وهكذا أخرجه الحاكم في الكنى من طريقه انتهى إذا استيقظ
أحدكم من نومه فلا يغمس يده في وضوئه قال الحافظ بن حجر في فتح الباري أي الاناء الذي
أعد للوضوء انتهى والأحسن أن يفسر بالماء لان الوضوء بفتح الواو اسم للماء وبالضم اسم
للفعل حتى يغسلها ثلاثا قال الشافعي رحمه الله في البويطي فإن لم يغسلها الا مرة أو مرتين
7

أو لم يغسلها أصلا حين أدخلها في وضوئه فقد أساء فان أحدكم لا يدري أين باتت يده زاد بن خزيمة
منه قال النووي قال الشافعي وغيره من العلماء معناه أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار
وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن يطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على بثرة
أو قملة أو قذر أو غير ذلك وقال البيضاوي فيه إيماء إلى أن الباعث على الامر بذلك احتمال النجاسة
لان الشرع إذا ذكر حكما وعقبه بعلة دل على أن ثبوت الحكم لأجلها منه قوله في حديث المحرم
الذي سقط فمات فإنه يبعث ملبيا بعد نهيهم عن تطييبه فنبه على علة النهي وهي كونه محرما
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل زاد مسلم في الرواية يتهجد يشوص فاه
بالسواك قال النووي بفتح الياء وضم الشين وبالصاد المهملة والشوص دلك الأسنان بالسواك
8

عرضا وقيل هو الغسل وقيل التنقية وقيل الحك وتأوله بعضهم أنه بإصبعه قال فهذه أقوال
الأئمة فيه وأكثرها متقاربة وأظهرها الأول ما في معناه انتهى وقال في النهاية أي يدلك أسنانه
وينقيها وقيل وهو أن يستاك من سفل إلى علو وأصل الشوص الغسل وزعم بعضهم أن يشوص
معرب يعني يغسل بالفارسية حكاه المنذري وقال لا يصح 3) وهو يستن قال في النهاية الاستنان
استعمال السواك وهو افتعال من الأسنان أي يمره عليها وطرف السواك بفتح الراء على
لسانه وهو يقول عأعأ بتقديم العين على الهمزة الساكنة وفي رواية البخاري أع أع بتقديم
الهمزة المضمومة على العين الساكنة ولأبي داود أه وللجوزقي أخ وإنما اختلفت الرواة لتقارب
مخارج هذه الأحرف وكلها ترجع إلى حكاية صوته إذ جعل السواك على طرف لسانه والمراد
9

طرفه الداخل كما عند أحمد يستن إلى فوق السواك مطهرة للفم مرضات للرب قال النووي
في شرح المهذب مطهرة بفتح الميم وكسرها لغتان ذكرهما بن السكيت وآخرون والكسر أشهر
10

وهو كل آلة يتطهر بها شبه السواك بها لأنه الفم والطهارة والنظافة وقال زين العرب في
شرح المصابيح مطهرة ومرضاة بالفتح كل منهما مصدر بمعنى الطهارة يجئ بمعنى الفاعل
أي مطهر للفم ومرض للرب أو هما باقيان على مصدريتهما أي سبب للطهارة والرضا ومرضاة
جاز كونها بمعنى المفعول أي مرضى للرب وقال الكرماني مطهرة ومرضاة أما مصدر ميمي بمعنى
اسم الفاعل وأما بمعنى الآلة فإن قلت كيف يكون سببا لرضا الله تعالى قلت من حيث أن الاتيان
بالمندوب موجب للثواب ومن جهة أنه مقدمة للصلاة وهي مناجاة الرب ولا شك أن طيب
الرائحة يحبه صاحب المناجاة وقيل يجوز أن يكون المرضاة بمعنى المفعول أي مرضى للرب وقال
الطيبي يمكن أن يقال أنها مثل الولد مبخلة مجبنة أي السواك مظنة للطهارة والرضا إذ يحمل
السواك الرجل على الطهارة ورضا الرب وعطف مرضاة يحتمل الترتيب بأن يكون الطهارة علة
للرضا وأن يكون مستقلين في العلية شعيب بن الحبحاب بحائين مهملتين مفتوحتين وباءين
موحدتين الأولى ساكنة قد أكثرت عليكم في السواك قال الحافظ بن حجر أي بالغت في
11

تكرير طلبه منكم أو في إيراد الاخبار في الترغيب فيه وقال بن التين معناه أكثرت عليكم وحقيق
أن أفعل وحقيق أن تطيعوا قال وحكى الكرماني أنه روى بصيغة مجهولة الماضي أي بولغت
من عند الله بطلبه منكم لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة قال البيضاوي
لولا كلمة تدل على انتفاء الشئ لثبوت
غيره والحق أنها مركبة من لو الدالة على انتفاء الشئ لانتفاء غيره ولا النافية فدل الحديث على انتفاء الامر
منفيا لثبوت المشقة وفيه دليل على أن الامر للوجوب من وجهين أحدهما أنه نفى الامر مع ثبوت
الندبية ولو كان للندب لما جاز النفي ثانيهما أنه جعل الامر مشقة عليهم وذلك إنما يتحقق إذا
كان الامر للوجوب إذ الندب لا مشقة فيه لأنه جائز الترك وقال الشيخ أبو إسحاق في اللمع في
هذا الحديث دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة لان السواك عند كل
صلاة مندوب إليه وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به وقوله لامرتهم بالسواك قال الحافظ بن حجر
في فتح الباري أي باستعمال السواك لان السواك هو الآلة وقد قيل أنه يطلق على الفعل أيضا
فعلى هذا لا تقدير وقال بن دقيق العيد السر في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة أنا
مأمورون في كل حالة من أحوال التقرب إلى الله تعالى أن نكون في حالة كمال ونظافة إظهارا
12

لشرف العبادة قال وقد قيل أن ذلك لامر يتعلق بالملك وهو أن يضع فاه على في القارئ فيتأذى
بالرائحة الكريهة فسن السواك لأجل ذلك وفيه حديث في مسند البزار وقال الحافظ زين الدين
العراقي يحتمل أن يقال حكمته عند إرادة الصلاة ما ورد من أنه يقطع البلغم ويزيد في
الفصاحة وتقطيع البلغم مناسب للقراءة لئلا يطرأ عليه فيمنعه القراءة وكذلك الفصاحة
قلت لعائشة رضي الله عنها بأي شئ كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته
قالت بالسواك قال القرطبي يحتمل أن يكون ذلك لأنه كان يبدأ بصلاة النافلة فقلما كان
يتنفل في المسجد فيكون السواك لأجلها وقال غير الحكمة في ذلك أنه ربما تغيرت رائحة
الفم عند محادثة الناس فإذا دخل البيت كان من حسن معاشرة الأهل إزالة ذلك وفي الحديث
دلالة على استحباب السواك عند دخول المنزل وقد صرح به أبو شامة والنووي قال بن دقيق
13

العيد ولا يكاد يوجد في كتب الفقهاء ذكر ذلك خمس من الفطرة قال النووي هي بكسر
الفاء وأصلها الخلقة قال تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها واختلفوا في تفسيرها في هذا
الحديث فقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في الخلاف والماوردي في الحاوي وغيرهما من
أصحابنا هي الدين وقال الخطابي فسرها أكثر العلماء في هذا الحديث بالسنة وقال بن الصلاح
وفيه اشكال لبعد معنى السنة من معنى الفطرة في اللغة قال فلعل وجهه أن أصله سنة الفطرة
أو آداب الفطرة حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه قال النووي وتفسير الفطرة ههنا
بالسنة هو الصواب لأنه ورد في رواية من السنة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار
وأصح ما فسر به غريب الحديث تفسيره بما جاء في رواية أخرى انتهى وقال أبو شامة أصل
الفطرة الخلقة المبتدأة والمراد بها هنا أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي
فطر الله العباد عليها وحثهم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة
14

قال الحافظ أبو الفضل بن حجر في شرح البخاري وقد رد البيضاوي الفطرة في هذا الحديث
إلى مجموع ما ورد في معناها وهو الاختراع والجبلة والسن والسنة فقال هي السنة القديمة
15

التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليها أن لا نترك أكثر
من أربعين يوما قال النووي معناه لا نترك تركا نجاوز به أربعين لا أنه وقت لهم الترك أربعين
وقال القرطبي هذا تحديد لأكثر المدة والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة احفوا
الشوارب واعفوا اللحى قال الحافظ بن حجر في شرح البخاري الاحفاء بالحاء المهملة
والفاء الاستقصاء ومنه حتى أحفوه بالمسألة وقد ورد بلفظ انهكوا الشوارب وبلفظ جزوا
الشوارب وكل هذه الألفاظ تدل على أن المطلوب المبالغة في الإزالة لان الجز قص الشعر
والصوف إلى أن يبلغ الجلد والنهك المبالغة في الإزالة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم للخافضة
أشمي ولا تنهكي أي لا تبالغي في ختان المرأة قال الطحاوي لم أر عن الشافعي رحمه الله في ذلك
شيئا منصوصا وأصحابه الذين رأيناهم كالمزني والربيع كانوا يحفون وما أظنهم أخذوا ذلك الا عنه
وكان أبو حنيفة رحمه الله وأصحابه يقولون الاحفاء أفضل من التقصير وخالف مالك انتهى
وقال الأشرم كان أحمد يحفى شاربه احفاء شديدا ونص على أنه أولى من القص وقال النووي
المختار في قص الشارب أنه يقصه حتى يبدوا طرف الشفة ولا يحفيه من أصله وأما رواية أحفوا
16

فمعناه أزيلوا ما طال على الشفتين قال بن دقيق العيد ما أدري هل نقله عن المذهب أو قاله اختيارا
منه لمذهب مالك وقال القاضي عياض ذهب كثير من السلف إلى سنية استئصال الشارب وحلقه
لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم أحفوا وانهكوا وهو قول الكوفيين وذهب كثير منهم إلى منع
الحلق وقاله مالك وذهب بعض العلماء إلى التخيير بين الامرين وقال القرطبي قص الشارب
أن يأخذ ما طال عن الشفة بحيث لا يؤذي الآكل ولا يجتمع فيه الوسخ والجز والاحفاء هو
القص المذكور وليس الاستئصال عند مالك قال وذهب الكوفيون إلى أنه الاستئصال وبعض
العلماء إلى التخيير في ذلك قال الحافظ بن حجر هو الطبري فإنه حكى قول مالك وقول
الكوفيين ونقل عن أهل اللغة أن الاحفاء الاستئصال ثم قال دلت السنة على الامرين ولا تعارض
فإن القص يدل على أخذ البعض والاحفاء يدل على أخذ الكل وكلاهما ثابت فيتخير فيما شاء
قال الحافظ بن حجر ويرجح قول الطبري ثبوت الامرين معا في الأحاديث فأما الاقتصار
على القص ففي حديث المغيرة بن شعبة ضفت النبي صلى الله عليه وسلم وكان شاربي وفاء فقصه
على سواك أخرجه أبو داود ورواه البيهقي بلفظ فوضع السواك تحت الشارب وقص عليه
وأخرج البزار من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا وشاربه طويل فقال
ائتوني بمقص وسواك فجعل السواك على طرفه ثم أخذ ما جاوزه وأخرج الترمذي من حديث
بن عباس رضي الله عنه وحسنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص شاربه وأخرج البيهقي والطبراني
17

من حديث شرحبيل بن مسلم الخولاني قال رأيت خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقصون شواربهم أبو أمامة الباهلي والمقدام بن معد يكرب الكندي وعتبة بن عوف السلمي
والحجاج بن عامر الشامي وعبد الله بن بشر وأما الاحفاء ففي رواية ميمون بن مهران عن بن عمر
قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال إنهم يرخون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم
قال وكان بن عمر يستعرض سبلته فيجزها كما تجز الشاة أو البعير أخرجه الطبراني والبيهقي وأخرجا من
طريق عبد الله بن أبي رافع قال رأيت أبا سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وابن عمر ورافع بن خديج
وأبا أسيد الأنصاري وسلمة بن الأكوع وأبا رافع ينهكون شواربهم كالحلق وأخرج أبو بكر
الأشرم من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال رأيت بن عمر يحفي شاربه حتى لا يترك منه
شيئا وأخرج الطبراني من طريق عبد الله بن أبي عثمان قال رأيت بن عمر يأخذ من شاربه أعلاه
وأسفله وأخرج الطبراني من طريق عروة وسالم والقاسم وأبي سلمة أنهم كانوا يحلقون شواربهم
انتهى ما أورده الحافظ بن حجر وقال النووي قوله أحفوا وأعفوا بقطع الهمزة فيهما
وقال بن دريد يقال أيضا حفا الرجل شاربه يحفوه حفوا إذا استأصل أخذ شعره فعلى هذا
يكون همزة احفوا همزة وصل وقال غيره عفوت الشعر وأعفيته لغتان انتهى وفي النهاية أعفاء
اللحى أن يوفر شعرها ولا يقص كالشوارب من أعفى الشئ إذا كثر وزاد كان إذا ذهب
18

المذهب بفتح الميم والهاء بينهما ذال معجمه ساكنة مفعل من الذهاب قال أبو عبيدة
وغيره هو اسم لموضع التغوط يقال له المذهب والخلاء والمرفق والمرحاض ائتني بوضوء
بفتح الواو عن حذيفة قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة
قوم فبال قائما السباطة بضم السين المهملة وتخفيف الموحدة قال في النهاية هي الموضع
الذي يرمى فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل وقيل هي الكناسة نفسها واضافتها
إلى القوم إضافة تخصيص لا ملك لأنها كانت مواتا مباحة وأما سبب بوله صلى الله عليه وسلم
قائما فروى أنه كان صلى الله عليه وسلم وجع الصلب إذ ذاك قال القاضي حسين في تعليقه
19

وصار هذا عادة لأهل هراة يبولون قياما في كل سنة مرة إحياء لتلك السنة وقول ثان روى
البيهقي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم بال قائما لعلة بمأبضه والمأبض بهمزة ساكنة بعد الميم
ثم باء موحدة باطن الركبة قال الحافظ بن حجر لو صح لكان فيه غنى عن كل ما ذكر لكن
ضعفه الدارقطني والبيهقي وقول ثالث أنه لم يجد مكانا يصلح للقعود فاضطر إلى القيام لكون
الطرف الذي يليه من السباطة كان عاليا مرتفعا وذكر الماوردي وعياض وجها رابعا أنه بال
قائما لكونها حالة يؤمن فيها خروج الحدث من السبيل الآخر بخلاف القعود وذكر النووي
وجها خامسا أنه فعله لبيان الجواز في هذه المرة ورجحه بن حجر وذكر المنذري وجها سادسا
أنه لعلة كان فيها نجاسات رطبة وهي رخوة فخشي أن تتطاير عليه قال بن سيد الناس في شرح
الترمذي كذا قال ولعل القائم أجدر بهذه الخشية من القاعد قلت مع أنه يؤول إلى الوجه الثالث
وذهب أبو عوانة وابن شاهين إلى أنه منسوخ عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث قال بن سيد الناس
في شرح الترمذي الخلاء بالفتح والمد موضع قضاء الحاجة وقوله إذا دخل الخلاء يحتمل أن
يراد به إذا أراد الدخول نحو قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة أي إذا أردتم القيام فإذا قرأت
القرآن أي إذا أردت القراءة وكذلك وقع في صحيح البخاري ويحتمل أن يراد به ابتداء الدخول
ويبتنى عليه من دخل ونسي التعوذ فهل يتعوذ أم لا كرهه جماعة من السلف منهم بن عباس
20

وعطاء والشعبي فحمل الحديث عندهم على المعنى الأول وأجازه جماعة منهم بن عمرو وابن سيرين
والنخعي ولم يحتج هؤلاء إلى حمل الحديث على مجازه من العبارة بالدخول على ارادته وورد
في سبب هذا التعوذ ما أخرجه الترمذي في العلل عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إن هذه الحشوش محتضرة فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل اللهم إني أعوذ بك من الخبث
والخبائث قال الخطابي الخبث بضم الباء جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة يريد ذكران الشياطين
وإناثهم وعامة أهل الحديث يقولون الخبث ساكنة الباء وهو غلط والصواب الخبث مضمومة الباء
قال وأما الخبث بالسكون فهو الشر قال بن الاعرابي أصل الخبث في كلام العرب المكروه فإن كان من
الكلام فهو الشتم وإن كان من الملل فهو الكفر وإن كان من الطعام فهو الحرام وإن كان من الشراب
فهو الضار قال بن سيد الناس وهذا الذي أنكره الخطابي هو الذي حكاه أبو عبيد القاسم بن سلام
وحسبك به جلاله وقال القاضي عياض أكثر روايات الشيوخ بالاسكان وقال القرطبي
رويناه بالضم والاسكان قال بن دقيق العيد مؤيدا لابن سيد الناس لا ينبغي أن يعد مثل هذا
غلطا لان فعل بضم الفاء والعين يسكنون عينه قياسا فلعل من سكنها سلك ذلك المسلك ولم
ير غير ذلك مما يخالف المعنى الأول وقال التوربشتي في إيراد الخطابي هذا اللفظ في جملة الألفاظ
الملحونة نظر لان الخبيث إذا جمع يجوز أن تسكن الباء للتخفيف وهذا مستفيض لا يسع
أحد مخالفته الا أن يزعم أن ترك التخفيف فيه أولى لئلا يشتبه بالخبث الذي هو المصدر عن رافع
21

ابن إسحاق أنه سمع أبا أيوب الأنصاري وهو بمصر يقول في رواية الصحيحين فقدمنا
الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فكنا نتحرف عنها قال الشيخ ولي الدين العراقي
في شرح أبي داود لا تنافي بين الروايتين فيمكن أنه وقع له هذا في البلدين معا قدم كلا منهما
فرأى مراحيضهما إلى القبلة ما أدري كيف أصنع بهذه الكراييس بياءين مثناتين من تحت
قال في النهاية يعني الكنف واحدها كرياس وهو الذي يكون مشرفا على سطح بقناة من الأرض
فإذا كان أسفل فليس بكرياس سمي به لما تعلق به من الأقذار ويتكرس ككرس الدمن
وقال الزمخشري في كتاب العين الكرناس بالنون لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط
أو بول أخذ بظاهره أبو حنيفة رحمه الله وطائفة فحرموا ذلك في الصحراء والبنيان وخصه
آخرون بالصحراء وعليه الأئمة الثلاثة لحديث بن عمر الذي يليه قال القاضي أبو بكر بن العربي
والمختار الأول لان إذا نظرنا إلى المعاني فالحرمة للقبلة فلا يختلف في البنيان ولا في الصحراء
وان نظرنا إلى الآثار فحديث أبي أيوب عام وحديث بن عمر لا يعارضه لأربعة أوجه أحدها
22

أنه قول وهذا فعل ولا معارضة بين القول والفعل الثاني أن الفعل لا صيغة له وإنما هو حكاية
حال وحكايات الأحوال معرضة للاعذار والأسباب والأقوال لا تحتمل ذلك الثالث أن هذا
القول شرع مبتدأ وفعله عادة والشرع مقدم على العادة الرابع أن هذا الفعل لو كان شرعا لما
تستر به انتهى وفي الآخرين نظر لان فعله شرع كقوله والتستر عند قضاء الحاجة مطلوب
بالاجماع وقد اختلف العلماء في علة هذا النهي على قولين أحدهما أن في الصحراء خلقا
من الملائكة والجن فيستقبلهم بفرجه والثاني أن العلة اكرام القبلة واحترامها لأنها جهة
معظمة قال بن العربي وهذا التعليل أولى ورجحه النووي أيضا في شرح المهذب عن عمه واسع
23

ابن حبان بفتح الحاء المهملة وبالباء الموحدة عن عبد الله بن عمر قال لقد
ارتقيت على ظهر بيتنا زاد البخاري لبعض حاجتي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته قال بن القصارى وجماعة هو محمول على أنه لم يتعمد
ذلك بل وقع منه عن غير قصد فان فصد ذلك لا يجوز ويدل لذلك ما في بعض طرقه فحانت مني
التفاته وجوز بن بطال والقاضي عياض وغيرهما أن يكون قصد ذلك ليطلع على كيفية جلوس
النبي صلى الله عليه وسلم للحدث وأنه تحفظ من أن يطلع على ما لا يجوز له قال القرطبي وفيه
بعد واختلف العلماء رضي الله عنهم في العمل بهذا الحديث مع الحديث المتقدم ونحوه فقال قوم
هذا الحديث ناسخ لأحاديث النهي فجوزوا الاستقبال والاستدبار مطلقا وتعقب بأنه يحتاج إلى
معرفة تأخره عنها ولا يجوز دعوى النسخ الا بعد معرفة التاريخ ولو قال قائل أنه متقدم عليها
لكان أقرب في النظر لأنه حينئذ يكون على وفق البراءة الأصلية ثم ورد التحريم بعد ذلك فيسلم
من دعوى النسخ الذي هو خلاف الأصل لكن لا يجوز دعوى التقدم والتأخر الا بدليل وقال
آخرون هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم والأحاديث الدالة على المنع باقية بحالها وأيده بن
دقيق العيد بأنه لو كان هذا الفعل عاما للأمة لبينه لهم باظهاره بالقول فان الاحكام العامة لا بد
من بيانها فلما لم يقع ذلك وكانت هذه الرواية من بن عمر على طريق الاتفاق وعدم قصد الرسول
لزم عدم العموم في حق الأمة وتعقبه القرطبي بأن كون هذا الفعل في خلوة لا يصلح مانعا من
24

الاقتداء لان أهل بيته كانوا ينقلون ما يفعله في بيته من الأمور المشروعة وقال آخرون هذا
25

الحديث إنما ورد في البنيان والأحاديث الواردة في النهي مطلقة فتحمل على الصحراء جمعا بين
الأحاديث وهذا أصح الأجوبة لما فيه من الجمع بين الدليلين أخبرنا شريك عن المقدام بن
شريح عن أبيه عن عائشة قالت من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائما فلا تصدقوه
أخرجه الترمذي وقال أنه أحسن شئ في هذا الباب وأصح والحاكم وقال أنه صحيح على شرط
الشيخين وقال الشيخ ولي الدين هذا الحديث فيه لين لان فيه شريكا القاضي وهو متكلم فيه بسوء
الحفظ وقول الترمذي أنه أصح شئ في هذا الباب لا يدل على صحته ولذلك قال بن القطان
أنه لا يقال فيه صحيح وتساهل الحاكم في التصحيح معروف وكيف يكون على شرط الشيخين
مع أن البخاري لم يخرج لشريك بالكلية ومسلم خرج له استشهادا لا احتجاجا وعلى تقدير صحته
فحديث حذيفة أصح منه بلا تردد ولو تكافأ في الصحة فالجواب عنه أن نفي عائشة رضي الله عنها
لا يقدح في اثبات حذيفة وهو سيد مقبول النقل إجماعا ونفيها كان بحسب علمها ولا شك أن
ما أثبتته ونفت غيره كان هو الغالب من حاله عليه الصلاة والسلام وفي سنن بن ماجة عن سفيان
26

الثوري أنه قال الرجال أعلم بهذا منها أي أن هذا لم يقع في البيت بل في الطريق في موضع يشاهد
فيه الرجال دون زوجاته وقد روى الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد أنه رأى النبي صلى
الله عليه وسلم يبول قائما وروى الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم بال
قائما من جرح كان بمأبضه فيحتمل أن تكون هذه المرة التي كان معه فيها حذيفة ويحتمل أن
تكون غيرها وفي مصنف بن أبي شيبة عن مجاهد قال ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما
الا مرة في كثيب أعجبه عن عبد الرحمن بن حسنة هو أخو شرحبيل بن حسنة وحسنة اسم
أمهما واسم أبيهما عبد الله بن المطاع وليس لعبد الله في الكتب الستة سوى هذا الحديث الواحد
عند المصنف وأبي داود وابن ماجة وله في غيرها أحاديث أخر وذكر الحاكم في المستدرك أنه لم
يرو عنه سوى زيد بن وهب وتعقب بأنه روى عنه أيضا إبراهيم بن عبد الله بن قارض وروايته
عنه في معجم الطبراني كهيئة الدرقة بفتح الدال والراء المهملتين والقاف الحجفة والمراد بها
الترس إذا كان من جلود وليس فيه من خشب ولا عصب وهو القصب الذي تعمل منه الأوتار
وذكر القزاز أنها من جلود دواب تكون في بلاد الحبشة فقال بعض القوم انظروا يبول كما
27

تبول المرأة قال الشيخ ولي الدين العراقي هل المراد التشبه بها في الستر أو الجلوس أو فيهما
محتمل وفهم النووي الأول فقال في شرح أبي داود معناه أنهم كرهوا ذلك وزعموا أن
شهامة الرجال لا تقتضي الستر على ما كانوا عليه في الجاهلية قال الشيخ ولي الدين ويؤيد الثاني
رواية البغوي في معجمه فإن لفظها فقال بعضنا لبعض يبول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
تبول المرأة وهو قاعد وفي معجم الطبراني يبول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس كما
تبول المرأة وفي سنن بن ماجة قال أحمد بن عبد الرحمن المخزومي كان من شأن العرب البول
قائما ألا تراه في حديث عبد الرحمن بن حسنة يقول يقعد ويبول ما أصاب صاحب بني
إسرائيل قال الشيخ ولي الدين بالرفع ويجوز نصبه كانوا إذا أصابهم شئ من البول قرضوه
بالمقاريض في رواية الطبراني كان أحدهم إذا أصاب شيئا من جسده بول قرضه بالمقاريض مر رسول
الله صلى الله عليه وسلم على قبرين في رواية بقبرين ومر بمعنى اجتاز يتعدى تارة بالباء وتارة بعلي
وزاد بن ماجة في روايته جديدين فقال أنهما يعذبان وما يعذبان في كبير زاد في رواية البخاري
28

بلى وإنه لكبير قال أبو عبد الملك البوني يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم ظن أن ذلك غير كبير
فأوحى إليه في الحال أنه كبير فاستدرك ويحتمل أن الضمير في وانه يعود على العذاب لما ورد
في صحيح بن حبان من حديث أبي هريرة يعذبان عذابا شديدا في ذنب هين وقيل الضمير
يعود على أحد الذنبين وهو النميمة لأنها من الكبائر وقال الداودي وابن العربي كبير المنفي
بمعنى أكبر والمثبت واحد الكبائر أي ليس ذلك بأكبر الكبائر كالقتل مثلا وإن كان كبيرا
في الجملة وقيل المعنى ليس بكبير في الصورة لان تعاطى ذلك يدل على الدناءة والحقارة وهو كبير
في الذنب وقيل ليس بكبير في اعتقادهما أو في اعتقاد المخاطبين وهو عند الله كبير كقوله تعالى
وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم وقيل ليس بكبير في مشقة الاحتراز أي كان لا يشق عليهما
الاحتراز من ذلك وهذا الأخير جزم به البغوي وغيره ورجحه بن دقيق العيد وجماعة وقيل
ليس بكبير بمجرده وإنما صار كبيرا بالمواظبة عليه ويرشد إلى ذلك السياق فإنه وصف كلا
منهما بما يدل على تجدد ذلك عنه واستمراره عليه للاتيان بفعل المضارعة بعد كان قال الحافظ
بن حجر ولم يعرف اسم المقبورين ولا أحدهما والظاهر أن ذلك كان على عمد من الرواة لقصد
الستر عليهما وهو عمل مستحسن وينبغي أن لا يبالغ في الفحص عن تسمية من وقع في حقه
ما يذم به قال وقد اختلف فيهما فقيل كانا كافرين وبه جزم أبو موسى المديني قال لأنهما
لو كانا مسلمين لما كان لشفاعته إلى أن ييبس الجريدتان معنى ولكنه لما رآهما يعذبان لم
يستجز للطفه وعطفه حرمانهما من إحسانه فتشفع لهما إلى المدة المذكورة وجزم بن القصار في
شرح العمدة بأنهما كانا مسلمين قال القرطبي وهو الأظهر وقال الحافظ بن حجر وهو الظاهر
من مجموع طرق الحديث أما هذا فكان لا يستنزه من بوله بنون ساكنة بعدها زاي ثم هاء
وأما هذا فإنه كان يمشي بالنميمة قال النووي هي نقل كلام الناس بقصد الاضرار
29

ثم دعا بعسيب رطب بمهملتين بوزن فعيل وهي الجريدة التي لم ينبت فيها خوص فان نبت فهي
السعفة فشقه باثنين قال النووي الباء زائدة للتوكيد والنصب على الحال فغرس على
هذا واحدا وعلى هذا واحدا قال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي قال الحافظ سعد الدين
الحارثي موضع الغرس كان بإزاء الرأس ثبت ذلك بإسناد صحيح انتهى لعله قال بن مالك
الهاء ضمير الشأن يخفف عنهما بالضم وفتح الفاء الأولى أي العذاب عن المقبورين ما لم
ييبسا بالمثناة التحتية أوله والباء مفتوحة ويجوز كسرها أي العودان وقال المازري يحتمل
أن يكون أوحى إليه أن العذاب يخفف عنهما هذه المدة وقال القرطبي قيل أنه تشفع لهما هذه
المدة وقال الخطابي هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة لا أن في الجريد معنى
خصه ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس قال وقد قيل أن المعنى فيه أنه يسبح ما دام رطبا
فيحصل التخفيف ببركة التسبيح وعلى هذا فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الأشجار وغيرها
وكذلك ما فيه بركة كالذكر وتلاوة القرآن من باب أولى وقال بن بطال إنما خص الجريدتين
من دون سائر النبات لأنها أطول الثمار بقاء فتطول مدة التخفيف وهي شجرة شبهها النبي صلى الله
عليه وسلم بالمؤمن وقيل أنها خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام وقال الطيبي الحكمة في كونهما
ما دامتا رطبتين يمنعان العذاب غير معلومة لنا كعدد الزبانية وقد استنكر الخطابي ومن تبعه
وضع الناس الجريد ونحوه في القبر عملا بهذا الحديث وقال الطرطوشي لان ذلك خاص ببركة
30

يده صلى الله عليه وسلم وقال الحافظ بن حجر ليس في السياق ما يقطع بأنه باشر الوضع بيده
الكريمة بل يحتمل أن يكون أمر به وقد تأسى بريدة بن الحصيب الصحابي بذلك فأوصى أن يوضع
على قبره جريدتان وهو أولى بأن يوضع من غيره انتهى قلت وأثر بريدة مخرج في طبقات بن سعد
وقد أوردته في كتابي شرح الصدور مع أثر آخر عن أبي برزة الأسلمي مخرج في تاريخ بن عساكر
وقد رد النووي استنكار الخطابي وقال لا وجه له أخبرتني حكيمة بنت أميمة عن أمها أميمة
بنت رقيقة الثلاثة بالتصغير ورقيقة بقافين قال الحاكم في المستدرك أميمة صحابية مشهورة مخرج
حديثها في الوحدان وقال الحافظ جمال الدين المزني في التهذيب رقيقة أمها وهي أميمة بنت عيد
ويقال بنت عبد الله بن بجاد بن عمير ورقيقة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد أم المؤمنين
رضي الله عنها وقال الذهبي حكيمة لم ترو الا عن أمها ولم يرو عنها غير بن جريج وقال غيره
ذكرها بن حبان في الثقاة وخرج حديثها في صحيحه قالت كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح
من عيدان يبول فيه ويضعه تحت السرير هذا مختصر وقد أتمه بن عبد البر في الاستيعاب
فقال فبال ليلة فوضع تحت سريره فجاء فإذا القدح ليس فيه شئ فسال المرأة يقال لها بركة كانت
31

تخدم أم حبيبة جاءت معها من الحبشة فقال أين البول الذي كان في هذا القدح فقالت شربته
يا رسول الله قال الحاكم في المستدرك هذه سنة غريبة وقال الشيخ ولي الدين في شرح أبي داود
والحافظ بن حجر في تخريج أحاديث الرافعي عيدان بفتح العين المهملة ومثناة تحتية ساكنة وقال
الامام بدر الدين الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي عيدان مختلف في ضبطه بالكسر والفتح
واللغتان بإزاء معنيين فالكسر جمع عود والفتح جمع عيدانه بفتح العين قال أهل اللغة هي النخلة
الطويلة المتجردة وهي بالكسر أشهر رواية وفي كتاب تثقيف اللسان من كسر العين فقد أخطأ
يعني لأنه أراد جمع عود وإذا اجتمعت الأعواد لا يتأتى منها قدح يحفظ الماء بخلاف من فتح
العين فإنه يريد قدحا من خشب هذه صفته ينقر ليحفظ ما يجعل فيه انتهى وقال الشيخ ولي
الدين يعارضه ما رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد من حديث عبد الله بن يزيد مرفوعا
لا ينقع بول في طست في البيت فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول منتقع وروى بن أبي شيبة
في مصنفه عن بن عمر قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه بول والجواب لعل المراد بانتقاعه طول
مكثه وما يجعل في الاناء لا يطول مكثه غالبا وقال مغلطاي يحتمل أن يكون أراد كثرة النجاسة
في البيت بخلاف القدح فإنه لا يحصل به نجاسة لمكان آخر دعا بالطست أصله طس أبدلت
32

السين الثانية تاء وهو يذكر ويؤنث فانخنثت نفسه بنونين بينهما خاء معجمة وبعد الثانية ثاء
مثلثة قال في النهاية أي انكسر وانثنى لاسترخاء أعضائه عند الموت عن قتادة عن عبد الله بن
سرجس قال الشيخ ولي الدين فإن قلت قد قال أحمد بن حنبل رحمه الله ما أعلم قتادة سمع من
أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الا من أنس بن مالك قيل له فعبد الله بن سرجس فكأنه
لم يروه سماعا قلت قد صحح أبو زرعة سماعه منه وقال أبو حاتم لم يلق من الصحابة الا أنسا وعبد
الله بن سرجس وقال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي سرجس بفتح السين وسكون الراء
المهملتين وكسر الجيم وآخره سين مهملة على مثال نرجس وهو غير منصرف للعجمة والعلمية وليس
في كلام العرب فعلل بكسر اللام لان هذا الوزن مختص بالامر من الرباعي وأما نرجس فنونه
زائدة وإن كان عربيا لا يبولن أحدكم في جحر بضم الجيم وسكون الحاء المهملة وراء قال
33

صاحب المحكم كل شئ يحتفره الهوام والسباع لأنفسها يقال أنها مساكن الجن قال الشيخ
ولي الدين أعاد الضمير على الجحر وهو يدل على أنه مؤنث ويحتمل أن يريد الجحرة التي هي
جمعه وإن لم يتقدم ذكرها عن الأشعث هو بن عبد الله بن جابر الحداني ويقال له الأزدي
والأعمى عن الحسن قال الشيخ ولي الدين العراقي لا يعتبر بما وقع في أحكام عبد الحق من
أن أشعث لم يسمع من الحسن فإنه وهم عن عبد الله بن مغفل بضم الميم وفتح الغين المعجمة
والفاء وتشديدها قال الشيخ ولي الدين قد صرح أحمد بن حنبل رحمه الله بسماع الحسن من عبد
الله بن مغفل لا يبولن أحدكم في مستحمه بفتح الحاء زاد أبو داود ثم يتوضأ فيه فإن عامة
الوسواس بفتح الواو منه قال في الصحاح المستحم أصله الموضع الذي يغتسل فيه بالحميم
34

وهو الماء الحار ثم قيل للاغتسال بأي ماء كان استحمام وذكر ثعلب أن الحميم يطلق أيضا على
الماء البارد من الأضداد وعامة الشئ بمعنى جميعه وبمعنى معظمه والوسواس حديث النفس
والأفكار والمصدر بالكسر قال الشيخ ولي الدين علل النبي صلى الله عليه وسلم هذا النهي بأن
هذا الفعل يورث الوسواس ومعناه أن المغتسل يتوهم أنه أصابه شئ من قطره ورشاشه فيحصل
له وسواس وروى بن أبي شيبة في مصنفه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال إنما يكره
البول في المغتسل مخافة اللمم وذكر صاحب الصحاح وغيره أن اللمم طرف من الجنون قال
ويقال أيضا أصابت فلانا لمة من الجن وهو المس والشئ القليل وهذا يقتضي أن العلة في
النهي عن البول في المغتسل خشية أن يصيبه شئ من الجن وهو معنى مناسب لان المغتسل
محل حضور الشياطين لما فيه من كشف العورة فهو في معنى البول في الجحر لكن المعنى
الذي علل به النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع قال ويمكن جعله موافقا لقول أنس بأن
يكون المراد بالوسواس في الحديث الشيطان وفيه حذف تقديره فإن عامة فعل الوسواس أي
الشيطان منه لكنه خلاف ما فهمه العلماء من الحديث ولا مانع من التعليل بهما فكل منهما
علة مستقلة انتهى قلت بل هنا علة واحدة ولا منافاة فإن اللمم الذي ذكره أنس هو الوسواس بعينه
وذلك طرف من الجنون فإن الذي يسمى في لغة العرب الوسواس هو الذي في لغة اليونان
الماليخوليا وهي عبارة عن فساد الفكر وقد كثر في أشعار العرب والأحاديث والآثار إطلاق
الوسواس مرادا به ذلك منها حديث أحمد عن عثمان رضي الله عنه قال لما توفي النبي صلى الله
عليه وسلم حزن أصحابه حتى كاد بعضهم يوسوس وقيل لولا مخافة الوسواس لسكنت في أرض
35

ليس بها ناس فالذي قاله أنس هو عين الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال الشيخ ولي
الدين حمل جماعة من العلماء هذا الحديث على ما إذا كان المغتسل لينا وليس فيه منفذ بحيث
إذا نزل فيه البول شربته الأرض واستقر فيها فإن كان صلبا ببلاط ونحوه بحيث يجري عليه
البول ولا يستقر أو كان فيه منفذ كالبالوعة ونحوها فلا نهى روى بن أبي شيبة عن عطاء قال
إذا كان يسيل فلا بأس وقال بن المبارك فيما نقله عنه الترمذي قد وسع في البول في المغتسل
إذا جرى فيه الماء وقال بن ماجة في سننه سمعت علي بن محمد الطنافسي يقول إنما هذا في
الحفيرة فأما اليوم فلمغتسلاتهم الجص والصاروج والقير فإذا بال فأرسل عليه الماء فلا بأس
به وقال الخطابي إنما ينهى عن ذلك إذا لم يكن المكان جددا مستويا لا تراب عليه وصلبا أو
مبلطا أو لم يكن له مسلك ينفذ فيه البول ويسيل منه الماء فيتوهم المغتسل أنه أصابه شئ من
قطره ورشاشه فيورثه الوسواس وقال النووي في شرحه إنما نهى عن الاغتسال فيه إذا كان
صلبا يخاف أصابة رشاشه فإن كان لا يخاف ذلك بأن يكون له منفذ أو غير ذلك فلا كراهة
قال الشيخ ولي الدين وهو عكس ما ذكره الجماعة فإنهم حملوا النهى على الأرض اللينة وحمله هو
على الصلبة وقد لمح هو معنى آخر وهو أنه في الصلبة يخشى عود الرشاش بخلاف الرخوة وهم
نظروا إلى أنه في الرخوة يستقر موضعه وفي الصلبة يجرى ولا يستقر فإذا صب عليه الماء
ذهب أثره بالكلية قلت الذي قاله النووي رضي الله عنه سبقه إليه صاحب النهاية فإنه قال وإنما
نهى عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب فيه البول أو كان صلبا فيتوهم المغتسل أنه أصابه منه
شئ فيحصل منه الوسواس ثم قال الشيخ ولي الدين إذا جعلنا الاغتسال منهيا عنه بعد البول
فيه فيحتمل أن سبب الوسواس البول فيه على انفراده ويحتمل أن سببه الاغتسال بعد البول
36

فيه ويكون قوله فإن عامة الوسواس منه أي من مجموع ما تقدم أو من الاغتسال أو الوضوء
فيه الذي هو أقرب مذكور ويؤيده حديث من توضأ في موضع بوله فأصابه الوسواس فلا
يلومن الا نفسه رواه بن عدي من حديث بن عمرو فجعل سبب الوسواس الوضوء في موضع بوله
انتهى عن حضين بن المنذر بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة ثم مثناة تحتية ثم نون
قال أبو أحمد العسكري لا أعرف من يسمى حضينا بالضاد غيره وحكى مغلطاي أنه قيل فيه
بالصاد المهملة قال الشيخ ولي الدين وفيه نظر أبي ساسان بمهملتين وهو لقب وكنيته أبو
محمد عن المهاجر بن قنفذ بالذال المعجمة وهما لقبان واسم المهاجر عمرو واسم قنفذ خلف
روى العسكري في الصحابة من طريق الحسن عنه أنه هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه
المشركون فأوثقوه على بعير فجعلوا يضربون البعير سوطا ويضربونه سوطا فأفلت فأتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال هذا المهاجر حقا ولم يكن يومئذ اسمه المهاجر عن أبي عثمان بن سنة
37

بفتح السين المهملة وتشديد النون أن يستطيب قال في النهاية الاستطابة والإطابة كناية عن
الاستنجاء أي يطهر وينهى عن الروث والرمة بكسر الراء وتشديد الميم قال في النهاية هي العظم البالي
ويجوز أن يكون جمع رميم قال وإنما نهى عنها لأنها ربما كانت ميتة وهي نجسة أو لان العظم لا يقوم مقام
الحجر لملاسته قلت ولما ورد أن العظم طعام الجن الرب عز وجلقال له رجل زاد بن ماجة من المشركين إن صاحبكم
ليعلمكم حتى الخراءة قال القاضي عياض بكسر الخاء ممدود وهو اسم فعل الحدث وأما الحدث نفسه
38

فبغير تاء ممدود وفتح الخاء وقال الخطابي عوام الناس يفتحون الخاء في هذا الحديث فيفحش
معناه وإنما هو مكسور الخاء ممدود الألف يريد الجلسة للتخلي والتنظيف منه والأدب فيه قال
أجل بسكون اللام حرف جواب بمعنى نعم عن أبي إسحاق قال ليس أبو عبيدة هو بن
عبد الله بن مسعود ذكره أي لي ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال الحافظ بن
حجر في شرح البخاري وإنما عدل أبو إسحاق عن الرواية عن أبي عبيدة إلى الرواية عن عبد
الرحمن مع أن رواية أبي عبيدة أعلى له لكون أبي عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح فتكون
39

منقطعة بخلاف رواية عبد الرحمن فإنها موصولة ورواية أبي إسحاق لهذا الحديث عن أبي عبيدة
عن أبيه عبد الله بن مسعود عند الترمذي وغيره من طريق إسرائيل عن يونس عن أبي إسحاق
فمراد أبي إسحاق هنا بقوله ليس أبو عبيدة ذكره أي لست أرويه الان عن أبي عبيدة وإنما
أرويه عن عبد الرحمن قال والأسود والده هو بن يزيد النخعي صاحب بن مسعود وقال بن
التين هو الأسود بن عبد يغوث الزهري وهو غلط فاحش فإن الأسود الزهري لم يسلم فضلا عن
أن يعيش حتى يروى عن بن مسعود أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط أي الأرض
المطمئنة لقضاء الحاجة وأمرني أن آتيه قال الكرماني أن هنا مصدرية صلة للامر أي أمرني
بإتيان الأحجار لا مفسرة بخلاف أمرته أن أفعل فإنها تحتمل أن تكون صلة وأن تكون مفسرة
فأخذت روثه في رواية بن خزيمة أنها كانت روثة حمار ونقل التيمي أن الروث مختص
بما يكون من الخيل والبغال والحمير وألقى الروثة وقال هذه ركس زاد أحمد في رواية بعده
أئتني بحجر ورجاله ثقات أثبات وقال أبو الحسن بن القصار المالكي روى أنه أتاه بثالث لكن
لا يصح وقوله ركس قال الحافظ بن حجر كذا وقع في هذا الحديث بكسر الراء وسكون الكاف
فقيل هي لغة في رجس بالجيم ويدل عليه رواية بن ماجة وابن خزيمة في هذا الحديث فان عندهما
رجس بالجيم وقيل الركس الرجيع من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة قاله الخطابي وغيره والأولى
أن يقال رد من حالة الطعام إلى حالة الروث وقال بن بطال لم أر هذا الحرف في اللغة يعني الركس
بالكاف وتعقبه بن عبد الملك بأن معناه الرد كما قال تعالى أركسوا فيها أي ردوا فكأنه قال هذا
رد عليك وأجيب بأنه لو ثبت ما قال لكان بفتح الراء يقال أركسه ركسا إذا رده وفي رواية
40

الترمذي هذا ركس يعني نجسا وهو يؤيد الأول وقال النسائي عقب هذا الحديث الركس طعام
الجن وهذا ان ثبت في اللغة فهو صريح بلا اشكال انتهى كلام الحافظ بن حجر وفي النهاية
الركس شبيه المعنى بالرجيع يقال ركست الشئ وأركسته إذا رددته ورجعته وفي رواية ركيس فعيل بمعنى
مفعول وقال الكرماني الركس بكسر الراء الرجس وبالفتح رد الشئ مقلوبا وقال بن سيد الناس
ركس كقوله رجع يعني نجسا لأنها أركست أي ردت في النجاسة بعد أن كانت طعاما أبي حازم
اسمه سلمة بن دينار المدني أحد الاعلام وذكر جماعة أنه التمار وتبعه المزي في التهذيب وقال
أبو علي الجياني أنه وهم عن مسلم بن قرط قال الزركشي في التخريج بضم القاف وسكون
41

الراء وطاء مهملة لم يرو عنه غير أبي حازم ولا يعرف هذا الحديث بغير هذا الاسناد ولا ذكر
لابن قرط في غيره ولم يتعرضوا له بمدح ولا قدح وقال الشيخ ولي الدين ذكره بن حبان
في الثقات وقال يخطء ولا نعرفه بأكثر من أنه روى عن عروة قال وفي هذا الاسناد رواية
تابعي عمن ليس بتابعي لان أبا حازم تابعي أكثر الرواية عن سهل بن سعد ومسلم بن قرط
لا يعرف بغير روايته عن عروة ولذلك ذكره بن حبان في الطبقة الثالثة وهي طبقة أتباع
التابعين فإنها تجزى عنه قال الزركشي ضبطه بعضهم بفتح التاء ومنه قوله تعالى لا تجزى
نفس عن نفس شيئا عن عطاء بن أبي ميمونة قال سمعت أنس بن مالك يقول كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء أحمل أنا وغلام معي نحوي أي مقارب لي في السن والغلام
هو المترعرع قاله أبو عبيدة وقال في المحكم من لدن الفطام إلى سبع سنين وحكى الزمخشري
في أساس البلاغة أن الغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء فان قيل له بعد الالتحاء غلام فهو مجاز
إداوة بكسر الهمزة اناء صغير من جلد من ماء أي مملوءة من ماء فيستنجى بالماء
قيل هذه الجملة من قول عطاء وهو مردود والصواب أنها من قول أنس قاله عياض
42

إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في انائه هذا نهي تأديب لإرادة المبالغة في النظافة إذ قد يخرج مع التنفس
بصاق أو مخاط أو بخار ردئ فيكسبه رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره عن شربه وإذا أتى
الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه بفتح الميم في الأفصح وفي الرواية التي تليه وأن يمس ذكره
بيمينه وأطلق فقال بعض العلماء يختص النهي بحالة البول لقوله في الرواية الأخرى إذا بال أحدكم
فلا يمس ذكره بيمينه وفي الأخرى لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول حملا للمطلق على
المقيد فإن الحديث واحد والمخرج واحد كله راجع إلى حديث يحيى بن أبي كثير عن عبد الله
بن أبي قتادة عن أبيه وقد قال القاضي أبو الطيب لا خلاف في حمل المطلق على المقيد عند اتحاد
الواقعة والمراد مس الذكر عند الاستبراء من البول وقال النووي في شرحه لا فرق بين حال
الاستنجاء وغيره وإنما ذكرت حالة الاستنجاء في الحديث تنبيها على ما سواها لأنه إذا كان المس
باليمين مكروها في حالة الاستنجاء مع أنه مظنة الحاجة إليها فغيره من الأحوال التي لا حاجة فيها
43

إلى المس أولى انتهى نهانا أن يستنجى أحدنا بيمينه ويستقبل القبلة وقال لا يستنجي أحدكم
بدون ثلاثة أحجار قال الزركشي في التخريج وقع لابن حزم في هذا الحديث وهمان أحدهما
أنه صحفه وبنى على ذلك التصحيف حكما شرعيا فقال لا يجزى أحدا أن يستنجى مستقبل القبلة
في بناء كان أو غيره ثم ساق الحديث بلفظ نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه أو مستقبل القبلة
هكذا قال أو مستقبل بالميم في أوله وإنما المحفوظ ويستقبل القبلة بالياء المثناة من تحت
وقد رواه سفيان الثوري وغيره فقال أو يستقبل القبلة بالعطف بأو الثاني أنه ذهب إلى أنه
لا تجوز الزيادة على ثلاثة أحجار لقوله لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار قال لان دون
تستعمل في كلام العرب بمعنى أقل أو بمعنى غير كما قال تعالى واتخذوا من دون الله أي غيره
فلا يجوز الاقتصار على أحد المعنيين دون الاخر قال فصح بمقتضى هذا الخبر أن لا يجزئ
في المسح أقل من ثلاثة أحجار ولا يجوز غيرها الا ما جاء به النص زائدا وهو الماء قال
بن طبرزذ وهذا خطأ على اللغة فإن العدد إنما وضع لبيان ما هو أقل ما يجزئ في الاستنجاء
كما أن خمسا من الإبل أو خمس أواق أقل ما يجب فيه الزكاة من الإبل والورق فلا يستقيم
44

أن يكون دون هنا بمعنى غير لفساده بالاجماع لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد بها في الحديث
الأول الا معنى أقل انتهى أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال حدثنا وكيع عن شريك عن
إبراهيم بن جرير عن أبي زرعة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فلما استنجى
دلك يده بالأرض قال الطبراني لم يروه عن أبي زرعة الا إبراهيم بن جرير تفرد به شريك
وقال بن القطان لهذا الحديث علتان أحدهما شريك فهو سئ الحفظ مشهور بالتدليس والثانية
إبراهيم بن جرير فإنه لا يعرف حاله ورد بأن بن حبان ذكره في الثقات وقال بن عدي لم يضعف
في نفسه وإنما قيل لم يسمع من أبيه شيئا وأحاديثه مستقيمة تكتب قال الذهبي وضعف حديثه
جاء من جهة الانقطاع لا من قبل سوء الحفظ وهو صدوق قال الشيخ ولي الدين وأشار النسائي
إلى تضعيف الحديث من جهة أخرى فقال بعد أن رواه أخبرنا أحمد بن الصباح قال حدثنا
شعيب يعني بن حرب حدثنا أبان بن عبد الله البجلي حدثنا إبراهيم بن جرير عن أبيه قال كنت
مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء فقضى الحاجة ثم قال يا جرير هات طهورا فأتيته بالماء
فاستنجى بالماء وقال بيده فدلك بها الأرض قال أبو عبد الرحمن هذا أشبه بالصواب من حديث
45

شريك قال بن المواق معنى كلام النسائي أن كون الحديث من
مسند جرير أولى من كونه من مسند أبي هريرة لا أنه حديث صحيح في نفسه فإن إبراهيم بن جرير لم يسمع من أبيه شيئا قاله
يحيى بن معين وقال أبو حاتم وأبو داود أن حديثه عنه مرسل لكن بن خزيمة لم يلتفت إلى هذا
فأخرج روايته عنه في صحيحه قال الشيخ ولي الدين وفي ترجيح النسائي رواية أبان على رواية
شريك نظر فان شريكا أعلى وأوسع رواية وأحفظ وقد أخرج له مسلم في صحيحه ولم يخرج
لابان المذكور مع أنه اختلف عليه فيه فرواه الدارقطني والبيهقي من طريقين عنه وعن مولى
لأبي هريرة عن أبي هريرة وهذا الاختلاف على أبان مما يضعف روايته على أنه لا يمتنع أن يكون
لإبراهيم فيه اسنادان أحدهما عن أبي زرعة والآخر عن أبيه وأن يكون لأبان فيه اسنادان أحدهما
عن إبراهيم بن جرير والآخر عن مولى لأبي هريرة وهات بكسر التاء وهل هو اسم فعل أو فعل
غير منصرف قولان للنحاة وقد بسطت الكلام عليه في عقود الزبرجد في إعراب الحديث
وما ينوبه أي ينزل به ويقصده إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث في رواية لأبي
46

داود لا ينجس وفي أخرى للحاكم لم ينجسه شئ وهو مفسر لقوله لم يحمل الخبث أي يدفعه
عن نفسه ولا يقبله ولو كان معناه كما قيل أنه يضعف عن حمله لم يكن للتقييد بالقلتين معنى فإن
ما دونهما أولى بذلك أتتوضأ بمثناتين من فوق خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم من
بئر بضاعة بضم الباء واعجام الضاد في الأشهر والحيض بكسر الحاء وفتح الياء قال النووي
معناه الخرق التي يمسح بها دم الحيض عن أبي سعيد الخدري سماه البيهقي في رواية عبد
الرحمن أن أعرابيا بال في المسجد روى أبو موسى المديني في كتاب الصحابة من مرسل
سليمان بن يسار أنه ذو الخويصة لا تزرموه بضم التاء واسكان الزاي بعدها راء أي لا تقطعوا
47

عليه بدلو يذكر ويؤنث فتناوله الناس أي بألسنتهم ولمسلم فقالوا مه مه وأهريقوا
قال بن التين هو بإسكان الهاء ونقل عن سيبويه أنه قال إهراق يهريق أهرياقا مثل اسطاع يسطيع
اسطياعا بقطع الألف وفتحها في الماضي وضم الياء في المستقبل وهي لغة في أطاع يطيع فجعلت
السين والهاء عوضا من ذهاب حركة عين الفعل قال وروى بفتح الهاء ووجه بأنها مبدلة من
الهمزة لان أصل هراق أراق ثم اجتلبت الهمزة وسكنت الهاء عوضا من حركة عين الفعل كما
تقدم فتحريك الهاء على ابقاء البدل والمبدل منه وله نظائر وذكر له الجوهري توجيها آخر أن
أصله أأريقه فأبدلت الهمزة الثانية هاء للخفة وجزم ثعلب في الفصيح بأن أهريقه بفتح الهاء وقد
48

بسطت الكلام عليه في عقود الزبرجد فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين إسناد البعث إليهم
على طريق المجاز لأنه صلى الله عليه وسلم هو المبعوث بما ذكر لكنهم لما كانوا في مقام التبليغ
عنه في حضوره وغيبته أطلق عليهم ذلك أو هم يبعثون من قبله بذلك أي مأمورون وكان ذلك
شأنه صلى الله عليه وسلم في حق كل من بعثه إلى جهة من الجهات يقول يسروا ولا تعسروا
لا يبولن أحدكم في الماء الدائم أي الراكد ثم يغتسل فيه قال النووي الرواية برفع
49

يغتسل أي ثم هو يغتسل وجوز بن مالك جزمه ونصبه والكلام عليه مبسوط في عقود
الزبرجد هو الطهور ماؤه بفتح الطاء الحل بكسر الحاء أي الحلال ميتته بفتح الميم
قال الخطابي وعوام الرواة يكسرونها وإنما هو بالفتح يريد حيوان البحر إذا مات فيه سكت
50

هنيهة أي ما قل من الزمان وهو تصغير هنة ويقال هنية أيضا اللهم اغسلني من خطاياي
بالثلج والماء والبرد قال النووي استعارة للمبالغة في الطهارة من الذنوب وقال الكرماني
51

فإن قلت العادة أنه إذا أريد المبالغة في الغسل أن يغسل بالماء الحار لا البارد لا سيما الثلج
ونحوه قلت قال الخطابي هذه أمثال لم يرد بها أعيان المسميات وإنما أريد بها التوكيد في التطهير
من الخطايا والمبالغة في محوها عنه والثلج والبرد ماءان مقصوران على الطهارة لم تمسهما الأيدي
ولم يمتهنهما استعمال وكان ضرب المثل بهما آكد في بيان ما أراده من التطهير قال الكرماني
ويحتمل أنه جعل الخطايا بمنزلة نار جهنم لأنها مؤدية إليها فعبر عن اطفاء حرارتها بالغسل
تأكيدا في الاطفاء وبالغ فيه باستعمال المبردات والبرد بفتح الراء حب الغمام وأكرم نزله بضم
52

الزاي وسكونها وهو في الأصل قرى الضيف إذا ولغ الكلب بفتح اللام أي شرب بطرف
لسانه وقال ثعلب هو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل مائع فيحركه زاد بن درستويه
شرب أو لم يشرب فليغسله سبع مرات قال أبو البقاء أصله مرات سبعا على الصفة فلما
قدمت الصفة وأضيفت إلى المصدر نصبت نصب المصدر قال أبو عبد الرحمن لا أعلم أحدا
تابع علي بن مسهر على قوله فليرقه وكذا قال حمزة الكناني أنها غير محفوظة وقال بن عبد البر
لم يذكرها الحفاظ من أصحاب الأعمش كأبي معاوية وشعبة وقال بن منده لا تعرف عن النبي
53

صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه الا عن علي بن مسهر بهذا الاسناد وقال الحافظ بن
حجر قد ورد الامر بالإراقة أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه بن عدي
لكن في رفعه نظر والصحيح أنه موقوف وكذا ذكر الإراقة حماد بن زيد عن أيوب عن بن
سيرين عن أبي هريرة موقوفا وإسناده صحيح أخرجه الدارقطني وغيره عن عبد الله بن المغفل
بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء وقد يقال بن مغفل وهي لام لمح الصفة كالحسن وحسن
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب قال إمام الحرمين هذا الامر منسوخ
وقد صح أنه نهى بعد عن قتلها واستقر الشرع عليه قال وأمر بقتل الأسود البهيم وكان هذا في
الابتداء وهو الان منسوخ قال النووي ولا مزيد على تحقيقه ورخص في كلب الصيد
والغنم زاد مسلم والزرع وعفروه الثامنة بالتراب ظاهره وجوب غسله ثامنة وبه قال
الحسن البصري وأحمد بن حنبل رحمه الله في رواية حرب عنه ونقل عن الشافعي رحمه الله أنه قال
هذا حديث لم أقف على صحته وقد صح عند مسلم وغيره وجنح بعضهم إلى ترجيح حديث أبي هريرة
عليه ورد بأن الترجيح لا يصار إليه مع إمكان الجمع والاخذ بحديث بن مغفل يستلزم الاخذ
بحديث أبي هريرة دون العكس والزيادة من الثقة مقبولة ولو سلمنا الترجيح في هذا الباب لم نقل
54

بالتتريب أصلا لان رواية مالك رحمه الله بدونه أرجح من رواية من أثبته ومع ذلك فقد قلنا به أخذا
بزيادة الثقة وجمع بعضهم بين الحديثين بضرب من المجاز فقال لما كان التراب جنسا غير الماء جعل
اجتماعهما في المرة الواحدة معدودة باثنتين وتعقبه بن دقيق العيد بأن قوله وعفروه الثامنة ظاهر في
كونها غسلة مستقلة عن حميدة بنت عبيد هي زوجة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
الراوي عنها والأكثر على ضم حائها فأصغى أي أمال أنها ليست بنجس قال المنذري
ثم النووي ثم بن دقيق العيد ثم بن سيد الناس مفتوح الجيم من النجاسة قال تعالى إنما
المشركون نجس إنما هي من الطوافين عليكم قال البغوي في شرح السنة يحتمل أنه شبهها
بالمماليك من خدم البيت الذين يطوفون على بيته للخدمة كقوله تعالى طوافون عليكم ويحتمل
أنه شبهها بمن يطوف للحاجة يريد أن الاجر في مواساتها كالاجر في مواساة من يطوف
للحاجة والأول هو المشهور وقول الأكثر وصححه النووي في شرح أبي داود وقال ولم يذكر
جماعة سواه والطوافات في رواية الترمذي أو الطوافات وكلا الوجهين يروى عن مالك
55

قال بن سيد الناس جاءت صيغة هذا الجمع في المذكر والمؤنث على صيغة جمع من يعقل ينهيانكم
عن لحوم الحمر فإنها رجس قال في النهاية الرجس القذر وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح
والعذاب واللعنة والكفر أتعرق العرق هو بفتح العين وسكون الراء العظم إذا أخذ عنه
56

معظم اللحم وجمعه عراق وهو جمع نادر يقال عرقت اللحم وأعرقته وتعرقته إذا أخذت عنه
اللحم بأسنانك بمكوك بفتح الميم وتشديد الكاف قال في النهاية أراد به المد وقيل الصاع
57

والأول أشبه لأنه جاء في حديث آخر مفسرا بالمد واصله اسم المكيال ويختلف مقداره
باختلاف اصطلاح الناس عليه في البلاد قال والمكاكي جمع مكوك على ابدال الياء من الكاف
الأخيرة إنما الاعمال بالنية لا بد من محذوف يتعلق به الجار والمجرور فقدره بعضهم
58

بالكون المطلق وقيل يقدر تعتبر وقيل تصح وقيل تكمل وإنما لامرئ ما نوى قال الشيخ
عز الدين بن عبد السلام الجملة الأولى لبيان ما يعتبر من الاعمال والثانية ما يترتب عليها
وقال النووي أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي
الفائتة فقط حتى يعينها ظهرا مثلا أو عصرا وقال بن السمعاني في أماليه أفادت أن الأعمال الخارجة
عن العبادة لا تفيد الثواب الا إذا نوى بها فاعلها القربة كالأكل إذا نوى به القوة
على الطاعة فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله إلى آخره اتحد الشرط والجزاء في الجملتين
59

والقاعدة تغايرهما لقصد التعظيم في الجملة الأولى والتحقير في الثانية وحانت صلاة العصر
الواو للحال بتقدير قد فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء بفتح الواو ينبع بضم
الباء ويجوز كسرها وفتحها فأتى بتور بفتح المثناة شبه الطست وقيل هو الطست حي على
الطهور والبركة من الله عز وجل قال أبو البقاء والبركة مجرور عطفا على الطهور وصفه بالبركة
60

لما فيه من الزيادة والكثرة من القليل ولا معنى للرفع هنا توضؤوا بسم الله أي قائلين قال
الشيخ عز الدين بن عبد السلام أفعال العبد على ثلاثة أقسام ما سنت فيه التسمية وما لم تسن
وما تكره فيه الأول كالوضوء والغسل والتيمم وذبح المناسك وقراءة القرآن ومنه أيضا مباحات
كالأكل والشرب والجماع والثاني كالصلاة والاذان والحج والعمرة والأذكار والدعوات والثالث
المحرمات لان الغرض من البسملة التبرك في الفعل المشتمل عليه والحرام لا يراد كثرته وبركته وكذلك
المكروه قال والفرق بين ما سنت فيه البسملة من القربات وبين ما لم تسن فيه عسير فإن قيل إنما لم تسن
البسملة في ذلك القسم لأنه بركة في نفسه فلا يحتاج إلى التبريك قلنا هذا مشكل بما سنت فيه البسملة
كقراءة القرآن فإنه بركة في نفسه ولو بسمل على ذلك لجاز وإنما الكلام في كونه سنة ولو
كانت سنة لنقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح كما نقل غيره من السنن والنوافل
حتى توضؤوا من عند آخرهم قال التيمي أي توضؤوا كلهم حتى وصلت النوبة إلى الآخر وقال
61

الكرماني حتى للتدريج ومن للبيان أي توضأ الناس حتى توضأ الذين هم عند آخرهم وهو كناية
62

عن جميعهم وعند بمعنى في وكأنه قال الذين هم في آخرهم وقال النووي من في من عند آخرهم
بمعنى إلى وهي لغة سطيحة قال في النهاية السطيحة من المزادة ما كان من جلدين قوبل أحدهما
63

بالاخر فسطح عليه وتكون صغيرة وكبيرة وهي من أواني المياه استوكف ثلاثا قال في
النهاية أي استقطر الماء وصبه على يديه ثلاث مرات وبالغ حتى وكف منها الماء ثم
صلى ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشئ زاد الحكيم الترمذي في رواية من الدنيا وقال
64

النووي المراد لا يحدث نفسه بشئ من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة ولو عرض له
حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفى عن ذلك وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله
تعالى لان هذا ليس من فعله وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر وقد
65

قال معنى ما ذكرته المازري وتابعه عليه القاضي عياض غفر له ما تقدم من ذنبه
66

قال النووي والمراد الصغائر دون الكبائر فإن الشيطان يبيت على خيشومه قال النووي
67

هو أعلى الانف بينه وبين الدماغ وقال عياض يحتمل أن يكون ذلك على حقيقته وأن يكون
على الاستعارة فإن ما ينعقد من الغبار رطوبة الخياشيم قذارة توافق الشيطان فكفأ أي أمال الاناء
68

بالسباحتين قال في النهاية السباحة والمسبحة الإصبع التي تلي الابهام سميت بذلك لأنها يشار
74

بها عند التسبيح يمسح على الخفين والخمار قال في النهاية أراد به العمامة لان الرجل يغطي بها
رأسه كما أن المرأة تغطيه بخمارها وذلك إذا كان قد اعتم عمة العرب فأدارها تحت الحنك فلا
يستطيع رفعها في كل وقت فتصير كالخفين غير أنه يحتاج إلى مسح القليل من الرأس ثم يمسح
75

على العمامة بدل الاستيعاب ويل للأعقاب من النار جمع العقب بكسر القاف وهو
مؤخر القدم قال البغوي معناه ويل لأصحاب الاعقاب المقصرين في غسلها نحو واسأل
القرية وقيل أراد أن الاعقاب تخص بالعذاب إذا قصر في غسلها
78

النعال السبتية بالكسر وسكون الموحدة هي المتخذة من السبت وهي جلود البقر المدبوغة بالقرظ
80

سميت بذلك لان شعرها قد سبت عنها أي حلق وأزيل وقيل لأنها أسبتت بالدباغ أي لانت لا يقبل الله
88

صلاة بغير طهور ضبط بفتح الطاء وضمها ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا قال القاضي
عياض هو كناية عن غفرانها ويحتمل محوها من كتاب الحفظة ويكون دليلا على غفرانها ويرفع به
89

الدرجات هو أعلى المنازل في الجنة إسباغ الوضوء أي إتمامه على المكاره يريد برد الماء
وألم الجسم وإيثار الوضوء على أمور الدنيا فلا يأتي به مع ذلك الا كارها مؤثرا لوجه الله تعالى وكثرة
الخطا إلى المساجد يعني به بعد الدار وانتظار الصلاة بعد الصلاة يحتمل وجهين أحدهما الجلوس
في المسجد والثاني تعلق القلب بالصلاة والاهتمام بها والتأهب لها فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم
الرباط أي المذكور في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا وحقيقته
ربط النفس والجسم مع الطاعات وحكمة تكراره قيل الاهتمام به وتعظيم شأنه وقيل كرره صلى
90

الله عليه وسلم على عادته في تكرار الكلام ليفهم عنه قال النووي والأول أظهر كيوم ولدتك
92

أمك بفتح يوم لإضافته إلى جملة صدرها مبنى فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها
شاء قال بن سيد الناس الذي ذكره العلماء في فتح أبواب الجنة والدعاء منها ما فيه من التشريف
في الموقف والإشارة بذكر من حصل له ذلك على رؤوس الاشهاد فليس من يؤذن له في الدخول
من باب لا يتعداه كمن يتلقى من كل باب ويدخل من حيث شاء هذا فائدة التعدد في فتح أبواب
الجنة يا بني فروخ بفتح الفاء وتشديد الراء وخاء معجمة قيل هو من ولد إبراهيم عليه
93

السلام كثر نسله فولد العجم خرج إلى المقبرة بتثليث الباء والكسر قليل السلام عليكم
دار قوم قال صاحب المطالع دار منصوب على الاختصاص أو النداء المضاف والأول
أظهر قال ويصح الخفض على البدل من الكاف والميم في عليكم والمراد بالدار على هذين
الوجهين الأخيرين الجماعة أو أهل الدار وعلى الأول مثله أو المنزل وإنا إن شاء الله بكم
لاحقون قال النووي أتى بالاستثناء مع أن الموت لا شك فيه وللعلماء فيه أقوال أظهرها أنه
ليس للشك ولكنه صلى الله عليه وسلم قاله للتبرك وامتثال أمر الله تعالى في قوله تعالى ولا تقولن
لشئ إني فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله وددت أني قد رأيت إخواننا أي في الحياة
بل أنتم أصحابي قال النووي ليس نفيا لاخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة
فهؤلاء أخوة صحابة والذين لم يأتوا أخوة ليسوا بصحابة وأنا فرطهم على الحوض قال الهروي
وغيره معناه أنا أتقدمهم على الحوض يقال فرطت القوم إذا تقدمتهم لترتاد لهم الماء وتهيئ
94

لهم الدلاء والرشاء في خيل دهم جمع أدهم وهو الأسود بهم جمع بهيم فقيل هو الأسود
أيضا وقيل البهيم الذي لا يخالط لونه لونا سواه سواء كان أبيض أو أسود أو أبيض أو أحمر بل
يكون لونه خالصا يقبل عليهما بقلبه ووجهه قال النووي رحمه الله جمع صلى الله عليه وسلم
بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع لان الخضوع في الأعضاء والخشوع في القلب على ما
95

قاله جماعة من العلماء مذاء أي كثير المذي مذاكيره قيل هو جمع ذكر على غير قياس
وقيل جمع لا واحد له وقيل واحده مذكار قال بن خروف وإنما جمعه مع أنه ليس في الجسد
منه إلا واحد بالنظر لما يتصل به وأطلق على الكل اسمه فكأنه جعل كل جزء من المجموع
96

كالذكر في حكم الغسل إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم قال في النهاية أي تضعها
98

لتكون وطاء له إذا مشى وقيل هو بمعنى التواضع له تعظيما بحقه وقيل أراد بوضع الأجنحة
99

نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران وقيل أراد إظلالهم بها نعس بفتحتين
100

أو بضعة بفتح الباء وقد تكسر وهي القطعة من اللحم
101

أعوذ برضاك من سخطك قال أبن خاقان البغدادي سمعت النقاد يقول طلب الاستغاثة
102

من الله نقص من التوكل وقوله صلى الله عليه وسلم أعوذ برضاك من سخطك أي أنت الملجأ
دون حائل بيني وبينك لصدق فقره إلى الله تعالى بالغيبة عن الأحوال وإضمار الخير أي أسألك
الرضاء عوضا من السخط ذكره بن مأكولة الشيرازي في كتاب أخبار العارفين وقال
القاضي عياض رضي الله عنه وسخطه ومعافاته وعقوبته من صفات كماله فاستعاذ من المكروه
منهما إلى المحبوب ومن الشر إلى الخير قال القرطبي ثم ترقى عن الافعال إلى منشئ الافعال فقال
وأعوذ بك منك مشاهدة للحق وغيبة عن الخلق وهذا محض المعرفة الذي لا يعبر عنه
قول ولا يضبطه صفة وقوله لا أحصى ثناء عليك أي لا أطيقه أي لا أنتهي إلى غايته
ولا أحيط بمعرفته كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة فأحمده بمحامد لا أقدر عليها
الآن وروى مالك لا أحصى نعمتك وإحسانك والثناء عليك وإن اجتهدت في ذلك والأول
أولى لما ذكرناه ولقوله في الحديث أنت كما أثنيت على نفسك ومعنى ذلك اعتراف
بالعجز عندما ظهر له من صفات جلاله تعالى وكماله وصمديته وقدوسيته وعظمته
وكبريائه وجبروته ما لا ينتهي إلى عده ولا يوصل إلى حده ولا يحمله عقل ولا يحيط به فكر
وعند الانتهاء إلى هذا المقام انتهت معرفة الأنام ولذلك قال الصديق الأكبر العجز عن درك
الادراك إدراك وقال بعض العارفين سبحان من رضى في معرفته بالعجز عن معرفته وقال بن
103

الأثير في النهاية بدأ في هذا الحديث بالرضا وفي رواية بدأ
بالمعافاة ثم بالرضا وإنما ابتدأ بالمعافاة من العقوبة لأنها من صفات الافعال كالإماتة والاحياء والرضا والسخط من صفات
الذات وصفات الافعال أدنى مرتبة من صفات الذات فبدأ بالأدنى مترقيا إلى الاعلى ثم لما
ازداد يقينا وارتقاء ترك الصفات وقصر نظره على الذات فقال وأعوذ بك منك ثم ازاد قربا
استحيا معه من الاستعاذة على بساط القرب فالتجأ إلى الثناء فقال لا أحصى ثناء عليك ثم علم
أن ذلك قصور فقال أنت كما أثنيت على نفسك وأما على الرواية الأولى فإنما قدم الاستعاذة
بالرضا من السخط لان المعافاة من العقوبة تحصل بحصول الرضا وإنما ذكرها لان دلالة
الأول عليها دلالة تضمن فأراد أن يدل عليها دلالة مطابقة فكنى عنها أولا ثم صرح ثانيا ولان
104

الراضي قد يعاقب للمصلحة أو لاستيفاء حق الغير اه أثوار أقط جمع ثور بالمثلثة وهي
105

قطعة من الاقط وهو بن جامد فثري بضم المثلثة وكسر الراء المشددة أي بل بالماء
نجل بسكون الجيم الماء القليل النزو والجمع أنجال
109

إذا قعد أي الرجل بين شعبها الأربع جمع شعبة وهي القطعة من الشئ فقيل المراد
هنا يداها ورجلاها وقيل رجلاها وفخذاها وقيل ساقها وفخذاها وأستاها وقيل فخذاها وشعرها
وقيل نواحي فرجها الأربع وحذف الفاعل في قعد للعلم به ولابن المنذر إذا غشي الرجل امرأته
فقعد الخ فعلم أن حذفه من تصرف الرواة ثم اجتهد كناية عن معالجة الايلاج
111

أن أم سليم هي أم أنس واختلف في اسمها فقيل سهلة وقيل رميلة وقيل رميثة وقيل أنيفة ويقال الرميصاء
والغميصاء إن الله لا يستحي من الحق قال النووي رحمه الله قال العلماء معناه لا يمتنع من بيان الحق
112

فكذا أنا لا أمتنع من سؤالي عما أنا محتاجة إليه وقيل إن الله لا يأمر بالحياء في الحق ولا يبيحه
وإنما قالت هذا اعتذارا بين يدي سؤالها عما دعت الحاجة إليه مما يستحي النساء في العادة عن
السؤال عنه وذكره بحضرة الرجال ويستحيي بيائين ويقال أيضا بياء واحدة فقلت لها أف لك قال
النووي رحمه الله معناه استحقارا لها ولما تكلمت به وهي كلمة تستعمل في الاحتقار والاستقذار
والانكار قال الباجي والمراد بها هنا الانكار وأصل الان وسخ الأظفار وفي أف لغات كثيرة
قال أبو البقاء من كسر بناه على الأصل ومن فتح طلب التخفيف ومن ضم أتبع ومن نون أراد التنكير
ومن لم ينون أراد التعريف ومن خفف الفاء حذف أحد المثلين تخفيفا أو ترى المرأة ذلك
قال القرطبي إنكار عائشة وأم سلمة على أم سليم رضي الله عنهن قضية احتلام النساء يدل على
قلة وقوعه من النساء ظ قلت وظهر لي أن يقال أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يقع لهن احتلام
لأنه من الشيطان فعصمن منه تكريما له صلى الله عليه وسلم كما عصم هو منه ثم رأيت الشيخ
ولي الدين قال وقد رأيت بعض أصحابنا يبحث في الدرس منع وقوع الاحتلام من أزواج النبي
صلى الله عليه وسلم لأنهن لا يطعن غيره لا يقظة ولا نوما والشيطان لا يتمثل به فسررت
بذلك كثيرا تربت يمينك قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي للعلماء في معناه
113

عشرة أقوال أحدها استغنيت الثاني ضعف عقلك الثالث تربت من العلم الرابع تربت ان لم
تعقل هذا الخامس أنه حث على العلم كقوله انج ثكلتك أمك ولا يريد أن تثكل السادس
أصابها التراب السابع خابت الثامن اتعظت التاسع أنه دعاء خفيف العاشر أنه بثاء مثلثة في أوله
وقال في النهاية هذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون به الدعاء على المخاطب ولا وقوع
الامر بها كما يقولون قاتله الله وقيل معناها لله درك وقيل أراد به المثل ليرى المأمور بذلك الجد
وأنه إن خالفه فقد أساء وقال بعضهم هو دعاء على الحقيقة وأنه قال لعائشة رضي الله عنها تربت
يمينك لأنه رأى الفقر خيرا لها والأول أوجه يعضده قوله في حديث خزيمة أنعم صباحا تربت
يداك فإن هذا دعاء له وترغيب في استعماله ما تقدمت الوصية به ألا تراه قال أنعم صباحا ثم
عقبه بتربت يداك وكثيرا ما يرد للعرب ألفاظ ظاهرها الذم وإنما يريدون بها المدح كقولهم
لا أب لك ولا أم لك وموت أمه ولا أرض لك ونحو ذلك وقال النووي في هذه اللفظة خلاف
كثير منتشر جدا للسلف والخلف من الطوائف كلها والأصح الأقوى الذي عليه المحققون أنها
كلمة أصلها افتقرت ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة حقيقة معناها الأصلي فيذكرون
تربت يداك وقاتله الله ما أشجعه ولا أم لك وثكلته أمه وويل أمه وما أشبه ذلك من ألفاظهم
يقولونها عند انكارهم الشئ أو الزجر عنه أو الذم له أو استعظامه أو الحث عليه أو الاعجاب به
فمن أين يكون الشبه قال النووي معناه أن الولد متولد من ماء الرجل وماء المرأة فأيهما
غلب كان الشبه له وإذا كان للمرأة مني فإنزاله وخروجه منها ممكن ويقال شبه بكسر الشين
114

وسكون الباء وشبه بفتحهما لغتان مشهورتان إذا احتلمت في رواية أحمد
إذا رأت أن زوجها يجامعها في المنام إذا رأت الماء أي المنى بعد الاستيقاظ
115

ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر قال القرطبي ما ذكره في صفة الماءين إنما
هو في غالب الامر واعتدال الحال والا فقد تختلف أحوالهما للعوارض فأيهما سبق كان الشبه
المراد سبق الانزال ففي رواية بن عبد البر أي النطفتين سبقت إلى الرحم غلبت على الشبه وجوز
القرطبي أن يكون سبق بمعنى غلب من قولهم سابقني فلان فسبقته أي غلبته ومنه قوله تعالى
وما نحن بمسبوقين أي مغلوبين ويكون معناه كثر عن فاطمة بنت أبي حبيش بضم الحاء
المهملة وفتح الباء الموحدة وإسكان المثناة التحتية بعدها شين معجمة اسمه قيس بن المطلب
بن أسد بن عبد العزى أنها كانت تستحاض هو من الافعال اللازمة البناء للمفعول فقال
116

الشيخ ولي الدين العراقي في شرح أبي داود اعلم أن اللاتي ذكر أنهن استحضن على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم تسع فاطمة هذه وأم حبيبة بنت جحش وأختها حمنة وأختها زينب
أم المؤمنين إن صح وسهلة بنت سهل وسودة أم المؤمنين وأسماء بنت مرثد الحارثية وزينب
بنت أبي سلمة وبادنة بنت غيلان الثقفية قلت وقد نظمتهن في بيتين وهما
قد استحيضت في زمان المصطفى * تسع نساء قد رواها الراوية
بنات جحش سودة والفاطمة * زينب أسما سهلة وبادنة
إنما ذلك بكسر الكاف عرق زاد الدارقطني والبيهقي انقطع فإذا أقبلت الحيضة
ضبطه النووي بالفتح والكسر وقال الحافظ بن حجر الذي في روايتنا بالفتح استحيضت
أم حبيبة بنت جحش قال النووي قال الدارقطني قال إبراهيم الحربي الصحيح أنها أم حبيب
117

بلا هاء واسمها حبيبة قال الدارقطني قول الحربي صحيح وكان من أعلم الناس بهذا الشأن وقال
بن الأثير يقال لها أم حبيبة وقيل أم حبيب قال والأول أكثر قال وأهل السير يقولون المستحاضة
أختها حمنة بنت جحش قال بن عبد البر الصحيح أنهما كانتا تستحاضان ان هذه ليست
بالحيضة هو بفتح الحاء لا غير كما نقل الخطابي عن أكثر المحدثين أو كلهم وقال النووي انه
118

متعين لأنه صلى الله عليه وسلم أراد إثبات الاستحاضة ونفى الحيض إن امرأة كانت تهراق الدم
قال بن مالك هذا من زيادة أل في التمييز وقال بن الحاجب في أماليه يجوز فيه الرفع على البدل
من الضمير في تهراق والنصب على التمييز أو توهم التعدي أو بفعل مقدر وهو الأوجه كأنه لما
قيل تهراق قيل ما تهريق قال تهريق الدم مثل ليبك يزيد ضارع لخصومه وإن اختلفا في الاعراب
120

ومثل كثير في كلامهم اه وقد بسطت الكلام عليه في عقودا لزبرجد عرق عاند قال في النهاية
شبه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته وقيل العاند الذي لا يرقأ حين نفست بضم النون
122

من النفاس وهو الفرق بفتح الفاء والراء مكيال يسع ستة عشر رطلا وهي اثنا عشر مدا
وقيل هو ثلاثة أقساط والقسط نصف صاع قال صاحب تثقيف اللسان من المحدثين من يغلط
فيه فيسكن راءه وهي مفتوحة وكذا أنكر السكون الباجي وابن الأثير ورد بأنهما لغتان مشهورتان
127

حكاهما صاحب الصحاح والمحكم أشد ضفر رأسي قال النووي بفتح الضاد وإسكان الفاء هذا هو
131

المشهور المعروف في رواية الحديث والمستفيض عند المحدثين والفقهاء وغيرهم ومعناه أحكم فتل
132

شعري وقال الامام بن بري في الجزء الذي صنفه في لحن الفقهاء أنه لحن وصوابه ضم الضاد
133

والفاء جمع ضفيرة كسفينة وسفن وليس كما زعمه بل الصواب بجواز الامرين ولكل منهما معنى
134

صحيح ويترجح الأول لكونه المروي المسموع في الروايات الثابتة المتصلة أن امرأة سألت
135

النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من الحيض هي أسماء بنت شكل وقيل أسماء بنت يزيد بن
السكن فأخبرها كيف تغتسل لفظ مسلم فقال تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطهر فتحسن
الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليها الماء
ثم تأخذ فرصة الحديث ثم قال خذي فرصة بكسر الفاء وحكى بن سيده تثليثها وباسكان
الراء وإهمال الصاد قطعة من صوف أو قطن أو جلدة عليها صوف حكاه أبو عبيد وغيره وحكى
أبو داود في رواية أبي الا حوض قرصة بفتح القاف ووجهه المنذري فقال يعني شيئا يسيرا
مثل القرصة بطرف الإصبعين وقال بن قتيبة هي قرضة بضم القاف وبالضاد المعجمة قال وقوله من
مسك بفتح الميم والمراد قطعة جلد ووهى من قال بكسر الميم واحتج بأنهم كانوا في ضيق يمتنع
معه أن يمتهنوا المسك مع غلاء ثمنه وتبعه بن بطال وفي المشارق أن أكثر الروايات بفتح الميم
ورجح النووي الكسر وأن المقصود التطيب ودفع الرائحة الكريهة وما استبعده بن قتيبة من
136

امتهان المسك ليس ببعيد لما عرف من شأن أهل الحجاز من كثرة استعمال الطيب وقد يكون
المأمور به من يقدر عليه قال الحافظ بن حجر ويقوى ذلك ما في رواية عبد الرزاق حيث وقع
عنده من ذريرة وقلت تتبعين بها أثر الدم قال النووي المراد به عند العلماء الفرج وقال المحاملي
137

يستحب لها أن تطيب كل موضع أصابه الدم من بدنها قال ولم أره لغيره وظاهر الحديث حجة له
قال الحافظ بن حجر ويؤيده رواية الإسماعيلي فلما رأيته يستحى علمتها وقلت تبتغي بها مواضع
الدم زاد الدارمي وهو يسمع فلا ينكر وقيل الحكمة فيه كونه أسرع إلى الحبل وضعفه النووي
بأنه لو كان كذلك لاختصت به المزوجة وإطلاق الأحاديث يرده بالمنديل بكسر الميم
138

عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال ذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الرواة
على جعله من مسند بن عمر ومنهم من جعله من روايته عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم
قال الدارقطني في العلل والصحيح قول من قال عن بن عمر أن عمر سأل أنه تصيبه الجنابة
من الليل قال الشيخ ولي الدين العراقي أي في الليل كما في قوله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم
الجمعة قال ويحتمل أنها لابتداء الغاية في الزمان أي ابتداء إصابة الجنابة الليل توضأ واغسل
ذكرك ثم نم الجمهور على أنه أمر استحباب وقال طائفة بوجوبه وقال الطحاوي أنه منسوخ
وفي قوله ثم نم جناس مصحف محرف وقال الداودي وابن عبد البر فيه تقديم وتأخير أراد اغسل
ذكرك وتوضأ والواو لا ترتب وقد أخرجه المصنف في الكبرى وابن حبان من طريق بلفظ اغسل ذكر
ثم توضأ ثم ارقد وروى الطبراني عن ميمونة بنت سعد قالت قلت يا رسول الله هل يرقد الجنب قال ما أحب
ان يرقد حتى يتوضأ فإني أخشى أنه يتوفى فلا يحضره جبريل وهو تصريح بالحكمة فيه وروى بن أبي شيبة
عن عائشة رضي الله عنها قالت إذا أراد أحدكم أن يرقد وهو جنب فليتوضأ فإنه لا يدري
لعله تصاب نفسه في منامه وعن شداد بن أوس إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام
فليتوضأ فإنه نصف الجنابة وأشار بذلك إلى أن الوضوء يخفف حدث الجنابة فإنه يرفع الحدث
عن أعضاء الوضوء فقال ليس هذا غرض الحديث ولا المفهوم من جواب سؤال عمر
140

عن عبد الله بن مجي بضم النون وفتح الجيم وتحتية تابعي وهو أبوه لا تدخل الملائكة
بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب قال الخطابي المراد بالملائكة الذين ينزلون بالرحمة والبركة
لا الحفظة فإنهم لا يفارقون الجنب ولا غيره وقيل ولم يرد بالجنب من اصابته جنابة فأخر
الاغتسال إلى حضور الصلاة ولكنه الجنب الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لان النبي
صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ويطوف على نسائه بغسل واحد قال وأما الكلب فهو
أن يقتني لغير الصيد والزرع والماشية وحراسة الدور قال وأما الصورة فهي كل ما صور من
ذوات الأرواح سواء كان على جدار أو سقف أو ثوب انتهى قال النووي في شرح المهذب
وفي تخصيصه الجنب بالمتهاون والكلب الذي يحرم اقتناؤه نظر وهو محتمل وقال في شرح أبي
داود الأظهر أنه عام في كل كلب وأنهم يمنعون من الجميع لاطلاق الأحاديث ولان الجرو
الذي كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر فإنه لم يعلم به
ومع هذا امتنع جبريل عليه السلام من دخول البيت وعلل بالجرو فلو كان العذر في وجود
141

الكلب لا يمنعهم لم يمنعهم جبريل قال وقال العلماء سبب امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكل
النجاسات ولان بعضها يسمى شيطانا كما جاء به الحديث والملائكة ضد الشياطين ولقبح رائحة
الكلب والملائكة تكره الرائحة القبيحة ولأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول
الملائكة بيته وصلاتها فيه واستغفارها له وتبريكها في بيته ودفعها أذى الشيطان وسبب امتناعهم
عن بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى وبعضها في صورة ما يعبد
من دون الله تعالى قال وذكر الخطابي والقاضي عياض أن ذلك خاص بالصورة التي يحرم اتخاذها
دون الممتهنة كالتي في البساط والوسادة ونحوها قال والأظهر أنه عام في كل صورة وأنهم يمتنعون
من الجميع لاطلاق الحديث انتهى وقال الشيخ ولي الدين العراقي وأما امتناعهم من دخول البيت
الذي فيه جنب إن صحت الرواية فيه فيحتمل أن ذلك لامتناعه من قراءة القرآن وتقصيره بترك
المبادرة إلى امتثال الامر لكن في هذا نظر لأنه صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخر الاغتسال
وانعقد الاجماع على أنه لا يجب على الفور فالوجه ما قاله الخطابي وكذا قال صاحب النهاية أراد
بالجنب في هذا الحديث الذي يترك الاغتسال من الجنابة عادة فيكون أكثر أوقاته جنبا وهذا
يدل على قلة دينه وخبث باطنه وحمل جماعة من العلماء ذلك على ما إذا لم يتوضأ فبوب عليه النسائي
باب في الجنب إذا لم يتوضأ وبوب عليه البيهقي باب كراهة نوم الجنب من غير وضوء انتهى
أراد أحدكم أن يعود توضأ اختلف في المراد بالوضوء هنا فقيل غسل الفرج فقط مما به
142

من أذى قال عياض وهو قول جماعة من الفقهاء زاد القرطبي وأكثر أهل العلم قال ويستدل
على ذلك بأمرين أحدهما أنه ورد في رواية فليغسل فرجه مكان فليتوضأ والثاني أن الوطئ ليس
من قبيل ما شرع له الوضوء فإنه بأصل مشروعيته للقرب العبادات والوطئ ما به الملاذ والشهوات
وهو من جنس المباحات ولو كان ذلك مشروعا لأجل الوطئ لشرع في الوطئ المبتدأ فإنه من نوع
المعاد وإنما ذلك لما يتلطخ به الذكر من ماء الفرج والمنى فإنه مما يكره ويستثقل عادة وشرعا
وقيل المراد به غسل الوجه واليدين روى بن أبي شيبة عن بن عمر أنه كان إذا أتى أهله ثم أراد
أن يعود غسل وجهه وذراعيه وقيل المراد الوضوء الشرعي الكامل وعليه أصحابنا لان في رواية
بن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة وادعى الطحاوي أن هذا منسوخ وقال قد يجوز أن يكون
أمر بهذا في حال ما كان الجنب لا يستطيع ذكر الله حتى يتوضأ فؤمر بالوضوء ليسمى عند
جماعة ثم رخص لهم أن يتكلموا بذكر الله وهم جنب فارتفع ذلك ثم روي من حديث عائشة
رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ وينام ولا
يغتسل وقال فهذا ناسخ لذلك انتهى وفي رواية بن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي زيادة
143

فإنه أنشط للعود أي إلى الجماع وهو تصريح بالحكمة فيه كان يطوف على نسائه بغسل
واحد قال القرطبي هذا يحتمل أن يكون عند قدومه من سفر أو عند تمام الدوران عليهن
وابتداء دور آخر ويكون ذلك عن إذن صاحبه النوبة أو يكون ذلك مخصوصا به والا فوطئ
المرأة في نوبة ضرتها ممنوع منه عن عبد الله بن سلمة بكسر اللام هو المرادي روى له
الأربعة ولم يكن يحجبه عن القرآن شئ ليس الجنابة قال الزركشي في التخريج ليس هنا بمعنى غير
وقال البزار انها بمعنى الا ويؤيده رواية بن حبان الا الجنابة وفي رواية له ما خلا الجنابة
144

فحدت عنه أي ملت إن المسلم لا ينجس بفتح الجيم وضمها فأهوى إليه أي مال فانسل
145

أي ذهب في خفيه ناوليني الخمرة هي بضم الخاء المعجمة ما يصلى عليه الرجل من حصير ونحوه
ليست حيضتك في يدك قال الخطابي في إصلاح الألفاظ التي يصحفها الرواة أكثرهم يفتحون الحاء
146

وليس بجيد والصواب حيضتك مكسور الحاء للاسم أو الحال يريد ليست نجاسة المحيض وأذاه
في يدك فأما الحيضة فالمرة الواحدة من الحيض وأنكر عليه القاضي عياض وصوب الفتح لان
المراد الدم وهو الحيضة بالفتح بلا شك وقال النووي هو الظاهر وهو الصحيح المشهور في الرواية
لا ما قاله الخطابي في حجر إحدانا بفتح الحاء وكسرها قال في النهاية طرف الثوب المقدم
147

طامث بالمثلثة أي حائض وكذا عارك وكان يأخذ العرق بفتح العين وسكون الراء
العظم الذي أخذ عنه معظم اللحم وبقي عليه بقية من اللحم فأعترق يقال اعترقت العظم
148

وعرقته وتعرقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك بينما أنا مضطجعة بالرفع ويجوز النصب
في الخميلة هي القطيفة وكل ثوب له خمل من أي كان فأخذت ثياب حيضتي قال الحافظ
بن حجر روى بالفتح والكسر وجزم الخطابي بالكسر ورجحه النووي ورجح القرطبي الفتح لوروده
في بعض طرقه بلفظ حيضي بغير تاء ومعنى الفتح أخذت ثيابي التي ألبسها ومعنى الكسر أخذت
ثيابي التي أعددتها لألبسها حالة الحيض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفست قال
الخطابي هو بفتح النون وكسر الفاء لان معناه أحضت يقال نفست المرأة إذا حاضت ونفست
بضم النون من النفاس قال الحافظ بن حجر وهذا قول كثير من أهل اللغة لكن حكى أبو حاتم
عن الأصمعي أن يقال نفست المرأة في الحيض والولادة بضم النون فيهما قال وقد ثبت في روايتنا
بالوجهين فتح النون وضمها في الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد
150

عن حبيب مولى عروة هو تابعي روى عن أسماء بنت الصديق وليس له عند المصنف وأبي داود سوى
هذا الحديث وله عند مسلم حديث آخر عن بدية وكان الليث يقول ندبة الأول بضم الباء الموحدة
وفتح الدال المهملة والياء المشددة والثاني بفتح النون والدال بعدها باء موحدة ذكره عبد الحق
في الاحكام قال الدارقطني ندبة بفتح النون والدال فقال أهل اللغة هو ندبة الدال ساكن انتهى
151

وقال بن حزم في المحلى أبو داود يروى هذا الحديث عن الليث فقال ندبة بفتح النون والدال
ومعمر يرويه ويقول ندبة بضم النون واسكان الدال ويونس يقول بدية بالباء المضمومة والدال
المفتوحة والياء المشددة وحكى المزي في التهذيب قولا آخر أنها بدنة بفتح الباء الموحدة والدال
المهملة بعدها نون يباشر المرأة أي يستمتع في غير الفرج محتجزة به بالزاي أي شادة
له على حجزتها وهو وسطها وروى المصنف في الكبرى بلفظ محتجزته ولم يجامعوهن في البيوت
أي لم يخالطوهن فسألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله عز وجل ويسئلونك
عن المحيض روى بن جرير عن السدى أن الذي سأل أولا عن ذلك هو ثابت بن الدحداح
152

حتيه بالمثناة أي حكيه ثم أقرصيه بالصاد المهملة في النهاية القرص الدلك بأطراف
155

الأصابع والأظفار مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره كنت أغسل الجنابة أي أثر الجنابة
على حذف مضاف أو أطلق اسم الجنابة على المنى مجازا بقع بضم الموحدة وفتح القاف جمع
156

بقعة قال أهل اللغة البقع اختلاف اللونين عن أم قيس بنت محصن بكسر الميم واسكان الحاء
وفتح الصاد المهملتين قال بن عبد البر اسمها جذامة بالجيم والذال المعجمتين وقال السهيلي اسمها
آمنة وهي أخت عكاشة بن محصن الأسدي أنها أتت بابن لها صغير قال الحافظ بن حجر
لم أقف على تسميته ومات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير في حجره بفت الحاء
فبال على ثوبه أي ثوب النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ بن حجر وأغرب بن شعبان
من المالكية فقال المراد به ثوب الصبي والصواب الأول ولم يغسله قال الحافظ بن حجر
ادعى الأصيلي أن هذه الجملة مدرجة من كلام بن شهاب راوي الحديث وأن المرفوع انتهى
عند قوله فنضحه قال وكذلك روى معمر عن بن شهاب وكذا أخرجه بن أبي
157

شيبة قال فرشه لم يزد على ذلك حدثني أبو السمح قال أبو زرعة الرازي لا أعرف أسم
أبي السمح هذا ولا أعرف له غير هذا الحديث وقال الصغاني في العباب لم يوقف على اسمه
وفي الاستيعاب قيل اسمه إياد وحديثه هذا فرقه المصنف في موضعين ولفظه فيما رواه قال
كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أراد أن يغتسل قال ولني قفاك فأوليه قفاي فأستره به
فأتى حسن أو حسين فبال على صدره فجئت أغسله فقال يغسل من بول الجارية ويرش من بول
الغلام قال البزار لا يعلم حديث أبي السمح عن النبي صلى الله عليه وسلم الا بهذا الحديث وليس
له إسناد الا هذا ولا نحفظه الا من حديث عبد الرحمن بن مهدي إن أناسا من عكل في الحديث
الذي بعده من عرينة فزعم الداودي وابن التين أن عرينة هم عكل قال الحافظ بن حجر وهو
غلط بل هما قبيلتان متغايرتان عكل من عدنان وعرينة من قحطان وعكل بضم المهملة وإسكان
الكاف قبيلة من تيم الرباب وعرينة بالعين والراء المهملتين والنون مصغرا حي من قضاعة وحي
158

من بجيلة والمراد هنا الثاني كذا ذكره موسى بن عقبة في المغازي والبخاري في الطهارة من عكل
أو عرينة على الشك وفي المغازي من عكل وعرينة بواو العطف وهو الصواب ويؤيده ما رواه
أبو عوانة والطبري من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس قال كانوا أربعة من عرينة وثلاثة
من عكل ولا يخالف هذا ما عند البخاري في الجهاد وفي الديات عن أنس أن رهطا من عكل
ثمانية لاحتمال أن يكون الثامن من غير القبيلتين أو كان من أتباعهم فلم ينسب ذكر بن إسحاق
في المغازي أن قدومهم كان بعد غزوة ذي قرد وكانت في جمادي الآخرة سنة ست فأمر لهم
النبي صلى الله عليه وسلم بذود قال الحافظ بن حجر يحتمل أن تكون اللام زائدة أو للتعليل
أو لشبه الملك أو الاختصاص وليست للتمليك انتهى والذود بمعجمة أوله ومهملة آخره من الإبل
ما بين الثنتين إلى التسع وقيل ما بين الثلاث إلى العشر واللفظة مؤنثة ولا واحد لها من لفظها
كالنعم وقال أبو عبيد الذود من الإناث دون الذكور وراع اسمه يسار بتحتية ثم مهملة
خفيفة وذكر بن إسحاق في المغازي قال وكان غلاما للنبي صلى الله عليه وسلم أصابه في غزوة بني
ثعلبة فرآه يحسن الصلاة فأعتقه وبعثه في لقاح له بالحرة فكان بها ورواه الطبراني موصولا
159

من حديث سلمة بن الأكوع واستاقوا الذود من السوق وهو السير العنيف فبعث الطلب
في آثارهم لمسلم أن المبعوثين شباب من الأنصار قريب من عشرين رجلا وبعث معهم قائفا
يقتص آثارهم وللطبراني من حديث سلمة بن الأكوع بعث خيلا من المسلمين أميرهم كرز بن
جابر الفهري وفي مغازي الواقدي أن السرية كانت عشرين رجلا ولم يقل من الأنصار بل سمى
منهم جماعة من المهاجرين منهم بريدة بن الحصيب وسلمة بن الأكوع الأسلميان وجندب ورافع
بن مليب الجهنيان وأبو ذر وأبو رهم الغفاريان وبلال بن الحرث وعبد الله بن عمر وبن عوف
المزنيان وغيرهم وفي مغازي موسى بن عقبة أن أمير هذه السرية سعيد بن زيد وذكر غيره أنه
سعد بن زيد الأشهلي وهو أنصاري قال الحافظ أبن حجر فيحتمل أنه كان رأس الأنصار وكان
كرز أمير الجماعة فسمروا أعينهم بتخفيف الميم أي فكحلوها بمسامير محماة كما صرح به
في رواية البخاري فاجتووا المدينة قال بن فارس اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وان
كنت في نعمة وقيده الخطابي بما إذا تضرر بالإقامة وهو المناسب لهذه القصة وقال القزاز اجتووا
أي لم يوافقهم طعامها وقال بن العربي الجوى داء يأخذ من الوباء لقاح بلام مكسورة وقاف
160

وحاء مهملة النوق ذوات الألبان واحدها لقحة بكسر اللام وسكون القاف وقال أبو عمرو يقال
لها ذلك إلى ثلاثة أشهر ثم هي لبون له قال الحافظ بن حجر ظاهره أن اللقاح كانت ملكا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة قال والجمع بينهما أن إبل
الصدقة كانت ترعى خارج المدينة وصادف بعث النبي صلى الله عليه وسلم بلقاحه إلى المرعى
وطلب هؤلاء الخروج إلى الصحراء لشرب ألبان الإبل فأمرهم أن يخرجوا مع راعيه فخرجوا
معه إلى الإبل وذكر بن سعد أن عدد لقاح النبي صلى الله عليه وسلم كانت خمسة عشرة وانهم
نحروا منها واحدة يقال لها الحسناء وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها قال بن سيد الناس
ألبان الإبل وأبوالها تدخل في علاج بعض أنواع الاستسقاء لا سيما إبل البادية التي ترعى الشيح
والقيصوم وملا من قريش جلوس هم السبعة المدعو عليهم بعد بينة البزار في روايته
161

وقد نحر جزورا بفتح الجيم وهو البعير ذكرا كان أو أنثى الا أن اللفظة مؤنثة تقول هذه
الجزور وإن أردت ذكره قاله في النهاية فقال بعضهم هو أبو جهل بينه مسلم في روايته
الفرث بالمثلثة اللهم عليك بقريش أي باهلاك قريش ثلاث مرات زاد مسلم
وكان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سأل سأل ثلاثا اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وشيبة بن ربيعة
وعتبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط حتى عد سبعة الثلاثة الباقية الوليد بن عتبة بن ربيعة ولد
المسمى في رواية المصنف وأمية بن خلف وعمارة بن الوليد في قليب بفتح القاف آخره
162

باء موحدة وهي البئر التي لم تطو وقيل العادية القديمة التي لا يعرف صاحبها إذا صلى أحدكم
فلا يبزق بين يديه زاد في رواية البخاري فإن الله قبل وجهه قال بن عبد البر هو كلام خرج
على التعظيم لشأن القبلة ولا عن يمينه زاد البخاري فإن عن يمينه ملكا ولابن أبي شيبة فإن عن يمينه
كاتب الحسنات وللطبراني فإنه يقوم بين يدي الله تعالى وملك عن يمينه وقرينه عن يساره خرجنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال بن عبد البر يقال أنه كان في غزاة بني
المصطلق بالبيداء هي الشرف الذي قدام ذي الحليفة في طريق مكة أو ذات الجيش هي
163

على بريد من المدينة عقد بكسر العين المهملة كل ما يعقد ويطوق في العنق على التماسه
أي لأجل طلبه يطعن بيده بضم العين وكذا جميع ما هو حسي وأما المعنوي فيقال يطعن
بالفتح هذا هو المشهور فيهما وحكى الفتح فيهما معا والضم فيهما معا أسيد بن حضير بالتصغير
فيهما وحاء مهملة وضاد معجمه ومن النوادر ما في تاريخ الأندلس عن أصبغ بن خليل أنه كان
يقول إنما هو بالخاء المعجمة تصغير خضر فذكر ذلك لبعض العلماء فقال مسكين أصبغ يخطئ
164

ويفسر ما هي بأول بركتكم أي هي مسبوقة بغيرها من البركات يا آل أبي بكر المراد
بآله نفسه وآله وأتباعه فبعثنا البعير أي أثرناه الذي كنت عليه أي حالة السير على
أبي جهيم بالتصغير الحارث كذا قال طائفة أن اسمه الحارث وصحح أبو حاتم أن الحارث
اسم أبيه لا اسمه وأن اسمه عبد الله بن الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم من نحو بئر الجمل
أي من جهة الموضع الذي يعرف بذلك وهو معروف بالمدينة وهو بفتح الجيم والميم وفي رواية
البخاري بئر جمل ولقيه رجل وهو أبو جهيم الراوي بينه الشافعي في روايته حتى أقبل
165

على الجدار زاد الشافعي فحته بعصا من جزع بفتح الجيم وسكون الزاي الخرز اليماني واحده
جزعة ظفار هي مدينة باليمن مبنية على الكسر كقطام وروى أظفار بالهمزة وخطأه صاحب
167

النهاية أصابتني جنابة ولا ماء بفتح الهمزة أي معي موجود
171

أتتوضأ بتاءين مثناتين من فوق قال النووي وصحفه بعضهم بالنون من بئر بضاعة بضم
174

الموحدة وإعجام الضاد وفي الأشهر قيل هو اسم لصاحب البئر وقيل لموضعها
175

نرى إلا الحج بضم النون أي لا نظن فلما كنا بسرف بفتح المهملة
وكسر الراء وفاء موضع قريب من مكة بينهما نحو عشرة أميال وهو ممنوع الصرف
وقد يصرف هذا أمر كتبه الله على بنات آدم روى عبد الرزاق بسند صحيح
180

عن بن مسعود قال كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا فكانت المرأة تتشرف
للرجل فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد قال الراوي لا مخالفة بين هذا وبين حديث الباب
فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم فعلى هذا قوله على بنات آدم عام أريد به الخصوص قال
الحافظ بن حجر ويمكن الجمع مع القول بالتعميم بأن الذي ألقى على نساء بني إسرائيل طول مكثه
بهن عقوبة لهن لا ابتداء وجوده وقد روى بن جرير وغيره عن بن عباس في قوله تعالى في
قصة إبراهيم وامرأته قائمة فضحكت أي حاضت والقصة متقدمة على بني إسرائيل بلا ريب
وروى بن المنذر والحاكم بسند صحيح عن بن عباس أن ابتداء الحيض كان على حواء بعد ان
181

أهبطت من الجنة واستثفري هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحشى قطنا وتوثق
طرفيها في شئ تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم وهو مأخوذ من ثفر الدابة بالمثلثة الذي
182

يجعل تحت ذنبها فتمعر بعين مهملة أي تغير فبعث في آثارهما فردهما فسقاهما زاد
الدارقطني في العلل وقال لهما قولا اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك فإنهما بيدك لا يملكهما أحد
187

غيرك العواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت أو استحقت التزويج أو هي
الكريمة على أهلها أو التي عتقت عن الامتهان في الخروج للخدمة وذوات الخدور بضم الخاء
المعجمة والدال المهملة جمع خدر بكسرها وسكون الدال وهو ستر في ناحية البيت تقعد البكر
194

وراءه أبو المقدام ثابت الحداد عن عدي بن دينار ليس لهما في الكتب الستة سواي هذا
195

الحديث حكيه بضلع بكسر الضاد وفتح اللام قال في النهاية بعود والأصل فيه ضلع الحيوان
يسمى به العود الذي يشبهه وقد تسكن اللام تخفيفا وقال الأزهري في تهذيبه هكذا رواه الثقات
بكسر الضاد وفتح اللام فأخبرني المنذري عن ثعلب عن بن الاعرابي أنه قال الضلع العود هنا
قال الأزهري أصل الضلع ضلع الجنب وقيل للعود الذي فيه عرض واعوجاج ضلع تشبيها به
وذكر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في الامام أنه وجده بخطه في روايته من جهة بن حياة عن
النسائي بصلع بالصاد المهملة وفي الحاشية الصلح بالصاد المهملة الحجر قال وقع في موقع بالضاد
المعجمة ولعله تصحيف لأنه لا معنى يقتضي تصحيف الضلع وأما الحجر فيحتمل أن يحمل
ذكوه على غلبة الوجود واستعماله في الحك انتهى قال الشيخ ولي الدين العراقي وفيما قاله نظر فإنه
خلاف المعروف في الرواية والمضبوط في الأصول ثم بن حجر يقال له الصلع بضم الصاد
وتشديد اللام المفتوحة كما ذكره الأزهري والجوهري وابن سيدة وضبطه بن سيد الناس في شرح
الترمذي بفتح الصاد المهملة واسكان اللام قال وهو عندهم الحجر قال الشيخ ولي الدين ولم أجد
له سلفا في هذا الضبط انتهى وذكر عبد الحق في الاحكام هذا الحديث وقال الأحاديث
الصحاح ليس فيها ذكر الضلع والسدر قال بن القطان وذلك غير قادح في صحة هذا الحديث
فإنه في غاية الصحة ولا نعلمه روى بغير هذا الاسناد ولا على غير هذا الوجه فلا اضطراب
196

في سنده ولا في متنه ولا نعلم له علة انتهى يغتسل بالبراز بفتح الباء الموحدة وهو الفضاء
الواسع حيي ستير بوزن رحيم قال في النهاية فعيل بمعنى فاعل أي من شأنه وإرادته حب
200

الستر والصون خر عليه سقط من علو
201

دعا بشئ نحو الحلاب بكسر الحاء المهملة اناء يحلب فيه الغنم كالمحلب سواء قاله أصحاب المعاني
206

فيما نقله الأزهري قال يعنون أنه كان يغتسل في ذلك الحلاب أي يضع فيه الماء الذي يغتسل منه
207

وصحفه بعضهم بالجيم ينضخ طيبا قال في النهاية أي يفوح روى بالحاء المهملة وبالخاء المعجمة
وقيل بالمعجمة أكثر من الذي بالمهملة وقيل عكسه وقيل هو بالمعجمة ما فعل تعمدا وبالمهملة
من غير تعمد وقيل بالمعجمة ما ثخن من الطيب وبالمهملة ما رق كالماء وقيل هما سواء حدثنا
هشيم حدثنا سيار عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال الحافظ بن حجر مدار حديث
جابر هذا على هشيم بهذا الاسناد وله شواهد من حديث بن عباس وأبي موسى وأبي ذر وابن
عمر رضي الله عنهم ورواها كلها أحمد بأسانيد جياد ويزيد هو بن صهيب لقب الفقير لأنه
209

شكى فقار ظهره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا بين في رواية بن عمر
أن ذلك كان في غزوة تبوك لم يعطهن أحد زاد البخاري من الأنبياء قبلي زاد في حديث
بن عباس لا أقولهن فخرا قال الحافظ بن حجر ومفهومه أنه لم يخص بغير الخمس لكن ورد في
حديث آخر فضلت على الأنبياء بست ووردت أحاديث أخر بخصائص أخرى وطريق الجمع
أن يقال لعله أطلع أولا على بعض ما اختص به ثم اطلع على الباقي ومن لا يرى مفهوم العدد
حجة يدفع هذا الاشكال من أصله ثم تتبع الحافظ من الأحاديث خصالا فبلغت اثنتي عشرة
خصلة ثم قال ويمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع ونقل عن أبي سعيد النيسابوري
أنه قال في كتاب شرف المصطفى أن الخصائص التي فضل بها النبي صلى الله عليه وسلم على
الأنبياء ستون خصلة قلت وقد دعاني ذلك لما ألفت التعليق الذي على البخاري في سنة بضع
وسبعين وثمانمائة إلى تتبعها فوجدت في ذلك شيئا كثيرا في الأحاديث والآثار وكتب التفسير
وشروح الحديث والفقه والأصول والتصوف فأفردتها في مؤلف سميته أنموذج اللبيب في
خصائص الحبيب وقسمتها قسمين ما خص به عن الأنبياء وما خص به عن الأمة وزادت عدة
القسمين على ألف خصيصة وسار المؤلف المذكور إلى أقاصي المغارب والمشارق واستفادة كل
عالم وفاضل وسرق منه كل مدع وسارق نصرت بالرعب زاد أبو أمامة يقذف في قلوب
210

أعدائي وأعطيت الشفاعة قال بن دقيق العيد الأقرب أن اللام فيها للعهد والمراد الشافعة
العظمى في إراحة الناس من هول الموقف ولذا جزم به النووي وغيره وقيل الشفاعة التي
اختص بها أنه لا يرد فيما يسأل وقيل الشفاعة في خروج من في قلبه مثقال ذرة من ايمان قال
الحافظ بن حجر والذي يظهر لي أن هذه مراده مع الأولى وقد وقع في حديث بن عباس
وأعطيت الشفاعة فأخرتها لامتي فهي لمن لا يشرك بالله شيئا وفي حديث بن عمر فهي لكم ولمن
يشهد أن لا إله إلا الله فالظاهر أن المراد بالشفاعة المختصة به في هذا الحديث إخراج من ليس
له عمل صالح الا التوحيد وهو مختص أيضا بالشفاعة الأولى لكن جاء التنويه بذكر هذه لأنها
غاية المطلوب من تلك لاقتضائها الراحة المستمرة وجعلت لي الأرض مسجدا زاد في رواية
بن عمر وكان من قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم قال الخطابي من قبلنا إنما أبيحت لهم
الصلوات في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع وطهروا في رواية مسلم وجعلت لنا
الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا وبعثت إلى الناس كافة وكان النبي يبعث إلى
قومه خاصة قال الحافظ بن حجر لا يعترض بان نوحا كان مبعوثا إلى أهل الأرض بعد
211

مثل سهم جمع قال في النهاية أي له سهم من الخير جمع فيه حظان والجيم مفتوحة وقيل أراد
بالجمع الجيش أي سهم الجيش من الغنيمة وقال غيره سئل بن وهب ما تفسير جمع قال يعني أنه
له أجر الصلاة مرتين ولم يرد جمع الناس بالمزدلفة ويؤيد هذا التفسير ما روى عن المنذر بن
الزبير أنه قال في قصة له أن لفاطمة ابنتي بغلتي الشهباء وعشرة آلاف درهم ولابني محمد سهم جمع
213

فقال نصيب رجلين
214

إذا أفضى قال الفقهاء الافضاء لغة المس ببطن الكف
216

كتاب الصلاة
فأتيت بطست بفتح الطاء وكسرها ملئ قال الكرماني ذكر على معنى الاناء والطست
مؤنثة حكمة وإيمانا منصوبان على التمييز قال الكرماني وأما جعل الايمان والحكمة في
217

الاناء وافراغهما مع أنهما معنيان وهذه صفة الأجسام فمعناه أن الطست كان فيه شئ يحصل به
كمال الايمان والحكمة زيادتهما فسمى حكمة وايمانا لكونه سببا لهما وهذا من
أحسن المجازات أو أنه من باب التمثيل أو تمثل له صلى الله عليه وسلم المعاني كما تمثل له أرواح
الأنبياء الدارجة بالصور التي كانوا عليها إلى مراق البطن قال في النهاية هي ما سفل من
البطن فما تحته من المواضع التي ترق جلودها واحدها مرق قاله الهروي وقال الجوهري لا واحد
218

لها لم يعودوا آخر ما عليهم قال صاحب المطالع بنصب آخر على الظرف ورفعه على تقدير
219

ذلك آخر ما عليهم من دخوله قال والرفع أوجه هن خمس وهن خمسون المراد هن خمس
221

عددا باعتبار الفعل وخمسون اعتدادا باعتبار الثواب ببيت لحم بالحاء المهملة
222

فعرفت أنها من الله صرى قال في النهاية أي حتم واجبة وعزيمة وجد وقيل هي مشتقة من صر إذا قطع
223

وقيل هي مشتقة من أصررت الشئ إذ 1 ا لزمته فغن كان من هذا فهو بالصاد والراء المشددة وقال
أبو موسى أنه صرى بوزن جنى وصرى العزم أي ثابته ومستقره وقال بن فارس الاصرار
الثبات على الشئ والعزم عليه يقال هذه يمين صرى أي جد المقحمات أي الذنوب العظام التي
تقحم أصحابها في النار أي تلقيهم فيها حشوته بالضم والكسر الأمعاء
224

فرضت الصلاة ركعتين ركعتين زاد أحمد في مسنده الا المغرب فإنها كانت ثلاثا قال الكرماني فإن قلت
لم انتصب ركعتين قلت بالحالية فإن قلت ما حكم لفظ ركعتين الثاني قلت هو تكرار اللفظ الأول
225

وهما بالحقيقة عبارة عن كلمة واحدة نحو مثنى وذلك كالحلو الحامض القائم مقام المز فأقرت
صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر في رواية بن خزيمة وابن حبان فلما قدم رسول الله
226

صلى الله عليه وسلم المدينة زيد في صلاة الحضر ركعتان تركت صلاة الفجر لطول
القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار جاء رجل قيل هو ضمام بن ثعلبة ثائر الرأس
بالرفع على الصفة وبالنصب على الحال منتشر الشعر نسمع بالنون المفتوحة وبالياء المثناة
التحتية المضمومة لما لم يسم فاعله وكذا ولا يفهم دوى بفتح الدال وحكى ضمها شدة
الصوت وبعده في الهواء فإذا هو إذ للفجاءة ويجوز في يسأل الخبرية والحالية عن
الاسلام أي عن شرائعه خمس صلوات مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الا
أن تطوع يريد بتشديد الطاء وتخفيفها وأصله تتطوع فمن شدد أدغم إحدى التاءين في الطاء
لقرب المخرج ومن خفف حذف إحدى التاءين اختصارا لتخف الكلمة قال النووي هو استثناء
227

منقطع معناه لكن يستحب لك أن تطوع فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا
ولا أنقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق قال الزركشي في التنقيح
فيه ثلاثة أقوال أحدها أنه أخبر بفلاحه ثم أعقبه بالشرط المتأخر لينبه على أن سبب فلاحه
صدقه الثاني أنه فعل ماض أريد به مستقبل الثالث أنه تقدم على حرف الشرط والنية به التأخير
كما أن النية بقوله إن صدق التقديم والتقدير إن صدق أفلح وقال النووي قيل هذا الفلاح راجع
إلى قوله لا أنقص خاصة والأظهر أنه عائد إلى المجموع يعني إذا لم يزد ولم ينقص كان مفلحا
لأنه أتى بما عليه ومن أتى بما عليه فهو مفلح وليس في هذا أنه إذا أتى بزائد لا يكون مفلحا
لان هذا مما يعرف بالضرورة فإنه إذا أفلح بالواجب فلان يفلح بالواجب والمندوب أولى
قال القرطبي قيل معناه لا أغير الفروض المذكورة بزيادة فيها ولا نقصان منها وقال بن المنير
يحتمل أن تكون الزيادة والنقص يتعلق بالابلاغ لأنه كان وافد قومه ليتعلم ويعلمهم وقال الطيبي
يحتمل أن يكون هذا الكلام صدر منه على طريق المبالغة في التصديق والقبول أي قبلت كلامك
قبولا لا مزيد عليه من جهة السؤال ولا نقصان فيه من طريق القبول قال الحافظ بن حجر
وهذه الاحتمالات الثلاثة مردودة برواية لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله على شيئا
رواها البخاري في الصيام قال فان قيل فكيف أقره على حلفه وقد ورد النكير على من
حلف أن لا يفعل خيرا أجيب بأن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص وهذا جار على
228

الأصل أنه لا اثم على تارك غير الفرائض فهو مفلح وإن كان غيره أكثر فلاحا منه
229

أرأيتم أي أخبروني لو أن نهرا بفتح الهاء وسكونها من درنه بفتح الدال المهملة والراء
ونون أي وسخه أن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر قال الحافظ هو توبيخ
231

لتارك الصلاة وتحذير له من كفر أي سيؤديه ذلك إليه إذا تهاون بالصلاة وقال البيهقي في شعب
232

الايمان يحتمل أن يكون المراد بهذا الكفر كفرا يبيح الدم لا كفرا يرده إلى ما كان عليه
في الابتداء وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل اقامتها من أسباب حقن الدم
وقال في النهاية قيل هو لمن تركها جاحدا وقيل أراد المنافقين لأنهم يصلون رياء ولا سبيل
عليهم حينئذ ولو تركوها في الظاهر كفروا وقيل أراد بالترك تركها مع الاقرار بوجوبها أو حتى
يخرج وقتها ولذلك ذهب أحمد بن حنبل إلى أنه يكفر بذلك حملا للحديث على الظاهر أن
أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته لا ينافي حديث ان أول ما يقضى بين الناس يوم
القيامة في الدماء لان ذاك بالنسبة إلى مظالم العباد وهذا في حقوق الله تعالى وإن كان
انتقص منها شئ قال انظروا هل تجدون له من تطوع يكمل له ما ضيع من فريضة من تطوعه
ثم سائر الأعمال تجرى على حسب ذلك قال بن العربي يحتمل أن يكمل له ما نقص من فرض
الصلاة وأعدادها بفضل التطوع ويحتمل ما نقصه من الخشوع قال والأول أظهر لقوله وسائر الأعمال
كذلك وليس في الزكاة الافرض أو فضل فلما تكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك
الصلاة وفضل الله تعالى أوسع ووعده أنفذ وكرمه أعم وأتم وفي أمالي الشيخ عز الدين بن
عبد السلام قال البيهقي ان النوافل من الصلوات يوم القيامة تكمل بها الفرائض المعني بذلك أنها
233

تجبر السنن التي في الصلوات ولا يمكن أن يعدل شئ من السنن واجبا أبدا إذ يدل له قوله صلى
الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى ما تقرب إلى أحد بمثل أداء ما افترضت عليه ففضل الفرض
على النفل سواء قل أو كثر قال الشيخ عز الدين ولا شك أن هذا وإن كان يعضده الظاهر الا
أنه يشكل من جهة أن الثواب والعقاب مرتبان على حسب المصالح والمفاسد ولا يمكننا
أن نقول أن ثمن درهم من الزكاة الواجبة تربو مصلحته ألف درهم تطوع وأن قيام
234

الدهر كله لا يعدل ركعتي الصبح هذا على خلاف قواعد الشريعة بالهاجرة هي اشتداد
الحر نصف النهار عنزة هي نصف الرمح أو أكبر شيئا وفيها سنان الرمح
235

فآذني بالمد أي أعلمني من ترك صلاة العصر حبط عمله أي بطل قال بن عبد السلام المراد بهذا
236

تعظيم المعصية لا حقيقة اللفظ ويكون من مجاز التشبيه من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله
قال القرطبي روى بالنصب على أن وتر بمعنى سلب وهو يتعدى إلى مفعولين وبالرفع على
238

أنه بمعنى أخذ فيكون أهله هو المفعول الذي لم يسم فاعله يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة
بالنهار أي تأتي طائفة عقب طائفة ثم تعود الأولى عقب الثانية فقال بن عبد البر وإنما يكون
التعاقب بين طائفتين أو رجلين بأن يأتي هذا مرة ويعقبه هذا وضمير فيكم للمصلين أو لمطلق
المؤمنين والواو في يتعاقبون علامة الفاعل المذكور الجمع على لغة أكلوني البراغيث جزم به جماعة
من الشراح ووافقهم بن مالك والرضى وتعقبة أبو حيان بأن الطريق اختصرها الراوي فقد
رواه البزار بلفظ ان لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار والمراد بهم
الحفظة نقله عياض وغيره عن الجمهور وتردد بن برزة وقال القرطبي الأظهر عندي أنهم غيرهم
240

قال الحافظ بن حجر ويقويه أنه لم ينقل أن الحفظة يفارقون العبد ولا أن حفظه الليل غير
حفظة النهار ثم يعرج الذين باتوا فيكم في رواية الذين كانوا وهي أوضح لشمولها لملائكة
الليل والنهار وفي الأولى استعمال لفظ بات في الإقامة مجازا تفضل صلاة الجمع على صلاة
أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا قال القرطبي في حديث بن عمر رضي الله عنه بسبع
241

وعشرين درجة فقيل الدرجة أصغر من الجزء فكان الخمس والعشرين إذا جزئت درجات كانت
سبعا وعشرين وقيل يحمل على أن الله تعالى كتب فيها أنها أفضل بخمسة وعشرين جزءا ثم تفضل
بزيادة درجتين وقيل أن هذا بحسب أحوال المصلين فمن حافظ على أحوال الجماعة واشتدت عنايته
بذلك كان ثوابه سبعا وعشرين ومن نقص عن ذلك كان ثوابه خمسا وعشرين وقيل إنه راجع
إلى أعيان الصلاة فيكون في بعضها سبعا وعشرين وفي بعضها خمسا وعشرين انتهى زاد بن
سيد الناس ثم قيل بعد ذلك يحتمل أن يختلف باختلاف الأماكن بالمسجد وغيره قال وهل
هذه الدرجات أو الاجزاء بمعنى الصلوات فيكون صلاة الجماعة بمثابة خمس وعشرين أو سبع
وعشرين صلاة أو يقال أن لفظ الدرجة والجزء لا يلزم منهما أن يكونا بمقدار الصلاة الظاهر
الأول ففي حديث لأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الجماعة تعدل خمسا
وعشرين صلاة من صلاة الفذ رواه السراج وفي لف له صلاة مع الامام أفضل من خمسة
وعشرين صلاة يصليها وحده اسنادهما صحيح وفي حديث بن مسعود بخمس وعشرين صلاة
انتهى وقال الترمذي عامة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بخمس وعشرين الا
بن عمر رضي الله عنه فإنه قال بسبع وعشرين صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت
المقدس قال النووي اختلف أصحابنا وغيرهم من العلماء في أن استقبال بيت المقدس كان
ثابتا بالقرآن أم باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فحكى الماوردي في الحاوي في ذلك وجهين
242

لأصحابنا قال عياض الذي ذهب إليه أكثر العلماء أنه كان بسنة لا بقرآن وقوله بيت
المقدس فيه لغتان مشهورتان أحدهما فتح ميم وسكون القاف وكسر الدال المخففة والثانية
ضم الميم وفتح القاف والدال المشددة قال الواحدي أما من شدده فمعناه المطهر وأما من خففه
فقال أبو علي الفارسي لا يخلو إما أن يكون مصدرا أو مكانا فإن كان مصدرا كان كقوله تعالى إليه
مرجعكم ونحوه من المصادر وإن كان مكانا فمعناه بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة أو بيت
مكان الطهارة وتطهيره اخلاؤه من الآثام وابعاده منها وقال الزجاج البيت المقدس والمطهر
243

وبيت المقدس أي المكان الذي يطهر فيه من الذنوب بينما الناس بقباء قال النووي هو بالمد
ومصروف ومذكر وقيل مقصور وغير مصروف ومؤنث موضع بقرب المدينة معروف
244

وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها قال النووي روى فاستقبلوها بكسر الباء وفتحها
والكسر أصح واشهر وهو الذي يقتضيه تمام الكلام بعده فقال له عروة أما ان جبريل
عليه السلام قد نزل فصلى امام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن مالك أما حرف
245

استفتاح بمنزلة ألا ولا اشكال في فتح همزة امام بل في كسرها لان إضافة امام معرفة والموضع
246

موضع الحال فيوجب جعله نكرة بالتأويل كغيره من المعارف الواقعة أحوالا كارسلها العراك
عن خباب بمعجمة وموحدتين شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء
هي الرمل فلم يشكنا قال في النهاية أي شكونا إليه حر الشمس وما يصيب أقدامهم منه إذا
خرجوا إلى صلاة الظهر وسألوه تأخيرها قليلا فلم يشكهم أي لم يجبهم إلى ذلك ولم يزل شكواهم
يقال أشكيت الرجل إذا أزلت شكواه وإذا حملته على الشكوى قال وهذا الحديث يذكر في
مواقيت الصلاة لأجل قول أبي إسحاق رواية قيل لأبي إسحاق في تعجيلها قال نعم والفقهاء
يذكرونه في السجود فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباهم في السجود من شدة
الجر فنهوا عن ذلك وانهم لما شكوا إليه ما يجدون من ذلك لم يفسح لهم أن يسجدوا على
أطراف ثيابهم وقال القرطبي يحتمل أن يكون هذا منه صلى الله عليه وسلم قبل أن
يؤمر بالابراد ويحتمل أنهم طلبوا زيادة تأخير الظهر على وقت الابراد فلم يجبهم إلى ذلك
وقد قال ثعلب في قوله فلم يشكنا أي لم يحوجنا إلى الشكوى ورخص لنا في الابراد حكاه عنه
247

القاضي أبو الفرج وعلى هذا يكون الأحاديث كلها متواردة على معنى واحد فأبردوا عن
الصلاة قال القاضي عن بمعنى الباء كما في الرواية الأخرى بالصلاة وقيل زائدة أي أبردوا الصلاة
يقال أبرد الرجل كذا إذا فعله في برد النهار فإن شدة الحر من فيح جهنم أي شدة غليانها
والجمهور حملوه على ظاهره وقيل أنه خرج مخرج التشبيه التقريب أ كأنه نار جهنم في الحر
249

كان قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام
وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام قال في النهاية هي قدم كل انسان على قدر قامته وهذا
أمر يختلف باختلاف الأقاليم والبلاد لان سبب طول الظل وقصره هو انحطاط الشمس
وارتفاعها إلى سمت الرأس فكلما كانت أعلى والى محاذاة الرأس في مجراها أقرب كان الظل أقصر
وينعكس ولذلك ترى ظل الشتاء في البلاد الشمالية أبدا أطول من ظل الصيف في كل موضع
منها وكانت صلاته عليه الصلاة والسلام بمكة والمدينة وهما من الإقليم الثاني ويذكر أن الظل
فيهما عند الاعتدال في اذار وأيلول ثلاثة أقدام وبعض قدم فيشبه أن يكون صلاته إذا اشتد
الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله إلى أن يصير الظل خمسة أقدام أو خمسة وشيئا ويكون في
الشتاء أول الوقت خمسة أقدام وآخره سبعة أو سبعة وشيئا فينزل هذا الحديث على هذا التقدير
251

في ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم بسم الله الرحمن الرحيم لم يظهر الفئ قيل معناه لم يزل وقيل لم يعل السطح
من قوله تعالى ومعارج عليها يظهرون إلى قباء الأفصح فيه المد والتذكير والصرف
252

وهو على نحو ثلاثة أميال من المدينة حية قال الخطابي وغيره حياتها وجود حرها وصفاء
253

لونها قبل أن يصفر ويتغير أي مرتفعة والتحليق الارتفاع ومنه حلق الطائر في كبد السماء
أي صعد وحكى الأزهري عن شمر قال تحليق الشمس من أول النهار ارتفاعها ومن آخره انحدارها
تلك صلاة المنافق جلس يرقب العصر حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قيل هو على حقيقته
وظاهره والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها وكذا عند طلوعها لان الكفار يسجدون لها
حينئذ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له وقيل هو على المجاز والمراد بقرنيه
علوه وارتفاعه وسلطانه وغلبة أعوانه وسجود مطيعيه من الكفار للشمس وقال الخطابي هو
تمثيل ومعناه أن تأخيرها تزيين الشيطان ومدافعته بهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما
تدفعه قام فنقر أربعا المراد بالنقر سرعة الحركات كنقر الطائر
254

الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله قال النووي روى بنصب اللامين ورفعهما والنصب
هو الصحيح الذي عليه الجمهور على أنه مفعول ثان ومن رفع فعلى ما لم يسم فاعله ومعناه أنزع منه أهله وماله
وهذا تفسير مالك بن أنس وأما على رواية النصب فقال الخطابي وغيره معناه نقص هو أهله
وماله وسلبهم فبقي بلا أهل ولا مال فليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله وماله وقال بن
عبد البر معناه عند أهل اللغة والفقه أنه كالذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترا والوتر
255

الجناية التي يطلب ثأرها فيجتمع عليه غمان غم المصيبة وغم مقاساة طلب الثأر حاجب الشمس قيل
هو طرف قرص الشمس الذي يبدو عند الطلوع ويغيب عند الغروب وقيل النيازك التي تبدو إذا كان
طلوعها وفي الصحاح حواجب الشمس نواحيها ثم أبرد بالظهر وأنعم قال في النهاية أي أطال الا براد
258

وأخر الصلاة ومنه قولهم أنعم الفكر في الشئ إذا أطال التفكر فيه أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن خالد
بن نعيم الحضرمي عن بن جبيرة قال الحافظ زكي الدين المنذري هكذا في الأصل وهو خطأ في الاسمين
والصواب خير بن نعيم عن أبي هبيرة وهو عبد الله بن هبيرة السبائي قال وقد ذكرهما على الصحة
أبو القاسم بن عساكر في الأطراف بالمخمص بميم مضمومة وخاء معجمة ثم ميم مفتوحتين موضع
259

معروف ما لم يسقط ثور الشفق بالمثلثة أي انتشاره وثوران حمرته من ثار الشئ يثور إذا انتشر
260

وارتفع وكان الفئ هو الظل بعد الزوال قدر الشراك قال في النهاية هو أحد سيور النعل
التي تكون على وجهها وقدره هنا ليس على معنى التحديد ولكن زوال الشمس لا يبين الا بأقل
ما يرى من الظل وكان حينئذ بمكة هذا القدر والظل يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة
وإنما يتبين ذلك في مثل مكة من البلاد التي يقل فيها الظل فإذا كان أطول النهار واستوت الشمس
فوق الكعبة لم ير لشئ من جوانبها ظل فكل بلد يكون أقرب إلى خط الاستواء ومعدل النهار
261

يكون الظل فيه أقصر وكلما بعد عنهما إلى جهة الشمال يكون الظل فيه أطول العنق بفتح المهملة
والنون وقاف سير سريع رضي الله تعالى عنها تدحض الشمس أي تزول عن وسط السماء إلى جهة المغرب كأنها
262

دحضت أي زلقت سطع الفجر أي ارتفع
263

إذا وجبت الشمس أي سقطت
264

وبيص خاتمه هو البريق وزنا ومعنى
268

لو يعلم الناس قال الطيبي وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم
ما في النداء أي الاذان وروى بهذا اللفظ عند السراج والصف الأول زاد
أبو الشيخ في روايته من الخير والبركة قال القرطبي اختلف في الصف الأول هل هو الذي
يلي الامام أو هو المبكر والصحيح الأول ثم لم يجدوا الا أن يستهموا عليه أي على
ما ذكر من الامرين والاستهام الاقتراع ولو يعلم الناس ما في التهجير أي التبكير إلى
الصلوات قال الهروي وحمله الخليل وغيره على ظاهره وقالوا المراد الاتيان إلى صلاة الظهر
في أول الوقت لان التهجير مشتق من الهاجرة وهي شدة الحر نصف النهار وهو أول وقت الظهر
لاستبقوا إليه قال بن أبي جمرة المراد الاستباق معنى لا حسا لان المسابقة على الاقدام
269

حسا مقتضي السرعة في المشي وهو ممنوع منه لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها
العشاء قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام المعنى فيه أن العادة أن العظماء إذا سموا شيئا باسم
فلا يليق العدول عنه إلى غيره لان ذلك تنقيص لهم ورغبة عن صنيعهم وترجيح لغيره عليه
وذلك لا يليق والله سبحانه تعالى سماها في كتابه العشاء في قوله ومن بعد صلاة العشاء فيقبح
270

بعد تسمية ذي الجلال والاكرام العدول إلى غيره متلفعات بعين مهملة والتلفع هو
التلفف الا أن فيه زيادة تغطية الرأس فكل متلفع متلفف وليس كل متلفف متلفعا بمروطهن جمع
مرط وهو الكساء وأكثر ما يستعمل للنساء وقال بن فارس هي ملحفة يؤتزر بها والأول أشهر وقيل
271

المرط كساء صوف مربع سداه شعر أسفروا بالفجر قال في النهاية أسفر الصبح إذا انكشف وأضاء
قالوا يحتمل أنهم حين أمرهم بتغليس صلاة الفجر في أول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأول حرصا
ورغبة فقال أسفروا بها أي أخروها إلى أن يطلع الفجر الثاني ويتحقق ويقوى ذلك أنه قال لبلال
نور بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم وقيل أن الامر بالاسفار خاص بالليالي المقمرة لان أول الصبح
272

لا يتبين فيها فأمروا بالاسفار احتياطا ويصلي الصبح إلى أن ينفسح البصر أي يتسع
273

ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا
قال القرطبي روى بأو وبالواو وهي الأظهر ويكون مراد النهي الصلاة على الجنازة والدفن
لأنه إنما يكون أثر الصلاة عليها وأما رواية أو ففيها إشكال الا إذا قلنا إن أو تكون بمعنى
الواو كما قاله الكوفي قائم الظهيرة هي شدة الحر وقائم الظهيرة قائم الظل الذي لا يزيد
275

ولا ينقص في رأي العين وذلك يكون منتصف النهار حين استواء الشمس وقال في النهاية أي
قيام الشمس وقت الزوال من قولهم قامت به دابته أي وقفت والمعنى أن الشمس إذا
بلغت وسط السماء أبطأت حركة الظل إلى أن تزول فيحسب الناظر أنها قد وقفت
وهي سائرة لكن شيئا لا يظهر له أثر سريع كما يظهر قبل الزوال بعده فيقال لذلك الوقوف
المشاهد قام قائم الظهيرة تضيف الشمس أي تميل يقال ضافت تضيف إذا مالت
276

تبزغ أي تطلع
278

محضورة مشهودة أي تحضرها ملائكة الليل والنهار وتشهدها قيد رمح أي قدره
وتسجر أي توقد قال الخطابي قوله تسجر جهنم وبين قرني الشيطان وأمثالها من
الألفاظ الشرعية التي أكثرها يتفرد الشارع بمعانيها يجب علينا التصديق بها والوقوف
280

عند الاقرار بصحتها والعمل بمؤداها قالت عائشة رضي الله عنها ما ترك رسول الله
صلى الله عليه وسلم السجدتين بعد العصر عندي قط قال القرطبي يعني من الوقت الذي شغل
281

عن الركعتين بعد الظهر فقضاهما بعد العصر ثم أنه داوم عليهما فأخبرت هنا عن الدوام والا فقبل
هذا لم يكن يصليهما بعد العصر كأنها حجفة أي ترس
283

وفحمة العشاء هي إقبال الليل وأول سواده
287

إذا جد به السير أي إذا اهتم به وأسرع فيه وقال جد يجد ويجد بالضم والكسر وجد به
288

الامر وأجد الامر وجد فيه إذا اجتهد أو حزبه أمر أي نزل به مهم
289

الا بجمع هي مزدلفة فقلت له الصلاة قال أبو البقاء الوجه النصب على تقدير أتريد الصلاة أو
292

أتصلي الصلاة أو يغفل بضم الفاء
294

عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ناموا عن الصلاة حتى طلعت
الشمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فليصلها أحدكم من الغد لوقتها قال بن سيد
الناس روى أنهم قالوا يا رسول الله أنقضيها لميقاتها من الغد قال أينهاكم الله عن الربا
ويقبله منكم والجمع أن ضمير فليصلها راجع إلى صلاة الغد أي فليؤد ما عليه من الصلاة
295

مثل ما يفعل كل يوم بلا زيادة عليها فتتفق الألفاظ كلها على معنى واحد لا يجوز غيره يونس
عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
نسي صلاة الحديث روى أبو أحمد الحاكم في مجلس من العالية من طريق معمر عن بن شهاب
عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به نام حتى طلعت
الشمس فصلى وقال من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها حين ذكرها ثم قرأ أقم الصلاة لذكري
قال الشيخ ولي الدين العراقي في مجموع له ومن خطه نقلت إسناده صحيح قال ويحسن أن يكون
جوابا عن المشهور وهو لم يقع بيان جبريل الا في الظهر وقد فرضت الصلاة بالليل فيقال كان
النبي صلى الله عليه وسلم نائما وقت الصبح والنائم ليس بمكلف قال وهذه فائدة جليلة قلت وقد
أخذت هذا منه على ظاهره وذكرته في كتاب أسباب الحديث ثم خطر لي أنه ليس المراد بقوله
ليلة أسري به الاسراء الذي هو المعراج بل ليلة أسرى في السفر ونام هو ومن معه حتى طلعت
الشمس فإن هذا الحديث معروف بذكره في هذه القصة وقد أورده المصنف من حديث أبي قتادة
وفي حديث بريد بن أبي مريم عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأسرينا
ليلة فلما كان في وجه الصبح نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام ونام الناس فلم يستيقظ
الا بالشمس الحديث فهذا هو المراد بالاسراء وبريد بموحدة وراء مصغر فإن الله تعالى يقول
296

أقم الصلاة للذكرى قلت للزهري هكذا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم هذه القراءة
بلامين وفتح الراء مقصور مصدر بمعنى التذكر أي لوقت تذكرها وليست في السبع
297

عصابة بكسر العين الجماعة من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها ويجمع على عصائب
من يكلؤنا أي يحفظنا ويحرسنا الليلة ينصب على الظرف لا نرقد عن الصلاة قال
أبو البقاء التقدير لئلا نرقد فلما حذف اللام وان رفع الفعل ويجوز أن يروى بالنصب على
جواب الاستفهام الا أنه حذف الفاء ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال أي يكلؤنا
غير راقدين فيكون حالا مقدرة أي يكلؤنا فنفضي إلى تيقظنا وقت الفجر فضرب على
آذانهم قال في النهاية هو كناية عن النوم ومعناه حجب الصوت والحس أن يلج آذانهم فينتبهوا
298

فكأنها ضرب عليها حجاب أدلج قال في النهاية أدلج بالتخفيف إذا سار من أول الليل وأدلج
بالتشديد إذا سار من آخره والاسم منهما الدلجة والدلجة بالضم والفتح ومنهم من يجعل الادلاج
لليل كله عرس قال في النهاية التعريس نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة يقال
منه عرس تعريسا وأعرس والمعرس موضع التعريس
299