الكتاب: شرح سنن النسائي
المؤلف: جلال الدين السيوطي
الجزء: ٣
الوفاة: ٩١١
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

سنن النسائي
بشرح لحافظ جلال الدين السيوطي
الجزء الثالث
صححت هذه الطبعة بمعرفة بعض أفاضل العلماء وقوبلت على عدة نسخ
وقرأت في المرة الأخيرة على حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير
الشيخ حسن محمد المسعودي
المدرس بالقسم العالي بالأزهر
حقوق الطبع محفوظة
دار
احياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

فقال حطيم بضم الحاء والطاء المهملتين شيخ كان يجالس أنس بن مالك
2

التصفيح هو التصفيق وهو من ضرب صفحة الكف على صفحة الكف الأخرى الله عز وجلا
لخيل الشمس جمع شموس وهو النفور من الدواب الذي لا يستقر لشغبه وحدته
4

أن يلتمع بصره أي لئلا يختلس ويختطف بسرعة
8

بقتل الأسودين هما الحية والعقرب
10

أزيز أي حنين من الجوف وهو صوت البكاء وقيل هو أن يجيش جوفه ويغلى بالبكاء
كأزيز المرجل وهو بالكسر الاناء الذي يغلى فيه الماء سواء كان من حديد أو صفر
13

أو حجارة أو خز ف والميم زائدة قيل لأنه إذا نصب كأنه أقيم في أرجل لقد تحجرت واسعا
14

أي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون غيرك وإن منا رجالا يتطيرون قال ذاك
شئ يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم قال النووي قال العلماء معناه أن الطيرة شئ تجدونه في
نفوسكم ضرورة ولا عتب عليكم في ذلك فإنه غير مكتسب لكم فلا تكليف به ولكن لا تمتنعوا بسببه
عن التصرف في أموركم فهذا هو الذي تقدرون عليه وهو مكتسب لكم فيقع به التكليف فنهاهم
صلى الله عليه وسلم عن العمل بالطيرة والامتناع عن تصرفاتهم بسببها قال وقد تظاهرت
الأحاديث الصحيحة في النهي عن التطير والطيرة وهو محمول على العمل بها لا على ما يوجد في النفس
من غير عمل على مقتضاه عندهم ورجال منا يأتون الكهان قال فلا تأتوهم قال النووي قال العلماء
إنما نهى عن اتيان الكهان لأنهم قد يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة فيخاف
الفتنة على الانسان بسبب ذلك ولأنهم يلبسون على الناس كثيرا من الشرائع وقال الخطابي
كان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرا من الأمور فمنهم من يزعم أنه له رئيا من الجن يلقي إليه
الاخبار ومنهم من يدعى استدراك ذلك بفهم أعطيه ومنهم من يسمى عرافا وهو الذي يزعم معرفة
الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها لمعرفة من سرق الشئ الفلاني ومعرفة من يتهم به المرأة ونحو
15

ذلك قال فالحديث يشتمل على النهي عن إتيان هؤلاء كلهم ورجال منا يخطون قال كان نبي من الأنبياء
يخط فمن وافق خطه فذاك قال النووي اختلف العلماء في معناه فالصحيح أن معناه من وافق خطه
فهو مباح ولا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح وقال عياض معناه من وافق خطه فذاك
الذي تجدون إصابته فيما يقول لا أنه أباح ذلك لفاعله قال ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا وقال
الخطابي هذا الحديث يحتمل النهي عن هذا الخط إذ كان علما لنبوة ذاك النبي وقد انقطعت
فنهينا عن تعاطي ذلك قال النووي فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن
وقال القرطبي حكى مكي في تفسيره أنه روى أن هذا النبي كان يخط بأصبعه السبابة والوسطى في
الرمل ثم يزجر وعن بن عباس يخط خطوطا معجلة لئلا يلحقها العدد ثم يرجع فيمحو على مهل
خطين فإن بقي خطان فهي علامة النجح وان بقي خط فهو علامة الخيبة فحدقني القوم بأبصارهم
واثكل أمياه قال النووي الثكل بضم الثاء واسكان الكاف وفتحهما جميعا لغتان كالبخل
والبخل حكاهما الجوهري وغيره وهو فقدان المرأة ولدها وأمياه بكسر الميم وقال القرطبي أمياه
16

مضاف إلى ثكل وكلاهما مندوب كما قال وا أمير المؤمنيناه وأصله أمي زيدت عليه الألف لمد الصوت
وأردفت بهاء السكت الثابتة في الوقف المحذوفة في الوصل ولا كهرني أي ما انتهرني قال أبو عبيد
الكهر الانتهار وقيل الكهر العبوس في وجه من يلقاه إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام
الناس هذا من خصائص هذه الشريعة ذكر القاضي أبو بكر بن العربي أن شريعة بني إسرائيل
كان يباح فيها الكلام في الصلاة دون الصوم فجاءت شريعتنا بعكس ذلك وقال بن بطال إنما
عيب على جريج عدم إجابته لامه وهو في الصلاة لان الكلام في الصلاة كان مباحا في شرعهم وفي
شرعنا لا يجوز قطع الصلاة لإجابة الام إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق من قبل أحد
والجوانية قال النووي هي بفتح الجيم وتشديد الواو وبعد الألف نون ثم ياء مشددة وحكى
تخفيفها موضع بقرب أحد في شمال المدينة قال وأما قول عياض أنها من عمل الفرع فليس بمقبول
لان الفرع بين مكة والمدينة بعيد من المدينة وأحد في شام المدينة وقد قال في الحديث قبل أحد
والجوانية فكيف يكون عند الفرع آسف بالمد وفتح السين أي أغضب فصككتها
17

أي لطمتها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله قالت في السماء قال النووي هذا
من أحاديث الصفات وفيها مذهبان أحدهما الايمان من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله
تعالى ليس كمثله شئ وتنزيهه عن سمات المخلوقين والثاني تأويله بما يليق به فمن قال بهذا قال
كان المراد بهذا امتحانها هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده وهو الذي
إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما إذا صلى له المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا
في جهة الكعبة بل ذلك لان السماء قبله الداعين كما أن الكعبة
قبلة المصلين قال القاضي عياض لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم
ومقلدهم أن الظواهر المتواردة بذكر الله في السماء كقوله تعالى أأمنتم من في السماء ونحوه ليست على
ظاهرها بل هي متأولة عند جميعهم فمن قال بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من المحدثين
والفقهاء والمتكلمين تأول في السماء على السماء ومن قال بنفي الحد واستحالة الجهة في حقه سبحانه
18

تأولها تأويلات بحسب مقتضاها وذكر نحو ما سبق إحدى صلاتي العشى بفتح العين وكسر الشين
وتشديد الياء قال الأزهري العشي عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها وخرجت
السرعان قال النووي هو بفتح السين والراء هذا هو الصواب الذي قاله الجمهور من أهل
الحديث واللغة وهكذا ذكره المتقنون وهم المسرعون إلى الخروج ونقل القاضي عياض عن
بعضهم إسكان الراء قال وضبطه الأصيلي في البخاري بضم السين وإسكان الراء جمع سريع
كقفيز وقفزان اه وفي النهاية السرعان أوائل الناس الذين يتنازعون إلى الشئ ويقبلون عليه
بسرعة قصرت الصلاة قال النووي بضم القاف وكسر الصاد وروى بفتح القاف وضم
20

الصاد والأول أشهر وأفصح يسمى ذا اليدين هو الخرباق بن عمر وبكسر الخاء المعجمة وبالباء
الموحدة وآخره قاف قال أكما يقول ذو اليدين قالوا نعم فجاء فصلى الذي ترك قال النووي
فإن قيل كيف تكلم ذو اليدين والقوم وهم بعد في الصلاة فجوابه من وجهين أحدهما أنهم لم يكونوا
على تعين من البقاء في الصلاة كأنهم كانوا مجوزين بنسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين والثاني أن هذا
كان خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابا وذلك لا يبطل عندنا وعند غيرنا وفي رواية لأبي داود
بإسناد صحيح أن الجماعة أومؤا أي نعم فعلى هذه الرواية لم يتكلموا فإن قيل كيف رجع النبي صلى الله
عليه وسلم إلى قول غيره وعندكم لا يجوز للمصلي الرجوع في قدر الصلاة إلى قول غيره إماما كان
أو مأموما ولا يعمل الا على يقين نفسه فجوابه أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم ليتذكر فلما ذكروه
تذكر فعلم السهو وبنى عليه لا أنه رجع إلى مجرد قولهم ولو جاز ترك يقين نفسه والرجوع إلى قول
21

غيره لرجع ذو اليدين حين قال النبي صلى الله عليه وسلم لم أنس ولم تقصر كل ذلك لم يكن
قال القرطبي هذا مشكل بما ثبت من حاله صلى الله عليه وسلم فإنه يستحيل عليه الخلف والاعتذار
عنه من وجهين أحدهما أنه إنما نفى الكلية وهو صادق فيها إذ لم يجتمع وقوع الامرين وإنما
وقع أحدهما ولا يلزم من نفى الكلية نفي الجزء من أجزائها فإذا قال لم ألق كل العلماء لم يفهم أنه
لم يلق واحدا منهم ولا يلزم ذلك منه الا أن هذا الاعتذار يبطله قوله في الرواية الآخرى لم أنس ولم
تقصر بدل قوله كل ذلك لم يكن فقد في الامرين نصا والثاني أنه إنما أخبر عن الذي كان في
اعتقاده وظنه وهو أنه لم يفعل شيئا من ذلك فأخبر بحق إذ خبره موافق لما في نفسه فليس فيه
22

خلف قال وللأصحاب فيه تأويلات اخر منها قوله لم أنس راجع إلى السلام أي لم أنس السلام
وإنما سلمت قصدا وهذا فاسد لأنه حينئذ لا يكون جوابا عما سئل عنه ومنها الفرق بين النسيان
والسهو فقالوا كان يسهو ولا ينسى لان النسيان غفلة وهذا أيضا ليس بشئ إذ لا يسلم الفرق
ولو سلم فقد أضاف صلى الله عليه وسلم النسيان إلى نفسه في غير موضع فقال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا
نسيت فذكروني ومنها ما اختاره القاضي عياض أنه إنما أنكر صلى الله عليه وسلم النسيان إليه إذ ليس من فعله كما قال في الحديث الآخر بئسما لأحدكم أن يقول نست آية كيت
وكيت بل هو نسي أي خلق فيه النسيان وهذا يبطله أيضا أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني
وأيضا فلم يصدر ذلك عنه على جهة الزجر والانكار بل على جهة النفي كما قاله السائل
عنه وأيضا فلا يكون جوابا لما سئل عنه والصواب حمله على ما ذكرناه والله
23

تعالى أعلم فقال له ذو الشمالين بن عمرو قال بن عبد البر لم يتابع الزهري على قوله إن
المتكلم ذو الشمالين لأنه قتل يوم بدر فيما ذكره أبو إسحاق وغيره واسمه عمير بن عمرو قال
وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطرابا أوجب عن أهل العلم بالنقل تركه من روايته
خاصة وقد غلط فيه مسلم ولا أعلم أحدا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عول على حديث
الزهري في قصة ذي اليدين وكلهم تركوه لاضطرابه وأنه لم يقم له إسنادا ولا متنا وإن كان إماما
عظيما في هذا الشأن فالغلط لا يسلم منه بشر والكمال لله تعالى وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك
24

إلا النبي صلى الله عليه وسلم
25

فإن كان صلى خمسا شفعتا له صلاته أي ردتاها إلى الشفع وإن صلى أربعا كانتا ترغيما للشيطان
أي اذلالا له وإغاظة قال النووي والمعنى أن الشيطان لبس عليه صلاته وتعرض لافسادها ونقصانها
فجعل الله تعالى للمصلي طريقا إلى جبر صلاته وتدارك ما لبسه عليه وارغام الشيطان ورده خاسئا
مبعدا عن مراده وكملت صلاة بن آدم لما امتثل أمر الله الذي عصى به إبليس من امتناعه من السجود
27

إذا أوهم أحدكم في صلاته أي أسقط منها شيئا
29

فلبس عليه بفتح الموحدة المخففة أي خلط عليه وقال القرطبي روى مخفف الباء ومشددها
31

فوشوش القوم بعضهم إلى بعض قال النووي ضبطناه بالشين المعجمة وقال عياض
روى بالمعجمة وبالمهملة وكلاهما صحيح ومعناه تحركوا قال أهل اللغة الوشوشة بالمعجمة
صوت في اختلاف
32

مر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أدعو بأصابعي فقال أحد أحد قال في النهاية أي أشر
38

بأصبع واحدة لان الذي تدعو إليه واحد وهو الله تعالى
39

لا تقولوا هكذا فإن الله هو السلام قال النووي معناه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى ومعناه السالم
من سمات الحدوث ومن الشريك والند وقيل المسلم أولياءه وقيل المسلم عليهم في الجنة وقيل غير ذلك
التحيات لله جمع تحية وهي الملك وقيل البقاء وقيل العظمة وقيل إنما قيل التحيات بالجمع لان ملوك
العرب كل واحد منهم يحييه أصحابه بتحية مخصوصة فقيل جميع تحياتهم لله تعالى وهو المستحق لذلك
حقيقة والصلوات هي الصلوات المعروفة وقيل الدعوات والتضرع وقيل الرحمة أي الله
المتفضل بها والطيبات أي الكلمات الطيبات كالأذكار والدعوات وما شاكل ذلك قال
النووي ومعنى الحديث أن التحيات وما بعدها مستحقة لله تعالى ولا تصلح حقيقتها لغيره
السلام عليك أيها النبي قال النووي قيل معناه هنا وفي آخر الصلاة التعوذ بالله والتحصين به
سبحانه فإن السلام اسم الله سبحانه تقديره الله حفيظ عليك وكفيل كما يقال الله معك أي
بالحفظ والمعونة واللطف وقيل معناه السلامة والنجاة لك ويكون مصدرا كاللذاذ واللذاذة
كما قال تعالى فسلام لك من أصحاب اليمين ورحمة الله قد يتمسك به من جوز الدعاء له صلى الله
عليه وسلم بالرحمة ولا دليل فيه لأنه جاء على طريق التبعية للسلام وقد يغتفر مجئ الشئ تبعا
ولا يغتفر استقلالا ولي في المسألة تأليف مودع في الفتاوى وبركاته البركة كثرة الخير أو
النمو والزيارة السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين قال النووي قال الزجاج وصاحب المطالع
40

وغيرهما الصالح هو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد وقال الترمذي الحكيم من أراد أن
يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في صلاتهم فليكن عبدا صالحا وإلا حرم هذا الفضل العظيم
وقال الفاكهاني ينبغي للمصلي أن يستحضر في هذا المحل جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين
41

وإذا قال ولا الضالين فقولوا آمين يحبكم الله قال النووي هو بالجيم أي يستجب لكم الدعاء
ثم إذا كبر وركع فكبروا واركعوا فإن الامام يركع قبلكم ويرفع قبلكم قال النبي صلى الله
عليه وسلم فتلك بتلك قال النووي معناه اجعلوا تكبيركم للركوع وركوعكم بعد تكبيره
وركوعه وكذلك رفعكم من الركوع يكون بعد رفعه ومعنى تلك بتلك أن اللحظة التي سبقكم الامام
بها في تقدمه إلى الركوع تنجبر لكم بتأخركم في الركوع بعد رفعه لحظة فتلك اللحظة بتلك اللحظة
وصار قدر ركوعكم كقدر ركوعه وقال مثله في السجود وإذا قال سمع الله لمن حمده أي أجاب دعاء
من حمده ربنا لك الحمد قال النووي هكذا هو في هذا الحديث بلا واو وجاءت الأحاديث الصحيحة
بإثبات الواو وبحذفها والأمران جائزان ولا ترجيح لأحدهما على الآخر وعلى إثبات الواو
يكون قوله ربنا متعلقا بما بعده تقديره سمع الله لمن حمده ربنا فاستجب حمدنا ودعاءنا ولك الحمد
42

على هدايتنا لذلك
43

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم قال النووي
اختلف العلماء في الحكمة في قوله كما صليت على إبراهيم مع أن محمدا صلى الله عليه وسلم
أفضل من إبراهيم عليه السلام قال القاضي عياض أظهر الأقوال أن نبينا صلى الله عليه وسلم سأل
ذلك لنفسه ولأهل بيته ليتم النعمة عليهم كما أتمها على إبراهيم وآله وقيل بل سأل ذلك لامته وقيل
بل ليبقى ذلك له دائما إلى يوم القيامة ويجعل له به لسان صدق في الآخرين كإبراهيم عليه السلام وقيل كان ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم
وقيل سأل صلاة يتخذه بها خليلا كما اتخذ إبراهيم
45

خليلا هذا كلام القاضي قال النووي والمختار في ذلك أحد ثلاثة أقوال أحدها حكاه بعض أصحابنا عن
الشافعي أن معناه اللهم صل على محمد وتم الكلام ثم استأنف وعلى آل محمد أي وصل على محمد
كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم والمسؤول له مثل إبراهيم وآله هم آل محمد صلى الله عليه وسلم
لا نفسه القول الثاني معناه اجعل لمحمد وآله صلاة منك كما جعلتها لإبراهيم وآله والمسؤول المشاركة
في أصل الصلاة التي لإبراهيم وآله والثالث المسؤول مقابلة الجملة بالجملة ويدخل في آل إبراهيم خلائق
لا يحصون من الأنبياء ولا يدخل في آل محمد نبي وطلب إلحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد
بتلك الجملة التي فيها خلائق من الأنبياء والسلام كما قد علمتم قال النووي بفتح العين وكسر
اللام المخففة ومنهم من رواه بضم العين وتشديد اللام أي علمتكموه وكلاهما صحيح
46

عن أنس قال جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله علمني كلمات أدعو بهن
في صلاتي قال سبحي الله عشرا واحمديه عشرا وكبريه عشرا ثم سليه حاجتك يقول نعم نعم
51

ترجم عليه باب الذكر بعد التشهد بديع السماوات والأرض أي خالقهما ومخترعهما
لا على مثال سبق فعيل بمعنى مفعل يا ذا الجلال هو العظمة والسلطان قال الشيخ عز الدين
بن عبد السلام الفرق بين الجلال والجمال إنما يحصل باعتبار أثريهما إذ أثر هذه الهيبة والأخرى
المحبة وتارة المهابة وهما شئ واحد فتارة يخلق الله مشاهدة المحبة وتارة المهابة والاكرام هو
52

الاحسان وإفاضة النعم اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا قال في فتح الباري فيم أن الانسان
53

لا يعرى عن تقصير ولو كان صديقا وأعوذ بك من فتنة
المسيح الدجال الأشهر ضبط المسيح بفتح الميم وتخفيف السين المكسورة وآخره حاء مهملة وقيل هو بتثقيل السين وقيل
بإعجام الخاء ونسب قائله إلى التصحيف واختلف في تلقيبه بذلك فقيل لأنه ممسوح العين وقيل
56

لان أحد شقي وجهه خلق ممسوحا لا عين فيه ولا حاجب وقيل لأنه يمسح الأرض إذا خرج
وقال الجوهري من قاله بالتخفيف فلمسحه الأرض ومن قاله بالتشديد فلكونه ممسوح العين
وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات قال القرطبي أي الحياة والموت ويحتمل أن يريد زمان
ذلك ويريد بذلك محنة الدنيا وما بعدها ويحتمل ان يريد بذلك حالة الاحتضار وحالة المسألة
في القبر وكأنه استعاذ من فتنة هذين المقامين وسأل التثبيت فيهما اللهم أني أعوذ بك من المأثم
قال في النهاية هو الامر الذي يأثم به الانسان وهو الاثم نفسه والمغرم قال في النهاية هو مصدر
وضع موضع الاسم ويريد به مغرم الذنوب والمعاصي وقيل المغرم كالغرم وهو الدين ويريد به
ما استدين فيما يكرهه الله أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه فأما دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا
يستعاذ منه فقال قائل هي عائشة ما أكثر ما تستعيذ من المغرم ما أكثر بفتح الراء فعل
التعجب وما تستعيذ في محل النصب فقال إن الرجل إذا غرم بكسر الراء حدث جواب
الشرط فكذب عطف عليه ووعد عطف على حدث
57

الهدى السيرة والهيئة والطريقة رأى رجلا يصلي فطفف أي نقص والتطفيف يكون بمعنى
الزيادة والنقص ما صليت منذ أربعين سنة قال التيمي في شرح البخاري أي صلاة كاملة
58

وقيل نفي الفعل عنه بما نفي عنه من التجويد كقوله لا يزني الزاني وهو مؤمن نفي عنه الايمان لمثل
ذلك ولو مت بضم الميم وكسرها وأنت تصلي هذه الصلاة لمت على غير فطرة محمد قال
الخطابي معنى الفطرة الملة وأراد بهذا الكلام توبيخه على سوء فعله ليرتدع في المستقبل ولم يرد
به الخروج عن الدين قال التيمي وسميت الصلاة فطرة لأنها أكبر عرى الايمان) أن رجلا
دخل المسجد فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه أي ينظر إليه شزرا
59

أذناب الخيل الشمس بسكون الميم وضمها وهي التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها
62

عتبان بكسر العين وسكون المثناة الفوقانية وموحدة
64

عن بن عباس قال إنما كنت أعلم انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير
67

قال النووي هذا دليل لما قاله بعض السلف أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب
المكتوبة وممن يستحبه من المتأخرين بن حزم الظاهري ونقل بن بطال وآخرون أن أصحاب
المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالتكبير والذكر وحمل
الشافعي هذا الحديث على أنه جهر وقتا يسيرا حتى يعلمهم صفة الذكر لا أنهم جهروا به دائما قال
فاختار للامام والمأموم أن يذكرا الله بعد الفراغ من الصلاة ويخفيان ذلك الا أن يكون إماما
يريد أن يتعلم منه فيجهر حتى يعلم أنه قد تعلم منه ثم يسر وحمل الحديث على هذا كان إذا
68

انصرف من صلاته استغفر ثلاثا قال النووي المراد بالانصراف السلام قال اللهم أنت
السلام ومنك السلام الأول من أسماء الله تعالى والثاني السلامة ومعناه أن السلامة من المهالك
إنما تحصل لمن سلمه الله تعالى تباركت قال القرطبي تفاعلت من البركة وهي الكثرة والنماء
69

ومعناه تعاظمت إذ كثرت صفات جلالك وكمالك
70

عن جسرة بفتح الجيم انا لنقرض منه الجلد والثوب قيل المراد بالجلد الذي يلبسونه
فوق أجسادهم وبه جزم القرطبي قال وسمعت بعض أشياخنا يحمل هذا على ظاهره ويقول أن
ذلك كان من الإصر الذي حملوه ونقل بن سيد الناس عن بن دقيق العيد أنه كان يذهب إلى هذا
قال الشيخ ولي الدين العراقي ويؤيده رواية الطبراني أن أحدهم كان إذا أصاب شيئا من جسده
بول قرضه بالمقاريض قال والحديث إذا جمعت طرقه تبين المراد منه رب جبريل وميكائيل
72

وإسرافيل أعذني من حر النار وعذاب القبر قال القاضي عياض تخصيصهم بربوبيته وهو رب
كل شئ وجاء مثل هذا كثيرا من إضافة كل عظيم الشأن له دون ما يستحقر عند الثناء والدعاء
مبالغة في التعظيم ودليلا على القدرة والملك فيقال رب السماوات والأرض ورب النبيين
والمرسلين ورب المشرق والمغرب ورب العالمين ورب الجبال والرياح ونحو ذلك وقال القرطبي
خص هؤلاء الملائكة بالذكر تشريفا لهم أو أنهم ينتظمون هذا الوجود إذ قد أقامهم الله تعالى في ذلك
73

عن كعب بن عجرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم معقبات لا يخيب قائلهن قال في
النهاية سميت معقبات لأنها تعاد مرة بعد مرة أو لأنها تقال عقب الصلاة والعقب من كل شئ
ما جاء عقب ما قبله وقال النووي هذا الحديث ذكره الدارقطني في استدراكاته على مسلم وقال
الصواب أنه موقوف على كعب لان من رفعه لا يقاومون من وقفه في الحفظ قال النووي وهذا
مردود لان الرفع مقدم على الوقف على الصحيح الذي عليه الأصوليون والفقهاء والمحققون من
المحدثين منهم البخاري وآخرون ولو كان عدد الواقفين أكثر لان الرفع زيادة ثقة فوجب قبولها
ولا ترد لنسيان أو تقصير حصل ممن وقف دبر كل صلاة قال النووي هو بضم الدال هذا هو المشهور
في اللغة والمعروف في الروايات وقال أبو عمر المطرزي في كتابه اليواقيت دبر كل شئ بفتح الدال آخر
أوقاته من الصلاة وغيرها قال هذا هو المعروف في اللغة وأما الجارحة فبالضم وقال الراودي عن بن
الاعرابي دبر الشئ ودبر بالضم والفتح آخر أوقاته والصحيح الضم ولم يذكر الجوهري وآخرون غيره
75

سبحان الله عدد خلقه قال الشيخ أكمل الدين في شرح المشارق تقديره عددا كعدد خلقه قال
ومعنى ورضا نفسه غير منقطع فإن رضاه عمن رضى من الأنبياء والأولياء وغيرهم لا ينقطع
ولا ينقضي قال ومعنى وزنة عرشه أي بمقدار وزنه يريد عظم قدرها قال قوله ومداد كلماته
يجوز أن يكون المراد قطر البحار لقوله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ويجوز أن يكون
المراد به مصدر مدد ومداد الكلمات المدد الواصل من الإلهي على أعيان الممكنات واحدا
فواحدا بحسب ما يتعلق بشخصه وقال في النهاية مداد كلماته أي مثل عددها وقيل قدر ما يوازيها في
77

الكثرة عيار كيل أو وزن أو ما أشبهه وهذا تمثيل يراد به التقريب لان الكلام لا يدخل في الكيل
والوزن وإنما يدخل في العدد والمداد مصدر كالمدد وهو ما يكثر به ويزاد وقال الخطابي المداد
بمعنى المدد وقيل جمعه قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في فتاواه قد يكون بعض الأذكار أفضل
من بعض لعمومها وشمولها واشتمالها على جميع الأوصاف السلبية والذاتية والفعلية فيكون القليل
من هذا النوع أفضل من الكثير من غيره كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم سبحان الله عدد خلقه
78

أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه وفي
الحديث الذي يليه قال عبد الله لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءا يرى أن حقا عليه أن
لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر انصرافه عن يساره
قال النووي وجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا فأخبر كل
81

واحد بما اعتقد أنه الأكثر فيما يعلمه فدل على جوازهما ولا كراهة في واحد منهما وأما
الكراهة التي اقتضاها كلام بن مسعود فليست بسبب أصل الانصراف عن اليمين أو الشمال
وإنما هي في حق من يرى أن ذلك لا بد منه قال ومن اعتقد وجرب واحد من الامرين فهو مخطئ
ولهذا قال يرى أن حقا عليه فإنما ذم من رآه حقا عليه وهذا مذهبنا أنه لا كراهة في واحد من
الامرين لكن يستحب أن ينصرف في جهة حاجته سواء كانت عن يمينه أو شماله فإن استوى
الجهتان في الحاجة وعدمها فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم
ونحوها هذا صواب الكلام في هذين الحديثين وقد يقال فيهما خلاف الصواب
82

إلى بطحان قال النووي هو بضم الباء الموحدة وإسكان الطاء وبالحاء المهملتين هكذا هو عند
المحدثين في رواياتهم وفي ضبطهم وتقييدهم وقال أهل اللغة هو بفتح الباء وكسر الطاء ولم يجيزوا
غير هذا وكذا نقله صاحب البارع أبو عبيد البكري وهو واد بالمدينة
كتاب الجمعة
نحن الآخرون السابقون أي الآخرون زمانا الأولون منزلة والمراد أن هذه الأمة وان تأخر
85

وهذا اليوم الذي كتب الله عليهم أي فرض تعظيمه فاختلفوا فيه قال بن بطال ليس
المراد أن يوم الجمعة فرض عليهم بعينه فتركوه لأنه لا يجوز لاحد أن يترك ما فرض الله عليه
وهو مؤمن وإنما يدل والله أعلم أنه فرض عليهم يوم الجمعة ووكل على اختيارهم ليقيموا فيه
شريعتهم فاختلفوا في أي الأيام هو ولم يهتدوا ليوم الجمعة وقال النووي يمكن أن يكونوا
أمروا به صريحا فاختلفوا هل يلزم تعيينه أم يسوغ ابداله بيوم آخر فاجتهدوا في ذلك فأخطؤا
وقد روى بن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه
قال إن الله فرض على اليهود الجمعة فأتوا وقالوا يا موسى ان الله لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعله
لنا فجعله عليهم اليهود غدا والنصارى بعد غد قال القرطبي غدا منصوب على الظرف وهو
متعلق بمحذوف تقديره اليهود يعظمون غدا وكذا بعد غد ولا بد من هذا التقدير لان ظرف
الزمان لا يكون خبرا عن الجثة وقدر بن مالك تقييد اليهود غدا
87

عن عبيدة بن سفيان الحضرمي بفتح العين وكسر الباء عن أبي الجعد الضمري لا يعرف اسمه
وقيل اسمه أدرع وقيل جنادة وقيل عمرو بن بكر ولم يرو عنه الا عبيدة هذا ولم يرو له الا هذا الحديث
من ترك ثلاث جمع من غير عذر تهاونا قال أبو البقاء هو مفعول له ويجوز أن يكون مصدرا
في موضع الحال أي متهاونا طبع الله على قلبه أي ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أي تركهم وهو مما أميت هو وماضيه ولم يستعمل منه الا المضارع
والامر والظاهر أن استعماله هنا من الرواة المولدين الذين لا يحسنون العربية أو ليختمن
الله على قلوبهم قال القرطبي هو عبارة عما يخلقه الله في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة
88

خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة استدل به على أنه أفضل من يوم عرفة وبه جزم
بن العربي وهو وجه عندنا والثاني أن يوم عرفة أفضل وهو الأصح وقال القرطبي كون يوم
الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم لان الأيام متساوية في أنفسها وإنما يفضل
بعضها بعضا بما يخص به من أمر زائد على نفسه ويوم الجمعة قد خص من جنس العبادات
بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس وتتفق هممهم ودواعيهم ودعواتهم فيها ويكون حالهم فيها
كحالهم يوم عرفة ليستجاب لبعضهم في بعضهم ويغفر لبعضهم ببعض ولذلك قال النبي صلى الله
عليه وسلم الجمعة حج المساكين أي يحصل لهم فيها ما يحصل لأهل عرفة ثم إن الملائكة يشهدونهم
ويكتبون ثوابهم ولذلك سمي هذا اليوم المشهود ثم يحصل لقلوب العارفين من الألطاف والزيادات
جسما يدركونه من ذلك ولذلك سمي يوم المزيد ثم إن الله تعالى قد خصه بالساعة التي فيه وبأن
أوقع فيه هذه الأمور العظيمة التي هي خلق آدم الذي هو أصل البشر ومن ولده الأنبياء
والأولياء والصالحون ومنها إخراجه من الجنة التي حصل عنده إظهار معرفة الله تعالى وعبادته
في هذا النوع الآدمي مع احترامه ومخالفته ومنها موته الذي بعده وفي به أجره ووصل إلى مأمنه
ورجع إلى المستقر الذي خرج منه ومن فهم هذه المعاني فهم فضيلة هذا اليوم وخصوصيته
90

وقد أرمت بوزن ضربت قال الخطابي أصله أرممت أي صرت رميما فحذفوا أحد الميمين
كما قالوا في ظللت وأحسست ظلت وأحست ويمس بفتح الميم على الأفصح من الطيب
ما قدر عليه قال عياض يحتمل إرادة التأكيد ليفعل ما أمكنه ويحتمل إرادة الكثرة والأول
أظهر ويؤيده قوله ولو من طيب المرأة لأنه يكره استعماله للرجل وهو ما ظهر لونه وخفي
92

ريحه فإباحته للرجل لأجل عدم غيره يدل على تأكيد الامر في ذلك صلى الله عليه وسلم إذا جاء أحدكم الجمعة
فليغتسل أي إذا أراد أن يجئ كما في رواية غسل يوم الجمعة واجب أي متأكد على
كل محتلم أي بالغ قال الزركشي وخصه بالذكر لان الاحتلام أكثر مما يبلغ به الرجال
93

كقوله لا يقبل الله صلاة حائض الا بخمار لان الحيض أغلب ما يبلغ به النساء فإذا أصابهم
الروح بالفتح نسيم الريح سطعت أرواحهم جمع ريح لان أصلها الواو ويجمع على
أرياح قليلا وعلى رياح كثيرا أي كانوا إذا مر عليهم النسيم تكيف بأرواحهم وحملها إلى الناس
من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت قال الأصمعي معناه فبالسنة أخذ ونعمت السنة وقال
أبو حامد الشاركي معناه فبالرخصة أخذ لان سنة يوم الجمعة الغسل وقال الحافظ أبو الفضل
94

العراقي أي فبطهارة الوضوء حصل الواجب في التطهير للجمعة ونعمت الخصلة هي أي
الطهارة ونعمت بكسر النون وسكون العين في المشهور وروى بفتح النون وكسر العين وهو
الأصل في هذه اللفظة وروى ونعمت بفتح النون وكسر العين وفتح التاء أي نعمك الله قال
النووي في شرح المهذب وهذا تصحيف نبهت عليه لئلا يغتر به وقال الخطابي في إصلاح الألفاظ
التي صحفها الرواة ونعمت بكسر النون ساكنة التاء أي نعمت الخصلة والعامة يروونه نعمت
يفتحون النون ويكسرون العين وليس بالوجه ورواه بعضهم ونعمت أي نعمك الله من غسل
واغتسل قال النووي في شرح المهذب يروى غسل بالتخفيف والتشديد والأرجح عند المحققين
التخفيف والمختار أن معناه غسل رأسه ويؤيده رواية أبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه
من يوم الجمعة واغتسل وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي
ونحوهما وكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون وقيل المراد غسل أعضاءه ثم اغتسل للجمعة
قال العراقي ويحتمل أن المراد غسل ثيابه واغتسل في جسده وقيل هما بمعنى واحد
وكرر للتأكيد وقيل غسل أي جامع أهله قبل الخروج إلى الصلاة لأنه يعين على غض البصر
في الطريق يقال غسل الرجل امرأته بالتخفيف والتشديد إذا جامعها وغدا وابتكر أي
95

أدرك أول الخطبة ولم يلغ قال الأزهري معناه استمع الخطبة ولم يشتغل بغيرها وقال النووي
معناه لم يتكلم لان الكلام حال الخطبة لغو رأى حلة قال أبو عبيد الحلل برود ود اليمن والحلة
أزار ورداء ولا يسمى حلة حتى يكون ثوبين من لا خلاق له بالفتح هو الحظ والنصيب
في حلة عطارد هو بن حاجب التميمي قدم في وفد تميم وأسلم وله صحبة فكساها أخا له
مشركا بمكة قال المنذري هو عثمان بن حكيم وكان أخا عمر من أمه قال الحافظ بن حجر
وقد اختلف في إسلامه وقال الدمياطي الذي أرسل إليه عمر الحلة إنما هو أخو أخيه زيد بن
الخطاب لامه أسماء بنت وهب فأما زيد بن الخطاب أخو عمر فإنه أسلم قبل عمر قال الكرماني
96

وقيل أخوه من الرضاعة إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد فكتبوا من جاء
إلى المسجد لأبي نعيم في الحلية إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من
نور وأقلام من نور قال الحافظ بن حجر وهو دال على أن الملائكة المذكورين غير الحفظة فإذا خرج الامام طوت
97

الملائكة الصحف قال الحافظ بن حجر المراد طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة دون غيرها
من سماع الخطبة وادراك الصلاة والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك فإنه يكتبه الحافظان دجاجة
بفتح الدال في الأفصح ويجوز الكسر والضم فالناس فيه كرجل قدم بدنة وكرجل قدم بدنة
98

كرر المتقرب به مرتين في الجميع للإشارة إلى أن الآتي في أول ساعة وفي آخرها يشتركان في مسمى
99

البدنة مثلا ويتفاوتان في صفاتها
100

على الزوراء بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء ممدودة دار بالسوق
101

جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر هو سليك بمهملة مصغرا بن هدبة
وقيل بن عمرو الغطفاني قال فاركع زاد مسلم ركعتين وتجوز فيهما
103

إذ قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت قال النضر بن شميل معناه خبت من
الاجر وقيل بطلت فضيلة جمعتك وقيل صارت جمعتك ظهرا قال الحافظ بن حجر ويشهد للقول الأخير
حديث أبي داود من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا قال بن وهب أحد رواته معناه أجزأت عنه
104

الصلاة وحرم فضيلة الجمعة
105

حفظت ق والقرآن المجيد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يوم الجمعة قال
العلماء سبب اختيار ق أنها مشتملة على الموت والبعث والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة
107

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ويقل اللغو القلة هنا بمعنى العدم كقوله
تعالى فقليلا ما يؤمنون ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة قال النووي ليس هذا مخالفا
109

للأحاديث المشهورة في الامر بتخفيف الصلاة ولقوله في الرواية الأخرى) وكانت خطبته
110

قصدا وصلاته قصدا لان المراد بالحديث الأول أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة
111

لا تطويلا يشق على المأمومين وهي حينئذ قصدا أي معتدلة والخطبة قصدا بالنسبة إلى وضعها
112

مصيخة أي مصغية مستمعة لا تعمل المطي أي لا تحث وتساق والمطي جمع مطية وهي
الناقة التي يركب مطاها أي ظهرها ويقال يمطي بها في السير أي يمد
114

كتاب تقصير الصلاة في السفر
عن عبد الله بن بأبيه هو بباء موحدة ثم ألف ثم موحدة أخرى مفتوحة ثم مثناة تحت ويقال
116

فيه بن باباه وابن بابي بكسر الباء الثانية
117

صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى آمن ما كان الناس وأكثره ركعتين قال أبو البقاء
119

آمن وأكثر منصوبان نصب الظرف والتقدير زمن آمن فحذف المضاف وأقام المضاف إليه
مقامه أي أكثر نون الناس وأما وأكثره فعائد إلى جنس الناس وهو مفرد
120

كتاب الكسوف
إن الشمس والقمر آيتان قال الزركشي أي كسوفهما آيتان لأنه الذي خرج الحديث
بسببه وقال الكرماني أي علامتان لقرب القيامة أو لعذاب الله أو لكونهما مسخرين بقدرة
الله تعالى وتحت حكمه من آيات الله قال الحافظ بن حجر أي الدالة على وحدانيته وعظم
124

قدرته أو على تخويف العباد من بأسه وسطوته بينما أنا أترامى بأسهم لي قال النووي أي
أرمى وأرتمى وأترامى وأترمى فأتيت مما يلي ظهره وهو في المسجد فجعل يسبح ويكبر ويدعو
حتى حسر عنها أي كشف وأزيل ما بها ثم قام فصلى ركعتين وأربع سجدات قال النووي
هذا مما يستشكل ويظن أن ظاهره أنه ابتدأ صلاة الكسوف بعد انجلاء الشمس وليس كذلك
فإنه لا يجوز ابتداء صلاتها بعد الانجلاء وهذا الحديث محمول على أنه وجده في الصلاة كما صرح به
في طريق آخر ثم جمع الراوي جميع ما جرى في الصلاة من دعاء وتسبيح وتكبير فتمت جملة الصلاة
ركعتين أولهما في حال الكسوف وآخرهما بعد الانجلاء وهذا التأويل لا بد منه لأنه مطابق لسائر
الروايات ولقواعد الفقه ونقل القاضي عياض عن المازري أنه تأوله على صلاة ركعتين
تطوعا مستقلا بعد انجلاء الكسوف لا أنها صلاة كسوف قال النووي وهذا ضعيف مخالف
125

لظاهر الرواية الأخرى لا يخسفان بفتح أوله ويجوز الضم وحكى بن الصلاح منعه
لموت أحد ولا لحياته قال النووي قال العلماء الحكمة في هذا الكلام أن بعض الجاهلية
الضلال كانوا يعظمون الشمس والقمر فبين أنهما آيتان مخلوقتان لله تعالى لا صنع لهما بل هما
كسائر المخلوقات يطرأ عليهما النقص والتغير كغيرهما وكان بعض الضلال من المنجمين وغيرهم
يقول لا ينكسفان الا لموت عظيم أو نحو ذلك فبين أن هذا تأويل باطل لئلا يغتر بأقوالهم لا سيما
وقد صادف موت إبراهيم عليه السلام وقال الكرماني فان قلت ما تقول فيما قال أهل الهيئة أن
الكسوف سببه حيلولة القمر بينها وبين الأرض فلا يرى حينئذ الا لون القمر وهو كمد لا نور له
وذلك لا يكون الا في آخر الشهر عند كون النيرين في إحدى عقدتي الرأس والذنب وله آثار في
الأرض هل جاز القول به أم لا قلت المقدمات كلها ممنوعة ولئن سلمنا فإن كان غرضهم أن الله
تعالى أجرى سنته بذلك كما أجرى باحتراق الحطب اليابس عند مساس النار له فلا بأس به
126

وإن كان غرضهم أنه واجب عقلا وله تأثير بحسب ذاته فهو باطل لما تقرر أن جميع الحوادث
مسندة إلى إرادة الله تعالى ابتداء إذ لا مؤثر في الوجود الا الله تعالى فنادى أن الصلاة
جامعة بنصب الصلاة على الاغراء وجامعة على الحال أي أحضروا الصلاة في حال كونها جامعة
ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر فصلى بهم أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات
127

قال بن عبد البر هذا أصح ما في هذا الباب قال وباقي الروايات المخالفة معللة
ضعيفة قال النووي وقال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين وجماعة من غيرهم الاختلاف
في الروايات بحسب اختلاف حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر انجلاء الكسوف فزاد
عدد الركوع وفي بعضها أسرع الانجلاء فاقتصر وفي بعضها توسط بين الاسراع وبين التأخر
فتوسط في عدده واعترض على هذا بأن تأخر الانجلاء لا يعلم في أول الحال ولا في الركعة الأولى
وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء وهذا يدل على أنه مقصود
في نفسه منوى في أول الحال وقال جماعة من العلماء منهم إسحاق بن راهويه وابن جرير وابن
المنذر جرت صلاة الكسوف في أوقات واختلاف صفاتها محمولة على بيان جواز جميع ذلك
128

فتجوز صلاتها على كل واحد من الأنواع الثابتة قال النووي وهذا قوي
129

ان سجال الماء جمع سجل بفتح السين المهملة وسكون الجيم وهو الدلو
130

رأيت في مقامي هذا قال الكرماني لفظ المقام يحتمل المصدر والزمان والمكان كل شئ
وعدتم هذه أوضح من رواية الصحيح حيث قال فيها ما من شئ لم أكن أريته الا رأيته في مقامي
هذا قال الكرماني في تلك فإن قلت هل فيه دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم رأى في هذا المقام ذات
الله تعالى قلت نعم إذ الشئ يتناوله والعقل لا يمنعه والعرف لا يقتضي إخراجه قلت وقد بينت
رواية المصنف أن قوله كل شئ مخصص بقوله وعدتم وذلك خاص بفتن الدنيا وفتوحها وبما
في الآخرة من الجنة والنار وقال الشيخ أكمل الدين في شرح المشارق قوله في مقامي يجوز أن يكون المراد
به المقام الحسي وهو المنبر ويجوز أن يكون المراد به المقام المعنوي وهو مقام المكاشفة والتجلي
بالحضرات الخمسة التي هي عبارة عن حضرة الملك والملكوت والأرواح والغيب الإضافي والغيب
الحقيق فإنه البرزخ الذي له التوجه إلى الكل كنقطة الدائرة بالنسبة إلى الدائرة صلوات الله عليه
131

وسلامه ونفعنا من نفحات قدسه بمتابعته ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا أي يعسفه
ويكسره كما يفعل البحر وقال النووي معناه شدة تلهبها واضطرابها كأمواج البحر التي يحطم
بعضها بعضا ورأيت فيها بن لحي اسمه عمرو ولحي بضم اللام وفتح الحاء المهملة وتشديد
132

التحتية لقبه واسمه عامر ما من أحد أغير من الله هو أفعل تفضيل من الغيرة بفتح المعجمة
وهو في اللغة تغير يحصل من الحمية والأنفة وأصلها في الزوجين والأهلين وذلك محال على الله
لأنه منزه عن كل تغير ونقص فيتعين حمله على المجاز قال بن دقيق العيد أهل التنزيه في مثل هذا
على قولين اما ساكت واما مؤول على أن المراد بالغيرة شدة المنع والحماية فهو من مجاز الملازمة
لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال الباجي يريد أنه عليه الصلاة والسلام
قد خصه الله تعالى بعلم لا يعلمه غيره ولعله مما أراه في مقامه من النار وشناعة منظرها وقال
النووي لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم وشدة عقابه وأهوال القيامة
وما بعدها كما علمت وترون النار كما رأيت في مقامي هذا وفي غيره لبكيتم كثيرا ويقل ضحككم
لفكركم فيما علمتموه عائذا بالله قال بن السيد هو منصوب على المصدر الذي يجئ على مثل
133

فاعل كعوفي عافية أو على الحال المؤكدة النائبة مناب المصدر والعامل فيه محذوف كأنه قال
أعوذ بالله عائذا وروى بالرفع أي أنا عائذ قال الحافظ بن حجر وكأن ذلك كان قبل ان
134

يطلع صلى الله عليه وسلم على عذاب القبر حدثنا عبدة بن عبد الرحيم أنبأنا بن عيينة عن
يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف في صفة
زمزم أربع ركعات في أربع سجدات قال الحافظ عماد الدين بن كثير تفرد النسائي عن
عبيدة بقوله في صفة زمزم وهو وهم بلا شك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل
الكسوف الا مرة واحدة بالمدينة في المسجد هذا هو الذي ذكره الشافعي وأحمد والبخاري
والبيهقي وابن عبد البر وأما هذا الحديث بهذه الزيادة فيخشى أن يكون الوهم من عبدة بن عبد الرحيم
هذا فإنه مروزي نزل دمشق ثم صار إلى مصر فاحتمل أن النسائي سمعه منه بمصر فدخل عليه
135

الوهم لأنه لم يكن معه كتاب وقد أخرجه البخاري ومسلم والنسائي أيضا بطريق آخر من غير
هذه الزيادة وعرض هذا على الحافظ جمال الدين المزي فاستحسنه وقال قد أجاد
وأحسن الانتقاد
136

لقد أدنيت الجنة مني قال الحافظ بن حجر منهم من حمله على أن الحجب كشفت له
دونها فرآها على حقيقتها وطويت المسافة بينهما حتى أمكنه ان يتناول منها ومنهم من حمله على
أنها مثلت له في الحائط كما تنطبع الصورة في المرآة فرأى جميع ما فيها وقال القرطبي لا إحالة في
إبقاء هذه الأمور على ظواهرها لا سيما على مذهب أهل السنة في الجنة والنار قد خلقتا ووجدتا
وذلك أنه راجع إلى أن الله تعالى خلق لنبيه صلى الله عليه وسلم إدراكا خاصا به أدرك الجنة والنار
على حقيقتهما كما خلق له إدراكا لبيت المقدس فطفق يخبرهم عن آياته وهو ينظر إليه ويجوز أن
يقال أن الله تعالى مثل له الجنة والنار وصورهما له في الحائط كما يتمثل صور المرئيات في المرآة
ولا يستبعد هذا من حيث أن الانطباع في المرآة إنما هو في الأجسام الصقيلة لأنا نقول أن ذلك
شرط عادي لا عقلي ويجوز ان تخرق العادة وخصوصا في مدة النبوة ولو سلم أن تلك الشروط
عقلية فيجوز أن تكون تلك الأمور موجودة في جسم الحائط ولا يدرك ذلك الا النبي صلى الله
138

عليه وسلم من قطوفها جمع قطف وهو ما يقطف منها أي يقطع ويجتني تعذب في هرة
قال بن مالك في هنا للسببية وهو مما خفي على أكثر النحويين مع وروده في القرآن والحديث
والشعر القديم من خشاش الأرض أي هوامها وحشراتها
139

فافزعوا بفتح الزاي أي الجؤا
140

ان ناسا يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك
أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته قال الكرماني فإن قلت ما فائدة هذه اللفظة
إذ لم يقل أحد بأن الانكساف للحياة لا سيما هنا إذ السياق إنما هو في موت إبراهيم فيتم الجواب
بقوله لا ينكسفان لموت أحد قلت فائدته دفع توهم من يقول قد لا يكون الموت سببا للانكساف
ويكون نقيضه سببا له فعمم النفي أي ليس سببه لا الموت ولا الحياة بل سببه قدرة الله تعالى فقط
إن الله إذا بدا لشئ من خلقه خشع له قال بن القيم في كتابه مفتاح السعادة قال أبو حامد
141

الغزالي هذه الزيادة لم يصح نقلها فيجب تكذيب ناقلها وإنما المروي ما ذكرنا يعني الحديث
الذي ليست هذه الزيادة فيه قال ولو كان صحيحا لكان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية فكم
من ظواهر أولت بالأدلة العقلية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد قال بن القيم وإسناد
هذه الزيادة لا مطعن فيه ورواته كلهم ثقات حفاظ ولكن لعل هذه اللفظة مدرجة في الحديث من
كلام بعض الرواة ولهذا لا توجد في سائر أحاديث الكسوف فقد رواها عن النبي صلى الله
عليه وسلم تسعة عشر صحابيا عائشة وأسماء بنت أبي بكر وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب
وأبو هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله وسمرة بن جندب وقبيصة الهلالي
وعبد الرحمن بن سمرة فلم يذكر أحد منهم في حديثه هذه اللفظة فمن هنا يخاف أن تكون أدرجت
في الحديث إدراجا وليست في لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هنا مسلكا بديع المأخذ
لطيف المنزع يقبله العقل السليم والفطرة السليمة وهو أن كسوف الشمس والقمر يوجب لهما
من الخشوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عن هذا العالم ما يكون فيه ذهاب سلطانهما
142

وبهائهما وذلك يوجب لا محالة لهما من الخشوع والخضوع لرب العالمين وعظمته وجلاله ما يكون
سببا لتجلي الرب تعالى لهما ولا يستلزم أن يكون تجلي الله سبحانه لهما في وقت معين كما يدنو من
أهل الموقف عشية عرفة فيحدث لهما ذلك التجلي خشوعا آخر ليس هذا الكسوف ولم يقل النبي
صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى إذا تجلى لهما انكسفا ولكن اللفظة عند أحمد والنسائي ان الله تعالى
إذا بدا لشئ من خلقه خشع له وافظ بن ماجة فإذا تجلى الله تعالى لشئ من خلقه خشع له فههنا
خشوعا خشوع أوجب كسوفهما بذهاب ضوئهما وانمحائه فتجلى الله لهما فحدث لهما عند تجليه
تعالى خشوع آخر بسبب التجلي كما حدث للجبل إذا تجلى له تعالى خشوع أن صار دكا وساخ
في الأرض وهذا غاية الخشوع لكن الرب تعالى يثبتهما لتجليه عناية بخلقه لانتظام مصالحهم بهما
ولو شاء سبحانه لثبت الجبل لتجليه كما يثبتهما ولكن أرى كليمه موسى أن الجبل العظيم لم يطق
الثبات لتجليه له فكيف تطيق أنت الثبات للرؤية التي سألتها وقال القاضي تاج الدين
السبكي في منع الموانع الكبير الخلاف بين الفلاسفة وغيرهم من الفرق ثلاثة أقسام قسم لا يصدم
مذهبهم فيه أصلا من أصول الدين وليس من ضرورة الشرع منازعتهم فيه قال الغزالي
في كتاب تهافت الفلاسفة كقولهم خسوف القمر عبارة عن انمحاء ضوئه بتوسط الأرض
بينه وبين الشمس من حيث أنه يقتبس نوره من الشمس والأرض كرة والسماء محيطة بها
من الجوانب فإذا وقع القمر في ظل الأرض انقطع عنه نور الشمس وكقولهم ان كسوف
الشمس معناه وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس وذلك عند اجتماعهما في العقدتين
على دقيقة واحدة وهذا الفن لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض قال الغزالي ومن ظن أن
المناظرة في إبطال هذا من الدين فقد جنى على الدين وضعف أمره وأن هذه الأمور يقوم
عليها براهين هندسية حسابية لا يبقى معها ريبة فمن يطلع إليها ويحقق أدلتها حتى يخبر بسببها
عن وقت الكسوف وقدرهما ومدة بقائهما إلى الانجلاء إذا قيل له أن هذا على خلاف الشرع
لم يسترب فيه وإنما يستريب في الشرع وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقة أكثر من ضرره
ممن يطعن فيه وهو كما قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل فإن قيل فقد قال رسول الله صلى الله
143

عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم
ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة فكيف يلائم هذا ما قالوه قلنا ليس في هذا ما يناقض
ما قالوه إذ ليس فيه إلا نفي الكسوف لموت أحد وحياته والامر بالصلاة عنده والشرع
الذي يأمر بالصلاة عند الزوال والغروب والطلوع من أين يبعد منه أن يأمر
عند الخسوف بهما استحبابا فإن قيل فقد روى في آخر الحديث ولكن الله إذا تجلى لشئ
خشع له فيدل أن الكسوف خشوع بسبب التجلي قلنا هذه الزيادة لم يصح نقلها فيجب تكذيب
ناقلها ولو كان صحيحا لكان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية فكم من ظواهر أولت
بالأدلة العقلية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد وأعظم ما يفرح به الملحد أن يصرح ناصر
الشرع بأن هذا وأمثاله على خلاف الشرع فيسهل عليه طريق إبطال الشرع قال التاج السبكي
وهو صحيح غير أن إنكار حديث أن الله تعالى إذا تجلى لشئ من خلقه خشع له ليس بجيد فإنه
مروي في النسائي وغيره ولكن تأويله ظاهر فأي بعد في أن العالم بالجزئيات ومقدر الكائنات
سبحانه يقدر في أزل الآزال خسوفهما بتوسط الأرض بين القمر والشمس ووقوف جرم القمر
بين الناظر والشمس ويكون ذلك وقت تجليه سبحانه وتعالى عليهما فالتجلي سبب لكسوفهما
144

قضت العادة بأنه يقارن توسط الأرض ووقوف جرم القمر لا مانع من ذلك ولا ينبغي منازعة
145

القوم فيه إذا دلت عليه براهين قطعية
146

تكعكعت أي تأخرت قال إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته
لأكلتم منه ما بقيت الدنيا قال بن بطال لم يأخذ العنقود لأنه من طعام الجنة وهو لا يفنى
والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها مالا يفنى وقيل لأنه لو رآه الناس لكان ايمانهم
بالشهادة لا بالغيب فيخشى أن يقع رفع التوبة فلا ينفع نفسا إيمانها وقيل لان الجنة جزاء
الاعمال والجزاء بها لا يقع الا في الآخرة ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط المراد
باليوم الوقت الذي هو فيه أي لم أر منظرا مثل منظر رأيته اليوم فحذف المرئي وأدخل
التشبيه على اليوم بشناعة ما رأى فيه وبعده عن المنظر المألوف وقيل الكاف هنا اسم
وتقديره ما رأيت مثل هذا منظرا أو منظرا تمييز ورأيت أكثر أهلها النساء قال
الحافظ بن حجر هذا يفسر وقت الرؤية في قوله لهن في خطبة العيد تصدقن فإني رأيتكن أكثر
أهل النار
147

قيل يكفرن بالله القائل أسماء بنت يزيد بن السكن التي تعرف بخطيبة النساء يكفرن العشير
أي الزوج قال الكرماني ولم يعده بالباء كما عدى الكفر بالله لان كفر العشير لا يتضمن معنى
الاعتراف إذ المراد كفر إحسانه لا كفران ذاته والمراد بكفر الاحسان تغطيته أو جحده
لو أحسنت إلى إحداهن الدهر بالنصب على الظرفية والمراد منه مدة عمر الرجل فالزمان
كله مبالغة في كفرانهن وليس المراد بقوله أحسنت مخاطبة رجل بعينه بل كل من يتأتى منه أن يكون
مخاطبا فهو خاص لفظا عام معنى ثم رأت منك شيئا التنوين فيه للتقليل أي شيئا قليلا لا يوافق غرضها
148

من أي نوع كان
149

خسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم فزعا قال الكرماني بكسر
الزاي صفة مشبهة وبفتحها مصدر بمعنى الصفة أو مفعول مطلق لفعل مقدر خشي أن تكون
الساعة قال الكرماني بالرفع والنصب قال وهذا تمثيل من الراوي كأنه قال فزعا كالخاشي
أن تكون القيامة والا فكان النبي صلى الله عليه وسلم عالما بأن الساعة لا تقوم وهو بين أظهرهم
وقد وعد الله تعالى إعلاء دينه على الأديان كلها ولم يبلغ الكتاب أجله وقال النووي هذا
قد يشكل من حيث إن الساعة لها مقدمات كثيرة لا بد من وقوعها ولم تكن وقعت كطلوع
الشمس من مغربها وخروج الدابة والنار والدجال وقتال الترك وأشياء أخر لا بد من وقوعها
قبل الساعة كفتوح الشام والعراق ومصر وغيرهما وإنفاق كنوز كسرى في سبيل الله وقتال
الخوارج وغير ذلك من الأمور المشهورة في الأحاديث الصحيحة ويجاب عنه بأجوبة أحدها
لعل هذا الكسوف كان قبل إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأمور الثاني لعله خشي
حدوث بعض مقدماتها الثالث أن رواية ظن أنه صلى الله عليه وسلم خشي أن تكون الساعة
153

وليس يلزم من ظنه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خشي ذلك حقيقة بل خرج النبي
صلى الله عليه وسلم مستعجلا مهتما بالصلاة وغيرها من أمر الكسوف مبادرا إلى ذلك وربما
خاف أن يكون نوع عقوبة فظن الراوي خلاف ذلك ولا اعتبار بظنه اه فقام يصلي
بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاة قط قال الكرماني إما أن حرف النفي
مقدر قبل رأيته كما في قوله تعالى تفتؤ تذكر يوسف وإما أن أطول مقدر بمعنى عدم المساواة أي بما لم يساو قط
قياما رأيته يفعله أو قط بمعنى حسب أي صلى في ذلك اليوم فحسب بأطول قيام رأيته يفعله أو أنه بمعنى أبدا
كتاب الاستسقاء
هلكت المواشي وانقطعت السبل المراد بذلك أن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر
154

أو لكونها لا تجد في طريقها من الكلأ ما يقيم أودها وقيل المراد نفاد ما عند الناس من الطعام
أو قلته فلا يجدون ما يجلبونه من الأسواق والآكام بكسر الهمزة وقد تفتح وتمد جمع أكمة
بفتحات وهي التراب المجتمع وقيل ما ارتفع من أرض وقيل الهضبة الضخمة وقيل الجبل
الصغير فانجابت عن المدينة انجياب الثوب قال في النهاية أي خرجت عنها كما يخرج الثوب
عن لابسه وقال الزركشي هو نصب على المصدر أي تقطعت كما يقطع الثوب قطعا متفرقة
155

متبذلا بمثناة ثم موحدة ثم ذال معجمة قال في النهاية التبذل ترك التزين والتهئ بالهيئة الحسنة
156

الجميلة على جهة التواضع
157

عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شئ من الدعاء
إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه قال النووي هذا
الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع صلى الله عليه وسلم يديه إلا في الاستسقاء وليس الامر
كذلك بل قد ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء وهي أكثر من أن
تحصر فيتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلا في
الاستسقاء أو أن المراد لم أره يرفع وقد رآه غيره يرفع فتقدم رواية المثبتين فيه وقال الحافظ
بن حجر ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء وهو معارض بالأحاديث الثابتة في الرفع
في غير الاستسقاء وهي كثيرة فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى وحمل حديث أنس لأجل
الجمع بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة أما الرفع البليغ ويدل عليه قوله حتى يرى بياض إبطيه
وأما صفة اليدين في ذلك لما رواه مسلم من رواية ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه
158

وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء ولأبي داود من حديث أنس كان يستسقي هكذا ومد يديه
وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه قال النووي قال العلماء السنة في كل
دعاء لرفع بلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهر كفيه إلى السماء وإذا دعا لسؤال شئ وتحصيله أن يجعل
كفيه إلى السماء وقال غيره الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره التفاؤل
بتقلب الحال ظهرا لبطن كما قيل في تحويل الرداء هو إشارة إلى صفة المسؤول وهو نزول السحاب
إلى الأرض قال الحافظ بن حجر واستدل به على أن إبطيه لم يكن عليهما شعر قال وفيه نظر
فقد حكى المحب الطبري في الاستسقاء من الاحكام له أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن
الإبط من جميع الناس متغير اللون غيره قال الزركشي كان هذا لجماله صلى الله عليه وسلم فإن كل
إبط من الناس متغير لأنه مغموم مراوح وكان منه صلى الله عليه وسلم أبيض عطرا مقنع
بكفيه أي رافعهما اللهم اسقنا يجوز فيه قطع الهمزة ووصلها لأنه ورد في القرآن ثلاثيا
159

ورباعيا قزعة بفتحتين أي القطعة من الغيم وخصه أبو عبيد بما يكون في الخريف
160

تقشعت أي أقلعت وتصدعت وانها لفي مثل الإكليل بكسر الهمزة وسكون الكاف
كل شئ دار بين جوانبه اللهم أغثنا قال القاضي عياض والقرطبي كذا الرواية بالهمزة رباعيا
أي هب لنا غيثا والهمزة فيه للتعدية وقيل صوابه غثنا لأنه من غاث قال وأما أغثنا فإنه من
الإغاثة بمعنى المعونة وليس من طلب الغيث ولا قزعة هي بفتح القاف والزاي القطعة من
السحاب قال أبو عبيد وأكثر ما يكون ذلك في الخريف سلع بفتح المهملة وسكون اللام
161

جبل معروف بالمدينة فطلعت سحابة مثل الترس قال ثابت وجه التشبيه في كثافتها واستدارتها
ولم يرد في قدرها ما رأينا الشمس ستا في رواية سبتا أي أسبوعا وكانت اليهود تسمى الأسبوع
السبت باسم أعظم أيامه عندهم فتبعهم الأنصار في هذا الاصطلاح ثم لما صار الجمعة أعظم أيامه
عند المسلمين سموا الأسبوع جمعة وذكر النووي والقرطبي وغيرهما أن رواية ستا تصحيف
اللهم حوالينا بفتح اللام وفيه حذف تقديره اجعل أو أمطر والمراد به صرف المطر عن الأبنية
والدور ولا علينا قال الطيبي في إدخال الواو هنا معنى لطيف وذلك أنه لو أسقطها كان مستسقيا
للآكام وما معها فقط ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصودا لعينه
ولكن ليكون وقاية من أذى المطر فليست الواو محصلة للعطف ولكنها للتعليل وهو كقولهم
تجوع الحرة ولا تأكل بثديها فإن الجوع ليس مقصود العينة ولكن لكونه مانعا عن الرضاع بأجرة
إذ كانوا يكرهون ذلك والظراب بكسر المعجمة وآخره موحدة جمع ظرب بفتح أوله وكسر الراء
162

وقد تسكن قال الفراء هو الجبل المنبسط ليس العالي وقال الجوهري الرابية الصغيرة صيبا هو المطر
164

بنوء المجدح هو النجم من النجوم قيل هو الدبران وقيل هو ثلاثة كواكب كالأثافي
تشبيها بالمجدح الذي له ثلاث شعب وهو عند العرب من الأنواع الدالة على المطر قحط
المطر أي امتنع وانقطع وفي البارع قحط المطر بفتح القاف والحاء وقحط الناس بفتح
165

الحاء وكسرها وفي الافعال بالوجهين في المطر وحكى قحط الناس بضم القاف وكسر الحاء
فتكشطت أي تكشفت مثل الجوبة بفتح الجيم ثم الموحدة وهي الحفرة المستديرة
166

الواسعة والمراد هنا الفرجة في السحاب قال القرطبي المعنى أن السحاب تقطع حول المدينة
مستديرا وانكشف عنها حتى باينت ما جاوزها مباينة الجوبة لما حولها وضبطه بعضهم بالنون
بدل الموحدة قال عياض وهو تصحيف بالجود هو المطر الواسع الغزير
كتاب صلاة الخوف
قال النووي روى أبو داود وغيره وجوها في صلاة الخوف يبلغ مجموعها ستة عشر وجها
167

وقال الخطابي صلاة الخوف أنواع صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وأشكال
متباينة يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة وهي على اختلاف صورها
متفقة المعنى قال الإمام أحمد أحاديث صلاة الخوف صحاح كلها ويجوز أن يكون في مرات مختلفة
على حسب شدة الخوف ومن صلى بصفة منها فلا حرج عليه وقال الحافظ بن حجر لم يقع في شئ
168

من الأحاديث المروية في صلاة الخوف تعرض لكيفية صلاة المغرب فرض الله الصلاة
على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة قال
النووي هذا الحديث قد عمل بظاهره طائفة من السلف منهم الحسن البصري والضحاك وإسحاق
بن راهويه وقال الشافعي ومالك والجمهور إن صلاة الخوف كصلاة الامن في عدد الركعات فإن
كانت في الحضر وجب أربع ركعات وان كانت في السفر وجب ركعتان ولا يجوز الاقتصار
على ركعة واحدة في حال من الأحوال وتأولوا هذا الحديث على أن المراد ركعة مع الامام وركعة
أخرى يأتي بها منفردا كما جاءت الأحاديث في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الخوف
وهذا التأويل لا بد منه للجمع بين الأدلة الزبيدي بزاي مضمومة
169

وجاه العدو بكسر الواو وضمها أي مواجهة قبل بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة نجد
فوازينا أي قابلنا قال صاحب الصحاح يقال آزيت يعني بهمزة ممدودة لا بالواو وقال
171

الحافظ بن حجر والذي يظهر أن أصلها الهمزة فقلبت واوا
172

كتاب العيدين
أخبرنا محمد بن منصور قال حدثنا سفيان قال حدثني ضمرة بن سعيد أن عبيد الله بن عبد الله
179

قال خرج عمر رضي الله عنه يوم عيد فسأل أبا واقد الليثي بأي شئ كان النبي صلى الله عليه
وسلم يقرأ في هذا اليوم فقال بقاف واقتربت قال القاضي هذا الحديث غير متصل لان عبيد الله
لا سماع له من عمر وقد وصله مسلم من طريق فليح عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله
184

بن عتبة عن أبي واقد الليثي قال سألني عمر فذكره قال القاضي وغيره وسؤال عمر أبا واقد ومثل
185

عمر لم يخف عليه هذا مع شهوده صلاة العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات وقربه منه
لعله اختبار له هل حفظ ذلك أم لا أو يكون قد شك أو نازعه غيره ممن سمعه يقرأ في ذلك بسبح
والغاشية فأراد عمر الاستشهاد عليه بما سمعه أيضا أبو واقد قالوا والحكمة في قراءة قاف واقتربت
لما اشتملتا عليه من الاخبار بالعبث والاخبار عن القرون الماضية واهلاكه المكذبين وتشبيه
بروز الناس للعيد ببروزهم للبعث وخروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر ثم مال ومضى
إلى النساء قال القاضي عياض هذا خاص به صلى الله عليه وسلم وليس على الأئمة فعله ولا يباح
186

قطع الخطبة بنزوله لوعظ النساء ومن بعد من الرجال فقالت امرأة من سفلة النساء بالفاء قال
القاضي عياض زعم شيوخنا أن هذه الرواية هي الصواب وكذا هي في مصنف بن أبي شيبة
والذي في الصحيح من ثبطة النساء بالطاء تصحيف ويؤيده أن في رواية أخرى فقامت امرأة ليست
من علية النساء سفعاء الخدين السفعة نوع من السواد وليس بالكثير وقيل هي سواد مع لون
آخر تكثرن الشكاة بفتح الشين أي التشكي وتكفرن العشير الزوج وأقرطهن جمع
187

قرط وهو نوع من حلي الآذان قال بن دريد كل ما علق في شحمة الآذان فهو قرط سواء كان من
ذهب أو خرز وقال القاضي عياض قيل الصواب قرطتهن بحذف الألف وهو المعروف جمع
قرط كخرج وخرجة ويقال في جمعه قراط لا سيما وقد صح في الحديث وأحسن الهدى هدى
محمد قال القرطبي بضم الهاء وفتح الدال فيهما وبفتح الهاء وسكون الدال فيهما وهما من أصل
واحد والهدى بالضم الدلالة والارشاد والهدى بالفتح الطريق يقال فلان حسن الهدى أي
المذهب في الأمور كلها أو السيرة وشر الأمور محدثاتها قال القرطبي يعني المحدثات التي ليس في الشريعة
188

أصل يشهد لها بالصحة وهي المسماة بالبدع وكل بدعة ضلالة قال النووي هذا عام
مخصوص والمراد غالب البدع قال أهل اللغة البدعة كل شئ عمل على غير مثال سابق قال العلماء
البدعة خمسة أقسام واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة فمن الواجبة نظم أدلة المتكلمين
للرد على الملاحدة المبتدعين وما أشبه ذلك ومن المندوبة تصنيف كتب العلم وبناء المدارس
والربط وغير ذلك ومن المباحة التبسط في ألوان الأطعمة وغير ذلك والحرام والمكروه ظاهران
وإذا عرف ذلك علم أن الحديث وما أشبهه من العام المخصوص يؤيده قول عمر في التراويح نعمت
البدعة ولا يمنع من كون الحديث عاما مخصوصا قوله كل بدعة بكل بل يدخله التخصيص مع ذلك
كقوله تعالى تدمر كل شئ بعثت أنا والساعة كهاتين قال النووي روى برفعها على العطف وبنصبها
على المفعول معه وهو المشهور قال القاضي عياض يحتمل أنه تمثيل لمقارنتهما وأنه ليس بينهما أصبع
أخرى كما أنه لا نبي بينه صلى الله عليه وسلم وبين الساعة ويحتمل أنه لتقريب ما
بينهما من المدة وأن التفاوت بينهما كنسبة التفاوت بين الإصبعين تقريبا لا تحديدا ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي أو علي قال القاضي
عياض اختلف الشارحون في معنى هذا الحديث فذهب بعضهم إلى أنه ناسخ لتركه الصلاة على من
مات وعليه دين وقوله صلوا على صاحبكم وان النبي صلى الله عليه وسلم تكفل بديون أمته والقيام
189

بمن تركوه وهو معنى قوله هذا عنده وقيل ليس بمعنى الحمالة لكنه بمعنى الوعد بأن الله تعالى
ينجز له ولامته ما وعدهم من فتح البلاد وكنوز كسرى وقيصر فيقضي منها ديون من عليه دين
وقال النووي قال أصحابنا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي على من مات وعليه دين لم يخلف
190

له وفاء لئلا يتساهل الناس في الاستدانة ويهملوا الوفاء فزجرهم عن ذلك بترك الصلاة عليهم
فلما فتح الله على المسلمين مبادى الفتوح قال من ترك دينا فعلي قضاؤه واختلف أصحابنا هل كان
يجب عليه قضاء ذلك الدين أو كان يقضيه تكرما والأصح أنه كان واجبا عليه واختلف هل هو
من الخصائص فقيل نعم وقيل لا بل يلزم الامام أن يقضي من بيت المال دين من مات وعليه دين
إذا لم يخلف وفاء كان في بيت المال سعة والضياع بفتح الضاد الأطفال والعيال وأصله مصدر ضاع
يضيع فسمى العيال بالمصدر كما يقال مات وترك فقرا أي فقراء وان كسرت الضاد كان جمع ضائع
191

كجائع وجياع قاله في النهاية كثير بن الصلت بفتح المهملة وسكون اللام ومثناة فوقية
192

كندى ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه قليلا فسماه كثيرا أملحين قال في النهاية
193

الأملح الذي بياضه أكثر من سواده وقيل هو النقي البياض عن عائشة قالت رأيت رسول الله
195

صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد قال النووي
يحتمل أن يكون ذلك قبل بلوغ عائشة أو قبل نزول الآية في تحريم النظر أو كانت تنظر إلى لعبهم
بحرابهم لا إلى وجوهم وأبدانهم وإن وقع بلا قصد أمكن أن تصرفه في الحال وقال الشيخ عز الدين
بن عبد السلام في تمكينه صلى الله عليه وسلم الحبشة من اللعب في المسجد دليل على جواز ذلك فلم
كره العلماء اللعب في المساجد قال والجواب أن لعب الحبشة كان بالسلاح واللعب السلاح
مندوب إليه للقوة على الجهاد فصار ذلك من القرب كإقراء علم وتسبيح وغير ذلك من القرب
ولان ذلك كان على وجه الندور والذي يفضى إلى امتهان المساجد إنما هو أن يتخذ ذلك عادة
مستمرة ولذلك قال الشافعي رضي الله عنه لا أكره القضاء في المسجد المرة والمرتين وإنما
أكرهه على وجه العادة بنو أرفدة بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء وقد تفتح قيل
196

هو لقب للحبشة وقيل هو اسم جنس لهم وقيل اسم جدهم الأكبر وعندها جاريتان
الجارية في النساء كالغلام في الرجال يقعان على من دون البلوغ فهما وللطبراني أن إحداهما
كانت لحسان بن ثابت ولابن أبي الدنيا في العيدين وحمامة وصاحبتها تغنيان قال الحافظ بن حجر
وإسناده صحيح قال ولم أقف على اسم الأخرى قال ولم يذكر حمامة الذين صنفوا في الصحابة
وهي على شرطهم يضربان بالدف بضم الدال على الأشهر وقد تفتح وهو الذي لا جلاجل
فيه فإن كانت فيه فهو المزهر وتغنيان أي ترفعان أصواتهما بإنشاد الشعر وهو قريب من
الحداء زاد في رواية البخاري بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث أي قال بعضهم لبعض من فخر أو هجاء
كتاب قيام الليل وتطوع النهار
صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا قال الكرماني أي مثل القبور بأن لا تصلوا فيها قال بن
197

بطال شبه البيت الذي لا يصلى فيه بالقبر الذي لا يتعبد فيه والنائم بالميت الذي انقطع منه فعل الخير
198

وقال الخطابي فيه دليل على أن الصلاة لا تجوز في المقابر ويحتمل أن يكون معناه لا تجعلوا بيوتكم
199

أوطانا للنوم لا تصلوا فيها فإن النوم أخو الموت وأما من أوله على النهي عن دفن الموتى في البيوت
فليس بشئ وقد دفن صلى الله عليه وسلم في بيته وقال الكرماني هو شئ ودفنه صلى الله عليه وسلم
فيه لعله من خصائص صلى الله عليه وسلم سيما وقد روى أن الأنبياء يدفنون حيث يموتون
200

من قام رمضان إيمانا قال النووي أي تصديقا بأنه حق وطاعة واحتسابا أي إرادة وجه
الله لا لرياء ونحوه فقد يفعل الانسان الشئ الذي يعتقد أنه صدق لكن لا يفعل مخلصا بل لرياء
201

أو خوف ونحوه انتهى ونصبهما على المفعول له أو الحال أو التمييز خشيت أن يفرض عليكم
زاد في رواية مسلم صلاة الليل فتعجزوا عنها قال المحب الطبري يحتمل أن يكون الله أوحى إليه
انك ان واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم فأحب التخفيف عنهم فترك المواظبة قال
202

ويحتمل أن يكون ذلك وقع في نفسه كما اتفق في بعض القرب التي داوم عليها فافترضت وسئل
الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن هذا الحديث أنه يدل على أن المداومة على ما ليس بواجب
تصيره واجبا والمداومة لم تعهد في الشرع مغيرة لاحكام الافعال فكيف خشي عليه الصلاة
والسلام أن يغير بالمداومة حكم القيام فأجاب بأنه صلى الله عليه وسلم منه تتلقى الاحكام والأسباب
فإن أخبر أن ههنا مناسبة اعتقدنا ذلك واقتصرنا بهذا الحكم على مورده إذا نام أحدكم عقد
الشيطان على رأسه ثلاث عقد يحتمل أنه إبليس أو القرين أو غيره قال البيضاوي والتقييد بالثلاث
203

اما للتأكيد أو لان ما تنحل به عقدة ثلاث أشياء الذكر والوضوء والصلاة فكأن الشيطان منع عن
كل واحدة منها بعقدة عقدها يضرب أي بيده على كل عقدة تأكيدا لها وإحكاما قائلا
عليك ليلا طويلا بالنصب على الاغراء وروى بالرفع على الابتداء أي باق عليك أو بإضمار
فعل أي بقي قال القرطبي الرفع أولى من جهة المعنى لأنه أمكن في الغرور من حيث أنه يخبره
عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد بقوله فارقدوا على الاغراء لم يكن فيه إلا الامر بملازمة طول الرقاد
وحينئذ يكون قوله فارقد ضائعا واختلف في هذا العقد فقيل هو على حقيقته وأنه كما يعقد الساحر
من يسحره وقيل مجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور بجامع المنع من
التصرف بال الشيطان في أذنيه قيل هو على حقيقته قال القرطبي وغيره لا مانع من ذلك
204

إذ لا إحالة فيه لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب وينكح فلا مانع من أن يبول وقيل هو كناية
عن سد الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر وقيل معناه أن الشيطان
ملا سمعه بالأباطيل فحجبه عن الذكر وقيل هو كناية عن ازدراء الشيطان له وقيل معناه أن
الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول إذ من عادة المستخف بالشئ
أن يبول عليه قال الطيبي خص الاذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم
فإن المسامع هي موارد الانتباه وخص البول لأنه أسهل مدخلا في التجاويف وأسرع نفوذا
في العروق فيورث الكسل في جميع الأعضاء طرقه وفاطمة بالنصب عطف على الضمير
والطروق الاتيان بالليل بعثنا بالمثلثة أي أيقظنا ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه يقول
205

وكان الانسان أكثر شئ جدلا قال بن التين فيه جواز الانتزاع من القرآن وقال النووي المختار
في معناه أنه تعجب من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بهذا ولهذا ضرب فخذه وقيل
قاله تسليما لعذرهما ولأنه لا عتب عليهما هويا من الليل قال في النهاية الهوى بالفتح الحين
206

الطويل من الزمان وقيل هو مختص بالليل حميد بن عبد الرحمن هو بن عوف عن أبي هريرة قال النووي اعلم أن أبا
هريرة يروي عنه اثنان كل منهما حميد بن عبد الرحمن أحدهما
هذا الحميري والثاني حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قال الحميدي في الجمع بين الصحيحين
كل ما في الصحيحين حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة فهو الزهري الا في هذا الحديث خاصة
وهذا الحديث لم يذكره البخاري في صحيحه ولا ذكر الحميدي في البخاري أصلا ولا في مسلم
الا في هذا الحديث أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم قال الحافظ أبو الفضل
العراقي في شرح الترمذي ما الحكمة في تسمية المحرم شهر الله والشهور كلها لله يحتمل أن يقال
أنه لما كان من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال وكان أول شهور السنة أضيف إليه إضافة
تخصيص ولم يصح إضافة شهر من الشهور إلى الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم الا شهر الله
المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل استدل به أبو إسحاق المروزي من أصحابنا
على أن صلاة الليل أفضل من السنن الراتبة وقال أكثر أصحابنا الرواتب أفضل لأنها تشبه الفرائض
207

قال النووي والأول أقوى وأوفق للحديث يتملقني قال في النهاية الملق بالتحريك الزيادة
في التردد والدعاء والتضرع الله تعالى إذا سمع الصارخ قال النووي هو الديك باتفاق العلماء قالوا
208

وسمى بذلك لكثرة صياحه أنت نور السماوات والأرض أي منورهما وبك يهتدى من فيهما وقيل
المعنى أنت المنزه من كل عيب يقال فلان منور أي مبرأ من كل عيب ويقال هو اسم مدح تقول فلان
نور البلد أي مزينه أنت قيام السماوات قال قتادة القيام القائم بتدبير خلقه المقيم لغيره
209

أنت حق هو المتحقق الوجود الثابت بلا شك فيه قال القرطبي هذا الوصف له سبحانه
بالحقيقة خاص به لا ينبغي لغيره إذ وجوده لذاته فلم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم بخلاف غيره
ووعدك حق أي ثابت والساعة حق أي يوم القيامة والنبيون حق ومحمد حق من
عطف الخاص على العام تعظيما له لك أسلمت أي انقدت وخضعت وبك آمنت
أي صدقت وبك خاصمت أي بما أعطيتني من البرهان وبما لقنتني من الحجة وإليك
حاكمت أي كل من جحد الحق اغفر لي ما قدمت أي قبل هذا الوقت وما أخرت
عنه وما أسررت وما أعلنت أي أخفيت وأظهرت أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به
لساني أنت المقدم وأنت المؤخر قال المهلب أشار بذلك إلى نفسه لأنه المقدم في البعث
في الآخرة والمؤخر في البعث في الدنيا وقال القاضي عياض قيل معناه المنزل للأشياء منازلها
يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء وجعل عباده بعضهم فوق بعض
درجات وقيل هو بمعنى الأول والآخر إذ كل متقدم على متقدم فهو قبله وكل مؤخر على
متأخر فهو بعده ويكون المقدم والمؤخر بمعنى الهادي والمضل قدم من شاء لطاعته لكرامته
210

وأخر من شاء بقضائه لشقاوته وقال الكرماني هذا الحديث من جوامع الكلم لان
لفظ القيام إشارة إلى أن وجود الجواهر وقوامها منه وبالنور إلى أن الاعراض أيضا منه
وبالملك إلى أنه حاكم عليها إيجادا وإعداما يفعل ما يشاء وكل ذلك من نعم الله تعالى على
عباده فلهذا قرن كلا منها بالحمد وخصص الحمد به ثم قوله أنت الحق إشارة إلى أنه المبدئ
للفعل والقول ونحوه إلى المعاش والساعة ونحوها إشارة إلى المعاد وفيه الإشارة إلى النبوة
والى الجزاء ثوابا وعقابا ووجوب الايمان والاسلام والتوكل والإنابة والتضرع إلى الله
تعالى والخضوع له في عرض الوسادة ضبطه الأكثرون بفتح العين ورواه الداودي بالضم
وهو الجانب قال النووي والصحيح الفتح قال والمراد بالوسادة التي تكون تحت الرؤس وقيل
211

هي هنا الفراش وهو ضعيف أو باطل فاطر السماوات والأرض أي مبدعهما اهدني لما اختلف
213

فيه من الحق قال النووي معناه ثبتني عليه
214

وهو قائم يصلي في قبره قال الشيخ بدر الدين بن الصاحب في مؤلف له في حياة الأنبياء هذا
صريح في إثبات الحياة لموسى في قبره فإنه وصفه بالصلاة وأنه قائم ومثل ذلك لا يوصف به
الروح وإنما يوصف به الجسد وفي تخصيصه بالقبر دليل على هذا فإنه لو كان من أوصاف الروح
215

لم يحتج لتخصيصه بالقبر وقال الشيخ تقي الدين السبكي في هذا الحديث الصلاة تستدعى جسدا
حيا ولا يلزم من كونها حياة حقيقة أن تكون الأبدان معها كما كانت في الدنيا من الاحتياج إلى الطعام
والشراب وغير ذلك من صفات الأجسام التي نشاهدها بل يكون لها حكم آخر
216

أجل أي نعم وزنا ومعنى أن لا يلبسنا شيعا أي لا يجعلنا فرقا مختلفين
217

وشد المئزر قال في النهاية هو كناية عن اجتناب النساء أو عن الجد والاجتهاد في العمل
218

أو عنهما معا قالوا لزينب هي بنت جحش ذكره الخطيب وغيره فترت بفتح المثناة
أي كسلت عن القيام ليصل أحدكم نشاطه بفتح النون أي مدة نشاطه تزلع بزاي وعين مهملة
219

بعدما حطمه الناس قال في النهاية يقال حطم فلانا أهله إذا كبر فيهم كأنهم بما حملوه من أثقالهم
224

صيروه شيخا محطوما مترسلا يقال ترسل الرجل في كلامه ومشيه إذا لم يعجل
226

أوصاني خليلي قال النووي لا يخالف قوله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا غير ربي لان
الممتنع أن يتخذ النبي صلى الله
229

عليه وسلم غيره خليلا ولا يمتنع اتخاذ الصحابي وغيره النبي صلى الله عليه وسلم خليلا لا وتران في ليلة هو على لغة بلحارث الذين يجرون المثنى بالألف في كل حال
230

وكان القياس على لغة غيرهم لا وترين إن عيني تنام ولا ينام قلبي زاد البيهقي من حديث أنس
وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام قد أورد على
234

هذه قضية الوادي لما نام عليه الصلاة والسلام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فلو كانت
235

حواسه باقية مدركة مع النوم لأدرك الشمس وطلوع النهار قال والجواب أن أمر الوادي مستثنى من
عادته وداخل في عاداتنا وقال القاضي عياض من أهل العلم من تأول الحديث على أن ذلك
236

غالب أحواله وقد ينام نادرا ومنهم من تأوله على أنه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث والأولى
237

عندي أن يقال ما بين الحديثين تناقض وأنه يوم الوادي إنما نامت عيناه فلم ير طلوع الشمس
وطلوعها إنما يدرك بالعين دون القلب قال وقد تكون هذه الغلبة هنا للنوم والخروج عن عادته
238

فيه لما أراد الله تعالى من بيانه سنة النائم عن الصلاة كما قال لو شاء الله لأيقظنا ولكن أراد أن
تكون لمن بعدكم قال الشيخ ولي الدين العراقي وفي مسند أحمد أن بن صياد تنام عينه ولا
239

ينام قلبه وكان ذلك في المكر به وأن يصير مستيقظ القلب في الفجور والمفسدة ليكون أبلغ
في عقوبته بخلاف استيقاظ قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم فإنه في المعارف الإلهية والمصالح
240

التي لا تحصى فهو رافع لدرجاته ومعظم لشأنه
241

كلا يتوسد القرآن قال في النهاية يحتمل أن يكون مدحا وذما فأما المدح فمعناه أنه لا ينام الليل عن
القرآن ولا يتهجد به فيكون القرآن متوسدا معه بل هو يداوم قراءته ويحافظ عليها والذم معناه
لا يحفظ من القرآن شيئا ولا يديم قراءته فإذا نام لم يتوسد معه القرآن وأراد بالتوسد النوم
257

من نام عن حزبه عن الجزء من القرآن يصلي به فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر
كتب له كأنما قرأه من الليل قال القرطبي هذا الفضل من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل
259

لمن غلبه نوم أو عذر منعه من القيام مع أن نيته القيام قال وظاهره أن له أجره مكملا مضاعفا
260

وذلك لحسن نيته وصدق تلهفه وتأسفه وهو قول بعض شيوخنا وقال بعضهم يحتمل أن يكون
261

غير مضاعف إذ التي يصليها أكمل وأفضل والظاهر الأول
(تم الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع وأوله كتاب الجنائز)
262