الكتاب: مجمع الزوائد
المؤلف: الهيثمي
الجزء: ٩
الوفاة: ٨٠٧
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٨ - ١٩٨٨ م
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: طبع بإذن خاص من ورثة حسام الدين القدسي مؤسس مكتبة القدسي بالقاهرة

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807
بتحرير الحافظين الجليلين: العراقي وابن حجر
الجزء التاسع
دار الكتب العلمية
بيروت لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
(باب منه في طاعتهم)
عن ابن عباس أن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله
إن به لمما (1) وإنه يأخذ عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم
صدره ودعا لخ فثع (2) ثعة فخرج من فيه مثل الجر والأسود فشفى. وفى رواية فثع
ى فسعل. رواه أحمد والطبراني وفيه فرقد السبخي وثقه ابن معين والعجلي وضعفه
غيرهما. وعن الوازع قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والأشج المنذر بن
ابن عاصم أو عامر بن المنذر ومعهم رجل مصاب فانتهوا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وثبوا عن رواحلهم فقبلوا يده ثم نزل الأشج فعقل
رواحلهم وأخرج عيبته (3) ففتحها ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فقال النبي
صلى الله عليه وسلم يا أشج ان فيك خلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة قال
يا رسول الله أنا أتخلقهما أو جبلني الله عليهما قال بل جبلك الله عليهما قال الحمد لله
الذي جبلني على خلتين (4) يحبهما الله ورسوله فقال الوازع يا رسول الله ان معي
خالا مصابا فادع الله له قال أين هو إئتني به قال فصنعت به مثل ما صنع الأشج
ألبسته ثوبيه فأتيته فاخذ طائفة من ردائه فرفعها حتى رأيت بياض إبطه ثم ضرب
بظهره قال اخرج عدو الله فولى وجهه وهو ينظر نظر رجل صحيح. رواه أحمد وفيه
هند بنت الوازع ولم أعرفها، وبقية رجاله ثقات. وعن أم أبان بنت الوازع عن أبيها
أن جدها الوازع انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق معه بابن له مجنون أو ابن
أخت له قال جدي فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قلت يا رسول

(1) اللمم: طرف من الجنون يلم بالانسان أي يقرب منه ويعتريه.
(2) الثع: القئ.
(3) العيبة: زبيل من ادم، وما يجعل فيه الثياب.
(4) في نسخة " خلقين ".
2

الله ان معي ابن لي أو ابن أخت لي مجنون آتيك به فتدعوا الله عز وجل له قال إئتني
به فانطلقت إليه وهو في الركاب فأطلقت عنه وألقيت عليه ثياب السفر وألبسته ثوبين
حسنين واخذت بيده حتى انتهيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ادنه منى
واجعل ظهره مما يليني قال فاخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله بجعل يضرب ظهره حتى
رأيت بياض إبطيه ويقول اخرج عدو الله اخرج عدو الله فاقبل ينظر نظر الصحيح
ليس نظره (1) الأول ثم أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فدعا له
فمسح وجهه فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه. رواه
الطبراني وأم أبان لم يرو عنها غير مطر. وعن عثمان بن أبي العاص قال شكوت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم نسيان القرآن فضرب صدري بيده فقال يا شيطان اخرج من
صدر عثمان فما نسيت منه شيئا بعد أحببت ان أذكره. رواه الطبراني وفيه عثمان بن
بسر ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. قلت وفى أحاديث نحو هذا المعنى في أثنائها في مواضعها
(باب منه)
عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدي قال حدثتني أمي أنها رأت رسول الله
صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة من بطن الوادي وخلفه إنسان يستره من الناس أن
يصيبوه بالحجارة وهو يقول أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا وإذا رميتم فارموا بمثل
حصى الخذف (2) ثم أقبل فأتته امرأة بابن لها فقالت يا نبي الله إن ابني هذا ذاهب العقل
فادع الله له قال لها إئتيني بماء فأتته بماء في تور (3) من حجارة فتفل فيه وغسل فيه وجهه
ثم دعا فيه ثم قال إذهبي فاغسليه به واستشفى الله فقلت لها هبي لي منه قليلا لابني هذا
فأخذت منه قليلا بأصابعي فمسحت بها شقة ابني فكان من أبر الناس فسألت المرأة
ما فعل ابنها قال برئ أحسن البرء قلت روى أبو داود منه رمى الحجارة رواه
أحمد والطبراني ورجاله وثقوا وفى بعضهم ضعف. (باب أدب الحيوانات معه صلى الله عليه وسلم)
عن عائشة قالت كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش فإذا خرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعب واشتد وأقبل وأدبر فإذا أحس رسول الله صلى الله عليه وسلم ربض

(1) في نسخة " بنظره ".
(2) أي الحصى الصغير.
(3) التور: إناء صغير.
3

فلم يترمرم (1) ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه. رواه
أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط: ورجال أحمد رجال الصحيح.
(باب في معجزاته صلى الله عليه وسلم في الحيوانات والشجر وغير ذلك)
عن أنس بن مالك قال كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون (2) عليه
وانه استصعب عليهم فمنعهم ظهره وان الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالوا إنه كان لنا جمل نستني عليه وانه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد
عطش الزرع والنخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا فقاموا فدخل
الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه فقالت الأنصار يا رسول الله قد صار مثل
الكلب الكلب نخاف عليك صولته قال ليس علي منه بأس فلما نظر الجمل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل فقال له أصحابه يا رسول الله هذا بهيمة
لا يعقل يسجد لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك قال لا يصلح لبشر أن يسجد
لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها
لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته
ما أدت حقه. رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح غير حفص ابن أخي أنس
وهو ثقة. وعن ابن عباس قال جاء قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ان
بعيرا لنا فطم في حائط فجاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعال فجاء مطأطأ رأسه حتى خطمه
وأعطاه أصحابه فقال له أبو بكر يا رسول الله كأنه علم أنك نبي فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما بين لابتيها أحد إلا يعلم أنى نبي ألا كفرة الجن والإنس. رواه الطبراني
ورجاله ثقات وفى بعضهم ضعف. وعن ابن عباس أن رجلا من الأنصار كان له فحلان
فاغتلما فأدخلهما حائطا فسد عليهما الباب ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن
يدعو له والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد مع نفر من الأنصار فقال يا نبي الله انى
جئت في حاجة وان فحلين لي اغتلما وإني أدخلتهما حائطا وسددت عليهما الباب فأحب
أن تدعوا لي ان يسخرهما الله لي فقال لأصحابه قوموا معنا فذهب حتى أتى الباب فقال
افتح فأشفق الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم قال افتح ففتح الباب فإذا أحد الفحلين

(1) أي سكن ولم يتحرك.
(2) أي يستقون.
4

قريب من الباب فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم سجد له فقال النبي صلى الله عليه
وسلم إئتني بشئ أشد برأسه وأمكنك منه فجاء بخطام فشد رأسه وأمكنه منه ثم مشى
إلى أقصى الحائط إلى الفحل الآخر فلما رآه وقع له ساجدا فقال للرجل ائتني بشئ أشد
رأسه فشد رأسه وأمكنه منه ثم قال اذهب فإنهما لا يعصيانك فلما رأى أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ذلك قالوا هذان فحلان لا يعقلان سجدا لك أفلا نسجد لك قال
لا آمر أحدا ان يسجد لأحد ولو أمرت أحدا يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد
لزوجها. رواه الطبراني وفيه أبو عزة الدباغ وثقة ابن حبان واسمه الحكم بن طهمان، وبقية
رجاله ثقات. وعن يعلى بن مرة قال لقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا
ما رآها أحد قبلي ولا يراها أحد بعدي لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض
الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها فقالت يا رسول الله هذا صبي أصابه بلاء
وأصابنا منه بلاء يؤخذ في اليوم لا أدرى كم مرة قال ناولينيه فحملته إليه فحمله بينه
وبين واسطة الرحل ثم فغر فاه (1) ونفث فيه ثلاثا وقال بسم الله أنا عبد الله إخس
عدو الله ثم ناولها إياه فقال ألقينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل قال فذهبنا
ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث فقال ما فعل صبيك فقالت والذي
بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة فاجتزر هذه الغنم قال انزل فخذ منها
واحدة ورد البقية، قال وخرجت ذات يوم إلى الجنان حتى إذا أبرز قال انظر ويحك
هل ترى شيئا يواريني قلت ما أرى شيئا يواريك إلا شجرة ما أراها تواريك قال فما
قربها قلت شجرة مثلها أن قريب منها قال اذهب إليهما فقل ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا بإذن الله قال فاجتمعا فبرز لحاجته ثم رجع قال اذهب
إليهما فقل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن ترجع كل واحدة منكما إلى
مكانها فرجعت قال وكنت معه جالسا ذات يوم إذ جاء جمل يخبب حتى ضرب بجرانه (2)
بين يديه ثم ذرفت عيناه فقال ويحك أنظر لمن هذا الجمل إن له لشأنا فخرجت ألتمس
صاحبه فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته إليه فقال ما شأن جملك هذا قال وما شأنه
قال لا أدرى والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فأتمرنا البارحة
ان ننحره ونقسم لحمه قال لا تفعل هبه لي أو بعنيه قال بل هو لك (3) يا رسول الله قال

(1) أي فتح فمه.
(2) الجران باطن العنق، أي مد عنقه.
(3) في نسخة " قال هو لك ".
5

فوسمه بميسم الصدقة ثم بعث به، وفى رواية عن يعلى قال أنى ما أظن أحدا رأى من رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا دون ما رأيت فذكر نحوه إلا أنه قال لصاحب البعير يشكوك
زعم انك سناته حتى كبر تريد أن تنحره قال صدقت والذي بعثك بالحق قد أردت
ذلك والذي بعثك بالحق لا أفعل، وفى رواية ثم سرنا ونزلنا منزلا فنام النبي صلى الله
عليه وسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ثم رجعت إلى مكانها فلما استيقظ
ذكرت له فقال هي شجرة استأذنت ربها عز وجل أن تسلم على رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأذن لها. رواه أحمد باسنادين والطبراني بنحوه، وأحد إسنادي أحمد رجاله
رجال الصحيح، وقال الطبراني في إحدى رواياته فمر عليه بعير ماد بجرانه يرغو فقال
على بصاحب هذا فجاء فقال هذا يقول نتجت عندهم فاستعملوني حتى إذا كبرت
أرادوا أن ينحروني، وقال فيها ما من شئ إلا يعلم أنى رسول الله إلا كفرة أو فسقة
الجن والإنس. وعن يعلى بن مرة عن أبيه قال وكيع مرة عن أبيه إن امرأة جاءت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم معها صبي لها به لمم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخرج عدو الله
أنا رسول الله قال فبرئ قال فأهدت إليه كبشين وشيئا من سمن وأقط قال فقال النبي
صلى الله عليه وسلم خذ الأقط والسمن وأحد الكبشين ورد عليها الآخر. رواه
أحمد ورجاله رجال الصحيح، وبسنده عن مرة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم
في سفر فنزل منزلا فقال إئت تلك الأشايتين (1) فقل لهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يأمركما أن تجتمعا فأتيتهما فقلت لهما فوثبت إحداهما إلى الأخرى فاجتمعتا فخرج النبي
صلى الله عليه وسلم فاستتر بهما فقضى حاجته ثم وثبت كل واحدة منهما إلى مكانها.
رواه أحمد أيضا. وعن يعلى بن سيابة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له
فأراد أن يقضى حاجته فأمر وديتين (1) فانضمت أحداهما إلى الأخرى ثم أمرهما
فرجعتا إلى منابتهما وجاء بعير يضرب بجرانه إلى الأرض وجرجر حتى انبل ما حوله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما يقول البعير إنه يزعم أن صاحبه يريد
نحره فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أواهبه أنت لي فقال يا رسول الله مالي مال
أحب إلى منه فقال استوص به معروفا فقال لا جرم ولا أكرم مالا لي كرامته يا رسول
الله وأتى على قبر يعذب صاحبه فقال إنه يعذب في غير كبير فأمر بجريدة فوضعت على

(1) أي نخلتين صغيرتين.
6

قبره وقال عسى أن يخفف عنه ما دامت رطبة. رواه أحمد والطبراني بنحوه ألا أنه
قال ثم أتى على قبرين، واسناده حسن. وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل
حائطا فجاء بعير فسجد له فقالوا نحن أحق أن نسجد لك فقال لو أمرت أحدا أن
يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه البزار وروى الترمذي طرفا من
آخره وإسناده حسن. وعن جابر بن عبد الله قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر
حتى إذا دفعنا إلى حائطين من حيطان بنى النجار إذا فيه جمل لا يدخل الحائط أحد إلا
شد عليه قال فذكروا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فجاء حتى أتى الحائط فدعا البعير فجاء واضعا
مشفره إلى الأرض حتى برك بين يديه قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم هاتوا خطاما
فخطمه ودفعه إلى صاحبه ثم التفت إلى الناس فقال إنه ليس شئ بين السماء والأرض
إلا يعلم أنى رسول الله إلا عاصي الجن والإنس. رواه أحمد ورجاله
ثقات وفى بعضهم ضعف. وعن جابر بن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع حتى إذا كنا بحرة وأقم عرضت امرأة بدوية
بابن لها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هذا ابني قد
غلبني عليه الشيطان فقال أدنيه منى فأدنته منه قال افتحي فمه ففتحته فبصق فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اخس عدو الله وأنا رسول الله قالها ثلاث مرات ثم قال
شأنك بابنك ليس عليه فلن يعود إليه شئ مما كان يصيبه ثم خرجنا فنزلنا منزلا
صحراء ديمومة (1) ليس فيها شجرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر يا جابر انطلق فانظر لي
مكانا يعنى للوضوء فانطلقت (2) فلم أجد إلا شجرتين متفرقتين لو أنهما اجتمعتا
سترتاه فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله لم أجد إلا شجرتين
متفرقتين لو أنهما اجتمعتا سترتاك فقال النبي صلى الله عليه وسلم انطلق إليهما فقل لهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكما اجتمعا فخرجت فقلت لهما فاجتمعتا
حتى كأنهما في أصل واحد ثم رجعت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فخرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى قضى حاجته ثم رجع فقال ائتهما فقل لهما إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لكما ارجعا كما أنتما فرجعتا فنزلنا في واد من أودية بنى

(1) الديمومة: هي الصحراء البعيدة، وهي فعلولة من الدوام أي بعيدة الارجاء
يدوم السير فيها.
(2) في نسخة " فخرجت فانطلقت ".
7

محارب فعرض له رجل من بنى محارب يقال له غورث بن الحارث والنبي صلى الله
عليه وسلم متقلد السيف فقال يا محمد اعطني سيفك هذا فسله وناوله إياه فهزه ونظر
إليه ساعة ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال يا محمد ما يمنعك منى قال الله يمنعني منك
فارتعدت يده حتى سقط السيف من يده فتناوله النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال يا غورث
من يمنعك منى قال لا أحد بأبي أنت فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أكفنا غورث
وقومه ثم أقبلنا راجعين فجاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعش طير
يحمله فيه فراخ وأبواها يتبعانه ويقعان على يد الرجل فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم
على من كان معه فقال أتعجبون بفعل هذين الطيرين بفراخهما والذي بعثني بالحق
لله أرحم بعباده من هذين الطيرين بفراخهما والذي بعثني بالحق لله أرحم بعباده من
هذين الطيرين بفراخهما ثم أقبلنا راجعين حتى إذا كنا بحرة وأقم عرضت لنا الاعرابية
التي جاءت بابنها بوطب (1) من لبن وشاة فأهدته له فقال ما فعل ابنك هل أصابه
شئ مما كان يصيبه قالت والذي بعثك بالحق ما أصابه شئ مما كان يصيبه وقبل هديتها
وأقبلنا حتى إذا كنا بمهبط من الحرة أقبل جمل يرقل (2) فقال أتدرون ما قال هذ
الجمل قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا جمل جاءني يستعديني على سيده يزعم أنه كان
يحرث عليه منذ سنين حتى إذا أجربه وأعجفه (3) وكبر سنه أراد أن ينحره إذهب
يا جابر إلى صاحبه فائت به فقلت يا رسول الله ما أعرف صاحبه قال إنه سيدلك عليه
قال فخرج بين يديه معنقا (4) حتى وقف بي في مجلس بنى خطمة فقلت أين رب هذا الجمل
قالوا هذا جمل فلان بن فلان فجئته فقلت أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج
معي حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
جملك يستعدي عليك زعم أنك حرثت عليه زمانا حتى أجبرته وأعجفته وكبر سنه
أردت أن تنحره فقال والذي بعثك بالحق ان ذلك كذلك فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعنيه قال نعم يا رسول الله فابتاعه منه ثم سيبه في الشجر حتى نصب سناما
فكان إذا اعتل على بعض المهاجرين أو الأنصار من نواضحهم شئ أعطاه إياه فمكث
بذلك زمانا قال محمد بن طلحة كانت غزوة ذات الرقاع تسمى غزوة الأعاجيب قلت في
الصحيح بعضه رواه الطبراني في الأوسط والبزار باختصار كثير وفيه عبد الحكيم

(1) الوطب: الزق الذي يكون فيه اللبن.
(2) أي يعدو
(3) أهزله
(4) مسرعا.
8

ابن سفيان ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه أحد، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الله بن
مسعود أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر إلى مكة وأن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان إذا خرج إلى الغائط أبعد حتى لا يراه أحد قال فبصر رسول الله صلى الله عليه
وسلم بشجرتين متباعدتين فقال يا ابن مسعود إذهب إلى هاتين الشجرتين فقل لهما ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا له ليتوارى بكما فمشت إحداهما إلى الأخرى فقضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته ثم رجعتا إلى مكانهما ثم مضى حتى أتينا أزقة المدينة
فجاء بعير يشتد حتى سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام بين يديه فذرفت عيناه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صاحب هذا البعير قالوا فلان فقال ادعوه فأتوا به فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوك فقال يا رسول الله هذا البعير كنا نسنو (1) عليه منذ
عشرين سنة ثم أردنا نحره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا ذلك بئسما جازيتموه
استعملتموه عشرين سنة حتى إذا ارق عظمه ورق جلده أردتم نحره بعنيه قال بل هو
لك يا رسول الله فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجه نحو الظهر (2) فقال له
أصحابه يا رسول الله سجد لك هذا البعير ونحن أحق بالسجود فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم معاذ الله أن يسجد أحد لأحد لو سجد أحد لأحد لأمرت المرأة أن
تسجد لزوجها. رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار بنحوه إلا أنه قال في
غزوة حنين وزاد فيه ثم أصاب الناس عطش شديد فقال لي يا عبد الله التمس لي ماء
فأتيته بفضل ماء وجدته في إداوة فأخذه فصبه في ركوة ثم وضع يده فيها وسمى فجعل
الماء يتحادر من بين أصابعه فشرب الناس وتوضأ واما شاؤوا، ورواه البزار بنحوه،
وفى إسناد الأوسط زمعة بن صالح وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله حديثهم حسن
وأسانيد الطريقين ضعيفة. وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في نفر من
المهاجرين والأنصار فجاء بعير فسجد له فقال أصحابه يا رسول الله سجد لك البهائم
والشجر فنحن أحق أن نسجد لك فقال اعبدوا ربكم وأكرموا أخاكم قلت فذكر
الحديث. رواه أحمد واسناده جيد. وعن يعلى بن أمية قال بينا نحن نسير ذات يوم
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نحن ببعير قال فلما رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم سما برأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا يعلى انطلق إلى أهل هذا البعير فاشتره
منهم وان لم يبيعوك فقل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيكم به قالوا أيم الله

(1) أي نستقي (2) أي نحو الإبل.
9

لقد نضحنا (1) على عشرين سنة وان كنا لنريد ان ننحره بالغداة فأما إذ أوصى به رسول
الله صلى الله عليه وسلم فانا لا نألوه خيرا. رواه الطبراني وإسناده حسن. وبسنده عن
يعلى قال بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير إذا نحن بثلاث أشاآت (2)
متفرقات فقال يا يعلى اذهب إلى تلك الأشاآت فقل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركن
أن تجتمعن بإذن الله فمشين حتى صرن في أصل واحد فاستتر بهن لبعض حاجته ثم
قال يا يعلى انطلق إليهن فأمرهن أن يرجعن بإذن الله فمشين حتى رجعت كل واحدة
إلى موقفها. رواه الطبراني. وعن بريدة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال أرني آية قال اذهب إلى تلك الشجرة فادعها فذهب إليها فقال إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يدعوك فمالت على كل جانب منها حتى قلعت عروقها ثم أقبلت
حتى جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترجع
فقام الرجل فقبل رأسه ويديه ورجليه وأسلم. رواه البزار وفيه صالح بن حيان
وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال جاء رجل من بنى عامر إلى النبي صلى الله
عليه وسلم كان يداوى ويعالج فقال له يا محمد انك تقول أشياء فهل لك أن
أداويك قال فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له هل لك أن أداويك
قال إيه وعنده نخل وشجر قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذقا
منها فأقبل إليه وهو يسجد ويرفع ويسجد ويرفع حتى انتهى إليه فقام بين يديه
ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع إلى مكانك فرجع إلى مكانه فقال والله
لا أكذبك بشئ تقوله بعدها أبدا ثم قال يا عامر بن صعصعة والله لا أكذبه بشئ
يقوله بعدها أبدا، قال والعذق: النخلة. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم
ابن الحجاج الشامي وهو ثقة. وعن عمر بن الخطاب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
بالحجون فرد عليه المشركون فقال اللهم أرني أية اليوم لا أبالي من كذبني بعدها فأتى
فقيل ادع شجرة فأقبلت تخط الأرض حتى انتهت إليه فسلمت عليه ثم أمرها فرجعت
قال داود إلى منبتها وقال عفان إلى موضعها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
أبالي من كذبني بعدها من قومي. رواه البزار وأبو يعلى واسناد أبى يعلى حسن. وعن
زيد بن ثابت قال غدونا يوما غداة من الغدوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) أي سقينا (2) الأشاء: صغار النخل، الواحدة أشاءة.
10

حتى كنا في مجمع طرق المدينة فبصرنا بأعرابي آخذ بخطام بعيره حتى وقف على النبي
صلى الله عليه وسلم ونحن حوله فقال السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فرد
عليه النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف أصبحت قال ورغا البعير وجاء رجل كأنه حرسي
فقال الحرسي يا رسول الله هذا الاعرابي سرق البعير قال فرغا البعير ساعة وحن
فأنصت له رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع رغاءه وحنينه فلما هدأ البعير أقبل
النبي صلى الله عليه وسلم على الحرسي فقال انصرف عنه فان البعير شهد عليك انك
كاذب فانصرف الحرسي وأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على الاعرابي فقال أي شئ
قلت حين جئتني قال قلت بأبي أنت وأمي اللهم صل على محمد حتى لا تبقى صلاة اللهم
وبارك على محمد حتى لا تبقى بركة اللهم وسلم على محمد حتى لا تبقى سلام اللهم وارحم
محمدا حتى لا تبقى رحمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل أبداها
لي والبعير ينطق بعذره وان الملائكة قد سدوا الأفق. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.
وعن الحكم بن الحارث السلمي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السلب فمر بي رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقد خلات ناقتي وأنا أضربها فقال لا تضربها وقال النبي صلى
الله عليه وسلم حل فسارت مع الناس. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(باب في حديث جابر في قصة بعيره)
وقد تقدم حديث الحكم بن الحارث قبل هذا. عن جابر بن عبد الله قال فقدت
جملي ليلة فمررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشد لعائشة فقال لي مالك
يا جابر قال فقلت فقدت جملي أو ذهب في ليلة ظلماء قال فقال لي هذا جملك اذهب
فخذه قال فذهبت نحو ما قال لي فلم أجده فرجعت إليه فقلت بأبي وأمي يا نبي الله ما وجدته
قال فقال لي هذا جملك اذهب فخذه قال فذهبت نحو ما قال لي فلم أجده فرجعت إليه
فقلت بأبي وأمي يا نبي الله والله ما وجدته قال فقال لي على رسلك حتى إذا فرغ أخذ
بيدي فانطلق بي حتى أتينا الجمل فدفعه إلى فقال هذا جملك قال وقد سار الناس قال
فبينا أنا أسير على جملي في عقبتي وكان جملي فيه قطاف (1) قال فقلت لهف أمي أن يكون
لي إلا جمل قطوف قال فلحق بي فقال ما قلت قال قلت يا نبي الله لهف أمي أن يكون
لي إلا جمل قطوف قال فضرب النبي صلى الله عليه وسلم عجز الجمل بسوط أو بسوطي

(1) القطاف: تقارب الخطو في سرعة، من القطف وهو القطع.
11

قال فانطلق أوضع جمل ركبته قط وهو ينازعني خطامه قال فقال لي رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنت بايعي جملك هذا قال قلت نعم قال بكم قلت بأوقية قال بخ بخ كم
في أوقية من ناضح وناضح قال قلت يا رسول الله ما بالمدينة ناضح أحب أنه لنا مكانه
قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذته بأوقية قال فنزلت عن الرحل
إلى الأرض قال قال ما شأنك قال قلت جملك قال لي اركب جملك قال قلت ما هو
بجملي ولكنه جملك قال كنا نراجعه في الامر مرتين فإذا أمرنا الثالثة لم نراجعه
قال فركبت الجمل حتى أتيت عمتي بالمدينة قال وقلت لها ألم ترى أنى بعت
ناضحنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوقية قال فما رأيتها أعجبها ذاك قال وكان
ناضحا فارها قال ثم أخذت شيئا من خيط فأوخذته إياه ثم أخذت بخطامه فقدته
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاوما رجلا يكلمه
قلت دونك يا رسول الله جملك فأخذ بخطامه ثم أمر بلالا قال زن لجابر أوقية وأوفه
فانطلقت مع بلال فوزن لي أوقية وأوفى لي الوزن قال فرجعت إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو قائم يحدث ذاك الرجل قلت قد وزن لي أوقية وأوفاني قال فبينا هو
كذلك إذ ذهبت إلى بيتي ولا أشعر فنادى ابن جابر قالوا ذهب إلى أهله قال أدركه فائتني
به فأتى رسوله يسعى قال يا جابر يدعوك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتيت قال خذ جملك
قال قلت ما هو جملي إنما هو جملك يا رسول الله قال خذ جملك قال قلت ما هو جملي
إنما هو جملك يا رسول الله قال خذ جملك فأخذته فقال لعمري ما نفعناك لتنزل عنه
قال فجئت إلى عمتي بالناضح والأوقية فقلت لها ما ترين رسول الله صلى الله عليه وسلم
أعطاني أوقية ورد على الجمل قلت هو في الصحيح باختصار رواه أحمد ورجاله
رجال الصحيح غير نبيح العنزي وثقه ابن حبان، قلت وقد تقدم حديث جابر في
قضاء دين أبيه بغير قصة الصحيح في قضاء الدين عن الميت.
(باب في شجاعته صلى الله عليه وسلم)
عن علي يعنى ابن أبي طالب قال لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا. رواه أحمد
والطبراني في الأوسط ولفظه عن علي أنه سئل عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم
يوم بدر فقال كان أشدنا يوم بدر من حاذى بركبته رسول الله صلى الله عليه وسلم
12

وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الناس بأربع بالسخاء
والشجاعة فذكر الحديث وقد تقدم في النكاح. رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن.
(باب في جوده صلى الله عليه وسلم)
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم عن الأجود
الأجود الله الأجود الأجود وأنا أجود ولد آدم (1). رواه أبو يعلى وفيه سويد بن
عبد العزيز وهو متروك. وعن عبد الله بن أبي بكر ان أبا أسيد كان يقول وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع شيئا يسأله. قلت رواه أحمد في حديث طويل
تقدم في غزوة بدر، ورجاله ثقات إلا أن عبد الله بن أبي بكر لم يسمع من
أبى أسيد والله أعلم. وعن علي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سئل شيئا فأراد
أن يفعله قال نعم وإذا أراد أن لا يفعل سكت وكان لا يقول لشئ لا. رواه الطبراني
في الأوسط في حديث طويل في كتاب الأدعية وفيه محمد بن كثير الكوفي وهو
ضعيف. وعن زيد بن ثابت قال جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من
العرب فسأله أرضا بين جبلين فكتب له بها فأسلم ثم أتى قومه فقال لهم أسلموا فقد
جئتكم من عند رجل يعطى عطية من لا يخاف الفاقة (2). رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن
ابن يحيى العذري وقيل فيه مجهول، وبقية رجاله وثقوا. وعن الربيع بنت
معوذ بن عفرا قالت بعثني معوذ بن عفراء بصاع من رطب عليه آخر من قثاء زغب (3)
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب القثاء وكانت حلية قد
قدمت من البحرين فملأ يده منها فأعطانيها، وفى رواية فأعطاني ملء كفى حليا أو
ذهبا. رواه الطبراني واللفظ له وأحمد بنحوه وزاد فقال تحلى بهذا، وإسنادهما حسن.
وعن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى صاحب بز فاشترى منه
قميصا بأربعة دراهم فخرج وهو عليه فإذا رجل من الأنصار فقال يا رسول الله
اكسني قميصا كساك الله من ثياب الجنة فنزع القميص فكساه إياه ثم رجع إلى
صاحب الحانوت فاشترى منه قميصا بأربعة دراهم وبقى معه درهمان فإذا هو بجارية
في الطريق تبكي فقال ما يبكيك قالت يا رسول الله دفع إلى أهلي درهمين أشتري بهما
دقيقا فهلكا فدفع النبي صلى الله عليه وسلم إليها الدرهمين الباقيين ثم ولت وهي تبكي فدعاها فقال

(1) في نسخة " بني آدم " (2) في نسخة " يعطى عطاء من لا يخشى الفاقة " (3) أي صغار.
13

ما يبكيك وقد أخذت الدرهمين فقالت أخاف. أن يضربوني فمشى معها إلى أهلها
فسلم فعرفوا صوته ثم عاد فسلم ثم عاد فثلث فردوا فقال أسمعتم أول السلام فقالوا
نعم ولكن أحببنا أن تزيدنا من السلام فما أشخصك بأبينا وأمنا قال أشفقت هذه
الجارية أن تضربوها قال صاحبها هي حرة لوجه الله لممشاك معها فبشرهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالخير وبالجنة وقال لقد بارك الله في العشرة كسا الله نبيه قميصا
ورجلا من الأنصار قميصا وأعتق منها رقية وأحمد الله هو الذي رزقنا هذا بقدرته.
رواه الطبراني وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف. وعن أم سنبلة أنها أتت النبي
صلى الله عليه وسلم بهدية فأبى أزواجه أن يقبلنها فقلن إنا لا نأخذ فأمرهن النبي صلى
الله عليه وسلم فأخذنها ثم أقطعها واديا فاشتراه عبد الله بن جحش
من حسن بن علي. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمرو بن قيظي ولم أعرفه وبقية
رجاله ثقات. وعن علي قال اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس يا رسول الله كبرت سنى ورق عظمي
وكثرت مؤونتي فان رأيت أن تأمر لي بكذا وكذا وسقا من طعام فافعل فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل فقالت فاطمة يا رسول الله إن رأيت أن تأمر لي كما أمرت لعمك
فافعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذلك فقال زيد بن حارثة
يا رسول الله كنت أعطيتني أرضا كانت معيشتي منها فان رأيت أن تردها على فافعل
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذلك فذكر الحديث وبقيته رواها أبو داود
رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وزاد فقلت يا رسول الله إن أردت (1) أن توليني هذا
الحق الذي جعل الله لك في كتابه من هذا الخمس فاقسمه في مقامك كي لا ينازعني أحد
بعدك فافعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذلك فولانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقسمته في حياته ثم ولانيه أبو بكر رضي الله عنه فقسمته، ورجالهما ثقات. وعن جابر
قال لما قتل أبى دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتحب الدراهم قلت نعم فقال
لو قد جاءنا مال لأعطيتك هكذا وهكذا قال فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن
يعطيني فلما استخلف أبو بكر رضي الله عنه أتاه مال من البحرين فقال خذ كما قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أحسبه قال لك فأخذت قلت هو في الصحيح بغير هذا السياق

(1) في نسخة " رأيت ".
14

رواه البزار وإسناده حسن.
(باب في حسن خلقه وحيائه وحسن معاشرته)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق. رواه
أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه البزار إلا أنه قال لأتمم مكارم الأخلاق
ورجاله كذلك غير محمد بن رزق الله الكلوداني وهو ثقة. وعن صفية بنت حيى
قالت ما رأيت أحدا أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيته وقد
ركب بي من خيبر على عجز ناقته ليلا فجعلت أنعس فضرب رأسي مؤخرة الرحل
فمسني بيده يقول يا هذه مهلا يا بنت حيى مهلا حتى إذا جاء الصهباء قال إني أعتذر
إليك يا صفية مما صنعت بقومك انهم قالوا لي كذا وقالوا لي كذا. رواه الطبراني في
الأوسط وأبو يعلى باختصار ورجالهما ثقات إلا أن الربيع ابن أخي صفية بنت حيى
لم أعرفه. وعن عمرو بن العاص قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على
شر القوم يتألفه بذلك وكان يقبل بوجهه وحديثه على حتى ظننت أنى خير القوم
فقلت يا رسول الله أنا خير أم أبو بكر قال أبو بكر قلت يا رسول الله أنا خير أم عمر
قال عمر قلت يا رسول الله أنا خير أم عثمان قال عثمان فلما سألت رسول الله صلى الله
عليه وسلم صدعني فوددت أنى لم أكن سألته قلت في الصحيح بعضه بغير سياقه
رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن أبي هريرة قال ما خير رسول الله صلى الله عليه
وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما. رواه البزار والطبراني في الأوسط وفيه من لم
أعرفه (1). وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أحد يأخذ بيده فينزع يده
حتى يكون الرجل هو الذي يرسله ولم يكن يرى ركبتيه أو ركبته خارجا عن ركبة
جليسه ولم يكن أحد يصافحه الا اقبل عليه بوجهه ثم لم يصرفه عنه حتى يفرغ من
كلامه. رواه البزار والطبراني في الأوسط واسناد الطبراني حسن. وعن أبي هريرة.
ان أعرابيا جاء إلى رسول الله يستعينه في شئ قال عكرمة أراه في دم فأعطاه رسول الله
صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال أحسنت إليك قال الاعرابي لا ولا أجملت فغضب
بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إليهم أن كفوا
فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم وبلغ إلى منزله دعا الاعرابي إلى البيت فقال له

(1) هذا الحديث غير موجود إلا في نسخة واحدة.
15

انك جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ما قلت فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال أحسنت
إليك فقال الاعرابي نعم فجزاك الله من أهل وعشير خيرا فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم إنك كنت جئتنا فأعطيناك فقلت ما قلت وفى نفس أصحابي عليك من ذلك
شئ فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب عن صدورهم قال فلما جاء
الاعرابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه فقال
ما قال وإنا قد دعوناه فأعطيناه فزعم أنه قد رضى أكذاك قال الاعرابي نعم فجزاك الله
من أهل وعشير خيرا قال أبو هريرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان مثلي ومثل هذا الاعرابي كمثل رجل
كانت له ناقة فشردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورا فقال صاحب الناقة خلوا بيني
وبين ناقتي فأنا أرفق بها وأعلم بها فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ لها من قشام الأرض
ودعاها حتى جاءت واستجابت وشد عليها رحلها واستوى عليها ولو أنى أطعتكم حيث
قال ما قال دخل النار. رواه البزار وفيه إبراهيم بن الحكم بن أبان وهو متروك. وعن
ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلا أخذ بيده فلا يدع
يده حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البزار وفيه
يزيد بن عبد الرحمن بن أمية ولم أعرفه. ورواه الطبراني في الأوسط فيه ابن أبي سليم
وهو مدلس، وبقية رجاله وثقوا. وعن أنس قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين
فما قال لي لشئ يكرهه ما أقبح ما صنعت ولا قال لشئ يعجبه ما أحسن ما صنعت قلت
هو في الصحيح بغير سياقه رواه أبو يعلى عن شيخه سفيان بن وكيع وهو ضعيف. وعن
أنس بن مالك أيضا قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ما دريت شيئا
قط وافقه ولا شيئا قط خالفه رضى من الله بما كان وإن كان بعض أزواجه ليقول لو
فعلت كذا وكذا يقول دعوه فإنه لا يكون إلا ما أراد الله عز وجل وما رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم انتقم لنفسه من شئ إلا أن انتهكت لله حرمة فان انتهكت لله حرمة كان أشد الناس
غضبا لله وما عرض عليه أمران الا اختار أيسرهما ما لم يكن فيه سخط لله فإن كان فيه لله
سخط كان أبعد الناس منه قلت في الصحيح بعضه رواه الطبراني في الأوسط والصغير
وفيه من لم أعرفهم. وعن مهاجر مولى أم سلمة قال خدمت رسول الله صلى الله عليه
وسلم سنين فلم يقل لشئ صنعت لم صنعته ولا لشئ تركته. رواه الطبراني وفيه من لم
أعرفه. وعن محمد بن مسلمة قال قدمت من سفر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
16

يدي فما ترك يدي حتى تركت يده. رواه الطبراني وفيه الجلد بن أيوب وهو ضعيف.
وعن خارجة بن زيد بن ثابت قال دخل نفر على زيد بن ثابت فقالوا حدثنا ببعض
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وما أحدثكم كنت جاره فكان إذا نزل الوحي
أرسل إلى فكتبت الوحي وكان إذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا وإذا ذكرنا الدنيا
ذكرها معنا وإن ذكرنا الطعام ذكره معنا فكل هذا أحدثكم عنه. رواه الطبراني
وإسناده حسن. وعن أبي أمامة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أضحك الناس وأطيبهم
نفسا. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنى لأمزح ولا أقول إلا حقا قالوا إنك تداعبنا
يا رسول الله قال إني لا أقول إلا حقا. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.
وعن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الوحي أو وعظ
قلت نذير قوم أتاهم العذاب فإذا ذهب عنه ذلك رأيت أطلق الناس وجها
وأكثرهم ضحكا وأحسنهم بشرا. رواه البزار وإسناده حسن. وعن عبد الله بن
الحارث قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول
من سبق إلى فله كذا وكذا قال فيسبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم
ويلتزمهم. رواه أحمد وإسناده حسن. وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان لا يلتفت إذا مشى وكان ربما تعلق رداؤه بالشجرة أو الشئ فلا
يلتفت حتى يرفعوه لأنهم كانوا يمزحون ويضحكون وكانوا قد أمنوا التفاته صلى الله
عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وعن عمران بن حصين قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من عذراء في خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه
في وجهه. رواه الطبراني باسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. وعن أنس قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه
وجهه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح
عمر المقدمي وهو ثقة (1). وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه

(1) قلت ذكر البزار أنه معلول وأن المقدمي غلط فيه فرواه من رواية قتادة
عن أنس وإنما هو من رواية قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري
وكذا هو في صحيح البخاري كما في هامش نسخة.
17

وسلم يغتسل من وراء الحجرات وما رأى عورته قط. رواه البزار ورجاله ثقات.
(باب منه)
عن حرب بن سريج قال حدثني رجل من بلعدويه قال حدثني جدي قال انطلقت إلى
المدينة فنزلت عند الوادي فإذا رجلان بينهما عنز واحدة وإذا المشترى يقول للبائع
أحسن مبايعتي قال فقلت في نفسي هذا الهاشمي الذي قد أضل الناس أهو هو قال
فنظرت فإذا رجل حسن الجسم عظيم الجبهة دقيق الانف دقيق الحاجبين وإذا من
ثغرة نحره إلى سرته مثل الخيط الأسود شعر أسود وإذا هو بين طمرين قال فدنا
منا فقال السلام عليكم فرددنا عليه فلم ألبث أن دعا المشترى فقال يا رسول الله قل
له يحسن مبايعتي فمد يده وقال أموالكم تملكون إني أرجو أن ألقى الله عز وجل
يوم القيامة لا يطلبني أحد منكم بشئ ظلمته في مال ولا في دم ولا غرض إلا بحقه رحم
الله أمر أسهل البيع سهل الشراء سهل الاخذ سهل العطاء سهل القضاء سهل التقاضي ثم مضى
فقلت والله لأقضين هذا فإنه حسن القول فتبعته فقلت يا محمد فالتفت إلى بجميعه
فقال ما تشاء فقلت أنت الذي أضللت الناس وأهلكتهم وصددتهم عما كان يعبد
آباؤهم قال ذاك الله قال ما تدعو إليه قال أدعو عباد الله إلى الله قال قلت ما تقول قال
أشهد أن لا إله إلا الله وأنى محمد رسول الله وتؤمن بما أنزله على وتكفر باللات
والعزى وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة قال قلت وما الزكاة قال يرد غنينا على فقيرنا قال
قلت نعم الشئ تدعو إليه قال فلقد كان وما في الأرض أحد يتنفس أبغض إلى منه
فما برح حتى كان أحب إلى من ولدى ووالدي ومن الناس أجمعين قال فقلت قد عرفت قال قد
عرفت قلت نعم قال تشهد أن لا إله إلا الله وأنى محمد رسول الله وتؤمن بما أنزل على
فال قلت نعم يا رسول الله إني أرد ماءا عليه كثير من الناس فأدعوهم إلى ما دعوتني
إليه فإني أرجو أن يتبعوك قال نعم فادعهم فأسلم أهل ذلك الماء رجالهم ونساؤهم فمسح
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه. رواه أبو يعلى وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله وثقوا.
(باب في تواضعه صلى الله عليه وسلم)
عن أبي هريرة قال جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه سلم فنظر إلى السماء فإذا ملك
ينزل فقال جبريل هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل السادة فلما نزل قال يا محمد أرسلني
إليك ربك أفملكا نبيا أجعلك أو عبدا رسولا قال جبريل تواضع لربك يا محمد قال بل
18

عبدا رسولا. رواه أحمد والبزار وأبو يعلى ورجال الأولين رجال الصحيح. وعن
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب جاءني
ملك إن حجزته لتساوي الكعبة فقال إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن
شئت نبيا عبدا وان شئت نبيا ملكا قال فنظرت إلى جبريل قال فأشار إلى أن ضع
نفسك قال فقلت نبيا عبدا قال فكان رسول الله صلى الله عليه سلم بعد ذلك لا يأكل متكئا يقول
آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد. رواه أبو يعلى وإسناده حسن. وعن ابن
عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقد هبط على ملك من السماء
ما هبط على نبي قبلي ولا يهبط على أحد بعدي وهو إسرافيل وعنده جبريل عليه
السلام فقال السلام عليك يا محمد أنا رسول ربك إليك أمرني أن أخيرك إن شئت نبيا
عبدا وإن شئت نبيا ملكا فنظرت إلى جبريل عليه السلام فأومأ جبريل إلى أن
تواضع فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك لو إني قلت نبيا ملكا لسارت الجبال
معي ذهبا. رواه الطبراني وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف. وعن ابن عباس
قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام يناجيه إذ انشق أفق السماء فأقبل
جبريل يدنو من الأرض ويتمايل فإذا ملك قد مثل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا محمد يأمرك ربك أن تختار بين نبي عبد أو ملك نبي فأشار جبريل إلى بيده أن
تواضع فعرفت أنه لي ناصح فقلت عبد نبي فعرج ذلك الملك إلى السماء فقلت يا جبريل
قد كنت أردت أن أسئلك عن هذا فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة فمن هذا
يا جبريل قال هذا إسرافيل خلقه الله يوم خلقه بين يديه صافا قدميه لا يرفع طرفه
بينه وبين الرب سبعون نورا ما منها نور يكاد يدنو منه إلا احترق بين يديه لوح
فإذا أذن الله في شئ في السماء أو في الأرض ارتفع ذلك فظهرت جبهته فينظر فإن كان
ذلك من عملي أمرني به وإن كان من عمل ميكائيل أمره به وإن كان من عمل ملك
الموت أمره به قلت يا جبريل على أي شئ أنت قال على الريح والجنود قلت على أي
شئ ميكائيل قال على النبات والقطر قلت على أي شئ ملك الموت قال على قبض
الأنفس وما ظننته إلا لقيام الساعة وما الذي رأيت منى إلا خوفا من قيام الساعة.
رواه الطبراني وفيه محمد بن أبي ليلى وقد وثقه جماعة ولكنه سيئ الحفظ، وبقية رجاله
ثقات. وعن ابن عباس أنه كان يحدث إن الله أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ملكا
19

من الملائكة مع الملك جبريل عليه السلام فقال الملك يا محمد إن الله يخيرك بين أن تكون
نبيا عبدا أو نبيا ملكا فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام
كالمستشير فأومأ إليه أن تواضع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نبيا عبدا فما
رؤى رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل متكئا حتى لحق بربه. رواه الطبراني وفيه بقية بن
الوليد وهو مدلس. وعن ابن عمر قال خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الدنيا
والآخرة فاختار الآخرة. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن جابر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أوتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق على قطيفة من سندس.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي غالب قال قلت لأبي أمامة حدثنا
حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
القرآن يكثر الذكر ويقصر الخطبة ويطيل الصلاة ولا يأنف ولا يستكبر أن يذهب
مع المسكين والضعيف حتى يفرغ من حاجته. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن علي
بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب حمارا اسمه عفير. رواه
أحمد وفيه ابن إسحاق وهو مدلس. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال كان لرسول
الله صلى الله عليه وسلم حمار اسمه عفير. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وإسناده
حسن. وعن أبي موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار ويلبس
الصوف ويعتقل الشاة ويأتي مراعاة الضيف. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
ورواه البزار باختصار. وعن جرير أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم من بين
يديه فاستقبلته رعدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هون عليك فإني لست بملك إنما أنا
ابن امرأة من قريش تأكل القديد. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم.
وعن ابن عباس قال إن كان الرجل من أهل العوالي ليدعو رسول الله صلى الله عليه
وسلم بنصف الليل على خبز الشعير فيجيب. رواه الطبراني في الصغير والأوسط
ورجاله ثقات، ورواه في الكبير باختصار. وعن ابن عباس قال يجلس على الأرض ويأكل
على الأرض ويعقل الشاة ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير. رواه الطبراني
وإسناده حسن. وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب دعوة المملوك.
رواه البزار وإسناده حسن. وعن عمر بن الخطاب أن رجلا نادى النبي صلى الله عليه وسلم
ثلاثا كل ذلك يرد عليه لبيك لبيك. رواه أبو يعلى في الكبير عن شيخه جبارة بن
20

المغلس وثقه ابن نمير وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. وعن
عبد الله بن جبير الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشى في أناس من
أصحابه فتستر بثوب فلما رأى ظله رفع رأسه فإذا هو بملاءة قد ستر بها فقال له مه
وأخذ الثوب فوضعه فقال إنما أنا بشر مثلكم. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد. رواه البزار وفيه
حفص بن عمارة الطاحي ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وعن أبي أمامة قال كانت
امرأة ترافث الرجال وكانت بذيئة فمرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل
ثريدا على طربال فقالت أنظروا إليه يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد فقال
النبي صلى الله عليه وسلم وأي عبد أعبد منى قالت ويأكل ولا يطعمني قال فكلي قالت
ناولني بيدك فناولها فقالت أطعمي مما في فيك فأعطاها فأكلت فغلبها الحياء فلم
ترافث أحدا حتى ماتت. رواه الطبراني وإسناده ضعيف. وعن الحسين بن علي
قال أحبونا بحب الاسلام فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ترفعوني
فوق حقي فان الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني رسولا. رواه الطبراني
وإسناده حسن. وع ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دعيت
إلى كراع لأجبت. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان وقال يخطئ
واختلف كلام ابن معين فيه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن حنظلة قال أتيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرأيته جالسا متربعا. رواه الطبراني وفيه محمد بن عثمان القرشي وهو
ضعيف. وعن انس أن النبي صلى الله عليه وسلم مشى عن زميل له. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
وعن عامر بن ربيعة قال خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فانقطع شسعه (1)
فأخذت نعله لأصلحها فأخذها من يدي وقال أنها أثرة ولا أحب الأثرة. رواه
البزار وفيه من لم أعرفه. وعن ابن عباس قال قال العباس قلت لا أدري ما بقي رسول.
الله صلى الله عليه وسلم فينا فقلت يا رسول الله لو اتخذت عريشا يظلك قال لا أزال بين أظهرهم
يطأون عقبى وينازعون ردائي حتى يكون الله يريحني منهم. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

(1) الشسع: أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الإصبعين ويدخل طرفه في
الثقب الذي في صدر النعل.
21

(باب فيمن خدمه صلى الله عليه وسلم)
عن أنس قال كان عشرون شبابا من الأنصار يلزمون رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوائجه
فإذا أراد أمرا بعثهم فيه. رواه البزار وفيه من لم أعرفهم (1). وعن عبد الرحمن بن
عوف قال كان لا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم أو باب النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أو أربعة من أصحابه.
رواه البزار وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف. وعن أبي سعيد قال كنا
نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون له الحاجة أو يرسلنا في الامر فيكثر المحتسبون وأصحاب
النوب فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الدجال فقال ما هذه النجوى
ألم أنهكم عن النجوى. رواه البزار ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف. وعن عاصم
ابن سفيان أنه سمع أبا الدرداء أو أبا ذر قال استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيت على
بابه يوقظني لحاجته فأذن لي فبت ليلة. رواه البزار ورجاله ثقات.
(باب في مرضه ووفاته صلى الله عليه وسلم وما أطلعه الله تعالى عليه من ذلك)
عن معاذ بن جبل قال لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى تحت راحلته فلما
فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري
فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة
فقال إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا. رواه أحمد باسنادين وقال في
أحدهما عن عاصم بن حميد أن معاذا قال وفيها قال لا تبك يا معاذ البكاء أو إن البكاء من
الشيطان. ورجال الاسنادين رجال الصحيح غير راشد بن سعد وعاصم بن حميد وهما
ثقتان. وعن ابن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فلما انصرف
تنفس فقلت ما شأنك فقال نعيت إلى نفسي يا ابن مسعود. رواه أحمد وفيه مينا بن أبي
مينا وثقة ابن حبان وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عباس قال لما نزلت (إذا
جاء نصر الله والفتح) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيت إلى نفسي بأنه مقبوض
في تلك السنة. رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. وعن ابن عباس قال لما
نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) حتى ختم السورة قال نعيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
نفسه حين نزلت فأخذ بأشد ما كان قط اجتهادا في أمر الآخرة وقال رسول الله

(1) ليس فيهم مجهول سوى علي بن يزيد الحنفي كذا في هامش الأصل.
22

صلى الله عليه وسلم بعد ذلك جاء الفتح وجاء نصر الله وجاء أهل اليمن فقال رجل يا رسول
الله وما أهل اليمن قال قوم رقيقة أفئدتهم لينة قلوبهم الايمان والفقه يمان. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد وزاد والحكمة يمانية، وأحد أسانيده رجاله
رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) دعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال إنه نعيت إلى نفسي فبكت فقال لها لا تبكي فإنك أول أهلي
لاحق بي فضحكت فرآها بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت رأيتك بكيت وضحكت
فقالت إنه قال لي قد نعيت إلى نفسي فبكيت فقال لا تبكين فإنك أول أهلي لاحق
بي فضحكت. رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير
هلال بن خباب وهو ثقة وفيه ضعف. وعن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبل أن يموت يكثر أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك قلت
يا رسول الله إني أراك تكثر أن تقول سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب
إليك فقال إني أمرت بأمر فقرأ (إذا جاء نصر الله والفتح). رواه الطبراني في الصغير
ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح
هذا ما وعدني ربى ثم قرأ (إذا جاء نصر الله والفتح) قال فإذا دخل الناس في دين الله
أفواجا فظهر دين الله على الدين كله فالناس خير ونحن خير. رواه الطبراني في
الأوسط ورجاله ثقات. وعن عائشة أنها كانت تقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه
الذي قبض فيه قال لفاطمة إن جبريل صلى الله عليه وسلم كان يعارضه بالقرآن في كل عام مرة
وإنه عارضني بالقرآن العام مرتين وأخبرني أنه أخبره أنه لم يكن نبي إلا عاش نصف
عمر الذي كان قبله وأخبرني أن عيسى بن مريم عاش عشرين ومائة سنة ولا أراني
إلا ذاهبا على رأس الستين فأبكاني ذلك فقال يا بنية إنه ليس من نساء المسلمين امرأة
أعظم رزية منك فلا تكوني أدنى من امرأة صبرا قلت فذكر الحديث. رواه الطبراني
باسناد ضعيف، وروى البزار بعضه أيضا وفى رجاله ضعف.
(باب في رؤيا العباس)
عن العباس بن عبد المطلب قال رأيت في المنام كأن الأرض تنزع إلى السماء
بأشطان (1) شداد فقصصت ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذاك

(1) الشطن: الحبل، وقيل هو الطويل منه.
23

وفاة ابن أخيك. رواه البزار والطبراني ورجالهما ثقات.
(باب تخييره صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة)
عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف
بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس
فيه لو تعلمون ما نجاكم الله منه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة
شر من الأولى ثم أقبل على فقال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت خزائن الدنيا والخلد فيها
ثم الجنة وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة قال قلت بأبي أنت وأمي
فخذ مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة قال لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء
ربى ثم الجنة ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
في وجعه الذي قبضه الله عز وجل حين أصبح. وفى رواية عنه أيضا قال أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يصلى على أهل البقيع فصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاث مرات فلما كانت الثالثة قال يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي قال فركب ومشيت
حتى انتهى إليهم فنزل عن دابته وأمسكت الدابة قلت فذكر نحوه. رواه أحمد والطبراني
باسنادين ورجال أحدهما ثقات إلا أن الاسناد الأول عن عبيد بن حنين عن عبد الله
ابن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة، والثاني عن عبيد بن حنين عن أبي مويهبة. وعن أبي
واقد الليثي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير عبد من عباد الله بين الدنيا وملكها
ونعيمها وبين الآخرة فاختار الآخرة فقال أبو بكر نفديك يا رسول الله بأموالنا
وأنفسنا. رواه الطبراني وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف.
(باب ما يحصل لامته صلى الله عليه وسلم من استغفاره بعد وفاته)
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله ملائكة سياحين
يبلغون عن أمتي السلام قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حياتي خير لكم
تحدثون وتحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم فما رأيت من خير حمدت
الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
(باب في وداعه صلى الله عليه وسلم)
عن عبد الله بن مسعود قال نعى إلينا حبيبنا ونبينا بأبي هو ونفسي له الفداء قبل موته بست
24

فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة فنظر إلينا فدمعت عيناه ثم قال مرحبا بكم
وحياكم الله وحفظكم الله آواكم الله ونصركم الله رفعكم الله هداكم الله رزقكم الله وفقكم
الله سلمكم الله قبلكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصى الله بكم وأستخلفه عليكم
إني لكم نذير مبين أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فان الله قال لي ولكم تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين وقال
أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ثم قال قد دنا الاجل والمنقلب إلى الله وإلى سدرة
المنتهى وإلى الجنة المأوى والكأس الأوفى والرفيق الأعلى أحسبه قال فقلنا يا رسول
الله فمن يغسلك إذا قال رجال أهل بيتي الأدنى فالأدنى قلنا ففيم نكفنك
قال في ثيابي هذه إن شئتم أو في حلة يمنية أو في بياض مضر قال فقلنا فمن يصلى
عليك منا فبكينا وبكى وقال مهلا غفر الله لكم وجازاكم عن نبيكم خيرا
إذا غسلتموني ووضعتموني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري فاخرجوا عنى
ساعة فان أول من يصلى على خليلي وجليسي جبريل صلى الله عليه وسلم ثم ميكائيل ثم
إسرافيل ثم ملك الموت مع جنوده ثم الملائكة صلى الله عليهم بأجمعها ثم ادخلوا على
فوجا فوجا فصلوا على وسلموا تسليما ولا تؤذوني بباكية أحسبه قال ولا صارخة
ولا رانة وليبدأ بالصلاة على رجال أهل بيتي ثم أنتم بعد وأقرؤا أنفسكم منى السلام
ومن غاب من إخواني فأقرؤه منى السلام ومن دخل معكم في دينكم بعدي فإني أشهدكم
أنى أقرأ السلام أحسبه قال عليه وعلى كل من تابعني على ديني من يومى هذا إلى يوم القيامة
قلنا يا رسول الله فمن يدخلك قبرك منا قال رجال أهل بيتي مع ملائكة كثيرة يرونكم من
حيث لا ترونهم. رواه البزار وقال روى هذا عن مرة عن عبد الله من غير وجه
والأسانيد عن مرة متقاربة و عبد الرحمن لم يسمع هذا من مرة إنما أخبره عن مرة ولا نعلم
رواه عن عبد الله غير مرة، قلت رجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسماعيل بن
سمرة الأحمسي وهو ثقة، ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه إلا أنه قال قبل موته
بشهر، وذكر في إسناده ضعفاء منهم أشعث بن طابق قال الأزدي لا يصح حديثه. والله أعلم.
(باب)
عن الفضل بن العباس قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إليه
فوجدته موعوكا قد عصب رأسه قال خذ بيدي يا فضل فأخذت بيده حتى انتهى
25

إلى المنبر فجلس عليه ثم قال صح في الناس فصحت في الناس فاجتمع ناس فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس قد دنا منى حقوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له
ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه ألا ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه
ومن كنت أخذت منه مالا فهذا مالي فليستقد منه لا يقولن رجل إني أخشى الشحناء من قبل
رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني ألا وإن
أحبكم إلى من أخذ حقا إن كان له أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس ألا وإني لا أرى
ذلك مغنيا عنى حتى أقوم فيكم مرارا ثم نزل فصلى الظهر ثم عاد إلى المنبر فعاد لمقالته
في الشحناء أو غيرها ثم قال يا أيها الناس من كان عنده شئ فليرده ولا يقل فضوح
الدنيا ألا وإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة فقام إليه رجل فقال يا رسول
الله إن لي عندك ثلاثة دراهم قال أما إنا لا نكذب قائلا ولا نستحلفه فبم صارت لك عندي
قال تذكر يوم مر بك مسكين فأمرتني أن أدفعها إليه فقال ادفعها إليه يا فضل ثم قام إليه
رجل آخر قال عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله قال ولم غللتها قال كنت محتاجا
إليها قال خذها يا فضل ثم قال يا أيها الناس من خشي من نفسه شيئا فليقم أدعو له فقام
رجل فقال يا رسول الله والله إني لكذاب وإني لمنافق وإني لنؤوم قال اللهم ارزقه
صدقا وإيمانا وأذهب عنه النوم إذا أراد ثم قام آخر فقال يا رسول الله إني لكذاب
وإني لمنافق وما من شئ من الأشياء إلا وقد أتيته فقال له عمر يا هذا فضحت نفسك
قال مه يا ابن الخطاب فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة ثم قال اللهم ارزقه صدقا
وإيمانا وصير أمره إلى خير فكلمهم عمر بكلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
عمر معي وأنا معه والحق بعدي مع عمر حيث كان. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
وأبو يعلى بنحوه وقال في آخره فقام رجل فقال يا رسول الله إني رجل جبان كثير
النوم قال فدعا له قال الفضل فلقد رأيته أشجعنا وأقلنا نوما قال ثم أتى بيت عائشة
فقال للنساء مثل ما قال للرجال ثم قال ومن غلب عليه شئ فليسألنا ندع له قال فأومأت
امرأة إلى لسانها قال فدعا لها قال فلربما قالت لي يا عائشة أحسني صلاتك. وفى إسناد
أبى يعلى عطاء بن مسلم وثقه ابن حبان وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجال أبى يعلى ثقات
وفى إسناد الطبراني من لم أعرفهم. وعن جابر وابن عباس في قوله (إذا جاء نصر الله والفتح
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا)
26

قال لما نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم قال يا جبريل نفسي قد نعيت قال جبريل
عليه السلام الآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى فأمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن ينادى بالصلاة جامعة فاجتمع المهاجرون والأنصار
إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ثم صعد المنبر فحمد الله عز وجل
وأثنى عليه ثم خطب خطبة وجلت منها القلوب وبكت منها العيون ثم قال أيها الناس
أي نبي كنت لكم قالوا جزاك الله من نبي خيرا كنت لنا كالأب الرحيم وكالأخ الناصح
الشفيق أديت رسالات الله عز وجل وأبلغتنا وحيه ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة
والموعظة الحسنة فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبيا عن أمته فقال لهم معاشر المسلمين
أناشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص منى قبل القصاص في القيامة
فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة فتخطى المسلمين حتى وقف بين يدي رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال فداك أبي وأمي لولا أنك نشدتنا بالله مرة بعد أخرى
ما كنت بالذي أتقدم على شئ من هذا كنت معك في غزاة فلما فتح الله عز وجل علينا
ونصر نبيه صلى الله عليه وسلم وكان في الانصراف حاذت ناقتي ناقتك فنزلت عن
الناقة ودنوت منك لأقبل فخذك فرفعت القضيب فضربت خاصرتي ولا أدرى أكان
عمدا منك أم أردت ضرب الناقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعيذك بجلال
الله أن يتعمدك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضرب يا بلال انطلق إلى بيت فاطمة فائتني بالقضيب
الممشوق فخرج بلال من المسجد ويده على أم رأسه وهو ينادى هذا رسول الله صلى الله
عليه وسلم يعطى القصاص من نفسه فقرع الباب على فاطمة فقال يا بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم ناوليني القضيب الممشوق فقالت له فاطمة يا بلال وما يصنع أبى
بالقضيب وليس هذا يوم حج ولا يوم غزاة فقال يا فاطمة ما أغفلك عما فيه
أبوك رسول الله صلى الله عليه وسلم يودع الناس ويفارق الدنيا ويعطى القصاص من
نفسه فقالت فاطمة رضي الله عنها ومن ذا الذي تطيب نفسه أن يقتص من رسول الله
صلى الله عليه وسلم يا بلال إذا فقل للحسن والحسين يقومان إلى هذا الرجل يقتص منهما
ولا يدعانه يقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع بلال إلى المسجد ودفع القضيب
إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم القضيب إلى عكاشة
فلما نظر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى ذلك قاما وقالا يا عكاشة هذا نحن بين يديك
27

فاقتص منا ولا تقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما رسول الله صلى الله
عليه وسلم امض يا أبا بكر وأنت يا عمر فامض فقد عرف الله مكانكما ومقامكما فقام
علي بن أبي طالب فقال يا عكاشة أنا في الحياة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تطيب نفسي
أن تضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا ظهري وبطني فاقتص منى بيدك واجلدني مائة ولا
تقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي اقعد (1)
فقد عرف الله لك مقامك ونيتك وقام الحسن والحسين رضي الله عنهما فقالا يا عكاشة
أليس تعلم أنا سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم والقصاص منا كالقصاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم اقعدا يا قرة عيني لا نسي الله لكما هذا المقام ثم قال النبي صلى الله
عليه وسلم يا عكاشة اضرب ان كنت ضاربا قال يا رسول الله ضربتني وأنا حاسر عن
بطني فكشف عن بطنه صلى الله عليه وسلم وصاح المسلمون بالبكاء وقالوا أترى عكاشة
ضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظر عكاشة إلى بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه
القباطي لم يملك أن أكب عليه فقبل بطنه وهو يقول فداك أبي وأمي ومن تطيب نفسه
أن يقتص منك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إما أن تضرب وإما أن تعفو قال قد عفوت عنك
يا رسول الله رجاء أن يعفو الله عنى في يوم القيامة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
من سره أن ينظر إلى رفيقي في الجنة فلينظر إلى هذا الشيخ فقام المسلمون فجمعوا
يقبلون ما بين عيني عكاشة ويقولون طوباك طوباك نلت درجات العلا ومرافقة النبي
صلى الله عليه وسلم فمرض النبي صلى الله عليه وسلم من يومه فكان مرضه ثمانية عشر يوما يعوده
الناس وكان صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين وتوفى يوم الاثنين فلما كان
يوم الأحد ثقل في مرضه فأذن بلال بالاذان ثم وقف بالباب فنادى السلام عليك
يا رسول الله ورحمة الله أقيم الصلاة فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت بلال
فقالت فاطمة يا بلال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم مشغول بنفسه فدخل بلال المسجد
فلما أسفر الصبح قال والله لا أقيمها أو أستأذن سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فخرج بلال فقام الباب ونادى السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الصلاة
يرحمك الله فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت بلال فقال ادخل يا بلال إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم اليوم مشغول بنفسه مر أبا بكر يصلى بالناس فخرج ويده على أم

(1) في نسخة " اجلس ".
28

رأسه وهو يقول وا غوثاه بالله وانقطاع رجاه وانقصام ظهراه ليتني لم تلدني أمي وإذ
ولدتني لم أشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا اليوم ثم قال يا أبا بكر إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمرك أن تصلى بالناس فتقدم أبو بكر فصلى بالناس وكان رجلا رقيقا فلما رأى
خلو المكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم خر مغشيا عليه وصاح المسلمون
بالبكاء فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ضجيج الناس فقال ما هذه الضجة قالوا ضجيج المسلمين
لفقدك يا رسول الله فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وابن عباس
فاتكأ عليهما فخرج إلى المسجد فصلى بالناس ركعتين خفيفتين ثم أقبل عليهم بوجهه
المليح فقال يا معشر المسلمين استودعكم الله أنتم في رجاء الله وأمانه والله خليفتي عليكم
معاشر المسلمين عليكم باتقاء الله وحفظ طاعته من بعدي فاني مفارق الدنيا هذا أول
يوم من الآخرة وأول (1) يوم من الدنيا فلما كان يوم الاثنين اشتد الامر وأوحى الله عز
وجل إلى ملك الموت صلى الله عليه وسلم أن اهبط إلى وصفيي محمد صلى الله عليه وسلم في
أحسن صورة وارفق به في قبض روحه فهبط ملك الموت صلى الله عليه وسلم فوقف
بالباب شبه أعرابي ثم قال السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف
الملائكة أدخل فقالت عائشة لفاطمة أجيبي الرجل فقالت فاطمة آجرك الله في ممشاك
يا عبد الله إن رسول الله مشغول بنفسه فنادى الثانية فقالت عائشة يا فاطمة أجيبي
الرجل فقالت فاطمة آجرك الله في ممشاك يا عبد الله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مشغول بنفسه ثم نادى الثالثة السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف
الملائكة ادخل فلابد من الدخول فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت ملك الموت فقال يا فاطمة
من بالباب فقالت يا رسول الله ان رجلا بالباب يستأذن في الدخول فأجبناه مرة بعد أخرى
فنادى في الثالثة صوتا اقشعر منه جلدي وارتعدت منه فرائصي فقال لها النبي صلى الله
عليه وسلم يا فاطمة أتدرين من بالباب هذا هادم اللذات ومفرق الجماعات هذا مرسل
الأزواج وموتم الأولاد وهذا مخرب الدور وعامر القبور هذا ملك الموت صلى الله
عليه وسلم أدخل يرحمك الله يا ملك الموت فدخل ملك الموت على رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جئتني زائرا أم قابضا قال جئتك زائرا
وقابضا وأمرني الله عز وجل أن لا أدخل عليك إلا باذنك ولا أقبض روحك إلا

(1) كذا في النسخ ولعله " وآخر ".
29

باذنك فان أذنت وإلا رجعت إلى ربي عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا ملك الموت أين خلفت حبيبي جبريل قال خلفته في سماء الدنيا والملائكة يعزونه
فيك فما كان بأسرع أن أتاه جبريل عليه السلام فقعد عند رأسه فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم هذا الرحيل من الدنيا فبشرني مالي عند الله قال أبشرك يا حبيب الله أنى
تركت أبواب السماء قد فتحت والملائكة قد قاموا صفوفا صفوفا بالتحية والريحان
يحيون روحك يا محمد قال لوجه ربى الحمد فبشرني يا جبريل قال أبشرك أن أبواب
الجنان قد فتحت وأنهارها قد اطردت (1) وأشجارها تدلت وحورها قد تزينت لقدوم
روحك يا محمد قال لوجه ربى الحمد فبشرني يا جبريل قال أنت أول شافع وأول مشفع
يوم القيامة قال لوجه ربى الحمد قال جبريل يا حبيبي عما تسألني قال أسألك عن غمي وهمي
من لقراء القرآن من بعدي من لصوام شهر رمضان من بعدي من لحجاج بيت الله
الحرام من بعدي من لامتي المصطفاة من بعدي قال أبشر يا حبيب الله فان الله عز وجل
يقول قد حرمت الجنة على جميع الأنبياء والأمم حتى تدخلها أنت وأمتك قال الآن
طابت نفسي أدن يا ملك الموت فانته إلى ما أمرت به قال على يا رسول الله إذا أنت
قبضت فمن يغسلك وفيم نكفنك ومن يصلى عليك ومن يدخلك القبر قال النبي صلى
الله عليه وسلم يا علي أما الغسل فاغسلني أنت والفضل بن عباس يصب عليك الماء وجبريل
عليه السلام ثالثكما فإذا أنتم فرغتم من غسلي فكفني في ثلاثة أثواب جدد وجبريل
عليه السلام يأتيني بحنوط فإذا أنتم وضعتموني على السرير فضعوني (2) في المسجد
واخرجوا فان أول من يصلى على الرب عز وجل من فوق عرشه ثم جبريل عليه
السلام ثم ميكائيل ثم إسرافيل عليهما السلام ثم الملائكة زمرا زمرا ثم ادخلوا فقوموا
صفوفا لا يتقدم على أحد فقالت فاطمة اليوم الفراق فمتى ألقاك قال يا بنية تلقيني يوم
القيامة عند الحوض وأنا أسقى من يرد على الحوض من أمتي قالت فإن لم ألقاك يا رسول
الله قال تلقيني عند الصراط وأنا أنادي رب سلم أمتي من النار فدنا ملك الموت صلى
الله عليه وسلم يعالج قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغ الروح الركبتين قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أوه فلما بلغ الروح السرة نادى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وا كرباه فقالت فاطمة كربي لكربك يا أبتاه فلما بلغ الروح الثندوة (3) قال رسول

(1) أي جرت
(2) في نسخة " فدعوني ".
(3) الثندوتان للرجل كالثديين للمرأة أي بلغت الصدر.
30

الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل ما أشد مرارة الموت فولى جبريل عليه السلام وجهه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل كرهت
النظر إلي فقال جبريل عليه السلام يا حبيبي ومن تطيق نفسه أن ينظر إليك وأنت
تعالج سكرات الموت فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسله علي بن أبي طالب
وابن عباس يصب عليه الماء وجبريل عليه السلام معهما فكفن بثلاثة أثواب جدد
وحمل على سرير ثم أدخلوه المسجد ووضعوه في المسجد وخرج الناس منه فأول
من صلى عليه الرب تبارك وتعالى من فوق عرشه ثم جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل
ثم الملائكة زمرا زمرا قال علي لقد سمعنا في المسجد همهمة ولم نر لهم شخصا فسمعنا
هاتفا يهتف ويقول ادخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم صلى الله عليه وسلم فدخلنا وقمنا
صفوفا صفوفا كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبرنا بتكبير جبريل عليه السلام
ما تقدم منا أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل القبر أبو بكر الصديق وعلي بن أبي
طالب وابن عباس ودفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرف الناس قالت فاطمة
لعلي فكيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما
كان في صدوركم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة أما كان معلم الخير قال
بلى يا فاطمة ولكن أمر الله الذي لا مرد له فجعلت تبكي وتندب وتقول يا أبتاه
الآن انقطع جبريل عليه السلام وكان جبريل يأتينا بالوحي من السماء. رواه
الطبراني وفيه عبد المنعم بن إدريس وهو كذاب وضاع. وعن يزيد بن بابنوس قال
ذهبت أنا وصاحب لي إلى عائشة فاستأذنا عليها فألقت إلينا وسادة وجذبت
الحجاب إليها فسألها عن مباشرة الحائض ثم قالت كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا مر ببابي ربما (1) يلقى الكلمة ينفع الله بها فمر ذات يوم فلم يقل شيئا ثم مر
أيضا فلم يقل شيئا مرتين أو ثلاثا قلت يا جارية ضعي لي وسادة على الباب وعصبت
رأسي فمر بي فقال يا عائشة ما شأنك قلت أشتكي رأسي قال أنا وا رأساه فذهب فلم
يلبث إلا يسيرا حتى جئ به محمولا في كساء فدخل وبعث إلى النساء فقال إني قد
اشتكيت وإني لا أستطيع أن أدور بينكن فأذن لي فلأكون عند عائشة فأذن له فكنت
أوصبه (2) ولم أوصب أحدا قبله فبينما رأسه ذات يوم على منكبي إذ مال رأسه نحو

(1) في الأصل " مما ".
(2) أي أمرضه.
31

رأسي فظننت أنه يريد من رأسي حاجة فخرجت من فيه نطفة باردة فوقعت على ثغرة
تحرى فاقشعر لها جلدي فظننت أنه غشى عليه فسجيته ثوبا فجاء عمر والمغيرة بن شعبة
فاستأذنا فأذنت لهما وجذبت الحجاب فنظر عمر إليه فقال وا غشياه ما أشد غشى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فلما دنوا من الباب قال المغيرة لعمر مات رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال كذبت بل أنت رجل تحوسك فتنة (1) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يموت حتى يفنى الله المنافقين ثم جاء أبو بكر فرفع الحجاب فنظر إليه فقال إنا لله وإنا
إليه راجعون مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من قبل رأسه فحدر فاه وقبل
جبهته (2) وقال وا صفياه ثم رفع رأسه وحدر فاه وقبل جبهته وقال وا خليلاه
مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد وعمر يخطب الناس ويقول إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفنى الله المنافقين فتكلم أبو بكر فحمد
الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل يقول (إنك ميت وإنهم ميتون) حتى ختم الآية
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم
الآية) من كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا فان محمد قد
مات فقال عمر إنها لفي كتاب الله ما شعرت أنها في كتاب الله عز وجل ثم قال
عمر يا أيها الناس هذا أبو بكر وهو ذو شيبة المسلمين فبايعوه فبايعوه قلت في
الصحيح وغيره طرف منه رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه وزاد فدخل أبو بكر فقال
كيف ترين قلت غشى عليه فدنا منه فكشف عن وجهه فقال يا غشياه ما أكون هذا
الغشي ثم كشف عن وجهه فعرف الموت فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ثم بكى فقلت
في سبيل الله انقطاع الوحي ودخول جبريل بيتي ووضع يده على صدغيه ووضع
فاه على جبهته فبكى حتى سالت دموعه على وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم غطى وجهه
وخرج إلى الناس وهو يبكى فقال يا معشر المسلمين هل عند أحد منكم عهد بوفاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لا ثم أقبل على عمر فقال يا عمر أعندك عهد بوفاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قال والذي لا إله غيره لقد ذاق طعم الموت وقد

(1) أي تخالطك وتحثك على ركوبها، وكل موضع خالطته ووطئته فقد حسته
وجسته.
(2) في ترتيب مسند الإمام أحمد للشيخ أحمد البنا زيادة " ثم قال وا نبياه
ثم رفع رأسه وحدر فاه وقبل جبهته.. ".
32

قال لهم إني ميت وإنكم ميتون فضج الناس وبكوا بكاء شديدا ثم خلوا بينه وبين
أهل بيته فغسله علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد يصب عليه الماء فقال على ما نسيت
منه شيئا لم أغسله إلا قلب لي حتى أرى أحدا فاغسله من غير أن أرى أحدا حتى فرغت
منه ثم كفنوه ببرد يماني أحمر وريطتين قد نيل منهما ثم غسلا ثم أضجع على السرير
ثم أذنوا للناس فدخلوا عليه فوجا فوجا يصلون عليه بغير إمام حتى لم يبق أحد
بالمدينة حر ولا عبد إلا صلى عليه ثم تشاجروا في دفنه أين يدفن فقال بعضهم عند
العود الذي كان يمسك بيده وتحت منبره وقال بعضهم في البقيع حيث كان يدفن
موتاه فقالوا لا نفعل ذلك أبدا إذا لا يزال عبد أحدكم ووليدته قد غضب عليه مولاه
فيلوذ بقبره فتكون سنة فاستقام رأيهم على أن يدفن في بيته تحت فراشه حيث قبض
روحه فلما مات أبو بكر دفن معه فلما حضر عمر بن الخطاب الموت أوصى قال إذا
أنا مت فاحملوني إلى باب بيت عائشة فقولوا لها هذا عمر بن الخطاب يقرئك السلام
ويقول أدخل أو أخرج قال فسكتت ساعة (1) ثم قالت أدخلوه فادفنوه أبو بكر
عن يمينه وعمر عن يساره قالت فلما دفن عمر أخذت الجلباب فتجلببت قال فقيل لها
مالك وللجلباب قال كان هذا زوجي وهذا أبى فلما دفن عمر تجلببت. ورجال
أحمد ثقات، وفى إسناد أبى يعلى عويد بن أبي عمران وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور
وقال بعضهم متروك. وعن أسماء بنت عميس قالت أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في بيت ميمونة فاشتد مرضه حتى أغمي عليه فتشاور نساؤه في لده فلدوه (2) فلما أفاق
قال ما هذا فعل نساء جئن من ههنا وأشار إلى أرض الحبشة وكانت أسماء بيت عميس
فيهن قالوا كنا نتهم بك ذات الجنب يا رسول الله قال إن ذلك لداء ما كان الله عز وجل
ليقذفني به لا يبقين في البيت أحد لا يلد إلا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى
العباس قالت لقد التدت ميمونة يومئذ وإنها لصائمة لعزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه
أحمد ورجاله رجال الصحيح، قلت وقد تقدم حديث العباس في كتاب الخلافة.
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا
لا يضلون بعده أبدا قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها. رواه أحمد وفيه

(1) في نسخة " عائشة " مكان " ساعة ".
(2) اللدود بالفتح من الأدوية ما يسقاه المريض في أحد شقي الفم.
33

ابن لهيعة وفيه خلاف. وعن عمر بن الخطاب قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي (1)
بصحيفة ودواة أكتب كتابا لا تضلون بعدي أبدا فكر هنا ذلك أشد الكراهة
ثم قال ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده أبدا فقال النسوة من وراء
الستر ألا يسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إنكن صواحبات (2)
يوسف إذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن أعينكن وإذا صح ركبتن
رقبته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فإنهن خير منكم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال العقيلي في حديثه نظر، وبقية رجاله وثقوا
وفى بعضهم خلاف. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال لان أحلف تسعا أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلا أحب إلى من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل وذلك بأن
الله عز وجل جعله نبيا واتخذه شهيدا قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم فقال كانوا يرون
أن اليهود سموه. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت ما مات رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا من ذات الجنب. رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى بنحوه
وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن أم الفضل بنت الحارث وهي أم ولد
العباس أخت ميمونة قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فجعلت أبكى فرفع رأسه
فقال ما يبكيك قالت خفنا عليك ولا ندري ما نلقى من الناس بعدك يا رسول الله قال أنتم
المستضعفون بعدي. رواه أحمد وفيه يزيد بن أبي زياد وضعفه جماعة. وعن علي بن
الحسين قال سمعت أبي يقول لما كان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل
عليه السلام فقال يا محمد إن الله عز وجل أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك
وخاصة (3) لك أسألك عما هو أعلم بن منك يقول كيف تجدك فقال النبي صلى الله
عليه وسلم أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا فلما كان اليوم الثالث هبط
جبريل عليه السلام وهبط ملك الموت عليه السلام وهبط معهما ملك في الهواء يقال
له إسماعيل على سبعين ألف ملك ليس فيهم إلا على سبعين ألف ملك يشيعهم
جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن الله عز وجل أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك
وخاصة لك أسألك عما هو أعلم به منك يقول كيف تجدك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) في نسخة " إئتوني ".
(2) في نسخة " صواحب ".
(3) في نسخة " واخلاصا لك "
34

أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا قال فاستأذن ملك الموت على
الباب فقال جبريل يا محمد هذا ملك الموت يستأذن عليك وما استأذن على آدمي قبلك
ولا يستأذن على آدمي بعدك فقال ائذن له فأذن له جبريل فأقبل حتى وقف بين يديه
فقال يا محمد أن الله عز وجل أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك فيما أمرتني به إن تأمرني
أن أقبض نفسك قبضتها وإن كرهت تركتها قال وتفعل يا ملك الموت قال نعم وبذلك
أمرت أن أطيعك فيما أمرتني به فقال له جبريل عليه السلام إن الله عز وجل قد اشتاق
إلى لقائك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امض لما أمرت به فقال له جبريل هذا
آخر وطأتي في الأرض إنما كنت حاجتي في الدنيا فلما توفى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وجاءت التعزية جاء آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته كل نفس ذائقة الموت إن في الله عزاء من مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا
من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فان المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم
ورحمة الله. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن ميمون القداح وهو ذاهب الحديث. وعن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات من اللحم الذي كانت اليهودية سمته
فانقطع أبهره من السم على رأس السنة كان يقول ما زلت أجد منه حسا. رواه الطبراني
وإسناده حسن. وعن عائشة قالت ما مرت على ليلة مثل ليلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا عائشة هل طلع الفجر فأقول لا حتى أذن بلال بالفجر ثم جاء بلال فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما هذا فقلت هذا بلال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مري أبا بكر فليصل بالناس. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة وهو يمد يده وهو يقول يا جبريل أين أنت
ثم يقبضها ويبسطها ففعل ذلك مرارا وهو يقول يا جبريل اشفع لي عند ربى يهون على
الموت فذكر أبو هريرة أنه سمع عائشة تقول لقد سمعت ما لم تسمع أذن من جبريل
وهو يقول لبيك لبيك. رواه الطبراني في الأوسط وفيه حسين بن عبد الله بن ضميرة
وهو كذاب. وعن ابن عباس قال جاء ملك الموت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في
مرضه الذي قبض فيه فاستأذن ورأسه في حجر على رضوان الله عليه فقال السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته فقال له على إرجع فانا مشاغيل عنك فقال النبي صلى الله عليه وسلم تدرى من
هذا يا أبا الحسن هذا ملك الموت أدخل راشدا فلما دخل قال إن ربك يقرئك
35

السلام قال أين جبريل قال ليس هو قريب منى الآن يأتي فخرج ملك الموت حتى نزل
عليه جبريل فقال له جبريل وهو قائم بالباب ما أخرجك يا ملك الموت قال التمسك
محمد صلى الله عليه وسلم فلما جلسا قال جبريل سلام عليك يا أبا القاسم هذا وداع
منى ومنك فبلغني أن ملك الموت لم يسلم على أهل بيت قبله ولا يسلم بعده. رواه
الطبراني وفيه المختار بن نافع وهو ضعيف. وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ثقل
وعنده عائشة وحفصة إذ دخل عليه فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم رفع رأسه ثم قال
ادن منى ادن منى فأسنده إليه فلم يزل عنده حتى توفى فلما قضى قام على وأغلق الباب وجاء
العباس ومعه بنو عبد المطلب فقاموا على الباب فجعل على يقول بأبي أنت طبت حيا
وطبت ميتا وسطعت ريح طيبة لم يجدوا مثلها فقال إيها دع حنينا كحنين المرأة واقبلوا
على صاحبكم قال على ادخلوا على الفضل بن العباس فقالت الأنصار نشدناكم بالله ونصيبنا من
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلوا رجلا منهم يقال له أوس بن حول يحمل جرة بإحدى
يديه فسمعوا صوتا في البيت لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واغسلوه كما هو
في قميصه فغسله على يدخل من تحت القميص والفضل يمسك الثوب عنه والأنصاري
ينقل الماء وعلى يد على خرقة يدخل يده تحت القميص قلت روى ابن ماجة بعضه رواه
الطبراني في الأوسط والكبير وفيه يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية
رجاله ثقات. وعن علي قال أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يغسله أحد غيري فإنه
لا يرى عورتي أحد إلا طمست عيناه قال على فكان العباس وأسامة يناولاني الماء من
وراء الستر. رواه البزار وفيه يزيد بن بلال قال البخاري فيه نظر، وبقية رجاله وثقوا
وفيهم خلاف. وعن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من نبي
إلا تقبض نفسه ثم يرى الثواب ثم ترد إليه فتخير بين أن ترد إليه إلى أن يلحق فكنت
قد حفظت ذلك منه فاني لمسندته إلى صدري فنظرت إليه حتى مالت عنقه فقلت قد قضى
قالت فعرفت الذي قال قالت فنظرت إليه حتى ارتفع ونظر قلت إذا لا يختارنا فقال
مع الرفيق الأعلى في الجنة مع النبيين والصديقين إلى آخر الآية، وفى رواية الرفيق
الأعلى الأسعد. رواه أحمد والطبراني في الأوسط إلا أنها قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين سحري ونحري قالت وظننت أنه سيرد الله عليه روحه قالت وكذلك يفعل بالأنبياء
فتحرك فقلت إن خيرت اليوم فلن تختارنا. وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح.
36

وعن عائشة قالت مات النبي صلى الله عليه وسلم فلما خرجت نفسه ما شممت رائحة
قط أطيب منها. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت كشف رسول
الله صلى الله عليه وسلم سترا وفتح بابا في مرضه فنظر إلى الناس يصلون خلف أبى
بكر فسر بذلك وقال الحمد لله انه لم يمت نبي حتى يؤمه رجل من أمته ثم أقبل على
الناس فقال يا أيها الناس من أصيب منكم بمصيبة من بعدي فليتعز بمصيبته بي عن
مصيبته التي تصيبه فإنه لن يصب أحد من أمتي من بعدي بمثل مصيبته بي. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني وهو ضعيف. وعن أبي
موسى قال أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حجر عائشة فأفاق
وهي تمسح صدره وتدعو له بالشفاء قال لا ولكن أسأل الله الرفيق الأعلى
الأسعد جبريل وميكائيل وإسرافيل. رواه الطبراني وفيه محمد بن سلام الجمحي
وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي عسيب أو أبى عسيب قال بهز
شهد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا كيف نصلى عليه قال ادخلوا أرسالا
أرسالا قال فكانوا يدخلون من هذا الباب فيصلون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر
قال فلما وضع في لحده قال المغيرة قد بقي من رجليه شئ لم يصلحوه قالوا فادخل
فأصلحه فدخل وأدخل يده فغمس قدميه صلى الله عليه وسلم قال أهيلوا عليه التراب
فأهالوا عليه حتى بلغ أنصاف ساقيه ثم خرج فكان يقول أنا أحدثكم عهدا برسول
الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت كنت أدخل بيتي
الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى فأضع ثوبي وأقول إنما هو زوجي وأبى فلما
دفن عمر معهم فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة على ثيابي حياء من عمر رضي الله عنه. رواه
أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم
العباس وعلى والفضل وشق لحده رجل من الأنصار وهو الذي شق قبور الشهداء يوم
أحد قلت رواه ابن ماجة أطول من هذا وليس فيه ذكر العباس ولا الذي شق لحده
صلى الله عليه وسلم رواه البزار عن شيخه أيوب بن منصور وقد وهم في حديث رواه له
أبو داود، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن ابن عمر قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان أبو بكر في ناحية بالمدينة قال فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع فاه على
جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقبله ويقول بأبي وأمي طبت حيا وميتا فلما
37

خرج مر بعمر رحمة الله عليه وهو يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا
يموت حتى يقتل المنافقين قال وقد كانوا استبشروا بموت رسول الله صلى الله عليه
وسلم ورفعوا رؤوسهم فمر به أبو بكر فقال أيها الرجل أربع على نفسك فان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد مات ألم تسمع الله تعالى يقول (إنك ميت وإنهم ميتون وما جعلنا
لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) قال وأتى المنبر فصعد فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال أيها الناس إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فان إلهكم قد مات وإن كان إلهكم الذي
في السماء فان إلهكم حي لا يموت ثم تلا (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل
الآية) ثم نزل وقد استبشر المؤمنون بذلك واشتد فرحهم وأخذ المنافقون الكآبة قال عبد الله
ابن عمر والذي نفسي بيده لكأنما كانت على وجوهنا أغطية فكشفت. رواه البزار
ورجاله رجال الصحيح غير علي بن المنذر وهو ثقة. وعن سهل بن سعد قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم سيعزي الناس بعضهم بعضا من بعدي تعزية منى وكان الناس يقولون ما هذا
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى بعضنا بعضا يعزى بعضهم بعضا برسول الله
صلى الله عليه وسلم. رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما رجال الصحيح غير موسى بن
يعقوب الزمعي ووثقه جماعة، وعن أبي سعيد قال ما عدا وارينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في التراب
فأنكرنا قلوبنا. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة أنها قالت رأيت كأن
ثلاثة أقمار سقطن في حجري فقال أبو بكر إن صدقت رؤياك دفن في بيتك خير أهل
الأرض ثلاثة فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها أبو بكر خير أقمارك يا عائشة
ودفن في بيتها أبو بكر وعمر. رواه الطبراني في الكبير واللفظ له، والأوسط ورجال الكبير
رجال الصحيح وقد تقدم مرفوعا انها قصته على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أوله
بهذا في باب تعبير الرؤيا، وفى إسناده ضعيف. وعن عروة قال قالت صفية بنت عبد المطلب
ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لهف نفسي وبت كالمسلوب * أرقب الليل فعلة المحروب
من هموم وحسرة أرقتني * ليت أنى سقيتها بشعوب
حين قالوا إن الرسول قد أمسى * وانقته منية المكتوب
حين جئنا لآل بيت محمد * فأشاب القذال منى مشيب
حين رينا بيوته موحشات * ليس فيهن بعد عيش غريب
38

فعراني لذاك حزن طويل * خالط القلب فهو كالمرعوب
وقالت أيضا: ألا يا رسول الله كنت رخاءنا * وكنت بنا برا ولم تك جافيا
وكان بنا برا رحيما نبينا * ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمري ما أبكى النبي لموته * ولكن لهرج كان بعدك آتيا
كأن على قلبي لفقد محمد * ومن حبه من بعد ذاك المكاويا
أفاطم صلى الله رب محمد * على جدث أمسى بيثرب ثاويا
أرى حسنا أيتمته وتركته * يبكى ويدعو جده اليوم نائيا
فدا لرسول الله أمي وخالتي * وعمى ونفسي قصره وعياليا
صبرت وبلغت الرسالة صادقا * ومت صليب الدين أبلج صافيا
فلو أن رب العرش أبقاك بيننا * سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية * وأدخلت جنات من العدن راضيا
رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن محمد بن علي بن الحسين قال لما قبض رسول
الله صلى الله عليه وسلم خرجت صفية تلمع بردائها وهي تقول:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة (1) لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب (2)
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن محمدا لم يدرك صفية. وعن غنيم بن
قيس قال إني لأذكر قالة أبى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم:
ألا لي الويل على محمد قد كنت في حياته بمرصد أنام ليلى آمنا (3) إلى الغد
رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير بشر بن آدم وهو ثقة.
(باب تمنى رؤيته صلى الله عليه وسلم)
عن سمرة بن جندب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا إن أحدكم
سيوشك أن ينظر إلى نظرة بماله من أهل ومال. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(باب فيما تركه صلى الله عليه وسلم)
عن عمر قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جئت أنا وأبو بكر إلى علي فقلنا

(1) الهنبثة: الامر الشديد المختلف.
(2) وبعد هذا البيت: إنا فقدناك فقد الأرض وابلها فاختل قومك فاشهدهم ولا تغب
(3) في النسخ " نائما " وفى حاشية الأصل " آمنا " وعليها إشارة التصحيح.
39

ما تقول فيما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحن أحق الناس برسول الله صلى
الله عليه وسلم قال فقلت والذي بخيبر قال والذي بخيبر قلت والذي بفدك قال والذي
بفدك فقلت أما والله حتى تحزوا رقابنا بالمناشير فلا. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
موسى بن جعفر بن إبراهيم وهو ضعيف. وعن جويرية قال ما ترك رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم توفى إلا بغلة بيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة. رواه الطبراني
في الأوسط وإسناده حسن. وعن حذيفة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث
ما تركنا صدقة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الفيض بن وثيق وهو كذاب.
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نورث ما تركنا صدقة.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وضعفه.
غيره، وبقية رجاله ثقات.
(كتاب المناقب)
بسم الله الرحمن الرحيم
(باب ما جاء في أبى بكر الصديق رضي الله عنه)
عن عروة بن الزبير قال أبو بكر الصديق اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن
كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن لؤي شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأم أبى بكر أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم
ابن مرة بن لؤي ين غالب بن فهر بن مالك، وأم أم الخير دلاف وهي أميمة بنت عبيد
ابن الناقد الخزاعي، وجدة أبى بكر أم أبى قحافة أمينة بنت عبد العزى بن حرثان بن
عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن
عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى أبى بكر رضي الله عنه فقال هذا عتيق الله
من النار فمن يومئذ سمى عتيقا وكان قبل ذلك اسمه عبد الله بن عثمان. رواه البزار
والطبراني بنحوه ورجالهما ثقات. وعن عائشة قالت والله إني لفي بيتي ذات يوم ورسول
الله صلى الله عليه وسلم في الفناء وأصحابه والستر بيني وبينهم إذ أقبل أبو بكر فقال
40

النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبى بكر وإن اسمه الذي
سماه أهله لعبد الله بن عثمان فغلب عليه اسم عتيق قلت بعضه رواه الترمذي رواه
أبو يعلى وفيه صالح بن موسى بن الطلحي وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال أسلمت
أم أبى بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم الزبير وأم عبد الرحمن بن عوف وأم عمار بن
ياسر وإنما سمى عتيق بن عثمان لحسن وجهه. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن
شبيب وهو ضعيف. وعن الليث بن سعد قال إنما سمى أبو بكر عتيقا لعتاقة وجهه
وكان اسمه عبد الله بن عثمان. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن القاسم بن محمد
قال سألت عائشة عن اسم أبى بكر فقالت عبد الله فقلت إنهم يقولون عتيق فقالت
إن أبا قحافة كان له ثلاثة فسمى واحدا عتيقا (1) ومعيتقا ومعتقا. رواه الطبراني وفيه قيس
ابن أبي قيس البخاري فإن كان ثقة فاسناده حسن. وعن أبي حفص عمرو بن علي
أنه كان يقول كان أبو بكر معروق الوجه وإنما سمى عتيقا لعتاقة وجهه وكان
اسمه عبد الله بن عثمان وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه عتيقا من النار. رواه
الطبراني وإسناده جيد حسن. وعن حكيم بن سعد قال سمعت عليا يحلف لله أنزل
اسم أبى بكر من السماء الصديق. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرج بي إلى السماء الدنيا فما مررت بسماء إلا وجدت
فيها اسمي محمد رسول الله وأبو بكر الصديق من خلفي. رواه أبو يعلى والطبراني في
الأوسط وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري وهو ضعيف. وعن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بي إلى السماء ما مررت بسماء إلا وجدت
اسمي فيها مكتوبا محمد رسول الله أبو بكر الصديق. رواه البزار وفيه عبد الله بن
إبراهيم الغفاري وهو ضعيف. وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى
به إن قومي لا يصدقوني فقال له جبريل يصدقك أبو بكر وهو الصديق. رواه الطبراني
في الأوسط وفى رواية عنده ان قوى يتهموني، وفى أحد إسناديه أبو وهب عن أبي
هريرة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أم هانئ قالت قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لما أسرى به إني أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم فكذبوه وصدقه أبو

(1) من قوله " قالت " إلى " ومعتقا " غير موجود في الأصل بل في نسخة أخرى.
41

بكر فسمى يومئذ الصديق. رواه الطبراني وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو متروك.
(باب)
عن معاوية قال دخلت مع أبي على أبى بكر الصديق فرأيت أسماء قائمة على رأسه
بيضاء ورأيت أبا بكر أبيض نحيفا فحملني وأبى على فرسين ثم عرضنا عليه وأجازنا. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن رجل من بنى أسد قال رأيت أبا بكر الصديق
في غزوة ذات السلاسل وكأن لحيته لهب العرفج (1) على ناقة له أدما أبيض نحيفا.
رواه الطبراني ولم أعرف الرجل الذي من بنى أسد، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن
عائشة أنها رأت رجلا مارا وهي في هودجها فقالت ما رأيت رجلا أشبه من أبى بكر
من هذا فقيل لها صفي لنا أبا بكر فقالت كان رجلا أبيض نحيفا خفيف العارضين أحنا
لا تستمسك أزرته تسترخي عن حقويه معروق الوجه غائر العينين ناتئ الجبهة عاري
الأشاجع (2) هذه صفته. رواه الطبراني وفيه الواقدي وهو ضعيف. وقد تقدمت أحاديث
في الخضاب. وعن رافع بن عمرو قال مر بي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزو
أو حج فتأملتهم فلم أر منهم أحسن هيئة من أبى بكر قد جلل عليه كساء من الحر والبرد
قلت فذكر الحديث وقد تقدم في كراهية الامارة في الخلافة رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(باب)
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار
سد واكل خوخة في المسجد غير خوخة أبى بكر. رواه عبد الله ورجاله ثقات. وعن معاوية
ابن أبي سفيان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صبوا على من سبع قرب من آبار شتى
حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم قال فخرج عاصبا رأسه صلى الله عليه وسلم حتى صعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن عبدا من عباد الله خير بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار
ما عند الله فلم يلقنها (3) إلا أبو بكر فبكى فقال نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأبنائنا فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم على رسلك أفضل الناس عندي في الصحبة وذات اليد ابن أبي قحافة أنظروا
هذه الأبواب الشوارع في المسجد فسدوها إلا ما كان من باب أبى بكر فاني رأيت عليه
نورا. رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار إلا أنه زاد وذكر قتلى أحد فصلى عليهم

(1) العرفج: شجر صغير سريع الاشتعال.
(2) الأشاجع هي مفاصل الأصابع واحدها أشجع، أي كان اللحم عليها قليلا.
(3) في الحاوي للفتاوى " يفهمها ".
42

فأكثر. وإسناده حسن (1). وعن عائشة قالت رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع، قلت
فذكر حديث مرضه إلى أن قال قالت فصببنا عليه حتى طفق يقول حسبكم حسبكم، قال
محمد بعني ابن إسحاق ثم خرج كما حدثني أيوب بن بشير عاصبا رأسه فجلس على المنبر فكان
أول ما تكلم به أن صلى على أصحاب أحد فأكثر الصلاة عليهم ثم قال إن عبدا من عباد
الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله قال ففهمها أبو بكر فبكى وعرف أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يريد قال على رسلك يا أبا بكر أنظروا في المسجد
هذه الأبواب اللاصقة فسدوها (2) إلا ما كان من بيت أبى بكر فاني لا أعلم أحدا كان
أفضل عندي في الصحبة منه. رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. قلت وتأتي أحاديث تتضمن
سد الأبواب غير بابه في أحاديث تأتى في مواضعها إن شاء الله. (باب في إسلامه)
عن الشعبي قال سألت ابن عباس من أول من أسلم قال ابن عباس اما سمعت قول
حسان بن ثابت:
إذا تذكرت شجوا من أخ ثقة * فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها * إلا النبي وأوفاها لما حملا
والثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا
رواه الطبراني وفيه الهيثم بن عدي وهو متروك. وعن ابن عمر قال أول من أسلم
أبو بكر. رواه الطبراني في الأوسط وفيه غير واحد ضعيف. وعن زيد بن أرقم قال أول
من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر. رواه الطبراني في الأوسط وفيه غالب بن عبد الله بن
غالب السعدي ولم أعرفه.
(باب جامع في فضله)
عن جابر بن عبد الله قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا الدرداء يمشى

(1) وفى نسخة زيادة " وعن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد التي في
المسجد إلا باب أبى بكر. رواه الطبراني في الأوسط وفيه معلى بن عبد الرحمن وهو وضاع.
وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سدوا عنى كل باب إلا باب أبى بكر
ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. رواه البزار وإسناده حسن ".
(2) وفى نسخة " أنظروا هذه الأبواب اللاصقة في المسجد فسدوها.. "
43

بين يدي أبى بكر فقال يا أبا الدرداء تمشى قدام رجل لم تطلع الشمس بعد النبيين على رجل
أفضل منه فما رؤى أبو الدرداء بعد يمشى إلا خلف أبى بكر. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذاب. وعن أبي الدرداء قال رآني رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأنا أمشى أمام أبى بكر فقال لا تمش أمام من هو خير منك إن
أبا بكر خير ممن طلعت عليه الشمس أو غربت. رواه الطبراني وفيه بقية وهو
مدلس، وبقية رجاله وثقوا. وعن سلمة بن الأكوع قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أبو بكر الصديق خير الناس إلا أن يكون نبي. رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن
زياد وهو ضعيف. وعن أسعد بن زرارة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطب الناس فالتفت التفاتة فلم ير أبا بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر
أبو بكر إن روح القدس جبريل عليه السلام أخبرني آنفا ان خير أمتك بعدك أبو بكر
الصديق. رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو غزية محمد بن موسى وهو ضعيف. وعن
ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يسبحون في غدير فقال النبي صلى
الله عليه وسلم ليسبح كل رجل منكم إلى صاحبه فسبح كل رجل منهم إلى صاحبه
وبقى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فسبح النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر حتى عانقه وقال
أنا إلى صاحبي أنا إلى صاحبي رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه داود بن يزيد الأودي وهو ضعيف. وعن عائشة قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن إخوة
الاسلام أفضل. رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن عبد الرحمن الواسطي ولم
أعرفه. وعن ابن عمر أن أبا بكر نال من عمر شيئا ثم قال استغفر لي يا أخي فغضب عمر
فقال ذلك مرات فغضب عمر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وانتهوا إليه
وجلسوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألك أخوك أن تستغفر له فلا تفعل
فقال والذي بعثك بالحق نبيا ما من مرة يسألني إلا وأنا أستغفر له وما من خلق الله
أحب إلى بعدك منه فقال أبو بكر وأنا والذي بعثك بالحق ما من أحد بعدك أحب إلى منه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤذوني في صاحبي فان الله عز وجل بعثني
بالهدى ودين الحق فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت ولولا أن الله عز وجل سماه
44

صاحبا لاتخذته خليلا ولكن إخوة لله ألا فسدوا كل خوخة إلا خوخة ابن أبي قحافة.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن ربيعة الأسلمي قال كنت أخدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني أرضا وأعطى أبا بكر أرضا وجاءت الدنيا فاختلفنا في
عذق نخلة فقال أبو بكر هي في حدى وقلت أنا هي في حدى فكان بيني وبين أبى بكر
كلام فقال أبو بكر كلمة كرهتها وندم فقال لي يا ربيعة رد على مثلها حتى تكون
قصاصا فقلت لا أفعل فقال أبو بكر لتفعلن أو لاستعدين عليك رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقلت ما أنا بفاعل ورفض الأرض فانطلق أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وانطلقت أتلوه فجاء أناس من أسلم فقالوا يرحم الله أبا بكر في أي شئ يستعدي
عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال لك ما قال قلت أتدرون من هذا هذا
أبو بكر الصديق وهو ثاني اثنين وهو ذو شيبة المسلمين فإياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني
عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما
فتهلك ربيعة قالوا فما تأمرنا قال ارجعوا فانطلق أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعته
وحدي وجعلت أتلوه حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه الحديث كما كان فرفع إلى رأسه
فقال يا ربيعة مالك وللصديق قلت يا رسول الله كان كذا كان كذا قال لي كلمة كرهتها
فقال لي قل كما قلت حتى يكون قصاصا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فلا
تردن عليه ولكن قل غفر الله لك يا أبا بكر فولى أبو بكر وهو يبكى. رواه الطبراني
وأحمد بنحوه في حديث طويل تقدم في النكاح وفيه مبارك بن فضالة وحديثه حسن،
وبقية رجاله ثقات. وعن كعب بن مالك الأنصاري قال عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم
قبل وفاته بخمس ليال فسمعته يقول لم يكن من نبي إلا وله خليل في أمته وان خليلي
أبو بكر بن أبي قحافة وان الله اتخذ صاحبكم خليلا. رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد
الألهاني وهو ضعيف. وعن أبي واقد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت
متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة ولكن صاحبكم خليل الله عز وجل. رواه الطبراني
وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وعن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ان الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وان خليلي أبو بكر. رواه
الطبراني وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما من أحد أمن على في يده من أبى بكر زوجني ابنته وأخرجني
إلى دار الهجرة ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخاه ومودة إلى يوم
45

القيامة. رواه الطبراني وفيه نهشل بن سعيد وهو متروك. وعن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد أعظم عندي يدا من أبى بكر واساني بنفسه
وماله. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وزاد وأنكحني ابنته. وفيه أرطاة أبو حاتم
وهو ضعيف. وعن معاذ بن جبل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن
يسرح معاذا إلى اليمن فاستشار ناسا من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة
والزبير وأسيد بن حضير فاستشارهم فقال أبو بكر لولا انك استشرتنا ما تكلمنا فقال إني
فيما لم يوح إلى كأحدكم قال فتكلم القوم فتكلم كل انسان برأيه فقال ما ترى
يا معاذ فقلت أرى ما قال أبو بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يكره فوق
سمائه أن يخطئ أبو بكر. رواه الطبراني وأبو العطوف لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات وفى
بعضهم خلاف. وعن سهل بن سعد الساعدي قال استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا بكر وعمر فأشاروا عليه فأصاب أبو بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان
الله يكره أن يخطئ أبو بكر. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن عقبة بن عامر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى بي إلى السماء دخلت جنة عدن
فوقعت في يدي فلما وضعتها في يدي انفلقت عن حوراء عيناء مرضية أشفار عينيها كمقاديم
أجنحة النسور قلت لها لمن أنت قالت أنا للخليفة من بعدك. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط عن شيخه بكر بن سهل قال الذهبي مقارب الحديث عن عبد الله بن سليمان
العبدي وثقة ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن جابر أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم صلى خلف أبى بكر. رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه عبيد بن
هشام وثقة أبو حاتم وغيره وفيه خلاف. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم يدخل الجنة رجل لا يبقى في الجنة أهل دار ولا غرفة إلا قالوا مرحبا
مرحبا إلينا إلينا فقال أبو بكر يا رسول الله ما ثواب هذا الرجل في ذلك اليوم فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل أنت يا أبا بكر. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن أبي بكر السالمي وهو ثقة. وعن صلة بن زفر قال
كان على إذا ذكر عنده أبو بكر قال السباق يذكرون السباق يذكرون والذي نفسي
بيده ما استقبنا إلى خير قط إلا سبقنا إليه أبو بكر. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
أحمد بن عبد الرحمن بن المفضل الحراني ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن محمد بن
عقيل قال خطبنا علي بن أبي طالب فقال أيها الناس أخبروني من أشجع الناس قالوا
46

أو قال قلنا أنت يا أمير المؤمنين قال أما انى ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه ولكن
أخبروني بأشجع الناس قالوا لا نعلم فمن قال أبو بكر انه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول
الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوى إليه
أحد من المشركين فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا يهوى إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس فقال على ولقد
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش فهذا نحاه وهذا يتلتله وهم
يقولون أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا قال فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب
هذا ويحار هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله ثم
رفع على بردة كانت عليه ثم بكى حتى اخضلت لحيته ثم قال على أنشدكم الله أمؤمن آل
فرعون خير أم أبو بكر فسكت القوم ألا تجيبوني فوالله لساعة من أبى بكر خير من
مثل مؤمن آل فرعون ذاك رجل كتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه. رواه البزار
وفيه من لم أعرفه. وعن شقيق قال قيل لعلى ألا تستخلف قال ما استخلف رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأستخلف عليكم وإن يرد الله تبارك وتعالى بالناس خيرا فسيجمعهم
على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح
غير إسماعيل بن أبي الحرث وهو ثقة. وعن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لما توفى أبو بكر سجى بثوب فارتجت المدينة. بالبكاء ودهش
كيوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء علي بن أبي طالب مسترجعا مسرعا وهو
يقول اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب البيت الذي هو فيه أبو بكر
فقال رحمك الله يا أبا بكر كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشهدهم يقينا
وأخوفهم لله وأعظمهم غناء وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدبهم
على الاسلام وأمنهم على أصحابه وأحسنهم صحبة وأفضلهم مناقب وأكثرهم سوابق
وأرفعهم درجة وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا
وأوثقهم عنده وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه منزلة فجزاك الله عن الاسلام وعن
رسوله وعن المسلمين خيرا صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس
فسماك الله في كتابه صديقا فقال والذي جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وسلم وصدق
بن أبو بكر آسيته حين بخلوا وقمت معه حين قعدوا وصحبته في الشدة أكرم
47

الصحبة والمنزل عليه السكينة رفيقه في الهجرة ومواطن الكربة خلفته في أمته بأحسن
الخلافة حين ارتدت الناس فقمت بدين الله قياما لم يقمه خليفة نبي قط فوثبت حين
ضعف أصحابك ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج رسوله برغم المنافقين وغيظ
الكافرين فقمت بالامر حين فشلوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا كنت أعلاهم فوقا
وأقلهم كلاما وأصوبهم منطقا وأطولهم صمتا وأبلغهم قولا وكنت أكثرهم رأيا
وأشجعهم قلبا وأشدهم يقينا وأحسنهم عملا وأعرفهم بالأمور كنت للدين يعسوبا (1)
وكنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا
وحفظت ما أضاعوا ورعيت ما أهملوا وصبرت إذ جزعوا فأدركت آثار ما طلبوا
ونالوا بك ما لم يحتسبوا كنت على الكافرين عذابا صبا وللمسلمين غيثا وخصبا فطرت
بغناها وفزت بحياها وذهبت بفضائلها وأحرزت سوابقها لم تفلل حجتك ولم يزغ
قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك كنت كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله
القواصف كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الناس عليه بصحبتك
وذات يدك وكما قال ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله متواضعا عظيما عند
المسلمين جليلا في الأرض لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز ولا
فيك مطمع ولا عندك هوادة لأحد الضعيف الذليل عندك قوى حتى تأخذ له بحقه
والقوى العزيز عندك ذليل حتى يؤخذ منه الحق والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء
شأنك الحق والصدق والرفق قولك فأقلعت وقد نهج السبيل واعتدل بك الدين وقوى
الايمان وظهر أمر الله ولو كره الكافرون فسبقت والله سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك
أتعابا شديدا وفزت بالجنة وعظمت رزيتك في السماء وهدت مصيبتك الأنام فانا لله
وإنا إليه راجعون رضينا عن الله قضاءه وسلمنا لله أمره فلن يصاب المسلمون بعد
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبدا كنت للدين عدة وكهفا وللمسلمين حصنا وفيئة وأنسا
وعلى المنافقين غلظة وغيظا فألحقك الله بنبيه ولا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك
قال وسكت الناس حتى قضى كلامه ثم بكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقالوا صدقت يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنهم. رواه البزار وفيه عمر
ابن إبراهيم وهو كذاب. وعن علي بن أحمد السدوسي عن أبيه قال بلغ عائشة

(1) اليعسوب: السيد والرئيس والمقدم، وأصله فحل النحل.
48

ان ناسا ينالون من أبى بكر فبعث إلى أزفلة (1) منهم فسدلت أستارها وعذلت
وقرعت وقالت أبى وما أبيه أبى لا تعطوه الا يدي هيهات والله ذاك طود منيف
وظل مديد انجح والله إذ كذبتم وسبق إذ ونيم سبق الجواد إذا استولى على
الأمد فتى قريش ناشئا وكهفها كهلا يفك عانيها ويريش مملفها (2) ويرأب روعها ويلم
شعثها حتى حليته قلوبها ثم استشرى (3) في دينه فما برحت شكيمته (4) في ذات الله حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيى فيه ما أمات المبطلون وكان رحمه الله غزير الدمعة
وقيد الجوانح (5) شجى النشيج (6) فأصفقت (7) إليه نسوان مكة وولدانها يسخرون
منه ويستهزؤن به الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون فأكبرت ذلك
رجالات قريش فحنت قسيها وفوقت سهامها وامتثلوه غرضا فما فلوا له شباة (8)
ولا قصفوا له قناة ومر علي سيسائه حتى إذا ضرب الدين بجرانه وألقى بركه ورست
أوتاده ودخل الناس فيه أفواجا ومن كل فرقة أرسالا وأشتاتا اختار الله لنبيه
ما عنده فلما قبضه الله عز وجل ضرب الشيطان رواقه ونصب حبائله ومد طنبه
واجلب بخيله ورجله فاضطرب حبل الاسلام ومرج عهده وماج أهله وعاد مبرمه
أنكاثا وبغي الغوائل وظنت الرجال ان قد أكثبت (9) أطماعهم ولات حين يرجعون
وانا والصديق بين أظهرهم فقام حاسرا مشمرا فرقع حاشيته وجمع قبطته فرد
يسر الاسلام على غره ولم شعثه بطبه وأقام أوده بثقافه فابدعر النفاق بوطايه
وانتاش الدين بنعشه فلما راح الحق على أهله وأقر الرؤس على كواهلها وحقن
الدماء في أهبها حضرت منيته فسد ثلمته بشقيقه في المرحمة ونظيره في السيرة

(1) أي جماعة.
(2) أي يكسوه ويعينه، وأصله من الريش كأن الفقير المملق
لا نهوض به كالمقصوص الجناح، يقال راشه يريشه إذا أحسن إليه.
(3) أي جد وقوى واهتم بن، وقيل هو من شرى البرق واستشرى إذا تتابع في لمعانه.
(4) أي شدة نفسه يقال فلان شديد الشكيمة إذا كان عزيز النفس أبيا قويا،
وأصله من شكيمة اللجام فان قوتها تدل على قوة الفرس.
(5) اي محزون الصلب كأن الحزن قد كسره وضعفه، والجوانح تجن القلب وتحويه فأضافت الوقود
إليها.
(6) أي يحزن من يسمعه يقرأ
(7) أي اجتمعت.
(8) في الأصل " صفاة "
(9) أي كثرت.
49

والمعدلة ذاك ابن الخطاب لله أم حملت به ودرت عليه لقد أوجدت به ففتح الكفرة
وذيخها وشرد الشرك شذر مذر وبعج الأرض (1) فقاءت أكلها لفظت خبيئها ترأمه (2)
ويصدف عنها وتصدى له ويأباها ثم ورع فيها ثم تركها كما صحبها فأروني ماذا تقولون
وأي يومى أبى تنقمون أيوم إقامته إذ عدل فيكم أو يوم ظعنه إذ نظر لكم أقول
قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. رواه الطبراني واحمد السدوسي لم يدرك عائشة
ولم أعرفه ولا ابنه. وعن عائشة قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتدت العرب
واشرأب النفاق فنزل بأبي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها قالت فما اختلوا في
نقطة الا طار أبى بحظها وساعها ثم ذكرت عمر بن الخطاب فقالت كان والله
أحوذيا نسيج وحده قد أعد للأمور أقرانها، قال الرياشي يقال للرجل البارع
الذي لا يشبه به أحد نسيج وحده وعيير وحده ويقال جليس وحده وقال الشاعر:
جاءت به معتجرا ببرده * سعوى نردى بنسيج وحده
يقدح قيسا كلها بزنده * من يلقه من بطل يسرنده
أي يعلوه، قال الرياشي وأنشدني الأصمعي:
ما بال هذا اليوم يعر ندينى * أدفعه عني ويسر ندينى
رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طرق ورجال أحدها ثقات. وعن ابن
عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا بكر على الحج ثم وجه ببراءة مع علي فقال
أبو بكر يا رسول الله وجدت على في شئ قال لا أنت صاحبي في الغار وعلى الحوض
قلت روى له الترمذي حديثا غير هذا أطول منه وفى هذا زيادة رواه البزار ورجاله
رجال الصحيح (3). وعن أبي بكر يعنى الصديق قال جئت بأبي قحافة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال هلا تركت الشيخ حتى أتيه قال بل هو أحق ان يأتيك قال إنا
بحفظه لأيادي ابنه عندنا. رواه البزار وفيه عبد الله بن عبد الملك الفهري ولم أعرفه وبقية
رجاله ثقات. وعن عروة قال أعتق أبو بكر سبعة ممن كان يعذب في الله منهم بلال
وعامر بن فهيرة. رواه الطبراني ورجاله إلى عروة رجال الصحيح. وعن عبد الله بن
الزبير قال نزلت في أبى بكر الصديق (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه

(1) كناية عن كثرة الفتوح.
(2) أي تعطف عليه.
(3) لكنه منقطع.
50

ربه الأعلى ولسوف يرضى). رواه الطبراني وفيه مصعب بن ثابت وثقة ابن حبان
وغيره وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما نفعنا مال أحد ما نفعنا مال أبي بكر. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح
غير إسحاق بن إسرائيل وهو ثقة مأمون. وعن عائشة في قصة الإفك وفيها فقال حسان
ابن ثابت يكذب نفسه:
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصح غرثى من لحوم الغوافل
فان كنت قد قلت الذي قد زعمتموا * فلا حملت سوطي إلى أناملي
وكيف وودي ما حييت ونصرتي * لآل رسول الله رين المحافل
أأشتم خير الناس بعلا ووالدا * ونفسا لقد أنزلت شر المنازل
رواه أبو يعلى في حديث طويل ورجاله رجال الصحيح غير حوثرة بن
أشرس وهو ثقة. وعن موسى بن عقبة قال لا يعلم أربعة أدركوا النبي صلى الله
عليه وسلم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة أبو قحافة وأبو بكر و عبد الرحمن وأبو عتيق
ابن عبد الرحمن واسم أبى عتيق محمد. رواه الطبراني وفيه محمد بن عبد الله بن عبد
الرحمن بن القاسم بن محمد ولم أعرفه.
* (باب فيما ورد من الفضل لأبي بكر وعمر وغيرهما من الخلفاء وغيرهم) *
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في السماء ملكين أحدهما يأمر بالشدة
والآخر يأمر باللين وكل مصيب جبريل وميكائيل ونبيان أحدهما يأمر بالشدة
والآخر يأمر باللين وكل مصيب وذكر إبراهيم ونوحا ولى صاحبان أحدهما يأمر
بالشدة والآخر يأمر باللين وكل مصيب وذكر أبا بكر وعمر. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل أيدني بأربعة وزراء
نقباء قلنا يا رسول الله من هؤلاء الأربع قال اثنين من أهل السماء واثنين من أهل
الأرض فقلت من الاثنين من أهل السماء قال جبريل وميكائيل قلنا من الاثنين
من أهل الأرض قال أبو بكر وعمر. رواه الطبراني وفيه محمد بن محبب الثقفي
وهو كذاب، ورواه البزار بمعناه وفيه عبد الرحمن بن مالك بن مغول وهو كذاب.
وعن أبي أروي الدوسي قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر فقال
الحمد لله الذي أيدني بكما. رواه البزار والطبراني في الأوسط والكبير وفيه عاصم
51

ابن عمر بن حفص وثقه ابن حبان وقال يخطئ ويخالف وضعفه الجمهور، وبقية
رجاله ثقات. وعن البراء بن عازب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر الحمد لله
الذي أيدني بكما ولولا أنكما تختلفان على ما خالفتكما. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه حبيب بن أبي حبيب كاتب ملك وهو متروك. وعن ابن عمر وابن عباس في
قوله تعالى (وصالح المؤمنين) قال نزلت في أبى بكر وعمر. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
فرات بن السائب وهو متروك. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن لكل نبي خاصة من أمته وان خاصتي من أصحابي أبو بكر وعمر. رواه الطبراني وفيه عبد الرحيم بن حماد الثقفي وهو ضعيف. وعن ابن عمر قال أراد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبعث رجلا في حاجة قد أهمته وأبو بكر عن يمينه وعمر عن
يساره فقال له على ما يمنعك من هذين فقال كيف أبعث هذين وهما من الدين
بمنزلة السمع والبصر من الرأس. رواه الطبراني وفيه فرات بن السائب وهو متروك،
قلت ولهذا الحديث طريق في باب مناقب جماعة من الصحابة. وعن عبد الله بن
عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد ومعاذ
وأبى وسالم ولقد هممت ان أبعثهم في الأمم كما بعث عيسى بن مريم الحواريين في
بني إسرائيل فقال له رجل يا رسول الله فأين أنت من أبى بكر وعمر فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا غنى عنهم إنما مثلهما من الدين كمثل السمع والبصر قلت في الصحيح
طرف من أوله رواه الطبراني وفيه محمد مولى بني هاشم ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات، قلت وله طريق عن ابن عمر ضعيفة تأتي في فضل جماعة من الصحابة (في
أول المجلد الذي يلي هذا) (1). وعن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
هممت ان ابعث معاذ بن جبل وسالم مولى أبى حذيفة وأبي بن كعب وابن مسعود
إلى الأمم كما بعث عيسى بن مريم الحواريين فقال رجل ألا تبعث أبا بكر وعمر
فإنهما أبلغ قال لا غنى بي عنهما إنما منزلتهما من الدين منزلة السمع والبصر. رواه
الطبراني وفيه راو لم يسم. وعن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد
هممت ان أبعث في الناس معلمين كما بعث عيسى بن مريم الحواريين إلى بني إسرائيل

(1) هذه الجملة غير موجودة في غير الأصل، ولعلها من زيادة الناسخ تلميذ المؤلف.
52

فقيل أين أنت عن أبي بكر وعمر ألا تبعث بهما قال إنهما من الدين كالرأس من الجسد.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه حفص بن عمر الأيلي وهو ضعيف. وعن ابن غنم ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما. رواه أحمد ورجاله ثقات الا
ان ابن غنم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. وعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اقتدوا بالذين من بعدي أبى بكر وعمر فإنهما حبل الله الممدود ومن تمسك بهما
فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
وعن أبي جحيفة قال دخلت على على في بيته فقلت يا خير الناس بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال مهلا ويحك يا أبا جحيفة ألا أخبرك بخير الناس بعد رسول
الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع حبى وبغض أبى بكر وعمر في قلب
مؤمن. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. وعن أنس
ابن مالك قال كنا نجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم
أحد منا الا أبو بكر وعمر. رواه الطبراني في الأوسط وفيه رحمة بن مصعب وهو
ضعيف. وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر هذان سيدا كهول
أهل الجنة من الأولين والآخرين. رواه البزار والطبراني في الأوسط وفيه على
ابن عابس وهو ضعيف. وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين لا تخبرهما
يا علي. رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه المقدام بن داود وقد قال ابن دقيق
المعيد إنه وثق وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن ابن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بمثل حديث متنه ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو بكر وعمر سيدا كهول الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين
لا تخبرهما يا علي رواه البزار وقال لا نعلم. رواه عن عبيد الله بن عمر الا عبد الرحمن
ابن ملك بن مغول، قلت وهو متروك. وعن أبي هريرة قال خرج النبي صلى الله
عليه وسلم بين أبى بكر وعمر فقال هكذا نبعث يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه خالد بن يزيد العمري وهو كذاب. وعن عمار بن ياسر قال من فضل على
أبى بكر وعمر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أزرى على
53

المهاجرين والأنصار واثني عشر ألفا من أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه
وسلم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه حازم بن جبلة ولم أعرفه، وبقية
رجاله ثقات. وعن ابن أبي حازم قال جاء رجل إلى علي بن الحسين
فقال ما كان منزلة أبى بكر وعمر من النبي صلى الله عليه وسلم قال كمنزلتهما الساعة. رواه
عبد الله وابن أبي حازم لم أعرفه وشيخ عبد الله ثقة. وعن علي قال سبق رسول
الله صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر وثلث عمر ثم خبطتنا فتنة أو أصابتنا فتنة يعفو الله عمن يشاء.
رواه أحمد وقال ثم خبطتنا فتنة، يريد (1) ان يتواضع بذلك. رواه الطبراني في
الأوسط ورجال أحمد ثقات. وفي رواية عنده خطب رجل يوم البصرة حين ظهر على
فقال على هذا الخطيب الشحشح (2) وذكر الحديث بنحوه. وعن جابر بن سمرة
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أهل الدرجات العلى يراهم من هو أسفل
منهم كما ترى الكواكب في أفق السماء وأبو بكر وعمر منهم وأنعما (3). رواه الطبراني
وفيه الربيع بن سهل الواسطي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل من أهل عليين يشرف على أهل الجنة كأنه كوكب
دري وان أبا بكر وعمر منهم وأنعما. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح
غير سلم بن قتيبة وهو ثقة. وعن سهل بن أبي حثمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل
إذا انا مت وأبو بكر وعمر فان استطعت ان تحوت فمت. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه سلم بن ميمون الخواص وهو ضعيف لغفلته. وعن ابن عمر قال لم يجلس أبو
بكر الصديق في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر حتى لقى الله ولم يجلس عمر
في مجلس أبى بكر حتى لقي الله ولم يجلس عثمان في مجلس عمر حتى لقي الله. رواه الطبراني في
الأوسط ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف. وعن قيس بن أبي حازم قال خطب
عمر بن الخطاب الناس ذات يوم على منبر المدينة فقال في خطبته ان في جنات عدن
قصرا له خمسمائة باب على كل باب خمسة آلاف من الحور العين لا يدخله الا نبي ثم التفت
إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هنيئا لك يا صاحب هذا القبر ثم قال أو صديق

(1) في نسخة: أراد
(2) أي الماهر الماضي في كلامه، من قولهم قطاة شحشح وناقة شحشحة أي سريعة
(3) أي زادا وفضلا، أو صارا إلى النعيم ودخلا فيه.
54

ثم التفت إلى قبر أبى بكر فقال هنيئا لك يا أبا بكر ثم قال أو شهيد ثم أقبل على نفسه
فقال وأنى لك الشهادة يا عمر ثم قال إن الذي أخرجني من مكة إلى هجرة المدينة
قادر ان يسوق إلى الشهادة، قال ابن مسعود فساقها الله إليه على يد شر خلقه عبد
مملوك للمغيرة. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير شريك
النخعي وهو ثقة وفيه خلاف. وعن سهل بن سعد أن أحدا ارتج وعليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبت أحد فما عليك إلا
نبي أو صديق أو شهيدان. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن بريدة
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا على حراء ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فتحرك
الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبت حراء فان ليس عليك الا نبي أو صديق أو
شهيد. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن زيد بن أرقم قال بعثني رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال انطلق حتى تأتي أبا بكر فتجده في بيته (1) جالسا محتبيا فقل له ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك ابشر بالجنة ثم انطلق حتى تأتي الثنية
فتلقى عمر فيها على حمار تلوح صلعته فقل له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ
عليك السلام ويقول لك ابشر بالجنة ثم انطلق حتى تأتى السوق فتلقى عثمان يبيع ويبتاع
فقل له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول أبشر بالجنة بعد بلاء شديد
فانطلقت إلى أبي بكر فوجدته في بيته جالسا محتبيا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت
له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول ابشر بالجنة فقال
وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت في مكان كذا وكذا فقال إليه ثم أتيت الثنية فإذا
فيها عمر على حمار تلوح صلعته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول ابشر بالجنة فقال وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت في مكان كذا وكذا فانطلق ثم انطلقت حتى أتيت السوق فلقيت عثمان فيها
يبيع ويبتاع كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول أبشر بالجنة بعد بلاء شديد فقال وأين رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فجئنا جميعا حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
له عثمان يا رسول الله ان زيدا أتاني فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام

(1) في نسخة " داره ".
55

ويقول ابشر بالجنة بعد بلاء شديد فأي بلاء يصيبني يا رسول الله والذي بعثك بالحق
ما تعنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكرى بيميني منذ بايعتك فقال هو ذاك. رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار وزاد فيه ان الله مقمصك قميصا فإذا أرادك
المنافقون على خلعه فلا تخلعه. وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وقد ضعفه الجمهور
ووثق في رواية عن يحيى بن معين والمشهور عنه تضعيفه. وعن عبد الله بن عمرو
ابن العاص قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم بحش (1) من حشان المدينة فجاء رجل
فستأذن فقال قم فائذن له وبشره بالجنة فقمت فأذنت له فإذا هو أبو بكر فبشرته
بالجنة فجعل يحمد الله حتى جلس ثم جاء رجل فاستأذن فقال قم فائذن له وبشره
بالجنة فقمت فأذنت له فإذا هو عمر فأذنت له وبشرته بالجنة فجعل يحمد الله حتى جلس
ثم جاء خفيض الصوت فقال قم فائذن له وبشره بالجنة في بلوى تصيبه فقمت فأذنت
له فإذا هو عثمان فبشرته بالجنة على بلوى تصيبه فقال اللهم صبرا حتى جلس قلت
يا رسول الله فأين انا قال أنت مع أبيك. رواه الطبراني واللفظ له وأحمد
باختصار بأسانيد، وبعض رجال الطبراني وأحمد رجال الصحيح. قلت
ويأتي حديث ابن عمر في أواخر مناقب عمر. وعن نافع بن عبد الحرث قال خرجت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل حائطا فقال أمسك على الباب فجاء حتى
جلس على القف (2) ودلى رجليه في البئر وضرب الباب فقلت من هذا فقال
أبو بكر فقلت يا رسول الله هذا أبو بكر قال ائذن له وبشره بالجنة قال فأذنت له
وبشرته بالجنة قال فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
على القفة ودلى رجليه إلى (3) البئر ثم ضرب الباب فقلت من هذا فقال
عمر قلت يا رسول الله هذا عمر قال ائذن له وبشره بالجنة قال فأذنت له
وبشرته بالجنة قال فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
على القف ودلى رجليه في البئر قلت عند أبي داود بعضه رواه أحمد

(1) الحش: البستان.
(2) نف البئر هو الدكة التي تجعل حولها، وأصل القف ما غلظ من الأرض وارتفع، أو هو من القف اليابس لان ما ارتفع حول البئر يكون يابسا في الغالب.
(3) في نسخة " في ".
56

والطبراني في الأوسط باختصار، ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن أبي سعيد
الخدري قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسواف (1) وبلال معه فدلى
رجليه في البئر وكشف عن فخذيه فجاء أبو بكر يستأذن فقال يا بلال ائذن له
وبشره بالجنة فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلى رجليه في البئر
وكشف عن فخذيه ثم جاء عمر يستأذن فقال ائذن له يا بلال وبشره بالجنة فدخل
فجلس عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه ثم جاء
عثمان يستأذن فقال ائذن له يا بلال وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فدخل عثمان
فجلس قبالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه. رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني علي بن سعيد
وهو حسن الحديث. وعن جابر بن عبد الله قال خرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم زائرا لسعد بن الربيع الأنصاري ومنزلة بالأسواف فبسطت امرأته لرسول الله
صلى الله عليه وسلم تحت صور (2) من نخل فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا
معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة فطلع أبو بكر ثم
قال يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلع عمر ثم قال يطلع عليكم رجل من أهل الجنة
فطلع عثمان. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله وثقوا وفى بعضهم خلاف. وعن
جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع عليكم من تحت هذا
الصور (2) رجل من أهل الجنة قال فطلع أبو بكر فهنأناه بما قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم قم لبث هنيهة ثم قال يطلع من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة فطلع
عمر فهنأناه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يطلع عليكم من
تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة اللهم ان شئت جعلته عليا ثلاث
مرات قال فطلع صلوات الله عليهم، وفى رواية اللهم اجعله عليا، وفى رواية
مشيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة من الأنصار فذبحت له شاة
فذكر نحوه. رواه أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه والبزار باختصار

(1) موضع في المدينة.
(2) الصور: الجماعة من النخل.
57

ورجال أحد أسانيد احمد رجال موثقون. وعن أبي مسعود قال دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حائطا ثم قال يدخل عليكم الآن رجل من أهل
الجنة فدخل أبو بكر الصديق ثم قال يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة فدخل
عمر بن الخطاب ثم قال يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة اللهم اجعله عليا فدخل
على. رواه الطبراني وفيه سعيد بن عبد الكريم وهو متروك. وعن ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة شجرة أو ما في الجنة شجرة شك على
ابن جميل ما عليها ورقة الا مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر
الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين. رواه الطبراني وفيه علي بن جميل الرقي
وهو ضعيف. وعن علي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ولأبي بكر مع أحدكما
جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو يكون في الصف.
رواه أبو يعلى والبزار واحمد بنحوه ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح. وعن
ابن عمر قال كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر
وعمر وعثمان ويسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ما ينكره (1) ما نعلم
عثمان جاء بشئ من الكبائر ولا قتل نفسا بغير حلها ولكنه هذا المال ان أعطاكموه
رضيتم وان أعطى قريشا سخطتم إنما تريدون ان تكونوا كفارس والروم لا يتركون
لهم أميرا الا قتلوه قلت في الصحيح طرف من أوله رواه الطبراني في الأوسط
والكبير بنحوه باختصار الا أنه قال أبو بكر وعمر وعثمان ثم استوى الناس فيبلغ
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره علينا، وأبو يعلى بنحو الطبراني الكبير
ورجاله وثقوا وفيهم خلاف. وعن ابن عمر قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين
فأما المقاليد فهذه المفاتيح واما الموازين فهذه (2) التي يوزن بها فوضعت في كفة
ووضعت أمتي في كفة فوزنت بهم فرجحت ثم جئ بأبي بكر فوزن بهم فوزن
ثم جئ بعمر فوزن بهم فوزن ثم جئ بعثمان فوزن بهم ثم رفعت. رواه أحمد
والطبراني إلا أنه قال فرجح بهم في الجميع وقال ثم جئ بعثمان فوضع في كفة

(1) في نسخة " فلا ينكره ".
(2) في نسخة " فهي "
58

ووضعت أمتي في كفة فرجح بهم ثم رفعت، ورجاله ثقات. وعن أبي أمامة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فسمعت فيها خشفة (1) بين يدي فقلت ما هذا
قالوا بلال فمضيت فإذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين ولم أر
فيها أحدا أقل من النساء والأغنياء قيل لي أما الأغنياء فهم ها هنا يحاسبون ويمحصون
واما النساء فألهاهم الأحمر ان الذهب والحرير قال ثم خرجنا من أحد أبواب الجنة
الثمانية فلما كنت عند الباب أتيت بكفة فوضعت فيها ووضعت أمتي فرجحت بها
ثم أتى بأبي بكر فوضع في كفة وجئ بجميع أمتي فوضعت في كفة فرجح أبو
بكر ثم جئ بعمر فوضع في كفة وأتى (2) بجميع أمتي فوضعوا فرجح عمر
وعرضت على أمتي رجلا رجلا فجعلوا يمرون فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف
فجاء (3) بعد الأياس فقلت عبد الرحمن فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما خلصت إليك
حتى ظننت انى لا أخلص إليك أبدا إلا بعد المشيبات قال وما ذاك قال من كثرة
مالي أحاسب وأمحص. رواه أحمد والطبراني بنحوه باختصار وفيهما مطرح بن
زياد وعلي بن يزيد الألهاني وكلاهما مجمع على ضعفه، ومما يدلك على ضعف هذا
ان عبد الرحمن بن عوف أحد أصحاب بدر والحديبية واحد العشرة وهم أفضل
الصحابة والحمد لله. وعن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت انى
وضعت في كفة وأمتي في كفة فعدلتها ثم وضع أبو بكر في كفة وأمتي في كفة
فعدلها ثم وضع عمر في كفة وأمتي في كفة فعدلها ووضع عثمان في كفة وأمتي في
كفة فعدلها ثم رفع الميزان. رواه الطبراني وفيه عمرو بن واقد. وهو متروك ضعفه
الجمهور وقال محمد بن المبارك الصوري كان صدوقا، وبقية رجاله ثقات. وعن عرفجة
قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم قال وزن أصحابي الليلة فوزن أبو بكر
فوزن ثم وزن عمر فوزن ثم وزن عثمان فوزن. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
عبد الأعلى بن أبي المساور وهو متروك ووثقه ابن معين في رواية وضعفه في روايات.
وعن أسامة بن شريك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وزن أصحابي الليلة

(1) الخشفة: الحس والحركة، وقيل هو الصوت.
(2) في نسخة " وجئ ".
(3) في نسخة " ثم جاء ".
59

فوزن أبو بكر ثم وزن عمر ثم وزن عثمان. رواه الطبراني وقال هكذا رواه يزيد
ابن هارون، ورواه سعدويه عن عبد الأعلى بن أبي المساور عن زياد بن علاقة
عن قطبة بن ملك عن عرفجة، قلت وفى اسناد هذا أيضا عبد الأعلى بن أبي المساور
وتقدم الكلام على ضعفه قبل هذا الحديث. وعن أنس قال كان أسن أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق وسهيل بن عمرو. رواه البزار واسناده حسن.
قلت وتأتي أحاديث في فضل أبى بكر وغيره في باب مناقب جماعة من الصحابة
بعد فضل العشرة إن شاء الله.
* (باب وفاة أبي بكر رضي الله عنه) *
عن عائشة قالت تذاكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ميلادهما عندي وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر من أبى بكر فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث
وستين لسنتين ونصف التي عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أبا بكر
قلت في الصحيح منه انه توفي وهو ابن ثلاث وستين فقط رواه الطبراني واسناده
حسن. وعن ابن عباس قال توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين
وأبو بكر بمنزلته قلت هو في الصحيح غير قوله وأبو بكر بمنزلته رواه الطبراني
واسناده حسن. وعن سعيد بن المسيب قال توفى أبو بكر الصديق وهو ابن ثلاث
وستين ودفن ليلا وصلى عليه عمر. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عائشة
قالت توفي أبو بكر ليلة الثلاثاء ودفن ليلا. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن الهيثم بن عمر ان قال سمعت جدي يقول توفى أبو بكر الصديق وبه طرف
من السل وولى سنتين ونصفا. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن الزبير بن
بكار قال استخلف أبو بكر في اليوم الذي توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفى في
جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة فذكر الحديث. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه)
(باب نسبه)
عن ابن إسحاق قال: عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى
ابن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن
فهر بن ملك يكنى أبا حفص وأمه خيثمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو
60

ابن مخزوم وأم خيثمة الشفاء بنت قيس بن عدي بن سعيد بن سهم بن عمرو
ابن هصيص بن كعب بن لؤي. رواه الطبراني وهو صحيح عن ابن إسحاق.
(باب تسميته بأمير المؤمنين)
عن ابن شهاب قال قال عمر بن عبد العزيز لأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة
من أول من كتب من عند أمير المؤمنين فقال أخبرتني الشفاء بنت عبد الله وكانت
من المهاجرات الأول ان لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم قدما المدينة فأتيا المسجد
فوجدا عمرو بن العاص فقالا يا ابن العاص استأذن لنا على أمير المؤمنين فقال
أنتما والله أصبتما اسمه فهو الأمير ونحن المؤمنون فدخل عمرو على عمر فقال السلام عليك
يا أمير المؤمنين فقال عمر ما هذا فقال أنت الأمير ونحن المؤمنون فجرى الكتاب
من يومئذ. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب في صفته رضي الله عنه) *
عن عبد الله يعني ابن مسعود قال ركب عمر بن الخطاب فرسا فركضه فانكشف
فخذه فرأى أهل نجران على فخذه شامة سوداء قالوا هذا الذي نجد في كتابنا
انه يخرجنا من أرضنا. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن زر قال كنت بالمدينة
فإذا رجل ادم أعسر أيسر ضخم إذا أشرف على الناس كأنه على دابة فإذا هو
عمر. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن عبد الله بن هلال قال رأيت عمر رجلا
ضخما كأنه من رجال سدوس. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن سعيد بن المسيب
قال كان عمر أصلع شديد الصلع. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وقد
تقدم في الخضاب بعض صفاته وصفات غيره. (باب في إسلامه رضي الله عنه)
عن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أعز الاسلام
بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فجعل الله دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم لعمر
ابن الخطاب فبنى عليه الاسلام وهدم به الأوثان. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
بنحوه باختصار وقال أيد الاسلام، ورجال الكبير رجال الصحيح غير مجالد بن
61

سعيد وقد وثق. وعن أبي بكر الصديق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم
اشدد الاسلام بعمر بن الخطاب. رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن الحسن
ابن زبالة وهو متروك. وعن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية الخميس فقال
اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام فأصبح عمر يوم الجمعة
فأسلم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه القاسم بن عثمان البصري وهو ضعيف. وعن
عمر بن الخطاب قال خرجت أبغي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم فوجدته قد سبقني
إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن
قال فقلت هذا والله شاعر كما قالت قريش قال فقرأ (انه لقول رسول كريم وما هو
بقول شاعر قليلا ما تؤمنون) قلت كاهن قال (ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون
تنزيل من رب العالمين) إلى آخر السورة قال فوقع الاسلام من قلبي كل موقع. رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات الا ان شريح بن عبيد لم يدرك عمر. وعن ثوبان
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب وقد ضرب أخته
أول الليل وهي تقرأ (اقرأ باسم ربك الذي خلق) حتى ظن أنه قتلها ثم قام في
السحر فسمع صوتها تقرأ (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فقال والله ما هذا بشعر ولا
همهمته فذهب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد بلالا على الباب فدفع الباب فقال
بلال ما هذا فقال عمر بن الخطاب فقال حتى أستأذن لك على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال بلال يا رسول الله عمر بالباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يرد الله بعمر خيرا
يدخله (1) في الدين فقال لبلال افتح وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضبعيه (2) وهزه وقال
ما الذي تريد وما الذي جئت فقال له عمر أعرض على الذي تدعو إليه فقال تشهد
ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأسلم عمر مكانه
وقال اخرج. رواه الطبراني وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو متروك وقال ابن عدي
أرجو أنه لا بأس به، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عباس قال لما أسلم عمر قال
القوم انتصف القوم منا. رواه الطبراني وفيه النضر بن عمر وهو متروك. وعن عبد
الله يعني ابن مسعود قال إن كان إسلام عمر لفتحا وهجرته لنصرا وأمارته رحمة

(1) في نسخة " أدخله ".
(2) الضبع: وسط العضد، وقيل ما تحت الإبط.
62

والله ما استطعنا أن نصلى بالبيت حتى أسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حتى ودعونا
فصلينا. رواه الطبراني وفيه رواية ما استطعنا أن نصلى عند الكعبة ظاهرين، ورجاله
رجال الصحيح إلا أن القاسم لم يدرك جده ابن مسعود. وعن ابن عباس قال أول
من جهر الاسلام عمر بن الخطاب. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن أسلم مولى
عمر قال قال عمر بن الخطاب أتحبون أن أعلمكم أول إسلامي قال قلنا نعم قال
كنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا في يوم شديد الحر
في بعض طرق مكة إذ رآني رجل من قريش فقال أين تذهب يا ابن الخطاب
قلت أريد هذا الرجل قال يا ابن الخطاب قد دخل هذا الامر في منزلك وأنت تقول
هذا قلت وما ذاك فقال إن أختك قد ذهبت إليه قال فرجعت مغضبا حتى قرعت عليها الباب
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم بعض من لا شئ له ضم الرجل والرجلين إلى
الرجل ينفق عليه قال وكان ضم رجلين من أصحابه إلي زوج أختي قال فقرعت الباب فقيل
لي من هذا قلت عمر بن الخطاب وقد كانوا يقرؤون كتابا في أيديهم فلما سمعوا
صوتي قاموا حتى اختبؤا في مكان وتركوا الكتاب فلما فتحت لي أختي الباب
قلت أيا عدوه نفسها صبوت قال وأرفع شيئا فاضرب به على رأسها فبكت المرأة
وقالت يا ابن الخطاب إصنع ما كنت صانعا فقد أسلمت فذهبت وجلست على السرير
فإذا بصحيفة وسط الباب فقلت ما هذه الصحيفة هاهنا فقالت لي دعنا عنك يا ابن
الخطاب فإنك لا تغتسل من الجنابة ولا تتطهر وهذا لا يمسه إلى المطهرون فمازلت
بها حتى أعطتنيها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم قال فلما قرأت الرحمن الرحيم
تذكرت من أين اشتق ثم رجعت إلى نفسي فقرأت (سبح لله ما في السماوات والأرض (1)
وهو العزيز الحكيم) حتى بلغ (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين
فيه) قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فخرج القوم
متبادرين فكبروا واستبشروا بذلك ثم قالوا لي أبشر يا ابن الخطاب فان رسول الله
صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين فقال اللهم أعز الدين بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب
وأبى جهل بن هشام وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) في الأصل (وما في الأرض) وهي آية أخري. محمد عبد المجيد.
63

لك فقلت دلوني على رسول الله صلى الله عليه وسلم أين هو فلما عرفوا الصدق
دلوني عليه في المنزل الذي هو فيه فجئت حتى قرعت الباب فقالوا من هذا قلت
عمر بن الخطاب وقد علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا
بإسلامي فما اجترأ أحد منهم أن يفتح لي حتى قال لهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم إفتحوا له فان يرد الله به خيرا يهده قال ففتح لي الباب فاخذ رجلان
بعضدي حتى دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم أرسلوه فأرسلوني فجلست بين يديه فاخذ بمجامع قميصي ثم قال
أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال
فكبر المسلمون تكبيرة سمعت في طرق مكة وقد كانوا سبعين قبل ذلك وكان
الرجل إذا أسلم فعلموا به الناس يضربونه ويضربهم قال فجئت إلى رجل فقرعت
عليه الباب فقال من هذا قلت عمر بن الخطاب فخرج إلي قلت له أعلمت أنى
قد صبوت قال أو قد فعلت قلت نعم فقال لا تفعل قال ودخل البيت فأجاف الباب
دوني (1) قال فذهبت إلى آخر من قريش فناديته فخرج فقلت له أعلمت أنى قد
صبوت (2) قال وفعلت قلت نعم قال لا تفعل ودخل البيت وأجاف الباب دوني فقلت
ما هذا بشئ قال فإذا أنا لا أضرب ولا يقال لي شئ فقال الرجل أتحب أن يعلم
إسلامك قلت نعم قال إذا جلس الناس في الحجر فائت فلانا فقل له فيما بينك
وبينه أشعرت أنى قد صبوت فإنه قلما يكتم الشئ فجئت إليه وقد اجتمع الناس
في الحجر فقلت له فيما بيني وبينه أشعرت أنى قد صبوت قال فقال أفعلت قال قلت
نعم قال فنادى بأعلى صوته ألا إن عمر قد صبا قال فثار إلى أولئك الناس فما
زالوا يضربوني وأضربهم حتى أنى خالي فقيل له إن عمر قد صبا فقام على الحجر
فنادى بأعلى صوته ألا اني قد أجرت ابن أختي فلا يمسه أحد قال فانكشفوا
عنى فكنت لا أشاء أن أرى أحدا من المسلمين يضرب الا رأيته فقلت ما هذا
بشئ ان الناس يضربون ولا أضرب ولا يقال لي شئ فلما جلس الناس في الحجر
جئت إلى خالي فقلت اسمع جوارك عليك رد فقال لا تفعل فأبيت فما زلت أضرب
وأضرب حتى أظهر الله الاسلام. رواه البزار وفيه أسامة بن زيد بن أسلم وهو

(1) أي رده عليه.
(2) كانوا يقولون لمن أسلم صبا، وأصله الخروج من دين إلى غيره.
64

ضعيف (1). وعن ابن عمر قال لما أسلم عمر قال من أنم الناس قالوا فلان قال فأتاه
فقال إني قد أسلمت فلا تخبرن أحدا قال فخرج يجر إزاره وطرفه على عاتقه
فقال ألا إن عمر قد صبا قال وأنا أقول كذبت ولكني قد أسلمت وعليه قميص
فقام إليه خلق من قريش فقاتلهم وقاتلوه حتى سقط وأكبوا عليه فجاء رجل
عليه فقال مالكم والرجل أترون بنى عدى يخلون عنكم وعن صاحبكم تقتلون
رجلا اختار لنفسه اتباع محمد صلى الله عليه وسلم فكشف القوم عنه قال فقلت
لأبي من الرجل قال العاص بن الوائل السهمي. رواه البزار والطبراني باختصار
ورجاله ثقات الا أن ابن إسحاق مدلس. وعن عمر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول
الله انى لا أدع مجلسا جلسته في الكفر الا أعلنت فيه الاسلام فأتى المسجد وفيه
بطون قريش متحلقة فجعل يعلن الاسلام ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله فثار المشركون فجعلوا يضربونه ويضربهم فلما تكاثروا عليه خلصه
رجل فقلت لعمر من الرجل الذي خلصك من المشركين قال ذاك العاص بن وائل
السهمي. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال لما أسلم عمر
قال المشركون قد انتصف القوم منا (2) وأنزل الله عز وجل (يا أيها النبي حسبك
الله ومن اتبعك من المؤمنين). رواه البزار والطبراني باختصار وفيه النضر أبو عمر وهو
متروك. وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر بيده حين أسلم ثلاث
مرات وهو يقول اللهم أخرج ما في صدر عمر من غل وأبدله إيمانا يقول ذلك
ثلاث مرات. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. (باب شدته رضي الله عنه في الله وكراهيته للباطل)
عن عمر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب أرسل إلى كعب الأحبار فقال
يا كعب كيف تجد نعتي قال أجد نعتك قرن من حديد قال وما قرن من حديد قال
أمير شديد لا تأخذه في الله لومة لائم قال ثم مه قال ثم يكون من بعدك خليفة تقتله فئة

(1) فيه من هو أضعف من أسامة وهو إسحاق بن إبراهيم الحنيني وقد ذكر
البزار أنه تفرد به. ابن حجر.
(2) في نسخة " قد انتصف القوم اليوم منا ".
65

ظالمة ثم قال مه قال ثم يكون البلاء. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن الأسود بن
سريع قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله انى حمدت ربي تبارك وتعالى
بمحامد ومدح وإياك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ان ربك تبارك وتعالى يحب المدح
هات ما امتدحت به ربك تبارك وتعالى قال فجعلت أنشده فجاء رجل فاستأذن
آدم طوال أصلع أيسر أعسر قال فاستنصتني له رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصف لنا أبو سلمة
كيف استنصته له قال كما يصنع الهر فخرج الرجل فتكلم ساعة ثم خرج ثم أخذت
أنشده أيضا ثم رجع بعد فاستنصتني رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه أيضا فقلت يا رسول الله
من الذي تستنصتني له فقال هذا الرجل لا يحب الباطل هذا عمر بن الخطاب. رواه
أحمد والطبراني بنحوه وقال فدخل رجل طوال أقنى فقال لي أسكت، وفي رواية
عنده أيضا حتى دخل رجل بعيد ما بين المناكب وزاد فقيل لي عمر بن الخطاب
فعرفت والله بعد أنه كان يهون عليه لو سمعني أن لا يكلمني برجلي فيسحبني إلى
البقيع. ورجالهما ثقات وفى بعضهم خلاف.
* (باب ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه) *
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله جعل الحق على لسان
عمر وقلبه. رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار رجال
الصحيح غير الجهم بن أبي الجهم وهو ثقة. وعن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إن الله وضع الحق على لسان عمر وقبله يقول به. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه علي بن سعيد المقري العكاوي ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله جعل
الحق علي لسان عمر وقلبه. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح
غير عبد الله بن صالح كاتب الليث وقد وثق وفيه ضعف. وعن بلال قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. رواه
الطبراني وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط. وعن معاوية بن أبي سفيان
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه.
66

رواه الطبراني وفيه ضعفاء سليمان الشاذكوني وغيره. وعن عائشة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ما كان نبي الا في أمته معلم أو معلمان وإن يكن في
أمتي منهم أحد فهو عمر بن الخطاب ان الحق على لسان عمر وقلبه قلت في الصحيح
بعضه بغير سياقه رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد
وهو لين الحديث. وعن علي قال إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ما كنا
نبعد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن السكينة تنطق على لسان عمر. رواه
الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وعن ابن مسعود قال ما كنا نبعد أن
السكينة تنطق على لسان عمر. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن طارق بن
شهاب قال كنا نتحدث أن السكينة تنزل على لسان عمر. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب ما ورد له من الفضل من موافقته للقرآن ونحو ذلك) *
عن عبد الله بن مسعود قال فضل عمر بن الخطاب الناس بأربع بذكر
الأسرى يوم بدر أمر بقتلهم فأنزل الله عز وجل (لولا كتاب من الله سبق
لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) وبذكر الحجاب أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن
فقالت له زينب وانك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا فأنزل الله
عز وجل (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب) وبدعوة النبي
صلى الله عليه وسلم اللهم أيد الاسلام بعمر، ورأيه في أبى بكر كان أول من بايعه. رواه أحمد
والبزار والطبراني وفيه أبو نهشل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عباس
أن عبد الله بن عبد الله بن أبي قال له أبوه أي بنى أطلب لي من رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثوبا من ثيابه فكفني فيه ومره يصلى على فقال عبد الله يا رسول
الله قد عرفت شرف عبد الله بن أبي وانه أمرني أن أطلب إليك ثوبا نكفنه فيه وان
تصلى عليه فأعطاه ثوبا من ثيابه وأراد أن يصلى عليه فقال عمر يا رسول الله قد
عرفت عبد الله ونفاقه وقد نهاك الله أن تصلى عليه قال وأين قال (ان تستغفر لهم
سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاني سأزيده فأنزل الله عز
وجل (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) وأنزل الله (سواء عليهم استغفرت
لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم) قال ودخل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
67

فأطال الجلوس فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا لكي يتبعه فلم يفعل فدخل عمر فرأى
الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقعده فقال لعلك آذيت النبي صلى الله عليه وسلم ففطن
الرجل فقام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد قمت ثلاثا لكي تتبعني فلم تفعل فقال يا رسول
لو اتخذت حجابا فان نساءك لسن كسائر النساء وهو أطهر لقلوبهن فأنزل الله
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم إلى طعام غير
ناظرين اناه الآية) فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى عمر فأخبره بذلك قال واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا بكر وعمر في الأسارى فقال أبو بكر يا رسول الله استحيى قومك وخذ منهم الفداء
فاستعن به وقال عمر اقتلهم فقال لو اجتمعتما ما عصيناكما فاخذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم بقول أبى بكر فأنزل الله عز وجل (ما كان لنبي أن يكون له
أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة) قال
ونزلت (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين).
إلى آخر الآية فقال عمر تبارك الله أحسن الخالقين فأنزلت (فتبارك الله
أحسن الخالقين). رواه الطبراني في الكبير والأوسط وقال لو اجتمعتما ما عصيتكما،
وفيه أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض وهو لين، وبقية رجاله ثقات. وعن عمار
ابن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمار اتاني جبريل آنفا فقلت يا جبريل
حدثني بفضائل عمر بن الخطاب في السماء فقال يا محمد لو حدثتك بفضائل عمر
مثل ما لبث نوح في قومه الف سنة الا خمسين عاما ما نفدت فضائل عمر وإن
عمر لحسنة من حسنات أبى بكر. رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط
وفيه الوليد بن الفضل العنزي وهو ضعيف جدا.
(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي)
عن عصمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي لكان
عمر. رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. وعن أبي سعيد الخدري
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان الله باعثا رسولا بعدي لبعث عمر بن الخطاب. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه عبد المنعم بن بشير وهو ضعيف.
68

(باب في غضبه ورضاه)
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل عليه السلام
فقال اقرئ عمر السلام وقل له ان رضاه حكم وان غضبه عز. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه خالد بن زيد العمرى وهو ضعيف.
* (باب في علمه) * عن أبي وائل قال قال عبد الله لو أن علم عمر وضع في كفة الميزان ووضع
علم أهل الأرض في كفة لرجح علمه بعلمهم، قال وكيع قال الأعمش فأنكرت
ذلك فأتيت إبراهيم فذكرته له فقال وما أنكرت من ذلك فوالله لقد قال عبد الله
أفضل من ذلك قال إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر. رواه
الطبراني بأسانيد ورجال هذا رجال الصحيح غير أسد بن موسى وهو ثقة. وعن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت في النوم أنى أعطيت عسا (1)
مملوءا لبنا فشربت حتى تملأت حتى رأيته يجرى في عروقي بين الجلد واللحم
ففضلت فضلة فأعطيتها عمر بن الخطاب فأولوها قالوا يا نبي الله هذا علم أعطاكه
الله فملاك منه ففضلت فضلة فأعطيتها عمر بن الخطاب فقال أصبتم قلت هو في الصحيح
بغير سياقه رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود
قال إن عمر كان أعلمنا بالله وأقرأنا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله. رواه الطبراني
في حديث طويل في وفاة عمر.
* (باب منزلة عمر عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم) *
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض عمر فقد أبغضني
ومن أحب عمر فقد أحبني وإن الله باهى بالناس عشية عرفة عامة وباهى بعمر خاصة
وإنه لم يبعث الله نبيا إلا كان في أمته محدث وإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر
قالوا يا رسول الله كيف محدث قال تتكلم الملائكة على لسانه. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه أبو سعد خادم الحسن البصري ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن

(1) العس: القدح الكبير.
69

أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل باهى ملائكة بعبيده عشية
عرفة عامة وباهى بعمر خاصة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الرحمن بن
إبراهيم القاص وثقه أحمد وضعفه الجمهور. وعن ابن عباس قال نظر رسول الله
صلى الله عليه وسلم ذات يوم إلى عمر بن الخطاب وتبسم إليه فقال يا ابن الخطاب
مما تبسمت إليك قال الله ورسوله أعلم قال إن الله عز وجل باهى بأهل عرفة عامة
وباهى بك خاصة. وراه الطبراني وفيه رشدين بن سعد وهو مختلف في الاحتجاج به.
(باب خوف الشيطان من عمر رضي الله عنه)
عن سديسة مولاة حفصة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان
لم يلق عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه. رواه الطبراني في الكبير في ترجمة سديسة
من طريق الأوزاعي عنها ولا نعلم الأوزاعي سمع أحدا من الصحابة. ورواه
في الأوسط عن الأوزاعي عن سالم عن سديسة وهو الصواب، وإسناده حسن إلا
أن عبد الرحمن بن الفضل بن موفق لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وعن سديسة
مولاة حفصة عن حفصة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقد
نذرت أن أزفن (1) بالدف ان قدم من مكة فبينا أنا كذلك إذ استأذن عمر فانطلقت
بالدف إلى جانب البيت فغطيته بكساء فقلت أي نبي الله أنت أحق أن تهاب قال
إن الشيطان لا يلقى عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه. رواه الطبراني في الأوسط.
(باب صرعه الشيطان)
عن شقيق بن سلمة أبى وائل قال قال عبد الله لقى الشيطان رجلا من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم فصارعه فصرعه المسلم وأزم (2) بإبهامه فقال دعني أعلمك آية لا يسمعها
أحد منا إلا ولى فأرسله فأبى أن يعلمه فصارعه فصرعه المسلم وأزم بإبهامه فقال
أخبرني بها فأبى أن يعلمه فلما عاوده الثالثة قال الآية التي في سورة البقرة (الله
لا إله إلا هو الحي القيوم) إلى آخرها فقيل لعبد الله يا أبا عبد الرحمن من ذلك
الرجل قال من عسى أن يكون إلا عمر، وفى رواية عن ابن مسعود أيضا قال لقى
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الجن فصارعه فصرعه الا نسي

(1) الزفن: الرقص.
(2) أزم: عض، وفى الأصل " أرم " بالراء المهملة.
70

فقال له الجني عاودني فعاوده فصرعه الإنسي فقال له الإنسي اني لأراك
ضئيلا شحيبا كان ذريعتيك (1) ذريعتا كلب فكذلك أنتم معاشر الجن أو
أنت منهم كذلك قال لا والله إني منهم لضليع ولكن عاودني الثالثة فان
صرعتني علمتك شيئا ينفعك فعاوده فصرعه فقال هات علمني قال هل تقرأ آية
الكرسي قال نعم قال إنك لن تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج
كخبج (2) الحمار لا يدخله حتى يصبح قال رجل من القوم يا أبا عبد الرحمن من
ذاك الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال فعبس عبد الله وأقبل
عليه وقال من يكون هو إلا عمر رضي الله عنه. رواهما الطبراني باسنادين ورجال
الرواية الثانية رجال الصحيح الا ان الشعبي لم يسمع من ابن مسعود ولكنه أدركه،
ورواة الطريق الأولى فيهم المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط فبان لنا صحة رواية
المسعودي برواية الشعبي والله أعلم.
* (باب قوته في ولايته) *
عن عبد الله يعنى ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا أبا بكر إني رأيتني البارحة
على قليب (3) انزع فجئت أنت فنزعت وأنت ضعيف والله يغفر لك ثم جاء عمر
فاستحالت غربا (4) وضرب الناس بعطن (5) رواه الطبراني وفيه أيوب بن جابر
وقد وثق وضعفه غير واحد، وبقية رجاله وثقوا. وعن أبي الطفيل ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال بينا انا انزع الليلة إذ وردت على غنم سود وعفر فجاء أبو بكر فنزع
ذنوبا أو ذنوبين وفى نزعه ضعف والله يغفر له فجاء عمر فاستحالت غربا فملأ الحياض

(1) الذريعة: تصغير الذراع، ولحوق الهاء فيها لأنها مؤنثة، يريد ساعديه.
(2) الخبج الضراط،: ويروى بالحاء المهملة. وفى الأصل " خنج " بالنون، والتصحيح من النهاية.
(3) أي بئر.
(4) الغرب: الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور، وهذا تمثيل
ومعناه أن الفتوح في زمنه كانت أكثر منها في زمن أبي بكر رضي الله عنهما.
(5) العطن هو مبرك الإبل حول الماء، ضرب ذلك مثلا لاتساع الناس في زمن عمر وما فتح الله
عليهم من الأمصار.
71

وأروي الواردة فلم أر عبقريا أحسن نزعا من عمر فأولت السود العرب والعفر
العجم. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن أبي وائل قال ما رأيت عمر قط
الا وبين عينيه ملك يسدده. رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح،
ويأتي قول ابن مسعود كذلك في وفاة عمر.
(باب خوفه على نفسه)
عن أم سلمة ان عبد الرحمن بن عوف دخل عليها فقال يا أمه قد خفت ان
يهلكني مالي انا أكثر قريش مالا قالت يا بني فأنفق فاني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه فخرج عبد الرحمن بن عوف
فلقي عمر فأخبره بالذي قالت أم سلمة فدخل عليها عمر فقال بالله منهم انا فقالت
لا ولا أبرئ أحدا بعدك. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
(باب حضوره لتنزيل القرآن)
عن سمرة بن جندب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا يوما اني قد قيل لي اقرأ
على عمر بن الخطاب فدعاه فأمر ان يقرأ القرآن إذا نزل ليقرأه عليه. رواه الطبراني
والبزار وفى اسناد الطبراني من لم أعرفهم واسناد البزار ضعيف.
(باب أمان الناس من الفتن في حياته)
عن قدامة بن مطعون ان عمر بن الخطاب أدرك عثمان بن مظعون وهو على
راحلته وعثمان على راحلته على ثنية الإثابة من العرج فقطعت راحلته راحلة عثمان
وقد مضت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم امام الركب فقال عثمان بن مظعون أوجعتني
يا غلق الفتنة فلما استسهلت الرواحل دنا منه عمر بن الخطاب فقال يغفر الله لك
أبا السائب ما هذا الاسم الذي سميتنيه فقال لا والله ما انا سميتكه سماك رسول الله
صلى الله عليه وسلم هذا هو امام الركب يقدم القوم مررت يوما ونحن جلوس مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال هذا غلق الفتنة وأشار بيده لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق
ما عاش هذا بين ظهرانيكم. رواه الطبراني والبزار وفيه جماعه لم أعرفهم ويحيى بن
المتوكل ضعيف. وعن أبي ذر أنه لقي عمر بن الخطاب فأخذ بيده فغمزها وكان
72

عمر رجلا شديدا فقال أرسل يدي يا قف الفتنة فقال عمر وما قفل الفتنة قال جئت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وقد اجتمع عليه الناس
فجلست في آخرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصيبكم فتنة ما دام هذا فيكم. رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير السري بن يحيى وهو ثقة ثبت
ولكن الحسن البصري لم يسمع من أبي ذر فيما أظن.
* (باب عبادته رضي الله عنه) *
عن الحسن ان عثمان بن أبي العاص تزوج امرأة من نساء عمر بن الخطاب
فقال والله ما نكحتها حين نكحتها رغبة في مال ولا ولد ولكن أحببت أن
تخبرني عن ليل عمر رضي الله عنه فسألها كيف كانت صلاة عمر بالليل قالت كان يصلى العتمة ثم
يأمر (1) أن نضع عند رأسه تورا (2) من ماء نغطيه ويتعار (3) من الليل فيضع
يده في الماء فيمسح وجهه ويديه ثم يذكر الله ما شاء أن يذكر ثم يتعار مرارا
حتى يأتي على الساعة التي يقوم فيها لصلاته فقال ابن بريدة من حدثك فقال
حدثني بنت عثمان بن أبي العاص فقال ثقة. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب بشارته بالشهادة والجنة) *
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حائط فاستأذن أبو بكر فقال ائذن
له وبشره بالجنة ثم استأذن عمر فقال ائذن له وبشره بالجنة والشهادة ثم استأذن
عثمان فقال ائذن له وبشره بالجنة وبالشهادة. رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن عمر
ابن أبان وهو ضعيف، وقد تقدمت لهذا الحديث طرق صحيحة فيما ورد من الفضل
لأبي بكر وعمر وغيرهما. وعن ابن عمر قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم على
عمر ثوبا أبيض فقال أجديد ثوبك أم غسيل قال فلا أدرى ما رد عليه فقال
النبي صلى الله عليه وسلم البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا ويرزقك الله
قرة عين في الدنيا والآخرة قلت رواه ابن ماجة باختصار قرة العين رواه أحمد
والطبراني وزاد بعد قوله ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة قال وإياك يا رسول

(1) في نسخة " يأمر لنا ".
(2) أي اناء.
(3) أي يستيقظ، ولا يكون إلا يقظة مع كلام.
73

الله، ورجالهما رجال الصحيح. وعن جابر بن عبد الله قال كنا جلوسا عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عمر بن الخطاب وعليه قميص أبيض فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم يا عمر أجديد قميصك هذا أم غسيل فقال غسيل فقال البس
جديدا وعش حميدا ومت شهيدا ويعطيك الله قرة عين في الدنيا والآخرة. رواه البزار
وفيه جابر بن زيد الجعفي وهو ضعيف. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا أسير
في الجنة فإذا أنا بقصر قال قلت لمن هذا يا جبريل ورجوت أن يكون لي قال لعمر
قال ثم سرت ساعة فإذا أنا بقصر خير من القصر الأول قال قلت لمن هذا يا جبريل
ورجوت أن يكون لي قال لعمر وإن فيه لمن الحور العين يا أبا حفص وما منعني
أن أدخله إلا غيرتك قال فاغر ورقت عينا غمر وقال أما عليك فلم أكن أغار، وفى
رواية فإذا أنا بقصر من ذهب. رواه أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه وزاد
عن أبي هريرة قال مثله غير أنه قال عمر غيور وأنا أغير منه والله أغير منا، ورجال
أحمد رجال الصحيح، وزيادة أبي هريرة رواها عن شيخه مقدام بن داود وهو
ضعيف، وذكر ابن دقيق العيد انه وثق، وبقية رجالها وثقوا. وعن معاذ بن جبل
قال إن كان عمر لمن أهل الجنة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ما رأى في
يقظته أو نومه فهو حق وإنه قال بينا انا في الجنة إذ رأيت فيها دارا فقلت لمن هذه
فقالوا لعمر بن الخطاب. رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح.
* (باب عمر سراج أهل الجنة) *
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر سراج أهل الجنة.
رواه البزار وفيه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري وهو ضعيف.
* (باب وفاة عمر رضي الله عنه) *
عن أبي كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل عليه السلام ليبك الاسلام
على موت عمر. رواه الطبراني وفيه حبيب كاتب ملك وهو متروك كذاب. وعن عبد الله
ابن عمر قال لما طعن أبو لؤلؤة عمر طعنه طعنتين فظن عمر أن له ذنبا في الناس
لا يعلمه فدعا ابن عباس وكان يحبه ويدنيه ويسمع منه فقال أحب أن نعلم عن ملا من
الناس كان هذا فخرج ابن عباس فكان لا يمر بملا من الناس إلا وهم يبكون فرجع إلى
74

عمر (1) فقال يا أمير المؤمنين ما مررت على ملا (2) الا رأيتهم يبكون (3) كأنهم فقدوا
اليوم أبكار أولادهم فقال من قتلني فقال أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة قال ابن
عباس فرأيت البشر في وجهه فقال الحمد لله الذي لم يبتلني أحد بحاجتي يقول لا
إله إلا الله أما إني قد كنت نهيتكم أن تجلبوا إلينا من العلوج أحدا فعصيتموني ثم
قال ادعو إلى إخواني قالوا ومن قال عثمان وعلى وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن
عوف وسعد بن أبي وقاص فأرسل إليهم ثم وضع رأسه في حجري فلما جاء وأقلت
هؤلاء قد حضروا قال نعم نظرت في أمر المسلمين فوجدتكم أيها الستة رؤس الناس
وقادتهم ولا يكون هذا الامر إلا فيكم ما استقمتم يستقم أمر الناس وإن يكن اختلاف
يكن فيكم فلما سمعته ذكر الاختلاف والشقاق وإن يكن ظننت أنه كائن لأنه قلما قال
شيئا إلا رأيته ثم نزفه الدم فهمسوا بينهم حتى خشيت أن يبايعوا رجلا منهم فقلت
إن أمير المؤمنين حي بعد ولا يكون خليفتان ينظر أحدهما إلى الآخر فقال احملوني
فحملناه فقال تشاوروا ثلاثا ويصلي بالناس صهيب قالوا من نشاور يا أمير المؤمنين
قال شاوروا المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد ثم دعا بشربة من لبن
فشرب فخرج بياض اللبن من الجرحين فعرف أنه الموت فقال الآن لو أن لي
الدنيا كلها لافتديت بها من هول المطلع وما ذاك والحمد لله أن أكون رأيت إلا
خيرا فقال ابن عباس وإن قلت فجزاك الله خيرا أليس قد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يعز الله بك الدين والمسلمين إذ يخافون بمكة فلما أسلمت كان إسلامك عزا
وظهر بك الاسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهاجرت إلى المدينة
فكانت هجرتك فتحا ثم لم تغب عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم من
قتال المشركين من يوم كذا ويوم كذا ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض
فوازرت الخليفة بعده على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت بمن أقبل
على من أدبر حتى دخل الناس في الاسلام طوعا وكرها ثم قبض الخليفة وهو عنك
راض ثم وليت بخير ما ولى الناس مصر الله بك الأمصار وجبى بك الأموال ونفى بك
العدو وأدخل الله بك على كل أهل بيت من توسعتهم في دينهم وتوسعتهم في أرزاقهم

(1) في نسخة " إليه ".
(2) في نسخة " ملا من الناس "
(3) في نسخة " الا وهم يبكون "
75

ثم ختم لك بالشهادة فهنيئا لك فقال والله إن المغرور من تغرونه ثم قال أتشهد لي
يا عبد الله عند الله يوم القيامة فقال نعم فقال اللهم لك الحمد ألصق خدي بالأرض
يا عبد الله بن عمر فوضعته من فخذي على ساقي فقال ألصق خدي بالأرض فترك
لحيته وخده حتى وقع بالأرض فقال ويلك وويل أمك يا عمر إن لم يغفر الله لك
يا عمر ثم قبض رحمه الله فلما قبض أرسلوا إلى عبد الله بن عمر فقال لا آتيكم إن لم
تفعلوا ما أمركم به من مشاورة المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد قال
الحسن وذكر له فعل عمر عند موته وخشيته من ربه فقال هكذا المؤمن جمع
إحسانا وشفقة والمنافق جمع إساءة وغرة والله ما وجدت فيما مضى ولا فيما بقي عبدا
ازداد إحسانا إلا ازداد مخافة وشفقة منه ولا وجدت فيما مضى ولا فيما بقي
عبدا ازداد إساءة الا ازداد غرة. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وعن أبي
رافع قال كان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة بن شعبة وكان يصنع الأرحا وكان المغيرة
يستغله كل يوم أربعة دراهم فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال يا أمير المؤمنين إن المغيرة
قد أثقل على غلتي وكلمه يخفف عنى فقال له عمر اتق الله وأحسن إلى
مولاك ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه فيخفف فغضب العبد
وقال وسع الناس كلهم عدله غيري فأضمر على قتله فاصطنع خنجرا له رأسان وشحذه
وسمه ثم أتى به الهرمزان فقال كيف ترى هذا قال أرى انك لا تضرب به أحدا
الا قتلته قال فتحين أبو لؤلؤة فجاء في صلاة الغداة حتى قام ورأي عمر وكان عمر
إذا أقيمت الصلاة فتكلم يقول أقيموا صفوفكم كما كان يقول قال فلما كبر وجأه
أبو لؤلؤة في كتفه ووجأه في خاصرته فسقط عمر وطعن بخنجره ثلاثة عشر
رجلا فهلك منهم سبعة وفرق منهم ستة وجعل يذهب إلى منزله وضاج الناس حتى
كادت تطلع الشمس فنادى عبد الرحمن بن عوف يا أيها الناس الصلاة الصلاة الصلاة
قال وفزعوا إلى الصلاة وتقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم بأقصر سورتين من
القرآن فلما مضى قضى الصلاة توجهوا فدعا بشراب لينظر ما قدر جرحه فأتى بنبيذ
فشربه فخرج من جرحه فلم يدر أنبيذ هو أم دم فدعا بلبن فشربه فخرج من جرحه فقالوا
لا بأس عليك يا أمير المؤمنين فقال إن يكن القتل بأسي فقد قتلت فجعل الناس
76

يثنون عليه يقولون جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين كنت وكنت ثم ينصرفون
ويجئ قوم آخرون فيثنون عليه فقال عمر أما والله على ما يقولون وددت أن
خرجت منها كفافا لا على ولا لي وان صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت
لي فتكلم عبد الله بن عباس فقال والله لا تخرج منها كفافا لقد صحبت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فصحبته خير ما صحبه صاحب كنت له وكنت له وكنت له
حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض ثم صحبت خليفة رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم وليتها يا أمير المؤمنين أنت فوليتها بخير ما وليها وال كنت
تفعل وكنت تفعل فكان عمر يستريح إلى حديث ابن عباس فقال عمر يا ابن
عباس كرر على حديثك فكرر عليه فقال عمر أما والله على ما يقولون لو أن
لي طلاع الأرض (1) ذهبا لافتديت به اليوم من هول المطلع قد جعلتها شورى في ستة
عثمان وعلى وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف
وسعد بن أبي وقاص وجعل عبد الله بن عمر معهم مشيرا وأجلهم ثلاثا وامر صهيبا
ان يصلى بالناس. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن طارق بن شهاب
قال قالت أم أيمن يوم قتل عمر اليوم وهي الاسلام. رواه الطبراني عن شيخه عبد
الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف. وعن زبد بن وهب قال أتى عبد الله يعنى
ابن مسعود رجلان وأنا عنده فقالا يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذه الآية فقرأها
عليه عبد الله فقال الرجل ان أبا حكيم أقرأنيها كذا وكذا وقرأ الآخر فقال من
أقرأكها فقال عمر فقال عبد الله اقرأ كما أقرأك عمر ثم بكى عبد الله حتى رأيت دموعه
تحدر في الحصى ثم قال إن عمر كان حصنا حصينا على الاسلام يدخل الناس فيه ولا يخرجون
منه وان الحصن أصبح قد أسلم فالناس يخرجون منه ولا يدخلون، وزاد في رواية قال عبد
الله ما أظن أهل بيت من المسلمين لم يدخل عليه حزن يوم أصيب عمر الا أهل بيت سوء
ان عمر كان أعلمنا بالله وأقرأنا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله اقرأها فوالله فهي
أبين من طريق الصحيحين، وفى رواية وكان يعنى عمر إذا سلك طريقا وجدناه
سهلا فإذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر كان فضل ما بين الزيادة والنقصان والله

(1) أي ما يملأها حتى يطلع عنها ويسيل.
77

لوددت اني أخدم مثله حتى أموت. رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال
الصحيح. وعن عبد الله أيضا قال إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر إن اسلام عمر
كان نصرا وان إمارته كانت فتحا وأيم الله ما اعلم على وجه الأرض أحدا (1) الا وجد فقد عمر حتى العضاة وأيم الله اني لا حسب بين عينيه ملكا يسدده
وأيم الله اني لأحسب الشيطان يفرق (2) منه ان يحدث في الاسلام حدثا
فيرد عليه عمر وأيم الله لو اعلم كلبا يحب عمر لأحببته، وفي رواية لقد أحببت
عمر حتى لقد خفت الله ووددت انى كنت خادما لعمر حتى أموت،
وفى رواية لو أن عمر أحب كلبا كان أحب الكلاب إلى، وفى رواية
لقد خشيت الله في حبى عمر. رواه الطبراني من طرق وفى بعضها عاصم بن أبي
النجود وهو حسن الحديث، وبقية رجالهما رجال الصحيح وبعضها منقطع الاسناد
ورجالها ثقات. وعن ابن مسعود أن سعيد بن زيد قال يا أبا عبد الرحمن قبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين هو قال في الجنة قال توفى أبو بكر فأين هو قال ذاك
الأواه عند كل خير يبتغي قال توفى عمر فأين هو قال إذا ذكر الصالحون فحيهلا
بعمر. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن ابن عمر قال لما طعن عمر أرسلوا إلى
طبيب فجاء رجل من الأنصار فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعنة التي تحت السرة
فقال له الطبيب أعهد عهدك فلا أراك تمسي فقال صدقتني. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح. وعن عبد الرحمن بن يسار قال شهدت موت عمر بن الخطاب فانكسفت
الشمس يومئذ. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عروة بن الزبير قال لما قتل عمر
محا الزبير اسمه من الديوان. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن المسور بن مخرمة
قال ولى عمر عشر سنين ثم توفى. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن ابن عباس
أن عمر بن الخطاب مات وهو ابن ست وستين سنة. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن قتادة قال قتل عمر وهو ابن إحدى وستين. رواه الطبراني وإسناده
حسن. وعن ابن شهاب قال مات عمر وهو على رأس خمس وخمسين. وعن سالم
ابن عبد الله ان عمر قبض وهو ابن خمس وخمسين. رواه الطبراني ورجاله

(1) في نسخه " شيئا ".
(2) أي يخاف.
78

ثقات. وعن ابن عمر قال توفى عمر وهو ابن خمس وخمسين وقال أسرع إلي
الشيب من قبل أخوالي بني المغيرة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن
سهل بن سعد الأنصاري قال دفن عمر يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة
سنة ثلاث وعشرين. رواه الطبراني وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف. وعن الليث
ابن سعد قال قتل أمير المؤمنين عمر مصدر الحاج وذلك في سنة ثلاث وعشرين.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي بكر بن أبي شيبة قال توفى عمر سنة ثلاث
وعشرين وكانت خلافته عشر سنين. وعن عمرو بن علي قال يقال قتل عمر وهو
ابن ثلاث وستين والثبت انه كان ابن ثمان وخمسين. رواه الطبراني. وعن يحيى بن
بكير قال استخلف عمر في رجب سنة ثلاث عشرة وقتل في عقب ذي الحجة سنة
ثلاث وعشرين فأقام ثلاثة أيام بعد الطعنة ومات في آخر ذي الحجة وصلى عليه
صهيب وولى غسله ابنه عبد الله وكفنه في خمسة أثواب ودفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وطعن يوم الأربعاء لتسع بقين من ذي الحجة وقال بعض الناس مات من يومه
وكان سنة يوم توفى فيما سمعت مالك بن أنس يذكر أنه بلغ سن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وبعض الناس يقول لتسع وخمسين وكانت
خلافته عشر سنين وأربعة أشهر وأياما. رواه الطبراني. وعن معروف بن أبي
معروف قال لما توفى عمر سمعت صوتا:
ليبك على السلام من كان باكيا * فقد أوشكوا هلكا وما قدم العهد
وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها * وقد ملها من كان يوقن بالوعد
رواه الطبراني. * (باب ما جاء في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه) *
(باب نسبه)
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية
ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن
فهر يكنى أبا عمرو ويقال أبا عبد الله، وأم عثمان بن عفان أم حكيم البيضاء
بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم أم حكيم بنت عمرو بن عايد بن عمران
79

ابن مخزوم وهي جدة رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(باب صفته رضي الله عنه)
عن أسامة بن زيد قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بصحفة فيها لحم فدخلت
عليه ورقية جالسة فما رأيت اثنين أحسن منهما فجعلت مرة انظر إلى رقية ومرة
انظر إلى عثمان فلما رجعت قال لي النبي صلى الله عليه وسلم أدخلت عليهما قلت نعم قال فهل رأيت
روجا أحسن منهما قلت لا يا رسول الله لقد جعلت مرة انظر إلى رقية ومرة انظر
إلى عثمان. رواه الطبراني وقال كان هذا قبل نزول الحجاب، وفيه راو لم يسم وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن حزم المازني قال رأيت عثمان بن عفان
فما رأيت قط ذكرا ولا أنثى أحسن وجها منه. رواه الطبراني وفيه الربيع بن بدر
وهو متروك. وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال رأيت عثمان بن عفان يوم
الجمعة على المنبر عليه إزار عدني غليظ ثمنه أربعة دراهم أو خمسة وريطة كوفية
ممشقة ضرب اللحم طويل اللحية حسن الوجه. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن
موسى بن طلحة قال كان عثمان يوم الجمعة يتوكأ على عصا وكان أجمل الناس عليه
ثوبان أصفران إزار ورداء حتى يأتي المنبر فيجلس عليه. رواه الطبراني عن شيخه
المقدام بن داود وهو ضعيف. وعن عبد الله بن عون القاري قال رأيت عثمان
ابن عفان أبيض اللحية. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن ابن أبي ذئب عن
عبد الرحمن بن سعد قال رأيت عثمان بن عفان اصفر اللحية. رواه الطبراني عن
مقدام بن داود وهو ضعيف. وعن أم موسى قالت كان عثمان من أجمل الناس. رواه
عبد الله ورجاله رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة. وعن الحسن بن أبي الحسن
قال دخلت المسجد فإذا انا بعثمان بن عفان متكئ على ردائه فاتاه سقا ان يختصمان
إليه فقضى بينهما ثم أتيته فنظرت إليه فإذا رجل حسن الوجه بوجهه نكتات جدري
وإذا شعره قد كسا ذراعيه. رواه عبد الله وفيه أبو المقدام هشام بن زياد وهو متروك.
(باب هجرته رضي الله عنه)
عن انس قال خرج عثمان مهاجرا إلى ارض الحبشة ومعه رقية بنت رسول
80

الله صلى الله عليه وسلم واحتبس على النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم فكان يخرج يتوكف (1) عنهم الخبر
فجاءته امرأة فأخبرته فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله
بعد لوط. رواه الطبراني وفيه الحسن بن زياد البرجمي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وعن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان بين عثمان ورقية ولوط من
مهاجر يعنى انهما أول من هاجر إلى الحبشة. رواه الطبراني وفيه عثمان بن خالد
العثماني وهو متروك.
(باب ما جاء في خلقه رضي الله عنه)
عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنته وهي
تغسل رأس عثمان فقال يا بنية أحسني إلى أبى عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خلقا.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي هريرة قال دخلت على رقية بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان وفى يدها مشط فقالت خرج من عندي رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا
رجلت رأسه فقال كيف تجدين أبا عبد الله قلت بخير قال فأكرميه فإنه من أشبه
أصحابي بي خلقا. رواه الطبراني وفيه محمد بن عبد الله يروي عن المطلب ولم أعرفه،
وبقية رجاله ثقات. * (باب في حيائه رضي الله عنه) *
عن ابن أبي أوفى قال استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وجارته تضرب
بالدف فدخل ثم استأذن عمر ودخل ثم استأذن عثمان فأمسكت قال فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن عثمان رجل حيى. رواه أحمد عن رجل من بجيلة عن ابن أبي
أوفى ولم يسم الرجل، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن حفصة بنت عمر قالت
دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوضع ثوبه بين فخذيه فجاء
أبو بكر فاستأذن فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته ثم جاء عمر يستأذن فأذن له
رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته وجاء ناس من أصحابه فأذن لهم وجاء على فأذن له
رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيأته ثم جاء عثمان بن عفان فاستأذن فتجلل ثوبه فأذن له

(1) اي يسأل ويتوقع.
81

فتحدثوا ساعة خرجوا فقلت يا رسول الله دخل أبو بكر وعمر وعلى وناس من
أصحابك وأنت على هيأتك لم تحرك فلما دخل عثمان تجللت ثوبك قال الا استحيى
ممن تستحي منه الملائكة. رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وأبو يعلى
باختصار كثير واسناده حسن. وعن عبد الله بن عمر قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس وعائشة جالسة وراءه إذ استأذن أبو بكر فدخل ثم استأذن عمر فدخل
ثم استأذن على فدخل ثم استأذن سعد بن ملك فدخل ثم استأذن عثمان
ابن عفان فدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث كاشفا عن ركبتيه فمد ثوبه على ركبتيه
وقال لامرأته استأخري عنى فتحدثوا ساعة ثم خرجوا فقالت عائشة فقلت يا رسول
الله دخل عليك أصحابك فلم تصلح ثوبك ولم تؤخرني عنك حتى دخل عثمان
قال الا استحيى ممن تستحي منه الملائكة والذي نفس محمد بيده ان الملائكة
لتستحي من عثمان كما تستحي من الله ورسوله ولو دخل وأنت قريبة منى لم
يرفع رأسه ولم يتحدث حتى يخرج. رواه أبو يعلى والطبراني وفيه إبراهيم بن عمر
ابن أبان وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت وعليه
إزار فطرحه بين رجليه وفخذاه خارجتان فجاء أبو بكر يستأذن عليه فأذن له
ثم جاء عمر فأذن له فدخل ثم جاء عثمان فأذن له فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قام متسرعا
حتى دخل البيت فشق ذلك على عائشة فلما خرج القوم قالت يا رسول الله دخل
أبو بكر وعمر فلم تغير عن حالك فلما دخل عثمان قمت فقال يا عائشة الا استحيى
ممن تستحي منه الملائكة ان الملائكة لتستحي من عثمان. رواه الطبراني والبزار
باختصار كثير وفيه النضر أبو عمر وهو متروك. وعن زيد بن خالد قال وقف علينا
زيد بن ثابت يوم الدار فقال الا تستحيون ممن تستحي منه الملائكة قلت وما
ذاك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مربى عثمان وعندي ملك من الملائكة
فقال شهيد يقتله قومه انا لنستحي منه قال بدر فاصرفنا عنه عصابة من الناس. رواه
الطبراني وفيه محمد بن إسماعيل الوساوسي وكان يضع الحديث. وعن الحسن وذكر
عثمان وشدة حيائه قال إن كان ليكون في البيت والباب عليه مغلق فما يضع عنه
الثوب ليفيض عليه الماء يمنعه الحياء ان يقيم صلبه. رواه أحمد ورجاله ثقات.
82

* (باب تزويجه رضي الله عنه) *
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل أوحى إلى أن أزوج
كريمتي من عثمان. رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه عمير بن عمران
الحنفي وهو ضعيف بهذا الحديث وغيره. وعن أبي هريرة قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم
على قبر ابنته الثانية التي كانت عند عثمان فقال الا أبا أيم الا أخا أيم يزوجها عثمان
فلو كن عشرا لزوجتهن عثمان وما زوجته الا بوحي من السماء. رواه الطبراني في
حديث طويل وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو لين، وبقية رجاله ثقات (1). وعن
عثمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زوجني ابنته الأخرى لو أن عندي عشرا
لزوجتكهن واحدة بعد واحدة فاني عنك راض. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
محمد بن زكريا الغلابي قال ابن حبان في الثقات يعتبر بحديثه إذا روى عن الثقات
وقد ضعفه الجمهور وروى هذا عمن لم أعرفه. وعن عصمة قال لما ماتت بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم التي تحت عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجوا عثمان لو كانت عندي ثالثة لزوجته
وما زوجته الا بوحي من الله عزو جل. رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو
ضعيف. وعن أم عياش قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زوجت عثمان أم كلثوم
الا بوحي من السماء. رواه الطبراني في الكبير والأوسط واسناده حسن لما تقدمه
من الشواهد. وعنها قالت ولدت رقية لعثمان غلاما فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله
وكنى عثمان بأبي عبد الله. رواه الطبراني باسناد الذي قبله. قلت ويأتي حديث عائشة
وغيرها في تزويجه بعد.
* (باب فيما كان من أمره في غزوة بدر والحديبية وغير ذلك) *
عن شقيق قال لقى عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة
فقال له الوليد مالي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان قال أبلغه عنى
أنى لم أفر يوم عينين قال عاصم يوم أحد ولم أتخلف عن بدر ولم أترك سنة عمر
قال فانطلق فخبر ذلك عثمان قال فقال أما قوله انى لم أفر يوم عينين فكيف يعيرني

(1) وفى نسخة " وثقوا ".
83

بذنب قد عفا الله عنه قال الله تعالى (إن الذين تولوا عنكم يوم التقى الجمعان إنما
استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم) وأما قوله إني لم أتخلف عن
بدر فاني كنت أمرض رقية بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت وقد ضرب لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بسهم ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم فقد شهد وأما
قوله إني أترك سنة عمر فاني لا أطيقها أنا ولا هو فائته فحدثه بذلك. رواه أحمد
وأبو يعلى والطبراني باختصار والبزار بطوله بنحوه وفيه عاصم بن بهدلة وهو
حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عمر أن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكت
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقم عليها فإنه لا بد لها منى أو منك وأنت أحق
فخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فلما فتح الله عليه أرسل رسول الله صلى الله عليه
وسلم يبشره ان الله قد أتم عدتهم بك قلت في الصحيح بعضه رواه الطبراني في
الأوسط وفيه مجالد بن سعيد وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن عروة قال عثمان ين عفان تخلف بالمدينة على امرأته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكانت معزة وجعة فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه قال وأجري
يا رسول الله قال وأجرك. رواه الطبراني وهو مرسل حسن الاسناد. وعن سلمة
ابن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث عثمان إلى أهل مكة فبايع أصحابه بيعة الرضوان
بايع لعثمان بإحدى يديه على الأخرى فقال الناس هنيئا لأبي عبد الله يطوف
بالبيت آمنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو مكث كذا وكذا ما طاف بالبيت حتى
أطوف. رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف. وعن عثمان قال خلفني
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بدر وضرب لي بسهم وقال عثمان في بيعة الرضوان فضرب
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيمينه على شماله وشمال رسول الله خير من
يميني. رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف. وعن سعيد بن
المسيب قال رفع عثمان صوته على عبد الرحمن بن عوف فقال له لأي شئ ترفع
صوتك على وقد شهدت بدرا ولم تشهد وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تبايع وفررت
يوم أحد ولم أفر فقال له عثمان أما قولك أنك شهدت بدرا ولم أشهد فان رسول
الله صلى الله عليه وسلم خلفني على ابنته وضرب لي بسهم وأعطاني أجري واما
84

قولك بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أبايع فان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أناس من المشركين
وقد علمت ذلك فلما احتبست ضرب بيمينه على شماله فقال هذه لعثمان بن عفان فشمال
رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يميني وأما قولك فررت يوم أحد ولم أفر فان الله تبارك
وتعالى قال (ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا
ولقد عفا الله عنهم) فلم تعيرني بذنب قد عفا الله عنه. رواه البزار وإسناده حسن
وقد تقدمت له طريق في هذا الباب وغيره.
* (باب إعانته في جيش العسرة وغيره) *
عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى لحما فقال من بعث
بهذا قلت عثمان قالت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه يدعو لعثمان. رواه البزار
واسناده حسن. وعن عبد الرحمن بن عوف انه شهد ذلك حين أعطى عثمان بن
عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جهز به جيش العسرة وجاء بسبعمائة أوقية ذهب. رواه
أبو يعلى والطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم بن عمر بن أبان وهو ضعيف. وعن
انس قال جاء عثمان بن عفان بدنانير فألقاها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقلبها ويقول ما على عثمان ما فعل بعد هذا اليوم. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه عمرو بن صالح الرامهرمزي وهو ضعيف. وعن أبي مسعود قال كنا مع
النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأصاب الناس جهد حتى رأيت الكآبة في وجوه المسلمين
والفرح في وجوه المنافقين فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لا تغيب الشمس
حتى يأتيكم الله برزق فعلم عثمان ان الله ورسوله سيصدقان فاشترى عثمان أربع عشرة
راحلة بما عليها من الطعام فوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها بتسعة فلما رأى ذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال ما هذا قال أهدى إليك عثمان فعرف الفرح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
والكآبة في وجوه المنافقين فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رفع يديه حتى
رؤى بياض إبطيه يدعو لعثمان دعاء ما سمعته دعا لأحد قبله ولا بعده اللهم اعط
عثمان اللهم افعل بعثمان. رواه الطبراني وفيه سعيد بن محمد الوراق وهو ضعيف.
ورواه في الأوسط وفيه رؤيا رآها الحسن بن علي رضي الله عنهما وتأتي إن شاء الله.
85

* (باب ما عمل من الخير من الزيادة في المسجد وغير ذلك) *
عن أبي المليح عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب البقعة التي زيدت في
مسجد المدينة وكان صاحبها من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم لك بها بيت في الجنة فقال
لا فجاء عثمان فقال له لك بها عشرة آلاف درهم فاشتراها منه ثم جاء عثمان إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اشتر مني البقعة التي اشتريتها من الأنصاري فاشتراها منه
ببيت في الجنة فقال عثمان فاني اشتريتها بعشرة آلاف درهم فوضع النبي صلى الله عليه وسلم لبنة
ثم دعا أبا بكر فوضع لبنة ثم دعا عمر فوضع لبنة ثم جاء عثمان فوضع لبنة ثم قال للناس
ضعوا فوضعوا. رواه الطبراني وفيه زياد بن أبي المليح وهو ضعيف.
(باب فيما كان فيه من الخير)
عن عثمان بن عفان قال لقد اختبأت عند ربى عشرا انى لرابع أربعة في الاسلام
وما تعنيت ولا تمنيت ولا وضعت يميني على فرجى منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما
مرت على جمعة منذ أسلمت الا وانا أعتق فيها رقبة الا ألا يكون عندي فأعتقها بعد
ذلك ولا زنيت في جاهلية ولا اسلام. رواه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود
وهو ضعيف، وقال ابن دقيق العيد في الامام وقد وثق.
* (باب كتابته الوحي) *
عن عمر بن إبراهيم اليشكري قال سمعت أمي تحدث ان أمها انطلقت إلى البيت
حاجة والبيت يومئذ له بابان قالت فلما قضيت طوافي دخلت على عائشة قالت فقلت
لها يا أم المؤمنين ان بعض بنيك بعث يقرئك السلام وان الناس قد أكثروا في عثمان
فما تقولين فيه فقالت لعن الله من لعنه لعن الله من لعنه لا أحسبها الا قالت ثلاث
مرات لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند فخذه إلى عثمان وأني لأمسح العرق
عن جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وان الوحي ينزل عليه ولقد زوجه ابنتيه إحداهما بعد
الأخرى وانه ليقول اكتب عثيم قالت ما كان الله عز وجل لينزل عبدا
من نبيه بتلك المنزلة الا عبد كريم عليه، وفى رواية وهو مسند ظهره إلى.
رواه أحمد والطبراني في الأوسط إلا أنه قال عن أم كلثوم بنت ثمامة الحنطي
86

أن أخاها المخارق بن ثمامة الحنطي قال لها ادخلي على عائشة فاقرئيها منى السلام
فدخلت عليها فقالت إن بعض بنيك يقرئك السلام قالت عائشة وعليه ورحمة الله
قلت ويسألك أن تحدثيه عن عثمان بن عفان فان الناس قد أكثروا فيه عندنا حين
قتل قالت أما أنا فاشهد أن عثمان بن عفان في هذا البيت ونبي الله صلى الله عليه وسلم وجبريل
جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة قائظة وكان إذا نزل عليه الوحي ينزل عليه ثقله بقول
الله جل ذكره (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) فذكر نحوه (1) وأم كلثوم لم أعرفها،
وبقية رجال الطبراني ثقات.
* (باب موالاته رضي الله عنه) *
عن جابر قال بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت في نفر من المهاجرين
فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد
ابن أبي وقاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لينهض كل رجل إلى كفؤه ونهض النبي
صلى الله عليه وسلم إلى عثمان فاعتقه وقال أنت ولي في الدنيا وولي في الآخرة.
رواه أبو يعلى وفيه طلحة بن زيد وهو ضعيف جدا. وعن عبيد الحميري قال كنت
عند عثمان حين حوصر فقال هاهنا طلحة فقال طلحة نعم فقال نشدتك الله أما
علمت أنا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ليأخذ كل رجل منكم يد جليسه فأخدت بيد
فلان واخذ فلان بيد فلان حتى أخذ كل رجل بيد صاحبه وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم
بيدي وقال هذا جليسي في الدنيا وولي في الآخرة فقال اللهم نعم. رواه البزار
وفيه خارجة بن مصعب وهو متروك قيل فيه كذاب وقيل فيه مستقيم الحديث وقد
ضعفه الأئمة أحمد وغيره.
(باب جامع في فضله وبشارته بالجنة)
عن ابن عمر قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فصافحه فلم ينزع النبي صلى الله عليه وسلم يده من يد الرجل حتى انتزع الرجل
يده ثم قال له يا رسول الله جاء عثمان قال امرؤ من أهل الجنة. رواه الطبراني

(1) في نسخة " فذكره بنحوه ".
87

في الأوسط والكبير وإسناده حسن. وعن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول عثمان في الجنة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذاب. وعن ابن عباس أن أم كلثوم جاءت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله زوج فاطمة خير من زوجي
فأسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال زوجك يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله
وأزيدك لو قد دخلت الجنة فرأيت منزلة لم ترى أحدا من أصحابي يعلوه في منزله.
رواه الطبراني في الأوسط ورجاله وثقوا وفيهم خلاف. وعن عبيد الله بن عدي
ابن الخيار أن عثمان بن عفان قال له يا ابن أخي أدركت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال لا ولكن خلص إلى من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها قال فتشهد
ثم قال أما بعد فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق فكنت فيمن استجاب
لله ولرسوله وآمن بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم ثم هاجرت الهجرتين كما
قلت ونلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله
ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله عز وجل. ورجاله رجال الصحيح.
* (باب أفضليته رضي الله عنه) *
عن النزال بن سبرة قال لما استخلف عثمان قال عبد الله بن مسعود أمرنا
خير من بقي ولم نألوا، وفى رواية ما ألونا عن أعلاها ذا فوق. رواه الطبراني
بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.
(باب فيما كان من أمره ووفاته رضي الله عنه)
عن عبد الله بن حوالة قال أتيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل
دومة (1) وعنده كاتب يملي عليه فقال ألا أكتبك يا ابن حوالة قلت لا أدري ما خار الله
لي ورسوله فاعرض عنى وقال إسماعيل مرة فأكب يملي عليه ثم قال أنكتبك
يا ابن حوالة قلت ما أدرى ما خار الله لي ورسوله فأعرض عنى وأكب على
كاتبه يملي عليه قال فنظرت فإذا في الكتاب عمر فعرفت أن عمر
لا يكتب إلا في خير ثم قال أنكتبك يا ابن حوالة قلت نعم قال ابن حوالة كيف

(1) الدومة: شجرة عظيمة، وقيل شجرة المقل.
88

تفعل في فتن نخرج من أطراف الأرض كأنها صياصي بقر (1) قلت لا أدرى
ما خار الله لي ورسوله قال اتبعوا هذا ورجل مقفى حينئذ فانطلقت فسعيت فأخذت
بمنكبه فأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت هذا قال نعم فإذا هو
عثمان بن عفان. رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. وعن جبير
ابن نفير قال بينا نحن معسكر بن مع معاوية بعد قتل عثمان فقام مرة بن كعب
البهزي فقال أنا والله لولا شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت
هذا المقام فلما سمع معاوية ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلس الناس قال
بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس إذ مر بنا عثمان بن عفان
مترجلا معدقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن فتنة من تحت رجلي
أو من تحت قدمي هذا ومن اتبعه يومئذ على الهدى فقمت حتى أخذت بمنكبي
عثمان حتى بينته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هذا قال نعم هذا ومن
اتبعه يومئذ على الهدى فقام عبد الله بن حوالة الأزدي من عند المنبر فقال أنك
لصاحب هذا قال نعم قال أما والله إني حاضر ذلك المجلس ولو كنت أعلم ان
لي في الجيش مصدقا لكنت أول من تكلم به قلت حديث مرة رواه الترمذي
رواه الطبراني ورجاله وثقوا. وعن عبد الله بن عمر قال أبو بكر الصديق أصبتم
اسمه عمر قرن من حديد عثمان ذو النورين أصبتم اسمه قتل مظلوما أوتى كفلين
من الاجر. رواه الطبراني باسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير عقبة
ابن أوس وهو ثقة. وعن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت قاعدة وعائشة مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددت أن معي بعض أصحابي نتحدث
فقال عائشة أرسل إلى أبى بكر يتحدث معك قال لا قالت حفصة أرسل إلى
عمر يتحدث معك قال لا ولكن أرسل إلى عثمان فجاء عثمان فدخل فقامتا فأرختا الستر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان إنك مقتول مستشهد فاصبر صبرك الله ولا تخلعن قميصا

(1) أي قرونها، شبه الفتنة بها لشدتها وصعوبة الامر فيها، وكل شئ امتنع
به وتحصن به فهو صيصة.
89

قمصكه الله عز وجل ثنتي عشرة سنة وستة أشهر حتى تلقى الله وهو عنك راض
قال عثمان إن دعا النبي صلى الله عليه وسلم لي بالصبر فقال اللهم صبره فخرج عثمان
فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صبرك الله فإنك سوف تستشهد وتموت وأنت صائم
وتفطر معي، قال إبراهيم وحدثني أبي عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن عائشة
حدثته مثل ذلك. رواه أبو يعلى واللفظ له، وفى إسناد أبى يعلى إبراهيم بن عمر
ابن عثمان العثماني وهو ضعيف. وعن أبي عبد الله الجسري قال دخلت على عائشة
وعندها حفصة بنت عمر فقالت لي هذه حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ثم
أقبلت عليها فقالت أنشدك الله أن تصدقيني بكذب أو تكذبيني بصدق تعلمين أنى
كنت أنا وأنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمي عليه فقلت لك أترينه
قد قبض قلت لا أدرى ثم أفاق قال افتحوا له الباب ثم أغمي عليه فقلت لك
أترينه قد قبض قلت لا أدرى ثم أفاق قال افتحوا له الباب فقلت لك أبى أو أبوك
قلت لا أدرى ففتحنا له الباب فإذا عثمان بن عفان فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال ادنه
فأكب على فساره بشئ لا أدري أنا وأنت ما هو ثم رفع رأسه فقال أفهمت ما قلت
لك قال نعم قال ادنه فأكب عليه أخرى مثلها فساره بشئ لا ندري ما هو ثم رفع
رأسه فقال أفهمت ما قلت لك قال نعم قال ادنه فأكب عليه إكبابا شديدا فساره
بشئ ثم رفع رأسه فقال أفهمت ما قلت لك قال سمعته أذناي ووعاه قلبي فقال
له أخرج قال فقالت حفصة اللهم نعم أو قالت اللهم صدق قلت لعائشة وحدها حديث عند
ابن ماجة بغير هذا السياق رواه كله أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه وزاد فقال
يا عثمان عسى أن يقمصك الله قميصا فان أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه ثلاث مرات
فقال لها النعمان بن بشير يا أم المؤمنين أين كنت عن هذا الحديث فقالت نسيته
ورب الكعبة حتى قتل الرجل، وفى رواية عند الطبراني أيضا فما فجأني الا وعثمان
جاث على ركبتيه قائلا أظلما وعدوانا يا رسول الله فحسبت أنه أخبره بقتله. وأحد
إسنادي الطبراني حسن. وعن محمد بن سيرين أن رجلا بالكوفة شهد أن
عثمان بن عفان قتل شهيدا فأخذته الزبانية فرفعوه إلى علي وقالوا لولا أن تنهانا
أو نهينا ألا نقتل أحدا لقتلناه زعم أنه يشهد أن عثمان رضي الله عنه قتل شهيدا فقال
90

الرجل لعلى وأنت تشهد أنه شهيدا أتذكر أنى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسألته فأعطاني وأتيت أبا بكر فسألته فأعطاني وأتيت عمر فسألته فأعطاني وأتيت
عثمان بن عفان فسألته فأعطاني قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول
الله ادع الله أن يبارك لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيف لا يبارك لك وأعطاك
نبي وصديق وشهيدان وأعطاك نبي وصديق وشهيدان وأعطاك نبي وصديق
وشهيدان. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن أسلم مولى عمر قال
شهدت عثمان يوم حاصر في موضع الجنائز ولو ألقى حاجر لم يقع إلا على رأس
رجل فرأت عثمان أشرف من الخوخة التي مقام جبريل عليه السلام فقال يا أيها
الناس أفيكم طلحة فسكتوا ثم قال يا أيها الناس أفيكم طلحة فسكتوا ثم
قال يا أيها الناس أفيكم طلحة فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان
أراك هاهنا ما كنت أرى أنك في جماعة قوم يسمعون ندائي آخر ثلاث
مرات ثم لا تجبني أنشدك الله يا طلحة أتذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في موضع كذا وكذا ليس معه أحد من أصحابه غيري
وغيرك قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يا طلحة إنه ليس من نبي الا معه
من أصحابه رفيق من أمته في الجنة وان عثمان بن عفان هذا يعنيني رفيقي في
الجنة قال طلحة اللهم نعم ثم انصرف قلت روى النسائي بعضه باسناد منقطع
رواه عبد الله وأبو يعلى في الكبر والبزار وفى اسناد عبد الله والبزار أبو عبادة الزرقي وهو
متروك وأسقطه أبو يعلي من السند والله أعلم. وعن عبد الله بن أبي رافع عن أمه قال
خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعناها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله إن عثمان قد اشتد
حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه (1) عنه قال وطلحة يغسل أحد شقي رأسه فلم
يحيها فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها فقالت أسئلك مما حملتك وأرضعتك
إلا فعلت فقام ولوى شق شعر رأسه حتى عقده وهو مغسول ثم خرج حتى أتى
عليا وهو جالس في جنب داره فقال طلحة ومعه أمه وأم عبد الله بن أبي رافع
لو رفهت الناس عن هذا فقد اشتد حصره فقال والله ما أحب من هذا شيئا يكرهه.

(1) أي ينفس ويخفف عنه
91

رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن عبد الله بن سلام أنه قال حين هاج
الناس في أمر عثمان أيها الناس لا تقتلوا هذا الشيخ واستعتبوه فإنه لن تقتل أمة نبيها
فيصلح أمرهم حتى يهراق دماء سبعين ألفا منهم ولن تقتل أمة خليفتها فيصلح أمرهم حتى
يهراق دماء أربعين ألفا منهم فلم ينظروا فيما قال وقتلوه فجلس لعلى في الطريق
فقال أين تريد فقال أريد أرض العراق قال لا تأتى العراق وعليك بمنبر رسول
الله صلى الله عليه وسلم فوثب به أناس من أصحاب على وهموا به فقال علي
دعوه فإنه منا أهل البيت فلما قتل على قال عبد الله بن معقل هذه رأس
الأربعين وسيكون على رأسها صلح ولن تقتل أمة نبيها الا قتل بن سبعون
ألفا ولن تقتل أمة خليفتها الا قتل به أربعون ألفا. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن عبد الملك بن عمير أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام
استأذن على الحجاج بن يوسف فأذن له فدخل وسلم وأمر رجلين مما يلي السرير أن
يوسعا له فأوسعا له فجلس فقال له الحجاج لله أبوك أتعلم حديثا حدثه
أبوك عبد الملك بن مروان عن جدك عبد الله بن سلام قال فأي حديث رحمك الله
فرب حديث، قال حديث المصريين حين حصروا عثمان قال قد علمت ذلك الحديث
أقبل عبد الله بن سلام وعثمان محصور فانطلق فدخل عليه فوسعوا له حتى دخل
فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال وعليك السلام ما جاء بك يا عبد الله بن سلام
قال جئت (1) لأثبت حتى استشهد أو يفتح الله لك ولا أرى هؤلاء القوم إلا قاتلوك
فان يقتلوك فذاك خير لك وشر لهم فقال عثمان أسئلك بالذي لي عليك من الحق لما
خرجت إليهم خير يسوقه الله بك وشر يدفعه بك الله فسمع وأطاع فخرج عليهم
فلما رأوه اجتمعوا وظنوا أنه قد جاءهم بعض ما يسرون به فقام خطيبا فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا
ونذيرا يبشر بالجنة من أطاعه وينذر بالنار من عصاه وأظهر من اتبعه على الدين
كله ولو كره المشركون ثم اختار له المساكن فاختار له المدينة فجعلها دار الهجرة
وجعلها دار الايمان فوالله ما زالت الملائكة حافين بالمدينة مذ قدمها رسول الله

(1) في نسخة " قد جئت ".
92

صلى الله عليه وسلم إلى اليوم وما زال سيف الله مغمودا عنكم مذ قدمها رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى اليوم ثم قال إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق فمن اهتدى فإنما
يهتدي بهدى الله ومن ضل فإنما يضل بعد البيان والحجة وإنه لم يقتل نبي فيما مضى
إلا قتل به سبعون ألف مقاتل كلهم يقتل به ولا قتل خليفة قط إلا قتل به خمسة
وثلاثون ألف مقاتل كلهم بقتل به فلا تعجلوا على هذا الشيخ بقتل فوالله لا يقتله
رجل منكم إلا لقى الله يوم القيامة ويده مقطوعة مشلولة واعلموا أنه ليس لولد
على والد حق إلا ولهذا الشيخ عليكم مثله قال فقاموا فقالوا كذبت اليهود كذبت
اليهود فقال كذبتم والله وأنتم آثمون ما أنا بيهودي وإن لأحد المسلمين بعلم الله بذلك
ورسوله والمؤمنون وقد أنزل الله في القرآن (قل كفى الله شهيدا بيني وبينكم ومن
عنده علم الكتاب) وقد أنزل الآية الأخرى (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم
به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم) قال فقاموا فدخلوا
على عثمان فذبحوه كما يذبح الحلان قال شعيب فقلت لعبد الملك بن عمير ما الحلان
قال الحمل قال وقد قال عثمان لكثير بن الصلت يا كثير انا والله مقتول غدا قال بل
يعلى الله كعبك ويكبت عدوك قال ثم أعادها الثالثة فقال مثل ذلك قال عم تقول يا أمير المؤمنين
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر فقال لي يا عثمان أنت
عندنا غدا وأنت مقتول غدا فأنا والله مقتول قال فقتل فخرج عبد الله بن سلام إلى
القوم قبل أن يتفرقوا (1) فقال يا أهل مصر يا قتلة عثمان قتلتم أمير المؤمنين أما والله
لا يزال عهد منكوث ودم مسفح ومال مقسوم لا سقيتم. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن كلثوم الخزاعي قال قال عبد الله يعنى ابن مسعود ما يسرني إلى رميت
عثمان بسهم أخطأه أحسبه قال أريد قتله وأن لي مثل أحد ذهبا. رواه الطبراني
وفيه عمران بن عمير ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي الأسود الديلي قال
سمعت أبا بكرة يقول لان أخر من السماء فانقطع أحب إلى من أن أكون
شركت في دم عثمان. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن الحسن قال
أدركت عثمان وأنا يؤمئذ قد أرهقت الحلم فسمعته وهو يخطب وشهدته وهو يقول يا أيها

(1) في نسخة زيادة " فقام على رجليه ".
93

الناس ما تنقمون على قال وما من يوم إلا وهم يقسمون فيه خيرا كثيرا يقول يا أيها الناس
أغدوا على أعطياتكم فيغدون فيأخذونها وافرة ثم بقال يا أيها الناس أغدوا على كسوتكم
فيجاء بالحلل فتقسم بينهم قال الحسن والعدو متقى (1) والعطيات دارة وذات البين
حسن والخير كثير ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمنا من لقى من الاحياء فهو أخوه ومودته
ونصرته والفتنة إن سل عليه سيفا. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن الحسن قال
حدثني سياف عثمان أن رجلا من الأنصار دخل على عثمان فقال ارجع ابن أخي
فلست بقاتلي قال كيف علمت ذلك قال لأنه أتى بك رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم سابعك فحنكك ودعا لك بالبركة قال ثم دخل عليه رجل آخر من الأنصار
فقال ارجع ابن أخي فلست بقاتلي قال ومما تدرى ذلك قال لأنه أتى بك رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعك فحنكك ودعا لك بالبركة قال ثم دخل عليه محمد
ابن أبي بكر فقال أنت قاتلي وما يدريك يا نعتل قال لأنه أتى بك النبي صلى الله عليه
وسلم يوم سابعك ليحنكك ويدعو لك بالبركة فخريت على رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال فوثب على صدره وقبض على لحيته فقال إن تفعل كان يعز على
أبيك قال إن تسؤه فوجأه في نحره بمشاقص (2) كانت في يده. رواه الطبراني
وفيه سياف عثمان ولم يسم، وبقية رجاله وثقوا. وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال
لما ضرب الرجل يد عثمان قال إنها لأول يد خطت المفصل. رواه الطبراني وإسناده
حسن. وعن زيد بن أبي حبيب أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان جنوا.
رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن محمد بن مسكين قال قالت امرأة عثمان حين
أطافوا به تريدون قتله أو تقتلوه أو تتركوه فإنه كان يحيى الليل كله في ركعة
يجمع فيها القرآن. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن الشعبي قال لقى مسروق
الأشر فقال مسروق للأشتر قتلتم عثمان قال نعم قال أما والله لقد قتلتموه صواما
قواما قال فانطلق الأشر فأخبر عمارا فأتى عمار مسروقا فقال والله لتجلدن عمارا
ولتسيرن أبا ذر ولتحمين الحمى وتقول قتلتموه صواما قواما فقال له مسروق
فوالله ما فعلتم واحدة من شيئين ما عوقبتم بمثل ما عوقبتم به وما صبرتم فهو خير للصابرين

(1) في الأصل " منفى ".
(2) المشقص: نصل السهم إذا كان طويلا غير
عريض.
94

قال فلكأنما ألقمه حجرا قال وقال الشعبي وما ولدت همذانية مثل مسروق. رواه
الطبراني وفيه الحسن بن أبي جعفر الجفري وهو ضعيف لغفلته. وعن أبي الدرداء
قال لا مدينة بعد عثمان ولا رخاء بعد معاوية وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن
الله وعدني باسلام أبى الدرداء فأسلم. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن عدى
ابن حاتم قال قال رجل لما قتل عثمان لا ينتطح فيها عنزان قلت بلى وتفقأ فيها عيون
كثيرة. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن ملك يعنى ابن أنس قال قتل عثمان
فأقام مطروحا على كناسة بنى فلان ثلاثا وأتاه اثنا عشر رجلا منهم جدي مالك بن أبي
عامر وحويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير وعائشة
بنت عثمان معهم مصباح في حق فحملوه على باب وان رأسه تقول على الباب طق
طق حتى أتوا البقيع فاختلفوا في الصلاة عليه فصلى عليه حكيم بن حزام أو
حويطب بن عبد العزى شك عبد الرحمن ثم أرادوا دفنه فقام رجل من بنى
مازن فقال لئن دفنتموه مع المسلمين لأخبرن الناس غدا فحملوه حتى أتوا به حش
كوكب فلما دلوه في قبره صاحت عائشة بنت عثمان فقال لها ابن الزبير أسكتي
فوالله لئن عدت لأضربن الذي فيه عينك فلما دفنوه وسووا عليه التراب قال لها
ابن الزبير صيحي ما بدا لك أن تصيحي قال مالك وكان عثمان قبل ذلك يمر بحش
كوكب فيقول ليدفن هاهنا رجل صالح. رواه الطبراني وقال الحش البستان،
ورجاله ثقات. وعن سهم بن حبيش وكان ممن شهد قتل عثمان قال فلما أمسينا
قلت لئن تركتم صاحبكم حتى يصبح مثلوا به فانطلق به إلى بقيع الغرقد فأمكنا له
من جوف الليل ثم حملناه وغشينا سواد من خلفنا فهبناهم حتى كدنا أن نتفرق
عنه فنادى مناد لا روع عليكم أثبتوا فانا جئنا نشهده معكم وكان ابن حبيش
يقول هم والله الملائكة. رواه الطبراني وفيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو
متروك. وعن فلفة الجعفي قال سمعت الحسن بن علي يقول رأيت النبي صلى الله
عليه وسلم في المنام متعلقا بالعرش ورأيت أبا بكر آخذا بحقوي (1) النبي صلى الله

(1) الحقو: معقد الإزار، ويسمى به الإزار للمجاورة، ويقال أيضا أخذ
بحقو فلان إذا استجار به.
95

عليه وسلم ورأيت عمر آخذا بحقوي أبى بكر ورأيت عثمان آخذا بحقوي عمر
ورأيت الدم ينصب من السماء إلى الأرض فحدث الحسن بهذا وعنده قوم من
الشيعة فقالوا وما رأيت عليا فقال الحسن ما كان أحد أحب إلى أن أراه آخذا
بحقوي رسول الله صلى الله عليه وسلم من على ولكنها رؤيا رأيتها فقال أبو مسعود إنكم لتحدثون عن الحسن بن علي في رؤيا رآها وقد كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم
في غزاة فأصاب الناس جهد حتى رأيت الكآبة في وجوه المسلمين والفرح في وجوه
المنافقين فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لا تغيب الشمس
حتى يأتيكم الله برزق فعلم عثمان ان الله ورسوله سيصدقان فاشترى عثمان أربع
عشرة راحلة بما عليها من الطعام فوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها بتسعة
فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ما هذا قالوا أهدى إليك عثمان قال فعرف الفرح في وجوه
المسلمين والكآبة في وجوه المنافقين فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد رفع يديه حتى رؤى
بياض إبطيه يدعو لعثمان دعاء ما سمعته دعا لأحد قبله اللهم اعط عثمان اللهم افعل
لعثمان. رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار وإسناده حسن. وعن الحسن
أيضا قال يا أيها الناس رأيت البارحة عجبا في منامي رأيت الرب تعالى فوق عرشه فجاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام عند قائمة من قوائم العرش فجاء أبو بكر فوضع
يده على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء عمر فوضع يده على منكب
أبى بكر ثم جاء عثمان فكان نبذه فقال رب سل عبادك فيما قتلوني قال فانبعث
من السماء ميزابان من دم في الأرض قال فقيل لعلى ألا ترى ما يحدث به الحسن
قال يحدث بما رأى، وفى رواية أن الحسن قال لا أقاتل بعد رؤيا رأيتها فذكر نحوه
الا أنه قال ورأيت عثمان واضعا يده على عمر ورأيت دماء دونهم فقلت ما هذا
قيل دماء عثمان يطلب الله به. رواه كله أبو يعلى باسنادين وفي أحدهما من لم
أعرفه وفى الآخر سفيان بن وكيع وهو ضعيف. وعن مسلم أبي سعيد مولى
عثمان بن عفان ان عثمان بن عفان أعتق عشرين عبدا مملوكا ودعا بسراويل
فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا اسلام وقال إني رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم البارحة في المنام وأبو بكر وعمر قالوا لي اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة
96

ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه فقتل وهو بين يديه. وراه عبد الله وأبو يعلي
في الكبير ورجالهما ثقات. وقد تقدمت لهذا طرق في الفتن. وعن قتادة قال صلى
الزبير على عثمان ودفنه وكان أوصى إليه. وراه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن
قتادة لم يدرك القصة. وعن زهدم الجرمي قال خطبنا ابن عباس فقال لو أن الناس
لم يطلبوا بدم عثمان لرجموا بالحجارة من السماء. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
ورجال الكبير رجال الصحيح. وعن عبد الله بن سعيد عن أبيه قال كنا جلوسا
عند علي بن أبي طالب وعن يمينه عمار بن ياسر وعن يساره محمد بن أبي بكر إذ
جاء غراب بن فلان الصدائي فقال يا أمير المؤمنين ما تقول في عثمان فبدره الرجلان
فقالا تسأل عن رجل كفر بالله من بعد إيمانه ونافق فقال الرجل لهما لست لكما
أسأل ولا إليكما جئت فقال له لست أقول ما قالا فقالا له جميعا فلم قتلناه إذا قال
ولى عليكم فأساء الولاية في آخر أيامه وجزعتم فأسأتم الجزع والله إني لأرجو أن أكون
أنا وعثمان كما قال الله عز وجل (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين).
رواه الطبراني وفيه عبد المنعم بن بشير ولا يحل الاحتجاج به. وعن أبي الأسود قال سمعت
طلق بن خشاف يقول وفدنا إلى المدينة لننظر فيما قتل عثمان فلما قدمنا مررنا ببعض آل
على وبعض آل الحسين بن علي وبعض أمهات المؤمنين فانطلقت حتى أتيت عائشة
فسلمت عليها فردت السلام وقالت من الرجل قلت من أهل البصرة قالت ومن
أي أهل البصرة قلت من بكر بن وائل فقالت ومن أي بكر بن وائل فقلت من
بنى قيس بن ثعلبة فقالت من آل فلان فقلت لها يا أم المؤمنين فيما قتل عثمان أمير
المؤمنين قالت قتل والله مظلوما لعن الله من قتله أقاد الله من ابن أبي بكر به
وساق الله إلى أعين بن تيم هوانا في بيته وأراق الله دماء ابني بديل على ضلاله
وساق الله إلى الأشتر سهما من سهامه فوالله ما من القوم رجل الا اصابته دعوتها.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير طلق وهو ثقة. وعن الحسن قال أخذ
الفاسق محمد بن أبي بكر في شعب من شعاب مصر فادخل في جوف حمار فأحرق.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن علقمة بن وقاص قال اجتمعنا في دار مخرمة
بعدما قتل عثمان نريد البيعة فقال أبو جهم بن حذيفة انا من بايعنا منكم فانا
97

لا نحول دون قصاص فقال عمار أما من دم عثمان فلا فقال أبو جهم الله يا ابن
سمية الله لتقادن من جلدات جلدتها ولا يقاد من دم عثمان قال فانصرفنا يومئذ
على غير بيعة. رواه الطبراني ورجاله وثقوا. وعن عمير بن رودي قال خطب
على الناس فقال يا أيها الناس انه والله ان لم يدخل النار الا من قتل عثمان
لا أدخلها ولئن لم يدخل الجنة الا من قتل عثمان لا أدخلها قال فلما نزل قيل له
تكلمت بكلمة فرقت بها عنك أصحابك فخطبهم فقال يا أيها الناس ألا ان الله عز وجل
قتل عثمان وأنا معه قال محمد بن سيرين كلمة قرشية لها وجهان، قال الطبراني كأنه
يعنى أن الله قتله وأنا معه مقتول. رواه الطبراني وفيه مجالد والأكثرون على
تضعيفه وعمير لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وبسنده قال خطبهم على
فقطعوا عليه خطبته فقال إنما وهنت يوم قتل عثمان وضرب لهم مثلا مثل ثلاثة
أثوار وأسد اجتمعوا في أجمة أسود واحمر وأبيض وكان الأسد إذا أراد واحدا
منهم اجتمعن عليه فامتنعن منه فقال الأسد للأسود والأحمر إنما يفضحنا في أجمتنا
هذه ويشهرنا هذا الأبيض فدعاني حتى آكله فلوني على لونكما ولونكما على لوني
فحمل عليه فلم يلبث أن قتله ثم قال للأسود إنما يفضحنا ويشهرنا في أجمتنا (1)
هذا الأحمر فدعني حتى آكله فلوني على لونك ولونك على لوني فحمل عليه فقتله
فقال للأسود انى آكلك قال دعني أصوت ثلاثة أصوات فقال الا إنما أكلت يوم
اكل الأبيض ألا إنما أكلت يوم أكل الأبيض ألا إنما أكلت يوم أكل الأبيض
الا إنما وهنت يوم قتل عثمان. رواه الطبراني باسناد الذي قبله. وعن مغيرة
قال خرج من الكوفة جرير وعدي بن حاتم وحنظلة الكاتب إلى قرسيسيا
وقالوا لا نقيم في بلدة يشتم فيها عثمان رضي الله عنه. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح الا أن مغيرة لم يسمع من الصحابة. وعن يحيى بن بكير قال
كانت الشورى فاجتمع الناس على عثمان لثلاث بقين من ذي الحجة سنة
ثلاث وعشرين وقتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس
وثلاثين وسنة ثمان وثمانون سنة وكان يصفر لحيته وكانت ولاية عثمان ثنتي عشرة

(1) الأجمة هنا: بيت الأسد.
98

سنة. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن قتادة أن عثمان قتل وهو ابن تسعين
أو ثمان وثمانين سنة. رواه أحمد والطبراني ورجاله إلى قتادة ثقات. وعن المسور بن مخرمة
قال كانت خلافة عثمان ثنتي عشرة سنة. رواه الطبراني واسناده حسن.
وعن الزبير بن بكار قال قتل عثمان بن عفان يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من
ذي الحجة سنة ست وثلاثين بعد العصر وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وكان
يومه صائما. رواه الطبراني. وعن أبي قلابة أن رجلا من قريش يقال له ثمامة
كان على صنعاء فلما جاءه قتل عثمان خطب فبكي بكاء سديدا فلما أفاق واستفاق قال
اليوم انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وصارت ملكا وجبرية من أخذ شيئا
غلب عليه، وفى رواية عن ثمامة بن عدي وكانت له صحبة. رواه الطبراني باسنادين
ورجال أحدهما رجال الصحيح قال الطبراني أنشدني أبو خليفة فقال أنشدنا أبو محمد
التوزي قال أبو خليفة وسألت الرياشي عنه فقال هو لحسان بن ثابت:
وتركتم غزو الدروب وجئتم * لقتال قوم عند قبر محمد
فلبئس هدى الصالحين هديتم * ولبئس فعل الجاهل المتعمد (1)
وأنشدنا أبو خليفة قال أنشدنا العباس بن الفضل الرياشي لليلى الأخيلية:
أبعد عثمان (2) ترجو الخير أمته * قد كان أفضل من يمشى على ساق
خليفة الله أعطاهم وخولهم * من كان من ذهب حلو وأوراق
فلا تكذب بوعد الله واتقه * ولا تكونن على شئ باشفاق
ولا تقولن لشئ سوف أفعله * قد قدر الله ما كان أمر ولاق
(باب فيمن قتل عثمان رضي الله عنه)
عن الزبير العوام قال قتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح رجلا من قريش صبرا (3)
ثم قال لا يقتل قرشي بعد هذا اليوم صبرا إلا رجلا قتل عثمان بن عفان فاقتلوه
فان لا تفعلوا تقتلوا قتل الشاة. رواه الطبراني في الأوسط والبزار باختصار وقالا
لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الاسناد، وفى إسناد الطبراني أبو خيثمة مصعب
ابن سعيد وفى إسناد البزار عبد الله بن شبيب وكلاهما ضعيف.

(1) في الأصل " العابد المتهجد "
(2) في الأصل " أبعد قتل عثمان ".
(3) القتل صبرا هو أن يمسك شئ من ذوات الروح حيا ثم يرمى بشئ حتى يموت.
99

* (باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه) *
* (باب نسبه) *
عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الناس من
شجر شتى وأنا وعلي من شجرة واحدة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من
لم أعرفه ومن اختلف فيه. وقال الطبراني: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم
ابن عبد المناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن
ملك يكنى أبا الحسن شهد بدرا، قال وحدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي
قال بلغني بنو هاشم أن أبا طالب اسمه عبد مناف بن عبد المطلب وعبد المطلب
اسمه شيبة بن هاشم وهاشم اسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي وقصي اسمه زيد،
وقال الزبير بن بكار أم علي بن أبي طالب فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف
ابن قصي ويقال انها أول هاشمية ولدت لهاشمي وقد أسلمت وهاجرت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وماتت ودفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمها فاطمة بنت هرم بن
رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر بن لؤي. رواه الطبراني وهو صحيح.
* (باب صفته رضي الله عنه) *
عن أبي إسحاق قال خرجت مع أبي إلى الجمعة وأنا غلام فلما خرج على
فصعد المنبر قال لي أبي قم أي عمر فانظر إلى أمير المؤمنين قال فقمت فإذا هو قائم على المنبر
فإذا هو أبيض اللحية والرأس عليه إزار ورداء ليس عليه قميص قال فما رأيته
جلس على المنبر حتى نزل عنه قلت لأبي إسحاق هل قنت قال لا، وفى رواية
لم أره خضب لحيته ضخم الرأس. رواه الطبراني بأسانيد ورجاله رجال الصحيح.
وعن شعبة قال سألت أبا إسحاق أنت أكبر من الشعبي قال الشعبي أكبر مني
بسنة أو سنتين قال ورأي أبو إسحاق عليا وكان يصفه لنا عظيم البطن أجلح، قال
شعبة وكان أبو إسحاق أكبر من أبى البختري ولم يدرك أبو البختري عليا ولم يره.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي رجاء العطاردي قال رأيت عليا سمتا
أصلع الشعر كأن بجانبه أهاب شاة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
100

وعن الشعبي قال رأيت عليا على المنبر أبيض اللحية قد ملأت ما بين منكبيه، زاد
يحيى بن سعيد في حديثه على رأسه زغيبات (1). رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن الواقدي قال يقال كان علي بن أبي طالب آدم ربعة مسمنا ضخم
المنكبين طويل اللحية أصلع عظيم البطن غليظ العينين أبيض الرأس واللحية.
رواه الطبراني ورجاله إلى الواقد ثقات. وعن أبي الطفيل قال ذكر لأبي
مسعود قول على فقال ألم تر إلى رأسه كالطست وإنما حوله كالحفاف (2). رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب في كنيته رضي الله عنه) *
عن أبي الطفيل قال جاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه نائم في التراب فقال إن
أحق أسمائك أبو تراب أنت أبو تراب. رواه الطبراني في الأوسط والكبير
ورجاله ثقات. وعن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى عليا رضي الله عنه بابي
تراب فكانت من أحب كناه إليه. رواه البزار ورواه أحمد وغيره في حديث
طويل يأتي في وفاته وقاتله، ورجال أحمد ثقات.
(باب اسلامه رضي الله عنه)
عن معقل بن يسار قال وضأت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل لك في فاطمة
نعود فقلت نعم فقام متوكئا فقال أما انه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك
قال فكأنه لم يكن على شئ حتى دخلنا على فاطمة عليها السلام فقال كيف تجدك
فقالت والله لقد اشتد حزني واشتدت فاقتي وطال سقمي، قال عبد الله وجدت في
كتاب أبى بخط يده في هذا الحديث قال اما ترضين ان أزوجك (3) أقدم أمتي
سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما. رواه أحمد والطبراني وفيه خالد بن طهمان وثقه
أبو حاتم وغيره، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي إسحاق أن عليا لما تزوج فاطمة

(1) اي شعرات خفيفات، والزغب هو الريش أول نبته.
(2) هو ان ينكشف الشعر عن وسط رأسه ويبقى ما حوله.
(3) في نسخة " زوجتك ".
101

قالت للنبي صلى الله عليه وسلم زوجتنيه أعيمش عظيم البطن فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد زوجتكه
وان لأول أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما. رواه الطبراني وهو
مرسل صحيح الاسناد. وعن أبي ذر وسلمان قالا أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد على
فقال إن هذا أول من آمن بي وهذا أول من يصافحني يوم القيامة وهذا
الصديق الأكبر وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل وهذا يعسوب (1)
المؤمنين والمال يعسوب الظالمين. رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده
وقال فيه أنت أول من آمن بي وقال فيه والمال يعسوب الكفار، وفيه عمرو بن
سعيد المصري وهو ضعيف. وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السبق ثلاثة
السابق إلى موسى يوشع بن نون والسابق إلى عيسى صاحب ياسين والسابق إلى محمد
صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه. رواه الطبراني وفيه حسين بن حسن
الأشقر وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور، وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح.
وعن سلمان قال أول هذه الأمة ورودا على نبيها صلى الله عليه وسلم أولها اسلاما علي بن أبي
طالب رضي الله عنه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال أول من
أسلم علي رضي الله عنه. رواه الطبراني وفيه عثمان الجزري ولم أعرفه، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن حبة العرني قال رأيت عليا عليه السلام يضحك
على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه حتى بدت نواجذه ثم قال ذكرت
قول أبى طالب ظهر علينا أبو طالب وانا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصلى ببطن
نخلة فقال مادا تصنعان يا ابن أخي فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام فقال ما بالذي
تصنعان بأس ولكن لا تعلوني إستي أبدا فضحك تعجبا لقول أبيه ثم قال اللهم
لا أعترف عبدا من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك ثلاث مرات لقد صليت قبل
أن يصلي الناس سبعا. رواه أحمد وأبو يعلى باختصار، والبزار والطبراني في
الأوسط واسناده حسن. وعن علي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين
وأسلمت يوم الثلاثاء. رواه أبو يعلى وفيه مسلم بن كيسان الملائي وقد اختلط.
وعن الحسن وغيره قال فكان أول من آمن علي بن أبي طالب وهو ابن خمس
عشرة أو ست عشرة سنة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عروة

(1) اليعسوب: السيد والرئيس.
102

ابن الزبير قال أسلم علي وهو ابن ثمان سنين. رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه
ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عفيف الكند وقال كنت امرأ تاجرا
فقدمت مكة فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبايع منه بعض التجارة وكان امرأ تاجرا
قال فوالله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه إذ نظر إلى السماء
فلما رآها مالت قام يصلي ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج ذلك الرجل
منه فقامت خلفه تصلى ثم خرج غلام حين ناهز الحلم من ذلك الخباء فقام معه يصلى قال
فقلت للعباس يا عباس ما هذا قال هذا محمد ابن أخي ابن عبد الله بن عبد المطلب
قال قلت من هذه المرأة قال هذه امرأته خديجة ابنة خويلد قال فقلت من هذا
الفتى قال هذا علي بن أبي طالب ابن عمه قال قلت فما هذا الذي يصنع قال يصلى
وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى وهو يزعم
أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر قال فكان عفيف وهو ابن عم الأشعث بن
قيس يقول وأسلم بعد فحسن اسلامه لو كان الله رزقني الاسلام يومئذ فأكون ثانيا
مع علي بن أبي طالب. رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والطبراني بأسانيد ورجال
أحمد ثقات، قلت ويأتي حديث ابن مسعود كذلك في مناقب خديجة. وعن أبي
رافع قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلت خديجة يوم الاثنين من آخر النهار
وصلي على يوم الثلاثاء فمكث على يصلى مستخفيا سبع سنين وأشهرا قبل ان يصلى
أحد. رواه الطبراني وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وعن علي قال
أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح غير حبة العرني وقد وثق. وعن زيد بن أرقم قال أول من صلى مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم على قال عمرو فذكرت ذلك لإبراهيم فأنكره وقال أبو بكر رضي الله عنه.
رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن أبي رافع
قال نبئ النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلاثاء. رواه البزار وفيه محمد
ابن عبيد الله بن أبي رافع وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات.
(باب قوله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه)
عن رباح الحارث قال جاء رهط إلى علي بالرحبة قالوا السلام عليك با مولانا فقال
103

كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم
يقول من كنت مولاه فهذا مولاه قال رباح فلما مضوا تبعتهم فقلت من هؤلاء قالوا
نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري. رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال
قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه، وهذا أبو أيوب بيننا فحسر أبو أيوب العمامة عن وجهه ثم قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه، ورجال أحمد ثقات. وعن عمرو ذي مر وزيد بن أرقم قالا خطب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم فقال من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من
والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأعن من أعانه قلت لزيد بن أرقم عند
الترمذي من كنت مولاه فعلى مولاه فقط رواه الطبراني وأحمد عن زيد وحده
باختصار إلا أنه قال في أوله نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بواد يقال له خم فأمر
بالصلاة فصلاها بهجير قال فخطب وظلل على رسول الله صلى الله عليه وسلم على شجرة من
الشمس فقال ألستم تعلمون أو ألستم تشهدون أنى أولى بكل مؤمن من نفسه
قالوا بلى فذكر نحوه، والبزار وفيه ميمون أبو عبد الله البصري وثقه ابن حبان
وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي الطفيل قال جمع على الناس في الرحبة
ثم قال لهم أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما
قال لما قام فقام إليه ثلاثون من الناس قال أبو نعيم فقام ناس كثير فشهدوا حين
أخذ بيده فقال أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى يا رسول الله قال من
كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فخرجت كأن في
نفسي شيئا فلقيت زيد بن أرقم فقلت له إني سمعت عليا يقول كذا وكذا قال فما
تنكر قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. رواه أحمد ورجاله
رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة. وعن سعيد بن وهب قال نشد علي عليه
السلام الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال من كنت مولاه فعلى مولاه. رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح. وعن عمرو بن ذي مر وسعيد بن وهب وعن زيد بن بثيع قالوا سمعنا
104

عليا يقول نشدت الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم
لما قام فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألست أولى بالمؤمنين
من أنفسهم قالوا بلى يا رسول الله قال فأخذ بيد على فقال من كنت مولاه فهذا
مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه (1) وأبغض من يبغضه
وانصر من نصره واخذل من خذله. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير فطر
ابن خليفة وهو ثقة (2). وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شهدت عليا في
الرحبة يناشد الناس أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في
يوم غدير خم من كنت مولاه فعلى مولاه لما قام فشهد قال عبد الرحمن فقام اثنا
عشر بدريا كأني انظر إلى أحدهم عليه سراويل فقالوا نشهد انا سمعنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم (3) ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي
أمهاتهم قلنا بلى يا رسول الله قال فمن كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه. رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا وعبد الله بن أحمد. وعن زيد بن
أرقم قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشجرات فقم (4) ما تحتها ورش ثم
خطبنا فوالله ما من شئ يكون إلى يوم الساعة إلا قد أخبرنا به يومئذ ثم قال
يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم قلنا الله ورسوله أولى بنا من أنفسنا قال فمن
كنت مولاه فهذا مولاه يعنى عليا ثم أخذ بيده فبسطها ثم قال اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه قلت روى الترمذي منه من كنت مولاه فعلى مولاه فقط رواه
الطبراني وفيه حبيب بن خلاد الأنصاري ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، ورواه
البزار ثم منه وفيه ميمون أبو عبد الله البصري وثقه ابن حبان وضعفه جماعة. وعن
داود بن يزيد الأودي عن أبيه قال دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع إليه الناس
فقام إليه شاب فقال أنشدك بالله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من
كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فقال إي أشهد أنى
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال

(1) في نسخة " يحبه ".
(2) فطر أخرج له خ أيضا ابن حجر.
(3) موضع بين مكة والمدينة تصب فيه عين هناك وبينهما مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم.
(4) أي كنس.
105

من والاه وعاد من عاداه. رواه أبو يعلى والبزار بنحوه والطبراني في الأوسط وفى أحد
إسنادي البزار رجل غير مسمى، وبقية رجاله ثقات في الآخر، وفى اسناد أبي
يعلى داود بن يزيد وهو ضعيف. وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
رواه الطبراني وفيه عمر بن شبيب المسلي وهو ضعيف. وعن زيد بن أرقم قال
نشد على الناس أنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه فقام اثنا عشر بدريا فشهدوا بذلك وكنت فيمن كتم
فذهب بصرى. رواه الطبراني في الكبير والأوسط خاليا من ذهاب البصر
والكتمان ودعاء على، وفى رواية عنده وكان على دعا على من كتم، ورجال
الأوسط ثقات. وعن ملك بن الحويرث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلى
مولاه. رواه الطبراني ورجاله وثقوا. وعن حبشي بن جنادة قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من
والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأعن من أعانه. رواه الطبراني ورجاله
وثقوا. وعن جرير قال شهدنا الموسم في حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبلغنا مكانا يقال له غدير خم فنادى الصلاة جامعة فاجتمعنا المهاجرون والأنصار
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا فقال أيها الناس بم تشهدون قالوا نشهد أن لا إله إلا
الله قال ثم مه قالوا وأن محمدا عبده ورسوله قال فمن وليكم قالوا الله ورسوله
مولانا قال من وليكم ثم ضرب بيده إلى عضد علي رضي الله عنه فأقامه فنزع
عضده فاخذ بذراعيه فقال من يكن الله ورسوله مولاه فان هذا مولاه اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه اللهم من أحبه من الناس فكن له حبيبا ومن أبغضه
فكن له مبغضا اللهم إني لا أجد أحدا أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين
غيرك فاقض له بالحسنى، قال بشر قلت من هذين العبدين الصالحين قال لا أدري.
رواه الطبراني وفيه بشر بن حرب وهو لين ومن لم أعرفه أيضا. وعن زياد بن
أبي زياد قال سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال أنشد الله رجلا مسلما
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام فقام اثنا عشر بدريا فشهدوا.
106

رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن نذير قال سمعت عليا يقول يوم الجمل لطلحة
أنشدك الله يا طلحة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم وال من والاه وعاد من
عاداه قال بلى فذكر وانصرف. رواه البزار ونذير تفرد عنه ابنه. وعن سعد بن
أبي وقاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ بيد على فقال ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم
من كنت وليه فعلى (1) وليه. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن سعيد بن وهب
عن زيد بن بثيغ (2) قال نشد علي عليه السلام الناس في الرحبة من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول يوم غدير خم لما قام (3) قال فقام من قبل سعيد ستة ومن قبل زبد سبعة
فشهدوا انهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم لعلى أليس انا أولى
بالمؤمنين قالوا بلى قال اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه. رواه عبد الله والبزار بنحوه أتم منه وقال عن سعيد بن
وهب لا عن زبد بن يثيغ كما هنا وقال عبد الله عن سعيد بن وهب عن زيد بن
يثيغ والظاهر أن الواو سقطت والله أعلم، واسنادهما حسن. وعن علي ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم من كنت مولاه فعلى مولاه قال وزاد الراوون
بعد وال من والاه وعاد من عاداه. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن زيد بن
أرقم قال استشهد علي رضي الله عنه الناس فقال أنشد الله عز وجل رجلا سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
قال فقام ستة عشر فشهدوا. رواه أحمد وفيه أبو سليمان ولم أعرفه الا ان يكون
بشير بن سلمان فإن كان هو فهو ثقة: وبقية رجاله ثقات (4). وعن زادان أبى
عمر قال شهدت عليا في الرحبة وهو ينشد الناس من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
غدير خم وهو يقول ما قال فقام ثلاثة عشر فشهدوا ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم غدير خم قال من كنت مولاه فعلى مولاه. رواه أحمد وفيه من لم
أعرفهم. وعن حميد بن عمارة قال سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
وهو آخذ بيد على من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من

(1) في نسخة " فان عليا ".
(2) في الأصل " يثيغ " وهو غلط.
(3) في نسخة " إلا قام ".
(4) أبو سلمان هو زيد بن وهب كما وقع عند الطبراني ابن حجر.
107

عاداه. رواه البزار وحميد لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وعن ابن عباس ان
النبي صلى الله عليه وسلم قال من كنت مولاه فعلى مولاه. رواه البزار في أثناء حديث
ورجاله ثقات. وعن عميرة بنت سعد قالت شهدت عليا على المنبر ناشد أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
ما قال فيشهد فقام اثنا عشر رجلا منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن
مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم
وال من والاه وعاد من عاداه. رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفى اسناده
لين. وعن عمير بن سعد أن عليا جمع الناس في الرحبة وأنا شاهد فقال أنشد الله
رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه فقام ثمانية عشر رجلا
فشهدوا أنهم سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن
وعن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه. رواه
الطبراني في الأوسط وفى اسناده مختلف فيهم. وعن مالك بن الحويرث قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه. رواه الطبراني ورجاله وثقوا وفيهم
خلاف. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيد على
فقال هذا وليي وانا وليه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه المعلى بن عرفان وهو
متروك. وعن بريدة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فاستعمل علينا عليا فلما
جئنا قال كيف رأيتم صاحبكم فاما شكوته واما شكاه غيري قال فرفع رأسه وكنت
رجلا مكبابا فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد احمر وجهه يقول من كنت وليه فعلى وليه فقلت
لا أسؤك فيه ابدا. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن زياد بن مطرف
عن زيد بن أرقم وربما لم يذكر زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب
ان يحيا حياتي ويموت مماتي (1) ويسكن جنة الخلد الذي وعدني ربي عز وجل غرس
قضبانها بيده فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم
في ضلالة. رواه الطبراني وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف. وعن عمار بن
ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي

(1) في نسخة " موتى ".
108

طالب من تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل ومن أحبه فقد
أحبني ومن أحبني فقد أحب الله تعالى ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد
أبغض الله عز وجل. رواه الطبراني باسنادين أحسب فيهما (1) جماعة ضعفاء وقد وثقوا.
وعن وهب بن حمزة قال صحبت عليا إلى مكة فرأيت منه بعض ما أكره فقلت
لئن رجعت لأشكونك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدمت لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت رأيت من على كذا وكذا فقال لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي. رواه
الطبراني وفيه دكين ذكره ابن أبي حاتم ولم يضعفه أحد، وبقية رجاله وثقوا.
(باب منزلته رضي الله عنه)
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى أنت منى بمنزلة هارون
من موسى الا انه نبي بعدي. وراه أحمد والبزار الا أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لعلي في غزوة تبوك خلفتك في أهلي قال على يا رسول الله انى أكره ان تقول
العرب خذل ابن عمه وتخلف عنه قال اما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من
موسى الا انه لا نبي بعدي، وفيه عطية العوفي وثقه ابن معين وضعفه احمد وجماعة،
وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. وعن أسماء بنت عميس ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه ليس بعدي نبي.
رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير فاطمة بنت على وهي ثقة.
وعن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي أما ترضى أن تكون منى بمنزلة
هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. رواه أبو يعلى والطبراني وفى اسناد أبي
يعلى محمد بن سلمة بن كهيل وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح،
وقال عن عامر بن سعد عن أبيه وعن أم سلمة، وقال الطبراني عن عامر بن سعد
عن أبيه عن أم سلمة فالله اعلم. وعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي
أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. رواه
البزار والطبراني إلا أنه قال أنت مني بمنزلة هارون، ورجال البزار رجال الصحيح
غير أبى بلج الكبير وهو ثقة. وعن حبشي بن جنادة السلولي قال قال رسول الله

(1) في الأصل " أحسبهما فيه ".
109

صلى الله عليه وسلم لعلي أنت منى بمنزلة هارون من موسى ألا انه لا نبي بعدي. رواه الطبراني
في الثلاثة وفيه عبد الغفار بن القاسم وهو متروك. وعن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال لعلي اما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي
ولا وراثة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفى اسناد الكبير يحيى بن يعلى
الأسلمي وهو ضعيف، وفى الأوسط عبد الغفور وهو متروك. وعن علي أن النبي
صلى الله عليه وسلم أراد غزوا فدعا جعفرا فأمره ان يتخلف على المدينة فقال لا أتخلف بعدك
ابدا فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني فعزم على لما تخلفت قبل ان أتكلم فبكيت
قال ما يبكيك قلت يبكيني خصال غير واحدة تقول قريش غدا ما أسرع ما تخلف
عن ابن عمه وخذله وتبكيني خصلة أخرى كنت أريد ان أتعرض للجهاد في سبيل
الله لان الله عز وجل يقول (ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو
نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع اجر المحسنين) فكنت أريد
ان أتعرض للاجر وتبكيني خصلة أخرى كنت أريد ان أتعرض لفضل الله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اما قولك تقول قريش ما أسرع ما تخلف عن ابن عمه وخذله فان
لك بي أسوة قد قالوا ساحر وكاهن وكذاب واما قولك أتعرض للاجر من الله أما
ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأما قولك أتعرض
لفضل الله فهذان بهاران من فلفل جاءنا من اليمن فبعه واستمتع به أنت وفاطمة حتى يأتيكما
الله من فضله. رواه البزار وفيه حكيم بن جبير وهو متروك. وعن علي قال وجعت
وجعا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأقامني في مكانه وقام يصلي وألقى علي طرف ثوبه ثم
قال قد برئت يا ابن أبي طالب لا بأس عليك ما سألت الله شيئا إلا سألت لك مثله
ولا سألت الله عز وجل شيئا إلا أعطانيه غير أنه قيل لي لا نبي بعدك. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه من اختلف فيهم. وعن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال خلفتك أن تكون
خليفتي قال أتخلف عنك يا رسول الله قال الا ترضى أن تكون منى بمنزلة
هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال
الصحيح. وعن جابر يعني ابن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعلى أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. رواه الطبراني
110

وفيه ناصح الحائك وهو متروك. وعن أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. رواه
الطبراني وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف. وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي حين أراد ان يغزو انه لا بد من أن
أقيم أو تقيم فخلفه فقال ناس ما خلفه إلا شئ كرهه فبلغ ذلك عليا فأتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فتضاحك ثم قال يا علي اما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من
موسى إلا أنه ليس نبي بعدي. رواه الطبراني باسنادين في أحدهما ميمون
أبو عبد الله البصري وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لام سلمة هذا علي بن أبي طالب لحمه
لحمي ودمه دمي فهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. رواه
الطبراني وفيه الحسن بن الحسين العرني وهو ضعيف.
* (باب منه في منزلته ومؤاخاته) *
عن ابن عباس قال لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين
والأنصار فلم يؤاخ ين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين أحد منهم خرج
على مغضبا حتى أتى جدولا فتوسد ذراعه فسفت عليه الريح فطلبه النبي صلى الله عليه وسلم
حتى وجده فوكزه برجله فقال له قم صلحت أن تكون الا أبا تراب
أغضبت على حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم
أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه ليس بعدي نبي ألا من
أحبك حف بالأمن والايمان ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية وحوسب بعمله
في الاسلام. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه حامد بن آدم المروزي
وهو كذاب. وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب على باب
الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله على أخو النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق الخلق (1)
بألفي سنة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه أشعث ابن عم الحسن بن صالح وهو
ضعيف ولم أعرفه، ويأتي حديث في المؤاخاة بين الصحابة في مناقب جماعة

(1) في نسخة " قبل ان يخلق السماوات والأرض ".
111

من الصحابة رضي الله عنهم. وعن أبي أمامة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين
الناس وآخى بينه وبين علي رضي الله عنه. رواه الطبراني من طريق بشر بن
عون وهو ضعيف. وعن شراحيل بن مرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لعلى ابشر يا علي حياتك معي وموتك معي. رواه الطبراني واسناده حسن.
وعن ابن عباس قال لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم عليا فاطمة قالت فاطمة يا رسول الله
زوجتني من رجل فقير ليس له شئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفما ترضين يا فاطمة
ان الله اختار من أهل الجنة رجلين أحدهما أباك والآخر زوجك. رواه
الطبراني من رواية إبراهيم بن الحجاج عن عبد الرزاق قال الذهبي إبراهيم هذا
لا يعرف، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه باسناد آخر ضعيف. وعن ابن عباس
قال ما انزل الله (يا أيها الذين آمنوا) الا على أميرها وشريفها ولقد عاتب الله أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم في غير مكان وما ذكر عليا الا بخير. رواه الطبراني وفيه عيسى بن راشد
وهو ضعيف. وعن جميع بن عمير أن أمه وخالته دخلتا على عائشة فذكر الحديث
إلى أن قال قالتا فأخبرينا عن علي قالت عن أي شئ تسألن عن رجل وضع من رسول
الله صلى الله عليه وسلم موضعا فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه واختلفوا في
دفنه فقال إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه قالتا فلم خرجت عليه قالت
أمر قضى ووددت ان أفديه ما على الأرض من شئ. رواه أبو يعلى وفيه جماعة
مختلف فيهم وأم جميع وخالته لم أعرفهما. وعن أم سلمة قالت والذي احلف به
إن كان على لأقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
غداة بعد غداة يقول جاء على مرارا قالت وأظنه كان بعثه في حاجة قالت فجاء
بعد فظننت أن له إليه حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند البيت وكنت من أدناهم إلى الباب
فأكب عليه على فجعل يساره ويناجيه ثم قبض صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك وكان أقرب الناس
به عهدا. رواه أحمد وأبو يعلى الا أنه قال فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض
في بيت عائشة، والطبراني باختصار ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة.
* (باب فيما أوصى به رضي الله عنه) *
عن ذؤيب ان النبي صلى الله عليه وسلم لما حضر قالت صفية يا رسول الله لكل امرأة من
112

نسائك أهل تلجأ إليهم وانك أجليت أهلي فان حدث حدث فإلى من قال إلى
علي بن أبي طالب. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال
كنا نتحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى علي سبعين عهدا لم يعهدها إلى غيره. رواه
الطبراني في الصغير وفيه من لم أعرفهم. وعن علي قال لما نزلت هذه الآية (وأنذر
عشيرتك الأقربين) قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بيته فاجتمع
له ثلاثون رجلا فأكلوا وشربوا قال فقال لهم من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون
معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي فقال رجل لم يسمه شريك يا رسول الله أنت كنت
بحرا من يقوم بهذا قال ثم قال لآخر فعرض ذلك على أهل بيته فقال علي أنا. رواه
أحمد وإسناده جيد، وقد تقدمت لهذا الحديث طرق في علامات النبوة في آيته
في الطعام. وعن جابر بن عبد الله قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد
المطلب فقال اضمن عنى ديني ومواعيدي قال لا أطيق ذلك فوقع به ابنه عبد الله بن
عباس فقال فعل الله بك من شيخ يدعوك رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقضى عنه دينه ومواعيده
فقال دعني عنك فان ابن أخي يبارى الريح فدعا عليا بن أبي طالب فقال اضمن
عنى ديني ومواعيدي فقال نعم هي على فضمنها عنه فلما قدم على أبى بكر مال قال
هذا مال الله وما أفاء الله على المسلمين فحق ما قضى عن نبيه صلى الله عليه وسلم فدعا الناس فقال
من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دين أو موعود فليأخذ وكان فيمن جاء جابر فقال
قد قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءنا مال حثونا لك (1) هكذا وهكذا فقال له
خذ كما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ ثلاث حثيات (2) كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت في الصحيح منه عدة جابر بنحوها رواه البزار وفيه إسماعيل بن يحيى بن
سلمة وهو متروك. وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على يقضى ديني. رواه
البزار وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف. وعن سلمان قال قلت يا رسول الله إن
لكل نبي وصيا فمن وصيك فسكت عنى فلما كان بعد رآني فقال يا سلمان فأسرعت
إليه قلت لبيك قال تعلم من وصى موسى قال نعم يوشع بن نون قال لم قلت لأنه كان
أعلمهم يومئذ قال فان وصيي وموضع سرى وخير من أترك بعدي وينجز عدتي

(1) أي أعطيناك، والحثية: الغرفة باليد.
(2) في نسخة " حفنات ".
113

ويقضى ديني علي بن أبي طالب. رواه الطبراني وقال وصيي أنه أوصاه بأهله لا
بالخلافة وقوله وخير من أترك بعدي من أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وفى إسناده ناصح بن
عبد الله وهو متروك.
* (باب في علمه رضي الله عنه) *
قد تقدم في اسلامه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة أما ترضين ان زوجتك أقدم
أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما. رواه أحمد والطبراني برجال وثقوا.
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد العلم
فليأته من بابه. رواه الطبراني وفيه عبد السلام بن صالح الهروي وهو ضعيف.
* (باب فتح بابه الذي في المسجد) *
عن زيد بن أرقم قال كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة
في المسجد قال فقال يوما سدوا هذه الأبواب إلا باب على قال فتكلم أناس في
ذلك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وقال أما بعد فاني أمرت (1)
بسده هذه الأبواب إلا باب (2) على فقال فيه قائلكم وإني والله ما سددت شيئا
ولا فتحته ولكني أمرت بشئ فاتبعته. رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه
ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن الرقيم
الكناني قال خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك بها فقال أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب على. رواه أحمد
وأبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط وزاد قالوا يا رسول الله سددت أبوابنا
كلها الا باب على قال ما أنا سددت أبوابكم ولكن الله سدها، وإسناد أحمد حسن.
وعن علي بن أبي طالب قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال إن موسى سأل
ربه أن يظهر مسجده بهارون وإني سألت ربى أن يظهر مسجدي بك وبذريتك
ثم أرسل إلى أبى بكر أن سد بابك فاسترجع ثم قال سمع وطاعة فسد بابه ثم أرسل
إلى عمر ثم أرسل إلى العباس بمثل ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا

(1) في نسخة " قد أمرت ".
(2) في نسخة " غير باب ".
114

سددت أبوابكم وفتحت باب على ولكن الله فتح باب على وسد أبوابكم.
رواه البزار، وفى اسناده من لم أعرفه. وعن علي قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم انطلق فمرهم فليسدوا أبوابهم فانطلقت فقلت لهم ففعلوا الا حمزة فقلت
يا رسول الله قد فعلوا الا حمزة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل لحمزة فليحول بابه فقلت
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تحول بابك فحوله فرجعت إليه وهو قائم يصلى
فقال ارجع إلى بيتك. رواه البزار وفيه ضعفاء وقد وثقوا. وعن العلاء بن
العرار قال سئل ابن عمر عن علي وعثمان فقال أما على فلا تسئلوا عنه انظروا إلى
منزله من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه وأما عثمان فإنه
أذنب يوم التقى الجمعان ذنبا عظيما فعفا الله عنه وأذنب فيكم ذنبا دون ذلك
فقتلتموه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه. وعن جابر بن سمرة قال
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي رضي الله عنه فقال العباس
يا رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج قال ما أمرت بشئ من ذلك
فسدها كلها غير باب على قال وربما قال مر وهو جنب. رواه الطبراني وفيه ناصح بن
عبد الله وهو متروك. وعن ابن عباس قال لما أخرج أهل المسجد وترك عليا
قال الناس في ذلك فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي ولا أنا
تركته ولكن الله أخرجكم وتركه إنما أنا عبد مأمور ما أمرت به فعلت إن
أتبع إلى ما يوحى إلى. رواه الطبراني وفيه جماعة اختلف فيهم. وعن محمد بن علي
عن إبراهيم بن سعد عن أبيه، وعن محمد بن علي مرسلا قال كان قوم عند
النبي صلى الله عليه وسلم فجاء على فلما دخل على خرجوا فلما خرجوا تلاوموا فقال
بعضهم لبعض والله ما أخرجنا فارجعوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله ما أدخلته
وأخرجتكم ولكن الله أدخله وأخرجكم. رواه البزار ورجاله ثقات.
* (باب ما يحل له في المسجد) *
عن خارجة بن سعد عن أبيه سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى لا يحل
لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك. رواه البزار وخارجة لم
أعرفه، وبقية رجاله ثقات
115

(باب في أفضليته رضي الله عنه)
عن عبد الله يعنى ابن مسعود قال كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة على
ابن أبي طالب. رواه البزار وفيه يحيى بن السكن وثقه ابن حبان وضعفه صالح
جزرة، وبقية رجاله ثقات. وعنه قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة
وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب قلت هو في الصحيح خلا من
قوله وختمت إلى آخره رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفه. وعن أنس
ابن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سيد العرب قالوا أنت يا رسول الله فقال أنا سيد
ولد آدم وعلى سيد العرب. رواه الطبراني في الأوسط وفيه خاقان بن عبد الله
ابن الأهيم ضعفه أبو داود.
* (باب مراعاته رضي الله عنه) *
عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غضب لم يجترئ أحد أن يكلمه
إلا على. رواه الطبراني في الأوسط وسقط منه التابعي وفيه حسين بن حسن
الأشقر وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور، وبقية رجاله وثقوا.
* (باب إجابة دعائه رضي الله عنه) *
عن زادان أن عليا حدث بحديث فكذبه رجل فقال له على أدعو عليك
ان كنت كاذبا قال ادعو فدعا عليه فلم يبرح حتى ذهب بصره. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه عمار الحضرمي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب تزويجه بفاطمة رضي الله عنها) *
يأتي في فضل فاطمة.
* (باب بشارته بالجنة) *
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع عليكم من تحت هذا
الصور (1) رجل من أهل الجنة قال فطلع أبو بكر فهنأناه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) الصور: الجماعة من النخل.
116

ثم لبث هنيهة ثم قال يطلع من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة فطلع عمر فهنأناه
فما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يطلع من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة
اللهم إن شئت جعلته عليا ثلاث مرات قال فطلع على، وفى رواية اللهم اجعله عليا.
رواه أحمد وإسناده حسن. وعن ابن مسعود قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فدخل علي بن أبي طالب فسلم وصعد. رواه
الطبراني باسنادين وكلاهما ضعيف. وعن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده
قال أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله يحب من أصحابك ثلاثة فأحبهم
علي بن أبي طالب وأبو ذر والمقداد بن الأسود قال فأتاه جبريل فقال يا محمد إن
الجنة لتشتاق إلى ثلاثة من أصحابك وعنده أنس بن مالك فرجا أن يكون لبعض
الأنصار قال فأراد أن يسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فهابه فخرج فلقى
أبا بكر فقال يا أبا بكر إني كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا فأتاه جبريل فقال
إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة من أصحابك فرجوت أن يكون لبعض الأنصار فهبته
أن أسأله فهل لك أن تدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أخاف أن أسئله فلا
أكون منهم ويسبني قومي ثم لقى عمر بن الخطاب فقال له مثل قول أبى بكر قال فلقى
عليا فقال له على نعم إن كنت منهم أحمد الله وإن لم أكن منهم أحمد الله فدخل
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أنسا حدثني أنه كان عندك آنفا وان جبريل أتاك فقال
يا محمد إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة من أصحابك فمن هم يا نبي الله قال أنت منهم يا علي
وعمار بن ياسر وسيشهد معك مشاهد بين فضلها عظيم خيرها وسلمان منا أهل
البيت وهو ناصح فاتخذه لنفسك. رواه أبو يعلى وفيه النضر بن حميد الكندي
وهو متروك. وعن أنس قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله تبارك وتعالى
يحب ثلاثة من أصحابك يا محمد ثم أتاه فقال يا محمد إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة
من أصحابك قال أنس فأردت أن أسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهبته فلقيت أبا بكر
فقلت يا أبا بكر إني كنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وان جبريل صلى الله عليه وسلم قال يا محمد
إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة فعلك أن تكون منهم ثم لقيت عمر بن الخطاب فقلت له مثل ذلك
ثم لقيت علي بن أبي طالب فقلت له كما قلت لأبي بكر وعمر فقال على أنا أسئله إن
117

كنت منهم حمدت الله تبارك وتعالى وإن لم أكن منهم حمدت الله تبارك وتعالى
فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أنسا حدثني أن
جبريل صلى الله عليه وسلم أتاك فقال إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة من أصحابك فان
كنت منهم حمدت الله تبارك وتعالى وان لم أكن منهم حمدت الله عز وجل فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت منهم أنت منهم وعمار بن ياسر وسيشهد مشاهد
بين فضلها عظيم اجرها وسلمان منا أهل البيت فاتخذه صاحبا قلت روى الترمذي
منه طرفا رواه البزار وفيه النضر بن حميد الكندي وهو متروك. وعن علي
ابن أبي طالب قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي ونحن نمشي في
بعض سكك المدينة إذ اتينا على حديقة فقلت يا رسول الله ما أحسنها من حديقة
فقال إن لك في الجنة أحسن منها ثم مررنا بأخرى فقلت يا رسول الله ما
أحسنها من حديقة قال لك في الجنة أحسن منها حتى مررنا بسبع حدائق كل ذلك
أقول ما أحسنها ويقول لك في الجنة أحسن منها فلما خلالي الطريق اعتنقني ثم أجهش
باكيا قلت يا رسول الله ما يبكيك قال ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك الا
من بعدي قال قلت يا رسول الله في سلامة من ديني قال في سلامة من دينك.
رواه أبو يعلى والبزار وفيه الفضل بن عميرة وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية
رجاله ثقات. وعن ابن عباس قال خرجت انا والنبي صلى الله عليه وسلم وعلى
في حشان (1) المدينة فمررنا بحديقة فقال على ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله
فقال حديقتك في الجنة أحسن منه ثم أومأ بيده إلى رأسه ثم بكى حتى
علا بكاؤه قلت ما يبكيك قال ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني.
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم ومندل أيضا فيه ضعف. وعن عمرو بن الحمق
قال هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا انا عنده ذات يوم قال لي يا عمرو هل
أريك دابة الجنة تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشى في الأسواق قال قلت بلى بأبي
أنت قال هذا دابة الجنة وأشار إلى علي بن أبي طالب. رواه الطبراني وفيه جماعة
ضعفاء. وعن سلمى امرأة أبى رافع انها قالت انى لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) الحش: البستان.
118

بالأسواف (1) فقال ليطلعن عليكم رجل من أهل الجنة إذ سمعت الخشفة (2)
فإذا علي بن أبي طالب. رواه الطبراني وفيه محمد بن الفضل الرافعي ذكره ابن أبي
حاتم ولم يجرحه، وبقية رجاله وثقوا وفى بعضهم خلاف.
* (باب النظر إليه رضي الله عنه) *
عن عبد الله يعنى ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال النظر إلى علي
عبادة. رواه الطبراني وفيه أحمد بن بديل اليامي وثقه ابن حبان وقال مستقيم الحديث،
وابن أبي حاتم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن طليق بن محمد
قال رأيت عمران بن الحصين يحد النظر إلى علي فقيل له فقال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول النظر إلى عبادة. رواه الطبراني وفيه عمران بن
خالد الخزاعي وهو ضعيف. * (باب جامع في مناقبه رضي الله عنه) *
عن عمرو بن ميمون يعنى الأودي قال إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه
سبعة رهط فقالوا له يا ابن عباس اما أن تقوم معنا واما ان يخلونا هؤلاء قال فقال
ابن عباس بل أقوم معكم وهو يومئذ صحيح قبل ان يعمى قال فانتبذوا فتحدثوا
فلا أدري ما قالوا قال فجاء ينفض ثوبه ويقول أف وتف وقعوا في رجل قال
له النبي صلى الله عليه وسلم لأبغين رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله
فاستشرف لها من استشرف قال أين على قالوا في الرحل يطحن قال وما كان أحدكم
ليطحن قال فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر قال فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا
فأعطاها إياه قال فجاء بصفية بنت حي قال فبعث فلانا بسورة التوبة فبعث عليا
خلفه فأخذها منه قال لا يذهب بها الا رجل منى وأنا منه قال وقال لبني عمه
أيكم يواليني في الدنيا والآخر فأبوا فقال على أنا أواليك في الدنيا والآخرة
قال وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة قال وأخذ رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثوبه فوضعه على على وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم وقال (إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال وسرى علي

(1) موضع في المدينة.
(2) الخشفة: الحس والحركة، وقيل الصوت.
119

نفسه لبس ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه وكان المشركون يرمون
رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر وعلى نائم قال وأبو بكر يحسب أنه
نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله فقاله له على أن نبي الله صلى الله عليه وسلم
قد انطلق نحو بئر ميمونة فأدركه فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار قال وجعل على
يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتضور (1) قد لف
رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف رأسه فقالوا إنك للئيم كان صاحبك نرميه
لا يتضور وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك قال وخرج بالناس في غزوة تبوك
قال فقال له على أخرج معك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا فبكى على فقال له
الا أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي إنه لا ينبغي
ان اذهب الا وأنت خليفتي وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت ولى
كل مؤمن بعدي قال وسد أبواب المسجد غير باب علي قال فيدخل المسجد وهو جنب
وهو طريقه ليس له طريق غيره قال وقال من كنت مولاه فعلى مولاه قال
وأخبرنا الله انه قد رضى عنهم عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم هل
حدثنا انه سخط عليهم بعد قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعمر حين قال ائذن لي فلأضرب عنقه قال وكنت فاعلا وما يدريك لعل الله اطلع
إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم. رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار
ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبى بلج الفزاري وهو ثقة وفيه لين وعن ابن
عباس قال كانت لعلى ثماني عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه حكيم بن جبير وهو ضعيف. وعن ابن عمر قال كنا نقول في زمن
رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر
ثم عمر ولقد أوتى ابن أبي طالب ثلاث خصال لان يكون واحدة منهن أحب
إلى من حمر النعم زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له وسد الأبواب الا بابه
في المسجد وأعطاه الراية يوم خيبر. رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.
وعن أبي هريرة قال قال عمر بن الخطاب لقد أعطى علي بن أبي طالب ثلاث خصال
لان يكون لي خصلة منها (2) أحب إلى من أن أعطى حمر النعم قيل وما هي

(1) التضور: التلوي والتقلب ظهرا لبطن.
(2) في نسخة " واحدة ".
120

يا أمير المؤمنين قال تزويجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكناه المسجد
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل فيه ما يحل له والراية يوم خيبر. رواه أبو
يعلى في الكبير وفيه عبد الله بن جعفر بن نجيح وهو متروك. وعن عبد الله بن
عكيم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى أوحى إلى في علي ثلاثة
أشياء ليلة أسرى بي أنه سيد المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين. رواه الطبراني
في الصغير وفيه عيسى بن سوادة النخعي وهو كذاب. قلت وتأتي أحاديث جامعة في
باب من يحبه وغير ذلك. وعن أبي الحمراء قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي
باب على وفاطمة ستة أشهر فيقول إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا. رواه الطبراني وفيه أبو داود الأعمى وهو كذاب. وعن أبي
الحمراء خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
لما أسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت في ساق العرش مكتوبا لا أله إلا
الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته. رواه الطبراني وفيه عمرو بن ثابت وهو
متروك. وعن عمار بن ياسر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى
الله زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إليه منها وهي زينة الأبرار الزهد في
الدنيا جعلك لا تملك من الدنيا شيئا وجعلها لا تنال منك شيئا ووهب لك حب
المساكين. رواه الطبراني وفيه عمرو بن جميع وهو متروك. وعن ابن عمر قال
بينا انا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل بالمدينة ونحن نطلب عليا إذ انتهينا
إلى حائط (1) فنظرنا إلى علي وهو نائم في الأرض وقد اغبر فقال لا ألوم الناس يكنونك
أبا تراب فلقد رأيت عليا تغير وجهه واشتد ذلك عليه فقال ألا أرضيك يا علي قال بلى
يا رسول الله قال أنت أخي ووزيري تقضى ديني وتنجز موعدي (2) وتبرئ ذمتي فمن
أحبك في حياة منى فقد نحبه ومن أحبك في حياة منك بعدي ختم الله له
بالأمن والايمان وآمنه يوم الفزع ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية
يحاسبه الله بما عمل في الاسلام. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن علي قال
طلبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدني في جدول نائما فقام قم ما ألوم الناس

(1) أي بستان.
(2) في نسخة " موعودي ".
121

يسمونك أبا تراب قال فرآني كأني وجدت في نفسي من ذلك فقال لي والله
لأرضينك أنت أخي وأبو ولدي تقاتل عن سنتي وتبرئ ذمتي من مات في عهدي
فهر كنز الله ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله
له بالأمن والايمان ما طلعت شمس أو غربت ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية
وحوسب بما عمل في الاسلام. رواه أبو يعلى وفيه زكريا الأصبهاني وهو ضعيف.
* (باب اكتحاله بريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفايته الرمد والحر والبرد) *
عن علي قال ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي
وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية. رواه أبو يعلى واحمد باختصار ورجالهما
رجال الصحيح غير أم موسى وحديثها مستقيم. وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال
خرج علينا علي بن أبي طالب في الحر الشديد وعلى ثياب الشتاء وخرج علينا في
الشتاء وعليه ثياب الصيف ثم دعا بما نشد به ثم مسح العرق عن جبهته نم رجع إلى بيته
فقلت لأبي يا أبتاه اما رأيت ما صنع أمير المؤمنين خرج علينا في الشتاء عليه ثياب
الصيف وخرج علينا في الصيف وعليه ثياب الشتاء فقال أبو ليلى ما فطنت فأخذ بيد
ابنه فأتى عليا فقال له الذي صنع فقال له على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
بعثني وانا أرمد فبزق في عيني ثم قال افتح عيني ففتحتهما فما اشتكيتهما حتى الساعة
ودعا لي فقال اللهم أذهب عنه الحر والبرد فما وجدت حرا ولا بردا حتى يومى
هذا. رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وفى رواية أخرى عنده عن سويد
ابن غفلة قال لقينا عليا وعليه ثوبان في الشتاء فقلنا لا تغتر بأرضنا هذه فان أرضنا هذه
مقرة ليست مثل أرضك قال فاني كنت مقرورا فلما بعثني رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى خيبر قلت انى أرمد فتفل في عيني فما وجدت حرا ولا بردا ولا رمدت
عيناي. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
كحل عين علي بريقه. رواه الطبراني وفيه المعلى بن عرفان وهو متروك.
* (باب فيما بشر به رضي الله عنه) *
عن علي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجعت من جنازة قولا
122

ما أحب ان لي به الدنيا جميعا. رواه أبو يعلى وفيه أبو حريز وثقه أبو زرعة وغره
وضعفه ابن المديني وغيره، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيما بلغت صدقة ماله رضي الله عنه) *
عن محمد بن كعب القرظي ان عليا قال لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأني لأربط الحجر على بطني من الجوع وإن صدقة مالي لتبلغ أربعين ألف دينار
، وفى رواية وإن صدقتي اليوم لأربعين ألفا. رواه كله احمد ورجال الروايتين
رجال الصحيح غير شربك بن عبد الله النخعي وهو حسن الحديث ولكن اختلف
في سماع محمد بن كعب من على والله أعلم.
* (باب في قوله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية رجلا يحب) *
الله ورسوله ويحبه الله ورسوله
عن ابن عمر قال جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله إن اليهود قتلوا أخي قال لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فيمكنك من قاتل أخيك فاستشرف لذلك
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلى علي فعقد له اللواء فقال يا رسول
الله إني أرمد كما ترى وهو يومئذ رمد فتفل في عينيه فما رمدت بعد يومه فمضى.
رواه الطبراني وفيه أحمد بن سهل بن علي الباهلي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وعن جميع بن عمير قال قلت لعبد الله بن عمر حدثني عن علي قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه
الله ورسوله فكأني أنظر إليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتضنها وكان
علي بن أبي طالب أرمد من دخان الحصن فدفعها إليه فلا والله ما تنامت الخيل حتى فتحها
الله عليه. رواه الطبراني وفيه جميع بن عمير وهو ضعيف وقد وثق. وعن أبي ليلى
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه
الله ورسوله فدعا عليا فأعطاه إياها (1). رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه

(1) في النسخ " فأعطاها إياه ".
123

ضرار بن صرد وهو ضعيف. وعن عمر ان بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فأعطاها عليا. رواه
الطبراني بأسانيد وفى أحسنها معتمر بن أبي السرى العسقلاني ولم أعرفه، وبقية رجاله
رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر أحسبه
قال أبا بكر فرجع منهزما ومن معه فلما كان من الغد بعث عمر فرجع منهزما يجبن أصحابه
ويجبنه أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غدار رجلا يحب الله
ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى بفتح الله عليه فثار الناس فقال أين على فإذا هو
يشتكي عينيه فتفل في عينيه ثم دفع إليه الراية فهزها ففتح الله عليه. رواه الطبراني (1)
وفيه حكيم بن جبير وهو متروك ليس بشئ. وعن أبي ليلى قال قلت لعلى وكان
يسمر معه ان الناس قد أنكروا منك أن تخرج في الحر في الثوب المحشو وفى الشتا
في الملاءتين الخفيفتين فقال على أو لم تكن معنا قلت بلى قال فان النبي صلى الله عليه وسلم دعا
أبا بكر فعقد له لواءا ثم بعثه فسار بالناس فانهزم حتى إذا بلغ ورجع فدعا عمر فعقد
له لواءا فسار ثم رجع منهزما بالناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية
رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله له ليس بفرار فأرسل فأتيته
وأنا لا أبصر شيئا فتفل في عيني فقال اللهم اكفه ألم الحر والبرد فما آذاني حر ولا برد
بعد. رواه البزار وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ، وبقية
رجاله رجال الصحيح.
* (باب في شجاعته وحمله اللواء رضي الله عنه) *
عن أبي سعيد الخدري قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية فهزها ثم قال
ما يأخذها بحقها فجاء الزبير فقال انا فقال امض ثم قال رجل آخر فقال أنا فقال
امض ثم قام آخر فقال انا فقال أمط (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي
أكرم وجه محمد لأعطينها رجلا لا يفر هاك يا علي فقبضها ثم انطلق حتى فتح الله عليه
فدك وخيبر وجاء بعجوتها وقديدها. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير
عبد الله بن عصمة وهو ثقة يخطئ. وعن الحسن بن علي قال كان رسول الله صلي الله

(1) في نسخة " البزار ".
(2) كلمة زجر.
124

عليه وسلم لا يبعث عليا مبعثا إلا أعطاه الراية. رواه الطبراني وفيه ضرار بن صرد وهو
ضعيف. وعن ابن عباس قال دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية إلى علي
ابن أبي طالب وهو ابن عشرين سنة. رواه الطبراني وإسناده حسن.
(باب في من يحبه أيضا وببغضه أو يسبه)
عن ابن عباس قال نزلت في علي بن أبي طالب (إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) قال محبة في قلوب المؤمنين. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه بشر بن عمارة وقد وثق وضعفه جماعة، وبقية رجاله وثقوا ولكن
الضحاك قيل إنه لم يسمع من ابن عباس. وعن أنس بن مالك قال كنت أخدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم فرخا مشويا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ائتني
بأحب الخلق إليك وإلى يأكل معي من هذا الفرخ فجاء على ودق الباب فقال أنس
من هذا قال على فقلت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجة فانصرف ثم تنحى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل ثم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلى يأكل معي
من هذا الفرخ فجاء على فدق الباب دقا شديدا فسمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال يا أنس من هذا قلت على قال أدخله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سألت ثلاثا أن يأتيني بأحب
الخلق إليه والى يأكل معي من هذا الفرخ فقال علي وأنا يا رسول الله لقد
جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس ما
حملك على ما صنعت قال أحببت أن تدرك الدعوة رجلا من قومي فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا يلام الرجل على حب قومه، وفى رواية كنت مع النبي
صلى الله عليه وسلم في حائط وقد أتى بطائر، وفى رواية قال أهدت أم أيمن إلى
النبي صلى الله عليه وسلم طائرا بين رغيفين فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل
عندكم شئ فجاءته بالطائر قلت عند الترمذي طرف منه رواه الطبراني في الأوسط
والكبير باختصار وأبو يعلى باختصار كثير الا أنه قال فجاء أبو بكر فرده ثم جاء
عمر فرده ثم جاء علي فأذن له، وفى اسناد الكبير حماد بن المختار ولم أعرفه، وبقية
رجاله رجال الصحيح، وفى أحد أسانيد الأوسط أحمد بن عياض بن أبي طيبة
ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ورجال أبى يعلى ثقات وفى بعضهم ضعف.
125

وعن أنس بن مالك قال أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطيار فقسمها بين نسائه
فأصاب كل امرأة منها ثلاثة فأصبح عند بعض نسائه صفية أو غيرها فأتته بهن فقال
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا فقلت اللهم اجعله رجلا من
الأنصار فجاء علي رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس أنظر من على
الباب فنظرت فإذا على فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ثم جئت فقمت
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انظر من على الباب فإذا على حتى فعل ذلك
ثلاثا فدخل يمشى وأنا خلفه فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حبسك رحمك الله فقال هذا
آخر ثلاث مرات يردني أنس يزعم أنك على حاجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما حملك على ما صنعت قلت يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون من قومي فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الرجل قد يحب قومه إن الرجل قد يحب قومه قالها ثلاثا. رواه البزار وفيه إسماعيل بن سلمان وهو متروك. وعن سفينة وكان خادما لرسول
الله صلى الله عليه وسلم قال أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوائر فصنعت له بعضها فلما أصبح أتيته
به فقال من أين لك هذا فقلت من التي أتيت به أمس فقال ألم أقل لك لا تدخرن
لغد طعاما لكل يوم رزقه ثم قال اللهم أدخل على أحب خلقك إليك يأكل معي
من هذا الطير فدخل علي رضي الله عنه عليه فقال اللهم والى. رواه البزار والطبراني
باختصار ورجال الطبراني رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة. وعن
ابن عباس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بطير فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك فجاء على
فقال اللهم والى. رواه الطبراني وفيه محمد بن سعيد شيخ يروي عنه سليمان بن
قرم ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا وفيه ضعف. وعن الضحاك الأنصاري قال لما
سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر جعل عليا على مقدمته فقال من دخل النخل فهو آمن
فلما تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم نادى بها على فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام
يضحك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يضحكك قال إني أحبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلى
إن جبريل يقول انى أحبك فقال وبلغت ان يحبني جبريل قال نعم ومن هو خير
من جبريل الله تبارك وتعالى. رواه الطبراني وفيه نصر بن مزاحم وهو متروك.
وعن النعمان بن بشير قال استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة وهي
126

تقول لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبى مرتين أو ثلاثا قال فاستأذن أبو بكر
فدخل فأهوى إليها فقال يا بنت فلانة لا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله
صلى الله عليه وسلم قلت رواه أبو داود غير ذكر محبة علي رضي الله عنه رواه البزار
ورجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني باسناد ضعيف.
(باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه)
عن بريدة يعنى ابن الحصيب قال أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا قط
قال وأحببت رجلا من قريش لم أحبه الا على بغضه عليا رضي الله عنه قال
فبعث ذلك الرجل على جيش فصحبته ما صحبته الا ببغضه عليا رضي الله عنه قال فأصبنا
سبايا فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعث إلينا من يخمسه قال فبعث عليا رضي الله عنه
وفى السبي وصيفة هي أفضل السبي قال فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر فقلنا
يا أبا الحسن ما هذا قال ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي فاني قسمت
وخمست فصارت في الخمس ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم
صارت في آل على فوقعت بها قال فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت ابعثني
مصدقا قال فجعلت أقر الكتاب وأقول صدق قال فامسك يدي والكتاب وقال أتبغض
عليا قال قلت نعم قال فلا تبغضه وان كنت تحبه فازدد له حبا فوالذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده
لنصيب آل على في الخمس أفضل من وصيفة قال فما كان أحد من الناس بعد قول رسول الله
صلى الله عليه وسلم أحب إلى من على قال عبد الله يعني ابن بريدة فوالذي لا إله غيره ما بيني
وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الا أبو بريدة قلت في الصحيح بعضه رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح غير عبد الجليل بن عطية وهو ثقة وقد صرح بالسماع وفيه
لين. وعن بريدة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن على أحدهما على
ابن أبي طالب رضي الله عنه وعلى الآخر خالد بن الوليد فقال إذا التقيتم فعلى على
الناس وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده قال فلقينا بنى زيد من أهل اليمن
فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية فاصطفى على امرأة
من السبي لنفسه قال بريدة فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يخبره بذلك فلما اتيت النبي صلى الله عليه وسلم دفعت الكتاب فقرئ
127

عليه فرأيت الغضب في وجه رسوله الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا مكان
العائذ بعثني مع رجل وأمرتني ان أطيعه ففعلت ما أرسلت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تقع في علي فإنه منى وانا منه وهو وليكم بعدي قلت رواه الترمذي باختصار رواه
أحمد والبزار باختصار وفيه الأجلح الكندي وثقه ابن معين وغيره وضعفه جماعة،
وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. وعن بريدة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا
أميرا على اليمن وبعث خالد بن الوليد على الجبل فقال إن اجتمعتما فعلى على الناس
فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله وأخذ على جارية من الخمس فدعا خالد
ابن الوليد بريدة فقال اغتنمها فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع فقدمت المدينة
ودخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله وناس من أصحابه على بابه فقالوا ما الخبر يا بريدة فقلت خيرا فتح الله على المسلمين فقالوا ما أقدمك قلت جارية اخذها
علي من الخمس فجئت لأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يسقط من
عين النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الكلام فخرج مغضبا فقال ما بال أقوام
ينتقصون عليا من تنقص عليا فقد تنقصني ومن فارق عليا فقد فارقني ان عليا منى
وانا منه خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم وانا أفضل من إبراهيم ذرية
بعضها من بعض والله سميع عليم يا بريدة اما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي
اخذ وانه وليكم بعدي فقلت يا رسول الله بالصحبة الا بسطت يدك فبايعتني على
الاسلام جديدا قال فما فارقته حتى بايعته على الاسلام. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه جماعة لم أعرفهم وحسين الأشقر ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان. وعن عبد
الله بن بريدة عن علي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن
الوليد كل واحد منهما وحده وجمعهما فقال إذا اجتمعتما فعليكم على قال فخذا يمينا
ويسارا فدخل على وأبعد وأصاب سبيا وأخذ جارية من السبي قال بريدة وكنت
من أشد الناس بغضا لعلي قال فأتى رجل خالد بن الوليد فذكر أنه اخذ جارية من
الخمس فقال ما هذا ثم جاء آخر ثم جاء آخر ثم تتابعت الاخبار علي ذلك فدعاني
خالد فقال يا بريدة قد عرفت الذي صنع فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكتب إليه فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذ الكتاب بشماله
128

وكان كما قال الله عز وجل لا يقرأ ولا يكتب إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ
من حاجتي فطأطأت رأسي فتكلمت فوقعت في علي حتى فرغت ثم رفعت رأسي
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبا لم أره غضب مثله الا يوم قريظة والنضير
فنظر إلى فقال يا بريدة أحب عليا فإنما يفعل ما أمر به فقمت وما من الناس أحد
أحب إلى منه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه ضعفاء وثقهم ابن حبان. وعن أبي
سعيد الخدري قال اشتكى عليا الناس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فسمعته يقول
أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله انه لأخشى في ذات الله أو في سبيل الله. رواه أحمد
. وعن عمرو بن شاس الأسلمي وكان من أصحاب الحديبية قال خرجت مع علي
عليه السلام إلى اليمن فجفاني في سفري ذلك حتى وجدت في نفسي
عليه فلما قدمت المدينة أظهرت شكايته في المسجد
حتى سمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس في ناس من أصحابه فلما رآني أبد لي عينيه يقول حدد إلى النظر حتى إذا
جلست قال يا عمرو والله لقد آذيتني قلت أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله قال بلى
من آذى عليا فقد آذاني. رواه أحمد والطبراني باختصار والبزار أخصر منه ورجال
أحمد ثقات. وعن أبي رافع قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أميرا على اليمن وخرج
معه رجل من أسلم يقال له عمرو بن شاس فرجع وهو يذم عليا ويشكوه فبعث
إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اخسأ يا عمرو هل رأيت من على جورا في حكمه أو
أثرة في قسمه قال اللهم لا قال فعلام تقول الذي بلغني قال بعضه لا أملك قال فغضب
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجهه ثم قال من أبغضه
فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد
أحب الله تعالى. رواه البزار وفيه رجال وثقوا على ضعفهم. وعن سعد بن أبي
وقاص قال كنت جالسا في المسجد أنا ورجلين معي فنلنا من على فأقبل رسول
الله صلى الله عليه وسلم غضبان يعرف في وجهه الغضب فتعوذت بالله من غضبه فقال
مالكم ومالي من آذى عليا فقد آذاني. رواه أبو يعلى والبزار باختصار ورجال
أبى يعلى رجال الصحيح غير محمود بن خداش وقنان وهما ثقتان. وعن أبي بكر
129

ابن خالد بن عرفطة أنه أتى سعد بن مالك فقال بلغني أنكم تعرضون على سب
على بالكوفة فهل سببته قال معاذ الله والذي نفس سعد بيده لقد سمعت من رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول في علي شيئا لو وضع المنشار على مفرقي ما سببته أبدا.
رواه أبو يعلى وإسناده حسن. وعن أبي عبد الله الجدلي قال دخلت على أم سلمة
فقالت لي أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم قلت معاذ الله أو سبحان الله
أو كلمة نحوها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سب عليا فقد
سبني. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبى عبد الله الجدلي وهو ثقة.
وعن أبي عبد الله الجدلي قال قالت لي أم سلمة يا أبا عبد الله أيسب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فيكم قلت أنى يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أليس
يسب على ومن يحبه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه. رواه
الطبراني في الثلاثة وأبو يعلى ورجال الطبراني رجال الصحيح غير أبى عبد الله
وهو ثقة. وروى الطبراني بعده باسناد رجاله ثقات إلي أم سلمة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال مثله. وعن كعب بن عجرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الا تسبوا عليا فإنه ممسوس في ذات الله. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه
سفيان بن بشر أو بشير متأخر ليس هو الذي روي عن أبي عبد الرحمن الجيلي
ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا وفى بعضهم ضعف. وعن أبي كثيرة قال كنت جالسا
عند الحسن بن علي فجاءه رجل فقال لقد سب عند معاوية عليا سبا قبيحا رجل
يقال له معاوية بن خديج فلم يعرفه قال إذا رأيته فائتني به قال فرآه عند دار عمرو
ابن حريث فأراه إياه قال أنت معاوية بن خديج فسكت فلم يجبه ثلاثا ثم قال أنت
الساب عليا عند ابن اكلة الأكباد أما لئن وردت عليه الحوض وما أراك ترده
لتجدنه مشمرا حاسرا عن ذراعيه يذود الكفار والمنافقين عن حوض رسول الله صلى الله عليه
وسلم قول الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم، وفى رواية عن علي
ابن أبي طلحة مولى بنى أمية قال حج معاوية بن أبي سفيان وحج معه معاوية
ابن خديج وكان من أسب الناس لعلي بن أبي طالب فمر في المدينة في مسجد
رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي جالس فذكر نحوه الا أنه زاد
130

وقد خاب من افترى. رواه الطبراني باسنادين في أحدهما علي بن أبي طلحة
مولى بنى أمية ولم أعرفه. وبقية رجاله ثقات، والآخر ضعيف. وعن عبد الله
ابن أبي نجى أن عليا أتى يوم النضير بذهب وفضة فقال ابيضي واصفري وغري
غيري غري أهل الشام غدا إذا ظهروا عليك فشق قوله ذلك
على الناس فذكر ذلك له فأذن في الناس فدخلوا عليه قال إن خليلي صلى الله
عليه وسلم قال يا علي انك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين وقدم عليك
عدوك غضاب مقمحين (1) ثم جمع يده إلى عنقه يريهم الإقماح رواه الطبراني
في الأوسط وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف. وعن أبي رافع أ. ن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لعلي من أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحبه الله ومن
أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل. رواه الطبراني من
رواية حرب بن الحسن الطحان عن يحيي بن يعلى وكلاهما ضعيف. وبسنده أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا مبعثا فلما قدم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الله
ورسوله وجبريل عنك راضون. وبسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي
أنت وشيعتك تردون على الحوض رواة مرويين بيضة وجوهكم وان عدوك
يردون على الحوض ظمأ مقمحين. وبسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي
أما ترضى أنك أخي وأنا أخوك. وبسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أول
أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا
وأزواجنا خلف ذرارينا وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا. وبسنده أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لعلي والذي نفسي بيده لولا أن يقول فيك طوائف من
أمتي بما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بأحد من
المسلمين الا أخذ التراب من أثر قدميك يطلب به البركة. وعن الحسن بن علي
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس انطلق فادع لي سيد العرب يعنى عليا فقالت
عائشة ألست سيد العرب قال أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب فلما جاء أرسل رسول

(1) الإقماح: رفع الرأس وغض البصر، يقال أقمحه الغل إذا ترك رأسه
مرفوعا من ضيقه.
131

الله صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار فأتوه فقال لهم يا معشر الأنصار ألا أدلكم على ما إن
تمسكتم به لن تضلوا بعده أبدا قالوا بلى يا رسول الله قال هذا على فأحبوه بحبي
وأكرموه بكرامتي فان جبريل صلى الله عليه وسلم أمرني بالذي قلت لكم عن الله عز وجل.
رواه الطبراني وفيه إسحاق بن إبراهيم الضبي وهو متروك. وعن سلمان أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لعلي محبك محبي ومبغضك مبغضي. رواه الطبراني وفيه عبد الملك
الطويل وثقه ابن حبان وضعفه الأزدي، وبقية رجاله وثقوا. ورواه البزار
بنحوه. وعن أبي مريم الثقفي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي يا علي طوبى
لمن أحبك وصدق فيك وويل لمن أبغضك وكذب فيك. رواه الطبراني وفيه على
ابن الحزور وهو متروك. وعن عمار بن ياسر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لعلي بن أبي طالب ان الله تبارك وتعالى زينك بزينة لم يزن العباد بزينة مثلها
ان الله تعالى حبب إليك المساكين والدنو منهم وجعلك لهم إماما ترضى بهم وجعلهم
لك اتباعا يرضون بك فطوبى لمن أحبك وصدق عليك وويل لمن أبغضك وكذب
عليك فأما من أحبك وصدق عليك فهم جيرانك في دارك ورفقاؤك في جنتك
وأما من أبغضك وكذب عليك فإنه حق على الله عز وجل ان يوقفهم مواقف
الكذابين. رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن الحزور وهو متروك. وعن
أم سلمة قالت أشهد أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحب عليا فقد أحبني
ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض
الله. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت خرج
علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فقال إن الله تعالى باهى بكم وغفر لكم عامة
ولعلي خاصة وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي هذا جبريل يخبرني
أن السعيد حق السعيد (1) من أحب عليا في حياته وبعد موته وأن
الشقي كل الشقي من أبغض عليا في حياته وبعد موته. رواه الطبراني
وفيه من لم أعرفهم. وعن جابر بن عبد الله قال والله ما كنا نعرف
منافقينا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ببغضهم عليا. رواه الطبراني في

(1) " حق السعيد " من زيادات نسخة على الأصل.
132

الأوسط والبزار بنحوه إلا أنه قال ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار، بأسانيد
كلها ضعيفة. وعن ابن عباس قال نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال لا يحبك
إلا مؤمن ولا يبغضك الا منافق من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني
وحبيبي حبيب الله وبغيضي بغيض الله ويل لمن أبغضك بعدي. رواه الطبراني في
الأوسط ورجاله ثقات الا أن في ترجمة أبى الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري
أن معمرا كان له ابن أخ رافضي فأدخل هذا الحديث في كنته وكان معمر مهيبا
لا يراجع وسمعه عبد الرزاق. وعن عمران بن الحصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لعلي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه محمد بن كثير الكوفي حرق أحمد حديثه وضعفه الجمهور ووثقه ابن معين،
وعثمان بن هشام لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيمن يفرط في محبته وبغضه) *
عن علي بن أبي طالب قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن فيك مثلا من عيسى
أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به
الا وانه يهلك في اثنان محب مفرط يقرظن مما ليس في ومبغض بحمله شنآني على أن يبهتني
ألا وأني لست بنبي ولا يوحى إلي ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت فما
أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم. رواه عبد الله
والبزار باختصار وأبو يعلى أنم منه وفى اسناد عبد الله وأبى يعلى الحكم بن عبد
الملك وهو ضعيف وفى اسناد البزار محمد بن كثير القرشي الكوفي وهو ضعيف.
* (باب في قتاله ومن يقاتله) *
عن أبي سعيد قال كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج علينا من
بعض بيوت نسائه قال فقمنا معه فانقطعت نعله فتخلف عليها على يخصفها ومضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضينا معه ثم قام ينتظره وقمنا معه فقال إن منكم من يقاتل
على تأويل هذا القرآن كما قاتلت علي تنزيله فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر فقال
لا ولكنه خاصف النعل قال فجئنا نبشره قال فكأنه قد سمعه. رواه أحمد
133

ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة. وعن أبي رافع قال
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم أو يوحى إليه وإذ حية في
جانب البيت فكرهت ان اقتلها فأوقظه فاضطجعت بينه وبين الحية فإن كان شئ
كان بي دونه فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين
آمنوا) الآية قال الحمد لله فرآني إلى جانبه قال ما أضجعك ههنا قلت لمكان هذه
الحية قال قم إليها فاقتلها فقتلتها فحمد الله ثم أخذ بيدي فقال يا أبا رافع سيكون بعدي
قوم يقاتلون عليا حق على الله تعالى جهادهم فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه فمن
لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك شئ. رواه الطبراني وفيه محمد بن عبيد الله بن أبي
رافع ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان ويحيى بن الحسين بن الفرات لم أعرفه،
وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عباس أن عليا كان يقول في حياة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل يقول (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) والله
لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله تعالى والله لئن مات أو قتل لا قاتلن على
ما قاتل عليه حتى أموت والله انى لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه فمن أحق به
منى. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الرحمن بن عوف
قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة انصرف إلى الطائف
فحاصرها سبع عشرة أو ثمان عشرة لم يفتتحها ثم أوغل روحه أو غدوه ثم نزل
ثم هجر فقال يا أيها الناس انى فرط لكم وأوصيكم بعترتي خيرا وان موعدكم الحوض
والذي نفسي بيده ليقيموا الصلاة وليؤتوا الزكاة أو لأبعثن إليهم رجلا منى أو
لنفسي فليضربن أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم قال فرأى الناس أنه أبو بكر
أو عمر وأخذ بيد على فقال هذا هو. رواه أبو يعلى وفيه طلحة بن جبر وثقه
ابن معين في رواية وضعفه الجوزجاني، وبقية رجاله ثقات.
* (باب الحق مع علي رضي الله عنه) *
عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على مع القرآن والقرآن
مع علي لا يفترقان حتى يردا على الحوض. رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه
صالح بن أبي الأسود وهو ضعيف. وعن أم سلمة انها كانت تقول كان على على
134

الحق من اتبعه اتبع الحق ومن تركه ترك الحق عهد معهود قبل يومه هذا. رواه
الطبراني وفيه مالك بن جعوبة ولم أعرفه، وبقية أحد الاسنادين ثقات. وعن جرى
ابن سمرة قال لما كان من أهل البصرة الذي كان بينهم وبين علي بن أبي طالب
انطلقت حتى اتيت المدينة فاتيت ميمونة بنت الحارث وهي من بنى هلال فسلمت
عليها فقالت ممن الرجل قلت من أهل العراق قالت من أي أهل العراق قلت من أهل الكوفة
قالت من أي أهل الكوفة قلت من بنى عامر قالت مرحبا قربا علي قرب
ورحبا على رحب فمجئ ما جاء بك قلت كان بين على وطلحة الذي كان فأقبلت
فبايعت عليا قالت فالحق به فوالله ما ضل ولا ضل به حتى قالتها ثلاثا. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح غير حرى بن سمرة وهو ثقة. وعن علي بن ربيعة قال
سمعت عليا وأتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين مالي أراك تستحيل الناس استحالة الرجل
إبله أبعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سار أبيه قال والله ما كذبت ولا كذبت ولا
ضللت ولا ضل بي بل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى. رواه أبو
يعلى وفيه الربيع بن سهل وهو ضعيف. وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعلى يا علي فارقني فارق الله ومن فارقك يا علي فارقني. رواه البزار ورجاله ثقات.
(باب حالته في الآخرة)
عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي معك يوم القيامة عصا من عصى
الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلام بن
سليمان المدايني وزيد العمي وهما ضعيفان وقد وثقا، وبقية رجالهما ثقات. وعن عبد
الله بن أجاره بن قيس قال سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر
يقول انا أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين القصيرتين الكفار والمنافقين
كما تذود السقاة غريبة الإبل عن حياضهم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد
ابن قدامة الجوهري وهو ضعيف. وعن علي بن أبي طالب قال قال
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضى يا علي إذا جمع الله النبيين في صعيد واحد حفاة عراة
مشاة قد قطع أعناقهم العطش فكان أول من يدعي إبراهيم فيكسى ثوبين أبيضين ثم
يقوم عن يمين العرش ثم يفجر مثعب من الجنة إلى حوضي وحوضي أبعد مما بين
135

بصرى وصنعاء فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة فأشرب وأتوضأ وأكسى
ثوبين أبيضين ثم أقوم عن يمين العرش ثم تدعى فتشرب وتتوضأ وتكسى ثوبين
أبيضين فتقوم معي ولا ادعى إلى خير الا دعيت له. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمران
ابن ميثم وهو كذاب. * (باب وفاته رضي الله عنه) *
عن عمار بن ياسر قال كنت انا وعلى رفيقين في غزوة العشيرة فلما نزلها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها رأينا بها ناسا من بني مدلج
يعملون في عين لهم فقال على يا أبا اليقظان هل لك ان أتى هؤلاء
فننظر كيف يعملون فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلى فاضطجعنا
في صور من نخل (1) في دقعاء من التراب فنمنا والله ما أهبنا الا رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى أبا تراب
لما يرى عليه من التراب ثم قال ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين قلنا بلى يا رسول
الله قال أحمير ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك بأعلى هذه يعنى قرنه حتى يبل
منه هذه يعنى لحيته. رواه أحمد والطبراني والبزار باختصار ورجال الجميع موثقون
الا أن التابعي لم يسمع من عمار. وعن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لعلى
رضي الله عنه من أشقى الأولين قال الذي عقر الناقة يا رسول الله قال صدقت
قال فمن أشقى الآخرين قال لا علم لي يا رسول الله قال الذي يضربك على هذه
وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى يافوخه فكان علي رضي الله عنه يقول لأهل العراق وددت
أنه قد انبعث أشقاكم يخضب هذه يعنى لحيته من هذه ووضع يده على مقدم
رأسه. رواه الطبراني وأبو يعلى وفيه رشدين بن سعد وقد وثق، وبقية رجاله ثقات.
وعن جابر يعنى ابن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي من أشقى ثمود قال من
عقر الناقة قال فمن أشقى هذه الأمة قال الله اعلم قال قاتلك. رواه الطبراني وفيه
ناصح بن عبد الله وهو متروك. وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه
انك امرؤ مستخلف وانك مقتول وهذه مخضوبة من هذه لحيته من رأسه. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه وفيه ناصح بن عبد الله وهو متروك. وعن فضالة

(1) في الأصل " مرتحل "، والصور: الجماعة من النخل.
136

ابن أبي فضالة الأنصاري قال خرجت مع أبي عائدا لعلى وكان مريضا فقال له أبى
ما يقيمك بهذا المنزل لو هلكت به لم يلك الاعراب جهينة فلو دخلت المدينة كنت
بين أصحابك فان أصابك ما تخاف أو نخاف عليك وليك أصحابك وكان أبو
فضالة من أهل بدر فقال له على إني لست ميتا من مرضى هذا
أو من وجعي هذا انه عهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم انى لا أموت حتى أحسبه قال اضرب
أو تخضب هذه من هذه يعنى ضاربه فقتل أبو فضالة معه بصفين. رواه البزار واحمد بنحوه
ورجاله موثقون. وعن أبي سنان الدؤلي انه عاد عليا في شكوى اشتكاها فقال له لقد
تخوفنا عليك في شكواك هذه فقال ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه لأني سمعت
الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول انك ستضرب ضربة هنا وضربة هاهنا وأشار إلى
صدغه فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى
ثمود. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن أبي سنان يزيد بن مرة الديلي قال
مرض علي بن أبي طالب مرضا شديدا حتى أدنف وخفنا عليه ثم إنه برأ ونقه
فقلنا هنيئا لك أبا الحسن الحمد لله الذي عافاك قد كنا تخوفنا عليك قال لكني لم أخف
على نفسي أخبرني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم انى لا أموت حتى اضرب على هذه وأشار إلى
مقدم رأسه الأيسر فتخضب هذه منها بدم وأخذ بلحيته وقال يقتلك أشقى هذه
الأمة كما عقر ناقة الله أشقى بنى فلان من ثمود قال فنسبه رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى لحده الدنيا دون يموت. رواه أبو يعلى وفيه والد علي بن المديني وهو ضعيف.
وعن عبد الله بن سبيع سمعت عليا عليه السلام يقول لتخضبن هذه من هذه
فما ينتظرني الأشقى قالوا يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نبير عنده قال إذا تقتلون بي
غير قاتلي قالوا فاستخلف علينا قال لا ولكن أترككم إليه رسول الله صلى الله
عليه وسلم قالوا فماذا تقول لربك إذا أتيته قال أقول اللهم تركتني فيهم ما بدا لك
ثم قبضتني إليك وأنت فيهم فان شئت أصلحتهم وان شئت أفسدتهم. رواه أحمد
وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سبيع وهو ثقة، ورواه البزار
باسناد حسن. وعن ثعلبة أنه قال على المنبر والله انه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أن
الأمة ستغدر بي. رواه البزار وفيه علي بن قادم وقد وثق وضعف. وعن عائشة
137

قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم التزم عليا وقبله ويقول بأبي الوحيد الشهيد
بأبي الوحيد الشهيد. رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفه. وعن أبي رافع ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لعلي قبل موته تبرئ ذمتي وتقبل على سنتي. رواه البزار وفيه جماعة
ضعفاء وقد وثقوا. وعن علي قال أتاني عبد الله بن سلام وقد وضعت قدمي في الغرز (1)
فقال لي لا تقدم العراق فاني أخشى ان يصيبك بها ذباب السيف (2) قال على وأيم الله
لقد أخبرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو الأسود فما رأيت كاليوم قط محاربا يخبر
بذا عن نفسه. رواه أبو يعلي والبزار بنحوه ورجال أبى يعلى رجال الصحيح غير
إسحاق بن أبي إسرائيل وهو ثقة مأمون. وعن ابن عباس قال قال على يا رسول
الله إنك كنت قلت لي يوم أحد حين أخرت عن الشهادة إن الشهادة من
ورائك قال كيف خبرك إذا خضبت هذه من هذه وأهوى بيده إلى لحيته ورأسه
فقال على أما إذ بينت لي ما بينت فليس ذاك في مواطن الصبر ولكن هو في مواطن
البشرى والكرامة. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن كيسان وهو ضعيف. وعن أبي
صالح يعني الحنفي عن علي قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي فشكوت إليه
ما لقيت من أمته من الأود واللدد فبكيت فقال لي لا تبك يا علي والتفت فالتفت فإذا
رجلان يتصعدان وإذا جلاميد يرضخ بها رؤوسهما حتى تفضخ ثم يرجع أو قال يعود
قال فغدوت إلى علي كما كنت أغدو عليه كل يوم حتى إذا كنت في الخرازين لقيت الناس
فقالوا لي قتل أمير المؤمنين. رواه أبو يعلى هكذا ولعل الرائي هو أبو صالح
رآه لعلي وأن الذين رآهما ابن ملجم القاتل ورفيقه والله أعلم، ورجاله ثقات.
* (باب) *
عن أبي الطفيل قال دعاهم على إلى البيعة فجاء فيهم عبد الرحمن بن ملجم
وقد كان رآه قبل ذلك مرتين ثم قال ما يحبس أشقاها والذي نفسي بيده لتخضبن
هذه من هذه وتمثل بهذين البيتين:
أشدد حيازيمك للموت فان الموت لاقيكا (3) ولا تجزع من الموت فان الموت آتيكما
رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد وهو ضعيف. وعن

(1) أي الركاب.
(2) ذباب السيف: طرفه الذي يضرب به.
(3) في الأصل " آتيكا ".
138

عوانة بن الحكم قال لما ضرب عبد الرحمن بن ملجم عليا وحمل إلى منزله أتاه العواد
فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال كل امرئ ملاق
ما يفر منه والأجل مساق النفس والهرب من أفاته كم اطردت الأنام أبحثها عن
مكنون هذا الامر فأبى الله عز وجل إلا خفاه هيهات علم مخزون أما وصيتي إياكم
فالله عز وجل لا تشركوا به شيئا ومحمد صلى الله عليه وسلم لا تضيعوا سنته أقيموا
هذين العمودين وخلاكم ذم ما شردوا واحمل كل امرئ مجهوده وخفف عن
الجهلة برب رحيم ودين قويم وامام عليم كنا في رياح ودري أعصار وتحت ظل
غمامة اضمحل مركدها فيحطها عار خاو ركم تدنى أيامنا تباعا ثم هواء فستعقبون من
بعده جثة أخواء ساكنة بعد حركة كاظمة بعد طوق أنه أبلغ للمعتبر بن من نطق
البليغ وداعيكم داع مرصد للتلاق غدا ترون أيامي ويكشف عن سرائري لن
يحابيني الله عز وجل الا أن أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود عليكم السلام
يوم اللزام ان ابق فانا ولى دمي وان أفنى فالفناء ميعادي العفو لي فدية
ولكم حسنة فاعفوا عفا الله عنا وعنكم (ألا تحبون أن يغفر الله لكم
والله غفور رحيم) ثم قال:
عش ما بدا لك قصرك الموت * لا مرحل عنه ولا فوت
ساغنى بيت وبهجته * زال الغنى وتقوض البيت
يا ليت شعري ما يراد بنا * ولعل ما تجدي لنا ليت
رواه الطبراني وفيه هشام الكلبي وهو متروك. وعن إسماعيل بن
راشد قال كان من حديث ابن ملجم لعنه الله وأصحابه أن عبد الرحمن ين ملجم
والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا بمكة فذكروا أمر الناس وعابوا
عليهم ولاتهم ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم فقالوا والله ما نصنع بالبقاء
بعدهم شيئا إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم الذين كانوا لا يخافون في الله
لومة لائم فلو شربنا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد وثأرنا
بهم إخواننا قال ابن ملجم وكان من أهل مصر أنا أكفيكم علي بن أبي طالب وقال
البرك بن عبد الله أنا أكفيكم معاوية بن أبي سفيان وقال عمرو بن بكر التميمي
139

أنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا وتواثقوا بالله أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه
الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه فأخذوا أسيافهم فسموها وتواعدوا (1) لسبع
عشرة خلت من شهر رمضان ان يثب كل واحد على صاحبه الذي توجه إليه وأقبل
كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يطلب فأما ابن ملجم المرادي
فأتى أصحابه بالكوفة وكاتمهم امره كراهية أن يظهروا شيئا من أمره
وانه لقى أصحابه من تيم الرباب وقد قتل على منهم عدة يوم النهر فذكروا
قتلاهم فترحموا عليهم قال ولقى من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام
بنت الشحنة وقد قتل علي بن أبي طالب أباها وأخاها يوم النهر وكانت فائقة
الجمال فلما رآها التبست بعقله ونسي حاجته التي جاء لها فخطبها فقالت لا أتزوج
حتى تشفيني قال وما تشائين قالت ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل علي بن أبي
طالب فقال هو مهر لك فاما قتل علي بن أبي طالب فما أراك ذكرتيه وأنت
تريدينه قالت بلى فالتمس غرته فان أصبته شفيت نفسك ونفسي وتفعل معي
العيش وان قتلت فما عند الله عز وجل خير من الدنيا وزبرج (2) أهلها
فقال ما جاء بي إلى هذا المصر الا قتل على قالت ماذا أردت ذلك فأخبرني
حتى أطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك على أمرك فبعثت إلى رجل من قومها
من تيم الرباب يقال له وردان فكلمته فأجابها وأتى ابن ملجم رجلا من أشجع
يقال له شبيب بن نجدة فقال له هل لك في شرف الدنيا والآخرة قال وما ذاك
قال قتل على قال ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إدا كيف تقدر على قتله قال أكمن
له في السحر فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فان نجونا شفينا
أنفسنا وأدركنا ثأرنا وان قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وزبرج أهلها قال
ويحك لو كان غير على كان أهون على قد عرفت بلاءه في الاسلام وسابقته مع
النبي صلى الله عليه وسلم وما أجدني اشرح لقتله قال أما تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد
المصلين قال نعم نقتله بما قتل من إخواننا فأجابه فجاؤوا حتى دخلوا على قطام وهي
في المسجد الأعظم معتكفة فيه فقالوا لها قد اجتمع رأينا على قتل علي قال فإذا

(1) في الأصل " واعتدوا ".
(2) الزبرج: الزينة والذهب.
140

أردتم ذلك فائتوني ضحى فقال هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي أن يقتل كل
واحد منا صاحبه فدعت لهم بالحرير فعصبتهم وأخدوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة
التي يخرج منها على فخرج لصلاة الغداة فجعل يقول الصلاة الصلاة فشد عليه
شبيب فضربه بالسيف فوقع السيف بعضادتي الباب أو بالطاق فشد عليه ابن ملجم
فضربه على قرنه وهرب، ورد أن على دخل منزله ودخل رجل من بنى أسيد وهو
ينزع السيف والحديد عن صدره فقال ما هذا السيف والحديد فأخبره بما كان فذهب
إلى منزله فجاء بسيفه فضربه حتى قتله وخرج شبيب نحو أبواب كندة فشد عليه
الناس إلا أن رجلا يقال له عويمر ضرب رجله بالسيف فصرعه وجثم عليه الحضرمي
فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خثى على نفسه فتركه فنجا
بنفسه ونجا شبيب في غمار الناس وخرج ابن ملجم فشد عليه رجل من همذان
يكنى أبا أدما فضرب رجله فصرعه وتأخر على ودفع في ظهر جعدة بن هبيرة بن أبي
وهب فصلى بالناس الغداة وشد عليه الناس من كل جانب وذكروا أن محمد بن
حنيف قال والله إني لأصلي تلك الليلة في المسجد الأعظم قريبا من السدة في رجال
كثيرة من أهل المصر ما فيهم إلا قيام وركوع وسجود ما يسأمون من أول الليل
إلى آخره إذ خرج على لصلاة الغداة وجعل ينادي أيها الناس الصلاة الصلاة فما
أدرى أتكلم بهذه الكلمات أو نظرت إلى بريق السيف وسمعت الحكم لله لا لك
يا علي ولا لأصحابك فرأيت سيفا ورأيت ناسا وسمعت عليا يقول لا يفوتنكم الرجل
وشد عليه الناس من كل جانب فلم أبرح حتى أخذ ابن ملجم فأدخل على على
فدخلت فيمن دخل من الناس فسمعت عليا يقول النفس بالنفس إن هلكت فاقتلوه
كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي ولما أدخل ابن ملجم على على قال له يا عدو الله
ألم أحسن إليك ألم أفعل بك قال بلى قال فما حملك علي هذا قال شحذته أربعين
صباحا فسألت الله أن يقتل به شر خلقه قال له على ما أراك إلا مقتولا به وما أراك
إلا من شر خلق الله عز وجل وكان ابن ملجم مكتوفا بين يدي الحسن إذ
نادته أم كلثوم بنت على وهي تبكي يا عدو الله لا بأس على أبى والله عز وجل
مخزيك قال فعلام تبكين والله لقد اشتريته بألف وسممته بألف ولو كانت هذه
141

الضربة بجميع أهل مصر ما بقي منهم أحد ساعة وهذا أبوك باقيا حتى الآن فقال على للحسن
أن بقيت رأيت فيه رأيي ولئن هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة
ولا تمثل به فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ولو بالكلب
العقور وذكر أن حريث ابن عبد الله دخل على على يسأل به فقال يا أمير المؤمنين
إن فقدناك ولا نفقدك فنبايع الحسن قال ما آمركم ولا أنهاكم أنتم أبصر فلما قبض علي
رضي الله عنه بعث الحسن إلى ابن ملجم فدخل عليه فقال له ابن ملجم هل لك في
خصلة أي والله ما أعطيت الله عهدا إلا وفيت به انى كنت أعطيت الله عهدا ان
أقتل عليا ومعاوية أو أموت دونهما فان شئت خليت بيني وبينه ولك الله على أن
لم أقتله أن آتيك حتى أضع يدي في يدك فقال له الحسن لا والله تعاين الناس فقدمه
فقتله فأخذه الناس فأدرجوه في بواري ثم أحرقوه بالنار وقد كان علي رضي الله عنه
قال يا بنى عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قتل أمير المؤمنين
قتل أمير المؤمنين ألا لا يقتل بي الا قاتلي، وأما البرك بن عبد الله فقعد لمعاوية فخرج
لصلاة الغداة فشد عليه بسيفه وأدبر معاوية هاربا فوقع السيف في أليته فقال إن
عندي خبرا أبشرك به فان أخبرتك أنافعي ذلك عندك قال وما هو قال إن أخا لي
قتل عليا الليلة قال فلعله لم يقدر عليه قال بلى ان عليا يخرج ليس معه أحد يحرسه
فأمر به معاوية فقتل فبعث إلى الساعدي وكان طبيبا فنظر إليه فقال إن ضربتك
مسمومة فاختر منى إحدى خصلتين إما أن أحمى حديدة فأضعها في موضع السيف
وإما أن أسقيك شربة تقطع منك الولد وتبرأ منها فان ضربتك مسمومة فقال
له معاوية أما النار فلا صبر لي عليها وأما انقطاع الولد فان في يزيد وعبد الله وولدهما
ما تقر به عيني فسقاه تلك الليلة الشربة فبرأ فلم يولد له بعد فأمر معاوية بعد ذلك
بالمقصورات وقيام الشرط على رأسه، وقال على للحسن والحسين أي بنى أوصيكما
بتقوى الله والصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها وحسن الوضوء فإنه لا تقبل صلاة
الا بطهور وأوصيكم بغفر الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل
والتفقه في الدين والتثبت في الامر وتعاهد القرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف
والنهى عن المنكر واجتناب الفواحش قال ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال هل
142

حفظت ما أوصيت به أخويك قال نعم قال إني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك
لعظم حقهما عليك وتزيين أمرهما ولا تقطع أمرا دونهما ثم قال لهما أوصيكما به
فإنه شقيقكما وابن أبيكما وقد علمتما ان أباكما كان يحبه ثم أوصى فكانت وصيته
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أن يشهد أن لا إله
الا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق
ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ثم أوصيكما يا حسن
ويا حسين ويا جميع أهلي وولدي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن
الا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فاني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إن صلاح ذات البين أعظم من عامة الصلاة والصيام وانظروا
إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب والله الله في الأيتام لا يضيعن
بحضرتكم والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم والله الله في الزكاة فإنها تطفئ
غضب الرب والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم والله الله في
القرآن لا يسبقنكم بالعمل به غيركم والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم
وأنفسكم والله الله في بيت ربكم لا تخلون ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا والله
الله في ذمة نبيكم صلى الله عليه وسلم فلا تظلمن بين ظهرانيكم الله الله في جيرانكم
فإنهم وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم قال ما زال جبريل يوصيني بهم حتى ظننت أنه سيورثهم والله
الله في أصحاب نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنه أوصى بهم والله الله في الضعيفين من النساء وما
ملكت أيمانكم الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم الله يكفيكم من أرادكم
وبغى عليكم وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهى عن
المنكر فيولي أمركم شراركم ثم تدعون ولا يستجاب لكم عليكم بالتواصل
والتبادل إياكم والتقاطع والتدابر والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا
على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت
وحفظ فيكم نبيكم صلى الله عليه وسلم أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام، ثم لم ينطق الا بلا إله إلا الله
حتى قبض في شهر رمضان في سنة أربعين وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن
143

جعفر وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص وكبر عليه الحسن تسع تكبيرات وولى
الحسن عمله ستة أشهر وكان ابن ملجم قبل أن يضرب عليا قعد في بنى بكر بن
وائل إذ مر عليه بجنازة أبحر بن جابر العجلي أبى حجار وكان نصرانيا
والنصارى حوله وناس مع حجار بمنزلته يمشون بجانب امامهم شقيق بن ثور
السلمي فلما رآهم قال من هؤلاء فأخبر ثم أنشأ يقول:
لئن كان حجار بن أبحر مسلما * لقد بوعدت منه جنازة أبحر
وإن كان حجار بن أبحر كافرا * فما مثل هذا من كفور بمنكر
أترضون هذا ان قسا ومسلما * جميعا لدى نعش مسامع منظر
وقال ابن عباس المرادي:
ولم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجم (1)
ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب على بالحسام المصمم
ولا مهر أغلى من على وإن علا * ولا قتل (2) إلا دون قتل ابن ملجم
وقال أبو الأسود الدؤلي:
ألا أبلغ معاوية بن حرب * فلا قرت عيون الشامتينا
أفي الشهر الحرام فجعتمونا * بخير الناس طرا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا * وحسنها (3) ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها * ومن قرأ المثاني والمئينا
لقد علمت قريش حين كانت * بأنك خيرها حسبا ودينا
وأما عمرو بن بكر فقعد لعمرو بن العاص في تلك الليلة التي ضرب فيها معاوية
فلم يخرج واشتكى فيها بطنه فأمر خارجة بن حبيب وكان صاحب شرطته وكان من
بنى عامر بن لؤي فخرج يصلى بالناس فشد عليه وهو يرى أنه عمرو بن العاص
فضربه بالسيف فقتله وأدخل على عمرو فلما رآهم يسلمون عليه بالامر فقال من هذا
قالوا عمرو بن العاص قالوا من قتلت قالوا خارجة قال أما والله يا فاسق ما حمدت

(1) كذا في الإصابة، وفي الأصل " ساغير معجم ".
(2) في الاستيعاب " ولا فنك ".
(3) في الاستيعاب وشذرات الذهب " وذللها ".
144

غيرك قال عمرو أردتني والله أراد خارجة وقدمه وقتله فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه:
وقتك وأسباب الأمور كثيرة * مسبة ساع من لؤي بن غالب
فيا عمرو مهلا إنما أنت عمه * وصاحبه دون الرجال الأقارب
نجوت وقد بل المرادي سيفه * من ابن أبي شيخ الأباطح طالب
ويضربني بالسيف آخر مثله * فكانت عليه تلك ضربة لازب
وأنت تباغي كل يوم وليلة * بمصرك بيضا كالظباء الشوارب
وكان الذي ذهب ببيعته سفيان بن عبد شمس بن أبي وقاص الزهري وكان
الحسن قد بعث قيس بن سعد بن عبادة على مقدمته في اثني عشر ألفا وخرج معاوية
حتى نزل بايلياء في ذلك العام وخرج الحسن حتى نزل في القصور البيض في المدائن
وخرج معاوية حتى نزل مسكن وكان على المدائن عم المختار بن أبي عبيد وكان يقال
له سعد بن مسعود فقال له المختار وهو يومئذ غلام شاب هل لك في الغنى والشرف
قال وما ذاك قال توثق الحسن وتستأمر به إلى معاوية فقال له سعد عليك لعنة الله
أأثب على ابن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوثقه فلما رأى الحسن تفرق الناس عنه
بعث إلى معاوية يطلب الصلح فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الله بن سمرة
ابن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه ثم
قام الحسن في الناس فقال يا أهل العراق إنما يستحى بنفسي عليكم ثلاث قتلكم أبى
وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي، ودخل في طاعة معاوية ودخل الكوفة فبايعه الناس.
رواه الطبراني وهو مرسل واسناده حسن. وعن أبي يحيى قال لما ضرب ابن ملجم
عليا عليه السلام الضربة قال افعلوا به كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل برجل
أراد قتله فقال اقتلوه ثم حرقوه. رواه أحمد وفيه عمران بن ظبيان وثقه ابن
حبان وغيره وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن موسى بن طلحة قال كان علي
والزبير وسعد بن أبي وقاص بدار عامر واحد. رواه الطبراني وفيه إسحاق بن
يحيى بن طلحة وهو متروك وقال يعقوب بن شيبة لا بأس به، وبقية رجاله وثقوا. وعن
محمد بن علي بن الحسين قال توفى على وهو ابن ثمان وخمسين، ورجاله رجال الصحيح.
وعن يحيى بن بكير قال قتل علي بن أبي طالب يوم الجمعة يوم سبع عشرة من شهر
145

رمضان سنة أربعين. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي بكر بن أبي شيبة قال قتل
على سنة أربعين وكانت خلافته خمس سنين وستة أشهر (1). رواه الطبراني ورجاله ثقات.
وعن عبد الله بن محمد بن عقيل قال قتل على سنة أربعين. رواه الطبراني وإسناده ضعيف.
* (باب خطبة الحسن بن علي رضي الله عنهما) *
عن أبي الطفيل قال خطبنا الحسن بن علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه وذكر
أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه خاتم الأوصياء ووصى الأنبياء وأمين الصديقين والشهداء
ثم قال يا أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون لقد كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يعطيه الراية فيقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح
الله عليه ولقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها وصى موسى وعرج بروحه في الليلة
التي عرج فيها بروح عيسى بن مريم وفى الليلة التي أنزل الله عز وجل فيها الفرقان
والله ما ترك ذهبا ولا فضة وما في بيت ماله إلا سبعمائة وخمسون درهما فضلت من عطائه
أراد أن يشترى بها خادما لام كلثوم ثم قال من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا
الحسن بن محمد صلى الله عليه وسلم ثم تلا هذه الآية قوله يوسف (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق
ويعقوب) ثم أخذ في كتاب الله ثم قال أنا ابن البشير أنا ابن النذير وأنا ابن النبي أنا ابن
الداعي إلى الله باذنه وأنا ابن السراج المنير وانا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين وأنا من أهل
البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأنا من أهل البيت الذين افترض
الله عز وجل مودتهم وولايتهم فقال فيما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى) وفى رواية وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى. رواه
الطبراني في الأوسط والكبير باختصار إلا أنه قال ليلة سبع وعشرين من رمضان،
وأبو يعلى باختصار والبزار بنحوه إلا أنه قال ويعطيه الراية فإذا حم الوغى فقاتل
جبريل عن يمينه وقال كانت إحدى وعشرين من رمضان. ورواه أحمد باختصار كثير
وإسناد أحمد وبعض طرق البزار والطبراني في الكبير حسان.

(1) راجع " شذرات الذهب في أخبار من ذهب " لابن العماد.
146

* (باب مناقب طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه) *
* (باب نسبه) *
عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: طلحة بن عبيد الله بن عفان بن عامر بن كعب
ابن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك وأمه الصعبة
بنت الحضرمي وإنما قيل له الحضرمي لأنه كان ببلاد حضرموت قتل بها عمرو بن
ناهض الحميري ثم هرب إلى مكة فحالف حرب بن أمية واسم الحضرمي عبد الله
ابن عامر بن ربيعة بن البر بن بكم بن عوف بن مالك بن عريف بن الخزرج بن إياد
ابن الصدف بن حضرموت بن قحطان من كندة، والصعبة أخت العلاء بن الحضرمي
وأمها عاتكة بنت وهب بن عبد بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب. رواه
الطبراني واسناده حسن.
* (باب صفته رضي الله عنه) *
عن موسى بن طلحة قال كان طلحة بن عبيد الله أبيض يضرب إلى الحمرة
مربوعا هو إلى القصر أقرب رحب الصدر عريض المنكبين إذا التفت التفت
جميعا ضخم القدمين. رواه الطبراني وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن
الواقدي قال كان طلحة بن عبيد الله آدم كثير الشعر ليس بالجعد ولا بالسبط حسن
الوجه دقيق العرنين إذا مشى أسرع وكان لا يغير شيبه قتل يوم الجمل في جمادي سنة
ست وثلاثين. رواه الطبراني ورجاله إلى الواقدي ثقات.
* (باب في كرمه وما سمي به رضي الله عنه) *
عن قبيصة بن جابر قال ما رأيت رجلا قط أعطى الجزيل من المال من غير
مسألة من طلحة بن عبيد الله قال سفيان وكان أهله يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سماه الفياض. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن طلحة بن عبيد الله قال سماني
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد طلحة الخير وفى غزوة ذي العشيرة طلحة الفياض ويوم
حنين طلحة الجود. رواه الطبراني وقال بالسين والشين جميعا فالسين من العسرة
147

وبالشين موضع، وفيه من لم أعرفهم وسليمان بن أيوب الطلحي وثق وضعف. وعن
موسى بن طلحة ان طلحة نحر جزورا وحفر بئرا يوم ذي قرد فأطعمهم وسقاهم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا طلحة الفياض فسمى طلحة الفياض. رواه الطبراني وفيه إسحاق
ابن يحيى بن طلحة وقد وثق على ضعفه. وعن سلمة بن الأكوع قال ابتاع طلحة
ابن عبيد الله بئرا بناحية الجبل فنحر جزورا فأطعم الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنت
يا طلحة الفياض. رواه الطبراني وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم وهو مجمع على
ضعفه. وعن يحيى بن بكير قال كان طلحة بن عبيد الله يكنى أبا محمد. رواه الطبراني
ورجاله ثقات. وعن طلحة بن يحيى عن جدته سعدى قالت دخل على يوما طلحة
فرأيت منه فعلا فقلت له مالك لعله رابك منا شئ فغيبك قال لا ولنعم حليلة المرء المسلم
أنت ولا كبر ولكن اجتمع عندي مال ولا أدري كيف اصنع به قالت وما يغمك
منه ادع قومك فاقسمه بينهم فقال يا غلام قومي فسألت الخازن كم قسم قال
أربعمائة الف. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عمرو بن دينار قال كانت غلة طلحة
كل يوم ألفا وافيا. رواه الطبراني ورجاله ثقات الا انه مرسل.
* (باب جامع في مناقبه رضي الله عنه) *
عن عروة قال: طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد
ابن تيم بن مرة وكان بالشام فقدم وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهمه فضرب له سهمه
قال وأجرى يا رسول الله قال وأجرك يعنى يوم بدر. رواه الطبراني وهو مرسل
حسن الاسناد. وعن أبي هريرة قال تذاكرنا يوم أحد والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلى فلما فرغ
وانصرف من صلاته التفت إلينا فقال ألا أخبركم عن يوم أحد وما معي الا جبريل عن يميني
وطلحة عن يساري. رواه الطبراني في الأوسط وفيه القعقاع بن زكريا الطلحي ولم
أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عائشة أم المؤمنين قالت والله إني لفي
بيتي ذات يوم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الفناء والستر بيني وبينهم إذ أقبل
طلحة بن عبيد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على
الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة. رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط
وفيه صالح بن موسى وهو متروك. وعن طلحة بن عبيد الله قال كان
148

النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشى
على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله. رواه الطبراني وفيه
سليمان بن أيوب الطلحي وقد وثق وضعفه جماعة وفيه جماعة لم أعرفهم. وبسنده
قال كان يوم أحد جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهري حتى استقل وصار على الصخرة
واستتر من المشركين فقال بيده هكذا وأومأ بيده إلى وراء ظهري هذا جبريل
عليه السلام أخبرني انه لا يراك يوم القيامة في هول الا أنقذك منه. وبسنده
قال لما كان يوم أحد أصابني السهم قلت حس (1) فقال لو قلت بسم الله لطارت
بك الملائكة والناس ينظرون إليك. وبسنده قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال سلفي
في الدنيا وسلفي في الآخرة. وبسنده قال كانت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطيئة إلى فأتاه
رجل يسئله إحداهما فقال ذاك طلحة بن عبيد الله فأتاني فأعلمني فأبيت عليه فعاد
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه فقال مثل ذلك فأتاني فأعلمني فأبيت عليه فعاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فرد عليه مثل ذلك فرجع إلى فقلت في نفسي ما بعثه إلا وهو يحب ان يقضى
حاجته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يسأل شيئا إلا فعله فقلت لأنا إلى شور رسول
الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى من راحلته فدفعتها إليه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم سفرا فأراد ان يرحل
له فأتاني فقال أي الراحلتين كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت الطائفية فرحلها
له ثم قربها إليه فلما سارت به انكبت فقال من رحل هذه قالوا فلان قال
ردوها إلى طلحة فردت إلي قال طلحة والله ما غششت أحدا في
الاسلام غيره لكي ترجع إلى راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن
الحرث الأعور الهمذاني قال كنت عند علي بن أبي طالب إذ جاءه ابن طلحة بن عبيد
الله فقال له على مرحبا بك يا ابن أخي إلى ههنا فأقعده معه ثم قال اما والله انى لأرجو
ان أكون انا وأبوك ممن قال الله (ونزعنا ما في صدورهم من غل) الآية. رواه
الطبراني في الأوسط والحرث ضعفه الجمهور وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن
عيسى بن طلحة قال كان يوم قتل ابن اثنتين وستين سنة قال الواقدي وقتل يوم الجمل
في جمادى سنة ست وثلاثين. وفى رواية عن المهاجر بن قنفذ قال قتل طلحة وهو

(1) هي كلمة يقولها الانسان إذا أصابه ما يمضه ويزعجه.
149

ابن أربع وستين سنة ودفن بالبصرة في ناحية ثقيف، وفى اسنادهما الواقدي وهو
ضعيف. وعن يحيى بن بكير قال قتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل في جمادي
سنة ست وثلاثين وسنة ثنتان وخمسون سنة والزبير أسن منه وكان يكنى أبا محمد.
وراه الطبراني عن يحيى هكذا. وعن قيس بن أبي حازم قال رأيت مروان
ابن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته فما زال يسيح إلى أن.
مات. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح وعن طلحة بن مصرف أن عليا انتهى
إلى طلحة بن عبيد الله وقد مات فنزل عن دابته وأجلسه فجعل يمسح الغبار عن
وجهه ولحيته وهو يترحم عليه وهو يقول ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن قيس بن عباد قال شهدت عليا يوم الجمل
يقول لابنه حسن يا حسن وددت اني مت منذ عشرين سنة. رواه الطبراني وإسناده جيد.
(باب مناقب الزبير بن العوام رضي الله عنه)
قال الطبراني: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب
ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك يكنى أبا عبد الله أمه صفية عمة رسول
الله صلى الله عليه وسلم. وعن يحيى بن بكير قال كان الزبير يكنى أبا عبد الله. رواه الطبراني.
وعن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير قال كان الزبير أبيض طويلا
نحيفا خفيف العارضين. رواه الطبراني وعبد الله يروى الموضوعات. وعن عروة
فيمن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى أسد بن عبد العرى: الزبير بن العوام
ابن أسد. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن عروة قال كان الزبير بن العوام
طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة أشعر وربما أحدب بشعر كتفيه.
رواه الطبراني وفيه أبو غزية ضعفه الجمهور ووثقه الحاكم وابن أبي الزناد مختلف فيه.
وعن عروة قال أول من سل سيفا في سبيل الله الزبير بن العوام، ورجاله ثقات.
وعن شيخ قدم من الموصل قال صحبت الزبير بن العوام في بعض أسفاره فأصابته
جنابة بأرض قفر فقال استرني فسترته فحانت منى التفاتة إليه فرأيته مجدعا بالسيوف
فقلت والله لقد رأيت بك أثارا ما رأيتها بأحد قط قال وقد رأيت ذلك قلت نعم قال
أما والله ما منها جراحة إلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى سبيل الله. رواه الطبراني
150

والشيخ الموصلي لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن مطيع بن الأسود.
قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول والله لو عهدت عهدا أو
تركت تركة لكان أحب إلى أن أجعلها إلى الزبير بن العوام فإنه ركن من
أركان الدين. وراه الطبراني وإسناده حسن. وعن أبي الأسود قال أسلم الزبير بن
العوام وهو ابن ثمان سنين وهاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة وكان عم الزبير يعلق
الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار وهو يقول ارجع إلى الكفر فيقول الزبير
لا أكفر أبدا. رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه مرسل. وعن هشام بن
عروة قال أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة ولم يتخلف عن غزوة غزاها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل وهو ابن بضع وستين سنة وهو من البصرة على نحو بريد.
رواه الطبراني وهو مرسل صحيح. وعن عبد الله بن الزبير أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي حواري والزبير حواري وابن عمتي. رواه أحمد والبزار
والطبراني وإسناد أحمد المتصل رجاله رجال الصحيح. وعن الزبير بن بكار قال
التقى علي بن أبي طالب والزبير بن العوام يوم الجمل فقال على للزبير ان لم يقاتل
معنا فلا تعن علينا فقال الزبير أتحب أن أرجع عنك قال نعم وكيف لا أحب ذلك
وأنت ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن خال رسول الله صلى
الله عليه وسلم وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قوله حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى خلصان رسول الله
صلى الله عليه وسلم وسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لان عائشة بنت أبي
بكر زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسماء بنت أبي بكر زوج الزبير، وقوله سلف رسول
الله صلى الله عليه وسلم لان الزبير أول من سل سيفا في سبيل الله، وقوله ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمه صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله وابن خال رسول الله صلى الله عليه وسلم لان أم النبي
صلى الله عليه وسلم أمنة بنت وهب والزبير من رهطها. رواه الطبراني منقطع الاسناد. وعن
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي حواري وحواريي الزبير. رواه البزار
ورجاله ثقات. وعن نافع قال سمع ابن عمر رجلا يقول يا ابن حواري رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إن كنت من آل الزبير وإلا فلا. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن
151

الزبير قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة أو في غداة باردة فذهب ثم جئت
ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه بعض نسائه في لحاف فطرح على طرف ثوبه أو طرف الثوب.
رواه البزار وفيه إسحق بن إدريس وهو متروك. وعن ابن عمر أن الزبير
استأذن عمر في الجهاد فقال اجلس فقد جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البزار
وإسناده حسن. وعن الزبير بن العوام قال دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولولدي ولولد ولدى
فسمعت أبي يقول لأخت لي كانت أسن منى يا بنية يعني انك ممن أصابته دعوة
رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو يعلى وفيه محمد بن الحسن بن زبالة (1) وهو متروك.
وعن ابن عون قال هؤلاء الأخيار قتلوا قتلا ثم بكى فقال قاتل الزبير
حتى فعل ذلك مرارا فقال قاتل الزبير أقبل على الزبير فأقبل الزبير عليه فقال
أذكرك الله فكف عنه الزبير حتى فعل ذلك مرارا فقال الزبير قاتله الله يذكرنا
الله ثم ينساه. رواه الطبراني واسناده منقطع ورجاله ثقات. وعن يحيى بن بكير
قال قتل الزبير بن العوام يوم الجمل في جمادى لا أدرى الأولى أو الآخرة سنة
ست وثلاثين، وأخبرني الليث عن أبي الأسود أنه أخبره عروة أن الزبير أسلم
وهو ابن ثمان سنين وكان يكنى أبا عبد الله فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة
ثلاث عشرة فهو يوم قتل ابن سبع وخمسين وإن كان أقام عشر سنين فالزبير ابن
أربع وخمسين سنة. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن محمد بن عبد الله بن
نمير قال قتل الزبير وهو ابن أربع وستين وقتل سنة ست وثلاثين. رواه
الطبراني واسناده منقطع. وعن هشام بن عروة قال أسلم الزبير وهو ابن ست
عشرة وقتل وهو ابن بضع وستين. رواه الطبراني وهو مرسل ورجاله رجال
الصحيح. وعن أسماء بنت أبي بكر قالت فقال حسان:
أقام على عهد النبي وهديه * حواريه والقول بالفعل يعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي * يصول إذا ما كان يوم محجل
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها (2) * بأبيض سباق إلى الموت يرمل
وإن كان أمر كانت صفية أمه * ومن أسد في بيتها لمؤثل

(1) في الأصل " زيادة " ولعله تحريف.
(2) أي أوقدها.
152

رواه الطبراني في حديث طويل قد تقدم في كتاب الأدب ويأتي في الشعر وأبوابه
في أواخر الكتاب.
(باب مناقب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه)
(باب في سنه وصفته رضي الله عنه)
عن سعد يعني ابن أبي وقاص أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من
أنا قال سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف من قال غير ذلك فعليه لعنة الله.
رواه الطبراني والبزار مسندا ومرسلا ورجال المسند وثقوا. وعن مصعب بن
عبد الله الزبيري قال أم سعد بن أبي وقاص حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس
ابن عبد مناف وأمها بنت أبي سرح بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن
حسل بن لؤي بن غالب. رواه الطبراني. وعن عائشة بنت سعد قالت كان أبى
رجلا قصيرا دحداحا (1) غليظا ذا هامة شثن الأصابع (2) وقد شهد بدرا. رواه
الطبراني وفيه الواقدي وهو ضعيف. وعن إسماعيل بن محمد بن سعد قال كان
سعد بن أبي وقاص جعد الشعر أشعر الجسد طويلا أفطس. رواه الطبراني وفيه
عبد العزيز بن عمران وهو متروك. * (باب إجابة دعوته رضي الله عنه) *
عن عامر يعنى الشعبي قال قيل لسعد بن أبي وقاص متى أجبت الدعوة قال
يوم بدر كنت أرمى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فأضع السهم في كبد القوس ثم أقول
اللهم زلزل أقدامهم وارعب قلوبهم وافعل بهم وافعل فيقول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم
استجب لسعد. رواه الطبراني واسناده حسن. وقد تقدم في وقعة أحد أن السهام
التي رمى بها يومئذ ألف سهم. وعنه قال سمعني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ادعو فقال اللهم
استجب له إذا دعاك. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، ويأتي حديث ابن
عباس في الباب الذي يليه. وعن سعيد بن المسيب قال خرجت جارية لسعد يقال
لها زيرا وعليها قميص حرير فكشفها الريح فشد عليها عمر بالدرة وجاء سعد

(1) الدحداح: القصير السمين.
(2) أي غليظها.
153

ليمنعه فتناوله بالدرة فذهب سعد يدعو على عمر فناوله عمر الدرة وقال اقتص فعفا
عن عمر. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن قيس يعنى ابن أبي حازم قال كان لابن
مسعود على سعد مال فقال له ابن مسعود أد المال الذي قبلك فقال له والله لا رآك
لاق منى شرا هل أنت إلا ابن مسعود وعبد من هذيل فقال أجل والله إني لابن
مسعود وانك لابن حمنة فقال لهما هاشم بن عتبة إنكما صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر
الناس إليكما فطرح سعد عودا كان في يده ثم رفع يده فقال اللهم رب السماوات
فقال له ابن مسعود قل قولا ولا تلعن فسكت ثم قال سعد لولا اتقاء الله لدعوت
عليك دعوة ما تخطئك. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أسد بن
موسى وهو ثقة مأمون. وعن عامر بن سعد قال بينما سعد يمشى إذ مر برجل
وهو يشتم عليا وطلحة والزبير فقال له سعد انك تشتم أقواما قد سبق لهم من الله
ما سبق والله لتكفن عن شتمهم أو لأدعون الله عز وجل عليك قال يخوفني كأنه
نبي فقال سعد اللهم إن كان يشتم أقواما قد سبق لهم منك ما سبق فاجعله
اليوم نكالا فجاءت بختية (1) فأفرج الناس لها فتخبطته فرأيت الناس يتبعون سعدا
يقولون استجاب الله لك يا أبا إسحاق. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن قبيصة بن جابر قال ابن عم لنا يوم القادسية:
ألم تر أن الله أنزل نصره * وسعد بباب القادسية معصم
فأبنا وقد أيمت نساء كثيرة * ونسوة سعد ليس فيهم أيم
فبلغ سعدا قوله فقال عيى لسانه ويده فجاءت نشابة فأصابت فاه فخرس
ثم قطعت يده في القتال احملوني على باب فخرج به محمولا ثم كشف عن
ظهره وفيه قروح فأخبر الناس بعذره فعذروه وكان سعد لا يحين، وفى رواية
يقاتل حتى ينزل الله نصره وقال وقطعت يده وقتل. رواه الطبراني باسنادين
رجال أحدهما ثقات. (باب جامع في مناقبه رضي الله عنه)
عن سعد قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أستخبر له خبرا فذهبت وأنا أسعى حتى

(1) البختية: الأنثى من الجمال.
154

صرت إلى القوم ثم جئت وأنا أمشى على هينتي حتى صرت إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فسألني فأخبرته فقال ذهبت شديدا ثم جئت على هينتك أو كما
قال فقلت يا رسول الله انى كرهت أن أسعى فيظن بي القوم أنى قد فرقت
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن سعدا لمجرب. رواه البزار واسناده حسن. وعن جابر بن
سمرة قال أول من رمى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم رمى به سعد. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. غير أبي خالد الوالبي وهو ثقة. وعن عبد الله يعنى
ابن مسعود قال أول من رمى بسهم في سبيل الله سعد. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط وفيه العلاء بن عمرو الحنفي وهو متروك. وعن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع
له أبويه قال كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم سعد ارم
فداك أبي قال فنزعت بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فوقع وانكشفت
عورته فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى نواجذه قلت في الصحيح بعضه
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أسد بن الدرداء رضوان الله عليهم
أجمعين. رواه الطبراني في الأوسط وفيه مندل بن علي وهو ضعيف وقد وثق.
وعن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا ان الجنة اشتاقت إلى أربعة
من أصحابي فأمرني ربي ان أحبهم فانتدب صهبب الرومي وبلال بن رباح وطلحة
والزبير وسعد بن أبي وقاص وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فقالوا يا رسول
الله من هؤلاء الأربعة حتى نحبهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمار عرفك الله المنافقين
وأما هؤلاء الأربعة فأحدهم علي بن أبي طالب والمقداد بن الأسود الكندي
والثالث سلمان الفارسي والرابع أبو ذر الغفاري. رواه الطبراني في الأوسط
ورجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس. وعن بريدة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال إن جبريل عليه السلام أتاني فقال إن ربك يحب من أصحابك أربعة
ويأمرك أن تحبهم قال بعض أصحابه سمهم لنا يا رسول الله قال أما إن عليا منهم
حتى إذا كان الغد قالوا يا رسول الله النفر الذين أخبرك الله أنه يحبهم قال على
وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي قلت رواه الترمذي
وغيره باختصار رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد النور بن عبد الله
155

كذبه شعبة ووثقه ابن حبان. وعن نافع عن ابن عمر قال قيل له إنك قد
أحسنت الثناء علي عبد الله بن مسعود قال وما يمنعني من ذلك وقد سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرؤوا القرآن عن أربعة عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبى
حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ثم قال لقد هممت أن أبعثهم إلى الأمم
كما بعث عيسى الحواريين قيل يا رسول الله ألا تبعث أبا بكر وعمر فهما أفضل قال إنه
لا غنى بي عنهما انهما من الدين بمنزلة السمع والبصر من الرأس. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه حماد بن عمر النصيبي وهو متروك. وعن عائشة قالت ثلاثة
من الأنصار لم يكن أحد من الناس يعتد عليهم فضلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن
معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات
الا ان ابن إسحاق عنعنه. وعن علي قال خرج زيد بن حارثة إلي مكة فقدم بابنة
حمزة بن عبد المطلب فقال جعفر بن أبي طالب انا أحلها وانا أحق بها بنت عمي
وعندي خالتها وإنما الخالة أم فقال على انا أحق بها منكما بنت عمى وعندي بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أحق بها وانا ارفع صوتي اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجتي
قبل ان يخرج فقال زيد بل انا أحق بها خرجت إليها وسافرت وجئت بها قال
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما شأنكم فأعادوا عليه مثل قولهم فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم سأقضي بينكم في هذا وفى غيره قلت نزل القرآن في رفعنا أصواتنا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد اما أنت فمولاي ومولاها قال قد رضيت يا رسول الله واما
أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي وأنت من شجرتي التي خلقت منها قال قد
رضيت يا رسول الله واما أنت يا علي فصفيي وأميني قال رضيت يا رسول الله واما
الجارية فأقضي بها لجعفر تكون مع خالتها وإنما الخالة أم قال قد سلمنا يا رسول
الله قلت رواه أبو داود باختصار رواه البزار ورجاله ثقات. وعن علي قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انه لم يكن نبي الا وقد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء وأني
أعطيت أربعة عشر حمزة وجعفر وعلى وحسن وحسين وأبو بكر وعمر
وعبد الله بن مسعود وأبو ذر والمقداد وحذيفة وعمار وسلمان وبلال قلت عزاه
في الأطراف لبعض روايات الترمذي ولم أجده في نسختي رواه البزار واحمد
156

وزاد وعبد الله بن مسعود، والطبراني باختصار وذكر فيهم في بعض طرقه مصعب
ابن عمير، وفيه كثير النواء وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. وعن
سهل بن يوسف بن سهل عن أبيه عن جده قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع
صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ان أبا بكر لم يسؤني قط
فاعرفوا ذلك له يا أيها الناس انى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير
وسعد وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين والأنصار راض فاعرفوا ذلك لهم أيها
الناس احفظوني في أصحابي وأصهاري وأختاني لا يطلبنكم الله بمظلمة منهم أيها
الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين وإذا مات أحد منهم فقولوا فيه
خيرا. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن عبد الله بن
عمرو قال ثلاثة من قريش أصبح قريش وجوها وأحسنها أخلاقا وأثبتها جنانا
إن حدثوك لم يكذبوك وإن حدثتهم لم يكذبوك أبو بكر الصديق وأبو عبيدة
ابن الجراح وعثمان بن عفان. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن عبادة بن
الصامت قال خلوت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أي أصحابك أحب إليك
حتى أحب من تحب كما أحب قال اكتم على يا عبادة حياتي قلت نعم قال أبو بكر
ثم عمر ثم على ثم سكت فقلت ثم من قال من عسى أن يكون بعد هؤلاء إلا الزبير
وطلحة وسعد وأبو عبيدة ومعاد وأبو طلحة وأبو أيوب وأنت يا عبادة وأبى
ابن كعب وأبو الدرداء وابن مسعود وابن عوف وابن عفان ثم هؤلاء الرهط
من الموالي سلمان وصهيب وبلال وسالم مولى أبى حذيفة هؤلاء خاصتي وكل
أصحابي على كريم إلى حبيب وإن كان عبدا حبشيا قال قلت لم تذكر حمزة ولا
جعفرا فقال عبادة إنهما كانا أصيبا يوم سألت إنما كان باخرة أو كما قال. رواه
الطبراني وفيه إسحق بن إبراهيم روى عن أبي قلابة ذكره في الميزان ولم يذكر
فيه كلاما لأحد وإنما ذكر أن له حديثا في الفضائل باطل ولم أدر ما بطلانه والله
إعلم. وعن قيس بن أبي حازم قال سئل علي عن عبد الله بن مسعود فقال
قرأ القرآن ووقف عند متشابهه وأحل حلاله وحرم حرامه وسئل عن عمار
فقال مؤمن نسي إذا ذكر ذكر وقد حشي ما بين قرنه إلى كعبه ايمانا وسئل عن حذيفة
157

فقال كان أعلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنافقين وسأل عن المعضلات
حتى عقل عنها تجدوه بها عالما قال فحدثنا عن سلمان قال من لكم بمثل لقمان
الحكيم امرؤ منا أهل البيت أدرك العلم الأول والآخر وقرأ الكتاب الأول
والكتاب الآخر بحر الاسراف قلنا حدثنا عن عمار بن ياسر قال امرؤ خلط الايمان
بلحمه ودمه وشعره وبشره حيث زال زال معه لا ينبغي للنار أن تأكل منه شيئا
قلنا فحدثنا عن نفسك قال مهلا نهى الله عن التزكية قال له رجل فان الله عز وجل
يقول (وأما بنعمة ربك فحدث) قال فاني أحدث بنعمة ربى كنت والله إذا سألت
أعطيت وإذا سكت ابتدئت. رواه الطبراني من طريقين وفى أحسنهما حبان بن علي وقد اختلف فيه، وبقية رجالها رجال الصحيح. وعن ربعي بن حراش قال
استأذن عبد الله بن عباس على معاوية وقد علقت عنده بطون قريش
وسعيد بن العاص جالس عن يمينه فلما رآه معاوية مقبلا قال يا سعيد والله
لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال له سعيد ليس مثل ابن عباس
يعيا بمسائلك فلما جلس قال له معاوية ما تقول في أبى بكر قال رحم الله
أبا بكر كان والله للقرآن تاليا وعن الميل نائيا وعن الفحشاء ساهيا وعن
المنكر ناهيا وبدينه عارفا ومن الله خائفا وبالليل قائما وبالنهار صائما ومن
دنياه سالما وعلى عدل البرية عازما وبالمعروف آمرا واليه صائرا وفى الأحول
شاكرا ولله في الغدو والرواح ذاكرا ولنفسه بالمصالح قاهرا فاق أصحابه ورعا
وكفافا وزهدا وعفافا وبرا وحياطة وزهادة وكفاءة فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى
يوم القيامة، قال معاوية فما تقول في عمر بن الخطاب قال رحم الله أبا حفص كان
والله حليف الاسلام ومأوى الأيتام ومحل الايمان وملاذ الضعفاء ومعقل الحنفاء
للخلق حصنا وللبأس عونا قام بحق الله صابرا محتسبا حتى أظهر الله الدين وفتح
الديار وذكر الله في الأقطار والمناهل وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع وعند
الخنا وقورا وفى الشدة والرخاء شكورا ولله في كل وقت وأوان ذكورا فأعقب الله
من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة، قال معاوية فما تقول في عثمان بن عفان قال
رحم الله أبا عمرو وكان الله أكرم الحفدة وأوصل البررة وأصبر الغزاة هجادا
158

بالأسحار كثير الدموع عند ذكر الله دائم الفكر فيما يعنيه الليل والنهار ناهضا
إلي كل مكرمة يسعى إلى كل منجبة فرارا من كل موبقة وصاحب الجيش والبئر
وختن المصطفى على أبنيته فأعقب الله من سبه الندامة إلى يوم القيامة، قال معاوية
فما تقول في علي بن أبي طالب قال رحم الله أبا الحسن كان والله علم الهدى وكهف
التقى ومحل الحجا وطود البها ونور السرى في ظلم الدجى داعيا إلى المحجة العظمى
عالما بما في الصحف الأولى وقائما بالتأويل والذكرى متعلقا بأسباب الهدى وتاركا
للجور والأذى وحائدا عن طرقات الردى وخير من آمن واتقى وسيد من
تقمص وارتدى وأفضل من حج وسعى وأسمح من عدل وسوى وأخطب أهل الدنيا
إلا الأنبياء والنبي المصطفى وصاحب القبلتين فهل يوازيه موحد وزوج خير الذماء
وأبو السبطين مل تر عيني مثله ولا ترى إلى يوم القيامة واللقاء من لعنة فعليه لعنة
الله والعباد إلى يوم القيامة، قال فما تقول في طلحة والزبير قال رحمة الله عليهما
كانا والله عفيفين برين مسلمين طاهرين متطهرين شهيدين عالمين زلا زلة والله غافر
لهما إن شاء الله بالنصرة القديمة والصحبة القديمة والأفعال الجميلة، قال معاوية فما
تقول في العباس قال رحم الله أبا الفضل كان والله صنو أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرة
عين صفي الله كهف الأقوام وسيد الأعمام قد علا بصرا بالأمور ونظرا بالعواقب
قد زانه علم قد تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته وتباعدت الأنساب عند
فخر عشيرته ولم لا يكون كذلك وقد ساسه أكرم من دب وهب عبد المطلب
أفخر من مشى من قريش وركب، قال معاوية فلم سميت قريش قريشا قال بدابة
تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطرا لا تظفر بشئ من دواب البحر
الا أكلته فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالا قال هل تروى في ذلك شيئا فأنشد قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا * تترك فيها لذي جناحين (1) ريشا
هكذا (2) في الكتاب حي قريش * يأكل البلاد أكلا حشيشا (3)

(1) في الأصل " حاجين ".
(2) في الأصل " هكذا كان ".
(3) راجع " القصد والأمم في التعريف بأنساب العرب والعجم لابن عبد البر ".
159

ولهم آخر الزمان نبي * يكثر القتل فيهم والخموشا
تملأ الأرض خيله ورجال * يحشرون المطي حشرا كميشا
قال صدقت يا ابن عباس اشهد انك لسان أهل بيتك فلما
خرج ابن عباس من عنده قال ما كلمته قط الا وجدته مستعدا.
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن مسروق قال شاممت أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة عمر وعلى وعبد الله ومعاد وأبى
الدرداء وزيد بن ثابت ثم شاممت الستة فوجدت علمهم انتهى إلي علي وعبد الله.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير القاسم بن معين وهو ثقة. وعن سعيد
ابن عبد العزيز قال كان العلماء بعد معاذ بن جبل عبد الله بن مسعود وأبو
الدرداء وسلمان وعبد الله بن سلام وكان العلماء بعد هؤلاء زيد بن ثابت وكان
بعد زيد بن ثابت عمر وابن عباس. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
قلت وقد تقدمت أحاديث في فضل جماعة من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وغيرهما
رضي الله عنهم قبل مناقب عمر وبعد مناقب أبى بكر رضي الله عنهما. وعن هشام بن عروة
قال قالت عائشة رضي الله عنها وما علم أبي سعيد وأنس بأحاديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم وإنما كانا غلامين صغيرين. رواه الطبراني الا ان هشاما لم يدرك
عائشة، ورجاله رجال الصحيح.
* (باب فضل أهل بدر والحديبية رضي الله عنهم) *
عن أبي هريرة ان رجلا من الأنصار عمى فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخطط لي في داري مسجدا لأصلي فيه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد
اجتمع إليه قومه فتغيب رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل فلان فذكره بعض
القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس قد شهد بدرا قالوا نعم ولكنه
كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل الله اطلع إلى أهل بدر
فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قلت رواه أبو داود وابن ماجة باختصار
كثير رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وعن عبد الله بن أوفى قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى لأرجو أن لا يدخل النار أحد جاز العقبة.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، ورواه البزار بنحوه. وعن أبي سعيد
160

الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الحديبية قال لا توقدوا نارا بليل فلما
كان بعد ذلك قال أوقدوا واصطنعوا فإنه لن يدرك أحد بعدكم مدكم ولا صاعكم.
رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا وفى بعضهم خلاف. وعن ابن عباس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليدخلن الجنة من بايع تحت الشجرة الا صاحب الجمل الأحمر. رواه
البزار ورجاله رجال الصحيح غير خداش بن عياش وهو ثقة. وعن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن لا يدخل النار من شهد
بدرا إن شاء الله. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. قلت ويأتي باب في فضل
المهاجرين والأنصار في أواخر مناقب الصحابة رضي الله عنهم.
* (باب فضل إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم) *
عن أنس بن مالك قال كانت سرية النبي صلى الله عليه وسلم أم
إبراهيم في مسربة لها وكان قبطي يأوى إليها ويأتيها بالماء والحطب فقال الناس في
ذلك علج يأوى إلى علجة فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل علي بن أبي طالب فأمره بقتله
فانطلق فوجده على نخلة فلما رأى القبطي السيف مع علي وقع فألقى الكساء الذي
عليه فاقتحم فإذا هو مجبوب فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
أرأيت إذا أمرت أحدنا بأمر ثم رأيت غير ذلك أيراجعك قال نعم فأخبره بما
رأى من أمر القبطي قال فولدت أم إبراهيم فكان النبي صلى الله عليه وسلم منه في
شك حتى جاءه جبريل عليه السلام فقال السلام عليك يا إبراهيم فاطمأن إلى
ذلك. رواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف. وعن عبد الله
ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم إبراهيم مارية القبطية أم ولده وهي
حامل منه بإبراهيم فوجد عندها نسيبا لها كان قدم معها من مصر فأسلم وحسن اسلامه وكان يدخل على أم إبراهيم مارية القبطية وانه رضى لمكانه من أم
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجب نفسه فقطع ما ين رجليه حتى لم يبق لنفسه قليلا
ولا كثيرا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم إبراهيم فوجد قريبها عندها فوقع
في نفسه من ذلك شئ كما يقع في أنفس الناس فرجع متغير اللون فلقي عمر فأخبره
بما وقع في نفسه من قريب أم إبراهيم فأخذ السيف وأقبل يسعى حتى دخل على
161

مارية فوجد قريبها ذلك عندها فأهوى إليه بالسيف ليقتله فلما رأى ذلك منه كشف
عن نفسه فلما رأى ذلك عمر رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبرك يا عمر إن جبريل صلى الله عليه
وسلم أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها مما وقع في نفسي
وبشرني أن في بطنها غلاما منى وأنه أشبه الناس بي وأمرني أن أسميه إبراهيم
وكناني بأبي إبراهيم ولولا انى أكره أن أحول كنيتي التي عرفت بها لتكنيت
باب إبراهيم كما كناني جبريل عليه السلام. رواه الطبراني وفيه هاني بن المتوكل
وهو ضعيف. وعن السدى قال سألت أنس بن مالك قلت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
على ابنه إبراهيم قال لا أدرى رحمة الله على إبراهيم لو عاش لكان صديقا نبيا. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في ابنه
إبراهيم ان له مرضعا في الجنة. رواه أحمد وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف ولكنه
من رواية شعبة عنه ولا يروى عنه شعبة كذبا وقد صح من غير حديث البراء.
وعن ابن أبي أوفى وقيل له هل رأيت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم مات
وهو صغير أشبه الناس به صلى الله عليه وسلم قلت هو في الصحيح غير ذكر الشبه رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبيد بن جناد الحلبي وهو ثقة.
وعن سيرين قالت حضرت موت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت كلما صحت
وأختي صاح النساء ولا ينهانا فلما مات نهانا عن الصياح وحمله إلى شفير القبر
والعباس إلى جنبه ونزل في القبر الفضل بن العباس وأسامة بن زيد وأنا أبكي
فما نهاني وكسفت الشمس فقال الناس هذا لموت إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
انها لا تنكسف لموت أحد ولا لحياته ورأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجة في القبر فامر
بها أن تسد فقيل يا رسول الله تنفعه فقال أما انها لا تنفعه ولا تضره ولكن تضر
بعين الحي ومات يوم الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الأول سنة عشر. رواه الطبراني
باسنادين في أحدهما الواقدي وفى الآخر محمد بن الحسن بن زبالة وكلاهما متروك.
(باب في فضل أهل البيت رضي الله عنهم) عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى تارك فيكم خليفتين كتاب الله
162

عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل
بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض. رواه أحمد واسناده جيد. وعن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما أبدا كتاب
الله ونسبي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض. رواه البزار وفيه صالح بن موسى
الطلحي وهو ضعيف. وعن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى
مقبوض وأني قد تركت فيكم الثقلين يعنى كتاب الله وأهل بيتي وانكم لن تضلوا
بعدهما وانه لن تقوم الساعة حتى يبتغى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تبتغى
الضالة فلا توجد. رواه البزار وفيه الحرث وهو ضعيف. وعن عبد الرحمن
ابن عوف قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة انصرف إلى الطائف حاصرها سبع
عشرة أو تسع عشرة ثم قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بعترتي
خيرا وان موعدكم الحوض والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو
لأبعثن إليكم رجلا منى أو كنفسي يضرب أعناقكم ثم أخذ بيد على فقال هذا. رواه
البزار وفيه طلحة بن جبر وهو ضعيف. وعن ابن عمر قال آخر ما تكلم بن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخلفوني في أهل بيتي. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عاصم بن عبيد
الله وهو ضعيف. وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى تارك فيكم
الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض
وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض. رواه الطبراني في
الأوسط وفى واسناده رجال مختلف فيهم. وعن زيد بن أرقم قال نزل رسول الله
صلى الله عليه وسلم الجحفة ثم أقبل على الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
إني لا أجد لنبي إلا نصف عمر الذي قبله وأني أوشك أن
أدعى فأجيب فما أنتم قائلون قالوا نصحت قال أليس تشهدون أن لا إله الا الله
وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق قالوا نشهد قال فرفع يده
فوضعها على صدره ثم قال. أنا اشهد معكم ثم قال الا تسمعون قالوا نعم قال فاني فرط
على الحوض وأنتم واردون على الحوض وان عرضه ما بين صنعاء وبصرى فيه
أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين فنادى مناد وما
163

الثقلان يا رسول الله قال كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم
فتمسكوا به لا تضلوا والآخر عشيرتي وان اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفرقا
حتى يردا على الحوض فسألت ذلك لهما ربى فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا
عنهما فتهلكوا ولا تعلموهما فهم أعلم منكم ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال من
كنت أولى به من نفسه فعلى وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وفي
رواية أخصر من هذه فيه عدد الكواكب من قدحان الذهب والفضة وقال فيها أيضا
الأكبر كتاب الله والأصغر عترتي. وفى رواية لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من
حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن (1) ثم قام كأني قد دعيت
فأجبت وقال في آخره فقلت لزيد أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما كان
في الدوحات أحد الا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه صلى الله عليه وسلم قلت في الصحيح طرف
منه وفى الترمذي منه من كنت مولاه فعلي مولاه. وفى سند الأول والثاني حكيم
ابن جبير وهو ضعيف. وعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال لما صدر رسول الله
صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع نهى أصحابه عن سمرات (2) متفرقات بالبطحاء أن ينزلوا
تحتهن ثم بعث إليهن فقم ما تحتهن من الشوك وعمد إليهن فصلى عندهن ثم قام فقال
يا أيها الناس انه قد نبأني اللطيف الخبير انه لم يعمر نبي الا نصف عمر الذي يليه
من قبله وأني لأظن يوشك ان أدعى فأجيب وأني مسؤول وأنتم مسؤولون
فماذا أنتم قائلون قالوا نشهد انك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا قال
أليس تشهدون ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وان جنته حق وناره
حق وان الموت حق وان البعث حق بعد الموت وان الساعة آتية لا ريب فيها
وان الله يبعث من في القبور قالوا بلى نشهد بذلك قال اللهم اشهد ثم قال يا أيها
الناس ان الله مولاي وانا مولى المؤمنين وانا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه
فهذا مولاه يعني عليا رضي الله عنه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثم قال
يا أيها الناس انى فرط وأنتم واردون على الحوض حوض ما بين بصرى إلى صنعاء
فيه عدد النجوم قد حان من فضة وأني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني

(1) أي كنسن.
(2) السمر: نوع من الشجر.
164

فيهما الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله عز وجل وطرفه
بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف
الخبير انهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض. رواه الطبراني وفيه زيد بن الحسن
الأنماطي قال أبو حاتم منكر الحديث، ووثقه ابن حبان، وبقية رجال أحد
الاسنادين ثقات. وعن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال دخلت على رسول الله
صلى الله عليه وسلم في شكاته التي قبض فيها فإذا فاطمة رضي الله عنها عند رأسه قال فبكت حتى
ارتفع صوتها فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إليها فقال حبيبتي فاطمة ما الذي
تبكيك فقالت أخشى الضيعة بعدك فقال يا حبيبتي اما علمت أن الله عز وجل اطلع إلى الأرض
اطلاعه فاختار منها أباك فبعثه برسالته ثم اطلع إلى الأرض اطلاعته فاختار منها بعلك
وأوحى إلى أن أنكحك إياه يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم تعط
الاحد قبلنا ولا تعطى أحدا بعدنا انا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله وأحب
المخلوقين إلى الله عز وجل وأنا أبوك ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله وهو
بعلك وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله وهو عمك حمزة بن عبد المطلب وعم
بعلك ومنا من له جناحان أخضران يطير مع الملائكة في الجنة حيث شاء وهو
ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين
وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما يا فاطمة والذي
بعثني بالحق ان منهما مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا (1) وتظاهرت
الفتن وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيرا ولا صغير يوقر
كبيرا فيبعث الله عز وجل عند دلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا
يقوم بالدين آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت
جورا يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فان الله عز وجل ارحم بك وارأف عليك منى
وذلك لمكانك من قلبي وزوجك الله زوجا وهو أشرف أهل بيتك حسبا وأكرمهم
منصبا وارحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية وقد سألت ربي عز وجل
ان تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي قال علي رضي الله عنه فلما قبض النبي

(1) يريد القتال والاختلاط.
165

صلى الله عليه وسلم لم تبق فاطمة رضي الله عنها بعده الا خمسة وسبعين يوما حتى ألحقها الله عز
وجل به صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه الهيثم بن حبيب قال
أبو حاتم منكر الحديث وهو متهم بهذا الحديث. وعن أبي أيوب الأنصاري قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة نبينا خير الأنبياء وهو أبوك وشهيدنا خير
الشهداء وهو عم أبيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو
ابن عم أبيك جعفر ومنا سبطا هذه الأمة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدى.
رواه الطبراني في الصغير وفيه قيس بن الربيع وهو ضعيف وقد وثق، وبقية
رجاله ثقات. وعن أم سلمة قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي
يوما إذ قالت الخادم ان عليا وفاطمة بالسدة قالت فقال لي رسول الله صلى الله
عليه وسلم قومي فتنحي لي عن أهل بيتي قالت فقمت فتنحيت في البيت قريبا فدخل علي
وفاطمة ومعهما ابناهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران فاخذ الصبيين فوضعهما
في حجره فقبلهما واعتق عليا بإحدى يديه وفاطمة باليد الأخرى فقبل فاطمة وقبل
عليا فأغدق عليهم خميصة (1) سوداء فقال اللهم إليك لا إلى النار انا وأهل بيتي قالت فقلت
انا يا رسول الله قال وأنت. رواه أحمد. وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك فجاءت بهم فألقى عليهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم كساءا كان تحتي خيبريا أصبناه من خيبر ثم قال اللهم هؤلاء آل محمد عليه السلام
فجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم انك حميد مجيد
قلت رواه الترمذي باختصار الصلاة رواه أبو يعلى وفيه عقبة بن عبد الله الرفاعي
وهو ضعيف. وعن أم سلمة قالت جاءت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم متوركة الحسن والحسين في يدها برمة (2) للحسن فيها سخين حتى أتت
بها النبي صلى الله عليه وسلم فلما وضعتها قدامه قال أين أبو حسن قالت في البيت فدعاه فجلس
النبي صلى الله عليه وسلم وعلى وفاطمة والحسن والحسين يأكلون قالت أم سلمة وما سامني النبي صلى الله
عليه وسلم وما اكل طعاما وأنا عنده الا سامنيه قبل ذلك اليوم تعنى سامني دعاني إليه فلما
فرغ التف عليهم بثوبه ثم قال اللهم عاد من عاداهم ووال من والاهم. رواه أبو

(1) هي ثوب خز أو صوف معلم.
(2) أي قدر.
166

يعلى واسناده جيد. وعن شداد أبى عمار قال دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده
قوم فذكروا عليا رضي الله عنه فلما قاموا قال ألا أخبرك بما رأيت من رسول
الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى قال أتيت فاطمة رضي الله عنها أسألها عن علي قالت توجه إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه حسن وحسين فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومعه حسن وحسين أخذ كل واحد منهما بيد حتى دخل فأدنى عليا وفاطمة
وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذ ثم لف عليهم ثوبه أو كساءه
ثم تلا هذه الآية (انا يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق. رواه أحمد وأبو يعلى باختصار
وزاد إليك لا إلى النار، والطبراني وفيه محمد بن مصعب وهو ضعيف الحديث سئ الحفظ
رجل صالح في نفسه. وعن أبي عمار أيضا قال إني لجالس عند واثلة بن الأسقع
إذ ذكروا عليا فشتموه فلما قاموا قال اجلس أخبرك عن الذي شتموا إني عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم
فألقى عليهم كساءا له ثم قال اللهم أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا فقلت يا رسول الله وأنا قال وأنت قال والله انها لا وثق عملي في نفسي،
وفى رواية انها لا رجى ما أرجو. رواه الطبراني باسنادين ورجال السياق رجال
الصحيح غير كلثوم بن زياد ووثقه ابن حبان وفيه ضعف. وعن واثلة بن الأسقع
قال خرجت وأنا أريد عليا فقيل لي هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأممت إليهم
فأجدهم في حظيرة من قصب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة وحسن
وحسين قد جعلهم تحت ثوب قال اللهم إنك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك
ورضواك علي وعليهم. رواه الطبراني وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو متروك.
وعن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت هذه الآية في خمسة
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في وفي علي
وفاطمة وحسن وحسين. رواه البزار وفيه بكير بن يحيى بن زبان وهو ضعيف. وعن
أبي سعيد الخدري أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فعدهم في يده
فقال خمسة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى وفاطمة والحسن والحسين وقال أبو
167

سعيد في بيت أم سلمة نزلت هذه الآية. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عطية
وهو ضعيف. وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أهل بيتي
كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق ومن قاتلنا في
آخر الزمان كمن قاتل مع الدجال. رواه البزار والطبراني في الثلاثة
وفى اسناد البزار الحسن بن أبي جعفر الجفري وفى اسناد الطبراني عبد الله بن داهر
وهما متروكان. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أهل بيتي مثل
سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق. رواه البزار والطبراني وفيه
الحسن بن أبي جعفر وهو متروك. وعن عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. رواه
البزار وفيه ابن لهيعة وهو لين. وعن أبي سعيد الخدري قال سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها
غرق وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له.
رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن ابن عباس قال
لما نزلت (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) قالوا يا رسول الله ومن
قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناهما. رواه الطبراني
وفيه جماعة ضعفاء وقد وثقوا. وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ان لله عز وجل حرمات ثلاثا من حفظهن حفظ الله له أمر دينه
ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئا حرمة الاسلام وحرمتي وحرمة رحمي.
رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه إبراهيم بن حماد وهو ضعيف. وعن
عمرو بن شعيب أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فحدثته أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان عند أم سلمة فحمل حسنا من شق وحسنا من شق وفاطمة في
حجره فقال (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد). رواه الطبراني
في الأوسط وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف. وعن أبي الحمراء قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأتي باب فاطمة ستة أشهر فيقول (إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). رواه الطبراني وفيه أبو داود الأعمى وهو
168

ضعيف. وعن أبي برزة قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة عشر
شهرا فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة فقال الصلاة عليكم (إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس) الآية. رواه الطبراني وفيه عمر بن شبيب المسلي وهو ضعيف. وعن أبي
سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى باب علي رضي الله عنه
أربعين صباحا بعد ما دخل على فاطمة فقال السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله
وبركاته (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم. وعن علي أنه دخل على النبي صلى
الله عليه وسلم وقد بسط شملة (1) فجلس عليها هو وعلى وفاطمة والحسن والحسين ثم أخذ
النبي صلى الله عليه وسلم بمجامعه فعقد عليهم ثم قال اللهم ارض عنهم كما أنا عنهم راض.
رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبيد بن طفيل وهو ثقة
كنيته أبو سيدان. وعن صبيح قال كنت بباب النبي صلى الله عليه وسلم فجاء
على وفاطمة والحسن والحسين فجلسوا ناحية فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا فقال إنكم
على خير وعليه كساء خيبري فجللهم به وقال أنا حرب لمن حاربكم سلم لمن
سالمكم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم. وعن أبي هريرة قال نظر
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم فقال أنا
حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم. رواه أحمد والطبراني وفيه تليد بن سليمان
وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن علي قال دخل على سول الله
صلى الله عليه وسلم وأنا نائم على المنامة فاستسقى الحسن والحسين فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
شاة لنا بكئ (2) فحلبها فدرت فجاء الحسن فنحاه النبي صلى الله عليه وسلم فقالت
فاطمة كأنه أحبهما إليك يا رسول الله قال لا ولكنه استسقى قبله ثم قال إني وإياك
وهذين وهذا الراقد في مكان واحد. رواه أحمد والبزار الا أنه قال أتانا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا والحسن والحسين نيام في لحاف أو في شعار فاستسقى الحسن
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إناء فصب في القدح فجاء به فوثب
الحسين فقال بيده فقالت فاطمة كأنه أحبهما إليك يا رسول الله قال إنه استسقى

(1) الشملة: كساء يتغطى ويتلفف به.
(2) أي قليلة اللبن.
169

قبله وإني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة. رواه الطبراني
بنحوه الا أنه قال فقام إلى قربة لنا فجعل يمصرها (1) في القدح وقال وأنهما
عندي بمنزلة واحدة، وأبو يعلى باختصار وفى اسناد أحمد قيس بن الربيع وهو
مختلف فيه، وبقية رجال أحمد ثقات. وعن أبي جعفر محمد بن علي قال قلنا لعبد
الله بن جعفر حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت منه ولا
تحدثنا عن غيرك وإن كان ثقة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين
السرة إلى الركبة عورة وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الصدقة تطفئ
غضب الرب وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شرار أمتي الذين
ولدوا في النعيم وغذوا به يأكلون من الطعام ألوانا يتشدقون في الكلام وسمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا بني هاشم انى قد سألت الله لكم أن يجعلكم نجباء رحماء
وسألته أن يهدى ضالكم ويؤمن خائفكم ويشبع جائعكم ورأيت في يمين النبي
صلى الله عليه وسلم قثاء وفى شماله رطبات وهو يأكل من ذا مرة ومن ذا مرة
وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة وأرغفة فجعل يأكل ويأكلون
وسمعته يقول عليكم بلحم الظهر فإنه من أطيبه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب قل يا أيها الكافرون وقل هو
الله أحد وكان مهر فاطمة بدن (2) حديد وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأتاه العباس فقال يا رسول الله انى انتهيت إلى قوم يتحدثون فلما رأوني سكتوا
وما ذاك الا لأنهم يبغضونا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قد فعلوها
والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدهم حتى يحبكم أيرجون أن يدخلوا الجنة بشفاعتي
ولا يرجوها بنو عبد المطلب قلت في الصحيح منه أكل القثاء بالرطب وروى
ابن ماجة منه أطيب اللحم لحم الظهر رواه الطبراني في الأوسط وفيه أصرم بن
حوشب وهو متروك. وفى رواية لا يؤمن أحدكم حتى يحبكم بحبي. رواها في
الصغير باختصار كثير. وعن شهر بن حوشب قال أقام رجال خطباء يسبون عليا
حتى كان آخرهم رجل من الأنصار يقال له أنيس والله لقد سمعت رسول الله صلى

(1) أصل المصر: الحلب بثلاث أصابع (2) البدن: الدرع من الزرد وقيل هي القصيرة منها.
170

الله عليه وسلم يقول إني لأشفع يوم القيامة لأكثر مما على الأرض من شجر وحجر
وأيم الله ما أحد أوصل لرحمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أفيرجوها
غيره ويقصر عن أهل بيته. رواه البزار وفيه من لم أعرفه. وعن أبي سعيد الخدري
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة ذات يوم وعلى نائم وهي مضطجعة وابناهما
إلى جنبهما فاستسقى الحسن فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقحة (1) لهم فحلب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأتى به فاستيقظ الحسين فجعل يعالج أن يشرب قبله حتى بكى فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخاك استسقى قبلك فقالت فاطمة كأن الحسن
آثر عندك فقال ما هو بآثر عندي منه وأنهما عندي بمنزلة واحدة وأني وإياك وهما
وهذا النائم لفي مكان واحد يوم القيامة. رواه الطبراني وفيه كثير بن يحيى
وهو ضعيف ووثقه ابن حبان. وعن عمرو بن شعيب أنه دخل على زينب بنت أبي
سلمة فحدثتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند أم سلمة فدخل عليها
الحسن والحسين وفاطمة فجعل الحسن من شق والحسين من شق وفاطمة في
حجره وقال رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد وأنا وأم سلمة
جالستين فبكت أم سلمة فنظر إليها فقال ما يبكيك فقالت يا رسول الله خصصت هؤلاء
وتركتني أنا وابنتي فقال أنت وابنتك من أهل البيت. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط باختصار وفيه ابن لهيعة وهو لين. وعن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم يا بني عبد المطلب انى سألت الله لكم ثلاثا أن يثبت قائمكم
ويعلم جاهلكم ويهدي ضالكم وسألته أن يجعلكم جوداء رحماء فلو أن رجلا
صفن (2) بين الركن والمقام وصلى وصام ثم مات وهو مبغض لآل بيت محمد
صلى الله عليه وسلم دخل النار. رواه الطبراني عن شيخه محمد بن زكريا الغلابي
وهو ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات
فان في روايته عن المجاهيل بعض المناكير، قلت روى هذا عن سفيان الثوري (3)
وبقية رجاله رجال الصحيح وقد تقدم في حديث طويل في هذا الباب من

(1) اللقحة بالكسر والفتح: القريبة العهد بالنتاج، وناقة لقوح: إذا كانت
كثيرة اللبن.
(2) أي وقف.
(3) قلت لم يدرك سفيان كما في هامش الأصل.
171

حديث عبد الله بن جعفر. وعن الحسن بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الزموا
مودتنا أهل البيت فإنه من لقى الله عز وجل وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا
والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله الا بمعرفة حقنا. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه ليث بن أبي سليم وغيره. وعن الحسن بن علي أنه قال يا معاوية بن خديج
إياك وبغضنا فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبغضنا ولا يحسدنا أحد
إلا ذيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
عبد الله بن عمرو الواقفي وهو كذاب. وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته وهو يقول أيها الناس من أبغضنا
أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهوديا فقلت يا رسول الله وان صام وصلى قال
وان صام وصلى وزعم أنه مسلم احتجر بذلك من سفك دمه وأن يؤدى الجزية
عن يد وهم صاغرون مثل لي أمتي في الطين فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلى
وشيعته. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم. وعن أبي جميلة أن
الحسن بن علي حين قتل على استخلف فبينا هو يصلى بالناس إذ وثب إليه
رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرض منها أشهرا ثم قام فخطب على المنبر
فقال يا أهل العراق اتقوا الله فينا فانا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت
الذين قال الله عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في المسجد إلا باكيا. رواه الطبراني
ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بغض بني هاشم
والأنصار كفر وبغض العرب نفاق. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن
سلمان قال أنزلوا آل محمد بمنزلة الرأس من الجسد وبمنزلة العينين من الرأس فان
الجسد لا يهتدي إلا بالرأس وإن الرأس لا يهتدى إلا بالعينين. رواه الطبراني
وفيه زياد بن المنذر وهو متروك. وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه وان الله تعالى
جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب رضي الله عنه. رواه الطبراني وفيه يحيى
ابن العلاء وهو متروك. وعن فاطمة الكبرى قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل
172

بنى أم ينتمون إلى عصبة الا ولد فاطمة. فانا وليهم وأنا عصبتهم. رواه الطبراني
وأبو يعلى وفيه شيبة بن نعامة ولا يجوز الاحتجاج به. وعن ابن عباس قال جاء
العباس يعود النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فرفعه فأجلسه على سريره فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم رفعك الله يا عم فقال له العباس هذا علي يستأذن فقال بدخل فدخل
ومعه الحسن والحسين فقال له العباس هؤلاء ولدك يا رسول الله قال وهم ولدك يا عم
قال أتحبهما قال أحبك الله كما أحبهما. رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه
محمد بن يحيى الحجري وهو ضعيف. وعن أبي هريرة أن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قال يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة قال فاطمة أحب إلى
منك وأنت أعز على منها وكأني بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس وان عليه
لأباريق مثل عدد نجوم السماء وأني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل
وجعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين أنت معي وشيعتك في الجنة ثم قرأ
رسول الله صلى الله عليه وسلم (إخوانا على سرر متقابلين) لا ينظر أحد في قفا
صاحبه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلمى بن عقبة ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. وعن عثمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنع إلى أحد من ولد عبد المطلب
يدا فلم يكافئه بها في الدنيا فعلى مكافأته غدا إذا لقيني. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف. وعن ثوبان مولى رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأهله فذكر عليا وفاطمة وغيرهما فقلت
يا رسول الله أنا من أهل البيت قال نعم ما لم تقم على باب سدة أو تأتى أميرا تسئله.
رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن جابر أنه سمع عمر بن الخطاب
يقول للناس حين تزوج بنت على ألا تهنئوني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي. رواه الطبراني
في الأوسط والكبير باختصار ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو
ثقة. وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة
الا سببي ونسبي. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أم بكر بنت المسور بن مخرمة أن
الحسن بن علي خطب إلى المسور بن مخرمة ابنته فزوجه وقال سمعت رسول الله
173

صلى الله عليه وسلم يقول كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي. رواه الطبراني
وفيه إبراهيم بن زكريا العبدسي ولم أعرفه. وعن أبي موسى الأشعري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وعلى وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبة تحت
العرش. رواه الطبراني وفيه حيان الطائي ولم أعرفه. وعن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أنا وعلى وفاطمة وحسن وحسين مجتمعون ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب
حتى يفرق بين العباد فبلغ ذلك رجلا من الناس فسألت عنه فأخبر به فقال كيف
بالعرض والحساب فقلت له كيف لصاحب ياسين بذلك حين أدخل الجنة من
ساعته. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن أبي رافع أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه أنا أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن
والحسين وذرارينا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذرارينا وشيعتنا عن أيماننا وعن
شمائلنا. رواه الطبراني وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف. وعن سلمة بن
الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال النجوم جعلت أمانا لأهل السماء وأن أهل بيتي أمان
لامتي. رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو متروك. وعن ابن عباس
(سلام على إلياسين (1)) قال نحن آل محمد صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه موسى بن
عمير القرشي وهو كذاب. وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم
خيركم لأهلي من بعدي، قال أبو خيثمة الناس يقولون لأهله وقال هذا لأهلي.
رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (2).
* (باب ما جاء في الحسن بن علي رضي الله عنه) *
عن سودة بنت مسرح قالت كنت فيمن حضر فاطمة رضي الله عنها حين
ضربها المخاض في نسوة فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال كيف هي قلت إنها لمجهودة يا رسول
الله قال إذا هي وضعت فلا تسبقني فيه بشئ قال فوضعت فسروه ولفوه في خرقة
صفراء فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما فعلت فقلت قد وضعت غلاما وسررته ولففته في
خرقة فقال عصيتني قلت أعوذ بالله من معصيته ومن غضب رسوله صلى الله عليه وسلم قال فائتني

(1) في الأصل " آل ياسين " ولعلها قراءة.
(2) هنا في هامش الأصل: بلغ.
174

به فأتيته به فألقى عنه الخرقة الصفراء ولفه في خرقة بيضاء وتفل رسول الله صلى الله
عليه وسلم في فيه وألبأه بريقه (1) فجاء علي رضي الله عنه فقال ما سميته يا علي قال سميته
جعفر قال لا ولكن حسن وبعده حسين وأنت أبو حسن، وفى رواية وأنت أبو
حسن الخير. رواه الطبراني باسنادين في أحدهما عمر بن فيروز وعمر بن عمير ولم
أعرفهما، وبقية رجاله وثقوا. وعن علي بن أبي طالب قال خطبت إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ابنته فاطمة قال فباع علي رضي الله عنه درعا له وبعض ما باع من
متاعه فبلغ أربعمائة وثمانين درهما وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ثلثيه
في الطيب وثلثا في الثياب ومج في جرة من ماء فأمرهم أن يغتسلوا به قال وأمرها
أن لا تسبقه برضاع ولدها قال فسبقته برضاع الحسين وأما الحسن فإنه صلى الله
عليه وسلم فإنه وضع في فيه شيئا لا ندري ما هو فكان أعلم الرجلين. رواه أبو
يعلى ورجاله ثقات. وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى
فإذا سجد وثب الحسن عليه السلام على ظهره وعلى عنقه فرفع رسول الله صلى
الله عليه وسلم رفعا رفيقا لئلا يصرع قالوا يا رسول الله رأيناك صنعت بالحسن شيئا
ما رأيناك صنعته بأحد قال إنه ريحانتي من الدنيا وان ابني هذا سيد وعسى الله أن
يصلح به بين فئتين، وفى رواية يثب على ظهره يفعل ذلك غير مرة. رواه أحمد
والبزار والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة وقد وثق.
وعن أبي سعيد قال جاء حسن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد
فركب على ظهره فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى قام ثم ركع فقام على ظهره فلما
قام أرسله فذهب. رواه البزار وفي اسناده خلاف. وعن الزبير قال لقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا حتى جاء الحسن بن علي فصعد على ظهره
فما أنزله حتى كان هو الذي نزل وإن كان ليفرج له رجليه فيدخل من ذا الجانب
ويخرج من ذا الجانب الآخر. رواه الطبراني وفيه علي بن عابس وهو
ضعيف. وعن البهى قال قلت لعبد الله بن الزبير أخبرني بأقرب الناس شبها برسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال الحسن بن علي كان أقرب الناس شبها برسول الله صلى الله

(1) أي صبه في فيه كما يصب اللبأ في فم الصبي وهو أول ما يحلب عند الولادة.
175

عليه السلام وأحبهم إليه كان يجئ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد فيقع على ظهره فلا
يقوم حتى يتنحى ويجئ فيدخل تحت بطنه فيفرج له رجليه حتى يخرج. رواه
البزار وفيه علي بن عابس وهو ضعيف. وعن ابن أبي مليكة قال كانت فاطمة
رضي الله عنها تنقر الحسن وتقول بني شبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بشبيه علي عليه
السلام. رواه أحمد وهو مرسل وفيه زمعة بن صالح وهو لين. وعن كليب
ابن شهاب قال ذكر الحسن بن علي عند ابن عباس فقال إنه كان يشبه رسول الله صلى
الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله ثقات الا أن كليبا لا أعرف له سماعا من
الصحابة. وعن علي قال أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين رأسه إلى نحره
الحسن. رواه الطبراني واسناده جيد. وعن زهير بن الحرث قال بينما الحسن بن علي
يخطب بعد ما قتل على رضي الله عنهما إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال لقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته يقول من أحبني فليحبه فليبلغ الشاهد الغائب
ولولا عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثتكم. رواه أحمد وفيه من
لم أعرفه. وعن أبي هريرة قال سمعت أذني هاتان وأبصرت عيني هاتان
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بكفيه جميعا حسنا أو حسينا وقدماه على قدمي رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول حزقة حزقه ارق عين بقة فيرقى الغلام فيضع
قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال افتح فاك ثم قبله ثم قال اللهم
من أحبه فاني أحبه. رواه الطبراني وفيه أبو مزرد ولم أجد من وثقه، وبقية رجاله
رجال الصحيح. وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ حسنا
فيضمه إليه فيقول اللهم ان هذا ابني فأحبه وأحب من يحبه. رواه الطبراني وفيه
عثمان بن أبي الكنات وفيه ضعف. وعن سعيد بن زيد بن نفيل أن النبي صلى الله
عليه وسلم احتضن حسنا وقال اللهم إني أحبه فأحبه. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير يزيد بن حيس وهو ثقة. وعن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
للحسن بن علي اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه قلت هو في الصحيح غير قوله
وأحب من يحبه رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وأبو يعلى ورجال الكبير رجال
الصحيح. وعن رجاء بن ربيعة قال كنت جالسا بالمدينة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في حلقة
176

فيها أبو سعيد وعبد الله بن عمرو فمر الحسن بن علي فسلم فرد عليه القوم وسكت عبد
الله بن عمرو ثم اتبعه فقال وعليك السلام ورحمة الله ثم قال هذا أحب أهل الأرض
إلى أهل السماء والله ما كلمته منذ ليال صفين فقال أبو سعيد ألا تنطلق إليه فتعتذر
إليه قال نعم قال فقام فدخل أبو سعيد فاستأذن فأذن له ثم استأذن لعبد الله بن
عمرو فدخل فقال أبو سعيد لعبد الله بن عمرو حدثنا بالذي حدثتنا به حيث مر الحسن
فقال نعم أنا أحدثكم إنه أحب أهل الأرض إلى أهل السماء قال فقال له الحسن
إذ علمت أنى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء فلم قاتلتنا أو كثرت يوم صفين
قال أما إني والله ما كثرت سوادا ولا ضربت معهم بسيف ولكني حضرت مع أبي
أو كلمة نحوها قال أما علمت أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله قال بلى ولكني
كنت أسرد الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكاني أبى إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن عبد الله بن عمرو يصوم النهار ويقوم الليل قال
صم وأفطر وصل ونم فاني أنا أصلى وأنام وأصوم وأفطر قال لي يا عبد الله أطع
أباك فخرج يوم صفين وخرجت معه. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير
هاشم بن البريد وهو ثقة. قلت وتأتي له طريق في فضل الحسين أيضا. وعن
عمير بن إسحاق قال رأيت أبا هريرة لقى الحسن بن علي فقال له اكشف عن
بطنك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل منه فكشف عن بطنه فقبله، وفى رواية
فقبل سرته. رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال فكشف عن بطنه ووضع يده على
سرته، ورجالهما رجال الصحيح غير عمير بن إسحاق وهو ثقة. وعن معاوية قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه أو قال شفته يعنى الحسن بن علي
وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن أبي عوف وهو ثقة. وعن عبد الرحمن
ابن أبي عوف قال قال عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي لمعاوية إن الحسن
ابن علي عيي فقال معاوية لا تقولا ذلك فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تفل في فيه ومن
تفل في فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس بعيي فقال الحسن بن علي أما أنت
يا عمرو فتنازع فيك رجلان فانظر أيهما أباك واما أنت يا أبا الأعور فان رسول الله
177

صلى الله عليه وسلم لعن رعلا وذكوان وعمرو بن سفيان. رواه الطبراني عن
شيخه محمد بن عون السيرافي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن المقبري قال
كنا مع أبي هريرة فجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما فسلم فرد عليه القوم ومعنا
أبو هريرة لا يعلم فقيل له هذا حسن بن علي يسلم فلحقه فقال وعليك يا سيدي
فقيل له تقول يا سيدي فقال أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه سيد. رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحسن بن علي
إن ابني هذا سيد وليصلحن الله به بين فئتين من المسلمين عظيمتين. رواه الطبراني
في الأوسط والكبير والبزار وفيه عبد الرحمن بن مغراء وثقه غير واحد وفيه
ضعف، وبقية رجال البزار رجال الصحيح. وعن الحسن قال وأظنه عن أنس
رفعه قال ابني هذا سيد يعنى الحسن قال وكان يشبهه أو نحو هذا. رواه البزار
ورجاله رجال الصحيح. وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحسن سيد
شباب أهل الجنة. رواه البزار وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف. وعن رقبة بن
مصقلة قال لما حصر الحسين بن علي رضي الله عنهما قال أخرجوني إلى الصحراء
لعلى أتفكر أنظر في ملكوت السماوات يعنى الآيات فلما اخرج به قال
اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس على وكان مما صنع الله له أنه
احتسب نفسه. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا إلا أن رقبة لم يسمع من
الحسن فيما أعلم وقد سمع من أنس فيما قيل. وعن شرحبيل قال كنت مع الحسين
ابن علي واخرج بسرير الحسن بن علي فأراد أن يدفنه مع النبي صلى الله عليه
وسلم فخاف أن يمنعه بنو أمية فلما انتهوا به إلى المسجد قامت بنو أمية فقام عبد الله
ابن جعفر فقال إني سمعته يقول إن منعوني فادفنوني مع أمي. رواه الطبراني
وفيه شرحبيل بن سعد وهو ضعيف. وعن ميمون بن مهران قال كان ابن عباس
رضي الله عنهما لما كف بصره يقول لقائده إذا أدخلتني على معاوية فسددني
لفراشه ثم أرسل يدي لا يشمت بي معاوية ففعل ذلك يوما فقال معاوية لبعض
جلسائه ليغتمن فلما جلس معه على فراشه قال يا أبا عباس آجرك الله في الحسن
ابن علي قال أمات قال نعم فقال رحمة الله ورضوانه عليه وألحقه بصالح سلفه أما
178

والله يا معاوية لا تسد حفرته ولا تأكل رزقه ولا تخلد بعده ولقد رزئنا بأعظم
فقدا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فما خذلنا الله بعده. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن
محمد الزهري وقد وثق وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن الهيثم
ابن عدي قال هلك الحسن بن علي رضي الله عنه سنة أربع وأربعين قال هكذا
قال الهيثم بن عدي وخولف. وعن أبي نعيم قال وفيها مات الحسن بن علي وسعد
ابن أبي وقاص سنة ثمان وخمسين. وعن أبي بكر بن حفص قال توفى الحسن
ابن علي سنة ثمان وأربعين. وعنه قال توفى الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص
بعدما مضى من إمرة معاوية عشر سنين. وعن أبي بكر بن أبي شيبة قال مات
الحسن بن علي سنة ثمان وأربعين. وعن يحيى بن بكير قال توفى الحسن بن علي
سنة تسع وأربعين وصلى عليه سعيد بن العاص وكان موته بالمدينة سنة ست أو
سبع وأربعون ويكنى أبا محمد. وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال مات الحسن
ابن علي رضي الله عنهما وهو ابن سبع وأربعين ويكنى أبا محمد. قلت وأسانيد
وفاته كلها صحيحة إلى قائلها.
* (باب فيما اشترك فيه الحسن والحسين رضي الله عنهما من الفضل) *
عن أبي هريرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومعه الحسن والحسين عليهما السلام هذا على عاتقه وهذا على عاتقه
يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا فقال رجل يا رسول الله إنك لتحبهما
قال من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني قلت رواه ابن ماجة باختصار
رواه أحمد ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف، ورواه البزار. وعن عطاء بن يسار
أن رجلا أخبره أنه رآى النبي صلى الله عليه وسلم يضم إليه حسنا وحسينا يقول اللهم إني
أحبهما فأحبهما. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فإذا سجد وثب الحسن والحسين على
ظهره فإذا أرادوا ان يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما فإذا قضى الصلاة وضعهما
في حجره وقال من أحبني فليحب هذين. رواه أبو يعلي والبزار وقال فإذا قضى
179

الصلاة ضمهما إليه، والطبراني باختصار ورجال أبى يعلى ثقات وفى بعضهم خلاف.
وعنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للحسن والحسين اللهم إني أحبهما فأحبهما ومن أحبهما
فقد أحبني. رواه البزار واسناده جيد. وعن قرة بن إياس أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال للحسن والحسين إني أحبهما أو اللهم إني أحبهما فأحبهما. رواه البزار
وفيه زياد بن أبي زياد وثقه ابن حبان وقال يهم، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين اللهم إني أحبهما فأحبهما.
رواه البزار وإسناده حسن. وعنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للحسن
والحسين من أحبني فليحبهما. رواه البزار ورجاله وثقوا وفيهم خلاف. وعنه قال وقف
رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيت فاطمة فسلم فخرج إليه الحسن أو الحسين فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم ارق بأبيك عين بقة وأخذ بأصبعيه فرقى على عاتقه ثم خرج الآخر
من بقعة أخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارق بأبيك أنت عين البقة وأخذ بأصبعيه
فاستوى على عاتقه الآخر وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقفيتهما حتى وضع أفواههما على
فيه ثم قال اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما قلت في الصحيح بعضه
رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم. وعن أبي هريرة أيضا ان مروان اتاه في
مرضه الذي مات فيه فقال مروان لأبي هريرة ما وجدت عليك في شئ منذ
اصطحبنا الا في حبك الحسن والحسين قال فتحفز أبو هريرة فجلس فقال اشهد
لخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا ببعض الطريق سمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم الحسن والحسين وهما يبكيان وهما مع أمهما فأسرع السير حتى أتاهما فسمعته
يقول ما شأن ابني فقالت العطش قال فأخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شنة (1) يبتغى
فيها ماءا وكان الماء يومئذ أغدارا والناس يريدون فنادى هل أحد منكم معه ماء
فلم يبق أحد الا أخلف بيده إلى كلامه يبتغى الماء في شنه فلم يجد أحد منهم قطرة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناوليني أحدهما فناولته إياه من تحت الخدر فرأيت بياض
ذراعيها حين ناولته فأخذه فضمه إلى صدره وهو يضغو (2) ما يسكت فأدلع لسانه
فجعل يمصه حتى هدأ أو سكن فلم اسمع له بكاءا والآخر يبكى كما هو ما يسكت ثم قال

(1) الشن والشنة: السقاء الخلق، وهو أشد تبريدا من الجديد (2) يصيح.
180

ناوليني الآخر فناولته إياه ففعل به كذلك فسكتا فلم اسمع لهما صوتا ثم قال سيروا
فصدعنا يمينا وشمالا عن الظعائن حتى لقيناه على قارعة الطريق فأنا
لا أحب هذين وقد رأيت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين من أحبهما
أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن أحبه الله أدخله جنات نعيم ومن أبغضهما
أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله جهنم وله عذاب مقيم. رواه
الطبراني وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وعن أبي أيوب الأنصاري
قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين
يديه أو في حجره فقلت يا رسول الله أتحبهما فقال وكيف لا أحبهما وهما ريحانتاي
من الدنيا أشمهما. رواه الطبراني وفيه الحسن بن عنبسة وهو ضعيف. وعن سعد
يعنى ابن أبي وقاص قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين يلعبان
على بطنه فقلت يا رسول الله أتحبهما فقال ومالي لا أحبهما وهما ريحانتاي. رواه
البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن يعلى بن مرة قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسين منى وأنا منه أحب الله من أحبه الحسن والحسين
سبطان من الا بساط قلت رواه الترمذي باختصار ذكر الحسن رواه الطبراني
واسناده حسن. وعن أبي هريرة قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم العشاء الآخرة فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا رفع
رأسه أخذهما من خلفه أخذا رفيقا ويضعهما عن ظهره فإذا عاد عادا حتى قضى صلاته
أقعدهما على فخذيه قال فقمت إليه فقلت يا رسول الله أردهما فبرقت برقة فقال
لهما الحقا بأمكما قال فمكث ضوؤها حتى دخلا على أمهما. رواه أحمد والبزار
باختصار وقال في ليلة مظلمة، ورجال أحمد ثقات. وعن أنس قال كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يسجد فيجئ الحسن والحسين فيركب ظهره فيطيل السجود
فيقال يا نبي الله أطلت السجود فيقول ارتحلني ابني فكرهت أن أعجله. رواه
أبو يعلى وفيه محمد بن ذكوان وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن عمر يعنى ابن الخطاب قال رأيت الحسن والحسين على عاتقي
181

النبي صلى الله عليه وسلم فقلت نعم الفرس تحتكما فقال النبي صلى الله عليه وسلم
ونعم الفارسان. رواه أبو يعلى في الكبير ورجاله رجال الصحيح ورواه البزار
باسناد ضعيف. وعن جابر قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشى على أربعة وعلى
ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول نعم الجمل جملكما ونعم العدلان
أنتما. رواه الطبراني وفيه مسروح أبو شهاب وهو ضعيف. وعن البراء بن عازب
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فجاء الحسن والحسين أو أحدهما
فركب على ظهره فكان إذا رفع رأسه قال بيده فأمسكه أو أمسكهما قال نعم المطية
مطيتكما. رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وعن سلمان قال كنا
حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت أم أيمن فقالت يا رسول الله لقد ضل
الحسن والحسين قال وذاك رأد النهار يقول ارتفاع النهار فقال النبي صلى الله عليه وسلم قوموا فاطلبوا
ابني وأخذ كل رجل تجاه وجهه وأخذت نحو النبي صلى الله عليه وسلم فلم
يزل حتى أتى سفح جبل وإذا الحسن والحسين رضي الله عنهما ملتزق كل واحد
منهما صاحبه وإذا شجاع (1) قادم على ذنبه يخرج من فيه شرر النار فأسرع إليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم فالتفت مخاطبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انساب فدخل بعض
الأجحار (2) ثم أتاهما فأفرق بينهما ثم مسح وجوههما وقال بأبي وأمي أنتما ما أكرمكما
على الله ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن والآخر على عاتقه الأيسر فقلت طوباكما
نعم المطية مطيتكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعم الراكبان هما وأبوهما خر منهما. رواه
الطبراني وفيه أحمد بن راشد الهلالي وهو ضعيف. وعن علي قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. رواه الطبراني بأسانيد وفيها
الحرث الأعور وهو ضعيف. وعن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لفاطمة رضي الله عنها والله ما من نبي الا ولد الأنبياء غيري وان ابنيك سيدا
شباب أهل الجنة الا ابني الخالة يحيى وعيسى. رواه الطبراني ورجاله ثقات وفى بعضهم
ضعف. وعن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحسن والحسين
سيدا شباب أهل الجنة. رواه الطبراني وفيه حكيم بن حزام أبو سمير وهو متروك.

الشجاع بالضم والكسر: الحية الذكر، وقيل الحية مطلقا.
(2) في الأصل " الا حجرة ".
182

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ملكا من السماء لم
يكن زارني فاستأذن الله في زيارتي فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب
أهل الجنة. رواه الطبراني وفيه مروان الذهلي ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن حذيفة بن اليمان قال بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت عنده
شخصا فقال لي يا حذيفة هل رأيت قلت نعم قال هذا ملك لم يهبط منذ بعثت أتاني
الليلة يبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب (1) أهل الجنة قلت رواه الترمذي
باختصار رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه أبو عمر الأشجعي ولم أعرفه
أو أبو عمرة، وبقية رجاله ثقات. وعن حذيفة أيضا قال رأينا في وجه رسول الله
صلى الله عليه وسلم السرور يوما من الأيام فقلنا يا رسول الله لقد رأينا في وجهك تباشير السرور
فقال كيف لا أسر وقد أتاني جبريل عليه السلام فبشرني ان الحسن والحسين
سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما أفضل منهما. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن
عامر أبو الأسود الهاشمي ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا وفي عاصم بن بهدلة
خلاف. وعن قرة بن إياس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا
شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما. رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن زياد
ابن أنعم وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن ملك بن الحويرث قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.
رواه الطبراني وفيه عمران بن أبان وملك بن الحسن وهما ضعيفان وقد وثقا.
وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن وحسين
سيدا شباب أهل الجنة. رواه الطبراني وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف. وعن
أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه زياد الجصاص وهو متروك ووثقه ابن

(1) يقول المحبي في جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين: قيل يفهم منه ان الجنة
فيها شباب وغير شباب وليس الامر كذلك بل كل من فيها شباب على ما وردت
به الاخبار، وأجاب ابن الحاجب عنه بأمور ثلاثة أحدها وهو الظاهر أنه سماهم
باعتبار ما كانوا عليه عند مفارقته الدنيا... إلى آخر ما فصله المحبي هنالك.
183

حبان وقال ربما يهم. وعن الحسين بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن
والحسين سيدا شباب أهل الجنة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم.
وعن البراء يعنى ابن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب
أهل الجنة. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن انس بن مالك قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فخرت الجنة على النار فقالت انا خير منك فقالت النار
بل انا خير منك فقالت لها الجنة استفهاما ومم قالت لان في الجبابرة ونمرود
وفرعون فأسكتت فأوحى الله إليها لا تخضعين لأزينن ركنيك بالحسن والحسين
فماست كما تميس العروس في خدرها. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عباد بن صهيب
وهو متروك. وعن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين
شنفا العرش وليسا بمعلقين وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استقر أهل الجنة في الجنة
قالت الجنة يا رب وعدتني ان تزينني بركنين من أركانك قال ألم أزينك بالحسن
والحسين. رواه الطبراني في الأوسط وفيه حميد بن علي وهو ضعيف. وعن ابن عباس
قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فلما كان في الرابعة اقبل الحسن والحسين
حتى ركبا على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم وضعهما بين يديه واقبل الحسن فحمل
رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن على عاتقه الأيمن والحسين على عاتقه الأيسر ثم قال
أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدا وجدة الا أخبركم بخير الناس عما وعمة الا
أخبركم بخير الناس خالا وخالة الا أخبركم بخير الناس أبا وأما الحسن والحسين
جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدتهما خديجة بنت خويلد وأمهما فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبوهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعمهما جعفر بن أبي طالب
رضي الله عنه وعمتها أم هانئ بنت أبي طالب وخالهما القاسم بن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وخالاتهما زينب وأم رقية وأم كلثوم بنات رسول الله صلى
الله عليه وسلم جدهما في الجنة وأبوهما في الجنة وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة
وعمتهما في الجنة وخالاتهما في الجنة وهما في الجنة ومن أحبهما في الجنة. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط وفيهما أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي
وهو متروك. وعن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انها أتت
184

بالحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه التي توفى فيها فقالت يا رسول الله
هذان ابناك فورثهما شيئا فقال أما حسن فله هيبتي وسؤددي وأما حسين فله
جرأتي وجودي. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن أبي رافع قال جاءت
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن وحسين إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه فقالت هذان ابناك فورثهما شيئا فقال لها أما
حسن فله ثباتي وسؤددي وأما حسين فان له حزامتي وجودي. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه من لم أعرفهم. وعن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا أتاه رجل يقول على رقبة من ولد إسماعيل قول عليك بحسن
وحسين. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي شداد قال كنت ألاعب الحسن
والحسين بالمداحي (1) فإذا مادحاني ركباني وإذا مادحتهما قالا تركب بضعة
من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني باسنادين وأبو شداد لم
أعرفه، وفي أحد الاسنادين إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه غير واحد وضعفه
جماعة، وبقية رجاله ثقات.
* (باب مناقب الحسين بن علي عليهما السلام) *
عن بشر بن غالب قال كنت مع أبي هريرة فرأى الحسين بن علي وقال
يا أبا عبد الله لقد رأيك على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خضبتهما دما حين أتى
بك حين ولدت فسررت فلفك في خرفة ولقد تفل في فيك ولقد تكلم بكلام
لا أدرى ما هو ولقد كانت فاطمة سبقته بسرة الحسن فقال لا تسبقيني بهذا.
رواه الطبراني وفيه ضرار بن صرد وهو متروك. وعن محمد بن الضحاك بن عثمان
الحزامي قال كان جسد الحسين شبه جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني
ورجاله ثقات وقد تقدمت أحاديث نحو هذا. وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال
لم يكن بين الحسن والحسين الا طهرا. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
الا ان محمد بن علي لم يدرك ذلك. وعن علي يعنى ابن أبي طالب قال قال رسول الله

(1) هي أحجار أمثال القرصة كانوا يحفرون حفيرة ويدحون فيها بتلك
الأحجار فان وقع الحجر فيها فقد غلب صاحبه وان لم يقع غلب، والدحي: الرمي.
185

صلى الله عليه وسلم للحسين بن علي من أحب هذا فقد أحبني. رواه الطبراني وفيه الحرث
الأعور وهو ضعيف. وعن أبي هريرة قال كان الحسين بن علي رضي الله عنهما
عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحبه حبا شديدا فقال اذهب إلى أمي فقلت أذهب معه
فجاءت برقة من السماء فمشى في ضوئها حتى بلغ. رواه الطبراني وفيه موسى بن
عثمان وهو متروك. وعن أبي سعيد قال جاء الحسين يشتد ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلى فالتزم عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام به وأخذ بيده فلم يزل ممسكها حتى رجع. رواه
الطبراني ورجاله مختلف في الاحتجاج بهم. وعن ابن عباس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرج ما بين فخذي الحسين وقبل زبيبته. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن
رجاء بن ربيعة قال كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر الحسين
ابن علي فسلم فرد عليه القوم السلام وسكت عبد الله بن عمرو ثم رفع ابن عمرو
صوته بعد ما سكت القوم فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثم أقبل على
القوم فقال ألا أخبركم بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء قالوا بلى قال هو هذا
المقفى (1) والله ما كلمته كلمة ولا كلمني كلمة منذ ليالي صفين ووالله لان يرضى عنى
أحب إلي من أن يكون لي مثل أحد فقال له أبو سعيد الا تغدو إليه قال بلى
فتواعدوا ان يغدوا إليه وغدوت معهما فاستأذن أبو سعيد فأذن فدخلنا فاستأذن
لابن عمرو فلم يزل به حتى اذن له الحسين فدخل فلما رآه زحل (2) له وهو جالس إلى
جنب الحسين فمده الحسين إليه فقام ابن عمرو فلم يجلس فلما رأى ذلك خلا عن أبي
سعيد فأزحل له فجلس بينهما فقص أبو سعيد القصة فقال أكذاك يا ابن عمرو
أتعلم انى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء قال أي ورب الكعبة إنك لأحب أهل
الأرض إلى أهل السماء قال فما حملك على أن قاتلتني وأبى يوم صفين والله
لأبي خير منى قال اجل ولكن عمرو شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن
عبد الله يصوم النهار ويقوم الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ونم وصم وأفطر
وأطع عمرا فلما كان يوم صفين أقسم على والله ما كثرت لهم سوادا ولا اخترطت
لهم سيفا ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم فقال الحسن اما علمت أنه لا طاعة

(1) أي الذاهب المولى.
(2) أي تنحى له.
186

لمخلوق في معصية الخالق قال بلى قال كأنه قبل منه. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه علي بن سعيد بن بشير وفيه لين وهو حافظ، وبقية رجاله ثقات، وقد تقدم من
البزار في ترجمة الحسن والله أعلم. وعن جابر قال من سره ان ينظر إلى رجل
من أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله.
رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غبر الربيع بن سعد وقبل ابن سعد وهو
ثقة. وعن انس بن مالك ان ملك القطر استأذن ان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له
فقال لام سلمة املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد قال وجاء الحسين بن علي
ليدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وعلى منكبه وعلى
عاتقه قال فقال الملك للنبي صلى الله عليه وسلم أتحبه قال نعم قال إن أمتك ستقتله وان شئت
أريتك المكان الذي يقتل به فضرب بيده فجاء بطينة حمراء فأخذتها أم سلمة
فصرتها في خمارها قال ثابت بلغنا انها كربلاء. رواه أحمد وأبو يعلى والبزار
والطبراني بأسانيد وفيها عمارة بن زاذان وثقه جماعة وفيه ضعف، وبقية
رجال أبى يعلى رجال الصحيح. وعن نجى الحضرمي انه سار مع علي رضي الله عنه
وكان صاحب مطهرته فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى على
اصبر أبا عبد الله اصبر أبا عبد الله بشط الفرات قلت وما ذاك قال دخلت على
النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وإذا عيناه تذرفان قلت يا نبي الله أغضبك
أحد ما شأن عينيك تفيضان قال بل قام من عندي جبريل عليه السلام قيل فحدثني
ان الحسين يقتل بشط الفرات قال فقال هل لك ان أشمك من تربته قلت نعم
قال فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني ان فاضتا. رواه أحمد
وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجاله ثقات ولم ينفرد نجى بهذا. وعن عائشة أو
أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحداهما لقد دخل على البيت ملك
فلم يدخل على قبلها قال إن ابنك هذا حسين مقتول وان شئت أريتك من تربة
الأرض التي يقتل بها قال فأخرج تربة حمراء. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن عائشة قالت دخل الحسين بن علي رضي الله عنهما على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو يوحى إليه فنزا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منكب وهو على ظهره
187

فقال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتحبه يا محمد قال يا جبريل ومالي
لا أحب ابني قال فان أمتك ستقتله من بعدك فمد جبريل عليه السلام يده فأتاه
بتربة بيضاء فقال في هذه الأرض يقتل ابنك هذا واسمها الطف فلما ذهب جبريل
عليه السلام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والتزمه في يده
يبكي فقال يا عائشة إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطف وان أمتي
ستفتن بعدي ثم خرج إلى أصحابه فيهم على وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو
ذر رضي الله عنهم وهو يبكي فقالوا ما يبكيك يا رسول الله فقال أخبرني جبريل
عليه السلام ان ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف (1) وجاءني بهذه التربة
وأخبرني أن فيها مضجعه. رواه الطبراني في الكبير والأوسط باختصار كثير
وأوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلس حسينا على فخذه فجاءه جبريل، وفى اسناد
الكبير ابن لهيعة وفى اسناد الأوسط من لم أعرفه. وعن زينب بنت جحش أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما عندها وحسين يحبو في البيت فغفلت عنه فجا
حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فصعد على بطنه فوضع ذكره في سرته فبال
قلت فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقمت إليه فحططته عن بطنه فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم دعى ابني فلما بوله أخذ كوزا من ماء فصبه وقال إنه يصب من
الغلام ويغسل من الجارية قالت ثم قام يصلى واحتضنه فكان إذا ركع وسجد
وضعه وإذا قام حمله فلما جلس جعل يدعو ويرفع يديه ويقول فلما قضى الصلاة
قلت يا رسول الله لقد رأيتك تصنع اليوم شيئا ما رأيتك تصنعه قال إن جبريل
أتاني فأخبرني ان ابني يقتل قلت فأرني إذا فأتاني بتربة حمراء. رواه الطبراني
باسنادين وفيهما من لم أعرفه. وعن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا
ذات يوم في بيتي قال لا يدخل على أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت
نشيج (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكى فأطلت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه وسلم
يمسح جبينه وهو يبكي فقلت والله ما علمت حين دخل فقال إن جبريل عليه

(1) سمى به لأنه طرف البر مما يلي الفرات، وكانت ترجى يومئذ قريبا منه.
(2) النشيج: صوت معه توجع وبكاء.
188

السلام كان معنا في البيت قال أفتحبه قلت أما في الدنيا فنعم قال إن أمتك ستقتل
هذا بأرض يقال لها كربلاء فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي صلى الله عليه وسلم
فلما أحيط بحسين حين قتل قال ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله
كرب وبلاء، وفى رواية صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض كرب وبلاء. رواه الطبراني
بأسانيد ورجال أحدها ثقات. وعن أم سلمة قالت كان الحسن والحسين يلعبان بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فنزل جبريل فقال يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من
بعدك وأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمه إلى
صدره ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة وديعة عندك هذه التربة
فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ويح وكرب وبلاء قالت وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد
قتل قال فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول إن يوما تحولين
دما ليوم عظيم. رواه الطبراني وفيه عمرو بن ثابت النكري وهو متروك. وعن
أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه لا تبكوا هذا الصبي
يعنى حسينا قال وكان يوم أم سلمة فنزل جبريل فدخل رسول الله صلى الله
عليه وسلم الداخل وقال لام سلمة لا تدعي أحدا أن يدخل على فجاء الحسين
فلما نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في البيت أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته
وجعلت تناغيه وتسكنه فلما اشتد في البكاء خلت عنه فدخل حتى جلس في حجر النبي
صلى الله عليه وسلم فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمتك ستقتل ابنك هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم
يقتلونه وهم مؤمنون بي قال نعم يقتلونه فتناول جبريل تربة فقال بمكان كذا
وكذا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احتضن حسينا كاسف البال مغموما
فظنت أم سلمة أنه غضب من دخول الصبي عليه فقالت يا نبي الله جعلت لك الفداء
انك قلت لنا لا تبكوا هذا الصبي وأمرتني ان لا أدع أحدا يدخل عليك فجاء
فخليت عنه فلم يرد عليها فخرج إلى أصحابه وهم جلوس فقال إن أمتي يقتلون هذا
وفى القوم أبو بكر وعمرو كانا أجرأ القوم عليه فقالا يا نبي الله وهم مؤمنون قال نعم وهذه
تربته وأراهم إياها. رواه الطبراني ورجاله موثقون وفى بعضهم ضعف. وعن معاذ بن
189

جبل قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متغير اللون فقال أنا محمد أوتيت فواتح الكلام
وخواتمه فأطيعوني ما دمت بين أظهركم فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله أحلوا
حلاله وحرموا حرامه أتتكم الموتة أتتكم بالروح والراحة كتاب من
الله سبق أتتكم فتن كقطع الليل المظلم كلما ذهب رسل جاء رسل تناسخت
النبوة فصارت ملكا رحم الله من اخذها بحقها وخرج منها كما دخلها أمسك يا معاذ
واحص قال فلما بلغت خمسا قال يزيد لا بارك الله في يزيد ثم ذرفت عيناه صلى الله
عليه وسلم ثم قال نعى إلى حسين وأتيت بتربته وأخبرت بقاتله والذي نفسي بيده
لا يقتلوه بين ظهراني قوم لا يمنعونه إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم وسلط
عليهم شرارهم وألبسهم شيعا قال واها لفراخ آل محمد من خليفة يستخلف مترف
يقتل خلفي وخلف الخلف أمسك يا معاذ فلما بلغت عشرة قال الوليد اسم فرعون
هادم شرائع الاسلام بين يديه رجل من أهل بيته يسل الله بسيفه فلا غماد له
واختلف فكانوا هكذا فشبك بين أصابعه ثم قال بعد العشر بن ومائة يكون
موت سريع وقيل ذريع ففيه هلاكهم ويلي عليهم رجل من ولد العباس. رواه
الطبراني وفيه مجاشع بن عمرو وهو كذاب. وعن أبي الطفيل قال استأذن ملك
القطر أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة فقال لا يدخل علينا
أحد فجاء الحسين بن علي رضي الله عنهما فدخل فقالت أم سلمة هو الحسين فقال
النبي صلى الله عليه وسلم دعيه فجعل يعلو رقبة النبي صلى الله عليه وسلم ويعبث به والملك ينظر
فقال الملك أتحبه يا محمد قال اي والله إني لأحبه قال أما إن أمتك ستقتله وإن
شئت أريتك المكان فقال بيده فتناول كفا من تراب فأخذت أم سلمة التراب
فصرته في خمارها فكانوا يرون أن ذلك التراب من كربلاء. رواه الطبراني
وإسناده حسن. وعن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل حسين بن علي
على رأس ستين من مهاجري. رواه الطبراني وفيه سعد بن طريف وهو متروك.
وباسناده قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل الحسين حين يعلوه القتير،
قال الطبراني القتير: الشيب. وعن علي قال ليقتلن الحسين وإني لأعرف التربة التي
يقتل فيها قريبا من النهرين. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن شيان بن محرم
190

وكان عثمانيا قال إني لمع علي رضي الله عنه إذ أتى كربلاء فقال يقتل بهذا الموضع
شهيد ليس مثله شهداء إلا شهداء بدر فقلت بعض كذباته وثم رجل حمار ميت
فقلت لغلامي خذ رجل هذا الحمار فأوتدها في مقعده وغيبها فضرب الظهر ضربة
فلما قتل الحسين بن علي انطلقت ومعي أصحابي فإذا جثة الحسين بن علي على
رجل ذلك الحمار وإذا أصحابه ربضة حوله. رواه الطبراني وفيه عطاء بن السائب
وهو ثقة ولكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي هريمة قال كنت مع علي
رضي الله عنه بنهر كربلاء فمر بشجرة تحتها بعر غزلان فأخذ منه قبضة فشمها ثم قال
يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن أبي خيرة قال صحبت عليا رضي الله عنه حتى أتى الكوفة فصعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال كيف أنتم إذا نزل بذرية نبيكم بين ظهرانيكم
قالوا إذا نبلي الله فيهم بلاءا حسنا فقال والذي نفسي بيده لينزلن بين ظهرانيكم
ولتخرجن إليهم فلتقتلنهم ثم أقبل يقول:
هم أوردوه بالغرور وغردوا * أجيبوا دعاه لا نجاة ولا عذرا
رواه الطبراني وفيه سعد بن وهب متأخر ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن
المسيب بن نجية قال قال علي رضي الله عنه ألا أحدثكم عن خاصة نفسي وأهل
بيتي قلنا بلى قال أما حسن فصاحب جفنة وخوان وفتى من الفتيان ولو قد التقت
حلقتا البطان لم يغن عنكم في الحرب حباله عصفور وأما عبد الله بن جعفر فصاحب
لهو وظل وباطل ولا يغرنكم ابنا عباس وأما أنا وحسين فأنا منكم وأنتم منا والله
لقد خشيت أن يدال هؤلاء القوم بصلاحهم في أرضهم وفسادكم في أرضكم وبأدائهم
الأمانة وخيانتكم وبطواعيتهم إمامهم ومعصيتكم له واجتماعهم على باطلهم وتفرقكم
عن حقكم تطول دولتهم حتى لا يدعون لله محرما إلا استحلوه ولا يبقى بيت مدر
ولا وبر إلا دخله ظلمهم وحتى يكون أحدكم تابعا لهم وحتى تكون نصرة أحدكم
منهم كنصرة العبد من سيده إذا شهد أطاعه وإذا غاب سبه وحتى يكون أعظمكم
فيها غناءا أحسنكم بالله ظنا فان أتاكم الله بالعافية فاقبلوا فان ابتليتم فاصبروا فان العاقبة
للمتقين. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال كان الحسين جالسا
191

في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقال جبريل صلى الله عليه وسلم أتحبه فقال وكيف لا أحبه وهو ثمرة فؤادي
فقال أما إن أمتك ستقتله الا أريك من موضع قبره فقبض قبضة فإذا تربة حمراء.
رواه البزار ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف. وعن الشعبي قال إنما أراد الحسين
ابن علي أن يخرج إلى أرض أراد أن يلقى ابن عمر فسأل عنه فقيل له إنه في ارض له
فأتاه ليودعه فقال له إني أريد العراق فقال لا تفعل فان رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال خيرت بين ان أكون ملكا نبيا أو نبيا عبدا فقيل لي تواضع فاخترت
أن أكون نبيا عبدا وانك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نخرج قال فأبى فودعه
وقال أستودعك الله من مقتول. رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجاله البزار
ثقات. وعن ابن عباس قال استأذنني حسين في الخروج فقال لولا أن يزرى
ذلك بي أو بك لشبكت بيدي في رأسك فكان الذي رد على أن قال لان أقتل
بمكان كذا وكذا أحب إلى من أن يستحل بي حرم الله ورسوله قال فذلك
الذي سلى بنفسي عنه. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبيد الله بن
الحر أنه سأل الحسين بن علي رضي الله عنهما أعهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم في
مسيرك هذا شيئا قال لا. رواه الطبراني وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف. وعن المطلب
ابن عبد الله بن حنطب قال لما أحيط بالحسين بن علي قال ما اسم هذه الأرض قال
كربلاء قال صدق النبي صلى الله عليه وسلم انها ارض كرب وبلاء. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن
حميد بن كاسب وهو ضعيف وقد وثق. وعن علي بن الحسين قال قال لي الحسين
ابن علي قبل قتله بيوم ان بني إسرائيل كان لهم ملك قال وذكر الحديث. رواه
الطبراني واسناده جيد. وعن محمد بن الحسن قال لما نزل عمر بن سعد بالحسين
وأيقن أنهم قاتلوه قام في أصحابه خطيبا فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ثم قال
قد نزل ما ترون من الامر وان الدنيا تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها وانشمر
حتى لم يبق منها إلا صبابة الاناء الا خسيس عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون الحق
لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله فاني لا أرى الموت الا
سعادة والحياة مع الظالمين الا برما (1) وقتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى

(1) أي مللا وسآمة.
192

وستين بالطف بكربلاء وعليه جبة خز دكناء وهو صابغ بالسواد وهو ابن ست
وخمسين. رواه الطبراني ومحمد بن الحسن هذا هو ابن زبالة متروك ولم يدرك
القصة. وعن الكلى قال رمي رجال الحسين وهو يشرب فشل شدقيه فقال لا
أرواك الله فشرب حتى تفطر (1). رواه الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات. وعن
الضحاك بن عثمان قال خرج الحسين بن علي إلى الكوفة ساخطا لولاية يزيد بن
معاوية فكتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد وهو واليه على العراق انه
قد بلغني ان حسينا قد سار إلى الكوفة وقد ابتلى به زمانك من بين الأزمان
وبلدك من بين البلاد وابتليت به من بين العمال وعندها تعتق أو تعود عبدا كما
تعتبد العبيد فقتله عبيد الله بن زياد وبعث برأسه إليه فلما وضع بين يديه تمثل
بقول الحصين بن حمام المري:
نفلق هاما من رجال أحبة * إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
رواه الطبراني ورجاله ثقات الا ان الضحاك لم يدرك القصة. وعن
ابن وائل أو وائل بن علقمة أنه شهد ما هناك قال قام رجل فقال أفيكم
حسين قالوا نعم قال ابشر بالنار قال ابشر برب رحيم وشفيع مطاع قالوا من أنت
قال أنا ابن جويرة أو جويزة قال اللهم جزه إلى النار فنفرت به الدابة فتعلقت
رجله في الركاب قال فوالله ما بقي عليها منه إلا رجله. رواه الطبراني وفيه
عطاء بن السائب وهو ثقة ولكنه اختلط. وعن ابن أبي ليلى قال قال
حسين حين أحس بالقتل إئتوني ثوبا لا يرغب فيه أحد أجعله تحت ثيابي لا أجرد
فقيل له تبان (2) فقال لا ذاك لباس من ضربت عليه الذلة فأخذ ثوبا فخرقه
فجعله تحت ثيابه فلما ان قتل جردوه. رواه الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات.
وعن عمار الدهني قال مر علي رضي الله عنه على كعب الأحبار فقال يقتل من
ولد هذا الرجل رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وسلم
فمر حسن فقالوا هذا يا أبا إسحق قال لا فمر حسين فقالوا هذا قال نعم. رواه
الطبراني ورجاله ثقات الا ان عمارا لم يدرك القصة. وعن ابن عباس قال رأيت

(1) أي تشقق بطنه.
(2) التبان: سراويل صغير يستر العورة المغلظة فقط ويكثر لبسه الملاحون.
193

النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها
دم ينتقطه أو يبيع فيها شيئا فقلت ما هذا قال دم الحسين وأصحابه
فلم أزل أتتبعه منذ اليوم. رواه أحمد والطبراني ورجاله أحمد رجال
الصحيح. وعن عمارة بن يحيى بن خالد بن عرفطة قال كنا عند خالد
ابن عرفطة يوم قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال لنا خالد هذا ما سمعت من
رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي. رواه الطبراني
والبزار ورجال الطبراني رجال الصحيح غير عمارة وعمارة وثقه ابن حبان. وعن
حبيب بن يسار قال لما أصيب الحسين بن علي رضي الله عنه قام زيد بن أرقم
على باب المسجد فقال أفعلتموها اشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين فقيل لعبيد الله بن زياد ان زيد بن
أرقم قال كذا وكذا قال ذاك شيخ قد ذهب عقله. رواه الطبراني وفيه محمد
ابن سليمان بن بزيع ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن الزبير بن بكار قال ولد
الحسين لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة وقتل يوم الجمعة يوم
عاشوراء سنة إحدى وستين قتله سنان بن أبي أنس وأجهز عليه خولي بن يزيد
الأصبحي من حمير وحز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد فقال سنان:
أوقر ركابي فضة وذهبا * أنا (1) قتلت الملك المحجبا
قلت خير الناس أما وأبا
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن شهر بن حوشب قال سمعت أم سلمة
حين جاء نعى الحسين بن علي لعنت أهل العراق وقالت قتلوه قتلهم الله عز وجل
غزوه ودلوه لعنهم الله. رواه الطبراني ورجاله موثقون. وعن أسلم المنقري
قال دخلت على الحجاج فدخل سنان بن أبي انس قاتل الحسين فإذا شيخ آدم
فيه خنا طويل الانف في وجهه برش فأوقف بحيال الحجاج فنظر إليه الحجاج
فقال أنت قتلت الحسين قال نعم قال وكيف صنعت به قال دعمته بالرمح وهبرته (2)
بالسيف هبرا فقال له الحجاج اما أنكما لن تجتمعا في دار. رواه الطبراني ورجاله

(1) في شذرات الذهب وغيره " إني ".
(2) الهبر: القطع.
194

ثقات. وعن إبراهيم يعني النخعي قال لو كنت فيمن قتل الحسين ثم غفر لي
ثم أدخلت الجنة استحييت ان أمر على النبي صلى الله عليه وسلم فينظر في وجهي.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن الليث يعنى ابن سعد قال أبى الحسين بن علي
ان يستأسر فقاتلوه وقتلوا بنيه وأصحابه الذين قاتلوا معه بمكان يقال له الطف
وانطلق يعلى بن حسين وفاطمة بنت حسين وسكينة بنت حسين إلى عبيد الله بن
زياد وعلى يومئذ غلام قد بلغ فبعث بهم إلى يزيد بن معاوية فأمر بسكينة فجعلها
خلف سريره لئلا ترى رأس أبيها وذوي قرابتها وعلي بن حسين في غل فوضع
رأسه فضرب على ثنيتي الحسين فقال:
نفلق هاما من رجال أحبة * إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
فقال علي بن حسين (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في
كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك على الله يسير) فثقل على يزيد أن يتمثل
ببيت شعر وتلا على ابن الحسين آية من كتاب الله عز وجل فقال يزيد بل بما
كسبت أيديكم ويعفو عن كثير (1) فقال على أما والله لو رآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
مغلولين لأحب أن يخلينا من الغل فقال صدقت فخلوهم من الغل فقال ولو وقفنا
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعد لأحب أن يقربنا قال صدقت فقربوهم فجعلت
فاطمة وسكينة يتطاولان لتريا رأس أبيهما وجعل يزيد يتطاول في مجلسه ليستر
رأسه ثم أمر بهم فجهزوا وأصلح إليهم وأخرجوا إلى المدينة. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن زيد بن أرقم قال لما أتى ابن زياد برأس الحسين رضي الله عنه فجعل يجعل
قضيبا في يده في عينه وأنفه فقال زيد بن أرقم ارفع القضيب قال له لم فقال رأيت
فم رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه. رواه الطبراني وفيه حرام بن عثمان
وهو متروك. وعن أنس قال لما أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين جعل ينكت
بالقضيب ثناياه يقول لقد كان أحسبه قال جميلا فقلت والله لأسوءنك إني رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثم حيث يقع قضيبك قال فانقبض. رواه البزار
والطبراني بأسانيد ورجاله وثقوا. وعن الشعبي قال رأيت في النوم كأن رجالا من

(1) الآية " فبما كسبت أيديكم.. ".
195

السماء نزلوا معهم حراب يتتبعون قتلة الحسين فما لبثت أن نزل المختار فقتلهم. رواه الطبراني
واسناده حسن. وعن الشعبي قال رأيت الحسين أول رأس حمل في الاسلام.
رواه الطبراني وفيه الواقدي وهو ضعيف. وعن عبد الملك بن عمير قال دخلت على
عبيد الله بن زياد وإذا رأس الحسين قدامه على ترس فوالله ما لبثت الا قليلا
حتى دخلت على المختار فإذا رأس عبيد الله بن زياد على ترس فوالله ما لبثت الا قليلا
حتى دخلت على مصعب بن الزبير وإذا رأس المختار على ترس فوالله ما لبثت الا
قليلا حتى دخلت على عبد الله وإذا رأس مصعب بن الزبير على ترس. رواه
الطبراني وأبو يعلى بنحوه وقال ما كان لها ولا عمل الا الرؤوس، ورجال الطبراني
ثقات. وعن دويد الجعفي عن أبيه قال لما قتل الحسين انتهبت جزور من عسكره
فلما طبخت إذا هي دم. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن حميد الطحان قال
كنت في خزاعة فجاءوا بشئ من تركة الحسين فقيل لهم ننحر أو نبيع قال
انحروا فجلست على جفنة فلما جلست فارت نارا. رواه الطبراني وفيه من لم
أعرفه. وعن عمرو بن بعجة قال أول ذل دخل على العرب قتل الحسين بن علي
وادعاء زياد. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي رجاء العطاردي قال
لا تسبوا عليا ولا أحدا من أهل البيت فان جارا لنا من بلهجيم قال ألم تروا إلى
هذا الفاسق الحسين بن علي قتله الله فرماه الله بكوكبين في عينيه فطمس الله
بصره. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن حاجب عبيد الله بن زياد
قال دخلت القصر خلف عبيد الله بن زياد حين قتل الحسين فاضطرم في وجهه
نارا فقال هكذا بكمه على وجهه فقال هل رأيت قلت نعم وأمرني ان اكتم ذلك.
رواه الطبراني وحاجب عبيد الله لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن الزهري قال قال
لي عبد الملك أي واحد أنت ان أعلمتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين فقال قلت لم
ترفع حصاة ببيت المقدس الا وجد تحتها دم عبيط فقال لي عبد الملك إني وإياك في
هذا الحديث لقرينان. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن الزهري قال ما رفع بالشام
حجر يوم قتل الحسين بن علي إلا عن دم. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن أم حكيم قالت قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية فمكثت السماء أياما مثل العلقة.
196

رواه الطبراني ورجاله إلى أم حكيم رجال الصحيح. وعن جميل بن زيد قال لما
قتل الحسين احمرت السماء قلت أي شئ تقول قال إن الكذاب منافق ان
السماء احمرت حين قتل. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن أبي قبيل قال لما قتل
الحسين بن علي انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار حتى
ظننا انها هي. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن عيسى بن الحرث الكندي
قال لما قتل الحسين مكثنا سبعة أيام إذا صلينا العصر نظرنا إلى السماء على أطراف
الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضا.
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن محمد بن سيرين قال لم تكن في السماء حمرة
حتى قتل الحسين. رواه الطبراني وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف. وعن سفيان قال
حدثتني جدتي أم أبى قالت شهد رجلان من الجعفيين قتل الحسين بن علي فأما
أحدهما فطال ذكره حتى كان يلفه وأما الآخر فكان يستقبل الراية بفيه حتى
يأتي على آخرها قال سفيان رأيت ولد أحدهما كان به خبل وكأنه مجنون.
رواه الطبراني ورجاله إلى جده سفيان ثقات. وبسنده قال رأيت الورس الذي
أخذ من عسكر الحسين صار مثل الرماد. وعن الأعمش قال خرى رجل على
قبر الحسين فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجذام وبرص وفقر. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن الليث بن سعد قال توفى معاوية في رجب
لأربع ليال خلون منه واستخلف يزيد سنة ستين وفى سنة إحدى وستين قتل الحسين
ابن علي وأصحابه رضي الله عنهم لعشر ليال خلون منم المحرم يوم عاشوراء وقتل العباس
ابن علي بن أبي طالب وأمه أم البنين عامرية وجعفر بن علي بن أبي طالب وعبد
الله بن علي بن أبي طالب وعثمان بن علي بن أبي طالب وأبو بكر بن علي بن أبي
طالب وأمه ليلى بنت مسعود نهشلية وعلي بن الحسين بن أبي طالب الأكبر
وأمه ليلى ثقفية وعبد الله بن الحسين وأمه الرباب بنت مري كليبة وأبو بكر
ابن الحسين لام ولد والقاسم بن الحسين لام ولد وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي
طالب ومحمد بن جعفر بن أبي طالب وجعفر بن عقيل بن أبي طالب ومسلم
ابن عقيل بن أبي طالب وسليمان مولى الحسين وقتل الحسين وهو ابن ثمان
197

وخمسين سنة رضي الله عنهم. رواه الطبراني ورجاله إلى قائليه رجال الصحيح. وعن منذر
الثوري قال كنا إذا ذكرنا حسينا ومن قتل معه قال محمد بن الحنفية قتل معه
سبعة عشر كلهم ارتكض في رحم فاطمة رضي الله عنها وعنهم. رواه الطبراني
باسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. وعن محمد بن علي بن الحسين قال
قتل الحسين بن علي وهو ابن ثمان وخمسين. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن الحسن يعنى البصري قال قتل مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا
من أهل بيته والله ما على ظهر الأرض يومئذ أهل بيت يشبهونهم قال سفيان
ومن يشك في هذا. وعن أبي بكر بن أبي شيبة قال قتل الحسين بن علي
يوم عاشوراء في سنة إحدى وستين وهو ابن ثمان وخمسين وكان
يخضب بالحناء والكتم (1). رواه الطبراني. وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا قتل
وهو ابن ثمان وخمسين وقتل الحسين كذلك ومات علي بن الحسين وهو كذلك.
وعن علي بن الحسين قال قتل الحسين بن علي وعليه دين كثير فباع فيها على
ابن حسين عين كذا وعين كذا. رواه الطبراني وفيه نوح بن دراج وهو
ضعيف. وعن محمد بن الحسن المخزومي قال لما أدخل ثقل الحسين بن علي على
يزيد بن معاوية ووضع رأسه بين يديه بكى يزيد وقال:
نفلق هاما من رجال أحبة * إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
أما والله لو كنت صاحبك ما قتلتك أبدا فقال علي بن الحسين ليس هكذا قال
يزيد كيف يا ابن أم قال (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في
كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) وعنده عبد الرحمن بن أم
الحكم فقال عبد الرحمن يعنى ابن أم الحكم:
لهام بجنب الطف أدنى قرابة * من ابن زياد العبد ذي النسب الوغل
سمية أسما نسلها عدد الحصى * وبنت رسول الله ليس لها نسل
فرفع يزيد يده فضرب صدر عبد الرحمن وقال اسكت. رواه الطبراني ومحمد

(1) الكتم مشددة التاء والمشهور التخفيف، وهو نبت يخلط مع الوسم
ويصبغ به الشعر أسود.
198

ابن الحسن هو ابن زمالة ضعيف. وعن أبي قبيل قال لما قتل الحسين احتزوا
رأسه وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ يتحيون بالرأس فخرج إليهم قلم
من حديد من حائط فكتب بسطر دم:
أترجو أمة قتلت حسينا * شفاعة جده يوم الحساب
فهربوا وتركوا الرأس ثم رجعوا. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن امام
لبني سليمان عن أشياخ له قال غزونا الروم فنزلوا في كنيسة من كنائسهم
فقرؤوا في حجر مكتوب:
أترجو أمة قتلت حسينا * شفاعة جده يوم الحساب
فسألناهم منذ كم بنيت هذه الكنيسة قالوا قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة سنة. رواه
الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن أم سلمة قالت سمعت الجن تنوح على الحسين
ابن علي. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن ميمونة قالت سمعت الجن
تنوح على الحسين بن علي. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أم
سلمة قالت ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي صلى الله عليه وسلم إلا الليلة وما أرى
ابني إلا قبض تعنى الحسين رضي الله عنه فقالت لجاريتها أخرجي اسألي فأخبرت
أنه قد قتل وإذا جنية تنوح:
ألا يا عين فاحتفلي بجهدي * ومن يبكى على الشهداء بعدي
على رهط تقودهم المنايا * إلى متجبر في ملك عبد
رواه الطبراني وفيه عمرو بن ثابت بن هرمز وهو ضعيف. وعن أبي جناب
الكلبي قال حدثني الجصاصون قالوا كنا إذا خرجنا إلى الجبان بالليل عند مقتل
الحسين سمعنا الجن ينوحون عليه ويقولون:
مسح الرسول جبينه * فله بريق في الخدود
أبواه من عليا * قريش جده خير الجدود
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه وأبو جناب مدلس. وعن أحمد بن محمد
ابن حميد الجهمي من ولد أبى جهم بن حذيفة انه كان ينشد في قتل الحسين وقال هذا الشعر لزينب بنت عقيل بن أبي طالب:
199

ماذا تقولون إن قال النبي لكم * ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأنصاري وذريتي * منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم * ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
فقال أبو الأسود الدئلي نقول (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن
من الخاسرين). رواه الطبراني باسناد منقطع ورواه باسناد آخر أجود منه وزاد
فيه فقال أبو الأسود الدؤلي:
أقول وزادني حنقا وغيظا * أزال الله ملك بنى زياد
وأبعدهم كما بعدوا وخانوا * كما بعدت ثمود وقوم عاد
ولا رجعت ركائبهم إليهم * إذا قفت إلى يوم التناد
وعن سليمان بن الهيثم قال كان علي بن الحسين بن علي يطوف بالبيت فإذا أراد
أن يستلم الحجر أوسع له الناس والفرزدق بن غالب ينظر إليه فقال رجل يا فراس
من هذا فقال الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقى النقي الطاهر العلم
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم لديه حين يستلم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهى الكرم
يفضي حياء ويفضي من مهابته * فلا يكلم الا حين يبتسم
في كفه خيزران ريحه عبق * بكف أورع في عرنينه شمم
مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وان كرموا
أي العشائر ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن سفين قال قلت لعبيد الله بن أبي يزيد
رأيت الحسين بن علي قال اسود الرأس واللحية الا شعرات ههنا في مقدم لحيته
فلا أدرى أخضب وترك ذلك المكان تشبها برسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم
يكن شاب منه غير ذلك قال ورأيت حسنا وقد أقيمت الصلاة فسجد بين الامام
200

وبين بعض الناس فقيل له اجلس قد قامت الصلاة. رواه أبو يعلى ورجاله
رجال الصحيح. وعن مصعب بن عبد الله قال حج الحسين خمسا وعشرين حجة
ماشيا. رواه الطبراني باسناد منقطع. وعن يزيد بن أبي زياد قال خرج النبي
صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع حسينا يبكى فقال ألم
تعلمي أن بكاءه يؤذيني. رواه الطبراني واسناده منقطع، وقد تقدم في حديث أبي
أمامة الطويل في الاخبار بقتله النهى عن بكائه رضي الله عنه، وتقدم حديث بيعته في البيعة.
* (باب مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها) *
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين
سيدا شباب أهل الجنة وفاطمة سيدة نسائهم إلا ما كان لمريم بنت عمران قلت
رواه الترمذي غير ذكر فاطمة ومريم رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال
الصحيح. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدات نساء
أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة ثم آسية بنت مزاحم امرأة
فرعون. رواه الطبراني في الأوسط الكبير بنحوه الا أنه قال وآسية، ورجال الكبير
رجال الصحيح غير محمد بن مروان الذهلي وثقه ابن حبان. وعن أبي هريرة
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ملكا من السماء لم يكن زارني فاستأذن الله في
زيارتي فبشرني أو أخبرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح غير محمد بن مروان الذهلي ووثقه ابن حبان. وعن علي يعنى ابن أبي
طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة
نساء أهل الجنة وابناك (1) سيدا شباب أهل الجنة. رواه الطبراني وفيه جابر الجعفي
وهو ضعيف. وعن عائشة قالت ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها قالت وكان
بينهما شئ فقالت يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب. رواه الطبراني في الأوسط
وأبو يعلى إلا أنها قالت ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة، ورجالهما رجال
الصحيح. وعن النعمان بن بشير قال استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسمع صوتا (2) عائشة عاليا وهي تقول والله لقد عرفت ان عليا وفاطمة أحب

(1) في الأصل " ابنيك ".
(2) " صوت " غير موجودة في الأصل.
201

إليك منى ومن أبى مرتين أو ثلاثا فاستأذن أبو بكر فأهوى إليها فقال يا بنت فلانة
لا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت رواه أبو داود غير
ذكر على وفاطمة رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على على وفاطمة وهما يضحكان فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم سكتا
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم ما لكما كنتما تضحكان فلما رأيتماني سكتما فبادرت فاطمة
فقالت بأبي أنت يا رسول الله قال هذا أنا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فقلت بل
انا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال يا بنية لك رقة الولد وعلي أعز علي منك. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن أبي هريرة قال قال على يا رسول الله أيما أحب إليك انا أم فاطمة
قال فاطمة أحب إلى منك وأنت أعز علي منها، قت فذكره وقد تقدم. رواه
الطبراني في الأوسط. وعن عائشة قالت كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقبل فاطمة فقلت يا رسول الله إني كنت أراك تفعل شيئا ما كنت أراك تفعله من
قبل قال لي يا حميراء انه لما كان ليلة أسرى بي إلى السماء أدخلت الجنة فوقفت على
شجرة من شجر الجنة لم أر في الجنة شجرة هي أحسن منها ولا أبيض منها ورقة ولا
أطيب منها ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة من صلبي فلما هبطت
إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فإذا أنا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت
ريح فاطمة يا حميراء ان فاطمة ليست كنساء الآدميين ولا تعتل كما يعتلون (1). رواه
الطبراني وفيه أبو قتادة الحراني وثقه أحمد وقال كان يتحرى الصدق وأنكر
على من نسبه إلى الكذب وضعفه البخاري وغيره وقال بعضهم متروك، وفيه من
لم أعرفه أيضا وقد ذكر هذا الحديث في ترجمته في الميزان. وعن ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها ان الله غير معذبك ولا ولدك.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان فاطمة حصنت فرجها وان الله عز وجل أدخلها بإحصان فرجها وذريتها
الجنة. رواه الطبراني والبزار بنحوه وفيه عمرو بن عتاب وقيل بن غياث وهو ضعيف.
وعن علي أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أي شئ خير للنساء قالت لا يراهن.

(1) هذا مستحيل فان فاطمة ولدت قبل الاسراء بلا خلاف ابن حجر.
202

الرجال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إنما فاطمة بضعة منى رضي الله عنها. رواه
البزار وفيه من لم أعرفه. وعن ابن عباس ان علي بن أبي طالب رضي الله عنه
خطب بنت أبي جهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان كنت
تزوجها فرد علينا ابنتنا إلى ههنا انتهي حديث خالد وفى الحديث زيادة قال فقال
النبي صلى الله عليه وسلم والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبنت عدو الله تحت رجل. رواه الطبراني في الثلاثة والكبير بنحوه مختصرا والبزار
باختصار أيضا وفيه عبيد الله بن تمام وهو ضعيف. وعن أسماء بنت عمس قالت
خطبني علي بن أبي طالب رضي الله عنه فبلغ ذلك فاطمة فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت
إن أسماء متزوجة عليا فقال لها ما كان لها أن تؤذى الله ورسوله. رواه الطبراني
في الكبير والأوسط وفيهما من لم أعرفه. وعن المسور بن مخرمة ان حسن بن
حسن بعث إلى المسور يخطب ابنة له فقال قل له يوافيني في وقت ذكره فلقيه
فحمد الله المسور وقال ما من سبب ولا نسب ولا صهر أحب إلي من نسبكم وصهركم
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطمة شجنة (1) من يبسطني ما يبسطها
ويقبضني ما يقبضها وانه تنقطع يوم القيامة الأنساب الا نسي وسببي (2) وتحتك
ابنتها فلو زوجتك قبضها ذلك فذهب عاذرا له. رواه الطبراني وفيه أم بكر بنت
المسور ولم يجرحها أحد ولم يوثقها، وبقية رجاله وثقوا. وعن علي قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك. رواه الطبراني واسناده
حسن. وعن عمران بن حصين قال إني لجالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة
فقامت بحذاء النبي صلى الله عليه وسلم مقابله فقال أدنى يا فاطمة فدنت دنوة ثم قال أدنى يا فاطمة
فدنت دنوة ثم قال أدنى يا فاطمة فدنت دنوة حتى قامت بين يديه قال عمران
فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها وذهب الدم فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين
أصابعه ثم وضع كفه بين ترائبها فرفع رأسه قال اللهم مشبع الجوعة وقاضي الحاجة
ورافع الوضعة لا تجع فاطمة بنت محمد فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها

(1) أصل الشجنة بالكسر والضم: شعبة في غصن من غصون الشجرة، أي قرابة
مشتبكة كاشتباك العروق، شبه بذلك مجازا واتساعا
(2) في الأصل " وسنتي ".
203

وظهر الدم ثم سألتها بعد ذلك فقالت ما جعت بعد ذلك يا عمران. رواه الطبراني وفى
الأوسط وفيه عتبة بن حميد وثقه ابن حبان وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجاله وثقوا.
(باب منه في فضلها وتزويجها بعلي رضي الله عنهما)
عن حجر بن عنبس وكان قد أدرك الجاهلية قال خطب على رحمة الله عليه
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال هي لك يا علي لست بدجال. رواه البزار وقال معنى
قوله صلى الله عليه وسلم لست بدجال يدل على أنه قد كان وعده فقال إني لا أخلف
الوعد، وحجر لا يعلم روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الا هذا الحديث ورجاله ثقات
إلا أن حجرا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. وعن حجر بن
عنبس أيضا وكان قد أكل الدم في الجاهلية وشهد مع علي رضي الله عنه الجمل
وصفين فقال خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة رضي الله عنها فقال النبي
صلى الله عليه وسلم هي لك يا علي. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن مسعود
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من على. رواه الطبراني
ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن مسعود قال سأحدثكم بحديث سمعته من رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلم أزل أطلب الشهادة للحديث فلم أرزقها سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك يقول ونحن نسير معه ان الله لما أمرني أن
أزوج فاطمة من على ففعلت قال جبريل عليه السلام ان الله تعالى بنى جنة
من لؤلؤة قصب بين كل قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوتة مشذرة بالذهب وجعل
سقوفها زبرجدا أخضر وجعل فيها طاقات من لؤلؤة مكلة باليواقيت ثم جعل
عليها غرفا لبنة من فضة ولبنة من ذهب ولبنة من در ولبنة من ياقوت ولبنة من
زبرجد ثم جعل فيها عيونا تنبع في نواحيها وحفت بالأنهار وجعل على الأنهار
قبابا من در قد شعبت بسلاسل الذهب وحفت بأنواع الشجر وبنى في كل غصن
قبة وجعل في كل قبة أريكة من درة بيضاء غشاؤها السندس والإستبرق وفرش
أرضها بالزعفران وفتق بالمسك والعنبر وجعل في كل قبة حوراء والقبة لها مائة
باب على كل باب حارسان وشجرتان في كل قبة مفرش وكتاب مكتوب حول
204

القباب آية الكرسي قلت لجبريل لمن بنى الله هذه الجنة قال بناها لفاطمة ابنتك
وعلي بن أبي طالب سوى جنانهما تحفة أتحفهما وأقر عينيك يا رسول الله. رواه
الطبراني وفيه عبد النور بن عبد الله المسمعي وهو كذاب. وعن أنس بن ملك
قال جاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقعد بين يديه فقال يا رسول الله قد علمت
مناصحتي وقدمي في الاسلام واني واني قال وما ذاك قال تزوجني فاطمة فسكت
عنه أو قال فأعرض عنه فرجع أبو بكر إلى عمر فقال هلكت وأهلكت قال وما
ذاك قال خطبت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنى قال مكانك حتى
أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقعد بين يديه فقال يا رسول الله قد علمت
مناصحتي وقدمي في الاسلام واني وإني قال وما ذاك قال تزوجني فاطمة فأعرض
فرجع عمر إلى أبى بكر فقال إنه ينتظر أمر الله فيها انطلق بنا إلى علي حتى نأمره
أن يطلب مثل الذي طلبنا قال على فأتياني وأنا في سبيل فقالا بنت عمك تخطب
فنبهاني لأمر فقمت أجر ردائي طرف على عاتقي وطرف آخر في الأرض حتى
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقعدت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد علمت
قدمي في الاسلام ومناصحتي وإني وإني قال وما ذاك يا علي قلت تزوجني فاطمة
قال وما عندك قلت فرسي وبدني يعنى درعي قال أما فرسك فلا بد لك منه وأما
بدنك فبعها فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فوضعتها في حجره
فقبض منها قبضة فقال يا بلال أبغنا بها طيبا وأمرهم أن يجهزوها فجعل لها سريرا
مشرطا بالشريط ووسادة من أدم حشوها ليف وملأ البيت كثيبا يعنى رملا وقال
إذا أتتك فلا تحدث شيئا حتى آتيك فجاءت مع أم أيمن فقعدت في جانب البيت
وأنا في جانب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أههنا أخي فقالت أم أيمن أخوك وقد
زوجته ابنتك فقال لفاطمة ائتيني بماء فقامت إلى قعب (1) في البيت فجعلت فيه ماءا فأتته
به فمج فيه ثم قال لها قومي فنضح (2) بين ثدييها وعلى رأسها ثم قال اللهم أعيذها بك
وذريتها من الشيطان الرجيم ثم قال ائتيني بماء فعلمت الذي يريده فملأت القعب ماءا
فأتيته به فاخذ منه بفيه ثم مجه فيه ثم صب على رأسي وبين يدي ثم قال اللهم إني أعيذه

(1) أي إناء.
(2) اي رش.
205

بك وذريته من الشيطان الرجيم ثم قال ادخل على أهلك بسم الله والبركة. رواه الطبراني
وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف. وعن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أتى أبا بكر رحمة الله عليه فقال يا أبا بكر ما يمنعك أن تزوج فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزوجني قال إذا لم يزوجك فمن يزوج وانك من
أكرم الناس عليه وأقدمهم في الاسلام قال فانطلق أبو بكر رحمة الله عليه إلى
بيت عائشة رضي الله عنها فقال يا عائشة إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب
نفس وإقبالا عليك فاذكري له انى ذكرت فاطمة فلعل الله عز وجل أن ييسرها
لي قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأت منه طيب نفس واقبالا فقالت يا رسول الله إن
أبا بكر ذكر فاطمة وأمرني أن أذكرها قال حتى ينزل القضاء قال فرجع إليها
أبو بكر فقالت يا أبتاه وددت أنى لم أذكر له الذي ذكرت فلقي أبو بكر عمر فذكر
أبو بكر لعمر ما أخبرته عائشة فانطلق عمر إلى حفصة فقال يا حفصة إذا رأيت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبالا يعنى عليك فاذكريني له واذكري فاطمة لعل الله أن
ييسرها لي قال فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فرأت طيب نفس ورأت
منه إقبالا فذكرت له فاطمة رضي الله عنها فقال حتى ينزل القضاء فلقى عمر حفصة
فقالت له يا أبتاه وددت انى لم أكن ذكرت له شيئا فانطلق عمر رضي الله عنه
إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال ما يمنعك من فاطمة فقال أخشى أن
لا يزوجني قال فإن لم يزوجك فمن يزوج وأنت أقرب خلق الله إليه فانطلق على
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له مثل عائشة ولا مثل حفصة قال فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال إني أريد ان أتزوج فاطمة قال فافعل قال ما عندي الا درعي الحطمية (1)
قال فاجمع ما قدرت عليه وائتني به قال فأتى باثنتي عشرة أوقية أربعمائة وثمانين فأتى بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه فاطمة رضي الله عنها فقبض ثلاث قبضات فدفعها إلى أم
أيمن فقال اجعلي منها قبضة في الطيب أحسبه قال والباقي فيما يصلح المرأة من المتاع

(1) نسبة إلى حطمة بن محارب الذي كان يعمل الدروع، أو هي التي تكسر
وتحطم السيوف، أو هي الثقيلة، وفى الأصل " الخطمية " بالخاء المعجمة،
والتصحيح من القاموس.
206

فلما فرغت من الجهاز وأدخلتهم بيتا قال يا علي لا تحدثن إلي أهلك شيئا حتى آتيك
فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فاطمة متقنعة وعلى قاعد وأم أيمن في البيت فقال يا أم
أيمن ائتيني بقدح من ماء فأتته بقعب فيه ماء فشرب منه ثم مج فيه ثم ناوله فاطمة
فشربت وأخذ منه فضرب جبينها وبين كتفيها وصدرها ثم دفعه إلى علي فقال
يا علي اشرب ثم اخذ منه فضرب به جبينه وبين كتفيه ثم قال أهل بيتي فأذهب
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم أيمن وقال يا علي أهلك،
وفى رواية قال خطب علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال وذكر الحديث. رواه البزار وفيه محمد بن ثابت بن أسلم
وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال كانت فاطمة تذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يذكرها
أحد الا صد عنه حتى يئسوا منها فلقى سعد بن معاذ عليا فقال إني والله ما أرى
رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبسها الا عليك فقال له علي رضي الله عنه فهل
ترى ذلك ما انا بأحد الرجلين ما انا بصاحب دنيا يلتمس ما عندي وقد
علم ما لي صفراء ولا بيضاء وما انا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه يعنى يتألفه
بها انى لأول من أسلم فقال سعد اني اعزم عليك لتفرجنها عنى فان لي في ذلك فرجا
قال أقول ماذا قال تقول جئت خاطبا إلى الله وإلى رسوله فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم مرحبا كلمة ضعيفة ثم رجع إلى سعد فقال له قد فعلت الذي أمرتني
به فلم يزد على أن رحب بي كلمة ضعيفة فقال سعد أنكحك والذي بعثه بالحق
إنه لا خلف (1) ولا كذب عنده أعزم عليك لتأتينه الآن (2) فلتقولن يا نبي الله
متى تبنيني فقال على هذه أشد على من الأولى أولا أقول يا رسول الله حاجتي قال
قل كما أمرتك فانطلق على فقال يا رسول الله متى تبنيني قال الليلة إن شاء الله ثم
دعا بلالا فقال يا بلال إني قد زوجت ابنتي ابن عمى وأنا أحب أن يكون من سنة
أمتي الطعام عند النكاح فائت الغنم فخذ شاة وأربعة أمداد واجعل لي قصعة أجمع
عليها المهاجرين والأنصار فإذا فرغت فأذني فانطلق ففعل ما أمره به ثم اتاه بقصعة
فوضعها بين يديه فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رأسها وقال أدخل الناس على

(1) هنا زيادة " الآن " ولعلها مقحمة.
(2) في نسخة " غدا "
207

زفة زفة (1) ولا تغادرن زفة إلى غيرها يعنى إذا فرغت زفة فلا يعودون ثانية
فجعل الناس يردون كلما فرغت زفة وردت أخرى حتى فرغ الناس ثم عمد النبي
صلى الله عليه وسلم إلى ما فضل منها فتفل فيه وبارك وقال يا بلال احملها إلى أمهاتك
وقل لهن كلن وأطعمن من غشيكن ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل على النساء فقال
إني زوجت بنتي ابن عمى وقد علمتن منزلتها منى وأنا دافعها إليه فدونكن فقمن
النساء فغلفنها (2) من طيبهن وألبسنها من ثيابهن وحلينها من حليهن ثم إن النبي
صلى الله عليه وسلم دخل فلما رأينه النساء ذهبن وبين النبي صلى الله عليه وسلم ستر وتخلفت
أسماء بنت عميس رضي الله عنها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم على رسلك من أنت قالت أنا
التي أحرس ابنتك ان الفتاة ليلة بنائها لابد لها من امرأة قريبة منها ان عرضت
لها حاجة أو أرادت أمرا أفضت بذلك إليها قال فاني أسأل إلهي ان يحرسك
من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم ثم صرخ
بفاطمة فأقبلت فلما رأت عليا جالسا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكت فخشى النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون
بكاؤها ان عليا لا مال له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك ما ألوتك في نفسي وقد أصبت
لك خير أهلي والذي نفسي بيده لقد زوجتك سعيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن
الصالحين فلان منها فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أسماء ائتيني بالمخضب فأتت أسماء بالمخضب فمج
النبي صلى الله عليه وسلم فيه ومسح في وجهه وقدميه ثم دعا فاطمة فأخذ كفا من ماء فضرب به
على رأسها وكفا بين ثدييها (3) ثم رش جلده وجلدها ثم التزمها فقال اللهم انها
منى وإني منها اللهم كما أذهبت عنى الرجس وطهرتني فطهرها ثم دعا بمخضب (4) آخر
ثم دعا عليا فصنع به كما صنع بها ثم دعا له كما دعا لها ثم قال لهما قوما إلى بيتكما جمع
الله بينكما في سركما وأصلح بالكما ثم قام وأغلق عليهما بابهما بيده قال ابن عباس رضي الله عنهما
فأخبرتني أسماء بنت عميس رضي الله عنها انها رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يدعو
لهما خاصة لا يشركهما في دعائه أحد حتى توارى في حجرته صلى الله عليه وسلم. رواه

(1) أي طائفة بعد طائفة وزمرة بعد زمرة، سميت بذلك لزفيفها في مشيها
واقبالها بسرعة.
(2) اي لطخنها، وفى النسخ مصحفة والتصحيح مما تقدم ومن النهاية.
(3) في نسخة 2 يديها " ".
(4) المخصب: وعاء كالإجانة.
208

الطبراني وفيه يحيى بن يعلى وهو متروك. وعن بريدة قال قال نفر من الأنصار
لعلى رضي الله عنه عندك فاطمة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما حاجة ابن
أبي طالب رضي الله عنه فقال يا رسول الله ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال مرحبا وأهلا لم يزد عليها فخرج علي بن أبي طالب على
أولئك الرهط من الأنصار ينتظرونه فقالوا ما وراءك قال ما أدرى غير أنه
قال لي مرحبا وأهلا قالوا يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما
أعطاك الأهل والمرحب فلما كان بعد ما زوجه قال يا علي انه لابد للعروس من وليمة
قال سعد عندي كبش وجمع له من الأنصار أصوعا من ذرة فلما كانت ليلة
البناء قال لا تحدث شيئا حتى تلقاني فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه
علي فقال اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما. رواه الطبراني والبزار بنحوه الا
أنه قال قال نفر من الأنصار لعلى رضي الله عنه لو خطبت فاطمة وقال في آخره
اللهم بارك فيهما وبارك لهما في شبليهما، ورجالهما رجال الصحيح غير عبد الكريم
ابن سليط ووثقه ابن حبان. وعن جابر قال حضرنا عرس علي رضي الله عنه
وفاطمة رضي الله عنها عما رأينا عرسا كان أحسن منه حشونا الفراش يعنى الليف
وأتينا بتمر وزبيب فأكلنا وكان فراشها ليلة عرسها أهاب كبش. رواه البزار
وفيه عبد الله بن ميمون القداح وهو ضعيف. وعن أسماء بنت عميس قالت لما
أهديت فاطمة إلى علي بن أبي طالب لم نجد في بيته الا رملا مبسوطا ووسادة
حشوها ليف وجرة وكوزا فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحدثن
حدثا أو قال لا تقربن أهلك حتى آتيك فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال اثم
أخي فقالت أم أيمن وهي أم أسامة بن زيد وكانت حبشية وكانت امرأة صالحة
يا رسول الله هذا أخوك وزوجته ابنتك وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين
أصحابه وآخى بين على ونفسه قال إن ذلك يكون يا أم أيمن قالت فدعا النبي صلى الله عليه وسلم باناء
فيه ماء ثم قال ما شاء الله ان يقول ثم مسح صدر على ووجهه ثم دعا فاطمة فقامت إليه
فاطمة تعثر في مرطها من الحياء فنضح (1) عليها من ذلك وقال لها ما شاء الله ان

(1) أي رش.
209

يقول ثم قال (1) لها أما إني لم آلك ان أنكحتك أحب أهلي إلى ثم رأى
سوادا من وراء الستر أو من وراء الباب فقال من هذا قالت أسماء قال أسماء
بنت عميس قالت نعم يا رسول الله قال جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه
وسلم قالت نعم إن الفتاة ليلة يبنى بها لابد لها من امرأة تكون قريبا منها ان
عرضت لها حاجة أفضت ذلك إليها قالت فدعا لي بدعاء انه لأوثق عملي عندي
ثم قال لعلي دونك أهلك ثم خرج فولى فما زال يدعو لهما حتى توارى في حجره،
وفى رواية عن أسماء بنت عميس أيضا قالت كنت في زفاف فاطمة رضي الله عنها بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبحت جاء النبي صلى الله عليه وسلم فضرب الباب فقامت إليه أم أيمن
ففتحت له الباب فقال لها يا أم أيمن ادعى لي أخي فقالت أخوك هو وتنكحه ابنتك
قال يا أم أيمن ادعى لي فسمع النساء صوت النبي صلى الله عليه وسلم فتحسحسن فجلس في ناحية ثم
جاء علي رضي الله عنه فدعا له ثم نضح عليه من الماء ثم قال ادعوا لي فاطمة فجاءت
وهي عرقة أو حزقة من الحياء فقال اسكتي فقد أنكحتك أحب أهلي إلى فذكر
نحوه. رواه كله الطبراني ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح. وعن عبد الله
ابن عمرو قال لما جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة إلى علي رضي الله عنهما بعث معها
بخميل قال عطاء ما الخميل قال قطيفة ووسادة من أدم حشوها ليف وأذخر
وقربة كانا يفترشان الخميل ويلتحفان بنصفه. رواه الطبراني وفيه عطاء بن السائب
وقد اختلط. وعن أم أيمن أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
وأمره أن لا يدخل على أهله حتى يجيئه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال فذكر الحديث قلت روى هذا في ترجمة أم أيمن ولم يذكر قبله ولا بعده
ما يناسبه والله أعلم رواه الطبراني. وعن أم سلمى قالت اشتكت فاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم شكواها التي قبضت فيها فكنت أمرضها فأصبحت يوما كأمثل
ما رأيناها (2) في شكواها تلك قالت وخرج على لبعض حاجته فقالت يا أمه
اسكبي لي غسلا فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت يا أمي

(1) هنا زيادة " ما شاء الله أن يقول قال " ولعلها مقحمة.
(2) في نسخة " رأيتها ".
210

أعطيني ثيابي الجدد فأعطتها فلبستها ثم قالت يا أمه قدمي لي فراشي وسط البيت
ففعلت واضطجعت واستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها ثم قالت يا أمه إني
مقبوضة الآن وقد تطهرت فلا يكشفني أحد فقبضت مكانها قالت فجاء على
فأخبرته. رواه أحمد وفيه من لم أعرفه. وعن عبد الله بن محمد بن عقيل أن
فاطمة رضي الله عنها لما حضرتها الوفاة أمرت عليا رضي الله عنه فوضع لها غسلا
فاغتسلت وتطهرت ودعت بثياب أكفانها فأتيت بثياب غلاظ خشن ولبستها
ومست من حنوط ثم أمرت عليا ان لا تكشف إذا قبضت وأن تدرج كما
هي في ثيابها فقلت له هل علمت أحدا فعل ذلك قال نعم كثير بن العباس وكتب
في أطراف أكفانه يشهد كثير بن عباس ان لا إله الا الله. رواه الطبراني
وعبد الله بن محمد لم يدرك القصة فالاسناد منقطع. وعن محمد بن إسحاق قال
توفيت فاطمة رضي الله عنها وهي بنت ثمان وعشرين وكان مولدها وقريش تبنى الكعبة
قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبع سنين وستة أشهر وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين
بعد مبعثه ثم هاجر فأقام عشرا ثم عاشت فاطمة بعده ستة أشهر وتوفيت سنة
إحدى عشرة. رواه الطبراني ورجاله إلى ابن إسحاق ثقات. وعن أبي بكر بن أبي شيبة
قال توفيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت سبع وعشرين سنة. رواه
الطبراني. وعن ابن جريج قال قال لي غير واحد كانت فاطمة أصغر ولد رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأحبهن إليه وزعم الزبير بن بكار ان رقية أصغر من فاطمة. رواه
الطبراني ورجاله إلى ابن جريج رجال الصحيح. وعن محمد بن علي بن المديني
فستقة (1) قال كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تكنى أم أسها قال كانت أصغر
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة وقيل كانت يوم عبد الله لئن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الطبراني منقطع الاسناد. وعن عائشة قالت توفيت فاطمة بعد وفاة (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ودفنها علي بن أبي طالب ليلا. رواه الطبراني
بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح. وعن أبي جعفر يعني محمد بن علي قال

(1) هو شيخ الطبراني، لا ولد علي بن المديني شيخ البخاري
(2) سقط من الأصل " بعد وفاة " أو ما معناها، والتصويب من شذرات الذهب.
211

مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر وما رؤيت ضاحكة بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم الا انهم قد امتروا في طرف نابها. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن علي يعنى ابن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة قيل يا أهل الجمع
غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم فتمر وعليها ريطتان خضراوان.
رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عبد الحميد بن بحر وهو ضعيف
(باب ما جاء في فضل زينب بنت رسول الله)
(صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها) عن ابن جريج قال قال لي غير واحد كانت زينب بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله إلي
ابن جريج رجال الصحيح. وعن الزبير بن بكار قال فولد لرسول الله صلى الله عليه
وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب وكانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي
العاص بن الربيع بن عبد شمس فولدت له عليا وأمامة وكان على مسترضعا في بنى غاضرة
فافتصله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوه يومئذ مشرك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاركني
في شئ فأنا أحق به وأيما كافر شارك مسلما في شئ فهو أحق به منه، قال الزبير
وحدثني عمر بن أبي بكر المؤملي قال توفى علي بن أبي العاص بن الربيع ابن بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ناهز الحلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على راحلته يوم
الفتح. رواه الطبراني وعمر بن أبي بكر متروك. وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة خرجت ابنته زينب من مكة مع كنانة أو ابن
كنانة فخرجوا في طلبها فأدركها هبار بن الأسود فلم يزل يطعن بعيرها برمحه
حتى صرعها وألقت ما في بطنها فتحملت واشتجر فيها بنو هاشم وبنو أمية فقال
بنو أمية نحن أحق بها وكانت تحت ابن عمهم أبي العاص وكانت عند هند بنت عتبة
ابن ربيعة وكانت تقول هذا في سبب أبيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة
ألا تنطلق فتجئ بزينب قال بلي يا رسول الله قال فخذ خاتمي فأعطها إياه فانطلق
زيد فلم يزل يتلطف فلقى راعيا فقال لمن ترعى فقال لأبي العاص فقال لمن هذه
212

الغنم فقال لزينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم فسار معه شيئا ثم قال هل لك أن أعطيك شيئا تعطيها
إياه ولا تذكره لأحد قال نعم فأعطاه الخاتم فعرفته فقالت من أعطاك هذا قال
رجل قالت فأين تركته قال بمكان كذا وكذا فسكتت حتى إذا كان الليل خرجت
إليه فلما جاءته قال لها اركبي بين يدي على بعيره قالت لا ولكن اركب أنت
بين يدي فركب وركبت وراءه حتى إذا أتت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هي
خير بناتي أصيبت في فبلغ ذلك علي بن حسين فانطلق إلى عروة فقال ما حديث
بلغني عنك انك تحدثه تنتقص حق فاطمة فقال عروة والله ما أحب ان لي ما بين المشرق
والمغرب وإني أنتقص فاطمة حقا لها واما بعد ذلك انى لا أحدث به أبدا. رواه الطبراني
في الكبير والأوسط بعضه ورواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن أم سلمة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنت أبا العاص
ابن الربيع زوجها حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا ان تذهب إليه
فأذن لها فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن أبا العاص لحقها بالمدينة
فأرسل إليها ان خذي لي من أبيك أمانا فأطلعت رأسها من باب حجرتها ورسول
الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس الصبح فقالت أيها الناس إني زينب وإني قد
أجرت أبا العاص بن الربيع فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الصلاة قال أيها الناس إني لا علم لي بهذا حتى سمعته الآن وانه
يجير على الناس أدناهم. رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وبقية رجاله
ثقات. وعن ابن إسحاق قال كان في الأسارى يوم بدر أبو العاص بن الربيع بن
عبد العزى بن عبد شمس ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته وكان أبو العاص من
رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وكان لهالة بنت خويلد خديجة خالته فسألت
خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه زينب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها وكان
قبل أن ينزل عليه وكانت تعده بمنزلة ولدها فلما أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنبوة
وآمنت به خديجة وبناته وصدقنه وشهدن أن ما جاء به هو الحق ودن بدينه
وثبت أبو العاص عل شركه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج عتبة بن أبي لهب
إحدى ابنتيه رقية أو أم كلثوم فلما نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا بأمر الله
213

ونادوه قال إنكم قد فرغتم محمد من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن فمشوا
إلى أبى العاص بن الربيع فقالوا فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة شئت
فقال لا هاء الله إذا لا أفارق صاحبتي وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يثنى عليه في صهره خيرا فيما بلغني فمشوا إلى الفاسق
عتبة بن أبي لهب فقالوا طلق امرأتك بنت محمد ونحن نزوجك أي امرأة شئت
من قريش فقال إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد ففارقها ولم يكن عدو الله دخل
بها فأخرجها الله من يده كرامة لها وهو انا له وخلف عثمان بن عفان عليها بعده
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم مغلوبا على أمره
وكان الاسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبى العاص بن
الربيع إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر على أن يفرق بينهما فأقامت معه على
إسلامها وهو على شركه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهي
مقيمة معه بمكة فلما سارت قريش إلى بدر سار معهم أبو العاص بن الربيع فأصيب
في الأسارى يوم بدر وكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق فحدثني
يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عياد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم في فداء أبى العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبى
العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال إن
رأيتم ان تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا فقالوا نعم يا رسول الله
فأطلقوه وردوا عليها الذي لها قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه ووعده
ذلك أن يخلى سبيل زينب إليه إذ كان فيما شرط عليه في إطلاقه ولم يظهر ذلك
منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخلى
سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار فقال كونا ببطن
ناجح حتى تمر بكما زينب فتصحبانها فتأتياني بها فلما قدم أبو العاص مكة أمرها
باللحوق بأبيها فخرجت جهرة، قال ابن إسحاق قال عبد الله بن أبي بكر بن محمد
ابن عمرو بن حزم حدثت عن زينب أنها قالت بينا أنا أتجهز بمكة للحوق بأبي
214

لقيتني هند بنت عتبة فقالت يا بنت عمى إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك
في سفرك أو ما تبلغين به إلى أبيك فلا تضطني منه فإنه لا يدخل بين النساء ما بين
الرجال قالت ووالله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل ولكني خفتها فأنكرت أن
أكون أريد ذلك فتجهزت فلما فرغت من جهازي قدم إلى حمى كنانة بن
الربيع أخو زوجي بعيرا فركبته وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها نهارا يقود
بها وهي في هودجها وتحدثت بذلك رجال قريش فخرجوا في طلبها حتى أدركوها
بذي طوى وكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن
عبد العزى بن قصي ونافع بن عبد القيس الزهري فروعها هبار وهي في هودجها
وكانت حاملا فيما يزعمون فلما وقعت ألقت ما في بطنها فبرك حموها ونثر كنانته
وقال والله لا يدنو منى رجل إلا وضعت فيه سهما فتكركر الناس عنه وجاء
أبو سفيان في جلة من قريش فقال أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك
فكف وأقبل أبو سفيان فأقبل عليه فقال إنك لم تصب خرجت بامرأة على
رؤوس الناس نهارا وقد علمت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد فيظن الناس
إذا خرجت إليه ابنته علانية من بين ظهرانينا أن ذلك من ذل أصابنا عن مصيبتنا
التي كانت وأن ذلك منا ضعف ووهن وإنه لعمري مالنا في حبسها عن أبيها
حاجة ولكن أرجع المرأة حتى إذا هدأ الصوت وتحدث الناس أنا
قد رددناها فسلها سرا وألحقها بأبيها قال ففعل وأقامت ليالي حتى إذا هدأ الناس
خرج بها ليلا فأسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدمنا بها على رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأقام أبو العاص بمكة وكانت زينب عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد فرق الاسلام بينهما حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجرا
إلى الشام وكان رجلا مأمونا بأموال له وأموال لقريش أبضعوها معه فلما فرغ
من تجارته أقبل قافلا فلحقته سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا ما معه وأعجزهم
هاربا فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله أقبل أبو العاص بن الربيع تحت الليل
حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واستجارها فأجارته
وجاء في طلب ماله فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح كما
215

حدثني يزيد بن رومان فكبر وكبر الناس خرجت زينب من صفة النساء وقالت
أيها الناس انى قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الصلاة أقبل على الناس فقال أيها الناس أسمعتم قالوا نعم قال أما والذي نفسي بيده
ما علمت بشئ كان حتى سمعته انه ليجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى دخل على ابنته فقال يا بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك فإنك
لا تحلين له، قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبى العاص بن الربيع ان هذا الرجل مناقد
علمتم أصبتم له مالا فان تحسنوا وتردوا عليه الذي له فانا نحب ذلك وان أبيتم فهو
فئ الله الذي أفاءه عليكم فأنتم أحق به قالوا يا رسول الله نرده فردوا عليه ماله
حتى أن الرجل يأتي بالحبل ويأتي الرجل بالشنة والإداوة حتى أن أحدهم ليأتي
بالشظاط حتى إذا ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئا احتمل إلى مكة فرد
إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع معه ثم قال يا معشر قريش هل بقي
لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا وجزاك الله خيرا فقد وجدناك عفيفا
كريما قال فاني أشهد ان لا إله الا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله والله
ما منعني من الاسلام عنده الا تخوف ان تظنوا انى إنما أردت ان آكل أموالكم
فأما إذ أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت وخرج حتى قدم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وإسناده منقطع. وعن عروة بن الزبير ان
رجلا أقبل بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحقه رجلان من قريش
فقاتلاه حتى غلباه عليها فدفعاها فوقعت على صخرة فأسقطت وهريقت دما فذهبوا
بها إلى أبي سفيان فجاءته نساء بني هاشم فدفعها إليهن ثم جاءت بعد ذلك مهاجرة
فلم تزل وجعة حتى ماتت من ذلك الوجع فكانوا يرون أنها شهيدة. رواه
الطبراني وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأختها أم كلثوم) *
عن قتادة بن دعامة قال كانت رقية عند عتبة بن أبي لهب فلما انزل الله
تبارك وتعالى (تبت يدا أبى لهب) سأل النبي صلى الله عليه وسلم عتبة طلاق رقية وسألته
216

رقية ذلك فطلقها فزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه رقية وتوفيت عنده. رواه الطبراني
وفيه زهير بن العلاء ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن حبان فالاسناد حسن. وعن الزبير
ابن بكار قال وكانت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عتبة بن أبي لهب ففارقها
فتزوج عثمان بن عفان رقية بمكة وهاجرت معه إلى أرض الحبشة فولدت له عبد الله
وبه كان يكنى وقدمت معه إلى المدينة وتخلف عن بدر عليها باذن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سهمان أهل بدر قال وأجرى يا رسول
الله قال وأجرك. رواه الطبراني وروى عن الزهري بعضه ورجالهما إلى قائلهما ثقات.
وعن الزهري قال توفيت رقية يوم جاء زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببشرى
بدر. رواه الطبراني وهو مرسل ورجاله ثقات. وعن الزهري قال تزوج عثمان
أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفيت عنده ولم تلد له شيئا. رواه الطبراني باسناد
الذي قبله. وعن الزبير بن بكار قال وكانت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند
عتبة بن أبي لهب الذي أكله الأسد ففارقها ولما توفيت رقية عند عثمان زوجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم فتوفيت عنده ولم تلد له شيئا وقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم لو كان لي عشر لزوجتكهن. رواه الطبراني منقطع الاسناد وقد
تقدم قصة طلاق عتيبة بن أبي لهب إياها في المغازي فيما لقى من أذى المشركين
وبعضها في مناقب عثمان رضي الله عنه.
* (باب في أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم) *
عن ابن عباس أن خديجة ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عبد الله والقاسم وزينب
ورقية وأم كلثوم وفاطمة وولدت له مارية القبطية إبراهيم. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط وفيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو متروك. وعن الزبير بن بكار قال
ولد للنبي صلى الله عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبد الله وكان
يقال له الطيب ويقال له الطاهر ولد بعد النبوة ومات صغيرا ثم أم كلثوم ثم فاطمة
ثم رقية هكذا الأول فالأول مات القاسم بمكة ثم عبد الله. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء من الفضل لمريم وآسية وغيرهما) *
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصخرة صخرة
217

بيت المقدس على نخلة والنخلة على نهر من أنهار الجنة وتحت النخلة آسية بنت مزاحم
امرأة فرعون ومريم ابنة عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة. رواه
الطبراني وفيه محمد بن مخلد الرعيني وهذا الحديث من منكراته. وعن أبي أمامة
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة أشعرت أن الله قد زوجني في
الجنة مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى وامرأة فرعون. رواه الطبراني وفيه
خالد بن يوسف السمتي وهو ضعيف. وعن سعد بن جنادة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قد زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة
فرعون وأخت موسى. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن أبي
رواد قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة
رضي الله عنها في مرضها الذي توفيت فيه فقال لها بالكره منى الذي أرى منك
يا خديجة وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا أما علمت أن الله عز وجل
زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وكلثم أخت موسى قالت
وقد فعل الله ذلك يا رسول الله قال نعم فقالت بالرفاء والبنين. رواه الطبراني منقطع
الاسناد وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف، وبقية الأحاديث التي فيها كمل
من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربعة في مواضعها مفرقة في فضل آدم
وفاطمة وخديجة. وعن أبي هريرة أن فرعون أوتد لزوجته (1) أربعة أوتاد
في يديها ورجليها فكان إذا تفرقوا عنها أظلتها الملائكة فقالت (رب ابن لي
عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين) فكشف
لها عن بيتها في الجنة. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.
(باب فضل خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
عن الزبير بن بكار قال وأم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبناته غير إبراهيم خديجة
بنت خويلد وكانت في الجاهلية الطاهرة بن أسد بن عبد العزى بن قصي وأمها
فاطمة بنت زائدة بن جندب وهو الأصم بن حجر بن عبد معيص بن عامر بن

(1) في نسخة " لامرأته ".
218

لؤي وأمها هالة بنت عبد مناف بن الحرث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن
لؤي وأمها العرقة واسمها قلابة بنت سعد بن سهل بن عمرو بن هصيص
ابن كعب بن لؤي وحبان بن عبد مناف أخو هالة لأبيها وأمها هو الذي رمى سعد
ابن معاذ رحمة الله يوم الخندق فقال خذها وانا ابن العرقة فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم عرق الله وجهك في النار فأصاب أكحل سعد رحم الله سعدا فمات
شهيدا وكانت خديجة بنت خويلد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عتيق بن عابد بن
عبد الله بن عمرو بن مخزوم فولدت له هند بن عتيق ثم خلف عليها أبو هالة مالك
ابن نباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي من بنى أسد
ابن عمرو بن تميم حليف بنى عبد الدار بن قصي فولدت له هندا وهالة (1) فهند
ابن عتيق بن عايد وهند وهالة ابنا أبى هالة مالك بن نباش بن زرارة أخو ولد رسول
الله صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد من أمهم. وعن ابن شهاب قال تزوج رسول الله
صلى الله عليه وسلم خديجة بمكة وهي أول امرأة تزوج وكانت قبله عند أبي هالة التميمي وتزوجها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن إحدى وعشرين سنة وتوفيت لسبع مضين من مبعثه. رواه
الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف. وعن عمر بن أبي بكر
المؤملي أن عمرو بن أسد زوج خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة وقريش تبنى الكعبة.
رواه الطبراني وعمر هذا متروك. وعن ابن جريج قال نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو ابن سبع وثلاثين سنة، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف.
وعن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن أبيه قال قال عمرو
ابن أسد: محمد بن عبد الله يخطب خديجة بنت خويلد هذا الفحل
لا يقرع أنفه. رواه الطبراني وفيه ابن زبالة وهو ضعيف. وعن ابن شهاب قال
كانت خديجة بنت خويلد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان ينزل عليه القرآن ثم نزل عليه
القرآن وهي عنده وهي أول من صدق النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به
وتوفيت بمكة قبل ان يخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين.

(1) في الأصل " هند بن هالة " وفى الهامش: صوابه: هندا وهالة ابن حجر.
219

رواه الطبراني وفيه ابن زبالة أيضا وهو ضعيف. وعن مالك بن الحويرث قال
أول من أسلم من الرجال على ومن النساء خديجة. رواه الطبراني وفى رجاله
ضعف ووثقهم ابن حبان. وعن بريدة قال خديجة أول من أسلم مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب. رواه الطبراني ورجاله وثقوا وفيهم ضعف.
وعن أبي رافع قال أول من أسلم من الرجال على وأول من أسلم من النساء خديجة.
رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن إسحاق قال خديجة بنت خويلد
ابن أسد بن عبد العزى بن قصي. رواه الطبراني ورجاله إلى ابن إسحاق رجال
الصحيح. قال الطبراني خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهي
أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أم ولده الذكور والإناث
الا إبراهيم عليه السلام فإنه من سريته مارية القبطية. وعن قتادة بن دعامة قال
توفيت خديجة بنت خويلد قبل الهجرة بثلاث سنين وهي أول من آمن بالنبي
صلى الله عليه وسلم من النساء والرجال ولم يتزوج من الجاهلية غيرها ولم يلد له من المهاير
غيرها. رواه الطبراني وفيه زهير بن العلاء وثقه ابن حبان وضعفه غيره وروى
الطبراني نحوه باختصار عن عروة بن الزبير ورجاله رجال الصحيح. وعن الزهري
قال لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت توفيت قبل أن تفرض الصلاة. رواه
الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف. وعن ابن عباس فيما يحسب
حماد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة وكان أبوها يرغب عن أن
يزوجه فصنعت طعاما وشرابا فدعت أباها ونفرا من قريش فطعموا وشربوا حتى
ثملوا فقالت خديجة إن محمد بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه فزوجها إياه فخلقته
وألبسته حلة وكذلك كانوا يفعلون بالآباء فلما سرى عنه سكره نظر فإذا هو
مخلق وعليه حلة فقال ما شأني ما هذا قالت زوجتني محمد بن عبد الله فقال أنا أزوج
يتيم أبى طالب لا لعمري قالت خديجة ألا تستحي تريد أن تسفه نفسك عند
قريش تخبر الناس أنك كنت سكران فلم تزل به حتى رضى. رواه أحمد والطبراني
ورجال أحمد والطبراني رجال الصحيح. وعن عمار بن ياسر أنه كان إذا سمع
220

ما يتحدث به الناس من تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة يقول أنا أعلم الناس
بتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها كنت من إخوانه فكنت له خدنا وإلفا
في الجاهلية وإني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتى مررنا على أخت
خديجة وهي جالسة على أدم لها فنادتني فانصرفت إليها ووقف رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال أما لصاحبك في تزويج خديجة حاجة فأخبرته فقال بلى لعمري
فرجعت إليها فأخبرتها بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت اغد علينا إذا
أصبحت غدا فغدونا عليهم فوجدناهم قد ذبحوا بقرة وألبسوا أبا خديجة حلة
وضربوا عليه قبة فكلمت أخاها فكلم أباها وأخبرته برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمكانه
وانه سأل أن يزوجه خديجة فزوجه فصنعوا من البقرة طعاما فأكلنا منه ونام
أبوها ثم استيقظ فقال ما هذه الحلة وهذه القبة وهذا الطعام قالت له ابنته التي كلمت عمارا
هذه الحلة كساكها محمد بن عبد الله ختنك وهذه بقرة أهداها لك فذبحناها حين زوجته
خديجة فأنكر ان يكون زوجه وخرج حتى جاء الحجر وجاءت بنو هاشم حين
جاءوا فقال أين صاحبكم الذي تزعمون انى زوجته فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونظر إليه قال إن كنت زوجته والا فقد زوجته. رواه الطبراني والبزار وفيه
عمر بن أبي بكر المؤملي وهو متروك. وعن جابر بن سمرة أو رجل من أصحاب
النبي صلى الله عليه سلم قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يرعى غنما فاستعلى الغنم فكان في الإبل هو
وشريك له فأكر يا أخت خديجة فلما قضوا السفر بقي لهم عليها شئ فجعل شريكهم
يأتيها فيتقاضاهم ويقول لمحمد انطلق فيقول اذهب أنت فاني استحي فقالت مرة
وأتاهم فأين محمد قال قد قلت له فزعم أنه يستحي فقالت ما رأيت رجلا أشد
حياءا ولا أعف ولا ولا فوقع في نفس أختها خديجة فبعثت إليه فقالت ائت أبى
فاخطبني قال أبوك رجل كثير المال وهو لا يفعل قالت انطلق فالقه فكلمه فانا
أكفيك (1) وائت عند سكره ففعل فاتاه فزوجه فلما أصبح جلس في المجلس
فقيل له أحسنت زوجت محمدا فقال أو قد فعلت قالوا نعم فقام فدخل عليها فقال إن
الناس يقولون انى قد زوجت محمدا (2) قالت بلى فلا تسفهن رأيك فان محمدا

(1) في نسخة " ثم انا أكفيك ".
(2) في نسخة زيادة " وما فعلت ".
221

كذا فلم تزل به حتى رضى ثم بعثت إلى محمد صلى الله عليه وسلم بوقيتين من فضة
أو ذهب وقالت اشتر حلة واهدها لي وكبشا وكذا وكذا ففعل. رواه الطبراني
والبزار ورجاله الطبراني رجال الصحيح غير أبى خالد الوالبي وهو ثقة ورجال
البزار أيضا إلا أن شيخه أحمد بن يحيى الصوفي ثقة ولكنه ليس من رجال
الصحيح (1) وقال فيه قالت وائته غير مكره بدل سكره وقالت في الحلة فاهدها
إليه بدل إلى. وعن ابن مسعود قال أول شئ علمت من أمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم قدمت مكة في عمومة لي فأرشدنا على العباس بن عبد المطلب فانتهينا
إليه وهو جالس في زمزم فجلسنا إليه فبينا نحن عنده أقبل رجل من باب الصفا
أبيض تعلوه حمرة له وفرة جعدة إلى أطراف (2) أذنيه أشم أقنى الانف براق
الثنايا أدعج العينين كث اللحية دقيق المسربة (3) شثن الكفين والقدمين (4) عليه ثوبان
أبيضان كأنه القمر ليلة البدر يمشى عن يمينه غلام أمرد حسن الوجه مراهق أو محتلم
تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها حتى قصد نحو الحجر فاستلمه ثم استلمه الغلام واستلمت
المرأة ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفون معه ثم استلم الركن ورفع يديه
وكبر وقام الغلام عن يمينه ورفع يديه وكبر وقامت المرأة خلفهما ورفعت يديها
وكبرت وأطال القنوت ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه من الركوع فقنت
وهو قائم ثم سجد وسجد الغلام والمرأة معه يصنعان مثل ما يصنع يتبعانه قال
فرأينا شيئا لم نكن نعرفه بمكة فأنكرنا فأقبلنا على العباس فقلنا يا أبا الفضل ان
هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم أشئ حدث قال أجل والله أما تعرفون هذا قلنا
لا قال هذا ابن أخي محمد بن عبد الله والغلام علي بن أبي طالب والمرأة خديجة بنت
خويلد أما والله ما على ظهر الأرض أحد يعبد الله على هذا الدين إلا هؤلاء
الثلاثة. رواه الطبراني وفيه اثنان أحدهما يحيى بن حاتم ولم أعرفه والآخر
بشر بن مهران وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم، وبقية رجاله ثقات. وقد تقدم

(1) وكذا شيخ الطبراني فكان ينبغي أن يقول ورجالهما رجال الصحيح
سوى شيخيهما وأبي خالد الوالبي ابن حجر.
(2) في نسخة " أنصاف ".
(3) أي شعر الصدر.
(4) أي يميلان إلى الغلظ والقصر ويمدح ذلك في الرجال.
222

هذا من حديث عفيف الكندي. رواه أحمد وغيره ورجاله ثقات. وعن ابن
عباس قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط فقال
أتدرون ما هذا فقالوا الله ورسوله أعلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل
نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وسلم ومريم
ابنة عمران وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني
ورجالهم رجال الصحيح. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
بحسبك من نساء العالمين أربع فاطمة بنت محمد وخديجة بنت خويلد ومريم بنت
عمران وآسية بنت مزاحم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سليمان الشاذكوني
وهو ضعيف. وعن عمار بن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد فضلت
خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين. رواه الطبراني والبزار
وفيه أبو يزيد الحميري ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وعن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدات نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة
بنت محمد ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن
ابن زبالة وهو متروك. وعن عبد الله بن جعفر قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمرت ان ابشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب. رواه أحمد
وأبو يعلى والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق وقد
صرح بالسماع. وعن فاطمة انها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم أين امنا خديجة
قال في بيت من قصب لا لغو فيه ولا نصب بين مريم وآسية قالت من هذا
القصب قال لا بل من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت. رواه الطبراني في
الأوسط من طريق مهاجر بن ميمون عنها ولم أعرفه ولا أظنه سمع منها والله أعلم
، وبقية رجاله ثقات. وعن جابر بن عبد الله ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم سئل عن خديجة انها ماتت قبل ان تنزل الفرائض والاحكام قال
أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب لا لغو فيه ولا نصب وسئل عن أبي
طالب هل نفعته قال أخرجته من جهنم إلى ضحضاح منها. رواه
الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجالهما رجال الصحيح غير مجالد
223

بن سعيد وقد وثق وخاصة في أحاديث جابر. وعن أبي هريرة وأبى سعيدة قالا
بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بيت في الجنة من قصب لا صخب فيه
ولا نصب قلت حديث أبي هريرة في الصحيح رواه الطبراني في الكبير والأوسط
وفيه محمد بن عبد الله الزهيري ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن جابر بن
رئاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخديجة إن جبريل عليه السلام أتاني
وقال بشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب. رواه الطبراني وفيه
الوازع بن نافع وهو متروك. وعن ابن عباس قال بينما رسول الله صلى الله عليه
وسلم جالس مع خديجة إذ أتاه جبريل فقال يا محمد أقرئ خديجة السلام وبشرها
في الجنة ببيت من قصب لا أذى فيه ولا نصب. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.
وعن ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال لي جبريل صلى الله
عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب يعنى قصب
اللؤلؤ قلت في الصحيح بعضه رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح
غير محمد بن أبي سمينة وقد وثقه غير واحد. وعن عائشة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يكثر ذكر خديجة فقلت ما أكثر ما تكثر من ذكر خديجة وقد أحلف
الله تعالى لك من عجوز حمراء الشدقين وقد هلكت في دهر فغضب رسول الله صلى
الله عليه وسلم غضبا ما رأيته غضب مثله قط وقال إن الله رزقها منى ما لم يرزق أحدا
منكن قلت يا رسول الله اعف عنى والله لا تسمعني أذكر خديجة بعد هذا اليوم بشئ
تكرهه. وفى رواية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكن
يسأم من ثناء عليها والاستغفار قال ورزقت مني الولد إذ حرمتنه منى فغدا على بها
وراح شهرا. رواه الطبراني وأسانيده حسنة. وعن عائشة قالت كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى فأحسن الثناء قالت فغرت يوما فقلت ما
أكثر ما تذكر حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيرا منها قال أبدلني الله خيرا منها
قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني
الناس ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس. رواه أحمد واسناده حسن. وعن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ان جبريل كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت خديجة
224

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل هذه خديجة فقال جبريل عليه السلام
اقرئها من الله السلام ومني. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن
سعيد بن كثير قال جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بحراء
فقال هذه خديجة قد جاءت تحبس في عرزتها فقيل لها إن الله يقرئك السلام فلما
جاءت قال لها إن جبريل أعلمني بك وبالحس الذي في عرزتك قبل ان تأتى فقال
الله يقرئها السلام. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف. وعن
عائشة قالت أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة من عنب الجنة. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه. * (باب في فضل عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها) *
* (باب تزويجها) *
عن عائشة قالت لما توفيت خديجة قالت خولة بنت حكيم بن الأوقص امرأة
عثمان بن مظعون وذلك بمكة يا رسول الله ألا تزوج قال من قالت إن شئت
بكرا وإن شئت ثيبا قال فمن البكر قالت ابنة أحب (1) خلق الله إليك عائشة
بنت أبي بكر قال فمن الثيب قالت سودة بنت زمعة آمنت بك واتبعتك على ما أنت
عليه قال فاذهبي فاذكرها على فجاءت فدخلت بيت أبى بكر فوجدت أم رومان
أم عائشة فقالت يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة أرسلني
رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة قالت وددت انتظري أبا بكر
فإنه آت فجاء أبو بكر فقال يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة
أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة فقال هل تصلح له إنما
هي بنت أخيه فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال
ارجعي إليه فقولي له أنت أخي في الاسلام وانا أخوك وابنتك تصلح لي فأتت
أبا بكر فقال ادعى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فأنكحه. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث. وعن أبي سلمة ويحيى
ابن عبد الرحمن بن حاطب قالا لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة

(1) " أحب " غير موجودة في الأصل
225

عثمان بن مظعون فقالت يا رسول الله الا تزوج قال من قالت إن شئت بكرا وان
شئت ثيبا قال فمن البكر قالت بنت أحب خلق الله عليك عائشة بنت أبي بكر قال ومن
الثيب قالت سودة ابنة زمعة قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول قال اذهبي
فاذكريها على فاتت أم رومان فقالت يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير
والبركة قالت وما ذاك قالت أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم اخطب عليه
عائشة قالت انتظري أبا بكر حتى يأتي فجاء أبو بكر فقالت يا أبا بكر ماذا ادخل الله
عليك من الخير والبركة قال وما ذاك قالت أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم
اخطب عائشة قال وهل تصلح له إنما هي ابنة أخيه فرجعت إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فذكرت ذلك له قال ارجعي فقولي له أنا أخوك وأنت أخي في
الاسلام وابنتك تصلح لي فرجعت فذكرت ذلك له فقال انتظري وخرج قالت أم رومان
إن مطعم بن عدي كان قد ذكرها على ابنه فوالله ما وعد وعدا قط
فأخلفه لأبي بكر فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي أقول هذه تقول انك تقول
ذلك فخرج من عنده وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعد فقال
لخولة ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعته فزوجها إياه وعائشة رضي الله عنها
يومئذ بنت ست سنين ثم خرجت فدخلت على سودة بنت زمعة فقالت ماذا
أدخل الله عليك من الخير والبركة قالت وما ذاك قالت أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخطبك عليه قالت وددت ادخلي على أبى فاذكري ذلك له وكان شيخا كبيرا قد
أدركته السن قد تخف عن الحج فدخلت عليه فحيته بتحية الجاهلية فقال من هذه
فقالت خولة ابنة حكيم قال فما شأنك قالت أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه
سودة فقال كفؤ كريم فماذا تقول صاحبتك قالت تحب ذلك قال ادعيه لي فجاءه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحج فجعل يحثى في
رأسه التراب فقال بعد أن أسلم لعمري انى لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب ان
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة ابنة زمعة قالت عائشة فقدمنا المدينة فنزلنا في بنى
الحرث بن الخزرج بالسنح قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيتنا فجاءت بي
أمي وأنا في أرجوحة ترجح بي بين عذقين فأنزلتني من الأرجوحة ولى
226

جميمة (1) ففرقتها ومسحت وجهي بشئ من ماء ثم أقبلت تقودني حتى وقفت
عند الباب وإني لأنهج حتى سكن من نفسي ثم دخلت بي فإذا رسول الله صلى
الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار فاحتبستني
في حجرة ثم قالت هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم وبارك لهم فيك فوثب الرجال
والنساء فخرجوا وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا ما نحرت على جزور ولا
ذبحت على شاة حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا دار نسائه وأنا يومئذ ابنة سبع سنين قلت في الصحيح طرف
منه رواه أحمد بعضه صرح فيه بالاتصال عن عائشة وأكثره مرسل وفيه محمد
ابن عمرو بن علقمة وثقه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عائشة
قالت ما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل بصورتي فقال هذه زوجتك
ولقد تزوجني واني لجارية على خوف فلما تزوجني أوقع الله على الحياء. رواه أبو
يعلى والطبراني باختصار وفيه أبو سعد البقال وهو مدلس. وعن عبد الله بن عبيد
ابن عمير قال لما توفيت خديجة اشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
تزوج عائشة. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت
لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفنا وخلف بناته فلما استقر بالمدينة بعث زيد بن
حارثة وبعث معه أبا رافع مولاه وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها من أبى
بكر يشتريان بها ما يحتاجان إليه من الظهر وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن الأريقط
الدئلي ببعيرين أو ثلاثة وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر أن يحمل معه أهله أم
رومان وأم أبي بكر وانا وأخي وأسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير فخرجوا
مصطحبين حتى انتهوا إلى قديد اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة درهم ثلاثة
أبعرة ثم دخلوا مكة جميعا فصادفوا طلحة بن عبيد الله يريد الهجرة فخرجنا جميعا
وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة بنت زمعة وحمل زيد أم أيمن
وولدها أيمن وأسامة واصطحبنا حتى إذا كنا بالبيض من نمر نفر بعيري وأنا في
محفة معي فيها أمي فجعلت أمي تقول وا بنتاه وا عروستاه حتى إذا أدرك بعيرنا

(1) تصغير الجمة: وهي ما سقط على المنكبين من شعر الرأس.
227

وقد هبط من الثنية ثنية هبشا فسلم الله حتى قدمنا المدينة فنزلت في عيال أبى
بكر ونزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبنى المسجد وأبياتنا حول المسجد
فأنزل فيها أهله فمكثنا أياما ثم قال أبو بكر يا رسول الله ما يمنعك أن تبنى
بأهلك قال الصداق فأعطاه أبو بكر ثنتي عشرة أوقية ونشا (1) فبعث بها إلينا وبنى بي
رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي هذا الذي أنا فيه وهو الذي توفى فيه ودفن فيه وأدخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة أحد تلك البيوت وكان يكون عندها. وفيه محمد
ابن الحسن بن زبالة وهو ضعيف. وعن عائشة قالت قدمنا مهاجرين فسلكنا في
ثنية ضعينة فنفر جمل كنت عليه نفورا منكرا فوالله ما أنسى قول أمي يا عريسة
فركب بي رأسه فسمعت قائلا يقول ألقى خطامة فألقيته فقام يستدير كأنما انسان
قائم تحته. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن عائشة قالت خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلما كنا بالحد انصرفنا وأنا على جمل فكان آخر العهد منهم وأنا أسمع
صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وا عروساه فوالله إني على ذلك إذ نادى مناد أن ألقى
الخطام فألقيته فأعلقه الله عز وجل بيده. رواه أحمد وفيه أبو شداد ولم أعرفه، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتلى عائشة رضي الله عنها
في أهلها قبل أن يدخل بها. رواه الطبراني وفيه القاسم بن عبد الله بن عمر
وهو متروك. قلت وقد تقدم في الوليمة من كتاب الضحايا أحاديث في جلائها.
وعن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة بنت أبي بكر
في شوال وأعرس بها في شوال بالمدينة وتوفيت لسبع عشرة خلت من رمضان بعد الوتر
سنة ثمان وخمسين ودفنت من ليلتها. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة
وهو ضعيف. وعن نافع وغيره من أهل العلم قالوا صلينا على عائشة وأم سلمة
زوجي النبي صلى الله عليه وسلم وسط البقيع والامام يوم صلينا على عائشة أبو هريرة وحضر
ذلك عبد الله بن عمر ودخل في قبر عائشة عبد الله وعروة ابنا محمد بن أبي بكر
وماتت سنة ثمان وخمسين في رمضان لسبع عشرة خلت منه ودفنت من ليلتها.
رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف.

(1) النش: نصف الأوقية.
228

* (باب حديث الإفك) *
عن عائشة قالت دخلت على أم مسطح فخرجت لحاجة إلى حش فوطئت أم
مسطح على عظم أو شوكة فقالت تعس مسطح قلت بئس ما قلت أتسبين رجلا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت اشهد أنك من الغافلات المؤمنات أتدرين ما قد
طار عليك فقلت لا والله فقالت متى عهدك برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصنع في أزواجه ما أحب ويرجى من أحب منهن فقالت إنه قد طار عليك
كذا وكذا فخررت مغشية على فبلغ أم رومان أمي فلما بلغها ان عائشة بلغها
الامر أتتني فحملتني فذهبت بي إلى بيتها فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان عائشة قد بلغها الامر فجاء إليها فدخل عليها وجلس عندها وقال
يا عائشة ان الله قد وسع التوبة فازددت شرا إلى ما بي فبينا نحن كذلك
إذ جاء أبو بكر فدخل على فقال يا رسول الله ما تنتظر بهذه التي قد خانتك
وفضحتني قالت فازددت شرا إلى شر قالت فأرسل إلى علي فقال يا علي ما ترى في
عائشة قال الله ورسوله أعلم قال لتخبرني ما ترى في عائشة قال قد وسع الله النساء
ولكن أرسل إلى بريرة خادمها فسلها فعسى أن تكون قد اطلعت على شئ من
أمرها فأرسل إلى بريرة فجاءت فقال أتشهدين أنى رسول الله قالت نعم قال فان
سألتك عن شئ فلا تكتميني قالت يا رسول الله فما شئ تسألني عنه إلا أخبرتك
به ولا أكتمك إن شاء الله شيئا قال قد كنت عند عائشة فهل رأيت منها شيئا
تكرهينه قالت لا والذي بعثك بالنبوة ما رأيت منها منذ كنت عندها إلا خلة قال
ما هي قالت عجنت عجينا لي فقلت لعائشة احفظي العجين حتى أقتبس نارا فأختبز
فقامت تصلى فغفلت عن العجين فجاءت الشاة فأكلته، فأرسل إلى أسامة فقال يا أسامة
ما ترى في عائشة قال الله ورسوله أعلم قال لتخبرني ما ترى فيها قال إني أرى
أن تسكت عنها حتى يحدث الله إليك فيها قالت فما كان الا يسيرا حتى نزل الوحي
فلما نزل جعلنا نرى في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم السرور وجاء عذرها
من الله جل ذكره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشري يا عائشة ثم أبشري
يا عائشة قد أتاك الله بعذرك فقلت بغير حمدك وحمد صاحبك قال فعند ذلك تكلمت
229

رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه وفيه خصيف وقد وثقه جماعة وضعفه
آخرون، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأصاب عائشة القرعة في غزوة بنى
المصطلق فلما كان في جوف الليل انطلقت عائشة لحاجة فانحلت قلادتها فذهبت
في طلبها وكان صفوان مسطح يتيما لأبي بكر وفى عياله فلما رجعت عائشة لم تر العسكر
قال وكان صفوان بن المعطل السلمي يتخلف عن الناس فنصب القدح والجراب
والإداوة أحسبه قال فيحمله قال فنظر فإذا عائشة فغطى أحسبه قال وجهه عنها ثم
أدنى بعيره منها قال فانتهى إلى العسكر فقالوا قولا وقالوا فيه قال ثم ذكر الحديث
حتى انتهى قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجئ فيقوم على الباب فيقول كيف
تيكم حتى جاء يوما فقال أبشري يا عائشة فقد انزل الله عذرك فقالت بحمد الله لا
بحمدك قال وانزل الله في ذلك عشر آيات (ان الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم)
قال فحد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسطحا وحمنة وحسان. رواه البزار وفيه
محمد بن عمرو وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات. وعن الأسود قال قلت
يعنى لعائشة يا أم المؤمنين أو يا أمتاه الا تحدثيني كيف كان يعنى أمر الإفك قالت
تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا أخوض المطر بمكة وما عندي ما يرغب فيه الرجال
وانا بنت ست سنين فلما بلغني انه تزوجني ألقى الله على الحياء ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر
وانا معه فاحتملت إليه وقد جاءني وانا بنت تسع سنين فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم
مسيرا فخرج بي معه وكنت خفيفة في حداجة لي عليها ستور فلما ارتحلوا جلست
عليها واحتملوا وانا فيها فشدوها على ظهر البعير فنزلوا منزلا وخرجت لحاجتي
فرجعت وقد نادوا بالرحيل فنزلت في الحداجة وقد رأوني حين حركت الستور
فلما جلست فيها ضربت بيدي على صدري فإذا انا قد نسيت قلادة كانت معي من
جزع فخرجت مسرعة اطلبها فرجعت فإذا القوم قد ساروا فإذا انا لا أرى الا
الغبار من بعيد فإذا هم قد وضعوا الحداجة على ظهر البعير لا يرون الا انى فيها
لما رأوا من خفتي فإذا رجل آخذ برأس بعيره فقلت من الرجل فقال صفوان
ابن المعطل أم المؤمنين أنت قلت نعم قال إنا لله وانا إليه راجعون قلت أدر عنى وجهك وضع
230

رجلك على ذراع بعيرك قال أفعل ونعمة خير وكرامة قالت فأدركت الناس حين
نزلوا فذهب فوضعني عند الحداجة فنظر إلى الناس وأنا لا أشعر قالت وأنكرت
لطف أبوى وأنكرت لطف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلم ما قد كان قيل حتى دخلت
على خادمي أو ربيبتي فقالت كذا قالت وقال لي رجل من المهاجرين ما أغفلك
فأخذتني حمى بنافض (1) فأخذت أمي كل ثوب في البيت فألقته علي فاستشار
رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من أصحابه فقال ما ترون فقال بعضهم ما أكثر
النساء وتقدر على البدل وقال بعضهم أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وينزل
عليك الوحي وأمرنا لأمرك تبع وقال بعضهم والله ليبيننه الله لك فلا تعجل قالت
وقد صار وجه أبى كأنه صب عليه زرنيخ قالت فدخل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فرأى ما بي فقال ما لهذه قالت أمي ما لهذه مما قلتم وقيل فلم يتكلم ولم يقل
شيئا قالت فزادني ذلك على ما عندي قالت وأتاني فقال اتقى الله يا عائشة وإن كنت
قارفت من هذا شيئا فتوبي إلى الله فان الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات
قالت وطلبت اسم يعقوب فلم أقدر عليه فقلت غير أنى أقول كما قال أبو يوسف
(فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم
من الله مالا تعلمون) قالت فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ووجهه كأنما ذيب
عليه الزرنيخ حتى نزل عليه وكان إذا أوحى إليه لم يطرف فعرف أصحابه أنه
يوحى إليه وجعلوا ينظرون إلى وجهه وهو يتهلل ويسفر فلما قضى الوحي قال
ابشر يا أبا بكر قد أنزل الله عذر ابنتك وبراءتها فانطلق إليها فبشرها قالت
وقرأ عليه ما نزل في قالت وأقبل أبو بكر مسرعا يكاد أن ينكب قالت فقلت
بحمد الله لا بحمد صاحبك الذي جئت من عنده فجاء رسول الله صلى الله عليه
وسلم فجلس عند رأسي فأخذ بكفي فانتزعت يدي منه فضربني أبو بكر وقال
أتنزعين كفك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو برسول الله صلى الله عليه
وسلم تصنعين هذا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فهذا كان
أمري. رواه الطبراني وفيه أبو سعد البقال وهو ضعيف وقد وثق.

(1) أي برعدة شديدة كأنها نفضتها أي حركتها. وفى الأصل " حمى نافض ".
231

وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ان يسافر أقرع
بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فخرج سهم عائشة في غزوة النبي صلى
الله عليه وسلم بنى المصطلق من خزاعة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان قريبا
من المدينة وكانت عائشة جويرية حديثة السن قليلة اللحم خفيفة وكانت تلزم خدرها
فإذا أراد الناس الرحيل ذهبت ثم رجعت فدخلت محفتها فيرحل بعيرها ثم تحمل
محفتها فتوضع على البعير فكان أول ما قال فيها المنافقون وغيرهم ممن اشترك في أمر
عائشة إنها خرجت تتوضأ حين دنوا من المدينة فانسل من عنقها عقد لها من
جزع أظفار فارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وهي في بغاء العقد ولم
تعلم برحيلهم فشدوا على بعيرها المحفة وهم يرون أنها فيها كما كانت تكون فرجعت
عائشة إلى منزلها فلم تجد في العسكر أحدا فغلبتها عيناها وكان صفوان بن المعطل السلمي
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف تلك الليلة عن العسكر حتى أصبح قالت فمر بي فرآني
فاسترجع وأعظم مكاني حين رآني وقد كنت أعرفه ويعرفني قبل أن يضرب
علينا الحجاب قال فسألني عن أمري فسترت وجهي عنه بجلبابي وأخبرته بأمري
فقرب بعيره فوطئ على ذراعه فولاني قفاه حتى ركبت وسويت ثيابي ثم بعثه فاقبل
يسير بي حتى دخلنا المدينة نصف النهار أو نحوه فهنالك قال في وفيه من قال من
أهل الإفك وأنا لا أعلم شيئا من ذلك ولا مما يخوض الناس فيه من أمري وكنت
تلك الليالي شاكية وكان أول ما أنكرت من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعودني قبل
ذلك إذا مرضت وكان تلك الليالي لا يدخل على ولا يعودني إلا أنه كان يقول وهو
مار كيف تيكم فيسأل عنى أهل البيت فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر الناس فيه من
أمري غمه ذلك وقد شكوت قبل ذلك إلى أمي ما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لي
يا بنية اصبري فوالله (1) ما كانت امرأة حسناء لها ضرائر الا رمينها قالت فوجدت
حسا تلك الليلة التي بعث النبي صلى الله عليه وسلم من صبحها إلى علي بن أبي طالب وأسامة
ابن زيد يستشيرهما في أمري وكنا ذلك الزمان ليس لنا كنف نذهب فيها إنما كنا
نذهب كما يذهب العرب ليلا إلى ليل فقلت لام مسطح بن أثاثة خذي الإداوة

(1) هنا زيادة " لقد " ولعلها مقحمة.
232

فاملئيها ماءا فاذهبي بها إلى المناصع (1) وكانت هي وابنها مسطح بينهما وبين أبى بكر
قرابة وكان أبو بكر ينفق عليهما فكانا يكونان عنده ومع أهله فأخذت الإداوة
خرجت نحو المناصع فعثرت أم مسطح فقالت تعس مسطح فقلت بئس ما قلت قالت
ثم مشينا فعثرت أيضا فقالت تعس فقلت لها بئس ما قلت لصاحب النبي صلى
الله عليه وسلم وصاحب بدر فقالت انك لغافلة عما فيه الناس من امرك فقلت اجل فما ذاك
فقالت إن مسطحا وفلانا وفلانة فيمن استزلهم الشيطان من المنافقين يجتمعون في
بيت عبد الله بن أبي سلول أخي بني الحرث بن الخزرج يتحدثون عنك وعن صفوان بن
المعطل يرمونك به قالت فذهب عنى ما كنت أجد من الغائط فرجعت على يدي فلما أصبحنا
من تلك الليلة بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فأخبرهما
بما قيل في واستشارهما في أمري فقال أسامة والله يا رسول الله ما علمنا على أهلك
سوءا وقال على له يا رسول الله ما أكثر النساء وان أردت أن تعلم الخبر فتوعد
الجارية يعنى بربرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلى فشأنك بالخادم فسألها على عنى فلم تخبره
والحمد لله الا بخير قالت والله ما علمت على عائشة سوءا الا أنها جويرية تصبح (2)
عن عجين أهلها فتدخل الشاة الداجن فتأكل من العجين قالت ثم خرج النبي
صلى الله عليه وسلم حين سمع ما قالت بريرة بعلي إلى الناس فلما اجتمعوا إليه قال يا معشر
المسلمين من لي من رجال يؤذونني في أهلي فما علمت على أهلي سوءا ويرمون
رجلا من أصحابي ما علمت عليه سوءا ولا خرجت مخرجا الا خرج معي فيه قال
سعد بن معاذ الأنصاري الأشهلي من الأوس يا رسول الله إن كان ذلك من أحد من
الأوس كفيناكه وإن كان من الخزرج أمرتنا فيه بأمرك وقام سعد بن عبادة (3)
الأنصاري ثم الخزرجي فقال لسعد بن معاذ كذبت والله وهذا الباطل فقام أسيد بن حضير
الأنصاري ثم الأشهلي ورجال من الفريقين فاشتنوا وتنازعوا حتى كاد ان يعظم
الامر بينهم فدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيتي وبعث إلى أبوى فأتياه فحمد
الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال لي يا عائشة إنما أنت من بنات آدم فان كنت
أخطأت فتوبي إلى الله واستغفريه فقلت لأبي أجب عنى رسول الله صلى الله عليه

(1) هي متبرز النساء في المدينة قبل ان تبنى الكنف في الدور
(2) أي تنام الصبحة، وفي الأصل مهملة من النقط، والتصحيح من السباق والسياق
(3) في الأصل " معاذ ".
233

وسلم فقال لا افعل هو نبي الله والوحي يأتيه فقلت لأمي أجيبي عنى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقالت لي كما قال أبى فقلت والله لئن أقررت على نفسي بباطل
لتصدقني ولئن برأت نفسي والله يعلم أنى بريئة لتكذبنني فما أجد لي ولكم مثلا
الا قول أبى يوسف (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) ونسيت اسم
يعقوب لما بي من الحزن والبكاء واحتراق الجوف فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
كان يتغشاه من الوحي ثم سرى عنه فمسح وجهه بيده ثم قال أبشري يا عائشة قد
أنزل الله عز وجل براءتك فقالت عائشة والله ما كنت أظن أن ينزل القرآن
في أمري ولكني كنت أرجو لما يعلم الله من براءتي ان يرى النبي صلى الله عليه
وسلم في أمري رؤيا فيبرئنا الله بها عند نبيه صلى الله عليه وسلم فقال لي أبوى عند ذلك قومي
فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت والله لا أفعل بحمد الله لا بحمدكم
قال وكان أبو بكر ينفق على مسطح وأمه فلما رماني حلف أبو بكر أن لا ينفعه
بشئ أبدا قال فلما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن
يغفر الله لكم) بكى أبو بكر قال بلي يا رب وأعاد النفقة على مسطح وأمه
قالت وقعد صفوان بن المعطل لحسان بن ثابت بالسيف فضربه ضربة فقال
صفوان لحسان حين ضربه:
تلق ذباب السيف عنك فإنني * غلام إذا هوجيت لست بشاعر
ولكنني أحمى حماتي وأنتقم * من الباهت الرامي البراءة الطواهر
ثم صاح حسان فاستغاث الناس على صفوان فلما جاء الناس فر صفوان فجاء
حسان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستعداه على صفوان في ضربته إياه فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أن
يهب له ضربة صفوان إياه فوهبها للنبي صلى الله عليه وسلم فاوضه النبي صلى الله عليه وسلم حائطا من نخل
عظيم وجارية رومية ويقال قبطية تدعى سيرين فولدت لحسان ابنه عبد الرحمن
الشاعر قال أبو أويس أخبرني بذلك حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن
عكرمة عن ابن عباس قالت عائشة ثم ياع حسان ذلك الحائط من معاوية بن أبي سفيان
في ولايته بمال عظيم قالت عائشة رضي الله عنها وبلغني والله أعلم أن الذي قال الله
فيه (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) انه عبد الله بن أبي بن سلول أحد
234

بنى الحرث بن الخزرج قالت عائشة فقيل في أصحاب الإفك الاشعار وقال أبو
بكر في مسطح في رميه عائشة فكان يدعى عوفا:
يا عوف ويحك هلا قلت عارفة * من الكلام ولم تبغى به طمعا
فأدركتك حميا معشر أنف * فلم يكن قاطعا يا عوف من قطعا
هلا حربت من الأقوام إذ حسدوا * فلا تقول وان عاديتهم قذعا
لما رميت حصانا غير مقرفة * أمينة الجيب لم نعلم لها خضعا
فيمن رماها وكنت معشرا افكا * في سئ القول من نفظ الخنا شرعا
فأنزل الله عذرا في براءتها * وبين عوف وبين الله ما صنعا
فان أعش أجز عوفا في مقالته * سوء الجزاء بما ألفيته تبعا
وقالت أم سعد بن معاذ في الذين رموا عائشة من الشعر:
تتقى الله في المغيب عليها * نعمة الله سرها ما يريم
خير هدى النساء حالا ونفسا * وأبا للعلا نماها كريم
للموالي إذا رموها بإفك * أخذتهم مقامع وجحيم
ليت من كان قد قفاها بسوء * في حطام حتى يسول اللئيم
وعوان من الحروب تلظى * نعسا قوتها عقار صريم
ليت سعدا ومن رماها بسوء * في كطاة حتى يتوب الظلوم
وقال حسان وهو يبرئ عائشة رضي الله عنها فيما قيل فيها ويعتذر إليها:
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
خليلة خير الناس دينا ومنصبا * نبي الهدى والمكرمات الفواضل
عقيلة حي من لؤي بن غالب * كرام المساعي مجدها غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها * وطهرها من كل سوء وباطل
فإن كان ما قد جاء عنى قلته * فلا رفعت صوتي إلى أناملي
وإن الذي قد قيل ليس بلائط * بك الدهر بل قول امرئ غير حائل
وكيف وودي ما حبيت ونصرتي * لآل رسول الله زين المحافل
له رتب عال على الناس فضلها * تقاصر عنها سورة المتطاول
235

قال أبو يونس وحدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالذين رموا
عائشة فجلدوا الحد ثمانين وقال حسان بن ثابت في الشعر حين جلدوا:
لقد ذاق عبد الله ما كان أهله * وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح
تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم * وسخطة ذي العرش الكريم فانرحوا
فآذوا رسول الله فيها وعمموا * مخازي سوء حللوها وفضحوا
قلت حديث الإفك من حديث عائشة في الصحيح باختصار غير هذا وبغير سياقه
أيضا رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن بعض هذا يخالف ما في الصحيح.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر سافر ببعض نسائه ويقسم بينهن فسافر بعائشة
بنت أبي بكر رضي الله عنها وكان لها هودج وكان الهودج يحملونه ويضعونه فعرس
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخرجت عائشة للحاجة فتباعدت فلم يعلم بها فاستيقظ
النبي صلى الله عليه وسلم والناس قد ارتحلوا وجاء الذين يحملون الهودج فحملوه ولا يحسبون
الا أنها فيه فساروا وأقبلت عائشة فوجدتهم قد ارتحلوا فجلست مكانها فاستيقظ
رجل من الأنصار يقال له صفوان بن المعطل وكان لا يقرب النساء فتقرب منها
وكان معه بعير له لما رآها حملها وقد كان يراها قبل ان يضرب الحجاب وجعل
يقود بها البعير حتى أتوا الناس والنبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت فقال يا رسول الله دعها لعل
الله ان يحدث لك فيها وقال علي بن أبي طالب النساء كثير فحمل النبي صلى الله عليه وسلم
عليها وخرجت عائشة ليلة تمشى في نساء فعثرت أم مسطح فقالت تعس مسطح
فقالت بئس ما قلت تقولين هذا لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم فقالت انك لا تدرين ما يقولون وأخبرتها الخبر فسقطت
عائشة مغشيا عليها ثم نزل القرآن بعده في سورة النور (إن الذين
جاءوا بالإفك عصبة منكم) حتى بلغ (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم)
(ولا يأتل أولو الفضل منكم) إلى قوله (والله غفور رحيم) وكان أبو بكر
يعطي مسطحا ويبره ويصله وكان ممن أكثر على عائشة فحلف أبو بكر ألا يعطيه
شيئا فنزلت هذه الآية (ألا تحبون ان يغفر الله لكم) فأمره النبي صلى الله عليه
وسلم ان يأتيها ويبشرها فجاء أبو بكر فأخبرها بعذرها وبما أنزل الله فقالت لا
236

بحمدك ولا بحمد صاحبك. رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن
كهيل وهو متروك. وعن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع
بين نسائه أثلاثا فمن أصابته القرعة خرج بهن معه فكن يخرجن يسقين الماء
ويداوين الجرحى فلما غزا بنى المصطلق أقرع بينهن فأصابت القرعة عائشة أم
المؤمنين وأم سلمة فخرج بهما معه فلما كانوا ببعض الطريق مال رحل أم سلمة
فأناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها وكانت عائشة تريد قضاء حاجة فلما أناخوا إبلهم
قالت عائشة فقلت في نفسي إلى ما يصلحوا رحل أم سلمة أقضي حاجتي قالت
فنزلت من الهودج فأخذت ما في السطل ولم يعلموا بنزولي فأتيت خربة فانقطعت
قلادتي فاحتبست في رجعها ونظامها وبعث القوم إبلهم ومضوا وظنوا أنى في الهودج
لم أنزل قالت فاتبعتهم حتى أعييت فقدر في نفسي أن القوم سيفقدوني ويرجعون في
طلبي قالت فنمت على بعض الطريق فمر بي صفوان بن المعطل وكان رفيق رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة فجعله
فكان إذا رحل الناس قام يصلى ثم اتبعهم فما سقط منهم من شئ حمله حتى يأتي به أصحابه
قالت عائشة فلما مر بي ظن أنى رجل فقال يا نؤوما قم فان الناس قد مضوا
قالت قلت إني لست رجلا أنا عائشة فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ثم أناخ بعيره
فعقل يديه ثم ولى عنى فقال يا أمه قومي فاركبي فإذا ركبت فآذنيني قالت فركبت
فجاء حتى حل العقال ثم بعث جمله فأخذ بخطام الجمل قال ابن عمر فما كلمها كلاما
حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله بن أبي بن سلول فجر بها ورب
الكعبة وأعانه على ذلك حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة وشاع ذلك في
العسكر وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكان في قلب النبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا حتى رجعوا إلى
المدينة وأشاع عبد الله بن أبي بن سلول المنافق هذا الحديث في المدينة واشتد ذلك
على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فدخلت ذات يوم أم مسطح فرأتني وأنا
أريد المذهب فحملت معي السطل وفيه ماء فوقع السطل منها فقالت تعس مسطح
فقالت لها عائشة سبحان الله تتعسين رجلا من أصحاب بدر وهو ابنك فقالت لها أم
مسطح إنك سال بك السيل وأنت لا تدرين فأخبرتها بالخبر قالت فلما أخبرتني أخذتني
الحمى وتقبض ما كان بي ولم أبعد المذهب قالت عائشة وكنت أرى من النبي صلى الله عليه وسلم
237

جفوة ولم أدر من أي شئ هي حتى حدثني أم مسطح فعملت أن جفوة رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما أخبرتني أم مسطح قالت عائشة فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول
الله أتأذن لي أن أذهب إلى أهلي قال اذهبي فخرجت عائشة حتى أتت أباها أبا بكر
رضي الله عنه فقال لها أبو بكر مالك قالت أخرجني رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته قال
لها أبو بكر أخرجك رسول الله صلى الله عليه وسلم وآويك أنا والله لا آويك حتى يأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤويها
قال لها أبو بكر والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط فكيف وقد أعزنا الاسلام
فبكت عائشة وأمها أم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن وبكى معهم أهل الدار
وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال يا أيها الناس من
يعذرني ممن يؤذيني فقام إليه سعد بن معاذ فسل سيفه فقال يا رسول الله أنا
أعيذك منه إن يكن من الأوس أتيتك برأسه وان يكن من الخزرج أمرتنا بأمرك
فيه فقام سعد بن عبادة فقال كذبت لعمر الله لا تقدر على قتله إنما طلبتنا بذحول (1)
كانت بيننا وبينكم في الجاهلية فقال هذا يا للأوس وقال هذا يا للخزرج
فاضطربوا بالنعال والحجارة وتلاطموا فقام أسيد بن حضير فقال ففيم الكلام
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بأمره فنفذ عن رغم أنف من رغم ونزل جبريل عليه السلام
وهو على المنبر فصعد إليه أبو عبيدة فاحتضنه فلما سرى عنه أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس
جميعا ثم تلا عليهم ما نزل به جبريل عليه السلام فنزل (وان طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي) إلى آخر
الآيات فصاح الناس رضينا يا رسول الله بما انزل الله من القرآن فقام بعضهم
إلى بعض فتلازموا وتصالحوا ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
المنبر وانتظر الوحي في عائشة فبعث إلى علي وأسامة وبريدة وكان إذا أراد
أن يستشير في أهله لم عليا وأسامة بعد موت أبيه زيد فقال لعلى ما تقول في عائشة
فقد أهمنى ما قال الناس فيها فقال على يا رسول الله قد نال الناس وقد أحل لك
طلاقها وقال لأسامة ما تقول أنت فيها قال سبحان الله ما يحل لنا أن نتكلم بهذا
سبحانك هذا بهتان عظيم فقال لبريرة ما تقولين يا بريرة قالت والله يا رسول الله

(1) أي عداوة أو وتر.
238

ما علمت على أهلك إلا خيرا إلا أنها امرأة نؤوم تنام حتى تجئ الداجن فتأكل
عجينها وإن كل شئ من هذا حتى يجزيك الله خيرا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى
أتى منزل أبى بكر فدخل إليها فقال لها يا عائشة إن كنت فعلت هذا الامر فقولي حتى
أستغفر الله لك فقالت والله لا أستغفر الله منه أبدا إن كنت فعلته فلا غفره الله
لي وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبى يوسف وذهب اسم يعقوب من الأسف
(إنما أشكو بثي وحزني إلي الله وأعلم من الله مالا تعلمون) فبينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يكلمنا إذ نزل جبريل عليه السلام بالوحي على النبي صلى الله عليه
وسلم فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم رعشة فقال أبو بكر لعائشة قومي فاحتضني
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لا والله لا أدنو منه فقام أبو بكر فاحتضن
النبي صلى الله عليه وسلم فسرى عنه وهو يتبسم فقال يا عائشة قد أنزل الله عذرك
فقالت بحمد الله لا بحمدك فتلا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النور إلى
الموضع الذي انتهى إليه خبرها وعذرها وبراءتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قومي إلى البيت فقامت وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فامر أبا
عبيدة بن الجراح فجمع الناس ثم تلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من البراءة لعائشة
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث إلى عبد الله بن أبي المنافق فجئ به
فضربه النبي صلى الله عليه وسلم حدين وبعث إلى حسان بن ثابت ومسطح بن
أثاثة وحمنة بنت جحش فضربوا ضربا وجيعا ووجئ في رقابهم قال ابن عمر إنما
ضرب النبي صلى الله عليه وسلم حدين لأنه من قذف أزواج النبي صلى الله عليه
وسلم فعليه حدان فبعث أبو بكر إلي مسطح بن أثاثة فقال أخبرني عنك وأنت
ابن خالتي ما حملك على ما قلت في عائشة اما حسان فرجل من الأنصار ليس من
قومي وأما حمنة فامرأة ضعيفة لا عقل لها وأما عبد الله بن أبي فمنافق وأنت في عيالي
منذ مات أبوك أنت ابن أربع حجج وأنا أنفق عليك وأكسوك حتى بلغت
ما قطعت عنك نفقة إلى يومي هذا والله إنك لرجل لا وصلتك بدراهم ابدا ولا
عطفت عليك بخير أبدا ثم طرده أبو بكر وأخرجه من منزله فنزل القرآن (ولا
يأتل أولو الفضل منكم والسعة) الآية فلما قال (الا تحبون ان يغفر الله لكم)
239

بكى أبو بكر فقال اما قد نزل القرآن فيك لأضاعفن لك النفقة وقد غفرت
لك فان الله امرني ان اغفر لك وكانت امرأة عبد الله بن أبي منافقة معه فنزل القرآن
(الخبيثات) يعنى امرأة عبد الله (للخبيثين) يعنى عبد الله (والخبيثون للخبيثات) عبد الله
لامرأته (والطيبات للطيبين) يعنى عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم (أولئك مرؤون) إلى آخر
الآيات. رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن يحبى بن عبيد الله التيمي وهو كذاب. وعن
عائشة قالت لما رميت بما رميت به أردت ان ألقي نفسي في قليب (1). رواه الطبراني
في الأوسط ورجالهما ثقات. وعن عائشة انه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رأسها
فقالت ألا عذرتني فقال أي سماء تظلني وأي ارض تقلني ان قلت ما لا اعلم.
رواه البزار ورجاله رجاله الصحيح. وعن زينب بنت جحش قالت افتخرت
انا وعائشة وزينب فقالت زينب انا التي زوجني الله من السماء وقالت عائشة انا
التي نزل عذري من السماء حين حملني صفوان بن المعطل فقالت لها زينب أي شئ
قلت حين ركبت قالت قلت حسبي الله ونعم الوكيل قالت قلت كلمة المؤمنين.
رواه الطبراني وفيه المعلى بن عرفان وهو متروك. وعن محمد بن جحش قال
افتخرت عائشة وزينب فقالت زينب انا التي زوجني الله من السماء وقالت عائشة
أنا التي نزل عذري حين حملني صفوان بن المعطل فقالت لها زينب اي شئ
قلت حين ركبت قالت قلت حسبي الله ونعم الوكيل قالت قلت كلمة المؤمنين. رواه
الطبراني وفيه المعلى بن عرفان وهو متروك. وعن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة حد الله الذين ثلبوا عائشة ثمانين ثمانين على رؤوس
الخلائق فيستوهب ربى المهاجرين منهم فاستأمرك يا عائشة فسمعت عائشة كلامه
فبكت وانا في البيت وقالت والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب إلى من سروري
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال ابنة أبيها. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن
هارون أبو علقمة الفروي وهو ضعيف وقد تقدم.
* (باب في حديث أم زرع) *
قلت وقد تقدمت طرقه في النكاح في باب عشرة النساء وبقيت (2) هذه

(1) أي بئر.
(2) في الأصل " نقيب "
240

الطريق. عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة كنت لك كأبي زرع لام
زرع إلا أن أبا زرع طلق وانا لا أطلق قلت هو في الصحيح غير قوله إلا أن
أبا زرع طلق وانا لا أطلق رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه وعبد الجبار بن
سعيد المساحفي وثقه ابن حبان وضعفه جماعة وعبد العزيز بن محمد بن زبالة لم أعرفه وعبد
الرحمن بن أبي الزناد فيه ضعف، وبقية رجاله ثقات وقد تقدمت بقية طرقه في النكاح.
* (باب جامع فيما بقي من فضلها رضي الله عنها) *
عن عائشة قالت لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهن امرأة الا مريم بنت عمران
لقد نزل جبريل صلى الله عليه وسلم بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني
ولقد تزوجني بكرا وما تزوج بكرا غيري ولقد قبض ورأسه في حجري ولقد
قبرته في بيتي ولقد حفت الملائكة بيتي وإن كان الوحي لينزل وهو في أهله فيتفرقون
عنه وإن كان الوحي لينزل عليه وإني معه في لحافه وإني لابنة خليفته وصديقه
ولقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة وعندي طيب ولقد وعدت مغفرة
ورزقا كريما. رواه أبو يعلى وفى الصحيح وغيره بعضه، وفى اسناد أبى يلي من لم
أعرفهم. وعن عائشة قالت خلال في سبع لم تكن في أحد من النساء الا ما آتي
الله مريم بنت عمران والله ما أفول هذا فخرا على أحد من صواحبي فقال لها عبد الله
ابن صفوان وما هن يا أم المؤمنين قالت نزل الملك بصورتي وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم
لسبع سنين وأهديت إليه لتسع سنين وتزوجني بكرا ولم يشركه في أحد من الناس
وكان الوحي يأتيه وانا وهو في لحاف واحد قالت وكنت أحب
الناس إليه وبنت أحب الناس إليه ولقد نزل في آيات من القرآن
ولقد كادت الأمة تهلك في ورأيت جبريل ولم يره أحد من نسائه غيري
وقبض في بيتي لم يله أحد بجيرتي وقف الملك قلت هو في الصحيح باختصار
رواه الطبراني ورجال أحد أسانيد الطبراني رجال الصحيح. وعن عائشة
قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكى فقال ما يبكيك قلت سبتني فاطمة
فدعا فاطمة فقال يا فاطمة سببت عائشة قالت نعم يا رسول الله قال أليس تحبين من أحب قالت
نعم قال وتبغضين من أبغض قالت بلى قال فاني أحب عائشة فأحبيها قالت فاطمة
241

لا أقول لعائشة شيئا يؤذيها أبدا. رواه أبو يعلى والبزار باختصار وفيه مجالد
وهو حسن الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت أعطيت سبعا لم
يعطها نساء النبي صلى الله عليه وسلم كنت من أحب الناس إليه نفسا وأحب الناس إليه أبا
وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج بكرا غيري وكان جبريل ينزل عليه بالوحي
وانا معه في لحاف ولم يفعل ذلك بغيري وكان لي يومان وليلتان ولنسائه يوم
وليلة قلت فذكر الحديث. رواه الطبراني وفيه من ضعف. وعن أم سلمة انها
قالت يوم ماتت عائشة اليوم مات أحب شخص كان في الدنيا إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثم قالت استغفر الله ما خلا أباها. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
وعن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال بعث زياد إلى أزواج النبي صلى
الله عليه وسلم بمال وفضل عائشة فجعل الرسول يعتذر إلى أم سلمة
فقالت يعتذر إلينا زياد فقد كان يفضلها من كان أعظم علينا تفضيلا من زياد
رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وعن عروة قال
قلت لعائشة اني أفكر في أمرك فأعجب أجدك من أفقه الناس فقالت ما يمنعها زوجة
رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبى بكر وأجدل عالمة بأيام العرب
وأنسابها وأشعارها فقلت وما يمنعها وأبوها علامة قريش ولكن عجب اني
وجدتك عالمة بالطب فمن أين فأخذت بيدي فقالت يا عرية ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم كثرت أسقامه فكانت أطباء العرب والعجم يبعثون له
فتعلمت ذلك. رواه البزار واللفظ له واحمد بنحوه الا أنه قال قالت وكنت
أعالجها له فمن ثم، والطبراني في الأوسط والكبير وفيه عبد الله بن معاوية الزبيري
قال أبو حاتم مستقيم الحديث وفيه ضعف، وبقية رجال أحمد والطبراني في الكبير
ثقات إلا أن أحمد قال عن هشام بن عروة ان عروة كان يقول لعائشة فظاهره
الانقطاع، وقال الطبراني في الكبير عن هشام بن عروة عن أبيه فهو متصل والله
أعلم. وعن مسروق أنه قيل له هل كانت عائشة تحسن الفرائض قال والذي نفسي
بيده لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض. رواه الطبراني
واسناده حسن. وعن عروة قال ما رأيت امرأة أعلم بطب ولا بفقه ولا بشعر
242

من عائشة. رواه الطبراني باسناد الذي قبله. وعن الزهري أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال لو جمع علم نساء هذه الأمة فيهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كان علم
عائشة أكثر من علمهن. رواه الطبراني مرسلا ورجاله ثقات. وعن معاوية قال
والله ما رأيت خطيبا قط أبلغ ولا أفصح ولا أفطن من عائشة. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن موسى بن طلحة قال ما رأيت أحدا كان أفصح
من عائشة رضي الله عنها. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. قلت وقد
تقدمت خطبتها في مناقب أبيها. وعن معاوية أنه كان يقول والله ما هبت الكلام عند أحد
هيبتي عند عائشة وما سمعت كلامها الا ذكرت كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني وفيه محمد بن السائب الكلبي وهو كذاب. وعن عامر الشعبي قال قال
رجل كل أمهات المؤمنين أحب إلى من عائشة قلت له أما أنت فقد خالفت رسول
الله صلى الله عليه وسلم هي كانت أحبهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن أم سليم قالت دخلت علي عائشة فقلت أين رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالت في البيت يوحى إليه ثم مكثت ما شاء الله ان أمكث
ثم سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بعد يقول يا عائشة هذا جبريل عليه السلام يقرأ عليك السلام.
رواه الطبراني وفيه يعقوب بن حميد وهو ضعيف. وعن عبد الرحمن بن عوف
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر
الطعام. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا سلمة بن عبد الرحمن
لم يسمع من أبيه. وعن مصعب بن سعد عن سعد إن شاء الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إن عائشة تفضل على النساء كما يفضل الثريد على سائر الطعام. رواه الطبراني
في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. وعن قرة بن إياس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. رواه الطبراني
وإسناده حسن. وعن عائشة قالت لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب نفس قلت
يا رسول الله ادع الله قال اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر وما أسرت
وما أعلنت فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أيسرك دعائي فقالت ومالي لا يسرني دعاؤك فقال والله انها لدعوتي لامتي
243

في كل صلاة. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي
وهو ثقة. وعن ابن عباس قال إنما سميت أم المؤمنين لسعدي وانه لاسمك قبل أن
تولدي. رواه أحمد وفيه راو لم يسم.
* (باب فضل حفصة بنت عمر بن الخطاب زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها) *
قال الزبير بن بكار فولد عمر عبد الله بن عمر وأخوه لأبيه وأمه حفصة
بنت عمر رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن الأكبر وأمهم
زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمع كانت من المهاجرات
وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند خنيس بن حذافة السهمي وشهد بدرا
أبوها وعمها زيد بن الخطاب وأخوالها عثمان وقدامة وعبد الله وابن خالها السائب
ابن عثمان. رواه الطبراني. وعن ابن عمر قال دخل عمر على حفصة وهي تبكي
فقال ما يبكيك لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك ان النبي صلى الله عليه وسلم طلقك وراجعك
من أجلى والله لئن كان طلقك لا كلمتك كلمة أبدا. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن عقبة بن عامر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة
فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فوضع التراب على رأسه وقال ما يعبأ الله بك يا ابن
الخطاب بعدها فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن
الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر. رواه الطبراني وفيه عمرو بن صالح
الحضرمي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن عمار بن ياسر قال لما طلق رسول
الله صلى الله عليه وسلم حفصة أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال راجع حفصة فإنها صوامة
قوامة وانها زوجتك في الجنة. رواه البزار والطبراني الا أنه قال أراد رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق حفصة فجاءه جبريل عليه السلام فقال لا تطلقها فإنها صوامة
قوامة وانها زوجتك في الجنة، وفى إسناديهما الحسن بن أبي جعفر وهو ضعيف.
وعن أنس طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة فاغتم الناس من ذلك ودخل عليها
خالها عثمان بن مظعون وأخوه قدامة فبينما هم عندها وهم مغتمون إذ دخل النبي
صلى الله عليه وسلم على حفصة فقال يا حفصة أتاني جبريل عليه السلام آنفا فقال إن
الله يقرئك السلام ويقول لك راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وهي زوجتك
244

في الجنة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن قيس بن يزيد
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة فأتاها خالاها عثمان وقدامة ابنا
مظعون فقالت والله ما طلقني عن شبع فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل
فتجلببت فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل عليه السلام فقال راجع حفصة
فإنها صوامة قوامة وانها زوجتك في الجنة. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن مالك بن أنس قال توفيت حفصة عام فتحت إفريقية وماتت
ومروان علي المدينة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن زيد بن أبي
حبيب قال غزا معاوية بن خديج إفريقية ثلاث مرات فالأولى سنة أربع وثلاثين
والثانية سنة أربعين والثالثة سنة خمسين. رواه الطبراني واسناده حسن.
* (باب فضل أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم) *
(ورضى الله عنها)
قال الطبراني أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية حذيفة بن المغيرة بن عبد الله
ابن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، حدثنا بهذه النسبة على
ابن عبد العزيز الزبير بن بكار قال وكانت أم سلمة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي سلمة عبد الله
ابن عبد الأسد فولدت له سلمة وعمرو زينب ثم توفى عنها فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه أتاها فلف رداءه ووضعه على أسكفة (1) الباب واتكأ عليه وقال هل لك يا أم سلمة قالت إني امرأة شديدة الغيرة وأخاف
أن يبدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منى ما يكره فانصرف ثم عاد فقال هل
لك يا أم سملة إن كان بك الزيادة في صداقك زدنا فعادت لقولها فقالت أم عبد
يا أم سلمة تدرين ما يتحدث به نساء قريش يقلن إن أم سلمة إنما ردت محمدا
لأنها شابة من قريش أحدث منه سنا وأكثر منه مالا قال فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتزوجها. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. قلت وقد تقدم في فضل أهل
البيت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها إنك على خير. وعن الهيثم بن عدي
قال أول من هلك (2) من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش هلكت

(1) هي الخشبة التي يوطأ عليها.
(2) أي مات.
245

في خلافه عمر وآخر من هلكت أم سلمة زمن يزيد بن معاوية سنة ثنتين
وستين. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم) *
عن عائشة قالت تزوج النبي صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة فجاء أخوها من الحج
عبد بن زمعة فجعل على رأسه التراب فلما أسلم قال إني لسفيه يوم أحثو على
رأسي التراب أن تزوج النبي صلى الله عليه وسلم سودة. رواه الطبراني ورجال
ثقات. وقد تقدمت رواية أحمد له في مناقب عائشة رضي الله عنها. وعن سهل بن
حنيف قال ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة وكانت قبله تحت السكران
ابن عمرو أخي بنى عامر بن لؤي. رواه الطبراني وفيه القاسم بن عبد الله بن
مهدي وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الرحمن بن سابط قال
أراد النبي صلى الله عليه وسلم فراق سودة فدعا أبا بكر وعمرو ليشهدها على
طلاقها فقالت يا رسول الله مالي رغبة في الدنيا إلا لأحشر يوم القيامة في أزواجك
فيكون لي من الثواب مالهن. رواه الطبراني مرسلا وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف.
وعن الهيثم أو أبى الهيثم أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق سودة تطليقة فجلست في طريقه فلما
مر سألته الرجعة وأن تهب قسمها منه لأي أزواجه شاء رجاء أن تبعث يوم القيامة
زوجته فراجعها وقبل ذلك منها. رواه الطبراني وفى اسناده ضعف.
(باب ما جاء في زينب جحش رضي الله عنها)
* (زوج النبي صلى الله عليه وسلم) *
عن زينب بنت جحش قالت خطبني عدة من قريش فأرسلت أختي حمنة إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أستشيره فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين هي ممن يعلمها كتاب
ربها وسنة نبيها قالت ومن هو يا رسول الله قال زيد بن حارثة قال فغضبت حمنة
غضبا شديدا وقالت يا رسول الله تزوج بنت عمك مولاك قالت وجاءتني فأعلمتني
فغضبت أشد من غضبها وقلت أشد من قولها فأنزل الله تعالى (وما كان لمؤمن ولا
مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم) قالت فأرسلت
246

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انى استغفر الله وأطيع الله ورسوله افعل ما رأيت فزوجني
زيدا وكنت أرثى فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاتبني رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم
عدت فأخذت بلساني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك
واتق الله فقال يا رسول الله أنا أطلقها قالت فطلقني فلما انقضت عدتي لم أعلم
الا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل على وأنا مكشوفة الشعر فقلت انه
أمر من السماء فقلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة فقال الله المزوج وجبريل
الشاهد. رواه الطبراني وفيه حفص بن سليمان وهو متروك وفيه توثيق لين.
وعن سهل بن حنيف قال ثم تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش وكانت
قبله تحت زيد بن حارثة. رواه الطبراني عن شيخه القاسم بن عبد الله بن مهدي
وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن الزهري قال تزوج رسول الله
صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش بن رئاب بن خزيمة وأمها أميمة بنت عبد
المطلب بن هاشم عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهي أول نساء النبي صلى الله عليه
وسلم توفيت. رواه الطبراني مرسلا ورجاله ثقات. وعن محمد بن إسحاق قال
هاجر من بنى أسد من نسائهم زينب بنت جحش ونسوة فذكرهن. رواه
الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات. وعن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم جاء زيد بن حارثة فاستأذن فأذنت له زينب ولا خمار
عليها فألقت كم درعها على رأسها فسألها عن زيد فقالت ذهب قريبا يا رسول الله
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وله همهمة قالت أم سلمة فاتبعته فسمعته يقول تبارك مصرف
القلوب فما زال يقولها حتى تغيب. رواه الطبراني مرسلا وبعضه عن أم سلمة كما
تراه ورجاله وثقوا وفى بعضهم ضعف. وعن أنس قال بنى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بزينب بنت جحش فذكر حديث الوليمة إلى أن قال وان زينب لجالسة
في جنب البيت قال وكانت المرأة قد أعطيت جمالا وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم شديد الحياء. فذكر الحديث. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.
وعن راشد بن سعد قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم منزله ومعه عمر بن
الخطاب فإذا هو بزينب بنت جحش تصلي وهي في صلاتها تدعو فقال النبي صلى
247

الله عليه وسلم انها لأواهة. رواه الطبراني واسناده منقطع وفيه يحيى بن عبد الله
البابلي وهو ضعيف. وعن أبي برزة قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم
تسع نسوة فقال يوما خيركن أطولكن يدا فقامت كل واحدة تضع يدها على
الجدار فقال لست أعني هذا ولكن أصنعكن يدين. رواه أبو يعلى وإسناده
حسن لأنه يعتضد بما يأتي. وعن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جلوس
فقال أولكن يرد على الحوض أطولكن يدا فجعلنا نقدر أذرعنا
أيتنا أطول يدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لست ذاك أعني إنما أعني أصنعكن يدا.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف. وعن عبد الرحمن
ابن أبزي ان عمر كبر على زينب بنت جحش أربعا ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
من يدخل هذه قبرها فقلن من كان يدخل عليها في حياتها ثم قال عمر كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول أسرعكن بي لحوقا أطولكن يدا فكن يتطاولن بأيديهن وإنما كان
ذلك لأنها كانت صناعا (1) تين بما تصنع في سبيل الله. رواه البزار ورجاله رجال
الصحيح. وعن ابن المنكدر قال توفيت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشرين.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن الشعبي أنه صلى مع عمر على زينب وكانت
أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم موتا وكان يعجبه أن يدخلها قبرها فأرسل إلى أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم من يدخلها قبرها فقلن من كان يراها في حياتها فليدخلها قبرها.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب مناقب زينب بنت خزيمة الهلالية رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم)
عن الزهري قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة وهي أم المساكين
سميت بذلك لكثرة إطعامها المساكين وهي من بنى عامر بن صعصعة وتوفيت
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن محمد
ابن إسحاق قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة الهلالية
أم المساكين كانت قبله عند الحصين أو عند الطفيل بن الحارث ماتت بالمدينة
أول نسائه موتا. رواه الطبراني ورجاله ثقات.

(1) يقال امرأة صناع إذا كان لها صنعة تعملها بيديها وتكسب بها.
248

* (باب مناقب ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى عنها) *
عن الزهري قال ميمونة بنت الحارث بن حزن بن نجير بن الهزم بن رويبة
ابن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي رافع قال كنت في بعث مرة فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم اذهب فائتني بميمونة فقلت يا رسول الله إني في البعث فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم أليس تحب ما أحب فقلت بلى قال فاذهب فائتني بها فذهبت فجئته
بها. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير الحسن بن علي بن أبي رافع وهو ثقة.
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بسرف (1). رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. وعن يزيد بن الأصم قال ثقلت
ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وليس عندها أحد من بنى أخيها فقالت أخرجوني
من مكة فاني لا أموت بها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني انى لا أموت
بمكة قال فحملوها حتى أتوا بها سرف إلى الشجرة التي بنى بها رسول الله صلى الله
عليه وسلم تحتها في موضع الفيئة قال فماتت فلما وضعناها في لحدها أخذت ردائي
فوضعته تحت خدها في اللحد فأخذه ابن عباس فرمى بها. رواه أبو يعلى ورجاله
رجال الصحيح. وعن يزيد بن الأصم قال رأيت ميمونة تحلق رأسها بعد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقلت ليزيد بن الأصم فقال أراها تبتذل. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح غير عقبة بن وهب وهو ثقة. وعن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الأخوات مؤمنات يعنى ميمونة بنت الحرث وأم الفضل بنت الحرث وسلمى
امرأة حمزة وأسماء بنت عميس. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري
وقد وثقه جماعة وضعفه آخرون، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن
إسحاق قال ماتت ميمونة بنت الحرث زوج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحرة
سنة ثلاث وستين. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب مناقب أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها) *
عن الزهري قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب

(1) موضع قريب من مكة.
249

ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي
ابن غالب بن فهر بن مالك واسم أم حبيبة رملة وأنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية رضي الله عنها
عثمان بن عفان رضي الله عنه من أجل أن أم حبيبة أمها صفية بنت أبي العاص
وصفية عمة عثمان أخت عفان لأبيه وأمه وقدم بأم حبيبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
شرحبيل بن حسنة. رواه الطبراني وإسناده حسن.
* (باب مناقب جويرية بنت الحرث زوج النبي صلى الله عليه) *
(وسلم ورضي عنها)
عن سهل بن حنيف قال سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت
الحرث بن أبي ضرار من بنى المصطلق من خزاعة في غزوته التي هدم فيها مناة
غزوة المريسيع. رواه الطبراني عن شيخه القاسم بن عبد الله بن مهدي وهو ضعيف
وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن الزهري قال سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم
جويرية بنت الحرث بن أبي ضرار بن الحرث بن عايد بن مالك بن المصطلق
من خزاعة واسم المصطلق خزيمة يوم واقع بنى المصطلق. رواه الطبراني وإسناده
حسن. وعن الشعبي قال كانت جويرية ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها
وجعل عتقها صداقها وأعتق كل أسير من بنى المصطلق. رواه الطبراني مرسلا
ورجاله رجال الصحيح. وعن مجاهد قال قالت جويرية للنبي صلى الله عليه وسلم
إن أزواجك يفخرن على ويقلن لم يتزوجك النبي صلى الله عليه وسلم قال أو لم
أعظم صداقك ألم أعتق أربعين من قومك. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح
وعن شباب العصفري قال ماتت جويرية بنت الحرث زوج النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست وخمسين.
* (باب مناقب صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى عنها) *
عن أبي برزة قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وصفية عروس
في مجاسدها فرأت في المنام أن الشمس وقعت على صدرها فقصتها على زوجها فقال
والله ما تمنين إلا هذا الملك الذي بيثرب فافتتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم
250

فضرب عنق زوجها صبرا (1) وتعرض لها من هنالك من فتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وألقى لهم تمرا على سفيف وقال كلوا وليمة رسول الله
صلى الله عليه وسلم على صفية. رواه الطبراني وفيه النهاس بن قهم (2) وهو ضعيف مجمع عليه. وعن
ابن عمر قال كان بعيني صفية خضرة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه
الخضرة بعينيك قالت قلت لزوجي إني رأيت فيما يرى النائم كأن قمرا وقع في
حجري فلطمني وقال أتريدين ملك يثرب قالت وما كان أبغض إلى من رسول
الله صلى الله عليه وسلم قتل أبى وزوجي فما زال يعتذر إلى وقال يا صفية ان أباك ألب على
العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسي. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن جابر بن عبد الله قال لما دخلت صفية بنت حيي رضي الله عنها
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسطاطه حضر ناس وحضرت معهم ليكون لي فيها قسم
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوموا عن أمكم فلما كان من العشاء حضرنا فخرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا في طرف ردائه نحو من مد ونصف من تمر عجوة فقال
كلوا من وليمة أمكم. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن رزينة قالت
لما كان يوم قريظة والنضير جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بنت
حيى وذراعها في يده فلما رأت السبي قالت أشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول
الله فأرسل ذراعها من يده وأعتقها وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة. رواه
الطبراني وأبو يعلى بنحوهن من طريق عليلة بنت الكميت عن أمها أمينة عن أمة
الله بنت رزينة وهؤلاء الثلاث لم أعرفهن. وبقية اسناده ثقات وهو مخالف لما في
الصحيح والله أعلم. وعن سهل بن حنيف قال سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت
حيى بن أخطب من بنى النضير وكانت مما أفاء الله عليه. رواه الطبراني عن
شيخه القاسم بن عبد الله بن مهدي وهو ضعيف وقال ابن عدي لا بأس به،
وبقية رجاله ثقات. وعن وحشي بن حرب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أفاء الله عليه
صفية قال لأصحابه ما تقولون في هذه الجارية قالوا نقول انك أولى الناس بها
وأحقهم قال فاني أعتقتها واستنكحتها وجعلت عتقها مهرها فقال رجل يا رسول

(1) القتل صبرا: هو أن يوثق ويرمى حتى يقتل.
(2) بالقاف.
251

الله الوليمة قال الوليمة حق والثانية معروف والثالثة فخر وحرج. رواه
الطبراني ورجاله وثقهم ابن حبان. وعن صفية قالت انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما من الناس أحد أكره إلي منه فقال إن قومك صنعوا كذا وكذا قالت فما
قمت من مقعدي ومن الناس أحد أحب إلى منه. وفى رواية عنها قالت ما رأيت
قط أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيته ركب بي من خيبر على عجز
ناقته ليلا فجعلت أنعس فيضرب رأسي مؤخرة الرحل فيمس بيده ويقول يا هذه
مهلا يا بنت حيى حتى إذا جاء الصهباء قال اما انى أعتذر إليك يا صفية مما صنعت
بقومك انهم قالوا لي كذا وكذا. رواه أبو يعلى بأسانيد ورجال الطريق
الأولى رجال الصحيح الا ان حميد بن هلال لم يدرك صفية وفى رجل هذه
ربيع ابن أخي صفية ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب في زوجاته وسراريه صلى الله عليه وسلم) *
عن الزهري أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد،
وعائشة بنت أبي بكر، وأم سلمة بنت أبي أمية، وحفصة بنت عمر، وأم حبيبة بنت
أبي سفيان، وميمونة بنت الحرث، وجويرية بنت الحرث، وزينب بنت
جحش، وسودة بنت زمعة، وصفية بنت حيي اجتمعن عنده تسعة، والكندية
من بنى الجون، والعالية بنت ظبيان من بنى عامر بن كلاب، وزينب بنت
خزيمة، وامرأة من بنى هلال قال الزهري فأخبرني عروة بن الزبير قال لما
أن دخلت الكندية على النبي صلى الله عليه وسلم قالت أعوذ بالله منك قال عذت بعظيم الحقي
بأهلك. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال لم
يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن سهل بن حنيف قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد
وكانت قبله تحت عتيق بن عايد المخزومي ثم تزوج عائشة بمكة لم يتزوج بكرا غيرها
ثم تزوج بالمدينة حفصة بنت عمر وكانت قبله تحت خنيس بن حذافة السهمي
ثم تزوج سودة بنت زمعة وكانت قبله تحت السكران بن عمر أخي بنى عامر بن
لؤي ثم تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت قبله تحت عبد الله بن جحش
252

الأسدي أسد خزيمة ثم تزوج أم حرام ثم تزوج أم سلمة بنت أبي أمية وكان
اسمها هند وكانت قبله تحت أبى سلمة بن عبد الأسد بن عبد العزى ثم تزوج زينب
بنت جحش وكانت قبله تحت زيد بن حارثة ثم تزوج ميمونة بنت الحرث وسبى
جويرية بنت الحرث بن أبي ضرار من بنى المصطلق من خزاعة في غزوته التي
هدم فيها مناة غزوة المريسيع وسبى صفية بنت حيى بن أخطب من بنى النضير
وكانت مما أفاء الله عليه واستسر ريحانة من بني قريظة ثم أعتقها فلحقت بأهلها
واحتجبت وكانت عند أهلها وطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم الغالية بنت ظبيان
وفارق أخت بنى عمرو بن كلاب وفارق أخت بنى الجون الكندية من أجل بياض
كان بها وتوفيت زينب بنت خزيمة الهلالية ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي
وبلغنا أن الغالية بنت ظبيان تزوجت قبل أن يحرم الله نساءه ونكحت ابن عم
لها من قومها وولدت فيهم. رواه الطبراني عن شيخه القاسم بن عبد الله الأخميمي
وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وقد رواه مرة باختصار موقوفا
على يحيى بن أبي كثير ورجاله ثقات. وعن قنادة قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
خمس عشرة امرأة منهن ست من قريش وواحدة من نساء
وسبع من سائر العرب وواحدة من بني إسرائيل ولم يتزوج في الجاهلية منهن
غيرها فأول من تزوج في الجاهلية خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن
قصي وكانت قبله عند عتيق بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم خلف عليها بعد
عتيق أبو هالة هند بن زرارة بن نباش بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جراوة
ابن أسيد بن عمرو بن تيم فولدت له هند بن هند قال زهير قال يونس بن عبيد
فمر هند بالبصرة مجتازا فهلك بها فلم يقم سوق ولا كلا يومئذ فتزوجها النبي صلى
الله عليه وسلم بعدهما فولدت له في الجاهلية عبد مناف وولدت له في الاسلام
غلامين وأربع بنات. رواه الطبراني مرسلا وفيه زهير بن العلاء وهو ضعيف.
وعن ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار قال اجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة مع
صفية بعد خديجة مات عنهن كلهن قال وزاد عثمان بن أبي سليمان امرأتين سوى التسع
من بنى عامر بن صعصعة كلتاهما جمع وكانت إحداهما تدعى أم المساكين وكانت
253

خير نسائه للمساكين ونكح امرأة من بنى الجون فلما جاءته استعاذت منه فطلقها ونكح
امرأة من كندة ولم يجامعها فتزوجت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ففرق عمر بينهما وضرب زوجها
فقالت اتق الله يا عمر إن كنت من أمهات المؤمنين فاضرب على الحجاب وأعطني مثل
ما أعطيتهن قال اما هنالك فلا قالت فدعني أنكح قال لا ولا نعمة ولا أطمع
في ذلك أحدا. رواه الطبراني مرسلا وزيادة عثمان معضلة ورجاله ثقات. قال
الطبراني شراف بنت خليفة بن فروة الكلبية أخت دحية بن خليفة تزوجها رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها. وعن ابن أبي مليكة قال خطب النبي صلى الله عليه
وسلم امرأة من كلب فبعث عائشة تنظر إليها. رواه الطبراني وفيه جابر الجعفي وهو
ضعيف. قال الطبراني قتيلة بنت قيس الكندية أخت الأشعث بن قيس تزوجها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها حتى فارقها. وعن خولة بنت حكيم
ابن الأوقص أنها كنت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف، ورواه أيضا مرسلا عن
عروة بن خولة، وفيه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة وهو متروك.
* (باب مناقب أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) *
عن عائشة قالت أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم قلادة من جزع ملمعة بالذهب
ونساؤه مجتمعات في بيت كلهن وأمامة بنت أبي العاص بن الربيع جارية تلعب
في جانب البيت بالتراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ترين هذه
فنظرنا إليها فقلنا يا رسول الله ما رأينا أحسن من هذه قط ولا أعجب فقال أرددنها
إلى فلما أخذها قال والله لأضعنها في رقبة أحب أهل البيت إلى قالت عائشة فأظلمت
على الأرض بيني وبينه خشية أن يضعها في رقبة غيري منهن ولا أراهن إلا
أصابهن مثل الذي أصابني ووجمنا جميعا سكوت فأقبل بها حتى وضعها في رقبة أمامة
بنت أبي العاص فسرى عنا. رواه الطبراني واللفظ له وأحمد باختصار وأبو يعلى
وإسناد أحمد وأبى يعلى حسن. قال الزبير بن بكار وأوصى أبو العاص بن
الربيع بابنته أمامة إلى الزبير وبتركته فزوجها الزبير علي بن أبي طالب
بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها وقتل علي بن أبي طالب وأمامة بنت أبي العاص
254

عنده ولم تلد له فقالت أم الهيثم النخعية:
أشاب ذؤابتي وأذل ركني * أمامة يوم فارقت القرينا
يطيف به لحاجتها إليه * فلما استأنست رفعت رنينا
رواه الطبراني وإسناده منقطع. وعن محمد بن عبد الرحمن قال كانت أمامة بنت أبي
العاص أمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند علي بن أبي طالب فلما توفى عنها
قال لها لا تزوجي فان أردت الزواج فلا تخرجي من رأى المغيرة بن نوفل فخطبها
معاوية بن أبي سفيان فجاءت إلى المغيرة تستأمره فقال لها أنا خير لك منه فاجعلي
أمرك إلى ففعلت فدعا رجالا فتزوجها فهلكت أمامة بنت أبي العاص عند المغيرة
ابن نوفل ولم تلد له فليس لزينب عقب. رواه الطبراني باسناد منقطع وفيه محمد
ابن الحسن بن زبالة وهو ضعيف.
(باب مناقب صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها)
عن الزبير بن بكار قال كانت صفية بنت عبد المطلب لا تغطي رأسها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولا من عشرة من المهاجرين الأولين حمزة بن عبد المطلب
أخوها وجعفر وعلى ابنا أبى طالب ابنا أختها والزبير بن العوام ابنها وعثمان بن
عفان ابن ابنة أخيها أمه أروى بنت كريز وأمها البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب
وأبو سلمة بن عبد الأسد وأبو سبرة بن أبي رهم ابنا أختها برة بنت عبد المطلب وأم
طليب عمير بن وهب بن عبد قصي أروى بنت عبد المطلب توفيت صفية في خلافة
عمر. قلت وقد تقدمت قصة قتلها اليهودي في قريضة وغزوة أحد (1) أيضا والله أعلم.
(باب ما جاء في عاتكة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها)
وقد تقدم ما أذكره وأكثر منه في أوائل غزوة بدر (1) عن عاتكة بنت
عبد المطلب قالت رأيت راكبا أخذ صخرة من أبى قبيس فرمى بها للركن فتفلقت (2)
الصخرة فما بقيت دار من دور قريش إلا دخلتها منها كسرة غير دور بنى زهرة
قلت فذكر الحديث إلى آخره. رواه الطبراني وقد تقدم من طريق عروة بن
الزبير مرسلا وهو حسن الاسناد. وعن مصعب بن عبد الله وغيره من قريش

(1) في الجزء السادس.
(2) في الأصل " فتقلقلت ".
255

ان عاتكة بنت عبد المطلب قالت في صدق رؤياها وتكذيب قريش لها حين أوقع
بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر:
ألم تكن الرؤيا بحق ويأتكم * بتأويلها فل من القوم هارب
فقلتم ولم أكذب كذبت وإنما * يكذبني بالصدق من هو كاذب
رأى فأتاكم باليقين الذي رأى * بعينيه ما يفري السيوف القواضب
أفر صباح القوم عزم قلوبهم * فهن هواء والحلوم عوازب
مروا بالسيوف المرهفات دماءكم * كفاحا كما يمري السحايب جانب
فكيف رأى يوم اللقاء محمدا * بنو عمه والحرب فيه التجارب
ألم يغشهم ضربا يحار لوقعه * الجبان وتبدو بالنهار الكواكب
ألا بأبي يوم اللقاء محمد * إذا عض مرعون الحروب الغوارب
كما برزت أسيافه من مليكتي * زعازع ورد بعد إذ هي صالب
حلفت لئن عدتم ليصطلمنكم * بجأواء يردي حافتيها المقانب
كأن ضياء الشمس لمع بروقها * لها جانبا نور شعاع وثاقب
رواه الطبراني وحديث رجاله حسن ولكن الاسناد منقطع.
(باب مناقب فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب رضي الله عنها)
عن علي يعنى ابن أبي طالب قال كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه
وسلم تكفيه الداخل وفاطمة بنت أسد تكفيه الحادب يعنى النبي صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني. وفى رواية عن علي أيضا قال قلت لأمي فاطمة بنت أسد بن هاشم
أكفي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة
وتكفيك خدمة الداخل الطحن والعجن. ورجال الرواية الثانية رجال الصحيح.
وعن أنس بن مالك قال لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم على رضي الله عنهما
دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها فقال رحمك
الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسيني وتمنعين نفسك
طيبا وتطعميني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ثم أمر أن تغسل ثلاثا
فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم خلع
رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فألبسها إياه وكفنها ببرد فوقه ثم دعا رسول الله صلى
256

الله عليه وسلم أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود
يحفرون فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده
وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه فقال الله الذي يحيى
ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها
بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين وكبر عليها أربعا وأدخلوها
اللحد هو والعباس وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال لما ماتت فاطمة بنت علي بن أبي طالب
خلع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وألبسها إياه واضطجع في قبرها فلما سوى عليها التراب
قالوا يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه بأحد فقال إني ألبستها قميصي لتلبس
من ثياب الجنة واضطجعت معها في قبرها خفف عنها من ضغطة القبر إنها كانت
أحسن خلق الله إلى صنيعا بعد أبي طالب. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
سعدان بن الوليد ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب مناقب أم هانئ رضي الله عنها) *
عن عبد الرحمن بن أبي رافع أن أم هانئ بنت أبي طالب خرجت متبرجة
قد بدا قرطاها فقال لها عمر بن الخطاب اعملي فان محمدا لا يغنى عنك شيئا فجاءت
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال
أقوام يزعمون أن شفاعتي لا تنال أهل بيتي وان شفاعتي تنال حا وحكم وحا وحكم
قبيلتان. رواه الطبراني وهو مرسل ورجاله ثقات.
* (باب مناقب درة بنت أبي لهب رضي الله عنها) *
عن ابن عمر وعن أبي هريرة وعن عمار بن ياسر قالوا قدمت درة بنت أبي
لهب مهاجرة فنزلت دار رافع بن المعلى الزرقي فقال لها نسوة جالسين إليها من
بنى زريق أنت بنت أبي لهب الذي قال الله (تبت يدا أبى لهب وتب ما أغنى عنه
ماله وما كسب) ما يغنى عنك مهاجرك فأتت درة النبي صلى الله عليه وسلم فشكت
257

إليه ما قلن لها فسكنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اجلسي ثم صلى بالناس
الظهر وجلس على المنبر ساعة وقال أيها الناس مالي أوذي في أهلي فوالله إن شفاعتي
لتنال حي حا وحكم وصدا وسلهب يوم القيامة. رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن
ابن بشير الدمشقي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم، وبقية رجاله ثقات. وعن
ابن أبي حسين قال كانت درة بنت أبي لهب عند الحرث بن عبد الله بن نوفل
فولدت له عقبة والوليد وأبا مسلم ثم أتت النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأكثر
الناس في أبويها فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ما ولد الكفار غيري
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك قالت قد آذاني أهل المدينة في
أبوي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صليت الظهر فصلى حيث أرى فصلى النبي
صلى الله عليه وسلم الظهر ثم التفت إليها فأقبل على الناس فقال يا أيها الناس الكم
نسب وليس لي نسب فوثب عمر بن الخطاب فقال اغضب الله من أغضبك فقال
هذه بنت عمى فلا بقول لها الا خيرا. رواه الطبراني وابن أبي حسين وهو
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح. وعن
درة ابنة أبى لهب قالت كنت عند عائشة فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فقال ائتوني
بوضوء قالت فابتدرت انا وعائشة الكوز فبدرتها فأخذته انا فتوضأ فرفع إلى عينه
أو بصره قال أنت مني وأنا منك قالت فأتى برجل فقال ما انا فعلته إنما قيل لي قالت وكان
يسأله على المنبر من خير الناس فقال أفقههم في دين الله وأوصلهم لرحمة وذكر
شريك شيئين آخرين فلم أحفظهما. رواه أحمد ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في أم أيمن رضي الله عنها) *
قال الطبراني أم أيمن أم أسامة بن زيد مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
كانت لأخت خديجة فوهبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحها زيد بن حارثة ويقال
اسمها بركة. وعن ابن عباس قال أم أيمن هي أم أسامة بن زيد. رواه الطبراني
واسناده حسن. وعن طارق بن شهاب عن أم أيمن وكانت ممن بايع النبي صلى
الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسين بن اشكاب ولم أعرفه، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن ابن شهاب قال كانت أم أيمن أم أسامة بن يزيد من
258

الحبشة وكانت وصيفة لعبد المطلب وكانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو صغير فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انكحها زيد بن حارثة
وتوفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر. رواه الطبراني واسناده منقطع ورجاله ثقات.
وعن طارق بن شهاب قال قالت أم أيمن يوم قتل عمن اليوم وهي الاسلام. رواه
الطبراني عن شيخه عبد الله بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف.
(باب في خولة بنت حكيم رضي الله عنها)
عن خولة بنت حكيم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها فأرجأها
فيمن أرجأ. رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن.
(باب في ينب بنت أبي سلمة ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها)
عن زينب بنت أبي سلمة قالت كانت أمي إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل
تقول اذهبي فادخلي قالت فدخلت فنضح في وجهي بالماء وقال ارجعي قال العطاف
قالت أمي فرأيت وجه زينب وهي عجوز كبيرة ما نقص من وجهها شئ. رواه
الطبراني وأم عطاف لم أعرفها.
* (باب في حليمة السعدية رضي الله عنها) *
قال الطبراني حليمة بنت أبي ذويب عبد الله بن الحرث بن حيان من بنى سعد بن
بكر بن هوازن وهي أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته. وعن أبي
الطفيل قال كنت غلاما أحمل عضو البعير فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقسم لحما بالجعرانة فجاءته امرأة فبسط رداءه فقلت من هذه فقالوا أمه التي
أرضعته قلت عند أبي داود بعضه رواه الطبراني ورجاله وثقوا. قلت وقد
تقدمت قصة رضاعها للنبي صلى الله عليه وسلم في علامات النبوة.
* (باب في أم أبي بكر الصديق وغيرها رضى الله عنهن) *
عن ابن عباس قال أسلمت أم أبى بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم الزبير وأم
عبد الرحمن بن عوف وأم عمار بن ياسر. رواه الطبراني وفيه خازم بن الحسين وهو
ضعيف. وعن الهيثم بن عدي قال أم أبى بكر يقال لها أم الخير بنت صخر بن عامر
259

وهلك أبو بكر فورثاه أبواه جميعا وكانا أسلما وماتت أم أبى بكر قبل أبيه.
رواه الطبراني وأسناده منقطع.
* (باب في أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها) *
قال محمد بن علي بن المديني فستقة (1) ماتت أسماء بنت أبي بكر الصديق بعد
ابنها عبد الله بليال وكانت أخت عائشة لأبيها وأم أسماء بنت أبي بكر قتيلة بنت
عبد العزى بن عبد أسعد من بنى مالك بن حسل وكانت لأسماء يوم ماتت مائة
سنة ولدت قبل التاريخ بسبع وعشرين سنة وولدت أسماء لأبي بكر وسنه إحدى
وعشرون سنة. وعن يعلى بن حرملة قال دخلت مكة بعد ما قتل ابن الزبير
فجاءت أسماء بنت أبي بكر عجوز كبيرة طويلة مكفوفة البصر فقالت للحجاج
أما آن لهذا الراكب أن ينزل. رواه الطبراني وفيه يحيى بن يعلى وهو ضعيف.
* (باب مناقب أسماء بنت عميس وأخواتها رضي الله عنهن) *
عن عروة بن الزبير قال في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة جعفر بن أبي
طالب ومعه امرأته أسماء بنت عميس الخثعمية فولدت له بأرض الحبشة عبد الله بن
جعفر وعون بن جعفر ومحمد بن جعفر. رواه الطبراني مرسلا واسناده حسن.
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخوات المؤمنات ميمونة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم الفضل امرأة العباس وأسماء بنت عميس امرأة
جعفر وامرأة حمزة وهي أختهن لأمهن. رواه الطبراني باسنادين ورجال أحدهما
رجال الصحيح وقد تقدم من حديث ميمونة في مناقبها.
(باب مناقب أسماء بنت يزيد رضي الله عنها)
عن مهاجر ان أسماء بنت يزيد بن السكن بنت عم معاذ بن جبل قتلت يوم
اليرموك تسعة من الروم بعمود فسطاط. رواه الطبراني ورجاله ثقات.

(1) هو محمد بن علي بن الفضل المديني شيخ الطبراني، وليس هو ولد على
ابن المديني شيخ البخاري على ما في نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر.
وفى الأصل مهملة من النفط في مواضع.
260

(باب مناقب أم سليم وولدها عبد الله ووالده رضي الله عنهم)
عن أنس قال جاءت أم سليم إلى أبى أنس فقالت جئت اليوم بما تكره فقال
لا تزالين تجيئين بما أكره من عند هذا الاعرابي قالت كان أعرابيا اصطفاه الله
واختاره وجعله نبيا قال ما الذي جئت به قال حرمت الخمر قال هذا فراق بيني
وبينك فمات مشركا وجاء أبو طلحة إلى أم سليم قالت لم أكن أزوجك وأنت
مشرك قال لا والله ما هذا دهرك قالت فما دهري قال دهرك في الصفراء والبيضاء
قال فاني أشهدك وأشهد نبي الله صلى الله عليه وسلم انك ان أسلمت فقد رضيت بالاسلام منك
قال فمن لي بهذا قالت يا أنس قم فانطلق مع عمك فقام فوضع يده على عاتقي
فانطلقنا حتى إذا كنا قريبا من نبي الله صلى الله عليه وسلم فسمع كلامنا فقال هذا أبو طلحة بين عينيه
عزة الاسلام فسلم على نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام فولدت له غلاما ثم إن الغلام درج
وأعجب به أبوه فقبضه الله تبارك وتعالى فجاء أبو طلحة فقال ما فعل ابني يا أم
سلم قالت خير ما كان فقالت ألا تتغدى قد أخرت غداءك اليوم قالت فقدمت إليه
غداءه فقلت يا أبا طلحة عارية استعارها قوم وكانت العارية عندهم ما قضى الله وان
أهل العارية أرسلوا إلى عاريتهم فقبضوها ألهم ان يجزعوا قال لا قالت فان ابنك
قد فارق الدنيا قال فأين هو قالت ها هو ذا في المخدع فدخل فكشف عنه واسترجع
فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه بقول أم سليم فقال والذي بعثني بالحق لقد قذف
الله تبارك وتعالى في رحمها ذكرا لصبرها على ولدها قال فوضعته فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم
اذهب يا أنس إلى أمك فقل لها إذا قطعت سرار ابنك فلا تذيقيه شيئا حتى ترسلي
به إلى قال فوضعته على ذراعي حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه
فقال ائتني بثلاث تمرات عجوة قال فجئت بهن فقذف نواهن ثم قذفه في
فيه فلاكه ثم فتح فاه الغلام فجعله في فيه فجعل يتلمظ فقال أنصاري يحب التمر فقال
اذهب إلى أمك فقل بارك الله لك فيه وجعله برا تقيا. رواه البزار ورجاله رجال
الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة وفى رواية للبزار أيضا قالت له أتزوجك
وأنت تعبد خشبة يجرها عبدي فلان قلت فذكر الحديث ورجاله رجال الصحيح.
261

وعن أنس قال أراد أبو طلحة أن يطلق أم سليم فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن طلاق أم سليم لحوب (1). رواه البزار وفيه علي بن عاصم وهو ضعيف
وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
* (باب في حمنة بنت جحش رضي الله عنها) *
عن أبي أحمد بن جحش قال رأيت بعيني حمنة بنت جحش يوم أحد تسقى
العطشى وتداوي الجرحى. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن محمد بن إسحاق
قال هاجر من بنى أسد من نسائهم حمنة بنت جحش في نسوة
ذكرهن. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(باب ما جاء في أم عياش رضي الله عنها)
عن أم عياش وكانت خادما للنبي صلى الله عليه وسلم بعث بها مع ابنته إلى
عثمان بن عفان. رواه الطبراني وإسناده حسن.
(باب سلمى أم المنذر رضي الله عنها)
عن محمد بن إسحاق قال أم المنذر التي روت عن النبي صلى الله عليه وسلم اسمها سلمى بنت قيس وصلت
القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله إلى ابن إسحاق رجال الصحيح.
* (باب في أم أيوب رضي الله عنها) *
عن ابن عباس ان أبا أيوب طلق امرأته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن طلاق أم
أيوب كان حوبا. قال ابن سيرين الحوب الاثم. رواه الطبراني وفيه يحيى بن
عبد الحميد الحماني وهو ضعيف.
* (باب في خضرة رضي الله عنها) *
عن محمد بن علي بن الحسين قال كانت خادم النبي صلى الله عليه وسلم يقال لها خضيرة.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب في روضة رضي الله عنها) *
عن روضة قالت كنت وصيفة لامرأة بالمدينة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من

(1) الجواب: الاثم كما في هامش الأصل.
262

مكة إلى المدينة قالت لي مولاتي يا روضة قومي على باب الدار فإذا مر هذا الرجل
فأعلميني فقمت فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فأخذت بطرف ردائه فتبسم في
وجهي قال شيبة وأظنه مسح على رأسي فقلت لمولاتي هو ذا قد جاء الرجل فخرجت
مولاتي ومن كان معها في الدار فعرض عليهم الاسلام فأسلموا قال عبد الجليل
وحدثني شيبة قال رأيت روضة معي في الدار في بنى سليم إذا اشترى الجيران
مملوكا أو خادما أو ثوبا أو طعاما قالوا لها يا روضة ضعي يدك عليه فكانت
كل شئ تمسه فيه البركة. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
* (باب في عاتكة بنت زيد رضي الله عنها) *
عن عائشة قالت كانت عاتكة بنت زيد تحت عبد الله بن أبي بكر. رواه
الطبراني وفيه راو لم يسم.
* (باب في أم معبد رضي الله عنها) *
قال الطبراني أم معبد الخزاعية اسمها عاتكة بنت خالد بن منقذ بن ضبيس
الكعبية الخزاعية. وعن هشام بن حرام عن أبيه ان أم معبد كانت تجرى
عليها كسوة وشئ من غلة اليمن وقطران لإبلها فمر عثمان فقالت أين كسوتي وأين
غلة اليمن التي كانت تأتيني قل هي لك يا أم معبد عندنا واتبعته حتى أعطاها إياها.
رواه الطبراني وهشام بن حرام وأبوه لم أعرفهم، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت وقد تقدمت قصتها في الهجرة إلي المدينة في كتاب المغازي ولها طريق آخر
في علامات النبوة في صفته صلى الله عليه وسلم.
* (باب في أم حرام رضي الله عنها) *
عن هشام بن الغاز قال قبر أم حرام بنت ملحان بقبرس وهم يقولون هذا
قبر المرأة الصالحة. رواه الطبراني ورجاله إلى قائله رجال الصحيح.
* (باب في فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها) *
قال الطبراني فاطمة بنت الخطاب بن نفيل تكنى أم جميل أخت عمر قديمة
الاسلام أسلمت قبل عمر وكانت امرأة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنهما.
263

* (باب في أم خالد بنت الأسود رضي الله عنها) *
عن أم خالد بنت الأسود بن عبد يغوث أنها دخلت على النبي صلى الله عليه
وسلم فقال من هذه فقالوا بنت الأسود بن عبد يغوث فقال الحمد لله الذي يخرج الحي
من الميت يعنى المؤمن من الكافر. وفى رواية دخل النبي صلى الله عليه وسلم
على فقال من هذه فقالوا بعض خالاتك فقالت إن خالاتي في هذه الأرض لغرائب
من هذه قالوا أم خالد بت الأسود بن عبد يغوث فقال سبحان الذي يخرج الحي
من الميت. رواه كله الطبراني باسنادين وإسناد الثاني حسن.
(باب في صفية بنت عمر رضي الله عنها)
عن ابن عمر أن صفية بنت عمر كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين. رواه
الطبراني ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف.
(باب في سلامة بنت الحر رضي الله عنها) *
عن سلامة بنت الحر قالت مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الاسلام وأنا
أرعى فقال يا سلامة بما تشهدين قلت أشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
الله فتبسم ضاحكا. رواه الطبراني وفيه أم داود الوابشية ولم أعرفها. وبقية
رجاله رجال الصحيح.
* (باب في سمرا رضي الله عنها) *
عن يحبى بن أبي سليم قال رأيت سمراء بنت نهيك وكانت قد أدركت النبي
صلى الله عليه وسلم عليها دروع غليظة وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف
وتنهى عن المنكر. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب في هند بنت عتبة رضي الله عنها) *
قال الطبراني هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أم معاوية.
وعن حميد بن مهب الطائي قال كانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة المخزومي
وكان الفاكه من فتيان قريش وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس من غير إذن فخلى
ذلك البيت يوما واضطجع الفاكه وهند وقت الفائلة ثم خرج الفاكه في بعض
264

حاجاته وأقبل رجل ممن كان يغشاه فولج البيت فلما رأى البيت ولى هاربا
فأبصره الفاكه وهو خارج من البيت فاقبل إلى هند فضربها برجله
وقال من هذا الذي كان عندك قالت ما كان عندي أحد وما انتبهت حتى أنبهتني
قال الحقي بأبيك وتكلم فيها الناس فقال لها أبوها يا بنية إن الناس قد أكثروا
فيك فبيني نبأك (1) فان يكن الرجل عليك صادقا دسست له من يقتله فينقطع
عنك الفاكه وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن فحلفت له بما كانوا
يحلفون به انه لكاذب عليها فقال للفاكه يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم
فحاكمني إلى بعض كهان اليمن فخرج عتبة في جماعة من بنى عبد مناف وخرج
الفاكه في جماعة من بنى مخزوم وخرجت معهم هند في نسوة معها فلما شارفوا
البلاد قالوا نرد على الكاهن فتنكر حال هند وتغير وجهها فقال لها أبوها إني أرى
ما بك من تنكر الحال وما ذاك إلا لمكروه عندك أفلا كان هذا قبل أن يشهد
الناس مسيرا فقالت لا والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه ولكن أعرف أنكم تأتون
بشرا يخطئ ويصيب ولا آمن أن يسمني بسمة تكون على سبة في العرب فقال إني
أختبره من قبل أن ينظر في أمرك فصفر بفرسه حتى أدلى ثم أخذ حبة من بر
فأدخلها في إحليله وأوكأ عليها بسير فلما صبحوا الكاهن أكرمهم ونحر لهم فلما
تغدوا قال له عتبة إنا قد جئناك في أمر وإني قد خبأت لك خبيا أختبرك به فانظر
ما هو قال تمرة في كمرة قال أريد أبين من هذا قال حبة من بر في إحليل مهر
قال صدقت فانظر في أمر هؤلاء النسوة فجعل يدنو من إحداهن ويضرب كتفها
وقال قومي غير وحشاء ولا زانية ولتلدن غلاما يقال له معاوية فقام إليها الفاكه
فأخذ بيدها فنثرت يدها من يده وقالت إليك فوالله لأحرصن على أن
يكون ذلك من غيرك فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية. رواه الطبراني
وفيه زحر بن حصن وهو مجهول.
* (باب في جماعة من النساء رضي الله عنهم) *
عن قيلة بنت مخرمة قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه بعض

(1) في الأصل مغفلة من النقط.
265

الصلاة فلما قضى الصلاة قمت ونظر إلى وكانت امرأة طويلة فقال إن كان ابن
هذه ليقاتل من وراء الحاجز قالت والله إن كان لكذلك يا رسول الله ولكنه
مات قالت اكتب لي كتابا قالت ومعي ثلاث بنات فكتب من محمد رسول الله
لقبيلة والنسوة الثلاث لا يظلمن حقا ولا يستكرهن على نكاح وكل مؤمن ومسلم
لي ولهن ناصر وأحسن ولا تسئن. رواه الطبراني وفيه رجل لم يسم، وبقية
رجاله ثقات. وعن جمرة بنت عبد الله اليربوعي قالت ذهب بي أبي إلى النبي
صلى الله عليه وسلم بعد ما وردت على أبى الإبل فقال يا رسول الله ادع الله لبنتي
بالبركة قالت فأجلسني النبي صلى الله عليه وسلم في حجره ووضع يده على رأسي ودعا لي
بالبركة. رواه الطبراني وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف. قال الطبراني
التوأمة بنت أمية بن خلف لها ذكر ولا حديث لها. قال عبد الله
ابن الحكم بن أبي زياد: صالح مولى التوأمة وهي بنت أمية بن خلف. رواه
الطبراني. قال الطبراني تميمة بنت وهب وهي التي طلقها رفاعة بنت سمول لها ذكر
ولا حديث لها. وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال شرحبيل بن حسنة أمه وكانت
ممن هاجر إلى أرض الحبشة. رواه الطبراني. قال الطبراني ذفرة أم ولد
أذينة يقال لها صحبة. وقال رايطة بنت مينة بن الحجاج السهمي أم عبد الله بن
عمرو بن العاص: وقال سفانة بنت حاتم أخت عدى بن عدي. وقال السوداء بنت
خلف بن ضرار بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب. وقال شيما
بنت الحارث بن عبد العزى بن رفاعة أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الرضاعة. وقال ليلى بنت أبي حثمة بن حذيفة بن غانم بن عبد الله بن عبيد بن
عويج بن عدي بن كعب أم عبد الله بن عامر بن ربيعة من المهاجرات. قلت
حديثها في الهجرة إلى الحبشة. وقال أم أسيد الأنصارية. وقال أم عبد الله بنت
الحرث بن فرقد الهذلية أم عبد الله بن مسعود فرض لها عمر في أخذ النساء من الغنيمة.
* (باب ما جاء في فضل حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه) *
عن العباس قال تزوج عبد المطلب هالة بت أهيب بن عبد مناف بن زهرة
فولدت له حمزة وصفية. رواه الطبراني وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف.
266

وعن عروة في تسمية من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بن
عبد المطلب. رواه مرسلا واسناده حسن. وعن ابن شهاب في تسمية
من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب بن عبد مناف.
رواه الطبراني مرسلا ورجاله ثقات. وعن محمد بن كعب القرظي قال كان إسلام
حمزة رضي الله عنه حمية وكان يخرج من الحرم فيصطاد فإذا رجع مر بمجلس
قريش وكانوا يجلسون عند الصفا والمروة فيمر بهم فيقول رميت كذا وكذا
وضعت كذا وكذا ثم ينطلق إلى منزله فأقبل من رميه ذات يوم فلقيته امرأة
فقالت يا أبا عمارة ماذا لقى ابن أخيك من أبى جهل بن هشام شتمه وتناوله وفعل
وفعل فقال هل رآه أحد قالت أي والله لقد رآه ناس فأقبل حتى انتهى إلى ذلك
المجلس عند الصفا والمروة فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم فاتكأ على قوسه وقال
رميت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا ثم جمع يديه بالقوس فضرب بها بين أذني
أبى جهل فدق سنتها ثم قال خذها بالقوس وأخرى بالسيف اشهد أنه رسول الله
صلى الله عليه وسلم وانه جاء بالحق من عند الله قالوا يا أبا عمارة إنه سب آلهتنا
وإن كنت أنت وأنت أفضل منه ما أقررناك وذاك وما كنت يا أبا عمارة فاحشا.
رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن يعقوب بن عتبة بن المغيرة
ابن الأخنس بن شريق حليف بنى زهرة أن أبا جهل اعترض لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفا
فآذاه وكان حمزة رضي الله عنه صاحب قنص وصيد وكان يومئذ في قنصه فلما رجع قالت له
امرأته وكانت قد رأت ما صنع أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عمارة لو رأيت ما صنع تعنى أبا
جهل بابن أخيك فغضب حمزة ومضى كما هو قبل ان يدخل بيته وهو معلق قوسه في عنقه حتى
دخل المسجد فوجد أبا جهل في مجلس من مجالس قريش فلم يكلمه حتى علا رأسه بقوسه
فشجه فقام رجال من قريش إلى حمزة يمسكونه عنه فقال حمزة ديني دين محمد
اشهد أنه رسول الله فوالله لا أثنى عن ذلك فامنعوني من ذلك إن كنتم
صادقين فلما أسلم حمزة عز به رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وثبت لهم بعض أمرهم
وهابت قريش وعلموا أن حمزة رضي الله عنه سيمنعه. رواه الطبراني مرسلا
ورجاله ثقات. وعن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده ان
267

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده انه لمكتوب عند الله في السماء السابعة
حمزة أسد الله وأسد رسوله. رواه الطبراني ويحيى وأبوه لم أعرفهما، وبقية رجاله
رجال الصحيح. وعن عمير بن إسحاق قال كان حمزة بن عبد المطلب يقاتل ين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول انا أسد الله وأسد رسوله. رواه الطبراني ورجاله
إلى قائله رجال الصحيح. وعن علي يعنى ابن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب. رواه الطبراني وفيه علي بن الحزور (1) وهو متروك.
وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه حكيم بن زيد قال الا دى فيه نظر، وبقية رجاله
وثقوا. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء حمزة بن عبد
المطلب ورجل قام إلى امام جائز فأمره ونهاه فقتله. رواه الطبراني في الأوسط وفيه ضعف.
* (باب ما جاء في العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جمع معه من ولده) *
عن محمد بن إسحاق قال: العباس بن عبد المطلب يكنى أبا الفضل وأمه نبيلة
بنت حباب بن كليب بن مالك بن عبد المناف بن عمرو بن عامر بن زيد بن عبد
مناة بن عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم اللات بن نمر بن قاسط بن أفصى بن
جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. رواه الطبراني ورجاله إلى
قائله ثقات. وعن ابن عباس قال قال عمر بن الخطاب للعباس أسلم فوالله لان
تسلم أحب إلى من أن يسلم الخطاب وما ذاك الا لأنه كان حب إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأسلم يكن لك سبقك. رواه البزار وفيه عبد العزيز بن أبان وهو متروك.
وعن أبي رافع انه بشر النبي صلى الله عليه وسلم باسلام العباس فأعتقه رسول الله صلى الله عليه
وسلم. رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وعن سعد بن أبي وقاص
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا
وأوصلها. رواه أحمد والبزار بنحوه وأبو يعلى إلا أنه قال كنا عند النبي صلى الله
عليه وسلم بقيع الجبل فأقبل العباس فقال فذكر نحوه والطبراني في الأوسط بنحوه إلا أنه
قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يجهز جيشا فنظر إلى العباس فقال، وفيه محمد بن طلحة التيمي وثقه
غير واحد، وبقية رجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح. وعن سهل بن سعد الساعدي قال

(1) في الأصل " الحرور " والتصحيح من الخلاصة.
268

استأذن العباس بن عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له يا عم أقم مكانك
الذي أنت فيه فان الله عز وجل يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة. رواه أبو
يعلى والطبراني وفيه أبو مصعب إسماعيل بن قيس وهو متروك. وعن عروة بن
الزبير قال كان العباس أسلم وأقام على سقايته ولم يهاجر. رواه الطبراني مرسلا
وإسناده حسن. وعن الحسن بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
احفظوني في العباس فإنه بقية آبائي. رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه
جماعة لم أعرفهم. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالعباس
خيرا فإنه بقية آبائي فإنما عم الرجل صنو أبيه. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن
خراش وهو ضعيف ووثقه ابن حبان وقال ربما أخطأ، وبقية رجاله وثقوا. وعن
عصمة قال دخل العباس بن أبي طالب يوما إلى المسجد فنظر إلى الكراهية في
وجوههم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فقال يا رسول الله مالي
إذا دخلت المسجد أرى الكراهية في وجوه الناس فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
دخل المسجد فقال يا معشر الناس لم تؤمنوا ولم تكونوا مؤمنين حتى تحبوا عباسا.
رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. وعن سهل بن سعد قال أقبل
النبي صلى الله عليه وسلم من غزاة له في يوم حار فوضع له ما يتبرد به فجاء العباس فولاه
ظهره وستره بكساء كان عليه فقال من هذا قالوا عمك العباس يا رسول الله فلما فرغ
النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حتى طلعت علينا من الكساء قال سترك الله يا عم وذريتك من
النار. رواه الطبراني وفيه أبو مصعب إسماعيل بن قيس وهو ضعيف. وعن
سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس أنا خاتم النبيين
ثم رفع يديه وقال اللهم اغفر للعباس وأبناء العباس وأبناء أبناء العباس. رواه
الطبراني عن شيخه عبد الرحمن بن حاتم المرادي وهو متروك. وعن عبد الله
ابن الغسيل قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بالعباس وقال يا عم اتبعني ببنيك
فانطلق بستة من بنيه الفضل وعبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وقثم ومعبد فأدخلهم
النبي صلى الله عليه وسلم بينا وغطاهم بشملة له سوداء مخططة بحمرة وقال اللهم أهل بيتي وعترتي
فاسترهم من النار كما سترتهم بهذه الشملة قال فما بقي في البيت مدر ولا باب إلا
269

أمن. رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن أبي أسيد الساعدي
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب لا تبرح (1) منزلك وبنوك غدا
حتى آتيكم فان لي فيكم حاجة فانتظروه حتى بعد ما أضحى فدخل عليهم فقال السلام
عليكم قالوا عليكم السلام ورحمة الله وبركاته قال كيف أصبحتم قالوا نحمد الله قال تقاربوا
بزحف بعضكم إلى بعض حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته ثم قال يا رب هذا
عمى وصنو أبى وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه
فأمنت أسكفة (2) الباب وحوائط البيت فقالت آمين آمين آمين قلت روى
ابن ماجة بعضه في الأدب رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن ابن عباس
قال كان لأبي بكر مجلس من النبي صلى الله عليه وسلم لا يقوم عنه إلا للعباس فكان يسر ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل العباس يوما فزال له أبو بكر عن مجلسه فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما لك قال يا رسول الله عمك قد أقبل فنظر إليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على أبى بكر متبسما فقال هذا العباس قد أقبل وعليه ثياب بيض
وسيلبس ولده من بعده السواد ويملك منهم اثنا عشر رجلا فلما جاء العباس قال
يا رسول الله قلت لأبي بكر فقال ما قلت إلا خيرا قال صدقت بأبي وأمي ولا تقول
إلا خيرا قال قلت قد أقبل العباس عمى وعليه ثياب بياض وسيلبس ولده من بعده
السواد ويملك منهم اثنا عشر رجلا. رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار
وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن عبد الله بن حارثة قال لما ان قدم صفوان بن أمية
الجمحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على من نزلت
يا أبا وهب قال نزلت على أشد قريش لقريش حبا. رواه الطبراني وفيه من لم
أعرفهم. وعن أبي رزين قال قيل للعباس أيما أكبر أنت أم النبي صلى الله عليه
وسلم فقال هذا أكبر منى وأنا ولدت قبله وكان العباس أسن من النبي صلى الله عليه وسلم ولد
قبل الفيل بثلاث سنين. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن الهيثم بن عدي
قال هلك العباس بن عبد المطلب وابن مسعود وأبو سفيان بن حرب لتسع
سنين مضت من إمارة عثمان وبعض الناس يقول هلك سنة أربع وثلاثين وصلى
عليه عثمان رضي الله عنهما وبلغني أن عبد المطلب كف بصره وكف بصر العباس

(1) في الأصل " نزم ".
(2) هي الخشبة التي يوطأ عليها أو العتبة.
270

وكف بصر عبد الله بن عباس وبلغني أن العباس كان له عشرة أولاد ذكور سوى
الإناث فمن ولده الفضل بن العباس وعبد الله وقثم وعبد الرحمن ومعبد وأم حبيب
وأم ولد العباس هؤلاء أم الفضل الصغرى واسمها لبابة بنت الحرث بن حزن بن
قيس غيلان وكانت قديمة الاسلام أسلمت بمكة وفى أم الفضل يقول الشاعر:
ما ولدت نجيبة من فحل * بجبل نعلمه أو سهل
كستة من بطن أم الفضل * أكرم بها من كهلة وكهل
عم النبي المصطفى ذي الفضل * وخاتم الرسل وخير الرسل
والحرث بن العباس أمه حجيلة بنت جندب بن ربيعة من ولد تميم بن سعد
ابن هذيل بن مدركة وأمه بنت العباس تزوجها العباس بن عتبة بن أبي لهب
وصفية هي أخت الحارث لأبيه وأمه ويقول بعض الناس لا بل أمها غير أم
الحارث وكثير بن العباس وعون بن العباس وروح وتمام بن العباس وكان أصغر
ولد أبيه يقال إن تماما أخو كثير لأبيه وأمه وفى تمام يقول العباس بن عبد المطلب:
تموا بتمام فصاروا عشرة * يا رب فاجعلهم كراما بررة
اجعلهم ذكرى وأنم الثمرة
رواه الطبراني والهيثم بن عدي متروك. وعن الهيثم بن عدي قال هلك الفضل
ابن العباس قبل أبيه بأربع سنين سنة ثمان وعشرين وقد اختلفوا في موت الفضل
ابن العباس فقال بعض الناس استشهد بالشام يوم أجنادين وقيل يوم مرج الصفر
وكان اليومان جميعا سنة ثلاث عشرة ويقال استشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة
ويقال مات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وتوفى وهو ابن إحدى وعشرين
سنة. رواه الطبراني والهيثم متروك.
(باب مناقب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه)
قال الطبراني: جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة رضي الله عنه يكنى أبا عبد
الله وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. وعن أبي جحيفة قال قدم جعفر بن أبي
طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين عينيه وقال ما أدرى أنا بقدوم جعفر أسر أم بفتح خيبر. رواه الطبراني في
271

الثلاثة وفى رجال الكبير أنس بن سلم ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن
الشعبي قال لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر قيل له قد قدم جعفر
من عند النجاشي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا أدرى أيهما أنا أشد فرحا بقدوم جعفر
أو فتح خيبر فأتاه فقبل ما بين عينيه فقط. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال
الصحيح. وعن جابر قال لما قدم جعفر من الحبشة عاقه النبي صلى الله عليه وسلم. رواه أبو
يعلى وفيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن جابر قال لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلما نظر جعفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خجل إعظاما منه
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه وقال يا حبيبي
أشبه الناس بخلقي وخلقي وخلقت من الطينة التي خلقت منها قلت فذكر الحديث
وقد تقدم في كتاب الخلافة رواه الطبراني في الأوسط وفيه مكي بن عبد الله
الرعيني وهذا من مناكيره. وعن عبد الله بن أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي. رواه أحمد وإسناده حسن.
وعن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر خلفك كخلقي وأشبه خلقي
خلفك فأنت منى وأنت يا علي فمني وأبو ولدي. رواه الطبراني عن شيخه أحمد
ابن عبد الرحمن بن عفال وهو ضعيف. وعن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن جعفر مر مع جبريل صلى الله عليه وسلم وميكائيل له جناحان عوضه الله
من يديه فسلم ثم أخبرني كيف كان أمره حيث لقى المشركين فلذلك سمي جعفر
الطيار في الجنة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سعدان بن الوليد ولم أعرفه
وبقية رجاله ثقات. وبسنده قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس
قريبة منه ثم رد السلام ثم قال يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل
صلى الله عليهما مروا فسلموا علينا فرددت عليهم السلام وأخبرني أنه لقى المشركين
يوم كذا وكذا فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثا وسبعين ين طعنة وضربة ثم أخذت
اللواء بيدي اليمنى فقطعت ثم أخذته باليسار فقطعت فعوضني الله من يدي جناحين
أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة أنزل بهما حيث شئت وآكل من ثمارها
272

ما شئت فقالت أسماء هنيئا لجعفر ما رزقه الله من الخير ولكني أخاف أن لا يصدقني
الناس فاصعد المنبر فأخبر الناس يا رسول الله فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أيها الناس إن جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل له جناحان
عوضه الله من يديه يطير بهما في الجنة حيث شاء فسلم على فأخبر كيف كان أمرهم
حين لقى المشركين فاستبان للناس بعد ذلك أن جعفرا لقيهم فسمى جعفر الطيار
في الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث شاء مخضوبة (1) قوادمه بالدماء رواه
الطبراني باسنادين وأحدهما حسن. وعن ابن عباس قال لما جاء نعى جعفر بن أبي
طالب دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أسماء بنت عميس فوضع عبد الله ومحمد
ابني جعفر على فخذه ثم قال إن جبريل أخبرني أن الله استشهد جعفرا وان له
جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة ثم قال اللهم اخلف جعفرا في ولده. رواه
الطبراني وفيه عمر بن هارون وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن
عبد الله بن جعفر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيئا لك يا عبد الله بن جعفر أبوك
يطير مع الملائكة في السماء. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن
سالم بن أبي الجعد قال أريهم النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فرأى جعفرا
ملكا ذا جناحين مضرجين بالدماء. وزيد مقابله على السرير. رواه الطبراني
مرسلا باسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. قلت ويأتي حديث في فضل
زيد بن حارثة وفيه فضل جعفر وعلى. وعن الشعبي أن جعفرا قتل يوم مؤتة بالبلقاء.
رواه الطبراني وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن جعفر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصلى وجعفر فرعي أو جعفر أصلى وعلى
فرعى. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
(باب ما جاء في عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه)
عن أبي إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب يا أبا
يزيد انى أحبك حبين حبا لقرابتك وحبا لما كنت أعلم من حب عمى إياك.
رواه الطبراني مرسلا ورجاله ثقات. قال الطبراني وقد حضر فتح خيبر وقسم
له النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر.

(1) في الأصل " معصوصة ".
273

(باب ما جاء في أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب رضي الله عنه)
قال الطبراني: المغيرة أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب بن هاشم أسلم يوم
الفتح لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق وكان ممن ثبت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم حنين توفى سنة عشرين. وعن أبي حبة البدري قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لا ينظر في ناحية الا رأى أبا سفيان بن الحرث
يقاتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان خير أهلي أو من خير أهلي. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط واسناده حسن.
* (باب فضل زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه) *
عن محمد بن إسحاق قال: زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى
ابن امرئ القيس بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن
عذرة بن زيد الله بن رفيدة بن كليب بن وبرة بن الحرث بن قضاعة ويقال ان
أم زيد سعاد بنت زيد بن طئ. قال بن هشام وكان حكيم بن حزام قدم من الشام
بزيد بن حارثة وصفيا فاستوهبته منه عمته خديجة وهي يومئذ عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ان شئت فأقم معي وان شئت فانطلق مع
أبيك قال لا بل أقيم عندك فلم يزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله فصدقه وأسلم
وصلى معه فلما أنزل الله عز وجل (ادعوهم لآبائهم) قال أنا زيد بن حارثة.
رواه الطبراني واسناده حسن. وبسنده عن ابن عباس قال أسلم زيد بن حارثة
بعد على فكان أول من أسلم بعده. وعن ابن شهاب قال أول من أسلم زيد بن
حارثة. رواه الطبراني مرسلا واسناده حسن. وعن أسامة بن زيد قال اجتمع
جعفر وعلى وزيد بن حارثة فقال جعفر أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال
على أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال زيد أنا أحبكم إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسأله قال أسامة فجاءوا يستأذنونه فقال
اخرج فانظر من هؤلاء فقلت هذا جعفر وعلى وزيد ما أقول أبى قال ائذن لهم

(1) راجع شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد.
274

فدخلوا فقالوا يا رسول الله من أحب إليك قال فاطمة قالوا نسئلك عن الرجال
قال أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي وأشبه خلقك خلقي وأنت منى وشجرتي
وأما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنا منك وأنت منى وأما أنت يا زيد فمولاي
ومنى وأحب القوم إلى رواه الترمذي باختصار رواه أحمد واسناده حسن.
وعن عائشة قالت لما أصيب زيد بن حارثة جئ بأسامة بن زيد فأوقف بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخرج ثم عاد من الغد فوقف بين يديه فقال ألاقي منك اليوم ما لقيت منك
أمس. رواه البزار عن شيخه عمر بن إسماعيل بن مجالد وهو كذاب. وعن زيد
ابن حارثة أنه قال يا رسول الله آخيت بيني وبين حمزة بن عبد المطلب. رواه أبو
يعلى ورجاله رجال الصحيح غبر عبد الرحمن بن صالح الأزدي وهو ثقة.
* (باب مناقب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما) *
عن ابن عباس قال لما كان النبي صلى الله عليه وسلم بالشعب أتى أبى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا محمد ما أرى أم الفضل الا قد استلمت على جميل قال لعل الله ان يقر
أعيننا بغلام فأتى بي النبي صلى الله عليه وسلم وانا في خرقي فحنكني قال مجاهد
لا نعلم أحدا حنك بريق النبوة غيره. رواه الطبراني متصلا ورجاله وثقوا
وفيهم ضعف ورواه مختصرا باسناد منقطع. وعن ابن عباس قال حدثتني أم
الفضل بنت الحرث قالت بينا انا مارة والنبي صلى الله عليه وسلم في الحجر فقال
يا أم الفضل قلت لبيك يا رسول الله قال إنك حامل بغلام قلت كيف وقد تحالفت
قريش لا يولدون النساء قال هو ما أقول لك فإذا وضعتيه فائتيني به فلما وضعته
اتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله وألبأه (1) بريقه قال اذهبي به
فلتجدنه كيسا قال فأتيت العباس فأخرته فتبسم ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم
وكان رجلا جميلا مديد القامة فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه فقبل
ما بين عينيه وأقعده عن يمينه ثم قال هذا عمى فمن شاء فليباه بعمه فقال
العباس بعض القول يا رسول الله قال ولم لا أقول وأنت عمى وبقية آبائي والعم

(1) أي صب ريقه في فيه.
275

والد. رواه الطبراني واسناده حسن.
(باب جامع فبما جاء في علمه وما سئل عنه وغير ذلك)
عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على كتفي أو على منكبي شك
سعيد ثم قال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل قلت هو في الصحيح غير قوله
وعلمه التأويل رواه أحمد والطبراني بأسانيد، وله عند البزار والطبراني اللهم
علمه تأويل القرآن، ولأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح. وعن ابن عباس
قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم ترجمان القرآن أنت ودعا
لي جبريل عليه السلام مرتين. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن خراش وهو
ضعيف. وعن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدره فوجد
عبد الله بردها في صدره ثم قال اللهم احش جوفه علما وحلما فلم يستوحش في
نفسه إلى مسألة أحد من الناس ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله. رواه
الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن ابن عباس قال كنت مع أبي عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعنده رجل يناجيه فكان كالعرض عن أبي فخرجنا من عنده فقال أبى
أي بنى ألم تر إلى ابن عمك كالعرض عنى فقلت يا أبت انه كان عنده رجل يناجيه
قال فرحنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبى يا رسول الله قلت لعبد الله كذا
وكذا فأخبرني أنه كان عندك رجل يناجيك فهل كان عندك أحد فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل رأيته يا عبد الله قلت نعم قال فان ذلك جبريل عليه السلام
هو الذي شغلني عنك. رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجالهما رجال الصحيح.
وعن ابن عباس قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب بيض وهو
يناجى دحية بن خليفة الكلبي وهو جبريل عليه السلام وأنا لا أعلم فلم يسلم فقال
جبريل يا محمد من هذا قال هذا ابن عمى هذا ابن عباس قال ما أشد وضح ثيابه
أما إن ذريته ستسود بعده لو سلم علينا رددنا عليه فلما رجعت قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما منعك ان تسلم قلت بأبي وأمي رأيتك تناجى دحية بن خليفة فكرهت
ان تنقطع عليكما مناجاتكما قال وقد رأيته قلت نعم قال أما إنه سيذهب بصرك
ويرد عليك في موتك قال عكرمة فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء
276

طائر شديد الوهج فدخل في أكفانه فأرادوا شر فقال عكرمة ما تصنعون هذه
بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قال له فلما وضع في لحده تلقى بكلمة سمعها من على
شفير قبره (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في
عبادي وادخلي جنتي). رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن ابن عباس قال
بعث العباس بعبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فوجد معه رجلا
فرجع ولم يكلمه فقال رأيته قال نعم قال ذاك جبريل أما إنه لن يموت حتى يذهب
بصره ويؤتى علما. رواه الطبراني بأسانيد ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال
لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل هلم فلنتعلم من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم فإنهم كثير فقال العجب والله لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك
وفى الناس من ترى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركبت ذلك
وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فان كنت لآتي
الرجل في الحديث يبلغني أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجده قائلا فأتوسد
ردائي على باب داره تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج إلى فإذا رآني قال يا ابن
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك قلت حديث بلعني انك تحدثه عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأحببت ان أسمعه منك فيقول هلا أرسلت إلى فأتيك فأقول أنا كنت
أحق ان آتيك وان ذلك الرجل يراني فذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد
احتاج الناس إلى فيقول أنت أعلم منى. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن عبد الملك بن ميسرة قال جالست سبعين أو ثمانين شيخا من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما أحد منهم خالف ابن عباس فيلتقيان إلا قال القول كما
قلت أو قال صدقت. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي بكر
الهذلي قال دخلت على الحسن فقلت ان ابن عباس من القرآن بمنزلة قال كان ابن
عمر يقول ذاكم فتى الكهول ان له لسانا سؤولا وقلبا عقولا كان يقوم على منبرنا
هذا أحسبه قال عشية عرفة فيقرأ (سورة البقرة) و (آل عمران) يفسرهما آية آية
وكان يتجه نجدا غربا. رواه الطبراني وأبو بكر الهذلي ضعيف. وعن ابن عباس ان
هرقل كتب إلى معاوية وقال إن كان بقي فيهم من النبوة فيجيبوني عما أسألهم عنه
277

وكتب إليه يسئله عن المجرة وعن القوس وعن البقعة التي لم تصبها الشمس إلا
ساعة واحدة قال فلما أتى معاوية الكتاب والرسول قال إن هذا شئ ما كنت
أراه أسأل عنه إلى يومى هذا فطوى معاوية الكتاب كتاب هرقل فبعث به إلى
ابن عباس فكتب إليه إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق والمجرة باب
السماء الذي تنشق منه وأما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة من نهار فالبحر
الذي أفرج عن بني إسرائيل. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن
الضحاك بن مزاحم الهلالي قال خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في نفر
من رؤوس الخوارج ينقرون عن العلم ويطلبونه حتى قدموا مكة فإذا هم بعبد الله بن
عباس قاعد قريبا من زمزم وعليه رداء له أحمر وقميص فإذا ناس قيام يسألونه عن
التفسير يقولون يا أبا عباس ما تقول في كذا وكذا فيقول هو كذا وكذا فقال له نافع
ما أجرأك يا ابن عباس على ما تخبر به منذ اليوم فقال له ابن عباس ثكلتك أمك
وعدمتك ألا أخبرك من هو أجرأ منى قال من هو يا ابن عباس قال رجل تكلم
بما ليس له به علم أو رجل كتم علما عنده قال صدقت يا ابن عباس أتيتك
لأسألك قال هات يا ابن الأزرق فسل قال أخبرني عن قول الله عز وجل
(يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس) ما الشواظ قال اللهب الذي لا دخان فيه
قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال
نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت:
ألا من مبلع حسان عنى * مغلغلة تدب إلى عكاظ
أليس أبوك قينا كان فينا * إلى القينات فسلا في الحفاظ
يمانيا يظل يشب كيرا * وينفخ دائبا لهب الشواظ
قال صدقت فأخبرني عن قوله (ونحاس فلا تنتصران) قال الدخان الذي لا لهب
فيه قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه
وسلم قال نعم أما سمعت نابغة بنى ذبيان يقول:
يضئ كضوء سراج السليط * لم يجعل فيه نحاسا
يعنى دخانا قال صدقت فأخبرني عن قول الله (أمشاج نبتليه) قال ماء الرجل
وماء المرأة إذا اجتمعا في الرحم كان مشجى قال وهل كانت العرب تعرف ذلك
278

قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول أبى ذؤيب الهذلي وهو يقول:
كأن النصل والفوقين فيه * خلال (1) الريش سيط به مشيج
قال صدقت فأخبرني عن قول الله تعالى (والتفت الساق بالساق) ما الساق بالساق
قال الحرب قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول أبى ذؤيب:
أخو الحرب ان عضت به الحرب عضها * وان شمرت عن ساقها الحرب شمرا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (بنين وحفدة) ما البنين والحفدة
قال أما بنوك فإنهم يتعاطونك وأما حفدتك فإنهم خدمك قال وهل كانت العرب
تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت
قول أمية بن أبي الصلت:
حفد الولائد حولهن وألقيت * بأكفهن أزمة الأحمال
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إنما أنت من المسحرين) قال من
المخلوقين قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الثقفي وهو يقول:
فان تسألينا مم نحن فانا * عصافير من هذا الأنام المسحر
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (فنبذناهم في اليم وهو مليم) ما المليم
قال المذنب قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم اما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول:
بعيد من الآفات لست لها بأهل * ولكن المسئ هو المليم
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (قل أعوذ برب الفلق) ما الفلق
قال هو الصبح قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على
محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة وهو يقول:
الفارج الهم مبذول عساكره * كما يفرج ضوء الظلمة الفلق
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا

(1) في الديوان المطبوع " منه خلاف " مكان " فيه خلال ".
279

تفرحوا بما آتاكم) ما الأساة قال لا تحزنوا قال وهل كانت العرب تعرف ذلك
قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم اما سمعت قول لبيد بن ربيعة:
قليل الأسى فيما أتى الدهر دونه * كريم الثنا حلو الشمائل معجب
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إنه ظن أن لن يحور) ما يحور قال
يرجع قال هل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه * يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (يطوفون بينها وبين حميم آن) ما الآن
قال الذي قد انتهى حره قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب
على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول نابغة بنى ذبيان:
فان يقبض عليك أبو قبيس * تحط بك المنية في هوان
وتخضب لحية غدرت وخانت * بأحمر من نجيع الجوف آن
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (فأصبحت كالصريم) ما الصريم قال
الليل المظلم قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول نابغة بني ذبيان:
لا تزجروا مكفهرا لا كفاء له * كالليل يخلط أصراما بأصرام
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إلى غسق الليل) ما غسق الليل قال
إذا أظلم قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم اما سمعت قول النابغة يقول:
كأنما جد ما قالوا وما وعدوا * آن تضمنه من دامس غسق
قال أبو خليفة الآن السراب قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وكان
الله على كل شئ مقيتا) ما المقيت قال قادر قال وهل كانت العرب تعرف ذلك
قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت النابغة يقول:
وذي ضغن كففت الضغن عنه * وإني في مساءته مقيت
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (والليل إذا عسعس) قال إقبال
280

سواده قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول امرئ القيس:
عسعس حتى لو يشأ أدنا * كان له من ضوئه مقبس (1)
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وانا به زعيم) قال الزعيم الكفيل
قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال
نعم أما سمعت قول امرئ القيس:
وأني زعيم إن رجعت مملكا * بسير يرى منه الغرانق أزورا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وفومها) ما الفوم قال الحنطة قال
وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينز الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم
أما سمعت قول أبى ذؤيب الهذلي:
قد كنت أحسبني كأغنى وافد * قدم المدينة عن زراعة فوم
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (والأزلام) ما الأزلام قال القداح
قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال
نعم أما سمعت قول الحطيئة:
لا يزجر الطير إن مرت به سنحا * ولا يقام له قدح بأزلام
قال صدقت فأخبرني عن قوله تعالى (وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشئمة)
قال أصحاب الشمال قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب
على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى حيث يقول:
زل الشيب بالشمال قربا * والمرورات دانيا وحقيرا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وإذا البحار سجرت) قال اختلط
ماؤها بماء الأرض قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على
محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى:
لقد عرفت ربيعة في جذام * وكعب حالها وابنا ضرار
لقد نازعتم حسبا قديما * وقد سجرت بحارهم بحاري
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (والسماء ذات الحبك) ما الحبك قال

(1) في الأصل محرف ولم أجده في الديوان فصححناه من لسان العرب ولم ينسبه لأحد.
281

الطرائق قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى
الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى:
مكلل بأصول النجم تنسجه * ريح الشمال لضاح ما به حبك
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ) قال
ما ارتفعت عظمة ربنا قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على
محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول طرفة بن العبد للنعمان بن المنذر:
إلى ملك يضرب الدارعين * لم ينقص الست منه قبالا
أترفع جدك انى امرؤ * سقتني الأعادي سجالا سجالا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (حتى تكون حرضا) قال الحرض
الباكي قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول طرفة بن العبد:
أمن ذكر ليلى إن نأت عريت بها * أعد حريضا للكرام محرم
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وأنتم سامدون) قال لاهون قال
وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما
سمعت قول هزيلة بنت بكر وهي تبكي عادا:
نعيت عاد لصما * وأنا سعد مريدا
قيل قم فانظر إليهم * ثم دع (1) عنك السمودا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إذا اتسق) ما اتساقه
قال فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم
أما سمعت قول أبى صرمة الأنصاري:
ان لنا قلائصا نقانقا * مستوسقات لو تجدن سائقا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل الاحد الصمد أما الاحد فقد عرفاه
فما الصمد قال الذي يصمد إليه في الأمور كلها قال فهل كانت العرب تعرف ذلك
قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت بقول الأسدية:
ألا بكر الناعي بخبر بنى أسد * بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد

(1) في الأصل " ودعى " والتصويب من لسان العرب.
282

قال صدقت فأخبرني عن قول تعالى (يلق أثاما) ما الأنام قال الجزاء قال وهل
كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما
سمعت قول بشر بن أبي خازم الأسدي:
وإن مقامنا يدعو عليهم * بأبطح ذي المجاز له أثام
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وهو كظيم) قال الساكت قال وهل
كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت
قول زهير بن خزيمة العبسي:
فان تك كاظما بمصاب شاس * فاني اليوم منطلق اللسان
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (أو تسع لهم ركزا) ما ركزا قال
صوتا قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال
نعم أما سمعت قول خراش بن زهير:
فان سمعتم بخيل هابط شرفا * أو بطن قو فأخفوا الركز واكتتموا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إذ تحسونهم باذنه) قال إذ تقتلونهم
باذنه قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل ان ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول عتبة الليثي:
نحسهم بالبيض حتى كأنما * نفلق منهم بالجماجم حنظلا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) هل
كان الطلاق يعرف في الجاهلية قال نعم طلاقا بائنا ثلاثا أما سمعت قول أعشى
ابن قيس بن ثعلبة حين أخذه أختانه غيره فقالوا إنك قد أضررت بصاحبتنا وانا
نقسم بالله ان لا نضع العصا عنك أو تطلقها فلما رأى الجد منهم وانهم فاعلون به شرا قال:
أجارتنا بيني فإنك طالقة * كذاك أمور الناس غاد وطارقه
فقالوا والله لتبين لها الطلاق أو لا نضع العصا عنك فقال:
فبيني حصان الفرج غير دميمة * وموموقة منا كما أنت وامقة
فقالوا والله لتبين لها الطلاق أو لا نضع العصا عنك فقال:
فبيني فان البين من العصا * وان لا تزال فوق رأسك بارقة
283

فأبانها بثلاث تطليقات. رواه الطبراني وفيه جويبر وهو ضعيف. وعن ابن عباس
قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الليل فصليت خلفه فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني
حذاءه فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته خنست (1) فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما
انصرف قال ما شأنك أجعلك حذائي فتخنس فقلت يا رسول الله وينبغي لأحد أن
يصلى بحذائك وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أعطاك الله قال فأعجبه فدعا لي أن يزيدني
الله علما وفقها قلت فذكر الحديث. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن
ابن أبي مليكة قال شهدت ابن الزبير وابن عباس فقال ابن الزبير لابن عباس
أتذكر حين استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء من سفر قال نعم فحملني أنا
وغلاما من بني هاشم وتركك قلت هو في الصحيح من رواية ابن الزبير وعبد
الله بن جعفر وهذا من حديث ابن عباس رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن بريدة الأسلمي قال شتم رجل ابن عباس فقال ابن عباس إنك لتشتمني
وإن في ثلاث خصال إني لآتي على الآية في كتاب الله فلوددت ان جميع الناس
يعلمون ما أعلم وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح ولعلي
لا أقاضي إليه أبدا وإني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح
ومالي به سائمة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن حسان بن
ثابت قال بدت لنا معشر الأنصار حاجة إلي الوالي وكان الذي طلبنا إليه أمرا
صعبا فمشينا إليه برجال من قريش وغيرهم فكلموه وذكروا له وصية رسول الله
صلى الله عليه وسلم بنا فذكر لهم صعوبة الامر فعذره القوم وألح عليه ابن عباس فوالله ما وجد بدا من
قضاء حاجته فخرجنا حتى دخلنا المسجد وإذا القوم أندية قال حسان فضحكت
وأنا أسمعهم انه والله كان أولاكم بها إنها والله صبابة النبوة ووراثة أحمد صلى الله عليه وسلم
ويهديه أعرافه وانتزاع شبه طباعه فقال القوم أجمل يا حسان فقال ابن عباس
صدقوا فأنشأ يمدح ابن عباس رضي الله عنه فقال:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه * رأيت له في كل مجمعة فضلا
إذا قال لم يترك مقالا لفائل * بملتقطات لا ترى بينها فضلا
كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع * لذي إربة في القول جدا ولا هزلا

(1) أي تراجعت إلى الوراء.
284

سموت إلى العليا بغير مشقة * فنلت ذراها لا دنيا ولا وغلا
خلقت حليفا للمروءة والندى * بليغا ولم تخلق كهاما ولا حلا
فقال الوالي والله ما أراد بالكهام غيري والله بيني وبينه. رواه الطبراني. وعن
يحيى بن بكير قال توفى عبد الله بن عباس سنة ثمان وسنة ثنتان وسبعون سنة وكان
يصفر لحيته قال ولدت قبل الهجرة بثلاث سنين ونحن في الشعب وتوفى النبي صلى الله عليه وسلم
وانا ابن ثلاث عشرة. رواه الطبراني واسناده منقطع. وعن جيب بن أبي ثابت
قال رأيت ابن عباس وله جمة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن محمد
ابن إسحاق قال رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر عليه إزار فيه بعض الإسبال
وعليه رداء أصفر. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن ابن عباس قال توفى
النبي صلى الله عليه وسلم وانا ابن خمس عشرة سنة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن سعيد بن جبير قال مات ابن عباس بالطائف فشهدنا جنازته فجاء طائر لم ير
على خلقه حتى دخل في نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على
شفير القبر لم يدر من تلاها (يا أيها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية
فادخلي في عبادي وادخلي جنتي). رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وروى
عن عبد الله بن يامين عن أبيه نحوه الا أنه قال جاء طائر أبيض يقال له لغرنوق.
* (باب منه فيه وفي أخواته رضي الله عنهم) *
عن عبد الله بن الحرث قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله
وكثير بنى العباس ويقول من سبق إلى فله كذا وكذا فيستبقون إليه فيقعون
على ظهره وصدره فيلتزمهم ويقبلهم. رواه أحمد واسناده حسن.
* (باب في عبد الله بن جعفر رضي الله عنه وغيره) *
عن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر انهما بايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما
ابنا سبع سنين فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم وبسط يده فبايعهما. رواه الطبراني
في الأوسط والكبير وفيه إسماعيل بن عياش وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن عبد الله بن جعفر قال لقد رأيتني وقثم وعبيد الله ابني عباس ونحن صبيان
285

نلعب إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ارفعوا هذا إلى فحملني أمامه وقال لقثم ارفعوا
هذا إلى فحمله وراءه وكان عبيد الله أحب إلى عباس فما استحيا من عمه ان حمل
قثم وتركه قال ثم مسح على رأسي ثلاثا كلما مسح قال اللهم اخلف جعفرا في ولده
قال قلت لعبد الله ما فعل قثم قال استشهد قلت الله ورسوله أعلم بالخير قال أجل.
رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن عمرو بن حربت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد الله
ابن جعفر وهو يبيع بيع الغلمان أو الصبيان قال اللهم بارك له في بيعه أو قال في
صفقته. رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات. وعن محمد بن عبد الله بن نمير
قال وفيها مات عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالمدينة ويكنى أبا جعفر يعنى سنة ثمانين.
(باب في أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه)
عن ابن عمر قال لما استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد قال
الناس فيه فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أو شئ من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغني ما
قلتم في أسامة ولقد قلتم ذلك في أبيه قبله وإنه لخليق بالإمارة وإنه لخليق
بالإمارة وإنه لخليق بالإمارة (1) وإنه لأحب الناس إلى كلهم، وكان ابن عمر يقول
حاشا فاطمة قلت هو في الصحيح باختصار رواه أبو يعلى ورجاله رجال
الصحيح. وعن عائشة قالت لا ينبغي لأحد ان يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة. رواه
أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب قال سمعت
أشياخنا يقولون كان نقش خاتم أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن الزهري قال كان أسامة بن زيد يدعى
بالأمير حتى مات يقولون بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم ينزعه حتى مات.
رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه) *
عن محمد بن إسحاق قال: عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم
ابن صاهلة بن الحرث بن تميم بن الهذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار

(1) في الأصل " وإنه لحليف للإمارة " في المواضع الثلاثة.
286

ابن معد بن عدنان حليف بنى زهرة بن عدنان وقد شهد بدرا، وفى رواية ابن
مخزوم بن كاهل بن حارث بن سعد بن هذيل حلفاء بنى زهرة. رواه الطبراني
باسنادين ورجال الأول ثقات. وعن أحمد بن رشدين المصري قال أملى على
موسى بن عون: عبد الله بن عتبة بن مسعود بن كاهل بن حبيب بن ثابت بن
مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحرث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن
الياس بن مصر بن نزار. رواه الطبراني وموسى بن عون لم أعرفه. وعن عبد
الله بن مسعود قال لقد رأيتني وإني لسادس ستة مما على الأرض مسلم غيرنا.
رواه الطبراني والبزار ورجالهما رجال الصحيح. وعن قيس بن مروان قال
جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة فقال يا أمير المؤمنين جئت من الكوفة وتركت بها
رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلب قال فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين
شعبتي الرحل فقال ويحك من هو فقال عبد الله بن مسعود فما زال عمر يطفئ
ويسرى عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها فقال ويحك والله ما أعلمه بقي
أحد من الناس هو أحق بذلك منه وسأحدثك عن ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك لأمر من أمر المسلمين وانه سمر عنده
ذات ليلة وأنا معه ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى ونحن نمشي معه فإذا رجل
قدم يصلي في المسجد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع قرآنه فلما كدنا
نعرف الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل
فليقرأه على قراءة ابن أم عبد قال ثم جلس الرجل يدعو فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول سل تعطه قال عمر فقلت والله لأعودن إليه فلأبشرنه قال فغدوت إليه
لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني فبشره فلا والله ما سابقته إلى خير قط إلا
سبقني إليه، وفى رواية فأتى عمر عبد الله ليبشره فوجد أبا بكر خارجا فقال إن
فعلت انك لسباق بالخير. رواه أبو يعلى باسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح
غير قيس بن مروان وهو ثقة. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من سره ان يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد.
رواه أحمد والبزار والطبراني وفيه عاصم بن أبي النجود وهو على ضعفه حسن
287

الحديث، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح ورجال الطبراني رجال الصحيح غير
فرات بن محبوب وهو ثقة. وعن عبد الله عن أبي بكر وعمر أنهما بشراه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سل تعطه. رواه البزار وإسناده حسن.
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب ان يقرأ القرآن غضا كما
أنزل ليقرأه على قراءة ابن أم عبد. رواه أحمد وأبو يعلى والبزار إلا أنهما قالا
غضا بدل عريضا، وفيه جرير بن عبد الله البجلي وهو متروك. وعن عبد الله بن
عتبة قال بينما ابن مسعود في المسجد وهو يدعو مر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر فلما حاذاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع دعاءه ورسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يعرفه فقال من هذا سل تعطه فرجع أبو بكر إلى عبد الله بن مسعود فقال
الدعاء الذي كنت تدعو به فقال حمدت الله ومجدته ثم قلت اللهم لا إله إلا أنت
وعدك حق ولقاؤك حق وكتابك حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والجنة
حق والنار حق ورسلك حق. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد
الله بن أحمد بن حنبل وسعيد بن الربيع السمان وهما ثقتان. وعن مجاهد عن ابن
عباس قال أي القراءتين كانت آخر قراءة عبد الله أو قراءة زيد قال قلنا قراءة
زيد قال ألا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل
عليه السلام كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه
مرتين وكان آخر القراءة قراءة عبد الله قلت في الصحيح بعضه رواه أحمد
والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قرأت
على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي
طالب رضي الله عنه قلت هو في الصحيح غير قوله وختمت القرآن إلى آخره
رواه الطبراني وفيه يحيى بن سالم وهو ضعيف. وعن علي قال أمر النبي صلى الله
عليه وسلم ابن مسعود فصعد شجرة فأمره ان يأتيه منها بشئ فنظر أصحابه إلى ساق عبد
الله حين صعد فضحكوا من حموشة (1) ساقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما تضحكون لرجل
عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني

(1) أي دقة. وفى الأصل " خموشة " بالخاء المعجمة وهو تحريف.
288

ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة. وعن ابن مسعود انه كان
يجتني سواكا من أراك وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم
منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تضحكون قالوا يا رسول الله من دقة ساقيه فقال
والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد. رواه أحمد وأبو يعلى والبزار
والطبراني من طرق، وفي بعضها لساقا ابن مسعود يوم القيامة أشد وأعظم من
أحد، وفى بعضها بينا هو يمشى وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ همزه أصحابه،
وأمثل طرقها فيه عاصم بن أبي النجود وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجال
أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح. وعن قرة بن إياس ان عبد الله بن مسعود رقي
شجرة يجتني منها سواكا فوضع رجليه عليها فضحك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
من دقة ساقيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما أثقل في الميزان من أحد.
رواه البزار والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. وعن أبي الطفيل قال ذهب
ابن مسعود وناس معه إلى كبات فصعد ابن مسعود شجرة ليجتني منها فنظروا إلى
ساقيه فضحكوا من حموشتهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أي شئ تضحكون قالوا من
حموشة ساقي ابن مسعود فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله انهما لأثقل في الميزان من أحد
ثم ذهب كل انسان فاجتنى فحلا يأكله وجاء ابن مسعود بجنائه قد جعله في حجره
فوضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده إلى فيه
فأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه محمد بن عبيد الله (1) العرزمي وهو متروك.
وعن ابن مسعود قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته فلقيته بماء فقال من أمرك
بهذا فقلت ما أمرني به أحد فقال قد أحسنت أبشر بالجنة ثم جاء على فبشره بالجنة.
رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه عبد الغفار بن القاسم وكان يضع الحديث.
وعن ابن مسعود قال ما كذبت منذ أسلمت الا كذبة واحدة كنت أرحل للنبي صلى الله عليه وسلم
فأتى رجل من الطائف فسألني أي الرحلة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت الطائفية
المنكبة وكان يكرهها فلما أتى بها قال من رحل هذه قالوا رحالك قال مروا ابن
أم عبد ان يرحل فأعيدت إلى الرحلة. رواه الطبراني وأبو يعلى واسناده ضعيف.

(1) في الأصل " عبد الله " وهو خطأ.
289

وعن أبي الدرداء قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة خفيفة فلما فرغ من
خطبته قال يا أبا بكر قم فاخطب فقصر دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ
من خطبته قال يا عمر قم فاخطب فقام فقصر دون رسول الله صلى الله عليه وسلم
ودون أبى بكر فلما فرغ من خطبته قال يا فلان قم فاخطب فشقق القول (1)
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اسكت أو اجلس فان التشقيق من الشيطان
وإن البيان من السحر وقال يا ابن أم عبد قم فاخطب فقام ابن أم عبد فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الله عز وجل ربنا وان الاسلام ديننا وان
القرآن إمامنا وان البيت قبلتنا وان هذا نبينا وأومأ بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم
رضينا ما رضى الله تعالى لنا ورسوله وكرهنا ما كره الله تعالى لنا ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم
أصاب ابن أم عبد أصاب ابن أم عبد وصدق رضيت بما رضى الله تعالى لي ولأمتي
وابن أم عبد. رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أن عبيد الله بن عثمان بن خثيم
لم يسمع من أبى الدرداء والله أعلم وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم رضيت لامتي ما رضى لها ابن أم عبد وكرهت لامتي
ما كره لها ابن أم عبد. رواه البزار والطبراني في الأوسط باختصار الكراهة
ورواه في الكبير منقطع الاسناد وفى اسناد البزار محمد بن حميد الرازي وهو
ثقة وفيه خلاف، وبقية رجاله وثقوا. وعن ابن عباس قال ما بقي مع النبي صلى
الله عليه وسلم يوم أحد إلا أربعة أحدهم عبد الله بن مسعود. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وعن الحسن قال قال
رجل لعمرو بن العاص أرأيت رجلا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يحبه أليس رجلا صالحا قال قلت بلى قال قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يحبك وقد استعملك قال قد استعملني فوالله ما أدرى حبا كان لي منه أو
استعانة بي ولكن سأحدثك برجلين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
عنهما راض عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر. رواه أحمد والطبراني إلا أنه
قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض، ورجال أحمد رجال
الصحيح. قلت وله طرق في ترجمة عمرو بن العاص. وعن زيد بن وهب قال

(1) أي تطلب فيه ليخرجه أحسن مخرج.
290

إنا لجلوس مع عمر (1) إذ جاء عبد الله يكاد الجلوس يوازونه من قصره فضحك
عمر حين رآه فجعل يكلم عمر ويضاحكه وهو قائم عليه ثم ولي فاتبعه عمر بصره
حتى توارى فقال كنيف (2) ملئ فقها. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن حارثة بن مضرب قال كتب عمر إلى أهل الكوفة قد بعثت عمارا أميرا
وعبد الله بن مسعود وزبرا وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
من أهل بدر فاقتدوا بهما واسمعوا من قولهما وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير حارثة وهو ثقة. وعن قيس بن أبي
حازم قال رأيت ابن مسعود نظيفا. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن يحيى بن بكير قال توفى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ويكنى أبا عبد
الرحمن وهو ابن بضع وستين سنة في سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة وأوصى إلى
الزبير بن العوام ودفن بالبقيع. رواه الطبراني.
(باب في أخيه عتبة رضي الله عنه)
عن الزهري قال ما كان عبد الله بن مسعود بأقدم هجرة من أخيه عتبة
ولكنه مات قبله. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن القاسم
ابن عبد الرحمن قال توفى عتبة بن مسعود في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن الليث بن سعد قال توفى عتبة بن
مسعود سنة أربع وأربعين. رواه الطبراني واسناده منقطع.
* (باب فضل عمار بن ياسر وأهل بيته رضي الله عنهم) *
عن محمد بن إسحاق قال كان عمار بن ياسر وأخوه وأمه أهل بيت إسلام كلهم قال ابن
هشام: عمار بن ياسر بن عبس بن زيد بن مذحج شهد بدرا والمشاهد كلها ويقال ان اسم أمه
سمية بنت سلم بن لخم، يكنى أبا اليقظان قتل مع علي رضي الله عنهما يوم صفين سنة
سبع وثلاثين. رواه الطبراني ورجاله إلى قائليه ثقات. وعن عطاء بن أبي رباح
قال هاجر أبو سلمة وأم سلمة وخرج معهم عمار بن ياسر وكان حليفا لهم. رواه

(1) " عمر " غير موجودة في الأصل.
(2) أي وعاء.
291

الطبراني وفيه عمر بن قيس المكي وهو متروك. وعن سعيد بن أبي مريم قال قلت
لعطاف بن خالد أرأيت عمار بن ياسر كان حليفا لكم قال بل مولانا. رواه
الطبراني واسناده منقطع وعطاف مختلف فيه. وعن أبي كعب الحارثي انه دخل
على عثمان رضي الله عنه فجاء رجل آدم (1) أصلع في مقدم رأسه شعرات فقلت من
هذا قالوا عمار بن ياسر. رواه الطبراني وفيه زياد بن جبل قال الذهبي مجهول.
وعن كليب بن منفعة عن أبيه قال رأيت عمارا بالكناسة أسود جعدا وهو يقرأ
هذه الآية (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون). رواه
الطبراني وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف. وعن عبد الله بن سلمة قال رأيت عمار
ابن ياسر يوم صفين آدم طوالا بيده الحربة. رواه الطبراني واسناده حسن.
وعن مطرف قال دخلت على عمار بن ياسر وعنده خياط يقطع بردا على قطيفة
ثعالب. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن طارق بن شهاب قال قال
رجل لعمار بن ياسر يا أجدع (2) وكانت أذنه جدعت (2) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
خير أذني سببت. رواه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف، وقال
ابن دقيق العيد وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الله بن سلمة قال لقى
على رجلين قد خرجا من الحمام متدهنين فقال من أتما قالا من المهاجرين فقال
كذبتما أنتما من المهاجرين إنما المهاجر عمار بن ياسر. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن عبد الله بن جعفر قال ما رأيت مثل عمار ين ياسر ومحمد بن أبي
بكر كانا لا يحبان ان يعصيا الله طرفة عين ولا يخالفا الحق قيد (3) شعرة. رواه
الطبراني وفيه أحمد بن الحجاج بن الصلت وهو ضعيف. وعن سالم بن أبي الجعد
قال دعا عثمان ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فبهم عمار بن ياسر فقال إني سائلكم
وإني أحب أن تصدقوني نشدتكم بلته أتعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر
قريشا على سائر الناس ويؤثر بني هاشم على سائر قريش فسكت القوم فقال لو أن
مفاتيح الجنة أعطيتها بنى أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم فبعث إلى طلحة والزبير

(1) أي شديد السمرة.
(2) في الأصل بالخاء في المكانين وهو خطأ ظاهر. والجدع: القطع.
(3) أي قدر شعرة، وهي بكسر القاف.
292

فقال عثمان ألا أحدثكما عنه يعنى عمارا أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيدي
نتمشى بالبطحاء حتى أتى على أبيه وأمه وعليه يعذبون فقال أبو عمار يا رسول الله
الدهر هكذا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اصبر ثم قال اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن عثمان بن عفان قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول لأبي عمار وأم عمار وعمار اصبروا آل ياسر موعدكم الجنة. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بعمار بن ياسر
وبأهله يعذبون في الله عز وجل فقال أبشروا آل ياسر موعدكم الجنة. رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عبد العزيز المقوم
وهو ثقة. وعن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متكئا في حجر
عمار فدخل رجل فقال ماذا يقول المشركون آنفا لهذا يعنى عمارا قال فأدخل
النبي صلى الله عليه وسلم يده من وراء ظهره ورأسه في حجره حتى أحاط بظهره
وقال إنهم ليخرزون أديما طيبا. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن حميد بن كاسب
وقد وثق وضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن الحسن قال كان عمار
يقول قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجن والإنس أرسلني إلى بئر بدر
فلقيت الشيطان في صورة الانس فصار عنى فصرعته فجعلت أدقه بفهر (1) معي أو حجر
معي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار لقى الشيطان عند البئر فقاتله فما عدا
أن رجعت فأخبرته فقال ذاك الشيطان. رواه الطبراني عن شيخه يعقوب بن إسحاق
المحرمي ولم أعرفه والحكم بن عطية مختلف فيه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن خالد بن الوليد قال كان بيني وبين عمار كلام فأغلظت له في القول فانطلق
عمار يشكوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال فجعل
يغلظ له ولا يزيده إلا غلظة والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت فبكى عمار وقال
يا رسول الله ألا تراه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمارا فقال من عادى عمارا فقد
عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله قال خالد (2) فخرجت فما كان شئ أحب إلى
من رضا عمار فلقيته فرضى. رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن
خالد بن الوليد قال ما عملت عملا أخوف عندي على أن يدخلني النار من شأن

(1) الفهر: الحجر.
(2) في الأصل " عمار ".
293

عمار فقلنا يا أبا سليمان وما هو قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من
أصحابه إلى حي من أحياء العرب فأصبتهم وفيهم أهل بيت مسلمين فكلمني عمار
في أناس من أصحابه فقال أرسلهم فقلت لا حتى آتي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فان
شاء أرسلهم وإن شاء صنع بهم ما أراد فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستأذن عمار فدخل فقال يا رسول الله ألم تر إلى خالد فعل وفعل فقال خالد أما
والله لولا مجلسك ما سبني ابن سمية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرج يا عمار فخرج
وهو يبكى فقال ما نصرني رسول الله صلى الله عليه وسلم على خالد فقال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ألا أحببت الرجل فقال يا رسول الله ما منعني منه إلا محقرته فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من يحقر عمارا يحقره الله ومن يسب عمارا يسبه الله ومن
ينتقص عمارا ينتقصه الله فخرجت فاتبعته حتى استغفر لي، وفى رواية ومن يعاد
عمارا يعاده الله. رواه الطبراني مطولا ومختصرا بأسانيد منها ما وافق احمد
ورجاله ثقات، ومنها ما هو مرسل وفى الأوسط منه من سب عمارا سبه الله
ومن أبغض عمارا أبغضه الله فقط، وفى إسناده غير واحد مختلف فيه. وعن
الحسن قال قال عمرو بن العاصي ما كنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات يوم مات
وهو يحب رجلا فيدخله الله النار قيل قد كان يستعملك فقال الله أعلم ولكنه
كان يحب رجلا قالوا من هو قال عمار بن ياسر. رواه الطبراني في الأوسط
والكبير وزاد فيه قال ذاك قتيلكم يوم صفين قال قد والله قتلناه. وقد تقدم في
فضل عبد الله بن مسعود نحوه بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم لعمار وابن مسعود، ورجال أحمد
رجال الصحيح. وعن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول كم من ذي طمر بن (1)
لا ثوب له لو أقسم على الله لأبره منهم عمار بن ياسر. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه عيسى بن قرطاس وهو متروك. وعن سعيد بن عبد العزيز أن عمار بن ياسر أقسم
يوم أحد فهزم المشركون وأقسم يوم الجمل فغلبوا أهل البصرة وقيل له يوم صفين
لو أقسمت فقال لو ضربونا بأسيافهم حتى نبلغ سعفات هجر لعلمنا انا على الحق وهم
على الباطل فلم يقسم فقتل يومئذ فقال يوم أحد أقسمت يا جبريل ويا ميكائيل:

(1) الطمر: الثوب البالي.
294

لا يغلبنا معشر ضلال * إنا على الحق وهم جهال
حتى خرق صف المشركين. رواه الطبراني منقطع الاسناد ورجاله رجال الصحيح.
وعن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دم عمار ولحمه حرام
على النار أن تطعمه. رواه البزار ورجاله ثقات وفى بعضهم ضعف لا يضر. وعن
عائشة أنها قالت ما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لو شئت لقلت فيه ما
خلا عمارا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ملئ إيمانا إلى
مشاشه (1). رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن بلال بن يحيى قال لما
قتل عثمان رضي الله عنه أتى حذيفة فقيل له يا أبا عبد الله قتل هذا الرجل وقد
اختلف الناس فيما يقول قال أسندوني فأسندوه إلى ظهر رجل فقال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول أبو اليقظان على الفطرة لا يدعها حتى يموت أو يمسه الهرم.
رواه البزار والطبراني في الأوسط باختصار ورجالهما ثقات. وعن حذيفة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا بالذين من بعدي أبى بكر وعمر رضي الله عنهما
واهتدوا بهدى عمار بن ياسر وتمسكوا بعهد ابن أم عبد قلت روى
الترمذي منه اقتدوا بالذين من بعدي أبى بكر وعمر رضي الله عنهما فقط رواه
الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف.
(باب منه في فضل عمار بن ياسر ووفاته رضي الله عنه)
وقد تقدمت أحاديث منها في الفتن فيما كان بين الصحابة رضي الله عنهم (2).
عن مولاة لعمار بن ياسر قالت اشتكى عمار بن ياسر شكوى بعل منها فغشى عليه
فأفاق ونحن نبكي حوله فقال ما يبكيكم أتحسبون أنى مت على فراشي أخبرني
حبيبي صلى الله عليه وسلم أنه تقتلني الفئة الباغية وان آخر زادي مذقة (3) من
لبن. رواه أبو يعلى والطبراني بنحوه إلا أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أنى
أقتل ين صفين. ورواه البزار باختصار وإسناده حسن. وعن إبراهيم بن عبد الرحمن
ابن عوف قال سمعت عمار بن ياسر بصفين في اليوم الذي مات فيه وهو ينادى إني لقيت الجبار

(1) المشاش: رؤوس العظام.
(2) في الجزء السابع.
(3) أي شربة.
295

وتزوجت الحور العين اليوم نلقى الأحبة محمدا وحزبه عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان آخر
زادك من الدنيا ضياح (1) من لبن. رواه الطبراني في الأوسط وأحمد باختصار
ورجالهما رجال الصحيح، ورواه البزار بنحوه باسناد ضعيف. وفي رواية عند
أحمد انه لما أتى باللبن ضحك. وعن أبي رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتل عمارا
الفئة الباغية. رواه الطبراني وفيه محمد بن موسى الواسطي وهو ضعيف. وعن أبي
اليسر بن عمرو عن زياد بن العرد انهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار تقتلك
الفئة الباغية. رواه الطبراني وفيه مسعود بن سليمان قال الذهبي مجهول، قلت
والزهري لم يدرك أبا اليسر. وعن ابنة هشام بن الوليد بن المغيرة وكانت
تمرض عمارا قالت جاء معاوية إلى عمار يعوده فلما خرج من عنده قال اللهم لا تجعل
منيته بأيدينا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقتل عمارا الفئة الباغية. رواه أبو
يعلى والطبراني وابنة هشام والراوي عنها لم أعرفهما، وبقية رجالهما رجال الصحيح.
وعن أبي سعيد الخدري قال كنا نقل اللبن للمسجد لبنة لبنة وكان عمار ينقل لبنتين
لبنتين فنفض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأسه وقال ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية.
رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وعن أبي سعيد الخدري أيضا قال
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد فجعلنا ننقل لبنة لبنة وكان عمار ينقل لبنتين
لبنتين قال فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا ابن سمية
تقتلك الفئة الباغية. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبنى المسجد فإذا نقل الناس حجرا نقل عمار حجرين فإذا
نقلوا لبنة نقل لبنتين قال فذكره. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن
حبة قال اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال أحدهما لصاحبه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال تقتل عمارا الفئة الباغية وصدقه الآخر. رواه البزار. وعن عبد الله بن الحرث
ابن نوفل انه سمع عبد الله بن عمرو بن العاصي وعمرو بن العاصي ومعاوية بن
أبي سفيان يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار تقتلك الفئة الباغية. رواه
الطبراني وزاد فقال معاوية لا تزال داحضا في بولك نحن قتلناه إنما قتله من خانه

(1) الضياح. اللبن الخاتر يخلط بالماء.
296

رواه الطبراني ورجاله ثقات وكذلك أحد أسانيد عبد الله بن عمرو. وعن
عبد الله بن عمرو ان رجلين أتيا عمرو بن العاصي يختصمان في دم عمار وسلبه
فقال عمرو خليا عنه فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قاتل عمار وسالبه في النار.
رواه الطبراني وقد صرح ليث بالتحديث ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله
ابن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قاتل عمار وسالبه في النار. رواه الطبراني
وفيه مسلم الملائي وهو ضعيف. وعن عبد الله بن الحرث ان عمرو بن العاصي قال
لمعاوية يا أمير المؤمنين أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين كان يبنى المسجد
لعمار انك حريص على الجهاد وانك لمن أهل الجنة ولتقتلنك الفئة الباغية قال بلى
قال فلم قتلتموه قال والله ما تزال تدحض في بولك نحن قتلناه إنما قتله الذي خانه.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن هنى مولى عمرو قال كنت مع معاوية وعمرو
ابن العاص بصفين فنظرت يومئذ في القتلى فإذا أنا بعمار بن ياسر مقتول فذهبنا
إلى عمرو بن العاص فقلت ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمار قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار تقتلك الفئة الباغية فقلت هذا عمار
قتلتموه فأنكر ذلك على وقال انطلق فأرينه فذهبت فوقفت عليه وقلت له ماذا تقول
فيه قال إنما قتله أصحابه. رواه الطبراني مطولا ورواه مختصرا ورجال المختصر
رجال الصحيح غير زياد مولى عمرو وقد وثقه ابن حبان. وعن أبي البختري
وميسرة أن عمار بن ياسر يوم صفين كان يقاتل فلا يقتل فيجئ إلى علي فيقول
يا أمير المؤمنين يوم كذا وكذا هذا فيقول اذهب عنك قال ذلك ثلاث مرات
ثم أتى بلبن فشربه ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا آخر
شربة أشربها من الدنيا ثم قام فقاتل فقتل. رواه الطبراني وأبو يعلى بأسانيد وفى
بعضها عطاء بن السائب وقد تغير، وبقية رجاله ثقات وبقية الأسانيد ضعيفة. وعن
حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وضرب جنب عمار قال إنك لن
تموت حتى تقتلك الفئة الباغية الناكبة عن الحق يكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن.
رواه الطبراني وفيه مسلم بن كيسان الأعور وهو ضعيف. وعن أبي سنان الدؤلي
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت عمار بن ياسر دعا غلاما له بشراب
297

فأتاه بقدح من لبن فشربه ثم قال صدق الله ورسوله اليوم ألقى الأحبة محمدا
وحزبه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن آخر شئ أزوده من الدنيا
ضيحة لبن ثم قال والله لو هزمونا حتى يبلغوا سعفات هجر (1) لعلمنا انا على حق
وانهم على باطل. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن عمار بن ياسر قال ضرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في خاصرتي فقال خاصرة مؤمنة تقتلك الفئة
الباغية آخر زادك ضياح من لبن. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن كلثوم
ابن جبر قال كنت بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن
كريز القرشي في منزل عنبسة بن سعيد إذ جاء رجل فقال إن قاتل عمار بالباب
أفتأذنون له فيدخل فكره بعض القوم وقال بعض أدخلوه فدخل فإذا رجل عليه
مقطعات له فقال لقد أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا أنفع أهلي فارد
عليهم الغم فقال رجل من القوم أبا العادية كيف كان أمر عمار قال كنا نعد عمارا
من خيارنا حتى سمعته يوما في مسجد قباء يقع في عثمان فلو خلصت إليه لوطأته
برجلي فما صليت بعد ذلك صلاة الا قلت اللهم لقني عمارا فلما كان يوم صفين
استقبلني رجل يسوق الكتيبة فاختلف انا وهو ضربتين فبدرته فضربته فكبا لوجهه
ثم قتلته، وفى رواية قال عبد الأعلى أدخلوه فادخل عليه مقطعات له فإذا رجل طوال
ضرب من الرجال كأنه ليس من هذه الأمة قلت فذكر نحوه حتى قال فلما
كان يوم صفين أقبل يمشى أول الكتيبة راجلا حتى كان ين الصفين طعن رجلا
في ركبته بالرمح فصرعه فانكفأ المغفر عنه فاضربه فإذا رأس عمار بن ياسر قال له
يقول له مولى لنا أي يد كفتاه فلم أر رجلا أبين ضلالة منه. رواه كله الطبراني
وعبد الله باختصار ورجال أحد إسنادي الطبراني رجال الصحيح. وقد تقدم في
كتاب الفتن (2) أحاديث وبعض ما كان بينهم رضى الله عن الصحابة أجمعين.
* (باب ما جاء في فضل خباب بن الأرت رضي الله عنه) *
عن كردوس أن خبابا أسلم سادس ستة كان سدس الاسلام. رواه الطبراني
مرسلا ورجاله إلى كردوس رجال الصحيح وكردوس ثقة. وعن الزهري قال

(1) السعفات: أغصان النخل، وخص هجر لبعدها.
(2) في الجزء السابع.
298

كان خباب بن الأرت مولى زهرة يكنى عبد الله توفى سنة سبع وثلاثين منصرف
علي رضي الله عنه من صفين إلى الكوفة وهو أول من قبر بالكوفة من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسلام خباب بمكة. رواه الطبراني
مرسلا واسناده حسن. وعن خباب في تسمية من شهد بدرا: خباب بن
الأرت بن خويلد (1) بن سعد بن خزيمة (2) بن كعب بن سعد. رواه الطبراني مرسلا
واسناده حسن. وعن زيد بن وهب قال سرنا معه يعنى مع علي حين رجع
من صفين حتى إذا كنا بباب الكوفة إذ نحن بقبور سبعة عن أيماننا فقال على
ما هذه القبور فقالوا يا أمير المؤمنين إن خباب بن الأرت توفى بعد مخرجك إلى
صفين وأوصى أن يدفن بالظهر دفن الناس فقال علي رضي الله عنه رحم الله خبابا
لقد أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا وابتلى في جسمه أحوالا ولن يضيع
الله أجر من أحسن عملا ثم دنا من القبور فقال السلام عليكم يا أهل الديار من
المؤمنين والمسلمين أنتم لنا سلف فارط ونحن لكم تبع عما قليل لا حق اللهم اغفر
لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم طوبى لمن أراد المعاد وعمل الحسنات وقنع
بالكفاف ورضى عن الله عز وجل. رواه الطبراني وفيه معلى بن عبد
الرحمن الواسطي وهو كذاب.
* (باب فضل بلال المؤذن رضي الله عنه) *
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فإذا حس فنظرت
فإذا بلال. رواه الطبراني في الصغير والكبير وفيه مصعب بن ثابت الزبيري وثقه
ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي أمامة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم انى أدخلت الجنة فسمعت خشفة (3) بين يدي فقلت يا جبريل ما هذه الخشفة قال
بلال يمشى أمامك. رواه الطبراني في الصغير والكبير بنحوه وأحمد
في حديث طويل تقدم فيما اجتمع من الفضل لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما
وغيرهما، ورجال الصغير ثقات. وعن وحشي بن حرب ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لما أسرى بي في الجنة سمعت خشخشة (3) فقلت يا جبريل ما هذه الخشخشة
قال هذا بلال قال أبو بكر ليت أم بلال ولدتني وأبو بلال وأنا مثل بلال.

(1) في الإصابة " جندلة ".
(2) في الأصل " جذيمة ".
(3) أي حسا وحركة.
299

رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
نعم المرء بلال وهو سيد الشهداء والمؤذنون أطول الناس (1) أعناقا يوم القيامة. رواه
البزار وفيه حسام بن مصك وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال ليلة أسرى بنبي
الله صلى الله عليه وسلم دخل الجنة فسمع حسا (2) فقال يا جبريل من هذا قال هذا بلال المؤذن
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس حين جاء قد أفلح بلال رأيت له كذا وكذا
فذكر الحديث. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير قابوس وقد وثق وفيه
ضعف. وعن ابن عمر قال بشرت بلالا فقال لي با عبد الله بما تبشرني فقلت سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يجئ بلال يوم القيامة على ناقة رجلها من ذهب وزمامها
من در وياقوت معه لواء يتبعه المؤذنون فيدخلهم الجنة حتى إنه ليدخل من أذن
أربعين صباحا يريد بذلك وجه الله تبارك وتعالى. رواه الطبراني في الصغير
والأوسط وفيه خالد بن إسماعيل المخزومي وهو ضعيف. وعن أبي هريرة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل بلال مثل النحلة غدت تأكل من الحلو والمر ثم هو
حلو كله. رواه الطبراني في الأوسط واسناده حسن. وعن يحيى بن بكير قال
توفى بلال مولى أبى بكر ويقال انه ترب أبى بكر بدمشق في الطاعون ودفن عند
باب الصغير ويكنى أبا عبد الله ويقال يكنى أبا عمرو في سنة سبع عشرة وهو
من مولدي السراة. رواه الطبراني.
* (باب فضل سالم مولى أبى حذيفة رضي الله عنه) *
عن عروة بن الزبير في تسمية من شهد بدرا من بنى عبد شمس بن عبد
مناف: سالم مولى أبى حذيفة. رواه الطبراني مرسلا واسناده حسن. وعن
عمرو بن العاص قال كان فزع بالمدينة فأتيت على سالم مولى أبى حذيفة وهو
محتب بحمائل سيفه فأخذت سيفي فاحتبيت بحمائله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها
الناس ألا كان مفزعكم إلى الله ورسوله قال ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع سالما مولى
أبي حذيفة يقرأ من الليل فقال الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله. رواه البزار
ورجاله رجال الصحيح. وعن عروة في تسمية من استشهد يوم اليمامة. رواه

(1) " الناس " غير موجودة في الأصل.
(2) في الأصل " وخشا ".
300

الطبراني هكذا في ترجمة سالم وإسناده حسن.
* (باب فضل عامر بن فهيرة رضي الله عنه) *
قال الطبراني: عامر بن فهيرة مولى أبى بكر الصديق من المهاجرين الأولين
هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر من مكة إلى المدينة وهو بدري استشهد يوم
بئر معونة. وعن عبد الرحمن بن عوف قال كلم طلحة بن عبيد الله عامر بن فهيرة
بشئ فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهلا يا طلحة انه قد شهد بدرا كما شهدته وخيركم خيركم
لمواليهم. رواه الطبراني في الثلاثة وفيه مصعب بن مصعب وهو ضعيف.
* (باب فضل عامر بن ربيعة رضي الله عنه) *
قال الزهري حدثني ابن عامر بن ربيعة وكان من كبراء بني عدى وكان أبوه
شهد بدرا. رواه الطبراني واسناده حسن. وعن محمد بن إسحاق قال من نسبه
إلى عتر بن وائل قال: عامر بن ربيعة بن كعب بن عميرة بن مالك بن كنانة بن
خزيمة بن الحرث بن معاوية بن عبس بن زيد بن عكة بن مذحج. رواه الطبراني
واسناده حسن. وعن مصعب بن عبد الله الزبيري قال توفى عامر بن ربيعة وهو يصلى من
الليل نشب الناس في الفتنة فأرى في المنام فقيل له قم فسل الله ان يعيذك من
الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده فقام فصلى فاشتكى فما خرج الا جنازته. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب فضل عبد الله بن جحش رضي الله عنه) * عن سعد بن أبي وقاص أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد ألا تدعو الله
فخلوا في ناحية فدعا سعد فقال يا رب إذا لقيت العدو فلقني رجلا شديدا بأسه
شديدا حرده أقاتله ويقاتلني ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله وآخذ سبله فأمن
عبد الله بن جحش ثم قال اللهم ارزقني رجلا شديدا حرده شديدا بأسه أقاتله
فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع أنفى وأذني فإذا لقيتك غدا قلت من جدع أنفك
وأذنك فأقول فيك وفى رسولك صلى الله عليه وسلم فتقول صدقت قال سعد يا بنى كانت دعوة
عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي لقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقان
301

في خيط. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب فضل عثمان بن مظعون رضي الله عنه) *
عن زيد بن ثابت أن عثمان بن مظعون لما قبر قالت أم العلاء طب أبا السائب
نفسا إنك في الجنة فسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذا قالت انا يا نبي الله قال
وما يدريك قالت يا رسول الله عثمان بن مظعون قال أجل ما رأينا إلا خيرا انا
رسول الله والله ما أدرى ما يصنع بي. رواه الطبراني ورجاله ثقات وفى بعضهم
خلاف. وعن ابن عباس قال لما مات عثمان بن مظعون قالت امرأته هنيئا لك الجنة
فنظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم نظرة غضبان وقال وما يدريك قالت فارسك
وصاحبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما أدرى ما يفعل بي فاشتد
ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لعثمان وهو أفضلهم فلما
ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون.
رواه الطبراني ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف. وعن الأسود بن سريع قال لما
مات عثمان بن مظعون أشفق المسلمون عليه فلما مات إبراهيم بن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مات ميت قال قدموه
على فرطنا نعم الفرط لامتي عثمان بن مظعون. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
بنحوه واسناد الكبير ضعيف وفى اسناد الأوسط من لم أعرفهم. وعن أنس بن
مالك قال لما ماتت رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم قال الحقي بسلفنا الصالح
عثمان بن مظعون. رواه الطبراني في الأوسط وفيه صالح المري وهو ضعيف.
وعن عائشة بنت مظعون ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون على
خده بعد ما مات ولا نعلم قبل أحدا غيره. رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن
عفان الحاطبي وهو ضعيف. وعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل
على عثمان بن مظعون يوم مات فأحنى عليه كأنه يوصيه ثم رفع رأسه فرأوا في
عينيه أثر البكاء ثم أحنى عليه الثانية ثم رفع رأسه فرأوه يبكى ثم أحنى عليه الثالثة
ثم رفع رأسه وله شهيق فعرفوا انه قد مات فبكى القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مه إنما
302

هذا من الشيطان فاستغفروا الله ثم قال اذهب عنك أبا السائب فلقد خرجت ولم
تتلبس منها بشئ. رواه الطبراني عن عمر بن عبد العزيز بن مقلاص عن أبيه ولم
أعرفهما، وبقية رجاله ثقات. قلت وقد تقدم سبب إسلامه في التفسير في سورة النحل.
* (باب فضل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه) *
عن جابر بن عبد الله أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد غزوهم فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المرأة التي معها الكتاب
فأرسل إليها فأخذ كتابها من رأسها فقال يا حاطب أفعلت قال نعم أما انى لم
أفعله غشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفاقا قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له
أمره غير أنى كنت بين ظهرانيهم وكانت والدتي معهم فأردت أن أتخذها عندهم
فقال له عمر ألا أضرب عنق هذا فقال تقتل رجلا من أهل بدر وما يدريك لعل
الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم. رواه أبو يعلى وأحمد أتم منه وقال
فيه غير اني كنت عوبرا بين ظهرانيهم، ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن عبد
الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بحاطب بن أبي بلتعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنت كتبت بهذا الكتاب قال نعم أما والله يا رسول الله ما تغير الايمان من قلبي
ولكن لم يكن رجل من قريش إلا وله خدم وأهل بيت يمنعون له أهله وكتبت
كتابا رجوت أن يمنع الله بذلك أهلي فقال عمر رحمه الله ائذن لي فيه قال
أو كنت قاتله قال نعم ان أذنت لي قال وما يدريك لعله قد اطلع الله إلى أهل بدر فقال
اعملوا ما شئتم. رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن عمر بن
الخطاب قال كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى أهل مكة فأطلع الله عز وجل نبيه
صلى الله عليه وسلم فبعث عليا والزبير في أثر الكتاب فأدركا المرأة على بعير فاستخرجاه من قرونها
فأتيا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ عليه فأرسل إلى حاطب فقال يا حاطب أنت كتبت هذا
الكتاب قال نعم قال فما حملك على ذلك قال يا رسول الله أما والله إني لناصح لله
ولرسوله ولكني كنت غريبا في أهل مكة وكان أهلي بين ظهرانيهم وخشيت
عليهم فكتبت كتابا لا يضر الله ورسوله شيئا وعسى أن يكون منفعة لأهلي فقال
عمر رضي الله عنه فاخترطت سيفي ثم قلت يا رسول الله أمكني من حاطب فإنه قد
303

كفر فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب ما يدريك لعل الله اطلع
على هذه العصابة من أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. رواه أبو يعلى
في الكبير، والبزار والطبراني في الأوسط باختصار ورجالهم رجال الصحيح. وعن عبد
الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة انه حدث أن أباه كتب إلى كفار قريش كتابا
وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير فقال انطلقا
حتى تدركا امرأة معها كتاب وأتياني به فانطلقا حتى لقياها فقالا أعطينا الكتاب
الذي معك وأخبراها أنهما غير منصرفين حتى ينزعا كل ثوب عليها فقالت ألستما
رجلين مسلمين قالا بلى ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن معك كتابا فلما
أيقنت أنها غير منفلتة منهما حلت الكتاب من رأسها فدفعته إليهما فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
حاطبا حتى قرأ عليه الكتاب فقال أتعرف هذا الكتاب قال نعم قال فما حملك
على ذلك قال هناك ولدى وقرابتي وكنت امرأ غريبا فيكم معشر قريش فقال عمر
ائذن لي في قتل حاطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إنه قد شهد بدرا وإنك
لا تدرى لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم انى غافر لكم. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات. وعن أم مبشر قالت جاء غلام
حاطب فقال والله لا يدخل حاطب الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبت قد شهد
بدرا والحديبية قلت لها حديث غير هذا في الصحيح رواه أحمد والطبراني
ورجالهما رجال الصحيح (1).
(باب فضل عكاشة بن محصن الأسدي رضي الله عنه)
عن ابن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرضت على الأمم بالموسم
فعرضت (2) على أمتي فأريتهم فأعجبني كثرتهم قد ملؤا السهل والجبل قال أرضيت
يا محمد قلت نعم قال فان مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين
لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة فقال
يا نبي الله أدع الله ان يجعلني منهم فدعا له ثم قام آخر فقال يا نبي الله ادع الله أن
يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة. رواه أحمد مطولا ومختصرا ورواه أبو يعلى

(1) تقدم هذا الحديث بأوسع مما هنا في الجزء السادس.
(2) في نسخة " فرأيت ".
304

ورجالهما في المطول رجال الصحيح ويأتي المطول في الجنة فيمن يدخلها بغير حساب.
(باب في أيمن رضي الله عنه)
عن أبي ميسرة قال كان أيمن على مطهرة النبي صلى الله عليه وسلم وثعلبة
يعاطيه حاجته. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عياد بن
زكريا وهو ثقة. وبسنده عن أبي ميسرة قال قال سعد يا رسول الله لقد رأيت
أيمن وهو فار من القتال فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهية قال سعد
ما رأيت خطبة أبعد من كل خير ثم إنهم احتضروا الفتال بعد ذلك فقال سعد لقد
رأيت أيمن أعنت القوم فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال عمر بن
الخطاب لأيمن لقد حدثت أنك لا تقوم بين الصفين جبنا فقال إني لأرجو أن
أقوم مقاما يحبه الله ورسوله فقال عمر إنك لخليق ان تفعل. رواه الطبراني بسند الذي قلبه.
(باب فضل صهيب وغيره رضي الله عنه)
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السباق أربعة أنا سابق العرب وصهيب سابق
الروم وسلمان سابق الفرس وبلال سابق الحبش. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير عمارة بن زادان وهو ثقة وفيه خلاف. وعن أبي أمامة قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا سابق العرب إلى الجنة وصهيب سابق الروم إلى الجنة
وبلال سابق الحبشة إلى الجنة وسلمان سابق الفرس إلى الجنة. رواه الطبراني وإسناده
حسن. وعن أم هاني قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السباق أربعة
أنا سابق العرب وسلمان سابق الفرس وصهيب سابق الروم وبلال سابق الحبش.
رواه الطبراني وفيه فايد العطار وهو متروك. قلت وقد تقدمت لهذا الحديث
بعض طرق في فضل جماعة من الصحابة. وعن صهيب قال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم قبل
ان يوحى إليه. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن عكرمة مولى ابن عباس
ان صهيبا افتدى من أهله ينصف ماله ثم خرج مهاجرا فأدركوه بالطريق فخرج
عما بقي من ماله. رواه الطبراني مرسلا ورجاله ثفات. وعن صهيب ان أبا بكر
مر بأسير له يستأمن له من رسول صلى الله عليه وسلم وصهيب جالس في المسجد
305

فقال لأبي بكر من هذا معك قال أسير من المشركين استأمن له من رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال صهيب لقد كان في عنق هذا موضع للسيف فقال النبي
صلى الله عليه وسلم فلعلك آذيته فقال لا والله فقال لو آذيته لآذيت الله ورسوله.
رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف. وعن صهيب قال لم
يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا
قط إلا كنت حاضره ولا غزا غزوة
قط أول الأمر وآخره إلا كنت فيها عن يمينه أو عن شماله ولم يبايع بيعة قط إلا
كنت حاضرها ولم يسير سرية قط إلا كنت حاضرها وما خافوا أمامهم قط إلا
كنت أمامهم ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم وما جعلت رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيني وبين العدو قط حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني
وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف. وعن المسور بن مخرمة قال لما طعن عمر
رضي الله عنه أمر صهيبا مولى بنى جدعان ان يصلى بالناس. رواه الطبراني واسناده حسن.
* (باب فضل المقداد رضي الله عنه) *
عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: المقداد بن الأسود أبو عمرو. رواه الطبراني.
وعن محمد بن إسحاق قال: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن ربيعة بن تمامة (1) بن مطرود
ابن عمرو بن سعد بن ثور بن ثعلبة بن مالك بن هزل بن قابس بن رويم بن
القين بن الهون بن بهز بن عمرو بن الحاف بن قضاعة وإنما نسب إلى الأسود
ابن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة لأنه تبناه وحالفه وكان أبطن
آدم (2) يصفر لحيته أقنى طويل الانف مات بالمدينة وهو ابن سبعين سنة وصلى عليه
عثمان بن عوف رضي الله عنه. وعن عثمان وقال الطبراني: مقداد بن الأسود بن
عمرو بدري يكنى أبا معبد وقيل أبا عمرو حليف بنى زهرة وهو مهاجري أولى
بدري رحمه الله. وعن همام بن الحرث قال رأيت المقداد رضي الله عنه وكان ضخما.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن الزهري قال كان المقداد بن الأسود
من كندة. رواه الطبراني مرسلا واسناده حسن. وعن سفيان بن صهبانة المهري
قال كنت صاحبا للمقداد بن الأسود في الجاهلية وكان رجلا من بهز فأصاب فيهم
دما فهرب إلى كندة فحالفهم ثم أصاب فيهم دما فهرب إلى مكة فحالف الأسود بن

(1) في الإصابة " عامر ".
(2) أي شديد السمرة.
306

عبد يغوث. رواه الطبراني واسناده إلى أبي سفيان حسن. وعن أنس بن مالك
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الجنة تشتاق إلى أربعة علي بن أبي طالب
وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود قلت رواه الترمذي غير
ذكر المقداد رواه الطبراني وسلمة بن الفضل وعمران بن وهب اختلف في
الاحتجاج بهما، وبقية رجاله ثقات. وعن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال دعوني فانطلق بالهدى فنحره أو كما قال فقال لا والله لا نكون كالملا
من بني إسرائيل إذ قالوا لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون)
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فنحر الهدى بالحديبية قال قتادة
وكان معهم يومئذ سبعون بدنة. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن يحيى
ابن بكير قال توفى المقداد بن الأسود بالجرف وحمله الرجال إلى المدينة على رقابهم
في سنة ثلاث وثلاثين وصلى على عثمان بن عفان رضي الله عنه ويكنى أبا معبد (1)
وسنه نحو سبعين سنة (2). رواه الطبراني.
(باب ما جاء في فضل عتبة بن غزوان رضي الله عنه)
تقدم في غزوة بدر (3) أنه فيمن شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: عتبة بن غزوان يكنى أبا عبد الله وقيل أبو
غزوان وكان طويلا جميلا مات سنة سبع عشرة وهو متوجه إلي البصرة في المرة
الثانية ودفن في بعض المياه وهو ابن خمس وخمسين سنة حليف بني نوفل
ابن عبد مناف. رواه الطبراني وإسناده منقطع ورجاله ثقات. وعن يحيى بن
بكير قال توفى عتبة بن غزوان سنة سبع عشرة بطريق البصرة عاملا لعمر بن
الخطاب وسنه سبع وخمسون سنة وقيل مات سنة عشرين وهو الذي مصر البصرة
واختط بها المنازل وبنى مسجدها وهو الذي افتتح الأبلة وكانت ولايته البصرة
ستة أشهر ولاه إياها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. رواه الطبراني.

(1) في الإصابة " سعيد ".
(2) في الإصابة أن غلامه شق بطنه ليخرج من شحمه ليخف فمات.
(3) في الجزء السادس.
307

(باب ما جاء في فضل سعد بن معاذ رضي الله عنه)
قال الطبراني: سعد بن معاذ الأنصاري ثم الأشهلي بدري إحدى يكنى أبا عمرو
استشهد يوم الخندق. وقد تقدم بأسانيده في غزوة بدر. عن عبد الرحمن بن عوف
قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء سعد بن معاذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا سيدكم. رواه البزار والطبراني وفيه صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف
وقد وثقه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن الماجشون قال قال سعد
ابن معاذ ثلاث انا عما سواهن ضعيف ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا إلا
علمت أنه حق ولا صليت صلاة فحدثت نفسي بغيرها حتى أنفتل عنها ولا تبعت
جنازة فحدثت نفسي بغير ما إياه قائلة ويقال لها، وفى رواية ولا حضرت ميتا
الا حدثت نفسي بما يقول ويقال له. رواه الطبراني باسنادين أحدهما عن أبي سلمة
مرسلا والآخر عن الماجشون منقطعا وفى إسناده من لم أعرفه. وعن ابن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد نزل لسعد بن معاذ رضي الله عنه سبعون
ألف ملك ما وطئوا الأرض قبلها وقال حين دفن سبحان الله لو انفلت أحد من
ضغطة القبر لانفلت منها سعد. رواه البزار باسنادين ورجال أحدهما رجال
الصحيح. وعن رميثة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو شئت ان أقبل الخاتم
الذي بين كنفيه من قربى منه لقبلت وهو يقول لسعد بن معاذ يوم مات اهتز له
عرش الرحمن. رواه أحمد بنحوه والطبراني واللفظ في الكبير والأوسط ورجال أحمد
رجال الصحيح غير شيخه وهو ثقة. وعن عائشة قالت قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي
الحليفة وكان غلمان من الأنصار قتلوا أهليهم فلفوا أسيد بن حضير فبلغوا له امرأته فتقنع
وجعل يبكي فقلت له غفر الله لك أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك من
السابقة والقدم مالك تبكي على امرأة فكشف عن رأسه وقال صدقت لعمري حقي
أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما قال قال قلت له ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد اهتز العرش لوفاة
سعد بن معاذ قالت وهو يسير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا
308

رواه أحمد. ورواه الطبراني وعن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا قدم من سفر نزل ذا الحليفة فخرج إليهم الصبيان فيخبرونهم عن أهليهم فأخبر
أسيد بن حضير بموت امرأته فبكى فقيل له أتبكي فقال ومالي لا أبكى وقد
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن العرش اهتزت أعواده لموت سعد بن معاذ، وأسانيدها
كلها حسنة. وعن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت لما توفى سعد بن معاذ
صاحت أمه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ليرقأ (1) دمعك ويذهب حزنك
فان ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش، والطبراني الا أنه قال عن
أسماء بنت يزبد بن السكن قالت لما أخرج بجنازة سعد بن معاذ صاحت أمه
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرقأ دمعك ويذهب حزنك، والباقي بنحوه ورجاله
رجال الصحيح. وعن معيقيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اهتز العرش لموت
سعد بن معاذ. رواه الطبراني وفيه عمرو بن ملك الغبرى وثقه ابن حبان وقال
يغرب وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن سعد
يعنى ابن أبي وقاص قال مرت جنازة سعد بن معاذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم
لقد اهتز له العرش. رواه البزار وفيه يعقوب بن محمد الزهري وقد ضعفه الجمهور ووثق
على ضعفه وصالح بن محمد بن صالح التمار لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن عائشة قالت
لما مات سعد بن معاذ بكى أبو بكر وبكى عمر رضي الله عنهما لبكاء (2) أبى بكر
فقلت لعائشة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكى قالت ولكنه كان
يقبض علي لحيته صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف.
وعن عائشة قالت رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنازة سعد بن معاذ
ودموعه (3) تحادر على لحيته. رواه الطبراني وسهل أبو حريز ضعيف. وعن
عطارد أنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب ديباج كساه إياه كسرى فدخل
أصحابه فقالوا أنزلت عليك من السماء فقال وما تعجبون من ذا لمنديل من مناديل
سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا ثم قال يا غلام اذهب به إلى أبى جهم بن حذيفة
وقال له يبعث إلى بالخميصة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن

(1) أي لينقطع.
(2) في الأصل " في بكاء ".
(3) في الأصل " وجنازته ".
309

عمرو بن سعد بن معاذ وهو ثقة. وعن أنس أن أكيدر الدومة بعث إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم جبة سندس فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعجب الناس منها فقال أتعجبون من هذه
فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها ثم أهداها
إلى عمر فقال يا رسول الله تكرهها وألبسها قال يا عمر إنما أرسلت بها إليك لتبعثها
وجها فتصيب بها مالا وذلك قبل أن ينهى عن الحرير قلت هو في الصحيح باختصار
بعثها إلى عمر إلى آخره رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن عائشة
قالت ثلاثة من الأنصار كلهم من بنى عبد الأشهل لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا (1)
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر. رواه أبو
يعلى ورجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس وهو ثقة.
(باب فضل سعد بن الربيع رضي الله عنه)
عن أم سعد بنت سعد بن الربيع انها دخلت على أبى بكر الصديق رضي الله عنه
فألقى لها ثوبا حتى جلست عليه فدخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فقال يا خليفة رسول الله من هذه قال هذه بنت من هو خير منى ومنك الا رسول
الله صلى الله عليه وسلم رجل قبض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقيت أنا وأنت. رواه الطبراني
وفيه إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد وهو ضعيف.
(باب ما جاء في أسيد بن حضير رضي الله عنه)
قد روى الطبراني أنه شهد العقبة وهو نقيب بدري. وقد تقدم عن عائشة أنها
قالت كان أسيد بن حضير من أفاضل الناس وكان يقول لو أكون فيما أكون من
حال من أحوال ثلاثة لكنت من أهل الجنة وما شككت في ذلك حين اقرأ
القرآن وحين أسمعه يقرأ وإذا سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا
شهدت جنازة وما شهدت جنازة قط فحدثت نفسي بسوى ما هو مفعول بها وما هي
صائرة إليه. رواه الطبراني وأحمد بنحوه ورجاله وثقوا وقد تقدم حديث في
فضله في آخر مناقب سعد بن معاذ. وعن يحيى بن بكير قال توفى أسيد بن
حضير ويكنى أبا يحيى سنة عشرين وحمله عمر بين أعواد السرير حتى وضعه بالبقيع

(1) في الأصل " مصلا ".
310

وصلى عليه رضي الله عنه. رواه الطبراني وروى عن الواقدي بعضه واسنادهما منقطع.
* (باب فضل معاذ بن جبل رضي الله عنه) *
قد تقدم نسبه فمن شهد بدرا. عن معاذ بن جبل أنه كان مريضا فبصق
عن يمينه أو أراد أن يبصق عن يمينه فقال ما بصقت عن يميني منذ أسلمت. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن مسعود قال إن معاذا كان
أمة قانتا لله حنيفا مسلما ولم يك من المشركين فقال بعض جلسائه ان إبراهيم
قال لم أنس ثم قال أتدرون ما الأمة قالوا لا قال الذي يعلم الناس الخير قال هل
تدرون ما القانت قالوا لا قال المطيع لله عز وجل. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير حجاج بن إبراهيم وهو ثقة. وعن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال خذوا القرآن من أربعة من أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن
جبل وسالم مولى أبى حذيفة. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن محمد بن كعب
القرظي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل امام العلماء برتوة. رواه الطبراني
مرسلا وفيه محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصاري ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن يحيى بن بكير قال سمعت مالك بن أنس يقول مات معاذ بن جبل
وهو ابن ثمان وعشرين سنة وقائل يقول ابن اثنتين وثلاثين. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
معاذ امام العلماء برتوة، قال ابن بكير الرتوة المنزلة. رواه الطبراني منقطع الاسناد.
وعن يحيى بن بكير قال توفى معاذ بن جبل في طاعون عمواس سنة سبع عشرة
أو ثمان عشرة. رواه الطبراني واسناده منقطع. وعن سعيد بن المسيب قال قبض
معاذ بن جبل وهو ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة. رواه الطبراني مرسلا وفيه
علي بن زيد وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن يحيى بن سعيد قال
توفى معاذ بن جبل وهو ابن ثمان وعشرين سنة والذي يرفع في نسبه يقول اثنتين
وثلاثين. رواه الطبراني منقطع الاسناد واسناده حسن.
* (باب ما جاء في فضل أبي بن كعب رضي الله عنه) *
قلت قد روى الطبراني انه قد شهد بدرا. عن أبي حبة البدري قال لما نزلت
311

(لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) إلى آخرها قال جبريل يا رسول الله
إن ربك يأمرك ان تقرئها أبيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ان جبريل أمرني ان أقرئك
هذه السورة قال إني قد ذكرت ثم يا رسول الله قال نعم قال فبكى أبى. رواه أحمد
والطبراني وفيه علي بن زيد وهو حسن الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا المنذر إني أمرت ان اقرأ عليك
القرآن قال بالله آمنت وعلى يديك أسلمت ومنك تعلمت قال فرد رسول الله صلى
الله عليه وسلم القول فقال يا رسول الله وذكرت هناك قال نعم باسمك ونسبك في
الملا الأعلى قال فاقرأ إذا يا رسول الله. وفى رواية قال إني عرضت على النبي
صلى الله عليه وسلم القرآن فقال أمرني جبريل ان أعرض عليك القرآن. وفى رواية قال أبي
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت ان أقرئك القرآن قلت رواه الترمذي باختصار
رواه الطبراني في الأوسط بأسانيد ورجال الرواية وثقوا. وقد تقدم في فضل
معاذ بن جبل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خذوا القرآن من أربعة من
أبي بن كعب. وعن عامر الشعبي قال جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ستة من الأنصار زيد بن ثابت وأبو زيد ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن
عبادة وأبي بن كعب وكان جارية بن مجمع قد قرأه إلا سورة أو سورتين. رواه الطبراني
مرسلا وفيه إبراهيم بن محمد بن عثمان الحضرمي ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن مسروق قال كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عمر
وعلى وعبد الله وأبى وزيد وأبو موسى. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
غير محمد بن كناسة وهو ثقة. وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال مات أبي بن
كعب في خلافة عمر. رواه الطبراني واسناده منقطع من ابن نمير.
* (باب فضل أبي طلحة رضي الله عنه) *
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصوت أبى طلحة أشد على المشركين
من فئة. وفى رواية لصوت أبى طلحة في الجيش خير من فئة. رواه أحمد وأبو
يعلى ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح. وعن أنس ان أبا طلحة قرأ سورة براءة
فأتى على هذه الآية (انفروا خفافا وثقالا) فقال الا أرى ربى يستنفرني مع
312

رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض وغزوت مع أبي بكر حتى مات وغزوت مع عمر فنحن
نغزوا عنك فقال جهزوني فركب البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها الا
بعد سبعة أيام فلم يتغير. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن أنس بن
مالك قال خرج أبو طلحة غازيا في البحر فمات في السفينة فلم يجدوا له مكانا يدفنونه
فيه فانتظروا به ستة أيام حتى وجدوا له بعد سبع مكانا يدفنونه فيه ولم يتغير كما هو.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن يحيى بن بكير قال توفى أبو طلحة
زيد بن سهل سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنهما وسنه
سبعون سنة. رواه الطبراني وهو منقطع الاسناد. وعن محمد بن عبد الله بن نمير
قال مات أبو طلحة زيد بن سهل سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان
ومات وهو ابن سبعين سنة وقيل إن أبا طلحة مات سنة اثنتين وثلاثين. رواه
الطبراني واسناده منقطع من ابن نمير.
(باب فضل حارثة بن النعمان رضي الله عنه)
عن ابن شهاب في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بنى النجار: حارثة
ابن النعمان وهو الذي مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مع جبريل عند المقاعد. رواه
الطبراني مرسلا ورجاله ثقات. وعن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا:
حارثة بن نعمان بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. رواه
الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات. وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا قالوا حارثة بن النعمان كذا كم البر
كذا كم لبر. رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن عامر بن
ربيعة ان حارثة بن النعمان قال مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل جالس في المقاعد
فسلمت عليه ثم أجزت فلما رجعت وانصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال هل رأيت الذي كان
معي قلت نعم قال إنه جبريل صلى الله عليه وسلم وقد رد عليك السلام. رواه أحمد
والطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن موسى بن عقبة قال حدثني أبو سلمة
عن الرجل الذي مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناجي جبريل صلى الله عليه وسلم
فزعم أبو سلمة انه تجنب ان يدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم تخوفا ان يسمع
313

حديثه فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك ان تسلم إذ مررت
بي البارحة قال رأيتك تناجي رجلا فحسبت ان تكره أدنو منكما قال فهل تدرى
من الرجل قال لا قال جبريل صلى الله عليه وسلم ولو سلمت لرد السلام، وقد سمعت من غير
أبى سلمة انه حارثة بن النعمان. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن
عبد الله بن عامر بن ربيعة ان حارثة بن النعمان قال مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومعه جبريل جالس في المقاعد فسلمت عليه ثم أجزت فلما رجعت وانصرف النبي
صلى الله عليه وسلم قال هل رأيت الذي كان معي قلت نعم قال إنه جبريل صلى الله عليه وسلم وقد رد عليك
السلام. رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. وعن موسى بن عقبة
قال حدثني أبو سلمة عن الرجل الذي مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناجى جبريل
عليه السلام فزعم أبو سلمة انه تجنب أن يدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم تخوفا
ان يسمع حديثه فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك ان تسلم إذ مررت بي البارحة
فقال رأيتك تناجى رجلا فحسبت أن تكره أن ادنو منكما قال فهل تدرى من
الرجل قال لا قال جبريل صلى الله عليه وسلم ولو سلمت لرد السلام، وقد سمعت
من غير أبى سلمة أنه حارثة بن النعمان. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن
ابن عباس قال مر حارثة بن النعمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه
جبريل صلى الله عليه وسلم يناجيه فمر ولم يسلم فقال جبريل عليه السلام ما منعه أن يسلم إنه
لو سلم لرددت عليه ثم قال اما انه من الثمانين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما الثمانون
قال يفر الناس عند غير ثمانين فيصبرون معك رزقهم ورزق أولادهم على الله في
الجنة فلما رجع حارثة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا سلمت حين مررت قال
رأيت معك إنسانا فكرهت أن أقطع حديثك قال ورأيته قال ذاك جبريل صلى
الله عليه وسلم وقد قال فأخبره بما قال جبريل عليه السلام. رواه الطبراني والبزار
بنحوه واسناده حسن رجاله كلهم وثقوا وفى بعضهم خلاف.
(باب في عمرو بن الجموح رضي الله عنه)
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار من
سيدكم قالوا جد بن قيس وإنا لنبخله قال ليس سيدكم ولكن سيدكم عمرو بن
لجموح وكان سخيا. رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه أبو شيبة إبراهيم
314

ابن عثمان وهو ضعيف. وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سيدكم يا بنى
سلمة قالوا الجد بن قيس على انا نبخله قال وأي داء أدوأ من البخل بل سيدكم
الجعد القطط (1) عمرو بن الجموح. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال
الصحيح غير شيخ الطبراني. وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا بنى سلمة من سيدكم اليوم قالوا الجد بن قيس ولكنا نبخله قال وأي داء أدوأ
من البخل ولكن سيدكم عمرو بن الجموح. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه
إبراهيم بن يزيد المكي وهو متروك. قلت وقد تقدمت أحاديث نحو هذا في كتاب
الزكاة (2) في البخل والسخاء. وعن أبي قتادة أنه حضر ذلك قال أتى عمرو بن
الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في
سبيل الله حتى أقتل أمشى برجلي هذه صحيحة في الجنة وكانت رجله عرجاء فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقتلوه يوم أحد هو وابن أخيه ومولى لهم فمر عليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال كأني أنظر إليه يمشى برجله هذه صحيحة في الجنة فأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد. رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح غير يحيى بن نصر الأنصاري وهو ثقة.
* (باب ما جاء في بشر بن البراء بن معرور رضي الله عنه) *
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سيدكم يا بنى عبيد
قالوا الجد بن القيس على أن فيه بخلا قال فأي داء أدوأ من البخل بل سيدكم
بشر بن البراء بن معرور. رواه الطبراني والبزار وفيه سعيد بن محمد الوراق
وهو متروك. وعن كعب بن ملك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سيدكم
يا بنى سلمة قالوا بشر بن قيس على انا نزنه (3) بالبخل فقال وأي داء أدوأ من البخل
قالوا فمن سيدنا يا رسول الله قال بشر بن البراء بن معرور. رواه الطبراني باسنادين
ورجال أحدهما رجال الصحيح غير شيخي الطبراني ولم أر من ضعفهما. وعن
ابن شهاب فيمن شهد العقبة من الأنصار ثم من بنى سلمة: بشر بن البراء بن معرور
وهو اكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة التي سم فيها يوم خيبر. رواه الطبراني

(1) أي الشديد الجعودة.
(2) في الجزء الثالث.
(3) أي نتهمه.
315

مرسلا واسناده حسن. قلت وله طرق ذكرتها في مواضعها (1).
* (باب في عبد الله بن رواحة رضي الله عنه) *
عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله أخي عبد الله بن رواحة كان
أينما أدركته الصلاة أناخ. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن عائشة ان النبي
صلى الله عليه وسلم جلس يوم الجمعة على المنبر فلما جلس قال اجلسوا فسمع عبد
الله بن رواحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلسوا فجلس في بنى غنم قيل
يا رسول الله ذاك ابن رواحة جالس في بنى غنم سمعك وأنت تقول للناس اجلسوا
فجلس في مكانه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم بن إسماعيل
ابن مجمع وهو ضعيف.
* (باب ما جاء في أبى اليسر كعب بن عمرو رضي الله عنه) *
عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بنى الخزرج:
أبو اليسر كعب بن عمرو بن عياد بن عمرو بن غنم بن كعب بن سلمة بن علي. رواه
الطبراني ورجاله إلى ابن إسحاق ثقات. وعن أبي اليسر كعب بن عمر وقال والله إني لمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر عشية إذ أقبلت غنم لرجل من
اليهود تريد حصنهم ونحن محاصروهم إذ قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من يطعمنا من هذه الغنم قلت أنا يا رسول الله قال فافعل قال فخرجت اشتد مثل
الظليم (2) فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا قال اللهم أمتعنا به قال
فأدركت الغنم وقد دخل أوائلها الحصن فأخذت شاتين من أخراها فاحتضنتهما تحت
يدي ثم أقبلت بهما أشتد كأنه ليس معي شئ حتى ألقيتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذبحوهما وأكلوهما فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم هلاكا فكان إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال أمتعوا بي لعمري حتى
كنت آخرهم. رواه أحمد عن بعض رجال بنى سلمة عنه، وبقية رجاله ثقات.
وعن يحيى بن بكير قال توفى أبو اليسر كعب بن عمرو سنة خمس وخمسين
بالمدينة وهو آخر من مات من أهل بدر. رواه الطبراني. وعن محمد بن عبد
الله بن نمير قال مات أبو اليسر كعب بن عمرو سنة خمس وخمسين بالمدينة. رواه الطبراني.

(1) في الجزء السادس.
(2) الظليم: ذكر النعام.
316

* (باب ما جاء في عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري) *
رضي الله عنه
عن جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنهما قال أمر أبى بحريرة
فصنعت ثم امرني فحملتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي ما هذا يا جابر
ألحم ذا قلت لا يا رسول الله ولكن أبى امرني بحريرة فصنعتها ثم أمرني
فحملتها قال ضعها فأتيت أبى فقال ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت قال لي ما
هذا يا جابر ألحم قال أبى أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحسب يشتهى اللحم فقام
إلى داجن فذبحها ثم أمر بها فشويت ثم أمرني فأتيت بها فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم جزاكم الله معشر الأنصار خيرا ولا سيما آل عمرو بن حرام
وسعد بن عبادة. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن عائشة أم المؤمنين قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر ألا أبشرك يا جابر قال بلي يا رسول الله بالخير
قال إن الله أحيا أباك فأقعده بين يديه قال تمن علي ما شئت أعطيكه قال
يا رب ما عبدناك حق عبادتك أتمنى عليك أتمنى أن تردني إلى الدنيا فأقاتل مع نبيك
فأقتل مرة أخرى فقال له قد سلف منى انك إليها لا ترجع قلت رواه الترمذي
باختصار رواه الطبراني والبزار من طريق الفيض بن وثيق عن أبي عبادة الزرقي
وكلاهما ضعيف. وعن جابر قال استشهد أبى وعمى وعلى أبى دين فأرسل إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا جابر ألا أبشرك ببشارة من الله ورسوله إن الله تبارك
وتعالى أحيا (1) أباك وعمك فعرض عليهما وسألا ربهما أن يردهما إلى الدنيا فقال
أبعد ما قضيت في الكتاب انهم إليها لا يرجعون قلت رواه الترمذي وغيره خاليا
عن ذكر عمه رواه الطبراني وفيه حماد بن عمرو وهو كذاب.
* (باب في عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه) *
عن أسامة بن زيد قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى المصطلق قام ابن
عبد الله بن أبي فسل على أبيه السيف وقال لله على ألا أغمده حتى تقول محمد الأعز

(1) " أحيا " غير موجودة في الأصل.
317

وأنا الأذل قال ويلك محمد الأعز وأنا الأذل فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعجبه وشكرها
له. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف. وعن عبد الله بن
عبد الله بن أبي أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ان يقتل أباه قال لا تقتل أباك.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح الا ان عروة بن الزبير لم يدرك عبد الله
ابن عبد الله بن أبي. وعن أبي هريرة قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن
أبي وهو في ظل أطم (1) فقال عبر علينا ابن أبي كبشة فقال ابنه عبد الله بن عبد الله
يا رسول الله والذي أكرمك لئن شئت لأتيتك برأسه فقال لا ولكن بر أباك وأحسن
صحبته. رواه البزار ورجاله ثقات.
(باب ما جاء في عمارة بن حزم رضي الله عنه)
عن شباب قال: عمارة بن حزم بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن
مالك بن النجار وأمه أم إخوته عمرو ومعمر بنو حزم خالدة بنت أنس بن
شيبان بن وهب بن لوذان بن عمرو بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة. رواه
الطبراني. وعن شباب أيضا قال شهد عمارة بن حزم العقبة وبدرا وأحدا والمشاهد
كلها. رواه الطبراني. وعن فروة في تسمية من استشهد يوم اليمامة من الأنصار
ثم من بنى الخزرج ثم من بنى النجار: عمارة بن حزم بن لودان بن عمرو بن عبد
عوف بن غنم بن مالك بن النجار. رواه الطبراني ورجاله إلى ابن إسحاق وثقوا
ونسبه عن ابن إسحاق في تسمية من استشهد يوم اليمامة من الأنصار عمارة بن حزم.
* (باب في قتادة بن النعمان رضي الله عنه) *
عن ابن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من الأوس ثم من
بنى ظفر: قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب وكعب ظفر بن
الخزرج بن عمرو بن الأوس. رواه الطبراني ورجال إلى ابن إسحاق ثقات.
وعن قتادة بن النعمان قال خرجت ليلة من الليالي مظلمة فقلت لو أتيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الصلاة وآنسته بنفسي ففعلت فلما دخلت المسجد برقت السماء

(1) أي بناء مرتفع.
318

فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا قتادة ما هاج عليك قلت
أردت بأبي وأمي أن أؤنسك قال خذ هذا العرجون فتحصن به فإنك
إذا خرجت أضاء لك عشرا أمامك وعشرا خلفك ثم قال لي إذا
دخلت بيتك رأيت مثل الحجر الأخشن فضربته حتى خرج من بيتي. رواه الطبراني
وأحمد في حديث طويل تقدم في الصلاة في الساعة التي ترجى يوم الجمعة وفى
الصلاة في الجماعة. ورواه البزار أيضا ورجال أحمد الذي تقدم في الصلاة رجال
الصحيح. وعن يحيى بن بكير قال توفى قتادة بن النعمان ويكنى أبا عثمان في سنة
ثلاث وعشرين وصلى عليه عمر بن الخطاب وسنه خمس وستون سنة ونزل في قبره أبو
سعيد الخدري ومحمد بن مسلمة والحرث بن حزمة ويقال خزمة. رواه الطبراني.
* (باب في أبى قتادة الأنصاري رضي الله عنه) *
عن أبي قتادة الحرث بن ربعي أنه حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بدر فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم احفظ أبا قتادة كما حفظ نبيك هذه الليلة. رواه الطبراني
في الصغير وفيه من لم أعرفهم. وبسنده عن أبي قتادة قال أغار المشركون على لقاح
رسول الله صلى الله عليه وسلم فركبت فأدركتهم فظفرت بهم وقتلت مسعدة فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين رآني أفلح الوجه اللهم اغفر له ثلاثا ونفلني سلب مسعدة.
(باب ما جاء في قتادة بن ملحان رضي الله عنه)
عن أبي العلاء بن عمير قال كنت عند قتادة بن ملحان حيث حضر فمر الرجل
في أقصى الدار قال فأبصرته في وجه قتادة قال وكنت إذا رأيته كان على وجهه
الدهان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح وجهه. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في محمد بن مسلمة رضي الله عنه)
عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بنى حارثة:
محمد بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحرث بن الخزرج بن
عمرو بن مالك بن الأوس وكان حليفا في بنى عبد الأشهل. رواه الطبراني
ورجاله إلى أبن اسحق ثقات. وعن يحيى بن بكير قال توفى محمد بن مسلمة
319

بالمدينة سنة ثلاث وأربعين وسنه سبع وسبعون سنة. رواه الطبراني وعن محمد
ابن عبد الله بن نمير قال مات محمد بن مسلمة في صفر سنة ثلاث وأربعين. رواه الطبراني.
(باب في عبادة بن الصامت رضي الله عنه)
عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا أبا الوليد، وهو بدري عقبى
أحدي شجري نقيب. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبادة بن
الصامت أن معاوية قال لهم يا معشر الأنصار مالكم لا تلقوني مع إخوانكم من
قريش قال عبادة الحاجة قال فهلا النواضح قالوا أنضبناها مع بدر مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة ولكنه اختلط، وبقية رجاله
ثقات. وعن محمد بن إسحاق قال: عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن
غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن مكحول قال كان عبادة بن الصامت وشداد بن أوس يسكنان
بيت المقدس. رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم
وهو ضعيف. وعن يحيى بن بكير قال ومات عبادة بن الصامت بالشام
من أرض فلسطين بالرملة سنة أربع وثلاثين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. رواه الطبراني.
* (باب ما جاء في خزيمة بن ثابت رضي الله عنه) *
عن خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى فرسا من سوا بن الحرث فجحده
فشهد له خزيمة بن ثابت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملك على الشهادة
ولم تكن معنا حاضرا فقال صدقك بما جئت به وعلمت أنك لا تقول الا حقا فقال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد له خزيمة أو شهد عليه فحسبه. رواه
الطبراني ورجاله كلهم ثقات. وعن ابن شهاب عن عمارة بن خزيمة بن ثابت
الأنصاري وخزيمة الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم له شهادة رجلين
قال ابن شهاب فأخبرني عمارة بن خزيمة عن عمه وكان من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم ان خزيمة بن ثابت رأى في النوم أنه يسجد على جبهة رسول الله صلى
الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فاضطجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد على
320

جبهته. رواه أحمد عن شيخه عامر بن صالح الزبيري وثقه أحمد وغيره وضعفه
جماعة، وبقية رجاله ثقات. وقد تقدمت له طرق في التعبير.
(باب ما جاء في ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه)
عن ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري قال قلت يا رسول الله والله لقد
خشيت أن أكون هلكت قال لم قلت نهى الله المرء أن يحمد بما لم يفعل وأجدني
أحب الحمد ونهى الله عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ونهى أن نرفع أصواتنا
فوق صوتك وأنا امرؤ جهير الصوت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضى أن تعيش
حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة قال بلى يا رسول الله فعاش حميدا وقتل شهيدا
يوم مسيلمة. رواه الطبراني في الأوسط والكبير مطولا هكذا ومختصرا ورجال
المختصر ثقات، وفى رجال المطول شيخ الطبراني أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة
الحضرمي ضعفه ابن حبان في ترحمة أبيه في الثقات هو وأخوه عبيد الله، وبقية
رجاله ثقات ويعتضد بثقة رجال المختصر، ورواه من طريق إسماعيل بن ثابت أن
ثابتا قال يا رسول الله، وإسناده متصل ورجاله رجال الصحيح غير إسماعيل وهو
ثقة تابعي سمع من أبيه. وعن ثابت بن قيس بن شماس قال لما نزلت هذه الآية
(لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) قعد ثابت في الطريق يبكي فمر به عاصم بن عدي
فقال ما يبكيك يا ثابت قال أنا رفيع الصوت وأنا أخاف أن تكون هذه
الآية نزلت في فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنى أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا
وتدخل الجنة قال رضيت ببشرى الله ورسوله لا أرفع صوتي أبدا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فنزلت (إن الذين يغضون أصواتهم الآية). رواه الطبراني وأبو ثابت
ابن قيس بن شماس لم أعرفه ولكنه قال حدثني أبي ثابت بن قيس فالظاهر أنه
صحابي ولكن زيد بن الحباب لم يسمع من أحد من الصحابة والله أعلم. وعن
عطاء الخراساني قال قدمت المدينة فسألت عمن يحدثني عن حديث ثابت بن
قيس بن شماس فأرشدوني إلى ابنته فسألتها فقالت سمعت أبي يقول لما أنزل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يحب كل مختال فخور) اشتد على ثابت
وأغلق بابه عليه وطفق يبكى فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه
321

فسأله فأخبره بما كبر عليه منها وقال أنا رجل أحب الجمال وأن أسود قومي
فقال إنك لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير ويدخلك الله الجنة قال فلما أنزل
الله على رسوله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي
ولا تجهروا له بالقول) فعل مثل ذلك فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه
فأخبره بما كبر عليه وانه جهير الصوت وانه يتخوف ان يكون ممن حبط عمله فقال
النبي صلى الله عليه وسلم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة فلما استنفر أبو بكر
رضي الله عنه المسلمين إلى قتل أهل الردة واليمامة ومسيلمة الكذاب سار ثابت
ابن قيس فيمن سار فلما لقوا مسيلمة وبنى حنيفة هزموا المسلمين ثلاث مرات
فقال ثابت وسالم مولى أبى حذيفة ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم فجعلا لأنفسهما حفرة فدخلا فيها فقاتلا حتى قتلا قال وأرى رجل من
المسلمين ثابت بن قيس في منامه فقال إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل من
المسلمين فانتزع منى درعا نفيسة ومنزله في أقصى العسكر وعند منزله فرس يستن (1) في
طوله وقد أكفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة (2) رجلا فائت خالد بن الوليد
فليبعث إلى درعي فليأخذها فإذا قدمت على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه أن
على من الدين كذا وكذا وفلان من رقيقي عتيق وإياك ان نقول هذا حلم
تضيعه قال فأتى خالد بن الوليد فوجه إلى الدرع فوجدها كما ذكر وقدم على أبي
بكر رضي الله عنه فأخبره فأنفذ أبو بكر رضي الله عنه وصيته بعد موته فلا نعلم أن
أحدا جازت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس بن شماس. رواه الطبراني
وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها، وبقية رجاله رجال الصحيح والظاهر أن بنت
ثابت بن قيس صحابية فإنها قالت سمعت أبي، والله أعلم. وعن انس ان ثابت
ابن قيس بن شماس جاء يوم اليمامة وقد نشر أكفانه وتحنط قال اللهم إني أبرأ
إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر مما صنع هؤلاء فقتل وكانت له درع فسرقت فرآه
رجل فيما يرى النائم فقال إن درعي في قدر تحت الكانون في مكان كذا
وكذا ووصاه بوصايا فطلبوا الدرع فوجدوها وأنفذوا الوصايا قلت هو في

(1) يقال استن الفرس إذ عدا لنشاطه شوطا أو شوطين لا راكب عليه.
(2) القدر.
322

الصحيح غير قصة الدرع رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عروة
في تسمية من قتل يوم اليمامة من الأنصار ثم من بنى الحرث بن الخزرج: ثابت
ابن قيس بن شماس سنة ثنتي عشرة. رواه الطبراني وهو مرسل واسناده حسن.
* (باب ما جاء في أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه) *
عن أبي أيوب الأنصاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين
الصفا والمروة فسقطت على لحيته ريشة فابتدر إليه أبو أيوب فأخذها فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم نزع الله عنك ما تكره. رواه الطبراني وفيه نائل بن
نجيح وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه الدارقطني وغيره، وبقية رجاله ثقات إلا أن
حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من أبى أيوب. وعن أبي أيوب قال نزل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أول من نزل عليه قلت هو
في الصحيح غير قوله وكنت أول من نزل عليه رواه الطبراني وفيه هياج بن
بسطام التميمي وهو ضعيف. وعن ابن عباس أن أبا أيوب الأنصاري
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه حين هاجر عزا أرض الروم فمر على
معاوية رضي الله عنهما فجفاه فانطلق ثم رجع من غزوته فجفاه ولم يرفع له
رأسا فقال أنبأني رسول الله صلى الله عليه وسلم انا سنرى بعده أثره قال معاوية
فبم أمركم قال أمرنا أن نصبر قال اصبروا إذا فأتى عبد الله بن عباس بالبصرة وقد
أمره عليها على رضي الله عنهما فقال يا أبا أيوب إني أريد ان اخرج لك عن مسكني
كما خرجت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر أهله فخرجوا وأعطاه كل شئ
أغلق عليه الدار فلما كان انطلاقه قال حاجتك قال حاجتي عطائي وثمانية أعبد
يعملون في أرضى وكان عطاؤه أربعة آلاف فأضعفها له خمس مرات فأعطاه
عشرين ألفا وأربعين عبدا. رواه الطبراني، وفى رواية قدم أبو أيوب على معاوية
رحمهما الله فشكا له ان عليه دينا قال فذكر الحديث باسنادين ورجال أحدهما
رجال الصحيح إلا أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من أبى أيوب.
* (باب ما جاء في أبي الدحداح رضي الله عنه) *
عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله ان لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها
323

فقال النبي صلى الله عليه وسلم اعطه إياها بنخلة في الجنة فأبى فأتاه أبو الدحداح
فقال بعني نخلك بحائطي فأجعلها له لقد أعطيتكها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم من
عذق رداح لأبي الدحداح قال ذلك مرارا قال فأتى امرأته فقال يا أم الدحداح أخرجي
من الحائط فاني قد بعته بنخلة في الجنة فقالت ربح البيع أو كلمة تشبهها. رواه أحمد
والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. وعن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت (من
ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) قال أبو الدحداح يا رسول الله ان الله يريد
منا القرض قال نعم يا أبا الدحداح قال أرنا يدك قال فناوله يده قال قد أقرضت
ربى حائطي وحائطه فيه ستمائة نخلة فجاء يمشى حتى أتى الحائط وأم الدحداح
فيه وعيالها فنادى يا أم الدحداح قالت لبيك قال أخرجي فقد أقرضته ربى. رواه
أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات ورجال أبى يعلى رجال الصحيح. وعن عبد
الرحمن بن أبزى ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبى الدحداح يستقرضه
فلما جاءه الرسول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى يستقرضني قال نعم قال فاني
أشهد الله أن مالي في موضع كذا وكذا في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم
من عذق لأبي الدحداح في الجنة.
* (باب ما جاء في البراء بن مالك رضي الله عنه) *
عن محمد بن سيرين أن أنس بن مالك دخل على البراء بن مالك وهو يقول
الشعر فقال له أخي أما علمك الله ما هو خير من هذا فقال له البراء أتخشى ان
أموت على فراشي والله لا يكون ذلك أبدا بلا الله إياي فلقد قتلت مائة من
المشركين منهم من تفردت بقتله ومنهم من شاركت فيه. رواه الطبراني وفيه أبو
هلال الراسبي وضعفه جماعة وقد وثق ومحمد بن سيرين لم يسمع من البراء بن
مالك. وعن أنس بن مالك قال استلقى البراء بن مالك على ظهره ثم تر نم فقال له
أنس أذكر الله أي أخي فاستوى جالسا وقال اي أنس أتراني أموت على فراشي
وقد قتلت مائة من المشركين مبارزة سوى من شاركت في قتله. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة
قال بينما أنس بن مالك وأخوه البراء بن مالك عند حصن من حصون العدو
324

والعدو يلقون كلاليب في سلاسل محماة فتعلق بالانسان فيرفعونه إليهم فعلق بعض
تلك الكلاليب بأنس بن مالك فرفعوه حتى أقلوه من الأرض فأتى أخوه البراء
فقيل له أدرك أخاك وهو يقاتل الناس فأقبل يسعى حتى نزا في الجدار ثم قبض
بيده على السلسلة وهي تدار فما برح يجرهم ويداه تدخنان حتى قطع الحبل ثم نظر
إلى يديه فإذا عظامه تلوح قد ذهب ما عليها من اللحم أنجى الله عز وجل أنس
ابن مالك رضي الله عنه بذاك. رواه الطبراني وإسناده حسن.
(باب ما جاء في أنس بن مالك رضي الله عنه)
عن أنس بن مالك قال كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حمزة قلت روى له الترمذي
كناني ببقلة كنت أجتنيها (1). رواه الطبراني وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف.
وعن أنس قال كانت لي ذؤابة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدها ويأخذ بها. رواه
الطبراني وإسناده جيد. وعن أنس قال إني لأرجو أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأقول يا رسول الله خويدمك. رواه أبو يعلى وفيه الحكم بن عطية وثقه أحمد
وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن ثابت قال كنت إذا أتيت
أنسا يخبر بمكاني فأدخل عليه فآخذ بيديه فأقبلهما وأقول بأبي هاتين اليدين اللتين
مستا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عينيه وأقول بأبي هاتين العينين اللتين رأتا رسول
الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أبي بكر المقدمي وهو
ثقة. وعن قتادة قال لما مات أنس بن مالك قال مورق العجلي ذهب اليوم نصف
العلم فقيل وكيف ذاك يا أبا المغيرة قال كان رجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في
الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا له تعالى إلى من سمعه منه. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن جرير بن حازم قال قلت لشعيب بن الحبحاب
متى مات أنس بن مالك قال سنة تسعين. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن السرى
ابن يحيى قال مات أنس بن مالك سنة ثلاث وتسعين. رواه الطبراني وإسناده منقطع.
(باب ما جاء في حذيفة بن اليمان رضي الله عنه)
حذيفة قال خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة

(1) في الأصل مغفلة من النقط.
325

والنصرة فاخترت الهجرة. رواه البزار والطبراني ورجاله رجال الصحيح غير
علي بن زيد وهو حسن الحديث.
(باب ما جاء في عبد الله بن سلام وولده يوسف رضي الله عنهما)
عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه أن عبد الله بن سلام قال
لأحبار يهود اني أحدث بمسجد أبينا إبراهيم وإسماعيل عهدا فانطلق إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فوافاهم وقد انصرفوا من الحج فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى
والناس حوله فقام مع الناس فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن
سلام قال نعم قال أدن فدنوت منه قال أنشدك بالله يا عبد الله بن سلام أما تجدني
في التوراة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له انعت لنا ربنا قال فجاء جبريل
حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله بن
سلام أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ثم انصرف ابن سلام إلى المدينة
فكتم اسلامه فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وانا على نخلة لي أجزها (1) فسمعت
رجة في المدينة فقلت ما هذا قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدم قال فألقيت نفسي
من أعلى النخلة ثم خرجت أحضر (2) حتى أتيته فسلمت عليه ثم رجعت فقالت أمي والله
لو كان موسى بن عمران عليه السلام ما كان كذلك تلقى نفسك من أعلى النخلة ثم
خرجت أحضر حتى أتيته فسلمت عليه ثم رجعت فقالت أمي والله لو كان موسى
ابن عمران عليه السلام ما كان بذلك تلقى نفسك من أعلى النخلة فقلت والله لأنا
أشد فرحا بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من موسى إذ بعث. رواه الطبراني واسناده
منقطع ورجاله ثقات. وعن سعد يعنى ابن أبي وقاص ان النبي صلى الله عليه وسلم أتى بقصعة
فأكل منها ففضلت فضلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجئ رجل من هذا الفج من أهل
الجنة يأكل هذه الفضلة قال سعد وكنت تركت أخي عميرا يتوضأ قال قلت فجاء
عبد الله بن سلام فأكلها قلت له حديث في الصحيح غير هذا رواه أحمد وأبو يعلى
والبزار وفيه عاصم بن بهدلة وفيه خلاف، وبقية رجالهم رجال الصحيح. وعن يوسف
ابن عبد الله بن سلام قال أجلسني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ومسح على رأسي

(1) أي أقطع تمرها.
(2) أي أعدو.
326

وسماني يوسف. رواه أحمد بأسانيد ورجال إسنادين منها ثقات. ورواه الطبراني
بنحوه وقال ودعا لي بالبركة.
* (باب ما جاء في أبي ذر رضي الله عنه) *
عن أبي ذر قال إني لأقربكم يوم القيامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم انى سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إن أقربكم منى يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته عليه، وانه
والله ما منكم من أحد الا وقد تشبث منها بشئ غيري. رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن
عراك بن مالك لم يسمع من أبي ذر فيما أحسب والله أعلم. ورواه الطبراني بنحوه.
وعن ابن عباس قال قال أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أحبكم إلى
وأقربكم منى الذي يخلفني على العهد الذي فارقني عليه. رواه الطبراني وفيه موسى
ابن عبيدة وهو ضعيف. قال الطبراني في أبي ذر: هو جندب بن جنادة بن سفين
ابن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة
ابن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وعن محمد
ابن عبد الله بن نمير قال اسم أبي ذر جندب بن جنادة ويقال اسم أبي ذر برير.
رواه الطبراني. وعن زيد بن أسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر يا برير. رواه
الطبراني في حديث اختصرناه وهو مرسل ورجاله ثقات. وعن جبير بن نفير قال كان
أبو ذر يقول لقد رأيتني ربع الاسلام لم يسلم قبلي إلا النبي صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر وبلال رضي الله عنهما. رواه الطبراني باسنادين وأحدهما متصل الاسناد ورجاله
ثقات. وعن أبي ذر قال كان لي أخ يقال له أنيس وكان شاعرا فتنافر هو وشاعر آخر فقال
أنيس أنا أشعر منك وقال الآخر أنا أشعر فقال أنيس فبمن ترضى أن تكون
بيننا قال أرضى ان يكون بيننا كاهن مكة قال نعم فخرجا إلى مكة فاجتمعا عند
الكاهن فأنشده هذا كلامه وهذا كلامه فقال لأنيس قضيت لنفسك فكأنه فضل شعر
أنيس فقال يا أخي بمكة رجل يزعم أنه نبي وهو على دينك قال ابن عباس قلت
لأبي ذر وما كان دينك قال رغبت آلهة قومي التي كانوا يعبدون فقلت أي
شئ كنت تعبد قال لا شئ كنت أصلى من الليل حتى أسقط كأني حقاء حتى
يوقظني حر الشمس فقيل له أين كنت توجه وجهك قال حيث وجهني ربى قال
327

لي أنيس وقد شنؤوه (1) يعنى كرهوه قال أبو ذر فجئت حتى دخلت مكة فكنت بين
الكعبة وأستارها خمس عشرة ليلة ويوما أخرج كل ليلة فأشرب من ماء زمزم
شربة فما وجدت على كبدي سحفة جوع وقد تعكن (2) بطني فجعلت امرأتان
تدعوان ليلة آلهتهما وتقول إحداهما يا أساف هب لي غلاما وتقول الأخرى
يا نائلة هب لي كذا وكذا فقلت هن بهن فولتا وجعلتا تقولان الصابئ بين الكعبة
وأستارها إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يمشى وراء فقالتا الصابئ بين الكعبة
وأستارها فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام قبح ما قالتا قال أبو ذر فظننت أنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إليه فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك
السلام ورحمة الله وبركاته ثلاثا ثم قال لي منذ كم أنت ههنا قلت منذ خمسة عشر
يوما وليلة قال فمن أين كنت تأكل قلت كنت آتي زمزم كل ليلة نصف الليل
فأشرب منها شربة فما وجدت على كبدي سحفة جوع ولقد تعكن بطني فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم انها طعم وشرب وهي مباركة قالها ثلاثا ثم سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم
ممن أنت فقلت من غفار قال وكانت غفار يقطعون على الحاج فكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم تقبض عنى فقال لأبي بكر انطلق يا أبا بكر فانطلق بنا إلى منزل أبى
بكر فقرب لنا زبيبا فأكلنا منه وأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمني الاسلام وقرأت
شيئا من القرآن فقلت يا رسول الله انى أريد أن أظهر ديني فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم انى أخاف عليك أن تقتل قلت لابد منه قال إني أخاف عليك أن تقتل
قلت لابد منه يا رسول الله وان قتلت فسكت عني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش حلق
يتحدثون في المسجد فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله
فتنفضت الحلق فقاموا إلي فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر وكانوا يرون
أنهم قد قتلوني فقمت فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى ما بي من الحال فقال ألم
أنهك فقلت يا رسول الله حاجة كانت في نفسي فقضيتها فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لي الحق بقومك فإذا بلغك ظهوري فائتني فجئت وقد أبطأت عليهم فلقيت
أنيسا فبكى وقال يا أخي ما كنت أراك الا قد قتلت لما أبطأت علينا ما صنعت ألقيت

(1) في الأصل " شتموه ".
(2) أي تثنى.
328

صاحبك الذي طلبت فقلت اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأسلم مكانه ثم
أتيت أمي فلما رأتني بكت وقالت يا بنى أبطأت علينا حتى تخوفت أن قد قتلت ما فعلت
ألقيت صاحبك الذي طلبت قلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
الله قالت فما صنع أنيس قلت أسلم فقالت وما بي عنكما رغبة أشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمد رسول الله فأقمت في قومي فأسلم منهم ناس كثير حتى بلغنا ظهور رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأتيته قلت هو في الصحيح باختصار رواه الطبراني في الأوسط، وفى
رواية عنده أيضا فاحتملت أمي وأختي حتى نزلنا بحضرة مكة فقال أخي انى
مدافع رجلا على الماء بشعر وكان امرأ شاعرا فقلت لا تفعل فخرج به اللجاج (1)
حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته وأيم الله لدريد يومئذ أشعر من
أخي فتقاضيا إلى خنساء فقضت لأخي على دريد وذلك أن دريدا خطبها إلى
أبيها فقالت شيخ كبير لا حاجة لي فيه فحقدت ذلك عليه فضممنا صرمته إلى
صرمتنا فكانت لنا هجمة ثم أتيت مكة فابتدأت بالصفا فإذا عليه رجالات قريش
وقد بلغني أن بها صابئا أو مجنونا أو شاعرا أو ساحرا فقلت أين الذي يزعمون
فقالوا هو ذاك حيث ترى فانقلبت إليه فوالله ما جزت عنهم قيس (2) حجر حتى أكبوا
على كل حجر وعظم ومدر فضرجوني بالدم فأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء
وصمت فيه ثلاثين يوما لا آكل ولا أشرب الا ماء زمزم حتى إذا كانت ليلة
قمراء فأقبلت امرأتان من خزاعة فطافتا بالبيت. قلت فذكر الحديث بنحو ما في
الصحيح، وفى الطريق الأولى أبو الطاهر يروى عن أبي يزيد المديني ولم أعرف
أبا الطاهر، وبقية رجالها رجال الصحيح، وفى الرواية الثانية جماعة لم أعرفهم. وعن أبي
الدرداء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أظلت الخضراء ولا أقلت
الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. رواه أحمد والبزار والطبراني وفيه
علي بن زيد وقد وثق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الرحمن بن غنم انه
زار أبا الدرداء بحمص فمكث عنده ليالي فامر بحماره فأوكف (3) له فقال أبو الدرداء
لا أراني الا متبعك فأمر بحماره فأسرج فسارا على حماريهما فلقيا رجلا شهد

(1) في الأصل " اللحاح ".
(2) أي قدر.
(3) أي أسرج.
329

الجملة بالأمس عند معاوية بالجابية فعرفهما الرجل ولم يعرفانه فأخبرهما خبر الناس
ثم إن الرجل قال وخبر آخر كرهت أن أخبركماه أراكما تكرهانه فقال أبو الدرداء
فلعل أبا ذر نفى قال نعم والله فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرات
ثم قال أبو الدرداء ارتقبهم واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة اللهم ان كذبوا أبا
ذر فاني لا أكذبه اللهم ان اتهموه فاني لا اتهمه اللهم وان استغشوه فاني لا
استغشه فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتمنه حين لا يأتمن أحدا ويسر إليه حين لا يسر
لأحد أما والذي نفس أبى الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد
الذي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء
من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. رواه أحمد والطبراني بنحوه وزاد وسمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحب ان ينظر إلى المسيح عيسى بن مريم
إلى بره وصدقه وجده فلينظر إلى أبي ذر، والبزار باختصار ورجال أحمد وثقوا
وفى بعضهم خلاف. وعن أبي الدرداء قال والله إن كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليدني أبا ذر إذا حضر ويفتقده إذا غاب. رواه الطبراني وفيه
أبو بكر بن أبي مريم (1) وقد اختلط. وعن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان أبا ذر ليباري عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم في عبادته. رواه الطبراني وفيه
إبراهيم العحرى وهو ضعيف وإبراهيم مع ضعفه لم يدرك ابن مسعود. وبسنده
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره ان ينظر إلى شيبه عيسى
ابن مريم صلى الله عليه وسلم خلقا وخلفا فلينظر إلي أبي ذر رضي الله عنه. وعن أبي ذر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر رأيت كأني وزنت بأربعين أنت فيهم فوزنتهم. رواه
البزار ورجاله ثقات. وعن الحسين بن علي قال أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد
ان الله يحب من أصحابك ثلاثة فأحبهم علي بن أبي طالب وأبو ذر والمقداد بن
الأسود. رواه أبو يعلى وفيه النضر بن حميد وهو متروك. وعن أنس رفعه قال
الجنة تشتاق إلى ثلاثة على وعمار أحسبه قال وأبو ذر قلت رواه الترمذي غير
ذكر أبي ذر رواه البزار واسناده حسن. وعن أبي ذر قال ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم
شيئا مما صبه جبريل وميكائيل عليهما السلام في صدره الا صبه في صدري وما تركت

(1) سقط من الأصل " أبى " وهو غلط ظاهر.
330

شيئا صبه في صدري الا صببته في صدر مالك بن ضمرة. رواه الطبراني وفيه من
لم أعرفهم. وعن عبد الله بن خراش قال رأيت أبا ذر بالربذة في ظلة سوداء ومعه
امرأة شحماء وهو جالس على جوالق فقيل له يا أبا ذر انك امرؤ لا يبقى لك ولد
فقال الحمد لله الذي يأخذهم في الفناء ويدخرهم في دار البقاء فقالوا يا أبا ذر لو اتخذت
امرأة غير هذه فقال لان أتزوج امرأة تضعني أحب إلى من امرأة ترفعني قالوا
له لو اتخذت بساطا ألين من هذا فقال اللهم غفرا خذ مما خولت ما بدا لك. رواه
الطبراني وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف. وعن محمد بن سيرين قال بلغ الحارث
رجل كان بالشام من قريش ان أبا ذر كان به عوز فبعث إليه بثلاثمائة دينار
فقال ما وجد عبد الله من هو أهون عليه منى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سأل
وله أربعون فقد ألحف ولأبي ذر أربعون درهما وأربعون شاة وما هنان، قال أبو
بكر بن عياش يعني خادمين. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله
ابن أحمد بن عبد الله بن يونس وهو ثقة. وعن أبي شعبة قال جاء رجل إلى أبي ذر
فعرض عليه نفقة فقال أبو ذر عندنا أعنز نحلبها وحمر تنقلنا ومحررة تخدمنا
وفضل عباءة عن كسوتنا انى لأخاف ان أحاسب على الفضل. رواه الطبراني وأبو شعبة
البكري لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أبي الأسود الديلي قال
رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت لأبي ذر شبيها. رواه عبد الله. وعن إبراهيم
يعني ابن الأشتر ان أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة فبكت امرأته فقال ما يبكيك
فقالت أبكي انه لا يدلى بنفسك وليس عندي ثوب يسع لك كفنا قال لا تبكي
فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده
عصابة من المؤمنين قال فكل من كان منهم في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية لم
يبق منهم غيري وقد أصبحت بالفلاة أموت فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما
أقول فاني والله ما كذبت ولا كذبت قالت وأنى ذلك وقد انقطع الحاج
قال راقبي الطريق قال فبينا هي كذلك إذا هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم
الرخم فأقبل القوم حتى وقفوا عليها فقالوا مالك فقالت امرؤ من المسلمين تكفنوه
وتؤجرون فيه قالوا ومن هو قالت أبو ذر ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم
331

في نحورها يبتدرونه فقال أبشروا فأنتم النفر الذي قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيكم ما قال ثم أصبحت اليوم حيث ترون ولو أن ثوبا من أثوابي يسع
لأكفن فيه فأنشدكم بالله لا يكفني رجل منكم كان عريفا أو أميرا أو بريدا
فكل القوم قد نال من ذلك شيئا الا فتى من الأنصار كان مع القوم قال أنا
صاحبك ثوبان في عيبتي من غزل أمي وأخذ ثوبي هذين الذين على قال أنت
صاحبي. رواه أحمد من طريقين أحدهما هذه والأخرى مختصرة عن إبراهيم بن
الأشتر عن أم ذر، ورجال الطريق الأولى رجال الصحيح ورواه البزار بنحوه باختصار.
وعن محمد بن كعب أن ابن مسعود أقبل في ركب عمار فمر بجنازة أبي ذر على ظهر
الطريق فنزل هو وأصحابه فواروه وكان أبو ذر دخل مصر واختط بها دارا.
رواه الطبراني ومحمد بن كعب لم يدرك أبا ذر وابن إسحاق مدلس. وعن يزيد
ابن أبي حبيب وكان أبو ذر ممن شهد الفتح مع عمرو بن العاص. رواه الطبراني
واسناده منقطع. وعن يحيى بن بكير قال مات أبو ذر بالربذة سنة ثنتين وثلاثين
واسمه جندب بن جنادة واسناده منقطع.
* (باب ما جاء في سلمان الفارسي رضي الله عنه) *
عن سلمان الفارسي قال كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية منها
يقال لها جى وكان أبى دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه فلم يزل به حبه
إياي حتى حبسني في بيت كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسية حتى كنت
قطن النار بوقدها لا أتركها تخبو ساعة قال فكانت لأبي ضيعة عظيمة قال فشغل
في بنيان له يوما فقال لي يا بنى قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب
فأطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من
كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدرى ما أمر الناس
بحبس أبى إياي في بيته فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ماذا
يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من
الدين الذي نحن عليه فوالله ما تركتم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبى
ولم آتها فقلت لهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام قال ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في
332

طلبي وقد شغلته عن عمله كله قال فلما جئته قال أي بني ليس في ذلك الدين خير
دينك ودين آبائك خير منه قال قلت كلا والله انه لخير من ديننا قال فخافني
فجعل في رجلي قيدا ثم حبسني في بيته قال وبعثت إلى النصارى وقلت لهم إذا قدم
عليهم من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم قال فقلت إذا قضوا حوائجهم
وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم قال فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم
ألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا
الدين قالوا الأسقف في الكنيسة قال فجئته فقلت انى قد رغبت في هذا الدين وأحببت
أن أكون معك في كنيستك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك قال
أدخل فدخلت معه قال فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا
فيها شيئا اكتنزه لنفسه ولم يعط المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق قال
وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت
لهم ان هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جمعتم له منها أشياء
جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا قالوا وما علمك بذلك قلت
انا أدلكم على كنزه قالوا فدلنا عليه قال فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال
مملوءة ذهبا وورقا فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبدا قال فصلبوه ثم رجموه بالحجارة
ثم جاءوا برجل آخر فجعلوه بمكانه قال يقول سلمان قلما رأيت رجلا يصلى الخمس
أرى انه أفضل منه ولا أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا
منه قال فأحببته حبا لم أحبه من قبله فأقمت معه زمانا ثم حضرته الوفاة فقلت له يا
فلان إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه أحدا قبلك وقد حضرك ما ترى من
أمر الله فإلى من توصي بي وما تأمرني قال أي بنى والله ما أعلم أحدا اليوم على
ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجل بالموصل
وهو فلان فهو ما كنت عليه فالحق به قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل
فقله له يا فلان ان فلانا أوصاني عند موته فأقمت عنده فوجدته خير رجل فلم
يلبث ان مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان ان فلانا أوصاني إليك وقد أمرني
باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني
333

قال أي بنى والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه الا رجلا بنصيبين فجئته فأخبرته
خبري وما امرني به صاحبي قال أقم عندي فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع
خير رجل (1) فوالله ما لبث ان نزل به الموت فلما أحضر قلت يا فلان إن فلانا كان
أوصي بي إلى فلان ثم أوصي بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني قال
أي بنى والله ما اعلم أحدا بقي على أمرنا آمرك ان تأتيه الا رجلا بعمورية فإنه
على مثل ما نحن عليه فان أحببت فائته فإنه على مثل أمرنا قال فلما مات وغيب
لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري فقال أقم عندي فأقمت مع رجل على أمر
أصحابه وهديهم واكتسبت حتى صارت لي بقيرات وغنيمة قال ثم نزل به أمر الله
عز وجل قال فلما حضر قلت له يا فلان اني كنت مع فلان وانه أوصي بي إلى
فلان وأوصى فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني قال فإنني والله ما اعلم
أحدا على ما كنا عليه من الناس آمرك ان تأتيه ولكن قد أظلك زمان نبي هو
مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجره إلى أرض بين حرتين (2) بينهما نخل
به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فان
استطعت ان تلحق بتلك البلاد فافعل قال ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله
ان أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجار قلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقيراتي
هذه وغنيمتي هذه فقالوا نعم فأعطيتموها فحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى
ظلموني فباعوني من رجل من يهود وكنت عنده ورأيت النخل ورجوت أن
يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يخف في نفسي فبينا أنا عنده قدم عليه ابن
عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة فوالله ما هو الا
أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها وبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم
فأقام بمكة لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ثم هاجر إلى المدينة
فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل معه بعض العمل وسيدي جالس إذ أقبل
ابن عم له حتى وقف عليه فقال فلان قاتل الله بنى قيلة والله انهم الآن مجتمعون
عند رجل قدم من مكة اليوم يزعم أنه نبي قال فلما سمعتها أخذتني

(1) هنا زيادة " فلما مات ".
(2) الحرة: الأرض ذات الحجارة السود والمدينة بين حرتين.
334

العرواء (1) حتى ظننت سأسقط على سيدي قال ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه
ماذا تقول ماذا تقول فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ثم قال مالك ولهذا أقبل
على عملك قال قلت لا شئ إنما أردت ان أستثبته عما قال وكان عندي شئ قد
جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
بقباء فدخلت عليه فقلت له انه قد بلغني انك رجل صالح معك أصحاب لك عريا
ذو حاجة وهذا شئ كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم فقربته إليه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل قال
فقلت في نفسي هذه واحدة ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة ثم جئته فقلت اني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها
قال فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه قال فقلت في نفسي
هذه اثنتان قال ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة من
أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت انظر
إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم
استدبرته عرف اني أستثبت في شئ قد وصف لي قال فألقى رداءه عن ظهره
فنظرت إلى الخاتم وعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول
فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان يسمع ذلك أصحابه وشغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد
قال ثم قال ل رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على
ثلاثمائة نحلة أحييها له بالعفير وبأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودبة (2) والرجل بعشرين
ودية والرجل بخمس عشرة ودية والرجل بعشر يعين الرجل بقدر ما عنده حتى
إذا اجتمعت لي ثلاثمائة ودية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا سلمان
فعفر لها فإذا فرغت فائتني فأكون انا أضعها بيدي قال فعفرت لها وأعانني أصحابي
حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها
فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فوالذي

(1) العرواء: برد الحمى.
(2) الودية: النخلة الصغيرة.
335

نفس سلمان بيده ما مات منها ودية واحدة فأديت النخل وبقى على المال فأتى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة دجاجة من ذهب من بعض المعادن
فقال ما فعل الفارسي المكاتب قال فدعيت له فقال خذ هذه فأدبها ما عليك يا سلمان
قال قلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما على قال خذها فان الله سيؤدي ما عليك
قال فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم
وعتقت فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لم يفتني معه مشهد.
وفى رواية عن سلمان قال لما قالت وأين تقع هذه من الذي على يا رسول الله
أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلبها على لسانه ثم قال خذها فأوفهم منها حقهم كله
أربعين أوقية. رواه أحمد كله والطبراني في الكبير بنحوه بأسانيد وإسناد الرواية
الأولى عند احمد والطبراني رجالها رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق وقد صرح
بالسماع ورجال الرواية الثانية انفرد بها احمد ورجالها رجال الصحيح غير عمرو
ابن أبي قرة الكندي وهو ثقة ورواه البزار. وعن سلمان قال كنت من أبناء
أساورة فارس قال فذكر الحديث قال فانطلقت ترفعني أرض وتخفضني أخرى
حتى مررت على قوم من الاعراب فاستعبدوني فباعوني حتى اشترتني امرأة
فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم وكان العيش عزيزا فقلت لها هي لي يوما قالت نعم
قال فانطلقت فاحتطبت حطبا فبعته فصنعت طعاما فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين
يديه فقال ما هذا قلت صدقة فقال لأصحاب كلوا ولم يأكل فقلت هذه من
علاماته ثم مكثت ما شاء الله ان أمكث فقلت لمولاتي هبي لي يوما قالت نعم فانطلقت
فاحتطبت حطبا فبعته بأكثر من ذلك فصنعت طعاما فأتيته به وهو جالس بين
أصحابه فوضعته بين يديه فقال ما هذا فقلت هدية فوضع يده وقال لأصحابه خذوا
بسم الله وقمت خلفه فوضع رداءه فإذا خاتم النبوة فقلت أشهد أنك رسول الله
فقال وما ذاك فحدثته عن الرجل فقلت له أيدخل الجنة يا رسول الله فإنه حدثني
أنك نبي قال لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. وعن بريدة قال جاء سلمان
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب فوضعها بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا يا سلمان قال
336

صدقة عليك وعلى أصحابك قال ارفعها فانا لا نأكل الصدقة فرفعها وجاءه من
الغد بمثله فوضعه بين يديه فقال ما هذا يا سلمان قال صدقة عليك وعلى أصحابك
قال ارفعها فانا لا نأكل الصدقة فرفعها وجاءه من الغد بمثله فوضعه بين يديه فقال
ما هذا يا سلمان قال فقال هذه هدية لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه انشطوا
قال فنظر إلى الخاتم الذي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به وكان
لليهود فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا كذا درهما وعلى ان يغرس نخلا يعمل
فيها سلمان حتى تطعم قال فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل إلا نخلة واحدة غرسها
عمر فحملت النخل من عامها ولم تحمل النخلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
غرس هذه قال عمر أنا غرستها يا رسول الله قال فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غرسها
فحملت من عامها. رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح. وعن سلمان
الفارسي قال كنت رجلا من أهل جي وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق وكنت
أعرف أنهم ليسوا على شئ فقيل لي ان الدين الذي تطلب إنما هو بالمغرب فخرجت حتى
اتيت الموصل فسألت عن أفضل رجل فيها فدللت على رجل في صومعة فأتيته فقلت انى رجل
من أهل جي وإني جئت أطلب العلم وأتعلم منك فضمني إليك أخدمك وأصحبك وتعلمني
شيئا مما علمك الله قال نعم فصحبته فأجرى على مثل ما يجرى عليه من الخل والزيت
والحبوب فلم أزل معه حتى نزل به الموت فجلست عند رأسه أبكيه فقال ما يبكيك
فقلت والله يبكيني انى خرجت من بلادي أطلب العلم فرزقني الله عز وجل صحبتك
فعلمتني وأحسنت صحبتي فنزل بك الموت فلا أدري أين أذهب قال لي أخ بالجزيرة
بمكان كذا وكذا وهو على الحق فائته فاقرئه منى السلام وأخبره انى أوصيت بك
إليه وأوصيك بصحبته قال فلما ان قبض الرجل خرجت حتى اتيت الرجل الذي
وصف فأخبرته بالخبر وأقرأته السلام من صاحبه وأخبرته انه هلك وأمرني بصحبته
فضمني إليه وأجرى على كما كان يجرى على من الاجر فصحبته ما شاء الله ونزل به
الموت فلما ان نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي فقال ما يبكيك قلت خرجت من
بلادي اطلب الخير فرزقني الله صحبة فلان فأحسن صحبتي وعلمني فلما نزل بن الموت
أوصي بي إليك فضممتني فأحسنت صحبتي وعلمتني وقد نزل بك الموت فلا أدري أين
337

أتوجه قال إن خالي على قرب الرومي فهو على الحق فائته فاقرئه منى السلام واصحبه
فإنه على الحق فلما قبض الرجل خرجت حتى أتيته فأخبرته بخبري وبوصية الآخر
قبله قال فضمني إليه وأجرى على كما كان يجرى على فلما نزل به الموت جلست أبكي
عند رأسه فقال ما يبكيك فقصصت قصتي فقلت له ان الله رزقني صحبتك فأحسنت
صحبتي وقد نزل بك الموت ولا أدري أين أتوجه قال ما بقي أحد أعمله على
دين عيسى عليه السلام في الأرض ولكن هذا أو ان يخرج فيه نبي أو قد خرج
بتهامة فائت على الطريق لا يمر بك أحد الا سألته عنه فإذا بلغك انه خرج فائته
فإنه النبي الذي بشر به عيسى عليه السلام وآية ذلك أن بين كتفيه خاتم النبوة
وانه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة قال وكان لا يمر بي أحد الا سألته عنه فمر
بي ناس من أهل مكة فسألتهم فقالوا نعم قد ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي فقلت
لبعضهم هل لكم ان أكون عبدا لبعضكم على أن تحملوني عقبة وتطعموني من الخبز
كسرا فإذا بلغتم إلى بلادكم فان شاء ان يبيع باع وان شاء ان يستعبد فقال رجل
منهم انا فصرت عبدا له حتى قدم مكة فجعلني في بستان له مع حبشان كانوا فيه
فخرجت وسألت فلقيت امرأة من بلادي فسألتها فإذا أهل بيتها قد أسلموا وقالت إن
النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في الحجر هو وأصحابه إذ صاح عصفور مكة حتى إذا أضاء
لهم الفجر تفرقوا فانطلقت إلى البستان فكنت أختلف ليلتي فقال لي الحبشان
مالك قلت اشتكي بطني فقال وإنما صنعت ذلك لئلا يفقدوني إذا ذهبت إلى النبي
صلى الله عليه وسلم قال فلما كانت الساعة التي أخبرتني المرأة التي يجلس فيها
هو وأصحابه خرجت أمشي حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو محتب وأصحابه حوله
فأتيته من ورائه فعرف النبي صلى الله عليه وسلم الذي أريد فأرسل حبوته
فنظرت إلي خاتم النبوة بين كتفيه فقلت الله أكبر هذه واحدة ثم انصرفت فلما
كانت الليلة المقبلة لقطت تمرا جيدا ثم انطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه
فقال ما هذا قلت هدية فأكل منها وقال للقوم كلوا قال قلت أشهد أن لا إله إلا
الله وانك رسول الله فسألني عن أمري فأخبرته قال اذهب فاشتر نفسك فانطلقت
إلى صاحبي فقلت بعني نفسي فقال نعم على أن تنبت لي مائة نخلة فإذا انبت جئتني
338

بوزن نواة من ذهب فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال النبي صلى الله عليه وسلم اشتر نفسك
بالذي سألك وائتني بدلو من ماء البئر التي كنت تسقى منها ذلك النخل قال فدعا لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم سقيتها فوالله غرست مائة نخلة فما منها نخلة الا نبتت فاتيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن النخل فد نبتت فأعطاني قطعة من ذهب فانطلقت بها فوضعتها
في كفة الميزان ووضع في الجانب الآخر نواة قال فوالله ما استعلت القطعة من
الأرض من الذهب قال وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأعتقني. رواه
الطبراني وفيه عبد الله بن عبد القدوس التميمي ضعفه احمد والجمهور ووثقه ابن
حبان وقال ربما أغرب، وبقية رجاله ثقات. وعن سلمان قال كنت رجلا من أهل
مدينة أصبهان فبينا انا إذ ألقى الله عز وجل في قلبي من خلق السماوات والأرض
رجلا لا يكلم الناس يتحرج فسألته أي الذين أفضل فقال مالك ولهذا الحديث
أتريد دينا غير دينك قلت لا ولكن ان أعلم من خلق السماوات والأرض وأي
دين أفضل قال ما اعلم على هذا غير راهب بالموصل قال فذهبت إليه فكنت عنده
فإذا هو قد قتر عليه في الدنيا يصوم النهار ويقوم الليل فكنت أعبد كعبادته
فلبثت عنده ثلاث سنن ثم توفى فقلت إلى من توصي بي فقال ما أعلم أحدا من
أهل المشرق على ما أنا عليه فعليك براهب من وراء الجزيرة فاقرئه منى السلام
قال فجئته فأقرأته السلام وأخبرته انه قد توفى فمكثت عنده أيضا ثلاث سنين ثم
توفى فقلت إلى من تأمرني ان أذهب قال ما أعلم أحدا من أهل الأرض على ما
انا عليه غير راهب بعمورية شيخ كبير وما أدرى تلحقه أم لا فذهبت إليه فكنت
عنده فإذا رجل موسع عليه فلما حضرته الوفاة قلت له أين تأمرني ان أذهب قال
ما أعلم أحدا من أهل الأرض على ما انا عليه ولكن ان أدركت زمانا تسمع
برجل يخرج من بيت إبراهيم صلى الله عليه وسلم وما أراك تدركه وقد كنت أرجو ان أدركني
ان استطعت أن تكون معه فافعل فإنه الدين وأمارة ذلك قومه يقولون ساحر
مجنون كاهن وانه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وان عند غضروف كتفه خاتم
النبوة فبينا انا كذلك أتى ركب من نحو المدينة فقيل من أنتم فقالوا نحن من أهل المدينة
ونحن قوم تجار نعيش بتجارتنا ولكنه قد خرج رجل من ولد إبراهيم
339

صلى الله عليه وسلم فقدم علينا وقمه يقاتلونه وقد خشينا ان يحول بيننا وبين تجارتنا ولكنه
قد ملك المدينة فقلت ما يقولون فيه قال يقولون ساحر مجنون كاهن فقلت هذه الامارة
دلوني على صاحبكم فجئته فقلت تحملني إلى المدينة فقال ما تعطيني فقلت ما أجد شيئا أعطيك
غير أنى عبد لك فحملني فلما قدمت جعلني في نخلة فكنت أسقي كما يسقي البعير
حتى دبر ظهري وصدري من ذلك ولا أجد أحدا يفقه كلامي حتى جاءت عجوز
فارسية تستقى فكلمتها ففقهت كلامي فقلت لها أين هذا الرجل الذي خرج دليني
عليه قالت سيمر عليك بكرة إذا صلى الصبح من أول النهار فخرجت فجمعت تمرا
فلما أصبحت جئت ثم قربت إليه التمر فقال ما هذا أصدقة أم هدية فأشرت أنه
صدقة فقال انطلق إلى هؤلاء وأصحابه عنده فأكلوا ولم يأكل فقلت هذه الامارة
فلما كان الغد جئت بتمر فقال ما هذا فقلت هذه هدية فأكل ودعا أصحابه فأكلوا
ثم رآني أتعرض لأرى الخاتم فعرف فألقى رداءه فأخذت أقبله وألتزمه فقال ما
شأنك فسألني فأخبرته فقال اشترطت لهم انا عبد فاشتر نفسك منهم فاشتراه
النبي صلى الله عليه وسلم على أن يحيى لهم ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية ذهب ثم هو حر قال النبي
صلى الله عليه وسلم اغرس فغرس ثم انطلق فألق الدلو على البئر ثم لا ترفعه حتى يرتفع
فإنه إذا امتلأ ارتفع ثم رش في أصولها ففعل فنيت النخل أسرع النبات فقال
سبحان الله ما رأينا مثل هذا العبد ان لهذا العبد لشأنا فاجتمع الناس عليه وأعطاه
النبي صلى الله عليه وسلم تبرا فإذا فيه أربعون أوقية. رواه الطبراني وفيه من لم
أعرفه. وعن سلامة العجلي قال جاء ابن أخت لي من البادية يقال له قدامة
فقال لي ابن أختي أحب أن ألقى سلمان فأسلم عليه فخرجنا إليه فوجدناه
بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفا فوجدناه على سرير يسقي حوضا فسلمنا
على فقال يا أبا عبد الله هذا ابن أخت لي قدم من البادية فأحب أن يسلم عليك
فقال وعليه السلام ورحمة الله قلت يزعم أنه يحبك قال أحبه الله قال فتحدثنا وقلنا
له يا أبا عبد الله ألا تحدثنا عن أصلك وممن أنت قال اما أصلى وممن انا فانا من
رامهرمز كنا قوما مجوسا فأتى رجل نصراني من أهل الجزيرة وكان يمر بنا فينزل
فينا واتخذ فينا ديرا وكنت في كتاب الفارسية وكان لا يزال غلام معي في الكتاب
340

يجئ مضروبا ويبكي قد ضربه أبواه فقلت له يوما ما يبكيك قال يضربني أبواي قال
ولم يضرباك قال آتي هذا الدير فإذا علما ذلك ضرباني وأنت لو أتيته لسمعت منه
حديثا عجبا قلت اذهب بي معك فأتيناه فحدثنا عن بدء الخلق خلق السماوات
والأرض وعن الجنة والنار قال فحدثنا حديثا عجبا قال وكنت اختلف
إليه معه قال ففطن غلمان من الكتاب فجعلوا يجيئون معنا فلما رأى ذلك أهل
القربة أتوه فقالوا له يا هذا إنك قد جاورتنا فلم نر من جوارك إلا الحسن وإنا
نرى غلماننا يختلفون إليك وإنا نخاف ان تفتنهم علينا اخرج عنا قال نعم قال
كذلك الغلام الذي يأتيه اذهب معي قال لا أستطيع ذلك قد علمت سنة أبوي على
قلت لكني أخرج معك وكنت يتما لا أب لي فخرجت معه فأخذنا جبل رامهرمز
فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من ثمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة فقدمنا نصيبين
فقال لي صاحبي يا سلمان إن قوما ههنا هم عباد أهل الأرض وانا أحب ان ألقاهم
قال فجئناهم يوم الأحد وقد اجتمعوا فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا له قالوا
أين كانت غيبتك قال كنت في اخوان لي من قبل فارس فتحدثنا ما تحدثنا ثم قال
لي صاحبي قم يا سلمان انطلق فقلت دعني مع هؤلاء قال قلت انك لا تطيق ما
يطيق هؤلاء يصومون من الاحد إلى الاحد ولا ينامون هذا الليل وإذا فيهم رجل
من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة فكنت فيهم حتى إذا أمسينا قال الرجل
الذي من أبناء الملوك هذا الغلام يضيعوه ليأخذه رجل منكم قالوا خذه أنت قالوا
يا سلمان هذا خبز وهذا أدم فكل إذا غربت وصم إذا نشطت وصل ما بدا لك
ونم إذا كسلت ثم دخل في صلاته فلم يكلمني الا ذاك ولم ينظر إلى فأخذني الغم
تلك السبعة الأيام لا يكلمني أحد حتى كان الاحد فانصرف إلى فذهبنا إلى مكانهم
الذي كانوا يجتمعون قال وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه فيلقى بعضهم بعضا فيسلم
بعضهم على ثم لا يلتفتون إلى مثله قال فرجعت إلى منزلنا فقال لي مثل ما قال لي
أول مرة هذا خبز وأدم فكل منه إذا غربت وصم إذا نشطت وصل ما بدا لك
ونم إذا كسلت ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إلى ولم يكلمني إلى الاحد الآخر
فأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار ثم دخل في صلاته فقلت أصبر أحدين أو ثلاثة
فلما كان الاحد رجعنا إليهم فاجتمعوا فقال لهم اني أريد بيت المقدس فقالوا له وما
341

تريد إلى ذلك قال لا عهد لي به قالوا انا نخاف ان يحدث به حدث فيليك غيرنا
وكنا نحب ان نليك قال لا عهد لي به فلما سمعته يذكر ذاك فرحت قلت نسافر نلقى
الناس فذهب عنى الغم الذي كنت أجد فخرجنا انا وهو وكان يصوم من الاحد
إلى الاحد ويصلى الليل كله ويمشي النهار فإذا نزلنا قام يصلى فلم يزل ذلك دأبه
حتى انتهينا إلى بيت المقدس فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا إليه واستبشروا به
فقال لهم غلامي هذا فاستوصوا به فانطلقوا بي فأطعموني خبزا ولحما ودخل في
صلاته فلم ينصرف إلى حتى كان يوم الأحد الآخر ثم قال لي يا سلمان انى أريد
ان أضع رأسي فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني فوضع رأسه فبلغ الظل
الذي قال فلم أوقظه مأواة (1) له مما رأيت من اجتهاده ونصبه فاستيقظ مذعورا فقال
يا سلمان ألم أكن قلت لك إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا قلت بلى وإنما منعني
مأواة لك لما رأيت من دأبك قال ويحك يا سلمان اعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية
قلت ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية كلمة ألقيت على لساني قال نعم
يوشك ان يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإذا
أدركته فاتبعه وصدقه قلت وان أمرني ان ادع دين النصرانية قال نعم فإنه نبي لا
يأمر الا بحق ولا يقول الا حقا والله لو أدركته ثم أمرني ان أقع في النار لوقعتها ثم
خرج من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد فقال له دخلت فلم تعطني وهذا تخرج
فاعطني فالتفت فلم بر وجه (2) أحد قال فاعطني يدك قال فناوله يده فقال قم بإذن الله
فقام صحيحا سويا فتوجه نحو بيته فاتبعته بصرى تعجبا مما رأيت وخرج صاحبي
وأسرع المشي وتلقاني رفقة من كلب أعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقا
فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة فاشتراني رجل من الأنصار فجعلني في حائط (3)
له من نخل فكنت فيه قال ومن ثم تعلمت عمل الخوص اشترى خوصا بدرهم وأعمله
فأبيعه بدرهمين فأردهما إلى الخوص وأستنفق درهما أحب ان آكل من عمل
يدي وهو يومئذ على عشرين ألفا فبلغنا ونحن بالمدينة ان رجلا خرج بمكة يزعم أن
الله عز وجل أرسله فمكثنا ما شاء الله ان نمكث فهاجر إلينا وقدم علينا فقلت
والله لأجربنه فذهبت إلى السوق فاشتريت لحم جزور بدرهم ثم طبخته فجعلت

(1) أي شفقة ورقة.
(2) في الأصل " يرجو له ".
(3) أي بستان.
342

قصعة من ثريد فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه فقال ما
هذه صدقة أم هدية قلت بل صدقة قال لأصحابه كلوا بسم الله وأمسك ولم يأكل
فمكثت أياما ثم اشتريت أيضا بدرهم لحم جزور فاصنع مثلها واحتملتها حتى أتيته
بها فوضعها بين يديه فقال ما هذه هدية أم صدقة قلت لا بل هدية قال لأصحابه
كلوا بسم الله واكل معهم قلت هذا والله يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة فنظرت
فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة فأسلمت ثم قلت له دأب يا رسول
الله أي قوم النصارى قال لأحرقنهم ومن يحبهم قلت في نفسي فانا والله أحبهم
وذلك حين بعث السرايا وجرد السيف فسرية تدخل وسرية تخرج والسيف
يقطر فقلت تحدث الآن انى أحبهم فيبعث إلى فيضرب عنقي فقعدت في البيت
فجاءني الرسول ذات يوم فقال يا سلمان أجب قلت من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت
والله هذا الذي كنت أحذر قلت نعم اذهب حتى ألحقك قال لا والله حتى تجئ
وأنا أحدث نفسي أن لو ذهب أن أفر فانطلق بي فانتهيت إنيه فلما رآني
تبسم وقال لي يا سلمان ابشر فقد فرج الله عنك ثم تلا هؤلاء الآيات (الذين آتيناهم
الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا
ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) قلت يا رسول الله والذي بعثك
بالحق لقد سمعته يقول لو أدركته فأمرني أن أدخل في النار لوقعتها إنه نبي
لا يقول إلا حقا ولا يأمر إلا بحق، وفى رواية مختصرة قال فأنزل الله عز وجل
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) حتى بلغ
(تفيض من الدمع) فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا سلمان إن
أصحابك هؤلاء الذين ذكر الله. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير سلامة
العجلي وقد وثقه ابن حبان. وعن أم الدرداء قالت أتاني سلمان الفارسي يسلم
على وعليه عباءة قطوانية مرتديا بها فطرحت وسادة فلم يردها ولف عباءته فجلس
عليها فقال بحسبك ما بلغك المحل ثم حمد الله ساعة وكبر وصلى على النبي صلى الله
عليه وسلم ثم قال أين صاحبك يعنى أبا الدرداء قلت هو في المسجد فانطلق إليه ثم
أقبلا جميعا وقد اشترى أبو الدرداء لحما بدرهم فهو في يده معلقه فقال يا أم الدرداء
343

اخبزي واطبخي ففعلنا ثم اتينا سلمان بالطعام فقال أبو الدرداء كل مع أبي الدرداء
فاني صائم قال سلمان لا آكل حتى تأكل فأفطر أبو الدرداء وأكل معه فلما كانت
الساعة التي يقوم فيها أبو الدرداء ذهب ليقوم أجلسه سلمان فقال أبو الدرداء أتنهاني
عن عبادة ربى فقال سلمان ان لعينك عليك نصيبا وان لأهلك عليك نصيبا
فمنعه حتى إذا كان في وجه الصبح قاما فركعا ركعات ثم أوترا ثم خرجا إلى
صلاة الصبح فذكرا أمرهما للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ما لسلمان ثكلته أمه لقد أسبع من
العلم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحسن بن جبلة ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. وعن أبي أمامة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص ببصره إلى السماء
قلنا يا رسول الله ما هذا قال رأيت ملكا عرج بعمل سلمان. رواه الطبراني
وفيه عبد النور بن عبد الله المسمعي وهو كذاب. وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ثلاثة تشتاق إليهم الحور العين على وعمار وسلمان قلت له عند الترمذي ان الجنة تشتاق
إلى ثلاثة رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبي ربيعة الأيادي وقد
حسن الترمذي حديثه. وعن بقيرة امرأة سلمان قالت لما حضر سلمان الموت
دعاني وهو في علية لها أربعة أبواب فقال افتحي يا بقيرة هذه الأبواب فأرى اليوم
روادا لا أدري من أي هذه الأبواب يدخلون على ثم دعا بمسك له ثم قال أديفيه (1) في
تور (2) ففعلت ثم قال انضحي (3) حلول فراشي ثم انزلي فامكثي فسوف تطلعين قرين
على فراشي فاطلعت فإذا هو قد أخذ روحه مكانه على فراشه أو نحو هذا. رواه
الطبراني من طريق الجزل عن بقيرة ولم أعرفهما، وبقية رجاله رجال الصحيح.
* (باب مناقب عبد الله بن أنيس رضي الله عنه) *
تقدم في المغازي (4) في سريته إلى خالد بن سفيان. رواه أحمد وغيره.
* (باب في أبي الهيثم رضي الله عنه) *
عن ابن شهاب في تسمية من شهد العقبة من الأنصار أبو الهيثم وهو نقيب.
رواه الطبراني مرسلا واسناده حسن. قلت وقد تقدم حديث شهوده بدرا في
غزوة بدر. وعن يحيى بن بكير قال توفى أبو الهيثم بن التيهان سنة عشرين
واسمه مالك. رواه الطبراني.

(1) أي اخلطيه بماء.
(2) أي إناء.
(3) أي رشى.
(4) في الجزء السادس.
344

(باب ما جاء في زيد بن ثابت رضي الله عنه)
عن زيد بن ثابت قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن إحدى عشرة سنة.
رواه الطبراني واسناده حسن. وعن زيد بن ثابت قال أجازني رسول الله صلى
الله عليه وسلم وكساني قبطية. رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن قيس بن سعد بن
زيد وهو ضعيف. وعن مصعب بن سعد قال قال عثمان يعنى ابن عفان ادعوا لي
زيد بن ثابت كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن الشعبي ان زيد بن ثابت كبر على أمه أربعا ثم أتى بدابته فاخذ له ابن عباس
بالركاب فقال له زيد دعه أو ذره فقال ابن عباس هكذا نفعل بالعلماء الكبراء.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير رزين الرماني وهو ثقة. وعن يحيى
ابن سعيد قال قال أبو هريرة حين مات زيد بن ثابت اليوم مات حبر هذه الأمة
وعسى الله ان يجعل في ابن عباس منه خلفا. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
الا أن يحيى بن سعيد الأنصاري لم يسمع من أبي هريرة. قلت وقد تقدم
في ذهاب العلم كلام لابن عباس حين مات زيد بن ثابت. وعن يحيى
ابن بكير قال توفى زيد بن ثابت سنة ثمان وأربعين وسنه تسع وخمسون
لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة
والخندق في شوال سنة أربع وقد اختلف في وفاته. رواه الطبراني واسناده منقطع.
* (باب ما جاء في قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه) *
عن أنس قال كانت منزلة قيس بن سعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة صاحب
الشرطة من الأمير. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أنس قال لما
قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة كان قيس بن سعد في مقدمته بين يديه بمنزلة صاحب الشرطة
فكلم النبي صلى الله عليه وسلم في قيس ان يصرفه عن الموضع الذي وضعه به مخافة ان يتقدم
على شئ فصرفه عن ذلك. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في رافع بن خديج رضي الله عنه)
عن امرأة رافع بن خديج ان رافعا رمى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أو
345

يوم خيبر شك عمرو بسهم في ثندوته (1) فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انزع
السهم فقال يا رافع ان شئت نزعت السهم والقطبة جميعا وإن شئت نزعت السهم
وتركت القطبة (2) وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد قال فنزع رسول الله
صلى الله عليه وسلم السهم وترك القطبة فعاش بها حتى كان في خلافة معاوية فانتقض به الجرح
فمات بعد العصر فأتى ابن عمر فقيل يا أبا عبد الرحمن مات رافع فترحم عليه وقال إن
مثل رافع لا يخرج به حتى يؤذن من حول المدينة من أهل القرى فلما
خرجنا بجنازته نصلى عليه جاء ابن عمر حتى جلس على رأس القبر فذكر الحديث.
رواه الطبراني وامرأة رافع إن كانت صحابية والا فاني لم أعرفها، وبقية رجاله
ثقات. وعن يحيى بن بكير قال توفى رافع بن خديج سنة ثلاث وسبعين بالمدينة.
رواه الطبراني. وعن الواقدي قال وفيها مات رافع بن خديج في أول السنة وحضر
ابن عمر رحمه الله جنازته يعني سنة ثلاث وسبعين. وكان لرافع يوم مات ست
وثمانون سنة. رواه الطبراني. وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال مات رافع بن
خديج في سنة أربع وسبعين في أولها. رواه الطبراني.
* (باب ما جاء في عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما) *
عن ميمون بن مهران قال سمعت ابن عمر يقول لقد رأيتنا بفج الروحاء في
غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصر بي ودعا لي بدعوات ما يسرني بها الدنيا وما فيها.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه موسى بن عمر بن عمرو بن ميمون بن مهران ولم أعرفه،
بقية رجاله ثقات. وعن مجاهد قال شهد ابن عمر رحمه الله الفتح وهو ابن عشرين
ومعه فرس حرور ورمح ثقيل فذهب ابن عمر يختلى لفرسه فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان عبد الله رجل صالح (3). رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن
مجاهدا أرسله. وعن إسحاق بن عبد الله الطفاوي قال كان ابن عمر لا يذكر
رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بكى. رواه الطبراني في الأوسط وإسحق الطفاوي لم أعرفه،
وبقية رجاله وثقوا. وعن نافع عن ابن عمر انه كان يحيى الليل صلاة ثم
يقول يا نافع أسحرنا فيقول لا فيعاود الصلاة ثم يقول يا نافع أسحرنا فأقول نعم

(1) أي ثديه.
(2) أي نصل السهم.
(3) " رجل صالح " مستدركة من شذرات الذهب
346

فيقعد فيستغفر ويدعو حتى يصبح. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير
أسد بن موسى وهو ثقة. وعن نافع قال إن كان ابن عمر ليقسم في المجلس ثلاثين
ألفا ثم يأتي عليه شهر ما يأكل فيه مزعة (1) لحم قال برد قلت لنافع هل كان يأكل
اللحم قال كان إذا صام أو سافر فإنه أكثر طعامه. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير برد بن سنان وهو ثقة. وعن نافع ان ابن عمر اشتكى فاشترى له
عنقود عنب بدرهم فجاء مسكين فقال اعطوه إياه ثم خالف إنسان فاشتراه بدرهم
ثم جاء به إليه فجاء المسكين فقال اعطوه إياه ثم خالف إنسان فاشتراه منه بدرهم فأراد أن
يرجع حتى منع ولو علم بذلك العنقود ما ذاقه. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
غير نعيم بن حماد وهو ثقة. وعن زيد بن أسلم قال مر ابن عمر براعي غنم فقال
يا راعى الغنم هل من جزرة قال ما ههنا ربها قال تقول اكلها الذئب فرفع الراعي
رأسه إلى السماء ثم قال فأين الله فقال ابن عمر فانا والله أحق ان أقول فأين الله
فاشتري ابن عمر الراعي واشترى الغنم فاعتقه وأعطاه الغنم. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح غير عبد الله بن الحرث الحاطبي وهو ثقة. وعن المطعم بن مقدام
الصنعاني قال كتب الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن عمر انه بلغني ان الخلافة
لا تصلح لعيي ولا بخيل ولا غيور فكتب إليه ابن عمر اما ما ذكرت من أمر
الخلافة إني اطلبها فما طلبتها وما هي من بالي واما ما ذكرت من العي والبخل والغيرة
فان من جمع كتاب الله فليس بعيي ومن أدى زكاة ماله فليس بخيل واما ما ذكرت
من الغيرة فان أحق ما عرت فيه ولدى أن يشركني فيه غيري. رواه الطبراني
ورجاله ثقات إلا أنه مرسل المطعم لم يسمع من ابن عمر. وعن مالك قال أقام ابن
عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة تفد عليه وفود الناس. رواه الطبراني
ورجاله ثقات إلا أنه مرسل. وعن نافع قال جاء رجل إلى ابن عمر فقال ما يمنعك
من هذا الامر وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين قال يمنعني منه
أن الله عز وجل حرم على دم أخي المسلم. رواه الطبراني وفيه جعفر بن الحرث
أبو الأشهب وهو ضعيف. وعن مكحول قال بينا انا مع ابن عمر وهو يمشى إذ

(1) أي قطعة يسيرة.
347

مر به رجل اسود معه رمح فوضع زج (1) الرمح بين السبابة والابهام من قدم
ابن عمر فحمل الشيخ فادخل فورمت ساقه فاتاه الحجاج يعوده فقال يا أبا عبد الرحمن
من أصابك بهذا حتى آخذ لك منه قال الله ليأخذن منه الله ليأخذن منه قال
ما بال حرم الله وأمنه يحمل فيه السلاح قلت في الصحيح بعضه رواه الطبراني
باسنادين ورجال هذا ثقات. وعن يحيى بن بكير قال توفى عبد الله بن عمر
ويكنى أبا عبد الرحمن بمكة بعد الحج ودفن بالمحصب وبعض الناس يقولون بفج
وسنه حين أجازه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق في القتال (2) خمس
عشرة وكان الخندق في شوال سنة أربع فسنه يوم توفى أربع وثمانون سنة.
رواه الطبراني. وعن مالك بن انس قال سن ابن عمر يوم مات أربع وثمانون
سنة. رواه الطبراني. وعن الواقدي قال مات ابن عمر رضي الله عنهما سنة
أربع وسبعين ودفن بفج وهو ابن أربع وثمانين (3). رواه الطبراني.
* (باب ما جاء في خالد بن الوليد رضي الله عنه) *
قال الطبراني. خالد بن الوليد يكنى أبا سليمان وهو خالد بن الوليد بن المغيرة
ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن
فهر بن مالك وأمه لبابة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن روبية بن
عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا. من سيوف
الله. وعن حشي بن حرب أن أبا بكر رضي الله عنه عقد لخالد بن الوليد على
قتال أهل الردة وقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد
ابن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين. رواه أحمد والطبراني
بنحوه ورجالهما ثقات. وعن عبد الملك بن عمير قال استعمل عمر أبا عبيدة على
الشام وعزل خالد بن الوليد قال فقال خالد بن الوليد بعث عليكم أمين هذه الأمة
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول امين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح
فقال أبو عبيدة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خالد سيف من سيوف الله ونعم فتى

(1) الزج: الحديدة التي في أسفل الرمح.
(2) هنا في الأصل زيادة " وهو ابن ".
(3) راجع شذرات الذهب.
348

العشيرة. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الملك بن عمير لم يدرك
أبا عبيدة. وعن ناشرة بن سمي اليزني قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يوم الجابية وهو يخطب وإني أعتذر إليكم من عزل خالد بن الوليد فاني أمرته ان
يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه البأس وذا الشرف وذا اللسان
فعزلته ووليت أبا عبيدة بن الجراح، قال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة والله ما أعذرت
يا عمر بن الخطاب لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد قطعت الرحم
وحسدت ابن العم فقال عمر بن الخطاب إنك قريب القرابة حديث السن معصب
في ابن عمك. رواه أحمد والطبراني بنحوه ورجالهما ثقات. وعن عبد الله بن أبي
أوفى قال شكا عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا خالد لا تؤذ رجلا من أهل بدر فلو أنفقت مثل
أحد ذهبا لم تدرك عمله فقال يقعون في فارة عليهم فقال لا تؤذوا خالدا فإنه سيف
من سيوف الله صبه الله على الكفار. رواه الطبراني في الصغير والكبير باختصار
والبزار بنحوه ورجال الطبراني ثقات. وعن قيس يعنى ابن أبي حازم قال أخبرت
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله سله الله على الكفار.
رواه أبو يعلى ولم يسم الصحابي ورجاله رجال الصحيح. وعن انس بن مالك قال
نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مؤتة على المنبر قال ثم اخذ الراية سيف من سيوف
الله. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن جعفر ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم لما نعى أهل مؤتة قال ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن
الوليد ففتح الله عليه. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد
بن حنبل وهو إمام ثبت. وعن جعفر بن عبد الله بن الحكم ان خالد بن
الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك فقال اطلبوها فلم يجدوها فقال اطلبوها فوجدوها
فإذا هي قلنسوة خلقة فقال خالد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه
فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلي ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد
قتالا وهي معي إلا رزقت النصرة. رواه الطبراني وأبو يعلى بنحوه ورجالهما رجال
الصحيح وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدرى سمع من خالد أم لا.
349

عن عمرو بن العاص قال ما عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم بي وبخالد بن الوليد أحدا
منذ أسلمنا في حربه. رواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله ثقات. وعن أبي
السفر قال نزل خالد بن الوليد الحيرة على أمير بنى المرازبة فقالوا له احذر
السم لا تسقيكه الأعاجم فقال ائتوني به فأتى به فأخذه بيده ثم اقتحمه وقال بسم الله
فلم يضره شيئا. رواه أبو يعلى والطبراني بنحوه واحد إسنادي الطبراني رجاله
رجال الصحيح وهو مرسل ورجالهما ثقات إلا أن أبا السفر أبا بردة بن أبي
موسى لم يسمعا من خالد والله أعلم. وعن قيس يعنى ابن أبي حازم قال قال
خالد بن الوليد ما ليلة تهدى إلى بيتي فيها عروس أنا لها محب وأبشر فيها بغلام
بأحب إلى من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بها العدو. رواه
أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن قيس يعنى ابن أبي حازم قال قال خالد
ابن الوليد لقد منعني كثيرا من القراءة الجهاد في سبيل الله. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن وائل قال لما حضر خالد بن الوليد الوفاة قال لقد طلبت
القتل فلم يقدر لي إلا أموت على فراشي وما من عملي أرجى من لا إله إلا الله وانا متترس (1) بها ثم قال إذا أنا مت فانظروا سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل
الله. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن يونس بن أبي إسحق قال دخلوا على
خالد بن الوليد يعودونه فقال بعضهم إنه لفي السباق قال نعم والله أستعين على
ذلك. رواه الطبراني وإسناده منقطع ورجاله ثقات. وعن محمد بن عبد الله بن
نمير قال مات خالد بن الوليد نحو سنة إحدى وعشرين. رواه الطبراني.
(باب ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه)
عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي قال حدثني عمرو بن العاص من فيه إلى في قال لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا
يرون مكاني ويسمعون منى فقلت لهم تعملون والله إني لأرى أمر محمد صلى الله
عليه وسلم يعلو الأمور علوا منكرا وإني قد رأيت أمرا فما ترون فيه قالوا وما
رأيت قلت رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فان ظهر محمد على قومنا كنا

(1) في الأصل " وما من عملي شئ أرجى عندي بعد أن لا إله إلا الله من
ليلة بتها وانا متترس والسماء تمطر إلى الصبح حتى نغير على الكفار ".
350

عند النجاشي فانا ان نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد
وان ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير قالوا إن هذا الرأي قال قلت لهم فاجمعوا لي ما يهدى وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا
له أدما كثيرا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه فوالله إنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري
وكان رسول الله صلى عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه فلما
دخل إليه وخرج من عنده قال فقلت لأصحابي هذا عمرو بن أمية لو قد دخلت على
النجاشي وسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فإذا فعلت ذلك رأت قريش انى قد
أجزأت عنها قتلت رسول محمد صلى الله عليه وسلم قال فدخلت عليه فسجدت
له كما كنت أصنع فقال مرحبا بصديقي أهديت لي من بلادك شيئا قال قلت نعم
أيها الملك إني رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه فأقتله
فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا قال فغضب ومد يده وضرب بها أنفه ضربة
ظننت أنه قد كسره فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ثم قلت أيها الملك
والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألته قال تسألني أن أعطيك رسول الله رجل يأتيه
الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله قال قلت أيها الملك أكذاك هو قال
ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر
موسى على فرعون وجنوده قال فتبايعني له على الاسلام قال نعم فبسط يده وبايعه على
الاسلام خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كنت عليه وكتمت أصحابي إسلامي ثم
خرجت عامدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت خالد بن الوليد وكان قبيل الفتح وهو مقبل من مكة
فقلت يا أبا سليمان قال والله لقد استقام الميسم وإن الرجل نبي اذهب فأسلم فحتى متى قال قلت
والله ما جئت إلا لأسلم قال فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد
فأسلم وبايع ثم دنوت فقلت يا رسول الله إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر
ما تأخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمر وبايع فان الاسلام يجب ما قبله وإن الهجرة
تجب ما كان قبلها قال فبايعته ثم انصرفت قال ابن إسحاق وقد حدثني من لا أتهم أن
عثمان بن طلحة كان معهما أسلم حين أسلما. رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال
حدثني عمرو بن العاصي من فيه إلى أذني، ورجالهما ثقات. وعن علقمة بن رمثة
351

ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص إلى البحرين فخرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وخرجنا معه فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
يرحم الله عمرا فتذاكرنا من اسمه عمرو فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال يرحم الله عمرا قال ثم نعس الثالثة فاستيقظ فقال يرحم الله عمرا فقلنا يا رسول
الله من عمرو هذا قال عمرو بن العاص قلنا وما شأنه قال كنت إذا بديت الصدقة
جاء فأجزل منها فأقول يا عمرو أنى لك. هذا قال من عند الله وصدق عمرو إن له
عند الله خيرا كثيرا، قال زهير بن قيس لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قلت لألزمن
هذا الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له عند الله خيرا كثيرا حتى أموت. رواه
أحمد والطبراني إلا أنه قال قال زهير فلما كانت الفتنة قلت أتبع هذا الذي قال
فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، ورجال أحمد وأحد إسنادي الطبراني ثقات. وعن
محمد بن إسحاق قال كان إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن
طلحة عند النجاشي فقدموا المدينة في صفر سنة ثمان من الهجرة، قلت إسلامهم في
يوم واحد معروف وأما إسلام خالد وعثمان بن طلحة عند النجاشي فلم أجده
إلا عن ابن إسحاق من قوله والله أعلم. وعن رافع بن أبي رافع الطائي قال
إلا كانت غزوة ذات السلاسل استعمل عمرو بن العاص على جيش فيهم أبو بكر
قال الحديث. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن طلحة يعنى ابن عبيد الله قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا عمرو إنك لذو رأى سديد في الاسلام. رواه
الطبراني والبزار باختصار قوله في الاسلام، وفى إسناد الكبير من لم أعرفه وإسناد
البزار فيه إسحق بن يحيى بن طلحة وهو متروك. وعن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنا العاص مؤمنان وعمرو بن العاص في الجنة. رواه الطبراني
في الأوسط والكبير وأحمد إلا أنه قال قال عمرو وهشام، ورجاله الكبير وأحمد ورجال
الصحيح غير محمد بن عمرو وهو حسن الحديث. وعن ابن بريدة ان عمر قال
لأبي بكر حين شيع عمرا أو تزيد الناس نارا ألا ترى إلى ما يصنع هذا بالناس
فقال دعه فإنما ولاه علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمه بالحرب. رواه الطبراني مرسلا
ورجاله رجال الصحيح غير المنذر بن ثعلبة وهو ثقة. وعن عمرو بن العاص قال
352

بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتني
قال فأتيته وهو يتوضأ فصعد في البصر ثم طأطأ فقال إني أريد ان أبعثك على
جيش فيسلمك الله ويغنمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة فقلت يا رسول الله
ما أسلمت من أجل المال ولكني أسلمت رغبة في الاسلام وان أكون مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عمرو نعما بالمال الصالح للمرء الصالح. رواه أحمد وقال
كذا في النسخة نعما بنصب النون وكسر العين، وقال أبو عبيدة بكسر النون والعين.
رواه الطبراني في الأوسط والكبير وقال فيه ولكن أسلمت رغبة في الاسلام
وأكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم ونعما بالمال الصالح للمرء الصالح،
ورجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح. وعن محمد بن الأسود بن خلف قال
كنا جلوسا في الحجر في أناس من قريش إذ قيل قدم الليلة عمرو بن العاص قال
فما أكثرنا ان دخل علينا فمددنا إليه أبصارنا فطاف ثم صلى في الحجر ركعتين
وقال أقرصتموني قلنا ما ذكرناك إلا بخير ذكرناك وهشام بن العاص فقلنا أيهما
أفضل قال بعضهم هذا وقال بعضنا هشام قال أنا أخبركم عن ذلك أسلمنا وأحببنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وناصحناه ثم ذكر يوم اليرموك فقال أخذت بعمود الفسطاط
ثم اغتسلت وتحنطت ثم تكفنت فعرضنا أنفسنا على الله عز وجل فقبله فهو خير منى
يقول لها ثلاثا. رواه الطبراني وفيه أبو عمرو مولى بنى أمية ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. وعن أبي نوفل بن أبي عقرب قال جزع عمرو بن العاص عند الموت
جزعا شديدا فلما رأى ذلك ابنه عبد الله قال يا أبا عبد الله ما هذا الجزع
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك قال أي بني كان ذلك
وسأخبرك عن ذلك أما والله ما أدرى أحبا كان ذلك أم تألفا يتألفني ولكن
شهد على رجلين أنه فارق الدنيا وهو يحبهما ابن سمية وابن أم عبد فلما حزبه
الامر جعل الغلال من ذقنه وقال اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا
إلا مغفرتك وكانت تلك هجيراه (1) حتى مات قلت في الصحيح طرف منه رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال مات عمرو بمصر يوم الفطر سنة

(1) أي عادته ودأبه.
353

اثنتين وأربعين. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن يحيى بن بكير قال توفى عمرو بن
العاص ويكنى أبا عبد الله بمصر ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين ودفن يوم الفطر
وصلى عليه ابنه عبد الله وسنه نحو من مائة سنة. رواه الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات.
(باب ما جاء في عمرو أيصا وابنه عبد الله وأم عبد الله رضي الله عنهم)
عن طلحة يعنى ابن عبيد الله قال ألا أخبركم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ ألا
انى سمعته يقول عمرو بن العاص من صالحي قريش ونعم أهل البيت أبو عبد الله
وأم عبد الله وعبد الله قلت رواه الترمذي باختصار رواه أبو يعلى وأحمد
بنحوه ورجاله ثقات. وعن عقبة بن عامر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم أهل
البيت أبو عبد الله وأم عبد الله وعبد الله. رواه أحمد. وعن عبد الله بن عمرو قال
كنت يوما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فقال هل تدري من معنا في البيت قلت من
يا رسول الله قال جبريل عليه السلام قلت السلام عليك يا جبريل ورحمة الله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد رد عليك السلام. رواه الطبراني باسنادين وأحدهما
حسن. وعن عبد الله بن عمرو لخير أعلمه اليوم أحب إلى من مثليه مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم لأنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تهمنا الآخرة ولا تهمنا الدنيا وإنا
اليوم قد مالت بنا الدنيا. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن
عبد الله بن نمير قال مات عبد الله بن عمرو سنة خمس وستين. رواه الطبراني.
وعن يحيى بن بكير قال توفى عبد الله بن عمرو بن العاص ويكنى أبا محمد بمصر
ودفن في داره سنة خمس وستين وقائل يقول سنة ثمان وستين وسنه ثنتان وسبعون
سنة أو اثنتان وتسعون سنة شك يحيى بن بكير في السبعين أو التسعين. رواه الطبراني.
* (باب ما جاء في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه) *
قال الطبراني: معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
يكنى أبا عبد الرحمن رضي الله عنه، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس
ابن عبد مناف، وأمها صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص من بنى سليم وأمها
بنت نوفل بن عبد مناف وأمها فلانة بنت جابر بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر. عن
354

إسحق بن يسار قال رأيت معاوية بالأبطح أبيض الرأس واللحية. رواه الطبراني وإسناده
حسن. وعن خالد بن معدان قال كان معاوية طويلا أبيض أجلح (1). رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح غير صالح بن صفوان وهو ثقة. وعن أسلم مولى عمر قال قدم علينا
معاوية وهو أبيض الناس وأجملهم. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير
مسلم بن جندب وهو ثقة. وعن بكار بن محمد بن رافع قال قال معاوية ما ولدت
قرشية لقرشي خيرا لها في دنياها منى فقال معد بن يزيد ما ولدت قرشية لقرشي خيرا لها
في دينها من محمد صلى الله عليه وسلم وما ولدت قرشية لقرشي شرا لها في دنياها
منك قال ولم قال لأنك عودتها عادة كأني بهم قد طلبوها من غيرك
فكأني بهم صرعي في الطريق قال ويحك والله إني لأكتمها نفسي كذا وكذا.
رواه الطبراني وإسناده منقطع ومحمد بن سلام الجمحي ضعيف. وعن الشعبي قال
خرج معاوية من الشام يريد مكة فنزل منزلا بين مكة والمدينة يقال له الأبواء
فاطلع في بئر عاديه فأصابته لقوة (2) فأجد السير حتى دخل مكة وأتاه الحاجب فقال
يا أمير المؤمنين الناس بالباب ما أفقد وجها قال فابسط لي إذا قال ثم دعا بعمامة فلف
بها رأسه وشق وجهه ثم خرج فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان أعافي فقد
عوفي الصالحون قبلي إني أرجو أن أكون منهم وإن كان مرض مني عضو فما
أحصى صحيحي وإن كان وجد على بعض خاصتكم فقد كنت حدبا على عامتكم
ومالي أن أتمنى على الله أكثر مما أعطاني فرحم الله رجلا دعا لي بالعافية وارتجت
الأصوات بالدعاء فاستبكى فقال له مروان ما يبكيك ما كنت عنه عزوفا قال كبرت
سنى ورق عظمي وكثرت الدموع في عيني ورميت في أحسني وما يبدو منى ولولا
هو أبى في يزيد أبصرت قصدي. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد
الهمداني وهو متروك. وعن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ان معاوية أخذ الإداوة
بعد أبي هريرة يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتكى أبو هريرة فبينا هو
يوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع رأسه إليه مرة أو مرتين وهو يتوضأ فقال يا معاوية
إن وليت أمرا فاتق الله واعدل قال فما زلت أظن انى مبتلي بعمل لقول رسول

(1) أي انحسر الشعر عن جانبي رأسه.
(2) مرض يميل الوجه إلى أحد جانبيه.
355

الله صلى الله عليه وسلم حتى ابتليت. رواه أحمد واللفظ له وهو مرسل ورواه أبو
يعلى فوصله فقال فيه عن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضؤا قال فلما توضؤا
نظر إلى فقال يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل. والباقي بنحوه، ورواه
الطبراني في الأوسط والكبير وقال في الأوسط فاقبل من محسنهم وتجاوز عن
مسيئهم باختصار، ورجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح. وعن عائشة قالت لما
كان يوم أم حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم دق الباب داق فقال النبي صلى الله عليه وسلم
انظروا من هذا قالوا معاوية قال ائذنوا ودخل وعلى أذنه قلم يخط به فقال ما هذا القلم على
أذنك يا معاوية قال قلم أعددته لله ولرسوله فقال جزاك الله عن نسا خيرا والله ما استكتبتك
الا بوحي من الله عز وجل كيف بك لو قد قمصك الله قميصا يعنى الخلافة فقامت أم حبيبة
فجلست بين يديه فقالت يا رسول الله وان الله مقص أخي قميصا قال نعم ولكن فيه هنات وهنات وهنات قلت يا رسول الله فادع الله له فقال اللهم اهده بالهدى وجنبه
الردى واغفر له في الآخرة والأولى. رواه الطبراني في الأوسط وفيه السرى
ابن عاصم وهو ضعيف. وعن عبد الله بن بسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن أبا بكر وعمر
في أمر فقال أشيروا على فقالا الله ورسوله أعلم فقال أشيروا على فقالا الله ورسوله
أعلم فقال ادعوا لي معاوية فقال أبو بكر وعمر أما كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين
من قريش ما ينفذون أمرهم حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غلام
من غلمان قريش فلما وقف بين يديه قال أحضروه أمركم أو أشهدوه أمركم فإنه
قوى أمين. رواه الطبراني والبزار باختصار اعتراض أبى بكر وعمر ورجالهما
ثقات وفى بعضهم خلاف وشيخ البزار ثقة وشيخ الطبراني لم يوثقه إلا الذهبي في
الميزان وليس فيه جرح مفسر ومع ذلك فهو حديث منكر والله أعلم. وعن
العرباض بن سارية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم علم معاوية الكتاب والحساب
وقه العذاب. رواه البزار وأحمد في حديث طويل والطبراني وفيه الحرث بن
زياد ولم أجد من وثقه ولم يرو عنه غير يونس بن سيف، وبقية رجاله ثقات وفى
بعضهم خلاف. وعن مسلمة بن مخلد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية اللهم
علمه الكتاب والحساب ومكن له في البلاد. وفى رواية أيضا وقه سوء العذاب.
356

رواه الطبراني من طريق جبلة بن عطية عن مسلمة بن مخلد وجبلة لم يسمع من
مسلمة فهو مرسل ورجاله وثقوا وفيهم خلاف. وعن أبي الدرداء قال ما رأيت
أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من أميركم هذا يعنى
معاوية. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير قيس بن الحرث المذحجي
وهو ثقة. وعن ابن عمر قال ما رأيت أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أسود من معاوية. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفى رجاله خلاف. وعن
ابن عباس قال جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد استوص
معاوية فإنه أمين على كتاب الله ونعم الأمين هو. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه محمد بن فطر ولم أعرفه وعلي بن سعيد الرازي فيه لين، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن أبي موسى قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم حبيبة ورأس معاوية في
حجرها وهي تقبله فقال لها أتحبينه فقالت ومالي لا أحب أخي فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم فان الله ورسوله يحبانه. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
وعن عبد الله بن عمرو ان معاوية كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني وإسناده حسن. وعن عوف بن مالك قال كنت قائلا في كنيسة بأريحا
وهي يومئذ مسجد يصلى فيه قال فانتبه عوف بن مالك من نومته فإذا معه في
البيت أسد يمشى إليه فقام فزعا إلى سلاحه فقال له الأسد صه إنما أرسلت إليك
برسالة لتبلغها قلت من أرسلك قال الله أرسلني إليك لتعلم معاوية الرحال انه من
أهل الجنة قلت من معاوية قال ابن أبي سفيان. رواه الطبراني وفيه أبو بكر بن أبي
مريم وقد اختلط. وعن الأعمش قال لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدى.
رواه الطبراني مرسلا وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف. وعن يزيد بن الأصم
قال قال علي رضي الله عنه قتلاي وقتلى معاوية في الجنة. رواه الطبراني ورجاله
وثقوا وفى بعضهم خلاف. وعن ثابت مولى أبي سفيان قال غزوت
مع معاوية بن أبي سفيان أرض الروم فوقع باير في رحله فنادى يا عباد الله المسلمين
فكان أول من أجاب معاوية فنزل ونزل الناس وقالوا نلقى الأمير فقال إنه
بلغني ان أول من يغيث جبريل ان أكون الثاني. رواه الطبراني وفيه سعيد
357

ابن عبد الجبار الزبيدي وهو ضعيف. وعن مجالد بن سعيد قال رحم الله معاوية
ما كان أشد حبه للعرب. رواه الطبراني مرسلا ورجاله ثقات إلى مجاهد. وعن
قيس يعني ابن أبي حازم قال قال معاوية لأخيه ارتدف فأبى فقال بئس ما أدبت
فقال أبو سفيان دع أخاك. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي نعيم
قال مات معاوية سنة ستين وسنه بضع وسبعون إلي الثمانين. رواه الطبراني ورجال ثقات.
* (باب ما جاء في أبي موسى الأشعري رضي الله عنه) *
قال الطبراني: عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري حليف آل عتبة بن عبد
شمس كان إسلامه بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة حتى قدم زمن خيبر وقيل مات
أبو موسى سنة خمسين ودفن بالتوتة على ميلين من الكوفة. وعن شباب العصفري
قال ولى أبو موسى الكوفة وله بها أهل ودار حضرة الجامع مات أبو موسى سنة
إحدى وخمسين ونسبه قال أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري هو عبد الله بن
قيس بن حصن بن حرب بن عامر بن تميم بن بكر بن عامر بن عدي بن وائل بن
ناجية بن جماهير بن الأشعر بن أدد بن عريب بن يشجب بن زيد بن كهلان
ابن سبأ بن يشجب بن قحطان (1). رواه الطبراني. وعن قيس بن الربيع بن أبي
بردة قال مات أبو موسى سنة اثنتين وخمسين. رواه الطبراني وفيه الواقدي وهو
ضعيف. وعن سعد بن عبد العزيز قال قدم أبو موسى الأشعري على النبي صلى الله عليه وسلم
بخيبر فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لأكبر أهل السفينة وأصغرهم وكان أبو عامر يقول انا أكبر
أهل السفينة وابني أصغرهم قال سعيد وكان فيها أبو عامر وأبو مالك وأبو موسى
وكعب بن عاصم خرجوا بالأبواء. رواه الطبراني منقطع الاسناد واسناده حسن.
وعن ابن إسحاق قال كان أبو موسى الأشعري ممن هاجر إلى أرض الحبشة فأقام
بها حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية فجعلهم في سفينتين فقدم بهم
خيبر بعد الحديبية. رواه الطبراني منقطع الاسناد ورجاله إلى ابن إسحاق ثقات.
وعن ابن بريدة عن أبيه قال خرج بريدة عشاء فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه بيده
فأدخله المسجد فإذا صوت رجل يقرأ فقال النبي صلى الله عليه وسلم تراه يرائي فأسكت بريدة
قال فلما كان من القابلة خرج بريدة عشاء ولقيه النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده فأدخله

(1) راجع تبيين كذب المفتري لابن عساكر في الصفحة 36..
358

المسجد فإذا صوت الرجل يقرأ فقال النبي صلى الله عليه وسلم تراه يرائي فقال بريدة أتقول هو مراء
يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا بل مؤمن منيب لا بل مؤمن منيب فإذا الأشعري
يقرأ بصوت له في جانب المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الأشعري أو إن عبد الله
ابن قيس أعطي مزمارا من مزامير داود فقلت ألا أخبره يا رسول الله قال بلى
فأخبره فأخبرته فقال أنت لي صديق أخبرتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث. رواه
أحمد وفى الصحيح منه ان عبد الله بن قيس أعطى مزمارا من مزامير آل داود، وهنا
من مزامير داود، ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن محجن بن الأدرع قال أخذ النبي
صلى الله عليه وسلم بيدي حتى صعد أحدا ثم أشرف على المدينة فقال ويح أمها قربة يدعها أهلها
أعمر ما تكون يأتيها الدجال فيجد على كل نقب من أنقابها ملكا مصلتا (1) ثم
انحدر حتى أتى المسجد فإذا هو برجل قائم يصلى فقال نراه عبد الله بن قيس إنه
لأواه حليم قلت يا رسول الله ألا أبشره قال احذر لا تسمعه فتهلكه ثم انحدر فلما
انتهينا إلى المسجد فوجدنا بريدة الأسلمي على باب من أبواب المسجد وكان في
المسجد رجل يطيل الصلاة وكان بريدة صاحب مزاحات فقال يا محجن الا تصلى
كما يصلى سكيه فلم يرد عليه شيئا ورجع فلما أنى بيته قال خير ديننا أيسره خير
دينكم أيسره خير دينكم أيسره خير دينكم أيسره. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح غير رجاء بن أبي رجاء وقد وثقه ابن حبان. وعن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد أعطى أبو موسى من مزامير داود قلت رواه ابن
ماجة إلا أنه قال من مزامير آل داود وهنا من مزامير داود رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عمرو وهو حسن الحديث. وعن سلمة بن
قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على أبى موسى وهو يقرأ فقال لقد أوتى هذا من مزامير
آل داود. رواه الطبراني واسناده جيد. وعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم
مر على أبى موسى ذات ليلة وأبو موسى يقرأ ومع النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فقاما
يستمعان لقراءته ثم إنهما مضيا فلما أصبح لقى أبو موسى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا موسى مررت بك البارحة ومعي عائشة وأنت تقرأ في بيتك

(1) يقال أصلت السيف إذا جرده.
359

فقمنا فاستمعنا لقراءتك فقال أبو موسى لو علمت بمكانك لحبرت لك تحبيرا قلت
في الصحيح طرف منه رواها الطبراني ورجاله على شرط الصحيح غير خالد بن
نافع الأشعري ووثقه ابن حبان وضعفه جماعة. وعن أنس قال قعد أبو موسى في
بيته واجتمع إليه ناس فأنشأ يقرأ عليهم القرآن قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل
فقال يا رسول الله الا أعجبك من أبى موسى قعد في بيت واجتمع إليه ناس فأنشأ
يقرأ عليهم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتستطيع أن تقعدني حيث لا يراني
أحد منهم قال نعم قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأقعده الرجل
حيث لا يراه منهم أحد فسمع قراءة أبى موسى فقال إنه يقرأ على مزمار من
مزامير آل داود. رواه أبو يعلى واسناده حسن. وعن البراء قال سمع النبي صلى
الله عليه وسلم أبا موسى يقرأ فقال كأن صوت هذا من مزامير آل داود. رواه أبو يعلى
ورجاله وثقوا وفيهم خلاف. وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لأبي موسى الأشعري وسمعه يقرأ لقد أوتى أخوكم من
مزامير آل داود. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن الشعبي
قال كتب عمر في وصيته ان لا يقر لي عامل أكثر من سنة وأقروا الأشعري أربع
سنين. رواه أحمد باسناد حسن إلا أن الشعبي لم يسمع من عمر رضي الله عنه.
(باب ما جاء في المغيرة بن شعبة رضي الله عنه)
عن أبي عبيدة قال: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب بن
مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس بن منبه يكنى أبا عبد الله أمه
امرأة من بنى نصر بن معاوية ولى البصرة نحو سنتين ثم ولى الكوفة ومات بها
سنة خمسين وأول مشاهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية. رواه
الطبراني ورجاله إلى قائله وثقوا. وعن يحيى بن بكير قال توفى المغيرة بن شعبة
سنة خمسين. رواه الطبراني. وعن المغيرة بن شعبة قال كنت فيمن حفر قبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلحدنا لحدا قال فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم القبر طرحت الفأس
ثم قلت الفأس الفأس ثم نزلت فوضعت يدي على اللحد. رواه الطبراني وفيه مجالد
وهو حسن الحديث. وبقية رجاله ثقات. وعن ابن أبي مرحب قال نزل في قبر
360

النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أحدهم عبد الرحمن بن عوف وكان المغيرة بن شعبة
يدعى أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أخذت خاتمي
فألقيته عمدا (1) وقلت إن خاتمي سقط من يدي لامس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون
آخر الناس عهدا به. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن المغيرة بن شعبة قال
كنت عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه فعرض عليه فرس فقال رجل احملني
على هذا فقال لان أحمل عليه غلاما قد ركب الخيل على غرته أحب إلى من أن
أحملك عليه فغضب الرجل وقال أنا والله خير منك ومن أبيك فارسا فغضبت حين
قال ذلك لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت إليه فأخذت برأسه فسحبته على أنفه
فكأنما كان على أنفه عزلاء (2) مزادة فأرادت الأنصار أن يستقيدوا منى فبلغ ذلك
أبا بكر رضي الله عنه فقال انا ناسا يزعمون انى مقيدهم من المغيرة بن شعبة ولان
أخرجهم من ديارهم أقرب من أن أقيدهم من وزعة الله الذين يزعون عباد الله. قلت
هذا الكلام الأخير لم أعرف معناه (3) والله أعلم. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه) *
عن قيس المدني ان رجلا جاء زيد بن ثابت فسأل عن شئ فقال له زيد
عليك بأبي هريرة فبينا أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو ونذكر ربنا
عز وجل إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا فسكتنا فقال عودوا
للذي كنتم فيه فقال زيد فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة وجعل النبي صلى
الله عليه وسلم يؤمن على دعائنا ثم دعا أبو هريرة فقال اللهم إني سائلك بمثل ما
سألك صاحباي وأسألك علما لا ينسى فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبقكما بها الغلام الدوسي.
رواه الطبراني في الأوسط وقيس هذا كان قاص عمر بن عبد العزيز لم يرو عنه
غير ابنه محمد، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي بن كعب ان أبا هريرة كان جريئا على
أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره، قلت فذكر الحديث. رواه
عبد الله بن أحمد في المسند في حديث طويل في علامات النبوة ورجاله ثقات. وعن أبي

(1) " عمدا " غير موجودة هنا بل بعد قوله " يدي ".
(2) أي فم.
(3) بعد تصحيحه من النهاية ظهر معناه انه لا يقيد ممن يكف الناس عن الشر.
361

الشعثاء سليم قال قدمت المدينة فوجدت أبا أيوب يحدث عن أبي هريرة فقلت تحدث عن أبي
هريرة وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه سمع. رواه الطبراني من
طريقين في إحداهما سعيد بن شعبان الجحدري وثقه غير واحد وفيه ضعف، وبقية
رجالهما ثقات. وعن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله انى إذا رأيتك قرت عيني
وطابت نفسي وإذا لم أرك لم تطب نفسي أو كلمة نحوها. رواه البزار ورجاله
رجال الصحيح غير أبى ميمونة الفارسي وهو ثقة. وعن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ابسط ثوبك فبسطته فحدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة
النهار ثم تفل في ثوبي ثم ضممت ثوبي إلى بطني فما نسيت شيئا بعد قلت هو في
الصحيح بغير هذا السياق رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن عبد
العزيز الليثي وقد ضعفه الجمهور وقال سعيد بن منصور كان مالك يرضاه وهو ثقة،
وعمر بن عبد الله بن عبد الرحمن الجندعي لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي هريرة قال
كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل سنة مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه
مرتين. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في أبي كثير رضي الله عنه) *
عن أبي مالك عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغه اللهم صل على أبى كثير عبيد أبى
ملك واجعله فوق كثير من الناس. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في عمرو بن ثابت عرف بالأصيرم رضي الله عنه) *
عن أبي هريرة انه كان يقول حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط
فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو فيقول أصيرم بنى عبد الأشهل عمرو بن ثابت
ابن وقش فقلت لمحمود بن لبيد كيف كان شأن الأصيرم قال كان يأبى الاسلام
على قومه فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له الاسلام
فأسلم فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس فقاتل حتى أثبتته
الجراحة فبينا رجال بنى عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به قالوا والله
ان هذا للأصيرم وما جاء به لقد تركناه وانه لمنكر لهذا الحديث فسألوه ما جاء
به فقالوا ما جاء بك يا عمرو أحدثا على قومك أو رغبة في الاسلام فقال بل رغبة
362

في الاسلام أمنت بالله وبرسوله وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقاتلت حتى أصابني ما أصابني فلم يلبث ان مات في أيديهم فذكروه لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال إنه لمن أهل الجنة. رواه أحمد ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في سلمة بن الأكوع رضي الله عنه) *
عن سلمة يعنى ابن الأكوع قال أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا ومسح رأسي
مرارا واستغفر لي ولذريتي عدد ما بيدي من الأصابع. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح غير علي بن يزيد بن أبي حكيمة وهو ثقة. وعن أبي قتادة الحرث
ابن ربعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة
ابن الأكوع. رواه الطبراني في الصغير وفيه جماعة لم أعرفهم.
* (باب ما جاء في أبي أسيد رضي الله عنه) *
عن عباس بن سهل بن سعد قال سمعت أبا أسيد يقول غزوت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم عشرين غزوة غزوة بعد غزوة. رواه البزار وفيه الواقدي وهو ضعيف.
وعن سليمان بن يسار ان أبا أسيد الساعدي أصيب بصره قبل قتل عثمان فقال الحمد
لله الذي متعني بصرى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أراد الفتنة في عباده كف بصرى
عنها. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير يزيد بن حازم وهو ثقة. وعن
يحيى بن بكير قال توفى أبو أسيد الساعدي واسمه ملك بن ربيعة سنة ثلاثين
وسنة تسعون سنة. رواه الطبراني.
* (باب ما جاء في صفوان بن عسال رضي الله عنه) *
عن زر بن حبيش قال وفدت في خلافة عثمان بن عفان وإنما حملني على
الوفادة لقى أبي بن كعب وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت صفوان بن عسال
المرادي فقلت له هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم وغزوت معه اثنتي عشرة
غزوة. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وحديثه حسن.
* (باب ما جاء في صفوان بن المعطل رضي الله عنه) *
عن سعد مولى أبي بكر قال شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان
363

ابن المعطل وكان يقول هذا الشعر فقال صفوان هجاني فقال دعوا صفوان فان صفوان
خبيث اللسان طيب القلب. رواه الطبراني وفيه عامر بن صالح بن رستم وثقه غير واحد
وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت وقد ثبت في الصحيح أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال ما علمت عليه إلا خيرا.
* (باب ما جاء في صفوان بن قدامة رضي الله عنه) *
عن عبد الرحمن بن صفوان بن قدامة قال هاجر أبى صفوان إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وهو بالمدينة فبايعه على الاسلام فمد النبي صلى الله عليه وسلم إليه يده فمسح عليها فقال له صفوان
إني أحبك يا رسول الله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب فكان صفوان
ابن قدامة حيث أتى دار الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة دعا قومه وبني
أخيه ليخرجوا معه فأبوا عليه فخرج وتركهم وخرج معه بابنيه عبد الرحمن وعبد
الله وكانت أسماؤهم في الجاهلية عبد العزى وعبد نهم فغير أسماءهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال في
ذلك ابن أخيه نصر بن فلان بن قدامة في خروج صفوان ووحشتهم لفراقه:
تحمل صفوان وأصبح غاديا * بأبنائه (1) عمدا وخلى المواليا
فأصبحت مختارا لرمل معبد * وأصبح صفوان بيثرب ثاويا
طلاب الذي يبقى وآثر غيره * فشتان ما يفنى وما كان باقيا
باتيانه دار الرسول محمد * مجيبا له إذ جاء بالحق هاديا
فياليتني يوم الحيا اتبعتهم * قضى الله في الأشياء ما كان قاضيا
فأجابه صفوان فقال:
ومن (2) مبلغ نصرا رسالة عاتب * بأنك بالتقصير أصبحت راضيا
مقيما على أركان هدلق للهوى * وانك مغرور تمنى الأمانيا
فسام قسيمات الأمور وعادها * قضى الله في الأشياء ما كان قاضيا
وأقام صفوان بالمدينة حتى مات بها فقال عبد الرحمن في موت أبيه صفوان:

(1) في الأصل " بأبياته ".
(2) في الأصل " من " ولعل الواو ضرورية لإقامة الوزن.
364

وأنا ابن صفوان الذي سبقت له *
عند النبي سوابق الاسلام
صلى الاله على النبي وآله * وثنى عليه بعدها بسلام
والخلق كلهم بمثل صلاتهم * من في السماء وأرضه الأيام
وأقام صفوان بالمدينة خلافة عمر بن الخطاب ثم إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
بعث جرير بن عبد الله و عبد الرحمن بن صفوان في جيش مددا للمثنى بن
حارثة. رواه الطبراني وفيه موسى بن ميمون وكان قدريا، وبقية رجاله وثقوا.
(باب ما جاء في طلحة بن البراء رضي الله عنه)
عن أبي مسكين عن طلحة بن مسكين عن طلحة بن البراء أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال
أبسط يعنى يدك أبايعك قال وإن أمرتك بقطيعة والديك قلت لا ثم عدت له فقلت أبسط
يدك أبايعك قال علام قلت على الاسلام قال وإن أمرتك بقطيعة والديك قلت لا ثم عدت
الثالثة، وكانت له والدة وكان من أبر الناس بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا طلحة انه
ليس في ديننا قطيعة الرحم ولكن أحببت ان لا يكون في دينك ريبة فأسلم
فحسن اسلامه ثم مرض فعاده النبي صلى الله عليه وسلم فوجده مغمى عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم
ما أظن طلحة الا مقبوضا من ليلته فان أفاق فأرسلوا إلى فأفاق طلحة في جوف
الليل فقال ما عادني النبي صلى الله عليه وسلم قالوا بلى فأخبروه بما قال قال فقال لا ترسلوا إليه
في هذه الساعة فتلسعه دابة أو يصيبه شئ ولكن إذا فقدت فاقرئوه منى السلام
وقولوا له فليستغفر لي فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح سأل عنه فأخبروه بموته وبما قال
قال فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال اللهم القه يضحك إليك وأنت تضحك إليه. رواه الطبراني مرسلا وعبد ربه بن صالح لم أعرفه. وبقية رجاله وثقوا. وعن
حصين بن وحوح ان طلحة بن البراء لما لقى النبي صلى الله عليه وسلم
قال يا رسول الله مرني بما أحببت فلا أعصى لك أمرا فعجب النبي صلى الله عليه
وسلم
لذلك وهو غلام فقال اذهب فاقتل أباك قال فخرج موليا ليفعل فدعاه فقال
له أقبل فاني لم أبعث بقطيعة رحم فمرض طلحة بعد ذلك فاتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده
في الشتاء في غيم وبرد فلما انصرف قال لا أرى طلحة الا حدث به الموت
فآذنوني حتى أشهده وأصلي عليه واعجلوا فلم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بنى سالم بن عوف
365

حتى توفي وجن عليه الليل وكان فيما قال طلحة ادفنوني والحقوني بربي تبارك
وتعالى ولا تدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاني أخاف عليه اليهود ولا يصاب
في سببي فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح فجاء حتى وقف على قبره
وصف الناس معه وقال اللهم الق طلحة تضحك إليه ويضحك إليك قلت عند أبي
داود طرف من آخره رواه الطبراني في الأوسط وقد روى أبو داود
بعض هذا الحديث وسكت عليه فهو حسن إن شاء الله.
(باب ما جاء في سفينة رضي الله عنه)
عن سعيد بن حمهان انه لقى سفينة ببطن نخلة في زمن الحجاج قال فأقمت
عنده ثمان ليال أسأله عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت له ما اسمك
قال قلت ما انا بمخبرك سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة (1) قلت ولم سماك
سفينة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم
فقال لي ابسط كساءك فبسطته فجعلوا فيه متاعهم ثم حملوه على فقال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم احمل فإنما أنت سفينة فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو
ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة ما ثقل على الا ان يحفوا. رواه أحمد
والبزار والطبراني بأسانيد ورجال أحمد والطبراني ثقات. وعن عمران البجلي عن
مولى لام سلمة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفينة فانتهينا إلى واد قال فجعلت
أعبر الناس أو احملهم قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما كنت اليوم الا سفينة أو ما أنت إلا
سفينة. رواه أحمد باسنادين ورجال أحدهما ثقات. وعن سفينة قال كنت في
البحر فانكسرت سفينتنا فلم نعرف الطريق فإذا أنا بالأسد قد عرض لنا فتأخر
أصحابي فدنوت منه فقلت أنا سفينة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أضللنا الطريق
فمشى بين يدي حتى وقفنا على الطريق ثم تنحى ودفعني كأنه يوريني الطريق فظننت
أنه يودعنا. رواه البزار والطبراني بنحوه الا أنه قال فانكسرت سفينتي التي كنت
فيها فركبت لوحا من ألواحها فطرحني اللوح في أجمة فيها الأسد فأقبل إلى
يريدني فقلت له يا أبا الحارث أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطأطأ رأسه واقبل
إلى فدفعني بمنكبه، والباقي بنحوه، وفى بعض طرقه عن سفينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) اسمه " مهران " على ما في نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر، وفيه اختلاف.
366

قال نحوه ولا أدري ما معنى قوله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجالهما وثقوا.
(باب ما جاء في أبي الدراء رضي الله عنه)
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لألفين ما نوزعت أحدا (1) منكم عند الحوض
فأقول هذا من أصحابي فيقول انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك قال أبو الدرداء (2) يا رسول الله ادع الله ان لا يجعلني منهم قال لست منهم. رواه الطبراني في الأوسط والبزار
بنحوه ورجالهما ثقات. وعن أبي الدرداء قال قلت يا رسول الله بلغني انك تقول
ان ناسا من أمتي سيكفرون بعد ايمانهم قال أجل يا أبا الدرداء ولست منهم. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبى عبد الله الأشعري وهو ثقة. وعن
خثيمة قال قال أبو الدرداء كنت تاجرا قبل ان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم
فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أردت أن أجمع بين التجارة والعبادة فلم
يستقم فتركت التجارة وأقبلت على العبادة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في جليبيب رضي الله عنه
عن أبي برزة الأسلمي ان جليبيبا كان امرأ يدخل على النساء يمر بهن
ويلاعبهم فقلت لامرأتي لا تدخلن عليكم جلبيبا ان دخل عليكم لأفعلن ولأفعلن
قال وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيم لم يزوجها حتى يعلم هل للنبي صلى الله عليه وسلم فيها
حاجة أم لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار زوجني ابنتك قال
قال نعم وكرامة يا رسول الله ونعمة عين قال إني لست أريدها لنفسي قال فلمن
يا رسول الله قال لجليبيب قال أشاور أمها فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك قالت نعم
ونعمة عين قال إنه ليس يخطبها لنفسه إنما يخطبها لجليبيب قالت لجليبيب انيه لجليبيب
انيه لا لعمر الله لا نزوجه فلما ان أراد ليقوم ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بما قالت
أمها قالت الجارية من خطبني إليكم فأخبرتها أمها فقالت أتردون على رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمره ادفعوني إليه فإنه لن يضيعني فانطلق أبوها إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال شأنك بها فزوجها جليبيبا قال فخرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم في غزاة له قال فلما أفاء الله عز وجل عليه قال هل تفقدون من أحد

(1) في رواية " في أحدكم ".
(2) في اسمه اختلاف ولعل الأرجح " عويمر ".
367

قالوا لا قال لكني أفقد جليبيبا قال فاطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة
قتلهم (1) ثم قتلوه فقالوا يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة قتلهم ثم
قتلوه فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال قتل سبعة ثم قتلوه هذا منى وأنا منه
مرتين أو ثلاثا ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعديه وحفر له ماله
سرير إلا ساعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم وضعه في قبره لم يذكر أنه غسله قال ثابت فما كان
في الأنصار أيم أنفق منها، وحدث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتا هل
تعلم ما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم صب عليها الخير صبا ولا
تجعل عيشها كدا كدا قال فما كان في الأنصار أيم أنفق منها قلت هو في الصحيح
خاليا عن الخطبة والتزويج رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن أنس قال
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها قال
استأمر أمها قال فنعم إذا قال فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها فقالت لا
ها الله (2) إذا ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الا جليبيبا وقد منعناها فلانا
وفلانا قال والجارية في خدرها تسمع قال فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم
بذلك فقالت الجارية أتريدون ان تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره إن كان
رضى لكم فأنكحوه قال فكأنها جلت عن أبوابها وقالا صدقت فذهب أبوها
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن كنت رضيته فقد رضيناه فقال إني قد
رضيته فزوجها ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب (3) فوجدوه قد قتل وحوله ناس
من المشركين قد قتلهم قال أنس فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق أيم بالمدينة. رواه
أحمد والبزاز إلا أنه قال فكأنما حلت عن أبوبها عقالا، ورجال أحمد رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في زاهر بن حزام رضي الله عنه) *
عن أنس ان رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا وكان يهدى إلى النبي
صلى الله عليه وسلم الهدية فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان زاهرا باديتنا ونحن حاضروه وكان النبي صلى الله عليه وسلم
يحبه وكان دميما فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا
يبصره فقال أرسلني من هذا فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره
يصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يشترى العبد فقال

(1) في الأصل " فيهم ".
(2) أي لا والله.
(3) في الأصل " جلبيب " في المواضع كلها.
368

يا رسول الله إذا تجدني كاسدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكنك عند الله لست بكاسد،
أو قال عند الله أنت غال. رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد رجال
الصحيح. وعن سالم يعنى ابن أبي الجعد عن رجل من أشجع يقال له أزهر بن
حرام الأشجعي رجل بدوي وكان لا يزال يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بطرفة
أو هدية فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق المدينة يبيع سلعة له ولم يكن أتاه يعنى
في ذلك الوقت فاحتضنه من وراء كتفه فالتفت فأبصر النبي صلى الله عليه وسلم فقبل كفه فقال
من يشترى العبد قال إذا تجدني يا رسول الله كاسدا قال لكنك عند الله ربيح فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لكل حاضر بادية وبادية آل محمد زاهر بن حرام. رواه
البزار والطبراني ورجاله موثقون.
(باب ما جاء في عبد الله بن أبي البجادين (1) رضي الله عنه)
عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو
البجادين إنه أواه وذلك أنه كثير الذكر عز وجل في القرآن وكان يرفع
صوته في الدعاء. رواه أحمد والطبراني وإسناده حسن. وعن ابن الأدرع قال
كنت أحرس النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ذات ليلة لبعض حاجته قال فرآني فأخذ بيدي
فانطلقنا فمررنا على رجل يصلى يجهز بالقرآن فقال النبي صلى الله عليه وسلم عسى
أن يكون مرائيا قال قلت يا رسول الله يصلى يجهر بالقرآن قال إنكم لن تنالوا
هذا الامر بالمغالبة ثم خرج ذات ليلة وأنا أحرسه لبعض حاجته فأخذ بيدي فمررنا
على رجل يصلى يجهز بالقرآن فقلت عسى أن يكون مرائيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلا
انه أواب فنظرت فإذا عبد الله ذو البجادين. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال والله لكأني اسمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في غزوة تبوك وهو في قبر عبد الله ذي البجادين وأبو بكر وعمر رحمة الله
عليهما وهو يقول ناولوني صاحبكما حتى وسده في لحده فلما فرغ من دفنه استقبل
القبلة فقال اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه. رواه البزار عن شيخه عباد ابن أحمد العرزمي وهو متروك.

(1) في الأصل " النجادين " بالنون في الأماكن كلها، والتصويب من جنى الجنتين في
المثنيين للمحبي.
369

(باب ما جاء في ضمام رضي الله عنه)
عن ابن عباس قال جاء ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال ألا أرقيك يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله نستعينه ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل
فلا هادي له أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قال ضمام لقد قرأت
الكتب والتوراة والإنجيل والزبور فما سمعت مثل هذا الكلام أعدهن على
فأعادهن عليه ثم ذكر أنه أسلم - قلت حديث ضماد بالدال في الصحيح وغيره وحديث
ضمام بالميم لم أجده - رواه الطبراني وذكره بالميم، ورجال ثقات.
(باب ما جاء في النحام رضي الله عنه)
قال الطبراني: وهو نعيم بن عبد الله بن أسد بن عبد عوف بن عبيد بن عويج
ابن عدي بن كعب وإنما سمى النحام لان النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت نحمة
في الجنة والنحم الصوت، قال أبو عبيدة معمر بن المثنى وكان اسلامه قبل هجرة
الحبشة وقتل بأجنادين من أرض الشام.
(باب ما جاء في عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه)
قال الطبراني: هو عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف ابن زهرة وأمه عمرة بنت الأرقم بن هاشم بن عبد مناف كان قد عمى قبل وفاته
وكان كاتبا للنبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. وعن عبد الواحد
ابن أبي عون قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم كتاب رجل فقال لعبد الله بن
الأرقم أجب عنى فكتب جوابه ثم قرأه عليه أصبت وأحسنت
اللهم وفقه، فلما ولى عمر كان يشاوره. رواه الطبراني معضلا واسناده حسن.
* (باب ما جاء في عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه) *
عن عثمان بن أبي العاص قال قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلبسنا حللنا بباب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا من يمسك
لنا رواحلنا فكل القوم أحب الدخول على النبي صلى الله عليه وسلم وكره
370

التخلف عنه قال عثمان وكنت أصغرهم فقلت ان شئتم أمسكت لكم على أن عليكم
عهد الله لتمسكن لي إذا خرجتم قالوا فذلك لك فدخلوا عليه ثم خرجوا فقالوا
انطلق بنا قلت أين قالوا إلى أهلك فقلت خرجت من أهلي حتى إذا حللت بباب
النبي صلى الله عليه وسلم أرجع ولا أدخل عليه وقد أعطيتموني ما قد علمتم قالوا
فاعجل فانا قد كفيناك المسألة فلم ندع شيئا الا سألناه فدخلت فقلت يا رسول الله ادع الله ان يفقهني في الدين ويعلمني قال ماذا قلت فأعدت عليه القول فقال لقد
سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد من أصحابك اذهب فأنت أمير عليهم وعلى من
يقدم عليك من قومك فذكر الحديث. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
غير حكيم بن حكيم بن عياد وقد وثق. وفى رواية أخرى مختصرة قال فيها فدخلت
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه. وعن أبي
هريرة قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ومعه كتاب فقال لأعطين
هذا الكتاب رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قم يا عثمان بن أبي العاص
فقام عثمان بن أبي العاص فدفعه إليه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل
ابن يعلى أبو أمية وهو ضعيف. وعن أبي نضرة قال اتيت عثمان بن أبي العاص في
أيام العشر وكان له بيت قد أخلاه للحديث فمر عليه بكبش فقال لصاحبه بكم اخذته
فقال باثني عشر درهما فقلت لو كان معي اثنا عشر درهما اشتريت بها كبشا
فضحيت وأطعمت عيالي فلما قدمت اتبعت عثمان فلما قدمت أتبعني بصرة فيها
خمسون درهما فما رأيت دراهم قط كانت أعظم بركة منها أعطاني وهو لها محتسب
وأنا إليها محتاج. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في عثمان بن حنيف رضي الله عنه) *
عن نوفل بن مساحق قال بينما عثمان بن حنيف يكلم عمر بن الخطاب رضى
الله وكان عاملا فأغضبه فأخذ عمر بن الخطاب قبضة من البطحاء فرجمه بها
فأصاب حجر منها جبينه فشجه فسال الدم على لحيته فكأنه ندم فقال امسح الدم
عن لحيتك فقال لا يهولنك هذا يا أمير المؤمنين فوالله لما انتهكت ممن وليتني أمره أشد مما انتهكت منى قال فكأنه أعجب عمر ذلك منه وزاده خيرا. رواه
371

الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في جرير رضي الله عنه) *
عن جرير قال لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي ثم رحلت عيبتي ثم لبست
حلتي ثم دخلت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فرماني الناس بالحدق فقلت لجليسي يا
عبد الله ذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم ذكرك بأحسن ذكر فبينا هو يخطب إذ
عرض له في خطبته وقال يدخل عليكم من هذا الباب أو من هذا الفج رجل من
خير ذي يمن الا ان على وجهه مسحة ملك قال جرير فحمدت الله عليه ما أبلاني.
رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنهما وأسانيد الكبير رجاله
رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع
عليكم خير ذي يمن عليه مسحة ملك فطلع جرير بن عبد الله. رواه الطبراني
وفيه محمد بن السائب الكلبي وهو كذاب. وعن عبد الله بن ضمرة قال بينا
أنا يوما قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه أكثرهم منم اليمن إذ قال لهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع عليكم خير ذي يمن فبقي القوم كل رجل يرجو
أن يكون من أهل بيته فإذا هم بجرير بن عبد الله قد طلع من الثنية فجاء حتى سلم
على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه فردوا عليه بأجمعهم السلام ثم بسط
عرض ردائه وقال له على هذا يا جرير فاقعد فقعد معهم مليا ثم قام فانصرف فقال
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأينا اليوم منك منظرا لجرير ما رأيناه
لأحد قال نعم هذا كريم قومه فأكرموه. رواه الطبراني والبزار وفيه جماعة لم
أعرفهم. وعن البراء بن عازب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
يأتيكم من هذا الفج خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك قال فما من القوم رجل
إلا يتمنى أن يكون منه إذ طلع عليهم راكب فانتهى إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فنزل عن راحلته فأتى النبي صيل الله عليه وسلم فأخذ بيده فسلم عليه وبايعه
وهاجر قال من أنت قال أنا جرير بن عبد الله البجلي فأجلسه رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى جنبه ومسح بيده على رأسه ووجهه وصدره وبطنه حتى انحنى حرير
حياءا أن يدخل يده تحت إزاره وهو يدعو له بالبركة ولذريته ثم مسح رأسه
372

وظهره وهو يدعو له. رواه الطبراني في الأوسط وفيه جرير بن أيوب البجلي
وهو متروك. وعن جرير قال إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول
الله أبايعك على الهجرة فبايعني رسول الله صلى الله عليه وسلم واشترط على والنصح
لكل مسلم فبايعته على هذا قلت في الصحيح فاشترط على والنصح لكل مسلم
رواه الطبراني بطرق ورجال بعضها رجال الصحيح. وعن علي بن أبي طالب
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير منا أهل البيت ظهرا لبطن قالها ثلاثا.
رواه الطبراني وأبو بكر بن حفص لم يدرك عليا وسليمان بن إبراهيم بن جرير
لم أجد من وثقه، وبقية رجاله ثقات. وعن جرير قال كانت إذا قدمت على رسول
الله صلى الله عليه وسلم الوفود دعاني فباهاهم بي. رواه الطبراني وفى خالد بن
عمرو الأموي وهو متروك ووثقه ابن حبان. وعن ابن لجرير بن عبد الله قال كان
نعل جرير بن عبد الله طولها ذراع. رواه عبد الله وابن جرير لم أعرفه، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن سليم أبى الهذيل قال كنت فاءا على باب جرير
ابن عبد الله فكان يخرج فيركب بغلة أي ويحمل غلامه خلفه. رواه الطبراني
وسلمة ومحمد بن منصور الكليبي لم أعرفهما، وبقية رجال ثقات.
(باب ما جاء في وائل بن حجر رضي الله عنه)
عن وائل بن حجر قال بلغنا ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في ملك عظيم وطاعة.
فرفضته وخرجت راغبا في الله ورسوله فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان قد بشرهم بقدومي فلما قدمت عليه فسلمت عليه فرد على وبسط لي
رداءه وأجلسني عليه ثم صعد منبره وأقعدني معه فرفع يديه فحمد الله وأثنى عليه
وصلى على النبيين واجتمع الناس إليه فقال لهم أيها الناس هذا وائل بن حجر قد
أتاكم من أرض بعيدة من حضرموت طائعا غير مكره راغبا في الله وفى رسوله
وفى دينه قال صدقت. رواه البزار وفيه محمد بن حجر وهو ضعيف. وعن وائل
ابن حجر قال جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هذا وائل بن حجر جاءكم
لم يجئكم رغبة ولا رهبة جاءكم حبا لله ولرسوله وبسط له رداءه وأجلسه إلى جنبه
وضمه إليه وأصعده المنبر فخطب الناس فقال ارفقوا به فإنه حديث عهد بالملك فقال
373

إن أهلي غلبوني على الذي لي قال أنا أعطيكه وأعطيك ضعفه فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم يا وائل بن حجر إذا صليت فاجعل يديك حذاء أذنيك والمرأة
تجعل يديها حذاء ثدييها قلت له في الصحيحين في رفع اليدين غير هذا الحديث
رواه الطبراني من طريق ميمونة بنت حجر بن عبد الجبار عن عمتها أم يحيى بن
عبد الجبار ولم أعرفها، وبقية رجاله ثقات. وعن وائل بن حجر قال لما بلغنا
ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت وافدا عن قومي حتى قدمت المدينة
فلقيت أصحابه قبل لقائه فقالوا بشرنا بك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل ان تقدم
علينا بثلاثة أيام فقال قد جاءكم وائل بن حجر ثم لقيني عليه السلام فرحب بي
وأدنى مجلسي وبسط لي رداءه فأجلسني عليه ثم دعا في الناس فاجتمعوا إليه ثم اطلع
المنبر وأطلعني معه وأنا دونه ثم حمد الله وقال يا أيها الناس هذا وائل بن حجر
اتاكم من بلاد بعيدة من بلاد حضرموت طائعا غير مكره بقية أبناء الملوك بارك
الله فيك يا حجر وفى ولدك ثم نزل وأنزلني منزلا شاسعا عن المدينة وأمر معاوية
ابن أبي سفيان ان يبوئني إياه فخرجت وخرج معي حتى إذا كنا ببعض
الطريق قال يا وائل ان الرمضاء قد أصابت بطن قدمي فاردفني خلفك فقلت ما
أضن عليك (1) بهذه الناقة ولكن لست من أبناء الملوك وأكره ان أعير بك
قال فالق إلى حذاءك أتوقى به من حر الشمس قلت ما أضن عليك (1) بهاتين
الجلدتين ولكن لست ممن يلبس لباس الملوك وأكره ان أعير بك فلما أردت
الرجوع إلى قومي أمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتب ثلاثة منها كتاب لي خالص
يفضلني فيه على قومي وكتاب لي ولأهل بيتي بأموالنا هناك وكتاب لي ولقومي
وفى كتابي الخالص بسم الله من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية إن
وائلا يسترعى ويترفل على الأقوال (2) حيث كانوا من حضرموت، وفى كتابي الذي
لي ولأهل بيتي بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي
أمية لأبناء معشر وأبناء ضمعاج أقوال شنوءة بما كان لهم فيها من ملوك
ومزاهر وعمران وبحر وملح ومحجر وما كان لهم من مال اترثوه وما كان لهم

(1) في الأصل " ما أظن عنك ".
(2) وفى رواية " الأقيال " وهم الملوك
374

فيها من مال بحضرموت أعلاها وأسفلها منى الذمة والجوار الله لهم جار والمؤمنون
على ذلك أنصار، وفى كتابي الذي لي ولقومي بسم الله الرحمن الرحيم من محمد
رسول الله إلى وائل بن حجر والأقوال العباهلة من حضرموت بإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة من الصرة السمنة ولصاحبها البيعة لا جلب ولا جنب (1) ولا شغار
ولا وراط في الاسلام لكل عشرة من السرايا ما يحمل الجراب من التمر من أجبا
فقد أربى (2) وكل مسكر حرام فلما ملك معاوية بعث رجلا من قريش يقال له بشر
بن أبي أرطاة فقال له قد ضمنت الناحية فاخرج بجيشك فإذا خلفت أفواه الشام
فضع سيفك فاقتل من أبى بيعتي حتى تصير إلى المدينة ثم ادخل المدينة فاقتل من أبى
بيعتي وإن أصبت وائل بن حجر حيا فائتني به ففعل وأصاب وائلا حيا فجاء به
إليه فأمر معاوية ان يتلقى وأذن له فأجلسه معه على سريره فقال له معاوية
أسريري هذا خير أم ظهر ناقتك فقلت يا أمير المؤمنين كنت حديث عهد بجاهلية
وكفر وكانت تلك سيرة الجاهلية فقد أتانا الله بالاسلام فستر الاسلام ما فعلت
قال فما منعك من نصرنا وقد أعدك عثمان ثقة وصهرا قلت إنك قاتلت رجلا هو
أحق بعثمان منك قال وكيف يكون أحق بعثمان منى وأنا أقرب إلى عثمان في
النسب قلت إن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بين على وعثمان فالأخ
أولى من ابن العم ونست أقاتل المهاجرين قال أو لسنا مهاجرين
قلت أو لسنا قد اعتزلنا كما جميعا وحجة أخرى حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رفع
رأسه نحو المشرق وقد حضره جمع كثير ثم رد إليه بصره فقال أتتكم الفتن كقطع
الليل المظلم فشدد أمرها وعجله وقبحه فقلت له من بين القوم يا رسول الله وما الفتن
قال يا وائل إذا اختلف سفيان في الاسلام فاعتزلهما فقال أصبحت شيعيا فقلت لا
ولكني أصبحت ناصحا للمسلمين فقال معاوية لو سمعت ذا وعلمته ما أقدمتك قلت
أوليس قد رأيت ما صنع محمد بن مسلمة عند مقتل عثمان انتهى بسيفه إلى صخرة
فضربه حتى انكسر فقال أولئك قوم يحملون قلت فكيف نصنع بقول رسول الله

(1) هو أن يأتي المصدق بالأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، بل عليه أن يأتيها
في أماكنها، وقيل غير ذلك.
(2) هو بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه، وقيل هو أن يغيب إبله عن المصدق، وقيل هو بيع العينة. وفى الأصل تصحيفات.
375

صلى الله عليه وسلم من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ومن أبغض الأنصار فببغضي
أبغضهم فقال اختر أي البلاد شئت فإنك لست براجع إلى حضرموت فقلت عشيرتي
بالشام وأهل بيتي بالكوفة فقال رجل من أهل بيتك خير من عشرة من عشيرتك
فقلت ما رجعت إلى حضرموت سرورا بها وما ينبغي للمهاجر أن يرجع إلى الموضع
الذي هاجر منه الا من علة قال وما علتك قلت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الفتن فحيث اختلفتم اعتزلناكم وحيث اجتمعتم جئناكم فهذه العلة فقال إني قد
وليتك الكوفة فسر إليها فقلت ما إلى بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أما رأيت أبا بكر أرادني
فأبيت وأرادني عمر فأبيت وأرادني عثمان فأبيت ولم أترك بيعتهم جاءني كتاب أبى
بكر حيث ارتد أهل ناحيتنا فقمت فيهم حتى ردهم الله إلى الاسلام بغير ولاية فدعا
عبد الرحمن بن أم الحكم فقال سر فقد وليتك الكوفة وسر بوائل فأكرمه واقض
حوائجه فقال يا أمير المؤمنين أسأت بي الظن تأمرني بإكرام من قد رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم أكرمه وأبا بكر وعمر وعثمان وأنت فسر معاوية بذلك منه فقدمت معه
الكوفة فلم يلبث ان مات، قال محمد بن حجر: الوراط القمار، والأقوال الملوك،
والعياهل العظماء. رواه الطبراني في الصغير والكبير وفيه محمد بن حجر وهو
ضعيف.
* (باب ما جاء في العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه) *
عن أبي هريرة قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى البحرين
ببعثة فرأيت منه ثلاث خصال لا أدرى أيتهن أعجب انتهينا إلى ساحل البحر فقال سموا الله وتقحموا فسمينا وتقحمنا فعبرنا فما بل الماء أسافل خفاف إبلنا فلما قفلنا
صرنا معه بفلاة من الأرض وليس معنا ماء فشكونا إليه فقال صلوا ركعتين ثم دعا
فإذا سحابة مثل الترس ثم أرخت عزاليها (1) فسقينا واستقينا فمات فدفناه في الرمل
فلما صرنا غير بعيد قلنا يجئ سبع فيأكله فرجعنا فلم نره. رواه الطبراني في الثلاثة
وفيه إبراهيم بن معمر الهروي ولد إسماعيل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت
وقد تقدمت قصته في البحرين وحصرهم إياه ونصره عليهم في قتال أهل الردة (2).

(1) العزالي: أفواه القرب. وفى الأصل " غرالتها " وهو غلط.
(2) في الجزء السادس.
376

* (باب ما جاء في جبير بن مطعم رضي الله عنه) *
عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أتاني النثنا لشفعته يعنى المطعم
ابن عدي فأسلم عند ذلك جبير قلت هو في الصحيح غير ذكره فأسلم عند ذلك
جبير رواه الطبراني واسناده حسن.
* (باب ما جاء في ثوبان رضي الله عنه) *
قال الطبراني: ثوبان رضي الله عنه يكنى أبا عبد الله ويقال هو من اليمن من حمير
مولى آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال أصابه سباء فاشتراه رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأعتقه كان يسكن حمص مات سنة خمس وخمسين.
* (باب ما جاء في هالة رضي الله عنه) *
عن هالة انه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راقد فاستيقظ فضام
هالة إلى صدره فقال هالة هالة. رواه الطبراني في الصغير والأوسط وقال كأنه
سر به لقرابته من خديجة رضي الله عنها، وفي اسناده جماعة لم أعرفهم.
(باب ما جاء في حسان بن ثابت رضي الله عنه)
عن البراء بن عازب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت أهج المشركين
فان الله تعالى يؤيدك بروح القدس. رواه الطبراني في الصغير وفيه أيوب بن سويد
الرملي وهو ضعيف ووثقه ابن حبان وقال كان ردئ الحفظ. وعن سعيد بن
جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال قد جاء حسان اللعين فقال ابن عباس
ما هو بلعين لقد جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ونفسه. رواه أبو يعلى وفيه
خديج بن معاوية بن خديج وهو ضعيف وقد وثق.
(باب ما جاء في أبي هند الحجام رضي الله عنه)
عن عائشة ان أبا هند مولى بنى بياضة كان حجاما حجم النبي صلى الله عليه
وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره ان ينظر إلى رجل صور الله
الايمان في قلبه فلينظر إلى أبى هند وقال انكحوا أبا هند وانكحوا إليه. رواه
الطبراني في الأوسط فيه عبد الواحد بن إسحاق الطبراني ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
377

(باب ما جاء في معاوية بن معاوية الليثي رضي الله عنه)
عن أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فطلعت
الشمس بضياء (1) وشعاع ونور لم نرها طلعت فيما مضى بمثله فأتى جبريل النبي
صلى الله عليه وسلم فقال يا جبريل مالي أرى الشمس اليوم طلعت بضياء (1) ونور
وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى قال إن ذلك معاوية بن معاوية الليثي مات بالمدينة
اليوم فبعث الله عليه الف ملك يصلون عليه قال وفيم ذلك قال كان يكثر قراءة قل
هو الله أحد في الليل والنهار وفى ممشاه وقيامه وقعوده فهل لك يا رسول الله ان
أقبض لك الأرض فتصلى عليه قال نعم فصلى عليه. رواه أبو يعلى وفيه العلاء بن
زيدل (2) أبو محمد الثقفي وهو متروك.
(باب ما جاء في دحية الكلبي رضي الله عنه)
عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان يأتيني جبريل على صورة دحية الكلبي
قال أنس ودحية كان رجلا جسيما أبيض. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عفير
ابن معدان وهو ضعيف.
* (باب ما جاء في العرباض وعتبة رضي الله عنهما) *
عن شريح بن عبيد قال كان عتبة يقول عرباض خير منى وعرباض يقول
عتبة خير مني سبقني إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسنة. رواه أحمد ورجاله ثقات.
(باب ما جاء في أبى زيد عمرو بن أخطب رضي الله عنه)
عن أبي زيد انه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات. رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي زيد قال قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم
ثلاث عشرة مرة قال سمعته وهو جد عزرة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
غير تميم بن حويص وهو ثقة. وعن أبي زيد عمرو بن أخطب الأنصاري قال استسقى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بقدح فيه ماء فكانت فيه شعرة فأخذتها فقال اللهم جمله
قال فرأيته وهو ابن أربع وتسعين ليس في لحيته شعرة بيضاء. رواه أحمد
والطبراني الا أنه قال ستون سنة، واسناده حسن. وعن أبي زيد بن أخطب قال قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم جملك الله، وكان رجلا جميلا حسن الشمط. رواه أحمد

(1) في الأصل " بيضاء ".
(2) في الأصل " زيدك " بالكاف، والتصويب من الميزان.
378

عن شيخه الحجاج بن نصير وقد وثقه غير واحد وضعفه جماعة، وبقية
رجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه)
عن ضمرة بن ثعلبة انه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حلتان من حلل اليمن فقال
يا ضمرة أترى ثوبيك هذين مدخليك الجنة فقال لئن استغفرت لي يا رسول الله
لا أقعد حتى أنزعهما عنى فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لضمرة بن ثعلبة
فانطلق سريعا حتى نزعهما عنه. رواه أحمد والطبراني. وعنه انه أتى النبي صلى الله
عليه وسلم فقال ادع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم
ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي
النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقال يا ابن ثعلبة انك لتغرر وتحمل على القوم فقال إن
النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم
يتراءى لي أصحابي فاحمل حتى أكون مع أصحابي قال فعمر زمانا طويلا من
دهره. رواه الطبراني واسناده حسن.
* (باب ما جاء في معقل بن يسار رضي الله عنه) *
عن معقل بن يسار قال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. رواه أحمد
ورجاله ثقات.
(باب ما جاء في أبي العاص بن الربيع رضي الله عنه)
قال الزبير بن بكار: أبو العاص بن الربيع زوج بنت رسول الله صلى الله عليه
وسلم وابن خالتها أمه هاله بنت وأمها فاطمة بنت زائدة وهو الأصم بن جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر بن لؤي ويقال اسم
أبى العاص بن الربيع مهشم وكان يسمى جرو البطحاء وقال الزبير وحدثني محمد
ابن حسن ويحيى بن محمد قالا اسم أبي العاص بن الربيع لقيط، قال الزبير وحدثني
محمد بن الضحاك قال اسم أبى العاص بن الربيع القاسم وذلك الثبت في اسمه، وتوفى
أبو العاص بن الربيع في ذي الحجة سنة ثنتي عشرة. رواه الطبراني واسناده منقطع.
379

(باب ما جاء في فروة بن نعامة ويقال ابن عامر الجذامي رضي الله عنه)
عن عباس قال بعث فروة بن عامر الجذامي إلى النبي صلى الله عليه وسلم باسلامه (1)
وأهدى له بغلة بيضاء وكان فروة عاملا لقيصر ملك الروم على من يليه من العرب
وكان منزله بعمان وما حولها فلما بلغ الروم ذلك من امره حبسوه فقال في محبسه:
طرقت سليمى موهنا أصحابي * والروم بين الناس والقرواني
صعد الخيال وشانني ما قد أرى * فهممت ان أعفى وقد انكاني
فلا تحكن العين بعدي إثمدا * سلمى ولا سرين للايمان
ولقد علمت أبا كبيشة إنني * وسط الأعزة لا يحس لساني
ولئن هلكت ليفقدن أخاكم * ولئن أصبت ليعرفن مكاني
ولقد عرفت بكل ما جمع الفتى * من رأيه وبنجدة وبيان
فلما جمعوا له وصلبوه على ماء يقال له عفراء بفلسطين فلما رفع على خشبة قال:
الا هل أتى سلمى بأن حليلها * على ماء عفرا فوق إحدى الرواحل
بحدافة لم يضرب الفحل أمها * مسدية أطرافها بالمناجل
وقال: بلغ سراة المسلمين بأنني * سلم لربي أعظمي وبناني
رواه الطبراني وفيه عبد الله بن سلمة الربعي ضعفه أبو زرعة.
(باب ما جاء في فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه)
عن فروة بن مسيك المرادي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أكرهت يوميكم ويومي همدان قال قلت نعم يا رسول الله فناء الأهل والعشيرة قال
اما انه خير لمن اتقى منكم. رواه أحمد والطبراني الا أنه قال خير لمن بقي منكم،
وفيه مجالد وهو حسن الحديث وقد ضعف، وبقية رجالهما
(باب ما جاء في فرات بن حيان رضي الله عنه)
عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال
لأصحابه ان منكم رجالا لا أعطيهم شيئا أكلهم إلى ايمانهم منهم فرات بن حيان.

(1) في الأصل اضطراب في العبارة صححته من الإصابة.
380

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة. وعن علي
يعنى ابن أبي طالب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إني لأعطي قوما أتألفهم وأكل قوما إلى
ما عندهم أول إلى ما جعل الله في قلوبهم منهم فرات بن حيان. رواه الطبراني
وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف.
* (باب في عمران بن حصين رضي الله عنه) *
عن أبي عبيد قال: عمران بن حصين من بنى غاضرة من خزاعة.
رواه الطبراني. وعن الواقدي قال عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبيد
ابن عبد نهم بن حذافة بن حممة بن غاضرة بن حبشية بن كعب بن عمرو بن
خزاعة. رواه الطبراني. قال الطبراني ثنا عبيد الله بن محمد قال ويكنى عمران أبا
نجبد أسلم قديما هو وأبوه وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات ولم
يزل في بلاد قومه وينزل إلى المدينة كثيرا إلى أن قبض النبي صلى الله عليه وسلم فتحول إلى
البصرة فنزلها إلى أن مات بها وله بقية من ولد وخالد بن طليق بن محمد بن عمران
ابن حصين ولى قضاء البصرة ويقال ان حصينا مات مسلما وقد ورد انه مات مشركا
والصحيح أنه أسلم. رواه الطبراني. وعن هلال بن يساف قال قدمت البصرة
فدخلت المسجد فإذا بشيخ أبيض الرأس واللحية مستندا إلى أسطوانة حوله حلقة
يحدثهم من هذا قالوا عمران بن حصين. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن محمد بن سيرين قال ما قدم أحد من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم نفضله على عثمان بن حصين. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن سفين قال ما قدم البصرة مثل عمران بن حصين. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح الا ان الإمام أحمد لم يسمع من سفيان الثوري وإن كان هو ابن
عيينة فقد سمع منه. وعن أبي الأسود الدؤلي قال قدمت البصرة وبها أبو نجيد
عمران بن حصين وكان عمر بن الخطاب بعثه يفقه أهل البصرة. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن الحكم بن الأعرج ان عمران بن حصين قال ما
مسست ذكرى بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه عمر
ابن سهل المازني وثقه ابن حبان وقال ربما خالف، وضعفه العقيلي، وبقية رجاله
381

رجاله الصحيح. وعن عطاء بن أبي ميمونة مولى عمران بن الحصين ان عمران
ابن الحصين قتل له أخ في الجاهلية فقتل به سبعين. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير إبراهيم بن عطاء. وعن هارون بن عبد الله الحمال قال مات عمران
ابن حصين سنة ثنتين وخمسين. رواه الطبراني.
(باب ما جاء في البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما)
عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم خمس عشرة غزوة، وسمعت زيد بن أرقم يقول غزوت مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم بضع عشرة غزوة. رواه أبو يعلى وفيه خديج بن معاوية وثقه أبو
حاتم وغيره وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في عمير بن سعد رضي الله عنه) *
عن عمير بن سعد قال بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمير بن سعد عاملا
على حمص فمكث حولا لا يأتيه فقال عمر لكاتبه اكتب إلى عمير بن سعد فوالله
ما أراه الا خاننا فإذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل بما جبيت من
فئ المسلمين حين تنظر في كتابي هذا فأخذ عمير جرابه فجعل فيه
زاده وقصعته وعلق إداوته واخذ عنزته ثم اقبل يمشى من حمص
حتى دخل المدينة قال فقدم وقد شحب لونه واغبر وجهه وطالت شعرته فدخل علي
عمر فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله فقال عمر ما شأنك فقال عمير ما
ترى من شأني ألست تراني صحيح البدن ظاهر الدم معي الدنيا أجرها بقرونها
قال وما معك قال فظن عمر أنه قد جاء بمال فقال معي جرابي أجعل فيه زادي
وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي
وعزتي (1) أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوى إن عارضني فوالله ما الدنيا إلا تبع
لمتاعي قال عمر فجئت تمشى قال نعم قال أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها
قال ما فعلوا وما سألتهم ذلك قال بئس المسلمون خرجت من عندهم فقال له عمير
اتق الله يا عمر فقد نهاك الله عن الغيبة وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة قال فأين ما

(1) العنزة: مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا وفيها سنان.
382

بعثنك به وأي شئ صنعت قال وما سؤالك يا أمير المؤمنين فقال عمر سبحان الله
فقال عمير أما لو لم أخش أن أغمك ما أخبرتك بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت
صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه ولو نالك منه شئ
لأتيتك به قال فما جئتنا بشئ قال لا قال جددوا لعمير عهدا قال إن ذلك لسئ
لا عملت لك ولا لأحد بعدك والله ما سلمت بل لم أسلم قال قلت لنصراني أخزاك
الله فهذا ما عرضتني به يا عمر وإن أشقى أيامي يوما خلفت معك يا عمر فاستأذنه
فأذن له فرجع إلى منزله قال وبينه وبين المدينة أميال فقال عمر حين انصرف
عمير ما أراه إلا قد خاننا فبعث رجلا يقال له الحارث فقال انطلق حتى تنزل به
فان رأيت حالا شديدة فادفع هذه المائة الدينار فانطلق الحرث فإذا بعمير جالس
يفلي قميصه إلى جنب الحائط فسلم عليه الرجل فقال له عمير انزل رحمك الله فنزل
ثم سأله فقال له من أين جئت قال من المدينة فقال كيف تركت أمير المؤمنين قال
صالحا قال كيف تركت المسلمين قال صالحين قال أليس يقيمون الحدود قال نعم لقد
ضرب ابنا له أتى فاحشة فمات من ضربه فقال عمير اللهم أعز عمر فاني لا أعلمه إلا
شديدا حبه لك قال فنزل به ثلاثة أيام وليس لهم الا قرصة من شعير كانوا يخصونه
بها ويطوون حتى أتاهم الجهد فقال له عمير يا هذا انك قد أجعتنا فان رأيت أن
تتحول عنا فافعل قال فأخرج الدنانير فوضعها إليه فقال بعث بها إليك أمير المؤمنين فاستعن
بها فصاح قال لا حاجة لي فيها ردها فقالت له امرأته إن احتجت إليها وإلا فضعها
مواضعها فقال عمير والله مالي شئ اجعلها فيه فشقت امرأته أسفل درعها فأعطته
خرقة فجعلها فيها ثم خرج فقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء ثم رجع والرسول يظن
أنه يعطيه منها شيئا فقال له اقرئ أمير المؤمنين منى السلام فرجع الحارث إلى عمر
فقال ما رأيت قال رأيت يا أمير المؤمنين حالا شديدة قال فما صنع بالدنانير قال لا
أدرى، قال وكتب إليه عمر إذا جاءك كتابي فلا تضعه من يدك حتى تقبل فاقبل على
عمر فدخل عليه فقال عمر ما صنعت بالدنانير قال صنعت ما صنعت وما سؤالك عنها
قال اتئد عليك لتخبرني بما صنعت بها قال قدمتها لنفسي فقال رحمك الله فبلغ ذلك
عمر بوسق من طعام وثوبين فقال أما الطعام فلا حاجة لي فيه قد تركت في المنزل
383

صاعين من شعير إلى أن آكل ذلك قد جاء الله بالرزق فلم يأخذ الطعام وأما الثوبان
فقال إن فلانة عارية فأخذهما ورجع إلى منزله فلم يلبث ان هلك رحمه الله
فبلغ ذلك عمر فشق عليه وترحم عليه فخرج يمشى ومعه المشاؤون إلى بقيع الغرقد
فقال لأصحابه ليتمن كل رجل منكم أمنيته فقال رجل يا أمير المؤمنين وددت ان
عندي مالا فأعتق لوجه الله كذا وكذا وقال آخر وددت ان عندي مالا فأعتق لوجه الله
كذا وكذا وقال آخر وددت ان عندي مالا فأنفق في سبيل الله وقال آخر
وددت ان عندي قوة فأمتح (1) بدلو ماء زمزم لحاج بيت الله فقال عمر وددت
أن لي رجلا مثل عمير وددت ان لي رجالا مثل عمير استعين بهم في اعمال المسلمين.
رواه الطبراني وفيه عبد الملك بن إبراهيم بن عنترة وهو متروك.
* (باب ما جاء في حكيم بن حزام رضي الله عنه) *
عن يعقوب بن عبد الرحمن القاري قال حدثني أبي قال عاش حكيم بن حزام
عشرين ومائة سنة ستين في الاسلام وستين في الجاهلية وكان إذا استغلظ في اليمين قال
والذي أنعم على حكيم ان يكون قتيلا يوم بدر لا افعل كذا وكذا فلا يفعله.
رواه الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات. وعن مصعب بن ثابت قال والله لقد
بلغني ان حكيم بن حزام حضر يوم عرفة معه مائة رقبة ومائة بدنة ومائة بقرة
ومائة شاة فقال هذا كله لله فأعتق الرقاب وأمر بذلك فنحر. رواه الطبراني
مرسلا وفيه من لم أعرفه. وعن حكيم بن حزام انه باع دارا له من معاوية رضي الله عنهما
بستين ألفا فقالوا غبنك والله معاوية فقال والله ما اخذتها في الجاهلية
الا بزق خمر أشهدكم انها في سبيل الله والمساكين والرقاب فأينا المغبون، وفى
رواية بمائة الف. رواه الطبراني باسنادين أحدهما حسن. وعن أبي حازم
قال ما كان بالمدينة أحد سمعنا به كان أكثر حملا في سبيل الله من حكيم
ابن حزام قال لقد قدم أعرابيان بالمدينة يسألان من يحمل في سبيل الله فدلا
على حكيم بن حزام فأتياه في أهله فسألهما ما يريدان فأخبراه ما يريدان
فقال لهما لا تعجلا حتى اخرج إليكما وكان حكيم يلبس ثيابا يؤتى بها من مصر كأنها
الشباك ثمنها أربعة دراهم ويأخذ عصا في يده ويخرج معه غلامان له وكلما مر بكناسة

(1) أي استقى.
384

أو قمامة فرأى فيها خرقة تصلح في جهاز الإبل إلى يحمل عليها في سبيل الله أخذها
بطرف عصاه فنفضها ثم قال لغلاميه أمسكا بسلعتكما في جهازكما فقال الأعرابيان
أحدهما لصاحبه وهو يصنع ذلك ويحك انج بنا فوالله ما عند هذا إلا لقط القشع فقال
له صاحبه ويحك لا تعجل حتى ننظر فخرج بهما إلى السوق فنظر إلى ناقتين جليلتين
سمينتين خلقتين (1) فابتاعهما وابتاع جهازهما ثم قال لغلاميه رما بهذه الخرق ما ينبغي له
المرمة من جهازكما ثم أوقرهما طعاما وبرا وودكا (2) وأعطاهما نفقة ثم أعطاهما الناقتين قال
يقول أحدهما لصاحبه والله ما رأيت من لاقط قشع خيرا من اليوم. رواه الطبراني.
(باب ما جاء في عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه)
قال الطبراني: عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن
مخزوم أمه أم مجالد امرأة من بنى هلال أسلم عام الفتح واستشهد يوم أجنادين.
وعن مصعب بن عبد الله الزبيري قال عكرمة بن أبي جهل بن هشام ليس له عقب
وكان خرج هاربا يوم الفتح حتى استأمنت له زوجته من النبي صلى الله عليه وسلم
وهي أم حكيم بنت هشام أمنته أدركته باليمن فردته إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه فاعتنقه وقال مرحبا بالراكب المهاجر. رواه الطبراني
واسناده منقطع. وعن أبي مليكة قال كان عكرمة بن أبي جهل إذا اجتهد في اليمين
قال والذي نجاني يوم بدر وكان يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويقول كلام ربى
كلام ربى. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن عكرمة بن أبي
جهل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جئته مرحبا بالراكب مرحبا بالراكب المهاجر.
رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. وعن عكرمة بن أبي جهل قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جئته مرحبا بالراكب المهاجر فقط مرة واحدة.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح الا ان مصعب بن سعد لم يسمع من عكرمة.
وعن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت لأبي جهل عنقا في
الجنة فلما أسلم عكرمة قال هو هذا. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري
وقد وثق وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات.

(1) الحلقة: الحامل من النوق.
(2) هو دسم اللحم ودهنه.
385

* (باب ما جاء في عروة بن مسعود رضي الله عنه) *
عن عروة يعنى ابن الزبير قال لما أنشأ الناس الحج سنة تسع قدم عروة بن
مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يرجع إلى قومه فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخاف ان يقتلوك قال لو وجدوني نائما ما أيقظوني
فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قومه مسلما فرجع عشاءا فجاء ثقيف يحيونه
فدعاهم إلى الاسلام فاتهموه وأغضبوه وأسمعوه فقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم مثل عروة مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه. رواه الطبراني وروى
عن الزهري نحوه وكلاهما مرسل واسنادهما حسن. وعن ابن عباس قال بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود إلى الطائف فرماه رجل بسهم فقتله فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما أشبه هذا بصاحب ياسين. رواه الطبراني وفيه أبو عبيدة
ابن الفضل وهو ضعيف. وعن علي بن زيد بن جدعان ان عروة بن مسعود قال
لقومه زمن الحديبية أي قوم إني رأيت الملوك وكلمتهم فابعثوني إلى محمد فأكلمه
فأتاه بالحديبية فجعل عروة يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمغيرة بن
شعبة شاك في السلاح على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له المغيرة كف يدك قبل ان
لا تصل إليك فرفع عروة رأسه فقال أنت هو والله إني لفي غدرتك ما أخرجت
منها بعد فرجع عروة إلي قومه فقال أي قوم إني قد رأيت الملوك وكلمتهم والله ما
رأيت مثل محمد صلى الله عليه وسلم قط وما هو بملك ولقد رأيت الهدى معكوفا
يأكل وبره وما أراكم إلا سيصيبكم قارعة فانصرف ومن معه من قومه فصعد
سور الطائف فشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرماه رجل من قومه
بسهم فقتله فقال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل صاحب ياسين.
رواه أبو يعلي مرسلا واسناده حسن.
* (باب ما جاء في أبي أمامة واسمه صدى بن عجلان رضي الله عنه) *
عن أبي أمامة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله عز وجل
وأعرض عليهم شرائع الاسلام فأتيتهم وقد سقوا إبلهم وحلبوها وشربوا فلما
386

رأوني قالوا مرحبا بالصدى بن عجلان قالوا بلغنا أنك صبوت إلى هذا الرجل
قلت لا ولكن آمنت بالله ورسوله وبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم أعرض عليكم
الاسلام وشرائعه فبينا نحن كذلك إذ جاءوا بقصعتهم فوضعوها واجتمعوا حولها
فأكلوا بها قالوا هلم يا صدى قلت ويحكم إنما أتيتكم من عند من يحرم هذا عليكم
إلا ما ذكيتم كما أنزل الله عليه قالوا وما قال قلت نزلت هذه الآية (حرمت
عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) إلى قوله (وأن تستقسموا بالأزلام) فجعلت
ادعوهم إلى الاسلام ويأبون قلت لهم ويحكم ائتوني بشربة من ماء فاني شديد
العطش قال وعلى عمامة قالوا لا ولكن ندعك تموت عطشا قال فاعتممت وضربت
برأسي في العمامة ونمت في الرمضاء في حر شديد فأتاني آت في منامي بقدح
زجاج لم ير الناس أحسن منه وفيه شراب لم ير الناس الف منه فأمكنني منها
فشربتها فحيث فرغت من شرابي استيقظت ولا والله ما عطشت ولا عرفت عطشا
بعد تيك الشربة. رواه الطبراني وفيه بشير بن شريح وهو ضعيف. وعن أبي
أمامة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهلي فأتيتهم وهم على الطعام فرحبوا بي
وأكرموني وقال تعال فكل فقلت انى جئت لأنهاكم عن هذا الطعام وأنا رسول
رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيتكم لتؤمنوا به فكذبوني وزبروني وأنا جائع ظمآن قد براني
جهد شديد فنمت فأتيت في منامي بشربة لبن فشربت ورويت وعظم بطني فقال
القوم أتاكم رجل من أشرافكم وسراتكم فرددتموه اذهبوا إليه واطعموه من
الطعام والشراب فقلت لا حاجة في طعامكم وشرابكم فان الله عز وجل أطعمني
وسقاني فانظروا إلى هذه الحال التي أنتم عليها فنظروا فآمنوا بي وبما جئت به من
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى رواية فأريتهم بطني فأسلموا عن آخرهم. رواه
الطبراني باسنادين وإسناد الأولى حسن فيها أبو غالب وقد وثق.
(باب ما جاء في الأشج ورفقته رضي الله عنهم)
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال قال الأشج بن عصر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله قال ما هما يا رسول الله قال الحلم والأناة قال أقديما
كانا أم حديثا قال قديما قلت الحمد لله الذي جعلني على خلقين تحبهما. رواه أحمد
387

ورجاله رجال الصحيح إلا أن ابن أبي بكرة لم يدرك الأشج. وعن ابن عمر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم
والأناة. رواه الطبراني من طريقين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير نعيم
ابن يعقوب وهو ثقة، ورواه في الأوسط من طريق حسنة الاسناد. وعن مزيدة
جد هود العبدي قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال يطلع عليكم
من هذا الفج ركب من خير أهل المشرق فقام عمر بن الخطاب فتوجه في ذلك
الوجه فرأى ثلاثة عشر راكبا فرحب وقرب وقال من القوم قالوا قوم من عند
عبد القيس قال فما أقدمكم لهذه البلاد التجارة قالوا لا قال فتبيعون سيوفكم هذه
قالوا لا قال فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل قالوا أجل فمشى معهم يحدثهم
حتى نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا صاحبكم الذي تطلبون فرمى القوم
بأنفسهم عن رواحلهم فمنهم من سعى سعيا ومنهم من هرول هرولة ومنهم من مشى
حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا بيده يقبلونها وقعدوا إليه وبقى
الأشج وهو أصغر الفوم فأناخ الإبل وعقلها وجمع القوم ثم اقبل يمشي على تؤدة
حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده فقبلها فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله قال وما هما يا رسول الله قال الأناة والتؤدة
قال أجبلا جبلت عليه أو تخلفا منى قال بل جبل قال الحمد لله الذي جبلني على ما
يحب الله ورسوله وأقبل القوم قبل تمرات لهم يأكلونها فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسمى
لهم هذا كذا وهذا كذا قالوا أجل يا رسول الله ما نحن بأعلم بأسمائها منك قال
أجل فقالوا لرجل منهم أطعمنا من بقية الذي بقي من نوطك (1) فقام فأتاه
بالبرني فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا البرنى أما انه من خير تمراتكم إما هو
دواء لا داء فيه. رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات وفى بعضهم خلاف.
وعن الزارع أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه بأخيه لامه
يقال (2) له مطر بن هلال بن عنزة وخرج بابن أخ له مجنون ومعهم الأشج وكان
اسمه المنذر بن عائذ فقال المنذر يا زارع خرجت معنا برجل مجنون وفتى شاب ليس

(1) النوط: الجلة الصغيرة يكون فيها التمر، وفى النهاية " أطعمنا من بقية
القوس الذي في نوطك ".
(2) في الأصل " فقال ".
388

منا وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الزارع أما المصاب فأتي به رسول الله صلى
الله عليه وسلم يدعو له عسى ان يعافيه الله وأما الفتى المنزى فإنه أخي لأمي وأرجو
ان يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة تصيبه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فما عدا ان
قدمنا المدينة قلنا هذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تمالكنا أن وثبنا عن
رواحلنا فانطلقنا إليه سراعا فأخذنا يديه ورجليه نقبلهما وأناخ المنذر راحلته
فعقلها وذاك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عمد إلى رواحلنا فأناخها راحلة راحلة فعقلها
كلها ثم عمد إلى عيبته ففتحها فوضع فيها (1) ثياب السفر ثم أتى يمشى فقال النبي
صلى الله عليه وسلم يا أشج ان فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله قال وما هما بأبي وأمي قال الحلم
والأناة قال فأنا تخلفت بهما أم الله جبلني عليهما قال بل الله جبلك عليهما (2) قال
الحمد لله الذي جبلني على خلفين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة قال الزارع يا نبي
الله بأبي وأمي جئت بابن أخ لي مصاب لتدعو الله له وهو في الركاب قال فائت به
قال فأتينه وقد رأيت الذي صنع الأشج فأخذت عيبتي فأخرجت منها ثوبين حسنين
وألقيت عنه ثياب السفر وألبسته إياهما ثم أخذت بيده فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم وهو
ينظر نظر المجنون فقال النبي صلى الله عليه وسلم اجعل ظهره من قبلي فأقمته
فجعلت ظهره من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه من قبلي فأخذه ثم جره
بمجامع ردائه فرفع يده حتى رأيت إبطيه ثم ضرب بيده ظهره وقال اخرج عدو
الله فالتفت وهو ينظر نظر الصحيح ثم أقعده بين يديه فدعا له ومسح وجهه قال فلم
تزل تلك المسحة في وجهه وهو شيخ كبير كأن وجهه وجه عذراء شبابا وما كان
في القوم رجل يفضل عليه بعد دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا لنا عبد القيس
فقال خير أهل المشرق رحم الله عبد القيس إذ أسلموا غير خزايا إذ أبى بعض الناس ان
يسلموا قال ثم لم يزل يدعو لنا حتى زاغت الشمس قال الزارع يا رسول الله ان معنا ابن أخت
لنا ليس منا قال ابن خت القوم منهم فانصرفنا راجعين فقال الأشج إنك كنت يا زارع أمثل
منى رأيا فيهما وكان في الفوم جهم بن قثم كان قد شرب قبل ذلك بالبحرين مع ابن عم له
فقام إليه ابن عمه فضرب ساقه بالسيف فكانت تلك الضربة في ساقه فقال بعض

(1) في الأصل " عنها ".
(2) " بل الله جبلك عليهما " غير موجودة في الأصل.
389

القوم يا رسول الله بأبي وأمي إن أرضنا ثقيلة وخمة وانا نشرب من هذا الشراب
فيقوم أحدنا إلى ابن عمه فيضرب ساقه بالسيف فجعل يغطى جهم بن قثم ساقه قال
فنهاهم عن الدباء والنقير والختم (1) قلت عند أبي داود طرف منه رواه البزار وفيه أم
أبان بنت الوازع روى لها أبو داود وسكت على حديثها فهو حسن، وبقية
رجاله ثقات. وعن نافع العبدي قال وفد المنذر بن ساوى من البحرين حتى أتى
الرسول صلى الله عليه وسلم ومع المنذر أناس وأنا غليم لا أعقل أمسك جمالهم قال فذهبوا
بسلاحهم فسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع المنذر سلاحه ووضع ثيابا كانت
معه وسمح لحيته بدهن فأتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فسلم وأنا مع الجمال أنظر
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المنذر قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت منك ما لم أر
من أصحابك قلت وما رأيت منى يا رسول الله قال وضعت سلاحك ولبست ثيابك
وتدهنت قال يا رسول الله أفشئ جبلت عليه أم شئ أحدثه (2) قال لا بل شئ
جبلت عليه فسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت عبد القيس طوعا
وأسلم الناس كرها فبارك الله في عبد القيس قال نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
انا انظر إليك ولكني لم أعقل ومات نافع وهو ابن عشرين ومائة سنة. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط وفيه سليمان بن نافع العبدي ذكره ابن أبي حاتم ولم
يذكر فيه جرحا ولا توثيقا، وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في ضرار بن الأزور رضي الله عنه) *
عن ضرار بن الأزور قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أمدد
يدك أبايعك على الاسلام ثم قلت:
تركت القداح وعزف القيان * والخمر تصلية وابتهالا
وكرى المحبر في عمره * وحملي على المسلمين القتالا
فيا رب لا أغبنن بيعتي * فقد بعت أهلي ومالي بدالا
رواه الطبراني وعبد الله إلا أنه قال وحملي على المشركين بدل المسلمين
وقال فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما غبنت صفقتك يا ضرار، وقال في الاسناد محمد

(1) تقدم تفسيرها في الجزء الخامس.
(2) في الأصل " أخذته ".
390

ابن سعيد الباهلي والضعيف قرشي والله أعلم، ورواه الطبراني باسنادين في أحدهما
محمد بن سعيد بن زياد الأترم وهو ضعيف وفى ثقات ابن حبان محمد بن
سعيد بن زياد ولم يقل الأترم فإن كان هو فقد وثق والا فهو الضعيف
وفى الآخر من لم أعرفه.
(باب في نبيشة رضي الله عنه)
قال الطبراني: هو نبيشة بن عبد الله الهذلي يقال نبيشة الخير وهو نبيشة
ابن عبد الله بن شيبان بن عتاب بن الحرث بن حصين بن الحرث بن عبد العزى بن
واثلة. عن أم عاصم وهي أم ولد سفيان بن سلمة بن المحبق الهذلي قالت دخل
علينا نبيشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه نبيشة الخير دخل على رسول
الله صلى الله عليه وسلم وعنده أسارى فقال يا رسول الله اما أن تمن عليهم واما ان
تفاديهم فقال أمرت بخير أنت نبيشة الخير. رواه الطبراني وإسناده حسن.
* (باب في الوليد بن الوليد رضي الله عنه) *
عن إسماعيل بن أيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله
ابن عمر بن مخزوم أن الوليد بن الوليد كان محبوسا بمكة فلما أراد أن يهاجر باع
مالا له يقال له المنا بناقة بالطائف وقال:
وإن أهاجر وابع بناقة * ثم اشتر منها حلى وناقة
ثم ارمهم بنفسك المشتاقة
فوجد غفلة من القوم فخرج هو وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة وسلمة بن
هشام بن المغيرة مشاة يخافون الطلب فسعوا حتى تعبوا وقصر الوليد فقال:
يا قدمي ألحقاني بالقوم * لا تعداني كسلا (1) بعد اليوم
فلما كان عند الأجراس " 2 " نكب فقال:
هل أنت الا إصبع دميت * وفى سبيل الله ما لقيت
فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال يا رسول الله خسرت وأنا

(1) كذا في الإصابة، وفى الأصل " نسلا ". " 2 " في الأصل " بحرة الأضراس ".
391

ميت فكفني في قميصك واجعله مما يلي جلدي فتوفى فكفنه رسول الله صلى الله عليه
وسلم في قميصه دخل على أم سلمة وبين يديها صبي وهي تقول:
يا عين أبكي الوليد بن الوليد بن المغيرة * ان الوليد بن الوليد أبا الوليد كفى العشيرة
قد كان غيثا في السنين وجعفرا غدقا وميره
فقال إن كنتم لتجدون الوليد جبانا فسماه عبد الله. رواه الطبراني وفيه عبد
العزيز بن عمران وهو متروك.
* (باب ما جاء في تميم الداري رضي الله عنه) *
قال الطبراني: تميم بن أوس الداري ويقال ابن قيس يكنى أبا رقية وهو تميم بن
خارجة بن سواد بن جذيمة بن دراع بن عدي بن الدار بن لخم بن حبيب بن
لمازة لخم. عن أبي هريرة قال أول من أسرج في المسجد تميم الداري. رواه
الطبراني وفيه خالد بن إلياس (1).
* (باب ما جاء في كعب بن زهير (2) بن أبي سلمى المزني رضي الله عنه) *
عن محمد بن سلام يعنى البيكندي قال واسم أبى سلمى ربيعة بن رياح بن قرظ بن
الحرث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هدمة بن لاطي بن عثمان بن مزينة.
رواه الطبراني. وعن محمد بن إسحاق قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة منصرفه من الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه كعب بن
زهير بن أبي سلمى يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجلا بمكة ممن
كان يهجوه ويؤذيه وانه بقي من شعراء قريش ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب
قد هربوا في كل وجه فان كانت لك في نفسك حاجة ففر إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا وإن أنت لم تفعل فانج ولا نجا لك وقد كان
كعب قال أبياتا نال فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغ كعبا الكتاب
ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه وأرجف به من كان حاضره من عدوه
فلما لم يجد من شئ بدا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
يذكر خوفه وإرجاف الوشاة به ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت

(1) وهو منكر الحديث ليس بشئ كما في الخلاصة.
(2) في الأصل " عاصم ".
392

بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذكر لي فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى
الصبح فصلى مع الناس ثم أشار له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقم إليه فاستأمنه فذكر لي أنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضع يده في يده
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه فقال يا رسول الله إن كعب بن زهير جاء
ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم نعم فقال يا رسول الله أنا كعب بن زهير قال ابن إسحاق فحدثني
عاصم بن عمر بن قتادة قال وثب عليه رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دعني
وعدو الله أضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا
فغضب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك أنه لم يتكلم فيه
رجل من المهاجرين إلا بخير فقال قصيدته التي قالها حين قدم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وكان مما قال:
تمشى الوشاة بجنبيها وقولهم * إنك يا بن أبي سلمى لمقتول
فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم * فكلما قدر الرحمن مفعول
كل ابن أثى وإن طالت سلامته * يوما على آلة حدباء محمول
أنبئت أن رسول الله أوعدني * والعفو عند رسول الله مأمول
مهلا هداك الذي أعطاك نافلة * الفرقان فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم * أذنب وإن كثرت عني الأقاويل
إن الرسول لنور يستضاء به * مهند من سيوف الله مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم * ببطن مكة لما أسلموا زولوا
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف * عند اللقاء ولا ميل مغازيل
يمشون مشى الجمال الزهر يعصمهم * ضرب إذا غرد السود الننابيل
شم العرانين ابطال لبوسهم * من نسج داود في الهيجا سرابيل
بيض سوابغ قد شكت لها حلق * كأنها حلق القفعاء مجدول
ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم * قوما وليسوا مجازيعا وان نيلوا
لا يقع الطعن إلا في نحورهم * وما لهم عن حياض الموت تهليل
393

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة قال فلما قال " السود التنابيل "
وإنما أراد معشر الأنصار لما كان صاحبهم صنع وخص المهاجرين من قريش من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدحته غضبت عليه الأنصار فبعد أن أسلم
أخذ يمدح الأنصار ويذكر بلاءهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعهم من النبي صلى الله عليه وسلم:
من سره كرم الحياة فلا يزل * في مقنب من صالحي الأنصار
الباذلين نفوسهم لنبيهم * يوم الهياج وفتنة الحار
والضاربين الناس عن أحياضهم * بالمشرق وبالقنا الخطار
والناظرين بأعين محمرة * كالجمر غير كليلة الابصار
يتطهرون كأنه نسك لهم * بدماء من علقوا من الكفار
لو يعلم الأقوام علمي كله * فيهم لصدقني الذين أماري
رواه الطبراني ورجاله إلى ابن إسحاق ثقات.
(باب ما جاء في أبى ثعلبة رضي الله عنه)
قال الطبراني: لاسومة بن جرثوم (1) أبو ثعلبة الخشني وقد اختلف في اسمه فقيل
لاشر بن حمير وقيل لاشر بن جاءهم وقيل جرهم بن باسم وقيل غرنوف بن باسم
وقيل ياسب بن عمرو ويقال خريم بن ياسب. وعن أبي ثعلبة الخشني قال قلت
يا رسول الله أخبرني بما يحل لي مما يحرم على قال فصعد في البصر وصوب ثم قال
نويبتة قال قلت يا رسول الله نويبتة خير أو نويبتة شر قال بل نويبتة خير قلت فذكر
الحديث. رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد وأحد أسانيد أحمد
رجاله رجال الصحيح غيره مسلم بن مشكم (2) وهو ثقة. وعن هارون بن عبد الله
الحمال قال مات أبو ثعلبة الخشني سنة خمس وسبعين. رواه الطبراني
* (باب في ربيعة العنسي رضي الله عنه) *
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن ربيعة بن رواء العنسي قدم على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فوجده يتعشى فدعاء إلى العشاء فأكل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال ربيعة أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا

(1) في الإصابة " جرثومة ".
(2) بكسر الميم وسكون المعجمة.
394

عبده ورسوله قال أراغبا أم راهبا قال ربيعة أما الرغبة فوالله ما هي في يدك وأما
الرهبة فوالله إنا ببلاد لا تبلغنا جيوشك ولا خيولك ولكني خوفت فخفت وقيل لي
آمن آمنت فقال النبي صلى الله عليه وسلم رب خطيب من عنس فأقام يختلف إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ثم جاءه فودعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أحسست حسا فوائل إلى
قرية فمات بها. رواه الطبراني مرسلا وفيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو
ضعيف ولم يسمع من أبيه.
(باب في أبي قرصافة وأهل بيته رضي الله عنهم)
قال الطبراني: حيدرة بن خيشنة أبو قرصافة الليثي مولى بنى ليث بن بكر
ابن عبد مناة بن كنانة. عن أبي قرصافة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان بدء
إسلامي انى كنت يتيما بين أمي وخالتي وكان أكثر ميلي إلي خالتي وكنت أرعى
شويهات لي فكانت خالتي كثيرا ما تقول لي لا تمر إلى هذا الرجل
تعنى النبي صلى الله عليه وسلم فيغويك ويضلك فكنت اخرج حتى آتي
المرعى وأترك شويهاتي وآتي النبي صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسمع
منه ثم أروح غنمي ضمرا يابسات الضروع وقالت لي خالتي ما لغنمك يابسات الضروع
قلت ما أدرى ثم عدت إليه اليوم الثاني ففعل كما فعل في اليوم الأول غير أنى سمعته
يقول يا أيها الناس هاجروا وتمسكوا بالاسلام فان الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد
ثم إني رحت بغنمي كما رحت في اليوم الأول ثم عدت إليه في اليوم الثالث فلم
أزل عنده أسمع منه حتى أسلمت وبايعته وصافحته وشكوت إليه أمر خالتي وأمر
غنمي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم جئني بالشياه فجئته بهن فمسح ظهورهن وضروعهن
ودعا فيهن بالبركة فامتلأن شحما ولبنا فلما دخلت على خالتي بهن قالت يا بنى هكذا
فارع قلت يا خالة ما رعيت إلا حيث (1) أرعى كل يوم ولكن أخبرك بقصتي
وأخبرتها بالقصة وإتياني النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرتها بسيرته وبكلامه فقالت أمي وخالتي
اذهب بنا إليه فذهبت أنا وأمي وخالتي فأسلمن وبايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصافحهن،
فهذا ما كان من أمر إسلام أبى قرصافة وهجرته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان أبو قرصافة

(1) في الأصل " جئت ".
395

يسكن أرض تهامة. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عزة بنت عاص بن أبي
قرصافة قال أسرت الروم ابنا لأبي قرصافة فكان أبو قرصافة إذا حضر وقت
كل صلاة صعد سور عسقلان ونادى يا فلان الصلاة فيسمعه وهو في بلد الروم. رواه
الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب في أبي شريح رضي الله عنه) *
عن هارون بن عبد الله الحمال قال: أبو شريح الخزاعي كعب بن عمرو ويقال
خويلد بن عمرو ويقال عمرو بن خويلد. عن سعيد المقبري قال قال أبو شريح
من رآني ألاحي ختنا لي أفرشني كريمته وأفرشته كريمتي فأنا يومئذ مجنون فاكووا
رأسي ومن رأى لأبي شريح جديا أو لبنا يباع فهو نهب ومن رآني
أحاد جارا في لبنة فأنا مجنون فاكووا رأسي قال فاختبره جار له يقال له عرفجة
فأخذ من داره عشرة أذرع فقالوا له يا أبا شريح إنه أخذ من دارك عشرة أدرع
قال هو أعلم فرده عليه جاره بعد ورجع إلى حقه. رواه الطبراني وإسناده حسن.
وعن يحيى بن بكير قال توفى أبو شريح واسمه خويلد سنة ثمان وستين بالمدينة
واختلف في وفاته. رواه الطبراني وإسناده منقطع. وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال
مات أبو شريح الخزاعي كعب بن عمرو سنة ثمان وخمسين. رواه الطبراني وإسناده منقطع.
(باب في أبي بردة واسمه هانئ رضي الله عنه)
قال الطبراني: هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن
دينار (1) بن هميم بن كاهل بن ذهل بن بلى بن عمرو بن الحاف (2) بن قضاعة أبو
بردة البلوى حليف بنى حارثة بن الخزرج عقبى بدري.
(باب ما جاء في عاصم بن عدي رضي الله عنه)
عن محمد بن إسحاق قال: عاصم بن عدي بن الجد بن عجلان بن ضبيعة وهو
من بلى حليف لبني عبيد بن زيد بن مالك ن عوف بن مالك بن الأوس خرج
مع النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحاب بدر ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على العالية ويقال

(1) في الإصابة المطبوع " ذئيان " وفى الاستيعاب المطبوع " ذبيان ".
(2) في الأصل " انحاف ".
396

عاش خمس عشرة ومائة سنة. رواه الطبراني ورجاله إلي ابن إسحاق ثقات.
(باب ما جاء في قيس بن أبي صعصعة رضي الله عنه)
عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بنى الخزرج
ثم من بنى مازن بن النجار: قيس بن أبي صعصعة واسم أبى صعصعة عمرو بن زيد
ابن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار. رواه الطبراني ورجاله
إلى ابن إسحاق ثقات. وقال الطبراني: قيس بن صعصعة الأنصاري عقبى بدري.
(باب في أبى مالك واسمه هانئ رضي الله عنه)
عن هانئ أبى مالك أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فدعاء إلى
* *
الاسلام فأسلم فمسح على رأسه ودعا له بالبركة وأنزله على يزيد بن أبي سفيان فلما
جهز أبو بكر الجيش إلى الشام خرج معهم ولم يرجع. رواه الطبراني وفيه خالد
ابن يزيد بن أبي مالك وهو ضعيف جدا وقد وثق، وبقية رجاله ثقات إلا أن
العلائي قال الظاهر أن عبد الرحمن لم يسمع من جده أبى مالك.
* (باب في أبى عقيل رضي الله عنه) *
عن أبي عقيل الديلي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فآمنت به وصدقت وسقاني رسول
الله صلى الله عليه وسلم شربة سويق شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولها وشربت آخرها
فما زلت أجد بلتها على فؤادي إذا ظمئت وبردها إذا أضحيت. رواه الطبراني
ورجاله لم أعرفهم.
* (باب في أبى مريم رضي الله عنه) *
عن أبي مريم قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فدفع اللواء إلى ورميت بين يديه
بالجندل فأعجبه ودعا لي. رواه الطبراني وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف.
* (باب ما جاء في أبي خيرة رضي الله عنه) *
عن أبي خيرة قال كانت لي إبل أحمل عليها فأتيت المدينة وشهدت مع النبي
صلى الله عليه وسلم خيبر أو قال حنينا وكنا نحمل له الماء على إبلنا وكانت لي بالمدينة تجارة
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة ودعا لولدي. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
397

* (باب في أبى نخيلة رضي الله عنه) *
عن أبي نخيلة رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمى بسهم فقيل له انزعه
فقال اللهم انقص من الوجع ولا تنقص من الاجر فقيل له ادع فقال اللهم اجعلني
من المقربين واجعل أمي من الحور العين. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في بشير بن الخصاصية رضي الله عنه)
عن بشير قال كنت أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيدي فقال لي يا ابن
الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله تبارك وتعالى أصبحت تماشي رسوله أحسبه قال
آخذا بيده قال قلت ما أصبحت أنقم على الله شيئا قد أعطاني الله تبارك وتعالى
كل خير. قلت فذكر الحديث. رواه أحمد والطبراني بنحوه إلا أنه قال كل
خير صنع الله لي، ورجال أحمد رجال الصحيح غير خالد بن سمير وهو ثقة.
* (باب في أبى عطبة رضي الله عنه) *
عن أبي عطية البكري بكر بن وائل قال انطلق بي أهلي إلى النبي صلى الله
عليه وسلم وأنا غلام شاب فمسح على رأسي قال فرأيت أبا عطية أسود الرأس
واللحية وكانت قد أتت عليه مائة سنة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن
عقبة السدوسي وثقه ابن حبان وضعفه غير واحد، وبقية رجاله ثقات.
(باب ما جاء في زيد بن صوحان رضي الله عنه)
عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره ان ينظر إلى رجل تسبقه بعض
أعضائه إلى الجنة فلينظر إلى زيد بن صوحان. رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفهم.
* (باب ما جاء في أبى جمعة حميد (1) بن سبع رضي الله عنه) *
عن أبي جمعة حميد بن سبع قال قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم أول النهار كافرا
وقاتلت معه آخر النهار مسلما وكنا ثلاثة رجال وسبع نسوة وفينا نزلت (ولولا
رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) الآية. رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في بريدة رضي الله عنه) *
عن بريدة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكان كلما بقي شئ حمله على
وسماني الزاملة. رواه البزار وإسناده حسن.

(1) في اسمه اختلاف قيل " جنيد " وقبل " حبيب " وغير ذلك.
398

* (باب ما جاء في ماعز رضي الله عنه) *
عن أبي الفيل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا ماعزا. رواه البزار وفيه
الوليد بن عبد الله بن أبي ثور ضعفه جماعة وقد وثق، وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في عبد الله بن عتبة رضي الله عنه) *
عن حمزة بن عبد الله بن عتبة قال سألت أبى عبد الله بن عتبة بن مسعود
أي شئ تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أذكر أنه أخذني وأنا خماسي أو
سداسي فأجلسني في حجره وغسل رأسي بيده ودعا لي ولذريتي من بعدي.
رواه الطبراني في الكبير والأوسط وقال فيه ومسح رأسي بدل غسل،
وفيه من لم أعرفهم.
* (باب ما جاء في عبد الله بن هلال رضي الله عنه) *
عن عبد الله بن هلال الأنصاري قال ذهب بي أبى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله ادع الله له فما أنسى وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي حتى وجدت
بردها فدعا لي وبارك على فرأيته أبيض الرأس واللحية ما يستطيع أن يفرق رأسه
من كبره وكان يصوم النهار ويقوم الليل. رواه الطبراني واسناده حسن.
(باب في أبى مصعب رضي الله عنه)
عن عبد الملك بن عمير قال كان غلام بالمدينة يكنى أبا مصعب فأتى النبي
صلى الله عليه وسلم وبين يديه سنبل نفرك سنبلة ثم نفخها ثم دفعها إليه فأكلها وكانت الأنصار
تعير من يأكل فريكة السنبل فلما دفعها النبي صلى الله عليه وسلم إليه لم يردها عليه قال أبو
مصعب ثم قمت من عنده غير بعيد ثم رجعت إليه فقلت يا رسول الله ادع الله ان
يجعلني معك في الجنة قال من علمك هذا قلت لا أحد قال أفعل فلما وليت دعاني
قال أعني على نفسك بكثرة السجود فأتيت أمي فسألتني فقلت كنت عند النبي صلى
الله عليه وسلم
فأتى بسنبل نفرك منه سنبلة بيديه المباركتين ثم نفخه بريقه المبارك
ثم دفعها إلى فكرهت أن أرده فقالت أحسنت ثم أتيته فدعا لي. رواه البزار وأوله
يشبه أن يكون مرسلا في أثناء الحديث قال قال أبو مصعب فالظاهر أنه سمعه منه والله
أعلم، ورجاله رجال الصحيح غير طالوت بن عبادة وهو ثقة.
399

* (باب ما جاء في أبي بكرة رضي الله عنه) *
عن أبي بكرة قال لما كان يوم الطائف تدليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ببكرة
فقال أنت أبو بكرة. رواه البزار وفيه أبو المنهال البكراوي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في حممة رضي الله عنه) *
عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ان رجلا كان يقال له حممة من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصبهان غازيا في خلافة عمر فقال اللهم إن حممة يحب لقاءك فإن كان
حممة صادقا فاعزم له بصدقه وإن كان كارها فاعزم له وإن كره اللهم لا يرجع حممة من سفره هذا فأخذه الموت قال عفان مرة البطن فمات بأصبهان قال فقام
أبو موسى فقال يا أيها الناس والله ما سمعنا فيما سمعنا من نبيكم صلى الله عليه وسلم وما بلغ علمنا
إلا أن حممة شهيد. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير داود بن عبد الله
الأودي وهو ثقة وفيه خلاف.
* (باب ما جاء في عوف بن القعقاع رضي الله عنه) *
عن عوف بن القعقاع قال وفد أبى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا غليم وأمر لكل رجل
ببردين وأمر لي ببرد فلما انصرفنا باع رجل منهم أحد برديه يعنى فاشتريته فأتيت
النبي صلى الله عليه وسلم في بردين فنظر إلى وقال من أين لك هذه قلت اشتريتها من فلان
قال أنت كنت أحق منه إذ ضيع ما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني
وفيه جماعة لم أعرفهم.
(باب ما جاء في لقيط بن أرطاة رضي الله عنه)
عن عبد الرحمن بن عائذ قال قال لقيط بن أرطاة السكوني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم
ورجلاي معوجتان لا تمسان الأرض فدعا لي فمشيت على الأرض. رواه الطبراني
من طريق نصر بن خزيمة بن حبان عن أبيه ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في فروة بن هبيرة رضي الله عنه) *
عن رجل من بني قشير يقال له فروة بن هبيرة انه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه
كان لنا أرباب وربات نعبدهن من دون الله عز وجل فدعوناهن فلم يجبن
400

وسألناهن فلم يعطين فجئناك فهدانا الله بك فنحن نعبد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد أفلح من رزق لبا فقال يا رسول الله ألبسني ثوبين من ثيابك قد لبستهما
فكساه فلما كان بالموقف من عرفات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعد على مقالتك فأعاد
عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفلح من رزق لبا. رواه الطبراني وفيه راو لم
يسم، وبقية رجاله ثقات.
(باب ما جاء في خوات بن جبير رضي الله عنه)
عن خوات بن جبير قال نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران (1) قال فخرجت
من خبائي فإذا نسوة يتحدثن فأعجبنني فرجعت فاستخرجت عيبتي (2) فاستخرجت
منها حلة فلبستها وجئت فجلست معهن فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
أبا عبد الله فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته واختلطت قلت يا رسول
الله جمل لي شرد وأنا أبتغي له قيدا فمضى واتبعته فألقى إلى رداءه ودخل
الأراك كأني أنظر إلى بياض متنه في خضرة الأراك فقضى حاجته وتوضأ وأقبل
والماء يسيل من لحيته على صدره فقال أبا عبد الله ما فعل شراد جملك ثم ارتحلنا
فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك
الجمل فلما رأيت ذلك تعجلت إلى المدينة واجتنبت المسجد ومجالسة النبي صلى الله
عليه وسلم فلما طال ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد فخرجت إلى المسجد وقمت أصلى
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجاء فصلى ركعتين
خفيفتين وطولت رجاء أن يذهب ويدعني فقال طول أبا عبد الله ما شئت أن
تطول فلست قائما حتى تنصرف فقلت في نفسي والله لاعتذرن إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولأبرئن صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفت قال
السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك فقلت والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك
الجمل منذ أسلمت فقال رحمك الله ثلاثا ثم لم يعد لشئ مما كان. رواه الطبراني
من طريقين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير الجراح بن مخلد وهو ثقة.

(1) بقرب مكة.
(2) العيبة: ما يجعل فيه الثياب.
401

* (باب ما جاء في الحارث بن عمرو رضي الله عنه) *
عن الحرث بن عمرو السهمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
وهو على ناقته العضباء وكان الحرث رجلا جسيما فنزل إليه فدنا منه حتى حاذى
وجهه بركبة النبي صلى الله عليه وسلم فأهوى نبي الله صلى الله عليه وسلم فمسح
وجه الحرث فما زالت نضرة على وجه الحرث حتى هلك. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في التلب رضي الله عنه) *
عن التلب أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا أذن أو حتى يؤذن لك
قال فغبر ما شاء الله ثم دعاه فمسح يده على وجهه وقال اللهم اغفر للتلب وارحمه
ثلاثا. رواه الطبراني وملقام بن التلب روى عنه اثنان، وبقية رجاله وثقوا.
* (باب ما جاء في حرملة رضي الله عنه) *
عن أبي الدرداء ان رجلا يقال له حرملة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
الايمان ههنا وأشار إلى لسانه والنفاق ههنا وأشار إلى قلبه ولا أذكر الله الا قليلا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل له لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وارزقه حتى يحب من
يحبني وصير أمره إلى خير. رواه الطبراني وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في سعد بن عبيد رضي الله عنه) *
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان سعد بن عبيد يسمى على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم القاري. رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح. قلت ويأتي
حديث في فضله في فضل الأنصار فيمن جمع القرآن.
* (باب ما جاء في عامر بن لقيط رضي الله عنه) *
عن عامر بن لقيط العامري قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبشره باسلام قومي وطاعتهم
وافدا إليه فلما أخبرته الخبر قال أنت الوافد الميمون بارك الله فيك قال ومسح ناصيتي
ثم صافحني وصبحه قومي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى الله لبني عامر الا خيرا أما والله لولا أن
جد قريش نازع لها لكانت الخلافة لبني عامر بن صعصعة ولكن جد قريش
زاحم لها فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت قال هل أطعمتم ضيفكم شيئا قالت عائشة
402

وضعنا بين يديه شيئا من تمر ولم يكن عندنا غيره قال وراحت الغنم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم
بشاة فذبحت فكرهت فقال النبي صلى الله عليه وسلم مالك ذبحناها لأنفسنا ان غنمنا إذا زادت
على المائة شاة ذبحناها لأنفسنا. رواه الطبراني وفيه يعلى ان الأشدق وهو كذاب.
* (باب ما جاء في عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه) *
عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال: حاتم طي بن عبد الله بن سعد بن الحشرج
ابن امرئ القيس بن عدي بن أخزم. رواه الطبراني. وعن الشعبي قال قدم
عدى بن حاتم الطائي الكوفة فأتيته في أناس من أهل الكوفة فقلنا له حدثنا
بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالنبوة ولا أعلم أحدا من العرب كان أشد له بغضا ولا أشد كراهية له مني حتى
خرجت فلحقت بالروم فتنصرت فيهم فلما بلغني ما يدعو إليه من الأخلاق الحسنة
وما قد اجتمع إليه من الناس ارتحلت حتى أتيته فوقفت عنده وعنده صهيب وبلال
وسلمان فقال يا عدي بن حاتم أسلم تسلم فقلت أخ أخ فأنخت فجلست وألزقت
ركبتي بركبته فقلت يا رسول الله ما الاسلام قال تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله
وتؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومره يا عدى بن حاتم لا تقوم الساعة حتى
تأتى الظعينة من الحيرة ولم يكن يومئذ كوفة حتى تطوف بهذه الكعبة بغير خفير
يا عدى بن حاتم لا تقوم الساعة حتى تحمل جراب المال فتطوف به فلا تجد أحدا
يقبله فتضرب به الأرض فتقول ليتك لم تكن ليتك كنت ترابا قلت في الصحيح
طرف منه يسير رواه الطبراني وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو متروك.
وعن هارون بن عبد الله الحمال قال: عدي بن حاتم الطائي يكني أبا طريف توفى
بالكوفة زمن المختار سنة ثمان وستين. رواه الطبراني.
* (باب ما جاء في مالك بن عبد الله الخثعمي رضي الله عنه) *
عن حسان مولى مالك بن عبد الله الخثعمي وكان ملك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال
رأيت مالك بن عبد الله يتوضأ وكان في ساقه عرق مكتوب لله فجعلت أنظر إليه فقال أي
شئ تنظر أما انه لم يكتبه كاتب. رواه الطبراني وحسان وأبو سلمة الراوي عنه
403

لم أعرفهما. وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه) *
عن الحسن قال حدثني قيس بن عاصم المنقري قال قدمت على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلما رآني سمعته يقول هذا سيد أهل الوبر.
رواه الطبراني والبزار وفى إسناد الطبراني زياد بن أبي زياد الجصاص (1) وثقه ابن
حبان وقال يخطئ، وضعفه الجمهور وإسناد البزار فيه القاسم بن مطيب وهو متروك.
وعن قيس بن عاصم أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء
وسدر فاغتسل فأقيمت الصلاة فدخل بين أبى بكر وعمر فقام بينهما فلما قضى الصلاة
قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد سألني قيس بن عاصم عن ثلاث كلمات ما سألني عنهن غير أبى
بكر قلت اغتساله رواه أبو داود وغيره رواه الطبراني وفيه يحي الحماني وهو ضعيف.
(باب ما جاء في عياض بن تميم رضي الله عنه)
عن الواقدي قال: عياض بن تميم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال
ابن ضبة بن الحرث أسلم عياض قديما قبل الحديبية وشهد الحديبية وكان بالشام مع أبي
عبيدة بن الجراح فلما حضرت أبا عبيدة الوفاة ولى أبو عبيدة عياض بن تميم
عمله الذي كان عليه فأقره عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليه حتى مات وكان عياض
رجلا صالحا سمحا مات يوم مات وماله مال ولا عليه دين لأحد توفى بالشام سنة
عشرين وهو ابن ستين. رواه الطبراني وإسناده إلى الواقدي (2) حسن. وعن
الزهري قال توفى أبو عبيدة بن الجراح واستخلف ابن عمه عياض بن تميم الفهري.
رواه الطبراني مرسلا ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في عبد الله بن بسر رضي الله عنه)
عن عبد الله بن بسر قال وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي فقال يعيش
هذا الغلام قرنا فعاش مائة سنة وكان في وجهه ثؤلول (3) فقال لا يموت حتى يذهب
الثؤلول (3) من وجهه، فلم يمت حتى ذهب الثؤلول (3) من وجهه. رواه الطبراني والبزار
باختصار الثؤلول (3) الا أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدركن قرنا، ورجال أحد

(1) في الأصل " الخصاص " وهو غلط (2) في الأصل " الطبراني " (3) في الأصل " تالول ".
404

إسنادي البزار رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب الحضرمي وهو ثقة. وعن
الحسن بن أيوب الحضرمي قال أراني عبد الله بن بسر شامة في قرنه وقال وضع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليها وقال ليدركن قرنا، وكان عبد الله يرجل رأسه (1). رواه
الطبراني وأحمد بنحوه ورجاله أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب وهو
ثقة ورجال الطبراني ثقات. وعن عبد الله بن بسر قال لما بعثتني أمي بقطف (2)
تناولت منه قبل أن أبلغه النبي صلى الله عليه وسلم فلما جئت به مسح رأسي وقال أيا غدر.
رواه الطبراني وفيه عبد الله بن بسر الحيراني وثقة ابن حبان وضعفه الجمهور،
وبقية رجاله ثقات.
(باب ما جاء في عمرو بن حريث رضي الله عنه)
عن عمرو بن حريث قال ذهبت أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسي
ودعا لي بالرزق. رواه أبو يعلى (3) وفى رواية عنده أيضا ذهبت بي أمي أو أبي،
ورواهما الطبراني بأسانيد ورجال أبى يعلى وبعض أسانيد الطبراني رجال الصحيح.
وعن عمرو بن حريث قال كنت في بطن المرأة يوم بدر. رواه الطبراني وإسناده
جيد. وعن أبي نعيم قال مات عمرو بن حريث في سنة خمس وثمانين. قال أبو
موسى وتوفى النبي صلى الله عليه وسلم ولعمرو بن حريث اثنتا عشرة سنة قال ويكنى عمرو بن
حريث أبا سعيد. رواه الطبراني ورجاله إلى أبى نعيم ثقات.
(باب ما جاء في عمرو بن ثعلبة الجهني رضي الله عنه)
عن عمرو بن ثعلبة الجهني قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسالة فأسلمت فمسح
رأسي قال فأتت على عمرو مائة سنة وما شاب موضع يد النبي صلى الله عليه وسلم من رأسه.
رواه الطبراني ورجاله إلى أبى نعيم ثقات.
(باب ما جاء في عمرو بن الحمق الخزاعي رضي الله عنه)
عن عمرو بن الحمق قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقالوا يا رسول الله إنك
تبعثنا ولا لنا زاد ولا لنا طعام ولا علم لنا بالطريق فقال إنكم ستمرون برجل
صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ويدلكم على الطريق وهو

(1) أي سرحه.
(2) أي عنقود.
(3) في الأصل " الطبراني ".
405

من أهل الجنة فلم يزل القوم على جمل يشير بعضهم إلى بعض وينظرون إلى قالوا
أبشر ببشرى من الله ورسوله فانا نعرف فيك نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروني
بما قال لهم فأطعمتهم وسقيتهم وزودتهم وخرجت معهم حتى دللتهم على الطريق ثم
رجعت إلى أهلي وأوصيتهم بإبلي ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما الذي
تدعو إليه فقال أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة وحج بيت وصوم رمضان فقلت إذا أجبناك إلى هذا فنحن آمنون
على أهلنا ودمائنا وأموالنا قال نعم فأسلمت ثم رجعت فأعلمتهم بإسلامي فأسلم على
يدي بشر كثير منهم ثم هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا عنده ذات يوم فقال
لي يا عمرو هل لك أن أريك آية الجنة تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشى في
الأسواق قلت بلى بأبي أنت قال هذا وقومه وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب
رضي الله عنه وقال لي يا عمرو هل لك ان أريك آية النار تأكل الطعام وتشرب
الشراب وتمشى في الأسواق قلت بأبي أنت قال هذا وقومه آية النار وأشار إلى
رجل فلما وقعت الفتنة ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ففررت من آية النار إلى
آية الجنة ويرى بنى أمية قاتلي بعد هذا قلت الله ورسوله أعلم قال والله ان كنت
في حجر في جوف حجر لاستخرجني بنو أمية حتى يقتلوني حدثني به حبيبي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رأسي أول رأس يحتز في الاسلام وينقل من بلد إلى بلد.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن عبد الملك المسعودي وهو ضعيف.
وعن عمرو بن الحمق الخزاعي انه سقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم متعه بشبابه
فمرت به ثمانون لم نر له شعرة بيضاء. رواه الطبراني وفيه إسحاق بن عبد الله بن
أبي فروة وهو متروك.
* (باب ما جاء في فيروز رضي الله عنه) *
عن فيروز أنهم أسلموا وكان فيمن أسلم فبعثوا وفدهم إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ببيعتهم وإسلامهم فقبل ذلك منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله
نحن من قد عرفت وجئنا من حيث قد علمت وأسلمنا فمن ولينا قال الله ورسوله
قالوا حسبنا رضينا. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح
406

غير عبد الله بن فيروز وهو ثقة.
(باب ما جاء في معاوية بن قرة المزني رضي الله عنه)
عن معاوية بن قرة المزني عن أبيه قال مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وفي
رواية سمعت أبي وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه واستغفر له،
وفى رواية قلنا أصحبه قال لا ولكنه قد كان على عهده قد حلب وصر. رواه
كله أحمد بأسانيد والبزار بنحوه وأحد أسانيد احمد والبزار رجاله رجال الصحيح
غير معاوية بن قرة وهو ثقة.
* (باب ما جاء في زيادة رضي الله عنه) *
عن زيادة عن جده مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه مطاعا وقال له يا مطاع
أنت مطاع في قومك وحمله على فرس أبلق وأعطاه الراية وقال له يا مطاع امض
إلى أصحابك فمن دخل تحت رايتي هذه فقد أمن من العذاب. رواه الطبراني
في الصغير والأوسط وفى اسناده من لم أعرفهم.
(باب ما جاء في أبى السوار رضي الله عنه)
عن أبي السوار عن خاله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس يتبعونه
قال فاتبعته معهم قال ففجئني القوم يسعون قال واتقى القوى قال فأتى على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فضربني ضربة اما بعسيب أو قضيب أو سواك أو شئ كان معه قال فوالله
ما أوجعتني قال فبت بليله أو قال قلت ما ضربني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لشئ علمه
الله في قال وحدثتني نفسي أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبحت قال ونزل
جبريل عليه السلام قال إنك راع فلا تكسر قرن رعيتك فلما صلينا الغداة أو قال
أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ان ناسا يتبعوني وإني لا يعجبني أن يتبعوني
الله فمن ضربت أو سببت فاجعلها له كفارة وأجرا أو قال مغفرة ورحمة أو كما
قال. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في طارق بن شهاب رضي الله عنه)
عن طارق بن شهاب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت في
407

خلافة أبى بكر وعمر بضعا وأربعين أو بضعا وثلاثين من بين غزوة وسرية، وفى
رواية ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين من غزوة إلى سرية. رواه أحمد
والطبراني ورجالهما رجال الصحيح.
(باب ما جاء في محمود بن لبيد رضي الله عنه)
عن محمود بن لبيد أنه عقل النبي صلى الله عليه وسلم وعقل مجة مجها النبي صلى الله
عليه وسلم في دلو كان في دراهم. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في علي بن شيبان رضي الله عنه)
عن علي بن شيبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له فقال اللهم بارك
في علي بن شيبان وبارك على على. رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم.
(باب ما جاء في حنظلة بن حذيم رضي الله عنه)
عن حنظلة بن حذيم (1) قال وفدت مع جدي حذيم إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال يا رسول الله ان لي بنين ذوي لحى وغيرهم وهذا أصغرهم فأدناني رسول
الله صلى الله عليه وسلم ومسح رأسي وقال بارك الله فيك قال الذيال فلقد رأيت
حنظلة يؤتى بالرجل الوارم وجهه أو الشاة الوارم ضرعها فيقول بسم الله على
موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسحه فيذهب الورم. رواه الطبراني
في الأوسط والكبير بنحوه وأحمد في حديث طويل ورجال أحمد ثقات.
(باب ما جاء في الهرماس بن زياد رضي الله عنه)
عن الهرماس بن زياد قال وفد أبى وأنا معه إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقال أدع الله لي ولابني قال فمسح رأسي وبايعه على الاسلام. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم.
(باب ما جاء في خزيم رضي الله عنه)
عن خزيم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم الفتى خزيم قلت فذكر
الحديث. رواه الطبراني في الثلاثة وفيه جماعة لم أعرفهم.

(1) في الأصل " حديم " والتصويب من الإصابة وخلاصة التذهيب.
408

(باب ما جاء في عبد الله بن السائب رضي الله عنه)
عن عبد الله بن السائب قال كنت شريكا للنبي صلى الله عليه وسلم فلما قدمت
المدينة قلت أتعرفني قال كنت شريكا لي فنعم الشريك أنت كنت لا تمارى ولا
تدارى. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير منصور بن أبي الأسود وهو
ثقة. وعن عبد الله بن السائب قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه فقلت يا رسول الله
أتعرفني قال نعم ألم تكن شريكا لي فوجدتك خير شريك لا تدارى ولا تمارى.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في السائب بن يزيد رضي الله عنه)
عن عطاء مولى السائب بن يزيد قال رأيت مولاي السائب بن يزيد لحيته
بيضاء ورأسه أسود فقلت يا مولاي ما لرأسك لا يبيض فقال لا يبيض رأسي أبدا
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضى وأنا غلام ألعب مع الغلمان فسلم وأنا فيهم فرددت
عليه السلام من بين الغلمان فدعاني فقال لي ما اسمك فقلت السائب بن يزيد ابن أخت
النمر فوضع يده على رأسي وقال بارك الله فيك فلا يبيض موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبدا. رواه الطبراني في الثلاثة الا أنه قال في الكبير كان وسط رأى السائب
أسود وبقيته أبيض فقلت له يا سيدي والله ما رأيت مثل رأسك هذا قط هذا
أسود وهذا أبيض قال أفلا أخبرك يا بنى قلت بلى قال كنا مع صبيان نلعب فمر بي
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعرضت له فسلمت عليه فقال وعليك من أنت قلت أنا السائب
ابن يزيد ابن أخت (1) النمر بن قاسط فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال
بارك الله فيك قال فلا والله لا يبيض أبدا ولا يزال هكذا أبدا، ورجال الكبير
رجال الصحيح غير عطاء مولى السائب وهو ثقة، ورجال الصغير والأوسط ثقات.
(باب ما جاء في مدلوك أبي سفيان رضي الله عنه)
عن أمية (2) بنت أبي الشعثاء وقطبة مولاتها انهما رأتا مدلوكا أبا سفيان فسمعتاه
يقول أتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع مولاي (3) فأسلمت قالت أمية فرأيت ما مسح النبي صلى الله عليه وسلم
أسود وقد ابيض ما سوى ذلك. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.

(1) في الأصل " أرجو ".
(2) في الإصابة " أو آمنة ".
(3) في الأصل " موالي ".
409

(باب ما جاء في حرملة بن زيد رضي الله عنه)
عن ابن عمر قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء حرملة بن زيد فجلس بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الايمان ههنا وأشار إلى لسانه والنفاق
ههنا وأشار إلى صدره ولا يذكر الله إلا قليلا فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فردد ذلك
عليه حرملة فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بطرف لسان حرملة فقال اللهم اجعل له لسانا
صادقا وقلبا شاكرا وارزقه حبى وحب من يحبني وصى أمره إلى الخير فقال حرملة
يا رسول الله إن لي إخوانا منافقين كنت فيهم رأسا ألا أدلك عليهم فقال النبي
صلى الله عليه وسلم من جاءنا كما جئتنا استغفرنا له كما استغفرنا لك ومن أصر على ذنبه
فالله أولى به ولا نخرق على أحد سترا. ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في الحكم بن عمرو الغفاري (1) رضي الله عنه)
عن عبد الله بن الصامت قال صلى الحكم بن عمرو الغفاري بالناس في سفر
وبين يديه سترة فمرت حمير ين يدي أصاحبه فأعاد بهم الصلاة فقالوا أراد أن
يصنع كما صنع الوليد إد صلى بأصحابه الصلاة أربعا قال ثم قال أزيدكم فلحقت
الحكم فذكرت ذلك له فوقف حتى نلاحق القوم فقال إني أعدت بكم الصلاة من
أجل الحمير التي مرت بين أيديكم فضربتموني مثلا لا يراني معيط وإني أسال الله
أن يحسن سيرتكم ويحسن بلاغكم وأن ينصركم على عدوكم وان يفرق بيني وبينكم
فمضوا فلم يروا في وجههم (2) ذلك إلا ما يسرون به فلما أن فرغوا مات. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في نوفل الأشجعي رضي الله عنه)
عن نوفل الأشجعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع رقبة لام سلمة إليه فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنت ظئري فمكث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ثم قال
ما فعلت الجارية أو الجويرية قلت صالحة عند أمها. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير خلاد بن أسلم وهو ثقة.

(1) ويقال له " الحكم بن الأقرع " كما في الإصابة.
(2) في الأصل " وجوههم ".
410

(باب ما جاء في شداد رضي الله عنه)
عن شداد أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجود بنفسه فقال ما لك يا شداد
قال ضاقت بي الدنيا قال عليك الشام تفتح ويفتح بيت المقدس فتكون أنت وولدك
أئمة فيهم. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم.
(باب ما جاء في عبد الرحمن بن شبل (1) رضي الله عنه)
عن أبي راشد الحبراني قال قال معاوية لعبد الرحمن بن شبل (1) إنك من قدماء
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقهائهم فإذا صليت ودخلت فسطاطي فقم في الناس
فحدثهم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وأحمد في حديث طويل
تقدم في مواضعه ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في الجارود رضي الله عنه) *
عن أنس بن مالك قال لما قدم أهل البحرين وقدم الجارود وافدا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرح به فقربه وأدناه. رواه الطبراني وفيه زربي بن عبد الله وهو ضعيف.
(باب ما جاء في حمزة بن عمرو رضي الله عنه)
عن حمزة بن عمرو قال أسرينا ونحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة
ظلماء دحمسة فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما سقط من متاعهم وإن
أصابعي لتنير. رواه الطبراني ورجاله ثقات وفى كثير بن زيد خلاف.
* (باب ما جاء في أبى رفاعة رضي الله عنه) *
عن صلة بن أشيم قال أصيب أبو رفاعة وأنا في غزاة فرأيت كأن أبا رفاعة
على ناقة سريعة وأنا على جمل قطوف (2) وانا على أثره فيعرجها حتى أقول الآن
أسمعه الصوت ثم يسرحها فتنطلق وأتبعه فأولت رؤياي انه طريق أبى رفاعة أجده
وانا أكد العمل بعده. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في أبيض بن حمال رضي الله عنه) *
عن أبيض بن حمال أنه كان بوجهه حزازة يعنى القوبا فالتقمت أنفه فدعاه

(1) في الأصل " سبل "، بالمهملة، والتصحيح من الخلاصة
(2) أي قريب الخطو ففي سرعة.
411

رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على وجهه فلم يمس ذلك اليوم وفى (1) أنفه أثر. رواه
الطبراني ورجاله ثقات وثقهم ابن حبان.
(باب ما جاء في عائذ بن عمرو رضي الله عنه)
عن عائذ بن عمرو قال أصابتني رمية وأنا أقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر
في وجهي فلما سالت الدماء على وجهي وصدري إلى ثندوتي وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده ثم دعا لي
قال حشرج فكان عائذ يخبرنا بذلك في حياته فلما هلك وغسلناه نظرنا إلى ما كان
يصف لنا من أثر يد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي مسها ما كان يقول لنا من صدره فإذا
غرة سائلة كغرة الفرس. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
* (باب ما جاء في عائذ بن سعيد الجسري رضي الله عنه) *
عن عائذ بن سعيد الجسري قال وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله
بأبي أنت امسح وجهي وادع لي بالبركة فمسح وجهي ودعا لي بالبركة فقالت أم
البنين وهي امرأته ما رأيته (2) منتبها من نوم قط الا كان على وجهه مدهن وإن
كان ليجتزئ بالتمرات. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري ضعفه
الجمهور وقد وثق، وفيه من لم أعرفهم.
(باب ما جاء في رباح بن الربيع بن مرقع بن صيفي رضي الله عنه)
عن رباح بن الربيع بن مرقع بن صيفي قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
قد أعطي كل ثلاثة منا بعيرا يركبه اثنان ويسوقه واحد في الصحارى ويفوز في
الجبال فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمشى فقال لي أراك يا رباح ماشيا فقلت إنما
نزلت الساعة وهذان صاحباي وقد ركبا (3) بصاحبي فأناخا بعيرهما ونزلا عنه فلما
انتهيت قالا إركب صدر هذا البعير فلا تزال عليه حتى ترجع ونعتقب أنا وصاحبي
قلت ولم قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكما رفيقا صالحا فأحسنا صحبته. رواه الطبراني
وفيه سفيان بن وكيع وهو ضعيف جدا وقيل فيه صدوق، وبقية رجاله ثقات.

(1) " وفي " ساقطة من الأصل فاستدركتها من الإصابة.
(2) " ما رأيته " غير موجودة في الأصل.
(3) كذا والمعنى ظاهر.
412

(باب ما جاء في الوليد بن قيس رضي الله عنه)
عن الوليد بن قيس قال كان بي برص فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأت منه.
رواه الطبراني وفيه عبد الملك بن حسين وهو ضعيف.
(باب ما جاء في يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه)
عن يحيى بن سعيد الأنصاري أن أبا بكر رضي الله عنه لما بعث يزيد بن أبي
سفيان إلى الشام خرج يمشى معه فقال له يزيد إما أن تركب والا أنا أنزل قال
ما أنا براكب ولا أنت بنازل اني أحتسب خطاي. رواه الطبراني وإسناده منقطع
ورجاله إلى يحيى ثقات. وعن يحيى بن بكير قال توفى يزيد بن أبي سفيان بالشام
سنة ثماني عشرة وكان استخلف معاوية فأقره عمر. رواه الطبراني.
(باب ما جاء في مسرع بن ياسر الجهني رضي الله عنه)
عن ياسر بن سويد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه في خيل أو سرية
وامرأته حامل فولدت له مولودا فحملته أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول
الله قد ولد هذا المولود وأبوه في الخيل فسمه فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فأمر يده عليه
وقال اللهم كثر رجالهم وأقل آثامهم (1) ولا تحوجهم ولا تر أحدا منهم خصاصة
فقال سمه مسرعا فقد أسرع في الاسلام فهو مسرع بن ياسر. رواه الطبراني وفيه
جماعة لم أعرفهم.
(باب ما جاء في حسان بن شداد رضي الله عنه)
عن حسان بن شداد أن أمه وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول
الله إني وفدت إليك لتدعو لابني هذا أن يجعل الله فيه بركة وان يجعله طيبا
كثيرا فتوضأ وفضل (2) من وضوئه فمسح وجهه وقال اللهم بارك لها فيه واجعله كبيرا
طيبا. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
(باب ما جاء في حشرج رضي الله عنه)
عن إسحاق أبى الحرث قال رأيت حشرج رجلا أخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في

(1) كذا في الإصابة، وفى الأصل " اياماهم ".
(2) في الأصل تشويش في العبارة صححته من الإصابة.
413

حجره وسمح رأسه دعا له. رواه الطبراني وإسحق بن الحرث أبو الحرث قيل
فيه إنه مجهول، وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في سعيد بن تميم رضي الله عنه) *
عن سعيد يعنى ابن تميم قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم أين بنوك قلت ها هم أولاء
قال فائتني بهم قال فأتيت أهلي فألبستهم قمصا بيضاء ثم أتيته بهم فقال اللهم إني
أعيذهم بك من الكفر والضلالة والفقر الذي يصيب بني آدم. رواه الطبراني
وإسناده حسن
(باب ما جاء في سعيد بن العاص رضي الله عنه)
عن مصعب بن سعد قال قال عثمان أي الناس أفصح قالوا سعيد بن العاص.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في ثمامة بن أثال رضي الله عنه)
عن أبي هريرة ان ثمامة بن أثال أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينطلق إلى
حائط أبى طلحة فيغتسل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حسن إسلام صاحبكم قلت
هو في الصحيح غير قوله قد حسن إسلام صاحبكم رواه أحمد وفيه عبد الله
العمرى وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في مسلم بن الحارث (1) رضي الله عنه)
عن مسلم بن الحرث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له كتابا بالوصاة إلى من
بعده (2) من ولاة الامر. رواه أحمد ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في عمرو بن الأسود رضي الله عنه) *
عن عمر بن الخطاب قال من سره أن ينظر إلى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلينظر إلى هدى عمرو بن الأسود. رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد
اختلط، وبقية رجاله ثقات.

(1) هو التميمي المشهور، وفي اسمه اختلاف.
(2) في الإصابة " يعرفه " مكان " بعده "، ولم يذكر الحديث في الاستيعاب.
414

(باب ما جاء في محمد بن حاطب رضي الله عنه)
عن محمد بن حاطب قال ولدت في ارض الحبشة. رواه الطبراني ورجاله
ثقات وفى بعضهم خلاف، وله طريق في الهجرة إلى الحبشة. وعن محمد بن حاطب قال
لما قدمت بي أمي من ارض الحبشة حين مات أبى حاطب فجاءت أمي إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وقد أصاب إحدى يدي حريق من نار فقالت يا رسول الله هذا محمد بن
حاطب ابن أخيك وقد أصابه هذا الحرق من النار قال محمد بن حاطب فلا أكذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أدرى أنفث أم مسح على رأسي ودعا لي بالبركة وفى
ذريتي. رواه الطبراني والحرث بن محمد بن حاطب لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
(باب ما جاء في الأشعث بن قيس رضي الله عنه)
قال محمد بن سلام يعنى البيكندي إنما نعد الشرف ما كان قبيل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم
فاتصل في الاسلام فثبت اليمن الذي في الصفة عند العز في كندة الأشعث بن
قيس وفارسها من زبيد عمرو بن معدي كرب وشاعرها امرئ القيس من كندة
لا يخنف في هذا قلت ما أدرى معناه. وعن أبي إسحاق قال كان لي على رجل
من كندة دين وكنت أختلف إليه بالأسحار فأدركتني صلاة الفجر في مسجد
الأشعث بن قيس فصليت فلما سلم الامام وضع قدام كل انسان حلة ونعلا (1) وخمسمائة
درهم قلت انى لست من أهل المسجد فقلت ما هذا قالوا قدم الأشعث بن قيس من
مكة. رواه الطبراني وفيه أبو إسرائيل لئلائي وقد اختلف فيه، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن قيس بن أبي حازم قال لما قدم بالأشعث بن قيس أثيرا على أبى بكر
أطلق وثاقه وزوجه أخته فاخترط سيفه ودخل سوق الإبل فجعل لا يرى جملا
ولا ناقة الا عرقبه وصاح الناس كفر الأشعث فلما فرغ طرح سيفه وقال إني والله
ما كفرت ولكن زوجني هذا الرجل أخته ولو كنا في بلادنا كانت لنا وليمة
غير هذه يا أهل المدينة انحروا وكلوا ويا أهل الإبل تعالوا خذوا شراءها.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد المؤمن بن علي وهو ثقة.

(1) في الأصلي " بغلا " وهو تحريف غريب.
415

(باب ما جاء في ورقة بن نوفل)
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا ورقة فاني رأيت له جنة أو جنتين.
رواه البزار متصلا ومرسلا وزاد في المرسل كان بين أخي ورقة وبين رجل كلام
فوقع الرجل في ورقة ليغضبه، والباقي بنحوه ورجال المسند والمرسل رجال الصحيح.
وعن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة بن نوفل فقال يبعث يوم
القيامة أمة وحده. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب ما جاء في أبى طالب وغيره)
عن جابر بن عبد الله قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمه أبى طالب هل تنفعه نبوتك
قال نعم أخرجته من غمرات جهنم إلي ضحضاح منها وسئل عن خديجة لأنها ماتت
قبل الفرائض وأحكام القرآن فقال أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من
قصب لا صخب فيه ولا نصب وسئل عن ورقة بن نوفل فقال أبصرته في بطنان (1)
الجنة عليه سندس وسئل عن زيد بن عمرو بن نفيل فقال يبعث يوم القيامة أمة
وحده بيني وبين عيسى عليه السلام. رواه أبو يعلى وفيه مجالد وهذا مما مدح
من حديث مجالد، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن جابر قال سألنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل فقلنا يا رسول الله انه كان يستقبل القبلة
ويقول ديني دين إبراهيم وإلهي إله إبراهيم وكان يصلى ويسجد قال ذاك أمة وحده
يحشر بيني وبين يدي عيسى بن مريم وسئل عن ورقة بن نوفل وقيل يا رسول الله
إنه كان يستقبل القبلة ويقول إلهي إله زيد وديني دين زيد وكان يتوجه ويقول:
رشدت فأنعمت ابن عمرو فإنما * عنيت بتنور من النار حاميا
بدينك دينا ليس دين كمثله * وتركك حنان الجبال كما هيا
قال رأيته يمشى في بطنان الجنة عليه حلة من سندس وسئل عن خديجة رضي الله عنها
فقال رأيتها على نهر من أنهار الجنة من قصب لا تعب فيه ولا نصب (2). رواه
البزار ورجاله رجال الصحيح غير مجالد وقد وثق وهذا من جيد حديثه وضعفه الجمهور.

(1) أي في وسط.
(2) تقدم الحديث في فضائلها.
416

* (باب ما جاء في زيد بن عمرو بن نفيل) *
عن سعيد بن زيد قال خرج ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو يطلبان الدين
حتى مرا بالشام فأما ورقة فتنصر وأما زيد فقيل له إن الذي تطلب أمامك فانطلق
حتى أتى الموصل فإذا هو براهب فقال من أين أقبل صاحب الراحلة قال من بيت
إبراهيم قال ما تطلب قال الدين فعرض عليه النصرانية فأبى أن يقبل وقال لا حاجة
لي فيها قال أما إن الذي تطلب سيظهر بأرضك فانطلق وهو يقول:
لبيك حقا حقا * تعبدا ورقا
البر أبغي لا الحال * وهل مهاجر كما قال
عذت بما عاذبه إبراهيم
ثم ينحنى فيسجد للكعبة قال فمر زيد بن عمرو بالنبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة وهما
يأكلان من سفرة فدعياه فقال يا ابن أخي لا آكل ما ذبح على النصب قال فما رؤى النبي
صلى الله عليه وسلم ما ذبح على النصب من يومه ذلك حتى بعث قال وجاء سعيد بن زيد إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن زيدا كان كما رأيت أو كما بلغك فاستغفر له قال نعم
فاستغفروا له فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده. رواه الطبراني والبزار باختصار
عنه وفيه المسعودي وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات. وعن سعيد بن زيد قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة هو وزيد بن حارثة فمر بهما زيد بن عمرو بن نفيل
فدعواه إلى سفرة لهما فقال يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب قال فما رؤى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يأكل شيئا مما ذبح على النصب قال قلت
يا رسول الله إن أبى كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك آمن بك واتبعك فاستغفر
له قال نعم فاستغفروا له فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده. رواه أحمد وفيه المسعودي
وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات. وعن سعيد بن زيد قال سألت أنا وعمر بن الخطاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو فقال يأتي يوم القيامة أمة وحده. رواه
أبو يعلى واسناده حسن. وعن زيد بن حارثة قال خرجت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوما حارا من أيام مكة وهو مرد في إلى نصب من الأنصاب وقد ذبحنا له
شاة فأنضجناها قال فلقيه زيد بن عمرو بن نفيل فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية
الجاهلية فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا زيد ما لي أرى قومك قد شنفوا لك قال والله
417

يا محمد ذلك لغير نائله لي منهم ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى أقدم على أحبار
فدك وجدتهم يعبدون الله ويشركون به قال قلت ما هذا الدين الذي أبتغي فخرجت
حتى أقدم على أحبار الشام فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به قلت ما هذا الدين
لذي أبتغي فقال شيخ منهم إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله به الا شيخ
بالحيرة قال فخرجت حتى أقدم عليه فلما رآني قال ممن أنت قلت من أهل بيت الله من
أهل الشوك والقرظ فقال إن الدين الذي تطلب قد ظهر ببلادك قد بعث نبي قد ظهر
نجمه وجميع من رأيتهم في ضلال فلم أحس بشئ بعد يا محمد قال وقرب إليه السفرة
فقال ما هذا يا محمد فقال شاة ذبحناها لنصب من الأنصاب فقال ما كنت لآكل
مما لم يذكر اسم الله عليه قال زيد بن حارثة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البيت فطاف به وأنا معه
وبين الصفا والمروة صنمان من نحاس أحدهما يقال له يساف والآخر يقال له نائلة وكان
المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تمسحهما فإنهما رجس فقلت في نفسي
لأمسنهما حتى أنظر ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد إنه يبعث أمة
وحده. رواه أبو يعلى والبزار والطبراني إلا أنه قال فيه فأخبرته بالذي خرجت له فقال كل
من رأيت في ضلال وإنك لتسأل عن دين الله وملائكته وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج
فارجع فصدقه وآمن به وقال أيضا فقال زيد إني لا آكل شيئا ذبح لغير الله، ورجال
أبى يعلى والبزار وأحد أسانيد الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة
وهو حسن الحديث. وعن أسماء بنت أبي بكر قالت كان زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية
يقف عند الكعبة ويلزق ظهره إلى صفحتها ويقول يا معشر قريش ما على الأرض
على دين إبراهيم غيري وكان يفدى الموؤودة أن تقتل وقال عمرو بن نفيل:
عزلت الجن والجنان عنى * كذلك يفعل الجلد الصبور
رواه الطبراني وإسناده حسن.
* (باب ما جاء في قس بن ساعدة) *
عن ابن عباس قال قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيكم يعرف
القس بن ساعدة الأيادي فقالوا كلنا يا رسول الله نعرفه قال فما فعل قالوا هلك قال
ما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام وهو على جمل أحمر وهو يخطب الناس وهو يقول:
يا أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو
418

آت آت إن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا مهاد موضوع وسقف مرفوع
ونجوم تمور وبحار لا تغور أقسم قس بالله قسما حقا لئن كان في الأرض رضا
ليكونن بعده سخط إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ما لي أرى
الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا ثم قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أفيكم من يروى شعره فأنشده بعضهم:
في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها * يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إليك * ولا من الباقين عابر
أيقنت أنى لا محالة * حيث صار القوم صائر
رواه الطبراني والبزار وفيه محمد بن الحجاج اللخمي وهو كذاب.
* (باب ما جاء في النجاشي رضي الله عنه) *
عن جرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخاكم النجاشي قد مات فاستغفروا له.
رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات. وعن جعفر بن أبي طالب قال لما أتينا
النجاشي فأردنا الخروج من عنده حملنا وزودنا وأعطانا ثم قال أخبروا صاحبكم بما
صنعت بكم وهذه رسلي معكم وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقل له يستغفر لي قال جعفر فخرجنا من عنده حتى أتينا المدينة فتلقاني
النبي صلى الله عليه وسلم فاعتنقني وقال ما أدرى أنا بفتح خيبر أفرح أم بقدوم جعفر
ثم جلس فقام رسول النجاشي فقال هذا جعفر فسله عما صنع به صاحبنا فقال
جعفر قد فعل بنا وحملنا وزودنا وشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وقال لنا
قل له يستغفر لي فدعا ثلاث مرات اللهم اغفر للنجاشي فقال المسلمون آمين قال فقلت
للرسول انطلق فأبلغ صاحبك ما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البزار وفيه أسد بن عمرو
ومجالد بن سعيد وثقهما غير واحد وضعفهما جماعة، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الله
ابن الزبير قال نزلت هذه الآية (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض
من الدمع) قال نزلت في النجاشي وأصحابه. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير
محمد بن عثمان بن بحر وهو ثقة. وعن أنس بن مالك قال لما مات النجاشي قال النبي صلى الله عليه وسلم
419

استغفروا لأخيكم فقال بعض الناس يأمرنا أن نستغفر له وقد مات بأرض الحبشة
فنزلت (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم الآية).
رواه الطبراني في الأوسط باسنادين أحدهما قال فيه صلوا عليه. وقد تقدمت في الجنائز
في الصلاة على الغائب ورجالها ثقات، وفى هذه من لم أعرفه. وقد تقدمت أحاديث في
الجنائز (1) والله تعالى أعلم بالصواب.
آخر الجزء التاسع ويتلوه إن شاء الله في أول الجزء العاشر وهو آخر كتاب مجمع
الزوائد ومنبع الفوائد:
* (باب ما جاء في عمرو بن جابر الجني) *
والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا وحبيبنا أعظم الخلق محمد.
كتب برسم خزانة مولانا الجناب العالي المولوي الامامي العالمي العاملي الزيني مهنى
العلائي زينه الله بالتقوى ونفعه بالعلم بمحمد وآله.
نقل من خط مصنفه الشيخ العالم نور الدين على الهيثمي نفع الله بن.
وافق الفراغ من نسخ هذا الجزء يوم السبت الرابع من شهر جمادى الآخرة من
شهور سنة اثنتين وثمانمائة على يد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن محمد بن منصور الفوي.
والحمد لله وحده وصلى الله على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
وعلى أزواج سيدنا محمد وسلم ورضى الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين
وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.

(1) في الجزء الثالث.
420