الكتاب: مجمع الزوائد
المؤلف: الهيثمي
الجزء: ٦
الوفاة: ٨٠٧
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٨ - ١٩٨٨ م
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: طبع بإذن خاص من ورثة حسام الدين القدسي مؤسس مكتبة القدسي بالقاهرة

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807
بتحرير الحافظين الجليلين: العراقي وابن حجر
الجزء السادس
دار الكتب العلمية
بيروت - لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
* (باب فيمن غلب العدو على ماله ثم وجده) *
عن ابن عمر بن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أدرك ماله في الفئ قبل أن يقسم
فهو أحق به ومن أدركه بعد أن يقسم فليس له شئ. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه ياسين الزيات وهو ضعيف. وقد تقدمت أحاديث نحو هذا في الاحكام.
* (باب ما جاء في الأرض) *
عن سفيان بن وهب الخولاني قال لما افتتحنا مصر قام الزبير بن العوام
فقال يا عمرو بن العاص اقسمها فقال عمرو لا أقسمها فقال الزبير والله لتقسمنها
كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال عمرو والله لا أقسمها حتى أكتب إلى
أمير المؤمنين وكتب إلى عمر فكتب إليه عمر أن أقرها حتى يغزو منها حبل
الحبلة (1). رواه أحمد وفيه رجل لم يسم وابن لهيعة. وعن أسلم مولى عمرو
قال سمعت عمر يقول لئن عشت إلى هذا العام المقبل لا تفتح الناس قرية إلا
قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر. رواه أحمد ورجال أحمد رجال الصحيح.
وعن قبيصة بن جابر عن أبيه قال كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص
أريد قسم سواد الكوفة بين من ظهر من المسلمين فكتب إليه سعد يا أمير
المؤمنين إنا قد ظهرنا على ألين قوم خلقهم الله قلوبا وأسخاهم أنفسا وأعظمهم
بركة وأنداهم يدا إنما أيديهم طعام وألسنتهم سلام فان رأيت يا أمير المؤمنين أن
لا تفرقهم ولا تقسمهم ولا يصدنا عن وجهنا الذي فتح الله علينا فيه ما فتح فان
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عز العرب في أسنة رماحها وسنابك خيلها. رواه

(1) يريد حتى يغزو منها أولاد الأولاد ويكون عاما في الناس والدواب، أي
يكثر المسلمون فيها بالتوالد فإذا قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأولاد،
أو يكون أراد المنع من القسمة حيث علقه على أمر مجهول.
2

الطبراني في الأوسط وفيه صالح بن موسى الطلحي وهو متروك. ويأتي إقطاع
الأراضي بعد بقليل.
* (باب تدوين العطاء) *
عن ناشر بن سمى اليزني قال سمعت عمر بن الخطاب يوم الجابية وهو يخطب الناس
إن الله عز وجل جعلني خازنا لهذا المال وقاسمه ثم قال بل الله يقسمه وأنا بادئ
بأهل النبي صلى الله عليه وسلم ثم أشرفهم ففرض الأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف إلا
جويرية وصفية وميمونة قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدل بيننا فعدل
بينهن عمر ثم قال إني بادئ بأصحابي المهاجرين الأولين فانا أخرجنا من ديارنا
ظلما وعدوانا ثم أشرفهم ففرض لأهل بدر منهم خمسة آلاف ولمن شهد بدرا
من الأنصار أربعة آلاف وفرض لمن شهد أحدا ثلاثة آلاف قال ومن أسرع
بالهجرة أسرع به العطاء ومن أبطأ بالهجرة أبطأ به العطاء فلا يلومن امرؤ إلا
مناخ راحلة وإني أعتذر إليكم من عزل خالد بن الوليد إني أمرته أن يحبس هذا
المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس (1) وذا الشرف وذا اللسان فنزعته
ووليت أبا عبيدة (2) فقال أبو عمرو بن حفص والله ما أعذرت يا عمر بن الخطاب
لقد؟ زعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وغمدت سيفا سله رسول الله صلى الله عليه وسلم
ووضعت لواءا نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسدت ابن العم فقال عمر بن الخطاب إنك
قريب القرابة حديث السن معصب في ابن عمك. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن
عمر بن عبد الله مولى غفرة (3) قال قدم على أبى بكر مال من البحرين فقال
من كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فيأت فيأخذ قال فجاء جابر بن عبد الله فقال
قد وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إذا جاءني من البحرين مال أعطيتك هكذا
وهكذا وهكذا ثلاث مرات ملء كفيه فقال خذ بيديك قال فأخذ بيديه فوجد
خمسمائة قال عد إليها ثم أعطاه مثلها ثم قسم بين الناس ما بقي فأصاب عشرة الدراهم
يعنى لكل واحد فلما كان العام المقبل جاءه مال أكثر من ذلك فقسم بينهم فأصاب
كل انسان عشرين درهما وفضل من المال فضل فقال للناس أيها الناس قد فضل من

(1) في الأصل (الناس)
(2) في الأصل (أبو عبيدة)
(3) في الأصل (عقرة).
3

هذا المال فضل ولكم خدم يعالجون لكم ويعملون لكم إن شئتم رضخنا لهم (1)
فرضخ لهم الخمسة دراهم فقالوا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لو فضلت المهاجرين فقال
أجر أولئك على الله إنما هذه معايش الأسوة فيها خير من الأثرة فلما مات أبو بكر
استخلف عمر ففتح الله عليه الفتوح فجاءه أكثر من ذلك فقال قد كان لأبي
بكر في هذا المال رأى ولى رأى آخر لا أجعل من قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن
قاتل معه ففضل المهاجرين والأنصار ففرض لمن شهد بدرا منهم خمسة آلاف
خمسة آلاف ومن كان اسلامه قبل اسلام أهل بدر فرض له أربعة آلاف أربعة
آلاف وفرض لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألفا لكل امرأة إلا صفية
وجويرية ففرض لكل واحدة ستة آلاف فأبين أن يأخذنها فقال إنما فرضت
لهن بالهجرة فقلن ما فرضت لهن بالهجرة إنما فرضت لهن لمكانهن من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولنا مثل مكانهن فأبصر ذلك فجعلهن سواءا وفرض للعباس بن عبد المطلب
اثنى عشر ألفا لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض لأسامة بن زيدا أربعة آلاف وفرض
للحسن والحسين خمسة آلاف خمسة آلاف فألحقهما بأبيهما لقرابتهما من رسول الله
صلى الله عليه وسلم وفرض لعبد الله بن عمر ثلاثة آلاف فقال يا أبت فرضت لأسامة بن زيد
وفرضت لي ثلاثة آلاف فما كان لأبيه من الفضل ما لم يكن لك وما كان له من الفضل
ما لم يكن لي فقال إن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك وهو كان أحب
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك وفرض لأبناء المهاجرين ممن شهد بدرا ألفين ألفين
فمر به عمر بن أبي سلمة فقال زيدوه ألفا أو قال زده ألفا يا غلام فقال محمد بن عبد الله
لأي شئ تزيده علينا ما كان لأبيه من الفضل ما كان لآبائنا قال فرضت له بأبي سلمة
ألفين وزدته بأم سلمة ألفا فان كانت لك أم مثل أم سلمة زدتك ألفا وفرض لعثمان
ابن عبد الله بن عثمان وهو ابن أخي طلحة بن عبيد الله يعنى عثمان بين عبد الله
ثمانمائة وفرض للنضر بن أنس ألفي درهم فقال له طلحة جاءك ابن عثمان مثله ففرضت
له ثمانمائة وجاءك غلام من الأنصار ففرضت له في ألفين فقال إني لقيت أبا هذا
يوم أحد فسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما أراه إلا قد قتل فسل سيفه وسدد

(1) رضخ له: أعطاه غير كثير.
(2) في الأصل (ويسر).
4

زنده وقال إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فان الله حي لا يموت فقاتل حتى قتل
وقال هذا يرعى الغنم فتريدون اجعلهما سواءا فعمل عمر عمره بهذا حتى إذا كانت
السنة التي حج فيها قال ناس من الناس لو قد مات أمير المؤمنين أقمنا فلانا يعنون
طلحة بن عبيد الله قالوا وكانت بيعة أبى بكر فلتة (1) فأراد أن يتكلم في أيام
التشريق بمنى فقال له عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين إن هذا المجلس يغلب
عليه غوغاء الناس وهم لا يحملون فأمهل أو أخر حتى نأتي أرض الهجرة حيث
أصحابك ودار الايمان والمهاجرين والأنصار فتكلم بكلامك أو فتتكلم فيحتمل
كلامك قال فأسرع السير حتى قدم المدينة فخرج يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه
وقال قد بلغني مقالة قائلكم لو قد مات عمر أو قد مات أمير المؤمنين أقمنا فلانا
فبايعناه وكانت إمرة أبى بكر فلتة أجل والله لقد كانت فلتة ومن أين لنا مثل أبى
بكر نمد أعناقنا إليه كما نمد أعناقنا إلى أبى بكر وإن أبا بكر رأى رأيا ورأي أبو
بكر أن يقسم بالسوية ورأيت أنا أن أفضل فان أعش إلى هذه السنة فسأرجع إلى
رأى أبى بكر فرأيه خير من رأيي إني قد رأيت رؤيا وما أرى ذلك
الا قد اقترب أجلى رأيت كأن ديكا أحمر نقرني ثلاث نقرات فاستعبرت أسماء فقالت
يقتلك عبد أعجمي فان أهلك فأمركم إلى هؤلاء الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو عنهم راض عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف والزبير
ابن العوام وطلحة بن عبد الله وسعد بن مالك فان عشت فسأعهد عهدا لا تهلكوا
إلا (2) وإن الرجم حق قد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ولولا أن يقولوا

(1) يعنى فجأة أو خلسة، أي ان الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها
الأنفس ولذلك كثر فيها التشاجر فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي
واختلاسا، وقيل الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحرم فيختلفون فيها أمن الحل هي
أم من الحرم فيسارع الموتور إل درك الثأر فيكثر الفساد وتسفك الدماء، فشبه
أيام النبي صلى الله عليه وسلم بالأشهر الحرم ويوم موته بالفلتة من وقوع الشر من ارتداد العرب
وتخلف الأنصار عن الطاعة ومنع من منع الزكاة الجري على عادة العرب في أن
لا يسود القبيلة إلا رجل منها.
(2) في الأصل (الاسم).
5

كتب عمر ما ليس في كتاب الله لكتبته ثم قرأ في كتاب الله (الشيخ والشيخة
إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (1) نظرت إلى العمة
وابنة الأخ فما جعلتهما وارثين ولا يرثان فان أعش فسأفتح لكم منه طريقا تعرفونه
وإن أهلك فالله خليفتي وتختارون رأيكم انى قد دونت الديوان ومصرت الأمصار
وإنما أتخوف عليكم أحد رجلين رجل يؤول القرآن على غير تأويله فقاتل عليه
ورجل يرى أنه أحق بالملك من صاحبه فيقاتل عليه، تكلم بهذا الكلام يوم الجمعة
ومات يوم الأربعاء قلت في الصحيح طرف منه رواه البزار وفيه أبو معشر نجيح
ضعيف يعتبر بحديثه. وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانا نصيبا من
خيبر وأعطاناه أبو بكر فلما كان عمر وكثر عليه الناس أرسل إلينا ثم قال إن الناس
قد كثروا على فان شئتم أن أعطيكم مكان نصيبكم من خيبر مالا فنظر بعضنا إلى
بعض فقلنا نعم فطعن عمر ولم يعطنا شيئا، فأخذها عثمان فأبى أن يعطينا وقال قد
كان عمر أخذها منكم. رواه البزار وفيه حكيم بن جبير وهو متروك. وعن عائشة أن
درجا أتى عمر بن الخطاب فنظر إليه أصحابه فيمن فقال أتأذنون ان أبعث به إلى
عائشة لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها قالوا نعم فأتى به عائشة ففتحته فقيل هذا أرسل به
إليك عمر بن الخطاب فقالت ماذا فتح على ابن الخطاب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم لا تبقني لعطيته قابل. رواه أبو يعلى في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
وعن مخلد الغفاري أن ثلاثة أعبد شهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا فكان عمر
يعطيهم ألفا لكل رجل. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن حميد وقد ضعفه الجمهور
ووثقه ابن حبان وغيره. وعن مصعب بن سعد أن عمر بن الخطاب فرض للنساء
المهاجرات في ألف ألف منهن أم عبد الله. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
إلا أن مصعب بن سعد لم يسمع من عمر فيها أظن. وعن نافع قال فكان عمر
ابن عبد العزيز لا يفرض لأحد لا يبلغ الحلم إلا مائة درهم وكان لا يفرض لمولود
حتى يفطم فبينا هو يطوف ذات ليلة بالمصلى فسمع بكاء صبي فقال لامه ارضعيه

(1) وهي من منسوخ التلاوة باقي الحكم.
6

فقالت إن أمير المؤمنين لا يفرض لمولود حتى يفطم وإني فطمته فقال عمر كدت
أن اقتله أرضعيه فان أمير المؤمنين سوف يفرض له ثم فرض له بعد ذلك وللمولود
حين يولد. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب الرضخ (1) للنساء) *
عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لسهلة
بنت عاصم ولابنة لها ولدت. رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه
حسن. وعن زينب امرأة عبد الله الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها بخير خمسين
وسقا تمرا وعشرين وسقا شعيرا بالمدينة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب النفل) *
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينفل في مغازيه. رواه أحمد والطبراني
وفيه عبد العزيز بن عبد الله الحمصي وهو ضعيف. وعن السائب بن يزيد عن أبيه
قال نفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفلا سوى نصيب (2) من الخمس فأصابني شارف (3) رواه
الطبراني في الكبير والأوسط وفيه إسحاق بن إدريس الأسواري وهو متروك.
وعن معن بن يزيد قال ولا تحل غنيمة حتى تقسم ولا نفل حتى يقسم للناس.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب خراج الأرض) *
عن معاز يعنى ابن جبل قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرى عربية فأمرني
أن آخذ حظ الأرض قال سفيان حظ الأرض الثلث والربع. رواه أحمد وفيه
جابر الجعفي وهو ضعيف.
* (باب ما يقطع من الأراضي والمياه) *
عن أبي ثعلبة الخشني قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اكتب لي

(1) الرضخ: العطية القلبة، وفى الأصل بالمهملة، والتصحيح من النهاية.
(2) في الأصل (نصيبا).
(3) أي ناقة مسنة.
7

؟ كذا وكذا لأرض من الشام لم يظهر عليها النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم
ألا تسمعون ما يقول هذا فقال أبى ثعلبة والذي نفسي بيده ليظهرن عليها قال
فكتب لي بها فذكر الحديث. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن تميم
الداري قال استقطعت النبي صلى الله عليه وسلم أرضا بالشام قبل أن يفتح فأعطانيها ففتحها عمر
في زمانه فأتيته فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني أرضا من كذا إلى كذا فجعل
عمر ثلثها لابن السبيل وثلثا لعماريها وثلثا لنا. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن
عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني المعادن القبلية جلسيها
وغوريها (1) وجئت بصلح الزرع من قدس. وراه البزار وفيه كثير بن عبد الله
وهو ضعيف جدا وقد حسن الترمذي حديثه. وعن بلال بن الحرث أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أقطعه هذه القطيعة وكتب له بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحرث أعطاه معادن القبلية غوريها وجلسيها عشبة وذات
النصب وجئت صلح الزرع من قدس إن كان صادقا وكتب معاوية. رواه الطبراني
وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك. وعن بلال بن الحرث أن النبي صلى الله عليه وسلم
أقطع له العقيق. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك. وعن أبي
هند الداري أنهم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ستة نفر أوس بن خارجة
ابن سوادان بن جذيمة بن دراع بن عدي بن الدار وأخوه تميم بن أوس ويزيد
ابن قيس وأبو هند بن النعمان فأسلموا وسألوه أن يعطيهم أرضا من أرض الشام
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوا حيث أحببتم فنهضوا من عنده يتشاورون في موضع
يسألونه إياه فقال تميم أرى أن نسأله بيت المقدس وكورتها فقال أبو هند أرأيت
ملك العجم اليوم أليس هو في بيت المقدس قال تميم نعم. رواه الطبراني وفيه
زياد بن سعيد وهو متروك. وعن حصين بن مشمت أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبايعه بيعة الاسلام وصدق إليه صدقة ماله وأقطعه النبي صلى الله عليه وسلم مياها عدة بالمروث
اسناد حراد منها أصيهب ومنها الماعزة ومنها أهواد ومنها المهاد ومنها السديرة

(1) الجلس: ما ارتفع من الأرض، والغور: ما انخفض من الأرض.
8

وشرط النبي صلى الله عليه وسلم على حصين بن مشمت فيها أقطع له أن لا يعقر مرعاه ولا يباع
ماؤه ولا يمنع فضله فقال زهير بن عاصم بن حصين شعرا:
إن بلادي لم تكن إفلاسا * بهن خط القلم الأنفاسا
من النبي حيث أعطى الناسا * فلم يدع لبسا ولا التباسا
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن أو في بن مولة قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فأقطعني العميم وشرط على ابن السبيل أول ريان وأقطع ساعدة رجلا منا بئرا
بالفلاة يقال لها الجعوبية وهي بئر يخبأ فيها المال وليست بالماء العذب وأقطع أناس
معاده العرى وهي دون اليمامة وكنا أتيناه جميعا وكتب لكل رجل منا بذلك
في أديم. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن رزين بن أنس قال لما ظهر
الاسلام ولنا بئر بالدنينة خفنا أن يغلبنا عليها من حولنا قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فذكرت ذلك له قال فكتب لنا كتابا من محمد رسول الله أما بعد فان لهم بئرهم إن
كان صادقا قال فما قاضينا فيه إلى أحد من قضاة المدينة إلا قضوا لنا به وفى كتاب
النبي صلى الله عليه وسلم كان كون وزعم أنه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه فهد
ابن عوف أبو ربيعة وهو كذاب. وعن أبي السائب عن جدته وكانت من المهاجرات
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعها بئرا بالعقيق. رواه الطبراني وفيه أبو السائب قال
الذهبي مجهول. وعن عتير العدوي انه استقطع النبي صلى الله عليه وسلم أرضا بوادي القرى
فهي تسمى اليوم بويرة عتير قال ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل تبوكا صلى بوادي
القرى. رواه الطبراني وفيه سليم بن مطير أبو حاتم وضعفه ابن حبان. وعن
مجاعة قال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم مجاعة من مرارة من بنى سلمى أرضا باليمامة
يقال لها العوزة قال وكتب له بذلك كتابا من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجاعة بن مرارة
من بنى سلمى إني أعطيتك العوزة فمن خالفني فيها فالنار وكتب يزيد. رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن قلية بنت مخرمة انها كانت تحت حبيب
ابن أزهر أخي بنى خباب فولدت له النساء ثم توفى فانتزع بناتها منها أيوب بن أزهر
عمهن فخرجت تبتغى الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكت جويرية منهن حديباء قد
كانت اخذتها الفرصة وهي أصغر هن عليها سبيج لها من صوف فاحتملتها معها
9

فبينما هما يرتكان الجمل انتفجت الأرنب فقالت الحديباء القضية لا والله لا تزال
كعبك أعلى من كعب أيوب في هذا الحديث أبدا ثم سنح الثعلب فسمته أسماء
غير الثعلب نسيه عبد الله بن حسان ثم قالت ما قالت فبينما هما يرتكان إذ برك الجمل
وأخذته رعدة فقالت الحديباء القضية أدركت والله أخذه أيوب فقلت واضطرب
إليها ويحك ما اصنع قالت قلبي ثيابك ظهورها بطونها وتدحرجي ظهرك لبطنك
وقلبي أحلاس حملك ثم خلعت سبيجها فقلبته وتدحرجت ظهرها لبطنها فلما فعلت
ما أمرتني به انتفض الجمل ثم قام فتفاج وقال فقالت الحديباء أعيدي عليك اداتك
ففعلت ما أمرتني به فأعدتها ثم خرجنا نرتك فإذا أيوب يسعى على أثرنا بالسيف
صلتا فوألنا إلى حواء ضخم قد أراه حتى ألقى الجمل إلى البيت الأوسط جمل
ذلول فاقتحمت داخله بالجارية وأدركني بالسيف فأصابت ظبيته طائفة من قرون
رأسي وقال ألقي إلى بنت أخي ياد فار فرميت بها إليه فجعلها على منكبه فذهب بها
وكنت أعلم به من أهل البيت ومضيت إلى أخت لي ناكح في بنى شيبان ابتغى
الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الاسلام فبينا انا عندها ذات ليلة من الليالي
تحسب عيني نائمة جاء زوجها من الشام فقال واليك لقد وجدت لقيلة صاحبا
صاحب صدق قالت من هو قال حريث بن حسان الشيباني وافد بكر بن وائل
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا صباح قالت أختي الويل لي لا تسمع أختي فتخرج مع
أخي بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ليس معها من قومها رجل فقال لا
تذكريه لها فإني غير ذاكره لها فسمعت ما قالا فغدوت فشددت على جملي فوجدته
غير بعيد فسألته الصحبة فقال نعم وكرامة وركان مناخه فخرجت معه صاحب
صدق حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى بالناس صلاة الغداة وقد أقيمت
حين شق الفجر والنجوم شابكة في السماء والرجال لا تكاد تعرف من ظلمة الليل
فصففت مع الرجال امرأة حديثة عهد بجاهلية فقال لي الرجل الذي يليني في
الصف امرأة أنت أم رجل فقلت لا بل امرأة فقال إنك قد كدت تفتنيني فصلى
في صف النساء وراءك وإذا صف من نساء قد حدث عند الحجرات لم أكن
رأيته حين دخلت فكنت فيه حتى إذا طلعت الشمس دنوت فإذا رأيت رجلا
10

ذا رواء وذا بشر طمح إليه بصرى لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الناس حتى جاء
رجل بعد ما ارتفعت الشمس فقال السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليك السلام ورحمة الله وعليه اسمال حليتين قد كانتا بزعفران وقد نفضتا وبيده
عسيب نخل مقشو غير خوصتين من أعلاه قاعدا القرفصاء فلما رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق فقال له جليسه يا رسول الله أرعدت
المسكينة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينظر إلى وانا عند ظهره يا مسكينة عليك
السكينة فلما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم أذهب الله عنى ما كان دخل في قلبي من الرعب
فتقدم صاحبي أول رجل حريث بن حسان فبايعه على الاسلام وعلى قومه ثم قال
يا رسول الله اكتب بيننا وبين بنى تميم بالدهناء لا يجاوزها إلينا منهم إلا مسافر أو
مجاور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب له بالدهناء يا غلام فلما رأيته شخص لي وهي
وطني وداري فقلت يا رسول الله لم يسلك السوية من الامر إذ سلك إنما هذه
الدهناء عند مقيل الجمل ومرعى الغنم ونساء بنى تميم وأبناؤها وراء ذلك فقال
أمسك يا غلام صدقت المسكينة المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على
الفتان فلما رأى حريث أن قد حيل دون كتابه ضرب إحدى يديه على الأخرى ثم
قال كنت أنا وأنت كما قال حتفها تحمل ضأن بأظلافها فقال والله ما علمت أن كنت
لدليلا في الظلماء مدولا لدى الرحل عفيفا عن الرفيقة حتى قدمنا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولكن لا تلمني على أن أسأل حظي إذ سألت حظك قال وما حظك في
الدهناء لا أبالك قلت مقيل حملي تسأله لجمل امرأتك قال لا جرم أشهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنى لك أخ وصاحب ما حييت إذ ثنيت على هذا عنده قلت إذ بدأتها فلن
أضيعها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيلام ابن هذه ان يفضل الحظية وينضر من وراء
الحجرة فبكيت ثم قلت قد والله ولدته يا رسول الله حراما فقاتل معك يوم الربذة
ثم ذهب بميرتي من خيبر فأصابته حماها فمات فترك على النساء فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم فوالذي نفسي بيده لو لم تكوني مسكينة لجررناك على وجهك أو لجررت
على وجهك شك عبد الله بن حسان أي الحرفين حدثته المرأتان أتغلب إحداكن
أن تصاحب صويحبه في الدنيا معروفا فإذا حال بينه وبينه من هو أولى به منه
11

استرجع ثم قال رب آسني لما أمضيت فأعني على ما أبقيت فوالذي نفس محمد
بيده إن أحدكم ليبكي فيستعبر له صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم ثم كتب
لها في قطعة أديم أحمر لقيلة والنسوة من بنات قيلة لا يظلمن حقا ولا يكرهن
على منكح وكل مؤمن ومسلم لهن نصير أحسن ولا تسيئن. قال محمد بن هشام
فسره لنا ابن عائشة فقال الفرضة ذات الحدب والفرصة القطعة من المسك والفرصة
الدولة انتهز فرصتك أي دولتك. السبيج سمل كساء. الرتكان ضرب من السير.
الانتفاج السعي. شنح أي ولاك ميامنه وبعض العرب يجعل مياسره وهم يتطيرون
بأحدهما ويتفاءلون بالآخر. تفاج تفتح. فوألنا أي لجأنا إلى حواء. يادفاريا منتنة
من ذلك قول العرب في الدنيا أم دفر لنتنها. ثم سدت عنه استخبرت عنه
المقشو المقشور. الفتان الشياطين وأحدها فاتن. (حتفها تحمل ضأن بأظلافها)
مثل من أمثال العرب في شاة بحثت بأظلافها في الأرض فأظهرت مدية فذبحت
بها فصار مثلا. القضية انقضاء الأمور. شخص أي ارتفع بصرى. فكسرا من اكسار
ما سمعت. آسني أي أجعل لي أسوة بما تعظني به قال متمم بن نويرة:
فقلت لها طول الأسى إذ سألتني * ولوعة حزن تترك الوجه أسفعا
اسفع أي أسود. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في الجزية) *
عن عبد الرحمن بن عوف قال لما خرج المجوسي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
سألته فأخبرني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خيره بين الجزية والقتل فاختار الجزية.
رواه أحمد، وسليمان بن موسى لم يدرك عبد الرحمن بن عوف. وعن علي قال كان لهم
كتاب يقرؤونه وعلم يدرسونه فزنى إمامهم فأرادوا ان يقيموا عليه الحد فقال
لهم أليس آدم كان يزوج بنيه من بناته فلم يقيموا عليه الحد فرفع الكتاب وقد
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية وأبو بكر وأنا. رواه أبو يعلى وفيه أبو سعد البقال
وهو متروك. وعن السائب بن يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس
هجر وأن عمر أخذها من مجوس فارس وأخذها عثمان من بربر. رواه الطبراني
12

ورجاله رجال الصحيح غير الحسين بن سلمة بن أبي كبشة وهو ضعيف. وعن
السائب بن يزيد قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما عهد إلى العلاء حين وجهه إلى
اليمن قال ولا يحل لأحد جهل الفرض والسنن ويحل له ما سوى ذلك وكتب للعلاء
ان سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن
ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أسلم فلا جزية عليه. رواه الطبراني وفيه
من لم أعرفهم.
* (باب القتال عن أهل الذمة) *
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقاتل عن أحد من أهل الشرك إلا عن أهل
الذمة. رواه البزار وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف.
* (باب ما ينقض عهد أهل الذمة) *
عن عرفة بن الحرث وكانت له صحبة وقاتل مع عكرمة بن أبي جهل باليمن
في الردة انه مر بنصراني من أهل مصر يقال له المندقون فدعاه إلى الاسلام فذكر
النصراني النبي صلى الله عليه وسلم فتناوله فرفع ذلك إلى عمرو بن العاص فأرسل إليه فقال
قد أعطيناهم العهد فقال عرفة معاذ الله ان نكون أعطيناهم العهود والمواثيق على أن
يؤذونا في الله ورسوله إنما أعطيناهم على أن يخلى بيننا وبين كنائسهم يقولون
فيها ما بدا لهم وان لا نحملهم ما لا طاقة لهم بن وان نقاتل من ورائهم وان يخلى
بينهم وبين أحكامهم إلا أن يأتونا فنحكم بينهم بما أنزل الله فقال عمرو صدقت.
رواه الطبراني وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث قال عبد الملك بن سعيد بن
الليث ثقة مأمون، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. وعن عوف بن مالك أنه
أبصر نصرا؟ يا يسوق بامرأة فنخس بها فصرعت فتحللها فضربته بخشبة معي
فشججته فانطلقت إلى معاذ بن جبل فقلت أجرني من عمرو وخشيت عجلته فأتى
عمرا فأخبره فجمع بيننا فلم يزل بالنصراني حتى اعترف فأمر له بخشبة فنحتت ثم
قال لهؤلاء عهد ففوا لهم بعهد ما وفوا لكم فإذا بدلوا فلا عهد لهم وامر به فصلب.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
13

(كتاب المغازي والسير)
بسم الله الرحمن الرحيم
* (باب علو الاسلام على كل دين خالفه وظهوره عليه) *
عن زياد بن جهور قال ورد على كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بسم الله
الرحمن الرحيم بن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زياد بن جهور سلم أنت سلام علك
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني أذكرك الله واليوم الآخر أما
بعد فليوضعن كل دين دان به الناس إلا الاسلام فاعلم ذلك. رواه الطبراني في
الثلاثة وفيه من لم أعرفهم. وعن سعد بن أبي وقاص قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
يظهر المسلمون على الروم ويظهر المسلمون على فارس ويظهر المسلمون على جزيرة
العرب. رواه البزار وفيه من لم يسم. وعن تميم الداري قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا
وبر إلا أدخله الله هذا الدين يعز عزيز أو يذل ذليل عزا يعز الله بن الاسلام
وأهل وذلا يذل الله به الكفر، وكان تميم الداري يقول عرفت ذلك في أهل بيتي
لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافرا
الذل والصغار والجزية. رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن
مقداد بن الأسود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يبقى على ظهر الأرض
بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الاسلام يعز عزيز أو يذل ذليل اما يعزهم
فيجعلهم من أهلهم أو يذلهم فيدينون لهم الا أنه قال اما يعزهم فيهديهم إلى الاسلام
أو يذلهم فيؤدون الجزية. ورجال الطبراني رجال الصحيح.
* (باب تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم ما أرسل به وصبره على ذلك) *
عن عقيل بن أبي طالب قال جاءت قريش إلى أبى طالب فقالوا يا أبا طالب إن بن
أخيك يأتينا في أفنيتنا وفى نادينا فيسمعنا ما يؤذينا به فان رأيت أن تكفه
14

عنا فافعل فقال لي يا عقيل التمس لي ابن عمك فأخرجته من كبس من أكباس (1) أبى
طالب فأقبل يمشى معي يطلب الفئ يمشى فيه فلا يقدر عليه حتى انتهى إلى أبى
طالب فقال له أبو طالب يا ابن أخي والله ما علمت أن كنت لي لمطاعا وقد جاء
قومك يزعمون أنك تأتيهم في كعبتهم وفى ناديهم تسمعهم ما يؤذيهم فان رأيت
أن تكف عنهم فحلق ببصره إلى السماء فقال والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت
به من أن يشعل أحدكم من هذه الشمس شعلة من نار فقال أبو طالب والله
ما كذب ابن أخي قط ارجعوا راشدين. رواه الطبراني في الأوسط والكبير
الا أنه قال من جلس مكان كبس، وأبو يعلى باختصار يسير من أوله، ورجال
أبى يعلى رجال الصحيح. وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زالت قريش
كافة عنى حتى مات أبو طالب. رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو بلال الأشعري
وهو ضعيف. وعن أبي هريرة قال لما مات أبو طالب تحينوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال
ما أسرع ما وجدت فقدك يا عم. رواه الطبراني في الأوسط عن شخص لقى
ابن سعيد الرازي قال الدارقطني ليس بذاك، وعيسى بن عبد السلام لم أعرفه،
وبقية رجاله ثقات. وعن عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو قال قلت له ما أكثر
ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته قال
حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم في الحجر فقالوا ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من
هذا الرجل قط سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا
لقد صبرنا منه على أمر عظيم أو كما قالوا قال فبينما هم في ذلك إذ طلع عليهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشى حتى استقبل الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فلما مر بهم
غمزوه ببعض ما يقول قال فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى فلما مر بهم الثانية
غمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى فلما مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها
فقال أتسمعون يا معشر قريش اما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح فأخذت
القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه وضاءة
قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول انصرف يا أبا القاسم

(1) الكبس: بيت صغير، ويروى بالنون، من الكناس بيت الظبي.
15

انصرف راشدا فوالله ما كنت جهولا فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان
الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتهم ما بلغ منكم وما
بلغكم عنه حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه فبينما هم في ذلك إذ طلع عليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فأطافوا به يقولون أنت الذي
تقول كذا وكذا لما كان يبلغهم من عيب آلهتم ودينهم قال فيقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم نعم أنا الذي أقول ذلك قال فقلد رأيت رجلا منهم اخذ بمجمع ردائه وقام
أبو بكر دونه يقول وهو يبكى أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله ثم انصرفوا عنه
فان ذلك لأشد ما رأيت قريشا بلغت منه قط قلت في الصحيح طرف منه
رواه أحمد وقد صرح ابن إسحاق بالسماع، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عمرو
ابن العاص قال ما رأيت قريشا أرادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يوما ائتمروا به
وهم جلوس في ظل الكعبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى عند المقام فقام إليه عقبة
ابن أبي معيط فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب (1) لركبتيه وتصايح
الناس وظنوا انه مقتول قال وأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبع (2) رسول
الله صلى الله عليه وسلم من ورائه وهو يقول أتقتلون رجلا أن يقول رضى الله ثم انصرفوا عن
النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضى صلاته مر بهم وهم جلوس في ظل
الكعبة فقال يا معشر قريش أما والذي نفسي بيده ما أرسلت إليكم إلا بالذبح
وأشار بيده إلى الحلق فقال له أبو جهل يا محمد ما كنت جهولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنت منهم. رواه أبو يعلى والطبراني وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن،
وبقية رجال الطبراني رجال الصحيح. وعن أسماء بنت أبي بكر انهم قالوا لها ما أشد
ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان المشركون قعدوا
في المسجد يتذاكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقول في آلهتهم فبينما هم كذلك إذ
أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا إليه بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبى بكر فقالوا
أدرك صاحبك فخرج من عندنا وإن له لغدائر أربع وهو يقول ويلكم أتقتلون
رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم فلهوا عن رسول الله

(1) أي سقط
(2) الضبع: وسط العضد، وقيل هو ما تحت الإبط.
16

صلى الله عليه وسلم وأقبلوا على أبى بكر قالت فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئا من غدائره
إلا جاء معه وهو يقول تباركت يا ذا الجلال والاكرام. رواه أبو يعلى وفيه تدروس
جد أبى الزبير ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أنس بن مالك قال لقد ضربوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة حتى غشى عليه فقام أبو بكر فجعل ينادى ويلكم أتقتلون
رجلا ان يقول ربى الله فقالوا من هذا فقالوا أبو بكر المجنون. رواه أبو يعلى
والبزار وزاد فتركوه واقبلوا على أبى بكر، ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن
مسعود قال كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فجاء النبي صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر وقد فرا من المشركين فقالا يا غلام هل عندك من لبن تسقينا قلت إني
مؤتمن ولست بساقيكما. رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح. وعن
جبير بن نفير قال جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما ومر بنا رجل واستمعنا
إليه فقال طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا انا رأينا
ما رأيت وشهدنا ما شهدت فأقبل إليه فقال ما يحمل الرجل ان يتمنى محضرا غيبه
الله عنه لا يدرى كيف يكون فيه والله لقد حضر رسول لله صلى الله عليه وسلم أقوام كبهم
الله على مناحرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه إلا بحمد الله تعالى أحدكم ان
لا تعرفوا إلا ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم فقد كفيتم البلاء بغيركم والله لقد
بعث النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية لم
يروا ان دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل
وفرق بين الوالد وولده حتى إن كان الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرا وقد
فتح الله تعالى قفل قلبه للايمان ليعلم أنه قال هلك من دخل ال‍؟ أر فلا تقر عينه وهو
يعلم أن حميمه في النار وانها التي قال الله تعالى (ربنا هب لنا من
أزواجنا وذرياتنا قرة أعين). رواه الطبراني بأسانيد في أحدها يحيى بن صالح
وثقه الذهبي وقد تكلموا فيه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن مسعود
قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وأبو جهل بن هشام وشيبة وعتبة ابنا ربيعة
وعقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف ورجلان آخران كانوا سبعة وهم في الحجر
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فلما سجد أطال السجود فقال أبو جهل أيكم يأتي جزور
17

بنى فلان فيأتينا بفرثها (1) فنكفئه على محمد صلى الله عليه وسلم فانطلق أشقاهم عقبة بن أبي معيط
فأتى به فألقاه على كتفيه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد قال ابن مسعود وأنا قائم
لا أستطيع أن أتكلم ليس عندي منعة تمنعني فأنا أذهب إذ سمعت فاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلت حتى ألقت ذلك عن عاتقه ثم استقبلت قريشا تسبهم فلم
يرجعوا إليها شيئا ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه كما كان يرفع عند تمام السجود فلما قضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال اللهم عليك بقريش ثلاثا عليك بعتبة وعقبة وأبى جهل
وشيبة ثم خرج من المسجد فلقيه أبو البختري بسوط يتخصر به فلما رأى
النبي صلى الله عليه وسلم أنكر وجهه فقال مالك فقال النبي صلى الله عليه وسلم خل عنى قال علم الله لا أخلي
عنك أو تخبرني ما شأنك فلقد أصابك شئ فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه غير مخل عنه
أخبره فقال إن أبا جهل أمر فطرح على فرث فقال أبو البختري هلم إلى المسجد
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو البختري فدخلا المسجد ثم أقبل أبو البختري إلى أبى جهل
فقال يا أبا الحكم أنت الذي أمرت بمحمد صلى الله عليه وسلم فطرح عليه الفرث قال نعم قال
فرفع السوط فضرب به رأسه قال فثار الرجال بعضها إلى بعض قال وصاح أبو جهل
ويحكم هي له إنما أراد محمد صلى الله عليه وسلم ان يلقى بيننا العداوة وينجو هو وأصحابه.
وفى رواية فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه حمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد
اللهم عليك الملا من قريش قلت حديث ابن مسعود في الصحيح باختصار قصة
أبى البختري رواه البزار والطبراني في الأوسط وفيه الأجلح بن عبد الله
الكندي وهو ثقة عند ابن معين وغيره وضعفه النسائي وغيره. وعن قتادة
ابن دعامة قال تزوج أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عتيبة بن أبي لهب وكانت
رقية عند أخيه عتبة بن أبي لهب فلم يبن بها حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم فلما نزل قوله
تعالى (تبت يدا أبى لهب) قال أبو لهب لابنيه عتبة وعتيبة رأسي في رؤوسكما
حرام ان لم تطلقا ابنتي محمد وقالت أمهما بنت حرب بن أمية وهي حمالة الحطب
طلقاهما يا بنى فإنهما صبأنا فطلقاهما ولما طلق عتيبة أم كلثوم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
حين فارقها فقال كفرت بدينك أو فارقت ابنتك لا تجيئني ولا أجيئك ثم سطا

(1) الفرث: السرجين في الكرش.
18

عليه فشق قميص النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج نحو الشام تاجرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما
انى أسأل الله أن يسلط عليك كلبه فخرج في تجر من قريش حتى نزلوا بمكان يقال
له الزرقاء ليلا فأطاف بهم الأسد تلك الليلة فجعل عتيبة يقول ويل أمي هذا والله
آكلي كما قال محمد قاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا بالشام فلقد غدا عليه الأسد من
بين القوم فضغمه ضغمة (1) فقتله، قال زهير بن العلاء فحدثنا هشام بن عروة
عن أبيه ان الأسد لما أطاف بهم تلك الليلة انصرف فناموا وجعل عتيبة وسطهم
فأقبل السبع يتخطاهم حتى أخذ برأس عتيبة ففدغه (2) وخلف عثمان بن عفان
رحمه الله بعد رقية على أم كلثوم رضوان الله عليهما. رواه الطبراني هكذا مرسلا
وفيه زهير بن العلاء وهو ضعيف. وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به
أبو سفيان بن الحرث فقال يا عائشة هلمي حتى أريك ابن عمك الذي هجاني.
رواه البزار عن شيخه عبد الرحمن بن شيبة قال أبو حاتم حديثه صحيح، وبقية
رجاله ثقات. وعن خالد بن سعيد قال مرض أبى مرضا شديدا فقال لئن شفاني
الله من وجعي هذا لا يعبد آله محمد بن أبي كبشة ببطن مكة أبدا قال خالد فهلك.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح الا أن عمرو بن يحيى الأموي لم يسمع من
جده. وعن أبي أمية الطائفي من ولد سعيد بن العاص أن جده أبا أحيحة كان
مريضا حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم فقال في مرضه لا ترفعوني من مضجعي الا بعدل
إله ابن أبي كبشة بمكة فقال ابنه وهو عند رأسه اللهم لا ترفعه قلت هكذا
وجدته في الأصل رواه الطبراني واسناده منقطع. وعن جابر بن عبد الله قال
اجتمعت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر
فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ما يرد عليه قالوا ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة قالوا أنت يا أبا الوليد
فأتاه عتبة فقال يا محمد أنت خير أم عبد الله فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنت خير
أم عبد المطلب فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فان كنت تزعم أن هؤلاء خير منك

(1) الضغم: العض الشديد، وبه سمى الأسد ضيغما، وفى الأصل (فصمعه
صمعة) والتصحيح من النهاية.
(2) الفدغ: الشق اليسير.
19

قد عبدوا الآلهة التي عبت وان كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع
قولك أما والله ما رأينا سخطة أشأم على قومك منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا
وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى طار فيهم ان في قريش ساحرا وأن في قريش
كاهنا ما ينتظر الأمثل صيحة الحبلى بأن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى
أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أغنى قريش
رجلا وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش فنزوجك عشرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرغت قال نعم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حم تنزيل من الرحمن
الرحيم) حتى بلغ (فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود)
فقال عتبة حسبك حسبك ما عندك غير هذا قال لا فرجع إلى قريش فقالوا
ما وراءك فقال ما تركت شيئا أرى انكم تكلمونه به إلا كلمته قالوا هل أجابك
قال نعم قال والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال أنذرتكم صاعقة
مثل صاعقة عاد وثمود قالوا ويلك يكلمك رجل بالعربية فلا تدري ما قال قال
لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة. رواه أبو يعلى وفيه الأحلج الكندي وثقه ابن معين وغيره وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات. وعن
حميد بن منهب قال بلغ معاوية أن ابن الزبير يشتم أبا سفيان فقال بئس لعمر الله
ما يقول في عمه لكني لا أقول في عبد الله إلا خيرا رحمة الله عليه إن كان امرأ
صالحا خرج أبو سفيان إلى بادية له مردفا هند وخرجت أسير أمامهما وأنا غلام
على حمارة إذ لحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان انزل يا معاوية حتى يركب محمد
فنزلت عن الحمارة فركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار أمامهما هنيهة ثم التفت إليهما
فقال يا أبا سفيان بن حرب ويا هند بنت عتبة والله لتموتن ثم لتبعثن ثم ليدخلن
المحسن الجنة والمسئ النار وا ما أقول لكم حق وانكم أول من أنذرتم ثم قرأ
رسول الله صلى الله عليه وسلم (حم تنزيل من الرحمن الرحيم) حتى بلغ (قالتا أتينا طائعين)
فقال له أبو سفيان أفرغت يا محمد قال نعم ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمارة
وركبتها فأقبلت هند على أبي سفيان فقالت ألهذا الساحر الكذاب أنزلت ابني
فقال والله ما هو بساحر ولا كذاب. رواه الطبراني في الأوسط وحميد بن منهب
20

لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن ربيعة بن عبيد الديلي قال ما أسمعكم تقولون
ان قريشا كانت تنال من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أكثر ما رأيت أن منزله كان بين
منزل أبى لهب وعقبة بن أبي معيط وكان ينقلب إلى بيته فيجد الأرحام والدماء
والأنحات قد نصبت على بابه فينحي ذلك بسنة قوسه ويقول بئس الجوار هذا
يا معشر قريش. رواه الطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم بن علي بن الحسين الرافقي
وهو ضعيف. وتأتي أحاديث في تأييده على عدوه في علامات النبوة إن شاء الله.
وعن الحرث بن الحرث قال قلت لأبي ما هذه الجماعة قال هؤلاء القوم الذين
اجتمعوا على صابئ لهم قال فنزلنا فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى توحيد الله
عز وجل والايمان وهم يردون عليه ويؤذونه حتى انتصف النهاري وانصدع الناس
عنه أقبلت امرأة قد بدا نحرها تحمل قدحا ومنديلا فتناوله منها فشرب وتوضأ
ثم رفع رأسه فقال يا بنية خمرى عليك نحرك ولا تخافين على أبيك قلنا من هذه
قالوا هذه زينب بنته. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن منبت الأزدي قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وهو يقول يا أيها الناس قولوا لا إله الا الله
تفلحوا فمنهم من تفل في وجهه ومنهم من حثا عليه التراب ومنهم من سبه حتى
انتصف النهار فأقبلت جارية بعس (1) من ماء فغسل وجهه ويديه وقال يا بنية لا تخشى
على أبيك غيلة ولا ذلة فقلت من هذه قالوا زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي جارية
وضيئة. رواه الطبراني وفيه منبت بن مدرك ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وعن مدرك قال حججت مع أبي فلما نزلنا منى إذا نحن بجماعة فقلت لأبي
ما هذه الجماعة قال هذا الصابئ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس قولوا
لا إله الا الله تفلحوا. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن رجل من بنى مالك
ابن كنانة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز يتخللها يقول يا أيا الناس
قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، قال وأبو جهل يحثى عليه التراب ويقول لا يغوينكم
هذا عن دينكم فإنما يريد لتتركوا آلهتكم وتتركوا اللات والعزى، وما يلتفت إليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت انعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بين بردين أحمرين مربوع

(1) العس: القدح الكبير.
21

كثير اللحم حسن الوجه شديد سواد الشعر أبيض شديد البياض سابغ الشعر.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن ربيعة بن عباد من بنى الديل وكان
جاهليا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق ذي المجاز وهو يقول يا أيها الناس
قولوا لا إله إلا الله تفلحوا والناس مجتمعون عليه ووراءه رجل وضئ الوجه
أحول ذو غديرتين يقول انا صابئ كاذب يتبعه حيث ذهب فسألت عنه فذكروا
لي نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا لي هذا عمه أبو لهب، وفى رواية ورسول الله
صلى الله عليه وسلم يفر منه وهو يتبعه، وفى رواية وكان جاهليا فأسلم، وفى رواية والناس
منقصفون عليه (1) فما رأيت أحدا يقول شيئا وهو لا يسكت. رواه أحمد
وابنه والطبراني في الكبير بنحوه والأوسط باختصار بأسانيد وأحد أسانيد
عبد الله بن أحمد ثقات الرجال، وتأتي له طريق في عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل.
وعن طارق بن عبد الله قال إني بسوق ذي المجاز إذ مر رجل شاب عليه حلة من
برد أحمر وهو يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ورجل خلفه قد
أدمى عرقوبيه وساقيه يقول يا أيها الناس انه كذاب فلا تطيعوه فقلت من هذا
قال غلام بني هاشم الذي يزعم أنه رسول الله وهذا عمه عبد العزى فلما هاجر
محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأسلم الناس ارتحلنا معنا ظعينة لنا فلما قدمنا المدينة أدنى
حيطانها لبسنا ثيابا غير ثيابنا إذا رجل في الطريق فقال من أين اقبل القوم قلنا
نمير أهلنا (2) ولنا جمل احمر هائم مخطوم قال أتبيعوني جملكم قلنا نعم قال
بكم قلنا بكذا صاعا من تمر فما استنقصنا مما قلنا شيئا وصرب بيده فأخذ
بخطام الجمل ثم أدبر به فلما توارى عنا بالحيطان قلنا والله ما صنعنا شيئا بعنا من
لا نعرف قال تقول امرأة جالسة لقد رأيت رجلا كأن وجهه شقة القمر ليلة البدر
ولا والله لا يظلمكم ولا يحيركم وانا ضامنة لجلكم فأتى رجل فقال انا رسول
الله صلى الله عليه وسلم إليكم هذا تمركم فكلوا واشبعوا واكتالوا قال فأكلنا وشبعنا واكتلنا

(1) أي متزاحمون حتى يقصف بعضهم بعضا، من القصف: الكسر والدفع
الشديد لفرط الزحام.
(2) أي نجلب لهم الطعام.
22

واستوفينا ثم دخلنا المدينة فأتينا المسجد فإذا هو يخطب على المنبر فسمعنا من
قوله تصدقوا فان الصدقة خير لكم. رواه الطبراني وفيه أبو حباب الكلبي وهو
مدلس وقد وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.
* (باب تكسيره الأصنام) *
عن علي بن أبي طالب قال انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة؟ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس وصعد على منكبي فذهبت لأنهض به فرأى منى ضعفا
فنزل وجلس لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اصعد على منكبي قال فنهض بي قال فإنه
يخيل إلى انى لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر
أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه حتى استمكنت
منه فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقذف به فقذفت به فتكسر كما تنكسر القوارير ثم
نزلت فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن
يلقانا أحد من الناس. وفى رواية كان على الكعبة أصنام فذهبت أحمل النبي صلى الله عليه وسلم
فلم أستطع فحملني فجعلت أقطعها ولو شئت لنلت السماء. رواه أحمد وابنه
وأبو يعلى والبزار وزاد بعد قوله حتى استترنا بالبيوت فلم يوضع عليها بعد يعنى
شيئا من تلك الأصنام ورجال الجميع ثقات. وعن بريدة بن الحصيب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم مس صنما فتوضأ. رواه البزار وفيه صالح بن حيان وهو ضعيف. وعن
جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد مع المشركين مشاهدهم قال فسمع
ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه اذهب بنا حتى نقف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
فقال كيف نقوم خلفه وإنما عهده باستلام الأصنام قبل قال فلم يعد بعد ذلك يشهد
مع المشركين مشاهدهم. رواه أبو يعلى وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو سئ
الحفظ، وبقية رجاله رجال الصحيح.
* (باب الهجرة إلى الحبشة) *
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه ليلى قالت كان عمر بن الخطاب من أشد
الناس علينا في إسلامنا قلما تهيأنا للخروج إلى أرض الحبشة فأتى عمر بن الخطاب
23

وأنا على بعيري وأنا أريد أن أتوجه فقال أين يا أم عبد الله فقلت آذيتمونا في
ديننا فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى فقال صحبكم الله ثم ذهب فجاء زوجي
عامر بن ربيعة فأخبرته بما رأيت من رقة عمر فقال ترجين أن يسلم والله لا يسلم
حتى يسلم حمار الحطاب. رواه الطبراني وقد صرح ابن إسحاق بالسماع فهو صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن نحو من
ثمانين رجلا فيهم عبد الله بن مسعود وجعفر وعبد الله بن عرفطة وعثمان بن مظعون
وأبو موسى فأتوا النجاشي وبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية
فلما دخلا على النجاشي سجدا له ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله ثم قالا إن نفرا
من بنى عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا وعن ملتنا قال فأين هم قالا في أرضك
فبعث إليهم قال جعفر أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه فسلم ولم يسجد
فقالوا له مالك لا تسجد للملك قال إنا لا نسجد الا لله عز وجل قال وما ذاك قال إن
الله عز وجل بعث إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن لا نسجد الا لله عز وجل وأمرنا
بالصلاة والزكاة قال عمرو بن العاص فإنهم يخالفونك في عيسى قال ما يقولون في
عيسى بن مريم وأمه قال يقولون كما قال الله عز وجل هو كلمة الله وروحه ألقاها
إلى العذراء البتول التي لم يسمها بشر ولم نفترضها (1) ولد قال فرفع عودا من
الأرض وقال يا معشر القسيسين والرهبان والله ما تزيدون على الذي يقول فيه ما سوى
هذا مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه الذي نجده
في الإنجيل وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم أنزلوا حيث شئتم فوالله لو ما أنا فيه
من الملك لأتيته حتى أكون أنا أحمل نعليه وأوضئه وأمر بهدية الآخرين
فردت عليهما ثم تعجل عبد الله بن مسعود حتى أدرك بدرا وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر له حين بلغه موته. رواه الطبراني وفيه حديج بن معاوية وثقه
أبو حاتم وقال في بعض حديثه ضعف، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات.
وعن أم سلمة ابنة أبى أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما نزلنا أرض.

(1) أي لم يؤثر فيها ولم يحزها، يعنى قبل المسيح.
24

الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا وعبدنا الله وحده لا نؤذى ولا
نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين
جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان أعجب ما يأتيه
منها الأدم فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته (1) بطريقا الا أهدوا له
هدية وبعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل
السهمي وأمروهما أمرهم وقالوا لهما ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا
النجاشي فيهم ثم قدموا للنجاشي هداياه ثم اسألوه أن يسلمهم إليكم قبل أن
يكلمهم قالت فخرجا فقدما على النجاشي ثم قالا لكل بطريق منهم انه قد ضوي
إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا
بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم
إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه أن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فان قومهم أعلى
بهم عيبا وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا لهما نعم ثم قربوا هداياهم إلى النجاشي فقبلها
منهم ثم كلماه فقالوا له أيهما الملك قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين
قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد
بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأبنائهم وعشائرهم لتردهم إليهم فلهم
أعلى بهم عيبا وأعلم بما عابوا عليهم وعايبوهم فيه ولم يكن أبغض إلى عبد الله بن أبي
ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم فقالت بطارقته حوله
صدقوا أيها الملك قومهم أعلا بهم عيبا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهم
فليرداهم إلى بلادهم وقومهم فغضب النجاشي وقال لا هيم الله إذا لا أسلمهم إليهما ولا
أكاد قوما جاوروني و؟ زلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم
عما يقول هذان في أمرهم فان كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم
وان كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحتسب جوارهم ما جاوروني قالت ثم
أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا فقال
بعضهم لبعض ما تقولون في الرجل إذا جئتموه قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا

(1) البطريق: الحاذق بالحرب وأمورها بلغة الروم وهو ذو منصب عندهم.
25

به نبينا صلى الله عليه وسلم كائن في ذلك ما هو كائن فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا
مصاحفهم حوله سألهم فقال ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا
في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم قالت وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب
عليه السلام قال أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل
الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسئ الجوار ويأكل القوى منا الضعيف
فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه
فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون
الله من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم
وحسن الجوار والكف عن الحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وشهادة الزور
وأكل مال اليتيم وقدف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة قالت فعدد عليه أمور الاسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه
على ما جاء به فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا
ما أحل لنا فغدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان
من عبادة الله عز وجل وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا
وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على من
سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك، قالت فقال النجاشي
هل معك مما جاء به عن الله من شئ قالت فقال له جعفر نعم قالت فقال له النجاشي
فاقرأه فقرأ عليه صدرا من (كهيعص) قالت فبكى النجاشي حتى اخضل لحيته وبكت
أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلى عليهم ثم قال النجاشي إن هذا
والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا
ولا أكاد، قالت أم سلمة فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص والله لآتينه
غدا أعيبهم عنده بما استأصل به خضراءهم فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان
أتقى الرجلين فينا لا تفعل فان لهم أرحاما وان كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه
أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عليه السلام عبد قالت ثم غدا عليه فقال أيها الملك
انهم يقولون في عيسى بن مريم قالا عظيما فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه
26

قالت فأرسل إليهم يسئلهم عنه قالت ولم ينزل بنا مثلها واجتمع القوم؟ قال بعضهم
لبعض ما تقولون في عيسى بن مريم فقال له جعفر بن أبي طالب نقول فيه الذي
جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء
البتول قال فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال ما عدا
عيسى بن مريم ما قلت هذا العود فتناخرت (1) بطارقة حوله حين قال ما قال
وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون من سبكم غرم ثم
من سبكم غرم ثم من سبكم غرم ما أحب أن لي دبرا ذهبا وأني آذيت رجلا منكم
والدبر بلسان الحبشة الجبل ردوا عليهما هدايا هما فلا حاجة لي فيهما فوالله ما أخذ الله
منى الرشوة حين رد على ملكي فآخذ فيه الرشوة وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه
فخرجا من عنده مقبوحين مردود عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده في خير دار مع خير
جار فوالله إنه لعلى ذلك إذ نزل به من ينازعه في ملكه قالت والله ما علمنا حزنا
قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل
لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف قالت وسار النجاشي وبينهما عرض النيل
قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم
يأتينا قالت فقال الزبير بن العوام أنا قالت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا
له قربة فجعلوها في صدره فسبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى
القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت ودعونا الله عز وجل للنجاشي بالظهور على
عدوه والتمكين له في بلاده واستوسق (2) عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل
حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير
إسحق وقد صرح بالسماع. وعن محمد بن حاطب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت
أرضا ذات نخل فاخرجوا قال فخرج حاطب وجعفر في البحر قال فولدت انا في تلك
السفينة. رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عمير بن أسحق
قال قال جعفر يا رسول الله ائذن لي أن آتي أرضا أعبد الله فيها لا أخاف أحدا

(1) أي تكلمت، وكأنه كلام مع غضب ونفور.
(2) أي استقر له الملك.
27

قال قال فأذن له فيها فأتى النجاشي قال عمير حدثني عمرو بن العاص قال لما
رأيت جعفرا وأصحابه آمنين بأرض الحبشة حسدته قلت لا تستقبلن لهذا وأصحابه
فأتيت النجاشي فقلت ائذن لعمرو بن العاص فأذن لي فدخلت فقلت إن بأرضنا
ابن عم لهذا يزعم أنه ليس للناس إلا آله واحد وانا والله إن لم ترحنا منه وأصحابه
لا قطعت إليك هذا النطفة ولا أحد من أصحابي أبدا فقال وأين هو قلت إنه
يحبئ مع رسولك انه لا يحبئ معي فأرسل معي رسولا فوجدناه قاعدا بين
أصحابه فدعاه فجاء فلما أتيت الباب ناديت ائذن لعمرو بن العاص ونادى خلفي
ائذن لحزب الله عز وجل فسمع صوته فأذن له قبلي فدخل ودخلت وإذا النجاشي
على السرير قال فذهبت حتى قعدت بين يديه وجعلته خلفي وجعلت بين كل رجلين
من أصحابه رجلا من أصحابي فقال النجاشي نجروا قال عمرو يعنى تكلموا قلت إن
بأرضك رجلا ابن عمه بأرضنا ويزعم أنه ليس للناس الا إله واحد وانك ان لم
تقطعه وأصحابه لا أقطع إليك هذه النطفة انا ولا أحد من أصحابي أبدا، قال
جعفر صدق ابن عمى وأنا على دينه قال فصاح صياحا وقال أوه حتى قلت مالا بن
الحبشية لا يتكلم وقال أنا موس كناموس موسى قال ما تقولون في عيسى بن
مريم قال أقول هو روح الله وكلمته قال فتناول شيئا من الأرض فقال ما أخطأ
في أمره مثل هذا فوالله لولا ملكي لاتبعتكم وقال لي ما كنت أبالي أن لا تأتيني
أنت ولا أحد من أصحابك أبدا أنت آمن بأرضي من ضربك قتلته ومن سبك
غرمته وقال لآذنه متى استأذنك هذا فائذن له الا أن أكون عند أهلي فان أتى
فأذن له قال فتفرقنا ولم يكن أحد أحب إلى أن ألقاه من جعفر قال فاستقبلني من
طريق مرة فنظرت خلفه فلم أر أحدا فنظرت خلفي فلم أر أحدا فدنوت منه وقلت
أتعلم انى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال فقد هداك الله فأثبت
فتركني وذهب فأتيت أصحابي فكأنما شهدوه معي فأخذوا قطيفة أو ثوبا
فجعلوه على حتى غموني بها قال وجعلت اخرج رأسي من هذه الناحية مرة ومن
هذه الناحية مرة حتى أفلت وما على قشرة فمررت على حبشية فأخذت قناعها
فجعلته على عورتي فأتيت جعفرا فدخلت عليه فقال مالك فقلت اخذ كل شئ لي
28

ما ترك على قشرة فأتيت حبشية فأخذت قناعها فجعلته على عورتي فانطلق وانطلقت
معه حتى أتى إلى باب الملك فقال جعفر لآذنه استأذن لي قال إنه عند أهله فأذن
له فقلت إن عمرا تابعني على ديني قال كلا قلت بلى فقال لانسان اذهب معه فان فعل
فلا تقل شيئا إلا كتبته قال فجاء فقال نعم فجعلت أقول وجعل يكتب حتى
كتبت كل شئ حتى القدح قال ولو شئت آخذ شيئا من أموالهم إلى مالي فعلت.
رواه الطبراني والبزار وصدر الحديث في أوله له وزاد في آخره قال ثم كنت بعد
من الذين أقبلوا في السفن مسلمين. وعمير بن إسحاق وثقه ابن حبان وغيره وفيه
كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح. وروى أبو يعلى بعضه ثم قال فذكر
الحديث بطوله. وعن جعفر بن أبي طالب قال بعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة
ابن الوليد بهدية من أبي سفيان إلى النجاشي فقالوا له ونحن عنده قد بعثوا إليك
أناسا من سفلتنا وسفهائهم فادفعهم إلينا قال لا حتى أسمع كلامهم فبعث إلينا وقال
ما تقولون فقلنا إن قومنا يعبدون الأوثان وان الله عز وجل بعث إلينا رسولا
فآمنا به وصدقناه فقال لهم النجاشي عبيدهم لكم قالوا لا قال فلكم عليهم
دين قالوا لا قال فخلوا سبيلهم فخرجنا من عنده فقال عمرو بن العاص إن هؤلاء
يقولون في عيسى غير ما نقول قال إن لم يقولوا في عيسى مثل ما نقول لا أدعهم
في أرضى ساعة من نهار قال فكانت الدعوة الثانية أشد علينا من الأولى فقال
ما يقول صاحبكم في عيسى بن مريم فقلنا يقول هو روح الله وكلمته ألقاها إلى
العذراء البتول قال فأرسل فقال ادعوا فلانا القسيس وفلانا الراهب فأتاه ناس
منهم فقال ما تقولون في عيسى بن مريم قالوا فأنت أعلمنا فما تقول قال فأخذ
النجاشي شيئا من الأرض ثم قال هكذا عيسى بن مريم قالوا فأنت أعلمنا فما نقول قال فأخذ
النجاشي شيئا من الأرض ثم قال هكذا عيسى بن مريم ما زاد على ما قال هؤلاء
مثل هذا ثم قال لهم أيؤذيكم أحد قالوا نعم فأمر مناديا فنادى من آذى أحدا
من هؤلاء فأغرموه أربعة دراهم قال يكفيكم فقلنا لا فأضعفها فلما هاجر رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وظهر بها قلنا له إن صاحبنا قد خرج إلى المدينة وظهر بها
وهاجر قبل الذي كنا حدثناك عنهم وقد أردنا الرحيل إليه فزودنا قال نعم
فحملنا وزودنا وأعطانا ثم قال أخبر صاحبك ما صنعت إليكم وهذا رسولي معك
29

وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنه رسول الله فقل له يستغفر لي قال جعفر
فخرجنا حتى أتينا المدينة فتلقانا رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتنقني فقال ما أدرى أنا
بفتح خيبر أفرح أم بقدوم جعفر ثم جلس فقام رسول الله النجاشي فقال هوذا
جعفر فسله ما صنع به صاحبنا فقلت نعم قد فعل بنا قد فعل كذا وكذا وحملنا
وزودنا ونصرنا وشهد ان لا إله الا الله وانك رسول الله وقال قل له يستغفر لي
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم دعا ثلاث مرات اللهم اغفر للنجاشي فقال المسلمون
آمين فقال جعفر فقلت للرسول انطلق فأخبر صاحبك ما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني من طريق أسد بن عمرو عن مجالد وكلاهما ضعيف وقد وثقا. وعن
جعفر بن أبي طالب أن النجاشي سأله ما دينكم قال بعث إلينا رسول نعرف لسانه
وصدقه ووفاءه فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ونخلع ما كان يعبد
قومنا وغيرهم من دونه يأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر وأمرنا بالصلاة والصيام
والصدقة وصلة الرحم فدعانا إلى ما نعرف وقرأ علينا تنزيلا جاء من عند الله لا يشبه
غيره فصدقناه وآمنا به وعرفنا أن ما جاء به حق من عند الله ففارقنا عند ذلك
قومنا فآذونا وقهرونا فلما أن بلغوا منا ما نكره ولم نقدر على أن نمتنع منهم
خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك فقال النجاشي اذهبوا فأنتم سيوم (1)
بأرضي يقول آمنون من سبكم غرم. رواه الطبراني من طريقين عن ابن إسحاق
وهو مدلس. وعن أبي موسى قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق مع جعفر
ابن أبي طالب إلى النجاشي فبلغ ذلك قريشا فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد
وجمعا للنجاشي هدية وقدما على النجاشي فأتياه بالهدية فقبلها وسجدا له ثم قال
عمرو بن العاص إن ناسا من أرضنا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك فقال لهم
النجاشي في أرضى قالوا نعم فبعث إلينا فقال لنا جعفر لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم
اليوم فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلس وعمرو بن العاص عن يمينه
وعمارة عن يساره والقسيسون والرهبان جلوس سماطين وقد قال له عمرو وعمارة إنهم

(1) كلمة حبشية وتروى بفتح السين، وقيل سيوم: جمع سائم أن تسومون
في بلدي كالغنم السائمة لا يعارضكم أحد. وفى النهاية (امكثوا فأنتم سيوم).
30

لا يسجدون لك فلما انتهينا بدرنا من عنده من القسيسين والرهبان اسجدوا للملك
فقال جعفر انا لا نسجد الا لله قال له النجاشي وما ذاك قال إن الله بعث إلينا
رسولا وهو الرسول الذي بشرنا به عيسى عليه السلام من بعدي اسمه أحمد فأمرنا
أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا وأمرنا أن نقيم الصلاة وأن نؤتى الزكاة وأمرنا
بالمعروف ونهانا عن المنكر فأعجب النجاشي قوله فلما رأى ذلك عمرو قال أصلح
الله الملك انهم يخالفونك في ابن مريم فقال النجاشي ما يقول صاحبكم في ابن مريم
قال يقول فيه قول الله هو روح الله وكلمته أخرجه من العذراء البتول التي لم
يقربها بشر ولم يفترضها ولد فتناول النجاشي عودا من الأرض فرفعه فقال يا معشر
القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه مرحبا
بكم وبمن جئتم من عنده أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر بن عيسى ولولا
ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أقبل نعليه امكثوا في أرضى ما شئتم وأمر لنا
بطعام وكسوة وقال ردوا على هذين هديتهما وكان عمرو بن العاص رجلا قصيرا
وكان عمارة رجلا جميلا وكانا أقبلا إلى النجاشي فشربوا يعنى خمرا ومع عمرو بن
العاص أمر أنه فلما شربوا من الخمر قال عمارة لعمرو مر امرأتك فلتقبلني فقال له
عمرو ألا تستحي فأخذ عمارة عمرا فرمى به في البحر فجعل عمرو يناشد عمارة
حتى أدخله السفينة فحقد عمرو على ذلك فقال عمرو للنجاشي إنك إذا خرجت
خلفت عمارة في أهلك فدعا النجاشي عمارة فنفخ في إحليله فطار مع الوحش قلت
روى أبو داود منه مقدار سطر في الجنائز رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن شهاب في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة فأقام بها حتى قدم بعد بدر
شرحبيل بن عبد الله بن حسنة وهي أمه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال إن قريشا بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد
زمن النجاشي وكان عمارة رجلا جميلا وكان يقذف عمرا في البحر وكان يعوم فيخرج
ثم يلقيه أيضا فيعوم فحقد عمرو في نفسه على عمارة ما كان يصنع به فلما قدما
دخلا على النجاشي فقالا له إن جعفرا وأصحابه طعنوا على آبائهم وخالفوهم في دينهم
وهم يخالفونك ولا يحيونك كما يحييك الناس فوقعوا فيهم فبعث النجاشي إلى
31

جعفر وأصحابه فقال ما لكم لا تحيوني كما تحييني الناس قالوا إن لنا ربا لا ينبغي
أن نسجد لغيره ولو سجدنا لأحد لسجدنا لنبينا قال هل معكم من كتابكم شئ
قالوا نعم فقرأ جعفر سورة مريم فقال ما تقول في عيسى قال هو روح الله وكلمته
ألقاها إلى مريم فقال لأصحابه ما تقولون فسكتوا فأخذ شيئا من الأرض بين
أصبعيه فقالوا والله ما خالفوا أمر عيسى هذه وإن أنكرتكم وإني أشهدكم أنى
قد آمنت بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال إن شئتم جهزتكم فقدمتم على نبيكم وإن
شئتم أقمتم عندي حتى يستقر مكانا فأخذ عمرو يعمل في عمارة فلطف فامرأة
النجاشي فاخذ عطرا من عطرها ثم قال للنجاشي إن عمارة يدخل على امرأتك
وآية ذلك أنه يدخل عليك غدا وعليه طيب من طيبها فلما أصبحا طيبه فقال
انطلق بنا إلى الملك فانطلقا حتى دخل فوجد منه ريح الطيب فعرف النجاشي
طيبه فأمر النجاشي بعمارة فنفخ في إحليله فاستطير حتى لحق بالصحارى يسعى فيها
مع الوحش فجاء بعد ذلك أهله فأصابوه فسقوه شربة من سويق فتعتعته فمات فلما
قدم جعفر وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته وفاة النجاشي. رواه الطبراني
مرسلا وفيه محمد بن كثير الثقفي وهو ضعيف. وعن عروة بن الزبير في تسمية
الذين خرجوا إلى أرض الحبشة المرة الأولى قبل خروج جعفر وأصحابه الزبير
ابن العوام وسهل بن بيضاء وعامر بن ربيعة وعبد الله بن مسعود وعبد الرحمن
ابن عوف وعثمان بن عفان ومعه امرأتان رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان بن
مظعون ومصعب بن عمير أحد بنى عبد الدار وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة
ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو ولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة
وأبو سبرة بن أبي رهم ومعه أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو وأبو سلمة بن عبد الأسد
ومعه امرأته أم سلمة قال ثم رجع هؤلاء الذين ذهبوا المرة الأولى قبل جعفر بن أبي
طالب وأصحابه حين أنزل الله السورة التي يذكر فيها (والنجم إذا هوى) فقال
المشركون لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بحير أقررناه وأصحابه فإنه لا يذكر
أحدا ممن خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشر
والشتم فلما أنزل الله السورة الذي يذكر فيها والنجم وقرأ (أقر أيتم اللات والعزى
32

ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال وإنهن
من الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترتجي وذلك من سجع الشيطان وفتنته
فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك وذلت بها ألسنتهم واستبشروا بها
وقالوا إن محمدا قد رجع إلى دينه الأول فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر السورة
التي فيها النجم سجد وسجد معه كل من حضره من مسلم ومشرك غير أن
الوليد بن المغيرة كان رجلا كبيرا فرفع ملء كفة ترابا فسجد عليه فعجب
الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما المسلمون
فعجبوا من سجود المشركين من غير إيمان ولا يقين ولم يكن المسلمون سمعوا
الذي ألقى الشيطان على ألسنة المشركين وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم الشيطان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأها في السجدة فسجدوا
لتعظيم آلهتهم ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرنا الشيطان حتى بلغت الحبشة
فلما سمع عثمان بن مظعون وعبد الله بن مسعود ومن كان معهم من أهل مكة
أن الناس أسلموا وصاروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغهم سجود الوليد بن
المغيرة على التراب على كفه أقبلوا سراعا فكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فشكا إليه فأمره فقرأ عليه فلما بلغها تبرأ
منها جبريل وقال معاذ الله من هاتين ما أنزلهما ربى ولا أمرني بهما ربك فلما
رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شق عليه وقال أطعت الشيطان وتكلمت بكلامه
و؟ ركني في أمر الله فنسخ الله ما ألقى الشيطان وأنزل عليه (وما أرسلنا من
قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله
ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقى الشيطان
فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد)
فلما برأه الله عز وجل من سجع الشيطان وفتنته انقلب المشركون بضلالهم
وعداوتهم وبلغ المسلمون ممن كان بأرض الحبشة وقد شارفوا مكة فلم يستطيعوا
الرجوع من شدة البلاء الذي أصابهم والخوف وخافوا أن يدخلوا مكة فيبطش
33

بهم فلم يدخل رجل منهم إلا بجوار فأجار الوليد بن المغيرة عثمان بن مظعون فلما
أبصر عثمان بن مظعون الذي يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من البلاء وعذبت
طائفة منهم بالنار والسباط وعثمان بن مظعون معافى لا يعرض له رجع إلى نفسه
فاستحب البلاء على العافية وقال أما من كان في عهدا الله وذمته وذمة رسوله الذي
اختار لأوليائه من أهل الاسلام ومن دخل فيه فهو خائف مبتلى بالشدة
والكرب عمد إلى الوليد بن المغيرة فقال يا ابن عم أجرتني فأحسنت جواري وإني
أحب أن تخرجني من جيرتك فتبرأ منى بين أظهرهم فقال له الوليد ابن أخي
لعل أحدا آذاك أو شتمك وأنت في ذمتي فأنت تريد من هو أمنع لك منى فأنا
أكفيك ذلك قال لا والله ما؟ ى ذلك وما اعترض لي من أحد فلما أبى عثمان إلا (1)
أن يتبرأ منه الوليد أخرجه إلى المسجد وقريش فيه كأحفل ما كانوا ولبيد
ابن ربيعة ينشدهم فأخذ الوليد بيد عثمان فأتى به قريشا فقال إن هذا غلبني
وحملني على أن أنزل إليه عن جواري أشهدكم أنى برئ فجلسا مع القوم وأخذ
لبيد ينشدهم فقال * ألا كل شئ ما خلا الله باطل * فقال عثمان صدقت ثم إن
لبيدا أنشدهم تمام البيت فقال * وكل نعيم لا محالة زائل * فقال كذبت فسكت
القوم ولم دروا ما أراد بكلمته ثم أعادها الثانية وأمر بذلك فلما قالها قال مثل
كلمته الأولى والأخرى صدقت مرة وكذبت مرة وإنما يصدقه إذا ذكر كل
شئ يفنى وإذا قال كل نعيم ذاهب كذبه عند ذلك أي نعيم أهل الجنة لا يزول
نزع عند ذلك رجل من قريش فلطم عين عثمان بن مظعون فاخضرت مكانها
فقال الوليد بن المغيرة وأصحابه قد كنت في ذمة (2) مانعة ممنوعة فخرجت
منها إلى هذا فكنت عما لقيت غنيا ثم ضحكوا فقال عثمان بل كنت إلى هذا
الذي لقيت منكم فقيرا وعيني التي لم تلطم إلى مثل هذا الذي لقيت صاحبتها
فقيرة لي فيمن أحب إلى منكم أسوة فقال له الوليد إن شئت أجرتك الثانية قال
لا أرب لي في جوارك. رواه الطبراني هكذا مرسلا وفيه ابن لهيعة أيضا.

(1) (إلا) غير موجودة في الأصل.
(2) في الأصل (دنية).
34

* (باب خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وعرضه نفسه على القبائل) *
عن عبد الله بن جعفر قال لما توفى أبو طالب خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
ماشيا على قدميه يدعوهم إلى الاسلام فلم يجيبوه فانصرف فأتى ظل شجرة
فصلى ركعتين ثم قال اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وهو انى على الناس
أرحم الراحمين أنت أرحم الراحمين إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني أم إلى
قريب ملكته أمري ان لم تكن غضبان على فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي
أعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن
ينزل بن غضبك أو يحل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا قوة إلا بالله.
رواه الطبراني وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة، وبقية رجاله ثقات. وعن رقيقة
قالت لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم يبتغى النصر بالطائف فدخل عليها فأمرت له بشراب
من سويق فشرب فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعبدي طاغيتهم ولا تصلى إليها
قلت إذا يقتلوني قال فإذا قالوا لك ذلك فقولي رب هذه الطاغية فإذا صليت
فوليها ظهرك ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم قالت بنت رقيقة فأخبرني
أخواي سفيان ووهب ابني قيس بن أبان قالا لما أسلمت ثقيف خرجنا إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال ما فعلت أمكما قلنا هلكت على الحال التي تركتها قال لقد أسلمت
أمكما إذا. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن جابر بن عبد الله قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول هل من رجل يحملني إلى
قومه فان قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل فأتاه رجل من همذان
فقال ممن أنت فقال الرجل من همذان فقال هل عند قومك من منعة قال نعم
ثم أن الرجل خشي أن يخفره قومه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال آتيهم أخبرهم
ثم آتيك من قابل قال نعم فانطلق وجاء وفد الأنصار في رجب. رواه أحمد
ورجاله ثقات. وعن ربيعة بن عبان قال إني لمع أبى شاب أنظر إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم يتبع القبائل ووراءه رجل أحمر وضئ ذو جمة يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على
القبلة يقول يا بنى فلان انى رسول الله إليكم امركم ان تعبدوه ولا تشركوا به
35

شيئا وان تصدقوني وتمنعوني حتى انفذ عن الله ما بعثني به فإذا فرغ من
مقالته قال الآخر من خلفه يا بنى فلان ان هذا يريد منكم ان تسلخوا اللات
والعزى وحلفاءكم من الحق من بنى مالك بن أقيش إلى ما جاء به من البدعة
والضلالة فلا تسمعوا له ولا تتبعوه فقلت لأبي من هذا فقال هذا عمه أبو لهب.
رواه عبد الله بن أحمد والطبراني وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله وهو
ضعيف ووثقه ابن معين في رواية، وقد تقدمت له طرق فيما أوذي به سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضها صحيح. وعن محمود بن لبيد أخي بنى عبد الأشهل
قال لما قدم أبو الحيسر انس بن نافع مكة ومعه فتية من بنى عبد الأشهل
فيهم أياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم هل لكم إلى خير مما جئتم إليه
قالوا وما ذلك قال انا رسول الله بعثني إلى العباد ادعوهم إلى أن يعبدوه ولا
يشركوا به شيئا وانزل على كتابا ثم ذكر الاسلام وتلا عليهم القرآن فقال أياس
ابن معاذ وكان غلاما حدثا أي قومي هذا والله خير مما جئتم إليه قال فأخذ
أبو الحيسر انس بن نافع حفنة من البطحاء فضرب بها وجه أياس بن معاذ
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم انصرفوا إلى المدينة فكانت وقعة بعاث (1)
بين الأوس والخزرج قال ثم لم يلبث أياس بن معاذ ان هلك قال محمود بن لبيد
فأخبرني من حضره من قومي انه لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده
ويسبحه حتى مات فما كانوا يشكون ان قد مات مسلما لقد كان استشعر
الاسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع. رواه أحمد والطبراني
ورجاله ثقات.
* (باب البيعة على الاسلام التي تسمى بيعة النساء) *
عن جرير قال بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على مثل ما بايع عليه النساء من مات منا ولم

(1) هو بضم الباء يوم مشهور، وهو اسم حصن للأوس، وبعضهم
يقوله بالغين المعجمة وهو تصحيف.
36

يأت شيئا منهن ضمن له الجنة ومن مات منا وقد أتى شيئا منهن وقد أقيم
عليه الحد فهو كفارة ومن مات منا وقد أتى شيئا منهن فستر عليه فعلى الله
حسابه. رواه الطبراني وفيه سيف بن هارون وثقه أبو نعيم وضعفه جماعة،
وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن الأسود بن خلف ان أباه الأسود
حضر النبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس فجاءه الرجال والنساء والصغير والكبير فبايعوه
على الاسلام والشهادة فأخبرني محمد بن الأسود قال شهادة ان لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الكبير والأوسط واحمد باختصار
ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن عمرو قال جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الاسلام فقال أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي
ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفتريه بين يديك ورجليك ولا تنوحي
ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن قطبة بن
قتادة قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على ابنتي الحويصلة. رواه عبد الله بن أحمد وفيه
راو لم يسم. وعن كرب بن عبد قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن فبايعته
وأسلمت على يديه. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن عائشة قالت
جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عليها أن
لا يشركن ولا يزنين الآية قالت فوضعت يدها على رأسها حياءا فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها فقالت عائشة أقري أيتها المرأة فوالله ما بايعنا إلا على
هذا قالت فنعم إذا فبايعها بالآية. رواه أحمد إلا أنه قال عن معمر عن
الزهري أو غيره عن عروة، والبزار لم يشك، ورجاله رجال الصحيح. وعن
عائشة قالت جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبايعه فنظر إلى
يديها فقال اذهبي فغيري يديك قال فذهبت فغيرتهما بحناء ثم جاءت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال أبايعك على أن لا تشكي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني قالت
أو تزني الحرة قال ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق قالت وهل تركت لنا أولادا
نقتلهم قال فبايعته ثم قالت له وعليها سواران من ذهب ما تقول في هذين
السوار بن قال جمرتين من جمر جهنم. رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفهن.
37

وعن سلمى بنت قيس وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه
القبلتين وكانت إحدى نساء بنى عدى بن النجار قالت جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبايعته في نسوة من الأنصار فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق
ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا
نعصيه في معروف قال ولا تغششن أزواجكن قالت فبايعناه ثم انصرفنا فقلت
لامرأة منهن ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غش أزواجنا قالت فسألته قال
تأخذ ماله فتحابي به غيره. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات.
وعن أم عطية قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في
بيت ثم أرسل إليهن عمر بن الخطاب فقام على الباب فسلم عليهن فرددن السلام
فقال أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن فقلن مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسول
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا
تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن
ولا تعصين في معروف قلن نعم فمد عمر يده من خارج الباب ومددن هن
أيديهن من داخل ثم قال اللهم اشهد وأمر أن يخرج في العيدين الحيض والعتق
ونهينا عن اتباع الجنائز ولا جمعة علينا فسألته عن البهتان وعن قوله ولا
يعصينك في معروف قال هي النياحة - قلت رواه أبو داود باختصار كثير رواه
أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات. وعن عائشة بنت قدامة قالت أنا مع
أمي رايطة بنت سفيان الخزاعية والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع النسوة ويقول أبايعكن
على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين
ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين في معروف قلن نعم فقال
النبي صلى الله عليه وسلم قلن نعم فيما استطعتن فكنت أقول كما يقلن. رواه أحمد والطبراني
إلا أنه قال أبايعكن على أن لا تشركن وقال قلن نعم فيما استطعنه قلن نعم فيما
استطعنا، وفيه عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم وهو ضعيف. وعن أم العلاء
وهي امرأة من نسائهم قال يعقوب أخبرته بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح. وعن عزة بنت خايل أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعها على
38

أن لا تزنين ولا تسرقين ولا تئدين فتبدين أو تخفين قلت أما الوأد المبدى فقد
عرفته وأما الوأد الخفي فلم أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخبرني وقد وقع في نفسي
أنه إفساد الولد فوالله لا أفسد لي ولدا أبدأ. رواه الطبراني في الأوسط
والكبيرة بنحوه عن عطاء بن مسعود الكعبي عن أبيه عنها ولم أعرف مسعود،
وبقية رجاله ثقات. وعن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة أن أبا عبيدة ذهب بها
وبأختها هند يبايعان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اشترط عليهن قالت هند أو تعلم في
نساء قومك من هذه الهنة شئ فقال أبو حذيفة بايعته فهكذا يشترط. رواه
الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو متروك ووثقه حجاج بن الشاعر.
وعن أسماء بنت يزيد قالت أنا من النسوة اللاتي أخذ عليهن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال وكنت جارية ناهدا جريئة على مسألته فقلت يا رسول الله ابسط يدك
حتى أصافحك فقال إني لا أصافح النساء ولكن آخذ عليهن ما أخذ الله عليهن
فذكر الحديث. رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن الحكم بن أبان وهو متروك.
وعن غفيلة بنت عبيد بن الحرث قالت جئت أنا وأمي قريرة بنت الحرث
العنوارية في نساء من المهاجرات فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ضارب عليه
قبة بالأبطح فأخذ علينا أن لا نشرك بالله شيئا الآية كلها فلما أقررنا وبسطنا
أيدينا لنبايعه قال إني لا أمس أيدي النساء فاستغفر لنا وكانت تلك بيعتنا.
رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
وعن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصافح النساء من تحت الثوب. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عتاب بن حرب وهو ضعيف. وعن عروة
ابن مسعود الثقفي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده الماء فإذا بايع النساء غمسن
أيديهن في الماء. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن حكيم أبو بكر الداهري
وهو ضعيف. وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما بايع النساء لا يتبرجن
تبرج الجاهلية الأولى قالت امرأة يا رسول الله أراك تشترط علينا أن لا نبرح
وأن فلانة قد أسعدتني وقد مات أخوها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبي فبايعيها
ثم تعالى فبايعيني. رواه الطبراني وفيه المسيب بن شريك وهو متروك. وعن
39

أبى نصر قال سئل ابن عباس كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن النساء قال
إذا أتته المرأة لتسلم أحلفها بالله ما خرجت لبغض زوجها وبالله ما خرجت
لاكتساب دنيا والله ما خرجت من أرض إلى أرض وبالله ما خرجت إلا حبا لله
ولرسوله. رواه الطبراني وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري وضعفه غيرهما.
* (باب بيعة من لم يحتلم) *
عن محمد بن علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع الحسن والحسين وعبد الله
ابن عباس وعبد الله بن جعفر وهم صغار ولم يبقلوا (1) ولم يبلغوا ولم يبايع صغيرا
إلا منا. رواه الطبراني وهو مرسل ورجاله ثقات. وفى ترجمة عبد الله بن الزبير
وغيره نحو هذا.
* (باب ابتداء أمر الأنصار والبيعة على الحرب) *
عن عروة قال لم حضر الموسم حج نفر من الأنصار من بنى مازن بن النجار
منهم معاذ بن عفراء وأسعد بن زرارة. ومن بنى رزيق رافع بن مالك
وذكوان بن عبد القيس. ومن بنى عبد الأشهل أبو الهيثم بن النبهان، ومن
بنى عمرو بن عوف عويم بن ساعدة وأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم خبرهم
الذي اصطفاه الله به من نبوته وكرامته وقرأ عليهم القرآن فلما سمعوا قوله
أنصتوا واطمأنت أنفسهم إلى دعوته وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب
من ذكرهم إياه بصفته وما يدعوهم إليه فصدقوه وآمنوا به وكانوا من أسباب
الخير ثم قالوا له قد علمت الذي بين الأوس والخزرج من الدماء ونحن نحب
ما أرشد الله بن أمرك ونحن لله ولك مجتهدون وإنا نشير عليك بما ترى فامكث
على اسم الله حتى نرجع إلى قومنا فنخبرهم بشأنك وندعوهم إلى الله ورسوله
فلعل الله يصلح بيننا ويجمع أمرنا فانا اليوم متباعدون متباغضون فان تقدم
علينا اليوم ولم نصطلح لم يكن لنا جماعة عليك ونحن نواعدك الموسم من
العام القابل فرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قالوا فرجعوا إلى قومهم يدعوهم

(1) يقال بقل وجهه: إذا نبتت لحيته.
40

سرا وأخبروهم برسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعثه الله به ودعا عليه بالقرآن حتى
قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة ثم بعثوا إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا رجلا من قبلك يدعو الناس بكتاب الله فإنه أدنى أن يتبع
فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير أخا بنى عبد الدار فنزل في بنى
عنم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس ويفشو الاسلام ويكثر أهله وهم
في ذلك مستخفون بدعائهم ثم إن أسعد بن زرارة أقبل هو ومصعب بن عمير
حتى أتيا بئر مري أو قريبا منها فجلسوا هنالك وبعثوا إلى رهط من أهل
الأرض فأتوهم مستخفين فبينما مصعب بن عمير يحدثهم ويقص عليهم القرآن
أخبر بهم سعد بن معاذ فأتاهم في الار؟؟ ومعه الرمح حتى وقف عليه فقال علام
يأتينا في دورنا بهذا الوحيد الفريد الطريح الغريب يسفه ضعفاءنا بالباطل
ويدعوهم لا أراكما بعد هذا بشئ من جوارنا فرجعوا ثم إنهم عادوا الثانية
ببئر مري أو قريبا منها فأخبر بهم سعد بن معاذ الثانية فواعدهم بوعيد دون
الوعيد الأول فلما رأى أسعد منه لينا قال يا ابن خالة اسمع من قوله فإن سمعت
منه منكرا فاردده يا هذا منه وإن سمعت خيرا فأجب الله فقال ماذا يقول
فقرأ عليهم مصعب بن عمير (1) (حم والكتاب المبين إنا جعلنا (2)
قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) فقال سعد وما أسمع إلا ما أعرف فرجع وقد
هداه الله تعالى ولم يظهر أمر الاسلام حتى رجع فرجع إلى قومه فدعا بنى عبد
الأشهل إلى الاسلام وأظهر إسلامه وقال فيه من شك من صغير أو كبير أو
ذكر أو أنثى فليأتنا بأهدى منه نأخذ به فوالله لقد جاء أمر لتحزن فيه
الرقاب فأسلمت بنو عبد الأشهل عند إسلام سعد ودعائه إلا من لا يذكر
فكانت أول دور من دور الأنصار أسلمت بأسرها ثم إن بنى النجار أخرجوا
مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة فانتقل مصعب بن عمير إلى سعد
ابن معاذ فلم يزل يدعو ويهدى على يديه حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم
فيها ناس لا محالة وأسلم أشرافهم وأسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم

(1) في الأصل زيادة (فقرأ عليه)
(2) في الأصل (أنزلناه) وهو غلط.
41

فكان المسلمون أعز أهلها وصلح أمرهم ورجع مصعب بن عمير إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم وكان يدعى المقرئ. رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف
وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن إسحاق قال فلما أراد الله عز
وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز وعده (1) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار وهم فيما يزعمون ستة فيهم جابر بن
عبد الله بن رئاب. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن كعب بن مالك قال لما
قدم اثنا عشر رجلا من العقبة وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوافوه سبعون
رجلا. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وثقه حجاج بن الشاعر
وضعفه الجمهور. وعن عمر بن الخطاب قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه
على قبائل العرب قبيلة قبيلة في الموسم ما يجد أحدا يجيبه حتى جاء الله بهذا
الحي من الأنصار لما أسعدهم الله وساق لهم من الكرامة فآووا ونصروا فجزاهم
الله عن نبيهم خيرا والله ما وفينا لهم إما عاهدناهم عليه إن كنا فلنا لهم نحن
الامراء وأنتم الوزراء ولئن بقيت إلى رأس الحول لا يبقى لي غلام إلا أنصاري.
رواه البزار وحسن إسناده وفيه ابن شبيب وهو ضعيف. وعن عائشة قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في كل سنة على قبائل من العرب أن يؤوه
إلى قومهم حتى يبلغ كلام الله ورسالاته ولهم الجنة فليست قبيلة من العرب
تستجيب له حتى أراد الله إظهار دينه ونصر نبيه وإنجاز ما وعده ساقه الله إلى
هذا الحي من الأنصار فاستجابوا له وجعل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم دار هجرة. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن عمر العمرى وثقه أحمد وجماعة وضعفه
النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات. وعن كعب بن مالك وكان ممن شهد العقبة
وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا
وقمنا معنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا فلما توجهنا لسفرنا وخرجنا من
المدينة قال البراء لنا يا هؤلاء إني قد رأيت رأيا وإني والله ما أدرى توافقوني
عليه أم لا قلنا له وما ذاك قال إني قد رأيت أن لا أدع هذه البنية حتى تظهر

(1) (وعده) غير موجودة في الأصل.
42

يعنى الكعبة وأن أصلى إليها قال فقلنا والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلى إلا إلى
الشام وما نريد أن نخالفه قال فقلنا لا كنا لا نفعل قال وكنا إذا حضرت
الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة حتى قدمنا مكة قال وكنا قد عتبنا
عليه وأبى إلا الإقامة عليه فلما قدم مكة قال ابن أخي انطلق إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا فإنه والله قد وقع في نفسي منه
شئ لما رأيت من خلافكم إياي قال فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
هل تعرفانه قلنا لا قال فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه قلنا نعم قال
وقد كنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجرا قال فادخلا المسجد فهو
الرجل الجالس مع العباس قال فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ورسول الله
صلى الله عليه وسلم جالس ف‍؟ لمنا ثم جلسنا إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس هل تعرف هذين
الرجلين يا أبا الفضل قال نعم هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك
قال فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاعر قال نعم قال فقال البراء بن معرور
يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا وقد هداني الله للاسلام فجعلت لا أجعل
هذه البنية حتى تظهر فصليت إليها وقد خالفني أصحابي في ذلك حتى وقع في نفسي
من ذلك فما ترى يا رسول الله قال لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها، قال فرجع
البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معنا إلى الشام قال وأهله يصلون إلى
الكعبة حتى مات وليس كذلك نحن أعلم بهم منهم قال وخرجنا إلى الحج
فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج
وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام
أبو جابر سيد من ساداتنا وكنا نكتم من معنا من المشركين أمرنا فكلمناه
فقلنا له يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك
أن تكون حصبا للنار غدا ثم دعوته إلى الاسلام وأخبرته بميعاد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا قال فنمنا (1) تلك الليلة مع قومه
في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) في الأصل (قيمنا).
43

نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون
رجلا معهم امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بنى مازن
ابن النجار وأسماء ابنة عمرو بن عدي بن ثابت إحدى نساء بنى سلمة وهي
أم منيع فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه عمه العباس
ابن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن
أخيه ويوثق فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب أول من تكلم فقال يا معشر
الخزرج وكانت العرب مما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها
وخزرجها إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على رأينا
فيه وهو في عز من قومه ومنعة في بلده قال فقلنا قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول
الله فخذ لربك ولنفسك ما أحببت فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا ودعا إلى الله عز
وجل ورغب في الاسلام قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم
وأبنائكم قال فأخذ البراء بن معرور بيده قال نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك
مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله أبو الهيثم بن النبهان
حليف بنى عبد الأشهل فقال يا رسول الله ان بيننا وبين الرجال حبالا وإنا
قاطعوها وهي العهود قاطعوها وهي العهود فهل عسيت ان نحن فعلنا ذلك وأظهرك الله عز وجل أن
ترجع وتدعنا قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل الدم الدم والهدم الهدم أنتم
منى وانا منكم أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرجوا إلى اثنى عشر نقيبا منكم يكونون على قومهم فأخرجوا منهم اثنى
عشر نقيبا منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس. وأما معبد بن كعب
حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك قال كان أول من ضرب على يد رسول
الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور ثم تبايع القوم فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ
الشيطان بأنفذ صوت سمعته يا أهل الحباحب والحباحب المنازل هل
44

لكم في مدمم والصباة (1) معه قد أجمعوا على حربكم قال ما يقول محمد قال
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أزب العقبة هذا ابن أرنب أتسمع أي عدو الله أما
والله لأفرغن لك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إرفعوا إلى رحالكم قال فقال العباس
ابن عبادة بن نضلة والذي بعنك بالحق لئن شئت لنميلن على أهل منى بأسيافنا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أومر بذلك قال فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا فلما أصبحنا
عدت علنا حلة قريش حتى جاؤونا فقالوا يا معشر الخزرج انه قد بلغنا أنكم قد
جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أيدينا وتبايعونه على حربنا والله انه
ما من العرب أحد أبغض إلينا أن ينشب الحرب بيننا وبينهم منكم قال فأنبعث
من هنالك من مشركي قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا من شئ وما
علمناه وصدقوا لم يعلموا ما كان منا قال فبعضنا ينظر إلى بعض قال وقام القوم
وفيهم الحرث بن هشام بن المغيرة وعليه نعلان جديدان قال فقلت كلمة كأني
أشرك القوم بها فيما قالوا ما تستطيع يا أبا جابر وأنت سيد من ساداتنا أن تتخذ
نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريش قال فسمعها الحرث فخلعهما ثم رمى بهما
إلى قال والله لتنتعلنهما قال يقول أبو جابر أحفظت والله الفتى أردد عليه نعليه
قال فقلت والله لا أردهما قال ووالله صالح لئن صدق الفأل لأسلبنه. فهذا حديث
ابن مالك عن العقبة وما حضر منها. رواه أحمد والطبراني بنحوه ورجال أحمد
رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع. وقال الطبراني في حديثه فخرجنا
نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقينا رجل بالأبطح فقلنا له تدلنا على محمد بن
عبد الله بن عبد المطلب قال فهل تعرفانه إذا رأيتماه، وقال أيضا وتكلم رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتلا القرآن ورغب في الاسلام فأجبناه بالايمان به والتصديق به وقال
أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا منكم اثنى عشر نقيبا فأخرجهم فكان
نقيب بنى النجار أسعد بن زرارة وكان نقيب بنى سلمة البراء بن معرور
وعبد الله بن عمرو بن حرام وكان نقيب بنى ساعدة سعد بن عبادة والمنذر

(1) كان القرب يسمعون المسلمين الصباة بغير همز كأنه جمع لصابي غير
مهموز كقاض وقضاة وغاز وغزاة. وأصل الصبأ الانتقال من دين إلى غيره.
45

أب ن عمرو وكان نقيب بنى زريق رافع بن مالك بن العجلان وكان نقيب بنى
الحرث بن الخزرج عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع وكان نقيب بنى عوفه
ابن الخزرج عبادة بن الصامت ونقيب بنى عبد الأشهل أسيد بن حضير
وأبو الهيثم بن النبهان وكان نقيب بنى عمرو بن عوف سعد بن خيثمة.
وعن جابر قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ
ومجنة وفى الموسم بمنى يقول من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربى وله
الجنة حتى أن الرجل ليخرج من اليمن أو من مصر كذا قال قال فيأتيه قومه
فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك وهو يمشى بين رحالهم وهم يشيرون إليه
بالأصابع حتى بعثنا الله من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن
به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون باسلامه حتى لم يبق دار من دور
الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الاسلام ثم ائتمروا جميعا فقلنا
حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف فرحل إليه سبعون
رجلا منا حتى قدموا عليه في الموسم فواعدنا شعب العقبة فاجتمعوا عندها
من رجل ورجلين حتى توافينا فقلنا يا رسول الله على ما نبايعك قال تبايعوني
على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى الامر بالمعروف والنهى عن
المنكر وان تقولوا لله لا تخافوا في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني
إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبنائكم ولكم الجنة قال
فقمنا إليه فبايعناه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغرهم فقال رويدا
يا أهل يثرب فانا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله
وان اخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف أما
أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله وأما أنتم تخافون من أنفسكم خبيئة
فتبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله قالوا أمط عنا يا أسعد فوالله لا ندع
هذه البيعة أبدا ولا نسلبها أبدا فبايعناه فأخذ علينا وشرط ويعطينا على
ذلك الجنة قلت روى أصحاب السنن منه طرفا رواه أحمد والبزار وقال في
حديثه فوالله لأنذر هذه البيعة ولا نستقيلها، ورجال أحمد رجال الصحيح،
46

وفى رواية عند أحمد وقال تخافون من أنفسكم خيفة، وفى رواية عنده أيضا
حتى أن الرجل ليرحل من مصر من اليمن. وعن عروة قال كان أول من بايع
رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن النبهان وقال يا رسول الله ان بيننا وبين الناس
حبالا والحبال الحلف والمواثيق فلعلنا نقطعها ثم نرجع إلى قومك وقد قطعنا
الحبال وحاربنا الناس فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وقال الدم الدم الهدم
الهدم فلما رضى أبو الهيثم بما رجع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله أقبل على قومه
فقال يا قوم هذا رسول الله أشهد انه لصادق وانه اليوم في حرم الله وأمنه وبين
ظهري قومه وعشيرته فاعلموا انه ان تخرجوه برتكم العرب عن قوس واحدة
فإن كان طابت أنفسكم بالقتال في سبيل الله وذهاب الأموال والأولاد فادعوه
إلى أرضكم فإنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا وإن خفتم خذلانا فمن الآن فقالوا
عند ذلك قبلنا عن الله وعن رسوله ما أعطينا وقد أعطينا من أنفسنا الذي
سألتنا يا رسول الله فخل بيننا يا أبا الهيثم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنبايعه فقال
أبو الهيثم أنا أول من بايع ثم تبايعوا كلهم وصرخ الشيطان من رأس
الجبل يا معشر قريش هذه الخزرج والأوس تبايع محمدا على قتالكم ففزعوا عند
ذلك وراعهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرعكم هذا الصوت فإنه عدو الله إبليس
ليس يسمعه أحد ممن تخافون وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرخ بالشيطان يا ابن
أزب هذا عملك فسأفرغ لك. رواه الطبراني هكذا مرسلا وفيه ابن لهيعة
وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن أبي مسعود قال وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
في أصل العقبة يوم الأضحى ونحن سبعون رجلا قال عقبة إني أصغرهم سنا
فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أو جزوا في الخطبة فإني أخاف عليكم كفار قريش فقلنا
يا رسول الله سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لأصحابك وأخبرنا مالنا من الثواب على الله
تبارك وتعالى وعليك قال أما الذي أسأل لربي أن تؤمنوا به ولا تشركوا به شيئا وأما
الذي أسأل لنفسي أسألكم أن تطيعوني أهدكم سبيل الرشاد وأسألكم لي ولأصحابي
أن تواسونا في ذات أيديكم وأن تمنعونا ممن منعتم منه أنفسكم فإذا فعلتم ذلك
فلكم على الله الجنة وعلى قال فمددنا أيدينا فبايعناه. رواه الطبراني وفيه
47

مجالد بن سعيد وحديثه حسن وفيه ضعف. ورواه أحمد بنحو حديث مرسل
يأتي وفيه مجالد أيضا ولم يسق لفظه وذكره بعد هذا وهو: وعن الشعبي قال
انطلق النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت
الشجرة قال ليتكلم متكلمكم ولا يطل فان عليكم من المشركين عينا وإن يعلموا
بكم يفضحوكم قال قائلهم وهو أبو أمامة سل يا محمد لربك ما شئت ثم سل
لنفسك ولأصحابك ما شئت ثم أخبرنا مالنا من الثواب على الله عز وجل وعليكم
إذا فعلنا ذلك قال أسأل لربي عز وجل أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا
وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تؤونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم
قالوا فما لنا إذا فعلنا ذلك قال لكم الجنة قالوا فلك ذلك. رواه أحمد هكذا
مرسلا ورجاله رجال الصحيح وقد ذكر الإمام أحمد بعده سندا إلى الشعبي
عن أبي مسعود عقبة بن عامر قال بنحو هذا قل وكان ابن مسعود أصغرهم
سنا، وفيه مجالد وفيه ضعف وحديثه حسن إن شاء الله. وعن الشعبي قال
ما سمع الشيب ولا الشبان خطبة مثلها. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن أبي الزبير قال سمعت جابرا عن العقبة قال شهدها سبعون فواثقهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم وعباس بن عبد المطلب أخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت
وأعطيت. رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن جابر
ابن عبد الله قال لما لقى النبي صلى الله عليه وسلم النقباء من الأنصار قال لهم تؤووني
وتمنعوني قالوا فما لنا قال لكم الجنة. رواه أبو يعلى البزار بنحوه ورجال
أبى يعلى رجال الصحيح. وعن انس بن ثابت بن قيس خطب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم
فقال انا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا فما لنا يا رسول الله قال لكم الجنة
قالوا رضينا. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن جابر بن عبد الله
قال حملني خالي جد بن قيس في السبعين راكبا الذين وفدوا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم من قبل الأنصار ليلة العقبة فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه وعمه
العباس بن عبد المطلب فقال يا عم خذ على أخوالك فقال له السبعون يا محمد
سل لربك ولنفسك ما شئت فقال أما الذي أسألكم لربي فتعبدوه ولا تشركوا به
48

شيئا وأما الذي أسألكم لنفسي فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم قالوا فما لنا
إذا فعلنا ذلك قال الجنة. رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله ثقات. وعن جابر بن
عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة قال جابر وأخرجني خالاي
وأنا لا أستطيع أن أرمى بحجر. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن
عروة قال عباس والله أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أناه السبعون من الأنصار
العقبة فأخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وشرط عليهم وذلك في غرة الاسلام وأوله
قبل أن يعبد الله أحد علانية. رواه أبو يعلى في أثناء حديث اللدود الذي
روته عائشة وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف. وعن عبادة بن
الصامت أن أسعد بن زرارة قال يا أيها الناس هل تدرون على ما تبايعون محمدا
صلى الله عليه وسلم إنكم تبايعونه أن تحاربوا العرب والعجم والجن والانس فقالوا نحن
حرب لمن حارب وسلم لمن سالم قالوا يا رسول الله اشترط قال تبايعوني على أن
تشهدوا أن إله الا الله وأنى رسول الله وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة والسمع
والطاعة وأن لا تنازعوا الامر أهله وأن تمنعوني مما تمنعوني منه أنفسكم
وأهليكم قلت في الصحيح طرف منه رواه الطبراني في الأوسط وفيه على
ابن زيد وهو ضعيف وقد وثق. وعن حسين بن علي قال جاءت الأنصار
تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة فقال يا علي قم يا علي فبايعهم فقال على ما أبايعهم
يا رسول الله قال على أن يطاع الله ولا يعصى وعلى أن تمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأهل بيته وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم. رواه الطبراني في الأوسط
من طريق عبد الله بن مروان وهو ضعيف وقد وثق.
* (باب قوله بعثت بين يدي الساعة بالسيف) *
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بين يدي الساعة بالسيف
حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل
والصغار على من خالف أمري. رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن ثابت وثقه ابن
المديني وغيره وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات.
49

* (باب فيمن شهد العقبة) *
عن ابن شهاب في تسمية من حضر العقبة من الأنصار ثم من بنى النجار:
أوس بن ثابت وأوس بن يزيد بن أصرم وأبو أمامة أسعد بن زرارة،
ومن الأنصار ثم من بنى سلمة البراء بن معرور وهو أول من أوصى بثلث ماله
واستقبل الكعبة وهو ببلاده وكان نقيبا، ومن الأنصار ثم من بنى الحرث
ابن الخزرج بشير بن سعد بن النعمان، ومن الأنصار جابر بن عبد الله بن عمرو
وجبار بن صخر، ومن الأنصار ثم من بنى زريق الحرث بن قيس بن مالك
وقد شهد بدرا وذكوان بن عبد القيس بن خلدة ورافع بن مالك وقد شهد
بدار، ومن الأنصار ثم من بنى الجبلي رفاعة بن عمرو، ومن الأنصار ثم من
بنى ساعدة بن كعب سعد بن عبادة وهو نقيب، ومن الأنصار ثم من بنى
عمرو بن عوف سعد بن خيثمة وهو نقيب، ومن الأنصار ثم من بنى عبد
الأشهل سلمة بن سلامة بن وقس، ومن الأنصار ثم من بنى حارثة بن الحرث
ظهير بن رافع، ومن الأنصار ثم من بنى حارثة أبو بردة بن نيار. وإسنادها
إلى ابن شهاب واحد ورجاله ثقات. رواها كلها الطبراني. وعن عروة في تسمية
أصحاب العقبة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من الأنصار ثم من بنى
سلمة بن تزيد بن جشم: البراء بن معرور بن صخر بن خنسا وهو نقيب وهو
أول من أوصى بثلث ماله فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الأنصار ثم من بنى
حارثة بن الحرث بهير بن الهيثم، ومن الأنصار ثابت بن أجدع، ومن
الأنصار جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن عنم بن كعب بن
سلمة، ومن الأنصار ثم من بنى زريق الحارث بن قيس بن مخلد وقد شهد
بدرا، ومن الأنصار ثم من بنى بياضة زيد بن لبيد، ومن الأنصار ثم من
بنى الحرث بن الخزرج سعد بن الربيع بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس
ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، ومن الأنصار ثم من بنى النجار حارثة بن
الحرث طهير بن رافع. ومن الأنصار من بنى مازن بن النجار عمرو بن عزية
ابن ثعلبة بن خنسا بن مبدول بن عنم بن مازن، ومن الأنصار ثم من بنى
50

الحرث بن الخزرج عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسير بن عسيرة ويكنى أبا مسعود،
ومن الأنصار ثم من بنى سلمة كعب بن مالك بن أبي القين بن كعب بن
سوادة. رواه كله الطبراني عن عروة بسند واحد، وفى إسناد عروة ابن لهيعة
وفيه ضعف وحديثه في حد الحسن. وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن
أسعد بن زرارة كان أحد النقباء ليلة العقبة. رواه الطبراني وفيه زمعة بن
صالح وهو ضعيف. وعن كعب بن مالك قال خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نقيب بنى زريق رافع بن مالك بن العجلان. وكان
نقيب بنى ساعدة سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو. رواهما الطبراني وإسنادهما
واحد ورجالهما ثقات (1).
* (باب الهجرة إلى المدينة) *
عن عروة قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم
وصفر ثم إن مشركي قريش أجمعوا أمرهم مكرهم حين ظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خارج وعلموا أن الله قد جعل له بالمدينة مأوى ومنعة وبلغهم اسلام الأنصار
ومن خرج إليهم من المهاجرين فاجتمعوا أمرهم على أن يأخذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاما أن يقتلوه وإما أن يسجنوه أو يسحبوه شك عمرو بن خالد وإما أن
يخرجوه وما أن يوثقوه فأخبره الله عز وجل بمكرهم فقال تعالى (وإذ يمكر بك
الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
وبلغه ذلك اليوم الذي أتى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أبى بكر انهم مبيتوه إذا
أمسى على فراشة وخرج من تحت الليل هو وأبو بكر قبل الغار بثور وهو
الغار الذي ذكره الله عز وجل في القرآن وعمد علي بن أبي طالب فرقد على
فراشة يوارى عن العيون وبات المشركون من قريش يختلفون ويأتمرون أن
نجثم على صاحب الفراش فنوثقه فان ذلك حديثهم حتى أصبحوا فإذا على
يقول عن الفراش فسألوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أنه لا علم له به فعلموا عند
ذلك أنه خرج فركبوا في كل وجه يطلبونه وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم

(1) بلغ مقابلة على نسخة الأصل بقراءة الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر.
51

ويجعلون لهم الجعل (1) العظيم وأتوا غلى ثور الذي فيه الغار الذي فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى طلعوا فوقه وسمع النبي صلى الله عليه وسلم أصواتكم فأشفق أبو بكر
عند ذلك وأقبل على الهم والخوف فعند ذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن
الله معنا ودعا فنزلت عليه سكينة من الله عز وجل (فأنزل الله سكينته على
رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا
السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم 2) وكانت لأبي بكر منحة تروح
عليه وعلى أهله بمكة فأرسل أبو بكر عامر بن فهيرة مولى أبى بكر أمينا
مؤتمنا حسن الاسلام فاستأجر رجلا من بنى عبد بن عدي يقال له ابن الأيقط
كان حليفا لقريش في بنى سهم من بنى العاص بن وائل وذلك يومئذ
العدوي مشرك وهو هادي بالطريق فخبأ بأظهرنا تلك الليالي وكان يأتيهما
عبد الله بن أبي بكر حين يمسي بكل خبر يكون في مكة ويريح عليهما عامر
ابن فهيرة الغنم في كل ليلة فيحلبان ويذبحان ثم يسرح بكره فيصبح في
رعيان الناس ولا يفطن له حتى إذا هدت عنهم الأصوات وأتاهما أن قد سكت
عنهما جاءا صاحبهما ببعيريهما وقد مكثا في الغار يومين وليلتين ثم انطلقا
وانطلقا معهما بعامر بن فهيرة يحديهما ويخدمهما ويعينهما يردفه أبو بكر
ويعقبه على راحلته ليس معه أحد من الناس غير عامر بن فهيرة وغير أخي بنى
عدى يهديهم الطريق. رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة وفيه كلام
وحديثه حسن. وعن مارية قالت طأطأت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد حائطا
ليلة فر من المشركين. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن أبي مصعب
المكي قال أدركت زيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك يحدثون
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان ليلة بات في الغار أمر الله تبارك وتعالى شجرة فنبتت في
وجه الغار فسترت وجهه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر الله تبارك وتعالى العنكبوت
فنسجت على وجه الغار وأمر الله تبارك وتعالى حمامتين وحشيتين

(1) أي الأجرة.
(2) في الأصل هنا تصحيفات صححناها.
52

فوقعتا بفم الغار وأتى المشركون من كل فج (1) حتى كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على
قدر أربعين ذراعا معهم قسيهم وعصيهم وتقدم رجل منهم فنظر فرأى الحمامتين
فرجع فقال لأصحابه ليس في الغار شئ رأيت حمامتين على فم الغار فعرفت
أن ليس فيه أحد فسمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله فعلم أن الله تبارك وتعالى قد درأ بهما
عنه فسمت (2) عليهما وفرض جزاءهما واتخذ في حرم الله تبارك وتعالى فرخين
أحسبه قال فأصل كل حمام في الحرم من فراخهما. رواه البزار والطبراني وفيه
جماعة لم أعرفهم. وعن أسماء بنت أبي بكر قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتينا بمكة
كل يوم مرتين فلما كان يوم من ذلك جاءنا في الظهيرة فقالت يا أبت هذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي وأمي ما جاء به هذا الساعة إلا أمر فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم هل شعرت أن الله قد أذن لي في الخروج فقال أبو بكر فالصحابة
يا رسول الله قال الصحابة قال إن عندي راحلتين قد علفتهما منذ كذا وكذا انتظارا
لهذا اليوم فخذ إحداهما فقال بثمنها يا أبا بكر فقال بثمنها بأبي وأمي إن شئت قالت فهيأنا
لهم سفرة (3) ثم قطعت نطاقها فربطتها ببعضه فخرجا فمكثا في الغار في جبل
ثور فلما انتهيا إليه دخل أبو بكر الغار قبله فلم يترك فيه حجرا إلا أدخل فيه أصبعه
مخافة أن يكون فيه هامة وخرجت قريش حين فقدوهما في بغائهما وجعلوا في النبي
صلى الله عليه وسلم مائة ناقة وخرجوا يطوفون في جبال مكة حتى انتهوا إلى الجبل الذي هما فيه فقال
أبو بكر لرجل مواجه الغار يا رسول الله إنه ليرانا فقال كلا إن ملائكة تسترنا
بأجنحتها فجلس ذلك الرجل فبال مواجه الغار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان
يرانا ما فعل هذا فمكثا ثلاث ليال يروح عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر
غنما لأبي بكر ويدلج (4) من عندهما فيصبح من الرعاة في مراعيها ويروح
معهم ويبطئ في المشي حتى إذا أظلم الليل انصرف بغنمه إليهما فتظن الرعاة أنه

(1) (فج) غير موجودة في الأصل.
(2) التشميت السين والشين: الدعاء بالخير والبركة، والمعجمة أعلاهما، يقال شمت وشمت عليه.
(3) السفرة: طعام يتخذه المسافر وأكثر ما يحمل في جلد مستدير.
(4) يقال أدلج بالتخفيف إذا سار من أول الليل، وأدلج بالتشديد إذا سار من آخره، والاسم منهما الدلجة.
53

معهم وعبد الله بن أبي بكر يظل بمكة يتطلب الاخبار ثم يأتيهما إذا أظلم الليل
فيخبرهما ثم يدلج من عندهما فيصبح بمكة ثم خرجا من الغار فأخذا
على الساحل فجعل أبو بكر يسير أمامه فإذا خشي أن يؤتى من خلفه سار خلفه
فلم يزل كذلك مسيره وكان أبو بكر رجلا معروفا في الناس فإذا لقيه لاق
فيقول لأبي بكر من هذا معك فيقول هاد يهديني يريد الهدى في الدين
ويحسب الآخر دليلا حتى إذا كان بأبيات قديد وكان على طريقهما جاء إنسان
إلى بنى مدلج فقال قد رأيت راكبين نحو الساحل فإني لأجدهما لصاحب قريش
الذي تبغون فقال سراقة بن مالك ذانك راكبين ممن بعثنا في طلبة القوم ثم
دعا جاريته فسارها فأمرها أن تخرج فرسه ثم خرج في آثارهما قال سراقة فد نوت
منهما حتى انى لأسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركضت الفرس فوقعت بمنخريها
فأخرجت قداحي من كنانتي فضربت بها أضرة أم لا أضره فخرج لا تضره
فأبت نفسي حتى اتبعه فأتيت ذلك الموضع فوقعت الفرس فاستخرجت يديه
مرة أخرى فضربت بالقداح أضره أم لا فخرج يديه لا تضره فأبت نفسي حتى إذا
كنت منه بمثل ذلك الموضع خشية أن يصيبني مثل ما أصابني بأذيته فقلت
إني أرى سيكون لك شأن فقف أكلمك فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يكتب
له أمانا فأمر أن يكتب فكتب له قال سراقة فلما كان يوم حنين وأخرجته
وناديت أنا سراقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم وفاء قال سراقة فما شبهت ساقه في
غرزه الا لجمار فذكرت شيئا أسأله عنه فقلت يا رسول الله إني رجل ذا نعم
وإن الحياض تملأ من الماء فنشرب فيفضل من الماء في الحياض فيرد الهمل
فهل لي في ذلك من أجر فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم في كل كبد حرى أجر قلت روى
أبو داود طرفا من آخره عن سراقة رواه الطبراني وفيه يعقوب بن حميد بن
كاسب وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أبو حاتم وغيره، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن أبي بكر الصديق قال جاء رجل من المشركين حتى استقبل
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعورته يبول قلت يا رسول الله أليس الرجل يرانا قال لو رآنا
لم يستقبلنا بعورته يعنى وهو بالغار. رواه أبو يعلى وفيه موسى بن مطير وهو
54

متروك. وعن جابر قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بن مهاجرين فدخلا في
الغار فإذا في الغار حجر فألقمه أبو بكر عقبة حتى أصبح مخافة أن يخرج على
رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شئ فأقاما في الغار ثلاث ليال ثم خرجا حتى نزلا بخيمات
أم معبد فأرسلت إليه أم معبد إني أرى وجوها حسانا وان الحي أقوى على
كرامتكم منى فلما أمسوا عندها بعثت مع ابن لها صغير بشفرة وشاة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أردد الشفرة وهات لي فرقا يعنى القدح فأرسلت إليه أن لا لبن
فيها ولا ولد قال هات لي فرقا فجاءته بفرق فضرب ظهرها فاجترت ودرت
فحلب فملأ القدح فشرب وسقى أبا بكر فبعث به إلى أم معبد. رواه البزار
وفيه من لم أعرفه. وعن أوس بن عبد الله بن حجر الأسلمي قال مربى رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر بحذوات بين الجحفة وهرشا وهما على جمل واحد وهما
متوجهان إلى المدينة فحملهما على فحل إبله ابن الرداء فبعث معهما غلاما له يقال
له مسعود فقال اسلك بهما حيث تعلم من محارم الطريق ولا تفارقهما حتى يقضيا
حاجتهما منك ومن جملك فسلك بهما ثنية الرمحا ثم سلك بهما ثنية الكوبة
ثم سلك بهما المرة ثم أقبل إليهما من شعبة ذات كشط ثم سلك بهما المدلجة
ثم سلك بهما الغسانة ثم سلك ثنية المرة ثم أدخلهما المدينة وقد قضيا حاجتهما
منه ومن حمله ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسعودا إلى سيده أوس بن عبد الله
وكان مغفلا لا يسم الإبل فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أوسا أن يسمها
في أعناقها قيد الفرس قال صخر بن مالك وهو والله يسمها اليوم وقيد الفرس
فيما أرى حلقتين ومد بينهما مدا. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن
بريدة الأسلمي قال لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهاجره لقى راكبا فقال يا أبا
بكر سل القوم ممن هم قالوا من أسلم قال سلمت يا أبا بكر سلهم من أي أسلم
قالوا من بنى سهم قال ارم سهمك يا أبا بكر. رواه البزار وفيه عبد العزيز بن
عمران الزهري وهو متروك. وعن حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر
ومولى أبى بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط مروا على
55

خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة (1) جلدة تحتبي بفناء القبة وتسقى
وتطعم فسألوها لحما وتمرا ليشتروه منها فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك وكان
القوم مرملين (2) مسنتين (3) فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة
فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت خلفها الجهد عن الغنم قال فهل بها من لبن
قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين أن أحلبها قالت بأبي أنت وأمي نعم
إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى
الله عز وجل ودعا الله في شأنها فتفاجت (4) عليه ودرت واجترت ودعا باناء
يربض الرهط (5) فحلب فيه ثجا (6) حتى علاه البهاء (7) ثم سقاها وسقى
أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم صلى الله عليه وسلم ثم أراضوا (8) ثم حلب فيها ثانيا بعد
مدى حتى ملا الاناء ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحلوا عنها فقلما لبثت أن
جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا (9) مخهن (10) قليل فلما
رأى أبو معبد اللبن عجب وقال من أين هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب
حيال ولا حلوبة في البيت قالت لا والله إلا إنه مر بنا رجل مبارك من حاله
كذا وكذا قال صفيه لي يا أم معبد قالت رأيت رجلا طاهر الوضاءة أبلج الوجه

(1) يقال امرأة برزة إذا كانت كهلة لا تحتجب احتجاب الشواب، وهي
مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم، من البروز وهو الظهور والخروج،
وفى الأصل (بررة) والتصحيح من النهاية.
(2) أي نفد زادهم، وأصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير ترب.
(3) أي مجدبين مقحطين.
(4) التفاج: المبالغة في تفريج ما بين الرجلين، وهو من الفج: الطريق.
(5) أي يرويهم ويثقلهم حتى يناموا ويمتدوا على الأرض، من ربض في المكان
إذا أقام به. وفى الأصل غير منقوطة والتصحيح من النهاية.
(6) أي لبنا سائلا كثيرا، وفى الأصل غير منقوطة والتصحيح من النهاية.
(7) أراد بهاء اللبن وهو وبيص رغوته.
(8) أي ناموا على الأرض وقيل غير ذلك.
(9) يقال تساوكت الإبل إذا اضطربت أعناقها من الهزال، أراد انها تتمايل من ضعفها، وفى رواية
(ما تساوك هزالا) أي ما تحرك رؤوسها.
(10) في النهاية (مخاخهن) وهو جمع مخ.
56

حسن الخلق لم تعبه ثجلة (1) ولم تزر به صعلة (2) وسيم قسم في عينيه دعج
وفى أشفاره وطف وفى صوته صهل وفى عنقه سطع وفى لحيته كثافة أزج
أقرن ان صمت فعليه الوقار وان تكلم سما وعلاه البهاء أجمل الناس وأبهى من
بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب حلو المنطق لا هذر ولا نزر كأن منطقه خرزات
نظم ينحدرن ربع لا ييأس من طول (3)
ولا تقتحمه عين من قسر غصن بين
غصنين فهو أنظر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إن قال
انصتوا لقوله وإن أمر تبادروا أمره محقود محسود لا عابس ولا مفند قال
أبو معبد هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ولقد
هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا وأصبحت صوت بمكة عاليا
يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:
جزى الله رب العالمين بخيره (4) * رفيقين قلا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به * لقد فاز من أضحى وفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم * به من فعال لا تجارى وسؤدد
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم * ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها * فإنكم ان تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت * عليه صريحا ضرة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها لحالب * يرددها في مصدر ثم مورد
فلما سمع حسان بن ثابت بذلك شب يحبب الهاتف وهو يقول:
لقد خاب قول زال عنهم نبيهم * وقد سر من كسرى إليهم ويعتدى
ترحل عن قوم فضلت عقولهم * وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الظلالة ربهم * وأرشدهم من يبتغى الحق يرشد

(1) أي ضخم بطن، ويروى (نحلة) من النحول.
(2) هي صغر الرأس وهي أيضا الدقة والنحول.
(3) أي انه لا يؤيس من طوله لأنه كان إلى الطول أقرب.
(4) في الأصل (خير جزاه).
57

وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا * عما يتهم هاد به كل مهتد
وقد نزلت منه على أهل يثرب * ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى مالا يرى الناس حوله * ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غالب * فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده * بصحبته من يسعد الله يسعد
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم * ومقعدها للمؤمنين بمرصد
وقال لنا مجاهد عن مكرم في أشفاره وطف (1) وهو الطول والصواب صحل (2)
وهي البحة وقال لنا مكرم لا يأس من طول والصواب لا يتشنى (3) من
طول وقال لنا مكرم لا عابس ولا معتد وقال لنا مجاهد عن مكرم لا عابس
ولا مفند يعنى لا عابس ولا مكذب. رواه الطبراني وفي إسناده جماعة لم أعرفهم،
وقد ورد حديث أم معبد من طريق سليط ذكرته في علامات النبوة في صفته
صلى الله عليه وسلم. وعن قيس بن النعمان قال لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
مستخفيان نزلا بأبي معبد فقال والله ما لنا شاة وان شاءنا لحوامل فما بقي لنا
لبن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبه فما تلك الشاة فأتى بها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالبركة عليها ثم حلب عسا (3) فسقاه ثم شربوا فقال أنت الذي تزعم أنك
صابي قال إنهم يقولون قال أشهد أن ما جئت به حق ثم قال اتبعك قال لا حتى
تسمع أنا قد ظهرنا فاتبعه بعد. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن فائد
مولى عبادل قال خرجت مع إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة
فأرسل إبراهيم بن عبد الرحمن إلى ابن سعد حتى إذا كنا بالعرج أتانا ابن سعد
وسعد الذي دل رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق ركوبه فقال إبراهيم أخبرني ما حدثك
أبوك قال ابن سعد حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم ومعه أبو بكر وكانت

(1) أي في شعر أجفانه طول.
(2) في صوته صحل بالتحريك كالبحة وان لا يكون حاد الصوت.
(3) وفى رواية (لا تشنؤه من طول أي لا يبغض لفرط طوله.
(4) العس: القدح الكبير.
58

لأبي بكر عندنا بنت مسترضعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الاختصار في
الطريق إلى المدينة فقال له سعد هذا الغائر من ركوبه وبه لصان من أسلم يقال
لهما المهانان فان شئت أخذنا عليهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذ بنا عليهما قال سعد
فخرجنا حتى إذا أشرفنا إذا أحدهما يقول لصاحبه هذا اليماني فدعاهما رسول
الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الاسلام فأسلما ثم سألهما عن أسمائهما فقالا نحن المهانان
قال بل أنتما المكرمان وأمرهما أن يقدما عليه المدينة فخرجنا حتى إذا أتينا
ظاهر قباء فنلقى بنى عمرو بن عوف فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين أبو أمامة أسعد بن
زرارة فقال سعد بن خيثمة إنه أصاب قتلى يا رسول الله أفلا أخبره بك ثم
مضى حتى إذا طلع على النخل فإذا السرب مملوء فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر
فقال يا أبا بكر هذا المنزل رأيتني أنزل إلى حياض كحياض بنى مدلج. رواه
عبد الله أحمد وابن سعد اسمه عبد الله ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات وعن
أسماء بنت أبي بكر قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل
أبو بكر معه ماله كله خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم فانطلق بها معه
قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله إني لأراه قد
فجعكم بماله مع نفسه قالت قلت كلا يا أبت قد ترك لنا خيرا كثيرا قالت فأخذت
أحجارا فجعلتها في كوة (1) في البيت كان أبى يجعل فيها ماله ثم جعلت عليها
ثوبا ثم اخذت بيده فقلت ضع يا أبت يدك على هذا المال قالت فوضع يده عليه
فقال لا بأس إن كان ترك لم هذا لقد أحسن وفى هذا لكم بلاغ قالت
ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكن أردت ان أسكن الشيخ بذلك. رواه أحمد
والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع.
وعن انس بن مالك قال لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب
وأبو بكر ردفه وأبو بكر يعرف في الطريق لاختلافه بالشام فكان يمر بالقوم
فيقولون من هذا بين يديك فيقول هذا يهديني فلما دنا من المدينة بعث

(1) الكوة: ثقب في الحائط.
59

إلى القوم الذين أسلموا من الأنصار إلى أبى امامة وأصحابه فخرجوا إليهما
فقالوا ادخلا آمنين مطاعين فدخلا فذكر الحديث. رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح. وعن صهيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت دار هجرتكم سبخة
بين ظهراني حرة فاما أن تكون هجر وإما أن تكون يثرب قال وخرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وخرج معه أبو بكر وكنت قد هممت ان اخرج معه
وصدني فتيان من قريش فجعلت ليلتي تلك أقوم ولا اقعد فقالوا قد شغله الله
عنكم ببطنه ولم أكن ساكنا فناموا فخرجت فلحقني منهم ناس بعد ما سرت
يريدون ردى فقلت لهم هل لكم ان أعطيكم أواق من ذهب وحلة سيراء بمكة
وتخلون سبيلي وتوثقون ففعلوا فتبعتهم إلى مكة فقلت احفروا تحت أسكفة
الباب (1) فان تحتها الأواق واذهبوا إلى فلانة بآية كذا وكذا فخذوا الحلتين
وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان يتحول منها فلما رآني قال
يا أبا يحيى ربح البيع ثلاثا فقلت يا رسول الله ما سبقني إليك أحد وما أخبرك
الا جبريل صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. قلت ولصهيب حديث
آخر سهوت عنه يأتي في آخر هذا الباب. وعن البراء قال كان أول من قدم
علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخي بنى عبد الدار بن قصي فقلت له ما فعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو مكانه وأصحابه على أثرى. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح. وعن عمر بن الخطاب قال كنا قد استبطأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
في القدوم علينا وكانت الأنصار يفدون إلى ظهر الحرة فيجلسون حتى يرتفع
النهار فإذا ارتفع النهار وحميت الشمس رجعت إلى منازلها فقال عمرو كنا ننتظر
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل من اليهود قد أو في علي اطم من أطمهم (2) فصاح
بأعلى صوته يا معشر العرب هذا صاحبكم الذي تنتظرون قال عمر وسمعت الوجبة
في بني عمرو بن عوف فأخرج رأسي فإذا المسلمون قد لبسوا السلاح فانطلقت
من القوم عند الظهيرة فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين حتى نزل في بنى عمرو

(1) أي خشبة الباب التي يوطأ عليها.
(2) الأطم: بناء مرتفع.
60

ابن عوف. رواه البزار وفيه عبد الله بن زيد بن أسلم وثقه أبو حاتم وغيره
وضعفه ابن معين وغيره. وعن عمر بن الخطاب قال اجتمعنا للهجرة أوعدت
انا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص الميضاء ميضاة بنى غفار فوق شرف
وقلنا أيكم لم يصبح عندها فقد احتبس فليمض صاحباه فحبس عنا هشام بن العاص
فلما قد منا منزلنا في بنى عمرو بن عوف وخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام
إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا المدينة فكلماه
فقالا له إن أمك نذرت أن لا تمس رأسها مشط حتى تراك فرق لها فقلت له يا عياش
والله إن يردك القوم إلا عن دينك فاحذرهم فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت
ولو قد اشتد عليها حر مكة أحسبه قال لامتشطت قال إن لي هناك مالا فاخذه قال
قلت والله إنك لتعلم أنى من أكثر قريش مالا فلك نصف مالي ولا تذهب
معهما فأبى إلا يخرج معهما فقلت له لما أبى على أما إذ فعلت ما فعلت فخذ ناقتي
هذه فإنها ناقة ذلول فالزم ظهرها فان رابك من القوم ريب فأنخ عليها فخرج
معهما عليها حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال أبو جهل بن هشام والله لقد
استبطأت بعيري هذا أفلا تحملني على ناقتك هذه قال بلى فأناخ وأناخا
ليتحول عليها فلما استووا بالأرض عديا عليه فأوثقاه ثم أدخلاه مكة وفتناه
فافتتن قال فكنا نقول والله لا يقبل الله ممن افتتن (1) صرفا ولا عدلا
ولا يقبل توبة قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم قال وكانوا
يقولون ذلك لأنفسهم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله عز وجل فيهم
وفى قولنا لهم وقولهم لأنفسهم (يا عبادي الذي أ؟ رفوا على أنفسهم لا تقنطوا
من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) إلى قوله
(وأنتم لا تشعرون) قال عمر فكتبتها في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص
قال هشام فلم أزل أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه حتى فهمتها قال فألقى في
نفسي انها إنما نزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا فرجعت فجلست
على بعيري فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن

(1) في الأصل (اقتبس).
61

عروة قال خرج عمر بن الخطاب وعياش بن أبي ربيعة في أصحاب لهم فنزلوا في
بنى عمرو بن عوف فطلب أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام عياش بن أبي
ربيعة والحرث وهو أخوهما لأمهما فقدما المدينة فذكرا له حزن أمه فقالا
انها حلفت أن لا يظلها بيت ولا يمس رأسها دهن حتى تراك ولولا ذلك لم نطلبك
فنذكرك الله في أمك وكان بها رحيما وكان يعلم من حبها إياه ورقها يعنى عليه
ما كان يصدقهما به فرق لها لما ذكروا له وأبى أن يتبعهما حتى عقد له الحرث
ابن هشام فلما خرج معهما أوثقاه فلم يزل هناك موثقا حتى خرج مع من
خرج قبل فتح مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له بالخلاص والحفظ.
رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، ورواه أيضا عن ابن شهاب
مرسلا ورجاله ثقات. وعن ابن عمر قال كنا نقول ليس لمن افتتن توبة إذا ترك
دينه بعد اسلامه ومعرفته فأنزل الله فيهم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
لا تقنطوا من رحمة الله) إلى قوله (من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم
لا تشعرون) فكتبتها بيدي ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص بن وائل قال
هشام فلما جاءتني صعدت بها وأقول فلا أفهمها فوقعت في نفسي انها نزلت
فينا وما كنا نقول فجلست على بعيري ثم لحقت بالمدينة وأقام رسول الله
صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له بالهجرة وأصحابه من المهاجرين قدموا أرسالا وقد كان أبو بكر استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال لا تعجل لعل الله أن
يجعل لك صاحبا فطمع أبو بكر أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى نفسه وكان
أبو بكر قد أعد لذلك راحلتين يعلفهما في داره. رواه الطبراني وفيه
عبد الرحمن بن بشير الدمشقي ضعفه أبو حاتم. وعن ابن عمر قال لعن الله
من يزعم أنى هاجرت قبل أبى إنما قد منى في نفله. رواه الطبراني وفيه جابر
الجعفي وهو ضعيف. وعن ابن إسحاق قال نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على
كلثوم بن هدم أخي بنى عمرو بن عوف وقال بل نزل على سعد بن خيثم
فأقام في بنى عمرو بن عوف وأدركته الجمعة في بنى سالم بن عوف فصلى
الجمعة الكبرى في المسجد ببطن الوادي قال ابن إسحاق ثم نزل رسول الله
62

صلى الله عليه وسلم على أبى أيوب وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء مسجده في تلك السنة.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عاصم بن عدي قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم الاثنين عشرة ليلة خلت من ربيع الأول فأقام بالمدينة عشر سنين.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن الزبير ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قدم المدينة فاستناخت به راحلته بين دار جعفر بن محمد بن علي ودار الحسن
ابن زيد فأتاه الناس فقالوا يا رسول الله المنزل فانبعثت به راحلته فقال دعوها
فإنها مأمورة ثم خرجت به حتى جاءت به موضع المنبر فاستناخت به ثم تجلجلت
ولناس ثم عريش كانوا يرشونه ويعمرونه ويتبردون فيه حتى نزل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن راحلته فآوى إلى الظل فنزل فيه فأتاه أبو أيوب فقال يا رسول الله
منزلي أقرب المنازل إليه فانقل رحلك قال نعم فذهب برحله إلى المنزل ثم أتاه
رجل آخر فقال يا رسول الله انزل على فقال إن الرجل مع رحله حيث كان
وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش اثنتي عشرة ليلة حتى بنى المسجد. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه صديق بن موسى قال الذهبي ليس بالحجة. وعن
ابن إسحاق قال نزل أبو بكر على حبيب ويقال خبيب بن يساف أخي الحرث
ابن الخزرج بالشيخ ويقال بل نزل على خارجة بن زيد بن أبي زهير أخي
بنى الحرث بن الخزرج. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن عباس أن
عبد الله بن جحش وكان آخر من بقي ممن هاجر وكان قد كف بصره فلما أجمع
على الهجرة كرهت امرأته ذلك بنت حرب بن أمية وجعلت تشير عليه أن يهاجر
إلى غيره فهاجر بأهله وماله مكتتما من قريش حتى قدم المدينة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فوثب أبو سفيان بن حرب فباع داره بمكة فمر بها بعد ذلك أبو جهل
ابن هشام بن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وحويطب
ابن عبد العزى وفيها أهب معطونة (1) فذرفت عينا عتبة وتمثل ببيت من شعر:
وكل (2) دار وإن طالت سلامتها * يوما سيدركها النكباء والحوب

(1) المعطون: المنتن، يقال عطن الجلد إذا أنتن في الدباغ.
(2) في الأصل (كل) ولعل الوزن لا يستقيم بدون الواو.
63

قال أبو جهل وأقبل على العباس فقال هذا ما أدخلتم علينا فلما دخل رسول
الله صلى الله عليه وسلم
مكة يوم الفتح قام أبو أحمد ينشد داره فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان
ابن عفان فقام إلى أبى احمد فانتحاه فسكت أبو أحمد عن نشيد داره قال
ابن عباس وكان أبو أحمد يقول والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ على يده يوم الفتح:
حبذا مكة من وادي * بها أمشى بلا هادي
بها يكثر عوادي * بها تركز أوتادي
رواه الطبراني وفيه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف. وعن ابن عباس
قال كان قدومنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس من الهجرة خرجنا متوصلين مع
قريش عام الأحزاب وأنا مع أخي الفضل ومعنا غلامنا أبو رافع حتى انتهينا
إلى العرج فضل لنا في الطريق ركوبة وأخذنا في ذلك الطريق على الجثجاثة حتى
خرجنا على بنى عمرو بن عوف حتى دخلنا المدينة فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الخندق وأنا يومئذ ابن ثمان سنين وأخي ابن ثلاث عشرة سنة. رواه الطبراني
في الأوسط من طريق عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري عن سليمان بن داود
ابن الحصين وكلاهما لم يوثق ولم يضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن صهيب أن
المشركين لما أطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا على الغار وأدبروا قال وا صهيباه
ولا صهيب لي فما أداد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج بعث أبا بكر مرتين أو ثلاثا
إلى صهيب فوجده يصلى فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وجدته يصلى فكرهت أن
أقطع عليه صلاته فقال أصبت وخرجا من ليلتهما فلما أصبحا خرج حتى إذا أتى
أم رومان زوجة أبى بكر فقالت ألا أراك ههنا وقد خرج أخواك ووضعا لك
شيئا من أزوادهما قال فخرجت حتى أتيت على زوجتي أم عمرو فأخذت سيفي
وجعبتي وقوسي حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأجده وأبو بكر
جالسين فلما رآني أبو بكر قام إلى فبشرني بالآية التي نزلت في وأخذ بيدي
فلمته بعض اللائمة فاعتذر وربحني رسول الله صلى الله عليه وسلم ربح البيع. رواه الطبراني
وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك.
64

* (باب فيمن اختار الهجرة) *
عن حذيقة قال خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والبصرة فاخترت
الهجرة. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد وهو حسن الحديث.
* (باب علو أمره على من عاداه) *
عن زياد بن جهور قال ورد على كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بسم الله
الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زياد بن جهور سلم أنت سلام
عليك انى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني أذكرك الله واليوم
الآخر أما بعد فليوضعن كل دين دان به الناس إلا الاسلام فاعلم ذلك. رواه
الطبراني في الثلاثة وفيه من لم أعرفهم. وعن جبير بمن مطعم قال المطعم بن عدي
إنكم قد فعلتم بحمد ما فعلتم فكونوا أكف الناس عنه فقال أبو جهل بل
كونوا أشد ما كنتم فقال الحرث بن عامر بن نوفل والله لا يزال أمر محمد صلى الله عليه وسلم
ظاهرا فيما ناداكم أو أسد منم. قال أبو يوسف قتل الحرث يوم بدر كافرا.
رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف مدلس وقد وثق.
* (باب نصره بالريح والرعب) *
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور.
رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله ثقات. وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور. رواه الطبراني في الأوسط باسنادين
رجال أحدهما ثقات. وعن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم
يعطها نبي قبلي بعثت إلى الأحمر والأسود وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث إلى
قومه ونصرت بالرعب مسيرة شهر وأطعمت المغنم ولم يطعمه أحد كان قبلي.
فذكر الحديث وهو بقية الأحاديث بنحوه في علامات النبوة. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه عطية وهو ضعيف. وعن معاوية بن حيدة القشيري قالت أتيت
النبي صلى الله عليه وسلم فلما دفعت إليه قال أما إني قد سألت الله أن يغنيني بالسنة
65

تحفيكم (1) وبالرعب بجعله في قلوبكم فقال بيديه جميعا أما انى قد حلفت هكذا
وهكذا أن لا أؤمن بك ولا أتبعك فما زالت السنة تحفيني وما زال الرعب يجعل
في قلبي قمت بين يديك قلت رواه النسائي وغيره غير ذكر الرعب والسنة
رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وعن ابن عباس قال أتت الصبا
الشمال ليلة الأحزاب فقالت مري حتى تنصري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الشمال ان
الحرة لأتسرى بالليل فكانت الريح التي نصر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبا. رواه
البزار ورجاله رجال الصحيح.
* (باب قوله بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده) * تقدم.
* (باب الغزو في الشهر الحرام) *
عن جابر بن عبد الله أنه قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام
إلا أن يغزى أو يغزوا فإذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ. رواه أحمد ورجاله
رجال الصحيح.
* (باب في أول أمير كان في الاسلام) *
عن سعد بن أبي وقاص قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جاءت
جهينة فقالوا إنك
قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأتيك تؤمننا فأوثق لهم
فأسلموا قال فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب ولا نكون مائة وأمرنا أن نغير
على حي من بنى كنانة إلى جنب جهينة فأغزنا عليهم وكانوا كثيرا فلجأنا إلى
جهينة فمنعونا وقالوا لم تقاتلون في الشهر الحرام فقلنا انا إنما نقاتل انا إنما نقاتل من أخرجنا
من البلد الحرام في الشهر الحرام فقال بعضهم لبعض ما ترون فقال بعضنا نأتى
النبي صلى الله عليه وسلم فنخبره وقال قوم لا بل نقيم ههنا وقلت أنا في أناس معي لا بل
نأتى عير قريش فنقتطعها فانطلقنا إلى العير وانطلق أصحابنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبروه الخبر فقام غضبان محمر الوجه فقال أذهبتم من عندي جميعا وجئتم
متفرقين إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة لا نعين عليكم رجلا ليس يخبركم

(1) السنة: الجدب والقحط، وتخفيكم: أي تستأصلكم.
66

أصبركم على الجوع والعطش فبعث علينا عبد الله بن جحش فكان أول أمير كان
في الاسلام. رواه أحمد ورواه ابنه عنه وجادة ووصله عن غير أبيه، وراه
البزار ولفظه عن سعيد قال أول أمير عقد له في الاسلام عبد الله بن جحش
عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم عينا، وفيه المجالد بن سعيد وهو ضعيف عند الجمهور
ووثقه النسائي في رواية، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. وعن زر قال أول
راية رفعت في الاسلام راية عبد الله بن جحش وأول مال خمس في الاسلام
مال عبد الله بن جحش. رواهما الطبراني باسناد واحد وهو اسناد حسن.
* (باب سرية حمزة رضي الله عنه) *
عن جبير بن مطعم قال قال أبو جهل حين قدم مكة منصرفه عن حمزة
يا معشر قريش ان محمدا قد نزل يثرب وأرسل طلائعه وإنما يريد أن يصيب
منكم شيئا فاحذروا أن تمروا طريقه وأن تقاربوه فإنه كالأسد الضاري انه
حنق (1) عليكم لقيتموه نفى القردان على المناسم (2) والله ان له لسجرة ما رأيته
قط ولا أحدا من أصحابه الا رأيت معهم الشياطين وانكم قد عرفتم عداوة
ابني قيلة فهو عدو استعان بعدو فقال له مطعم بن عدي يا أبا الحكم والله
ما رأيت أحدا أصدق لسانا ولا أصدق موعدا من أخيكم الذي طردتم فإذ
فعلتم الذي فعلتم فكونوا أكف الناس عنه فقال أبو سفيان بن الحرث كونوا
أشد ما كنتم عليه فان ابني قيلة إن ظفروا بكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة وإن
أطعتموني الحقوهم خير كتانة أو تخرجوا محمدا من بين أظهرهم فيكون وحيدا
طريدا وأما أبناء قبلة فوالله ما هما وأهل دهلك في المذلة إلا سواء وسأكفيكم
حدهم وقال:
سأمنح جانبا منى غلظا * على ما كان من قرب وبعد
رجال الخزرجية أهل ذل * إذا ما كان هزل بعد جد

(1) الحنق: الغيظ والحقد.
(2) المنسم حف البعير، وقد يطلق على مفاصل الانسان اتساعا.
67

فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال والذي نفسي بيده لأقتلنهم ولأصلبنهم
ولأهدينهم وهم كارهون إني رحمة بعثني الله عز وجل ولا يتوفاني حتى يظهر
الله دينه فذكر الحديث. رواه الطبراني وجادة من طريق أحمد بن صالح
المصري قال وجدت في كتاب بالمدينة عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي،
ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في غزوة الأبواء) *
عن عمرو بن عوف المزني قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أول غزوة غزاها الأبواء حتى
إذا كنا بالروحاء نزل بعرق الظبية (1) فصلى ثم قال هل تدرون ما اسم هذا الجبل قالوا
الله ورسوله أعلم قال هذا حمت هذا من جبال الجنة اللهم بارك فيه وبارك لأهله
وقال للروحاء هذه سجاسج (2) وادي من أودية الجنة لقد صلى في هذا المسجد
قبلي سبعون نبيا ولقد مر به موسى عليه عباءتان قطوانيتان على ناقة
ورقاء في سبعين ألفا من بني إسرائيل حاجين البيت العتيق ولا تقوم الساعة
حتى يمر به عيسى بن مريم عبد الله ورسوله حاجا أو معتمرا أو يجمع الله له
ذلك. رواه الطبراني من طريق كبير بن عبد الله المزني وهو ضعيف عند الجمهور
وقد حسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات. ويأتي حديث عمار في مناقب
علي رضي الله عنه.
* (باب غزوة بدر) *
عن عبد الله بن مسعود قال لما كان يوم بدر كل ثلاثة على بعير كان علي بن أبي
طالب وأبو لبابة زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكان إذا كانت عقبة رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالا نحن نمشي عنك فقال ما أنتما بأقوى منى ولا أنا أغنى عن
الاجر منكما. رواه أحمد والبزار وقال فإذا كانت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا

(1) عرق الظبية بضم الظاء: موضع على ثلاثة أميال من الروحاء فيه
مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم. وفى الأصل (بقرن) والتصحيح من النهاية.
(2) في الأصل (سحاشح) والتصحيح من النهاية.
68

اركب حتى تمشى عنك، والباقي بنحو، وفيه عاصم بن بهدلة وحديثه حسن،
وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. وعن ابن عباس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم بدر مائة ناضح (1) ونواضح وكان معه فرسان يركب أحدهما المقداد بن
الأسود ويتروح (2) الآخر مصعب بن عمير وسهل بن حنيف قال وكان
أصحابه يتعقبون في الطريق النواضح قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرثد بن أبي
مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب يتعقبون ناضحا. رواه الطبراني
في الكبير والأوسط وفيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف. وعن
سعد يعنى ابن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عمير بن أبي وقاص فاستصغره
حين خرج إلى بدر ثم أجازه قال سعد فيقال انه خانه سيفه قال عبد الله يعنى
ابن جعفر المجرمي قتل يوم بدر. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن رفاعة بن
رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري قال أقبلنا يوم بدر ففقدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فنادت الرفاق بعضها بعضا أفيكم رسول الله عليه وسلم فوقفوا حتى جاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب فقالوا يا رسول الله فقدناك فقال إن أبا حسن
وجد مغصا في بطنه فتخلفت عليه، رواه الطبراني وفيه أبو معشر نجيح وهو
ضعيف يكتب حديثه. وعن عاتكة بنت عبد المطلب قالت رأيت راكبا أخذ
صخرة من أبى قبيس فرمى بها للركن فتعلقت الصخرة فما بقيت دار من دور
قريش إذ دخلتها منها كسرة غير دور بنى زهرة فقال العباس إن هذه لرؤيا
اكتميها ولا تذكريها فخرج العباس فلقى الوليد بن عتبة بن ربيعة فذكرها
له فذكرها الوليد لأبيه ففشا الحديث قال العباس فخرجت أطوف بالكعبة
وأبو جهل في رهط من قريش يتحدثون برؤيا عاتكة فلما رآني أبو جهل قال
يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فاقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتى جلست
إليهم فقال أبو جهل يا بنى عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى يتنبأ
نساؤكم قد زهمت عاتكة في رؤياها هذه أنه قال انفروا في ثلاث فسنتربص هذه
الثلاث فإن كان ما تقول حقا فسيكون وإن يمض الثلاث ولم يكن من ذلك شئ

(1) الناضح: الجمل الذي يستقى عليه.
(2) التروح: طلب الراحة.
69

كتبنا عليكم كتابا انكم أكذب أهل بيت في العرب قال العباس فوالله ما كان
منى إليه شئ إلا انى جحدت وأنكرت أن تكون رأت شيئا قال العباس فلما
أمسيت أتتني امرأة من بنات عبد المطلب فقال رضيتم من هذا الفاسق يتناول
رجالكم ثم يتناول نساءكم وأنت تسمع ولم يكن عندك نكير والله لو كان حمزة
ما قال ما قال فقلت قد والله فعل وما كان منى إليه نكير شئ وأيم الله لا تعرضن
له فان عاد لأكفينكم قال العباس فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة
وأنا مغضب على أنه فاتني أمر أحب أن أدرك شيئا منه قال فوالله إني لأمشي
نحوه وكان رجلا خفيفا حديد الوجه حديد اللسان حديد البصر إذ خرج نحو
المسجد يستند فقلت في نفسي ما له لعنه الله أكل هذا فرق منى أن أسائمه فإذا
هو قد سمع ما لم أسمع صوت صمصم بن عمرو الغفاري يصرخ ببطن مكة الوادي
قد جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول ما معشر قريش قد خرج
محمد في أصحابه ما أراكم تدر كونها الغوث الغوث قال العباس فشغلني عنه وشغله
عنى ما جاء من الامر. رواه الطبراني وفيه عبد العزيز بن عمران وهو متروك.
وعن عروة قال كانت عاتكة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكنة
مع أخيها عباس بن عبد المطلب فرأت رؤيا قبيل بدر ففزعت فأرسلت إلى
أخيها عباس من ليلتها عين فزعت واستيقظت من نومها فقالت قد رأيت رؤيا
وقد خشيت منها على قومك الهلكة قال وما رأيت قالت لم أحدثك حتى
تعاهدني أن لا تذكرها فإنهم ان يسمعوها آذونا فأسمعونا مالا نحب فعاهدها
عباس فقالت رأيت راكبا أقبل على راحلته من أعلى مكة يصيح بأعلى صوته
يا آل غدر ويا آل فجر اخرجوا من ليلتين أو ثلاث ثم دخل المسجد على راحلته
فصرخ في المسجد ثلاث صرخات وماله عليه من الرجال والنساء والصبيان
وفزع الناس له أشد الفزع ثم أراه مثل على ظهر الكعبة على راحلته فصرخ
ثلاث صرخات يا آل غدر ويا آل فجر اخرجوا من ليتين أو ثلاث حتى
أسمع من بين الأخشبين من أهل مكة ثم عمد لصخرة عظيمة فنزعها من
أصلها ثم أرسلها على أهل مكة فأقبلت الصخرة لها دوي حتى إذا كانت على
70

أصل الجبل رمضت فلا أعلم بمكة بيتا ولا دارا إلا قد دخلها فرقة من تلك
الصخرة فلقد خشيت على قومك أن ينزل بهم شر ففزع منها عباس وخرج
من عندها فلقى من ليلته الوليد بن عتبة بن ربيعة وكان خليلا للعباس فقص
عليه رؤيا عاتكة وأمره أن لا يذكرها لأحد فذكرها الوليد لأبيه وذكرها
عتبة لأخيه شيبة وارتفع حديثها حتى بلغ أبا جهل بن هشام واستفاضت فلما
أصبحوا غدا العباس يطوف بالبيت حتى أصبح فوجد أبا جهل وعتبة بن ربيعة
وشيبة بن ريبعة وأمية بن خلف وزمعة بن الأسود وأبا البختري في نفر
يتحدثون فلما نظروا إلى عباس يطوف بالبيت ناداه أبو جهل بن هشام يا أبا
الفضل إذا قضيت طوافك فائتنا فلما قضى طوافه أتى فجلس فقال أبو جهل
يا أبا الفضل يا رؤيا رأتها عاتكة قال ما رأت من شئ قال بلى أما رضيتم
يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء انا كنا وأنتم كفرسي
رهان فاستبقنا المجد منذ حين فلما حاذت الركب قلتم منا نبي فما بقي إلا أن
تقولا منا نبية ولا أعلم أهل بيت أكذب رجلا ولا أكذب امرأة منكم
فآذوه يومئذ أشد الأذى وقال أبو جهل زعمت عاتكة أن الراكب قال اخرجوا
في ليلتين أو ثلاث فلو قد مضت هذه الثلاث تبين لقريش كذبكم وكتبنا سجلا
ثم علقناه بالكعبة انكم أكذب بيت في العرب رجلا وامرأة أما رضيتم يا بنى
قصي انكم ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء حتى جئتمونا زعمتم نبي
منكم فآذوه يومئذ أشد الأذى وقال له العباس مهلا يا مصفر استه هل أنت
منته فان الكذب فيك وفى أهل بيتك فقال له ممن حضره يا أبا الفضل ما كنت
بجاهل ولا حرف ونال عباس من عاتكة أذى شديدا فيما أفشى من حديثها
فلما كان مساء ليلة الثالثة من الليالي التي رأت فيها عاتكة الرؤيا جاءهم الركب
الذي بعث أبو سفيان صمصم بن عمرو الغفاري فقال يا آل غدر انفروا فقد
خرج محمد وأصحابه ليعرضوا لأبي سفيان فاحرزوا عيركم ففزعت قريش أشد
الفزع وأشفقوا من قبل رؤيا عاتكة ونفروا على كل صعب وذلول. رواه
الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن. وعن مصعب بن
71

عبد الله وغيره من قريش أن عاتكة بنت عبد المطلب قالت في صدق رؤياها
وتكذيب قريش لها حين أوقع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر:
ألم تكن الرؤيا بحق ويأتكم * بتأويلها فل من القوم هارب
رأى فأتاكم باليقين الذي رأى * بعينيه ما يفرى السيوف القواضب
فقلتم ولم أكذب: كذبت وإنما * يكذبني بالصدق من هو كاذب
أقر صباح القوم غر قلوبهم * فهن هواء والحلوم عوازب
مروا بالسيوف المرهفات دماءكم * كفاحا كما يمري السحاب الخبائب
فكيف رأى يوم اللقاء محمد بنو عمه والحرب فيه التجارب
ألم يغشهم ضربا يحار لوقعه الجبان * وتبدو بالنهار الكواكب
ألا يأتي اليوم اللقاء محمد إذا * عص من عون الحروب العوارب
كما برزت أسيافه من مليلتي * رعارع وردا بعد إذ هي صالب
حلفت لئن عدتم لنصطلمنكم * بجأواء تردى حافتيه المقانب (1)
كان ضياء الشمس لمع بروقها * لها جانبا نور شعاع وثاقب
رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن، وبقية رجاله
ثقات. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال كان عتبة بن ربيعة صديقا لسعد
ابن معاذ في الجاهلية فكان إذا قدم عتبة المدينة نزل على سعد بن معاذ وإذا
قدم سعد مكة نزل على عتبة وكان عتبة يسميه أخي اليثربي قال فلما قدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدم سعد بن معاذ مكة كما كان يقدم فنزل على عتبة فقال إني
أريد أن أطوف بالبيت فقال له عتبة أمهل حتى يتفرق الملا من قريش من
المسجد من حول البيت قال فأمهل قليلا ثم قال انطلق معي فلما أتى البيت
تلقى أبو جهل سعدا فقال يا سعد آويتم محمدا ثم تطوف بالبيت آمنا فقال

(1) أي لنقطعنكم بجيش عظيم تجتمع مقانبه من أطرافه ونواحي. والمقانب
جمع مقنب وهي جماعة الخيل والفرسان، وقيل هو دون المائة. وفى الأصل
(ليصطلمنكم) و (بجافا) و (حافتيها) و (المعايب) والتصحيح
من النهاية.
72

سعد لئن منعتني لأقطعن عليك أو لأمنعنك تجارتك إلى موضع لموضع ذكره
قال وارتفعت أصواتهما قال عتبة لسعد أترفع صوتك على أبى الحكم قال فقال
له سعد وأنت نقول ذاك لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه قاتلك قال ففض يده من يده وقال إن محمدا لا يكذب قال فطاف سعد ثم أنصرف وأتى
عتبة امرأته فقال ألم تسمعي ما قال أخي اليثربي قالت وما قال قال زعم أن
محمدا قاتلي وأن محمدا لا يكذب قال فما كان إلا قليلا حتى كان من أمر بدر قال
فجعل أبو جهل يطوف على الناس قال وذكر وذكر الحديث. قلت لابن مسعود
حديث في الصحيح في نزول سعد على أمية بن خلف وهذا فيه إنه نزل على عتبة ابن ربيعة فالله أعلم رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي أيوب
الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة إني أخبرت ونحن بالمدينة
عن عير أبي سفيان أنها مقبلة فهل لكم أن نخرج قبل هذا العير لعل الله
يغنمناها قلنا نعم فخرج وخرجنا معه فلما سرنا يوم أو يومين قال لنا ما ترون
في القوم فإنهم أخبروا بمخرجكم فقلنا لا والله ما لنا طاقة بقتال العدو ولكن
أردنا العير ثم قال ما ترون في القوم فقلنا مثل ذلك فقال المقداد بن عمرو إذا
لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا
إنا ههنا قاعدون قال فتمنينا معشر الأنصار أنا قلنا كما قال المقداد أحب
إلينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم (كما
أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك
في الحق بعد من تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) ثم أنزل الله عز وجل
(انى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا
فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان) وقال (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين
أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) والشوكة القوم وغير ذات
الشوكة العير فلما وعد الله إحدى الطائفتين إما القوم وإما العير طابت أنفسنا ثم إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعث ينظر ما قبل القوم فقال رأيت سوادا ولا أدري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
هم هم هلموا ان نتعاد فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
73

بعدتنا فسره ذلك وقال عدة أصحاب طالوت ثم إنا اجتمعنا مع القوم فصففنا
فبدرت منا بادرة امام الصف فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال معي معي ثم
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال اللهم إني أنشدك وعدك فقال ابن رواحة يا رسول
الله إني أريد أن أشير عليك ورسول الله صلى الله عليه وسلم
أعظم من أن نشير عليه والله
أعظم من أن ننشده وعده فقال يا ابن رواحة لأنشدن الله وعده فأن الله لا يخلف
الميعاد فأخذ قبضة من التراب فرمى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه القوم
فانهزموا فأنزل الله عز وجل (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) فقتلنا
وأسرنا فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ما أرى أي تكون لك أسرى فإنما
نحن داعون مؤلفون فقلنا معشر الأنصار إنما يحمل عمر على ما قال حمد لنا
فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ فقال ادعوا لي عمر فدعى له فقال إن الله عز وجل قد أنزل على (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض
تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم). رواه الطبراني
وإسناده حسن. وعن معاذ بن رفاعة الأنصاري عن أبيه قال خرجت أنا وأخي
خلاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر على بعير لنا أعجف (1) حتى إذا كنا موضع
البريد الذي خلف الروحاء نزل بعيرنا فقلت اللهم لك علينا لئن أدنينا إلى المدينة
لننحرنه فبينا نحن كذلك إذ مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما لكما فأخبرناه
أنه نزل علينا فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم بصق في وضوئه وأمرنا ففتحنا
لم فم البعير فصب في جوف البكر من وضوئه ثم صب على رأس البكر ثم على
عنقه ثم على حاركه (2) ثم على سنامه ثم على عجزة ثم على ذنبه ثم قال اللهم
احمل رافعا وخلادا فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا نرتحل فارتحلنا فأدركنا النبي
صلى الله عليه وسلم على رأس المنصف وبكرنا أول الركب فلما رآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك
فمضينا حتى أتينا بدرا حتى إذا كنا قريبا من بدر نزل علينا فقلنا الحمد لله
فنحرناه وصدقناه بلحمه. رواه البزار بتمامه والطبراني ببعضه وفيه عبد العزيز
ابن عمران وهو متروك. وعن عتبة بن عبد السلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه

(1) أي مهزول.
(2) أي مايل العنق.
74

قوموا فقاتلوا فقالوا نعم يا رسول الله ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن انطلق أنت وربك يا محمد
وإنا معكم نقاتل. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن علي قال لما قدمنا المدينة
أصبنا من ثمارها فاجتويناها (1) فأصابنا بها وعك فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخبر
عن بدر فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله صلى الهل عليه وسلم إلى بدر وبدر
بئر فسبقنا المشركون إليها فوجدنا فيها رجلين منعم رجلا من قريش ومولى عقبة فأخذنا فجعلنا نقول لم كم القوم فيقول هم والله كثير عددهم شديد بأسهم فجعل المسلمون إذا
قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كم القوم
فقال هم والله كثير عددهم شديد بأسهم فجهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بخبره
صلى الله عليه وسلم سأله كم ينحرون من الجزر قال عشر لكل يوم فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم الف كل جزور لمائة ونيفها ثم إنه أصبنا طش (2) من
مطر فانطلقنا تحت الشجر والحجف (3) نستظل تحتها من المطر وبات رسول
الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد قال فلما أن تطلع
الفجر نادى الصلاة عباد الله فجاء الناس من تحت الشجر والحجف فصلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وحض على القتال ثم قال إن جمع قريش تحت هذه الضلع
(4) الحمراء من الجبل فلما دنا القوم وصافناهم (5) إذا رجل منهم على جمل
أحمر يسير في القوم فقال رسول الله صلى الله عيه وسلم يا علي ناد حمزة وكان أقربهم من
المشركين ممن صاحب الجمل الأحمر وماذا يقول لهم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن

(1) أي أصابهم الجوى وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول، وذلك إذا لم
يوافقهم هواؤها واستوخموها، يقال اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وان
كنت في نعمة.
(2) هو الضعيف القليل. وفى الأصل (طس) بالمهملة والتصحيح من النهاية.
(3) الحجفة: الترس.
(4) الضلع، جبيل منفرد صغير يشبه بالضلع، وفى رواية (ان ضلع قريش عند هذه الضلع الحمراء) أي ميلهم. وفى الأصل (هذه الصلع الأحمر) والتصحيح من النهاية.
(5) أي واقفناهم وقمنا حذاءهم.
75

يكن في القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر قال هو
عتبة بن ربيعة وهو ينهى عن القتال ويقول لهم يا قوم إني أرى قوما مستميتين
لا تصلون إليهم وفيكم خير يا قوم اعصبوها اليوم برأسي وقولوا جبن عتبة
ابن ربيعة ولقد علمتم انى لست بأجبنكم فسمع بذلك أبو جهل فقال أنت نقول
ذلك والله لو غيرك يقول لأعضضته قد ملأت رئتك جوفك رعبا فقال عتبة
إياي تعنى يا مصفر استه ستعلم اليوم أينا الجبان قال فبرز عتبة وأخوه شيبة
وابنه الوليد حمية فقالوا من يبارز فخرج فتية من الأنصار ستة فقال عتبة
لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بنى عمنا من بنى عبد المطلب فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم قم يا علي وقم يا حمزة وقم يا عبيدة بن الحرث بن المطلب فقتل الله شيبة
وعتبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وخرج عبيدة فقتلنا منهم سبعين وأسرنا
سبعين فجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرا فقال العباس
يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني أسرني رجل أجلح من أحسن الناس
وجها على فرس أبلق ما أراه في القوم فقال الأنصاري أنا أسرته يا رسول الله
قال أسكت فقد أيدك الله بملك كريم قال علي عليه السلام فأسرنا من بني المطلب
العباس وعقيلا ونوفل بن الحرث قلت روى أبو داود منه طرفا رواه أحمد
والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مصرب وهو ثقة. وعن
ابن عباس قال لما نزل المسلمون وأقبل المشركون نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
عتبة بن ربيعة وهو على جمل أحمد فقال إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند
صاحب الجمل الأحمر ان يطيعوه يرشدوا وهو يقول يا قوم أطيعوني في هؤلاء
القوم فإنكم ان فعلتم لن يزال ذلك في قلوبكم ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه وقاتل أخيه وقاتل
أبيه فاجعلوا حقها برأسي وارجعوا فقال أبو جهل انتفخ والله شجره حين رأى
محمدا وأصحابه إنما محمد وأصحابه كأكلة جزور ولو قد التقينا فقال عتبة ستعلم
من الجبان المفسد لقومه أما والله إني لأرى قوما يضربونكم ضربا أما ترون
كأن رؤوسهم الأفاعي وكان وجوههم السيوف ثم دعا أخاه وابنه فخرج يمشى
بينهما ودعا بالمبارزة. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن علي بن أبي طالب قال
76

كنت على فكنت يوم بدر أميح وأمتح (1) منه فجاءت شديدة ثم جاءت
ريح شديدة شديدة فلم أر ريحا أشد منها الا التي كانت قبلها ثم جاءت ريح شديدة
فكانت الأولى ميكائيل في ألف من الملائكة عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم والثانية إسرافيل
في ألف من الملائكة عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم والثالثة جبريل في ألف من الملائكة وكان
أبو بكر عن يمينه وكنت عن يساره فلما هزم الله الكفار حملني رسول الله
صلى الله عليه وسلم على فرسه فلما استويت عليه حمل بي فصرت على عنقه فدعوت الله
فثبتني عليه فطعنت برمحي حتى بلغ الدم إبطي. رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
وعن رفاعة بن رافع الأنصاري قال لما رأى إبليس ما تفعل الملائكة بالمشركين
أشفق أن يخلص القتل إليه فتشبث بن الحرث بن هشام وهو يظن أنه سراقة
ابن مالك فوكز في صدر الحرث فألقاه ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في
البحر فرفع يديه فقال اللهم إني أسألك نظرتك إياي وخاف أن يخلص القتل
إليه فأقبل أبو جهل فقال يا معشر الناس لا يهزمنكم خذلان سراقة إياكم فإنه كان
على ميعاد من محمد لا يهولنكم قتل عتبة وشيبة ابني ربيعة فإنهم قد عجلوا
فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال فلا ألقين رجلا قتل رجلا منهم
ولكن خذوهم أخذا حتى تعرفوهم سوء صنيعهم من مفارقتهم إياكم ورغبتهم
عن اللات والعزى ثم قال أبو جهل متمثلا:
ما تنقم (2) الحرب الشموس منى * بازل (3) عامين حديث سي
لمثل هذا ولدتني أمي
رواه الطبراني وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن ابن عباس

(1) متح الدلو يمتحها إذا جذبها مستقيا لها، وماحها يميحها إذ ملأها.
(2) في الأصل (ما ينقم الجارت) وفى لسان العرب (ما تنكر الحرب
العوان منى).
(3) البازل من الإبل: الذي أتم ثماني سنين ودخل في التاسعة
وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته ثم يقال له بعد ذلك بازل عام وبازل عامين،
يقول أنا مستجمع الشباب مستكمل القوة، وفى الأصل (تارك عامين حادث
سنى) والتصحيح من النهاية واللسان وغيرهما.
77

قال أخذتهم ريح عقيم يوم بدر. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن أبي هريرة
قال أنزل الله على نبيه بمكة (سيهزم الجمع ويولون الدبر) فقال عمر بن الخطاب
يا رسول الله أي جمع وذلك قبل بدر لما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف يقول سيهزم المجمع ويولون الدبر
وكانت يوم بدر فأنزل الله عز وجل فيهم (حتى إذا أخذنا مترفيهم العذاب)
الآية وأنزل (ألم تر إلى الذين بذلوا نعمة الله كفرا) الآية ورماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوسعتهم الرمية وملأت أعينهم وأفواههم حتى أن الرجل ليقبل وهو يقذى (1)
عينيه وفاه فأنزل الله (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وأنزل الله في
إبليس (فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى
مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب) وقال عتبة بن ربيعة وناس معه
من المشركين يوم بدر غر هؤلاء دينهم فأنزل الله (وإذ يقول المنافقون
والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم). رواه الطبراني في الأوسط وفيه
عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن عمر بن الخطاب قال لما نزلت (سيهزم
الجمع ويولون الدبر) قلت أي جمع هذا فلما كان يوم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده السيف مصلتا وهو يقول (سيهزم الجمع ويولون الدبر). رواه الطبراني
في الأوسط وفيه محمد بن إسماعيل بن علي الأنصار ولم أعرفه. وعن جابر
قال قال أبو جهل بن هشام ان محمدا يزعم انكم ان لم تطيعوه كان له منكم ذبح فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول ذلك وأنت من ذلك الذبح فلما نظر إليه يوم بدر مقتولا
قال اللهم قد أنجزت لي ما وعدتني فوجه أبا سلمة بن عبد الأسد قبل أبى جهل فقيل
لابن مسعود أنت قتلته قال بل الله قتله قال أبو سلمة أنت قتلته قال نعم قال أبو سلمة
لو شاء لجعلك في كفة قال ابن مسعود فوالله لقد قتلته وجردته قال فما علامته قال
شامة سوداء ببطن فخذه اليمين فعرف أبو سلمة النعت وقال جردته ولم تجرد
قرشيا غيره. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد العزيز بن عمران وهو
ضعيف. وعن ابن مسعود قال انتهيت إلى أبى جهل يوم بدر وقد ضربت

(1) يقال قذى عينه تقذية وأقذاها: ألقى فيها القذى أو أخرجه منها ضد.
78

رجله وهو صريع وهو يذب الناس عنه بسيف له فقلت الحمد لله الذي أخزاك
يا عدو الله فقال هل هو إلا رجل قد قتله قومه قال فجعلت أتناوله بسيف لي
غير طائل فأصبت يده فبدر سيفه فأخذته فضربته حتى قتلته قال ثم خرجت
حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أفل من الأرض فأخبرته فقال الله الذي لا إله
الا هو فرددها ثلاثا قال فقلت الله الذي لا إله الا هو قال فخرج يمشى معي
حتى قام عليه فقال الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله هذا كان فرعون هذه الأمة،
وفى رواية هذا فرعون أمتي، وفى رواية قال عبد الله فنفلني سلبه، رواه كله
أحمد والبزار باختصار وهو من رواية أبى عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه، وبقية
رجال أحمد رجال الصحيح. وعن عبد الله بن مسعود قال دفعت يوم بدر إلى
أبى جهل وقد أقعد فأخذت سيفه فضربت به رأسه فقال رويعنا بمكة فضربته
بسيفه حتى برد ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قتلت أبا جهل فقال
عقيل وهو أسير عند النبي صلى الله عليه وسلم كذبت ما قتلته قال بل أنت الكذاب الآثم
يا عدو الله قد والله قتلته قال فما علامته قال بفخذه حلقة كحلقة الحجل المحلق
قال صدقت. رواه الطبراني والبزار وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف. وعن
ابن مسعود قال أدركت أبا جهل يوم بدر صريعا فقلت أي عدو الله قد أخزاك
الله قال وبما أخزاني من رجل قتلتموه ومعي سيف لي جعلت أضربه ولا يحتك
فيه شئ ومعه سيف له جيد فضربت يده فوقع السيف من يده فأخذته ثم
كشفت المغفر عن رأسه فضربت عنقه ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال الله
الذي لا إله الا هو قلت الله الذي لا إله إلا هو قال انطلق فاستثبت فانطلقت
وانا أسعى مثل الطائر ثم جئت وأنا أسعى مثل الطائر أضحك فأخبرته فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق فانطلقت معه فأريته فلما وقف عليه صلى الله عليه وسلم قال هذا
فرعون هذه الأمة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن وهب
فرعون هذه الأمة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن وهب
ابن أبي كريمة وهو ثقة، وفى رواية عنده فكبر وقال الحمد لله الذي صدق
وعده ونصر عبده، وزاد في رواية أخرى وأعز دينه. وعن علي قال أمرني
79

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعور آبارها (1) يعنى يوم بدر. رواه أبو يعلى وفيه
يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ورد بدرا
أومأ بيده فقال هذا مصرع فلان فوالله ما أماط أحد منهم عن مصرعه.
رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الرحمن بن عوف قال بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكرمة بن أبي جهل من ضرب أباك قال الذي قطع رجله
فقضى سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح. رواه البزار وفيه عبد العزيز بن عمران
وهو ضعيف. وعن ابن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من
بنى الخزرج معاذ بن عمرو بن الجموح وقتل أبا جهل فقطع عكرمة بن أبي
جهل يده ثم عاش إلى زمن عثمان ويأتي في تسمية من شهد بدرا بتمامه. رواه
الطبراني وإسناده حسن. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال لما جئ بأبي
جهل يجر إلى القليب (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان أبو طالب حيا لعلم أن
أسيافنا قد التبست بالأنامل. رواه البزار وفيه حيان بن علي وهو ضعيف.
وقد وثق، ورواه الطبراني وزاد فيه وكذلك يقول أبو طالب:
كذبتم وبيت الله إن جد ما أرى * لتلتبسن أسيافنا بالأنامل
وينهض قوم في الدروع إليكم * نهوض الروايا في طريق حلاحل (3)
قال ابن منادر هما سواء يقولون حلاحل وحلاحل. وعن ابن عمر قال بينا
أنا سائر بجنبات بدر إذ خرج رجل من حفرة في عنقه سلسلة فناداني يا عبد الله
اسقني يا عبد الله اسقني يا عبد الله اسقني فلا أدرى عرف اسمي أو دعاني بدعاية
العرب وخرج رجل من ذلك الحفير في يده سوط فناداني يا عبد الله لا تسقه
فإنه كافر ثم ضربه بالسيف فعاد إلى حفرته فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا فأخبرته
فقال لي أو قد رأيته قلت نعم قال ذلك عدو الله أبو جهل وذاك عذابه إلى يوم

(1) يعورها بالعين المهملة: يدفنها ويطمها.
(2) القليب: البئر.
(3) الذي في لامية أبى طالب:
وينهض قوم في الحديد * نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
أي ان القوم يقومون إليكم مثقلين بالحديد تسمع له قعقعة كصلصلة الماء
في المزادات
80

القيامة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه. وعن الشعبي قال
قدم على معاوية رجال يقال له هود فقال له معاوية يا هود هل شهدت بدرا قال
نعم يا أمير المؤمنين على لا لي قال فكم أتى عليك قال أنا يومئذ قمد قمدود (1)
مثل الصفاة الجلمود كأني أنظر إليهم وقد صفوا لنا صفا طويلا وكأني أنظر إلى
بريق سيوفهم كشعاع الشمس من حلال السحاب فما استفقت حتى غشيتنا غادية
القوم في أوائلهم علي بن أبي طالب لسنا عبقريا يقرى الغرباء وهو يقول لن
يأكلوا التمر ببطن مكة لن يأكلوا الثمر ببطن مكة يتبعه حمزة بن عبد المطلب
في صدره ريشه بيضاء قد أعلم بها كأنه جمل يحطم بناء فرغت عنهما وأحالا
على حنظلة يعنى أخا معاوية فقال له معاوية رحمه الله عنك ولا كفران لله ذلة فليت
شعري متى أرحت يا هود قال والله يا أمير المؤمنين ما أرحت حتى نظرت إلى
الهضبات من أربد فقلت ليت شعري ما فعل حنظلة فقال له معاوية أنت بذكرك
حنظلة كذكر الغنى أخاه الفقير لا يكاد يذكره الا واسيا أو متواسيا. رواه
الطبراني وفيه رحمة بن مصعب وهو ضعيف. وعن الحرث التيمي قال كان
حمزة بن عبد المطلب يوم بدر معلما بريشة نعامة فقال رجل من المشركين من
رجل أعلم بريشة نعامة فقيل حمزة بن عبد المطلب قال ذاك الذي فعل بنا
الأفاعيل. رواه الطبراني وإسناده منقطع. وعن عبد الرحمن بن عوف قال
قال لي أمية بن خلف يا عبد الاله من الرجل المعلم بريشة نعامة في صدره يوم
بدر قلت ذلك عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حمزة بن عبد المطلب قال ذلك الذي
فعل بنا الأفاعيل. رواه البزار من طريقين في إحداهما شيخه علي بن الفضل
الكرابيسي ولم أعرفه، وبقية رجالها رجال الصحيح، والأخرى ضعيفة. وعن
ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرجه إلى بدر إن الله قد وعدني بدرا وأن
يغنمني عسكرهم ومن قتل قتيلا فله كذا وكذا من غنائمهم إن شاء الله ومن
أسر أسيرا فله كذا وكذا من غنائمهم إن شاء الله فلما تواقفوا قذف الله في
قلوب المشركين الرعب فلما اقتتلوا هزمهم الله فاتبعهم سرعان الناس فقتلوا

(1) أي شديد قوى.
81

سبعين وأسروا سبعين. رواه الطبراني وفيه عمرو بن عطية وهو ضعيف.
وعن عبد الله بن مسعود قال ما سمعنا مناشدا ينشد حقا له أشد مناشدة من
محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر يقول اللهم إني أنشدك ما وعدتني إن تهلك هذه العصابة
لا تعبد ثم التفت كأن وجهه القمر فقال كأني إلى مصارع القوم عشية. رواه
الطبراني ورجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. وعن رفاعة بن رافع
قال لما كان يوم بدر تجمع الناس على أمية بن خلف فأقبلنا إليه فنظرت إلى قطعة
من درعه قد انقطعت من تحت إبطه فاطعنه بالسيف طعنة ورميت يوم در بسهم
ففقئت عيني وبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي فيها فما آذاني شئ. رواه البزار
والطبراني في الكبير والأوسط وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن علي قال
قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر يوم بدر مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل
وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو يكون في الصف. رواه أحمد بنحوه
والبزار والطبراني في الكبير والأوسط وفيه عبد العزيز بن عمران وهو
ضعيف. وعن علي قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر يوم بدر مع أحدكما
جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو يكون
في الصف. رواه أحمد بنحوه والبزار واللفظ له ورجالهما رجال الصحيح،
ورواه أبو يعلى. وعن علي بن أبي طالب قال أعنت أنا وحمزة عبيدة بن الحرث
يوم بدر على الوليد بن عتبة أظنه قال فلم يعب ذلك علينا النبي صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني وفيه حسين بن الحسين الأشقر وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور.
وعن عامر يعنى الشعبي قال قيل لسعد يعنى ابن أبي وقاص متى أصبت الدعوة
قال يوم بدر كنت أرمى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فأضع السهم في كبد القوس ثم
أقول اللهم زلزل أقدامهم وارعب قلوبهم وافعل بهم وافعل فيقول النبي صلى الله عليه وسلم
اللهم استجب لسعد قلت روى الترمذي طرفا منه رواه الطبراني وفيه مجالد
ابن سعيد وقد وثق على ضعفه. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال كان سعد يقاتل
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر قتال الفارس والراجل. رواه البزار باسنادين
أحدهما متصل الآخر مرسل ورجالهما ثقات. وعن عباس قال كان سيما
82

الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها إلى ظهورهم ويوم حنين عمائم حمر
ولم تقاتل الملائكة في يوم إلا يوم بدر إنما كانوا يكونون عددا ومددا لا يضربون.
رواه الطبراني وفيه عمار بن أبي مالك الجنبي (1) ضعفه الأزدي. وعن ابن
عباس قال لم تقاتل الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا يوم بدر وكانت فيما سوى ذلك
إمدادا ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم من الخيل إلا فرسان أحدهما للمقداد بن الأسود
والآخر لأبي مربد الغنوي. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه
عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن ال‍؟ هي قال كان يوم بدر مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرسان الزبير بن العوام على فرس من الميمنة والمقداد بن الأسود
على فرس على الميسرة. رواه الطبراني وهو مرسل. وعن أبي المليح عن أبيه
قال نزلت الملائكة يوم بدر على سيما الزبير عليها عما ثم صفر. رواه البزار وفيه
الصلت بن دينار وهو متروك. وعن أبي حازم الأنصاري قال كان النبي صلى الله عليه وسلم
يوم بدر في الظل وأصحابه في الشمس يقاتلون فأتاه جبريل فقال أنت في الظل
والمسلمون في الشمس يقاتلون فقام فتحول إلى الشمس. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه الحسن بن صالح بن أبي الأسود وهو ضعيف جدا. وعن
سهل بن أبي حثمة أن أبا برزة الحارثي جاء يوم بدر بثلاثة رؤوس يحملها أي
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ظفرت يمينك قال يا رسول الله
أما اثنان فأنا قتلتهما وأما الآخر فرأيت رجلا أبيض جميلا حسن الوجه ضرب
رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلان ملك من الملائكة. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن أبي داود المازني
وكان شهد بدرا قال إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه
قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري. رواه أحمد وفيه رجل لم
يسم. وعن جابر قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر إذ تبسم
في صلاته فلما قضى الصلاة قلنا يا رسول الله رأيناك تبسمت قال مربى ميكائيل
وعلى جناحه أثر غبار وهو راجع من طلب القوم فضحك إلى فتبسمت ا؟ يه.

(1) في الأصل غير منقوطة، والتصحيح من الميزان ولسان الميزان.
83

رواه أبو يعلى وفيه الوازع بن نافع وهو متروك. وعن أبي أمامة بن سهل
ابن حنيف قال قال أبى يا بنى لقد رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا ليشير بسيفه (1)
إلى رأس المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه. رواه الطبراني وفيه
محمد بن يحيى الإسكندراني قال ابن يونس روى مناكير. وعن سهل بن سعد
قال قال لي أبو أسيد يا ابن أخي لو كنت أنا وأنت الآن ببدر ثم أطلق الله
لي بصرى لأرينك الشعب الذي خرجت علينا الملائكة (2) غير شك ولا تمار.
رواه الطبراني وفيه سلامة بن روح وثقه ابن حبان وضعفه غيره لغفلة فيه.
وعن عروة قال نزل جبريل عليه السلام يوم بدر على سيما الزبير وهو معتجر
بعمامة صفراء. رواه الطبراني وهو مرسل صحيح الاسناد. وقد تقدمت أحاديث
في اللباس نحو هذا. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال لقد قللوا في أعيننا
يوم بدر حتى قلت لصاحبي الذي إلى جانبي أتراهم سبعين قال أراهم مائة حتى
أخذنا منهم رجلا فسألناه قال كنا ألفا. رواه الطبراني. وعن حكيم بن حزام
قال سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة في طست ورمى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصاة فانهزمنا. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
وإسناده حسن. وعن حكيم بن حزام قال لما كان يوم بدر أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأخذ كفا من الحصى فاستقبلنا به فرمى بها وقال شاهت الوجوه فانهزمنا
فأنزل الله عز وجل (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). رواه الطبراني وإسناده
حسن. وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي ناولني كفا من حصى فناوله
فرمى به وجوه القوم فما بقي أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء
فنزلت (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) الآية. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح (3).

(1) في الأصل (سيفه).
(2) في الأصل (الملامة).
(3) بلغ مقابلة على نسخة الأصل بقراءة الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر.
84

* (باب ما جاء الأسرى) *
عن علي يعنى ابن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من
استطعتم أن تأسروه من بنى عبد المطلب فإنهم خرجوا كرها. رواه أحمد والبزار
ورجال أحمد ثقات. وعن البراء وغيره قال جاء رجل من الأنصار بالعباس قد
أسره فقال العباس يا رسول الله ليس هذا أسرني أسرني رجل من القوم أنزع
من هيئته كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آزرك الله بملك كريم. رواه
أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي اليسر قال نظرت إلى العباس بن عبد
المطلب يوم بدر وهو قائم كأنه صنم وعيناه تذرفان فلما نظرت إليه قلت جزاك
الله من ذي رحم شرا تقاتل ابن أخيك مع عدوه قال ما فعل وهل أصابه القتل
قلت الله أعز له وأنصر من ذلك قال ما يريد إلى قلت أسار فان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتلك قال لست بأول صلبه فأسرته ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني في الكبير وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن ابن عباس
قال قلت لأبي يا أبت كيف أسرك أبو اليسر ولو شئت لجعلته في كفك
قال يا بنى لا تقل ذاك لقد لقيتني وهو أعظم في عيني من الخندمة (1).
رواه الطبراني والبزار وفيه علي بن زيد وهو سئ الحفظ، وبقية رجاله وثقوا.
وعن جابر بن عبد الله قال أسر العباس فلم يوجد له قميص يقدر عليه. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه مسلم بن خالد وهو ضعيف وقد وثق. وعن ابن
عباس قال قال المحذر بن زيادة لأبي البختري بن هشام إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى
عن قتلك. رواه البزار عن عبد الله بن شبيب وهو ضعيف. وعن
ابن عباس قال كان الذي أسر العباس بن عبد المطلب أبو اليسر بن عمرو وهو
كعب بن عمرو أحد بنى سلمة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أسرته يا أبا اليسر
قال لقد أعانني عليه رجل ما رأيته بعد ولا قبل هيئته كذا هيئته كذا قال فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أعانك عليه ملك كريم وقال للعباس يا عباس افد نفسك
وابن أخيك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث وحليفك عتبة بن جحدم أحد

(1) هو جبل معروف بمكة.
85

بنى الحرث بن فهر قال فإني كنت مسلما قبل ذلك وإنما استكرهوني قال الله أعلم
بشأنك إن يك ما تدعى حقا فالله يجزيك بذلك فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا
فافد نفسك وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ معه عشرين أوقية ذهب فقال
يا رسول الله احسبها لي من فدائي قال لا ذلك شئ أعطانا الله منك قال فإنه
ليس لي مال قال فأين المال الذي وضعته بمكة حتى خرجت عند أم الفضل وليس
معكما غيركما أحد فقلت إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا ولقثم كذا ولعبد
الله كذا قال فوالذي بعثك بالحق ما علم بن أحد من الناس غيري وغيرها وإني
أعلم أنك رسول لله. رواه أحمد وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي
عزيز بن عمير أخي مصعب بن عمير قال كنت في الأسرى يوم بدر فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالأسارى خيرا وكنت في نفر من الأنصار فكانوا إذا
قدموا غدائهم وعشاءهم أكلوا التمر وأطعموني البر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني في الصغير والكبير وإسناده حسن. وعن عبد الله قال لما كان
يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هذه الأسرى قال فقال أبو بكر
رضوان الله عليه يا رسول الله قومك وأهلك استفدهم واستأدهم لعل الله أن
يتوب عليهم قال وقال عمر يا رسول الله أخرجوك وكذبوك قربهم فاضرب
أعناقهم قال وقال عبد الله بن رواحة يا رسول الله انظر واد كثير الحطب
فأدخلهم فيه ثم أضرمه عليهم نارا قال فقال العباس قطعتك رحمك قال فدخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم فقال ناس يأخذ بقول أبى بكر وقال ناس
يأخذ بقول عمر وقال ناس يأخذ بقول عبد الله بن رواحة قال فخرج عليهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن
وإن الله عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة وإن
مثلك يا أبى بكر كمثل إبراهيم قال (فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور
رحيم) ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى صلى الله عليه وسلم قال (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر
لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) وإن مثلك يا عمر كمثل نوح صلى الله عليه وسلم قال (رب لا تذر
على الأرض من الكافرين ديارا) وإن مثلك يا عمر كمثل موسى صلى الله عليه وسلم قال (واشدد
86

على قلوبهم حتى يروا العذب الأليم) أنتم عالة فلا ينقلبن منهم إلا بفداء أو
ضربة عنق قال عبد الله فقلت إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الاسلام
قال فسكت قال فما رأيتني في يوم أخوف أن يقع على حجارة من السماء في ذلك
اليوم حتى قال إلا سهيل بن بيضاء فأنزل الله عز وجل (لولا كتاب من الله سبق
لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) إلى قوله (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى
يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم
قلت روى الترمذي منه طرفا رواه أحمد، وفى رواية فقام عبد الله بن جحش
فقال يا رسول الله أعداء الله كذبوك وأخرجوك وقاتلوك وأنت بواد كثير
الحطب، وفى رواية يستنقذ هم بك الله من النار وقال أبو بكر يا رسول الله
عترتك وأهلك وقومك تجاوز عنهم يستنقذهم الله بك من النار، ورواه أبو يعلى
بنحوه ورواه الطبراني أيضا وفيه أبو عبيدة ولم يسمع من أبيه ولكن رجاله
ثقات. وفى رواية عند الطبراني فقال أبو بكر إن قتلتهم دخلوا النار وإن أخذت
منهم الفداء كانوا لنا عضدا وقال عمر أرى أن تعرضهم ثم تضرب أعناقهم
فهؤلاء أئمة الكفر وقادة الكفر والله ما رضوا أن أخرجونا حتى كانوا أول
العرب عرابا، وهي متصلة وفيها موسى بن مطير وهو ضعيف. وعن أنس والحسن
قال استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله قد أنس والحسن
قال استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله قد أمكنكم
منهم قال فقال عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض
عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس ان الله قد أمكنكم
منهم وإنما هم إخوانكم الأمس قال فقام عمر فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم
فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل
ذلك فقام أبو بكر الصديق عليه السلام فقال يا رسول الله ترى أن تعفو عنهم
وأن تقبل منهم الفداء قال وأنزل الله (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم)
الآية. رواه أحمد عن شيخه علي بن عاصم بن صهيب وهو كثير الغلط والخطأ
لا يرجع إذا قيل له الصواب، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. وعن عكرمة
قال قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب
87

وكان الاسلام قد دخلنا فأسلمت وأسلمت أم الفضل وكان العباس قد أسلم
ولكنه قد يهاب قومه وكان يكتم إسلامه وكان أبو لهب لعنه الله قد تخلف
عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة وكذلك كانوا يصنعون لم
يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاءنا الخبر كبته الله وأخزاه ووجدنا
في أنفسنا قوة قال فذكر الحديث، ومن هنا في كتاب يعقوب مرسل ليس فيه
إسناد، وقال فيه أخو بنى سالم بن عوف وكان في الأسارى أبو وداعة بن صرة
السهمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن له بمكة ابنا كيسا تاجرا ذا مال لكأنكم به
قد جاء في فداء أبيه وقد قالت قريش لا تعجلوا في فداء أسراكم لا يثارب
عليكم محمدا وأصحابه فقال المطلب بن أبي وداعة صدقتم فافعلوا وانسل من الليل
فقدم المدينة فأخذ أباه بأربعة آلاف درهم فانطلق به وقدم مكرر بن حفص
ابن الأحنف في فداء سهيل بن عمرو وكان الذي أسره ملك بن الدخشن أخو بنى
مالك بن عوف. رواه أحمد هكذا باختصار وبعضه مرسل ورجال غير المرسل
ثقات. وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت غلاما للعباس بن عبد
المطلب وكنت قد أسلمت وأسلمت أم الفضل وأسلم العباس وكان يكتم إسلامه
مخافة قومه وكان أبو لهب تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام وكان له
عليه دين فقال له اكفني من هذا الغزو وأترك لك ما عليك ففعل فلما جاء
الخبر وكبت الله أبا لهب وكنت رجلا ضعيفا أنحت هذه الأقداح في حجرة
زمزم فوالله إني لجالس أنحت أقداحي في الحجرة وعندي أم الفضل إذا الفاسق
أبو لهب يجر رجليه أراه قال حتى جلس عند طنب الحجرة فكان ظهره إلى
ظهري فقال الناس هذا أبو سفيان بن الحرث فقال أبو سفيان هلم يا ابن أخي
كيف كان أمر الناس قال لا شئ والله ما هو إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا
يقتلوننا كيف شاءوا ويأسروننا كيف شاءوا وأيم الله ما لمت الناس قال ولم
قال رأيت رجالا بيضا على خيل بلق لا والله لا يليق شيئا ولا يقوم لها شئ
قال فرفعت طنب الحجرة فقلت تلك والله الملائكة فرفع أبو لهب يده فلطم
وجهي وثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض حتى نزل على وقامت أم الفضل
88

فاحتجرت وأخذت عمودا من عمد الحجرة فضربته ففلقت في رأسه شجة
منكرة وقالت أي عدو الله استضعفته أن رأيت سيده غائبا عنه فقام ذليلا
فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى ضربه الله بالعدسة (1) فقتلته فتركه ابناه يومين
أو ثلاثة ما يدفناه حتى أنتن فقال رجل من قريش لابنيه ألا تستحيان أن أبا كما
قد أنتن في بيته فقالا إنا نخشى هذه القرحة وكانت قريش تتقى العدسة كما تتقى
الطاعون فقال رجل انطلقا فأنا معكما قال فوالله ما غسلاه إلا قذفا بالماء من بعيد
ثم احتملوه فقذفوه في أعلى مكة إلى جدار وقذفوا عليه الحجارة. رواه الطبراني
والبزار وفى إسناده حسين بن عبد الله بن عبيد الله وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه
جماعة، وبقية رجاله ثقات. وعن سعد بن أبي وقاص قال أسرت أنا والزبير بن
العوام والوليد بن الوليد يوم بدر فقدم هشام بن الوليد لفدائه فوهبت له حقي
وأخذ الزبير حقه. رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف.
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقتلن اليوم رجلا من قريش
صبرا (2) قال فنادى عقبة بن أبي معيط بأعلى صوته يا معشر قريش مالي أقتل
من بينكم صبرا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفرك بالله وافترائك على رسول الله
صلى الله عليه وسلم. رواه البراز وفيه يحيى بن سلمة بن كهيل وهو ضعيف ووثقه ابن حبان.
وعن ابن عباس قال نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسارى بدر وكان فداء كل رجل
منهم أربعة آلاف وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الفداء قام إليه علي بن أبي
طالب فقتله صبرا قال من للصبية يا رسول الله قال النار. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط ورجاله رجال الصحيح. وعن مسروق أنه قال لابن أبي معيط حدثنا عبد الله بن مسعود وكان غير كذاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بعنق أبيك
أن تضرب صبرا ثم مر به فقال من للصبية بعدي قال لهم النار حسبك ما رضى
لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن ابن عباس
قال قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثلاثة صبرا قتل النضر بن الحرث من بنى
عبد الدار وقتل طعمة بن عدي بن بنى نوفل وقتل عقبة بن أبي معيط.

(1) هي بثرة تشبه العدسة.
(2) قتل الصبر هو أن يوثق ويرمى حتى يموت.
89

رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن حماد بن نمير ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. وعن النعمان بن بشير قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء أسارى بدر من
المشركين كل رجل منهم أربعة آلاف. رواه الطبراني في الصغير وفيه الواقدي
وهو ضعيف. وعن عبد الله بن الزبير قال كانت قريش ناحت قتلاها ثم ندمت
وقالوا لا تنوحوا عليهم فيبلغ ذلك محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم وكان في الأسرى
أبو وداعة بن صبرة السهمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له بمكة ابنا تاجرا كيسا
ذا مال كأنكم قد جاءكم في فداء أبيه فلما قالت قريش في الفداء ما قالت قال
المطلب صدقتم والله لئن صدقتم ليثاربن عليكم ثم انس من الليل فقدم المدينة
ففدى أباه بأربعة آلاف درهم. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب فيمن قتل من المسلمين يوم بدر) *
عن شقيق أن ابن مسعود حدثه أن الثمانية عشر الذين قتلوا من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر جعل الله أرواحهم في الجنة في طير خضر تسرح في
الجنة فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ربك اطلاعة فقال يا عبادي ماذا تشتهون
فقالوا يا ربنا هل فوق هذا شئ قال فيقول عبادي ماذا تشتهون فيقولون في
الرابعة ترد أرواحنا في أجسادنا فنقتل كما قتلنا. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
ويأتي تسمية من سمى منهم في باب من شهد بدرا إن شاء الله. وتقدمت
أحاديث في أرواح الشهداء. * (باب فيمن قتل من المشركين يوم بدر) *
عن عائشة قالت لما من النبي صلى الله عليه وسلم بأولئك الرهط فألقوا في الطوى عتبة
وأبو جهل وأصحابه وقف عليهم فقال جزى الله شرا من قوم ما كان أسوأ الطرد
وأشد التكذيب قالوا يا رسول الله كيف تكلم قوما قد خنقوا فقال ما أنتم بأفهم
لقولي منهم أو لهم أفهم لقولي منكم. رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن إبراهيم
لم يسمع من عائشة ولكنه دخل عليها. وعن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالقتلى أن يطرحوا في القليب وقف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أهل القليب (1)

(1) القليب: البئر، وكذلك الطوى.
90

هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فاني وجدت ما وعدني ربى حقا قال فقال له
أصحابه يا رسول الله أتكلم قوما موتى فذكر نحو. رواه أحمد ورجاله ثقات.
وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ببضعة وعشرين رجلا فألقوا في
طوى من أطواء بدر خبيب مخبث قال وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة
ثلاث ليال قال فلما ظهر على أهل بدر أقام ثلاث ليال حتى إذا كان اليوم الثالث
أمر براحلته فشدت برحلها ثم مشى واتبعه أصحابه قال فما نراه ينطلق إلا ليقضي
حاجته قال حتى قام على شقة الطوى قال فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم
يا فلان بن فلان أبشركم أنكم أطعتم الله ورسوله هل وجدتم ما وعدكم ربكم حفا
قال عمر يا نبي الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها قال والذي نفس محمد بيده
ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم الله له حتى سمعوا كلامه توبيخا
وتصغيرا قلت هو في الصحيح باختصار رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن عباس قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى بدر وقال جزاكم الله عنى
من عصابة شرا قد خنتموني أمينا وكذبتموني صادقا ثم التفت إلى أبى جهل
ابن هشام فقال إن هذا كان أعتى على الله من فرعون ان فرعون لما أيقن
الهلاك وحد الله وان هذا لما أيقن بالموت دعا باللات والعزى. رواه الطبراني
وفيه نصر بن حماد الوراق وهو متروك. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال
وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فقال يا أهل القليب هل وجدتم
ما وعد ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربى حقا قالوا يا رسول الله هل يسمعون
ما تقول قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم اليوم لا يجيبون. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن سيدان عن أبيه قال أشرف
النبي صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فقال يا أهل القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا
قالوا يا رسول الله وهل يسمعون قال كما تسمعون ولكنهم لا يجيبون. رواه
الطبراني وعبد الله بن سيدان مجهول.
* (باب) *
عن أبي أسيد أنه كان يقول أصبت يوم بدر سيف بنى عايد بن المرزبان
91

فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردوا ما في أيديهم أقبلت به حتى ألقيته في
النفل (1) قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع شيئا يسأله قال فعرفه الأرقم بن أبي
الأرقم المخزومي فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياه، وفى رواية عن أبي
أسيد أيضا مالك بن ربيعة قال أصبت سيف بنى عابد المخزوميين المرزبان يوم
بدر. رواه كله احمد وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات. وعن الأرقم بن أبي
الأرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ردوا ما كان معكم من الأنفال (2)
فرفع أبو أسيد الساعدي سيف بنى العابد المرزبان فعرفه الأرقم فقال هبه لي
يا رسول الله فأعطاه إياه. رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجاله
ثقات. وعن عبادة بن الصامت قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه
بدرا فالتقى الناس فهزم الله عز وجل العدو فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون
ويقتلون وأكبت طائفة في العسكر يجرونه ويجمعونه وأحدقت طائفة برسول
الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى
بعض قال الذي جمعوا الغنائم نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب
وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق بها منا نحن أحدقنا برسول الله
صلى الله عليه وسلم وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به فنزلت (يسألونك عن الأنفال
قال الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) فقسمها رسول الله
صلى الله عليه وسلم على فواق بين المسلمين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو
نفل الربع وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث وكان يكره الأنفال ويقول
ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم قلت روى الترمذي وغيره كان ينفل في البدءة (3)
الربع وفى القفول الثلث رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات.
* (باب فيمن حمل لواء يوم بدر) *
عن ابن عباس قال كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر مع علي بن أبي

(1) النفل: الغنيمة.
(2) في الأصل (الأثقال).
(3) أي ابتداء الغزو لان الكرة الثانية أشق عليهم والخطر فيها أعظم.
92

طالب ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة رضي الله عنهما. رواه الطبراني وفيه
الحجاج بن أرطأة وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات.
* (باب في أي شهر كانت وقعة بدر وعدة من شهدها) *
عن ابن عباس أنه كان يقول أهل بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا
وكان المهاجرون ستا وسبعين وكانت هزيمة أهل بدر لسبع عشرة مضين
من شهر رمضان يوم الجمعة. رواه أحمد والبزار إلا أنه قال ثلاثمائة وبضعة عشر
وقال وكانت الأنصار مائتين وستا وثلاثين وكان لواء المهاجرين مع علي. رواه
الطبراني كذلك وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس، وعن عامر بن عبد الله
البدري قال كانت صبيحة يوم الاثنين لسبع عشرة من رمضان. رواه الطبراني
وفيه راو لم أعرفه. وعن أبي موسى قال كان عدة أهل بدر عدة أصحاب
طالوت يوم جالوت ثلاثمائة وسبعة عشر. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن
عبد الله يعنى ابن مسعود قال كان عدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف.
وعن أبي أيوب الأنصاري في حديث طويل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعنى
المشركين هلموا أن نتعاد فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فأخبرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فسره ذلك فحمد الله وقال عدة أصحاب طالوت فذكر الحديث
وقد تقدم في غزوة بدر والكلام عليه. وعن ابن عباس قال شهد بدرا مع
النبي صلى الله عليه وسلم عشرون رجلا من الموالي. رواه البزار والطبراني وفيه يحيى بن
عبد الحميد الحماني وهو ضعيف.
* (قد حضر بدرا جماعة) *
فمنهم من ذكرت ذلك في مناقبه باسناده وأذكره هنا بغير سند وأنبه عليه
فمنهم أبو بكر الصديق في مناقبه، عمر بن الخطاب في مناقبه، عثمان بن عفان
ضرب له بسهم وأجره، علي بن أبي طالب في مناقبه، سعد بن أبي وقاص في
مناقبه، سعيد بن زيد ضرب له بسهمه، أبو عبيدة بن الجراح في مناقبه،
حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناقبه. ومن سماهم محمد بن مسلم الزهري فيمن
93

شهد بدرا ورجاله رجال الصحيح إليه: من الأنصار ثم من بنى عوف بن الخزرج:
أرس بن ثابت بن المنذر لا عقب له. ومن الأنصار ثم من بنى عوف بن الخزرج:
أوس بن عبد الله بن الحرث بن خولي، ومن الأنصار ثم من بنى الأوس: أنيس
ابن قتادة، وأنيسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الأنصار ثم من بنى الخزرج ثم من
بنى سلمة: أسود بن زيد بن ثعلبة بن عنم، ومن الأنصار ثم من بنى زريق: أسعد
ابن زيد بن الفاكهة بن زيد بن خلدة بن عامر بن عجلان، ومن قريش: لأرقم بن أبي
الأرقم، وبلال مولى أبى بكر، وبشر بن البراء بن معرور، ومن الأنصار ثم من بنى
ساعدة بن كعب بن الخزرج: بسيس الجهني حليف لهم، ومن الأنصار ثم من
بنى دينار بن النجار: بجير بن أبي بجير حليف لهم، ومن الأنصار ثم من بنى
الحرث بن الخزرج: تميم بن يغار بن قيس بن عدي بن أمية، ومن الأنصار
ثم من بنى الخزرج ثم من بنى سلمة تميم مولى خراش بن الصمة، ومن الأنصار
ثم من بنى العجلان: ثابت بن أقرم، ومن الأنصار ثم من بنى النجار: ثابت
ابن خالد بن النعمان بن خنساء، ومن الأنصار ثم من بنى الخزرج ثم من بنى سلمة ثم من بنى حرام: ثابت بن ثعلبة بن زيد بن الحرث بن حرام، ومن الأنصار
ثم من بنى عوف بن الخزرج ثم من بنى الحبلى: ثابت بن ربيعة، ومن الأنصار
ثم من بنى النجار: ثابت بن عمرو بن زيد بن عدي، ومن الأنصار ثم من بنى
عدى بن النجار: ثابت بن حسان بن عمرو لا عقب له، ومن الأنصار ثم من بنى
الأوس ثم من بنى عمرو بن عوف ثم من بنى أمية بن زيد: ثعلبة بن حاطب،
ومن الأنصار ثم من بنى جشم بن الخزرج ثم من بنى سلمة ثم من بنى حرام: ثعلبة
الذي يقال له الجدع، ومن الأنصار: ثعلبة بن عثمة، ومن الأنصار ثم من بنى
زريق: جابر بن خالد بن مخلد بن أياس. ومن الأنصار ثم من بنى النجار: جابر بن خالد
ابن عبد الأشهل لا عقب له، ومن الأنصار ثم من بنى عبيد بن عدي: جابر بن عبد الله
ابن رئاب بن نعمان بن سنان، ومن الأنصار ثم من بنى مالك بن معاوية بن عوف:
جبر بن عتيك بن الحرث بن قيس بن حبشية، وقال ابن إسحاق ابن هيشة، ومن
الأنصار ثم من بنى الحرث بن الحرث بن الخزرج، حارثة بن زيد بن أبي زهير بن
94

امرئ القيس: ومن بنى أسد بن عبد العزى: حاطب بن أبي بلتعة حليف
لهم، ومن الأنصار ثم من بنى عبيد بن عدي: حارثة بن الحمير حليف لهم، ومن
الأنصار ثم من بين النبيت ثم من بنى عبد الأشهل: الحارث بن قيس بن
مالك بن عبيد بن كعب، ومن الأنصار ثم من بين النبيت ثم من بنى عبد
الأشهل: الحارث بن أوس، ومن الأنصار ثم من بنى النجار: حارثة بن
سراقة وشهد العقبة من الأنصار ثم بنى زريق: الحرث بن قيس بن خالد بن
مخلد شهدا بدرا، ومن الأنصار ثم من بنى مالك بن النجار ثم من بنى مبدول:
الحارث بن الصمة بن عمرو بن عبد كسر بالروحاء فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسهمه، ومن الأنصار ثم من بنى النبيت ثم من بنى عبد الأشهل: الحرث
ابن خزمة بن عدي حليف لهم من بنى سالم، ومن الأنصار ثم من الأوس ثم
من بنى عمرو بن حنظلة بن عوف ثم من بنى أمية بن زيد: الحارث بن حاطب،
ومن الأنصار ثم من بنى الحارث بنى الخزرج: حريث بن زيد بن ثعلبة بن
عبد الرب، ومن الأنصار: أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب من بين بالنجار،
ومن الأنصار ثم من بنى عبد الأشهل: رافع بن سهل ويقال ابن يزيد، ومن
الأنصار: رافع بن الحرث بن سواد، ومن الأنصار ثم من بالأوس ثم من بنى
عمور بن عوف ثم من بنى أمية بن زيد: رافع بن عنجدة، ومن الأنصار ثم
من الأوس ثم من بنى عمرو بن عوف ثم من بنى أمية بن زيد: أبو لبابة بن عبد
المنذر، ومن الأنصار ثم من بنى زريق: رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان،
ومن بنى عبد شمس: ربيعة بن أكتم حليف لهم من بنى أسد، ومن الأنصار
ثم من الأوس ثم من بنى عمرو بن عوف ثم من بنى أمية بن زيد: رفاعة بن عبد
المنذر، ومن الأنصار ثم من بنى عوف بن الخزرج ثم من بلحبلي: ربيع بن
إياس، ومن الأنصار ثم من بنى العجلان، ربعي بن أبي ربعي، ومن الأنصار
ثم من بنى بياضة: رخيلة بن ثعلبة بن خلدة، ومن قريش ثم من بني هاشم،
زيد بن حارثة، ومن قريش ثم من بنى عدى بن كعب: زيد بن الخطاب، ومن
الأنصار ثم من بنى النجار: أبو طلحة زيد بن سهل، ومن الأوس ثم من بنى
العجلان: زيد بن أسلم بن ثعلبة، ومن الأنصار ثم من بنى الحرث بن الخزرج:
95

زيد بن المرين، ومن الأنصار ثم من بنى عوف بن الخزرج بن بلحبلي: زيد
ابن وديعة بن عمرو بن قيس، ومن الأنصار ثم من بنى بياضة: زياد بن لبيد
شهد العقبة وقد شهد بدرا، ومن الأنصار ثم من بنى ساعدة بن كعب بن
الخزرج: زياد بن عمرو الجهني حليف لهم، ومن الأنصار ثم من بنى النبيت ثم
من بنى عبد الأشهل: سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، ومن الأنصار
ثم من بنى الحارث بن الخزرج: سعد بن الربيع، ومن الأنصار ثم من بنى
عمرو بن السلم بن ملك بن الأوس: سعد بن خيثمة، ومن الأنصار ثم من
بنى عبد الأشهل: سعد بن زيد، ومن بنى عامر ثم من بنى مالك بن حسل:
سعد بن خولة، ومن الأنصار ثم من بنى زريق: سعد بن يزيد بن عثمان
ابن خلدة بن مخلد، ومن الأنصار ثم من الأوس ثم من بنى عمرو بن عوف
ثم من بنى أمية بن زيد: سعد بن النعمان، ومن الأنصار ثم من بنى
ضبيعة بن زيد: سهل بن حنيف، ومن الأنصار ثم من بنى سواد بن عنم:
سهل بن قيس بن أبي كعب بن أبي القين، ومن قريش ثم من بنى الحرث بن
فهر: سهيل بن بيضاء، ومن الأنصار ثم من بنى النجار: سهيل بن رافع بن أبي
عمرو وكان له ولأخيه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مربدا، ومن الأنصار ثم من
بنى النجار: سهيل بن عبيد بن النعمان لا عقب له، ومن الأنصار ثم من بنى
ساعدة: أبو دجانة سماك بن خرشة وهو الذي أخد سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
أحد، ومن الأنصار ثم من بنى الحرث بن الخزرج: عبد الله بن رواحة بن
امرئ القيس، ومن الأنصار ثم من بنى سلمة: عبد الله بن حرام. وممن استشهد
من المسلمين يوم بدر من قريش: عبيدة بن الحرث بن عبد مناف قتله شيبة بن
ربيعة قطع رجله فمات بالصفراء، ومن قريش ثم من بنى تيم بن مرة: عامر بن
فهيرة مولى أبى بكر يعنى شهدها ولم يقتل بها، وممن استشهد مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
من المسلمين ثم من قريش ثم من بنى زهرة: عمير بن أبي وقاص، وشهد بدرا:
عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وعاصم بن عدي بن الجد بن العجلان خرج
إلى بدر فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه وأجره، وشهدها من الأنصار
96

ثم من بنى عوف بن الخزرج. عتبان بن مالك بن عمرو بن عجلان ومن الأنصار
ثم من بنى ظفر: قتادة بن النعمان، ومن الأنصار ثم من الأوس ثم من بنى
الحرث: محمد بن مسلمة، ومن الأنصار: معاذ بن جبل. قلت وأسانيد هؤلاء
كلهم إلى ابن شهاب الزهري إسناد واحد ورجاله رجال الصحيح. ومن سماهم
عروة بن الزبير أذكرهم وفى إسناده ابن لهيعة وقد ضعف وحديثه حسن باعتبار
الشواهدي وغالب من سماه الزهري سماه عروة، ومن هنا سماهم عروة في تسمية
من شهد بدرا من الأنصار ثم من بنى أصرم بن فهر بن غنم بن عوف بن الحرث
ابن الخزرج: أوس بن الصامت أخو عبادة، وممن شهد العقبة من الأنصار ثم
من بنى عمرو بن مالك بن النجار، وشهد بدرا: أوس بن ثابت بن المنذر
لا عقب له، ومن الأنصار ثم من بنى قربوس بن غنم بن قربوس بن غنم بن سالم:
أمية بن لوذان بن سالم بن ثابت بن هزال عمرو بن قربوس بن غنم، وأنيسة
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قريش ثم من بنى مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب:
الأرقم بن أبي الأرقم واسم ابن أبي الأرقم عبد مناف ويكنى أبا صدف بن عبد
الله بن عمر بن مخزوم، وبلال مولى أبى بكر، وممن شهد العقبة الذي بايعوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار من بنى عبيد بن عدي: بشر بن البراء بن معرور
وقد شهد بدرا، ومن الأنصار من بنى الحرث بن الخزرج: بشير بن سعد
وقد شهد بدرا، وشهد بدرا من الأنصار من بنى مالك بن ثعلبة بن كعب بن
الخزرج: بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس، ومن الأنصار ثم من بنى طريف بن
الخزرج بسبس الجهني حليف لهم، ومن الأنصار من بنى خلدة بن عوف بن
الحرث بن الخزرج: تميم بن يغار بن قيس بن عدي، ومن الأنصار: تميم مولى بنى
غنم بن السلم بن مالك بن الأوس بن حارثة، ومن الأنصار: تميم مولى خراش
ابن الصمة، ومن الأنصار ثم من الخزرج ثم من بنى سلمة: تميم مولى خراش بن
الصمة، ومن الأنصار ثم من بنى العجلان: ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن
العجلان، ومن الأنصار ثم من بنى عدى بن النجار بن أوس: ثابت بن أوس
ابن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو وشهد بدرا
97

ثابت بن عمر بن زيد بن عدي بن سواد بن عصمة أو عصبة حليف لهم من
أشجع، ومن الأنصار: ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عبيد، ومن الأنصار ثم
من بنى جشم بن الخزرج: ثعلبة الذي يقال له الجدع، ومن الأنصار ثعلبة بن
غنمة، ومن الأنصار جبير بن إياس بن خالد بن مخلد بن زريق، ومن الأنصار
ثم من بنى دينار بن النجار: جابر بن خالد بن عبد الأشهل لا عقب له، ومن
الأنصار ثم من بنى الحرث بن الخزرج: جابر بن عبد الله بن رئاب بن
نعمان بن سنان، ومن الأنصار ثم من بنى معاوية بن عمرو بن عوف: جابر بن
عتيك بن الحرث بن قيس بن حبشية، وقال ابن إسحاق ابن هيشة، ومن
الأنصار ثم من بنى حابس بن سنان بن عبيد بن عدي بن عنم وشهد بدرا:
حاطب بن بلتعة، ومن الأنصار ثم من بنى عبيد بن عدي بن غنم بن كعب
ابن سلمة: حارثة بن الحمير من شجع بن دهمان، وشهد بدرا: الحارث بن سواد،
ومن الأنصار ثم من بنى النجار: الحارث بن سراقة، ومن الأنصار ثم من
بنى عبد الأشهل: الحارث بن معاذ بن النعمان، وشهد العقبة من الأنصار
ثم من بنى زريق: الحارث بن قيس بن مخلد وقد شهد بدرا وهو أبو خالد،
ومن الأنصار ثم من بنى مبذول: الحارث بن الصمة بن عبيد بن عامر، ومن
الأنصار ثم من بنى عبد الأشهل: الحارث بن معاذ بن النعمان، ومن الأنصار
الحارث بن خزمة بن أبي عنم بن سالم بن عوف بن الحرث بن الخزرج، ومن
الأنصار ثم من بنى جشم بن الحرث بن الخزرج: حريث بن زيد، ومن
الأنصار ثم من بنى زريق: ذكوان بن عبد قيس بن خلدة وكان خرج من
المدينة إلى مكة مهاجرا إلى الله وقد شهد بدرا، ومن الأنصار ثم من بنى
زعور بن عبد الأشهل بن يزيد: رافع بن يزيد، ومن الأنصار: رافع بن
المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن مناة بن حبيب بن حارثة
ابن عصب بن جشم بن الخزرج استشهد يوم بدر، ومن الأنصار: رافع
ابن جعدية، ومن الأنصار: رافع بن الحرث بن سواد بن زيد بن ثعلبة.
وعن عروة أيضا أن بشير بن عبد المنذر والحارث بن حاطب خرجا مع رسول
98

الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فأرجعهما وأمر أبا لبابة على المدينة وضرب لهما بسهمين مع
أصحاب بدر، وشهد العقبة من الأنصار ثم من بنى زريق: رفاعة بن رافع
ابن مالك بن عجلان بن عمرو بن زريق وهو نقيب وقد شهد بدرا، وشهد
بدرا من خلفاء بنى عبد شمس بن عبد مناف: ربيعة بن أكتم من بنى أسد
ابن خزيمة، وشهد العقبة: رفاعة بن قيس بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم
ابن عنم بن عوف بن الحرث، وقد شهد بدرا وكان ممن خرجا مهاجرا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد بدرا من الأنصار ثم من بنى لوذان بن غنم بن عوف
ابن الخزرج: ربيع بن إياس بن غنم بن أمية بن لوذان بن بغنم، وشهد بدرا:
زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس
الكلبي أنعم الله عليه ورسوله، ومن قريش ثم بمن بنى عدى بن كعب: زيد
ابن الخطاب، وشهد العقبة من الأنصار ثم من بنى عمرو بن مالك بن النجار
وهم بنو حديلة: أبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود وقد شهد بدرا وهو
؟ قيب: قال الطبراني قال ابن لهيعة: سهل بن زيد بدل زيد بن سهل. وشهد
بدرا من الأنصار ثم من بنى جشم بن الخزرج: زيد بن الحرث بن الخزرج.
ومن الأنصار: ثم من بنى حدرة بن عوف بن الحرث بن الخزرج وهو بنو
الحبلى: زيد بن المرس. ومن الأنصار ثم من بنى سالم بن غنم بن عوف بن
الخزرج وهم بنو الحبلى: زيد بن عمرو بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزى
ابن عدي بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج. ومن الأنصار:
زيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي. ومن الأنصار ثم من بنى بياضة بن عامر بن زريق
ابن عبد حارثة: زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية
ابن بياضة. ومن الأنصار: سعد بن معاذ بن امرئ القيس بن عبد الأشهل.
وشهد العقبة من الأنصار ثم من بنى ساعدة بن كعب بن الخزرج: سعد
ابن عبادة بن دليم بن بحارثة بن خزيمة وهو نقيب وقد بن شهد بدرا. وشهد
بدرا بن الأنصار: ثم من بنى عمور بن عوف: سعد بن خيثمة. ومن الأنصار
ثم من بنى عبد بن كعب بن عبد الأشهل: سعد بن زيد بن مالك بن عبد بن كعب.
99

ومن الأنصار ثم من بنى دينار بن النجار: سعد بن سهل بن عبد الأشهل بن
حارثة بن دينار بن النجار. ومن الأنصار ثم من بنى سواد بن كعب واسم
كعب ظفر: سعد بن عبيد بن النعمان. ومن الأنصار: سعد بن النعمان بن قيس
وشهد بدرا سعد مولى حاطب بن أبي بلتعة. وسعد مولى حولي وهو رجل
من مذحج. ومن الأنصار ثم من بنى جشم بن الخزرج: سهل بن عدي ومن قريش
ثم من بنى الحرث بن فهر: سهيل بن بيضاء. وشهد العقبة من الأنصار ثم من
الأوس ثم من بنى عبد الأشهل: سلمة بن سلامة بن وقش وقد شهد بدرا، ومن
قريش ثم من بنى عبد شمس بن عوف: سالم مولى أبى حذيفة، ومن الأنصار
ثم من بنى ساعدة: أبو دجانة سماك بن خرشة بن أوس بن لوذان بن عبد ود
ابن زيد بن ثعلبة. وشهد العقبة لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ثم من
بنى سلمة بن زيد بن جشم: نهيك بن نعمان بن خنسا وقد شهد بدرا، وشهد بدرا
من الأنصار: عثمان بن عمرو بن رفاعة بن الحرث بن سوادة، ومن الأنصار ثم
من بنى الحرث بن الخزرج ثم من بنى امرئ القيس بن ثعلبة بن كعب بن
الخزرج: عبد الله بن رواحة. وشهد العقبة لبيعة لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار
ثم من بنى حارثة بن الحرث: عبد الله بن سرخس بن النعمان بن أمية بن البرك
وهو بدري. وشهدها من الأنصار ثم من بنى حرام بن كعب بن عمرو بن غنم
ابن كعب بن سلمة: عبد الله بن عمرو بن حرام وهو نقيب وقد شهد بدرا.
وشهد بدرا من الأنصار ثم من بنى عوف بن الخزرج ثم من بنى عبيد الله بن
مالك بن سالم بن غانم بن الخزرج وهو الحلبي: عبد الله بن عبد الله بن أبي
ابن سلول. ومن الأنصار: عبد الله بن طارق البلوى حليف لهم، ومن الأنصار ثم بن بنى عمرو بن عوف: عبد الله بن سلمة بن مالك بن الحرث بن عدي بن
العجلان، ومن الأنصار ثم من بنى حدرة بن عوف بن الحرث بن الخزرج:
عبد الله بن عرفطة، ومن الأنصار ثم من بنى حدرة بن عوف: عبد الله بن عمير،
ومن الأنصار ثم من بنى الأبجر بن عوف بن الحرث بن الخزرج: عبد الله بن
ربيع بن قيس بن عمرو بن عايد بن الأبجر، ومن الأنصار ثم من بين لوذان بن
100

غنم: عبد الله بن ثعلبة بن حزمة بن أصرم حليف لهم، ومن الأنصار ثم من بنى
عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة ثم من بنى خنسا بن شيبان بن عبيد:
عبد الله بن جد بن قبس بن صخر بن خنساء، ومن الأنصار: عبد الله بن الحمير
الأشجعي حليف لهم من أشجع، ومن الأنصار ثم من بنى خنسا: عبد الله بن عبد
مناف بن نعمان بن شيبان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة: عبد الله
ابن قيس بن صخر بن جذام بن ربيعة بن عدي بن غنم، واستشهد ببدر من
المسلمين ثم من قريش: عبيدة بن الحرث بن المطلب قتله شيبة بن ربيعة قطع رجله
فمات بالصفراء، وشهد بدرا من الأنصار ثم من بنى الحارث بن الخزرج بن عمرو
ابن مالك بن الأوس: أبو قيس بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة،
ومن قريش ثم من بنى تيم بن مرة: عامر بن فهيرة مولى أبى بكر، ومن الأنصار:
عمارة بن حزم بن زيد، ومن الأنصار ثم من بنى مازن بن النجار ثم من بنى
خنسا بن مدرك بن عمرو بن غنم بن مازن: عمير ويكنى عمير أبو داود بن عامر
ابن مالك بن خنسا بن مدرك، واستشهد من المسلمين يوم بدر من قريش ثم
من بنى زهرة، عمير بن أبي وقاص، وشهد بدرا: عروة بن عتبة بن غزوان بن
جابر بن وهب بن بشير بن مالك بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن
قيس عيلان من مضر حليف بن نوفل بن عبد مناف، ومن الأنصار ثم من بنى
سالم: عتبان بن مالك بن عمرو بن عجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو
ابن الخزرج، ومن الأنصار ثم من بنى بياضة: فروة بن عمرو وقد شهد بدرا،
وشهد العقبة من الأنصار ثم من بنى مازن بن النجار بن قيس بن أبي صعصعة
زيد بن عوف بن مبذول، وشهد بدرا من الأنصار ثم من بنى سواد بن كعب:
واسم كعب ظفر: قتادة بن النعمان، وشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو مرثد
الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب ومات أبو مرثد سنة ثنتي عشرة وهو ابن
ست وستين سنة، ومن الأنصار ثم من بنى زعورا بن عبد الأشهل: محمد بن
مسلمة بن خالد بن مجدعة بن حارثة بن الحرث، وشهد العقبة من الأنصار ثم
من الأوس ثم من بنى عبد الأشهل: أبو الهيثم بن التيهان وهو نقيب وقد
101

شهد بدرا وهو أول من بايع بالعقبة، وشهد العقبة من الأنصار ثم من بنى
سلمة: معاذ بن جبل بن عمرو بن عايذ بن عدي بن شاردة بن تزيد بن جشم وقد
شهد بدرا، وشهد بدرا: المقداد بن عمرو، وشهد بدرا: مرثد بن أبي مرثد
الغنوي: وشهد العقبة من الأنصار ثم من بنى حارثة: أبو بردة بن نيار بن عمرو
ابن عبيد وهو حليف لهم من بلى وهو بدري. قلت وإسناد عروة فيه ابن لهيعة
وحديثه حسن إذا توبع وقد توبع من طريق الزهري كما تقدم. وقد روى عن
محمد بن إسحاق باسناده إليه في تراجم ذكر ابن إسحاق أنهم شهدوا بدرا، والاسناد
إلى ابن إسحاق رجاله ثقات، قال ابن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار
ثم من بنى عامر بن مالك: الحارث بن الصمة بن عمرو بن عبيد بن عمرو بن
مبذول كسر بالروحاء فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه. ومن الأنصار ثم من بنى
النجار: أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عوف بن غنم بن مالك
ابن النجار توفى بالقسطنطينية مع يزيد بن معاوية بن أبي سفيان سنة إحدى
وخمسين، وخوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك واسم البرك امرؤ القيس بن
ثعلبة بن عمرو بن عوف ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره. وشهد بدرا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ثم من بنى حبيب بن عدي بن حارثة: رافع بن
المعلى وأبو لبابة بن عبد المنذر بن زيد بن أمية بن مالك بن عوف بن عمرو
ابن مالك بن الأوس كان خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر فرجعه وأمره على المدينة
وضرب له بسهمه وأجره مع أهل بدر. وشهد بدرا من الأنصار: ثم من الخزرج
ثم من بنى زريق: رفاعة بن رافع بن عجلان بن عمرو بن عامر بن زريق عبد
حارثة بن مالك بن عصب بن جشم بن الخزرج. ومن الأنصار ثم من بنى عبد
الأشهل: سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل
ابن جشم بن الحرث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس. واستشهد
يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار: سعد بن خيثمة. وشهد بدرا من
الأنصار ثم من الأوس: سعد بن خيثمة بن الحرث بن مالك بن كعب بن النجار
ابن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن ملك بن الأوس.
وشهد بدرا من الأنصار: سهل بن حنيف بن واهب بن حكيم بن ثعلبة بن
102

مجدعة بن الحرث بن عمرو وعمرو الذي يقال له بحزج بن خنيس بن عمرو بن
عوف، ومن الأنصار ثم من الأوس ثم من بنى عبد الأشهل: سلمة بن سلامة
ابن وقش بن رعية بن زعورا بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج
ابن عمرو بن مالك بن الأوس، وشهد بدرا: عبد الله بن إ جحش بن رئاب بن يعمر
ابن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن داود بن أسد بن خزيمة، واستشهد يوم
بدر من المسلمين من قريش: عبيدة بن الحارث بن عبد مناف قتله شيبة بن ربيعة
قطع رجله فمات بالصفراء. وأعاده بسنده إلا أنه قال قتله عتبة بن ربيعة قطع
رجله فمات بالصهباء، وشهد بدرا من الأنصار ثم من الأوس: أبو عبس بن
جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحرث بن الخزرج بن
عمرو بن مالك بن الأوس، واستشهد يوم بدر من المسلمين ثم من قريش ثم
من بنى زهرة بن كلاب: عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن
زهرة، وشهد بدرا من الأنصار: عاصم بن ثابت بن قيس بن أبي الأقلح بن
عصمة بن مالك بن أمية بن صعصعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن
عوف، وشهد بدرا من الأنصار ثم من بنى أمية بن زيد: عويم بن ساعدة
ولم ينسبه بن إسحاق ويقال إنه حليف لبني عمرو بن عوف ويقال إنه من
أنفسهم وشهد بدرا عكاشة بن محصن بن حسان بن كبير بن عنم بن داود بن
أسد بن خزيمة حليف بنى عبد شمس، وشهد بدرا: أبو أسيد مالك بن ربيعة
ابن البدي بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن عامر. قال محمد بن إسحاق:
معاذ بن جبل بن عمرو بن أقيس بن عايد بن عدي بن كعب بن أدى شهد
بدرا والقعبة وإنما ادعته بنو سلمة لأنه كان أخا سهل بن محمد بن الجد بن قيس
ابن صخر بن صعا بن سيار بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة لامه،
وشهد بدرا: معاذ بن الحرث بن رفاعة بن سوار بن مالك بن غنم بن مالك
ابن النجار وعفراء أمه وهي أم عوف ومعوذ كلهم شهد بدرا، وعفراء بنت
عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وشهد بدرا من الأنصار ثم من
الخزرج: معاذ بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب
103

ابن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن شاردة ويقال سادرة بن تزيد بن جشم
ابن الخزرج شهد بدرا وقتل أبا جهل فقطع عكرمة بن أبي جهل يده ثم عاش
إلى زمن عثمان، وشهد بدرا من الأنصار ثم من بنى الخزرج: أبو محمد الأنصاري
واسمه مسعود بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وشهد بدرا من
الأنصار ثم من بنى الخزرج: النعمان بن قوقل بن ثعلبة بن دعل بن فهم بن ثعلبة
ابن غنم بن سالم بن عوف. وممن سماهم عبد الله بن أبي رافع من أهل بدر. رواه الطبراني
عن شيخه محمد بن عبد الله الحضرمي وهو ثقة وجادة عن كتاب عبيد الله بن أبي
رافع وهو ثقة وهم ثعلبة بن قبطي بن صخر بن سلمة بدري. جبر بن أنس بدري من
بنى زريق، وجبله من بنى بياضة بدري، والحرث بن النعمان بدري. رواه الطبراني
باسناد متصل وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف. والحرث بن حاطب الأنصاري
من بنى حارثة رجع من الروحاء. وحصين بن الحرث بدري شهد معه كل مشاهده
من بنى عبد المطلب بن عبد مناف. وفى إسناده ضرار بن صرد وهو ضعيف.
وخليفة بن عدي بن بنى بياضة بدري وإسناده ضعيف. ورفاعة بن رافع بدري
من بنى زريق وإسناده ضعيف. ممن سماهم الطبراني بغير إسناده: أوسر ويقال
سليم أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من دوس قالط ذكره محمد بن إسحاق فيمن
شهد بدرا. وزيد بن خارجة من بنى حارثة بن الخزرج بدري كان ينزل المدينة
توفى في خلافة عثمان. وسعيد بن عثمان بن خالد بن مخلد بن حارثة بن مالك بن
عصب بن جشم بن الخزرج أبو عبادة الزرقي بدري ويقال عبادة والصحيح أبو
عبادة. وصهيب بن سنان بن مالك بن عمرو بن عبد بن عقيل بن عامر بن
جندلة بن خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس بن مناة بن نمر بن قاسط
ابن وهب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ذكر هذه النسبة
هشام الكلبي يكنى أبا يحيى. وأم صهيب سلمى بنت الحارث. وعثمان بن
حبيب وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب يكنى أبا
السائب وكان من مهاجرة الحبشة وقدم مكة قبل الهجرة فهاجر إلى المدينة
وشهد بدرا. وعبد الله بن رواحة بن امرئ القيس بن مالك بن كعب بن
104

الحرث بن الخزرج عقبى بدري استشهد يوم مؤتة. وعبد الله بن حذافة بن
قيس بن عدي بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي لم يذكره
عروة في أهل بدر وذكره ابن إسحاق في مهاجرة الحبشة، وروى في بعض
الحديث أنه من أهل بدر، وذكره أيضا عبادة الزرقي: ويقال أبو عبادة فمن
قال أبو عبادة قال اسمه سعيد وقد تقدم نسبه، وعن سهل بن سعد قال شهد
أخي ثعلبة بن سعد بدرا وقتل يوم أخد ولم يعقب. رواه الطبراني وفيه عبد
المهيمن بن عباس وهو ضعيف. وعن رفاعة بن رافع قال خرجت أنا وأخي
خلاد إلى بدر على بعير لنا أعجف (1). رواه الطبراني والبزار في حديث طويل وقد
تقدمت طريق البزار في أوائل غزوة بدر. وعن المغيرة بن حكيم قال قلت لعبد
الله شهدت بدرا قال نعم والعقبة مع أبي. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
غير عبد الله بن أحمد وهو ثبت. وعن الواقدي قال وفيها مات عبد الله بن
كعب بن عاصم المازني من ابن النجار وكان عليب خمس النبي صلى الله عليه وسلم يوم
بدر وصلى عليه عثمان بالمدينة يعنى سنة ثلاث وثلاثين. رواه الطبراني ورجاله
إلى الواقدي ثقات. وعن الزهري عن عامر بن ربيعة وكان من كبراء بنى عدى
وكان أبو شهد بدرا. رواه الطبراني فيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو
ضعيف، وعن أبي إدريس الخولاني أن عبادة بن الصامت وكان من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم الذين شهدوا بدرا من؟ فباء ليلة العقبة. رواه الطبراني وفيه معاوية بن
يحيى الصدفي وهو ضعيف. وعن محمد بن الحنفية قال رأيت أبا عمرو وكان بدريا
أحديا عقبيا. رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي وهو
ضعيف، وعن أنيسة بنت عدى أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله
ابن سلمة وكان بدريا قتل يوم أحد أحببت أن أنقله فآنس بقربه فأذن لها
رسول الله صلى الله عليه وسلم فعدلته بالمجذر بن زياد على ناضح (2) له في عباءة فمر بهما فعجب لهما
الناس فنظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سوى بينهما عملهما وكان عبد الله ثقيلا
جسيما وكان المجذر قليل اللحم وهو الذي يقول:

(1) أي مهزول.
(2) أي جمل، يتخذ للسقي غالبا.
105

أنا الذي يقال أصلى من بلى * أطعن بالصعدة حتى تنثني
ولا يرى مجذرا يفرى فرى
رواه الطبراني ورجاله ثقات، وروى الطبراني في ترجمة حفصة بنت عمر بن
الخطاب رضي الله عنه وعنها، وعن علي بن عبد العزيز البغوي وهو ثقة قال
ثنا الزبير بن بكار قلت وهو ثقة قال وشهد بدرا أبوها يعنى عمر بن الخطاب
وعمها زيد وأخوالها عثمان وقدامة وعبد الله يعنى أبو مظعون وابن خالها
السائب بن عثمان. وعن عمرو بن يحيى عن أبيه عن جده أبى حسن وكان بدريا
عقيبا ذكر حديثا ذكرته في الحدود. رواه الطبراني وفيه حسين بن عبد الله الهاشمي وهو متروك. وعن مخلد الغفاري أن ثلاث أعبد لبني غفار شهدوا مع
النبي صلى الله عليه وسلم بدرا. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن حميد وثقة ابن حبان
وغيره وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فضل أهل بدر) *
عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر والذي نفسي بيده
لو أن مولودا ولد في فقه أربعين سنة من أهل الدين يعمل بطاعة الله ويجتنب
معاصي الله كلها إلى أن يرد إلى أرذل العمر أو يرد إلى أن يعلم بعد علم شيئا لم يبلغ
أحدكم هذه الليلة وقال إن الملائكة الذين شهدوا بدرا لفضلاء على من تخلف
منهم قلت له حديث في فضل أهل بدر رواه بن ماجة غير هذا رواه الطبراني
وفيه جعفر بن مقلاص ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي هريرة أن رجلا
من الأنصار عمى فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطط لي في داري مسجد الأصلي فيه
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اجتمع إليه قومه فبعثت رجلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما فعل فلان فذكره بعض القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس قد شهد بدرا
قالوا نعم ولكنه كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل الله طلع إلى أهل
بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قلت روى أبو داود وابن ماجة
بعضه رواه الطبراني في الأوسط وإسناده جيد. وعن أبي هريرة قال قال
106

رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن لا يدخل النار من شهد بدرا إن شاء الله.
رواه البزار وفيه من لم أعرفه. قلت وتأتي أحاديث في فضل أهل بدر وغيرهم
من هذا النحو في مناقب حاطب وغيره إن شاء الله. وعن رفاعة بن مالك قال
سمت أبى يقول إن جبريل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شهد بدرا من الملائكة
فاضلنا قلت هو في الصحيح من حديث رفاعة نفسه وهنا من حديثه عن أبيه
رواه الطبراني من رواية يحيى بن سعيد عن رفاعة ويحيى لم يدرك أحدا من
أهل بدر والله أعلم.
* (باب غزوة أحد) *
* (باب فيما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام مما يتعلق بأحد) *
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت كأني في درع حصينة
ورأيت بقرا تنحر فأولت أن الدرع الحصينة المدينة وأن البقر نفر والله خير قال
فقال أصحابه لو أنا أقمنا بالمدينة فان دخلوا علينا فيها قاتلناهم فقالوا والله يا رسول
الله ما دخل علينا فيها في الجاهلية فكيف يدخل علينا فيها في الاسلام فقال
شأنكم إذا فلبس لامته (1) قال فقالت الأنصار رددنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
رأيه فجاؤوا فقالوا يا نبي الله شأنك إذا فقال إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها
حتى يقاتل. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال لما نزل بالنبي
صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبو سفيان وأصحابه قال لأصحابه إني رأيت في المنام سيفي
ذا الفقار انكسر وهي مصيبة ورأيت بقرا تذبح وهي مصيبة ورأيت على درعي
وهي مدينتكم لا يصلون إليها إن شاء الله. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
وفيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو متروك. قلت وله طريق في التعبير رواها
البزار أبين من هذه. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت كأني مردف
كبشا وكأن ضبة سيفي انكسرت فأولت أنى أقتل كبش القوم وأولت ضبة

(1) اللامة مهموزة: الدرع وقيل السلاح، وقد يترك الهمز تخفيفا.
107

سيفي قتل رجل من عترتي فقتل حمزة وقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة وكان صاحب
اللواء. رواه الطبراني واللفظ له، والبزار وأحمد ولم يكمله وفيه علي بن زيد وهو
شئ الحفظ وقد جاء من غير طريقه كما تراه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
* (باب فيمن استصغر يوم أحد) *
عن رافع بن خديج أنه خرج يوم أحد فأراد النبي صلى الله عليه وسلم رده واستصغره
فقال له عمى يا رسول الله إنه رام فأخرجه فأصابه سهم في صدره أو نحره فأتى
عمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن ابن أخي أصيب بسهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ندعه
فيه فيموت مات شهيدا، قال عبد الله بن حسين وحدثتني امرأته أنها كانت تراه
يغتسل فيتحرك في صدره. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه ولم طريق أتم من
هذه في مناقبه. وعن أسيد بن ظهير قال استصغر رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع بن
خديج يوم أحد فقال له عمه أسيد بن ظهير يا رسول الله رجل رام فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابه سهم في لبته فجاء به عمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن ابن أخي
أصابه سهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحببت أن تخرجه أخرجناه وإن أحببت
أن تدعه فإنه إن مات وهو فيه مات شهيدا. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.
وعن زيد بن حارثة قال استصغر النبي صلى الله عليه وسلم ناسا يوما أحد منهم زيد بن حارثة
يعنى نفسه والبراء بن عازب وسعد بن خيثمة وأبو سعيد الخدري وعبد الله
ابن عمرو وجابر بن عبد الله. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن البراء قال
عرضت أنا وابن عمر يوم بدر على النبي صلى الله عليه وسلم فاستصغرنا وشهدنا أحدا قلت
هو في الصحيح خلا قوله وشهدنا أحدا رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب منه في وقعة أحد) *
عن رجل من بنى تيم يقال له معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين
درعين. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن طلحة بن عبيد الله أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين. رواه أبو يعلى وفيه راو لم يسم،
وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن سعد يعنى ابن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ظاهر يوم أحد بين درعين. رواه البزار وفيه إسحاق بن أبي فروة وهو ضعيف.
108

وعن أيوب بن النعمان عن أبيه عن جده قال رأيت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد
درعين. رواه الطبراني وفيه الواقدي وهو ضعيف. وعن الزبير بن العوام قال
عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا يوم أحد فقال من يأخذ هذا السيف بحقه فقام
أبو دجانة سماك بن خرشة فقال يا رسول الله أنا آخذه بحقه فما حقه قال فأعطاه
إياه فخرج واتبعته فجعل لا يمر بشئ الا أفراه وهتكه حتى أتى نسوة في سفح
الجبل ومعهن هند وهي تقول:
نحن بنات طارق * نمشي على النمارق
والمسك في المفارق * ان تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق * فراق غير وامق
قال فحملت عليها فنادت بالصحراء فلم يجبها أحد فانصرفت عنها فقلت له كل
صنيعك رأيته فأعجبني غير انك لم تقتل المرأة قال فإنها نادت فلم يجبها أحد
فكرهت أن أضرب بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لا ناصر لها. رواه البزار
ورجاله ثقات. وعن قتادة بن النعمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد من يأخذ
هذا السيف بحقه فقام على فقال أنا يا رسول الله فقال اقعد فقعد ثم قال الثانية
من يأخذ هذا السيف بحقه فقام أبو دجانة فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه سيفه
ذا الفقار فقام أبو دجانة ورفع على عينيه عصابة حمراء ترفع حاجبيه عن عينيه من
الكبر ثم مشى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف. رواه الطبراني وفيه من لم
أعرفهم. وعن خالد بن سليمان بن عبد الله بن خالد بن سماك بن خرشة عن أبيه
عن جده أن أبا دجانة يوم أحد أعلم بعصابة حمراء فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو؟ ختال في مشيته بين الصفين فقال إنها مشية يبغضها الله الا في هذا الموضع.
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن عبد الله بن مسعود ان النساء يوم أحد
كن خلف المسلمين يجهزن على قتلى المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر
أنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله (منكم من يريد الدنيا ومنكم من
يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعصوا ما أمر به أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلى الله عليه وسلم في تسعة سبعة من الأنصار ورجلان
109

من قريش وهو عاشرهم فلما رهقوه قال رحم الله رجلا ردهم عنا فقام رجل من
الأنصار فقاتل ساعة حتى قتل فلما رهقوه أيضا قال يرحم الله رجلا ردهم عنا فلم
يزل يقول ذا حتى قتل السبعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبيه ما أنصفنا أصحابنا فجاء
أبو سفيان فقال أعل هبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولوا الله أعلى وأجل قال أبو سفيان
لنا عرى ولا عرى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله مولانا والكافرين لا مولى لهم
ثم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر * يوم لنا يوم علينا ويوم نساء ويوم نسر *
حنظلة بحنظلة وفلان بفلان وفلان بفلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سواء اما
قتلانا فأحياء يرزقون وقتلاكم في النار يعذبون، قال أبو سفيان قد كانت في
القوم مثلة فان كانت لعن غير ملا ما ما أمرت ولا نهيت ولا حببت ولا كرهت
ولا ساءني ولا سرني قال فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده
فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلت منها شيئا قالوا لا
قال ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار فوضع رسول الله حمزة فصلى عليه
وجئ برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه فرفع الأنصاري وترك
حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة. رواه أحمد وفيه عطاء بن الصائب وقد اختلط.
وعن ابن عباس قال ما نصر الله عز وجل في موطن كما نصر في يوم أحد قال
فأنكرنا ذلك فقال ابن عباس بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله عز وجل ان
الله عز وجل يقول في يوم أحد (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم باذنه)
والحس القتل (حتى إذا فشلتم) إلى قوله (ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين)
وإنما عنى بهذا الرماة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقامهم في موضع ثم قال احموا
ظهورنا فان رأيتمونا قتلنا مقتل فلا تنصرونا وان رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا
فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأنا خوا عسكر المشركين أكب الرماة جميعا في العسكر
ينهبون وقد التفت صفوف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهم هكذا وشبك أصابع يديه
وانتشوا فلما أخلت الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخلت الجبل من ذلك الموضع
على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فضرب بعضهم بعضا والتبسوا وقتل من المسلمين ناس
كثيرا وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم واجبان أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء
110

المشركين سبعة أو تسعة ورجال المسلمين حوله ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار
إنما كان تحت المهراس وصاح الشيطان قتل محمد فلم يشك أنه حق فمازلنا كذلك
ما نشك أنه قتل حتى إذا طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين السعدين نعرفه بتكفئه (1) إذا
مشى قال وفرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا قال فرقى نحونا وهو يقول اشتد
غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول مرة أخرى اللهم ليس لهم أن يعلونا
حتى انتهى إلينا فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل أعل هبل مرتين
يعنى آلهته أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب فقال عمر
يا رسول الله أفلا أجيبه قال بلى قال فلما قال أعل هبل قال عمر الله أعلى قال فقال
أبو سفيان يا ابن الخطاب انه قد أنعمت عنها أو فعال عنها (2) فقال أين ابن أبي
كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب فقال عمر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا
أبو بكر وها أنا ذا عمر فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر الأيام دول والحرب
سجال قال فقال عمر لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، قال أبو سفيان
إنكم لتزعمون ذلك لقد خبنا إذا وخسرنا ثم قال أبو سفيان أما انكم ستجدون
في قتلاكم مثلا ولم يكن ذلك عن سرائنا قال ثم أدركته حمية الجاهلية قال فقال
أما إنه كان ذلك فلم نكرهه. رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وقد
وثق على ضعفه. وعن المسور بن مخرمة قال قلت لعبد الرحمن بن عوف أي
خال أخبرني عن قصتكم يوم بدر قال اقرأ بعد العشرين ومائة من آل عمران
تجد قصتنا (وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال) إلى قوله (إذ

(1) أي تمايله.
(2) كان الرجل من قريش إذ أراد ابتداء أمر عمد إلى سهمين فكتب على أحدهما
نعم وعلى الآخر لا ثم يتقدم إلى الصنم و؟ جيل سهامه فان خرج سهم نعم أقدم
وان خرج سهم لا أمتنع، وكان أبو سفيان لما أراد الخروج إلى أحد استفتى هبل
فخرج له سهم الانعام فذلك قوله لعمر: أنعمت فعال عنها أي تجاف عنها
ولا تذكرها بسوء يعنى آلهتم.
111

همت طائفتان منكم أن تفشلا) قال هم الذين طلبوا الأمان من المشركين إلى
قوله (ولقد كنتم تمنعون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون)
قال فهو يتمنى لقاء المؤمنين إلى قوله إذ تحسونهم باذنه. رواه أبو يعلى وفيه
يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وعن علي قال لما انجلى الناس عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت والله ما كان
ليفر ولا أراه في القتلى ولكن أرى الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه صلى الله عليه وسلم فما لي خير من أن أقاتل حتى أقتل فكسرت جفن سيفي ثم حملت على
القوم فرجوا لي فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم. رواه أبو؟ على وفيه
محمد بن مروان العقيلي وثقه أبو داود بن ابن حبان وضعفه أبو زرعة
وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عائشة قالت حدثني أبي قال لما
انصرف الناص عن النبي صلى الله عليه وسلم كنت أول من فاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر
إلى رجل يقاتل بين يديه فقلت كن طلحة فلما نظرت فإذا أنا بانسان خلفي كأنه
طائر فلم أشعر أن أدركني فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح وإذا طلحة بين يديه صريعا
قال دونكم أخوكم فقد أوجب فتركناه وأقبلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قد أصاب
رسول لله صلى الله عليه وسلم في وجهه سهمان فأردت أن أنزعهما فما زال أبو عبيدة يسألني ويطلب
إلى حتى تركته ينزع أحد السهمين وأزم (1) عليه بأسنانه فقلعه وابتدرت إحدى
ثنيتيه ثم لم يزل يسكني ويطلب إلى أن أدعه ينزع الآخر فوضع ثنيته على السهم
وأزم عليه كراهية أن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن تحول فنزعه وابتدرت ثنيته
أو إحدى ثنيتيه قال فكان أبو عبيدة أهتم الثنايا. رواه البزار وفيه اسحق
ابن يحيى بن طلحة وهو متروك. وعن كعب بن مالك قال لما كان يوم أحد
وصرنا إلى الشعب كنت أول من عرفته فقلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلى بيده
أن اسكت ثم ألبسني لامته ولبس لامتي فلقد ضربت حتى جرحت عشرين
جراحة أو قال بضعة وعشرين جراحا كل من يضربني يحسبني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجال الأوسط ثقات. وعن سعد

(1) أي عض.
112

قال لما جال الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجولة يوم أحد قلت أدوم فاما أن أستشهد
واما أن الجو حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا كذلك إذا أنا برجل مخمر وجهه
ما أدرى من هو فأقبل المشركون يجيئون نحوه إذ قلت قدر كبوه فملأ يده من
الحصى ثم رمى به في وجوههم فمضوا على أعقابهم القهقرى حتى حاروا وصاروا
بإزاء الجبل ففعل ذلك مرارا وما أدرى من هو وبيني وبينه المقداد فبينا أنا أريد
أن أسأل المقداد عنه إذ قال لي المقداد يا سعد هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فقلت
وأين هو فأشار لي المقداد إليه فقمت ولكأنما لم يصبني شئ من الأذى فقال
أين كنت منذ اليوم يا سعد وأجلسني أمامه فجلست أرمى وأقول اللهم سهما
أرمى به عدوك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم استجب لسعد اللهم سدد رميته أيها
سعد فداك أبي وأمي فما من سهم أرمى به الا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم سدد
رميته واجب دعوته أيها سعد حتى إذا فرغت من كنانتي نثر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته فناولني سهما ليس فيه ريش فكان أشد من غيره، قال الزهري إن
الأسهم التي رمى بها سعد يومئذ ألف مهم. رواه البزار وفيه عثمان بن عبد الرحمن
الوقاصي وهو متروك. وعن قتادة بن النعمان قال أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس
فدفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فرميت بها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
اندقت سنتها ولم أزل على مقامي نصب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقى السهام توجهي
كلما مال سهم منها إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلت رأسي لاقى وجه رسول الله
صلى الله عليه وسلم بلا رمى أرميه فكان آخرها سهما؟ درت منها حدقتي بكفي فسعيت بها
في كفى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفى دمعت عيناه
فقال اللهم ان قتادة قد أوجه نبيك بوجهه فاجعلها أحسن عينيه وأحدهما نظرا فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرا. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن
قتادة بن النعمان قال كنت نصب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أقي وجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم بوجهي وكان أبو دجانة سماك بن خرشة موقيا لظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بظهره حتى امتلأ ظهره سهاما وكان ذلك يوم أحد. رواه الطبراني وفيه من
113

لم أعرفه. وعن ابن عباس قال ما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد إلا أربعة أحدهم
عبد لله بن مسعود قلت فأين كان على قال بيده لواء المهاجرين. رواه البزار
والطبراني وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وعن محمود بن لبيد قال
قال الحارث بن الصمة سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الشعب هل رأيت
عبد الرحمن بن عوف قلت نعم يا رسول الله رأيته على جر الجبل (1) وعليه عسكر من
المشركين فهويت فرأيتك فعدلت إليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما إن الملائكة تقاتل
معه قال الحارث فرجعت إلى عبد الرحمن فأخذ بين نفر سبعة صرعى فقلت له
ظفرت يمينك اكل هؤلاء قتلت قال اما هذا لأرطاة بن شرحبيل وهذا فأنا قتلتهما
وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره قتل صدق الله ورسوله. رواه الطبراني والبزار وفيه
عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف. وعن أبي سعيد أنه قال أصبت وجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فاستقبله مالك بن سنان فمص جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ازدرده (2)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن ينظر إلى من خالط دمى دمه فلينظر
إلى مالك بن سنان. رواه الطبراني. وعن الزبير بن العوام قال رأيت هند ابنة عتبة كاشفة عن ساقها يوم أحد فكأني أنظر إلى جدم في ساقها وهي تحرض
الناس، رواه الطبراني وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف. وعن أبي رافع قال لما
قتل على أصحاب الألوية قال جبريل عليه السلام يا رسول الله إن هذه لهي المواساة
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه منى وأنا منه قال جبريل وأنا منكما يا رسول الله. رواه
الطبراني وفيه حبان بن علي وهو ضعيف ووثقه ابن معين في رواية ومحمد بن عبيد
الله بن أبي رافع ضعيف عند الجمهور ووثقه ابن حبان. وعن صفية بنت عبد المطلب
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى أحد جعل نساءه في أطم (3) يقال له فارع وجعل
معهن حسان بن ثابت وكان حسان يطلع على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا شد على المشركين
اشتد معه في الحصن وإذا رجع رجع وراءه قالت فجاء أناس من اليهود فبقي أحدهم
في الحصن حتى أطل علينا فقلت لحسان قم إليه فاقتله فقال ما ذاك في ولو كان في
لكنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت صفية رأسه حتى قطعته قالت يا حسان قم

(1) أي أسفله، وفى الأصل (حر) بالحاء وهو غلط.
(2) أي ابتلعه
(3) أي بناء مرتفع
114

إلى رأسه فارم به إليهم وهم أسفل من الحصن فقال والله ما ذلك في قالت فأخذت
برأسه فرميت به عليهم فقالوا قد والله علمنا أن محمدا لم يكن يترك أهله خلوفا
ليس معهم أحد وتفرقوا فذهبوا قالت ومر قبل سعد بن معاذ وبه أثر صفرة
كأنه كان مقرنا قبل ذلك وهو يقول:
مهلا قليلا تدرك الهيجا حمل * لا بأس بالموت إذا حان الاجل
رواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق أم عروة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات. وعن أنس بن مالك قال لما كان يوم أحد
خاض أهل المدينة خيضة وقالوا قتل محمد حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة
فخرجت امرأة من الأنصار محرمة فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري
أيهم استقبلت وأولا فلما مرت على أحدهم قالت من هذا قالوا أبوك أخوك
زوجك ابنك تقول ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون امامك حتى دفعت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه ثم قالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي
إذ سلمت من عطب. رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن شعيب ولم
أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن الزبير قال اجتمعت على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة
يوم أحد فلم يبق أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعنى بالمدينة حتى كثرت القتلى
فصرخ صارخ قد قتل محمد فبكين نسوة فقالت امرأة لا تعجلن بالبكاء حتى
أنظر فخرجت تمشى ليس لها هم سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤال عنه. رواه البزار وفيه عمر بن صفوان وهو مجهول. وعن عقبة مولى جبر بن عتيك قال شهدت
أحدا مع موالي فضربت رجلا من المشركين فلما قتلته قلت خذها منى وأنا الرجل
الفارسي فلما بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا قلت خذها وأنا الغلام الأنصاري فان
مولى القوم من أنفسهم. رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. وعن عمر بن الخطاب قال
فلما كان عام أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء
فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فكسرت رباعيته
وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وأنزل الله أنزل الله عز وجل (أو لما أصابتكم
مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شئ
115

قدير) يأخذكم الفداء. رواه الطبراني في آخر حديث عمر الذي في الصحيح في
مسنده الكبير. وعن سهل بن سعد أنه قال يا رسول الله يوم أحد ما رأينا مثل
ما أتى فلان أتاه رجل لقد فر الناس وما فر ما ترك للمشركين سادة ولا قادة إلا
اتبعها يضربها بسيفه قال ومن هو فنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم نسبه فلم يعرفه
ثم وصف له بصفته فلم يعرفه حتى طلع الرجل بعينه فقال ذا يا رسول الله الذي
أخبرناك عنه فقال هذا فقالوا نعم فقال إنه من أهل النار فاشتد ذلك على المسلمين
قالوا أينا من أهل الجنة إذا كان فلان من أهل النار فقال رجل من القوم يا قوم
انظروني فوالذي نفسي بيده لا يموت إلا مثل الذي أصبح عليه ولأكونن صاحبه
من بينكم ثم راح على حدة في العدو فجعل الرجل يشد معه إذا شد ويرجع
معه إذا رجع فينظر ما يصير إليه أمره حتى أصابه جرح أدلقه فاستعجل الموت
فوضع قائم سيفه بالأرض ثم وضع ذبابه (1) بين ثدييه ثم تحامل على سيفه
حتى خرج من ظهره وخرج الرجل يعد ويقول أشد أن لا إله إلا الله وأشهد
أنك رسول الله حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وذاك ماذا فقال
يا رسول الله الرجل الذي ذكر لك فقلت إنه من أهل النار فاشتد ذلك على
المسلمين وقالوا أينا من أهل الجنة إذا كان فلان من أهل النار فقلت يا قوم
أنظروني فوالذي نفسي بيده لا يموت مثل الذي أصبح عليه ولأكونن صاحبه
من بينكم فجعلت أشد معه أو أشد وأرجع معه إذا رجع أنظر إلى ما يصير
أمره حتى أصابه جرح أدلقه فاستعجل الموت فوضع قائم سيفه بالأرض
ووضع ذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه حتى خرج من بين ظهره فهو ذاك
يا رسول الله يضطرب بين أضغاثه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الرجل ليعمل عمل
أهل الجنة فيما يبدو للناس وانه من أهل النار وان الرجل ليعمل عمل أهل
النار حتى يبدو للناس وانه لمن أهل الجنة قلت هو في الصحيح باختصار -
رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص
قال كتب أبو بكر الصديق إلى عمرو بن العاص سلام عليك أما بعد فقد جاءني

(1) ذباب السيف. طرفه الذي يضرب به، يريد هنا رأسه.
116

كتابك بذكر ما جمعت الروم من الجموع وانا لم ينصرنا الله مع نبيه صلى الله عليه وسلم
بكثرة عدد ولا بكثرة جنود فقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معنا الا
فريسات وان نحن الا نتعاقب الإبل وكنا يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما
معنا إلا فرس واحد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركبه ولقد كان يظهرنا ويعيننا على
من يخالفنا واعلم يا عمرو ان أطوع الناس لله أشدهم بغضا للمعاصي فأطع الله وأمر
أصحابك بطاعته. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الشاذكوني والواقدي
وكلاهما ضعيف. وعن عبد الرحمن بن عوف في قوله (ثم أنزل عليكم من بعد
الغم أمنة نعاسا) قال ألقى علينا النوم يوم أحد. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف. وعن سبرة بن معبد أنه حضر أحدا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه أصابته رمية بحجر في رجله فلم يزل منها ضالعا (1) حتى
مات. رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن أنس بن مالك
قال كنا ننقل الماء في جلود الإبل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم شج في وجهه. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه أبو الحوارى وهو ضعيف وقد وثق. وعن أبي أمامة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رماه عبد الله بن قمئة بحجر يوم أحد فشجه في وجهه وكسر
رباعيته وقال خذها وأنا ابن قمئة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمسح الدم عن وجهه
مالك أقمأك الله فسلط الله عليه تيس جبل فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة.
رواه الطبراني وفيه حفص بن عمر العبدري (2) وهو ضعيف. وعن سهل
ابن سعد الساعدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
اشتد غضب الله على قوم هشموا (3) البيضة على رأس نبيهم وهو يدعوهم إلى
الله. رواه البزار واسناده حسن.

(1) ضلع بالكسر يضلع ضلعا بالتحريك، وضلع بالفتح يضلع ضلعا
بالتسكين: أي مال عن الاستواء.
(2) في الأصل (العدى) ولعله (العبدري) كما في لسان الميزان.
(3) الهشم: الكسر، والبيضة: الخوذة.
117

* (باب مقتل حمزة رضي الله عنه) *
عن الزبير يعنى ابن العوام انه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى كادت
أن تشرف على القتلى قال فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم فقال المرأة المرأة قال الزبير
فتوسمت انها أمي صفية قال فخرجت أسعى إليها قال فأدركها قتل أن تنتهي
إلى القتلى قال فلدمت (1) في صدري وكانت امرأة جلدة قالت إليك عنى
لا أرض لك فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك قال فوقفت وأخرجت
ثوبين معها فقالت هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار
قتيل فعل كما فعل بحمزة قال فوجدنا غضاضة وخنى أن يكفن حمزة في ثوبين
والأنصاري لا كفن له فقلنا لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب فقدرنا هما فكان
أحدهما أكبر من والآخر فأقرعنا بينهما فكفنا كل واحد منهما في الثوب
الذي طار له. رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد
وهو ضعيف وقد وثق. وعن أبي عباس قال لما قتل حمزة يوم أحد أقبلت
صفية تسأل ما صنع فلقيت عليا والزبير فقالت يا علي ويا زبير ما فعل حمزة فأوهماها
أنهما لا يدريان قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال إني أخاف على عقلها فوضع
يده على صدرها فاسترجعت وبكت ثم قال عليه وقال لولا جزع النساء
لتركته حتى يحشر من بطون السباع وحواصل الطير ثم أتى بالقتلى فجعل يصلى
عليهم فيوضع سبعة وحمزة فيكبر عليهم سبع تكبيرات ثم يرفعون ويترك
حمزة مكانه ثم دعا بتسعة فكبر سبع تكبيرات حتى فرغ منهم. رواه البزار
والطبراني وقد روى مسلم في مقدمه كتابه وابن ماجة قصة الصلاة عليهم فقط
وفى إسناد البزار والطبراني يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. وعن جابر قال لما
بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قتل حمزة بكى فلما نظر إليه شهق. رواه البزار وفيه عبد الله
ابن محمد بن عقيل وهو حسن الحديث على ضعفه. وعن جابر قال لما جرد رسول الله

(1) أي ضربت ودفعت.
118

صلى الله عليه وسلم حمزة بكى فلما رأى مثاله شهق. رواه الطبراني وفيه المفضل به صدقة
وهو متروك. وعن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من رأى مقتل
حمزة فقال رجل أعزك الله أنا رأيت مقتله فانطلق فوقف على حمزة فرآه قد شق
بطنه وقد مثل به فقال يا رسول الله قد مثل به فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينظر
إليه ووقف بين ظهراني القتلى وقال أنا شهيد على هؤلاء لفوهم بدمائهم فإنه
ليس مجروح يجرح في سبيل الله الا جاء جرحه يوم القيامة يدما لونه لون الدم
وريحه ريح المسك قدموا أكثرهم قرآنا واجعلوه في اللحد. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة
ابن عبد المطلب حين استشهد فنظر إلى منظر لم ينظر إلى منظر أوجع للقلب منه
أو أوجع لقلبه منه ونظر إليه وقد مثل به فقال رحمة الله عليك ان كنت ما علمت
لوصولا للرحمن فعولا للخيرات والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك
حتى يحشرك الله من بطون السباع أو كلمة نحوها أما والله على ذلك لأمثلن
بسبعين كميتتك فنزل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بهذه السورة وقرأ
(وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) إلى آخر الآية فكفر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمسك عن ذلك. رواه البزار والطبراني وفيه صالح بن بشير المزني وهو
ضعيف. وعن أبي أسيد الساعدي قال أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر حمزة
ابن عبد المطلب فجعلوا يجرون النمرة (1) على وجهه فيكشف قدماه ويجرونها
على قدميه فيكشف وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوا على وجهه واجعلوا
على قدميه من هذا الشجر قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فإذا أصحابه يبكون
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان يخرجون إلى الأرياف والمدينة خير
لهم لو كانوا يعلمون لا يصبر على لأوائها (2) وشدتها أحد الا كنت له شفيعا
أو شهيدا يوم القيامة. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن جعفر قال
وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة ثوم أحد وهو يدفنه فلف في نمرة فبدت قدماه

(1) كل شملة مخططة من مآزر الاعراب فهي نمرة، كأنها اخذت من لون
النمر لما فيها من السواد والبياض.
(2) اللاواء: ضيق المعيشة والشدة.
119

حين خمروا رأسه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحرمل فجعل على قدميه وقال
لولا أن يحرن لذلك الناس لتركنا حمزة بالعراء لعافية (1) الطير والسباع.
رواه الطبراني وفيه عبد العزيز بن يحيى المدين وهو متروك. وعن ابن عباس
قال لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة نظر أي ما به فقال لولا أن يحزن نساؤنا
ما غيبته ولتركته حتى يكون ف بطون السباع وحواصل الطير يبعثه الله مما
هنالك قال وأحزنه ما رأى به فقال لئن ظفرت بهم لأمثلن بثلاثين رجلا
منهم فل أنزل الله عز وجل في ذلك (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن
صبرتم لهو خير للصابرين) إلى قوله (يمكرون) ثم أمر فهيئ إلى القبلة ثم
كبر عليه تسعا ثم جمع إليه الشهداء كلما أتى بشهيد وضع إلى جنبه فصلى عليه
وعلى الشهداء اثنين وسبعين صلاة ثم قالم على أصحابه حتى واراهم ولما نزل القرآن
عقا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجاوز وترك المثل. رواه الطبراني وفيه أحمد بن أيوب
ابن راشد وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال قتل حمزة يوم أحد وقتل معه
رجل من الأنصار فجاءته صفية بنت عبد المطلب بثوبين ليكفن فيهما حمزة فلم
يكن للأنصاري كفن فأسهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الثوبين ثم كفن كل واحد منهما
ف يثوب. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن عمر وأنس بن مالك قال لما
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحمد سمع نساء الأنصار يبكين فقال لكن حمزة
لا بواكي له فبلغ ذلك نساء الأنصار فبكين حمزة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم
استيقظ وهن يبكين فقال يا ويحهن مازلن يبكين منذ اليوم فليبكين (2) ولا
يبكين على هالك (3) بعد اليوم. رواه أبو يعلى باسنادين رجال أحدهما رجال
الصحيح. وعن ابن عباس قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد بكت نساء
الأنصار على شهدائهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لكن حمزة بواكي له
فرجع الأنصار فقلن لنسائهم لا تبكين أحدا حتى تبعدان بحمزة قال فذاك
فيهم إلى اليوم لا يبكين ميتا إلا بأن بحمزة. رواه الطبراني فيه يحيى بن

(1) العافية: كل طالب رزق من انسان أبو بهيمة أو طائر، وقد تقع
العافية على الجماعة.
(2) في الأصل (فلتبكين)).
(3) أي ميت.
120

مطيع الشيباني ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن وحشي قال لما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد قتل حمزة تفل في وجهي ثلاث تفلات ثم قال لا تريني وجهك. رواه الطبراني
وفيه المسيب بن واضح وثقه أبو حاتم وقال يخطئ والنسائي. وعن وحشي قال
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي وحشي قلت نعم قال قتلت حمزة قلت نعم والحد لله
الذي أكرمه بيدي ولم يهني بيده قالت له قريش أتحبه وهو قاتل حمزة
فقلت يا رسول الله فاستغفر لي فتفل في الأرض ثلاثة ودفع في صدري ثلاثة
وقال وحشي اخرج فقاتل في سبيل الله كما قاتلت لتصد عن سبيل الله. رواه
الطبراني وإسناده حسن. قتل وله طريق أتم من هذه في مناقب وحشي.
(باب منه وقعة أحد)
عن ابن عباس قال لما انصر ف أبو سفيان والمشركون عن أحد وبلغوا
الروحاء قال أبو سفيان لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم شرما صنعتم فبلغ
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فندب الناس فانتدبوا حتى بلغوا حمر الأسد أو بئر بني
عينة فأهزل الله عز وجل (الذي استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم
القرح) وذلك أن أبا سفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم موعدك موسم بدر حيث قتلتم
أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة فأتوه فلم
يجدوا به أحدا وتسوفوا فأنزل الله جل ذكره (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل
لم يمسسهم سوء). رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور
الجواز وهو ثقة. (باب في دعائه صلى الله عليه وسلم بأحد)
عن عبيد الله بن عبيد الله الزرقي عن أبيه وقال الفزاري مرة عن ابن رفاعة
الزرقي عن أبيه وقالت غير الفزاري عن عبيد الله بن رفاعة الزرقي عن أبيه وقال غير الفزاري عن عبد الله بن رفاعة الزرقي قال لما كان يوم
أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استووا حتى أثنى على ربى
فصاروا حلقة صفوفا فقال الله لك الحمد كلمه اللهم لا قابض لما بسطت ولا باسط
لما قبضت ولا هادي لما أضللت ولا مضل لمن هديت ولا معطي لما منعت ولا
121

مانع لما أعطيت ولا مقرب لما بعدت ولا معبد لما قربت اللهم ابسط علينا من
بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول
ولا يزول اللهم إني أسألك النعيم يوم الغلبة والامن يوم الخوف اللهم عائذ
بك من شر ما أعطينا وشر ما منعت منا اللهم حبب إلينا الايمان وزينة في
قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين اللهم توفنا
مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين اللهم قاتل
الكفرة الذي يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك واجعل عليهم زجرك
وعذابك اللهم قاتل كفرة الذين أوتوا الكتاب إله الخلق. رواه أحمد
والبزار واقتصر على فيد بن رفاعة عن أبيه وهو الصحيح. وقال اللهم قاتل
كفرة أهل الكتاب، ورجال أحمد رجال الصحيح.
* (باب فيمن أحسن القتال يوم أحد) *
عن جابر قال دخل علي رضي الله عنه على فاطمة رحمة الله عليها يوم أحد فقال:
أفاطم (1) هاك السيف غير ذميم * فلست برعديد ولا بلئيم
لعمري لقد أبليت في نصر (2) أحمد * ومرضاة رب بالعباد عليم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت أحسنت القتال فقد أحسنه سهل بن
حنيف وابن الصمة وذكر آخر فنسبه معلى فقال جبريل صلى الله عليه وسلم يا محمد هذا
وأبيك المواساة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل إنه منى فقال جبريل صلى الله عليه وسلم وأن ا
منكما. رواه البزار وفيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي وهو ضعيف جدا وقال
ابن عدي أرجو أنه لا بأس به. وعن سهل بن حنيف قال جاء على إلى فاطمة
رضي الله عنها يوم أحد فقال امسكي سيفي هذا فقد أحسنت به الضرب اليوم

(1) في الأصل (أيا فاطم).
(2) في الأصل (نصرة).
122

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت أحسنت القتال فقد أحسنه عاصم بن ثابت
وسهل بن حنيف والحرث بن الصمة. رواه الطبراني وفيه أيوب بن أبي أمامة
قال لا أدري منكر الحديث. وعن ابن عباس قال دخل علي بن أبي طالب على
فاطمة يوم أحد فقال خذي هذا السيف غير ذميم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لئن كنت
أحسنت القتال لقد أحسنه سهل بن حنيف وأبو دجانة سماك بن خرشة. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب فيمن استشهد يوم أحد) *
عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر أصحاب
أحد أما والله لوددت انى غودرت مع أصحابي بجص الجبل يعنى سفح الجبل.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع. وعن
ابن عمر قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير حين رجع من أحد فوقف
على أصحابه فقال أشهد أنكم أحياء عند الله فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي
نفس محمد بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك. وعن سعيد
ابن جبير قال أصيب حمزة يوم أحد. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن إسحاق في تسمية من استشهد يوم أحد من المسلمين ثم من المهاجرين
حمزة بن عبد المطلب. رواه الطبراني ورجاله ثقات. قلت وقد سمى ابن شهاب
جماعة استشهدوا يوم أحد باسناد واحد تقدم كثير منهم فيمن شهد بدرا
وأذكر من بقي ورجاله إلى ابن شهاب رجال الصحيح: فمنهم من الأنصار
ثم من بنى الحارث بن الخزرج: أوس بن الأرقم، ومن الأنصار ثم من بنى زريق: أنيس بن قتادة، ومن الأنصار ثم من بنى النبيت: أياس بن أوس،
من الأنصار ثم من بنى سعادة: ثعلبة بن سعيد بن مالك، ومن الأنصار ثم من
بنى زريق: حنظلة بن أبي عامر وهو الذي غسلته الملائكة، ومن الأنصار
ثم من بنى النبيت: الحرث بن أوس بن رافع، ومن الأنصار ثم من بنى زريق
ذكوان بن عبد قيس، ومن الأنصار ثم من بنى سواد: رفاعة بن عمير، ومن
123

الأنصار ثم من بنى الحرث: سعد بن الربيع، ومن الأنصار ثم من بنى الحرث
ابن الخزرج: سعد بن سويد، ومن الأنصار ثم من بنى سواد: سعد بن أبي
قيس بن أبي كعب بن القين، ومن الأنصار ثم من بنى سلمة: عبد الله بن عمرو
ابن حرام. قلت وقد ذكر عروة بن الزبير فيمن استشهد يوم أحد جماعة
منهم من تقدم فيمن شهد بدرا وأذكر من بقي منهم، ومن الأنصار ثم من بين
النجار: أوس بن المنذر، ومن الأنصار ثم من بنى معاوية بن عمرو: أياس
ابن أوس، ومن الأنصار ثم من بنى سعادة: ثعلبة بن سعد بن مالك
ابن خالد بن ثعلبة بن حارثة، وقتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين يوم أحد
ثم من بني هاشم: حمزة بن عبد المطلب فقتله وحشي بن حرب، ومن الأنصار
ثم من بنى عمرو بن عوف: الحارث بن أوس بن رافع، ومن الأنصار ثم من بنى
زريق: ذكوان بن عبد قيس، ومن الأنصار: رفاعة بن أوس بن زعورا بن عبد
الأشهل، ومن الأنصار ثم من بنى معاوية بن عوف: ربيعة بن الفضل بن حبيب
ابن يزيد بن تميم، واستشهد يوم أحد من المسلمين من قريش، ربيعة بن اكتم
حليف بنى أسد بن عبد شمس من بنى أسد، ومن الأنصار: سعد بن الربيع،
ومن الأنصار ثم من بنى النبيت: سليط بن ثابت بن وقش. واستشهد يوم
أحمد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى أمية بن عبد شمس: عبد الله بن جحش حليف
لهم من بنى أسد بن خزيمية، ويأتي حديث سعد في كيفية قتله في مناقب عبد الله
ابن جحش إن شاء الله، ومن الأنصار ثم من بنى سلمة: عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة. قال الطبراني: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد
الدار بن قصي من المهاجرين الأولين استشهد يوم أحد.
* (باب تاريخ وقعة أحدا) *
عن محمد بن إسحاق قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة حين صلى
الجمعة فأصبح بالشعب من أحد فاتقوا يوم السبت في النصف من شوال.
الطبراني ورجاله ثقات.
124

* (باب عزوة بنى النضير) *
عن عبد الله بن أبي أوفى قال جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد
كل أصحابه وهو يغسل رأسه فقال يا محمد قد وضعتم أسلحتكم وما وضعت
الملائكة بعد أوزارها فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه قبل أن يفرغ من غسله
فأتوا النضير ففتح الله له. رواه الطبراني وفيه نعيم بن حبان وهو ضعيف وقد
وثقه ابن حبان وقال يخطئ.
* (باب غزوة بئر معونة) *
عن سهل بن سعد أن عامر بن الطفيل قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فراجع النبي
صلى الله عليه وسلم وارتفع صوته وثابت بن قيس قائم بسيفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عامر غض
من صوتك على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أما أنت وذاك فقال ثابت أما والذي أكرمه
لولا أن يكره رسول الله صلى الله عليه وسلم لضربت بهذا السيف رأسك فنظر إليه عامر
وهو جالس وثابت قائم فقال أما والله يا ثابت لئن عرضت نفسك لي لتولين عنى
فقال ثابت أما والله يا عامر لئن عرضت نفسك للساني لتكرهن حياتي فعطس ابن
أخي لعامر بن الطفيل فحمد الله فشمته النبي صلى الله عليه وسلم ثم عطس عامر بن الطفيل فلم
يحمد الله فلم يشمته النبي صلى الله عليه وسلم فقال عامر شمت هذا الصبي ولم تشمتني فقال
النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا حمد الله قال ومحلوفه لأملأنها عليك خيلا ورجالا فقال
النبي صلى الله عليه وسلم يكفينيك الله وابنا قيلة ثم خرج عامر فجمع للنبي صلى الله عليه وسلم فاجتمع
من بنى سليم ثلاثة أبطن هم الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوا عليهم في صلاة الصبح
اللهم العن لحيانا ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله الله أكبر فدعا النبي صلى الله عليه وسلم
سبع عشرة ليلة فلما سبع أن عامرا جمع له بعث النبي صلى الله عليه وسلم عشرة فيهم عمرو بن
أمية الضمري وسائرهم من الأنصار وأميرهم المنذر بن عمرو فمضوا حتى نزلوا بئر
معونة فأقبل حتى هجم عليهم فقتلهم كلهم فلم يفلت منهم إلا عمرو بن أمية
كان في الركاب فأوحى الله عز وجل إلى نبيه صلى الله عليه وسلم يوم قتلوا خير أصحابه
125

فقال قد قتل أصحابكم من ورائكم (1) فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على عامر بن الطفيل
فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اكفني عامرا فكفاه الله إياه فأقبل حتى نزل بفنائه
فرماه الله بالذبحة في حلقه في بيت امرأة من سلول فأقبل ينزو وهو يقول يا آل
عامر غدة كغدة الجمل في بيت سلولية ترغب أن تموت في بيتها فلم يزل كذلك
حتى مات في بيتها وكان أربد بن قيس أصابته صاعقة فاحترق فمات فرجع من
كان معهم. رواه الطبراني وفيه عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف. وعن
أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث حراما أخا أم سليم في سبعين رجلا قتلوا
يوم بئر معونة وكان رئيس المشركين يومئذ عامر بن الطفيل وكان هو أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال اختر منى ثلاث خصال يكون لك السهل ويكون لي أهل الوبر أو
أكون خليفة من بعدك أو أغزوك بغطفان ألف أسف وألف سفرا. قال فطعن في
بيت امرأة من بنى فلان قال غدة كغدة البعير في بيت امرأة من بنى فلان
ائتوني بفرسي فأتى به فركبه فمات وهو على ظهره فانطلق حرام أخو أم سليم
ورجلان معه من بنى أمية ورجل أعرج فقال لهم كونوا قريبا منى حتى آتيهم
فان أمنوني وإلا كنت قريبا منكم (2) فان قتلوني أعلمتم أصحابكم قال فأتاهم
حرام فقال تؤمنوني أبلغكم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم قالوا نعم فجعل يحدثهم
وأومأ إلى رجل لهم من خلفهم فطعنه حتى أنفذه بالرمح قال الله أكبر فزت
ورب الكعبة قال فقتلوهم كلهم غير الأعرج كان في رأس جبل فذكر الحديث،
وفى رواية قال همام فأراه ذكر مع الأعرج آخر على الجبل قلت هو في
الصحيح باختصار رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن كعب بن مالك
قال جاء ملاعب الأسنة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية فعرض عليه الاسلام فأبى أن
يسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإني لا أقبل هدية مشرك قال فابعث إلى أهل نجد من
شئت فأنا لهم جار فبعث إليهم يقوم فيهم المنذر بن عمرو وهو الذي يقال له
المعنق ليموت أو أعتق عند الموت (3) فاستجاش (4) عليهم عامر بن الطفيل

(1) في الأصل (قرورانكم).
(2) في الأصل (منى).
(3) الذي في الإصابة وفي نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر (المعنق ليموت) فقط.
(4) أي طلب لهم الجيش وجمعه عليهم. وفى الأصل (فاستجاش) بالمهملة، والتصحيح من النهاية وغيرها.
126

بنى عامر فأبوا أن يطيعوه وأبوا أن يخفروا ملاعب الأسنة فاستجاش عليهم
بنى سليم فأطاعوه فأتبعهم بقريب من مائة رجال رام فأدركوهم ببئر معونة
فقتلوهم الا عمرو بن أمية. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك وغيره أن عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب
الأسنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشرك فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
الاسلام وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أقبل هدية مشرك فقال عامر بن مالك
ابعث يا رسول الله من رسلك من شئت فأنا لهم جابر فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
رهطا فيهم المنذر بن عمرو الساعدي وهو الذي يقال له أعتق ليموت عينا
في أهل نجد فسمع بهم عامر بن الطفيل فاستغفر لهم من بنى سليم فنفروا معه
فقتلهم ببئر مؤنة غير عمرو بن أمية الضمري أخذه عامر بن الطفيل فأرسله
فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من بينهم وكان فيهم عامر بن فهيرة فزعم لي
عروة أنه قتل يومئذ فلم يوجد جسده حين دفنوه يقول عروة كانوا يرون
الملائكة هي دفنته فقال حسان يعرض على عامر بن الطفيل:
بنى أم البنين ألم يرعكم * وأنتم من ذوائب أهل نجد
تهكم عامر بأبي براء ليخفره وما خطأ كعمد
فطعن ربيعة بن عامر بن ربيعة بن مالك عامر بن الطفيل (1) في فخذه طعنة
فقده. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عروة بن الزبير قال ثم
غزوة المنذر بن عمرو أخي بنى ساعدة إلى بئر معونة وبعث معهم المطلب
السلمي ليدلهم على الطريق فبعث أعداء الله إلى عامر بن الطفيل يستمدونه
فأمدوه على المسلمين فقتل المنذر بن عمرو وأصحابه الا عمرو بن أمية الضمري
فإنهم أسروه فاستحيوه حتى قدموا به مكة فهو دفن خبيب بن عدي وعرض
المشركون على عروة بن الصلت يوم بئر معونة أن يؤمنوه فأبى فقتلوه فذكر
لنا أن المسلمين قالوا يوم بئر معونة حين أحاط بهم الدو اللهم انا لا نجد من
يبلغ عنا رسولك غيرك اللهم فاقرأ منا عليه السلام وأخبره خبرنا. رواه

(1) في الأصل زيادة (في حفرته عامر بن مالك).
127

الطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن إذا توبع عليه. وعن محمد بن إسحاق
قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة وولى
تلك الحجة والمحرم ثم بعث أصابه بئر معونة في صفر على رأس أربعة أشهر
من أحد فكان من حديثهم كما حدثني اسحق عن المغيرة بن عبد الرحمن بن
الحرث بن هشام وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم وغيرهم من أهل العلم
قالوا قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسلم ولم يبعد من الاسلام وقال يا محمد لو بعثت رجلا من أصحابك يدعوهم
إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخشى عليهم
أهل نجد فقال أبو براء أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك فبعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة بن الخزرج المعنق ليموت
في أربعين رجلا من المسلمين من خيارهم منهم الحرث بن الصمة وحرام بن
ملحان أخو بنى عدى بن النجار وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ونافع بن
بديل بن ورقاء الخزاعي وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر ورجالا مسمين من
خيار المسلمين فساروا حتى نزولا بئر معونة وهي بئر أرض بنى عامر وحرة بنى
سليم كلا البلدين منها قريب وهي من بنى سليم أقرب فلما نزلوا بعثوا حرام
ابن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل فلما أتاهم لم ينظر في
كتابه حتى غدا على الرجل فقتله ثم استصرخ بنى عامر فأبوا أن يجيبوه إلى
ما دعاهم وقالوا لن يخفر أبا براء وقد عقد لهم عقدا وجوازا فاستصرخ عليهم قبائل
من بنى سليم عصية ورعلا وذكوان فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم
فأحاطوا بهم في رحالهم فلما رأوهم أخذوا أسيافهم فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم
الا كعب بن زيد أخو بني دينار بن النجار فإنهم تركوه وبه رمق فارتث (1) من
بين القبلي فعاش حتى قتل يوم الخندق وكان في السرح عمرو بن أمية الضمري
ورجل من الأنصار أخو بنى عمرو بن عوف فلم ينبئهما بمصاب إخوانهما الا الطير
تحوم على العسكر فقالا والله إن لهذا الطير لشأنا فأقبلا لينظرا فإذا القوم في

(1) الارتثاث أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح.
128

دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة فقال الأنصاري لعمرو بن أمية ما ترى
قال أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر فقال الأنصاري لكني
ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو وما كنت لتجتزي
عنه الرجال فقاتل القوم حتى قتل وأخذوا عمرو بن أمية أسيرا فلما أخبرهم
أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها على
أمه فخرج عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قباء أتاه رجلان من
بنى عامر بن نزلا في ظل هو فيه وكان للعامريين عقد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار
فلم يعلم به عمرو بن أمية وقد سألهما حين نزل ممن أنتما قالا من بنى عامر
فأمهلهما حتى ناما فغدا عليهما فقتلهما وهو يرى أنه قد أصاب بهما ثأره من
بنى عامر لما أصابوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم عمرو بن أمية على
رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد قتلت قتيلين لأدينهما
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عمل أبى براء قد كنت لهذا كارها متخوفا فبلغ
ذلك أبا براء فشق عليه اخفار عامر إياه وما أصيب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسببه وجواره فقال حسان بن ثابت يحرض ابن أبي براءة على عامر بن الطفيل:
بنى أم البنين ألم يرعكم * وأنتم من ذوائب أهل؟ جد
تهكم عامر بأبي براء * ليخفره وما خطأ كعمد
الا أبلغ ربيعة ذا المساعي (1) * بما أحدثت في الحدثان بعدي
أبوك أبو الروب (2) أبو براء * وخالك ماجد حكم بن سعد
فحمل ربيعة بن عامر على عامر بن الطفيل فطعنه بالرمح فوقع في فخذه
فأشواه (3) ووقع عن فرسه فقال هذا عمل أبى براء فان أمت فدمي لعمى
لا يتبع به وان أعش فسأرى رأيي فيما أتى إلى. رواه الطبراني ورجاله ثقات إلى ابن إسحاق

(1) في ديوان حسان المطبوع (ألا من مبلغ عنى ربيعا).
(2) في الديوان (أبو الفعال).
(3) يقال رمى فأشوى إذا لم يصب المقتل، وشواء:
أصاب شواته، والشوى: جلد الرأس وقيل أطراف البدن كالرأس واليد والرجل.
129

* (باب فيمن استشهد يوم بئر معونة) *
عن عروة في تسمية من استشهد يوم بئر معونة من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أوس بن معاذ بن أوس الأنصاري الحكم بن كيسان المخزومي
والحارث بن الصمة وسهل بن عمرو بن ثقب الأنصار. ومن قريش ثم من
بنى تيم بن مرة: عامر بن فهيرة. وفى اسناده ابن لهيعة وحديثه حسن إذا
توبع وفيه ضعيف. وعن ابن شهاب في تسمية من استشهد من المسلمين يوم بئر
معونة: الحرث بن الصمة. ورجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن إسحاق في
تسمية من استشهد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بئر معونة: نافع بن يزيد
ابن ورقاء الخزاعي. وعن عبد الله بن مسعود قال إياكم والشهادات فان كنتم
لابد فاعلين فاشهدوا لسرية بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصيبوا فنزل فيهم القرآن
أن أبلغوا عنا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا. رواه الطبراني وفى
عطاء بن السائب وقد اختلط.
* (باب غزوة الخندق وقريظة) *
عن عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط الخندق
من أحمر السبختين طرف بنى حارثة عام حزب الأحزاب حتى بلغ المداحج
فقطع لكل عشرة أربعين ذراعا واحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي
وكان رجلا قويا فقال المهاجرون سلمان منا وقالت الأنصار منا فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت. رواه الطبراني وفيه كثير بن عبد الله المزني
وقد ضعفه الجمهور وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات. وعن البراء بن
عازب قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق عرض لنا صخرة في مكان من
الخندق لا تأخذ فيها المعاول فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأحسبه وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول فقال بسم الله
فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني
لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ثم قال بسم الله وضرب أخرى فكسر ثلث
130

الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر المدائن وأبصر
قصرها الأبيض من مكاني هذا ثم قال بسم الله وضرب ضربة أخرى فقطع
بقية الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء
من مكاني هذا. رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه
جماعة، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الله بن عمرو قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق
فخندق على المدينة فقالوا يا رسول الله إنا وجدنا صفاة (1) لا نستطيع حفرها
فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا معه فلما أتى أخذ المعول فضرب به ضربة وكبر فسمعت
هزة لم أسمع مثلها قط فقال فتحت فارس ثم ضرب أخرى وكبر فسمعت هدة (2)
لم أسمع مثلها قط قال فتحت الروم ثم ضرب أخرى وكبر فسمعت هزة لم
اسمع مثلها قط فقال جاء الله بحمير أعوانا وأنصارا. رواه الطبراني باسنادين
في أحدهما حيى بن عبد الله وثقه ابن معين وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن ابن عباس قال احتفر رسول الله الخندق وأصحابه قد
شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل
دللتم على أحد يطعمنا أكلة قال رجل نعم قال أمالا فتقدم فدلنا عليه فانطلقوا
إلى رجل فإذا هو في الخندق يعالج نصيبه منه فأرسلت امرأته ان جئ فان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتانا فجاء الرجل يسعى فقال بأبي وأمي وله معزة ومعها
جديها فوثب إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم الجدي من ورائنا فذبح الجدي وعمدت
امرأته إلى طحينة لها فعجنتها وخبزت وأدركت وثردت فقربتها إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأصحابه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم أصبعه فيها فقال بسم الله اللهم بارك فيها اللهم
بارك فيها اطعموا فأكلوا منها حتى صدروا ولم يأكلوا منها إلا ثلثها وبقى
ثلثاها فسرح أولئك العشرة الذين كانوا معه أن اذهبوا وسرحوا إلينا
نغديكم فذهبوا وجاء أولئك العشرة مكانه فأكلوا منها حتى شبعوا ثم قام
ودعا لربة البيت وسمت عليها (3) وعلى أهلها ثم مشوا إلى الخندق فقال اذهبوا
بنا إلى سلمان وإذا صخرة بين يديه قد ضعف عنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه

(1) أي صخرة.
(2) الهدة: الصوت.
(3) التسميت بالسين وا؟ شين: الدعاء.
131

دعوني فأكون أول من ضربها فقال بسم الله فضربها فوقعت فلقة ثلثها فقال
الله أكبر قصور الروم ورب الكعبة ثم ضرب أخرى فوقعت فلقة فقال الله
أكبر قصور فارس ورب الكعبة فقال عندها المنافقون نحن بخندق وهو
يعدنا قصور فارس والروم. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله
ابن أحمد بن حنبل ونعيم العنبري وهما ثقتان. وعن أبي هريرة قال جاء الحارث
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ناصفنا تمر المدينة وإلا ملأتها عليك خيلا ورجالا
فقال حتى أستأمر السعود سعد بن عبادة وسعد بن معاذ يعنى يشاورهما فقالا
لا والله ما أعطينا المدينة من أنفسنا في الجاهلية فكيف وقد جاء الله بالاسلام
فرجع إلى الحارث فأخبره فقال غدرت يا محمد قال فقال حسان:
يا حار من يغدر بذمة جاره * منكم فان محمدا لا يغدر
إن تغدروا أفالغدر من عاداتكم (1) * واللؤم ينبت في أصول السخبر
وأمانة النهدي حين لقيتها * مثل الزجاجة صدعها لا يجبر
قال فقال الحارث كف عيا يا محمد لسان حسان فلو مزج به ماء البحر لمزج.
رواه البزار والطبراني ولفظه عن أبي هريرة قال جاء الحارث الغطفاني إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد شاطرنا تمر المدينة فقال حتى أستأمر السعود فبعث
إلى سعد بن معاد وسعد بن عبادة وسعد بن الربيع وسعد بن خيثمة وسعد
ابن مسعود فقال إني قد علمت أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وان الحارث
سألكم تشاطروه تمر المدينة فان أردتم أن تدفعوه عامكم هذا في أمركم بعد
فقالوا يا رسول الله أوحى من السماء فالتسليم لأمر الله أو عن رأيك وهواك
فرأينا نتبع هواك ورأيك فان كنت إنما تريد الا بقاء علينا فوالله لقد رأيتنا
وإياهم على سواء ما ينالون منا تمرة الا شراءا أو قرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
هو ذا تسمعون ما يقولون قالوا غدرت يا محمد فقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

(1) في الديوان المطبوع (فالغدر منكم شيمة) وكذلك فيه اختلاف
بعض ألفاظ.
132

يا حار من يغدر بذمة جاره * منكم فان محمدا لا يغدر
وأمانة المرئ حين لقيتها * كسر الزجاجة صدعها لا يجبر
ان تغدروا فالغدر من عاداتكم * واللؤم ينبت في أصول السخبر
ورجال البزار والطبراني فيهما محمد بن عمرو وحديثه حسن، وبقية
رجاله ثقات. وعن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق:
والله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
رواه البزار وأبو يعلى ورجاله ثقات. وعن أم سلمة قالت ما نسيت قوله
يوم الخندق وهو يعاطيهم اللبن قد اغبر شعر صدره وهو يقول:
اللهم ان الخير خير الآخرة * فاغفر للأنصار والمهاجرة
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى. وعن رافع بن خديج
قال لم يكن حصن أحصن من حصن بنى حارثة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان
والذراري فيه وقال إن ألم بكن أحد فالمعن بالسيف فجاءهن رجل من بنى ثعلبة
ابن سعد يقال له نجدان أحد بنى حشاش على فرس حتى كان في أصل الحصن
ثم جعل يقول للنساء أنزلن إلى خير لكن فحركن السيف فأبصره أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فابتدر الحصن قوم فيهم رجل من بنى حارثة يقال له ظهير بن رافع
فقال يا نجدان أبرز فبرز إليه فحمل عليه فرسه فقتله وأخذ رأسه فذهب به إلى
النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن الزبير بن العوام ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الخندق فجعل نساءه وعمته صفية في أطم (1) يقال له فارع
وجعل معهم حسان بن ثابت وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد فرقى يهودي
حتى أشرف على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عمته فقالت صفية يا حسان قم إليه
حتى تقتله قال والله ما ذاك في ولو كان ذاك في لخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالت صفية فاربط السيف على ذراعي ثم تقدمت إليه حتى قتلته وقطعت رأسه
فقالت له خذ الرأس فارم به على اليهود قال ما ذلك في فأخذت هي الرأس فرمت

(1) الأطم: البناء المرتفع.
133

به على اليهود فقالت اليهود قد علمنا أن محمدا لم يكن يترك أهله خلوفا ليس
معهم أحد فتفرقوا وذهبوا قالت عائشة فمر سعد بن معاذ وهو يقول:
مهلا قليلا يدرك اليهجا حمل * لا بأس بالموت إذا حان الاجل
قالت وما رأيت أحدا كان أجمل منه ذلك اليوم وكان عليه أثر صفرة
وكان عليه درع مقلصة وقد تزوج فبنى بأهله قبل ذلك فعليه أثر زعفران قال
وكان حسان إذا شد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكفار يفتح الأطم وإذا كروا رجع
معهم. رواه البزار وأبو يعلى باختصار وقال فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فضرب لصفية بسهم كما كان يضرب للرجال، واسنادهما ضعيف. وقد تقدم
الحديث من رواية صفية في وقعة أحد. وعن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ نساءه
يوم الأحزاب أطما من آطام المدينة وكان حسان بن ثابت رجلا جبانا فأدخله
مع النساء فأغلق الباب فجاء يهودي فقعد على باب الأطم فقالت صفية بنت
عبد المطلب انزل يا حسان إلى هذا العلج فاقتله فقال ما كنت لأجعل نفسي
خطرا لهذا العلج فأتزرت بكساء وأخذت فهرا فنزلت إليه فقطعت رأسه.
رواه الطبراني ورجاله إلى عروة رجال الصحيح ولكنه مرسل. وعن معاوية
ابن الحكم قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزى أخي علي بن الحكم فرسه خندقا
فضرب الفرس فدق جدار الخندق ساقه فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم على فرس فمسح
ساقه فما نزل عنها حتى برأ فقال معاوية بن الحكم في قصيدة له:
فأنزاها على فهي تهوى * هوى الدلو مترعة بسدل
صفوف الخندقين فأهرقته * هوية مظلم الحالين عمل
فعصب رجله فمشى عليها * سمو الصقر صادف يوم طل
فقال محمدا صلى عليه مليك الناس هذا خير فعل
لعا لك فاستمر بها سويا * وكانت بعد ذلك أصح رجل
قال محمد بن عبادة يقال إذا عثرت الناقة لعا لك أي ارتفعي واستعلى، قال الأعشى:
بذات لوث عقرناه إذا عثرت * فالنعش أدنى لها من أن يقال لعا
رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه، ويعقوب بن محمد الزهري ضعفه الجمهور
134

ووثقه ابن حبان. وعن عبد العزيز بن أبي بكر بن مالك بن وهب الخزاعي
عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سليطا وسفيان وعوف الأسلمي
طليعة يوم الأحزاب فخرجا حتى إذا كانا بالبيداء ال‍؟ فت عليهم خيل لأبي سفيان
فقاتلا حتى قتلا فأتى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفنا في قبر واحد فهما الشهيدان
القريبان. رواه البزار وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن نافع قال قيل لابن عمر
أين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى يوم الأحزاب قال كان يصلى في بطن الشعب
عند خربة هناك ولقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانصراف للناس ثم أمرني
أن أدعوهم فدعوتهم. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن عمر قال بعثني
خالي عثمان بن مظعون لأبيه بلحاف فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته وهو بالخندق
فأذن لي وقال من لقيت فقل لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجوا وكان
ذلك في برد شديد فخرجت ولقيت الناس فقلت لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم
أن ترجعوا قال فلا والله ما عطف على منهم اثنان أو واحد. رواه الطبراني
في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عمر قال خفى رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق الا على ستة نفر أربعة نفر من المهاجرين طلحة والزبير
وعن وسعد ومن الأنصار أو دجانة والحرث بن الصمة. رواه الطبراني وفيه
جماعة لم أعرفهم. وعن عائشة قالت كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالخندق
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاهد ثغرة من الجبل يخاف منها فيأتي فيضطجع في
حجري ثم يقوم فيتسمع فسمع حس انسان عليه الحديد فانسل في الجبل
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا قال أنا سعد جئتك لتأمرني بأمرك فأمره رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت في تلك الثغرة فقالت عائشة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجري
حتى سمعت غطيطه فقالت عائشة لا أنساها لسعد قلت في الصحيح طرف منه
رواه البزار عن شيخه عبد لله ابن شبيب وهو ضعيف. وعن سعد يعنى ابن أي
وقاص قال لما كان يوم الخندق ورجل يتترس جعل يقول بالترس هكذا فوضعه
فوق أنفه ثم يقول هكذا يسفله بعد قال فأهويت إلى كنانتي فأخرجت منها
سهما مدمى فوضعته في كبد القوس فلما قال هكذا تسفل الترس رميت فما نسيت
135

وقع القدح على كذا وكذا من الترس قال وسقط فقال برجله هكذا فضحك
نبي الله صلى الله عليه وسلم أحسبه قال حتى بدت نواجذه قال قالت لم فعل قال كفعل الرجل.
رواه أحمد والبزار الا أنه قال كان رجل معه ترسان وكان سعد راميا فكان
يقول كذا وكذا بالترسين يعطى جبهته فنزع له سعد بسهم فلما رفع رأسه رماه
فلم يخط هذه منه يعنى جبهته، والباقي بنحوه، ورجالهما رجال الصحيح غير
محمد بن محمد بن الأسود وهو ثقة. وعن حذيفة أن الناس تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب فلم يبق معه الا اثنا عشر رجلا فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنا جاثم من النوم فقال يا ابن اليمان قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب فانظر إلى
حالهم قلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما قمت لك إلا حياءا من البرد قال
انطلق يا ابن اليمان فلا بأس عليك من برد ولا حر حتى ترجع لي فانطلقت حتى
أتيت عسكرهم فوجدت أبا سفيان يوقد النار في عصبة حوله وقد تفرق
الأحزاب عنه فجئت حتى أجلس فيهم فحس أبو سفيان انه قد دخل فيهم من
غيرهم فقال ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه قال فضربت بيدي على الذي
عن يميني فأخذت بيده ثم ضربت بيدي على الذي عن يساري فأخذت بيده
فلبثت فيهم هنيهة ثم قمت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلى فأومأ إلى أن
أدنو فدنوت حتى أرسل على من الثوب الذي كان عليه ليدفئني فلما فرغ
من صلاته قال يا ابن اليمان أقعد ما خبر الناس فقلت يا رسول الله تفرق الناس
عن أبي سفيان فلم يبق الا في عصبة توقد النار وقد صب الله تبارك وتعالى
عليهم من البرد الذهب صب علينا ولكنا نرجو من الله ما لا ترجعون. رواه
البزار ورجاله ثقات. وفى الصحيح لحذيفة حديث بغير هذا السياق.
وعن عائشة قالت خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس فسمعت وئيد
الأرض (1) من ورائي يعنى حس الأرض قالت فإذا أنا بسعد من معاذ ومعه
ابن أخيه الحرث بن أوس يحمل مجنة قالت فجلس أي الأرض فمر سعد
وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد

(1) الوئيد: صوت شدة الوطئ على الأرض يسمع كالدوي من بعد.
136

قالت وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم قالت فمر وهو يرتجز ويقول:
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل * ما أحسن الموت إذا حان الاجل
قالت فاقتحمت حديقة فإذا فيما نفر من المسلمين وإذا فيهما عمر بن الخطاب
وفيهم رجل عليه تسبغة (1) له يعنى المغفر فقال عمر بما جاء بك لعمري انك
لجريئة وما يؤمنك أن لا يكون تجوز قالت فما زال يلومني حتى تمنيت أن
الأرض انشقت لي ساعتئذ فدخلت فيها قال فرفع الرجل التسبغة عن وجهه
فإذا طلحة بن عبيد الله فقال ويحك يا عمر انك قد أكثرت منذ اليوم وأين
التجوز والفرار الا إلى الله تعالى قالت ويرمى سعدا رجل من المشركين من
قريش يقال له ابن العرقة بسهم له فقال له خذها وانا ابن العرقة فأصاب أكحله
فقطعه فدعا الله سعد فقال اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة فيخرجوا
من صياصيهم (2) ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمر بقبة من أدم
فضربت على سعد في المسجد قالت فجاءه جبريل عليه السلام وان على
ثناياه لبقع الغبار فقال لقد وضعت السلاح لا والله ما وضعت الملائكة بعد
السلاح اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم قال فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لامته
وأنذر في الناس بالرحيل أن يخرجوا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على بنى
غنم وهم جيران المسجد قال من مر بكم فقالوا مر بنا دحية الكلبي وكان دحية
تشبه لحيته ووجهه جبريل عليه السلام قالت فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم
خمسا وعشرين ليلة فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء قيل لهم أنزلوا على حكم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم انه الذبح
فقالوا ننزل على حكم سعد بن معاذ وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ
فأتى به على حمار عليه أكاف من ليف قد حمل عليه وحف به قومه وقالوا له
يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت فلم يرجع إليهم شيئا
ولا تلتفت إليهم حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال قد أتى لي أن

(1) التسبغة: شئ من حلق الدروع والزاد يعلق بالخوذة دائرا معها ليستر
الرقبة وجيب الدرع.
(2) أي حصونهم، وكل شئ امتنع به وتحصن فهو صيصة.
137

لا يأخذني في الله لومة لائم قال قال أبو سعيد فلما طلع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوموا إلى سيدكم فأنزلوه قال عمر سيدنا الله قال انزلوه فأنزلوه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
احكم فيهم قال سعد فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم
أموالهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله قال
ثم دعا سعد فقال اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني
لها وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك قالت فانفجر كلمه (1)
وكان قد برأ إلا مثل الخرص (2) قالت ورجع إلى قبته التي ضرب عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر قالت
فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبى بكر وأنا في
حجرتي وكانوا كما قال الله عز وجل (رحماء بينهم) قال علقمة فقلت أي أمه
فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قال كانت عينه لا تدمع على أحد
ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته (قلت في الصحيح بعضه رواه
أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.
وعن عروة يعنى ابن الزبير أن سعد بن معاذ رمى يوم الخندق رمية فقطعت
الأكحل من عضده فزعموا أنه رماه حبان بن قيس أحد بنى عامر بن لؤي
أحد بنى العرقة وقال آخرون رماه أبو أسامة الجشمي فقال سعد بن معاذ رب
اشفني من بني قريظة قبل الممات فرقأ (3) الكلم بعد ما انفجر قال وأقام رسول الله
صلى الله عليه وسلم على بني قريظة حتى سألوه أن يجعل بينه وبينهم حكما ينزلون على حكمه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اختاروا من أصحابي من أردتم فليستمع لقوله فاختاروا
سعد بن معاذ فرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم به وسلموا وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأسلحتهم فجعلت في بيت وأمر بهم فكتفوا وأوثقوا فجعلوا في دار أسامة بن
زيد وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد ابن معاذ فأقبل على حمار اعرابي يزعمون
أن وطاء بردعته من ليف واتبعه رجل من بنى عبد الأشهل فجعل يمشى معه

(1) أي جرحه.
(2) الخرص بالضم والكسر: الحلقة الصغيرة من الحلي، وفى الأصل (الحرص)، والتصحيح من النهاية.
(3) أي التأم.
138

يعظم حق بني قريظة ويذكر خلقهم والذي أبلوه يوم بعاث (1) وانهم اختاروك
على من سواك رجاء عفوك وتحننك عليهم فاستبقهم فإنهم لك جمال وعدد
فأكثر ذلك الرجل ولم يحر إليه سعد شيئا حتى دنوا فقال له الرجل ألا ترجع
إلى شيئا فقال والله لا أبالي في الله لومة لائم فيفارقه الرجل فأتى إلى قومه قد
يئس من أن يستبقهم فأخبرهم بالذي كلمه به والذي رجع إليه سعد ونفد سعد
حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا سعد احكم بيننا وبينهم فقال سعد أحكم
فيهم بأن تقتل مقاتلتهم ويقسم سبيهم وتؤخذ أموالهم وتسبى ذراريهم
ونساؤهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم فيهم سعد بحكم الله ويزعم ناس أنهم نزلوا
على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ
فأخرجوا رسلا رسلا فضربت أعناقهم وأخرج حبى بن أحطب فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم هل أخزاك الله قال قد ظهرت على وما ألوم نفسي فيك فأمر به رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخرج إلى أحجار الريب التي بالسوق فضربت عنقه كل ذلك بعين
سعد بن معاذ وزعموا أنه كان يرى كلهم سعد ويحجر بالثرى ثم إنه دعا فقال
اللهم رب السماوات والأرض فإنه لم يكن قوم أبغض إلى من قوم كذبوا رسولك
وأخرجوه وأني أظن أن قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فإن كان قد بقي بيننا
وبينهم قتال فأبقني أقاتلهم فيك وان كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم
فافجر هذا المكان واجعل موتى فيه ففجره الله تبارك وتعالى وأنه كرى قد
بين ظهري الليل فحاذروا أنه قد مات وما رقأ الكلم حتى مات قلت في
الصحيح بعضه عن عائشة متصل الاسناد رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة
وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
يوم الأحزاب وقد جمعوا له جموعا كثيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغزوكم
بعدها أبدا ولكن تغزوهم. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال
أتت الصبا الشمال ليلة الأحزاب فقالت مري حتى ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت
الشمال إن الحرة لا تسرى بالليل فكانت الريح التي نصر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) بضم الباء، وبعاث ا؟ م حصن للأوس، وفى الأصل (بغاث) وهو غلط.
139

الصبا. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال رمى سعد بن
معاذ رضي الله عنه يوم قريظة والنضير فقطع أكحله فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعفر
وانتقص فحسمه الثانية فقال سعد اللهم لا تنزع نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة
والنضير. رواه الطبراني وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف وعن
محمد بن مسلمة قال لما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة وجدت الأوس من
ذلك فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كل دار من دور الأوس بأسيرين أسيرين
وأرسل إلى بنى حارثة بأسيرين. رواه الطبراني وفيه ذؤيب بن عمامة وهو
ضعيف. وعن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شغلونا عن صلاة
العصر ولم يصلها يومئذ حتى غابت الشمس ملا الله قبورهم نارا أو قلوبهم نارا
أو بيوتهم نارا. رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه أحمد ولم أعرفه. وبقية
رجاله ثقات. وعن البراء بن عازب قال مر أبو سفيان ومعاوية خلفه وكان رجلا
مستمدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم عليك بصاحب الأسنمة. رواه الطبراني
وفيه ابن إسحاق وهو مدلس. وعن كعب بن مالك قال لما رجع رسول الله
صلى الله عليه وسلم من طلب الأحزاب فنزل المدينة وضع لامته واغتسل واستجمر. رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما رجع من طلب الأحزاب رجع فلبس لامته واستجمر، زاد دحيم في حديثه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل جبريل عليه السلام فقال عذيرك من محارب ألا أراك
قد وضعت اللامة وما وضعناها بعد فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فعزم على الناس
الا يصلوا العصر الا في بني قريظة فلبسوا السلاح وخرجوا فلم يأتوا بني قريظة
حتى غربت الشمس واختصم الناس في صلاة العصر فقال بعضهم صلوا فان رسول
الله صلى الله عليه وسلم لم يرد أن تتركوا الصلاة وقال بعضهم عزم علينا أن لا نصلى حتى
نأتى بني قريظة وإنما نحن في عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس علينا إثم فصلت طائفة
العصر إيمانا واحتسابا وطائفة لم يصلوا حتى نزوا بني قريظة بعد ما غربت
الشمس فصلوها ايمانا واحتسابا فلم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة من الطائفتين.
رواه الطبراني ورجاله الصحيح غير ابن أبي الهذيل وهو ثقة. وعن
140

عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت رجل فوثب وثبة شديدة وخرج إليه
فاتبعه فإذا هو متكئ معتم مرخ عمامته بين كتفيه فلما دخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم قلت وثبت وثبة وخرجت فإذا هو دحية الكلبي قال ورأيته قلت نعم
قال ذاك جبريل عليه السلام أمرني أن أخرج إلى بني قريظة قلت هو في
الصحيح باختصار رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه مقدام بن داود وهو
ضعيف. وعن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا إلى بني قريظة على حمار عرى
يقال له يعفور. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى بني قريظة على حمار ومعه جبريل
عليه السلام على بغلة بيضاء عليها قطيفة من إستبرق حملها اللؤلؤ فقال يا محمد
أما والذي بعثك بالحق لا أنزل عنها حتى تفتح لك ولأرضها كما ترض البيضة
على الصفوان فقال ابن عباس فلم يرجع حتى فتحت عليه. رواه الطبراني عن
شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف. وعن أسلم الأنصاري قال جعلني رسول
الله صلى الله عليه وسلم على أسرى قريظة فكنت انظر إلى فرج الغلام فان رأيته قد انبت
ضربت عنقه وان لم أره قد انبت جعلته في مغانم المسلمين. رواه الطبراني في الصغير
والأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن عائشة قالت كان الزبير رجلا أعمى فقال
ثابت بن قيس بن شماس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان الزبير من على يوم بعاث
فأعتقني فهبه لي اجزه فقال هو لك فقال للزبير هل تعرفني قال نعم أنت ثابت
قال إني أمن عليك كما مننت على يوم بعاث قال هل تنفعني أين أهلي فرجع إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هب لي أهله قال فوهب له أهله فأتاه فأخبره ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد رد له أهله قال يا ابن أخي ما ينفعني ان نعيش أجسادا أين المال فرجع
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هب لي ماله قال ولك ماله قال فرجع إليه
فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رد عليك مالك وقد أراد الله تعالى بك خيرا قال
أبى أخي ما فعل حبى بن أخطب سيد الحاضر والباد قال قد قتل قال يا ابن
أخي ما فعل زيد بن روطا حامية اليهود قال قد قتل قال ما فعل كعب بن
أشطا الذي بطل عذارى الحي تنغمز من حشيه قال قد قتل قال ما فعل المحمسان
141

قال هما كأمس الذاهب قال فما بيني وبين لقاء الأحبة الا كافراغ الدلو أسئلك
بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم قال فقتله. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
* (باب فيمن استشهد يوم الخندق) *
عن ابن شهاب قال استشهد يوم الخندق من الأنصار أنس بن معاذ بن أوس
بن عبد عمرو. ومن الأنصار ثم من بنى سلمة: ثعلبة بن عتمة. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وقد تقدم حديث سعد بن معاذ والقرينان.
* (باب تاريخ الخندق) *
عن محمد بن إسحاق قال كانت الخندق في الشوال سنة خمس وفيها مات سعد
ابن معاذ رضي الله عنه. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب عزوة المريسيع وهي عزوة بنى المصطلق) *
عن سنان بن وبرة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة المريسيع غزوة
بنى المصطلق فكان شعارهم يا منصور أمت أمت رواه الطبراني في الأوسط
والكبير واسناد الكبير حسن. وعن محمد بن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر
ابن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ومحمد بن يحيى بن حبان كل قد حدثني ببعض
حديث بنى المصطلق قال بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بنى المصطلق يجمعون له
فأمدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع
من ناحية قديد إلى الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بنى المصطلق وقتل
الحارث بن أبي ضرار أبا جويرية وقتل من قتل منهم ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبناءهم ونساءهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب منهم سبيا كثيرا قسمه بين المسلمين
وكان فيما أصاب يومئذ من النساء جويرية بنت أبي ضرار سيدة قومها. رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن محمد بن إسحاق قالت كانت غزوة بنى المصطلق في
شعبان سنة ست وخرج في تلك الغزوة بعائشة معه أقرع بين نسائه فخرج
142

سهمها وفى تلك الغزوة قال فيها أهل الإفك ما قالوا فأنزل الله عز وجل
براءتها. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن شباب العصفري قال سنة ست من
الهجرة كانت غزوة بنى المصطلق وفى هذه الغزوة قال فيها أهل الإفك ما قالوا
ونزل فيها القرآن (ان الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم) الآية. رواه الطبراني
عن شيخه موسى بن ذكريا التستري وهو متروك.
(باب غزوة ذي قرد)
عن سلمة بن الأكوع قال غدا عيينة بن حصن بن حذيفة على لقاح رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاستاقها قال سلمة فخرجت بقوسي ونبلي وكنت أرمى الصيد حتى
إذا كنت بثنية الوداع نظرت فإذا هم يطردونها فغدوت في الخيل في سلع ثم
صحت يا صباحاه فانتهى صياحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصيح في الناس الفزع
الفزع وخرجت أرميهم وأقول خذها وأنا ابن الأكوع فلم أنشب أن رأيت
خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تخلل الشجر فألحقتهم ثمانية فرسان وكان أول من
لحقهم أبو قتادة بن ربعي فطعن رجلا من بنى فزارة يقال له سعد فنزع برده فجلله
إياها ثم مضى في أثر العدو مع الفرسان فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فزع الناس
وهم يقولون أبو قتادة مقتول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بأبي قتادة ولكنه
قتيل أبى قتادة خلوا عنه وعن سلبه وقال أمعنوا في طلب القوم فأمعنوا
فاستنقذوا ما استنقذوا من اللقاح وذهبوا بما بقي قال محمد بن طلحة وفى
الحديث وكان حسبهم الذين خرجوا في طلب اللقاح عكاشة بن محصن، والمقداد
وهو الذي يقال له ابن الأسود حليف بنى زهرة، ومحرز بن نضلة الأسدي
حليف بنى عبد شمس قيل لم قتل من القوم غيره، ومن الأنصار سعد بن زيد
الأشهلي وهو أمير القوم وعداد بن بشر الأشهلي وظهير بن عمرو الحاري وأبو
قتادة بن ربعي ومعاذ بن ماعض الزرقي وكان أبو عياش الزرقي أحد النفر الخمسة
قال أقبلت على فرس النيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عياش لو أعطيت هذا
الفرس من هو أفرس منك قال قلت أنا أفرس العرب فما جرى الفرس
خمسين ذراعا حتى طرحني وكسر رجلي فقلت صدق الله ورسوله فحملت على
143

فرس ابن عمى معاذ بن ماعض الزرقي قلت في الصحيح بعضه رواه
الطبراني وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي وهو ضعيف (1).
* (باب الحديبية وعمرة القضاء) *
عن أبي سعيد الخدري أنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا
بعسفان قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عيون المشركين الآن على ضحيان فأيكم
يعرف طريق ذات الحنظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمسى هل من رجل ينزل
فيسعى بين يدي الركاب فقال رجل أنا يا رسول الله فنزلت فجعلت الحجارة
تنكبه والحجارة والشجر يتعلق بثيابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اركب ثم نزل
آخر فجعلت الحجارة والشجر يتعلق بثيابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اركب ثم
وقعنا على الطريق حتى سرنا في ثنية يقال لها الحنظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما مثل هذه الثلاثة الا كمثلي الباب الذي دخل فيه بنو إسرائيل قيل لهم ادخلوا
الباب سجدا وقولا حطة نغفر لكم خطاياكم لا يجوز أحد الثلاثة هذه الثنية
لا غفر له فجعل الناس يسرعون ويجوزون وكان آخر من جاز قتادة بن النعمان
في آخر القوم قال فجعل الناس يركب بعضهم بعضا حتى تلا حقنا قال فنزل
رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلنا. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن جندب بن ناجية
أو ناجية بن جندب قال لما كنا بالغميم لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر قريش أنها
بعثت خالد بن لوليد في حريدة خيل تتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يلقاهم وكان بهم رحيما فقال من رجل يعدلنا عن الطريق فقلت
أنا بأبي أنت فأخذ لهم في طريق قد كان بها حزن فدافد (2) وعقاب فاستوت بنا
الأرض حتى أنزله على الحديبية وهي نزح (3) فألقى سهما أو سهمين من كنانته
ثم بصق فيها ثم دعا ففارت عيونا حتى أنى لأقول أو نقول لو شئنا لاغترفنا
بأيدينا. رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة (4) وهو ضعيف. وعن محمد بن

(1) بلغ مقابلة على نسخة الأصل بقراءة الحافظ الشهاب الدين أحمد بن حجر.
(2) الفدفد: الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع.
(3) النزح بالتحريك: البئر التي أخذ ماؤها.
(4) وهو الربذي المشهور.
144

اسحق ان الذي نزل في القليب بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ناجية بن
جندب بن عمير بن معمر بن حازم بن عمرو بن واثلة بن سهم بن مازن بن
سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة وهو سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يوم
الحديبية قال لا توقدوا نارا بليل فلما كان بعد ذلك قال أوقدوا واصطنعوا
فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن
يزيد بن مالك عن أبيه أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الشجرة ويوم الهدى
معكوفا قبل أن يبلغ محله وأن رجلا من المشركين قال يا محمدا ما يحملك على أن
تدخل هؤلاء علينا ونحن كارهون قال هؤلاء خير منك ومن أجدادك
يؤمنون بالله واليوم الآخر والذي نفسي بيده لقد رضي الله عنهم. رواه
الطبراني في الكبير والأوسط وفيه إسحاق بن إدريس وهو متروك. وعن
عبد الله بن مغفل المزني قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة
التي قال الله عز وجل في القرآن وكان يقع من أغصان الشجرة على ظهر النبي
صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى
عليه السلام اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فأخذ سهيل بيده فقال ما نعرف
الرحمن الرحيم اكتب في قضيتنا ما نعرف فقال اكتب باسمك اللهم فكتب هذا
ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة فأمسك سهيل بن عمرو بيده فقال لقد
ظلمناك ان كنت رسوله اكتب في قضيتنا ما نعرف قال اكتب هذا ما صالح عليه
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وأنا رسول الله فكتب فبينا نحن كذلك خرج
علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخذ الله أبصارهم فقمنا إليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل جئتم في عهد أحد
أو هل جعل لكم أمانا قالوا لا فخلى سبيلهم فأنزل الله عز وجل (وهو الذي
كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله
مما تعملون بصيرا). رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن عمر يعنى ابن الخطاب
أنه قال اتهموا الرأي على الدين فذكر حديث الحديبية إلى أن قال إن رسول
145

الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب بينه وبين أهل مكة فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم
فقالوا لو نرى ذلك صدقنا ولكن اكتب كما كنت تكتب باسمك اللهم قال
فرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيت حتى قال لي يا عمر تراني قد رضيت وتأبى قال
فرضيت قلت حديث عمر في الصحيح بغير هذا السياق رواه البزار ورجاله
رجال الصحيح. وعن ابن عمر قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية الناس
للبيعة فقام أبو سنان بن محصن فقال يا رسول الله أبايعك على ما في نفسك قال
وما في نفسي قال أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو أقتل فبايعه
وبايع الناس على بيعة أبى سنان. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد العزيز
ابن عمران وهو متروك. وعن عطاء بن أبي رباح قال قلت لابن عمر أشهدت
ابن عمران وهو متروك. وعن عطاء بن أبي رباح قالت قلت لابن عمر أشهدت
بيعة الرضوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت نعم قال فما كان عليه قال قميص من
قطن وجبة محشوة ورداء وسيف ورأيت النعمان بن مقرن المزني قائما على رأسه
وقد رفع أغصان الشجرة عن رأسه يبايعونه قلت لابن عمر حديث في الحديبية
غير هذا رواه الطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل بن يحيى بن عبد الله التيمي
وهو ضعيف. وعن عبد الله بن مغفل قال إني لمن أحد الرهط الذي ذكر الله
جل ثناؤه (لا أجد ما أحملكم عليه) قال إني لآخذ ببعض أغصان الشجرة
التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس تحتها أظله قال فبايعناه على أن لا نفر. رواه
الطبراني واسناده جيد الا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو عن غيره.
وعن عبد الله بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حين أخبره عثمان أن
سهيلا أرسله إليه قومه فصالحوه على أن يرجع عنهم هذا العام ويخلوها قابلا
ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم سهيل سهل عليكم الامر. رواه الطبراني وفيه مؤمل بن
وهب المخزومي تفرد عنه ابنه عبد الله وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن ابن عمر قال كانت الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة بالحديبية أربع
سنين. رواه الطبراني في الوسط ورجاله ثقات. وعن ابن شهاب قال لما أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضاء أمر أصحاب فقال اكشفوا عن المناكب وامضوا
في الطواف ليرى المشركين جلدهم وقوتهم وكان يكيدهم بكل ما استطاع فانكفأ.
146

أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
وهم يطوفون بالبيت وعبد الله بن رواحة يرتجز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
متوشحا بالسيف يقول:
خلوا بنى الكفار عن سبيله * أنا الشهيد أنه رسوله
فاليوم نضربكم على تأويله * كما ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله
وبعث رجالا من أشراف المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
غيظا وحنقا ونفاسة وحسدا خرجوا إلى نواحي مكة فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم
نسكه وأقام ثلاثا. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب غزوة خيبر) *
عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن الطفيل إلى خيبر يستمد
له قومه فقال يا عمرو انطلق فاستمد لنا قومك قال عمرو يا رسول الله
أرسلتني وقد نشبت القتال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما ترضى أن تكون رسول
رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف.
وعن ابن امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجهزوا إلى هذه القرية الظالم أهلها يعنى
خيبرا فان الله عز وجل فاتحها عليكم إن شاء الله ولا يخرجن معي مصعب ولا
مضعف فانطلق أبو هريرة إلى أمه فقال جهزيني فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
أمرنا بالجهاز للغزو قالت تنطلق وقد علمت ما أدخل الا وأنت معي قال ما كنت
لأتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجت ثديها فناشدته بما رضع من لبنها فأتت
رسول الله صلى الله عليه وسلم سرا فقال انطلقي قد كفيت فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله أرى إعراضك عنى لا أرى ذلك الا لشئ بلغك قال أنت
الذي ناشدتك أمك وأخرجت ثديها تناشدك بما رضعت من لبنها أيحسب أحدكم
إذا كان عند أبويه أبو أحدهما انه ليس في سبيل الله بل هو في سبيل الله إذا برهما
وأدى حقهما، قال أبو هريرة لقد مكثت، بعد هذا سنين ما أغزو حتى ماتت
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة فسار معه فتى من بنى عامر على بكر له
147

صعب فجل يسير في ناحية الطريق والناس فوقع بعيره في حفيرة فصاح يا آل
عامر فارتعص (1) هو وبعيره فجاء قومه فاحتملوه وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
أتى خيبر فنزل عليها فدعا الطفيل بن الحرث الخزاعي فقال انطلق إلى قومك
واستمدهم على هذه القرية الظالم أهلها فان الله عز وجل سيفتحها عليكم إن شاء
الله فقال الطفيل يا رسول الله تبعدني منك فوالله لان أموت وأنا يومئذ منك
قريب أحب إلى من الحياء وأنا منك بعيد فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه لابد مما لابد
منه فانطلق فقال يا رسول الله لعلى لا ألقاك فزودني شيئا أعيش به قال أتملك
لسانك قال فما أملك إذا لم أملك لساني قال أتملك يدك قال فما أملك إذا لم
أملك يدي قال فلا تقل بلسانك الا معروفا ولا تبسط يدك إلا إلى خير، قال
ابن أبي كريمة ووجدت في كتاب أبى عبد الرحيم بخطه في هذا الحديث قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم افش السلام وابذل الطعام واستحي الله كما تستحي رجلا من
رهطك ذي تقية وليحسن خلقك وإذا أسأت فأحسن إن الحسنات يذهبن
السيئات. رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد وهو ضعيف. وعن حسيل بن خارجة
الأشجعي قال قدمت المدينة في جلب أبيعه فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال أجعل
لك عشرين صاعا من تمر على أهل تدل أصحابي على طريق خيبر ففعلت فلما
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وفتحها جئت فأعطاني العشرين ثم أسلمت. رواه
الطبراني وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف، وعن دهر الأسلمي أنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة
ابن عمرو بن الأكوع وكان اسم الأكوع سنان انزل يا ابن الأكوع فخذلنا من هناتك
قال فنزل يرتجز برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
والله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
إنا إذا قوم بغوا علينا * وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلن سكينة علينا * وثبت الاقدام ان لاقينا
رواه أحمد والطبراني وزاد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله فقال عمر وجبت

(1) أي انتفض وارتعد ولعله (فأوقص)) أي وقع واندقت عنقه.
148

والله يا رسول الله لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيدا. ورجالهما ثقات. وعن أبي
طلحة قال صبح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم
فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم معه الجيش نكصوا مدبرين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم الله
أكبر الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين،
رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن أبي طلحة
قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت عنهم حتى إذا كان عند السحر و ذهب
ذو الضرع إلى ضرعه وذو الزرع إلى زرعه أعار عليهم وقال انا إذا نزلنا بساحة
قوم فساء صباح المنذرين. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن
عبد الله بن أبي أوفى قال أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبر وهم غادون فقالوا محمد
والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء
صباح المنذرين ن رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه عبد الله بن محمد
ابن المغيرة وهو ضعيف. وعن أبي اليسر كعب ن عمرو قال والله انى لمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر عشية إذ أقبلت غنم لرجل من اليهود يريد حصنهم
ونحن محاصروهم إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يطعمنا من هذه الغنم قال
أبو اليسر قلت أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فافعل قال فخرجت أشتد مثل الظليم فلما
نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا قال اللهم أمتعنا به قال فأدركت الغنم وقد
دخل أوائلها الحصن فأخذت شاتين من آخرها فاحتضنتهما تحت يدي ثم أقبلت
بهما أشتد كأنه ليس معي شئ حتى ألقيتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذبحوهما
وأكلوهما فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلاكا إذا
حدث بهذا الحديث بكى ثم قال أمتعوا بي لعمري حتى كنت آخرهم. رواه
أحمد عن بعض رجال بنى سلمة عنه، وبقية رجاله ثقات. ون سلمة بن الأكوع
أن عمه ضرب رجلا من المشركين فقتله وجرح نفسه فأنشأ يقول قتلت
نفسي فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أجران. رواه الطبراني في الوسط وفيه
من لم أعرفهم. وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال خرج مرحب اليهودي
من حصنهم قد جمع سلاحه يرتجز ويقول:
149

قد علمت خيبر أبى مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذا الليوث أنبلت تلهب
كأن حماي الحمى لا يقرب
وهو يقول من يبارز فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لهذا فقال محمد بن مسلمة
أنا له يا رسول الله المثؤور الثائر قتلوا أخي بالأمس قال فقم إليه اللهم أعنه
عليه فلما دنا أحدهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة غمرته من شجره العشر (1)
فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه كلما لاذ بها منه اقتطع بسيفه ما دونه حتى
برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها من فنن (2)
حمل مرحب على محمد فضربه فاتقاه بالدرقة فوقع سيفه فيها فعصب به
فأمسكه وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله. رواه أحمد وأبو يعلى ورجال أحد
ثقات. وعن بريدة الأسلمي قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة أهل خيبر
أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض من المسلمين
فلقوا أهل خيبر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله
ورسوله ويحبه الله ورسوله فلما كان الغد دعا عليا وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه
اللواء ونهض الناس معه فلقوا أهل خيبر وكان مرحب يرتجز بين أيديهم ويقول:
قد علمت خيبر أنى مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذا الليوث أقبلت تلهب
قال فاختلفا ضربتين فضربه على على هامته حتى عض السيف منها أضراسه
وسمع أهل العسكر صوت ضربته وما تتام آخر الناس مع علي حتى فتح له ولهم.
رواه أحمد والبزار وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية
رجاله ثقات. وعن بريدة قال حاصرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم
يفتح له ثم أخذه من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح له وأصاب الناس يومئذ
شدة وجهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى دافع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب

(1) هو شجر له صمغ يقال له سكر العشر، وقيل له ثمر. وفى الأصل
(العسر) بالمهملة، والتصحيح من النهاية.
(2) الفنن: الغصن.
150

الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له وبتنا طيبة أنفسنا ان الفتح غدا فلما أن أصبح
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الغداة ثم قام قائما فدعا باللواء والناس على مصافهم فدعا
عليا وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللواء وفتح له قال بريدة وأنا فيمن
تطاول لها. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي سعيد الخدري أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية فهزها ثم قال من يأخذها بحقها فجاء فلان فقال
أمط (1) ثم جاء رجل آخر فقال أمط ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم
لأعطينها رجلا لا يفر هاك يا علي فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك وجاء
بعجوتهما وقد يدهما. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن علي عليه السلام قال
أتينا خيبر فلما أتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمر ومعه الناس فلم يلبثوا أن
هزموا عمر وأصحابه فقال لأبعثن إليهم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله يقاتلهم حتى يفتح الله له قال فتطاول الناس لها ومدوا أعناقهم قال
فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة فقال أين على فقالوا هو أرمد قال أدعوه لي
فلما أتيته فتح عيني ثم تفل فيها ثم أعطاني اللواء قال فانطلقت حتى أتيتهم فإذا
فيهم مرحب يرتجز حتى التقينا فهزمه الله وانهزم أصحابه وتحصنوا وأغلق
الباب فأتينا الباب فلم أزل أعالجه حتى فتحه الله. رواه البزار وفيه نعيم بن
حكيم وثقه ابن حبان وغيره وفيه لين. وعن جابر بن عبد الله قال لما كان يوم
خيبر بعث رجلا فجبن فجاء محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله لم أر كاليوم قط
قتل محمود بن مسلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنوا لقاء العدو واسألوا الله
العافية فإنكم لا تدرون ما تبتلون به منهم وإذا لقيتموهم فقولوا اللهم أنت ربنا
وربهم ونواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت ثم الزموا الأرض جلوسا فإذا
غشوكم فانهضوا وكبروا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبعثن غدا رجلا يحب الله
ورسوله ويحبانه لا يولى الدبر فلما كان من الغد بعث عليا وهو أرمد شديد الرمد فقال
سر فقال يا رسول الله ما أبصر موضع قدمي قال فتفل في عينيه وعقد له اللواء
ودفع إليه الراية فقال على على ما أقاتلهم يا رسول الله قال على أن يشهد وا أن

(1) كلمة زجر.
151

لا إله إلا الله وأنى رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم وأموالهم إلا
بحقها وحسابهم على الله تعالى. رواه الطبراني في الصغير وفيه الخليل بن مرة قال
أبو زرعة شيخ صالح وضعفه جماعة. قلت وبقية هذه الأحاديث تأتى في
مناقب علي رضي الله عنه (1). وعن علي قال لما قتلت مرحبا جئت برأسه إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وفيه ابن قابوس ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا وفيهم
ضعف. وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجنا مع علي حين بعثه
رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه
رجل من يهود فطرح ترسه من يده فتناول علي رضي الله عنه بابا كان عند
الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه
من يده حين فرغ فلقد رأيتني في نفر معي سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب
ذلك الباب فما نقلبه. رواه أحمد وفيه راو لم يسم. وعن أم سلمة وكانت في
غزوة خيبر قالت سمعت وقع السيف في أسنان مرحب. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن ابن عباس قال صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على كل صفراء
وبيضاء وعلى كل شئ إلا أنفسهم وذراريهم قال فأتى بالربيع وكنانة ابني أبى الحقيق
وأحدهما عروس بصفية بنت حيى فلما أبى بهما قال أين آنيتكما التي كانت
تستعار بالمدينة قال أخرجتنا وأجليتنا فأنفقناها قال انظرا ما تقولان فإنكما إن
كتمتماني استحللت بذلك دماءكما وذريتكما قال فدعا رجلا من الأنصار
قال اذهب إلى مكان كذا وكذا فانظر نخيلة في رأسها رقعة فانزع تلك الرقعة
واستخرج تلك الآنية فائت بها فانطلق حتى جاء بها فقدمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم
فضرب أعناقهما وبعث إلى ذريتهما فأتى بصفية بنت حيى وهي عروس فأمر
بلالا فانطلق بها إلى منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بلال فمر بها على زوجها
وأخيه وهما قتيلان فلما رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سبحان الله ما أردت
يا بلال إلى جارية تمر بها على قتيلين تريها إياهما قال أردت أن أحرق جوفها قال
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات معها وجاء أبو أيوب بسيفه فجلس إلى جانب

(1) في الجزء التاسع.
152

الفسطاط (1) فقال إن سمعت واعية أو رابني شئ كنت قريبا من رسول
الله صلى الله عليه وسلم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إقامة بلال قال من هذا قال أنا أبو
أيوب قال ما شأنك هذه الساعة ههنا قال يا رسول الله دخلت بجارية وقد قتلت
زوجها وأخاه فأشفقت عليك قلت أكون قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
يرحمك الله أبا أيوب ثلاث مرات وأكثر الناس فيها فقائل سريته وقائل يقول
امرأته فلما كان عند الرحيل قالوا انظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فان حجبها فهي
امرأته وان لم يحجبها فهي؟ ريته فأخرجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحجبها فوضع
لها ركبته ووضعت ركبتها على فخذه وركبت وقد كان عرض عليها قبل ذلك أن
يتخذها سرية أو يعتقها وينكحها قالت لا بل اعتقني وانكحني ففعل صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ، وبقية رجاله ثقات. وعن
عروة قال لما فتح الله عز وجل خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل من قتل
منهم أهدت زينب بنت الحرث اليهودية وهي بنت أخي مرحب شاة مصلية (2)
وسمته فيها وأكثرت في الكتف والذراع حيث أخبرت انهما أحب أعضاء
الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه بشر بن البراء بن
المعرور أخو بنى سلمة قدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول الكتف والذراع
وانتهش منها وتناول بشر عظما آخر فانتهش منه فلما أرغم (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم
أرغم بشر ما في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارفعوا أيديكم فان كتف الشاة تخبرني
أنى قد بغيت فيها فقال بشر بن البراء والذي أكرمك لقد وجدت ذلك في
أكلتي التي أكلت ولم يمنعني أن ألفظها (4) إلا أنى كرهت أن أنغص طعامك
فلما أكلت ما في فيك لم ارغب بنفسي عن نفسك ورجوت أن لا تكون رغمتها
وفيها بغى فلم يقم بشر من مكانه حتى عاد لونه كالطيالسة وماطله وجعه حتى كان
لا يتحول إلا ما حول وبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث سنين حتى كان وجعه

(1) الفسطاط: ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق.
(2) أي مشوية.
(3) أي ألقى اللقمة من فيه في التراب، وفى الأصل أدغم (بالدال)، والتصحيح من النهاية.
(4) أي أرميها.
153

الذي مات فيه. رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه
حسن. وعن أنس قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال الحجاج بن
علاط يا رسول الله إن لي بمكة مالا وإن لي بها أهلا وإني أريد أن آتيهم فأنا في
حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئا فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول
ما شاء فأتى امرأته حين قدم فقال اجمعي لي ما كان عندك فإني أريد أن أشتري
من غنائم محمد وأصحابه فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم قال وفشا ذلك
بمكة وانقمع المسلمون وأظهر المشركون فرحا وسرورا قال وبلغ الخبر
العباس بن عبد المطلب ف‍؟ قر وجعل لا يستطيع أن يقوم معمر فأخبرني
عثمان الجزري عن مقسم قال فأخذ العباس ابنا له يقال له قثم فاستلقى فوضعه
على صدره وهو يقول:
حبى قثم شبيه ذي الانف الأشم * نبي ذي النعم برغم من رغم
قال ثابت عن أنس ثم أرسل غلاما له إلى الحجاج بن علاط فقال ويلك ماذا
جئت به وماذا تقول في وعد الله عز وجل خير مما جئت به قال الحجاج به علاط
لغلامه اقرأ على أبى الفضل السلام وقل له ليخل لي بعض بيوته لآتيه فان الخبر
على ما يسره فجاء غلامه فلما بلغ باب الدار قال ابشر أبا الفضل فوثب العباس
فرحا حتى قبل بين عينيه فأخبره ما قال الحجاج فأعتقه قال ثم جاء الحجاج
فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم وجرت سهام الله في
أموالهم واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حتى فاتخذها لنفسه وخيرها أن
يعتقها وتكون زوجته أو تلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته
ولكني جئت لمال كان لي ههنا أردت أن أجمعه فأذهب به فاستأذنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأذن لي أن أقول ما شئت فاخف عنى ثلاثا ثم أذكر ما بدا لك قال
فجمعت امرأته ما كان عندها من حلى أو متاع فدفعته إليه ثم انشمر به فلما كان
بعد ذلك أتى العباس امرأة الحجاج فقال ما فعل زوجك فأخبرته أنه ذهب يوم
كذا وكذا وقالت لا يخزيك الله يا أبا الفضل لقد شق علينا الذي بلغك قال
أجل لا يخزيني الله ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا فتح الله خيبرا على رسوله
154

وجرت سهام الله واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه فإن كان لك حاجة في
زوجك فالحقي به قالت أظنك والله صادقا قال فإني صادق والامر على
ما أخبرتك ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم لا يصيبك
الأخير يا أبا الفضل قال لم يصبني الا خير بحمد الله تبارك وتعالى قد أخبرني
الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وجرت فيها سهام
الله واصطفى صفية لنفسه وقد سألني أن أخفى عنه ثلاثا وإنما جاء ليأخذ ماله
وما كان له من شئ ههنا ثم يذهب قال فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين
على المشركين وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس
فأخبرهم الخبر فسر المسلمون ورد ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين.
رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عروة
قال وقتل يوم خيبر من قريش ثم من بنى عبد مناف: ثقف بن عمرو حليف لهم
من بنى أسد بن خزيمة، ومن الأنصار ثم من بنى زريق: مسعود بن سعد بن خالد،
ومن بنى عمرو بن عوف: أبو الصباح أو أبو ضياح. رواه الطبراني وفيه ابن
لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن. وعن ابن شهاب في تسمية من استشهد يوم
خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ثم من بنى حارثة: محمود بن مسلمة فذكروا
أن رسول الله قال لمحمد بن مسلمة أخوك له أجر شهيدين، ومن بنى
زريق: مسعود بن سعد بن قيس. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي
هريرة قال ما شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغنما قط الا قسم لي الا خيبر
فإنها كانت لأهل الحديبية خاصة وكان أبو هريرة وأبو موسى جاءا بين
الحديبية وخيبر. رواه أحمد وفيه علي بن يزيد وهو سئ الحفظ، وبقية رجاله
رجال الصحيح. وعن عقبة بن سويد الأنصار أنه سمع أباه وكان من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قفلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر فلما بدا له أحد قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر جبل يحبنا ونحبه. رواه أحمد وعقبة ذكره ابن أبي
حاتم وقال روى عنه عبد العزيز ولم يجرحه، قلت وروى عن الزهري عند احمد،
وبقية رجاله رجال الصحيح.
155

* (باب غزوة مؤتة) *
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى مؤتة فاستعمل عليهم زيدا
فان قتل زيد فجعفر فان قتل جعفر فعبد الله بن رواحة. رواه أحمد في أثناء
حديث طويل وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن أبي قتادة الأنصار فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
جيش الامراء فقال عليكم زيد بن حارثة فان أصيب زيد فجعفر بن أبي
طالب فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصار فوثب جعفر فقال بأبي
أنت وأمي يا رسول الله ما كنت أرهب أن تستعمل على زيدا قال أمض فإنك
لا تدري أي ذلك خير فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد
المنبر وأمر أن ينادى بالصلاة جامعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناب خيرا أو بات خيرا
أو ثاب خيرا شك عبد الرحمن ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي انهم انطلقوا
فلقوا العدو فأصيب زيد شهيدا فاستغفروا له فاستغفر له الناس ثم أخذ اللواء
جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى استشهد أشهد له بالشهادة فاستغفروا له
ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا فاستغفروا له
ثم أخد اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الامراء هو أمر نفسه ثم رفع رسول
الله صلى الله عليه وسلم إصبعه فقال اللهم انه سيف من سيوفك فانصره فمن يومئذ سمى خالد
سيف الله ثم قال انفروا فأمدوا إخوانكم قال فنفر الناس في حر شديد مشاة
وركبانا. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير خالد بن سمير وهو ثقة. وعن انس
ابن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث زيدا وجعفرا وعبد الله بن رواحة فدفع الراية
إلى زيد. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن جعفر قال بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة فأن قتل زيد أو استشهد
فأميركم جعفر فان قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة فأخذ الراية زيد
فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل ثم أخذها عبد الله بن
رواحة فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه وأتى
خبرهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال إن إخوانكم
156

لقوا العدو وان زيدا أخذ الراية فقاتل حتى قتل أو استشهد ثم أخذ الراية
بعده جعفر بن أبي طالب فقاتل حتى قتل أو استشهد ثم أخذ الراية عبد الله بن
رواحة فقاتل حتى قتل أو استشهد ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد
أبو الوليد ففتح الله عليه ثم أمهل إل جعفر ثلاثا ان يأتيهم ثم أتاهم فقال
لا تبكوا على أخي بعد اليوم ادعوا لي بنى أخي قال فجئ بنا كأننا أفرخ قال
ادعوا لي الحلاق فجئ بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال أما محمد فشبه عمنا أبى
طالب وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي ثم أخذ بيدي فأشار لهما فقال اللهم اخلف
جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه قالها ثلاث مرات قال فجاءت
أمنا فذكرت يتمنا فقال العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة
قلت روى أبو داود وغيره بعضه رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح.
وعن أبي اليسر بن عمرو الأنصاري قال أنا دفعت الراية إلى عبد الله بن رواحة
وأصيب فدفعتها إلى ثابت بن أقرم الأنصاري فدفعها إلى خالد بن الوليد فقال
له لم تدفعها إلى قال أنت أعلم بالقتال منى. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
أبو حمزة الثمالي وهو ضعيف. وعن عروة بن الزبير قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا إلى
مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة فقال لهم إن
أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة
على الناس فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف فلما حضر خروجهم ودع
الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم فلما ودع عبد الله بن رواحة مع من
ودع بكى فقيل له ما يبكيك يا ابن رواحة فقال والله ما بي حب الدنيا وصبابة ولكن
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار (وان منكم الا
واردها كان على ربك حتما مقضيا) فلست أدرى كيف لي بالصدر بعد الورود فقال لهم
المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين فقال عبد الله بن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة * وضربة ذات فزع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة * بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي * أرشده الله من غاز وقد رشدا
157

ثم إن القوم تهيئوا للخروج فأتى عبد الله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعه فقال:
يثبت الله ما آتاك من حسن * تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
انى تفرست فيك الخير نافلة * فراسة خالفتهم في الذي نظروا
أنت الرسول فمن يحرم نوافله * والوجه منه فقد أزرى به القدر
ثم خرج القوم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يشيعهم حتى إذا ودعهم وانصرف
عنهم قال عبد الله بن رواحة:
خلف السلام على امرئ ودعته * في النخل غير مودع وكليل
ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام فبلغهم أن هرقل في مآب من أرض
البلقاء في مائة الف من الروم وقد اجتمعت إليه المستعربة من لخم وجذام
وبلقين وبهرام وبلى في مائة ألف عليهم رجل يلي أخذ رايتهم يقال له ملك بن
زانة فلما بلغ ذلك المسلمين قاموا بمعان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا
نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا فاما أن يمدنا وإما أن يأمرنا
بأمره فنمضي له فشجع عبد الله بن رواحة الناس وقال يا قوم والله ان الذي
تكرهون للذي خرجتم له تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة
ولا كثرة إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى
الحسنيين اما ظهور واما شهادة، قال عبد الله بن رواحة في مقامهم ذلك قال ابن إسحاق
كما حدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم قال كنت
يتيما لعبد الله بن رواحة في حجره فخرج في سفرته تلك مرد في علي حقيبة (1)
راحلته ووالله انا لنسير ليلة إذ سمعته يتمثل ببيته هذا:
إذا أديتني وحملت رحلي * مسيرة أربع بعد الحساء
فلما سمعته منه بكيت فخفقني بالدرة وقال ما عليك يا لكع أن يرزقني
الله الشهادة وترجع من شعبتي الرحل ومضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء
لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها
مآب ثم دنا المسلمون وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة فالتقى

(1) هي الزيادة التي تجعل في مؤخر القتب، والوعاء الذي يجمع فيه الرجل زاده.
158

الناس عندها وتعبأ (1) المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بنى عذرة
يقال له قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له عبادة بن مالك
ثم التقى الناس واقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط
في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألجمه القتال اقتحم عن فرس
له شقراء فعقرها فقاتل القوم حتى قتل وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر
في الاسلام. رواه الطبراني ورجاله ثقات إلى عروة. وعن عباد بن عبد الله
ابن الزبير قال حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بنى مرة بن عوف وكان
في تلك الغزاة غزوة مؤتة قال والله لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب حين
اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل القوم حتى قتل فلما قتل جعفر
أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل
نفسه وتردد بعض التردد ثم قال:
أقسمت يا نفسي لتنزلنه * طائعة أو لتكرهنه
ما لي أراك تكرهين الجنة * ان أجلب الناس وشدوا الرنه
لطالما قد كنت مطمئنه * هل أنت الا نطفة في شنه
وقال عبد الله بن رواحة:
يا نفس ان لا تقتلي فموتي * هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت * ان تفعلي فعلهما هديت
ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعظم من لحم فقال اشدد بهذا صلبك فإنك
قد لقيت في أيامك هذه ما قد لقيت فأخذه من يده فانتهش منه نهشة ثم سمع
الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم
فقاتل حتى قتل فأخذ الراية ثابت بن أقرم أحد بلعجلان وقال يا أيها الناس
اصطلحوا على رجل منكم قالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح الناس على خالد بن
الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم ثم انحاز حتى انصرف فلما أصيبوا قال

(1) يقال عبأت الجيش عبأ وعبأتهم تعبئة وتعبيئا، وقد يترك الهمز
فيقال عبيتهم تعبية أي رتبتهم في مواضعهم وهيأتهم للحرب.
159

رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم
أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم صمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت
وجوه الأنصار وظنوا أنه كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهونه قال
ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم قال لقد رفعوا إلى
في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة
ازورارا عن سريري صاحبيه فقلت بم هذا فقيل لي مضيا وتردد عبد الله بن
رواحة بعض التردد ومضى. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن شهاب
قال ثم بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا إلى مؤتة وأمر عليهم زيد بن حارثة فان أصيب
زيد فجعفر بن أبي طالب أميرهم فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة أميرهم
فانطلقوا حتى لقوا ابن أبي سبرة الغساني بمؤتة وبها جموع من نصارى العرب
والروم وبها تنوخ وبهرام فأغلق ابن أبي سبرة دون المسلمين الحصن ثلاثة
أيام ثم خرجوا فالتقوا على زرع أخضر فاقتتلوا قتالا شديدا وأخذ اللواء زيد
ابن حارثة فقتل ثم أخذه جعفر فقتل ثم أخذه ابن رواحة فقتل ثم اصطلح
المسلمون بعد أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم على خالد بن الوليد فهزم الله العدو
وأظهر المسلمين وبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الأولى. رواه الطبراني
ورجاله ثقات. وعن ابن المسيب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم مثلوا لي في الجنة في خيمة من
درة كل واحد منهم على سرير فرأيت زيدا وابن رواحة أعناقهما صدودا قال
فسألت أو قال لي إنهما حين غشيهما الموت كأنهما أعرضا أو كأنهما صدا
بوجوههما وأما جعفر فإنه لم يفعل قال ابن عيينة فذاك حين يقول ابن رواحة:
أقسمت يا نفس لتنزلنه * بطاعة منك أو لتكرهنه
فطالما قد كنت مطمئنة
قال جعفر ما أطيب ريح الجنة. رواه الطبراني وفيه علي بن زيد وحديثه حسن،
وبقية رجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل. وعن أبي اليسر قال كنت جالسا
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أبو عامر الأشعري فقال بعثتني في كذا وكذا
فأتيت مؤتة فلما صف القوم وركب جعفر فرسه ولبس درعه وأخذ اللواء فمشى
160

حتى أتى القوم ثم نادى من يبلغ هذه صاحبها فقال رجل من القوم أنا فبعث
بها ثم تقدم فضرب بسيفه حتى قتل فتحدرت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم دموعا
فصلى بنا الظهر ثم دخل ولم يكلمنا ثم أقيمت الصلاة فخرج فصلى ولم يكلمنا ثم فعل
ذلك في المغرب والعشاء يدخل ولا يكلمنا وكان إذا صلى أقبل علينا بوجهه
فخرج علينا في الفجر في الساعة التي كان يخرج فيها وأنا وأبو عامر الأشعري
جلوس فجلس بيننا فقال ألا أخبركم عن رؤيا رأيتها دخلت الجنة فرأيت جعفر
ذا جناحين مضرجين بالدماء وزيد مقابله وابن رواحة معهم كأنه يعرض عنهم
وسأخبركم عن ذلك إن جعفرا حين تقدم فرأى القتل لم يصرف وجهه وزيد
كذلك وابن رواحة صرف وجهه. رواه الطبراني وفيه ثابت بن دينار أبو
حمزة وهو ضعيف. وعن أسماء بنت عميس قالت لما أصيب جعفر وأصحابه
دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دبغت أربعين ميتة وعجنت عجني وغسلت بنى
ودهنتهم ونظفتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أئتني ببني جعفر قال فأتيته بهم فشمهم
وذرفت عيناه فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما يبكيك أبلغك عن جعفر
وأصحابه شئ قال نعم أصيبوا هذا اليوم قالت فقمت أصيح واجتمع إلى
النساء وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا
لهم طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم - قلت روى ابن ماجة بعضه - رواه
أحمد وفيه امرأتان لم أجد من وثقهما ولا جرحهما، وبقية رجاله ثقات. وعن
عروة قال قتل يوم مؤتة من الأنصار: الحرث بن النعمان بن يساف بن نضلة
ابن عبد عوف بن غنم، وزيد بن حارثة بن غنم، وسراقة بن عمرو بن عطية
ابن خنساء. رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف.
* (باب غزوة الفتح) *
عن عائشة قالت لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب فيما كان من شأن بنى كعب
غضبا لم أره غضبه منذ زمان وقال لا نصرني الله إن لم أنصر بنى كعب قالت وقال
لي قولي لأبي بكر وعمر يتجهزا لهذا الغزو قال فجاءا إلى عائشة فقالا أين يريد
161

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقالت لقد رأيته غضب فيما كان من شأن بنى كعب غضبا
لم أره غضبه منذ زمان من الدهر. رواه أبو يعلى عن حزام بن هشام بن حبيش
عن أبيه عنها وقد وثقهما ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن ذوي الجوشن
الضبابي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس يقال لها
القرحاء فقلت يا محمد قد جئتك بابن القرحاء لتتخذه قال لا حاجة لي فيه وإن أردت
أقيضك بها المختارة من دروع بدر فعلت قال ما كنت لأقيضه اليوم بغرة قال
لا حاجة لي فيه ثم قال يا ذا الجوشن ألا تسلم فتكون من أول هذا الامر فقلت
لا قال لم قال قلت رأيت قومك قد ولعوا بك قال كيف بلغك عن مصارعهم ببدر
قلت قد بلغني قال فانا يهدى لك قلت إن تغلب على الكعبة وتقطنها قال لعلك
إن عشت ترى ذلك ثم قال يا فلان خذ حقيبة الرجل فزوده من العجوة فلما
أدبرت قال أما إنه من خير فرسان بنى عامر قال فوالله إني بأهلي بالغور إذ أقبل
راكب فقلت ما فعل الناس قال والله قد غلب محمد على الكعبة وقطنها قلت
هبلتني (1) أمي ولو أسلمت يومئذ ثم أسأله الحيرة لأقطعنيها، وفى رواية فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم ما يمنعك من ذلك قال رأيت قومك قد كذبوك وأخرجوك وقاتلوك
فأنظر ماذا تصنع فان ظهرت عليهم آمنت بك واتبعتك وإن ظهروا عليك
لم أتبعك - قلت روى أبو داوود بعضه - رواه عبد الله بن أحمد وأبوه ولم يسق
المتن والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. وعن أبي هريرة أن قائل خزاعة قال:
اللهم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا
انصر هداك الله نصرا اعتدى * وادع عباد الله يأتوا مددا
رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عمرو وحديثه حسن. وعن علي
قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أرسل إلى ناس من أصحابه انه يريد مكة
فيهم حاطب بن أبي بلتعة وفشا في الناس أنه يريد حنينا قال فكتب حاطب
إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم قال فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبا

(1) أي فقدتني.
162

مرثد الغنوي وليس معنا رجل إلا ومعه فرس فقال ائتوا روضة الخاخ (1)
فإنكم ستلقون بها امرأة ومعها كتاب فخذه منها قال فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان
الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا لها هاتي الكتاب فقالت ما معي كتاب قال
فوضعنا متاعها ففتشناها فلم نجده في متاعها فقال أبو مرثد فلعله أن لا يكون
معها كتاب فقلنا ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا فقلنا لها لتخرجنه
أو لنعرينك فقالت أما تتقون الله أما أنتم مسلمون فقلنا لتخرجنه أو لنعرينك
قال عمرو بن مرة فأخرجته من حجزتها (2) وقال حبيب بن أبي ثابت من قبلها
فذكر الحديث قلت هو في الصحيح بغير هذا السياق رواه أبو يعلى وفيه
الحارث الأعور وهو ضعيف. وعن ميمونة بنت الحرث زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بات عندها في ليلة فقام يتوضأ للصلاة فالت فسمعت يقول في
متوضئه لبيك لبيك ثلاثا نصرت نصرت ثلاثا فلما خرج قلت يا رسول الله
سمعتك تقول في متوضئك لبيك لبيك ثلاثا نصرت نصرت ثلاثا كأنك تكلم
انسانا وهل كان معك أحد قال هذا راجز بنى كعب يستصرخني ويزعم أن قريشا
أعانت عليهم بكر بن وائل ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر عائشة أن تجهزه
ولا تعلم أحدا قالت فدخل عليها أبو بكر فقال يا بنية ما هذا الجهاز فقالت
والله ما أدرى فقال ما هذا بزمان غزوة بنى الأصفر فأين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالت والله لا علم لي قالت فأقمنا ثلاثا ثم صلى الصبح بالناس فسمعت الراجز ينشد:
يا رب إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا
إنا ولدناك فكنت ولدا * ثمت أسلمنا فلم تنزع يدا
إن قريشا أخلفوك الموعدا * ونقضوا ميثاقك ألم. كدا
وزعموا أن لست تدعو أحدا * فانصر هداك الله نصرا أيدا
وادعوا عباد الله يأتوا مددا * فيهم رسول الله قد تجردا
ان سيم (3) خسفا وجهه تربدا

(1) هي بخاء بن معجمتين موضع بين مكة والمدينة، وفى الأصل (خاح).
(2) الحجزة، موضع شد الإزار.
(3) في الأصل (سيف).
163

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك لبيك ثلاثا نصرت نصرت ثلاثا ثم خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلما كان بالروحاء نظر إلى سحاب منتصب فقال إن هذا السحاب لينصب
بنصر بنى كعب فقال رجل من بنى عدى بن عمرو أخو بنى كعب بن عمرو يا رسول
الله ونصر بنى عدى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل عدى إلا كعب وكعب إلا عدى
فاستشهد ذلك الرجل في ذلك السفر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم عم عليهم
خبرنا حتى نأخذهم بغتة ثم خرج حتى نزل بمر وكان أبو سفيان وحكيم بن حزام
وبديل بن ورقاء خرجوا تلك الليلة حتى أشرفوا على مر فنظر أبو سفيان إلى
النيران فقال يا بديل هذه نار بنى كعب هلك فقال حاشتها إليك الحرب فأخذتهم
مزينة تلك الليلة وكانت عليهم الحراسة فسألوا أن يذهبوا بهم إلى العباس بن
عبد المطلب فذهبوا بهم فسأله أبو سفيان أن يستأذن له من رسول الله
فخرج بهم حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يؤمن له من أمن فقال قد أمنت
من أمنت ما خلا أبا سفيان فقال يا رسول الله لا تحجر على فقال من أمنت فهو
آمن فذهب بهم العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج بهم فقال أبو سفيان إنا
؟ ريد أن نذهب فقال أسفروا وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وابتدر المسلمون
وضوءه ينتضحونه في وجوههم فقال أبو سفيان يا أبا الفضل لقد أصبح ملك
ابن أخيك عظيما فقال ليس بملك ولكنها النبوة وفى ذلك يرغبون. رواه
الطبراني في الصغير والكبير وفيه يحيى بن سليمان بن نضلة وهو ضعيف. وعن
ابن عباس قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره واستخلف على المدينة أبارهم
كلثوم بن الحصين بن عتبة بن خلف الغفاري وخرج لعشر مضين من رمضان
فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كانوا بالكديد بين عسفان
وأمح أفطر ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين
قلت في الصحيح طرف منه في الصيام رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير
ابن إسحاق وقد صرح بالسماع. وعن ابن عباس قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستعمل على المدينة أبا رهم كلثوم بن الحصين الغفاري وخرج لعشر مضين من
رمضان فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد ماء
164

بين عسفان وأمج - أفطر ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من
المسلمين وألف من مزينة وسليم وفى كل القبائل عدد وسلاح (1) وأوعب مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والأنصار (2) لم يتخلف منهم أحد فلما نزل رسول الله
صلى الله عليه وسلم مر الظهران وقد عميت الاخبار على قريش فلم يأتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خبر ولم يدروا ما هو فاعل خرج في تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن
حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعون به
وقد كان العباس بن عبد المطلب تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق وقد
كان أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة
قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة ومكة والتمسا الدخول عليه فكلمته
أم سلمة فيها فقالت يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك قال لا حاجة
لي بهما أما ابن عمى فهتك عرضي بمكة وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال
لي بمكة ما قال فلما خرج إليهما بذلك ومع أبي سفيان بنى له فقال والله لتأذنن
لي أو لآخذن بيد بنى هذا ثم لنذهبن بالأرض حتى نموت عطشا وجوعا فلما
بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما ثم أذن لهما فدخلا فأسلما فلما نزل رسول الله
صلى الله عليه وسلم
مكة عنوة قبل أن يستأمنوه إنه لهلاك قريش آخر الدهر قال فجلست على
بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فخرجت عليها حتى جئت الأراك فقلت لعلى ألقى
بعض الخطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة قال فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما
خرجت له إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو
سفيان يقول ما رأيت كاليوم قط نيرانا ولا عسكرا قال يقول بديل هذه والله
نيران خزاعة حشتها (3) الحرب قال يقول أبو سفيان خزاعة والله أذل وألام
من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها قال فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة

(1) في الأصل (وإسلام)
(2) أي خرجوا جميعهم
(3) يقال حششت النار أحشها إذا ألهبتها وأضرمتها. وفى الأصل (حسنها) والتصحيح من النهاية
165

فغرف صوتي فقال أبو الفضل فقلت نعم فقال مالك فداك أبي وأمي فقلت
ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وا صباح قريش والله قال فما
الحيلة فداك أبي وأمي قال قلت لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب معي هذه
البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك قال فركب خلفي ورجع
صاحباه وحركت به فكلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا من هذا فإذا رأوا
بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن
الخطاب فقال من هذا وقام إلى قلما رأى أبو سفيان على عجز البغلة قال أبو
سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد ثم خرج يشتد
نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة الرجل البطئ
فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر فقال يا رسول الله
هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه فقلت
يا رسول الله إني أجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لا والله لا يناجيه الليلة
رجل دوني قال فلما أكثر عمر في شأنه قلت مهلا يا عمر أما والله ان لو كان من رجال
بنى عدى بن كعب ما قلت هذا ولكنك عرفت أنه من رجال بنى عبد مناف
فقال مهلا يا عباس والله لإسلامك يوم أسلمت أحب إلى من إسلام أبى لو أسلم
وما بي الا أنى قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام
الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب به إلى رحلك يا عباس فإذا أصبحت فائتني به
فذهبت به إلى رحلي فبات عندي فلما أصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تشهد أن لا إله الا
الله قال بأبي أنت وأمي ما أكرمك وأحلمك وأوصلك لقد ظننت أن لو كان مع
الله غير لقد أغنى عنى شيئا قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنى رسول
الله قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك هذه والله كان في
النفس منها شئ حتى الآن، قال العباس ويحك يا أبا سفيان أسلم واشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن يضرب عنقك قال فشهد شهادة
الحق وأسلم قلت يا رسول الله إن أبا سفيان يحب هذا الفخر فاجعل له شيئا
قال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل
166

المسجد فهو آمن فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباس احبسه
بالوادي عند حطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها قال فخرجت به حتى
حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحبسه قال ومرت به
القبائل على راياتها فكلما مرت قبيلة قال من هؤلاء يا عباس فيقول بنى سليم فيقول ما لي
ولسليم قال ثم تمر القبيلة فيقول من هؤلاء فأقول مزينة فيقول ما لي ولمزينة
حتى نفدت القبائل يعنى جاوزت لا تمر قبيلة إلا قال من هؤلاء فأقول بنو فلان
فيقول ما لي ولبني فلان حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء فيها المهاجرون
والأنصار لا يرى منهم سوى الحدق قال سبحان الله من هؤلاء يا عباس قلت
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار قال ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة
والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما قلت يا أبا سفيان
إنها النبوة قال فنعم إذا قلت التجئ إلى قومك قال فخرج حتى جاءهم صرخ
بأعلى صوته يا قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل (1) لكم به فمن دخل دار أبي سفيان
فهو آمن فقامت إليه امرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت اقتلوا الدسم
الأحمش (2) فبئس طليعة قوم قال ويحكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاء
بما لا قبل لكم به من دخل دار أبي سفيان فهو آمن قالوا ويحك وما تغنى عنا
دارك قال ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن فتفرق الناس
إلى دورهم والى المسجد. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أنس
ابن مالك قال أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة الناس إلا أربعة من الناس
عبد العزى بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وسارة
امرأة فأما عبد العزى فإنه قتل وهو آخذ بأستار الكعبة قال ونذر رجل
من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد بن أبي سرح إذا رآه وكان أخا عثمان
ابن عفان من الرضاعة فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشفع فلما بصر به الأنصاري
اشتمل على السيف ثم خرج في طلبه فوجده في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهاب

(1) أي لا طاقة.
(2) في النهاية (الحميت الأحمش) قالتها في معرض بالذم، وفى الأصل (الأحمس).
167

قتله فجعل يتردد ويكره أن يقدم عليه لأنه في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسط
رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فبايعه ثم قال للأنصاري قد انتظرتك أن توفى بنذرك
قال يا رسول الله هبتك أفلا أو مضت إلى (1) قال إنه ليس لنبي أن يومض
وأما مقيس بن صبابة فإنه كان له أخ قتل خطأ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث معه
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بنى فهر ليأخذ له من الأنصار العقل فلما جمع له العقل
ورجع نام الفهري فوثب مقيس فأخذ حجرا فجلد به رأسه فقتله ثم أقبل وهو يقول:
شفى النفس من قد مات بالقاع مسندا * يضرج ثوبيه دماء الأجادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله * تهيج فتنسيني وطأة المضاجع
حللت به ثأري وأدركت ثورتي * وكنت إلى الأوثان أول راجع
وأما سارة فإنها كانت مولاة لقريش فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الحاجة
فأعطاها شيئا ثم أتاها رجل فدفع إليها كتابا لأهل مكة يتقرب به إليهم ليحفظ
في عياله وكان له بها عيال فأخبر جبريل بذلك فبعث في أثرها عمر بن الخطاب
وعلي بن أبي طالب فلحقاها ففتشاها فلم يقدرا على شئ منها فأقبلا راجعين
فقال أحدهما لصاحبه والله ما كذبنا ولا كذبنا ارجع بنا إليها فرجعا إليها فسلا
سيفيهما فقالا والله لنذيقنك الموت أو لتدفعن إلينا الكتاب فأنكرت ثم قالت
أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلا منها فحلت عقاصها (2)
فأخرجت كتابا من قرونها فدفعته إليهما فرجعا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعاه
إليه فبعث إلى الرجل فقال ما هذا الكتاب قال أخبرك يا رسول الله ليس أحد
معك إلا له من يحفظه في عياله فكتبت هذا الكتاب ليكونوا في عيالي فأنزل
الله (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة)
إلى آخر الآيات. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحكم بن عبد الملك وهو
ضعيف. وعن سعد يعنى ابن أبي وقاص قال لما كان يوم فتح مكة أمن رسول
الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين
بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة

(1) أي هلا أشرت إلى إشارة خفية.
(2) أي ضفائرها.
168

وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق
بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر فسبق سعيد
عمارا وكان أشب الرجلين فقتله واما مقيس بن صبابة فأدركه رجل من السوق
في السوق وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة
لأهل السفينة أخلصوا فان آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا فقال عكرمة لئن
لم ينجني في البحر إلا الاخلاص ما ينجيني في البر غيره اللهم إن لك على عهدا ان
أنت عافيتني مما أنا فيه آتي محمدا فأضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما
قال فجاء فأسلم وذكر الحديث - قلت رواه أبو داود وغيره باختصار - رواه
أبو يعلى والبزاز وزاد فاما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه أحنى عليه عثمان
فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للبيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه ينظر إليه كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث بأصابعه
ثم أقبل فحمد الله وأثنى عليه وقال أما كان فيكم رجل رشيد ينظر إذ رآني كففت
يدي عن بيعته فيقتله قالوا يا رسول الله لو أومأت إلينا بعينك قال فإنه لا ينبغي
لنبي أن تكون له خائنة الأعين. ورجالهما ثقات. قلت ويأتي حديث سعيد بن
يربوع بعد إن شاء الله مع أحاديث نحو هذا. وعن الزبير يعنى ابن العوام عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعطى يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة فدخل الزبير مكة
بلوائين. رواه أبو يعلى وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف جدا. وعن
أنس قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة استشرفه الناس فوضع رأسه على رحله
تخشعا. رواه أبو يعلى وفيه عبد الله بن أبي بكر المقدمي وهو ضعيف.
وعن أنس بن مالك قال كنا بسرف (1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان
قريب منكم فاحذروه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا سفيان قال يا رسول الله
قومي قومي قال قومك من أغلق بابه فهو آمن قال اجعل لي شيئا قال من
دخل دار أبي سفيان فهو آمن. رواه الطبراني وفيه الحكم بن عبد الملك وهو
ضعيف. وعن أبي ليلى قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أبا سفيان في الأراك

(1) سرف بكسر الراء: موضع قريب من مكة.
169

فدخلنا فأخذناه فجعل المسلمون يحوونه بجفون سيوفهم حتى جاءوا به إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ويحك يا أبا سفيان قد جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا
تسلموا وكان العباس له صديقا فقال له العباس يا رسول الله إن أبا سفيان يحب
الصوت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادى بمكة من أغلق بابه فهو آمن ومن
ألقى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم بعث معه العباس
حتى جلسا على عقبة الثنية فأقبلت بنو سلمة فقال يا عباس من هؤلاء قال هذه
بنو سليم فقال وما أنا وسليم ثم أقبل علي بن أبي طالب في المهاجرين فقال
يا عباس من هؤلاء قال علي بن أبي طالب في المهاجرين ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الأنصار فقال يا عباس من هؤلاء قال هؤلاء الموت الأحمر هذا رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الأنصار فقال أبو سفيان لقد رأيت ملك كسرى وقيصر فما رأيت
مثل ملك ابن أخيك فقال العباس إنما هي النبوة. رواه الطبراني وفيه حرب
ابن الحسن الطحان وهو ضعيف وقد وثق. وعن عروة قال ثم خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم في اثنى عشر ألفا من المهاجرين والأنصار وأسلم وغفار وجهينة وبنى
سليم وقادوا الخيول حتى نزلوا بمر الظهران ولم تعلم بهم قريش وبعثوا بحكيم
ابن حزام وأبى سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا خذ لنا منه جوارا أو آذنوه
بالحرب فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام فلقيا بديل بن ورقاء
فاستصحباه حتى إذا كانا بالأراك من مكة وذلك عشاءا رأوا الفساطيط والعسكر
وسمعوا صهيل الخيل فراعهم ذك وفزعوا منه وقالوا هؤلاء بنو كعب حاشتها
الحرب فقال بديل هؤلاء أكبر من بنى كعب ما بلغ تأليبها هذا أفتنتج هوازن
أرضنا والله ما نعرف هذا أيضا ان هذا لمثل حاج الناس وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قد بعث بين يديه خيلا تقبض العيون وخزاعة على الطريق لا يتركون
أحدا يمضى فلما دخل أبو سفيان وأصحابه عسكر المسلمين أخذتهم الخيل تحت
الليل وأتوا بهم خائفين القتل فقام عمر بن الخطاب إلى أبي سفيان فوجأ (1) في
عنقه والتزمه القوم وخرجوا به ليدخلوه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف القتل وكان

(1) أي ضرب.
170

العباس بن عبد المطلب خالصة له في الجاهلية فصاح بأعلى صوته ألا تأمروا لي
إلى عباس فأتاه فدفع عنه وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبضه إليه ومشى
في القوم مكانه فركب به عباس تحت الليل فسار به في عسكر القوم حتى
أبصروه أجمع وقد كان عمرو قد قال لأبي سفيان حين وجاء عنقه والله لا تدنو
من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تموت فاستغاث بعباس فقال إني مقتول فمنعه من
الناس أن ينتهبوه فلما رأى كثرة الناس وطاعتهم قال لم أر كالليلة جمعا لقوم
فخلصه العباس من أيديهم وقال إنك مقتول ان لم تسلم وتشهد أن محمدا رسول
الله فجعل يريد يقول الذي يأمره العباس فلا ينطلق لسانه فبات مع عباس
وأما حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما
وجعل يستخبرهما عن أهل مكة فلما نودي بالصلاة صلاة الصبح تحين القوم
ففزع أبو سفيان فقال يا عباس ماذا تريدون قال هم المسلمون يتيسرون
لحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج به عباس فلما أبصرهم أبو سفيان قال يا عباس
أما يأمرهم بشئ إلا فعلوا فقال عباس لو نهاهم عن الطعام والشراب لأطاعوه
قال عباس فكلمه في قومك هل عنده من عفو عنهم فأتى العباس بأبي سفيان
حتى أدخله على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عباس يا رسول الله هذا أبو سفيان فقال
أبو سفيان يا محمد انى قد استنصرت إلهي واستنصرت إلهك فوالله ما رأيتك
الا قد ظهرت على فلو كان إلهي محقا وإلهك مبطلا لظهرت عليك فشهد أن
لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله فقال عباس يا رسول الله إني أحب أن
تأذن لي آتي قومك فانذرهم ما نزل وأدعوهم إلى الله ورسوله فأذن له فقال
عباس كيف أقول لهم يا رسول الله بين لي من ذلك أمانا يطمئنون إليه قال
رسوله الله صلى الله عليه وسلم تقول لهم من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله فهو آمن ومن جلس عند الكعبة فوضع سلاحه فهو
آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن فقال عباس يا رسول الله أبو سفيان بن
عمنا وأحب أن يرجع معي فلوا اختصصته بمعروف فقال النبي صلى الله عليه وسلم من دخل
دار أبي سفيان فهو آمن فجعل أبو سفيان يستفقهه ودار أبي سفيان بأعلى مكة
171

ومن دخل دار حكيم بن حزام وكف يده فهو آمن ودار حكيم بأسفل مكة
وحمل النبي صلى الله عليه وسلم عباسا على بغلته البيضاء التي كان أهداها إليه دحية الكلبي
فانطلق عباس بأبي سفيان قد أردفه فلما سار عباس بعث النبي صلى الله عليه وسلم في أثره
فقال أدركوا عباسا فردوه على وحدثهم بالذي خاف عليه فأدركه الرسول فكره
عباس الرجوع وقال أيرهب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع أبو سفيان راغبا في
قلة الناس فيكفر بعد اسلامه فقال احبسه فحبسه فقال أبو سفيان أغدرا يا بني هاشم
فقال عباس إنا لسنا نغدر ولكن لي إليك بعض الحاجة قال وما هي
أقضيها لك قال تفادها حين يقدم عليك خالد بن الوليد والزبير بن العوام فوقف
عباس بالمضيق دون الأراك من مر وقد وعى أبو سفيان منه حديثه ثم بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل بعضها على أثر بعض وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل
شطرين فبعث الزبير وردفه خيل بالجيش من أسلم وغفار وقضاعة فقال أبو سفيان
رسول الله هذا يا عباس قال لا ولكن خالد بن الوليد وبعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة بن يديه في كتيبة للأنصار فقال اليوم يوم الملحمة
اليوم تستحل الحرمة ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة الايمان المهاجرين
والأنصار فلما رأى أبو سفيان وجوها كثيرة لا يعرفها فقال يا رسول الله
أكثرت أو اخترت هذه الوجوه على قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنت فعلت ذلك وقومك ان هؤلاء صدقوني إذ كذبتموني ونصروني إذ
أخرجتموني ومع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ الأقرع (1) بن حابس وعباس بن مرداس
وعيينة بن حصن بن بدر الفزاري فلما أبصرهم حول النبي صلى الله عليه وسلم قال من هؤلاء
يا عباس قال هذه كتيبة النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذه الموت الأحمر هؤلاء المهاجرون
والأنصار قال امض يا عباس فلم أر كاليوم جنودا قط ولا جماعة فسار الزبير
في الناس حتى وقف بالحجون (2) واندفع خالد حتى دخل من أسفل مكة فلقيه
أوباش بنى بكر فقاتلوهم فهزمهم الله عز وجل وقتلوا بالحزورة (3) حتى دخلوا

(1) اسم الأقرع بن حابس فراس.
(2) الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة.
(3) هو موضع في مكة عند باب الحناطين.
172

الدور وارتفع طائفة منهم على الخيل على الخندمة (1) واتبعه المسلمون فدخل
النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس ونادى مناد من أغلق عليه داره وكف يده
فإنه آمن ونادى أبو سفيان بمكة أسلموا تسلموا وكفهم الله عز وجل عن
عباس وأقبلت هند بنت عتبة فأخذت بلحية أبي سفيان ثم نادت يا آل
غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق قال فأرسلي لحيتي فاقسم بالله ان
أنت لم تسلمي لتضربن عنقك ويلك جاء بالحق فادخل أريكتك أحسبه
قال واسكتي. رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه
ضعف. وعن سعيد بن يربوع وكان يسمى الصرم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
يوم فتح مكة أربعة لا أؤمنهم في حل ولا حرم الحويرث بن نفيل ومقيس
ابن صبابة وهلال بن خطل وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فاما الحويرث
فقتله علي بن أبي طالب وأما مقيس بن صبابة فقتله ابن عم له لحاء وأما هلال بن
خطل فقتله الزبير وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فأسبى من له عثمان بن عفان
رضي الله عنه وكان أخاه من الرضاعة وقينتين كانتا لمقيس تغنيان بهجاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم قتلت إحداهما وأقبلت الأخرى فأسلمت - قلت روى أبو داود منه
طرفا - رواه الطبراني ورجاله ثقات. وقد تقدمت أحاديث قبل هذا بورقتين
في هذا المعنى. وعن أسماء بنت أبي بكر قالت لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي
طوى قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده أي بنية أظهريني على أبى قبيس
قال وقد كف بصره قالت فأشرفت به عليه فقال يا بنية ماذا ترين قالت أرى
سودا مجتمعا قال تلك الخيل قالت وأرى رجلا يسعى بين ذلك السواد مقبلا
ومدبرا قال يا بنية ذلك الوازع يعنى الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها قالت قد
والله انتشر السواد قال إذا والله دفعت الخيل أسرعي بي إلى بيتي وانحطت به
وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته وفى عنق الجارية طوق من ورق
فتلقاها رجل فاقتلعه منها قالت فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد
أتى أبو بكر بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ في بيته
حتى أكون أنا آتيه فيه فقال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشى

(1) جبل عند مكة.
173

إليك من أن تمشى إليه قال فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم
فأسلم ودخل به أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه كأنها ثغامة (1) فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا من شعره ثم قام أبو بكر فاخذ بيد أخته فقال
أنشد الله والاسلام طوق أختي فلم يجبه أحد فقال يا أخية احتسبي طوقك.
رواه أحمد والطبراني وزاد فوالله إن الأمانة اليوم في الناس لقليلة. ورجالهما
ثقات. رواه من طريق آخر عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثله، ورجاله ثقات.
وعن ابن عمر قال جاء أبو بكر رضي الله عنه بأبيه أبى قحافة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقوده شيخ أعمى يوم فتح مكة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تركت الشيخ
في بيته حتى نأتيه قال أردت أن يؤجره الله لأنا كنت باسلام أبى طالب أشد
فرحا منى باسلام أبى ألتمس بذلك قرة عينك يا رسول الله فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم صدقت. رواه الطبراني والبزار وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
وعن عروة بن الزبير قال وفر عكرمة بن أبي جهل عامدا إلى اليمن وأقبلت أم
الحكم بنت الحرث بن هشام وهي يومئذ مسلمة وهي تحت عكرمة بن أبي
جهل فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب زوجها فأذن لها وأمنه فخرجت بعبد
لها رومي فراودها عن نفسها فلم تزل تمنيه وتقرب له حتى أدنت على أناس من
عك فاستعانتهم عليه فاتقوه فأدركت زوجها ببعض تهامة وقد كان ركب سفينة
فلما جلس فيها نادى باللات والعزى فقال أصحاب السفينة لا يجوز أن تدعو
ههنا أحدا الا الله وحده مخلصا فقال عكرمة والله لئن كان في البحر انه لفي البر
وحده فاقسم بالله لأرجعن إلى محمد صلى الله عليه وسلم فرجع عكرمة مع امرأته فدخل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعه وقبل منه ودخل رجل من هذيل حين هزمت بنو بكر
على امرأته فارا فلامته وعجزته وعيرته بالفرار فقال:
وأنت لو رأيتنا بالخندمة * إذ فر صفوان وفر عكرمة
ولحقتنا بالسيوف المسلمة * يقطعن كل ساعد وجمجمة
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة

(1) الثغامة: شجرة تبيض كأنها الثلج، وقيل نبت أبيض الزهر والثمر يشبه به الشيب.
174

رواه الطبراني وهو مرسل وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن
العباس بن عبد المطلب قال أخذت بيد أبي سفيان فجئت به إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب السماع
فاعطه شيئا فقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن
ثم قام فأخذت بيده فأقعدته على الطريق فجعل يمر به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
كوكبة كوكبة يقول من هؤلاء فأقول هؤلاء مزينة فيقول ما لي ولمزينة
ما كان بيني وبينهم حرب في جاهلية ولا إسلام ثم تمر الكوكبة فيقول من هؤلاء
فأقول هؤلاء جهينة حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين فلما نظر إليهم مقبلين
فاقبل على فقال لقد أوتى ابن أخيك ملكا عظيما قال وذكر كلاما كثيرا -
قلت رواه أبو داود باختصار - رواه البزاز وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله
الهاشمي وهو متروك ووثقه ابن معين في رواية. وعن أنس قال لما قدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم مكة كان قيس في مقدمته فكلم سعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصرفه عن الموضع
الذي هو فيه مخافة أن يقدم على شئ فصرفه عن ذلك. رواه البزار ورجاله
رجال الصحيح. وعن أبي برزة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الناس آمنون
كلهم غير عبد العزى بن خطل فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة. رواه
الطبراني وفيه سعيد بن سليمان النشيطي وهو ضعيف. وعن أبي برزة الأسلمي
قال قتلت عبد العزى بن خطل وهو متعلق بستر الكعبة. رواه أحمد في
حديث طويل والطبراني ورجال أحمد ثقات. وعن السائب بن يزيد أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قتل عبد الله بن خطل يوم الفتح أخرجوه من تحت أستار الكعبة
فضرب عنقه بين زمزم والمقام وقال لا يقتل قرشي بعد هذا صبرا. رواه
الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه وفيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف.
وعن ابن عباس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم هانئ بنت أبي طالب يوم الفتح
وكان جائعا فقلت له يا رسول الله ان أصهارا لي قد لجئوا إلى وان علي بن أبي
طالب لا تأخذه في الله لومة لائم وأني أخاف أن يعلم بهم فيقتلهم فاجعل من دخل
دار أم هانئ آمنا حتى يسمعوا كلام الله فآمنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد
175

أجرنا من أجارت أم هانئ وقال هل عندك من طعام نأكله فقالت ليس عندي
الا كسر يابسة وإني لأستحي أن أقدمها إليك فقال هلمي بهن فكسرهن في
ماء وجاءت بملح فقال هل من إدام فقالت ما عندي يا رسول الله الا شئ من
خل فقال هلميه فصبيه على الطعام فاكل منه ثم حمد الله ثم قال نعم الادام الخل
يا أم هانئ لا يفقر بيت فيه خل. رواه الطبراني في الصغير وفيه سعدان بن
الوليد ولم أعرفه. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم الفتح قاعدا
وأبو بكر قائم على رأسه بالسيف. رواه البزار عن إسحاق بن وهب وهو
متروك. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة وجد بها ثلاثمائة وستين صنما
فأشار بعصاه إلى كل صنم منها وقال جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان
زهوقا فيسقط الصنم ولم يمسه. رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه
وفيه عاصم بن عمر العمرى وهو متروك ووثقه ابن حبان وقال يخالف ويخطئ،
وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عباس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح
وعلى الكعبة ثلاثمائة وستون صنما وقد شد لهم إبليس أقدامهم بالرصاص فجاء
ومعه قضيبه فجعل يهوى به إلى كل صنم منها فيخر لوجهه ويقول جاء الحق
وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا حتى مر عليها كلها. رواه الطبراني ورجاله
ثقات ورواه البزار باختصار. وعن أبي الطفيل قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث
خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات
فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال ارجع
فإنك لم تصنع شيئا فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجبتها أمعنوا في الحيل
يقولون يا عزى خبليه يا عزى عوذيه فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو
التراب على رأسها فغممها بالسيف حتى قتلها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال
تلك العزى. رواه الطبراني وفيه يحيى بن المنذر وهو ضعيف. وعن أبي عبد
الرحمن السلمي أن خالد بن الوليد مر على اللات فقال:
كفرانك لا سبحانك * إني رأيت الله قد أهانك
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل. وعن الزهري أن رسول
176

الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان يوم الفتح ائتني بمفتاح الكعبة فأبطأ عليه ورسول الله
صلى الله عليه وسلم قائم ينتظره حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق ويقول ما يحبسه
فسعى إليه رجل وجعلت المرأة التي عندها المفتاح - حسبت أنه قال أم عثمان -
تقول إن أخذه منكم لم يعطيكموه أبدا فلم يزل بها عثمان حتى أعطته المفتاح
فانطلق به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الباب ثم دخل البيت ثم خرج والناس معه
فجلس عند السقاية فقال علي بن أبي طالب يا رسول الله لئن كنا أوتينا النبوة
وأعطينا السقاية وأعطينا الحجابة ما قوم بأعظم نصيبا منا فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كره
مقالته ثم دعا عثمان بن طلحة فدفع إليه المفتاح وقال غيبوه قال عبد الرزاق
فحدثت به ابن عيينة فقال أخبرني ابن جريج أحسبه قال عن ابن أبي مليكة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي يومئذ حين كلمه في المفتاح إنما أعطيكم ما ترزون ولم أعطكم
ما ترزؤون يقول أعطيكم السقاية لأنكم تغرمون فيها ولم أعطكم البيت أي
إنهم يأخذون من هديته، هذا قول عبد الرزاق. رواه الطبراني مرسلا ورجاله
رجال الصحيح. وعن عروة في تسمية من استشهد من المسلمين يوم الفتح من
قريش من بنى محارب بن فهر: كرز بن جابر. وعن ابن عباس قال شهد مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة أو حنين ألف من بنى سليم. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح غير زيد النحوي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وكلاهما ثقة. وعن
ابن عباس قال شهد فتح مكة ألف وثمانمائة من جهينة وألف من مزينة وتسعمائة من بنى
سليم وأربعمائة ونيف من بنى غفار وأربعمائة ونيف من أسلم. رواه الطبراني وفيه إبراهيم
ابن عثمان أبو شيبة وهو متروك. وعن ابن عباس قال كان الفتح في ثلاث عشرة خلت
من رمضان. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن عمرو قال لما فتحت
مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفوا السلاح إلا خزاعة عن بنى بكر فأذن لهم
حتى صلى العصر ثم قال كفوا السلاح فلقى رجل من خزاعة رجلا من بنى بكر
من غد بالمزدلفة فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خطيبا فقال ورأيته وهو
مسند ظهره إلى الكعبة إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم أو قتل غير قاتله
177

أو قتل بذحول (1) الجاهلية فقام رجل فقال إن فلانا ابني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا دعوة في الاسلام ذهب أمر الجاهلية الولد للفراش وللعاهر الأثلب قالوا وما
الأثلب قال الحجر وقال لا صلاة بعد الغداة حتى تطلع الشمس ولا صلاة
بعد العصر حتى تغرب الشمس قال ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها -
قلت في الصحيح منه النهى عن الصلاة بعد الصبح وفى السنن بعضه - رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم يوم
الفتح إن هذا العام الحج الأكبر قد اجتمع حج المسلمين وحج المشركين في
ثلاثة أيام متتابعات واجتمع حج اليهود والنصارى في ستة أيام متتابعات
ولم يجتمع منذ خلقت السماوات والأرض ولا يجتمع بعد هذا العام حتى تقوم
الساعة. رواه البزار وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف (2).
* (باب غزوة حنين) *
عن أنس قال قال غلام منا من الأنصار يوم حنين لن نغلب اليوم من قلة فما
هو الا أن لقينا عدونا فانهزم القوم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له وأبو سفيان
ابن الحرث آخذ بلجامها والعباس عمه آخذ بغرزها (3) وكنا في واد دهس (4)
فارتفع النقع فما منا أحد يبصر كفه إذا شخص أقبل فقال إليك من
أنت قال أنا أبو بكر فداك أبي وأمي وبه بضع عشرة ضربة ثم إذا شخص قد
أقبل فقال إليك من أنت قال أنا عمر بن الخطاب فداك أبي وأمي وبه بضع
عشرة ضربة وإذا شخص قد أقبل وبه بضع وعشرون ضربة فقال إليك من
أنت قال عثمان بن عفان فداك أبي وأمي ثم إذا شخص قد أقبل وبه بضع
عشرة ضربة فقال إليك من أنت فقال علي بن أبي طالب فداك أبي وأمي ثم أقبل
الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا رجل صيت ينطلق فينادي في القوم فانطلق فصاح فما

(1) الذحل: الوتر وطلب المكافأة بجناية، والعداوة.
(2) بلغ مقابلة من غزوة الحديبية إلى هنا بقراءة الشيخ شهاب الدين الكلوتاتي من الأصل وأنا ممسك بهذا -
كتبه ابن حجر.
(3) أي ركابها.
(4) الدهس: ما سهل ولان من الأرض.
178

هو إلا أن وقع صوته في أسماعهم فأقبلوا راجعين فحمل النبي صلى الله عليه وسلم وحمل
المسلمون معه فانهزم المشركون وانحاز دريد بن الصمة على جبل أو قال على أكمة في
زهاء ستمائة فقال له بعض أصحابه أرى والله كتيبة قد أقبلت فقال حلوهم لي فقالوا
سيماهم كذا حليتهم كذا قال لا بأس عليكم قضاعة منطلقة في آثار القوم فقالوا نرى
والله كتيبة خشناء قد أقبلت قال حلوهم لي قالوا سيماهم كذا حليتهم كذا قال
لا بأس عليكم هذه سليم ثم قالوا نرى فارسا قد أقبل قال ويلكم وحده
قالوا وحده قال حلوه لي قالوا معتجر (1) بعمامة سوداء قال دريد ذاك والله
الزبير بن العوام وهو والله قاتلكم ومخرجكم من مكانكم هذا قال فالتقت إليهم
فقال علام هؤلاء ههنا فمضى ومن اتبعه فقتل بها ثلاثمائة وحز رأس دريد بن
الصمة فجعله بين يديه. رواه البزار وفيه علي بن عاصم بن صهيب وهو ضعيف
لكثرة غلطه وتماديه فيه وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن جابر بن عبد الله
قال لما استقبلنا وادي حنين قال انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط
إنما ننحدر فيه انحدارا قال وفى عماية الصبح وقد كان القوم قد كمنوا لنافى شعابه
وفى أجنابه ومضائقه قد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا قال فوالله ما راعنا ونحن
منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد وانهزم الناس راجعين
فانشمروا لا يلوي أحد على أحد وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال إلى
أيها الناس الا ان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من المهاجرين والأنصار وأهل بيته
غير كثير وفيمن ثبت معه أبو بكر وعمر عليهما السلام ومن أهل بيته علي بن أبي
طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل بن عباس وأبو سفيان بن
الحرث وربيعة بن الحرث وأيمن بن عبيد وهو ابن أم أيمن وأسامة بن زيد
عليهما السلام قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر في يده راية له سوداء في رأس
رمح له طويل أمام الناس وهوازن خلفه فإذا أدرك طعن برمحه فإذا فإنه الناس رفع
لمن وراء فاتبعوه، قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن

(1) الاعتجار بالعمامة: هو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل
منها شيئا تحت ذقنه.
179

جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال بينما ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جمله ذلك
يصنع ما يصنع إذ هوى له علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه قال
فيأتيه على من خلفه فيضرب عرقوبي الجمل فيوقع على عجزه ووثب الأنصاري
على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقة فانعجف عن رحله واختلد
الناس فوالله ما رجعت راجعة الناس حتى الأسارى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه أحمد وأبو يعلى وزاد وصرخ حين كانت الهزيمة كلدة وكان أخا صفوان
ابن أمية يومئذ مشركا في المدة التي ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بطل السحر
اليوم فقال له صفوان اسكت فض الله فاك فوالله لان يربني رجل من قريش
أحب إلى من أن يربني رجل من هوازن. ورواه البزار باختصار وفيه ابن إسحاق
وقد صرح بالسماع في رواية أبى يعلى، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
وعن عبد الله بن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال فولى الناس
وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والأنصار فنكصنا على أقدامنا نحوا من
ثمانين قدما ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عز وجل عليهم السكينة قال
ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضى قدما فحارت به بغلته فمال عن السرج فقلت
ارتفع رفعك الله فقال ناولني كفا من تراب فضرب به وجوههم فامتلأت
أعينهم ترابا قال أين المهاجرون والأنصار قلت هم أولاء قال اهتف بهم
فهتفت بهم فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب وولى المشركون أدبارهم.
رواه أحمد والبزار والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحرث بن حصيرة
وهو ثقة. وعن أنس قال لما كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحرث وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
ينادى يا أصحاب سورة البقرة يا معشر الأنصار ثم استحر النداء في بنى الحرث بن
الخزرج فلما سمعوا النداء أقبلوا فوالله ما شبهتهم إلا الإبل تحن إلى أولادها
فلما التقوا التحم القتال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن حمى الوطيس وأخذ كفا من
حصى أبيض فرمى به وقال هزموا ورب الكعبة وكان علي بن أبي طالب
يومئذ أشد الناس قتالا بين يديه. رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط
180

ورجالهما رجال الصحيح غير عمران بن داور (1) وهو أبو العوام وثقه ابن
حبان وغيره وضعفه ابن معين وغيره. وعن بريدة قال تفرق الناس عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلم يبق معه إلا رجل يقال له زيد وهو آخذ بعنان بغلة
رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك ادع الناس؟؟؟
زيد يا أيها الناس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم فلم يجئ أحد فقال ادع
الأنصار فقال يا معشر الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم فلم يجئ أحد فقال
ويحك خص الأوس والخزرج فنادى يا معشر الأوس والخزرج هذا رسول الله
صلى الله عليه وسلم يدعوكم فلم يجئ أحد فقال ويحك خص المهاجرين فان لي في أعناقهم
بيعة قال فحدثني بريدة أنه أقبل منهم الف قد طرحوا الجفون حتى أتوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشوا قدما حتى فتح الله عليهم. رواه البزار ورجاله ثقات.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين جزوهم جزا وأومأ بيده إلى
الحلق. رواه البزار ورجاله ثقات. وعن الحرث بن بدل قال شهدت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم حنين وانهزم أصحابه أجمعون إلا العباس بن عبد المطلب وأبا
سفيان بن الحرث فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوهنا بقبضة من الأرض فانهزمنا
فما يخل لي ان كل شجرة ولا حجر إلا وهو في آثارنا. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن أبي عبد الرحمن الفهري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين
في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لامتي
وركبت فرسي فأتيته في فسطاطه فسلمت عليه فقال وعليك السلام ورحمة الله
وبركاته فقلت حان الرواح يا رسول الله قال فناد بلالا فثار بلال من تحت
شجرة كأن ظله ظل طائر فقال لبيك وسعديك وأنا فداؤك فقال أسرج
لي فرسي سرجا دفتاه من ليف ليس فيه أشر (2) ولا بطر فأسرج له ثم
ركب ومضينا عشيتنا وليلتنا فلما تسامت الخيلان ولى المسلمون مدبرين كما
قال الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله واقتحم عن
فرسه فنزل فأخذ كفا من حصى قال فحدثني من هو أقرب إليه منى انه ضرب

(1) بفتح أوله والواو ثم مهملة.
(2) الأشر: أشد البطر.
181

وجوههم وقال شاهت الوجوه فهزم الله المشركين قال فحدثني أبناؤهم أن
آباءهم قالوا فما بقي منا يومئذ أحد إلا امتلأت عينه وفمه ترابا وسمعنا؟؟ صلة
من السماء إلى الأرض كإمرار الحديد على الطست - قلت روى أبو داود
منه إلى قوله ليس فيه أشر ولا بطر - رواه البزار والطبراني
ورجالهما ثقات. وعن ابن عباس أن علي بن أبي طالب ناول رسول الله صلى الله عليه وسلم
التراب فرمى به وجوه المشركين يوم حنين. رواه البزار. وعن ياسر قال كان
عمرو بن مرة يحدث قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن مرة أن يقف هو وقومه
جهينة بن زيد يوم هوازن فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر جهينة كونوا بأعقاب
بنى سليم فان جاشوا فضعوا السلاح بأقفيتهم وشعاركم فجاشت يومئذ قبيلة
منهم يقال لهم بنو عصية لأنهم عصوا الله ورسوله فقتلتهم جهينة فأمر النبي
صلى الله عليه وسلم جهينة فتقدمت إلى هوازن وصرف سليما عن موقفهم فهزمهم الله يومئذ
وكثر القتل فيهم وقتل عمرو بن مرة يومئذ ابن ذي البردين الهلالي وكان لجهينة
فيهم بلاء حسن. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن عياض أن النبي
صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثنى عشر ألفا فقتل منا من أهل الطائف يوم حنين مثل
ما قتل من قريش يوم بدر وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم كفا من بطحاء فرماه في وجوهنا
فهزمنا. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن عياض ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه،
وبقية رجاله ثقات. وعن زيد بن أرقم قال انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم حنين فقال:
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عمر بن دينار قال لا أعلمه إلا عن
جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين الآن حمى الوطيس ثم قال هزموا
ورب الكعبة. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. وعن
يزيد بن عامر السوائي أنه قال عند انكشافة انكشفها المسلمون يوم حنين
فتبعتهم الكفار فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من الأرض فرمى بها وجوههم
وقال ارجعوا شاهت الوجوه فما منا من أحد يلقى أخاه إلا وهو يشكو القذى
182

ويمسح عينيه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن يزيد بن عامر السوائي وكان
شهد حنينا مع المشركين ثم أسلم قال سألناه عن الرعب الذي ألقاه الله في قلوبهم
يوم حنين كيف كان فأخذ حصاة فرمى بها طستا فطن قال كنا نجد في أجوافنا
مثل هذا. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن جبير بن مطعم قال رأيت يوم
حنين شيئا أسود مثل البجاد (1) بين السماء والأرض فلما دفع إلى الأرض
فشا ذرا وانهزم المشركون. رواه الطبراني في الأوسط باسنادين في أحدهما
عباد بن آدم ولم يوثقه أحد ولم يجرحه. وعن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ناولني كفا من حصى فناولته فرمى به في وجوه القوم فما بقي في القوم
أحد إلا ملئت عيناه من الحصى فنزلت (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
رواه الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن يعلى وهو ضعيف. وعن ابن عباس
أن علي بن أبي طالب ناول رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب فرمى به وجوه المشركين
يوم حنين. رواه البزار عن إسماعيل بن سيف وهو ضعيف. وعن أنس قال
لما انهزم المسلمون يوم حنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته الشهباء يقال لها
دلدل فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم دلدل أسدي فألزقت بطنها بالأرض حتى أخذ
النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب فرمى بها وجوههم فقال حم لا يبصرون فانهزم القوم
وما رميناهم بسهم ولا طعناهم برمح ولا ضربنا بسيف. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه أحمد بن محمد بن القاسم وهو ضعيف. وعن مصعب بن شيبة
عن أبيه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين والله ما أخرجني الاسلام
ولا معرفة به ولكني أنفت أن تظهر هوازن على قريش فقلت وأنا واقف معه
يا رسول الله إني أرى خيلا بلقا قال يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر فضرب بيده
على صدري ثم قال اللهم اهد شيبة ثم ضربها الثانية ثم قال اللهم اهد شيبة
فوالله ما رفع يده من الثالثة من صدري حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلى
منه قال فالتقى الناس والنبي صلى الله عليه وسلم على ناقة أو بغلة وعمر آخذ بلجامها والعباس
ابن عبد المطلب آخذ بثغر دابته فانهزم المسلمون فنادى العباس بصوت له جهر

(1) البجاد: الكساء، أراد الملائكة الذين أيدهم الله بهم.
183

فقال أين المهاجرون الأولون أين أصحاب سورة البقرة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول قدما
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب (1)
فعطف المسلمون فاصطلموا (2) بالسيوف فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن حمى
الوطيس قال وهزم الله المشركين. رواه الطبراني وفيه أيوب بن جابر وهو
ضعيف. وعن عكرمة قال قال شيبة بن عثمان لما غزى النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين
تذكرت أبى وعمى قتلهما على وحمزة فقلت اليوم أدرك ثأري في محمد فإذا العباس
عن يمينه وعليه درع بيضاء كأنها الفضة فكشف عنها العجاج فقلت عمه لن
يخذله فجئته عن يساره فإذا أنا بأبي سفيان بن الحرث فقلت ابن عمه لن يخذله
فجئته من خلفه فدنوت ودنوت حتى لم يبق إلا أن أسور سورة بالسيف
رفع لي شواظ من نار كأنه البرق فخفت أن يحبسني فنكصت القهقرى فالتفت
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعال يا شيب فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدري
فاستخرج الله الشيطان من قلبي فرفعت إليه بصرى وهو أحب إلى من سمعي
وبصري ومن كذا فقال له يا شيب قاتل الكفار ثم قال يا عباس أصرخ
بالمهاجرين الأولين الذين بايعوا تحت الشجرة وبالأنصار الذين آووا ونصروا
فما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا البقر على أولادها حتى نزل
رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه حرحة قال فلرماح الأنصار كانت عندي أخوف على
رسول الله صلى الله عليه وسلم من رماح الكفار ثم قال يا عباس ناولني من البطحاء فأفقه
الله البغلة كلامه فاختفضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض فتناول رسول الله
صلى الله عليه وسلم من الحصباء فنفخ في وجوههم وقال شاهت الوجوه حم لا ينصرون.
رواه الطبراني وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف. وعن محمد بن سلام الجمحي
قال مالك بن عوف بن سعد بن ربيعة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نصر بن
معاوية بن بكر بن هوازن، قال ابن سلام وكان عوف رئيسا مقداما كان أول
ذكره وما شهر من بلائه يوم الفجار مع قومه كثر صنيعه يومئذ وهو على
هوازن حين لقيهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق مع الناس أموالهم وذراريهم

(1) لم يعد الخليل هذا الوزن من الشعر
(2) أصل الصلم: القطع.
184

فخالفه دريد بن اصمة فلج وأبى فصاروا إلى أمره فلم يحمدوا رأيه وكان
يومئذ رئيسهم فلما رأى هزيمة أصحابه قصد نحو النبي صلى الله عليه وسلم وكان شديد
الاقدام ليصيبه زعم فوافاه مرثد بن أبي مرثد الغنوي فقاتله وحمل فرسه
فعاج فلم يقدم ثم أراده وصاح به فلم يقدم فقال:
أقدم محاج إنه يوم بكر * مثلي على مثلك يحمى ويكر
ويطعن الطعنة تفري وتهر * لها من البطن نجيع منهمر
ويغلب العامل فيها منكسر * إذا اجرألت زمر بعد زمر
ثم شهد بعد ما أسلم القادسية فقال:
أقدم محاج إنها الأساورة * ولا يهولنك رجل نادرة
ثم انهزم من حنين فصار إلى الطائف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أتاني لأمنته
وأعطيته مائة فجاء ففعل به ذلك ووجهه على قتال أهل الطائف، وكتب سعد بن أبي
وقاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يستمده فكتب إليه تستمدني وأنت
في عشرة آلاف ومعك مالك بن عوف وحنظلة بن ربيعة وهو الذي يقال له
حنظلة الكاتب. قال ابن سلام فحدثني بعض قومه أنه قال لعمر بن الخطاب إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني يتألفني على الاسلام فلم أحب أن آخذ على الاسلام
أجرا فأنا أردها قال إنه لم يعطكها إلا وهو يرى أنها لك حق. رواه الطبراني
عن خليفة بن خياط عن محمد بن سلام الجمحي وكلاهما ثقة. وعن عبد الرحمن
ابن أزهر أنه كان يحدث أنه حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يحثى في وجوههم
التراب. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن امرأة رافع بن خديج أن
رافعا رمى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أو يوم حنين - أنا أشك - بسهم في
ثندوته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انزع السهم قال يا رافع إن شئت
نزعت السهم والقطبة (1) جميعا وإن شئت؟ زعت السهم وتركت القطبة وشهدت لك
يوم القيامة أنك شهيد قال يا رسول الله انزع السهم ودع القطبة قال فنزع رسول
الله صلى الله عليه وسلم السهم وترك القطبة. رواه أحمد وامرأة رافع لم أعرفها، وبقية رجاله

(1) القطبة والقطب: نصل السهم. وفى الأصل غير منقوطة والتصحيح من النهاية.
185

ثقات. وعن عبد الصمد بن حبيب العوذي قال غزونا مع سنان بن سلمة يعنى
ابن المحبق فقال ولدت يوم حنين فبشر بي أبى فقالوا ولد لك غلام فقال سهم
أرمى به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى مما بشرتموني به وسماني سنانا. رواه
أحمد وحبيب لم يرو عنه غير ابنه. وعن العداء بن خالد بن هوذة قال قاتلنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينصرنا الله ولم يظهرنا. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في غنائم هوازن وسبيهم) *
عن بديل بن ورقاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يحبس السبايا والأموال
بالجعرانة حتى يقدم فحبست. رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار عن
بن بديل عن أبيه ولم يسم ابن بديل، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي جرول
زهير بن صرد قال لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين يوم هوازن وذهب
يفرق السبي والشاء أتيته فأنشأت أقول هذا الشعر:
أمنن علينا رسول الله في كرم * فإنك المرء نرجوه (1) وننتظر
أمنن على بيضة قد عاقها قدر * مشتت شملها في دهرها عير
أبقت لنا الدهر هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر
ان لم تداركهم رحماء تنشرها * يا أرجح الناس حلما حين يحتبر
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك يملاه من محضها الدرر
إذ كنت طفلا صغيرا كنت ترضعها * وإذ يزينك ما تأتى وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته * واستبق منا فانا معشر زهر
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت * وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه * من أمهاتك إن العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به * عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه * هادي البرية إذ يعفو وينتصر
فاعفو عفا الله عما أنت راهبه * يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر
فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر قال صلى الله عليه وسلم ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو
لكم وقالت قريش ما كان لنا فهو لله ولرسوله وقالت الأنصار ما كان لنا

(1) في الأصل (يرجوه وينتظر).
186

فهو لله ولرسوله. رواه الطبراني في الثلاثة وفيه من لم أعرفهم. وعن عبد الله
ابن عمرو أن وفد هوازن لما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وقد أسلموا قالوا
إنا أصل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله
عليك، وقال رجل من هوازن من بنى سعد بن بكر يقال له زهير ويكنى
بأبي صرد فقال يا رسول الله نساؤنا عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كفلنك
ولو أنا لحقنا الحرث بن أبي شمر والنعمان بن المنذر ثم نزل بنا منه مثل الذي
أنزلت بنا لرجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين ثم أنشد رسول
الله صلى الله عليه وسلم شعرا قاله وذكر فيه قرابته وما كفلوا منه فقال:
أمنن علينا رسول الله في كرم * فإنك المرء نرجوه وننتظر
أمنن على بيضة قد عاقها قدر * مفرق شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر
ان لم تداركهم رحماء تنشرها * يا أرجح الناس حلما حين يختبر
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك تمنؤه من مخضها درر
إذ كنت طفلا صغيرا كنت ترضعها * وإذ يزينك ما تأتى وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته * واستبق منا فانا معشر زهر
قال فذكر الحديث. رواه الطبراني وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ولكنه
ثقة، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الله بن عمرو قال شهدت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وجاءته وفود هوازن فقالوا يا رسول الله إنا أهل وعشيرة فمن علينا من
الله عليك فإنه نزل بنا من البلاء ما لم يخف عليك فقال اختاروا بين نسائكم
وأموالكم وأنسابكم قالوا خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا نختار أبناءنا فقال
ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم فإذا صليت الظهر فقولوا إنا برسول الله
صلى الله عليه وسلم على المسلمين وبالمسلمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسائنا وأبنائنا قال ففعلوا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وقال
المهاجرون ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصار مثل ذلك وقال
عيينة بن بدر أماما كان لي ولبني فزارة فلا وقال الأقرع بن حابس أما أنا وبنو
تميم فلا وقال عباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا فقال الحيان كذبت بل
187

هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس ردوا عليهم نساءهم وأموالهم فمن
تمسك بشئ من هذا الفئ فله علينا ست فرائض من أول ما يفئ الله علينا ثم
ركب راحلته وتعلق به الناس يقولون أقسم علينا فيئنا بيننا حتى ألجأوه إلى
سمرة (1) فخطفت رداءه فقال يا أيها الناس ردوا على ردائي فوالله لو كان بعدد
شجر تهامة نعما لقسمته بينكم ثم لا تلقوني بخيلا ولا جبانا ولا كذوبا ثم دنا
من بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصبعيه السبابة والوسطى ثم
رفعها فقال يا أيها الناس ليس لي من هذا الفئ ولا هذه الا الخمس
والخمس مردود عليكم ردوا الخياط والمخياط والمخيط فان الغلول يكون على
أهله يوم القيامة عار ونار وشنار فقام رجل معه كبة من شعر فقال إني أخذت هذه
أصلح بها بردعة بعيري دبر (2) فقال إماما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك فقال
الرجل يا رسول الله أما إذ بلغت ما أرى فلا أرب لي بها ونبذها - قلت رواه
أبو داود باختصار كثير - رواه أحمد ورجال أحد اسناديه ثقات. وعن عطية
أنه كان ممن كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سبى هوازن فقال يا رسول الله عشيرتك
وأصلك وكل المرضعين دونك ولهذا اليوم اختبأناك وهن أمهاتك وأخواتك
وخالاتك فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فردوا عليهم سبيهم الا رجلين فقال النبي
صلى الله عليه وسلم اذهبوا فخيروهما فقال أحدهما انى أتركه وقال الآخر لا أتركه فلما أدبر
قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اخس سهمه فكان يمر بالجارية البكر والغلام فيدعه حتى
مر بعجوز قال فأي آخذه هذه فإنها أم حي ويستفدونها منى بما قدروا عليه فكبر عطية
وقال خذها يا رسول الله ما فوها ببارد ولا ثديها بناهد ولا وافدها بواجد
عجوز يا رسول الله بقراء سبية مالها أحد فلما رآها لا يعرض لها أحد تركها رواه
الطبراني وفى إسناده الزبير والد النعمان بن الزبير الصنعاني ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. قال الطبراني: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن
قصي بن كلاب يكنى أبا خالد وأمه صفية بنت زهير بن الحرث بن أسد وأمها
سلمى بنت عبد مناف بن عبد الدار وكان إسلامه يوم الفتح وكان من المؤلفة

(1) السمر: نوع من الشجر.
(2) الدبر: الجرح في ظهر البعير.
188

أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بعير من غنائم حنين. وعن ابن عباس أن النبي
صلى الله عليه وسلم قسم يوم حنين قسما على المؤلفة قلوبهم فوجدت الأنصار في أنفسها
فقالوا قسم فيهم فقال يا معشر الأنصار ألا ترضون أن تذهبوا برسول الله
صلى الله عليه وسلم معكم قالوا بلى. رواه البزار وفيه حفص بن عمر العدني وهو ضعيف وقال
ابن الطهراني كان ثقة. وعن محمد بن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لوفد
هوازن بحنين وسألهم عن مالك بن عوف النصري ماذا فعل مالك قال هو
بالطائف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروا مالكا انه إن يأتني مسلما رددت إليه
أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل فأتى مالك بذلك فخرج إليه من الطائف
وكان مالك خاف ثقيفا على نفسه ان يعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال له
ما قال فيحبسوه فأمر براحلة له فهيأت وأمر بفرس له فأتى به من الطائف فخرج
ليلا فجلس على فرسه فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركه بالجعرانة أو مكة فرد
عليه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن ابن
عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين وجبريل إلى جنبه فجاء ملك فقال
إن ربك يأمرك بكذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل تعرفه فقال هو ملك وما
كل ملائكة. بك أعرف. رواه البزار والطبراني في الأوسط وزاد فخشى
النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون شيطانا، وفيه حسين بن الحسن الأشقر وهو منكر الحديث
ورمى بالكذب ووثقه ابن حبان. وأحاديث كثيرة في مناقب الأنصار في غنائم حنين.
* (باب فيمن استشهد يوم حنين) *
عن محمد بن إسحاق في تسمية من استشهد يوم حنين أيمن بن عبيد.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن جابر قال كان فيمن ثبت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم أيمن بن أم أيمن وهو ابن عبيد. قلت هذا مكتوب بعد كلام ابن
إسحاق الذي قبله وليس هو في السماع، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس. قال
الطبراني: أيمن بن أم أيمن استشهد يوم حنين وهو أيمن بن عبيد أخو بنى
عوف بن الخزرج وهو أخو أسامة بن زيد لامه. وعن عروة قال وقتل يوم
حنين من المسلمين ثم من قريش ثم من بنى أسد بن عبد العزى: زيد بن ربيعة،
ومن قريش ثم من بنى أسد بن عبد العزى: زيد بن زمعة. قال الطبراني
189

هكذا قال ابن لهيعة وهو وهم، قلت والصواب أنه يزيد كما سيأتي عن الزهري،
ومن الأنصار ثم من بنى عمرو بن عوف ثم من بنى العجلان: سراقة بن
الحباب. رواه كله الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن. وعن
ابن شهاب في تسمية من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ثم من بنى
العجلان: مرة بن سراقة بن الحباب هكذا قال ابن شهاب. واستشهد مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من قريش ثم من بنى أسد: يزيد بن زمعة، ورجالهما
إلى الزهري رجال الصحيح. وعن ابن إسحاق في تسمية من استشهد مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش ثم من بنى أسد: يزيد بن زمعة بن الأسود بن
المطلب جمح به فرس يقال له الجناح فقتله. واستشهد يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الأنصار: سراقة بن الحباب بن عدي بن النجار وإسنادهما إلى ابن إسحاق ثقات.
* (باب غزوة الطائف) *
عن أبي بكرة قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن الطائف تدليت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ببكرة فقال كيف تدليت فقلت تدليت ببكرة قال أنت أبو بكرة.
رواه الطبراني وفيه أبو المنهال البكراوي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن
ابن شهاب في تسمية من استشهد يوم الطائف من الأنصار: ثابت بن ثعلبة
وثعلبة الذي يقال له الجدع، ومن الأنصار ثم من بنى عمرو بن عوف ثم من بنى
معاوية: رقيم بن ثابت بن ثعلبة. رواهما الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن عروة في تسمية من استشهد يوم الطائف من الأنصار ثم من بنى سالم ثم
من بنى حرام: ثعلبة الذي يقال له الجدع، ومن الأنصار ثم من بنى عمرو
ابن عوف ثم من بنى معاوية بن الحرث: رقيم بن ثابت أو ثابت بن ثعلبة.
رواهما الطبراني وفى اسنادهما ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن. وعن محمد بن إسحاق
في تسمية من استشهد يوم الطائف: جليحة بن عبد الله بن محارب بن ناشب
ابن سعد بن ليث، ومن الأنصار ثم من بنى الأوس: رقيب بن ثابت بن ثعلبة بن ثوبان بن
معاوية، ومن قريش ثم من بنى أمية بن عبد شمس: سعيد بن سعيد بن العاصي.
رواها الطبراني ورجالها ثقات. قال الطبراني: عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله
ابن عمر بن مخزوم أخو أم سلمة لأبيها أمه عاتكة بنت عبد المطلب عمة رسول الله
190

صلى الله عليه وسلم أسلم يوم الفتح لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم واستشهد يوم الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
* (باب غزوة تبوك) *
عن عمران بن حصين أنه شهد عثمان بن عفان رضي الله عنه أيام غزوة
تبوك في جيش العسرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة والقوة والتأسي وكانت نصارى
العرب كتبت إلى هرقل إن هذا الرجل الذي خرج ينتحل النبوة قد هلك
وأصابته سنون فهلكت أموالهم فان كنت تريد أن تلحق دينك فالآن فبعث
رجلا من عظمائهم يقال له الضناد وجهز معه أربعين ألفا فلما بلغ ذلك نبي الله
صلى الله عليه وسلم كتب في العرب وكان يجلس كل يوم على المنبر فيدعو ويقول اللهم إن
تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض فلم يكن للناس قوة وكان عثمان بن
عفان قد جهز عيرا إلى الشام يريد أن يمتار عليها فقال يا رسول الله هذه مائتا
بعير بأقتابها وأحلاسها ومائتا أوقية فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر الناس
وأتى عثمان بالإبل وأتى بالصدقة بين يديه فسمعته يقول لا يضر عثمان ما عمل
بعد هذا اليوم. رواه الطبراني وفيه العباس بن الفضل الأنصاري وهو ضعيف.
وعن حمزة بن عمرو الأسلمي قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك على
خدمته ذلك السفر فنظرت إلى نحى (1) السمن قد قل ما فيه وهيأت للنبي صلى الله عليه وسلم
طعاما فوضعت السمن في الشمس ونمت فانتبهت بخرير النحي فقمت فأخذت
برأسه بيدي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأني لو تركته لسال واديا سمنا. رواه
الطبراني من طريقين إحداهما في علامات النبوة ورجالها وثقوا. وعن أبي رهم
قال كنا في مسير والى جنبي رجل أزحمه بالليل ولا أعرفه فإذا هو رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال من هذا قلت أبورهم قال ما فعل النفر الطوال الجعال الأدم من بنى غفار
هل معنا منهم في المسير أحد قلت لا قال فما فعل النفر الأدم القصار الخنس من
أسلم هل معنا منهم في المسير أحد فلت لا قال فما فعل النفر الحمر الثطاط هل
معنا أحد منهم في المسير قلت لا قال ما من أهلي أحد أعز على مخلفا من قريش
والأنصار وأسلم وغفار فما يمنع أحدهم إذا تخلف أن يعقر البعير من إبله فيكون له مثل

(1) النحي بالكسر: الزق أو ما كان للسمن خاصة.
191

أجر الخارج. رواه البزار باسنادين وفيه ابن أخي أبى رهم ولم أعرفه، وبقية
رجال أحد الاسنادين ثقات. وعن أبي رهم الغفاري وكان من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فلما
فصل سرى ليله فسرت قريبا منه وألقى على النعاس فطفقت أستيقظ وقد دنت
راحلتي من راحلته فيفزعني دنوها خشية أن أصيب رجله في الغرز فأؤخر
راحلتي حتى غلبتني عيني نصف الليل فركبت راحلتي راحلته ورجل النبي صلى الله عليه وسلم
في الغرز فأصابت رجله فلم استيقظ الا بقوله حس فرفعت رأسي فقلت استغفر
لي يا رسول الله فقال سل فطفق يسألني عن بنى غفار فأخبره فإذا هو يسألني
ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط (1) أو القصار - عبد الرزاق يشك - الذين لهم نعم
بشطبة سرح فذكرتهم في بنى غفار فلم أذكرهم حتى ذكرت رهطا من أسلم
فقلت يا رسول الله ما يمنع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله
امرأ نشيطا في سبيل الله فأعز أهلي على أن يتخلف عنى المهاجرون من قريش
والأنصار وأسلم وغفار، وفى رواية النفر القصار السود الجعاد فقلت يا رسول
الله أولئك خلفاء فينا. رواه أحمد والطبراني وقال سر بدل سل، وقال ما فعل
النفر السواد الجعاد القصار الذين لهم نعم بشبكة سرح قال فتذكرتهم في بنى
غفار فلم أذكرهم حتى ذكرت انهم رهط من أسلم وقد تخلفوا فقال النبي
صلى الله عليه وسلم ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على إبله امرأ نشيطا في سبيل
الله ان أعز أهلي على أن يتخلف عنى المهاجرون من قريش والأنصار وأسلم
وغفار، في اسنادهما ابن أخي أبى رهم ولم أعرفه. وعن سعد بن حثيمة قال
تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت حائطا فرأيت عريشا قد رش بالماء ورأيت
زوجتي فقلت ما هذا بالإنصاف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم في السموم والحميم وأنا في
الظل والنعيم فقمت إلى ناضح (2) فاحتقبته والى ثمرات فتزودتها فنادت زوجتي إلى
أين يا أبا حثيمة فخرجت أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنت ببعض الطريق
لقيني عمير بن وهب فقلت إنك رجل جرئ وإني أعرف جئت النبي صلى الله عليه وسلم
وإني امرؤ مذنب فتخلف عنى حتى أخلو برسول الله صلى الله عليه وسلم فتخلف عنى عمير

(1) الثط: الكوسج الذي لا شعر في وجهه، وقيل أراد الطوال.
(2) أي جمل.
192

فلما طلعت على العسكر فرآني الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا حثيمة فجئت
فقلت كدت أهلك يا رسول الله فحدثته حديثي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا
ودعا لي. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف. وعن فضالة
ابن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة تبوك فجهد الظهر جهدا شديدا فشكوا
إليه ذلك قال ورآهم رجالا لا يروحون ظهرهم فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضيق
يمر الناس فيه فوقف عليه والناس يمرون فنفخ فيها نفخة وقال اللهم احمل عليها
في سبيلك فإنك تحمل على القوى والضعيف والرطب واليابس في البر والبحر قال
فاستمرت فما دخلنا المدينة إلا وهي تنازعنا أزمتها. رواه الطبراني والبزار
وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف. وعن عبد الله بن سلام أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم لما مر بالحليحة في سفره إلى تبوك قال له أصحابه المبرك يا رسول الله
الظل والماء وكان فيها دوم وماء فقال إنها أرض زرع وتبرد دعوها فإنها مأمورة
يعنى ناقته فأقبلت حتى بركت تحت الدومة التي كانت في مسجد ذي المروة.
رواه الطبراني وفيه راو لم يسم. وعن عبادة يعنى ابن الصامت قال أراد رسول
الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك قال فذكر الحديث. رواه الطبراني وإسحاق لم يدرك عبادة.
وعن أبي الشموس البلوى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه يوم الحجر عن
بئرهم فألقى ذو العجين عجينة وذو الخشن خشنه. رواه الطبراني وفيه
يعقوب بن حميد وهو ضعيف ووثقه ابن حبان وقال يخطئ في الشئ بعد
الشئ. وعن سعد بن أبي وقاص قال نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر واستقى
الناس من بئرهم ثم راح منها فلما استقر أمر الناس أن لا يشربوا من مائها
ولا يتوضأوا منها وما كان من عجين عجن من مائها أن يعلف ففعل الناس.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الرحمن بن بشير الدمشقي ضعفه أبو حاتم.
وعن أبي ذر أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتوا على واد فقال
لهم النبي صلى الله عليه وسلم انكم بواد ملعون فأسرعوا فركب فرسه فدفع ودفع الناس ثم
قال من اعتجن عجينه أو من كان طبخ قدرا فليكبها ثم سرنا ثم قال يا أيها
193

الناس انه ليس اليوم نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة فيعبأ الله بها. رواه
البزار وفيه عبد الله بن قدامة بن صخر ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وعن
سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهاهم يوم ورد ثمود عن ركية (1) عند
جانب المدينة أن يشرب منها أحد أو يستقى ونهانا أن نتولج بيوتهم. رواه
البزار وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف. وعن أبي كبشة الأنماري
قال لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أرض الحجر يدخلون عليهم فبلغ
ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فنادى الناس الصلاة جامعة قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
ممسك بعيره وهو يقول ما يدخلون على قوم غضب الله عليهم فناداه رجل
تعجب منهم يا رسول الله قال أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك رجل من أنفسكم
ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فان الله عز وجل
لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشئ. رواه أحمد وفيه
عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وقد اختلط. وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا تسألوا عن الآيات أولا تسألوا نبيكم الآيات فان قوم صالح سألوا نبيهم أن
يبعث لهم آية فبعث الله تبارك وتعالى لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج
فتشرب ماءهم يوم وردها وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم
فعقروا الناقة فقيل لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام أو قيل لهم إن العذاب يأتيكم
إلى ثلاثة أيام ثم جاءتهم الصيحة فأهلك الله من تحت مشارق الأرض ومغاربها
منهم إلا رجلا كان في حرم الله فمنعه من عذاب الله قالوا يا رسول الله من هو قال
أبو رعال قيل ومن أبو رعال قال جد ثقيف. رواه البزار والطبراني في الأوسط
ويأتي لفظه في سورة هود، وأحمد بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن ابن
عباس قال قيل لعمر بن الخطاب حدثنا عن شأن العسرة فقال عمر خرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش شديد
حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع حتى أن كان أحدنا يذهب يلتمس الخلاء فلا يرجع
حتى يظن أن رقبته تنقطع وحتى إن الرجل لينحر بعيرة فيعصر فرثه (2) فيشربه
ويضعه على بطنه فقال أبو بكر الصديق يا رسول الله إن الله عودك في الدعاء

(1) أي بئر.
(2) الفرث: السرجين في الكرش.
194

خيرا فادع فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتحب ذلك يا أبا بكر قال نعم قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأطلت ثم سكبت فملأوا ما معهم ثم ذهبنا
ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر. رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال
البزار ثقات. وعن حذيفة قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم غزوة تبوك فبلغه أن في
الماء قلة فأمر مناديا فنادى في الناس أن لا يسبقني في الماء أحد فأتى الماء وقد
سبقه قوم فلعنهم. رواه أحمد والبزار بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن أبي
الطفيل قال لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديا فنادى ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم آخذ العقبة فلا يأخذها أحد فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده عمار ويسوقه
حذيفة إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل حتى غشوا عمارا وهو يسوق
برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة
قدقد حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل ورجع عمار
فقال يا عمار هل عرفت القوم قال قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون قال
هل تدرى ما أرادوا قال الله ورسوله أعلم قال أرادوا أن ينفروا برسول الله
صلى الله عليه وسلم ويطرحوه قال فسار عمار رضي الله عنه رجلا من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال نشدتك بالله ما كان أصحاب العقبة قال أربعة عشر فقال إن كنت
فيهم فقد كانوا خمسة عشر فعد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا والله ما سمعنا
منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمنا ما أراد القوم فقال عمار أشهد أن الاثني عشر
الباقين منهم حرب لله ولرسوله: الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد قال أبو الوليد
وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس وذكر له أن
في الماء قلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى لا يرد الماء أحد قبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم فورده رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رهطا قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم يومئذ. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
* (باب السرايا والبعوث) *
* (باب قتل كعب بن الأشرف) *
عن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه أن كعب بن الأشرف كان يهجو النبي
195

صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يبعث إليه خمسة نفر فأتوه وهو في مجلس
قومه في العوالي فلما رآهم ذعر منهم قال ما جاء بكم قالوا جئنا إليك لحاجة قال فليدن
إلى بعضكم فليحدثني بحاجته فدنا منه بعضهم فقالوا جئناك لنبيعك أدرعا لنا
قال ووالله إن فعلتم لقد جهدتم منذ نزل هذا الرجل بين أظهركم أو قال بكم
فواعدوه أن يأتوه بعد هدأة من الليل قال فجاءوه فقام إليهم فقالت له امرأته
ما جاءك هؤلاء في هذه الساعة لشئ مما تحب قال إنهم قد حدثوني بحاجتهم
فلما دنا منهم اعتنقه أبو عبس وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف وطعنه في خاصرته
فقتلوه فلما أصبحت اليهود غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم ما كان
يهجوه في أشعاره وما كان يؤذيه ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يكتب بينه وبينهم
كتابا قال فكان ذلك الكتاب مع علي. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن عباس قال مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم
وقال انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم يعنى النفر الذين وجههم إلى كعب بن
الأشرف. رواه أحمد والبزار الا أنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجه محمد بن مسلمة
وأصحابه إلى كعب بن الاشراف ليقتلوه، والباقي بنحوه. رواه الطبراني وزاد ثم
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله
رجال الصحيح. وعن عبادة يعنى ابن الصامت قال كان كعب بن الأشرف
يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند أبي وداعة بمكة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان
ابن ثابت فهجاه فلما بلغ قريشا هجاء حسان أبا وداعة أخرجوا كعب بن
الأشرف فلما قدم المدينة بعث له رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة وأبا عبس
ابن جبر وأبا نائلة فقتلوا كعب بن الأشرف بسرح العجول في بنى أمية بن زيد.
رواه الطبراني وإسحاق بن يحيى لم يدرك عبادة، وبقية رجاله ثقات. وعن عروة
أن سعد بن معاذ بعث الحرث بن أوس بن النعمان أخي بنى حارثة مع محمد بن
مسلمة إلى كعب بن الأشرف فلما ضرب ابن الأشرف أصاب رجل ابن الحارث
ذباب السيف (1) فحمله أصحابه. رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن.

(1) أي حده أو طرفه المتطرف.
196

* (باب قتل ابن أبي الحقيق) *
عن عبد الله بن أنيس قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا قتادة وحليفا لهم من
الأنصار وعبد الله بن عتيك إلى ابن أبي الحقيق لنقتله فخرجنا فجئنا خيبر ليلا
فتتبعنا أبوابهم فغلقنا عليهم من خارج ثم جمعنا المفاتيح فأرميناها فصعد القوم
في النخل ودخلت أنا وعبد الله بن عتيك في درجة ابن أبي الحقيق فتكلم
عبد الله بن عتيك فقال ابن أبي الحقيق ثكلتك أمك عبد الله أنى لك بهذه
البلدة قومي فافتحي فان الكريم لا يرد عن بابه هذه فقامت فقلت لعبد الله بن
عتيك دونك فأشهر عليهم السيف فذهبت امرأته لتصحيح فأشهر عليها واذكر
أقول رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن قتل النساء والصبيان فأكف فقال عبد الله
ابن أنيس فدخلت عليه في مسربة له فوقفت أنظر إلى شدة بياضه في ظلمة
البيت فلما رآني أخذ وسادة فاستتر بها فذهبت أرفع السيف لأضربه فلم أستطع
من قصر البيت فوخزته وخزا ثم خرجت فقال صاحبي فعلت فقلت نعم فدخل
فوقف عليه ثم خرجنا فانحدرنا من الدرجة فوقع عبد الله بن عتيك في الدرجة
فقال وا رجلاه كسرت رجلي فقلت له ليس برجلك بأس ووضعت قوسي
واحتملته وكان عبد الله قصيرا ضئيلا فأنزلته فإذا رجله لا بأس بها فانطلقنا حتى
لحقنا أصحابنا وصاحت المرأة ويا بياتاه فثور (1) أهل خيبر ثم ذكرت موضع قوسي
في الدرجة فقلت والله لأرجعن فلآخذن قوسي فقال له أصحاب قد تثور أهل
خيبر فقلت لأرجع أنا حتى آخذ قوسي فرجعت فإذا أهل خيبر قد تثوروا
وإذا مالهم كلام الا من قتل ابن أبي الحقيق فجعلت لا أنظر في وجه انسان ولا
ينظر في وجهي الا قلت مثل ما يقول من قتل ابن أبي الحقيق حتى جئت
الدرجة فصعدت مع الناس فأخذت قوسي فلحقت أصحابي فكنا نسير الليل
ونكمن النهار فإذا كمنا النهار أقعدنا ناطورا ينظر لنا حتى إذا اقتربنا من المدينة
وكنت بالبيداء كنت أنا ناطرهم ثم انى الحت لهم بيوتي فانحدروا فخرجوا جمزا (2)
وانحدرت في آثارهم فأدركتهم حتى بلغنا المدينة فقال لي أصحابي هل رأيت
شيئا فقلت لا ولكن رأيت ما أدرككم من العناء فأحببت أن يحملكم الفزع

(1) أي ثاروا.
(2) يقال جمز: أي أسرع هاربا من القتل.
197

فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلحت الوجوه
فقلنا أفلح وجهك يا رسول الله قال قتلتموه قلنا نعم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالسيف الذي قتل به فقال هذا طعامه في ضباب السيف. رواه أبو يعلى وفيه
إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وهو ضعيف. وعن عبد الله بن أنيس أن الرهط
الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن أبي الحقيق ليقتلوه عبد الله بن عتيك
وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة وحليف لهم ورجل من الأنصار وانهم قدموا
خير ليلا فعمدنا إلى أبوابهم نغلقها عليهم من خارج قالت امرأة ابن أبي الحقيق
إن هذا لصوت عبد الله بن عتيك قال افتحي ففتحت فدخلت أنا وعبد الله
ابن عتيك فقال عبد الله دونك فذهبت لأضربها بالسيف فأذكر نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والولدان فأكف عنها، قال علي بن المديني هذا عبد الله بن
أنيس الأنصاري وليس بالجهني الذي روى عنه جابر بن عبد الله. رواه الطبراني
وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وهو ضعيف.
* (باب سرية عبد الله بن جحش) *
عن جندب بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث رهطا وبعث عليهم أبا عبيدة
فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فبعث عليهم عبد الله
ابن جحش مكانه وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا
وكذا وقال لا تكرهن أحدا من أصحابك على المسير معك فلما قرأ الكتاب استرجع
وقال سمع وطاعة لله ولرسوله فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب فرجع رجلان ومضى
يقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو جمادى
فقال المشركون للمسلمين قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله عز وجل (يسألونك
عن الشهر الحرام) الآية فقال بعضهم إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر
فأنزل الله عز وجل (ان الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله
أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم). رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن
ابن عباس في قوله عز وجل (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه
198

كبير) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن فلان في سرية فلقوا عمرو بن
الحضرمي ببطن نخلة قال وذكر الحديث بطوله. رواه البزار وفيه أبو سعيد
البقال وهو ضعيف.
* (باب في يوم الرجيع) *
عن عاصم بن عمرو بن قتادة قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد نفر
من عصل والقارة فقالوا يا رسول الله ان فينا اسلاما فابعث معنا نفرا من
أصحابك يفقهونا في الدين ويقرئونا القرآن ويعلمونا شرائع الاسلام فبعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا من أصحابه ستة مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف
حمزة بن عبد المطلب قال فذكر القصة قال وأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن
البكير وعاصم بن أبي الأفلح فقالوا والله لا نقبل عهدا من مشرك ولا عقدا
أبدا فقاتلوهم حتى قتلوهم. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عروة بن الزبير
قال كان من شأن خبيب بن عدي بن عبد الله الأنصاري من بنى عمرو بن
عوف وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح بن عمرو بن عوف وزيد بن الدثنة
الأنصاري من بنى بياضة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهم عيونا بمكة ليخبروه خبر
قريش فسلكوا على النجدية حتى إذا كانوا بالرجيع من نجد اعترضت لهم بنو
لحيان من هزيل فأما عاصم بن ثابت فضارب بسيفه حتى قتل وأما خبيب وزيد
ابن الدثنة فأصعدا في الجبل فلم يستطعهما القوم حتى جعلوا لهم العهود والمواثيق
فنزلا إليهم فأوثقوهما رباطا ثم أقبلوا بهما إلى مكة فباعوهما من قريش فأما خبيب
فاشتراه عقبة بن الحرث وشركه في ابتياعه أبو أهاب بن عزيز بن قيس بن سويد
ابن ربيعة بن عدس بن عبد الله بن دارم وكان قيس بن سويد بن ربيعة أخا
عامر بن نوفل لامه أمهما بنت نهشل التميمية وعبيد بن حكيم السلمي ثم
الذكواني وأمية بن أبي عتبة بن همام بن حنظلة من بنى دارم وبنو الحضرمي
وسعية بن عبد الله بن أبي قيس من بنى عامر بن لؤي وصفوان بن أمية بن
خلف بن وهب الجمحي فدفعوه إلى عقبة بن الحرث فسجنه عنده في داره
فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث وكانت امرأة من آل عقبة بن الحرث بن عامر
199

تفتح عنه وتطعمه فقال لها إذا أراد القوم قتلى فآذنيني قبل ذلك فلما أرادوا
قتله أخبرته فقال أبغيني حديدة استدف بها يعنى أحلق عانتي فدخلت المرأة
التي كانت تنجده والموسى في يده فأخذ بيد الغلام فقال هل أمكن الله منكم
فقالت ما هذا ظني بك ثم ناولها الموسى وقال إنما كنت مازحا وخرج به القوم
الذين شركوا فيه وخرج معهم أهل مكة وخرجوا معهم بخشبة حتى إذا كانوا
بالتنعيم نصبوا تلك الخشبة فصلبوه عليها وكان الذين ولى قتله عقبة بن الحرث
وكان أبو الحسين صغيرا وكان مع القوم وإنما قتلوه بالحرث بن عامر وكان قبل
يوم بدر كافرا وقال لهم خبيب عند قتله أطلقوني من الرباط حتى أصلى ركعتين
فأطلقوه فركع ركعتين خفيفتين ثم انصرف فقال لولا أن تظنوا ان بي جزعا (1)
من الموت لطولتهما ولذلك خففتهما وقال اللهم إني لا أنظر إلا في وجه عدو اللهم
إني لا أجد رسولا إلى رسولك فبلغه عنى السلام فجاء جبريل عليه السلام إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك وقال خبيب وهم يرفعونه على الخشبة اللهم
احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا. وقتل خبيب أبناء المشركين
الذين قتلوا يوم بدر فلما وضعوا فيه السلاح وهو مصلوب نادوه وناشدوه
أتحب أن محمدا مكانك فقال لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها
في قدمه فضحكوا وقال خبيب حين رفعوه إلى الخشبة:
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا * قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم * وقربت من جذع طويل ممنع
إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي * وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
فذا العرش صبرني على ما يراد بي * فقد بضعوا لحمي وقد بان مطمعي
وذلك في ذات الاله وان يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع
لعمري ما أحفل (2) إذا مت مسلما * على أي حال كان لله مضجعي
وأما زيد بن الدثنة فاشتراه صفوان بن أمية فقتله بأبيه أمية بن خلف قتله نيطاس مولى
بنى جمح وقتلا بالتنعيم فدفن عمرو بن أمية خبيبا وقال حسان في شأن خبيب:

(1) في الأصل (ان ما بي جزع).
(2) في الأصل (أجعل) وفى الإصابة غير ذلك.
200

وليت خبيبا لم يخنه ذمامه * وليت خبيبا كان بالقوم عالما
شراك زهير بن الأغر وجامع * وكانا قديما يركبان المحارما
أجرتم فلما أن أجرتم غدرتم * وكنتم بأكساف الرجيع لهازما
رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن ابن شهاب
في تسمية من قتل يوم الرجيع مرثد بن أبي مرثد الغنوي. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن عروة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مرثد بن أبي
مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب إلى حي من هذيل فقتل فيها من
المسلمين ثم من بني هاشم: مرثد بن أبي مرثد.
* (باب في سرية إلى أبي سفيان بن الحرث) *
عن عمرو بن مرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جهينة ومزينة إلى أبي سفيان
ابن الحرث بن عبد المطلب وكان منابذا للنبي صلى الله عليه وسلم فلما ولوا غير بعيد قال أبو
بكر الصديق رضي الله عنه يا رسول الله بأبي أنت وأمي على ما تبعث جيشين
كيسين قد كادا يتفانيان في الجاهلية أدركهم الاسلام وهم على بقية منها فأمر
النبي صلى الله عليه وسلم بردهم حتى وقفوا بين يديه فقال يا مزينة حي جهينة يا جهينة حي
مزينة فعقد لعمرو بن مرة على الجيشين على جهينة ومزينة ثم قال سيروا على
بركة الله فساروا إلى أبي سفيان بن الحرث فهزمهم الله وكثر القتل في أصحابه
فلذلك يقول أبو سفيان بن الحرث:
من عادلي أوصرى * بالمشرفية من جهينة
الف يقودهم ابن مر * ة ذو الكتائب الحينة
هموا ذهبوا بالسلاح * وأطمعوا فينا مزينة
قال أبو محمد عبد الله بن داود ياسر بن سويد وسيار بن يسار بن سويد أفوه
ومسلم بن يسار هو ابن يسار بن سويد. قلت هكذا وجدته في الأصل الذي
كتبته منه ولا أدرى ما معناه.
201

* (باب في سرية إلى ابن الملوح) *
عن جندب بن مكيث الجهني قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن أبحر الكلبي
كلب ليث إلى بنى الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم فخرج فكنت في
سريته فمضينا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحرث بن مالك وهو ابن البرصا الليثي
فأخذناه فقال إنما جئت لأسلم فقال غالب بن عبد الله إن كنت إنما جئت لتسلم
فلم يضرك رباط يوم وليلة وان كنت على غير ذلك استوثقنا منك قال
فأوثقه رباطا ثم خلف عليه رجلا اسود كان معنا قال امكث معه
حتى نمر عليك فان نازعك فاحتز رأسه قال ثم مضينا حتى أتينا بطن الكديد
فنزلناه عشية بعد العصر فبعثني أصحابي ربيئة (1) فعمدت إلى تل يطلعني على
الحاضر فانبطحت عليه وذلك قبيل المغرب فخرج فرآني منبطحا على التل فقال
لامرأته والله لأرى على هذا التل سوادا ما رأيته أول النهار فانظري لا تكون
الكلاب اجترت بعض أوعيتك قال فنظرت فقالت لا والله ما أفقد شيئا قال
فناوليني قوسا وسهمين من نبلي قال فناولته فرماني بسهم فوضعه في جنبي قال
فنزعته فوضعته ولم أتحرك ثم رماني بآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته ولم أتحرك فقال لامرأته والله لقد خالطه سهماي ولو كان زائلة لتحرك فإذا أصبحت فاتبعي
سهمي فخذيهما لا يمضغهما على الكلاب قال وأمهلناهم حتى راحت رائحتهم حتى
إذا احتلبوا وغطوا وسكتوا وذهبت عتمة من الليل شننا عليهم الغارة فقتلنا
من قتلنا منهم واستقنا النعم فوجهناها قافلين وخرج صريخ القوم إلى قومهم
معويا وخرجنا سراعا حتى نمر بالحرث بن البرصاء وصاحبه فانطلقنا به معنا
وأتانا صريخ الناس فجاء بما لا قبل (2) لنا به حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن
الوادي أقبل سيل حال بيننا وبينهم بعثه الله من حيث شاء ما رأينا قبل ذلك
مطرا ولا حالا فجاء بما لا يقدر أحد منهم أن يقدم عليه فلقد رأيتنا وقوفا

(1) الربيئة: الطليعة والعين الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو.
(2) أي لا طاقة.
202

ينظرون إلينا ما يقدر أحد منهم ان يقدم ونحن نجوزها سراعا حتى استددناها
في المشلل ثم حدرناها عنا فأعجزنا القوم بما في أيدينا - قلت عند أبي داود
طرف من أوله - رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات فقد صرح ابن إسحاق
بالسماع في رواية الطبراني.
* (باب قتل خالد بن سفيان الهذلي) *
عن عبد الله بن أنيس قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه قد بلغني أن
خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني فائته فاقتله قال قلت
يا رسول الله انعته لي حتى أعرفه قال إذا رأيته وجدت له قشعريرة قال فخرجت
متوشحا سيفي حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا وحين
كان وقت العصر فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة
فأقبلت نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة فصليت وأنا أومئ برأسي
الركوع والسجود فلما انتهيت إليه قال من الرجل قلت رجل سمع بك وبجمعك
لهذا الرجل فجاءك في ذلك قال أجل أنا في ذلك قال فمشيت معه شيئا حتى
إذا أمكنني حملت عليه بالسيف حتى قتلته ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات
عليه فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال أفلح الوجه قال قلت قتلته
يا رسول الله قال صدقت قال ثم قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بي بيته فأعطاني
عصا فقال أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس قال فخرجت بها على الناس
فقالوا ما هذه العصا قلت أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها قالوا
أولا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا قال آية بيني وبينك يوم القيامة إن أقل
الناس المتخصرون يومئذ قال فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات
أمر بها فضمت معه في كفنه ثم دفنا جميعا - قلت روى أبو داود بعضه في صلاة
الخوف - رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه وفيه راو لم يسم وهو ابن عبد الله بن
أنيس، وبقية رجاله ثقات. وعن محمد بن كعب القرظي قال قال عبد الله بن أنيس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لي من خالد بن نبيح رجل من هذيل وهو يومئذ
203

بعرنة قال عبد الله قلت انا يا رسول الله انعته لي قال لو رأيته هبته قلت والذي
أكرمك ما هبت شيئا قط فخرجت حتى لقيته بحيال عرنة قبل أن تغيب الشمس
فلقيته فرعبت منه فعرفت حين رعبت منه الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من
الرجل قلت باغي حاجة فهل من مبيت قال نعم فالحق بي قال فخرجت في أثره فصليت
العصر ركعتين خفيفتين ثم خرجت فأشفقت أن يراني ثم لحقته فضربته بالسيف ثم
غشيت الجبل وكمنت حتى إذا ذهب الناس خرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة فأخبرته الخبر قال محمد بن كعب فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم مخصرة فقال تخصر
بهذه حتى تلقاني بها يوم القيامة وأقل الناس يومئذ المتخصرون، قال محمد
ابن كعب فلما توفى عبد الله بن أنيس أمر بها فوضعت على بطنه وكفن عليها
ودفنت معه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن أنيس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من لسفيان الهذلي يهجوني ويشتمني ويؤذيني فقلت أناله
يا رسول الله ابعثني له فبعثه له فلما أتاه ليلا دخل داره فقال أين سفيان فاطلع
إليه مطلع من أهله فقال ما تريد قال أريد سفيان فمروه فليطلع على فاطلع إليه
سفيان فقال ما تريد قال أريد أن تهبط إلى فان عندي درعا أريد أن أريكها
قال فأين هي قال هذه فاهبط إلى بقبائك فاخرج معي أريكها فخرج معه فسل
سيفه فضربه حتى برد ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فأخبره
بأنه قد قتله ومع النبي صلى الله عليه وسلم عصا يتخصر بها فناوله إياها فقال تخصر بهذه فان
المتخصرين يوم القيامة قليل فلم تزل معه حتى مات فدفنت معه. رواه الطبراني
وفيه الوازع بن نافع وهو متروك. وعن عبادة يعنى ابن الصامت قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار ألا رجل يكفيني سفيان الهذلي فإنه قد هجاني
فقام عبد الله بن أنيس فقال يا رسول الله وأين هو قال بعرنة قال يا رسول الله
صفه لي قال إذا رأيته فرقت (1) منه قال يا رسول الله ما فرقت شيئا منذ أسلمت
فخرج عبد الله بن أنيس يسعى على رجليه حتى قتله ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني وإسحق بن يحيى لم يدرك عبادة.

(1) أي خفت.
204

* (باب في سرية إلى رعية السحيمي) *
عن الشعبي عن رعية السحيمي قال كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أديم أحمر
فأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فرقع به دلوه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فلم يدعوا له
سارحة ولا رائحة ولا أهلا ولا مالا إلا أخذوه وانفلت عريانا على فرس له
ليس عليه سترة حتى ينتهى إلى ابنته وهي متزوجة في بنى هلال وقد أسلمت
وأسلم أهلها وكان مجلس القوم بفناء بيتها فدار حتى دخل عليها من وراء البيت
فلما رأته ألقت عليه قالت مالك قال كل الشر قد نزل بأبيك ما ترك له سارحة
ولا رائحة ولا أهل ولا مال قالت دعيت إلى الاسلام قال أين بعلك قالت في
الإبل قال فأتاه قال مالك فقال كل الشر قد نزل به ما ترك له رائحة ولا سارحة
ولا أهل ولا مال إلا أخذ وأنا أريد أن آتي محمدا أبادره قبل أن يقسم مالي
وأهلي قال خذ راحلتي برحلها قال لا حاجة لي فيها قال فأخذ قعود الراعي وزوده
إداوة من ماء فخرج وعليه ثوب إذا غطى وجهه خرجت استه وإذا غطى استه
خرج وجهه وهو يكره أن يعرف حتى انتهى إلى المدينة فعقل راحلته ثم أتى
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان بحذائه حيث يقيل فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر
قال يا رسول الله ابسط يدك أبايعك قال فبسطها فلما أراد أن يضرب عليها قبضها
إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ويفعله فلما كانت
الثالثة قال من أنت قال أنا رعية السحيمي قال فتناول النبي صلى الله عليه وسلم عضده ثم
رفعه ثم قال يا معشر المسلمين هذا رعية السحيمي الذي كتبت إليه فأخذ
كتابي فرقع به دلوه فأخذ يتضرع إليه قلت يا رسول الله أهلي ومالي قال أما
مالك فقد قسم واما أهلك فمن قدرت عليه منهم فإذا ابنه قد عرف الراحلة
وهو قائم عندها فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا ابني فقال
يا بلال اخرج معه فسله أبوك هذا فان قال نعم فادفعه إليه فخرج إليه قال
أبوك هذا قال نعم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا ابني فقال يا رسول الله
ما رأيت أحدا استعبر لصاحبه قال ذاك جفاء الاعراب. رواه أحمد باسنادين
أحدهما رجاله رجال الصحيح وهو هذا والآخر مرسل عن أبي عمرو الشيباني
205

ولم يقل عن رعية، والطبراني. وعن أبي إسحاق عن رعية الجهني أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كتب له كتابا فرقع به دلوه فمرت به سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستاقوا إبلا له
فأسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما أدركت من مالك بعينه قبل أن يقسم
فأنت أحق به. رواه الطبراني وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس، وبقية رجاله
رجال الصحيح إلا أنه من رواية ابن إسحاق عن رعية وقد رواه قبل هذا عن أبي
إسحق عن الشعبي وعن أبي إسحق عن أبي عمرو الشيباني والله أعلم.
* (باب سرية بكر بن وائل) *
عن عامر يعنى الشعبي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل
فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين واستعمل عمرو بن العاصي على الاعراب
فقال لهما تطاوعا قال وكانوا يؤمرون أن يغيروا على بكر فانطلق عمرو فأغار على
قضاعة لان بكرا أخواله فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبى عبيدة فقال إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم استعملك علينا وان ابن فلان قد ارتفع أمر القوم وليس لك معه أمر
فقال أبو عبيدة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتطاول فأنا أطيع رسول الله
صلى الله عليه وسلم وان عصاه عمرو. رواه أحمد وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح.
* (باب في سرية إلى نجد) *
عن أبي حدرد الأسلمي أنه ذكر أنه تزوج امرأة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه
في صداقها فقال كم أصدقت قلت مائتي درهم قال لو كنتم تغرفون الدراهم من
واديكم هذا ما زدتم ما عندي ما أعطيك فمكثت ثم دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبعثني في سرية فبعثنا نحو نجد فقال اخرج في هذه السرية لعلك أن تصيب
شيئا فاملكه قال فخرجنا حتى جئنا الحاضر ممسين قال فلما ذهبت فحمة العشاء
بعثنا أميرنا رجلين رجلين قال فأحطنا بالعسكر وقال إذا كبرت وحملت فكبروا
واحملوا وقال حين بعثنا رجلين رجلين لا تفترقا ولا أسألن واحدا منكما عن
خبر صاحبه فلا أجد عنده ولا تمعنوا في الطلب قال فلما أردنا أن نحول سمعت
206

رجلا من الحاضر صرخ يا خضرة قال فتفاءلت بانا سنصيب منهم خضرة قال
فلما أعتمنا كبر أميرنا وكبرنا وحملنا قال فمر بي رجل في يده السيف واتبعته قال
فقال لي صاحبي إن أميرنا قد عهد إلينا ألا تمعنوا في الطلب فارجع فلما أبيت
الا أتبعه قال والله لأرجعن إليه ولأخبرنه أنك أبيت قال فقلت والله لأتبعنه
فاتبعته حتى إذا دنوت منه رميته بسهم على جريداء متنه (1) فوقع فقال ادن
يا مسلم إلى الجنة فلما رآني لا أدنو إليه وضربته بسهم آخر فأثخنته رماني
بالسيف فأخطأني فأخذت السيف فقتلته به واحتززت به رأسه وشددنا فأخذنا
نعما كثيرة وغنما قال ثم انصرفنا قال فأصبحت فإذا بعيري مقطور عليه امرأة
جميلة شابة قال فجعلت تلتفت خلفها فتكثر فقلت لها إلى أين تلتفتين
قالت إلى رجل والله إن كان حيا خالطكم قال قلت وظننت أنه صاحبي
الذي قتلت قد والله قتلته وهذا سيفه وهو معلق بقتب البعير الذي أنا عليه
قال وغمد السيف ليس فيه شئ معلق بقتب بعيرها فلما قلت لها ذلك قالت فدونك
هذا الغمد فشمه فيه إن كنت صادقا قال فأخذته فشمته فيه قطيفة فلما رأت
ذلك بكت قال فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني من تلك النعم التي قدمنا
بها. رواه أحمد وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات. (2)
* (باب في سرية إلى بلاد طئ) *
عن عدى بن حاتم قال جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال رسل رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقرب فأخذوا عمتي وناسا قال فلما أتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال فصفوا له قالت يا رسول الله نأى الوافد وانقطع الوالد وأنا عجوز كبير ما بي
خدمة فمن على من الله عليك قال ومن وافدك قالت عدى بن حاتم قال الذي فر من
لله عز وجل ومن رسوله قالت فمن على قال فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه
على قال سليه حملانا فسألته فامر لها فقالت لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها
قلت ائته راغبا أو راهبا فقد أتاه فلان فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه

(1) أي وسطه وهو موضع القفا المتجرد عن اللحم، تصغير الجرداء.
(2) هنا في هامش الأصل: بلغ مقابلة بالأصل.
207

فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيان أو صبي فذكر قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم فعرفت
أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر فقال له يا عدي بن حاتم ما أفرك (1) أن تقول
لا إله إلا الله فهل من إله إلا الله ما أفرك أن يقال الله أكبر فهل شئ هو أكبر
من الله عز وجل فأسلمت فرأيت وجهه استبشر وقال إن المغضوب عليهم اليهود
وان الضالين النصارى ثم سألوه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال اما بعد أيها الناس فلكم
أن ترضخوا (2) من الفضل أرضخ امرؤ بصاع ببعض صاع بقبضة ببعض قبضة
قال شعبة وأكبر علمي أنه قال بتمرة بشق تمرة وأن أحدكم لاقى الله عز وجل
فقائل ما أقول ألم اجعل لك مالا وولدا فماذا قدمت فينظر من بين يديه ومن
خلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يجد شيئا يتقى النار إلا بوجهه فاتقوا النار ولو بشق
تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة لينة انى لا أخشى عليكم الفاقة لينصرنكم الله
أو ليعطينكم الله أو ليفتحن لكم حتى تسير الظعينة بين الحيرة ويثرب ان أكثر
ما تخاف السرق على ظعينها - قلت في الصحيح وغيره بعضه - رواه أحمد
والطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عباد بن حبيش (3) وهو ثقة. وقد تقدم
لعدي حديث أبين من هذا في المن على الأسير في كتاب الجهاد.
* (باب في سرية إلى جفينة) *
عن جفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب له كتابا فرقع به دلوه فقالت له ابنته عمدت
إلى كتاب سيد العرب فرقعت به دلوك فهرب وأخذ كل قليل معه وكثير هو
له ثم جاء بعد مسلما فقال النبي صلى الله عليه وسلم انظر ما وجدت من متاعك قبل قسمة
السهام فخذه. رواه الطبراني وفيه أبو بكر الداهري وهو ضعيف.
* (باب في سرية إلى ضاحية مضر) *
عن أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى ضاحية مضر فذكروا
أنهم نزلوا في ارض صحراء فأصبحوا فإذا هم برجل في قبة بفنائه غنم فجاءوه حتى

(1) أي ما يحملك على الفرار.
(2) الرضخ: العطاء القليل.
(3) في الأصل
(حنيش) بالنون، والتصحيح من الخلاصة.
208

وقفوا عليه فقالوا أجزرنا (1) فأجزرهم شاة فطبخوا منها ثم أخرى فسحطوها (2)
فقال ما بقي في غنمي من شاة لحم الا شاة ماخض أو فحل فسطوا فأخذوا
منها شاة فلما أظهروا واحترقوا وهم في يوم صائف لا ظل معهم قال غنمه في
مظلته فقالوا نحن أحق بالظل من هذه الغنم فجاءوا فقالوا أخرج عنا غنمك نستظل فقال إنكم
متى تخرجونها تهلك فتطرح أولادها وأني قد آمنت بالله ورسوله وقد
صليت وزكيت فأخرجوا غنمه فلم تلبث الا ساعة من نهارا حتى تناغرت
فطرحت أولادها فانطلق سريعا حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره فغضب
النبي صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ثم قال اجلس حتى يرجع القوم فلما رجعوا جمع
بينهم وبينه فتواتروا على كذب كذب فسرى عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى الاعرابي
ذلك قال أما والله ان الله ليعلم انى صادق وانهم لكاذبون ولعل الله يخبرك
ذلك يا نبي الله فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم انه صادق فدعاهم رجلا رجلا يناشد كل
رجل منهم ينشده فلم ينشد رجلا منهم الا قال كما قال الاعرابي فقام النبي
صلى الله عليه وسلم فقال ما يحملكم أن تتابعوا في الكذب كما يتتابع الفراش في النار
الكذب يكتب على ابن آدم الا ثلاث خصال رجل كذب على امرأته لترضى عنه
ورجل يكذب في خدعة الحرب ورجل يكذب بين امرأين مسلمين ليصلح بينهما -
قلت روى الترمذي طرفا من آخره - رواه الطبراني وفيه شهر بن حوشب وقد
وثق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.
* (باب في سراياه) *
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فغنموا وفيهم رجل فقال إني
لست منهم عشقت منهم امرأة فلحقتها فدعوني أنظر إليها ثم اصنعوا بي
ما بدا لكم فأتى امرأة طويلة أدماء فقال لها اسلمي حبيش قبل نفاد العيش:
أرأيت لو تبعتكم فلحقتكم * بحلبة أو ألفيتكم بالخوانق
أما كان حقا أن ينول عاشق * تكلف إدلاج السرى والودائق
قالت نعم فديتك فقدموه فضربوا عنقه فجاءت المرأة فوقعت عليه فشهقت

(1) أي اعطنا شاة نذبحها.
(2) أي ذبحوها بسرعة.
209

شهقة أو شهقتين ثم ماتت فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أما كان فيكم رجل رحيم. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط وإسناده حسن. وعن عصام المزني وكانت له صحبة قال كان النبي
صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا أو سرية يقول لهم إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا
تقتلوا أحدا فبعثنا النبي صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا بذلك فخرجنا نسير بأرض
تهامة فأدركنا رجلا يسوق ظعائن فعرضنا عليه الاسلام فقلنا أمسلم أنت
فقال وما الاسلام فأخبرناه فإذا هو لا يعرفه قال إن لم أفعل فما أنتم صانعون
قلنا نقتلك قال هل أنتم منظري حتى أدرك الظعائن فقلنا نعم ونحن مدركوه
فخرج فإذا امرأة في هودجها فقال أسلمى حبيش قبل انقطاع العيش فقالت
أسلم عشيرا وتسعا تترى ثم قال:
أتذكر إذ طالبتكم فوجدتكم * بحلبة أو أدركتكم بالخوانق
فلم يك حقا أن ينول عاشق * تكلف إدلاج السرى والودائق
فلا ذنب لي إذ قلت إذ أهلنا معا * أثيبي بود قبل إحدى الصفائق
أثيبي بود قبل أن يشحط النوى * وينأى الأمير بالحبيب المفارق
ثم أتانا فقال شأنكم فقدمناه فضربنا عنقه ونزلت الأخرى من هودجها فجثت
عليه حتى ماتت - قلت روى أبو داود طرفا من أوله - رواه الطبراني والبزار
وإسنادهما حسن وعن عروة ان رسولا لله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل العمرة من
نجد أميرهم ثابت بن أقرم فأصيب بها ثابت بن أقرم. رواه الطبراني وفيه ابن
لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن جابر بن سمرة قال بعثنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم في سرية فهزمنا فاتبع سعد راكبا منهم فالتفت إليه فرأى ساقه خارجا من
الغرز فرماه بسهم فرأيت الدم يسيل كأنه شراك فأناخ. رواه الطبراني ورجاله
ثقات. وعن خباب قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فأصابنا العطش وليس
معنا ماء فتنوخت ناقة لبعضنا وإذا بين رجليها مثل السقاء فشربنا من لبنها.
رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن بشار الرمادي وفيه ضعف وقد وثق. وعن ابن
عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب إلى اليمن
210

واستعمل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على المهاجرين واستعمل خالد بن
الوليد على الاعراب قال وإن كان قتال فعلي بن أبي طالب على الناس. رواه
الطبراني وفيه إبراهيم بن عثمان أبو شيبة وهو ضعيف.
* (باب في يوم ذي قار) *
عن خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده قال قدمت بكر بن وائل مكة
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ائتهم فاعرض عليهم فأتاهم فقال من القوم فقالوا
بنو ذهل بن ثعلبة فقال لست إياكم أريد أنتم الأذناب فقال إليه دغفل فقال
من أنت قال رجل من قريش قال أمن بني هاشم قال لا قال فمن بنى أمية قال
لا قال فأنتم من الأذناب ثم عاد إليهم ثانية فقال من القوم فقالوا بنو ذهل بن
شيبان قال فعرض عليهم الاسلام قالوا حتى يجئ شيخنا فلان قال خلاد
أحسبه قال المثنى بن خارجة فلما جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه
قال إن بيننا وبين الفرس حربا فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فقال
له أبو بكر أرأيت إن غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا قال لا نشترط لك هذا
علينا ولكن إذا فرغنا فيما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فيما تقول فلما التقوا يوم
ذي قار هم والفرس قال شيخهم ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى الله قالوا محمد قالوا
هو شعاركم فنصروا على القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بي نصروا. رواه الطبراني
ورجاله ثقات رجال الصحيح غير خلاد بن عيسى وهو ثقة. وعن بشير بن
يزيد الضبعي وكان قد أدرك الجاهلية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي قار
هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم. رواه الطبراني وفيه سليمان بن
داود الشاذكوني وهو ضعيف.
* (باب في قتال فارس والروم وعداوتهم) *
عن سعد يعنى ابن أبي وقاص قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يظهر المسلمون
على الروم ويظهر المسلمون على فارس ويظهر المسلمون على جزيرة العرب.
رواه البزار وفيه راو لم يسم. وعن جبير بن نفير قال قال ابن حوالة كنا عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوا إليه الفقر والعرى وقلة الشئ فقال النبي صلى الله عليه وسلم
211

أبشروا فوالله لأنا لكثرة الشئ أخوف عليكم من قلته والله لا يزال هذا الامر
فيكم حتى يفتح لكم جند بالشام وجند بالعراق وجند باليمن حتى يعطى الرجل
المائة فيسخطها قال عبد الله بن حوالة ومتى نستطيع الشام م الروم ذات
القرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفتحها لكم ويستخلفكم فيها حتى تظل العصابة
منها البيض قمصهم المحلقة أقفاؤهم قياما على الرويجل الأسيود منكم ما أمرهم
بشئ فعلوه وإن بها اليوم رجالا لأنتم أحقر في أعينهم من القردان في أعجاز
الإبل، فذكر الحديث. رواه الطبراني باسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح
غير نصر بن علقمة وهو ثقة. وعن جبير بن نفير قال كان عبد الله بن وزاح
قديما له صحبة يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوشك أن يؤمر عليهم الرويجل
فيجتمع إليه قوم محلقة أقفيتهم بيض قمصهم فكان إذا أمرهم بشئ حضروا
فشاء ربك أن عبد الله بن وزاح ملك بعض المدن فاجتمع إليه قوم من
الدهاقين محلقة أقفيتهم بيض قمصهم فكان إذا أمرهم بشئ حضروا فيقول صدق
الله ورسوله. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عدى بن حاتم قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم تمثلت لي الحيرة كأنياب الكلاب وانكم ستفتحونها فقام رجل فقال
يا رسول الله هب لي بنت بقيلة فقال هي لك فأعطوه إياها فجاء أخوها فقال
أتبيعها قال نعم قال فاحتكم ما شئت قال بألف درهم قال قد أخذتها بألف قالوا له
لو قلت ثلاثين ألفا قال وهل عدد أكثر من الف. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح. وله طريق من حديث صاحب القصة في قتال أهل الردة. وعن
المستورد قال بينا أنا عند عمرو بن العاص فقلت له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول أشد الناس عليكم الروم وإنما هلكتهم مع الساعة فقال له عمرو ألم أزجرك
عن مثل هذا. رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن رجل من خثعم قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة
تبوك فوقف ذات ليلة واجتمع إليه أصحابه فقال إن الله قد أعطاني الليلة
الكنزين كنز فارس والروم وأمدني بالملوك ملوك حمير الأحمرين ولا ملك
الا الله يأتون يأخذون من مال الله ويقاتلون في سبيل الله قالها ثلاثا. رواه أحمد
212

وفيه أبو همام الشعباني ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عياض
الأشعري قال شهدت اليرموك وعلينا خمسة (1) أمراء أبو عبيدة بن الجراح ويزيد
ابن أبي سفيان وابن حسنة وخالد بن الوليد وعياض وليس عياض هذا الذي
حدث سماكا قال وقال عمر إذا كان عليكم قتال فعليكم أبو عبيدة قال فكتبنا إليه
انه قد جاش إلينا الموت واستمددناه فكتب إلينا إنه قد جاءني كتابكم
تستمدوني وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندا فاستنصروه فان
محمدا صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم
ولا تراجعوني قال فقاتلناهم فقتلناهم وهزمناهم أربعة فراسخ قال وأصبنا
أموالا فتشاورنا فأشار علينا عياض أن نعطي عن كل رأس عشرة قال وقال
أبو عبيدة من يراهني فقال شاب أنا ان لم تغضب قال فسبقه فرأيت عقيصتي
أبى عبيدة تنقزان (2) وهو خلفه على فرس عرى. رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح. وعن الزهري قال إن أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أمراء
على الشام فأمر خالد بن سعيد على جند. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
الا ان الزهري لم يدرك أبا بكر. وعن خبيب بن أبي ثابت ان الحارث بن
هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة أصيبوا (3) يوم اليرموك
فدعا الحارث بشراب فنظر إليه عكرمة فقال ادفعوه إلى عكرمة فدفع إليه
فنظر إليه عياش بن أبي ربيعة فقال عكرمة ادفعوه إلى عياش فما وصل إلى
أحد منهم حتى ماتوا جميعا وما ذاقوه. رواه الطبراني وخبيب لم يدرك
اليرموك وفى اسناده من لم أعرفه. وعن مهاجر بن دينار أن أسماء بنت يزيد
ابن السكن ابنة عم معاذ بن جبل قتلت يوم اليرموك تسعة من الروم بعمود
فسطاط. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي وائل قال سمع عبد الله يعنى
ابن مسعود رجلا يقول أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة فقال
عبد الله أولئك ذهبوا أصحاب الجابية اشترط خمسمائة من المسلمين أن لا

(1) في الأصل (خمس).
(2) النقز: الوثب والقفز، أي تتحركان بسرعة.
(3) في الأصل (أثبتوا)
213

يرجعوا حتى يقتلوا فحلقوا رؤوسهم فلقوا العدو فقتلوا الا مخبرا عنهم. رواه
الطبراني وفيه علي بن عاصم وهو كثير الخطأ، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيمن قتل بالشام) *
عن عروة فيمن قتل يوم أجنادين بأجنادين من قريش ثم من
بنى عبد شمس بن مناف: أبان بن سعيد بن العاص، ومن قريش ثم من بنى
سهم بن هصيص: تميم بن الحارث بن قيس وجندب بن حممة الدوسي حليف
بنى أمية بن عبد شمس، ومن قريش ثم من بنى أمية: عمرو بن سعيد بن
العاص، ومن قريش ثم من بنى سهم: حجاج بن الحارث بن قيس، ومن قريش
ثم من بنى سهم: الحارث بن الحارث بن قيس، ومن بنى عدى بن كعب: نعيم
ابن عبد الله. رواه كله الطبراني وفى إسناد عروة ابن لهيعة وحديثه حسن
وفيه ضعف. وعن ابن شهاب في تسمية من استشهد يوم أجنادين من قريش
ثم من بنى سهم: حجاج بن الحرث، ومن قريش ثم من بنى سهم: الحارث
ابن أبي حارث، ومن قريش ثم من بنى سهم: سعيد بن الحارث. رواه كله
باسناد واحد ورجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن إسحاق في تسمية من
استشهد يوم أجنادين من قريش ثم من بنى سهم: حجاج بن الحارث، ومن
قريش ثم من بنى سهم: الحرث بن الحرث. رواهما الطبراني باسناد واحد
ورجالهما ثقات. قال طب (1) الحرث بن هشام المخزومي استشهد يوم اليرموك.
* (باب في وقعة القادسية ونهاوند وغير ذلك) *
عن معاوية بن قرة قال لما كان يوم القادسية بعث المغيرة بن شعبة إلى
صاحب فارس فقال ابعثوا معي عشرة فشد عليه ثيابه وأخذ عليه جحفة ثم
انطلق حتى أتوه فقال للقوم ألقوا إلى ترسا فجلس عليه فقال العلج انكم معاشر
العرب قد عرفت الذي حملكم على الجيئة إلينا أنتم قوم لا تجدون في بلادكم من
الطعام ما تشبعون منه فخذوا نعطيكم من الطعام حاجتكم فانا قوم مجوس وانا
نكرة قتلكم وانكم تنجسون علينا أرضنا فقال المغيرة والله ما ذاك جاء بنا

(1) لعلها إشارة للطبراني.
214

ولكنا كنا قوما نعبد الحجارة والأوثان فإذا لقينا حجرا أحسن من حجر
ألقيناه وأخذنا غيره ولا نعرف ربا حتى بعث الله إلينا رسولا من أنفسنا
فدعانا إلى الاسلام فاتبعناه ولم نجئ لطعام وأمرنا بقتال عدونا ممن ترك
الاسلام ولم نجئ لطعام ولكنا جئنا نقتل مقاتلتكم ونسبي ذراريكم فأما
ما ذكرت من الطعام فانا كنا لعمري ما نجد من الطعام ما نشبع منه وربما لم
نجد ريا من الماء أحيانا فجئنا إلى أرضكم هذه فوجدنا طعاما كثيرا فلا والله
لا نبرحها حتى تكون لنا أولكم قال العلج بالفارسية صدق وأنت تفقأ عينك
غدا بالفارسية ففقئت عينه من الغد أشابته نشابة. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. وعن أبي الصلت قال كتب إلينا عمر رضي الله عنه ونحن مع النعمان
ابن مقرن المزني قال فإذا لقيتم العدو فلا تفروا وإذا غنمتم فلا تغلوا فلما لقينا
العدو قال النعمان أمهلوا القوم وذلك يوم الجمعة حتى يصعد أمير المؤمنين
فيستنصر فقاتلهم فانفض النعمان فقال سجوني ثوبا واقبلوا على عدوكم ولا
أهولنكم قال فأقبلنا عليهم ففتح الله تعالى علينا وأتى عمر الخبر أنه أصيب
النعمان وفلان وفلان ورجال لا نعرفهم قال ولكن الله يعرفهم. رواه الطبراني
واسناده حسن. وعن معقل بن يسار أن عمر شاور الهرمزان في أصبهان وفارس
وأذربيجان فقال يا أمير المؤمنين أصبهان الرأس وفارس وأذربيجان
الجناحان فان قطعت أحد الجناحين ثار الرأس بالجناح الآخر وإن قطعت الرأس
وقع الجناحان فابدأ بأصبهان فدخل عمر المسجد فإذا هو بالنعمان بن مقرن
المزني فانتظره حتى قضى صلاته فقال إني مستعملك فقال أما جابيا فلا وأما
غازيا فنعم قال فإنك غاز فسرحهم وبعث إلى أهل الكوفة أن يمدوه
ويلحقوا به فيهم حذيفة بن اليمان والمغيرة بن شعبة والزبير بن العوام
والأشعث وعمرو بن معدي كرب وعبد الله بن عمرو فأتاهم النعمان وبينه وبينهم
نهر فبعث إليهم المغيرة بن شعبة رسولا وملكهم ذو الجناحين فاستشار
أصحابه فقال ما ترون أجلس له في هيئة الحرب أو في هيئة الملك وبهجته فقالوا
اقعد له في هيئة الملك وبهجته فجلس له على هيئة الملك وبهجته على سرير
215

ووضع التاج على رأسه وحوله سماطان عليهم ثياب الديباج والقرطة والأسورة
فأخذ المغيرة بن شعبة يضع بصره وبيده الرمح والترس والناس حوله على سماطين
على بساط له فجعل يطعنه برمحه يخرقه لكي يتطيرون فقال له ذو الجناحين
إنكم معشر العرب أصابكم جوع شديد فإذا شئتم مرناكم ورجعتم إلى بلادكم
فتكلم المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال انا كنا معشر العرب
نأكل الجيف والميتة وكانوا يطؤونا ولا نطؤهم فابتعث الله إلينا رسولا في
شرف منا أوسطنا حسبا وأصدقنا حديثا وانه وعدنا أنا ههنا سيفتح علينا فقد
وجدنا جميع ما وعدنا حقا وأني أرى هنا بزة وهيئة ما أرى أن من بعدي
بذاهبين حتى يأخذوه، قال المغيرة فقالت لي نفسي لو جمعت جراميزك (1)
فوثبت وثبة فجلست معه على السرير فزجروه ووطئوه فقلت أرأيتم ان كنت
أنا استحمقت فان هذا لا يفعل بالرسل ولا نفعل هذا برسلكم إذا أتونا
فقال إن شئتم قطعنا إليكم وإن شئتم قطعتم إلينا فقلت بل نقطع إليكم فقطعنا
إليهم فصاففناهم فسلسلوا كل سبعة في سلسلة وكل خمسة في سلسلة لئلا يفروا
قال فرامونا حتى أسرعوا فينا فقال المغيرة للنعمان إن القوم أسرعوا فينا فاحمل
قال إنك ذو مناقب وقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم نقاتل أول النهار
أخر القاتل حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر فقال النعمان يا أيها
الناس اهتزوا فأما الهزة الأولى فليقض الرجل حاجته واما الثانية فلينظر الرجل
في سلاحه وشسعه وأما الثالثة فإني حامل فاحملوا وان قتل أحد فلا يلوي أحد
على أحد وان قتلت فلا تلووا على وإني داعي الله بدعوتي فعزمت على كل امرئ
منكم لما أمن عليها فقال اللهم ارزق النعمان اليوم شهادة بنصر المسلمين وافتح
عليهم فأمن القوم وهز لواءه ثلاث مرات ثم حمل وكان أول صريع فمررت به
فذكرت عزمته فلم ألو عليه وأعلمت مكانه فكان إذا قتلنا رجلا منهم شغل عنا
أصحابه يجرونه ووقع ذو الجناحين من بغلة شهباء فانشق بطنه ففتح الله على
المسلمين فأتيت مكان النعمان وبه رمق فأتيته فقلت فتح الله عليهم فقال الحمد

(1) قيل هي اليدان والرجلان، وقيل هي جملة البدن.
216

لله اكتبوا بذلك إلى عمر وفاضت نفسه فاجتمعوا إلى الأشعث بن قيس قال
فأتينا أم ولده فقلنا هل عهد إليك عهدا قالت لا إله سفطا فيه كتاب فقرأته
فإذا فيه إن قتل فلان ففلان وان قتل فلان ففلان قال حماد فحدثني علي بن زيد
قال ثنا أبو عثمان النهدي انه أتى عمر فسأل عن النعمان قال انا لله وإنا إليه
راجعون قال ما فعل فلان قلت قتل يا أمير المؤمنين وآخرين لا نعرفهم
قال قلت وأنا لا أعلمهم ولكن الله عز وجل يعلمهم - قلت في الصحيح طرف منه -
رواه الطبراني ورجاله من أوله إلى قوله فحدثنا علي بن زيد رجال الصحيح غير
علقمة بن عبد الله المزني وهو ثقة.
* (باب فيمن قتل يوم الجسر) *
عن ابن شهاب في تسمية من استشهد من المسلمين يوم الجسر
من الأنصار ثم من بنى عبد الأشهل: أوس بن أوس، ومن الأنصار
ثم من بنى ساعدة: أسعد بن حارثة بن لوذان، ومن الأنصار: ثابت
ابن عتيك وثعلبة بن عمرو بن محصن، ومن الأنصار ثم من بنى معاوية:
الحرث بن عدي بن مالك، والحارث بن مسعود بن عبد بن مظاهر (1). رواهما
الطبراني باسناد واحد ورجاله رجال الصحيح. وعن عروة فيمن قتل يوم جسر
المدائن من الأنصار ثم من بنى زعورا: أوس بن عتيك بن عامر، ومن
الأنصار ثم من بنى عمرو بن مبذول: ثعلبة بن عمرو بن محصن وثابت بن
عتيك، ومن الأنصار ثم من بنى النجار: زيد بن سراقة بن كعب، ومن
الأنصار ثم من بنى عبد الأشهل ثم من بنى زعورا: سعد بن سلامة. رواها
الطبراني باسناد واحد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن محمد
ابن إسحاق فيمن قتل يوم الجسر من الأنصار ثم من بنى عبد الأشهل ثم من بنى
زعورا: أوس بن عتيك بن عامر، ومن الأنصار: ثابت بن عتيك، ومن
الأنصار ثم من بنى معاوية: الحرث بن مسعود بن عبد بن مظاهر. رواها
الطبراني باسناد واحد ورجاله ثقات.

(1) في الأصل (مطاهر) والتصحيح من الإصابة، ولعل فيها في باقي الاسم غلطا.
217

* (باب وقعة الإسكندرية) *
عن عمرو بن العاصي قال خرج جيش من المسلمين أنا أميرهم حتى نزلنا
الإسكندرية فقال صاحبها أخرجوا إلى رجلا منكم أكلمه ويكلمني فقلت لا يخرج
إليه غيري فخرجت ومعي ترجمان ومعه ترجمان حتى وضع له منبران فقال من
أنتم فقلنا نحن العرب ونحن أهل الشوك والقرط (1) ونحن أهل بيت الله كنا
أضيق الناس أرضا وأشده عيشا نأكل الميتة ويغير بعضنا على بعض بشر عيش
عاش به الناس حتى خرج فينا رجل ليس بأعظمنا يومئذ شرفا ولا أكثرنا مالا
فقال أنا رسول الله يأمرنا بما لا نعرف وينهانا عما كنا عليه وكانت عليه آباؤنا
فشنعنا له وكذبناه ورددنا عليه مقالته حتى خرج إليه قوم من غيرنا فقالوا نحن
نصدقك ونؤمن بك ونتبعك ونقاتل من قاتلك فخرج إليهم وخرجنا إليه
فقاتلناه فقتلنا وظهر علينا وغلبنا وتناول من يليه من العرب فقاتلهم حتى ظهر
عليهم فلو يعلم من ورائي ما أنتم فيه من العيش لم يبق أحد الا جاءكم حتى
يشرككم فيما أنتم فيه من العيش فضحك ثم قال إن رسولكم قد صدق قد
جاءتنا رسلنا بمثل الذي جاءكم به رسولكم فكنا عليه حتى ظهر فينا ملوك
فجعلوا يعملون فينا بأهوائهم ويتركون أمر الأنبياء فان أنتم أخذتم بأمر نبيكم
لم يقاتلكم أحد إلا غلبتموه ولم يتناولكم أحد إلا ظهرتم عليه فإذا فعلتم مثل
الذي فعلنا وتركتم أمر الأنبياء وعملتم مثل الذي عملوا بأهوائهم خلى بيننا
وبينكم فلم تكونوا أكثر منا عددا ولا أشد منا قوة، قال عمرو بن العاصي فما
كلمت رجلا أذكر منه. رواه الطبراني وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن
الحديث، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فتح القسطنطينية ورومية) *
عن بشير الخثعمي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول القسطنطينية فلنعم الأمير
أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش قال فدعاني مسلمة بن عبد الملك فحدثته فغزا

(1) هو ورق السلم الذي يدبغ به.
218

القسطنطينية. رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله ثقات. وعن أبي قبيل قال
كنا عند عبد الله بن عمرو فسئل أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية
قال فدعا عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتابا فقال عبد الله بينا نحن
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين نفتح
أولا القسطنطينية أو رومية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولا، يعنى
القسطنطينية. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبى قبيل وهو ثقة. وعن أبي
ثعلبة الخشني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو بالفسطاط في خلافة معاوية
قال وكان معاوية أغزى الناس للقسطنطينية فقال والله لا يعجز هذه الأمة
من نصف يوم إذا رأيت الشام مائدة رجل وأهل بيته فعند ذلك فتح
القسطنطينية - قلت روى أبو داود منه طرفا - رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح. وعن عمرو بن عوف قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة
حتى تكون رابطة من المسلمين ببولان يا علي، قال المزني يعنى علي بن أبي طالب
قال لبيك يا رسول الله قال اعلم انكم ستقاتلون بنى الأصفر ويقاتلهم
من بعدكم من المؤمنين ثم يخرج إليهم رزقة المسلمين أهل الحجاز الذين
لا تأخذهم في الله لومة لائم حتى يفتح الله عليهم قسطنطينية ورومية
بالتسبيح والتكبير فيهدوا حصنهما ويصيبوا مالا عظيما لم يصيبوا مثله
قط حتى يقتسموا بالترسة ثم يصرخ صارخ يا أهل الاسلام قد خرج المسيح
الدجال في بلادكم وذراريكم فينقبض الناس عن المال فمنهم الآخذ ومنهم
التارك فالآخذ نادم والتارك نادم ثم يقولون من هذا الصارخ ولا يعلمون
من هو فيقولون ابعثوا طليعة إلى لد (1) فان يكن المسيح قد خرج فسيأتيكم
بعلمه فيأتون فيبصرون ولا يرون شيئا ويرون الناس ساكتين فيقولون ما
صرخ الصارخ إلا إلينا فاعتزموا ثم ارشدوا فنخرج بأجمعنا إلى لد فان يكن بها
المسيح الدجال نقاتله حتى يحكم الله بيننا وبينه وهو خير الحاكمين وإن يكن
الأخرى فإنها بلادكم وعشائركم وعسا كركم رجعتم إليها - قلت رواه ابن ماجة

(1) بلد بفلسطين مشهور.
219

باختصار - رواه الطبراني وفيه كثير بن عبد الله وقد ضعفه الجمهور وحسن
الترمذي حديثه.
* (باب قتال أهل الردة) *
عن عامر يعنى الشعبي قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد من
الناس قال قوم نصلى ولا نؤتى الزكاة فقال الناس لأبي بكر اقبل منهم قال
لو منعوني عناقا (1) لقاتلتهم فبعث خالد بن الوليد وقدم عدى بن حاتم بألف من
طئ حتى أتى اليمامة قال فكان بنو عامر قد قتلوا عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأحرقوهم بالنار فكتب أبو بكر إلى خالد ان اقتل بنى عامر وحرقهم بالنار
ففعل حتى صاحب النساء ثم أتى حتى انتهى إلى الماء خرجوا إليه
فقالوا الله أكبر الله أكبر نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد ان محمدا رسول
الله فإذا سمع ذلك كف عنهم فأمره أبو بكر أن يسير حتى ينزل الحيرة ثم
يمضى إلى الشام فلما نزل الحيرة كتب إلى أهل فارس ثم قال إني
لأحب أن لا أبرح حتى أفزعهم فأغار عليهم حتى انتهى إلى سورا فقتل وسبى
ثم أغار على عين النمر فقتل وسبى ثم مضى إلى الشام قال عامر فأخرج إلى زنفلة
كتاب خالد بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد إلى مرازبة (2) فارس
السلام على من اتبع الهدى فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو بالحمد الذي
فصل حزمكم وفرق جماعتكم ووهن بأسكم وسلب ملككم فإذا جاءكم كتابي هذا
فاعتقدوا منى الذمة وأدوا إلى الجزية وابعثوا إلى بالرهن والا فوالله الذي
لا إله إلا هو لألقاكم بقوم يحبون الموت كحبكم الحياة سلام على من اتبع الهدى.
رواه أبو يعلى وفيه مجالد وهو ضعيف وقد وثق. وعن محمد بن إسحاق قال لما فرغ
خالد بن الوليد من اليمامة بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين وكان العلاء هو الذي
بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى العبدي فأسلم المنذر فأقام العلاء
بها أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدت ربيعة بالبحرين فيمن ارتد من العرب

(1) العناق: الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم لها سنة.
(2) جمع مرزبان وهو الفارس الشجاع المقدم على القوم دون الملك.
220

إلا الجارود بن عمرو فإنه ثبت على الاسلام ومن تبعه من قومه واجتمعت ربيعة
بالبحرين وارتدت وقالوا نرد الملك في آل المنذر فكلموا المنذر بن النعمان بن المنذر
وكان يسمى العرور وكان يقول بعد حين أسلم وأسلم الناس وعليهم السيف لست
بالعرور ولكني المعرور فلما اجتمعت ربيعة بالبحرين سار إليهم العلاء بن
الحضرمي وأمده بثمامة بن أثال سار معه بمن معه من بنى سحيم حتى خاض إلى
ربيعة البحر فسارت ربيعة إليهم فحصروهم بجواثا (1) حصن بالبحرين حتى إذا
كاد المسلمون أن يهلكوا من الجهد فقال عبد الله بن خدف العامري في ذلك حين
أصابهم ما أصابهم:
ألا بلغ أبا بكر رسولا * وفتيان المدينة أجمعينا
فهل لك في شباب منك أمسوا * جميعا في جواثا محصرينا
توكلنا على الرحمن إنا * وجدنا النصر للمتوكلينا
فقال عبد الله بن خدف دعوني أهبط من الحصن وأنا آتيكم بالخبر وكان
مع عبد الله بن حذف امرأة من بنى عجل ونزل من الحصن وأخذوه وقالوا ممن
أنت فانتسب وجعل ينادى يا أبجراه وكان في القوم فجاء أبجر وعرفه وقال ما شأنك
فقال إني قد هلكت من الجوع فحمله وسقاه وقال احملني وخل سبيلي فانطلق
وحملة على بغل وقال انطلق لشأنك فلما خرج من عندهم عبد الله بن حذف رجع إلى
أصحابه فأخبرهم أن القوم سكارى لا غناء عندهم فبيتهم العلاء فيمن معه من المسلمين
من العرب والعجم فقتلوهم قتلا شديدا وانهزموا. رواه الطبراني ورجاله ثقات
إلى ابن إسحاق. وعن عروة قال وبعث أبو بكر العلاء بن الحضرمي في جيش من
البحرين قبل أهل البحرين وكانوا قد منعوا الجزية التي سلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
إذ افتتحها العلاء بن الحضرمي وصالحهم على الجزية فسار إليهم وبينه وبينهم البحر
حين منعوا حق الله تعالى من أموالهم. رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن
وفيه ضعف. وعن محمد بن سلام يعنى البيكندي قال قال أبو عبيدة ضرار بن الأزور
تولى قتل مالك بن نويرة وفى ذلك يقول متمم بن نويرة ويعرض بخالد بن الوليد:

(1) في الأصل (بحواثا) بالحاء المهملة، والتصويب من النهاية.
221

نعم القتيل إذا الرياح تناوحت * حيث العضاة قتيلك ابن الأزور
ولنعم حشو الدرع حين لقيته * ولنعم ذاك (1) الطارق المتنور
سمح بأطراف القداح إذا انتشى * حلو حلال المال غير غدور
لا يلبس الفحشاء تحت ثيابه * صعب مقادته عفيف المئزر
أدعوته بالله ثم قتلته * لو هو دعاك بذمة لم يغدر
نعم الفوارس يوم حلت غادرت * فرسان فهر في الغبار الأكدر
ويروى في الكدور الأكدر. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن طارق
ابن شهاب قال جاء أهل الردة من أسد وغطفان إلى أبى بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسألونه الصلح فقال على أن ننزع منكم الحلقة والكراع وتتركون تبيعون أذناب
البقر حتى يرى الله خليفة نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين رأيا يعذرونكم به وتشهدون
أن قتلاكم في النار وقتلانا في الجنة وتدون قتلانا ولا ندي قتلاكم فقال عمر يا خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم القول كما قلت غير أن قتلانا قتلوا في ذمة الله لا دية لهم. قلت
رواه الطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم بن بشار الرمادي وثقه ابن حبان وغيره
وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن خريم بن أوس قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي وهذه الشيماء
بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود قلت يا رسول الله
فان نحن دخلنا الحيرة ووجدناها على هذه الصفة فهي لي قال هي لك ثم ارتدت
العرب فلم يرتد أحد من طئ فكنا نقاتل قيسا على الاسلام ومنهم عيينة بن
حصن وكنا نقاتل طليحة بن خويلد الفقعسي فامتدحنا خالد بن الوليد
وكان فيما قال:
جزى الله عنا طيئا في ديارها * بمعترك الابطال خير جزاء
هم أهل رايات السماحة والندى * إذا ما الصبا ألوت بكل خباء
هم ضربوا قيسا على الدين بعدما * أجابوا منادى ظلمة وعماء
ثم سار خالد إلى مسيلمة فسرنا معه فلما فرغنا من مسيلمة وأصحابه أقبلنا

(1) (ذاك) غير موجودة في الأصل.
222

إلى ناحية البصرة فرأينا هرمز بكاظمة في جمع عظيم ولم يكن أحد أعدى للعرب
من هرمز قال أبو السكن وبه يضرب المثل تقول العرب أكفر من هرمز
فبرز له خالد بن الوليد ودعا إلى البراز فبرز له هرمز فقتله خالد بن الوليد وكتب
بذلك إلى أبى بكر رضي الله عنه فنفله سلبه فبلغت قلنسوته مائة ألف ثم سرنا
على طريق الطرف حتى دخلنا الحيرة فكان أول من تلقانا فيها الشيماء بنت بقيلة
على بغلة شهباء بخمار أسود كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلقت بها وقلت هذه
وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني خالد عليها البينة فأتيته بها فسلمها إلى ونزل
إلينا أخوها عبد المسيح فقال لي بعنيها فقلت لا أنقصها والله من عشر مائة
شيئا فدفع إلى ألف درهم فقيل لي لو قلت مائة ألف لدفعها إليك فقلت ما أحسب
ان مالا أكثر من عشر مائة، وبلغني في غير هذا الحديث أن الشاهدين كانا
محمد بن مسلمة وعبد الله بن عمر. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم وقد
تقدم معنى هذا الحديث من حديث عدى بن حاتم في باب قتال فارس والروم
ورجاله رجال الصحيح وإنما ذكرت هذا لقتال أهل الردة. وعن محمد بن سيرين
قال لقى البراء بن مالك يوم مسيلمة رجلا يقال له حمار اليمامة والرجل طوال في
يده سيف أبيض قال وكان البراء رجلا قصيرا فضرب البراء رجليه بالسيف
فكأنما أخطأه فوقع على قفاه قال فأخذت سيفه فأغمدت سيفي فما ضربت به
الا ضربة واحدة حتى انقطع فألقيته وأخذت سيفي. رواه الطبراني ورجاله
رجال الصحيح الا ان ابن سيرين لم يدرك البراء بن مالك ويأتي حديث الرجال
ابن عنقوة في اخباره بالمغيبات من حديث رافع بن خديج إن شاء الله تعالى.
* (باب فيمن استشهد يوم اليمامة) *
عن عروة فيمن استشهد يوم اليمامة من الأنصار ثم من بنى ساعدة: أسيد
ابن يربوع، ومن الأنصار ثم من بنى الحرث بن الخزرج: بشير بن عبد الله،
ومن الأنصار ثم من بنى مالك بن تيم الله: ثابت بن خالد بن النعمان بن خالد بن
خنسا، ومن قريش: جبير بن مالك وهو ابن الحينة وهو من بنى نوفل بن
عبد مناف، ومن الأنصار ثم من بنى جحجبي: جرو بن مالك بن حزير، ومن
223

قريش ثم من بنى مخزوم: حكيم بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ،
ومن قريش ثم من بنى عامر بن لؤي: ربيعة بن خرشة، ومن الأنصار: رباح
مولى جحجبي، ومن قريش ثم من بنى عدى بن كعب: زيد بن الخطاب وزيد
ابن رقيش حليف بنى أمية، ومن الأنصار ثم من بنى ساعدة: سعد بن حارثة
ابن لوذان بن عبد ود، ومن الأنصار ثم من بنى ساعدة: سعد بن حيان حليف
لهم، ومن الأنصار ثم من بنى جحجبا: سعيد بن ربيع بن عدي
ابن مالك، ومن الأنصار ثم من بنى عبد الأشهل: سهل بن عدي
من بنى تميم حليف لهم وسالم مولى أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة
ابن عبد شمس، ومن الأنصار ثم من بنى ساعدة: سماك بن خرشة
وهو أبو دجانة. رواه كله الطبراني باسناد واحد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن
وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن شهاب في تسمية من استشهد يوم اليمامة
من المسلمين الأنصار ثم من بنى ساعدة: أسيد بن يربوع، ومن الأنصار ثم
من بنى عبد الأشهل: أسعد بن سلامة، ومن الأنصار ثم من بنى
النجار: ثابت بن خالد بن النعمان، ومن الأنصار ثم من الأوس ثم من بنى
عمرو بن عوف: حر وبن مالك ورباح مولى جحجبي، ومن قريش ثم من بنى عامر
ابن لؤي: ربيعة بن خرشة، ومن قريش ثم من بنى عدى بن كعب: زيد بن
الخطاب ومن قريش ثم من بنى زهرة زيد بن أسيد بن حارثة، ومن الأنصار ثم
من بنى ساعدة: سعد بن حمار، حليف لهم ومن الأنصار ثم من الأوس ثم من بنى
عمرو بن عوف: سعيد بن ربيع بن عدي بن مالك. رواه كله الطبراني باسناد
واحد ورجاله رجال الصحيح. وعن محمد بن إسحاق في تسمية من استشهد يوم
اليمامة من الأنصار ثم من بنى ساعدة: سماك بن خرشة وهو أبو دجانة. رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن شباب قال استشهد عمارة بن حزم يوم اليمامة سنة
إحدى عشرة. رواه الطبراني (1).

(1) بلغت المقابلة بالأصل بقراءة الشيخ شمس الدين الزركشي سلمه الله تعالى
- كما في هامش الأصل.
224

* (كتاب قتال أهل البغي) *
* (بسم الله الرحمن الرحيم) *
(باب ما جاء في الخوارج)
عن أبي بكرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم مر برجل ساجد وهو ينطلق إلى الصلاة
فقضى الصلاة ورجع عليه وهو ساجد فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يقتل هذا
فقام رجل فحسر عن يديه فاخترط سيفه وهزه وقال يا نبي الله بأبي أنت وأمي
كيف أقتل رجلا ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم
قال من يقتل هذا فقام رجل فقال أنا فحسر عن ذراعيه واخترط سيفه فهزه حتى
أرعدت يده فقال يا نبي الله كيف أقتل رجلا ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا عبده ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو قتلتموه لكان أول
فتنة وآخرها. رواه أحمد والطبراني من غير بيان شاف ورجال أحمد رجال
الصحيح. وعن أبي سعيد الخدري أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله إني بواد كذا وكذا فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلى فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فاقتله قال فذهب إليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحال كره أن
يقتله فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر الذهب فاقتله فذهب عمر
فرآه على الحال الذي رآه أبو بكر قال فرجع فقال يا رسول الله انى رأيته يصلى
متخشعا فكرهت أن أقتله قال يا علي اذهب فاقتله فذهب على فلم يره فرجع على
فقال يا رسول الله لم أره قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن
لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه
حتى يعود السهم في فوقه (1) فاقتلوهم هم شر البرية. رواه أحمد ورجاله

(1) فوق السهم: موضع الوتر منه.
225

ثقات. وعن أنس بن مالك قال كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رجع وحط عن راحلته عمد إلى مسجد الرسول فجعل
يصلى فيه فيطيل الصلاة حتى جعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أن له فضلا
عليهم فمر يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في أصحابه فقال له بعض أصحابه يا رسول
الله هو ذاك الرجل فاما أرسل إليه نبي الله صلى الله عليه وسلم وإما جاء من قبل نفسه فلما رآه
رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال والذي نفسي بيده إن بين عينيه سفعة من الشيطان
فلما وقف على المجلس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أقلت في نفسك حين وقفت على
المجلس ليس في القوم خير منى قال نعم ثم انصرف فأتى ناحية من المسجد فخط
خطا برجله ثم صف كعبيه فقام يصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم يقوم إلى هذا
فيقتله فقام أبو بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلت الرجل فقال وجدته يصلى فهبته
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم يقوم إلى هذا فيقتله فقال عمر أنا وأخذ السيف
فوجده يصلى فرجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر أقتلت الرجل فقال يا رسول الله وجدته
يصلى فهبته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم يقوم إلى هذا فيقتله قال على أنا قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنت له إن أدركته فذهب على فلم يجده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلت الرجل
قال لم أدر أين سلك من الأرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا أول قرن خرج في أمتي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قتلته أو قتله ما اختلف في أمتي اثنان إن بني إسرائيل تفرقوا
على إحدى وسبعين فرقة وان هذه الأمة يعنى أمته ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة
كلها في النار إلا فرقة واحدة قلنا يا نبي الله من تلك الفرقة قال الجماعة. قال يزيد الرقاشي
فقلت لأنس يا أبا حمزة فأين الجماعة قال مع أمرائكم مع أمرائكم. رواه أبو يعلى ويزيد
الرقاشي ضعفه الجمهور وفيه توثيق لين، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقد صح
قبله حديث أبي بكرة وأبى سعيد. وعن أنس بن مالك قال كان في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم رجل يعجبنا تعبده واجتهاده فذكرناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه فلم يعرفه
ووصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا هاهو ذا قال
إنكم لتخبروني عن رجل إن على وجهه سفعة من الشيطان فأقبل حتى وقف
عليهم ولم يسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نشدتك بالله هل قلت حين وقفت على المجلس
226

ما في القوم أحد أفضل منى قال اللهم نعم ثم دخل يصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من يقتل الرجل فقال أبو بكر انا فدخل عليه فوجده قائما يصلى فقال سبحان
الله أقتل رجلا يصلى وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل المصلين فخرج فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما فعلت قال كرهت أن أقتله وهو يصلى وقد نهيت عن قتل المصلين قال عمر أنا
فدخل فوجده واضعا وجهه فقال عمر أبو بكر أفضل منى فخرج فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم مه قال وجدته واضعا وجهه فكرهت أن أقتله فقال من يقتل الرجل فقال على
أنا فقال أنت إن أدركته قال فدحل عليه فوجده قد خرج فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال مه قال ما وجدته قال لو قتل ما اختلف في أمتي رجلان كان أولهم وآخرهم، قال
موسى سمعت محمد بن كعب يقول هو الذي قتله على ذو الثدية. رواه أبو يعلى
وفيه موسى بن عبيدة وهو متروك. ورواه البزار باختصار ورجاله وثقوا على
ضعف في بعضهم وله طريق أطول من هذه في الفتن (1). وعن جابر قال مر على
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقالوا فيه وأثنوا عليه فقال من يقتله فقال أبو بكر أنا
فذهب فوجده قد خط على نفسه خطة وهو يصلى فيها فلما رآه على ذلك الحال
رجع ولم يقتله فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يقتله فقال عمر أنا فذهب فرآه في خطه قائما
يصلى فرجع ولم يقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من له أو من يقتله فقال على أنا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت ولا أراك تدركه فانطلق فرآه قد ذهب. رواه أبو يعلى
ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي بكرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بدنانير فجعل يقبض
قبضة قبضة ثم ينظر عن يمينه كأنه يؤامر أحدا من يعطى قال عفان في حديثه يؤامر
أحدا ثم يعطى ورجل أسود مطموم عليه ثوبان أبيضان بين عينيه أثر السجود فقال
ما عدلت في القسمة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال من يعدل عليكم بعدي قالوا يا رسول
الله الا نقتله قال لا ثم قال لأصحابه هذا وأصحابه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من
الرمية لا يتعلقون من الاسلام بشئ. رواه أحمد والبزار باختصار والطبراني وفيه
عطاء بن السائب وقد اختلط. وعن مقسم مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل قال
خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص وهو

(1) في الجزء السابع.
227

يطوف بالبيت معلقا نعليه بيده فقلنا له هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه
التميمي يوم حنين قال نعم أقبل رجل من بنى تميم يقال له ذو الخويصرة فوقف على
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعطى الناس فقال يا محمد قد رأيت ما صنعت منذ اليوم فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فكيف رأيت قال لم أرك عدلت قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ويحك إن لم يكن العدل عندي فعند من يكون فقال عمر بن الخطاب رحمه الله
ألا نقتله قال لا دعوه فان له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم
من الرمية ينظر في النصل فلا يجد شيئا في القدح فلا يوجد شئ ثم في الفوق فلا
يوجد شئ سوى الفرث والدم. رواه أحمد والطبراني باختصار ورجال أحمد ثقات.
وعن شهر بن حوشب قال لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية قدمت الشام فأخبرت
بمقام يقومه يعرف فجئته إذ جاءه رجل فإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص فلما رآه
بعرف أمسك عن الحديث فقال عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
سيخرج ناس من أمتي من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج منهم
قرن قطع كلما خرج منهم قرن قطع حتى عدها زيادة على عشر مرات كلما خرج قرن
منهم قطع حتى يخرج الدجال في بقيتهم. رواه أحمد في حديث طويل وشهر ثقة
وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عقبة بن وساج قال كان
صاحب لي يحدثني عن عبد الله بن عمرو في شأن الخوارج فحججت فلقيت عبد الله
ابن عمرو فقلت إنك بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جعل الله عندك علما
إن ناسا يطعنون على أمرائهم ويشهدون عليهم بالضلالة قال على أولئك لعنة
الله والملائكة والناس أجمعين أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسقاية من ذهب أو فضة
فجعل يقسمها بين أصحابه فقام رجل من أهل البادية فقال يا محمد لئن كان الله أمرك
بالعدل فلم تعدل فقال ويلك فمن يعدل عليكم بعدي فلما أدبر قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن في أمتي أشباه هذا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم فان خرجوا فاقتلوهم
ثم إن خرجوا فاقتلوهم قال ذلك ثلاثا. رواه البزار ورجائه رجال الصحيح. وعن
شريك بن شهاب قال كنت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحدثني عن الخوارج فلقيت أبا برزة في يوم عرفة في نفر من أصحابه فقلت
228

يا أبا برزة حدثنا بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله في الخوارج قال أحدثك
بما سمعت أذناي ورأت عيناي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانير فكان يقسمها
وعنده رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان بين عينيه أثر السجود
فتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه من قبل وجهه فلم يعطه شيئا فأتاه من قبل يمينه
فلم يعطه شيئا ثم أتاه من خلفه فلم يعطه شيئا فقال والله يا محمد ما عدلت في القسمة
منذ اليوم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ثم قال والله لا تجدون بعدي
أحدا أعدل عليكم منى قالها ثلاثا ثم قال يخرج من قبل المشرق رجال كان
هذا منهم هديهم هكذا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما
يمرق السهم من الرمية لا يرجعون إليه ووضع يده على صدره سيماهم التحليق
لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم فإذا رأيتموهم فاقتلوهم قالها ثلاثا شر
الخلق والخليقة قالها ثلاثا، وقال حماد لا يرجعون فيه، وفى رواية لا يزالون يخرجون
حتى يخرج آخرهم مع الدجال. رواه أحمد والأزرق بن قيس وثقة ابن حبان،
وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أنس قال ذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم
أسمعه منه أن فيكم قوما يتعبدون فيدأبون حتى يعجب بهم الناس وتعجبهم
أنفسهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية. رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح. وعن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج من
أمتي قوم يسيئون الأعمال يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، قال يزيد لا أعلمه
إلا قال يحقر أحدكم عمله مع عملهم يقتلون أهل الاسلام فإذا خرجوا فاقتلوهم
إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم فطوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه كلما طلع
منهم قرن قطعه الله عز وجل فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة وأنا أسمع.
زواه احمد وفيه أبو جناب وهو مدلس. وعن عقبة بن عامر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم سيخرج ناس من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن. رواه الطبراني
ورجاله ثقات. وعن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر منافقي أمتي
قراؤها. رواه أحمد والطبراني وأحد أسانيد احمد ثقات اثبات. وعن
عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أكثر منافقي أمتي قراؤها:
229

رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات وكذلك رجال أحد إسنادي أحمد ثقات. وعن
عصمة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أكثر منافقي أمتي قراؤها. رواه
الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. وعن عبد الله بن عمرو قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه كائن فيكم قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم
كلما طلع منهم قرن قطع حتى ذكر عشرين مرة وزيادة حتى يكون آخرهم يخرج
مع الدجال. رواه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس. وعنه قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج ناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن
لا يجاوز تراقيهم كلما قطع قرن نشأ قرن حتى يكون مع بقيتهم الدجال. رواه
الطبراني وإسناده حسن. وعن عامر بن واثلة قال لما كان يوم حنين أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم رجل مجزوز الرأس أو محلوق الرأس قال ما عدلت فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم فمن يعدل إذا لم أعدل أنا قال ففعل عن الرجل فذهب فقال أين الرجل
فطلب فلم يدرك فقال إنه سيخرج في أمتي قوم سيماهم سيما هذا يمرقون من
الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في قدحه فلم ير شيئا ينظر في رصافه فلم
ير شيئا ينظر في فوقه فلم ير شيئا. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن الحسن
ابن أبي الحسن البصري إن الصريم لقى عبد الله بن خباب بالبدار - قرية بالبصرة -
وهو متوجه إلى علي بالكوفة معه امرأته وولده وجاريته فقال هذا رجل من أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم نسأله عن حالنا وأمرنا ومخرجنا فقالوا بلى فانصرفوا إليه فقالوا ألا تخبرنا
هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا شيئا فقال أما فيكم بأعيانكم فلا ولكني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون بعدي قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم
يمرقون من الدين ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه طوبى لمن قتلهم
وطوبى لمن قتلوه شر قتلى أظلتهم السماء وأقلتهم الأرض كلاب النار. رواه
الطبراني وفيه محمد بن عمر الكلاعي وهو ضعيف. ويأتي له حديث في الفتن.
وعن مسلم بن أبي بكرة وسأله رجل هل سمعت في الخوارج من شئ قال سمعت
والدي أبا بكرة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ألا إنه سيخرج من أمتي أقوام أشداء أحداء
ذلقة ألسنتهم بالقرآن لا يتجاوز تراقيهم ألا إذا رأيتموهم فأثخنوهم إذا رأيتموهم
230

فأثخنوهم فالمأجور قاتلهم. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والطبراني رواه أيضا
وكذلك البزار بنحوه. وعن جابر قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم هوازن قام
رجل قلت فذكر الحديث إلى أن قال فقام عمر فقال يا رسول الله ألا أقوم فأقتل هذا
المنافق قال معاذ الله أتتسامع الأمم أن محمدا يقتل أصحابه. رواه أحمد وفيه
ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن. وعن عبد الملك بن مليل السليحي قال
كنت جالسا قريبا من المنبر يوم الجمعة فخرج محمد بن أبي حذيفة فاستوى على
المنبر فخطب ثم قرأ عليهم سورة من القرآن وكان من أقرأ الناس فقال عقبة
ابن عامر صدق الله ورسوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليقرأن القرآن رجال
لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. رواه أحمد والطبراني
باختصار ورجالهما ثقات. وعن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول خلف بعد الستين أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا
ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم ويقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ومنافق
وفاجر قال بشير فقلت للوليد ما هؤلاء الثلاثة قال المنافق كافر به والفاجر يتأكل
به والمؤمن يؤمن به. رواه أحمد ورجاله ثقات. ورواه الطبراني في الأوسط
كذلك. وعن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في آخر الزمان قوم يقرؤون القرآن
يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية قتالهم حق على كل مسلم - قلت هو في
الصحيح غير قوله قتالهم حق على كل مسلم - رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن صفوان بن محرز عن جندب بن عبد الله أنه مر بقوم يقرؤون القرآن فقال
لا يغرنك هؤلاء إنهم يقرؤون القرآن اليوم ويتجالدون بالسيوف غدا ثم قال
ائتني بنفر من قراء القرآن وليكونوا شيوخا فأتيته بنافع بن الأزرق وأتيته بمرداس
ابن بلال وبنفر معهما ستة أو ثمانية فلما أن دخلنا على جندب قال إني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل الذين يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل المصباح الذي يضئ
للناس ويحرق نفسه ومن سمع الناس بعمله سمع الله به واعلم أن أول ما ينتن من
أحدكم إذا مات بطنه فلا يدخل بطنه إلا طيبا ومن استطاع منكم أن لا يحول بينه
وبين الجنة ملء كف من دم فليفعل. وفى رواية فتكلم القوم فذكروا الامر
231

بالمعروف والنهى عن المنكر وهو ساكت يسمع منهم ثم قال لم أر كاليوم قط قوم
أحق بالنجاة إن كانوا صادقين. رواه الطبراني من طريقين في إحداهما ليث بن أبي
سليم وهو مدلس وفى الأخرى علي بن سليمان الكلبي ولم أعرفه، وبقية رجالهما
ثقات. وعن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوشك أن يقرأ القرآن
قوم لا يجاوز تراقيهم يشربونه كشربهم الماء لا يجاوز تراقيهم ثم وضع يده على
حلقه فقال لا يجاوز ههنا. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحسين بن إدريس
وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرأن القرآن أقوم من
أمتي يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية. رواه أبو يعلى ورجاله رجال
الصحيح. وعن سعيد بن جمهان قال أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب
البصر فسلمت عليه فقال من أنت قلت أنا سعيد بن جمهان قال ما فعل والدك قلت
قتلته الأزارقة قال لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة ثم قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول كلاب النار قلت الأزارقة وحدهم أو الخوارج كلها قال بل الخوارج
كلها قلت فان السلطان يظلم الناس ويفعل بهم ويفعل فتناول بيدي فغمزها غمزة
شديدة ثم قال يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم فإن كان السلطان يسمع منك
فائته فيبيته فأخبره بما تعلم فان قبل منك وإلا فدعه فلست بأعلم منه - قلت روى
ابن ماجة منه الخوارج كلاب النار فقط - رواه الطبراني واحمد ورجال أحمد
ثقات. وقد تقدم حديث احمد في كيفية النصح للأئمة في الخلافة (1) بأسانيد وأحدها
حسن. وعن طلق بن علي قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا يوشك
أن يجئ قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم
من الرمية طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ثم التفت إلى فقال إنهم سيخرجون
بأرض قومك يا يمامي يقاتلون بين الأنهار قلت بأبي وأمي ما بها من أنهار قال إنها
ستكون. رواه الطبراني من طريق علي بن يحيى بن إسماعيل عن أبيه ولم أعرفهما.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأقتلن العمالقة في كتيبة فقال له جبريل صلى الله عليه وسلم
وعلي بن أبي طالب. رواه الطبراني وفيه محمد بن مسلمة بن كهيل وهو ضعيف.

(1) في الجزء الخامس.
232

* (باب منه في الخوارج) *
عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا
بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم
وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعلقون) قال هم الخوارج.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عبد الله بن عمير الأشجعي قال سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول إذا خرج عليكم خارج وأنتم مع رجل جميعا يريد أن يشق عصا
المسلمين ويفرق جمعهم فاقتلوه. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وعن محمد
ابن صريح الأشجعي قال لا أحدثكم إلا بما سمعت أذناي ووعاه قلبي من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا أو خمسا أو ستا أو سبعا
لظننت أن لا أحدثه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم على جماعة فجاء من يفرق
جماعتكم ويشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان من الناس. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه العباس بن عوسجة ولم أعرفه. وعن بريدة قال قال أبو بكر سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقتلوا الفذ من كان من الناس. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه صالح بن متيم ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي غالب قال كنت
بدمشق زمن عبد الملك فأتى برؤوس الخوارج فنصبت على أعواد فجئت لأنظر
هل فيها أحد أعرفه فإذا أبو أمامة عندها فدنوت منه فنظرت إلى الأعواد
فقال كلاب النار ثلاث مرات شر قتلى تحت أديم السماء ومن قتلوه خير
قتلى تحت أديم السماء قالها ثلاث مرات ثم استبكى قلت يا أبا أمامة
ما يبكيك قال كانوا على ديننا ثم ذكر ما هم صائرون إليه غدا قلت أشيئا
تقوله برأيك أم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني لو لم أسمعه من رسول
الله صلى الله عليه وسلم الامرة أو مرتين أو ثلاثا إلى السبع ما حدثتكموه أما تقرأ هذه الآية
في آل عمران (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) إلى آخر الآية (وأما الذين
ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) ثم قال اختلفت اليهود على إحدى
وسبعين فرقة سبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة واختلف النصارى على
اثنتين وسبعين فرقة إحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة وتختلف
233

هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة في
الجنة فقلنا انعتهم لنا قال السواد الأعظم - قلت رواه ابن ماجة والترمذي
باختصار - رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن يحيى بن يزيد الهنائي قال كنت
مع الفرزدق في السجن فقال الفرزدق لا أنجاه الله من يدي مالك بن المنذر بن
الجارود ان لم أكن انطلقت أمشى بمكة فلقيت أبا هريرة وأبا سعيد الخدري
فسألتهما فقلت انى من المشرق وان قوما يخرجون علينا يقتلون من قال لا إله
الا الله ويأمن من سواهم فقالا لي وإلا لا أنجاني الله من ملك بن المنذر سمعنا
خليلنا صلى الله عليه وسلم يقول من قتلهم فله أجر شهيد أو شهيدين ومن قتلوه فله أجر
شهيد. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
* (باب ما جاء في ذي الثدية وأهل النهروان) *
عن سعد بن مالك يعنى ابن أبي وقاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر يعنى
ذا الندية الذي يوجد مع أهل النهروان فقال شيطان الردهة (1) يحتدره رجل
من بجيلة يقال له الأشهب أو ابن الأشهب علامة في قوم ظلمة قال سفيان قال
عمار الدهني حين حدث جاء به رجل منا من بجيلة فقال أراه من دهن يقال له
الأشهب أو ابن الأشهب. رواه أبو يعلى وأحمد باختصار والبزار ورجاله
ثقات. وعن أبي سعيد قال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وهو يقسم
قلت فذكر الحديث إلى أن قال علامتهم رجل يده كثدي المرأة كالبضعة
تدردر فيها شعرات كأنها سبلة سبع قال أبو سعيد فحضرت هذا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم حنين وحضرت مع علي حين قتلهم بنهروان قال فالتمسه على فلم يجده
قال ثم وجده بعد ذلك تحت جدار على هذا النعت فقال على أيكم يعرف هذا
فقال رجل من القوم نحن نعرفه هذا حرقوس وأمه ههنا قال فأرسل على إلى
أمه فقال من هذا فقالت ما أدرى يا أمير المؤمنين الا أنى كنت أرعى غنما لي
في الجاهلية بالربذة فغشيني شئ كهيئة الظلمة فحملت منه فولدت هذا. رواه
أبو يعلى مطولا وفيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف يكتب حديثه. وعن يزيد

(1) الردهة: النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، وقيل الردهة: قلة الرابية.
234

ابن أبي صالح ان أبا الوضئ عبادا حدثه قال كنا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي
طالب قال فذكر حديث المخدج قال على فوالله ما كذبت ولا كذبت ثلاثا
فقال على أما ان خليلي صلى الله عليه وسلم أخبرني بثلاثة إخوة من الجن هذا أكبرهم
والثاني له جمع كثير والثالث فيه ضعف. رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ثقات.
وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن عمار بن ياسر قال لسعيد بن أبي وقاص
مالك لا تخرج مع علي أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قال فيه قال يخرج
قوم من أمتي يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلهم علي بن أبي
طالب قالها ثلاث مرات قال أي والله لقد سمعته ولكني أحبت العزلة حتى أجد
سيفا يقطع الكافر وينبو عن المؤمن. رواه الطبراني في الكبير والأوسط
وفيه عمر بن أبي عائشة ذكره الذهبي في الميزان وذكر له هذا الحديث وقال
هذا حديث منكر. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن
محنف بن سليم قال أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلا له بصنعاء فقلنا
عنده فقلت له يا أبا أيوب قاتلت المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئت تقاتل
المسلمين قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بقتال ثلاثة الناكثين والقاسطين
والمارقين فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين
بالسعفات بالطرقات بالنهروانات وما أدرى أين هم. رواه الطبراني وفيه محمد
ابن كثير الكوفي وهو ضعيف. وعن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري أنه
جاء عبد الله بن شداد بن الهاد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس مرجعه
من العراق ليالي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت له يا ابن شداد بن
الهاد هل أنت صادقي عما أسألك عنه حدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على
قال ومالي لا أصدقك قالت فحدثني عن قصتهم قال فان علي بن أبي طالب لما
كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا
بأرض يقال لها حرورا من جانب الكوفة وانهم عيبوا عليه فقالوا انسلخت
من قميص كساكه الله واسم سماك الله به ثم انطلقت فحكمت في دين الله فلا حكم
235

الا لله فلما بلغ عليا ما عيبوا عليه وفارقوه عليه فأمر مؤذنا فأذن أن لا يدخل
على أمير المؤمنين الا من قد حمل القرآن فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا
بمصحف امام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه بيده ويقول أيها المصحف
حدث الناس فناداه الناس يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق
يتكلم بما رأينا منه فما يزيد قال أصحابكم أولئك الذين خرجوا بيني وبينهم
كتاب الله يقول الله في كتابه في امرأة ورجل (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا
حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) فأمة محمد
صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة أو ذمة من رجل وامرأة ونقموا على انى كاتبت معاوية
كتبت علي بن أبي طالب وقد جاء سهيل بن عمرو فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم قال لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال وكيف نكتب
قال سهيل اكتب باسمك اللهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتب محمد رسول الله
فقال لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك فكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد
الله قريشا يقول الله في كتابه (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان
يرجو الله واليوم الآخر) فبعث إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه حتى إذا
توسطنا عسكرهم قام ابن الكوا فخطب الناس فقال يا حملة القرآن هذا عبد الله
ابن عباس فمن لم يكن يعرفه فليعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله هذا ممن نزل فيه
وفى قومه (قوم خصمون) فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله
قال فقام خطباؤهم فقالوا والله لنواضعنه الكتاب فان جاء بالحق نعرفه لنتبعنه
وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل ولنردنه إلى صاحبه فواضعوا عبد الله بن عباس
ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم ابن الكوا حتى أدخلهم على
على الكوفة فبعث على إلى بقيتهم قال قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم
فقفوا حيث شئتم بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا
أو تظلموا ذمة فإنكم ان فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء ان الله
لا يحب الخائنين. قال فقالت له عائشة يا ابن شداد فقد قتلهم قال فوالله ما
بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدماء واستحلوا الذمة فقالت والله قال
236

الله الذي لا إله الا هو لقد كان قالت فما شئ بلغني عن أهل العراق يتحدثونه
يقولون ذا الثدية مرتين قال قد رأيته وقمت مع علي معه على القتلى فدعا الناس
فقال أتعرفون هذا فما أكثر من جاء يقول رأيته في مسجد بنى فلان يصلى ولم
يأتوا فيه بثبت يعرف الا ذاك قالت فما قول على حين قام عليه كما يزعم أهل
العراق قال سمعته يقول صدق الله ورسوله قالت فل رأيته قال غير ذلك قال
اللهم لا قالت أجل صدق الله ورسوله يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى
شيئا يعجبه الا قال صدق الله ورسوله فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون
في الحديث. رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. وعن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل
قال سألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على قال قلت فيم فارقوه وفيم استحلوه وفيم
دعاهم وبما استحل دماءهم قال إنه لما استحر (1) القتل في أهل الشام بصفين اعتصم
هو وأصحابه بجبل فقال له عمرو بن العاص أرسل إليه بالمصحف فلا الله لا نرده
عليك قال فجاء رجل يحمله ينادى بيننا وبينكم كتاب الله (ألم تر إلى الذين أوتوا
نصيبا من الكتاب) الآية قال على نعم بيننا وبينكم كتاب الله أنا أولى به منكم
فجاءت الخوارج وكنا نسميهم يومئذ القراء وجاؤا بأسيافهم على عواتقهم فقالوا
يا أمير المؤمنين ألا نمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم فقال سهل بن
حنيف فقال يا أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية
ولو نرى قتالا قاتلنا وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين
فجاء عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل قال بلى قال أليس
قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية (2) في ديننا ونرجع
ولما يحكم الله بيننا وبينهم قال يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني أبدا فانطلق
عمر فلم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل قال بلى
قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ولما يحكم
الله بيننا وبينهم قال يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا قال فنزل
القرآن على محمد بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه فقال يا رسول الله أو فتح هو قال نعم

(1) أي اشتد وكثر.
(2) أي الخصلة المذمومة.
237

قال فطابت نفسه ورجع ورجع الناس ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة
من الخوارج بضعة عشر ألفا فأرسل إليهم على ينشدهم الله فأتوا عليه فأتاهم
صعصعة بن صوحان فأنشدهم وقال علام تقاتلون خليفتكم قالوا مخافة الفتنة قال
فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل فرجعوا وقالوا نسير على ما جئنا فان قبل
على القضية قاتلنا على ما قاتلنا يوم صفين وإن نقضها قاتلنا معه حتى بلغوا النهروان
فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس ليلا قال أصحابهم ويلكم ما على هذا فارقنا
عليا فبلغ عليا أمرهم فخطب الناس فقال ما ترون نسير إلى أهل الشام أم نرجع إلى
هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم قالوا بل نرجع فذكر أمرهم فحدث عنهم بما
قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فرقة تخرج عند اختلاف من الناس تقتلهم أقرب
الطائفتين إلى الحق علامتهم رجل منهم يده كثدي المرأة فساروا حتى التقوا
بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديدا فجعلت خيل على لا تقف لهم فقال على يا أيها
الناس إن كنتم إنما تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أجزيكم وإن كنتم إنما تقاتلون
لله فلا يكونن هذا فعالكم فحمل الناس حملة واحدة فانجلت الخيل عنهم وهم
منكبون على وجوههم فقام على فقال اطلبوا الرجل الذي فيهم فطلب الناس الرجل
فلم يجدوه حتى قال بعضهم غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم قال فدمعت
عين على قال فدعا بدابته فانطلق حتى أتى وهدة (1) فيها قتلى بعضهم على بعض
فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم فأخبروه فقال على الله أكبر وفرح
وفرح الناس ورجعوا وقال على لا أغزو العام ورجع إلى الكوفة وقتل رحمة الله
واستخلف الحسن وسار سيرة أبيه ثم بعث بالبيعة إلى معاوية - قلت في الصحيح
بعضه - رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وعن كليب بن شهاب قال كنت
جالسا عند على وهو في بعض أمر الناس إذ جاءه رجل عليه ثياب السفر فقال
يا أمير المؤمنين فشغل عليا ما كان فيه من أمر الناس فقال كليب قلت ما شأنك
فقال كنت حاجا أو معتمرا قال لا أدرى أي ذلك قال فمررت على عائشة فقالت

(1) أي منخفضا من الأرض.
238

من هؤلاء القوم الذين خرجوا قبلكم يقال لهم الحرورية قال فقلت في مكان يقال له
حرورا قال قال فسموا بذلك الحرورية فقال طوبى لمن شهد هلكتهم قالت
أما والله لو شاء ابن أبي طالب لأخبركم خبرهم فمن ثم جئت أسأل عن ذلك قال
وفرغ على فقال أين المستأذن فقال على فقام عليه فقص عليه مثل ما قص على
قال فأهل على ثلاثا ثم قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عنده أحد إلا عائشة
قال فقال لي يا علي كيف أنت وقوم يخرجون بمكان كذا وكذا وأومأ بيده
نحو المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم أو تراقيهم يمرقون من الاسلام
كما يمرق السهم من الرمية فيهم رجل مخدج اليد (1) كأن يده ثدي حبشية ثم قال
أنشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو أحدثكم انه فيهم قالوا نعم فذهبتم فالتمستموه
ثم جئتم به تسحبونه كما نعت لكم قال ثم قال صدق الله ورسوله ثلاث مرات.
رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ورواه البزار بنحوه. وعن عائشة أنها ذكرت الخوارج
وسألت من قتلهم يعنى أصحاب النهر فقالوا على فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
يقتلهم خيار أمتي وهم شرار أمتي. رواه البزار وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط
ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه وفيه قصة. وعن عائشة أنها قالت من قتل
ذا الثدية علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا نعم قالت أما إني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول يخرج قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية علامتهم رجل مخدج اليد. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
عمرو بن عبد الغفار وهو متروك الحديث. وعن علي قال لقد علم أولو العلم من
آل محمد وعائشة بنت أبي بكر فسألوها ان أصحاب ذي الثدية ملعونون على لسان
النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، وفى رواية إن أصحاب النهروان. رواه الطبراني في الصغير
والأوسط باسنادين ورجال أحدهما ثقات. وعن ابن عباس قال لما اعتزلت
الحرورية وكانوا على حدتهم قلت لعلى يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلى آتي
هؤلاء القوم فأكلمهم قال إني أتخوفهم عليك قلت كلا إن شاء الله فلبست
أحسن ما قدرت عليه من هذه اليمانية ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة

(1) أي فيها عيب ونقص
239

فدخلت على قوم لم أر قوما أشد اجتهادا منهم أيديهم كأنها ثفن (1) الإبل
ووجوههم معلنة من آثار السجود فدخلت فقالوا مرحبا بك يا ابن عباس
لا تحدثوه وقال بعضهم لنحدثنه قال قلت أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول
الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالوا ننقم
عليه ثلاثا قلت ما هن قالوا أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى
(ان الحكم إلا لله) قلت وماذا قالوا قاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا
لقد حلت أموالهم وان كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم قال قلت وماذا
قالوا ومحى نفسه من أمير المؤمنين قال قلت أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب
الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم مالا تنكرون أترجعون قالوا نعم قال
قلت أما قولكم إنه حكم الرجال في دين الله فإنه تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا
لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) إلى قوله (يحكم به ذوي عدل منكم) وقال في المرأة
وزوجها (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) أنشدكم
الله أفحكم الرجال في دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب
ثمنها ربع درهم قالوا اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم قال أخرجت من
هذه قالوا نعم وأما قولكم إنه قتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون
أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم وإن زعمتم
انها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الاسلام إن الله تبارك وتعالى يقول
(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) وأنتم تترددون بين
ضلالتين فاختاروا أيهما شئتم أخرجت من هذه قالوا اللهم نعم وأما قولكم محا نفسه
من أمير المؤمنين فان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب
بينه وبينهم كتابا فقال اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا
والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب
محمد بن عبد الله فقال والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي محمد

(1) جميع ثفنة وهي ما ولي الأرض من كل ذات أربع إذا بركت كالركبتين وغيرهما،
ويحصل فيها غلظ من أثر البروك.
240

ابن عبد الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من على أخرجت من هذه قالوا اللهم
نعم فرجع منهم عشرون ألفا وبقى منهم أربعة آلاف فقتلوا. رواه الطبراني
وأحمد ببعضه ورجالهما رجال الصحيح. وعن جندب قال لما فارقت الخوارج
عليا خرج في طلبهم وخرجنا معه فانتهينا إلى عسكر القوم وإذا لهم دوي
كدوي النحل من قراءة القرآن وإذا فيهم أصحاب الثفنات وأصحاب البرانس فلما
رأيتهم دخلني من ذلك شدة فتنحيت فركزت رمحي ونزلت عن فرسي ووضعت
برنسي فنثرت عليه درعي وأخذت بمقود فرسي فقمت أصلى إلى رمحي وأنا
أقول في صلاتي اللهم إن كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فائذن لي فيه وإن كان
معصية فأرني براءتك قال فانا كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب على بغلة رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلما حاذاني قال تعوذ بالله تعوذ بالله يا جندب من شر الشك فجئت
أسعى إليه ونزل فقام يصلى إذ أقبل رجل على برذون يقرب به فقال يا أمير
المؤمنين قال ما شأنك قال ألك حاجة في القوم قال وما ذاك قال قد قطعوا
النهر قال ما قطعوه قلت سبحان الله ثم جاء آخر أرفع منه في الجري فقال يا أمير
المؤمنين قال ما تشاء قال ألك حاجة في القوم قال وما ذاك قال قد قطعوا النهر
فذهبوا قلت الله أكبر قال على ما قطعوه ثم جاء آخر يستحضر بفرسه فقال يا أمير
المؤمنين قال ما تشاء قال ألك حاجة في القوم قال وما ذاك قال قد قطعوا النهر قال
ما قطعوه ولا يقطعوه وليقتلن دونه عهد من الله ورسوله قلت الله أكبر ثم قمت
فأمسكت له بالركاب فركب فرسه ثم رجعت إلى درعي فلبستها والى قوسي فعلقتها
وخرجت أسايره فقال لي يا جندب قلت لبيك يا أمير المؤمنين قال أما أنا فأبعث إليهم
رجلا يقرأ المصحف يدعو إلى كتاب الله ربهم وسنة نبيهم فلا يقبل علينا بوجهه حتى
يرشقوه بالنبل يا جندب أما انه لا يقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة فانتهينا إلى
القوم وهم في معسكرهم الذي كانوا فيه لم يبرحوا فنادى على في أصحابه فصفهم ثم
أتى الصف من رأسه ذا إلى رأسه ذا مرتين وهو يقول من يأخذ هذا المصحف فيمشي
به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله ربهم وسنة نبيهم وهو مقتول وله
241

الجنة فلم يجبه إلا شاب من بنى عامر بن صعصعة فلما رأى على حداثة سنه قال
له ارجع إلى موقفك ثم نادى الثانية فلم يخرج إليه إلا ذلك الشاب ثم نادى
الثالثة فلم يخرج إليه الا ذلك الشاب فقال له على خذ فأخذ المصحف فقال له أما
انك مقتول ولست مقبلا علينا بوجهك حتى يرشقوك بالنبل فخرج الشاب
بالمصحف إلى القوم فلما دنا منهم حيث يسمعون قاموا ونشبوا الفتى قبل أن
يرجع قال فرماه إنسان فأقبل علينا بوجهه فقعد فقال على دونكم القوم قال
جندب فقتلت بكفي هذه بعد ما دخلني ما كان دخلني ثمانية قبل أن أصلى الظهر
وما قتل منا عشرة ولا نجا منهم عشرة كما قال. رواه الطبراني في الأوسط من
طريق أبى السابغة عن جندب ولم أعرف أبا السابغة، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي
جعفر الفراء مولى على قال شهدت مع علي على النهر فلما فرغ من قتلهم قال
اطلبوا المخدج فطلبوه فلم يجدوه وأمر أن يوضع على كل قتيل قصبة فوجدوه
في وهدة في منتقع ماء جل أسود منتن الريح في موضع يده كهيئة الثدي
عليه شعرات فلما نظر إليه قال صدق الله ورسوله فسمع أحد ابنيه اما الحسن
أو الحسين يقول الحمد لله الذي أراح أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذه العصابة فقال
على لو لم يبق من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة لكان أحدهم على رأى هؤلاء انهم
لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم
أعرفهم. وعن عبد الرحمن بن عديس البلوى قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
يخرج أناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلون بجبل لبنان أو بجبل
لخليل قال ابن لهيعة فقتل ابن عديس بجبل لبنان أو بجبل الخليل. رواه الطبراني
في الأوسط عن شيخه بكر بن سهل وهو مقارب الحال وقد ضعف، وبقية رجاله
حديثهم حسن أو صحيح.
* (باب الحكم في البغاة والخوارج وقتالهم) *
عن كثير بن نمر قال دخلت مسجد الكوفة عشية جمعة وعلى يخطب الناس
فقاموا في نواحي المسجد يحكمون فقال بيده هكذا ثم قال كلمة حق يبتغى بها باطل
حكم الله انتظر فيكم أحكم فيكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقسم بينكم بالسوية
242

ولا يمنعكم من هذا المسجد أن تصلوا فيه ما كانت أيديكم مع أيدينا ولا نقاتلكم
حتى تقاتلونا. رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن كثير الكوفي وهو
ضعيف. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا ابن أم عبد هل تدرى كيف حكم
الله فيمن بغى من هذه الأمة قالوا الله ورسوله أعلم قال لا يجهز على جريحها
ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يطلب فيئها. رواه البزار والطبراني في
الأوسط وقال لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الاسناد. قلت وفيه كوثر بن
حكيم وهو ضعيف متروك.
* (باب النهى عن حب الخوارج والركون إليهم) *
عن أبي الطفيل أن رجلا ولد له غلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى به
النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ ببشرة جبهته ودعا له بالبركة فنبتت شعرة في جبهته كهيئة
الفرس وشب الغلام فلما كان زمن الخوارج أحبهم فسقطت الشعرة عن جبهته
فأخذه أبوه فقيده وحبسه مخافة أن يلحق بهم قال فدخلنا عليه فوعظناه وقلنا
له فيما نقول ألم تر إلى بركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وقعت عن جبهتك فمازلنا
به حتى رجع عن رأيهم فرد الله عز وجل عليه الشعرة بعد في جبهته وتاب.
رواه أحمد وفيه علي بن زيد بن جدعان وفيه ضعف وقد وثق، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن يزيد بن الأصم قال خرجت مع الحسن وجارية تحت شيئا من
حناء عن أظافره فجاءته أضبارة (1) من كتب فقال يا جارية هاتي المخضب (2) فصب
فيه ماءا وألقى الكتب في الماء فلم يفتح منها شيئا ولم ينظر إليه فقلت يا أبا محمد
ممن هذه الكتب قال من أهل العراق من قوم لا يرجعون إلى حق ولا يقصرون
عن باطل أما انى لست أخشاهم على نفسي ولكني أخشاهم على ذلك وأشار إلى
الحسين. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن الحكم بن أبي
زياد وهو ثقة.

(1) أي حزمة.
(2) أي الوعاء.
243

* (باب القتال على التأويل) *
عن أبي سعيد الخدري قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فيكم من
يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. رواه أحمد وإسناده حسن. قلت
وله طريق أطول من هذه في مناقب على وكذلك أحاديث فيمن يقاتله.
* (باب العصبية) *
عن واثلة بن الأسقع قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أمن العصبية أن يحب الرجل
قومه قال لا ولكن العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم - قلت رواه أبو داود
وغيره غير قوله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه قال لا - رواه أحمد وفيه
عباد بن كثير الشامي وثقه ابن معين وغيره وضعفه النسائي وغيره.
* (باب فيمن قتل دون حقه وأهله وماله) *
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون مظلمته فهو شهيد.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي بكر بن حفص قال قال سعيد بن أبي
وقاص إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم المنية أن يموت الرجل دون
حقه. رواه أحمد وذكر فيه قصة والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح
إلا أن أبا بكر بن حفص لم يسمع من سعد. وعن حسين بن علي قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن سعد
ابن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد. رواه
الطبراني في الصغير والبزار وإسناد الطبراني جيد. وعن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد. رواه أبو يعلى وفيه هارون بن
حيان الرقي قيل كان يضع الحديث. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد. رواه الطبراني وفيه عبيد بن
محمد المحاربي وهو ضعيف ورواه البزار عن شيخه عباد بن أحمد العرزمي وهو
متروك. وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المقتول دون ماله شهيد. رواه البزار
244

والطبراني في الأوسط وفيه مبارك بن سحيم وهو متروك. وعن عبد الله بن
الزبير وعبد الله بن عامر بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله
فهو شهيد. رواه عنهما الطبراني في الأوسط ورواه في الكبير عن ابن الزبير
وحده وكذلك رواه البزار وفيه عبد الله بن مصعب الزبيري وهو ضعيف. وعن
ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المقتول دون ماله شهيد والمقتول دون أهله شهيد
والمقتول دون نفسه شهيد. رواه الطبراني وفيه جويبر وهو متروك. وعن
شداد بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم شبرا من الأرض طوقه من
سبع أرضين ومن قتل دون ماله فهو شهيد. رواه الطبراني وفيه قزعة بن
سويد وثقه ابن معين في رواية وابن عدي وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات.
وعن قهيد بن مطرف الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله سائل إن عدا على عاد
فأمره أن ينهاه ثلاث مرات قال فان أبى فأمره بقتاله قال فكيف بنا قال إن
قتلك فأنت في الجنة وإن قتلته فهو في النار. رواه أحمد والطبراني والبزار
ورجالهم ثقات.
* (باب فيمن دخل دارا بغير إذن) *
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدار حرم فمن دخل عليك
حرمك فاقتله. رواه أحمد والطبراني وفيه محمد بن كثير السلمي وهو ضعيف.
245

* (كتاب الحدود والديات) *
بسم الله الرحمن الرحيم
* (باب الستر على المسلمين) *
عن مسلمة بن مخلد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ستر مسلما في الدنيا ستره
الله في الدنيا والآخرة ومن نجى مكروبا فك الله عنه كربة من كرب يوم
القيامة ومن كان في حاجة أخيه كان الله عز وجل في حاجته. رواه أحمد ورجاله
رجال الصحيح. وقد تقدمت أحاديث في هذا المعنى في الرحلة في طلب العلم.
وعن أرطاة بن المنذر السكوني أن آتيا أتاه فقال إن لي جارا يشرب الخمر ويأتي
القبيح فإنه أمره إلى السلطان فقال لقد قتلت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم تسعة وتسعين
من المشركين ما يسرني انى قتلت مثلهم وإني كشفت قناع مسلم. رواه
الطبراني وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف. وعن لقيط بن أرطاة السكوني أن
رجلا قال له ان لنا جارا يشرب الخمر ويأتي القبيح فارفع أمره إلى السلطان قال
لقد قتلت تسعة وتسعين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحب أنى قتلت مثلهم وأني
كشفت قناع مسلم. رواه الطبراني وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف.
وعن ابن عباس قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس يا معشر من آمن
بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قلبه حتى أسمع العواتق في خدورهن لا تؤذوا
المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته حتى
يخرقها عليه في بطن بيته. رواه الطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل بن شيبة
الطائفي وهو ضعيف. وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه الا أدخله الله الجنة، وفى رواية
إلا أدخله الله بها الجنة. رواه الطبراني في الأوسط والصغير بنحوه وإسنادهما
ضعيف. وعن نبيط بن شريط قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ستر حرمة مؤمنة
ستره الله من النار. رواه الطبراني في الصغير وفيه من لم أعرفه. وعن جابر
246

ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر عورة فكأنما أحيا موعودة من قبرها -
رواه الطبراني في الأوسط وفيه طلحة بن زيد وهو ضعيف. رواه باسناد
آخر فيه أبو معشر وهو أخف ضعفا من طلحة، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى من أخيه رتقة في؟؟
فستره عليها كانت له حسنة يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو
صالح الخوزي وهو ضعيف. وعن شهاب رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر على مؤمن في عورة فكأنما أحيا ميتا.
رواه الطبراني من طريق مسلم بن أبي الديال عن أبي سنان المدني ولم أعرفهما،
وبقية رجاله ثقات. وعن مسروق قال خرج ابن مسعود على أهل الدار فقال
لهم من جاء منكم مستفتيا فليجلس على تفية ومن جاء منكم مخاصما فليكرم
خصمه حتى يقضى بينهما ومن جاء منكم يطلعنا على عورة سترها الله فليستتر
بستر الله وليسرها إلى من يملك مغفرتها فإني لا أملك مغفرتها أقيم عليه حدا
وبابعارها. رواه الطبراني وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف. وعن إبراهيم
قال جاء رجل إلى عبد الله متحنطا فلما رآه ووجد ريح الحنوط (1) قال اللهم إني
أعوذ بك من شر هذا قال فجاءه فذكر أنه وقع على جارية امرأته وسأله أن يقيم
عليه الحد قال استغفر الله وتب إليه واستر على نفسك وإن استطعت أن تعتقها
فافعل. رواه الطبراني وإبراهيم لم يدرك ابن مسعود ولكن رجاله رجال الصحيح.
* (باب ما يقال لمن أصاب ذنبا) *
عن ابن مسعود قال إذا رأيتم أخاكم قارف ذنبا فلا تكونوا أعوانا للشيطان عليه
تقولون اللهم اخزه اللهم العنه ولكن سلوا الله العافية فانا كنا أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم كنا لا نقول في أحد شيئا حتى نعلم على ما يموت فان ختم له بخير علمنا
أنه أصاب خيرا وإن ختم له بشر خفنا عليه عمله. رواه الطبراني ورجاله ثقات
إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. وفى رواية عنده أيضا ولكن ادع الله أن

(1) هو ما يخلط من الطيب بأكفان الموتى وأجسامهم خاصة.
247

يتوب عليه ويرحمه. وعن أبي الطفيل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوه يعنى
ماعز بن مالك. رواه الطبراني وفيه الوليد بن أبي ثور وهو ضعيف.
* (باب التلقين في الحد) *
عن السائب بن يزيد قال أتى برجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله
إن هذا قد سرق جل بعير أوجل دابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخاله فعل ثم
قالوا يا رسول الله إن هذا سرق فقال ما أخاله فعل حتى شهد على نفسه شهادات
قال اذهبوا به فاقطعوه ثم ائتوني به فذهبوا به فقطعوا يده ثم جاءوا به إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ويحك تب إلى الله فقال تبت إلى الله فقال اللهم تب عليه.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن الشعبي أن شراحة الهمدانية أتت
عليا فقالت انى زنيت. فقال لعلك غيري لعلك رأيت في منامك لعلك
استكرهت كل ذلك تقول لا، وفى رواية لعل زوجك أتاك. رواه أحمد ورجاله
رجال الصحيح.
* (باب درء الحد) *
عن القاسم قال قال عبد الله يعنى ابن مسعود ادرأوا الحد والقتل عن عباد الله
ما استطعتم. رواه الطبراني من رواية أبى نعيم عن المسعودي وقد سمع منه
قبل اختلاطه ولكن القاسم لم يسمع من جده ابن مسعود.
* (باب النهى عن المثلة) *
عن يعلى بن مرة أنه كان عند زياد فأتى رجل فشهد فغير شهادته فقال لأقطعن
لسانك فقال له يعلى ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول قال الله لا تمثلوا بعبادي قال فتركه. رواه أحمد وفى رواية له عند الطبراني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تمثلوا بعباد الله، وفى إسنادهما عطاء بن السائب وقد
اختلط. وعن المغيرة بن شعبة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة. رواه
أحمد عن رجل من ولد المغيرة عن المغيرة، وفى الطبراني عن المغيرة ابن بنت
المغيرة قال مر المغيرة بن شعبة بالحيرة فإذا قوم قد نصبوا ثعلبا يرمونه غرضا
248

فوقف عليهم فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة، فإن كان المغيرة ابن
بنت المغيرة هو المغيرة بن عبد الله اليشكري فهو ثقة وإن كان غيره فلو أعرفه.
وقد تقدم حديث عمران بن حصين في الايمان والنذور. وعن الحكم بن
عمير وعايد بن قرط قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمثلوا بشئ من خلق الله فيه
الروح. رواه الطبراني وفيه سليمان بن سلمة الخبايري وهو متروك. وعن
إسماعيل بن راشد قال كان من حديث ابن ملجم لعنه الله وأصحابه. قلت
فذكر الحديث في وفاة على وقتله إلى أن قال فقال على للحسين إن بقيت رأيت
فيه رأيي وإن هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة ولا تمثل به فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ولو بالكلب العقور. وهو بتمامه في مناقب
علي رضي الله عنه (1) رواه الطبراني وإسناده منقطع: وعن أبي أيوب قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة والمثلة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن
ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مثل بأخيه فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين. رواه الطبراني وفيه بقية بن الوليد وهو مدلس
والأصم بن هرمز لم أعرفه. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة.
رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه محمد بن أبان القرشي وهو ضعيف.
وعن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النهبة والمثلة. رواه الطبراني
وفيه راو لم يسم. وعن القاسم بن محمد قال جاءت أسماء مع جوار لها وقد
ذهب بصرها فقالت أين الحجاج فقلنا ليس ههنا فقالت مروه فليأمر لنا بهذه
العظام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة - فذكر الحديث.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن عمران بن حصين قال قال عمر بن
الخطاب خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة. رواه
الطبراني في الصغير وفيه من لم أعرفهم. وعن أبي صالح الحنفي عن رجل من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أراه ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مثل
بذي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة. رواه أحمد والطبراني في الأوسط

(1) في الجزء التاسع.
249

عن ابن عمر من غير شك، ورجال أحمد ثقات.
* (باب النهى عن خصاء الآدميين) *
عن عبد الله يعنى ابن مسعود قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخصي أحد
من ولد آدم. رواه الطبراني وفيه معاوية بن عطاء الخزاعي وهو ضعيف.
* (باب في الناسي والمكره) *
عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثله مثل حديث قبله عن النبي
صلى الله عليه وسلم وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن عمران بن حصين
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تجوز لامتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلم به أو يعلم.
رواه الطبراني وفيه المسعودي وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن
ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تجاوز عن أمتي ثلاثة الخطأ والنسيان
وما أكرهوا عليه. رواه الطبراني وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو ضعيف.
وعن ابن مسعود قال اكفلوا لي بالعمل أكفل لكم بالخطأ، رواه الطبراني
وفيه من لم أعرفهم. وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثله. قلت مثل حديث
قبل عن النبي صلى الله عليه وسلم وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن مصفى وثقه أبو حاتم وغيره وفيه كلام
لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح.
* (باب ما جاء في الخطأ والعمد) *
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لست أخاف عليكم الخطأ ولكن
أخاف عليكم العمد. رواه الطبراني في الأوسط وفيه بقية وهو مدلس.
* (باب النهى عن التعذيب بالنار) *
عن عثمان بن حيان قال كنت آتي أم الدرداء فاكتب عندها فأخذت
قملة أو برغوثا فألقيته في النار قالت أي بنى لا تفعل فإني سمعت أبا الدرداء
250

يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يعذب بعذاب الله. رواه الطبراني والبزار
وقال لا يعذب بالنار إلا رب النار، وفيه سعيد البراد ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. ويأتي حديث على في تحريق القاتل بعد قتله.
* (باب فيمن أحدث حدثا في هذه الأمة) *
عن بسر بن عبيد الله وكان شيخا قديما قال كنا مع طاووس عند المقام
فسمعنا ضوضاء فقال ما هذا فقيل قوم أخذهم ابن هشام في سبب فطوفهم
فسمعت طاووسا يحدث عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد
يحدث في هذه الأمة حدثا لم يكن فيموت حتى يصيبه ذلك فأنا رأيت ابن
هشام حين عزل وولى عمال الوليد فطوفوه. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير سلمة بن سيسن ووثقه ابن حبان.
* (باب رفع القلم عن ثلاثة) *
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى
يستيقظ والمعتوه حتى يفيق والصبي حتى يعقل أو يحتلم. رواه الطبراني في
الكبير والأوسط وقال لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الاسناد، وفيه عبد
العزيز بن عبيد الله بن حمزة وهو ضعيف. وعن أبي إدريس الخولاني قال
أخبرني غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم شداد بن أوس وثوبان أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم في الحد عن الصغير حتى يكبر وعن النائم حتى يستيقظ
وعن المجنون حتى يفيق وعن المعتوه الهالك. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث عن الصغير حتى يكبر
وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق. رواه البزار وفيه عبد
الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص وهو متروك.
* (باب حد البلوغ لايجاب الحد) *
عن أسلم بن بجرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعله على أسارى قريظة فكان
ينظر إلى فرج الغلام فإذا رآه قد أنبت الشعر ضرب عنقه وأخذ من لم ينبت فجعله
251

في مغانم المسلمين. رواه الطبراني وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك.
* (باب في الحامل يجب عليها الحد) *
عن ابن عباس قال فجرت خادم لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا علي حدها قال
فتركها حتى وضعت ما في بطنها ثم ضربها خمسين ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر
فقال أصبت. رواه أبو يعلى وفيه مندل بن علي وهو ضعيف. وعن أنس أن
امرأة اعترفت من الزنا أربع مرات وهي حبلى فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ارجعي حتى
تضعي ثم جاءت وقد وضعته قال ارضعيه حتى تفطميه ثم جاءت فرجمت
فذكروها فقال لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس (1) لغفر له. رواه البزار
ورجاله ثقات إلا أن الأعمش لم يسمع من أنس وقد رآه.
* (باب الحد يجب على الضعيف) *
عن أبي سعيد أن مقعدا ذكر منه زمانة كان عند دار أم سعد فظهر
بامرأة حمل فسئلت فقالت هو منه فسئل منه فاعترف فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن
يجلد باثكال عذق النخل. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي
أمامة أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد زنى فسأله فاعترف فأمر به فجرد فإذا هو حمش (2)
الخلق مقعد فقال ما يبقى الضرب من هذا شيئا فدعا بأثكول فيه مائة شمراخ
فضربه به ضربة واحدة. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وعن سهل
بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشيخ أحبن (3) مصفر قد ظهرت
عروقه قد زنى بامرأة فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم بضغث فيه مائة شمراخ - قلت
رواه النسائي باختصار - رواه الطبراني وفيه أبو بكر بن أبي سبرة وهو متروك.
* (باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) *
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله
حرم عليه دمه إلا بثلاث التارك دينه والثيب الزاني ومن قتل نفسا ظلما. رواه

(1) وهو الذي يجبى على ما كان في الجاهلية.
(2) دقيق.
(3) في بطنه استسقاء.
252

البزار وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ. وعن عمار بن ياسر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم المؤمن إلا في إحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب
الزاني والمرتد عن الايمان. رواه الطبراني وفيه أيوب بن سويد وهو متروك
وقد وثقه ابن حبان وقال ردئ الحفظ. قلت وقد تقدمت أحاديث في كتاب
الايمان من نحو هذا.
* (باب فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق) *
عن أبي أمامة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من جرد ظهر امرئ مسلم بغير حق
لقى الله وهو عليه غضبان. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وإسناده جيد
وعن عصمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهر المؤمن حمى إلا بحقه. رواه الطبراني
وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف.
* (باب في التجريد) *
عن ابن مسعود قال لا يحل في هذه الأمة التجريد ولا مد ولا صفر. رواه
الطبراني وهو منقطع الاسناد وفيه جويبر وهو ضعيف.
* (باب فيمن أخاف مسلما) *
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نظر إلى مسلم نظرة
يخيفه فيها بغير حق أخافه الله يوم القيامة. رواه الطبراني عن شيخه أحمد بن
عبد الرحمن بن عقال ضعفه أبو عروبة. وعن عامر بن ربيعة أن رجلا أخذ
نعل رجل فغيبها وهو يمزح فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تروعوا
المسلم فان روعة المسلم ظلم عظيم. رواه الطبراني والبزار وفيه عاصم بن عبيد الله
وهو ضعيف. وعن أبي حسن وكان عقبيا بدريا قال كنا جلوسا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقام رجل ونسي نعليه فأخذهما رجل فوضعهما تحته فرجع الرجل
فقال نعلي فقال القوم ما رأيناه قال هو ذه فقال فكيف بروعة المؤمن فقال
يا رسول الله إنما صنعته لاعبا فقال فكيف بروعة المؤمن مرتين أو ثلاثا.
رواه الطبراني وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله الهاشمي وهو ضعيف.
253

وعن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخاف مؤمنا كان حقا على الله
أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن
حفص الوصابي وهو ضعيف. وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم
أو مؤمن أن يروع مسلما. رواه البزار وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف.
وعن النعمان بن بشير قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فخفق رجل عن
راحلته فأخذ رجل سهما من كنانته فانتبه الرجل ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يحل لرجل أن يروع مسلما. رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال
الكبير ثقات. وعن سليمان بن صرد أن أعرابيا صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومعه قرن فأخذها بعض القوم فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال الاعرابي القرن فكأن
بعض القوم ضحك فقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يروعن
مسلما. رواه الطبراني من رواية ابن عيينية عن إسماعيل بن مسلم فإن كان هو
العبدي فهو من رجال الصحيح وإن كان هو المكي فهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات.
* (باب اجتناب الفواحش) *
عن أبي هريرة قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أما تغار قال والله إني لأغار والله أغير
منى ومن غيرته نهى عن الفواحش. رواه أحمد ورجاله ثقات.
* (باب التحذير من مواقعة الحدود) *
عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا آخذ بحجزكم (1) أقول
إياكم وجهنم إياكم والحدود إياكم وجهنم إياكم والحدود إياكم وجهنم إياكم
والحدود ثلاث مرات فإذا أنا مت تركتكم وأنا فرطكم على الحوض فمن
ورد أفلح - قلت فذكر الحديث. رواه البزار وفيه ليث بن أبي سليم
والغالب عليه الضعف.
* (باب ذم الزنا) *
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والزنا فان فيه أربع

(1) الحجرة: معقد الإزار.
254

خصال يذهب البهاء عن الوجه ويقطع الرزق ويسخط الرحمن والخلود في النار.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمرو بن جميع وهو متروك. وعن عبد الله بن
بسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الزناة يأتون تشتعل وجوههم نارا. رواه الطبراني
من طريق محمد بن عبد الله بن بسر عن أبيه ولم أعرفه، وبقيه رجاله ثقات. وعن عبد
الله بن يزيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا نعايا العرب يا نعايا العرب إن أخوف
ما أخاف عليكم الزنا والشهوة الخفية. رواه الطبراني باسنادين رجال أحدهما
رجال الصحيح غير عبد الله بن بديل بن ورقاء وهو ثقة. وعن سلمان قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يدخلون الجنة الشيخ الزاني والامام الكذاب
والعائل المزهو. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير العباس بن أبي طالب
وهو ثقة. وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ظلم
أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو وإذا كثر الزنا كثر السبا وإذا كثر اللوطية
رفع الله عز وجل يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا. رواه الطبراني
وفيه عبد الخالق بن زيد بن واقد وهو ضعيف. وعن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله عز وجل يوم القيامة إلى الشيخ الزاني ولا العجوز
الزانية. رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه موسى بن سهل ولم أعرفه، وبقية
رجاله ثقات. وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله إلى
الأشيمط (1) الزاني ولا العائل المزهو. رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة
وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن نافع مولى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة مسكين مستكبر ولا شيخ زان
ولا منان على الله تعالى بعمله. رواه الطبراني وتابعيه الصباح بن خالد بن أبي
أمية لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن بريدة أن السماوات السبع والأرضين
السبع لتلعن الشيخ الزاني وإن فروج الزناة ليؤذي أهل النار نتن ريحها.
وعن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بنحوه. رواهما البزار وفى إسناديهما صالح
ابن حيان وهو ضعيف.

(1) أي الشيخ المسن.
255

* (باب زنا الجوارح) *
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العينان تزينان والرجلان
تزنيان والفرج يزنى. رواه أحمد وأبو يعلى وزاد واليدان تزنيان، والبزار
والطبراني وإسنادهما جيد. وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل عين زانية.
رواه البزار والطبراني ورجالهما ثقات. وعن محمد بن مطرف حدثني جدي
سمعت علقمة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زنا
العينين النظر. رواه الطبراني وجد محمد بن مطرف لم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. وعن سهل بن أبي أمامة أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك زمن
عمر بن عبد العزيز وهو أمير فصلى صلاة خفيفة كأنها صلاة مسافر أو قريب
منها فلما صلى قال يرحمك الله أرأيت الصلاة المكتوبة أم شئ تنفلته قال إنها
المكتوبة وإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخطأت منها إلا شئ سهوت عنه
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فان قوما شددوا
على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها
ما كتبناها عليهم، ثم غدوا من الغد فقالوا نركب فننظر ونعتبر قال نعم فركبوا
جميعا فإذا هم بديار قفر قد باد أهلها وبقيت خاوية على عروشها فقالوا أتعرف
هذه الديار قال ما أعرفني بها وبأهلها هؤلاء أهل ديار أهلكم البغي والحسد
إن الحسد يطفئ نور الحسنات والبغي يصدق ذلك أو يكذبه والعين تزني
والكف والقدم واليد واللسان والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. رواه أبو يعلى
ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العميا وهو ثقة.
وعن الشعبي (إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا) فذكر ابني صوريا
حين أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما بالذي أنزل التوراة على موسى والذي فلق البحر
والذي أنزل عليكم المن والسلوى أنتم أعلم قالا قد نحلنا قومنا ذلك قال فقال
أحدهما يناشدنا بمثل هذه قال تجدون النظر زنية والاعتناق زنية والقبل زنية
فذكره. رواه أبو يعلى وهو مرسل ورجاله ثقات. وعن واثلة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم السحاق بين النساء زنا بينهن. رواه الطبراني ورواه أبو يعلى ولفظه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سحاق النساء بينهن زنا، ورجاله ثقات.
256

* (باب في أولاد الزنا) *
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو شر الثلاثة إذا عمل بعمل
أبويه يعنى ولد الزنا. رواه أحمد عن أسود بن عامر عن إبراهيم بن إسحاق
عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة وإبراهيم بن إسحاق لم أعرفه (1)، وبقية رجاله
رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد الزنا شر الثلاثة
إذا عمل بعمل أبويه. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه محمد بن أبي
ليلى وهو سئ الحفظ ومندل وثق وفيه ضعف. وعن ميمونة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد
الزنا فإذا فشا فيهم ولد الزنا فأوشك أن يعمهم الله بعذاب. رواه أحمد وأبو
يعلى والطبراني وقال لا تزال أمتي بخير متماسك أمرها ما لم يظهر، وفيه محمد بن
عبد الرحمن بن لبيبة وثقة ابن حبان وضعفه ابن معين، ومحمد بن إسحاق قد
صرح بالسماع فالحديث صحيح أو حسن. وعن عبد الله بن عمرو عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا منان ولا ولد زنية - قلت
رواه النسائي غير قوله ولا ولد زنية - رواه أحمد والطبراني وفيه جابان وثقه
ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل ولد الزنا الجنة ولا شئ من نسله إلى سبعة آباء. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه الحسين بن إدريس وهو ضعيف. وعن عائشة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال ولد الزنا ليس عليه من اثم أبويه شئ ثم قرأ (ولا تزر وازرة
وزر أخرى) رواه الطبراني في الأوسط وفيه جعفر بن محمد بن جعفر المدائني
ولم أعرفه. وعن أبي الوليد القرشي قال كنت عند بلال بن أبي بردة فجاء رجل
من عبد القيس فقال أصلح الله الأمير إن أهل الطف لا يؤدون زكاة أموالهم
فقال وما كان قال قد علمت ذلك فأخبرت الأمير فقال ممن أنت فقال من عبد
القيس فقال ما اسمك قال فلان بن فلان فكتب إلى صاحب شرطته فقال ابعث

(1) هو إبراهيم أبو إسحاق واسم أبيه اسحق وقيل الفضل وهو ضعيف. حاشية الأصل
257

إلى عبد القيس فسل عن فلان بن ففلان كيف حسبه فيهم فرجع الرسول فقال
وجدته يغمز في حسبه فقال الله أكبر حدثني أبي عن جدي أبى موسى قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبغي على الناس إلا ولد بغى وإلا من فيه عرق منه، وقال
أبو الوليد لا يسعى بدل لا يبغي. رواه الطبراني وأبو الوليد القرشي لم أعرفه،
وبقية رجاله ثقات. (1)
* (باب حرمة نساء المجاهدين) *
عن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده قال
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد غيور وأنا أغير منه والله أغير منى قال رجل على
أي شئ يغار الله قال على رجل مجاهد في سبيل الله يخالف إلى أهله. رواه أحمد في
حديث طويل في التفسير في سورة النور (2) وفيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف.
وعن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم ونساء الغزاة. رواه البزار وفيه سعيد بن
زربي وهو ضعيف. وعن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قعد على
فراش مغنية قيض الله له ثعبانا يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير
والأوسط وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. وعن عبد الله بن عمرو
رفع الحديث قال مثل الذي يجلس على فراش المغنية مثل الذي نهشه أسود من
أساود يوم القيامة. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* (باب في الحد يثبت عند الامام فيشفع فيه) *
عن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعافى الناس
بينهم في الحدود ما لم ترفع إلى الحكام فإذا رفعت إلى الحكام حكم بينهم بكتاب
الله. رواه أبو يعلى وفيه العباس بن الفضل الأنصاري وهو ضعيف. وعن
محمد بن يزيد بن ركانة أن خالته أخت مسعود بن العجما حدثته أن أباها قال
لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المخزومية التي سرقت قطيفة نقدتها بأربعين أوقية فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لان تطهر خير لها فأمر بها فقطعت يدها وهي من بنى عبد
الأشهل أو من بنى أسد - قلت رواه ابن ماجة عنها عن أبيها وهذا عنها نفسها

(1) هنا في هامش الأصل: بلغ مقابلة مع الشيخ.. (؟)
(2) في الجزء السابع.
258

والله أعلم - رواه أحمد وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس. وعن أم سلمة أن
قريشا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت قالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكلموه في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هلك الذين من قبلكم أنه كان إذا
سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو
كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها. رواه الطبراني في الأوسط وقال لم يروه
عن عمر بن قيس الماصر إلا عمرو بن أبي قيس الرازي وخالفه أصحاب الزهري فقالوا
عن الزهري عن عروة عن عائشة، قلت ورجال الطبراني ثقات. وعن عروة بن
الزبير عن أبيه قال لقى الزبير سارقا فشفع فيه فقيل له حتى تبلغه الامام فقال
إذا بلغ الامام فلعن الله الشافع والمشفع كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني
في الأوسط والصغير وفيه أبو غزية محمد بن موسى الأنصاري ضعفه أبو حاتم
وغيره ووثقه الحاكم، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف. وعن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله
في ملكه، وقد تقدم في الاحكام. رواه الطبراني في الأوسط وفيه رجاء بن
صبح صاحب السقط ضعفه ابن معين وغيره ووثقه ابن حبان. وعن ابن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد
الله في أمره. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن جعفر المديني وهو متروك.
وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل حالت شفاعته دون حد من
حدود الله لم يزل في سخط الله حتى ينزع، وهو بتمامه في الاحكام. رواه
الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن أبي مطر قال رأيت عليا أتى برجل فقالوا
إنه قد سرق جملا فقال ما أراك سرقت قال بلى قال فلعله شبه لك قال بلى قد
سرقت قال اذهب به يا قنبر فشد أصابعه وأوقد النار وادع الجزار يقطعه ثم
انتظر حتى أجئ فلما جاء قال له سرقت قال لا فتركه قالوا له يا أمير المؤمنين
لم تركته وقد أقر لك قال أخذته بقوله وأتركه بقوله ثم قال على أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم برجل قد سرق فأمر بقطعه ثم بكى فقيل يا رسول الله ولم تبكي قال
فكيف لا أبكى وأمتي نقطع بين أظهركم قالوا يا رسول الله أفلا عفوت عنه قال
259

ذاك سلطان سوء الذي يعفو عن الحدود ولكن تعافوا بينكم. رواه أبو يعلى
وأبو مطر لم أعرفه ولكن الراوي عنه.
* (باب فيمن سب نبيا أو غيره) *
عن علي يعنى ابن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سب الأنبياء
قتل ومن سب أصحابي جلد. رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه
عبيد الله بن محمد العمرى رماه النسائي بالكذب. وعن كعب بن علقمة أن
عرفة بن الحارث وكانت له صحبة وقاتل مع عكرمة بن أبي جهل باليمن في الردة
مر به نصراني من أهل مصر يقال له البندقون فدعاه إلى الاسلام فذكر النصراني
النبي صلى الله عليه وسلم فتناوله فرفع ذلك إلى عمرو بن العاص فأرسل إليهم فقال قد أعطيناهم
العهد فقال عرفة معاذ الله أن تكون العهود والمواثيق على أن يؤذونا في الله
ورسوله إنما أعطيناهم على أن يخلى بيننا وبينهم وبين كنائسهم فيقولون فيها
ما بدا لهم وأن لا نحملهم مالا طاقة لهم به وأن نقاتل من ورائهم ويخلى بينهم
وبين أحكامهم إلا أن يأتونا فنحكم بينهم بما أنزل الله فقال عمرو بن العاص
صدقت. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث وقد
وثق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. وعن عمير بن أمية أنه كانت له أخت
فكان إذا خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم آذته فيه وشتمت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت مشركة
فاشتمل لها يوما على السيف ثم أتاها فوضعه عليها فقتلها فقام بنوها فصاحوا
وقالوا قد علمنا من قتلها أفتقتل أمنا وهؤلاء قوم لهم آباء وأمهات مشركون
فلما خاف عمير أن يقتلوا غير قاتلها ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أقتلت
أختك قال نعم قال ولم قال إنها كانت تؤذيني فيك فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بنيها
فسألهم فسموا غير قاتلها فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأهدر دمها. رواه الطبراني
عن تابعيين أحدهما ثقة، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيمن كفر بعد إسلامه) *
(نعوذ بالله من ذلك وهل يستتاب وكم يستتاب) *
عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أبغض الخلق إلى الله عز وجل
260

لمن آمن ثم كفر. رواه الطبراني وفيه صدقة بن عبد الله السمين وثقه أبو حاتم
وجماعة وضعفه غيرهم، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من بدل دينه فاقتلوه. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وعن
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف. وعن معاوية بن حيدة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن
عصمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه. رواه الطبراني وفيه
الفضل بن المختار وهو ضعيف. وعن عبد الرحمن بن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال في خطبته ان هذه القرية يعنى المدينة لا يصلح فيها قبلتان فأيما نصراني
أسلم ثم تنصر فاضربوا عنقه. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وعن أبي
موسى ومعاذ بن جبل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن وأمرهما أن يعلما
الناس القرآن قال فجاء معاذ إلى أبى موسى يزوره فإذا عنده رجل موثق بالحديد
فقال يا أخي أو بعثنا نعذب الناس إنما بعثنا نعلمهم دينهم ونأمرهم بما ينفعهم فقال
إنه أسلم ثم كفر فقال والذي بعث محمدا بالحق لا أبرح حتى أحرقه بالنار فقال
أبو موسى إن لنا عنده بقية فقال والله لا أبرح أبدا قال فأتى بحطب فألهب
فيه النار وكتفه وطرحه - قلت لهما في الصحيح غير هذا الحديث - رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل إلى ابن مسعود
فقال إني مررت بمسجد من مساجد بنى حنيفة فسمعتهم يقرؤن شيئا لم ينزله
الله الطاحنات طحنا الخابزات خبزا والعاجنات عجنا اللاقمات لقما قال فقدم ابن
مسعود ابن النواحة امامهم فقتله واستكثر البقية فقال لا أحراهم اليوم الشيطان
سيروهم إلى الشام حتى يرزقهم الله توبة أو يفنيهم الطاعون وذكر الحديث.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن القاسم قال أتى عبد الله يعنى
ابن مسعود فقيل له يا أبا عبد الرحمن إن ههنا أناسا يقرؤن قراءة مسيلمة فرده
عبد الله فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم أتاه فقال والذي أحلف به يا أبا عبد الرحمن
لقد تركتهم الآن في دار وإن ذلك لعندهم فأمر قرظة بن كعب فسار بالناس
261

معه فقال ائت بهم فلما أتى بهم قال ما هذا بعد ما استفاض الاسلام فقالوا يا أبا
عبد الرحمن نستغفر الله ونتوب إليه ونشهد أن مسيلمة هو الكذاب المفتري
على الله ورسوله قال فاستتابهم عبد الله وسيرهم إلى الشام وإنهم لقريب من ثمانين
رجلا وأبى ابن النواحة أن يتوب فأمر به قرظة بن كعب فأخرجه إلى السوق
فضرب عنقه وأمر أن يأخذ رأسه فيلقيه في حجر أمه، قال عبد الرحمن بن
عبد الله فلقيت شيخا منهم كبيرا بعد ذلك بالشام فقال لي رحم الله أباك والله
لو قتلنا يومئذ لدخلنا النار كلنا. رواه الطبراني وهو منقطع الاسناد بين القاسم
وجده عبد الله (1). وعن سويد بن غفلة أن عليا بلغه أن قوما بالبصرة ارتدوا
عن الاسلام فبعث إليهم فأمال عليهم الطعام جمعتين ثم دعاهم إلى الاسلام فأبوا
فخفر عليهم حفيرة ثم قام عليها فقال لأملأنك شحما ولحما ثم أتى بهم فضرب
أعناقهم وألقاهم في الحفيرة ثم ألقى عليهم الحطب فأحرقهم ثم قال صدق الله
ورسوله، قال سويد بن غفلة فلما انصرف اتبعته فقلت سمعتك تقول صدق الله
ورسوله فقال ويحك إن حولي قوما جهالا ولكني إذا سمعتني أقول قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلان أخر من السماء أحب إلى من أن أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم
يقل. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحسن بن زياد اللؤلؤي وهو متروك.
وعن أنس بن مالك قال ارتد نبهان ثلاث مرات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم
أمكني من نبهان في عنقه حبل أسود فالتفت فإذا هو بنبهان قد أخذ فجعل في
عنقه حبل أسود فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف بيمينه
والحبل بشماله ليقتله فقال رجل من الأنصار يا رسول الله لو أمطت عنك قال
وتدفع السيف إلى رجل فقال اذهب فاضرب عنقه فانطلق به فضحك نبهان
فقال أتقتلون رجلا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فخلى عنه. رواه
الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات إلا أن محمد بن المرزبان شيخ الطبراني لم
أره في الميزان ولا غيره. وعن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استتاب رجلا ارتد
عن الاسلام أربع مرات. رواه أبو يعلى وفيه المعلى بن هلال وقد أجمعوا على

(1) بل في آخره ما يدل على أن القاسم سمعه من أبيه عن جده - كما في هامش الأصل.
262

ضعفه بالكذب. وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من خالف دينه
دين الاسلام فاضربوا عنقه وقال إن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
الله فلا سبيل عليه إلا أن يأتي شيئا فيقام عليه حده. رواه الطبراني وفيه
الحكم بن أبان وهو ضعيف. وعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له
حين أرسله إلى اليمن أيما رجل ارتد عن الاسلام فادعه فان تاب فاقبل منه وإن
لم يتب فاضرب عنقه. وأيما امرأة ارتدت عن الاسلام فادعها فان تابت فاقبل
منها وإن أبت فاستتبها. رواه الطبراني وفيه راو لم يسم قال مكحول عن ابن
لأبي طلحة اليعمري، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عمر قال كنا نقول ما لمن
افتتن توبة إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته فأنزل الله فيهم (يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) فذكر الحديث وقد تقدم في
كتاب الهجرة. رواه الطبراني وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس.
* (باب الاحصان) *
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاحصان إحصانان إحصان عفاف
واحصان نكاح. رواه البزار والطبراني في الأوسط وفيه مبشر بن عبيد
وهو متروك.
* (باب إقامة الحدود) *
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم من إمام عادل خير من
عبادة ستين سنة وحد يقام في الأرض بحقه أزكى من مطر أربعين صباحا.
رواه الطبراني في الأوسط وقال لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الاسناد، وفيه
زريق بن السخت ولم أعرفه.
* (باب نزول الحدود وما كان قبل ذلك) *
عن ابن عباس في قوله تعالى (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) قال
كن يحبسن في البيوت فإذا ماتت ماتت وان عاشت عاشت حتى نزلت هذه الآية
في النور (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) ونزلت سورة
الحدود فمن عمل شيئا جلد وأرسل. رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن
263

سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف ويأتي حديث ابن عباس في سورة النور (1). وعن
عبادة بن الصامت رحمه الله قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (واللاتي يأتين
الفاحشة من نسائكم) إلى آخر الآية ففعل ذلك بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما
رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله وكان إذا أنزل عليه الوحي أعرضنا عنه
وتربد وجهه (2) وكرب لذلك فلما رفع عنه الوحي قال خذوا عنى قلنا نعم
يا رسول الله قال قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة
والثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم، قال الحسن فلا أدرى أمن الحديث هو أم
لا قال فان شهدوا انهما وجدا في لحاف لا يشهدون على جماع خالطها به جلدوا
مائة وجزت رؤوسهما - قلت في الصحيح بعضه - رواه عبد الله بن أحمد ورجاله
رجال الصحيح. وعن قبيصة بن حريث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عنى
خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة والثيب بالثيب
جلد مائة والرجج. رواه أحمد وفيه الفضل بن دلهم وهو ثقة ولكنه أخطأ في هذا
الحديث كما ذكر. وعن أنس بن مالك قال رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر
وأمرهما سنة. رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. وعن عبادة بن الصامت قال لما نزلت
آية الرجم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه وكان إذا نزل عليه الوحي أخذه
كهيئة السباب فلما انقضى الوحي استوى جالسا فقال إن الله عز وجل جعل لهن
سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة والرجم والبكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة فقال
أناس لسعد بن عبادة يا أبا ثابت قد نزلت الحدود أرأيتك لو أنك وجدت مع
امرأتك رجلا كيف كنت صانعا قال كنت أضربه بالسيف حتى يسكنا فأنا
أذهب فأجمع أربعة فإلى ذلك قد قضى الخائب حاجته فأنطلق ثم أجئ فأقول
رأيت فلانا فعل كذا وكذا فيجلدوني ولا يقبلون لي شهادة أبدا فضحك القوم
واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله إنه أشهد الناس غيرة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالسيف شاهدا ثم قال لولا انى أخاف أن يتتابع فيه
السكران والغيران فقالوا يا رسول الله إنه أشد الناس غيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) في الجزء السابع.
(2) أي تغير، وفى رواية (أربد).
264

هو شديد الغيرة وأنا أغير منه والله أشد غيرة منى ولذلك جعل الحدود - قلت
في الصحيح طرف من أوله - رواه الطبراني وفيه الفضل بن دلهم وهو ثقة
وأنكر عليه هذا الحديث من هذه الطريق فقط، وبقية رجاله ثقات. ويأتي
حديث سعد بن عبادة في سورة النور (1). وعن العجماء قالت سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول الشيخ والشيخة إذا زنيا فاجلدوهما البتة بما قضيا من اللذة. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود في البكر يزنى
بالبكر يجلدان مائة جلدة وينفيان سنة. رواه الطبراني وإسناده منقطع وفيه ضعف.
* (باب هل تكفر الحدود الذنوب أم لا) *
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدرى الحدود كفارات أم لا.
رواه البزار باسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي
وهو ثقة. وعن خزيمة بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما عبد أصاب شيئا
مما نهى الله عنه ثم أقيم عليه حده كفر عنه ذلك الذنب، وفى رواية من
أصاب ذنبا وأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته. رواه الطبراني وأحمد بنحوه
وفيه راو لم يسم وهو ابن خزيمة، وبقية رجاله ثقات، ورواه موقوفا
أيضا. وعن خزيمة بن معمر الأنصاري قال رجمت امرأة في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال الناس حبط عملها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال هو كفارة ذنوبها
وتحشر على ما سوى ذلك. رواه الطبراني وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو
ضعيف. وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما عوقب رجل على ذنب إلا جعله
الله كفارة لما أصاب من ذلك الذنب. رواه الطبراني في الأوسط وفيه ياسين
الزيات وهو متروك. وعن أبي تميمة الهجيمي قال بينا أنا في حائط (2) من حيطان
المدينة إذ بصرت بامرأة فلم يكن لي هم غيرها حتى حاذتني ثم أتبعتها بصرى حتى
حاذيت الحائط فالتفت فأصاب وجهي الحائط فأدماني فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته
فقال إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا عجل له عقوبة ذنبه في الدنيا وربنا
تبارك وتعالى أكرم من أن يعاقب على ذنب مرتين. رواه الطبراني في الأوسط

(1) في الجزء السابع.
(2) أي بستان.
265

وفيه هشام بن لاحق ترك أحمد حديثه وضعفه ابن حبان وقال الذهبي قواه
النسائي. ولهذا الحديث طرق في مواضعها.
* (باب كفارات الذنوب بالقتل) *
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل الرجل صبرا كفارة لما قبله
من الذنوب. رواه البزار وفيه صالح بن موسى بن طلحة وهو متروك. وعن
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل الصبر (1) لا يمر بذنب إلا محاه. رواه
البزار وقال لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، ورجاله ثقات.
وعن ابن مسعود في الذي يصيب الحدود ثم يقتل عمدا قال إذا جاء القتل محى
كل شئ. رواه الطبراني وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات. وعن الحسن
قال كان زياد يتبع شيعة على فيقتلهم فبلغ ذلك الحسن بن علي فقال اللهم تفرد
بموته فان القتل كفارة. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب اعتراف الزاني ورجم المحصن) *
عن أبي بكر يعنى الصديق قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فجاء ماعز بن
مالك فاعترف عنده مرة فرده ثم جاء فاعترف عند، الثانية فرده ثم جاء فاعترف
الثالثة فرده فقلت له إنك إن اعترفت الرابعة رجمك قال فاعترف الرابعة فحبسه
ثم سأل عنه قالوا ما نعلم إلا خيرا قال فأمر برجمه. رواه أحمد وأبو يعلى
والبزار ولفظه ان النبي صلى الله عليه وسلم رد ماعزا أربع مرات ثم أمر برجمه، والطبراني
في الأوسط إلا أنه قال ثلاث مرات، وفى أسانيدهم كلها جابر بن يزيد الجعفي
وهو ضعيف. وعن أبي ذر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأتاه رجل
فقال إن الآخر زنى فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كئيبا حزينا فسرنا حتى نزلنا
منزلا فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا ذر ألم تر إلى صاحبكم قد غفر له
وأدخل الجنة. رواه أحمد والبزار وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس. وعن
ابن عباس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة أتاه رجل من

(1) هو أن يوثق ثم يرمى حتى يموت.
266

بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة يتخطى الناس حتى اقترب إليه فقال
يا رسول الله أقم على الحد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اجلس فجلس ثم قام في الثالثة فقال
مثل ذلك فقال وما حدك قال أتيت امرأة حراما فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من
أصحابه فيهم علي بن أبي طالب والعباس وزيد بن حارثة وعثمان بن عفان
انطلقوا به فاجلدوه مائة جلدة ولم يكن الليثي تزوج فقالوا يا رسول الله ألا
تجلد التي خبث بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ائتوني به مجلودا فلما أتى به قال النبي صلى الله عليه وسلم
من صاحبتك قال فلانة امرأة من بنى بكر فأتى بها فسألها فقالت كذب والله
ما أعرفه وإني مما قال لبريئة الله على ما أقول من الشاهدين فقال النبي صلى الله عليه وسلم
من شهد على انك خبثت بها فإنها تنكر فإن كان لك شهداء جلدتها حدا وإلا
جلدناك حد الفرية فقال يا رسول الله ما لي من يشهد فأمر به فجلد حد الفرية
ثمانين - قلت رواه أبو داود وغيره باختصار - رواه أبو يعلى والطبراني وفيه
القاسم بن فياض وثقه أبو داود وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات. وعن
عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو القرشي قال حدثني من شهد النبي صلى الله عليه وسلم وأمر
برجم رجل بين مكة والمدينة فلما أصابته الحجارة فر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال
فهلا تركتموه. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إذا اعترف الرجل بالزنا فأضربه (1) الرجم فهرب ترك - قلت له عند الترمذي
في قصة ما عز فهلا تركتموه - رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح
غير حميد الكندي وهو ثقة. وعن جابر بن سمرة قال جاء ماعز بن مالك إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انى قد زنيت فأعرض بوجهه ثم جاءه من قبل
وجهه فأعرض عنه ثم جاءه الثالثة فأعرض عنه ثم جاءه الرابعة فلما قال له ذلك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا إلى صاحبكم فإن كان صحيحا فارجموه
فسئل عنه فوجد صحيحا فرجم فلما أصابته الحجارة حاضرهم وتلقاه رجل
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلحى جمل فضربه به فقتله فقال أصحاب رسول الله

(1) هنا في هامش الأصل: في أصل المصنف (فأمر به) وعلى الحاشية بخطه
(لعله فأضربه والله أعلم).
267

صلى الله عليه وسلم إلى النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا إنه قد تاب توبة لو تابها أمة من الأمم
لقبل منهم - قلت لسمرة حديث في الصحيح بغير سياقه - رواه البزار عن
شيخه صفوان بن المغلس ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن سهل بن سعد
قال شهدت ماعزا حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمه فعدا فاتبعه الناس يرجمونه
حتى لقيه عمر بالجبانة فضربه بلحى بعير فقتله. رواه الطبراني وفيه أبو بكر
ابن أبي سبرة وهو كذاب. وعن أبي برزة قال رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز
ابن مالك. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن أنس بن مالك قال جاءت امرأة
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن في بطني حدثا فأقم على الحد فقال إنا
لا نقتل ما في بطنك فانطلقت فلما وضعت جاءت فقالت قد وضعت فقال اذهبي
فارضعيه حتى تفطميه فلما فطمته جاءت فقالت قد فطمته يا رسول الله قال انطلقي
فاكفليه فانطلقت فجاءت هي وأختها تمشيان فعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من
صبرها فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمها ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل انطلق فإذا
وضعت في حفرتها فقم بين يديها حتى تكون نصب عينيها فأسر إليها وأمر
رجلا فقال انطلق إلى حجر عظيم فائتها من خلفها فارمها فاشدخها (1). رواه
الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه. وعن أنس بن مالك أن امرأة أتت
النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنها قد زنت وكانت حاملا فقال انطلقي حتى تضعي حملك
ولو لم ترجع لم يرسل إليها فوضعت حملها ثم أتته فقال انطلقي حتى تفطمي ولدك
فأتته ولو لم تأته لم يرسل إليها فجاءت بعد ما فطمته فرجمها. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه الحرث بن نبهان وهو متروك. وعن أنس أن امرأة أتت النبي
صلى الله عليه وسلم فاعترفت بالزنا وكانت حاملا فأخرجها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضعت ثم
أمر فسكت عليها ثيابها ثم أمر يرجمها ثم صلى عليها فقال له رجل أتصلي عليها وقد
زنت ورجمتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد تابت توبة لو تابها سبعون من المدينة لقبل
منهم هل وجدت أفضل أن جادت بنفسها. رواه الطبراني في الصغير والأوسط
عن شيخه علي بن أحمد بن النضر ضعفه الدارقطني وقال أحمد بن كامل القاضي

(1) الشدخ: الكسر.
268

لا أعلمه ذم في الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أبي ذر أن النبي
صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فأمرني أن أحفر لها فحفرت لها إلى سرتي. رواه أحمد وفيه
جابر الجعفي وهو ضعيف
* (باب من أتى ذات محرم) *
عن صالح بن راشد القرشي قال أتى الحجاج بن يوسف برجل اغتصب
أخته نفسها فقال احبسوه واسألوا من ههنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوا
عبد الله بن أبي مطرف فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تخطى الحرمتين
الاثنتين فخطوا وسطه بالسيف قال وكتبوا إلى عبد الله بن عباس فكتب إليهم
بمثل قول عبد الله بن أبي مطرف. رواه الطبراني وفيه رفدة بن قضاعة وثقه
هشام بن عمار وضعفه الجمهور، وبقية رجال ثقات. وعن البراء بن عازب أن
النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى رجل تزوج امرأة ابنه أن يقتله - قلت هو في السنن من
حديث البراء عن عمه وعنه عن خاله وعنه عن فوارس - رواه أحمد ورجاله رجال
الصحيح غير أبى الجهم وهو ثقة. ورواه أبو يعلى وقال تضرب عنقه ويأتي
برأسه. وعن مطرف قال أتوا قبة فاستخرجوا منها رجلا فقتلوه قال قلت
ما هذا قالوا هذا رجل دخل بأم امرأته فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلوه. هكذا
رواه أحمد منقطع الإسناد ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من أتى ذات محرم. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح غير يحيى بن حسان الكوفي وهو ثقة. وعن عبد الله بن عمرو عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة من أتى ذات محرم. رواه الطبراني في الأوسط
عن شيخه علي بن سعيد قال الدارقطني ليس بذاك وقال الذهبي كان من الحفاظ
الرحالين، وعبد العزيز بن عيسى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيمن أتى جارية امرأته) *
عن معبد وعبيد ابني عمران بن دهل قالا أتى ابن مسعود برجل فقال
إني زنيت قال إذا نرجمك ان كنت أحصنت قالوا إنما أتى جارية امرأته فقال
269

عبد الله ان كنت استكرهتها فاعتقها واعط امرأتك جارية مكانها فقال والله
لقد استكرهها وضربتها فلم يرجمه وأمر به فضرب دون الحد. رواه الطبراني
وعبيد ومعبد لم أعرفهما، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن الشعبي أن ابن
مسعود كان لا يرى عليه حدا ولا عقدا. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
الا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود.
* (باب في المملوك يزنى) *
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على الأمة حد حتى تحصن فإذا
أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات. رواه الطبراني باسنادين غير عبد الله
ابن عمران وهو ثقة. وعن إبراهيم أن معقل بن مقرن المزني جاء إلى عبد الله
فقال إن جارية له زنت فقال اجلدها خمسين قال ليس لها زوج قال اسلامها إحصانها.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح الا ان إبراهيم لم يلق ابن مسعود.
* (باب فيمن درأ الحد عن امرأة استكرهت) *
عن أبي جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم درأ الحد عن امرأة استكرهت. رواه الطبراني
وفيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس. وعن عبد الكريم قال نبئت عن علي وابن
مسعود في البكر تستكره على نفسها ان للبكر مثل صداق إحدى نسائها وللثيب مثل
صداق مثلها. رواه الطبراني وهو منقطع الاسناد ورجاله ثقات إلى عبد الكريم.
وعن عبد الكريم أن عليا وابن مسعود قالا في الأمة تستكره إن كانت بكرا
فعشر ثمنها وإن كانت ثيبا فنصف عشر ثمنها. رواه الطبراني باسناد الذي قبله
وهو منقطع.
* (باب فيمن وجد مع أجنبية في لحاف) *
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال أتى عبد الله بن مسعود برجل
وجد مع امرأة في لحاف فضرب كل واحد منهما أربعين سوطا وأقامهما للناس
فذهب أهل المرأة وأهل الرجل فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال عمر
لابن مسعود ما يقول هؤلاء قال قد فعلت ذلك قال أو رأيت ذلك قال نعم فقال نعم
ما رأيت فقالوا أتيناه نستأذنه فإذا هو يسأله. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
270

* (باب رجم أهل الكتاب) *
عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم اليهودي واليهودية عند
باب المسجد فلما وجد اليهودي مس الحجارة قام على صاحبته فحنى عليها يقيها
الحجارة حتى قتلا جميعا فكان مما صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في تحقيق الزنا منهما.
رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بيهودي ويهودية قد
أحصنا فسألوه أن يحكم بينهما بالرجم فرجمهما في فناء المسجد، ورجال أحمد
ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع في رواية أحمد. وعن ابن عباس أن
رهطا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم جاءوا معهم بامرأة فقالوا يا محمد ما أنزل عليك في الزنا
فقال اذهبوا فائتوني برجلين من علماء بني إسرائيل فذهبوا فأتوه برجلين
أحدهما شاب فصيح والآخر شيخ قد سقط حاجبه على عينيه حتى يرفعهما
بعصابة فقال أنشد كما الله لما أخبرتمونا بما أنزل الله على موسى في الزاني فقال
نشدتنا بعظيم وإنا نخبرك ان الله تعالى أنزل على موسى في الزاني الرجم وانا
كنا قوما شيبة وكان نساؤنا حسنة وجوههن وإن ذلك كثر فينا فلم نقم له
فصرنا نجلد والتعيير فقال اذهبوا بصاحبتكم فإذا وضعت ما في بطنها فارجموها.
رواه الطبراني ورجاله ثقات. وله طريق في سورة المائدة. وعن عبد الله بن
الحرث بن جزء أن اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي ويهودية قد زنيا
وقد أحصنا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما، قال عبد الله بن الحرث فكنت
فيمن رجمهما. رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط وقال فيه لا يروى
عن ابن عباس الا بهذا الاسناد، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف،
وبقية رجاله ثقات. وعن جابر قال جاءت اليهود برجل منهم وامرأة زنيا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بأعلم رجلين فيكم فأتوه بابن صوريا
فقال أنتما أعلم من وراءكما فقالا كذلك يزعمون فناشدهما بالله الذي أنزل
التوراة على موسى صلى الله عليه وسلم كيف تجدون أمر هذين في توراة الله تعالى قالا نجد
في التوراة إذا وجد الرجل مع المرأة في بيت فهي ريبة فيها عقوبة وإذا وجد
في ثوبها أو على بطنها فهي ريبة فيها عقوبة فإذا شهد أربعة انهم نظروا إليه
271

مثل الميل في المكحلة رجموه فقال ما يمنعكم أن ترجموهما فقالا ذهب سلطاننا
فكرهنا القتل فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فشهدوا فأمر برجمهما - قلت
رواه أبو داود وغيره باختصار - رواه البزار من طريق مجالد عن الشعبي عن
جابر وقد صححها ابن عدي.
* (باب ما جاء في اللواط) *
عن جابر قال سمعت سالم بن عبد الله وأبان بن عثمان وزيد بن حسن
يذكرون أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أتى برجل قد فجر بغلام من قريش
معروف النسب فقال عثمان ويحكم أبن الشهود أحصن قالوا تزوج بامرأة ولم
يدخل بها فقال على لعثمان رضي الله عنهما لو دخل بها لحل عليه الرجم فأما إذ (1)
لم يدخل بأهله فاجلده الحد فقال أبو أيوب أشهد انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول الذي ذكر أبو الحسن فأمر به عثمان رضي الله عنه فجلد مائة. رواه
الطبراني وفيه جابر الجعفي وقد صرح بالسماع وفيه من لم أعرفه. وعن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا تقبل لهم شهادة أن لا إله الا الله الراكب
والمركوب والراكبة والمركوبة والامام الجائر. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه عمر بن راشد المدني الحارثي وهو كذاب. وعن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سماواته
وردد اللعنة على واحد منهم ثلاثا ولعن كل واحد منهم لعنة
تكفيه فقال ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون
من عمل عمل قوم لوط ملعون من ذبح لغير الله ملعون من أتى شيئا من البهائم
ملعون من عق والديه ملعون من جمع بين امرأة وابنتها ملعون من غير حدود
الأرض ملعون من ادعى إلى غير مواليه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
محرز بن هارون ويقال محرر وقد ضعفه الجمهور وحسن الترمذي حديث، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعة يصبحون في
غضب الله ويمسون في سخط الله قلت من هم يا رسول الله قال المتشبهون من

(1) في الأصل (إذا).
272

الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة والذي يأتي
الرجال. رواه الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن سلام الخزاعي عن أبيه
قال البخاري لا يتابع على حديثه هذا.
* (باب في المخنثين) *
عن أبي سعيد الخدري أي مخنثا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مخضوب اليدين والرجلين
فجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يخفقونه بنعالهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم احذروا هذا
وأصحابه على نسائكم فقالوا أفلا نقتله يا رسول الله قال لا إني نهيت عن قتل المصلين.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه الخصيب بن جحدر وهو كذاب. قلت وفى كتاب
الأدب أحاديث من هذا الباب. وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المخنثين وقال
أخرجوهم من بيوتكم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه حماد بن عبد الرحمن الكلبي
وهو ضعيف. وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن عشرة الواشمة
والموشومة والسالخة وجهها والواصلة والموصولة وآكل الربا وشاهده ومانع الصدقة
والرجل المتشبه بالنساء والمرأة المتشبهة بالرجال، قلت هو في الصحيح باختصار المتشبهين
والمتشبهات والسالخة. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سعد بن طريق وهو ضعيف.
* (باب فيمن أتى بهيمة) *
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه.
رواه أبو يعلى وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات.
* (باب ما جاء في السرقة ومالا قطع فيه) *
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قطع فيما دون عشرة دراهم. رواه
أحمد وفيه نصر بن باب ضعفه الجمهور وقال أحمد ما كان به بأس. وعن عراك أنه
سمع مروان بالموسم يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن والبعير أفضل من المجن.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن مسعود قال لا تقطع اليد إلا في دينار
أو عشرة دراهم. رواه الطبراني وهو موقوف والقاسم أبو عبد الرحمن ضعيف وقد
273

وثق. وعن زحر بن ربيعة أن عبد الله بن مسعود أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال القطع في دينار أو عشرة دراهم. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سليمان بن
داود الشاذكوني وهو ضعيف. وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا قطع إلا في عشرة دراهم. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده ضعيف. وعن
أم أيمن قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع السارق إلا في حجفة (1) وقومت على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا أو عشرة دراهم. رواه الطبراني وفيه يحيى بن
عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وعن سعد يعنى ابن أبي وقاص أن النبي
صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه خمسة دراهم - قلت رواه ابن ماجة غير قوله خمسة دراهم -
رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو واقد الصغير قال أحمد ما أرى به بأسا
وضعفه الجمهور. وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في بيضة من حديد قيمتها أحد
وعشرون درهما. رواه البزار وفيه المختار بن نافع وهو ضعيف. وعن جابر بن
عبد الله أن جارية سرقت زكرة (2) من خمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تبلغ
ثلاثة دراهم فلم يقطعها النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البزار وقال كان هذا قبل تحريم الخمر،
والله أعلم، وفيه أبو حومل قال الذهبي لا يعرف. وعن ابن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا قطع في ماشية إلا ما وراء الزرب ولا في تمر إلا ما آوى الجرين (3).
رواه الطبراني وفيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد وهو متروك. وعن همام
ابن الحرث أن ابن مقرن سأل عبد الله بن مسعود فقال يا أبا عبد الرحمن إني
حلفت أن لا أنام على فراش سنة فتلا عبد الله هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا
لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) كفر
عن يمينك ونم على فراشك قال إني موسر قال أعتق رقبة قال عبدي سرق
شيئا من عندي قال مالك سرق بعضه من بعض أي لا قطع عليه قال أمتي زنت
قال اجلدها قال إنها لم تحصن قال إسلامها إحصانها. رواه الطبراني بأسانيد
ورجال هذا وغيره رجال الصحيح. وعن القاسم قال أتى عبد الله بجارية
سرقت ولم تحصن فلم يقطعها. رواه الطبراني والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله

(1) الحجفة والمجن والترس بمعنى.
(2) أي زقا.
(3) الجرين: موضع تجفيف التمر.
274

ابن مسعود لم يسمع من جده ولكن رجاله رجال الصحيح. وعن القاسم أيضا
قال قدم عبد الله يعنى ابن مسعود وقد بنى سعد القصر واتخذ مسجدا في
أصحاب النمر فكان يخرج إليه في الصلوات فلما ولى عبد الله بيت المال نقب بيت
المال فأخذ الرجل فكتب عبد الله إلى عمر فكتب عمر أن لا تقطعه وانقل
المسجد واجعل بيت المال مما يلي القبلة فإنه لا يزال في المسجد من يصلى فنقله
عبد الله وخط هذه الخطة وكان القصر الذي بنى سعد شاذروان كان الامام
يقوم عليه فأمر به عبد الله فنقض حتى استوى مقام الامام مع الناس. رواه
الطبراني والقاسم لم يسمع من جده ورجاله رجال الصحيح. وعن عصمة قال
سرق مملوك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنه ثم
رفع إليه الثانية وقد سرق فعفا عنه ثم رفع إليه الثالثة وقد سرق فعفا عنه ثم
رفع إليه الرابعة وقد سرق فعفا عنه ثم رفع إليه الخامسة وقد سرق فقطع يده
ثم رفع إليه السادسة وقد سرق فقطع رجله ثم رفع إليه السابعة وقد سرق
فقطع يده ثم رفع إليه الثامنة وقد سرق فقطع رجله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أربع بأربع. رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. وعن أبي
ماجد يعنى الحنفي قال كنت قاعدا مع عبد الله قال إني أذكر أول رجل قطعه
رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقطع يده فكأنما أسف وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال قالوا يا رسول الله كأنك كرهت قطعه قال وما يمنعني لا تكونوا أعوانا
للشيطان على أخيكم إنه ينبغي للامام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه إن الله عز
وجل عفو يحب العفو وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله
غفور رحيم. رواه أحمد وفى رواية عنده أيضا قال فكأنما أسف وجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول ذر عليه رمادا، وفى رواية أتى رجل ابن مسعود بابن أخ له
فقال هذا ابن أخي وقد سرق فقال عبد الله لقد علمت أول حد كان في الاسلام
امرأة سرقت فقطعت يدها فذكر نحوه. رواه كله أحمد وأبو يعلى باختصار
المرأة، وأبو ماجد الحنفي ضعيف. وعن أبي ماجد الحنفي قال جاء رجل بابن
أخ له إلى عبد الله سكران فقال إني وجدت هذا سكران فقال عبد الله ترتروه
275

مزمزوه (1) واستنكهوه قال فترتروه ومزمزوه واستنكهوه فوجد منه ريح
الشراب فأمر به عبد الله إلى السجن ثم أخرجه من الغد ثم أمر بسوط فدقت
ثمرته حتى أضت له محققة ثم قال للجلاد اجلده وارجع يدك واعط كل عضو
حقه فضربه ضربا غير مبرح أوجعه وجعله في قبا وسراويل أو قميص وسراويل
ثم قال بئس والله والى اليتيم ما أدبت فأحسنت الأدب ولا سترت الخزية فقال
يا أبا عبد الرحمن إنه ابن أخي أجد له من اللوعة ما أجد لولدي فقال عبد الله
إن الله عز وجل يحب العفو ولا ينبغي لوال أن يؤتى بحد إلا أقامه ثم أنشأ
يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أول رجل من المسلمين قطع من الأنصار
أو في الأنصار فقيل يا رسول الله هذا سرق فذكر نحو ما تقدم، وأبو ماجد
ضعيف. وعن عبد الله بن عمرو أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجاء بها الذين سرقتهم فقالوا يا رسول الله إن هذه المرأة سرقتنا قال قومها
فنن نفديها يعنى أهلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقطعوا يدها فقطعت يدها
اليمنى فقالت المرأة هل لي من توبة يا رسول الله قال نعم أنت اليوم من خطيئتك
كيوم ولدتك أمك فأنزل الله تعالى في سورة المائدة (فمن تاب من بعد ظلمه
وأصلح) إلى آخر الآية. رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف،
وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عباس أن صفوان بن أمية قدم المدينة فنام في
المسجد ووضع خميصة له تحت رأسه فأتى سارق فسرقها فجاء به إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فأمر به أن يقطع فقال صفوان يا رسول الله هي له قال فهلا قبل أن تأتيني
به. رواه الطبراني وفيه يعقوب بن حميد وثقه ابن حبان وغيره وضعفه النسائي
وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسارق
قالوا سرق قال ما أخاله سرق قال بليل قد فعلت يا رسول الله قال اذهبوا به
فاقطعوه ثم احسموه (2) ثم ائتوني به فذهب به فقطع ثم حسم ثم جئ به إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال تب إلى الله فقال تبت إلى الله فقال تاب الله عليك أو اللهم تب عليه.
رواه البزار عن شيخه أحمد بن أبان القرشي وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.

(1) أي حركوه تحريكا عنيفا لعله يصحو.
(2) أي اقطعوا الدم بالكي.
276

* (باب فيمن يسرق بعد قطع رجليه ويديه) *
عن محمد بن حاطب أو الحرث قال ذكر ابن الزبير فقال ظالما حرص (1) على
الامارة قلت وما ذاك قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلص فأمر بقتله فقيل إنه سرق
فقال اقطعوه ثم جئ به بعد ذلك إلى أبى بكر وقد قطعت قوائمه فقال أبو بكر
ما اخذ لك شيئا إلا ما قضى فيك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أمر بقتلك فإنه كان
أعلم بك فأمر بقتله أغيلمة من أبناء المهاجرين أنا فيهم فقال ابن الزبير أمروني
عليكم فأمرناه علينا فانطلقا به إلى البقيع فقتلناه. رواه أبو يعلى ورجاله
ثقات إلا انى لم أجد ليوسف بن يعقوب سماعا من أحد من الصحابة.
* (باب ما جاء في الخلسة والنهبة) *
وقد تقدمت أحاديث من هذا الباب في الجهاد (2). عن زيد بن خالد الجهني
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخلسة والنهبة. رواه أحمد والطبراني، وفى رواية
عنده والمثلة بدل النهبة، وفى إسناده رجل لم يسم.
* (باب ما جاء في حد الخمر) *
عن شرحبيل بن أوس وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد فاجلدوه فان عاد فاقتلوه. رواه أحمد
والطبراني وفيه عمران بن محمد ويقال مخبر ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن يزيد بن أبي كبشة قال سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدث
عبد الملك بن مروان في الخمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخمر ان شربها فاجلدوه
ثم إن عاد فاجلدوه ثم إن عاد فاجلدوه ثم إن عاد في الرابعة فاقتلوه. رواه
أحمد ويزيد بن أبي كبشة وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن
جرير يعنى ابن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن
عاد فاجلدوه ثم إن عاد فاجلدوه فان عاد في الرابعة فاقتلوه. رواه الطبراني
وفيه داود بن يزيد الأودي وهو ضعيف. وعن الشريد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم

(1) في الأصل (حرص).
(2) في الجزء الخامس.
277

يقول إذا شرب أحدكم الخمر فاضربوه فان عاد فاضربوه ثم إن عاد فاضربوه
ثم إن عاد الرابعة فاقتلوه. رواه الطبراني وفيه عبد الله بن عتبة بن عروة بن
مسعود الثقفي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن عبد الله بن عمرو ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب الخمر فاجلده ثم إن شرب
فاجلدوه ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه قال فكان عبد الله يقول ائتوني برجل
شرب الخمر ثلاث مرات فلكم على أن أضرب عنقه. رواه الطبراني من طرق
ورجال هذه الطريق رجال الصحيح. وعن غضيف يعنى ابن الحارث قال سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا شرب الرجل الخمر فاجلدوه ثم إن عاد فاجلدوه ثم إن عاد
فاجلدوه ثم إن عاد فاقتلوه. رواه الطبراني والبزار، وبقية رجاله ثقات. وعن
أم حبيبة بنت أبي سفيان أن أناسا من أهل اليمن قدموا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فعلمهم الصلاة والسنن والفرائض ثم قالوا يا رسول الله ان لنا شرابا نصنعه
من القمح والشعير قال فقال الغبيراء قالوا نعم قال لا تطعموه ثم لما أرادوا
أن ينطلقوا سألوه عنه فقال الغبيراء قالوا نعم قال لا تطعموه قالوا فإنهم لا يدعونه
قال من لم يتركه فاضربوا عنقه. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وفيه ابن
لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجال أحمد ثقات. وعن ابن عمر أن
النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسكران فجلده الحد. رواه أحمد من رواية النجراني عن ابن
عمرو لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه أبو يعلى وزاد ثم قال ما شرابك
قال زبيب وتمر. وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر
فاجلدوه فان عاد فاجلدوه فان عاد فاجلدوه فان عاد في الرابعة فاقتلوه قال
فأتى بالنعيمان قد شرب في الرابعة فجلده ولم يقتله فكان ذلك ناسخا للقتل - قلت
رواه الترمذي غير قوله فكان ناسخا للقتل وتسمية النعيمان - رواه البزار.
وعن أزهر والد عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشارب وهو بحنين (1)
فحثا في وجهه التراب ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم وبما كان
في أيديهم حتى قال لهم ارفعوا فرفعوا فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتلك سنته ثم جلد أبو بكر في الخمر أربعين ثم جلد عمر أربعين صدرا

(1) في الأصل (بخيبر) وفى الحاشية (لعله بحنين).
278

من إمارته ثم جلد ثمانين في آخر خلافته ثم جلد عثمان أربعين ثم جلد معاوية
ثمانين. رواه الطبراني من رواية أبى الطاهر بن السرح قال وجدت في كتاب
خالي عن عقيل، وخاله عبد الرحمن بن عبد الحميد بن سالم وهو ثقة، وبقية رجاله
رجال الصحيح. وعن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب
بصقة خمر فاجلدوه ثمانين. رواه الطبراني وفيه حميد بن كريب ولم أعرفه.
وعن عمران بن حصين جلد في الخمر بالجريد والنعال أربعين. رواه الطبراني
وفيه عمرو بن عبيد وهو خبيث كذاب متروك. وعن أبي جعفر قال جلد
على رجلا من قريش الحد في الخمر أربعين جلدة بسوط له طرفان. رواه
أبو يعلى وأبو جعفر لم يسمع من على.
* (باب الاستنكاه) *
عن بريدة قال جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرده ثم قال استنكهوه
فاستنكهوه ثم رجم. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي ماجد
الحنفي قال جاء رجل بابن أخ له إلى عبد الله سكران فقال إني وجدت هذا
سكران فقال عبد الله ترتروه مزمزوه واستنكهوه فترتر ومزمز واستنكه
فوجد منه ريح الشراب فأمر به عبد الله إلى السجن ثم أخرجه من الغد ثم
أمر بسوط فدقت سمرته حتى أصت له محصة ثم قال للجلاد اجلد وارجع يدك وأعط
كل عضو حقه فضربه ضربا غير مبرح أوجعه وجعله في قبا وسراويل أو قميص
وسراويل فذكر الحديث وقد تقدم في حد السرقة. رواه الطبراني وأبو ماجد ضعيف.
* (باب حد القذف وما فيه من الوعيد) *
عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة.
رواه الطبراني والبزار وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وقد يحسن حديثه،
وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة
يا عائشة إن الله قد أنزل عذرك قالت بحمد الله لا بحمدك فخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم من عند عائشة فبعث إلى عبد الله بن أبي فضربه حدين وبعث إلى
279

مسطح وحمنة فضربهم. رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن يحيى التيمي وهو
كذاب. وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلدهم ثمانين ثمانين. رواه
الطبراني وفيه محمد بن السائب الكلبي وهو كذاب. وفى مناقب عائشة (1)
حديث لابن عباس في جلدهم يوم القيامة. وعن عبد الله بن عمرو قال قضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولد المتلاعنين أنه يرث أمه وترثه أمه ومن قفاها به جلد
ثمانين ومن دعاه ولد الزنا جلد ثمانين. رواه أحمد من طريق ابن
إسحاق قال وذكر عمرو بن شعيب فإن كان هذا تصريحا (2) بالسماع فرجاله ثقات
أو لا فهي عنعنة ابن إسحاق هو مدلس، وبقية رجاله ثقات. وعن القاسم
قال قال عبد الله يعنى ابن مسعود لأحد إلا في اثنين أن تقذف محصنة أو ينفى
رجل من أبيه. رواه الطبراني والقاسم لم يسمع من جده عبد الله ولكن رجاله
ثقات. وعن أبي عثمان النهدي قال شهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على
المغيرة بن شعبة أنهم نظروا إليه كما نظروا إلى المرود في المكحلة فجاء زياد
فقال عمر جاء رجل لا يشهد إلا بحق فقال رأيت مجلسا ضحى ونهارا قال
فجلدهم عمر الحد. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
* (باب فيمن قذف ذميا) *
عن واثلة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قذف ذميا حد له يوم القيامة
بسياط من نار فقلت لمكحول ما أشد ما يقال له قال يقال له يا ابن الكافر.
رواه الطبراني وفيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك.
* (باب ما جاء في الساحر) *
عن ابن عمر أن جارية لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سحرتها فاعترفت به على
نفسها فأمرت حفصة عبد الرحمن بن يزيد فقتلها فأنكر ذلك عليها عثمان
فأتاه عبد الله فقال إنها سحرتها واعترفت به فكأن عثمان أنكر عليها ما فعلت
دون السلطان. رواه الطبراني من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهي

(1) في الجزء التاسع.
(2) في الأصل (فصريح).
280

ضعيفة، وبقية رجاله ثقات. وعن زيد بن أرقم قال كان رجل يدخل على النبي
صلى الله عليه وسلم فعقد له عقدا فجعله في بئر رجل من الأنصار فأتاه ملكان يعودانه فقعد
أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما أتدري ما وجعه
قال فلان يدخل عليه عقد له عقدا فألقاه في بئر فلان الأنصاري فلو
أرسل إليه لوجد الماء اصفر قال فبعث رجلا فأخذ العقد فخلها فبرأ فكان الرجل
بعد ذلك يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر له شيئا منه ولم يعاتبه. وفى رواية
قال سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياما فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم
فقال إن رجلا من اليهود سحرك عقد لك عقدا فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
عليا فاستخرجها فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة فذكر نحوه (1) - قلت رواه
النسائي باختصار - رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.
وقد تقدمت قصة عائشة مع جاريتها في الطب.
* (باب فيمن جلد حدا في غير حد) *
عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلد حدا في غير حد
فهو من المعتدين. رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسين الفضاض والوليد بن
عثمان خال مسعر ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.
* (باب التعزير بالكلام) *
عن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ومعنا شئ من تمر فقال لي
صفوان أطعمني هذا التمر فقال إنه تمر قليل ولست آمن أن يدعو به فإذا نزلوا
أكلت معهم فقال أطعمني فقد أهلكني الجوع وذلك ما بلغ منه فأبيت ذلك
عليه فعرفت الراحلة التي عليها التمر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قولوا
لصفوان فليذهب فلم يبت تلك الليلة يطوف على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأنى عليا رضي الله عنه فقال أين أذهب إلى الكفر فأتى على النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبره بذلك فقال قولوا لصفوان فليلحق. رواه الطبراني ورجاله ثقات.

(1) يرجع في تحقيق المقام إلى الأمهات من شروح الحديث.
281

* (باب لا تعزير على أهل المروءة والكرام ونحوهما) *
عن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاوزوا للسخي
عن ذنبه فان الله عز وجل يأخذ بيده عند عثرته. رواه الطبراني في الأوسط
وفيه بشر بن عبيد الله الدارسي وهو ضعيف. وعن عبد الله أيضا قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم. رواه الطبراني
عن محمد بن عاصم عن عبد الله بن محمد بن يزيد الرفاعي ولم أعرفهما، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وعن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
تجافوا عن عقوبة ذوي المروءة الا في حد من حدود الله. قلت فذكر
الحديث وهو بتمامه في باب زيارة القبور. رواه الطبراني في الصغير وفيه محمد بن
كثير بن مروان الفهري وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم تجافوا عن ذنب السخي فان الله آخذ بيده كلما عثر. رواه الطبراني في
الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انا
الشاهد على الله أن لا يعثر عاقل الا رفعه الله حتى يجعل مصيره إلى الجنة. رواه
الطبراني في الصغير والأوسط واسناده حسن. وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أقيلوا الكرام عثراتهم. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات (1).
* (باب النهى عن إقامة الحدود في المساجد) *
عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقام الحدود في المساجد.
رواه البزار وفيه الواقدي وهو ضعيف لتدليسه وقد صرح بالسماع وقد
صرح بالتحديث.

(1) في (كشف الخفا ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس
للعجلوني) بسط الكلام على هذه الأحاديث.
282

* (كتاب الديات) *
بسم الله الرحمن الرحيم
* (باب المسلمون تكافأ دماؤهم) *
عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا
يخذله يد على من سواهم تكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم. رواه الطبراني
في الأوسط وقال لم يروه عن إبراهيم بن نافع الا القاسم بن أبي الزناد ولم
أجد لأبي الزناد ابنا اسمه القاسم وإنما اسمه أبو القاسم بن أبي الزناد والله أعلم.
* (باب لا يجنى أحد على أحد ولا يؤخذ أحد بجريرة غيره) *
عن سليم بن أسود عن رجل من بنى يربوع قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته
يقول يد المعطى العليا أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك قال فقال
له رجل يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع الذين أصابوا فلانا قال فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا تجني نفس على أخرى. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن رجل كان قديما من بنى تميم كان في عهد عثمان رجلا يخبر عن أبيه أنه
لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اكتب لي كتابا أن لا أوخذ بجريرة
غيري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ذلك لك ولكل مسلم. رواه أحمد وفيه رجل
لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لا ترتدوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض لا يؤخذ
الرجل بجريرة أخيه ولا بجريرة أبيه. رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد
ابن محصن وهو متروك. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه
ولا بجريرة أخيه. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن حصين بن أبي الحر
أن أباه مالكا وعميه عبيدا وقيسا بنى الحسحاس (1) أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فشكوا

(1) في الأصل (الخشخاش).
283

إليه إغارة رجل من بنى عمهم على الناس فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كتاب
من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمالك وعبيد انكم آمنون مسلمون بأمان على دمائكم
وأموالكم لا تؤخذون بجريرة غيركم ولا تجنى عليكم إلا أيديكم. رواه الطبراني
وهو مرسل، وبقية رجاله ثقات.
* (باب في جرمة دماء المسلمين) *
عن أبي غادية قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العقبة فقال يا أيها الناس
إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى يوم تلقون ربكم كحرمة يومكم هذا في
بلدكم هذا في شهركم هذا ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ألا لا ترجعوا
بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وفى رواية قال بايعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلت بيمينك قال نعم وخطبنا يوم العقبة فذكر الحديث. رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح وله طرق في الفتن وتقدمت له طرق في الخطب في الحج
وطرق في الفتن.
* (باب فيمن حضر قتل مظلوم أو عقوبته) *
عن خرشة بن الحر وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا يشهدن أحدكم قتيلا لعله أن يكون قتل مظلوما فتصيبه السخطة. رواه أحمد
والطبراني إلا أنه قال فعسى أن يقتل مظلوما فنزل السخطة عليهم فتصيبه معهم،
وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجالهما رجال الصحيح.
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقفن أحدكم موقفا يقتل فيه رجل
ظلما فان اللعنة تنزل على من حضره حيث لم يدفعوا عنه ولا يقفن أحدكم موقفا
يضرب فيه رجل ظلما فان اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه. رواه
الطبراني وفيه أسد بن عطاء قال الأزدي مجهول، ومندل وثقه أبو حاتم وغيره
وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيمن أمنه أحد على دمه فقتله) *
عن رفاعة القتباني قال دخلت على المختار فألقى إلى وسادة وقال لولا أخي
284

جبريل قام عن هذه لألقيتها لك قال فأردت أن أضرب عنقه فذكرت حديثا
حدثنيه عمرو بن الحمق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما مؤمن أمن مؤمنا على
دمه فقتله أنا من القاتل برئ - قلت روى له ابن ماجة من أمن رجلا على دمه
فقتله فإنه يحمل لواء غدر يوم القيامة - رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات.
وعن عمرو بن الحمق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أمن رجلا على دمه
فقتله فانا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافرا. رواه الطبراني بأسانيد كثيرة
وأحدها رجاله ثقات. وعن رفاعة أن صاحبا له قال لو انطلقنا إلى المختار بن أبي
عبيد فإنه يدعو إلى نصر أهل النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقنا فدخلنا عليه نهوي إليه
في الخورنق وهو جالس فقال ألا أريكم سيفا فدعا بسيف في علاق عليه ثلاثة
أسراج وانتضى السيف فجرى الخاتم إلى أدناه ثم رجع الخاتم فأخذه فجعله في
أصبعه فقلت ساحر والله فأهويت إلى قائم السيف فذكرت كلمة سليمان بن
مسهر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أمنك الرجل فلا تقتله. رواه الطبراني وقال
هكذا رواه أبو مسهر عن سليمان بن مسلم وهو وهم والصواب ما رواه السدى
وغيره عن رفاعة عن عمرو بن الحمق ورواه أيضا عبد الله بن ميسرة الحارثي (1)
الواسطي عن أبي عكاشة عن رفاعة فوهم في اسناده وهو هذا الآتي. وعن أبي
عكاشة أن رفاعة البجلي دخل على المختار بن أبي عبيد فقال له المختار
انصرف عنى جبريل آنفا قال رفاعة فذكرت حديثا حدثنيه رفاعة بن صرد أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أمن رجلا على دمه فلا يقتله قال رفاعة وقد كنت
أمنته على دمه فلولا ذلك لحززت رأسه. رواه الطبراني وحكم على عبد الله بن
ميسرة بالوهم فيه. وعن معاذ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أمن رجلا
فقتله وجبت له النار وإن كان المقتول كافرا. رواه الطبراني وفيه سليمان بن
أحمد الواسطي وهو متروك.
* (باب فيمن قتل غير قاتل وليه) *
عن عمرو بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تولى غير مواليه فعليه

(1) في الأصل (الحاري)، وفى الخلاصة (الحرثي).
285

لعنة الله وغضبه يوم القيامة لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ومن أحدث حدثا
أو آوى محدثا فعليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. رواه
الطبراني وفيه كثير بن عبد الله والجمهور على تضعيفه وقد حسن الترمذي له حديثا.
* (باب فيمن قاتل لعصبية) *
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قاتل تحت راية يقاتل
عصبية أو ينصر عصبية فقتله جاهلية. رواه الطبراني في الأوسط وفيه قزعة
ابن سويد وهو ضعيف وقد وثق. (1)
* (باب قتل الخطأ والعمد) *
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل في عمد رميا يكون بينهم
بحجر أو عصا أو سوط عقله عقل خطأ ومن قتل عمدا فهو قود من حال دونه
فعليه لعنة الله وغضبه لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. رواه الطبراني في
الأوسط والبزار وفيه حمزة النصيبي وهو متروك. وعن عمرو بن حزم عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال العمد قود والخطأ دية. رواه الطبراني وفيه عمران بن أبي الفضل
وهو ضعيف. وعن علي وابن مسعود أن العمد السلاح. رواه الطبراني
وإسناده منقطع بين عبد الكريم الجزري والصحابة ولكن رجاله رجال
الصحيح. وبسنده عن علي وابن مسعود أن شبه العمد الحجر والعصا. وعن
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن ابن مسعود قال شبه العمد الحجر والعصا
والسوط والدفعة وكل شئ عمدته به ففيه التغليظ في الدية والخطأ أن يرمى
شيئا فيخطئ. رواه الطبراني وإسناده منقطع بين ابن أبي ليلى وابن مسعود
ورجاله إلى ابن أبي ليلى رجال الصحيح. وعن محمود بن لبيد قال اختلفت
سيوف المسلمين على اليمان أبى حذيفة يوم أحد فقتلوه ولا يعرفوه فأراد رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين. رواه أحمد وفيه محمد بن إسحاق
وهو مدلس ثقة، وبقية رجاله رجال الصحيح.

(1) هنا في هامش الأصل: بلغ مقابلة. الزركشي.
286

* (باب القوم يزدحمون فيقع بعضهم فيتعلق بغيره) *
عن علي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية
للأسد فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ثم تعلق بآخر
حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد فانتدب له رجل بحربة فقتله وماتوا
من جراحتهم كلهم فقام أولياء الأول إلى أولياء الاخر فأخرجوا
السلاح ليقتلوه فأتاهم علي عليه السلام على تقية ذلك فقال تريدون أن تقاتلوا
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي إني أقضى بينكم قضاءا إن رضيتم فهو القضاء وإلا حجر
بعضكم على بعض حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون الذي يقضى بينكم فمن عدا
بعد ذلك فلا حق له اجمعوا لي من قبائل الذين حفروا البئر ربع الدية وثلث
الدية ونصف الدية والدية كاملة فللأول الربع لأنه هلك من فوقه والثاني ثلث
الدية والثالث نصف الدية فأبوا أن يرضوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم عند مقام
إبراهيم فقصوا عليه فقال أنا أقضى بينكم واحتبى فقال رجل من القوم إن عليا
قضى فينا فقصوا عليه القصة فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى رواية وللرابع الدية
كاملة. رواه أحمد وفيه حنش وثقه أبو داود وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال
الصحيح. وعن حنش بن المعتمر انهم احتفروا بئرا باليمن فسقط فيها الأسد
فتناوله رجل برمحه فقتله فقال الناس للأول أنت قتلت أصحابنا وعليك ديتهم
فأتى أصحابه فكادوا يقتلون فقدم علي رضي الله عنه على تلك الحال فسألوه
فقال سأقضي بينكم بقضاء فمن رضى منكم جاز عليه رضاه ومن سخط منكم فلا
حق له حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقضى بينكم قالوا نعم قال فاجمعوا ممن حفر
البئر من الناس ربع دية ونصف دية ودية تامة للأول ربع دية لأنه هلك فوقه
ثلاثة وللثاني ثلث دية لأنه هلك فوقه اثنان وللثالث نصف دية لأنه هلك فوقه
واحد وللآخر الدية التامة فان رضيتم فهذا بينكم قضاء وإن لم ترضوا فلا حق
لكم حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العام المقبل فقصوا
عليه فقال أنا أقضى بينكم إن شاء الله وهو جالس في مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم فقام
رجل فقال إن عليا قضى بيننا فقال كيف قضى بينكم فقصوا عليه فقال هو
287

ما قضى بينكم. رواه البزار وقال في آخره لا يروى عن علي إلا بهذا الاسناد.
قلت ولم يقل عن علي والله أعلم.
* (باب ما جاء في القود والقصاص ومن لا قود عليه) *
عن مرداس بن عروة قال رمى رجل أخا له فقتله ففر فوجدناه عند أبي
بكر فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقادنا منه. رواه الطبراني وفيه محمد بن
جابر السحيمي وهو ضعيف. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقاد العبد
بين الرجلين. رواه البزار وفيه محمد بن ثابت البناني وهو ضعيف. وعن
ابن عباس قال جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب فقالت إن سيدي
اتهمني فأقعدني على النار حتى احترق فرجى فقال لها عمر هل رأى ذلك عليك
قالت لا قال فاعترفت له بشئ قالت لا قال عمر على به فلما رأى عمر الرجل
قال أتعذب بعذاب الله قال يا أمير المؤمنين اتهمتها في نفسها قال رأيت ذلك
عليها قال لا قال فاعترفت لك به قال لا قال والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقاد مملوك من مالكه ولا ولد من والده لاقدتها منك فبرزه
فضربه مائة سوط ثم قال اذهبي فأنت حرة لوجه الله وأنت مولاة الله ورسوله
أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حرق بالنار أو مثل به فهو حر وهو
مولى الله ورسوله - قلت روى الترمذي بعضه - رواه الطبراني في الأوسط
وفيه عمر بن عيسى القرشي وقد ذكره الذهبي في الميزان وذكر له هذا الحديث
ولم يذكر فيه جرحا وبيض له، وبقية رجاله وثقوا. وعن عبد الله بن عمرو بن
العاص ان زنباعا أبا روح وجد مع غلام له جارية له فجدع أنفه وجبه فأتى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال من فعل هذا بك قال زنباع فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما حملك
على هذا فقال كان من أمره كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعبد اذهب فأنت حر فقال
يا رسول الله مولى من أنا فقال مولى الله ورسوله فأوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم
المسلمين فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى أبى بكر فقال وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال نعم نجري عليك النفقة وعلى عيالك فأجراها عليه حتى قبض أبو بكر فلما
استحلف عمر جاءه فقال وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم أين تريد قال مصر
288

فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه أرضا يأكلها - قلت رواه أبو داود باختصار -
رواه أحمد ورجاله ثقات. وقد تقدمت له طريق في العتق. وعن ابن عمر قال رغب
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد ذات يوم فاجتمعوا عليه حتى غموه وفى يد
رسول الله صلى الله عليه وسلم جريدة قد نزع سلاها وبقيت سلاة لم يفطن بها فقال
أخروا عنى هكذا فقد غممتموني فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم بطن رجل فأدمى
الرجل فخرج الرجل وهو يقول هذا فعل نبيك فكيف بالناس فسمعه عمر فقال
انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان هو أصابك ليعطينك الحق وإن كنت
كذبت لأرغمنك بعماء منك حتى تحدث فقال الرجل انطلق بسلام فلست أريد
أن أنطلق معك قال ما أنا بوادعك فانطلق به عمر حتى أتى به نبي الله صلى الله
عليه وسلم فقال إن هذا بزعم أنك أصبته وأدميت بطنه فما ترى فقال النبي صلى الله عليه وسلم
أحقا أنا أصبته قال الرجل نعم يا نبي الله قال هل رأى ذلك أحد قال قد كان ههنا ناس
من المسلمين فقال ناس من المسلمين يا رسول الله أنت دميته ولم ترده فقال النبي صلى الله عليه وسلم
خذ لما أصبتك مالا وانطلق قال لا قال فهب لي ذلك قال لا أفعل قال فتريد ماذا
قال أريد أن أستقيد منك يا نبي الله قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم فقال له الرجل
أخرج من وسط هؤلاء فخرج من وسطهم وأمكن الرجل من الجريدة ليستقيد
منه فجاء عمر ليمسك النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه فقال أرحنا عثرت بنعلك
وانكسرت أسنانك فلما دنا الرجل ليطعن النبي صلى الله عليه وسلم ألقى الجريدة
وقبل سرته وقال يا نبي الله هذا أردت لكيما نقمع الجبارين من بعدك فقال عمر
لأنت أوثق عملا منى. رواه أبو يعلى وفيه الوليد بن محمد الموقري وهو متروك.
وعن عبد الله بن جبير الخزاعي قال طعن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا في
بطنه إما بقضيب وإما بسواك فقال أوجعتني فأقدني فأعطاه العود الذي كان معه
فقال استقد فقبل بطنه ثم قال بل أعفو لعلك أن تشفع لي بها يوم القيامة. رواه
الطبراني ورجاله ثقات. وعن طارق بن شهاب قال لطم ابن عم خالد بن الوليد
289

رجلا منا فخاصمه عمه إلى خالد فقال يا معشر قريش إن الله عز وجل لم يجعل
لوجوهكم فضلا على وجوهنا إلا ما فضل الله به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال خالد
ابن الوليد اقتص فقال الرجل لابن أخيه الطم فلما رفع يده قال دعها لله عز وجل.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(باب القسامة والقتيل يكون بأرض قوم)
عن أبي سعيد قال وجد قتيل أوميت بين قريتين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذرع
ما بين القريتين أيهما كان أقرب فوجد أقرب إلى أحدهما بشبر قال فكأني أنظر إلى
شبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله على الذي كان أقرب. رواه أحمد والبزار
وفيه عطية العوفي وهو ضعيف. وعن عبد الرحمن بن عوف قال كانت القسامة في
الدم يوم خيبر وذلك أن رجلا من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد تحت
الليل فجاءت الأنصار فقالوا ان صاحبنا يتشحط في دمه فقال تعرفون قاتله قالوا لا
إلا أن قتلته يهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اختاروا منهم خمسين رجلا
فيحلفون بالله جهد أيمانهم ثم خذوا منهم الدية ففعلوا. رواه البزار وفيه عبد الرحمن
ابن يامين وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال كانت القسامة في الجاهلية حجازا
بين الناس فكان من حلف على يمين صبر أثم فيها أرى عقوبة من الله ينكل بها
عن الجرأة على المحارم فكانوا يتورعون عن أيمان الصبر ويخافونها فلما بعث الله
محمدا صلى الله عليه وسلم بالقسامة وكان المسلمون هم أهيب لها لما علمهم من ذلك فقضى رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالقسامة بين حيين من الأنصار يقال لهم بنو حارثة وذلك أن
يهود قتلت محيصة فأنكرت اليهود فدعا النبي صلى الله عليه وسلم اليهود لقسامتهم لأنهم الذين
ادعوا الدم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلفوا خمسين يمينا خمسين رجلا كبيرا
من قتله فنكلت يهود عن الايمان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى حارثة فأمرهم أن
يحلفوا خمسين يمينا خمسين رجلا أن يهود قتلته غيلة ويستحقون بذلك الذي
يزعمون أنه الذي قتل صاحبهم فنكلت بنو حارثة عن الايمان فلما رأى ذلك رسول
290

الله صلى الله عليه وسلم قضى بعقله على يهود لأنه وجد بين أظهرهم وفي ديارهم.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي هريرة قال كانت القسامة من أمر
الجاهلية فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون أكف للناس عن الدماء. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه محمد بن يوسف الزبيدي وثقه ابن حبان وقال ربما أخطأ وأغرب
وشيخ الطبراني موسى بن عيسى الزبيدي لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن
عبد الله بن وافد أن اليمين في الدم قد كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني في الأوسط من طريق عبد الملك بن سارية العكي عن عبد الله
ابن وافد ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيمن قتل بالسم) *
عن أبي هريرة أن يهودية أهدت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية (1) فأكل منها ثم
قال أخبرتني هذه الشاة أنها مسمومة، فمات بشر بن البراء منها فأرسل إليها ما حملك
على ما صنعت قالت أردت أن أعلم إن كننت نبيا لم يضرك وإن كنت ملكا أرحت
الناس منك فأمر بها فقتلت. رواه الطبراني وفيه سعيد بن محمد الوراق وهو ضعيف.
قلت لهذا الحديث طرق في علامات النبوة (2) وغيرها.
* (باب لا قود إلا بالسيف) *
عن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قود
إلا بالسيف. رواه الطبراني وفيه أبو معاذ سليمان بن أرقم وهو متروك. وعن
النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القود بالسيف ولكل شئ خطأ - قلت روى
له ابن ماجة لا قود إلا بالسيف فقط - رواه البزار وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف.
* (باب أعق (3) القتل) *
عن علقمة قال قال ابن مسعود أعق (4) الناس قتلة أهل الايمان. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح.

(1) أي مشوبة.
(2) في الجزء الثامن.
(3) في الأصل (حسن).
(4) في الأصل (أعف).
291

* (باب الخطأ في القصاص) *
عن ابن مسعود قال في الرجل يستقاد منه ثم يموت قال تقتص منه ديته ثم إنه
يطرح منه دينة جرحه. رواه الطبراني وإسناده منقطع وفيه أبو معشر وهو ضعيف.
* (باب ما جاء في العقل) *
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم درهم أعطيه في
عقل أحب إلى من مائة في غيره. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الصمد
ابن عبد الأعلى قال الذهبي فيه جهالة.
* (باب فيمن أخرج شيئا من حده فأصاب به شيئا) *
عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أخرج شيئا من حده فأصاب به إنسانا
فهو ضامن. رواه البزار من رواية مالك عن الحسن البصري قال الذهبي مجهول.
* (باب لا يقتل مسلم بكافر) *
عن عمران بن حصين قال قتل رجل رجلا من خزاعة في الجاهلية وكان
الهذلي متواريا فلما كان يوم الفتح ظهر الهذلي فلقيه رجل من خزاعة فذبحه كما
تذبح الشاة فقال أقتلته قبل النداء أو بعد النداء فقال بعد النداء فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلته فأخرجوا عقله فأخرجوا عقله وكان أول عقل
في الاسلام. رواه البزار ورجاله وثقهم ابن حبان، ورواه الطبراني باختصار.
وعن معقل بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون يد على من سواهم
؟ تكافأ دماؤهم لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده - قلت رواه ابن ماجة
غير قوله لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده - رواه الطبراني وفيه عبد السلام
ابن أبي الجنوب وهو ضعيف. وعن عائشة أنها وجدت في قائم سيف رسول الله
صلى الله عليه وسلم كتابين ان أشد الناس عتوا من ضرب غير ضاربه ورجل قتل
غير قاتله ورجل تولى غير نعمته فمن فعل ذلك فقد كفر بالله ورسوله لا يقبل الله
منه صرفا ولا عدلا، وفى الآخر المؤمنون تتكافأ دماؤهم وأموالهم ويسعى بذمتهم
292

أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ولا يتوارث أهل ملتين ولا تنكح
المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا تسافر
المرأة ثلاث ليال مع غير ذي محرم. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير مالك
ابن أبي الرحال وقد وثقه ابن حبان ولم يضعفه أحد.
* (باب وضع دماء الجاهلية) *
عن أبان بن سعيد بن العاص أنه خطب فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع كل
دم كان في الجاهلية. رواه الطبراني والبزار وفيه قصة وإسناد البزار ضعيف وشيخ
الطبراني علي بن المبارك الصنعاني عن يزيد بن المبارك لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.
* (باب في القتيل يوجد في الفلاة) *
عن عمرو بن عوف المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يترك مفرج
في الاسلام حتى يضم إلى قبيلة. قال ابن الأثير في النهاية ولا يترك مفرج في الاسلام
قيل هو القتيل يوجد بأرض فلاة لا يكون قريبا من قرية فإنه يودى من بيت المال
ولأبطل دمه، ويروى بالحاء المهملة. رواه الطبراني وفيه كثير بن عبد الله المزني
وهو ضعيف، وقد حسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات.
* (باب فيمن قتل معاهدا أو أخفر (1) ذمة) *
عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سيكون قوم لهم عهد فمن
قتل رجلا منهم لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة تسعين
عاما. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي بكرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال من قتل نفسا معاهدة لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد
من مسيرة خمسمائة عام - قلت رواه ابن ماجة غير قوله خمسمائة عام - وفي رواية
مائة عام. رواه الطبراني وفيه محمد بن عبد الرحمن العلاف ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. وعن جندب قال وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يخفر ذمتي كنت
خصمه ومن خاصمته خصمته. رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات.

(1) يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، والألف للإزالة، أي أزال خفارته.
293

وعن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا صفر ولا هام
ولا يتم شهران ومن أخفر بذمة لم يرح رائحة الجنة. رواه الطبراني وفيه صدقة بن
عبد الله السمين وثقه دحيم وغيره وضعفه أحمد وغيره. وعن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة
وإن ريح الجنة يوجد من مائة عام - قلت رواه الترمذي وابن ماجة إلا أنه قال من مسيرة
سبعين عاما - رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه أحمد بن القاسم ولم أعرفه،
وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير معلل بن نفيل وهو ثقة.
* (باب في المحاربين) *
عن عبد الله بن عمر أن أناسا أغاروا على إبل النبي صلى الله عليه وسلم فاستاقوها وارتدوا
عن الاسلام وقتلوا راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في آثارهم
فأخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم. رواه الطبراني عن شيخه أحمد بن محمد
ابن الحجاج بن رشدين وهو ضعيف. وعن سلمة بن الأكوع قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم
غلام يقال له يسار فنظر إليه يحسن الصلاة فأعتقه وبعثه في لقاح له بالحرة فكان
بها فأنظر قوم الاسلام من عرينة من اليمن وجاءوا وهم مرضى موعوكون قد عظمت
بطونهم فبعث بهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى يسار فذبحوه وجعلوا الشوك في عينيه ثم طردوا
الإبل فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في آثارهم خيلا من المسلمين أميرهم كرز بن
مالك الفهري فلحقهم فجاء بهم إليه فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم. رواه
الطبراني وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي وهو ضعيف. وعن جرير
أن أناسا من عرينة أغاروا على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر النبي
صلى الله عليه وسلم أن تقطع أيديهم وأرجلهم وان تسمل أعينهم. رواه الطبراني
وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
* (باب فيمن عض يد رجل فانتزعها فسقطت ثنية العاض) *
عن ابن عباس أن رجلا عض يد رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتزع
294

ثنيته فأهدرها النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا
أن الطبراني حكم على سعيد بن عمرو الأشعثي بالوهم، وقد خالفه أصحاب ابن
عيينة فرووه عن ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن
أمية وهو الصواب والله أعلم.
* (باب فيمن له عين واحدة ففقأ إحدى عيني غيره) *
عن عصمة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فقئت
عينه فقال من ضربك فقال أعور بنى فلان فبعث إليه فجاء فقال أنت فقأت عين هذا قال
نعم فقضى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية وقال لا نفقأ عينه فندعه غير بصير. رواه
الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف.
* (باب فيمن كشف ستر بيت غيره فنظر إلى أهله بغير إذن ففقأوا عينه) *
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل كشف سترا
فأدخل بصره من قبل أن يؤذن له فقد أتى حدا لا يحل له أن يأتيه ولو أن رجلا مر
على باب لا ستر له فرأى عورة أهله فلا خطيئة عليه إنما الخطيئة على أهل البيت
- قلت روى الترمذي بعضه - رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو
حسن الحديث وفيه ضعف. وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
اطلع إلى قوم ففقئت عينه فهو هدر. رواه الطبراني باسنادين في أحدهما حكيم بن أبي
حكيم وفى الأخرى ليث بن أبي حكيم وكلاهما عن أبي أمامة ولم أعرفهما،
وبقية رجال أحدهما ثقات.
* (باب ما جاء في الجراحات) *
عن عبد الله بن عمرو قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل طعن
رجلا بقرن في رجله يا رسول الله أقدني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم آمرك
أن لا تستقيد حتى يبرأ جرحك فأبى الرجل إلا أن يستقيد فأقاده النبي صلى الله
عليه وسلم منه فعرج المستقيد وبرأ المستفاد منه فأتى المستقيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
295

فقال له يا رسول الله عرجت وبرأ صاحبي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألم آمرك أن لا تستقيد حتى يبرأ جرحك فعصيتني فأبعدك الله وبطل جرحك ثم
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الرجل الذي عرج من كان به جرح أن لا يستقيد حتى
يبرأ من جراحته فإذا برأت جراحته استقاد. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن جابر
قال رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل طعن رجلا على فخذه بقرن فقال
الذي طعنت فخذه أقدني يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم داوها واستأن بها حتى
تنظر إلى ما تصير فقال أقدني يا رسول الله فقال له مثل ذلك فقال الرجل أقدني يا رسول
الله فأقاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبست رجل الذي استقاد وبرأ الذي يستقيد منه فأبطل
رسول الله صلى الله عليه وسلم ديتها، وفى رواية فقال داوها وأجله سنة، وفى رواية
أن رجلا جرح رجلا فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح.
روى الأول الطبراني في الصغير والأوسط، ومن قولي وفى رواية رواه في الأوسط
وفيه محمد بن عبد الله بن نمران وهو ضعيف. وعن حذيفة قال تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحن متوافزون وما منا أحد فتش عن جائفة أو منقلة (1) إلا عمر أو ابن عمر. رواه
الطبراني في الأوسط وفيه أبو سعيد البقال وهو ضعيف وقد وثق. قلت وتأتي
أحاديث في الجراحات في الديات إن شاء الله.
* (باب الديات في الأعضاء وغيرها) *
عن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانف إذا استوعب جدعه الدية وفى
العين خمسون وفى اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفى الجائفة ثلث النفس وفى المنقلة
خمس عشرة وفى الموضحة خمس وفى السن خمس وفى كل أصبع مما هنا لك عشر
عشر. رواه البزار وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ، وبقية رجاله ثقات.
وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في دية العظمى المغلظة بثلاثين
حقة وثلاثين جذعة وعشرين بنات لبون وعشرين بنى لبون. رواه الطبراني

(1) الجائفة هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف. والمنقلة من الجراح: ما ينقل
العظم عن موضعه. وفى النهاية (ما منا أحد لو فتش إلا فتش عن جائفة أو منقلة).
296

وإسحق بن يحيى لم يسمع من عبادة. وعن عبادة قال وقضى يعنى النبي صلى الله
عليه وسلم في دية الكبرى المغلظة ثلاثين بنت لبون وثلاثين حقة وأربعين خلفة (1)
وقضى في الدية الصغرى ثلاثين بنت لبون وثلاثين حقة وعشرين ابنة مخاض وعشرين بنى
مخاض ذكور ثم غلت الإبل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهانت الدراهم فقوم عمر رضي الله عنه
إبل الدية ستة آلاف درهم حساب أوقية لكل بعير ثم غلت الإبل وهانت
الورق فزاد عمر ألفين حساب أوقيتين لكل بعير ثم غلت الإبل وهانت الدراهم
فأتمها عمر اثنى عشر ألفا حساب ثلاث أواق لكل بعير قال فزاد ثلث الدية في
الشهر الحرام وثلثا آخر في البلد الحرام قال فتمت دية الحرمين عشرين ألفا قال فكان
يقال يؤخذ من أهل البادية من ماشيتهم ولا يكلفون الورق ولا الذهب ويؤخذ من
كل قوم مالهم فيه العدل في أموالهم. رواه عبد الله في زياداته على أبيه في حديث
طويل تقدم في الاحكام وإسحق بن يحيى لم يدرك عبادة. وعن السائب بن يزيد
قال كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل أربعة
أسنان وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنات
مخاض وخمس وعشرون بنات لبون حتى كان عمر ومصر الأمصار فقال عمر ليس
كل الناس يجدون الإبل فتقوم الإبل أوقية أوقية أربعة آلاف درهم ثم غلت الإبل
فقال عمر قوموا الإبل أوقية ونصفا فكانت ستة آلاف درهم ثم غلت الإبل فقال عمر
قوموا الإبل فقومت ثلاث أواق فكانت اثنى عشر ألفا فجعل على أهل الورق اثنى عشر
ألفا وعلى أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الحلل مائتي حلة
كل حلة خمسة دنانير وعلى أهل الضأن ألف ضائنة وعلى أهل المعز ألفي ماعزة وعلى أهل البقر
مائتي بقرة. رواه الطبراني وفيه أبو معشر نجيح وصالح بن أبي الأخضر وكلاهما
ضعيف. وعن الشفا أم سليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أبا جهم بن حذيفة على

(1) ابن اللبون وبنت اللبون من الإبل ما أتى عليه سنتان ودخل في الثالثة فصارت
أمه لبونا أي ذات لبن لأنها تكون قد حملت حملا آخر ووضعته. والحقة: ما دخل في السنة
الرابعة إلى آخرها، وسمى بذلك لأنه استحق الركوب والتحميل والخلفة: الحامل من النوق.
297

المغانم فأصاب رجلا بقوسه فشجه منقلة فقضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس
عشرة فريضة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه خالد بن الياس وهو
متروك. وعن زيد بن ثابت قال لم يقض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاث
قضيات في الآمة (1) والمنقلة والموضحة (2) في الآمة ثلاثا وثلاثين وفى المنقلة
خمس عشرة وفى الموضحة خمسا، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عين الدابة ربع
ثمنها. رواه الطبراني وفيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف. وعن ابن عباس قال
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصابع عشرا عشرا وفي اليد بخمسين
فريضة - قلت له في الصحيح الأصابع سواء فقط - رواه الطبراني عن شيخه
المقدام بن داود وهو ضعيف. وعن ابن مسعود قال العينان سواء والأصابع
سواء والأسنان سواء واليدان سواء والرجلان سواء. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود. وعن علقمة بن قيس قال قال
عبد الله بن مسعود كل زوجين ففيهما الدية وكل واحد ففيه الدية. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح. وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال لقيت عمر وهو بالموسم
فناديته من وراء الفسطاط ألا إن فلان بن فلان الجرمي وابن أخت لنا غار في بنى
فلان وقد عرضنا عليه فريضة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرفع عمر جانب
الفسطاط وقال أتعرف صاحبك قلت نعم هو ذاك قال انطلقا به حتى ننفذ قضية
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكنا نحدث أن القضية أربع من الإبل. رواه
أبو يعلى ورجاله ثقات وعن ابن مسعود قال شبه العمد خمس وعشرون حقة
وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون ابنة
لبون. رواه الطبراني وإبراهيم لم يسمع من ابن مسعود ورجاله رجال الصحيح.
وعن إبراهيم أن ابن مسعود قال في الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون
بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون ابنة لبون. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح إلا أن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود. وعن مجاهد أن ابن مسعود قال

(1) هي الشجة التي بلغت أم الرأس.
(2) هي التي تبدي وضح العظم أي بياضه.
298

في الرجل والمرأة هما سواء إلى خمس من الإبل وقال على النصف من كل
شئ. رواه الطبراني ورحاله رحال الصحيح إلا أن مجاهدا لم يدرك ابن
مسعود. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال دية الذمي دية المسلم.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو كرز وهو ضعيف وهذا أنكر حديث رواه،
وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن دية المعاهد نصف دية المسلم.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن ابن مسعود قال دية المعاهد
مثل دية المسلم وقاله على أيضا ورجاله رجال الصحيح إلا أن مجاهدا لم يسمع من
ابن مسعود ولا من على. وعن عبد الله بن عمرو قال قضى رسول الله صلى الله عليه
وسلم في دية الجنين إذا كان في بطن أمه بغرة عبد (1) أو أمة فقضى بذلك في امرأة
حمل بن مالك بن النابغة الهذلي وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا شغار في الاسلام. رواه
أحمد وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات. وعن عمر بن الخطاب أنه
شهد قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فجاء حمل بن مالك بن النابغة فقال
كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح (2) فقتلتها وجنينها فقضى
النبي صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة عبد وأن تعقل - قلت حديث حمل في السنن
الثلاثة من طريق حمل نفسه وأخرجته لرواية ابن عباس عن عمر أنه شهد قضاء
النبي صلى الله عليه وسلم - رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن جابر أن امرأتين من هذيل
قتلت إحداهما الأخرى فذكر الحديث إلى أن قال وكانت حبلى قالت عاقلة المقتولة
إنها كانت حبلى وألقت جنينا قال فخاف عاقلة القاتلة أن يضمنهم قال فقالوا يا رسول
الله لأشرب ولا أكل ولا صاح فاستهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسجع
الجاهلية فقضى في الجنين غرة عبد أو أمة. رواه أبو يعلى من رواية مجالد بن سعيد
عن الشعبي قال ابن عدي هذه الطريق أحاديثها صالحة، وبقية رجاله رجال الصحيح
وقد ضعف مجالدا جماعة والحديث عند أبي داود وابن ماجة دون ذكر سجع الجاهلية.
وعن أبي المليح الهذلي عن أبيه قال كان فينا رجل يقال له حمل بن مالك بن النابغة

(1) الغرة: العبد نفسه.
(2) أي عود من أعواد الخباء.
299

له امرأتان إحداهما هذلية والأخرى عامرية فضربت الهذلية بطن العامرية بعمود
خباء أو فسطاط فألقت جنينا ميتا فانطلق بالضاربة إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم
معها أخ لها يقال له عمران بن عويمر فلما قصوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
القصة قال دوه فقال عمران يا نبي الله أندى مالا أكل ولا شرب ولا صاح فاستهل
مثل هذا يطل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعني من رجز الاعراب فيه غرة عبد أو أمة
أو خمسمائة أو فرس أو عشرون ومائة شاة فقال يا رسول الله إن لها ابنين هما سادة
الحي وهم أحق أن يعقلوا عن أمهم قال أنت أحق أن تعقل عن أختك من ولدها
قال ما لي شئ أعقل فيه قال يا حمل بن مالك وهو يومئذ على صدقات لهذيل وهو
زوج المرأة وأبو الجنين المقتول اقتص من تحت يدك من صدقات هذيل عشرون
ومائة شاة ففعل. رواه الطبراني والبزار باختصار كثير والمنهال بن خليفة وثقه أبو
حاتم وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي المليح عن أبيه وكان قد صحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت فينا امرأتان فضربت إحداهما الأخرى
بعمود فقتلتها وقتلت ما في بطنها فقضى النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة بالعقل وفى الجنين
بغرة عبد أو أمة أو بفرس أو بعيرين من الإبل أو كذا وكذا من الغنم فقال رجل
من أهل القاتلة كيف فعقل يا رسول الله من لا أكل ولا شرب ولا صاح فاستهل
فمثل ذلك يطل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسجاعة أنت وقضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراث المرأة لزوجها وولدها وأن العقل
على عصبة القاتلة. رواه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف. وعن
عويم قال كانت أختي مليكة وامرأة منا يقال لها أم عفيف بنت مسروح تحت حمل
ابن النابغة فضربت أم عفيف مليكة بمسطح بيتها وهي حامل فقتلتها وذا بطنها
فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بالدية وفي جنينها بغرة عبد أو وليد فقال.
أخوها العلاء بن مسروح يا رسول الله أيغرم من لا أكل ولا شرب ولا نطق ولا
استهل فمثل هذا يطل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسجع كسجع الجاهلية. رواه الطبراني
وفيه محمد بن سليمان بن مسمول وهو ضعيف.
300

* (باب ما جاء في العاقلة) *
عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كتب النبي صلى الله عليه وسلم
على كل بطن عقولة ثم كتب انه لا يحل أن يتولى مولى رجل مسلم بغير إذنه. رواه
أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح (1) وقد تقدم حديث أبي المليح عن أبيه وإسناده
حسن وفيه عقل الأخ دون الولد. وعن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
كل بنى أنثى فان عصبتهم لأبيهم ما خلا بنى فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم.
رواه الطبراني وفيه بشر بن مهران وهو متروك وله طريق في المناقب (2) وحديث
آخر في الفرائض. وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا تجعلوا على العاقلة من قول معترف شيئا. رواه الطبراني وفيه الحرث بن نبهان وهو متروك.
* (باب ما جاء في الشهر الحرام) *
عن عائذ بن سعيد قال قال سمير بن زهير الحسرى يا رسول الله إن أخي
سلمة بن زهير خرج بهاجر إلى الله ورسوله فلقيه رعاء ركابك من بنى غفار فقتلوه
في الشهر الحرام وقد كان بيننا وبينهم دم في الجاهلية فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسألهم عن ذلك فقالوا وجدناه يسوق ركابك فأردنا أخذه فامتنع منا فقتلناه فلا
أدرى هل حلفهم أو صدقهم غير أنه قد سأله عن إسلام أخيه فلم يجد بينة فعقل له
حرمة الشهر خمسين من الإبل قال فبقية الإبل في بيته أفضل نعم وأعظمه بركة.
رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو متروك (3).
* (باب ما جاء في العفو عن الجاني والقاتل) *
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من جاء
بهن مع إيمان دخل من أي أبواب الجنة شاء وزوج من الحور العين كم شاء من أدى
دينا خفيا وعفا عن قاتله وقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات (قل هو الله
أحد) فقال أبو بكر أو إحداهن يا رسول الله قال أو إحداهن. رواه الطبراني في

(1) هذا الحديث في السنن - كما في حاشية الأصل.
(2) في الجزء التاسع.
(3) لا يقال فيه متروك وفى جابر الجعفي ضعيف بل الصواب العكس - حاشية الأصل.
301

الأوسط وفيه عمر بن نبهان وهو ضعيف. وعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال من كانت فيه واحدة زوجه الله من الحور العين من كانت عنده يعنى
أمانة حفية شهية فأداها مخافة الله أو رجل عفا عن قاتله أو رجل قرأ (قل هو الله
أحد) دبر كل صلاة. رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم. وعن ابن الصامت
يعنى عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق من جسده بشئ كفر الله
عنه بقدر ذنوبه. رواه عبد الله بن أحمد والطبراني بلفظ من تصدق بشئ
من حسده أعطى بقدر ما تصدق به، ورجال المسند رجال الصحيح. وعن عبادة
ابن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يجرح في نفسه
جراحة فيتصدق بها إلا كفر الله تبارك وتعالى عنه مثل ما تصدق به. رواه أحمد ورجاله
رجال الصحيح. وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال من أصيب في جسده بشئ فتركه
لله عز وجل كان كفارة له. رواه أحمد وفيه مجالد وقد اختلط. وعن عدى بن
ثابت قال هشم رجل فم رجل على عهد معاوية فأعطى ديته فأبى أن يقبل حتى أعطى
ديته فأبى أن يقبل حتى أعطى ثلاثا فقال رجل إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول من تصدق بدم أو دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق. رواه أبو يعلى
ورجاله رجال الصحيح غير عمران بن ظبيان وقد وثقه ابن حبان وفيه ضعف. وعن يزيد
ابن معبد أن أخاه قيس بن معبد وحارثة بن ظفر اقتتلا في مرعى كان بينهما فضربه جارية
ضربة وضربه قيس ضربة فأبت يده فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها قال يزيد فخرجنا
حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصا عليه القصة فقال له رسول الله صلى
الله عليه وسلم هب لي يده تأتيك يوم القيامة بيضاء سليمة فأبى فقال النبي صلى الله عليه وسلم
ادعه ثم قال لي يا يزيد هب لي عقلها قال قلت هي لك يا رسول الله فدعاني رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني الدية وقال بارك الله لك وقال لحارثة بن ظفر
خذها فأخذها يزيد فكنا نعرف البركة فينا بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه البزار وفيه جماعة لم أعرفهم.
302

* (باب إذا عفا بعض الأولياء) *
عن قتادة أن عمر بن الخطاب رفع إليه رجل قتل رجلا فجاء أولياء المقتول
وقد عفا أحدهم فقال عمر لابن مسعود ما تقول وهو إلى جنبه فقال ابن مسعود أرى
أنه قد أحرز من القتل قال فضرب على كتفه وقال كنيف (1) ملئ علما. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح إلا أن قتادة لم يدرك عمر ولا ابن مسعود.
* (باب فيما هو جبار) *
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السائبة جبار والجب جبار
والمعدن جبار وفى الركاز الخمس. رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال السائبة مكان السائمة
ونقلها الإمام أحمد عن خلف ولم يروها، وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط (2).
* (كتاب التفسير) *
بسم الله الرحمن الرحيم
* (باب كيف يفسر القرآن) *
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفسر شيئا من القرآن برأيه إلا آيا بعدد
علمه إياهن جبريل. رواه أبو يعلى والبزار بنحوه وفيه راو لم يتحرر اسمه عند
واحد منهما، وبقية رجاله رجال الصحيح أما البزار فقال عن حفص أظنه ابن عبد
الله عن هشام بن عروة، وقال أبو يعلى عن فلان بن محمد بن خالد عن هشام. وعن
الضحاك بن مزاحم الهلالي قال خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في نفر من
رؤوس الخوارج ينقرون عن العلم ويطلبونه حتى قدموا مكة فإذا هم بعبد الله بن عباس
قاعدا قريبا من زمزم وعليه رداء له أحمر وقميص فإذا أناس قيام يسألونه عن التفسير
يقولون يا أبا عباس ما تقول في كذا وكذا فيقول هو كذا وكذا فقال له نافع به الأزرق

(1) أي وعاء.
(2) هنا في حاشية الأصل: بلغ مقابلة.
303

ما أجرأك يا ابن عباس على ما تخبر به منذ اليوم فقال له ابن عباس ثكلتك أمك يا نافع
وعدمتك ألا أخبرك من هو أجر أمنى قال من هو يا ابن عباس قال رجل تكلم بما ليس له به علم
أو كتم علما عنده قال صدقت يا ابن عباس أتيتك لأسألك قال هات يا ابن الأزرق
فسل قال فأخبرني عن قول الله عز وجل (يرسل عليكما شواظ من نار) ما الشواظ
قال اللهب الذي لا دخان فيه قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على
محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت:
ألا من مبلغ حسان عنى * مغلغلة تدب إلى عكاظ
أليس أبوك قينا كان فينا * إلى الفتيات فسلا (1) في الحفاظ
يمانيا يظل يشب كيرا * وينفخ دائبا لهب الشواظ
قال صدقت فأخبرني عن قوله (ونحاس فلا تنتصران) ما النحاس قال الدخان الذي
لا لهب فيه قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم قال أما سمعت نابغة بنى ذبيان يقول:
يضئ كضوء سراج السليط لم يجعل الله فيه نحاسا (2)
يعنى دخانا قال صدقت فأخبرني عن قول الله (أمشاج نبتليه) قال ماء الرجل
وماء المرأة إذا اجتمعا في الرحم كانا مشجا قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل
أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي وهو يقول:
كأن النصل والفوقين فيه * خلاف الريش سيط به مشيج
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (والتفت الساق بالساق) ما الساق
بالساق قال الحرب قال هل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول أبى ذؤيب:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها * وان شمرت عن ساقها الحرب شمرا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (بنين وحفدة) ما البنون والحفدة

(1) الفسل: الردئ الرذل من كل شئ.
(2) لم أجده في ديوان النابغة المطبوع وقد نسبه في لسان العرب إلى الجعدي.
304

قال أما بنوك فإنهم يغاظونك واما حفدتك فإنهم خدمك قال وهل كانت العرب
تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت:
حفد الولائد حولهن وألقيت * بأكفهن أزمة الأحمال
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إنما أنت من المسحرين) قال من
المخلوقين قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الثقفي وهو يقول:
فان تسألينا مم نحن فإننا * عصافير من هذا الأنام المسحر
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (فنبذناه في اليم وهو مليم)
ما المليم قال المذنب قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول:
من الآفات لست لها بأهل * ولكن المسئ هو المليم
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (قل أعوذ برب الفلق) ما الفلق قال
ضوء الصبح قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل لكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة وهو يقول:
الفارج الهم مبذول عساكره * كما يفرج ضوء الظلمة الفلق
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا
بما آتاكم) ما الأساة قال لا تحزنوا قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل
الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة:
قليل الأسى فيما أتى الدهر دونه * كريم ال‍؟؟ ا حلو الشمائل معجب
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إنه ظن أن لن يحور) ما يحور قال
يرجع قال هل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه * يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
305

قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (يطوفون بينها
وبين حميم آن) ما الآن قال الذي قد انتهى حره قال وهل كانت العرب تعرف
ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول نابغة بنى ذبيان:
فان يقبض عليك أبو قبيس * تحط بك المنية في هوان
وتخضب (1) لحية غدرت وخانت (2) * بأحمى (3) من نجيع الجوف آن
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (فأصبحت كالصريم) ما الصريم
قال الليل المظلم قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول نابغة بنى ذبيان:
لا تزجروا مكفهرا لا كفاء له * كالليل يخلط أصراما بأصرام
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إلى غسق الليل) ما غسق الليل
قال إذا أظلم قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت النابغة وهو يقول:
كأنما جد ما قالوا وما وعدوا * آل تضمنه من دامس غسق
قال أبو خليفة الآل: السراب قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وكان
الله على كل شئ مقيتا) ما المقيت قال قادر قال وهل كانت العرب تعرف ذلك
قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول امرئ القيس:
وذي ضغن كففت الضغن عنه * وإني في مساءته مقيت
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (والليل إذا عسعس) قال إقبال
سواده قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله
عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول امرئ القيس:
عسعس حتى لو نشأ أدنا * كان له من ضوئه مقبس (4)

(1) في الأصل (وعصت).
(2) في الأصل (وهانت) والتصحيح من الديوان المطبوع.
(3) في الديوان (بأحمر).
(4) في الأصل: عسعس حتى لو يشاء كان لنا من ضوء نوره قبس
ولم أجده في ديوان امرئ القيس فصححته من لسان العرب ولم ينسبه فيه إلى أحد.
306

قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وأنا به زعيم) قال الزعيم الكفيل
قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه
وسلم قال نعم أما سمعت قول امرئ القيس:
وإني زعيم إن رجعت مملكا * بسير ترى منه الغرانق (1) أزورا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وفومها) ما الفوم قال الحنطة
قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول أبى ذؤيب الهذلي:
قد كنت أحسبني كأغنى وافد * قدم المدينة عن زراعة فوم
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (والأزلام) ما الأزلام قال القداح
قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه
وسلم قال نعم أما سمعت قول الحطيئة:
لا يزجر الطير إن مرت به سنحا * ولا يقام له قدح بأزلام
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (أصحاب المشامة ما أصحاب
المشأمة) قال أصحاب الشمال قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل
الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى حيث يقول:
نزل الشيب بالشمال قريبا * والمرورات دانيا وحفيرا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وإذا البحار سجرت) قال اختلط
ماؤها بماء الأرض قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على
محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى:
لقد عرفت ربيعة في جذام * وكعب حالها وابنا ضرار
لقد نازعتهم حسبا قديما * وقد سجرت بحارهم بحاري
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (والسماء ذات الحبك) ما الحبك
قال الطرائق قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد

(1) في الأصل (الحرانق).
307

صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى:
مكلل بأصول النجم تنسجه * ريح الشمال لضاحى ما به حبك
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وانه تعالى جد ربنا) قال ارتفعت
عظمة ربنا قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول طرفة بن العبد النعمان بن المنذر:
إلى ملك يضرب الدارعين * لم ينقص الشيب منه قبالا
أترفع جدك إني امرؤ * سقتني الأعادي سجالا سجالا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (حتى تكون حرضا) قال الحرض
البالي قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال
نعم أما سمعت قول طرفة بن العبد:
أمن ذكر ليلى إن نأت غربة بها * أعد حريضا للكرام محرم (1)
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وأنتم سامدون) قال لاهون قال وهل
كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال
نعم أما سمعت قول هزيلة بنت بكر تبكي عادا:
بعثت عادا لقيما * وأتى سعد شريدا
قيل قم فانظر إليهم * ثم دع عنك السمودا
قال فأخبرني عن قول الله عز وجل (إذا اتسق) ما اتساقه قال إذا اجتمع قال
فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول أبى صرمة الأنصاري:
إن لنا قلائصا نقانقا * مستوسقات لو تجدن سائقا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (الصمد) أما الاحد فقد عرفناه فما
الصمد قال الذي يصمد إليه في الأمور كلها قال فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل

(1) هنا تصحيف صححته من الجزء التاسع حيث أورد هذا الخبر كله في مناقب عبد الله
ابن عباس رضي الله عنه، ولم أجد البيت في ديوان طرفة المطبوع.
308

أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما سمعت يقول الأسدية:
ألا كبر الناعي بخبر بنى أسد * بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (يلق أثاما) ما الآثام قال جزاء قال
فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال نعم أما
سمعت قول بشر بن أبي خازم الأسدي:
وإن مقامنا يدعو عليهم * بأبطح ذي المجاز له أثام
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (وهو كظيم) قال الساكت قال
فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول زهير بن خزيمة العبسي:
فان يك كاظما بمصاب شاس * فإني اليوم منطلق اللسان
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (أو تسمع لهم ركزا) ما الركز قال
صوتا قال فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم
قال نعم أما سمعت قول خراش بن زهير:
فان سمعتم بخيل هابط شرفا * أو بطن قو فأخفوا الركز واكتتموا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (إذ تحسونهم باذنه) قال إذ تقتلونهم
باذنه قال وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله
عليه وسلم قال نعم أما سمعت قول عتبة الليثي:
نحسهم بالبيض حتى كأننا * نفلق منهم بالجماجم حنظلا
قال صدقت فأخبرني عن قول الله عز وجل (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) هل
كان الطلاق يعرف في الجاهلية قال نعم طلاقا بائنا ثلاثا أما سمعت قول أعشى بنى
قيس بن ثعلبة حين أخذه أختانه غيرة فقالوا إنك قد أضررت بصاحبتنا وإنا نقسم
بالله أن لا نضع العصا عنك أو تطلقها فلما رأى الجد منهم وانهم فاعلون به شرا قال:
أجارتنا بيني فإنك طالقه * كذاك أمور الناس غادر طارقة
309

فقالوا والله لتبينن لها الطلاق أولا نضع العصا عنك فقال:
فبيني فان البين خير من العصا * وأن لا تزالي فوق رأسك طارقة
فأبانها بثلاث تطليقات. رواه الطبراني وفيه جويبر وهو متروك.
* (باب ما جاء في بسم الله الرحمن الرحيم وفاتحة الكتاب) *
عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف خاتمة السورة حتى
تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فإذا نزل بسم الله الرحمن الرحيم علم أن السورة
قد ختمت واستقبلت وابتدأت سورة أخرى - قلت روى أبو داود منه لا يعرف
خاتمة السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فقط - رواه البزار باسنادين ورجال
أحدهما رجال الصحيح. وقد تقدمت أحاديث هذا الباب في الصلاة. وعن جابر
قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء فقلت السلام عليك
يا رسول الله فلم يرد على فقلت السلام عليك يا رسول الله فلم يرد على فقلت السلام
عليك يا رسول الله فلم يرد على فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى وأنا
خلفه حتى دخل رحله ودخلت أنا في المسجد فجلست كئيبا حزينا فخرج
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطهر فقال عليك السلام ورحمة الله عليك
السلام ورحمة الله عليك السلام ورحمة الله ثم قال ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر
بأخير سورة في القرآن قلت بلى يا رسول الله قال اقرأ (الحمد لله رب العالمين) حتى
ختمها. رواه أحمد وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو سئ الحفظ وحديثه حسن،
وبقية رجاله ثقات. وعن أبي زيد وكانت له صحبة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في
بعض فجاج المدينة فسمع رجلا يتهجد ويقرأ بأم القرآن فقال النبي صلى الله عليه
وسلم فاستمع حتى ختمها قال ما في القرآن مثلها. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحسن
ابن دينار وهو ضعيف. وعن عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول وهو وبوادي القرى وهو على فرسه وسأله رجل من بلقين فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم
من هؤلاء قال هؤلاء المغضوب عليهم وأشار إلى اليهود فقال من هؤلاء قال الضالون يعنى
310

النصارى وجاءه رجل فقال استشهد مولاك أو غلامك فلان قال بل يجر إلى النار
في عباءة غلها، وفي رواية بسنده وسأله رجل من بلقين فقال يا رسول الله من
هؤلاء المغضوب عليهم فأشار إلى اليهود فذكر نحوه. رواه كله أحمد ورجال الجميع
رجال الصحيح. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود أنه قرأ على رسول الله صلى الله
عليه وسلم (مالك يوم الدين) بالألف غير المغضوب عليهم خفض. رواه الطبراني
وفيه الفياض بن غزوان وهو ضعيف وجماعة لم أعرفهم. وعن ابن عباس (ولقد
آتيناك سبعا من المثاني) قال هي أم الكتاب. رواه الطبراني وفيه أبو سعد البقال
وهو مدلس. وعن أبي هريرة أن إبليس رن حين أنزلت فاتحة الكتاب وأنزلت
بالمدينة. رواه الطبراني في الأوسط شبيه المرفوع ورجاله رجال الصحيح.
وعن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد إلا
وهو مكتوب في تشبيك رأسه خمس آيات من فاتحة الكتاب. رواه الطبراني
في الأوسط وفيه الوليد بن الوليد وثقه أبو حاتم وابن حبان وتركه جماعة، وبقية
رجاله ثقات. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ أم القرآن
وقل هو الله أحد فكأنما قرا ثلث القرآن. رواه الطبراني في الأوسط وفيه
سليمان بن أحمد الواسطي وهو متروك.
* (سورة البقرة) *
عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البقرة سنام القرآن وذروته
نزل مع كل آية منها ثمانون ملكا واستخرجت (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) من
تحت العرش فوصلت بسورة البقرة ويس قلت القرآن لا يقرؤها أحد يريد الله والدار
الآخرة إلا غفر له واقرأوها على موتاكم - قلت في سنن أبي داود منه طرف -
رواه أحمد وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه الطبراني وأسقط
لمبهم. وعن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شئ
سناما وإن سنام القرآن سورة البقرة ومن قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان
311

ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام. رواه الطبراني
وفيه سعيد بن خالد الخزاعي المدني وهو ضعيف. وعن عبد الله بن مغفل قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان
تلك الليلة. رواه الطبراني وفيه عدى بن الفضل وهو ضعيف. وعن حذيفة
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة
من كنز تحت العرش لم يعطها نبي قبلي. رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط
ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن عقبة بن عامر الجهني قال قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة فإني أعطيتهما من تحت
العرش. وفى رواية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إقرؤا الآيتين
فذكر نحوه ولم يؤتهما نبي قبلي. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وفيه سلمة بن
الفضل وثقه ابن حبان وقال يطئ وضعفه جماعة وقد تابعه ابن لهيعة فالحديث
حسن. وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آيتين أوتيتهما من
كنز من بيت من تحت العرش ولم يؤتهما نبي قبلي يعنى الآيتين من آخر سورة
البقرة. وفى رواية أعطيت خواتيم سورة البقرة من بيت. رواه كله أحمد بأسانيد ورجال
أحدها رجال الصحيح. وعن عبد الله بن مسعود قال من قرأ في ليلة آخر سورة
البقرة فقد أكثر وأطاب. رواه الطبراني وفيه المسعودي وقد اختلط. وعن
شداد بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل كتب كتابا
قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة
لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقر بها شيطان. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وعن
عقبة بن عامر قال تردد وافى الآيتين من آخر سورة البقرة (آمن الرسول) إلى خاتمتها
فان الله اصطفى بها محمدا صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني وفيه عمرو بن الحرث
سويد الحاسب المهري ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن
مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ألفين أحدكم يضع إحدى رجليه
312

على الأخرى ثم يتغنى ويدع أن يقرأ سورة البقرة. رواه الطبراني في الصغير
وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ومن لم أعرفهم أيضا. وعن ابن عباس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم تعلموا الزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما تجيئان يوم القيامة كأنهما
غمامتان أو كأنهما غيابتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما تعلموا البقرة
فان أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة. رواه الطبراني وفيه عاصم بن
هلال البارقي وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه ابن معين وغيره، وعبد الرحمن بن خلاد
وعمرو بن مخلد الليثي لم أعرفهما وقد روى الطبراني في الأوسط عن أنس نحوه وفيه مبارك
ابن سحيم وهو متروك. وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا ألفين أحدكم يضع إحدى رجليه على الأخرى يتغنى ويدع أن يقرأ سورة البقرة.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم. قوله تعالى (أو كصيب) عن
ابن عباس في قوله (أو كصيب من السماء) قال الصيب المطر. رواه أبو يعلى وفيه
أبو جناب وهو مدلس. قوله تعالى (أتجعل فيها من يفسد فيها) عن ابن عمر أنه
سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبطه الله تبارك
وتعالى إلى الأرض قالت الملائكة أي رب (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون) قالوا ربنا نحن
أطوع لك من بني آدم قال الله تبارك وتعالى للملائكة هلموا ملكين من
الملائكة حتى نهبط بهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان قالوا ربنا هروت
وماروت فأهبطا إلى الأرض ومثلث لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءاها
فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الاشراك قالا لا والله
لا نشرك بالله أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت لا
والله حتى تقتلا هذا الصبي فقالا لا والله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح
خمر تحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا
عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه على إلا فعلتماه
313

حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا. رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح غير موسى بن جبير وهو ثقة. قوله تعالى (وقولوا حطة)
عن ابن مسعود في قوله وقولوا حطة قال قالوا حنطة حمراء فيها شعيرة فذلك قوله
(فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم). رواه الطبراني عن شيخه عبد الله
ابن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف. قوله تعالى (إن الله يأمركم أن
تذبحوا بقرة) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بني إسرائيل لو أخذوا
أدنى بقرة لأجزأتهم أو لأجزأت عنهم. رواه البزار فيه عباد بن منصور وهو
ضعيف، وبقية رجاله ثقات. قوله تعالى (فتمنوا الموت) عن ابن عباس قال قال
أبو جهل لئن رأيت محمدا يصلى لأطأن على عنقه فقيل هو ذاك قال ما أراه فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا
- قلت هو في الصحيح بغير سياقه - رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. قوله تعالى
(وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) عن ابن عباس أن يهود كانوا يقولون
هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذب لكل سنة يوما في النار وإنما سبعة أيام
معدودات فأنزل الله عز وجل (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) إلى
قوله (فيها خالدون). قوله تعالى (من كان عدوا لجبريل) عن ابن عباس قال
حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما فقالوا يا أبا القاسم حدثنا عن خلال
نسألك عنهن لا يعلمهن الا نبي قال سلوني عم شئتم ولكن اجعلوا لي ذمة الله
وما أخذ يعقوب على بنيه لئن أنا حدثتكم شيئا فعرفتموه لتبايعني قالوا فذلك لك
قال أربع خلال نسألك عنها أخبرنا أي شئ حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن
تنزل التوراة وأخبرنا كيف ماء الرجل من ماء المرأة وكيف الأنثى منه والذكر وأخبرنا
كيف هذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة فأخذ عليهم عهد الله لئن
أخبرتكم لتتابعني فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق قال فأنشدكم بالذي أنزل التوراة
على موسى هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا طال سقمه فنذر نذرا لئن عافاه
314

الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه وكان أحب الطعام
إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها فقالوا اللهم نعم فقال اللهم اشهد وقال
أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن ماء الرجل غليظ وأن ماء المرأة أصفر
رقيق فأيهما علا كان الولد والشبه بإذن الله تعالى إن علا ماء الرجل كان ذكرا بإذن الله
تعالى وإن علا ماء المرأة كان أنثى بإذن الله قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد
قال فأشهدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن النبي الأمي هذا تنام
عيناه ولا ينام قلبه قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد عليهم قالوا أنت الآن حدثتنا
فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك قال فان وليي جبريل
ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه قالوا فعندها نفارقك لو كان وليك من
الملائكة سواه لاتبعناك وصدقناك قال فما يمنعكم أن تصدقوا قالوا هو عدونا فعند
ذلك قال الله عز وجل (من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله
مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين. من كان عدوا لله وملائكة
ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين. ولقد أنزلنا إليك آيات
بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم
بل أكثرهم لا يؤمنون. ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم
نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم
لا يعلمون) فعند ذلك باءوا بغضب على غضب. رواه الطبراني عن شيخه عبد الله
ابن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف. قوله تعالى (ما ننسخ من آية)
عن عمر قال قرأ رجلان من الأنصار سورة أقرأهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم وكانا يقرآن بها فقاما يقرآن ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا
غاديين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنهما مما نسخ أو نسي فالهوا عنها فكان الزهري يقرؤها (ما ننسخ من آية أو ننسها)
بضم النون خفيفة. رواه الطبراني وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك. قوله تعالى (رب
315

اجعل هذا بلدا امنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم
الآخر) قال ابن عباس كان إبراهيم احتجرها دون الناس فأنزل الله ومن كفر
أيضا فأنا أرزقهم كما أرزق المؤمنين أخلق خلقا لا أرزقهم أمتعهم قليلا ثم أضطرهم
إلى عذاب النار، ثم قرأ ابن عباس (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك
وما كان عطاء ربك محظورا). رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. قوله تعالى
(وكذلك جعلناكم أمة وسطا) عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل
(وكذلك جعلناكم أمة وسطا) قال عدلا. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. قوله تعالى
(واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله لو
اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى). رواه
الطبراني وفيه جعفر بن محمد بن جعفر المدائني ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قوله
تعالى (فلنولينك قبلة ترضاها) عن عبد الله بن عمرو في قوله (فلنولينك قبلة ترضاها)
قال نحو ميزاب الكعبة. رواه الطبراني من طريقين ورجال إحداهما ثقات. قوله
تعالى (وآتى المال على حبه) قال ابن مسعود أن تؤتيه وأنت صحيح شحيح تأمل
العيش وتخشى الفقر. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. قوله تعالى (فاتباع
بالمعروف) عن ابن عباس قوله (فاتباع بالمعروف وأداء إليه باحسان) قال كانت
بنو إسرائيل إذا قتل منهم القتيل عمدا لم يحل لهم إلا القود وأحل الدية لهذه
الأمة فأمر هذا أن يتبع بمعروف وأمر هذا أن يؤدى باحسان ذلك تخفيف من
ربكم. رواه الطبراني وفيه الحسن بن علي المعمري وهو ضعيف وقد وثق. قوله
تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) عن ابن عباس أنه سئل عن قوله
(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) وقوله (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) فقال إنه
قد أنزل في رمضان في ليلة القدر في ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل على مواقع النجوم
رسلا في الشهور والأيام. رواه الطبراني وفيه سعد بن طريف وهو متروك.
قوله تعالى (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) عن ابن
316

عباس قوله (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات
من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) قال أخبر الله عز وجل أن العبد المؤمن
إذا سلم لأمر الله ورجع فاسترجع عند المصيبة كتب له ثلاث خصال من الخير الصلاة
من الله والرحمة وتحقيق سبيل الهدى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته وأحسن عقباه وجعل له خلفا يرضاه. رواه
الطبراني وإسناده حسن. قوله تعالى (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) عن
كعب بن مالك قال كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه
الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر من عند النبي صلى الله
عليه وسلم ذات ليلة وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت إني نمت
فقال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبره فأنزل الله عز وجل (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا
عنكم) رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وقد ضعف. قوله تعالى (ولا تلقوا
بأيديكم إلى التهلكة) عن أبي جبيرة بن الضحاك قال كانت الأنصار يتصدقون
ويعطون ما شاء الله فأصابتهم مصيبة فأمسكوا فأنزل الله عز وجل (ولا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة). رواه الطبراني في الكبير والأوسط وزاد (وأحسنوا إن الله يحب
المحسنين) ورجالهما رجال الصحيح. وعن النعمان بن بشير في قوله تعالى (ولا تلقوا
بأيديكم إن التهلكة) قال كان الرجل يذنب الذنب فيقول لا يغفر الله لي فأنزل
الله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين). رواه
الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح. قوله تعالى (الحج أشهر
معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث) عن ابن عمر في قول الله عز وجل
(الحج أشهر معلومات) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو القعدة وذو الحجة
(فمن فرض فيهن الحج) قال ابن عمر التلبية والاحرام (فلا رفث) قال غشيان النساء (ولا
فسوق) السبا (ولا جدال) المراء. رواه الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن السكن
317

وهو ضعيف. وعن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (الحج أشهر
معلومات) قال شوال وذو القعدة وذو الحجة. رواه الطبراني في الصغير والأوسط
وفيه حصين بن مخارق وهو ضعيف جدا. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)
قال الرفث الاعران والتعرض للنساء بالجماع والفسوق المعاصي والجدال جدال
الرجل صاحبه. رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح عن سوار بن
محمد بن قريش وكلاهما فيه لبن وقد وثقا ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن
عباس قال لا رفث قال الرفث الجماع ولا فسوق قال الفسوق المعاصي ولا جدال في
الحج قال المراء. رواه أبو يعلى وفيه خصيف وثقه العجلي وابن معين وضعفه جماعة،
وبقية رجاله رجال الصحيح. قوله تعالى (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) عن
ابن الزبير قال كان الناس يتوكل بعضهم على بعض في الزاد فأمرهم الله عز وجل أن
يتزودوا فقال وتزودوا فان خير الزاد التقوى. رواه الطبراني وفيه أبو سعد البقال
وهو ضعيف. قوله تعالى (فمن تعجل في يومين) عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى
(فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه) فلا مغفورا له. رواه
الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف. قوله
تعالى تعالى (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) عن ابن جريج في
قوله تعالى (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) قال نزلت في صهيب بن
سنان وأبي ذر والذي أدرك صهيبا بطريق المدينة فنفر بن عمير بن جدعان. رواه
الطبراني ورجاله ثقات إلى ابن جريح. قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) عن
ابن عباس في قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) قال على الاسلام كلهم. وقال الكلبي
يعنى على الكفر كلهم. رواه أبو يعلى والطبراني باختصار ورجال أبى يعلى رجال
الصحيح. وعن ابن عباس قال كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة
من الحق قال فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه قال فكان
318

الناس أمة واحدة. رواه البزار وفيه عبد الصمد بن النعمان وثقه ابن معين وقال غيره
ليس بالقوى. قوله تعالى (يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه) تقدم حديث هذه
الآية في أواخر المغازي والسير في أبواب البعوث والسرايا. قوله تعالى (ويسئلونك
ماذا ينفقون) عن ابن عباس (ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو) قال الفضلى على
العيال. رواه الطبراني وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ، وبقية رجاله ثقات.
قوله تعالى (ويسئلونك عن المحيض) وقوله (نساؤكم حرث لكم) عن ابن عمر
قال إنما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (نساؤكم حرث لكم) رخصة في
إتيان الدبر. رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه علي بن سعيد بن بشير وهو
حافظ وقال فيه الدارقطني ليس بذاك، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي سعيد قال
أبعر رجل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أبعر فلان امرأته
فأنزل الله عز وجل (نساؤكم حرث لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم). رواه أبو يعلى
عن شيخه الحرث بن سريج القفال وهو ضعيف كذاب. قلت له سودية. وعن
ابن عمر أن رجلا أصاب امرأة في دبرها زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكر ذلك الناس
فأنزل الله (نساؤكم حرث لكم). رواه الطبراني في الأوسط وفيه يعقوب بن
حميد بن كاسب وثقه ابن حبان وضعفه الأكثرون، وبقية رجاله ثقات. وعن
ابن عباس قال جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت فقال
وما أهلكك قال حولت رحلي البارحة فلم يرد على شيئا قال فأوحى إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم هذه الآية (نساؤكم حرث لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم) أقبل
وأدبر واتق الحيضة والدبر. رواه أحمد ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال نزلت
هذه الآية (نساؤكم حرث لكم) في أناس من الأنصار أتوا النبي صلى الله عليه
وسلم فسألوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتها على كل حال إذا كان في
الفرج. رواه الطبراني وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف. قلت وقد تقدم في
النكاح أحاديث من هذا الباب. وعن جابر عن رسول الله صلى الله عليه
319

وسلم في قول الله تعالى (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء
في المحيض) فقالوا إن اليهود قالوا من أتى امرأته في دبرها كان ولده
أحول وكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن فجاءوا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض
فأنزل الله عز وجل (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في
المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) حتى الأطهار فإذا تطهرن الاغتسال
(فائتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. نساؤكم حرث
لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم) إنما الحرث من حيث الولد - قلت رواه مسلم باختصار -
رواه البزار وفيه عبيد الله بن يزيد بن إبراهيم القردواني ولم يروه عنه غير
ابنه، وبقية رجاله وثقوا. قوله تعالى (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) عن
عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف. قوله تعالى (حافظوا على
الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) عن عمرو بن رافع مولى عمر بن
الخطاب حدث أنه كان يكتب المصاحف في عهد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
قال قاستكتبتني حفصة مصحفا وقالت إذا بلغت هذه الآية من سورة البقرة
فلا تكتبها حتى تأتيني بها فأملها عليك كما حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما
بلغتها جئتها بالورقة التي أكتبها فيها فقالت اكتب (حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين). رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. وعن أبي سعيد
الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كل حرف من القرآن يذكر فيه
القنوت فهو الطاعة. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وفى إسناد أحمد وأبى
يعلى ابن لهيعة وهو ضعيف. وعن ابن عباس في قول الله تعالى (وقوموا لله قانتين) قال
كانوا يتكلمون في الصلاة يجئ خادم الرجل إليه وهو في الصلاة فيكلمه بحاجته فنهوا
عن الكلام. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. قوله تعالى (من ذا الذي
320

يقرض الله قرضا حسنا) عن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت (من ذا الذي
يقرض الله قرضا حسنا) قال أبو الدحداح يا رسول الله وإن الله يريد منا القرض
قال نعم يا أبا الدحداح قال فإني أقرضت ربى حائطا فيه ستمائة نخلة ثم جاء يمشى
حتى أتى الحائط وفيه أم الدحداح في عيالها فناداها يا أم الدحداح قالت لبيك قال
أخرجي فإني قد أقرضت ربى حائطا فيه ستمائة نخلة. رواه البزار ورجاله ثقات. قوله
تعالى (فيه سكينة من ربكم) عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السكينة
ريح حجوج. رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم. قوله تعالى (الله لا إله
إلا هو الحي القيوم) عن أبي يعنى ابن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله أي آية في كتاب الله
تبارك وتعالى أعظم قال الله ورسوله أعلم فرددها مرارا ثم قال أبى آية الكرسي
فقال ليهنك العلم أبا المنذر والذي نفسي بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند
ساق العرش - قلت هو في الصحيح باختصار - رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وعن أبي السليل قال كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدث الناس حتى يكثر
فيصعد على ظهر بيت فيحدث الناس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي
آية في القرآن أعظم قال فقال رجل (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال فوضع
يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين كتفي قال يهنك يا أبا المنذر. رواه
أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعن الأسقع البكري أن النبي صلى الله عليه
وسلم جاءهم في صفة المهاجرين فسأله رجل أي آية في القرآن أعظم فقال النبي صلى
الله عليه وسلم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) حتى انقضت
الآية. رواه الطبراني وفيه راو لم يسم وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. وعن بريدة
قال بلغني أن معاذ بن جبل أخذ الشيطان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأتيته فقلت بلغني أنك أخذت الشيطان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم ضم إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر الصدقة فجعلته في غرفة لي فكنت أجد فيه كل
يوم نقصانا فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي هو عمل
321

الشيطان فارصده قال فرصدته ليلا فلما ذهب هون من الليل أقبل على صورة الفيل
فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب على غير صورته فدنا من التمر فجعل
يلتقمه فشددت على ثيابي فتوسطته فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته وكانوا أحق به منك لأرفعنك إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك فعاهدني أن لا يعود فغدوت إلى رسول الله صلى الله
فرصدته
الليلة الثانية فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك وعاهدني أن لا يعود فخليت سبيله
ثم غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخبره فإذا مناديه ينادى أين معاذ فقال لي يا معاذ
ما فعل أسيرك فأخبرته فقال لي إنه عائد فارصده فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل
ذلك وصنعت مثل ذلك فقلت يا عدو الله عاهدتني مرتين وهذه الثالثة لأرفعنك إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك فقال إني شيطان ذو عيال وما أتيتك إلا من نصيبين
ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما
نزلت عليه آيتان أنفرتنا منها فوقعنا بنصيبين ولا يقرآن في بيت إلا لم يلج فيه
الشيطان ثلاثا فان خليت سبيلي علمتكهما قلت نعم قال آية الكرسي وخاتمة سورة
البقرة آمن الرسول إلى آخرها فخليت سبيله ثم عدوت إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم لأخبره فإذا مناديه ينادى أين معاذ بن جبل فلما دخلت عليه قال لي ما فعل
أسيرك قلت عاهدني أن لا يعود وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم صدق الخبيث وهو كذوب قال فكنت أقرأهما عليه بعد ذلك فلا أجد فيه
نقصانا. رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو صدوق إن شاء
الله كما قال الذهبي، قال ابن أبي حاتم: وقد تكلموا فيه، وبقية رجاله وثقوا.
وعن مالك بن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه عن جده أبى أسيد الساعدي الخزرجي وله بئر
بالمدينة يقال لها بئر بضاعة قد بصق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فهي يبشر بها
ويتيمن بها قال فاما قطع أبو أسيد تمر حائطه جعله في غرفة فكانت الغول تخالفه إلى
322

مشربته (1) فتسرق تمره وتفسده عليه فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال تلك الغول يا أبا أسيد فاستمع عليها فقالت الغول يا أيا أسيد اعفني أن
تكلفني أن أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطيك موثقا من الله أن
لا أخالفك إلى بيتك ولا أسرق تمرك وأدلك على آية تقرؤها في بيتك فلا تخالف
إلى أهلك وتقرؤها على إنائك فلا نكشف غطاءه فأعطته الموثق الذي رضى به منها
فقالت الآية التي أدلك عليها هي آية الكرسي ثم حكت أسنانها تضرط فأتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة حيث ولت فقال النبي صلى الله عليه وسلم
صدقت وهي كذوب. رواه الطبراني ورجاله وثقوا كلهم وفى بعضهم ضعف. وعن
الشعبي قال حلس مسروق وشتير بن شكل في مسجد الأعظم فرأهما الناس فتحولوا
إليهما فقال شتير لمسروق إنما تحول هؤلاء إلينا لنحدثهم فاما أن تحدث وأصدقك
وإما أن أحدث وتصدقني فقال مسروق حدث وأصدقك فقال شتير حدثنا
عبد الله بن مسعود أن أعظم آية في كتاب الله (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)
إلى آخر الآية فقال مسروق صدقت - قلت وهو بتمامه في سورة الطلاق. رواه
الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس (وسع كرسيه السماوات والأرض)
قال موضع القدمين ولا يقدر قدر عرشه إلا الله. رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح. قوله تعالى (الله ولى الذين آمنوا) عن ابن عباس (الله ولى الذين آمنوا
يخرجهم من الظلمات إلى النور) قال هم قوم كانوا كفروا بعيسى وآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم
(والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) هم قوم آمنوا
بعيسى فلما بعث محمد كفروا به. رواه الطبراني وفيه أبو بلال الأشعري وهو ضعيف.
قوله تعالى (لم يتسنه) عن ابن عباس في قوله تعالى (انظر إلى طعامك وشرابك
لم يتسنه) قال لم يتغير. رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. قوله تعالى (إعصار
فيه نار) عن ابن عباس في قوله (إعصار فيه نار فاحترقت) قال الاعصار الريح
الشديد. رواه أبو يعلى وفيه محمد بن السائب الكلبي وهو ضعيف جدا. قوله تعالى

(1) أي غرفته.
323

ليس عليك هداهم) عن ابن عباس قال كانوا أن يرضخوا لأنسابهم من
المشركين فسألوا فرخص لهم فنزلت هذه الآية (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى
من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم) إلى قوله (وأنتم لا تظلمون). رواه الطبراني
عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف. رواه البزار بنحوه
ورجاله ثقات. قوله تعالى (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية)
عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أن
هذه الآية نزلت (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) أنها نزلت
في نفقات الخيل. رواه الطبراني في الكبير والأوسط ويزيد بن عبد الله وأبوه لا يعرفان.
وعن ابن عباس (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية قال نزلت
في علي بن أبي طالب كانت عنده أربعة دراهم فأنفق بالليل واحدا وبالنهار واحدا
وفى السر واحدا وفى العلانية واحدا. رواه الطبراني وفيه عبد الواحد بن مجاهد
وهو ضعيف. قوله تعالى (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) عن ابن
عباس في قوله تعالى (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) انها آخر آية
نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني باسنادين رجال
أحدهما ثقات. قوله تعالى (آمن الرسول) عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقول أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطها
نبي قبلي. رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح.
قلت وقد تقدمت طرق هذا الحديث في أول السورة
* (سورة آل عمران) *
قوله تعالى (والراسخون في العلم) عن عبد الله بن يزيد بن آدم قال حدثني
أبو الدرداء وأبو أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك قالوا سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم من الراسخون في العلم قال هو من قرت عينه وصدق لسانه
وعف فرجه وبطنه فذاك الراسخ في العلم. رواه الطبراني وعبد الله بن يزيد ضعيف.
324

قوله تعالى (ربنا لا تزغ قلوبنا) عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يكثر في د؟؟ أن يقول: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت قلت يا رسول
الله وان القلوب لتتقلب قال نعم ما من خلق الله من بشر من بني آدم إلا وقلبه بين
إصبعين من أصابع الله عز وجل فان شاء الله أقامه وإن شاء أزاغه فنسأل الله ربنا
أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأله أن يهب لنأمن لدن رحمة إنه هو الوهاب
قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي قال بلى قولي اللهم رب
النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا - قلت
روى الترمذي بعضه - رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق وتأتي
بقية طرق هذا الحديث في القدر (1) والأدعية (2) إن شاء الله. قوله تعالى (شهد الله
انه لا إله إلا هو) عن الزبير بن العوام قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ
هذه الآية (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله
إلا هو العزيز الحكيم) وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب. رواه أحمد والطبراني
إلا أنه قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين تلا هذه الآية (شهد
الله أنه لا إله إلا هو) إلى قوله العزيز الحكيم. قال وأنا أشهد أن لا إله الا هو
العزيز الحكيم، وفى أسانيدهما مجاهيل. وعن غالب القطان قال أتيت الكوفة في تجارة
فنزلت قريبا من الأعمش فلما كان ليلة أردت أن أتحدر قام فتهجد من الليل فمر
بهذه الآية (شهد الله أنه لا إله الا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله
إلا هو العزيز الحكيم. إن الدين عند الله الاسلام) قال الأعمش وأنا أشهد بما
شهد الله وأستودع الله هذه الشهادة وهي عند الله وديعة ان الدين عند الله الاسلام
قالها مرارا قلت لقد سمع فيها شيئا فغدوت إليه فودعته ثم قلت يا أبا محمد إني سمعتك
تردد هذه الآية قال أرما بلغك ما فيها قلت أنا عندك منذ شهر لم تحدثني قال والله
لا حدثتك بها سنة قال فأقمت سنة فكتبت على بابه فلما مضت السنة قلت يا أبا
محمد قد مضت السنة قال حدثني أبو وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله

(1) في الجزء السابع.
(2) في الجزء العاشر.
325

عليه وسلم يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى عبدي عهد إلى وأنا أحق من
وفى العهد أدخلوا عبدي الجنة. رواه الطبراني وفيه عمر بن المختار وهو ضعيف.
قوله تعالى (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها) عن ابن عباس
عن النبي صلى الله عليه وسلم (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها)
أما من في السماوات فالملائكة وأما من في الأرض فمن ولد على الاسلام وأما كرها
فمن أتى به من سبابا الأمم في السلاسل والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون.
رواه الطبراني وفيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك. قوله تعالى (لن تنالوا
البر حتى تنفقوا مما تحبون) عن عبد الله بن عمر قال حضرتني هذه الآية (لن
تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فذكرت ما أعطاني الله عز وجل فلم أجد شيئا
أحب إلى من مرجانة جارية لي رومية فقال هي حرة لوجه الله فلو أنى أعود في شئ
جعلته لله لنكحتها. رواه البزار وفيه من لم أعرفه. قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله حق تقاته) عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى (اتقوا الله حق تقاته) قال
أن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر وأن يذكر فلا ينسى. رواه الطبراني
باسناد بن رحال أحدهما رجال الصحيح والآخر ضعيف. قوله تعالى (واعتصموا
بحبل الله جميعا) عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا) قال
القرآن، وفى رواية قال حبل الله الجاعة، ورجال الأول رجال الصحيح والثاني منقطع
الاسناد. وعن عبد الله بن مسعود قال إن هذا الصراط محتضر تحضره الشياطين
يقولون يا عباد الله هذا الطريق واعتصموا بحبل الله الصراط المستقيم كتاب
الله. رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف.
قوله تعالى (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله) عن ابن عباس (وكيف
تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله) قال كان الأوس والخزرج يتحدثون
ذا ذكروا أمر الجاهلية فغضبوا حتى كان بينهم حرب فأخذوا السلاح ومشى بعضهم إلى
بعض فنزلت (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله) إلى قوله
326

(فأنقذكم منها). رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن أبي الليث وهو متروك. قوله تعالى
(كنتم خير أمة أخرجت للناس) عن ابن عباس في قوله عز وجل (كنتم خير
أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) قال هم الذين هاجروا مع
محمد صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح. قوله
تعالى (ليسوا سواء) عن ابن عباس قال لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن شعبة
وأسد بن عبيد ومن أسلم من يهود فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الاسلام قالت أحبار
يهود أهل الكفر ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا شرارنا ولو كانوا من خيارنا ما تركوا
دين آبائهم فأنزل الله عز وجل في ذلك من قوله (ليسوا سواءا من أهل الكتاب)
إلى قوله تعالى (من الصالحين). رواه الطبراني ورجاله ثقات. قوله تعالى (يا أيها الذين
آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم
في قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا
ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا
لكم الآيات إن كنتم تعلقون) قال هم الخوارج. رواه الطبراني واسناده جيد.
قوله تعالى (مسومين) عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم في قوله (مسومين) قال معلمين وكانت سيما الملائكة يوم يدر عمائم سود ويوم أحد
عمائم حمر. رواه الطبراني وفيه عبد القدوس بن حبيب وهو متروك. قوله تعالى
(وجنة عرضها السماوات والأرض) عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت قوله (وجنة عرضها السماوات والأرض) قال
فأبن النار قال أرأيت الليل فالتمس كل شئ فأين النهار قال حيث شاء الله قال
فكذلك النار حيث شاء الله. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. قوله تعالى (وكأين
من نبي) عن عبد الله يعنى ابن مسعود (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير)
قال ألوف. رواه الطبراني وفيه عاصم بن بهدلة وثقه النسائي وغيره وضعفه جماعة.
قوله تعالى (منكم من يريد الدنيا) عن عبد الله بن مسعود قال ما كنت أرى
327

أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزلت فينا
يوم أحد (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة). رواه الطبراني
في الأوسط وأحمد في حديث طويل تقدم في وقعة أحد ورجال الطبراني ثقات.
قوله تعالى (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة) عن عبد الرحمن بن عوف في
قوله عز وجل (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا) قال ألقى علينا النعاس
يوم أحد. رواه الطبراني وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف. وعن عبد الله يعنى
ابن مسعود قال النعاس أمنة عند القتال من الله عز وجل والنعاس في الصلاة من
الشيطان. رواه الطبراني وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة وغيره وضعفه جماعة.
قوله تعالى (وما كان لنبي أن يغل) عن ابن عباس قال وما كان لنبي أن يغل. قال
ما كان لنبي أن يتهمه قومه. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس
قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا فردت رايته ثم بعث فردت ثم بعث فردت
بغلول رأس غزال من ذهب فنزلت (وما كان لنبي أن يغل). رواه الطبراني ورجاله
ثقات. قوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) عن مسروق قال
سألنا عبد الله يعنى ابن مسعود عن هذه الآية (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل
الله أمواتا) إلى يرزقون قال أرواح الشهداء عند الله كطير خضر لها قناديل معلقة
بالعرش تسرح في الجنة حيث شاءت فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال هل تشتهون
من شئ فأزيدكموه قالوا ربنا السنا نسرح في الجنة في أيها شئنا قال ثم اطلع إليهم
الثانية فقال هل تشتهون من شئ فأزيدكموه قالوا ربنا ألسنا نسرح في الجنة في أيها
شئنا قال ثم اطلع إليهم الثالثة فقال هل تشتهون من شئ فأزيدكموه قالوا تعيد أرواحنا
في أجسادها فنقاتل في سبيلك فنقتل مرة أخرى قال فسكت عنهم. رواه الطبراني
ورجاله رجال الصحيح وله أسانيد أخر ضعيفة. وعن سعيد بن جبير قال لما أصيب
حمزة وأصحابه بأحد قالوا ليت من خلفنا علموا ما أعطانا الله من الثواب ليكون
أجرا لهم فقال الله عز وجل أنا أعلمهم فأنزل الله تبارك وتعالى (ولا تحسبن الذين
328

قتلوا في سبيل الله أمواتا) الآية. رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه مرسل. قوله
تعالى (سيطوقون ما بخلوا به) عن عبد الله يعنى ابن مسعود في قوله (سيطوقون
ما بخلوا به يوم القيامة) قال يطوق شجاعا أقرع بفيه زبيبتان ينقر رأسه فيقول
مالي ولك فيقول أنا مالك الذي يخلت به، وفى رواية عن عبد الله أيضا قال من كان
له مال لم يؤد زكاته طوقه يوم القيامة شجاعا أقرع ينقر رأسه فيقول أنا مالك
الذي كنت تبخل به (سيطوقون ما يخلوا به يوم القيامة). رواه كله الطبراني
بأسانيد ورجال أحده ثقات. قوله تعالى (إن في خلق السماوات والأرض) عن
ابن عباس قال أتت قريش اليهود فقالوا بما جاءكم موسى صلى الله عليه وسلم قالوا عصاه ويده
بيضاء للناظرين وأتوا النصارى فقالوا كيف كان عيسى صلى الله عليه وسلم قالوا
كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا
ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا فنزلت هذه الآية (إن في خلق السماوات
والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) فليتفكروا فيها. رواه
الطبراني وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف. قوله تعالى (الذين يذكرون الله قياما
وقعودا) عن ابن مسعود في قوله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم)
قال إن لم يستطع أن يصلى قائما فقاعدا وإلا فمضطجعا. رواه الطبراني وإسناده
منقطع وفيه جويبر وهو متروك (1).
تم الجزء السادس من مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ونقل من خط مصنفه الشيخ
الامام العالم الشيخ نور الدين على الشهير بالهيثمي، ويليه الجزء السابع أو له سورة النساء.

(1) بلغ الفقير أحمد بن علي بن حجر مقابلة لهذا المجلد بالأصل الذي بخط مؤلفه
ولله الحمد وانتهى في شوال سنة تسع وثمانمائة والحمد لله كثيرا
329