الكتاب: المعجم الموضوعي لنهج البلاغة
المؤلف: أويس كريم محمد
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: جمادي الثانية ١٤٠٨
المطبعة: مؤسسة الطبع والنشر في الآستانة الرضوية المقدسة
الناشر: مجمع البحوث الإسلامية - مشهد ، ايران ، ص ب ٣٦٦٣ - ٩١٣٧٥
ردمك:
ملاحظات: بنياد پژوهشهاى اسلامى آستان قدس رضوي

المعجم الموضوعي
لنهج البلاغة
اعداد
أويس كريم محمد
بنياد پژوهشهاى اسلامي
آستان قدس رضوى
الكتاب: المعجم الموضوعي لنهج البلاغة
المؤلف: أويس كريم محمد
نشر: مجمع البحوث الاسلامية، مشهد، إيران، ص. ب. 3663 - 91375
الطبعة الأولى: جمادي الثانية 1408 ه‍.
العدد: 3000 نسخة
الأمور الفنية والطبع: مؤسسة الطبع والنشر الآستانة الرضوية المقدسة
حقوق الطبع محفوظة
كلمة المجمع
تعتبر المكتبة الاسلامية من أهم المكتبات في عالم الفكر والثقافة، إن لم نقل بأنها أهمها اطلاقا، والفضل في ذلك يعود لما بذله العلماء والمفكرون المسلمون في التحقيق والمطالعة في شتى جوانب العلوم من القرآن والحديث والكلام والفلسفة والفقه والأدب والتاريخ والطب وغيرها.
إن ما نشر إلى الآن من التراث الاسلامي القيم والنفيس هو غيض من فيض وقطرة من بحر، وعلينا نحن المسلمين أن نشمر عن ساعد الجد في نشر الكتب والرسائل المخطوطة الموجودة في المكتبات الاسلامية وغيرها في أنحاء العالم كله، ونقوم بعملية البحث والتحقيق فيما قدمه لنا الأوائل من السلف الصالح مما نحتاجه الآن في معرفة أصول عقيدتنا وما يتعلق بها، وهذا العمل يتطلب جهودا جهيدة من أجل أن تظهر نتائج البحث والتحقيق بصورة عصرية أنيقة، لذا فإن ما هو مطلوب من الباحثين هو أن يقوموا ببحث الكتب وتحقيقها مع ضبط نصوصها والحصول على مصادرها، ويعضد هؤلاء آخرون وذلك بإعداد الفهارس اللازمة لتلك الكتب وموضوعاتها مثل فهرسة الآيات والأخبار والأعلام والمصطلحات الواردة في تلك الكتب وكذلك ما نسميه المعجم الموضوعي، وهو دليل عام للقارئ والباحث في آن واحد، ويستفيد منه الباحث كثيرا خلال دراسته وتحقيقه. ومن الضروري اليوم إعداد مثل هذا المعجم لكل ما يعتبر مصادر للكتب الإسلامية.
ولا شك أن كتاب نهج البلاغة هو من أهم المصادر الروائية والتاريخية عند الفريقين، فهذا ابن أبي الحديد المعتزلي قد شرحه بصورة مفصلة، وطبع مرات عديدة في مختلف البلاد الاسلامية، وهذا الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، له شرح موجز للنهج، وما من قارئ للنهج إلا ويعرفه من خلال الاطلاع عليه وعلى تعليقاته الهامة على
1

الكتاب، وهذا ابن ميثم البحراني وغيره من علماء الإمامية قد شرحوا نهج البلاغة وعلقوا عليه ونقلوه إلى اللغات الأخرى.
فهذا هي مكانة النهج في المكتبة الاسلامية، وقد بذل العلماء والمفكرون في حقه جهودا محمودة وبناء على هذا فإنه بهذه المنزلة المرموقة - لابد له من معجم موضوعي ليسهل للدارسين والقارئين الحصول على مواضيعه ومباحثه، ولقد طبعت لحد الآن موسوعات مختلفة لهذا الغرض ولكنها تختلف فيما بينها في أسلوب التحقيق وطريقة العمل، فمنها ما يكشف عن ألفاظ النصوص فقط (1)، ومنها ما يدل على المواضع العامة للكتاب (2)، ومنها ما يهدي إلى أهم موضوعاته (3).
أما هذا فهو معجم موضوعي شامل يطلع القارئ من خلاله على أدق المباحث وجزئيات المواضيع، فضلا عن أهمها وأعمها، يقدمه " مجمع البحوث الاسلامية " التابع للآستانة الرضوية المقدسة إلى عالم الفكر والثقافة، راجين من صاحب النهج الإمام علي عليه السلام أن يتقبل هذا العمل المتواضع، وسائلين المولى سبحانه وتعالى أن يوفق كل العالمين في حقل العلم والثقافة من أجل خدمة الإنسانية جمعاء، وله الحمد أولا وآخرا.
مجمع البحوث الاسلامية

(1) إشارة إلى " المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة " و " الكاشف " لها.
(2) إشارة إلى " الدليل على موضوعات نهج البلاغة "، و " تصنيف نهج البلاغة ".
(3) إشارة إلى " الهادي إلى موضوعات نهج البلاغة ". وفي المقدمة التالية للمؤلف مقارنة بين هذه المعاجم وبين هذا المعجم.
2

الإهداء
أهدي هذا الجهد المتواضع في نهج البلاغة سيدي ومولاي أبي الحسن علي المرتضى إلى
سيدي ومولاي أبي الحسن علي الرضا راجيا شفاعتهما «يوم لا يشفعون إلا لمن ارتضى».
المؤلف
3

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
من الظلم أن نعامل نهج البلاغة على أنه كتاب أعد فقط لمن ينشد مثلا أعلى في البلاغة والأدب. فقراءة عابرة لمقدمة الشريف الرضي - رحمه الله - للنهج ترينا أن الدوافع الرئيسية لتأليفه لم تكن أدبية وبلاغية فقط، وإنما كما ورد في تعبيره «فيه حاجة العالم والمتعلم، وبغية البليغ والزاهد، ويمضي في أثنائه من الكلام في التوحيد والعدل وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ما هو بلال كل غلة، وجلاء كل شبهة». وقوله في نفس المقدمة «وسألوني أن أبتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في جميع فنونه، ومتشعبات غصونه، من خطب، وكتب، ومواعظ، وأدب، علما أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة، وغرائب الفصاحة، وجواهر العربية، وثواقب الكلم الدينية والدنيوية، ما لا يوجد مجتمعا في كلام، ولا مجموع الأطراف في كتاب».
وحقا ما قاله الشريف الرضي، فنهج البلاغة - على محدودية نصوصه -، له في معظم المواضيع كلام وتصريح، وفي أغلب المسائل تفصيل وتوضيح.
ومن المسلم به عند الجميع، أن الإمام عليه السلام لم يكن هدفه الأول والأساس تقديم نماذج أدبية وبلاغية لرواد الأدب والبلاغة وإنما كان يرسل كلامه إرسالا، ولكن بصفته الإنسان المتكامل عند رسول الله (ص)، فقد جاء كلامه متكاملا كسائر أفعاله صلوات الله وسلامه عليه.
فلما ذا إذن سمي الكتاب بنهج البلاغة وللجواب على هذا السؤال نقول: من نظرة سريعة لعصر الشريف الرضي - رحمه الله - يتبين لنا أن الطابع العام الذي كان يطغى على ذلك العصر، هو الاهتمام بالعلوم العربية وآدابها وفنونها بشكل لا يضاهيه الاهتمام بالعلوم والفنون الأخرى، ولا تضاهيه عصور
5

الأدب الأخرى.
ولكن الذي يحز في النفس هو أنه بسبب النظرة المتقدمة، ولأسباب أخرى سياسية وعقائدية وفنية... حرم العالم من هذا النبع العظيم الذي يمكن أن يضيف خدمات جبارة للإسلام والمسلمين بصفته أحد المصادر الإسلامية النقلية العظيمة التي تأتي أهميتها بعد القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف.
وفي هذا الظرف، الذي نشاهد فيه صحوة إسلامية كبيرة، ونهضة إسلامية صاعدة، من الأجدر بالكتاب والباحثين أن يتعمقوا في النهج لسبر أغواره، واكتناه أسراره، للاستفادة منه في دفع مسيرة الإسلام نحو الأمام.
وفي اعتقادنا، إن إعداد فهارس لفظية وموضوعية للنهج يسهل مهمة الباحثين والكتاب للسير قدما في هذا الطريق المقدس. وقد ظهر في الأسواق - ولله الحمد - «المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة» وهو جهد مشكور، فيه الكفاية لمن يبحث عن عبارات محددة في النهج، أما فيما يتعلق بموضوعات النهج، فقد ظهرت لحد الآن أربع فهارس وهي:
1 - الدليل على موضوعات نهج البلاغة.
2 - تصنيف نهج البلاغة.
3 - الهادي إلى موضوعات نهج البلاغة.
4 - الفهارس العلمية التي رتبها الدكتور الفقيد صبحي صالح لنهج البلاغة. (1)
ورغم أن هذه المؤلفات لها أفضلية السبق في هذا المضمار، إلا أن هناك بعض المؤاخذات عليها، مما جعلها لا تصل إلى الغاية المرجوة من وراء تأليفها، وهذا ما دفعنا إلى أن نلج هذا الباب، فنؤلف هذا الفهرس الموضوعي الذي يتميز بما يلي:
أولا: كثرة مباحثه:
لقد تجاوزت مباحث فهرستنا الستمائة مبحثا، أما مباحث (الدليل) فكانت (132) مبحثا، و (التصنيف) (255) مبحثا، و (الفهارس العلمية) (245) مبحثا، و (الهادي)

تختلف الفهارس العلمية عن الفهارس الأخرى في أنها لم تورد العبارات كاملة، وإنما اكتفت بالإشارة إليها فقط.
6

يقرب تعداد مباحثه من عدد مباحث الفهارس العلمية بعد حذف المتكرر منها. (2)
ثانيا: كثرة عباراته:
إن العبارات التي استخرجناها لكل مبحث من مباحثنا هي أيضا أكثر من العبارات التي استخرجتها الفهارس الأخرى ففي موضوعي (الجهاد والشهادة):
أورد الدليل مبحثين في (56) عبارة.
والتصنيف مبحثا واحدا في (6) عبارات.
والهادي مبحثين في (10) عبارات.
والفهارس العلمية مبحثين في (4) عبارات.
أما في فهرستنا فقد استخرجنا (18) مبحثا في (117) عبارة.
- وفي مباحث المعاد (الموت والقبر والبرزخ والنشور والحساب والجزاء):
ذكر الدليل (3) مباحث وعدد عباراته (163).
والتصنيف (4) مباحث وعدد عباراته (72).
والهادي (7) مباحث وعدد عباراته (59).
والفهارس العلمية (11) مبحثا وعدد عباراته (65).

(2) من الأمثلة على تكرار العناوين والمباحث في (الهادي) مبحث صفات الله تعالى:
7

أما في فهرستنا، فقد استخرجنا (35) مبحثا، أما عدد العبارات فبلغت (206) عبارة.
- وفي موضوع (التقوى والمتقين):
ذكر الدليل مبحثين وعدد العبارات (85).
والتصنيف مبحثين وعدد العبارات (55).
والهادي مبحثين وعدد العبارات (31).
والفهارس العلمية مبحثا واحدا وعدد العبارات (9).
أما في فهرستنا، فقد استخرجنا (27) مبحثا، أما عدد العبارات فبلغت (193) عبارة.
- وفي موضوع (جهاد النفس):
ذكر الدليل مبحثا واحدا و (10) عبارات.
والتصنيف مبحثين و (10) عبارات.
والهادي مبحثا واحدا و (17) عبارة.
والفهارس العلمية (3) مباحث و (6) عبارات.
أما في فهرستنا، فقد استخرجنا (10) مباحث، وعدد عباراتها بلغت (70) عبارة.
وللزيادة في التوضيح نذكر على سبيل المثال أيضا لا الحصر، بعض العبارات التي لم يوردها أو يشير إليها أي من الفهارس الأخرى وهي في موضوع (جهاد النفس):
- قوله عليه السلام في الكتاب رقم (56):
«وأعلم انك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر، فكن لنفسك مانعا رادعا، ولنزوتك عند الحفيظة واقما قامعا».
- وقوله عليه السلام في الخطبة رقم (193) وهو يصف المتقي:
«... إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، لم يعطها سؤلها فيما تحب... نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة».
8

- وقوله عليه السلام في الخطبة رقم (87):
«عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه... فقرب على نفسه البعيد، وهون الشديد... قد ألزم نفسه العدل، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه».
- وقوله عليه السلام في الخطبة رقم (114) في بداية الخطبة بعد حمد الله تعالى:
«... ونستعين على هذه النفوس البطاء، عما أمرت به، السراع إلى ما نهيت عنه».
ثالثا: دقة توزيع العبارات على المباحث:
حاولنا في فهرستنا توخي الدقة عند اختيار وتجزئة وتوزيع العبارات على مباحثها الخاصة بها، خوفا من الوقوع في الاشتباهات التي وقعت بها الفهارس الأخرى، ونذكر هنا على سبيل المثال أيضا لا الحصر بعضا من هذه الاشتباهات: - في التصنيف ص (32) تحت عنوان «وحدانية الله سبحانه وتعالى وصفات ذاته وصفات أفعاله» وردت بشكل مستقل العبارة التالية:
«أوصيكم بتقوى الله الذي أعذر بما أنذر، وحذركم عدوا نفذ في الصدور خفيا».
وفي الهادي ص (504) تحت عنوان «المرائي» وردت بشكل مستقل العبارة التالية:
«المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها».
- وفي الدليل ص (992) تحت عنوان «الخير والشر» وردت بشكل مستقل العبارة التالية:
«لأنها بيعة واحدة، لا يثنى فيها النظر، ولا يستأنف فيها الخيار».
- وفي الفهارس العلمية ص (808) تحت عنوان «العقائد الدينية» جاءت العبارة التالية بشكل مستقل أيضا:
«إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع...».
«الأسلوب الذي اعتمدناه في اعداد الفهرست»
1 - حاولنا استقصاء جميع عبارات الإمام عليه السلام، دون استثناء بعضها، أو حذف شيء منها.
2 - إننا لم نعتمد اعتمادا كليا في عملية استقصاء العبارات، على الفهارس اللفظية، وإنما وسعنا دائرة هذه العملية، بالتعمق في معاني العبارات، فحصلنا على
9

رصيد كبير من العبارات بما يخص كل موضوع أو مبحث فرعي.
3 - عند ما تتجمع لدينا عبارات كثيرة لموضوع ما، فإننا نستحدث عناوين فرعية مختلفة لتوزيع تلك العبارات عليها.
4 - في كتابة عناوين المباحث، اتبعنا الأسلوب المطول وليس المختصر، لتحديد مرامي عبارات الإمام عليه السلام بدقة، وهو الأسلوب الذي اتبعه العلامة المجلسي - رحمه الله - في بحار الأنوار.
5 - في وضع المباحث أتبعنا الطريقة المستخدمة في البحوث، فنضع العناوين المطلوبة لدراسة متكاملة حسب تسلسلها المنطقي المتبع في البحوث والدراسات، وكأننا بصدد كتابة دراسة شاملة ومتكاملة، ثم نستفتي النهج في كل مبحث، فنثبت البحوث التي نجد لها عبارات في النهج، ونحذف تلك التي لم نجد لها عبارات تخصها.. 6 - لم نلتزم التسلسل العددي في إيراد العبارات تحت كل مبحث، وربما جاءت العبارة من الخطبة (200) قبل العبارة من الخطبة (1)، وعذرنا في ذلك هو التزامنا - غالبا - بالتسلسل المنطقي في البحث.
ويطول بنا المقام هنا لو أردنا إيراد الأمثلة الواقعية لتوضيح هذه النقاط، وبإمكان القارئ أو الباحث مراجعة الفهرست رقم (1) في آخر الكتاب ليتبين أسلوبنا وتتوضح خطتنا بشكل أفضل.. وختاما فإني أتوجه بالشكر الجزيل للمشرفين على مجمع البحوث الاسلامية ولأستاذي ومرشدي في العمل، العلامة الأستاذ الفاضل الشيخ علي أكبر إلهي على تيسيرهم الإمكانيات اللازمة لإخراج هذا الدليل، وتوفيرهم المصادر والمراجع المطلوبة، وتشجيعهم الكبير الذي كان من الأسباب الرئيسية التي دفعتني قدما في إنجاز هذا المشروع.
كما أشكر الأستاذين الكبيرين العلامة الفاضل الشيخ واعظ زاده والعلامة الأستاذ السيد إبراهيم حجازي على إبدائهما بعض الملاحظات التي أفدت منها كثيرا.
هذا وإني لا أرجو عوضا على جهودي سوى رضوانه سبحانه وتعالى، وشفاعة رسوله الكريم (ص) وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام.
المؤلف
10

الباب الأول: في العقل والعلم
الفصل الأول: في العقل
الفصل الثاني: في العلم
11

الفصل الأول
«العقل»
(1) في فضل العقل والعاقل، وذم الجهل والجاهل:
لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل (ح 54).
لا مال أعود من العقل (ح 113).
ليست الرؤية كالمعاينة مع الأبصار، فقد تكذب العيون أهلها، ولا يغش العقل من استنصحه (ح 281).
ما استودع الله امرأ عقلا إلا استنقذه به يوما ما (ح 407).
إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق (ح 38).
العلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك (ح 424).
والفكرة مرآة صافية (ح 5).
(2) في علامات العقلاء والجهلاء والحمقى:
قيل له: صف لنا العاقل، فقال عليه السلام: هو الذي يضع الشيء مواضعه، فقيل: فصف لنا الجاهل، فقال: قد فعلت (ح 235).
لا تصحب المائق فإنه يزين لك فعله، ويود أن تكون مثله (ح 293).
فإن العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب (ر 31).
لا ترى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا (ح 70).
لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه (ح 40).
12

ومن نظر في عيوب الناس فأنكرها، ثم رضيها لنفسه، فلذلك الأحمق بعينه (ح 349).
قلب الأحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه (ح 41).
يا بني إياك ومصاحبة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك (ح 38).
إذا تم العقل نقص الكلام (ح 71).
من الخرق المعاجلة قبل الإمكان والأناة بعد الفرصة (ح 363).
فتام الرواء ناقص العقل (ك 234).
التودد نصف العقل (ح 142).
وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم (ح 390).
مثل الدنيا كمثل الحية لين مسها، والسم الناقع في جوفها، يهوي إليها الغر الجاهل، ويحذرها ذو اللب العاقل (ح 119).
(3) في أمور تضر العقل وتمرضه:
أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع (ح 219).
وكم من عقل أسير تحت هوى أمير (ح 211).
فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت (ح 390).
ما مزح امرؤ مزحة إلا مج من عقله مجة (ح 250).
عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله (ح 212).
اتخذهم إبليس مطايا ضلال، وجندا بهم يصول على الناس، وتراجمة ينطق على ألسنتهم، استراقا لعقولكم ودخولا في عيونكم، ونفثا في أسماعكم، فجعلكم مرمى نبله، وموطئ قدمه، ومأخذ يده (خ 192).
إذا وقع الأمر بفصل القضاء «وخسر هنالك المبطلون» شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى، وسلم من علائق الدنيا (ر 3).
وترك شرب الخمر تحصينا للعقل (ح 252).
قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه (خ 109).
13

واعلموا أن الأمل يسهي العقل، وينسي الذكر، فأكذبوا الأمل فإنه غرور، وصاحبه مغرور (خ 86).
(الملائكة) ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها على فكرهم (خ 91).
(4) لا يعتبر من العقل إلا ما يدعو إلى طاعة الله وسلوك طريق الهدى:
كفاك من عقلك ما أوضح لك سبل غيك من رشدك (ح 421).
فإن الشقي من حرم نفع ما أوتي من العقل والتجربة (ر 64).
والعقل حفظ التجارب، وخير ما جربت ما وعظك (ر 31).
فإن الغاية القيامة، وكفى بذلك واعظا لمن عقل (خ 190).
أين العقول المستصبحة بمصابيح الهدى (خ 144).
عباد ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة (ك 222).
فاحذروا، عباد الله، حذر الغالب لنفسه، المانع لشهوته، الناظر بعقله، فإن الأمر واضح، والعلم قائم، والطريق جدد، والسبيل قصد (خ 161).
عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإن رواة العلم كثير، ورعاته قليل (ح 239).
(5) عقل الانسان محدود وأنه لا يستطيع إدراك كنه الذات الإلهية، ولا كيفية الخلق:
وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصفات لتناول علم ذاته (خ 91).
وإنك أنت الله الذي لم تتناه في العقول فتكون في مهب فكرها مكيفا (خ 91).
لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها (خ 155).
وردعت عظمته العقول، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته (خ 155).
وما تغيب عنا منه، وقصرت أبصارنا عنه، وانتهت عقولنا دونه، وحالت ستور الغيب بيننا وبينه أعظم، فمن فرغ قلبه، وأعمل فكره ليعلم كيف أقمت عرشك وكيف علقت
14

سماواتك وكيف مددت على مور الماء أرضك رجع طرفه حسيرا، وعقله مبهورا (خ 160).
ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئة حسيرة، عارفة بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف عن إفنائها (خ 186).
ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات، وساكن وذي حركات، وأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته، وعظيم قدرته، ما انقادت له العقول معترفة به، ومسلمة له، فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن، أو تبلغه قرائح العقول، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه، والألسنة أن تصفه
فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون (خ 165).
لم يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته (خ 49).
15

الفصل الثاني
«العلم»
(6) في فضل العلم وأهميته، والحث على طلبه، وفضل العلماء:
العلم وراثة كريمة (ح 5).
ولا شرف كالعلم (ح 113).
يا كميل بن زياد، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها... يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق، وصنيع المال يزول بزواله... يا كميل بن زياد، العلم دين يدان به، به يكسب الانسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، يا كميل، هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر: أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة (ح 147).
كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع به (ح 205).
وسئل عن الخير ما هو فقال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، وأن يعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك (ح 94).
فبادروا العلم من قبل تصويح نبته، ومن قبل أن تشغلوا بأنفسكم عن مستثار العلم من عند أهله (خ 105).
فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، وينفى عنك وباله، فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له (ر 31).
قيمة كل امرئ ما يحسنه (ح 81).
إذا أرذل الله عبدا حظر عليه العلم (ح 288).
16

وبالعلم يرهب الموت (ك 156).
الناس أعداء ما جهلوا (ح 172).
فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم (ح 31).
الايمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد... واليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين، فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين (ح 31).
(7) أصناف الناس في العلم:
الناس ثلاثة، فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق (ح 147).
يا كميل... ها إن ها هنا لعلما جما (وأشار بيده إلى صدره) لو أصبت له حملة بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق، لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شيء شبها بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه (ح 147).
علماء الخير وعلماء السوء:
(8) علماء الخير:
(علماء الخير) اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا، وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته. وكم ذا وأين أولئك أولئك - والله - الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا. يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم. هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى (ك 147).
17

(علماء الخير): واعلموا أن عباد الله المستحفظين علمه، يصونون مصونه، ويفجرون عيونه، يتواصلون بالولاية، ويتلاقون بالمحبة، ويتساقون بكأس روية، ويصدرون برية، لا تشوبهم الريبة، ولا تسرع فيهم الغيبة. على ذلك عقد خلقهم وأخلاقهم، فعليه يتحابون، وبه يتواصلون، فكانوا كتفاضل البذر ينتقى، فيؤخذ منه ويلقى، قد ميزه التخليص، وهذبه التمحيص (خ 214).
(علماء الخير): قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره، وقطع غماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومن الحبال بأمتنها، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس، قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الأمور، من إصدار كل وارد عليه، وتصيير كل فرع إلى أصله. مصباح ظلمات. كشاف عشوات، مفتاح مبهمات، دفاع معضلات، دليل فلوات، يقول فيفهم، ويسكت فيسلم، قد أخلص لله فاستخلصه، فهو من معادن دينه، وأوتاد أرضه (خ 87).
(علماء الخير): الفقيه كل الفقيه، من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله (ح 90).
(9) علماء السوء:
(علماء السوء): وآخر قد تسمى عالما وليس به، فاقتبس جهائل من جهال، وأضاليل من ضلال، ونصب للناس أشراكا من حبائل غرور، وقول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، وعطف الحق على أهوائه، يؤمن الناس من العظائم، ويهون كبير الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات، وفيها وقع، ويقول: اعتزل البدع، وبينها اضطجع فالصورة صورة إنسان، والقلب قلب حيوان، لا يعرف باب الهدى فيتبعه، ولا باب العمى فيصد عنه. وذلك ميت الأحياء (خ 87).
(علماء السوء): بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار، ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شيء
18

شبها بهما الأنعام السائمة (ح 147).
(علماء السوء): رجل قمش جهلا، موضع في جهال الأمة، عاد في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سماه أشباه الناس عالما وليس به، بكر فاستكثر من جمع، ما قل منه خير مما كثر (ك 17).
(10) في العلوم التي أمر الناس بتحصيلها وهي العلوم النافعة دنيا وآخرة:
أول الدين معرفته (خ 1).
وأن أبتدئك بتعليم كتاب الله عز وجل وتأويله، وشرائع الاسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره (ر 31).
وخض الغمرات للحق حيث كان، وتفقه في الدين... وتفهم وصيتي، ولا تذهبن عنها صفحا، فإن خير القول ما نفع. واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه (ر 31).
ولا تكونوا كجفاة الجاهلية: لا في الدين يتفقهون، ولا عن الله يعقلون، كقيض بيض في أداح يكون كسرها وزرا، ويخرج حصانها شرا (خ 166).
وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب (خ 110).
العلم علمان: مطبوع ومسموع. ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع (خ 338).
ولا علم كالتفكر (ح 113).
(المتقون) وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم (خ 193).
(11) في العلوم التي نهى الشارع عن تحصيلها:
من كلام له عليه السلام، قاله لأحد أصحابه لما عزم المسير إلى الخوارج، وقد قال له: إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت، خشيت ألا تظفر بمرادك - من طريق علم النجوم - فقال عليه السلام: أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء وتخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضرر فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، واستغنى عن
19

الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وتبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه، لأنك - بزعمك - أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع، وأمن الضر.
ثم أقبل عليه السلام على الناس فقال: أيها الناس، إياكم وتعلم النجوم، إلا ما يهتدى به في بر أو بحر، فإنها تدعو إلى الكهانة، والمنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار سيروا على اسم الله (خ 79).
العين حق، والرقى حق، والسحر حق، والفأل حق. والطيرة ليست بحق، والعدوي ليست بحق، والطيب نشرة، والعسل نشرة، والركوب نشرة، والنظرة إلى الحفزة نشرة (ح 400).
(12) في القول بغير علم:
لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة (ح 382).
أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا: لا يرجون أحد منكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحين أحد منكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، ولا يستحين أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه، وعليكم بالصبر (ح 82).
لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنه لا خير في القول بالجهل (ح 182).
من ترك قول لا أدري أصيبت مقاتله (ح 85).
ولا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم (ر 31).
الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك (ح 458).
(13) في العمل بغير علم:
فالناظر بالقلب العامل بالبصر يكون مبتدأ عمله أن يعلم، أعمله عليه أم له فإن كان له مضى فيه، وإن كان عليه وقف عنه، فإن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق،
20

فلا يزيده بعده عن الطريق إلا بعدا من حاجته. والعامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح، فلينظر ناظر أسائر هو أم راجع (خ 154).
(14) في النهي عن كتمان العلم وعدم تعليمه:
لا خير في الصمت عن العلم كما أنه لا خير في القول بالجهل (ح 471).
ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا (ح 478).
فأما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا (خ 34).
(15) في وجوب استعمال العالم لعلمه:
وإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجة عليه أعظم، والحسرة له ألزم، وهو عند الله ألوم (خ 110).
رب عالم قد قتله جهله، وعلمه معه لا ينفعه (ح 107).
يا جابر، قوام الدين والدنيا بأربعة: عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وجواد لا يبخل بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا ضيع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم (ح 372).
فإن رواة العلم كثير، ورعاته قليل (خ 239).
العلم مقرون بالعمل: فمن علم عمل، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه (ح 366).
لا تجعلوا علمكم جهلا، ويقينكم شكا، إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا (ح 274).
قطع العلم عذر المتعللين (ح 284).
إنا قد أصبحنا في دهر عنود... لا ننتفع بما علمنا، ولا نسأل عما جهلنا (خ 32).
جاهلكم مزداد، وعالمكم مسوف (ح 283).
أوضع العلم ما وقف على اللسان، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان (ح 92).
21

الإيمان أن... وألا يكون في حديثك فضل عن عملك (ح 458).
(16) في حق العالم وصفته وآداب وإرشادات في طلب العلم وصفة طلاب العلم:
العالم من عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره (خ 16).
لا تجعلن ذرب لسانك على من أنطقك، وبلاغة قولك على من سددك (ح 411).
(قال (ع) لسائل سأله عن معضلة): سل تفقها، ولا تسأل تعنتا، فإن الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، وإن العالم المتعنت شبيه بالجاهل (ح 320).
والناس منقوصون مدخولون إلا من عصم الله، سائلهم متعنت ومجيبهم متكلف (ح 343).
فإن أشكل عليك شيء من ذلك فاحمله على جهالتك، فإنك أول ما خلقت به جاهلا ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحير فيه رأيك، ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك (ر 31).
ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق (ح 31).
وبالإيمان يعمر العلم (ك 156).
ومن أبصر فهم، ومن فهم علم (ح 208).
يا جابر، قوام الدين والدنيا بأربعة: عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم (ح 372).
ولا يستحين أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه، وعليكم بالصبر (ح 82).
أما بعد، فإن معصية الناصح الشفيق العالم المجرب تورث الحسرة، وتعقب الندامة (خ 35).
منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب دنيا (ح 457).
فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا، فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم، لا بتورط الشبهات، وعلق الخصومات (ر 31).
أين الذي عمروا فنعموا، وعلموا ففهموا (خ 83).
إذا ازدحم الجواب خفي الصواب (ح 243).
22

من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ (ح 173).
(17) في جواز أخذ العلم حتى من المنافقين:
خذ الحكمة أنى كانت، فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن (ح 79).
الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق (ح 80).
23

الباب الثاني: في الإسلام والإيمان واليقين وأضدادها
الفصل الأول: في الإسلام
الفصل الثاني: في الإيمان واليقين
الفصل الثالث: في الكفر والشرك والشك
25

الفصل الأول
«الإسلام»
(18) في تعريف الإسلام، ومعنى كلمة «إسلام»:
لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي: الاسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل (خ 125).
انه اسم سلامة، وجماع كرامة (خ 152).
التصديق منهاجه، والصالحات مناره (خ 106).
(19) في الدعوة إليه:
أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه (خ 121).
ثم إن هذا الإسلام دين الله... فشرفوه واتبعوه، وأدوا إليه حقه، وضعوه مواضعه (خ 198).
لا شرف أعلى من الإسلام (خ 371).
(20) في غاية الإسلام:
إن للإسلام غاية، فانتهوا إلى غايته (خ 176).
كريم المضمار، رفيع الغاية، جامع الحلبة، متنافس السبقة... والموت غايته، والدنيا مضماره، والقيامة حلبته، والجنة سبقته (خ 106).
26

بعض خصائص الإسلام:
(21) 1 - سهولته ويسره:
سهل شرائعه لمن ورده (خ 106).
أبلج المناهج، وأوضح الولائج (خ 106).
وإن الطرق لواضحة، وان أعلام الدين لقائمة (خ 163).
ولا ضنك لطرقه، ولا وعوثة لسهولته، ولا سواد لوضحه، ولا عوج لانتصابه، ولا عصل في عوده، ولا وعث لفجه... ولا مرارة لحلاوته (خ 198).
وفهما لمن عقل، ولبا لمن تدبر، وآية لمن توسم، وتبصرة لمن عزم (خ 106).
وبين حججه من ظاهر علم، وباطن حكم (خ 152).
(22) 2 - قوي البرهان:
منير البرهان (خ 198).
برهانا لمن تكلم به، وشاهدا لمن خاصم عنه (خ 106).
(23) 3 - شموليته:
فيه شفاء المستشفي، وكفاية المكتفي (خ 108).
سقى من عطش من حياضه، وأتأق الحياض بمواتحه (خ 198).
(24) 4 - هو الدين عند الله تعالى، وهو خير الأديان وناسخها، ولا تسعد البشرية إلا بتطبيق منهجه العظيم:
الإسلام دين الله الذي اصطفاه لنفسه، واصطنعه على عينه... أذل الأديان بعزته، ووضع الملل برفعه... جعل الله فيه منتهى رضوانه، وذروة دعائمه، وسنام طاعته... ومناهل روي بها ورادها (خ 198).
اصطفى الله تعالى منهجه (خ 152).
إنه اسم سلامة، وجماع كرامة (خ 152).
فجعله أمنا لمن علقه، وسلما لمن دخله،... وآية لمن توسم، وتبصرة لمن عزم، وعبرة
27

لمن اتعظ، ونجاة لمن صدق، وثقة لمن توكل، وراحة لمن فوض، وجنة لمن صبر (خ 106).
فمن يبتغ غير الإسلام دينا تتحقق شقوته، وتنفصم عروته، وتعظم كبوته، ويكن مآبه إلى الحزن الطويل، والعذاب الوبيل (خ 161).
أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور (خ 2).
دعوة متلافيه، أظهر به الشرائع المجهولة، وقمع به البدع المدخولة (خ 161).
وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة، وأهواء منتشرة، وطرائق متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة (خ 1).
فيه مرابيع النعم، ومصابيح الظلم، لا تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه، ولا تكشف الظلمات إلا بمصابيحه (خ 108).
(25) استمراريته، وأن منهجه محفوظ، وسلطانه عزيز:
أذل الأديان بعزته، ووضع الملل برفعه، وأهان أعداءه بكرامته، وخذل محاديه بنصره، وهدم أركان الضلالة بركنه... ثم جعله لا انفصام لعروته، ولا فك لحلقته، ولا انهدام لأساسه، ولا زوال لدعائمه، ولا انقلاع لشجرته، ولا انقطاع لمدته، ولا عفاء لشرائعه، ولا جذ لفروعه... فهو دعائم أساخ في الحق أسناخها، وثبت لها أساسها... رفيع البنيان... عزيز السلطان،... معوز المثار (خ 198).
لا تفنى غرائبه، ولا تنقضي عجائبه (خ 152).
قد أحمى حماه، وأرعى مرعاه (خ 108).
وجعل أمراس الإسلام متينة (خ 185).
أعز الله أركانه على من غالبه (خ 106).
إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة، وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعده وأمده، حتى بلغ ما بلغ، وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده (ك 146).
28

(26) الإسلام يكون بالعمل، وليس بالقول فقط:
العمل العمل، ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة، ثم الصبر الصبر، والورع الورع «إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم»، وإن لكم علما فاهتدوا بعلمكم، وإن للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته، واخرجوا إلى الله بما افترض عليكم من حقه، وبين لكم من وظائفه (خ 176).
الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل (ر 62).
واعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا، وبعد الموالاة أحزابا، ما تتعلقون من الإسلام إلا باسمه (خ 192).
يأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه، ومن الإسلام إلا اسمه (ح 369).
ومن عمل لدينه، كفاه الله أمر دنياه (ح 423).
لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم، إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه (ح 106).
(27) من خصائص المسلم وعلاماته والأمور التي تضر بشخصية المسلم:
«فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» إلا بالحق (خ 167).
فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية، وأحقاد الجاهلية، فإنما تلك الحمية تكون في المسلم من خطرات الشيطان ونخواته، ونزغاته ونفثاته (خ 192).
وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه، ولا مرتابا بيقينه (ر 28).
(الحج) جعله سبحانه وتعالى للإسلام علما (خ 1).
(28) في أصناف المسلمين، والذين أظهروا الإسلام واضمروا الكفر:
يرحم الله خباب بن الأرت فلقد أسلم راغبا (ح 43).
29

أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه (خ 121).
(إلى معاوية): ولما أدخل الله العرب في دينه أفواجا وأسلمت له هذي الأمة طوعا وكرها، كنتم ممن دخل في الدين: إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم (ر 17).
(لأصحابه عند الحرب وهو يتحدث عن أعدائه): فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما أسلموا، ولكن استسلموا، وأسروا الكفر، فلما وجدوا أعوانا عليه أظهروه (ك 16).
(إلى معاوية): وما أسلم مسلمكم إلا كرها، وبعد أن كان أنف الإسلام كله لرسول الله (ص) حزبا (ر 64).
ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها... وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له الرضائخ (ر 62).
رجل منافق مظهر للإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج (ك 210).
فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة (ك 57).
(29) أحكام في حرمة المسلم،
وأنه لا يجوز تكفيره إذا ارتكب كبيرة ما لم يشرك بالله تعالى: إن الله حرم حراما غير مجهول، وأحل حلالا غير مدخول، وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها، «فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» إلا بالحق، ولا يحل أذى المسلم إلا بما يجب (خ 167).
فمن استطاع منكم أن يلقى الله تعالى وهو نقي الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من أعراضهم، فليفعل (خ 176).
ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى:
«إن الله لا يغفر أن يشرك به» (خ 176).
(مخاطبا الخوارج): فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت، فلم تضللون عامة أمة محمد (ص) بضلالي، وتأخذونهم بخطئي، وتكفرونهم بذنوبي... وقد علمتم أن
30

رسول الله (ص) رجم الزاني المحصن، ثم صلى عليه، ثم ورثه أهله، وقتل القاتل وورث ميراثه أهله، وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن، ثم قسم عليهما من الفيء، ونكحا المسلمات، فأخذهم رسول الله (ص) بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم، ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله (ك 127).
31

الفصل الثاني
«الإيمان واليقين»
(30) فضل الإيمان واليقين:
سبيل أبلج المنهاج، أنور السراج، فبالإيمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يستدل على الإيمان، وبالإيمان يعمر العلم، وبالعلم يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، وبالدنيا تحرز الآخرة (ك 156).
ولقد قال لي رسول الله (ص):
«إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه (ر 27).
فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك (ح 252).
وباليقين تدرك الغاية القصوى (خ 157).
أحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة، وقوة باليقين، ونوره بالحكمة (ر 31).
اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين (ر 31).
فاتقوا الله تقية من سمع فخشع... وأيقن فأحسن (خ 83).
عظم الخالق عندك يصغر المخلوق في عينك (ح 129).
(31) في تعريف اليقين:
الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل (خ 125).
(32) دعائم الإيمان:
(سئل عن الإيمان فقال): الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين،
32

والعدل، والجهاد. والصبر منها على أربع شعب: على الشوق والشفق والزهد والترقب: فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات.
واليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين: فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة كان في الأولين.
والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم، ورساخة الحلم، فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا.
والجهاد منها على أربع شعب: على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين: فمن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف الكافرين، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنئ الفاسقين وغضب الله، غضب الله له وأرضاه يوم القيامة (ح 31).
وعليكم بالصبر، فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه (ح 82).
(33) أهم خصائص وعلامات المؤمنين والموقنين:
المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدرا، وأذل شيء نفسا. يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويل غمه، بعيد همه، كثير صمته، مشغول وقته، شكور صبور، مغمور بفكرته، ضنين بخلته، سهل الخليقة، لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد، وهو أذل من العبد (ح 333).
لا يصدق إيمان عبد، حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده (ح 310).
الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك، على الكذب حيث ينفعك، وألا يكون في حديثك فضل عن عملك، وأن تتقي الله في حديث غيرك (ح 458).
وإنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار، ويقتات منها ببطن الاضطرار، ويسمع
33

فيها بأذن المقت والإبغاض، إن قيل أثرى قيل أكدى: وإن فرح له بالبقاء، حزن له بالفناء هذا ولم يأتهم «يوم فيه يبلسون» (ح 367).
للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربه، وساعة يرم معاشه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل (ح 390).
إن المؤمنين مستكينون، إن المؤمنين مشفقون، إن المؤمنين خائفون (خ 153).
(المتقون) فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين (خ 193).
وقد عرف حقها (الصلاة) رجال من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينة متاع، ولا قرة عين من ولد ومال، يقول الله سبحانه:
«رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» (ك 199).
وإن لسان المؤمن من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه: لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه. وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له، وما ذا عليه (خ 176).
واعلموا - عباد الله - أن المؤمن لا يصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون عنده، فلا يزال زاريا عليها ومستزيدا لها (خ 176).
فلقد كنا مع رسول الله (ص)، وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والإخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيمانا، ومضيا على الحق، وتسليما للأمر، وصبرا على مضض الجراح (ك 122).
إن الإيمان يبدو لمظة في القلب، كلما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة (ح 5).
اتقوا ظنون المؤمنين، فإن الله سبحانه جعل الحق على ألسنتهم (ح 309).
أحب عباد الله... فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس (خ 87).
(34) اليقين والإيمان يكونان بالعمل وليس بالقول فقط:
(سئل عليه السلام عن الإيمان فقال): الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان (ح 227).
34

الإيمان أن... وألا يكون في حديثك فضل عن عملك (ح 458).
واعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا، وبعد الموالاة أحزابا، ما تتعلقون من الاسلام إلا باسمه، ولا تعرفون من الإيمان إلا رسمه (خ 192).
لا تجعلوا علمكم جهلا ويقينكم شكا، إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا (ح 274).
واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل (خ 125).
(35) في أن المؤمنين قلة، وأنه ينبغي أن لا يستوحش لقلتهم:
أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله، فإن الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل (ك 201).
وبقي رجال... قد وعظوا حتى ملوا، وقهروا حتى ذلوا، وقتلوا حتى قلوا (خ 32).
إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة... والعرب اليوم، وإن كانوا قليلا، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع (ك 146).
فإن التقوى في اليوم الحرز والجنة، وفي غد الطريق إلى الجنة... فما أقل من قبلها، وحملها حق حملها أولئك الأقلون عددا، وهم أهل صفة الله سبحانه إذ يقول:
«وقليل من عبادي الشكور» (خ 191).
(36) في مراتب الإيمان واليقين:
فمن الإيمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب، ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور، «إلى أجل معلوم» (ك 189).
واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله (ر 69).
ونؤمن به (الله سبحانه) إيمان من عاين الغيوب، ووقف على الموعود، إيمانا نفى إخلاصه الشرك، ويقينه الشك (خ 114).
ونؤمن به (الله سبحانه) إيمان من رجاه موقنا، وأناب إليه مؤمنا، وخنع له مذعنا،
35

وأخلص له موحدا، وعظمه ممجدا، ولاذ به راغبا مجتهدا (خ 182).
(الملائكة) وقطعهم الإيمان به إلى الوله إليه (خ 91).
(37) المرأة والإيمان:
معاشر الناس، إن النساء نواقص الإيمان... فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن (خ 80).
غيرة المرأة كفر، وغيرة الرجل إيمان (ح 124).
(38) أمور تنقص الإيمان وتضعفه، وأخرى تزيده وتقويه:
واعلموا أن يسير الرياء شرك، ومجالسة أهل الهوى منسأة للإيمان، ومحضرة للشيطان جانبوا الكذب، فإنه مجانب للإيمان... ولا تحاسدوا، فإن الحسد يأكل الإيمان «كما تأكل النار الحطب» (خ 86).
فهم (الملائكة) أسراء إيمان لم يفكهم من ربقته زيغ ولا عدول ولا ونى ولا فتور (خ 91).
عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم، وحل العقود، ونقض الهمم (ح 250).
وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، وتخشيعا لأبصارهم، وتذليلا لنفوسهم، وتخفيضا لقلوبهم، وإذهابا للخيلاء عنهم، ولما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعا، والتصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغرا (خ 192).
سوسوا إيمانكم بالصدقة (ح 146).
36

الفصل الثالث
«في الكفر والشك والشرك»
(39) الكفر:
والكفر على أربع دعائم: على التعمق، والتنازع، والزيغ، والشقاق، فمن تعمق لم ينب إلى الحق. ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة، وحسنت عنده السيئة، وسكر سكر الضلالة، ومن شاق وعرت عليه طرقه، وأعضل عليه أمره، وضاق عليه مخرجه (ح 31).
وأشهد أن من ساواك بشيء من خلقك فقد عدل بك، والعادل بك كافر بما تنزلت به محكمات آياتك، ونطقت عنه شواهد حجج بيناتك (خ 91).
والساحر كالكافر، والكافر في النار (خ 79).
ولقد ضربت أنف هذا الأمر وعينه، وقلبت ظهره وبطنه، فلم أر لي فيه إلا القتال أو الكفر بما جاء به محمد (ص) (خ 43).
(الله سبحانه)... ولم يرسل الأنبياء لعبا، ولم ينزل الكتاب للعباد عبثا، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا: «ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار» (ح 78).
(إلى معاوية) ففرق بيننا وبينكم أمس أنا آمنا وكفرتم (ر 64).
(إلى معاوية) فقد أجريت إلى غاية خسر، ومحلة كفر (ر 30).
والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه، وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله صلى الله عليه وآله، ألا وإني مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك منه (خ 175).
37

(قال للخوارج) أبعد إيماني بالله وجهادي مع رسول الله (ص) أشهد على نفسي بالكفر (خ 58).
(القرآن) فإن فيه شفاء من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال (خ 176).
(في حق من حاربه) ما أسلموا ولكن استسلموا، وأسروا الكفر، فلما وجدوا أعوانا عليه أظهروه (ر 16).
وأشهد أن لا إله إلا الله غير معدول به، ولا مشكوك فيه، ولا مكفور دينه (خ 178).
(إلى معاوية) وكأني بجماعتك تدعوني جزعا من الضرب المتتابع، والقضاء الواقع، ومصارع بعد مصارع، إلى كتاب الله، وهي كافرة جاحدة، أو مبايعة حائدة (ر 10).
(مخاطبا الأشعث) حائك بن حائك، منافق ابن كافر (خ 19).
ما لي ولقريش، والله لقد قاتلتهم كافرين (خ 33).
(مالك الأشتر) أشد على الكفار من حريق النار (ر 38).
وكل فجرة كفرة (خ 151).
غيرة المرأة كفر، وغيرة الرجل إيمان (ح 124).
فهل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا، أو غنيا بدل نعمة الله كفرا (خ 129).
ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف الكافرين (ح 31).
من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنه شكاها إلى الله، ومن شكاها إلى كافر فكأنما شكا الله (ح 427).
وأنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر (خ 40).
(40) الشك:
والشك على أربع شعب: على التماري والهول، والتردد، والاستسلام: فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله، ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه، ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما (ح 31).
38

ونؤمن به (سبحانه وتعالى)... إيمانا نفى إخلاصه الشرك، ويقينه الشك (خ 114).
وأشهد أن لا إله إلا الله غير معدول به، ولا مشكوك فيه (خ 178).
قد تكفل لكم بالرزق، وأمرتم بالعمل... مع أنه والله لقد اعترض الشك، ودخل اليقين، حتى كأن الذي قد فرض عليكم قد وضع عنكم (خ 114).
ولو أراد (الله) سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار... لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب من الناس، ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد (خ 192).
نوم على يقين خير من صلاة في شك (ح 97).
وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله (ح 126).
بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه... ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة (ح 147).
ما شككت في الحق مذ أريته (خ 4).
لا تجعلوا علمكم جهلا، ويقينكم شكا، إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا (ح 274).
(آدم عليه السلام) وحذره (سبحانه) إبليس وعداوته... فباع اليقين بشكه (خ 1).
(الملائكة) ولم ترم الشكوك بنوازعها عزيمة أيمانهم (خ 91).
والتارك له (القرآن) الشاك فيه أعظم الناس شغلا في مضرة (ح 273).
وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه، ولا مرتابا بيقينه (ر 28).
(العلماء) لا تشوبهم الريبة، ولا تسرع فيهم الغيبة (خ 214).
فمن الايمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب، ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور إلى أجل معلوم (خ 189).
(41) الشرك:
واعلموا أن يسير الرياء شرك (خ 86).
ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب. فأما
39

الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى:
«إن الله لا يغفر أن يشرك» (خ 176).
إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب، ولها يرضى ويسخط، أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها: أن يشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته (خ 153).
لم يشركه (سبحانه) في فطرتها فاطر، ولم يعنه على خلقها قادر (خ 185).
أما وصيتي فالله لا تشركوا به شيئا (خ 149).
ونؤمن به إيمان من عاين الغيوب، ووقف على الموعود، إيمانا نفى إخلاصه الشرك، ويقينه الشك (خ 114).
فرض الله الايمان تطهيرا من الشرك (ح 252).
(الله تعالى) ولم يكونها لتشديد سلطان... ولا لمكاثرة شريك في شركه (خ 186).
لم يولد سبحانه، فيكون في العز مشاركا (خ 182).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (خ 2).
لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان... ولا شريك مكاثر، ولا ضد منافر (خ 65).
ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور (خ 91).
واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله (ر 31).
ولقد قال لي رسول الله (ص):
«إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه، ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان، عالم اللسان، يقول
ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون» (ر 27).
(في ذم أهل الرأي) أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا، فاستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا، وعليه أن يرضى (ك 18).
ولا تهيجوا النساء بأذى... إن كنا لنؤمر بالكف عنهن وأنهن لمشركات (ر 14).
40

الباب الثالث: في القرآن والسنة
الفصل الأول: في القرآن الكريم
الفصل الثاني: في السنة النبوية
41

الفصل الأول
«القرآن»
(42) القرآن الكريم فيه تبيان لكل شيء:
وأنزل عليكم «الكتاب تبيانا لكل شيء»، وعمر فيكم نبيه أزمانا، حتى أكمل له ولكم - فيما أنزل من كتابه - دينه الذي رضي لنفسه (خ 86).
ذلك القرآن فاستنطقوه، ولن ينطق، ولكن أخبركم عنه: ألا إن فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم (خ 158).
فالقرآن... أتم نوره، وأكمل به دينه، وقبض نبيه (ص) وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به، فعظموا منه سبحانه ما عظم من نفسه، فإنه لم يخف عنكم شيئا من دينه، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه إلا وجعل له علما باديا، وآية محكمة، تزجر عنه، أو تدعو إليه، (خ 183). وفي القرآن نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم (ح 313).
أم أنزل الله سبحانه دينا تاما فقصر الرسول (ص) عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه يقول:
«ما فرطنا في الكتاب من شيء» وفيه تبيان لكل شيء (ك 18).
(43) في أن القرآن يصدق بعضه بعضا ويفسر بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه ولا عوج:
وذكر (ص) أن الكتاب يصدق بعضه بعضا، وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه:
«ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا» (ك 18).
وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله، ولا يخالف بصاحبه عن الله (خ 133).
42

لا يعوج فيقام، ولا يزيغ فيستعتب (ك 156).
(44) في أنه كتاب محفوظ إلى يوم القيامة:
وبيت لا تهدم أركانه (خ 133).
ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، وسراجا لا يخبو توقده،... وتبيانا لا تهدم أركانه.
«ولا تخلقه كثرة الرد» وولوج السمع (ك 156).
(45) إنه شفاء من جميع الأمراض:
واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور (خ 110).
فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإن فيه شفاء من أكبر الداء: وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال (خ 176).
وفيه ربيع القلب... وما للقلب جلاء غيره (خ 176).
وشفاء لا تخشى أسقامه... ودواء ليس بعده داء (خ 198).
(المتقون): ويستثيرون به دواء دائهم (خ 193).
والشفاء النافع (ك 156).
(46) لا تنقضي علومه، وهو أول المصادر الاسلامية:
وإن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به (ك 18).
فهو معدن الإيمان وبحبوحته، وينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثافي الاسلام وبنيانه، وأودية الحق وغيطانه، وبحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون، ومناهل لا يغيضها الواردون... جعله الله ريا لعطش العلماء، وربيعا لقلوب الفقهاء، ومحاج لطرق الصلحاء... وعلما لمن وعى، وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى (خ 198).
واستدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم (خ 176).
43

(47) في أن القرآن الكريم حجة من حجج الله تعالى على خلقه:
فالقرآن... حجة الله على خلقه، أخذ عليه ميثاقهم، وارتهن عليه أنفسهم (خ 183).
وإن الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن، فإنه «حبل الله المتين» وسببه الأمين (خ 176).
ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل أو كتاب منزل (خ 1).
وعلى كتاب الله تعرض الأمثال (خ 75).
وكفى بالله منتقما ونصيرا، وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما (خ 83).
(48) وجوب العمل بالقرآن الكريم وتحكيم مناهجه وأن ذلك ينجي البشرية من جميع مشاكلها:
والله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم (ر 47).
ومنهاجا لا يضل نهجه... ومنازل لا يضل نهجها المسافرون، وأعلام لا يعمى عنها السائرون، وآكام لا يجوز عنها القاصدون... ومعقلا منيعا ذروته، وعزا لمن تولاه، وسلما لمن دخله، وهدى لمن ائتم به... وحاملا لمن حمله، ومطية لمن أعمله، وآية لمن توسم، وجنة لمن استلأم... وحكما لمن قضى (خ 198).
وتمسك بحبل القرآن واستنصحه، وأحل حلاله، وحرم حرامه (ر 69).
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى (خ 176).
إن الله بعث رسولا هاديا بكتاب ناطق وأمر قائم، لا يهلك عنه إلا هالك (خ 169).
ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى (خ 169).
والمحافظة على ما استحفظكم من كتابه... (خ 173).
ولكن أخبركم عنه: ألا إن فيه... ونظم ما بينكم (خ 158).
فالله الله أيها الناس، فيما استحفظكم من كتابه، واستودعكم من حقوقه (خ 86).
إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله (ك 50).
ولما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله
44

سبحانه وتعالى، وقد قال الله سبحانه:
«فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» فرده إلى الله أن نحكم بكتابه، ورده إلى الرسول أن نأخذ بسنته (ك 124).
«من قال به صدق، ومن عمل به سبق» (ك 156).
إن الله سبحانه أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر، فخذوا نهج الخير تهتدوا، واصدفوا عن سمت الشر تقصدوا (خ 167).
والعصمة للمتمسك، والنجاة للمتعلق (ك 156).
(49) في أهمية قراءته ومدارسته والتعبد به:
وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب... وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص (خ 110).
واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى... فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، إنه ما توجه العباد إلى الله تعالى بمثله. واعلموا أنه شافع مشفع، وقائل مصدق، وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنه ينادي مناد يوم القيامة:
«ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله، غير حرثة القرآن»، فكونوا من حرثته وأتباعه (خ 176).
(المتقون): تالين لأجزاء القرآن، يرتلونها ترتيلا، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم (خ 193).
طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا (ح 104).
ومن قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا (ح 228).
والعصمة للمتمسك، والنجاة للمتعلق (ك 156).
45

أفضل المراجع في علوم القرآن وتفسيره وفيه أمور أخرى بشأن القرآن:
(50) الرسول (ص):
وخلف فيكم ما خلفت الأنبياء في أممها، إذ لم يتركوهم هملا، بغير طريق واضح، ولا علم قائم: كتاب ربكم فيكم: مبينا حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصه وعامه، وعبره وأمثاله، ومرسله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه، مفسرا مجمله، ومبينا غوامضه، بين مأخوذ ميثاق علمه، وموسع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكتاب فرضه، ومعلوم في السنة نسخه، وواجب في السنة أخذه، ومرخص في الكتاب تركه، وبين واجب بوقته،
وزائل في مستقبله. ومباين بين محارمه، من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبول في أدناه، موسع في أقصاه (خ 1).
وقبض نبيه (ص) وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به (القرآن) (خ 183).
(51) أهل البيت (ع):
ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم، وموت الجهل (خ 147).
فيهم كرائم القرآن، وهم كنوز الرحمان (خ 154).
وإن الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته (ك 50).
هم موضع سره، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه، وكهوف كتبه (خ 2).
تالله لقد علمت تبليغ الرسالات، وإتمام العدات، وتمام الكلمات، وعندنا أهل البيت، أبواب الحكم، وضياء الأمر (ك 120).
عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإن رواة العلم كثير، ورعاته قليل (خ 239).
أولئك - والله - الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم (ح 147).
46

(المهدي عج): ويعطف الرأي على القرآن، إذا عطفوا القرآن على الرأي (خ 138).
بهم علم الكتاب وبه علموا، وبهم قام الكتاب وبه قاموا (ح 432).
(52) في الاحتجاج بالقرآن الكريم:
وعذرا لمن انتحله، وبرهانا لمن تكلم به، وشاهدا لمن خاصم به، وفلجا لمن حاج به (خ 198).
لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا (ر 77).
(53) في التأكيد على الأخذ بمحكم القرآن وترك المتشابه منه عند التنازع:
واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله تعالى لقوم أحب ارشادهم:
«يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» فالرد إلى الله: الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول: الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة (ر 53).
47

الفصل الثاني
«السنة»
(54) في أهمية السنة النبوية والدعوة إلى الاهتداء بها، والاستنان بها:
واقتدوا بهدي نبيكم فإنه أفضل الهدي، واستنوا بسنته فإنها أهدى السنن (خ 110).
(لعبد الله بن العباس، لما بعثه للاحتجاج على الخوارج) لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا (ر 77).
فيا عجبا وما لي لا أعجب من خطا هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصون أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي... مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المهمات على آرائهم، كأن كل امرئ منهم إمام نفسه، قد أخذ منها فيما يرى بعرى ثقات، وأسباب محكمات (خ 88).
(55) في آداب الرواية، وأن الكذب على الرسول الكريم كثير جدا:
سأله رجل أن يعرفه الايمان فقال عليه السلام: إذا كان الغد فأتني حتى أخبرك على أسماع الناس، فإن نسيت مقالتي حفظها عليك غيرك، فإن الكلام كالشاردة، ينقفها هذا ويخطئها هذا (ح 266).
(إلى الحارث الهمذاني): ولا تحدث الناس بكل ما سمعت به، فكفى بذلك كذبا.
ولا ترد على الناس كل ما حدثوك به، فكفى بذلك جهلا (ر 69).
اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية، فإن رواة العلم كثير، ورعاته قليل (ح 98).
48

عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإن رواة العلم كثير، ورعاته قليل (ح 239).
وانه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله (خ 147).
(56) في العلل التي من أجلها كتم الأئمة عليهم السلام بعض العلوم والأحكام:
بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة (خ 5).
والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله صلى الله عليه وآله (خ 175).
ها إن هاهنا لعلما جما (وأشار بيده إلى صدره) لو أصبت له حملة بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده،
وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والأدخار، ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شيء شبها بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه (ح 147).
(57) علل اختلاف الأخبار وأنواع الأخبار وأنواع المحدثين:
(سأله سائل عن أحاديث البدع، وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر، فقال عليه السلام): إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، ولقد كذب على رسول الله (ص) على عهده، حتى قام خطيبا، فقال:
«من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للايمان، متصنع بالاسلام، لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على
49

رسول الله (ص) متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله (ص) رآه، وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده، فتقربوا إلى أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا، إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.
ورجل سمع من رسول الله (ص) شيئا لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه، ولم يتعمد كذبا، فهو في يديه، ويرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله (ص)، فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه ورجل ثالث، سمع من رسول الله (ص) شيئا يأمر به، ثم إنه نهى عنه، وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء، ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ، ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع، لم يكذب على الله، ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفا من الله، وتعظيما لرسول الله (ص) ولم يهم، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه، لم يزد فيه ولم ينقص منه، فهو حفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام، والمحكم والمتشابه، فوضع كل شيء موضعه.
وقد كان يكون من رسول الله (ص) الكلام له وجهان: فكلام خاص، وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله، سبحانه به، ولا ما عنى رسول الله (ص) فيحمله السامع، ويوجهه على غير معرفة بمعناه، وما قصد به، وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله (ص) من كان يسأله ويستفهمه، حتى إن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ، فيسأله عليه السلام حتى يسمعوا، وكان لا يمر بي من ذلك شيء إلا سألته عنه وحفظته، فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم، وعللهم في رواياتهم (ك 210).
(58) التأكيد على الأخذ بالسنة الجامعة عند التشابه والتنازع:
واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال
50

الله تعالى لقوم أحب إرشادهم:
«يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» فالرد إلى الله: الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول: الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة (ر 53).
(59) في البدعة والسنة ومخاطر البدع ووجوب إحياء السنة ومحاربة البدعة:
إن الله بعث رسولا هاديا بكتاب ناطق وأمر قائم، لا يهلك عنه إلا هالك، وإن المبتدعات المشبهات هن المهلكات إلا ما حفظ الله منها (خ 169).
وما أحدثت بدعة إلا ترك بها سنة، فاتقوا البدع، والزموا المهيع. إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها (خ 145).
(إلى عثمان): فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل، هدي وهدى، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة مجهولة. وإن السنن لنيرة، لها أعلام، وإن البدع لظاهرة، لها أعلام. وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة (ك 164).
فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته، ثم لا تمرقوا منها، ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها، فإن أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة... واعلموا عباد الله أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاما أول، ويحرم العام ما حرم عاما أول، وأن ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئا مما حرم عليكم... وإنما الناس رجلان: متبع شرعة، ومبتدع بدعة، ليس معه من الله سبحانه برهان وسنة، ولا ضياء حجة (خ 176).
إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان: رجل وكله الله إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة، ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته (ك 17).
إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، ويتولى عليها رجال رجالا، على غير دين الله (ك 50).
51

(ضرب بيده (ع) على لحيته الشريفة الكريمة، فأطال البكاء ثم قال): أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه، وأحيوا السنة وأماتوا البدعة (خ 182).
إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب ولها يرضى ويسخط، أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا، لاقيا ربه
بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها... أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه (خ 153).
طوبى لمن ذل في نفسه... وعزل عن الناس شره ووسعته السنة، ولم ينسب إلى البدعة (ح 123).
وآخر قد تسمى عالما وليس به، فاقتبس جهائل من جهال، وأضاليل من ضلال... يقول: أقف عند الشبهات، وفيها وقع، ويقول: أعتزل البدع، وبينها اضطجع، فالصورة صورة إنسان، والقلب قلب حيوان (خ 87).
فلا تكونوا أنصاب الفتن، وأعلام البدع، وألزموا ما عقد عليه حبل الجماعة، وبنيت عليه أركان الطاعة (خ 51).
وقال (رسول الله (ص)):
«يا علي، إن القوم سيفتنون بأموالهم، ويمننون بدينهم على ربهم... ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة، والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع» (ك 156).
(بني أمية) قد خاضوا بحار الفتن، وأخذوا بالبدع دون السنن، وأرز المؤمنون، ونطق الضالون المكذبون (خ 154).
(60) في أن ما أخبر به الامام (ع) عن الرسول (ص) وأنه لم يكذب فيه قيد أنملة:
إن الذي أنبئكم به عن النبي الأمي (ص) ما كذب المبلغ، ولا جهل السامع (خ 101).
أتراني أكذب على رسول الله (ص) والله لأنا أول من صدقه فلا أكون أول من كذب عليه (خ 37).
52

والله ما كتمت وشمة، ولا كذبت كذبة (ك 16).
ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي (ح 185).
ولقد بلغني أنكم تقولون: علي يكذب، قاتلكم الله تعالى فعلى من أكذب أعلى الله فأنا أول من آمن به أم على نبيه فأنا أول من صدقه كلا والله. لكنها لهجة عبتم عنها، ولم تكونوا من أهلها (خ 71).
53

الباب الرابع: في أصول الدين
الفصل الأول: في مباحث التوحيد
الفصل الثاني: في مباحث العدل الإلهي
الفصل الثالث: في مباحث النبوة الفصل
الرابع: في مباحث الإمامة الفصل
الخامس: في مباحث المعاد
55

الفصل الأول
«في مباحث التوحيد»
(61) في معنى التوحيد والهدف من البحث فيه:
التوحيد ألا تتوهمه (ح 470).
(62) الاستدلال بالمخلوق على وجود الخالق وسائر صفاته، وهدايته للناس إلى معرفته سبحانه وتعالى، ووجوب معرفته وأهميتها:
الحمد لله الدال على وجوده بخلقه، وبمحدث خلقه على أزليته، وباشتباههم على أن لا شبه له (خ 152).
بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له (خ 186).
وعجبت لمن شك في الله، وهو يرى خلق الله (ح 126).
وما الذي نرى من خلقك ونعجب له من قدرتك، ونصفه من عظيم سلطانك وما تغيب عنا منه، وقصرت أبصارنا عنه، وانتهت عقولنا دونه، وحالت ستور الغيب بيننا وبينه أعظم (خ 160).
الذي أظهر من آثار سلطانه، وجلال كبريائه، ما حير مقل العقول من عجائب قدرته (خ 165).
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته (خ 157).
ولم يخلهم بعد أن قبضه (آدم)، مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته، ويصل بينهم
56

وبين معرفته، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه، ومتحملي ودائع رسالاته، قرنا فقرنا (خ 89).
بان من الأشياء بالقهر لها والقدرة عليها، وبانت الأشياء منه بالخضوع له والرجوع إليه (خ 152).
الحمد لله الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين (خ 213).
وأرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوته، ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته،
فظهرت البدائع التي أحدثتها آثار صنعته، وأعلام حكمته، فصار كل ما خلق حجة له ودليلا عليه. وإن كان خلقا صامتا، فحجته بالتدبير ناطقة، ودلالته على المبدع قائمة (خ 90).
فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته، وخوفهم من سطوته، وكيف محق من محق بالمثلات، واحتصد من احتصد بالنقمات (خ 147).
فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته... ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم الآيات المقدرة: من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم، وآجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم، وأحداث تتابع عليهم (خ 1).
الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور... فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره... لم يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته. فهو الذي تشهد له أعلام الوجود، على إقرار قلب ذي الجحود (ك 49).
وأرانا (سبحانه) من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق أن يقيمها بمساك قوته، ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته، فظهرت البدائع التي أحدثتها آثار صنعته، وأعلام حكمته، فصار كل ما خلق حجة له ودليلا عليه، وإن كان خلقا صامتا، فحجته بالتدبير ناطقة، ودلالته على المبدع قائمة (خ 91).
ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة، لدقيق تفصيل كل شيء، وغامض اختلاف كل حي (خ 185).
الحمد لله المعروف من غير رؤية (خ 90).
57

الحمد لله المتجلي بخلقه، والظاهر لقلوبهم بحجته (خ 106).
ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات وساكن وذي حركات، وأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته، وعظيم قدرته، ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته (خ 163).
ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة، لرجعوا إلى الطريق، وخافوا عذاب الحريق، ولكن القلوب عليلة، والبصائر مدخولة (خ 183).
فالويل لمن أنكر المقدر وجحد المدبر، زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع، ولم يجؤوا إلى حجة فيما ادعوا، ولا تحقيق لما أوعوا. وهل يكون بناء من غير بان أو جناية من غير جان الحمد لله... الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده، وباشتباههم على أن لا شبه له... مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته، وبما وسمها من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه (خ 183).
واعلم يا بني، أن أحدا لم ينبئ عن الله سبحانه كما أنبأ عنه الرسول (ص) فارض به رائدا... (خ 270).
عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم، وحل العقود، ونقض الهمم (ح 250).
أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به (خ 1).
بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن، والقضاء المبرم (خ 182).
(63) في خلق الأفلاك والسماوات: (1)
من قوله عليه السلام (ثم أنشأ - سبحانه - فتق الأجواء) إلى قوله عليه السلام (ورقيم مائر) (خ 1).
من قوله عليه السلام (ونظم بلا تعليق رهوات فرجها) إلى قوله عليه السلام (ونحوسها وسعودها) (خ 91).
من قوله عليه السلام (فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات) إلى قوله عليه السلام (والعمل الصالح من خلقه) (خ 182).
58

من قوله عليه السلام (وكان من اقتدار جبروته) إلى قوله عليه السلام (وقامت على حده) (خ 211).
(64) في خلق النجوم والشمس والقمر والليل والنهار:
من قوله عليه السلام (جعل نجومها أعلاما) إلى قوله عليه السلام (من تلألؤ نور القمر) (خ 182).
من قوله عليه السلام (ثم زينها بزينة الكواكب) إلى قوله عليه السلام (ورقيم مائر) (خ 1).
سئل (ع) عن المسافة بين المشرق والمغرب، فقال: مسيرة يوم للشمس (ح 294).
من قوله عليه السلام (وأقام رصدا من الشهب الثواقب) إلى قوله عليه السلام (ونحوسها وسعودها) (خ 91).
من قوله عليه السلام (فانظر إلى الشمس والقمر) إلى قوله (والنهار) (خ 185).
من قوله عليه السلام (والشمس والقمر دائبان) إلى قوله (كل بعيد) (خ 90).
من قوله عليه السلام (وجعل شمسها) إلى قوله (بمقاديرهما) (خ 91).
من قوله عليه السلام (في ليل داج) إلى قوله (وإدبار نهار مدبر) (خ 163).
(65) في خلق اليابسة وموارد المياه:
من قوله عليه السلام (كبس الأرض على الماء) إلى قوله عليه السلام (على جواد طرقها) (خ 91).
من قوله عليه السلام (وأنشأ الأرض فأمسكها) إلى قوله عليه السلام (ولا ضعف ما قواه) (خ 186).
من قوله عليه السلام (وأرسى أرضا يحملها) إلى قوله عليه السلام (وتمخضه الغمام الذوارف) (خ 211).
من قوله عليه السلام (وأنشأ السحاب الثقال) إلى قوله عليه السلام (بعد جدوبها) (خ 185).
59

من قوله عليه السلام (فسبحان من لا يخفى عليه سواد) إلى قوله عليه السلام (ومسحب الذرة ومجرها) (خ 182).
من قوله عليه السلام (وكذلك السماء) إلى قوله عليه السلام (وطول هذه القلال) (خ 185).
من قوله عليه السلام (الذي لم يزل قائما) إلى قوله عليه السلام (ولا خلق ذو اعتماد) (خ 90).
من قوله عليه السلام (أنها عرضت على السموات المبنية) إلى قوله عليه السلام (وهو الإنسان «إنا عرضنا الأمانة على» (خ 199).
من قوله عليه السلام (اللهم رب السقف المرفوع) إلى قوله عليه السلام (وللخلق اعتمادا) (ك 171).
من قوله عليه السلام (فمن فرغ قلبه) إلى قوله (وفكره حائرا) (خ 160).
(66) في خلق الملائكة:
من قوله عليه السلام (ثم خلق سبحانه لاسكان سماواته) إلى قوله عليه السلام (وتزداد عزة ربهم في قلوبهم عظما) (خ 91).
من قوله عليه السلام (من ملائكة أسكنتهم سماواتك) إلى قوله عليه السلام (ولم يطيعوك حق طاعتك) (خ 109).
من قوله عليه السلام (ثم فتق ما بين السموات العلا) إلى قوله عليه السلام (ولا يشيرون إليه بالنظائر) (خ 1).
من قوله عليه السلام (بل إن كنت صادقا) إلى قوله عليه السلام (أحسن الخالقين) (خ 182).
(67) في خلق الانسان، وآدم (ع):
من قوله عليه السلام (أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام) إلى قوله عليه السلام (وبصرا لاحظا) (خ 83).
60

من قوله عليه السلام (جعل لكم أسماعا) إلى قوله عليه السلام (ومدد عمرها) (خ 83).
من قوله عليه السلام (أيها المخلوق السوي) إلى قوله عليه السلام (مواضع طلبك وإرادتك) (خ 163).
من قوله عليه السلام (إنما فرق بينهم مبادئ طينهم) إلى قوله عليه السلام (حديد الجنان) (خ 234).
من قوله عليه السلام (اعجبوا لهذا الانسان) إلى قوله عليه السلام (ويتنفس من خرم) (ح 8).
من قوله عليه السلام (ثم جمع سبحانه من حزن الأرض) إلى قوله عليه السلام (والبلة والجمود) (خ 1).
من قوله عليه السلام (فلما مهد أرضه) إلى قوله عليه السلام (فيما نهاه عنه) (خ 91).
من قوله عليه السلام (ولو أراد الله) إلى قوله عليه السلام (وأبعادا للخيلاء منهم) (خ 192).
(68) في خلق الحيوانات:
1 - الخفاش:
من قوله عليه السلام (ومن لطائف صنعته) إلى قوله عليه السلام (على غير مثال خلا من غيره) (خ 155).
2 - الطاووس:
من قوله عليه السلام (ومن أعجبها خلقا) إلى قوله عليه السلام (وقعد بها عن تأدية نعته) (خ 165).
3 - الطيور:
من قوله عليه السلام (ابتدعهم خلقا عجيبا) إلى قوله عليه السلام (قد طوق بخلاف
61

ما صبغ به) (خ 165).
من قوله عليه السلام (فالطير مسخرة لأمره) إلى قوله عليه السلام (وكفل له برزقه) (خ 185).
4 - الجرادة:
من قوله عليه السلام (وإن شئت قلت في الجرادة) إلى قوله عليه السلام (وخلقها كله لا يكون إصبعا مستدقة) (خ 185).
5 - النملة والذبابة:
من قوله عليه السلام (ألا ينظرون إلى صغير ما خلق) إلى قوله عليه السلام (في خلقه إلا سواء) (خ 185).
من قوله عليه السلام (سبحان من أدمج) إلى قوله عليه السلام (خلق الحيتان والفيلة) (خ 165).
(69) في إحكامه سبحانه وتعالى للأمور، وتقديرها وتدبيرها ودقة توجيهها:
قدر ما خلق فأحكم تقديره، ودبره فألطف تدبيره، ووجهه لوجهته فلم يتعد حدود منزلته، ولم يقصر دون الانتهاء إلى غايته، ولم يستصعب إذ أمر بالمضي على إرادته، فكيف وإنما صدرت الأمور عن مشيئته (خ 91).
أحال الأشياء لأوقاتها، ولأم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها وألزمها أشباحها، عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها وانتهائها، عارفا بقرائنها وأحنائها (خ 1).
ولا اعتورته في تنفيذ الأمور وتدابير المخلوقين ملالة ولا فترة (خ 91).
وجعل (سبحانه) لكل شيء قدرا، ولكل قدر أجلا، ولكل أجل كتابا (خ 181).
فأقام من الأشياء أودها، ونهج حدودها، ولاءم بقدرته بين متضادها، ووصل أسباب قرائنها، وفرقها أجناسا مختلفات في الحدود والأقدار، والغرائز والهيئات، بدايا خلائق، أحكم صنعها،
وفطرها على ما أراد وأبتدعها (خ 89).
62

بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن والقضاء المبرم (خ 180).
دبرها (سبحانه) بلطفه، وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته (خ 186).
واعلموا عباد الله، إنه لم يخلقكم عبثا، ولم يرسلكم هملا (خ 193).
الحمد لله... الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين (خ 213).
وأرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوته، ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته، فظهرت البدائع التي أحدثتها آثار صنعته، وأعلام حكمته، فصار كل ما خلق حجة له ودليلا عليه، وإن كان خلقا صامتا، فحجته بالتدبير ناطقة، ودلالته على المبدع قائمة (خ 91).
(70) في حدوث العالم وابتداعه، وأنه سبحانه خلق الخلق لا من مادة ولا شيء، ومن غير حاجة به إليهم، ولا استعانة بغيره، ولا غرض في خلقهم يعود إليه:
أنشأ الخلق إنشاء، وابتدأه ابتداء، بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها (خ 1).
لم يلحقه في ذلك كلفة... ولا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة (خ 91).
لم يتكاءده صنع شيء منها إذ صنعه، ولم يؤده منها خلق ما خلقه وبرأه، ولم يكونها لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان، ولا للاستعانة بها على ند مكاثر، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور، ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها (خ 186).
خلق الخلق من غير رويه، إذ كانت الرويات لا تليق إلا بذوي الضمائر، وليس بذي ضمير في نفسه (خ 106).
لم تخلق الخلق لوحشة، ولا استعملتهم لمنفعة (خ 109).
خلق (سبحانه) الخلائق على غير مثال خلا من غيره، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه (خ 180).
لم يخلق الأشياء من أصول أزلية، ولا من أوائل أبدية، بل خلق ما خلق فأقام حده، وصور ما صور فأحسن صورته، ليس لشيء منه امتناع، ولا له بطاعة شيء انتفاع (خ 163).
63

خلق (سبحانه) الخلق على غير تمثيل، ولا مشورة مشير، ولا معونة معين، فتم خلقه بأمره (خ 153).
الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله، ولا مقدار احتذى عليه، من خالق معبود كان قبله (خ 91).
فسبحان البارئ لكل شيء، على غير مثال خلا من غيره (خ 153).
فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة، غني لا باستفادة (خ 186).
خلق الخلق حين خلقهم، غنيا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه (خ 193).
لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان، ولا تخوف من عواقب زمان، ولا استعانة على ند مشاور، ولا شريك مكاثر، ولا ضد منافر (خ 63).
مبتدع الخلائق بعلمه، ومنشئهم بحكمه، بلا اقتداء ولا تعليم، ولا احتذاء لمثال صانع حكيم، ولا إصابة خطأ، ولا مضرة ملأ (خ 189).
ا لحمد لله المعروف من غير رؤية، والخالق من غير رؤية، الذي لم يزل قائما دائما، إذ لا سماء ذات أبراج، ولا حجب ذات أرتاج، ولا ليل داج، ولا بحر ساج، ولا جبل ذو فجاج، ولا فج ذو اعوجاج، ولا أرض ذات مهاد، ولا خلق ذو اعتماد: ذلك مبتدع الخلق ووارثه، وإله الخلق ورازقه (خ 90).
لم يؤده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما ذرأ، ولا وقف به عجز عما خلق (خ 63).
المنشئ أصناف الأشياء بلا رويه فكر آل إليها، ولا قريحة غريزة أضمر عليها، ولا تجربة أفادها من حوادث الدهور، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور، فتم خلقه بأمره، وأذعن لطاعته، وأجاب إلى دعوته، لم يعترض دونه ريث المبطئ، ولا أناة المتلكئ (خ 89).
لم يذرأ الخلق باحتيال، ولا استعان بهم لكلال (خ 195).
(71) في صفاته الذاتية، وأنها عين ذاته، وأنها لا زائدة ولا مغايرة:
وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل
64

صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده (خ 1).
الخالق لا بمعنى حركة ونصب، والسميع لا بأداة، والبصير لا بتفريق آلة، والشاهد لا بمماسة، والبائن لا بتراخي مسافة، والظاهر لا برؤية، والباطن لا بلطافة... من وصفه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن عده فقد أبطل أزله، ومن قال «كيف» فقد استوصفه... عالم إذ لا معلوم، ورب إذ لا مربوب، وقادر إذ لا مقدور (خ 152).
يقول لمن أراد كونه «كن، فيكون» لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله، لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا (خ 186).
كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة، غني لا باستفادة... ولا ترفده الأدوات (خ 186).
ولا يرهقه ليل، ولا يجري عليه نهار. ليس ادراكه بالإبصار، ولا علمه بالإخبار (خ 213).
فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده (خ 1).
كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة (خ 1).
العالم بلا اكتساب ولا ازدياد، ولا علم مستفاد، المقدر لجميع الأمور بلا روية ولا ضمير. الذي لا تغشاه الظلم، ولا يستضيء بالأنوار (خ 213).
كل مسمى بالوحدة غيره قليل، وكل عزيز غيره ذليل، وكل قوي غيره ضعيف، وكل مالك غيره مملوك، وكل عالم غيره متعلم، وكل قادر غيره يقدر ويعجز، وكل سميع غيره يصم عن لطيف الأصوات، ويصمه كبيرها، ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام، وكل ظاهر غيره باطن، وكل باطن غيره غير ظاهر (خ 63).
65

فلسنا نعلم كنه عظمتك، إلا أنا نعلم أنك حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم (خ 158).
قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين. متكلم لا برؤية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة. لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسة، رحيم لا يوصف بالرقة (خ 179).
يقول ولا يلفظ، ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر. يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة (خ 186).
ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود (خ 1).
لا يقال كان بعد أن لم يكن، فتجري عليه الصفات المحدثات. ولا يكون بينها وبينه فصل، ولا له عليها فضل. فيستوي الصانع والمصنوع، ويتكافأ المبتدع والبديع (خ 182).
(72) في انه تعالى لا تتغير له ذات ولا صفة ذاتية:
لا يشغله شأن، ولا يغيره زمان (خ 178).
لا يشغله سائل، ولا ينقصه نائل (خ 180).
الحمد لله الذي لا يفره المنع والجمود، ولا يكديه الإعطاء والجود، إذ كل معط منتقص سواه، وكل مانع مذموم ما خلاه (خ 91).
ولا يتغير بحال، ولا يتبدل في الأحوال، ولا تبليه الليالي والأيام، ولا يغيره الضياء والظلام (خ 186).
ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال، ولا كان في مكان فيجوز عليه الانتقال... ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال، وضحكت عنه أصداف البحار: من فلز اللجين والعقيان، ونثارة الدر وحصيد المرجان، ما أثر ذلك في جوده، ولا أنفذ سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الإنعام ما لا تنفده مطالب الأنام (خ 91).
ولا يزول أبدا (خ 273).
ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان (خ 182).
66

ولا يوصف... بعرض من الأعراض (خ 186).
لا يثلمه العطاء، ولا ينقصه الحباء، ولا يستنفده سائل، ولا يستقصيه نائل... ولا يجنه البطون عن الظهور، ولا يقطعه الظهور عن البطون (خ 195).
ولا يخلق بعلاج (خ 182).
ولا يجري عليه السكون والحركة، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولكان له وراء إذ وجد له أمام، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان، وإذا لقامت آية المصنوع فيه، ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره (خ 183).
(73) لا شريك له تعالى، ولا تعدد:
واعلم يا بني: أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه، ولا يضاده في ملكه أحد (ر 31).
ولا كف له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه (خ 186).
ولا يحسب بعد (خ 186).
الأحد بل تأويل عدد (خ 152).
كل مسمى بالوحدة غيره قليل (خ 65).
(74) لا يشبه تعالى شيئا من خلقه، ولا يشبهه شيء:
ولا نعت موجود (خ 1).
ولا كف له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه (خ 186).
لم تبلغه العقول بتشبيه فيكون مشبها، ولم تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثلا (خ 156).
الحمد لله العلي عن شبه المخلوقين.
فأشهد أن من شبهك بتباين أعضاء خلقك، وتلاحم حقاق مفاصلهم المحتجبة لتدبير
67

حكمتك، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك، ولم يباشر قلبه اليقين بأنه لا ند لك، وكأنه لم يسمع تبرؤ التابعين من المتبوعين إذ يقولون:
«تالله إن كنا لفي ضلال مبين، إذ نسويكم برب العالمين»... وأشهد أن من ساواك بشيء من خلقك فقد عدل بك، والعادل بك كافر بما تنزلت به محكمات آياتك، ونطقت عنه شواهد حجج بيناتك (خ 91).
ولا يقاس بالناس (خ 182).
ولا إياه عنى من شبهه (خ 186).
(الملائكة) ولا يجرون عليه صفات المصنوعين... ولا يشيرون إليه بالنظائر (خ 1).
الحمد لله الدال على وجوده بخلقه، وبمحدث خلقه على أزليته، وباشتباههم على أن لا شبه له. لا تستلمه المشاعر، ولا تحجبه السواتر، لافتراق الصانع والمصنوع، والحاد والمحدود، والرب والمربوب (خ 152).
(75) أنه تعالى لا يوصف بجسم ولا صورة:
ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما، ولا بذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيدا (خ 185).
لا يشمل بحد... وإنما تحد الأدوات أنفسها (خ 186).
تعالى عما ينحله المحددون من صفات الأقدار، ونهايات الأقطار، وتأثل المساكن، وتمكن الأماكن، فالحد لخلقه مضروب، وإلى غيره منسوب (خ 163).
ولا يقال: له حد ونهاية (خ 186).
(الملائكة) لا يتوهمون ربهم بالتصوير (خ 1).
(76) أنه تعالى ليس بمركب ولا له جزء:
ولا تناله التجزئة والتبعيض (خ 85).
كذب العادلون بك، إذ شبهوك بأصنامهم، ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم، وجزؤوك تجزئة المجسمات بخواطرهم، وقدروك على الخلقة المختلفة القوى بقرائح عقولهم (خ 91).
68

ولا يوصف بشيء من الأجزاء... ولا بالغيرية والأبعاض (خ 186).
(77) أنه تعالى لا ولد له ولا صاحبة ولا ضد ولا ند:
لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكا (خ 182).
لم يلد فيكون مولودا، ولم يولد فيصير محدودا. جل عن اتخاذ الأبناء، وطهر عن ملامسة النساء (خ 186).
وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له (خ 186).
ولا يوصف بالأزواج (خ 182).
(78) أنه تعالى لا يوصف بوجه ولا يد ولا شيء من الجوارح:
ولا يوصف بشيء من الأجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء (خ 183).
ولا ينظر بعين (خ 182).
يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وأدوات، يقول ولا يلفظ، ويحفظ ولا يتحفظ (خ 186).
الذي كلم موسى (ع) تكليما، وأراه من آياته عظيما، بلا جوارح ولا أدوات، ولا نطق ولا لهوات.
صانع لا بجارحة (خ 179).
فاعل لا باضطراب آلة (خ 186).
لم يقرب من الأشياء بالتصاق، ولم يبعد عنها بافتراق (خ 163).
(79) لا يدركه شيء من الحواس:
وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره (خ 49).
والرادع أناسي الأبصار عن أن تناله أو تدركه (خ 91).
لم ترك العيون فتخبر عنك، بل كنت قبل الواصفين من خلقك (خ 109).
69

هو الله الحق المبين، أحق وأبين مما ترى العيون (خ 155).
فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته، وخوفهم من سطوته، وكيف محق من محق بالمثلات، واحتصد من احتصد بالنقمات.
لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان (خ 179).
الحمد لله المتجلى لخلقه تجلته، والظاهر لقلوبهم بحجته (خ 108).
عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر (وصيته 31). الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين (خ 213).
ولا تدركه الحواس فتحسه، ولا تلمسه الأيدي فتمسه (خ 184).
لا تستلمه المشاعر (خ 153).
لم ينته إليك نظر، ولم يدركك بصر (خ 160).
ولا يدرك بالحواس (خ 182).
الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد... ولا تراه النواظر (خ 185).
(80) في أنه تعالى لا يدرك كنه ذاته وصفاته، ولا يدركه خيال ولا يوصف بكيفية ولا آنية ولا حيثية:
أ - العجز الكامل:
الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن (خ 1).
لا تقع الأوهام له على صفة، ولا تعقد القلوب منه على كيفيته... ولا تحيط به الأبصار والقلوب (خ 85).
الحمد لله الذي أظهر من آفاق سلطانه وجلال كبريائه، ما حير مقل العقول من عجائب قدرته، وردع خطرات هماهم النفوس عن معرفة كنه صفته (خ 195).
لا تناله الأوهام فتقدره، ولا تتوهمه الفطن فتصوره (خ 186).
فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله حدس الفطن (خ 92).
ولا يصفه لسان (خ 178).
ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عنى من شبهه، ولا صمده
70

من أشار إليه وتوهمه (خ 186).
فلسنا نعلم كنه عظمتك، إلا أنا نعلم أنك:
«حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم» (خ 160).
لم تحط به الأوهام، بل تجلى بها، وبها امتنع منها، وإليها حاكمها (خ 183).
عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر (ر 31).
فمن فرغ قلبه، وأعمل فكره، ليعلم كيف أقمت عرشك، وكيف ذرأت خلقك، وكيف علقت في الهواء سماواتك، وكيف مددت على مور الماء أرضك، رجع طرفه حسيرا، وعقله مبهورا وسمعه والها، وفكره حائرا (خ 160).
ولا يقال: له حد ونهاية، ولا انقطاع ولا غاية (خ 186).
الحمد لله... الغالب لمقال الواصفين... والباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين (خ 213).
هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته، وحاول الفكر المبرأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته، وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصفات لتناول ردعها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب، متخلصة إليه سبحانه، فرجعت إذ جبهت معترفة
بأنه لا ينال بجور الاعتساف كنه معرفته، ولا تخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته (خ 91).
لا يدرك بوهم، ولا يقدر بفهم... بل إن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف ربك، فصف جبريل وميكائيل وجنود الملائكة المقربين في حجرات القدس مرجحنين، متولهة عقولهم أن يحدوا أحسن الخالقين، فإنما يدرك بالصفات ذوو الهيئات والأدوات، ومن ينقضي إذا بلغ أمد حده بالفناء. فلا إله إلا هو (خ 182).
وإنك أنت الله الذي لم تتناه في العقول، فتكون في مهب فكرها مكيفا، ولا في رويات خواطرها فتكون محدودا مصرفا (خ 91).
هيهات، إن من يعجز عن صفات ذي الهيئة والأدوات، فهو عن صفات خالقه أعجز (خ 163).
71

كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله (خ 110).
وقال عليه السلام بعد أن وصف الطاوس: فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن، أو تبلغه قرائح العقول، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين، وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه، والألسنة أن تصفه، فسبحان الذي بهر العقول عن وصف جلاه للعيون، فأدركته محدودا مكونا، ومؤلفا ملونا، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته، وقعد بها عن تأدية نعته (خ 165).
الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته، وردعت عظمته العقول، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته (خ 153).
ب - نصيحة الأمام (ع) في هذا الباب:
(أتاه رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لنا ربنا مثلما نراه عيانا لنزداد له حبا وبه معرفة... فصعد المنبر وهو مغضب متغير اللون... ومما قال): فانظر أيها السائل، فما دلك القرآن عليه من صفته فائتم به واستضئ بنور هدايته، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه، ولا في سنة النبي صلى الله عليه وآله وأئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله سبحانه، فإن ذلك منتهى حق الله عليك، واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح الله تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا، فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين (خ 91).
(81) أنه تعالى أزلي أبدي سرمدي لا أول لوجوده ولا آخر:
الحمد لله الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، وبأوليته وجب أن لا أول له، وبآخريته وجب أن لا آخر له (خ 101).
وأن الله سبحانه، يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه، كما كان قبل ابتدائها، كذلك يكون بعد فنائها، بلا وقت ولا مكان، ولا حين ولا زمان... عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون والساعات (خ 186).
72

ولم يتقدمه وقت ولا زمان (خ 182).
الحمد لله الذي لم تسبق له حال حالا، فيكون أولا قبل أن يكون آخرا، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا (خ 65).
لا يقال: كان بعد أن لم يكن، فتجري عليه الصفات المحدثات (خ 182).
الدال على قدمه بحدوث خلقه (خ 185).
لا تصحبه الأوقات... سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله (خ 186).
كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم (خ 1).
منعتها (منذ) القدمة، وحمتها (قد) الأزلية (خ 186).
الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش، أو سماء أو أرض، أو جان أو إنس (خ 182).
الحمد لله... الأول الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله، والآخر الذي ليس له بعد فيكون شيء بعده (خ 89).
أنت الأبد فلا أمد لك، وأنت المنتهى فلا محيص عنك، وأنت الموعد فلا منجى منك إلا إليك (خ 109).
الحمد لله الأول فلا شيء قبله، والآخر فلا شيء بعده (خ 94).
ليس لأوليته ابتداء، ولا لأزليته انقضاء، هو الأول ولم يزل، والباقي بلا أجل... لا يقال له (متى) ولا يضرب له أمد (بحتى)... قبل كل غاية ومدة، وكل إحصاء وعدة (خ 163).
الذي لا يحول ولا يزول، ولا يجوز عليه الأفول (خ 183).
الحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش، أو سماء أو أرض، أو جان أو إنس (خ 182).
مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته (خ 183).
ولا يزول أبدا، ولم يزل أول قبل الأشياء بلا أولية، وآخر بعد الأشياء بلا نهاية (خ 273).
دائم لا بأمد، وقائم لا بعمد (خ 183).
73

وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له: الأول لا شيء قبله، والآخر لا غاية له (خ 83).
(82) أنه تعالى لا مكان له ولا يحل في مكان:
لم يحلل في الأشياء فيقال: هو كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن (ك 65).
ومن قال:
«أين» فقد حيزه (خ 152).
ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه، أو أن شيئا يحمله فيميله أو يعد له، ليس في الأشياء بوالج، ولا عنها بخارج (خ 186).
سبق في العلو فلا شيء أعلى منه، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه، فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه، ولا قربه ساواهم في المكان به (ك 49).
(الملائكة) ولا يحدونه بالأماكن (خ 1).
ومن قال «فيم» فقد ضمنه، ومن قال «علام» فقد أخلى منه (خ 1).
والظاهر فلا شيء فوقه، والباطن فلا شيء دونه (خ 96).
ولا يحويه مكان (خ 178).
ولا يحد «بأين» (خ 182).
ولا تحويه المشاهد (خ 185).
(83) أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير
وأن جميع المعلومات والمقدورات بالنسبة إلى علمه وقدرته سبحانه سواء: قد علم السرائر، وخبر الضمائر، له الإحاطة بكل شيء (خ 86).
كل شيء خاشع له، وكل شيء قائم به... من تكلم سمع نطقه، ومن سكت علم سره... ولا يسبقك من طلبت ولا يفلتك من أخذت... كل سر عندك علانية، وكل غيب عندك شهادة... فلا منجى منك إلا إليك. بيدك ناصية كل دابة، وإليك مصير كل نسمة.
سبحانك ما أعظم شأنك سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك وما أصغر كل عظيمة في جنب قدرتك (خ 109).
74

ونستغفره مما أحاط به علمه، وأحصاه كتابه: علم غير قاصر وكتاب غير مغادر.
علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين، علمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى (خ 163).
أحال الأشياء لأوقاتها، ولأم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها، وألزمها أشباحها، عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها وانتهائها، عارفا بقرائنها وأحنائها (خ 1).
أدركت الأبصار، وأحصيت الأعمال، وأخذت بالنواصي والأقدام. وما الذي نرى من خلقك، ونعجب له من قدرتك، ونصفه من عظيم سلطانك، وما تغيب عنا منه، وقصرت أبصارنا عنه، وانتهت عقولنا دونه، وحالت ستور الغيوب بيننا وبينه أعظم (خ 160).
إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، «وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت» (خ 128).
ولا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور لفظة، ولا ازدلاف ربوة، ولا انبساط خطوة في ليل داج، ولا غسق ساج (خ 163).
فإن الله تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة والظاهرة والمستورة (ر 53).
ولا تحجبه السواتر (خ 153).
فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه (ك 49).
فما قطعكم عنه حجاب، ولا أغلق عنكم دونه باب، وأنه لكل مكان، وفي كل حين وأوان، ومع كل إنس وجان (خ 213).
المأمول مع النقم، المرهوب مع النعم (خ 63).
عالم السر من ضمائر المضمرين، ونجوى المتخافتين، وخواطر رجم الظنون، وعقد عزيمات اليقين، ومسارق إيماض الجفون، وما ضمنته أكنان القلوب، وغيابات الغيوب، وما أصغت لاستراقه مصائخ الأسماع، ومصائف الذر، ومشاتي الهوام، ورجع الحنين من المولهات، وهمس الأقدام، ومنفسح الثمرة من ولائج غلف الأكمام، ومنقمع الوحوش من غيران الجبال وأوديتها، ومختبأ البعوض بين سوق الأشجار وألحيتها، ومعزز الأوراق من
75

الأفنان، ومحط الأمشاج من مسارب الأصلاب، وناشئة الغيوم ومتلاحمها، ودرور قطر السحاب في متراكمها، وما تسفي الأعاصير بذيولها، وتعفو الأمطار بسيولها، وعوم بنات الأرض في كثبان الرمال، ومستقر ذوات الأجنحة بذرى شناخيب الجبال، وتغريد ذوات المنطق في دياجير الأوكار، وما أوعبته الأصداف، وحضنت عليه أمواج البحار، وما غشيته سدفة ليل، أو ذر عليه شارق نهار، وما اعتقبت عليه أطباق الدياجير، وسبحات النور، وأثر كل خطوة، وحس كل حركة، ورجع كل كلمة، وتحريك كل شفة، ومستقر كل نسمة، ومثقال كل ذرة، وهما هم كل نفس هامة، وما عليها من ثمر شجرة أو ساقط ورقة، أو قرارة نطفة، أو نقاعة دم ومضغة، أو ناشئة خلق وسلالة، لم يلحقه في ذلك كلفة... نفذهم علمه، وأحصاهم عدده، ووسعهم عدله، وغمرهم فضله، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله (خ 91).
خرق علمه باطن غيب السترات، وأحاط بغموض عقائد السريرات (خ 108).
الباطن لكل خفية، والحاضر لكل سريرة، العالم بما تكن الصدور، وتخون العيون (خ 132).
ولا يعزب عنه عدد قطر الماء ولا نجوم السماء، ولا سوافي الريح في الهواء، ولا دبيب النمل على الصفا، ولا مقيل الذر في الليلة الظلماء، يعلم مساقط الأوراق، وخفي طرف الأحداق (خ 178).
وهو الله الذي لا يعجزه من طلب، ولا يفوته من هرب (خ 105).
ولئن أمهل الظالم فلن يفوت أخذه، وهو له بالمرصاد على مجاز طريقه، وبموضع الشجى من مساق ريقه (خ 97).
فسبحان من لا يخفى عليه سواد غسق داج، ولا ليل ساج في بقاع الأرضين المتطأطئات، ولا في يفاع السفع المتجاورات، وما يتجلجل به الرعد في أفق السماء، وما تلاشت عنه بروق الغمام، وما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الأنواء، وانهطال السماء ويعلم مسقط القطرة ومقرها، ومسحب الذرة ومجرها، وما يكفي البعوضة من قوتها، وما تحمل الأنثى في بطنها (خ 182).
وعلم ما يمضي وما مضى (خ 191).
76

يعلم عجيج الوحوش في الفلوات، ومعاصي العباد في الخلوات، واختلاف النينان في البحار الغامرات، وتلاطم الماء بالرياح العاصفات (خ 198).
وأحاط (سبحانه) بكم الإحصاء، وأرصد لكم الجزاء (خ 81).
وإذا ناجيته علم نجواك (ر 31).
(وسئل عليه السلام: كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم) فقال: كما يرزقهم على كثرتهم. فقيل: (كيف يحاسبهم ولا يرونه) فقال (ع): كما يرزقهم ولا يرونه (ح 300).
الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور (ك 49).
وأحصى أثارهم وأعمالهم، وعدد أنفسهم، وخائنة أعينهم، وما تخفي صدورهم من الضمير، ومستقرهم ومستودعهم من الأرحام والظهور، إلى أن تتناهى بهم الغايات (خ 90).
اللهم... تشاهدهم في سرائرهم، وتطلع عليهم في ضمائرهم، وتعلم مبلغ بصائرهم، فأسرارهم لك مكشوفة، وقلوبهم إليك ملهوفة (دعاء 227).... اللهم أنت الصاحب في السفر، وأنت الخليفة في الأهل، ولا يجمعهما غيرك، لأن المستخلف لا يكون مستصحبا، والمستصحب لا يكون مستخلفا (ك 46).
هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته (خ 90).
هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته، والعالي على كل شيء منها بجلاله وعزته. لا يعجزه شيء منها طلبه، ولا يمتنع عليه فيغلبه. ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه. خضعت الأشياء له، وذلت مستكينة لعظمته، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره، فتمتنع من نفعه وضره (خ 186). (1)

(1) لم نكتب العبارات مفصلة في هذا الفصل، واكتفينا بالإشارة إليها وتحديدها، وذلك للاختصار، ولاعتقادنا بسهولة مراجعتها.
77

الفصل الثاني
«مباحث العدل الإلهي»
(84) معنى العدل الإلهي والهدف من البحث فيه:
العدل ألا تتهمه (ح 470).
(85) في أن حكمه تعالى العدل، ومن لا يشمله عدله يغمره بفضله ورحمته:
وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه (خ 185).
إن الله قد أعاذكم من أن يجور عليكم (خ 103).
وعدل في كل ما قضى (خ 191).
يقضي بعلم، ويعفو بحلم (خ 160).
ووسعهم عدله وغمرهم فضله (خ 91).
اللهم اقسم له مقسما من عدلك (خ 106).
اللهم احملني على عفوك، ولا تحملني على عدلك (دعاء 227). وأشهد أنه عدل عدل وحكم فصل (خ 214).
ولا يشغله غضب عن رحمة ولا تولهه رحمة عن عقاب (خ 1).
الحمد لله غير مقنوط من رحمته ولا مخلو من نعمته (خ 2).
الذي لا تبرح منه رحمة ولا تفقد له نعمة (خ 2).
ووسعهم عدله، وغمرهم فضله مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله (خ 108).
هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته (خ 90).
78

وكن لله مطيعا، وبذكره آنسا، وتمثل في حال توليك عنه إقباله عليك، يدعوك إلى عفوه، ويتغمدك بفضله، وأنت متول عنه إلى غيره... فلم يمنعك فضله، ولم يهتك عنك ستره، بل لم تخل من لطفه مطرف عين من نعمة يحدثها لك، أو سيئة يسترها عليك، أو بلية يصرفها عنك (ك 223).
(86) في انه تعالى لا يصدر عنه العبث، ولا يأمر بالقبيح، وأن حكمه في أهل السماء والأرض واحد:
ما خلق امرؤ عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو (ح 370).
واعلموا عباد الله، أنه لم يخلقكم عبثا ولم يرسلكم هملا (خ 195).
ولم يرسل الأنبياء لعبا، ولم ينزل الكتاب للعباد عبثا، ولا خلق السموات والأرض وما بينهما باطلا:
«ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار» (ح 78).
فإنه لم يأمرك إلا بحسن، ولم ينهك إلا عن قبيح (ر 31).
إن حكمه في أهل السماء والأرض لواحد (خ 192).
واعلموا أنه لن يرضى عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم، ولن يسخط عليكم بشيء رضيه ممن كان قبلكم (خ 183).
ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا (خ 192).
(87) في انه تعالى لم يجبر عباده على أفعالهم، وأن المكلف مختار وله إرادة:
(من كلام له (ع) لما سأله الشامي: أكان مسيرنا إلى الشام بقضاء من الله وقدر) ويحك لعلك ظننت قضاء لازما، وقدرا حاتما، ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد، وان الله سبحانه أمر عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا، وكلف يسيرا ولم يكلف عسيرا، وأعطى على القليل كثيرا. ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها... «ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار» (ح 78).
(وسئل عن القدر فقال (ع)): طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه (ح 287).
79

يغلب المقدار على التقدير حتى تكون الآفة في التدبير (ح 459).
(88) في أنه تعالى لا يكلف عباده بشيء قبل أن يرشدهم ويحذرهم، ولا يكلفهم بما هو فوق طاقتهم، ولا يمنعهم صلاحا ولا نفعا، ولا يترك ما يقربهم من طاعته:
لم يخف عنكم شيئا من دينه، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه إلا وجعل له علما باديا، وآية محكمة، تزجر عنه أو تدعو إليه (خ 183).
فقد أعذر الله إليكم بحجة مسفرة ظاهرة، وكتب بارزة في العذر واضحة (ك 81).
فالقرآن آمر زاجر، وصامت ناطق، حجة الله على خلقه (خ 183).
وأشهد أن محمدا (ص) عبده ورسوله، أرسله لإنفاذ أمره، وإنهاء عذره، وتقديم نذره (خ 83).
وبعث إلى الجن والإنس رسله ليكشفوا لهم عن غطائها وليحذروهم من ضرائها، وليضربوا لهم أمثالها، وليبصروهم عيوبها، وليهجموا عليهم بمعتبر من تصرف مصاحها وأسقامها وحلالها وحرامها، وما أعد الله للمطيعين منهم والعصاة من جنة ونار، وكرامة وهوان (خ 182).
ولكن من واجب حقوق الله على عباده النصيحة بمبلغ جهدهم (خ 126).
ثم منحه قلبا حافظا، ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا، ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا (خ 83).
محمل كل امرئ منكم مجهوده، وخفف عن الجهلة، رب رحيم (خ 149).
نحمده على ما وفق له من الطاعة، وذاد عنه من المعصية (خ 194).
وكلف يسيرا، ولم يكلف عسيرا (ح 78).
وقال (ع) لما سئل عن معنى قولهم «لا حول ولا قوة إلا بالله»: إنا لا نملك إلا ما ملكنا. فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا، ومتى ما أخذه منا وضع تكليفه عنا (ح 404).
(في خلق آدم (ع)): ثم نفخ فيها من روحه، فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها... ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل (خ 1).
80

(89) في انه تعالى عرف عباده طرق الخلاص من عقابه وابتلاءاته في الدنيا:
كان في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رفع أحدهما، فدونكم الآخر فتمسكوا به: أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله (ص) وأما الأمان الباقي فالاستغفار، قال الله تعالى:
«وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون» (ح 88).
عجبت لمن يقنط، ومعه الاستغفار (ر 31).
لا يقولن أحدكم:
«اللهم إني أعوذ بك من الفتنة» لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلا ت الفتن، فإن الله سبحانه يقول:
«واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة» ومعنى ذلك: أنه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه (ح 93).
ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد، وأصلح لهم كل فاسد (خ 178).
(90) في أن الأرض لا تخلو من هداة أبدا:
لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا، وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته (ك 147).
وما برح لله - عزت آلاؤه - في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات، عباد ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع، يذكرون بأيام الله، ويخوفون مقامه، بمنزلة الأدلة في الفلوات، من أخذ القصد حمدوا إليه طريقه، وبشروه بالنجاة، ومن أخذ يمينا وشمالا ذموا إليه الطريق، وحذروه من الهلكة وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات، وأدلة تلك الشبهات (ك 222).
(91) في أن عقابه تعالى لعباده في الدنيا رحمة ولطف بهم ولمصلحتهم وهو بسبب ذنوب اقترفوها:
ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها، لأن الله
81

ليس «بظلام للعبيد» (خ 91).
ألا وإن الأرض التي تقلكم والسماء التي تظلكم مطيعتان لربكم، وما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجعا لكم ولا زلفة إليكم ولا لخير ترجوانه منكم، ولكن أمرتا بمنافعكم فأطاعتا وأقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا، إن الله يبتلي عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات، ليتوب تائب، ويقلع مقلع، ويتذكر متذكر، ويزدجر مزدجر (خ 143).
وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد (ر 53).
إن لله عبادا يختصهم بالنعم لمنافع العباد، فيقرها في أيديهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، ثم حولها إلى غيرهم (ح 425).
لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه (ح 106).
أيها الناس، إنما يجمع الناس الرضى والسخط، وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عمموه بالرضى، فقال سبحانه:
«فعقروها فأصبحوا نادمين» (خ 201).
(92) في علل ابتلاء المكلفين:
أنه (سبحانه) يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه، والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب (ح 93).
أما بعد فإن الله سبحانه قد جعل الدنيا لما بعدها وابتلى فيها أهلها، ليعلم أيهم أحسن عملا (ر 55).
وقدر الأرزاق فكثرها وقللها، وقسمها على الضيق والسعة، فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها (خ 91).
ولو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار وسهل وقرار، جم الأشجار داني الثمار، ملتف البنى، متصل القرى، بين برة سمراء وروضة خضراء
82

وأرياف محدقة وعراص مغدقة ورياض ناضرة وطرق عامرة، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء.. ولو كان الأساس المحمول عليها والأحجار المرفوع بها، بين زمردة خضراء وياقوتة حمراء ونور وضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ولنفى معتلج الريب من الناس، ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبدهم، بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبر من قلوبهم وإسكانا للتذلل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله وأسبابا ذللا لعفوه (خ 192).
ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم، أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طيور السماء ووحوش الأرضين لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الأنباء، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين (خ 192).
أيها الناس، إن الله قد أعاذكم من أن يجور عليكم ولم يعذكم من أن يبتليكم، وقد قال جل من قائل:
«إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين» (خ 103).
واعلموا أنه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار، فارحموا نفوسكم، فإنكم قد جربتموها في مصائب الدنيا (ك 235).
من أصبح على الدنيا حزينا، فقد أصبح لقضاء الله ساخطا، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ربه (ح 228).
وإن ابتليتم فاصبروا، فإن العاقبة للمتقين (خ 98).
من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها (ح 448).
كلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل (خ 192).
وقال عليه السلام يعزي الأشعث بن قيس عن ابن له: يا أشعث إن تحزن على ابنك فقد استحقت منك ذلك الرحم، وإن تصبر ففي الله من كل مصيبة خلف، يا أشعث إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور، يا أشعث ابنك سرك، وهو بلاء وفتنة، وحزنك وهو ثواب ورحمة (ح 291).
وفي معرض حديثه عليه السلام عن خاصة الأنبياء والأولياء قال: وكانوا قوما
83

مستضعفين، قد اختبرهم الله بالمخمصة، وابتلاهم بالمجهدة، وامتحنهم بالمخاوف ومخضهم بالمكاره (خ 192).
وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء وأجهد العباد بلاء، وأضيق أهل الدنيا حالا، إتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع، ولا سبيلا إلى دفاع، حتى إذا رأى الله سبحانه جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكا حكاما، وأئمة أعلاما، وقد بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم (خ 292).
(93) في أنه تعالى يملي على العاصين والكافرين ليزدادوا إثما:
فلا يغرنكم ما أصبح فيه أهل الغرور، فإنما هو ظل ممدود إلى أجل معدود (خ 64).
فلا تعتبروا الرضى والسخط بالمال والولد جهلا بمواقع الفتنة والاختبار في موضع الغنى والاقتدار، فقد قال سبحانه وتعالى:
«أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون» فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أنفسهم (خ 192).
وقدر الأرزاق فكثرها وقللها، وقسمها على الضيق والسعة، فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك الشكر من غنيها وفقيرها (خ 91).
أيها الناس، ليراكم الله من النعمة وجلين، كما يراكم من النقمة فرقين، إنه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا، فقد أمن مخوفا، ومن ضيق عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختبارا فقد ضيع مأمولا (ح 358).
ولقد كان في رسول الله (ص) ما يدلك على مساوىء الدنيا وعيوبها، إذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته، فلينظر ناظر بعقله، أكرم الله محمدا بذلك أم أهانه فإن قال أهانه فقد كذب - والله العظيم -، وإن قال: أكرمه،
84

فليعلم: أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له، وزواها عن أقرب الناس إليه (خ 160).
كم من مستدرج بالإحسان إليه، ومغرور بالستر عليه، ومفتون بحسن القول فيه، وما ابتلى الله سبحانه أحدا بمثل الإملاء له (ح 260).
(94) في ان عقابه تعالى وثوابه يوم القيامة حق بمقتضى عدله ووعده:
إذا رجفت الراجفة، وحفت بجلائلها القيامة، ولحق بكل منسك أهله، وبكل معبود عبدته، وبكل مطاع أهل طاعته، فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء، ولا همس قدم في الأرض إلا بحقه، فكم حجة يوم ذاك داحضة، وعلائق عذر منقطعة (ك 223).
فإن الله تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة، والظاهرة والمستورة، فإن يعذب فأنتم أظلم، وإن يعف فهو أكرم (ك 223).
الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية، وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا، توحشا وانقطاعا، فجعل الله لهم الجنة مآبا والجزاء ثوابا، وكانوا أحق بها وأهلها، في ملك دائم ونعيم قائم (خ 190).
إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته، والعقاب على معصيته، ذيادة لعباده على نقمته، وحياشة لهم إلى جنته (ح 368).
وإني سمعت رسول الله (ص) يقول:
«يؤتى يوم القيامة بالامام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر، فيلقى في نار جهنم، فيدور فيها كما تدور الرحى، ثم يرتبط في قعرها» (ك 164).
(95) في أن تأجيل العقاب لطف منه تعالى بالمذنبين وفرصة لهم للأوبة والتوبة:
ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يعيرك بالإنابة، ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى، ولم يشدد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرحمة، بل جعل نزوعك عن الذنب حسنة، وحسب سيئتك واحدة، وحسب حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب، وباب الاستعتاب (وصية 31).
85

ما أهمني ذنب أمهلت بعده، حتى أصلي ركعتين وأسأل الله العافية (ح 299).
قد أمهلوا في طلب المخرج (خ 83).
(96) في أنه تعالى للظالمين بالمرصاد، ولا يفلت منه ظالم أبدا، وأنه يقتص منهم في الدنيا قبل الآخرة:
ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حربا حتى ينزع أو يتوب، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد (ر 53).
فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله (ر 53).
للظالم البادي غدا يكفه عضة (ح 188).
يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم (ح 241).
86

الفصل الثالث
«مباحث النبوة»
(97) في أن إرساله تعالى للرسل حجة على خلقه، ووجوب إرسال الرسل عليه سبحانه إليهم:
وجعلهم حجة له على خلقه لئلا تجب الحجة لهم بترك الإعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق (خ 144).
ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل أو كتاب منزل أو حجة لازمة أو محجة قائمة (خ 1).
فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ (خ 1).
وفي حديثه عليه السلام عن آدم (ع): فأهبطه بعد التوبة، ليعمر أرضه بنسله، وليقيم الحجة به على عباده، ولم يخلهم بعد أن قبضه مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته، ويصل بينهم وبين معرفته، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه، ومتحملي ودائع رسالاته قرنا فقرنا (خ 91).
وعن نبينا (ص) قال عليه السلام: - أرسله بوجوب الحجج وظهور الفلج وإيضاح المنهج (خ 185).
تمت بنبينا محمد (ص) حجته، وبلغ المقطع عذره ونذره (خ 91).
- بلغ عن ربه معذرا (خ 109).
- أرسله بحجة كافية وموعظة شافية ودعوة متلافية، أظهر به الشرائع المجهولة، وقمع به البدع المدخولة، وبين به الأحكام المفصولة (خ 161).
87

وقبض نبيه (ص) وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به، فعظموا منه سبحانه ما عظم من نفسه، فإنه لم يخف عنكم شيئا من دينه، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه إلا وجعل له علما باديا (خ 183).
(98) في أن بعثة الرسل لطف منه سبحانه وتعالى:
فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم، حين بعث إليهم رسولا، فعقد بملته طاعتهم، وجمع على دعوته ألفتهم، كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها، وأسالت لهم جداول نعيمها (خ 192).
سبحانك خالقا ومعبودا، بحسن بلائك عند خلقك، خلقت دارا، وجعلت فيها مأدبة، مشربا ومطعما وأزواجا وخدما وقصورا وأنهارا وزروعا وأثمارا، ثم أرسلت داعيا يدعو إليها (خ 108).
(99) في تواتر الرسل والأنبياء:
وواتر إليهم أنبياءه (خ 1).
كلما مضى منهم سلف، قام منهم بدين الله خلف (خ 94).
من سابق سمي له من بعده، أو عابر عرفه من قبله، على ذلك نسلت القرون، ومضت الدهور، وسلفت الآباء وخلقت الأبناء، إلى أن بعث الله سبحانه محمدا (ص) لإنجاز عدته وإتمام نبوته، مأخوذا على النبيين ميثاقه، مشهورة سماته (خ 1).
أرسله بالدين المشهور والعلم المأثور (خ 2).
عصمة الأنبياء وأنهم خير الناس أخلاقا:
(100) أ - في طهارة أصلابهم:
اختار آدم عليه السلام خيرة من خلقه (خ 91).
فاستودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير مستقر، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام (خ 94):
88

وعن نبينا محمد (ص) قال عليه السلام: فأخرجه من أفضل المعادن منبتا، وأعز الأرومات مغرسا، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه، وانتجب منها أمناءه (خ 94).
اختاره من شجرة الأنبياء، ومشكاة الضياء، وذؤابة العلياء، وسرة البطحاء (خ 161).
مستقرة خير مستقر، ومنبته أشرف منبت، في معادن الكرامة، ومماهد السلامة (خ 96).
أسرته خير أسرة، وشجرته خير شجرة، أغصانها معتدلة، وثمارها متهدلة، مولده بمكة، وهجرته بطيبة، كلما نسخ الله الخلق فرقتين، جعله في خيرهما، لم يسهم فيه عاهر، ولا ضرب فيه فاجر (خ 213).
(101) في زهدهم (ع):
يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا، والدعاء دثارا، ثم قرضوا
الدنيا قرضا على منهاج المسيح (ح 106).
وإن شئت، قلت: في عيسى بن مريم عليه السلام، فلقد كان يتوسد الحجر، ويلبس الخشن، ويأكل الجشب، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، ظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم، ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه، وخادمه يداه (خ 160).
وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله (ع) حيث يقول:
«رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه (خ 160).
وإن شئت ثلثت بداود (ع) صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، ويقول لجلسائه: أيكم يكفيني بيعها ويأكل قرص الشعير من
89

ثمنها (خ 160).
ولقد دخل موسى بن عمران، ومعه أخوه هارون عليهما السلام على فرعون، وعليهما مدارع الصوف، وبأيديهم العصي، فشرطا له - إن أسلم - بقاء ملكه ودوام عزه، فقال: ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز، وبقاء الملك، وهما بما ترون من حال الفقر والذل، فهلا ألقي عليهما أساورة من ذهب إعظاما للذهب وجمعه، واحتقارا للصوف ولبسه (خ 192).
- وعن نبينا محمد (ص) قال عليه السلام: قد حقر الدنيا وصغرها، وأهون بها وهونها، وعلم أن الله زواها عنه اختيارا، وبسطها لغيره احتقارا، فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها عن نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتخذ منها رياشا، أو يرجو فيها مقاما (خ 109).
قضم الدنيا قضما، ولم يعرها طرفا، أهضم أهل الدنيا كشحا، وأخمصهم من الدنيا بطنا، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها (خ 160).
ولقد كان (ص) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه، ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول:
«يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيبيه عني، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها»، فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها من نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتخذ منها رياشا، ولا يعتقدها قرارا، ولا يرجو فيها مقاما، فأخرجها من النفس، وأشخصها عن القلب، وغيبها عن البصر، وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه، وأن يذكر عنده، ولقد كان في رسول الله (ص) ما يدلك على مساوىء الدنيا وعيوبها: إذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته (خ 160).
خرج من الدنيا خميصا، وورد الآخرة سليما، لم يضع حجرا على حجر، حتى مضى لسبيله، وأجاب داعي ربه (خ 160).
90

(102) في شجاعتهم (ع):
لم يوجس موسى عليه السلام خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال (خ 4).
ولكنه - سبحانه - جعل رسله أولي قوة في عزائمهم، وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى (خ 192).
كنا إذا أحمر البأس اتقينا برسول الله (ص) فلم يكن أحد منا أقرب إلى العدو منه (ح 9).
(103) في تواضعهم (ع):
ولكنه - سبحانه - كره إليهم التكبر، ورضي لهم التواضع، فألصقوا بالأرض خدودهم، وعفروا بالتراب وجوههم، وخفضوا أجنحتهم للمؤمنين (خ 192).
وعن نبينا الكريم (ص) قال عليه السلام: ولقد كان (ص) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد (خ 160).
(104) في تعهده تعالى بأخلاقهم (ع):
قال عليه السلام في رسول الله (ص): ولقد قرن الله به (ص) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره (خ 192).
(105) في أنه تعالى قد ابتلى جميع الرسل والأنبياء (ع):
قد اختبرهم الله بالمخمصة، وابتلاهم بالمجهدة، وامتحنهم بالمخاوف، ومحضهم بالمكاره (خ 192).
ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم، أن يفتح لهم كنوز الذهبان، ومعادن العقيان، ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طيور السماء، ووحوش الأرضين لفعل، ولو
91

فعل لسقط البلاء، وبطل الجزاء، واضمحلت الأنباء، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء معانيها (خ 192).
(106) في أنهم (ع) قد تعرضوا للأذى الكثير من الناس في سبيل الله تعالى وأنهم رغم ذلك واصلوا الطريق:
رسل لا تقصر بهم قلة عددهم، ولا كثرة المكذبين لهم (خ 1).
أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين، وأطفئوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبارين (خ 182).
وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء، وأجهد العباد بلاء، وأضيق أهل الدنيا حالا، اتخذتهم الفراعنة عبيدا، فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع ولا سبيلا إلى دفاع، حتى إذا رأى الله سبحانه جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا (خ 192).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، دعا إلى طاعته، وقاهر أعداءه جهادا عن دينه، لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه، والتماس لإطفاء نوره (خ 190).
فبلغ رسالات ربه غير وان ولا مقصر، وجاهد في الله أعداءه غير واهن ولا معذر (خ 116).
كما حمل (ص) فاضطلع، قائما بأمرك، مستوفزا في مرضاتك، غير نأكل عن قدم، ولا واه في عزم، داعيا لوحيك، حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ أمرك (خ 72).
في وظائف الرسل والأنبياء (ع) والأمانة التي تحملوها:
(107) أ - التبليغ والدعوة إلى الله سبحانه:
أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم (خ 1).
بعث الله رسله بما خصهم به من وحيه (خ 144).
92

وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم آيات المقدرة، من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم، وآجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم، وأحداث تتابع عليهم (خ 1).
وعن محمد (ص) قال عليه السلام: أرسله داعيا إلى الحق، وشاهدا على الخلق (خ 116).
أم أنزل الله سبحانه دينا تاما، فقصر الرسول عن تبليغه وأدائه (خ 18).
فبالغ في النصيحة، ومضى على الطريقة، ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة (خ 95).
وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بأمره صادعا، وبذكره ناطقا، فأدى أمينا، ومضى رشيدا (خ 100).
وعمر فيكم نبيه أزمانا، حتى أكمل له ولكم فيما أنزل من كتابه دينه الذي رضي لنفسه، وأنهى إليكم على لسانه محابة من الأعمال ومكارهه، ونواهيه وأوامره (خ 86).
(108) ب - التبشير والإنذار:
وبعث إلى الجن والإنس رسله، ليكشفوا لهم عن غطائها، وليحذروهم من ضرائها، وليضربوا لهم أمثالها، وليبصروهم عيوبها، وليهجموا عليهم بمعتبر من تصرف مصاحها وأسقامها، وحلالها وحرامها، وما أعد الله للمطيعين منهم والعصاة، من جنة ونار، وكرامة وهوان (خ 183).
وقال عليه السلام وهو يصف محمدا (ص): ونصح لأمته منذرا، ودعا إلى الجنة مبشرا، وخوف من النار محذرا (خ 109).
فإن الله جعل محمدا (ص) علما للساعة، ومبشرا بالجنة، ومنذرا بالعقوبة (خ 106).
(109) ج - إقامة حكم الله على الأرض:
في حديثه عليه السلام عن رسول الله (ص): وأقام بموضحات الأعلام، ونيرات الأحكام (خ 72).
93

سيرته القصد، وسنته الرشد، وكلامه الفصل، وحكمه العدل (خ 94).
جعله الله بلاغا لرسالته، وكرامة لأمته، وربيعا لأهل زمانه، ورفعة لأعوانه، وشرفا لأنصاره (خ 197).
أرسله وأعلام الهدى دارسة، ومناهج الدين طامسة (خ 195).
فساق الناس، حتى بوأهم محلتهم، وبلغهم منجاتهم، فاستقامت قناتهم، واطمأنت صفاتهم (خ 33).
يسوقهم إلى منجاتهم، ويبادر بهم الساعة أن تنزل بهم، يحسر الحسير، ويقف الكسير، فيقيم عليه حتى يلحقه غايته، إلا هالكا لا خير فيه، حتى أراهم منجاتهم، وبوأهم محلتهم، فاستدارت رحاهم، واستقامت قناتهم (خ 104).
دفن الله به الضغائن، وأطفأ به الثوائر، ألف به إخوانا، وفرق به أقرانا، أعز به الذلة، وأذل به العزة (خ 96).
فبعث الله محمدا (ص) بالحق ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بينه وأحكمه، ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه، وليقروا به بعد إذ جحدوه، وليثبتوه بعد إذ أنكروه (خ 147).
ابتعثه بالنور المضئ والبرهان الجلي والمنهاج البادي والكتاب الهادي (خ 161).
إن الله بعث محمدا (ص) نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل (خ 26).
أرسله على حين فترة من الرسل، وهفوة عن العمل، وغباوة من الأمم (خ 94).
فصدع بالحق، ونصح للخلق، وهدى إلى الرشد، وأمر بالقصد (خ 195).
أورى قبس القابس، وأضاء الطريق للخابط (خ 72).
(110) الهداية من الضلالة والجهل:
قال (ع) في وصف الرسول (ص): سرح الضلال عن يمين وشمال (خ 213).
وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن والآثام (خ 72).
فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة (خ 1).
94

أضاءت به البلاد بعد الضلالة المظلمة والجهالة الغالبة (خ 151).
ان الله بعث رسولا هاديا بكتاب ناطق، وأمر قائم، لا يهلك عنه إلا هالك، وإن المبتدعات المشبهات، هن المهلكات إلا ما حفظ الله منها (خ 169).
الموضحة به أشراط الهدى، والمجلو به غربيب العمى (خ 178).
بعثه، والناس ضلال في حيرة، وخابطون في فتنة، قد استهوتهم الأهواء، واستزلتهم الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء، حيارى في زلزال من الأمر، وبلاء من الجهل (خ 95).
ابتعثه والناس يضربون في غمرة، ويموجون في حيرة، قد قادتهم أزمة الحين، واستغلقت على أفئدتهم أقفال الرين (خ 191).
(111) ه - مجاهدة أعداء الله تعالى:
قال عليه السلام وهو يصف الرسول الأكرم (ص): فجاهد في الله المدبرين عنه، والعادلين به (خ 133).
فقاتل بمن أطاعه من عصاه (خ 104).
الدافع جيشات الأباطيل، والدافع صولات الأضاليل (خ 72).
(112) في أن نبينا محمد (ص) خير الأنبياء والمرسلين وخاتمهم:
أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء (خ 212).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وسيد عباده (خ 214).
خير البرية طفلا، وأنجبها كهلا (خ 105).
لا يوازى فضله (خ 151).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المجتبى من خلائقه، والمعتام لشرح حقائقه، والمختص بعقائل كراماته، والمصطفى لكرائم رسالاته (خ 178).
بعث محمدا (ص) نذيرا للعالمين، ومهيمنا على المرسلين (ر 62).
أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور (خ 2).
95

اللهم اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك، على محمد عبدك ورسولك. الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمعلن الحق بالحق (خ 72).
(113) الرسول (ص) قدوة وأسوة:
فتأس بنبيك الأطيب الأطهر (ص) فإن فيه أسوة لمن تأسى، وعزاء لمن تعزى، وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه، والمقتص لأثره (خ 160).
ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله، وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله، لكفى به شقاقا لله، ومحادة عن أمر الله (خ 160).
ولقد كان في رسول الله (ص) ما يدلك على مساوىء الدنيا وعيوبها: إذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته (خ 160).
فما أعظم منة الله عندنا، حين أنعم علينا به سلفا نتبعه، وقائدا نطأ عقبه (خ 160).
ولقد كان في رسول الله (ص) كاف لك في الأسوة (خ 160).
واقتدوا بهدي نبيكم فإنه أفضل الهدي، واستنوا بسنته فإنها أهدى السنن (خ 110).
فهو إمام من اتقى، وبصيرة من اهتدى (خ 94).
إن لكم علما، فاهتدوا بعلمكم (خ 175).
(114) من معجزات نبينا محمد (ص):
ولقد كنت معه (ص) لما أتاه الملأ من قريش، فقالوا له: يا محمد، إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك، ونحن نسألك أمرا إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه، علمنا أنك نبي ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب. فقال (ص):
«وما تسألون» قالوا: تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك، فقال (ص):
«إن الله على كل شيء قدير، فإن فعل الله لكم ذلك، أتؤمنون وتشهدون بالحق» قالوا: نعم، قال:
«فإني سأريكم ما تطلبون، وإني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير، وإن فيكم من يطرح في القليب، ومن يحزب الأحزاب». ثم قال (ص):
«يا أيتها الشجرة، إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر، وتعلمين أني رسول الله، فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين
96

يدي بإذن الله». فو الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها، وجاءت ولها دوي شديد، وقصف كقصف أجنحة الطير، حتى وقفت بين يدي رسول الله (ص) مرفرفة، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله (ص) وبعض أغصانها على منكبي، وكنت عن يمينه (ص) فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا - علوا واستكبارا -: فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها، فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشده دويا، فكادت تلتف برسول الله (ص)، فقالوا - كفرا وعتوا -: فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان، فأمره (ص) فرجع، فقلت أنا: لا إله إلا الله، إني أول مؤمن بك يا رسول الله، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا بنبوتك، وإجلالا لكلمتك، فقال القوم كلهم: بل ساحر كذاب، عجيب السحر خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا - يعنونني - (خ 192).
97

الفصل الرابع
«مباحث الإمامة»
(115) في وجوب الإمامة على الله سبحانه وتعالى، وأن أئمتنا (ع) من حجج الله علينا، ولا تخلو الأرض منهم إلى يوم القيامة):
اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك أولئك - والله - الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم (ك 147).
ألا بأبي وأمي، هم من عدة، أسماؤهم في السماء معروفة، وفي الأرض مجهولة (خ 187).
ألا إن مثل آل محمد (ص) كمثل نجوم السماء: إذا خوى نجم طلع نجم، فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم ما كنتم تأملون (خ 100).
قد دارستكم الكتاب، وفاتحتكم الحجاج، وعرفتكم ما أنكرتم وسوغتكم ما مججتم، لو كان الأعمى يلحظ أو النائم يستيقظ (خ 180).
أنا حجيج المارقين، وخصيم الناكثين المرتابين (ك 75).
أيها الناس، خذوها عن خاتم النبيين (ص): أنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلى من بلي منا وليس ببال (خ 87).
وأعذروا من لا حجة لكم عليه - وهو أنا - ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، وأترك فيكم الثقل الأصغر (خ 87).
98

(116) في عصمتهم عليهم السلام وأنه لا يقاس بهم أحد، أنهم (ع) أفضل الناس بعد رسول الله (ص) ولا يصل إلى درجتهم أحد وفيه بعض خصائصه (ع):
ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه، لذكر ذاكر فضائل جمة، تعرفها قلوب المؤمنين، ولا تمجها آذان السامعين، فدع عنك من مالت به الرمية، فإنا صنائع ربنا، والناس بعد صنائع لنا (ر 28).
لا يقاس بآل محمد (ص) من هذه الأمة أحد، ولا يسوى من جرت نعمتهم عليه أبدا (خ 2).
عترته خير العتر، وشجرته خير الشجر، نبتت في حرم، وبسقت في كرم، لها فروع طوال، وثمر لا ينال (خ 94).
والأعظمون عند الله قدرا (ح 147).
إن أمرنا صعب مستصعب، لا يحمله إلا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للأيمان (ك 189).
نحن شجرة النبوة، ومحط الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم (خ 109).
إسلامنا قد سمع، وجاهليتنا لا تدفع (ر 28).
فيا عجبا للدهر، إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي، ولم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد مثلها، إلا أن يدعي مدع بما لا أعرفه (ر 9).
إن نطقوا صدقوا، وإن صمتوا لم يسبقوا (خ 154).
أسرته خير أسرة، وشجرته خير شجرة (خ 161).
فإن ذلك أمر لكم أحكم أنا فيه برأيي، ولا وليته هوى مني (ك 205).
ولكن هيهات أن يغلبني هواي (خ 286).
لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه (خ 239).
وما وجد لي (ص) كذبة في قول، ولا خطلة في عمل (خ 192).
فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني (خ 216).
99

(117) في منزلتهم من رسول الله (ص):
وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره، وأنا وليد يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل.. ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم
من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (ص) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة (خ 192).
فما ذا قالت قريش قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول (ص) فقال عليه السلام: احتجوا بالشجرة، وأضاعوا الثمرة (ك 67).
ولقد سمعت رنة الشيطان، حين نزل الوحي عليه (ص) فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنة فقال:
«هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي، ولكنك وزير، وإنك لعلى خير (خ 192).
وأنا من رسول الله (ص) كالصنو من الصنو، والذراع من العضد (ر 45).
إسلامنا قد سمع، وجاهليتنا لا تدفع، وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا، وهو قوله سبحانه وتعالى:
«وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله» وقوله تعالى:
«إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين» فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة (ر 128).
إن ولي محمد (ص) من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته (ح 96).
نحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله (ص) نوطا (خ 162).
(118) في أنهم (ع) صادقون وحديثهم متواتر:
وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق (خ 87).
إن نطقوا صدقوا، وإن صمتوا لم يسبقوا (خ 154).
100

ذمتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم... والله ما كتمت وشمة، ولا كذبت كذبة (ك 16).
أتراني أكذب على رسول الله (ص) والله لأنا أول من صدقه، فلا أكون أول من كذب عليه (خ 37).
ولقد بلغني أنكم تقولون: علي يكذب، قاتلكم الله تعالى، فعلى من أكذب أعلى الله فأنا أول من آمن به، أم على نبيه فأنا أول من صدقه، كلا والله، لكنها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من أهلها (خ 71).
(119) في أنهم (ع) لا يفعلون شيئا إلا بأمر الله تعالى ووفق كتابه وسنة نبيه (ص):
إنه ليس على الامام إلا ما حمل من أمر ربه (خ 105).
فلما أفضت (الخلافة) إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم به فاتبعه، وما استن النبي (ص) فاقتديته (خ 205).
فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي، ولا وليته هوى مني، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله (ص) قد فرغ منه (خ 205).
ما استبدلت دينا، ولا استحدثت نبيا، وإني على المنهاج الذي تركتموه طائعين، ودخلتم فيه مكرهين (ر 10).
وإني لعلى بينة من ربي، ومنهاج من نبيي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا (ر 45).
ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الأرض، فأما الناكثون فقد قاتلت، وأما القاسطون فقد جاهدت، وأما المارقة فقد دوخت، وأما شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه، ورجة صدره، وبقيت بقية من أهل البغي، ولئن أذن الله في الكرة عليهم، لأديلن منهم، إلا ما يتشذر في أطراف البلاد تشذرا (خ 192).
إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم، وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم (خ 182).
101

(120) في أنهم (ع) لا يعلمون الغيب، وما ورد عنهم من المغيبات أعلمهم بها الرسول (ص) عن الله تعالى:
والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله (ص)، ألا وإني مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك منه، والذي بعثه بالحق، واصطفاه على الخلق، ما أنطق إلا صادقا، وقد عهد إلي بذلك كله، وبمهلك من يهلك، ومنجى من ينجو، ومآل هذا الأمر، وما أبقى شيئا يمر على رأسي، إلا أفرغه في أذني، وأفضى به إلي (خ 175).
فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إن الذي أنبئكم به عن النبي الأمي (ص) ما كذب المبلغ، ولا جهل السامع (خ 101).
فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك عليه السلام، وقال للرجل، وكان كلبيا: يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة، وما عدده الله سبحانه بقوله:
«إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت...» فيعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، وقبيح أو جميل، وسخي أو بخيل، وشقي أو سعيد، ومن يكون في النار حطبا، أو في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطم عليه جوانحي (خ 128).
بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة (خ 5).
(121) في أنهم (ع) يعون جميع العلوم الاسلامية والمادية، وهم المرجع الأول لجميع العلوم الاسلامية بعد النبي (ص):
عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإن رواة العلم كثير، ورعاته قليل (خ 239).
102

أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذبا وبغيا علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم (خ 144).
بهم علم الكتاب وبه علموا (خ 432).
فيهم كرائم القرآن، وكنوز الرحمان (خ 154).
ها إن ها هنا لعلما جما (وأشار بيده عليه السلام إلى صدره) لو أصبت له حملة (ح 147).
وإنا لأمراء الكلام، وفينا تنشبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه (ك 233).
أولئك والله الأقلون عددا، يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين (ح 147).
نحن شجرة النبوة، ومحط الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم (خ 109).
هم عيش العلم، وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم (خ 239).
تالله لقد علمت تبليغ الرسالات، وإتمام العدات، وتمام الكلمات، وعندنا أهل البيت، أبواب الحكم، وضياء الأمر (ك 120).
فبادروا العلم من قبل تصويح نبته، ومن قبل أن تشغلوا بأنفسكم عن مستثار العلم من عند أهله (خ 105).
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد، حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله (خ 147).
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد، حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله (خ 147).
فما دلك القرآن عليه من صفته (تعالى) فائتم به، واستضئ بنور هدايته، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه، ولا في سنة النبي (ص) وأئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله سبحانه، فإن ذلك منتهى حق الله عليك (خ 91).
103

(122) في أنهم (ع) خير قدوة لمن يقتدي، وخير أسوة لمن يهتدي، وبهم سلم الدين من الانحراف بعد الرسول (ص):
نحن النمرقة الوسطى، بها يلحق التالي، وإليها يرجع الغالي (ح 109).
إنما مثلي بينكم كمثل السراج في الظلمة، يستضيء به من ولجها (خ 187).
هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي (خ 2).
«فأين تذهبون» «وأنى تؤفكون» والأعلام قائمة والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يتاه بكم، وكيف تعمهون، وبينكم عترة نبيكم، وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، وردوهم ورود الهيم العطاش (خ 87).
وخلف فينا راية الحق، من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق (خ 100).
يخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحق، ولا يختلفون فيه، وهم دعائم الاسلام، وولائج الاعتصام، بهم عاد الحق إلى نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته (خ 239).
وجبال دينه، بهم أقام انحناء ظهره، وأذهب ارتعاد فرائصه (خ 2).
لقد حملتكم على الطريق الواضح التي لا يهلك عليها إلا هالك (ك 119).
لله أنتم أتتوقعون إماما غيري يطأ بكم الطريق، ويرشدكم السبيل (خ 182).
يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم (ح 147).
أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الفجار (ح 316).
فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس، قد رجعت عن الاسلام، يدعون إلى محق دين محمد (ص) فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله، أن أرى فيه ثلما أو هدما، تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب، وكما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث، حتى زاح الباطل، وزهق، واطمأن الدين وتنهنه (ر 62).
104

بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى (خ 144).
(123) في أنهم (ع) من بني هاشم حتما، وأنهم خلفاء الله تعالى الحقيقيون، وأوصياء رسوله الكريم، وأنهم أحق بالخلافة من غيرهم:
إن الأيمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصل الولاة من غيرهم (خ 144).
ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة (خ 2).
إن أولى الناس بالأنبياء، أعلمهم بما جاؤوا به، ثم تلا عليه السلام:
«إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، وهذا النبي والذين آمنوا» (ح 96).
أما بعد، فإن الله سبحانه بعث محمدا (ص) نذيرا للعالمين، ومهيمنا على المرسلين، فلما مضى عليه السلام، تنازع المسلمون الأمر من بعده، فو الله، ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر ببالي، أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده (ص) عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني من بعده (ر 62).
أيها الناس، إن أحق الناس بهذا الأمر، أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل (خ 173).
نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمى سارقا (خ 154).
أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم (ح 147).
فأين يتاه بكم، وكيف تعمهون، وبينكم عترة نبيكم، وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق (خ 87).
وخلف فينا راية الحق، من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق (خ 100).
فإسلامنا قد سمع، وجاهليتنا لا تدفع، وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا، وهو قوله تعالى:
«وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله» وقوله تعالى:
«إن أولى
105

الناس بإبراهيم، للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله» فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة، ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله (ص) فلجوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم، وإن يكن بغيره، فالأنصار على دعواهم (ر 28).
وإنما الأئمة قوام الله على خلقه، وعرفاؤه على عباده (خ 152).
(124) في شجاعتهم وأنهم (ع) خير من جاهد مع الرسول الأعظم (ص) لنصرة الإسلام، وأنهم خير من واساه (ص):
وكان رسول الله (ص) إذا احمر البأس، وأحجم الناس، قدم أهل بيته، فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة (ر 9).
ولقد كنا مع رسول الله (ص) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم، وجدا في جهاد العدو... فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الاسلام ملقيا جرانه، ومتبوئا أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم، ما قام للدين عمود، ولا اخضر للأيمان عود (ك 56).
بنا اهتديتم في الظلماء، وتسنمتم ذروة العلياء، وبنا أفجرتم عن السرار (خ 4).
ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (ص) أني لم أرد على الله ولا على رسوله ساعة قط، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر فيها الأقدام، نجدة أكرمني الله بها (ك 197).
أما بعد، (لمعاوية): فقد أتاني كتابك، تذكر فيه اصطفاء الله محمدا (ص) لدينه، وتأييده إياه بمن أيده من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا، إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله تعالى عندنا، ونعمته علينا في نبينا، فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر، أو داعي مسدده إلى النضال (ر 28).
ولقد قبض رسول الله (ص) وإن رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفي، فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله (ص) والملائكة أعواني، فضجت الدار والأفنية:
106

ملأ يهبط، وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم، يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه (ك 197).
أنا وضعت في الصغر بكلاكل العرب، وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر (خ 192).
لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم، وهل أحد منهم أشد لها مراسا، وأقدم فيها مقاما مني، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها أنذا قد ذرفت على الستين (خ 27).
فإن أقل يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت. هيهات بعد اللتيا والتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه. بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة (خ 5).
والله لا أكون كالضبع: تنام على طول اللدم حتى يصل إليها طالبها، ويختلها راصدها. ولكني أضرب بالمقبل إلى الحق، المدبر عنه، وبالسامع المطيع، العاصي المريب أبدا، حتى يأتي علي يومي (خ 6).
ومن العجب بعثهم إلي أن أبرز للطعان وأن أصبر للجلاد، هبلتهم الهبول لقد كنت وما أهدد بالحرب، ولا أرهب بالضرب، وإني على يقين من ربي، وغير شبهة من ديني (خ 22).
أما والله إن كنت لفي ساقتها، حتى تولت بحذافيرها، ما عجزت ولا جبنت، وان مسيري هذا لمثلها (خ 33).
وأيم الله، لقد كنت في ساقتها، حتى تولت بحذافيرها، واستوسقت في قيادها، ما ضعفت ولا جبنت، ولا خنت ولا وهنت (خ 104).
وإني والله لو لقيتهم واحدا، وهم طلاع الأرض كلها، ما باليت ولا استوحشت (ر 60).
وكأني بقائلكم يقول» إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب، فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران، ومنازلة الشجعان)، ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا، والروائع الخضرة أرق جلودا، والنباتات البدوية أقوى وقودا، وأبطأ خمودا... والله لو تظاهرت العرب على
107

قتالي لما وليت عنها، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها (ر 45).
(125) في وجوب معرفة الامام الحق، وأن منكره في النار:
عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته (ح 156).
فإنه من مات منكم على فراشه، وهو على معرفة حق ربه، وحق رسوله، وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلاته لسيفه (خ 190).
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد، حتى تعرفوا الذي تركه، لن تأخذوا بميثاق الكتاب، حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم حلمهم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، وصامت ناطق (خ 147).
ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه (خ 152).
أنا حجيج المارقين، وخصيم الناكثين المرتابين (ك 75).
وقال عليه السلام في وصف الضال: وهو في مهلة من الله يهوي مع الغافلين، ويغدو مع المذنبين بلا سبيل قاصد، ولا إمام قائد (خ 153).
(126) في وجوب طاعتهم واتباعهم (ع):
أنظروا أهل بيت نبيكم، فالزموا سمتهم، واتبعوا أثرهم، لن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا (خ 97).
فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، وردوهم ورود الهيم العطاش (خ 87).
والإمامة نظاما للأمة، والطاعة تعظيما للإمامة (ح 252).
108

عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته (ح 156).
وخلف فينا راية الحق، من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق (خ 100).
إن من أحب عباد الله إليه عبدا... قد أمكن الكتاب من زمامه، فهو قائده وإمامه، يحل حيث حل ثقله، وينزل حيث كان منزله (خ 87).
فيا عجبا ومالي لا أعجب، من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، مفزعهم في المعضلات أنفسهم، وتعويلهم في المهمات على آرائهم، كأن كل امرئ منهم إمام نفسه، قد أخذ منها فيما يرى بعرى ثقات، وأسباب محكمات (خ 88).
وقال عليه السلام لعبد الله بن العباس، وقد أشار عليه في شيء لم يوافق رأيه: لك أن تشير علي وأرى، فإن عصيتك فأطعني (ح 321).
فإن أطعتموني فإني حاملكم إنشاء الله على سبيل الجنة، وإن كان ذا مشقة شديدة، ومذاقة مريرة (ك 156).
عزب رأي امرئ تخلف عني (خ 4).
وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم (خ 34).
أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الفجار.. قال الرضي: ومعنى ذلك أن المؤمنين يتبعونني، والفجار يتبعون المال كما تتبع النحل يعسوبها وهو رئيسها (ح 316).
وإني - والله - لأظن أن هؤلاء القوم، سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم إمامكم في الحق، وطاعتهم إمامهم في الباطل (خ 25).
وأقسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان... ولكن لا رأي لمن لا يطاع (خ 27).
أيها الناس، لا يجرمنكم شقاقي، ولا يستهوينكم عصياني (خ 101).
(127) في أن حبهم (ع) بلا تفريط وإفراط نجاة، وبغضهم هلاك:
ناصرنا ومحبنا ينتظر الرحمة، وعدونا ومبغضنا ينتظر السطوة (خ 109).
109

وسيهلك في صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق، وخير الناس في حالا: النمط الأوسط، فالزموه (ك 127).
لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الأمي (ص) أنه قال: يا علي، لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق (ح 45).
هلك في رجلان، محب غال، ومبغض قال (ح 117).
هلك في رجلان: محب مفرط، وباهت مفتر (ح 469).
أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه، ولن تقتلوه... ألا وإنه سيأمركم بسبي، والبراءة مني، فأما السب فسبوني، فإنه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الايمان والهجرة (ك 57).
(128) في أن الإمامة هي الرياسة العامة في أمور الدين والدنيا، نيابة عن النبي (ص):
والإمامة نظاما للأمة (ح 252).
تالله لقد علمت تبليغ الرسالات، وإتمام العدات، وتمام الكلمات، وعندنا - أهل البيت - أبواب الحكم، وضياء الأمر (ك 120).
وإنما الأئمة قوام الله على خلقه، وعرفاؤه على عباده، ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه (خ 152).
إنه ليس على الامام إلا ما حمل من ربه: الابلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة، والاحياء للسنة، وإقامة الحدود على مستحقيها، وإصدار السهمان على أهلها (خ 105).
(129) في أن أئمتنا عليهم السلام لا ينهون عن شيء قبل أن ينتهون منه، ولا يأمرون بشيء قبل أن يأتمرون به:
أيها الناس، إني، والله، ما أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها، ولا أنهاكم عن
110

معصية إلا وأتناهى قبلكم عنها (خ 175).
من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها، أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم (ح 73).
ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم، ما قام للدين عمود، ولا اخضر للايمان عود (ك 56).
(130) في زهدهم عليهم السلام، وتأسيهم بأضعف الناس في معيشتهم الخاصة:
قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك، وجشوبة مأكلك قال: ويحك إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره (ك 209).
ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد، فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من ارضها شبرا، ولا أخذت منه إلا كقوت أتان دبرة، ولهي في عيني أوهى وأوهن من عفصة مقرة (ر 45).
ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد
أأقنع من نفسي بأن يقال: أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش (ر 45).
واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه (ح 147).
111

(131) في أنهم (ع) مع الحق وفي سبيل الحق ولا يخافون في الحق لومة لائم:
واعلموا إني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب (ك 92).
الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه (ك 37).
أيها الناس، أعينوني على أنفسكم، وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته، حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها (ك 136).
وسأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس (معاوية) والجسم المركوس، حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد (ر 45).
فإن أبوا أعطيتهم حد السيف، وكفى به شافيا من الباطل، وناصرا للحق (خ 22).
وهم أزمة الحق (خ 87).
لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، وهم دعائم الاسلام، وولائج الاعتصام، بهم عاد الحق إلى نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته (خ 239).
فليكن أمر الناس عندك في الحق سواء، فإنه ليس في الجور عوض من العدل (ر 59).
(إلى بعض عماله) فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك.
(إلى أخيه عقيل) وأما ما سألت عنه من رأيي في القتال، فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة (ر 36).
ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار وو الله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، وأزيح الباطل عن مظلمتهما (ر 41).
فو الذي لا إله إلا هو إني لعلى جادة الحق، وإنهم لعلى مزلة الباطل (ك 197).
لنا حق فإن أعطيناه، وإلا ركبنا أعجاز الإبل، وإن طال السرى (ح 22).
إني والله لو لقيتهم واحدا وهم طلاع الأرض كلها ما باليت ولا استوحشت، وإني من ضلالهم الذي هم فيه، والهدى الذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي، ويقين من ربي،
112

وإني إلى لقاء الله لمشتاق، وحسن ثوابه لمنتظر راج (ر 62).
وخلف فينا راية الحق، من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق (خ 100).
وإني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم، سيماهم سيما الصديقين، وكلامهم كلام الأبرار (خ 192).
وأيم الله، لأبقرن الباطل، حتى أخرج الحق من خاصرته (خ 104).
وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا (ر 70).
لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق (ك 139).
إن أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه - وإن نقصه وكرثه - من الباطل - وإن جر إليه فائدة وزاده - (ك 125).
(132) في الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، وأنه حجة الله على خلقه إلى يوم القيامة، وسيظهر لكي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا، وأنه عليه السلام من آل محمد (ص):
اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا، وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته (ح 147).
فلبثتم بعده ما شاء الله، حتى يطلع الله لكم من يجمعكم، ويضم نشركم (خ 100).
ألا إن مثل آل محمد، صلى الله عليه وآله، كمثل نجوم السماء: إذا خوى نجم طلع نجم، فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم ما كنتم تأملون (خ 100).
ألا وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوىء أعمالها، وتخرج الأرض أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيي ميت الكتاب والسنة (خ 138).
ألا وإن من أدركها منا يسري فيها بسراج منير، ويحذو فيها على مثال الصالحين، ليحل فيها ربقا، ويعتق فيها رقا، ويصدع شعبا، ويشعب صدعا، في سترة عن الناس، لا يبصر القائف أثره ولو تابع نظره، ثم ليشحذن فيها قوم شحذ القين النصل، تجلى
113

بالتنزيل أبصارهم، ويرمى بالتفسير في مسامعهم، ويغبقون كأس الحكمة بعد الصبوح (خ 150).
قد لبس للحكمة جنتها، وأخذها بجميع أدبها، من الاقبال عليها، والمعرفة بها، والتفرغ لها، فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها، وحاجته التي يسأل عنها، فهو مغترب إذا اغترب الاسلام، وضرب بعسيب ذنبه، وألصق الأرض بجرانه، بقية من بقايا حجته، خليفة من خلائف أنبيائه (خ 182).
وقال عليه السلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها، عطف الضروس على ولدها، وتلا عقيب ذلك:
«ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض، ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين» (ح 209).
فإن كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف (حديث 1). وخلف فينا راية الحق، من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام، بطيء القيام، سريع إذا قام. فإذا أنتم ألنتم له رقابكم، وأشرتم إليه بأصابعكم، جاءه الموت فذهب به، فلبثتم بعده ما شاء الله حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضم نشركم، فلا تطمعوا في غير مقبل، ولا تيأسوا من مدبر، فإن المدبر عسى أن تزل به إحدى قائمتيه، وتثبت الأخرى، فترجعا حتى تثبتا جميعا (خ 100).
يعطف الهوى على الهدى، إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي (خ 138).
حتى تقوم الحرب بكم على ساق، باديا نواجذها، مملوءة أخلاقها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها. ألا وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوىء أعمالها، وتخرج له الأرض أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيي ميت الكتاب والسنة (خ 138).
(133) في فاطمة الزهراء عليه السلام:
(قاله عند دفن سيدة النساء فاطمة عليها السلام، كالمناجي به رسول الله (ص) عند
114

قبره): السلام عليك يا رسول الله عني، وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك قل، يا رسول الله، عن صفيتك صبري، ورق عنها تجلدي، إلا أن في التأسي لي بعظيم فرقتك، وفادح مصيبتك، موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت بين نحري وصدري نفسك، «فإنا لله وإنا إليه راجعون» فلقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم، وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها، فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، هذا ولم يطل العهد، ولم يخل منك الذكر، والسلام عليكما سلام مودع، لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين (ك 202).
(من كتابه إلى معاوية جوابا): ومنا خير نساء العالمين، ومنكم حمالة الحطب (ر 28).
(من وصيته بما يعمل في أمواله): وإن لابني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي، وإني إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه الله، وقربة إلى رسول الله (ص) وتكريما لحرمته، وتشريفا لوصلته (ر 24).
(134) في الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام:
(في بعض أيام صفين، وقد رأى الحسن ابنه عليه السلام يتشرع إلى الحرب) املكوا عني هذا الغلام لا يهدني، فإنني أنفس بهذين - يعني الحسن والحسين عليهما السلام - على الموت، لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله (ص) (ك 207).
(من كتابه إلى معاوية جوابا): ومنا سيدا شباب أهل الجنة، ومنكم صبية النار (ر 28).
وأعذروا من لا حجة لكم عليه - وهو أنا - ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر (خ 87).
(قالوا: أخذ مروان بن الحكم أسيرا يوم الجمل، فاستشفع الحسن والحسين عليهما
115

السلام إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فكلماه فيه، فخلى سبيله...) (ك 73).
(إلى بعض عماله): وو الله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، وأزيح الباطل عن مظلمتهما (ر 41).
(من وصيته عليه السلام بما يعمل في أمواله): هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله، ابتغاء وجه الله، ليولجه به الجنة، ويعطيه به الأمنة... فإنه يقوم بذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف، وينفق منه بالمعروف، فإن حدث بحسن حدث وحسين حي، قام بالأمر بعده، وأصدره مصدره.
وإن لأبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي، وإني إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه الله، وقربة إلى رسول الله (ص)، وتكريما لحرمته، وتشريفا لوصلته (ر 24).
116

الفصل الخامس
«مباحث المعاد»
1 - الموت والبرزخ
(135) في أن كل نفس ذائقة الموت، والانسان مخلوق للموت، ولا يستطيع مخلوق دفع أجله أو الفرار منه:
أيها الناس، كل امرئ لاق ما يفر في فراره، الأجل مساق النفس، والهرب منه موافاته (خ 149).
فاعلموا - وأنتم تعلمون - بأنكم تاركوها وظاعنون عنها، واتعظوا فيها بالذين قالوا:
«من أشد منا قوة»: حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا (خ 111).
وما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه، وطالب حثيث من الموت يحدوه (خ 99).
وكذلك الخلف يعقب السلف، لا تقلع المنية اختراما، ولا يرعوي الباقون اجتراما، يحتذون مثالا، ويمضون أرسالا، إلى غاية الانتهاء، وصيور الفناء (خ 83).
أولستم أبناء القوم والآباء، وإخوانهم والأقرباء تحتذون أمثلتهم، وتركبون قدتهم، وتطؤون جادتهم، فالقلوب قاسية عن حظها، لاهية عن رشدها، سالكة في غير مضمارها، كأن المعني سواها، وكأن الرشد في إحراز دنياها (خ 83).
وأنتم بنو سبيل، على سفر من دار ليست بداركم، وقد أوذنتم منها بالارتحال، وأمرتم فيها بالزاد (خ 183).
فلو أن أحدا يجد إلى البقاء سلما، أو لدفع الموت سبيلا، لكان ذلك سليمان بن داود
117

عليه السلام، الذي سخر له ملك الجن والإنس، مع النبوة وعظيم الزلفة، فلما استوفى طعمته، واستكمل مدته، رمته قسي الفناء بنبال الموت، وأصبحت الديار منه خالية، والمساكن معطلة، وورثها قوم آخرون، وإن لكم في القرون السالفة لعبرة: أين العمالقة وأبناء العمالقة، أين الفراعنة وأبناء الفراعنة، أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين، وأطفئوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبارين، أين الذين ساروا بالجيوش، وهزموا بالألوف، وعسكروا العساكر، ومدنوا المدائن، وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة (خ 182).
إن لله ملكا ينادي في كل يوم: لدوا للموت، واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب (ح 132).
لكل مقبل إدبار، وما أدبر كأن لم يكن (ح 152).
(للحسن عليه السلام): واعلم يا بني أنك إنما خلقت للآخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت لا للحياة، وأنك في قلعة ودار بلغة، وطريق إلى الآخرة، وأنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، ولا يفوته طالبه، ولا بد أنه مدركه (ر 31).
بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها (خ 186).
فهل ينتظر أهل بضاضة الشباب إلا حواني الهرم، وأهل غضارة الصحة إلا نوازل السقم، وأهل مدة البقاء إلا آونة الفناء (خ 83).
الرحيل وشيك (ح 187).
نفس المرء خطاه إلى أجله (ح 74).
ووأى (سبحانه) على نفسه، أن لا يضطرب شبح مما أولج فيه الروح، إلا وجعل الحمام موعده، والفناء غايته (خ 165).
فما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من أحبه (ك 38).
وأنتم طرداء الموت، إن أقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم (ر 27).
وسمع (ع) رجلا يقول:
«إنا لله وإنا إليه راجعون» فقال: إن قولنا:
«إنا لله» إقرار
118

على أنفسنا بالملك، وقولنا:
«وإنا إليه راجعون» إقرار على أنفسنا بالهلك (ح 99).
(136) لكل إنسان أجل لا يتعداه، والأجل حارس للانسان حتى يحين يوم وفاته:
لكل قدر أجلا، ولكل أجل كتابا (خ 183).
إن لكل أجل وقتا لا يعدوه وسببا لا يتجاوزه (خ 193).
إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وإن الأجل جنة حصينة (ح 201).
وقال عليه السلام لما خوف من الغيلة: وإن علي من الله جنة حصينة، فإذا جاء يومي انفرجت عني وأسلمتني، فحينئذ لا يطيش السهم، ولا يبرأ الكلم (ك 62).
وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق (ح 374).
واعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك، ولن تعدو أجلك (ك 31).
فإنك لست بسابق أجلك، ولا مرزوق ما ليس لك (ر 72).
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال، ووقت لكم الآجال (خ 83).
خلق الآجال فأطالها وقصرها وقدمها وأخرها (خ 91).
وربما شرق شارب الماء قبل ريه (ح 275).
(137) أجل الإنسان مكتوم عنه، وهو يأتي بغتة، وسرعة قدومه كبيرة، ولكن لا يفقه الإنسان ذلك:
فكأن قد أتاكم بغتة فأسكت نجيكم، وفرق نديكم، وعفى آثاركم، وعطل دياركم، وبعث ورائكم يقتسمون تراثكم (خ 230).
من جرى في عنان أمله، عثر بأجله (ح 19).
مسكين ابن آدم: مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه
العرقة (ح 419).
إذا كنت في إدبار، والموت في أقبال، فما أسرع الملتقى (ح 29).
119

فبينا هو كذلك على جناح من فراق الدنيا، وترك الأحبة، إذ عرض له عارض من غصصه، فتحيرت نوافذ فطنته، ويبست رطوبة لسانه (ك 221).
فحققوا عليكم نزوله، ولا تنتظروا قدومه (خ 196).
فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل (خ 114).
كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون (خ 109).
أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام (ح 64).
دهمته فجعات المنية في غبر جماحه، وسنن مراحه (خ 83).
أرهقتهم المنايا دون الآمال، وشذ بهم عنها تخرم الآجال (خ 83).
وبادروا بالأعمال عمرا ناكسا، أو مرضا حابسا، أو موتا خالسا... فيوشك أن تغشاكم دواجي ظلله، واحتدام علله، وحنادس غمراته، وغواشي سكراته (خ 230).
واعلموا أن ملاحظ المنية نحوكم دانية، وكأنكم بمخالبها وقد نشبت فيكم، وقد دهمتكم فيها بمفظعات الأمور (ك 204).
(138) الله تعالى هو الذي يتوفى الأنفس، وملك الموت يقبض الأرواح بأمره سبحانه:
فتفهم يا بني وصيتي، واعلم أن مالك الموت، هو مالك الحياة، وأن الخالق هو المميت، وأن المفني هو المعيد (ر 31).
هو المفني لها بعد وجودها، حتى يصير موجودها كمفقودها،... بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها... ثم هو يفنيها بعد تكوينها، لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصلة إليه، ولا لثقل شيء منها عليه، لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها، ولكنه سبحانه دبرها بلطفه، وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته (خ 186).
(وقال عليه السلام عن ملك الموت): هل تحس به إذا دخل منزلا، أم هل تراه إذا توفى أحدا بل كيف يتوفى الجنين في بطن أمه أيلج عليه من بعض جوارحها، أم الروح أجابته بإذن ربها أم هو ساكن معه في أحشائها (خ 112).
(سئل عن رجل سد باب بيته، من أين يأتيه رزقه) قال عليه السلام: من حيث
120

يأتيه أجله (ح 356).
(139) وصف الموت وسكراته، والحالة النفسية للمحتضر:
فغير موصوف ما نزل بهم، اجتمعت عليهم سكرة الموت، وحسرة الفوت، ففترت لها أطرافهم، وتغيرت لها ألوانهم، ثم أزداد الموت فيهم ولوجا، فحيل بين أحدهم وبين منطقه، وإنه لبين أهله ينظر ببصره، ويسمع بأذنه، على صحة من عقله، وبقاء من لبه، يفكر فيم أفنى عمره، وفيم أذهب دهره، ويتذكر أموالا جمعها، أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها، وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها، ويتمتعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبء على ظهره، والمرء قد غلقت رهونه بها، فهو يعض يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره، ويتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه، فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط لسانه سمعه، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه، ولا يسمع بسمعه: يردد طرفه بالنظر في وجوههم، يرى حركات ألسنتهم، ولا يسمع رجع كلامهم، ثم ازداد الموت إلتياطا به، فقبض بصره كما قبض سمعه، وخرجت الروح من جسده (خ 109).
فبينما هو يضحك إلى الدنيا وتضحك إليه في ظل عيش غفول، إذ وطئ الدهر به حسكه، ونقضت الأيام قواه، ونظرت إليه الحتوف، من كثب، فخالطه بث لا يعرفه، ونجي هم ما كان يجده، وتولدت فيه فترات علل، آنس ما كان بصحته، ففزع إلى ما كان عوده الأطباء من تسكين الحار بالقار، وتحريك البارد بالحار، فلم يطفئ ببارد إلا ثور حرارة، ولا حرك بحار إلا هيج برودة، ولا اعتدل بممازج لتلك الطبائع إلا أمد منها كل ذات داء، حتى فتر معلله، وذهل ممرضه، وتعايا أهله بصفة دائه، وخرسوا عن جواب السائلين عنه، وتنازعوا دونه شجي خبر يكتمونه: فقائل يقول: هو لما به، وممن لهم إياب عافيته، ومصبر لهم على فقده، يذكرهم أسى الماضين من قبله، فبينما هو كذلك على جناح من فراق الدنيا، وترك الأحبة، إذ عرض له عارض من غصصه، فتحيرت نوافذ فطنته، ويبست رطوبة لسانه، فكم من مهم من جوابه عرفه فعي عن رده، ودعاء مؤلم بقلبه سمعه
121

فتصام عنه، من كبير كان يعظمه، أو صغير كان يرحمه، وإن للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة، أو تعتدل على عقول أهل الدنيا (ك 221).
(140) كيف يعامل الناس من يموت منهم:
وخرجت الروح من جسده، فصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا من جانبه، وتباعدوا من قربه، لا يسعد باكيا، ولا يجيب داعيا، ثم حملوه إلى مخط في الأرض، فأسلموه فيه إلى عمله، وانقطعوا عن زورته (خ 109).
بين أخ شقيق، ووالد شفيق، وداعية بالويل جزعا، ولا دمة للصدر قلقا، والمرء في سكرة ملهثة، وغمرة كارثة، وأنة موجعة، وجذبة مكربة، وسوقة متعبة، ثم أدرج في أكفانه مبلسا، وجذب منقادا سلسا، ثم ألقي على الأعواد رجيع وصب، ونضو سقم، تحمله حفدة الولدان، وحشدة الأخوان، إلى دار غربته، ومنقطع زورته، ومفرد وحشته (خ 83).
وصارت أموالهم للوارثين، وأزواجهم لقوم آخرين (خ 132).
وبعث وراثكم، يقتسمون تراثكم، بين حميم خاص لم ينفع، وقريب محزون لم يمنع، وآخر شامت لم يجزع (ر 45).
(141) وصف القبر، ووحشته، وساعة دخوله:
«فأنى تؤفكون» أم أين تصرفون، أم بما ذا تغترون وإنما حظ أحدكم من الأرض، ذات الطول والعرض، قيد قده، متعفرا على خده (خ 83).
واتعظوا فيها (الدنيا) بالذين قالوا:
«من أشد منا قوة» حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا، وجعل لهم من الصفيح أجنان، ومن التراب أكفان، ومن الرفات جيران
... استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسعة ضيقا، وبالأهل غربة، وبالنور ظلمة، فجاؤوها كما فارقوها، حفاة عراة (خ 111).
والنفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها، وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها، وأوسعت يدا حافرها، لأضغطها الحجر والمدر، وسد فرجها التراب
122

المتراكم (ر 45).
فاستبدلوا بالقصور المشيدة، والنمارق الممهدة، الصخور والأحجار المسندة، والقبور اللاطئة الملحدة، التي قد بني على الخراب فناؤها، وشيد بالتراب بناؤها، فمحلها مقترب، وساكنها مغترب، بين أهل محلة موحشين، وأهل فراغ متشاغلين (خ 226).
فإن أمامكم عقبة كؤودا، ومنازل مخوفة مهولة، لا بد من الورود عليها والوقوف عندها (ك 204).
(142) سؤال القبر ونعيمه وعذابه:
فإنكم لو قد عاينتم ما قد عاين من مات منكم لجزعتم ووهلتم، وسمعتم وأطعتم، ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا، وقريب ما يطرح الحجاب (ك 20).
حتى إذا انصرف المشيع، ورجع المتفجع، أقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال، وعثرة الامتحان (خ 83).
فإن أمامكم عقبة كؤودا، ومنازل مخوفة مهولة، لا بد من الورود عليها والوقوف عندها (ك 204).
شاهدوا من أخطار دارهم أفظع مما خافوا، ورأوا من آياتها أعظم مما قدروا، فكلتا الغايتين مدت لهم إلى مباءة، فأتت مبالغ الخوف والرجاء، فلو كانوا ينطقون بها لعيوا بصفة ما شاهدوا وما عاينوا (ك 221).
وبادروا الموت وغمراته، وامهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله: فإن الغاية القيامة، وكفى بذلك واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل، وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون: من ضيق الأرماس، وشدة الإبلاس، وهول المطلع، وروعات الفزع، واختلاف الأضلاع، واستكاك الأسماع، وظلمة اللحد، وخيفة الوعد، وغم الضريح، وردم الصفيح (خ 190).
(143) وصف أهل القبور:
واتعظوا فيها بالذين قالوا:
«من أشد منا قوة»: حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا الأجداث، فلا يدعون ضيفانا، وجعل لهم من الصفيح أجنان، ومن
123

التراب أكفان، ومن الرفات جيران، فهم جيرة لا يجيبون داعيا، ولا يمنعون ضيما، ولا يبالون مندبة، إن جيدوا لم يفرحوا، وإن قحطوا لم يقنطوا، جميع وهم آحاد، وجيرة وهم أبعاد، متدانون لا يتزاورون، وقريبون لا يتقاربون، حلماء قد ذهبت أضغانهم، وجهلاء قد ماتت أحقادهم، لا يخشى فجعهم، ولا يرجى دفعهم (خ 111).
فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى سبات، جيران لا يتأنسون، وأحباء لا يتزاورون، بليت بينهم عرا التعارف، وانقطعت منهم أسباب الإخاء، فكلهم وحيد وهم جميع، وبجانب الهجر وهم أخلا ء، لا يتعارفون لليل صباحا، ولا لنهار مساء (ك 221).
(144) مصير أجساد الناس بعد موتهم ودفنهم:
وقد غودر في محلة الأموات رهينا، وفي ضيق المضجع وحيدا، قد هتكت الهوام جلدته، وأبلت النواهك جدته، وعفت العواصف آثاره، ومحا الحدثان معالمه، وصارت الأجساد شحبة بعد بضتها، والعظام نخرة، بعد قوتها (خ 83).
ولو استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية، والربوع الخالية، لقالت: ذهبوا في الأرض ضلالا وذهبتم في أعقابهم جهالا، تطأون في هامهم، وتستنبتون في أجسادهم، وترتعون فيما لفظوا، وتسكنون فيما خربوا (ك 221).
فلو مثلتهم بعقلك، أو كشف عنهم محجوب الغطاء لك، وقد ارتسخت أسماعهم بالهوام فاستكت، واكتحلت أبصارهم بالتراب فخسفت، وتقطعت الألسنة في أفواههم بعد ذلاقتها، وهمدت القلوب في صدورهم بعد يقظتها، وعاث في كل جارحة منهم جديد بلى سمجها، وسهل طرق الآفة إليها، مستسلمات فلا أيد تدفع، ولا قلوب تجرع، لرأيت أشجان قلوب، وأقذاء عيون، لهم في كل فظاعة صفة حال لا تنتقل، وغمرة لا تنجلي، فكم أكلت الأرض من عزيز جسد، وأنيق لون، كان في الدنيا غذي ترف، وربيب شرف (ك 221).
وقد طحنهم بكلكله البلى، وأكلتهم الجنادل والثرى (خ 226).
124

(145) أولياء الله يختلفون عن سائر الناس في ميتتهم، وسؤال القبر، ومصير الجسد، ووحشة القبر:
أيها الناس، خذوها عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم:
«إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلى من بلى منا وليس ببال» (خ 87).
فإن تقوى الله دواء داء قلوبكم... وأمن فزع جأشكم، وضياء سواد ظلمتكم... ومنهلا لحين ورودكم، وشفيعا لدرك طلبتكم، وجنة ليوم فزعكم، ومصابيح لبطون قبوركم، وسكنا لطول وحشتكم، ونفسا لكرب مواطنكم (خ 198).
فمن عمل في أيام أمله قبل حضور أجله، فقد نفعه عمله، ولم يضرره أجله (خ 28).
(146) أهمية التهيؤ للموت، وفوائد ذكر الموت:
يا بني أكثر من ذكر الموت، وذكر ما تهجم عليه، وتفضي بعد الموت إليه، حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك، وشددت له أزرك، ولا يأتيك بغتة فيبهرك (ر 31).
واعلموا أنه ليس من شيء إلا ويكاد صاحبه يشبع منه ويمله إلا الحياة فإنه لا يجد في الموت راحة، وإنما ذلك بمنزلة الحكمة التي هي حياة للقلب الميت (خ 133).
وإنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم وتغيب آجالهم، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة، وترفع عنه التوبة، وتحل معه القارعة والنقمة (خ 147).
من تذكر بعد السفر استعد (خ 280).
وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به، وإن غاية تنقصها اللحظة، وتهدمها الساعة، لجديرة بقصر المدة، وإن غائبا يحدوه الجديدان: الليل والنهار، لحري بسرعة الأوبة، وإن قادما يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة، فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا (خ 64).
وأوصيكم بذكر الموت، وإقلال الغفلة عنه، وكيف غفلتكم عما ليس يغفلكم، وطمعكم فيمن ليس يمهلكم، فكفى واعظا بموتى عاينتموهم، حملوا إلى قبورهم غير راكبين، وأنزلوا فيها غير نازلين، فكأنهم لم يكونوا للدنيا عمارا، وكأن الآخرة لم تزل لهم دارا، أوحشوا ما كانوا يوطنون، وأوطنوا ما كانوا يوحشون (خ 188).
125

وبادروا الموت وغمراته، وامهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله: فإن الغاية القيامة، وكفى بذلك واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل (خ 190).
ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات (ح 31).
لو رأى العبد الأجل ومصيره، لأبغض الأمل وغروره (ح 334).
فاتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم، واستعدوا للموت فقد أظلكم (خ 64).
من أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير (ح 349).
فاحذرا عباد الله الموت وقربه، وأعدوا له عدته، فإنه يأتي بأمر عظيم، وخطب جليل، بخير لا يكون معه شر أبدا، أو شر لا يكون معه خير أبدا (ر 27).
تجهزوا رحمكم الله، فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد (ك 204).
وأكثر ذكر الموت وما بعد الموت، ولا تتمن الموت إلا بشرط وثيق، وإياك أن ينزل بك الموت وأنت آبق من ربك في طلب الدنيا (ر 69).
وعجبت لمن نسي الموت، وهو يرى الموتى (ح 126).
أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت (خ 84).
من أطال الأمل أساء العمل (ح 36).
(147) المتقون والتهيؤ للموت:
استقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذبوا الأمل فلاحظوا الأجل (خ 114).
فإن تقوى الله مفتاح سداد، وذخيرة معاد، وعتق من كل ملكة، ونجاة من كل هلكة، بها ينجح الطالب، وينجو الهارب، وتنال الرغائب (خ 230).
رحم الله امرأ سمع حكما فوعى... جعل الصبر مطية نجاته، والتقوى عدة وفاته، ركب الطريقة الغراء، ولزم المحجة البيضاء، اغتنم المهل، وبادر الأجل، وتزود من العمل (خ 76).
فكأنما اطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الإقامة فيه، وحققت القيامة عليهم
126

عداتها (ك 222).
ولو لا الأجل الذي كتب الله عليهم، لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب (خ 193).
إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها، إذا اشتغل الناس بعاجلها (ح 432).
(148) العاصي والموت:
لا تكن ممن يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت من أجله... يخشى الموت، ولا يبادر الفوت (ح 150).
(149) الجزع عند فقد الأحبة مرفوض في الاسلام والحزن مقبول، والصبر ممدوح وصاحبه مأجور والاتعاظ بهم هو المطلوب:
قال عليه السلام، وهو يعزي الأشعث بن قيس عن ابن له: يا أشعث، إن تحزن على ابنك فقد استحقت منك ذلك الرحم، وإن تصبر ففي الله من كل مصيبة خلف، يا أشعث، إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور (ح 291).
ينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط عمله (ح 144).
وعزى عليه السلام قوما عن ميت مات لهم فقال: إن هذا الأمر ليس لكم بدأ، ولا إليكم انتهى، وقد كان صاحبكم هذا يسافر، فعدوه في بعض أسفاره، فإن قدم عليكم وإلا قدمتم عليه (ح 357).
وتبع عليه السلام جنازة فسمع رجلا يضحك، فقال: كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم، ثم قد نسينا كل واعظ وواعظة، ورمينا بكل وجائحة (ح 122).
127

(في وصف المتقين): ولا يعزون عن الموتى (خ 121).
(150) ماهية الموت، وكيفية فناء الأرواح علم يختص به الله سبحانه وتعالى:
كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر، فأبى الله إلا إخفاءه، هيهات، علم مخزون (خ 149).
كيف يتوفى الجنين في بطن أمه أيلج عليه من بعض جوارحها أم الروح أجابته بإذن ربها، أم هو ساكن معه في أحشائها (خ 112).
2 - النشور
(151) المعاد جسماني وروحاني معا:
حتى إذا تصرمت الأمور، وتقضت الدهور، وأزف النشور، أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة السباع، ومطارح المهالك، سراعا إلى أمره، مهطعين إلى معاده، رعيلا صموتا، قياما صفوفا، ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي، عليهم لبوس الاستكانة، وضرع الاستسلام والذلة، قد ضلت الحيل، وانقطع الأمل، وهوت الأفئدة كاظمة، وخشعت الأصوات مهيمنة، وألجم العرق، وعظم الشفق، وأرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب، ومقايضة الجزاء، ونكال العقاب، ونوال الثواب (خ 83).
وذلك يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين لنقاش الحساب، وجزاء الأعمال، خضوعا، قياما، قد ألجمهم العرق، ورجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، ولنفسه متسعا (خ 102).
قد شخصوا من مستقر الأجداث، وصاروا إلى مصائر الغايات، لكل دار أهلها، لا يستبدلون بها، ولا ينقلون عنها (خ 156).
وأرج الأرض وأرجفها، وقلع جبالها ونسفها، ودك بعضها بعضا من هيبة جلالته ومخوف سطوته، وأخرج من فيها، فجددهم بعد إخلاقهم، وجمعهم بعد تفرقهم... فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره... وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار، وغل الأيدي إلى الأعناق،
128

وقرن النواصي بالأقدام، وألبسهم سرابيل القطران، ومقطعات النيران (خ 109).
فكيف بكم لو تناهت بكم الأمور، وبعثرت القبور (خ 226).
أفرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه، والعثرة تدميه، والرمضاء تحرقه، فكيف إذا كان بين طابقين من نار، ضجيع حجر، وقرين شيطان (خ 183).
فالله الله عباد الله، فإن الدنيا ماضية بكم على سنن، وأنتم والساعة في قرن، وكأنها قد جاءت بأشراطها، وأزفت بأفراطها، ووقفت بكم على صراطها، وكأنها قد أشرفت بزلازلها، وأناخت بكلاكلها، وانصرمت الدنيا بأهلها، وأخرجتهم من حضنها (خ 190).
(152) المعاد حق على الله تعالى، ولن يخلف الله وعده:
واستحقوا منه ما أعد لكم بالتنجز لصدق ميعاده، والحذر من هول معاده (خ 83).
وكأن الصيحة قد أتتكم، والساعة قد غشيتكم، وبرزتم لفصل القضاء، قد زاحت عنكم الأباطيل، واضمحلت عنكم العلل، واستحقت بكم الحقائق، وصدرت بكم الأمور مصادرها (خ 102).
إذا رجفت الراجفة، وحقت بجلائلها القيامة (ك 223).
(153) للايمان بالمعاد فوائد تربوية ونفسية ومادية تعود على الانسان في الدنيا، وبيان بعض تلك الفوائد:
وأن الدنيا لم تكن لتستقر إلا على ما جعلها الله عليه من النعماء، والابتلاء، والجزاء في المعاد، أو ما شاء مما لا تعلم (ر 31).
طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله (ح 44).
فإن الغاية القيامة، وكفى بذلك واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل (خ 190).
فسبحان الله، أما تؤمن بالمعاد أوما تخاف نقاش الحساب (ر 41).
فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير
129

جهنم وشهيقها في أصول آذانهم (خ 193).
ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله له أمر دنياه (ح 89).
فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات (ح 31).
ومن طلب الآخرة، طلبته الدنيا حتى يستوفي رزقه منها (ح 231).
(لمالك): ولن تحكم ذلك من نفسك، حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك (ر 53).
رحم الله امرأ تفكر فاعتبر، واعتبر فأبصر، فكأن ما هو كائن في الدنيا عن قليل لم يكن، وكأن ما هو كائن من الآخرة عما قليل لم يزل (خ 103).
أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة (خ 84).
(154) المعاد ضرورة وواجب لإثابة المؤمنين الطائعين والاقتصاص من العاصين
والظالمين: والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد، فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة (ر 59).
ومن شنئ الفاسقين، وغضب لله، غضب الله له وأرضاه يوم القيامة (ح 31).
وذلك يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين لنقاش الحساب وجزاء الأعمال (خ 102).
فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء، ولا همس قدم في الأرض إلا بحقه، فكم حجة يوم ذاك داحضة، وعلائق عذر منقطعة (ك 223).
وبؤسى لمن خصمه عند الله، الفقراء والمساكين، والسائلون والمدفوعون، والغارمون وابن السبيل (ر 26).
«وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا» قد أمن العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النار، واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية، وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا واستغفارا، وكان
130

نهارهم ليلا، توحشا وانقطاعا، فجعل الله لهم الجنة مآبا، والجزاء ثوابا، «وكانوا أحق بها وأهلها» في ملك دائم، ونعيم قائم (خ 190).
والحكم الله، والمعود إليه القيامة (ك 162).
(155) إعادة خلق الانسان ليست بعسيرة على من خلقه أول مرة:
وعجبت لمن نسي الموت، وهو يرى الموتى، وعجبت لمن أنكر النشأة الأخرى، وهو يرى النشأة الأولى (ح 126).
حتى إذا تصرمت الأمور، وتقضت الدهور، وأزف النشور، أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة السباع، ومطارح المهالك سراعا إلى أسره، مهطعين إلى معاده (خ 83).
عباد مخلوقون اقتدارا، ومربوبون اقتسارا، ومقبوضون احتضارا، ومضمنون أجداثا، وكائنون رفاتا، ومبعوثون أفرادا، ومدينون جزاء، ومميزون حسابا (خ 83).
(156) ساعة المعاد من الأمور الغيبية التي يختص بها الله سبحانه وتعالى:
يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة، وما عدده الله بقوله:
«إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت...» (ك 128).
وكل شيء من الدنيا سماعه أعظم من عيانه، وكل شيء من الآخرة عيانه أعظم من سماعه، فليكفكم من العيان السماع، ومن الغيب الخبر (خ 114).
(157) يوم المعاد يأتي بغتة:
أما بعد، فإن الدنيا أدبرت، وآذنت بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع (خ 28).
ثم إن الله سبحانه بعث محمدا (ص) بالحق حين دنا من الدنيا الانقطاع وأقبل من
131

الآخرة الإطلاع (خ 198).
أما بعد، فإن الله سبحانه بعث محمدا (ص) وليس أحد من العرب يقرأ كتابا، ولا يدعي نبوة ولا وحيا، فقاتل بمن أطاعه من عصاه، يسوقهم إلى منجاتهم، ويبادر بهم الساعة أن تنزل بهم (خ 104).
وكأن الصيحة قد أتتكم، والساعة قد غشيتكم (خ 157).
(158) مشاهد من البحث:
أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة السباع، ومطارح المهالك، سراعا إلى أمره، مهطعين إلى معاده، رعيلا صموتا، قياما صفوفا، ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي، عليهم لبوس الاستكانة، وضرع الاستسلام والذلة، قد ضلت الحيل، وانقطع الأمل، وهوت الأفئدة كاظمة، وخشعت الأصوات مهيمنه، وألجم العرق، وعظم الشفق، وأرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب، ومقايضة الجزاء، ونكال العقاب، ونوال الثواب (خ 83).
ورجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، ولنفسه متسعا (خ 102).
«ليوم تشخص فيه الأبصار» وتظلم له الأقطار، وتعطل فيه صروم العشار، وينفخ في الصور، فتزهق كل مهجة، وتبكم كل لهجة، وتذل الشم الشوامخ، والصم الرواسخ، فيصير صلدها سرابا رقرقا، ومعهدها قاعا سملقا، فلا شفيع يشفع، ولا حميم ينفع، ولا معذرة تدفع (خ 195).
(159) حالة الناس النفسية يوم المعاد، وما ينتابهم من فزع واضطراب:
عليهم لبوس الاستكانة، وضرع الاستسلام والذلة... وهوت الأفئدة كاظمة، وخشعت الأصوات مهيمنة، وألجم العرق، وعظم الشفق، وأرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب، ومقايضة الجزاء، ونكال العقاب، ونوال الثواب (خ 83).
ودهمتكم مفظعات الأمور، والسياقة إلى الورد المورود (خ 85).
132

فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، ولنفسه متسعا (خ 102).
فكأنكم بالساعة تحدوكم حدو الزاجر بشوله (خ 157).
واستحقوا منه ما أعد لكم بالتنجز لصدق ميعاده، والحذر من هول معاده (خ 83).
وينفخ في الصور، فتزهق كل مهجة، وتبكم كل لهجة (خ 195).
واعلم أن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة، ومشقة شديدة (ر 31).
في موقف ضنك المقام، وأمور مشتبهة عظام (خ 190).
3 - الحساب والجزاء
(160) الناس جميعا يعرضون يوم القيامة للحساب ولا يترك أحد مطلقا:
وذلك يوم يجمع الله الأولين والآخرين لنقاش الحساب، وجزاء الأعمال، خضوعا قياما... فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، ولنفسه متسعا (خ 102).
أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة السباع، ومطارح المهالك، سراعا إلى أمره، مهطعين إلى معاده، رعيلا صموتا، قياما صفوفا (خ 83).
فإنما ينتظر بأولكم آخركم (خ 21).
وأرج الأرض وأرجفها، وقلع جبالها ونسفها، ودك بعضها بعضا من هيبة جلالته ومخوف سطوته، وأخرج من فيها، فجددهم بعد إخلاقهم، وجمعهم بعد تفرقهم، ثم ميزهم لما يريده من مسألتهم (خ 109).
(161) في أن الناس يحاسبون أفرادا:
ثم ميزهم لما يريده من مسألتهم عن خفايا الأعمال وخبايا الأفعال (خ 109).
ومميزون حسابا (خ 83).
لكل امرئ عاقبة، حلوة أو مرة (ح 151).
ودهمتكم مفظعات الأمور، والسياقة إلى الورد المورود، ف‍ «كل نفس معها سائق وشهيد».. سائق يسوقها إلى محشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها (خ 85).
133

(وسئل (ع)): كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم فقال (ع): كما يرزقهم على كثرتهم. فقيل: كيف يحاسبهم ولا يرونه فقال: كما يرزقهم ولا يرونه (ح 300).
(162) في أنه لا مفر لأحد من الحساب، ولا عودة لكي يعمل صالحا، ويرد مظلمة:
وإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل (ك 42).
عليهم لبوس الاستكانة، وضرع الاستسلام والذلة، قد ضلت الحيل، وانقطع الأمل (خ 83).
وإن الخلق لا مقصر لهم عن القيامة، مرقلين في مضمارها إلى الغاية القصوى (خ 156).
فارتد لنفسك قبل نزولك، ووطئ المنزل قبل حلولك، «فليس بعد الموت مستعتب» ولا إلى الدنيا منصرف (ر 31).
وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به (خ 64).
وأن مهبطك بها لا محالة إما على جنة أو نار (ر 31).
واعلم أن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة، ومشقة شديدة، وأنه لا غنى بك فيه عن حسن الارتياد (ر 31).
(163) في أنه لا حجة أو عذر ينقذ أحدا من مصيره يوم الحساب ولا شفيع للكافرين العاصين:
فكم حجة يوم ذاك داحضة، وعلائق عذر منقطعة (ك 223).
اعملوا ليوم تذخر له الذخائر، «وتبلى فيه السرائر» ومن لا ينفعه حاضر لبه فعاز به عنه أعجز، وغائبه أعوز (ك 120).
فلا شفيع يشفع، ولا حميم ينفع، ولا معذرة تدفع (خ 195).
(164) من شفعاء المؤمنين يوم القيامة، وخصماء الكافرين والعاصين:
وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق
134

عليه، فإنه ينادي مناد يوم القيامة:
«ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله، غير حرثة القرآن» فكونوا من حرثته وأتباعه (خ 176).
وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما (خ 83).
أنا حجيج المارقين، وخصيم الناكثين المرتابين (خ 75).
وإنما الأئمة قوام الله على خلقه، وعرفاؤه على عباده، ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه (خ 152).
وبؤسى لمن - خصمه عند الله - الفقراء والمساكين والسائلون والمدفوعون، والغارمون وابن السبيل (ر 26).
ومن قرأ القرآن فمات فدخل النار، فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا (ح 228).
(165) يسأل الناس يوم القيامة عن كل صغيرة وكبيرة وظاهرة ومستورة من أعمالهم:
فإن الله تعالى يسائلكم - معشر عباده - عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة، والظاهرة والمستورة، فإن يعذب فأنتم أظلم، وإن يعف فهو أكرم (ر 27).
عباد الله، احذروا يوما تفحص فيه الأعمال (خ 102).
اعملوا ليوم تذخر له الذخائر، «وتبلى فيه السرائر» (ك 120).
وجمعهم بعد تفرقهم، ثم ميزهم لما يريده من مسألتهم عن خفايا الأعمال وخبايا الأفعال (خ 109).
وإن الله سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة (ح 42).
ونستغفره مما أحاط به علمه، وأحصاه كتابه، علم غير قاصر، وكتاب غير مغادر (خ 114).
إن الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم، لطف به خبرا، وأحاط به علما، أعضاؤكم شهوده، وجوارحكم جنوده، وضمائركم عيونه، وخلواتكم عيانه (خ 199).
أمره بتقوى الله في سرائر أمره وخفيات عمله، حيث لا شهيد غيره، ولا وكيل دونه،
135

وأمره ألا يعمل بشيء من طاعة الله فيما ظهر فيخالف إلى غيره فيما أسر، ومن لم يختلف سره وعلانيته، وفعله ومقالته، فقد أدى الأمانة، وأخلص العبادة (ر 26).
للظالم البادي غدا بكفه عضة (ح 188).
فاتقوا الله الذي أنتم بعينه، ونواصيكم بيده، وتقلبكم في قبضته، إن أسررتم علمه، وإن أعلنتم كتبه، قد وكل بذلك حفظة كراما، لا يسقطون حقا، ولا يثبتون باطلا (خ 183).
اتقوا معاصي الله في الخلوات، فإن الشاهد هو الحاكم (ح 324).
واعلم أن الدنيا دار بلية لم يفرغ صاحبها فيها قط ساعة إلا كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامة (ر 59).
(166) حال المثقلين بالذنوب يوم القيامة، وحال المخفين:
واعلم أن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة، ومشقة شديدة، وأنه لا غنى بك فيه عن حسن الارتياد، وقدر بلاغك من الزاد، مع خفة الظهر، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك، فيكون ثقل ذلك وبالا عليك (ر 31).
واعلم أن أمامك عقبة كؤودا، المخف فيها أحسن حالا من المثقل، والمبطئ عليها أقبح حالا من المسرع (ر 31).
تخففوا تلحقوا (خ 21).
(167) أن في الجنة أنواع اللذائذ وما تشتهيه الأنفس، وأنها الدار الحقيقية للمؤمنين:
فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لعزفت نفسك عن بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها ولذاتها، وزخارف مناظرها، ولذهلت بالفكر في اصطفاق أشجار غيبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها، وفي تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها وأفنانها، وطلوع تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها، تجنى من غير تكلف، فتأتي على منية مجتنيها، ويطاف على نزالها في أفنية قصورها بالأعسال المصفقة، والخمور المروقة... فلو شغلت قلبك أيها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة،
136

لزهقت نفسك شوقا إليها، ولتحملت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها (خ 165).
كل نعيم دون الجنة فهو محقور (ح 387).
ولا يبأس ساكنها (خ 85).
«وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا»، قد أمن العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النار، واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار (خ 190).
فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره، وخلدهم في داره، حيث لا يظعن النزال، ولا تتغير بهم الحال، ولا تنوبهم الأفزاع، ولا تنالهم الأسقام، ولا تعرض لهم الأخطار، ولا تشخصهم الأسفار (خ 109).
(168) في خلود المؤمنين في الجنة، وخلود الكافرين في النار:
درجات متفاضلات، ومنازل متفاوتات، لا ينقطع نعيمها، ولا يظعن مقيمها، ولا يهرم خالدها، ولا يبأس ساكنها (خ 85).
الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية، وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا، توحشا وانقطاعا، فجعل الله لهم الجنة مآبا، والجزاء ثوابا، «وكانوا أحق بها وأهلها» في ملك دائم، ونعيم قائم (خ 190).
وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار... في نار لها كلب ولجب، ولهب ساطع، وقصيف هائل، لا يظعن مقيمها، ولا يفادى أسيرها، ولا تفصم كبولها، لا مدة للدار فتفنى، ولا أجل للقوم فيقضى (خ 109).
فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره، وخلدهم في داره، حيث لا يظعن النزال، ولا تتغير بهم الحال (خ 109).
(169) أن في النار أشد أنواع العذاب والعقاب:
وأعظم ما هنالك بلية نزول الحميم، وتصلية الجحيم، وفورات السعير، وسورات الزفير، لا فترة مريحة، ولا دعة مزيحة، ولا قوة حاجزة، ولا موتة ناجزة (خ 83).
137

وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار، وغل الأيدي إلى الأعناق، وقرن النواصي بالأقدام، وألبسهم سرابيل القطران، ومقطعات النيران، في عذاب قد اشتد حره، وباب قد أطبق على أهله، في نار لها كلب ولجب، ولهب ساطع، وقصيف هائل (خ 109).
واتقوا نارا حرها شديد، وقعرها بعيد، وحليتها حديد (ك 120).
أفرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه، والعثرة تدميه، والرمضاء تحرقه فكيف إذا كان بين طابقين من نار، ضجيع حجر، وقرين شيطان، أعلمتم أن مالكا إذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه، وإذا زجرها توثبت بين أبوابها جزعا من زجرته (خ 183).
ونار شديد كلبها، عال لجبها، ساطع لهبها، متغيظ زفيرها، متأجج سعيرها، بعيد خمودها، ذاك وقودها، مخوف وعيدها، عم قرارها، مظلمة أقطارها، حامية قدورها، فظيعة أمورها (خ 190).
فاحذروا نارا قعرها بعيد، وحرها شديد، وعذابها جديد (ر 27).
وكل بلاء دون النار عافية (ح 387).
138

الباب الخامس: في العبادات
الفصل الأول: في أمور عامة في العبادات
الفصل الثاني: في آداب العبادات وآثارها
139

الفصل الأول
«العبادات»
(170) في أن العبادة حق الله تعالى على عباده، وبيان بعض أهمية العبادات بصورة عامة:
ولكنه سبحانه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه، وتوسعا بما هو من المزيد أهله (خ 216).
اللهم وهذا مقام من أفردك بالتوحيد الذي هو لك، ولم ير مستحقا لهذه المحامد والممادح غيرك (خ 91).
الحمد لله... حمدا يكون لحقه قضاء، ولشكره أداء (خ 182).
واستعينوا الله على أداء واجب حقه، وما لا يحصى من أعداد نعمه وإحسانه (خ 99).
إن لله في كل نعمة حقا، فمن أداه زاده منها، ومن قصر فيه خاطر بزوال نعمته (ح 244).
إن من حق من عظم جلال الله سبحانه في نفسه، وجل موضعه من قلبه، أن يصغر عنده - لعظم ذلك - كل ما سواه، وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه، ولطف إحسانه إليه، فإنه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا ازداد حق الله عليه عظما (خ 216).
أقل ما يلزمكم لله ألا تستعينوا بنعمه على معاصيه (ح 330).
إن الله سبحانه جعل الطاعة غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة (ح 313).
140

(171) في أن الله تعالى غني عن عبادة عباده:
أما بعد، فإن الله - سبحانه وتعالى - خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه (خ 190).
(172) في أن من أهم علل بعث الرسل: إخراج الناس من عبادة الأوثان إلى عبادة الله:
لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم فجهلوا حقه، واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه (خ 1).
فبعث الله محمدا (ص) بالحق ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته (خ 147).
(173) في أنه مهما عبد العبد الله تعالى، فإنه لن يبلغ حق عبادته:
لو عاينوا كنه ما خفي عليهم منك لحقروا أعمالهم، ولزروا على أنفسهم، ولعرفوا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، ولم يطيعوك حق طاعتك (خ 109).
ولا يؤدي حقه المجتهدون (خ 1).
اللهم لك الحمد... حمدا يكون أرضى الحمد لك، وأحب الحمد إليك، وأفضل الحمد عندك، حمدا يملأ ما خلقت، ويبلغ ما أردت (خ 160).
لا يقطعون أمد غاية عبادته، ولا يرجع بهم الاستهتار بلزوم طاعته (خ 91).
وتالله لو انماثت قلوبكم انمياثا، وسالت عيونكم من رغبة إليه أو رهبة منه دما، ثم عمرتم في الدنيا، ما الدنيا باقية، ما جزت أعمالكم عنكم - ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم - أنعمه عليكم العظام، وهداه إياكم للأيمان (خ 52).
(174) في مراتب العبادة والعابدين، وأن أفضلها عبادة الأحرار (الشاكرين) له على كل حال:
إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة
141

العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار (ح 237).
لو لم يتوعد الله على معصيته، لكان يجب ألا يعطى شكرا لنعمه (ح 290).
(175) لو لا عون الله تعالى لعبده على عبادته لما كانت هنالك عبادة:
وأستعينه على وظائف حقوقه (خ 190).
ونستعينه على رعاية حقوقه (خ 100).
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته (خ 157).
عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه (خ 87).
(176) لو لا تمكين الله تعالى لعبده على عبادته لما كان هنالك تكليف:
(سئل عن معنى قولهم:
«لا حول ولا قوة إلا بالله» فقال عليه السلام): إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك مع الله شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا، فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا (ح 404).
(177) الرياء في العبادة وعبادة غير الله:
ألستم في مساكن من كان قبلكم أطول أعمارا، وأبقى آثارا، وأبعد آمالا، وأعد عديدا، وأكثف جنودا تعبدوا للدنيا أي تعبد، وآثروها أي إيثار، ثم ظعنوا عنها بغير زاد مبلغ، ولا ظهر قاطع (خ 111).
يرجو الله في الكبير، ويرجو العباد في الصغير، فيعطي العبد ما لا يعطي الرب... وكذلك إن هو خاف عبدا من عبيده، أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربه، فجعل خوفه من العباد نقدا، وخوفه من خالقه ضمارا ووعدا، وكذلك من عظمت الدنيا في عينه، وكبر موقعها من قلبه، آثرها على الله تعالى، فانقطع لها، وصار عبدا لها (خ 160).
فاعتصم بالذي خلقك ورزقك وسواك، وليكن له تعبدك، وإليه رغبتك، ومنه
142

شفقتك، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا (ر 31).
واعلموا أن يسير الرياء شرك (خ 86).
من عشق شيئا أعشى بصره... قد خرقت الشهوات عقله... فهو عبد لها (خ 109).
(الماضون) اتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب وجرعوهم المرار (خ 192).
واعلموا في غير رياء ولا سمعة. فإن من يعمل لغير الله يكله الله لمن عمل له (خ 23).
(178) في أن كل المخلوقات تعبد الله تعالى، وفي طاعته:
فتبارك الله الذي «يسجد له من في السماوات والأرض طوعا وكرها»، ويعفر له خدا ووجها، ويلقي إليه بالطاعة سلما وضعفا، ويعطي له القياد رهبة وخوفا (خ 185).
والشمس والقمر دائبان في مرضاته (خ 90).
وقلع جبالها ونسفها، ودك بعضها من هيبة جلالته ومخوف سطوته (خ 109).
فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد، قائمات بلا سند، دعاهن فأجبن طائعات مذعنات، غير متلكئات ولا مبطئات، ولو لا إقرارهن له بالربوبية وإذعانهن بالطواعية، لما جعلهن موضعا لعرشه، ولا مسكنا لملائكته، ولا مصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من خلقه (خ 182).
ألا وإن الأرض التي تقلكم، والسماء التي تظلكم، مطيعان لربكم، وما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجعا لكم، ولا زلفة إليكم، ولا لخير ترجوانه منكم، ولكن أمرتا بمنافعكم فأطاعتا، وأقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا (خ 143).
وقذفت إليه السماوات والأرضون مقاليدها، وسجدت له بالغدو والآصال الأشجار الناضرة، وقدحت له من قضبانها النيران المضيئة، وآتت أكلها بكلماته الثمار اليانعة (خ 133).
ثم فتق ما بين السموات العلا، فملأهن أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون، ومسبحون لا يسامون (خ 1).
ثم خلق سبحانه سماواته، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته، خلقا بديعا من
143

ملائكته، وملأ بهم فروج فجاجها، وحشا بهم فتوق أجوائها، وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس، وسترات الحجب، وسرادقات المجد، ووراء ذلك الرجيح الذي تستك منه الأسماع سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها، فتقف خاسئة على حدودها (خ 91).
(الملائكة أيضا): قد استفرغتهم أشغال عبادته، ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته، وقطعهم الإيقان به إلى الوله إليه... فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم، ولم ينفد طول الرغبة إليه مادة تضرعهم، ولا أطلق عنهم عظيم الزلفة ربق خشوعهم،... ولم تجف لطول المناجاة أسلات ألسنتهم، ولا ملكتهم الأشغال فتنقطع بهمس الجؤار إليه أصواتهم، ولم تختلف في مقاوم الطاعة مناكبهم... لا يقطعون أمد غاية عبادته، ولا يرجع بهم الاستهتار بلزوم طاعته... وليس في أطباق السماء موضع إهاب إلا وعليه ملك ساجد، أو ساع حافد (خ 91).
وجعلت سكانه سبطا من ملائكتك، لا يسأمون من عبادتك (ك 171).
(الدنيا) ومصلى ملائكة الله (ح 131).
(الملائكة) وإنهم على مكانهم منك، ومنزلتهم عندك، واستجماع أهوائهم فيك، وكثرة طاعتهم لك، وقلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا كنه ما خفي عليهم منك لحقروا أعمالهم، ولزروا على أنفسهم، ولعرفوا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، ولم يطيعوك حق طاعتك (خ 109).
144

الفصل الثاني
«في آداب العبادات وآثارها»
1) الصلاة:
(179) 1 - في التأكيد على إقامة الصلاة في أوقاتها وعدم تركها أو التهاون بها أبدا:
تعاهدوا أمر الصلاة، وحافظوا عليها، واستكثروا منها، وتقربوا بها، فإنها «كانت على المؤمنين كتابا موقوتا» ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا:
«ما سلككم في سقر قالوا: لم نك من المصلين»... وقد عرف حقها رجال من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينة متاع، ولا قرة عين من ولد ولا مال، يقول الله سبحانه:
«رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» وكان رسول الله (ص) نصبا بالصلاة بعد التبشير له بالجنة، لقول الله سبحانه:
«وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها»، فكان يأمر بها أهله، ويصبر عليها نفسه (ك 199).
إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى... واقام الصلاة فإنها الملة (خ 110).
والله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم (ر 47).
الصلاة قربان كل تقي (ح 136).
وتعاهدها عند محلها (ر 69).
صل الصلاة لوقتها المؤقت لها، ولا تعجل وقتها لفراغ، ولا تؤخرها عن وقتها لاشتغال، واعلم أن كل شيء من عملك تبع لصلاتك (ر 27).
إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها (ح 105).
145

(180) في أوقات الصلاة وكيفية معرفتها:
أما بعد فصلوا بالناس الظهر حتى تفئ الشمس من مربض العنز، وصلوا بهم العصر والشمس بيضاء حية في عضو من النهار حين يسار فيها فرسخان، وصلوا بهم المغرب حين يفطر الصائم، ويدفع الحاج إلى منى، وصلوا بهم العشاء حتى يتوارى الشفق إلى ثلث الليل، وصلوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه (ر 27).
(181) في وجوب التزام الرفق بالعبادة مع النفس إلا في الفرائض، وإذا أضرت النوافل بالفرائض فيجب رفض النوافل:
وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها، وخذ عفوها ونشاطها، إلا ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنه لا بد من قضائها (ر 69).
لا قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض (ح 39).
إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها (ح 279).
(182) آداب في صلاة الجماعة:
وإذا قمت في صلاتك للناس، فلا تكونن منفرا ولا مضيعا، فإن الناس من به العلة وله الحاجة. وقد سألت رسول الله (ص) حين وجهني إلى اليمن كيف أصلي بهم فقال:
«صل بهم كصلاة أضعفهم، وكن بالمؤمنين رحيما» (ر 53).
وصلوا بهم صلاة أضعفهم، ولا تكونوا منانين (ر 52).
(183) آداب في صلاة الجمعة:
ولا تسافر في يوم جمعة حتى تشهد الصلاة إلا فاصلا في سبيل الله، أو في أمر تعذر به، وأطع الله في جميع أمورك، فإن طاعة الله فاضلة على ما سواها (ر 52).
(184) آداب في صلاة النساء:
معاشر الناس، إن النساء نواقص الأيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول: فأما
146

نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن (خ 80).
(185) من آثارها الروحية:
وإنها لتحت الذنوب حت الورق، وتطلقها إطلاق الربق، وشبهها رسول الله (ص) بالحمة تكون على باب الرجل، فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن (ك 199).
وإن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى... وإقام الصلاة فإنها الملة (خ 110).
الصلاة قربان كل تقي (ح 136).
ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام (خ 199).
(186) من آثارها الخلقية:
وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، وتخشيعا لأبصارهم، وتذليلا لنفوسهم، وتخفيضا لقلوبهم، وإذهابا للخيلاء عنهم، ولما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعا، والتصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغرا (خ 192).
والصلاة تنزيها عن الكبر (ح 252).
أنظروا إلى ما في هذه الأفعال من قمع نواجم الفخر، وقدع طوالع الكبر (خ 192).
2) الصوم:
(187) في أن الصوم يجب أن يكون بشرطه وشروطه:
كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء، حبذا نوم الأكياس وإفطارهم (ح 145).
147

(188) في صوم النساء:
إن النساء نواقص الأيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول، فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن (خ 180).
(189) من آثاره الروحية والأخروية:
إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى... وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب (خ 110).
ولكل شيء زكاة، وزكاة البدن الصيام (ح 136).
والصيام ابتلاءا لإخلاص الخلق (ح 252).
(190) من آثاره الخلقية:
وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، وتخشيعا لأبصارهم، وتذليلا لنفوسهم، وتخفيضا لقلوبهم، وإذهابا للخيلاء عنهم، ولما في ذلك تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعا، والتصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغرا، ولحوق البطون بالمتون من الصيام تذللا (خ 192).
3) الحج:
(191) في النهي عن ترك زيارة البيت الحرام مدة العمر:
والله الله في بيت ربكم، لا تخلوه ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا (ر 47).
(192) في نهي أهل مكة عن أخذ الأجرة ممن يسكن بيوتهم:
ومر أهل مكة ألا يأخذوا من ساكن أجرا، فإن الله سبحانه يقول:
«سواء العاكف فيه والباد» فالعاكف: المقيم به، والبادي: الذي يحج إليه من غير أهله (ر 67).
148

(193) في صفة الأضحية التي تذبح يوم النحر:
ومن تمام الأضحية استشراف أذنها، وسلامة عينها، فإذا سلمت الأذن والعين سلمت الأضحية وتمت، ولو كانت عضباء القرن تجر رجلها إلى المنسك (ك 52).
(194) من آثاره الروحية:
وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر ويرحضان الذنب (خ 110).
ألا ترون أن الله سبحانه، اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه، إلى الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته
الحرام «الذي جعله للناس قياما». ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا، وأقل نتائق الدنيا مدرا، وأضيق بطون الأودية قطرا، بين جبال خشنة، ورمال دمثة، وعيون وشلة، وقرى منقطعة، لا يزكو بها خف، ولا حافر ولا ظلف. ثم أمر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابة لمنتجع أسفارهم، وغاية لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار سحيقة، ومهاوي فجاج عميقة، وجزائر بحار منقطعة، حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهللون لله حوله، ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له. قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم، وشوهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم، ابتلاءا عظيما، وامتحانا شديدا، واختبارا مبينا، وتمحيصا بليغا، جعله الله سببا لرحمته، ووصلة إلى جنته. ولو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام، ومشاعره العظام، بين جنات وأنهار، وسهل وقرار، جم الأشجار، داني الثمار، ملتف البنى، متصل القرى، بين برة سمراء، وروضة خضراء، وأرياف محدقة، وعراص مغدقة، ورياض ناضرة، وطرق عامرة، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء. ولو كان الأساس المحمول عليها، والأحجار المرفوع بها، بين زمردة خضراء، وياقوتة حمراء، ونور وضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب من الناس، ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد، ويتعبدهم بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبر من قلوبهم، وإسكانا للتذلل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله، وأسبابا ذللا لعفوه (خ 192).
149

واختار من خلقه سماعا أجابوا إليه دعوته، وصدقوا كلمته، ووقفوا مواقف أنبيائه، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عنده موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علما، وللعائذين حرما (خ 1).
والحج جهاد كل ضعيف (ح 136).
(195) من آثاره الخلقية:
ثم أمر آدم عليه السلام وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه... إخراجا للتكبر من قلوبهم، وإسكانا للتذلل في نفوسهم (خ 192).
وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته. (خ 1)
(196) من آثاره الإجتماعية:
والحج تقوية للدين (ح 252).
جعله سبحانه وتعالى للإسلام علما (خ 1).
والله الله في بيت ربكم، لا تخلوه ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا (ر 47).
(197) من آثاره الإقتصادية:
وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر (خ 110).
150

الباب السادس: في التقوى والمتقين
الفصل الأول: في أمور عامة في التقوى والمتقين
الفصل الثاني: في أمور تخلق عند الإنسان ملكة التقوى
الفصل الثالث: آثار وفوائد التقوى
151

الفصل الأول
أمور عامة في التقوى والمتقين
(199) في الترغيب بالتقوى والدعوة إليها، وأنها أهم خصيصة للإنسان المؤمن، وهي الأصل لجميع القيم الإجتماعية، وهي ميزان التفاضل بين الناس:
التقى رئيس الأخلاق (ح 410).
ولا كرم كالتقوى (ح 113).
فإنها خير ما تواصى العباد به (خ 173).
وجعلها (يعني الله سبحانه وتعالى للتقوى) منتهى رضاه، وحاجته من خلقه.
لا تضعوا من رفعته التقوى، ولا ترفعوا من رفعته الدنيا (خ 191).
واعلم يا بني أن أحب ما أنت آخذ به إلي من وصيتي تقوى الله (من وصيته (ع) لولده الحسن (ع)) (ر 31).
أين العقول... والأبصار اللامحة إلى منار التقوى (خ 144).
أوصيكم عباد الله، بتقوى الله، فإنها الزمام والقوام، فتمسكوا بوثائقها، واعتصموا بحقائقها (خ 195).
أوصيكم عباد الله، بتقوى الله، التي هي الزاد وبها المعاذ، زاد مبلغ، ومعاذ منجح، دعا إليها أسمع داع، ووعاها خير واع، فأسمع داعيها، وفاز واعيها (خ 114).
فمن أشعر التقوى قلبه برز مهله، وفاز عمله، فاهتبلوا هبلها، واعملوا للجنة عملها (خ 132).
152

أيقظوا بها نومكم، واقطعوا بها يومكم، وأشعروها قلوبكم، وأرحضوا بها ذنوبكم، وداووا بها الأسقام، وبادروا بها الحمام (خ 191).
(200) في الدعوة إلى صيانة التقوى والاستعانة بها والاستعانة بالله عليها:
وألظوا بجدكم عليها... واعتبروا بمن أضاعها، ولا يعتبرن بكم من أطاعها، ألا فصونوها وتصونوا بها (خ 191).
وأن تستعينوا عليها بالله، وتستعينوا بها على الله (خ 191).
ولا أتقي إلا ما وقيتني (دعاء 215). واعلم يا بني أن أحب ما أنت آخذ به، إلي من وصيتي تقوى الله... وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك، والرغبة إليه في توفيقك (ر 31).
(201) في أن التقوى طريقها أقوم الطرق، وهو واضح لمن أراد سلوكها، وهي غير ممتنعة على الناس:
مسلكها واضح، وسالكها رابح، ومستودعها حافظ، لم تبرح عارضة نفسها على الأمم الماضين منكم والغابرين، لحاجتهم إليها غدا، إذا أعاد الله ما أبدى، وأخذ ما أعطى، وسأل عما أسدى (خ 191).
فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه... وتنكب المخالج عن وضح السبيل، وسلك أقصد المسالك إلى النهج المطلوب (خ 83).
وسلك سبيلا جددا (خ 87).
قد أحيا عقله، وأمات نفسه، حتى دق جليله، ولطف غليظه، وبرق له لامع كثير البرق، فأبان له الطريق، وسلك به السبيل، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة (ك 220).
(202) في تعريف المتقين:
فالمتقون هم: أهل الفضائل (خ 193).
153

(203) هل المتقون كثرة أم قلة
فما أقل من قبلها، وحملها حق حملها أولئك الأقلون عددا، وهم أهل صفة الله سبحانه، إذ يقول:
«وقليل من عبادي الشكور» (خ 191).
(204) في أن التقوى يجب أن تكون في جميع الأمور وفي جميع الأوقات، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله:
فاتق الله فيما لديك (ر 30).
إتق الله في كل صباح ومساء (ر 56).
إتق الله بعض التقى وإن قل، واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق (ح 242).
اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم (خ 167).
فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا أن أخذ القليل خير من ترك الكثير (ح 289).
(205) في أن العمل القليل مع التقوى كثير وإن كان قليلا بحسابنا:
لا يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل ما يتقبل (ح 95).
154

الفصل الثاني
«في أمور تخلق عند الإنسان ملكة التقوى»
في أهم الأمور التي تقرب من التقوى، أو تخلق عند الإنسان «ملكة التقوى» وهي: صفات المتقين أيضا «المجموعة الأولى»:
(206) اجتناب الذنوب باستمرار، ومخالفة النفس الأمارة بالسوء:
وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات، ويزعها عند الجمحات، فإن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم الله (ر 53).
فاتق الله في نفسك (ر 55).
فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه... وظلف الزهد شهواته (خ 83).
عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف... قد خلع سرابيل الشهوات، وتخلى من الهموم، إلا هما واحدا انفرد به، فخرج من صفة العمى، ومشاركة أهل الهوى (خ 87).
قد ألزم نفسه العدل، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه (خ 87).
قد أحيا عقله، وأمات نفسه، حتى دق جليله، ولطف غليظه (ك 220).
فالمتقون... غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم (خ 193).
وأنفسهم عفيفة، صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة (خ 193).
فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون (خ 193).
فمن علامة أحدهم... إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب (خ 193).
ولكن هيهات أن يغلبني هواي (ر 45).
155

كان لي فيما مضى أخ في الله... وكان إذا بدهه أمران ينظر أيهما أقرب إلى الهوى فيخالفه (ح 289).
ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجرا ممن قدر فعف، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة (ح 474).
أيها الناس، تولوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها (ح 359).
وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر (ر 45).
إن أولياء الله هم... أعداء ما سالم الناس، وسلم ما عادى الناس (ح 432).
قدر الرجل على قدر همته، و.. وعفته على قدر غيرته (ح 47).
ما زنى غيور قط (ح 305).
(207) معاداة الشيطان واتقاء مغرياته:
أوصيكم بتقوى الله الذي... وحذركم عدوا نفذ في الصدور خفيا، ونفث في الآذان نجيا، فأضل وأردى، ووعد فمنى، وزين سيئات الجرائم، وهون موبقات العظائم، حتى إذا استدرج قرينته، واستغلق رهينته، أنكر ما زين، واستعظم ما هون، وحذر ما أمن (خ 83).
واتقوا مدارج الشيطان، ومهابط العدوان (خ 151).
وأحمد الله وأستعينه على مداحر الشيطان ومزاجره، والاعتصام من حبائله ومخاتله (خ 151).
فلا تجعلن للشيطان فيك نصيبا، ولا على نفسك سبيلا (ر 17).
ومن رمى به الشيطان مراميه، وضرب به تيهه، فإن الشاذ من الناس للشيطان، كما أن الشاذ من الغنم للذئب (ك 127).
ألا وإن الشيطان قد جمع حزبه، واستجلب خيله ورجله، وإن معي لبصيرتي (خ 10).
156

(208) الإخلاص في طاعة الله والقيام بأوامره تعالى بأفضل وجه:
عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا... قد أخلص لله فاستخلصه (خ 87).
وليكن في خاصة ما تخلص به لله دينك: إقامة فرائضه التي هي له خاصة، فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك، ووف ما تقربت به إلى الله من ذلك كاملا غير مثلوم ولا منقوص، بالغا من بدنك ما بلغ (ر 53).
ثم أن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام، فمن أعطاها طيب النفس بها، فإنها تجعل له كفارة، ومن النار حجازا ووقاية (ك 199).
والصيام ابتلاء لإخلاص الخلق (ح 252).
وأشهد... شهادة من صدقت نيته، وصفت دخلته، وخلص يقينه (خ 178).
ونؤمن به إيمان من رجاه موقنا... وأخلص له موحدا (خ 182).
ومن لم يختلف سره وعلانيته وفعله ومقالته فقد أدى الأمانة وأخلص العبادة (ك 26).
رحم الله أمرا... قدم خالصا، وعمل صالحا (خ 76).
وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه (خ 1).
وأخلص في المسألة لربك، فإن بيده العطاء والحرمان (ر 31).
(209) عبادة الله تعالى وطاعته على أنه أهل للعبادة والطاعة وليس خوفا من ناره أو طمعا في جنته فقط:
عباد الله، أوصيكم بتقوى الله فإنها حق الله عليكم، والموجبة على الله حقكم (خ 191).
فاتقوا الله الذي نفعكم بموعظته، ووعظكم برسالته، وامتن عليكم بنعمته، فعبدوا أنفسكم لعبادته، واخرجوا إليه من حق طاعته (خ 198).
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال، ووقت لكم الآجال، وألبسكم الرياش، وأرفغ لكم المعاش، وأحاط بكم الإحصاء، وأرصد لكم الجزاء، وآثركم بالنعم السوابغ، والرفد الروافغ، وأنذركم بالحجج البوالغ (خ 83).
157

لو لم يتوعد الله على معصيته، لكان يجب أن لا يعصى شكرا لنعمته (ح 290).
(210) العبادة الليلية:
طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها، وهجرت في الليل غمضها، حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها، وتوسدت كفها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم «أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هم
المفلحون» (خ 217).
«وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا»... الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية، وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا، توحشا وانقطاعا (خ 190).
أيقظوا بها نومكم (التقوى)، واقطعوا بها يومكم (خ 191).
فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه، وأنصب الخوف بدنه، وأسهر التهجد غرار نومه (خ 83).
(المتقون) ذبل الشفاه من الدعاء، صفر الألوان من السهر، على وجوههم غبرة الخاشعين، أولئك إخواني الذاهبون (خ 121).
عباد الله، إن تقوى الله... وألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم، وأظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة بالنصب، والري بالظمأ (خ 114).
وإني لمن قوم... عمار الليل ومنار النهار (خ 192).
لقد رأيت أصحاب محمد (ص)، فما أرى أحدا يشبههم منكم لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، وقد باتوا سجدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم (خ 97).
أسهروا عيونكم، وأضمروا بطونكم (خ 183).
وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء (ح 145).
نوم على يقين خير من صلاة في شك (ح 97).
158

(211) كثرة البكاء من خشية الله تعالى ومحاسبة النفس
والتضرع والخشوع إليه في عبادته: إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفا من العقاب، ورجاء للثواب (خ 97).
رجال غض أبصارهم ذكر المرجع، وأراق دموعهم خوف المحشر (خ 32).
فلو مثلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة، ومجالسهم المشهودة، وقد نشروا دواوين أعمالهم، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم على كل صغيرة وكبيرة أمروا بها فقصروا عنها، أو نهوا عنها ففرطوا فيها، وحملوا ثقل أوزارهم ظهورهم، فضعفوا عن الاستقلال بها، فنشجوا نشيجا، وتجاوبوا مخيبا، يعجون إلى ربهم من مقام ندم واعتراف... أسارى ذلة لعظمته، جرح طول الأسى قلوبهم، وطول البكاء عيونهم (ك 222).
لأروضن نفسي رياضة... ولأدعن مقلتي كعين ماء، نضب معينها، مستفرغة دموعها (ر 45).
فاتقوا الله تقية من سمع فخشع، واقترف فاعترف (خ 83).
فمن علامة أحدهم (المتقين) أنك ترى له... خشوعا في عبادة (خ 193).
(212) الوقوف عند الشبهات:
ولا ورع كالوقوف عند الشبهة (ح 113).
فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه... وتنكب المخالج عن وضح السبيل، وسلك أقصد المسالك إلى النهج المطلوب، ولم تفتله فاتلات الغرور، ولم تعم عليه مشتبهات الأمور (خ 83).
فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه (ر 45).
إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزته التقوى عن تقحم الشبهات (ك 16).
ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين (ح 31).
فلو أن الباطل خلص من مزاح الحق لم يخف على المرتادين، ولو أن الحق خلص
159

من لبس الباطل، انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث، ومن هذا ضغث، فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو «الذين سبقت لهم من الله الحسنى» (ك 50).
(في وصف أخ له عليه السلام في الله): وكان إذا بدهه أمران، ينظر أيهما أقرب إلى الهوى فيخالفه (ح 289).
وإنما سميت الشبهة شبهة، لأنها تشبه الحق، أما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين ودليلهم سمت الهوى، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى (خ 38).
وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال (ر 31).
وليس طالب الدين من خبط أو خلط، والإمساك عن ذلك أمثل (ر 31).
(213) ذكر الله تعالى ذكرا كثيرا، والصمت فيما عدا ذلك إلا لضرورة شرعية:
أفيضوا في ذكر الله فإنه أحسن الذكر، وارغبوا فيما وعد المتقين فإن وعده أصدق الوعد (خ 110).
فإني أوصيك بتقوى الله - أي بني - ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله (ر 31).
فاتقوا الله تقية من سمع فخشع... وأوجف الذكر بلسانه (خ 83).
وإن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلا تشغلهم تجارة ولا بيع عنه، يقطعون به أيام الحياة، ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين (ك 222).
فمن علامة أحدهم... يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر (خ 193).
في معشر... وهمهمت بذكر ربهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم (ر 45).
(في وصف أخ له في الله): وكان أكثر دهره صامتا، فإن قال بذ القائلين، ونقع غليل السائلين... وكان يقول ما يفعل ولا يقول ما لا يفعل، وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلم (ح 289).
160

والله ما أرى عبدا يتقي تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه (خ 176).
فالمتقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم الصواب (خ 193).
ومن كثر كلامه كثر خطؤه، ومن كثر خطؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار (ح 249).
(214) يجب أن تكون الآخرة هي الهم الرئيسي ولو كان في ذلك خراب الدنيا:
فقطعوا علائق الدنيا، واستظهروا بزاد التقوى (ك 204).
وإن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه، فكأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم فيها، فشاهدوا ما وراء ذلك، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا، حتى كأنهم يرون ما لا يرى الناس، ويسمعون ما لا يسمعون (ك 222).
إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها (ح 432).
فالمتقون فيها هم أهل الفضائل... أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها (خ 193).
وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى (ح 147).
ولو لا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب (خ 193).
واعلموا أن ما نقص من الدنيا وزاد في الآخرة خير مما نقص من الآخرة وزاد في الدنيا (خ 114).
(215) الصبر عند الشدائد، وفي طاعة الله تعالى:
وإن ابتليتم فاصبروا، فإن «العاقبة للمتقين» (ك 98).
فالمتقون فيها هم أهل الفضائل... نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء... صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرها لهم ربهم... فمن علامة أحدهم... وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة... في الزلازل وقور، وفي المكاره
161

صبور، وفي الرخاء شكور... وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له (خ 193).
وعود نفسك التصبر على المكروه، ونعم الخلق التصبر في الحق (ر 31).
واستتموا نعمة الله عليكم بالصبر على طاعة الله، والمحافظة على ما استحفظكم من كتابه (خ 173).
(216) ترك الاهتمام الكثير بالمأكل والمشرب:
كان لي فيما مضى أخ في الله... وكان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد (ح 289).
لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما (ر 45).
فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها تكترش من أعلافها، وتلهو عما يراد بها (ر 45).
(الرسول الأعظم (ص)): أهضم أهل الدنيا كشحا، وأخمصهم من الدنيا بطنا (خ 160).
(من علامات المتقين): منزورا أكله (خ 193).
ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه (ر 45).
ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة (ر 45).
وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة (خ 193).
فاتق الله يا بن حنيف، ولتكفك أقراصك، ليكون من النار خلاصك (ر 45).
وإياك أن توجف بك مطايا الطمع، فتوردك مناهل الهلكة، وإن استطعت ألا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، وآخذ سهمك، وإن اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه، وإن كان كل منه (ر 31).
162

(217) عدم معصية الله في الخلوات وإصلاح السريرة:
أمره بتقوى الله في سرائر أمره وخفيات عمله، حيث لا شهيد غيره، ولا وكيل دونه (ر 26).
إتقوا معاصي الله في الخلوات، فإن الشاهد هو الحاكم (ح 324).
طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وصلحت سريرته (ح 123).
فاتقوا الله تقية من سمع فخشع... وأطاب سريرة (خ 83).
من أصلح سريرته أصلح الله علانيته (ح 423).
واحذر كل عمل يعمل به في السر، ويستحي منه في العلانية، واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره، أو اعتذر منه (ر 69).
ومن لم يختلف سره وعلانيته وفعله ومقالته فقد أدى الأمانة وأخلص العبادة (ر 26).
ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم (خ 203).
وأحذرك أن تكون متماديا في غرة الأمنية مختلف العلانية والسريرة (ر 10).
وإن الله سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة (ح 42).
اللهم إني أعوذ بك من أن تحسن في لامعة العيون علانيتي وتقبح فيما أبطن لك سريرتي (ح 276).
واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق (ح 242).
(218) الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيله تعالى وقول الحق على كل حال:
يذكرون بأيام الله، ويخوفون مقامه، بمنزلة الأدلة في الفلوات، من أخذ بالقصد حمدوا إليه طريقه، وبشروه بالنجاة، ومن أخذ يمينا وشمالا ذموا إليه الطريق، وحذروه من الهلكة، وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات، وأدلة تلك الشبهات (خ 193).
ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين ويأمرون بالقسط ويأتمرون به، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه (خ 193).
163

إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى... والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام (خ 110).
أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرؤوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها (خ 120).
وجاهد في الله حق جهاده، ولا تأخذك في الله لومة لائم، وخض الغمرات للحق حيث كان (ر 31).
فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة (ر 36).
ولعمري ما علي من قتال من خالف الحق وخابط الغي من إدهان ولا إيهان (خ 24).
ما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجي (ح 366).
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل، ولا ينقصان من رزق، وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند إمام جائر (ح 366).
عباد الله إن من أحب عباد الله عبدا أعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه... وصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى (خ 86).
فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى (ح 27).
164

الفصل الثالث
«آثار وفوائد التقوى»
«وهي من صفات المتقين أيضا» المجموعة الثانية:
(219) الأثر الروحي والتربوي:
ذمتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم، إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزته التقوى عن تقحم الشبهات، ألا وإن التقوى مطايا ذلل، حمل عليها أهلها، وأعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة (ك 16).
عباد الله، إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته (خ 114).
اعلموا، عباد الله، أن التقوى دار حصن عزيز، والفجور دار حصن ذليل، لا يمنع أهله، ولا يحرز من لجأ إليه، ألا وبالتقوى تقطع حمة الخطايا، وباليقين تدرك الغاية القصوى (خ 157).
فاعتصموا بتقوى الله، فإن لها حبلا وثيقا عروته، ومعقلا منيعا ذروته (خ 190).
فإن التقوى في اليوم الحرز والجنة، وفي غد الطريق إلى الجنة (خ 191).
وعتق من كل ملكة، ونجاة من كل هلكة، بها ينجح الطالب، وينجو الهارب، وتنال الرغائب (خ 230).
والورع جنة (ح 3).
وأرحضوا بها ذنوبكم (خ 191).
وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم (ر 45).
(في وصف المتقين): قد حفت بهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وفتحت لهم أبواب السماء (خ 191).
165

إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين، وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين (خ 193).
فإني أوصيك بتقوى الله - أي بني - ولزوم أمره... وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله إن أنت أخذت به (ر 31).
(220) الأثر الفكري والعقائدي:
فإن تقوى الله... وبصر عمى أفئدتكم... وجلاء عشا أبصاركم (خ 198).
فخرج من صفة العمى، ومشاركة أهل الهوى... قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره، وقطع غماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومن الحبال بأمتنها، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس (خ 87).
واعلموا «أنه من يتق الله يجعل له مخرجا» من الفتن، ونورا من الظلم (خ 183).
إن الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعد المعاندة، وما برح الله - عزت آلاؤه - في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات، عباد ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة (ك 222).
قد أحيا عقله، وأمات نفسه، حتى دق جليله، ولطف غليظه، وبرق له لامع كثير البرق، فأبان له الطريق، وسلك به السبيل، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة، ودار الإقامة، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة، بما استعمل قلبه، وأرضى ربه (ك 220).
إتقوا ظنون المؤمنين، فإن الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم (ح 309).
(221) الأثر الصحي على النفس والجسد:
عباد الله، أوصيكم بتقوى الله... وداووا بها الأسقام (خ 191).
فإن تقوى الله دواء داء قلوبكم... وشفاء مرض أجسادكم (خ 198).
ألا وإن من صحة البدن تقوى القلب (ح 388).
166

أوصيكم عباد الله بتقوى الله، فإنها الزمام والقوام، فتمسكوا بوثائقها، واعتصموا بحقائقها، تؤل بكم إلى أكنان الدعة (خ 195).
(222) الأثر الاقتصادي والحياتي:
لا يهلك على التقوى سنخ أصل، ولا يظمأ عليها زرع قوم (ك 16).
واعلموا عباد الله أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركوا أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل مما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد البلغ، والمتجر الرابح (ر 27).
ولو أن السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله، لجعل الله له منهما مخرجا (ك 130).
فمن أشعر التقوى قلبه برز مهله، وفاز عمله، فاهتبلوا هبلها، واعملوا للجنة عملها (خ 132).
أوصيكم عباد الله بتقوى الله... تؤل بكم إلى أكنان الدعة، وأوطان السعة (خ 195).
فإن تقوى الله مفتاح سداد... بها ينجح الطالب، وينجو الهارب، وتنال الرغائب (خ 230).
أمره بتقوى الله... التي لا يسعد أحد إلا باتباعها، ولا يشقى إلا مع جحودها وإضاعتها (ر 53).
ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه (ح 89).
(223) الأثر الاجتماعي:
من أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس (ح 89).
فمن علامة أحدهم... مكظوما غيظه، الخير منه مأمول، والشر منه مأمون... يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيدا فحشه، لينا قوله، غائبا منكره،
167

حاضرا معروفه، مقبلا خيره، مدبرا شره... لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب... ولا ينابز بالألقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق (خ 193).
نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه، بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا فيه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة (خ 193).
طوبى لمن... كان من نفسه في شغل، والناس منه في راحة (خ 176).
(224) الأثر السياسي:
أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة، إنه لم يبايع معاوية حتى شرط أن يؤتيه أتية، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة (خ 84).
والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس (ك 200).
واعلموا إني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب (ك 92).
ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد
أأقنع من نفسي بأن يقال: أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش (ر 45).
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون
168

من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك (ك 131).
أما الأمرة البرة، فيعمل فيها التقي، وأما الأمرة الفاجرة فيتمتع فيها الشقي، إلى أن تنقطع مدته، وتدركه منيته (خ 40).
(225) الأثر الأخروي:
«وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا» قد أمن العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النار، واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا، توحشا وانقطاعا، فجعل الله لهم الجنة مآبا، والجزاء ثوابا، «وكانوا أحق بها وأهلها» في ملك دائم، ونعيم قائم (خ 190).
واعلموا عباد الله أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ، والمتجر الرابح (ر 27).
(وقد رجع عليه السلام من صفين، فأشرف على القبور بظاهر الكوفة ثم التفت إلى أصحابه فقال): أما لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن «خير الزاد التقوى» (ح 130).
صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرها لهم ربهم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها (خ 193).
أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها خير ما تواصى العباد به، وخير عواقب الأمور عند الله (خ 173).
أوصيكم عباد الله بتقوى الله التي هي الزاد وبها المعاذ: زاد مبلغ ومعاذ منجح (خ 114).
فإن تقوى الله... وأمن فزع جأشكم، وضياء سواد ظلمتكم (خ 198).
169

الباب السابع: في الخوف والرجاء
171

«الخوف والرجاء»
(226) في معنى الخوف والرجاء وأهميتهما:
الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد، والصبر منها على أربع شعب: على الشوق، والشفق، والزهد، والترقب، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن أرتقب الموت سارع إلى الخيرات (ح 31).
اللهم... وقد رجوتك دليلا على ذخائر الرحمة، وكنوز المغفرة (خ 91).
شغل من الجنة والنار أمامه: ساع سريع نجا، وطالب بطىء رجا، ومقصر في النار هوى (ك 16).
اللهم... وكنت الرجاء للمبتئس (خ 115).
الحمد لله غير مقنوط من رحمته... ولا مأيوس من مغفرته (خ 45).
واعلم أن الذي بيده خزائن السموات والأرض... ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرحمة (ر 31).
ولو تعلمون ما أعلم مما طوي عنكم غيبه، إذا لخرجتم إلى الصعدات تبكون على أعمالكم، وتلتدمون على أنفسكم. ولتركتم أموالكم لا حارس لها ولا خالف عليها، ولهمت كل امرئ منكم نفسه، لا يلتفت إلى غيرها، ولكنكم نسيتم ما ذكرتم، وأمنتم ما حذرتم، فتاه عنكم رأيكم، وتشتت عليكم أمركم (خ 116).
172

(227) يجب الاعتدال بين الخوف والرجاء، وعدم طغيان جانب على آخر:
وإن استطعتم أن يشتد خوفكم من الله، وأن يحسن ظنكم به، فاجمعوا بينهما، فإن العبد إنما يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه، وإن أحسن الناس ظنا بالله
أشدهم خوفا لله (ر 27).
الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله (ح 90).
لا تأمنن على خير هذه الأمة عذاب الله لقوله تعالى:
«فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون». ولا تيأسن لشر هذه الأمة من روح الله لقوله سبحانه:
«لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» (ح 377).
(الملائكة) لم يستعظموا ما مضى من أعمالهم، ولو استعظموا ذلك لنسخ الرجاء منهم شفقات وجلهم (خ 91).
هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته (خ 90).
(228) في أن الرجاء يجب أن يتبين في العمل:
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل... يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين... ويرجو لنفسه بأكثر من عمله (ك 147).
يدعي بزعمه أنه يرجو الله، كذب والعظيم ما باله لا يتبين رجاؤه في عمله فكل من رجا عرف رجاؤه في عمله (خ 160).
وابتذل نفسك فيما افترض الله عليك راجيا ثوابه، ومتخوفا عقابه (ر 59).
أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين، وأنت عنده من المستكبرين (ر 21).
(229) الراجي يجب أن لا يرجو غير الله تعالى، والخائف يجب أن لا يخاف سواه سبحانه:
وكل رجاء - إلا رجاء الله تعالى - فإنه مدخول، وكل خوف محقق، إلا خوف الله فإنه معلول. يرجو الله في الكبير، ويرجو العباد في الصغير. فيعطي العبد ما لا يعطي الرب
173

فما بال الله جل ثناؤه يقصر به عما يصنع به لعباده أتخاف أن تكون في رجائك له كاذبا أو تكون لا تراه للرجاء موضعا وكذلك إن هو خاف عبدا من عبيده. أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربه. فجعل خوفه من العباد نقدا، وخوفه من خالقه ضمارا ووعدا. وكذلك من عظمت الدنيا في عينه، وكبر موقعها من قلبه، آثرها على الله تعالى، فانقطع إليها، وصار عبدا لها (خ 160).
(الملائكة) ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره (خ 91).
(الملائكة) قد اتخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم، ويمموه عند انقطاع الخلق إلى المخلوقين برغبتهم (خ 91).
لا تكن ممن... ويخشى الخلق في غير ربه، ولا يخشى ربه في خلقه (ك 147).
(المتقون) لا يرون مرجوا فوق ما يرجون، ولا مخوفا فوق ما يخافون (ح 432).
اللهم... إن تؤمل فخير مأمول، وإن ترج فخير مرجو (خ 91).
(230) في أن أكثر الناس إيمانا أكثرهم خشية من الله تعالى، وأعظمهم رجاء له سبحانه:
فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه، وأنصب الخوف بدنه، وأسهر التهجد غرار نومه، وأظمأ الرجاء هواجر يومه... وقدم الخوف لأمانه، وراقب في يومه غده، ونظر قدما أمامه (خ 83).
إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته (خ 114).
(أصحاب رسول الله) إذا ذكر الله هملت أعينهم... خوفا من العقاب، ورجاء للثواب (خ 97).
الحمد لله... ونؤمن به إيمان من رجاه موقنا، وأناب إليه مؤمنا، وخنع له مذعنا، وأخلص له موحدا، وعظمه ممجدا، ولاذ به راغبا مجتهدا (خ 182).
(المتقون) لو لا الأجل الذي كتب عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب... فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها، فهم فيها معذبون... فإذا مروا بآية فيها تشويق، ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم. وإذا مروا بآية فيها
174

تخويف، أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم، وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم... قد براهم الخوف بري القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقول: لقد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير. فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون... فمن علامة أحدهم... يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل... يبيت حذرا ويصبح فرحا، حذرا لما حذرا من الغفلة، وفرحا لما أصاب من الفضل والرحمة (خ 193).
175

الباب الثامن: في التوبة وغفران الذنوب
177

«التوبة وغفران الذنوب»
(231) في ضرورة الإسراع إلى التوبة، وأن التسويف أكبر عائق في طريقها:
وأنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، ولا يفوته طالبه، ولا بد أنه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة، قد كنت تحدث نفسك بالتوبة، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك (ر 31).
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل، ويرجي التوبة بطول الأمل... إن عرضت له شهوة أسلف المعصية، وسوف التوبة (ح 150).
وإن غائبا يحدوه الجديدان: الليل والنهار، لحري بسرعة الأوبة... فاتقى عبد ربه، نصح نفسه، وقدم توبته، وغلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موكل به، يزين له المعصية ليركبها، ويمنيه التوبة ليسوفها (خ 64).
الآن عباد الله والخناق مهمل، والروح مرسل، في فينة الإرشاد، وراحة الأجساد، وباحة الاحتشاد، ومهل البقية، وأنف المشية، وإنظار التوبة، وإنفساح الحوبة، قبل الضنك والمضيق، والروع والزهوق، وقبل قدوم الغائب المنتظر، وأخذة العزيز المقتدر (خ 83).
اعملوا، رحمكم الله، على أعلام بينة، فالطريق نهج يدعو إلى دار السلام، وأنتم في دار مستعتب على مهل وفراغ، والصحف منشورة، والأقلام جارية، والأبدان صحيحة، والألسن مطلقة، والتوبة مسموعة، والأعمال مقبولة (خ 94).
وإنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم وتغيب آجالهم، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة، وترفع عنه التوبة، وتحل معه القارعة والنقمة (خ 147).
178

فبادروا المعاد، وسابقوا الآجال، فإن الناس يوشك أن ينقطع بهم الأمل، ويرهقهم الأجل، ويسد عنهم باب التوبة (خ 183).
فطوبى لذي قلب سليم، أطاع من يهديه، وتجنب من يرديه، وأصاب سبيل السلامة ببصر من بصره، وطاعة هاد أمره، وبادر الهدى قبل أن تغلق أبوابه، وتقطع أسبابه، واستفتح التوبة، وأماط الحوبة، فقد أقيم على الطريق، وهدي نهج السبيل (خ 214).
فاعملوا وأنتم في نفس البقاء، والصحف منشورة، والتوبة مبسوطة، والمدبر يدعى، والمسئ يرجى، قبل أن يخمد العمل، وينقطع المهل، وينقضي الأجل، ويسد باب التوبة، وتصعد الملائكة (خ 237).
ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع في الخيرات (ح 94).
ألا وإن اليوم المضمار، وغدا السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار، أفلا تائب من خطيئته قبل منيته (خ 28).
فرحم الله أمرا استقبل توبته، واستقال خطيئته، وبادر منيته (خ 143).
(232) في أن باب التوبة مفتوح للعبد:
ولم يمنعك (الله تعالى) إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يعيرك بالإنابة، ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى، ولم يشدد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرحمة... وفتح لك باب المتاب، وباب الاستعتاب (ر 31).
فاعملوا والعمل يرفع، والتوبة تنفع، والدعاء يسمع (خ 230).
من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة، ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة (ح 135).
ولا شفيع أنجح من التوبة (ح 371).
179

ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة، ولا ليفتح لعبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة، ولا ليفتح لعبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة (ح 435).
طرق أخرى لغفران الذنوب - غير التوبة -:
(233) الاستغفار وشرائطه:
عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار (ح 87).
ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة (ح 135).
وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم، «أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هم المفلحون» (ر 45).
وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سببا لدرور الرزق ورحمة الخلق، فقال سبحانه:
«استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا» (خ 143).
ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، وأن يعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله (ح 94).
كان في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رفع أحدهما، فدونكم الآخر فتمسكوا به: أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله (ص) وأما الأمان الباقي فالاستغفار. قال الله تعالى:
«وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون» (ح 88).
(المؤمنون) وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا واستغفارا (خ 190).
(وقال عليه السلام لقائل قال بحضرته:
«استغفر الله») ثكلتك أمك، أتدري ما الاستغفار الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان: أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا، والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم، حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها، والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان،
180

حتى تلصق الجلد بالعظم، وينشأ بينها لحم جديد، والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: استغفر الله (ح 417).
(234) المواظبة على العبادات وإقامة الفرائض:
تعاهدوا أمر الصلاة، وحافظوا عليها، واستكثروا منها، وتقربوا بها... وإنها لتحت الذنوب حت الورق، وتطلقها إطلاق الربق، وشبهها رسول الله (ص) بالحمة تكون على باب الرجل، فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن (خ 199).
ثم أن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام، فمن أعطاها طيب النفس بها، فإنها تجعل له كفارة، ومن النار حجازا ووقاية (خ 199).
وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر، ويرحضان الذنب (خ 110).
ما أهمني ذنب أمهلت بعده حتى أصلي ركعتين وأسأل الله العافية (ح 299).
(235) النزوع عن الذنب:
بل جعل نزوعك عن الذنب حسنة، وحسب سيئتك واحدة، وحسب حسنتك عشرا (ر 31).
ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حربا حتى ينزع أو يتوب (ر 53).
واعلموا أنه ما من طاعة الله شيء إلا يأتي في كره، وما من معصية الله شيء إلا يأتي في شهوة، فرحم الله امرأ نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه (خ 176).
(236) البكاء على الخطيئة:
وطوبى لمن لزم بيته، وأكل قوته، واشتغل بطاعة ربه، «وبكى على خطيئته» (خ 176).
ولو تعلمون ما أعلم مما طوي عنكم غيبه، إذا لخرجتم إلى الصعدات تبكون على أعمالكم، وتلتدمون على أنفسكم (خ 116).
181

(أهل الذكر) جرح طول الأسى قلوبهم، وطول البكاء عيونهم (ك 222).
أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه... مره العيون من البكاء (خ 121).
(المتقون) كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية (خ 190).
(237) فعل الخيرات:
وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء (خ 110).
من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب (ح 23).
(238) الجهاد:
أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة (خ 27).
إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الأيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله (خ 110).
(239) المرض:
وقال لبعض أصحابه في علة اعتلها: جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه، ولكنه يحط السيئات، ويحتها حت الأوراق (ح 42).
وكلما كانت البلوى، والاختبار أعظم، كانت المثوبة والجزاء أجزل (خ 192).
(240) التحميد له سبحانه، والثناء عليه ورجاؤه والدعاء له وطلب المغفرة منه:
اللهم ولكل مثن على من أثنى عليه مثوبة من جزاء، أو عارفة من عطاء، وقد رجوتك دليلا على ذخائر الرحمة وكنوز المغفرة (خ 91).
(241) في أن التوبة ترفع الذنوب جميعا كبيرها وصغيرها:
ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب. فأما
182

الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى:
«إن الله لا يغفر أن يشرك به». وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات. وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى، ولا ضربا بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معه (خ 176).
إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب، ولها يرضى ويسخط، أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا، لاقيا ربه
بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها: أن يشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته، أو يشفي غيظه بهلاك نفس، أو يعر بأمر فعله غيره، أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه، أو يلقى الناس بوجهين، أو يمشي فيهم بلسانين (خ 153).
ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان الله حربا حتى ينزع أو يتوب (ر 53).
(242) في الأسباب التي تعظم بها الصغائر:
ولا تأمن على نفسك صغير معصيته، فلعلك معذب عليه (ك 140).
أشد الذنوب ما استخف به صاحبه (ح 477).
أشد الذنوب ما استهان به صاحبه (ح 348).
سيئة تسوؤك خير عند الله من حسنة تعجبك (ح 46).
لا تكن ممن... يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه (ح 150).
183

الباب التاسع: في الدعاء والأدعية المأثورة عنه (ع).
في أمور عامة عن الدعاء وبعض الأدعية المأثورة عنه (ع)
185

الفصل الأول
في أمور عامة عن الدعاء
«الدعاء، وبعض الأدعية المأثورة عنه (ع)»
(243) في فضيلة الدعاء، وأنه سبحانه قد تكفل بالإجابة لمن يدعوه:
واعلم أن الذي بيده خزائن السموات والأرض قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه... ولم يؤيسك من الرحمة... وفتح لك باب المتاب، وباب الاستعتاب، فإذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره، من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان، وسعة الأرزاق. ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته (ر 31).
فاستفتحوه واستنجحوه، واطلبوا إليه واستمنحوه، فما قطعكم عنه حجاب، ولا أغلق عنكم دونه باب، وإنه لكل مكان، وفي كل حين وأوان، ومع كل إنس وجان، لا يثلمه العطاء، ولا ينقصه الحباء، ولا يستنفده سائل، ولا يستقصيه نائل، ولا يلويه شخص عن شخص، ولا يلهيه صوت عن صوت، ولا تحجزه هبة عن سلب، ولا يشغله غضب عن رحمة، ولا تولهه رحمة عن عقاب، ولا يجنه البطون عن الظهور، ولا يقطعه الظهور عن البطون. (خ 195). (أهل الذكر) لكل باب رغبة إلى الله منهم يد قارعة، يسألون من لا تضيق لديه
186

المنادح، ولا يخيب عليه الراغبون (ك 222). من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة (ح 135). هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته... من توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن أقرضه قضاه (خ 90). ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال، وضحكت عنه أصداف البحار، من فلز اللجين والعقيان، ونثارة الدر وحصيد المرجان، ما أثر ذلك في جوده، ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الأنعام ما لا تنفده مطالب الأنام، لأنه الجواد الذي لا يغيضه سؤال السائلين، ولا يبخله إلحاح الملحين (خ 91). والحمد لله... ولا يشغله سائل، ولا ينقصه نائل (خ 182). فإن الله سميع دعوة المضطهدين (ر 53). الحمد لله... ونهج سبيل الراغبين إليه، والطالبين ما لديه (خ 91). ما كان الله... ولا ليفتح على عبد باب الدعاء، ويغلق عنه باب الإجابة (ح 435). وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء (ح 146).
من آداب الدعاء وشروطه:
(244) 1 - في وقت الدعاء ومكانه:
فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب رحمته (ر 31). فاستفتحوه واستنجحوه، واطلبوا إليه واستمنحوه، فما قطعكم عنه حجاب، ولا أغلق عنكم دونه باب، وإنه لكل مكان، وفي كل حين وأوان، ومع كل إنس وجان، لا يثلمه العطاء، ولا ينقصه الحباء، ولا يستنفده سائل، ولا يستقصيه نائل، ولا يلويه شخص عن شخص، ولا يلهيه صوت عن صوت، ولا تحجزه هبة عن سلب، ولا يشغله غضب عن رحمة، ولا تولهه رحمة عن عقاب، ولا يجنه البطون عن الظهور، ولا يقطعه الظهور عن البطون. قرب فنأى، وعلا فدنا، وظهر فبطن، وبطن فعلن، ودان ولم يدن (خ 195).
(عن نوف البكالي، قال: رأيت أمير المؤمنين (ع) ذات ليلة، وقد خرج من فراشه،
187

فنظر في النجوم، فقال لي: يا نوف، أراقد أنت أم رامق فقلت: بل رامق، قال:) يا نوف، طوبى للزاهدين... أولئك قوم اتخذوا... والدعاء دثارا... يا نوف، إن داود (ع) قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنها لساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له، إلا أن يكون عشارا، أو عريفا، أو شرطيا، أو صاحب عرطبة (ح 104).
(245) 2 - في وجوب تيقن الداعي من الإجابة، وأن يحسن الظن بالله سبحانه عند عدم الإجابة أو تأخرها:
فلا يقنطنك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية. وربما أخرت عنك الإجابة، ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، وأجزل لعطاء الآمل. وربما سألت الشيء فلا تؤتاه، وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته (ر 31).
الحمد لله... ونؤمن به إيمان من رجاه موقنا، وأناب إليه مؤمنا (خ 182).
اللهم... ندعوك حين قنط الأنام (خ 115).
(246) 3 - افتتاح الدعاء بذكر الله تعالى والثناء عليه والصلاة على النبي (ص) وآله:
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره وسببا للمزيد من فضله (خ 157).
إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله (ص) ثم سل حاجتك، فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين، فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى (ح 361).
(247) 4 - في إخلاص السريرة عند الدعاء، ووجوب التوكل عليه سبحانه وحده في تحقيق الرغبات، وتنفيذ الطلبات:
وألجئ نفسك في أمورك كلها إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز. وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان (ر 31).
أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا: لا يرجون أحد
188

منكم إلا ربه (ح 82).
وكل رجاء - إلا رجاء الله تعالى - فإنه مدخول، وكل خوف محقق إلا خوف الله فإنه معلول. يرجو الله في الكبير، ويرجو العباد في الصغير، فيعطي العبد ما لا يعطي الرب (خ 160).
فإن في الله خلفا من غيره، وليس من الله خلف في غيره (ر 27).
اللهم... وبي فاقة لا يجبر مسكنتها إلا فضلك، ولا ينعش خلتها إلا منك وجودك، فهب لنا في هذا المقام رضاك، وأغننا عن مد الأيدي إلى سواك، «إنك على كل شيء قدير» (خ 91).
(أولياء الله) لا يرون مرجوا فوق ما يرجون، ولا مخوفا فوق ما يخافون (ح 432).
اللهم أنت أهل الوصف الجميل، والتعداد الكثير، إن تؤمل فخير مأمول، وإن ترج فخير مرجو (خ 91).
(248) 5 - في الندم والبكاء والخشوع والتذلل والاعتراف بالذنب قبل السؤال:
(أهل الذكر) وحملوا ثقل أوزارهم ظهورهم، فضعفوا عن الاستقلال بها، فنشجوا نشيجا، وتجاوبوا نحيبا، يعجون إلى ربهم من مقام ندم واعتراف... يتنسمون بدعائه روح التجاوز. رهائن فاقة إلى فضله، وأسارى ذلة لعظمته، جرح طول الأسى قلوبهم، وطول البكاء عيونهم، لكل باب رغبة إلى الله منهم يد قارعة (ك 222).
(المتقون) ذبل الشفاه من الدعاء، صفر الألوان من السهر، على وجوههم غبرة الخاشعين (خ 121).
(249) 6 - الدعاء في الشدة والرخاء:
ما المبتلى الذي قد اشتد به البلاء، بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء (ح 302).
لا تكن ممن... إن إصابة بلاء دعا مضطرا، وإن ناله رخاء أعرض مغترا (ح 150).
189

(250) 7 - أن يكون الداعي من المطيعين لله تعالى المؤتمرين بأوامره، المنتهين عن نواهيه:
الناس في الدنيا عاملان: عامل... وعامل عمل في الدنيا لما بعدها... فأصبح وجيها عند الله، لا يسأل الله حاجة فيمنعه (ح 269).
فاجعلوا طاعة الله شعارا... وشفيعا لدرك طلبتكم (خ 198).
لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم (ر 47).
لا تكن ممن... يقصر إذا عمل، ويبالغ إذا سأل (ح 150).
أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين، وأنت عنده من المستكبرين (ر 21).
يدعي بزعمه أنه يرجو الله، كذب والعظيم ما باله لا يتبين رجاؤه في عمله فكل من رجا عرف رجاؤه في عمله (خ 160).
(251) 8 - فيما يسأل الله تعالى عند الدعاء:
فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، وينفى عنك وباله، فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له (ر 31).
اجعلوا ما افترض الله عليكم من طلبكم، واسألوه من أداء حقه ما سألكم (خ 113).
(252) في أن أصحاب الجنة لا ترد لهم دعوة، وأصحاب النار لا تسمع منهم دعوة:
واعلموا عباد الله، أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة... في آخرتهم لا ترد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من لذة... فاحذروا نارا قعرها بعيد، وحرها شديد، وعذابها جديد، دار ليس فيها رحمة، ولا تسمع فيها دعوة، ولا تفرج فيها كربة (ر 27).
(253) بعض الأدعية المأثورة عن أمير المؤمنين عليه السلام:
تكتب الأدعية الواردة فيما يلي من النصوص: نسأل الله منازل الشهداء (خ 23).
190

اللهم إني قد مللتهم (خ 25).
اللهم داحي المدحوات (خ 72).
اللهم اغفر لي (ك 78).
اللهم أنت أهل الوصف الجميل (خ 91).
اللهم اقسم له (ص) مقسما (خ 106).
نسأل الله سبحانه (خ 64).
أسأل الله تعالى (ر 35).
اللهم قد انصاحت جبالنا (خ 115).
اللهم إنا خرجنا (خ 143).
فإن ردوا الحق (خ 124).
استعملنا الله وإياكم (خ 190).
اللهم رب السقف المرفوع (ك 171).
اللهم إني أستعديك على قريش (خ 172).
اللهم لا تؤاخذني (خ 193).
اللهم احقن دماءنا الكلام (ك 206).
اللهم أيما عبد من عبادك الخطبة (خ 212).
اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر (ك 215).
اللهم صن وجهي باليسار (ك 225).
اللهم إنك آنس الآنسين لأوليائك (ك 227).
اللهم إليك أفضت القلوب (ع 15). أسأله (سبحانه) خير القضاء (ر 31).
أسأل الله بسعة رحمته (ر 53).
اللهم إني أعوذ بك (ح 276).
اللهم إنك أعلم بي من نفسي (ح 100).
اللهم اسقنا ذلل السحاب (ح 472).
191

الباب العاشر: في الزهد
193

«الزهد»
(254) ما هو الزهد وما هي علامات وخصائص الزاهدين
الزهد كله بين كلمتين: قال سبحانه:
«لكيلا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم»، ومن لم يأس على الماضي، ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه (ح 439).
إن الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم وإن ضحكوا، ويشتد حزنهم وإن فرحوا، ويكثر مقتهم أنفسهم وإن اغتبطوا بما رزقوا (خ 113).
أما بعد، فإن المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا (ر 22).
كانوا قوما من أهل الدنيا وليسوا من أهلها، فكانوا فيها كمن ليس منها، عملوا فيها بما يبصرون، وبادروا فيها ما يحذرون، تقلب أبدانهم بين ظهراني أهل الآخرة، ويرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم وهم أشد إعظاما لموت قلوب أحيائهم (خ 230).
طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا، والدعاء دثارا، ثم قرضوا الدنيا
قرضا على منهاج المسيح (ح 104).
(المتقين) فمن علامة أحدهم... قرة عينه فيما لا يزول، وزهادته فيما لا يبقى (خ 193).
194

(255) الزاهدون والمزيفون:
والناس على أربعة أصناف... ومنهم من أبعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه، وانقطاع سببه، فقصرته الحال على حاله، فتحلى باسم القناعة، وتزين بلباس أهل الزهادة، وليس من ذلك في مراح ومغدى (خ 32).
لا تكن ممن... يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين (ح 150).
ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا، قد طامن من شخصه، وقارب من خطوه، وشمر من ثوبه، وزخرف من نفسه للأمانة، واتخذ ستر الله ذريعة إلى المعصية (خ 32).
(256) أفضل أنواع الزهد:
أفضل الزهد إخفاء الزهد (ح 28).
(257) كيف يكون الإنسان المؤمن زاهدا
الزهادة: قصر الأمل، والشكر عند النعم، والورع عند المحارم (خ 79).
(258) 1 - قصر الأمل:
أيها الناس، إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتباع الهوى، وطول الأمل... وأما طول الأمل فينسي الآخرة (ك 42).
فأزمعوا عباد الله الرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها الزوال، ولا يغلبنكم فيها الأمل، ولا يطولن عليكم فيها الأمد (خ 52).
فلا يغرنكم ما أصبح فيه أهل الغرور، فإنما هو ظل ممدود إلى أجل معدود (خ 64).
أيها الناس، انظروا إلى الدنيا نظر الزاهدين فيها، الصادفين عنها، فإنها والله عما قليل تزيل الثاوي الساكن، وتفجع المترف الآمن... رحم الله امرأ تفكر فأعتبر، واعتبر فأبصر، فكأن ما هو كائن من الدنيا عن قليل لم يكن، وكأن ما هو كائن من الآخرة عما قليل لم يزل، وكل معدود منقض، وكل متوقع آت، وكل آت قريب دان (خ 103).
195

فإنها (الدنيا) عند ذوي العقول كفيء الظل، بينا تراه سابغا حتى قلص، وزائدا حتى نقص (خ 63).
(المتقي) تراه قريبا أمله، قليلا زلله (خ 193).
فالله الله عباد الله فإن الدنيا ماضية بكم على سنن، وأنتم والساعة في قرن.
وكأنها قد جاءت بأشراطها، وأزفت بأفراطها، ووقفت بكم على صراطها، وكأنها قد أشرفت بزلازلها، وأناخت بكلاكلها، وانصرمت الدنيا بأهلها، وأخرجتهم من حضنها، فكانت كيوم مضى، أو شهر انقضى، وصار جديدها رثا، وسمينها غثا (خ 190).
رويدا يسفر الظلام، كأن قد وردت الأظعان، يوشك من أسرع أن يلحق واعلم يا بني أن من كانت مطيته الليل والنهار، فإنه يسار به وإن كان واقفا، ويقطع المسافة وإن كان مقيما وادعا (ر 31).
يا دنيا يا دنيا... قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير (ح 77).
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل، ويرجي التوبة بطول الأمل (ح 150).
واعلموا أن الأمل يسهي العقل، وينسي الذكر، فأكذبوا الأمل فإنه غرور، وصاحبه مغرور (خ 86).
إنما المرء في الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا، ونهب تبادره المصائب، ومع كل جرعة شرق، وفي كل أكلة غصص، ولا ينال العبد نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يستقبل يوما من عمره إلا بفراق آخر من أجله. فنحن أعوان المنون، وأنفسنا نصب الحتوف، فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شيء شرفا، إلا أسرعا الكرة في هدم ما بنيا، وتفريق ما جمعا (ح 191).
فاحذروا الدنيا فإنها غدارة غرارة خدوع، معطية منوع، ملبسة نزوع، لا يدوم رخاؤها، ولا ينقضي عناؤها، ولا يركد بلاؤها (خ 230).
وإن أهل الدنيا كركب بيناهم حلوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا (ح 415).
فإن غدا من اليوم قريب. ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، وأسرع الشهور في السنة، وأسرع السنين في العمر (خ 188).
196

من أطال الأمل، أساء العمل (ح 36).
وإنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم وتغيب آجالهم، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة، وترفع عنه التوبة، وتحل معه القارعة والنقمة (خ 147).
وسابقوا الآجال، فإن الناس يوشك أن ينقطع بهم الأمل، ويرهقهم الأجل، ويسد عنهم باب التوبة (خ 183).
(أولياء الله) واستقربوا الأجل، فبادروا العمل، وكذبوا الأمل، فلاحظوا الأجل (خ 114).
يا دنيا... والله لو كنت شخصا مرئيا، وقالبا حسيا، لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي (ر 41).
أما بعد فإني أحذركم الدنيا، فإنها حلوة خضرة، حفت بالشهوات، وتحببت بالعاجلة، وراقت بالقليل، وتحلت بالآمال، وتزينت بالغرور. لا تدوم حبرتها، ولا تؤمن فجعتها (خ 11).
(259) 2 - الشكر عند النعم:
لو لم يتوعد الله على معصيته، لكان يجب ألا يعصى شكرا لنعمه (ح 290).
وإذا أنت هديت لقصدك، فكن أخشع ما تكون لربك (ر 31).
وأكثر أن تنظر إلى من فضلت عليه، فإن ذلك من أبواب الشكر (ر 69).
إذا وصلت إليكم أطراف النعم، فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر (ح 13).
إن لله في كل نعمة حقا، فمن أداه زاده منها، ومن قصر فيه خاطر بزوال نقمته (ح 244).
ولا تأمن على نفسك صغير معصية... وليكن الشكر شاغلا له على معافاته مما ابتلي به غيره (ح 140).
(المتقي) يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر (خ 193).
وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار (ح 237).
إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه (ح 11).
197

ولا تنسوا عند النعم شكركم (ك 81).
(المتقي) وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور (خ 193).
(المؤمن) شكور صبور مغمور بفكرته (ح 333).
اضرب بطرفك حيث شئت من الناس، فهل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا، أو غنيا بدل نعمة الله كفرا (خ 129).
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة (خ 64).
فاتقوا سكرات النعمة واحذروا بوائق النقمة (خ 151).
أوصيكم أيها الناس بتقوى الله وكثرة حمده على آلائه إليكم، ونعمائه عليكم، وبلائه لديكم، فكم خصكم بنعمة، وتدارككم برحمة (خ 188).
(260) 3 - الورع عند المحارم:
الزهادة قصر الأمل، والشكر عند النعم، والورع عند المحارم، فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم (خ 79).
رحم الله امرأ نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه، فإن هذه النفس أبعد شيء منزعا، وإنها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى (خ 176).
واستتموا نعم الله عليكم بالصبر على طاعته، والمجانبة لمعصيته (خ 188).
فأخذ امرؤ من نفسه لنفسه... امرؤ ألجم نفسه بلجامها، وزمها بزمامها، فأمسكها بلجامها عن معاصي الله، وقادها بزمامها إلى طاعة الله (خ 237).
احذر أن يراك الله عند معصيته، ويفقدك عند طاعته، فتكون من الخاسرين، وإذا قويت فاقو على طاعة الله، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله (ح 383).
واتقوا مدارج الشيطان، ومهابط العدوان (خ 151).
ترك الذنب أهون من طلب المعونة (ح 170).
فكن منه (سبحانه) على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة، قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك (ر 31).
والورع جنة (ح 3).
198

ولا معقل أحسن من الورع (ح 371).
ولا ورع كالوقوف عند الشبهة (ح 113).
ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد (ر 45).
يا دنيا... ومن أزور عن حبائلك وفق، والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه (ر 45).
كان لي فيما مضى أخ في الله... وكان إذا بدهه أمران ينظر أيهما أقرب إلى الهوى فيخالفه (ح 289).
إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا ما علموا أنه سيتركهم (ح 432).
ولا زهد كالزهد في الحرام (ح 113).
فاملك هواك، وشح بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس الأنصاف منها فيما أحبت أو كرهت (ر 53).
فاتقوا عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه... وظلف الزهد شهواته (خ 83).
(261) الزهد والرهبنة:
(دخل عليه السلام على العلاء بن زياد الحارثي بالبصرة - وهو من أصحابه - يعوده، فلما رأى سعة داره قال): ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا، وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة: تقري فيها الضيف، وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة.
(فقال له العلاء: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال: وما له قال: لبس العباءة وتخلى عن الدنيا. قال: علي به. فلما جاء قال): يا عدي نفسه لقد استهام بك الخبيث أما رحمت أهلك وولدك أترى الله أحل لك الطيبات، وهو يكره أن تأخذها أنت أهون على الله من ذلك
199

(قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك، وجشوبة مأكلك) قال: ويحك، إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره (ك 209).
الآثار الإيجابية للزهد:
(262) 1 - آثار اقتصادية:
والزهد ثروة (ح 4).
واعلموا عباد الله أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ، والمتجر الرابح، أصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم، وتيقنوا أنهم جيران الله غدا في آخرتهم، لا ترد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من لذة (ر 27).
فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه منها، ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي رزقه منها (ح 431).
(263) 2 - آثار نفسية:
ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات (ح 31).
إنما مثل من خبر الدنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جديب، فأموا منزلا خصيبا وجنابا مريعا، فاحتملوا وعثاء الطريق، وفراق الصديق، وخشونة السفر، وجشوبة المطعم، ليأتوا سعة دارهم، ومنزل قرارهم، فليس يجدون لشيء من ذلك ألما، ولا يرون نفقة فيه مغرما، ولا شيء أحب إليهم مما قربهم من منزلهم، وأدناهم من محلتهم. ومثل من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب، فنبا بهم إلى منزل جديب، فليس شيء أكره إليهم ولا أفظع عندهم من مفارقة ما كانوا فيه، إلى ما يهجمون عليه، ويصيرون إليه (ر 31).
يا دنيا... والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، والدنيا عنده كيوم حان
200

انسلاخه (ر 41).
من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح لقضاء الله ساخطا. ومن لهج قلبه بحب الدنيا التاط قلبه منها بثلاث: هم لا يغبه، وحرص لا يتركه، وأمل لا يدركه (ح 228).
يا أيها الناس، متاع الدنيا حطام موبئ فتجنبوا مرعاه: قلعتها أحظى من طمأنينتها، وبلغتها أزكى من ثروتها، حكم على مكثر منها بالفاقة، وأعين من غني عنها بالراحة، من راقه زبرجها أعقبت ناظريه كمها، ومن استشعر الشغف بها ملأت ضميره أشجانا لهن رقص على سويداء قلبه: هم يشغله، وغم يحزنه، كذلك حتى يؤخذ بكظمه فيلقى بالفضاء منقطعا أبهراه (ح 367).
(المتقين): أصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم (ر 27).
ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة، وتبوأ خفض الدعة، والرغبة مفتاح النصب، ومطية التعب (ح 371).
(264) 3 - آثار فكرية:
ازهد في الدنيا يبصرك الله عوراتها، ولا تغفل فلست بمغفول عنك (ح 391).
وإنما الدنيا منتهى بصر الأعمى، لا يبصر مما وراءها شيئا، والبصير ينفذها بصره، ويعلم أن الدار وراءها، فالبصير منها شاخص، والأعمى إليها شاخص، والبصير منها متزود، والأعمى لها متزود (خ 133).
إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها (ح 432).
أنا كاب الدنيا لوجهها، وقادرها بقدرها، وناظرها بعينها (خ 128).
(265) 4 - آثار روحية وأخروية:
وإن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه، فكأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم فيها، فشاهدوا ما وراء ذلك، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا، حتى كأنهم يرون ما لا يرى الناس، ويسمعون ما لا يسمعون (ك 222).
201

من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها (ح 385).
ولبئس المتجر إن ترى الدنيا لنفسك ثمنا، ومما لك عند الله عوضا (خ 32).
واعلموا أن ما نقص من الدنيا وزاد في الآخرة خير مما نقص في الآخرة وزاد في الدنيا، فكم من منقوص رابح، ومزيد خاسر... فذروا ما قل لما كثر، وما ضاق لما اتسع (خ 114).
(266) 5 - آثار خلقية:
وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها، وتكالبهم عليها، فقد نبأك الله عنها، ونعت هي لك عن نفسها، وتكشفت لك عن مساويها، فإنما أهلها كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهر بعضها على بعض، ويأكل عزيزها ذليلها، ويقهر كبيرها صغيرها (ر 31).
والناس فيها (الدنيا) رجلان: رجل باع فيها نفسه فأوبقها، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها (ح 133).
وتعاديتم في كسب الأموال (خ 133).
يا دنيا اعزبي عني فو الله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني (ر 41).
زهدك في راغب فيك نقصان حظ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس (ح 451).
(267) 6 - آثار سياسية:
ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع - أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة *
202

* وحولك أكباد تحن إلى القد (ر 45).
(لما عزموا على بيعة عثمان): لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري، وو الله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة، التماسا لأجر ذلك وفضله، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه (خ 74).
203

الباب الحادي عشر: في الموعظة والاعتبار
205

«الموعظة»
(268) في أهمية الموعظة:
الايمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد... واليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين، فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين (ح 31).
الفكر مرآة صافية، والاعتبار منذر ناصح (ح 365).
ومن كان له من نفسه واعظ، كان عليه من الله حافظ (ح 89).
أحي قلبك بالموعظة (ر 31).
أيها الناس، استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متعظ (خ 105).
ولو اعتبرت بما مضى، حفظت ما بقي (ر 49).
إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزته التقوى عن تقحم الشبهات (خ 16).
والسعيد من وعظ بغيره (خ 86).
من حذرك كمن بشرك (ح 59).
(269) في كيفية الموعظة:
إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا. فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها، فإن القلب إذا أكره عمي (ح 193).
206

(270) أدوات الإنسان في الاتعاظ، والدعوة إلى الاتعاظ:
ثم منحه قلبا حافظا، ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا، ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا (خ 83).
فاستدركوا بقية أيامكم، واصبروا لها أنفسكم، فإنها قليل في كثير الأيام التي تكون منكم فيها الغفلة، والتشاغل عن الموعظة (خ 86).
رحم الله امرأ تفكر فاعتبر، واعتبر فأبصر، فكأن ما هو كائن من الدنيا عن قليل لم يكن، وكأن ما هو كائن من الآخرة عما قليل لم يزل (خ 130).
فاتقوا الله تقية من سمع فخشع... وعبر فاعتبر، وحذر فاحتذى، وأري فرأى (خ 83).
فاتعظوا عباد الله بالعبر النوافع، واعتبروا بالآي السواطع، وازدجروا بالنذر البوالغ، وانتفعوا بالذكر والمواعظ (خ 85).
فاتعظوا بالعبر، واعتبروا بالغير، وانتفعوا بالنذر (خ 157).
فلينتفع امرؤ بنفسه، فإنما البصير من سمع فتفكر، ونظر فأبصر، وانتفع بالعبر، ثم سلك جددا واضحا يتجنب فيه الصرعة في المهاوي، والضلال في المغاوي (خ 153).
ألا إن أسمع الأسماع ما وعى التذكير وقبله، أيها الناس، استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متعظ، وامتاحوا من صفو عين قد روقت من الكدر (خ 105).
(271) في أن كل إنسان قد كاشفته العظات وصادفته العبر بما يكفيه لأن يتعظ:
انتفعوا ببيان الله، واتعظوا بمواعظ الله، واقبلوا نصيحة الله، فإن الله قد أعذر إليكم بالجلية، واتخذ عليكم الحجة، وبين لكم محابة من الأعمال ومكارهه منها، لتتبعوا هذه، وتجتنبوا هذه (خ 176).
فقد جربتم الأمور وضرستموها، ووعظتم بمن كان قبلكم، وضربت الأمثال لكم، ودعيتم إلى الأمر الواضح، فلا يصم عن ذلك إلا أصم، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى (خ 176).
فقد جربتم الأمور وضرستموها، ووعظتم بمن كان قبلكم، وضربت الأمثال لكم، ودعيتم إلى الأمر الواضح، فلا يصم عن ذلك إلا أصم، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى (خ 176).
ما أكثر العبر وأقل الاعتبار (ح 297).
207

ولقد بصرتم إن أبصرتم، وأسمعتم إن سمعتم، وهديتم إن اهتديتم، وبحق أقول لكم: لقد جاهرتكم العبر، وزجرتم بما فيه مزدجر (ك 20).
وفي دون ما استقبلتم من عتب، وما استدبرتم من خطب معتبر (خ 88).
أصناف الناس في قبول الموعظة:
(272) 1 - الذين لا يتعظون إلا إذا آلمتهم الموعظة:
ولا تكونن ممن لا تنفعه العظة، إلا إذا بالغت في إيلامه، فإن العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب (ر 31).
فأحميت له (عقيل) حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل، يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه أتئن من الأذى، ولا أئن من لظى (ك 224).
(273) 2 - الذين لا يتعظون أبدا، وأسباب ذلك:
اضرب بطرفك حيث شئت من الناس، فهل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا... أو متمردا كأن بأذنه عن سمع المواعظ وقرا (خ 129).
(لأصحابه) وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها، وأحثكم على جهاد أهل البغي، فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ، ترجعون إلى مجالسكم، وتتخادعون عن مواعظكم، أقومكم غدوة، وترجعون إلي عشية، كظهر الحنية، عجز المقوم، وأعضل المقوم (خ 97).
أيها الناس، إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم، وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم، وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا، وحدوتكم بالزواجر فلم تستوسقوا (خ 182).
أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها، واصطلحوا على حبها، ومن عشق شيئا أعشى بصره، وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة... لا ينزجر
208

من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ (خ 109).
بينكم وبين الموعظة حجاب من الغيرة (ح 282).
ومن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب، لم ينتفع بشيء من العظة (خ 176).
(274) الذين تنفع معهم الموعظة، ويتعظون بكل ما حولهم:
(عند ما وصف عليه السلام المتقين لأحد أصحابه «همام»، صعق هذا الأخير صعقة كانت نفسه فيها، فقال عليه السلام): أما والله لقد كنت أخافها عليه. (ثم قال): أهكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها (خ 193).
والله لا أكون كمستمع اللدم، يسمع الناعي، ويحضر الباكي ثم لا يعتبر (ك 148).
وإنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار، ويقتات منها ببطن الاضطرار، ويسمع فيها بأذن المقت والإبغاض (ح 367).
بم يتعظ الانسان
(275) 1 - الاتعاظ بتقلبات الدنيا ومكرها وغدرها:
أحي قلبك بالموعظة... وبصره فجائع الدنيا، وحذره صولة الدهر، وفحش تقلب الليالي والأيام، واعرض عليه أخبار الماضين، وذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين، وسر في ديارهم وآثارهم، فانظر فيما فعلوا وعما انتقلوا، وأين حلوا ونزلوا، فإنك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبة، وحلوا ديار الغربة، وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم (ر 31).
يا بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها، وزوالها وانتقالها... لتعتبر بها (ر 31).
ثم أن الدنيا دار فناء وعناء، وغير، وعبر... ومن عبرها: أن المرء يشرف على أمله فيقتطعه حضور أجله، فلا أمل يدرك، ولا مؤمل يترك (خ 114).
ما الدنيا غرتك، ولكن بها اغتررت، ولقد كاشفتك العظات، وآذنتك على سواء، ولهي بما تعدك من نزول البلاء بجسمك، والنقص في قوتك، أصدق وأوفى من أن تكذبك، أو تغرك، ولرب ناصح لها عندك متهم، وصادق من خبرها مكذب، ولئن تعرفتها في الديار
209

الخاوية، والربوع الخالية، لتجدنها من حسن تذكيرك، وبلاغ موعظتك، بمحلة الشفيق عليك، والشحيح بك (ك 223).
ووصف لكم الدنيا وانقطاعها، وزوالها وانتقالها،... فغضوا عنكم - عباد الله - غمومها وأشغالها، لما قد أيقنتم به من فراقها وتصرف حالاتها، فاحذروها حذر الشفيق الناصح والمجد الكادح (خ 161).
(276) 2 - الاتعاظ بالموت والفناء:
أنا بالأمس صاحبكم، وأنا اليوم عبرة لكم... وستعقبون مني جثة خلاء، ساكنة بعد حراك، وصامتة بعد نطق، ليعظكم هدوي وخفوت أطراقي، وسكون أطرافي، فإنه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ، والقول المسموع (ك 149).
واتعظوا فيها بالذين... حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا (خ 111).
(وتبع جنازة فسمع رجلا يضحك، فقال): كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم ثم قد نسينا كل واعظ وواعظة، ورمينا بكل فادح وجائحة (ح 122).
واعتبروا بما قد رأيتم من مصارع القرون قبلكم (خ 161).
واتعظوا بمن كان قبلكم، قبل أن يتعظ بكم من بعدكم (خ 32).
أوليس لكم في آثار الأولين مزدجر، وفي آبائكم الماضين تبصرة ومعتبر، إن كنتم تعقلون (خ 99).
اذكروا انقطاع اللذات وبقاء التبعات (ح 433).
وأوصيكم بذكر الموت وإقلال الغفلة عنه... فكفى واعظا بموتى عاينتموهم (خ 188).
فاعتبروا بنزولكم منازل من كان قبلكم، وانقطاعكم عن أوصل إخوانكم (ك 117).
210

وخلف لكم (سبحانه) عبرا من آثار الماضين قبلكم، من مستمع خلاقهم، ومستفتح خناقهم، أرهقتهم المنايا دون الآمال، وشذبهم عنها تخرم الآجال، لم يمهدوا في سلامة الأبدان، ولم يعتبروا في أنف الأوان (خ 83).
(قاله بعد تلاوته:
«ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر»)... أفبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون... ولأن يكونوا عبرا، أحق من أن يكونوا مفتخرا،... ولئن عميت آثارهم، وانقطعت أخبارهم، لقد رجعت فيهم أبصار العبر، وسمعت عنهم آذان العقول، وتكلموا من غير جهات النطق (ك 221).
وبادروا الموت وغمراته، وأمهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله: فإن الغاية القيامة، وكفى بذلك واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس، وشدة الإبلاس، وهول المطلع، وروعات الفزع، واختلاف الأضلاع، واستكاك الأسماع، وظلمة اللحد، وخيفة الوعد، وغم الضريح، وردم الصفيح (خ 190).
(277) 3 - الاتعاظ بمصير المستكبرين وأعداء الله تعالى، والمنحرفين عن تعاليمه:
فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته، ووقائعه ومثلاته، واتعظوا بمثاوي خدودهم، ومصارع جنوبهم (خ 192).
وإن لكم في القرون السالفة لعبرة أين العمالقة وأبناء العمالقة أين الفراعنة وأبناء الفراعنة أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين، وأطفئوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبارين أين الذين ساروا بالجيوش، وهزموا بالألوف، وعسكروا العساكر، ومدنوا المدائن (خ 182).
واتعظوا فيها بالذين قالوا:
«من أشد منا قوة» حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا (خ 111).
فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة، لا يدرى أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة، عن كبر ساعة واحدة. فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته كلا، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا. إن حكمه في أهل السماء وأهل الأرض
211

لواحد، وما بين الله وبين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرمه على العالمين (خ 192).
وإن عندكم الأمثال من بأس الله وقوارعه، وأيامه ووقائعه، فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه، وتهاونا ببطشه، ويأسا من بأسه (خ 192).
واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال، وذميم الأعمال.
فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم (خ 192).
(الماضين من المؤمنين) فانظروا كيف كانوا حيث كانت الإملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة. ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين، وملوكا على رقاب العالمين فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين (خ 192).
(278) 4 - الاتعاظ بمصير المستضعفين الذين سلكوا طريق الله تعالى:
وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء، وأجهد العباد بلاء، وأضيق أهل الدنيا حالا.
اتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة، وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع، ولا سبيلا إلى دفاع. حتى إذا رأى الله سبحانه جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكا حكاما، وأئمة أعلاما، وقد بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم (خ 192).
فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل عليهم السلام. فما أشد اعتدال الأحوال، وأقرب اشتباه الأمثال تأملوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم، ليالي كانت الأكاسرة والقياصرة أربابا لهم، يحتازونهم عن ريف الآفاق، وبحر العراق، وخضرة الدنيا، إلى منابت الشيح، ومها في الريح، ونكد المعاش، فتركوهم عالة مساكين
212

إخوان دبر ووبر، أذل الأمم دارا، وأجدبهم قرارا، لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها، ولا إلى ظل ألفة يعتمدون على عزها. فالأحوال مضطربة، والأيدي مختلفة، والكثرة متفرقة، في بلاء أزل، وأطباق جهل من بنات موؤودة، وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة، وغارات مشنونة. فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا، فعقد بملته طاعتهم، وجمع على دعوته ألفتهم: كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها، وأسالت لهم جداول نعيمها، والتفت الملة بهم في عوائد بركتها، فأصبحوا في نعمتها غرقين، وفي خضرة عيشها فكهين. قد تربعت الأمور بهم، في ظل سلطان قاهر، وآوتهم الحال إلى كنف عز غالب، وتعطفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت. فهم حكام على العالمين، وملوك في أطراف الأرضين. يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم، ويمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم لا تغمز لهم قناة، ولا تقرع لهم صفاة... فإن الله سبحانه قد امتن على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة التي ينتقلون في ظلها، ويأوون إلى كنفها، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنها أرجح من كل ثمن، وأجل من كل خطر (خ 192).
(279) أفضل الوعاظ:
فاتقوا الله الذي نفعكم بموعظته، ووعظكم برسالته (خ 198).
وإن الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن، فإنه حبل الله المتين، وسببه الأمين، وفيه ربيع القلب، وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره، مع أنه قد ذهب المتذكرون، وبقي الناسون أو المتناسون (خ 176).
(الرسول (ص)) أرسله بحجة كافية، وموعظة شافية، ودعوة متلافية (خ 161).
إنه ليس على الامام إلا ما حمل من أمر ربه: الإبلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة (خ 105).
(280) من شروط الواعظ الجيد:
واعلموا أن من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر، لم يكن له من
213

غيرها لا زاجر ولا واعظ (خ 90).
من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالأجلال من معلم الناس ومؤدبهم (ح 73).
لا تكن ممن... يصف العبرة ولا يعتبر، ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ، فهو بالقول مدل، ومن العمل مقل... يرشد غيره، ويغوي نفسه (ح 150).
الداعي بلا عمل، كالرامي بلا وتر (ح 337).
أيها الناس، استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متعظ (خ 105).
إن كلام الحكماء إذا كان صوابا كان دواء، وإذا كان خطاء كان داء (ح 265).
214

الباب الثاني عشر: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
215

«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»
(281) في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهميتهما وفضيلتهما:
فرض الله الأمر بالمعروف مصلحة للعوام، والنهي عن المنكر ردعا للسفهاء (ح 244).
ما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجي (ح 366).
فمن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين (ح 30).
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخلقان من خلق الله سبحانه، وإنهما لا يقربان من أجل، ولا ينقصان من رزق (خ 155).
والجهاد... على أربع شعب: على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين (ح 30).
(282) في العوامل التي تساعد على قلب مفهومي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فيا عجبا، وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، يعملون في الشبهات، ويسيرون في الشهوات، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المهمات على آرائهم، كأن كل امرئ منهم إمام نفسه، قد أخذ منها - فيما يرى - بعرى ثقات، وأسباب محكمات (خ 88).
216

وإنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه، ولا في البلاد شيء انكر من المعروف، ولا أعرف من المنكر (خ 147).
إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا، ويموتون ضلالا، ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرف عن مواضعه، ولا عندهم أنكر من المعروف، ولا أعرف من المنكر (ك 17).
(283) في النتائج السلبية لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فمن لم يعرف بقلبه معروفا، ولم ينكر منكرا، قلب فجعل أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه (ح 367).
فإن الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي، والعلماء لترك التناهي (خ 234).
لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم (ر 47).
«ظهر الفساد»، فلا منكر مغير، ولا زاجر مزدجر، أفبهذا تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه، وتكونوا أعز أوليائه عنده هيهات لا يخدع الله عن جنته، ولا تنال مرضاته إلا بطاعته (خ 129).
وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضى (ك 201).
الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضى به (ح 154).
لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه (ح 106).
أيها الناس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع
217

فيكم من ليس مثلكم، ولم يقو من قوي عليكم (خ 166).
(284) في وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فمنهم المنكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه، فذلك المستكمل لخصال الخير (خ 104).
(لمالك الأشتر): أمره بتقوى الله... وأن ينصر الله سبحانه بقلبه ويده ولسانه (ر 53).
والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله (وصية 47). وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند إمام جائر (ح 366).
وأمر بالمعروف تكن من أهله، وأنكر المنكر بيدك ولسانك (وصية 31). أيها الناس، إنه لا يستغني الرجل - وإن كان ذا مال - عن عترته، ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم (خ 23).
(285) في مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحد ذلك، وأيها أفضل إذا رأى أحدكم المنكر، ولم يستطع أن ينكره بيده ولسانه، وأنكره بقلبه، وعلم الله صدق ذلك منه فقد أنكره (ر 31).
أيها المؤمنون، إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه، فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى، وقام على الطريق، ونور في قلبه اليقين (خ 365).
فمنهم المنكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه، فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه والتارك بيده، فذلك المتمسك بخصلتين من خصال الخير ومضيع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بلسانه ويده، فذلك مضيع أشرف الخصلتين من الثلاث ومتمسك بواحدة ومنهم تارك لإنكار المنكر بقلبه ولسانه ويده فذلك ميت الأحياء (خ 104).
وأمر بالمعروف تكن من أهله، وأنكر المنكر بيدك ولسانك وباين من فعله
218

بجهدك (ر 31).
أول ما تغلبون عليه من الجهاد، الجهاد بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم (ح 375).
(286) يجب أن يأتمر الإنسان بالمعروف وينهى نفسه عن المنكر قبل أن يتحول إلى الآخرين:
وانهوا غيركم عن المنكر، وتناهوا عنه، فإنما أمرتم بالنهي بعد التناهي (خ 104).
وإن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا... ويأمرون بالقسط ويأتمرون به، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه (خ 222).
لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به (خ 129).
أيها الناس، إني والله، ما أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها، ولا أنهاكم عن معصية إلا وأتناهى قبلكم عنها (خ 175).
لا تكن ممن... ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين، ولا يعمل عملهم، ولا يبغض المذنبين، وهو أحدهم (ح 150).
يرفع لي (رسول الله) في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به (خ 192).
من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالأجلال من معلم الناس ومؤدبهم (ح 73).
(287) في أن الذين لا ينكرون منكرا حضروه مع استطاعتهم وجب قتالهم أو عقوبتهم:
فو الله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا معتمدين لقتله، بلا جرم جره، لحل لي قتل ذلك الجيش كله، إذ حضروه فلم ينكروا، ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد، دع ما أنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم (خ 172).
ولي عليكم الطاعة، وألا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق، فإن أنتم لم تستقيموا على ذلك لم يكن أحد أهون علي ممن أعوج منكم، ثم أعظم له العقوبة، ولا يجد عندي فيها رخصة (ر 50).
219

الباب الثالث عشر: في الجهاد وفن الحرب والشهادة
الفصل الأول: في الجهاد
الفصل الثاني: في فنون الحرب الإسلامية وآدابها
الفصل الثالث: في الشهادة في سبيل الله تعالى
221

الفصل الأول
«في الجهاد»
(288) في تعريف الجهاد، وأنه إحدى دعائم الأيمان، وأهم أركان الإسلام:
هو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة (خ 27).
إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى، الأيمان به وبرسوله، والجهاد في سبيله، فإنه ذروة الإسلام (خ 110).
الأيمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد (ح 30).
(إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي): فإنك ممن أستظهر به على جهاد العدو وإقامة عمود الدين (ر 42).
(289) الجهاد على أربع شعب:
والجهاد... على أربع شعب: على الأمر بالمعروف.
والنهي عن المنكر.
والصدق في المواطن.
وشنآن الفاسقين.. فمن أمر بالمعروف، شد ظهور المؤمنين.
ومن نهى عن المنكر، أرغم أنوف الكافرين.
ومن صدق في المواطن، قضى ما عليه.
ومن شنئ الفاسقين، وغضب لله، غضب الله له وأرضاه يوم القيامة (ح 30).
222

(290) في أهمية الجهاد وأهدافه في الإسلام:
فرض الله... الجهاد عزا للإسلام (ح 244).
فإن أبوا أعطيتهم حد السيف، وكفى به شافيا من الباطل وناصرا للحق (خ 22).
فقاتل بمن أطاعه من عصاه يسوقهم إلى منجاتهم، ويبادر لهم الساعة أن تنزل بهم (خ 103).
أيها المؤمنون، إنه من رأى عدوانا يعمل به، ومنكرا يدعى إليه... من أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى، وقام على الطريق، ونور في قلبه اليقين (ح 365).
وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة (خ 27).
(291) في الذين يجب قتالهم في الإسلام:
أرسله على حين فترة من الرسل... فجاهد في الله المدبرين عنه، والعادلين به (خ 133).
ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الأرض: فأما الناكثون فقد قاتلت، وأما القاسطون فقد جاهدت، وأما المارقة فقد دوخت (خ 234).
ألا وإني أقاتل رجلين، رجلا ادعى ما ليس له، وآخر منع الذي عليه (خ 172).
فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة (ر 36).
فو الله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا معتمدين لقتله بلا جرم جره لحل لي قتل ذلك الجيش كله، إذ حضروه فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد (خ 171).
إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج والشبهة والتأويل، فإذا طمعنا في خصلة يلم الله بها شعثنا، ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا، رغبنا فيها، وأمسكنا عما سواها (خ 121).
223

(292) في أن منزلة المجاهد عند الله أعظم منزلة، وجزاءه أفضل الجزاء:
إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله: الإيمان به وبرسوله، والجهاد في سبيله (خ 110).
فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه (خ 27).
ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنئ الفاسقين وغضب لله غضب الله له وأرضاه يوم القيامة (ح 30).
ألا ومن أكله الحق فإلى الجنة، ومن أكله الباطل فإلى النار (ر 17).
إن أكرم الموت القتل (خ 122).
وأنا أسأل الله بسعة رحمته وعظيم قدرته على إعطاء كل رغبة أن... يختم لي ولك بالسعادة والشهادة إنا إليه راجعون (ر 53).
(293) في المتخلفين عن الجهاد، والفارين منه، وعاقبتهم:
فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل، وشمله البلاء، وديث بالصغار والقماءة، وضرب على قلبه بالإسهاب، وأديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف (خ 27).
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا وبالذل من العز خلفا إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم، دارت أعينكم كأنكم من الموت في غمرة، ومن الذهول في سكرة (خ 34).
عاودوا الكر، واستحيوا من الفر، فإنه عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب (خ 65).
إن في الفرار موجدة الله سبحانه، والذل اللازم، والعار الدائم، وإن الفار غير مزيد في عمره، ولا مؤخر عن يوم (خ 27).
فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم - والله - من السيف أفر، يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم أركم، ولم أعرفكم معرفة والله جرت ندما، وأعقبت سدما... قبحا لكم وترحا... تغزون ولا تغزون (خ 27).
فانهد بمن أطاعك إلى من عصاك، واستغن بمن انقاد معك عمن تقاعس عنك، فإن المتكاره مغيبه خير من مشهده، وقعوده أغنى من نهوضه (ر 4).
224

فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان (خ 27).
فقبحا لكم وترحا، حين صرتم غرضا يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر (خ 27).
ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى أمصاركم قد افتتحت، وإلى ممالككم تزوى، وإلى بلادكم تغزى انفروا - رحمكم الله - إلى قتال عدوكم، ولا تثاقلوا إلى الأرض فتقروا بالخسف، وتبوؤوا بالذل، ويكون نصيبكم الأخس (ر 62).
(294) في عدم اللجوء إلى الجهاد العسكري إلا عند ما لا تنفع الأساليب الأخرى للوصول إلى الأهداف الإسلامية والصلح واجب عند ما يكون في فائدة الإسلام ولكن بحذر كبير، وعلى الجانب الإسلامي الالتزام بعهوده وعدم نقضه:
ولا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك، لله فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، وراحة من همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم، واتهم في ذلك حسن الظن (ر 53).
وإن عقدت بينك وبين عدو لك عقدة، أو ألبسته منك ذمة فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله شيء، الناس أشد عليه اجتماعا - مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم - من تعظيم الوفاء بالعهود... فلا تغدرن بذمتك، ولا تخيسن بعهدك، ولا تختلن عدوك، فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي (ر 53).
فو الله ما دفعت الحرب يوما إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي، وتعشو إلى ضوئي، وذلك أحب إلي من أن أقتلها على ضلالها (خ 54).
فإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الإسلام الرضائخ، فلو لا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم، وجمعكم وتحريضكم (ر 62).
225

إني لراض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم، فإن أبوا أعطيتهم حد السيف، وكفى به شافيا من الباطل وناصرا للحق (خ 22).
ولا يحملنكم شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والأعذار إليهم (ر 12).
خيرة بين حرب مجلية، أو سلم مخزية، فإن اختار الحرب فانبذ إليه، وإن اختار السلم فخذ بيعته (ر 8).
(عن طلحة والزبير): لقد استثبتهما قبل القتال، واستأنيت بهما أمام الوقاع (خ 137).
ولقد ضربت أنف هذا الأمر وعينه، وقلبت ظهره وبطنه، فلم أر لي فيه إلا القتال أو الكفر بما جاء به محمد (ص) (ك 43).
(295) في أن الأمداد الغيبي أهم مستلزمات الجهاد العسكري:
إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة، وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعده وأمده، حتى بلغ ما بلغ، وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده... فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة (ك 146).
قد كنت وما أهدد بالحرب، ولا أرهب بالضرب، وأنا على ما قد وعدني ربي من النصر (خ 183).
ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم (خ 190).
فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر (ك 56).
أعر الله جمجمتك... واعلم أن النصر من عند الله سبحانه (خ 11).
ونافحوا بالظبى وصلوا السيوف بالخطى، واعلموا أنكم بعين الله (خ 65).
فصمدا صمدا حتى ينجلي لكم عمود الحق «وأنتم الأعلون، والله معكم، ولن يتركم أعمالكم» (ك 66).
226

(296) في أن الصدق في المواطن، والإخلاص في النية من أهم مستلزمات الجهاد في الاسلام:
ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلاته لسيفه (خ 190).
فانفذوا على بصائركم، ولتصدق نياتكم في جهاد عدوكم (خ 197).
فصمدا صمدا حتى ينجلي لكم عمود الحق (ك 66).
أصبحت والله لا أصدق قولكم، ولا أطمع في نصركم، ولا أوعد العدو بكم (خ 29).
يا أهل الكوفة... لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء، تربت أيديكم، يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها، كلما جمعت من جانب تفرقت من آخر، والله لكأني بكم فيما إخالكم: أن لو حمس الوغى، وحمي الضراب، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها (خ 97).
أف لكم لقد لقيت منكم برحا يوما أناديكم ويوما أناجيكم، فلا أحرار صدق عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء (ك 125).
ولقد كنا مع رسول الله (ص) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا: ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم، وجدا في جهاد العدو... فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر (ك 56).
وطائفة عضوا على أسيافهم، فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقين (ك 218).
قد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة، ولا يحمل هذا العلم إلا أهل البصر والصبر والعلم بمواقع الحق (خ 173).
(عن الرسول الأعظم): جاهد في الله أعداءه غير واهن ولا معذر (خ 115).
جاهد في الله حق جهاده، ولا تأخذك في الله لومة لائم (ر 31).
واستشعروا الصبر فإنه أدعى إلى النصر (خ 26).
227

والجهاد على أربع شعب:... والصدق في المواطن... ومن صدق في المواطن قضى ما عليه (ح 31).
وكان عليه السلام يقول إذا لقي العدو محاربا: اللهم إليك أفضت القلوب، ومدت الأعناق، وشخصت الأبصار، ونقلت الأقدام، وأنضيت الأبدان (دعاء 15). (لولده الحسن عليه السلام): وأنكر المنكر بيدك ولسانك، وباين من فعله بجهدك، وجاهد في الله حق جهاده، ولا تأخذك في الله لومة لائم، وخض الغمرات للحق حيث كان... وعود نفسك التصبر على المكروه، ونعم الخلق التصبر في الحق (وصية 31). ولعمري ما علي من قتال من خالف الحق وخابط الغي من أذهان ولا إيهان (خ 24).
(297) من مستلزمات الجهاد أيضا: بغض الفاسقين، والغضب لله تعالى:
والجهاد على أربع شعب:... وشنآن الفاسقين... ومن شنئ الفاسقين، وغضب لله، غضب الله له وأرضاه يوم القيامة (ح 30).
وكان عليه السلام يقول إذا لقي العدو محاربا:... اللهم قد صرح مكنون الشنآن، وجاشت مراحل الأضغان (دعاء 15). ولا يحملنكم شنآنهم على قتالهم، قبل
دعائهم والأعذار إليهم (وصية 12). (إلى أهل مصر): من عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى القوم الذين غضبوا لله حين عصي في أرضه، وذهب بحقه، فضرب الجور سرادقه على البر والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف يستراح إليه، ولا منكر يتناهى عنه (ك 38).
وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تغضبون (خ 106).
من أحد سنان الغضب لله، قوي على قتل أشداء الباطل (ح 174).
(لولده الحسن عليهما السلام): وأنكر المنكر بيدك ولسانك، وباين من فعله بجهدك (وصية 31). لا تكن ممن... يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم (ك 147).
228

(رسول الله): وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره، ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله، وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله، لكفى به شقاقا لله، ومحادة عن أمر الله (خ 160).
إن حزننا عليه (محمد بن أبي بكر) على قدر سرورهم به إلا أنهم نقصوا بغيضا، ونقصنا حبيبا (ح 325).
(في ذم العاصين من أصحابه): فو الله لئن جاء يومي - وليأتيني - ليفرقن بيني وبينكم، وأنا لصحبتكم قال، وبكم غير كثير... لله أنتم أما دين يجمعكم ولا حمية تشحذكم (خ 180).
لبئس - لعمر الله - سعر نار الحرب أنتم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم فلا تمتعضون (خ 34).
فقبحا لكم وترحا، حين صرتم غرضا يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون (خ 27).
ما تنتظرون بنصركم ربكم أما دين يجمعكم، ولا حمية تحمشكم (خ 39).
229

الفصل الثاني
«في فن الحرب»
في فنون الحرب في الاسلام وآدابها
(298) في الإعداد العسكري الكافي:
فخذوا للحرب أهبتها، وأعدوا لها عدتها، فقد شب لظاها، وعلا سناها (خ 26).
(299) في أن الجيش الإسلامي لا يبدأ بقتال، ولا يقاتل إلا من شن الحرب على الإسلام والمسلمين:
لا تدعون إلى مبارزة، وإن دعيت إليها فأجب، فإن الداعي باغ، والباغي مصروع (ح 225).
لا تقاتلن إلا من قاتلك (ر 12).
لا تقاتلوهم حتى يبدؤكم، فإنكم بحمد الله على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤكم حجة أخرى لكم عليهم (وصية 14).
(300) في كيفية مسير الجيش الإسلامي:
وسر البردين، وغور بالناس، ورفه في السير، ولا تسر أول الليل، فإن الله جعله سكنا، وقدره مقاما لا ظعنا، فأرح فيه بدنك، وروح ظهرك، فإذا وقفت حين ينبطح السحر، أو حين ينفجر الفجر، فسر على بركة الله (وصية 12).
230

وإياكم والتفرق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعا، وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعا (ر 11).
فقدموا الدارع، وأحزوا الحاسر (خ 124).
فإذا نزلتم بعدو، أو نزل بكم، فليكن معسكركم في قبل الأشراف، أو سفاح الجبال، أو أثناء النهار، كيما يكون لكم ردءا، ودونكم مردا (ر 11).
(301) كيف يقف الجيش الإسلامي أمام الجيش المعادي وأين ينزل
فإذا لقيت العدو فقف من أصحابك وسطا، ولا تدن من القوم دنو من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس (ر 12).
(302) في بعض الفنون الحربية عند الهجوم على العدو والالتحام معه:
وعضوا على الأضراس، فإنه أنبى للسيوف عن الهام (خ 124).
عضوا على الجهاد بنواجذكم (خ 121).
عض على ناجذك، أعر الله جمجمتك، تد في الأرض قدمك، إرم ببصرك أقصى القوم وغض بصرك، واعلم أن النصر من عند الله سبحانه (خ 11).
وصلوا السيوف بالخطا، واعلموا أنكم بعين الله (خ 65).
أعطوا السيوف حقوقها، ووطنوا للجنوب مصارعها، واذمروا أنفسكم على الطعن الدعسي، والضرب الطلحفى، وأميتوا الأصوات، فإنه أطرد للفشل (ر 16).
إلتووا في أطراف الرماح، فإنه أمور للأسنة، وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش، وأسكن للقلوب (خ 124).
وأكملوا اللأمة، وقلقلوا السيوف في أغمادها قبل سلها، والحظوا الخزر، واطعنوا الشزر، ونافحوا بالظبى (خ 65).
ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين (ر 11).
فشدوا عقد المآزر، واطووا فضول الخواصر (ك 241).
231

(303) في كتمان السر في الحرب وأهمية المباغتة للعدو:
ألا وإن لكم عندي أن لا أحتجز دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم (ر 50).
اغزوهم قبل أن يغزوكم، فو الله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا (خ 27).
(304) في أهمية المراصد والعيون والإستطلاعات الأمنية في الحرب:
واجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال، ومناكب الهضاب، لئلا يأتيكم العدو من مكان أو مخافة أو أمن، واعلموا أن مقدمة القوم عيونهم، وعيون المقدمة طلائعهم (ر 11).
(305) في أن المحاربين يجب أن لا يناموا:
إن أخا الحرب الأرق، ومن نام لم ينم عنه (ر 62).
ينام الرجل على الثكل، ولا ينام على الحرب (ح 307).
أما بعد، فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف (ك 38).
ما أنقض النوم لعزائم اليوم وأمحى الظلم لتذاكير الهمم (ك 241).
وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرماح كفة، ولا تذوقوا النوم إلا غرارا أو مضمضة (وصية 11).
(306) في أن الراية يجب أن لا تعطى إلا للشجعان:
ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلوها، ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم والمانعين الذمار منكم، فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم، ويكتنفونها حفافيها، ووراءها، وأمامها، لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها (ك 124).
(307) في آداب المحاربين المسلمين وكيفية تعاملهم مع جيش العدو وأهل دولته:
فإذا كانت الهزيمة بإذن الله، فلا تقتلوا مدبرا، ولا تصيبوا معورا، ولا تجهزوا على
232

جريح، ولا تهيجوا النساء بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسببن أمراءكم، فإنهن ضعيفات القوى، والأنفس والعقول، إن كنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات (ر 14).
ولا تمسن مال أحد من الناس مصل ولا معاهد إلا أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به على أهل الإسلام، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الإسلام فيكون شوكة عليه (ر 51).
رفعت السيف عن مدبركم (ر 29).
(308) في وجوب عدم التبذير بالقيادة العليا للمسلمين عند الغزوات:
(إلى عمر بن الخطاب) فكن قطبا، واستدر الرحى بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض، انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك، إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا: هذا أصل العرب فإذا اقتطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك، وطمعهم فيك (خ 146).
جمع عليه السلام الناس حضهم على الجهاد فسكتوا مليا، فقال عليه السلام: ما بالكم أمخرسون أنتم فقال قوم منهم: يا أمير المؤمنين، إن سرت سرنا معك.. فقال (ع): ما بالكم لا سددتم لرشد، ولا هديتم لقصد أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج وإنما يخرج في مثل هذا رجل ممن أرضاه من شجعانكم وذوي بأسكم، ولا ينبغي لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباية الأرض، والقضاء بين المسلمين، والنظر في حقوق المطالبين، ثم أخرج في كتيبة أتبع أخرى، أتقلقل تقلقل القدح في الجفير الفارغ، وإنما أنا قطب الرحى، تدور علي وأنا بمكاني، فإذا فارقته استحار مدارها، واضطرب ثفالها: هذا لعمر الله الرأي السوء (ك 119).
(309) المقاتلون المسلمون (أهميتهم ورعايتهم ورعاية عوائلهم):
فالجنود بإذن الله حصون الرعية وزين الولاة، وعز الدين وسبل الأمن، وليس تقوم
233

الرعية إلا بهم (ر 53).
لا تدخروا أنفسكم نصيحة ولا الجند حسن سيرة (ر 51).
لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوهم (ر 53).
إن كثرة الذكر لحسن أفعالهم، تهز الشجاع، وتحرض الناكل إن شاء الله تعالى (ر 53).
وليكن آثر رؤس جندك عندك، من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم، حتى يكون همهم هما واحدا في جهاد
العدو (ر 53).
(310) في من هم الذين تعزى إليهم المناصب القيادية في الجيش الإسلامي وما هي أهم وظائفهم
فول من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولأمامك، وأنقاهم جيبا، وأفضلهم حلما، ممن يبطئ عن الغضب، ويستريح إلى الغدر، ويرأف بالعفاء، وينبو على الأقوياء، ممن لا يثيره العنف، ولا يقعد به الضعف (ر 53).
ليكن آثر رؤس جندك عندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته، بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم (ر 53).
وقد أمرت عليكما وعلى من في حيز كما مالك بن الحارث الأشتر، فاسمعا له وأطيعا، واجعلاه درعا ومجنا، فإنه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته ولا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل (ر 13).
أما بعد فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد على الفجار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث أخو مذحج، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق، فإنه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة، ولا نابي الضريبة: فإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم، ولا يؤخر ولا يقدم إلا عن أمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته
234

لكم، وشدة شكيمته على عدوكم (ر 38).
(311) في أن الثقة التامة بين القائد العسكري والجنود ضرورية لغرض طاعته:
أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه... دعوا إلى الجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه (خ 182).
(312) في وجوب، وضرورة إطاعة القائد العسكري للوصول إلى الأهداف العسكرية المطلوبة:
وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان (خ 27).
ولي عليكم الطاعة، وألا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق (ر 50).
فإن أمركم (مالك بن الحارث) أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا (ر 38).
منيت بمن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا دعوت (خ 39).
أيتها الفرقة التي إذا أمرت لم تطع، وإذا دعوت لم تجب (خ 180).
وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم (خ 34).
235

الفصل الثالث
«الشهادة في سبيل الله تعالى»
(313) في أن الشهادة في سبيل الله أكرم الموت، والمسلم الحقيقي هو الذي يرجو الشهادة ويتسابق عليها:
إن أكرم الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش في غير طاعة الله (خ 122).
اللهم... رب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتادا وللخلق اعتمادا، إن أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغي، وسددنا للحق، وإن أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصمنا من الفتنة (خ 170).
وأنا أسأل الله بسعة رحمته وعظيم قدرته على إعطاء كل رغبة أن... يختم لي ولك بالسعادة والشهادة إنا إليه راجعون (ر 53).
فقلت يا رسول الله، أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحيزت عني الشهادة، فشق ذلك علي فقلت لي:
«أبشر فإن الشهادة من ورائك» فقال لي:
«إن ذلك لكذلك فكيف صبرك إذن» فقلت: يا رسول الله، ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر (خ 155).
أما قولكم: أكل ذلك كراهية الموت فو الله ما أبالي، دخلت إلى الموت أو خرج الموت إلي (خ 55).
فإن أقل يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت هيهات بعد اللتيا والتي والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه (خ 5).
236

والله ما فاجأني من الموت وارد كرهته، ولا طالع أنكرته، وما كنت إلا كقارب ورد، وطالب وجد، «وما عند الله خير للأبرار» (ر 23).
(إلى معاوية): وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحب اللقاء إليهم لقاء ربهم (ر 28).
وأما نحن فأبذل لما في أيدينا، وأسمح عند الموت بنفوسنا (ح 102).
وموتات الدنيا أهون علي من موتات الآخرة (خ 54).
(في وصف المتقين): أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها (خ 193).
(314) في أن المتمسكين بالدنيا وبهارجها، يخشون الشهادة، ويتهربون منها:
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا، وبالذل من العز خلفا إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم، دارت أعينكم، كأنكم من الموت في غمرة، ومن الذهول في سكرة (خ 34).
يا أسرى الرغبة أقصروا، فإن المعرج على الدنيا، لا يروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان (ح 359).
ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها (ح 456).
(315) في منزلة الهاربين من الشهادة عند الله تعالى وعاقبتهم:
واستحيوا من الفر، فإنه عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب (خ 66).
العار وراءكم، والجنة أمامكم (ك 171).
إن في الفرار موجدة الله سبحانه، والذل اللازم، والعار الدائم، وإن الفار غير مزيد في عمره ولا مؤخر عن يومه (خ 27).
وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة، لا تسلموا من سيف الآخرة (خ 124).
237

(316) في منزلة عشاق الشهادة عند الله تعالى وعاقبتهم:
فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه (خ 27).
الجنة تحت أطراف العوالي (ك 124).
أين المانع للذمار، والغائر عند نزول الحقائق من أهل الحفاظ، العار وراءكم والجنة أمامكم (ك 171).
نسأل الله منازل الشهداء، ومعايشة السعداء، ومرافقة الأنبياء (خ 23).
ومن شنئ الفاسقين، وغضب لله، غضب الله له وأرضاه يوم القيامة (ح 31).
ألا ومن أكله الحق فإلى الجنة (ر 17).
ما خير بخير بعده النار، وما شر بشر بعده الجنة (ح 387).
ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها إلا بها (ح 456).
(317) في أن الشهادة منحة إلهية، لا يهبها الله سبحانه لأي كان، وإنما لمن يستحقها:
فقتل عبيدة ابن الحارث يوم بدر، وقتل حمزة يوم أحد، وقتل جعفر يوم مؤتة، وأراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة، ولكن آجالهم عجلت ومنيته أخرت (ر 9).
فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى (خ 27).
فقلت: يا رسول الله، أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين، وحيزت عني الشهادة، فشق ذلك علي فقلت لي:
«أبشر فإن الشهادة من ورائك» فقال لي:
«إن ذلك لكذلك فكيف صبرك إذن» فقلت: يا رسول الله، ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر (خ 155).
يجاهدهم في الله قوم أذلة عند المتكبرين، في الأرض مجهولون، وفي السماء معروفون (خ 101).
238

(318) في أن الشهداء درجات عند الله تعالى، وليسوا في درجة واحدة:
أن قوما استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين والأنصار ولكل فضل، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل: سيد الشهداء، وخصه رسول الله - صلى الله عليه وآله - بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه (ر 28).
(319) في أن الشهادة أقوى سلاح للانتصار على الأعداء، ومن لم يحفظ الموت وهبت له الحياة:
فالنجاة للمقتحم، والهلكة للمتلوم (ك 123).
فالموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين (خ 51).
ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا، يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما، أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه، ومتبوئا أوطانه (ك 56).
فاتقوا الله عباد الله، وفروا إلى الله من الله، وامضوا في الذي نهجه لكم، وقوموا بما عصبه بكم، فعلي ضامن لفلجكم آجلا، إن لم تمنحوه عاجلا (خ 24).
بقية السيف أبقى عددا، وأكثر ولدا (ح 84).
(320) في الذين يحظون بمنزلة الشهداء عند الله تعالى، ولو لم يقتلوا في سبيله:
الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه، وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته، مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلاته لسيفه، فإن لكل شيء
مدة وأجلا (خ 190).
ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجرا ممن قدر فعف، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة (ح 474).
239

الباب الرابع عشر: الحاكم الإسلامي وخصائصه
241

«الحاكم الاسلامي وخصائصه»
(321) في ضرورة وجود الحاكم ووظائفه الرئيسية في الدولة الإسلامية:
في الخوارج لما سمع قولهم:
«لا حكم إلا لله» قال عليه السلام: كلمة حق يراد بها باطل نعم إنه لا حكم إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلا لله، وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر (ك 40).
هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه، حين ولاه مصر: جباية خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح أهلها، وعمارة بلادها (ر 53).
إنه ليس على الإمام إلا ما حمل من أمر ربه: الإبلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة، والإحياء للسنة، وإقامة الحدود على مستحقيها، وإصدار السهمان على أهلها (خ 105).
ولا ينبغي لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباية الأرض والقضاء بين المسلمين، والنظر في حقوق المطالبين (ك 119).
فأما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا (خ 34).
صواب الرأي بالدول: يقبل بإقبالها، ويذهب بذهابها (ح 339).
242

من أهم خصائص الحاكم النموذجي في الإسلام
(322) 1 - أن يشعر بأن الحكم أمانة لديه وتكليف إلهي له وليس منحة أو ملكا شخصيا:
(إلى أشعث بن قيس عامل أذربيجان): وإن عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة، وأنت مسترعى لمن فوقك، ليس لك أن تفتات في رعية (ر 5).
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك (ك 131).
قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذه النعل فقلت: لا قيمة لها فقال عليه السلام: والله لهي أحب إلي من إمرتكم، إلا أن أقيم حقا، أو أدفع باطلا (خ 33).
دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول... واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم (ك 92).
(323) أن لا يستغني عن نصح ومشاورة وتعاون الرعية معه في حكمه، ولا يكرههم على أعمال وواجبات فوق طاقتهم:
ولكن من واجب حقوق الله على العباد: النصيحة بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة الحق بينهم، وليس امرؤ - وإن عظمت في الحق منزلته، وتقدمت في الدين فضيلته - بفوق أن يعان على ما حمله، الله من حقه، ولا امرؤ - وإن صغرته النفوس واقتحمته العيون - بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه (خ 214).
فعليكم بالتناصح في ذلك، وحسن التعاون عليه، فليس أحد - وإن اشتد على رضى الله حرصه، وطال في العمل اجتهاده - ببالغ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له (خ 214).
أيها الناس، أعينوني على أنفسكم، وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن
243

الظالم بخزامته، حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها (خ 136).
وأما حقي عليكم: فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب (خ 34).
ولا يرغب عنهم تفضلا بالإمارة عليهم، فإنهم الأخوان في الدين، والأعوان على استخراج الحقوق (ر 26).
ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي (خ 214).
واعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المؤنات عنهم، وترك استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم، فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن ويقطع نصبا طويلا (ر 53).
ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزين لك الشره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله (ر 53).
وأكثر مدارسة العلماء، ومناقشة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك (ر 53).
(324) مسائل عامة في المشاورة:
من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها (ح 161).
الخلاف يهدم الرأي (ح 215).
إذا ازدحم الجواب خفي الصواب (ح 243).
رأي الشيخ أحب إلي من جلد الغلام (ح 86).
ولا ظهير كالمشاورة (ح 54).
ولا مظاهرة أوثق من المشاورة (ح 113).
والاستشارة عين الهداية، ومن خاطر استغنى برأيه (ح 211).
244

وإياك ومشاورة النساء، فإن رأيهن إلى أفن (ر 31).
من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ (ح 173).
(325) 3 - أن يحافظ على بقاء الود بينه وبين رعيته،
وأن لا يحتجب عنهم لتتم المصارحة في الأعمال بين الطرفين وتزول الشكوك فيما بينهم: وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين، البخيل... ولا الجاهل... ولا الجافي فيقطعهم بجفائه (خ 129).
وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه (ر 53).
فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير، ويقبح الحسن ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل، وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب (ر 53).
وإن ظنت الرعية بك حيفا فأصحر لهم بعذرك، وأعدل عنك ظنونهم بإصحارك، فإن في ذلك رياضة منك لنفسك، ورفقا برعيتك، وإعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحق (ر 53).
ألا وإن لكم عندي ألا أحتجز دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم (ر 50).
ولا يكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك، ولا حاجب إلا وجهك، ولا تحجبن ذا حاجة عن لقائك بها، فإنها إن ذيدت عن أبوابك في أول وردها، لم تحمد فيما بعد على قضائها (ر 67).
وأمره ألا يجبههم ولا يعضههم، ولا يرغب عنهم تفضلا بالأمارة عليهم، فإنهم
245

الأخوان في الدين (ر 26).
فاخفض لهم جناحك، وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة، حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم (ر 27).
وآس بينهم في اللحظة والنظرة، والإشارة والتحية (ر 46).
أما بعد، فإن حقا على الوالي ألا يغيره على رعيته فضل ناله، ولا طول خص به، وأن يزيده ما قسم الله له من نعمه دنوا من عباده، وعطفا على إخوانه (ر 50).
وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده (ر 53).
وليكن أبعد رعيتك منك، وأشنأهم عندك، أطلبهم لمعايب الناس، فإن في الناس عيوبا، الوالي أحق من سترها، فلا تكشفن عما غاب عنك منها، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك، والله يحكم على ما غاب عنك، فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك، أطلق عن الناس عقدة كل حقد، واقطع عنك سبب كل وتر، وتغاب عن كل مالا يضح لك، ولا تعجلن إلى تصديق ساع، فإن الساعي غاش، وإن تشبه بالناصحين (ر 53).
واجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك، حتى يكلمك متكلمهم غير متتعتع، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول في غير موطن:
«لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع» ثم احتمل الخرق منهم، والعي، ونح عنهم الضيق والأنف يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته، ويوجب لك ثواب طاعته (ر 53).
وإن أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، وظهور مودة الرعية، وإنه لا تظهر مودهم إلا بسلامة صدورهم، ولا تصح نصيحتهم إلا بحيطتهم على ولاة الأمور
، وقلة استثقال دولهم، وترك استبطاء انقطاع مدتهم، فافسح في آمالهم، وواصل في حسن الثناء عليهم، وتعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم (ر 53).
آلة الرياسة سعة الصدر (ح 176).
246

(326) 4 - أن لا يدخل العجب والكبر في نفسه، وأن لا يحب الاطراء والاستماع إلى الثناء من رعيته عند قيامه بوظائفه:
وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الاطراء واستماع الثناء، ولست - بحمد الله - كذلك. ولو كنت أحب أن يقال ذلك، لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء، وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علي بجميل بلاء، لإخراجي نفسي إلى الله وإليكم من التقية في حقوق لم أفرغ بعد من أدائها، وفرائض لا بد من إمضائها، فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا في بما يتحفظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة (خ 214).
أما بعد، فإن حقا على الوالي ألا يغيره على رعيته فضل ناله، ولا طول خص به، وأن يزيده ما قسم الله له من نعمه دنوا من عباده، وعطفا على إخوانه).
(وأقبل حرب يمشي معه، وهو عليه السلام راكب، فقال عليه السلام): ارجع، فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي، ومذلة للمؤمن (ح 322).
إياك ومساماة الله في عظمته، والتشبه به في جبروته، فإن الله يذل كل جبار ويهين كل مختال... وإياك والإعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الاطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين (ر 53).
والصق بأهل الورع والصدق، ثم رضهم على ألا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو، وتدني من العزة (ر 53).
(327) 5 - أن لا يستأثر بشيء من أموال المسلمين لنفسه، وأن يحيا حياته الخاصة كضعفة الناس، وأن لا يسخط العامة برضى الخاصة والقربى في ذلك:
إياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة، والتغابي عما تعنى به مما قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منك لغيرك، وعما قليل تنكشف عنك أغطية الأمور، وينتصف منك للمظلوم (ر 51).
247

أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حربا حتى ينزع أو يتوب، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد، وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضا الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة، وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مئونة في الرخاء وأقل معونة له في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقل شكرا عند الاعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل الخاصة، وإنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من الأمة، فليكن صغوك لهم، وميلك معهم (ر 51).
قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك قال: ويحك، إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره (ك 209).
هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد
أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش (ر 45).
ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس ويهينه عند الله، ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه ولا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خليل وألأم خدين (ك 126).
ولا تسخط الله برضى أحد من خلقه، فإن في الله خلفا من غيره، وليس من الله خلف في غيره (ر 27).
248

فاملك هواك، وشح بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس الأنصاف منها فيما أحبت أو كرهت (ر 53).
(إلى بعض عماله): أما بعد، فقد بلغني عنك أمر، إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك، وعصيت إمامك، وأخزيت أمانتك: بلغني أنك جردت الأرض، فأخذت ما تحت قدميك، وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلي حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام (ر 40).
(إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وهو عامله على أردشير خرة): بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك، وعصيت إمامك: إنك تقسم فيء المسلمين الذي حازته رماحهم وخيولهم، وأريقت عليه دماؤهم، فيمن اعتامك من أعراب قومك، فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لئن كان ذلك حقا لتجدن لك علي هوانا، ولتخفن عندي ميزانا، فلا تستهن بحق ربك، ولا تصلح دنياك بمحق دينك، فتكون من الأخسرين أعمالا. ألا وإن حق من قبلك وقبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفيء سواء: يردون عندي عليه، ويصدرون عنه (ر 43).
ثم إن للوالي خاصة وبطانة، فيهم استئثار وتطاول، وقلة إنصاف في معاملة، فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال، ولا تقطعن لأحد من حاشيتك وحامتك قطيعة، ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة، تضر بمن يليها من الناس، في شرب أو عمل مشترك، يحملون مئونته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، وعيبه عليك في
الدنيا والآخرة (ر 53).
(328) أن يكون مطيعا لله ولرسوله، عالما بالقرآن والسنة النبوية عاملا بهما، وأن لا يحيد عنهما في حكمه قيد شعرة، وأن يكون ذا تجربة في الحكم:
أيها الناس، إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه (خ 173).
فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم به فاتبعته، وما استن النبي (ص) فاقتديته... وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي، ولا وليته هوى مني، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله (ص) قد فرغ منه (ك 205).
249

وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل... ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي... ولا الحائف للدول... ولا المرتشي في الحكم... ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة (ك 131).
(مخاطبا عثمان بن عفان): فاعلم أن أفضل عباد عند الله إمام عادل هدي وهدى فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة، لها أعلام، وإن البدع لظاهرة، لها أعلام، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة (ك 164).
(إلى الحارث الهمذاني): وتمسك بحبل القرآن واستنصحه، وأحل حلاله، وحرم حرامه (ر 69).
إنه ليس على الإمام إلا ما حمل من أمر ربه... والأحياء للسنة (خ 103).
والواجب عليك أن تتذكر ما مضى لمن تقدمك من حكومة عادلة، أو سنة فاضلة، أو أثر عن نبينا (ص) أو فريضة في كتاب الله، فتقتدي بما شاهدت مما عملنا به فيها (ر 53).
ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، واجتمعت بها الألفة، وصلحت عليها الرعية، ولا تحدثن سنة تضر بشيء من ماضي تلك السنن، فيكون الأجر لمن سنها، والوزر عليك بما نقضت فيها (ر 53).
أمره بتقوى الله، وإيثار طاعته، واتباع ما أمر به في كتابه: من فرائضه وسننه، التي لا يسعد أحد إلا باتباعها، ولا يشقى إلا مع جحودها وإضاعتها (ر 53).
واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله تعالى لقوم أحب إرشادهم:
«يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» فالرد إلى الله: الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول: الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة (ر 53).
الايمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد... والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم، ورساخة الحلم، فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره، وعاش في الناس حميدا (ح 31).
250

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (ح 165).
ثم انظر في أمور عمالك... وتوخ منهم أهل التجربة والحياء (ر 53).
(329) 7 - أن يكون عادلا وأن لا يحيد عن إحقاق الحق وإن كرثه، ولا تأخذه في ذلك لومة لائم:
لا يقيم أمر الله سبحانه إلا من لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع (ح 110).
وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل (ر 51).
فالحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قصائه (خ 214).
الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه (ك 37).
وأيم الله، لأبقرن الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته (خ 104).
إن أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه - وإن نقصه وكرثه - من الباطل وإن جر إليه فائدة وزادة (ك 125).
وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا، واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبة ذلك محمودة (ر 53).
(إلى بعض عماله): فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك،... وو الله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، وأزيح الباطل عن مظلمتهما (ر 41).
أما بعد، فإن الوالي إذا اختلف هواه منعه ذلك كثيرا من العدل، فليكن أمر الناس عندك في الحق سواء، فإنه ليس في الجور عوض عن العدل (ر 59).
251

والله لو وجدته قد تزوج به النساء، وملك به الإماء، لرددته، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق (ك 15).
(330) أحاديث أخرى للامام عليه السلام عامة في العدل والظلم والجور:
ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم (ر 31).
وظلم الضعيف أفحش الظلم (ر 31).
للظالم البادي غدا بكفه عضة (ح 186).
بئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد (ح 221).
يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم (ح 241).
يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم (ح 341).
للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، ومن دونه بالغلبة، ويظاهر القوم الظلمة (ح 350).
ولا ترخصوا لأنفسكم، فتذهب بكم الرخص مذاهب الظلمة (خ 86).
ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغتفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور ولا يطلب. فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال تعالى:
«إن الله لا يغفر أن يشرك به». وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات. وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا. القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى، ولا ضربا بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معه (خ 176).
وسئل عليه السلام: أيهما أفضل: العدل أو الجود فقال عليه السلام: العدل يضع الأمور مواضعها، والجود يخرجها من جهتها. العدل سائس عام، والجود عارض خاص.
فالعدل أشرفهما وأفضلهما (ح 237).
والعدل منها (دعائم الأيمان) على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم، ورساخة الحلم، فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا (ح 30).
ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن (ح 220).
252

ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك، فإنه يسعى في مضرته ونفعك. وليس جزاء من سرك أن تسوءه (ر 31).
ومن سل سيف البغي قتل به (ح 349).
وبالسيرة العادلة يقهر المناوئ (ح 224).
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
«إن الله يأمر بالعدل والإحسان» العدل: الانصاف، والاحسان: التفضل (ح 231).
(331) 8 - أن يكن مترويا في إصدار الأوامر والأحكام، وحليما هادئ النفس ولا تضيق به الأمور، ويضع كل شيء في موضعه:
وإياك والعجلة بالأمور قبل أوانها، أو التسقط فيها عند إمكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت، فضع كل أمر موضعه، وأوقع كل أمر موقعه (ر 53).
أملك حمية أنفك، وسورة حدك، وسطوة يدك، وغرب لسانك، واحترس من كل ذلك بكف البادرة وتأخير السطوة، حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار: ولن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك (ر 53).
ولا تسرعن إلى بادرة وجدت منها مندوحة (ر 53).
أما بعد، فإن دهاقين أهل بلدك شكوا منك غلظة وقسوة، واحتقارا وجفوة، ونظرت فلم أرهم أهلا لأن يدنوا لشركهم، ولا أن يقصوا ويجفوا، لعهدهم، فالبس لهم جلبابا من اللين تشوبه بطرف من الشدة، وداول لهم بين القسوة والرأفة، وامزج لهم بين التقريب والإدناء، والإبعاد والإقصاء إن شاء الله (ر 19).
واخلط الشدة بضغث من اللين، وارفق ما كان الرفق أرفق، واعتزم بالشدة حين لا تغني عنك إلا الشدة (ر 26).
الايمان على أربع دعائم... والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم، ورساخة العلم، فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره، وعاش في الناس حميدا (ح 31).
253

(332) 9 - أن يحسن إلى رعيته ويزيد من إحسانه إليهم كلما أمكنه ذلك، ولا يمن عليهم بذلك أبدا:
واعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم... فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن ويقطع نصبا طويلا، وإن أحق من حسن ظنك به لمن حسن بلاؤك عنده، وإن أحق من ساء ظنك لمن ساء بلاؤك عنده (ر 53).
وإياك والمن على رعيتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك، فإن المن يبطل الاحسان، والتزيد يذهب بنور الحق، والخلف يوجب المقت (ر 53).
فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مئونة فيه عليك، من شكاة مظلمة، أو طلب إنصاف في معاملة (ر 53).
ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما، ولا يتفاقمن في نفسك شيء قويتهم به، ولا تحقرن لطفا تعاهدتهم به وإن قل، فإنه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك،
وحسن الظن بك، ولا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسيمها، فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به، وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه (ر 53).
وأعط ما أعطيت هنيئا، وامنع في إجمال وإعذار (ر 53).
(333) 10 - أن يهتم بكل صغيرة وكبيرة في بلاده ويعطيها اهتمامه كاملا، ورعايته كاملة:
اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم (خ 167).
وكل قد استرعيت حقه، فلا يشغلنك عنهم بطر، فإنك لا تعذر بتضييعك التافه، لإحكامك الكثير المهم، فلا تشخص همك عنهم، ولا تصعر خدك لهم، وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم، ممن تقتحمه العيون، وتحقره الرجال، ففرغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع، فليرفع إليك أمورهم، ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى الله يوم تلقاه... وكل فأعذر إلى الله في تأدية حقه إليه (ر 53).
254

(334) أن يكون ذا حياء:
ثم انظر في أمور عمالك... وتوخ منهم أهل التجربة والحياء (ر 53).
255

الباب الخامس عشر: الجانب الاقتصادي
الفصل الأول: في الخطوات الأخلاقية
الفصل الثاني: في الخطوات القانونية
257

«الجانب الاقتصادي» يعتمد الاسلام على الخطوات الأخلاقية إلى جانب الخطوات القانونية في جانبه الاقتصادي، وهذا ما سار عليه الامام علي (ع)، وعليه فقد رتبنا خطواته في هذا المجال كما يلي:
1 - خطوات أخلاقية.
2 - خطوات قانونية.
258

الفصل الأول «الخطوات الأخلاقية»
ففيما يتعلق بالخطوات الأخلاقية أكد الامام عليه السلام على ما يلي:
(335) 1 - التحسيس بآلام الفقراء، والحث على تقديم المعونة لهم:
اضرب بطرفك حيث شئت من الناس، فهل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا، أو غنيا بدل نعمة الله كفرا، أو بخيلا اتخذ البخل بحق الله وفرا... أفبهذا تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه، وتكونوا أعز أوليائه عنده هيهات لا يخدع الله عن جنته (خ 219).
هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد (ر 45)
فمن آتاه الله مالا فليصل به القرابة، وليحسن منه الضيافة، وليفك به الأسير والعاني، وليعط منه الفقير والغارم، وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ابتغاء الثواب، فإن فوزا بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا، ودرك فضائل الآخرة إن شاء الله (ك 142).
وتطمع - وأنت متمرغ في النعيم تمنعه الضعيف والأرملة - أن يوجب لك ثواب المتصدقين، وإنما المرء مجزي بما أسلف، وقادم على ما قدم (ر 21).
ألا لا يعدلن أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة أن يسدها بالذي لا يزيده إن أمسكه، ولا ينقصه إن أهلكه (خ 23).
وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه، فاغتنمه وحمله إياه، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه، فلعلك تطلبه فلا
259

تجده (ر 31).
لا تستح من إعطاء القليل، فإن الحرمان أقل منه (ح 67).
(336) 2 - الحث على الزهد بالحياة الدنيا، والاهتمام بالآخرة:
والزهد ثروة (ح 4).
ألا فما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة وما يصنع بالمال من عما قليل يسلبه، ويبقى عليه تبعته وحسابه (خ 157).
(للعلاء بن زياد الحارثي وقد رأى سعة داره): ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا، وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج بلى إن شئت بلغت بها الآخرة، تقري فيها الضيف، وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة (ك 209).
أيها الناس، انظروا إلى الدنيا نظر الزاهدين فيها، الصادفين عنها، فإنها والله عما قليل تزيل الثاوي الساكن، وتفجع المترف الآمن، لا يرجع ما تولى منها فأدبر، ولا يدرى ما هو آت منها فينتظر... فلا يغرنكم كثرة ما يعجبكم فيها لقلة ما يصحبكم منها (خ 103).
وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا، وليكن همك فيما بعد الموت (ر 22).
عباد الله أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تحبوا تركها، والمبلية لأجسامكم. وإن كنتم تحبون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنهم قد قطعوه، وأموا علما فكأنهم قد بلغوه... فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها، ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها، فإن عزها وفخرها إلى انقطاع، وإن زينتها ونعيمها إلى زوال، وضرائها وبؤسها إلى نفاد (خ 97).
الناس في الدنيا عاملان: عامل في الدنيا للدنيا، قد شغلته دنياه عن آخرته، يخشى على من يخلفه الفقر، ويأمنه على نفسه، فيفني عمره في منفعة غيره، وعامل عمل في الدنيا لما بعدها، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل، فأحرز الحظين معا، وملك الدارين جميعا،
260

فأصبح وجيها عند الله، لا يسأل الله حاجة فيمنعه (ح 269).
واعلموا أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ، والمتجر الرابح (ر 27).
فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه منها، ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي رزقه منها (ح 431).
واعلموا أن ما نقص من الدنيا وزاد في الآخرة خير مما نقص من الآخرة وزاد في الدنيا، فكم من منقوص رابح، ومزيد خاسر،... فذروا ما قل لما كثر، وما ضاق لما اتسع (خ 114).
(337) 3 - التأكيد على مفهوم التخويل المالي للإنسان من قبل الله، وأن الإنسان كلما زاد ماله كبرت مسؤولياته، وكثرت تبعاته، وإن الإنفاق يزيد المال ولا ينقصه:
إن لله عبادا يختصهم الله بالنعم لمنافع العباد، فيقرها في أيديهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، ثم حولها إلى غيرهم (ح 425).
وقدر الأرزاق فكثرها وقللها، وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها (خ 91).
فلا أموال بذلتموها للذي رزقها (خ 117).
فإنه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا ازداد حق الله عليه عظما (خ 216).
إن لله في كل نعمة حقا، فمن أداه زاده منها، ومن قصر فيه خاطر بزوال نعمته (ح 224).
يا جابر، من كثرت نعم الله عليه، كثرت حوائج الناس إليه (ح 372).
يا بن آدم إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره (ح 25).
ورب منعم عليه مستدرج بالنعمى (ح 273).
فلا تعتبروا الرضى والسخط بالمال والولد جهلا بمواقع الفتنة، والاختبار في موضع
261

الغنى والاقتدار، فقد قال سبحانه وتعالى:
«أ يحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة (ح 258).
استنزلوا الرزق بالصدقة (ح 137).
من أيقن بالخلف جاد بالعطية (ح 138).
ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر، ويغلق عنه باب الزيادة (ح 435).
تنزل المعونة على قدر المئونة (ح 139).
من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة (ح 232).
يا بن آدم ما كسبت فوق قوتك، فأنت فيه خازن لغيرك (ح 192).
الصدقة دواء منجح (ح 7).
إن المسكين رسول الله، فمن منعه فقد منع الله، ومن أعطاه فقد أعطى الله (ح 304).
لا تسأل عما لا يكون، ففي الذي قد كان لك شغل (ح 364).
(338) 4 - التأكيد على القناعة والرضا بالكفاف وعدم التذلل للآخرين في طلب الرزق، بل الاعتماد على النفس والتوكل على الله:
ما أقبح الخضوع عند الحاجة، والجفاء عند الغنى... وإن كنت جازعا على ما تفلت من يديك، فاجزع على كل ما لم يصل إليك (ر 31).
المنية ولا الدنية، والتقلل ولا التوسل (ح 396).
وإياك أن توجف بك مطايا الطمع، فتوردك مناهل الهلكة، وإن استطعت ألا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، وآخذ سهمك، وإن اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كل منه (ر 31).
خذ من الدنيا ما أتاك، وتول عما تولى عنك، فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب (ح 293).
اللهم صن وجهي باليسار، ولا تبذل جاهي بالاقتار، فأسترزق طالبي رزقك، واستعطف شرار خلقك، وأبتلي بحمد من أعطاني، وافتتن بذم من منعني، وأنت من وراء
262

ذلك كله ولي الإعطاء والمنع، إنك على كل شيء قدير (دعاء 223). يا ابن آدم، لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك، فإنه إن يك من عمرك يأت الله فيه برزقك (ح 267).
ومن رضي برزق الله لم يحزن على ما فاته... ومن أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير (ح 349).
وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم (ح 390).
إن الطمع مورد غير مصدر، وضامن غير وفي، وربما شرق شارب الماء قبل ريه، وكلما عظم قدر الشيء والمتنافس فيه عظمت الرزية لفقده، والأماني تعمي أعين البصائر، والحظ يأتي من لا يأتيه (ح 275).
ولن يسبقك إلى رزقك طالب، ولن يغلبك عليه غالب، ولن يبطئ عنك ما قد قدر لك (ح 379).
طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله (ح 44).
لا تكن ممن... إن أعطي منها (الدنيا) لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع (ح 150).
كفى بالقناعة ملكا (ح 229).
كل مقتصر عليه كاف (ح 395).
ولا كنز أغنى من القناعة، ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد أنتظم الراحة، وتبوأ خفض الدعة (ح 371).
عز المؤمن غناه عن الناس، والقناعة مال لا ينفد (ح 57).
ولا تسألوا فيها (الدنيا) فوق الكفاف (خ 45).
قال في تفسير «فلنحيينه حياة طيبة» هي: القناعة (ح 229).
زهدك في راغب فيك نقصان حظ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس (ح 451).
أزرى بنفسه من استشعر الطمع، ورضي بالذل من كشف عن ضره (ح 2).
فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها (ح 66).
الطامع في وثاق الذل (ح 226).
263

الطمع رق مؤبد (ح 180).
ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله (ح 406).
مرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس (خ 270).
ماء وجهك جامد يقطره السؤال، فانظر عند من تقطره (ح 346).
الغنى الأكبر، اليأس عما في أيدي الناس (ح 342).
أما بعد، فإن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطرات المطر إلى كل نفس بما قسم لها من زيادة أو نقصان، فإن رأى أحدكم لأخيه غفيرة في أهل أو مال أو نفس فلا تكونن له فتنة، فإن المرء المسلم ما لم يغش دناءة تظهر فيخشع لها إذا ذكرت، ويغرى بها لئام الناس، كان كالفالج الياسر الذي ينتظر أول فوزة من قداحه توجب له المغنم، ويرفع بها عنه المغرم. وكذلك المرء المسلم البريء من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنيين: إما داعي الله فما عند الله خير له، وإما رزق الله فإذا هو ذو أهل ومال، ومعه دينه وحسبه (خ 23).
ومن أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير (ح 349).
ومن أتى غنيا فتواضع له لغناه، ذهب ثلثا دينه (ح 228).
ونعم القرين الرضى (ح 4).
إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها... وتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم، ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا، ودركهم لها فوتا (ح 432).
(339) 5 - التأكيد على أن للمؤمن اهتماماته الكبرى التي هي غير المال واللهوث وراءه:
فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، وينفى عنك وباله، فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له (ر 31).
(عن الصلاة): وقد عرف حقها رجال من المؤمنين، الذين لا تشغلهم عنها زينة
264

متاع، ولا قرة عين من ولد ولا مال (خ 199).
الغنى والفقر بعد العرض على الله (ح 452).
أشرف الغنى ترك المنى (ح 34).
المال مادة الشهوات (ح 58).
إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق (ح 38).
لا مال أعود من العقل (ح 113).
لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل (ح 54).
يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، وصنيع المال يزول بزواله... والعلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل، هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر (ح 147).
أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الفجار (ح 316).
ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، وأن يعظم حلمك (ح 94).
إن أخسر الناس صفقة وأخيبهم سعيا رجل أخلق بدنه في طلب ماله، ولم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا بحسرته، وقدم على الآخرة بتبعته (ح 430).
ألا وإن اللسان الصالح يجعله الله تعالى للمرء في الناس، خير له من المال يورثه من لا يحمده (ك 120).
ولا تجارة كالعمل الصالح، ولا ربح كالثواب (ح 113).
ولبئس المتجر أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا، ومما لك عند الله عوضا (خ 32).
وأن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه (خ 222).
فو الله لو حننتم حنين الوله العجال، ودعوتهم بهديل الحمام، وجأرتم جؤار متبتلي الرهبان، وخرجتم إلى الله من الأموال والأولاد، التماس القربة إليه في ارتفاع درجة عنده، أو غفران سيئة أحصتها كتبه، وحفظتها رسله، لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه، وأخاف عليكم من عقابه (خ 52).
ولو تعلمون ما أعلم مما طوي عنكم غيبه، إذا لخرجتم إلى الصعدات، تبكون على
265

أعمالكم، وتلتدمون على أنفسكم، ولتركتم أموالكم لا حارس لها ولا خالف عليها، ولهمت كل امرئ منكم نفسه، لا يلتفت إلى غيرها، ولكنكم نسيتم ما ذكرتم، وأمنتم ما حذرتم، فتاه عنكم رأيكم، وتشتت عليكم أمركم (خ 116).
(ومن خبر ضرار بن حمزة الضبائي عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أمير المؤمنين، وقال: فاشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول): يا دنيا يا دنيا، إليك عني، أبي تعرضت أم إلي تشوقت لا حان حينك هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد (ح 77).
وما أصنع بفدك وغير فدك، والنفس مظانها في غد جدث، تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها (ر 45).
(340) 6 - التأكيد على ذم خزن المال، وذم البخل، والآثار السلبية المترتبة على من يهتم بجمع المال، أو يبخل بماله، ويخلفه وراءه:
ومن العناء أن المرء يجمع مالا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى الله تعالى لا مالا حمل، ولا بناء نقل (خ 19).
وقد رأيت من كان قبلك ممن جمع المال، وحذر الاقلال، وأمن العواقب - طول أمل واستبعاد أجل - كيف نزل به الموت فأزعجه عن وطنه، وأخذه من مأمنه،... أما رأيتم الذين يأملون بعيدا، ويبنون مشيدا، ويجمعون كثيرا كيف أصبحت بيوتهم قبورا، وما جمعوا بورا، وصارت أموالهم للوارثين، وأزواجهم لقوم آخرين، لا في حسنة يزيدون، ولا من سيئة يستعتبون (خ 132).
وتعاديتم في كسب الأموال (خ 133).
وأصبحت مساكنهم أجداثا، وأموالهم ميراثا (خ 230).
هلك خزان الأموال وهم أحياء (ح 147).
يا بن آدم، كن وصي نفسك في مالك، واعمل فيه ما تؤثر أن يعمل فيه من
266

بعدك (ح 254).
لكل امرئ في ماله شريكان: الوارث والحوادث (ح 335).
(المحتضر): ويتذكر أموالا جمعها... وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها، ويتمتعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبء على ظهره (خ 109).
يا أهل الديار الموحشة... أما الدور فقد سكنت، وأما الأزواج فقد نكحت، وأما الأموال فقد قسمت (ح 130).
واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله، فإنك ما تقدم من خير يبقى لك ذخره، وما تؤخره يكن لغيرك خيره (ر 69).
(وقال لابنه الحسن عليهما السلام): لا تخلفن وراءك شيئا من الدنيا، فإنك تخلفه لأحد رجلين: إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت به، وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له، فكنت عونا له على معصيته، وليس أحد هذين حقيقا أن تؤثره على نفسك.
أما بعد، فإن الذي في يدك من الدنيا قد كان له أهل قبلك، وهو صائر إلى أهل بعدك، وإنما أنت جامع لأحد رجلين: رجل عمل فيما جمعته بطاعة الله فسعد بما شقيت به، أو رجل عمل فيه بمعصية الله، فشقيت بما جمعت له. وليس أحد هذين أهلا أن تؤثره على نفسك، ولا أن تحمل له على ظهرك، فارج لمن مضى رحمة الله، ولمن بقي رزق الله (ح 216).
(341) 7 - التأكيد على أن يكون طلب المال من الحلال وترك ما يشتبه به:
إن أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة الله، فورثه رجل فأنفقه في طاعة الله سبحانه، فدخل به الجنة، ودخل الأول به النار (ح 429).
فانظر يا شريح لا تكون ابتعت هذه الدار من غير مالك، أو نقدت الثمن من غير حلالك فإذا أنت قد خسرت دار الدنيا ودار الآخرة (ر 3).
العفاف زينة الفقر (ح 68).
(المحتضر): ويتذكر أموالا جمعها، أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرحاتها
267

ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها، وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها، ويتمتعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبء على ظهره (خ 109).
فمن استطاع منكم أن يلقى الله تعالى وهو نقي الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من أعراضهم، فليفعل (خ 176).
ولا تدخلوا بطونكم لعق الحرام فإنكم بعين من حرم عليكم المعصية (خ 151).
الحجر الغصيب في الدار رهن على خرابها (ح 240).
معاشر الناس، اتقوا الله، فكم من مؤمل ما لا يبلغه، وبان ما لا يسكنه، وجامع ما سوف يتركه، ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه، أصابه حراما، واحتمل به آثاما، فباء بوزره، وقدم على ربه، آسفا لاهفا، قد «خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين» (ح 344).
والحرفة مع العفة، خير من الغنى مع الفجور (خ 270).
(342) 8 - التأكيد على أن من أهم أسباب الفقر هو استئثار الأغنياء بالمال وعدم إعطائهم المحرومين منه:
إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما متع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك (ح 328).
(343) 9 - منع التبذير والاسراف:
كن سمحا، ولا تكن مبذرا، وكن مقدرا ولا تكن مقترا (ح 33).
فدع الإسراف مقتصدا (ر 21).
ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف (خ 126).
ما عال من اقتصد (ح 140).
لم يذهب من مالك ما وعظك (ح 196).
وحفظ ما في يديك أحب إلي من طلب ما في يدي غيرك (ر 31).
268

(344) 10 - حث الأغنياء على إقراض المحتاجين:
واغتنم من استقرضك في حال غناك، ليجعل قضاءه لك في يوم عسرتك (ر 31).
(الله تعالى) ولم يستقرضكم من قل... واستقرضكم وله خزائن السموات والأرض (خ 183).
(الله تعالى): ومن أقرضه قضاه (خ 90).
(345) 11 - الامام يؤكد على أن الإسلام يمقت الثراء الفاحش، كما يمقت الفقر، ولا يرضى إلا بالتوازن الذي فيه صلاح الدنيا والآخرة:
ما جاع فقير إلا بما متع به غني (ح 328).
وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه (ر 53).
المال مادة الشهوات (ح 58).
منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب دنيا (ح 457).
ومن لهج قلبه بحب الدنيا التاط قلبه منها بثلاث: هم لا يغبه، وحرص لا يتركه، وأمل لا يدركه (ح 228).
أما بعد، فإن الدنيا مشغلة عن غيرها، ولم يصب صاحبها منها شيئا إلا فتحت له حرصا عليها، ولهجا بها، ولن يستغني صاحبها بما نال فيها عما لم يبلغه منها (ر 49).
هلك خزان الأموال وهم أحياء (ح 147).
الفقر الموت الأكبر (ح 163).
وقال عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية: يا بني، إني أخاف عليك الفقر، فاستعذ بالله منه، فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت (ح 319).
صواب الرأي بالدول، يقبل بإقبالها، ويذهب بذهابها (ح 339).
والفقر يخرس الفطن عن حجته، والمقل غريب في بلدته (ح 3).
الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة (ح 56).
إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه (ح 9).
269

عيبك مستور ما أسعدك جدك (ح 51).
قلة العيال أحد اليسارين (ح 141).
270

الفصل الثاني
في الخطوات القانونية
أولا في منابع بيت المال
(346) 1 - الخراج، أهميته، وإصلاحه:
وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال، على الخراج وأهله (ر 35).
(347) ثلاث نقاط لإصلاح الخراج:
أ - يجب أن يكون الاهتمام بعمارة الأرض مقدما على الاهتمام باستجلاب الخراج:
وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلا (ر 53).
ب - يجب أن لا تثقل الدولة من وطأة الخراج على أصحاب الأرض،
وتخفيفه عند ما تحدث بعض الطوارئ: فان شكوا ثقلا أو علة، أو انقطاع شرب أو بالة، أو إحالة أرض اغتمرها غرق، أو أجحف بها عطش، خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم، ولا يثقلن عليك شيء خففت به المئونة عنهم، فإنه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك، وتزيين ولايتك، مع استجلابك حسن ثنائهم، وتبجحك باستفاضة العدل فيهم، معتمدا فضل قوتهم، بما
271

ذخرت عندهم من إجمامك لهم، والثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم ورفقك بهم.
فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لأشراف أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر (ر 53).
(وقال عليه السلام لزياد بن أبيه وهو ينهاه عن زيادة الخراج): استعمل العدل، واحذر العسف والحيف. فإن العسف يعود بالجلاء، والحيف يدعو إلى السيف (ح 476).
ج - يجب الالتزام بالآداب الاسلامية عند استجلاب الخراج:
(إلى عماله على الخراج): ولا تحشموا أحدا عن حاجته، ولا تحبسوه عن طلبته، ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف، ولا دابة يعتملون عليها، ولا عبدا، ولا تضربن أحدا سوطا لمكان درهم، ولا تمسن مال أحد من الناس، مصل ولا معاهد، إلا أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به على أهل الإسلام، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الاسلام، فيكون شوكة عليهم (ر 51).
(348) 2 - الزكاة، أهميتها والحث عليها:
ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الاسلام، فمن أعطاها طيب النفس بها، فإنها تجعل له كفارة، ومن النار حجازا ووقاية. فلا يتبعنها أحد نفسه، ولا يكثرن عليها لهفه، فإن من أعطاها غير طيب النفس بها، يرجو ما هو أفضل منها، فهو جاهل بالسنة، مغبون الأجر، ضال العمل، طويل الندم (خ 199).
إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى: الايمان به وبرسوله... وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة (خ 110).
ومن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات... تسكينا لأطرافهم، وتخشيعا لأبصارهم، وتخفيضا لقلوبهم... مع ما في الزكاة من صرف ثمرات الأرض، وغير ذلك من أهل المسكنة والفقر (خ 192).
272

حصنوا أموالكم بالزكاة (ح 146).
والزكاة تسبيبا للرزق (ح 252).
(وقال عليه السلام لغالب بن صعصعة أبي الفرزدق، في كلام دار بينهما): ما فعلت إبلك الكثيرة قال: دغدغتها الحقوق يا أمير المؤمنين.
فقال عليه السلام: ذلك أحمد سبلها (ح 446).
يأتي على الناس زمن عضوض، يعض الموسر فيه على ما في يده، لم يؤمر بذلك، قال الله سبحانه:
«ولا تنسوا الفضل بينكم» (ح 468).
إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء. فما جاع فقير إلا بما متع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك (ح 328).
(349) بعض الأحكام الخاصة بالزكاة:
إن الرجل إذا كان له الدين الظنون، يجب عليه أن يزكيه لما مضى إذا قبضه (ح 6).
أصلة أم زكاة أم صدقة، فذلك محرم علينا أهل البيت (خ 224).
(350) في الآداب التي يجب أن يلتزمها آخذوا الزكاة أو (الصدقات):
(إلى من يستعمله على الصدقات): ولا تروعن مسلما، ولا تجتازن عليه كارها، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة والوقار، حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ولا تخدج بالتحية لهم، ثم تقول: عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله وخليفته، لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، وإن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخفيه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه، فإن أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلط عليه ولا عنيف به. ولا تنفرن بهيمة ولا تفزعنها، ولا تسوءن صاحبها فيها، واصدع المال صدعين ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، ثم اصدع الباقي صدعين، ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، فلا
273

تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله، فاقبض حق الله منه، فإن استقالك فأقله، ثم اخلطهما ثم اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله، ولا تأخذن عودا ولا هرمة ولا مكسورة ولا مهلوسة ولا ذات عوار، ولا تأمنن عليها إلا من تثق بدينه، رافقا بمال المسلمين حتى يوصله إلى وليهم فيقسمه بينهم، ولا توكل بها إلا ناصحا شفيقا وأمينا حفيظا، غير معنف ولا مجحف، ولا ملغب ولا متعب، ثم احدر إلينا ما اجتمع عندك نصيره حيث أمر الله به، فإذا أخذها أمينك فأوعز إليه ألا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يمصر لبنها فيضر ذلك بولدها، ولا يجهدنها ركوبا، وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها، وليرفه على اللا غب، وليستأن بالنقب والظالع، وليوردها ما تمر به من الغدر، ولا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جواد الطرق، وليروحها في الساعات، وليمهلها عند النطاف والأعشاب، حتى تأتينا بإذن الله بدنا منقيات، غير متعبات ولا مجهودات، لنقسمها على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله (ر 25).
(إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة): وأمره أن لا يجبههم ولا يعضههم، ولا يرغب عنهم تفضلا بالأمارة عليهم، فإنهم الاخوان في الدين، والأعوان على استخراج الحقوق (ر 26).
(351) ثانيا: في مصارف بيت المال:
(كلم به عبد الله بن زمعة، وهو من شيعته، وذلك أنه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا، فقال عليه السلام): إن هذا المال ليس لي ولا لك، وإنما هو فيء للمسلمين، وجلب أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم، كان لك مثل حظهم، وإلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم (ك 232).
(بالنسبة للولاة): ثم أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك (ر 53).
(بالنسبة للقضاة): وافسح له في البذل، ما يزيل علته، وتقل معه حاجته إلى
274

الناس (ر 53).
(بالنسبة للجنود): لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوهم (ر 53).
وليكن آثر رؤس جندك عندك، من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم، حتى يكون همهم هما واحدا في جهاد العدو (ر 53).
(إلى قثم بن العباس، وهو عامله على مكة): وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذوي العيال والمجاعة، مصيبا به مواضع الفاقة والخلا ت، وما فضل عن ذلك فأحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا (ر 67).
(إلى بعض عماله): وإن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا، وحقا معلوما، وشركاء أهل مسكنة، وضعفاء ذوي فاقة، وإنا موفوك حقك، فوفهم حقوقهم، وإلا تفعل فإنك من أكثر الناس خصوما يوم القيامة، وبؤسا لمن خصمه عند الله، الفقراء والمساكين والسائلون والمدفوعون، والغارمون وابن السبيل ومن استهان بالأمانة، ورتع في الخيانة، ولم ينزه نفسه ودينه عنها، فقد أحل بنفسه الذل والخزي في الدنيا، وهو في الآخرة أذل وأخزى، وإن أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأفظع الغش غش الأئمة، والسلام (ر 26).
ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى، فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترا، واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم، واجعل لهم قسما من بيت مالك، وقسما من غلا ت صوافي الاسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى، وكل قد استرعيت حقه... فإن هؤلاء من
بين الرعية أحوج إلى الانصاف من غيرهم، وكل فأعذر إلى الله في تأدية حقه إليه، وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه (ر 53).
275

في مبادئ عامة يجب الالتزام بها عند الصرف من بيت مال المسلمين:
(352) 1 - اعتماد مبدأ التسوية في العطاء:
(إلى بعض عماله): ألا وإن حق من قبلك وقبلنا من المسلمين، في قسمة هذا الفيء سواء، يردون عندي عليه، ويصدرون عنه (ر 43).
(قاله لطلحة والزبير): وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي، ولا وليته هوى مني، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله (ص) قد فرغ منه، فلم أحتج إليكما فيما قد فرغ الله من قسمه، وأمضى فيه حكمه (ك 205).
(353) 2 - الحاكم وصي على بيت المال وليس مالكا له، فلا يحق له التصرف به إلا وفق الأسس الشرعية، وإلا فهو خائن، ويجب معاقبته:
(إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وهو عامله على أردشير خره): بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك وعصيت إمامك: انك تقسم فيء المسلمين الذي حازته رماحهم وخيولهم، وأريقت عليه دماؤهم، فيمن اعتامك من أعراب قومك، فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لئن كان ذلك حقا لتجدن لك علي هوانا، ولتخفن عندي ميزانا، فلا تستهن بحق ربك، ولا تصلح دنياك بمحق دينك، فتكون من الأخسرين أعمالا (ر 43).
(إلى بعض عماله): فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة، وعاجلت الوثبة، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة، فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله، غير متأثم من أخذه، كأنك - لا أبا لغيرك - حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد أوما تخاف نقاش الحساب... كيف تسيغ شرابا وطعاما، وأنت تعلم أنك تأكل حراما، وتشرب حراما، وتبتاع الإماء وتنكح النساء من أموال اليتامى والمساكين والمؤمنين
276

والمجاهدين، الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال، وأحرز بهم هذه البلاد فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك، ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار، وو الله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، وأزيح الباطل من مظلمتهما (ر 41).
(إلى زياد): وإني أقسم بالله صادقا، لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا، لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر، ضئيل الأمر، والسلام (ر 20).
(إلى أشعث بن قيس عامل أذربيجان): وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه في عنقك أمانة، وأنت مسترعى لمن فوقك. ليس لك أن تفتات في رعية، ولا تخاطر إلا بوثيقة، وفي يديك مال من مال الله عز وجل، وأنت من خزانه حتى تسلمه إلي، ولعلي ألا أكون شر ولاتك لك، والسلام (ر 5).
(إلى بعض عماله): أما بعد، فقد بلغني عنك أمر، إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك، وعصيت إمامك، وأخزيت أمانتك، بلغني أنك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك، وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلي حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس، والسلام (ر 40).
(لما عوتب عليه السلام على التسوية في العطاء): أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما لو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس ويهيئه عند الله. ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه ولا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خليل وألأم خدين (ك 126).
277

(354) في حكم المال المغصوب من بيت المال:
(فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان): والله لو وجدته قد تزوج به النساء، وملك به الإماء، لرددته، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق (ك 15).
في التجارة والصناعة
(355) في أهمية التجارة والصناعة، ووصاية الدولة عليها، ورقابتها، ومحاسبتها:
واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض... ومنها التجار وأهل الصناعات... ولا قوام لهم جميعا إلا بالتجار وذوي الصناعات، فيما يجتمعون عليه من مرافقهم، ويقيمونه من أسواقهم، ويكفونهم من الترفق بأيديهم ما لا يبلغه رفق غيرهم (ر 53).
ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات، وأوص بهم خيرا: المقيم منهم، والمضطرب بماله، والمترفق ببدنه، فإنهم مواد المنافع، وأسباب المرافق، وجلا بها من المباعد والمطارح، في برك وبحرك، وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها، ولا يجترؤن عليها.
فإنهم سلم لا تخاف بائقته، وصلح لا تخشى غائلته.
وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك، واعلم مع ذلك، أن في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكما في البياعات، وذلك باب مضرة
للعامة، وعيب على الولاة، فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله (ص) منع منه، وليكن البيع بيعا سمحا: بموازين عدل، وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع. فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه، فنكل به، وعاقبه في غير إسراف (ر 53).
(356) في أمور عامة تتعلق بالتجارة والصناعة:
من اتجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا (ح 447).
التاجر مخاطر، ورب يسير أنمى من كثير... ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه (خ 272).
شاركوا الذي قد أقبل عليه الرزق، فإنه أخلق للغنى وأجدر بإقبال الحظ
278

عليه (ح 230).
ولا قائد كالتوفيق (ح 113).
يأتي على الناس زمان عضوض... تنهد فيه الأشرار، وتستذل الأخيار، ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله عن بيع المضطرين (ح 468).
ليس بلد بأحق من بلد، خير البلاد ما حملك (ح 442).
قال (ص):
«يا علي، إن القوم سيفتنون بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم، ويتمنون رحمته، ويأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة، والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع» (ك 156).
ولا تدخلوا بطونكم لعق الحرام، فإنكم بعين من حرم عليكم المعصية، وسهل لكم سبل الطاعة (خ 151).
من كابد الأمور عطب، ومن اقتحم اللجج غرق (ح 349).
(357) في الحث على العمل، واغتنام الفرص (ومسائل أخرى تتعلق بالعمل):
قدر الرجل على قدر همته (ح 47).
قد تكفل (سبحانه) لكم بالرزق، وأمرتم بالعمل (خ 114).
ما أنقض النوم لعزائم اليوم (ح 239).
فأسع في كدحك، ولا تكن خازنا لغيرك (خ 272).
من طلب شيئا ناله أو بعضه (ح 386).
من قصر في العمل، ابتلى بالهم (ح 127).
وإياك والاتكال على المنى، فإنها بضائع الموتى (ر 31).
إضاعة الفرصة غصة (ح 118).
والحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور (ر 31).
بادر الفرصة قبل أن تكون غصة (ح 270).
إذا هبت أمرا فقع فيه (ح 175).
من الخرق المعاجلة قبل الامكان، والأناة بعد الفرصة (ح 363).
قرنت الهيبة بالخيبة والفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير (ح 20).
279

الباب السادس عشر: في الجهاد الأكبر أو «تهذيب النفس»
281

تهذيب النفس «الجهاد الأكبر»
(358) في أن النفس أمارة بالسوء:
فإن هذه النفس أبعد شيء منزعا، وإنها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى (خ 76).
(وقال عليه السلام، وقد مر بقتلى الخوارج يوم النهروان): بؤسا لكم، لقد ضركم من غركم، (فقيل له: من غرهم يا أمير المؤمنين) فقال: الشيطان المضل، والأنفس الأمارة بالسوء، غرتهم بالأماني، وفسحت لهم بالمعاصي، ووعدتهم الاظهار، فاقتحمت بهم النار (ح 323).
ونستعينه (الله تعالى) على هذه النفوس البطاء عما أمرت به، السراع إلى ما نهيت عنه (خ 114).
وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات، ويزعها عن الجمحات، فإن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم الله... وتجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت إليك في عهدي هذا، واستوثقت به من الحجة لنفسي عليك، لكيلا تكون لك علة عند تسرع نفسك إلى هواها (ر 53).
فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني (خ 216).
من أهم طرق تهذيب النفس:
(359) 1 - عدم الرضى عنها، واتهامها دائما وأبدا:
واعلموا - عباد الله - أن المؤمن لا يصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون عنده، فلا يزال
282

زاريا عليها ومستزيدا لها (خ 176).
(المتقون) قد براهم الخوف بري القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقول: لقد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير. فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون، إذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بي من نفسي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون (خ 193).
فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني (خ 216).
ومن رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه (ح 6).
نعم القرين الرضا (ح 4).
(360) 2 - محاسبتها دائما وأبدا:
عباد الله، زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا، وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا (خ 90).
من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم (ح 208).
(أهل الذكر) فلو مثلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة، ومجالسهم المشهودة، وقد نشروا دواوين أعمالهم، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم على كل صغيرة وكبيرة أمروا بها فقصروا عنها، أو نهوا عنها ففرطوا فيها، وحملوا ثقل أوزارهم ظهورهم، فضعفوا عن الاستقلال بها، فنشجوا نشيجا، وتجاوبوا نحيبا، يعجون إلى ربهم من مقام ندم واعتراف... جرح طول الأسى قلوبهم، وطول البكاء عيونهم... فحاسب نفسك لنفسك، فإن غيرها من الأنفس لها حسيب غيرك (ك 222).
طوبى لمن... كان من نفسه في شغل، والناس منه في راحة (خ 176).
واعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر، لم يكن له من غيرها لا زاجر ولا واعظ (خ 90).
283

(361) 3 - ترويضها على التقوى وعلى أعمال البر وإكراهها على ذلك:
أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه (ح 249).
وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق (ر 45).
أسهروا عيونكم، وأضمروا بطونكم، واستعملوا أقدامكم، وأنفقوا أموالكم، وخذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم، ولا تبخلوا بها عنها (خ 183).
أيها الناس، تولوا من أنفسكم تأديبها (ح 359).
إن لم تكن حليما فتحلم، فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم (ح 207).
قد أحيا قلبه، وأمات نفسه، حتى دق جليله، ولطف غليظه، وبرق له لامع كثير البرق، فأبان له الطريق وسلك به السبيل، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة، ودار الإقامة، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة، بما استعمل قلبه، وأرضى ربه (ك 220).
وأيم الله - يمينا أستثني فيها بمشيئة الله - لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء، نضب معينها مستفرغة دموعها (ر 45).
(362) 4 - تأديبها وعدم طاعتها فيما تحب أو تكره، إلا بما يرضي الله تعالى:
(المتقي) إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، لم يعطها سؤلها فيما تحب... نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة (خ 193).
فرحم الله امرأ نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه (خ 176).
وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات، ويزعها عند الجمحات، فإن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم الله (ر 53).
امرؤ خاف الله... امرؤ ألجم نفسه بلجامها، وزمها بزمامها، فأمسكها يلجامها عن معاصي الله، وقادها بزمامها إلى طاعة الله (خ 237).
ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجرا ممن قدر فعف: لكاد العفيف أن يكون
284

ملكا من الملائكة (ح 474).
فاحذروا، عباد الله، حذر الغالب لنفسه، المانع لشهوته (خ 161).
من كرمت عليه نفسه، هانت عليه شهواته (ح 449).
(الزاهدون) ويكثر مقتهم أنفسهم وإن اغتبطوا بما رزقوا (خ 113).
(أهل الضلال) مفزعهم في المعضلات على أنفسهم... وتعويلهم في المهمات على آرائهم... يعملون في الشبهات، ويسيرون في الشهوات (خ 88).
فاتقى عبد ربه، نصح نفسه، وقدم توبته، وغلب شهوته (خ 64).
يا مالك (وشح بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس الانصاف منها فيما أحبت أو كرهت (ر 53).
واعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحب، مخافة مكروه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر. فكن لنفسك مانعا رادعا، ولنزوتك عند الحفيظة واقما قامعا (ر 56).
أيها الناس، تولوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها (ح 359).
عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه... فقرب على نفسه البعيد، وهون الشديد... قد ألزم نفسه العدل، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه (خ 87).
وأكرم نفسك عن كل دنية، وإن ساقتك إلى الرغائب، فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا (ر 31).
طوبى لمن... فكان من نفسه في شغل، والناس منه في راحة (خ 176).
إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها إلا بها (ح 456).
احصد الشر من صدر غيرك، بقلعه من صدرك (ح 178).
(363) 5 - تعويدها المواظبة على الطاعات والعبادات الواجبة، والرفق بها في العبادات المستحبة:
فاجعلوا طاعة الله شعارا دون دثاركم، ودخيلا دون شعاركم، ولطيفا بين أضلاعكم، وأميرا فوق أموركم... فإن طاعة الله حرز من متالف مكتنفة، ومخاوف
285

متوقعة، وأوار نيران موقدة (خ 198).
وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، وتخشيعا لأبصارهم، وتذليلا لنفوسهم، وتخفيضا لقلوبهم، وإذهابا للخيلاء عنهم (خ 192).
عباد الله، إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه، وإن أغشهم لنفسه أعصاهم لربه، والمغبون من غبن نفسه، والمغبوط من سلم له دينه (خ 86).
فطوبى لذي قلب سليم، أطاع من يهديه، وتجنب من يرويه، وأصاب سبيل السلامة ببصر من بصره، وطاعة هاد أمره... فقد أقيم على الطريق، وهدي نهج السبيل (خ 214).
واستتموا نعمة الله عليكم بالصبر على طاعته (خ 188).
وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها، وخذ عفوها ونشاطها، إلا ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنه لا بد من قضائها وتعاهدها عند محلها (ر 69).
والحج جهاد كل ضعيف (خ 136).
(364) 6 - تجنيبها ما تكرهه من غيرها، والقيام بما تحب أن يقدمه لها غيرها:
كفاك أدبا لنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك (ح 412).
وكفى أدبا لنفسك تجنبك ما كرهته لغيرك (ح 365).
فاجتنب ما تنكر أمثاله (ر 59).
لا تكن ممن... يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره، فهو على الناس طاعن، ولنفسه مداهن،... يحكم على غيره لنفسه، ولا يحكم عليها لغيره (ح 150).
يا بني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك... ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك (ر 31).
286

ومن نظر في عيوب الناس، فأنكرها، ثم رضيها لنفسه، فذلك الأحمق بعينه (ح 349).
من نصب نفسه للناس إماما، فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره. وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه. ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم (ح 73).
أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله (ح 353).
(365) 7 - استشعارها الخوف من الله تعالى، وما أعده - سبحانه - للمنحرفين عن جادة الصواب:
أما بعد، فإن من لم يحذو ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ما يحرزها (ر 51).
ولو تعلمون ما أعلم مما طوي عنكم غيبه، إذا لخرجتم إلى الصعدات تبكون على أعمالكم، وتلتدمون على أنفسكم، ولتركتم أموالكم لا حارس لها ولا خالف عليها، ولهمت كل امرئ منكم نفسه، لا يلتفت إلى غيرها، ولكنكم نسيتم ما ذكرتم، وأمنتم ما حذرتم، فتاه عنكم رأيكم وتشتت عليكم أمركم (خ 116).
فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات (ح 31).
(المتقون) وإذا مروا بآية فيها تخويف، أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم... قد براهم الخوف بري القداح... فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون (خ 193).
(366) صفات وممارسات تحول بين الإنسان وبين تهذيب نفسه:
أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها، واصطلحوا على حبها، ومن عشق شيئا أعشى بصره، وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه، فهو عبد لها. ولمن في يديه شيء منها، حيثما زالت زال إليها، وحيثما أقبلت أقبل عليها (خ 109).
287

من شغل نفسه بغير نفسه تحير في الظلمات، وارتبك في الهلكات، ومدت به شياطينه في طغيانه، وزينت له سئ أعماله (خ 157).
إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة (ك 42).
من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته (ح 449).
وخف على نفسك الدنيا الغرور، ولا تأمنها على حال (ر 56).
(367) من الآثار الايجابية لتهذيب النفس:
من كان له من نفسه واعظ، كان عليه من الله حافظ (ح 89).
واعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر (ر 56).
والآداب حلل مجددة (ح 4).
إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه... نظر فأبصر، وذكر فاستكثر... فخرج من صفة العمى، ومشاركة أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى، ومغاليق أبواب الردى. قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره، وقطع غماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومن الحبال بأمتنها، مصباح ظلمات، كشاف عشوات، مفتاح مبهمات، دفاع معضلات، دليل فلوات... فهو من معادن دينه وأوتاد أرضه (خ 87).
(في وصف السالك الطريق إلى الله تعالى) قد أحيا عقله، وأمات نفسه... وبرق له لامع كثير البرق، فأبان له الطريق، وسلك به السبيل (ك 220).
والرغبة مفتاح النصب، ومطية التعب (ح 371).
والمغبون من غبن نفسه، والمغبوط من سلم له دينه، «والسعيد من وعظ بغيره»، والشقي من انخدع لهواه وغروره (خ 86).
وأكرم نفسك عن كل دنية، وإن ساقتك إلى الرغائب، فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا (ر 31).
288

من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر (ح 208).
وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المنزلق (ر 45).
أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه (عمرو بن العاص) ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة (خ 84).
289

الباب السابع عشر: في الأخلاق:
تمهيد: في الأخلاق وحسن الخلق
الفصل الأول: في اللسان وآفاته
الفصل الثاني: في الاحسان وأفعال البر
الفصل الثالث: في الكرم والبخل
الفصل الرابع: في الصبر
الفصل الخامس: في الصدق والكذب
الفصل السادس: في الأمانة والخيانة
الفصل السابع: في التواضع والتكبر
الفصل الثامن: في الغضب
الفصل التاسع: في الحسد
الفصل العاشر: في العجب
الفصل الحادي عشر: في عزة المؤمن
الفصل الثاني عشر: في الحرص
الفصل الثالث عشر: في الرفق والخرق
الفصل الرابع عشر: في حسن الظن
الفصل الخامس عشر: في الحياء
291

(368) تمهيد: في الأخلاق وحسن الخلق:
وأكرم الحسب حسن الخلق (ح 38).
ولا قرين كحسن الخلق (ح 113).
كفى بالقناعة ملكا، وبحسن الخلق نعيما (ح 229).
والآداب حلل مجددة (ح 4).
ولا ميراث كالأدب (ح 54).
فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الأفعال، ومحاسن الأمور، التي تفاضلت فيها المجداء والنجداء. من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل، بالأخلاق الرغيبة والأحلام العظيمة، والأخطار الجليلة، والآثار المحمودة (خ 192).
إذا كان في رجل خلة رائقة فانتظروا أخواتها (ح 445).
مقاربة الناس في أخلاقهم أمن من غوائلهم (ح 401).
التقى رئيس الأخلاق (ح 410).
فاستر خلل خلقك بحلمك (ح 424).
ونعم الخلق التصبر في الحق (ر 31).
ولقد قرن الله به (رسول الله (ص))... أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم (خ 192).
وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسي (خ 87).
292

الفصل الأول
«في اللسان وآفاته»
(369) اللسان منحة آلهية عظيمة للانسان وهو من مميزاته، ومفتاح شخصيته:
أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام... ثم منحه قلبا حافظا، ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا، ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا (خ 83).
المرء مخبوء تحت لسانه (ح 148).
تكلموا تعرفوا (ح 392).
(370) فضيلة الصمت ومدحه، ومضرة الكلام وذمه:
بكثرة الصمت تكون الهيبة (ح 224).
الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، فإذا تكلمت به صرت في وثاقه، فأخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك، فرب كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة (ح 381).
وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك (ر 31).
كان لي فيما مضى أخ في الله،... وكان أكثر دهره صامتا، فإن قال بذ القائلين، ونقع غليل السائلين... وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلم (ح 289).
اللسان سبع، إن خلي عنه عقر (ح 60).
وهانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه (ح 60).
ألا وإن اللسان بضعة من الانسان، فلا يسعده القول إذا امتنع، ولا يمهله النطق إذا اتسع (ك 233).
293

(371) في أن الشيطان يتحدث بلسان المنافق، وأن روح القدس تجري على لسان المؤمن:
اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا، واتخذهم له أشراكا... فنظر بأعينهم، ونطق بألسنتهم... فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، ونطق بالباطل على لسانه (خ 7).
ولا تطيعوا الأدعياء... اتخذهم إبليس مطايا ضلال، وجندا بهم يصول على الناس، وتراجمة ينطق على ألسنتهم، استراقا لعقولكم، ودخولا في عيونكم، ونفثا في أسماعكم (خ 192).
(بعد أن وصف (ع) المتقين لهمام، صعق همام صعقة كانت نفسه فيها فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين) فقال عليه السلام: ويحك، إن لكل أجل وقتا لا يعدوه
، وسببا لا يتجاوزه، فمهلا، لا تعد لمثلها، فإنما نفث الشيطان على لسانك (خ 193).
وإن لسان المؤمن من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه: لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له، وما ذا عليه (خ 176).
ألا وإن الله سبحانه قد جعل للخير أهلا، وللحق دعائم، وللطاعة عصما. وإن لكم عند كل طاعة عونا من الله سبحانه يقول على الألسنة، ويثبت الأفئدة. فيه كفاء لمكتف، وشفاء لمشتف (خ 214).
اتقوا ظنون المؤمنين، فإن الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم (ح 309).
فالمتقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم الصواب (خ 193).
(372) أمور لا ينبغي فيها الصمت بل أن في بعضها يكون الصمت محرما:
والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله (ح 42).
أول ما تغلبون عليه من الجهاد: الجهاد بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم (ح 375).
أيها المؤمنون، إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه، فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أجر، وهو أفضل من صاحبه (ح 373).
وأنكر المنكر بيدك ولسانك (ر 31).
294

فمنهم المنكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه، فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه والتارك بيده، فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير ومضيع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه، والتارك بيده ولسانه، فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث، وتمسك بواحدة، ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده، فذلك ميت الأحياء (ح 373).
فو الله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا معتمدين لقتله، بلا جرم جره، لحل لي قتل ذلك الجيش كله، إذ حضروه فلم ينكروا، ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد. دع ما أنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم (خ 172).
وأفضل من ذلك كله (أي: من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) كلمة عدل عند إمام جائر (ح 374).
لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنه لا خير في القول بالجهل (ح 182).
وحثكم (سبحانه) على الشكر، وافترض من ألسنتكم الذكر (خ 183).
الايمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان (ح 227).
(المتقي) وأسهر التهجد غرار نومه، وأظمأ الرجاء هواجر يومه، وظلف الزهد شهواته، وأوجف الذكر بلسانه (خ 83).
رب قول أنفذ من صول (ح 394).
في آفات اللسان
(373) 1 - الكلام فيما لا يعني:
واقصر رأيك على ما يعنيك (ر 69).
ومن علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه (ح 349).
(374) 2 - فضول الكلام:
طوبى لمن ذل في نفسه... وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من
295

لسانه (ح 123).
لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة (ح 382).
ولا تحدث الناس بكل ما سمعت به، فكفى بذلك كذبا (ر 69).
اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك بلساني، ثم خالفه قلبي... اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ، وسقطات الألفاظ (دعا 78). ومن كثر كلامه كثر خطؤه، ومن كثر خطؤوه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار (ح 349).
من أكثر أهجر، ومن تفكر أبصر (ر 31).
إذا تم العقل نقص الكلام (ح 71).
أيها الناس اتقوا الله فما خلق امرؤ عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو (ح 370).
(375) 3 - الخوض في الباطل:
اللهم اغفر لي رمرات الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وشهوات الجنان، وهفوات اللسان (دعا 78). واحذر منازل الغفلة والجفاء وقلة الأعوان على طاعة الله (ر 69)
.
(376) 4 - المراء والمجادلة والخصومة، واللجاج:
من ضن بعرضه فليدع المراء (ح 362).
ولا تجعل عرضك غرضا لنبال القول (ر 69).
احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة... وعند شدته على اللين... حتى كأنك له عبد، وكأنه ذو نعمة عليك... ولن لمن غالظك، فإنه يوشك أن يلين لك (ر 31).
وإياك أن تطمح بك مطية اللجاج (ر 31).
من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم، ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم (ح 298).
296

إن للخصومة قحما (غ 3). والشك على أربع شعب: على التماري، والهول، والتردد، والاستسلام، فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله (ح 31).
من أسرع إلى الناس بما يكرهون، قالوا فيه بما لا يعلمون (ح 35).
اللجاجة تسل الرأي (ح 179).
المؤمن... لين العريكة (ح 333).
الحدة ضرب من الجنون، لأن صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم (ح 255).
الخلاف يهدم الرأي (ح 215).
(يا مالك) أملك حمية أنفك، وسورة حدك، وسطوة يدك، وغرب لسانك (ر 53).
(المتقي) لينا قوله (خ 193).
لا تجعلن ذرب لسانك على من أنطقك، وبلاغة قولك على من سددك (ح 411).
(377) 5 - الفحش والسب وبذاءة اللسان واللعن:
(وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين): إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكن لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به (ك 206).
(المتقي) بعيدا فحشه (خ 193).
(أهل الفتن) فيتزايلون بالبغضاء، ويتلاعنون عند اللقاء (خ 151).
(378) 6 - السخرية والاستهزاء:
أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله (ح 353).
يا عبد الله، لا تعجل في عيب أحد بذنبه، فلعله مغفور له، ولا تأمن على نفسك صغير معصية، فلعلك معذب عليه. فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه،
297

وليكن الشكر شاغلا له على معافاته مما ابتلي به غيره (ك 140).
اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وشهوات الجنان، وهفوات اللسان (دعا 78). من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره (ح 349).
(المتقي) ولا ينابز بالألقاب (خ 193).
(379) 7 - المزاح ومنه «الضحك»:
ما مزح امرؤ مزحة إلا مج من عقله مجة (ح 450).
إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا، وإن حكيت ذلك عن غيرك (ر 31).
(المتقي) وإن ضحك لم يعل صوته (خ 193).
(وتبع جنازة فسمع رجلا يضحك) فقال: كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم ثم قد نسينا كل واعظ وواعظة، ورمينا بكل فادح جائحة (ح 122).
إن الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم وإن ضحكوا، ويشتد حزنهم وإن فرحوا (خ 113).
(380) 8 - إفشاء السر:
صدر العاقل صندوق سره (ح 6).
من كتم سره كانت الخيرة بيده (ح 162).
الظفر بالحزم، والحزم بإجالة الرأي، والرأي بتحصين الأسرار (ح 48).
والمرء أحفظ لسره (ر 31).
(381) 9 - كلام ذي اللسانين:
ثم إياكم وتهزيع الأخلاق وتصريفها، واجعلوا اللسان واحدا، وليخزن الرجل لسانه (خ 176).
298

إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب، ولها يرضى ويسخط، أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا، لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها... أو يلقى الناس بوجهين، أو يمشي فيهم بلسانين (خ 153).
(382) 10 - المدح، والمدح أكثر من الاستحقاق:
اللهم وقد بسطت لي فيما لا أمدح به غيرك، ولا أثني به على أحد سواك، ولا أوجهه إلى معادن الخيبة ومواضع الريبة، وعدلت بلساني عن مدائح الآدميين، والثناء على المربوبين المخلوقين (خ 91).
(فتنة بني أمية) واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب (خ 108).
(يا مالك) والصق بأهل الورع والصدق، ثم رضهم على ألا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو، وتدني من العزة (ر 53).
الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق، والتقصير عن الاستحقاق عي أو حسد (ح 347).
(383) 11 - الغفلة عن دقائق الخطأ في فحوى الكلام:
وإن لسان المؤمن من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه: لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه. وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له، وما ذا عليه. ولقد قال رسول الله (ص):
«لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» (خ 176).
لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه (ح 40).
قلب الأحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه (ح 41).
(384) 12 - السؤال عن حقيقة صفات الله تعالى:
(وقد أتاه رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لنا ربنا مثلما نراه عيانا لنزداد له حبا، وبه معرفة فغضب عليه السلام ونادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس حتى غص
299

المسجد بأهله، فصعد المنبر وهو مغضب متغير اللون ثم خطب)، وكان مما قال عليه السلام: فانظر أيها السائل: فما دلك القرآن عليه من صفته فائتم به واستضئ بنور هدايته، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه، ولا في سنة النبي (ص) وأئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله سبحانه، فإن ذلك منتهى حق الله عليك. وأعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح الله - تعالى - اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا، فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين (خ 91).
(385) 13 - الغيبة والنميمة والسعاية:
فمن استطاع منكم أن يلقى الله تعالى وهو نقي الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من أعراضهم فليفعل (خ 176).
الايمان أن... وأن تتقي الله في حديث غيرك (ح 458).
أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا، لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها... أو يشفي غيظه بهلاك نفس، أو يعر بأمر فعله غيره (خ 153).
الغيبة جهد العاجز (ح 461).
(في النهي عن غيبة الناس) وإنما ينبغي لأهل العصمة والمصنوع إليهم في السلامة أن يرحموا أهل الذنوب والمعصية، ويكون الشكر هو الغالب عليهم، والحاجز لهم عنهم، فكيف بالعائب الذي عاب أخاه وعيره ببلواه أما ذكر موضع ستر الله عليه من ذنوبه مما هو أعظم من الذنب الذي عابه به وكيف يذمه بذنب قد ركب مثله فإن لم يكن ركب ذلك الذنب بعينه فقد عصى الله فيما سواه، مما هو أعظم منه. وأيم الله لئن لم يكن عصاه في الكبير، وعصاه في الصغير، لجراءته على عيب الناس أكبر يا عبد الله، لا تعجل في
300

عيب أحد بذنبه، فلعله مغفور له، ولا تأمن على نفسك صغير معصيته، فلعلك معذب عليه.
فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه، وليكن الشكر شاغلا له على معافاته مما ابتلي به غيره (ك 140).
(في النهي عن سماع الغيبة): من عرف من أخيه وثيقة دين وسداد طريق، فلا يسمعن فيه أقاويل الرجال. أما أنه قد يرمي الرامي، وتخطئ السهام، ويحيل الكلام، وباطل ذلك يبور، والله سميع وشهيد. أما إنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع.
(فسئل عليه السلام، عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ثم قال): الباطل أن تقول سمعت، والحق أن تقول رأيت (ك 141).
ولا تعجلن إلى تصديق ساع فإن الساعي غاش، وإن تشبه بالناصحين (ر 53).
أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم (ح 264).
من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره (ح 349).
يا أيها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس (خ 176).
وليكن أبعد رعيتك منك... أطلبهم لمعايب الناس، فإن في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها (ر 53).
من أسرع إلى الناس بما يكرهون، قالوا فيه بما لا يعلمون (ح 35).
ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب... وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى، ولا ضربا بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معه (خ 176).
301

الفصل الثاني
«الاحسان وأفعال البر»
(386) الدعوة إلى الاحسان وأفعال البر والتأكيد عليها،
ومن يعجز عن فعل الكثير منه فلا ينبغي أن يترك القليل: فاعل الخير خير منه، وفاعل الشر شر منه (ح 32).
فإذا رأيتم خيرا فأعينوا عليه، وإذا رأيتم شرا فاذهبوا عنه، فإن رسول الله (ص) كان يقول:
«يا بن آدم، اعمل الخير ودع الشر، فإذا أنت جواد قاصد» (خ 176).
عباد الله، انه ليس لما وعد الله من الخير مترك، ولا فيما نهى عنه من الشر مرغب (خ 157).
واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله (ر 69).
ومن ارتقب الخير سارع إلى الخيرات (ح 30).
والفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير (ح 21).
افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئا، فإن صغيره كبير وقليله كثير، ولا يقولن أحدكم: إن أحدا أولى بفعل الخير مني، فيكون والله كذلك (ح 422).
وأحسن كما تحب أن يحسن إليك (ر 31).
ولا تكونن على الإساءة أقوى منك على الاحسان (ر 31).
لا تستح من إعطاء القليل، فإن الحرمان أقل منه (ح 67).
لا يزهدنك في المعروف من لا يشكره لك، فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشيء منه، وقد تدرك من شكر الشاكر أكثر مما أضاع الكافر، «والله يحب المحسنين» (ح 204).
302

(387) أهل الاحسان والبر:
ألا وإن الله سبحانه قد جعل للخير أهلا، وللحق دعائم، وللطاعة عصما (خ 214).
ولا يقولن أحدكم: إن أحدا أولى بفعل الخير مني، فيكون والله كذلك. إن للخير والشر أهلا، فمهما تركتموه منهما كفاكموه أهله (ح 422).
عباد الله، إن من أحب عباد الله إليه عبدا... لا يدع للخير غاية إلا أمها، ولا مظنة إلا قصدها (خ 87).
(المتقي) غائبا منكره، حاضرا معروفه (خ 193).
(388) يجب أن لا يمن الانسان عند فعل الاحسان، والأسلوب الأفضل للاحسان:
وإياك والمن على رعيتك بإحسانك، فإن المن يبطل الاحسان (ر 53).
إذا حييت بتحية فحي بأحسن منها، وإذا أسديت إليك يد فكافئها بما يربي عليها، والفضل مع ذلك للبادئ (ح 62).
لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث: باستصغارها لتعطم، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ (ح 101).
(389) الاحسان عند غير أهله:
وليس لواضع المعروف في غير حقه، وعند غير أهله، من الحظ فيما أتى إلا محمدة اللئام، وثناء الأشرار (ك 142).
احذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع (ح 49).
(390) آثار الاحسان في الدنيا والآخرة:
من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فمن قام لله بما يجب فيها عرضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب عرضها للزوال والفناء (ح 372).
وما قدمت اليوم تقدم عليه غدا، فأمهد لقدمك، وقدم ليومك (خ 153).
303

وليكن سرورك بما قدمت، وأسفك على ما خلفت، وهمك فيما بعد الموت (ر 66).
إن المرء إذا هلك قال الناس: ما ترك وقالت الملائكة: ما قدم لله آباؤكم فقدموا بعضا يكن لكم قرضا، ولا تخلفوا كلا فيكون فرضا عليكم (ك 203).
وإن أحق من حسن ظنك به لمن حسن بلاؤك عنده، وإن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك عنده (ر 53).
وبالإفضال تعظم الأقدار (ح 224).
وباحتمال المؤن يجب السؤدد (ح 224).
ولا حاجة لله فيمن ليس لله في ماله ونفسه نصيب (ح 127).
وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك (ر 21).
فمن آتاه الله مالا فليصل به القرابة، وليحسن منه الضيافة، وليفك به الأسير والعاني، وليعط منه الفقير والغارم، وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ابتغاء الثواب، فإن فوزا بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا، ودرك فضائل الآخرة، إن شاء الله (ك 142).
من يعط باليد القصيرة، يعط باليد الطويلة (ح 232).
إن أفضل ما توسل به المتوسلون... وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان (خ 110).
لا يزهدنك في المعروف من لا يشكره لك، فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشيء منه، وقد تدرك من شكر الشاكر أكثر مما أضاع الكافر، «والله يحب المحسنين» (ح 204).
يا جابر، قوام الدين والدنيا بأربعة... وجواد لا يبخل بمعروفه... وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه... يا جابر، من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يجب فيها عرضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب عرضها للزوال والفناء (ح 372).
ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع في الخيرات (ح 94).
عاتب أخاك بالاحسان إليه، واردد شره بالانعام عليه (ح 158).
304

إنه ليس بشر من الشر إلا عقابه، وليس شيء بخير من الخير إلا ثوابه (خ 114).
(عباد الله الأخيار) باعوا قليلا من الدنيا لا يبقى، بكثير من الآخرة لا يفنى (خ 182).
يا كميل، مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم، ويدلجوا في حاجة من هو نائم. فو الذي وسع سمعه الأصوات، ما من أحد أودع قلبا سرورا إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفا، فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تطرد غريبة الإبل (ح 257).
إن لله عبادا يختصهم الله بالنعم لمنافع العباد، فيقرها في أيديهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، ثم حولها إلى غيرهم (ح 425).
وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء (خ 110).
من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب (ح 23).
من قضى حق من لا يقضي حقه، فقد عبده (ح 164).
أزجر المسئ بثواب المحسن (ح 177).
305

الفصل الثالث
«الكرم والبخل»
والسخاء والجود
(391) في مضار البخل، وأن البخل صفة ذميمة وأنه الزمام إلى كل سوء:
البخل جامع لمساوئ العيوب، وهو زمام يقاد به إلى كل سوء (ح 378).
البخل عار (ح 3).
في (عمرو بن العاص): إنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف، ويسأل فيبخل، ويسأل فيحلف (خ 84).
(وقال عليه السلام وقد مر بقذر على مزبلة) هذا ما بخل به الباخلون (ح 195).
(وروي في خبر آخر أنه قال): هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس عجبت للبخيل، يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء (ح 216).
(392) في أهمية الكرم والجود والدافع إليهما، والفرق بين الجود والعدل:
قوام الدين والدنيا بأربعة... وجواد لا يبخل بمعروفه (ح 372).
الكرم أعطف من الرحم (ح 247).
من أيقن بالخلف، جاد بالعطية (ح 138).
الجود حارس الأعراض (ح 211).
سئل عليه السلام: أيهما أفضل: العدل أو الجود فقال عليه السلام: العدل يضع
306

الأمور مواضعها، والجود يخرجها من جهتها. العدل سائس عام، والجود عارض خاص.
فالعدل أشرفهما وأفضلهما (ح 437).
(393) في تعريف السخاء:
السخاء ما كان ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم (ح 53).
(394) الكرم من صفات الله تعالى الحسنى:
الحمد لله الذي لا يفره المنع والجمود، ولا يكديه الإعطاء والجود، إذ كل معط منتقص سواه، وكل مانع مذموم ما خلاه، وهو المنان بفوائد النعم، وعوائد المزيد والقسم... وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل. ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال، وضحكت عنه أصداف البحار، من فلز اللجين والعقيان، ونثارة الدر وحصيد المرجان، ما أثر ذلك في جوده، ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الأنعام ما لا تنفده مطالب الأنام، لأنه الجواد الذي لا يغيضه سؤال السائلين، ولا يبخله إلحاح الملحين (خ 90).
وساد العظماء بجوده (ك 179).
أحمده على عواطف كرمه، وسوابغ نعمه (خ 83).
الحمد لله الناشر في الخلق فضله، والباسط فيهم بالجود يده (خ 100).
(395) أشرف الكرم:
من أشرف أعمال الكريم غفلته عما يعلم (ح 222).
(396) أولى الناس بالكرم:
أولى الناس بالكرم من عرفت به الكرام (ح 436).
من مضار البخل:
307

(397) 1 - المضار السياسية:
وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته (ك 131).
ولا تدخلن في مشورتك (يا مالك) بخيلا يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزين لك الشرة بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله (ر 53).
(398) 2 - المضار الاجتماعية:
اضرب بطرفك حيث شئت من الناس، فهل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا، أو غنيا بدل نعمة الله كفرا، أو بخيلا اتخذ البخل بحق الله وفرا (خ 129).
وإياك ومصادقة البخيل، فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه (ح 38).
وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه (ر 53).
(399) 3 - المضار التي تعود على البخيل نفسه:
عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء (ح 126).
(400) البخل الممدوح:
خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو، والجبن، والبخل، فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها (ح 234).
308

الفصل الرابع
«الصبر»
(401) في أهمية الصبر ومنزلة الصبر من الايمان وأنه إحدى دعائم الايمان وأنه من علائم المؤمنين والمتقين، وبيان شعب الصبر:
وعليكم بالصبر، فإن الصبر من الايمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه (ح 82).
ولا إيمان كالحياء والصبر (ح 113).
الايمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد، والصبر منها على أربع شعب: على الشوق، والشفق، والزهد، والترقب: فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات (ح 31).
(المؤمن) شكور صبور، مغمور بفكرته (ح 333).
(المتقون) فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين... وصبرا في شدة (خ 193).
(المتقي) في الزلازل وقور وفي المكاره صبور (خ 193).
(المتقي) وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له (خ 193).
والصبر شجاعة (ح 4).
لا يعدم الصبور الظفر، وإن طال به الزمان (ح 153).
(402) في أن الصبر نوعان:
الصبر صبران صبر على ما تكره، وصبر عما تحب (ح 55).
309

(403) في أن العجلة تورط الانسان غالبا في الحرام والمضرة:
فلا يغلب الحرام صبركم (خ 81).
فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته، خير من عذر تخاف تبعته (ر 53).
والصبر منها على أربع شعب: على الشوق، والشفق، والزهد والترقب... ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات (ح 31).
يا عبد الله لا تعجل في عيب أحد بذنبه فلعله مغفور له (خ 140).
ولا تعجلوا في أمر حتى تتبينوا (خ 173).
فكم من مستعجل بما أن ادركه ود أنه لم يدركه (خ 150).
(404) في أن الصبر ينفع في مواضع لا ينفع معها السيف:
فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجا، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من العلقم (خ 26).
فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده... فصبرت على طول المدة (خ 3).
وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من وحز الشفار (ك 217).
وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم (ح 169).
أهم مجالات الصبر:
(405) 1 - الصبر في مواطن الحق، والجهاد في سبيله تعالى:
فإن الصابرين على نزول الحقائق، هم الذين يحفون براياتهم، ويكتنفونها: حفافيها، ووراءها، وأمامها، لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها (ك 124).
310

ونعم الخلق التصبر في الحق (ر 31).
ولا يحمل هذا العلم إلا أهل البصر والصبر والعلم بمواضع الحق (خ 173).
الزموا الأرض، واصبروا على البلاء،... ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم (خ 190).
لا يعدم الصبور الظفر، وإن طال به الزمان (ح 153).
واستشعروا الصبر، فإنه أدعى إلى النصر (خ 26).
فلقد كنا مع رسول الله (ص) وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والاخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيمانا، ومضيا على الحق، وتسليما للأمر، وصبرا على مضض الجراح (ك 122).
ولقد كنا مع رسول الله (ص) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا: ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم، وجدا في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما: أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا،
فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر (ك 56).
(406) 2 - الصبر على طاعة الله تعالى وتنفيذ أوامره:
واستتموا نعمة الله عليكم بالصبر على طاعة الله والمحافظة على ما استحفظكم من كتابه (خ 173).
وكان رسول الله (ص) نصبا بالصلاة بعد التبشير له بالجنة، لقول الله سبحانه:
«وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها»، فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه (ح 199).
فمن آتاه الله مالا فليصل به القرابة، وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ابتغاء الثواب (ك 142).
(407) الصبر على اختبارات الله تعالى في الدنيا:
وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص
311

والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء، وأجهد العباد بلاءا، وأضيق أهل الدنيا حالا، اتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع، ولا سبيلا إلى دفاع. حتى إذا رأى الله سبحانه جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكا حكاما، وأئمة أعلاما، وقد بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم (خ 192).
وقدر الأرزاق فكثرها وقللها، وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها (خ 91).
صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة (خ 193).
ويقلقكم اليسير من الدنيا يفوتكم، حتى يتبين ذلك في وجوهكم، وقلة صبركم عما زوي منها عنكم (خ 113).
وإن ابتليتم فاصبروا، فإن «العاقبة للمتقين» (خ 98).
الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر، فكلاهما سينحسر (ح 396).
الدهر يخلق الأبدان، ويجدد الآمال. ويقرب المنية، ويباعد الأمنية: من ظفر به نصب، ومن فاته تعب (ح 72).
الهم نصف الهرم (ح 143).
أغض على القذى والألم ترض أبدا (ح 213).
من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح لقضاء الله ساخطا، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ربه (ح 228).
عند تناهي الشدة تكون الفرجة، وعند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء (ح 351).
من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها (ح 448).
312

(408) 4 - الصبر على النوائب والمصائب:
(قال عليه السلام، وقد عزى الأشعث بن قيس عن ابن له): يا أشعث، إن تحزن على ابنك فقد استحقت منك ذلك الرحم، وإن تصبر ففي الله من كل مصيبة خلف.
يا أشعث، إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور.
يا أشعث، ابنك سرك وهو بلاء وفتنة، وحزنك وهو ثواب ورحمة (ح 291).
إذا لم يكن ما تريد فلا تبل ما كنت (ح 69).
(وفي خبر آخر أنه عليه السلام قال للأشعث بن قيس معزيا عن ابن له): إن صبرت صبر الأكارم، وإلا سلوت سلو البهائم (ح 414).
امش بدائك ما مشى بك (ح 27).
من صبر صبر الأحرار، وإلا سلا سلو الأغمار (ح 413).
ينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط عمله (ح 144).
فلا يغلب الحرام صبركم (خ 81).
من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع (ح 189).
والصبر يناضل الحدثان، والجزع من أعوان الزمان (ح 211).
(وقال عليه السلام وهو يلي غسل رسول الله (ص) وتجهيزه): ولو لا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع، لأنفذنا عليك ماء الشؤون، ولكان الداء مماطلا، والكمد محالفا، وقلا لك (ك 235).
وعود نفسك التصبر على المكروه... اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين (ر 31).
(409) 5 - الصبر في تطبيق أحكام الله تعالى من قبل المسؤولين:
فأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم، فإنكم خزان الرعية، ووكلاء
313

الأمة، وسفراء الأئمة (ر 51).
وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلا بالاهتمام والاستعانة بالله، وتوطين نفسه على لزوم الحق، والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل... والحق كله ثقيل، وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم، ووثقوا بصدق موعود الله لهم.
وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا، واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبة ذلك محمودة.
ولا يدعونك ضيق أمر، لزمك فيه عهد الله، إلى طلب انفساخه بغير الحق، فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته (ر 53).
(يا مالك) ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك... وأصبرهم على تكشف الأمور (ر 53).
314

الفصل الخامس
«الصدق والكذب»
(410) في أهمية الصدق ومضار الكذب، وذم الكذب وأنه من علامات المنافقين، ومدح الصدق وأنه من علامات المؤمنين:
أما وشر القول الكذب (خ 84).
جانبوا الكذب فإنه مجانب للإيمان (خ 86).
الايمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك (ح 458).
ورجل منافق مظهر للايمان... يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا... وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله مبغض للكذب خوفا من الله (خ 210).
وإياك ومصادقة الكذاب، فإنه كالسراب يقرب عليك البعيد، ويبعد عليك القريب (ح 38).
الصادق على شفا منجاة وكرامة، والكاذب على شرف مهواة ومهانة (خ 86).
قدر الرجل على قدر همته، وصدقه على قدر مروءته (ح 47).
(411) الصدق من صفات الله الحسنى، والقرآن أصدق الكتب السماوية:
الحمد لله... الذي صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده (خ 185).
واستحقوا منه (تعالى) ما أعد لكم بالتنجز لصدق ميعاده (خ 83).
بعث الله رسله... فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق (خ 144).
315

واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش... والمحدث الذي لا يكذب (خ 176).
(412) في أن محمدا (ص) هو الصادق الأمين:
فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون (خ 72).
أرسله على حين فترة من الرسل... فجاءهم بتصديق الذي بين يديه (خ 158).
رسول الله أمين وحيه (خ 183).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصفي، وأمينه الرضي (خ 185).
فأدى أمينا، ومضى رشيدا (خ 100).
(213) في أن أهل بيت الرسول (ص) هم الصادقون المصدقون أيضا:
فأين يتاه بكم، وكيف تعمهون، وبينكم عترة نبيكم وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق (خ 87).
قد خاضوا بحار الفتن، وأخذوا بالبدع دون السنن، ونطق الضالون المكذبون، نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب (خ 154).
فيهم كرائم القرآن، وهم كنوز الرحمن: إن نطقوا صدقوا، وإن صمتوا لم يسبقوا (خ 154).
اللهم بلى لا تخلوا الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا، وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك أولئك - والله - الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم (ك 147).
وإنا لأمراء الكلام، وفينا تنشبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه (ك 233).
(الرسول (ص)) وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في عمل (خ 192).
رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره، أتراني أكذب على رسول الله (ص) والله لأنا أول من صدقه، فلا أكون أول من كذب عليه (خ 37).
316

ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بي (ح 185).
ولقد بلغني أنكم تقولون: علي يكذب، قاتلكم الله تعالى فعلى من أكذب أعلى الله فأنا أول من آمن به أم على نبيه فأنا أول من صدقه كلا والله، لكنها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من أهلها (خ 71).
فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إن الذي أنبئكم به عن النبي الأمي (ص)، ما كذب المبلغ، ولا جهل السامع (خ 101).
أقسام الكذب:
(414) 1 - الكذب في القول:
أما وشر القول الكذب إنه (عمرو بن العاص) ليقول فيكذب (خ 84).
(ذكر الملاحم) وتكذبون من غير إحراج (خ 187).
واعلموا رحمكم الله أنكم في زمان القائل فيه بالحق قليل، واللسان عن الصدق كليل (ك 233).
(415) 2 - الكذب في إخلاص النية:
أشهد أن لا إله إلا الله... شهادة من صدقت نيته وصفت دخلته (خ 178).
ونشهد أن لا إله إلا الله... شهادة يوافق فيها السر الإعلان والقلب اللسان (خ 197).
ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم... لرد عليهم كل شارد (خ 178).
وإن سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة (ح 42).
(416) 3 - الكذب في العمل:
(قاله لطلحة والزبير) وإن كنتما بايعتماني كارهين، فقد جعلتما لي عليكما السبيل
317

بإظهاركما الطاعة، وإسراركما المعصية (ر 54).
ومن لم يختلف سره وعلانيته وفعله ومقالته فقد أدى الأمانة وأخلص العبادة (ر 26).
وأحذرك أن تكون متماديا في غرة الأمنية مختلف العلانية والسريرة (ر 10).
اللهم إني أعوذ بك من أن تحسن في لامعة العيون علانيتي وتقبح فيما أبطن لك سريرتي (ح 276).
واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب (خ 108).
وأمره ألا يعمل بشيء من طاعة الله فيما ظهر فيخالف إلى غيره فيما أسر (ر 26).
(المتقي) يمزج الحلم بالعلم، والقول بالعمل (خ 193).
لا تكن ممن... فهو بالقول مدل ومن العمل مقل (ح 150).
الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر (ح 337).
الأيمان أن... وألا يكون في حديثك فضل عن عملك (ح 458).
يدعي بزعمه أنه يرجو الله، كذب والعظيم ما باله لا يتبين رجاؤه في عمله فكل من رجا عرف رجاؤه في عمله (خ 160).
ولقد قال لي رسول الله (ص):
«إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه. ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان، عالم اللسان، يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون» (ر 27).
ومن علم أن كلامه من عمله قل كلامه (ح 349).
واعملوا في غير رياء ولا سمعة فإنه من يعمل لغير الله يكله الله لمن عمل له (خ 23).
من الكذب:
(417) 1 - اليمين الكاذبة:
أحلفوا الظالم - إذا أردتم يمينه - بأنه بريء من حول الله وقوته، فإنه إذا حلف بها كاذبا عوجل العقوبة. وإذا حلف بالله الذي لا إله إلا هو لم يعاجل. لأنه قد وحد الله تعالى (ح 253).
318

(418) 2 - خلف الوعد:
وإياك والمن على رعيتك... أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك... والخلف يوجب المقت عند الله والناس. قال الله تعالى:
«كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» (ر 53).
المسؤول حر حتى يعد (ح 336).
(عمرو بن العاص) إنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف (خ 84).
أيها الناس، إن الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنة أوقى منه (خ 41).
فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالأمانة... فلا تغدرن بذمتك، ولا تخيسن بعهدك... فإنه ليس من فرائض الله شيء الناس أشد عليه اجتماعا مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم من عظيم الوفاء بالعهود (ر 53).
اعتصموا بالذمم في أوتادها (ح 155).
فتعصبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار، والوفاء بالذمام (خ 192).
الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل الغدر وفاء عند الله (ح 259).
في علاج رذيلة الكذب:
(419) 1 - اجتناب مجالسة الفساق والكاذبين ومجالسة الصلحاء والصادقين:
وإياك ومصادقة الكذاب، فإنه كالسراب: يقرب عليك البعيد، ويبعد عليك القريب (ح 38).
قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم (ر 31).
والصق بأهل الورع والصدق (ر 53).
واحذر منازل الغفلة والجفاء وقلة الأعوان على طاعة الله... وإياك ومصاحبة الفساق، فإن الشر بالشر ملحق (ر 69).
(420) 2 - التروي والتثبت من كل حقيقة قبل الأدلاء بها:
ولا تحدث الناس بكل ما سمعت به، فكفى بذلك كذبا (ر 69).
319

لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة (ح 382).
الأيمان أن... وأن تتقي الله في حديث غيرك (ح 458).
320

الفصل السادس
«الأمانة والخيانة»
(421) الدعوة إلى الأمانة، وأهميتها، والتحذير من الخيانة وبيان بعض مضارها:
ومن استهان بالأمانة، ورتع في الخيانة، ولم ينزه نفسه ودينه عنها، فقد أحل بنفسه الذل والخزي في الدنيا، وهو في الآخرة أذل وأخزى (ر 26).
ثم أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها، إنها عرضت على السماوات المبنية، والأرضين المدحوة، والجبال ذات الطول المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض، ولا أعلى ولا أعظم منها. ولو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة، وعقلن ما جهل من هو أضعف منهن، وهو الانسان، «إنه كان ظلوما جهولا» (خ 199).
وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم... وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم (خ 25).
وكذلك المرء المسلم البريء من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنيين (خ 23).
في أهم أنواع الأمانات:
(422) 1 - الأمانة على الوحي والتنزيل، ومن هم الأمناء على ذلك:
إن الله بعث محمدا (ص) نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل (خ 26).
اللهم... وهو (رسول الله) أمينك المأمون وخازن علمك المخزون (خ 72).
فهو أمينك المأمون وشهيدك يوم الدين (خ 106).
321

أمين وحيه، وخاتم رسله (خ 173).
أرسله بأمره صادعا، وبذكره ناطقا، فأدى أمينا، ومضى رشيدا (خ 100).
وأشهد أن محمدا عبده، ورسوله الصفي، وأمينه الرضي (خ 185).
فأخرجه من أفضل المعادن منبتا... من الشجرة التي صدع منها أنبياءه وانتجب منها أمناءه (خ 94).
(الملائكة) ومنهم أمناء على وحيه (خ 1).
(الملائكة) جعلهم الله قيما هنالك أهل الأمانة على وحيه (خ 91).
واصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم (خ 1).
(423) 2 - الأمانة على الحكم وأموال الرعية، ومنهجية الامام (ع) في اختيار المسؤولين الأمناء، ومعاملة الخونة منهم:
وإن أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأفظع الغش غش الأئمة (ر 26).
(إلى عامله على الصدقات) لا تأخذن عودا ولا هرمة ولا مكسورة ولا مهلوسة ولا ذات عوار، ولا تأمنن عليها إلا من تثق بدينه... ولا توكل بها إلا ناصحا شفيقا، وأمينا حفيظا (ر 25).
(إلى عامله على البحرين - المخزومي -): فلقد أحسنت الولاية، وأديت الأمانة (ر 42).
(إلى بعض عماله): أما بعد، فقد بلغني عنك أمر، إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك، وعصيت إمامك، وأخزيت أمانتك، بلغني أنك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك، وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلي حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام (ر 40).
(إلى المنذر العبدي وقد خان في بعض ما ولاه من أعماله): تعمر دنياك بخراب دينك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك، ولئن كان ما بلغني عنك حقا، لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك، ومن كان بصفتك فليس بأهل أن يسد به
322

ثغر... أو يشرك في أمانة، أو يؤمن على جباية (ر 71).
(إلى بعض عماله) أما بعد، فإني كنت قد أشركتك في أمانتي، وجعلتك شعاري وبطانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي لمواساتي وموازرتي وأداء الأمانة إلي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، وأمانة الناس قد خزيت، وهذه الأمة قد فنكت وشغرت، قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين، وخذلته مع الخاذلين، وخنته مع الخائنين، فلا ابن عمك آسيت، ولا الأمانة أديت (ر 41).
(إلى أشعث بن قيس عامل أذربيجان) وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه في عنقك أمانة، وأنت مسترعى لمن فوقك، ليس لك أن تفتات في رعية، ولا تخاطر إلا بوثيقة، وفي يديك مال من مال الله عز وجل، وأنت من خزانه حتى تسلمه إلي (ر 5).
ثم انظر في أمور عما لك فاستعملهم اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنهم جماع من شعب الجور والخيانة. وتوخ منهم أهل التجربة والحياء، من أهل البيوتات الصالحة، والقدم في الاسلام المتقدمة، فإنهم أكرم أخلاقا، وأصح أعراضا، وأقل في المطامع إشراقا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا. ثم أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك وثلموا أمانتك. ثم تفقد أعمالهم، وأبعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة، والرفق بالرعية. وتحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك، اكتفيت بذلك شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله. ثم نصبته بمقام المذلة، ووسمته بالخيانة، وقلدته عار التهمة (ر 53).
(الكتاب) ثم لا يكن اختيارك إياهم على فراستك واستنامتك وحسن الظن منك، فإن الرجال يتعرضون لفراسات الولاة بتصنعهم وحسن خدمتهم، وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شيء. ولكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك، فاعمد لأحسنهم كان في العامة أثرا، وأعرفهم بالأمانة وجها (ر 53).
323

الفصل السابع
«التواضع والتكبر»
(424) أهمية التواضع والدعوة إليه، وذم التكبر والتحذير منه:
لا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعلم (ح 113).
واتخذوا التواضع مسلحة بينكم وبين عدوكم إبليس وجنوده (خ 192).
وبالتواضع تتم النعمة (ح 224).
والحرص والكبر والحسد دواع إلى التقحم في الذنوب (ح 371).
واستعيذوا بالله من لواقح الكبر، كما تستعيذونه من طوارق الدهر (خ 192).
واعتمدوا وضع التذلل على رؤوسكم، وإلقاء التعزز تحت أقدامكم، وخلع التكبر من أعناقكم (خ 192).
فالله الله في كبر الحمية، وفخر الجاهلية فإنه ملاقح الشنآن، ومنافخ الشيطان، التي خدع بها الأمم الماضية، والقرون الخالية، حتى أعنقوا في حنادس جهالته، ومهاوي ضلالته، ذللا عن سياقه، سلسا في قياده، أمرا تشابهت القلوب فيه، وتتابعت القرون عليه، وكبرا تضايقت الصدور به (خ 192).
ضع فخرك، واحطط كبرك، واذكر قبرك (ح 398).
(425) التواضع المطلوب من المتقين، وأمثلة عليا لأعظم المتواضعين: (المتقي) بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة (خ 193).
(المتقون) وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع (خ 193).
324

ولقد كان (ص) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه (خ 160).
(الأنبياء والأولياء)... خفضوا أجنحتهم للمؤمنين وكانوا قوما مستضعفين (خ 192).
وإني لمن قوم... لا يستكبرون ولا يعلون، ولا يغلون ولا يفسدون (خ 192).
(426) تواضع مذموم، وتكبر ممدوح:
ومن أتى غنيا فتواضع له لغناه ذهب ثلثا دينه (ح 228).
ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله (ح 406).
خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو والجبن والبخل، فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها... (ح 234).
(427) الكبرياء من صفات الله تعالى التي اختص بها دون خلقه، وحرمها عليهم، وبيان العلة في ذلك:
الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء، واختارهما لنفسه دون خلقه، وجعلهما حمى وحرما على غيره، واصطفاهما لجلاله، وجعل اللعنة على من نازعه فيهما من عباده (خ 192).
فلو رخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه وأوليائه، ولكنه سبحانه كره إليهم التكابر، ورضي لهم التواضع، فألصقوا بالأرض خدودهم، وعفروا في التراب وجوههم... ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام، وعزة لا تضام، وملك تمد نحوه أعناق الرجال، وتشد إليه عقد الرحال، لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار، وأبعد لهم في الاستكبار، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة مائلة بهم، فكانت النيات مشتركة، والحسنات مقتسمة. ولكن الله سبحانه أراد أن يكون الأتباع لرسله، والتصديق بكتبه، والخشوع لوجهه، والاستكانة لأمره، والاستسلام لطاعته، أمورا له خاصة، لا
325

تشوبها من غيرها شائبة. وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل (خ 192).
(428) في الذين نازعوا الله تعالى كبرياءه، وأن إبليس كان أولهم في ذلك:
«... فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا إبليس» اعترضته الحمية، فافتخر على آدم بخلقه، وتعصب عليه لأصله. فعدو الله إمام المتعصبين، وسلف المستكبرين، الذي وضع أساس العصبية، ونازع الله رداء الجبرية، وادرع لباس التعزز، وخلع قناع التذلل (خ 192).
ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم الذين تكبروا عن حسبهم، وترفعوا فوق نسبهم، وألقوا الهجينة على ربهم، وجاحدوا الله على ما صنع بهم، مكابرة لقضائه، ومغالبة لآلائه، فإنهم قواعد أساس العصبية، ودعائم أركان الفتنة، وسيوف اعتزاء الجاهلية (خ 192).
في بواعث الكبر:
(429) 1 - الاعتزاز بالنفس والاعجاب بها:
(إبليس) وادرع لباس التعزز، وخلع قناع التذلل (خ 192).
(إبليس) وتعزز بخلقة النار، واستوهن خلق الصلصال (خ 65).
ولا تكونوا كالمتكبر على ابن أمه (قابيل) من غير ما فضل جعله الله فيه سوى ما ألحقت العظمة بنفسه من عداوة الحسد (خ 192).
(430) 2 - الفخر بالحسب والنسب:
أما إبليس فتعصب على آدم لأصله، وطعن عليه في خلقته، فقال: أنا ناري، وأنت طيني (خ 192).
فالله الله في كبر الحمية، وفخر الجاهلية فإنه ملاقح الشنآن، ومنافخ الشيطان التي خدع بها الأمم الماضية، والقرون الخالية (خ 192).
326

ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم الذين تكبروا عن حسبهم، وترفعوا فوق نسبهم (خ 192).
إلا إبليس، اعترضته الحمية، فافتخر على آدم بخلقه، وتعصبت عليه لأصله. فعدو الله إمام المتعصبين، وسلف المستكبرين (خ 192).
(431) 3 - الاغترار بكثرة المال والولد:
وأما الأغنياء من مترفة الأمم، فتعصبوا لآثار مواقع النعم، فقالوا:
«نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين» (خ 192).
من نال استطال (ح 216).
(432) 4 - كثرة الإطراء:
كثرة الإطراء تحدث الزهو، وتدني من العزة (ر 53).
رب مفتون بحسن القول فيه (ح 462).
في علاج التكبر:
(433) 1 - تربية النفس على أن التواضع أشرف حسب، وأعلى نسب، وأن التواضع من أهم نعم الله على عباده وبدونه تكون ناقصة:
ولا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعلم (ح 113).
وبالتواضع تتم النعمة (ح 224).
وأكرم الحسب حسن الخلق (ح 38).
(434) 2 - عدم حب الاطراء واستماع الثناء:
والصق بأهل الورع والصدق، ثم رضهم على ألا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الاطراء تحدث الزهو، وتدني من العزة (ر 53).
327

(المتقون): إذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بي من بنفسي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون (خ 193).
(المؤمن): يكره الرفعة، ويشنأ السمعة (ح 333).
(435) 3 - مجانبة الفخر:
ضع فخرك، واحطط كبرك، واذكر قبرك (ح 398).
فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها، ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها، فإن عزها وفخرها إلى انقطاع، وإن زينتها ونعيمها إلى زوال، وضراءها وبؤسها إلى نفاد، وكل مدة فيها إلى انتهاء، وكل حي فيها إلى فناء (خ 99).
أم بما ذا تغترون وإنما حظ أحدكم من الأرض ذات الطول والعرض، قيد قده، متعفرا على خده (خ 83).
واتعظوا فيها بالذين قالوا:
«من أشد منا قوة»: حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا (خ 111).
قاله بعد تلاوته:
«ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر» يا له مراما ما أبعده وزورا ما أغفله وخطرا ما أفظعه لقد استخلوا منهم أي مدكر، وتناوشوهم من مكان بعيد أفبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون يرتجعون منهم أجسادا خوت، وحركات سكنت. ولأن يكونوا عبرا، أحق من أن يكونوا مفتخرا، ولأن يهبطوا بهم جناب ذلة، أحجى من أن يقوموا بهم مقام عزة (ك 221).
وعجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة، ويكون غدا جيفة (ح 126).
ما لابن آدم والفخر: أوله نطفة، وآخره جيفة، ولا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه (ح 454).
مسكين ابن آدم: مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل. تؤلمه البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة (ح 419).
328

(436) 4 - تعظيم الله تعالى وتحقير كل ما سواه، والتواضع له والاستسلام:
وإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمته أن يتواضعوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قدرته أن يستسلموا له (خ 147).
(المتقون) عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم (خ 193).
إن من حق من عظم جلال الله سبحانه في نفسه، وجل موضعه من قلبه أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه... وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الإطراء، واستماع الثناء، ولست - بحمد الله - كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء (خ 216).
من عظمت الدنيا في عينه وكبر موقعها من قلبه آثرها على الله تعالى (خ 160).
كان لي فيما مضى أخ في الله، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه (ح 289).
(حج البيت الحرام) وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته وإذعانهم لعزته (خ 1).
(أهل الذكر) رهائن فاقة إلى فضله، وأسارى ذلة لعظمته (خ 222).
(يا مالك) وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك الله فوقك، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك، فإن ذلك يطامن إليك من طماحك، ويكف عنك من غربك، ويفئ إليك بما عزب عنك من عقلك (ر 53).
(437) 5 - المواظبة على العبادات والطاعات التي تقوي من ملكة التذلل لله سبحانه وتعالى وتنميها:
وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، وتخشيعا لأبصارهم، وتذليلا لنفوسهم، وتخفيضا لقلوبهم، وإذهابا للخيلاء عنهم، ولما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعا، والتصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغرا، ولحوق البطون بالمتون من الصيام تذللا... انظروا إلى ما في هذه الأفعال من قمع نواجم الفخر، وقدع طوالع الكبر (خ 192).
والصلاة تنزيها من الكبر (ح 252).
ألا ترون أن الله، سبحانه، اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه، إلى
329

الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام «الذي جعله للناس قياما». ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا، وأقل نتائق الدنيا مدرا، وأضيق بطون الأودية قطرا. بين جبال خشنة، ورمال دمثة، وعيون وشلة، وقرى منقطعة، لا يزكو بها خف، ولا حافز ولا ظلف. ثم أمر آدم عليه السلام وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه،... حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهللون لله حوله، ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له. قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم، وشوهوا باعفاء الشعور محاسن خلقهم، ابتلاءا عظيما، وامتحانا شديدا، واختبارا مبينا، وتمحيصا بليغا، جعله الله سببا لرحمته، ووصلة إلى جنته. ولو أراد - سبحانه - أن يضع بيته الحرام، ومشاعره العظام، بين جنات وأنهار، وسهل وقرار، جم الأشجار، داني الثمار، ملتف البنى، متصل القرى، بين برة سمراء، وروضة خضراء، وأرياف محدقة، وعراص مغدقة، ورياض ناضرة، وطرق عامرة، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء. ولو كان الأساس المحمول عليها، والأحجار المرفوع بها، بين زمردة خضراء، وياقوتة حمراء، ونور وضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب من الناس، ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد، ويتعبدهم بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبر من قلوبهم، وإسكانا للتذلل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله، وأسبابا ذللا لعفوه (خ 192).
(438) 6 - أن لا يغتر بما يقدم من حسنات وطاعات مهما كثرت، وأن يعتبرها قليلة جدا في حقه سبحانه وتعالى:
(الملائكة) وإنهم على مكانهم منك، ومنزلتهم عندك، واستجماع أهوائهم فيك، وكثرة طاعتهم لك، وقلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا كنه ما خفي عليهم منك لحقروا أعمالهم، ولزروا على أنفسهم، ولعرفوا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، ولم يطيعوك حق طاعتك (خ 109).
(المتقون) لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير (خ 193).
(الملائكة) ولا تركت لهم استكانة الاجلال نصيبا في تعظيم حسناتهم... لم
330

يستعظموا ما مضى من أعمالهم، ولو استعظموا ذلك لنسخ الرجاء منهم شفقات وجلهم (خ 91).
(439) 7 - النظر في سوء عاقبة المتكبرين الذين سخط الله عليهم بسبب تكبرهم:
(إبليس) ألا ترون كيف صغره الله بتكبره، ووضعه بترفعه، فجعله في الدنيا مدحورا، وأعد له في الآخرة سعيرا... فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة، لا يدرى أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة، عن كبر ساعة واحدة. فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته كلا، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج منها ملكا. إن حكمه في أهل السماء وأهل الأرض لواحد، وما بين الله وبين أحد من خلقه هوادة (خ 192).
(الله) وجعل اللعنة على من نازعه فيهما (العز والكبرياء) من عباده (خ 192).
فالله الله في عاجل البغي، وآجل وخامة الظلم، وسوء عاقبة الكبر (خ 192).
ولا تكونوا كالمتكبر على ابن أمة (قابيل)... الذي أعقبه الله به الندامة، وألزمه آثام القاتلين إلى يوم القيامة (خ 192).
فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته ووقائعه ومثلاته، واتعظوا بمثاوي خدودهم ومصارع جنوبهم (خ 192).
(إبليس) اعترته الحمية، وغلبت عليه الشقوة، وتعزز بخلقة النار، واستوهن خلق الصلصال، فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما للبلية، وإنجازا للعدة، فقال:
«قال فإنك من. المنظرين إلى يوم الوقت» (خ 1).
(يا مالك) إياك ومساماة الله في عظمته، والتشبه به في جبروته، فإن الله يذل كل جبار، ويهين كل مختال (ر 53).
(الله تعالى) قاهر من عازه، ومدمر من شاقه (خ 90).
331

الفصل الثامن
«الغضب»
(440) في التحذير من الغضب وذمه وأنه من الشيطان:
واحذر الغضب، فإنه جند عظيم من جنود إبليس (ر 69).
وإياك والغضب، فإنه طيرة من الشيطان (ر 76).
الحدة ضرب من الجنون، لأن صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم (ح 255).
(441) القلب والغضب:
لقد علق بنياط هذا الانسان بضعة هي أعجب ما فيه، وذلك: القلب، وذلك أن له مواد من الحكمة وأضدادا من خلافها... وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعده الرضى نسي التحفظ... فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد (ح 108).
في علاج الغضب:
(442) 1 - الحلم أو التحلم:
الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك (ح 424).
ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، وأن يعظم حلمك (ح 94).
332

والحلم فدام السفيه (ح 211).
أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل (ح 206).
وبالحلم عن السفيه تكثر الأنصار عليه (ح 224).
الحلم عشيرة (ح 218).
الحلم والأناة توأمان ينتجهما علو الهمة (ح 460).
ولا عز كالحلم (ح 31).
إن لم تكن حليما فتحلم، فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم (ح 207).
(المتقون) وأما النهار فحلماء علماء، أبرار أتقياء (ح 193).
واحلم عند الغضب (ر 69).
(يا مالك) فول لجنودك أنصحهم... وأفضلهم حلما (ر 53).
الايمان على أربع دعائم... والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم وغور العلم وزهرة الحكم ورساخة الحلم،... ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا (ح 31).
(443) 2 - العفو:
متى أشفي غيظي إذا غضبت أحين أعجز عن الانتقام فيقال لي: لو صبرت أم حين أقدر عليه فيقال لي: لو عفوت (ح 194).
وتجاوز عند المقدرة... واصفح مع الدولة، تكن لك العاقبة (ر 69).
(المتقي): يعفو عمن ظلمه (خ 193).
إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه (ح 11).
أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة (ح 52).
(مما قاله قبل موته عليه السلام): إن أبق فأنا ولي دمي، وإن أفن فالفناء ميعادي، وإن أعف فالعفو لي قربة، وهو لكم حسنة، فاعفوا:
«أ لا تحبون أن يغفر الله لكم» (ك 23).
(وقد تكلم عليه السلام بكلام، فقال رجل من الخوارج:
«قاتله الله كافرا ما
333

أفقهه» فوثب القوم ليقتلوه، فقال عليه السلام): رويدا، إنما هو سب بسب، أو عفو عن ذنب (ح 420).
فاعطهم (الرعية) من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه... ولا غنى بك عن عفوه ورحمته... ولا تندمن على عفو (ر 53).
(444) 3 - تجرع الغيظ، واحتمال الأذى:
وتجرع الغيظ فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة، ولا ألذ مغبة (ر 31).
واكظم الغيظ (ر 69).
فتعصبوا لخلال الحمد... والكظم للغيظ (خ 192).
أغض على القذى والألم ترض أبدا (ح 213).
والاحتمال قبر العيوب (ح 6).
(يا مالك) ثم احتمل الخرق منهم والعي (ر 53).
(المتقي) مكظوما غيظه (خ 193).
وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من وخز الشفار (ك 217).
فلا يكن أفضل ما نلت في نفسك من دنياك بلوغ لذة، أو شفاء غيظ (ر 66).
فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي على الشجا (خ 217).
احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك (ح 178).
(445) 4 - عدم التسرع في رد الفعل عند الغضب:
ولا تسرعن إلى بادرة وجدت منها مندوحة (ر 53).
واحترس من كل ذلك بكف البادرة، وتأخير السطوة، حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار (ر 53).
فول لجنودك... ممن يبطئ عند الغضب... وممن لا يثيره العنف (ر 53).
ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ عند أهل البادرة (خ 216).
أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته (خ 272).
334

(446) 5 - ذكر المعاد عند الغضب:
إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب، ولها يرضى ويسخط. أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا، لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها: أن يشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته، أو يشفي غيظه بهلاك نفس (خ 153).
(يا مالك) فاعطهم (الرعية) من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه... ولا غنى بك عن عفوه ورحمته (ر 53).
واكظم الغيظ، وتجاوز عند المقدرة، واحلم عند الغضب، واصفح مع الدولة، تكن لك العاقبة (ر 69).
أملك حمية أنفك، وسورة حدك، وسطوة يدك، وغرب لسانك، واحترس من كل ذلك بكف البادرة، وتأخير السطوة، حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار، ولن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك (ر 53).
(447) الغضب الممدوح وأهميته:
يا أبا ذر، إنك غضبت لله، فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك (خ 130).
وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تغضبون (خ 106).
ومن سنئ الفاسقين وغضب لله، غضب الله وأرضاه يوم القيامة (ح 31).
من أحد سنان الغضب لله، قوي على قتل أشداء الباطل (ح 174).
ما تنتظرون بنصركم ربكم أما دين يجمعكم، ولا حمية تحمشكم (خ 39).
لله أنتم أما دين يجمعكم ولا حمية تشحذكم (خ 180).
335

الفصل التاسع
«الحسد»
(448): صحة الجسد، من قلة الحسد (ح 256).
والحرص والكبر والحسد دواع إلى التقحم في الذنوب (ح 371).
العجب لغفلة الحساد، عن سلامة الأجساد (ح 225).
حسد الصديق من سقم المودة (ح 218).
عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله (ح 212).
ولا تكونوا كالمتكبر على ابن أمه من غير ما فضل جعله الله فيه سوى ما ألحقت العظمة بنفسه من عداوة الحسد، وقدحت الحمية في قلبه من نار الغضب، ونفخ الشيطان في أنفه من ريح الكبر (خ 192).
فاتقوا الله ولا تكونوا لنعمه عليكم أضدادا، ولا لفضله عندكم حسادا (خ 192).
ولا تحاسدوا، فإن الحسد يأكل الايمان «كما تأكل النار الحطب» (خ 86).
الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق، والتقصير عن الاستحقاق عي أو حسد (ح 347).
(أهل النفاق) حسدة الرخاء (خ 194).
(الملائكة) ولا تولاهم غل التحاسد (خ 91).
336

الفصل العاشر
«العجب»
(449) في ذم العجب وبيان أهم مضاره:
واعلم أن الاعجاب ضد الصواب، وآفة الألباب (ر 31).
وإياك والاعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الاطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين (ر 53).
وأوحش الوحشة العجب (ح 38).
ولا وحدة أوحش من العجب (ح 113).
الاعجاب يمنع الازدياد (ح 167).
عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله (ح 212).
ولا تكن ممن... يستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره (ح 150).
(المتقون) لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير (خ 193).
(الملائكة) لم يتولهم الاعجاب، فيستكثروا ما سلف منهم (خ 91).
ومن رضي عن نفسه كثر الساخط عليه (ح 6).
سيئة تسوؤك خير عند الله من حسنة تعجبك (ح 46).
337

الفصل الحادي عشر
«العزة وعزة المؤمن»
(450) في أنه تعالى هو العزيز المطلق، ولا ينافسه في عزته شيء:
الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء، واختارهما لنفسه دون خلقه، وجعلهما حمى وحرما على غيره، واصطفاهما لجلاله، وجعل اللعنة على من نازعه فيهما من عباده (خ 192).
الحمد لله... وكل عزيز غيره ذليل (خ 65).
(الله سبحانه) قاهر من عازه، ومدمر من شاقه (خ 90).
لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا (خ 182).
(الله سبحانه للدنيا) ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها... ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة (خ 186).
ولا تخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته (خ 91).
الحمد لله... والباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين (خ 213).
فلم يستنصركم من ذل... استنصركم «وله جنود السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم»... وإنما أراد أن «يبلوكم أيكم أحسن عملا» (خ 183).
خضعت الأشياء له (سبحانه)، وذلت مستكينة لعظمته (خ 186).
(حج البيت الحرام) جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته (خ 1).
(الملائكة) يزدادون على طول الطاعة بربهم علما، وتزداد عزة ربهم في قلوبهم عظما (خ 91).
338

من دعائم عزة المؤمن:
(451) 1 - الله سبحانه وتعالى:
(الله سبحانه) عز كل ذليل وقوة كل ضعيف (خ 109).
(452) 2 - الرسالة والرسول والإمامة:
(أهل الجاهلية) فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا... وآوتهم الحال إلى كنف عز غالب، وتعطفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت، فهم حكام على العالمين، وملوك في أطراف الأرضين (خ 192).
(الاسلام) أذل الأديان بعزته، ووضع الملل برفعه، وأهان أعداءه بكرامته... فهو عند الله... عزيز السلطان، مشرف المنار (خ 198).
وقد توكل الله لأهل هذا الدين بإعزاز الحوزة، وستر العورة (ك 134).
(الرسول (ص)) أعز به الذلة، وأذل به العزة (خ 96).
وفي أيدينا بعد فضل النبوة التي أذللنا بها العزيز، ونعشنا بها الذليل (ر 17).
وأحطت بجهدي من ورائكم، وأعتقتكم من ربق الذل، وحلق الضيم (خ 159).
(453) 3 - القرآن الكريم:
وكتاب الله بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، وبيت لا تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه (خ 133).
(القرآن) عزا لا تهرم أنصاره، وحقا لا تخذل أعوانه... جعله الله ريا لعطش العلماء... ومعقلا منيعا ذروته، وعزا لمن تولاه (خ 198).
(454) 4 - التقوى:
أوصيكم عباد الله بتقوى الله... تؤل بكم إلى أكنان الدعة، وأوطان السعة، ومعاقل الحرز، ومنازل العز (خ 195).
339

اعلموا عباد الله، ان التقوى دار حصن عزيز، والفجور دار حصن ذليل، لا يمنع أهله، ولا يحرز من لجأ إليه (خ 157).
ولا عز أعز من التقوى (ح 371).
(455) 5 - الصبر على البلاء:
(أسلاف المؤمنين) حتى إذا رأى الله سبحانه جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكا حكاما، وأئمة أعلاما، وقد بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم (خ 192).
(456) 6 - إباء الضيم:
لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة، ولا تحسبن ابن أبيك - ولو أسلمه الناس - متضرعا متخشعا، ولا مقرا للضيم واهنا، ولا سلس الزمام للقائد، ولا وطئ الظهر للراكب المتقعد (ر 36).
(457) 7 - أداء الحقوق:
(الحقوق بين الوالي والرعية) فجعلها نظاما لألفتهم، وعزا لدينهم... فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى الوالي إليها حقها عز الحق بينهم (خ 216).
(458) 8 - الجهاد:
فرض الله... والجهاد عزا للاسلام (ح 252).
فإنه، جل اسمه، قد تكفل بنصر من نصره، وإعزاز من أعزه (ر 53).
فالجنود بإذن الله، حصون الرعية، وزين الولاة، وعز الدين (ر 53).
340

(459) 9 - الزهد:
زهدك في راغب فيك نقصان حظ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس (ح 451).
(460) 10 - التحلي بالأخلاق الحميدة:
ولا عز كالحلم (ح 113).
المؤمن... نفسه أصلب من الصلد، وهو أذل من العبد (ح 333).
واعتمدوا وضع التذلل على رؤوسكم، وإلقاء التعزز تحت أقدامكم (خ 192).
(461) 11 - الاتحاد:
والعرب اليوم، وإن كانوا قليلا، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع (ك 146).
(462) أحاديث أخرى في الوحدة الإسلامية (الجماعة والفرقة، والاختلاف والتنازع):
والزموا السواد الأعظم فإن يد الله مع الجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشاذ من الناس للشيطان، كما أن الشاذ من الغنم للذئب (خ 127).
والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة، وبنيت عليه أركان الطاعة (خ 149).
فإياكم والتلون في دين الله، فإن جماعة فيما تكرهون من الحق، خير من فرقة فيما تحبون من الباطل، وإن الله سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممن مضى، ولا ممن بقي (خ 176).
وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع (ر 41).
فإن الله سبحانه قد امتن على جماعة هذه الأمة، فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة، التي ينتقلون في ظلها، ويأوون إلى كنفها. بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنها أرجح من كل ثمن، وأجل من كل خطر (خ 192).
فانظروا كيف كانوا حيث كانت الإملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب
341

معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة. ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين، وملوكا على رقاب العالمين. فانظروا إلى ما صاروا اليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحازبين (خ 192).
وإنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرق بينكم إلا خبث السرائر، وسوء الضمائر، فلا توازرون ولا تناصحون، ولا تباذلون ولا توادون... وما يمنع أحدكم أن يستقبل أخاه بما يخاف من عيبه، إلا مخافة أن يستقبله بمثله (خ 113).
من وصية له عليه السلام للحسن والحسين عليهما السلام: أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله، ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت
جدكما (ص) يقول:
«صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام» (ر 47).
ما اختلفت دعوتان إلا وكانت إحداهما ضلالة (ح 183).
(في وصف أهل القبور) بليت بينهم عرا التعارف، وانقطعت منهم أسباب الإخاء، فكلهم وحيد وهم جميع، وبجانب الهجر وهم أخلا ء (ك 221).
وقال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه فقال عليه السلام له: إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم:
«اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، فقال: إنكم قوم تجهلون» (ح 317).
عوامل الذل:
(463) 1 - حب الدنيا، والسعي وراء بهرجها وزبرجها:
فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها... فإن عزها وفخرها إلى انقطاع (خ 99).
(الدنيا) عزها ذل، وجدها هزل (خ 191).
(الدنيا) عزيزها مغلوب، وموفورها منكوب (خ 111).
(الدنيا) فإنما أهلها كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهر بعضها على بعض، ويأكل عزيزها ذليلها (ر 31).
342

(يا دنيا)... أغربي عني، فو الله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني (ر 45).
اشترى هذا المغتر بالأمل... هذه الدار بالخروج من عز القناعة، والدخول في الطلب والضراعة (ر 3).
(الدنيا) كم من واثق بها قد فجعته... وذي أبهة قد جعلته حقيرا، وذي نخوة قد ردته ذليلا (خ 111).
(464) 2 - الطمع:
الطامع في وثاق الذل (ح 226).
أزرى بنفسه من استشعر الطمع (ح 2).
الطمع رق مؤبد (ح 180).
(عيسى (ع)) لم تكن له زوجة تفتنه... ولا طمع يذله (خ 160).
(قلب الإنسان) فإن سنح له الرجاء أذله الطمع (ح 108).
(465) 3 - تضييع الجهاد في سبيل الله، والتخاذل عن نصرته، والفرار من الزحف:
فو الله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا (خ 27).
فمن تركه (الجهاد) رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل، وشمله البلاء (خ 27).
أف لكم، لقد سئمت عتابكم، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا، وبالذل من العز خلفا (خ 34).
لا أبا لغيركم، ما تنتظرون بنصركم والجهاد على حقكم الموت أو الذل لكم (خ 180).
انفروا، رحمكم الله، إلى قتال عدوكم، ولا تثاقلوا إلى الأرض، فتقروا بالخسف، وتبوؤوا بالذل (ر 62).
قد استطعموكم القتال فأقروا على مذلة وتأخير محلة (خ 51).
إن في الفرار موجدة الله، والذل اللازم، والعار الباقي (خ 124).
343

(466) 4 - أصحاب النفوس الضعيفة:
لا يمنع الضيم الذليل (خ 29).
ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم (خ 29).
ما أنتم بركن يمال بكم، ولا زوافر عز يفتقر إليكم (خ 34).
(467) 5 - ارتكاب الموبقات والكبائر:
والفجور دار حصن ذليل، لا يمنع أهله، ولا يحرز من لجأ إليه (خ 157).
من استهان بالأمانة، ورتع في الخيانة، ولم ينزه نفسه ودينه عنها، فقد أحل بنفسه الذل والخزي في الدنيا، وهو في الآخرة أذل وأخزى (ر 26).
(468) 6 - المروق من الدين:
(كلم به الخوارج) أما أنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاطعا (خ 58).
344

الفصل الثاني عشر
«الحرص»
(469) في ذم الحرص وبيان بعض مضاره وبواعثه:
والحرص والكبر والحسد دواع إلى التقحم في الذنوب (ح 371).
ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل... ولا حريصا يزين لك الشرة بالجور (ر 53).
وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع (ر 53).
هلك خزان الأموال وهم أحياء (ح 147).
فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله (ر 53).
(قلب الانسان) وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص (ح 108).
أما بعد، فإن الدنيا مشغلة عن غيرها، ولم يصب صاحبها منها شيئا إلا فتحت له حرصا عليها، ولهجا بها، ولن يستغني صاحبها بما نال فيها عما لم يبلغه منها (ر 49).
وقد رأيت من كان قبلك ممن جمع المال وحذر الإقلال، وأمن العواقب - طول أمل واستبعاد أجل - كيف نزل به الموت (خ 132).
ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون - عليهما السلام - على فرعون... فقال:... فهلا ألقي عليهما أساورة من ذهب إعظاما للذهب وجمعه (خ 192).
ها إن ها هنا لعلما جما (وأشار بيده إلى صدره) لو أصبت له حملة بلى أصبت لقنا... أو مغرما بالجمع والادخار (ك 147).
345

ومن لهج قلبه بحب الدنيا التاط قلبه منها بثلاث: هم لا يغبه وحرص لا يتركه وأمل لا يدركه (ح 228).
(470) في علاج الحرص:
وقد رأيت من كان قبلك ممن جمع المال وحذر الاقلال، وأمن العواقب... كيف نزل به الموت فأزعجه عن وطنه... أما رأيتم الذين يأملون بعيدا ويبنون مشيدا، ويجمعون كثيرا كيف أصبحت بيوتهم قبورا، وما جمعوا بورا، وصارت أموالهم للوارثين، وأزواجهم لقوم آخرين، لا في حسنة يزيدون، ولا من سيئة يستعتبون (خ 132).
ومن العناء أن المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى الله تعالى لا مالا حمل، ولا بناء نقل (خ 114).
لكل امرئ في ماله شريكان: الوارث والحوادث (خ 335).
معاشر الناس، اتقوا الله، فكم من مؤمل ما لا يبلغه، وبان ما لا يسكنه، وجامع ما سوف يتركه، ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه، أصابه حراما، واحتمل به آثاما، فباء بوزره، وقدم على ربه، آسفا لاهفا، قد «خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين» (ح 344).
فإنك ما تقدم من خير يبقى لك ذخره، وما تؤخره يكن لغيرك خيره (ر 69).
إن أخسر الناس صفقة، وأخيبهم سعيا، رجل أخلق بدنه في طلب ماله، ولم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا بحسرته، وقدم على الآخرة بتبعته (ح 430).
يا بن آدم ما كسبت فوق قوتك. فأنت فيه خازن لغيرك (ح 192).
لا تخلفن وراءك شيئا من الدنيا، فإنك تخلفه لأحد رجلين: إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت به، أو رجل عمل فيه بمعصية الله، فشقيت بما جمعت له، وليس أحد هذين أهلا أن تؤثره على نفسك، ولا أن تحمل له على ظهرك، فارج لمن مضى رحمة الله، ولمن بقي رزق الله (ح 416).
(المحتضر) يفكر فيم أفنى عمره، وفيم أذهب دهره ويتذكر أموالا جمعها، أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها،
346

وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها، ويتمتعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبء على ظهره... فهو يعض ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره... ويتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه (خ 109).
إن لله ملكا ينادي في كل يوم: لدوا للموت، واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب (ح 132).
(الدنيا) حكم على مكثر منها بالفاقة، وأعين من غني عنها بالراحة (ح 367).
(الدنيا) وجمعها ينفد، وملكها يسلب (خ 113).
(الدنيا) ومن استكثر منها استكثر مما يوبقه، وزال عما قليل عنه (خ 111).
(الدنيا) ملكها مسلوب، وعزيزها مغلوب، وموفورها منكوب، وجارها محروب... أفهذه تؤثرون، أم إليها تطمئنون، أم عليها تحرصون (خ 111).
ومن جمع المال على المال فأكثر، ومن بنى وشيد، وزخرف ونجد، وادخر واعتقد، ونظر بزعمه للولد، إشخاصهم جميعا إلى موقف العرض والحساب... «وخسر هنالك المبطلون» (ر 3).
إن أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة الله، فورثه رجل فأنفقه في طاعة الله سبحانه، فدخل به الجنة، ودخل الأول به النار (ح 429).
(471) في الحرص الممدوح:
وليس رجل - فأعلم - أحرص على جماعة أمة محمد (ص) وألفتها مني (ر 78).
(المتقون) فمن علامة أحدهم انك ترى له قوة في دين... وحرصا في علم (خ 193).
كان لي فيما مضى أخ في الله... وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلم (ح 289).
وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة (ر 17).
فليس أحد وإن اشتد على رضى الله حرصه، وطال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له (خ 216).
347

الفصل الثالث عشر
«الرفق والخرق»
(472) في أهمية الرفق:
ومن تلن حاشيته، يستدم من قومه المودة (خ 23).
من لان عوده كثفت أغصانه (ح 214).
(473) من الموارد التي يجب فيها استخدام الرفق:
وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها (ر 69).
احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة... وشدته على اللين (ر 31).
(474) قاعدة في الرفق، ومتى يكون الخرق رفقا:
إذا كان الرفق خرقا، كان الخرق رفقا (ر 31).
348

الفصل الرابع عشر
«حسن الظن»
(475): ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه (ر 31).
لا تكن ممن... تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن (ح 150).
لا تظنن بكلمة خرجت من أحد سوءا، وأنت تجد لها في الخير محتملا (ح 360).
إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله، ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه حوبة فقد ظلم. وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله، فأحسن رجل الظن برجل فقد غرر (ح 114).
من وضع نفسه مواضع التهمة، فلا يلومن من أساء به الظن (ح 159).
ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن (ح 220).
اتقوا ظنون المؤمنين، فإن الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم (ح 309).
وإنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرق بينكم إلا خبث السرائر، وسوء الضمائر (خ 113).
لا خير في معين مهين، ولا في صديق ظنين (ر 31).
رب ملوم لا ذنب له (ح 14).
349

الفصل الخامس عشر
«الحياء»
(476) أهمية الحياء، وأنه شعبة من الأيمان:
من كساه الحياء ثوبه، لم ير الناس عيبه (ح 223).
ومن كثر خطؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار (ح 349).
ولا إيمان كالحياء والصبر (ح 113).
(477) بعض المواقف التي يجب فيها الحياء:
واستحيوا من الفر، فإنه عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب (ك 66).
إن في الفرار موجدة الله، والذل اللازم، والعار الباقي (خ 124).
العار وراءكم والجنة أمامكم (خ 171).
(478) الحياء من الوسائل الموصلة إلى التقوى:
واحذر كل عمل يعمل به في السر، ويستحي منه في العلانية (ر 69).
(479) مواقف يكون الحياء فيها مرفوضا:
ولا يستحين أحد منكم إذا سئل عما لا يعلم، أن يقول: لا أعلم، ولا يستحين أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه (ح 82).
350

لا تستح من إعطاء القليل، فإن الحرمان أقل منه (ح 67).
قرنت الهيبة بالخيبة، والحياء بالحرمان، والفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير (ح 21).
351

الباب الثامن عشر: النفاق والمنافقون
353

«النفاق والمنافقون»
(481) شدة خطورة النفاق على الجامعة:
ولقد قال لي رسول الله (ص):
«إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه. ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان، عالم اللسان، يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون» (ر 27).
(482) في علامات المنافقين:
وإن لسان المؤمن من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه: لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه. وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له. وما ذا عليه (خ 176).
وأحذركم أهل النفاق، فإنهم الضالون المضلون، والزالون المزلون، يتلونون ألوانا، ويفتنون افتنانا. ويعمدونكم بكل عماد، ويرصدونكم بكل مرصاد. قلوبهم دوية، وصفاحهم نقية، يمشون الخفاء، ويدبون الضراء. وصفهم دواء، وقولهم شفاء، وفعلهم الداء العياء، حسدة الرخاء، ومؤكدوا البلاء، ومقنطوا الرجاء. لهم بكل طريق صريع، وإلى كل قلب شفيع، ولكل شجو دموع. يتقارضون الثناء، ويتراقبون الجزاء: إن سألوا ألحفوا، وإن عذلوا كشفوا، وإن حكموا أسرفوا. قد أعدوا لكل حق باطلا، ولكل قائم مائلا، ولكل حي قاتلا، ولكل باب مفتاحا، ولكل ليل مصباحا. يتوصلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم، وينفقوا به أعلاقهم. يقولون فيشبهون، ويصفون فيموهون. قد
354

هونوا الطريق، وأضلعوا المضيق، فهم لمة الشيطان، وحمة النيران:
«أولئك حزب الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون» (خ 194).
وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للإيمان، متصنع بالاسلام، لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله (ص) متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله (ص) رآه، وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده، فتقربوا إلى أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا، إلا من عصم الله (خ 194).
(483) في علاج النفاق، والتحذير منه:
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإن فيه شفاء من أكبر الداء: وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال، فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، إنه ما توجه العباد إلى الله تعالى بمثله (خ 176).
ثم إياكم وتهزيع الأخلاق وتصريفها، واجعلوا اللسان واحدا (خ 176).
(484) عاقبة المنافق وخيمة جدا، إذا لم يتب:
إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب، ولها يرضى ويسخط، أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا، لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها: أن يشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته، أو يشفي غيظه بهلاك نفس، أو يعر بأمر فعله غيره، أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه، أو يلقى الناس بوجهين، أو يمشي فيهم بلسانين، أعقل ذلك فإن المثل دليل على شبهه (خ 153).
355

(485) جواز أخذ الحكمة من المنافقين:
خذ الحكمة أنى كانت، فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن (ح 79).
الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق (ح 80).
(486) المنافق لا يحب الامام (ع) أبدا:
لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني. وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الأمي (ص)، أنه قال:
«يا علي، لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق» (ح 45).
(487) بعض المنافقين الذين ابتلي بهم الامام (ع):
(قاله للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة يخطب، فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فيه، فقال: يا أمير المؤمنين، هذه عليك لا لك، فخفض عليه السلام إليه بصره ثم قال): ما يدريك ما علي مما لي، عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين حائك ابن حائك منافق ابن كافر والله لقد أسرك الكفر مرة والاسلام أخرى فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك وإن امرأ دل على قومه السيف، وساق إليهم الحتف، لحري أن يمقته الأقرب، ولا يأمنه الأبعد (ك 19).
(في ذم أهل الجمل) أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه (ك 13).
356

الباب التاسع عشر: في الأسرة والقربى والمرأة وتربية الأبناء والجار
الفصل الأول: في الأسرة والأقرباء
الفصل الثاني: في المرأة
الفصل الثالث: في تربية الأبناء وتعليمهم
الفصل الرابع: في الجار
357

الفصل الأول
«الأسرة والأقرباء»
(488) من مسؤوليات رب الأسرة:
وكان رسول الله (ص) نصبا بالصلاة بعد التبشير له بالجنة، لقول الله سبحانه:
«وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها» فكان يأمر بها أهله، ويصبر عليها نفسه (ك 199).
ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك (ر 31).
(قال له العلاء: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد. قال: وما له قال: لبس العباءة وتخلى عن الدنيا. قال: علي به. فلما جاء قال (ع)): يا عدي نفسه لقد استهام بك الخبيث أما رحمت أهلك وولدك (ك 209).
وحق الولد على الوالد أن يحسن أسمه، ويحسن أدبه، ويعلمه القرآن (ح 399).
(489) عدم المبالغة في الاهتمام بالأسرة:
لا تجعلن أكثر شغلك بأهلك وولدك، فإن يكن أهلك، وولدك أولياء الله، فإن الله لا يضيع أولياءه، وإن يكونوا أعداء الله، فما همك وشغلك بأعداء الله (ح 352).
(490) المصيبة حين تحل بالأسرة، والموقف منها:
(وقد عزى الأشعث بن قيس عن ابن له): يا أشعث، إن تحزن على ابنك فقد استحقت منك ذلك الرحم، وإن تصبر ففي الله من كل مصيبة خلف. يا أشعث، إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت
358

جرى عليك القدر وأنت مأزور. يا أشعث، ابنك سرك وهو بلاء وفتنة، وحزنك وهو ثواب ورحمة (ح 291).
(491) في أمور أهم من الأسرة والأقرباء، وأنها مقدمة عليهما:
ولقد كنا مع رسول الله (ص) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا (خ 56).
واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله (ر 69).
وإن المال والبنين حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة (خ 23).
أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك... فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته. وكان لله حربا حتى ينزع أو يتوب (ر 53).
(لبعض عماله): وو الله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، وأزيح الباطل من مظلمتهما (ر 41).
إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته (ح 96).
والزم الحق من لزمه القريب والبعيد... واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع (ر 53).
(إلى المنذر بن الجارود العبدي، وقد خان في بعض ما ولاه من أعماله): تعمر دنياك بخراب آخرتك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك (ر 71).
سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار (ر 31).
وإن للوالد على الولد حقا، فحق الوالد على الولد أن يطيعه في كل شيء، إلا في معصية الله سبحانه (ح 399).
من أبطأ به عمله، لم يسرع به نسبه (ح 23).
359

(492) في الحث على صلة الرحم، وأهميتها:
أيها الناس، إنه لا يستغني الرجل - وإن كان ذا مال - عن عترته، ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم، وهم أعظم الناس حيطة من ورائه، وألمهم لشعثه، وأعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به (خ 23).
ألا لا يعدلن أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة أن يسدها بالذي لا يزيده إن أمسكه، ولا ينقصه إن أهلكه، ومن يقبض يده عن عشيرته، فإنما تقبض منه عنهم يد واحدة، وتقبض منهم عنه أيد كثيرة (خ 23).
وأكرم عشيرتك، فإنهم جناحك الذي به تطير، وأصلك الذي إليه تصير، ويدك التي بها تصول (ر 31).
إن أفضل ما توسل به المتوسلون... وصلة الرحم فإنها مثراة في المال (خ 110).
فرض الله... وصلة الرحم منماة للعدد (ح 252).
(وقد دخل عليه السلام على العلاء بن زياد الحارثي يعوده، فلما رأى سعة داره قال): ما كنت تصنع بهذه الدار في الدنيا، وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة. تقري فيها الضيف، وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة (ك 209).
(493) صلاح ذات البين:
(ومن وصيته للحسن والحسين (ع) لما ضربه ابن ملجم - لعنه الله -): أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي، بتقوى الله، ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما (ص) يقول:
«صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام» (ر 47).
(494) أمور تقوي من صلة الرحم:
والقرابة إلى المودة أحوج من المودة إلى القرابة (ح 308).
360

فرض الله... وترك الزنا تحصينا للنسب، وترك اللواط تكثيرا للنسل (ح 252).
(495) أمور تضر بصلة الرحم:
يأتي على الناس زمان... يعدون الصدقة فيه غرما، وصلة الرحم منا (ح 102).
(الشيطان) ووقع في حسبكم، ودفع في نسبكم (خ 192).
(آخر الزمان) وصار الفسوق نسبا، والعفاف عجبا (خ 108).
(496) البعيد - أحيانا - يكون أعطف من القريب:
ورب بعيد أقرب من قريب، وقريب أبعد من بعيد (ر 31).
من ضيعه الأقرب أتيح له الأبعد (ح 14).
الكرم أعطف من الرحم (ح 247).
والمودة قرابة مستفادة (ح 211).
361

الفصل الثاني
«المرأة»
ملاحظة هامة:
يجدر أن ننبه في هذا الباب إلى أن الامام علي عليه السلام في بعض أقواله التي يتبادر للبعض أن فيها انتقاص للمرأة كإنسانة، أنها - في الحقيقة - ليست كذلك، فإن أقوال الأمام (ع) نابعة من نظرة علمية صحيحة، وهي أن العاطفة طبيعة تكوينية طاغية على النساء إلا ما شذ وندر، وهي من الضرورات الواجبة للحياة الإنسانية.. ولكن لكل ضرورات محذورات - كما يقال -.
(497) في أحكام تتعلق بخصائص المرأة:
معاشر الناس، إن النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول: فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن، وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد، وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الأنصاف من مواريث الرجال (خ 80).
(498) جهاد المرأة:
وجهاد المرأة حسن التبعل (ح 136).
(499) أفضل الخصال عند النساء، أسوئها عند الرجال، وخصلة عند الرجال حسنة وعند النساء سيئة:
362

خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو، والجبن، والبخل، فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرقت من كل شيء يعرض لها (ح 234).
غيرة المرأة كفر، وغيرة الرجل إيمان (ح 124).
(500) في صفات النساء عند ما لا يستخدمن امكانيتهن العاطفية في خدمة العائلة والمجتمع:
وإن النساء همهن زينة الحياة الدنيا والفساد فيها (خ 153).
المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها (ح 238).
المرأة عقرب حلوة اللبسة (ح 61).
وأما فلانة فأدركها رأي النساء، وضعن غلا في صدرها كمرجل القين (ك 156).
فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن (ر 31).
(501) نصائح للرجال تتعلق بالطبائع التكوينية الخاصة بالنساء:
ولا تهيجوا النساء بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسببن أمراءكم، فإنهن ضعيفات القوى والأنفس والعقول، إن كنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر أو الهراوة فيعير بها وعقبه من بعده (ر 14).
وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن. واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن، فإن شدة الحجاب أبقى عليهن، وليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن، وإن استطعت ألا يعرفن غيرك فافعل. ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فإن المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة. ولا تعد بكرامتها نفسها، ولا تطمعها في أن تشفع لغيرها. وإياك والتغاير في غير موضع غيرة، فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، والبريئة إلى الريب (ر 31).
(وروي أنه (ع) لما ورد الكوفة قادما من صفين مر بالشاميين، فسمع بكاء النساء
363

على قتلى صفين، وخرج إليه حرب بن شرحبيل الشبامي فقال له (ع)): أتغلبكم نساؤكم على ما أسمع ألا تنهونهن عن هذا الرنين (خ 322).
(502) نصيحة للرجل عند ما يغريه الشيطان بامرأة جميلة:
(روي أنه (ع) كان جالسا في أصحابه، فمرت بهم امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم، فقال (ع)): إن أبصار هذه الفحول طوامح، وإن ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنما هي امرأة كامرأة (ح 420).
(503) نصيحة للجيش المحارب حول النساء:
(أنه شيع جيشا بغزية فقال): أعذبوا عن النساء ما استطعتم (ح 7).
(504) نصيحة للأسرة حول الأبنة إذا وصلت سن البلوغ، وحدثت بسببها الخصومة بين الأقرباء:
إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى (ح 4).
364

الفصل الثالث
«في تربية الأبناء وتعليمهم»
(505) في أهمية التربية والتعليم في الصغر:
أي بني، إني... بادرت بوصيتي إليك، وأوردت خصالا منها قبل أن... يسبقني إليك بعض غلبات الهوى، وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور، وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبك (ر 31).
ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت عليه من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل العمر ومقتبل الدهر، ذو نية سليمة، ونفس صافية (ر 31).
فما طاب سقيه. طاب غرسه وحلت ثمرته. وما خبث سقيه، خبث غرسه وأمرت ثمرته (خ 154).
(506) من أهم أهداف التربية والتعليم:
فبادرتك بالأدب... لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مئونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه، واستبان لك ما ربما أظلم علينا منه (ر 31).
أي بني إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي، فقد نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم، حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره،
365

فاستخلصت لك من كل أمر نخيله، وتوخيت لك جميله، وصرفت عنك مجهوله (ر 31).
وإنك لن تبلغ في النظر لنفسك - وإن اجتهدت - مبلغ نظري لك (ر 31).
والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك، والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر، وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا، والإمساك عما لم يكلفوا (ر 31).
(507) الإقناع والإفهام من أهم شروط التربية والتعليم:
إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا. فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها، فإن القلب إذا أكره عمي (ح 193).
فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا، فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم، لا بتورط الشبهات، وعلق الخصومات (ر 31).
(508) متى يلجأ الآباء والمعلمون إلى العقوبة التأديبية:
ولا تكونن ممن لا تنفعه العظة إلا إذا بالغت في إيلامه، فإن العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب (ر 31).
(709) أهم ما ينبغي أن يربى عليه الأبناء، ويعلموه:
وأن أبتدئك بتعليم كتاب الله عز وجل وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره (ر 31).
حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلمه القرآن (ح 399).
ولا ميراث كالأدب (ح 54).
العلم وراثة كريمة (ح 5).
يا كميل، مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم (ح 257).
366

(510) التربية بالقدوة:
ولقد كنت أتبعه (رسول الله (ص)) اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به (خ 192).
ليتأس صغيركم بكبيركم (خ 166).
وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسي (خ 87).
(511) أهمية تربية المعلم:
من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم (ح 73).
367

الفصل الرابع
«الجار»
(512): والله الله في جيرانكم، فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم، حتى ظننا أنه سيورثهم (ر 47).
فإن كان لا بد من العصبية... فتعصبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار، والوفاء بالذمام، الطاعة للبر... (خ 192).
سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار (ر 31).
(المتقي) ولا يضار بالجار (خ 193).
368

الباب العشرون: في الصداقة والأصدقاء
369

«الصداقة والأصدقاء»
(513) في أهمية الصداقة والمودة وضرر فقدانها:
ورب بعيد أقرب من قريب، وقريب أبعد من بعيد (ر 31).
والغريب من لم يكن له حبيب (ر 31).
قارن أهل الخير تكن منهم (ر 31).
فقد الأحبة غربة (ح 65).
مقاربة الناس في أخلاقهم، أمن من غوائلهم (ح 401).
والمودة قرابة مستفادة (ح 211).
التودد نصف العقل (ح 142).
ولا تباغضوا فإنها الحالقة (خ 86).
(514) من صفات المؤهلين لاختيارهم كأصدقاء، وصفات غير المؤهلين لذلك:
قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم. لا خير في معين مهين، ولا في صديق ظنين (ر 31).
لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك (ر 31).
وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل (ر 31).
واحذر صحابة من يفيل رأيه، وينكر عمله، فإن الصاحب معتبر بصاحبه. وإياك ومصاحبة الفساق، فإن الشر بالشر ملحق. ووقر الله، واحبب أحباءه (ر 69).
يا بني إياك ومصاحبة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة
370

البخيل، فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر، فإنه يبيعك بالتافه، وإياك ومصادقة الكذاب، فإنه كالسراب: يقرب عليك البعيد، ويبعد عليك القريب (ح 38).
أصدقاؤك ثلاثة، وأعداؤك ثلاثة، فأصدقاؤك: صديقك، وصديق صديقك، وعدو عدوك، وأعداؤك: عدوك، وعدو صديقك، وصديق عدوك (ح 295).
زهدك في راغب فيك نقصان حظ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس (ح 451).
شر الاخوان من تكلف له (ح 479).
واعلموا أن عباد الله المستحفظين علمه... يتواصلون بالولاية ويتلاقون بالمحبة (خ 214).
وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله سبحانه (ر 31).
ولا ترغبن فيمن زهد عنك (ر 31).
لا تصحب المائق فإنه يزين لك فعله ويود أن تكون مثله (ح 293).
صاحب السلطان كراكب الأسد: يغبط بموقعه، وهو أعلم بموضعه (ح 263).
والطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار له عجز (ح 384).
(515) في حقوق الأصدقاء، وكيفية المحافظة عليهم:
لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته (ح 134).
اخبر تقله (ح 434).
والصاحب مناسب، والصديق من صدق غيبه. ومن لم يبالك فهو عدوك (ر 31).
ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه (ر 31).
احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة، وعند صدوده على اللطف والمقاربة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند شدته على اللين، وعند جرمه على العذر، حتى كأنك له عبد، وكأنه ذو نعمة عليك. وإياك أن تضع ذلك في غير موضعه، أو
371

أن تفعله بغير أهله... وتجرع الغيظ فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة، ولا ألذ مغبة. ولن لمن غالظك، فإنه يوشك أن يلين لك (ر 31).
أيها الناس، من عرف من أخيه وثيقة دين وسداد طريق، فلا يسمعن فيه أقاويل الرجال. أما إنه قد يرمي الرامي، وتخطئ السهام، ويحيل الكلام (ك 141).
عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالإنعام عليه (ح 158).
ومن أطاع الواشي ضيع الصديق (ح 239).
أعجز الناس من عجز عن اكتساب الأخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم (ح 12).
كان لي فيما مضى أخ في الله... وكان لا يلوم أحدا على ما يجد العذر في مثله، حتى يسمع اعتذاره (ح 289).
والبشاشة حبالة المودة (ح 6).
حسد الصديق من سقم المودة (ح 218).
إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه (ح 280).
وإنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرق بينكم إلا خبث السرائر، وسوء الضمائر، فلا توازرون ولا تناصحون، ولا تباذلون ولا توادون (خ 113).
خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم (ح 10).
قلوب الرجال وحشية، فمن تألفها أقبلت عليه (ح 50).
ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة (خ 23).
إذا كان في رجل خلة رائقة، فانتظروا أخواتها (ح 445).
(516) ذم الافراط والتفريط في حب الأصدقاء، وبغض الأعداء:
وإن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية يرجع إليها إن بدا له ذلك يوما ما (ر 31).
أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما (ح 268).
372

الباب الحادي والعشرون: في القضايا التاريخية
الفصل الأول: علي (ع) في عهد الخلفاء الثلاثة
الفصل الثاني: في بيعة الأمة للإمام (ع)
الفصل الثالث: في حكومة الإمام وإصلاحاته
الفصل الرابع: الفتنة الكبرى 1 - أهم شعاراتها وشبهاتها
الفصل الخامس: الفتنة الكبرى 2 - في رؤس الفتنة
الفصل السادس: الفتنة الكبرى 3 - في أسباب نشوبها
الفصل السابع: الفتنة الكبرى 4 - نصح الإمام للمفتونين
الفصل الثامن: الفتنة الكبرى 5 - أسباب تصدي الإمام لها
الفصل التاسع: الفتنة الكبرى 6 - أسباب انتصارها ماديا
الفصل العاشر: الفتنة الكبرى 7 - في مسائل التحكيم
الفصل الحادي عشر: الفتنة الكبرى 8 - الإمام يصف الفئات التي حاربته
الفصل الثاني عشر: الفتنة الكبرى 9 - الإمام يتحدث عن ملامح الفتنة
عند ما تنتصر، ومصير أصحابها
373

الفصل الأول
«في عهد الخلفاء الثلاثة»
كان سلوك الامام (ع) في هذه الفترة كما يلي:
(513) 1 - اختيار المبايعة:
فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا... حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده... فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة (خ 3).
وأغضيت على القذى، وشربت على الشجا، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من العلقم (خ 26).
فنظرت في أمري، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وإذا الميثاق في عنقي لغيري (خ 37).
ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين (خ 74).
أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح (خ 5).
وقد كان الامام (ع) يستهدف باختياره المبايعة تحقيق هدفين:
374

(514) الهدف الأول: الحفاظ على وحدة المسلمين:
(خاطبه العباس وأبو سفيان في أن يبايعا له بالخلافة، وذلك بعد أن تمت البيعة لأبي بكر في السقيفة) فخطب قائلا: أيها الناس، شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة... هذا ماء آجن، ولقمة يغص بها آكلها (خ 5).
ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة (خ 74).
(515) الهدف الثاني: الحفاظ على القيادة الاسلامية المتمثلة بشخصه الكريم وأبنائه البررة:
وقالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه، وفي الحق أن تمنعه،... فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن المنية (ك 217).
فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت (خ 26).
2 - الامام في هذه الفترة:
(516) أ - تقديم المشورة للخلفاء:
(شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو الروم فقال عليه السلام): إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك، فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلا محربا، واحفظ معه أهل البلاء والنصيحة، فإن أظهر الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأخرى، كنت ردءا
للناس، ومثابة للمسلمين (ك 134).
(واستشاره أيضا في الشخوص لقتال الفرس فقال عليه السلام): فكن قطبا، واستدر الرحا بالحرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض، انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك.
375

إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك.
فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر على تغيير ما يكره.
وأما ما ذكرت من عددهم، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة (ك 146).
(وسأله عمر بن الخطاب بشأن أخذ حلي الكعبة المشرفة فقال عليه السلام): إن هذا القرآن أنزل على النبي (ص) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفئ فقسمه بين مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها، وكان حلي الكعبة فيها يومئذ، فتركه الله على حاله، ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عليه مكانا، فأقره حيث أقره الله ورسوله (فقال له عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحلي على حاله) (ح 270).
(517) ب - إسداء النصائح لهم:
(اجتمع الناس إليه وشكوا ما نقموه على عثمان، وسألوه مخاطبته لهم واستعتابه لهم، فدخل عليه عليه السلام وقال): إن الناس ورائي، وقد استسفروني بينك وبينهم، وو الله ما أدري ما أقول لك ما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، وإن الطرق لواضحة، وإن أعلام الدين لقائمة، فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدي وهدى، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة لها أعلام، وإن البدع لظاهرة لها أعلام، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة، وإني سمعت رسول الله (ص) يقول:
«يؤتى يوم القيامة بالامام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر، فيلقى في نار جهنم، فيدور فيها كما تدور الرحى، ثم يرتبط في قعرها» وإني أنشدك الله ألا تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويبث الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من
376

الباطل، يموجون فيها موجا، ويمرجون فيها مرجا، فلا تكونن لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السن وتقضي العمر (ك 164).
أما بعد فإني أخبركم عن أمر عثمان، حتى يكون سمعه كعيانه، إن الناس طعنوا عليه، فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عتابه (ر 1).
3 - إبداء آرائه عليه السلام في قضايا الخلافة وأهم أحداثها:
(518) أ - في تعيين الخليفة:
1 - السقيفة:
حتى إذا قبض الله رسوله (ص) رجع قوم على الأعقاب، وغالتهم السبل، واتكلوا على الولائج، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته، ونقلوا البناء عن رص أساسه، فبنوه في غير موضعه (خ 150).
(قالوا: لما انتهت إلى أمير المؤمنين (ع) أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (ص) قال عليه السلام): - ما قالت الأنصار قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير.
قال: فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله (ص) وصى بأن يحسن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم قالوا: وما في هذا من الحجة عليهم فقال: لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم، ثم قال: - فما ذا قالت قريش قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول (ص).
فقال: احتجوا بالشجرة، وأضاعوا الثمرة (ك 67).
لا يعاب المرء على تأخير حقه، إنما يعاب من أخذ ما ليس له (ح 166).
وا عجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة
377

فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي وأقرب (ح 190)
إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم، أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى (خ 144).
قد خاضوا بحار الفتن، وأخذوا بالبدع دون السنن، وأرز المؤمنون، ونطق الضالون المكذبون، نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا (خ 154).
أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا (خ 3).
اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي (خ 172).
أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله (ص) نوطا، فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، والحكم الله، والمعود إليه القيامة (ك 162).
2 - الأول يعين الثاني:
حتى إذا مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده،... فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشد ما تشطرا ضرعيها (خ 3).
3 - الشورى:
حتى إذا مضى (الثاني) لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني أسففت إذا أسفوا، وطرت إذ طاروا، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن (خ 3).
لله بلاء فلان... وخلف الفتنة... ذهب... قليل العيب، أصاب خيرها وسبق
378

شرها... رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي بها الضال، ولا يستيقن المهتدى (ك 223).
(وعند ما عزم الناس على بيعة عثمان قال عليه السلام): لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري، وو الله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة التماسا لأجر ذلك وفضله، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه (خ 74).
(519) ب - بعض ما وصف به (ع) الخلفاء:
فصيرها في حوزة خشناء (أي: عمر بن الخطاب) يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس، وتلون واعتراض (خ 3).
إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع (خ 3).
(مخاطبا عثمان): وإني أنشدك الله ألا تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويبث الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها موجا، ويمرجون فيها مرجا (ك 164).
(520) ج - في موقف الأمة من هذه القضايا:
وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء (خ 3).
فإن أقل يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت (خ 5).
ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها، كالزارع بغير أرضه (خ 5).
وقد كانت أمور مضت ملتم فيها ميلة، كنتم فيها عندي غير محمودين... ولو أشاء أن أقول لقلت: عفا الله عما سلف (خ 178).
379

الفصل الثاني
«في بيعة الإمام (ع) بعد مقتل عثمان»
(521) عدم قبوله عليه السلام الخلافة إلا بعد أن قبلت الأمة شروطه:
دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت، والمحجة قد تنكرت، واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل، وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم (ك 92).
فأقبلتم إلي إقبال العوذ المطافيل على أولادها، تقولون: البيعة البيعة قبضت كفي فبسطتموها، ونازعتكم يدي فجاذبتموها (ك 137).
وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها (ك 229).
(إلى طلحة والزبير): أما بعد، فقد علمتما، وإن كتمتما، أني لم أرد الناس حتى أرادوني، ولم أبايعهم حتى بايعوني، وإنكما ممن أرادني وبايعني، وإن العامة لم تبايعني لسلطان غالب، ولا لعرض حاضر (ر 54).
والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها (ك 205).
(إلى معاوية): أما بعد، فقد علمت إعذاري فيكم، وإعراضي عنكم، حتى كان ما لا بد منه ولا دفع له (ر 75).
(522) توضيح الإمام (ع) مرارا وتكرارا بأن قبوله للحكم لم يكن إلا للتكليف الإلهي:
أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لو لا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود
380

الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز (خ 3).
فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام، يدعون إلى محق دين محمد (ص) فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما، تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب (ر 62).
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك (ك 131).
قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذا النعل فقلت: لا قيمة لها فقال عليه السلام: والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقا، أو أدفع باطلا (خ 33).
اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان، عزب رأي امرئ تخلف عني، ما شككت في الحق مذ أريته، لم يوجس موسى (ع) خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال (خ 4).
(523) كانت بيعة الأمة للامام (ع) وفق الأسس الاسلامية، فلم يفرض نفسه بالقوة أو الدهاء، وإنما اختارته الأمة عند ما وجدته أهلا للخلافة:
فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي، ينثالون علي من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم (خ 3).
وبايعني الناس غير مستكرهين ولا مجبرين، بل طائعين مخيرين (ر 1).
ما منهم رجل إلا وقد أعطاني الطاعة، وسمح لي بالبيعة، طائعا غير مكره (خ 172).
لم تكن بيعتكم إياي فلتة (ك 136).
ثم تداككتم علي تداك الإبل الهيم على حياضها يوم وردها، حتى انقطعت
381

النعل، وسقط الرداء، ووطئ الضعيف، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير، وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت إليها الكعاب (ك 229).
وإن العامة لم تبايعني لسلطان غالب، ولا لعرض حاضر (ر 54).
382

الفصل الثالث
«الإمام يحكم... إصلاحاته»
كان من أهم أهداف الإمام (ع) التي عمل لتحقيقها: القضاء على الظواهر المرضية التي حلت في الدولة الإسلامية ابان حكم الخلفاء الثلاثة والتي كان أهمها:
أ - في جسم الخلافة الإسلامية:
(528) 1 - ظاهرة البدعة والانحراف عن بعض ما أنزل الله تعالى في قرآنه الكريم أو أمر به الرسول الأمين:
(مخاطبا عثمان): فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل، هدي وهدى، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة، لها أعلام، وإن البدع لظاهرة، لها أعلام، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة... (ك 164).
وأخذوا بالبدع دون السنن، وأرز المؤمنون، ونطق الضالون المكذبون (خ 154).
ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك (ك 131).
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله (ح 147).
فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام، يدعون إلى محق
383

دين محمد (ص) فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما (ر 62).
فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم فاتبعته، وما استن النبي (ص) فاقتديته (ك 205).
وإن الآفاق قد أغامت، والمحجة قد تنكرت (ك 92).
فأرادوا رد الأمور على أدبارها، ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى وسيرة رسول الله (ص) والقيام بحقه، والنعش لسنته (خ 169).
قد طلع طالع، ولمع لامع، ولاح لائح، واعتدل مائل، واستبدل الله بقوم قوما، وبيوم يوما، وانتظرنا الغير انتظار المجدب المطر (خ 152).
وقد كانت أمور مضت ملتم فيها ميلة، كنتم فيها عندي غير محمودين، ولئن رد عليكم أمركم إنكم لسعداء، وما علي إلا الجهد (خ 178).
ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه (ص) والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة، ولتغربلن غربلة، ولتساطن سوط القدر، حتى يعود أسفلكم أعلاكم، وأعلاكم أسفلكم، وليسبقن سابقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا (خ 16).
(530) 2 - ظاهرة تعظيم الخليفة والثناء عليه أمامه، وتهيبه في الحق:
(خطب عليه السلام بصفين فأجابه رجل من أصحابه بكلام طويل، يكثر فيه الثناء عليه، ويذكر سمعه وطاعته له، فقال عليه السلام):... وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس، أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الإطراء، واستماع الثناء، ولست بحمد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء.. وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علي بجميل ثناء، لإخراجي نفسي إلى الله سبحانه وإليكم من التقية في حقوق لم أفرغ من أدائها، وفرائض لا بد من إمضائها، فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن
384

يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني (خ 216).
وقال عليه السلام، وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار، فترجلوا له واشتدوا بين يديه فقال: - ما هذا الذي صنعتموه فقالوا: خلق منا نعظم به أمراءنا فقال: والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم وإنكم لتشقون على أنفسكم في دنياكم، وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار (ح 37).
فصيرها في حوزة خشناء، ويغلط كلمها، ويخشن مسها (خ 3).
(وأقبل حرب يمشي معه، وهو عليه السلام راكب، فقال عليه السلام): ارجع، فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي، ومذلة للمؤمن (ح 322).
(531) 3 - ظاهرة اهتمام الخليفة بحياته المعيشية الخاصة على حساب الأمة:
إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه... إلى أن... وكبت به بطنته (خ 3).
قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك قال: ويحك، إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره (ك 209).
والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها عنك فقلت: اعزب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى (خ 160).
ألا وإن لكل مأموم إماما، يقتدي به ويستضئ بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه... فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي
385

طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا، ولا أخذت منه إلا كقوت أنان دبرة... ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة - ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد
أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش (ر 45).
والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا، أو أجر في الأغلال مصفدا، أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها (ك 224).
(532) 5 - ظاهرة المساومة والمداهنة والمصانعة في تنفيذ حكم الله تعالى:
واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب (ك 92).
وإني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم (خ 192).
فإن أنتم لم تستقيموا لي على ذلك، لم يكن أحد أهون علي ممن اعوج منكم، ثم أعظم له العقوبة، ولا يجد عندي فيها رخصة (ر 50).
وليس أمري وأمركم واحدا، إني أريدكم لله، وأنتم تريدوني لأنفسكم (ك 136).
وإني لعالم بما يصلحكم، ويقيم أودكم، ولكني لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي (ك 69).
الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه (ك 37).
عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة، وأني امرؤ تلعابة: أعافس وأمارس... أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان
386

الآخرة (خ 84).
وقال له طلحة والزبير: نبايعك على أنا شركاؤك في هذا الأمر، فقال عليه السلام: لا، ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة، وعونان على العجز والأود (ح 202).
(533) 6 - ظاهرة تفضيل القربى والمعارف على عامة الناس:
إلى أن قام ثالث القوم... وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع (خ 3).
والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم، كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا، وكرر علي القول مرددا، فأصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل، يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه أتئن من الأذى ولا أئن من لظى (ك 224).
(في عثمان): استأثر فأساء الأثرة (ك 30).
(534) 7 - ظاهرة قبول الرشوة:
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها، كأنما عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أصلة، أم زكاة، أم صدقة فذلك محرم علينا أهل البيت فقال: لا ذا ولا ذاك، ولكنها هدية، فقلت: هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني أمختبط أنت أم ذو جنة أم تهجر والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت (ك 224).
ب الظواهر المرضية في اقتصاد الدولة الإسلامية، التي أحدثها الخلفاء الثلاثة بسبب سوء سياستهم الاقتصادية:
387

(535) 1 - ظاهرة التفريق أو عدم التسوية في العطاء:
ومن كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصييره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولي السابقات والشرف: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما ولو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا، ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس، ويهينه عند الله، ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خليل، وألأم خدين (ك 126).
(إلى عامله على المدينة): أما بعد، فقد بلغني أن رجالا ممن قبلك يتسللون إلى معاوية... وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا (ر 70).
ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا... (ر 62).
(مخاطبا طلحة والزبير): وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي، ولا وليته هوى مني، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله (ص) قد فرغ منه (ك 205).
إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد (ص) تفويقا، والله لئن بقيت لهم لأنفضنهم نفض اللحام الوذام التربة (ك 77).
(536) 2 - ظاهرة نشوء إقطاعيين كبار بسبب إغداق الخلفاء المال والقطائع عليهم:
(فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان): والله لو وجدته قد تزوج به النساء، وملك به الإماء لرددته، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق (ك 15).
388

ج - الظواهر المرضية في الأجهزة الإدارية:
(537) 1 - فساد معظم الولاة أو عدم كفاءتهم، فعزلهم الامام (ع) وولى غيرهم:
قالوا: صاحب رسول الله (ص) رآه، وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده، فتقربوا إلى أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا (ك 210).
فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية (خ 216).
ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا، فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام، وجلد حدا في الاسلام، وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الاسلام الرضائخ (ر 62).
(إلى معاوية): فإنك مترف، قد أخذ الشيطان منك مأخذه، وبلغ فيك أمله، وجرى منك مجرى الروح والدم، ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية، وولاة أمر الأمة بغير قدم سابق، ولا شرف باسق (ر 10).
(إلى معاوية): وأما طلبك إلي الشام، فإني لم أكن أعطيك اليوم ما منعتك أمس (ر 17).
وأقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية، ومؤدبهم ابن النابغة (خ 180).
(في عمرو بن العاص): إنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف، ويسأل فيبخل، ويسأل فيحلف، ويخون العهد، ويقطع الإل، فإذا كان عند الحرب فأي زاجر وآمر هو ما لم تأخذ السيوف مآخذها، فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القوم سبته (خ 84).
وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ولا الحائف للدول فيتخذ قوما دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، ويقف بها دون المقاطع، ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة (ك 131).
389

(538) 2 - ظاهرة عدم محاسبة الولاة على تفريطهم وانحرافهم:
(إلى زياد بن أبيه): وإني أقسم بالله قسما صادقا، لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا، لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر، ضئيل الأمر والسلام (ر 20).
(إلى زياد أيضا): فدع الإسراف مقتصدا، واذكر في اليوم غدا، وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك، أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين وتطمع - وأنت متمرغ في النعيم، تمنعه الضعيف والأرملة - أن يوجب لك ثواب المتصدقين وإنما المرء مجزي بما أسلف، وقادم على ما قدم والسلام (ر 21).
(إلى عبد الله بن عباس): وقد بلغني تنمرك لبني تميم، وغلظتك عليهم، وإن بني تميم لم يغب لهم نجم إلا طلع لهم آخر، وإنهم لم يسبقوا بوغم في جاهلية ولا إسلام، وإن لهم بنا رحما ماسة، وقرابة خاصة، نحن مأجورون على صلتها، ومأزورون على قطيعتها (ر 18).
(إلى بعض عماله): أما بعد، فإن دهاقين أهل بلدك شكوا منك غلظة وقسوة، واحتقارا وجفوة، ونظرت فلم أرهم أهلا لأن يدنوا لشركهم، ولا أن يقصوا ويجفوا لعهدهم، فالبس لهم جلبابا من اللين تشوبه بطرف من الشدة، وداول لهم بين القسوة والرأفة، وامزج لهم بين التقريب والإدناء، والإبعاد والإقصاء (ر 19).
(إلى بعض عماله): أما بعد، فقد بلغني عنك أمر إن كنت فعلته، فقد أسخطت ربك، وعصيت إمامك، وأخزيت أمانتك، بلغني أنك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك، وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلي حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس كأنك - لا أبا لغيرك - حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد، أو ما تخاف نقاش الحساب أيها المعدود كان عندنا من أولي الألباب، كيف تسيغ شرابا وطعاما، وأنت تعلم أنك تأكل حراما، وتشرب حراما، وتبتاع الإماء، وتنكح النساء من أموال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين، الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال، وأحرز بهم هذه البلاد
390

فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك، لأعذرن إلى الله فيك، ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار، وو الله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، وأزيح الباطل عن مظلمتهما (ر 41).
(إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني): بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك، وعصيت إمامك، إنك تقسم فيء المسلمين - الذي حازته رماحهم وخيولهم، وأريقت عليه دماؤهم - فيمن اعتامك من أعراب قومك، فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لئن كان ذلك حقا، لتجدن لك علي هوانا، ولتخفن عندي ميزانا، فلا تستهن بحق ربك، ولا تصلح دنياك بمحق دينك، فتكون من الأخسرين أعمالا. ألا وإن حق من قبلك وقبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفئ سواء، يردون عندي عليه، ويصدرون عنه (ر 43).
(إلى عثمان بن حنيف الأنصاري): أما بعد يا بن حنيف، فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فألفظه، وما أيقنت بطيب وجهه فنل منه (ر 45).
(إلى المنذر بن الجارود العبدي): أما بعد، فإن صلاح أبيك غرني منك، وظننت أنك تتبع هديه، وتسلك سبيله، فإذا أنت فيما رقي إلي عنك لا تدع لهواك انقيادا، ولا تبقي لآخرتك عتادا، تعمر دنياك بخراب آخرتك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك، ولئن كان ما بلغني عنك حقا لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك، ومن كان بعنقك فليس بأهل أن يسد به ثغر، أو ينفذ به أمر، أو يعلى له قدر، أو يشرك في أمانة، أو يؤمن على جباية، فأقبل إلي حين يصل إليك كتابي هذا إن شاء الله (ر 71).
391

الفصل الرابع
«الفتنة الكبرى»
أولا:
«أهم شعارات الفتنة وشبهاتها»
1 - شعار الثأر لمقتل عثمان واتهام الإمام بضلوعه في قتله، وإيواء قاتليه:
(539) أ أوضح الإمام (ع) براءته من دم عثمان وأنه كان يدفع عنه ولم يقدم له سوى النصح والإرشاد:
(إلى طلحة والزبير): وقد زعمتما أني قتلت عثمان، فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة، ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل (ر 54).
فطلبتني (معاوية) بما لم تجن يدي ولساني (ر 55).
ولعمري، يا معاوية، لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان، ولتعلمن أني كنت في عزلة عنه إلا أن تتجنى، فتجن ما بدا لك والسلام (ر 6).
وأما تلك التي تريد (يا معاوية) فإنها خدعة الصبي عن اللبن في أول الفصال (ر 64).
إن الناس طعنوا عليه، فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عتابه (ر 1).
وما كنت لأعتذر من أني كنت أنقم عليه أحداثا، فإن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له، فرب ملوم لا ذنب له. «وقد يستفيد الظنة المتنصح» (ر 28).
والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما (ك 240).
الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، ونحن منه براء (ر 58).
لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا، غير أن من نصره لا يستطيع أن
392

يقول: خذله من أنا خير منه، ومن خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير مني (ك 30).
(لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان): أولم ينه بني أمية علمها بي عن قرفي، أوما وزع الجهال سابقتي عن تهمتي (ك 75).
(540) ب / كشف (ع) النقاب عن أن المتهمين له، كان لهم اليد الطولى في قتل عثمان
وهم:
1 - عائشة (حرضت على قتله):
وكان من عائشة فيه فلتة غضب (ر 1).
2 - طلحة والزبير (كانا من أشد المحرضين على قتله وأنهما لم ينصراه عند ما حوصرت داره في المدينة):
والله ما أنكروا علي منكرا، ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا، وإنهم ليطلبون حقا هم تركوه، ودما هم سفكوه، فإن كنت شريكهم فيه، فإن لهم نصيبهم منه، وإن كانوا ولوه دوني فما الطلبة إلا قبلهم (خ 137).
وكان طلحة والزبير أهون سيرهما فيه الوجيف، وأرفق حدائهما العنيف (ر 1).
(وقال عليه السلام حين بلغه خروج طلحة والزبير إلى البصرة لقتاله): والله ما استعجل متجردا للطلب بدم عثمان إلا خوفا من أن يطالب بدم، لأنه مظنته، ولم يكن في القوم أحرص عليه منه، فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ليلتبس الأمر ويقع الشك. وو الله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفان ظالما - كما كان يزعم - لقد كان ينبغي له أن يوازر قاتليه، وأن ينابذ ناصريه، ولئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه، والمعذرين فيه، ولئن كان في شك من الخصلتين، لقد كان ينبغي له أن يعتزله ويركد جانبا، ويدع الناس معه، فما فعل واحدة من الثلاث، وجاء بأمر لم يعرف بابه، ولم تسلم معاذيره (ك 174).
3 - معاوية (لم يسعفه بالمعونة عند ما طلب عثمان منه ذلك، فقد تباطأ جيشه في الطريق إليه عن عمد حسب أوامره:
393

(إلى معاوية): ثم ذكرت ما كان من أمري وأمر عثمان، فلك أن تجاب عن هذه لرحمك منه، فأينا كان أعدى له، وأهدى إلى مقاتله أمن بذل له نصرته فاستقعده واستكفه، أم من استنصره فتراخى عنه، وبث المنون إليه، حتى أتى قدره عليه، كلا والله ل‍ «قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا» (ر 28).
(إلى معاوية): فسبحان الله ما أشد لزومك للأهواء المبتدعة، والحيرة المتبعة مع تضييع الحقائق واطراح الوثائق، التي هي لله طلبة وعلى عباده حجة، فأما إكثارك الحجاج على عثمان وقتلته، فإنك إنما نصرت عثمان حيث كان النصر لك، وخذلته حيث كان النصر له، والسلام (ر 37).
وزعمت أنك جئت ثائرا بدم عثمان، ولقد علمت حيث وقع دم عثمان فاطلبه من هناك إن كنت طالبا (ر 10).
(541) ج في أنه لم يكن لعثمان مناص من القتل، وهو الذي جر لنفسه القتل بسبب تصرفاته:
أما بعد، فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون سمعه كعيانه: إن الناس طعنوا عليه، فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عتابه، وكان طلحة والزبير أهون سيرهما فيه الوجيف، وأرفق حدائهما العنيف، وكان من عائشة فيه فلتة غضب، فأتيح له قوم فقتلوه (ر 1).
إنه قد كان على الأمة وال أحدث أحداثا، وأوجد الناس مقالا، فقالوا، ثم نقموا فغيروا (ك 43).
إلى أن انتكث عليه فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته (خ 3).
(542) د لم يقتص الأمام من قتلة عثمان، ولم يشجع أو يساعد أحدا على الاقتصاص منهم لحساسية الظروف آنذاك، والنتائج الوخيمة التي يسببها مثل هذا العمل:
(بعد ما بويع بالخلافة، وقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوما ممن أجلب على
394

عثمان؟ فقال عليه السلام): يا إخوتاه إني لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف لي بقوة والقوم المجلبون على حد شوكتهم يملكوننا ولا نملكهم وها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، والتفت إليهم أعرابكم، وهم خلالكم يسومونكم ما شاؤوا، وهل ترون موضعا لقدرة على شيء تريدونه إن هذا الأمر أمر جاهلية، وإن لهؤلاء القوم مادة، إن الناس من هذا الأمر - إذا حرك - على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك، فاصبروا حتى يهدأ الناس، وتقع القلوب مواقعها، وتؤخذ الحقوق مسمحة، فاهدأوا عني، وانظروا ما ذا يأتيكم به أمري، ولا تفعلوا فعلة تضعضع قوة، وتسقط منة، وتورث وهنا وذلة، وسأمسك الأمر ما استمسك، وإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي (ك 168).
(إلى معاوية): وأما ما سألت من دفع قتلة عثمان إليك، فإني نظرت في هذا الأمر، فلم أره يسعني دفعهم إليك ولا إلى غيرك (ر 9).
(إلى معاوية): وقد أكثرت في قتلة عثمان، فادخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم إلي، أحملك وإياهم على كتاب الله تعالى (ر 64).
(543) 2 - شبهة عدم حصول الإجماع في بيعة الإمام عليه السلام:
(إلى معاوية): إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضى (ر 6).
ولعمري، لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس، فما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها، ثم ليس للشاهد أن يرجع، ولا للغائب أن يختار (خ 173).
وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم (خ 180).
(544) 3 - شبهة عدم استشارة الصحابة عند قيام الإمام بإصلاحاته الاقتصادية والإدارية:
(كلم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة وقد عتبا عليه من ترك مشورتهما،
395

والاستعانة في الأمور بهما): لقد نقمتما يسيرا، وأرجأتما كثيرا، ألا تخبراني، أي شيء كان لكما فيه حق دفعتكما عنه أم أي حق رفعه إلي أحد من المسلمين ضعفت عنه، أم جهلته، أم أخطأت بابه والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم فاتبعته، وما استن النبي (ص) فاقتديته، فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما، ولا رأي غيركما، ولا وقع حكم جهلته، فأستشيركما وإخواني من المسلمين، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما، ولا عن غيركما. وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي، ولا وليته هوى مني، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله (ص) قد فرغ منه، فلم أحتج إليكما فيما قد فرغ الله من قسمه، وأمضى فيه حكمه، فليس لكما، والله، عندي ولا لغيركما في هذا عتبى، أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق، وألهمنا وإياكم الصبر (ك 205).
(545) 5 - شبهة أن هنالك غير الإمام من لهم الحق بالخلافة، وأنهم من قريش أيضا:
إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم (خ 144).
لا يقاس بآل محمد (ص) من هذه الأمة أحد، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله، ونقل إلى منتقله (خ 2).
أيها الناس، إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه (خ 73).
وأنا من رسول الله (ص) كالصنو من الصنو، والذراع من العضد (ر 45).
فجزت قريشا عني الجوازي فقد قطعوا رحمي، وسلبوني سلطان ابن أمي (ر 36).
أما بنو مخزوم فريحانة قريش، نحب حديث رجالهم، والنكاح في نسائهم، وأما بنو عبد شمس فأبعدها رأيا، وأمنعها لما وراء ظهورها، وأما نحن فأبذل لما في أيدينا، وأسمح عند الموت بنفوسنا، وهم أكثر وأمكر وأنكر، ونحن أفصح وأنصح وأصبح (ح 120).
396

فإذا حكم بالصدق في كتاب الله، فنحن أحق الناس به، وإن حكم بسنة رسول الله (ص)، فنحن أحق الناس وأولاهم بها (ك 125).
ووالله إن جئتها، إني للمحق الذي يتبع، وإن الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته (ك 122).
(طلحة والزبير) لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله (ك 219).
(إلى معاوية): وأما قولك: إنا بنو عبد مناف، فكذلك نحن، ولكن ليس أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق، ولا المحق كالمبطل، ولا المؤمن كالمدغل، ولبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوى في نار جهنم، وفي أيدينا بعد فضل النبوة التي أذللنا بها العزيز، ولغشنا بها الذليل، ولما أدخل الله العرب في دينه أفواجا، وأسلمت له هذه الأمة طوعا وكرها، كنتم ممن دخل في الدين: إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم (ر 17).
(إلى معاوية): أما بعد، فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمدا (ص) لدينه، وتأييده إياه بمن أيده من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا، إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله تعالى عندنا، ونعمته علينا في نبينا، فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر، أو داعي مسدده إلى النضال، وزعمت أن أفضل الناس في الاسلام فلان وفلان، فذكرت أمرا إن تم أعتزلك كله، وإن نقص لم يلحقك ثلمه، وما أنت والفاضل والمفضول، والسائس والمسوس، وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين وترتيب درجاتهم وتعريف طبقاتهم هيهات لقد حن قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها ألا تربع أيها الإنسان على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخر حيث أخرك القدر فما عليك غلبة المغلوب، ولا ظفر الظافر وإنك لذهاب في التيه، رواغ عن القصد، ألا ترى - غير مخبر لك، ولكن بنعمة الله أحدث - أن قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار، ولكل فضل، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل: سيد الشهداء، وخصه رسول الله (ص) بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه أولا ترى أن قوما قطعت أيديهم في سبيل الله - ولكل فضل - حتى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم، قيل:
«الطيار في الجنة وذو
397

الجناحين!»، ولو لا ما نهى الله من تزكية المرء نفسه، لذكر ذاكر فضائل جمة، تعرفها قلوب المؤمنين، ولا تمجها آذان السامعين، فدع عنك من مالت به الرمية فإنا صنائع ربنا، والناس بعد صنائع لنا، لم يمنعنا قديم عزنا ولا عادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا، فنكحنا وأنكحنا، فعل الأكفاء ولستم هناك، وأنى يكون ذلك ومنا النبي ومنكم المكذب، ومنا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف، ومنا سيدا شباب أهل الجنة، ومنكم صبية النار، ومنا خير نساء العالمين، ومنكم حمالة الحطب، في كثير مما لنا وعليكم فإسلامنا قد سمع، وجاهليتنا لا تدفع، وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا، وهو قوله سبحانه وتعالى:
«وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله» وقوله تعالى:
«إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين» فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة، ولما احتج المهاجرون على الأنصار
يوم السقيفة برسول الله (ص) فلجوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم (ر 28).
(إلى معاوية): فأراد قومنا قتل نبينا، واجتياح أصلنا، وهموا بنا الهموم، وفعلوا بنا الأفاعيل، ومنعونا العذب، وأحلسونا الخوف، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب، فعزم الله لنا على الذب عن حوزته، والرمي من وراء حرمته، مؤمننا يبغي بذلك الأجر، وكافرنا يحامي عن الأصل، ومن أسلم من قريش خلو مما نحن فيه بحلف يمنعه، أو عشيرة تقوم دونه، فهو من القتل بمكان أمن، وكان رسول الله (ص) إذا أحمر البأس، وأحجم الناس، قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة، فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر، وقتل حمزة يوم أحد، وقتل جعفر يوم مؤتة، وأراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة، ولكن آجالهم عجلت، ومنيته أجلت، فيا عجبا للدهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي، ولم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد بمثلها، إلا أن يدعي مدع ما لا أعرفه، ولا أظن الله يعرفه، والحمد لله على كل حال (ر 9).
ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية، وولاة أمر الأمة بغير قدم سابق، ولا شرف باسق (ر 10).
ولقد كنت معه (ص) لما أتاه الملأ من قريش، فقالوا له: يا محمد، إنك قد ادعيت
398

عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك، ونحن نسألك أمرا إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه، علمنا أنك نبي ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب، فقال (ص):
«وما تسألون» قالوا: تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك، فقال (ص):
«إن الله على كل شيء قدير، فإن فعل الله لكم ذلك، أتؤمنون وتشهدون بالحق» قالوا: نعم، قال:
«فإني سأريكم ما تطلبون، وإني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير، وان فيكم من يطرح في القليب، ومن يحزب الأحزاب». ثم قال (ص):
«يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر، وتعلمين أني رسول الله، فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله» فو الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها، وجاءت ولها دوي شديد، وقصف كقصف أجنحة الطير، حتى وقفت بين يدي رسول الله (ص) مرفرفة، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله (ص)، وببعض أغصانها على منكبي، وكنت عن يمينه (ص)، فلما نظر القوم (من قريش) إلى ذلك قالوا - علوا واستكبارا -: فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها، فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب اقبال وأشده دويا، فكادت تلتف برسول الله (ص)، فقالوا - كفرا وعتوا -: فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان، فأمره (ص) فرجع، فقلت أنا: لا إله إلا الله، إني أول مؤمن بك يا رسول الله، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا بنبوتك، وإجلالا لكلمتك، فقال القوم كلهم (من قريش): بل ساحر كذاب، عجيب السحر خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا، يعنونني وإني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم، سيماهم سيما الصديقين، وكلامهم كلام الأبرار، عمار الليل ومنار النهار، متمسكون بحبل القرآن، يحيون سنن الله وسنن رسوله، لا يستكبرون ولا يعلون، ولا يغلون ولا يفسدون، قلوبهم في الجنان، وأجسادهم في العمل (خ 192).
إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به، ثم تلا:
«إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، وهذا النبي والذين آمنوا» الآية، ثم قال: إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته (ح 96).
399

الفصل الخامس
«الفتنة الكبرى»
ثانيا:
«رؤس الفتنة»
(546) 1، 2 - طلحة والزبير:
إنهما قطعاني وظلماني، ونكثا بيعتي، وألبا الناس علي (ك 137).
(الزبير): يزعم أنه قد بايع بيده، ولم يبايع بقلبه، فقد أقر بالبيعة، وادعى الوليجة (ك 8).
لا تلقين طلحة، فإنك إن تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه، يركب الصعب ويقول: هو الذلول، ولكن الق الزبير، فإنه ألين عريكة، فقل له: يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا (ك 31).
كل واحد منهما يرجو الأمر له، ويعطفه عليه دون صاحبه، لا يمتان إلى الله بحبل، ولا يمدان إليه بسبب، كل واحد منهما حامل ضب لصاحبه، وعما قليل يكشف قناعه به، والله لئن أصابوا الذي يريدون لينتزعن هذا نفس هذا، وليأتين هذا على هذا (ك 148).
لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله، فوقصوا دونه (ك 219).
ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله (ح 453).
(547) 3 - عائشة بنت أبي بكر:
وأما فلانة فأدركها رأي النساء، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل، ولها بعد حرمتها الأولى، والحساب على الله
400

تعالى (ك 156).
(548) 4 - معاوية بن أبي سفيان:
(إلى معاوية): فقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل، واقتحامك غرور المين والأكاذيب، وبانتحالك ما قد علا عنك، وابتزازك لما قد اختزن دونك، فرارا من الحق، وجحودا لما هو ألزم لك من لحمك ودمك، مما قد وعاه سمعك، وملئ به صدرك (ر 65).
فقد أجريت إلى غاية خسر، ومحلة كفر، فإن نفسك قد أولجتك شرا، وأقحمتك غيا، وأوردتك المهالك، وأوعرت عليك المسالك (ر 30).
أما بعد، فقد أتتني منك موعظة موصلة، ورسالة محيرة، نمقتها بضلالك، وأمضيتها بسوء رأيك، وكتاب امرئ ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، قد دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضلال فاتبعه، فهجر لاغطا، وضل خابطا (ر 7).
وإنك لذهاب في التيه، رواغ عن القصد (ر 28).
وإنك والله ما علمت الأغلف القلب، المقارب العقل، والأولى أن يقال لك: إنك رقيت سلما أطلعك مطلع سوء عليك لا لك، لأنك نشدت غير ضالتك، ورعيت غير سائمتك، وطلبت أمرا لست من أهله ولا في معدنه، فما أبعد قولك من فعلك وقريب ما أشبهت من أعمام وأخوال حملتهم الشقاوة، وتمني الباطل، على الجحود بمحمد (ص) فصرعوا مصارعهم حيث علمت (ر 64).
ولما أدخل الله العرب في دينه أفواجا، وأسلمت له هذه الأمة طوعا وكرها، كنتم ممن دخل في الدين: إما رغبة وإما رهبة (ر 17).
وقد أتاني كتاب منك ذو أفنانين من القول، ضعفت قواها عن السلم، وأساطير لم يحكها منك علم ولا حلم، أصبحت منها كالخائض في الدهاس، والخابط في الديماس، وترقيت إلى مرقبة بعيدة المرام، نازحة الأعلام، تقصر دونها الأنوق ويحاذي بها العيوق (ر 65).
واعلم أن الشيطان قد ثبطك عن أن تراجع أحسن أمورك، وتأذن لمقال
401

نصيحتك (ر 73).
امرئ ظاهر غيه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته (ر 39).
فإنك مترف قد أخذ الشيطان منه مأخذه، وبلغ فيك أمله، وجرى منك مجرى الروح والدم (ر 10).
ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية، وولاة أمر الأمة بغير قدم سابق، ولا شرف باسق (ر 10).
وما أنت والفاضل والمفضول، والسائس والمسوس وما للطلقاء وأبناء الطلقاء، والتمييز بين المهاجرين الأولين، وترتيب درجاتهم، وتعريف طبقاتهم، هيهات لقد حن قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها، ألا تربع أيها الانسان على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخر حيث أخرك القدر فما عليك غلبة المغلوب، ولا ظفر الظافر (ر 28).
فيا عجبا للدهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي، ولم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد بمثلها، إلا أن يدعي مدع ما لا أعرفه، ولا أظن الله يعرفه، والحمد لله على كل حال (ر 9).
والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر (ك 200).
وسأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس، والجسم المركوس (ر 45).
فسبحان الله ما أشد لزومك (معاوية) للأهواء المبتدعة، والحيرة المتبعة مع تضييع الحقائق واطراح الوثائق، التي هي لله طلبة، وعلى عباده حجة (ر 37).
(549) 5 - عمرو بن العاص:
فإنك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته، فاتبعت أثره، وطلبت فضله، اتباع الكلب للضرغام يلوذ بمخالبه، وينتظر ما يلقى إليه من فضل فريسته، فأذهبت دنياك وآخرتك (ر 39).
عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة، وأني امرؤ تلعابة: أعافس
402

وأمارس! لقد قال باطلا، ونطق آثما، أما - وشر القول الكذب - إنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف، ويسأل فيبخل، ويسأل فيحلف، ويخون العهد، ويقطع الإل، فإذا كان عند الحرب فأي زاجر وآمر هو ما لم تأخذ السيوف مآخذها، فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القرم سبته، أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة، إنه لم يبايع معاوية حتى شرط أن يؤتيه أتية، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة (خ 84).
وأقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية ومؤدبهم ابن النابغة (خ 180).
(550) عمر بن الخطاب والفتنة:
لله بلاء فلان... وخلف الفتنة... أصاب خيرها، وسبق شرها... رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي بها الضال، ولا يستيقن المهتدي (ك 228).
حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده... فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها... فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس، وتلون واعتراض (خ 3).
(551) عثمان بن عفان والفتنة:
(مخاطبا عثمان): وإني أنشدك الله ألا تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويبث الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها مرجا (ك 164).
403

الفصل السادس
«الفتنة الكبرى»
ثالثا:
«الأسباب الرئيسية والمباشرة لنشوب الفتنة»
(552) 1 - قيام الامام (ع) بإصلاحاته الكبيرة التي أضرت الكثير من المنتفعين:
فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول:
«تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين» بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها (خ 3).
إن هؤلاء قد تمالأوا على سخطة إمارتي، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم... وإنما طلبوا هذه الدنيا حسدا لمن أفاءها الله عليه، فأرادوا رد الأمور على أدبارها، ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى وسيرة رسول الله (ص) والقيام بحقه، والنعش لسنته.
(في رجال من المدينة التحقوا بمعاوية) وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، ومهطعون إليها، وقد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه ووعوه، وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا (ر 70).
(553) 2 - التنافس على الخلافة والولاية:
(في طلحة والزبير): كل واحد منهما يرجو الأمر له، ويعطفه عليه دون صاحبه، لا يمتان إلى الله بحبل، ولا يمدان إليه بسبب، كل واحد منهما حامل ضب لصاحبه، وعما قليل يكشف قناعه به والله لئن أصابوا الذي يريدون لينتزعن هذا نفس هذا (ك 148).
404

(أصحاب الجمل) لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله فوقصوا دونه (ك 219).
وقد قال له طلحة والزبير: نبايعك على أنا شركاؤك في هذا الأمر، فقال عليه السلام: لا، ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة، وعونان على العجز والأود (ح 202).
(كلم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة وقد عتبا عليه من ترك مشورتهما، والاستعانة في الأمور بهما): ألا تخبراني... أي حق رفعه إلي أحد من المسلمين ضعفت عنه، أم جهلته، أم أخطأت بابه... فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما، ولا رأي غيركما، ولا وقع حكم جهلته، فأستشيركما وإخواني من المسلمين، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما، ولا عن غيركما (ك 205).
(إلى معاوية): إنك رقيت سلما أطلعك مطلع سوء عليك لا لك، لأنك نشدت غير ضالتك، ورعيت غير سائمتك، وطلبت أمرا لست من أهله ولا في معدنه (ر 64).
ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية، وولاة أمر الأمة بغير قدم سابق، ولا شرف باسق (ر 10).
ألا تربع أيها الانسان (معاوية) على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخر حيث أخرك القدر فما عليك غلبة المغلوب، ولا ظفر الظافر (ر 28).
فيا عجبا للدهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي ولم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد بمثلها (ر 9).
(إلى معاوية): وأما طلبك إلي الشام، فإني لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك أمس (ر 17).
(في عمرو بن العاص): إنه لم يبايع معاوية حتى شرط أن يؤتيه أتية، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة (خ 84).
(إلى عمرو بن العاص): ولو بالحق أخذت أدركت ما طلبت (ر 39).
أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله (ص) نوطا، فإنها كانت أثرة، شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين (ك 162).
(554) 3 - بغض الفئات المعارضة للإمام وأهل بيت الرسول (ص):
والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيزنا (خ 33).
405

أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذبا وبغيا علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم... إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم (خ 144).
فدع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، وجماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (ص) قبلي (ر 36
).
إن هؤلاء قد تمالأوا على سخطة إمارتي... وإنما طلبوا الدنيا حسدا لمن أفاءها الله عليه (خ 169).
(طلحة والزبير) لقد نقمتما يسيرا، وأرجأتما كثيرا (ك 205).
وأما فلانة (عائشة) فأدركها رأي النساء، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل (ك 156)
406

الفصل السابع
«الفتنة الكبرى»
رابعا:
«الإمام ينصح ويمهل أقطاب الفتنة قبل محاربتهم»
(555) 1 - نصحه لعامة الناس:
ذمتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم، إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزته التقوى عن تقحم الشبهات، ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه (ص) (ك 16).
أيها الناس، أعينوني على أنفسكم، وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته، حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها (ك 136).
ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد، وإني لأخشى عليكم أن تكونوا في فترة، وقد كانت أمور مضت ملتم فيها ميلة، كنتم فيها عندي غير محمودين، ولئن رد عليكم أمركم إنكم لسعداء، وما علي إلا الجهد (خ 178).
أيها الناس، إني قد بثثت المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم، وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم، وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا، وحدوتكم بالزواجر فلم تستوسقوا (خ 182).
(556) 2 - نصحه لأصحاب الجمل (الناكثين):
فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما، فإن الآن أعظم أمركما العار، من قبل أن يتجمع
407

العار والنار (ر 54).
أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق، وألهمنا وإياكم الصبر، رحم الله رجلا رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا فرده، وكان عونا بالحق على صاحبه (ك 205).
الق الزبير... فقل له: يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا (ك 31).
ولقد استثبتهما قبل القتال، واستأنيت بهما أمام الوقاع، فغمطا النعمة، وردا العافية (ك 137).
(557) 3 - نصحه لأهل صفين «القاسطين»:
(إلى معاوية): فاتق الله فيما لديك، وانظر في حقه عليك، وارجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته، فإن للطاعة أعلاما واضحة، وسبلا نيرة، ومحجة نهجة، وغاية مطلبة، يردها الأكياس، ويخالفها الأنكاس، من نكب عنها جار عن الحق، وخبط في التيه، وغير الله نعمته، وأحل به نقمته، فنفسك نفسك فقد بين الله لك سبيلك، وحيث تناهت بك أمورك، فقد أجريت إلى غاية خسر، ومحلة كفر (ر 30).
(إلى معاوية): فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد عاقبة عمله، ويندم من أمكن الشيطان من قياده فلم يجاذبه (ر 48).
(إلى معاوية): فاتق الله في نفسك، ونازع الشيطان قيادك، واصرف إلى الآخرة وجهك، فهي طريقنا وطريقك، واحذر أن يصيبك الله منه بعاجل قارعة تمس الأصل وتقطع الدابر (ر 55).
(إلى معاوية): أما بعد، فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان الأمور، فقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل، واقتحامك غرور المين والأكاذيب، وبانتحالك ما قد علا عنك، وابتزازك لما قد اختزن دونك، فرارا من الحق، وجحودا لما هو ألزم لك من لحمك ودمك، مما قد وعاه سمعك، وملئ به صدرك، فما ذا بعد الحق إلا الضلال المبين، وبعد البيان إلا اللبس فاحذر الشبهة واشتمالها على لبستها، فإن الفتنة طالما أغدفت جلابيبها، وأغشت الأبصار ظلمتها... فمن الآن فتدارك نفسك، وانظر لها،
408

فإنك إن فرطت حتى ينهد إليك عباد الله أرتجت عليك الأمور، ومنعت أمرا هو منك اليوم مقبول، والسلام (ر 65).
(عند ما أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ولم ينزل معاوية على بيعته): إن استعدادي لحرب أهل الشام وجرير عندهم، إغلاق للشام، وصرف لأهله عن خير إن أرادوه، ولكن قد وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا، والرأي عندي مع الأناة، فأرودوا، ولا أكره لكم الإعداد (ك 43).
(وقال عليه السلام لأصحابه عند ما استبطأوا إذنه لهم في القتال بصفين): أما قولكم: أكل ذلك كراهية الموت فو الله ما أبالي، دخلت إلى الموت أو خرج الموت إلي. وأما قولكم شكا في أهل الشام، فو الله ما دفعت الحرب يوما إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي، وتعشوا إلى ضوئي، وذلك أحب إلي من أن أقتلها على
ضلالها، وإن كانت تبوء بآثامها (ك 55).
لا تقاتلوهم حتى يبدؤكم، فإنكم بحمد الله على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤكم حجة أخرى لكم عليهم (وص 14). (وطلب من أصحابه أن يدعو بهذا الدعاء أيام حرب صفين): اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به (ك 206).
(كتبه إلى أهل الأمصار، يقص فيه ما جرى بينه وبين أهل صفين): وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الاسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الأيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، ونحن منه براء فقلنا: تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة، وتسكين العامة، حتى يشتد الأمر ويستجمع، فنقوى على وضع الحق مواضعه، فقالوا: بل نداويه بالمكابرة فأبوا حتى جنحت الحرب وركدت، ووقدت نيرانها وحمشت، فلما ضرستنا وإياهم، ووضعت مخالبها فينا وفيهم،
409

أجابوا عند ذلك إلى الذي دعوناهم إليه، فأجبناهم إلى ما دعوا، وسارعناهم إلى ما طلبوا، حتى استبانت عليهم الحجة، وانقطعت منهم المعذرة، فمن تم على ذلك منهم فهو الذي أنقذه الله من الهلكة، ومن لج وتمادى فهو الراكس الذي ران الله على قلبه، وصارت دائرة السوء على رأسه (ر 58).
(558) 4 - نصحه للخوارج (المارقين):
فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النهر، وبأهضام هذا الغائط، على غير بينة من ربكم، ولا سلطان مبين معكم: قد طوحت بكم الدار، واحتبلكم المقدار (خ 36).
فأبوا شر مآب، وأرجعوا على أثر الأعقاب (ك 58).
410

الفصل الثامن
«الفتنة الكبرى»
خامسا:
«أسباب تصدي الإمام للفتنة»
(559) 1 - الوقوف بوجه الفتنة في مهدها أسهل بكثير من الوقوف بوجهها عند ما تستفحل وتعم وتصبح حقيقة ثابتة:
ثم إنكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت، فاتقوا سكرات النعمة، واحذروا بوائق النقمة، وتتبتوا في قتام العشوة، واعوجاج الفتنة عند طلوع جنينها، وظهور كمينها، وانتصاب قطبها، ومدار رحاها، تبدأ في مدارج خفية، وتؤول إلى فظاعة جلية، شبابها كشباب الغلام، وآثارها كآثار السلام، يتوارثها الظلمة بالعهود، أولهم قائد لآخرهم، وآخرهم مقتد بأولهم، يتنافسون في دنيا دنية، ويتكالبون على جيفة مريحة.
وعن قليل يتبرأ التابع من المتبوع، والقائد من المقود، فيتزايلون بالبغضاء، ويتلاعنون عند اللقاء.
ثم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرجوف، والقاصمة الزحوف، فتزيغ قلوب بعد استقامة، وتضل رجال بعد سلامة، وتختلف الأهواء عند هجومها، وتلتبس الآراء عند نجومها، من أشرف لها قصمته، ومن سعى فيها حطمته، يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة، قد اضطرب معقود الحبل، وعمي وجه الأمر، تغيض فيها الحكمة، وتنطق فيها الظلمة، وتدق أهل البدو بمسحلها، وترضهم بكلكلها، يضيع في غبارها الوحدان، ويهلك في طريقها الركبان، ترد بمر القضاء، وتحلب عبيط الدماء، وتثلم منار الدين، وتنقض عقد اليقين، يهرب منها الأكياس، ويدبرها الأرجاس، مرعاد مبراق، كاشفة عن
411

ساق، تقطع فيها الأرحام، ويفارق عليها الاسلام، بريها سقيم، وظاعنها مقيم (خ 151).
اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان، عزب رأي امرئ تخلف عني، ما شككت في الحق مذ أريته، لم يوجس موسى عليه السلام خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال (خ 4).
(560) 2 - الوقوف بوجه الفتنة - حتى إذا لم يقضي عليها تماما - فإنه سيفضحها، ويكشفها للناس، ويحجم تأثيرها فيهم حاضرا ومستقبلا:
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه (خ 147).
اليوم تواقفنا على سبيل الحق والباطل... أقمت لكم على سنن الحق في جواد المضلة، حيث تلتقون ولا دليل، وتحتفرون ولا تميهون (خ 4).
(إلى معاوية): وأما قولك: إن الحرب قد أكلت العرب إلا حشاشات أنفس بقيت، ألا ومن أكله الحق فإلى الجنة، ومن أكله الباطل فإلى النار (ر 17).
أيها الناس، فإني فقأت عين الفتنة... بعد أن ماج غيهبها، واشتد كلبها (خ 93).
غدا ترون أيامي، ويكشف لكم عن سرائري، وتعرفونني بعد خلو مكاني، وقيام غيري مقامي (خ 149).
(إلى معاوية) أما بعد، فإنا كنا نحن وأنتم على ما ذكرت من الألفة والجماعة، ففرق بيننا وبينكم أمس أنا آمنا وكفرتم، واليوم أنا استقمنا وفتنتم (ر 64).
(آل محمد عليهم السلام) بهم عاد الحق إلى نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته (ك 239).
فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه (ر 62).
(561) 3 - عدم التصدي للفتنة من قبل الإمام وفي عهده ستكون نتيجته القضاء على الإسلام والإمام نفسه وأبنائه البررة عليهم السلام، وهذا هو الهدف الأول لأقطاب الفتنة:
حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه، وسد فواره من ينبوعه، وجدحوا بيني
412

وبينهم شربا وبيئا، فإن ترتفع عنا وعنهم محن البلوى، أحملهم من الحق على محضه، وإن تكن الأخرى، «فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، إن الله عليم بما يصنعون» (ك 162).
والله لا أكون كالضبع: تنام على طول اللدم، حتى يصل إليها طالبها، ويختلها راصدها، ولكني أضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المريب أبدا، حتى يأتي علي يومي (خ 6).
فدع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، وجماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (ص) قبلي (ر 36).
ما لي ولقريش والله لقد قاتلتهم كافرين، ولأقاتلنهم مفتونين، وإني لصاحبهم بالأمس، كما أنا صاحبهم اليوم والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيزنا (خ 33).
(وقال عليه السلام عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة): إن هؤلاء قد تمالأوا على سخطة أمارتي، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم، فإنهم إن تمموا على فيالة هذا الرأي انقطع نظام المسلمين، وإنما طلبوا هذه الدنيا حسدا لمن أفاءها الله عليه، فأرادوا رد الأمور على أدبارها ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى، وسيرة رسول الله (ص) والقيام بحقه، والنعش لسنته (خ 169).
ولكنني آس أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا، فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام، وجلد حدا في الإسلام، وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له الرضائخ، فلو لا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم، وجمعكم وتحريضكم، ولتركتم إذ أبيتم وونيتم (ر 62).
ألا وقد قطعتم قيد الاسلام، وعطلتم حدوده، وأمتم أحكامه (خ 192).
ألا وإن الشيطان قد ذمر حزبه، واستجلب جلبه، ليعود الجور إلى أوطانه، ويرجع الباطل إلى نصابه (خ 22).
استعدوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، وموزعين بالجور لا يعدلون به، جفاة عن الكتاب، نكب عن الطريق (ك 125).
413

(562) 4 - توفر الأعوان للإمام في بداية الأمر لم يدع له عليه السلام عذرا في عدم التصدي للفتنة:
(إلى معاوية): وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحب اللقاء إليهم لقاء ربهم، وقد صحبتهم ذرية بدرية، وسيوف هاشمية، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدك وأهلك «وما هي من الظالمين ببعيد» (ر 28).
(ولكن عند ما قتل من خيار أصحابه الكثير وتخاذل أكثر الباقين قال عليه السلام): أين القوم الذي دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا، وصفا صفا، بعض هلك، وبعض نجا... أولئك إخواني الذاهبون، فحق لنا أن نظمأ إليهم، ونعض الأيدي على فراقهم (خ 121).
ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم - وهم بصفين - ألا يكونوا اليوم أحياء يسيغون الغصص ويشربون الرنق... أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحق، أين عمار وأين ابن التيهان وأين ذو الشهادتين وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية... دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه (خ 182).
وأما استواؤنا في الحرب والرجال فلست بأمضى على الشك مني على اليقين، وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة (ر 17).
أنتم الأنصار على الحق، والاخوان في الدين، والجنن يوم البأس، والبطانة دون الناس، بكم أضرب المدبر، وأرجو طاعة المقبل، فأعينوني بمناصحة خلية من الغش، سليمة من الريب، فو الله إني لأولى الناس بالناس (ك 118).
(قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة): أيها الناس، إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب، حتى نهكتكم الحرب (ك 208).
(بعد ما بويع بالخلافة، وقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان فقال عليه السلام):
414

... إن الناس من هذا الأمر - إذا حرك - على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك (ك 168).
(إلى أهل الكوفة بعد فتح البصرة): وجزاكم الله من أهل مصر عن أهل بيت نبيكم أحسن ما يجزي العاملين بطاعته، والشاكرين لنعمته، فقد سمعتم وأطعتم، ودعيتم فأجبتم (ر 2).
وقد رأيت جولتكم، وانحيازكم عن صفوفكم، تحوزكم الجفاة الطغام، وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم العرب، ويآفيخ الشرف، والأنف المقدم، والسنام الأعظم، ولقد شفى وحاوح صدري أن رأيتكم بأخرة تحوزونهم كما حازوكم، وتزيلونهم عن مواقفهم كما أزالوكم، جسا بالنصال، وشجرا بالرماح، تركب أولاهم أخراهم كالإبل الهيم المطرودة، ترمى عن حياضها، وتذاد عن مواردها (ك 107).
(563) 5 - الواجب الشرعي يحتم قتال الناكثين والمارقين والقاسطين، وأولئك الذين يثيرون الفتن في البلاد الاسلامية، والذين يقتلون الناس بغير حق:
ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الأرض، فأما الناكثون فقد قاتلت، وأما القاسطون فقد جاهدت، وأما المارقة فقد دوخت، وأما شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ورجة صدره (خ 192).
وأما ما سألت عنه من رأيي في القتال، فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله (ر 36).
ولقد ضربت أنف هذا الأمر وعينه، وقلبت ظهره وبطنه، فلم أر لي فيه إلا القتال أو الكفر بما جاء به محمد (ص) (ك 43).
إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى (ر 6).
أيها الناس، إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن
415

شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل، ولعمري، لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس، فما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها، ثم ليس للشاهد أن يرجع، ولا للغائب أن يختار، ألا وإني أقاتل رجلين: رجلا ادعى ما ليس له، وآخر منع الذي عليه (خ 173).
(إلى عمرو بن العاص): فإنك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته، فاتبعت أثره، وطلبت فضله، اتباع الكلب للضرغام، يلوذ بمخالبه، وينتظر ما يلقى إليه من فضل فريسته، فأذهبت دنياك وآخرتك ولو بالحق أخذت أدركت ما طلبت، فإن يمكنني الله منك ومن ابن أبي سفيان أجزكما بما قدمتما، وإن تعجزا وتبقيا فما أمامكما شر لكما، والسلام (ر 39).
وإن كنتما بايعتماني كارهين، فقد جعلتما لي عليكما السبيل باظهاركما الطاعة، وإسراركما المعصية، ولعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقية والكتمان (ر 54).
(564) 6 - الجرائم الكبيرة التي ارتكبها أقطاب الفتنة لا يمكن أن تترك بدون عقاب من قبل خليفة المسلمين:
(في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه عليه السلام): فقدموا على عمالي وخزان بيت المسلمين الذي في يدي، وعلى أهل مصر، كلهم في طاعتي وعلى بيعتي، فشتتوا كلمتهم، وأفسدوا علي جماعتهم، ووثبوا على شيعتي، فقتلوا طائفة منهم غدرا، وطائفة عضوا على أسيافهم، فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقين (ح 218).
فقدموا على عاملي بها (البصرة) وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم من أهلها، فقتلوا طائفة صبرا، وطائفة غدرا، فو الله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا معتمدين لقتله، بلا جرم جره، لحل لي قتل ذلك الجيش كله، إذ حضروه فلم ينكروا، ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد، دع ما أنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم (خ 172).
(في شأن طلحة والزبير): اللهم إنهما قطعاني وظلماني، ونكثا بيعتي، وألبا الناس علي (ك 137).
416

فخرجوا يجرون حرمة رسول الله (ص) كما تجر الأمة عند شرائها، متوجهين بها إلى البصرة، فحبسا نساءهما في بيوتهما، وأبرزا حبيس رسول الله (ص) لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجل إلا وقد أعطاني الطاعة، وسمح لي بالبيعة طائعا غير مكره (خ 172).
ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى أمصاركم قد افتتحت، وإلى ممالككم تزوى، وإلى بلادكم تغزى (ر 62).
حتى شنت عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان، وهذا أخو غامد وقد وردت خيله الأنبار، وقد قتل حسان بن حسان البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها، ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين... فلو أن امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما، بل كان عندي جديرا (خ 27).
زرعوا الفجور، وسقوه الغرور، وحصدوا الثبور (خ 2).
(إلى معاوية): وأرديت جيلا من الناس كثيرا، خدعتهم بغيك، وألقيتهم في موج بحرك، تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشبهات، فجازوا عن وجهتهم، ونكصوا على أعقابهم، وتولوا على أدبارهم، وعولوا على أحسابهم (ر 32).
(إلى زياد بن أبيه): وقد عرفت أن معاوية كتب إليك يستزل لبك، ويستفل غربك، فاحذره، فإنما هو الشيطان (ر 44).
(565) 7 - الامام بصفته المثل الأعلى للقيادة الاسلامية بعد رسول الله (ص) لا بد له أن يتصدى للفتنة ولا يداهن أو يتوان عن ذلك قيد شعرة وإلا فإنه سيفقد خاصية المثل الأعلى، ولن تغفر له الأجيال ذلك بالإضافة إلى حرمان الأجيال من قدوة في مجال التصدي للفتن التي تعصف بالبلاد الاسلامية:
أما والله إن كنت لفي ساقتها، حتى تولت بحذافيرها ما عجزت ولا جبنت، وإن مسيري هذا لمثلها، فلأنقبن الباطل حتى يخرج الحق من جنبه (خ 33).
وأيم الله، لقد كنت من ساقتها حتى تولت بحذافيرها، واستوسقت في قيادها، ما ضعفت، ولا جبنت، ولا خنت، ولا وهنت، وأيم الله، لأبقرن الباطل حتى أخرج الحق
417

من خاصرته (خ 104).
ولعمري ما علي من قتال من خالف الحق، وخابط الغي من إدهان ولا إيهان (خ 24).
أنت فكن ذاك إن شئت، فأما أنا فو الله دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفية تطير منه فراش الهام، وتطيح السواعد والأقدام، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء (خ 34).
وأما ما سألت عنه من رأيي في القتال، فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة، ولا تحسبن ابن أبيك - ولو أسلمه الناس - متضرعا متخشعا، ولا مقرا للضيم واهنا، ولا سلس الزمام للقائد، ولا وطئ الظهر للراكب المتقعد، ولكنه كما قال أخو بني سليم:
فإن تسأليني كيف أنت فإنني * صبور على ريب الزمان صليب
يعز علي أن ترى بي كآبة * فيشمت عاد أو يساء حبيب (ر 36).
فقمت بالأمر حين فشلوا، وتطلعت حين تقبعوا، ونطقت حين تعتعوا، ومضيت بنور الله حين وقفوا، وكنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم فوتا، فطرت بعنانها، واستبددت برهانها، كالجبل لا تحركه القواصف، ولا تزيله العواصف، لم يكن لأحد في مهمز، ولا لقائل في مغمز، الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره (ك 37).
أيها الناس، فإني فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري (خ 93).
غدا ترون أيامي، ويكشف لكم عن سرائري، وتعرفونني بعد خلو مكاني، وقيام غيري مقامي (خ 149).
وإني لعالم بما يصلحكم، ويقيم أودكم، ولكني لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي (ك 69).
(566) 8 - الامام عليه السلام مرصود ومأمور من قبل النبي (ص) لمواجهة الفتنة وفضحها:
(قد قام إليه رجل - وهو يخطب - فقال: يا أمير المؤمنين: أخبرنا عن الفتنة، وهل
418

سألت رسول الله (ص) عنها فقال عليه السلام): إنه لما أنزل الله سبحانه قوله:
«ألم. أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون» علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله (ص) بين أظهرنا. فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها فقال:
«يا علي، إن أمتي سيفتنون من بعدي» فقلت: يا رسول الله، أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحيزت عني الشهادة، فشق ذلك علي، فقلت لي:
«أبشر، فإن الشهادة من ورائك» فقال لي:
«إن ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذن» فقلت: يا رسول الله: ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر. وقال:
«يا علي، إن القوم سيفتنون بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم، ويتمنون رحمته، ويأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة، والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع» قلت: يا رسول الله، فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة فقال:
«بمنزلة فتنة» (خ 156).
419

الفصل التاسع
«الفتنة الكبرى»
سادسا:
«أسباب انتصار الفتنة ماديا على الإمام»
(567) 1 - تظاهر أقطاب الفتنة بالإسلام واستخدامهم للغدر والمكر في محاربة الإمام (ع):
(إلى معاوية): أما بعد، فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمدا (ص) عليه وآله لدينه، وتأييده إياه بمن أيده من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا، إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله تعالى عندنا، ونعمته علينا في نبينا... وزعمت أن أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان... (ر 28).
(إلى معاوية): وقد دعوتنا إلى حكم القرآن ولست من أهله، ولسنا إياك أجبنا، ولكنا أجبنا القرآن في حكمه (ر 48).
فعدوت (معاوية) على الدنيا بتأويل القرآن (ر 55).
فما أبعد قولك (معاوية) من فعلك (ر 64).
ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة، ومكرا وخديعة: إخواننا وأهل دعوتنا، استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه، فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم فقلت لكم: هذا أمر ظاهره إيمان، وباطنه عدوان، وأوله رحمة، وآخره ندامة (ك 122).
وقال (ع) لما سمع قول الخوارج:
«لا حكم إلا لله»: كلمة حق يراد بها باطل (ح 198).
والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولو لا كراهية الغدر لكنت من
420

أدهى الناس، ولكن كل غدرة فجرة، وكل فجرة كفرة، «ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة» (ك 200).
ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم، قاتلهم الله قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين (خ 41).
وأما بنو عبد شمس فأبعدها رأيا، وأمنعها لما وراء ظهورها، وأما نحن فأبذل لما في أيدينا، وأسمح عند الموت بنفوسنا، وهم أكثر وأمكر وأنكر، ونحن أفصح وأنصح وأصبح (ح 120).
وإني لعالم بما يصلحكم، ويقيم أودكم، ولكني لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي (ك 69).
(إلى معاوية): وإن البغي والزور يوتغان المرء في دينه ودنياه، ويبديان خلله عند من يعيبه (ر 48).
(إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه): وقد عرفت أن معاوية كتب إليك يستزل لبك، ويستفل غربك، فاحذره، فإنما هو الشيطان... (ر 44).
(568) 2 - تخاذل جيش الامام وعدم طاعته على الحق:
أ - الامام يصنف جيشه المتخاذل إلى ثلاثة أصناف:
(إلى عبد الله بن العباس، بعد مقتل محمد بن أبي بكر): وقد كنت حثثت الناس على لحاقه، وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة، ودعوتهم سرا وجهرا، وعودا وبدءا، فمنهم الآتي كارها، ومنهم المعتل كاذبا، ومنهم القاعد خاذلا (ر 35).
الصنف الأول: الآتي كارها:
دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسر، وتثاقلتم تثاقل النضو الأدبر، ثم خرج إلي منكم جنيد متذائب ضعيف «كأنما يساقون إلى الموت وهم
421

ينظرون» (خ 39).
إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم، كأنكم من الموت في غمرة، ومن الذهول في سكرة، يرتج عليكم حواري فتعمهون، وكأن قلوبكم مألوسة، فأنتم لا تعقلون (خ 34).
الصنف الثاني: المعتل كاذبا:
فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر (خ 27).
أعاليل بأضاليل، وسألتموني التطويل، دفاع ذي الدين المطول (خ 29).
(وقد جمع الناس وحضهم على الجهاد فسكتوا مليا فقال عليه السلام): ما بالكم أمخرسون أنتم فقال قوم منهم: يا أمير المؤمنين، إن سرت سرنا معك، فقال عليه السلام: ما بالكم لا سددتم لرشد ولا هديتم لقصد... طعانين عيابين، حيادين رواغين (ك 119).
الصنف الثالث: القاعد متخاذلا:
كلما أطل عليكم منسر من مناسر أهل الشام أغلق كل رجل منكم بابه، وانجحر انجحار الضبة في جحرها، والضبع في وجارها (ك 69).
أحمد الله على ما قضى من أمر، وقدر من فعل، وعلى ابتلائي بكم أيتها الفرقة التي إذا أمرت لم تطع، وإذا دعوت لم تجب، إن أمهلتم خضتم... وإن أجئتم إلى مشاقة نكصتم (خ 180).
استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا (خ 97).
منيت بمن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا دعوت... أقوم فيكم مستصرخا، وأناديكم متغوثا، فلا تسمعون لي قولا، ولا تطيعون لي أمرا (خ 39).
422

وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان (خ 27).
أيها الناس، المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء تقولون في المجالس: كيت وكيت، فإذا جاء القتال قلتم: حيدي حياد (خ 29).
ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فو الله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان (خ 27).
أما والذي نفسي بيده، ليظهرن هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لاسراعهم إلى باطل صاحبهم، وإبطائكم عن حقي (خ 97).
إنكم - والله - لكثير في الباحات، قليل تحت الرايات (ك 69).
ب - أسباب التخاذل:
(569) 1 - عدم غيرتهم على الإسلام وعلى نواميسهم:
لا أبالكم ما تنتظرون بنصركم ربكم أما دين يجمعكم، ولا حمية تحمشكم (خ 39).
لله أنتم، أما دين يجمعكم ولا حمية تشحذكم (خ 180).
فمكنتم الظلمة من منزلتكم، وألقيتم إليهم أزمتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم، يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات (خ 106).
وصار دين أحدكم لعقة على لسانه (خ 113).
لا تأخذون حقا، ولا تمنعون ضيما (خ 123).
والله إن امرأ يمكن عدوه من نفسه... ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره (خ 34).
ولقد بلغني أن الرجل منهم (جند معاوية) كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها، وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام... فلو أن امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما، بل كان به عندي جديرا... فقبحا لكم وترحا، حين صرتم غرضا يرمى: يغار عليكم ولا تغيرون،
423

وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون (خ 27).
وتنتقص أطرافكم فلا تمتعضون (خ 34).
أي دار بعد داركم تمنعون (خ 29).
(570) 2 - الركون إلى الدنيا:
(إلى أبي موسى الأشعري): فإن الناس قد تغير كثير منهم عن كثير من حظهم، فمالوا مع الدنيا، ونطقوا بالهوى (ر 78).
ما لي أراكم عن الله ذاهبين، وإلى غيره راغبين كأنكم نعم أراح بها سائم إلى مرعى وبي، ومشرب دوي، وإنما هي كالمعلوفة للمدى، لا تعرف ما ذا يراد بها إذا أحسن إليها تحسب يومها دهرها، وشبعها أمرها (خ 175).
ما بالكم تفرحون باليسير من الدنيا تدركونه، ولا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه ويقلقكم اليسير من الدنيا يفوتكم حتى يتبين ذلك في وجوهكم، وقلة صبركم عما زوي منها عنكم كأنها دار مقامكم، وكأن متاعها باق عليكم... قد تصافيتم على رفض الآجل، وحب العاجل (خ 113).
(وقال عليه السلام في رجال التحقوا بمعاوية): وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، ومهطعون إليها، وقد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه ووعوه، وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا (ر 70).
(571) 3 - أنهاك الحرب لهم وعدم صمودهم في القتال إلى النهاية ونصيحة الإمام لهم في هذا المجال:
أيها الناس، إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب، حتى نهتككم الحرب، وقد، والله، أخذت منكم وتركت، وهي لعدوكم أنهك (ك 208).
فلقد كنا مع رسول الله (ص) وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والاخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيمانا، ومضيا على الحق، وتسليما للأمر، وصبرا على مضض الجراح (ك 122).
424

ولقد كنا مع رسول الله (ص) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا: ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم، وجدا في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما: أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الاسلام ملقيا جرانه ومتبوئا أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم، ما قام للدين عمود، ولا اخضر للايمان عود (ك 56).
وإن حوربتم خرتم (خ 180).
أما بعد يا أهل العراق، فإنما أنتم كالمرأة الحامل، حملت فلما أتمت أملصت ومات قيمها، وطال تأيمها، وورثها أبعدها (خ 71).
(572) 4 - التفرقة في صفوفهم ونصيحة الامام لهم في هذا المضمار:
وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، و... (خ 25).
إنه لا غناء في كثرة عددكم مع قلة اجتماع قلوبكم (ك 119).
فيا عجبا عجبا - والله - يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم (خ 27).
أيها الناس، المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم (خ 29).
تربت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها كلما جمعت من جانب تفرقت من آخر (خ 97).
وما أنتم بركن يمال بكم، ولا زوافر عز يفتقر إليكم، ما أنتم إلا كإبل ضل رعاتها، فكلما جمعت من جانب انتشرت من آخر (خ 34).
كم أداريكم كما تدارى البكار العمدة، والثياب المتداعية كلما حيصت من جانب تهتكت من آخر (ك 69).
وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبا (خ 97).
425

لله أنتم أما دين يجمعكم ولا حمية تشحذكم أوليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه على غير معونة ولا عطاء، وأنا أدعوكم - وأنتم تريكة الاسلام، وبقية
الناس - إلى المعونة أو طائفة من العطاء، فتفرقون عني وتختلفون علي إنه لا يخرج إليكم من أمري رضى فترضونه، ولا سخط فتجتمعون عليه (خ 180).
هذا جزاء من ترك العقدة... إن الشيطان يسني لكم طرقه، ويريد أن يحل دينكم عقدة عقدة، ويعطيكم بالجماعة الفرقة، وبالفرقة الفتنة، فأصدفوا عن نزغاته ونفثاته، واقبلوا النصيحة ممن أهداها إليهم، واعقلوها على أنفسكم (خ 121).
ألا وإنكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة، وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية، فإن الله سبحانه قد امتن على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة التي ينتقلون في ظلها، ويأوون إلى كنفها، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنها أرجح من كل ثمن، وأجل من كل خطر، واعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا، وبعد الموالاة أحزابا، ما تتعلقون من الاسلام إلا باسمه، ولا تعرفون من الايمان إلا رسمه، تقولون: النار ولا العار كأنكم تريدون أن تكفئوا الاسلام على وجهه انتهاكا لحريمه، ونقضا لميثاقه الذي وضعه الله لكم حرما في أرضه، وأمنا بين خلقه (خ 192).
(573) 5 - تسرب الشكوك إلى صفوف الجيش وبث الإشاعات الباطلة حول الامام:
ولقد بلغني أنكم تقولون: علي يكذب، قاتلكم الله تعالى فعلى من أكذب أعلى الله فأنا أول من آمن به أم على نبيه فأنا أول من صدقه كلا والله، لكنها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من أهلها (خ 71).
فو الذي لا إله إلا هو إني لعلى جادة الحق، وإنهم لعلى مزلة الباطل (ك 197).
وإني لعلى بينة من ربي، ومنهاج من نبيي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا (ر 45).
وإني لعلى يقين من ربي، وغير شبهة من ديني (خ 22).
ما استبدلت دينا، ولا استحدثت نبيا، وإني لعلى المنهاج الذي تركتموه طائعين، ودخلتم فيه مكرهين (ر 10).
426

فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت، فلم تضللون عامة أمة محمد (ص) بضلالي، وتأخذونهم بخطئ (ك 127).
(وقيل: إن الحارث بن حوط أتاه فقال: أتراني أظن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة) فقال عليه السلام: يا حارث، إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت إنك لم تعرف الحق فتعرف من أتاه، ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه (ح 262).
أولم ينة بني أمية علمها بي عن قرفي، أوما وزع الجهال سابقتي عن تهمتي ولما وعظهم الله به أبلغ من لساني، أنا حجيج المارقين، وخصيم الناكثين المرتابين، وعلى كتاب الله تعرض الأمثال، وبما في الصدور تجازى العباد (ك 75).
عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة، وأني امرؤ تلعابة: أعافس وأمارس لقد قال باطلا، ونطق آثما، أما - وشر القول الكذب - إنه ليقول فيكذب،... أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة (خ 84).
(إلى أبي موسى الأشعري)... وإني لأعبد أن يقول قائل بباطل، وأن أفسد أمرا قد أصلحه الله، فدع ما لا تعرف، فإن شرار الناس طائرون إليك بأقاويل السوء، والسلام (ر 78).
(574) ج - الامام تصيبه خيبة أمل من جيشه فيقوم بتقريعهم وتوبيخهم ويدعو عليهم:
ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم (خ 29).
المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فقد فاز - والله - بالسهم الأخيب، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل، أصبحت والله لا أصدق قولكم، ولا أطمع في نصركم، ولا أوعد العدو بكم (خ 29).
فما يدرك بكم ثار، ولا يبلغ بكم مرام (خ 39).
فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته (خ 25).
ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، وما أنتم بركن يمال بكم، ولا زوافر عز يفتقر
427

إليكم (خ 34).
أقومكم غدوة، وترجعون إلي - عشية - كظهر الحنية، عجز المقوم، وأعضل المقوم (خ 97).
أريد أن أداوي بكم وأنتم دائي، كناقش الشوكة بالشوكة، وهو يعلم أن ضلعها معها اللهم قد ملت أطباء هذا الداء الدوي، وكلت النزعة بأشطان الركي (خ 121).
هيهات أن أطلع بكم سرار العدل، أو أقيم اعوجاج الحق (ك 131).
أيها الناس، إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم، وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم، وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا، وحدوتكم بالزواجر فلم تستوسقوا لله أنتم، أتتوقعون إماما غيري يطأ بكم الطريق، ويرشدكم السبيل (خ 182).
فقبحا لكم وترحا،... فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم - والله - من السيف أفر يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة - والله - جرت ندما، وأعقبت سدما. قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا (خ 27).
أف لكم لقد سئمت عتابكم (خ 34).
أضرع الله خدودكم، وأتعس جدودكم لا تعرفون الحق كمعرفتكم الباطل، ولا تبطلون الباطل كإبطالكم الحق (ك 69).
يا أهل الكوفة، منيت منكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو كلا م، وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء تربت أيديكم... والله لكأني بكم فيما إخالكم: أن لو حمس الوغى، وحمي الضراب، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها (خ 97).
ما لي أراكم أشباحا بلا أرواح، وأرواحا بلا أشباح، ونساكا بلا صلاح، وتجارا بلا أرباح، وأيقاظا نوما، وشهودا غيبا، وناظرة عمياء، وسامعة صماء، وناطقة بكماء (خ 108).
لا أبا لغيركم ما تنتظرون بنصركم والجهاد على حقكم الموت أو الذل لكم
428

فو الله لئن جاء يومي - وليأتيني - ليفرقن بيني وبينكم، وأنا لصحبتكم قال، وبكم غير كثير (خ 180).
(قالها لسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن عمر لما امتنعوا من الخروج معه لحرب أصحاب الجمل) ما كل مفتون يعاتب (ح 15).
وإن أحب ما أنا لاق إلي الموت (خ 180).
اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني، اللهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء (خ 25).
ولوددت أن الله فرق بيني وبينكم، وألحقني بمن هو أحق بي منكم... أما والله ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتكم، ويذيب شحمتكم، إيه أبا وذحة (خ 116).
أسأل الله تعالى أن يجعل لي منهم فرجا عاجلا، فو الله لو لا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة، وتوطيني نفسي على المنية، لأحببت ألا ألقى مع هؤلاء يوما واحدا، ولا ألتقي بهم أبدا (ر 35).
اللهم أيما عبد من عبادك سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة، والمصلحة غير المفسدة في الدين والدنيا، فأبى بعد سمعه لها إلا النكوص عن نصرتك، والابطاء عن إعزاز دينك، فإنا نستشهدك عليه يا أكبر الشاهدين شهادة، ونستشهد عليه جميع ما أسكنته أرضك وسماواتك، ثم أنت بعد المغني عن نصره، والآخذ له بذنبه (خ 212).
ملكتني عيني وأنا جالس، فسنح لي رسول الله (ص) فقلت: يا رسول الله، ما ذا لقيت من أمتك من الأود واللدد فقال:
«ادع عليهم» فقلت: أبدلني الله خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا لهم مني (ك 70).
(575) 3 - مقتل الامام (ع) فقد هزم الامام الناكثين والمارقين ولم يبق سوى بضعة فلول من جيش معاوية، فأعد الامام جيشا كبيرا لذلك ولكنه قتل عشية اليوم المقرر لقتالهم:
فأما الناكثون فقد قاتلت، وأما القاسطون فقد جاهدت، وأما المارقة فقد دوخت، وأما شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ورجة صدره، وبقيت بقية من
429

أهل البغي، ولئن أذن الله في الكرة عليهم لأديلن منهم إلا ما يتشذر في أطراف البلاد تشذرا (خ 192).
إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد (ص) تفويقا، والله لئن بقيت لهم لأنفضنهم نفض اللحام الوذام التربة (ك 77).
لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء (ح 272).
430

الفصل العاشر
«الفتنة الكبرى»
سابعا:
«مسائل التحكيم»
(576) 1 - شبهة قبول الإمام للتحكيم بعد رفضه له،
وبيان الأسباب التي دفعت الإمام لذلك: (قام إليه رجل من أصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها، فلم ندر أي الأمرين أرشد فصفق عليه السلام إحدى يديه على الأخرى ثم قال): هذا جزاء من ترك العقدة أما والله لو أني حين أمرتكم به حملتكم على المكروه الذي يجعل الله فيه خيرا، فإن استقمتم هديتكم وإن اعوججتم قومتكم، وإن أبيتم تداركتكم، لكانت الوثقى، ولكن بمن وإلى من أريد أن أداوي بكم وأنتم دائي، كناقش الشوكة بالشوكة، وهو يعلم أن ضلعها معها (خ 121).
أيها الناس، إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب، حتى نهكتكم الحرب، وقد، والله، أخذت منكم وتركت، وهي لعدوكم أنهك، لقد كنت أمس أميرا، فأصبحت اليوم مأمورا، وكنت أمس ناهيا، فأصبحت اليوم منهيا، وقد أحببتم البقاء، وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون (ك 208).
(للخوارج): ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة، ومكرا وخديعة: إخواننا وأهل دعوتنا، استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه، فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم فقلت لكم: هذا أمر ظاهره إيمان، وباطنه عدوان، وأوله رحمة، وآخره ندامة، فأقيموا على شأنكم، والزموا طريقتكم، وعضوا على الجهاد بنواجذكم، ولا تلتفتوا إلى ناعق
431

نعق: إن أجيب أضل، وإن ترك ذل، وقد كانت هذه الفعلة وقد رأيتكم أعطيتموها (ك 122).
وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة، فأبيتم علي إباء المنابذين، حتى صرفت رأيي إلى هواكم... ولم آت - لا أبالكم - بجرا، ولا أردت لكم ضرا (خ 36).
وإني قد نزلت من هذا الأمر منزلا معجبا، اجتمع به أقوام أعجبتهم أنفسهم، وأنا أداوي منهم قرحا أخاف أن يكون علقا، وليس رجل - فاعلم - أحرص على جماعة أمة محمد (ص) مني أبتغي بذلك حسن الثواب (ر 78).
(577) 2 - الإمام (ع) لم يرفض الحكم بالقرآن الكريم بل كان من الداعين إليه في بداية الأمر وفي نهايته ولكن بشرطها وشروطها ويؤكد (ع) أن التحكيم لو كان قد جرى بالأسلوب الصحيح لحكم لصالحه:
ووالله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع، وإن الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته (ك 122).
فإذا حكم بالصدق في كتاب الله، فنحن أحق الناس به، وإن حكم بسنة رسول الله (ص)، فنحن أحق الناس وأولاهم بها (ك 125).
فإنما حكم الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، وإحياؤه الاجتماع عليه، وإماتته الافتراق عنه (ك 127).
وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام... فقلنا: تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة، وتسكين العامة حتى يشتد الأمر ويستجمع، فنقوى على وضع الحق مواضعه، فقالوا: بل نداويه بالمكابرة فأبوا حتى جنحت الحرب وركدت، ووقدت نيرانها وحمشت، فلما ضرستنا وإياهم، ووضعت مخالبها فينا وفيهم، أجابوا عند ذلك إلى الذي دعوناهم إليه فأجبناهم إلى ما دعوا، وسارعناهم إلى ما طلبوا (ر 58).
فإذا طمعنا في خصلة، يلم الله بها شعثنا، ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا، رغبنا فيها، وأمسكنا عما سواها (ك 122).
ولما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله
432

سبحانه وتعالى، وقد قال الله سبحانه:
«فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» فرده إلى الله أن نحكم بكتابه، ورده إلى الرسول أن نأخذ بسنته (ك 125).
وأما قولكم: لم جعلت بينك وبينهم أجلا في التحكيم فإنما فعلت ذلك ليتبين الجاهل، ويتثبت العالم، ولعل الله أن يصلح في هذه الهدنة أمر هذه الأمة، ولا تؤخذ بأكظامها، فتعجل عن تبين الحق، وتنقاد لأول الغي، إن أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه - وإن نقصه وكرثه - من الباطل وإن جر إليه فائدة وزاده، فأين يتاه بكم، ومن أين أتيتم (ك 125).
(578) 3 - الإمام يرفض أبا موسى الأشعري حكما عنه، ويقترح عبد الله بن العباس بدلا منه:
ألا وإن القوم اختاروا لأنفسهم أقرب القوم مما تحبون، وإنكم اخترتم لأنفسكم أقرب القوم مما تكرهون، وإنما عهدكم بعبد الله بن قيس بالأمس يقول:
«إنها فتنة، فقطعوا أوتاركم، وشيموا سيوفكم». فإن كان صادقا فقد أخطأ بمسيره غير مستكره، وإن كان كاذبا فقد لزمته التهمة، فادفعوا في صدر عمرو بن العاص بعبد الله بن العباس، وخذوا مهل الأيام، وحوطوا قواصي الإسلام (ك 238).
(579) 4 - الإمام ينزل على رأي أصحابه في تعيين أبي موسى الأشعري ويقوم بنصيحته محاولة منه عليه السلام بأن لا يزيغ الأشعري عن حكم الحق والقرآن الكريم:
فإن الناس قد تغير كثير منهم عن كثير من حظهم، فمالوا مع الدنيا ونطقوا بالهوى، وإني نزلت من هذا الأمر منزلا معجبا، اجتمع به أقوام أعجبتهم أنفسهم، وأنا أداوي منهم قرحا أخاف أن يكون علقا، وليس رجل - فاعلم - أحرص على جماعة أمة محمد (ص) مني، أبتغي بذلك حسن الثواب، وكرم المآب، وسأفي بالذي وأيت على نفسي، وإن تغيرت عن صالح ما فارقتني عليه، فإن الشقي من حرم نفع ما أوتي من العقل، والتجربة، وإني لأعبد أن يقول قائل بباطل، وأن أفسد أمرا قد أصلحه الله، فدع ما لا تعرف (ر 78).
433

(580) 5 - الإمام يبين أسباب خداع وفشل أبي موسى الأشعري في التحكيم:
إنما اجتمع رأي ملئكم على اختيار رجلين، أخذنا عليهما ألا يتعديا القرآن، فتاها عنه، وتركا الحق وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما فمضيا عليه، وقد سبق استثناؤنا عليهما - في الحكومة بالعدل، والصمد للحق - سوء رأيهما، وجور حكمهما (ك 127).
فأجمع رأي ملأكم على أن اختاروا رجلين، فأخذنا عليهما أن يجعجعا عند القرآن، ولا يجاوزاه، وتكون ألسنتهما معه وقلوبهما تبعه، فتاها عنه، وتركا الحق وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما، والاعوجاج رأيهما، وقد سبق استثناؤنا عليهما في الحكم بالعدل والعمل بالحق سوء رأيهما وجور حكمهما. والثقة في أيدينا لأنفسنا، حين خالفا سبيل الحق، وأتيا بما لا يعرف من معكوس الحكم (ك 177).
(581) 6 - الامام يلوم أصحابه على تفريطهم بنصائحه في التحكيم بعد أن خدع أبو موسى الأشعري، ويدعوهم لمواصلة القتال:
أما بعد، فإن معصية الناصح الشفيق العالم المجرب تورث الحسرة، وتعقب الندامة، وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري، ونخلت لكم مخزون رأيي، لو كان يطاع لقصير أمر فأبيتم علي إباء المخالفين الجفاة، والمنابذين العصاة، حتى ارتاب الناصح بنصحه، وضن الزند بقدحه، فكنت أنا وإياكم كما قال أخو هوازن:
أمرتكم أمري بمتعرج اللوى * فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغد (خ 35).
فأين يتاه بكم، ومن أين أتيتم استعدوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، وموزعين بالجور لا يعدلون به، جفاة عن الكتاب، نكب عن الطريق (ك 125).
434

الفصل الحادي عشر
«الفتنة الكبرى»
ثامنا:
«الامام يصف الفئات التي حاربته»
(582) 1 - أصحاب الجمل:
كنتم جند المرأة، وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فهربتم، أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه (ك 13).
خفت عقولكم، وسفهت حلومكم، فأنتم غرض لنابل، وأكلة لآكل، وفريسة لصائل (ك 14).
وقد كان من انتشار حبلكم وشقاقكم ما لم تغبوا عنه، فعفوت عن مجرمكم، ورفعت السيف عن مدبركم، وقبلت من مقبلكم، فإن خطت بكم الأمور المردية، وسفه الآراء الجائرة، إلى منابذتي وخلافي، فها أنذا قد قربت جيادي، ورحلت ركابي، ولئن ألجأتموني إلى المسير إليكم لأوقعن بكم وقعة لا يكون يوم الجمل إليها إلا كلعقة لاعق، مع أني عارف لذي الطاعة منكم فضله، ولذي النصيحة حقه، غير متجاوز متهما إلى بري، ولا ناكثا إلى وفي (ر 29).
(583) 2 - أهل صفين:
ألا وإن معاوية قاد لمة من الغواة، وعمس عليهم الخبر، حتى جعلوا نحورهم أغراض المنية (خ 51).
435

جفاة طغام، وعبيد أقزام، جمعوا من كل أوب، وتلقطوا من كل شوب، ممن ينبغي أن يفقه ويؤدب، ويعلم ويدرب، ويولى عليه، ويؤخذ على يديه، ليسوا من المهاجرين والأنصار، ولا من الذين تبوأوا الدار والايمان (ك 238).
ليظهرن هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لا سراعهم إلى باطل صاحبهم، وإبطائكم عن حقي... صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه، لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلا منهم (خ 97).
وأقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية، ومؤدبهم ابن النابغة (خ 180).
قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، وموزعين بالجور لا يعدلون به جفاة عن الكتاب، نكب عن الطريق (ك 125).
وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة (ر 17).
(إلى معاوية): وأرديت جيلا من الناس كثيرا، خدعتهم بغيك وألقيتهم في موج بحرك، تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشبهات، فجازوا عن وجهتهم، ونكصوا على أعقابهم، وتولوا على أدبارهم، وعولوا على أحسابهم، إلا من فاء من أهل البصائر، فإنهم فارقوك بعد معرفتك، وهربوا إلى الله من موازرتك، إذ حملتهم على الصعب، وعدلت بهم عن القصد (ر 32).
(إلى معاوية أيضا): فعدوت على الدنيا بتأويل القرآن، فطلبتني بما لم تجن يدي ولساني، وعصيته أنت وأهل الشام بي، وألب عالمكم جاهلكم، وقائمكم قاعدكم (ر 55).
(إلى سهل بن حنيف الأنصاري، عامله على المدينة): أما بعد، فقد بلغني أن رجالا ممن قبلك يتسللون إلى معاوية، فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم، ويذهب عنك من مددهم، فكفى لهم غيا، ولك منهم شافيا، فرارهم من الهدى والحق، وإيضاعهم إلى العمى والجهل، وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، ومهطعون إليها، وقد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه ووعوه، وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا، إنهم - والله - لم ينفروا من جور، ولم يلحقوا بعدل (ر 70).
436

(قاله لعمار بن ياسر، وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاما): دعه يا عمار، فإنه لم يأخذ من الدين إلا ما قاربه من الدنيا، وعلى عمد لبس على نفسه، ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته (ح 405).
(584) 3 - الخوارج:
وأنتم معاشر أخفاء الهام، سفهاء الأحلام (خ 36).
لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه (خ 61).
ثم أنتم شرار الناس، ومن رمى به الشيطان مراميه، وضرب به تيهه (ك 217).
إن الشيطان اليوم قد استفلهم، وهو غدا متبرئ منهم، ومتخل عنهم، فحسبهم بخروجهم من الهدى، وارتكاسهم في الضلال والعمى، وصدهم عن الحق، وجماحهم في التيه (ك 181).
(وقد مر بقتلى الخوارج يوم النهروان): بؤسا لكم، لقد ضركم من غركم، فقيل له: من غرهم يا أمير المؤمنين فقال: الشيطان المضل، والأنفس الأمارة بالسوء، غرتهم بالأماني، وفسحت لهم بالمعاصي، ووعدتهم الإظهار، فاقتحمت بهم النار (ح 323).
(لما قتل الخوارج فقيل له: يا أمير المؤمنين، هلك القوم بأجمعهم) فقال: كلا والله، إنهم نطف في أصلاب الرجال، وقرارات النساء، كلما نجم منهم قرن قطع،
حتى يكون آخرهم لصوصا سلا بين (خ 60).
(قاله للبرج بن مسهر الطائي، وقد قال له بحيث يسمعه:
«لا حكم إلا لله»: أسكت قبحك الله يا أثرم، فو الله لقد ظهر الحق فكنت فيه ضئيلا شخصك، خفيا صوتك، حتى إذا نعر الباطل نجمت نجوم قرن الماعز (ك 184).
(585) الإمام (ع) يناقش الخوارج في شبهاتهم واعتقاداتهم وأحكامهم الأخرى:
(لما سمع قولهم:
«لا حكم إلا لله»، قال عليه السلام): كلمة حق يراد بها باطل نعم إنه لا حكم إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلا لله، وإنه لا بد للناس من
437

أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر (ك 40).
(وكلمهم حين اعتزلوا الحكومة وتنادوا: أن لا حكم إلا لله): أصابكم حاصب ولا بقي منكم آثر، أبعد إيماني بالله، وجهادي مع رسول الله (ص) أشهد على نفسي بالكفر «لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين» فأبوا شر مآب، وارجعوا على أثر الأعقاب (ك 58).
(للخوارج): فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت، فلم تضللون عامة أمة محمد (ص) بضلالي، وتأخذونهم بخطأي، وتكفرونهم بذنوبي سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء والسقم، وتخلطون من أذنب بمن لم يذنب، وقد علمتم إن رسول الله (ص) رجم الزاني المحصن، ثم صلى عليه، ثم ورثه أهله، وقتل القاتل وورث ميراثه أهله، وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن، ثم قسم عليهما من الفيء، ونكحا المسلمات، فأخذهم رسول الله (ص) بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم، ولم يمنعهم سهمهم من الاسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله... ألا من دعا إلى هذا الشعار فاقتلوه، ولو كان تحت عمامتي هذه (ك 127).
(وقال عليه السلام لما سمع قول الخوارج:
«لا حكم إلا لله»): كلمة حق يراد بها باطل (ح 198).
(وقال عليه السلام لعبد الله بن العباس، لما بعثه للاحتجاج على الخوارج): لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا (وص 77).
(586) 4 - المعتزلون:
قال عليه السلام في الذين اعتزلوا القتال معه: خذلوا الحق، ولم ينصروا الباطل (ح 18).
فقال الحارث: فإني اعتزل مع سعيد بن مالك وعبد الله بن عمر، فقال عليه السلام: إن سعيدا وعبد الله بن عمر لم ينصرا الحق، ولم يخذلا الباطل (ح 262).
438

وإنما عهدكم بعبد الله بن قيس بالأمس يقول:
«إنها فتنة، فقطعوا أوتاركم، وشيموا سيوفكم». فإن كان صادقا فقد أخطأ بمسيره غير مستكره، وإن كان كاذبا فقد لزمته التهمة (ك 238).
439

الفصل الثاني عشر
«الفتنة الكبرى»
تاسعا:
«الامام يتحدث عن ملامح الفتنة عند ما تنتصر، وعن
مصير أصحابها»
(587) 1 - سيادة الظلم على الناس، بحيث لا يسلم منه الداني ولا القاصي:
أما والله، ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتكم، ويذيب شحمتكم، إيه أبا وذحة (خ 116).
وأيم الله لتحتلبنها دما، ولتتبعنها ندما (خ 56).
أيها الناس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، ولم يقو من قوي عليكم، لكنكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولعمري، ليضعفن لكم التيه من بعدي أضعافا بما خلفتم الحق وراء ظهوركم (خ 166).
حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بني أمية، تمنحهم درها، وتوردهم صفوفها، ولا يرفع عن هذه الأمة سوطها، ولا سيفها (ك 87).
وأيم الله لتجدن بني أمية لكم أرباب سوء بعدي، كالناب الضروس: تعدم بفيها، وتخبط بيدها، وتزبن برجلها، وتمنع درها، لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعا لهم، أو غير ضائر بهم. ولا يزال بلاؤهم عنكم حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلا كانتصار العبد من ربه، والصاحب من مستصحبه (خ 93).
فعند ذلك لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا وأدخله الظلمة ترحة، وأولجوا فيه نقمة (خ 158).
أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وأثرة يتخذها الظالمون فيكم
440

سنة (ك 58).
وحتى لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله ظلمهم، ونبا به سوء رعيهم، وحتى يقوم الباكيان يبكيان: باك يبكي لدينه، وباك يبكي لدنياه، وحتى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيده، إذا شهد أطاعه، وإذا غاب اغتابه (ك 98).
فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه... وصال الدهر صيال السبع العقور، وهدر فنيق الباطل بعد كظوم (خ 108).
راية ضلال... تكيلكم بصاعها، وتخبطكم بباعها (خ 108).
بمن يسومهم خسفا، ويسوقهم عنفا، ويسقيهم بكأس مصبرة، لا يعطيهم إلا السيف، ولا يحلسهم إلا الخوف، فعند ذلك تود قريش - بالدنيا وما فيها - لو يرونني مقاما واحدا، ولو قدر جزر جزور، لأقبل منهم ما أطلب اليوم بعضه فلا يعطونيه (خ 93).
وتنطق فيها الظلمة، وتدق أهل البدو بمسحلها، وترضهم بكلكلها يضيع في غبارها الوحدان، ويهلك في طريقها الركبان، ترد بمر القضاء، وتحلب عبيط الدماء... بين قتيل مطلول، وخائف مستجير (خ 151).
(588) 2 - تعطيل أحكام الاسلام والانحراف عن مبادئه:
أيها الناس، سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الاسلام، كما يكفأ الأناء بما فيه (خ 103).
ترد عليكم فتنتهم (بنو أمية) شوهاء مخشية، وقطعا جاهلية، ليس فيها منار هدى، ولا علم يرى (خ 93).
راية ضلال قد قامت على قطبها، وتفرقت بشعبها... فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه، وركب الجهل مراكبه، وعظمت الطاغية، وقلت الداعية... ولبس الاسلام لبس الفرو مقلوبا (خ 108).
وإنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه، ولا في البلاد شيء أنكر
441

من المعروف، ولا أعرف من المنكر فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته: فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو، فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم لأن الضلالة لا توافق الهدى، وإن اجتمعا، فاجتمع القوم على الفرقة، وافترقوا على الجماعة، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، فلم يبق عندهم منه إلا اسمه، ولا يعرفون إلا خطه وزبره (خ 147).
يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلا رسمه، ومن الاسلام إلا اسمه، ومساجدهم يومئذ عامرة من البناء، خراب من الهدى، سكانها وعمارها شر أهل الأرض، منهم تخرج الفتنة، وإليهم تأوي الخطيئة، يردون من شذ عنها فيها، ويسوقون من تأخر عنها إليها (ح 114).
والله لا يزالون حتى لا يدعوا لله محرما إلا استحلوه، ولا عقدا إلا حلوه... وحتى يقوم الباكيان يبكيان: باك يبكي لدينه، وباك يبكي لدنياه (ك 98).
تغيض فيها الحكمة، وتنطق فيها الظلمة... وتثلم منار الدين، وتنقض عقد اليقين... ويفارق عليها الاسلام (خ 151).
(589) 3 - فساد العلاقات الاجتماعية والانسانية:
فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه، وركب الجهل مراكبه... وتواخى الناس على الفجور، وتهاجروا على الدين، وتحابوا على الكذب، وتباغضوا على الصدق، فإذا كان ذلك كان الولد غيظا، والمطر قيظا، وتفيض اللئام فيضا، وتغيض الكرام غيضا، وكان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا، وأوساطه أكالا، وفقراؤه أمواتا، وغار الصدق، وفاض الكذب، واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب، وصار الفسوق نسبا، والعفاف عجبا (خ 108).
يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف، يعدون الصدقة فيه غرما، وصلة الرحم منا، والعبادة استطالة على الناس فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء، وإمارة الصبيان، وتدبير
442

الخصيان (ح 102).
ذاك حيث تسكرون من غير شراب، بل من النعمة والنعيم، وتحلفون من غير اضطرار، وتكذبون من غير إحراج (خ 187).
تقطع فيها الأرحام، ويفارق عليها الاسلام (خ 151).
(590) 4 - قلة المؤمنين العاملين المخلصين للاسلام، وملاحقتهم ومحاربتهم:
فلا يبقى يومئذ منكم إلا ثفالة كثفالة القدر، أو نفاضة كنافضة العكم، تعرككم عرك الأديم، وتدوسكم دوس الحصيد، وتستخلص المؤمن من بينكم استخلاص الطير الحبة البطينة من بين هزيل الحب... وعظمت الطاغية، وقلت الداعية... وتفيض اللئام فيضا، وتغيض الكرام غيضا (خ 108).
فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو، فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم... ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة، وسموا صدقهم على الله فرية، وجعلوا في الحسنة عقوبة السيئة (خ 147).
يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف (ح 102).
يأتي على الناس زمان... تنهد فيه الأشرار، وتستذل الأخيار ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله (ص) عن بيع المضطرين (ح 468).
فقد لعمري يهلك في لهبها المؤمن، ويسلم فيها غير المسلم (خ 187).
ألا فتوقعوا ما يكون من إدبار أموركم، وانقطاع وصلكم، واستعمال صغاركم، ذاك حيث تكون ضربة السيف على المؤمن أهون من الدرهم من حله (خ 187).
وذلك زمان لا ينجو فيه إلا كل مؤمن نومة، «إن شهد لم يعرف، وإن غاب لم يفتقد، أولئك مصابيح الهدى» وأعلام السرى، ليسوا بالمساييح، ولا المذاييع البذر، أولئك يفتح الله لهم أبواب رحمته، ويكشف عنهم ضراء نقمته (خ 103).
أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن... ألا وإنه
443

سيأمركم بسبي والبراءة مني، فأما السب فسبوني، فإنه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الايمان والهجرة (ك 57).
يهرب منها الأكياس، ويدبرها الأرجاس (خ 151).
كن في الفتنة كابن اللبون، لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب (ح 1).
(591) 5 - استئثار السلطات الحاكمة بأموال المسلمين:
ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا... ويكون نصيبكم الأخس (ر 62).
أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل... يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد (ك 57).
لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعا لهم، أو غير ضائر بهم (خ 93).
وكان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا، وأوساطه أكالا، وفقراؤه أمواتا (خ 108).
أما والله ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتكم، ويذيب شحمتكم، إيه أبا وذحة (خ 116).
(292) الفتنة ستؤدي بأصحابها أيضا:
حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بني أمية، تمنحهم درها، وتوردهم صفوها، ولا يرفع عن هذه الأمة سوطها ولا سيفها، وكذب الظان لذلك، بل هي مجة من لذيذ العيش يتطعمونها برهة، ثم يلفظونها جملة (ك 87).
ألا وإن لكل دم ثائرا، ولكل حق طالبا، وإن الثائر في دمائنا كالحاكم في حق نفسه، وهو الله الذي لا يعجزه من طلب، ولا يفوته من هرب، فأقسم بالله، يا بني أمية، عما قليل لتعرفنها في أيدي غيركم وفي دار عدوكم (خ 105).
وسينتقم الله ممن ظلم، مأكلا بمأكل، ومشربا بمشرب، من مطاعم العلقم، ومشارب الصبر والمقر، ولباس شعار الخوف، ودثار السيف، وإنما هم مطايا الخطيئات وزوامل الآثام، فأقسم، ثم أقسم، لتنخمنها أمية من بعدي كما تلفظ النخامة، ثم لا
444

تذوقها ولا تطعم بطعمها أبدا ما كر الجديدان (خ 158).
على أن الله تعالى سيجمعهم لشر يوم لبني أمية، كما تجتمع قزع الخريف يؤلف الله بينهم... وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين، كما تذوب الألية على النار (خ 166).
(إلى عمرو بن العاص): فإن يمكني الله منك ومن ابن أبي سفيان أجزكما بما قدمتما، وإن تعجزا وتبقيا فما أمامكما شر لكما، والسلام (ر 39).
(لما قتل الخوارج فقيل له: يا أمير المؤمنين، هلك القوم بأجمعهم) فقال: كلا والله، إنهم نطف في أصلاب الرجال، وقرارات النساء، كلما نجم منهم قرن قطع، حتى يكون آخرهم لصوصا سلا بين (خ 60).
445

الباب الثاني والعشرون: في القضاء والإفتاء
الفصل الأول: أمور عامة في القضاء والإفتاء
الفصل الثاني: في المعاملات
447

الفصل الأول
«في القضاء والإفتاء»
(593) في أهمية القضاء، وضرورة وجودهم:
واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض... ومنها قضاة العدل (ر 53).
ثم لا قوام لهذين الصنفين (الجنود وعمال الخراج) إلا بالصنف الثالث من القضاة والعمال والكتاب، لما يحكمون من المعاقد، ويجمعون من المنافع، ويؤتمنون عليه من خواص الأمور وعوامها.
(594) من شروط اختيار القضاة:
ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه،
ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل (ر 53).
(595) يجب على الحاكم مراقبة ومحاسبة وترفيه حال القاضي وتأمين رغد العيش له وسبب ذلك:
ثم أكثر تعاهد قضائه، وافسح له في البذل ما يزيل علته، وتقل معه حاجته إلى
448

الناس. وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار يعمل فيه بالهوى، ويطلب به الدنيا (ر 53).
(596) في اختلاف القضاة في إصدار الأحكام، وأن اختلافهم هذا دليل على ضعفهم بأصول الاستنباط، وقلة اطلاعهم في القانون الإسلامي:
ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم، فيصوب آراءهم جميعا - وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد أفأمرهم الله - سبحانه - بالاختلاف فأطاعوه أم نهاهم عنه فعصوه أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا، وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه دينا تاما فقصر الرسول (ص) عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه يقول:
«ما فرطنا في الكتاب من شيء» وفيه تبيان لكل شيء. وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا. وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه:
«ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا». وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به (ك 18).
(القرآن) وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى (خ 198).
إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان... ورجل قمش جهلا، موضع في جهال الأمة، عاد في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سماه أشباه الناس عالما وليس به، بكر فاستكثر من جمع، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من ماء آجن، وأكثر من غير طائل، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت: لا يدري أصاب أم أخطأ، فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب. جاهل خباط جهالات، عاش ركاب عشوات، ولم يعض على العلم بضرس قاطع. يذروا الروايات ذرو الريح الهشيم، لا ملي - والله - بإصدار ما ورد
449

عليه، ولا أهل لما قرظ به، لا يحسب العلم في شيء مما أنكره، ولا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا لغيره، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، تصرخ من جور قضائه الدماء، وتعج منه المواريث (ك 17).
(في دعائم الإيمان) والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم، ورساخة الحلم: فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا (ح 30).
ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن (ح 220).
وقال عليه السلام في قوله تعالى:
«إن الله يأمر بالعدل والإحسان»: العدل: الانصاف، والاحسان: التفضل (ح 231).
وسئل عليه السلام: أيهما أفضل: العدل أو الجود فقال عليه السلام: العدل يضع الأمور مواضعها، والجود يخرجها من جهتها. العدل سائس عام، والجود عارض خاص.
فالعدل أشرفهما وأفضلهما (ح 437).
وظلم الضعيف أفحش الظلم (ر 31).
يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم (ح 241).
للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، ومن دونه بالغلبة، ويظاهر القوم الظلمة (ح 350).
450

الفصل الثاني
«في المعاملات»
(597) 1 - في المواريث:
(في جوابه عليه السلام لعمر بن الخطاب عند ما استشاره في أمر حلي الكعبة): إن القرآن أنزل على النبي (ص) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض... (ح 270).
(رسول الله) رجم الزاني المحصن، ثم صلى عليه، ثم ورثه أهله، وقتل القاتل وورث ميراثه أهله (خ 127).
(في حق زياد بن أبيه) وقد كان من أبي سفيان في زمن عمر بن الخطاب فلتة من حديث النفس، ونزغة من نزغات الشيطان: لا يثبت بها نسب، ولا يستحق بها إرث (ر 43).
(الحاكم الجاهل) تصرخ من جور قضائه الدماء، وتعج منه المواريث (خ 17).
(النساء) وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الأنصاف من مواريث الرجال (خ 80).
(598) 2 - في الشهادة وحلف اليمين:
فرض الله... والشهادات استظهارا على المجاحدات (ح 252).
(العمال) فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك
451

اكتفيت بذلك شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته... (ر 53).
(إلى شريح) بلغني انك ابتعت دارا بثمانين دينارا وكتبت لها كتابا وأشهدت فيها شهودا (ر 3).
وكان عليه السلام يقول: أحلفوا الظالم - إذا أردتم يمينه - بأنه برئ من حول الله وقوته. فإنه إذا حلف بها كاذبا عوجل العقوبة، وإذا حلف بالله الذي لا إله إلا هو لم يعاجل، لأنه قد وحد الله تعالى (ح 253).
(ذكر الملاحم) وتحلفون من غير اضطرار، وتكذبون من غير إحراج. ذاك إذا عضكم البلاء كما يعض القتب غارب البعير (خ 187).
(599) 3 - القصاص وإقامة الحدود:
فرض الله الايمان تطهيرا من الشرك... والقصاص حقنا للدماء، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم (ح 252).
(رسول الله) رجم الزاني المحصن ثم صلى عليه، ثم ورثه أهله. وقتل القاتل وورث ميراثه أهله، وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن، ثم قسم عليهما من الفيء، ونكحا المسلمات، فأخذهم رسول الله (ص) بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم، ولم يمنعهم سهمهم من الاسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله (خ 127).
(في عهده عليه السلام للأشتر): ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد، لأن فيه قود البدن، وإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة، فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم (ر 53).
(للحسن والحسين عليهما السلام لما ضربه ابن ملجم لعنه الله): يا بني عبد المطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا، تقولون: (قتل أمير المؤمنين). ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي. أنظروا إذا أنا مت من ضربته هذه، فاضربوه ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل.
فإني سمعت رسول الله (ص) يقول:
«إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور» (ر 47).
(وروي أنه عليه السلام رفع إليه رجلان سرقا من مال الله، أحدهما عبد من مال
452

الله، والآخر من عروض الناس) فقال عليه السلام: أما هذا فهو مال الله ولا حد عليه، مال الله أكل بعضه بعضا، وأما الآخر فعليه الحد الشديد، فقطع يده (ح 271).
ليس على الإمام إلا ما حمل أمر ربه...، وإقامة الحدود على مستحقيها (خ 105).
ألا وقد قطعتم قيد الاسلام وعطلتم حدوده (خ 192).
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك (ك 131).
453

الباب الثالث والعشرون: في مواضيع متفرقة
455

«مواضيع متفرقة»
(600) التطيب:
* الطيب نشرة (ح 400).
(601) الخضاب:
* قيل له عليه السلام: لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام: الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة (يريد وفاة رسول الله (ص)) (ح 473).
وسئل عليه السلام عن قول الرسول (ص):
«غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود» فقال عليه السلام: إنما قال (ص) ذلك والدين قل، فأما الآن وقد اتسع نطاقه، وضرب بجرانه، فامرؤ وما اختار (ح 17).
(602) اختلاف طبائع الناس:
* إنما فرق بينهم مبادئ طينهم، وذلك أنهم كانوا فلقة من سبخ أرض وعذبها، وحزن تربة وسهلها، فهم على حسب قرب أرضهم يتقاربون، وعلى قدر اختلافها
يتفاوتون، فتام الرواء ناقص العقل، وماد القامة قصير الهمة، وزاكي العمل قبيح المنظر، وقريب القعر بعيد السبر، ومعروف الضريبة منكر الجليبة، وتائه القلب متفرق اللب، وطليق اللسان حديد الجنان (ك 234).
456

(603) الغصب:
* الحجر الغصيب في الدار رهن على خرابها (ح 240).
* والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا، أو أجر في الأغلال مصفدا، أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام (ك 224).
(604) الحرية:
* ولا تكن عبد غيرك، وقد جعلك الله حرا (ر 31).
(605) تنظيم الأعمال:
* من وصية له عليه السلام لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: أوصيكما، وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي، بتقوى الله. ونظم أمركم... (ر 47).
* واجعل لكل إنسان من خدمك عملا تأخذه به، فإنه أحرى ألا يتواكلوا في خدمتك (ر 31).
* ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه: فإن انقطع النظام تفرق الخرز وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا (ك 146).
* (القرآن) ودواء دائكم، ونظم ما بينكم (خ 158).
* والأمانة نظاما للأمة (ح 252).
(606) البلد والرزق:
* ليس بلد بأحق بك من بلد، خير البلاد ما حملك (ح 442).
* والفقر يخرس الفطن عن حجته، والمقل غريب في بلدته (ح 3).
* الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة (ح 56).
457

(607) الهجرة:
* والهجرة قائمة على حدها الأول. ما كان لله في أهل الأرض حاجة من مستسر الإمة ومعلنها. لا يقع اسم الهجرة على أحد بمعرفة الحجة في الأرض. فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر. ولا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها أذنه ووعاها قلبه (ك 189).
* (إلى معاوية) وذكرت أنك زائري في المهاجرين والأنصار، وقد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك (ر 64).
* (أهل الشام) ليسوا من المهاجرين والأنصار ولا من الذين تبوؤا الدار والأيمان (خ 238).
* (إلى معاوية) ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق (ر 17).
في أن اليهود أكثر من جميع الملل ضلالة:
* (وقال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه فقال (ع)): إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم:
«اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فقال: إنكم قوم تجهلون» (ح 317).
458

«إرشادات طبية وصحية» (608):
* كم من أكلة منعت أكلات (ح 171).
* آخر الدواء الكي (خ 168).
* صحة الجسد من قلة الحسد (ح 256).
* امش بدائك ما مشى بك (ح 26).
* توقوا البرد في أوله، وتلقوه في آخره. فإنه يفعل في الأبدان كفعله في الأشجار، أوله يحرق، وآخره يورق (ح 128).
* ألا وإن من البلاء الفاقة، وأشد من الفاقة مرض البدن، وأشد من مرض البدن مرض القلب. ألا وإن من صحة البدن تقوى القلب (ح 388).
* فإن تقوى الله دواء داء قلوبكم، وبصر عمى أفئدتكم، وشفاء مرض أجسادكم (خ 198).
* (القرآن) واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور (خ 110).
* ولا لأحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من أدوائكم... فإن فيه شفاء من أكبر الداء: وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال (خ 176).
* وعليكم بكتاب الله، «فإنه الحبل المتين، والنور المبين» والشفاء النافع، والري الناقع (خ 156).
459

* (الاسلام) فيه شفاء المستشفي، وكفاية المكتفي (خ 152).
* (تقوى الله) وداووا به الأسقام (خ 191).
* (القرآن) ودواء دائكم، ونظم ما بينكم (خ 158).
* وربما كان الدواء داء، والداء دواء (ر 31).
* وليكن الشكر شاغلا له على معافاته مما ابتلى به غيره (خ 140).
* ونسأله المعافاة في الأديان، كما نسأله المعافاة في الأبدان (خ 99).
* وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار وصحة الأبدان (ر 31).
* ولا تسر أول الليل، فإن الله جعله سكنا... فأرح فيه بدنك، وروح ظهرك (ر 12).
* الدهر يخلق الأبدان، ويجدد الآمال (ح 72).
* الهم نصف الهرم (ح 143).
* من قصر في العمل ابتلي بالهم (ح 127).
460