الكتاب: رسائل في حديث رد الشمس
المؤلف: الشيخ المحمودي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٩
المطبعة:
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية - قم
ردمك: ٩٦٤-٦٢٨٩-٣٦-٣
ملاحظات:

كشف الرمس
عن حديث رد الشمس
تأليف
العلامة الشيخ محمد باقر المحمودي
في ضمنه:
1 رسالة (كشف اللبس عن حديث رد الشمس)
للحافظ السيوطي.
2 رسالة (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس)
لمحمد بن يوسف الشامي الصالحي.
مؤسسة المعارف الإسلامية
1

هوية الكتاب:
اسم الكتاب... كشف الرمس عن حديث رد الشمس
تأليف... العلامة الشيخ محمد باقر المحمودي
نشر... مؤسسة المعارف الإسلامية قم
الطبعة... الأولى 1419 ه‍. ق
العدد... 2000 نسخة
شابك... 3 36 6289 964
ISBN... 3 36 6289 964
2

بسم الله الرحمن الرحيم
3

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة
لمؤسسة المعارف الإسلامية
إيران قم المقدسة
ص. ب 768 / 37185
تلفون 732009
4

مقدمة الناشر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين، محمد وعلي آله الطيبين
الطاهرين.
وبعد:
فإن من أفضل الأعمال نشر فضائل أمير المؤمنين
وسيد الخلق أجمعين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ملأت مناقبه آفاق الأرض وأكناف السماء
الإمام علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام،
فهو الذي لا يرقى إلى قمة معرفته طائر الفكر مهما كان
الإنسان عالما، فقد قال فيه الرسول الأعظم
5

صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يعرفك إلا الله وأنا)، ولئن أحجم
الإنسان عن الحديث حول مناقبه وفضائله الجمة إعظاما
وإكبارا للأمر لكان حقا ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله.
وإن من حسن التوفيق وعناية الله تعالى أن يحظى
الإنسان بسهم في هذا المضمار.
ومن تلك المناقب الكريمة التي حازها عليه السلام
هي منقبة رد الشمس له حينما أوحي للرسول صلى الله
عليه وآله ورأسه في حجر علي عليه السلام حتى غابت
الشمس، فدعا النبي صلى الله عليه وآله له فاستجاب الله
تعالى دعوته وردت الشمس حتى صلى الإمام علي عليه
السلام.
ونظرا لكثرة طرق حديث رد الشمس وغزارة مادته،
فقد أفرده جمع من أعلام الأمة خاصها وعامها بالتأليف،
ومن المتقدمين: أبو بكر الوراق، أبو الفتح الموصلي المتوفى
عام 377 ه‍، الحاكم الحسكاني المتوفى عام 483 ه‍،
أبو الحسن شاذان الفضلي، أخطب خوارزم المتوفى عام
568 ه‍، وغيرهم كثيرون.
وقد قام العلامة المحقق الشيخ محمد باقر
6

المحمودي حفظه الله بتأليف كتابه هذا (كشف الرمس عن
حديث رد الشمس) حيث سلط الأضواء على هذا الحديث
الشريف، وذكر أيضا ما أفاده العلامة الأميني قدس سره
في موسوعته الغراء (الغدير).
وكذلك ضمن كتابه رسالتين حررتا في هذا
الحديث، أولاهما: رسالة (كشف اللبس عن حديث رد
الشمس) تأليف الحافظ السيوطي المتوفى عام
911 ه‍. وثانيتهما: رسالة (مزيل اللبس عن حديث رد
الشمس) تأليف شمس الدين أبي عبد الله محمد بن
يوسف الصالحي المتوفى عام 942 ه‍ تلميذ
السيوطي، ويذكر المؤلف بعدهما بابين الرابع
والخامس استلهما من كتاب (سبل الهدى والرشاد في
سيرة خير العباد) لمحمد بن يوسف الصالحي المتقدم
ذكره مع العلم أن هذين البابين قد سقطا من النسخة
المطبوعة من سبل الهدى في القاهرة سنة 1410 ه‍.
ثم ذكر المؤلف بعد ذلك روايات وأقوال علماء
الشيعة وأتباع أهل البيت عليهم السلام.
وأورد أخيرا بعض ما أنشده علماء المسلمين
7

وأدباؤهم من القرن الأول إلى عصرنا هذا، فشكرا له على
جهوده الخيرة وجزاه الله أحسن الجزاء.
ونشكر أيضا الفاضلين: محمود البدري، فارس
حسون كريم اللذين ساهما في إخراج هذا الأثر القيم
سائلين الله تعالى أن يوفق الجميع لخدمة علوم ومعارف
أهل البيت عليهم السلام.
ويسرنا أن نضع بين يديك عزيزنا القارئ هذا
الكتاب الثمين راجين أن تعم الفائدة من خلال نشر
فضائل أهل البيت عليهم السلام.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا المشروع قد أنجز
بمساهمة مباركة من ثلث المرحوم الحاج حسين عبد الله
بن نخي والمرحومة صديقة بنت علي بن نخي غفر الله
لهما وتغمدهما برحمته الواسعة.
8

رسالة كشف الرمس (1)
عن حديث رد الشمس
الحمد لله ذي القدرة الباهرة، والإرادة النافذة
القاهرة، الذي خلق الخلق واختار منهم صفوة جعلهم
مظاهر قدرته ومشيئته، وعلمه وإرادته، ولطفه وكرامته،
فانشق بدعائهم القمر، وأعاد الشمس إلى مستقر، بعد
مضيها عنه وغيبوبتها منه في سيرها المعتاد المستمر، إجابة
لنبيه، وتعرفة لوليه، صلى الله عليهما وعلى جميع الأنبياء
والمرسلين، والشهداء والصديقين، وعباد الله الصالحين،
ولعنة الله على المعاندين، المنكرين لجلال الله وقدرته الغالبة
وإرادته النافذة.

(1) الرمس: الغطاء، يقال: رمس فلان الأمر على زنة ضرب ونصر
رمسا:
9

أما بعد:
فقد بلغني أن بعض أهل الكسالة ممن لم يتعلم،
ويستحيي عند السؤال منه أن يقول لا أعلم، ولا يخاف من
الله تعالى من التقول بما لا يعلم أجاب بعض سائليه عن غطاه وكتمه.
حديث (رد الشمس) بعد غروبها إجابة لدعاء نبي الله
وإكراما لوليه صلى الله عليهما فقال بملء فمه: (إن
حديث رد الشمس لا سند له، بل لا أصل له!!!)
فاستعظمت جرأته على القول بغير علم، وفتياه على خلاف
الأخبار المتواترة بين المسلمين، وإطباق شيعة أمير
المؤمنين عليه السلام من بكرة أبيهم إلى يومنا هذا (1) كما
يتجلى ذلك لكل من يتأمل فيما نذكره من كلام أكابر
علمائنا، وأناشيد شعراء المسلمين.
فرأيت حسبة أن أنشر ما عندي من المعلومات حول

(1) الذي أطبق عليه الشيعة الإمامية وفقا للأخبار المتواترة هو عود
الشمس بعد غروبها مرتان، الأولى في حياة رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، والثانية بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، ووافقهم على
عودها في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثير من المحققين المنصفين من أهل السنة، وألفوا في ذلك رسائل كما يأتي ذكر بعضها.
10

الموضوع إنجاء للمستضعفين من الوقوع في زلة الجاهلين،
وإن كان ما حققه العلامة الأميني رفع الله مقامه وما
أوردناه في تعليق الحديث: (814) من ترجمة الإمام أمير
المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق يغني الفضلاء
وأولي الفكر والسداد عما نذكره هاهنا، ولكن معاونة
الضعفاء ورعاية جانبهم مما يحبه الله تعالى وندب إليه،
فنقول:
المستفاد من الأخبار المتواترة (1) المحفوفة بالقرائن
القطعية أن الشمس بعدما غربت وأفلت عن أفق الحجاز
والعراق أعادها الله القاهر الذي لا معقب لحكمه، ولا راد
لقضائه، إلى مقر عصر البلدين تعرفة وتكرمة لوليه ووصي
نبيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
ورجوع الشمس بعد غروبها في أفق الحجاز في
حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما أطبقت عليه
أخبار المسلمين وعدها كثير من علماء المسلمين في

(1) كما صرح به غير واحد من منصفي أهل السنة، ويقتضيه أيضا ما مهدوه
للتواتر.
11

معجزات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم (2) ونظمها كثير من
العلماء والأدباء في طول الأعصار، وأنشدوا في ذلك
قصائد غير محصورة، وسنذكر شذرات منها.
ونحن نذكر في هذه الرسالة ما عندنا حول رجوع
الشمس بدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم
نذكر بعض ما أفاده العلامة الأميني قدس الله نفسه، ثم نتبعه
بذكر ما حققه كل من السيوطي وتلميذه في رسالتيهما حول
رد الشمس، ثم نذكر بعض ما أفاده علماء الشيعة، وأتباع
أهل البيت، ثم نذكر بعض ما أنشده علماء المسلمين
وأدباؤهم من القرن الأول إلى عصرنا هذا. ثم نفصل القول
حول رد الله تبارك وتعالى الشمس بعد وفاة رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم لوليه علي بن أبي طالب صلوات الله
وسلامه عليه فنقول:
حديث رد الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام في
حياة رسول الله وبدعائه صلى الله عليه وآله وسلم قد رواه
جماعة كثيرة من الصحابة، ورواه عنهم جم غفير من علماء

(2) كما ستطلع عليه فيما يأتي.
12

المسلمين في طول القرون خلفهم عن سلفهم،
منهم أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي (1)، المتوفى
سنة (310) فإنه رواه في الحديث (185) من كتابه الذرية
الطاهرة الورقة 28 / ب قال:
حدثني إسحاق بن يونس، حدثنا سويد بن سعيد،
عن المطلب بن زياد، عن إبراهيم بن حيان، عن عبد الله بن
الحسن، عن [أمه] فاطمة بنت الحسين، عن [أبيها] الحسين
(عليه السلام)، قال: كان رأس رسول الله صلى الله عليه
وآله) وسلم في حجر علي وكان يوحى إليه، فلما سري
عنه قال: يا علي صليت العصر؟ قال: لا. قال: اللهم إنك
تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك فرد عليه
الشمس. [قال:] فردها عليه فصلى وغابت الشمس.
ورواه عنه العصامي في الحديث (56) من فضائل
أمير المؤمنين عليه السلام من كتابه سمط النجوم: ج 2 ص
487.

(1) وقد سبقه في رواية ذلك جماعة، منهم: عثمان بن أبي شيبة وأبو
بكر بن أبي شيبة من رجال الصحاح الست ويأتي حديثهما.
13

ورواه أيضا الخطيب البغدادي المتوفى سنة (463)
في كتاب تلخيص المتشابه قال:
حدثنا يوسف بن يعقوب النيسابوري، حدثنا عمرو
بن حماد، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا المطلب بن زياد،
عن إبراهيم بن حيان:
عن عبد الله بن الحسن، عن فاطمة الصغرى ابنة
الحسين، عن الحسين بن علي قال: كان رأس رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم في حجر علي وكان يوحى إليه،
فلما سري عنه قال: يا علي صليت العصر؟ قال: لا. قال:
اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك فرد
عليه الشمس، فردها [الله] عليه فصلى علي وغابت
الشمس.
هكذا رواه السيوطي نقلا عن الخطيب في
فضائل علي عليه السلام من كتاب اللألئ المصنوعة: ج 1
ص 174.
ثم قال السيوطي: وأخرجه أبو بشر الدولابي في
(كتاب) الذرية الطاهرة.
14

أقول: وقد ذكرنا آنفا حديث الدولابي.
وهذا الحديث (1) رواه عدة من الصحابة، وأفرده
بالتأليف جم غفير من علماء المسلمين، وزين جماعة من
الحفاظ كتبهم بإدراج الحديث وذكره فيها.
وذكره شعراء المسلمين في طول القرون خلفهم عن
سلفهم، وما ذكره كل واحد منهم بمنزلة خبر واحد،
والمشترك مما ذكروه بمنزلة حديث متواتر يعاضد الأخبار
المتواترة الواردة في المقام.
وأما رواة الحديث من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فالذين وجدنا حديثهم تسعة (2):

(1) أعني أصل حديث رد الشمس المشترك فيه جميع الطرق، لا خصوص
الحديث الذي رويناه الآن عن الإمام الحسين عليه السلام.
(2) وقد عد الشيخ المفيد رحمه الله والحافظ السروي على ما يأتي عنهما
من رواة الحديث أم المؤمنين أم سلمة سلام الله عليها.
وأيضا ذكر الحافظ السروي محمد بن علي بن شهرآشوب في رواة
حديث رد الشمس على ما يأتي عنه الصحابية الجليلة أم هانئ بنت
أبي طالب سلام الله عليهما، كما ذكر أيضا أبا ذر الغفاري رفع الله مقامه
في رواة حديث رد الشمس، وعلى ما ذكراه يكون رواة حديث رد
الشمس من الصحابة اثنا عشر شخصا.
15

الأول منهم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
وحديثه رواه الحافظ الحسكاني وأبو الحسن شاذان
الفضلي، ويجد الباحث الحديث في آخر الأحاديث التي
علقناها على الحديث (815) من ترجمة أمير المؤمنين
عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 303 ط 2.
الثاني هو الإمام الحسين عليه السلام وحديثه تحت
الرقم (158) من كتاب الذرية الطاهرة الورق 28 / ب وقد مر
آنفا.
الثالث هو جابر بن عبد الله الأنصاري وحديثه في
أواخر الفصل (19) من مناقب الخوارزمي ص 236، ورواه
أيضا شاذان الفضلي في الحديث الأخير من رسالته في رد
الشمس والطبراني في الأوسط كما في تعليقي على تاريخ
دمشق: ج 2 ص 301.
الرابع هو أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه
وآله وحديثه تحت الرقم (141) من مناقب ابن المغازلي
ص 98.
الخامس هو أبو سعيد الخدري رفع الله مقامه وحديثه
في رسالة رد الشمس للحافظ الحسكاني.
16

السادس هو أبو هريرة وحديثه في رسالة أبي الحسن
شاذان الفضلي ورسالة الحافظ الحسكاني.
السابع هو أنس بن مالك كما رواه عنه محمد بن
سليمان المتوفى عام (322) في الحديث (1020) من مناقب
أمير المؤمنين عليه السلام: ج 2 ص 516 ط 1.
الثامن هو عبد الله بن العباس، وحديثه في المنقبة
(75) من مائة منقبة لابن شاذان ص 143 وفي الحديث:
(72) من الفصل (19) من مناقب الخوارزمي ص 236.
التاسع هي الصحابية أسماء بنت عميس رفع الله
مقامها، ويصح عد حديثها متواترا بالمعنى لكثرة أسانيدها
ومصادرها.
وجميع من ذكرناهم من الصحابة هاهنا ذكرنا حديثه
حرفيا من وجوه أكثر مما أشرنا إليه هاهنا في تعليق
الحديث (814 816) من ترجمة أمير المؤمنين عليه
السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 283 306 ط 2.
وقد صرح كثير من علماء المسلمين بأن كل حديث
يروى عن مثل هذه العدة من الصحابة فهو متواتر.
17

وأما الذين أفردوا الحديث بالتأليف وكتبوا فيه
رسائل مستقلة فهم أيضا جماعة من كبار الحفاظ
والمحققين وإليك أسماء من يحضرني الآن:
فمنهم الحافظ الشهير ابن مردويه على ما رواه عنه
البياضي في كتاب الصراط المستقيم كما في عبقات
الأنوار: ج... ص 33 ومناقب آل أبي طالب ج 1 ص 353.
ومنهم الحافظ الحسكاني عبيد الله بن عبد الله بن
أحمد الحذاء كما في ترجمته من كتاب تذكرة الحفاظ،
وكانت هذه الرسالة موجودة عند ابن تيمية وتلميذه ابن
كثير فلعبوا بها في كتابيهما منهاج السنة: ج 4 ص 188، ط
بولاق، والبداية والنهاية: ج 6 ص 87 ط بيروت.
ومنهم أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي
الموصلي، قال الگنجي الشافعي في الفصل الثاني بعد
(الباب المائة...) من كتاب كفاية الطالب ص 239 ط
الغري: وقد شفى الصدور الإمام الحافظ أبو الفتح محمد
ابن الحسين الأزدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب
مفرد.
وأخرج ابن حجر في ترجمة محمد بن الحسين هذا
18

من كتاب لسان الميزان: ج 5 ص 139، نقلا عن تاريخ
حلب أنه قال: قدم [أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي]
على سيف الدولة ابن حمدان فأهدى له كتابا في مناقب
علي وقد وقفت عليه بخطه وصحح رد الشمس على
علي...
ومنهم أبو الحسن الفضلي.
ومنهم الحافظ السيوطي.
قال الشهاب الخفاجي في شرحه على كتاب الشفا
المسمى ب‍ (نسيم الرياض): ج 3 ص 11: و [الحديث] رواه
الطبراني بأسانيد مختلفة رجال أكثرها ثقات.
ثم قال الخفاجي: وهذا الحديث صححه المصنف
وأشار إلى أن تعدد طرقه شاهد صدق على صحته، وقد
صححه قبله كثير من الأئمة كالطحاوي، وأخرجه ابن
شاهين وابن مندة وابن مردويه والطبراني في معجمه،
وقال: إنه حسن...
ثم قال: وقد صنف السيوطي في هذا الحديث رسالة
مستقلة سماها كشف اللبس عن حديث رد الشمس وقال:
19

إنه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي وأورد طرقه بأسانيد
كثيرة وصححه بما لا مزيد عليه.
أقول: أما أحاديث أبي الحسن الفضلي فأوردها
السيوطي في فضائل علي عليه السلام من كتاب اللألئ
المصنوعة عند الرد على ابن الجوزي في تضعيف حديث
رد الشمس.
وأما رسالة كشف اللبس فشاهدتها في مكتبة النيل
من القاهرة لما قدمناها في السنة (1397) واستنسخها ابني
الشيخ جعفر المحمودي، وهي عندي، وقد نشرتها مع
رسالة الصالحي في هامش كتاب جواهر المطالب،
وننشرهما هاهنا قريبا فلاحظهما.
هذا ما حضرني من أسماء من أفرد هذا الحديث
الشريف بالتأليف من غير فحص بليغ، ولا بذل الجهد
بالاستقلال، والمتضلع في معرفة الكتب وآثار الحفاظ
والعلماء يجد أكثر فأكثر.
فأما الذين أدرجوا الحديث في تأليفهم فأمم لا
يحصون، ونذكر ها هنا من ظفرنا به عفويا بلا فحص
استقلالي:
20

فمنهم أحمد بن محمد بن سلام أبو جعفر الطحاوي
المتوفى سنة (321) فإنه ذكر الحديث من طريقين في
كتاب مشكل الآثار: ج 2 ص 8 وج 4 ص 388.
ومنهم أحمد بن صالح المصري.
ومنهم القاضي عياض في كتاب الشفاء، قال:
أخرج الطحاوي الحديث عن أسماء بنت عميس من
طريقين...
ثم قال: قال الطحاوي: وهذان الحديثان ثابتان
ورواتهما ثقات.
وحكى الطحاوي أن أحمد بن صالح كان يقول: لا
ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه
من علامات النبوة.
وممن روى الحديث هما الحافظان الكبيران أبو بكر
وعثمان ابنا أبي شيبة.
ومنهم الحافظ أحمد بن عمرو بن الضحاك المعروف
بابن أبي عاصم المولود سنة (206) المتوفى سنة (287)
كما في ترجمته من سير أعلام النبلاء: ج 13 ص 431
21

وتذكرة الحفاظ: ج 2 ص 641 فإنه روى الحديث في
الباب (201) من كتاب السنة ص 584 ط 1.
ومنهم الحافظ محمد بن سليمان الصنعاني المتوفى
عام (322) فإنه رواه بأسانيد في الحديث (1027) وما
بعده في عنوان (باب ذكر رد الشمس) من مناقبه: ج 2 ص
516.
ومنهم الحافظ الطبراني كما روى عنهم جميعا
السيوطي في اللألئ المصنوعة.
ومنهم العقيلي فإنه أخرج الحديث في ترجمة عمار
بن مطر من ضعفائه الورق 163.
ومنهم الحافظ محمد بن إسحاق بن خزيمة فإنه
روى الحديث في فضائل علي عليه السلام، كما رواه عنه
العاصمي في كتاب زين الفتى الورق 505.
ومنهم الحافظ العاصمي من أعلام القرن الرابع
المولود عام (375) في عنوان: (مشابهة علي لسليمان
النبي عليهما السلام) في الفصل 5 من كتاب زين الفتى ص
505 من المخطوطة.
22

ومنهم الحاكم النيسابوري في ترجمة عبد الله بن
حامد من تاريخ نيسابور.
ومنهم البيهقي في كتاب دلائل النبوة كما في فتح
الباري: ج 6 ص 168.
ومنهم أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني
القزويني المتوفى (590) فإنه روى الحديث في الباب
(18) من كتابه (الأربعون المنتقى).
ومنهم عبد الكريم الرافعي المولود سنة (555)
المتوفى سنة (623) فإنه روى الحديث في ترجمة أحمد
ابن محمد بن زيد من كتاب التدوين من نسخة (لاله لي)
برقم (2010) وفي ط بيروت: ج 2 ص 236.
ومنهم ابن حجر العسقلاني كما في فتح الباري: ج 6
ص 168، قال: ورواه الطحاوي والطبراني في الكبير
والبيهقي في الدلائل.
ومنهم الذهبي في ترجمة عمار بن مطر من ميزانه:
ج 2 ص 244 ط 2.
ومنهم ابن مندة وابن شاهين وابن مردويه.
23

قال السخاوي في كتاب المقاصد الحسنة ص 226:
ورواه ابن مندة وابن شاهين وابن مردويه.
ورواه أيضا السيوطي في كتاب الخصائص: ج 2
ص 82 عن ابن مندة وابن شاهين والطبراني.
ومنهم ابن المغازلي في الحديث (140) من مناقب
علي عليه السلام ص 96.
ومنهم الثعلبي في كتابه قصص الأنبياء ص 340.
ومنهم الگنجي الشافعي المتوفى عام (658) فإنه
روى الحديث في الفصل الأول بعد الباب المائة في كتاب
كفاية الطالب ص 385.
ومنهم الخوارزمي في الحديث (23) من الفصل
(19) من مناقبه ص 217.
ومنهم سبط ابن الجوزي في كتاب تذكرة الخواص
ص 287.
ومنهم الحموئي في الباب (37) من السمط الأول
من فرائد السمطين: ج 1 ص 183.
ومنهم الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة والخطيب
24

في كتاب تلخيص المتشابه كما في كتاب النجوم: ج 2 ص
487، واللآلئ المصنوعة: ج 1 ص 174 ط بولاق.
ومنهم الحافظ ابن عساكر في ترجمة فاطمة بنت
علي من تاريخ دمشق، وفي الحديث (814) من ترجمة
أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 2 ص 283.
ومنهم علي بن عبد الله السمهودي المولود سنة
(844) المتوفى سنة (911) فإنه أورده في الفصل (3) من
الباب (5) من وفاء الوفا: ج 2 ص 33، وفي ط: ج 3 ص
822 وص 1028، كما أورده أيضا في آخر كتاب جواهر
العقدين: ج 3 ص 481 ط بغداد.
وجميع ما أشرنا إليه ها هنا يجده طلاب الحق
والحقيقة بنحو التفصيل في تعاليقنا على الحديث (814)
من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 2 ص 284.
ورواه أيضا محمد بن علي الشوكاني المتوفى عام
(1250) في كتاب الفوائد المجموعة ص 118، قال:
وقد رواه الطحاوي في كتاب مشكل الحديث من
طريقين وقال: هما ثابتان رواتهما ثقات.
25

وقد رواه الطبراني وقد ذكر له صاحب اللألئ طرقا
وألف في ذلك جزءا... وله في إثباته جزء سماه كشف
اللبس عن حديث رد الشمس (1).
و [رواه أيضا] السخاوي والشامي وله [كتاب] مزيل
اللبس عن حديث رد الشمس.
و [رواه أيضا] القسطلاني وابن الزمع وابن العراقي
وابن حجر المكي والقارئ والخفاجي والتلمساني
والدلجأي والحلبي والشيراطي والقشاشي والكروري.
أقول: والحديث قد صححه جماعة من حفاظ أهل
السنة قديما وحديثا، منهم: علي بن سلطان بن محمد
القارئ المتوفى سنة (1014) في كتابه المرقاة في شرح
المشكاة: ج 4 ص 287 كما في الغدير: ج 3 ص 135.
وأيضا صحح القاري الحديث في شرحه على كتاب
الشفاء للقاضي عياض المطبوع بهامش كتاب نسيم
الرياض: ج 3 ص 10، وإليك نص كلامه مزجا بكلام

(1) وسيأتي ذكر كل من رسالة (كشف اللبس) ورسالة (مزيل اللبس) للسيوطي وتلميذه فلاحظهما.
26

القاضي عياض قال:
وأما رد الشمس له صلى الله تعالى عليه وسلم
فاختلف المحدثون في تصحيحه وضعفه ووضعه!!!
والأكثرون على ضعفه [ولكن] فهو في الجملة ثابت بأصله
وقد يتقوى بتعاضد الأسانيد إلى أن يصل إلى مرتبة حسنة
فيصح الاحتجاج به. وخرج بتشديد الراء أي أخرج
الطحاوي وهو [أبو جعفر أحمد بن محمد بن مسلمة] الإمام
الحافظ العلامة صاحب التصانيف المهمة روى [الحديث]
عنه الطبراني وغيره من الأئمة وهو مصري من أكابر علماء
الحنفية لم يخلف مثله بين الأئمة الحنفية وكان أولا شافعيا
يقرأ على خاله المزني ثم صار حنفيا توفي سنة إحدى
وعشرين وثلاثمائة و (طحا) [قرية] من قرى مصر.
قال بعضهم: كان أولا شافعيا ثم تقلد مذهب مالك
كذا نقله التلمساني ولعله انتقل من مذهب مالك إلى
مذهب أبي حنيفة كما تشهد به كتبه في الرواية والدراية
(وكيف كان فقد أخرج الطحاوي المذكور) في (كتابه) مشكل
الحديث عن أسماء بنت عميس بضم المهملة وفتح الميم
ف‍ (مثناة) تحتية ساكنة فسين مهملة من طريقين أي طريقين أي
27

بإسنادين وكذا الطبراني رواه بأسانيد رجال بعضها ثقات
أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في
حجر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ولم يصل علي العصر
حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أي بعدما أفاق من الاستغراق: أصليت يا علي؟ قال: لا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إنه كان في طاعتك
وطاعة رسولك أي لما بينهما من الملازمة فاردد عليه
أي لأجله الشمس شرقها كذا في نسخة بالتحريك
ويسكن، وهو منصوب على الظرفية أي في ارتفاعها أو على
البدلية أي ضوئها قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها
طلعت أي رجعت على أدراجها من مغربها بعدما غربت
ووقفت على الجبال والأرض ويروى (وقعت) بالعين بدل الفاء وذلك بالصهباء وهو بالمد ويقصر وهو موضع
على مرحلة من خيبر.
وكذا رواه ابن مردويه بسند فيه ضعف عن أبي
هريرة قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر
علي ولم يكن [علي] صلى العصر حتى غربت الشمس
فذكر نحوه.
28

قال الطحاوي: وهذان الحديثان ثابتان أي عنده،
وكفى به حجة ورواتهما ثقات، فلا عبرة بمن طعن في
رجالهما.
وإنما جعله حديثين لروايته له من طريقين.
وقال ابن الجوزي في [كتابه] الموضوعات: حديث
رد الشمس في قصة علي رضي الله تعالى عنه موضوع بلا
شك!!!
وتبعه [على ذلك] ابن قيم [الجوزية في الحديث
(83) في الفصل العاشر من كتابه المنار المنيف ص 57].
وأيضا ضعفه) شيخه ابن تيمية (في كتابه منهاج
السنة: ج 4 ص 185 195].
و [هما أي ابن الجوزي وابن القيم] ذكروا تضعيف
رجال أسانيد الطحاوي ونسبوا بعضهم إلى الوضع إلا أن ابن
الجوزي قال: أنا لا أتهم به إلا ابن عقدة لأنه كان رافضيا
يسب الصحابة!!!
قال علي القاري:) ولا يخفي أن مجرد كون راو من
الرواة رافضيا أو خارجيا لا يوجب الجزم بوضعه إذا كان
29

ثقة من جهة دينه وكأن الطحاوي لاحظ هذا وبنى على هذا
المعنى.
ثم [إن] من المعلوم أن من حفظ حجة على من لم
يحفظ والأصل العدالة حتى يثبت الجرح المبطل للرواية.
وأما ما قاله الدلجي تبعا لابن الجوزي: من أنه (ولو
قيل بصحته لم يفد ردها وإن كان منقبة لعلي وقوع
صلاته أداء لفواتها بالغروب) فمدفوع لقيام القرينة على
الخصوصية، مع احتمال التأويل في القضية بأن يقال:
المراد بقولها: (غربت) أي عن نظرها أو كادت تغرب
بجميع جرمها أو غربت باعتبار بعض أجزائها.
أو أن المراد بردها حبسها وبقاؤها على حالها
وتطويل زمان سيرها ببطئ تحركها على عكس طي
الأزمنة وبسطها فهو سبحانه قادر على [أي] شئ شاءه.
وأما ما ذكره الذهبي من قوله: وقد روى هشام عن
ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم قال: لم ترد الشمس إلا على يوشع بن نون.
و [كذا ما] ذكره ابن الجوزي: من أن في [الحديث]
30

الصحيح أن الشمس لم تحبس لأحد إلا ليوشع.
فالجواب إن الحصر باعتبار الأمم السالفة، مع
احتمال وروده قبل القضية اللاحقة.
وعلق الحفني الشافعي المتوفى سنة: (1181)
على رواية السيوطي في كتاب الجامع الصغير: ج 2 ص
293 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما حبست الشمس
على بشر إلا على يوشع بن نون) قال الحفني في تعليقه
على هذا الكلام:
(هذا) لا ينافي حديث رد الشمس لسيدنا على
[رضي الله عنه لأن ذلك رد لها بعد الغروب. والمراد [من قوله
صلى الله عليه وآله وسلم: (ما حبست الشمس على بشر
إلا على يوشع بن نون)] ما حبست على بشر غير يوشع فيما
مضى من الزمان لأن [لفظة]: (حبس) فعل ماض فلا ينافي
وقوع الحبس بعد ذلك لبعض أولياء الله تعالى!!!
هكذا رواه عنه العلامة الأميني رفع الله مقامه في
كتابه القيم الغدير: ج 3 ص 139.
وحكى الطحاوي عن أحمد بن صالح وهو أبو جعفر
31

الطبري المصري الحافظ و [قد] سمع ابن عيينة ونحوه
وروى عنه البخاري وغيره وقد كتب عن ابن وهب
خمسين ألف حديث وكان جامعا يحفظ ويعرف الحديث
والفقه والنحو [و] مات بمصر سنة مائتين وثمان وأربعين
وكان أبوه من أهل طبرستان وجرت بين أحمد هذا وابن
حنبل مذاكرات وكتب كل واحد منهما عن صاحبه وكان
يصلي بالشافعي [أنه] كان يقول: (لا ينبغي لمن [يكون
(خ)] سبيله العلم أي بسير سيد الأنبياء التخلف عن
حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة) وآيات
الرسالة.
قال المحمودي: هذا تمام كلام ملا علي القاري في
شرح كتاب الشفاء للقاضي عياض وبما أنه مزج كلامه بكلام
القاضي حصل فيه تطويل لأجل حصول الالتئام بين
الكلامين.
ونحن أيضا بعد حذف العلامة بين المتن والشرح
لأجل كمال الارتباط بين الكلامين زدنا على كلامه كلمة أو
جملا ووضعناها بين معقوفتين دلالة على زيادتها.
ثم أقول: وممن أصر من المتأخرين على صحة
الحديث هو الشهاب أحمد الخفاجي في شرحه على كتاب
32

الشفاء للقاضي عياض بن موسى بن عياض المولود سنة
(476) المتوفى سنة: (544) المسمى بنسيم الرياض: ج
3 ص 1، قال:
و [الحديث] رواه الطبراني بأسانيد مختلفة رجال
أكثرها ثقات.
وساق كلاما طويلا إلى أن قال في ص 11، من
الكتاب:
واعترض عليه [أي على القاضي عياض حيث
اعتمد على حديث رد الشمس وصححه] وقيل: إنه
موضوع ورجاله مطعون فيهم كذابون وضاعون!!!
(قال الخفاجي:) ولم يدر (المعترض) إن الحق
خلافه، والذي غره كلام ابن الجوزي (السابق الذكر) ولم
يقف (المعترض) ره كلام ابن الجوزي
أكثره مردود!!!
وقد قال خاتمة الحفاظ السيوطي وكذا السخاوي أن
ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملا كثيرا حتى
وقد قال خاتمة الحفاظ السيوطي وكذا السخاوي أن
ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملا كثيرا حتى
33

أدرج فيه كثيرا من الأحاديث الصحيحة كما أشار إليه ابن
الصلاح.
وهذا الحديث صححه المصنف [يعني القاضي
عياض مصنف كتاب الشفاء] وأشار إلى أن تعدد طرقه
شاهد
صدق على صحته.
وقد صححه قبله كثير من الأئمة كالطحاوي
والحافظ الحسكاني والبيهقي) وأخرجه ابن شاهين وابن
مندة وابن مردويه.
و [أخرجه أيضا الحافظ] الطبراني في معجمه وقال:
إنه حسن.
وحكاه العراقي [زين الدين عبد الرحيم بن
الحسين] في التقريب [أي في كتاب تقريب الأسانيد]
ولفظه:
إنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى الظهر بالصهباء
ثم أرسل عليا في حاجة وقد صلى النبي صلى الله عليه
وسلم العصر فوضع رأسه في حجر علي فنام ولم يحركه
حتى غابت الشمس فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: اللهم
34

إن عبدك عليا إنما احتبس نفسه على نبيه فرد عليه الشمس،
إلى آخره.
قال الخفاجي:) وإنكار ابن الجوزي فائدة القضاء لا
[وجه له، فإنها فاتته بعذر مانع عن الأداء وهو عدم تشويشه
على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهذه فضيلة فلما
عادت الشمس حاز فضيلة الأداء أيضا.
وقد قال ابن حجر في شرح الإرشاد: (لو غربت
الشمس ثم عادت عاد الوقت أيضا) لهذا الحديث.
وأما حديث: (إن الشمس لم ترد إلا ليوشع حين قاتل
الجبارين يوم الجمعة فلما أدبرت الشمس خاف أن تغيب
الشمس ويدخل السبت فلا يحل له قتالهم فدعا الله تعالى
فرد عليه الشمس حتى فرغ من قتالهم) فقد أجيب عنه بأنه
قاله قبل قصة خيبر.
أو المراد أنها لم ترد لأحد من الأمم السالفة فالحصر
إضافي.
مع أنه نقل ابن حجر عن المصنف رحمه الله تعالى
في (كتاب) الإكمال أن الشمس حبست لنبينا صلى الله
35

تعالى [عليه وسلم في الخندق حين شغل عن صلاة العصر
حتى أدركها أداءا [وأشار إليه أيضا في (باب قول النبي
صلى الله عليه وسلم: أحلت لكم الغنائم) من كتاب فرض
الخمس من كتاب فتح الباري: ج 6 ص 222].
وما روي أنه قضاها بعدما غربت الشمس لعله كان
في يوم آخر.
وفي تفسير البغوي والكواشي والثعلبي أن الشمس
ردت لسليمان أيضا وروي عن علي [عليه السلام أن] ضمير
(ردوها) عائد على الشمس في الآية لعلمها وإن
لم يجر لها
ذكر.
(وذكر الحافظ ابن حجر في كتاب فرض الخمس من
[فتح الباري: ج 6 ص 222] ط دار المعرفة ببيروت قال:
وجاء أيضا أنها حبست لسليمان بن داود عليهما
السلام وهو فيما ذكره الثعلبي ثم البغوي [في تفسير الآية
الشريفة من سورة (ص) من تفسيريهما: ج 4 ص 61 قالوا]:
(و) عن ابن عباس قال: قال لي علي: ما بلغك في
قول الله تعالى حكاية عن سليمان عليه الصلاة والسلام:
36

ردوها علي؟ فقلت: قال لي كعب: كانت أربعة عشر
فرسا عرضها فغابت الشمس قبل أن يصلي العصر فأمر
بردها فضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها!!!
فقال علي: كذب كعب وإنما أراد سليمان جهاد
عدوه فتشاغل بعرض الخيل حتى غابت الشمس فقال
للملائكة الموكلين بالشمس بإذن الله لهم: ردوها علي
فردوها
عليه حتى صلى العصر في وقتها، وإن أنبياء الله لا
يظلمون
ولا يأمرون بالظلم.
ثم قال ابن حجر: قلت: أورد هذا الأثر جماعة
ساكتين عليه جازمين بقولهم: (قال ابن عباس: قلت
لعلي)...
(ثم قال الخفاجي:) وأقول: إن السيوطي صنف في
[هذا الحديث رسالة مستقلة سماها كشف اللبس عن
حديث رد الشمس (1) وقال: إنه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي

(1) والرسالة عندي بخط ابني الشيخ جعفر المحمودي المتوفى ليلة الاثنين
الموافق للثالث والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام من سنة (1408)
الهجرية بسبب انزلاق سيارته لعلة لم تعرف بعد ووقوعها في حفيرة
بجنب الطريق في جنب محلة (يافت آباد) من مدينة طهران جعلها الله
عاصمة أمن وأمان فجرح هو وجميع من كان معه وهم تسعة أشخاص
من أهله وابنيه وأختيه وأهل أخيه وبنتيه فبقوا بعد انقلاب السيارة
مغشيا عليهم في السيارة وحولها حدود ساعة إلى أن أخذهم بعض
المارة من المؤمنين إلى مستشفى (فياض بخش) في طهران وهو وأحد
أخواته وهي في الخامسة والعشرين من عمرها وابنه ياسين وهو في
الخامسة من عمره وفيه حشاشة من الروح فتوفوا في المستشفى فور
وصولهم وبقي الآخرون مجروحين ملازمين للمستشفى مدة طويلة
وبعضهم إلى الآن وهو اليوم: (26) من شهر ربيع الأول من العام
(1409) الهجري مريض غير قادر على التحرك.
ونأمل من ألطاف الله تعالى أن يتغمد الراحلين إليه بالمغفرة
والرحمة ويمن على المرضى بالعافية والصحة ويهب لنا ولجميع
المؤمنين والمؤمنات قرة العين في الباقين بعدهم ويوفقنا لما يحب
ويرضاه آمين رب العالمين.
ثم إن رسالة رد الشمس للسيوطي بخط ابني وكذلك رسالة
أخرى للصالحي الدمشقي ننشرهما قريبا.
هذا رجاء أن يكون قدم صدق وصدقة جارية لابني وتكونا من
وسائل قربه عند الله تعالى إنه بعباده عطوف رحيم.
37

الفضلي _ أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصححه بما لا مزيد
عليه ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله.
والحاجة التي أرسل [النبي] صلى الله تعالى عليه
وسلم لها عليا [هي] قسمة غنائم خيبر.
38

وما ذكره [ابن الجوزي] من الحديث المعارض له، لا
يعارضه وهو أنه لم يكن لنبي معجزة إلا وكان لنبينا
مثلها، وهذه المعجزة كانت ليوشع وسليمان.
ومن غريب طرقه ما رواه الطبراني في [المعجم]
الكبير عن أسماء أيضا قالت:
اشتغل علي رضي الله تعالى عنه مع رسول الله صلى
الله تعالى عليه وسلم في قسمة الغنائم يوم خيبر حتى غابت
الشمس فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يا علي
أصليت العصر؟ قال: لا يا رسول الله، فتوضأ رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم وجلس في المسجد فتكلم
بكلمتين أو ثلاث كأنها من كلام الحبشة فارتجعت الشمس
كهيئتها في العصر فقام علي فتوضأ وصلى العصر ثم تكلم
رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمثل ما تكلم به قبل
ذلك فرجعت الشمس إلى مغربها فسمعت لها صريرا
كالمنشار في الخشبة وطلعت الكواكب.
(قال الخفاجي:) وإذا صح الحديث علم منه أن
[الصلاة ليست بقضاء بل يتعين بهذا الدعاء [كونها] أداءا وإلا
لم يكن له [أي للدعاء] فائدة فما أورده [ابن الجوزي] غير
39

وارد عليه.
ولا حاجة إلى أن يقال: إنه من خصائصه فإنه لا يقع
مثله حتى يقاس عليه.
وقد يقال نظيره على القول باختلاف المطالع: ما
لو صام أول يوم من رمضان ببلده ثم سافر وأفطر ووصل
ببلد فيه الشهر ناقص وعلم أنه تم ببلدته فهل يلزمه قضاؤه
تماما أم لا؟
وحكى الطحاوي عن أحمد بن صالح [و] هو أبو
جعفر الطبري الحافظ الثقة روى عنه أصحاب السنن
وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين وله ترجمة في الميزان
(وتهذيب التهذيب: ج 1 ص 39 مشفوعا بالثناء عليه)
(إنه) كان يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم أي لمن طريقته
ودأبه الاشتغال بالعلم ومعرفة الحديث فجعل نفس العلم
طريقا
لأنه يصل بصاحبه إلى سعادة الدارين التخلف عن
حفظ حديث أسماء بنت عميس الذي روته في رد الشمس
لأنه من علامات النبوة أي من الآيات الدالة على ثبوتها لأنه
معجزة عظيمة.
(قال الخفاجي) وهذا مؤيد لصحته فإن أحمد هذا
40

[من كبار أئمة الحديث الثقات ويكفي في توثيقه أن
البخاري روى عنه في صحيحه فلا يلتفت إلى من ضعفه
وطعن في روايته.
وبهذا أيضا سقط ما قاله ابن تيمية وابن الجوزي:
(من أن هذا الحديث موضوع) فإنه مجازفة منهما.
وما قيل: (من أن هذه الحكاية لا موقع لها بعد نصهم
على وضع الحديث وأن كونه من علامات النبوة لا يقتضي
تخصيصه بالحفظ) خلط وخبط لا يعبأ به بعد ما سمعت.
أقول: وقد سقت كلامه مزجا بكلام متن كتابه من
غير نصب علامة على لفظ المتن والشرح ولأجل التوضيح
والتئام الشرح مع المتن زدنا بين المعقوفين كلمة أو جملة أو
جملا فليعلم ذلك.
وأيضا الحديث صححه كثير من الحفاظ والمحققين
الذين جاؤوا بعده كالحافظ ابن حجر في شرح قول البخاري:
(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لكم الغنائم)
من كتاب فرض الخمس من فتح الباري: ج 6 ص 221 ط
دار المعرفة وفي ط ص 155.
41

وصححه أيضا الحافظ الهيثمي في عنوان: (باب
حبس الشمس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم) من كتاب
علامات النبوة من كتاب مجمع الزوائد: ج 8 ص 297.
وصححه أيضا القسطلاني في كتابه المواهب
اللدنية: ج 1، ص 358.
وقال العلامة الأميني رفع الله مقامه في موسوعته
القيمة الغدير: ج 3 ص 127:
إن حديث رد الشمس أخرجه جمع من الحفاظ
الأثبات بأسانيد جمة صحح جمع من مهرة الفن بعضها،
وحكم آخرون بحسن آخر [منها] وشدد جمع منهم النكير
على من غمز فيه وضعفه وهم الأبناء الأربعة حملة الروح
الأموية الخبيثة ألا وهم: ابن حزم. ابن الجوزي. ابن تيمية.
ابن كثير.
وجاء آخرون من الأعلام وقد عظم عليهم الخطب
بإنكار هذه المأثرة النبوية والمكرمة العلوية الثابتة فأفردوها
بالتأليف، وجمعوا طرقها وأسانيدها فمنهم:
1 أبو بكر الوراق، له كتاب (من روى رد الشمس)
42

ذكره له ابن شهرآشوب في المناقب ج 1: ص 458.
2 أبو الحسن شاذان الفضلي، له رسالة في طرق
الحديث، ذكر شطرا منها الحافظ السيوطي في (اللئالئ
المصنوعة) ج 2: ص 175 وفي ط: ج 1 ص 336.
وقال: أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصححه بما لا مزيد
عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من
رجاله.
3 الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي
الموصلي، له كتاب مفرد فيه، ذكره له الحافظ الكنجي [في
الفصل الثاني بعد الباب المائة] من (الكفاية) [ص 239 ط
الغري].
4 أبو القاسم الحاكم ابن الحذاء الحسكاني
النيسابوري الحنفي المترجم [في الغدير: ج] 1 [ص] 112
له رسالة في الحديث أسماها مسألة في تصحيح رد
الشمس وترغيم النواصب الشمس، ذكر شطرا منها ابن
كثير في البداية والنهاية ج 6 ص 80 [وابن تيمية في
منهاجه ج 4 ص 194] وذكره له الذهبي في تذكرته: ج 3
ص 368
ص 368 (وفي ط: ج 3 ص 39 وفي ط ص 1200).
43

[5 أبو عبد الله الجعل الحسين بن علي البصري ثم
البغدادي المتوفى عام 399، ذلك الفقيه المتكلم، له كتاب
(جواز رد الشمس)، ذكره له ابن شهرآشوب.
6 أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق بن أحمد
المتوفى سنة 568 المترجم في الجزء الرابع من كتابنا هذا، له
كتاب (رد الشمس لأمير المؤمنين) [ذكره له معاصره ابن
شهرآشوب].
7 أبو علي الشريف محمد بن أسعد بن علي بن
المعمر الحسني النقيب النسابة المتوفى سنة 588، له جزء
في جمع طرق حديث رد الشمس لعلي، أورد فيه أحاديث
مستغربة. (لسان الميزان ج 5: ص 76).
8 أبو عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي
تلميذ السيوطي المتوفى (942) له جزء (مزيل اللبس عن
حديث رد الشمس) ذكره له برهان الدين الكوراني المدني
في كتابه (الأمم لإيقاظ الهمم) ص 63 كما يأتي لفظه.
9 الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى (911)،
له رسالة في الحديث أسماها كشف اللبس عن حديث رد
الشمس.
44

ولا يسعنا ذكر تلكم المتون وتلكم الطرق والأسانيد،
إذ تحتاج إلى تأليف ضخم يختص بها، غير أنا نذكر نماذج
مما أخرجه الحفاظ والأعلام بين من ذكره من غير غمز فيه،
وبين من تكلم حوله وصححه، وفيها مقنع وكفاية.
! الحافظ أبو الحسن عثمان بن أبي شيبة العبسي
الكوفي المتوفى 239، رواه في سننه. [ورواه أيضا أبو بكر
ابن أبي شيبة كما رواه بسنده عنه الطبراني في الكبير،
والسيوطي في آخر رسالة رد الشمس].
2 الحافظ أبو جعفر أحمد بن صالح المصري
المتوفى سنة 248، شيخ البخاري في صحيحه ونظراءه
المجمع على ثقته، رواه بطريقين صحيحين عن أسماء بنت
عميس وقال: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلف عن
حفظ حديث أسماء الذي روي لنا عنه صلى الله عليه وسلم
لأنه من أجل علامات النبوة (1).
3 محمد بن الحسين الأزدي المتوفى [سنة] 277،

(1) حكاه عنه الحافظ الطحاوي في مشكل الآثار ج 2 ص 11 وتبعه جمع
آخرون كما يأتي.
45

277 ذكره في كتابه في مناقب علي رضي الله عنه
وصححه كما ذكره ابن النديم و [إبراهيم بن حسن]
الكوراني وغيرهما. راجع لسان الميزان: ج 5 ص 140.
قال الأميني: أحسب أن كتاب (المناقب) للأزدي
غير ما أفرده في حديث رد الشمس.
4 الحافظ أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي
المتوفى سنة 310، أخرجه في كتابه (الذرية الطاهرة) ص
129 وسيأتي لفظه وإسناده.
5 الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي
المتوفى عام 321، في (مشكل الآثار): [ج] 2 ص 11،
أخرجه بلفظين وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما
ثقات
قال الأميني: تواتر نقل هذا التصحيح والتثبيت عن
أبي جعفر الطحاوي في كتب القوم كالشفاء للقاضي،
وستقف على نصوص أقوالهم، غير أن يد الطبع الأمينة على
ودائع الإسلام حرفته عن (مشكل الآثار) حيا الله الأمانة.
6 الحافظ أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي
46

المتوفى سنة 322 والمترجم [في ج] 1 ص 161.
7 الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفى عام 360
والمترجم [في ج] 1 ص 105، رواه في معجمه الكبير
وقال: إنه حسن.
8 الحاكم أبو حفص عمر بن أحمد الشهير بابن
شاهين المتوفى سنة 385، ذكره في مسنده الكبير.
الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفى عام
405 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 107، ورواه [أيضا
الحاكم] في تاريخ نيسابور في ترجمة عبد الله بن حامد
الفقيه الواعظ.
10 الحافظ ابن مردويه الأصبهاني المتوفى سنة
416 والمترجم [في ج] 1 ص 108، أخرجه في
(المناقب) بإسناده عن أبي هريرة.
11 أبو إسحاق الثعلبي المتوفى عام (427 أو 437)
والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 109، رواه في تفسيره،
وفي قصص الأنبياء الموسوم ب‍ (العرائس) ص 139.
12 الفقيه أبو الحسن علي بن حبيب البصري
47

البغدادي الشافعي الشهير بالمارودي المتوفى عام 450،
عده من أعلام النبوة في كتابه (أعلام النبوة) ص 79، ورواه
من طريق أسماء.
13 الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفى سنة 458
والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 110، رواه في (الدلائل)
كما في (فيض القدير) للمناوي: ج 5 ص 440. [والباب
(8) من كتاب فرض الخمس من فتح الباري: ج 6 ص
221].
14 الحافظ الخطيب البغدادي المتوفى عام 463
والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 111، ذكره في (تلخيص
المتشابه) و (الأربعين).
15 الحافظ أبو زكريا الأصبهاني الشهير بابن مندة
المتوفى سنة 512 والمذكور [في الغدير: ج] 1 ص 113،
أخرجه في كتابه (المعرفة).
16 الحافظ القاضي عياض أبو الفضل المالكي
الأندلسي إمام وقته المتوفى عام 544، رواه في كتابه
(الشفاء) وصححه.
48

17 أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفى سنة
568 أحد شعراء الغدير في القرن السادس يأتي شعره
وترجمته في الجزء الرابع من كتابنا [الغدير: ص 397]
رواه في في الجزء الرابع من كتابنا (الغدير: ص 397)
18 الحافظ أبو الفتح النطنزي المترجم [في الغدير:
ج] 1 ص 115، رواه في (الخصائص العلوية).
19 أبو المظفر يوسف قزاوغلي الحنفي المتوفى
عام 654، رواه في (التذكرة) ص 30 ثم رد على جده ابن
الجوزي في حكمه [بأنه موضوع وروايته مضطربة لمكان
أحمد بن داود، وفضيل بن مرزوق، وعبد الرحمن بن
شريك، والمتهم هو ابن عقدة فإنه كان رافضيا] فقال ما
ملخصه: قول جدي بأنه موضوع دعوى بلا دليل، وقدحه
في رواته لا يرد لأنا رويناه عن العدول الثقات الذين لا
مغمز فيهم وليس في إسناده أحد ممن ضعفه، وقد رواه أبو
هريرة أيضا، أخرجه عنه ابن مردويه فيحتمل أن الذين
أشار إليهم في طريقه.
واتهام جدي بوضعه ابن عقدة من باب الظن والشك
49

لا من باب القطع واليقين، وابن عقدة مشهور بالعدالة كان
يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها ولا يتعرض
للصحابة رضي الله عنهم بمدح ولا بذم فنسبوه إلى الرفض.
والمراد منه حبسها ووقوفها عن سيرها المعتاد لا
الرد الحقيقي، ولو ردت على الحقيقة لم يكن عجبا، لأن
ذلك يكون معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكرامة
لعلي عليه السلام وقد حبست ليوشع بالإجماع، ولا يخلو
إما أن يكون ذلك معجزة لموسى أو كرامة ليوشع، فإن كان
لموسى فنبينا صلى الله عليه وآله أفضل منه، وإن كان
ليوشع فعلي عليه السلام أفضل من يوشع، قال
صلى الله عليه وآله وسلم: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، وهذا
في حق الآحاد فما ظنك بعلي عليه السلام؟! ثم استدل
على فضل علي عليه السلام على أنبياء بني إسرائيل وذكر
شعر الصاحب بن عباد في رد الشمس فقال:
وفي الباب حكاية عجيبة حدثني بها جماعة من
مشايخنا بالعراق قالوا: شهدنا أبا منصور المظفر بن أردشير
العبادي الواعظ وقد جلس بالتاجية مدرسة بباب برز
محلة ببغداد وكان بعد العصر وذكر حديث رد الشمس لعلي
50

عليه السلام وطرزه بعبارته ونمقه بألفاظه ثم ذكر فضائل
أهل البيت عليهم السلام، فنشأت سحابة غطت الشمس
حتى ظن الناس أنها قد غابت فقام أبو منصور على المنبر
قائما وأومى إلى الشمس وأنشد:
لا تغربي يا شمس حتى ينتهي * مدحي لآل المصطفى ولنجله
واثني عنانك إن أردت ثناءهم * أنسيت إن كان الوقوف لأجله؟!
إن كان للمولى وقوفك فليكن * هذا الوقوف لخيله ولرجله
قالوا: فانجاب السحاب عن الشمس وطلعت.
(وأيضا رواه سبط ابن الجوزي
في كتابه رياض
الأفهام كما رواه عنه السمهودي في آخر كتابه جواهر
العقدين: ج 3 ص 481 ط بغداد.
ورواه أيضا الشيخ عبد القاهر الشهرزوري في
مجموعته القيمة الأدبية الورق 57 التي كانت في ملك
صديقنا الراحل السيد عبد العزيز الطباطبائي طاب ثراه].
51

قال الأميني: حكى ابن النجار نحو هذه القضية لأبي
الوفاء عبيد الله بن هبة الله القزويني الحنفي الواعظ المتوفى
سنة 585 قال: أنشدني أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن
هبة الله القزويني بإصبهان، أنشدني والدي ببغداد على
المنبر في المدرسة الناجية مرتجلا لنفسه وقد دانت الشمس
للغروب، وكان ساعتئذ شرع في مناقب علي رضي الله عنه:
لا تعجلي يا شمس حتى ينتهي * مدحي لفضل المرتضى ولنجله
يثني عنانك إن غربت ثناؤه * أنسيت يوما قد رددت لأجله؟!
وذكره محيي الدين بن أبي الوفاء القرشي الحنفي في
(الجواهر المضية) في طبقات الحنفية: ج 1 ص 342.
20 الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي
الشافعي المتوفى [سنة] 658، جعل في [الفصل 2 بعد
الباب
المائة من] كتابه (كفاية الطالب) ص 237 244
فصلا في حديث رد الشمس وتكلم فيه من حيث الإمكان
تارة، ومن
حيث صحة النقل أخرى، فلا يرى للمتشرع
وسعا في إنكاره من ناحية الإمكان لحديث رد الشمس
52

ليوشع المتفق على
صحته.
وقال في الكلام عن صحته ما ملخصه: فقد عده
جماعة من العلماء في معجزاته صلى الله عليه وآله:
منهم: ابن سبع ذكره في (شفاء الصدور) وحكم
بصحته.
ومنهم: القاضي عياض في (الشفاء) وحكى عن
الطحاوي من طريقين صحيحين ونقل كلام أحمد بن صالح
المصري.
وقد شفى الصدور الإمام الحافظ أبو الفتح محمد بن
الحسين الأزدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب مفرد. ثم
رواه من طريق الحاكم في تاريخه، والشيخ أبي الوقت في
في الجزء الأول من أحاديث أمير أبي أحمد.
ثم رد على من ضعفه إمكانا ووقوعا سندا ومتنا،
وذكر مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام به يوم الشورى
فقال:
أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود المعروف
بابن النجار: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر قال:
53

سمعت القاضي محمد بن عمر بن يوسف الأرموي يقول:
جلس أبو منصور المظفر بن أردشير العبادي الواعظ (وذكر
(القصة إلى آخر ما مر عن البسط ابن الجوزي) ثم ذكر شعر
الصاحب بن عباد في حديث رد الشمس.
21 أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد
الأنصاري الأندلسي المتوفى [عام] 671 قال في (التذكرة
بأحوال الموتى وأمور الآخرة): إن الله تعالى رد الشمس
على نبيه بعد مغيبها حتى صلى علي. ذكره الطحاوي وقال:
إنه حديث ثابت، فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وأنه لا
يتجدد الوقت لما ردها عليه.
22 شيخ الإسلام الحموي المتوفى [سنة] 722
والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 123، رواه في [الباب (7)]
من (فرائد السمطين): [ج 1، ص 183، ط 1].
23 الحافظ ولي الدين أبو زرعة العراقي المتوفى
عام 826، أخرجه في (طرح التثريب) (1) ج 6 ص 247

(1) هذا الكتاب وإن كان مشتركا بينه وبين والده غير أن إخراج هذا
الحديث يعزى إليه في كتب القوم.
54

من طريق الطبراني في معجمه الكبير وقال: حسن.
24 الإمام أبو الربيع سليمان السبتي الشهير بابن
سبع ذكره في كتابه (شفاء الصدور) وصححه.
25 الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام 852
والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 130، ذكره في فتح الباري
6 ص 168 وقال: روى الطحاوي والطبراني في (الكبير)
والحاكم والبيهقي في (الدلائل) عن أسماء بنت عميس: إنه
صلى الله عليه وسلم دعا لما نام على ركبة علي ففاتته
صلاة العصر، فردت الشمس حتى صلى علي ثم غربت.
وهذا أبلغ في المعجزة وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده
له في الموضوعات، وهكذا ابن تيمية في كتاب الرد على
الروافض في زعم وضعه والله أعلم.
26 الإمام العيني الحنفي المتوفى عام 855
والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 131، قال في (عمدة
القاري) شرح صحيح البخاري ج 7 ص 146: وقد وقع
ذلك أيضا للإمام علي رضي الله عنه، أخرجه الحاكم عن
أسماء بنت عميس و (ذكر الحديث ثم قال): وذكره
الطحاوي في (مشكل الآثار) ثم ذكر كلام أحمد بن صالح
55

المذكور فقال: وهو حديث متصل ورواته ثقات وإعلال
ابن الجوزي هذا الحديث لا يلتفت إليه.
27 الحافظ السيوطي المتوفى سنة 911 والمترجم
(في الغدير: ج) 1 ص 133، رواه في " مع الجوامع " كما [في ترتيبه ج 5 ص 277 عن علي عليه السلام في عد
معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال في (الخصائص الكبرى) ج 2 ص 183: أوتي
يوشع حبس الشمس حين قاتل الجبارين وقد حبست
لنبينا صلى الله عليه وآله في الأسراء، وأعجب من ذلك رد
الشمس حين فات عصر علي رضي الله عنه.
ورواه في (اللئالي المصنوعة) ج 2 ص 174 177
عن أمير المؤمنين وأبي هريرة وجابر الأنصاري وأسماء
بنت عميس من طريق ابن مندة. والطحاوي. والطبراني.
وابن أبي شيبة. والعقيلي. والخطيب. والدولابي. وابن
شاهين. وابن عقدة وذكر شطرا من رسالة أبي الحسن
الفضلي في الحديث وقال في ج 1 ص 174: الحديث
صرح جماعة من الأئمة والحفاظ بأنه صحيح.
وروى في (اللئالئ): ج 1 ص 176 من غير غمز في
56

سنده عن أبي ذر أنه قال: قال علي يوم الشورى أنشدكم بالله
هل فيكم من ردت له الشمس غيري حين نام رسول الله
وجعل رأسه في حجري؟! الخ.
وقال في (نشر العلمين) ص 13 بعد ذكر كلام
القرطبي المذكور: قلت: وهو في غاية التحقيق، واستدلاله
على تجدد الوقت بقصة رجوع الشمس في غاية الحسن،
ولهذا حكم بكون الصلاة أداء وإلا لم يكن لرجوعها فائدة،
إذ كان يصح قضاء العصر بعد الغروب.
وذكر هذا الاستدلال والاستحسان في (التعظيم
والمنة) ص 8.
28 نور الدين السمهودي الشافعي المتوفى عام
911 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 133، قال في [الفصل
3 من الباب 5 من] (وفاء الوفاء) ج 2 ص 33 [وفي ط
ج 3 ص 822] في ذكر مسجد الفضيخ المعروف بمسجد
الشمس
: قال المجد: لا يظن ظان أنه المكان الذي أعيدت الشمس فيه بعد الغروب لعلي رضي الله عنه، لأن ذلك إنما
57

كان بالصهباء من خيبر (1) ثم روى حديث القاضي عياض وكلمته
وكلمة الطحاوي فقال: قال المجد: فهذا المكان
أولى بتسميته بمسجد الشمس دون ما سواه [ثم قال:]
وصرح ابن حزم بأن الحديث موضوع وقصة رد الشمس
على علي
رضي الله عنه باطلة بإجماع العلماء وسفه قائله.
(ثم قال:) قلت: والحدث رواه الطبراني بأسانيد
قال الحافظ نور الدين الهيتمي: رجال أحدها رجال
الصحيح غير إبراهيم بن الحسن وهو ثقة وفاطمة بنت علي
ابن أبي طالب لم أعرفها. [ولكنه عرفها بعد ذلك حيث روى
حديث المنزلة في مناقب علي عليه السلام عن أحمد
والطبراني وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح غير فاطمة
بنت علي وهي ثقة. كما في مجمع الزوائد: ج 9 ص 109].
وأخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء
بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي هريرة
وإسنادهما حسن وممن صححه الطحاوي وغيره.

(1) وأيضا أشار إلى حديث رد الشمس عند ذكر مسجد الصهباء في أول
الفصل الخامس من وفاء الوفاء: ج 3 ص 1028.
وذكره أيضا في آخر كتابه جواهر العقدين: ج 3 ص 481 ط بغداد.
58

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد ذكر رواية
البيهقي له: وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات.
29 الحافظ أبو العباس القسطلاني المتوفى سنة
923 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 134، ذكره في
(المواهب اللدنية): ج 1 ص 358 من طريق الطحاوي،
والقاضي عياض، وابن مندة، وابن شاهين، والطبراني، وأبي
زرعة من حديث أسماء بنت عميس ومن طريق ابن مردويه
من حديث أبي هريرة.
30 الحافظ ابن الدبيع المتوفى عام 944 والمترجم
(في الغدير: ج) 1 ص 134، رواه في " تمييز الطيب من
الخبيث) ص 81 وذكر تضعيف أحمد وابن الجوزي له ثم
استدركه بتصحيح الطحاوي وصاحب (الشفاء) فقال:
وأخرجه ابن مندة وابن شاهين وغيرهما من حديث أسماء
بنت عميس وغيرها.
ظ! السيد عبد الرحيم بن عبد الرحمن العباسي
المتوفى سنة 963 ذكر في (معاهد التنصيص): ج 2 ص
59

190 من مقصورة ابن حازم: (1)
فيا لها من آية مبصرة * أبصرها طرف الرقيب فامترى
واعتورته شبهة فضل عن * تحقيق ما أبصره وما اهتدى
وظن أن الشمس قد عادت له * فانجاب جنح الليل عنها وانجلى
والشمس ما ردت لغير يوشع * لما غزا ولعلي إذ غفا
ثم ذكر الحديث بلفظ الطحاوي من طريقيه وأردفه
بذكر قصة أبي المنصور المظفر الواعظ المذكورة.
32 الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المتوفى
عام 974 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 134، عده في
(الصواعق) ص 76 كرامة باهرة لأمير المؤمنين عليه السلام
وقال: وحديث ردها صححه الطحاوي والقاضي في

(1) شرحها الشريف أبو عبد الله السبتي المتوفى عام 760 والشيخ جلال
الدين المحلى المتوفى سنة 864.
60

(الشفاء) وحسنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره وردوا
على جمع قالوا: (إنه موضوع، و [على من] زعم فوات
الوقت بغروبها فلا فائدة لردها) (2) [بأن ما زعموا] في محل
المنع بل نقول: كما أن ردها خصوصية كذلك إدراك العصر
الآن أداء خصوصية وكرامة، ثم ذكر قصة أبي المنصور
المظفر بن أردشير العبادي المذكورة.
وقال في شرح همزية البوصيري ص 121 في
حديث (شق القمر): ويناسب هذه المعجزة رد الشمس له
صلى الله عليه وسلم بعدما غابت حقيقة لما نام صلى الله عليه
وسلم (إلى أن قال:) فردت ليصلي (علي) العصر أداء كرامة له
صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث اختلف في صحته جماعة بل جزم
بعضهم بوضعه وصححه آخرون وهو الحق، ثم صرح بأن
إحدى رواية أسماء صحيحة وأخرى حسنة.
33 الملا علي القارئ المتوفى سنة 1014 قال في
(المرقاة) شرح (المشكاة): ج 4 ص 287 [وكذا في

(2) [هكذا ذكره و] زعمه ابن الجوزي.
61

شرحه على شفاء القاضي عياض المطبوع بهامش نسيم
الرياض: ج 3 ص 11]: أما رد الشمس له صلى الله عليه
وآله فروي عن أسماء (ثم ذكر الحديث) وقال بعد ذكر كلام
العسقلاني المذكور:
وبهذا يعلم أن رد الشمس بمعنى تأخيرها، والمعنى
أنها كادت أن تغرب فحبسها، فيندفع بذلك ما قال بعضهم:
(ومن تغفل واضعه أنه نظر إلى صورة فضيلة ولم يلمح إلى
عدم الفائدة فيها، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير
قضاء ورجوع الشمس لا يعيدها أداء) مع أنه يمكن حمله
على الخصوصيات وهو أبلغ في باب المعجزات والله أعلم
بتحقيق الحالات.
قيل: يعارضه قوله في الحديث الصحيح: (لم
تحبس الشمس على أحد إلا ليوشع) ويجاب بأن المعنى لم
تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلا ليوشع. (1)
34 نور الدين الحلبي الشافعي المتوفى عام 1044
والمترجم [في كتابنا الغدير: ج] 1 ص 139، قال في

(1) هذا الجمع ذكره جمع من الحفاظ والأعلام.
62

(السيرة النبوية): ج 1 ص 413:
وأما عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له صلى الله
عليه وسلم في خيبر، فعن أسماء بنت عميس (وذكر
الحديث ثم قال:) قال بعضهم: لا ينبغي لمن سبيله العلم أن
يتخلف عن حفظ هذا الحديث لأنه من أجل أعلام النبوة
وهو حديث متصل وقد ذكر (في الامتاع) أنه جاء عن
أسماء من خمسة طرق وذكرها.
وبه يرد ما تقدم عن ابن كثير (1) بأنه تفردت بنقله
امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها.
وبه يرد على ابن الجوزي حيث قال فيه: (إنه
حديث موضوع بلا شك) ثم ذكر عن (الأمتاع) خامس
أحاديثه وحكى عن سبط ابن الجوزي قصة أبي المنصور
المظفر الواعظ في ص 412.
35 شهاب الدين الخفاجي الحنفي المتوفى [عام]
1069 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 140، قال في شرح
الشفاء [المسمى ب‍ (نسيم الرياض): ج] 3 ص 11: ورواه

(1) ذكر كلام ابن كثير ص 411 (من كتاب الامتاع).
63

الطبراني بأسانيد مختلفة رجال أكثرها ثقات. وقال في ص
12 منه: اعترض عليه بعض الشراح وقال: (إنه موضوع
ورجاله مطعون فيهم كذابون ووضاعون) ولم يدر
(المعترض) أن الحق خلافه، والذي غره كلام ابن الجوزي
[ولم يقف على أن كتابه أكثره مردود وقد قال خاتمة الحفاظ
السيوطي وكذا السخاوي: إن ابن الجوزي في موضوعاته
تحامل تحاملا كثيرا حتى أدرج فيه كثيرا من الأحاديث
الصحيحة كما أشار إليه ابن الصلاح.
وهذا الحديث صححه المصنف رحمه الله وأشار إلى
أن تعدد طرقه شاهد صدق على صحته، وقد صححه قبله
كثير من الأئمة كالطحاوي، وأخرجه ابن شاهين، وابن مندة
وابن مردويه، والطبراني في معجمه وقال: إنه حسن
وحكاه العراقي في التقريب (ثم ذكر لفظه فقال:)
وإنكار ابن الجوزي فائدة ردها مع القضاء لا وجه له
فإنها فاتته بعذر مانع عن الأداء وهو عدم تشويشه على
النبي صلى الله عليه وسلم وهذه فضيلة أي فضيلة فلما
عادت الشمس حاز فضيلة الأداء أيضا (إلى أن قال:)
إن السيوطي صنف في هذا الحديث رسالة مستقلة
64

سماها (كشف اللبس عن حديث رد الشمس) وقال: إنه
سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي أورد طرقه بأسانيد كثيرة
وصححه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض
من طعن فيه من رجاله.
وقال في قول الطحاوي (لأنه من علامات النبوة):
وهذا مؤيد لصحته فإن أحمد (1) هذا من كبار أئمة الحديث
الثقات ويكفي في توثيقه أن البخاري روى عنه في
صحيحه فلا يلتفت إلى من ضعفه وطعن في روايته.
وبهذا أيضا سقط ما قاله ابن تيمية وابن الجوزي
من: أن هذا الحديث موضوع. فإنه مجازفة منهما. وما قيل
من: أن هذه الحكاية لا موقع لها بعد نصهم على وضع
الحديث وإن كونه من علامات النبوة لا يقتضي تخصيصه
بالحفظ. خلط وخبط لا يعبأ به بعدما سمعت. وذكر من
الهمزية [للبوصيري قوله:]
ردت الشمس والشروق عليه * لعلي حتى يتم الأداء

(1) يعني أحمد بن صالح المصري.
65

ثم ولت لها صرير وهذ * الفراق له الوصال دواء (1)
وذكر في ص 15 منه قصة أبي المنصور الواعظ
وشعره.
36 أبو العرفان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن
حسن بن شهاب الدين الكردي الكوراني ثم المدني المتوفى سنة
1102، ذكره في كتابه (الأمم لإيقاظ الهمم) ص 63 عن
(الذرية الطاهرة) للحافظ أبي بشر الدولابي،
قال قال:
حدثني إسحاق بن يونس، حدثنا سويد بن سعيد،
عن مطلب بن زياد، عن إبراهيم بن حيان، عن عبد الله بن
الحسن [بن الحسن] عن [أمه] فاطمة بنت الحسين عن
الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: كان رأس رسول الله
صلى الله عليه وآله في حجر علي وكان يوحى إليه، فلما
سري عنه قال لي: يا علي صليت الفرض؟! قال: لا. قال:
اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك فرد

(1) لا يوجد هذان البيتان في همزية البوصيري.
66

عليه الشمس. فردها عليه فصلى وغابت الشمس.
ثم رواه من طريق الطبراني عن أسماء بنت عميس
بلفظها الآتي ثم قال: قال الحافظ جلال الدين السيوطي في
جزء (كشف اللبس في حديث رد الشمس): إن حديث رد
الشمس معجزة لنبينا محمد صلى الله عليه وآله صححه
الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره وأفرط الحافظ أبو الفرج
ابن الجوزي فأورده في كتاب الموضوعات.
وقال تلميذه المحدث أبو عبد الله محمد بن يوسف
الدمشقي الصالحي في جزء (مزيل اللبس عن حديث رد
الشمس): إعلم أن هذا الحديث رواه الطحاوي في كتابه
شرح مشكل الآثار عن أسماء بنت عميس من طريقين
وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.
ونقله القاضي عياض في (الشفاء) والحافظ ابن
سيد الناس في (بشرى اللبيب)، والحافظ علاء الدين مغلطاي
في كتاب (الزهر الباسم)، وصححه الحافظ ابن
الفتح (1) الأزدي، وحسنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقي

(1) لا يوجد هذان البيتان في همزية البوصيري.
67

، وشيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في (الدرر المنتثرة
في الأحاديث المشتهرة).
وقال الحافظ أحمد بن صالح وناهيك به: لا ينبغي
لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء لأنه من
أجل علامات النبوة.
وقد أنكر الحفاظ على ابن الجوزي إيراده الحديث
في كتاب الموضوعات، فقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لكم
الغنائم) من فتح الباري بعد أن أورد الحديث: أخطأ ابن
الجوزي بإيراده له في الموضوعات. إنتهى. ومن خطه
نقلت: ثم قال: إن هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت
عميس وعلي بن أبي طالب وابنه الحسين وأبي سعيد وأبي
هريرة رضي الله عنهم (2) ثم ساقها وتكلم على رجالها ثم
قال: قد علمت مما أسلفناه من كلام الحفاظ في حكم هذا
الحديث وتبين حال رجاله أنه ليس فيه متهم ولا من أجمع

(1) كذا والصحيح: أبو الفتح.
(2) فالحديث متواتر أخذا بما ذهب إليه جمع من أعلام القوم في التواتر.
68

على تركه، ولاح لك ثبوت الحديث وعدم بطلانه، ولم يبق
إلا الجواب عما أعل به وقد أعل بأمور فساقها وأجاب عن
الأمور التي أعل بها بأجوبة شافية.
37 أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى [عام]
1122 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 142، صححه في
(شرح المواهب): ج 5 ص 113 118 وقال: أخطأ ابن
الجوزي في عده من الموضوعات. وبالغ في الرد على ابن
تيمية وقال:
العجب العجاب إنما هو من كلام ابن تيمية.
وقال بعد نقل نفي صحته عن أحمد وابن الجوزي:
قال الشامي: والظاهر أنه وقع لهم من طريق بعض الكذابين
ولم يقع لهم من الطرق السابقة وإلا فهي يتعذر معها الحكم
عليه بالضعف فضلا عن الوضع، ولو عرضت عليه أسانيدها
لاعترفوا بأن للحديث أصلا وليس بموضوع. قال: وما
مهدوه من القواعد وذكر جماعة من الحفاظ له في كتبهم
المعتمدة وتقوية من قواه يرد على من حكم بالوضع.
وقال: وبهذا الحديث أيضا بان أن الصلاة ليست
قضاء، بل يتعين الأداء وإلا لم يكن للدعاء فائدة. (ثم
69

قال):
ومن القواعد أن تعدد الطريق فيه يفيد أن للحديث
أصلا، ومن لطائف الاتفاقات الحسنة أن أبا المنصور المظفر
الواعظ. وذكر القصة كما مرت.
38 شمس الدين الحفني الشافعي المتوفى [عام]
1181 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 144، قال في تعليقه
على (الجامع الصغير) للسيوطي: ج 2 ص 293 في قوله
صلى الله عليه وسلم: (ما حبست الشمس على بشر إلا على
يوشع بن نون) لا ينافيه حديث رد الشمس لسيدنا علي
رضي الله عنه، لأن ذلك رد لها بعد غروبها وما هنا حبس لها
لا رد لها بعد الغروب، والمراد ما حبست على بشر غير يوشع
فيما مضى من الزمان، لأن (حبس) فعل ماض فلا ينافي
وقوع الحبس بعد ذلك لبعض أولياء الله تعالى.
39 ميرزا محمد البدخشي المذكور في [الغدير:]
ج 1 ص 143، قال في (نزل الأبرار) ص 40: الحديث
صرح بتصحيحه جماعة من الأئمة الحفاظ كالطحاوي
والقاضي عياض وغيرهما وقال الطحاوي: (هذا حديث
ثابت رواته ثقات) ثم نقل كلام الطحاوي وذكر حكاية أبي
70

المنصور المظفر الواعظ وقال: إن للحافظ السيوطي جزء
في طرق هذا الحديث وبيان حاله.
40 الشيخ محمد الصبان المتوفى سنة 1206
والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 145، عده في (إسعاف
الراغبين) ص 62 من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
وفي ص 162 من كرامات أمير المؤمنين عليه السلام وذكر
الحديث ثم قال: وصححه: الطحاوي، والقاضي في
(الشفاء) وحسنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره،
وردوا على جمع قالوا: إنه موضوع، وزعم فوات الوقت
بغروبها فلا فائدة لردها [بأن ما قالوا وزعموا] في محل المنع
لعود الوقت بعودها كما ذكره ابن العماد واعتمد غيره وإن
اقتضى كلام الزركشي خلافه، وعلى تسليم عدم عود
الوقت نقول: كما أن ردها خصوصية كذلك إدراك العصر
أداء خصوصية.
41 الشيخ محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين
الدمشقي إمام الحنفية في عصره المتوفى سنة 1252 قال
71

في حاشيته (1): ج 1 ص 252 عند قول المصنف: (لو غربت
الشمس ثم عادت هل يعود الوقت؟! الظاهر: نعم) بحث
لصاحب النهر حيث قال: ذكر الشافعية أن الوقت يعود لأنه
عليه الصلاة والسلام نام في حجر علي رضي الله عنه حتى
غربت الشمس، فلما استيقظ ذكر له أنه فاتته العصر. فقال:
اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فارددها عليه.
فردت حتى صلى العصر، وكان ذلك بخيبر والحديث صححه
الطحاوي وعياض وأخرجه جماعة منهم الطبراني بسند
صحيح، وأخطأ من جعله موضوعا كابن الجوزي، وقواعدنا
تأباه.
(ثم قال:) قلت: على أن الشيخ إسماعيل رد ما بحثه
في النهر تبعا للشافعية بأن صلاة العصر بغيبوبة الشمس
تصير قضاء ورجوعها لا يعيدها أداء، وما في الحديث
خصوصية لعلي كما يعطيه قوله عليه السلام: إنه كان في
طاعتك وطاعة رسولك.
42 السيد أحمد زيني دحلان الشافعي المتوفى عام

(1) تسمى برد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في فقه
الحنفية.
72

1304 والمترجم [في الغدير: ج] 1 ص 147، قال في
(السيرة النبوية) هامش (السيرة الحلبية) 3 ص 125:
ومن معجزاته صلى الله عليه وآله رد الشمس له
روت أسماء بنت عميس (وذكر الحديث ورواية الطحاوي
وكلام أحمد بن صالح المصري فقال):
وأحمد بن صالح من كبار أئمة الحديث الثقات
وحسبه أن البخاري روى عنه في صحيحه.
ولا عبرة بإخراج ابن الجوزي لهذا الحديث في
الموضوعات، فقد أطبق العلماء على تساهله في كتاب
الموضوعات حتى أدرج فيه كثيرا من الأحاديث الصحيحة
قال السيوطي:
ومن غريب ما تراه فاعلم * فيه حديث من صحيح مسلم
ثم ذكر كلام القسطلاني في (المواهب اللدنية)
وجملة من مقال الزرقاني في شرحه ومنها قصة أبي المنصور
الواعظ وشعره.
ثم حكى عن الحافظ ابن حجر نفي التنافي بين هذا
73

الحديث وبين حديث: (لم تحبس الشمس على أحد إلا
ليوشع بن نون) بأن حبسها ليوشع كان قبل الغروب وفي
قصة علي كان حبسها بعد الغروب. ثم قال: قيل: كان علم
النجم صحيحا قبل ذلك فلما وقفت الشمس ليوشع عليه
السلام بطل أكثره، ولما ردت لعلي رضي الله عنه بطل جميعه.
43 السيد محمد مؤمن الشبلنجي عده في (نور
الأبصار) ص 28 من معجزات رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم.
74

لفظ الحديث
عن أسماء بنت عميس أن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم صلى الظهر بالصهباء من أرض خيبر ثم أرسل
عليا في حاجة فجاء وقد صلى رسول الله العصر فوضع
رأسه في حجر علي ولم يحركه حتى غربت الشمس فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إن عبدك عليا
احتبس نفسه على نبيه فرد عليه شرقها.
قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى رفعت على
الجبال فقام علي فتوضأ وصلى العصر ثم غابت الشمس.
وهناك لفظ آخر نصفح عنه روما للاختصار.
ويعرب عن شهرة هذه الإثارة بين الصحابة
الأقدمين احتجاج الإمام أمير المؤمنين بها على الملأ يوم
الشورى بقوله: أنشدكم الله أفيكم أحد ردت عليه الشمس
بعد غروبها حتى صلى العصر غيري؟ قالوا: لا. (1)

(1) مر الإيعاز إلى حديث المناشدة يوم الشورى [في الغدير] ج 1 ص
159 163.
75

وأخرج الخوارزمي في [الحديث: (72) من الفصل
19 من كتاب] (المناقب) ص 260 [وفي ط الغري ص
236) عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قيل له: ما تقول في
علي بن أبي طالب؟! فقال: ذكرت والله أحد الثقلين، سبق
بالشهادتين، وصلى بالقبلتين، وبايع البيعتين، وأعطي
السبطين، وهو أبو السبطين الحسن والحسين، وردت عليه
الشمس مرتين بعدما غابت من الثقلين؟
ووردت في شعر كثير من شعراء القرون الأولى حتى
اليوم يوجد منه شطر مهم في غضون كتابنا [الغدير] راجع ج
2 ص 293 و ج 3 ص 29، 57.
فبهذه كلها تعرف قيمة ابن حزم وقيمة كتابه، ونحن
لا يسعنا إيقاف القارئ على كل ما في (الفصل) من
الطامات ولا على شطر مهم منه، إذ جميع أجزائه ولا سيما
الجزء الرابع مشحون بالتحكم والتقول والتحريف
والتدجيل والأفك والزور، وهناك [ذكر] مذاهب مختلقة لا
وجود لها إلا في عالم خيال مؤلفه.
76

وأما ما فيه من القذف والسباب المقذع فلا نهاية له
بحيث لو أردنا استيفاءه لكلفنا ذلك جزءا، ولا يسلم أحد من
لدغ لسانه لا في فصله ولا في بقية تآليفه حتى نبي العظمة
قال في (الأحكام): ج 5 ص 171:
قد غاب عنهم (يعني الشيعة) أن سيد الأنبياء هو ولد
كافر وكافرة؟)
أيساعده في هذه القارصة أدب الدين؟! أدب
التأليف؟! أدب العلم؟! أدب العفة؟!
أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر
سيعلمون غدا من الكذاب الأشر [القمر: 25، 26].
77

رسالة
كشف اللبس
عن حديث رد الشمس
تأليف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
المتوفى سنة 911 ه‍. ق
79

ترجمة المؤلف
وحان الآن ذكر رسالة كشف اللبس عن حديث رد
الشمس للسيوطي ثم ذكر رسالة مزيل اللبس عن حديث
رد الشمس لتلميذ السيوطي محمد بن يوسف الصالحي
الشامي المتوفى سنة (942).
ومن أجل أن نفس القراء تحن إلى معرفة صاحب
الرسالة ومؤلفها، نحن نذكر أولا ترجمة الحافظ عبد
الرحمان السيوطي بقلمه، ثم نتبعها بذكر رسالة كشف
اللبس ثم نذكر ترجمة تلميذه ونعقبها بذكر رسالة مزيل
اللبس فنقول:
قال السيوطي في كتابه (حسن المحاضرة): قال:
عبد الرحمان بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر
عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم
الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ
همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي:
وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء
بالمحدثين قبلي، فقل أن ألف أحد منهم تاريخا إلا ذكر
81

ترجمته فيه، وممن وقع له ذلك الإمام عبد الغافر الفارسي
في (تاريخ نيسابور) وياقوت الحموي في (معجم الأدباء)
ولسان الدين ابن الخطيب في (تاريخ غرناطة)، والحافظ
تقي الدين الفاسي في (تاريخ مكة) والحافظ أبو الفضل بن
حجر في (قضاء مصر) وأبو شامة في (الروضتين)، وهو
أورعهم وأزهدهم فأقول:
أما جدي الأعلى همام الدين، فكان من أهل الحقيقة
ومن مشايخ الطرق، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة
والرئاسة، منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من ولي الحسبة
بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، وبنى
مدرسة بأسيوط، ووقف عليه أوقافا، ومنهم من كان مهمولا
ولا أعلم من خدم العلم حق خدمته إلا والدي.
وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون إليه نسبة
هذه النسبة إلا الخضيرية، محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق
به أنه سمع والدي رحمه الله يذكر أن جده الأعلى كان
أعجميا، أو من الشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة
المذكورة.
وكان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب
سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وحملت في حياة أبي إلى
الشيخ محمد المجذوب رجل من كبار الأولياء بجوار
82

المشهد النفيسي فبرك علي. ونشأت يتيما فحفظت القرآن
ولي دون ثماني سنين، ثم حفظت (العمدة) و (منهاج الفقه
والأصول) و (ألفية ابن مالك)، وشرعت في الاشتغال بالعلم
من مستهل سنة أربع وستين فأخذت الفقه والنحو عن
جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي
زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي الذي كان يقال: إنه
بلغ السن العالية، وجاوز المائة بكثير والله أعلم بذلك
قرأت عليه في شرحه على المجموع.
وأجزت بتدريس العربية في مستهل سنة ست
وستين، وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شئ ألفته
(شرح الاستعاذة والبسملة)، وأوقفت عليه شيخنا شيخ
الإسلام علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا، ولازمته
في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولده، فقرأت عليه من أول
التدريب لولده إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوي
الصغير إلى العدد، ومن أول المنهاج إلى الزكاة، ومن أول
التنبيه إلى قريب من الزكاة، وقطعة من الروضة، وقطعة من
تكملة شرح المنهاج للزركشي، ومن إحياء الموات إلى
الوصايا أو نحوها.
وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست
وسبعين، وحضر تصديري، فلما توفي لزمت شيخ الإسلام
83

شرف الدين المناوي، فقرأت عليه قطعة من المنهاج،
وسمعته عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتني، وسمعت
دروسا من شرح البهجة ومن حاشيته عليها ومن تفسير
البيضاوي.
ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة
تقي الدين الشبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين، وكتب لي
تقريظا على (شرح ألفية ابن مالك) وعلى (جمع الجوامع في
العربية) تأليفي، وشهد لي غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه
وبنانه، ورجع إلى قولي مجردا في حديث، فإنه أورد في
حاشيته على الصفاء حديث أي الجمرا في الأسراء، وعزاه
إلى تخريج ابن ماجة فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت
ابن ماجة، في مظنته فلم أجده، فمررت على الكتاب كله
فلم أجده، فاتهمت نظري، فمررت ثانية فلم أجده، فعدت
ثالثة فلم أجده، ورأيته في (معجم الصحابة) لابن قانع،
فجئت إلى الشيخ فأخبرته، فمجرد ما سمع مني ذلك أخذ
نسخته وأخذ القلم فضرب على لفظ (ابن ماجة) وألحق
(ابن قانع) في الحاشية، فأعظمت ذلك وهبته لعظم منزلة
الشيخ في قلبي واحتقاري في نفسي، فقلت: ألا تثبون
لعلكم تراجعون؟! فقال: إنما قلدت في قولي (ابن ماجة)
البرهان الحلبي، ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات.
84

ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محيي الدين
الكافيجي أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير
والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك، وكتب لي إجازة
عظيمة.
وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا
عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه وتلخيص
المفتاح والعضد.
وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت
مؤلفاتي ثلاثمائة كتاب، سوى ما غسلته ورجعت عنه.
وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز
واليمن والهند والمغرب والتكرور، ولما حججت شربت
من ماء زمزم لأمور، منها:
أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين
البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر.
وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين، وعقدت
إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين.
ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث،
والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع على طريقة
العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة.
والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم
85

السبعة سوى الفقه والنقول التي اطلعت عليها، لم يصل إليه
ولا وقف عليه أحد من أشياخي فضلا عمن هو دونهم، أما
الفقه فلا أقول ذلك فيه، بل شيخي فيه أوسع نظرا، وأطول
باعا، ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه والجدل
والتصريف، ودونها الإنشاء والترسل والفرائض، ودونها
القراءات، ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطب.
وأما علم الحساب فهو أعسر شئ علي وأبعده عن
ذهني، وإذا نظرت إلى مسألة تتعلق به، فكأنما أحاول جبلا
أحمله.
وقد جملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله
تعالى، أقول ذلك تحدثا بنعمة الله علي، لا فخرا، وأي شئ
في الدنيا حتى يطلب تحدثا بنعمة الله علي، لا فخرا، وأي
شئ في الدنيا حتى يطلب تحصيله بالفخر! وقد أزف
الرحيل، وبدأ الشيب، وذهب أطيب العمر، ولو شئت أن
أكتب في كل مسألة مصنفا بأقوالها وأدلتها العقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين
اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله، لا
بحولي ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئا في المنطق،
ثم ألقى الله كراهته في قلبي، وسمعت ابن الصلاح أفتى
86

بتحريمه فتركته لذلك، فعوضني الله تعالى عنه علم الحديث
الذي هو أشرف العلوم.
وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة فكثير،
أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مائة
وخمسين، ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالي بما هو
أهم، وهو قراءة الدراية (1).
وأما مصنفاته رحمه الله فقد ذكر بعضا منها في
كتابه (حسن المحاضرة) والتي تزيد على ثلاثمائة مصنف
في التفسير، والحديث، والفقه، والقراءات، والتصوف
والتاريخ، والأدب، وفن الأصول، والبيان.
إضافة إلى ذلك فقد كان السيوطي يميل إلى الجمع،
والتلخيص، والاختصار، في كثير من مؤلفاته، فقد اختصر
كتابه: (لب اللباب من تحرير الأنساب) من (اللباب لابن
الأثير)، واختصر كتابه (طبقات الحفاظ) من (طبقات
الحفاظ للذهبي).
هذا وقد انصرف السيوطي إلى الاشتغال بالتصنيف
في سن مبكرة، وفي أواخر عمره ترك وظائفه من: (تدريس،
وإفتاء)، وبدأ في تحرير مؤلفاته، حيث ألف كتابه: (التنفيس

(1) حسن المحاضرة 1: 335 336.
87

في الاعتذار عن ترك الافتاء والتدريس).
ولقد كان عصر السيوطي، متميزا في نشر العلوم
الإسلامية، حيث غدت مصر ميدانا واسعا لنشاط علمي
كبير يتمثل في ذلك التراث الضخم في كافة المجالات
العلمية والأدبية، والسبب في ذلك يعود إلى تشجيع الكثير
من سلاطين المماليك للعلماء والأدباء، والأخذ بأيديهم،
ومساعدتهم على البحث والتحصيل، حيث ساهم بعض
السلاطين في بناء المدارس، وخزانات الكتب، التي
ساعدت السيوطي بالإضافة لما عنده من عزيمة عالية
على تصنيف كتبه، في كثير من المجالات العلمية التي
تتناول كافة ميادين المعرفة في عصره.
ومات السيوطي في التاسع عشر من جمادى الأولى
سنة 911 ه‍.
وإليك نص رسالة السيوطي كشف اللبس عن
حديث رد الشمس:
88

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد، فإن حديث رد الشمس معجزة لنبينا صلى الله
عليه وسلم صححه الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره،
وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب
الموضوعات، وهذا جزء في تتبع طرقه، وبيان حاله،
سميته (كشف اللبس في حديث رد الشمس):
1 قال ابن الجوزي في الموضوعات: أخبرنا محمد
ابن ناصر، أنبأنا محمد بن ضافر، أنبأنا عبد الوهاب بن محمد
بن مندة، أنبأنا أبي، حدثنا عثمان بن أحمد التنيسي، حدثنا
أبو أمية، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا فضيل بن مرزوق،
عن إبراهيم بن الحسن بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين:
89

عن أسماء بنت عميس، قالت: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل
العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لعلي: صليت العصر؟ قال: لا.
قال: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة نبيك فاردد
عليه الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما
غربت (1).
قال الجوزقاني: هذا حديث منكر مضطرب.
وقال المؤلف [أبو الفرج ابن الجوزي]: موضوع
اضطرب فيه الرواة، فرواه سعيد بن مسعود، عن عبيد الله بن
موسى، عن فضيل، عن عبد الرحمان بن عبد الله بن دينار،
عن علي بن الحسين، عن فاطمة بنت علي، عن أسماء (2).

(1) انظر تخريج الحديث في ذيل الحديث الثالث من هذه الرسالة، ولاحظ
ما سيأتي في أول رسالة الصالحي من هذا الكتاب، وانظر ما بهامشه من
تعليق.
(2) وسيأتي في التنبيه الثاني من رسالة الصالحي ما يرتبط بالحديث
فراجع، وفيه: علي بن الحسن بن الحسين.
والحديث رواه أيضا الحموئي بسنده إلى عباد بن يعقوب، عن علي
بن هاشم به.
ورواه أيضا الحسكاني في رسالته في رد الشمس على ما حكاه
عنه ابن تيمية في المنهاج وابن كثير في البداية والنهاية: ج 6 / 80
بسنده إلى حسين الأشقر، عن علي بن هاشم...
90

وفضيل ضعفه يحيى وقال ابن حبان: يروي
الموضوعات، ويخطئ على الثقات.
2 ورواه [أيضا] ابن شاهين [قال:] حدثنا أحمد بن
يحيى الصوفي، حدثنا عبد الرحمان بن شريك، حدثنا أبي،
عن عروة بن عبد الله بن قشير، عن فاطمة بنت علي بن أبي
طالب، عن أسماء به (2).

(2) ورواه شاذان الفضلي كما سيأتي في الحديث 7 من هذه الرسالة عن
علي بن إسماعيل بن كعب، عن علي بن جابر الأودي، عن عبد الرحمان
بن شريك.
وأيضا رواه ابن عساكر في الحديث (815) من ترجمة
أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق ج 2 ص 292 ط 2، كما
رواه أيضا في ترجمة فاطمة بنت أمير المؤمنين من تاريخ دمشق، بسنده
إلى ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى بن زكريا وفضل بن الحسن بن زيد،
عن عبد الرحمان بن شريك...
وأضاف أيضا: وحدثنا أحمد بن يحيى، حدثنا عبد الرحمان، قال:
قال أبي: وحدثني موسى الجهني، نحوه.
ورواه الحاكم في تاريخ نيسابور بسنده عن محمد بن عبيد
البيكندي، عن عبد الرحمان بن شريك... كما حكاه عنه الگنجي في
كفاية الطالب ص 383.
ورواه ابن شاهين عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن
عبد الرحمان كما في منهاج السنة لابن تيمية: ج 4 / 186 نقلا عن ابن
الجوزي، ورواه أيضا الشيخ المفيد في الحديث 3 من المجلس 11 من
أماليه ص 93 قال: أخبرت عن عبد الرحمان بن شريك.
ورواه أيضا الثعلبي في قصص الأنبياء ص 220 قال:
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن حامد الأصفهاني، بإسناده عن عروة بن
عبد الله...
ورواه الرافعي في التدوين في ترجمة أحمد بن محمد بن زيد
قال: قال عبد الرحمان بن أبي حاتم، قال: حدثنا أحمد بن يحيى..
91

(قال ابن الجوزي:) وعبد الرحمان: قال أبو حاتم:
واهي الحديث. وشيخ ابن شاهين، هو ابن عقدة، رافضي
رمي بالكذب، وهو المتهم به.
3 ورواه ابن مردويه من طريق داود بن فراهيج،
عن أبي هريرة، قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم في
حجر علي ولم يكن صلى العصر حتى غربت الشمس، فلما
قام
النبي صلى الله عليه وسلم دعا له فردت عليه الشمس
حتى صلى، ثم غابت ثانية (1).

(1) لاحظ الحديث الآتي تحت الرقم 5.
92

(قال ابن الجوزي:) وداود ضعفه شعبة.
(قال السيوطي:) قلت: فضيل الذي أعل به الطريق
الأول ثقة صدوق، احتج به مسلم في صحيحه وخرج له
الأربعة.
وعبد الرحمان بن شريك وإن وهاه أبو حاتم فقد
وثقه غيره، وروى عنه البخاري في الأدب [المفرد].
وابن عقدة من كبار الحفاظ، والناس مختلفون في
مدحه وذمه، قال الدارقطني: كذب من اتهمه بالوضع.
وقال حمزة السهمي: ما يتهمه بالوضع إلا طبل (2).
وقال أبو علي الحافظ: أبو العباس إمام حافظ، محله
محل من يسأل عن التابعين وأتباعهم.
وداود [بن فراهيج] وثقه قوم وضعفه آخرون.
ثم الحديث صرح جماعة من الأئمة والحفاظ بأنه
صحيح، قال القاضي عياض في [كتاب] الشفاء:

(2) كناية عن شئ لا لب له، بل له ظاهر معجب أو مرعب، وباطنه خال
عما يتراءى من ظاهره.
93

(و) خرج الطحاوي في (كتاب) مشكل الحديث (1).
[عن أسماء بنت عميس من طريقين أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي. فذكر هذا
الحديث.
قال الطحاوي: وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما
ثقات.
وحكى الطحاوي أن أحمد بن صالح كان يقول:
لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء
لأنه من علامات النبوة.
والحديث الأول أخرجه [أيضا] الطبراني [في
المعجم الكبير] (2) [قال:] حدثنا الحسين بن إسحاق
التستري (3)، حدثنا عثمان بن أبي شيبة.
حيلولة: وحدثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبو بكر بن

(1) المسمى بمشكل الآثار ج 2 ص 8 و ج 4 ص 488 ط 2.
(2) أخرجه في مسند أسماء بنت عميس من المعجم الكبير ج 24 ص 147،
ط بغداد.
(3) ذكره الذهبي فيمن توفي سنة (289) وقال: محدث، رحال، ثقة، كما
في تاريخ الإسلام ج 23 ص 157.
94

أبي شيبة قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى به.
وأخرجه [أيضا] العقيلي [في ترجمة عمار بن مطر
من ضعفائه الورق 163، قال:] حدثنا أحمد بن داود [بن
موسى]، حدثنا عمار بن مطر، حدثنا فضيل بن مرزوق به.
ثم قال [العقيلي:] عمار الغالب على حديثه الوهم!!!
4 ومن طرقه ما أخرجه الخطيب في [كتابه]
تلخيص المتشابه قال: [حدثني الحسن بن أبي طالب، قال:
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، قال: حدثنا يوسف بن
يعقوب النيسابوري، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال]:
حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا المطلب بن زياد، عن إبراهيم
ابن حيان، عن عبد الله بن الحسن، عن فاطمة الصغرى ابنة
الحسين:
عن الحسين بن علي، قال: كان رأس رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حجر علي وكان يوحى إليه، فلما
سري
عنه قال: يا علي صليت العصر؟
قال: لا.
قال: اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة
95

رسولك (1) فاردد عليه الشمس، فردها عليه، فصلى علي
رضي الله عنه، وغابت الشمس.
قال الخطيب: إبراهيم بن حيان في عداد
المجهولين (2).
و [أيضا] أخرجه أبو بشر الدولابي في [الحديث:
(158) من كتاب] الذرية الطاهرة [ص 129 ط 1] قال:
حدثني إسحاق بن يونس، حدثنا سويد بن سعيد به.
ثم وقفت على جزء مستقل في جمع طرق هذا
الحديث تخريج أبي الحسن شاذان الفضلي، وها أنا أسوقه
هنا ليستفاد قال:
5 أنبأنا أبو الحسن أحمد بن عمير، حدثنا إبراهيم
ابن سعيد الجوهري، حدثنا يحيى بن يزيد بن عبد الملك،

(1) كذا في أصلي، وفي جل الروايات: (إنه كان في طاعتك وطاعة
رسولك).
(2) بل هو معلوم الحال، وهو من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام،
ويروي عن وكيع، ووثقه ابن حبان، كما في ترجمته من كتاب لسان
الميزان ج 1، ص 52، وكما في معجم رجال الحديث ج 1، ص 83 ط 1.
والحديث رواه الخطيب في ترجمة إبراهيم بن حيان من تلخيص
المتشابه ج 1 ص 225 مع مغايرات طفيفة وأكملنا السند منه.
96

عن أبيه، عن داود بن فراهيج، عن أبي هريرة.
وعن عمارة بن فيروز، عن أبي هريرة: (1)
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه
[الوحي] حين انصرف من العصر، و [كان] علي بن أبي
طالب قريبا منه، ولم يكن علي أدرك العصر، فاقترب علي
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسنده إلى صدره، فلم يسر
عن النبي صلى الله عليه وسلم [حتى غابت الشمس،
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم]
فقال: من هذا؟
فقال على: يا رسول الله، أنا لم أصل العصر وقد غابت
الشمس.
فقال: اللهم أردد الشمس على علي حتى يصلي.
فرجعت الشمس لموضعها الذي كانت فيه حتى صلى علي.
6 وقال [أيضا]: حدثنا أبو الحسن أحمد بن عمير،
حدثنا أحمد بن الوليد [بن] برد الأنطاكي، حدثنا محمد بن

(1) وتقدم هذا من رواية ابن مردويه في الحديث الثالث من هذه الرسالة.
ورواه أيضا الحاكم الحسكاني في الحديث التاسع من رسالة رد
الشمس عن عقيل بن الحسين، عن صالح بن الفتح، عن أحمد بن عمير
ابن جوصاء... على ما رواه عنه ابن كثير في البداية والنهاية: ج 6 / 81.
97

إسماعيل بن أبي فديك، حدثني محمد بن موسى الفطري،
عن عون بن محمد، عن أمه أم جعفر، عن جدتها أسماء
بنت عميس قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى
الظهر بالصهباء، ثم أنفذ عليا في حاجة، فرجع وقد صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فوضع رسول الله
صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي فنام، فلم يحركه
حتى غابت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اللهم إن عبدك عليا احتبس بنفسه على نبيه فرد عليه
شرقها.
قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقفت على
الجبال وعلى الأرض، فقام علي فتوضأ وصلى العصر، ثم
غابت الشمس، وذلك في الصهباء في غزوة خيبر (1).
7 حدثنا أبو الحسن علي بن إسماعيل بن كعب

(1) ولاحظ الحديث ما بعد التالي وتاليه، وانظر ما سيأتي في التنبيه الثاني
من رسالة الصالحي حيث ذكر رواية الطبراني، ورواه أيضا الطحاوي في
مشكل الآثار: ج 2 / 9 وج 4 ص 388 عن علي بن عبد الرحمان بن
محمد، عن أحمد بن صالح.
ورواه الحسكاني في رسالته بأسانيد عديدة، قال: ورواه جماعة
عن ابن أبي فديك. فلاحظ منهاج السنة: ج 4 / 188.
98

الدقاق بالموصل، حدثنا علي بن جابر الأودي، حدثنا
عبد الرحمان بن شريك، حدثنا أبي، حدثنا عروة بن عبد الله
ابن قشير، قال: دخلت على فاطمة ابنة علي الأكبر
(فسألتها: هل عنك عن أبيك شئ يخشى منه؟) فقالت:
(لا، ولكن) حدثني أسماء بنت عميس، قالت: إن النبي
[صلى الله عليه وسلم أوحي إليه فستره علي بثوبه حتى
غابت الشمس، فلما سري عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: يا علي، صليت العصر؟ قال: لا.
قال: اللهم رد الشمس على علي.
قالت: فرجعت الشمس حتى رأيتها في نصف
الحجر، أو قالت: نصف حجرتي (1).
8 حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله القصار
بمصر، حدثنا يحيى بن أيوب العلاف، حدثنا أحمد بن
صالح،
حدثنا محمد بن [إسماعيل بن أبي] فديك، أخبرني
محمد بن موسى، عن عون بن محمد، عن أمه أم جعفر:
عن أسماء بنت عميس أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم صلى الظهر بالصهباء، ثم أرسل عليا في حاجة،

(1) أنظر ما تقدم تحت الرقم 2.
99

فرجع وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فوضع
النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي، فلم يحركه
حتى غابت الشمس، فقال: اللهم إن عبدك عليا احتبس
بنفسه على نبيه فرد عليه شرقها.
قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقفت على
الجبال وعلى الأرض، فقام علي فتوضأ وصلى العصر، ثم
غابت، وذلك بالصهباء في غزوة خيبر (1).
9 حدثنا أبو محمد الصابوني، عن عبيد الله بن
الحسين القاضي بأنطاكية، حدثنا علي بن عبد الواحد بن
المغيرة، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن أبي فديك،
نحوه.
قال أحمد بن صالح: هذه دعوة النبي صلى الله عليه
وسلم فلا تستكثر.
وأخرجه [أيضا] الطبراني في [ترجمة أسماء بنت
عميس من المعجم] الكبير [ج 24، ص 144 برقم 382
قال]:
حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف، حدثنا أحمد

(1) لاحظ الحديث المتقدم تحت الرقم 6.
100

ابن صالح به.
10 حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الأشناني،
حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، حدثنا يحيى بن
سالم، عن صباح المروزي، عن عبد الرحمان بن عبد الله بن
دينار، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة ابنة الحسين:
عن أسماء ابنة عميس قالت: اشتغل علي مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم يوم خيبر حتى
غابت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا
علي، صليت العصر؟
قال: لا، يا رسول الله، فتوضأ رسول الله صلى الله
عليه وسلم وجلس في المسجد، فتكلم بكلمتين أو ثلاثة
كأنها من كلام الحبشي فارتجعت الشمس كهيئتها في
العصر، فقام علي فتوضأ وصلى العصر، ثم تكلم رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمثل ما تكلم به قبل ذلك، فرجعت
الشمس إلى مغربها.
(قالت أسماء:) فسمعت لها صريرا كالمنشار في
الخشبة، فطلعت الكواكب.
11 حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى الجرادي
101

بالموصل، حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل،
حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن، عن
فاطمة بنت علي:
عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يكاد يغشى عليه،
فأنزل
عليه يوما ورأسه في حجر علي حتى غابت
الشمس، فرفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال:
صليت العصر يا علي؟
قال: لا، يا رسول الله، فدعا الله فرد [عليه] الشمس
حتى صلى العصر.
قالت [أسماء]: فرأيت الشمس بعدما غابت حين
ردت حتى صلى [علي] العصر.
أخرجه الطبراني [في المعجم الكبر في مسند أسماء
برقم 391 ج 24 ص 152 وقال]:
حدثنا جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي (1)، حدثنا

(1) لجعفر بن أحمد بن سنان الواسطي المتوفى سنة (307) ترجمة في
كتاب تذكرة الحفاظ ج 2 ص 752 وسير أعلام النبلاء ج 14 ص 308.
102

علي بن المنذر (2) [به].
12 أخبرنا أبو طالب محمد بن صبيح بدمشق،
حدثنا علي بن العباس، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا علي
بن هاشم، عن صباح بن يحيى، عن عبد الله بن الحسن
ابن جعفر، عن حسين المقتول [بفخ]، عن فاطمة بنت
علي، عن أم الحسن بنت علي:
عن أسماء بنت عميس قالت: لما كان يوم خيبر
شغل علي بما كان من قسمة الغنائم حتى غابت الشمس،
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عليا: هل صليت العصر؟
قال: لا.
فدعا الله تعالى فارتفعت [الشمس] حتى توسطت
المسجد، فصلى علي، فلما صلى غابت الشمس، قالت:
فسمعت لها صريرا كصرير المنشار في الخشبة (1).
13 [وبالسند المتقدم قال:] وحدثنا عباد، حدثنا

(1) لاحظ الحديث الثاني من رسالة الصالحي وما بهامشه من تعليق.
2 ورواه الگنجي في كفاية الطالب ص 85 بسنده عن يحيى بنسلميان بن
نضلة، عن إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن الحسن، عن فاطمة بنت
علي، عن أم الحسن بنت علي...
103

علي بن هاشم، عن صباح، عن أبي سلمة مولى آل عبد الله
ابن الحارث بن نوفل، عن محمد بن جعفر بن محمد بن
علي، عن أمه أم جعفر بنت محمد [بن جعفر بن أبي طالب]:
عن جدتها أسماء بنت عميس قالت: كان النبي
صلى الله عليه وسلم في هذا المكان [وأشارت إلى مكان
كان بمد نظرهما] ومعه علي إذ أغمي عليه، فوضع رأسه
في حجر علي، فلم يزل كذلك حتى غابت الشمس، ثم
أفاق فقعد، فقال: يا علي، هل صليت [العصر؟]. قال: لا.
فقال: اللهم إن عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك
فاردد عليه الشمس.
(قالت: أسماء:) فخرجت (الشمس) من تحت هذا
الجبل كأنها خرجت من تحت سحابة، فقام علي فصلى،
فلما فرغ آبت [إلى] مكانها (1).
14 حدثنا عبيد الله بن الفضل النبهاني الطائي،
حدثنا عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير، حدثنا أبو إسحاق

(1) آبت: رجعت وعادت. ولعل هذا الحديث هو ما رواه ثقة الإسلام
الكليني بسند آخر في آخر (باب إتيان المساجد وقبور الشهداء) من
كتاب الحج من الكافي ج 4 ص 561.
104

إبراهيم بن رشيد الهاشمي الخراساني، حدثنا يحيى بن
عبد الله بن الحسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، قال:
أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده:
عن علي بن أبي طالب قال: لما كنا بخيبر سهر
رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال المشركين، فلما
كان من الغد وكان مع صلاة العصر جئته ولم أصل العصر
فوضع رأسه في حجري، فنام فاستثقل [ظ] فلم يستيقظ
حتى غربت الشمس. فقلت: يا رسول الله، ما صليت صلاة
العصر كراهية أن أوقظك من نومك.
فرفع [رسول الله] يديه، ثم قال: اللهم إن عبدك [عليا
تصدق] بنفسه على نبيك فاردد عليه شروقها.
قال: فرأيتها على الحال في وقت العصر بيضاء نقية
حتى قمت، ثم توضأت، ثم صليت، ثم غابت (1).
15 حدثنا أبو الحسن بن صفرة، حدثنا الحسن بن
علي بن محمد العلوي الطبري، حدثنا أحمد بن العلاء

(1) ولحديث أمير المؤمنين مصادر عديدة من طرق مختلفة منها ما رواه
الحسكاني في رسالة رد الشمس بسنده عن جويرية بن مسهر، عنه عليه
السلام، ولاحظ الحديث التالي أيضا.
105

الرازي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا محل الضبي (2)،
عن إبراهيم النخعي، عن علقمة:
عن أبي ذر قال: قال علي يوم الشورى: أنشدكم بالله
هل فيكم من ردت عليه الشمس غيري حين نام رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وجعل رأسه في حجري حتى غابت
الشمس، فانتبه فقال: يا علي، صليت العصر؟ قلت: اللهم لا.
فقال: اللهم ارددها عليه، فإنه كان في طاعتك وطاعة
رسولك.

(2) ذكره ابن حجر في مشايخ البخاري في كتاب الأدب المفرد، كما في
كتاب التقريب ج 2 ص 232. وتهذيب التهذيب: ج 10، ص 60، وقال:
هو محل بن محرز الضبي الكوفي الأعور...
ثم إن حديث أبي ذر حول مناشدات أمير المؤمنين عليه السلام
وأصحابه على أهل الشورى بحديث رد الشمس، رواه أيضا الحاكم
النيسابوري كما رواه عنه الگنجي الشافعي في الباب (100) من كتابه
كفاية الطالب ص 387.
ورواه أيضا الخوارزمي في الحديث: (38) من الفصل: (19) من
كتابه مناقب أمير المؤمنين ص 223.
ورواه أيضا الحموئي في الباب (58) من فرائد السمطين: ج 1،
ص 321 وليلاحظ ما ذكره الحافظ ابن شهرآشوب في عنوان (طاعة
الجمادات له) من مناقب آل أبي طالب: ج 2 / 317.
106

16 حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان، حدثنا
عثمان بن خرزاد، حدثنا محفوظ بن بحر، حدثنا الوليد بن
عبد الواحد، حدثنا معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير:
عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم
أمر الشمس أن تتأخر ساعة من النهار فتأخرت ساعة من النهار.
[من الطرق.
وحديث جابر [هذا] أخرجه الطبراني في [كتاب
المعجم] الأوسط من طريق الوليد بن عبد الواحد، وقال: لم
يروه عن أبي الزبير إلا معقل، ولا عنه إلا الوليد (1).
17 وروى ابن أبي شيبة في مسنده طرفا من حديث
أسماء وهو قولها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم

(1) ورواه أيضا الهيثمي عن الطبراني وقال: إسناده حسن، كما في
عنوان. (حبس الشمس) من كتاب مجمع الزوائد ج 8 ص 296 ط 1.
ورواه عنه وعن جماعة من الصحابة مطولا الشيخ المفيد في أواخر
سيرة أمير المؤمنين من كتاب الإرشاد ص 345 ط مؤسسة آل البيت.
وأيضا رواه عن جابر وأبي سعيد الخدري العلامة الحلي في المنهج
الثالث من منهاج الكرامة.
107

يوحى إليه ورأسه في حجر علي) لم يزد على ذلك (1).
ومما يشهد لصحة ذلك قول الإمام الشافعي رضي
الله عنه وغيره: ما أوتي نبي معجزة إلا [و] أوتي نبينا صلى الله
عليه وسلم نظيرها أو أبلغ منها، وقد صح أن الشمس
حبست على يوشع ليالي قاتل الجبارين، فلا بد أن يكون
لنبينا صلى الله عليه وسلم نظير ذلك، فكانت هذه القصة
نظير ذلك، والله أعلم بالصواب.
(قال كاتبه:) انتهى هذا الكتاب، بحمد الله وعونه
وحسن توفيقه، على يد أفقر العباد وأحوجهم إليه، كاتبه
مصطفى مرتجى بن المكرم الحاج أيوب مرتجى غفر الله
لهما وأحسن إليهما آمين.
قال الشيخ محمد جعفر المحمودي: وعن هذه
النسخة استنسخت الرسالة المذكورة، أعني: رسالة رد
الشمس هذه في مكتبة دار الكتب المصرية بالقاهرة، في يوم
السبت الموافق لليوم الثالث من شهر ذي القعدة الحرام من
سنة: (1396) الهجرية المطابق لليوم السابع من الشهر
الحادي عشر، من السنة: (1976) المسيحية.

(1) وهكذا ابن أبي عاصم في كتاب السنة (1323).
108

رسالة
مزيل اللبس
عن حديث رد الشمس
تأليف
شمس الدين محمد بن يوسف الصالحي الشامي
المتوفى سنة 942 ه‍. ق
109

ترجمة المؤلف
هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف
الصالحي، المتوفى عام (942) الهجري.
ذكره العماد في كتابه: شذرات الذهب في وفيات
سنة (942) ونقل عن الشعراني في ذيل طبقاته [أنه] قال:
كان [محمد بن يوسف الصالحي الشامي] مفننا في
العلوم، ألف السيرة النبوية [المسماة ب‍ (سبل الهدى
والرشاد)] التي جمعها من ألف كتاب، وأقبل الناس على
كتابتها، ومشى فيها على أنموذج لم يسبقه إليه أحد.
وكان عزبا لم يتزوج قط، و [كان] إذا قدم عليه
الضيف يعلق القدر ويطبخ له.
وكان حلو المنطق، مهيب النظر، كثير الصيام
والقيام، بت عنده الليالي فما أراه ينام إلا قليلا.
وكان إذا مات أحد من طلبة العلم وخلف أولادا
قاصرين وله وظائف، يذهب إلى القاضي ويتقرر فيها
111

ويباشرها ويعطي معلومها للأيتام حتى يصلحوا للمباشرة،
وكان لا يقبل من مال الولاة وأعوانهم شيئا، ولا يأكل من
طعامهم.
وذكر له صاحب الشذرات غير كتابه (سبل الهدى
والرشاد) ما يلي:
الأول: كتاب عقود الجمان في مناقب أبي حنيفة
النعمان.
الثاني: الجامع الوجيز الخادم للغات القرآن العزيز.
الثالث: مرشد السالك إلى ألفية ابن مالك.
الرابع: النكت عليها اقتضبها من نكت شيخه السيوطي
عليها وعلى الشذرات والكافية والشافية والتحفة وزاد
عليها.
الخامس: الآيات الباهرة في معراج سيد الدنيا والآخرة.
السادس: مختصره المسمى ب‍ (الآيات البينات في معراج
سيد أهل الأرض والسماوات).
السابع: رفع القدر ومجمع الفتوة في شرح الصدر وخاتم
النبوة.
الثامن: كتاب كشف اللبس في [حديث] رد الشمس.
112

التاسع: شرح الأجرومية.
العاشر: الفتح الرحماني في شرح أبيات الجرجاني،
الموضوعة في علم الكلام.
الحادي عشر: وجوب فتح همزة (إن) وكسرها وجواز
الأمرين.
الثاني عشر: النكت المهمات في الكلام على الأبناء
والبنين والبنات.
الثالث عشر: تفصيل الاستفادة في بيان كلمتي الشهادة.
الرابع عشر: إتحاف الأريب بخلاصة الأعاريب.
الخامس عشر: الجواهر النفائس في تحبير كتاب
العرائس.
السادس عشر: الفوائد المجموعة في الأحاديث
الموضوعة.
السابع عشر: عين الإصابة في معرفة الصحابة.
وأيضا لترجمة المؤلف مصادر أخر منها: معجم
المؤلفين 12 / 131، وكشف الظنون ص 294 و 977
و 1155 و 1260، وإيضاح المكنون 2 / 500 وهدية
العارفين 2 / 236.
113

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أيد رسوله محمدا بالآيات
الباهرات، والمعجزات العظام، ومن ذلك انشقاق القمر ورد
الشمس بعد ما غربت واستهل الظلام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك
العلام، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خير الأنام،
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه السادة الكرام.
أما بعد، فهذا جزء في بيان حال حديث رد الشمس
بعد غروبها للنبي صلى الله عليه وسلم يشتمل على مقدمة
وفصلين وخاتمة، وسميته ب‍ (مزيل اللبس عن حديث رد
الشمس).
فالمقدمة فيما قاله الحفاظ في حكم هذا الحديث.
115

والفصل الأول في طرقه والكلام على رجال كل
طريق.
و [الفصل] الثاني في رد العلل التي أعل بها.
والخاتمة في من ورد أن الشمس حبست له أو ردت
عليه، والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه العظيم، وأن
يجعل جزائي النظر إليه في دار النعيم، إنه هو الجواد الكريم.
116

المقدمة
اعلم أن هذا الحديث رواه الطحاوي في شرح
مشكل الآثار (1) عن أسماء بنت عميس من طريقين، وقال:
هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.
ونقله عنه القاضي عياض في [كتاب] الشفاء (2)،
و [رواه أيضا] الحافظ ابن سيد الناس في [كتاب] بشرى
اللبيب (3) وقال في قصيدة ذكرها فيه:

(1) الطحاوي منسوب إلى (طحا) قرية بصعيد مصر، وهو أبو جعفر أحمد
بن محمد بن سلامة الحنفي، المتوفى سنة 321، والحديث ذكره في
مشكل الآثار ج 2 ص 9 وج 4 ص 388.
(2) كما في شرحه الموسوم بنسيم الرياض للشهاب الخفاجي ج 3
ص 1110.
(3) ابن سيد الناس هو أبو بكر الأندلسي أحمد بن عبد الله، المتوفى سنة
661.
117

وردت عليه الشمس بعد غروبها * وهذا من الاتقان أعظم موقعا
وقبله هكذا:
له وقفت شمس النهار كرامة * كما وقفت شمس النهار ليوشعا
و [رواه أيضا] الحافظ علاء الدين مغلطاي في كتابيه
(الزهر الباسم) و (الإشارة) (1).
و [رواه أيضا] البارزي في التوثيق (2).
و [رواه أيضا] النووي في شرح مسلم في باب حل
الغنائم لهذه الأمة (3).
ونقله عنه شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل ابن حجر

(1) الإشارة إلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هي تلخيص
لكتاب (الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم)، وكلاهما من تأليفه. انظر:
كشف الظنون: ج 2 / 957.
(2) توثيق عرى الإيمان في تفضيل حبيب الرحمان لشرف الدين ابن
البارزي، المتوفى سنة 838. لاحظ: كشف الظنون: ج 1 / 53.
(3) وذكر مثله الحافظ ابن حجر في شرح باب قول النبي صلى الله عليه وآله
وسلم: (أحلت لكم الغنائم) من كتاب فرض الخمس من كتاب فتح
الباري: ج 6 ص 155 وفي طص 221.
118

في تخريج أحاديث الرافعي في باب الأذان، كما في النسخ
الصحيحة وأقروه.
وصححه الحافظ أبو الفتح الأزدي، [كما] نقله عنه
ابن العديم في ترجمته من تاريخه.
وحسنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقي في تكملته
بشرح تقريب والده.
و [رواه] شيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في
الدرر المنثورة في الأحاديث المشهورة (1).
وقال الحافظ أحمد بن صالح وناهيك به: لا
ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء، لأنه من
أجل علامات النبوة.
ورواه الطحاوي. وروى شاذان الفضلي عنه أنه قال:
هذه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فلا تستكثر.
وقد أنكر الحفاظ على ابن الجوزي إيراده الحديث
في كتاب الموضوعات، فقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر
في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لكم

(1) الكتاب قد طبع حديثا والقصة مذكورة فيه.
119

الغنائم) من [كتاب] فتح الباري بعد أن أورد الحديث:
أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات، انتهى.
ومن خطه نقلت [قال:] وقال الحافظ مغلطاي في
الزهر الباسم بعد أن أورد الحديث من عند جماعة: لا
يلتفت لما أعله به ابن الجوزي من حيث إنه لم يقع له الأسناد
الذي وقع لهؤلاء.
وقال شيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في
مختصر الموضوعات: أفرط [ابن الجوزي] بإيراده له هنا (1).

(1) وذكره أيضا في أول رسالة (كشف اللبس عن حديث رد الشمس)،
وفيها: وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب
الموضوعات.
120

تنبيه
الذي ورد في الأحاديث أن قصة رد الشمس كانت
بخيبر، كما يأتي بيان ذلك، و [لكن] قال القاضي عياش في
(كتاب) الإكمال: إن الشمس ردت للنبي صلى الله عليه
سلم يوم الخندق لما شغلوا عن صلاة العصر حتى غربت
الشمس،
فدعا الله أن يرد الشمس، فردها حتى صلى
العصر.
و [أيضا] عزاه [القاضي عياض] لمشكل الآثار
للطحاوي، ونقله [أيضا] عن القاضي النووي في شرح
مسلم في باب حل الغنائم.
ونقله عنه الحافظ ابن حجر في باب الأذان من
كتاب تخريج أحاديث الرافعي ومغلطاي في الزهر الباسم
والإشارة وأقروه؟
وفي ذلك نظر من وجهين:
أحدهما: إن الثابت في الصحيح وغيره أن النبي
صلى الله عليه وسلم صلى العصر في واقعة الخندق بعد ما
121

غربت الشمس.
الثاني: أن الذي ذكره الطحاوي في مشكل الآثار
إنما هو حديث أسماء في قصة خيبر [لا الخندق] وقد ذكره
القاضي في [كتاب] الشفاء على الصواب.
ثم رأيت الحافظ ابن حجر تنبه لذلك في [كتاب]
فتح الباري في الباب المتقدم بعد أن أورد الحديث في قصة
خيبر، ثم ذكر ما نقله القاضي في الإكمال عن رواية
الطحاوي [إياه في واقعة الخندق، فقال: الذي رأيته في
مشكل الآثار للطحاوي هو] ما تقدم ذكره. انتهى.
وقد راجعت [كتاب] مشكل الآثار وترتيبه لابن
رشد، فلم أر فيهما ما ذكره القاضي في الإكمال، والله
سبحانه
أعلم بالصواب.
122

الفصل الأول
في طرق الحديث وبيان حال رجاله
إعلم أن هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت
عميس، وعلي بن أبي طالب، وابنه الحسين، وأبي سعيد،
وأبي هريرة، رضي الله تعالى عنهم (1).

(1) وزاد السيوطي: أبا ذر الغفاري رفع الله مقامه، وأورد حديثه في
الحديث 15 من كشف اللبس، كما رواه أيضا عن أبي ذر جماعة، منهم:
الحاكم النيسابوري كما في الباب 100 من كفاية الطالب ص 387.
ومنهم: الخوارزمي كما في الحديث 38 من الفصل 18 من كتابه
مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ص 223 ط الغري.
ومنهم: الحافظ السروي في عنوان (طاعة الجمادات له) من
مناقب
آل أبي طالب ج 2 ص 317.
ومنهم: الحموئي كما في الباب 58 من فرائد السمطين 1 / 321 ط
بيروت.
ورواه أيضا أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما
في الحديث 141 من مناقب ابن المغازلي.
ورواه أيضا أنس بن مالك كما في الحديث 1020 من مناقب محمد
بن سليمان الكوفي: ج 2 ص 16 ط 1.
ورواه أيضا ابن عباس كما في الحديث: (75) من المناقب المائة
لابن شاذان.
ورواه أيضا عن ابن شاذان، الخوارزمي في الحديث 72 من الفصل
19 من المناقب ص 236، ورواه أيضا في كتابه مقتل الحسين عليه
السلام: ج 1 ص 47.
123

(أما) حديث أسماء وإنما بدأت ة به لأنه المشهور:
(فقد) قال الإمام الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد
الطبراني [في مسند أسماء بنت عميس] في معجمه الكبير:
(ج 24 ص 144، ط 1، قال) حدثنا جعفر بن أحمد بن سنان
[الواسطي.
حيلولة: وقال الإمام أبو الحسن شاذان الفضلي:
حدثنا [أبو العباس أحمد بن يحيى الخزازي بالموصل]؟ (1)

(1) من قوله (أبو العباس أحمد بن يحيى الخزازي إلى قوله في الحديث
التالي: غربت الشمس) كان قد سقط من أصلي بفقدان صفحة كاملة،
ولقيام القرينة القطعية على أن المصنف أخذ الحديث وتاليه من المعجم
الكبير، نحن أيضا أخذناه منه، ولأجل احتمال تغيير يسير في نقل
المصنف عن المعجم الكبير وضعنا المقدار المفقود بين المعقوفين. وانظر
ما تقدم تحت الرقم 11 من رسالة السيوطي.
124

قالا: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا
فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن [بن الحسن]، عن
فاطمة بنت علي (2).

(2) وللحديث من طريق فاطمة بنت علي عليهما السلام أسانيد ومصادر،
ذكرنا كثيرا منها في تعليق الحديث: (810) من ترجمة أمير المؤمنين
عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 292 ط 2، ولنذكر هنا ما فاتنا من
أن نذكره هناك فنقول:
والحديث رواه أيضا عبد الكريم الرافعي المولود (555 أو 556)
المتوفى (623) في ترجمة أحمد بن محمد بن زيد، من نسخة لا له لي
برقم: (2010) من كتاب التدوين قال: [حدث] عبد الرحمان بن أبي
حاتم، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الأودي الصوفي، [قال:] حدثنا
عبد الرحمان بن شريك، [قال:] حدثني [أبي]، عن عروة بن عبد الله بن
قشير، قال: دخلت على فاطمة بنت علي بن أبي طالب فرأيت في عنقها
خرزة ورأيت في يدها مسكتين غليظتين وهي عجوز كبيرة فقلت
لها: ما هذا؟
فقالت: إنه يكره للمرأة أن تتشبه بالرجال، ثم حدثتني أن أسماء
بنت عميس حدثتها أن علي بن أبي طالب دفع إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وقد أوحي إليه، فجلله بثوبه، فلم يزل كذلك حتى
أدبرت الشمس تقول: كانت أو كادت [أن] تغيب ثم إن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم سري عنه، فقال: أصليت يا علي؟ قال: لا.
قال: اللهم أردد على [علي] الشمس، فرجعت حتى بلغت نصف
المسجد.
قال عبد الرحمان [بن شريك]: قال أبي: وحدثني موسى الجهني،
نحوه.
125

عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يكاد [أن] يغشى عليه،
فأنزل عليه [الوحي] يوما وهو في حجر علي [وهو لم يصل
العصر بعد] فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم [بعد ما
سري عنه: يا علي] صليت العصر؟ قال: لا، يا رسول الله.
فدعا الله عز وجل، فرد عليه الشمس حتى صلى
العصر.
(قال الطبراني: و) حدثنا الحسين بن إسحاق
التستري، حدثنا عثمان بن أبي شيبة (1).

(1) والحديث رواه عن عثمان بن أبي شيبة محمد بن علي الفقيه، المتوفى
سنة (381)، كما في الحديث: (11) من باب فرض صلاة الخمس من
كتاب من لا يحضره الفقيه: ج 1، ص 130، وكذا في أوائل شرح
مشيخته من ج 4 ص 28 ط الغري قال:
ورويت [الحديث] عن أحمد بن محمد بن إسحاق، قال: حدثني
الحسين بن موسى النخاس، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال:
حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت
الحسين
عن أسماء بنت عميس أنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه
وآله [وسلم] نائم ذات يوم ورأسه في حجر علي عليه السلام ففاتته
صلاة العصر حتى غابت الشمس، [فانتبه رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فقال: يا علي، صليت العصر؟ قال: لا.
فقال]: اللهم إن عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه
الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها والله غربت، ثم طلعت بعد ما غربت ولم يبق
جبل ولا أرض إلا طلعت عليه حتى قام علي عليه السلام وتوضأ
وصلى، ثم غابت.
ورواه أيضا أبو الحسن علي بن محمد المغازلي الشافعي، المتوفى
(483) في الحديث (140) من مناقبه ص 96 قال:
أخبرنا القاضي أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن الحسن العلوي في
جمادى الأولى في سنة ثماني وثلاثين وأربعمائة بقراءتي عليه فأقر به،
قلت له: أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الملقب
بابن السقاء الحافظ رحمه الله، حدثنا محمود بن محمد وهو الواسطي
حدثنا عثمان، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن
إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين:...
وقد تقدم في الحديث الأول من رسالة السيوطي نقل هذا الحديث
عن ابن الجوزي وعن سعيد بن مسعود والعقيلي والطحاوي.
ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 55 بسنده عن
البغوي، عن طالوت بن عباد، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت
الحسين عليه السلام، عن أسماء بنت عميس قالت: كان رأس رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حجر علي عليه السلام وهو يوحى إليه، فلم
يصل [علي] العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة نبيك فاردد عليه الشمس.
قالت: فردها الله له.
126

حيلولة: وحدثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن
مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن [بن الحسن]، عن [أمه]
فاطمة بنت حسين:
عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوحى إليه ورأسه في حجر علي، فلم يصل
العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: اللهم إن عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد
عليه الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها غربت، ورأيتها طلعت بعد ما
غربت.
وقال العقيلي [في ترجمة عمار بن مطر الرهاوي من
ضعفائه: ج 3 ص 327 ط 1، قال:] حدثنا أحمد بن داود،
حدثنا عمار بن مطر، حدثنا فضيل بن مرزوق...، فذكره.
128

ونقل الذهبي في مختصر موضوعات ابن الجوزي،
أن إمام الأئمة ابن خزيمة رواه عن حسين بن عيسى
البسطامي، عن عبيد الله بن موسى، عن فضيل (1).
ورواه الطحاوي عن أحمد بن محمد، عن أبي أمية،
عن عبيد الله بن موسى به (2).
قلت: ورواية ابن خزيمة له في غير الصحيح.
(و) الحسين بن إسحاق التستري. قال الذهبي (في
شأنه] في [كتاب] تاريخ الإسلام: محدث، رحال، ثقة (3).
وعبيد بن غنام هو ابن حفص بن غياث، ثقة.

(1) ورواه أحمد بن محمد بن علي العاصمي في عنوان (مشابهة علي
لسليمان) في الفصل الخامس من كتاب زين الفتى ص 505 من
المخطوطة قال:
وروى أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة حديث رد الشمس في
فضائل علي [عليه السلام]، عن الحسين [بن] عيسى البسطامي، عن
عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن.
(2) رواه في كتاب مشكل الآثار ج 2 ص 9 وفي ط ج 4 ص 388. والظاهر
أن أبا أمية هو: محمد بن إبراهيم الخزاعي الطرسوسي، المترجم في
تهذيب التهذيب والتقريب، والمتوفى سنة (273).
(3) ذكره فيمن توفي عام (289) من تاريخه ج 23 ص 157 ط 1.
129

وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، من رجال
الصحيحين.
وفضيل بن مرزوق روى له مسلم والأربعة. [و] قال
(ابن حجر في شأنه) في (كتاب) التقريب: صدوق.
[وإبراهيم بن الحسن تقدم أن ابن حبان وثقه.
وفاطمة بنت الحسين روى لها أبو داود في المراسيل،
ووثقها في التقريب [ج 3 ص 309].
130

تنبيهان
الأول: في الرواية الأولى [كان] عن إبراهيم بن
الحسن، عن فاطمة بنت علي بن أبي طالب، عن أسماء.
وفي هذه [الرواية] (عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء بنت
عميس) وقد سمع كل من فاطمة بنت علي وفاطمة بنت
الحسين، عن أسماء بنت عميس.
وفاطمة بنت الحسين هي أم إبراهيم بن [عبد الله بن]
الحسن بن الحسن الراوي عنها، فكأنه سمعه من أمه ومن
عمتها فاطمة بنت علي، فرواه مرة عن أمه ومرة عن عمتها.
وقد عد ذلك ابن الجوزي اضطرابا، وليس كذلك.
الثاني: إن [من رواة الحديث] سعيد بن مسعود، رواه
عن عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، فقال: عن
عبد الرحمان بن عبد الله بن دينار، عن علي بن الحسن، عن
فاطمة بنت علي، عن أسماء.
قال [الذهبي]: وما تقدم أشبه، وإنما هذا حديث
حسين الأشقر، عن علي بن هاشم بن البريد، عن عبد
131

الرحمان بن عبد الله بن دينار، عن علي بن الحسن بن الحسن
به.
وقال الطبراني [في الحديث: (382) من مسند
أسماء بنت عميس من المعجم الكبير: ج 24 ص 144 طبع
بغداد، ما لفظه]:
حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف، [حدثنا أحمد
ابن صالح، حدثنا محمد بن أبي فديك، أخبرني محمد بن
موسى الفطري، عن عون بن محمد، عن أم جعفر، عن أسماء
بنت عميس....].
حيلولة: وقال شاذان الفضلي: حدثنا أبو الفضل
محمد بن عبد الله القصار بمصر، حدثنا يحيى بن أيوب
العلاف، قال: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا محمد بن
إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني محمد بن موسى الفطري،
عن عون بن محمد:
عن أم جعفر، عن أسماء بنت عميس: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالصهباء، ثم أرسل عليا في
حاجة، فرجع وقد صلى النبي العصر، فوضع رسول الله صلى
الله عليه وسلم رأسه في حجر علي فنام، فلم يحركه حتى
132

غابت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إن
عبدك عليا احتبس بنفسه على نبيه فرد عليه الشمس.
قالت أسماء: فطلعت عليه الشمس حتى وقعت على
الأرض وعلى الجبال، وقام علي فتوضأ وصلى العصر، ثم
غابت، وذلك بالصهباء.
وقال شاذان: حدثنا أبو الحسن أحمد بن عمير،
حدثنا أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي، حدثنا محمد بن
إسماعيل بن أبي فديك، فذكره.
(قال المؤلف:) إسماعيل بن الحسن الخفاف، ثقة (1) [ومحمد بن عبيد الله القصار، وثقه ابن يونس.
ويحيى بن أيوب العلاف [الخولاني] من رجال
النسائي، قال [ابن حجر في شأنه] في [كتاب] التقريب: [ج 2
ص 343]: صدوق.
وأحمد بن صالح من رجال البخاري وأبي داود
(والترمذي في الشمائل)

(1) وانظر ما رواه الطبراني عنه عند ذكره في مشايخه من كتاب المعجم
الصغير ص 96.
133

[قال [ابن حجر في شأنه] في التقريب: ج 1، ص 16:
ثقة، حافظ، تكلم فيه النسائي بلا حجة (1).
وأبو الحسن أحمد بن عمير هو ابن جوصاء [المتوفى
عام: (320)]، وثقه الطبراني.
وقال أبو علي الحافظ: كان ركنا من أركان الحديث،
إماما من أئمة المسلمين، قد جاز القنطرة.
(وذكر أيضا ابن كثير في المتوفين عام: " 320 " من
[كتاب البداية والنهاية: ج 6 ص 171، قال: أحمد بن عمير
ابن جوصاء أبو الحسن الدمشقي، أحد المحدثين الحفاظ،
والرواة الأيقاظ].
وقال [ابن حجر] في اللسان: [ج 1، ص 239]:
صدوق، وأثنى عليه الأئمة (2). وقال الدارقطني: ليس

(1) وذكره ابن حجر في تقريب التهذيب ج 1 ص 16 قال: تكلم فيه النسائي
بسبب أوهام له قليلة، ونقل عن ابن معين تكذيبه، وجزم ابن حبان بأنه
أي ابن معين) إنما تكلم في أحمد بن صالح الشموني، فظن النسائي أنه
[إنما عنى ابن الطبري [أحمد بن صالح]، وانظر أيضا تاريخ الإسلام
ص 44.
(2) هذا نقل وجيز لما ذكره ابن حجر في ترجمة أحمد بن عمير، المتوفى
سنة (320)، وانظر تفصيله في لسان الميزان: ج 1 ص 239.
134

بالقوي.
(وقال) الذهبي في (كتابه) تاريخ الإسلام: هو ثقة، له
غرائب كغيره. فما للتضعيف عليه مدخل.
و [أما] أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي [فقد] ذكره
ابن أبي حاتم ولم يجرحه، وقال: كتب عنه أبي.
وذكره ابن حبان في الثقات.
ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك بضم الفاء من
رجال الأئمة الستة، قال ابن حجر في [ترجمته من حرف
الميم من كتاب] التقريب: [ج 1، ص 145]: صدوق.
ومحمد بن موسى الفطري بكسر الفاء وسكون
الطاء من رجال مسلم والأربعة، وثقه البخاري في التاريخ.
وقال [ابن حجر] في [ترجمته في حرف الميم من
كتاب] التقريب: [ج 2 ص 145]: صدوق، رمي بالتشيع (1).
وعون بن محمد بن علي بن أبي طالب وثقه ابن
حبان، وذكره البخاري في التاريخ، ولم يضعفه.
.

(1) وهو عند النواصب ذنب غير مغتفر، ولكن عند الله والبررة من عباده من
الرتب العلية
135

وأم جعفر ويقال لها: أم عون بنت محمد بن جعفر
ابن أبي طالب، من رجال ابن ماجة.
(و) قال (ابن حجر في ترجمتها في باب الكنى) في
التقريب: [ج 2 ص 623]: مقبولة [من الثالثة].
وقال الطحاوي: حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا علي
ابن عبد الرحمان بن محمد بن المغيرة، حدثنا أحمد بن
صالح به.
136

فائدة
قال الحافظ الذهبي في مختصر موضوعات ابن
الجوزي بعد أن أورد الحديث من هذا الطريق: [هذا
حديث] غريب تفرد به ابن أبي فديك، وهو صدوق، وشيخه
الفطري [أيضا] صدوق.
و [لكن] اعترض على هذا، فذكر حديث: (إن
الشمس لم تحبس لأحد إلا ليوشع بن نون).
(قال المؤلف): وسيأتي الجواب عنه، ولم يذكر له
علة غير ذلك.
وقال شاذان: حدثنا أبو الحسن علي بن إسماعيل بن
كعب الدقاق بالموصل، حدثنا علي بن جابر الأودي، حدثنا
عبد الرحمان بن شريك، حدثنا أبي، حدثنا عروة بن [عبد الله
بن] قشير، قال: دخلت على فاطمة بنت علي الأكبر، فقالت:
حدثتني أسماء بنت عميس، فذكره (1).

(1) أنظر ما تقدم تحت الرقم 7 من رسالة السيوطي وما بهامشه من تعليق.
137

(قال المؤلف): ع لي بن إسماعيل بن كعب، وثقة
الأزدي، (كما) نقله (عنه) الخطيب.
وعلي بن جابر الأودي بفتح الألف وسكون الواو
ودال مهملة وثقه ابن حبان.
وعبد الرحمان بن شريك، روى له البخاري في
(كتاب) الأدب المفرد
وقال [ابن حجر في ترجمته في حرف العين من
كتاب] التقريب: [ج 1 ص 484]: صدوق.
وأبوه [شريك بن عبد الله النخعي] من رجال مسلم
والأربعة، وروى له البخاري تعليقا.
(و) قال (ابن حجر في ترجمته في حرف الشين من
كتاب] التقريب [ج 1 ص 351]: صدوق يخطئ كثيرا [تغير
حفظه مذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلا فاضلا عابسا
شديدا على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان
وسبعين / خت م 4 /].
وعروة بن عبد الله بن قشير بضم القاف وفتح
المعجمة من رجال أبي داود، والترمذي في الشمائل [و]
وثقه [ابن حجر في ترجمته في حرف العين من كتاب]
138

التقريب: [ج 2 ص 19].
وفاطمة بنت علي الأكبر هي بنت علي بن أبي طالب
(عليهما السلام) تقدمت (وثاقتها وهي من مشيخات
النسائي وابن ماجة كما ذكرها ابن حجر في حرف الفاء في
أواسط ترجمة النساء من تقريب التهذيب: ج 2 / 609].
وقال شاذان: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين
الأشناني، حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي (1)، حدثنا
يحيى بن سالم، عن الصباح المروزي، عن عبد الرحمان بن
عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن حسن [بن الحسن]، عن أمه
فاطمة بنت حسين:
عن أسماء بنت عميس قالت: اشتغل علي بن أبي
طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم
يوم خيبر حتى غابت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه

(1) وهو من مشايخ ابن عقدة كما رواه الذهبي في ترجمة الإمام الصادق
عليه السلام من كتاب سير أعلام النبلاء: ج 6 ص 90 وكتاب تاريخ
الإسلام: ج 9 ص 89، قال:
قال ابن عقدة: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، عن يحيى بن
سالم، عن صالح بن أبي الأسود أنه سمع جعفر بن محمد يقول: سلوني
قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم بعدي بمثل حديثي.
139

وسلم: يا علي، صليت العصر؟ قال: لا، يا رسول الله.
فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد
فتكلم بكلمتين أو ثلاث كأنها من كلام الحبش، فارتجعت
الشمس كهيئتها في العصر، فقام علي فتوضأ وصلى العصر،
ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما تكلم به قبل،
ورجعت الشمس إلى مغربها فسمعت لها صريرا كالمنشار
في الخشبة وطلعت الكواكب (1).
(قال المؤلف): أبو جعفر محمد بن الحسين الأشناني.
[قال الدارقطني: [هو] ثقة مأمون. وقال الحسن بن سفيان:
ثقة، حجة.
وإسماعيل بن إسحاق الراشدي [....] (2) ويحيى بن
سالم [...].
وصباح المروزي إن لم يكن ابن يحيى أحد
المتروكين فهو مجهول، ومن ظن أنه ابن محارب الكوفي فقد
أخطأ.

(1) أنظر ما تقدم في رسالة السيوطي تحت الرقم 10.
(2) بقدر ما وضعناه بين المعقوفين من النقط وبقدره بعد قوله: (ويحيى بن
سالم أو مسلم قال الطباطبائي قدس الله سره: في أصلي بياض.
140

وعبد الرحمان بن عبد الله بن دينار من رجال
البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي، قال [ابن حجر] في
ترجمته من كتاب التقريب: [ج 1، ص 486]: صدوق
يخطئ / خ د ت س /.
وعبد الله بن الحسن [بن الحسن عليه السلام] قال
(ابن حجر) في (ترجمته من كتاب) التقريب (ج 1، ص 409).
ثقة، جليل القدر، [من الخامسة، مات في أوائل سنة خمس
وأربعين، وله خمس وسبعون / م /].
(وأما) أمه فاطمة بنت الحسين (عليه السلام فقد)
تقدمت (وثاقتها). [تقدمت [وثاقتها].
141

تنبيه
قول أسماء رضي الله عنها: (فسمعت لها أي
للشمس صريرا...) هو من باب كرامات الأولياء التي لا
تنكر، ولا التفات لما ذكره ابن تيمية في ذلك.
(وأما حديث علي رضي الله عنه (فقد روي بأسانيد
منها):
[منها]:
قال شاذان: حدثنا عبيد الله بن الفضل النبهاني
الطائي (1)، حدثنا عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير، حدثنا
أبو إسحاق إبراهيم بن رشيد الهاشمي الخراساني، حدثنا
يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي

(1) ذكره الشيخ الطوسي في باب (من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام من
رجاله ص 481 وقال:
عبيد الله بن محمد بن الفضل بن هلال الطائي يكنى أبا عباس [وهو]
خاصي، روى عنه التلعكبري وقال: سمعت منه بمصر سنة 341 وله منه
إجازة وقال: كان يروي كتاب الحلبي، النسخة الكبيرة. ويروي أيضا
عن محمد بن محمد بن الأشعث، روى عنه أبو القاسم بن قولويه كما في
معجم رجال الحديث ج 11 ص 90 ط 1.
142

طالب، قال: أخبرني أبي، عن جد [ي]:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: لما كنا
بخيبر سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال
المشركين، فلما كان من الغد وكان مع صلاة العصر، جئته ولم
أصل صلاة العصر، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم
رأسه في حجري فنام فاستثقل فلم يستيقظ حتى غربت
الشمس، فقلت: يا رسول الله، ما صليت صلاة العصر كراهية
أن أوقظك من نومك.
فرفع [النبي] يده، ثم قال: اللهم إن عبدك [عليا]
تصدق بنفسه على نبيك، فاردد عليه شروقها.
قال: فرأيتها على الحال في وقت [صلاة] العصر
بيضاء نقية حتى قمت [و] توضأت، ثم صليت [صلاة
العصر]، ثم غابت.
(قال المؤلف): عبيد الله بن الفضل النبهاني الطائي
(....) (1)
وعبيد الله بن سعيد بن كثير ضعفه ابن عدي، وابن
حبان، وروى عنه أبو عوانة في صحيحه.

(1) في أصلي بياض.
143

و [أما] أبو إسحاق إبراهيم بن رشيد الهاشمي
الخراساني [....] (1).
ويحيى بن عبد الله بن الحسن ذكره الذهبي في تاريخ
الإسلام ولم يضعفه، وأبوه تقدم [ذكر وثاقته].
و [أيضا] قال شاذان: حدثنا أبو الحسن بن صفرة،
حدثنا الحسن بن علي بن محمد العلوي الطبري، حدثنا
أحمد بن العلاء الرازي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم التيمي،
حدثنا محل الضبي، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة:
عن أبي ذر قال: قال علي يوم الشورى: أنشدكم بالله
هل فيكم من ردت له الشمس غيري حين نام رسول الله
صلى الله عليه وسلم وجعل رأسه في حجري حتى غابت
الشمس، فانتبه فقال: يا علي، صليت العصر؟ فقلت: اللهم
لا. فقال: اللهم ردها عليه فإنه كان في طاعتك وطاعة
رسولك (2).

(1) في أصلي بياض.
(2) احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام ومناشداته يوم الشورى برواية أبي
ذر رضوان الله عليه قد جاء برواية الحاكم كما رواه عنه الگنجي الشافعي
في الباب (100) من كفاية الطالب ص 387 ورواه أيضا الخوارزمي في
الحديث: (38) من الفصل (15) من مناقبه ص 223.
ورواه أيضا الحموئي في الباب (58) من كتاب فرائد السمطين ج 1
ص 321 ط بيروت.
144

(قال المؤلف): أبو الحسن بن صفرة (...) والحسن
[ابن علي بن محمد العلوي الطبري [....] وأحمد بن العلاء
الرازي (1).
وإسحاق بن إبراهيم التيمي إن كان هو المعدل
الأصبهاني المكنى بأبي عثمان، واسم جده زيد بن سلمة،
فقد قال الذهبي في تاريخه الكبير: ثقة، مأمون.
ولم يذكر الخطيب في [كتاب] المتفق والمفترق من
اسمه إسحاق، واسم أبيه إبراهيم.
ومحل الضبي بضم أوله وكسر المهملة وتشديد
اللام هو ابن محرز، وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم
والنسائي: لا بأس به. وقال القطان: وسط ولم يكن بذاك.
وبقية رجال الأسناد لا يسأل عنهم.

(1) بقدر ما وضعناه بين المعقوفات في الموضعين، وبقدر ما بين المعقوفين
بعد قوله: (الرازي) دام عزه بياض، قال: وسينبه عليه المؤلف بعد
ويعتذر عنه، قال: لم أظفر بتراجم الجماعة الذين بيضت لهم.
145

حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما
قال الخطيب في [كتاب] تلخيص المتشابه (1): حدثنا
يوسف بن يعقوب النيسابوري، حدثنا عمرو بن حماد.
حيلولة: وقال الدولابي في [الحديث: (158) في
عنوان: (ما أسندته فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين من
كتاب] الذرية الطاهرة (2) [قال:] حدثني إسحاق بن يونس،
قال: حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا المطلب بن زياد، عن
إبراهيم بن حيان، عن عبد الله بن الحسن [بن الحسن]، عن
(أمه) فاطمة ابنة الحسين:
عن الحسين بن علي [عليهما السلام] قال: كان
(رأس) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في حجر علي وكان
آخرين.

(1) ج 1، ص 225 طبع دمشق في ترجمة إبراهيم بن حيان.
(2) في الورق 28 / ب / من النسخة المخطوطة، وفي ط قم ص 129،
ط 1، ورواه عنه العصامي في الحديث (56) من فضائل أمير المؤمنين
عليه السلام من كتاب سمط النجوم ج 2 ص 487 ثم ذكره بلفظين
146

يوحى إليه، فلما سري عنه قال: يا علي، صليت العصر؟
قال: لا.
قال: اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة
رسولك، فرد عليه الشمس. فردها عليه، فصلى وغابت
الشمس]. فذكر الحديث (1).
قال الخطيب: إبراهيم بن حيان، كوفي، في عداد
المجهولين.
(بل هو معلوم الحال وهو مترجم في لسان الميزان:
[ج 1، ص 52، ووثقه ابن حبان، فليراجع] (2).
(وأما) حديث أبي هريرة رضي الله عنه (ف‍) رواه ابن
مردويه وابن شاهين وابن مندة، وحسنه شيخنا في [رسالة]
الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة (3).

(1) وقد ذكرناه بتمامه أخذا من كتاب الذرية الطاهرة إتماما للفائدة، ومعنى
قوله: (في حاجتك) يعني في حاجة رسولك، مثل قوله: (من أطاع
رسول الله فقد أطاع الله).
(2) عده الشيخ الطوسي والبرقي من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام، كما
ذكره في معجم رجال الحديث: ج 1 / 83 ط 1.
(3) ذكره السيوطي في كتابه ص 152 وقال: أخرجه ابن مندة وابن شاهين
من حديث أسماء، وابن مردويه من حديث أبي هريرة، وإسنادهما
حسن.
وممن صححه الطحاوي والقاضي عياض، وقد ادعى ابن الجوزي
أنه موضوع فأخطأ ما بينه في (مختصر الموضوعات) وفي (التعقبات).
147

وأما حديث أبي سعيد (الخدري) رضي الله عنه،
رواه الحافظ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن
أحمد بن محمد بن حسكان بمهملتين وفتح أوله كسحبان
أبو القاسم الحسكاني القاضي الحنفي النيسابوري فيما أملاه
من طرق هذا الحديث [على ما] نقله [عنه] الذهبي في
(كتابه) مختصر (1) الموضوعات (وهذا نص حديثه):
أخبرنا محمد بن إسماعيل الجرجاني كتابة أن أبا
طاهر محمد بن علي الواعظ أخبرهم [قال:] أنبأنا محمد بن
أحمد بن متيم [منعم (خ)]، أنبأنا القاسم بن جعفر بن محمد
ابن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثني
أبي، عن أبيه محمد، عن أبيه عبد الله، عن أبيه عمر، قال:

(1) لم أظفر بعد بكتاب مختصر الموضوعات للذهبي، ولكن الحديث رواه
عن الحسكاني حرفيا ابن كثير في البداية والنهاية: ج 7 ص 84، كما
رواه أيضا صنوه ابن تيمية في منهاجه ج 4 ص 193 ط بولاق.
وهذا الحديث أشار إليه العلامة الحلي في الدليل التاسع من المنهج
الثالث من منهاج الكرامة قال: فروى جابر وأبو سعيد الخدري أن رسول
الله....
148

قال الحسين بن علي [عليهما السلام]: سمعت أبا
سعيد الخدري يقول: دخلت على رسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم فإذا رأسه في حجر علي وقد غابت الشمس،
[فانتبه النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وقال: يا علي،
صليت العصر؟
قال: لا، يا رسول الله، ما صليت، كرهت أن أضع
رأسك من حجري وأنت وجع.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي، ادع
(الله) أن يرد عليك الشمس.
[فقال علي: يا رسول الله، ادع أنت وأنا أأمن.
فقال: يا رب إن عليا [كان] في طاعتك وطاعة
رسولك [نبيك (خ)] فاردد عليه الشمس.
قال أبو سعيد: فوالله لقد سمعت للشمس صريرا
كصرير البكرة حتى رجعت بيضاء نقية].
(هكذا نقله عنه ابن كثير في البداية والنهاية: ج 6
ص 81).
149

فائدة
قال الحافظ ابن حجر في آخر [كتاب] لسان الميزان
(ج 7 ص 535): ما حاصله:
[إن الراوي إذا لم يوجد له ترجمة في مختصر التهذيب
له ولا في لسان الميزان فهو إما ثقة أو مستور، انتهى.
وقد راجعت [كتاب] تقريب التهذيب وتعجيل المنفعة
ولسان الميزان [والكتب] الثلاثة للحافظ ابن حجر
وترتيب ثقات العجلي وثقات ابن حبان وكلاهما للحافظ
أبي الحسن الهيثمي فلم أظفر بتراجم الجماعة الذين بيضت
لهم.
150

الفصل الثاني
قد علمت رحمني الله وإياك ما أسلفناه من كلام
الحفاظ في حكم هذا الحديث وتبين لك حال رجاله، وأنه
ليس فيهم متهم ولا من أجمع على تركه، ولاح لك ثبوت
الحديث وعدم بطلانه، ولم يبق إلا الجواب عما أعل به، وقد
أعل بأمور:
الأول: من جهة بعض رجال طرقه، فرواه ابن
الجوزي من طريق فضيل بن مرزوق وأعله به، ثم نقل عن
ابن معين تضعيفه، وأن ابن حبان قال فيه: (يحدث
بالموضوعات ويخطئ على الثقات) انتهى.
(قال المؤلف): فضيل من رجال مسلم، وثقه
[السفيانان وابن معين، كما نقله عنه ابن أبي خيثمة.
ونقل عنه عبد الخالق بن منصور أنه قال فيه: (صالح
الحديث).
151

وقال الإمام أحمد: (لا أعلم عنه إلا خيرا) وقال
العجلي: ([هو] جائز الحديث، صدوق) وقال ابن عدي:
(أرجو أنه لا بأس به).
وذكره البخاري في التاريخ ولم يضعفه. وقال ابن أبي
حاتم عن أبيه: (صالح الحديث، صدوق، يهم كثيرا، يكتب
حديثه. قلت: يحتج به؟ قال: لا).
ثم ذكر ابن الجوزي: (أن ابن شاهين رواه عن شيخه
ابن عقدة من طريق عبد الرحمان بن شريك).
قال [ابن الجوزي]: وعبد الرحمان قال فيه أبو حاتم:
(واهي الحديث)، انتهى.
(قال المؤلف): وعبد الرحمان هذا ذكره ابن حبان في
الثقات، وقال: ربما أخطأ.
[الثقات، وقال: ربما أخطأ.
وقال الحافظ ابن حجر في [ترجمته من كتاب]
التقريب: [ج 1 ص 484]: صدوق.
ثم قال ابن الجوزي: (وأنا لا أتهم بهذا إلا ابن عقدة
فإنه كان رافضيا).
(قال المؤلف): فإن كان (ابن الجوزي) يتهمه بأصل
[الحديث فالحديث معروف قبل وجود ابن عقدة، وإن كان
152

أراد الطريق الذي رواه ابن شاهين عنه، فابن عقدة لم يتفرد
به، بل تابعه غيره.
قال شاذان الفضلي: حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد
ابن كعب الدقاق بالموصل، حدثنا علي بن جابر الأودي،
حدثنا عبد الرحمان بن شريك به.
(قال المؤلف): علي بن سعيد وعلي بن جابر، ثقتان،
[وثق الأول أبو الفتح الأزدي، والثاني ابن حبان.
قال ابن الجوزي: وقد رواه ابن مردويه من طريق
داود بن فراهيج [وقال:] وقد ضعفه شعبة، انتهى.
(قال المؤلف): ونقل ابن عدي عن ابن معين أنه قال:
[لا بأس به. وكذا قال العجلي. ووثقه [أيضا] يحيى القطان.
وقال أبو حاتم: ثقة، صدوق. وذكره [أيضا] ابن
حبان في [كتاب] الثقات، وروى له في صحيحه.
وقال ابن عدي: لا أرى بمقدار ما يرويه بأسا.
وقال الإمام أحمد: [هو] صالح الحديث.
الأمر الثاني: قال ابن الجوزقاني وابن الجوزي
والذهبي في مختصر الموضوعات: يقدح في صحة هذا
الحديث ما [جاء] في الأحاديث الصحيحة: [من] أن الشمس
153

لم تحبس لأحد إلا ليوشع بن نون، انتهى.
وأجاب الطحاوي [عن هذا الأشكال] في [كتابه]
مشكل الآثار، وتبعه ابن رشد في مختصره بأن حبسها
غير ما في حديث أسماء من ردها بعد الغروب.
وقال الحافظ ابن حجر في [شرح الباب (8) من
كتاب فرض الخمس من كتاب] فتح الباري: [ج 6 ص 221]
في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لكم
الغنائم) بعد أن أورد حديث حبس الشمس صبح ليلة
الأسراء [قال]: ولا يعارضه ما رواه أحمد بسند صحيح عن
أبي هريرة [من أنه] (لم تحبس الشمس إلا ليوشع بن نون
ليالي سار إلى بيت المقدس) (1).
(قال المؤلف): ووجه الجمع في أن الحصر محمول
[على ما مضى للأنبياء قبل نبينا صلى الله عليه وسلم فلم
تحبس إلا ليوشع، وليس فيه نفي أنها قد تحبس بعد ذلك
لنبينا صلى الله عليه وسلم.
(قال) المؤلف): قلت: ويوجد الحديث في بعض

(1) رواه أحمد في الحديث: (1115) من مسند أبي هريرة من مسنده: ج 2
ص 325 ط 1.
154

الكتب بلفظ: (لم ترد الشمس لأحد إلا ليوشع) ولا أظنه
يصح، ولئن صح فالجواب عنه [هو] ما أجاب به الحافظ ابن
حجر عن الرواية السابقة.
الأمر الثالث: [مما أعل به الحديث، وجود]
الاضطراب [فيه]، وقد تقدم رد ذلك في التنبيه الأول والثاني
من الفصل الأول.
الأمر الرابع: قال الجوزقاني ومن تبعه: لو ردت
الشمس لعلي لكان ردها يوم الخندق للنبي صلى الله عليه
وسلم بطريق الأولى.
(قال المؤلف): قلت: رد الشمس لعلي إنما لعلي إنما كان بدعاء
النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجيء في خبر أن النبي صلى
الله عليه وسلم دعا في واقعة الخندق أن ترد الشمس فلم
ترد، بل لم يدع.
الأمر الخامس: أعل ابن تيمية حديث أسماء بأنها
كانت مع زوجها بالحبشة.
(قال المؤلف): قلت: وهذا وهم، إذا لا خلاف أن
[جعفر قدم من الحبشة هو وزوجته على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو بخيبر بعد فتحها وقسم لهما ولأصحاب
سفينتهما.
155

مهمة
قال ابن الجوزي: ومن تغفل واضع هذا الحديث أنه
نظر إلى صورة فضيلة ولم يتلمح إلى عدم الفائدة، فإن صلاة
العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاء فرجوع الشمس لا
يعيدها أداء، انتهى.
(قال المؤلف): قلت: إن الحديث قد (صح و) ثبت،
[فدل على أن الصلاة وقعت أداء، وصرح بذلك القرطبي في
(كتاب) التذكرة قال:
فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وأنه لا يتجدد
الوقت لما ردها [الله تعالى] عليه، أي على النبي صلى الله
عليه وسلم.
(هكذا) ذكره (القرطبي) في باب " ما يذكر الموت
[والآخرة). ووجهه: أن الشمس لما عادت كأنها لم تغب
(فالصلاة عند عودة الشمس وقعت وأديت في محلها
[الموقوت لها].
وسمعت شيخنا الإمام أبا هريرة عبد الرحمان بن
156

يوسف العجلوني ثم الدمشقي نزيل القاهرة يقول:
إن الشيخ الإمام الحافظ تقي الدين ابن دقيق العيد
حكى في بعض كتبه قولين للعلماء في أن هذه الصلاة كانت
قضاء أم أداء؟
(قال المؤلف): قلت: فإن صح هذا كان ذلك تصحيحا
من الشيخ تقي الدين للحديث.
157

الخاتمة أحسن الله عاقبتها
في ذكر من ورد أن الشمس ردت له
أو حبست له
روى الإمام أحمد [في مسند أبي هريرة من مسنده
ج 2 ص 325 ط 1] والبخاري [في الباب (8) من كتاب
فرض الخمس: ج 6 بشرح فتح الباري ص 220] ومسلم
والحاكم (1) أدخلت حديث بعضهم في بعض عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: لم تحبس الشمس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار
إلى بيت المقدس، فقال لقومه: (لا يتبعني رجل ملك بضع
امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها ولا أحد بنى بيوتا

(1) رواه مسلم في الحديث الأول من الباب (11) من كتاب الجهاد، من
صحيحه: ج 2 ص 32، وفي ط دار حياء التراث العربي: ج 3 ص 1366.
ورواه أيضا أحمد بن جعفر القطيعي في الحديث (239) من الجزء الألف
دينار ص 377 ط الكويت.
158

ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو
ينتظر ولادها.
فغزا [ذلك النبي] فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا
من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم
احبسها علينا.
فحبست [الشمس] حتى فتح الله عليه، فجمع الغنائم
فجاءت النار لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولا.
قالوا: وكيف لنا أن نعلم من عنده الغلول، ونحن اثنا
عشر سبطا؟
قال: يبايعني رأس كل سبط منكم. فبايعه رأس كل
سبط، فلزقت كفه بكف رجل منهم، فقال له: عندك الغلول.
قال: وكيف لي أن أعلم؟
قال: تدعو سبطك فتبايعهم رجلا رجلا ففعل فلزقت
كفه بكف رجل منهم، فقال: عندك الغلول؟!
قال: نعم، عندي الغلول.
قال: وما هو؟
159

قال: رأس ثور أعجبني فغللته. فجاء برأس مثل
رأس البقرة من الذهب فوضعوها فجاءت النار وأكلتها!!!.
ثم أحل [الله] لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها
لنا.
(قال المؤلف): قوله: (بضع امرأة " بضم الموحدة
وسكون المعجمة يطلق على الفرج، و [على] التزويج،
وعلى الجماع. والمعاني الثلاثة لائقة هنا.
قوله: (ولما يبن بها) أي ولم يدخل عليها، لكن
التعبير ب‍ (لما) يشعر بتوقع ذلك.
قوله: (خلفات) بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام،
بعدها فاء خفيفة جمع خلفة: وهي الحامل من النوق.
قوله: (وهو ينتظر ولادها) بكسر الواو.
وروى الطبراني بسند حسنه الحفاظ: أبو الحسن
الهيثمي وأبو الفضل ابن حجر، وأبو زرعة ابن العراقي عن
جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الشمس أن تتأخر
ساعة من النهار، فتأخرت ساعة من النهار.
وروى البيهقي عن إسماعيل السدي ويونس بن بكير
أن قريشا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لما حدثهم
بالأسراء: أخبرنا عن عيرنا فذكر الحديث إلى أن [قال:]
160

قالوا: فمتى يجيء؟
قال: يوم الأربعاء.
فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينتظرون [العير]
وقد ولى النهار ولم يجيء، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم
فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس حتى دخلت
العير، فذكر الحديث.
وقد تقدم قبل الخاتمة الجواب عن حديث أبي
هريرة: (لم تحبس الشمس لأحد إلا ليوشع بن نون ليالي
سار إلى بيت المقدس) فليراجع.
وروى [كل من] الطحاوي والطبراني عن ابن عباس
قال: قال لي علي [عليه السلام]: ما بلغك عن قول الله عز
وجل حكاية عن سليمان عليه السلام: ردوها علي
فطفق مسحا بالسوق والأعناق [33 / ص 38]؟ فقلت:
قال لي كعب [الأحبار]: كانت أربعة عشر فرسا عرضها،
فغابت الشمس قبل أن يصلي العصر، فأمر بردها فضرب
سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها، فسلبه الله ملكه أربعة عشر
يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها!!!
فقال علي رضي الله عنه: كذب كعب، وإنما أراد
161

سليمان جهاد عدوه فتشاغل بعرض الخيل حتى غابت
الشمس، فقال للملائكة الموكلين بالشمس بإذن الله لهم:
ردوها علي فردوها عليه حتى صلى العصر في وقتها،
وإن أنبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون الناس بالظلم.
قال الحافظ ابن حجر في [شرح الحديث: (3124)
في الباب: (8) من كتاب فرض الخمس من [فتح الباري:
ج 6 ص 222]: أورد هذا الأثر جماعة ساكتين عليه
جازمين بقولهم: (قال ابن عباس: قلت لعلي [...]).
(ثم قال ابن حجر:) وهذا لا يثبت عن ابن عباس، ولا
[عن غيره، والثابت عن جمهور أهل العلم بالتفسير من
الصحابة ومن بعدهم أن الضمير المؤنث في قوله: ردوها
للخيل
وروى الخطيب في [كتاب] ذم النجوم من طريق أبي
حذيفة إسحاق بن بشر وهو متروك عن علي [عليه
السلام] قال: سأل قوم يوشع أن يطلعهم على بدء الخلق
وآجالهم، فأراهم ذلك في ماء من غمامة أمطرها الله عليهم،
فكان أحدهم يعلم متى يموت، فبقوا على ذلك إلى أن قاتلهم
داود عليه السلام على كفرهم فأخرجوا إلى داود من لم
يحضر أجله، فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل منهم
162

شئ.
فشكا [داود] ذلك إلى الله ودعاه فحبست عليهم
الشمس، فزيد في النهار، فاختلطت الزيادة بالليل والنهار،
فاختلط عليهم حسابهم.
وذكر ابن إسحاق في [كتاب] المبتدأ، من طريق عروة
ابن الزبير، عن أبيه أن الله تعالى لما أمر موسى عليه السلام
بالمسير ببني إسرائيل، أمره أن يحمل تابوت يوسف عليه
السلام، فلم يدل عليه حتى كاد الفجر أن يطلع، وكان وعد
بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع الفجر، فدعا ربه أن يؤخر
الطلوع حتى يفرغ من أمر يوسف [عليه السلام]، ففعل.
قال الحافظ ابن حجر: ولا يعارضه حديث يوشع،
لأن الحصر إنما وقع في حق يوشع بطلوع الشمس فلا ينفي
أن يحبس طلوع الفجر لغيره، انتهى.
وذكر صاحب طبقات الخواص، وابن السبكي في
طبقاته، واليافعي في كفاية المعتقد: أن سيدي الشيخ
إسماعيل بن محمد الحضرمي شارح [كتاب] المهذب أن مما
استفاض من كراماته قال اليافعي: وربما تواتر أنه قال
يوما لخادمه وهو في سفر: قل للشمس تقف حتى نصل إلى
المنزل وكان في مكان بعيد، وكان عادة أهل المدينة أنهم
163

لا يفتحون بابها بعد الغروب لأحد أبدا.
فقال لها الخادم: قال لك الفقيه إسماعيل: (قفي)،
فوقفت حتى بلغ مكانه، ثم قال [الشيخ إسماعيل] للخادم:
(ما تطلق ذلك المحبوس؟) فأمرها الخادم بالغروب، وأظلم
الليل في الحال (1).
وهذا آخر هذا المؤلف، ولله الحمد على كل حال،
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم
تسليما كثيرا دائما.
بلغ مقابلة جيدة حسب الطاقة، ولله الحمد.

(1) والقصة رواها العلامة الأميني قدس نفسه في كتاب الغدير: ج 5 ص
21 نقلا عن السبكي في كتاب طبقات الشافعية: ج 5 ص 51 ورواها
أيضا عن اليافعي في مرآة الجنان: ج 4 ص 178، وعن ابن العماد في
شذرات الذهب: ج 5 ص 362 وعن ابن حجر في الفتاوى الحديثة
ص 232 ثم قال:
وقال العلامة [الشيخ محمد] السماوي رحمه الله المتوفى سنة:
(1380) في العجب اللزومي:
واعجبا من فرقة قد غلت * من دغل في جوفها مضرم
تنكر رد الشمس للمرتضى * بأمر طاها العيلم الخضرم
وتدعي أن ردها خادم * لأمر إسماعيل الحضرمي
164

قال المحمودي: هذا تمام هذه الرسالة الشريفة التي
جاد بها لنا العلامة الطباطبائي قدس الله نفسه، وإليك ما كتبه
بخطه الشريف في خاتمة الرسالة:
فرغت من نسخ هذه الرسالة في يوم واحد نهار
اليوم الحادي والعشرين من شهر ذي الحجة سنة (1386)
في مكة المكرمة في مكتبة الحرم المكي، ولله الحمد أولا
وآخرا.
ثم صححت الكتاب وقابلته في المكتبة السليمانية
في إسلامبول تركيا، عصر يوم الأربعاء (25) [من شهر]
ربيع الثاني سنة (1387) عند رحلتي إلى تركيا، بصحبة
زميلي العزيز الشيخ رضا الأميني وفقه الله وأبقاه ذخرا، فقد
قابلته معه على نسخة في مكتبة (لاله لي) في السليمانية
برقم: (3651) بآخر مجموعة وهي بخط علي بن محمد
الملاح، فرغ منها مستهل ربيع الثاني سنة (1009) وكتب
بالهامش أنه بلغ مقابلته على أصله، وقال: وكتبت [ها] من
نسخة مكتوب عليها: (وقف على هذا المؤلف سيدنا الشيخ
العلامة نور الدين أبو الحسن علي المحلي الشافعي أبقاه الله
تعالى، وكتب عليه ما صورته [....].
165

وقد ألف الصالحي فيما بعد كتاب (سبل الهدى
والرشاد)، وذكر أيضا فيه حديث رد الشمس وصححه،
وأشار فيه أيضا إلى كتابه (مزيل اللبس عن حديث رد
الشمس).
أقول: وللأهمية الوثائقية لما ذكره في كتاب سبل
الهدى، وكمالا للفائدة، ننشر هذا القسم أيضا من كتابه. وقد
ذكر السيد الطباطبائي رحمه الله أن للكتاب نسخا عديدة ثم
قال:
قال الصالحي في كتابه (سبل الهدى والرشاد) ج 2
الورق 397 من نسخته المخطوطة برقم 759 من مكتبة
حكيم أوغلو في تركيا:
166

الباب الرابع
في حبس الشمس له [عليه السلام] (1)
وقد أشار إلى هذه الآية العظيمة الحافظ ابن سيد
الناس [محمد بن محمد بن عبد الله أبو بكر الأندلسي] (2) في

(1) وليعلم أنا راجعنا ما كان بمتناولنا من مصادر المصنف، فزدنا على كلام
المصنف رقم مجلد مصدره وصفحاته تسهيلا للقراء إن أحبوا مراجعة
مصادر المصنف، وأحيانا زدنا على كلام المصنف كلمة أو حرفا أو جملة
تصحيحا أو تكميلا ووضعنا الزوائد بين المعقوفين على ما هو المعتاد في
عصرنا بين المحققين والكتاب.
(2) عده الذهبي في الرقم: (12) من مشايخه على ما في خاتمة كتابه
تذكرة الحفاظ ص 1503، وقال: ولد سنة (671) في آخرها، وتوفي
فجأة في (11) شعبان سنة (734).
وهكذا ذكره كاتب الچلبي في عنوان: (بشرى اللبيب) من كتاب
كشف الظنون ج 1، ص 246، قال: [هو] للشيخ الإمام فتح الدين محمد
بن محمد المعروف بابن سيد الناس، المتوفى سنة أربع وثلاثين وسبع
مائة...
وانظر ما أورده الذهبي فيمن توفي سنة (659) كما في سير أعلام
النبلاء ج 23 ص 344.
167

قصيدة [له] من كتابه بشرى اللبيب:
له وقفت شمس النهار كرامة كما وقفت شمس النهار ليوشعا
وردت عليه الشمس بعد غروبها * وهذا من الأيقان أعظم موقعا
و [أيضا أشار إليها] العلامة بهاء الدين ابن السبكي (1)
رحمهما الله تعالى في قصيدته المسماة ب‍ (هدية المسافر إلى
النور السافر) فقال:
وشمس الضحى طاعتك وقت * مغيبها فما غربت بل وافقتك برفقة
وردت عليك الشمس بعد مغيبها * كما أنها قدما ليوشع ردت

(1) المراد من ابن السبكي هو تقي الدين أبو حامد أحمد بن علي، المتوفى
سنة (773)، من بيت عريق في العلم، ذكره صاحب إيضاح المكنون في
عنوان: (هدية المسافر...) ص 728.
وذكره أيضا صاحب كتاب الطبقات الشافعية ج 1 ص 4 وما بعده.
168

الباب الخامس
في رد الشمس [لعلي عليه السلام]
بعد غروبها ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم
قال الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني
في [مسند أسماء بنت عميس من] معجمه الكبير [: ج 24
ص 144]: حدثنا جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي.
وقال الإمام شاذان الفضلي: حدثنا أبو العباس أحمد
بن يحيى الخزازي بالموصل (1).
قالا: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل،
حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن [بن
الحسن] (2)، عن فاطمة بنت علي:

(1) كذا ها هنا، وفي نسخة كتاب: (كشف اللبس): (الجرادي بالموصل).
(2) المستشهد بهاشمية الكوفة في حبس المنصور العباسي الطاغي في شهر
ذي القعدة الحرام من سنة: (145) وهو ابن (68) سنة على ما نقله ابن
حجر عن ابن الجوزي كما في تعجيل المنفعة ص 15.
ولكن ذكره أبو الفرج فيمن مات من أولاد الإمام الحسن عليه
السلام في أيام المنصور في مقاتل الطالبيين ص 188، وقال: وتوفي
إبراهيم بن الحسن بن الحسن في الحبس بالهاشمية في شهر ربيع الأول
سنة خمس وأربعين ومائة، وهو أول من توفي منهم في الحبس وهو ابن
سبع وستين سنة.
169

عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم: إذا نزل عليه الوحي يكاد يغشى عليه، فأنزل
عليه [الوحي] يوما وهو في حجر علي، فقال له رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: صليت العصر [يا علي]؟
قال: لا، يا رسول الله.
فدعا الله عز وجل فرد عليه الشمس حتى صلى
العصر.
قالت [أسماء]: فرأيت الشمس طلعت بعد ما غربت
حين ردت حتى صلى العصر.
قال الحافظ أبو الحسن الهيثمي: رجاله رجال
الصحيح غير إبراهيم بن حسن [بن حسن]، وهو ثقة وثقه ابن
حبان.
170

قلت: وذكره ابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحا.
[وقال الحافظ ابن حجر في [كتاب] تعجيل المنفعة
برجال الأئمة الأربعة ص 14، قال: وذكره الذهبي في
كتاب المغني في الضعفاء.
و [لكن] لم يذكر لذكره فيه مستندا.
قلت: إنما ذكره [الذهبي في كتاب المغني في
الضعفاء] لأجل هذا الحديث! و [لكن الحديث] لم ينفرد به
إبراهيم، بل تابعه عليه عروة بن عبد الله بن قشير (1)، عن

(1) وهو أبو مهل الجعفي الكوفي من رجال أبي داود، وابن ماجة والترمذي
في الشمائل، ووثقوه بلا معارض كما في ترجمته من كتاب تهذيب
التهذيب: ج 7 ص 186.
وحديث رد الشمس برواية عبد الله بن قشير هذا عن فاطمة بنت
أمير المؤمنين عليه السلام رواه جماعة كثيرة منهم وأوردناه عن مصادر
في تعليق الحديث: (815) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من
تاريخ دمشق: ج 2 ص 292 ط 2.
وأيضا حديث رد الشمس عن فاطمة بنت علي عليهما السلام رواه
الثقة المجمع على وثاقته موسى الجهني الكوفي من رجال مسلم
والترمذي والنسائي والقزويني المتوفى سنة (144) المترجم في تهذيب
التهذيب: ج 10 ص 354.
وحديث رد الشمس برواية الجهني هذا يجده الطالب تحت الرقم:
(815) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج 2 ص 292.
171

فاطمة بنت علي، كما سيأتي.
وقال الهيثمي: وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لا
أعرفها (1).
قال المؤلف: قلت: فاطمة ابنة علي) هذه روى لها
[النسائي وابن ماجة في التفسير، ووثقها ابن حجر [في
ترجمتها من كتاب] تقريب التهذيب [ج 2 ص (2) 609،
وعدها من مشيخات النسائي، وابن ماجة في ترجمتها من

(1) هكذا أفاده الهيثمي في عنوان: (حبس الشمس للنبي صلى الله عليه
وسلم) من مجمع الزوائد: ج 8 ص 296 ولكن عرفها بعد ذلك فوثقها في
عنوان: (باب منزلة علي رضي الله عنه)، من باب فضائله عليه السلام
فقال بعد ما روى حديث المنزلة عن أحمد والطبراني بسنديهما عن
فاطمة بنت علي: ورجال أحمد رجال الصحيح غير فاطمة بنت علي
وهي ثقة.
(2) وإليك نص كلام ابن حجر في ترجمة فاطمة هذه في تراجم النساء من
كتاب تقريب التهذيب ج 2 ص 609 قال: فاطمة بنت علي بن أبي طالب،
ثقة من الرابعة، ماتت سنة [مائة و] سبع عشرة وقد جاوزت الثمانين،
س فق.
172

كتاب تهذيب التهذيب: ج 12، ص 443].
وتابعتها [في نقل الحديث] أم جعفر بنت محمد بن
جعفر بن أبي طالب.
و [أيضا] قال الطبراني [في مسند أسماء بنت عميس
من المعجم الكبير: ج 24 ص 149، ط 1]:
حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا عثمان
ابن أبي شيبة (1).
وحدثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن
إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء بنت
عميس، فذكر نحوه (2).

(1) وحديث عثمان بن أبي شيبة رواه أيضا محمد بن علي الفقيه وابن
المغازلي في الحديث: (140) من مناقبه ص 96.
(2) وهذا الحديث رواه أيضا عن ابن أبي شيبة تلميذه أبو بكر أحمد بن أبي
عاصم النبيل الضحاك بن عمرو في الباب: (201) في الحديث: (1323)
من كتاب السنة ص 584 قال: حدثنا أبو بكر، حدثنا عبيد الله بن
موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت
الحسين، عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوحى إليه ورأسه في حجر علي رضي الله عنه...
أقول: وضع النقط الثلاث في آخر ما رواه ابن أبي عاصم عن أبي
بكر بن أبي شيبة يدل بوضوح على أن للحديث بقية، ولكن لا يعلم من
بتر الحديث وقطع ذيله ونصب على حذف الذيل قرينة قطعية وهي
النقط الثلاث، هل الحاذف هو طابع الكتاب وناشره؟ أو محققه
ومصححه؟ أو كاتب نسخة الكتاب؟ ويستبعد جدا أن يكون حذف
الذيل من المؤلف ابن أبي عاصم، وكيف كان نحن نقدر صاحب العمل
حيث دفع الإبهام ونصب القرينة على أن للحديث تتمة.
ومما يدل أيضا بوضوح على أن أبا بكر بن أبي شيبة روى الحديث
حرفيا بلا نقص ما رواه الطبراني في مسند أسماء بنت عميس من المعجم
الكبير: ج 24 ص 149، ط 1، فإنه رواه عن تلميذ ابن أبي شيبة عبيد بن
غنام، عن أبي بكر بن أبي شيبة... كما تقدم.
173

(و) الحسين بن إسحاق، قال الذهبي في (ترجمته من
[كتاب] تاريخ الإسلام: [ج 23 ص 157]. محدث، رحال.
وعبيد بن غنام هو ابن حفص بن غياث وثقه
مسلمة بن قاسم.
وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة من رجال
الصحيحين.
وعبيد الله بن موسى [أيضا] من رجال الصحيحين،
وثقوه.
174

وفضيل بن مرزوق روى له مسلم والأربعة.
(و) قال الحافظ ابن حجر في (ترجمته من) تقريبه
(ج 2 ص 113).
وإبراهيم بن الحسن [بن الحسن] تقدم أن ابن حبان
وثقه.
وفاطمة بنت الحسين روى لها أبو داود في المراسيل،
ووثقها الحافظ في [ترجمتها من كتاب] التقريب: [ج 2
ص 113].
175

تنبيه
قال [فضيل بن مرزوق] في الرواية السابقة: (عن
إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت علي، عن أسماء) وفي
هذه [الرواية قال:] (عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء).
وقد سمع كل من فاطمة بنت علي وفاطمة بنت
الحسين، عن أسماء.
وفاطمة بنت الحسين هي أم إبراهيم بن الحسن
الراوي عنهما، وكأنه سمعه من أمه ومن عمتها فاطمة بنت
علي، فرواه مرة عن أمه، ومرة عن عمتها، [و] قد عد ذلك ابن
الجوزي اضطرابا وليس كذلك.
و [أيضا] قال الطبراني [في مسند أسماء بنت عميس
من المعجم الكبير: ج 24 ص 144، ط 1]:
حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف.
حيلولة: وقال شاذان الفضلي: حدثنا أبو الفضل
محمد بن عبيد الله القصار بمصر، حدثنا يحيى بن أيوب
العلاف، قالا: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا محمد بن
176

إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني محمد بن موسى الفطري،
عن عون بن محمد، عن أم جعفر، عن أسماء بنت عميس،
فذكر نحوه.
وقال شاذان: حدثنا أبو الحسن أحمد بن عمير،
حدثنا أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي، حدثنا محمد بن
إسماعيل بن أبي فديك به.
(قال المؤلف): إسماعيل بن الحسن، الخفاف، ثقة (1).
[ومحمد بن عبد الله القصار وثقه ابن يونس.
ويحيى بن أيوب [بن بادي] من رجال النسائي، قال
الحافظ في [ترجمته من كتاب] التقريب: [ج 2 ص 343]:
صدوق.
وأحمد بن صالح [أبو جعفر المصري المعروف بابن
الطبري، المولود سنة (170) المتوفى (248)] من رجال
البخاري وأبي داود [والترمذي في الشمائل].
قال [ابن حجر] في [ترجمته من كتاب] التقريب:

(1) ومثله ذكره المصنف في رسالته المسماة ب‍ (مزيل اللبس عن حديث رد
الشمس) وانظر ما أورده الطبراني حوله في كتابه المعجم الصغير،
ص 96.
177

(ج 1 ص 16: إنه) ثقة، حافظ، تكلم فيه النسائي بلا
حجة (1).
وأبو الحسن أحمد بن عمير هو ابن جوصاء وثقه
الطبراني.
وقال أبو علي الحافظ: كان ركنا من أركان الحديث،
إماما من أئمة المسلمين، قد جاز القنطرة.
وقال الحافظ في [ترجمته من كتاب] اللسان: [ج 1،
ص 239]: صدوق.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي (2).

(1) كذا في أصلي، وفي المطبوع من كتاب التقريب: ج 1 ص 16، ط دار
المعرفة ما لفظه: تكلم فيه النسائي بسبب أوهام له قليلة، ونقل عن ابن
معين تكذيبه، وجزم ابن حبان بأنه [أي ابن معين] إنما تكلم في أحمد
بن صالح الشمولي فظن النسائي أنه إنما عنى ابن الطبري [أحمد بن
صالح المصري المتوفى سنة (248)].
وأورد الذهبي له ترجمة وذكر ثناء كبار الحفاظ عليه في سير أعلام
النبلاء: ج 12 ص 160، وقال: وكان أبو جعفر رأسا في هذا الشأن قل أن
ترى العيون مثله مع الثقة والبراعة..
(2) وعقد له الذهبي ترجمة في من توفي سنة (320) من سير أعلام النبلاء:
ج 15 ص 15، ونقل توثيقه عن الطبراني ثم قال: هو من أكابر
الدمشقيين، وأيضا عقد له ابن عساكر ترجمة في تاريخ دمشق: ج 2
ص 28.
178

(و) قال الذهبي في (ترجمته في المتوفين سنة (320)
[من كتاب] تاريخ الإسلام: [ج 24 ص 596]: هو ثقة له
غرائب.
(قال المؤلف): فما للضعف عليه مدخل.
[وأحمد بن وليد بن برد وثقه ابن حبان. وذكره ابن أبي
حاتم فلم يذكر فيه جرحا، وقال: كتب عنه أبي.
ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك بضم الفاء من
رجال الأئمة الستة، قال [ابن حجر] في [ترجمته من كتاب]
التقريب: [ج 2 ص 145: هو] صدوق.
ومحمد بن موسى الفطري بكسر الفاء وسكون
الطاء من رجال مسلم والأربعة ذكره البخاري في التاريخ
ولم يجرحه.
وقال الحافظ في [ترجمته من كتاب] التقريب: [ج 2
ص 211]: صدوق، رمي بالتشيع.
وعون بن محمد بن علي بن أبي طالب، وثقه ابن
حبان، وذكره البخاري في التاريخ ولم يضعفه.
179

وأم جعفر ويقال لها: أم عون بنت محمد بن جعفر
بن أبي طالب من رجال ابن ماجة.
(و) قال (ابن حجر في ترجمتها من كتاب) التقريب:
ج 2 ص 23): مقبولة (1).
ولما أورد الذهبي هذا الطريق في مختصر
الموضوعات لابن الجوزي قال: [هذا حديث] غريب
عجيب تقرد به ابن أبي فديك، وهو صدوق، وشيخه الفطري
أيضا) صدوق.
و (لكن الذهبي ثم) اعترض على هذا فذكر حديث:
" لم تحبس الشمس لأحد إلا ليوشع " وسيأتي الجواب عنه،
ولم يذكر علة غير ذلك.
وقال شاذان: حدثنا أبو الحسن علي بن إسماعيل بن
كعب الدقاق بالموصل، حدثنا علي بن جابر الأودي، عن
عبد الرحمان بن شريك، [قال:] حدثنا أبي، [قال]:
حدثنا عروة بن [عبد الله بن] قشير، قال: دخلت على
فاطمة بنت علي الأكبر، فقالت: حدثتني أسماء بنت

(1) وأيضا صرح ابن حجر في ترجمة أسماء بنت عميس من كتاب تهذيب
التهذيب بأن حفيدتها أم جعفر تروي عنها.
180

عميس = [....] فذكره (1).

(1) أقول: ولهذا الحديث مصادر كثيرة يجد الطالب كثيرا منها في الحديث:
(815) وتعليقه من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق:
ج 2 ص 292 ط 2، ومن أجل أن في ذيله يذكر رواية فاطمة بنت علي
عن موسى الجهني من رجال صحاحهم لا بد لنا من ذكر طريق منه،
فنقول:
روى عبد الكريم الرافعي، المولود سنة (555)، المتوفى عام
(623) كما في ترجمته من سير أعلام النبلاء: ج 22 ص 252 في
ترجمة أحمد بن محمد بن زيد، من نسخة لا له لي من كتاب التدوين
برقم: (2010) قال:
(حدث) عبد الرحمان بن أبي حاتم، قال: حدثنا أحمد بن يحيى
[الأودي الصوفي [قال:] حدثنا عبد الرحمان بن شريك، حدثني [أبي]:
عن عروة بن عبد الله بن قشير، قال: دخلت على فاطمة بنت علي
بن أبي طالب فرأيت في عنقها خرزة، ورأيت في يديها مسكتين
غليظتين وهي عجوز كبيرة فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: إنه يكره للمرأة
أن تتشبه بالرجال. ثم حدثتني أن أسماء بنت عميس حدثتها أن علي
بن أبي طالب دفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أوحي إليه،
فجلله بثوبه فلم يزل كذلك حتى أدبر [ت] الشمس تقول: كانت أو
كادت [أن] تغيب ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سري عنه، فقال:
أصليت يا علي؟ قال: لا.
قال: اللهم أردد على [علي] الشمس. فرجعت [الشمس] حتى
بلغت نصف المسجد [فقام علي فصلى العصر، فغربت الشمس].
قال عبد الرحمان [بن شريك]: قال أبي: وحدثني موسى الجهني
نحوه.
181

(قال) المؤلف): علي بن إسماعيل بن كعب (المتوفى
[سنة 314] وثقه الأزدي. [كما] نقله الخطيب في [ترجمته
من] تاريخ بغداد: ج 11، ص 345.
وعلي بن جابر الأودي بفتح الألف وسكون الواو
ودال مهملة وثقه ابن حبان.
وعبد الرحمان بن شريك روى له البخاري في
كتاب الأدب المفرد.
[وقال الحافظ في [ترجمته من كتاب] التقريب: [ج 1،
ص 484]: صدوق، وأبوه من رجال الأربعة، روى له
البخاري تعليقا.
و [أيضا] قال [ابن حجر] في [ترجمته من كتاب]
التقريب: [ج 1، ص 351]: صدوق، يخطئ كثيرا.
وعروة [بن عبد الله] بن قشير بضم القاف وفتح
الشين المعجمة من رجال أبي داود والترمذي في الشمائل،
وثقه الحافظ في [ترجمته من كتاب] التقريب: [ج 2
ص 19].
182

وفاطمة بنت علي [عليهما السلام] تقدمت [نبذة من
الأقوال حول وثاقتها، ووثقها أيضا الهيثمي في باب حديث
المنزلة من فضائل علي عليه السلام من كتاب مجمع الزوائد:
ج 9 ص 109].
ولهذا الحديث طرق أخرى عن أسماء أوردت بعضها
في كتابي (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس).
و [هذا الأمر] ورد من حديث علي [عليه السلام أيضا
كما] رواه شاذان.
و [ورد أيضا] من حديث ابنه الحسين بن علي
(عليها السلام كما) رواه الدولابي في (عنوان: " ما أسندته
[فاطمة بنت الحسين) في آخر كتاب] الذرية الطاهرة [الورق
28 / ب / وفي ط قم ص 129].
و [جاء أيضا] من حديث أبي سعيد [الخدري] رواه
الحافظ أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن حسكان
بمهملتين وفتح أوله الفقيه الحنفي القاضي فيما أملاه من
طرق هذا الحديث، نقله الذهبي في مختصر موضوعات ابن
الجوزي (1).

(1) ونقله أيضا ابن تيمية في منهاجه: ج 4 ص 193، ط 1، وأيضا نقله ابن
كثير في البداية والنهاية ج 7 ص 84.
وأيضا ذكره السيوطي في الحديث: (489) في آخر رسالته: الدرر
المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ص 152، طبعة الكويت ما لفظه:
حديث: (إن الشمس ردت على علي بن أبي طالب) قال أحمد: لا
أصل له.
(قال السيوطي): قلت: أخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث
[أسماء بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي هريرة وإسنادهما
حسن.
وممن صححه الطحاوي والقاضي عياض. وقد ادعى ابن الجوزي
أنه موضوع فأخطأ كما بينته في مختصر الموضوعات وفي التعقيبات.
183

و [جاء أيضا] من حديث أبي هريرة، رواه عنه ابن
مردويه وابن شاهين وابن مندة، وحسنه شيخنا في [كتابه:]
الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة.
وقد سقت أحاديثهم وتكلمت على رجالها في كتابي
(مزيل اللبس عن حديث رد الشمس).
وحديث أسماء [بنت عميس] رواه الطحاوي من
طريقين في كتابه مشكل الآثار: [ج 2 ص 8 9 وج 4
ص 388] وقال: هذان الحديثان رواتهما ثقات.
ونقله عنه القاضي [عياض] في الشفا، والحافظ
184

(محمد بن محمد بن عبد الله المعروف ب‍) ابن سيد الناس في
(كتابه) بشرى اللبيب، وقال في قصيدة (له) ذكرها فيه:
وردت عليه الشمس بعد غروبها * وهذا من الأيقان أعظم موقعا
و [رواه أيضا] الحافظ علاء الدين مغلطاي في كتابيه
الزهر الباسم والإشارة، والبارزي في توثيق عرى الإيمان،
والنووي في شرح مسلم في باب حل الغنائم لهذه الأمة.
ونقله عنه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث
الرافعي في باب الأذان كما في النسخ المعتمدة وأقروه (1).
وصححه الحافظ أبو الفتح الأزدي [محمد بن
الحسين الموصلي المترجم في سير أعلام النبلاء: ج 16،
ص 348] ونقله [عنه] ابن العديم في تاريخ حلب.
وحسنه الحافظ أبو زرعة بن الحافظ أبي الفضل
العراقي في تكملته لشرح تقريب والده.
وقال الحافظ أحمد بن صالح وناهيك به: لا ينبغي
لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء لأنه من أجل

(1) كذا في أصلي، وكأنه قد سرى في الكلام حذف.
185

علامات النبوة.
وقد أنكر الحفاظ على ابن الجوزي إيراده لهذا
الحديث في الموضوعات، فقال الحافظ ابن حجر في باب
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لكم الغنائم) من
كتاب فتح الباري بعد أن أورد الحديث: أخطأ ابن
الجوزي بإيراده له في الموضوعات، انتهى. ومن خطه
نقلت.
وقال الحافظ مغلطاي في [كتابه] الزهر الباسم بعد
أن أورد الحديث من عند جماعة: لا يلتفت لما أعل به ابن
الجوزي من حيث إنه لم يقع له الأسناد الذي وقع لهؤلاء.
وقال شيخنا [السيوطي] في مختصر الموضوعات:
أفرط [ابن الجوزي] بإيراده له هنا.
186

تنبيهات
الأول: قال ابن كثير عن الإمام أحمد وجماعة من
الحفاظ أنهم صرحوا بوضع هذا الحديث!! (1).
قلت: والظاهر أنه وقع لهم من طريق الكذابين، ولم
يقع لهم من الطرق السابقة، وإلا فالطرق السابقة يتعذر معها
الحكم بالضعف فضلا عن الوضع، ولو عرضت عليهم
أسانيدها لاعترفوا بأن للحديث أصلا وليس بموضوع.
وما مهدوه من القواعد، وذكر جماعة من الحفاظ له
في كتبهم المعتمدة وتقوية من قواه كما تقدم يرد على من
حكم عليه بالوضع.
التنبيه الثاني: قد علمت رحمني الله وإياك ما
أسلفناه من كلام الحفاظ في حكم هذا الحديث، وتبين لك
ثقات رجاله، وأنه ليس فيهم متهم ولا من أجمع على تركه،
ولاح لك ثبوت الحديث وعدم بطلانه، فلم يبق إلا الجواب

(1) ما وجدت هذا الكلام فيما ساقه ابن كثير حول حديث رد الشمس في
عنوان: (دلائل النبوة الحسية) من كتاب البداية والنهاية: ج 6 ص 27
وص 282 عند كلامه على حبس الشمس ليوشع بن نون.
187

عما أعل به، وقد أعل بأمور:
الأمر الأول: من جهة بعض رجال طرقه، فرواه ابن
الجوزي من طريق فضيل بن مرزوق وأعله به، ثم نقل عن
ابن معين تضعيفه وأن ابن حبان قال فيه: (يخطئ
بالموضوعات، ويخطئ على الثقات) انتهى.
وفضيل من رجال مسلم ووثقه السفيانان وابن معين
كما نقله عنه ابن أبي خيثمة، ونقل عنه عبد الخالق بن منصور
أنه قال فيه: (صالح الحديث).
وقال [فيه] الإمام أحمد: (لا أعلم عنه إلا خيرا).
وقال العجلي: [هو] جائز الحديث، صدوق.
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.
وذكره البخاري في التاريخ ولم يضعفه.
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: [هو] صالح الحديث،
صدوق، يهم كثيرا.
نقل جميع ذلك شيخ الإسلام ابن حجر في تهذيب
التهذيب.
ومن قيل فيه ذلك لا يحكم على حديثه بالوضع.
ثم ذكر ابن الجوزي أن ابن شاهين رواه عن شيخه ابن
عقدة من طريق عبد الرحمان بن شريك، [ثم] قال:
188

و عبد الرحمان قال فيه أبو حاتم: (واهي الحديث) انتهى.
وعبد الرحمان هذا ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:
ربما أخطأ.
وقال الحافظ ابن حجر في [ترجمته من كتاب]
التقريب [ج 1، ص 484]: صدوق.
ثم قال ابن الجوزي: وأنا لا أتهم بهذا إلا ابن عقدة
فإنه كان رافضيا، انتهى.
فإن كان [ابن الجوزي] يتهمه بأصل الحديث
فالحديث معروف قبل وجود ابن عقدة.
وقال الذهبي في [كتاب] المنقذ من الضلال وهو
مختصر منهاج الاعتدال لشيخه ابن تيمية: لا ريب أن ابن
شريك حدث به جاء من وجه قوي عنه، انتهى.
وإن أراد [ابن الجوزي] الطريق الذي رواه ابن شاهين
منه، فإن ابن عقدة لم ينفرد به، بل تابعه غيره.
قال شاذان: حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد بن كعب
الدقاق بالموصل، حدثنا علي بن جابر الأودي، حدثنا عبد
الرحمان بن شريك به.
قال [المؤلف]: علي بن سعيد وعلي بن جابر ثقتان،
وثق الأول أبو الفتح الأزدي، والثاني ابن حبان.
189

الأمر الثاني: [مما أعل به حديث رد الشمس ما] قال
الجوزقاني (1) وابن الجوزي وغيرهما [قالوا]:
يقدح في صحة هذا الحديث ما في الأحاديث
الصحيحة (أن الشمس لم تحبس إلا ليوشع بن نون)، انتهى.
وأجاب الطحاوي [عن هذا القدح] في كتابه مشكل
الآثار (2) وأقره ابن رشد في مختصره بأن حبسها غير ما

(1) كذا في أصلي هاهنا وفي مثله الأمر الرابع الآتي قريبا بالجيم ثم
الواو، ثم الزاء المعجمة، وهكذا في عنوان: (جوزقان) من كتاب معجم
البلدان: ج 2 ص 184 ط 2.
ولكن ضبطه كل من السمعاني وابن الأثير في عنوان:
(الجورقاني) من كتاب الأنساب واللباب بالراء المهملة بعد الواو.
والظاهر بقرينة أن (الجوزقان) بالراء المهملة والزاء المعجمة معا
من قرى (همذان) أن المراد من الجوزقاني هذا هو أبو عبد الله الحسين
بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر مؤلف كتاب الأباطيل والموضوعات
المذكورة في عنوان (جوزقان) من كتاب معجم البلدان: ج 2 ص 184،
المتوفى سنة (543) المترجم في لسان الميزان: ج 2 ص 271 وتذكرة
الحفاظ: ج 4 ص 1308.
(2) الطحاوي هو أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك بن سلمة
بن سليمان بن حامد أبو جعفر الأزدي الحجري المصري ثم الطحاوي،
ولد في (طحا) قرية من صعيد مصر، في سنة: (239)، وتوفي سنة
(321) كما في ترجمته من كتاب لسان الميزان: ج 1 ص 274 وأيضا
عقد له الذهبي ترجمة في سير أعلام النبلاء: ج 15 ص 27.
190

في حديث أسماء من ردها بعد الغروب.
وقال الحافظ في باب قول النبي صلى الله عليه
وسلم: (أحلت لكم الغنائم) من فتح الباري [ج 6
ص 155، أو 168، وفي نسخة ص 221 في كتاب فرض
الخمس] بعد أن أورد حديث حبس الشمس صبح ليلة
الأسراء: ولا يعارضه ما رواه أحمد بسند صحيح عن أبي
هريرة (1): (لم تحبس الشمس إلا ليوشع بن نون...) إلى
آخره ووضع الجمع أن الحصر محمول على ما مضى من
الأنبياء قبل نبينا صلى الله عليه وسلم فلم تحبس الشمس إلا
ليوشع، وليس فيه نفي أنها قد تحبس بعد ذلك لنبينا صلى الله
عليه وسلم.
الأمر الثالث: [مما أعل به الحديث] الاضطراب.

(1) رواه أحمد في الحديث: (1116) من مسند أبي هريرة من كتاب
المسند: ج 2 ص 325 ط 1.
ورواه أيضا أحمد بن جعفر القطيعي حرفيا عن عبد الله بن أحمد،
عن أحمد... كما في الحديث: (239) من كتاب الجزء الألف دينار،
ص 377 ط الكويت.
ورواه محققه في تعليقه عن الطحاوي في مشكل الآثار: ج 2
ص 10.
191

وتقدم رد ذلك في التنبيه المتقدم أول الباب.
الأمر الرابع: قال الجوزقاني ومن تبعه: ولو ردت
الشمس لعلي لكان ردها يوم الخندق للنبي صلى الله عليه
وسلم بطريق الأولى.
قلت: رد الشمس لعلي إنما كان بدعاء النبي صلى الله
عليه وسلم ولم يجئ في خبر قط أن النبي صلى الله عليه
وسلم دعا في واقعة الخندق أن ترد [له] الشمس فلم ترد، بل
لم يدع.
على أن القاضي عياض ذكر في الإكمال إن الشمس
ردت على النبي صلى الله عليه وسلم في واقعة الخندق فالله
أعلم وقد بينت ضعفه في كتابي (مزيل اللبس).
الأمر الخامس: أعل ابن تيمية حديث أسماء بأنها
كانت مع زوجها بالحبشة!!
قلت: وهو وهم لا شك إذ لا خلاف أن جعفر قدم من
الحبشة هو وامرأته أسماء على رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو بخيبر بعد فتحها وقسم لهما ولأصحاب
سفينتهما.
الأمر السادس: قال ابن الجوزي: ومن تغفل واضع
هذا الحديث أنه نظر إلى صورة فضيلة ولم يتلمح عدم
192

الفائدة، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاءا
ورجوع الشمس لا يعيدها أداءا، انتهى.
قلت: دل ثبوت الحديث على أن الصلاة وقعت أداءا،
وبذلك صرح القرطبي في التذكرة قال: فلو لم يكن رجوع
الشمس نافعا وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه.
ذكره في باب: ما يذكر الموت والآخرة من أوائل
(كتاب) التذكرة. ووجهه أن الشمس لما عادت كأنها لم تغب، والله
سبحانه وتعالى أعلم.
التنبيه الثالث: ليحذر من يقف على كلامي هذا أن
يظن بي أني أميل إلى التشيع، والله تعالى يعلم أن الأمر ليس
كذلك (1)، والحامل لي على هذا الكلام أن الذهبي ذكر في

(1) أنظر إلى استفحال سطوة النواصب في الأجواء الإسلامية وعظم بطشهم
وتنمرهم في عنادهم وشقاقهم بحيث إن عالما مثل الصالحي يخافهم من
أن يظنوا به أنه يميل إلى التشيع وهو يعلم أن الشيعة من خير البرية، وأنه
لا فوز لغيرهم وأنهم هم الفائزون لا غير.
ومن أراد أن يعرف ذلك حق المعرفة فليرجع إلى ما رواه ابن حجر
في تفسير قوله تعالى: ولسوف يعطيك ربك فترضى [5 / الضحى:
93] في أواخر الفصل: (11) من كتاب الصواعق، ص 95 ط 1، أو
يرجع إلى ما رواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية: (6) من سورة
البينة من شواهد التنزيل ج 2 ص 459.
وليراجع أيضا ما رواه ابن عساكر في الحديث: (842) وما بعده، و
(853) وما حوله والحديث: (958) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين
عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 330 و 344 و 442 ط 2.
وليلاحظ أيضا ما نقله السيد شرف الدين في الفصل السابع من
كتاب الفصول المهمة ص 39 ط 1.
ولأجل تسهيل الأمر على القراء نذكر بعض ما أشرنا إليه كي لا
يكون ادعاؤنا إحالة على الغائب من جميع الجهات فنقول:
روى الحافظ الحسكاني في تفسير سورة البينة من كتاب شواهد
التنزيل: ج 2 ص 356 قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قراءة
وإملاءا [قال:] أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، أخبرنا
المنذر بن محمد بن المنذر، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي
الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن إسماعيل بن زياد البزاز، عن إبراهيم بن
مهاجر مولى آل سخبرة، قال: حدثني يزيد بن شراحيل الأنصاري
كاتب علي [عليه السلام] قال: سمعت عليا يقول: حدثني رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وأنا مسنده إلى صدري فقال: يا علي أما تسمع
قول الله عز وجل: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير
البرية هم أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض إذا اجتمعت
الأمم تدعون غرا محجلين.
وروى عبد الله بن أحمد كما في الحديث: (190) من فضائل علي
من كتاب الفضائل ص 128، ط 1 قال: [حدثنا] محمد بن يونس قال:
حدثنا عبيد الله بن عائشة، قال: أخبرنا إسماعيل بن عمرو، عن عمر بن
موسى، عن زيد بن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي
طالب قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسد الناس
إياي؟! فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة: أول من يدخل الجنة أنا
وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وعن شمائلنا وذرارينا
خلف أزواجنا وشيعتنا من ورائنا.
وروى الطبراني في مسند أبي رافع إبراهيم مولى النبي صلى الله
عليه وآله برقم: (948) من المعجم الكبير: ج 1 ص 319 قال: حدثنا
أحمد بن العباس المري القنطري، حدثنا حرب بن الحسن الطحان،
حدثنا يحيى بن يعلى، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن
جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت وشيعتك تردون علي
الحوض رواءا مرويين مبيضة وجوهكم وإن عدوك يردون علي ظماءا
مقصدين!!
وبالسند المتقدم قال أبو رافع: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لعلي: إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين
وذرارينا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذرارينا وشيعتنا عن أيماننا
وشمائلنا.
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة علي بن إسحاق بن رداء
أحد الثقات من تاريخ دمشق: ج 11 ص 865 قال: أخبرنا أبو الفرج
سعيد بن أبي الرجاء بن أبي منصور، أنبأنا أبو الفتح منصور بن الحسين
بن علي بن القاسم بن رواد الكاتب، وأبو طاهر بن محمود، قالا: أنبأنا
أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو الحسين علي بن إسحاق بن رداء القاضي
قاضي الطبرية بالطبرية، أنبأنا علي بن نصر البصري، أنبأنا عبد
الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه رفعه
قال:
إن الله خلق عليين وخلق طينتنا منها، وخلق طينة محبينا منها،
وخلق سجين وخلق طينة مبغضينا منها، فأرواح محبينا تتوق إلى ما
خلقت منه، وأرواح مبغضينا تتوق إلى ما خلقت منه.
أقول: ومن أراد المزيد فعليه بما أورده السمهودي في العقد (7) من
العقد الثاني من جواهر العقدين: ج 2 ص 169 ط بغداد.
193

أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو الحسين علي بن إسحاق بن رداء القاضي
قاضي الطبرية بالطبرية، أنبأنا علي بن نصر البصري، أنبأنا عبد
الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه رفعه
قال:
إن الله خلق عليين وخلق طينتنا منها، وخلق طينة محبينا منها،
وخلق سجين وخلق طينة مبغضينا منها، فأرواح محبينا تتوق إلى ما
خلقت منه، وأرواح مبغضينا تتوق إلى ما خلقت منه.
أقول: ومن أراد المزيد فعليه بما أورده السمهودي في العقد (7) من
العقد الثاني من جواهر العقدين: ج 2 ص 169 ط بغداد. (*)
ترجمة الحافظ الحسكاني أنه كان يميل إلى التشيع لأنه أملى
جزءا في طريق حديث رد الشمس!!!
وهذا الرجل ترجمه تلميذه عبد الغافر الفارسي في
ذيل تاريخ نيسابور [ص 463] فلم يصفه بذلك، بل أثنى
عليه ثناءا حسنا، وكذلك غيره من المؤرخين، نسأل الله
السلامة من الخوض في أعراض الناس بما لا نعلم وبما
نعلم (1).

(1) هذا تمام ما ذكره الصالحي في كتاب سبل الهدى والرشاد.
196

فرغنا من ذكر آراء المحققين والمنصفين من
أهل السنة حول حديث رد الشمس ينبغي لنا أن نذكر
أحاديث الشيعة وكلمات أعلام الطائفة حول حديث رد
الشمس فنقول:
روى ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني رفع الله
مقامه المتوفى سنة (328) في الحديث: (7) من (باب إتيان
المشاهد، وقبور الشهداء) من كتاب الحج من أبواب
الزيارات من الكافي: ج 4 ص 561 طبعة الآخوندي قال:
(حدثني) عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن
موسى بن جعفر، عن عمر بن سعيد، عن الحسن بن صدقة،
عن عمار بن موسى قال:
دخلت أنا وأبو عبد الله عليه السلام مسجد الفضيخ (1)

(1) وروى الكليني رحمه الله في الحديث (5) من العنوان المشار إليه من
كتاب الحج من الكافي: ج 4 ص 561 قال: [وعن] محمد بن يحيى،
عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن المفضل بن صالح، عن ليث
المرادي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مسجد الفضيخ لم سمي
مسجد الفضيخ؟ فقال: لنخل (كان هناك) يسمى الفضيح فلذلك سمي
(المسجد) مسجد الفضيخ
أقول: ولمسجد الفضيخ ذكر في الفصل (3) من الباب: (5) من
كتاب وفاء الوفاء: ج 3 ص 821 و 822 و 1028 ط بيروت.
197

فقال: يا عمار ترى هذه الوهدة (1) قلت: نعم. قال: كانت
امرأة جعفر التي خلف عليها أمير المؤمنين عليه السلام
قاعدة في هذا الموضع ومعها ابناها من جعفر فبكت فقال لها
ابناها: ما يبكيك يا أمة؟ قالت: بكيت لأمير المؤمنين عليه
السلام. فقالا لها: تبكين لأمير المؤمنين ولا تبكين لأبينا؟
قالت: ليس هذا هكذا؟ ولكن ذكرت حديثا كنت أنا وأمير
المؤمنين في هذا المسجد فقال لي: ترين هذه الوهدة؟ قلت:
مسجد الفضيخ؟ فقال: لنخل [كان هناك] يسمى الفضيخ فلذلك سمي
نعم. قال: كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله قاعدين
فيها إذ وضع رأسه في حجري ثم خفق حتى غط وحضرت
صلاة العصر فكرهت أن أحرك رأسه عن فخذي، فأكون قد
آذيت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ذهب الوقت
وفاتت [صلاة العصر]، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وآله
فقام واستقبل القبلة ومد يديه كلتيهما وقال: اللهم رد

(1) الوهدة: الأرض المنخفضة: الهوة في الأرض، والجمع وهاد ووهد
كمهاد ومهد.
198

الشمس إلى وقتها حتى يصلي علي، فرجعت الشمس إلى
وقت الصلاة حتى صليت العصر، ثم انقضت انقضاض
الكوكب.
ورواه عنه المجلسي رحمه الله في مرآة العقول: ج
18 ص 276، كما رواه أيضا في الحديث: (19) من الباب
(109) من بحار الأنوار: ج 9 ص 547 ط الكمباني، وفي ط
الآخوندي: ج 41 ص 183، ثم قال:
(ورواه) الصدوق (في كتاب قصص الأنبياء) عن أبيه،
عن سعد، عن موسى بن جعفر البغدادي.
ورواه أيضا عن الكليني الشيخ الحر العاملي رحمه
الله في الحديث: (4) من باب استحباب إتيان المشاهد
بالمدينة من كتاب الحج من الوسائل: ج 10 ص 277 ط
المكتبة الإسلامية، وفي ط مؤسسة أهل البيت: ج 14 ص
355.
ورواه أيضا السيد البروجردي رحمه الله نقلا عن
الكافي في باب (استحباب إتيان المشاهد...) من كتاب
المزار، من جامع أحاديث الشيعة: ج 2 ص 273.
وروى محمد بن سليمان الكوفي المتوفى عام:
199

(322) في (باب ذكر رد الشمس) في الحديث: (1022)
في الجزء الخامس من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه
السلام: ج 2 ص 517 ط 1، قال:
حدثنا أبو سعيد محمد بن سليمان، قال: حدثنا
محمد بن أحمد بن الحسن الهاروني، قال: حدثنا يعقوب بن
سفيان، قال: حدثني محمد بن رافع النيسابوري، قال:
حدثني ابن أبي فديك، قال: حدثني محمد بن موسى، عن
عون [بن محمد]، عن أمه [أم جعفر]:
عن أسماء [قالت]: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم صلى الظهر بالصهباء (1) ثم أرسل عليا في حاجة
فرجع وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العصر
فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه في حجر
علي ونام فلم يحركه حتى غابت الشمس [فانتبه رسول الله
فقال: يا علي صليت العصر؟ قال: لا يا رسول الله] قال

(1) قال ياقوت: صهباء... اسم موضع بينه وبين خيبر روحة، [و] له ذكر في
الأخبار.
وذكره أيضا السمهودي وقال: وهي على روحة من خيبر، ثم قال:
وقد قدمنا قصة رد الشمس هنا عند ذكر مسجد الفضيخ من مساجد
المدينة [في ص 822]. كما في وفاء الوفاء: ج 3 ص 1028.
200

رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: اللهم إن عبدك
عليا احتبس بنفسه على نبيك فرد [عليه] شرقها.
قالت أسماء: فطلعت الشمس على الجبال وعلى
الأرض فقام علي فتوضأ وصلى العصر ثم غابت الشمس،
وذلك بالصهباء في غزوة [خيبر].
أقول: وللحديث أسانيد ومصادر يجد الطالب كثيرا
منها في تعليق الحديث: (814) من ترجمة أمير المؤمنين
عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 289 ط 2 بتحقيق
المحمودي.
وأيضا روى محمد بن سليمان في العنوان المتقدم
الذكر في الحديث: (1023) من مناقبه: ج 2 ص 518 قال:
حدثنا أحمد بن علي بن الحسن الحناط، قال حدثنا
الحسن بن علي بن عفان العامري، قال: أخبرنا علي بن
حكيم، قال: أخبرنا محمد بن فضيل الضبي، [عن فضيل بن
مرزوق،] عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة ابنة [الحسين
ابن] علي:
عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم إذا نزل عليه الوحي يكاد يغط عليه، فأنزل
201

(الوحي) عليه يوما ورأسه في حجر علي، (فلما انقضى
[الوحي قال:] صليت العصر يا علي؟ قال: لا يا رسول الله.
قالت: فدعا الله فردت عليه الشمس حتى صلى العصر.
قالت [أسماء]: فرأيت الشمس بعدما غابت حين
ردت عليه حتى صلى العصر.
وروى الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين
المتوفى عام: (381) في أوائل مشيخة كتابه (من لا يحضره
الفقيه) وفي الحديث (4) من الباب (29) وهو باب فرض
الصلوات الخمس منه: ج 4 ص 28 و 130، من طبعة
الآخوندي قال:
(حدثنا) أحمد بن محمد بن إسحاق (الطالقاني)
قال: حدثني الحسين بن موسى النخاس، قال: حدثنا عثمان
بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن
الحسن، عن [أمه] فاطمة بنت الحسين:
عن أسماء بنت عميس أنها قالت: بينما رسول الله
صلى الله عليه وآله [وسلم] نائم ذات يوم ورأسه في حجر
علي عليه السلام ففاتته [صلاة] العصر حتى غابت الشمس،
فقال [رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي صليت
202

العصر؟ قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:]
اللهم إن عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه
الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها والله غربت ثم طلعت بعدما
غربت ولم يبق جبل ولا أرض إلا طلعت عليه حتى قام علي
عليه السلام وتوضأ وصلى ثم غربت.
وأخرجه أيضا المجلسي الأول في شرح كتاب: (من
لا يحضره الفقيه) المسمى ب‍ (روضة المتقين): ج 3 ص 25.
وأيضا روى الشيخ الصدوق رفع الله مقامه في
الحديث: (3) من الباب: (61) من علل الشرائع: ج 2 ص
35 قال:
حدثنا أحمد بن الحسن القطان رحمه الله، قال:
حدثنا أبو الحسن محمد بن صالح، قال: حدثنا عمر بن خالد
المخزومي، قال: حدثنا ابن نباتة، عن محمد بن موسى، عن
عمارة بن مهاجر:
عن أم جعفر أو أم محمد بنتي محمد بن جعفر: عن
أسماء بنت عميس وهي جدتها قالت: خرجت مع جدتي
أسماء بنت عميس وعمي عبد الله بن جعفر حتى إذا كنا
203

بالصهباء حدثتني [جدتي] أسماء بنت عميس قالت:
يا بنية كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله سلم في
هذا المكان، فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر
ثم دعا عليا فاستعان به في بعض حاجته، ثم جاءت العصر،
فقام النبي صلى الله عليه وآله فصلى العصر، فجاء علي عليه
السلام فقعد إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله، فأوحى
الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله فوضع رأسه في حجر
علي عليه السلام حتى غابت الشمس لا يرى منها شئ لا
على أرض ولا جبل، ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال لعلي عليه السلام: هل صليت العصر؟ فقال: لا يا
رسول الله، أنبئت أنك لم تصل [فجئت كي أصلي معك] فلما
وضعت رأسك في حجري لم أكن لأحركه. فقال [رسول الله
صلى الله عليه وآله]: اللهم إن هذا عبدك علي احتبس نفسه
على نبيك فرد عليه شرقها.
(قالت أسماء:) فطلعت الشمس فلم يبق جبل ولا
أرض إلا طلعت عليه الشمس، ثم قام علي عليه السلام
فتوضأ وصلى ثم انكسفت.
ورواه عنه المجلسي رفع الله مقامه في الحديث الثاني
من الباب الأول من أبواب معجزات أمير المؤمنين عليه
204

السلام وهو باب رد الشمس... ثم قال:
(وأيضا رواه الصدوق في كتاب قصص الأنبياء) عن
محمد بن الفضل، عن إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن علي
بن سلمة، عن محمد بن إسماعيل بن [أبي] فديك، عن محمد
بن موسى بن أبي عبد الله، عن عون بن محمد بن علي بن أبي
طالب، عن أمه أم جعفر، عن جدتها أسماء بنت عميس مثله.
وقال [الصدوق رحمه الله] بعد نقل الخبر: ولعله عليه السلام
صلى إيماء قبل ذلك أيضا.
ورواه أيضا الحافظ أبو محمد عبد الرحمان بن أحمد
بن الحسين النيسابوري المتوفى بعد العام (476) في
الحديث الخامس من كتابه الأربعين عن الأربعين ص 40 ط
1، قال:
أخبرنا السيد أبو الفتح عبيد الله بن موسى بن أحمد
العلوي الرضوي رحمه الله بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أحمد
بن الحسين الأيوبي رحمه الله، قال: حدثنا القاضي عمر بن
الحسين، قال: حدثنا جعفر بن محمد وسعيد، قالا: حدثنا
نصر بن مزاحم، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الملك أبو عبد
الرحمان المسعودي قال: حدثنا إبراهيم بن حنان [حيان
(خ)] عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر امرأة محمد بن
205

الحنفية.
عن أسماء بنت عميس أنها حدثتها أنها كانت تغزو
مع النبي صلى الله عليه وآله قالت [أم جعفر]: قلت: يا جدة ما
كنت تصنعين معه؟ قالت: كنت أخرز السقاء وأداوي
الجرحى وأكحل العين؟ وإن النبي صلى الله عليه وآله صلى
بنا العصر [وقد كان قبل أن يصلي العصر أرسل عليا لتنفيذ
أمر] فانثنى [علي] قبل أن يصلي [العصر] [ظ] فأوحى الله
تعالى إلى نبيه [ظ] فأخبروا عليا عليه السلام [بذلك] وقد كاد
(أن) يدخل في الصلاة ولم يكن أدرك أول وقتها (لاشتغاله
بتمشية أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء وأخذ
برأس رسول الله ووضعه على فخذه] فلما انصرف النبي صلى
الله عليه وآله [وأفاق مما اعتراه في حالة الوحي] وقد طال
ذلك منه حتى غربت الشمس فقال له: يا علي أما صليت؟
قال: لا، كرهت أن أطرحك في التراب!! فقال النبي صلى الله
عليه وآله: اللهم أرددها عليه.
قالت [أسماء: ف‍] رجعت الشمس بعدما غربت حتى
صلى علي عليه السلام.
أقول: النسخة كانت سقيمة صححناها بالمقدار
الميسور، وزدنا بعض ما يحتاج إليه بين المعقوفات.
206

ورواه أيضا أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري
من أعلام القرن السادس بسنده عن إبراهيم بن حيان، عن أم
جعفر بنت جعفر امرأة محمد بن الحنفية، عن أسماء بنت
عميس...
كما رواه في الحديث: (7) من الجزء العاشر من كتاب
بشارة المصطفى ص 267 ط الغري.
ورواه أيضا محمد بن العباس بن علي بن مروان
المعروف ب‍ (ابن الحجام) المترجم في فهرس النجاشي
وغيره كما في الحديث الثاني من تفسير سورة الحديد من
كتاب تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 655 ط 1 قال:
(و) عن عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا،
[عن علي بن حكيم، عن الربيع بن عبد الله، عن عبد الله بن
حسن [بن حسن] عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما
السلام قال: بينا النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم ورأسه في
حجر علي عليه السلام إذ نام رسول الله صلى الله عليه وآله
ولم يكن علي صلى العصر فقامت الشمس تغرب، فانتبه
رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر له علي عليه السلام
شأن صلاته، فدعا الله فرد عليه الشمس كهيئتها في وقت
207

العصر [...] (1).
ورواه عنه المجلسي رحمه الله في الحديث: (18) من
باب رد الشمس من بحار الأنوار: ج 41 ص 182.
وقريبا منه رواه أبو الحسن علي بن الحسين
المسعودي المتوفى سنة (346) في معجزات أمير المؤمنين
عليه السلام في كتاب إثبات الوصية ص 150.
وروى الحميري المتوفى بعد سنة (390) في آخر
الجزء الأول من كتاب قرب الإسناد، ص 82، وفي طبعة
الغري ص 107، قال:
(و) عن محمد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: صلى رسول الله صلى الله عليه
وآله العصر، فجاء علي عليه السلام ولم يكن صلاها فأوحى
الله إلى رسوله عند ذلك، فوضع رأسه في حجر علي عليه
السلام، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله عن حجره حين

(1) وبعده في أصلي هكذا: (وذكر حديث رد الشمس فقال له: يا علي قم
فسلم على الشمس هكذا رواه عنه السيد شرف الدين النجفي في
الحديث الثاني من تفسير سورة الحديد، في كتاب تأويل الآيات
الظاهرة: ج 2 ص 655 ط 1.
208

قام، وقد غربت الشمس فقال: يا علي أصليت العصر؟ فقال:
لا يا رسول الله. [ف‍] قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم
إن عليا كان في طاعتك [فاردد عليه الشمس] فردت عليه
الشمس عند ذلك.
ورواه عنه المجلسي طاب ثراه في الحديث الرابع من
الباب: (109) من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من
بحار الأنوار: ج 9 ص 548 وفي ط الحديث: ج 41 ص
169.
ورواه أيضا بسنده عن أسماء بنت عميس الشيخ
المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري المتوفى سنة:
(413) في الحديث الثالث من المجلس: (11) من أماليه
قال:
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني، قال:
حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثنا
الشيخ الصالح أبو عبد الله عبد الرحمان بن محمد بن حنبل،
قال: أخبرت عن عبد الرحمان بن شريك، عن أبيه، قال:
حدثنا عروة بن عبد الله بن قشير الجعفي، قال:
دخلت على فاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه
209

السلام وهي عجوز كبيرة وفي عنقها خرزة وفي يدها
مسكتان؟ [فقلت: ما هذا؟] فقالت: يكره للنساء أن يتشبهن
بالرجال!! ثم قالت:
حدثتني أسماء بنت عميس قالت: أوحى الله إلى نبيه
محمد [صلى الله عليه وآله وسلم] فغشاه الوحي فستره علي
ابن أبي طالب عليه السلام بثوبه حتى غابت الشمس، فلما
سري عنه قال: يا علي صليت العصر؟ قال: لا يا رسول الله
شغلت عنها بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم
أردد الشمس على علي بن أبي طالب.
(قالت أسماء:) وقد كانت غابت فرجعت حتى بلغت
الشمس حجرتي ونصف المسجد.
أقول: والحديث رواه المجلسي قدس الله نفسه نقلا
عن الأمالي تحت الرقم: (11) من باب رد الشمس من كتاب
بحار الأنوار: ج 9 ص 548 وفي ط الآخوندي: ج 41 ص
176.
وللحديث وما قبله أسانيد ومصادر من طريق أهل
السنة يجدها الطالب في تعليق الحديث: (814 815) من
ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2
210

ص 283 298 ط 2.
وللحفاظ على تعدد المصادر والأسانيد نذكر هاهنا
من طريق أهل السنة بعض ما نسينا أن نذكره في تعليق
الحديث: (815) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ
دمشق: منها ما رواه آية الله المرعشي طاب ثراه في ملحقات
إحقاق الحق: ج 21 ص 263 نقلا عن نسخة استانبول من
كتاب العرائس للثعلبي المتوفى 427 ص 96، قال: قال
الثعلبي:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حاتم الأصبهاني (1) قال:
حدثنا أبو بكر بن جعفر بن المطير، قال: حدثنا محمد بن
عبد الله الكندي، قال: حدثنا عبد الله بن شريك، قال: حدثنا
(أبي، عن) عروة بن عبد الله (ظ) قال:
[دخلت على فاطمة بنت علي رضي الله عنها [ف‍] رأيت
في عنقها خرزة ورأيت في يدها مسكتين وهي عجوز كبيرة

(1) كذا في رواية آية الله المرعشي، وفي ط المكتبة الثقافية ببيروت
ومثله في فضائل الخمسة: ج 2 ص 119: (أحمد بن عبد الله بن حامد
الأصفهاني) وفي بقية ألفاظ ط بيروت أيضا مغايرة لفظية لما نقله آية الله
المرعشي.
211

فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: إنه يكره للمرأة أن تتشبه بالرجل.
ثم حدثتني أن أسماء بنت عميس الخثعمية حدثتها
أن علي [بن أبي طالب] رضي الله عنه دفع إليه أن نبي الله
صلى الله عليه وسلم أوحي إليه، فجلله بثوبه، فلم يزل كذلك
حتى أدبرت الشمس أو كادت أن تغيب ثم إن نبي الله
سرى عنه الوحي فقال له: أصليت يا علي؟ قال: لا. فقال
النبي صلى الله عليه وآله: اللهم أردد عليه الشمس فرجعت
الشمس حتى بلغت نصف المسجد.
ومنها ما رواه أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني
القزويني المتوفى عام: (590) في الباب: (8) من كتابه
الأربعون المنتقى المطبوع في العدد الأول من مجلة تراثنا،
ص 188 قال:
أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أحمد بن الحسين
البيهقي وغيره إذنا، قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد
ابن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو زكريا العنبري يحيى بن
محمد بن عبد الله المتوفى (344)، أنبأنا عباد بن يعقوب
الرواجني، أنبأنا علي بن هاشم بن البريد، عن عبد الرحمان
ابن عبد الله بن دينار، عن علي بن حسن [المثنى].
212

عن فاطمة بنت علي، عن أسماء بنت عميس: أن
رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حجر علي فكره
أن يحركه حتى غابت الشمس ولم يصل [علي] العصر ففرغ
رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر علي أنه لم يصل العصر،
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عز وجل له أن يرد
الشمس عليه، فأقبلت الشمس [و] لها خوار حتى ارتفعت
على قدر ما كانت في وقت العصر، قالت: فصلى [علي] ثم
وجبت [الشمس يعني سقطت وغربت].
وبه قال الحاكم: حدثني عبد الله بن حامد، أنبأنا أبو
بكر محمد بن جعفر، أنبأنا محمد بن عبيد الكندي، أنبأنا
عبد الرحمان بن شريك، حدثني أبي:
عن عروة بن عبد الله [أبو مهل الجعفي] قال: دخلت
على فاطمة بنت علي فرأيت في عنقها خرزة ورأيت في
يديها مسكتين وهي عجوز كبيرة فقلت لها: ما هذا؟ فقالت:
يكره للنساء أن تشبه الرجال! ثم حدثتني عن أسماء بنت
عميس حديثها أن علي بن أبي طالب دفع إلى نبي [الله] صلى
الله عليه وسلم وقد أوحي إليه فجلله بثوبه، فلم يزل كذلك
حتى أدبرت الشمس تقول: غابت الشمس أو كادت أن
تغيب ثم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم سرى عنه، فقال:
213

أصليت يا علي العصر؟ قال: لا. فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: اللهم رد الشمس على علي فرجعت حتى بلغت
الشمس نصف المسجد.
ومنها ما رواه عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم
الرافعي المولود سنة (555) والمتوفى عام: (623) كما في
ترجمة الرافعي من سير أعلام النبلاء: ج 22 ص 252 قال:
(حدث) عبد الرحمان بن أبي حاتم قال: حدثنا
أحمد بن يحيى الأودي الصوفي، قال: حدثنا عبد الرحمان
ابن شريك، [قال:] حدثني [أبي]:
عن عروة بن عبد الله بن قشير، قال: دخلت على
فاطمة بنت علي بن أبي طالب فرأيت في عنقها خرزة
ورأيت في يدها مسكتين غليظتين وهي عجوز كبيرة فقلت
لها: ما هذا؟ فقالت: إنه يكره للمرأة أن تتشبه بالرجال!!
ثم حدثتني أن أسماء بنت عميس (1) حدثتها أن علي
ابن أبي طالب دفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد

(1) وحديث أسماء هذا ذكره أيضا ولكن بنحو الإرسال أبو بكر ابن
محمد الحصني الدمشقي الشافعي المولود (752) والمتوفى (829) في
كتابه: دفع شبه من شبع وتمرد.
214

أوحي إليه، فجلله بثوبه، فلم يزل كذلك حتى أدبر [ت]
الشمس تقول غابت [ظ] أو كادت [أن] تغيب ثم إن النبي
سرى عنه فقال له: أصليت يا علي؟ قال: لا. [ف‍] قال [النبي]:
اللهم أردد على [علي] الشمس.
(قالت أسماء:) فرجعت (الشمس) حتى بلغت نصف
المسجد، [فقام علي فصلى العصر].
قال عبد الرحمان [بن شريك] قال أبي: وحدثني
موسى الجهني نحوه.
أقول: هكذا رواه الرافعي في ترجمة أحمد بن محمد
بن زيد من كتاب التدوين في تاريخ قزوين من نسخة
لاله لي (1) برقم: (2010) وفي الطبعة البيروتية الملحونة
المشحونة بالأغلاط: ج 2 ص 236.
ولنعد إلى ما تعتقده شيعة أمير المؤمنين عليه السلام
وترويه فنقول:

(1) ونسخة لآلة لي قرأتها عند صديقنا الراحل السيد عبد العزيز
الطباطبائي طاب ثراه وكانت في ملكه وكانت نسخة صحيحة، والأمل
من أشبال صديقنا أن يقوموا بنشر نسختهم ويحيوا به معالي والدهم
أعلاهم الله جميعا ووفقهم لمرضاته.
215

ذكر الشيخ المفيد رحمه الله في أواخر فضائل أمير
المؤمنين عليه السلام من كتاب الإرشاد: ج 1 ص 345 ط
الحديث بقم، قال:
ومما أظهره الله تعالى من الأعلام الباهرة على يد أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ما استفاضت به
الأخبار، ورواه علماء السيرة والآثار، ونظمت فيه الشعراء
الأشعار رجوع الشمس له عليه السلام مرتين، في حياة
النبي صلى الله عليه وآله مرة، وبعد وفاته مرة أخرى.
وكان من حديث رجوعها عليه في المرة الأولى ما
روته أسماء بنت عميس وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه
وآله، وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري في
جماعة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وآله كان ذات
يوم في منزله وعلي عليه السلام بين يديه (1) إذ جاءه جبرئيل
عليه السلام يناجيه عن الله سبحانه، فلما تغشاه الوحي
توسد فخذ أمير المؤمنين عليه السلام فلن يرفع رأسه عنه
حتى غابت الشمس فاضطر أمير المؤمنين عليه السلام لذلك

(1) كذا في أصلي، ولم أر فيما ظفرت عليه من روايات الباب لفظة: (في
منزله وعلي بين يديه...) وأظن أن هذه الزيادة جاءت من باب نقل
الحديث بالمعنى.
216

إلى صلاة العصر جالسا يومئ بركوعه وسجوده إيماء، فلما
أفاق من غشيته قال لأمير المؤمنين عليه السلام: أفاتتك
صلاة العصر؟ قال له: لم أستطع أن أصليها قائما لمكانك يا
رسول الله والحال التي كنت عليها في استماع الوحي فقال
له: ادع الله ليرد عليك الشمس حتى تصليها قائما في وقتها
كما فاتتك، فإن الله يجيبك لطاعتك لله ورسوله، فسأل أمير
المؤمنين الله عز اسمه في رد الشمس فردت عليه حتى
صارت في موضعها من السماء وقت العصر، فصلى أمير
المؤمنين عليه السلام صلاة العصر في وقتها ثم غربت.
فقالت أسماء: أم والله لقد سمعنا لها عند غروبها
صريرا كصرير المنشار في الخشبة (1).
ورواه أيضا الشريف المرتضى علم الهدى ذو
المجدين أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن
إبراهيم بن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام المعروف
بالشريف المرتضى المولود عام (355) المتوفى سنة
(436) قال في شرحه على القصيدة المذهبة في شرح قول

(1) وذكر بعده رجوع الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام
وسنذكره في محله.
217

السيد الحميري رحمه الله:
ردت عليه الشمس لما فاته وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
قال السيد رفع الله مقامه: هذا خبر عن رد الشمس له
عليه السلام في حياة النبي صلى الله عليه وآله، لأنه روي أن
النبي صلى الله عليه وآله كان نائما ورأسه في حجر أمير
المؤمنين، فلما حان وقت صلاة العصر، كره أن ينهض لأدائها
فيزعج النبي صلى الله عليه وآله من نومه! فلما مضى وقتها
وانتبه النبي دعا الله بردها عليه، فردها [الله تعالى عليه] ببابل،
وصلى [أمير المؤمنين عليه السلام] الصلاة في وقتها.
أقول: ثم تصدى لجواب شبه المعاندين مستوفى من
أراده فليقرأه من شرحه على القصيدة المذهبة المطبوع بقم.
ورواه أيضا أبو الصلاح الحلبي تقي بن نجم الدين
المولود سنة: (374) المتوفى عام: (447) في عنوان:
(طريق العلم بنبوة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم) من كتاب
تقريب المعارف ص 156 و 161 162، ط 1.
ورواه أيضا في عنوان [(معجزات الأئمة عليهم
السلام)] من الكتاب ص 175، وقال: ومن ذلك رد الشمس
218

لأمير المؤمنين [عليه السلام] في حياة النبي صلى الله عليه
وآله وسلم.
وروى قطب الدين الراوندي سعيد بن هبة الله
المتوفى سنة: (573) في معجزات أمير المؤمنين عليه
السلام من كتاب الخرائج ص 498 قال:
ومن معجزاته صلى الله عليه وآله أن عليا بعثه رسول
الله صلى الله عليه وآله في بعض الأمور بعد صلاة الظهر،
وانصرف من جهته تلك وقد صلى رسول الله صلى الله عليه
وآله العصر بالناس، فلما دخل علي عليه السلام جعل يقص
عليه ما كان قد نفذه [ظ] فنزل الوحي عليه في تلك الساعة،
فوضع رأسه في حجر علي عليه السلام، وكان كذلك حتى إذا
غربت [الشمس] فسري عن رسول الله صلى الله عليه وآله
في وقت الغروب، فقال لعلي عليه السلام: هل صليت
العصر؟ قال: لا، فإني كرهت أن أزيل رأسك ورأيت
جلوسي تحت رأسك وأنت في تلك الحال أفضل من
صلاتي (1).

(1) كذا في أصلي، وما وجدت رواية مشتملة على بعض ما في هذه الرواية
من الخصوصيات، وأظن أن تلك الخصوصيات من باب النقل بالمعنى.
219

فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبل القبلة،
فقال: اللهم إن كان علي في طاعتك وحاجة رسولك صلى الله
عليه وآله فاردد عليه الشمس ليصلي صلاته. فرجعت
الشمس حتى صارت في موضع أول العصر، فصلى علي
عليه السلام ثم انقضت الشمس للغروب مثل انقضاض
الكواكب.
وممن روى قصة رد الشمس تفصيلا من أعلام القرن
السادس هو الشيخ أبو الفتوح الرازي قدس الله نفسه فإنه
أورد في تفسير الآية: (29) من سورة المائدة في تفسير
روض الجنان: ج 4 ص 166، قصة يوشع وطلبه من
الشمس أن تقف له كي يقضي ويملك مرده على الكفار
والمعاندين الملحدين قبل حلول ليلة السبت، ثم قال ما
تعريبه:
واتفقوا على أن الشمس لم تحبس عن سيرها العادي
إلا ليوشع بن نون وصي موسى عليه السلام، ولم ترد لأحد
إلا لسليمان بن داود على نبينا وآله وعليهما السلام وإلا
لوصي سيد المرسلين علي بن أبي طالب عليه السلام. وأهل
الأخبار والحديث [من جميع طوائف المسلمين] متفقون
على ذلك، وجاء في أخبار ابن مردويه الحافظ وأبي
220

العباس الناطقي، وأبي إسحاق إبراهيم الثعلبي صاحب
التفسير بأسانيد صحيحة وطرق مختلفة، وعن ابن عباس
بطرق أن الشمس لم ترد إلا لسليمان وصي داود، وليوشع
وصي موسى، ولعلي بن أبي طالب وصي رسول الله صلى الله
عليه وآله [وسلم].
وألف في هذا المعنى أبو الحسن محمد بن أحمد بن
علي بن الحسن بن شاذان كتابا [سماه] (بيان رد الشمس
على أمير المؤمنين عليه السلام) وأخرج فيه أن الشمس
ردت لأمير المؤمنين عليه السلام مرات.
أما المشهور في الأخبار وعند رواة طوائف
(المسلمين) أن الشمس ردت لأمير المؤمنين عليه السلام
مرتان: مرة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ومرة بعد وفاته.
أما رجوع الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم فروته [أم المؤمنين] أم سلمة وأسماء بنت عميس
وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو ذر
الغفاري، وعبد الله بن عباس وجماعة كثيرة من أصحاب
رسول الله صلوات الله عليه، وإليك حديثهم متداخلا قالوا:
221

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسل يوما
عليا لتنفيذ مهمة ثم صلى العصر قبل رجوع علي، فجاء علي
وحدث النبي عن عمله حول ما أمره به وأرسله إليه، فتغشى
النبي الوحي فاتكأ على ركبة علي عليه السلام وطال إتكاؤه
على ركبة علي وكان أول الشمس فصلى علي الصلاة جالسا
وبإشارة فغربت الشمس، فلما أفاق رسول الله من غشوة
الوحي رأى وجه علي متغيرا قال: ما لي أرى وجهك متغيرا
يا علي؟ قال: يا رسول الله ما كنت صليت العصر وكان رأسك
في حجري وكرهت أن أضع رأسك على الأرض وأقوم
للصلاة، فصليت إيماء ونفسي غير طيبة!!
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يضيق قلبك
فإني أدع الله تعالى كي يرد عليك الشمس حتى تصلي العصر
في وقتها، فرفع يديه وقال: اللهم إنك تعلم أن عليا كان في
طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس حتى يصلي
العصر في وقت الفضيلة.
قال الرواة: والذي بعث محمدا بالحق رأينا الشمس
عادت ولها صرير حتى تجلى على أبوابنا وجدراننا، فقام
علي وصلى، ولما فرغ من صلاته غربت الشمس دفعة...
وروى أبو جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب رحمه
222

الله المتوفى سنة: (588) في عنوان: (طاعة الجمادات له
عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 353 ط دار
الأضواء، قال:
روى أبو بكر ابن مردويه في المناقب، وأبو إسحاق
الثعلبي في تفسيره، وأبو عبد الله بن مندة في المعرفة، وأبو
عبد الله النطنزي في الخصائص، والخطيب في الأربعين،
وأبو أحمد الجرجاني في تاريخ جرجان [كل هؤلاء رووا]
رد الشمس لعلي عليه السلام.
ولأبي بكر الوراق كتاب طرق من روى رد الشمس.
ولأبي عبد الله الجعل مصنف في جواز رد الشمس.
ولأبي القاسم الحسكاني [كتاب باسم] (مسألة في
تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس) (1).
ولأبي الحسن شاذان كتاب بيان رد الشمس على أمير

(1) وهذه الرسالة كانت موجودة عند ابن تيمية وابن كثير فأخلوا بنظامها
بحذف صدر حديثها تارة، وبتر متنها تارة أخرى وإسقاط ذيلها ثالثة
وتلحين أسماء رواتها رابعة كما في عنوان: (الدلائل الحسية على
النبوة) من تاريخ البداية والنهاية: ج 6 ص 81، وكما في منهاج ابن
تيمية: ج 4 ص 189، ط بولاق.
223

المؤمنين [عليه السلام].
وذكر أبو بكر الشيرازي في كتابه بالإسناد عن
شعبة، عن قتادة، عن الحسن البصري، عن أم هانئ هذا
الحديث مستوفى ثم قال:
قال الحسن [البصري] عقيب هذا الخبر: وأنزل الله عز
وجل في ذلك قوله تعالى: وهو الذي جعل الليل والنهار
خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا [الفرقان: 62]
يعني هذا يخلف هذا لمن أراد أن يذكر فرضا أو نام عليه أو
أراد شكورا.
وأنزل أيضا يكور الليل على النهار ويكور النهار
على الليل [الزمر: 5] وذكر أن الشمس ردت عليه مرارا (1)

(1) الظاهر أن الضمير في قوله: (وذكر) راجع إلى أبي بكر الشيرازي
والمواضع التي ذكرت هنا أن فيها ردت الشمس أكثرها من باب أخبار
الآحاد التي لا تستتبع علما ولا عملا، وأنا أيضا رأيت كثيرا منها مسندة
في مصادر مختلفة، وبما أنها كانت غير قطعية الصدور ما جمعتها، وإن
كان حد المشترك منها مؤيدا لما جاء في الأخبار المتواترة أو
المستفيضة الدالة على رجوع الشمس مرة بدعاء رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم في حياته، ومرة أخرى بدعاء أمير المؤمنين عليه
السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببابل.
224

الذي رواه سلمان يوم البساط، ويوم الخندق، ويوم حنين،
ويوم خيبر، ويوم قرقيساء، ويوم براثا، ويوم الغاضرية،
ويوم النهروان، ويوم بيعة الرضوان، ويوم صفين، وفي
النجف، وفي بني مازر، وبوادي العقيق، وبعد أحد (1).
وروى الكليني [في عنوان: (إتيان المشاهد...) من
أبواب الزيارات من] الكافي [ج 4 ص 362] أنها رجعت
بمسجد الفضيخ من المدينة.
وأما المعروف [من حديث رد الشمس ف‍] مرتان [مرة]
في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكراع الغميم و [مرة]
بعد وفاته [صلى الله عليه وآله وسلم] ببابل.
فأما [رجوع الشمس] في حال حياته صلى الله عليه
وآله وسلم ما روت أم سلمة وأسماء بنت عميس وجابر
الأنصاري وأبو ذر وابن عباس و [أبو سعيد] الخدري وأبو
هريرة و [الإمام] الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم صلى بكراع الغميم، فلما سلم نزل عليه

(1) وقريبا مما ذكرناه هاهنا عن ابن شهرآشوب، ذكره أيضا علي بن يونس
العاملي البياضي المتوفى سنة: (877) في أوائل الفصل: (15) من كتابه
الصراط المستقيم: ج 1 ص 20 ط 1.
225

الوحي [و] جاء علي عليه السلام وهو على ذلك الحال
فأسنده إلى ظهره، فلم يزل على تلك الحال حتى غابت
الشمس، والقرآن ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
فلما تم الوحي قال: يا علي صليت [العصر]؟ قال: لا. وقص
عليه [أنه كان مسند رأسه إلى حجره وكره أن يضعه على
الأرض!] فقال: ادع ليرد الله عليك الشمس. فسأل الله فردت
عليه بيضاء نقية.
وفي رواية أبي جعفر الطحاوي أن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم قال: (إن عليا كان في طاعتك وطاعة
رسولك فاردد عليه الشمس) فردت فقام علي عليه السلام
وصلى، فلما فرغ من صلاته وقعت الشمس وبدت
الكواكب.
وفي رواية أبي بكر [ابن] مهرويه: قالت أسماء: أما
والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريرا كصرير المنشار في
الخشب قال: وذلك بالصهباء، في غزاة خيبر.
وروي أنه [عليه السلام] صلى إيماء فلما ردت
الشمس أعاد الصلاة بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم.
226

ومن أعلام القرن السادس الذي روى حديث رد
الشمس هو الحافظ المحقق يحيى بن الحسن المعروف بابن
البطريق المولود سنة: (533) المتوفى سنة: (600) فإنه
روى الحديث بسندين عن ابن المغازلي برقم: (736 737)
من كتاب العمدة ص 374 ط قم.
ورجوع الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام ذكره
أيضا السيد علي بن طاووس قدس الله نفسه المتوفى سنة:
(664) بنحو الإرسال المسلم وروى ذلك في حديثين عن
ابن المغازلي ثم قال:
وربما قال بعض الجاهلين بقدرة الله: (كيف تعاد
الشمس؟) [مع] أن هذا ممكن من طرق كثيرة عند الله
سبحانه وتعالى...
هكذا ذكره السيد علي بن موسى بن طاووس في
الحديث: (117 118) من كتاب الطرائف ص 84 ط مطبعة
الخيام بقم سنة: (1400).
وقال قدوة الأعلام وأستاذ فقهاء الإسلام نجم الدين
أبو القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي المعروف
بالمحقق المولود سنة: (602) المتوفى عام: (676) قال:
227

ومن معجزاته الدالة على إخلاصه واختصاصه بمزية
القرب من الله سبحانه وعلى تصديقه فيما يدعيه رجوع
الشمس له مرتين: مرة له في حياة النبي عليه السلام
بالمدينة، ومرة بعد النبي عليه السلام بأرض بابل.
هكذا أفاده رفع الله مقامه في معجزات أمير المؤمنين
عليه السلام في الدليل الخامس من المقصد الأول من كتاب
المسلك، ص 246 ط 1.
ومنهم آية الله العلامة الحسن بن يوسف بن مطهر
الحلي المولود سنة: (648) المتوفى عام: (736) كما في
عنوان الحديث: (23) من (تعيين إمامة علي عليه السلام
بالسنة) من كتاب نهج الحق وكشف الصدق ص 223 ط قم
وبشرح المرحوم الشيخ محمد بن الحسن المظفر الموسوم
بدلائل الصدق: ج 2 ص 296 قال:
روى الجمهور من عدة طرق أن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم حمل عليا حتى كسر الأصنام من فوق
الكعبة...
وأنه ردت له الشمس بعدما غابت حيث كان النبي
صلى الله عليه وآله وسلم نائما على حجره ودعا له بردها
228

ليصلي العصر، فردت له.
ورواه أيضا في الدليل التاسع من المنهج الثالث من
كتابه منهاج الكرامة قال:
فروى جابر وأبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى
الله عليه وآله نزل عليه جبرئيل عليه السلام بالوحي يوما
يناجيه من عند الله تعالى، فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أمير
المؤمنين عليه السلام فلم يرفع رأسه حتى غابت الشمس
فصلى عليه السلام العصر بالإيماء، فلما استيقظ النبي صلى
الله عليه وآله قال له: سل الله يرد عليك الشمس لتصلي
العصر قائما، فدعاه فردت الشمس فصلى العصر قائما.
وروى الشيخ الثقة أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي
الفتح الأربلي رحمه الله تعالى المتوفى سنة: (692) في
أواسط ذكر معجزات أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب
كشف الغمة: ج 1 ص 282 قال:
ومما رواه أصحابنا (1) من الآيات التي ظهرت على
الرواية على الكيفية التي نقلها عن أسماء وأم سلمة...) وإلا فروايات
أهل السنة في رجوع الشمس له في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم أكثر من روايات أصحابنا كما يتجلى ذلك لكل من يراجع ما
علقناه على الحديث: (814) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ
دمشق.

(1) كذا في أصلي، ولعل مراده رحمه الله من قوله: (ومما رواه أصحابنا...
229

يديه، الشاهدة بما تدل مناقبه ومزاياه عليه، رد الشمس
عليه مرتين، في عهد النبي صلى الله عليه وآله مرة وبعد
وفاته مرة.
روت أسماء بنت عميس وأم سلمة رضي الله عنهما،
وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري في جماعة
من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أن النبي صلى الله عليه
وآله كان ذات يوم في منزله وعلي عليه السلام بين يديه، إذ
جاءه جبرئيل عليه السلام يناجيه عن الله سبحانه، فلما
تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين عليه السلام ولم يرفع
رأسه حتى غابت الشمس، فصلى [علي] العصر جالسا
إيماءا، فلما أفاق [النبي] قال لأمير المؤمنين عليه السلام:
فاتتك العصر؟ قال: صليتها قاعدا إيماءا. فقال: ادع الله يرد
عليك الشمس تصليها قائما في وقتها، فإن الله يحبك لطاعتك
لله ولرسوله، فسأل الله في ردها فردت عليه حتى صارت في
موضعها من السماء وقت العصر فصلاها ثم غربت.
قالت أسماء وأم سلمة: أم والله سمعناها عند غروبها
230

كصرير المنشار.
أقول: وروى الفخر الرازي في أوائل تفسير سورة
الكوثر من تفسيره الكبير المسمى بمفاتيح الغيب: ج 16 أو
32 ص 126، ط دار إحياء التراث العربي ببيروت، قال:
وأما سليمان فإن الله تعالى رد له الشمس مرة، وفعل
ذلك أيضا للرسول صلى الله عليه وسلم حين نام ورأسه في
حجر علي عليه السلام، فانتبه وقد غربت الشمس فردها
(الله تعالى) حتى صلى (علي عليه السلام أداء حائزا لفضل
الوقت.
(ثم قال:) ورودها مرة أخرى لعلي عليه السلام فصلي
العصر لوقته (1).
أقول: ورواه آية الله السيد مرتضى الحسيني
الفيروزآبادي قدس الله نفسه نقلا عن الفخر الرازي في
كتابه القيم: الفضائل الخمسة: ج 2 ص 135، ط بيروت:
والقصة مما نظمها شعراء المسلمين خلفا عن سلف
إلى عصرنا هذا، وإليك بعض ما حضرنا عفويا بلا اهتمام

(1) وحيث فاتنا ذكر حديث الفخر الرازي هذا في موضعه، ذكرناه هنا كي
لا نغفل عن ذكره في محله في الأيام القادمة.
231

استقلالي حولها وبلا استقراء تام (1):
منهم حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبي صلى الله
عليه وآله وسلم المتوفى سنة (54 أو 55).
روى جمال المفسرين الشيخ أبو الفتوح الرازي
قدس الله نفسه في تفسير الآية: (29) وما حولها من سورة
المائدة في تفسير روض الجنان: ج 4 ص 118، ط 4 وقال
ما هذا تعريبه:
روى جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم كان مع جماعة من صحابته بوادي (منى)
وعلي قائم بين يديه، فأقبل على صحابته وقال:
معاشر الناس هذا علي بن أبي طالب سيد العرب،
والوصي الأكبر، والأملح الأزهر، [و] قاتل المارقين، وهو
مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، يحبه الله
ورسوله، ويحب الله ورسوله، لا تقبل التوبة من تائب إلا
بحبه.
ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى

(1) وعلى وسع الباحث ومن عنده دواوين الشعراء أن يدونوا أضعاف ما
أوردناه ها هنا.
232

حسان بن ثابت، وقال له: قم واذكر شيئا من مناقب علي،
فقام حسان وقال:
لا تقبل التوبة من تائب * إلا بحب ابن أبي طالب
أخي رسول الله بل صهره * والصهر لا يعدل بالصاحب
يا قوم من مثل علي وقد * ردت له الشمس من المغرب
ردت عليه الشمس من شرقها * حتى كأن الشمس لم تغرب (1)
وقريبا منه بسنده عن ابن عباس، رواه أبو جعفر
محمد بن أبي القاسم الطبري في الحديث 8 من الجزء 5 من
كتاب بشارة المصطفى ص 147، قال: حدثنا الشيخ العالم
محمد بن علي بن عبد الصمد التميمي بنيسابور في شوال

(1) وقال علي بن يونس البياضي في أواخر الفصل: (15) من كتابه الصراط
المستقيم: ج 1 ص 203 ط 1، قال: وقد أنشد فيه ابن حماد والمفجع
البصري وكشاجم والعوني والرضي والسروجي وابن الحجاج الصنوبري
وابن رزين وابن الرومي والحماني والإسكافي والأصفهاني.
233

سنة (514) عن أبيه علي بن عبد الصمد، عن أبيه عبد الصمد
ابن محمد التميمي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الفارسي،
قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل المذكر [ظ]، حدثنا
عبد العزيز بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو سعيد العدوي،
حدثنا سلمة بن شعيب، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن
الزهري:
عن عبد الله بن عباس قال: رأيت حسان واقفا بمنى و
(أصحاب) النبي مجتمعين (حوله) فقال النبي صلى الله عليه
وآله وسلم: معاشر الناس هذا علي بن أبي طالب سيد
العرب، والوصي الأكبر....
وقريبا من الأبيات المذكورة روى الحافظ السروي
ولكن نسبها إلى الصاحب بن عباد كما في عنوان (طاعة
الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2
ص 354 دار الأضواء.
ورواه عنه السيد في الحديث: (124) في المعجزة:
(43) من معاجز أمير المؤمنين من مدينة المعاجز: ج 1 ص
204.
ورواه أيضا علي بن يونس البياضي المتوفى (877)
234

في الفصل (15) من كتاب الصراط المستقيم ج 1 ص 202
ونقله عنه الشيخ الحر العاملي في كتاب إثبات الهداة: ج 2
ص 540 ط 1 قال:
والمشهور [أن الشمس ردت لأجل أمير المؤمنين
عليه السلام] مرتان، مرة بكراع الغميم (1) روتها أم سلمة
وأسماء بنت عميس وجابر وابن عباس والخدري وأبو
هريرة والباقر والصادق عليهما السلام [قالوا:] إن الوحي
تغشى النبي صلى الله عليه وآله فأسنده علي [عليه السلام
إلى صدره] فلما تم [الوحي] قال [لعلي]: صليت [العصر]؟
قال: لا، قال: ادع الله [كي] يرد عليك الشمس فدعا فردت
(الشمس فقام فصلى العصر).
وقد ذكره ابن جمهور في كتاب الواحدة (2) وقد روى

(1) الكراع على زنة الغراب قال ياقوت في حرف الكاف من معجم
البلدان: ج 4 ص 443، كراع الغميم: موضع بناحية الحجاز بين مكة
والمدينة، وهو واد أمام عمان بثمانية أميال، وهذا الكراع جبل أسود في
طرف الحرة يمتد إليه...
(2) قال ابن النديم في أواخر الفن الخامس من المقالة السادسة من فهرسته
ص 278: ابن جمهور العمي اسمه محمد بن الحسين بن جمهور العمي
بصري، ويعد من خاصة أصحاب الرضا عليه السلام، وله من الكتب
كتاب الواحدة في الأخبار والمناقب والمثالب جزأه ثمانية أجزاء.
وانظر كتاب الواحدة في الذريعة: ج 25 ص 7.
235

أنه صلى إيماءا، فلما ردت الشمس أعاد، فأمر النبي صلى
الله عليه وآله حسانا أن ينشد شعرا، فقال:
لا تقبل التوبة من تائب * إلا بحب ابن أبي طالب
أخي رسول الله بل صهره * والصهر لا يعدل بالصاحب
يا قوم من مثل علي وقد * ردت عليه الشمس بالغائب
ومنهم السيد إسماعيل الحميري رحمه الله المتوفى
سنة: (173) في القصيدة البائية التي شرحها السيد المرتضى
ص 78 ط قم، وكما في تفسير روض الجنان: ج 4 ص
169، وترجمة السيد الحميري من كتاب الغدير: ج 2 ص
277 وغيرهما قال:
ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
236

حتى تبلج نورها في وقتها * للعصر ثم هوت هوي الكوكب
وعليه قد ردت ببابل مرة أخرى وما ردت لخلق معرب (1)
إلا ليوشع أوله من بعده * ولردها تأويل أمر معجب
ورواها أيضا أبو محمد علي بن يونس العاملي في
الفصل (15) من كتاب الصراط المستقيم: ج 1 ص 203
ط 1.
ورواها الشيخ الحر العاملي في الفصل (68) في آخر
معجزات أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب إثبات الهداة:
ج 2 ص 531 ط 1، وقال:
(وهذه الأبيات نقلها عن السيد الحميري) الطبرسي
[وعلي بن عيسى والمفيد والمرتضى وصاحب الصراط

(1) كذا في أصلي.
ورجوع الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام ببابل أيضا مما
أطبق عليه المحققون من علماء الإمامية، ورواياتهم أيضا في ذلك
مستفيضة كما يأتي.
237

المستقيم وغيرهم.
وله رحمه الله أيضا كما في عنوان (طاعة الجمادات
له عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب عليه السلام: ج 2
ص 354 ط بيروت، قال:
فلما قضى وحي النبي دعا له * ولم يك صلى العصر والشمس تنزع
فردت عليه الشمس بعد غروبها * فصار لها في أول الليل مطلع
وقال أيضا:
علي عليه ردت الشمس مرة * بطيبة يوم الوحي بعد مغيب
وردت له أخرى ببابل بعدما * أفلت وتدلت عينها لغروب
وله رحمه الله أيضا كما في عنوان (طاعة الجمادات
له...) من مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 359:
من عليه الشمس كرت بعدما * غربت وألبسها الظلام شعارا
238

حتى تلافى العصر في أوقاتها * والله آثره بها إيثارا
ثمة توارت بالحجاب حثيثة * جعل الإله لسيرها مقدارا
ومنهم أبو محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي
من أعلام القرن الثاني المترجم في الغدير: ج 2 ص 294
وغيره قال في قصيدته في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:
لك المناقب يعي الحاسبون بها * عدا ويعجز عنها كل مكتتب
كرجعة الشمس إذا رمت الصلاة وقد * راحت تواري عن الأبصار بالحجب
ردت عليك كأن الشهب ما اتضحت * لناظر وكأن الشمس لم تغب
ومنهم علي بن أحمد بن متوبه (1) من أعلام القرن
الرابع المترجم في فهرس النجاشي (2) وغيره قال:

(1) ولعله ابن أحمد بن محمد بن متويه المترجم في سير أعلام النبلاء: ج
15 ص 377، وانظر أيضا منه: ج 14 ص 142.
(2) قال النجاشي رحمه الله في عنوان: (من اسمه علي) برقم: (660) من
رجاله ص 194 علي بن محمد بن علي بن سعد الأشعري القمي القزداني
منسوب إلى قرية يكنى أبا الحسن ويعرف [ب‍] ابن متويه، له كتاب
النوادر كبير...
239

وغدير خم ليس ينكر فضله * إلا زنيم فاجر كفار
من ذا عليه الشمس بعد مغيبها * ردت ببابل بيني يا جار
وعليه قد ردت لنوم المصطفى * يوما وفي هذا جرت أخبار
حاز الفضائل والمناقب كلها * ما إن يحيط بمدحه أشعار
كما رواه أبو الفتوح الرازي رفع الله مقامه في تفسير
الآية: (30) من سورة المائدة في تفسير روض الجنان: ج 4
ص 169.
ومنهم أبو الحسن علي بن عباس بن جريح البغدادي
الشهير بابن الرومي المولود سنة (221) المتوفى عام:
(283) المترجم في زفرات الثقلين: ج 1 ص 395 قال:
240

وله عجائب يوم صار بجيشه * يبغي لقصر النهروان المخرجا
ردت عليه الشمس بعد غروبها * بيضاء تلمع رقدة وتأججا
رواه عنه الحافظ السروي في عنوان: (طاعة
الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2
ص 359 ط دار الأضواء ببيروت.
ومنهم علي بن محمد بن جعفر الحمأني الأفوه
المتوفى عام (301) في مدح بعض العلويين المترجم في
الغدير: ج 3 ص 68 كما في مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص
357 وفي ط ص 462 قال:
ابن الذي ردت عليه الشمس * في يوم الحجاب
وابن القسيم النار في * يوم المواقف والحساب
مولاهم يوم الغدير * برغم مرتاب وآب
ومنهم المفجع محمد بن أحمد بن عبد الله الكاتب
241

البصري المتوفى عام 327 المترجم في مصادر كثيرة منها
كتاب الغدير: ج 3 ص 361 366 قال:
ردت الشمس بعدما حازها الغرب * فألفى وقت الصلاة جليا
وعلي إذ نال رأس رسول الله * من حجره وسادا وطيا
إذ يخال النبي لما أتاه الوحي * مغمى عليه أو مغشيا
فدعا ربه فأنجزه الميعاد * من كان وعده مأتيا
قال: هذا أخي بطاعة ربي * لم يزل شطر يومه معنيا
فأردد الشمس كي يصلي في الوقت * فعاد العشاء بعد مضيا
وله أيضا رحمه الله كما في عنوان: (طاعة
الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2
ص 354 ط دار الأضواء ببيروت قال:
242

وعلي إذ نال رأس رسول * الله من حجره وسادا وطيبا
إذ يخال النبي لما أتاه الوحي * مغمى عليه أو مغشيا
فتراخت عنه الصلاة ولم يوقظه * إلى أن كان شخصا منحيا
فدعا ربه فأنجزه الميعاد * من كان وعده مأتيا
قال: هذا أخي بطاعة ربي * لم يزل شطر يومه معنيا
ومنهم أحمد بن محمد بن الحسن أبو القاسم
الصنوبري المتوفى عام: (334) المترجم في الغدير: ج 3
ص 369 قال:
ردت له الشمس في أفلاكها فقضى * صلاته غير ما ساه ولا وان
أليس من حل منه في أخوته * محل هارون من موسى بن عمران
ورواه عنه السروي في عنوان: (طاعة الجمادات له
243

عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 358:
وقال أيضا (1):
أخوه وزوج أحب الورى إليه ومسعده في النوب
له ردت الشمس حتى قضى الصلاة وقام بما قد وجب
ومنهم علي بن إسحاق بن خلف القطان أبو القاسم
الزاهي المتوفى سنة: (352) المترجم في الغدير: ج 3 ص
391 قال:
مكلم الشمس ومن ردت له * ببابل والغرب منها قد قبط
وقال أيضا على ما رواه عنه الشيخ الحر في آخر
الباب (11) من كتاب إثبات الهداة: ج 2 ص 542:
نبي علا أعلى السماوات صاعدا * فبورك منه بالغ الجد واصل
مدينة علم صهره كان بابها * وما مؤمن إلا من الباب داخل

(1) رواه محمد سعيد الطريحي عن مجلة المورد العراقية مجلد 4 / سنة
1975 / ص 259 كما في رسالة رد الشمس للطريحي ص 81 ط
بيروت.
244

إذا قال في الأحكام فالله قائل * وإن صال في الأقران فالله صائل
وردت عليه الشمس بعد أفولها * وكيف ترد النيرات الأوافل
ومنهم أبو الفتح محمود بن محمد بن الحسين بن
سندي المعروف بكشاجم المولود أواخر سنة (290) أو
بعيدها والمتوفى عام: (360) المترجم في مصادر كثيرة منها
الغدير: ج 4 ص 3 قال في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:
ومن رد خالقنا شمسه عليه وقد جنحت للطفل
ولو لم تعد كان في رأيه ومن وجهه من سناها بدل
ورواه عنه الحافظ السروي في عنوان: (طاعة
الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2
ص 357 ط دار الأضواء.
وله أيضا رحمه الله كما في ترجمته من الغدير: ج 4
ص 16:
وكم موقف كان شخص الحمام * من الخوف فيه قليل الخفاء
245

جلاه فإن أنكروا فضله * فقد عرفت ذاك شمس الضحاء
أراها العجاج قبيل الصباح * وردت عليه بعيد المساء
ومنهم أبو الحسن علي بن أحمد الجرجاني
الجوهري المتوفى حدود سنة: (380) المترجم في الغدير:
ج 4 ص 82 قال:
من ذا عليه الشمس بعد مغيبها * ردت ببابل فاستبن يا جار
وعليه قد ردت لنوم المصطفى يوما وفي هذا جرت أخبار
حاز الفضائل والمناقب كلها * أنى تحيط بمدحه الأشعار؟
وذكرها عنه ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب:
ج 2 ص 357 ط دار الأضواء.
ومنهم كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن أبي
الحسن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس
الطالقاني الوزير المولود سنة: (326) المتوفى عام: (385).
246

كما رواه عنه الحافظ السروي في عنوان: (طاعة
الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2
ص 358 قال:
كان النبي مدينة العلم التي * حوت الكمال وكنت أفضل باب
ردت عليك الشمس وهي فضيلة * بهرت فلم تستر بلف نقاب
لم أحك إلا ما روته نواصب * عادتك وهي مباحة الأسلاب
ورواه أيضا عنه علي بن يونس في الفصل (15) من
كتاب الصراط المستقيم: ج 1 ص 203 ورواه عنه الشيخ
الحر العاملي في إثبات الهداة: ج 2 ص 540 ط 1.
وقال رحمه الله في قصيدة أخرى له:
أول الناس صلاتا * جعل التقوى حلاها
ردت الشمس عليه * بعدما غاب سناها
ورواها عنه بزيادات كثيرة الگنجي الشافعي
المستشهد عام: (658) في الفصل الثاني بعد الباب:
(100) من كفاية الطالب ص 244.
247

ورواها أيضا عنه نقلا عن الخوارزمي الشيخ الحر
العاملي في إثبات الهداة: ج 2 ص 532 ط 1.
ومنهم ابن الحجاج أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن
محمد بن جعفر بن محمد بن الحجاج البغدادي المتوفى
سنة: (391) المترجم في الغدير: ج 4 ص 98 وزفرات
الثقلين: ج 2 ص 201 قال:
سيدي الذي رجعت له * شمس النهار كما أمر
ودعا فطار به البساط * كما رويناه في الخبر
هكذا رواه عن ابن الحجاج الحافظ السروي في
عنوان: (طاعة الجمادات له عليه السلام) من كتابه مناقب
آل أبي طالب: ج 2 ص 357.
ومنهم الشريف الرضي السيد أبو الحسن محمد بن
الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام
موسى بن جعفر عليهم السلام المولود سنة: (359)
المتوفى عام: (406) المترجم في عدة مصادر منها سير
أعلام النبلاء: ج 17، ص 258، وزفرات الثقلين: 2 ص
215 ط 1 قال:
248

ردت عليه الشمس يحدث ضوءها * صبحا على بعد من الأصباح
من قاس ذا شرف به فكأنما * وزن الجبال القود بالأشياح
هكذا رواه عنه السروي في عنوان: (طاعة
الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2
ص 357.
ولكن الشيخ الحر العاملي رحمه الله نسب الأبيات
إلى علم الهدى الشريف المرتضى رفع الله مقامه، كما في
الباب: (11) من كتاب إثبات الهداة: ج 2 ص 540.
ومنهم مهيار الديلمي المتوفى (428) والمترجم في
مصادر كثيرة منها الغدير: ج 4 ص 232 وسير أعلام النبلاء:
ج 17 ص 472. قال في مدح أمير المؤمنين عليه السلام
كما في ديوانه: ج 3 ص 115:
ورجعة الشمس عليك نبأ * تشعب الألباب فيه وتضل
فما ألوم حاسدا عنك انزوى * غيظا ولا ذا قدم فيك تزل
249

ورواه عنه العلامة الأميني في ترجمته من كتاب
الغدير: ج 4 ص 255 كما رواه أيضا عنه محمد سعيد
الطريحي في رد الشمس ص 79.
ومنهم أبو الحسن علي بن حماد بن عبيد البصري
رحمه الله من أعلام القرن الرابع المترجم في الغدير: ج 4
ص 141 153 قال:
وردت لك الشمس في * بابل فساميت يوشع لما سما
ويعقوب ما كان أسباطه * كنجليك سبطي نبي الهدى
كما رواه عنه أبو الفتوح الرازي رفع الله مقامه في
تفسير الآية: (30) من سورة المائدة في تفسير روض
الجنان: ج 4 ص 170.
ورواه أيضا المحدث القمي عن أبي الحسن علي بن
عبيد الله بن حماد البصري كما في ترجمة ابن حماد البصري
من كتاب الكنى: ج 1 ص 255.
وقال أيضا (1):

(1) هذا أخذناه مما رواه عنه محمد سعيد الطريحي في رسالته رد الشمس
ص 86.
250

قرن الإله ولاءه بولائه * لما تزكى وهو حان يركع
سماه رب العرش نفس محمد * يوم البهال وذاك ما لا يدفع
والشمس قد ردت عليه بخيبر * وقد ابتدت زهر الكواكب تطلع
وببابل ردت عليه ولم يكن * والله خير من علي يوشع
ومنهم أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن أبي عون
الغساني المترجم في الغدير: ج 4 ص 128 ط 2 قال:
كليم شمس الله والراجعها * من بعد ما انجاب ضياها واستتر
وروى عنه الشيخ الحر العاملي رحمه الله نقلا عن
كتاب عيون المعجزات للسيد المرتضى كما في آخر الباب:
(11) من معجزات أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب
إثبات الهداة: ج 2 ص 530 وقال: قال العوني:
إمامي كليم الشمس راجعها وقد * خبا قرصها إذ صوت الرجوان
251

وقال أيضا [في قصيدة أخرى له]:
إمامي كليم الشمس راجع نورها * فهل لكليم الشمس في القوم من مثل؟
وله رحمه الله على ما رواه الحافظ السروي في
عنوان (طاعة الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل أبي
طالب: ج 2 ص 356 و 358:
ولا تنس يوم الشمس إذ رجعت له * بمنتثر وادي من النور ممتع (1)
فذلك بالصهباء وقد رجعت له * ببابل أيضا رجعة المتطوع
ورواه له أيضا علي بن يونس البياضي في الفصل
(15) من كتابه الصراط المستقيم: ج 1 ص 202، ورواه عنه
الشيخ الحر العاملي في إثبات الهداة: ج 2 ص 540.
وقال أيضا:

(1) كذا في أصلي، وفي الفصل: (15) من كتاب الصراط المستقيم: ج 1
ص 202: (بمنتشر وار من النور مقنع) كذلك بالصهباء وقد رجعت له...
252

إمامي كليم الشمس بعد غروبها * فردت له من بعد ما غربت عصرا
وقال أيضا:
إني أنا عبد لمن ردت له شمس الضحى عند الغروب فانحرف
ردت له حتى أقام فريضة * للظهر صلى والضيا لم ينكشف
وقال أيضا (1):
ذاك الذي رجعت شمس النهار له * بعد الأفول كأن الشمس لم تغب
ومنهم علي بن حماد العبدي (2) من أعلام القرن الرابع
أيضا قال:

(1) هذا أخذناه مما رواه عنه محمد سعيد الطريحي كما في رسالته القيمة رد
الشمس ص 81 ط 1.
(2) ولعله هو أبو الحسن علي بن حماد بن عبيد المتقدم الذكر، بقرينة أن
الشيخ الأميني طاب ثراه أورد الأشطر الأربعة الأولى من الأبيات في
ترجمته من الغدير: ج 4 ص 142.
253

له الشمس ردت حين فاتت صلاته * وقد فاته الوقت الذي هو أفضل
فصلى فعادت وهي تهوي كأنها * إلى الغرب نجم للشياطين مرسل
وأورد له علي بن يونس في الفصل (15) من كتاب
الصراط المستقيم ج 1 ص 202 ط 1، وعنه روى الشيخ
الحر في إثبات الهداة: 2 ص 540 قوله:
والشمس قد ردت عليه بخيبر * وقد انبرت زهر الكواكب تطلع
وببابل ردت عليه ولم يكن * والله خيرا من علي يوشع
وله رحمه الله كما في عنوان (طاعة الجمادات له
عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 356
و 357:
وردت له الشمس في بابل * فساميت يوشع لما سما
ويعقوب ما كان أسباطه * كنجليك سبطي نبي الهدى
254

وله أيضا:
يا إماما ما له إلا * رسول الله شكل
لم يزل شأنك * عند الله يعلو ويجل
وعليك الشمس ردت * ودجى الليل مطل
وله أيضا:
ردت له الشمس وهو شأن لو علم الناس أي شأن
ومنهم بعض شعراء الشيعة ممن لم يقع إلي اسمه ولا
عصره وأظنه من شعراء القرن الرابع أو الخامس على ما
ذكره ابن أبي الحديد في شرح المختار: (58) من نهج
البلاغة: ج 5 ص 8 بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم قال
ابن أبي الحديد: وقد أومأ بعض شعراء [الشيعة] الإمامية إلى
ذلك بقوله: وساق قصيدته إلى أن قال:
إمام هدى ردت له الشمس جهرة * فصلى أداء عصره بعد مغرب
ومنهم الأصفهاني (1) قال:

(1) هكذا جاء في عنوان (طاعة الجمادات له عليه السلام) من مناقب آل
أبي طالب: ج 2 ص 358، ولم يتيسر لي معرفة الشاعر، كما لم أتمكن
من معرفة أبي الفضل الإسكافي وتالييه.
255

أمن عليه الشمس ردت بعدما * كسا الظلام معاطف الجدران
حتى قضى ما فات من صلواته * في دبر يوم مشرق ضحيان
والناس من عجب رأوه وعاينوا * يترجحون ترجح السكران
ثم انثنت لمغيبها منحطة * كالسهم طار بريشة الظهران
ومنهم أبو الفضل الإسكافي قال:
من ذا له شمس النهار تراجعت * بعد الأفول وقد تقضى المطلع
حتى إذا صلى الصلاة لوقتها * أفلت ونجم عشا الأخيرة تطلع
في دون ذلك للأنام كفاية * من فضله ولذي البصيرة مقنع
(وقال) غيره:
256

من له آخى النبي المصطفى * يوم خم بالوفا دون الأهال
وله معجزة مشهورة * حين رد الشمس من بعد الزوال
(وقال شاعر) آخر:
[لا ومن أمري ونهيي * وحياتي في يديه
لا تواليت سوى من * ردت الشمس عليه
وقال الصوفي (1):
ولا تنس يوم الشمس إذ رجعت له * بمستتر نار من النور مقنع
فذلك بالصهباء [و] قد رجعت له * ببابل أيضا رجعة المتطوع
ومنهم بعض الشعراء الذين لم يقع إلينا اسمه ولا
عصره كما في عنوان: (طاعة الجمادات له عليه السلام)
من مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 356 ط دار الأضواء:

(1) هكذا جاء في رسالة رد الشمس لمحمد سعيد الطريحي ص 89.
ولم يتيسر لي الفحص عن ترجمة الصوفي فليراجعها من أرادها.
257

من لم ترد الشمس بعد نبيه * إلا له بعد الحجاب المسدل
وببابل والقوم فرض دونه * يتقارعون على ورود المنهل
لله معجزة أتت لوليه * بين الملأ بعد النبي المرسل
ومنهم الملك الصالح طلائع بن رزيك رفع الله مقامه
المستشهد سنة: (556) المترجم في مصادر كثيرة منها
الغدير ج 4 ص 341:
من ردت الشمس من بعد المغيب له * فأدرك الفضل والأملاك تشهده
رواه عنه الحافظ السروي في عنوان: (طاعة الجمادات له
عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2
ص 359 ط دار الأضواء:
ومنهم ابن مكي النيلي المتوفى عام: (565) المترجم
في الغدير: ج 4 ص 39 قال:
ردت له الشمس بأرض بابل * والليل قد تجللت أستاره
258

ومنهم أبو الفتح محمد بن عبيد البغدادي المعروف
بابن التعاويذي المولود سنة: (519)، المتوفى سنة: 584
المترجم في الغدير: 3 ص 394، وج 4 ص 395 وفي ط 1،
ص 329 قال:
وأنكرتم حديث الشمس ردت * له وطويتم خبر الطوي
ومنهم مجد الدين أبو عبد الله محمد بن منصور بن
جميل الجبائي المتوفى عام (616) المترجم في الغدير ج
5 ص 343 ط 1 قال:
ومن ردت ذكاء له فصلى * أداء بعدما تلت اللثاما
ومنهم عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد
المعتزلي المولود سنة (586) المتوفى على الأرجح
عام: (656) قال في قصيدته العينية:
يا من له ردت ذكاء ولم يفز * بنظيرها من قبل إلا يوشع
ورواه الشيخ الحر عنه في إثبات الهداة ج 2 ص 533
ط 1 قال:
ومنهم محمد بن سعيد البوصيري المتوفى سنة
259

(694) قال: في قصيدة البردة الهمزية الموسومة بالكواكب
الدرية:
ردت الشمس والشروق عليه * لعلي حتى يتم الأداء
ثم ولت لها صرير وهذا * لفراق له الوصال دواء
هكذا رواه عنه الخفاجي في كتابه نسيم الرياض في
شرح الشفا للقاضي عياض: ج 3 ص 11، دار الفكر.
ومنهم الحافظ ابن سيد الناس محمد بن محمد بن
عبد الله أبو بكر الأندلسي (1) المولود سنة: (671) المتوفى
سنة: (734) قال في قصيدة له ذكرها في كتابه بشرى
اللبيب:
له وقفت شمس النهار كرامة * كما وقفت شمس النهار ليوشعا

(1) وابن سيد الناس هذا من مشايخ الحافظ الذهبي كما ذكره في خاتمة
كتابه تذكرة الحفاظ ص 153، والأبيات وكذا الأبيات التالية رواها
عنهما الصالحي في كتابه سبل الهدى والرشاد.
260

وردت عليه الشمس بعد غروبها * وهذا من الأيقان أعظم موقعا
ومنهم بهاء الدين ابن السبكي أبو حامد أحمد بن
علي المتوفى عام: (773) قال في قصيدته المسماة ب‍ (هدية
المسافر إلى النور السافر):
وشمس الضحى طاعتك وقت مغيبها * فما غربت بل وافقتك برفقة
وردت عليك الشمس بعد مغيبها * كما أنها قدما ليوشع ردت
ومنهم السيد عبد العزيز بن محمد بن الحسن
السريجي الأوالي من أعلام القرن الثامن المتوفى تقريبا
سنة: (750) على ما قاله العلامة الأميني نقلا عن العلامة
السماوي في كتاب الطليعة في شعراء الشيعة كما في
ترجمة شاعرنا السيد عبد العزيز الأوالي من الغدير: ج 6 ص
35 قال:
وآية الشمس إذ ردت مبادرة * غراء أقصر عنها كل إنسان
261

وإن في قصة الأفعى ومكمنه * في الخف هديا لذي بغض وإرعان (1)
وقال أيضا كما في عنوان: (طاعة الجمادات له
عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 356 ط دار
الأضواء:
والشمس لم تعدل بيوم ببابل * ولا تعدت أمره حين أمر
جاءت صلاة العصر والحرب * ساق فأومى نحوها رد النظر
فلم تزل واقفة حتى قضى * صلاته ثم هوت نحو المقر
ومنهم الشيخ صالح بن عبد الوهاب المعروف بابن
العرندس المتوفى حدود (840) المترجم في الغدير: ج 7
ص 13 12 قال:
ذو المعجزات الباهرات النيرات * المشرقات المعذرات لمن غلا

(1) وانظر تتمة هذه القصيدة فإنها مشتملة على كثير من خصائص أمير
المؤمنين عليه السلام كما في الغدير: ج 1 ص 18 19، ط 1.
262

منها رجوع الشمس بعد غروبها * نبأ تصير له البصائر ذهلا
ومنهم علاء الدين الحلي الشيخ علي بن الحسين
الشهيفي (1) من أعلام القرن الثامن المترجم في عدة مصادر
منها الغدير: ج 6 ص 345 ط 1.
قال الشيخ الحر العاملي رحمه الله في الفصل: (28)
من معجزات أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب إثبات
الهداة: ج 2 ص 54: وقال الشيخ علي الشهفيني:
وعليه قد ردت ذكاء وأحمد * من فوق ركبته اليمين موسد
وعليه ثانية بساحة بابل * رجعت كذا ورد الحديث المسند (2)

(1) لم نعرف وجه هذه النسبة ونجد في ضبطها اختلافا في النسخ بين
الشهيفي والشفهيني والشفهي والشهيفيني.
هكذا أفاده العلامة الأميني قدس الله نفسه في هامش ترجمة
الرجل من كتاب الغدير: ج 6 ص 345.
(2) والأبيات ذكرها أيضا العلامة الأميني رفع الله مقامه في القصيدة الدالية
التي ذكرها في بداية ترجمة الشيخ علي المذكور من كتاب الغدير: ج 6
ص 340.
263

وقال في [قصيدته اللامية] (1):
إن يحسدوك على علاك فإنما * متسافل الدرجات يحسد من علا
إحياؤك الموتى ونطقك مخبرا * بالغائبات عذرت فيك لمن غلا
وبردك الشمس المنيرة بعدما * أفلت وقد شهدت برجعتها الملا
وروى أبو محمد علي بن يونس العاملي البياضي
المتوفى سنة (877) كما في الفصل: (15) من كتابه الصراط
المستقيم: ج 1 ص 201 ط 1، قال:
أخرج أبو بكر ابن فورك في كتاب الفصول عن أسماء
بنت عميس حديث رد الشمس على أمير المؤمنين عليه
السلام. وأسند [ه] محمد بن عثمان المزني.
وأخرج ابن المغازلي [بسندين] من طريقي فاطمة
بنت حسين و [أبي] رافع مولى رسول الله صلى الله عليه
وآله.

(1) ورواها أيضا عنه العلامة الأميني رحمه الله في القصيدة الرابعة من
القصائد الست التي أوردها للمترجم في الغدير: ج 6 ص 366 ط 16.
264

وأخرجه القاضي أبو يعلى في المعتمد، و [أخرجه
أيضا] صاحب كتاب الشافي في بشائر المصطفى وقال فيه
إمام المعتزلة ابن أبي الحديد:
إمام هدى بالقرص آثر فاقتضى * له القرص رد القرص أبيض أزهر (1)
ومنهم الشيخ حسين الجندري العاملي على ما رواه
عنه الشيخ الحر العاملي في إثبات الهداة: ج 2 ص 534
قال:
الإمام الذي له ردت الشمس * جهارا وقد دنا الإمساء
ومنهم صاحب الوسائل الشيخ محمد بن الحسن الحر
العاملي رحمه الله المتوفى عام (1104) كما ذكره في أواخر
الباب (11) في معجزات أمير المؤمنين عليه السلام في
كتاب إثبات الهداة: ج 2 ص 535 ط 1، قال:

(1) قال علي بن يونس في الفصل (15) من الصراط المستقيم: ج 1 ص
203: وقال آخر:
جاد بالقرص والطوى بين جنبيه * وعاف الطعام وهو سغوب
فأعاد القرص المنير عليه * الفرض والمقرص الكريم كسوب
265

وأعيدت شمس النهار له وهي * لعمري الفضيلة الغراء
وأيضا قال في قصيدته اللامية كما في إثبات الهداة ج
2 ص 536 قال:
وكان أمير المؤمنين رفيقنا * فردت له شمس النهار بلا مهل
وناهيك رد الشمس ثم كلامها * له مع ثبوت زانه صحة النقل
وقال أيضا في قصيدة أخرى له كما في إثبات
الهداة: ج 2 ص 537:
وهكذا إجابة الدعاء فردت الشمس بلا مراء
وقال الصوفي (1):
ولا تنس يوم الشمس إذ رجعت له * بمستتر نار من النور مقنع

(1) من هنا إلى آخر ما يذكر عن السيد الأمين رحمه الله أخذناه مما أورده
محمد سعيد الطريحي في رسالته القيمة (رد الشمس) ص 89 93، ط
مؤسسة أهل البيت ببيروت.
266

فذلك بالصهباء قد رجعت له ببابل أيضا رجعة المتطوع
وقال عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي:
يا من له ردت ذكاء ولم يفز بنظيرها من قبل إلا يوشع
وقال ابن نما الحلي وقد لمح في بيته إلى إطعام أهل
البيت لليتيم والمسكين والأسير ومنهم الإمام علي عليه
السلام:
جاد بالقرص والطوى ملأ جنبيه * وعاف الطعام وهو سغوب
فأعاد القرص المنير عليه * القرص والمقرض الكرام
كسوب (1)
وقال محمد علي بشارة الخاقاني:
له معجزات أعجز الخصم أمرها * إذا ما رماها الخصم أودى به الضغط

(1) البابليات: 1 / 76.
267

فمنها رجوع الشمس في أرض بابل * بذا صحت الأخبار ممن له الضبط (2)
وللسيد علي خان المدني (1052 1120 ه‍):
والشمس إذ أفلت لمن رجعت * كيما يقيم فريضة العصر (3)
وقال مسيحا الفسوي (1037 1127 ه‍):
هل ردت الشمس يوما لابن حنتمة * أو هل هوى كوكب في بيت عثمان (4)
وللمولى محمد طاهر القمي (المتوفى 1098 ه‍):
قد ردت الشمس للمولى أبي حسن * روحي فدا المرتضى ذي المعجز الجلل (5)

(2) نشوة السلافة: 1 / 252.
(3) من قصيدة مطلعها:
سفرت أمية ليلة البدر * كالبدر أو أبهى من البدر
(4) مطلع القصيدة:
فضلي ومجدي وإتقاني ومعرفتي * عادت بأجمعها أسباب حرماني
(5) مطلع القصيدة:
سلامة القلب نحتني عن الزلل * وشعلة العلم دلتني على العمل
268

ومن قصيدة لعبد الباقي العمري مخمسا فيها قصيدة
الشيخ صالح التميمي:
ولو أن الأقلام كل نبات * ومياه البحار حبر دواة
فقن عما أظهرت من خارقات * (وتضيق الأرقام من معجزات
لك يا من ردت إليه ذكاء)
ولمحمد أمين الموصلي ابن أخت عبد الباقي
العمري:
أمير المؤمنين أبا حسين * وليس سواك نعرف من أمير
ويا زوج البتول [و] نجل عم * الرسول المصطفى الهادي البشير
ومن ردت عليه الشمس قسرا * كما قد شاء في الزمن الأخير
ولا عجب إذا ردت لقطب * عليه مدار ذا الفلك الأثير
269

ولموسى الطالقاني:
شمس تشعشع في الغري وتلمع * أم قبة فيها البطين الأنزع
إن لم تكن شمسا ففيه من له * ردت وفيه قد دعاها يوشع
وللشيخ يعقوب بن جعفر النجفي الحلي:
يا من له رد قرص الشمس مذ جنحت * للغرب في بابل والناس تنظره
يا ليت عينك في أرض الطفوف ترى * جسم الحسين وتلك الشمس تصهره
وقال آخر:
بحب علي غلا معشر * وقالوا مقالا به لا يلي
لحاميم في مدحه أنزلت * وردت له الشمس في بابل
ولغيره:
ومن أمري ونهيي * وحياتي في يديه
توليت سوى من * ردت الشمس عليه
ولأحدهم:
270

ومن لم ترد الشمس بعد نبيه * إلا له بعد الحجاب المسدل
وببابل والقوم فرض دونه * يتقارعون على ورود المنهل
لله معجزة أتت لوليه * بين الملأ بعد النبي المرسل
وللسيد جواد زيني (1117 1247 ه‍) يذكر آية
انشقاق القمر، ورد الشمس:
أعظم ببدرين بصقع الهدى * نورهما أشرق للنيرين
لولاهما ما فلك دار، أو * نجم سماء سار في الخافقين
لم يدرك العقل لمرقاهما * كما ولا كيفا ولا قط أين
ماذا يقول ناطق في الثنا * إن رام عد الفضل في فرقدين
البدر والشمس بظليهما * رقان مملوكان في النشأتين
271

هما سراجان ببيتيهما * كان لعمري لهما آيتين
وإن شق فرد منهما مرة * لواحد من ذينك النيرين
فإنما الآخر في أوجه * قد رجه الآخر في موضعين (1)
وحضر السيد محمد القزويني في مجلس السيد عبد
الرحمن النقيب ببغداد عام (1322 ه‍) فجرى حديث رد
الشمس للإمام علي عليه السلام فأورد النقيب شكوكه حول
صحة الحديث، والسيد القزويني يدلي بالبراهين الجليلة
والأخبار المتواترة من طريق الفريقين، وعلى الأثر قال
السيد القزويني:
قد قلت للعلوي المحض كيف ترى * حديث رد ذكاء للإمام علي

(1) ذكر الأبيات السيد أحمد العطار في (الرائق) المخطوط في النجف
ويرجى من إخواننا وأصدقائنا النجفيين أن يهتموا بتحقيق ونشر هذه
المجموعة الثمينة.
272

فقال في النفس شئ منه قلت له * الأمر في ذاك ما بين الرواة جلي
فقال: (قد قلت تقليدا) فقلت له: * أنت المقلد في علم وفي عمل
وقل له يا عديم المثل مجتهدا * فيوشع قبله في الأعصر الأول
وكلما صح أن تلقاه مكرمة * للأنبياء غدا أكرومة لولي
ومشهد الشمس في الفيحاء إن تره * كأنه في العلى نار على جبل
وما رواه الطحاوي وابن مندة من * حديث (أسما) شفا فيه العلل
فأجابه النقيب برسالة لا زالت محفوظة إلى اليوم
بمكتبة آل القزويني في الحلة ومما جاء فيها:
ولله درك لقد أقمت على المدعي عليه برهانا حتى
صار لدى الداعي عيانا لا شك فيه، واطمأنت النفس لا ريب
يعتريه، ولا بدع، فحضرة مولانا أمير المؤمنين باب مدينة
علم الرسول وأسد الله الغالب في ميدان تحجم من الدخول
273

فيه الأبطال الفحول، فمن أجل ذلك لا يستبعد رد ذكاء له بعد
الأفول، ولا سيما وهو في طاعة مولاه، ومن كان في طاعة
مولاه لا بد أن يخصه ويتولاه.
و [قال السيد] محسن الأمين العاملي [رحمه الله] في
قصيدة له:
أيا من عليه الشمس ردت ولم يكن * أتى ردها من قبل إلا ليوشع (1)
ومنهم الشيخ محمد السماوي رحمه الله من أعلام
القرن الرابع عشر المتوفى سنة (1380) قال في العجب
اللزومي على ما رواه عنه العلامة الأميني في الغدير: ج 5
ص 21 ط 1 قال:
واعجبا من فرقة قد غلت * من دغل في جوفها مضرم
تنكر رد الشمس للمرتضى * بأمر طاها العيلم الخضرم
وتدعي أن ردها خادم * لأمر إسماعيل الحضرمي
* * *

(1) من جملة (وقال الصوفي) المتقدمة إلى هنا أخذناه مما أورده محمد
سعيد الطريحي في رسالته القيمة (رد الشمس) ص 89 93 ط 1.
274

وبعدما تقدم تبين أن عود الشمس لأمير المؤمنين
عليه السلام في أرض (بابل) بعد وفاة النبي صلى الله عليه
وآله وسلم أيضا معروف بين الشيعة في الأعصار المتقدمة
من عصر أمير المؤمنين عليه السلام إلى يومنا هذا، فلنذكر
هاهنا ما أنشده في هذا المعنى بعض أصحاب أمير المؤمنين
عليه السلام ممن كان معه وشاهد القصة رأي العين ونظمها،
وهو جارية بن قدامة السعدي، ثم نسوق الأخبار الواردة في
ذلك فنقول:
روى الشيخ أبو الفتوح الرازي من أعلام القرن
السادس في تفسير الآية: (30) من سورة المائدة في تفسير
روض الجنان: ج 4 ص 170 بتحقيق علي أكبر الغفاري
قال:
كان [جارية] بن قدامة السعدي (1) مع أمير المؤمنين
عليه السلام في أرض بابل عندما دعا أمير المؤمنين عليه
السلام الله تعالى فأعاد الله تبارك وتعالى بدعائه الشمس
فصلى معه صلاة العصر، فقال:

(1) الظاهر أن هذا هو الصواب، وما وضعناه بين المعقوفين قد سقط من
مطبوعة تفسير أبي الفتوح ومناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 356.
275

رد الوصي لنا الشمس التي غربت * حتى قضينا صلاة العصر في مهل
لم أنسه حين يدعوها فتتبعه * طوعا بتلبية هاها على عجل
فتلك آيته فينا وحجته * فهل له في جميع الناس من مثل
أقسمت لا أبتغي يوما به بدلا * وهل يكون لنور الله من بدل
حسبي أبو حسن مولى أدين به * ومن به دان رسل الله في الأول (1)
وإليك أيها القارئ الكريم بعض الروايات التي
تحضرني حول رد الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
روى نصر بن مزاحم المنقري المتوفى سنة: (212)،
عن عمر [بن سعد الأسدي قال:] حدثني عمر بن عبد الله بن

(1) والأبيات تأتي أيضا برواية ابن شهرآشوب المتوفى عام (588) في
مناقبه: ج 2 ص 356 ط بيروت، وتأتي أيضا برواية علي بن يونس
العاملي المتوفى سنة (877) في كتابه الصراط المستقيم.
276

يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه:
عن عبد خير، قال: كنت مع علي أسير في أرض
بابل، وحضرت صلاة العصر قال: فجعلنا لا نأتي مكانا إلا
رأيناه أفيح من الآخر (1) حتى أتينا على مكان أحسن ما
رأيناه، وقد كادت الشمس أن تغيب، قال: فنزل علي ونزلت
معه فدعا الله فرجعت الشمس كمقدارها من صلاة العصر
فصلينا العصر ثم غابت الشمس (2).
قال نصر: [وحدثنا أيضا] عمر [بن سعد الأسدي]
عن رجل يعني أبا مخنف عن عمه ابن مخنف قال: إني
لأنظر إلى أبي مخنف بن سليم وهو يساير عليا ببابل وهو
يقول: إن ببابل أرضا قد خسف بها، فحرك الناس دوابهم في
أثره، فلما جاز جسر الصراة (3) نزل فصلى بالناس العصر (4).

(1) هذا هو الصواب، ومعناه: أخصب وأعمر. وفي بعض النسخ: (أقبح).
(2) هذا نص حديث نصر بن مزاحم غير أنا حذفنا ما كرره مما لا حاجة إليه
من لفظة (قال).
(3) قال ياقوت في المادة المذكورة من معجم البلدان: ج 3 ص 398:
الصراة بالفتح وهما نهران ببغداد: الصراة الكبرى والصراة الصغرى
ولا أعرف أنا إلا واحدة وهو نهر يأخذ من نهر عيسى من عند بلدة يقال
لها: المحول بينها وبين بغداد فرسخ، ويسقي ضياع (نادوريا) ويتفرع
منه أنهار إلى أن يصل إلى بغداد.
(4) وهذا الحديث كان في كتاب صفين مقدما على الحديث السالف
وأخرناه لأنه أوفق.
277

هكذا رواه نصر بن مزاحم عند ذكره مسير أمير
المؤمنين إلى صفين في أوائل الجزء الثالث من كتاب صفين
ص 135 ط مصر.
ورواه عنه المجلسي طاب ثراه في الحديث: (21)
من الباب الأول من أبواب معجزات أمير المؤمنين عليه
السلام من بحار الأنوار: ج 41 ص 184، ط الآخوندي.
وروى أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار
المتوفى سنة (290) في عنوان: (باب في أن الإمام
(المنصوب من الله تعالى ورسوله) عليه السلام عنده اسم الله
الأعظم الذي إذا سأله به أجيب) قال:
حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن
عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن
أبي المقدام:
عن جويرية بن مسهر قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين
عليه السلام [بعدما فرغ] من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في
278

أرض بابل حضرت صلاة العصر، قال: فنزل أمير المؤمنين
ونزل الناس فقال أمير المؤمنين: يا أيها الناس إن هذه
الأرض ملعونة وقد عذبت من الدهر ثلاث مرات وهي
إحدى المؤتفكات وهي أول أرض عبد فيها وثن، إنه لا يحل
لنبي ولوصي نبي أن يصلي فيها.
فأمر الناس فمالوا عن جنبي الطريق يصلون وركب
بغلة رسول الله فمضى عليها.
قال جويرية: فقلت: والله لأتبعن أمير المؤمنين
ولأقلدنه صلاة اليوم (1)، قال: فمضيت خلفه فوالله ما جزنا
جسر (سورا) (2) حتى غابت الشمس قال: فسببته أو هممت
أن أسبه قال: فقال: يا جويرية أذن. قال: فقلت: نعم يا أمير
المؤمنين. قال: فنزل ناحية فتوضأ ثم قام فنطق بكلام لا
أحسبه إلا بالعبرانية ثم نادى بالصلاة فنظرت والله إلى
الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير فصلى العصر

(1) كذا في أصلي، وفي علل الشرائع: (والله لأقلدن هذا الرجل صلاتي).
(2) هذا هو الصواب المذكور في بحار الأنوار، وفي أصلي المطبوع: (فوالله
ما سرنا جسر سورا).
قال ياقوت في مادة (سورا): إن ألفه مقصورة على وزن (بشرى)
(وهي) موضع بالعراق من أرض " بابل " وهي مدينة السريانيين...
279

وصليت معه. قال: فلما فرغ من صلاته عاد الليل كما كان
فالتفت إلي فقال: يا جويرية بن مسهر إن الله يقول: فسبح
باسم ربك العظيم [الواقعة: 96] فإني سألت الله باسمه
العظيم فرد علي الشمس.
ورواه عنه المجلسي طاب ثراه في ذيل الحديث
الثالث من الباب الأول من (معجزات أمير المؤمنين عليه
السلام من بحار الأنوار: ج 41 ص 167، ط الآخوندي) ثم
قال:
(ورواه في كتاب) كنز (جامع الفوائد، وتأويل " الآيات
الظاهرة] عن محمد بن العباس، عن أحمد بن محمد بن
إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن
سعيد، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي
بصير...
ورواه أيضا عن كتاب الروضة والفضائل بالأسناد،
يرفعه إلى محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده الشهيد
عليهم السلام مثله.
(و) عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن
عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن يحيى، عن
280

عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير [، عن عبد الواحد بن
المختار الأنصاري]، عن أم المقدام، عن جويرية بن مسهر،
قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين عليه السلام بعد قتل الخوارج
حتى إذا صرنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر، فنزل
أمير المؤمنين عليه السلام ونزل الناس فقال أمير المؤمنين:
أيها الناس إن هذه أرض ملعونة وقد عذبت من الدهر ثلاث
مرات، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أول أرض عبد فيها
وثن، إنه لا يحل لنبي ولا وصي نبي أن يصلي فيها. فأمر
الناس فمالوا عن جنبي الطريق يصلون وركب [أمير
المؤمنين] بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فمضى عليها.
قال جويرية: فقلت: والله لأتبعن أمير المؤمنين
ولأقلدنه صلاتي اليوم، قال: فمضيت خلفه والله ما جزنا
جسر (سورا) حتى غابت الشمس قال: فسببته أو هممت أن
أسبه قال: فالتفت إلي وقال: يا جويرية، قلت: نعم يا أمير
المؤمنين. فنزل ناحية فتوضأ ثم قام فنطق بكلام لا أحسبه
إلا بالعبرانية ثم نادى بالصلاة قال: فنظرت والله إلى
الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير فصلى العصر
وصليت معه، فلما فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان.
فالتفت إلي فقال: يا جويرية إن الله تبارك وتعالى
281

يقول: فسبح باسم ربك العظيم [الحاقة: 52] وإني
سألت الله [سبحانه] باسمه [العظيم] الأعظم فرد علي
الشمس.
الحديث: (17) من تفسير سورة (الحاقة) من كتاب
تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 721 ط 1.
ورواه عنه المجلسي طاب ثراه في آخر الباب: (27)
من سيرة أمير المؤمنين من بحار الأنوار: ج 33 ص 439 ط
الحديث بتحقيق المحمودي.
ثم قال المجلسي رفع الله مقامه: [و] ستأتي تلك
الأخبار بأسانيد جمة في أبواب معجزاته عليه السلام [في ج
41 ص 166 191، ط الآخوندي].
(و) حدثنا محمد بن الحسين، عن عبد الله بن جبلة
عن أبي الجارود قال: سمعت جويرية يقول:
أسرى علي عليه السلام بنا من كربلاء إلى الفرات
فلما صرنا ببابل قال لي: أي موضع يسمى هذا يا جويرية؟
قلت: هذه بابل يا أمير المؤمنين. قال: أما إنه لا يحل لنبي
ولا وصي نبي أن يصلي بأرض قد عذبت مرتين. قال: قلت:
هذه العصر يا أمير المؤمنين فقد وجبت الصلاة يا أمير
282

المؤمنين. قال: قد أخبرتك أنه لا يحل لنبي ولا وصي نبي
أن يصلي بأرض قد عذبت مرتين وهي تتوقع الثالثة إذا طلع
كوكب الذنب وعقد جسر بابل قتلوا عليه مائة ألف تخوضه
الخيل إلى السنابك (1). قال جويرية: قلت والله لأقلدن
صلاتي اليوم أمير المؤمنين وعطف علي عليه السلام برأس
بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله الدلدل حتى جاز (سورا)
قال لي: أذن بالعصر يا جويرية. فأذنت وخلا علي ناحية
فتكلم بكلام له سرياني أو عبراني فرأيت للشمس صريرا
وانقضاضا حتى عادت بيضاء نقية. قال: ثم قال: أقم،
فأقمت ثم صلى بنا فصلينا معه، فلما سلم اشتبكت النجوم،
فقلت وصي نبي ورب الكعبة.
(و) حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد،
عن أحمد بن عبد الله، عن الحسين بن المختار، عن أبي
بصير، عن عبد الواحد الأنصاري:
عن أم المقدام الثقفية قالت: قال جويرية بن مسهر:
قطعنا [مع] علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام جسر (الصراة) في وقت العصر، فقال: إن هذه

(1) السنابك: جمع سنبك على زنة قنفذ وهو طرف مقدم الحافر.
283

الأرض معذبة ولا ينبغي لنبي ولا لوصي نبي أن يصلي فيها
فمن أراد منكم أن يصلي فليصل.
قال: فتفرق الناس يمنة ويسرة يصلون قال: قلت:
أما لأقلدن هذا الرجل صلاتي اليوم، ولا أصلي حتى يصلي
قال: فسرنا وجعلت الشمس تسفل قال: وجعل يدخلني من
ذلك أمر عظيم حتى وجبت الشمس وقطعنا الأرض قال:
فقال: يا جويرية أذن قال: فقلت: تقول لي أذن وقد غابت
الشمس؟ قال: أذن فأذنت ثم قال لي: أقم، فأقمت، فلما
قلت: قد قامت الصلاة رأيت شفتيه تتحركان وسمعت كلاما
كأنه عبرانية قال: فارتفعت الشمس حتى صارت في مثل
وقتها في العصر، فلما انصرف هوت [الشمس] إلى مكانها
واشتبكت النجوم قال: فقلت: إني أشهد أنك وصي رسول الله
صلى الله عليه وآله قال: فقال لي: يا جويرية أما سمعت الله
يقول: فسبح باسم ربك العظيم [الحاقة: 52]؟ فقلت:
بلى، قال: فإني سألت ربي باسمه العظيم فردها الله علي.
أقول: والحديث رواه أيضا الشيخ الصدوق محمد
ابن علي بن الحسين رفع الله مقامهما في الباب: (61) من
كتاب علل الشرائع: ج 2 ص 352 ط الغري قال:
(حدثني) أبي رحمه الله قال: حدثني سعد بن عبد الله.
284

[عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن
أحمد بن عبد الله القزويني، عن الحسين بن المختار
القلانسي، عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار
الأنصاري:
عن أم المقدام الثقفية قالت: قال جويرية بن مسهر:
قطعنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام جسر
(الصراة) في وقت العصر، فقال: إن هذه الأرض معذبة ولا
ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلي فيها فمن أراد منكم أن
يصلي فليصل.
(قال جويرية:) فتفرق الناس يمنة ويسرة يصلون [قال: فقلت: أنا والله لأقلدن هذا الرجل صلاتي اليوم، ولا
أصلي حتى يصلي، فسرنا وجعلت الشمس تسفل وجعل
يدخلني من ذلك أمر عظيم! ووجبت الشمس وقطعنا
الأرض فقال: يا جويرية أذن قال: فقلت: تقول [لي] أذن
وقد غابت الشمس؟ فقال: أذن فأذنت ثم قال لي: أقم،
فأقمت، فلما قلت: قد قامت الصلاة رأيت شفتيه تتحركان
وسمعت كلاما كأنه كلام العبرانية فارتفعت الشمس حتى
صارت في مثل وقتها في العصر، فصلى [وصليت معه] فلما
انصرفنا هوت [الشمس] إلى مكانها واشتبكت النجوم فقلت:
285

فأنا أشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا
جويرية أما سمعت الله عز وجل يقول: فسبح باسم ربك
العظيم [الحاقة: 52] فقلت: بلى، قال: فإني سألت الله
باسمه العظيم فردها الله علي.
ثم قال الشيخ الصدوق قدس الله نفسه: وقد
أخرجت ما رويت من الأخبار في هذا المعنى في كتاب
المعرفة في الفضائل.
أقول: والحديث رواه عنه المجلسي رفع الله مقامه في
الحديث الثالث من الباب الأول من باب معجزات أمير
المؤمنين عليه السلام من بحار الأنوار: ج 41 ص 167، ط
الآخوندي.
ورواه بنحو الإرسال والاختصار أبو الحسن علي بن
الحسين المسعودي المتوفى سنة: (346) في معجزات
أمير المؤمنين من كتاب إثبات الوصية ص 150، ط قم قال:
وروي أن أمير المؤمنين [عليه السلام] مر بأرض
(بابل) وقد غابت الشمس واشتبكت النجوم، فنزل وجثا
على ركبتيه ودعا الله ما شاء الله أن يدعو، فرجعت الشمس
بيضاء نقية حتى صلى العصر ثم انقضت كما ينقض الكوكب
286

حتى غابت وعاد الظلام.
وروى شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي رفع الله
مقامه في الحديث: (4) من أحاديث ابن الحاشر أحمد بن
عبدون أو الحديث: (22) من (مجلس يوم الجمعة سلخ
رجب....) من كتاب الأمالي: ج 2 ص 64 وفي ط الغري: ج
2 ص 284 قال:
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن
الحاشر، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير
القرشي، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا
العباس بن عامر، قال: حدثنا أحمد بن رزق الغلشاني (1) عن
أحمد بن رزق، عن أحمد بن العلاء الرازي قال: سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول:
لما خرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى النهروان (2)
وطعنوا في أول أرض (بابل) حين دخل وقت العصر، فلم

(1) أنظر ترجمته في كتاب جامع الرواة: ج 1 ص 500.
(2) هذا سبق لسان من بعض الرواة، أو سهو قلم من بعض كتاب الحديث،
والصواب: (لما رجع أمير المؤمنين عليه السلام من النهروان...) كما في
جل الروايات الواردة في هذا المعنى لا سيما الحديث التالي المشترك مع
حديثنا هذا المنقول عن كتاب عيون المعجزات.
287

يقطعوها حتى غابت الشمس، فنزل الناس يمينا وشمالا
يصلون إلا الأشتر وحده (1) فإنه قال: لا أصلي حتى أرى أمير
المؤمنين قد نزل يصلي.
قال: فلما نزل [خارج أرض بابل] قال: يا مالك هذه
(الأرض التي جزناها) أرض سبخة، ولا تحل الصلاة فيها،
[فمن كان [فيها] صلى فليعد الصلاة (2) قال: ثم استقبل القبلة
فتكلم بثلاث كلمات ما هن بالعربية ولا بالفارسية، فإذا هو
بالشمس بيضاء نقية حتى إذا صلى بنا سمعنا لها حين
انقضت خريرا كخرير المنشار.
ورواه عنه المجلسي العظيم رفع الله مقامه في
الحديث: (20) من الباب الأول من معجزات أمير المؤمنين
من البحار: ج 41 ص 183.

(1) هذه الفقرة أيضا من شذوذ هذه الرواية، فإن الأشتر رحمه الله لم يحضر
وقعة النهروان إما لحاجة حفظ ثغر الجزائر على بقائه فيها أو لأنه كان
استشهد قبل وقعة النهروان فليحقق.
(2) هذه الفقرة أيضا من جهات شذوذ هذه الرواية، وجميع الروايات
الواردة في المقام خالية عما ورد في هذا الحديث: (فمن كان [فيها]
صلى فليعد الصلاة) والمقصود من ذكره هو الاستشهاد به فيما يشترك
فيه مع سائر الروايات، لا الأخذ به حتى في الشذوذ.
288

وحديث رد الشمس رواه السيد هاشم البحراني
رحمه الله بطرق في الحديث: (11) وما حوله من الباب:
(92) من كتاب غاية المرام، ص 630 من الطبعة الحجرية،
كما رواه أيضا بتلك الطرق نفسها في الحديث: (115) وما
بعده من معاجز أمير المؤمنين عليه السلام، من كتاب مدينة
المعاجز: ج 1 ص 194 209 ط الحديث قال:
(روي) السيد المرتضى (على ما جاء في الكتاب
الذي نسب إليه المسمى ب‍] عيون المعجزات، قال:
حدثنا أبو الحسن أحمد بن الحسين العطار (1) قال:
حدثنا أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب كتاب
الكافي قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن
ابن محبوب، عن العلاء بن رزين القلاء (2)، عن الفضيل بن
يسار، عن [الإمام] الباقر، عن أبيه:
عن جده الحسين بن علي صلوات الله عليهم قال: لما
رجع أمير المؤمنين عليه السلام من قتال أهل النهروان أخذ

(1) أنظر ترجمته في معجم رجال الحديث.
(2) ذكره النجاشي رحمه الله في حرف العين برقم: (797) من رجاله ص
228 ط طهران.
289

على النهروانات وأعمال العراق ولم يكن يومئذ بنيت
بغداد (1).
فلما وافى ناحية (براثا) (2) صلى بالناس الظهر،
ودخلوا في أرض بابل وقد وجبت صلاة العصر، فصاح
المسلمون: يا أمير المؤمنين هذا وقت العصر وقد دخل.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هذه أرض مخسوف بها،
وقد خسف الله بها ثلاثا وعليه تمام الرابعة، ولا يحل لوصي
أن يصلي فيها، فمن أراد منكم أن يصلي فليصل.
فقال المنافقون: نعم، هو لا يصلي ويقتل من يصلي
يعنون أهل النهروان (3).
قال جويرية بن مسهر العبدي (4) فتبعته في مائة

(1) كذا في المصدر، وفي الأصل: ولم يكن يبقى يومئذ بيت ببغداد، وهو
تصحيف.
(2) (براثا): بالثاء المثلثة، والقصر: محلة كانت في طرف بغداد، في قبلي
الكرخ، وبني بها جامع، وآثاره باقية إلى الآن.
(3) النهروان: بلاد في العراق بين بغداد وواسط، حدثت فيها معركة شهيرة
بين علي عليه السلام والخوارج.
(4) جويرية بن مسهر، عربي، كوفي، من أصحاب أمير المؤمنين عليه
السلام شهد معه المشاهد، ووثقه الكليني قال: إنه من ثقات أمير
المؤمنين عليه السلام.
وقال المفيد في الإرشاد: إن زياد بن أبيه قطع يده ورجله ثم صلبه.
290

فارس وقلت: والله لا أصلي أو يصلي هو ولأقلدنه صلاتي
اليوم، قال: وسار أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى أن قطع
أرض " باب " وتدلت الشمس للغروب ثم غابت واحمر
الأفق. قال: فالتفت إلي أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا
جويرية هات الماء.
قال: فقدمت إليه الأداوة فتوضأ ثم قال: أذن يا
جويرية، فقلت: يا أمير المؤمنين ما وجب العشاء بعد! فقال
صلوات الله عليه: أذن للعصر، فقلت في نفسي: أذن للعصر
وقد غربت الشمس ولكن علي الطاعة، فأذنت، فقال لي:
أقم. ففعلت، وإذ أنا في الإقامة إذ تحركت شفتاه بكلام كأنه
منطق الخطاطيف (1) لم أفهم ما هو، فرجعت الشمس بصرير
عظيم حتى وقفت في مركزها من العصر، فقام عليه السلام
وكبر وصلى، وصلينا وراءه، فلما فرغ من صلاته وقعت
كأنها سراج في طشت وغابت واشتبكت النجوم، فالتفت إلي

(1) هو جمع الخطاف وهو طائر ليشبه (السنونو) طويل الجناحين، قصير
الرجلين، أسود اللون، ويسمى بالخطف.
291

وقال: أذن أذان العشاء يا ضعيف اليقين (1).
قال السيد المرتضى: وروي أن الشمس ردت عليه
في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة، وقد كان رسول
الله صلى الله عليه وآله موعوكا (2) فوضع رأسه في حجر أمير
المؤمنين عليه السلام وحضر وقت (صلاة) (3) العصر، فلم
يبرح من مكانه وموضعه حتى استيقظ فقال صلى الله عليه
وآله: اللهم إن عليا كان في طاعتك فرد عليه (الشمس)
ليصلي العصر، فردها الله عليه بيضاء نقية حتى صلى، ثم
غابت (4)

(1) عيون المعجزات: 7 وعنه الشيخ الحر العاملي في إثبات الهداة: 2 /
490 ح 317 والبحراني في كتاب غاية المرام: 630 ح 11.
وأخرجه المجلسي في البحار: 41 / 68 ح 3 عن فضائل شاذان:
68 والروضة له: 30 مرسلا.
وراجع الغدير: ج 3 / 126 141 وإحقاق الحق: 5 / 537 ففيهما
مصادر كثيرة للحديث.
(2) الموعوك: المحموم. والحديث رواه المسعودي المتوفى عام: (346)
في معجزات أمير المؤمنين من كتاب إثبات الوصية ص: 15.
(3) ليس في المصدر.
(4) في المصدر: غربت، ثم أورد صاحب عيون المعجزات ستة أبيات من
القصيدة (المذهبة) للسيد الحميري التي قالها في رد الشمس له عليه
السلام
292

وهذا هو الحديث الرابع من الباب: (92) من غاية
المرام ص 680.
(وروي) ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه: عن أبيه
ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن
عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن
سعيد، عن أحمد بن عبد الله القروي، عن الحسين بن المختار
القلانسي عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار
الأنصاري:
عن أم المقدام الثقفية، عن جويرية بن مسهر [أنه]
قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في أرض (بابل) حضرت
293

صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين عليه السلام ونزل الناس.
فقال علي عليه السلام: أيها الناس إن هذه أرض
ملعونة قد عذبت في الدهر ثلاث مرات وفي خبر [آخر] (1)
أنها خسفت) مرتين وهي تتوقع الثالثة، وهي أحد
المؤتفكات (2) وهي أول أرض عبد فيها وثن، وأنه لا يحل
لنبي ولا لوصي نبي أن يصلي فيها، ومن أراد منكم أن يصلي
فليصل.
فمال الناس عن جنبي الطريق يصلون، وركب هو
بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى.
قال جويرية: فقلت: والله لأتبعن أمير المؤمنين عليه
السلام ولأقلدنه صلاتي اليوم، فمضيت خلفه فوالله ما جزنا
جسر سورى (3) حتى غابت الشمس، فشككت، فالتفت إلي
فقال: يا جويرية أشككت؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين،

(1) من المصدر.
(2) أي المدن التي انقلبت على أهلها وصار عاليها سافلا وسافلها عاليا فباد
أهلها وهلكوا. يقال: ائتفكت الدار بأهله: انقلبت بهم.
(3) سورى وسوراء: بلدة بأرض بابل، وبها نهر يقال له: نهر سوراء، وفي
القاموس: سورى موضع بالعراق من بل السريانيين، وموضع من أعمال
بغداد وقد يمد.
294

فنزل عن ناحية فتوضأ، ثم قام فنطق بكلام لا أحسبه (1) إلا
كان بالعبراني، ثم نادى: الصلاة، فنظرت والله إلى الشمس قد
خرجت من بين جبلين لها صرير (2) فصلى العصر وصليت
معه.
فلما فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان فالتفت إلي
فقال: يا جويرية بن مسهر إن الله عز وجل يقول: فسبح
باسم ربك العظيم وإني سألت الله عز وجل باسمه العظيم
فرد علي الشمس. (3)
وروي أن جويرية لما رأى ذلك قال: [أنت] (4) وصي
نبي ورب الكعبة. (5)

(1) هذا هو الظاهر الموافق لما في كتاب تأويل الآيات الظاهرة، وفي
المصدر: (لا أحسنه).
(2) صر يصر صرا وصريرا على زنة (فر) وبابه: صوت وصاح شديدا.
(3) من لا يحضره الفقيه: 1 / 203 ح 611 وعنه غاية المرام: 631 ح 12،
وفي إثبات الهداة: 2 / 407 ح 18 والوسائل: 3 / 468 ح 1، 2 عنه
وعن بصائر الدرجات: 217 ح 1، وأخرجه في البحار: 41 / 178 ح 3
عن البصائر.
(4) من المصدر.
(5) من لا يحضره الفقيه: 1 / 204 ذ ح 611 وعنه إثبات الهداة: 2 / 408 ذ
ح 18 وأخرجه بتمامه في البحار: 41 / 178 ح 14 عن بصائر الدرجات
: 218 ح 3.
295

وهذا رواه المصنف أيضا في الحديث: (12) من
الباب (92) من غاية المرام ص 631.
السيد الرضي في الخصائص: [ص 51 و 56] قال:
روى أحمد بن محمد (1)، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد
ابن عبد الله، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن عبد
الواحد الأنصاري، عن أبي المقدام الثقفي (2) قال: قال لي
جويرية بن مسهر: قطعنا مع أمير المؤمنين عليه السلام جسر
(الصراة) في وقت العصر، فقال: إن هذه الأرض معذبة ولا
ينبغي لنبي ولا وصي (نبي) أن يصلي فيها، فمن أراد منكم أن
يصلي فليصل.
قال: فتفرق الناس يصلون يمنة ويسرة، وقلت أنا:
لأقلدن هذا الرجل ديني ولا أصلي حتى يصلي. قال: فسرنا
وجعلت الشمس تستسفل، قال: وجعل يدخلني من ذلك

(1) كذا في البصائر والعلل، وفي الأصل والمصدر: محمد بن الحسين،
والظاهر أنه تصحيف.
(2) ولعله هو ثابت بن هرمز الكوفي مولى بكر بن وائل من رجال أبي داود
والنسائي والقزويني المترجم في تهذيب التهذيب: ج 2 ص 16،
وتقريب التهذيب: ج 2 ص 476.
296

أمر عظيم حتى وجبت الشمس وقطعت الأرض، قال: فقال:
يا جويرية أذن. فقلت: تقول [لي] (1) أذن وقد غابت
الشمس؟! قال: فأذنت، (ثم) (2) قال لي: أقم. فأقمت، فلما
قلت: (قد قامت الصلاة) رأيت شفتيه تتحركان، وسمعت
كلاما كأنه كلام العبرانية، قال: فرجعت الشمس حتى
صارت في مثل وقتها في العصر، فصلى، فلما انصرف هوت
إلى مكانها واشتبكت النجوم (3).
و [جاء] في حديث آخر عن جويرية بن مسهر أنه
قال: فلما انقضت صلاتنا سمعت الشمس وهي تنحط ولها
صرير [كصرير] (4) رحى البشر (5) حتى غابت وأنارت

(1، 4) من المصدر.
(2) ليس في نسخة: (خ).
(3) الخصائص: ص 56 وأورده أيضا السيد البحراني في غاية المرام: ص
631 ح 31.
وأخرجه المجلسي في البحار: 41 / 167 ح 3 وج 83 / 317 ح 10
والشيخ الحر في إثبات الهداة: 2 / 472 ح 80 والوسائل: 3 / 469 ح 3
نقلا عن علل الشرائع: 352 ح 4 بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى
وبصائر الدرجات: 219 ح 4 عن أحمد بن محمد بن عيسى.
(5) في المصدر: (رحى البزر) وهو: البذر و (البزر) بزور الواحدة (البزر):
حبة، و (البزرة) ج أبزار وحج أبازير، التأمل الذي يطيب به الغذاء.
297

النجوم، قال: فقلت: أنا أشهد أنك وصي رسول الله صلى الله
عليه وآله، فقال لي: يا جويرية أما سمعت الله يقول: فسبح
باسم ربك العظيم (1)؟ فقلت: بلى. فقال: إني سألت ربي
باسمه العظيم، فردها علي (2).
وروى محمد بن العباس بن ماهيار في تفسير القرآن
فيما نزل في أهل البيت عليهم السلام وهو شيخ ثقة: عن
أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن
مسكان، عن أبي بصير، عن أم المقدام.
عن جويرية بن مسهر، قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين
بعد قتل الخوارج حتى إذا صرنا في أرض بابل حضرت
صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين عليه السلام فنزل الناس،
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس إن هذه أرض
ملعونة قد عذبت من الدهر ثلاث مرات، وهي إحدى
المؤتفكات، وهي أول أرض عبد فيها وثن، أنه لا يحل لنبي

(1) سورة الواقعة: 74 و 96، والحاقة: 52.
(2) الخصائص: ص 57، وذيله متحد مع ما في بصائر الدرجات: 219
ذ ح 4.
298

ولا وصي نبي أن يصلي فيها فأمر الناس فمالوا إلى جنبي (1)
الطريق يصلون، وركب [أمير المؤمنين] بغلة رسول الله صلى
الله عليه وآله فمضى عليها.
قال جويرية: فقلت: والله لأتبعن أمير المؤمنين عليه
السلام ولأقلدنه صلاتي اليوم. [قال:] (2) فمضيت خلفه،
فوالله ما جزنا جسر سورى حتى غابت الشمس.
قال: فسببته أو هممت أن أسبه.
قال: فالتفت إلي وقال: [يا] (3) جويرية، قلت: نعم يا
أمير المؤمنين.
قال: فنزل ناحية فتوضأ، ثم قام فنطق بكلام لا
أحسبه إلا بالعبرانية.
ثم نادى بالصلاة. [قال:] (4) فنظرت والله إلى
الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير، فصلى
العصر وصليت معه، فلما فرغنا من صلاتنا عاد الليل
كما كان.

(1) كذا في المصدر، وفي الأصل: جنب.
(2 - 4) من المصدر.
299

فالتفت إلي، فقال: يا جويرية إن الله تبارك وتعالى
يقول: فسبح باسم ربك العظيم وإني سألت الله سبحانه
باسمه الأعظم، فرد [الله] (1) علي الشمس (2).
وهذا هو الحديث: (14) من الباب: (92) من كتاب
غاية المرام ص 631.
وروى صاحب ثاقب المناقب: عن داود بن كثير
الرقي (3)، عن جويرية بن مسهر، قال: لما رجعنا من قتال
أصحاب النهروان مررنا ببابل، فقال أمير المؤمنين صلوات
الله عليه: إن هذه أرض معذبة قد عذبت مرتين، وقد هلك
فيها مائة ألف ومائتان، لا يصلي فيها نبي ولا وصي نبي، فمن

(1) من المصدر.
(2) تأويل الآيات: ج 2 / 720 ح 17 وعنه المجلسي في البحار:
41 / 167 ذ ح 3 والشيخ النوري في مستدرك الوسائل: 3 / 349 ح 3
وغاية المرام: 631 ح 14.
وأورده الراوندي في الخرائج: 1 / 224 ح 69 عن جويرية بن
مسهر باختلاف، وله تخريجات أخر تركناها للاختصار.
(3) (داود بن كثير الرقي) عده الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق
والكاظم عليهما السلام وقال: هو مولى بني أسد، ثقة، وأثنى عليه المفيد في
الإرشاد.
300

أراد منكم فليصل العصر.
قال جويرية: فقلت: والله لأقلدن الليلة ديني
وأمانتي. قال: فسرنا إلى أن غابت الشمس، واشتبكت
النجوم، ودخل وقت العشاء الآخرة، فلما أن خرجنا من
أرض بابل نزل صلوات الله عليه عن البغلة، ثم انفض
التراب عن حوافرها، ثم قال لي: يا جويرية انفض التراب
عن حوافر دابتك. قال: ففعلت.
ثم قال لي: يا جويرية أذن للعصر. قال: ففعلت،
(قال:) (1) [فقلت في نفسي:] (2) ثكلتك أمك يا جويرية ذهب
النهار وهذا الليل!! فأذنت للعصر، فرجعت الشمس،
فسمعت لها صريرا كصرير البكرة حتى عادت إلى موضعها
للعصر بيضاء نقية.
قال: فصلى أمير المؤمنين عليه السلام [العصر] ثم
قال: أذن للمغرب يا جويرية فأذنت فرأيت الشمس راجعة
كالفرس الجواد، ثم صليت المغرب، ثم قال: أذن للعشاء
الآخرة.

(1) ليس في نسخة (خ).
(2) من المصدر.
301

ثم قلت: وصي محمد ورب الكعبة ثلاث مرات لقد
ضل وهلك وكفر من خالفك (1).
وأيضا الحديث رواه البحراني في الحديث: (15) من
الباب: (92) من غاية المرام ص 631.

(1) الحديث الأول من كتاب ثاقب المناقب ص 253. وأورده أيضا
البحراني في الحديث: (15) من الباب: (92) من كتاب غاية المرام
ص 631.
302

وإذ فرغنا من ذكر ما حضرنا من الأحاديث
المستفيضة الدالة على رجوع الشمس لأمير المؤمنين عليه
السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فلنذكر كلمات
أعلام الطائفة وأساطين العلم والمعرفة في طول الأعصار
الماضية إلى عصرنا هذا فنقول: قد تقدم ذكر قول معلم الأمة
الشيخ المفيد رفع الله مقامه المتوفى سنة (413) المذكور
في أواخر سيرة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب
الإرشاد، ج 1، ص 345 أن رجوع الشمس لأمير المؤمنين
عليه السلام مرة كان في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته مرة أخرى وسقنا هناك كلامه إلى قوله:
وكان رجوعها [أي الشمس] عليه بعد النبي صلى الله
عليه وآله أنه لما أراد أن يعبر الفرات ب‍ (بابل) اشتغل كثير من
أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم وصلى عليه السلام بنفسه
في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى
غربت الشمس ففاتت صلاة كثير منهم وفاتت الجمهور فضل
الاجتماع معه فتكلموا في ذلك، فلما سمع كلامهم فيه سأل
الله تعالى رد الشمس عليه ليجتمع كافة أصحابه على صلاة
العصر في وقتها، فأجابه الله تعالى إلى ردها عليه، فكانت في
303

الأفق على الحال التي تكون عليها وقت العصر، فلما سلم
بالقوم غابت [الشمس] فسمع لها وجيب شديد هال الناس
ذلك، وأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار، والحمد لله
على نعمته التي ظهرت فيهم.
وسار خبر ذلك في الآفاق، وانتشر ذكره في الناس،
وفي ذلك يقول السيد إسماعيل بن محمد الحميري
رحمه الله:
ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
وعليه قد ردت ببابل مرة * أخرى وما ردت لخلق المعرب
حتى تبلج نورها في وقتها * للعصر ثم هوت هوي الكوكب
الليل شع أوله من بعده * ولردها تأويل أمر معجب
وقال علم الهدى السيد المرتضى قدس الله نفسه
المتوفى سنة: (436) في شرح قول السيد الحميري:
304

وعليه قد حبست ب‍ (بابل) مرة * أخرى وما حبست لخلق معرب
قال الشريف السيد المرتضى: هذا البيت يتضمن
الأخبار عن رد الشمس ب‍ (بابل) على أمير المؤمنين عليه
السلام، والرواية بذلك مشهورة، وأنه عليه السلام لما فاته
وقت صلاة العصر ردت الشمس له حتى صلاها في وقتها.
وخرق العادة هاهنا لا يمكن أن يقال إن نسبته إلى
غيره، كما أمكن في أيام النبي صلى الله عليه وآله.
والصحيح في فوت الصلاة هاهنا أحد الوجهين
اللذين تقدم ذكرهما في رد الشمس على عهد النبي صلوات
الله عليه....
وأما قوله: (وعليه قد حبست ب‍ (بابل)...) فالمراد ب‍
(حبست) ردت، وإنما كره أن يعيد لفظة الرد لأنها قد
تقدمت.
فإن قيل: (حبست) بمعنى وقفت، ومعناه يخالف
معنى ردت.
قلنا: المعنيان هاهنا واحد، لأن الشمس إذا ردت إلى
الموضع الذي تجاوزته فقد حبست عن السير المعهود، وقطع
305

الأماكن المألوفة.
وأما (المعرب) فهو الناطق المفصح بحجته، يقال:
أعرب فلان عن كذا: أبان عنه..
ورواه عنه المجلسي رفع الله مقامه في ذيل الحديث:
(22) من الباب الأول من أبواب معجزات أمير المؤمنين عليه
السلام من بحار الأنوار: ج 41 ص 185، ط الآخوندي وفي
ط الكمباني: ج 9 ص 552 554.
وذكره أيضا الحافظ السروي المتوفى سنة: (558)
فإنه بعد ما ذكر رد الشمس لأمير المؤمنين في حياة رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم في عنوان: (طاعة الجمادات له
عليه السلام) من مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 355 ط دار
الأضواء قال:
وأما [رجوع الشمس لأمير المؤمنين] بعد وفاة رسول
الله صلى الله عليه وآله فم‍) ما روى جويرية بن مسهر، وأبو
رافع و [الإمام] الحسين بن علي عليه السلام [قالوا]:
إن أمير المؤمنين لما عبر الفرات ب‍ (بابل) صلى بنفسه
في طائفة معه العصر، ثم لم يفرغ الناس من عبورهم حتى
غربت الشمس وفاتت صلاة العصر من الجمهور، فتكلموا
306

في ذلك، فسأل الله تعالى رد الشمس عليه، فردها [الله
عز وجل] عليه، فكانت في الأفق فلما سلم القوم غابت،
فسمع لها وجيب شديد هال الناس ذلك، وأكثروا [من]
التهليل والتسبيح والتكبير.
ثم قال السروي رحمه الله: ومسجد الشمس
بالصاعدية من أرض بابل شائع ذائع (1).
أقول: وقد قدمنا قول أستاذ الفقهاء والأصوليين نجم
الدين الحلي المعروف بالمحقق أنه قال:
ومن معجزات أمير المؤمنين عليه السلام رجوع
الشمس له مرتين: مرة في حياة النبي صلى الله عليه وآله.
ومرة بعد [وفاة] النبي عليه السلام [والصلاة] بأرض
بابل.
ورواها أيضا أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي

(1) ثم قال طاب ثراه: وعن ابن عباس بطرق كثيرة أنه لم ترد الشمس إلا
لسليمان وصي داود وليوشع وصي موسى ولعلي وصي محمد عليه السلام. ثم
قال: وقال [جارية] بن قدامة السعدي:
رد الوصي لنا الشمس التي غربت * حتى قضينا صلاة العصر في مهل
لا أنسه حين يدعوها فتتبعه * طوعا بتلبية ها ها علي...
307

المتوفى عام: (692) في كشف الغمة ج 1 ص 282 قال:
و [ردت الشمس عليه مرة أخرى] بعد النبي صلى الله
عليه وآله، حين أراد أن يعبر الفرات به (بابل) واشتغل كثير
من أصحابه بتعبير دوابهم فصلى هو عليه السلام مع طائفة
من أصحابه العصر وفاتت جمهورهم [الصلاة في وقتها]
فتكلموا في ذلك، فلما سمع ذلك، سأل الله في ردها، ليجتمع
كافة أصحابه على الصلاة، فأجابه الله تعالى وردها، فكانت
كحالها وقت العصر فلما سلم بالقوم غابت وسمع لها وجيب
شديد هال الناس، وأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار
والحمد لله على نعمته التي ظهرت فيهم وسار خبر ذلك في
الآفاق، وفي ذلك يقول السيد إسماعيل بن محمد الحميري:
ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب...
وذكره أيضا العلامة الحلي رفع الله مقامه المتوفى
عام: (726) في ذيل الحديث: (125) من كشف اليقين ص
131، قال:
ودعا [أمير المؤمنين عليه السلام الله تبارك وتعالى]
فردت عليه الشمس مرتين أحدهما في زمن الرسول صلى
308

الله عليه وآله [على ما رواه جماعة من الصحابة والصحابيات
منهم] أسماء بنت عميس وأم سلمة وجابر بن عبد الله
الأنصاري وأبو سعيد الخدري وجماعة [آخرون] من
الصحابة [قالوا:]
إن النبي صلى الله عليه وآله كان ذات يوم في منزله
وعلي عليه السلام بين يديه إذ جاءه جبرئيل عليه السلام
يناجيه عن الله تعالى.
فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين عليه
السلام فلم يرفع رأسه حتى غابت الشمس، فاضطر
أمير المؤمنين عليه السلام لذلك إلى [أداء] صلاة العصر
جالسا يومي بركوعه وسجوده إيماءا، فلما أفاق من غشيته
قال لأمير المؤمنين عليه السلام: أفاتتك صلاة العصر؟ قال:
لم أستطع أن أصليها قائما لمكانك يا رسول الله والحالة التي
أنت عليها في استماع الوحي. فقال له: ادع الله تعالى ليرد
عليك الشمس حتى تصليها قائما في وقتها كما فاتتك، فإن
الله يجيبك لطاعتك لله ورسوله.
فسأل أمير المؤمنين عليه السلام الله عز وجل في رد
الشمس فردت عليه حتى صارت في موضعها من السماء
309

وقت العصر، فصلى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة العصر
في وقتها ثم غربت.
و [المرة] الثانية [التي رد الله عظم شأنه الشمس
لأمير المؤمنين كانت بعد وفاة] النبي صلى الله عليه وآله، لما
أراد أن يعبر الفرات ب‍ (بابل) [و] اشتغل كثير من الصحابة
بتعبير دوابهم ورحالهم وصلى عليه السلام بنفسه في طائفة
معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت
الشمس ففاتت الصلاة كثيرا منهم وفات الجمهور فضل
الاجتماع معه فتكلموا في ذلك!!
فلما سمع [أمير المؤمنين] كلامهم فيه سأل الله تعالى
رد الشمس عليه ليجمع كافة أصحابه على صلاة العصر في
وقتها فأجابه الله تعالى إلى ردها عليه، فهال الناس ذلك
وأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار.
أقول: ومر قول علي بن يونس البياضي المتوفى
سنة (877): إن المشهور رجوع الشمس لأمير المؤمنين
عليه السلام كان مرتين وذكر المرة الأولى كما قدمناه إلى أن
قال:
ومرة [أخرى من رجوع الشمس لأمير المؤمنين عليه
310

السلام كان بعد عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وكان] ب‍
(بابل) رواها جويرية بن مسهر، وأبو رافع و [الإمام] زين
العابدين و [ابنه الإمام] الباقر عليهما السلام أنه لما [رجع
أمير المؤمنين عليه السلام من وقعة النهروان و] عبر الفرات،
لم يفرغوا من العبور حتى غابت [الشمس] ولم يصل
الجمهور فتكلم الناس في ذلك فسأل الله فردت [الشمس
عليه] فصلوا فقال [جارية بن] قدامة السعدي:
رد الوصي لنا الشمس التي غربت * حتى قضينا صلاة العصر في مهل
لم أنسه حين يدعوها فتتبعه * طوعا تلبيه مهلا ها بلا عجل
وتلك آياته فينا وحجته * فهل له في جميع الناس من مثل
أقسمت لا أبتغي يوما به بدلا * وهل يكون لنور الله من بدل
حسبي أبي حسن مولى أدين به * ومن به دان رسل الله في الأول
(ثم قال البياضي: (؟ بالجملة فهذان الموضعان
311

(لرجوع الشمس) أمران شائعان (و) قال السيد المرتضى
(طاب ثراه):
ردت عليه الشمس يجذ بضوؤها * صبحا على بعد من الأصباح
من قاس ذا شرف به فكأنما * وزن الجبال السود بالأشباح
وقال المحقق الفيض الكاشاني رحمه الله المولود
سنة (1007) المتوفى سنة (1091) في الوافي:
هذه القصة [أي قصة رد الشمس] مشهورة وإن كذبها
بعضهم عنادا!! ونقل في مغائم المطابة عن أحمد بن صالح
من العامة أنه كان يقول: (لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف
عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة) (1).
وروى المولى محمد تقي المجلسي الأول قدس الله
نفسه المولود عام (1003) المتوفى سنة (1070) في
شرح قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا
موقوتا [النساء: 103] في (باب فرض الصلاة) من كتاب

(1) وانظر ما نقله السمهودي عن المجد، وما أفاده بعده في الفصل الثالث
من الباب الخامس من كتاب وفاء الوفا: ج 3 ص 822 و 823.
312

الصلاة من (من لا يحضره الفقيه) من روضة المتقين: ج 2
ص 25 ط 1، قال:
فجرت هذه السنة في رد الشمس على أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام في هذه الأمة، رد الله عليه
الشمس مرتين: مرة في أيام حياة رسول الله صلى الله عليه
وآله، ومرة بعد وفاته.
أما في أيامه عليه السلام فروي عن أسماء بنت
عميس أنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله نائم
ذات يوم ورأسه في حجر علي عليه السلام ففاتته العصر
حتى غابت الشمس فقال: اللهم إن عليا كان في طاعتك
وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها والله غربت ثم طلعت من بعدما
غربت ولم يبق جبل ولا أرض إلا طلعت عليه الشمس حتى
قام علي عليه السلام فتوضأ وصلى ثم غربت.
وأما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فإنه روي عن
جويرية بن مسهر أنه قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في أرض بابل
حضرت الصلاة صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين ونزل
313

الناس فقال علي عليه السلام: أيها الناس إن هذه أرض
ملعونة قد عذبت في الدهر ثلاث مرات وفي خبر آخر:
مرتين وهي تتوقع الثالثة وهي إحدى المؤتفكات وهي أول
أرض عبد فيها وثن وأنه لا يحل لنبي ولا لوصي نبي أن
يصلي فيها، فمن أراد منكم أن يصلي فليصل: فمال الناس
عن جنبي الطريق يصلون، وركب هو عليه السلام بغلة
رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى، قال جويرية: فقلت:
والله لأتبعن أمير المؤمنين عليه السلام ولأقلدنه صلاتي اليوم
فمضيت خلفه، فوالله ما جزنا جسر (سورى) حتى غابت
الشمس فشككت فالتفت إلي وقال: يا جويرية أشككت؟
فقلت: نعم يا أمير المؤمنين. فنزل عليه السلام عن ناحية
فتوضأ ثم قام فنطق بكلام لا أحسنه إلا كأنه بالعبراني ثم
نادى الصلاة فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت بين جبلين
لها صرير، فصلى العصر وصليت معه...
وأما حافظ الشيعة والمحيط بأسرار الشريعة
وغوامضها المجلسي الثاني قدس الله نفسه القدسية فإنه عقد
بابا خاصا لحديث رد الشمس وحققه وذكره في أول باب
معجزات أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب بحار الأنوار:
ج 9 ص 547 554 ط الكمباني وفي ط الآخوندي: ج 41
314

ص 166 191.
وممن أثبت الحديث من أعاظم معاصرينا وأورده من
مصادر كثيرة، هو آية الله السيد مرتضى الحسيني
الفيروزآبادي طاب ثراه المتوفى سنة (1410) فإنه روى
الحديث عن مصادر عديدة من أهل الخلاف في كتابه القيم:
فضائل الخمسة: ج 2 ص 135 139، ط بيروت.
وقد تقدم قول الشيخ السماوي رحمه الله وهو من
أجلة أعلام عصرنا في العجب اللزومي.
واعجبا من فرقة قد غلت * من دغل في جوفها مضرم
تنكر رد الشمس للمرتضى * بأمر طاها العيلم الخضرم
وممن تركز على تثبيت حديث رد الشمس ممن
أدركناه من مفاخر معاصرينا هو آية الله الشيخ محمد حسن
المظفر النجفي فإنه شرح قول العلامة رحمه الله في الحديث
(23) من عنوان: (تعيين إمامة علي بالسنة) من كتاب كشف
الحق ونهج الصدق: ج 2 ص 295 حيث قال:
روى الجمهور من عدة طرق أن رسول الله صلى الله
315

عليه وآله حمل عليا حتى كسر الأصنام من فوق الكعبة....
وأنه ردت له الشمس بعد ما غابت حيثما كان النبي صلى الله
عليه وآله نائما على حجره ودعا له بردها ليصلي علي العصر
فردت له.
فأورد الشيخ المظفر رحمه الله في شرح هذا الكلام
في كتاب دلائل الصدق: ج 2 ص 295 301 أقوال من
روى الحديث وصححه أو ضعفه، وتكلم حوله على أسلوب
علمي وثيق فليراجعه الباحثون.
ومن معاصرينا من مشيدي بنيان حديث رد الشمس
هو آية الله المرعشي السيد شهاب الدين الحسيني طاب ثراه
فإنه أورد الحديث عن مصادر كثيرة في الباب السابع عشر
من كتاب إحقاق الحق: ج 5 ص 521 540 ط 1.
وممن كشف المعضلة وحل المشكلة هو خاتمة
المحققين الباحثين شيخنا الأكبر الشيخ الأميني قدس الله
نفسه الزكية، فإنه قد أفاد وحقق في كتابه القيم الغدير، ما
يشفي العليل ويروي الغليل، وقد قدمنا ذكر كلامه الشريف.
وبذكر الشيخ الأميني طيب الله رمسه نختم كتابنا هذا
فإن ذكره مسك، وتذكار صنيعه وبذل جهوده حياة لأرباب
316

البحث والتنقيب وممارسة ما سجله في غديره غذاء لأولي
البصر والبصيرة، تغمده الله تعالى برحمته، ووفقنا لاقتفاء
سيرته ومنهاجه آمين رب العالمين.
والرجاء من قراء رسالتنا هذه أن يمدونا بما عندهم
من النصح والإرشاد وأن لا يبخلوا بما عندهم من إراءة الحق
والصواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وسلام
على المرسلين وعلى جميع الشهداء والصديقين، وطلاب
الحق واليقين، كتبه العبد الضعيف محمد باقر المحمودي في
خلال شهور وأيام آخرها اليوم الثلاثاء أول شهر محرم
الحرام من سنة: (1419) في بيتي في قم المحروسة حرسها
الله عن الآفات والبلايا، وصانها عن الغير والزلازل آمين رب
العالمين.
317