الكتاب: أنصار الحسين (ع)
المؤلف: محمد مهدي شمس الدين
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤٠١ - ١٩٨١ م
المطبعة:
الناشر: الدار الإسلامية
ردمك:
ملاحظات:

أنصار الحسين
1

حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1395 ه‍ - 1975 م
الطبعة الثانية
1401 ه‍ - 1981 م
2

محمد مهدي شمس الدين
أنصار الحسين
دراسة عن شهداء ثورة الحسين
الرجال والدلالات
الدار الاسلامية
3

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
الشهادة..
ونهوض الأمة
تمثل الشهادة في تاريخ نمو الشخصية الانسانية إحدى المعالم
الكبرى في مسيرة هذا النمو نحو الاكتمال، كالحب والوفاء والايثار، وما
إليها من أخلاق تتجاوز بالانسان ذاته نحو محيط الانسانية الأوسع.
بل إن الشهادة تمثل في رأينا ذروة هذه المعالم، وأقصى ما يمكن
أن يصل إليه إنسان في نموه الروحي وتكامله الانساني، لأنها تعني هبة كل
شئ شخصي، وكل متعة ذاتية للآخرين ومن أجلهم، مع ما يصاحبها
في الغالب من عذاب جسدي بينما أخلاق الحب والوفاء والايثار،
يمكن للانسان أن يحتفظ معها بجانب كبير من ذاتياته ومصالحه
الشخصية
ومن هنا كانت الشهادة ذروة العطاء الانساني.
ومن هنا فهي لا تتاح لكل إنسان، لان تحقيقها يتوقف على توفر
شروط موضوعية لا يكون الموت شهادة بدونها
5

الشهادة في مدلولها القضائي، هي إظهار الحقيقة لأجل إثباتها في
صراع وخصومة بين شخصين أو جماعتين يختلفان ويتنازعان على حق من
الحقوق يدعيه كل واحد منهما لنفسه، فيأتي الشاهد ليظهر حقيقة
الموقف.
ومن هنا فلابد أن يكون هذا الشاهد منفصلا عن الطرف المبطل
الظالم، أو المبطل المخطئ، انفصالا تاما، ومتحدا مع الطرف المحق
اتحادا تاما، لامن موقع ذاتي أو مصلحي، وإنما من موقع موضوعي
خالص، لا مجال فيه لاية نزعة ذاتية، إلا نزعة الانتصار للحق.
أما الشهادة في مدلولها الايماني الحضاري الاجتماعي في الصراع
بين الحق والباطل، وبين العدل والطغيان، فإنها تحتوي المفهوم السابق
للشهادة وتزيد عليه وتتجاوزه.
فمفهوم الشهادة هذا لا يمكن أن يحمله أي إنسان كما قلنا، وإنما
يمكن أن يبلغه فريق خاص من الناس.
ذلك لان الناس صنفان: فمن الناس من تكون حياته (فكره
ذكاؤه شبكة علاقاته الاجتماعية - ثروته - قدرته الجسدية - حواسه).
مسخرة لخدمة مصالحه الذاتية، الشخصية والعائلية، ويكون كل فعل من
أفعاله مسخرا لخدمة ذاتية، دون أن تكون ثمة أية رؤية للحياة وللمجتمع
تتجاوز هذا الهدف، وهذا الانسان هو ما اصطلحنا على تسميته في بعض
أحاديثنا بالانسان " المسطح ".
الانسان الذي تشغل حياته مساحة واسعة أو ضيقة من حياة الناس
6

حوله، دون أن يكون لها أي عمق، ودون أن يكون لها أية أبعاد أخرى في
حياة الآخرين، إنه يبادلهم المنافع ويبادلهم الخدمات، ولكن من منطلق
ذاتي محض، لا ينظر إلى مصالحهم وإلى سعادتهم أو شقائهم، وإنما
ينظر فقط إلى مصلحته الخاصة.
قد يكون هذا الانسان صالحا بمقدار ما يكون عادلا، وبمقدار ما
يكون ملتزما بالقوانين، ولكنه بالتأكيد ليس إنسانا رساليا، ويستحيل عليه
أن يكون شهيدا.
ومن الناس من يشارك الآخرين في حياته، لا من منطلق ذاته
ومصلحته، وإنما من منطلق مصالح الآخرين وهمومهم ومصائرهم، أي
أنه يتجاوز ذاته نحو الآخرين، ويجعل من حياته مشروعا عاما يخدم من
خلاله الآخرين، على خلاف الصنف الأول، الذي لا تعدو حياته أن
تكون مؤسسة خاصة مغلقة، وهذا الانسان هو ما اصطلحنا على تسميته
في بعض أحاديثنا بالانسان " المكعب "
إنه الانسان الذي تشغل حياته مساحة كبيرة أو صغيرة من حياة
الآخرين، ولكن لا من منطلق ذاتي ونفعي، وإنما من منطلق غيري
وتضحوي يجعل حياته مشاعا، يعود بالنفع والخير على الآخرين، الذين
لا يرجو منهم نفعا، ولا جزاء ولا شكورا.
إن حياته ذات أبعاد، وأبعادها هي الآخرون. هذا الانسان، هو
إنسان صاحب قضية، فحياته ذات بعد معنوي تشكله القضية، وحياته
غنية بمقدار ما في قضيته من غنى، ونبيلة بمقدار ما في قضيته من صوابية
7

وصدق، وهو قادر على أن يكون صالحا بمقدار ما يكون منسجما مع
قضيته العادلة، ورسالي بمقدار ما يعطي من حياته لهذه القضية، وهو
إنسان يمكن أن يكون شهيدا. هذا الصنف من الناس، هم الذين قال الله
عز وجل فيهم: (والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من
هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على
أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم
المفلحون) الحشر / 9
الصنف الأول، إنسان محدود يبدأ في الرحم وتنتهي حياته الدنيا في
القبر، ولا يترك في حياة الناس وراءه أي خير، هذا إذا لم يترك في حياتهم ألوانا من
الشر، والصنف الثاني إنسان غير محدود، يبدأ في الرحم، وتنتهي
حياته الدنيا في القبر ولكنه يترك في حياة الناس ألوانا من الخير والسعادة،
وتبقى حياته نابضة فيهم، وتضحياته سعادة وتقدما في حياتهم، وذكراه
قدوة لهم تزيد من أمثاله الذين ينسجون على منواله.
إن إمكانية الشهادة لهذا الصنف من الناس، تزيد باطراد بمقدار
ما تكون قضيته شاملة وعادلة ومستقبلية وبمقدار ما يعطي من حياته لهذه
القضية، وأولئك الذين تكون قضيتهم شاملة للبشرية جمعاء، عادلة
ومستقبلية، ويتحدون بها اتحادا كاملا، فيعطونها كل حياتهم ووجودهم
ومستقبلهم، هم المؤهلون للشهادة تأهيلا كاملا، إنهم الذين تقل عندهم
فرص الموت وتكثر لديهم فرص الشهادة.
إن حياتهم تكون في هذه الحالة استشهادا مستمرا، إنهم الشهداء
الاحياء الذين ينتظرون قضاء نحبهم في سبيل الله وهذه النوعية من الناس
8

ينطبق عليها قول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (من المؤمنين
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
وما بدلوا تبديلا). الأحزاب / 23.
ومن هنا فلا شهادة بدون قضية تجعل من حياة الانسان مشروعا
لخدمة الآخرين، وتجعل حياته عاملا إيجابيا ومباركا في حياتهم
هذا الانسان حين يتحد مع قضية إنسانية عادلة مستقبلية، وينفصل
انفصالا تاما عن الظلم والطغيان ورموزهما وأنظمتهما، يكون شاهدا
ويسير في درب الشهادة يكون شاهدا على ظلم الظالم، وطغيان الطاغي،
ويستمر في هذه الشهادة لا بالكلمات، وإنما بالحياة بحيث تتحول حياته
[فكره - ذكاؤه - شبكة علاقاته الاجتماعية - ثروته - قدرته الجسدية -
حواسه.] إلى شهادة مستمرة من أجل القضية وجمهورها، وضد الطغيان
ورموزه، وتستمر شهادته في التصاعد وتستمر شهادته في الاتساع،
وتستمر شهادته في الوضوح والنصاعة إلى أن تبلغ ذروتها بتقديم حياته
نفسها، في سبيل القضية ومن أجل جمهورها، تقديمها لا عن إكراه وإنما
بحب وشوق، ومن خلال عذاباته الجسدية والنفسية، في سبيل القضية
ومن أجل أهلها، يبلغ سعادته الكبرى بالشهادة.
نتذكر هنا لايضاح هذا المفهوم قول أبي الشهداء الإمام الحسين
(ع) في خطبته في المدينة حين أزمع التوجه نحو الاستشهاد
(... خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني
إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني
بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملأن مني أكراشا
9

جوفا وأجرية سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل
البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله
لحمته بل هي مجموعة له في حظيرة القدس تقربهم عينه وينجز بهم
وعده، من كان باذلا فينا مهجته وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا
فإنني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى ".
إن الوله هو أسمى وأعلى مراتب الحب والعشق، إنه الذروة التي
تستقطب كل وعي الانسان وإمكاناته نحو مركزها، ونلمس هذه الظاهرة
الروحية في جميع النصوص التي تحدثنا عن الحالة الكيانية للشهداء في
ذروة اندفاعهم نحو الشهادة.
إننا نلمس من خلال النصوص التي تحاول أن تصور هذه الظاهرة
الروحية، وهي بالتأكيد عاجزة عن تقديمها إلينا بشكل كامل، نلمس أن
هؤلاء الشهداء كانوا يستشعرون ذروة السعادة في هذه الذروة من الاندفاع
نحو الشهادة نسأل الله تعالى أن يرزقنا الشهادة.
ومن هنا فثمة بون شاسع، وفرق نوعي أساسي بين الموت وبين
الشهادة.
الموت نهاية طبيعية لكل حي، ولكن الشهادة ليست نهاية لكل
حياة.
الموت قدر إلهي ثابت، والشهادة نعمة نادرة ليست مجانية كسائر
النعم الإلهية. وإنما هي نعمة تقتضي شروطا لابد من تحقيقها، وهي
10

القضية العادلة المستقبلية، والاتحاد بالقضية، وبيع النفس لله من خلال
هذه القضية.
ولان الشهادة نعمة غير مجانية فإن الله تعالى هو الذي يختار الشهداء
وليست الصدفة هي التي تصنع الشهداء. يقول الله عز وجل في كتابه
العزيز: (.. وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا
يحب الظالمين) آل عمران / 140
فالشهادة اتخاذ واصطفاء واختيار من الله ومن هنا قلنا أنها نعمة غير
مجانية.
ويؤكد هذا المعنى ما حفلت به السنة الشريفة، وخاصة ما يتعلق
منها بالحقل التربوي والتوجيهي من التعبير عن الشهادة بأنها رزق ومن
اشتمال كثير من نصوص الأدعية التربوية الشريفة على نصوص تتضمن
التوجه إلى الله بالدعاء طلبا لرزق الشهادة.
وتتناسب حيوية كل أمة وروح الانبعاث في كل جماعة طردا وعكسا
مع انتشار روح الشهادة، وتصوراتها بين أفراد تلك الأمة والجماعة ومع
كثرة الشهداء الاحياء وندرتهم في تلك الأمة والجماعة. فكلما نما في
الأمة عدد هؤلاء الشهداء الاحياء كلما كانت الأمة أقدر على النهوض
وأقرب إلى تحقيق أهدافها من خلال تحقيق قضيتها، وكلما ندر في الأمة
عدد هؤلاء الشهداء الاحياء كانت الأمة أعجز عن النهوض، وأقرب إلى
أن تكون منالا سهلا لأعدائها والمتربصين بها، وهذا قانون حياتي تاريخي
11

ينطبق على كل الأمم في كل العهود وفي جميع الحضارات. ويمكن أن
تقدم مثالا له من حياة الاسلام بين عهد الرسول صلى الله عليه وآله وبين عهد الإمام الحسين
(ع) الذي يسجل هذا الكتاب دراسة عن شهداء ثورته.
ففي عهد الرسول كانت روح الشهادة بين أصحابه شائعة كالهواء
والنور، فحقق الاسلام والمسلمون انتصارات تجاوزت كل القوانين
العادية للتاريخ، لان عاملا نوعيا هو عامل الشهادة، غير المعطيات العادية
لحركة التاريخ، واستمرت هذه الاندفاعة بفضل هذه الروح حتى حققت
للاسلام في عهد الخلفاء الأولين انتشاره الأعظم.
أما في عهد الإمام الحسين (ع) مع انتشار الاسلام وانتشار ثقافته
ونمو مجتمعه فقد كانت روح الشهادة ضئيلة تشبه النجوم في ظلمات الليل
بحيث لم يستطع كل الظلم الأموي، وكل التحدي الحسيني العلوي
الاسلامي، أن يولد إلا عددا محدودا من الشهداء تمثل نخبتهم شهداء
كربلاء، مما اقتضى من الإمام الحسين (ع) وقد أدرك هذه الحقيقة
المرعية، أن يقوم بثورته العظيمة والانتحارية من أجل أن يفجر في الأمة
الاسلامية روح الشهادة من جديد. لتغدو كالنور والهواء كما كانت في عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله ولتستأنف الأمة بهذه الروح جهادها من أجل العدالة
والكرامة الانسانية للمستضعفين، كل المستضعفين في الأرض، ومن هذا
المنظور يمثل أنصار الحسين (ع) شهداء كربلاء، أعلى ذروة نوعية في
سجل الشهادة والشهداء في تاريخ الاسلام كله، لأنهم صمموا على نيل
الشهادة التي رزقهم الله إياها في حالة من الهزيمة للأمة، أمام قوى
الطغيان، وهذا ما يميزهم عن شهداء العهد النبوي الذي صمموا على نيل
12

الشهادة التي رزقهم الله إياها، في حالة من اندفاع الأمة نحو مواجهة قوى
الطغيان وفي حالة كانت الشهادة في حياة الأمة كالنور والهواء.
إن التضحية العظمى التي جعلت شهداء كربلاء، يتجاوزون
حياتهم من أجل الآخرين ونحو الآخرين، الذين كان موقفهم في الغالب
موقف الخذلان وفي النادر موقف الأسى السلبي المتفرج، يختلف بالتأكيد
عن التضحية العظمى التي جعلت شهداء العهد النبوي يتجاوزون حياتهم
نحو الآخرين ومن أجل الآخرين، الذين كان موقفهم موقف المشارك
المتعاطف: (ولا تحسبن اللذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند
ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم
يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون * يستبشرون
بنعمة من الله وفضل * وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) آل عمران /
169 - 171
إني لم أكتب هذه الدراسة عن شهداء كربلاء الأبرار إحياء لذكرهم
(فهم أحياء عند ربهم يرزقون). وإنما كتبتها لأصل حياتي
بحياتهم، فأتعلم منها وأستشعر بها روح الشهادة، ونشرت هذا
الكتاب في الناس ليستذكر قراؤه روح الشهادة هذه في زمن طغت فيه على
الأمة الاسلامية روح الترف، وضمرت فيه روح الشهادة، وطغت فيه مثل
الحياة المادية التي تجرد الانسان من أية قضية تجعل من حياته مشروعا
يتجاوز ذاته نحو الآخرين ومن أجل الآخرين. وانحسرت فيه روح الاسلام
التي هي قضية الأمة الاسلامية التي تستطيع أن تحرر بها نفسها، وتحرر بها
الآخرين من أغلال الاستعمار الجديد في العالم الثالث والعالم الاسلامي،
ومن أغلال إسرائيل ووجودها العدواني الرجعي في العالم العربي. فلم
13

تستطع الأمة الاسلامية أن تتجاوز أغلال عبوديتها وتخلفها، ولن تستطيع أن
تستعيد دورها الحضاري والسياسي في العالم بدون أن تنمو في فكرها
وعلقها وجميع وجوه حياتها روح الشهادة التي تولد الشهداء الاحياء الذين
يستطيعون أن يقودوا خطى الأمة نحو النصر في طريقهم نحو ختم حياتهم
بالشهادة.
إن هذا هو الطريق الوحيد للخروج بالأمة مما هي فيه، وهذا هو
الشرط التغييري الوحيد الذي يجب أن يتوفر في معظم أفراد الأمة لتستطيع
أن تغير ما يحيط بها ويحل فيها من بلاء، بعد أن تغير ما بنفسها من عوامل
التخلف والضعف والهزيمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم) الرعد / 11
وسيبقى الحسين (ع) وأنصاره معلمين كبارا، وروادا عظاما في
عملية التغيير التي يمثل النبي وآل بيته الأطهار (ع) روادها في كل عصر
ولكل جيل.
والحمد لله رب العالمين.
محمد مهدي شمس الدين
21 جمادي الثانية 1401 ه‍
26 نيسان 1981 م
14

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد رسوله وآله الطاهرين
تقديم
ثمة بعد من أبعاد الثورة الحسينية - وهو البعد البشري باتجاه العمق -
لم يدرس من قبل على الاطلاق.
وهو كما تكشف لي من خلال بحثي، بعد عميق الاغوار، واسع
الارجاء متراحب الآفاق.
ولا أستطيع أن أقول إن ما كتبته قد نفذ إلى جميع أعماقه، وامتد
إلى أوسع آفاقه، فطموح كهذا يقتضي دراسة متأنية صبورة تعتمد على
جميع ما يمكن الحصول عليه من مصادر، ربما يكون بعضها غير تقليدي
لمثل هذه الدراسات ككتب الأنساب. وتقوم على تتبع علاقات القبائل في
مجموعتيها الكبيرتين: عرب الشمال، وعرب الجنوب، ثم تتبع علاقات
القبائل في داخل كل مجموعة من هاتين المجموعتين، ثم تتبع الصلات
بين الافخاذ والبطون في كل قبيلة، وعلاقاتها الداخلية، ثم يأتي من بعد
ربط ذلك كله بالمواطن الجغرافية لهذه القبائل في العراق والحجاز
وسورية، وربما تعدينا، في الدائرة الكبرى، إلى مصر وشمال أفريقيا.
15

كما يقتضي طموح كهذا دراسة أكثر اتساعا وشمولا لمواقف الموالي
في ذلك العهد المبكر. لقد كانت النتيجة التي توصلنا إليها هنا هي أن
الموالي لم يكن لهم دور في هذه الثورة، وهي نتيجة نثق بصحتها، ولكن
ما مدى مساهمة هذه الثورة في إيقاظ شعور الموالي بأهميتهم، وبالظلم
النازل بهم، وبقدرتهم على التغيير؟
كما يقتضي إجابة عن كثير من المسائل الهامة، والتي منها: درجة
تماسك البناء القبلي في المجتمع الاسلامي في ذلك الحين؟ موقف
العباسيين الحقيقي الخفي من العلويين في غمرة النشاط السياسي والثوري
الذي احتدم في الثلث الأخير من القرن الهجري الأول وبدايات القرن
الثاني؟ حقيقة علاقة العباسيين ودعاتهم بذوي النحل والأهواء من
الجماعات غير الاسلامية أو المتسترة بالاسلام في مراحل ما قبل القضاء
على الأمويين وبعد إقامة الدولة العباسية؟ وغير ذلك.
إن الإجابات التي وردت في هذا البحث على بعض هذه المسائل.
وعلى غيرها من المسائل التي لم نذكرها في هذا التقديم، غير كافية،
وهذا لا يعني أنها غير صحيحة، ولكنها مع ذلك تحتاج إلى تفصيل أكثر.
لقد بدأت بكتابة هذا البحث ليكون ملحقا للطبعة الثالثة من كتابي
(ثورة الحسين: ظروفها الاجتماعية وآثارها الانسانية) ولكن المسائل
التي كان يثيرها كانت تستدرجني للتوسع فيها حتى تكونت هذه الفصول
التي هي أكبر من أن تكون ملحقا لكتاب، فرأيت نشرها في كتاب
مستقل.
16

إن هذا البحث يتكون من ثلاثة أقسام:
1 - مقدمات: عن أبعاد الفكرة وأهدافها، ومصادر البحث.
2 - كم هم ومن هم؟ عن شهداء الثورة الحسينية من الهاشميين
وغيرهم في كربلاء والكوفة، والتعريف بكل واحد منهم في حدود
المعلومات المتاحة عنه، مع ملحق أثبتنا فيه نص الزيارة المنسوبة إلى
الناحية المقدسة والزيارة الرجبية. وفصل مهم في تحقيق حال الزيارتين
من حيث كونهما مصدرين لهذا البحث رجحنا فيه الاخذ بالزيارة المنسوبة
إلى الناحية، واعتبرنا الزيارة الرجبية مصدرا ثانويا غير مهم.
3 - الدلالات التي تستفاد من المعلومات المتعلقة بأشخاص
لشهداء، ووضع الدولة والمجتمع، وظروف المعركة وما سبقها وما
تلاها.
يبدو لي أن هذا البحث يمثل طريقة جديدة في التعامل مع النص
التاريخي واستنطاقه، خاصة فيما يعود إلى حقل دراسة الثورات
وجماهيرها في التاريخ الاسلامي، فإن تاريخ الثورات، كما نعلم قد
تعرض للتهشيم والتمزيق من قبل الرواة والمؤرخين الذين كانوا يتملقون
السلطة أو يخافون منها، ولذا فإن مهمة المؤرخ بالغة الصعوبة في هذا
الحقل، وربما كانت هذه الطريقة أفضل الطرق التي تمكن الباحث من
الوصول إلى قدر كبير من الحقيقة.
17

إذا استطاع هذا البحث بطريقته التي بني عليها، والمسائل التي
أثارها وأجاب عليها أولم يوفق للإجابة عليها - إذا استطاع أن يثير الرغبة
في البحث عن مزيد من الحقيقة فإنه يكون قد أدى إلى أعظم أغراضه.
أسأل الله تعالى أن يجعله عملا مقبولا، وأن ينفع به، والحمد لله
رب العالمين.
محمد مهدي شمس الدين
21 جمادي الأول 1394 ه‍.
11 حزيران 1974 م.
18

مقدمات
أغراض البحث، المصادر،
كتب المقاتل
19

- 1 -
من الابعاد التي لم تدرس في ثورة الحسين عليه السلام بعدها
البشري - إذا صح التعبير - نعني بذلك ما يعود إلى رجالها الذين أججوا
نارها، واستشهدوا فيها - لا من حيث إخلاصهم لها، وإيمانهم بها، فقد
صدقوا ذلك بالموت - بل من حيث انتماؤهم القبلي، وعنصرهم
البشري، وموطنهم الجغرافي، والحالة الاجتماعية، والأعمار، وغير
ذلك مما يتصل بالوضع الشخصي لكل واحد منهم.
ويدخل في حقل هذه الدراسة أيضا أولئك الذين كانوا من رجال
الثورة أو من جمهورها، وفاتتهم لسبب أو لآخر فرصة المساهمة فيها حين
نشبت دون أن يتبدل ولاؤهم لها.
إن دراسة هذا البعد من أبعاد الثورة الحسينية ضرورية لتحقيق
هدفين:
21

الأول:
معرفة (الدرجة) التي بلغتها (الحالة الثورية) في المجتمع
الاسلامي آنذاك، وذلك من حيث العمق والأصالة، ومن حيث الانتشار.
الثاني:
معرفة مدى مساهمة استشهاد رجال الثورة في كربلاء وغيرها في
تأجيج نار الثورات التي تفجرت فيما بعد من حيث أن الانتماء القبلي أو
الإقليمي المعين - مثلا - لهذا الثائر أو ذاك قد سبب أن تحدث شهادته
تغييرا ما في ولاء بعض الرجال والجماعات للسلطة، فنقلتهم إلى جو
الثورة أو حيدت مواقفهم على الأقل.
وقد درسنا في كتابنا (ثورة الحسين: ظروفها الاجتماعية وآثارها
الانسانية) تأثير الثورة الحسينية في تفجير ما تلاها من ثورات من حيث
تأثير الثورة في ذهنية الأمة بشكل عام كعنصر ثقافي جديد دخل في
تصورات الأمة، ولم ندرس تأثير الثورة المباشر من خلال شخصيات
رجالها، وانتمائهم، ومواقعهم في حياة مجتمعاتهم القبلية ومواطنهم
الجغرافية.
إن هؤلاء الرجال، حين يدرسون على هذا النحو، سيكونون نوافذ
نطل منها على مجتمعهم فنعرف الكثير من خفاياه مما لا تسعفنا النصوص
المباشرة في معرفة شئ منه.
ولكن المادة الأساسية لهذه الدراسة تكاد أن تكون مفقودة. فإن
الأخباريين والمؤرخين لم يعنوا برواية وتسجيل أسماء الرجال والنساء
22

والجماعات ممن شارك في هذه الثورة بشكل أو بآخر. أو حاول أن يشارك
فيها وحالت الظروف بينه وبين ذلك - وقبائلهم ومواطنهم الجغرافية،
وأعمارهم. ولا نكاد نعرف شيئا ذا قيمة عن الأوساط الاجتماعية التي
خرج منها كثير من هؤلاء الثوار أو غالبيتهم.
نعاني هذا الفقر في المعلومات بالنسبة إلى غير الهاشميين من
الشهداء، أما الهاشميون فإن المؤرخين حفظوا لنا أسماء الشهداء منهم،
والمؤرخون يختلفون فيما بينهم في بعض الأسماء، ولكن الامر بالنسبة
إليهم، على كل حال، أفضل مما نواجهه بالنسبة إلى الشهداء من غير
الهاشميين.
ربما يكون الوهج الساطع الذي يشع من شخصية الإمام الحسين،
والظل الكبير الذي تتركه هذه الشخصية العظيمة في نفس الباحث
مسؤولين إلى حد ما عن إهمال المؤرخين والاخباريين لتزويدنا بالمادة
الأساسية لهذه الدراسة على نحو أفضل.
ولذا فإن محاولة تجميع المادة الأساسية لهذه الدراسة تواجه
صعوبات جمة تنشأ من قلة المعلومات، وتشتتها وغموضها أحيانا،
وتناقضها في أحيان أخرى. ولذا فلا بد من كلمة نقولها عن المصادر.
- 2 -
إن المصادر التي من شأنها أن توفر مادة هذه الدراسة هي:
1 - كتب الرجال الموضوعة لمعرفة حال رواة الحديث من حيث
وثاقتهم ودرجتها، أو عدمها. وقد عني علماء الرجال بذكر هؤلاء
الشهداء، ربما بسبب ما يتمتعون به من مركز معنوي كبير في الذهنية
23

الاسلامية نشأ نتيجة لشهادتهم في سبيل الحق، وإلا فلم يرد لأكثرهم ذكر
في سند أية رواية.
2 - كتب التاريخ، لما تشتمل عليه من ذكر بعض الشهداء على نحو
مقصود، بسبب ما يتمتع به المذكور من مركز خاص، أو عرضا خلال
حكاية حادث أو تصوير موقف من المواقف. كما أنها مصدر رئيسي
للاحداث المتصلة بهؤلاء الشهداء وخصومهم.
3 - كتب المقاتل، وهي كتب وضعها علماء أو متأدبون من الشيعة الإمامية
، وهي عادة مقصورة على رواية تاريخ الثورة الحسينية وملابساتها
منذ بدايتها حتى النهاية.
4 - كتب الأدب القديمة، وهي ذات قيمة ثانوية فيما يبدو، على
الأقل فيما يتعلق بهذه المرحلة من مراحل الدراسة.
من كتب الرجال سنعتمد على الكتب التالية:
1 - كتاب الرجال لمحمد بن عبد العزيز الكشي - توفي في
النصف الثاني من القرن الرابع الهجري - (منشورات مؤسسة الأعلمي
للمطبوعات - كربلاء العراق / غير مؤرخة).
2 - كتاب الرجال - لأبي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس
النجاشي - توفي سنة 405 ه‍ (مركز نشر كتاب - مطبعة مصطفوي
- طهران / غير مؤرخة).
3 - كتاب الرجال - للشيخ محمد بن الحسن الطوسي - توفي سنة
24

460 ه‍ تحقيق وتعليق السيد محمد صادق بحر العلوم - المطبعة
الحيدرية - النجف: 1381 = 1961 م).
4 - معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة لسيدنا الأستاذ
السيد أبو القاسم الخوئي، وهو من أحدث الكتب المؤلفة في الرجال ومن
أكثرها شمولا ولدينا منه تسعة مجلدات. انتهى طبع الجزء التاسع منه في
اليوم التاسع عشر من شهر ربيع الثاني عام 1394 في مطبعة الآداب في
النجف الأشرف.
ومن كتب التاريخ سنعتمد بشكل أساسي على محمد بن جرير
الطبري في كتابه (تاريخ الرسل والملوك) - طبعة دار الكتب - تحقيق
محمد أبو الفضل إبراهيم (الجزء الخامس المطبوع سنة 1963 م) وقد
آثرناه على غيره من الموسوعات لأنه يتيح للباحث فرصة معرفة سند
الرواية، والتأكد من أنها رواية شاهد عيان، كما يتيح للباحث فرصة
المقارنة والترجيح لما يغلب فيه من نقل عدة روايات للحادث
الواحد.
ولا شك أن الحاجة ستقضي بالرجوع إلى مصادر أخرى لمقارنة
بعض المعلومات، ولزيادة التوثيق. للمقارنة والتوثيق سنرجع إلى الكتب
التالية:
1 - الاخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري - توفي سنة 282 ه‍ -
تحقيق عبد المنعم عامر - سلسلة (تراثنا) نشر وزارة الثقافة والارشاد
القومي، سنة 1960 م.
25

2 - تاريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب، توفي سنة 292 ه‍
منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف سنة 1384 ه‍ = 1964 م
3 - مروج الذهب ومعادن الجوهر، لأبي الحسن علي بن الحسين
المسعودي، توفي سنة 364 ه‍ - تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد -
مطبعة السعادة بمصر - الطبعة الثانية، سنة 1367 ه‍ = 1948 م
وربما رجعنا في حالات نادرة إلى تاريخ ابن الأثير الجزري (الكامل
في التاريخ) الجزء الثالث، نشر دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة
الثانية، سنة 1387 ه‍ = 1967 م. كذلك ربما دعت الحاجة أثناء
البحث إلى الاستعانة ببعض كتب الأدب في شأن بعض الرجال أو
الاحداث.
ومن كتب المقاتل سنعتمد على الكتب التالية:
1 - الارشاد - للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان المتوفي
سنة 413 ه‍ - منشورات المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النجف الأشرف،
سنة 1381 ه‍ = 1962 م.
2 - مقتل الحسين - لأبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي أخطب
خوارزم المتوفي سنة 568 ه‍ (الجزءان الأول والثاني) مطبعة الزهراء في
النجف سنة 1367 ه‍ = 1948 م.
والخوارزمي يروي أخباره في هذا الكتاب غالبا من عن تاريخ ابن
26

أعثم، أبي محمد أحمد، التوفي سنة 314 ه‍، وإذن فهي في مستوى
روايات الطبري وأخباره تتسم بالموضوعية واللغة الدقيقة غالبا، كما أنها
ذات محتوى عاطفي معتدل.
3 - مقاتل الطالبيين - لأبي الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين بن
محمد القرشي الأموي المرواني، المتوفي سنة 356 ه‍، شرح وتحقيق
السيد أحمد صقر - القاهرة - دار إحياء الكتب العربية.
4 - مناقب آل أبي طالب - لمحمد بن علي بن شهرآشوب السروي
المازندراني المتوفي سنة 588 ه‍، (الجزء الرابع) المطبعة العلمية -
بقم - إيران غير مؤرخة.
5 - مثير الأحزان - للشيخ نجم الدين محمد بن جعفر (ابن نما)
الحلي المتوفي سنة 645 ه‍ - منشورات المطبعة الحيدرية في النجف -
1369 ه‍ = 1950 م.
6 - اللهوف في قتل الطفوف - لعلي بن موسى بن محمد بن
طاووس، المتوفي سنة 664 ه‍ - منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها في
النجف / غير مؤرخة.
7 - بحار الأنوار - لشيخ الاسلام محمد باقر المجلسي، توفي سنة
1111 ه‍ (الجزءان: 44، 45) من الطبعة الجديدة - المطبعة الاسلامية
1385 منشورات المكتبة الاسلامية بطهران - إيران.
وقد اعتمدنا على هذا الكتاب لأنه ينقل نصوص مؤلفين في المقاتل
متقدمين عليه.
27

8 - زيارة للحسين عليه السلام منسوبة إلى الإمام الثاني عشر من
أئمة أهل البيت عليهم السلام تشتمل على أسماء كثير من الشهداء من
الهاشميين وغيرهم. رواها المجلسي في البحار. (ج 45 ص 65 -
73) عن كتاب الاقبال للسيد ابن طاووس وذكر أنها صدرت، سنة
252 ه‍.
ونحن نشك في نسبتها إلى الإمام الثاني عشر عليه السلام، ولكنها
مع ذلك نص تاريخي قديم يعتمد عليه من الناحية التاريخية، وسنشير إليها
في ثنايا البحث بكلمة (الزيارة).
10 - زيارة للحسين ذكر السيد ابن طاووس في كتابه (الاقبال)
تضمنت زيارة للشهداء تشتمل على أسمائهم. وهي فيما يبدو من إنشاء
السيد ابن طاووس وقد ذكرها المجلسي في بحار الأنوار (ج 101 ص)
(340 341).
وسنشير إليها في ثنايا البحث بكلمة (الرجبية) لأنها رويت ليزار بها
الحسين والشهداء في أول يوم من شهر رجب. وهي أقل قيمة. كوثيقة
تاريخية - من سابقتها لتأخير ابن طاووس عن عصر صدور الزيارة الأولى
(توفي ابن طاووس سنة 664 ه‍) فهي متأخرة عن الزيارة الأولى أربعة
قرون أو أكثر. وهما مختلفتان في بعض الأسماء، وسنثبت الزيارتين في
آخر هذا الكتاب مع بيان موارد اختلافها ودراسة وافية عنهما.
11 - أعيان الشيعة (الجزء الرابع، القسم الأول) للسيد محسن
الأمين - الطبعة الثالثة - مطبعة الانصاف، بيروت، سنة 1380 ه‍ -
1960 م.
28

وينبغي أن ننوه بأن السيد محسن الأمين هو الوحيد من بين المؤلفين
في الموضوع الذي استقصى أسماء الشهداء من الهاشميين وغيرهم،
وأثبت أسماءهم في الصفحات (135 - 138) من الجزء المذكور
أعلاه، وإن لم يسلم عمله، في رأينا، من مأخذ الوقوع في التصحيف،
كما ذكر أسماء بعض من لم يقتل في المعركة. وسنثبت في هذا البحث ما
ذكره في أعيان الشيعة مع ملاحظاتنا عليه.
وثمة كتب أخرى في المقتل أطلعنا عليها من خلال كتاب (بحار الأنوار
) المذكور أعلاه.
- 3 -
ولا بد لنا من أن نقول هنا كلمة عن كتب (المقتل).
نحن نرى أن أكثر هذه الكتب أجدر بأن يكون مرجعا في شأن الثورة
الحسينية من كتب التاريخ العام.
فهي - من جهة - خاصة بحكاية وقائع هذه الثورة، ولذا فهي أحفل
من كتب التاريخ العام بالاحداث وتفاصيلها، فإن كتب التاريخ العام
تعطي، غالبا، أهمية متساوية لكل ما ترويه.
وهي، من جهة ثانية، من وضع رجال ينظرون إلى الثورة الحسينية
بعاطفة الحب والتقديس، وهي جزء نابض بالحياة من تاريخهم، وهم
يعتمدون في حكايتهم لاحداثها على مصادر ذات صلة حميمة بالثورة
(أئمة أهل البيت، الرجال والنساء الذين رافقوا الثورة منذ بدايتها حتى
نهايتها في كربلا) هؤلاء الذين لم يتصل بهم رواة التاريخ العام الذين
كانوا غالبا على اتصال وثيق بالسلطان يمنعهم من الاعتماد في رواياتهم
29

على هؤلاء. أو كان على الأقل يدفعهم إلى الحذر في نقل صورة
الاحداث كما يعكسها نساء الثوار وأبناؤهم وأصحابهم.
كما أن مؤلفي كتب التاريخ العام كانوا، غالبا، على اتصال
بالسلطان، أو أنهم يؤيدون وضعا سياسيا يتعارض مع مضمون الثورة،
وربما ينسجم بشكل أو بآخر مع وضع جلاديها، فلم يكونوا، بطبيعة
الحال قادرين، أولم يكونوا يريدون تسجيل الاحداث من وجهة نظر
مصادر الثائرين أنفسهم - هذه المصادر قد اتصل بها رواة من الشيعة،
رجال ونساء، كان تشيعهم حافزا لهم على تقصي كل تفصيل دقيق وكل
حادث كبير يتصل بالثائرين وإنجازهم في كربلاء. على أننا نبادر، مع
ذلك، فنقول إنه حتى هؤلاء لم ينقلوا كل ما حدث، فلقد ضاع الكثير،
وطمس الكثير.
من نماذج ذلك رواية عمار الدهني (1) عن الإمام الباقر أبي جعفر
محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، وقد أوردها الطبري. فهي
رواية نعتقد أن عمارا أو من بعده من الرواة قد تلاعبوا فيها، فأضافوا إليها
بعض الأفكار التي ترضي السلطة (مثلا: أن الحسين طلب أثناء مفاوضته
مع عمر بن سعد أن يرسله إلى يزيد بن معاوية يضع يده في يده ويرى فيه
رأيه) وحذفوا منها، واختصروا بعض المعالم الرئيسة فيها، كما لا يبعد
أن يكون الطبري نفسه قد تسامح في إثبات بعض أجزائها (2).

(1) عمار بن خباب. أبو معاوية، الدهني البجلي، الكوفي. عده الشيخ في الرجال من أصحاب الإمام
الصادق وذكره في الفهرست (المطبعة الحيدرية - النجف / الطبعة الثانية) ص 144،
وقال: (له كتاب ذكره ابن النديم) وصفه ابن حجر في التقريب بأنه صدوق يتشيع، توفي
سنة: 133 ه‍.
(2) تتسم الرواية بالتدفق والحركة وقصر الجمل، تختزل كثيرا من المواقف الهامة. وقد أثبتها
الطبري في تاريخه في ثلاث قطع (5 /) ومن الغريب أن ابن نما الحلي اعتمد في مقتله
(مثير الأحزان) على هذه الرواية وأثبت منها الفقرة التي فيها أن الحسين طلب أن يمضي إلى
يزيد يرى فيه رأيه (مثير الأحزان، ص 36) مع أن طبيعة الأشياء تكفي لتكذيب صدور هذا
العرض من الحسين، هذا بالإضافة إلى نص نقله المؤرخون، ومنهم الطبري، عن عقبة بن
سمعان - وهو شاهد عيان في موقع يتيح له الاطلاع التام على حقيقة الاحداث، فقد كان مولى
للرباب زوجة الحسين - يكذب فيه هذه الإشاعة التي نرجح أنها من دس الأمويين والعباسيين
ليشوهوا صورة الحسين الناصعة في الذهنية الاسلامية (الطبري / 5).
30

لهذا وذاك نعتبر كتب المقتل أجدر من كتب التاريخ العام بالاعتماد
عليها فيما يتصل بالتاريخ الشخصي للثوار، بل إنها - لهذا وذاك أيضا -
أجدر من كتب التاريخ العام بالاعتماد عليها فيما يتصل بتاريخ الثورة
نفسه.
نقول هذا معترفين بأن ثمة مأخذا على كثير من كتب المقتل فيما
يتصل بالاحداث، فإن الحماس والحب قد يدفعان في بعض الحالات إلى
تدوين أخبار معينة دون أن تنال حظها من التحقيق، وربما يكون بعض
هذه الأخبار مجرد استنتاجات وآراء شخصية كونها لنفسه بعض الرواة
والمؤلفين، فجاء كاتب متأخر عنه اعتبرها تاريخا وأثبتها على أنها أحداث
واقعة. كما أن بعض كتاب المقتل في بعض الحالات يعمم رؤيته
للموقف فيعبر عنها باطلاق أوصاف معينة على رجال الثورة أو أعدائها،
ويعبر عن مجموع الموقف بعبارات عاطفية. وأكثر ما توجد هذه الظاهرة
في كتب المتأخرين من مؤلفي المقتل.
ومهما يكن فإن على الباحث أن يلتزم الأسلوب العلمي الصارم في
النقد والاختيار.
ولكن العدل يقتضينا أن نقول إن المصادر التاريخية الأخرى - غير
31

كتب المقتل - مما كتبه مؤلفون من غير الشيعة عن تاريخ هذه الثورة لا
تسلم من مآخذ كبيرة أيضا.
ففيما يتعلق برجال الثورة نلاحظ أن الأخباريين والمؤلفين لم يظهروا
عناية خاصة بهم، ولم يذكروا لنا واحدا منهم عن قصد لذكره، وإنما
ذكروا أولئك الذين تمر أسماؤهم عرضا في سياق الاخبار التي ينقلونها.
وفيما يتعلق بأحداث الثورة. نلاحظ أنهم في كثير من الحالات لا
يحرصون على الدقة والتفصيل فيما ينقلون من أحداثها (نستثني من ذلك
أبا مخنف). وقد يقال: إنهم عاملوها كغيرها من أحداث تلك الفترة،
ولعل هذا القول صحيح، ولكنهم كانوا يعلمون ويحسون أن هذه الثورة
ليست كغيرها من أحداث تلك الفترة، فقد كانت مؤشرا كبيرا لتغير كبير
في حياة المسلمين، وقد وضعتهم على منعطف جديد تماما في حياتهم.
وكان على هؤلاء المؤرخين - لهذا السبب - أن يحتفلوا لروايتها أكثر من
غيرها، وأن لا يفوتهم تسجيل كل ما يتصل بها من قريب أو بعيد.
على أننا لا نستطيع أن نقبل القول بأنهم عاملوها كغيرها أحداث
التاريخ، بل نرى أنهم عاملوها بدرجة أقل من العناية، متأثرين بالاتجاه
السياسي الذي كان لا يشجع على رواية أحداثها، بل يحرص على طمس
تلك الاحداث، لئلا تتفاعل في المجتمع وتؤدي إلى تغيير بعض المواقف
السياسية.
وهذا الامر فيما يتصل بالأمويين واضح، ونرى أنه كذلك فيما يتصل
بالعباسيين.
فإن هؤلاء وإن كانوا يعتبرون الثورة إحدى إنجازاتهم التاريخية
32

باعتبارهم هاشميين (يلاحظ أنه لم يشترك فيها أحد من بني العباس)،
وهم يعلمون أنهم مدينون للثورة بالكثير من الأوضاع والعوامل التي
أوصلتهم إلى السلطة، بل لقد كانت روحها وشعاراتها وذكرياتها من
العوامل المباشرة في ذلك. مع هذا كله نرى أنهم كانوا يقفون منها موقفا
سلبيا، لأنهم كانوا يعلمون أن ذكرياتها وايحاءاتها يمكن أن تكون خطرا
عليهم من حيث نظرة الناس إلى شرعية توليهم للسلطة، وذلك بما تدعو
إليه من إعطاء السلطة لآل علي من بني هاشم، وتتضح أسباب حذر
العباسيين من الثورة الحسينية بصورة أكثر إذا لا حظنا أن تحركات الحسنيين
الثورية لم تنقطع بعد استقرار دولة بني العباس.
كان لابد من هذه الكلمة عن كتب المقتل، ليتبين الوضع الحقيقي
لهذه الكتب من حيث صلاحها لتكون مصادر تاريخية لهذه الثورة. وهي
كلمة لا تفي بما يجب أن تناله هذه الكتب عناية، فكتب المقتل تصلح
أن تكون موضوعا لدراسة علمية واسعة وعميقة تشتمل على تاريخ نشوء
هذا النوع من كتابة التاريخ، وتطوره، ومنهجه، ومحتوياته، ونوعيات
المؤلفين، والأسلوب الذي كتب به، وتطور هذا الأسلوب خلال
العصور، وعلاقة هذا الأسلوب بلغة الكتابة في المجالات الأخرى،
واللغات التي كتبت بها (العربية، والفارسية، والتركية، والأردية،
وغيرها) والمحتوى الشعري لهذه الكتب التي بدأت - فيما نحسب - بأبي
مخنف ولم تنته بعد، فالكتابة في مقتل الحسين كانت ولا تزال موضوعا
يثير الرغبة لدى الكثيرين، ولذا فإن الدارس لهذا الموضوع سيجد مادة
غنية وغزيرة ومتنوعة لبحثه ممتدة في جميع العصور الاسلامية ومنتشرة في
33

جميع الأوساط والمجتمعات الاسلامية منذ القرن الهجري الأول إلى
عصرنا هذا في نهاية القرن الرابع عشر الهجري.
ولن تكون دراسة كهذه مقصورة على الكتب المؤلفة في مقتل
الحسين، وإن كانت الكتب المؤلفة في هذا الموضوع أكثرها عددا
وأشدها تنوعا، بل إنها تتسع لتشمل مؤلفات أخرى، فثمة مؤلفون
كثيرون كتبوا في (مقتل علي) (مقتل زيد) (مقتل عثمان) (مقتل حجر
ابن عدي)، وغير ذلك، ويجد الباحث أسماء عشرات من كتب المقتل
في موضوعات مختلفة. وربما كانت هذه الكتابات، إلى جانب الحديث
والسيرة، إحدى المراحل الهامة التي تطورت إليها كتابة التاريخ العام عند
المسلمين.
34

القسم الأول
الرجال
كم هم؟ ومن هم؟
35

مقدمة
كان قد اجتمع إلى الحسين (مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز
ونفر من أهل البصرة انضافوا إلى أهل بيته ومواليه) (1).
وحدد الخوارزمي عدد هؤلاء يوم خرج الحسين من مكة:
(.. وفصل من مكة يوم الثلاثاء، يوم التروية، لثمان مضين من
ذي الحجة ومعه اثنان وثمانون رجلا من شيعته، ومواليه، وأهل
بيته) (2).
وربما لا يكون هذا التقدير الذي ذكره الخوارزمي عمن رواه دقيقا.

(1) الشيخ المفيد، الارشاد: 218.
(2) الخوارزمي، مقتل الحسين: 1 / 220. ذكر بعضهم هذا العدد عن الخوارزمي على أنه أحد
الأقوال في عدد أصحاب الحسين في كربلاء. ونلاحظ أن هذا العدد هو لمن صحب الحسين
عند خروجه من مكة، وليس من المؤكد أنه بقي ثابتا إلى اليوم العاشر من المحرم. وذكر
المجلسي (بحار الأنوار: 44 / 313) نقلا عن أمالي الصدوق أن الحسين (سار في أحد
وعشرين من أصحابه وأهل بيته) ولا يمكن أن نقبل هذه الرواية. لان طبيعة الأشياء تقضي
برفضها، ولان من الثابت أن عدد بني هاشم وحدهم يبلغ هذا المقدار أو يتجاوزه.
37

ونحن على أي حال لا نملك تقديرا صحيحا لعدد كل فئة من شيعته،
ومواليه، عند خروجه من مكة.
وقال أبو مخنف:
(.. لما خرج الحسين من مكة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن
العاص عليهم يحيى بن سعيد، فقالوا له: انصرف أين تذهب! فأبى
عليهم ومضى، وتدافع الفريقان، فاضطربوا بالسياط، ثم إن الحسين
وأصحابه امتنعوا امتناعا قويا، ومضى الحسين عليه السلام على
وجهه) (1).
وقال الدينوري:
(.. ولما خرج الحسين اعترضه صاحب شرطة أميرها عمرو بن
سعيد بن العاص في جماعة من الجند، فقال: إن الأمير يأمرك
بالانصراف، فانصرف، وإلا منعتك، فامتنع الحسين، وتدافع
الفريقان، واضطربوا بالسياط. وبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فخاف أن
يتفاقم الامر، فأرسل إلى صاحب شرطته يأمره بالانصراف) (2).
وإذن، فقد بذلت محاولة رسمية، تتسم بالعنف، للحيلولة بين
الحسين وبين (الخروج) من مكة، ولكنها باءت بالفشل (3).

(1) الطبري: 5 / 385.
(2) الاخبار الطوال: 244.
(3) كلمة (خرج) لا تعني مجرد المغادرة، لأنها اكتسبت منذ انشقاق (الخوارج) على الإمام علي
في صفين مدلولا رافضا تمرديا ذا نكهة خاصة، لم يكن محبوبا في العراق بوجه خاص، وقد
حاول رجال النظام اسباغ هذا المفهوم على ثورة الحسين منذ بداية المواجهة، فعبيد الله بن
زياد - على سبيل المثال - في أول خطبة خطبها في الكوفة، بعد وصوله إليها من البصرة، يطلب
إلى موظفي الإدارة الحكومية في الكوفة أن يكتبوا له من في عشائرهم، من الحرورية وأهل
الريب (الطبري: 5 / 359) والحرورية - كما نعلم اسم ثان للخوارج أطلق عليهم منذ معركة
حروراء. ويقول ابن زياد لهاني بن عروة بعد القبض عليه وضربه، حين أراد أن يستولي على
سلاح أحد الشرطة ليدافع عن نفسه: (أحروري سائر اليوم، أحللت بنفسك، قد حل لنا
قتلك - الطبري: 5 / 367).
وقد عرض العلامة الدكتور أسعد علي معنى للخروج في محاضرة ألقاها في قاعة الجمعية الخيرية
الثقافية في الشياح بمناسبة عاشوراء وذلك مساء يوم الاثنين - 20 / 1 / 1975، وذلك عند
الحديث عن كتاب الإمام الحسين إلى أخيه محمد بن الحنفية، وفيه (إني لم أخرج أشرا، ولا
بطرا.. وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي..) قال الدكتور أسعد علي في
محاضرته: (فالخروج يعني تجاوز القول إلى الفعل، عبر عن هذا التجاوز التنفيذي بفعل
وصل فيه فاعله، وبصيغة التقرير الذي يؤكد ما حصل فعلا: (خرجت)).
38

قال أبو مخنف:
(كان الحسين لا يمر بأهل ماء إلا اتبعوه حتى إذا انتهى إلى زبالة
سقط إليه مقتل أخيه من الرضاعة، مقتل عبد الله بن بقطر، وكان سرحه
إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه قد أصيب... فأتى ذلك
الخبر حسينا وهو بزبالة، فأخرج للناس كتابا فقرأ عليهم.
(بسم الله الرحمن الرحيم): أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل
مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة، وعبد الله بن بقطر، وقد خذلتنا
شعيتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام).
(فتفرق الناس عنه تفرقا، فأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في
أصحابه الذين جاءوا معه من مكة (1). وإنما فعل ذلك لأنه ظن أنما اتبعه

(1) في رواية الطبري عن أبي مخنف: (من المدينة) ونرجح أن هذا خطأ، فأثبتنا نص ابن الأثير: 3 /
278.
39

الاعراب لأنهم ظنوا أنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن
يسيروا معه إلا وهم يعلمون علام يقدمون، وقد علم أنهم إذا بين لهم لم يصحبه إلا من يريد مواساته والموت معه) (1)
وقال الدينوري:
(وقد كان صحبه قوم من منازل الطريق فلما سمعوا خبر مسلم،
وقد كانوا ظنوا أنه يقدم على أنصار وعضد، تفرقوا عنه، ولم يبق معه إلا
خاصته) (2).
وإذن فقد بقي رجال الثورة الحقيقيون وحدهم بعد أن انجلى
الموقف وتبين المصير.

(1) الطبري: 5 / 398 399، وابن الأثير: 3 / 278.
(2) الاخبار الطوال: 248. ويبدو أنه قد كان يسود في تلك الأيام، حتى في أوساط الخاصة من
الناس، الاعتقاد بأن أمر الخلافة سيصير إلى العلويين أو - إلى الهاشميين بوجه عام، ففي حديث
لبطة بن الفرزدق الشاعر أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال له حين أخبره لبطة بلقائه للحسين
حين خروجه من مكة: (ويلك، فهلا اتبعته، فوالله ليملكن ولا يجوز السلاح فيه ولا في
أصحابه. قال (لبطة). فهممت والله أن الحق به، ووقع في قلبي مقالته، ثم ذكرت الأنبياء
وقتلهم فصدني ذلك عن اللحاق بهم. قال: وكان أهل ذلك الزمان يقولون ذلك الامر
وينتظرونه في كل يوم وليلة. قال: وكان عبد الله بن عمرو يقول: لا تبلغ الشجرة ولا النخلة ولا
الصغير حتى يظهر هذا الامر - الطبري: 5 / 386 387). نلاحظ أن داعي الاتباع هو الأمل
في أن يملك الحسين. ولعل كثيرين من هؤلاء الذين اتبعوه من الاعراب قد تأثروا في اتباعهم له
بهذا الاعتقاد: أنه لا بد أن يملك، وأنه (لا يجوز السلاح فيه وفي أصحابه) فلما اكتشفوا - نتيجة
لمقتل من أخبر الحسين بأنهم قتلوا - أن السلاح يجوز في أصحابه، تفرقوا عنه.
وهذا الخبر مروي في مقتل الخوارزمي (1 / 222) بصورة أخرى، وفيه: (أما أنه لا يحيك فيه
السلاح).
ونعتقد أنه قد سقطت من الخبر في الروايتين بعض الحلقات الهامة التي تصور بعض الاعتقادات الشعبية
في ذلك الحين، وتأثير العامل السحري في مواقف الناس.
وقد عاش لبطة ابن الفرزدق حتى خرج علي أبي جعفر لمنصور مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن (قتيل
باخمرى) وجعله إبراهيم من قواده، وقد قتل بعد مقتل إبراهيم - مقاتل الطالبيين: 369.
40

وقد كان هذا الاعلان الذي سمعه الناس من الحسين في زبالة هو
الاختبار الأول في هذه المسيرة، وقد أدى إلى تفرق الكثيرين الذين رافقوه
عن رغبة وطمع، وبقي معه هؤلاء الرجال النادرون الذين سيعرفهم
التاريخ عما قليل باسم (أنصار الحسين).
وقد مروا في اختبار ثان حين حثهم الحسين على النجاة بأنفسهم في
ليلة العاشر من المحرم قائلا لهم:
(هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، ثم ليأخذ كل رجل منكم
بيد رجل من أهل بيتي، وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله،
فإن القوم إنما يطلبوني، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري) (1).
ولكنهم رفضوا هذه الفرصة وآثروا البقاء معه إلى النهاية،
واستشهدوا جميعا.
وسنرى أنه لم يبق في أصحابه الذين جاءوا معه من مكة، وذلك لان
عددا قليلا من الرجال قد انضم إليه فيما بعد، وشارك أصحابه الأولين
مصيرهم المجيد.

(1) الطبري: 5 / 419، واليعقوبي: 2 / 231، والخوارزمي: 1 / 247.
41

كم هم؟
من المؤكد أنه لا سبيل لنا إلى معرفة العدد الحقيقي لأصحاب
الحسن عليه السلام، من استشهد منهم ومن لم يرزق الشهادة، وذلك
لان المستندات المباشرة لهذه المسألة، وهي روايات شهود العيان،
مختلفة في التقدير. وهي، بطبيعة الحال، غير مبنية على الاحصاء، بل
مبنية على الرؤية البصرية والتخمين كما تقضي بذلك طبيعة الموقف،
ومن هنا فإن أيا منها لا تعبر عن عدد نهائي، وإنما تعبر عن عدد تقريبي،
لا بد أن يفترض فيه أنه يزيد على العدد الحقيقي قليلا أو ينقص عنه
قليلا.
فيما يلي نعرض الروايات الرئيسية في الموضوع، ونحللها،
ونناقشها.
لدينا، بالنسبة إلى من شارك في المعركة من الهاشميين وغيرهم،
أربع روايات.
43

الرواية الأولى:
رواية المسعودي، وهي: (فلما بلغ الحسين القادسية لقيه الحر
بن يزيد التميمي... فعدل إلى كربلاء، وهو في مقدار خمسمائة فارس
من أهل بيته وأصحابه، ونحو مائة راجل) (1).
إن المسعودي لم يذكر مستنده في هذه الرواية، ومع أن المسعودي
يتسم بالدقة في تاريخه إلا أننا لا يمكن أن نقبل العدد الوارد في هذه
الرواية على أنه العدد الذي وصل مع الحسين إلى كربلاء، فهي من هذه
الجهة تخالف كل الروايات المعروفة التي نعرف مستنداتها، دون أن تمتاز
هذه الرواية بما يجعلها حرية بالقبول دون غيرها.
يمكن أن تكون هذه الرواية صادقة إلى حد بعيد إذا أخرجناها من
إطارها الجغرافي، وتأخرنا بها في الزمان قليلا عن لقاء الحسين للحر،
واعتبرنا أنها تعبر عن العدد الذي كان قبل أن يعلن الحسين عن مقتل مسلم
ابن عقيل وعبد الله بن بقطر وهاني بن عروة، وأما بعد ذلك فمن المؤكد
أن عدد الأصحاب ليس بالمقدار الذي ورد في رواية المسعودي
الرواية الثانية:
رواية عمار الدهني عن أبي جعفر (محمد بن علي بن الحسين =
الإمام الباقر) وقد جاء فيها: (. حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة
أميال لقيه الحر بن يزيد التميمي... فلما رأى ذلك عدل إلى

(1) مروج الذهب: 3 / 70 - يظهر من المسعودي في مقدمة كتابه مروج الذهب أنه قد اعتمد على
رصيد ضخم من المراجع التاريخية وكتب الأنساب والجغرافيا، لكنه نادرا ما يذكر في صلب كتابه
مصدره الخاص لما ينقله من أحداث. بالنسبة إلى الرواية موضوع البحث: نحتمل أن المسعودي
وقع ضحية التباس وتصحيف بين (خمسة) و (خمسمائة).
44

كربلاء... فنزل وضرب ابنتيه، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسا
ومائة راجل) (1).
وقد أورد ابن نما الحلي هذا العدد، إلا أن الرواية عنده تختلف في
التأقيت عن رواية عمار، فرواية عمار تؤقت العدد بساعة النزول في
كربلاء، وقد كان ذلك في اليوم الثاني من المحرم (2)، وابن نما يؤقت
العدد في اليوم العاشر من المحرم عند التعبئة، قال: (.. وعبا الحسين
أصحابه، وكانوا خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل) (3)، وكذلك الحال
عند ابن طاووس وقد صرح بإسناد الرواية إلى الإمام الباقر (4).
ونحن نرجح أن ابن نما - كابن طاووس قد استند إلى رواية عمار
الدهني هذه، وليس لديه مصدر آخر غيرها، وأن اختلافهما عن رواية
عمار في التأقيت ناشئ من عدم دقتهما في قراءة الرواية.
إن عمار الدهني قد تلقي الرواية من أوثق المصادر وهو الإمام الباقر
، والمفروض أنه قد تلقي صورة حية ودقيقة لما حدث، فقد طلب
الحديث بقوله (حدثني عن مقتل الحسين كأني حضرته) ولذا فإن مما
يبعث على الدهشة أن نجد في الرواية تحريفا منكرا لوقائع التاريخ، فهي
تخالف، من عدة وجوه، بعض الحقائق الهامة المتصلة بمعركة كربلاء،
ونرجح أن ذلك ناشئ من تلاعب الرواة بها كما ذكرنا آنفا، إلا أن هذا لا
يمنع من قبول العدد الوارد في هذه الرواية بصورة مبدئية.

(1) الطبري: 5 / 389.
(2) الطبري ى: 5 / والخوارزمي: 1 / 237
(3) مثير الأحزان: 39.
(4) اللهوف في قتلى الطفوف: 42.
45

ونلاحظ أن رواية عمار تتفق من حيث الزمان والمكان مع رواية
المسعودي التي طرحناها.
الرواية الثالثة.
رواية الحصين بن عبد الرحمان عن سعد بن عبيدة، قال: (إن
أشياخا من أهل الكوفة لوقوف على التل يبكون ويقولون: اللهم أنزل
نصرك، قال: قلت: يا أعداء الله ألا تنزلون فتنصرونه! قال: فأقبل
الحسين يكلم من بعث إليه ابن زياد، قال: وإني لأنظر إليه وعليه جبة
من برود، فلما كلمهم انصرف، فرماه رجل من بني تميم يقال له عمر
الطهوي بسهم فإني لأنظر إلى السهم بين كتفيه متعلقا في جبته، فلما أبوا
عليه رجع إلى مصافه، وإني لأنظر إليهم، وإنهم لقريب من مائة رجل،
فيهم لصلب علي بن أبي طالب عليه السلام خمسة، ومن بني هاشم ستة
عشر، ورجل من بني سليم حليف لهم، ورجل من بني كنانة حليف
لهم، وابن عمر بن زياد) (1).
إن هذه الرواية منقولة عن شاهد عيان هو (سعد بن عبيدة)، ويبدو
أنه كان مع عمر بن سعد وأنه كان مقربا منه، فهو يقول في رواية أخرى:
(إنا لمستنقعون في الماء مع عمر بن سعد) (2)، بينما تشتمل الرواية
موضوع البحث على ملاحظة تدل على أنه كان متعاطفا مع الإمام الحسين
ومع الثورة: (.. قلت يا أعداء الله ألا تنزلون فتنصرونه..) (3).

(1) الطبري: 5 / 392 - 393.
(2) الطبري: 5 / 393.
(3) ويبدو أن هذه الظاهرة كانت موجودة بالنسبة إلى الكثيرين، فهم متعاطفون مع الثورة، ولكنهم
يقفون عمليا ضدها، وهذه الظاهرة تصورها بدقة كلمة الفرزدق للحسين عندما لقيه: (قلوب
الناس معك وسيوفهم مع بني أمية) إن هذا من مظاهر ما سنشير إليه في فصل (الدلالات) عن
وجود حالة ثورية في جهاز نفسي مشلول.
46

والرواية، من حيث العدد، تتفق بوجه عام مع رواية أكثر تحديدا
هي رواية الخوارزمي المتقدمة عن عدد من خرج مع الحسين من مكة وأنه
كان اثنين وثمانين رجلا. وكررها الخوارزمي بصيغة التمريض:
(قيل)، في حديثه عن اليوم العاشر من المحرم (1)، كما ورد هذا العدد
في مصادر أخرى لم نطلع عليها بطريق مباشر.
ويبدو أن هذه الرواية، من حيث المكان والزمان، تصور الموقف
في اليوم العاشر من المحرم قبيل المعركة. وربما كانت تصور الموقف
بعد نشوب المعركة (بعد الحملة الأولى مثلا)، فإن الصورة الواردة فيها
عن عمر الطهوي الذي رمي الحسين بسهم بعد أن فرغ من كلامه
وانصرف إلى مصافه، لم ترد في رواية أخرى من الروايات التي نقلت فيها
خطب الحسين وكلماته مع الجيش الأموي، كذلك صورة هؤلاء الذين
يبكون ويدعون.
الرواية الرابعة:
رواية أبي مخنف عن الضحاك بن عبد الله المشرقي، قال: (...
فلما صلى عمر بن سعد الغداة... وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء، خرج
فيمن معه من الناس.... وعبأ الحسين أصحابه وصلى بهم صلاة الغداة،
وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا) (2).

(1) مقتل الحسين 2 / 4.
(2) الطبري: 5 / 422 وفي 436 كرر أبو مخنف ذكر عدد الفرسان.
47

إن أبا مخنف يتمتع بسمعة جيدة من حيث دقته وصدقه في أخباره
التاريخية. وقد نقل أبو مخنف هذه الرواية بواسطة واحدة عن أحد
أصحاب الحسين الذين قاتلوا معه إلى أن بقي من أصحابه رجلان - كما
سنعرض لذلك فيما يأتي - وهو الضحاك بن عبد الله المشرقي، وهو،
فيما يبدو، رجل صارم وعملي ودقيق جدا، فحين طلب الحسين منه
النصرة أجابه إلى ذلك مشترطا أن يكون في حل من الانصراف عنه حين لا
يعود قتاله مفيدا في الدفع عن الحسين، وقد أجابه الحسين إلى شرطه
فاشترك الضحاك في المعركة بصدق. إن هذه الملاحظة تبعث على
الوثوق بدقته.
وهذه الرواية، من حيث العدد والتأقيت والمكان، تتفق مع روايات
مؤرخين آخرين معاصرين للطبري أو متقدمين عليه.
منهم أبو حنيفة الدينوري، قال: (... وعبا الحسين عليه السلام
أيضا أصحابه، وكانوا اثنين وثلاثين فارسا وأربعين راجلا) (1).
والدينوري يرجع إلى مصدر آخر غير مصدر أبي مخنف في روايته
هذه.
ومنهم اليعقوبي، قال: (. وكان الحسين في اثنين وستين أو
اثنين وسبعين رجلا من أهل بيته وأصحابه) (2).
وثمة روايات لكتاب متأخرين توافق هذا العدد أهمها في نظرنا رواية

(1) الاخبار الطوال: 256.
(2) تاريخ اليعقوبي: 2 / 230.
48

الخوارزمي، قال: (ولما أصبح الحسين عليه السلام. عبأ أصحابه،
وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا) (1).
ومنهم الشيخ المفيد (2).
هذه هي الروايات الرئيسة في الموضوع.
ونلاحظ، قبل أن نذكر تقديرنا الخاص في المسألة، أن عدد
الأصحاب لم يكن ثابتا في جميع المراحل، منذ الخروج من مكة إلى ما
بعد ظهر اليوم العاشر من المحرم في كربلاء، وإنما كان العدد متقلبا، بدأ
عند الخروج من مكة بالعدد الذي ذكره الخوارزمي (اثنين وثمانين رجلا)
ثم ازداد العدد كثيرا في الطريق، ثم تقلص حتى عاد إلى العدد الأول،
وربما يكون قد نقص عنه قليلا، ثم ازداد بنسبة صغيرة قبيل المعركة نتيجة
لقدوم بعض الأنصار، وتحول بعض جنود الجيش الأموي إلى معسكر
الحسين.
وتقديرنا الخاص نتيجة لما انتهى بنا إليه البحث هو أن أصحاب
الحسين الذين نقدر أنهم استشهدوا معه في كربلاء من العرب والموالي
يقاربون مئة رجل أو يبلغونها وربما زادوا قليلا على المئة (3).

(1) مقتل الحسين: 2 / 4. والخوارزمي يروي غالبا عن تاريخ ابن أعثم، أبو محمد أحمد، المتوفي
سنة 314 وهذه الرواية عن هذا المؤرخ، فتكون إذن، رواية في مستوى رواية الطبري.
(2) الارشاد: 233.
(3) إن الأسماء التي انتهى بحثنا في هذه الدراسة إلى اعتبارها دالة على رجال تاريخيين تطمئن النفس
بكونهم استشهدوا مع الحسين في كربلاء تبلغ واحدا وثمانين اسما فيهم ثلاثة موالي للإمام الحسين.
وقد ذكر ابن شهرآشوب 4 / 113 أن ممن قتل في الحملة الأولى عشرة من موالي الحسين واثنان من
موالي أمير المؤمنين علي، فيبقي منهم تسعة، ولا نستطيع الجزم بأن جميع الأسماء التسعة وعشرين
التي وردت في الجدول الثاني لرجال وهميين، بل نطمئن أن في هذه الأسماء عددا صغيرا لرجال
تاريخيين وإن كنا لا نستطيع تمييز هذه الأسماء بأعيانها.
49

ولا نستطيع أن نعين عددا بعينه، لأنه لا بد من افتراض نسبة من
الخطأ تنشأ من تصحيف الأسماء، ومن عدم دقة الرواة الذين نقلوا
لاحداث وأسماء رجالها، ولكن نسبة الخطأ المفترضة ليست كبيرة قطعا.
وهذه النتيجة تتوافق إلى حد كبير مع الروايات التي تصور ما حدث
في الحملة الأولى من القتال.
قال الخوارزمي في روايته عن أبي مخنف:
(.. فلما رموهم هذه الرمية قل أصحاب الحسين عليه السلام،
فبقي في هؤلاء القوم الذين يذكرون في المبارزة. وقد قتل ما ينيف على
خمسين رجلا) (1).
والذين ذكرهم ابن شهرآشوب يبلغون أربعين رجلا (2).
فإذا لا حظنا إلى جانب هذا أن هؤلاء الذين يذكرون في المبارزة
يبلغون أربعين رجلا تقريبا، نكون قد قربنا من النتيجة التي أدى بنا إليها
البحث.
وهنا ينبغي أن نعي أن التفاوت أمر مقبول ومعقول، لان الرواة في
جميع رواياتهم عن عدد أصحاب الحسين لم يتبعوا مبدأ الاحصاء وإنما
اتبعوا طريقة التقدير المستند إلى الروية البصرية.

(1) الخوارزمي: مقتل الحسين 2 / 9. وبحار الأنوار: 45 / 121 نقل ذلك عن محمد بن أبي طالب
الموسوي.
(2) المناقب: 4 / 113.
50

وينبغي أن نعي أيضا أن عدد هذه القوة الصغيرة كان متقلبا نتيجة
لكون بعض عناصرها (الموالي خاصة) ربما كانت تظهر ثم تختفي في
مهمات خاصة.
إذا أخذنا في اعتبارنا هذه الأمور نرى أن النتيجة التي تضمنها هذا
البحث فيما يأتي منه عن عدد أصحاب الحسين من غير الهاشميين نتيجة
على جانب كبير من الدقة والصواب.
وأخيرا نلاحظ، قبل أن نجاوز هذه المسألة إلى تقويم الروايات
الأساسية، أننا الآن نواجه حالة مكتملة، فقد استشهد هؤلاء الرجال
بأجمعهم في غالب الظن، بينما يعبر شهود العيان في رواياتهم عن حالة
في طريقها إلى الاكتمال، فقد كان هؤلاء الرجال لا يزالون أحياء في
الوقت الذي تحكي عنه الروايات، ولنا أن نفترض أن بعضهم، في بعض
الروايات، لم يرزق الشهادة.
إذا استبعدنا رواية المسعودي للاعتبارات التي ذكرناها عند عرض
الرواية، تبقى الروايات الثلاث الأخرى.
وهذه الروايات تشترك في أنها تستند إلى رواية شهود العيان الذين
كانوا في ساحة المعركة، ولكنها تختلف فيها بينها في تقدير عدد أصحاب
الحسين فالتفاوت بين رواية أبي مخنف وبين رواية عمار الدهني يبلغ
النصف تقريبا، والتفاوت بين رواية عمار ورواية الحصين يبلغ الثلث
تقريبا.
إلا أننا، مع ذلك، نميل إلى قبول الروايات الثلاث لاعتبارين:
51

الأول: أننا نستبعد كثيرا أن يدخل الكذب في هذه الروايات من حيث
العدد، مهما كانت مواقف المخبرين الذهنية والعاطفية من الثورة.
الثاني: أن هذه الروايات لا تعبر عن العدد في موقف واحد، وباعتبار واحد للرجال لينفي بعضها بعضا، وإنما تعبر عن العدد في موقفين، وباعتبارين أو اعتبارات ثلاثة للرجال.
فرواية عمار الدهني عن أبي جعفر تعكس الموقف حين النزول في
كربلاء في اليوم الثاني من المحرم، وبين هذا التاريخ والتاريخ الذي تعبر
عنه روايتا الحصين وأبي مخنف تسعة أيام حدثت فيها بعض التقلبات في
عدد الرجال، فقد تخلى بعضهم عن متابعة الصحبة، وانضم آخرون إلى
الأصحاب، وذهب بعض إلى البصرة وغيرها برسائل من الحسين.
كما أن هذه الرواية (رواية عمار الدهني)، فيما نقدر، تعبر عن
العدد الكلي للرجال الذين كانوا في هذا اليوم مع الحسين: موالي وعربا
هاشميين، وغير هاشميين بالإضافة إلى عنصر الخدم من الرقيق وغيره
ممن لا يعدون في المحاربين - وهم موضوع بحثنا - ونقدر أنه كان مع
الحسين عدد من هؤلاء تقضي طبيعة الأمور بأن يكون موجودا.
نقول هذا مع التأكيد على إمكانية وجود خطأ محدود في التقدير
نتيجة لاستناد الراوي في تقديره إلى الرؤية البصرية لا إلى الاحصاء.
ورواية الحصين بن عبد الرحمن تعكس الموقف في اليوم العاشر من
المحرم قبيل نشوب القتال، وتعبر عن عدد المحاربين، هاشميين وعربا
وموالي، أي أن عنصر الخدم خارج عن نطاق الصورة التي تعكسها هذه
الرواية. ونقدر أنهم كانوا يزيدون على المئة قليلا، وليسوا قريبا من مئة
52

كما تقول الرواية، يحملنا على هذا التقدير إمكانية أن الرواية تعكس
الموقف قبل تعبئة الحسين أصحابه وآله ميمنة وميسرة وقلبا، وإن بعض
الرجال كان لا يزال بعيدا عن بصر الراوي، وأن الرواية يظن استنادا إلى
رؤيته البصرية ولا يستند إلى الاحصاء، كما نؤكد أن ثمة من شبان
الهاشميين من استشهد فيما بعد، ولم يكن، في الوقت الذي تحكي عنه
الرواية، ظاهرا في الموقف عند الصباح، بسبب صغر سنه.
ورواية أبي مخنف والروايات المواقفة لها تعكس الموقف بصراحة
بعد التعبئة، وهي، في تقديرنا، تعبر عن عدد أصحاب الحسين من
المحاربين العرب غير الهاشميين، فهي لا تشمل الهاشميين ولا الموالي،
ولا الخدم.
وثمة نص للمسعودي يحملنا على هذا الرأي بالنسبة إلى رواية أبي
مخنف. فهو يقول: (.. وقتل معه (مع الحسين) من الأنصار أربعة
وباقي من قتل معه من أصحابه - على ما قدمنا من العدة - من سائر
العرب) (1)، وكان قد قال قبل ذلك عن عدة من قتل مع الحسين:
(وكان جميع من قتل مع الحسين في يوم عاشوراء بكربلاء سبعة وثمانين
منهم ابنه علي بن الحسين الأكبر) (2). وإذن فلا بد أن يكون هذا العدد
غير شامل للموالي، فهو يقول عن غير الأنصار إنهم من سائر العرب ونحن
نعلم أنه قد استشهد من الموالي مع الحسين عدد كبير لم يدخلهم في عداد
القتلى لاعتبارات تتصل بالعقلية العنصرية التي كانت سائدة بدرجات

(1) مروج الذهب: 3 / 71.
(2) نفس المصدر.
53

متفاوتة عند الناس في ذلك الحين (1). وإذا أخرجنا الهاشميين من العدد
الذي ذكره المسعودي للقتلى يبقى منهم عدد مقارب للعدد الذي ورد عند
أبي مخنف، وقلنا أنه لا يشمل الهاشميين ولا الموالي. هذا مع افتراض
نسبة من الخطأ في التقدير تنشأ من الاعتماد على الرؤية، وإن كانت
النسبة المفترضة ضئيلة جدا لاعتبارين.
الأول: إن الراوي هو الضحاك بن عبد الله المشرقي، أحد
أصحاب الحسين، فهو في مركز من يستطيع الوصول إلى أقصى دقة في
التقدير.
الثاني: أن هذا التقدير يعكس الموقف في حالة التعبئة وحالة التعبئة
في عدد محدود تعطي قدرة أكثر على التحديد.
إن العدد الذي تشتمل عليه هذه الرواية هو اثنان وسبعون فرسانا
ورجاله، والعدد الذي انتهى بنا البحث إليه في هذه الدراسة هو مئة تزيد
قليلا أو تنقص قليلا فإذا أخرجنا منه عشرين رجلا من الموالي: عشرة من

(1) هذه العقلية تصورها نصوص شعرية كثيرة وحكايات حفلت بها كتب الأدب العربي القديم، ومن
أدلها على هذه العقلية ما جرى مع سوار بن عبد الله بن قدامة قاضي البصرة وأميرهما لأبي جعفر
المنصور - فقد جاءه أعرابي من بني العنبر فقال: (إن أبي مات وتركني وأخا لي - وخط خطين في
الأرض - ثم قال: وهجينا - (أخ أمه أمة) وخط خطا ناحية - فكيف نقسم المال؟ فقال سوار:
أهاهنا وارث غيركم؟ قال: لا، قال: المال بينكم أثلاثا، فقال: لا أحسبك فهمت عني؟ أنه
تركني وأخي وهجينا لنا، فقال سوار: المال بينكم أثلاثا، قال: فقال الاعرابي: يأخذ الهجين كما
آخذ وكما يأخذ أخي! قال: أجل! فغضب الاعرابي. قال: ثم أقبل على سوار فقال: تعلم
والله أنك قليل الخالات بالدهناء..) المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد): الكامل - تحقيق محمد
أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاته - مطبعة نهضة مصر / ج 2 ص 48 - إن الولادة من أمة نسخت
صلة الاخوة هنا وإذا كانت القصة موضوعة فإنها تصور العقلية التي كانت سائدة في القرن الثاني
الهجري، ولذا فليس غريبا ألا يحسب الشهداء من الموالي في كربلاء في سنة ستين للهجرة.
54

موالي الحسين، واثنان من موالي علي، وثمانية آخرون يبقى ثمانية
وسبعون رجلا من العرب غير الهاشميين، هذا قبل أن يتحول الحر بن
يزيد الرياحي وعلى هذا فإن نسبة الخطأ في نتيجتنا أو في رواية أبي
مخنف محدودة جدا. وهذا التفاوت مألوف في مثل هذه الحالات.
تبقي - بالنسبة إلى عدد أصحاب الحسين - بعض المسائل.
من هذه المسائل مسألة تنشأ من رواية نقلها السيد بن طاووس في
مقتله المسمى (اللهوف على قتلى الطفوف) وهي:
(.. وبات الحسين وأصحابه تلك الليلة (ليلة العاشر من
المحرم) ولهم دوي كدوي النحل، ما بين راكع وساجد، وقائم وقاعد،
فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون
رجلا) (1).
إننا نقف من هذه الرواية موقف الشك:
أولا: لان حدثا كهذا كان يجب أن يلفت نظر الرواة الآخرين، فهو

(1) مقتل الحسين = اللهوف في قتل الطفوف:...، وذكرها المجلسي في بحار الأنوار: 44 / 394،
كما ذكر السيد الأمين في أعيان الشيعة: 4 / قسم أول / 110، ونقدر أنه أخذها عن كتاب
اللهوف أيضا أما ابن نما الحلي فقال في كتاب مثير الأحزان / 38: (فجاء إليهم جماعة من أصحاب
عمر بن سعد) وذكر المرحوم السيد عبد الرازق المقرم توفي سنة 1391 ه‍ = 1972 م) في كتابه
الموسوم (مقتل الحسين الطبعة الرابعة - مطبعة الآداب - النجف / هامش صفحة 260) أن
الرواية موجودة أيضا في مصدرين آخرين هما: سير أعلام النبلاء للذهبي ج 3 ص 210، ولم
نتحقق من ذلك لعدم وجود الكتاب المذكور عندنا، وتاريخ اليعقوبي ج 3 ص 210، ومن المؤكد
أن المرحوم المقرم أخطأ في هذه النسبة إلى اليعقوبي لان هذا لم يذكر هذه الرواية في أي موضع من
كتابه التاريخي.
55

حدث شديد الإثارة في مثل الموقف الذي نبحثه، ولهذا فقد كان لا بد أن
ينقله رواة آخرون. إن عدم نقله عن رواة آخرين مباشرين يبعثنا على
الشك في صدق الرواية.
وثانيا: إن هذا العدد (اثنان وثلاثون) عدد كبير جدا بالنسبة إلى
أصحاب الحسين (ع) القليلين، ولذا فقد كان يجب أن يظهر لهم أثر في
حجم القوة الصغيرة التي كانت مع الحسين في صبيحة اليوم العاشر من
المحرم، على اعتبار أنهم انحازوا إلى معسكر الحسين في مساء اليوم
التاسع، مع أننا لا نجد لهم أي أثر في التقديرات التي نقلها الرواة.
لهذا وذاك نميل إلى استبعاد هذه الرواية من دائرة بحثنا في عدد
أصحاب الحسين (ع)، ونرجح أن الرواية - على تقدير صدقها - لا
تعني، كما يراد لها، أن هؤلاء الرجال قد انحازوا إلى معسكر الحسين
وقاتلوا معه، وإنما تعني أن هؤلاء الرجال - نتيجة لصراع داخلي عنيف
بين نداء الضمير الذي يدعوهم إلى الانحياز نحو الحسين والقتال معه،
وبين واقعهم النفسي المتخاذل الذي يدفع بهم إلى التمسك بالحياة الآمنة
في ظل السلطة القائمة - قد (حيدوا) أنفسهم بالنسبة إلى المعركة،
فاعتزلوا معسكر السلطة، ولم ينضووا إلى الثوار.
ويبدو أنه قد حدثت حالات كثيرة من هذا القبيل، منها حالة مسروق
ابن وائل الحضرمي الذي كان يطمح إلى أن يصيب رأس الحسين
(فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد)، ولكنه تخلى عن القتال وترك
الجيش عندما رأى ماحل بابن حوزة عندما دعا عليه الحسين (ع)، وقال
56

لمحدثه: (لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا أقاتلهم أبدا) (1).
وربما كان هؤلاء - على تقدير صدق الرواية - هم أولئك الرجال
التافهون الذين قال الحصين بن عبد الرحمن عنهم أنهم كانوا وقوفا على
التل يبكون، ويقولون: (اللهم أنزل نصرك).
ومن المسائل المتصلة بعدد أصحاب الحسين مسألة الرؤوس
وعددها:
تجمع الروايات على عدد شبه ثابت للرؤوس التي قطعت بعد نهاية
المعركة، وأرسلت إلى الكوفة ثم أرسلت إلى الشام، فهذا العدد يتراوح
بين سبعين رأسا وخمسة وسبعين رأسا.
فقد قال أبو مخنف في روايته عما حدث بعد قطع رأس الحسين
عليه السلام، عن قرة بن قيس التميمي، وهو شاهد عيان من الجيش
الأموي: (.. وقطف رؤوس الباقين، فسرح باثنين وسبعين رأسا) (2).
وقال الدينوري:

(1) الطبري: 5 / 431، ولاحظ الحوار بين أيوب بن مشرح الخيواني وبين أبي الوداك في الطبري:
5 / 437.
(2) الطبري: 5 / 455 - 456، ومثير الأحزان: ص 65، وفيه (نظفت) وكذا في اللهوف في قتلى
الطفوف، ص: 60 والظاهر أن إحدى الكلمتين تصحيف عن الأخرى، وربما تكونان معا
تصحيفا عن (قطعت).
57

(وحملت الرؤوس على أطراف الرماح وكانت اثنين وسبعين
رأسا) (1).
وقال الشيخ المفيد:
(.. وسرح عمر بن سعد من يومه ذلك، وهو يوم عاشوراء،
برأس الحسين (ع) مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم إلى
عبيد الله بن زياد، وأمر برؤوس الباقين من أصحابه وأهل بيته فقطعت،
وكانوا اثنين وسبعين رأسا) (2).
وروي المجلسي في البحار عن محمد بن أبي طالب الموسوي:
(.. إن رؤوس أصحاب الحسين وأهل بيته كانت ثمانية وسبعين
رأسا) (3).
هذا فيما يتعلق بقطع الرؤوس. وأما فيما يتصل بتوزيع الرؤوس
على القبائل:
روى أبو مخنف:
(.. فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا وصاحبهم قيس بن الأشعث،
وجاءت هوازن بعشرين رأسا وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن، وجاءت
تميم بسبعة عشر رأسا، وجاءت بنو أسد بستة أرؤس، وجاءت مذحج

(1) الاخبار الطوال: 259، وفي تعداد توزيع الرؤوس على القبائل - كما سيأتي - يبلغ العدد عند
الدينوري خمسة وسبعين رأسا.
(2) الارشاد: 243.
(3) بحار الأنوار: 45 / 62، واللهوف: 60.
58

بسبعة أرؤس، وجاء سائر الجيش بسبعة أرؤس، فذلك سبعون
رأسا) (1).
ونلاحظ على أبي مخنف أنه قال في روايته الآنفة: (فسرح بإثنين
وسبعين رأسا).
وروى الدينوري.
(.. وحملت الرؤوس على أطراف الرماح، وكانت اثنين وسبعين
رأسا، جاءت هوازن منها بإثنين وعشرين، وجاءت تميم بسبعة عشر
رأسا مع الحصين بن نمير، وجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا مع قيس بن
الأشعث، وجاءت بنو أسد بستة رؤوس مع هلال بن الأعور، وجاءت
الأزد بخمسة رؤوس مع عيهمة بن زهير، وجاءت ثقيف بإثني عشر رأسا
مع الوليد بن عمرو) (2).
ونلاحظ على الدينوري أنه قال عن مجموع الرؤوس أنه اثنان
وسبعون مع أن مجموع حصص القبائل كما ذكرها يبلغ خمسة وسبعين.
وروي محمد بن أبي طالب الموسوي.
(.. فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا وصاحبهم قيس بن الأشعث،
وجاءت هوازن باثني عشر رأسا وصاحبهم شمر، وجاءت بنو أسد بستة

(1) الطبري: 5 / 467 468، وقد قبل ابن شهرآشوب هذه الرواية فيما يبدو، لأنه نقلها عن أبي مخنف
في كتابه (المناقب: 4 / 112)، دون أي اعتراض.
(2) الاخبار الطوال: 259.
59

عشر رأسا، وجاءت مذحج بسبعة رؤوس، وجاءت سائر الناس بثلاثة
عشر رأسا) (1).
ونلاحظ أن هذه الرواية تشتمل على أقل الاعداد في هذه المسألة
فمجموع عدد الرؤوس فيها يبلغ واحدا وستين رأسا.
قد يقال بوجود دلالتين لعدد الرؤوس: إحداهما دلالته على عدد
أصحاب الحسين، وثانيتهما دلالته على عدد القتلى.
وإذا صح هذا فإنه ينقض نظريتنا في عدد أصحاب الحسين، بل إنه
ينقض كل الروايات الواردة في هذا الشأن، فمن المعلوم أن الرؤوس
كانت للهاشميين وغيرهم، وعلى هذا ينبغي أن يكون عدد أصحاب
الحسين من غير الهاشميين أقل من خمسين رجلا.
ولكننا لا نرى لعدد الرؤوس أية دلالة من هذه الجهة، فإن قطع
الرؤوس وحملها إلى الكوفة والشام إجراء انتقامي ذو محتوى سياسي، أو
عمل سياسي ذو صفة انتقامية، وهو خاضع لاعتبار سياسي معين سنتناوله
بالدرس في فصل آت إنشاء الله تعالى.
على أننا نلفت النظر إلى الاختلاف في عدد الرؤوس بين الروايات
(61 أو 70 أو 72 أو 75 أو 78) وعند الراوي الواحد (أبو مخنف:
72 و 70) (الدينوري: 72 و 75).
ونلفت النظر أيضا إلى اختلاف الرواة في توزيع الرؤوس على
القبائل.

(1) بحار الأنوار: 45 / 62.
60

إن هذه الاختلافات تدل - في نظرنا - على أن المسألة كما يعرضها
الرواة، لو أردنا الاخذ بأرقامهم، ليست بسيطة كما تبدو، وإنما هي ذات
تعقيدات تتصل بعلاقات القبائل بالقتلى من جهة، وتتصل بمركز القبيلة
السياسي من جهة أخرى.
وعلى أي حال فسندرس هذه المسألة فيما يأتي.
ويثير الحديث عن عدد الرؤوس سؤالا آخر هو: هل قتل الجميع
أو بقيت منهم بقية؟
ذكر أبو مخنف عن محمد بن مسلم (وهو شاهد عيان من الجيش
الأموي).
(.. فقتل من أصحاب الحسين عليه السلام اثنان وسبعون
رجلا.. وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا سوى
الجرحى.) (1).
وهذه الرواية تعبر عن عدد الشهداء من غير الهاشميين. وهي كاذبة
بلا شك فيما يتصل بتقدير عدد قتلى الجيش الأموي، فإن أقل التقديرات
بالنسبة إلى قتلى الجيش الأموي تتجاوز العدد الذي ورد في هذه الرواية
بكثير.

(1) الطبري: 5 / 455. وقد وافق المسعودي على العدد الذي ذكره محمد بن مسلم لقتلى الجيش
الأموي فقال: (وكان عدد من قتل من أصحاب عمر بن سعد في حرب الحسين عليه السلام
ثمانية وثمانين (كذا) رجلا - مروج الذهب 3 / 72)
61

وقال المسعودي:
(.. وكان جميع من قتل مع الحسين في يوم عاشوراء بكربلاء
سبعة وثمانون، منهم ابنه علي بن الحسين) (1).
وظاهر هذه الرواية أن هذا العدد يشمل الهاشميين وغيرهم بقرينة
ذكر علي بن الحسين.
وفي رواية هشام بن الوليد الكلبي وأبي مخنف عن استقبال يزيد بن
معاوية لرسول عبيد الله بن زياد الذي أرسله بشيرا بالقضاء على الثورة:
(.. إذا أقبل زحر بن قيس حتى دخل على يزيد بن معاوية، فقال
له يزيد: ويلك ما وراءك وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح
الله ونصره، ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته،
وستين من شيعته فأحطنا بهم من كل ناحية حتى أتينا على
آخرهم..) (2).
إن قبول إي واحدة من هذه الروايات يعني أن أصحاب الحسين لم
يقتلوا جميعا، وأن بقية كبيرة منهم سلمت من القتل.
ولكننا لا يمكن أن نقبل هذه النتيجة، كما لا نستطيع أن نقبل
الروايات في أنفسها وإن قبلنا النتيجة المذكورة.
لا نستطيع أن نقبل الروايات في أنفسها، بل نرجح رفضها لأن المفروض
في حالة كهذه أن يكون العدد مبينا على الاحصاء، لان القتلى

(1) مروج الذهب: 3 / 71.
(2) الطبري: 5 / 459 460.
62

مادة ساكنة، ولأنه - في حالتنا لا يوجد خطر من الاحصاء، لان المنتصر
قد قضى على كل مقاومة، وقد سيطر بشكل مطلق على ساحة المعركة،
وإذا كانت الحال هكذا وكان القتلى مادة ساكنة فإن عملية الاحصاء يجب
أن تتم بسهولة، خاصة إذا لا حظنا أن العدد على جميع الفروض محدود
للغاية.
والاحصاء يقتضي أن يكون الرواة متحدين في رواية العدد، آخذين
بنظر الاعتبار أنهم شهود عيان، مع أننا نرى أنهم مختلفون في هذه
المسألة اختلافا كبيرا يبعث على الشك في دقتهم، ويحمل على الظن
بأنهم بنوا تقديراتهم الظنية على استبعاد الشهداء من الموالي.
وإذا أردنا أن نحسن الظن برواياتهم فلا بد من افتراض أن بعض
القتلى قد دفنوا قبل نهاية المعركة، وإن كنا نعترف بأننا لا نملك الآن بينة
على هذا الافتراض.
ولا نستطيع أن نقبل النتيجة، لان جميع المصادر من غير استثناء
تنص على أن الحسين بقي - بعد استشهاد جميع أصحابه - من غير
الهاشميين - مع الهاشميين وحدهم، وأنه، في النهاية، بعد استشهاد
الهاشميين، بقي وحيدا، واستشهد وهو وحيد.
ولا تذكر المصادر الرئيسة والثانوية أن أحدا من أصحابه تخلى عنه
أبدا.
ولا تذكر المصادر أن أحدا من الذكور بقي حيا سوى الذين نذكرهم
فيما يلي:
63

من الهاشميين.
1 - الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، زين العابدين.
2 - الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
3 - عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب (1).
من غير الهاشميين:
1 - الضحاك بن عبد الله المشرقي:
كان قد أعطى الحسين (ع) عهدا أن يقاتل معه ما كان قتاله معه
نافعا، فإذا لم يجد مقاتلا معه كان في حل من الانصراف (2).
2 - عقبة بن سمعان مولى الرباب زوجة الإمام الحسين (ع):
قال لعمر بن سعد حين أراد قتله: أنا عبد مملوك، فخلى
سبيله (3).
3 - المرقع بن ثمامة الأسدي:
كان قد نثر نبله، وجثا على ركبتيه، فقاتل، فجاءه نفر من قومه
فقالوا له أنت آمن، أخرج إلينا، فخرج إليهم (4).
هؤلاء هم الذين ثبت أنهم سلموا من المذبحة من الذكور، ولو كان

(1) الطبري: 5 / 469. وغيره.
(2) الطبري: 5 / 418 و 444 445.
(3) الطبري: 5 / 454: (فلم ينج منهم أحد غيره، إلا أن المرقع بن ثمامة الأسدي نثر نبله...
الخ) وعقبة بن سمعان هذا روى كثيرا من مشاهد كربلاء، وتجد رواياته في الطبري.
(4) الطبري: 5 / 454.
64

ثمة من تخلى عن الحسين قبيل المعركة أو أثنائها أو بقي بعدها لحفظ
ذكره.
وإن إجماع المصادر على ما ذكرنا، بالإضافة إلى عدم استقامة
الروايات في أنفسها يحملاننا على عدم العناية بها، وتجريدها من أي
دلالة مدعاة على عدد الأصحاب، أو العدد الحقيقي للشهداء.
إن رواية عمار الدهني صادقة من هذه الجهة إلى حد بعيد.
(فقتل أصحاب الحسين كلهم، وفيهم بضعة عشر شابا من أهل
بيته) (1).
وثمة سؤال يتعلق بموقع الهاشميين من القوة المحاربة مع الحسين
في صبيحة اليوم العاشر من المحرم.
هل كان الهاشميون صبيحة اليوم العاشر من المحرم، عند نشوب
القتال، جزءا من القوة المحاربة التي عبأها الحسين (ع) فجعل زهير بن
القين في الميمنة، وحبيب بن مظاهر في الميسرة، وأعطى الراية أخاه
العباس، أو أنهم كانوا خارج هذه القوة؟
إننا نرى أن الافتراض الأول هو الصحيح، فإننا لا نستطيع أن نقبل
فكرة أن غير الهاشميين قد باشروا الحرب بينما كان هؤلاء جالسين في
خيامهم، الشئ المؤكد هو أن غير الهاشميين قاتلوا وقتلوا قبل
الهاشميين، ولكن هذا لا يعني أن الهاشميين كانوا خارج القوة المعبأة،

(1) الطبري: 5 / 389.
65

وإذن فلا بد أن الجميع كانوا في حالة تهيئة للقتال في وقت واحد وفي
موقف واحد.
ولدينا نص نقله الخوارزمي قال فيه:
(.. ولما أصبح الحسين عليه السلام.. عبأ أصحابه.. فجعل
على ميمنته زهير بن القين، وعلى ميسرته حبيب بن مظاهر، ودفع اللواء
إلى أخيه العباس بن علي، وثبت عليه السلام مع أهل بيته في
القلب) (1).
ويبدو أن موقع الراية - في نظام التعبئة - في القلب، وإذن فكل من
ذكر أن الراية كانت في يد العباس بن علي عنى أن بني هاشم كانوا في
القلب مع الحسين (2).
نستثني منهم الشبان الصغار الذين لم يكونوا في سن مناسبة للقتال،
وهم بضعة أفراد استشهدوا حين لم يبق مع الحسين أحد من المقاتلين
الهاشميين فاندفع هؤلاء الشبان إلى القتال، وقتلوا.
لقد كان من الممكن أن يزيد عدد أصحاب الحسين عليه السلام
زيادة كبيرة، لم تكن لتؤثر وحدها على نتيجة المعركة بنفسها، ولكنها

(1) مقتل الحسين: 2 / 4.
(2) من هؤلاء الدينوري في الاخبار الطوال: 256، والطبري: 5 / 422 والشيخ المفيد في
الارشاد: 233، ونذكر هنا بما ورد في رواية الحصين بن عبد الرحمن من التصريح بوجود بني
هاشم في مجموع القوة المحاربة في صباح اليوم العاشر من المحرم - طبري: 5 / 392 -
393.
66

كانت تجعلها أطول وأشد مرارة بالنسبة إلى الجيش الأموي، مما كان من
الممكن أن يمكن قوات أخرى أن تتدخل إلى جانب الثورة، وعوامل
مساعدة ذات طبيعة سياسية أن تحدث فتؤثر على نتيجة المعركة.
كان من الممكن أن يحدث هذا لولا حدوث بعض المعوقات،
فقد استأذن حبيب بن مظاهر الأسدي الإمام الحسين قبل المعركة
بأيام في أن يأتي قومه من بني أسد الذين كانوا قريبين من موقع المعركة
فيدعوهم إلى نصرة الحسين، فأذن له.
وقد استجاب لدعوة حبيب بن مظاهر من هذا الحي من بني أسد
تسعون مقاتلا جاءوا معه يريدون معسكر الحسين، ولكن عمر بن سعد
علم بذلك فوجه إليهم قوة من أربعمئة فارس، (فبينما أولئك القوم من
بني أسد قد أقبلوا في جوف الليل مع حبيب يريدون عسكر الحسين، إذا
استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات، وكان بينهم وبين معسكر
الحسين اليسير، فتناوش الفريقان واقتتلوا، فصاح حبيب بالأزرق بن
الحرث: مالك ولنا، انصرف عنا، يا ويلك دعنا واشق بغيرنا، فأبى
الأزرق، وعلمت بنو أسد ألا طاقة لهم بخيل ابن سعد، فانهزموا راجعين
إلى حيهم، ثم تحملوا في جوف الليل جوفا من ابن سعد أن يكسبهم،
ورجع حبيب إلى الحسين فأخبره) (1).
ويبدو أن السلطة كانت تخشى أن يتسامع الناس بما يحدث في
كربلاء فيؤدي ذلك إلى تدفق الأنصار على الحسين، ولذا استعجلت إنهاء
المعركة والقضاء على الحسين وآله وصحبه، فرفضت المضي في

(1) الخوارزمي: مقتل الحسين: 1 / 243 - 244، وبحار الأنوار: 44 / 386 - 387.
67

المفاوضات، ووجهت تأنيبا إلى عمر بن سعد لأنه يحاور الحسين،
واستخدمت سلاح العطش لا لمجرد التعذيب الجسدي، وإنما لغاية
أخرى أيضا هي خفض القدرة القتالية لدى الحسين وقوته الصغيرة،
وإضعاف خيلهم، وخلق مشكلة موجعة تنشأ من عطش النساء والأطفال.
ويبدو أن محاولة حبيب بن مظاهر قد نبهت قيادة الجيش الأموي إلى
إمكانية تسرب قوات موالية للحسين من جانب الفرات، فعززت، إثر هذه
المحاولة، حصار العطش لحماية الضفة من تسرب أي إنسان موال
للحسين من خلالها (1).
ويعزز هذا الرأي ملاحظة وردت عرضا في رواية للطبري على لسان
أحد المقاتلين في الجيش الأموي، تصور مشهدا أليما وفاجعا من مشاهد
اليوم العاشر من المحرم، جاء فيها:
(حدثني من شهد الحسين في عسكره أن حسينا حين غلب على
عسكره ركب المسناة يريد الفرات، قال: فقال رجل من بني أبان بن
دارم: ويلكم حولوا بينه وبين الماء، لا تتام إليه شيعته) (2).
إن ذكر هذه الملاحظة (لا تتام إليه شيعته) سببا للحيلولة بين

(1) (.. ورجعت تلك الخيل (التي منعت الأسديين من الوصول إلى معسكر الحسين) حتى نزلت
على الفرات، وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء، فأضر العطش بالحسين وبمن معه)
المصدران المذكوران في هامش رقم (1).
(2) الطبري: 5 / 449. وقد أورد ابن نما الحلي اسم هذا المقاتل في (مثير الأحزان ص 53) وهو
(زرعة بن أبان بن دارم) وأنه قال: حولوا بينه وبين الماء، ولم يذكر ابن نما عبارة (لا تتام إليه
شيعته).
68

الحسين وبين الماء تدل على أن قيادة الجيش الأموي كانت تتوقع قدوم
نجدات موالية للحسين، وكانت تقوم على الشاطئ بحصار حقيقي
يتجاوز الحيلولة دون الماء إلى الحيلولة دون عبور قوات موالية للحسين
كانت فيما يبدو جاهزة للعبور، ولعلها كانت من الأسديين الذين فشلوا في
الوصول إلى معسكر الحسين حين قادهم حبيب بن مظاهر.
69

من هم؟
فيما يلي نستعرض أسماء الشهداء الذين حفظ التاريخ أسماءهم،
باذلين كل جهد ممكن في سبيل التعرف على شخصياتهم، وقبائلهم،
وأوضاعهم الاجتماعية.
هذا مع التنبيه إلى أن العدد قد لا يكون دقيقا تماما، فقد تكون ثمة
أسماء لم تصل إلينا نتيجة لاهمال المؤرخين والرواة، وقد يكون ثمة
رجال تكرر ذكرهم مرتين نتيجة لذكرهم مرة بالاسم وأخرى بالكنية أو
باللقب، دون أن تكون لدينا وسيلة لمعرفة اسم صاحب اللقب أو النية أو
كنية ولقب صاحب الاسم، ولكننا واثقون من أن إمكانية الخطأ من هذه
الجهة محدودة جدا.
والتصحيف في الأسماء والألقاب والنسب، والخطأ في ذلك عند
المؤلفين القدماء والنساخ هو أكبر الآفات التي تواجهنا في استعراض
أسماء الشهداء والتحقق من شخصياتهم. ومن هنا، فإننا حرصا منا على
الدقة وضعنا جدولين أحدهما بأسماء الشهداء رضوان الله عليهم، والآخر
71

بأسماء الرجال الذين يفترض أنهم من شهداء كربلاء. الجدول الأول أثبتنا
فيه أسماء الشهداء الذين ورد ذكرهم في الزيارة المنسوبة إلى الناحية
المقدسة، لأنها أقدم وثيقة تشتمل على ما يفترض أنه جميع الشهداء -
ونحن نعتبرها كوثيقة تاريخية فقط، لان صفتها الدينية غير ثابتة كما
ذكرنا، كما أننا أثبتنا في هذا الجدول أسماء الشهداء الذين لم يرد ذكرهم
في الزيارة، ولكن ذكروا في أحد المصادر الأساسية الأخرى كرجال الشيخ
أو الطبري، وكذلك الذين ذكروا في مصدرين اثنين من المصادر الثانوية
بعد التأكد من عدم أخذ إحداهما عن الآخر أو في مصدرين اثنين نص
أحدهما على الأقل على استشهاد المسمى، وراعينا أن يكون أحد
المصدرين من المصادر الأساس في الموضوع. والجدول الثاني يشتمل
على ما تفرد به مصدر واحد من المصادر المتأخرة كالزيارة الرجبية أو كتاب
ابن شهرآشوب أو كتاب مثير الأحزان، أو اللهوف وأمثالها.
وسنرى أن المعلومات المتاحة قليلة جدا، وحتى هذا القليل لا
يتيسر الحصول عليه بسهولة نتيجة لاهمال المؤرخين من جهة ولتصحيف
النساخ من جهة أخرى، هذا التصحيف، الذي يضع اسما مكان اسم ونسبا
مكان نسب.
ولكن هذه المعلومات القليلة ستكون عظيمة القيمة إذا أحسنا تبويبها
وقراءة دلالاتها، فسنرى أنها تكشف لنا عن أبعاد جديدة لهذه الثورة ما كنا
لنصل إليها لولا دراسة ما يمكن الوصول إليه من حياة هؤلاء الرجال
الابطال.
سنتبع في عرض الأسماء الترتيب الأبجدي، ثم نوزعها فيما بعد
72

تبعا للفئات الاجتماعية، والقبلية، والجغرافية، والعنصرية التي تنتمي
إليها.
1 - أسلم التركي، مولى الحسين عليه السلام:
ورد ذكره عند الطبري باسم (سليمان) (1). وفي الزيارة (2) وعند
السيد الأمين. وذكره الشيخ في الرجال، فقال: (سليم، مولى الحسين
عليه السلام، قتل معه) (3).
نرجح أن الذي قتل في كربلاء اسمه أسلم وليس سليمان أو سليما.
ذكره الشيخ في الرجال، ولم ينص على مقتله. وذكره السيد الأمين
في أعيان الشيعة في جدوله، وفي المقتل قال: (.. وخرج غلام تركي
كان للحسين عليه السلام اسمه أسلم) (4).
وذكره سيدنا الأستاذ في معجم رجال الحديث (5).
ومن المؤكد أن هذا هو مراد الذين عبروا ب‍ (.. ثم خرج غلام
تركي كان للحسين..) (6) دون أن يذكروا اسمه.

(1) الطبري: 5 / 469.
(2) بحار الأنوار: 45 / 69.
(3) الرجال: 74.
(4) أعيان الشيعة 4 قسم أول / 126.
(5) معجم رجال الحديث: 3 / 86.
(6) الخوارزمي، مقتل الحسين: 2 / 24، وبحار الأنوار: 45 / 30، والمناقب: 4 / 104، إلا
أنه قال: (ثم برز غلام تركي للحر...) ومن المؤكد أنه يعني الرجل موضوع بحثنا لان الرجز
الذي نسبه إليه هو الرجز المنسوب لمن وصف بأنه غلام تركي للحسين.
73

وأما سليمان فقد كان مولى للحسين أيضا، وكان رسوله إلى أهل
البصرة، وسلمه أحد من أرسل إليهم من زعماء البصرة، وهو لمنذر بن
الجارود العبدي، إلى عبيد الله بن زياد، عامل يزيد بن معاوية على
البصرة حينذاك، فقتله، وسليمان هذا يكنى أبا رزين (1).
وصف أسلم هذا في المصادر بأنه (قارئ للقرآن، عارف
بالعربية) ووصف بأنه كان كاتبا.
مولى، لا نعرف عنه شيئا آخر.
2 - أنس بن الحارث الكاهلي:
ذكره الشيخ في الرجال في عداد صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله ونص على
أنه قتل مع الحسين.
وذكره في عداد أصحاب الحسين دون أن ينص على مقتله (2).
وذكره سيدنا الأستاذ (3) ونرجح أنه متحد مع (أنس بن كاهل
الأسدي) الذي ذكر في الزيارة والرجبية وعده سيدنا الأستاذ عنوانا
مستقلا (4) فإن الكاهلي أسدي، وابن كاهل نسبة إلى العشيرة.

(1) الطبري: 5 / 357 - 358، وبحار الأنوار: 44 / 337 - 339 و 340، والخوارزمي: مقتل
الحسين: 1 / 199 وقد ذكرت كنيته في بحار الأنوار.
(2) الرجل: 4 و 71. وقد عده ابن حجر في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة، وابن البر في
الاستيعاب، والجزري في أسد الغابة ونص على مقتله مع الحسين.
(3) معجم رجال الحديث: 3 / 232.
(4) معجم رجال الحديث 3 / 233.
74

وذكره ابن شهرآشوب والخوارزمي مصحفا ب‍ (مالك بن أنس
الكاهلي) (1).
وذكره في البحار مصحفا ب‍ (مالك بن أنس المالكي) وصححه بعد
ذلك عن ابن نما الحلي (2).
الكاهلي: بنو كاهل من بني أسد بن خزيمة. من عدنان، (عرب
الشمال.
شيخ كبير السن: لا بد أن يكون ذا منزلة اجتماعية عالية بحكم كونه
صحابيا. ويبدو أنه من الكوفة، فقد ذكر ابن سعد أن منازل بني كاهل
كانت في الكوفة (3).
3 - أنيس بن معقل الأصبحي:
ذكره ابن شهرآشوب (4) والخوارزمي (5) وذكره السيد الأمين.
الأصبحي: الأصابح، من القبائل القحطانية (يمن، عرب
الجنوب لا نعرف عنه شيئا آخر).
4 - أم وهب بنت عبد:
سيدة من النمر بن قاسط. زوجة عبد الله بن عمير الكلبي، من بني

(1) المناقب: 4 / 102، ومقتل الحسين: 2 / 18
(2) بحار الأنوار: 45 / 24 و 25.
(3) محمد بن سعد: الطبقات (طبعة ليدن - أوفست) 6 / 58.
(4) المناقب: 4 / 103.
(5) مقتل الحسين: 2 / 19.
75

عليم. أخبر زوجته أم وهب بعزمه على المصير إلى الحسين، فقالت له:
(أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك، إفعل وأخرجني معك) فخرج بها
ليلا حتى أتى حسينا، فأقام معه.
ولما شارك زوجها في القتال وقتل رجلين من جند عمرو بن سعد
(أخذت أم وهب امرأته عمودا، ثم أقبلت نحو زوجها تقول له: (فداك
أبي وأمي، قاتل دون الطيبين ذرية محمد). فأقبل إليها يردها نحو
النساء، فأخذت تجاذب ثوبه، ثم قال: (إني لن أدعك دون أن أموت
معك) فناداها حسين، فقال: (جزيتم من أهل بيت خيرا، إرجعي
رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهن، فإنه ليس على النساء قتال،
فانصرفت إليهن).
وخرجت إلى زوجها بعد أن استشهد حتى جلست عند رأسه تمسح
عنه التراب وتقول: (هنيئا لك الجنة). فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام
يسمى رستم: (أضرب رأسها بالعمود)، فضرب رأسها فشدخه،
فماتت مكانها).
(الطبري: 5 / 429 - 430 و 436 و 438.
5 - برير بن خضير الهمداني:
ذكره الطبري (1) وابن شهرآشوب (2) وابن طاووس (3) والمجلسي في
بحار الأنوار مصحفا ب‍ (بدير بن حفير) (4) وورد ذكره في الرجبية. وقد

(1) الطبري: 5 / 421 و 423 وغيرهما
(2) المناقب: 4 / 100
(3) اللهوف في قتل الطفوف.
(4) بحار الأنوار: 45 / 15 وغيرهما والتصحيف في: 44 / 320
76

أورد سيدنا الأستاذ (3 / 289): (برير بن الحصين) وأسنده إلى
الرجبية، والظاهر أن نسخة السيد مصحفة: خضير = حصين.
بذل محاولة لصرف عمر بن سعد عن ولائه للسلطة الأموية.
وصف في المصادر بأنه (سيد القراء) وكان شيخا، تابعيا،
ناسكا، قارئا للقرآن، ومن شيوخ القراء في جامع الكوفة، وله في
الهمدانيين شرف وقدر.
يبدو أنه كان مشهورا ومحترما في مجتمع الكوفة (1).
همداني: من شعب كهلان، (اليمن، عرب الجنوب) موطنه
الكوفة.
6 - بشير بن عمرو الحضرمي:
ذكره الطبري. أحد آخر رجلين بقيا من أصحاب الحسين قبل أن
يقع القتل في بني هاشم، والآخر هو (سويد بن عمرو بن أبي
المطاع) (2). وذكر في الرجبية وذكر في الزيارة مصحفا ب‍ (بشر بن عمر
الحضرمي) (3). وعند السيد الأمين (بشر بن عبد الله الحضرمي).
وذكره سيدنا الأستاذ مرددا بين بشر وبشير (4) ومن المؤكد أنه هو
(محمد بن بشير الحضري) الذي ورد ذكره عند السيد ابن طاووس بقرينة

(1) الطبري: 5 / 432.
(2) الطبري: 5 / 444.
(3) بحار الأنوار: 45 / 70.
(4) معجم رجال الحديث: 3 / 314.
77

ذكره لقصة ابنه (1) وقد وردت القصة في الزيارة مقرونة باسم بشر أو بشير
على اختلاف النسخ.
الحضرمي: من حضر موت، قبيلة من القحطانية، وبها عرفت
مقاطعة حضر موت. أو من بني الحضرمي، فخذ من الظبي، من يافع،
إحدى قبائل اليمن. وكان عداد بشير هذا في كندة وهي قبيلة يمنية أيضا
(يمن، عرب الجنوب).
لا نعرف عن شيئا آخر.
7 - جابر بن الحارث السلماني:
هكذا ورد اسمه عند الطبري (2) وذكره الشيخ الطوسي مصحفا
(جنادة بن الحرث السلماني) (3) وكذلك عند السيد الأمين. وعده سيدنا
الأستاذ بعنوان جنادة تبعا للشيخ (معجم الرجال 4 / 166).
وذكر: (حيان بن الحارث السلماني الأزدي) بعنوان مستقل
(معجم رجال الحديث: 6 / 308).
وذكر اسمه في الزيارة مصحفا ب‍ (حباب بن الحارث السلماني
الأزدي) (4) وفي النسخة الأخرى (حيان...).
وفي الرجبية نسخة البحار (حيان بن الحارث) وفي نسخة الاقبال
(حسان بن الحارث) ولعل الجميع واحد. وعند ابن شهرآشوب:

(1) اللهوف: 39 40.
(2) الطبري: 5 / 446.
(3) الرجال: 72.
(4) بحار الأنوار: 45 / 72.
78

(حباب بن الحارث) في عداد قتلى الحملة الأولى (1)
من شخصيات الشيعة في الكوفة. اشترك في حركة مسلم بن
عقيل، وتوجه إلى الحسين - بعد فشل الثورة في الكوفة - مع جماعة،
والتقوا مع الحسين قبيل وصوله إلى كربلاء، فأراد الحر بن يزيد الرياحي
منعهم من اللحاق بالحسين، ولم يفلح في منعهم، ويأتي ذكر بقيتهم.
السلماني، من مراد، ثم مذحج. (يمن، عرب الجنوب)
لا نعرف عنه شيئا آخر.
8 - جبلة بن علي الشيباني.
ذكر في الزيارة (2) وذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة
الأولى (3). ولعله متحد مع جبلة بن عبد الله، الذي ورد ذكره في
الرجبية. وقد ذكرهما سيدنا الأستاذ في عنوانين (معجم الرجال 4 / 34)
اشترك في حركة مسلم بن عقيل في الكوفة.
الشيباني: من شيبان، من العدنانية (عرب الشمال).
9 - جنادة بن الحارث الأنصاري:
ذكره ابن شهرآشوب (4) والخوارزمي. (جنادة بن الحرث) (5)
وبحار الأنوار (6).

(1) المناقب: 4 / 113
(2) بحار الأنوار: 45 / 72
(3) المناقب: 4 / 113
(4) المناقب: 4 / 104.
(5) مقتل الحسين: 2 / 21.
(6) بحار الأنوار: 45 / 28
79

الأنصاري:
(يمن، عرب الجنوب).
لا نعرف عنه شيئا آخر.
10 - جندب بن حجير الخولاني:
ذكره الشيخ دون أن ينص على مقتله (1)، وذكر في الزيارة
(جندب بن حجر الخولاني) (2).
وذكر في الرجبية (جند بن حجير) وبهذا العنوان ورد عند سيدنا
الأستاذ (معجم الرجال 4 / 173) وذكره السيد الأمين.
خولان: بطن من كهلان، من القحطانية (يمن، عرب
الجنوب).
لا نعرف عنه شيئا آخر.
11 - جون مولى أبي ذر الغفاري:
ورد ذكره في الرجبية.
وذكر في بحار الأنوار والزيادة باسم (جون بن حوي مولى أبي ذر
الغفاري (3) وذكره الشيخ دون أن ينص على مقتله (4). وذكره
الخوارزمي (5) وذكره الطبري باسم (حوي) (6). ذكره ابن شهرآشوب

(1) الرجال: 72.
(2) بحار الأنوار: 45 / 82.
(3) بحار الأنوار: 45 / 22 و 71
(4) الرجال: 72.
(5) مقتل الحسين: 1 / 237 و 2 / 19
(6) الطبري: 5 / 420
80

مصحفا باسم (جوين أبي مالك مولى أبي ذر الغفاري) (1).
من الموالي، أسود اللون، شيخ كبير السن.
لا نعرف عنه شيئا آخر.
12 - جوين بن مالك الضبعي:
ذكره الشيخ في عداد أصحاب الحسين ولم ينص على مقتله (2)
وذكر في الزيارة في عداد الشهداء تارة بهذا الاسم وأخرى باسم
(حوي بن مالك الضبعي) وقع الخلط عند البعض بينه وبين جون مولى
أبي ذر.
ذكر أيضا في الرجبية إلا أنه ورد فيها بعنوان (جوير بن مالك)
ونرجح أنه جوين بن مالك الضبعي - وأنه صحف تارة باسم حوي،
وأخري باسم جوبر.
ذكر أنه كان من جنود عمر بن سعد ثم تحول إلى الحسين وقاتل
معه، وقتل في الحملة الأولى.
الضبعي: ضبع بن وبرة، بطن من القحطانية (يمن، عرب
الجنوب).
لا نعرف عنه شيئا آخر.
13 - حبيب بن مظاهر الأسدي:
ذكرته جميع المصادر. من أصحاب الإمام علي بن أبي طالب،

(1) المناقب: 4 / 103.
(2) الرجال 72.
81

وكان من شرطة الخميس. جعله الحسين على ميسرة أصحابه عند التعبئة
للقتال. تقدم أنه بذل محاولة لاستقدام أنصار من بني أسد، وحال
الجيش الأموي دون وصولهم إلى معسكر الحسين. وهو أحد الزعماء
الكوفيين الذين كتبوا إلى الحسين (1) كان معظما عند الحسين: (لما قتل
حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا، وقال عند ذلك: احتسب نفسي وحماة
أصحابي) (2).
كان شخصية بارزة في مجتمع الكوفة
الأسدي: عدنان (عرب الشمال)
14 - الحجاج بن زيد السعدي:
ذكر في الزيارة (3) وذكره السيد الأمين (الحجاج بن بدر السعدي)
وفي الرجبية (حجاج بن يزيد)
وذكره سيدنا الأستاذ بعنوان (الحجاج بن يزيد - 4 / 240) وذكر أنه
ورد بهذا العنوان في الزيارة وهو مخالف ما في طبعة البحار الجديدة
وموافق لنسخة الاقبال.
حمل كتابا من مسعود بن عمرو الأزدي إلى الحسين جوابا على
كتاب من الحسين إليه وإلى غيره من زعماء البصرة يدعوهم إلى نصرته.
بصري - من بني سعد بن تميم من عدنان (عرب الشمال).
لا نعرف عنه شيئا آخر.

(1) الطبري: 5 / 352 وغيره
(2) الطبري: 4 / 440 وغيره
(3) بحار الأنوار: 45 / 71.
82

15 - الحجاج بن مسروق الجعفي:
ورد ذكره في الطبري (1) وفي الزيارة وبحار الأنوار (2) وذكره
الخوارزمي (3).
وذكر في الرجبية.
وذكره ابن شهرآشوب (4) وصحفه الشيخ (الحجاج بن مرزوق) (5)
وبهذا العنوان ذكره سيدنا الأستاذ (معجم الرجال: 4 / 239) وذكر سيدنا
الأستاذ الحجاج بن مسروق الجعفي تحت عنوان مستقل (4 / 239 -
240) والظاهر اتحادهما. خرج من الكوفة إلى مكة فلحق بالحسين في
مكة وصحبه منها إلى العراق. أمره الحسين بالاذان لصلاة الظهر عند
اللقاء مع الحر بن يزيد. وصف في بعض المصادر بأنه (مؤذن
الحسين).
كوفي
الجعفي: نسبة إلى جعفي بن سعد العشيرة، من مذحج، من
القحطانية.
(يمن، عرب الجنوب)

(1) الطبري: 5 / 401
(29 بحار الأنوار: 44 / 376 و 45 / 72
(3) مقتل الحسين: 2 / 20.
(4) المناقب: 4 / 103.
(5) الرجال: 73.
83

16 - الحر بن يزيد الرياحي اليربوعي التميمي:
ذكرته جميع المصادر. وتكرر ذكره في الرجبية فذكر في أولها وفي
أواخرها.
من الشخصيات البارزة في الكوفة. أحد أمراء الجيش الأموي في
كربلاء، وكان يقود فيه ربع تميم وهمدان (1) التقى مع الحسين عند جبل
ذي حسم، وهو يقود الف فارس وجهه أميرا عليهم عبيد الله بن زياد
لاعتراض الحسين (2).
تاب قبل نشوب المعركة، ولحق بمعسكر الحسين، وقاتل وقتل
معه (3).
توحي لهجة بعض كتب المقتل بأن الحر كان متعاطفا مع الثورة منذ
لقي الحسين (4).
ونحن نشك في ذلك، ونرجح أن هذه اللهجة نتيجة لتأثر كتاب
المقتل بالموقف النفسي الذي تولد نتيجة لتحول الحر في النهاية إلى
جانب الثورة.
تتحدث بعض المراجع ذات القيمة الثانوية عن أن ولاء الحر
للثورة، وتحوله إلى صفوفها أثر على موقف ابنه (علي بن الحر)، وأخيه

(1) الطبري: 5 / 422 وغيره
(2) الطبري: 5 / 400 وما بعدها، وغيره
(3) الطبري: 5 / 427 وما بعدها، وغيره
(4) اللهوف في قتلى الطفوف ص: 32، ومثير الأحزان.
84

(مصعب بن يزيد)، وغلامه (عروة)، ولم يثبت لدينا ذلك (1).
الرياحي: بطن من يربوع، من تميم. عدنان (عرب الشمال).
كوفي. يبدو أنه إلى الشباب أقرب.
17 - الحلاس بن عمرو الراسبي:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (2) وذكره الشيخ
مصحفا:
(الحلاش) ولم يشر إلى مقتله (3). وفي الرجبية: (حلاس بن
عمرو) وبهذا العنوان ذكره سيدنا الأستاذ. (معجم الرجال: 4 / 144).
وفي (ج 6 ص 189 من معجم الرجال) ذكر سيدنا الأستاذ: (حلاس بن
عمرو الهجري) والظاهر أنه يعتبر رجلا آخر غير حلاس بن عمرو والظاهر
عندنا اتحادهما، والهجري نسبة إلى هجر في اليمن لا ينافي النسبة إلى
راسب.
ذكر أنه كان على شرطة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في
الكوفة. وأنه وأخاه النعمان كانا مع عمر بن سعد ثم تحولا إلى معسكر
الحسين. يأتي ذكر أخيه في عداد الشهداء.
الراسبي: راسب بن مالك بطن من شنوءه، من الأزد من
القحطانية: كوفي (يمن، عرب الجنوب).

(1) ذكر الخوارزمي في (مقتل الحسين) 2 / 10 ان الحر لحق بالحسين مع غلامه التركي، ولم
يثبت لدينا أن هذا الغلام قاتل وقتل ليعد في الشهداء.
(2) المناقب: 4 / 113
(3) الرجال: 73.
85

18 - حنظلة بن أسعد الشبامي:
هكذا ذكر في الزيارة والرجبية في نسخة البحار، وفي الاقبال
(سعد)، وفي نسخة البحار وفي الاقبال (الشيباني) وبحار الأنوار (1)
وذكره الخوارزمي (2) والطبري (3) والشيخ (4) وذكره السيد الأمين.
الشبامي: شبام بطن من همدان، من القحطانية (يمن، عرب
الجنوب) كوفي.
19 - خالد بن عمرو بن خالد الأزدي:
ذكره ابن شهرآشوب (5) والخوارزمي (6) وبحار الأنوار (7)
الأزدي: من الأزد (يمن، عرب الجنوب) من الشبان.
لا نعرف عنه شيئا آخر.
20 - زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي:
ذكره الشيخ (8) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (9)
وذكر في الرجبية وذكر في الزيارة في إحدى نسختيها مصحفا: (زاهد

(1) بحار الأنوار: 45 / 43 و 73.
(2) مقتل الحسين: 2 / 24.
(3) الطبري: 5 / 443.
(4) الرجال: 73.
(5) المناقب: 4 / 101.
(6) مقتل الحسين: 2 / 14
(7) بحار الأنوار: 45 / 18
(8) الرجال: 73.
(9) المناقب: 4 / 113.
86

مولى عمرو بن الحمق الخزاعي) (1). وذكر في النسخة الأخرى
(زاهر.)
ذكره سيدنا الأستاذ (معجم رجال الحديث: 7 / 215) وقال نقلا
عن النجاشي في ترجمة محمد بن سنان أن زهرا هذا هو جد محمد بن
سنان. وهو من أصحاب الإمامين موسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا،
وهو ضعيف جدا.
وقد ذكر في المصادر خطأ باسم (زاهر بن عمرو الكندي).
من الكوفة. من شخصيات الكوفة، شيخ كبير السن.
من موالي كندة.
21 - زهير بن بشر الخثعمي:
هكذا ذكر في الزيارة في نسخة البحار (2)، وفي نسخة الاقبال
(زهير بن سليم الأزدي) وذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة
الأولى (3) ونرجح اتحاده مع زهير بن سليم الأزدي الذي ذكره ابن شهرآشوب
أيضا في عداد قتلى الحملة الأولى وفي الرجبية: (زهير بن
بشير).
الخثعمي: خثعم بن أنمار بن أراش، قبيلة من القحطانية،
(يمن، عرب الجنوب) لا نعرف عنه شيئا آخر.

(1) بحار الأنوار: 45 / 72.
(2) بحار الأنوار: 45 / 72.
(3) المناقب: 4 / 113.
87

22 - زهير بن القين البجلي:
ذكر في جميع المصادر. في الزيارة ذكر بتكريم خاص (1) وذكر في
الرجبية. انضم إلى الحسين في الطريق من مكة إلى العراق بعد أن كان
كارها للقائه (2) خطب في جيش ابن زياد قبيل المعركة (3) جعله الحسين
على ميمنة أصحابه (4).
شخصية بارزة في المجتمع الكوفي. يبدو أنه كان كبير السن.
بجلي: بجيلة هم بنو أنمار بن أراش بن كهلان، من القحطانية.
(يمن، عرب الجنوب).
23 - زيد بن معقل الجعفي:
هكذا ذكر في الزيارة في الاقبال. وفي النسخة من الزيارة (بدر بن
معقل الجعفي) وبهذا الاسم ذكره سيدنا الأستاذ (معجم رجال الحديث:
3 / 266).
وذكره الشيخ دون أن ينص على شهادته (5) ونعتقد أنه متحد مع
(مندر بن المفضل الجعفي) الذي ورد ذكره في الرجبية.
جعفي: من مذحج: (يمن، عرب الجنوب) لا نعرف عنه شيئا
آخر.

(1) بحار الأنوار: 45 / 71.
(2) الطبري: 5 / 396 - 397.
(3) الطبري: 5 / 426 وما بعدها
(4) الطبري: 5 / 422 وغيره
(5) الرجال: 73.
88

24 - سالم مولى بني المدنية الكلبي:
ذكر في الزيارة (1).
بنو المدنية بطن من كلب بن وبرة، من القحطانية (يمن، عرب
الجنوب).
مولى. لا نعرف عنه شيئا.
25 - سالم مولى عامر بن مسلم العبدي:
ذكر في الزيارة (2) وذكره السيد الأمين.
العبدي: من عبد القيس، من عدنان (عرب الشمال).
مولى، من البصرة. لا نعرف عنه شيئا آخر.
26 - سعد بن حنظلة التميمي:
ذكره ابن شهرآشوب (3) وبحار الأنوار (4)
وقد استظهر التستري في قاموس الرجال (5) أن هذا هو حنظلة بن
أسعد الشبامي المتقدم ذكره، واستدل بأن ابن شهرآشوب لم يذكر حنظلة
المتفق عليه وهو الشبامي. ونرجح أن سعدا هذا غير حنظلة ذاك لان غير
ابن شهرآشوب قد ذكر سعدا وهو محمد بن أبي طالب الهاشمي في مقتله
كما نقل ذلك المجلسي في البحار. وأن ذاك شبامي من عرب الجنوب،

(1) بحار الأنوار: 45 / 72.
(2) بحار الأنوار: 45 / 72.
(3) المناقب: 4 / 101.
(4) بحار الأنوار: 45 / 18
(5) قاموس الرجال: 4 / 318.
89

وهذا تميمي من عرب الشمال. والتصحيف في هذه الحالة بعيد جدا.
تميمي، من عدنان (عرب الشمال) لا نعرف عنه شيئا آخر.
27 - سعد بن عبد الله، مولى عمرو بن خالد:
ذكره الشيخ (1) والطبري (2) وذكر في الزيارة باسم (سعيد) (3)
والظاهر أنه هو الذي ذكر في الرجبية بعنوان (السلام على عمرو بن
خلف وسعيد مولاه) وخلف تصحيف خالد.
لحق بالحسين مع مولاه عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي وآخرين
فانتهوا إلى الحسين وهو بعذيب الهجانات بعد لقائه مع الحر بن يزيد
الرياحي وقبيل وصوله إلى كربلاء، وقد أراد الحر منعهم من اللحاق
بالحسين فلم يتمكن من ذلك.
مولى: لا نعرف عنه شيئا آخر.
28 - سعيد بن عبد الله الحنفي:
ذكره الطبري (4) والخوارزمي (5) وابن شهرآشوب (6) والرجبية وذكر
في الزيارة باسم (سعد..) (7)، وذكره ابن طاووس (8).

(1) الرجال: 74.
(2) الطبري: 5 / 445.
(3) بحار الأنوار: 45 / 72.
(4) الطبري: 5 / 419.
(5) مقتل الحسين: 1 / 195 و 2 / 20.
(6) المناقب: 4 / 103
(7) بحار الأنوار: 45 / 21 و 26 و 70
(8) اللهوف: 39.
90

أحد الرسل الذين حملوا رسائل الكوفيين إلى الحسين (1) من أعظم
الثوار تحمسا.
الحنفي: من حنيفة بن لجيم، من بكر بن وائل. عدنان (عرب
الشمال).
29 - سوار بن منعم بن حابس الهمداني النهمي:
ذكره الشيخ (2) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى،
وصحفة هكذا: (سوار بن أبي عمير النهمي) (3) وذكر في الزيارة باسم
(سوار بن أبي حمير النهمي) (4). وذكر سيدنا الأستاذ: (سوار بن أبي
عمير - و: سوار بن المنعم: معجم رجال الحديث: 8 / 322) وعدهما
رجلين، والظاهر الاتحاد، والتعدد جاء من قبل التصحيف في الأصول.
أتي به أسيرا إلى عمر بن سعد، وتوفي متأثرا بجراحه بعد ستة
أشهر
النهمي: نهم بن عمرو، بطن من همدان، من القحطانية (يمن
عرب الجنوب).
30 - سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي:
ذكره الطبري (5) والشيخ (6) وقال عنه في بحار الأنوار (وكان شريفا

(1) الطبري: 5 / 353 وغيره
(2) الرجال: 74.
(3) المناقب: 4 / 113
(4) بحار الأنوار: 45 / 73
(5) الطبري: 5 / 444
(6) الرجال: 74.
91

كثير الصلاة) (1) وذكره ابن شهرآشوب مصحفا (عمرو بن أبي المطاع
الجعفي) (2).
هو أحد آخر رجلين بقيا مع الحسين (3) وقتل بعد مقتل الحسين.
كان بين القتلى وبه رمق، فلما سمع الناس يقولون: قتل الحسين.
(.. فوجد إفاقة فإذا معه سكين، وقد أخذ سيفه، فقاتلهم بسكينه ساعة،
ثم أنه قتل. وكان آخر قتيل) (4).
الخثعمي: خثعم بن أنمار بن أراش، قبيلة من القحطانية (يمن،
عرب الجنوب).
31 - سيف بن الحارث بن سريع الجابري:
ذكره الطبري (5) والخوارزمي (6) وذكر في الزيارة مصحفا:
(شبيب بن الحارث) (7) وفي الرجبية: (سيف بن الحارث).
يأتي ذكر ابن عمه وأخيه لامه (مالك بن عبد بن سريع).
الجابري: من بني جابر، بطن من همدان، من كهلان (يمن،
عرب الجنوب)
يبدو أنه من الشبان.

(1) بحار الأنوار: 45 / 24
(2) المناقب: 4 / 102.
(3) الطبري: 4 / 444.
(4) الطبري: 5 / 453
(5) الطبري: 5 / 442
(6) مقتل الحسين: 2 / 24.
(7) بحار الأنوار: 45 / 31 و 73.
92

32 - سيف بن مالك العبدي:
ذكر في الزيارة: (سيف بن مالك) (1) وكذا في رجال الشيخ (2)
وذكره ابن شهرآشوب باسم (سيف بن مالك النميري) (3) في عداد قتلى
الحملة الأولى.
وفي الرجبية: (سفيان بن مالك).
كان سيف هذا من جملة الرجال الذين يجتمعون في بيت مارية بنت
منقذ العبدية في البصرة التي كانت دارها مألفا للشيعة (4)
عبدي: من عبد القيس، من العدنانية (عرب الشمال).
33 - حبيب بن عبد الله النهشلي:
ذكره الشيخ (5) وذكر في الزيارة (6) وفي الرجبية. ربما يكون متحدا
مع أبي عمرو النهشلي الذي تفرد بذكره ابن نما الحلي في مثير الأحزان.
النهشلي: بنو نهشل بن دارم من تميم، من عدنان (عرب
الشمال).

(1) بحار الأنوار: 45 - 72
(2) الرجل: 74.
(3) المناقب: 4 / 113
(4) الطبري
(5) الرجال: 74
(6) بحار الأنوار: 45 71.
93

34 - شوذب مولى شاكر بن عبد الله الهمداني الشاكري:
ذكره الطبري (1) والشيخ (2) والخوارزمي (3) وذكر في الزيارة (4) وذكر
في الرجبية (سويد مولى شاكر).
كان من رجال الشيعة ووجوههم، من أعظم الثوار إخلاصا
وحماسا.
شيخ كبير، مولى، يحسب في عرب الجنوب.
35 - ضرغامة بن مالك:
ذكره الشيخ (5) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (6)
وذكر في الزيارة (7) وفي الرجبية.
لم ينسب إلى قبيلة. لا نعرف عنه شيئا
36 - عابس بن أبي شبيب الشاكري:
ذكره الطبري (8) والشيخ (9) والخوارزمي (10) والزيارة (11) والرجبية،
وفيها: (ابن شبيب).

(1) الطبري: 5 - 443! 444
(2) الرجال: 75
(3) مقتل الحسين: 2 22
(4) بحار الأنوار: 45! 28، 29 و 73
(5) الرجال: 75
(6) المناقب: 4 - 113
(7) بحار الأنوار: 45 - 71
(8) الطبري: 5 - 443
(9) الرجال: 78
(10) مقتل الحسين: 2 - 22
(11) بحار الأنوار: 45 - 28، 29 - 73.
94

من رجال الشيعة، كان رئيسا، شجاعا، خطيبا، ناسكا متهجدا
وكان من أعظم الثوار، إخلاصا وحماسا.
كان واعيا، لمح في كلامه مع مسلم بن عقيل، إلى أنه ليس
واثقا من الناس، ولكنه، مع ذلك، مصمم على الثورة (1).
أرسله مسلم بن عقيل إلى الحسين بالرسالة التي أخبره فيها ببيعة
أهل الكوفة، ودعاه إلى القدوم، وذلك قبل الانقلاب المضاد (2)
الشاكري: بنو شاكر من جذام، من القحطانية (يمن، عرب
الجنوب) كوفي. شخصية بارزة.
37 - عامر بن حسان بن شريح الطائي:
ذكره النجاشي في ترجمة حفيده (أحمد بن عامر)، وصرح بأنه
(هو الذي قتل مع الحسين بن علي (ع) بكربلاء) (3) وذكر مصحفا باسم
(عمار بن حسان بن شريح الطائي) عند الشيح (4) وذكر في الزيارة (5)
والرجبية وذكره وابن شهرآشوب في عداد الذين قتلوا في الحملة الأولى (6)
صحب الحسين بن مكة.
طائي: (يمن، عرب الجنوب) لا نعرف عنه شيئا آخر.

(1) الطبري: 5 - 355، والخوارزمي: مقتل الحسين: 1 - 197
(2) الطبري: 5 - 375 وبقية المصادر
(3) رجال النجاشي: 78.
(4) الرجال
(5) بحار الأنوار: 45 - 72
(6) المناقب: 4 - 13
95

38 - عامر بن مسلم:
هكذا ورد في الزيارة (1) والرجبية وعند ابن شهرآشوب (2) في عداد
قتلى الحملة الأولى، والشيخ (3) وقال عنه أنه مجهول. نسبه السيد
الأمين، فقال: (العبدي) ونسبه بحر العلوم في هامش رجال الشيخ
فقال: (السعدي).
السعدي، أو العبدي (من عبد القيس) كلتا النسبتين في عدنان
(عرب الشمال).
من البصرة: لا نعرف عنه شيئا آخر.
39 - عبد الرحمان بن عبد الله بن الكدر (الكدن) الأرحبي:
ذكر في الطبري (الكدن) (4) وعند ابن شهرآشوب (الكدر) في
عداد قتلى الحملة الأولى (5) والزيارة (6)، والشيخ (7)
من حملة رسائل أهل الكوفة إلى الحسين (8) كان في الكوفة مع
مسلم بن عقيل.
أرحب: قبيلة كبيرة من همدان، من القحطانية. (يمن، عرب
الجنوب)

(1) بحار الأنوار: 45 / 72
(2) المناقب: 4 / 113
(3) الرجال: 77
(4) الطبري: 5 / 352 و 354
(5) المناقب: 4 / 113
(6) بحار الأنوار: 45 / 73
(7) الرجال: 77
(8) الطبري، 352، والخوارزمي: مقتل الحسين: 1 / 194.
96

40 - عبد الرحمان بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي:
ذكره الطبري (1) والشيخ، ونسبه إلى الخزرج (2) وبحار الأنوار (3)
وذكره ابن طاووس (اللهوف / ص: 40) وهو أحد الذين كانوا يأخذون
البيعة للحسين في الكوفة. يبدو أنه إحدى الشخصيات البارزة.
خزرجي (يمن، عرب الجنوب) من الكوفة. لا نعرف عنه شيئا
آخر.
41 - عبد الرحمان بن عبد الله اليزني:
ذكره ابن شهرآشوب (4) والخوارزمي (5) وبحار الأنوار (6)
نرجح أنه هو الذي ورد في الرجبية باسم (عبد الرحمان بن عبد الله
الأزدي) خلافا لسيدنا الأستاذ الذي رأى اتحاده مع (عبد الرحمان بن عبد
الله بن الكدن الأرحبي (معجم رجال الحديث: 9 / 349)
اليزني: من يزن، بطن من حمير (يمن، عرب الجنوب) لا
نعرف عنه شيئا آخر.
42 - عبد الرحمان بن عروة الغفاري:
ذكره الخوارزمي (7) وبحار الأنوار (8). ربما يكون أحد الأخوين

(1) الطبري: 5 / 423
(2) الرجال: 77
(3) بحار الأنوار: 45 / 1
(4) المناقب: 4 - 102
(5) مقتل الحسين: 2 - 17
(6) بحار الأنوار: 45 - 22
(7) مقتل الحسين: 2 - 22
(8) بحار الأنوار: 45 / 28، وفي 44 / 320 سماه (عبد الله بن أبي عروة الغفاري).
97

الغفاريين ابني عرزة بن حراق. والذي حملنا على ترجيح كونه رجلا آخر
أن الخوارزمي ومحمد بن أبي طالب الموسوي الذي روى عنه المجلسي
في البحار ذكر هذا الشهيد قد ذكرا الأخوين الغفاريين بعد ذكرهما لهذا.
والمصادر كلها تذكر الأخوين الغفاريين معا، وتذكر إنها استأذنا في القتال
معا، وقاتلا معا حتى قتلا، ولم تذكر المصادر كل واحد منها على
انفراد. بينما ذكر الخوارزمي والمجلسي في البحار (في موضعين) هذا
الشهيد وحده، ونسب إليه رجزا يقول فيه: (قد علمت حقا بنو غفار).
الغفاري: من غفار بن مليل، بطن من كنانة، من العدنانية (عرب
الشمال).
43 - عبد الرحمان بن عرزة بن حراق الغفاري:
ذكره الطبري (1) والشيخ (2) والبحار والزيارة (3) إلا أن فيها: (ابني
عروة بن حراق) والخوارزمي (4) والرجبية.
كان جده (حراق) من أصحاب أمير المؤمنين، حارب معه في
الجمل، والنهروان وصفين.
من اشراف الكوفة. شاب. (عرب الشمال).
44 - عبد الله بن عرزة بن حراق الغفاري:
ذكر في المصادر حيث ذكره أخوه عبد الرحمن (رقم: 43)
والسمات واحدة.

(1) الطبري: 5 / 442
(2) الرجال: 77
(3) بحار الأنوار: 45 / 29 و 71
(4) مقتل الحسين: 2 / 23
98

45 - عبد الله بن عمير الكلبي:
ذكره الطبري (1) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى:
(عبد الله بن عمير) (2) والخوارزمي (3) وبحار الأنوار (4) والزيارة (5)
والرجبية.
من بني عليم، توجه من الكوفة إلى الحسين مع زوجته أم وهب
بنت عبد من النمر بن قاسط، حين رأى ابن زياد يعرض جند لارسالهم
إلى حرب الحسين. واستشهدت زوجته بعد قتله، وكان القتيل الثاني من
أصحاب الحسين.
شاب، مقاتل شديد المراس من الكوفة. من أعظم الثوار حماسا.
بنو عليم بن جناب: بطن من كنانة عذرة، من قضاعة، وكلب من
قضاعة، من القحطانية (يمن، عرب الجنوب)
46 - عبد الله بن يزيد بن نبيط (ثبيت) العبدي:
ذكره الطبري (6) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (7)،
إلا أنه قال عنه (ابن زيد).

(1) الطبري: 5 / 429 - 430. و 436
() المناقب: 4 / 113
(3) مقتل الحسين: 2 / 8 - 9
(4) بحار الأنوار: 45 - 12 - 13
(5) بحار الأنوار: 45 - 71
(6) الطبري: 5 / 353 - 354
(7) المناقب: 4 / 113
99

في الزيارة (1) وفي الرجبية: (السلام على بدر بن رقيط وابنيه عبد
الله، وعبيد الله).
خرج معه أبيه يزيد بن نبيط من البصرة، حين تلقى البصريون كتابا
من الحسين يدعوهم فيه إلى نصرته (2).
العبدي: من عبد القيس. عدنان (عرب الشمال) شاب.
بصري.
47 - عبيد الله بن يزيد بن نبيط (ثبيت) العبدي:
أخو عبد الله المذكور أعلاه. ذكر حيث ذكر أخوه. والسمات
واحدة.
48 - عمران بن كعب بن حارث الأشجعي:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (3)، والشيخ
(عمران بن كعب) (4) وفي الرجبية: (عمر بن أبي كعب) والظاهر أن
الكل واحد والاختلاف نتيجة التصحيف.
أشجع، قبيلة من غطفان، من قيس عيلان (عدنان. عرب
الشمال) لا نعرف عنه شيئا آخر.

(1) بحار الأنوار: 45 / 72.
(2) الطبري: 5 / 353 - 354.
(3) المناقب: 4 / 113
(4) الرجال: 76.
100

49 - عمار بن أبي سلامة الدالاني:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (1) والزيارة، إلا
أن فيها (الهمداني) (2)
دالان: بطن من همدان من القحطانية. (يمن، عرب الجنوب)
كانوا يسكنون الكوفة.
50 - عمار بن حسان بن شريح الطافي:
ورد ذكره في الزيارة، وفي الرجبية ورد ذكره (عمار بن حسان)
51 - عمرو بن جنادة بن الحارث الأنصاري:
ذكره ابن شهرآشوب (3) والخوارزمي (4) والبحار (5) ونعتقد أن
عمروا هذا هو الشاب الذي قتل أبوه في المعركة فأمرته أمه أن يتقدم ويقاتل
وكره الحسين ذلك قائلا: (هذا شاب قتل أبوه، ولعل أمه تكره خروجه
فقال الشاب: أمي أمرتني..) (6)، فإن ملابسات الموقفين واحدة،
وليس من الطبيعي أن يكونا رجلين، ثم لا نعرف اسم الشاب ولا اسم
أبيه. هل هو (عمر (عمير) ابن كناد) الذي ورد ذكره في الرجبية؟
(يمن، عرب الجنوب). شاب.

(1) المناقب: 4 / 113
(2) بحار الأنوار: 45 / 73
(3) المناقب: 4 / 104
(4) مقتل الحسين: 2 / 21
(5) بحار الأنوار: 45 / 28
(6) مقتل الحسين: 2 / 21 - 22 وبحار الأنوار: 45 / 7، وغيرهما
101

52 - عمر بن جندب الحضرمي:
الزيارة (1) وفي النسخة الأخرى: (بن الاحدوث).
من حضر موت، قبيلة من القحطانية. أو من بني الحضرمي،
إحدى قبائل اليمن. (يمن، عرب الجنوب) لا نعرف عنه شيئا آخر.
53 - عمرو بن خالد الأزدي:
ذكره ابن شهرآشوب (2)، والبحار (3) والخوارزمي (4) وقد حكم
التستري في قاموس الرجال بأن هذا متحد مع صاحب الاسم التالي (عمر
ابن خالد الصيداوي) ذاهبا إلى أن (الأزدي) مصحف أو محرف عن
(الأسدي) وكنا قد رجحنا ذلك في أول الأمر قبل الاطلاع على كتاب
التستري، ثم ترجح في نظرنا التعدد، وإن كان احتمال الاتحاد واردا.
من الأزد: (يمن، عرب الجنوب) لا نعرف عنه شيئا آخر.
54 - عمر بن خالد الصيداوي:
ذكره الطبري (5) وذكر في الزيارة (6) وبحار الأنوار (7)
والخوارزمي (8). وفي الرجبية (عمرو بن خلف) ويحتمل أنه تصحيف
خالد.

(1) بحار الأنوار: 45 / 73
(2) المناقب: 4 / 101
(3) بحار الأنوار: 45 / 18
(4) مقتل الحسين: 2 / 14
(5) الطبري: 5 / 446
(6) بحار الأنوار: 45 / 72
(7) بحار الأنوار: 45 / 23
(8) مقتل الحسين: 2 / 24
102

بنو الصيداء بطن من أسد، من العدنانية (عرب الشمال)
55 - عمرو بن عبد الله الجندعي:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (1) والزيارة (2)
الجندعي: من جندع بن مالك، بطن من همدان (يمن، عرب
الجنوب).
56 - عمرو بن ضبيعة الضبعي:
ذكره الشيخ (3) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (عمر
ابن مشيعة) مصحفا (4) والزيارة (5). وفي الرجبية، (ضبيعة بن عمر))
مقلوبا.
ضبع بن وبرة، بطن من قضاعة من القحطانية (يمن، عرب
الجنوب).
57 - عمرو بن قرضة بن كعب الأنصاري،
ذكره الطبري (6) وابن شهرآشوب (7) والزيارة (8) والبحار (9)
والخوارزمي (10) وقد ورد في الزيارة (عمر بن كعب الأنصاري) وفي

(1) المناقب: 4 / 113
(2) بحار الأنوار: 45 / 73
(3) الرجال: 77
(4) المناقب: 4 / 113
(5) بحار الأنوار: 45 / 72
(6) الطبري: 5 / 413
(7) المناقب: 4 / 105
(8) بحار الأنوار: 45 / 71
(9) بحار الأنوار: 45 / 22
(10) مقتل الحسين: 2 / 22
103

نسختها الأخرى (عمران..) كما ورد فيها عمرو بن قرضة الأنصاري،
وكذا ورد في الرجبية. والكل واحد.
أرسله الحسين مفاوضا إلى عمر بن سعد (يمن، عرب
الجنوب).
58 - عمر بن عبد الله (أبو ثمامة) الصائدي:
الزيارة (1) والطبري (2) وابن شهرآشوب (3) الرجبية، وورد في رجال
الشيخ (عمرو بن ثمامة) مصحفا. وعند الخوارزمي (4) (أبو ثمامة
الصيداوي) مصحفا، وكذلك في بحار الأنوار (5)
كان هو الذي يقبض الأموال أيام مسلم في الكوفة، ويشتري
السلاح، وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة (6) عقد له مسلم على ربع
تميم وهمدان حين بدأ تحركه القصير الاجل ضد عبيد الله بن زياد (7)
صائد: بطن من همدان (يمن، عرب الجنوب)

(1) بحار الأنوار: 45 / 70
(2) الطبري: 45 /
(3) المناقب: 4 / 104
(4) مقتل الحسين: 2 / 17 وفي 1 / 240 (الصائدي)
(5) بحار الأنوار: 45 / 21
(6) الطبري: 5 / 364
(7) الطبري: 5 / 369.
104

59 - عمرو بن مطاع الجعفي:
ذكره ابن شهرآشوب (1) وبحار الأنوار (2) والخوارزمي (3) (يمن،
عرب الجنوب).
60 - عمير بن عبد الله المذحجي
ذكره ابن شهرآشوب (4) والخوارزمي (5) وبحار الأنوار 6) مذحج،
من كهلان، من القحطانية (يمن، عرب الجنوب)
61 - قارب، مولى الحسين (ع):
ذكر في الزيارة (7)
62 - قاسط بن زهير (ظهير) التغلبي:
ذكر في الزيارة (8) والرجبية وذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى
الحملة الأولى (9) والشيخ (10) إلا أنه قال (قاسط بن عبد الله).
تغلب بن وائل من القبائل العدنانية (عرب الشمال).

(1) المناقب: 4 / 102
(2) بحار الأنوار: 45 / 25
(3) مقتل الحسين: 2 / 18
(4) المناقب: 4 / 102
(5) مقتل الحسين: 2 / 14
(6) بحار الأنوار: 45 / 18
(7) بحار الأنوار: 45 / 69
(8) بحار الأنوار: 45 - 71
(9) المناقب: 4 - 113
(10) الرجال: 79.
105

63 - قاسم بن حبيب الأزدي:
ذكر في الزيارة (1) وذكره الشيخ (2) وفي الرجبية (قاسم بن حبيب)
كما ورد فيها (القاسم بن الحارث الكاهلي) ويحتمل أن يكون تكرارا
مصحفا للاسم الأول
(يمن، عرب الجنوب)
64 - قرة بن أبي قرة الغفاري:
ذكره ابن شهرآشوب (3) والخوارزمي (4) وبحار الأنوار (5) وفي
الرجبية في نسخة البحار (عثمان بن فروة الغفاري) وفي نسخة الاقبال
(عثمان بن عروة..)
الغفاري، من العدنانية (عرب الشمال).
65 - قعنب بن عمرو النمري:
ذكر في الزيارة (6) (التمري)
النمر بن فاسط، من العدنانية (عرب الشمال).

(1) بحار الأنوار: 45 - 73
(2) الرجال: 79
(3) المناقب: 4 - 102
(4) مقتل الحسين: 2 - 18
(5) بحار الأنوار: 45 - 24
(6) بحار الأنوار: 45 - 72.
106

66 - كردوس (كرش) بن زهير (ظهير) التغلبي:
ذكر حيث ذكر أخوه قاسط، والسمات واحدة.
67 - كنانة بن عتيق التغلبي:
ذكر في الزيارة (1) والرجبية وذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى
الحملة الأولى (2) والشيخ (3).
تغلب بن وائل من العدنانية (عرب الشمال)
68 - مالك بن عبد بن سريع الجابري:
ذكر حيث ذكر أخوه (سيف بن الحارث بن سريع) والسمات
واحدة. وفي الرجبية (مالك بن عبد الله الجابري).
69 - مجمع بن عبد الله العائذي المذحجي:
ذكره الطبري (4) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (5)
والزيارة (6) والرجبية.
مذحج من كهلان من القحطانية (يمن، عرب الجنوب)

(1) بحار الأنوار: 45 - 71
(2) المناقب: 4 - 113
(3) الرجال: 79
(4) الطبري: 5 / 405
(5) المناقب: 4 / 113
(6) بحار الأنوار: 45 / 72.
107

70 و 71 - مسعود بن الحجاج وابنه:
ذكرا في الزيارة (1) وذكرا لأب وحده في الرجبية، وذكر ابن
شهرآشوب الأب في عداد قتلى الحملة الأولى (2).
72 - مسلم بن عوسجة الأسدي:
ذكرته جميع المصادر. هو أول قتيل من أنصار الحسين، بعد قتلى
الحملة الأولى (3) كان صحابيا ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وروي
عنه (؟) كان يأخذ البيعة للحسين في الكوفة. عقد له مسلم بن عقيل على
ربع مذحج وأسد حين بدأ تحركه القصير الاجل (4).
شيخ كبير السن. شخصية أسدية كبرى، إحدى شخصيات الكوفة
البارزة.
أبدى شبث بن ربعي (في الجيش الأموي) أسفه لقتله.
الأسدي: عدنان (عرب الشمال).
73 - مسلم بن كثير الأزدي الأعرج:
ذكره الشيخ (5) وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (6) وورد
ذكره في الزيارة مصحفا (أسلم بن كثير الأزدي) (7) وورد في الرجبية

(1) بحار الأنوار: 45 / 72
(2) المناقب: 4 / 113
(3) بحار الأنوار: 45 / 69 والطبري: 5 / 435
(4) الطبري: 5 / 369 وغيره.
(5) الرجال: 80.
(6) المناقب: 4 / 113
(7) بحار الأنوار: 45 / 72.
108

(سليمان بن كثير) ونرجح اتحاده مع (مسلم بن كثير الأزدي الأعرج).
أزدي: (يمن، عرب الجنوب).
74 - منجح مولى الحسين:
قال التستري في قاموس الرجل نقلا.
عن ربيع الأبرار للزمخشري أن أمه (أم منجح) حسينية كانت جارية
له عليه السلام اشتراها من نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، ثم تزوجها
سهم (أبو منجح) فولدت له منجحا - قاموس الرجال 9 / 120).
ذكره الطبري (1) والشيخ (2) وذكر في الزيارة (3) وذكر في الرجبية.
75 - نافع بن هلال الجملي:
ذكره الطبري (4) والشيخ (5) وفي الزيارة (البجلي) مصحفا (6) وكذا
عند ابن شهرآشوب (7). وذكر في الرجبية بدون نسبة شارك في جلب
الماء مع العباس بن علي، كوفي. شخصية بارزة جملي: النسبة إلى
جمل ابن سعد العشيرة من مذحج (يمن، عرب الجنوب).

(1) الطبري 5 / 469
(2) الرجال: 80
(3) بحار الأنوار: 45 / 69
(4) الطبري: 4 / 404
(5) الرجال: 80.
(6) بحار الأنوار: 45 / 71
(7) المناقب: 4 / 104
109

76 - نعمان بن عمرو الراسبي:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (1) والشيخ (2)
وذكره في الرجبية بدون نسبة:
راسب بطن من الأزد (يمن، عرب الجنوب).
77 - نعم بن عجلان الأنصاري:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (3) والشيخ (4)،
وذكر في الزيارة (5) وذكر في الرجبية بدون نسبة.
(يمن، عرب الجنوب).
78 - وهب بن عبد الله جناب الكلبي:
ذكره ابن شهرآشوب: (وهب بن عبد الله الكلبي) (6)
والخوارزمي: (وهب بن عبد الله بن جناب الكلبي) (7) وذكره في بحار الأنوار
(8).
تتحدث المصادر عن أن أمه وزوجته كانتا معه، وفي بعضها أن
زوجته قتلت، وعند الخوارزمي أن التي قتلت هي أمه، وفي بعضها أن

(1)
المناقب: 4 / 113
(2) الرجال: 80.
(3) المناقب: 4 / 113
(4) الرجال: 80.
(5) بحار الأنوار: 45 / 70
(6) المناقب: 4 / 101
(7) مقتل الحسين: 2 / 12 - 13.
(8) بحار الأنوار: 44 / 320 - 321 و 45 / 16 - 17.
110

اسمه (وهب بن وهب) وأنه كان نصرانيا فأسلم، وفي بعضها أنه أسر كما
عند ابن شهرآشوب، وفي بعضها الآخر أنه قتل.
نرجح أن وهبا هذا هو ابن لام وهب زوجة عبد الله بن عمير بن
جناب الكلبي الذي تقدم ذكره، فقد قتلت زوجته (أم وهب بنت عبد)
وهي عند زوجها بعدما قتل، فتكون المقتولة أم وهب كما عند
الخوارزمي، لا زوجته.
(يمن، عرب الجنوب) كوفي - شاب.
79 - يحيى بن سليم المازني:
ذكره ابن شهرآشوب (1) والخوارزمي (2).
80 - يزيد بن الحصين الهمداني المشرقي القاري:
ذكره الشيخ (3) وورد ذكره في الزيارة (4).
(يمن، عرب الجنوب).
81 - يزيد بن زياد بن مهاصر أبو الشعشاء الكندي:
ذكره الطبري (5) وابن شهرآشوب 6) والخوارزمي (7) والزيارة وفيها
(ابن المظاهر) (8) صحفته بعض المصادر فقالت (بن مهاجر).

(1) المناقب: 4 / 102.
(2) مقتل الحسين: 2 / 17
(3) الرجال: 81.
(4) بحار الأنوار: 45 / 72
(5) الطبري: 5 / 48 و 445 - 446
(6) المناقب: 4 / 113
(7) مقتل الحسين: 2 / 25
(8) بحار الأنوار: 45 / 72.
111

اضطرب فيه كلام الطبري فمرة قال عنه انه تحول إلى الحسين من
معسكر ابن زياد بعدما رفضوا عروض الحسين، ومرة قال عنه أنه خرج إلى
الحسين من الكوفة قبل أن يلاقيه الحر، وكذلك اضطرب فيه كلام السيد
الأمين (1).
كوفي. (يمن، عرب الجنوب).
82 - يزيد بن نبيط (ثبيت العبدي):
ذكره الطبري (2) وصحف في الزيارة: (يزيد بن ثبيت
القيسي) (3).
وذكر في الرجبية باسم (بدر بن رقيط) وذكره سيدنا الأستاذ باسم
(بدر بن رقيد - معجم رجال الحديث: 3 / 266)
قدم إلى الحسين مع ولديه عبد الله وعبيد الله من البصرة إلى مكة،
بعد أن وصل كتاب الحسين إلى أشرافها.
كان منضويا في جماعة شيعية في البصرة.
العبدي: من عبد القيس (عرب الشمال).

(1) الطبري (الأرقام السابقة، وأعيان الشيعة ج 4 قسم أول ص 100 و 115 - 116)
(2) الطبري: 5 / 353 - 354.
(3) بحار الأنوار: 45 / 72.
112

الجدول الثاني
113

1 - إبراهيم بن الحصين الأزدي:
ذكره ابن شهرآشوب (1) ونسب إليه رجزا يغلب على الظن أنه
موضوع.
وذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة.
الأسدي: من عدنان (عرب الشمال) لا نعرف عنه شيئا آخر.
2 - أبو عمرو النهشلي، أو: الخثعمي:
ذكره ابن نما الحلي (2) وقال عنه: (وكان أبو عمرو هذا متهجدا
كثير الصلاة.
وذكره المجلسي في البحار نقلا عن ابن نما، كما ذكره السيد
الأمين في أعيان الشيعة ولكنه قال: (أبو عامر النهشلي).

(1) المناقب: 4 / 105
(2) مثير الأحزان: 42 - 43.
115

هل هو متحد مع (شبيب بن عبد الله النهشلي) الذي تقدم ذكره؟
لقد ذكر ابن نما في (مثير الأحزان) أن أبا عمرو هذا قتل مبارزة، وذكر
ابن شهرآشوب أن شبيب بن عبد الله قتل في الحملة الأولى. وهذا يقضي
بأن يكونا رجلين. ولكن تفرد ابن نما بذكر أبي عمر النهشلي دون أن يذكر
شبيبا، وإهمال بقية المصادر لذكر أبي عمرو مع إجماعها على ذكر شبيب
يحمل على الظن بأنهما متحدان.
النهشلي: من بني نهشل بن دارم، من تميم، من عدنان (عرب
الشمال).
3 - حماد بن حماد الخزاعي المرادي:،
هكذا ورد اسمه في نسخة البحار من الرجبية (1)، وليس في نسخة
الاقبال (الخزاعي).
وذكر سيدنا الأستاذ نقلا عن الرجبية (معجم رجال الحديث:
6 / 205) ونحن نشك في كونه رجلا تاريخيا من جهة شكنا في كل اسم
تفردت الرجبية بذكره، ولم يرد في مصدر آخر.
4 - حنظلة بن عمرو الشيباني:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (2)، وذكره السيد
الأمين. احتمل سيدنا الأستاذ اشتراكه مع (حنظلة بن أسعد الشبامي).
(معجم رجال الحديث: 6 / 306 و 307 كما احتمل ذلك أيضا التستري

(1) بحار الأنوار: 45 / 30
(2) المناقب: 4 / 113.
116

(معجم الرجال:) ويبعد هذا الاحتمال أن الشيباني - على تقدير
كونه رجلا تاريخيا - قتل في الحملة الأولى، واتفاق من ذكر (الشبامي).
أنه قتل مبارزة. الشيباني من شيبان، من العدنانية (عرب الشمال).
5 - رميث بن عمرو:
ذكره الشيخ دون أن ينص على مقتله. وذكر في الرجبية. ذكره
سيدنا الأستاذ دون أن ينسبه إلى الرجبية (معجم الرجال: 7 / 204)
6 - زائدة بن مهاجر:
ورد ذكره في الرجبية. هل يمكن أن يكون تصحيفا في اسم
(يزيد بن زياد بن المهاجر (المظاهر))؟
7 - زهير بن سائب:
ذكر في الرجبية. وذكره سيدنا الأستاذ نقلا عنها (معجم رجال
الحديث: 7 / 296) وفي نسخة الاقبال (زهير بن سيار)
8 - زهير بن سليمان:
ذكر في الرجبية. وفي نسخة البحار (زهير بن سلمان) وذكره سيدنا
الأستاذ نقلا عنها (معجم رجال الحديث: 7 / 296).
9 - زهير بن سليم الأزدي:
وذكر في الزيارة، وذكر ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة
الأولى (1)، رجحنا اتحاده مع (زهير بن بشر الخثعمي) بسبب اختلاف

(1) المناقب: 4 / 113.
117

نسخة الزيارة بين البحار والاقبال. ورجحنا كون (زهير بن بشر) أقرب
إلى أن يكون تاريخيا من (زهير بن سليم) لورود الأول في الرجبية أيضا
10 - سلمان بن مضارب البجلي:
ذكره الخوارزمي وقال عنه أنه ابن عم زهير بن القين وذكر أنه مال
إلى معسكر الحسين مع ابن عمه زهير قبيل الوصول إلى كربلاء (1)
وذكره سيدنا الأستاذ ولم يذكر له مصدرا (معجم رجال الحديث:
8 / 186).
البجلي. من بجيلة (يمن، عرب الجنوب).
11 - سليمان بن سليمان الأزدي:
ورد ذكره في الرجبية.
12 - سليمان بن عون الحضرمي:
ورد ذكره في الرجبية.
13 - سليمان بن كثير:
ورد ذكره في الرجبية. رجحنا اتحاده مع (مسلم بن كثير الأزدي
الأعرج) الذي تقدم ذكره.
14 - عامر بن جليدة (خليدة):
ورد ذكره في الرجبية.

(1) مقتل الحسين: 2 / 20
118

15 - عامر بن مالك:
ورد ذكره في الرجبية:
16 - عبد الرحمان بن يزيد:
ورد ذكره في الرجبية.
17 - عثمان بن فروة (عروة) الغفاري:
ورد ذكره في الرجبية. احتملنا اتحاده مع قرة بن أبي قرة الغفاري
18 - عمر (عمير) بن كناد:
ورد ذكره في الرجبية.
19 - عبد الله بن أبي بكر:
قال السيد الأمين: (قال الجاحظ في كتاب الحيوان: (وهو شهيد
من شهداء يوم الطف) ولا تحضرنا نسخة كتاب الحيوان للتحقق من
النسبة. ويخطر في الذهن احتمال أن يكون الجاحظ عنى أحد القتلى في
ثورة (إبراهيم بن عبد الله) قتيل باخمرى في عهد أبي جعفر المنصور،
في البصرة.
20 - عبد الله بن عروة الغفاري:
ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى (1)
وقد رجح التستري اتحاده مع (عبد الله بن عرزة بن حراق الغفاري -
قاموس الرجال: 6 / 79) ونرجح نحن خلافه، فإن الأخوين الغفاريين

(1) المناقب: 4 / 113.
119

ابني حراق ذكرا في المصادر على أنهما ممن قتل مبارزة، وصرحت
المصادر أنهما قتلا معا. ويشهد لذلك كلمة الخوارزمي (فبقي في هؤلاء
القوم الذين يذكرون في المبارزة) (1). والاخوان ابنا حراق يذكران في
المبارزة، وإذن فلم يقتل المسمى منها (عبد الله..) في الحملة
الأولى، وهو ما قاله ابن شهرآشوب بالنسبة إلى (عبد الله بن عروة).
والظاهر أنهما كانا من أواخر الرجال استشهادا (إذا اعتبرنا الترتيب الذي
يذكره أرباب المقاتل بقولهم: ثم برز فلان. ثم برز فلان.. دالا على
ترتيب حقيقي حدث في التاريخ).
ومع ذلك فإننا نشك في كون هذا الاسم يدل على مسمى تاريخي
بسبب تفرد ابن شهرآشوب بذكره.
21 - غيلان بن عبد الرحمان:
ذكر في الرجبية.
22 - القاسم بن الحارث الكماهلي:
ورد ذكره في الرجبية. هل يمكن أن يكون متحدا مع (قاسم بن
حبيب الأزدي)؟
23 - قيس بن عبد الله الهمداني:
ورد ذكره في الرجبية.
24 - مالك بن دودان:
ذكره ابن شهرآشوب (المناقب: 4 / 104).

(1) مقتل الحسين: 2 / 9.
120

دودان بن أسد، بطن من بني أسد بن خزيمة، من العدنانية (عرب
الشمال).
25 - مسلم بن كناد:
ورد ذكره في الرجبية.
26 - مسلم مولى عامر بن مسلم:
ورد ذكره في الرجبية.
27 - منيع بن زياد:
ورد ذكره في الرجبية.
28 - نعمان بن عمرو:
ورد ذكره في الرجبية.
29 - يزيد بن مهاجر الجعفي:
ذكره الخوارزمي (مقتل الحسين: 2 / 19)
نرجح اتحاده مع (يزيد بن زياد بن مهاجر أبو الشعثاء الكندي)
الذي تقدم ذكره.
الجعفي: من جعفي بن سعد العشيرة، بطن من سعد العشيرة،
من مذحج، من القحطانية (يمن، عرب الجنوب).
121

ملحق بأسماء الذين استشهدوا في الكوفة
من أصحاب الحسين.
1 - عبد الاعلى بن يزيد الكلبي. (عرب الجنوب):
شاب كوفي. ممن بايعوا مسلم بن عقيل. لبس سلاحه حين أعلن
مسلم تحركه بعد القبض على هاني بن عروة وخرج من منزله ليلحق
بمسلم في محلة بني فتيان، فقبض عليه (كثير بن شهاب بن الحصين
الحارثي من مذحج) - وكان قد استجاب لعبيد الله بن زياد حين أمره أن
يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيخذل الناس عن مسلم بن عقيل.
فأخذ كثير بن شهاب عبد الاعلى بن يزيد الكلبي فأدخله على
عبيد الله بن زياد. فقال عبد الاعلى لابن زياد: إنما أردتك، فلم
يصدقه، وأمر به فحبس (الطبري: 5 / 369 - 370) ثم إن عبيد الله بن
زياد لما قتل مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة دعا بعبد الاعلى الكلبي
فأتى به، فقال له: أخبرني بأمرك. فقال: أصلحك الله، خرجت لأنظر
ما يصنع الناس، فأخذني كثير ابن شهاب فقال له: فعليك وعليك، من
الايمان المغلظة، إن كان أخرجك إلا ما زعمت! فأبى أن يحلف. فقال
122

عبيد الله: انطلقوا بهذا إلى جبانة السبيع فاضربوا عنقه بها، فانطلقوا به
فضربت عنقه) (الطبري: 5 / 379)
2 - عبد الله بن بقطر: (حميري من عرب الجنوب)
كانت أمه حاضنة للحسين، ذكره ابن حجر في الإصابة، قال إنه
كان صحابيا لأنه لدة الحسين. قبض عليه الحصين بن نمير وهو يحمل
رسالة من الحسين بعد خروجه من مكة إلى مسلم بن عقيل، فأمر به
عبيد الله بن زياد فألقي من فوق القصر فتكسرت عظامه وبقي فيه رمق فأجهز
عليه عبد الملك بن عمير اللخمي (الطبري: 5 / 398).
3 - عمارة بن صلخب الأزدي: (عرب الجنوب).
شاب كوفي. كان قد خرج لنصر مسلم بن عقيل حين بدأ تحركه،
فقبض عليه وحبس، ثم دعا به عبيد الله بن زياد - بعد أن قتل مسلم بن
عقيل وهاني بن عروة - فقال له: ممن أنت؟ قال: من الأزد. قال:
انطلقوا به إلى قومه فضربت عنقه فيهم. (الطبري: 5 / 379).
4 - قيس بن مسهر الصيداوي: (أسدي، من عدنان، عرب الشمال)
شاب كوفي. من أشراف بني أسد. أحد حملة الرسائل من قبل
الكوفيين إلى الحسين بعد إعلان الحسين رفضه لبيعة يزيد، وخروجه إلى
مكة. صحب مسلم بن عقيل حين قدم من مكة مبعوثا من قبل الحسين
إلى الكوفة. حمل رسالة من مسلم إلى الحسين يخبره فيها بيعة من بايع
ويدعوه إلى القدوم. صحب الحسين حين خرج من مكة متوجها إلى
العراق، حتى إذا انتهى الحسين إلى الحاجر من بطن الرمة حمل رسالة
من الحسين إلى الكوفيين يخبرهم فيها بقدومه عليهم. قبض عليه
123

الحصين بن نمير، فأتلف قيس الرسالة، وجاء به الحصين إلى عبيد الله بن
زياد الذي حاول أن يعرف منه أسماء الرجال الذين أرسل إليهم كتاب
الحسين ففشل، فأمر عبيد الله به فرمي من أعلى القصر (فتقطع فمات)
(الطبري: 5 / 394 - 395).
5 - مسلم بن عقيل بن أبي طالب:
أمه أم ولد يقال لها (حيلة) وكان عقيل اشتراها من الشام.
وجه به إلى الحسين إلى الكوفة ليأخذ له البيعة على أهلها، فخرج
من مكة في منتصف شهر رمضان سنة ستين للهجرة، ودخل الكوفة في
اليوم السادس من شهر شوال. بايعه ثمانية عشر ألف، وقيل بايعه خمس
وعشرون ألفا.
استطاع ابن زياد أن يكتشف مقر مسلم بن عقيل بمعونة جاسوس
تسلل إلى صفوف الثوار بعد أن أوهم مسلم بن عوسجة أنه من شيعة أهل
البيت، فقبض ابن زياد على هاني بن عروة المرادي، واضطر مسلم إلى
إعلان حركته قبل موعدها المقرر، وقد حاصر عبيد الله بن زياد في قصر
الامارة، ولكن سرعان ما تفرق الجمع وبقي مسلم وحيدا فلجأ إلى بيت
السيدة طوعة التي آوته، وحين علم ابنها بلال بذلك أخبر عبد الرحمن بن
الأشعث الذي أخبر ابن زياد، فأرسل قوة هاجمت مسلما فخاض معها،
معركة قاسية أسر على أثرها، وقتله ابن زياد مع هاني بن عروة وأمر بهما
فقطع رأساهما فأرسل بهما إلى يزيد بن معاوية، وشدت الحبال في
أرجلهما وجرا في أسواق الكوفة.
124

6 - هاني بن عروة المرادي (من مذحج، عرب الجنوب):
من زعماء اليمن الكبار في الكوفة. أدرك النبي، وصحبه: من
أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. شارك في حروب الجمل
وصفين والنهروان من أركان حركة حجر بن عدي الكندي ضد زياد بن
أبيه. اتخذ مسلم بن عقيل منزله مقرا له، بعد قدوم عبيد الله بن زياد إلى
الكوفة واليا عليها. انكشف أمر اشتراكه في الاعداد للثورة مع مسلم بن
عقيل، فقبض عليه ابن زياد، وسجنه. ثم قتله، وبعث برأسه مع رأس
مسلم بن عقيل إلى يزيد بن معاوية.
قتل في اليوم الثامن من ذي الحجة سنة 60 ه‍ هو اليوم الذي خرج
فيه الحسين من مكة متوجها إلى العراق.
كان عمره يوم قتل تسعين سنة.
125

شهداء كربلاء من بني هاشم
اختلفت الرواية في عدة من استشهد في كربلاء - غير الحسين عليه
السلام - من أهل البيت عليهم السلام.
فهم عند المسعودي ثلاثة عشر رجلا (مروج الذهب: 3 / 71)
وهو فيما اطلعنا عليه من الروايات أقل عدد روي أنه قتل منهم مع الحسين
في كربلاء.
واشتملت رواية أوردها الخوارزمي عن الليث بن سعد على أسماء
أربعة عشر رجلا منهم (مقتل الحسين: 2 / 47)
وذكر الخوارزمي في رواية أخرى نسبها إلى الحسن البصري، قال
فيها: (قتل مع الحسين بن علي عليه السلام ستة عشر من أهل بيته، ما
كان لهم على وجه الأرض شبيه) (مقتل الحسين: 2 / 46 - 47).
وتشتمل الزيارة المنسوبة إلى الناحية على أسماء سبعة عشر رجلا
منهم (غير الحسين بن علي) وهي، من حيث العدد، موافقة لرواية
الشيخ المفيد (الارشاد: 248 - 249) حيث قال: (إن عدة من قتل مع
126

الحسين (ع) من أهل بيته بطف كربلاء هم سبعة عشر نفسا، الحسين بن علي
(ع) ثامن عشر). وهاتان الروايتان موافقتان، من حيث العدد،
لرواية الطبري (5 / 468 - 469)، فقد عد الشهداء تسعة عشر رجلا
منهم (مسلم بن عقيل) ومنهم: أبو بكر بن علي بن أبي طالب. وقال
عنه: (شك في قتله) فيكون الباقي عند الطبري، وهم من ثبت عنده
استشهادهم في كربلا، سبعة عشر رجلا، ويكون بذلك متفقا مع الزيارة
والشيخ المفيد. وهذه الروايات (الزيارة المفيد، الطبري) موافقة لرواية
أخرى أوردها الخوارزمي عن الحسن البصري، وفيها: (قتل مع الحسين
عليه السلام سبعة عشر رجلا من أهل بيته) (مقتل الحسين: 2 / 47).
وقال أبو الفرج الأصفهاني (مقاتل الطالبيين: 95) بعد أن عرض
أسماء شهداء بني هاشم: (فجميع من قتل يوم الطف من ولد أبي طالب -
سوى من يختلف في أمره - اثنان وعشرون رجلا).
وقد عد في الشهداء الإمام الحسين ومسلم بن عقيل، وقد وهم فيه
كما هو معلوم حيث أن مسلما ليس ممن قتل يوم الطف، بل استشهد قبل
ذلك في الكوفة فتكون عدة الشهداء، عند أبي الفرج الأصفهاني عشرون
رجلا.
وأكبر عدد روي أنه استشهد من أهل البيت في كربلاء فيما اطلعنا
عليه من الروايات هو خمسة وعشرون رجلا، وهذا هو ما رواه الخوارزمي
(2 / 47 - 48) حيث قال: (اختلف أهل النقل في عدد المقتول يومئذ ما
تقدم من قتل مسلم بن العنزة الطاهرة، والأكثرون على أنهم كانوا سبعة
وعشرين...) وذكر أسماءهم بعد هذا، وفيهم اسما: (الحسين بن
علي بن أبي طالب، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب).
127

وذكر السيد محسن الأمين رحمه الله في أعيان الشيعة (الجزء الرابع /
القسم الأول / ص 134) جدولا بعنوان (أسماء من اتصلت بنا
أسماؤهم من أنصار الحسين الذين قتلوا معه من بني هاشم) وذكر في
الجدول ثلاثين اسما. ولا نعرف مستند السيد رحمه الله في ذلك.
128

أسماء شهداء كربلاء
من بني هاشم
1 - علي بن الحسين الأكبر:
ورد ذكره في: (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
الخوارزمي، المسعودي).
يكني أبا الحسن. كان له من العمر سبع وعشرون سنة (؟) وردت
رواية أنه كان متزوجا من أم ولد.
أمه: ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. وهو أول من
قتل من بني هاشم.
قتله مرة بن منقذ بن النعمان العبدي.
2 - عبد الله بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في: (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي، الخوارزمي).
129

أمه: أم البنين بنت حزام، كان عمره حين قتل خمسا وعشرين
سنة. لا عقب له.
قتله: هاني بن ثبيت الحضرمي.
3 - جعفر بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في: (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي، الخوارزمي).
أمه: أم البنين بنت حزام. كان عمره حين قتل تسع عشرة سنة.
قتله هاني بن ثبيت الحضرمي، أو خولي بن يزيد الأصبحي.
4 - عثمان بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي، الخوارزمي).
أمه: أم البنين بنت حزام. كان عمره حين قتل إحدى وعشرين
سنة. رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأضعفه، وشد عليه رجل من
بني أبان بن دارم، فقتله وأخذ رأسه.
5 - محمد (الأصغر) بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الطبري، الأصفهاني، المسعودي).
أمه: أم ولد. وقيل إن أمه أسماء بنت عميس قتله رجل من تميم،
من بني أبان بن دارم.
130

6 - العباس بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي، الخوارزمي).
أمه: أم البنين. يكنى أبا الفضل. حمل لواء الحسين. هو أكبر
إخوته، وآخر من قتل من إخوته لامه وأبيه. قتله: زيد بن رقاد الجنبي،
وحكيم بن الطفيل الطائي، (وفي الطبري السنبسي).
7 - عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
الخوارزمي).
أمه: الرباب بنت امرئ القيس الكلبي. كان طفلا رضيعا حين
قتل في حجر أبيه الحسين. رماه عقبة بن بشر بسهم فذبحه، (في
الطبري إن الذي رماه: هاني بن ثبيت الحضرمي) وفي الزيارة أن الذي
رماه (حرملة بن كاهل الأسدي).
8 - أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي).
أمه: أم ولد. قتله عبد الله بن عقبة الغنوي، أو عقبة الغنوي.
9 - القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي، الخوارزمي).
131

وهو أخو أبو بكر بن الحسن المقتول قبله لامه وأبيه. قتله عمرو بن
سعد بن نفيل الأزدي.
(وفي الطبري: سعد بن عمرو بن نفيل الأزدي).
10 - عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي، الخوارزمي).
كان عمره حين قتل إحدى عشرة سنة.
أمه: بنت السليل بن عبد الله أخي عبد الله بن جرير البجلي، وقيل
أن أمه أم ولد (وكذلك قال الطبري) قتله: حرملة بن كاهل الأسدي،
رماه بسهم فذبحه في حجر الحسين وهو صريع. وكان بحر بن كعب قد
قطع يد الغلام حين أهوى ليضرب الحسين فاتقى الغلام الضربة بيده
فأصابته.
11 - عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي، الخوارزمي).
أمه: زينب العقيلة بنت علي بن أبي طالب (في الطبري: أمه
جمانة ابنة المسيب بن نجبة الفزاري).
قتله: عبد الله بن قطنة التيهاني (في الطبري: قطبة).
132

12 - محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني.
المسعودي، الخوارزمي).
أمه: الخوصا بنت حفصة بن ثقيف من بكر بن وائل. قتله عامر بن
نهشل التميمي. (في الطبري: التيمي).
13 - جعفر بن عقيل بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
الخوارزمي).
أمه: أم الثغر بنت عامر بن الهصان العامري، من بني كلاب (في
الطبري: أم البنين ابنة الشقر بن الهضاب..) قتله عروة بن عبد الله
الخثعمي (في الطبري والزيارة: بشر بن حوط الهمداني).
14 - عبد الرحمان بن عقيل بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
الخوارزمي).
أمه أم ولد. قتله: عثمان بن خالد بن أسيد الجهني، وبشير بن
حوط القايضي. في الزيارة (عمر بن خالد بن أسد الجهني)
15 - عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب:
ورد ذكره في: (الزيارة، الطبري، الأصفهاني، المسعودي،
الخوارزمي).
133

أمه: رقية بنت علي بن أبي طالب. قتله عمرو بن صبيح (في
الطبري: الصدائي، وقيل قتله: أسيد بن مالك الحضرمي). (في
الزيارة: عامر بن صعصعة وقيل أسد بن مالك).
16 - عبد الله بن عقيل بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني،
المسعودي).
الذي ورد ذكره في الزيارة هو (أبو عبد الله بن مسلم بن عقيل).
ورجحنا أن الاسم ورد في الزيارة بهذه الصورة خطأ، لإنفراد الزيار بهذا
الاسم من بين المصادر، ولا تفاق الزيارة مع الطبري في أن القاتل هو
(عمرو بن صبيح الصيداوي أو الصدائي).
أمه: أم ولد. قتله في رواية الأصفهاني عثمان بن خالد بن أسد
الجهني، ورجل من همدان.
17 - محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب:
ورد ذكره في: (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني).
قتله: لقيط بن ياسر الجهني. في الزيارة (ناشر).
هؤلاء السبعة عشرهم الذين ثبت عندنا أنهم استشهدوا في كربلاء
من بني هاشم، لاجماع المصادر الأساسية على ذكرهم. أما من عداهم
فسنعرض أسماءهم فيما يلي، مع شكنا في كونهم ممن رزق الشهادة مع
134

الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام في كربلاء. ونقدر أن
بعضهم قد استشهد في مواقع أخرى متأخرة، واختلط أمره على أصحاب
الاخبار والمؤرخين. مع احتمال أن يكون رأينا في عدد الشهداء السبعة
عشر وأسمائهم خطأ أيضا، وأن يكون العدد أكثر مما ذكرنا، أو أن تكون
بعض الأسماء غير ما ذكرنا.
1 - أبو بكر بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الارشاد، الخوارزمي، الأصفهاني).
في الطبري قال: (شك في قتله).
قال الأصفهاني: لم يعرف اسمه (في الخوارزمي: اسمه
عبد الله).
أمه: ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك.. بن دارم. قال
الأصفهاني: قتله رجل من همدان. وقيل: وجد في ساقية مقتولا لا
يدري من قتله. وهذا التعبير من الأصفهاني يدعونا أيضا إلى الشك في
شهادته في كربلاء.
2 - عبيد الله بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الأصفهاني، الخوارزمي).
أمه: الخرصا بنت حفصة. قال الأصفهاني (ذكر يحيى بن الحسن
العلوي، فيما حدثني به أحمد بن سعيد عنه: (أنه قتل مع الحسين
بالطف، رضوان الله وصلواته على الحسين وآله).
135

ولم يذكره غير الأصفهاني. ولذا فنحن نشك في كونه من شهداء
بني هاشم في كربلاء.
3 - محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب:
ورد ذكره في (الأصفهاني والخوارزمي) ولم يذكره غيرها.
أمه: أم ولد: قتله أبو مرهم الأزدي. ولقيط بن اياس الجهني
4 - عبد الله بن علي بن أبي طالب:
ورد ذكره عند المفيد في الارشاد ولم يذكر غيره. وقال أن أمه وأم
أبي بكر بن علي هي: ليلي بنت مسعود الثقفية = وينبغي أن يكون هذا
غير عبد الله بن علي بن أبي طالب الذي أمه أم البنين بنت حزام، فذاك
متفق على شهادته، وقد ذكرناه في عداد السبعة عشر.
5 - عمر بن علي بن أبي طالب:
ذكره الخوارزمي (مقتل الحسين: 2 / 28 - 29) في عداد من برز
وقاتل ويظهر منه أن أمه (ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعي بن مسلم بن
جندل بن نهشل بن دارم التميمة) فيكون أخا أبي بكر بن علي الذي تقدم
ذكره لأبيه وأمه. وذكره في تعداد الأسماء في الرواية التي اشتملت على
خمسة وعشرين اسما (ص 47 - 48).
6 - غلام في أذنيه قرطان، قتله هاني بن بعيث.
ذكره الخوارزمي (مقتل الحسين: 2 / 31 - 32) آخر الشهداء من
بني هاشم في ترتيب الخوارزمي لبروز الهاشميين. وذكر بعض أرباب
136

المقاتل أن هذا الغلام هو محمد بن أبي سعيد بن عقيل وأنه قاتله هاني بن
ثبيت الحضرمي.
7 - إبراهيم بن علي بن أبي طالب:
ذكره الخوارزمي ص: 47.
8 - عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
ذكره الخوارزمي. ص: 48.
9 - محمد بن عقيل بن أبي طالب:
ذكره الخوارزمي ص: 48.
10 - جعفر بن محمد بن عقيل بن أبي طالب:
ذكره الخوارزمي ص: 48.
137

قبور الشهداء الهاشميين
وغير الهاشميين
جثث الشهداء أثناء المعركة:
يبدو من بعض النصوص عند الطبري والشيخ المفيد أن الحسين أعد
خيمة لتوضع فيها جثث الشهداء. ومن المؤكد أن جثث شهداء بني هاشم
كانت توضع في مكان معين، هو الخيمة التي ذكرناها آنفا. ولا نستطيع
أن نؤكد إن كانت جثث الشهداء من غير الهاشميين كانت توضع في نفس
الخيمة أو في مكان آخر، أو أنها كانت تبقى في ساحة المعركة.
ونقدر أنها كانت تنقل من ساحة المعركة كما تقضي به التقاليد
والأعراف. ولان القتال كان مبارزة، وكان متقطعا تتخلله فترات هدوء بين
مبارزة ومبارزة، وكانت ساحة المعركة محدودة نسبيا بسبب قلة عدد أفراد
القوة الثائرة، مما يعطل القدرة على المناورة في مساحة واسعة.
ولكننا لا نستطيع أن نؤكد ما إذا كانت تنقل إلى المكان الذي توضع
في جثث شهداء الهاشميين، أو أنها كانت توضع في مكان آخر.
138

ولعل الذي حدث إنها كانت توضع في مكان آخر، فربما كان الإمام الحسين
قدر - وهو يعلم نتيجة المعركة - أن الرؤوس ستقطع، وأن هذا
سيؤدي إلى صعوبات في تمييز هوية الشهداء من أصحابه وأهل بيته،
فجعل مكانين أحدها لحفظ جثث الشهداء الهاشميين، والآخر لحفظ
جثث الشهداء غير الهاشميين.
ولعل ثمة أمرا آخر يشجع على ترجيح هذا الرأي، وهو أن الشهداء
الهاشميين كانوا مع أسرهم أو بعض أسرهم، بحيث لا نعرف شهيدا منهم
لم يكن له بين النساء الهاشميات أم أو أخت أو زوجة أو بنت، أوهن
مجتمعات، وهذا يؤدي إلى مراعاة الاعتبارات العاطفية والأسرية في هذه
الحالة، وهي تقضي بأن يحمل الشهيد، ليتمكن النسوة، في غمرة
المعركة، من مشاهدة جسده، والبكاء عليه، وهذا الاعتبار يدعو إلى
إفراد الشهداء الهاشميين في مكان خاص. أما الشهداء غير الهاشميين فإن
العدد الأكبر منهم لم يصحبوا معهم نساءهم.
والنصوص التي أشرنا إليها آنفا هي ما ذكره الطبري عند ذكره
استشهاد علي بن الحسين الأكبر، وهو:
(.. وأقبل الحسين إلى ابنه، وأقبل فتيانه إليه، فقال: احملوا
أخاكم، فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا
يقاتلون أمامه (الطبري: 5 / 447).
وما ذكره في الحديث عن استشهاد القاسم بن الإمام الحسن بن
علي، وهو.
(.. ثم احتمله (الحسين) فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان
139

في الأرض، وقد وضع حسين صدره على صدره، قال (الراوي حميد بن
مسلم) فقلت في نفسي: ما يصنع به! فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي بن
الحسين وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته..) (الطبري: 5 / 447 -
448)
وأورد الشيخ المفيد نصين مماثلين لما عند الطبري (الارشاد:
239 - 240).
ويؤيد هذا الرأي النص التالي الذي ذكره الشيخ المفيد (الارشاد:
243) في حديثه عن كيفية دفن الشهداء:
(.. وحفروا - بنو أسد - للشهداء من أهل بيته وأصحابه - الذين
صرعوا حوله - مما يلي رجلي الحسين (ع) وجمعوهم فدفنوهم جميعا
معا).
فإن كلمة (جمعوهم) توحي بأنهم (الهاشميين وغير الهاشميين).
كانوا متفرقين. وهذا القول يعزز الرأي بأن بني هاشم كانوا في موضع
منفرد. ولكن كلمة (حوله) في هذا النص ربما توحي بأن جثث الشهداء
من غير الهاشميين كانت متفرقة لم تجمع في مكان واحد، أو في
مجموعات، وهو أمر بعيد جدا لما ذكرناه آنفا. وسنرى أن كلام المفيد
مضطرب في هذا الشأن.
دفن الشهداء وقبورهم:
قال المسعودي (مروج الذهب: 3 / 72):
(.. ودفن أهل الغاضرية - وهم قوم من بني عامر، من بني أسد -
الحسين وأصحابه بعد قتلهم بيوم).
140

وهذا يعني أن الدفن كان بعد ظهر اليوم الحادي عشر من محرم،
فإن نص الشيخ المفيد الآتي يدل على أن بني أسد دفنوا الشهداء بعد
رحيل عمر بن سعد، وقد رحل عمر بن سعد بعد زوال اليوم الحادي
عشر.
وقال الشيخ المفيد (الارشاد، ص: 243)
(ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولا
بالغاضرية (1) إلى الحسين (ع) وأصحابه، فصلوا عليهم ودفنوا الحسين
(ع) حيث قبره الآن، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر عند رجله.
وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه - الذين صرعوا حوله - مما يلي
رجلي الحسين (ع) وجمعوهم فدفنوهم جميعا معا. ودفنوا العباس بن
علي عليهما السلام في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث
قبره الآن).
وقال الشيخ المفيد في موضع آخر (الارشاد، ص: 249).
(.. وهم (شهداء بني هاشم) كلهم مدفونون مما يلي رجلي
الحسين عليه السلام في مشهده، حفر لهم حفيرة وألقوا فيها جميعا وسوي
عليهم التراب، إلا العباس بن علي عليهما السلام فإنه دفن في موضع
مقتله على المسناة (2) بطريق الغاضرية، وقبره ظاهر، وليس لقبور أخوته
وأهله الذين سميناهم أثر، وإنما يزورهم الزائر من عند قبر الحسين (ع)

(1) الغاضرية: قرية على الفرات منسوبة إلى غاضرة قبيلة من بني أسد.
(2) المسناة: حائط يبنى على طرف الماء، ويبدو أن المراد هنا المنبسط الرملي المحاذي لضفة
النهر.
141

ويومئ إلى الأرض التي نحو رجليه بالسلام عليهم، وعلى علي بن
الحسين عليهما السلام في جملتهم، ويقال إنه أقربهم دفنا إلى الحسين
(ع).
(فأما أصحاب الحسين (ع) رحمة الله عليهم الذين قتلوا معه،
فإنهم دفنوا حوله، ولسنا نحصل لهم أجداثا على التحقيق والتفصيل، إلا
أنا لا نشك أن الحائر محيط بهم. رضي الله عنهم وأرضاهم، وأسكنهم
جنات النعيم).
وهنا ملاحظتان.
الملاحظة الأولى:
إن هذا النص يخالف سابقه من حيث إن النص الأول صريح في أن
جميع الشهداء - من هاشميين وغير هاشميين - دفنوا في قبر جماعي
واحد. ويبدو من النص الثاني إن الهاشميين دفنوا وحدهم في قبر واحد،
وغير الهاشميين من الشهداء دفنوا - كما يوحي به النص - في قبور جماعية
متعددة حول الحسين عليه السلام:
الملاحظة الثانية:
أنه يوجد قبران أحدهما قبر منسوب إلى حبيب بن مظاهر الأسدي
وهو موجود في داخل الحائر من جهة رأس الحسين عليه السلام، والآخر
قبر الحر بن يزيد الرياحي على مسافة عدة كيلو مترات من مشهد الحسين
حيث قبره وقبور الشهداء
142

وهذا يخالف كلان النصين الآنفين عن الشيخ المفيد، فإنهما
صريحان في أن جميع الشهداء دفنوا في قبر جماعي واحد مع الهاشميين،
أو في قبور جماعية متعددة. ولم نر في المؤرخين المعتمدين من ذكر شيئا
يعتد به في هذا الشأن. وقال السيد محسن الأمين رحمه الله (أعيان
الشيعة - الجزء الرابع - القسم الأول / 142):
(ويقال أن بني أسد دفنوا حبيب بن مظاهر في قبر وحده عند رأس
الحسين (ع) حيث قبره الآن، اعتناء به لأنه أسدي. وأن بني تميم
حملوا الحر بن يزيد الرياحي على نحو ميل من الحسين (ع) ودفنوه
هناك حيث قبره الآن اعتناء به أيضا، ولم يذكر ذلك المفيد، ولكن
اشتهار ذلك وعمل الناس عليه ليس بدون مستند).
والله تعالى أعلم.
143

ملحق
1 - نص الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدسة.
2 - النص المشتمل على أسماء الشهداء في الزيارة الرجبية.
3 - جدول بالأسماء المشتركة بين الزيارتين.
4 - جدول بالأسماء التي وردت في الرجبية ولم ترد في زيارة
الناحية.
5 - دراسة عن الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدسة والزيارة الرجبية
وتحقيق حالهما.
145

الزيارة المنسوبة
إلى الناحية المقدسة
جاء في كتاب الاقبال ص 573 - 577:
رويناها (الزيارة) بأسنادها إلى جدي أبي جعفر محمد بن الحسن
الطوسي رحمة الله عليه، قال حدثنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن
عياش قال: حدثني الشيخ الصالح أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان
البغدادي رحمة الله عليه، قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين
ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني رحمه الله، حين وفاة
أبي رحمه الله، وكنت حديث السن، وكتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي
عبد الله عليه السلام وزيارة الشهداء رضوان الله عليهم فخرج إلي منه:
بسم الله الرحمن الرحيم.
إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فقف عند رجلي الحسين
عليه السلام، وهو قبر علي بن الحسين صلوات الله عليهما، فاستقبل
147

القبلة بوجهك، فإن هناك حومة الشهداء، وأوم وأشر إلى علي بن
الحسين عليه السلام، وقل:
(السلام عليك يا أول قتيل، من نسل خير سليل، من سلالة
إبراهيم الخليل، صلى الله عليك وعلى أبيك، إذ قال فيك: (قتل الله
قوما قتلوك يا بني، ما أجرأهم على الرحمان، وعلى انتهاك حرمة
الرسول، على الدنيا بعدك العفا) -
(كأني بك بين يديه ماثلا، وللكافرين قائلا:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن، وبيت الله أولى بالنبي
أطعنكم بالرمح حتى ينثني * أضربكم بالسيف، أحمي عن أبي
ضرب غلام هاشمي عربي * والله لا يحكم فينا ابن الداعي.
(حتى قضيت نحبك، ولقيت ربك أشهد أنك أولى بالله وبرسوله،
وأنك ابن رسوله (وحجته ودينه) وابن حجته وأمينه. حكم الله لك على
قاتلك: مرة بن منقذ بن النعمان العبدي، لعنه الله وأخزاه ومن شركه في
قتلك، وكانوا عليك ظهيرا، وأصلاهم الله جهنم وساءت مصيرا، وجعلنا
الله من ملاقيك ومرافقيك، ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك، وأمك
المظلومة، وأبرأ إلى الله من قاتليك، وأسأل الله مرافقتك في دار
الخلود، وأبرأ إلى الله من أعدائك أولي الجحود. السلام عليك ورحمة
الله وبركاته.).
(السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع، المرمي
الصريع، المتشحط دما، المصعد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في
حجر أبيه، لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه).
148

(السلام على عبد الله بن أمير المؤمنين، مبلي البلاء، والمنادي
بالولاء في عرصة كربلاء، المضروب مقبلا ومدبرا، لعن الله قاتله هاني
بن ثبيت الحضرمي).
(السلام على العباس بن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه،
الآخذ لغده من أمسه، الفادي له الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة
يداه. لعن الله قاتليه، يزيد بن الرقاد (وقاد) الحيتي، وحكيم بن الطفيل
الطائي).
(السلام على جعفر بن أمير المؤمنين، الصابر بنفسه محتسبا،
والنائي عن الأوطان مغتربا، المستسلم للقتال، المستقدم للنزال،
المكثور بالرجال، لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي).
(السلام على عثمان بن أمير المؤمنين، سمي عثمان بن مظعون،
لعن الله راميه بالسهم خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي، والاباني
الدارمي).
السلام على محمد بن أمير المؤمنين قتيل الاباني الدارمي لعنه الله
وضاعف عليه العذاب الأليم. وصلى الله عليك يا محمد وعلى أهل بيتك
الصابرين.
السلام على أبي بكر بن الحسن الزكي الولي، المرمي بالسهم
الردي، لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي.
السلام على عبد الله بن الحسن بن علي الزكي، لعن الله قاتله
وراميه حرملة بن كاهل الأسدي.
149

السلام على القاسم بن الحسن بن علي المضروب هامته،
المسلوب لامته حين نادى الحسين عمه، فجلى عليه عمه كالصقر، وهو
يفحص برجله التراب، والحسين يقول: بعدا لقوم قتلوك، ومن خصمهم
يوم القيامة جدك وأبوك، ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا
يجيبك، أو يجيبك وأنت قتيل جديل فلا ينفعك، هذا والله يوم كثر
واتره، وقل ناصره. جعلني الله معكما يوم جمعكما، وبوأني مبوأكما،
ولعن الله قاتلك عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي وأصلاه جحيما، وأعد له
عذابا أليما.
السلام على عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان، حليف
الايمان، ومنازل الاقران، الناصح للرحمن، التالي للمثاني والقرآن،
لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهاني.
السلام على محمد بن عبد الله بن جعفر الشاهد مكان أبيه، والتالي
لأخيه، وواقيه ببدنه، لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.
السلام على جعفر بن عقيل، لعن الله قاتله (وراميه) بشر بن خوط
الهمداني.
السلام على عبد الرحمن بن عقيل لعن الله قاتله وراميه عمر بن
خالد بن أسد الجهني.
السلام على القتيل بن القتيل، عبد الله بن مسلم بن عقيل ولعن الله
قاتله عامر بن صعصعة، وقيل: أسد بن مالك.
150

السلام على أبي عبد الله بن مسلم بن عقيل ولعن الله قاتله وراميه
عمرو بن صبيح الصيداوي.
السلام على محمد بن أبي سعيد بن عقيل ولعن الله قاتله لقيط بن
ناشر الجهني.
السلام على سليمان مولى الحسين بن أمير المؤمنين ولعن الله قاتله
سليمان بن عوف الحضرمي. السلام على قارب مولى الحسين بن علي.
السلام على منجح مولى الحسين بن علي.
السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي القائل للحسين وقد أذن له
في الانصراف.
أنحن نخلي عنك؟ وبم نعتذر إلى الله من أداء حقك، ولا والله حتى
أكسر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولا
أفارقك، ولو لم يكمن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ثم لم
أفارقك حتى أموت معك، وكنت أول من شرى نفسه وأول شهيد من
شهداء الله قضى نحبه، ففزت ورب الكعبة، شكر الله لك استقدامك
ومواساتك إمامك إذ مشى إليك وأنت صريع فقال: يرحمك الله يا مسلم
ابن عوسجة، وقرأ (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا
تبديلا) لعن الله المشتركين في قتلك عبد الله الضبابي وعبد الله بن
خشكارة البجلي.
السلام على سعد بن عبد الله الحنفي القائل للحسين وقد أذن له في
الانصراف: لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى
الله عليه وآله فيك، والله لو أعلم أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أذرى،
151

ويفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، وكيف لا
أفعل ذلك، وإنما هي موتة أو قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء
لها أبدا. فقد لقيت حمامك وواسيت إمامك، ولقيت من الله الكرامة في
دار المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين، ورزقنا مرافقتكم في
أعلى عليين.
السلام على بشر بن عمر الحضرمي. شكر الله لك قولك للحسين
وقد أذن لك في الانصراف: أكلتني إذن السباع حيا إذا فارقتك، وأسأل
عنك الركبان، وأخذلك مع قلة الأعوان لا يكون هذا أبدا.
السلام على يزيد بن حصين الهمداني المشرقي القاري المجدل.
السلام على عمران بن كعب الأنصاري. السلام على نعيم بن عجلان
الأنصاري.
السلام على زهير بن القين البجلي القائل للحسين عليه السلام وقد
أذن له في الانصراف: لا والله لا يكون ذلك أبدا، أأترك ابن رسول الله
صلى الله عليه وآله أسيرا في يد الأعداء وأنجو أنا؟ لا أراني الله ذلك
اليوم.
السلام على عمرو بن قرظة الأنصاري. السلام على حبيب بن
مظاهر الأسدي. السلام على الحر بن يزيد الرياحي. السلام على عبد
الله بن عمير الكلبي. السلام على نافع بن هلال البجلي المرادي،
السلام على أنس بن كاهل الأسدي، السلام على قيس بن مسهر
الصيداوي، السلام على عبد الله وعبد الرحمان ابني عروة بن حراق
الغفاريين، السلام على جون مولى أبي ذر الغفاري، السلام على شبيب
152

بن عبد الله النهشلي، السلام على الحجاج بن يزيد السعدي، السلام
على قاسط وكرش ابني زهير التغلبيين، السلام على كنانة بن عتيق،
السلام على ضرغامة بن مالك، السلام على جوين بن مالك الضبعي،
السلام على عمرو بن ضبيعة الضبعي، السلام على زيد بن ثبيت
القيسي، السلام على عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي.
السلام على عامر بن مسلم، السلام على قعنب بن عمرو النمري،
السلام على سالم مولى عامر بن مسلم، السلام على سيف بن مالك،
السلام على زهير بن بشر الخثعمي، السلام على بدر بن معقل الجعفي،
السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي، السلام على مسعود بن
الحجاج وابنه.
السلام على مجمع بن عبد الله العائذي، السلام على عمار بن
حسان بن شريح الطائي، السلام على حيان بن الحارث السلماني
الأزدي، السلام على جندب بن حجر الخولاني، السلام على عمرو بن
خالد الصيداوي، السلام على سعيد مولاه، السلام على يزيد بن زياد بن
المظاهر الكندي، السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي،
السلام على جبلة بن علي الشيباني، السلام على سالم مولى بني المدنية
الكلبي، السلام على أسلم بن كثير الأزدي، السلام على قاسم بن حبيب
الأزدي، السلام على عمر بن الاحدوث الحضرمي، السلام على أبي
ثمامة عمر بن عبد الله الصائدي.
السلام على حنظلة بن أسعد الشبامي، السلام على عبد
الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي، السلام على عمار بن أبي سلامة
153

الهمداني، السلام على عابس بن شبيب الشاكري. السلام على شوذب
مولى شاكر.
السلام على شبيب بن الحارث بن سريع، السلام على مالك بن
عبد الله بن سريع، السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي حمير
الفهمي الهمداني، السلام على المرتث معه عمرو بن عبد الله
الجندعي، السلام عليكم يا خير أنصار.
السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، بوأكم الله مبوأ
الأبرار، أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء، ومهد لكم الوطاء وأجزل لكم
العطاء، وكنتم عن الحق غير بطاء، وأنتم لنا فرط، ونحن لكم خلطاء في
دار البقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بحار الأنوار
مجلد 22 ج 101 ص 269 - 274
نص ما عقب به المجلسي على هذه الزيارة:
بيان
هذه الزيارة أوردها المفيد والسيد في مزاريهما وغيرهما، بحذف
الاسناد في زيارة عاشوراء وكذا قال مؤلف المزار الكبير: زيارة الشهداء
رضوان الله عليهم في يوم عاشوراء: أخبرني الشريف أبو الفتح محمد بن
محمد الجعفري أدام الله عزه، عن الفقيه عماد الدين محمد بن أبي
القاسم الطبري، عن الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي.
154

وأخبرني عاليا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن هبة الله بن رطبة، عن الشيخ
أبي علي، عن والده أبي جعفر الطوسي، عن الشيخ محمد بن أحمد بن
عياش وذكر مثله سواء، وإنما أوردناها في الزيارات المطلقة لعدم دلالة
الخبر على تخصيصه بوقت من الأوقات.
واعلم أن في تاريخ الخبر إشكالا لتقدمها على ولادة القائم عليه
السلام بأربع سنين. لعلها كانت اثنتين وستين ومائتين، ويحتمل أن يكون
خروجه عن أبي محمد العسكري عليه السلام
بحار الأنوار مجلد 22 الجزء 101 ص 274
155

النص المشتمل على أسماء الشهداء
في الزيارة الرجبية
كما جاء في نسخة البحار: مجلد 22 جزء 101 ص 340 - 341
... ثم التفت إلى الشهداء وقل:
السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي، السلام على جرير بن يزيد
الرياحي، السلام على زهير بن القين، السلام على حبيب بن مظاهر،
السلام على مسلم بن عوسجة، السلام على عقبة بن سمعان، السلام
على برير بن خضير، السلام على عبد الله بن عمير، السلام على نافع بن
هلال، السلام على منذر بن المفضل الجعفي، السلام على عمرو بن
قرضة الأنصاري، السلام على أبي ثمامة الصائدي، السلام على جون
مولى أبي ذر الغفاري، السلام على عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي،
السلام على عبد الرحمن و عبد الله ابني عروة، السلام على سيف بن
الحارث، السلام على مالك بن عبد الله الحايري، السلام على
حنظلة بن أسعد الشبامي، السلام على القاسم بن الحارث الكاهلي،
السلام على بشير بن عمرو الحضرمي، السلام على عابس بن شبيب
156

الشاكري، السلام على حجاج بن مسروق الجعفي، السلام على
عمرو بن خلف وسعيد مولاه، السلام على حيان بن الحارث، السلام
على مجمع بن عبد الله العائذي، السلام على نعيم بن عجلان، السلام
على عبد الرحمن بن يزيد، السلام على عمر بن أبي كعب، السلام على
سليمان بن عون الحضرمي، السلام على قيس بن مسهر الصيداوي،
السلام على عثمان بن فروة الغفاري، السلام على غيلان بن عبد
الرحمن، السلام على قيس بن عبد الله الهمداني، السلام على غمر بن
كناد، السلام على جبلة بن عبد الله، السلام على مسلم بن كناد،
السلام على عامر بن مسلم ومولاه مسلم، السلام على بدر بن رقيط وابنيه
عبد الله وعبيد الله، السلام على رميث بن عمرو، السلام على سفيان بن
مالك، السلام على زهير بن سائب، السلام على قاسط وكرش ابني
زهير، السلام على كنانة بن عتيق، السلام على عامر بن مالك، السلام
على منيع بن زياد، السلام على نعمان بن عمرو، السلام على جلاس بن
عمرو، السلام على عامر بن جليدة، السلام على زائدة بن مهاجر،
السلام على شبيب بن عبد الله النهشلي، السلام على حجاج بن يزيد،
السلام على جوير بن مالك، السلام على ضبيعة بن عمرو، السلام على
زهير بن بشير، السلام على مسعود بن الحجاج، السلام على عمار بن
حسان، السلام على جندب بن حجير، السلام على سليمان بن كثير،
السلام على زهير بن سلمان، السلام على قاسم بن حبيب، السلام على
أنس بن الكاهل الأسدي، السلام على الحر بن يزيد الرياحي، السلام
على ضرغامة بن مالك، السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق،
السلام على عبد الله بن بقطر رضيع الحسين عليه السلام، السلام على
157

منجح مولى الحسين عليه السلام، السلام على سويد مولى شاكر.
السلام عليكم أيها الربانيون، أنتم خيرة اختاركم الله لأبي عبد الله
عليه السلام وأنتم خاصة اختصكم الله، أشهد أنكم قتلتم على الدعاء إلى
الحق، ونصرتم ووفيتم وبذلتم مهجكم، مع ابن رسول الله صلى الله عليه
وآله وأنتم السعداء سعدتم وفزتم بالدرجات العلى فجزاكم الله من أعوان
وإخوان، خير ما جازى من صبر مع رسول الله صلى الله عليه وآله. هنيئا
لكم ما أعطيتم وهنيئا لكم ما به حييتم، طافت عليكم من الله الرحمة،
وبلغتم بها شرف الآخرة.
نص ما عقب به المجلسي على هذا القسم من الزيارة الرجبية.
(قال السيد رحمه الله: قد تقدم عدد الشهداء في زيارة عاشوراء
برواية تخالف ما سطرناه في هذا المكان، ويختلف في أسمائهم أيضا وفي
الزيادة والنقصان، وينبغي أن تعرف أيدك الله بتقواه أننا تبعنا في ذلك ما
رأينا أو رويناه، ونقلنا في كل موضع كما وجدناه).
بحار الأنوار ج 22 جزء 101 ص 341
158

الأسماء المشتركة بين الزيارتين
- أ -
1 - أنس بن كاهل الأسدي.
- ب -
2 - بشر (بشير) بن عمر (و) الحضرمي.
- ج -
3 - جون مولى أبي ذر الغفاري.
4 - جوين (جوير) بن مالك الضبعي.
5 - جندب بن حجير (حجر) الخولاني
6 - جبلة بن علي (عبد الله) الخولاني.
- ح -
7 - الحر بن يزيد الرياحي.
159

8 - حبيب بن مظاهر الأسدي.
9 - الحجاج بن يزيد (زيد) السعدي.
10 - الحجاج بن مسروق الجعفي.
11 - حيان (حسان) بن الحارث السلماني الأزدي.
12 - حنظلة بن أسعد الشبامي.
- ز -
13 - زهير بن القين البجلي.
14 - زيد بن ثبيت القيسي: ورد في الرجبية (بدر بن رقيط).
15 - زهير بن بشر الخثعمي - رجحنا أنه متحد مع (زهير بن سليم
الأزدي) حسب نسخة الاقبال.
16 - زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي.
17 - زيد (يزيد) بن معقل الجعفي - رجحنا اتحاده مع الرجبية في
(منذر بن المفضل الجعفي).
- أأنت -
18 - سعيد بن عبد الله الحنفي.
19 - سيف بن مالك ورد في الرجبية: (سفيان بن مالك).
20 - سعيد مولى عمر بن خالد. ورد في الرجبية: (مولى عمر بن
خلف).
21 - سيف بن الحارث بن عبد بن سريع ورد في الزيارة:
شبيب بن الحارث بن سريع.
- ش -
22 - شوذب مولى شاكر ورد في الرجبية: (سويد مولى شاكر).
160

23 - شبيب بن عبد الله النهشلي.
- ض -
24 - ضرغامة بن مالك.
- ع -
25 - عمرو (عمر) بن قرظة الأنصاري.
26 - عمران بن كعب الأنصاري. ورد في الرجبية: (عمر بن أبي
كعب).
27 - عبد الله بن عمير الكلبي.
28 - عبد الله بن عروة بن حراق الغفاري.
29 - عبد الرحمان بن عروة بن حراق الغفاري.
30 - عمرو (عمر) بن ضبيعة الضبعي ورد في الرجبية: (ضبيعة
بن عمر).
31 - عبد الله بن زيد بن ثبيت القيسي. ورد في الرجبية:
(عبد الله بن بدر بن رقيط).
32 - عبيد الله بن زيد بن ثبيت القيسي. ورد في الرجبية:
(عبيد الله بن بدر بن رقيط).
33 - عامر بن مسلم.
34 - عمار بن حسان بن شريح الطائي
35 - عمار بن خالد الصيداوي. في الرجبية: (عمرو بن
خلف)
36 - عبد الرحمان بن عبد الله بن الكدن الأرحبي. يرجح أنه الذي
161

ورد في الرجبية: (عبد الرحمان بن عبد الله الأزدي) لاتحاد
الاسم واسم الأب.
37 - عابس بن شبيب الشاكري.
38 - عمر بن عبد الله (أبو ثمامة) الصائدي.
- ق -
39 - قيس بن مسهر الصيداوي.
40 - قاسط بن زهير التغلبي.
41 - قاسم بن حبيب الأزدي.
- ك -
42 - كرش بن زهير التغلبي.
43 - كنانة بن عتيق.
- م -
44 - منجح مولى الحسين.
45 - مسلم بن عوسجة.
46 - مسعود بن الحجاج.
47 - مجمع بن عبد الله العائذي.
48 - مالك بن عبد الله (عبد) بن سريع (الجابري) متحد مع:
(مالك بن عبد الله الجابري) في الرجبية.
- ن -
49 - نعيم بن عجلان الأنصاري.
50 - نافع بن هلال البجلي المرادي.
162

الأسماء التي وردت في الرجبية
ولم ترد في الزيارة
- ب -
1 - برير بن خضير.
- ح -
2 - حماد بن حماد الخزاعي المرادي.
3 - حلاس (جلاس) بن عمرو.
- ر -
4 - رميث بن عمرو
- ز -
5 - زهير بن سائب (سيار).
6 - زائدة بن مهاجر. هل يمكن أن يكون تصحيفا ل (يزيد بن
زياد بن المظاهر) (المهاجر)
7 - زهير بن سلمان (سليمان).
163

- أأنت -
8 - سليمان بن كثير.
9 - سلمان بن سليمان الأزدي.
10 - سليمان بن عون الحضرمي.
- ع -
11 - عقبة بن سمعان.
12 - عبد الرحمان بن يزيد.
13 - عثمان بن فروة (عروة) الغفاري
14 - عمر (عمير) بن كناد.
15 - عامر بن مالك.
16 - عامر بن جليدة (خليدة).
17 - عبد الله بن بقطر.
- غ -
18 - غيلان بن عبد الرحمان.
- ق -
19 - قيس بن عبد الله الهمداني.
20 - القاسم بن الحارث الكاهلي (هل يمكن أن يكون قاسم بن
حبيب).
- م -
21 - مسلم بن كناد.
164

22 - مسلم مولى عامر بن مسلم.
23 - منيع بن زياد.
- ن -
24 - نعمان بن عمرو.
165

دراسة عن الزيارة المنسوبة
إلى الناحية المقدسة والزيارة.
الرجبية وتحقيق حالهما
أ - في سند الزيارتين وتاريخ تأليفهما
1 - الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدسة.
- هذه الزيارة أوردها السيد ابن طاووس (جمال العارفين، رضي
الدين، علي بن مؤسسي بن جعفر بن طاووس) ت 664 ه‍ في كتابه
الموسوم ب‍ (الاقبال) في أعمال الأيام والمشهور، والأدعية والزيارات.
قال:
(فصل فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء.
(رويناها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
رحمة الله عليه، قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن
عياش، قال: حدثني الشيخ الصالح أبو منصور بن عبد المنعم بن
النعمان البغدادي رحمة الله عليه، قال: خرج من الناحية سنة اثنتين
وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني - حين وفاة
أبي رحمه الله، وكنت حديث السن، وكتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي
166

عبد الله عليه السلام وزيارة الشهداء رضوان الله عليهم، فخرج إلي منه:
بسم الله الرحمن الرحيم إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فقف
عند رجلي الحسين عليه السلام، وهو قبر علي بن الحسين صلوات الله
عليهما، فاستقبل القبلة بوجهك، فإن هناك حومة الشهداء عليهم
السلام، وأوم وأشر إلى علي بن الحسين عليه السلام، وقل..).
يتبين من هذا النص أن الزيارة المنسوبة إلى الناحية قد وصلت إلينا
بالطريق التالي.
1 - رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت سنة
664 ه‍) رحمه الله وهو من أعاظم العلماء الزهاد العباد الثقات.
2 - أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت سنة 460 ه‍) رحمه
الله. شيخ الطائفة، وهو أشهر من أن يذكر.
وقد رواها ابن طاووس بإسناده إلى جده أبي جعفر رحمه الله، ولم
يتح لنا الاطلاع على رجال طريق ابن طاووس إلى الشيخ الطوسي.
3 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش الجوهري (ت
سنة: 401) كان معاصرا للشيخ الصدوق. وكان من أهل العلم
والأدب، حسن الخط، وصنف كتبا عديدة، منها: كتاب مقتضب الأثر
في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، وكتاب الأغسال،
وكتاب أخبار أبي هاشم الجعفري، وغير ذلك.
قال الشيخ في الفهرست. إنه سمع وأكثر، واختل في آخر عمره،
وكان جده وأبوه وجيهين ببغداد.
167

وقال النجاشي: رأيت هذا الشيخ، وكان صديقا لي ولوالدي،
وسمعت منه شيئا كثيرا، ورأيت شيوخنا يضعفونه، فلم أرو عنه وتجنبته
(كتاب الرجال للنجاشي، ص 67، والفهرست للشيخ الطوسي، ص
57 - 58، والكنى والألقاب: 1 / 363)
4 - أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي:
لم نجد مترجما بهذا الاسم، سوى ما ذكره التستري في قاموس
الرجال: (10 / 194)، ولم يزد على عبارة الاقبال شيئا. وذكر العلامة
المحقق الباحث الكبير الشيخ آغا بزرك الطهراني في ترجمة الشيخ
الطوسي من مشايخ الطوسي: (أبا منصور السكري) وقال: (قال
صاحب الرياض (رياض العلماء) يحتمل أن يكون من العامة أو من
الزيدية). أقول: استبعد شيخنا النوري كونه من العامة مستدلا بما وجده
من رواياته التي لا يرويها أبناء العامة. إلا أنه لم ينف كونه زيديا) مقدمة
التبيان، ص أ ز - أ ح -.
وزاد السيد محمد صادق بحر العلوم في مقدمة رجال الشيخ على
هذا قوله: (يظهر من أمالي الشيخ رحمه الله أنه من مشايخه) مقدمة
رجال الشيخ الطوسي، ص 37 - 38.
فهل يكون هذا هو الذي ورد في سند هذه الزيارة؟ إن هذا بحسب
العادة بعيد جدا. فإن بين ولادة الشيخ سنة 385 ه‍ وصدور الزيارة سنة
252 - قرنا وثلث القرن (133 سنة).
وعلي أي حال، فإن الرجل مجهول.
168

5 - الشيخ محمد بن طالب الأصفهاني:
لم نجد مترجما بهذا الاسم. ذكره التستري في قاموس الرجال،
(ج 8 / 333 - 334) ناقلا عبارة الاقبال، وزاد عليها قوله: ((والمراد
بالناحية فيه (الخبر) لا بد أن يكون العسكري (ع) لان الحجة (ع) لم
يكن ولد في تلك السنة. روى أبو غالب عن أحمد بن محمد عن
محمد بن غالب، عن علي بن فضال في علامة أول شهر رمضان -
التهذيب - والظاهر كونه الأصفهاني).
ولم نعرف وجها لهذا الاستظهار. وعلى أي حال فالرجل مجهول.
هذا هو سند ابن طاووس رحمه الله، وهو كما ترى، سند ضعيف
جدا، ففيه، مجهولان، وضعيف هو ابن عياش.
وقال المجلسي رحمه الله في البحار بعد أن أورد الزيارة:
(... قال مؤلف المزار الكبير: زيارة الشهداء رضوان الله عليهم
في يوم عاشوراء: أخبرني الشريف أبو الفتح محمد بن محمد الجعفري
أدام الله عزه، عن الفقيه عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري، عن
الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي. وأخبرني عاليا الشيخ أبو
عبد الله الحسين بن وهبة الله بن رطبة، عن الشيخ أبي علي، عن والده
أبي جعفر الطوسي، عن الشيخ محمد بن أحمد بن عياش، وذكر مثله
سواء...).
169

وهذا السند، كما ترى، ينتهي إلى ابن عياش الضعيف، وإلى
المجهولين: أبي منصور ومحمد بن غالب.
فالزيارة من حيث سندها ضعيفة.
والتاريخ المذكور للزيارة، وهو سنة اثنتين وخمسين ومائتين، لا
يتفق مع نسبتها إلى الناحية، والمعني بهذا المصطلح هو الإمام الثاني
عشر من أئمة أهل البيت، فقد ولد الإمام المهدي (ع) سنة 256 ه‍ أو
255 ه‍، وتوفي والده الإمام الحسن العسكري (ع) في اليوم الثامن من
شهر ربيع الأول سنة 260 ه‍
وقد تنبه الشيخ المجلسي إلى هذه الاشكال، فقال في البيان الذي
عقب به على الزيارة: (واعلم أن في تاريخ الخبر إشكالا، لتقدمها على
ولادة القائم عليه السلام بأربع سنين. لعلها كانت اثنتين وستين ومائتين،
ويحتمل أن يكون خروجه (الخبر) عن أبي محمد العسكري عليه
السلام.
وإذن فنحن، بسبب هذا التعارض بين تاريخ صدور الزيارة
ونسبتها أمام خيارين.
الأول تأخير تاريخ صدورها عشر سنين فتكون قد صدرت سنة
(262 ه‍.) بدلا من (252 ه‍) وعلى هذا فيمكن الحفاظ على نسبتها
إلى الإمام الثاني عشر.
الثاني التخلي عن نسبتها، والمحافظة على تاريخها بافتراض أنها
170

صادرة عن الامام الحادي عشر أبي محمد العسكري (ع).
وقد جزم التستري بهذا الافتراض فقال: (.. والمراد بالناحية فيه
(الخبر) لا بد أن يكون العسكري (ع)، لان الحجة لم يكن ولد في تلك
السنة - قاموس الرجال: 8 / 333 - 334).
والافتراض الأول يواجه الاعتراض عليه.
أولا: بأن تعيين سنة 262 ه‍. لا دليل عليه، فيمكن أن يكون
صدور هذه الزيارة بعد هذا التاريخ بعشرات السنين.
وثانيا: بأن التعبير الوارد في السند هو أن هذه الزيارة خرجت (سنة
اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني) وظاهر
هذا التعبير أن أبا منصور بن النعمان كتب - بعد وفاة أبيه - يستأذن في
الزيارة، وأن محمد بن غالب هو الذي أوصل الكتاب إلى الإمام الثاني
عشر، وأن الجواب عليه مشتملا على الزيارة جاء من الامام بواسطة
محمد بن غالب، وهذا يتنافى مع ما هو معلوم من أن جميع المكاتبات
والمسائل التي كانت توجه من الشيعة إلى الامام في الغيبة الصغرى كانت
بواسطة السفراء: عثمان بن سعيد العمري، ومن بعده ابنه أبو جعفر
محمد بن عثمان، ومن بعده أبو القاسم الحسين بن روح، ومن بعده أبو
الحسن علي بن محمد السمري. ولم يثبت أن أحدا اتصل بالامام - في
عهد الغيبة الصغرى - عن غير طريق هؤلاء.
والافتراض الثاني أولى بالقبول من الافتراض الأول لولا الاعتراض
عليه بأن مصطلح (الناحية) في ثقافة الشيعة الإمامية يعني: الإمام الثاني
عشر المهدي محمد بن الحسن عليه السلام، في عصر غيبته الصغرى،
171

ولا نعلم أنه استعمل للتعبير عن غيره من الأئمة (ع)
لقد كانت مصطلحات أخرى، مثل: (الجناب العالي)
و (الحضرة) و (المجلس العالي) وغير ذلك شائعة في ذلك العصر للتعبير عن المقامات الرسمية الدينية والإدارية، كما كانت تستعمل للتعبير عن
السيدات زوجات الخلفاء والسلاطين، وأمهاتهم وأخواتهم وبناتهم.
ولكن شيوع أمثال هذا المصطلح في الثقافة العامة لا يبرر الجزم بأن
المصطلح في النص المبحوث عنه قد استعمل عند الشيعة في الإشارة إلى
غير الإمام الثاني عشر.
ويبدو لنا أن مصطلح (الناحية) من مصطلحات الثقافة الشيعية
الخاصة، كما أنه نشأ لأسباب تختلف عن الأسباب التي أدت إلى نشوء
ظاهرة الألقاب في الثقافة الإدارية والعرف الاجتماعي العام في العصر
العباسي الثاني.
فقد نشأت هذه الظاهرة الثقافية في الدولة والحياة العامة لغاية
تكريمية نتيجة للتأثير الثقافي الأجنبي من جهة، ونتيجة للانحلال الداخلي
في بنية النظام الذي نتج عنه بقاء هيكل السلطة التقليدي (الخليفة
وبطانته) دون ممارسة السلطة التي انتقلت إلى مواقع أخرى هي الامراء
المتغلبون الذين تمتعوا بالسلطة الفعلية ومارسوها، فغدت مظاهر التكريم
شكلية بعد أن فقد النظام قوته الذاتية، وكانت الألقاب تكثر، وتتنوع كلما
أمعن النظام في الانحلال من الداخل.
أما في الثقافة الشيعية فيبدو أن لقب (الناحية) نشأ لمبررات أمنية
فإن السلطة كانت عازمة على قتل الإمام الثاني عشر، وكثيرا ما دوهمت
172

دار الإمام الحسن العسكري وفتشت بحثا عن الإمام الثاني عشر، مما دعاه
إلى الاختفاء والغيبة، وكان لا بد للشيعة من الاتصال به فنصب الوكلاء
الذي ذكرنا أسماءهم آنفا ليتصل الشيعة به عن طريقهم، وفي هذه
الظروف تولد مصطلح (الناحية) للإشارة إليه في المكاتبات والحديث.
وهذا لا ينافي أن يكون اختيار هذه الوسيلة للإشارة إلى الامام خضوعا
لمقتضيات الامن، قد نشأ من شيوع هذه الظاهرة في الثقافة العامة
للمجتمع في ذلك الحين (1).
ويبدو أن هذا المصطلح الذي يختلف في أسباب نشوئه عن أمثاله
في الثقافة العامة - يبدو أنه مصطلح شيعي خاص، فإن ألقاب الخلفاء
والسلاطين، والقواد والعلماء والكتاب التي شاعت في النصف الثاني من
الدولة العباسية لم يرد فيها ذكر لمصطلح (الناحية) وقد عقد القلقشندي
في كتابه صبح الأعشى فصولا ضافية بحث فيها موضوع الألقاب والكنى
من جوانبه التطبيقية، وذكر، فيما يبدو كلما كان سائدا في عصره. في
شأن الألقاب وصيغها، ولم يذكر من بين ما ذكر مصطلح (الناحية) (2).

(1) وقد كان ثمة مصطلح شيعي آخر للإشارة إلى الإمام الثاني عشر في المسائل المالية، هو مصطلح
(الغريم) وقد جاء ذكر ذلك في كتاب الارشاد المفيد: (.. عن محمد بن صالح قال: لما
مات أبي وصار الامر إلي كان لأبي على الناس سفاتج من مال الغريم - يعني صاحب الامر عليه
السلام - قال الشيخ المفيد رحمه الله: وهذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديما بينها، ويكون خطابها
عليه السلام للتقية (كذا)) الارشاد ص 354.
(2) أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الانشاد نسخة مصورة عن
الطبعة الأميرية - في سلسلة: تراثنا - منشورات المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة
والطباعة والنشر - ج 5 ص 438 - 506 وجزء 6 ص.
والقلقشندي يؤرخ لشيوع ظاهرة الألقاب في مراتب الدولة والمجتمع (ثم انتهاؤها إلى غاية
التعظيم ومجاوزتها الحد في التكثير) يؤرخ لهذه الظاهرة بالوقت الذي (استولى فيه بنو بويه من
الديلم على الأمور، وغلبوا على الخلفاء، واستبدوا عليهم، احتجب الخلفاء، ولم يبق إليهم
فيما يكتب عنهم غالبا سوى الولايات، وفوض الامر في غالب المكاتبات إلى وزرائهم،
وصارت الحال إذا اقتضت ذكر الخليفة كني عنه ب‍ (المواقف المقدسة) و (المقامات الشريفة)
و (السيرة النبوية) و (الدار العزيزة) و (المحل الممجد)... ولما انتهى الحال بالخلفاء إلى
التعظيم بهذه الألقاب والنعوت المستعارة تداعى الامر إلى تعظيم الملوك والوزراء بالتلقيب
ب‍ (المجلس العالي) و (الحضرة السامية)... ثم تزايد الحال في ذلك إلى أن كنوا
ب‍ (المقام) و (المقر) و (الجناب) و (المجلس) ونحو ذلك)،
صبح الأعشى: 5 / 491 - 492.
وهذا الموضوع بحاجة إلى دراسة واسعة تكشف عن تاريخ نشوئه، وتطوراته، واستنباط
دلالاته الاجتماعية والسياسية في الحقبة التي نشأ ونما فيها.
173

إن هذا الاعتراض - وقد أسهبنا في بيان جوانبه - يدعونا إلى الشك
في صدور هذه الزيارة عن الإمام الحسن العسكري إلى أن يثبت لنا أن
مصطلح (الناحية) قد استعمل للإشارة إليه كما استعمل للإشارة إلى
الإمام الثاني عشر.
وعلى هذا فلا نستطيع نسبة الزيارة إلى الإمام المهدي، كما لا
نستطيع ترجيح صدورها عن الإمام الحسن العسكري.
ولا بد لنا في هذه المرحلة من البحث من اعتبارها نصا تاريخيا
مجهول المؤلف (المؤلف إما أن يكون واحدا من ثلاثة أشخاص هم
الذين ورد ذكرهم في سند الزيارة قبل الشيخ الطوسي: (أحمد بن
محمد بن عبد الله بن الحسين بن عياش الجوهري، أبو منصور بن عبد
المنعم بن النعمان البغدادي، الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني) هذا
إذا كان الأخيران شخصين تاريخيين، ولم يكونا شخصين مخترعين
وهميين. أو يكون المؤلف رجلا مجهولا غير هؤلاء الثلاثة).
ويكون تاريخ الزيارة واقعا بين النصف الثاني من القرن الثالث
الهجري ونهاية هذا القرن، وتكون نسبة الزيارة حينئذ إلى الإمام الثاني
174

عشر - مع أنها موضوعة - لتكسب صفة القداسة والوثوق في نفوس
المؤمنين. وهذه طريقة اتبعها الوضاعون في جميع العصور، في الكتب
والآثار الشعرية وغيرها ليتيحوا لموضوعاتهم فرصة الانتشار والقبول عند
الجمهور الذي يتوجهون إليه بمؤلفاتهم ونصوصهم الموضوعة.
وهذه النتيجة لا تؤثر في نظرنا على قيمة الزيارة المنسوبة إلى الناحية
المقدسة باعتبارها مصدرا أساسيا لاسماء شهداء كربلاء، يتمتع مؤلفه
بخبرة جيدة بموضوعه، كما سيظهر لنا من مرحلة تالية في هذا البحث.
2 - الزيارة الرجبية:
ذكرها السيد ابن طاووس في الاقبال (ص: 712 - 714) دون أن
يذكر لها سندا. وقد نقل المجلسي في البحار، بعد ذكره للزيارة
الرجبية، عن السيد ابن طاووس الكلمة التالية:
(قال السيد رحمه الله: قد تقدم عدد الشهداء في زيارة عاشوراء
برواية تخالف ما سطرناه في هذا المكان، ويختلف في أسمائهم أيضا وفي
الزيادة والنقصان. وينبغي أن تعرف أيدك الله بتقواه أننا أتبعنا في ذلك ما
رأيناه أو رويناه، ونقلنا في كل موضع كما وجدناه) - بحار الأنوار: ج 22
جزء: 101 ص 341
ويبدو من هذه الكلمة أن السيد ابن طاووس هو الذي ألف هذه
الزيارة، وإن لم يصرح بذلك.
وهو يعترف في كلمته هذه بفروق أساسية بين هذه الزيارة، وبين
الزيارة المنسوبة إلى الناحية.
175

ومن ترجيح أن السيد رحمه الله هو واضح هذه الزيارة، فإن تاريخها
لا يرقى إلى أكثر من نهاية الثالث الثاني من القرن السابع الهجري، فقد
توفي السيد ابن طاووس رحمه الله في سنة 664 ه‍
ومن هنا فإننا لا نستطيع اعتبار الزيارة الرجبية مصدرا أساسا في بحثنا
كما اعتبرنا الزيارة المنسوبة إلى الناحية، لا لشكنا في وثاقة السيد ابن
طاووس رحمه الله فهو فوق الشبهات، وإنما لشكنا في دقة مصادره،
ولعلمنا بتزايد التحريف والتصحيف في هذه الفترة المتأخرة مع عدم العناية
بالتحقيق والتدقيق.
ب - التكوين الداخلي للزيارتين.
وننتقل بالبحث إلى النظر في التكوين الداخلي للزيارتين، فنلاحظ
الأمور التالية:
الأول: في عداد الشهداء: اشتملت الزيارة المنسوبة إلى الناحية على ثلاثة وستين اسما،
واشتملت الزيارة الرجبية على خمسة وسبعين اسما، منها اسم واحد نعتقد
أنه مكرر (وورد في رواية الاقبال مكررا) وهو اسم (الحر بن يزيد
الرياحي " فيكون الباقي في الرجبية أربعة وسبعين اسما، وتكون الزيادة
على العدد في الزيادة المنسوبة إلى الناحية بنسبة السدس (وإذ اعتبرنا
رواية البحار بالنسبة إلى الاسم الذي نرجح أنه مكرر (جرير بن زيد) الرياحي) تكون نسبة الزيادة، في هذه الحالة أكثر من السدس.
وهذه الظاهرة - ظاهرة زيادة الأسماء في الزيارة الرجبية - ليست في
176

صالحها، فإن الإضافات التي تدخل في النص التاريخي المتأخر، دون
أن تبين مصادرها والاعتبارات التي دخلت فيه بسببها. تكون نتيجة للتزيد
والتحريف والتصحيف، وليس نتيجة للدقة والتحري.
الثاني: الأسماء الدخيلة:
اشتملت الزيارة الرجبية على اسم (عقبة بن سمعان) باعتباره من
شهداء كربلاء. كما اشتملت على اسم (عبد الله بن بقطر) باعتباره،
كذلك، شهيدا في كربلاء.
وعقبة بن سمعان لم يقتل في كربلاء، بل من الراجح أنه لم يشارك
في المعركة على الاطلاق، وقد هم عمر بن سعد بقتله بعد المعركة حين
قبض عليه، ثم أطلق سراحه حين أخبره بأنه عبد للرباب زوجة الحسين،
وعاش بعد ذلك زمنا، وغدا من رواة أخبار الثورة الحسينية.
وعبد الله بن بقطر لم يشهد كربلاء، فقد استشهد في الكوفة حين
قدمها رسولا من الحسين إلى مسلم بن عقيل قبل وصول الحسين إلى
كربلاء، وقبض عليه، وقتل بأمر عبيد الله بن زياد في قصر الامارة.
وقد خلت الزيارة المنسوبة إلى الناحية عن هذين الاسمين.
نعم تشترك الزيارتان في أنهما ذكرتا (قيس بن مسهر الصيداوي)
الذي استشهد في الكوفة قبيل وصول الحسين إلى كربلاء، ومن ثم فهو
كعبد الله بن بقطر ليس من شهداء كربلاء.
وهذه الملاحظة ليست في صالح الزيارة الرجبية، لأنها تكشف عن
عدم خبرة مؤلفها بموضوعه.
177

الثالث: في نسبة الشهداء إلى القبائل:
يغلب على الأسماء الواردة في الزيارة المنسوبة إلى الناحية أنها
منسوبة، فمن بين الثلاثة وستين رجلا الذين وردت أسماؤهم فيها يوجد
سبعة وأربعون اسما منسوبة إلى القبيلة التي يفترض أن الشهيد ينتمي
إليها، والأسماء التي لم تنسب تبلغ ستة عشر اسما فقط، أي ما يزيد
قليلا على ربع مجموع الأسماء الواردة في الزيارة.
وفي الزيارة الرجبية نجد الامر على العكس من ذلك تقريبا، فعدد
الأسماء المنسوبة يبلغ واحدا وعشرين اسما. ويبقي في الزيارة ثلاثة
وخمسون اسما بغير نسبة، أي ما يقرب من ثلاثة أرباع الأسماء الواردة في
الزيارة.
وهذه الظاهرة ليست في صالح الزيارة الرجبية أيضا، فإن وجود
النسبة يدل على أن المؤلف أكثر خبرة بموضوعه، ومن ثم فهو أدعى إلى
الثقة به - في النص موضوع البحث - من ذلك الذي لا يتمتع بخبرة كافية
في الموضوع.
الرابع: الأسماء الشاذة:
اشتملت الزيارة الرجبية على اسم (سليمان) خمس مرات بالنسبة
إلى أربعة رجال، ثلاثة منهم اسم كل واحد منهم سليمان، وهم
(سليمان بن كثير، سليمان بن سليمان الأزدي، سليمان بن عون
الحضرمي) واثنان منهم اسم أبويهما سليمان، وهما: (سليمان بن
سليمان الأزدي، زهير بن سليمان - حسب رواية الاقبال).
وهذا ما يثير الشك في دقة مؤلف الرجبية أو في دقة مصادره التي
178

أخذ منها، فإن هذا الاسم (سليمان) لم يكن شائعا بين المسلمين العرب
بين رجال النصف الأول من القرن الأول الهجري. ويمكن التأكد من ذلك
بملاحظة فهارس أعلام تاريخ الطبري مثلا واستقراء هذا الاسم في الرجال
الذين ذكرهم رواة الطبري في أحداث الفترة التي نبحث عنها، وسنجد
حينئذ أن هذا الاسم محدود الانتشار جدا، وكذلك الحال بالنسبة إلى
كتاب صفين لنصر بن مزاحم الذي اشتمل فهرست كتابه على تسعة رجال
بهذا الاسم ليس فيهم أربعة رجال معاصرين للحقبة التاريخية التي وقعت
فيها ثورة كربلاء.
وسبب ذلك أن الأسماء تتصل بالتكوين الثقافي والوضع الحضاري
للأمة وهي من السمات الثقافية التي لا تتغير بسرعة، بل تتغير ببطء
شديد، والتغير يتم نتيجة لتغير المفاهيم الثقافية عند الأمة، هذه المفاهيم
التي تحمل الأمة على أن تستجيب في عاداتها وتقاليدها وأسمائها ومئات
من مظاهر حياتها البسيطة والمعقدة.
وقد واجه العرب هذا التغيير الثقافي الشامل حين دخلوا في
الاسلام، وكان من جملة عناصر العالم الثقافي الجديد الذي دخلوا في
أسماء جديدة وردت في القرآن الكريم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله تتناسب
مع الفكرة العامة للمعتقد الاسلامي أو تتصل بالتاريخ القديم للاسلام في
الصيغ السابقة على الصيغة الخاتمة التي أرسل بها خاتم النبيين محمد
صلى الله عليه وآله. وقد كان هذا اللون الثاني من الأسماء الاسلامية موجودا في الصيغ
الشائعة للتوراة والإنجيل، ولكن لم يكن للعرب، كما نعلم، صلة
بهذين الكتابين على نحو تكون لهم مفاهيم ثقافية تختلف عن مفاهيمهم
الثقافية في العهد الجاهلي، ولذا فإنهم دخلوا في عالم الاسلام الثقافي
179

وهم يحملون أسماء جاهلية، وقد سموا أبناءهم بأسماء جاهلية، اللهم
إلا الجيل الذي ولد بعد الاسلام من آباء عاشوا في مراكز الاسلام الكبرى
في المدينة وغيرها فقد حمل القليل من أفراده أسماء تتصل بالأساس
العقيدي للاسلام (عبد الله، عبيد الله، عبد الرحمان..) وبقي أكثر
أفراد هذا الجيل يحملون أسماء جاهلية أو تتصل بالجاهلية بشكل أو
بآخر.
وهكذا يتبين لنا كيف أن (الظاهرة الثقافية الاسمية) - إذا صح
التعبير - في كل نظام ثقافي جديد ذات طبيعة خاصة، فهي لا تستجيب
للتعير بالسهولة والسرعة التي تستجيب لها الظاهرات الأخرى، بل إنها
تتسم بالمحافظة، وتتغير ببطء شديد.
ونقدر - على ضوء ما قدمنا - أن التغيير يحتاج إلى ثلاثة أجيال أو
أربعة أجيال بعد دخول المجتمع في العالم الثقافي الجديد.
فإن الجيل الأول يبقى على أسمائه النابعة من العالم الثقافي
القديم، ويكون قد سمى أبناءه بالأسماء المنسجمة مع ثقافته القديمة.
ولا شك في أن رواسب الثقافة القديمة وأدبياتها تبقى حية فاعلة، بنسب
متفاوتة، في الكثرة العظمى من المجتمع في الجيل الثاني الذي يحمل
أسماءه وأسماء آبائه النابعة من الثقافة القديمة، وهو مشبع في الوقت نفسه
بمعاني الثقافة الجديدة، فتبدأ الأسماء المتصلة بالثقافة الجديدة
بالظهور، ولكن يبقى لاسماء الثقافة القديمة وجود واسع الانتشار، يأخذ
بالإنحسار في الجيل الثالث، حتى يذوب نهائيا في الجيل الرابع، أو
الخامس بعد دخول المجتمع في عالمه الثقافي الجديد.
180

وقد عمل النبي صلى الله عليه وآله على تغيير ظاهرة الأسماء الجاهلية
بطريقتين
الأولى: إصدار التوجيهات العامة باختيار الأسماء الاسلامية،
القرآنية وغيرها.
الثانية: تغيير أسماء بعض الاشخاص من الرجال والنساء، ولكنه
لم يتوسع في الطريقة الثانية، لان تغيير الأسماء على نطاق واسع يربك
العلاقات الاجتماعية، ويدخل اختلالا خطيرا على سلاسل الأنساب التي
كان العرب يعنون بها عناية فائقة.
على ضوء ما تقدم: إذا أخذنا في الاعتبار أنه في سنة ستين للهجرة
كان جمهور المسلمين العرب يتكون من الجيل الثاني في الاسلام مع بقايا
من الجيل الأول، يتضح لنا أنه لم تكن قد سنحت بعد الفرصة أمام
الأسماء الجديدة لتنتشر وتحل محل الأسماء القديمة، على الخصوص
الأسماء ذات المنشأ غير العربي كما هو الشأن بالنسبة إلى سليمان،
وعلى العكس من المسلمين العرب، فإن هذا النوع من الأسماء
كان شائعا إلى حد ما بين المسلمين غير العرب (الموالي)، والمتأثرين
منهم بالثقافة اليونانية أو المنتمين إلى العالم اليوناني البيزنطي بشكل
خاص، وذلك لان الأسماء التي وردت في القرآن والسنة كانت مألوفة
لديهم في عالمهم الثقافي القديم.
وقد اشتملت الزيارة المنسوبة إلى الناحية على اسم (سليمان) مرة
واحدة، ولكنه ورد فيها اسما لاحد الموالي هو (سليمان مولى الحسين)
وبهذا تكون الزيارة المنسوبة إلى الناحية متوافقة، من هذه الجهة، مع
181

الظاهرة الثقافية الاسمية السائدة في الفترة المبحوث عنها، ويكون اسم
(سليمان مولى الحسين) فيها متوافقا مع طبيعة الأشياء، وليس اسما شاذا
كما هو الشأن في (سليمان) الذي ورد اسما لخمسة أشخاص يفترض
أنهم من العرب في الزيارة الرجبية. ونلاحظ هنا، بهذه المناسبة، أن
الزيارة الرجبية لم تشتمل على اسم (سليمان مولى الحسين).
إن اشتمال الزيارة الرجبية على هذا الاسم الشاذ في المحيط
الاسلامي العربي في الفترة التاريخية والمبحوث عنها اسما لخمسة
رجال نقطة ضعف في الزيارة الرجبية.
هذه الأمور التي ذكرناها تدعونا إلى اعتبار الزيارة الرجبية مصدرا
ثانوي القيمة لاسماء شهداء كربلاء، ولا يمكن، لهذا، الاعتماد عليها
في الأسماء التي انفردت بها دون بقية المصادر، بل لا بد من ضم مصدر
آخر إليها بالنسبة إلى أي اسم من الأسماء التي وردت فيها، بعد التأكد من
أن هذا المصدر لم يستند إليها.
وتكون الزيارة المنسوبة إلى الناحية مصدرا أساسا لاسماء الشهداء
لقدمها من جهة، ولسلامتها من المآخذ التي ذكرناها على الزيارة الرجبية
من جهة أخرى.
182

القسم الثاني
الدلالات
183

النخبة
لا تسعفنا المصادر، إلا بالقدر الضئيل الذي لا يغني، بالمعرفة
المباشرة بالمواقع الاجتماعية لشهداء كربلاء وبسمات حياتهم الشخصية.
فإذا استثنينا الرجال القليلين الذين نعرف بصورة تفصيلية مباشرة أنهم كانوا
شخصيات اجتماعية ذات شأن في قبائلهم وفي مجتمعهم تبقى الكثرة
العظمى من الشهداء في الظل من حيث مواقعهم الاجتماعية، لأننا لا
نعرف عنهم إلا أسماءهم.
ولكننا نعرف استنادا إلى بعض النصوص أن أكثر الشهداء لم يكونوا
نكرات اجتماعية من غمار الناس، بل كانوا من الرجال ذوي الشأن في
أوساطهم الاجتماعية، ونعرف أنهم كانوا يمثلون نوعية خاصة كان الناس
ينظرون إليها باحترام كبير، وبعواطف تتفاوت بين الحب والكراهية
تدلنا على ذلك كلمة عمرو بن الحجاج الزبيدي (1) التي نهي فيها
الجنود الأمويين عن قتال المبارزة مع الثوار قائلا:

(1) من شخصيات الكوفة الموالية للنظام الأموي. كان أحد المقربين من زياد بن سمية واشترك في
الايقاع بحجر بن عدي الكندي وكان أحد الشهود عليه، وكان من جلساء عبيد الله بن زياد،
وهو أحد ثلاثة رجال استدرجوا هاني بن عروة إلى ابن زياد بعد انكشاف أمر مسلم بن عقيل،
وكانت أخته روعة زوجة لهاني بن عروة. كان في كربلاء على رأس القوة التي منعت الحسين
وأصحابه من ماء الفرات وكان على ميمنة الجيش الأموي في كربلاء، وهو أحد حملة الرؤوس
إلى عبيد الله بن زياد - وقد كان أحد الذين كتبوا إلى الحسين يدعونه للقدوم إلى الكوفة: (..
فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند).
الطبري: 5 / 270 و 349 و 353 و 364 - 365 و 367 و 622 و 656.
185

(ويلكم يا حمقاء، مهلا، أتدرون من تقاتلون؟ إنما تقاتلون
فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوما مستميتين..) (1).
إن (فرسان المصر) في مجتمع محارب، وهو ما كأنه المجتمع
العربي الاسلامي في ذلك الحين، تعبير يعني الشخصيات البارزة في
المجتمع، فقد كان التفوق في الحقل العسكري أحد أفضل السبل لتبوء
مركز اجتماعي مرموق يبعث على الاحترام، بل لقد كانت هذه الصفة
خليقة بأن تجعل الناس يغضون النظر عما قد يكون في الرجل من خلال
معيبة في نظر المجتمع (2)
و (أهل البصائر) (3) تعبير يعنى به الواعون الذين يتخذون مواقفهم

(1) الطبري: 5 / 435.
(2) إن التفوق في الحقل العسكري كان خليقا بأن يبعث على تجاوز النظرة المتحيزة ضد صفة
العجمة عند الموالي، وأن يبعث على احترام المولى وتقديره، لاحظ الكامل: 3 / 316 -
317.
(3) من المؤكد أن هذا التعبير مصطلح ثقافي إسلامي يعني: الفئة الواعية للاسلام على الوجه
الصحيح، والملتزمة به في حياتها بشكل دقيق، بحيث تتخذ مواقف مبدئية من المشكلات التي
تواجهها في الحياة والمجتمع، ولا تقف على الحياد أمام هذه المشكلات وإنما تعبر عن التزامها
النظري بالممارسة اليومية لنضال ضد الانحرافات.
ويبدو لنا من دراسة مستعجلة لهذا المصطلح أنه ولد في الثقافة الاسلامية في وقت مبكر، وبالتحديد
حين بدأت قوى الانحراف تنشر مفاهيمها وأساليبها وتجمع لنفسها الأنصار. ولذا نجد أنه كثير
الورود في كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي أسفرت قوى الانحراف في عهده عن
وجهها واضطرته لخوض المعارك الفكرية والعسكرية معها، وإذا كان قد عجز عن دحرها
عسكريا وتحطيمها بشكل نهائي، واخراجها من دائرة الحياة الاسلامية، فإنه قد أفلح في فضحها،
وبيان زيفها على الصعيد الفكري.
لقد ورد هذا المصطلح في خطب أمير المؤمنين علي، وكتبه وكلماته القصار للتعبير عن الفئة الواعية
في مقابلة غير الواعين، ولبيان موقف الفئة الواعية من الاغراءات، أو للتعبير عن موقف الانسان
غير الواعي من الاغراءات والمخاوف.
فقد ورد مثلا في كتاب منه إلى معاوية بن أبي سفيان، قوله:
(وأرديت جيلا من الناس كثيرا خدعتهم بغيك، وألقيتهم في موج بحرك.. فجاروا عن وجهتهم
ونكصوا على أعقابهم،... وعولوا على أحسابهم، إلا من فاء من أهل البصائر، فإنهم فارقوك
بعد معرفتك، وهربوا إلى الله من موازرتك) نهج البلاغة - باب الكتب - رقم النص: 32.
ومما قاله عز الدين بن أبي الحديد في شرحه تعليقا على هذا النص:
((وعولوا على أحسابهم) أي لم يعتمدوا على الدين، وإنما أردتهم الحمية ونخوة الجاهلية
فاخلدوا إليها وتركوا الدين، ثم استثنى قوما فاءوا...) شرح نهج البلاغة: 16 / 132 -
133.
وورد في خطبة له يومئ فيها إلى الملاحم ويصف فئة من أهل الضلال:
(وطال الأمد بهم ليستكملوا الخزي، ويستوجبوا الغير، حتى إذا اخلو لحق الاجل، واستراح قوم إلى
الفتن - لم يمنوا (أهل البصائر) على الله بالصبر، ولم يستعظموا بذل أنفسهم في الحق، حتى
إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدة البلاء، حملوا بصائرهم على أسيافهم، ودانوا لربهم بأمر
وأعظمهم).
وهو يعني الجاهليين من جهة والمسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله من جهة أخرى.
وقال ابن أبي الحديد في شرحه تعليقا إلى هذا النص.
(.. حتى إذا ألقى هؤلاء السلام إلى هذه الفئة عجزا عن القتال، واستراحوا من منابذتهم بدخولهم
في ضلالتهم وفتنتهم... أنهض الله هؤلاء، العارفين الشجعان فنهضوا (وحمل هؤلاء
العارفون بصائرهم على أسيافهم... يعني أنهم أظهروا بصائرهم وعقائدهم للناس وكشفوها،
وجردوها من أجفافها، فكأنها شئ محمول على السيوف يبصره من يبصر السيوف...) شرح
نهج البلاغة: 9 / 129 - 131.
إن قوله: (حملوا بصائرهم على أسيافهم) يعني في لغتنا الحاضرة: المواقف المبدئية المعلنة
والنضال في سبيلها.
ومن النصوص التي وردت في نهج البلاغة عن أهل البصائر قوله عليه السلام في خطبة من خطب
الملاحم.
(قد انجابت السرائر لأهل البصائر ووضحت محجة الطريق لخابطها...)
ومن ذلك قوله في خطبة يصف فيها النحلة والجرادة.
(ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق، ولكن القلوب
عليلة والبصائر مدخولة...).
ومن ذلك قوله يخاطب أصحابه:
(... فانفذوا على بصائركم، ولتصدق نياتكم في جهاد عدوكم، فوالذي لا إله إلا هو اني لعلى جادة
الحق، وإنهم لعلى مزلة الباطل...)
ومن ذلك قوله في دعاء.
(اللهم انك آنس الآنسين لأوليائك.. تشاهدهم في سرائرهم، وتطلع عليهم في ضمائرهم وتعلم
مبلغ بصائرهم...).
ومن ذلك قوله في إحدى كلماته القصار:
(... الأماني تعمي أعين البصائر...).
وورد هذا المصطلح في كلمة للمهدي العباسي قالها لوزيره الربيع علق بها على موقف أحد الثوار في
عهده وصلابته وثباته: (أما ترى قلة خوفه وشدة قلبه، هكذا تكون والله أهل البصائر)) مقاتل
الطالبيين: 418.
186

عن قناعات تتصل بالمبدأ الاسلامي، ولا تتصل بالاعتبارات النفعية.
187

وإذن فنحن أمام نوعية من الشخصيات تمثل النخبة الواعية للاسلام
في المجتمع الاسلامي في ذلك الحين، وهي تستمد تفردها وتفوقها من
فضائلها الشخصية ومن وعيها الاسلامي والتزامها بمواقفها المبدئية، على
خلاف الزعماء القبليين التقليديين الذين يستمدون قوتهم من الاعتبارات
القبلية المحضة. وإن كانت هذه النخبة الواعية تضم رجالا كثيرين جمعوا
إلى فضائلهم ووعيهم الاسلامي ولاء قبائلهم لاشخاصهم.
ومن هذا الذي قدمناه في بيان مقومات هذه النخبة يتضح أنها تمثل
النقيض الاجتماعي للنخبة القبلية التقليدية التي كانت تدير سياسة
القبائل، وتتعامل مع النظام الأموي، وتحصل على اعترافه الرسمي
بزعامتها. وإذا كان لهذه النخبة التقليدية جمهورها الكبير، فإن النخبة
الواعية لم تكن بلا جمهور، وإن كنا نرجح أنه صغير الحجم بالنسبة إلى
الجمهور التقليدي.
188

ولا شك في أن السلطة وأعوانها من الزعماء التقليديين كانوا يعرفون
خطورة هذه النخبة، فهي نخبة لا يمكن التعامل معها بالوسائل التقليدية،
ولا يمكن شراء ولائها خلافا لقناعاتها المبدئية، لأنها (من أهل البصائر)
وهي بما تملك من رصيد قبلي - على قلته - قادرة على التأثير في جمهور
القبائل، ولا يقلل من خطورة هذا التأثير أنه محدود، فجميع بدايات
التغيرات الكبرى تكون محدودة، ولذا فالنخبة الواعية من هذه الجهة تمثل
خطرا كبيرا، ولذا فقد كان هم السلطة الكبير هو القضاء بسرعة قياسية
على الثورة وعلى قوتها الصغيرة المكونة من هؤلاء الرجال قبل أن تمتد بها
الأيام فتحمل كثيرا من (أهل البصائر) واتباعهم على إعلان موقفهم
الايجابي من الثورة، وتمكنهم من اللحاق بها.
وقد كان الزعماء التقليديون يدركون بلا شك أن هذه النخبة من أهل
البصائر تكون في حال نجاحها خطرا على مراكزهم، ولذا فقد ساعدوا
السلطة بإخلاص على تنفيذ خطتها في تصفية الثائرين جسديا، وجعلهم
عبرة لغيرهم.
والموضوع بحاجة إلى تتبع في النصوص النبوية وغيرها ليعرف
تاريخ تكون هذا المصطلح ودخوله في البنية الثقافية للانسان المسلم
وربما كان هذا المصطلح قد تولد من مصطلح سابق عليه ورد صفة
لبعض الصحابة وهو (أهل النية) فقد ورد صفة لأبي الدرداء (عويمر بن
زيد الخزرجي): (... وكان أبو الدرداء من علية أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله وأهل النية منهم) الطبقات / 7 / قسم 2 / ص 117 ط ليدن
أوفست.
وربما يكون المعني بأهل النية: أهل الأخلاق والصفاء النفسي.
189

العرب والموالي
علينا، حين ندرس علاقة الموالي بالثورة الحسينية ودلالات هذه
العلاقة، نستبعد موالي الحسين وعلي، فإن صلة هؤلاء بالثورة صلة
طبيعية نابعة من كون أوليائهم قادتها، ولذا فهي علاقة لا يمكن أن تكون
فيها دلالة على موقف الموالي بوجه عام، ولا تصلح منطلقا لتفسير هذا
الموقف. إن حقل البحث في هذه المسألة هو موالي غير الهاشميين الذين
دخلوا في الثورة بشكل أو بآخر، فإن مشاركة هؤلاء يمكن أن تكون ذات
دلالة إذا بلغت مستوى معينا من الكثافة والتنوع.
وإذا لاحظنا نسبة الموالي في القوة الصغيرة الثائرة مع الحسين
فسنجد أنها نسبة ضئيلة لا تبلغ عشرة لمئة من مجموع الثائرين، وذلك
لأننا إذا استبعدنا موالي الحسين يبقي لدينا من الموالي، في نطاق الأسماء
التي وصلت إلينا ستة رجال هم: (جون مولي أبي ذر الغفاري، وزاهر
مولي عمرو بن الحمق الخزاعي، وسالم مولي بني المدنية الكلبي، وسالم
مولى عامر العبدي، وسعد بن عبد الله مولى عمرو بن خالد الأزدي،
وشوذب مولى شاكر بن عبد الله الهمداني الشاكري).
190

ولو كانت ظاهرة وجود الموالي في الثورة الحسينية تتوقف عند
مشاركة العدد المحدود منهم في معركة كربلا والفوز بالشهادة لما كانت
لذلك أية دلالة ذات قيمة تاريخية، ولكن ظاهرة وجود الموالي في الثورة
الحسينية وعلاقتهم بها تتعدى هذا القدر المحدد إلى مجالات أوسع منه
بكثير فثمة بعض الإشارات قبل عاشوراء وبعدها، تدل على وجود صلة
ما، لعلها كبيرة جدا، بين الموالي وبين الثورة الحسينية. وربما كان لها
دلالات عظيمة القيمة على بدايات دور الموالي الخطير والكبير في توجيه
حركة التاريخ في العالم الاسلامي.
من هذه الإشارات أن عبيد الله بن زياد، حين أراد أن يتجسس على
مسلم بن عقيل لم يستخدم في هذه المهمة عربيا، وإنما (دعا مولى له
يقال له معقل فأعطاه ثلاثة آلاف، وقال له: إذهب حتى تسأل عن الرجل
الذي يبايع له أهل الكوفة، فأعلمه أنك رجل من أهل حمص..) (1).
ومن هذه الإشارات أن السيدة الأرملة التي لجأ مسلم بن عقيل إلى
منزلها بعد أن فشلت حركته وتفرق عنه الناس، وهي السيدة طوعة. كانت
مولاة لمحمد بن الأشعث (2). وقد أدخلت مسلم بن عقيل إلى منزلها
بمجرد أن عرفت اسمه، دون أن تبدي أي حذر مما قد تجر عليها
استضافته عندها من متاعب، وقد أخفته وهي تعلم بأنه مطلوب من
السلطة.

(1) الطبري: 5 / 348 و 362، وهذا في رواية عمار الدهني وأبي مخنف، وأما في رواية عيسى بن
يزيد الكناني فإن هذا المولى لم يكن لابن زياد، وإنما كان مولى لبني تميم - الطبري:
5 / 360.
(2) الطبري: 6 / 371.
191

هل يدل اختيار عبيد الله بن زياد لمهمة التجسس على مسلم بن
عقيل رجلا من الموالي، بدل أن يختار لهذه المهمة رجلا عربيا على أن
النظام الأموي كان يقدر أن الموالي كانوا يضمرون التعاطف مع حركة
الثورة ورجالها، وأن ثمة صلات خفية بين الثورة وجماعات من الموالي
تحمل الثائرين على الوثوق بمن لا يعرفونه من الموالي معرفة مؤكدة، أكثر
مما لو كان هذا الذي لا يعرفونه عربيا من الشام لا سبيل إلى التوثق من
شخصيته؟ (إذ لا سبيل لدرس رجل عراقي يسهل اكتشافه بالتقصي عنه
في قبيلته) وهل تدل استجابة مسلم بن عوسجة للجاسوس دون حذر (1)
على صدق تقدير النظام الأموي لحقيقة العلاقة بين الموالي وبين الثورة؟
وهل تدل استجابة السيدة طوعة لطلب مسلم بن عقيل وإخفائه في
منزلها، بعد أن أعلمها بأن أهل الكوفة قد خذلوه، على أنها قد تصرفت
استجابة لموقف نفسي إيجابي من الثورة حال بينها وبين أن تفكر في
عواقب تصرفها؟
لا نملك أجوبة حاسمة على هذه التساؤلات، وإن كنا نرجح أن
الاعتبارات السياسية والاجتماعية في ذلك الحين تدعونا إلى تقديم أجوبة
موافقة وإيجابية.
فنحن نعلم أن الموالي كانوا على علاقة وثيقة بالامام علي بن أبي
طالب، ناشئة من سياسة الامام العادلة التي ساوتهم بغيرهم من المسلمين
وقد نقم بعض زعماء القبائل على هذه العلاقة، فقال الأشعث بن قيس

(1) تقدم ذكره في تعداد الشهداء، كان يأخذ البيعة للإمام الحسين، وكان أمينا على الأموال في
حركة مسلم بن عقيل في الكوفة.
192

للإمام علي: (يا أمير المؤمنين: غلبتنا هذه الحمراء على قربك) (1)
ومن المؤكد أن هؤلاء كانوا، في أيام يزيد بن معاوية، لا يزالون
يتذكرون أن حياتهم في السنين القليلة لخلافة الإمام علي بن أبي طالب
كانت أكثر رخاء واستقرارا وكرامة من حياتهم في ظل حكم معاوية بن أبي
سفيان الذي عاملهم نظامه باحتقار شديد، والذي كان يفضل أن يقتل
بطريقة ما نصفهم خشية من تزايد عددهم وما يستتبع هذا من مشكلات
سياسية (2).
ولا شك في أن طبيعة الأشياء في هذه الحالة بأن يغتنم الموالي أية
فرصة سانحة للخروج من وضعهم السئ الذي صاروا إليه بعد الإمام علي.
ولو لم يبادر عبيد الله بن زياد إلى القضاء على حركة مسلم بن عقيل
القصيرة الاجل، ولو أتيح للثورة أن تستمر أياما على الأقل قبل أن يقضي
عليها، لتكشف لنا دور الموالي بدرجة أوضح مما لدينا الآن، ولرأينا في
غالب الظن، أن وجودهم في الثورة كان أكثف مما يعكسه لنا ما بقي من
تاريخ الثورة. وأن مساهمتهم فيما كانت واسعة.
لقد كان العرب، قادتهم وأشرافهم، يتحركون نحو الثورة بدافع من
الحماس الديني والوعي عند القليل منهم، وبدافع من استعادة السلطان
من الشام، وإعادة الكوفة إلى مركزها القديم العظيم عند أكثريتهم

(1) الحمراء: هو الاسم القديم الذي أطلق على الفرس المسلمين، ثم أطلق على الروم
المسلمين.
(2) المبرد: الكامل: 2 / 62
193

وكان الموالي يتحركون نحو الثورة بدافع من الرغبة في تغيير واقعهم
السئ بواقع عاشوه في أيام الإمام علي، مع وجود قلة فيهم، يمثلها
الشهداء منهم، تحركت نحو الثورة بدافع من وعي صادق ومصيب لحقيقة
الاسلام، وإدراك لما يمثله النظام الأموي من انحرافات.
على أن ما حدث بعد ثورة الحسين بسنوات قليلة يكشف عن عمق
صلة الموالي واتساعها، فعندما نهض المختار بن أبي عبيد الثقفي (1) في
الكوفة رافعا شعارات حماية المستضعفين، والاخذ بثارات الحسين وأهل
البيت الآخرين، التف حوله العرب والموالي معا، وقد تخلت عنه بعد
ذلك الأكثرية العظمى من العرب لأنها رفضت سياسته المالية والاجتماعية
بالنسبة إلى الموالي، فإن هؤلاء الموالي قد ثبتوا معه إلى النهاية الأليمة
في وجه الحكم الزبيري الذي لم يكن أقل فظاظة وتمييزا بين الناس من
الحكم الأموي (2).
نستطيع أن نقول: إن الموالي في سنة ستين للهجرة كانوا في

(1) قاد أبوه معركة الجسر، عند البويب في النخيلة، التي خسرها المسلمون أمام تفوق الفرس،
وقتل في المعركة. كانت زوجة المختار عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري، قتلها
مصعب بن الزبير بعد القضاء على ثورة المختار. وكان للمختار بيت في الكوفة نزل فيه
مسلم بن عقيل، وكان له بالقرب من الكوفة ضيعة.
أعلن المختار ثورته في الكوفة صباح الأربعاء 13 ربيع الأول سنة 66 ه‍ (18 تشرين الأول -
أكتوبر سنة 675 م) وقضي على الثورة بقتل المختار في الكوفة مع فريق انتحاري من أصحابه
في يوم 14 رمضان سنة 67 ه‍ (3 نيسان - ابريل سنة 687 م) وكان عمر المختار حين قتل
سبعا وستين سنة.
(2) أرسل المختار - إلى المدينة - بالاتفاق مع عبد الله بن الزبير - جيشا قوامه ثلاثة آلاف كلهم من
الموالي تحت إمرة شرحبيل بن ورس الهمداني ليشتركوا في مقاومة أهل الشام، مع جيش ابن
الزبير المؤلف من ألفي جندي بقيادة عياش (عباس) بن سهل بن سعد الأنصاري. ولكن
عياشا هذا دبر للجيش الحليف - بالاتفاق مع عبد الله بن الزبير - مذبحة قضت عليه.
194

بدايات وعيهم لواقعهم السئ بالنسبة إلى ما يضمنه لهم الاسلام من مركز
كريم مساو لمركز الانسان العربي في الدولة الاسلامية، كما كانوا في
بدايات وعيهم لقدرتهم إذا أتيحت لهم قيادة تترجم آلامهم ومطامحهم إلى
أفعال. وقد أنضجت ثورة الحسين وعيهم لواقع حياتهم ولحقوقهم بحكم
كونهم مسلمين، كما أنضجت وعيهم لذاتهم باعتبارهم قوة كبرى في
المجتمع الاسلامي قادرة على التغيير.
وقد انطلقت ثورة المختار بن أبي عبيد الثقفي، فشهد المجتمع
الاسلامي العربي من خلالها قوة الموالي الجديدة تحارب بعنف من أجل
المبادئ النبيلة التي تؤمن بها القيادة الحاكمة على مستوى الشعارات،
ولا تأبه لها عند الممارسة اليومية لشؤون الحكم. وقد حاول المختار
مخلصا تطبيق الصيغة الاسلامية للمساواة بين العرب والموالي - وكان ذلك
في صالحه - ولكنه فشل بسبب تعصب زعماء القبائل وقصر نظرهم فاضطر
المختار إلى الاعتماد على الموالي مع قلة من العرب الواعين.
ومع أن هذا الانشطار الذي حل بجمهور الثورة في العراق بين
المسلمين العرب والمسلمين غير العرب قد هيأ الفرص أمام ابن الزبير
للقضاء على الثورة، إلا أنه منذ ذلك الحين بدا التغيير العميق الواسع
النطاق الذي بلغ ذروة تعاظمه في استيلاء العباسيين على الخلافة
الاسلامية
195

عرب الشمال وعرب الجنوب
يغلب على الثوار غير الهاشميين أنهم من اليمن، من عرب
الجنوب
وربما كان هذا مؤشرا إلى أن الذين بايعوا مسلم بن عقيل كان
أكثرهم من عرب الجنب. لقد كانوا - فيما يبدو - يمثلون القسم الأكبر من
جمهور الثورة.
ولعل من مؤشرات ذلك أن مسلم بن عقيل تحول - حين جاء
عبيد الله بن زياد إلى الكوفة من بيت المختار بن أبي عبيد الثقفي وهو من
مضر (عرب الشمال) إلى منزل أحد كبار زعماء عرب الجنوب في الكوفة
(عروة بن هاني المرادي).
ولعل من أعظم المؤشرات دلالة على ذلك أيضا أن عبيد الله بن زياد
حين أراد إلقاء القبض على مسلم بن عقيل بعد فشل حركته في الكوفة
اختار الجنود الذي أرسلهم لهذه المهمة من عرب الشمال، من قيس،
ولم يكن فيهم أحد من عرب الجنوب، من اليمن، على الاطلاق، وإن
196

كان قد جعل عليهم قائدا من اليمن، هو عبد الرحمن بن الأشعث (1).
وإذا كانت حركة مسلم بن عقيل، في الكوفة قد تميزت بهذه الظاهرة
اليمنية فإننا نلاحظ أمرا عظيم الدلالة بالنسبة إلى الإمام الحسين عندما
أعلن رفضه لبيعة يزيد بن معاوية في الحجاز.
فعندما عزم الحسين على الخروج من المدينة إلى مكة، ثم عندما
عزم على الخروج من مكة إلى العراق، وفي طريقه إلى العراق، تلقى
نصائح من رجال متنوعي العقلية والاتجاهات تجمع على أمر واحد هو أن
يتوجه الحسين - بدلا من العراق - إلى اليمن.
تلقى هذه النصيحة من أخيه محمد بن الحنفية عشية توجهه من
المدينة إلى مكة، فقال محمد بن الحنفية للحسين من جملة كلام:
(.. تخرج إلى مكة فإن اطمأنت بك الدار بها فذاك الذي نحب،
وإن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن، فإنهم أبصار جدك وأبيك
وأخيك، وهم أرق وأرأف قلوبا، وأوسع الناس بلادا، وأرجحهم
عقولا..) (2)
وتلقاها من عبد الله بن عباس في مكة، فقد قال له عبد الله في حوار
جرى بينهما:
(.. فإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن، فإن بها حصونا

(1) الطبري: 5 / 373
(2) الخوارزمي: مقتل الحسين: 1 / 187 - 188.
197

وشعابا، وهي أرض عريضة طويلة، ولابيك فيها شيعة، وأنت عن
الناس في عزلة) (1)
وتلقاها من الطرماح بن عدي الطائي وذلك حين لقيه في عذيب
الهجانات وقد جاء دليلا لأربعة نفر من أهل الكوفة لحقوا بالحسين بعد
مقتل مسلم بن عقيل: (2)
(.. فإن أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك
ويستبين لك ما أنت صانع، فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى
أجأ... فأسير معك حتى أنزلك القرية، ثم نبعث إلى الرجال ممن بأجأ
وسلمى من طئ، فوالله لا تأتي عليك عشرة أيام حتى تأتيك طي رجالا
وركبانا) (3).
بل إننا نجد هذه الظاهرة (اليمنية) تستمر إلى ما بعد كربلاء، وبعد
يزيد بن معاوية لتنشر ظلها على الاحداث.
فقد خلع أهل الكوفة - بعد موت يزيد بن معاوية - ولاية بني أمية
وإمارة ابن زياد، وأرادوا أن ينصبوا لهم أميرا إلى أن ينظروا في أمرهم:
(فقال جماعة: عمر بن سعد بن أبي وقاص يصلح لها، فلما هموا
بتأميره أقبل نساء من همدان وغيرهن من نساء كهلان والأنصار وربيعة
والنخع حتى دخلن المسجد الجامع صارخات باكيات معولات يندبن

(1) الطبري: 5 / 383 - 384، والخوارزمي: مقتل الحسين: 1 / 216
(2) الأربعة هم جابر بن الحارث (جنادة بن الحارث) السلماني، وعمرو بن خالد الصيداوي،
ومجمع بن عبد الله العائذي، وعائذ بن مجمع.
(3) الطبري: 5 / 405 - 406، والخوارزمي: مقتل الحسين: 1 / 238.
198

الحسين ويقلن أما رضي عمر بن سعد بقتل الحسين حتى أراد أن يكون
أميرا علينا على الكوفة، فبكى الناس، وأعرضوا عن عمر. وكان
المبرزات في ذلك نساء همدان) (3)
هذه الظاهرة (اليمنية) في الثورة الحسينية تدفعنا إلى الملاحظة
التالية، وهي: أن نسبة الزيادة في عرب الجنوب بالنسبة إلى عرب
الشمال في القوة الثائرة في كربلاء، وإن كانت محدودة جدا، فإنها، مع
ذلك، تصلح أن تكون علامة قيمة على أصالة الثورة الحسينية من الناحية
العقيدية والمبدئية، فمع أن معاوية منذ اكتشف أن مضر، منحرفة عنه،
أخذ يعتمد في دولته على العنصر اليمني، وكذلك من بعده ابنه يزيد،
وأمه يمنية من كلب، - مع هذا نجد أن نسبة عرب اليمن في الثورة أكبر
من نسبة عرب الشمال.
إن الثورة عمل سياسي، وقد كان من الطبيعي جدا أن يتم هذا
العمل السياسي وفقا لأصول العمل السياسي التي كانت سائدة في
المجتمع آنذاك، وذلك بأن تكون الثورة جمهورها من خلال منطق الصراع
القبلي، وأن تتعامل مع هذا الجمهور من خلال هذا المنطق، ولكن ما
حدث كان على خلاف ذلك، فقد تكون جمهور الثورة على مهل نتيجة لوعي
الواقع على ضوء المبدأ الاسلامي، وقد تعاملت الثورة مع هذا الجمهور من
خلال قناعاته العقيدية لا من خلال غرائزه القبلية.
هل يعني هذا أن عرب الشمال كانوا بعيدين عن الثورة؟ من المؤكد

(1) مروج الذهب: 3 / 93.
199

أن هذا الاستنتاج لا صحة له على الاطلاق، ومن المؤكد أن عرب
الشمال كانوا يكونون من جمهور الثورة عنصرا كبيرا، وإن كنا لا نستطيع
أن نجد في الثورة ظاهرة (مضرية) أو ظاهرة (عدنانية)، بل نلاحظ أن
بعض النصوص يشير إلى دور بارز قامت به بعض عناصر عرب الشمال،
وهم القيسيون، في مساندة السلطة لقمع الثورة الحسينية.
نذكر في هذا المجال بما تقدم من أن القوة التي قبضت على
مسلم بن عقيل كانت من قيس (1). وثمة نص شعري عظيم القيمة يضئ
الموقف القبلي، فهو يبين أن قيسا هي الغريم الأكبر مسؤولية في قتل
الحسين: قال سليمان بن قته المحاربي التابعي (2) من جملة شعر له في
رثاء الحسين:
وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقاب المسلمين فذلت
وعند غني قطرة من دمائنا سنجزيهم يوما بها حيث حلت
إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها * وتقتلنا قيس إذا النعل زلت (3)

(1) الطبري: 5 / 373، وجاء في النص (... وإنما كره (ابن زياد) أن يبعث معه (مع ابن
الأشعث) قومه (كنده) لأنه قد علم أن كل قوم يكرهون أن يصادف فيهم مثل ابن عقيل) وهذا
الاستنتاج من أبي مخنف يجعل اختيار الجنود من قيس ناشئا من عوامل إدارية محضة. ونلاحظ
أن شمر بن ذي الجوشن أحد أبرز رجال الأمويين في كربلاء - كان قيسيا.
(2) سليمان بن قته المحاربي من التابعين، مولى ل (تيم قريش)، المعارف - لابن قتيبة: 487 -
ومحارب قبيلة من فهر بن مالك بن النضر بن كنانة الذي تنتسب إليه قبائل قريش كلها. ومن
فهر: الضحاك بن قيس الفهري، زعيم القيسية في معركة مرج راهط ضد اليمنية بزعامة
مروان بن الحكم في الصراع على الخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية وانتهت المعركة
بهزيمة القيسية، التي بايعت عبد الله بن الزبير بعد ذلك، ومقتل الضحاك بن قيس الفهري.
(3) المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد): الكامل - تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاتة -
مطبعة نهضة مصر (غير مؤرخة) 1 / 223.
200

فالشاعر في رثائه للحسين يذكر قيسا (قيس عيلان بن مضر) ويذكر
غنيا (من غطفان، من قيس عيلان) ويحملهما مسؤولية مقتل الحسين،
ويهدد بالانتقام.
لقد كان ثوار كربلاء جمهورا صغيرا، بجناحيه من عرب الجنوب
وعرب الشمال، ولكنه كان يمثل النخبة، فيجب أن نلاحظ أن كثيرا من
الثائرين لا يمثلون - عدديا - أشخاصهم، أو أسرهم، وإنما يمثلون، فيما
وراء ذلك، جماعات كبرى من القبائل.
ولان الثوار يمثلون النخبة فقد كانوا قادرين على السيطرة على
الموقف لو قدر للثورة أن تنتصر وتمكنوا من الاستيلاء على الحكم، وكانوا
قادرين - إذا لم يتح لهم النصر - كما حدث في الواقع - أن يفجروا طوفانا
من الغضب ضد الحكم المنحرف في قلوب جماهير غفيرة الناس،
وأن يضعوهم على طريق الوعي الحقيقي، وأن يجعلوا منهم جمهورا
يغذي الثورات باستمرار، وهذا ما حدث في الواقع.
نقدر أن رجال النظام الأموي قد اكتشفوا هذه الحقيقة، وقرروا أن
يواجهوها.
وهذا هو ما يفسر لنا الأسلوب الذي اتبعوه في معالجة الثورة وسحقها
بشكل وحشي لا تدعو إليه ضرورة عسكرية، ولا تقضي به ضرورة
الامن.
فقد اتبعت طريقة شاذة وغير مألوفة في قتل عدد من شخصيات
الثائرين في الكوفة.
201

فقد ضربت عنق مسلم بن عقيل، ثم رمي به من أعلى القصر إلى
الأرض فتكسرت عظامه، وضربت عنق هاني بن عروة في السوق بعد أن
شد كتافا، ثم جرا بأرجلهما في سوق الكوفة (1).
وعبد الله بن بقطر رمي به من أعلى القصر فتكسرت عظامه، وبقي به
رمق فذبح (2).
وقيس بن مسهر الصيداوي أمر عبيد الله بن زياد أن يرمى به من فوق
القصر، فرمي به، فتقطع فمات (3).
وفيما بعد، اتبعت طريقة السحق الوحشي الذي لا يبقى ولا يذر
بالنسبة إلى جماعة الثوار الصغيرة في كربلاء. فمع أن العدد محدود للغاية
حشد له من القوة العسكرية عدد كبير جدا (4) ووضع العراق كله في حالة
تأهب قصوى، وحكم العراق كله حكما عرفيا. لقد أرادت السلطة أن
تحترز من وقوع أي خطأ يجعل أحدا من هذه العناصر القيادية الخطرة
يتسرب من قبضتها.
ثم كانت إجراءات قمع الثورة وسحقها تشتمل على تصرفات شاذة لا

(1) الطبري: 5 / 378 - 379 و 397: (... فرأيتهما يجران بأرجلهما في السوق).
(2) الطبري: 5 / 398.
(3) الطبري: 5 / 395.
(4) نعتقد أن عدد الجيش الأموي في كربلاء يتجاوز الأربعة آلاف، وهو العدد الذي يبدو مقبولا لدى
المؤرخين. فقد ورد على لسان الطرماح بن عدي في كلامه مع الحسين حين لقي الحسين في
عذيب الهجانات، قوله: (... وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم ظهر الكوفة وفيه
من الناس ما لم تر عيناي في صعيد واحد جمعا أكثر منه، فسألت عنهم، فقيل: اجتمعوا
ليعرضوا، ثم يسرحون إلى الحسين... الطبري: 5 / 406) وتذكر كتب المقتل عدة روايات
في عدد أفراد الجيش الأموي، أقر بها إلى تمثيل الحقيقة في نظرنا أن العدد يتراوح بين عشرين
وثلاثين ألفا.
202

تقضي بها أية ضرورة عسكرية. لقد حوصر الثائرون، وحيل بينهم وبين
أن تصل إليهم أية معونة، وعذبوا مع أطفالهم ونسائهم وحيواناتهم
بالعطش، ثم قتلوا، ثم رضت أجسادهم بحوافر الخيل، ثم قطعت
رؤوس العناصر البارزة في المجتمع الاسلامي من الثوار، ثم سبيت
نساؤهم، والهاشميات منهم بوجه خاص.
لماذا كل هذه الوحشية التي لا لزوم لها على الاطلاق؟
لقد أرادت السلطة أن تجعل هؤلاء الثائرين عبرة لغيرهم، وأرادت
أن تحدث تأثيرا نفسيا محطما في العناصر (الشاذة) في القبائل، لقد
أرادت أنت تحطم المناعة النفسية في البؤر الثورية في كل العرب، في
عرب اليمن - وهم الذين كبرت على السلطة ثورتهم وهم المقربون من
الدولة وأهل السلطان - وفي عرب الشمال.
إن الثائين لم يتصرفوا بروح قبيلة، ولا بعقلية قبلية، لقد تصرفوا
بوحي من عقيدتهم الاسلامية، وبذلك أفلتوا من الطوق الذي تستطيع
السلطة أن تقودهم به. ربما لم يكن في نية السلطة أن تقسو إلى هذا الحد
الوحشي (هذا إذا صدقنا بعض الروايات التي تتحدث عن أن عبيد الله بن
زياد قبل، لبعض الوقت، أن يفك الحصار، ويسمح للحسين وصحبه
بالتوجه إلى بعض البلاد، ويعود الامر شورى بين المسلمين وهي روايات
نشك في صحتها).
لقد تصرفت السلطة مع الثوار بوحشية تضرب بها الأمثال، فقد
اكتشفت أن الثورة اجتذبت بسهولة عناصر قيادية كان يجب أن تكون موالية
(زهير بن القين البجلي، وأمثاله)، لأنها من قمة الهرم الاجتماعي، من
203

((الاشراف) رؤساء القبائل، وأحس الزعماء القبليون التقليديون أن
سلطانهم على قبائلهم سيذهب إذا تعاظم هذا التيار وكتب له النصر،
فتعاونوا مع السلطة بإخلاص كبير، وحماس شديد، حفظا لمصالحهم في
السلطان والزعامة.
إن الأسلوب الذي اتبعته السلطة مع الثوار لم تدع إليه ضرورة
عسكرية، لقد كان عملا سياسيا يراد منه جعل الثائرين عبرة لغيرهم، وهو
يشبع - في الوقت نفسه - روح الانتقام والحقد.
204

هاشميون طالبيون وعباسيون
لقد فجر الثورة الهاشميون ما في ذلك شك، ولكن أي الهاشميين
فجرها؟
إن وقودها من بني هاشم كان من الطالبيين: من أبناء علي بن أبي
طالب، وجعفر بن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب. أما العباسيون،
أبناء العباس بن عبد المطلب، فلم يشترك منهم فيها أحد، ولا يذكر في
أحداثها، منذ بدأت إلى نهايتها في كربلاء، أحد من بني العباس، سوى
عبد الله بن عباس حين نصح للحسين بأن لا يخرج إلى العراق، ثم
كلامه، بعد خروج الحسين، مع عبد الله بن الزبير، هذا الكلام الذي
ربما يوحي بأن عبد الله بن عباس كان مغيظا - لا لان الحسين خرج إلى
مصير مفجع، وإنما لأنه، في مكة، كان بؤرة الاهتمام من المسلمين،
فكان وجوده حائلا دون ظهور سواه في الحجاز، فلما خرج خلا الجو لعبد
الله بن الزبير (1).

(1) (... ثم خرج ابن عباس من عنده (الحسين) فمر بعبد الله بن الزبير، فقال: قرت عينك يا ابن الزبير، ثم
قال: يا لك من قبرة بمعمر. خلا لك الجو فبيضي واصفري وانقري ما شئت أن تنقري.
هذا حسين يخرج إلى العراق، وعليك بالحجاز) الطبري: 5 / 384.
205

وبعد انتهاء الثورة لا يرد أي ذكر، أو لا يرد ذكر ذو أهمية، لاحد
من ولد العباس في التعليق على أحداث الثورة وشجبها.
وبعد الثورة قامت ضد النظام الأموي ثورات أشعلت الأرض في
العراق والحجاز وإيران قادها الهاشميون، وكانوا دائما طالبيين، ولم يكن
فيه عباسي واحد على الاطلاق.
كان العباسيون ينعمون بجوائز الخلفاء، وترف العيش، ويحترق
الطالبيون بنار الثورات.
ومع كثرة ما قام به الطالبيون وغيرهم من ثورات دامية فإنهم لم
يفلحوا في أن يستولوا على السلطة الكاملة من الأمويين، وأفلح في ذلك
العباسيون؟
لماذا؟
يبدو لنا أن العباسيين قرروا أن يعملوا لحسابهم الخاص في وقت
مبكر، ولم تكن علاقتهم بالعلويين منذ البداية إلا علاقة شكلية
وانتهازية (1). وقد رفضوا، لذلك، باستمرار منذ ثورة الحسين، أن
يساهموا بأي جهد يخدم العلويين في الوصول إلى السلطة، مستفيدين في
الوقت نفسه شعبية من كونهم هاشميين مضطهدين من قبل النظام،
مستفيدين من النظام من كونهم هاشميين لم يشاركوا أبناء عمهم في الثورة

(1) نذكر هنا استيلاء عبد الله بن عباس على بيت مال البصرة حين كان واليا عليها من قبل أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب، ونذكر انحياز أخيه عبيد الله بن عباس إلى معسكر معاوية استجابة
لاغرائه، وتركه للإمام الحسن بن علي مع أنه كان أحد كبار قادته.
206

عليه، موفرين قوتهم ليستخدموها لحسابهم الخاص.
وقد أفلح العباسيون أخيرا في الاستيلاء على السلطة مستغلين
عاملين:
الأول:
أنهم كما ذكرنا استفادوا نفوذا شعبيا من كل الثورات التي قام بها
الطالبيون وغيرهم، وحين تحركوا للدعوة إلى أنفسهم لم يفصح دعاتهم
عن هوية المدعو إليه، وإنما كانت الدعوة إلى الرضا من آل محمد، وكان
الناس يفهمون من هذا التعبير العام أن المدعو إليه رجل علوي لما يتمتع به
العلويون من حضور قوي في الذهنية العامة. وكان الدعاة والخواص
وحدهم يعرفون الهوية العباسية للمدعو إليه، وحين جاء الوقت المناسب
أعلنوا ما يقال من عهد أبي هاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب إلى
علي بن عبد الله بن عباس، وتحويله حقه في السلطة إلى علي هذا (1).

(1) الرواية الشائعة تاريخيا هي كما يلي: إن الفرقة الكيسانية كانت تعتقد بإمامة محمد بن الإمام علي بن أبي طالب (المعروف بابن الحنفية) وأن ولاء الكيسانية انتقل، بعد وفاة محمد بن
الحنفية، إلى ابنه أبي هاشم عبد الله بن محمد، وأن أبا هاشم كان فصيحا، يتمتع بقدرة كبيرة
على الاقناع، فاستدعاه سليمان بن عبد الملك إلى دمشق (أو أن أبا هاشم وفد عليه) فأكرمه
وأحسن إليه، ولكنه عزم على قتله لما أن خافه، فدس إليه من سمه وهو في طريقه إلى إقليم
الشراة سنة 18 ه‍.
ولما أحس أبو هاشم بالموت عرج إلى الحميمة (وهي قرية على مقرية على مقربة من العقبة) حيث كان يقيم
علي بن عبد الله بن عباس وابنه محمد، فأوصى إلى علي هدا وإلى أولاده بحقه في الإمامة،
وكشف لهم اسم داعي الدعاة (رئيس الدعاة) في الكوفة، ومن يليه من الدعاة في سائر
الأقطار، وسلمهم كتبا يقدمونها إلى هؤلاء الدعاة. وقد تم هذا في سنة 99 ه‍.
وبذلك انتقل الحق في الخلافة من العلويين إلى العباسين، وانتقل ولاء الكيسانية إلى هؤلاء أيضا
وقد اضطلح بأعباء الدعوة بعد وفاة علي بن عبد الله ابنه محمد بن علي العباسي الذي توفي سنة
125 - وفى عهده دخل أبو مسلم الخراساني في رجال الدعوة. وقد خلف محمد بن علي بن
عبد الله العباسي ابنه إبراهيم المعروف بالامام وهو الذي جعل أبا مسلم قائدا للدعوة في
خراسان. وقد قبض مروان بن محمد (الحمار) على إبراهيم في الحميمة وسجنه في حران
وتوفي سجينا. وكان قد عهد إلى أخيه - حين علم بمصيره - أبي العباس السفاح بالإمامة وأمره
بالرحيل مع أهله إلى الكوفة فذهبوا إليها حيث تلقاهم رئيس الدعاة أبو سلمة الخلال، وأنزلهم
في منزل سري، إلى أن أعلنت الدولة العباسية في 12 ربيع الأول سنة 132 ه‍ ببيعة أبي
العباس السفاح.
هذه الرواية موضع شك عندنا، فهي تثير أسئله لا يمكن الإجابة عليها، ابتداء بطبيعة العلاقة بين
محمد بن الحنفية وابنه أبي هاشم من جهة وبين الفرقة الكيسانية من جهة أخرى، والغريب أن
هذه الفرقة تفقد دورها الكبير في سير الاحداث بمجرد انجاز ما يدعى من تنازل أبي هاشم.
ولماذا لم يعهد أبو هاشم بأمره إلى أحد من أبناء علي، وما هي الاثباتات التي تجعل دعوى
العباسيين لهذا التنازل موضع ثقة؟.
207

الثاني:
إن العباسيين أباحوا لأنفسهم التعاون مع العناصر التي لم يجوز
العلويون لأنفسهم التعامل معها وهي عناصر الفرق المنحرفة عن الاسلام،
والفرق الإيرانية المشكوك في سلامة إسلامها. لقد كان العلويون يتعاونون
غالبا مع العناصر العربية والإيرانية ذات الاسلام الصافي، وكانت مواقفهم
ضد الجماعات المشكوك في سلامة إسلامها صلبة وواضحة ومبدئية،
الامر الذي حمل هذه الجماعات على أن تلتمس حلفاء آخرين، وجدتهم
في العباسيين.
وهنا يتضح لنا لماذا كان موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام منذ
الإمام زين العابدين علي بن الحسين موقفا سلبيا غالبا من الحركات الثورية
التي كان يقوم بها الحسنيون والحسينيون.
ويتضح لنا لماذا رفض الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق عرض أبي
208

سلمة الخلال كبير الدعاة العباسيين (1)، أن يسلمه السلطة بعد أن نضجت
الدعوة ضد الأمويين، وأعلن أبو مسلم الخراساني ثورته في خراسان (2)

(1) أبو سلمة الخلال (حفص بن سليمان) استخلفه بكير بن ماهان في رئاسة الدعاة في الكوفة
وكتب إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بذلك، فكتب محمد إلى أبي سلمة فولاه أمر
الدعوة بعد موت بكير بن ماهان.
وكان أبو سلمة مولى لبني الحارث بن كعب، وقد نشأ بالكوفة واتجر بالخل فلهذا لقب الخلال،
وكان يتمتع بقدرة على الاقناع، وموهبة إدارية مكنتاه من النجاح في عمله السري ضد
الأمويين.
ولما قتل إبراهيم بن محمد (الامام) في سجنه في حران، خاف أخواه (أبو جعفر (المنصور) وأبو
العباس (السفاح)) على أنفسهما فخرجا من الحميمة هاربين إلى العراق، ومعهما بعض
رجالات العباسيين فقدموا الكوفة، ونزلوا على أبي سلمة الخلال، فأخفاهما في دار أحد رجال
الشيعة في الكوفة.
وحين تمت البيعة لأبي العباس السفاح (ولى أبا سلمة الداعي جميع ما وراء بابه، وجعله وزيره،
وأسند إليه جميع أموره، فكان يسمى وزير آل محمد، فكان ينفذ الأمور من غير مؤامرة) ولكن
يبدو أن السفاح اكتشف تغير ميول أبي سلمة السياسية وميله إلى العلويين، وقد حرضه على قتله
أبو مسلم وأبو جعفر المنصور، وموقف السفاح من قتله غامض، إلا أنه لا شك في أن لبطانة
السفاح يدا كبرى في تدبير قتله على يد أبي مسلم الذي أرسل مروان الضبي، وكان أحد قواده،
وقال له: (انطلق إلى الكوفة، فأخرج أبا سلمة من عند الامام أبي العباس، فاضرب عنقه
وانصرف من ساعتك) ففعل الضبي ذلك، وقد فعل أبو مسلم ما فعله بناء على رغبة السفاح
وخاصته - الاخبار الطوال: 334 و 358 - 359 و 370 - وغيره. والمسعودي: مروج الذهب:
3 / 268 و 284.
(2) لا نعرف الدوافع التي حملت أبا سلمة الخلال على أن يحول ولاءه عن العباسيين إلى العلويين
قبيل إعلان الدولة العباسية. فحين لجأ أبو جعفر وأبو العباس إلى الكوفة أنزلهما أبو سلمة في
دار الوليد بن سعد ووكل بهما مساورا القصاب ويقطينا الابزاري وكانا من كبار الشيعة (شيعة
العباسيين؟؟) وعزلهما عن الناس، وكتب إلى الإمام جعفر الصادق، وعمر الأشرف بن الإمام
زين العابدين، وعبد الله المحض، وأمر رسوله (محمد بن عبد الرحمان بن أسلم) أن يلقى
الإمام الصادق، فإن أجابه أبطل الكتابين الآخرين. وإلا لقي عبد الله المحض، فإن أجابه وإلا
لقى عمرا الأشرف.
فقابل الرسول الامام جعفرا، وسلمه الكتاب فقال الامام (مالي ولأبي سلمة، وهو شيعة لغيري)
فقال الرسول اقرأ الكتاب، فقال الامام لخادمه: ادن السراج مني فأدناه، فوضع الكتاب على
النار حتى احترق، فقال الرسول: ألا تجيبه؟ فقال الامام قد رأيت الجواب، عرف صاحبك
بما رأيت، وقابل رسوله عبد المحض بن الإمام الحسن بن علي ففرح بكتاب أبي سلمة وجرى
بينه وبين الإمام الصادق حوار عاصف حين نهاه الامام عن الركون إلى دعوة أبي سلمة.
ابن قتيبة، الإمامة والسياسة: 2 / 152 - 153 و 155 - 156، والمسعودي: مروج الذهب
3 / 268 - 269 و 284 - 285.
بل إن ثمة اتهاما يوجه إلى أبي مسلم الخراساني نفسه بأنه حاول استدراج الإمام الصادق (ع) إلى
الموافقة على تحويل الدعوة إليه، فقد كتب إلى الامام بقوله: (اني قد أظهرت الكلمة،
ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فلا مزيد عليك) فكتب
إليه الامام (ما أنت من رجالي، ولا الزمان زماني) الملل والنحل:
209

لقد كان أئمة أهل البيت يدركون بوضوح تام أن القوى التي يعتمد
عليها العلويون قوى منهكة، لا تستطيع أن تقود حركة ثورية، في رقعة
جغرافية واسعة النطاق، إلى نهاية مظفرة، ومن ثم فإن حركة ثورية تعتمد
على هذه القوى محكوم عليها بالفشل الذي يتعداها ليكون نقمة تنزل بالأمة
كلها من قبل النظام الأموي.
وكانوا يدركون في مقابل ذلك أن العناصر المؤهلة للقيام بحركة
ثورية ناجحة هي عناصر غير إسلامية غالبا ولذا فلم يجوزوا لأنفسهم
التعامل معها، وإن كانوا لم يقفوا في وجه حركتها ذات القيادة العباسية،
فقد كان إسقاط النظام الأموي مطلبا تاريخيا وحضاريا لا يمكن الوقوف في
وجهه، وكانوا يدركون أن الاسلام سيذوب كل الجماعات المشبوهة من
حيث عقيدتها، ويدمجها في الأمة الاسلامية، دينا وحضارة.
لقد ثبت أئمة أهل البيت على موقفهم هذا في العهد العباسي،
وأمروا شيعتهم بتجنب المساهمة في هذا النشاط. وكانوا ينصحون بني
عمهم من العلويين بتجنب القيام بالثورات ذات المصير المحكوم عليه
بالفشل، دون أن يؤثروا فيهم.
210

الشبان والشيوخ
تدل بعض النصوص على أن هذا أو ذاك من شهداء الثورة الحسينية
كان من الشبان كالذي نستفيده بالنسبة إلى عبيد الله وعبد الله ابني يزيد
ومن أشبه حالهما، أو تدل على أنه كان من الشيوخ كالذي نستفيده بالنسبة
إلى الصحابة ومن عاصرهم كمسلم بن عوسجة وأنس بن الحارث الكاهلي
ومن أشبه حالهما. ولكننا لا نستطيع في هذه المرحلة من البحث أن
نحصل على رؤية كاملة وتفصيلية لحال كل واحد من الثوار في كربلاء من
حيث مرحلة العمر التي كان فيها عندما التزم بالثورة.
وهذه الصعوبة بالذات تواجهنا أيضا بالنسبة إلى جمهور الثورة الكبير
الذي بايع مسلم بن عقيل في الكوفة، فما نسبة الشيوخ فيه وما نسبة
الشبان؟.
إن نص أبي مخنف الذي يصور كيف تفرق الناس عن مسلم بن
عقيل حين بدأ تحركه في الكوفة بعد القبض على هاني بن عروة، وهو
قوله:
211

(.. إن المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول: انصرف، الناس
يكفونك، ويجئ الرجل إلى ابنه أو أخيه، فيقول: غدا يأتيك أهل
الشام، فأم تصنع بالحرب والشر..؟) (1).
إن هذا النص، وهو يصور هذا الموقف الانهزامي من تحرك مسلم
ابن عقيل، يوحي إلى الباحث المتأمل أن نسبة عالية من المقاتلين الذين
نهضوا مع مسلم بن عقيل كانوا من الشبان، ففيهم الأبناء والاخوة، وليس
فيهم الآباء والأزواج.
إننا نعترف بأن هذه الدلالة ليست قاطعة، ولكنها تجعلنا نميل إلى
ترجيح ما تقضي به طبيعة الأشياء، وهو أن إرادة التغيير غالبا ما توجد في
نفوس الشبان دون الشيوخ الذين يميل غالبهم إلى المحافظة، وإيثار حالة
الاستقرار. إلا أننا في حالتنا هذه (الثورة الحسينية) نواجه عاملا استثنائيا
يرجح أن تكون الاستجابات للثورة - في الكوفة بوجه خاص - قد حدثت
بنسبة عالية بين الشيوخ وكبار السن، فهؤلاء قد خبروا بأنفسهم أسلوب
الإمام علي عليه السلام في الحكم وسياسة الناس وتوزيع الأموال،
وخبروا من بعده بأنفسهم أيضا أسلوب معاوية في الحكم وسياسة الناس،
وسياسته في الأموال، ورأوا ما بينهما من فروق كبيرة، وهم، مع هذه
الخبرة المباشرة بهذين الأسلوبين في الحكم، يعرفون تجاوز معاوية لكثير
من أحكام الاسلام ووصاياه، فهم بحكم هذه الخبرة وهذه المعرفة
مؤهلون لان يفهموا ثورة الحسين، ويتجاوبوا معها أكثر من جيل الشبان
الذين لم يعرفوا إلا عهد معاوية، ولم يعانوا إلا وجها واحدا من التجربة هو

(1) الطبري 5 / 371.
212

سياسة معاوية فيهم، وفي بلدهم، ولا يعرفون من الوجه الآخر إلا
أقاصيص، وهم، بعد أقل وعيا لمبادئ الاسلام، وأقل صلة بها من
آبائهم.
ولكن ألا تكون رغبة الشيوخ الطبيعية في الدعة والهدوء أقوى من
وعيهم لضرورة التغيير نتيجة لتجربتهم مع علي ومع معاوية.
ثم من أين لنا أن نقول: إن هؤلاء الشيوخ أكثر وعيا من الجيل
الجديد لمبادئ الاسلام؟
إن غالب هؤلاء كانوا أعرابا نشأوا في البادية، وجاءت بهم الفتوح
إلى الأمصار الجديدة، وتولى تعليمهم هؤلاء الصحابة الذين كانوا
يرافقون الجيوش غازين ومعلمين، فجيل الشيوخ في سنة ستين للهجرة
يغلب عليه كونه على معرفة محدودة بالاسلام ومثله وأخلاقياته العالية - هذا
إذا استثنينا العبادات وما إليها -، أما جيل الشبان فقد نشأ في هذه الأمصار
في بيوت مسلمة، وكان يتلقى في الجمعات وفي حلق المساجد تعاليم
الاسلام فيتلقاها في أذهان ونفوس بريئة من رواسب الجاهلية إلى حد
بعيد - إلا ما اكتسبه من جيل الشيوخ - فهو أفضل إسلاما من آبائه بلا
شك، وهو لذلك أكثر قدرة على وعي المبررات الاسلامية لثورة
الحسين، وهو أكثر قدرة على الرفض وعلى الحسم، ومن ثم فهو مؤهل
لان يكون جمهور الثورة.
إننا نرجح أن يكون عنصر الشبان في الثوار هو العنصر الغالب.
والمسألة، بعد، بحاجة إلى درس أوفى على ضوء النصوص الأساسية
والمساعدة، إن وجدت
213

الكوفة والبصرة والحجاز
ليس لدينا إحصاء نعرف منه بصورة دقيقة توزيع رجال الثورة على
المواطن الثلاثة (الكوفة، والبصرة، والحجاز) فلم تشتمل روايات
المؤرخين على ما يدل على المواطن إلا بالنسبة إلى رجال قليلين من
الثوار. ولكننا مع ذلك نستطيع أن نرجح أن غالبية الثائرين كانت من
الكوفيين، وكان الباقون من الحجاز والبصرة. فقد كانت الكوفة هي
البؤرة الثورية في العالم الاسلامي، فيها - بعد وفاة معاوية - طرحت فكرة
تغيير النظام ونوقشت على نطاق واسع، وفيها عقدت الاجتماعات التي
تخطط للتغيير، ومنها انطلق الرسل إلى الحسين يحملون كتب الكوفيين
تدعوه إلى أن يتزعم الحركة الجديدة، وكا الذين بايعوا مسلما من
الكوفيين - كل هذه الاعتبارات تدعونا إلى الاعتقاد بأن العدد الأكبر من
الثائرين كان من الكوفيين.
لقد تميزت الكوفة دائما بأنها أكثر الأمصار ثورية واندفاعا، بينما
غلب على البصرة التحفظ والحذر، واتسم الحجاز بالرغبة في الدعة والسلام.
214

ولذا فإننا نرجح أن أكثر من شارك في ثورة كربلاء من الحجازيين
غير الهاشميين - كان من موالي بني هاشم.
لقد خرج الحسين من الحجاز ثائرا على حكم يعرف الجميع
ضرورة الثورة عليه، ومع ذلك لم يخرج معه أحد، ولم يثر خروجه أي
حماس أو اندفاع.
وقد وجه الحسين نداء الثورة إلى أعيان البصرة ورؤسائها (رؤوس
الأخماس) والاشراف... فكل من قرأ ذلك الكتاب من اشراف الناس
كتمه، غير المنذر بن الجارود، فإنه خشي - بزعمه أن يكون دسيسا من
قبل عبيد الله، فجاءه بالرسول من العشية التي يريد صبحيتها أن يسبق إلى
الكوفة وأقرأه كتابه، فقدم الرسول فضرب عنقه... (1)
كان هذا موقف قيادات البصرة من الثورة. وإذا كان هذا الموقف
يبدو طبيعيا إلى حد كبير من رجال لا يريدون أن يفرطوا بمراكزهم في
الدولة والمجتمع فإن الامر يبدو أدعى إلى الدهشة حين نلاحظ موقف
الشيعة البصريين كما يبدو من خلال النص التالي الذي نقله الطبري عن
أبي المخارق الراسبي، قال: (اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منزل
امرأة من عبد القيس يقال لها مارية ابنة سعد - أو منقذ - أياما، وكانت
تشيع، وكان منزلها لهم مألفا يتحدثون فيه، وقد بلغ ابن زياد اقبال
الحسين، فكتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر ويأخذ بالطريق،
قال: فأجمع يزيد بن نبيط الخروج، وهو من عبد القيس، إلى
الحسين، وكان له بنون عشرة فقال أيكم يخرج معي؟ فانتدب معه ابنان

(1) الطبري: 5 / 357 - 358.
215

له: عبيد الله وعبد الله، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة: إني قد
أزمعت على الخروج وأنا خارج، فقالوا له: إنا نخاف عليك أصحاب ابن
زياد..) (1)
وسنذكر صورة أخرى عن موقف زعماء البصرة من الشيعة في فصل
آخر.
من أين جاء هذا الموقف الحذر عند البصريين، والذي يتسم
باللا مبالاة عند الحجازيين، في مقابل موقف الكوفيين الواضح،
المندفع؟
هل يكون الجواب أن الحجاز بعد أن لم يعد مركزا للخلافة
الاسلامية لم يعد يهتم بالنشاط الذي يدور حولها وهي، على كل حال،
ستكون في الشام أو في العراق، هذا مضافا إلى سياسة معاوية التي
جعلت النخبة الحجازية من قريش وغيرها تغرق في الترف واللهو الذين
جعلاها تحاذر من أي نشاط يعرض ترفها للزوال ولهوها للكدر؟
وأن البصريين، وهم طالما تنازعوا مع قبائل الكوفة حول من له حق
جباية الخراج من كورة كذا أو كورة كذا (2) لم يتحمسوا للمشاركة في ثورة

(1) الطبري: 5 / 353 - 354.
(2) كثيرا ما كان يحدث نزاع بين أهل الكوفة وأهل البصرة حول: أي المدينتين أحق بخراج بلد من
البلاد المفتوحة. مثلا في سنة 22 ه‍ كتب عمر بن سراقة - وإلى البصرة - إلى عمر بن الخطاب
يذكر له كثرة أهل البصرة وعجز خراجهم عنهم ويسأله أن يزيدهم أحد الماهين أو ما سبذان.
وبلغ ذلك أهل الكوفة، فقالوا لعمار بن ياسر - وكان واليا على الكوفة: أكتب لنا إلى عمر ان
رامهرمز وايذج لنا دونهم، لم يعينونا عليهما بشئ، ولم يلحقوا بنا حتى افتتحناهما.. وكانت
خصومة بين المدينتين أنهاهما عمر بن الخطاب - الطبري: 4 / 160 - 162
وقد تكررت هذه الخصومات بين الكوفة والبصرة كثيرا، وعرض لها الطبري في أكثر من موضع من
تاريخه.
216

سيؤدي نجاحها إلى تعزيز مركز الكوفة، أما إخفاقها فسيجلب الخراب
إلى المدينتين؟
وإذا لم يكن الجواب في تفاوت الهموم السياسية والاقتصادية لهاتين
المدينتين، فهل نجده في المناخ الثقافي؟
هل كان المناخ الثقافي للكوفيين يجعلهم أكثر ادراكا ووعيا
للانحرافات عند الحاكمين، وأكثر رغبة في التغيير من الحجازيين
والبصريين الذين كانوا أكثر محافظة من الكوفيين.
يبدو أن معاوية بن أبي سفيان قد أدرك هذه الحقيقة، أدرك هذه
الروح الثورية، ولكنه أدركها في العراق، وليس في الكوفة وحدها، فقال
في وصيته لابنه يزيد: (وانظر أهل العراق، فإن سألوك أن تعزل عنهم
كل يوم عاملا فافعل، فإن عزل عامل أحب إلي من أن تشهر عليك مائة
ألف سيف) (1).
أيكون العراق في وصية معاوية هو الكوفة؟ هذا ما نرجحه (2).
وإذا لم يكن الجواب في الانتماء الثقافي فهل يكون في التاريخ
القريب الذي يحمل البصريون صورته الدامية في معركة الجمل حين قمع
الكوفيون بقيادة الإمام علي تمرد البصريين على بيعة الامام بقيادة طلحة
والزبير وأم المؤمنين عائشة؟.
وأخيرا هل يكون الجواب في الانتماء القبلي للسكان في المدينتين.

(1) الطبري: 5 / 323.
(2) قال عمر بن الخطاب: (العراق بها كنز الايمان، وهم رمح الله، يجزون ثغورهم ويكفون
الأمصار) وهو يعني الكوفة. لاحظ ابن سعد: الطبقات 6 / 1 وما بعدها.
217

نحن نعلم أن معظم سكان البصرة كان من ربيعة ومضر، من عرب
الشمال، وأن معظم سكان الكوفة من قبائل اليمن، من عرب
الجنوب (1). وقد رأينا في فصل سابق أن عرب الجنون يكونون العدد
الأكبر من ثوار كربلاء.
نرجح أن تكون جميع هذه العوامل قد اشتركت في صياغة موقف
البصريين من الثورة.
لقد كان زعماء البصرة يفكرون بلا شك في مركزهم في الدولة
والمجتمع. وطالما تنازع البصريون مع الكوفيين حول حق الفتح لهذا
البلد أو ذاك. وكانوا يفكرون بأن أي نجاح للثورة فإنما هو نجاح للكوفة
التي ستكون قاعدة الدولة. وكان الكوفيون أكثر وعيا لضرورة التغيير نتيجة
للثقافة التي نشأوا في ظلها في عهد الإمام علي ونتيجة لشعورهم بالتقصير
في القيام بواجبهم في الدفاع عن حكومة الإمام علي ونهجه السياسي،
هذا التقصير الذي أدى إلى انتصار معاوية وانتقامه من الكوفة (وهنا نلاحظ
أن كثرة عرب الجنوب في الثورة تعود إلى كونهم أكثر وعيا - بسبب كونهم
في الكوفة، كانوا أكثر اتصالا بالامام وتأثرا بافكاره وتعاليمه لا إلى أسباب
تتصل بالعوامل القبلية) وكان جمهور القبائل البصرية التي اشتركت في
معركة الجمل ضد الإمام علي يذكره قتلاه، ويتجاوب مع مشاعره التي
تبعثها هذه الذكرى.

(1) حسن إبراهيم حسن: تاريخ الاسلام 1 / 517 و 518. وكانت الكوفة دائما هي التي تحسم أي
موقف سياسي. فأهل الكوفة هم (رأس العرب، جمجمة العرب، جمجمة الاسلام، قبة
الاسلام، كان عمر يبدأ بأهل الكوفة، وبها بيوتات العرب كلها وليست بالبصرة) لاحظ
الطبقات 6 / 1 - 6.
218

درجة الحالة الثورية
كانت توجد في سنة ستين حالة ثورية في المجتمع الاسلامي في
العراق والحجاز وإيران.
هذا ما لا شك فيه.
لقد كان ثمة سخط عارم على الأوضاع، وكان ثمة توق إلى التغيير.
وكانت المواقف والظواهر التي تعبر عن هذه الحالة الثورية كثيرة،
وكانت أظهر ما تكون في العراق والحجاز. ففي مكة والمدينة والكوفة
كانت الإدارة الرسمية عاجزة عن السيطرة على الشخصيات البارزة في
المجتمع، وحديث الناس غير المتحفظ عن ضرورة الخروج وتصحيح
الأوضاع، والاستجابة السريعة الكثيفة التي حصل عليها مسلم بن عقيل
حين جاء إلى الكوفة، واضطرار السلطة الرسمية إلى اتخاذ أشد اجراءات
الحيطة والحذر والاحتراز. كل هذا يدل على وجود حالة ثورية.
ولكنها كانت حالة ثورية في جهاز نفسي مشلول. إنها، فيما
219

يبدو، كانت حالة إدراك عقلي لضرورة التغيير وإدراك لبؤس الواقع، لم
يبلغ درجة الشعور النفسي المحرك.
يدل على هذا الشلل النفسي في الكوفة قدرة عبيد الله بن زياد على
أن يسيطر على الأوضاع في الكوفة بسهولة مثيرة الدهشة، مع أن الكوفة
كانت إلى حين وصوله إليها من البصرة بؤرة التحرك الثوري، وما رافق
ذلك من سرعة انكفاء الناس عن مسلم بن عقيل بعد أن بدأ تحركه ضد
عبيد الله حين قبض على هاني بن عروة، ففي خلال ساعات تخلى الثوار
الذين بايعوا مسلما عن قائدهم وعن التزامهم الشرعي والأدبي، فلحق
قسم منهم بالسلطة وأعلن ولاءه للنظام، وحيد آخرون أنفسهم.
ولم تكن روح الثورة، فيما يبدو، شاملة في مجتمع الكوفة، فكثير
من الأسر كانت مواقف أفرادها متباينة، يدلنا على ذلك نص لأبي مخنف
يصور كيف تفرق الناس عن مسلم بن عقيل بعد أن أعلن الاشراف، من
على شرفات قصر الامارة، تهديدات النظام الأموي:
(إن المرأة كانت تأتي ابنها وأخاها فتقول: انصرف الناس يكفونك،
ويجئ الرجل إلى ابنه وأخيه فيقول: غدا يأتيك أهل الشام...) (1)
إن روح التواكل: (الناس يكفونك) والاستجابة لها من قبل
الثوار، وروح الخوف: (غدا يأتيك أهل الشام) والاستجابة لها من قبل
الثوار... إن هذه وتلك لا تدلان على حالة ثورية سليمة، فإن أسر
الواقع، والرغبة في الدعة ولين الحياة، والمحافظة على وتيرة العيش
الهنية. كل أولئك كان يعطل الروح الثورية، ويحول بينها وبين أن تعمل

(1) الطبري: 5 / 371.
220

عملها. ولقد وجدت روح الخوف وروح التواكل أرضية نفسية صالحة
لهما فأثرتا أثرهما بسرعة قياسية.
ومن أدلة هذا الشلل النفسي في البصرة، ما يصوره النص التالي
عن عيسى بن يزيد الكناني، قال:
(لما جاء كتاب يزيد إلى عبيد الله بن زياد (بشأن ولايته على
الكوفة) انتخب من أهل البصرة خمسمائة فيهم: عبد الله بن الحارث بن
نوفل، وشريك بن الأعور - وكان شيعة لعلي - فكان أول من سقط
بالناس شريك، يقال: إنه تساقط غمرة، ومعه ناس. ثم سقط عبد
الله بن الحارث وسقط معه ناس، ورجوا أن يلوي عليهم عبيد الله ويسبقه
الحسين إلى الكوفة) (1).
فهؤلاء الذين أظهروا العجز عن متابعة السير الحثيث، رجاء أن
يتأخر بسببهم عبيد الله بن زياد، فيسبقه الحسين إلى الكوفة، فيتم أمره،
فلا يتمكن عبيد الله من استثمار حالة الفراغ في السلطة وغياب القائد
الاعلى للثورة، هؤلاء كانوا، ولا شك في حالة شلل نفسي: إنهم
راغبون في التغيير ساخطون على وضعهم، ولكنهم لا يريدون أن يغيروا
بأنفسهم وإنما يريدون أن يتم التغيير بجهد غيرهم. وإلا فلماذا هذا
الأسلوب الملتوي في الاحتيال لتأخير عبيد الله بن زياد عن متابعة سيره
الحثيث إلى الكوفة؟ لقد كانوا، وهم زعماء البصرة، قادرين على أن
يؤخروا عبيد الله أياما في البصرة بإثارة شغب خفيف فيها، بل كانوا قادرين
على قتله إذا أرادوا لو أن روحهم الثورية كانت في جهاز نفسي سليم.

(1) الطبري: 5 / 359.
221

ولكنهم كانوا - كما قلنا - يعانون من شلل نفسي يعطل ثوريتهم عن العمل.
ومن أدلة هذا الشلل النفسي الذي يدفع إلى الالتواء في مواجهة
الاحداث، ويمنع عن الحزم والحسم في إنجاز المهمات محاولة شريك
بن الأعور - الزعيم البصري الشيعي الكبير - أن يحمل مسلما على اغتيال
عبيد الله بن زياد عندما يعود شريكا في مرضه واعدا مسلما بقوله: (فإن
برئت من وجعي هذا أيامي هذه سرت إلى البصرة وكفيتك أمرها) (1)،
كأن نجاح الثورات ينتظر شفاء قادتها من أمراضهم - ومسلم في مركزه
المعنوي هو الزعيم والقائد - وقد كان شريك يستطيع أن يوكل هذه المهمة
إلى أي رجل آخر.
ومن أدلة هذا الشلل النفسي في الحجاز وغيره هذه النصائح الكثيرة
التي تلقاها الحسين بألا يخرج، وهي تجمع على أن خروجه مشروع،
ولكنها تنهاه عن مواجهة بني أمية، وتنصحه بالتوجه إلى مكان غير بؤرة
الثورة في العراق.
ونضيف هنا إلى النصائح التي قدمناها في فصل سابق نصيحة عبد
الله بن مطيع العدوي له بألا يعرض لبني أمية: (أذكرك الله يا ابن رسول
الله وحرمة الاسلام أن تنتهك، أنشدك الله في حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله
أنشدك الله في حرمة العرب، فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني أمية
ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحد أبدا. والله إنها لحرمة الاسلام
تنتهك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل، ولا تأت الكوفة، ولا
تعرض لبني أمية) (2) هذا الكلام المشحون بالانفعال والتوتر والخوف

(1) الطبري: 5 / 363.
(2) الطبري: 5 / 395 - 396.
222

يكشف عن إيمان بعدالة القضية وخوف من عواقب الالتزام بها والعمل من
أجلها، ويبدو أن عبد الله بن مطيع كان قد لقي الحسين قبل ذلك حين
خرج من المدينة، فنصحه قائلا: (الزم الحرم، فإنك سيد العرب لا
يعدل بك والله أهل الحجاز أحدا، ويتداعى إليك الناس من كل جانب،
لا تفارق الحرم فداك عمي وخالي، فوالله لئن هلكت لنسترقن بعدك) (1)
إن هذه النصيحة - كسابقتها - تكشف عن إيمانه بضرورة التغيير دون التزام
بأعبائه، وإلا فلماذا الخوف من أن يسترقوا بعده؟
لقد كانت الحالة الثورية موجودة، ولكنها كانت في درجة متدنية
بسبب الشلل النفسي الذي كان سائدا لدى الناس الراغبين في التغيير
المدركين لبؤس الواقع، ولذلك فقد كانت الحالة الثورية بحاجة إلى
محرض كبير وعنيف ينقلها من كونها حالة عقلية تأملية إلى درجة عالية من
التوتر تجعلها حالة نفسية شعورية قادرة على تحريك الانسان نحو العمل
من أجل تغيير واقعه بالنضال لا بالتمنيات وانتظار أفعال الآخرين، وقد
تحققت هذه النقلة بثورة الحسين، فتحولت الجماهير المترددة والمشلولة
إلى جماهير ثائرة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، بحيث دفعت بالكثير إلى
أعمال إنتحارية كالذي حدث بالنسبة إلى التوابين في معركة عين
الوردة (2).

(1) 351.
(2) معركة عين الوردة (رأس العين) قام بها (التوابون) بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي، وكان
عددهم أربعة آلاف، ضد عبيد الله بن زياد الذي قدم بجيش كبير من أهل الشام ليعيد العراق
إلى السلطة الأموية التي نصبت مروان بن الحكم خليفة. وقد ابتدأت المعركة في يوم الأربعاء
الثاني والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 65 ه‍ (يوم الأربعاء 4 كانون الثاني سنة 685 م).
223

ويصور لنا حديث أيوب بن مشرح الخيواني مع أبي الوداك روح
الندم العميق الأليم الذي كان يعمر القلوب والنفوس لدى الطبقات الشعبية
بعد ثورة كربلاء (لاحظ الطبري: 5 / 437)
كما أن الروح الثورية الجديدة بلغت حدا من التوتر بحيث وضعت
كل من شارك في كربلاء خارج المجتمع، وخارج حماية الأعراف
والقوانين، وكانت دائما ملهما وحافزا على القيام بالثورات.
224

الدلالة السياسية لقطع الرؤوس
قطع رأس الميت، قتيلا كان أو ميتا حتف أنفه، من المثلة.
ومن الثابت في الشريعة الاسلامية النهي عن التمثيل بالمسلم،
وتحريمه، لا نعرف مخالفا في ذلك على الاطلاق.
بل إن من الثابت النهي عن المثلة حتى بالنسبة إلى الكافر وقد ثبت
عن رسول الله صلى الله عليه وآله النهي عن ذلك. ولم يحدث في حياته صلى الله عليه وآله،
على كثرة ما خاض من حروب ضد المشركين، أنه أذن أو رضي بشئ من
ذلك، ولم يعرف عن الخلفاء من بعده أنه حدث في عهودهم شئ من
ذلك على كثرة ما خاض المسلمون من حروب ضد الفرس وضد الروم،
إلا ما كان في عهد أبي بكر حين عدا خالد بن الوليد على مالك بن نويرة
وقومه فقتلهم بزعم أنهم مرتدون فقد قطعت رؤوس القتلى (1) وقد أثار

(1) كان مالك بن نويرة من أكثر الناس شعرا، وإن أهل العسكر (عسكر خالد بن الوليد) أثفوا
برؤوسهم القدور (جعلوا رؤوسهم أثا في للقدور وأشعلوا تحتها النار للطبخ) فما منهم رأس إلا
وصلت النار إلى بشرته ما خلا مالكا، فإن القدر نضجت وما نضج رأسه من كثرة شعره)
الطبري: 3 / 279.
225

تصرف خالد بن الوليد استنكارا واسع النطاق في صفوف المسلمين.
ولم يحدث بالنسبة إلى الإمام علي بن أبي طالب في حروبه كلها أن
حمل إليه رأس أو أمر بقطع رأس أحد، أو رضي فعل ذلك.
نعم حدث في حروراء حين أوقع الامام بالخوارج أنه أمر بقطع يد
المخدج (نافع المخدج)، وقال: (سيماه أن يده كالثدي، فيها شعرات
كشارب السنور، إيتوني بيده المخدجة، فأتوه بها فنصبها) (1).
وهذه الواقعة من دلائل النبوة، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله عن الخوارج
وأن (آيتهم رجل إحدى يديه - أو قال ثدييه - مثل ثدي المرأة...) وقد
روى الحديث في شأنهم وممن روى ذلك البخاري في كتابه (2)، ويبدو أن
الامام عليا أمر بنصب يده لاظهار صدق خبر النبي صلى الله عليه وآله ولينزع الريب
من قلوب بعض أصحابه الذين تساءلوا عن سلامة موقفهم، وقد قتلوا قوما
يظهرون الاسلام فأراهم بنصب يد المخدج لهم أنهم قاتلوا القوم الذين
أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقراره بنصب يد المخدج قرار سياسي لتأكيد
معنى ديني يتصل بصدق رسول الله صلى الله عليه وآله.

(1) (... فلما كان يوم النهر قال علي: اطلبوا المخدج، فطلبوه فلم يجدوه حتى ساء ذلك عليا،
وحتى قال رجل لا والله يا أمير المؤمنين ما هو فيهم. فقال علي: والله ما كذبت ولا كذبت،
فجاء رجال فقال: قد أصبناه يا أمير المؤمنين فخر علي ساجدا، وكان إذا أتاه ما يسر به من
الفتوح سجد، وقال لو أعلم شيئا أفضل منه لفعلته، ثم قال: سيماه أن يده كالثدي فيها
شعرات كشعرات السنور، إيتوني بيده المخدجة، فأتوه بها. فنصبها) المبرد: الكامل
3 / 221، والطبري: 5 / 91 - 92.
(2) ذكر ذلك في باب من ترك قتال الخوارج للتألف. من كتاب استتابة المرتدين والمعاندين
وقتالهم. وذكره غيره.
226

يظهر مما تقدم أن الاسلام لا يشجع على قطع رأس العدو الكافر
المحارب، فضلا عن قطع رأس المسلم ونقله من بدل إلى بلد.
وقد انتهك الأمويون هذا الحكم الشرعي الواضح، ولا نعرف من
أين اقتبس الأمويون هذا الأسلوب في معاملة قتلاهم فلعله من آثار عقليتهم
الجاهلية التي لم تزايلهم في يوم من الأيام، أو لعلهم اقتبسوه من الأمم
الأجنبية وخاصة الروم الذين قلدوهم في طريقة حياتهم.
وأول انتهاك نعرفه مارسه عامل معاوية بن أبي سفيان على الموصل
وهو عبد الرحمان بن عبد الله بن عثمان الثقفي، الذي ألقى القبض على
عمرو بن الحمق الخزاعي (1) - بعد مطاردة طويلة - وقتله، وقطع رأسه،
وبعث به إلى معاوية (فكان رأسه أول رأس حمل في الاسلام) (2) وسنرى
أن هذه الأولية ستذكر صفة لرأس الحسين أيضا مما يدل على أن خبر قطع
رأس عمرو وقتله لم ينتشر بين المسلمين على نطاق واسع.
وفي ثورة الحسين ارتكب الأمويون وأعوانهم جريمة قطع الرؤوس
ونقلها على نطاق واسع.
فقد أمر عبيد الله بن زياد بقطع رأس مسلم بن عقيل ورأس هاني بن

(1) من خزاعة (اليمن، عرب الجنوب) بايع رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع،
وصحبه، وروي عنه. سكن في الكوفة، وكان من أشرافها البارزين، كان من شيعة الإمام علي بن أبي طالب وشهد معه حروبه. وكان من أبرز أصحاب حجر بن عدي الكندي، استشهد
في سنة 51 ه‍
(2) أبو الفرج الأصفهاني. الأغاني ج 17 / ص 144 (طبعة الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر)
تحقيق: محمد علي البجاوي بإشراف محمد أبو الفضل إبراهيم - 1389 ه‍ - 1970 م.
وطبقات ابن سعد (ط ليدن - أوفست) ج 6 / 15، والمعارف لابن قتيبة: 291 - 292 وقال:
إن رأس عمرو بن الحمق حمل من الموصل إلى زياد بن سمية وبعثه زياد إلى معاوية. ولاحظ
أيضا ص: 554.
227

عروة بعد قتلهما، وبعث بهما إلى يزيد بن معاوية في الشام، وكتب
إليه: (... وأمكن الله منهما، فقد متهما فضربت أعناقهما، وقد بعثت
إليك برؤوسهما) (1).
وكان ابن زياد قد قتل في الكوفة من رجال الثورة: قيس بن مسهر
الصيداوي (2) وعبد الله بن بقطر (3)، وعبد الاعلى الكلبي، وعمارة بن
صلخب الأزدي (4)، فلم يبعث إلى يزيد بن معاوية من بين من قتلهم إلا
رأسي هاني بن عروة ومسلم بن عقيل.
بعد القضاء على الثائرين في كربلاء قطعت رؤوس عدد كبير من
الشهداء، وحملت إلى الكوفة إلى عبيد الله بن زياد، ثم أرسلها إلى
الشام إلى يزيد بن معاوية، وكان نقلها يتم بصورة استعراضية لتتاح
مشاهدتها لأكبر عدد من الناس في الطرق والمدن التي يمر بها حملة
الرؤوس.
وهنا نلاحظ أن ما قطع وحمل من الرؤوس لا يتجاوز الثماني
وسبعين رأسا، وربما لم يزد على سبعين رأسا، مع أن عدد الشهداء
يتجاوز عشرين ومئة شهيد.
وهنا نتسأل:

(1) الطبري: 5 / 380.
(2) الطبري: 5 / 395.
(3) الطبري: 5 / 398.
(4) الطبري: 5 / 379.
228

لماذا قطعت الرؤوس؟ وهل تم ذلك بمبادرة من عمر بن سعد
وضباطه أو أنه تم بناء على أوامر من ابن زياد؟ وما المبدأ الذي اتبع في
قطعها؟ ولماذا لم تقطع جميع الرؤوس، فلم يقطع إلا رأسا مسلم بن
عقيل وهاني بن عروة في الكوفة، ولم يقطع إلا سبعون رأسا أو ما يزيد
قليلا على هذا العدد من رؤوس الشهداء في كربلاء؟ هل قطع الرؤوس
إجراء إنتقامي محض أو أنه عمل سياسي ذو صفة إنتقامية؟
يمكن أن يكون عمر بن سعد قد أقدم على اتخاذ هذا القرار بقطع
رؤوس الشهداء من عند نفسه رجاء أن يزيد خطوة عند عبيد الله بن زياد
بعد أن فهم بوضوح الرغبة الشريرة عند عبيد الله بالمضي في الانتقام إلى
آخر ما يمكن تصوره من إجراءات، ولكننا نرجح - استنادا إلى ما نعرفه من
شخصية عمر بن سعد الذليلة الحقيرة المهتزة - أن هذا الاجراء لم يتم
بمبادرة منه، ونرجح أنه قد تلقى أمرا بذلك من عبيد الله بن زياد. ويعزز
هذا الرأي أن قطع رؤوس القتلى من المسلمين كان في ذلك الحين
عنصرا جديدا تماما في الثقافة الاسلامية، ولم يمارس قبل كربلاء إلا من
قبل والي معاوية بن أبي سفيان على الموصل حين قطع رأس عمرو بن
الحمق الخزاعي كما قدمنا آنفا، ومما يشعر بجدة هذا العنصر في الثقافة
الاسلامية في ذلك الحين ما ورد في أحد نصوص الطبري عن زر بن
حبيش: (أول رأس رفع على خشبة رأس الحسين رضي الله عنه وصلى
الله على روحه) (1).
ما تقدم يرجح أن عمر بن سعد نفذ أمرا تلقاه، ولم يقطع الرؤوس
بمبادرة منه، وإن كنا لا نجد في نصوص الموضوع نصا بهذا الشأن.

(1) الطبري: 5 / 394.
229

فالكتاب الذي وجهه عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد مع شمر بن ذي
الجوشن يتضمن أمره لعمر بأن يدعو الحسين وأصحابه إلى الاستسلام،
فأن أبوا: (فازحف إليهم حتى تقتلهم، وتمثل بهم، فإنهم لذلك
مستحقون، فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره، فإنه عاق
مشاق، قاطع ظلوم، وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا،
ولكن علي قول: لو قد قتلته فعلت به هذا...) (1).
فالكتاب يتضمن الامر بالتمثيل، ويتضمن الامر برض صدر الحسين
وظهره بحوافر الخيل.
وقد نفذ الأمر الثاني بدقة بناء على أوامره مباشرة وصريحة من عمر بن
سعد، وقام بالمهمة البشعة عشرة رجال سمى الطبري منهم رجلين
حضرميين (2).
وأما التمثيل بالقتلى، فهل المقصود به قطع الرؤوس؟ إذا كان
ذلك فقد نفذ أيضا، ولكنه لم ينفذ بدقة، فلم تقطع رؤوس الجميع، إلا
أننا نشك في أن المراد بالتمثيل قطع الرؤوس، ونرجح أن هذا الاجراء قد
نفذ استنادا إلى أمر لم تصل إلينا صورة عنه.
هل هو إجراء إنتقامي؟ لا نشك في أنه إجراء إنتقامي بعث عليه

(1) الطبري: 5 / 415.
(2) الطبري: 5 / 454 - 455، والرجلان هما (إسحاق بن حياة الحضرمي - وهو الذي سلب
قميص الحسين - فبرص بعد - وأحبش بن مرثد بن علقمة بن سلامة الحضرمي...) وبقية
العشرة هم: (هاني بن ثبيت الحضرمي، وسالم بن خيثمة الجعفي، وصالح بن وهب
الجعفي، وحكيم بن الطفيل السنبسي الطائي) وهؤلاء الستة من اليمن، من عرب الجنوب
(وعمرو بن صبيح الصيداوي الأسدي، ورجاء بن منقذ العبدي) وهذان من عرب الشمال
(وواخط بن غانم وأسيد بن مالك) وهذا إن لم نعرف انتماءهما القبلي - ونلاحظ غلبة العنصر
اليمني في هؤلاء الرجال.
230

الحقد كما هو الشأن في رض الأجساد بحوافر الخيل والتمثيل بها، ولكننا
نرجح أنه ليس إنتقاميا فقط لا غاية له إلا الانتقام وإرواء غليل الحقد، إنه
فيما نرى إجراء انتقامي له غاية سياسية أيضا.
فإن رجال النظام الأموي. وعلى رأسهم يزيد بن معاوية، كانوا
يرون أن ثورة الحسين يمكن أن تقوض النظام كله، وكانوا يقدرون أن ما
نسميه الآن (الحالة الثورية) حالة منتشرة في مجتمع العراق بصورة
خطيرة، وإن كانت بحاجة إلى تحريض لتتحرك وتعبر عن نفسها في
حركات ومواقف، ولذا فإن أي تحرك تقوم به قوة ذات نفوذ إسلامي يمكن
أن يجمع الطاقات الثورية، ويعطيها قوة الحركة نحو إنجاز ثوري كبير
الحجم، ولذا فإن ثورة الحسين، ولقائدها مركز معنوي كبيرا جدا في
المجتمع الاسلامي، تشكل بالنسبة إلى النظام الأموي خطرا بما يمكن أن
تؤدي إليه من تفاعلات ينشأ منها تصعيد الروح الثورية وإعطاء جماعات
الثوريين في المجتمع الاسلامي أملا كبيرا في الانتصار بوجود قيادة ذات
رصيد معنوي كبير لدى المسلمين. كما أننا نقدر أن رجال النظام الأموي
قد عملوا أن الجماعة الثائرة مع الحسين تمثل في غالبيتها رجالا قياديين
يتبوؤن مراكز زعامة في المجموعات القبلية الجنوبية والشمالية، وأن
لهؤلاء أتباعا يتأثرون بمواقفهم
لهذا أراد رجال النظام أن يقضوا على كل أمل. عند الجماهير
بنجاح أي محاولة ثورية، وذلك بجعل أبطال هذه المحاولة عبرة
للآخرين.
فحشدوا للقضاء على القوة الصغيرة في كربلاء أضخم قوة عسكرية
استطاعوا توفيرها في هذا الزمن القصير، وقد تقدم منا أننا نرجح أن عدد
231

الجيش الأموي يتراوح بين عشرين وثلاثين ألفا، وذلك من أجل أن تضع
الثائرين في حصار محكم، يحول دون إفلات أي واحد منهم، ويحول
دون وصول أي أحد إليهم، ويضمن القضاء عليهم في وقت قصير جدا
لئلا يتأثر الجيش الأموي نفسه إذا طال الوقت.
ثم بتنفيذ إجراءات إنتقامية فيها إهانة للشهداء ونسائهم، مثل رض
الأجساد بحوافر الخيل، والتمثيل بها، وحمل النساء سبايا يستعرضهن
الناس في الأمصار.
وهدف النظام الأموي من هذا كله تبديد الهالة القدسية التي تحيط
بالحسين وأهل البيت، وإفهام الثائرين الذين لم يتح لهم أن يشاركوا في
ثورة كربلاء أن إجراءات السلطة في حماية نفسها لا تتوقف عند حد، ولا
تحترم أية قداسة وأي مقدس وأي عرف ديني أو اجتماعي.
ويأتي قطع الرؤوس، وحملها من بلد إلى بلد، والطواف بها في
المدن - وخاصة الكوفة - جزء من هذه الخطة العامة، ولتبديد إمكانات
الثورة وتحطيم المناعة النفسية لدى المعارضة، وإفهامها بأن الثورة قد
انتهت بالقضاء عليها، ولقطع الطريق على الشائعات بالأدلة المادية
الملموسة وهي رؤوس الثائرين وفي مقدمتها رأس الحسين.
وإذن فقد كان ثمة هدف سياسي لقطع الرؤوس بالإضافة إلى كونه
عملا انتقاميا، وهذا يفسر لنا لماذا لم تقطع جميع الرؤوس في الكوفة
وكربلاء. ففي الكوفة قطع ابن زياد رأس مسلم بن عقيل، وهاني بن
عروة فقط من بين من قتلهم في الكوفة من الثوار، وفي كربلاء كانت
الرؤوس التي قطعت وأرسلت إلى الكوفة والشام على النصف تقريبا من
عدد الشهداء.
232

لقد خضع قطع الرؤوس لعملية انتقاء، فقطعت رؤوس
الشخصيات البارزة التي تحظى بولاء شعبي في نطاق قبائلها أو مدنها،
والتي يحطم قتلها قاعدتها الشعبية ويشتت جمهورها، ويفقده فاعليته.
إن هاني بن عروة ومسلم بن عقيل هما أقوى شخصيتين في التحرك
الذي حدث في الكوفة، فلذا قطع ابن زياد رأسيهما وأرسلهما إلى يزيد
ابن معاوية برهانا ماديا على قمع الثورة، أما الباقون، وهم رجال عاديون،
فإن رؤوسهم لا تعني شيئا، لان قتلهم مع وجود القادة، لا يؤثر على
الثورة، ولذا فلم يكن ابن زياد بحاجة إلى قطع أكثر من
رأسين.
وكذلك الحال في رؤوس شهداء كربلاء، فإن الموالي والرجال
العاديين لم تكن رؤوسهم تعني شيئا بالنسبة إلى المناقمين على الحكم
الأموي. إن الذي يشل القدرة الثورية ويسبب الهزيمة النفسية لدى
الجماهير هو أن ترى زعماءها وقادتها قد قتلوا، ورفع الدليل المادي على
قتلهم، وهو رؤوسهم، على أطراف الرماح.
من هنا نفهم لماذا طيف برأس الحسين في أزقة الكوفة: (... ثم
أن عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يدار به في
الكوفة) (1).
ونحن نرجح - وإن لم نملك نصا - أن القبائل التي توزعت الرؤوس
لم تتوزعها بصورة عشوائية، وإنما أخذت كل قبيلة رؤوس، الرجال
البارزين من أبنائها، وذلك لتعزيز مركزها السياسي عند السلطة، وليزداد
مركز زعيمها الموالي للسلطة قوة ومناعة.

(1) الطبري: 5 / 459.
233